حكم الرجعة بالقول والفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل كان يأتي زوجتة في الدبر ثم أراد أن يتوب إلى الله فقال لزوجته يريد منها أن تخاف الله ويهددها (إذا عدنا إلى مثل هذا العمل أنت طالق) ثم هداه الله وبعد فترة وسوس لهما الشيطان وعادا إلى مثل ذلك (مرة واحدة) ولكنهما تذكرا عقاب الله وتابا إلى الله عسى ربنا أن يتقبل توبتهما، السؤال هنا في كلمة الطلاق وهو لم يقصد في نيته الطلاق وإنما التهديد فماذا يجب في هذة الحالة (كفارة أم ماذا) وهل إذا وقعت طلقة واحدة يكفي أن يجامعها وبذلك يكون قد راجعها أفيدونا؟ جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقولك (إن عدنا إلى مثل هذا العمل فأنت طالق) طلاق معلق، وهو يقع بمجرد وصول الأمر المعلق عليه سواء قصدت الطلاق أو التهديد والمنع، وعليه فإن زوجتك طلقت منك بفعلكما ذلك العمل المحرم المشين، وانظر في تحريم وطء الزوجة في الدبر الفتوى رقم: 20424.
وأما سؤالك عن إرجاعها بمجرد الجماع بدون التلفظ بلفظ راجعتك وأمسكتك ورددتك ونحو ذلك، فاعلم أن العلماء أجمعوا على أن الرجعة تصح بالقول، قال ابن قدامة في المغني: (فأما القول فتحصل به الرجعة بغير خلاف.) انتهى.
وأما الرجعة بالفعل فمختلف فيها، فالأحناف ذهبوا إلى أن الزوج لو جامع زوجته أو مس شيئاً من أعضائها بشهوة فقد حصلت الرجعة، ووافقهم الحنابلة في الجماع فقالوا: تصح الرجعة بالجماع دون المس جاء في كشاف القناع: (وتحصل الرجعة بوطئها بلا إشهاد نوى الرجعة أو لم ينو به الرجعة.) انتهى.
وأما المالكية فقالوا بصحة الرجعة بالوطء والمباشرة لكن مع نية المراجعة، جاء في الشرح الكبير: (ولا تصح رجعة بدون النية ولو بأقوى الأفعال كوطء.) انتهى.
والراجح هو قول المالكية وهو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: (إن الوطء من الزوج مع نية المراجعة يعتبر رجعة وهو رواية عن أحمد، وهذا أعدل الأقوال وأشبهها بالأصول.) انتهى من الاختيارات الفقهية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(13/12312)
المطلقة ثلاثا لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بطلاق زوجتي بعد مشادة كلامية مع والدتها في غرفة نومي بقولي لها أنت طالق ثم استرجعتها في العدة ولكنها لم ترجع لبيتي لرفض إخوتها وبعد4 أشهر قمت بطلاقها بقولي أنت طالق ثم طالق حسب معرفتي أنها تكون ثلاث مع الأولى وتم استخراج صك طلاق وبعد مضي 3 سنوات أسأل هل من حقي استرجاعها بعقد جديد أم لا؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالطلقة الأولى واقعة، وما دمت قد راجعتها في العدة، فهي امرأتك، سواء رجعت إلى بيتك أو لم ترجع، وطلاقك بعد ذلك بقولك لها: أنت طالق ثم طالق. يعتبر طلقتين، وبهذا تكون زوجتك قد بانت منك بينونة كبرى لا يحل لك نكاحها حتى تنكح زوجاً غيرك ويدخل بها، بشرط ألا يكون نكاحه لها لأجل تحليلها لك، قال تعالى: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [البقرة:230] .
وعليه، فلا يحل لك نكاحها قبل أن تنكح زوجاً غيرك، ويدخل بها، ثم يطلقها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1423(13/12313)
الحكم كما أفتته دار الإفتاء لعدة اعتبارات
[السُّؤَالُ]
ـ[طلق شخص أعرفه زوجته ثلاث مرات متباعدة وانفصل عنها فترة ثم عاد وسأل في دار الإفتاء فقالوا له عن أول واحدة إنها ترجع لضميره بالرغم أنه أكد في البداية للجميع أنهم ثلاث طلقات والآن عاد لزوجته ويعيش معها فما الحكم في ذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان ذاك الرجل قد طلق امرأته ثلاثاً، فقد بانت منه بذلك بينونة كبرى، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاحاً صحيحاً يطؤها فيه، لقوله تعالى: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ (البقرة: من الآية230) وأما كون دار الإفتاء قد أفتته بأن الطلقة الأولى لا تقع وأنها ترجع إلى ضميره.. فلعل الرجل قد طلق امرأته بلفظ من ألفاظ كنايات الطلاق، كقوله -مثلاً- الحقي بأهلك أو أنت برية ومثل هذه الألفاظ لا يقع بها الطلاق إلا مع النية، ويحتمل أن يكون ذلك الرجل قد علق طلاق امرأته على شيء فعلته ولكن ليس في الزمان الذي قصده أو نواه.. على سبيل المثال: مثل أن يعلق طلاقها على الخروج من المنزل ويقصد بالليل، فتخرج نهاراً فلا تطلق لأن هذا ليس في مراده، ويحتمل غير ذلك.
وعلى أي حال.. فقد قال تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (النحل: من الآية43) وهذا الرجل فعل ما عليه وامتثل للآية وسأل دار الإفتاء فأفتوه بأن الطلقة الأولى لا تقع فأخذ بقولهم، فلا حرج عليه إن عاد لامرأته ما دام يملك رجعتها ولم تنته عدتها فإذا انتهت عدتها، فقد بانت بينونة صغرى ويرجع لها بعقد ومهر جديدين، وتبقى له طلقة واحدة تبين بعدها منه بينونة كبرى، وكونه أخبر الجميع في البداية أنه طلق ثلاثاً، لا تأثير له في الحكم لكونه كان يجهل حكم الطلقة الأولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1423(13/12314)
حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله
أحيط علما بأنني تزوجت منذ اثني عشر عاماً وتفضل المولى ورزقت بعدد3 أولاد لكن أمهم كانت تفتقر إلى كثير من واجبات الزوجية وكان صوتها دوما أعلى من صوتي وغير نظيفة ولا تطهو جيداً وتحملت الكثير إلا أنها رفضت أن تنصاع مما حدا بي مؤخرا أن ألفظ بالطلاق مرتين ثم خيرتها بين إصلاح أمرها أو الزواج فكان الزواج ولكنها اشترطت الطلاق وحاولت منع ذلك إلا أنها أصرت فكانت الطلقة الثالثة فاقترقنا بإحسان إلا أنني قمت بتطليقها ولكن أقوم بواجبي خاصة أن بيتي الآخر لا يبعد سوى 2 كيلو متر فتركت كل شيء وأعطيتها نفقتها ودوما أرعى مصالحهم الخاصة بالبيت ودوما على اتصال بهم وأتمكن من رؤية أولادي والحمد لله
لكن خوفا من أولادي وهم الآن صغار لا وخوفا عليها لأنها أم أولادي أريد ردها.
والسلام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يحل لك رد هذه المرأة بعد أن طلقتها ثلاث مرات، قال تعالى: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَنْ يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [البقرة:229، 230] .
قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا فهو أحق برجعتها، وإن طلقها ثلاثاً، فنسخ الله ذلك بقوله: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ ... إلى قوله: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ.
ومن طلق امرأته ثلاثاً لم يحل له زواجها إلا بعد أن يتزوجها زوج آخر زواجاً صحيحاً يطؤها فيه في فرجها، ثم يطلقها لقوله صلى الله عليه وسلم لامرأة رفاعة: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته. متفق عليه.
وروى أحمد عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا إن العسيلة الجماع.
ولا بد أن يكون نكاح الزوج الثاني نكاح رغبة في المرأة، قاصداً لدوام عشرتها، فأما إذا كان الثاني إنما قصد أن يحلها للأول فهذا هو المحلل الذي وردت الأحاديث بلعنه، فقال صلى الله عليه وسلم: لعن الله المحلل والمحلل له. رواه أحمد:
وروى الحاكم أن رجلاً جاء ابن عمر رضي الله عنهما، فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثاً، فتزوجها أخ له من غير مؤامرة منه، ليحلها لأخيه، هل تحل للأول؟ فقال: لا، إلا نكاح رغبة، كنا نعد هذا سفاحاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وروى ابن أبي شيبة في المصنف، عن عمر رضي الله عنه أنه قال: لا أوتى بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1423(13/12315)
صفة لمس وتقبيل المطلقة الذي يعتبر رجعة
[السُّؤَالُ]
ـ[طلقت زوجتي لظروف قاسية مررت بها وبعد شهرين التقيتها لأعطيها بعض حاجياتها تركتها عندي وأثناء ذلك أخذنا الشوق والحنين لبعضنا فضممتها وقبلتها ولم أجامعها. والآن مضى على العده 4 شهور ولدي الرغبة بإرجاعها فهل ضمي وتقبيلنا لبعض دون وجود نية الإرجاع لدي حينها وإن كانت الرغبه حينها موجودة ولكن لنفس الظروف القاسية لم أنو حينها الإرجاع. والآن بعد انقضاء العده أجد صعوبات إدارية خارجة عن إرادتي في حالة أن الأمر يتطلب عقدا جديدا. فهل ضمي وتقبيلي لها أثناء العدة يعتبر إرجاعاً مع توفر الرغبه وعدم توفر النيه حينها لظروفي القاسية. أرجو سرعة الرد وجزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي صدر منك من ضم وتقبيل لزوجتك قبل انقضاء عدتها يعتبر رجعة ولو لم تكن لديك نية الإرجاع حينها، إذا كان التقبيل واللمس بشهوة، وإلى هذا ذهب الأحناف وهو رواية عن الحنابلة، أما إذا كان اللمس والنظر والتقبيل من غير شهوة فإنه لا يكون رجعة.
وننبه السائل إلى أن نية الإرجاع لا يشترط فيها التلفظ كأن يقول نويت الإرجاع، بل تكفي النية الجازمة في الإرجاع إذا انضم إليها استمتاع بنية الإرجاع على الراجح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1423(13/12316)
طلق امرأته منذ سنتين ويريد مراجعتها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد طلقت زوجتي بناء على شكوك دائرة بينينا وهي لم تكن راضية المهم ومضى سنتان والآن فكرت أن أرجعها لأني شعرت أني ظلمتها غير أن والدي غير راض خاصة وأن الشكوك انتشرت في العائلة كلها والزوجة موافقة على الرجوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي أن يطلق الرجل زوجته بناءًا على شكوك وسوء ظن، وإلا لانهدمت بيوت كثيرٍ من الناس.
وما دام قد وقع منك ذلك، والزوجة تريد أن ترجع، ولم تكن قد طلقتها قبل هذه مرتين، فلا بأس أن تسترضيها لترجع إليك، ويكون ذلك بعقد جديد ومهرٍ جديد؛ لأن عدتها قد انتهت، ويمكنك أن تقنع والدك بالتي هي أحسن مع تبرئة المرأة من الشكوك التي انتشرت أمام أهلك.
ونسأل الله أن يوفق بينكما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1423(13/12317)
حكم ارتجاع الزوجة أثناء عدة الطلقة الثانية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله.. السلام عليكم..
سؤالي هو:حصل خلاف بيني وبين زوجتي لمدة أربعة شهور تقريبا.. فحصل فراق بدون طلاق.. ثم تلفظت بكلمة الطلاق بيني وبين نفسي وأخذت أرددها بصوت مرتفع بيني وبين نفسي ثم أخبرت أهلي بذلك.. وبعد مرور أسبوع واحد فقط على تلفظي بالطلاق قابلت زوجتي (للصلح) ومع النقاش قلت لها أنا طلقتك الأسبوع الماضي والآن أيضا أنت طالق!! ..... وبعد انتهاء جلسة المصالحة تراضينا وأخذتها لمنزلنا وواقعتها وهدأت النفوس..والآن حايتنا ولله الحمد هادئة ومستقرة ... إلا من هذا الموضوع الذي يقلقني كثيرا.. فهل حياتنا وعشرتنا الآن (شرعية) بعد هذا الطلاق؟؟ أفيدوني جزاكم الله كل خير..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما ذكره السائل الكريم يدل على أنه طلق زوجته مرتين: الأولى عندما تلفظ بالطلاق وحده وأخبر به أهله ثم أخبرها هي بذلك، والثانية: عندما قابلها للصلح.
وهذه الطلقة الثانية من طلاق البدعة الذي نهى عنه الشرع، ووجه ذلك أن طلاق السنة هو ما وقع في طهر لم يمسها فيه طلقة واحدة ولم يتبعها بأخرى أثناء العدة حتى لا تطول عليها.
وعليه، فإنها ما زالت في عدتها ولم تطلق منه إلا مرتين، وله ارتجاعها متى شاء دون عقد ولا صداق ولا ولي..... وما تم بالصلح يعتبر رجعة صحيحة لما ذكرنا، هذا إذا كان طلق هاتين الطلقتين فقط، أما إذا كان طلق قبلهما فإنها بانت منه بينونة كبرى، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، ولا عبرة بالمراجعة التي تمت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1423(13/12318)
حكم وطء المطلقة بنية الارتجاع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في رجل طلق زوجته الأولى تفاديا للمشاكل مع زوجته الثانية، ثم قام بوطئها نية منه في إرجاعها؟ وما حكم الشرع في الطلاق الغيابي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز للرجل أن يقدم على تعدد الزوجات، إذا علم من نفسه أنه لا يستطيع التوفيق بينهن والقيام بحقوقهن، كما أنه لا يجوز للزوجة أن تطلب من زوجها طلاق أختها، لأدلة ذكرناها في الفتوى رقم:
20160.
ولا ينبغي للزوج كذلك أن يطلق إحدى زوجتيه إرضاءً للأخرى، لكن إذا تزوج المرء زوجة ثانية وغلب على ظنه أن حياته معها ستكون مستقرة هادئة، ثم بعد ذلك تبين له عكس ذلك، ولم يجد حلاً لمشاكله إلا الطلاق، فلا نجد مانعاً له من ذلك.
أما بالنسبة لوطء الزوجة المطلقة طلاقاً رجعياً، فإنه يعتبر ارتجاعاً إذا تم قبل انقضاء العدة، وكان بنية الارتجاع. وقد مضى بيان ذلك في الفتوى رقم:
12908.
ولا يشترط لوقوع الطلاق على الزوجة أن تكون حاضرة في المجلس أو البلد الذي يوجد فيه الزوج، وقد مضى بيان هذا الحكم في الفتوى رقم:
12163.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1423(13/12319)
كيف يعيد المطلق زوجته إلى عصمته
[السُّؤَالُ]
ـ[رميت على زوجتي الطلاق وهي المرة الأولى كيف أفعل لكي تكون لي مرة أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت طلقت زوجتك طلقة واحدة فيقع عليها الطلاق وتحسب طلقة واحدة، ولك أن ترجعها خلال فترة العدة بكلام بأن تقول لها: راجعتك، ولك أن تراجعها بالاستمتاع كالجماع ونحوه، ويستحب لك أن تشهد على إرجاعها، والرجعة تكون بدون مهر ولا ولي ولا عقد، وبدون رضاها لأن المطلقة الرجعية في معنى الزوجة.
فإذا أرجعتها أصبحت زوجتك، وتبقى لك طلقتان، فلتحذر من أن تقترب من ألفاظ الطلاق مرة أخرى حتى لا تهدم بيتك، وتجني على أسرتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1423(13/12320)
للزوج ارتجاع المطلقة رجعيا في العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة:
في حال غضب شديد وعدم وعي مني ألقيت يمين الطلاق بتاريخ 22/2/200 وبعد مراجعة السادة العلماء وبتاريخ 29/4/200أعلمتها ردها إلى عصمتي بواسطة الهاتف والفاكس كوني في دمشق وكونها في مونتريال وعند عودتي بتاريخ 13/6/200 وجدتها قد غادرت المنزل وترفض العودة إليه مدعية بأنها مطلقة وتطالب بكامل الحقوق التي يمنحها القانون الكندي خلافا للشريعة الاسلامية
السؤال: ما هو حكم الشريعة الإسلامية في هذه الحالة.جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا راجع الزوج زوجته في عدتها فإنها تعود زوجته ولو بغير رضاها أوعلمها بالرجعة، ذلك أن الزوجة في الطلاق الرجعي حق الزوج، لقول الله تعالى (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً) (البقرة: من الآية228)
يقول القرطبي في تفسيره للآية "أجمع العلماء على أن الحُرَّ إذا طلق زوجته الحرة وكانت مدخولاً بها تطليقة أو تطليقتنين أنه أحق برجعتها ما لم تنقض عدتها وإن كرهت المرأة " تفسير القرطبي 3/120.
فعدم اشتراط رضا الزوجة في هذه الرجعة محل إجماع المسلمين.
والخلاصة أنه إذا كان الطلاق الذي أوقعت رجعياً بأن كان الأول أو الثاني وكان ارتجاعك لزوجتك قبل انقضاء عدتها فإنه لا أثر لعدم رضاها وهي زوجة لك شرعاً، وإذا امتنعت من طاعتك وإعطائك الحقوق الزوجية فإنها تعتبر ناشزاً، أما إذا كان الطلاق هو الثالث أو كان الارتجاع بعد انقضاء العدة فلا سبيل لك عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1423(13/12321)
أحكام تتعلق بالرجعة بعد الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج منذ 15 سنة ولدي منها ولدان الأول ولد7 سنوات والثانية بنت عمرها14 سنة وقد قام الطلاق خلعاً برغبة منها وتنازلت عن مؤخر الصداق ونفقتها والآن يريد أهل الخير الصلح بيننا من أجل الأولاد ولكنها تصر على أن تأخذ مقدماً مقابل الرجوع مؤخر الصداق التي تنازلت عنه ولكني لا أملك هذا المبلغ مع العلم بأنني كنت معها صالحا وعادلا وأنفق كل راتبي في بيتي ولا أدخر منه شيئاً السؤال هل هذا شرعا أن أدفع لها ما تطلبه مع العلم بأنني لم أقبض باليد أي تعويض للخلع؟
وجزاكم الله خير علي سعة صدركم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان أن الخلع طلاق بائن، وذلك في الفتوى رقم: 7820، والفتوى رقم: 11543.
وعليه، فإذا لم يسبق هذا الخلع تطليقات جاز لك الرجوع إلى زوجتك، لكن بعقد جديد ومهر جديد.
ولها حينئذ أن ترفض الرجوع، وأن تشترط مهراً معيناً، وينبغي أن يتسامح الزوجان في ذلك، وأن يرعيا ما كان بينهما من العشرة، وما بينهما الآن من الولد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1423(13/12322)
المراجعة في العدة حق للزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[تشاجرت مع زوجتي بسبب الدردشة على الإنترنت واحتدم الخلاف حتى إنها أصرت على طلب الطلاق ولم تتركني أنام ليلتي حتى نطقت بلفظ الطلاق وأنا الآن نادم لأنه يوجد بيننا ثلاثة أبناء وأريد العودة أفيدوني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه هي الطلقة الأولى أو الثانية، فلك أن تراجع زوجتك ما دامت في العدة بالقول أو بالفعل، ولا يشترط رضى الزوجة ولا علمها ولا مهر ولا ولي، فالمراجعة في العدة حق للزوج، لقول الله تعالى: (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً) [البقرة:228]
فإذا انقضت العدة ولم تراجعها، بانت منك ولا ترجع إلا بعقد جديد ونكاح جديد، أما إذا كانت الطلقة هي الطلقة الثالثة فلا تحل لك إلا بعد أن تنكح زوجاً غيرك، ويدخل بها، كما قال الله تعالى: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) [البقرة:230]
والحمد لله رب العالمين.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1423(13/12323)
أقوال العلماء في كيفية ارتجاع المطلقة الرجعية
[السُّؤَالُ]
ـ[خلال فترة العدة للمطلقة هل تعود لزوجها بمجرد الجماع خلال فترة العدة أم أن نية الإرجاع يجب أن تكون موجودة أيضا؟ وما حكم من انقضت عدتها وقد جامعها زوجها خلال فترة العدة ولكن بدون نية الإرجاع؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
لحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في المطلقة الرجعية هل ترجع إلى زوجها بمجرد وطئها أم لا؟ على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنها ترجع إليه بمجرد الوطء وهو مذهب الحنفية والحنابلة.
القول الثاني: أنها لا ترجع إليه بمجرد الوطء، بل لابد مع الوطء من نية الرجعة، وهذا مذهب المالكية.
القول الثالث: أنها لا ترجع إليه بمجرد الوطء مع نية الرجعة، بل لابد من اللفظ الدال على الرجعة صراحة، كراجعتك أو ارتجعتك ونحو ذلك، أو كناية مع النية كقوله: أنت عندي كما كنت، فهذا اللفظ يحتمل أن يكون مقصوده أنت عندي كما كنت زوجة، ويحتمل أنت عندي كما كنت مكروهة، ولذلك قال الفقهاء: إن هذا اللفظ وأمثاله يحتاج نية، ولذا يسألون قائله ما قصد به.
والذي يظهر أنها ترجع إليه بمجرد الوطء، وراجع الجواب رقم: 7000
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1423(13/12324)
حكم ارتجاع المطلقة رجعيا بعد انقضاء العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الشرع في مطلق ومطلقة طلقة أولى رجعية وبينهما طفلة يلتقيان عاطفياً بعد الطلاق بسنة ووالد المطلق لا يريد رجعة مطلقة ابنه لكونها أفشت أسراره الزوجية بعد حدوث الطلاق مباشرة مما أغضبه منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن طلق زوجته طلاقاً رجعياً وانقضت عدتها فإنها تصبح أجنبية عنه كغيرها من الأجنبيات، لا يجوز له الاختلاء بها ولا النظر إليها إلا بعد عقد جديد، لكن إذا رغب هذا المطلق في الزواج من مطلقته ووافقت هي ووليها على ذلك فلا حرج، بل إننا ننصحه بذلك حفاظا على تربية ابنته وحضانتها، ولكن بعد أن يرضي والده ويقنعه بأنها لم تعد إلى ما يغضبه بعد، وأن ابنته قد تتعرض للضياع إذا تربت في غير حضن أبيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1423(13/12325)
حكم رجوع امرأة خببها رجل على زوجها وتزوجها زواجا باطلا
[السُّؤَالُ]
ـ[أغواني قريب لي من أهلي وطلقني من زوجي انتقاماً منه، ولما حدث الطلاق ومن شدة حقده اخترع جميع أنواع الأكاذيب ليتزوج بي، وكان زواجا لفظيا بدون شهود وبدون علم الولي، ودخل بي عدداً من المرات، ولما علمت بخدعته طلبت منه تطليقي فرفض فأخذت أبحث عن صحة هذا الزواج فعلمت أنه باطل فاستغفرت الله وتبت إليه، ولكن ماذا أفعل بالنسبة لأمر الدخول بي؟ علما بأن طليقي السابق يريد إرجاعي وهو لا يعلم بكل ذلك.
أفيدوني فأنا في غاية الحيرة وليس لي ملجأ إلا الله سبحانه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا النكاح باطل وما نشأ عنه من جماع هو محض زنا، والواجب عليكما هو التوبة إلى الله سبحانه وتعالى واستغفاره عما مضى؛ خصوصاً هذا الرجل الذي اخترع الأكاذيب ليفرق بينك وبين زوجك. وقد روى أبو داود والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ليس منا من خبب امرأة على زوجها ... " ومعنى خبب امرأة أي خدعها وأفسدها، أو حسن لها الطلاق ليتزوجها أو يزوجها لغيره أو غير ذلك. ولك المطالبة بالمهر إن كان سمى لك هذا الرجل شيئاً، وإلا فلك مهر مثيلاتك إن كان لم يسم لك شيئاً، لما رواه أحمد وأبو داود وغيرهما، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل، فإن أصابها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له" فإن أبى فلك رفعه للقاضي ولك إبراؤه من المهر، لقوله تعالى (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ) [البقرة:237] ، ولا حرج أن ترجعي إلى زوجك الأول بعقد جديد مستوفي الشروط والأركان بعد انقضاء عدتك، وإذا استطعت ألا تطلعيه على شيء مما حصل فافعلي، فلا يجب عليك بل لا يجوز لك أن تخبريه بشيء مما حصل لك مع هذا الرجل الخبيث الماكر، واستتري بستر الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1423(13/12326)
البعل أحق برد زوجته ما دامت في العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرة تزوجت من رجل حصل بينهما مشاكل وتطورت المشاكل حتى أصبح الطلاق ثم عمل أهل الخير على الصلح بينهما إلى أن تم الصلح فأرادت الزوجة العودة إلى زوجها لكن أهلها رفضوا ذلك فذهبت بدون علمهم ودون رضاهم هل هي آثمة بالرغم من أن أهلها أرادو الفسخ بينهما ولم يريدوا الصلح أفتونا جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....أما بعد:
فلا حق لأولياء المرأة في عضلها ومنعها من الرجوع إلى زوجها خصوصاً إذا كانت لا تزال في العدة، لما رواه البخاري أَنَّ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ كَانَتْ أُخْتُهُ تَحْتَ رَجُلٍ فَطَلَّقَهَا، ثُمَّ خَلَّى عَنْهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ خَطَبَهَا، فَحَمِيَ مَعْقِلٌ مِنْ ذَلِكَ أَنَفًا، فَقَالَ خَلَّى عَنْهَا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهَا ثُمَّ يَخْطُبُهَا! فَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُن ... َّ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ) فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ فَتَرَكَ الْحَمِيَّةَ وَاسْتَقَادَ لِأَمْرِ اللَّهِ.
ولذلك فلا إثم على هذه المرأة إذا رجعت إلى زوجها بدون إذن أهلها ما دامت لم تطلق أو طلقت لكنها لا تزال في العدة. أما إذا كانت انقضت عدتها فلا يحل لها الرجوع إلى زوجها إلا بعقد جديد يتم بولاية أوليائها، فإذا امتنعوا من ذلك فلترفع أمرها إلى القاضي الشرعي، وتطلعه على حقيقة الأمر وتبين له رغبتها في العودة إلى زوجها وأن أولياءها حالوا بينها وبين ذلك، وعلى القاضي أن يدعوهم ويأمرهم بتزويجها من الزوج المذكور، فإن أبوا، تولى هو عقدها له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1423(13/12327)
لا يحق للزوجة ولا لأوليائها رفض الارتجاع
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تزوجت من رجل دينه ضعيف وقد طلب مني قرضاً من بنك ربوي لتسديد ديون سابقة عليه وطلبت الطلاق بعد أن ضاق بي الخناق وبعد ذلك قررت الرجوع له علما بأني حامل منه وقد سمعت من الناس أنه أصبح يصلي وأنه نادم ولكن أهلي مصرون على الطلاق بصورة فظيعة ويرفضون العودة إليه وأنهم سوف يتبرؤون مني إذا عدت إليه وأوصلوا الموضوع للقضاء ويجبروني على أن أقول إنني لا أريده أمام القاضي واستخدموا جميع أساليب الضغط علي حتى الضرب المبرح والشتم واتهامي بشرفي أيضا ويمنعوني من الكلام معه ويمنعون الناس من رؤيتي حتى لا أقول رأيي لهم ولقد علمت أنه مستعد لأية شروط يضعونها عليه ولكن رفضوا حتى السماع له فما الحل في رأيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى قد جعل الطلاق من حق الرجل وحده، فهو الذي يوقعه، والمرأة ليس لها ولا لأوليائها أن يقرروا الطلاق، غاية ما لديهم في الموضوع هو طلب الطلاق من الزوج، إن لحقهم ضرر من استمرار الزوجية، فإن رفض فلهم الحق في رفع القضية للمحاكم الشرعية لتنظر في الموضوع، وتحكم بما تراه مصلحة.
وعليه، فإنا نقول للسائلة: إذا كان هذا الزوج قد أصبح نادماً على ضعف دينه، ولم تتضرري من الاستمرار معه فلا يجوز لك طلب الطلاق منه، لقوله صلى الله عليه وسلم: " أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة " رواه أصحاب السنن، ولا يجوز أيضاً لأوليائك أن يطلبوا طلاقك، فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: " ليس منا من خبب امرأة على زوجها، أو عبداً على سيده " رواه الإمام أحمد وأبو دواد. ومعنى خببها: أفسدها، بأن يزين لها عداوة الزوج، فأولى إذا أكرهها على ذلك. مع العلم أنه لا فرق في منع طلب الطلاق والسعي في إفساد الزوجة على زوجها بين الزوجة التي لم يقع عليها طلاق، أو وقع وارتجعت، وبين المطلقة طلاقاً رجعياً، لأن الرجعية كالزوجة فلزوجها أن يرتجعها ما دامت في عدتها من دون إشهاد ولا إذن أوليائها، وبالتالي فإفسادها بأي نوع من أنواع الإفساد محرم، وبما أن السائلة ذكرت أنها حامل من زوجها، فالخلاصة أنه لا يحق لها ولا لأوليائها رفض الارتجاع إذا أراده الزوج، لأن العدة لم تنته بعد، لكن إذا كان في استمرار الزوجية ضرر على الزوجة بشتم أهلها وضربهم لها، وغير ذلك من المؤذيات فلها أن تطلب من زوجها الطلاق لإزالة الضرر الواقع عليها من أهلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1423(13/12328)
كيفية إرجاع المطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف لي أن أرجع زوجتي المطلقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرجعة تحصل بعدة أشياء:
منها أن يقول الرجل لمطلقته: راجعتك إلى نكاحي، أو ما يقوم مقامها من الألفاظ التي تدل على الرجعة.
ومنها: أن يجامعها، أو يقبلها، أو يمسها بشهوة، بنية الرجعة؛ لأن ذلك يدل على رغبته في إرجاعها.
ويستحب الإشهاد على رجعتها عند جمهور العلماء ليعلم الناس برجعتها، فلا يرتابون فيه عند دخوله عليها.
وراجع الفتوى رقم:
4139
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1422(13/12329)
المطلقة الحامل إذا وضعت حملها انقضت عدتها
[السُّؤَالُ]
ـ[طلقت زوجتي وهي حامل في نهاية أيام حملها أي في الشهرالثامن ولم أرجعها إلا بعد علمي بنبأ ولادتها أي في نفس يوم الولادة فما مدى صحة إرجاعي لها مع العلم بأنها الطلقة الأولى. فأرجو شاكرا إفتائي هل ما قمت به هو صحيح شرعاً وإذا كان غير ذلك فما هو الإجراء الشرعي لإرجاعها.
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عدة الحامل تنتهي بمجرد وضع الحمل كما تقدم في فتوى برقم 8094
وإذا انتهت عدتها فقد فات زوجها حق الارتجاع، فيصير هو وغيره من الخطاب سواء، فإن شاء خطبها من جديد، فإن وافقت على العودة إليه عقد عليها عقداً جديداً بحضور وليها وشاهدين، ودفع لها مهرا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(13/12330)
من جامع زوجته في زمن العدة بغير نية محددة هل يكون مراجعة لها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري ثلاثون سنة طلقت زوجتي من غير سبب وكان طلقة واحدة وبعد الطلاق بشهر أدركت أني فعلت شيئا غير طبيعي وكنت ألتقي معها بعد شهر من تاريخ الطلاق وكنت أعاشرها فهل معاشرتي لها حرام وما الطريقة الصحيحة بالشرع لكي ترجع لي زوجة علما أن طلاقي لها كان في المحكمة الشرعية وهي الآن تعيش مع والديها.
أرجو من فضيلتكم الإجابة عن سؤالي وأتمنى من الله عزوجل أن يحفظكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم فيما يجوز للرجل من زوجته المطلقة طلاقاً رجعياً، فمنهم من قال: لا يجوز له أن يخلو بها، ولا أن ينظر إلى شعرها.
ومنهم من يرى أن لها أن تتزين له وتتشوف، وتبدي له البنان والكحل.
كما اختلفوا ـ رحمهم الله ـ فيما يتم به ارتجاعها، فمنهم من قال: لا بد في الارتجاع من القول، ومنهم من يقول: يصح الارتجاع بالفعل ـ أي بالوطء ـ.
وهؤلاء انقسموا قسمين، فمنهم من قال: لابد في صحة الارتجاع من النية، وأن وطأها بدون نية الارتجاع لا يجوز.
ومنهم من قال: الوطء وحده كاف في الارتجاع، ولا تشترط النية معه، وهؤلاء هم الأحناف والحنابلة في أصح الروايتين في المذهب الحنبلي.
إذا علمت هذا أيها السائل، فاعلم أن الذي نختاره من هذه الأقوال القول الأخير، وذلك لأن الطلاق الرجعي، وإن كان سببا للفرقة لكنه لا يترتب عليه أثر، ما دامت المطلقة في العدة، وإنما يظهر أثره بعد انقضائها دون مراجعة، وإذا كان الأمر كذلك، فهو لا يمنع من الاستمتاع بها فهي كالزوجة، من مات منهما زمن العدة ورثه الآخر، وتجب لها نفقتها وسكناها وكسوتها بالمعروف، ويلحقها الطلاق والظهار والإيلاء، وعليه فإن معاشرتك أيها السائل لزوجتك قبل انقضاء عدتها تعتبر ارتجاعا لها، هذا إذا كنت تقصد بالمعاشرة المجامعة، وكان الأكمل والأولى أن تشهد على مراجعة زوجتك، لقوله تعالى: (فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذويْ عدل منكم) [الطلاق: 3] .
وما دمت قد أعلنت الطلاق عند المحكمة، فعليك بمبادرة الإعلان أمامها بالارتجاع، وعليك أن تبين أن الارتجاع بدأ من أول معاشرة بعد الطلاق، وهذا الإعلان ضروري لما يترتب عليه من حقوق ونسب وغيرهما.
ثم ننبهك إلى أنه ما كان ينبغي لك أن تقارف معها هذا الفعل بالنية التي سبقت إلى ذهنك، مما يشعر بأنك لا تبالي بمقارفة الحرام. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1421(13/12331)
لا يجب لإرجاع المطلقة الرجعية الذهاب إلى مأذون.
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة الطلاق لمرة واحدة هل يجب الذهاب الى مأذون أنكحة أو شيخ لإرجاعها؟ .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجمهور الفقهاء يستحبون الإشهاد على الرجعة، ولا يوجبون ذلك. وحملوا الأمر في قوله تعالى: (فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم ….) [الطلاق: 2] ، حملوا هذا الأمر (وأشهدوا) على الندب، وعلى ذلك فلا يجب الذهاب إلى مأذون أنكحة، أو شيخ لإرجاعها، فالإشهاد ليس شرطاً في ثبوت الرجعة، ومن العلماء من حمل الأمر على الوجوب، ولكن الصواب الأول.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1422(13/12332)
الرجعة حق للزوج إلا في حالات.
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا حدث الطلاق وفي فترة العده أراد الزوج إرجاع زوجته ولكن هي لا تريدالرجوع هل يمكن إرغامها على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالرجعة من حقوق الزوج وهي لا تحتاج لقبول المرأة فقد عرفها العلماء بأنها: عود المطلقة للعصمة جبراً عليها ويستحب الإشهاد عليها في قول جماهير أهل العلم لقوله تعالى: (واشهدوا ذوي عدل منكم) [الطلاق:2] ومن العلماء من حمل الأمر هنا على الوجوب فأوجب الإشهاد، وعلى كل فما دامت المطلقة في العدة فإن ارتجعها زوجها فليس لها حق الاعتراض إذا كان الطلاق رجعياً، أما إذا كانت الطلقة الثالثة مثلاً، أو كان الطلاق بخلع، أو فعله القاضي لغير إيلاء أو عسر بنفقة بأن فعله لكونها أثبتت تضررها بالبقاء معه، وأثبتت التجربة عدم إمكان استمرارها معه غير سالمة من الأذى فالطلاق في الكل غير رجعي، وبالتالي فلا أثر لارتجاعه لها في العدة، لأنها صارت بائناً منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1422(13/12333)
حكم المطلقة الرجعية إذا تزوجت ولم تعلم بمراجعة زوجها لها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم وبه أستعين وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ما حكم المرأة التي يطلقها زوجها وهو غائب عنها، ثم يراجعها فلا تبلغها رجعته، وقد بلغها طلاقه فقط. فتزوجت؟ هل زواجها الثاني صحيح وهل تفوت على الأول؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا طلق الزوج زوجته طلاقاً رجعيا وعلمت بذلك ثم راجعها في العدة صحت رجعته لها ولا يشترط علمها بالطلاق. قال تعالى: (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً) [البقرة:228] ، وقد عرف العلماء الرجعة بأنها: عود المطلقة للعصمة جبرا عليها. فإن لم تعلم بمراجعته لها وانقضت عدتها حسب ما تعتقد ثم تزوجت بزوج آخر ثانٍ ثم جاء الأول وأثبت بالبينة مراجعته لها في العدة فهي زوجته إن لم يدخل بها الثاني. وإن كان الثاني قد دخل بها فأهل العلم منقسمون إلى رأيين:
1 قال أكثرهم إنها ترد إلى الأول لأن رجعته لها قد صحت وقد تزوجت بالثاني وهي تحت الأول. ولعل هذا هو الراجح.
2 تبقى عند الثاني لأنها تحته في الحال وقد دخل بها فبطل بذلك نكاح الأول.
وإن قلنا بردها للأول فعليه أن يعتزلها حتى تنقضي عدتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/12334)
اعتراض على فتاوى الطلاق والجواب عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[عجبا لمفتيكم، حكموا عقولكم ولو شيئا يسيرا فهل هذا يعقل؟ انظروا إلى كلامكم هذا:
فلا تصح مراجعتها لكونها قد حرمت عليك وبانت منك بينونة كبرى، لا تحل لك بعد حتى تنكح زوجا غيرك، فإن طلقها وانقطعت عدتها جاز لك أن تعقد عليها عقد نكاح جديد. وأما قبل ذلك فهي حرام عليك، ويجب عليك اعتزالها. فاتق الله عز وجل ولا تتخذ آيات الله هزؤا، واعلم أن ما ذكرت لا تأثير له في عدم وقوع الطلاق في قول جماهير أهل العلم، فالطلاق يقع أثناء الحيض وأثناء الطهر الذي أتى فيه الزوج زوجته مع الإثم، وقد طلقت زوجتك ثلاث طلقات صريحات فوقع. فما قولكم في هذه الفتاوى؟ وذهب بعض أهل العلم إلى أن الطلاق في الطهر الذي جامعها فيه لا يقع، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وتلميذه ابن القيم، وبه يفتي جمع من أهل العلم في هذا العصر. جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (20/58) : الطلاق البدعي أنواع منها: أن يطلق الرجل امرأته في حيض أو نفاس أو في طهر مسها فيه، والصحيح في هذا أنه لا يقع. انتهى. وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: شرع الله أن تطلق المرأة في حال الطهر من النفاس والحيض، وفي حالٍ لم يكن جامعها الزوج فيها، فهذا هو الطلاق الشرعي، فإذا طلقها في حيض أو نفاس أو في طهر جامعها فيه فإن هذا الطلاق بدعة، ولا يقع على الصحيح من قولي العلماء، لقول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ. الطلاق/1. والمعنى: طاهرات من غير جماع، هكذا قال أهل العلم في طلاقهن للعدة. أن يَكُنَّ طاهرات من دون جماع، أو حوامل. هذا هو الطلاق للعدة. انتهى من فتاوى الطلاق (ص44) . وعلى هذا القول لا يقع عليك شيء من الطلاق. وهذه أيضا: قال الشيخ ابن باز رحمه الله: طلاق الحائض لا يقع في أصح قولي العلماء، خلافاً لقول الجمهور. فجمهور العلماء يرون أنه يقع، ولكن الصحيح من قولي العلماء الذي أفتى به بعض التابعين، وأفتى به ابن عمر رضي الله عنهما، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم وجمع من أهل العلم أن هذا الطلاق لا يقع؛ لأنه خلاف شرع الله، لأن شرع الله أن تطلق المرأة في حال الطهر من النفاس والحيض، وفي حالٍ لم يكن جامعها الزوج فيها، فهذا هو الطلاق الشرعي، فإذا طلقها في حيض أو نفاس أو في طهر جامعها فيه فإن هذا الطلاق بدعة، ولا يقع على الصحيح من قولي العلماء، لقول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ. الطلاق/1.
عجبا لكم ما أسهل التلفظ بالطلاق البائن عندكم والإفتاء به رغم وجود اختلاف بين العلماء، ولكن يبدو أن هدم البيوت وتشتيت الأسر والأبناء أسهل من الجمع والمحافظة على كيان الأسر.. طلاق المسحور وطلاق الغضبان وطلاق المكره فيها نظر، على المفتي أن يبحث عن الأسباب وراء هذا الطلاق ويتقصى ولا يفتي لمجرد الإفتاء وإبراء الذمة تحتم عليه أن يختار للمسلم الأفضل دون أن يتعدى حدود الله. فهل يعقل أن يفتى للمسحور أو للزوجة المسحورة خاصة سحر التفريق بوقوع الطلاق رغم علم المفتي أن الطلاق حدث بسبب أمور خارجة عن إرادة كلا الزوجين؟ وهل يعقل أن يحسب طلاق المكره كالذي هددته زوجته بقتل نفسها وهي مسحورة عجبا والله، الله حلل الطلاق لإنهاء الحياة الزوجية بين كلا الزوجين عند تعذر الحياة الزوجية، ولكن يجب أن يؤخذ في الحسبان الحالات. فالنفس البشرية تمر بظروف قد يختل توازن الفكر فيها وهذه حالات مؤقتة كوجود السحر أو الغضب وهو انفعال مؤقت فلا يجب أن يهدم بيت مسلم بسبب حالة مؤقته تزول بزوال السبب كعلاج المسحور أو المسحورة، أو زوال الغضب أو انقضاء وقت الإكراه على شيء معين. ويجب النظر إلى النية بعد زوال هذه الأسباب، فكما الزواج بالتراضي فالطلاق أيضا يجب أن تكون النفس راضية بوقوعه ولا يجب أن يكون هناك أي مؤثر يؤثر على قرار الزوج، وهنا أقصد مؤثر قوي يسبب فقد الاتزان وتغيرا في قدرات العقل وخروج الانسان عن طوره، وأرى من أعظم الاشياء التي تسبب ذلك السحر والغضب والإكراه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قولنا بوقوع الطلاق ثلاثا على من تلفظ به لم نبتدعه من عند أنفسنا، وإنما هو قول جماهير أهل العلم سلفا وخلفا، ولا تتصور أن يكون كل هؤلاء لا عقول لهم، فأولى بالسائل أن يرجع باللوم على هؤلاء جميعا لا علينا، ثم إننا لم نفت بوقوع الطلاق في هذه الحالة إلا ونعرج بذكر خلاف القائلين باحتسابها واحدة وهو مذهب قوي له حظ من النظر، فلا وجه لكل هذه الشدة في كلام السائل، ومن يطالب الآخرين بالعدل وتحكيم العقل فليبدأ بنفسه. وراجع على سبيل المثال فتاوانا رقم: 119397، 63608، 68106.
أما طلاق من غلب على عقله أو فقد إرادته أو اختياره بنحو وسواس أو جنون أو إكراه تحققت شروطه، أو سحر أو غضب شديد فإنا نفتي بعدم وقوع طلاقه ما لم يثب إليه عقله أو اختياره ويطلق بمحض إرادته فحينئذ يقع الطلاق. وراجع الفتويين: 117579، 11577. ففيهما حكم طلاق المسحور، والفتوى رقم: 11566 ففيها حكم طلاق الغضبان، والفتوى رقم: 40934 ففيها حكم طلاق المكره، والفتوى رقم: 128080 ففيها حكم طلاق الموسوس.
مع التنبيه على أن تهديد المرأة زوجها بقتل نفسها لا يعتبر من الإكراه ولو كانت مسحورة لقدرته على منعها من ذلك بغير الطلاق، فإن لم يقدر على منعها من ذلك إلا بالطلاق بمعنى أنه تعين الطلاق طريقا لإنقاذها من ذلك فحينئذ لا يقع كما بيناه في الفتوى رقم: 121714.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1430(13/12335)
الطلاق السني والطلاق البدعي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الطلاق الشرعي السني والطلاق البدعي؟ جزاكم الله خير الدنيا والآخرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطلاق السنة الموافق لأمر الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن يطلق الرجل زوجته- إذا أراد طلاقها- في طهر لم يجامعها فيه، ولا يردف لها طلاقا آخر حتى تنتهي عدتها.
قال ابن قدامة في المغني: معنى طلاق السنة الطلاق الذي وافق أمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم في الآية والخبرين المذكورين وهو الطلاق في طهر لم يصبها فيه، ثم يتركها حتى تنقضي عدتها. ولا خلاف في أنه إذا طلقها في طهر لم يصبها فيه ثم تركها حتى تنقضي عدتها أنه مصيب للسنة مطلق للعدة التي أمر الله بها. انتهى.
أما الطلاق البدعي هو الطلاق الذي اختل فيه شيء مما ذكر في الطلاق السني وهوأن يطلقها في حيض أو نفاس، أو في طهر جامعها فيه، أو يطلقها أثناء عدتها من طلاق رجعي، أو يطلقها مرتين أو ثلاثا في كلمة واحدة مثلا إلى آخر ما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 109920.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1430(13/12336)
طلق زوجته ست طلقات ويبحث عن مخرج
[السُّؤَالُ]
ـ[طلقت زوجتي ست 6 طلقات، أكثرها لغضبي هي 1-كانت حاملا قلت: طالق 2- كنت نائما وأيقظتني قالت طلقني فتلفظت بقولي: طالق.3- في رمضان قبل الإفطار بخمس دقائق أغضبتني فطلبت الطلاق فقلت: طالق. 4-كنت عند والدي واتصلت بالجوال وقالت أين أنت قلت عند والدي قالت أنت عند نساء قحيب، غضبت فقلت طالق وأغلقت الجوال أثناء التلفظ. 5- كانت عند أهلها قلت لها أنا آت إليكم لآخذكم فأصرت وعاندت فطلقت بقولي: طالق. 6- جاءت إلي واستفزتني وتلفظت بسبي وشتمت، وغضبت منها وقالت يا أنا أو أصحابك قلت أصحابي قالت طلقني ولغضبي قلت: طالق. علما بأنني عاشرتها، وأيضا بعد الطلقة الرابعة ذهبنا وهي معي لدار الإفتاء بجدة لدى الحكمي وحسبها طلقة واحدة، والمفتي الثاني بمنطقة الباحة لم يحسب أي طلقة وهي معي فشكتني بمحكمة في الباحة وحضرنا الجلسة الأولى فحكم قاضي دوس بالباحة بالطلاق، وقال إذا تريد أن ترجعها أحضر لي فتوى، وطلبت إرسال الطلقات في معاملة للمفتي العام فذهبت للمفتي العام ولم يفتني بشيء، وأعاد الفتوى إلى محكمه دوس، وذهبت إلى الإفتاء بجدة لأطلب ورقه تثبت كلامي بالفتوى بأنها واحدة ولم يعطني ما يثبت، وذهبت إلى المفتي الثاني الذي بالباحة ولم يعطني ما يثبت، علما بأن لدينا بنتا ولم أستفد أي شيء، وصدر صك طلاق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمحكمة الشرعي هي صاحبة الكلمة الفصل في هذا الأمر لأنها أقدر على الاستيضاح في شأنه من غيرها، وإذا حكمت فيه بشيء وجب العمل به، وعلى العموم، فإنك قد أخطأت بالإكثار من الطلاق، وهذا من الاستهزاء بأحكام الله تعالى، وقد ثبت النهي عن ذلك في قوله تعالى: وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا. {البقرة: 231} .
قال ابن العربي في أحكام القرآن: ومن اتخاذ آيات الله هزوا ما روي عن ابن عباس أنه سئل عن رجل قال لامرأته أنت طالق مائة. فقال: يكفيك منها ثلاث والسبعة والتسعون اتخذت بها آيات الله هزوا، فمن اتخاذها هزوا على هذا مخالفة حدودها فيعاقب بإلزامها وعلى هذا يتركب طلاق الهازل. انتهى.
فعليك أن تتوب إلى الله، واعلم أن الزوجة إذا طلقت ثلاث طلقات فإنها تكون قد بانت من زوجها بينونة كبرى، والمعاشرة بعد ذلك محرمة، ولا تحل الزوجة بعد البينونة الكبرى إلا بعد أن تنكح زوجا غير المطلق نكاحا صحيحا، نكاح رغبة لا نكاح تحليل، ثم يطلقها بعد الدخول، وراجع الفتوى رقم: 58004.
فننصحك بالتوبة النصوح، وسؤال أهل العلم في بلدك عما إذا كان في الإمكان معاودة العلاقة مع زوجتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1430(13/12337)
من أراد أن يطلق زوجته بلا رجعة
[السُّؤَالُ]
ـ[طلقني زوجي طلقة واحدة وراجعني بعد يومين والآن نريد الطلاق بلا رجعة فهل يطلقني مرة أخرى ويراجعني ثم يطلق الثالثة أم يطلقني طلقة أو طلقتين ولا يراجعني بعد العدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمراجعة زوجك بعد الطلقة الأولى صحيحة إذا كانت قبل انقضاء عدتك، وإذا أراد زوجك طلاقك بلا رجعة فلا يشترط في ذلك أن يطلقك الطلقة الثانية، ثم يراجعك ثم يطلقك الثالثة، بل إن شاء طلقك اثنتين فتحرمين عليه ولا تحلين له إلابعد أن تنكحي زوجا غيره نكاحا صحيحا ثم يطلقك بعد الدخول وهذا على مذهب الجمهور.
وإن شاء طلقك مرة واحدة ثم يترك الرجعة حتى تنقضي عدتك، ففي هذه الحالة إذا أراد الرجوع إليك فلا بد من تجديد عقد النكاح بأركانه من ولي وشاهدي عدل ومهر.
مع التنبيه إلى أنه ليس من طلاق السنة الزيادة على طلقة واحدة أو إرداف طلقة قبل انقضاء العدة، علما بأن الأصل في الطلاق الإباحة وقد يعرض له ما يجعله مكروها أو حراما أو مستحبا إلى آخر الحالات المذكورة في الفتوى رقم: 48927.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1430(13/12338)
طلاق الزوجة في طهر مسها فيه هل هو واقع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج وقد طلقت زوجتي الطلقة الأولى ثم أرجعتها وطلقتها الطلقة الثانية لكن في الثانية قلت لها إن طلاقك طلاق بائن لأني سمعت أن طلاق البائن لا بد له من عقد جديد وبعد ذلك رجعتها بدون عقد لأني سمعت أن طلاق المرأة في طهر مست فيه لا يعتبر طلاقاً وبعد ذلك طلقتها الثالثة ورجعت لها بعد الثالثة بنفس الحجة طهر مست فيه.
الآن أنا أخاف الله رب العالمين وأنا لا أجد النوم من التفكير في هذا الموضوع سؤالي هل ما أقدمت عليه يجوز وإذا كان لا يجوز فهل من شيء يجب علي فعله مع العلم أني لم أرزق بأولاد من هذه السيدة، أرجو نصحكم فأنا بحاجة ماسة له.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي على المسلم أن يتحرى لدينه، ويعتمد في معرفة أحكام الشرع على أهل العلم الموثوقين، وليس على مجرد ما يسمعه، لا سيما في مسائل الطلاق، فإن خطرها عظيم، والأولى فيها أن يكون السؤال مشافهة، لاحتياجها أحياناً إلى الاستفصال والاستيضاح، وليست هذه الأمور بأهون عند المسلم من بعض أمور الدنيا التي لا يرضى فيها إلا قول المختصين ولو كلفه الوصول إليهم قطع المسافات ودفع الأموال.
أما عن سؤالك، فإن طلاق الرجل لزوجته في طهر مسها فيه، حرام، ويسمى طلاق بدعة، ولكن جمهور العلماء يرون وقوع هذا الطلاق رغم حرمته.
قال ابن قدامة: فإن طلق للبدعة وهو أن يطلقها حائضا أو في طهر أصابها فيه أثم ووقع طلاقه في قول عامة أهل العلم. انتهى.
ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية عدم وقوع الطلاق البدعي، ولكن الراجح هو قول الجمهور.
وأما عن قولك في المرة الثانية: طلاق بائن فقد اختلف العلماء فيما يقع به، فذهب بعضهم إلى وقوع ثلاث طلقات به، وهو رواية عن الإمام أحمد، وبعضهم إلى وقوع طلقة واحدة رجعية، وبعضهم إلى وقوع طلقة واحدة بائنة، وبعضهم إلى أنه برجع إلى ما نواه.
فالراجح عندنا أن هذه المرأة قد حرمت عليك، لكن ننصحك باللجوء إلى المحكمة الشرعية للفصل في هذا الأمر.
والله أعلم. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1429(13/12339)
طلاق الرجل امرأته في طهر جامعها فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج من ابنة خالتي منذ حوالي سبع سنوات ولي منها بنتان وسبق أن أوقعت الطلاق مرتين باللفظ الصريح ومنذ فترة حدثت مشادة كبيرة أعقبها التلفظ بلفظ الطلاق الصريح أنت كذا فتوجهت إلى دار الإفتاء المصرية بمفردي وتم إفتائي بأن زوجتي لا تحل لي حتى تنكح زوجأ غيري وحتى يتم التيقن لا سيما وأن الأمر لا يقتصر على هدم الأسرة فحسب وإنما قطيعة الرحم أيضاً فقد توجهت وزوجتي إلى لجنة الفتوى بالأزهر الشريف فاجتمع شيوخ اللجنة الأربعة وأفتوني بعد علمهم منا بأن لفظ الطلاق حدث فى طهر حدث فيه جماع بأن هذا الطلاق لا يقع حتى لا تنهدم الأسرة، وقمت بمطالعة كتب الفقه وعرفت بأن الطلاق يقع فى هذه الحالة على قول جمهور الفقهاء ولا يقع على قول بعض العلماء ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وسعيد بن المسيب والقاضى أحمد شاكر والشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين والشيخ السيد سابق صاحب كتاب فقه السنة وقد طالعت أدلة الرأيين قدر الاستطاعة فما أستطعت الترجيح بين الرأيين بيقين لا سيما وأنني لست مجتهداً فأحياناً أميل إلى هذا الرأى وأحياناً أميل إلى ذاك الرأي حتى صار هذا الأمر محل ضيق وهم عظيم لي ولأسرتي وأمي وأبي والسؤال الآن هو هل لو أخذت بالرأي القائل بعدم وقوع الطلاق أكون آثماً فأجيبوني أفادكم الله وأعزكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لك الأخذ بهذا القول لمجرد مصادفته هواك أو لتلمس الرخص، وأما إن أخذت به لثقتك واطمئنانك إلى من أفتاك به واطمأن إليه قلبك فلا حرج عليك، ولكنا نرشدك إلى ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: فمن اتق الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. متفق عليه.
وأقل ما في هذا الأمر أن يكون مشتبهاً لتنازع أدلة التحليل والتحريم له، وكذا قوله صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. رواه الترمذي. وقوله لوابصة رضي الله عنه: استفت قلبك البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك. رواه أحمد وأصله عند مسلم.. وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 50546.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1429(13/12340)
طلاق الحائض نافذ عند أكثر أهل العلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أخوكم من العراق لدي سؤال في حكم الطلاق وأنا يائس لأنه لا يوجد أحد من الشيوخ الأعلام في بلدنا في هذه الأيام فأرشدوني جزاكم الله ألف خير
سؤالي هو: أنا متزوج وقد طلقت زوجتي طلقة واحدة قبل ثلاثة أشهر وكانت أثناء طلاقي لها (الدورة الشهرية كانت عندها) وعاودتها بعد ذلك وطلقتها قبل أسبوع الطلقة الثانية ولم أعاودها (تفهمون ما أعني) وأخرجتها إلى بيت أهلها وعندما عدت وفي اليوم الثاني طلقتها ستة مرات في مجلس واحد بأنها لن تعود إلى البيت وإذا عادت إلى هذا البيت أي منزل والدي فهي طالق وقد أخبروني أن هنالك كفارة، وآخر أخبرني بشيء آخر ولا أعرف ماذا أفعل؟ أرشدوني يرحمكم الله، وأنا من النوع الذي أفقد فيه أعصابي عندما أكون غضبانا، ولكني أتذكر ما قلته وكل هذا نتيجة للظروف الصعبة التي نعيشها في بلدنا لأننا أحياء أموات....
وشكرا لكم وحفظكم الله للمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج كروبكم وكروب المسلمين في كل مكان، وأما الجواب فيما سألت عنه فنقول إن الطلاق في الحيض نافذ عند أكثر أهل العلم مع حرمة الإقدام عليه ابتداء كما تقدم في الفتوى رقم: 8507، وعلى ذلك فالطلقة الأولى واقعة.
وإذا كان المقصود بالمعاودة الارتجاع قبل انقضاء عدتها ثم طلقتها ثانية ولم ترتجعها ثم طلقتها في الثاني ست طلقات فقد حرمت عليك ولا تحل إلا بعد أن تنكح زوجا غيرك ويدخل بها في نكاح صحيح، ولا تجزئ كفارة في مثل هذا الأمر، وهذا هو مذهب جماهير العلماء وعليه المذاهب الأربعة.
وأما التعليق الذي يبدو أنه حصل بعد ذلك فهو الآن لم يصادف محلا لأن المرأة قد طلقت منك وبانت بينونة كبرى كما قدمنا، وإذا كان فهمنا للسؤال على غير ما أردت فبإمكانك أن تراسلنا مرة أخرى بتوضيح الأمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1428(13/12341)
الطلاق لا يحرم إلا في حالات قليلة
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا عندما تكون المرأة متضررة من أن الزوج لا يعطيها حقها في المعاشرة يكون لها الحق في طلب الطلاق وفي نفس الوقت عندما يجد الرجل نفوراً شديداً من زوجته من الناحية الجنسية وحتى من الاقتراب منها يتم اتهامه بالخسة وأنه لا ينظر لجانب الدين وأنه يطلق تعسفيا، ما أقصده أنه في النهاية العلة متحققة وهي عدم الإعفاف والإحصان وأقصد أيضا الحد الأدنى مسلما باختلاف السبب، لكن في النهاية النتيجة واحدة، ما المشكلة حتى لو أنه رآها وعلم ببعض الدمامة فيها، لكن بعد أن تكشفت عليه في بيت الزوجية وجد المزيد من هذه الدمامة ومع المحاولة وجد أنه لا يستطيع الاقتراب من زوجته، ما ذنب الرجل الذي قدم الدين والخلق عند الاختيار الكل يتهمه بأنه ظالم ومتعسف، وما ذنب إنسان ظن أنه يستطيع أن يعيش مع امرأة وبعد الزواج اكتشف أنه لا يستطيع، فهل ننصب له المشانق، وهل فعلا ارتكب كبيرة وكفارتها أن يظل مرتبطا بهذه الإنسانة التي وصل لدرجة كبيرة من النفور منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطلاق لا يحرم إلا إذا طلق الرجل زوجته في الحيض أو في طهر جامعها فيه، وعليه.. فإن الرجل إذا طلق زوجته في حالة لا يحرم عليه أن يطلقها فيها لأنه كان يكرهها وتنفر نفسه من معاشرتها ونحو ذلك من أسباب الطلاق العادية لا يكون ارتكب أمراً محرماً أو مشيناً يوصف بسببه بالخسة أو بغيرها من الأخلاق السيئة، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 43627 لأحكام الطلاق والحالات التي يباح فيها أو يحرم إلى آخره.
وليس الطلاق بالسبب المذكور في السؤال مما يحرم بل ولا مما يكره، بل إنه قد يكون هو الأصلح والأولى إذا لم يكن المقصود الأهم من النكاح (وهو الإعفاف) حاصلاً من هذه المرأة، ولم يتمكن الرجل من الزواج بثانية عليها.
وأما كون الشارع رغب في ذات الدين والخلق (وهو أمر صحيح) فلا يعني أنه لا ينظر إلى باقي الصفات من الجمال وغيره مما يرغب فيه الناس، بل إن الشارع ينظر إلى كل ما من شأنه أن يكون سبباً في إدامة الألفة بين الرجل وامرأته، ولذالك قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل. وقال لمن يريد أن يخطب امرأة: انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما. وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 8757.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1427(13/12342)
من قال لزوجته: حرام علي الفراش معك.يقع على حسب نيته
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الاجابة على أسئلتي وجزاكم الله خيراً
ماحكم قول الرجل لزوجته والله حرام علي الفراش معك..ولم ينو الطلاق..ولاتحريم المعاشرة..بل نوى فقط الاستلقاء على الفراش معها
وهل يقع الطلاق إذا قال الرجل لزوجته أنت طالق في طهر جامعها فيه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الرجل لزوجته والله حرام علي الفراش معك لا يقع الطلاق به إلا إذا نواه وحيث لم ينو الطلاق فلا يقع، ولا يكون إيلاء لأنه لم ينو تحريم الجماع ولو نوى تحريم الجماع لكان مولياً وانظر الفتوى رقم 32116. لمعرفة معنى الإيلاء.
وإنما هو من باب تحريم الحلال ومن حرم على نفسه شيئاً من الحلال فإنه يصير في حقه محرماً وعليه أن يكفر كفارة يمين إن حنث، وهذا مذهب أبي حنيفة، وهو الراجح لقول الله تعالى (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم) {التحريم:1-2} .
فسمى الله التحريم للحلال يميناً، وذهب أكثر أهل العلم إلى أن تحريم الحلال لغو لا يترتب عليه شيء، وانظر ذلك في الفتوى رقم 24416.
ويجب التنبه إلى عدم جواز تحريم الحلال، لقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) {المائدة:87} ولقوله تعالى: (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم) {التحريم:1} .
وأما طلاق الرجل امرأته وهي في طهر جامعها فيه فهو من الطلاق البدعي، وجماهير أهل العلم قديماً وحديثاً يقولون بوقوع الطلاق البدعي، وهو الذي نراه صواباً لقوة أدلته وكثرة القائلين به، وهو الأحوط، وانظر الفتوى رقم 24444. لمزيد من الفائدة حول موضوع الطلاق البدعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1425(13/12343)
الأحوط في الطلاق البدعي قول جمهور الفقهاء
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت بدولة أروبية مع زوجها وابنتهما وقد رمى عليها زوجها يمين إلطلاق مرتين الأولى كانا في حالة غضب وانفعال وتراجعا بعده والمرة الثانية كانت في طهر جامعها فيه وتراجعا (علماً بأنهما اعترفا أنه لا توجد خلافات جذرية بينهما) ، وحينما علمت بالأمر بحثت في هذا الأمر وتناقشت معهما أكدا رغبتهما في الاستمرار وأن كلا منهما مازال يحب الآخر وحينما بحثت وجدت أن الشيخ ابن تيمية والشيخ ابن القيم والشيخ ابن عثيمين والشيخ ابن باز (أرجو تصحيحي إن كنت مخطئاً) وحسب ما قرأت أيضا أن دولة قطر تريد الأخد برأي الشيخ ابن تيمية في أن الطلاق البدعي لا يقع.. وهما يريدان الاستفادة من وجهة النظر هذه حيث إنهما يرغبان في الاستمرار مع بعض والحفاظ على أسرتهما وابنتهما، خاصة وأن إحدى الفتاوى التي قرأتها تجيز للمسلم الأخذ بوجهة نظر ابن تيمية إن اقتنع بها، فإذا جاز لهما الأخذ بوجهة نظر ابن تيمية فهل على الزوج كفارة.
أرجو الإفادة أثابكم الله
من ناحية أخرى هل يجوز الأخذ بالفتوى عبر النت.
ولكم الشكر الجزيل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في الطلاق البدعي، هل يقع به الطلاق أو لا؟
فذهب الجمهور إلى وقوع الطلاق، وذهب آخرون إلى عدم وقوعه، وهو اختيار ابن تيمية وابن القيم، والمفتى به عندنا هو قول الجمهور، لأنه الأقوى أدلة، والأحوط ديناً. وأما الأخذ بالقول الآخر فلا بأس به إن كان الآخذ به أخذ به عن اقتناع بقوة أدلة من ذهب إليه، أو للثقة فيمن أفتى به في دينه وورعه، وأما إن كان تتبعاً للرخص وطلباً للأسهل فلا يجوز.
وتراجع الفتوى رقم: 24444.
وبخصوص يمين الطلاق فيقع بها الطلاق عند الجمهور، عند حصول ما علق الطلاق عليه، ويرى بعض
أهل العلم أنه يرجع فيها إلى نية الحالف، فإن قصد إيقاع الطلاق فإنه يقع، وإن قصد التهديد والمنع، فلا يقع، وتجب عليه كفارة يمين، وهذا هو اختيار ابن تيمية وابن القيم. وتراجع الفتوى رقم: 11592.
وأما الأخذ بالفتوى عبر النت، فلا بأس به، إن كان الحال في الفتوى مطابقاً لما عليه السائل، وكانت الجهة
التي تصدر الفتوى موثوقاً بها في علمها ودينها.
وننبه في ختام هذا الجواب إلى أمرين.
الأول: أن من تلفظ بيمين الطلاق، وعلق ذلك على حصول أمر ما أو عدم حصوله، فلا يحنث إلا بوقوع ما علقه عليه.
الثاني: أن الغضب لا يمنع من وقوع الطلاق إلا إذا وصل بصاحبه إلى حد لا يعي فيه ما يقول. وتراجع الفتوى رقم: 1496.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1425(13/12344)
حكم قول الزوج لزوجته \"أنت لست امرأتي\"
[السُّؤَالُ]
ـ[زوج يقول لزوجته أنت لست امرأتي هل هذا طلاق وإذا كان هذا الطلاق وقت حيض أو جماع قبلها بيوم وما العمل إذا لاحظت أن وثيقة الطلاق بها أشياء لم أقم بها أو أقولها وما حكم هذه الوثيقة هل هي مزورة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عبارة لست لي بامرأة من ألفاظ كنايات الطلاق التي لم توضع للطلاق أصلاً لكنها إذا قيلت فإنها تحتمل الطلاق وغيره، فإذا كان الزوج يقصد بعبارته هذه الطلاق فإنه يقع، قال القرطبي قال أبو عمر أصل هذا الباب في كل كناية عن الطلاق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للتي تزوجها حين قالت أعوذ بالله منك قال: قد عذت بمعاذ ألحقي بأهلك، فكان ذلك طلاقاً، وقال كعب بن مالك لامرأته حين أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتزالها ألحقي بأهلك، فلم يكن طلاقاً فدل على أن هذه اللفظة مفتقرة إلى النية، وإنها لا يقضى فيها إلا بما ينوي اللافظ بها، وكذلك سائر الكنايات المحتملات للفراق وغيره، قال القرطبي أيضاً: وأما الألفاظ التي ليست من ألفاظ الطلاق ولا يكنى بها عن الفراق فأكثر العلماء لا يوقعون بشيء منها طلاقاً وإن قصده القائل. انتهى كلامه.
وعلى كل حال فإن الزوج مصدق فيما قصد بهذه اللفظة فإن نوى طلاقاً وقع، وإن ادعى أنه لم ينوها طلاقاً صدق.
وأما الطلاق في الحيض وفي طهر مسها فيه فإنه حرام مخالف للسنة، قال ابن قدامة: فأما الطلاق المحظور فالطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه، قال: وقد أجمع العلماء في جميع الأمصار وكل الأعصار على تحريمه، ويسمى طلاق البدعة، لأن المطلق خالف السنة وترك أمر الله تعالى حيث يقول: فطلقوهن لعدتهن [الطلاق:11] إلى أن قال: فإن طلق للبدعة وهو أن يطلقها حائضاً وفي طهر أصابها فيه أثم ووقع طلاقه في قوله عامة أهل العلم وخالف شيخ الإسلام في وقوع طلاق الحائض، ولمزيد الفائدة ترجى مراجعة الفتوى: 8507.
أما ما لاحظت في وثيقة الطلاق من أشياء لم تقومي بها، فإن الأمر في ذلك يرجع لمكان التوثيق عند المحكمة الشرعية أو القاضي الذي كتبت عنده الوثيقة فهو الذي يستطيع أن يعرف حقيقة ما كان فيها، وهل هي ضرورية أم لا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1425(13/12345)
طلاق الحائض من الطلاق البدعي المخالف للسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[طلقت زوجتي وكانت حائضا، فماذا أفعل؟ علما بأنها تزوجت وأيضا أنا تزوجت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طلاق الرجل زوجته وهي حائض محرم بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين، والواجب على من فعل ذلك التوبة إلى الله عز وجل، وليس بين أهل العلم خلاف في تحريمه وأنه من الطلاق البدعي المخالف للسنة.
والسنة لمن أراد أن يطلق زوجته أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه أو يطلقها حاملا قد استبان حملها.
وأما إذا طلقها وهي حائض أو في طهر جامعها فيه، فقد اختلف أهل العلم في وقوعه.
فذهب جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة إلى أن من طلق زوجته وهي حائض أو طلقها في طهر جامعها فيه، أنه يقع طلاقه، وانظر أدلة ذلك في الفتوى رقم: 8507.
وبناء عليه، فقد وقع طلاقك لزوجتك ولا مناص من هذا القول بعد أن تزوجت.
وأما ما تفعل، فعليك بالصبر وعدم العجلة مستقبلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1424(13/12346)
الحيضة التي تطلق فيها المرأة هل تحسب من عدتها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً، إذا طلقت المرأة في حيضتها تحتسب حيضة من الثلاث أم لا؟ حيث إن زوجها تركها وذهب ولا يمكن له إعادتها إليه..؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة إذا طلقها زوجها وهي حائض فإن تلك الحيضة لا تعتبر من عدتها، بل لا بد أن تحيض بعدها ثلاث حيضات، بناء على أن المقصود بالأقراء الحيضات.
قال ابن قدامة في المغني: إن الحيضة التي تطلق فيها لا تحسب من عدتها، بغير خلاف بين أهل العلم، لأن الله تعالى أمر بثلاثة قروء فتناول ثلاثة كاملة، والتي طلق فيها لم يبق منها ما تتم به مع اثنتين ثلاثة كامة، فلا يعتد بها، ولأن الطلاق إنما حرم في الحيض لما فيه من تطويل العدة عليها، فلو احتسبت بتلك الحيضة قرءا كان أقصر لعدتها وأنفع لها فلم يكن محرماً. انتهى.
ولمعرفة الحكم الشرعي بالنسبة للطلاق في الحيض، يرجع إلى الفتوى رقم: 8507.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1424(13/12347)
صريح الطلاق لا يفتقر إلى نية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة من سنتين، منذ حوالي سنة تشاجرت مع زوجي، وأثناء المشاجرة كنت فى حالة نفسية سيئة فطلبت منه الطلاق، فقال لي هل هذا سوف يريحك فقلت له نعم فقال لي أنتِ طالق، وبعدها هدأت نوعا ما فقال لي أنا لم تكن نيتي الطلاق بل قلت ذلك لكِ ترتاحي، للعلم أنا أحبه وهو يعاملني معاملة حسنة، فهل وقع طلاقي أم معاشرتي له حلال، أرجو الإفادة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلفظ الطلاق الصريح لا يفتقر إلى نية، فمن تلفظ بالطلاق بلفظ من ألفاظه الصريحة المعروفة، فقد طلقت منه زوجته، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه، وراجعي في هذا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17678، 22502، 6146، 14663.
وبناءً على هذا فإن هذه الزوجة تكون طالقاً، ويجوز لزوجها مراجعتها إن كانت لا تزال في العدة، فإن انتهت العدة فله أن يتزوجها بعقد ومهر جديدين إن كانت هذه هي الطلقة الأولى أو الثانية، أما إذا كانت الثالثة فإنها تبين منك بينونة كبرى لا تحل لك بعدها حتى تنكح زوجاً غيرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1424(13/12348)
كذب الزوج لايبيح طلب الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة، وزوجي دائما يكذب في كل شيء صغير وكبير، فهل يجوز لي أن أطلب الطلاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الكذب خلق ذميم يجب تجنبه، ولكن ذلك لا يبيح طلب الطلاق، بل انصحيه وذكريه بالله تعالى، واعرضي عليه الفتوى التالية برقم: 26391، لعله يرتدع بما فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1424(13/12349)
طلاق الحامل طلاق سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج من 9 أشهر، وأسكن مع عائلتي، وحدثت مشكلة بين زوجتي وأخواتي فتركت البيت وقالت لن أعود حتى توفر لي سكنا خاصا بي، مع العلم بأنها حامل في الشهر 7 فقلت لها: عندي سكن في منطقة أخرى تبعد 180كم فقالت: لن أذهب معك، أريد أن أكون قرب أهلي، وأمها تشجعها على هذا، مع العلم بأني لا أستطيع استئجار بيت لا رتفاع الأسعار.
السؤال: إذا رفضت الذهاب معي إلى السكن الجديد، هل يجوز شرعا أن أطلقها في هده الفترة؟ أو حتى تضع حملها؟ فهي تأخذ برأى أمها كثيرا، فما رأي الشرع في مشكلتي؟
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي ننصحك به هو حل المشكلة التي بينك وبين زوجتك وأخواتك بالحكمة ووضع ضوابط وقيود تمنع من عودتها مرة أخرى، وتدرس ذلك مع امرأتك وأوليائها، ولا تستعجل في الطلاق.
فإن تعذر عليك ذلك فحاول إيجاد سكن قريب، فإن لم تستطع فلا حرج عليك في الانتقال إلى سكنك البعيد، فإن رفضت امرأتك ذلك، فلك طلاقها وهي حامل، فهو من طلاق السنة لا من طلاق البدعة، ولك رفع الأمر للقاضي للنظر في القضية وإلزام المرأة بالانتقال معك أو رد مهرك إليك، لأنها ناشز وطالبة للطلاق بغير حق.
وقد روى البخاري وغيره أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن ثابت بن قيس ما أعيب عليه من خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته: فقالت: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(13/12350)
الطلاق يقع في الاستحاضة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد ... فلقد حملت زوجتي لمدة ثلاثة أشهر ثم فقدت الجنين، وطالت فترة نزول دم النفاس لأكثر من أربعين يوما، فاغتسلت زوجتي وصلت وجامعتها، ثم حدثت بعض المشاكل فطلقتها، ونزول الدم لم يتوقف. فهل علي إثم بسبب جماعها، وهل وقع الطلاق، وإن لم يقع فماذا علي أن أفعل لأتم الطلاق؟ أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في مجامعتك زوجتك بعد أربعين يوماً من النفاس، لأن هذا الدم دم استحاضة لا يمنع الصلاة والصوم وقراءة القرآن ووطء الزوج على الأصح، ولمزيد من الف ائدة راجع الجواب رقم: 16969
وكذلك الطلاق يقع في الاستحاضة لأنها في حكم الطاهرة، وبما أنك طلقتها في طه ر جامعتها فيه فإنك تأثم بهذا الطلاق، لأنه طلاق بدعة، وهل يقع أم لا؟ جماهير أهل العلم على أنه يقع خلافاً لشيخ الإسلام ابن ت يمية وتلميذه ابن القيم ومن وافقهما، ولمزيد من التفصيل في هذه المسألة راجع الفتوى رقم: 8507
هذا مع النصيحة لك بمراجعة زوجتك إن كانت الطلقة رجعية أو كانت البينونة صغر ى ورأيتما المصلحة في الرجعة، ونسأل الله لكما التوفيق لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1424(13/12351)
حكم من قال لزوجنيه إنه كافر لو راجعهما
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمةالله وبركاته.
رجل متزوج امرأتين فاقتتلنا يوما فأراد أن يصلح بينهما فرفضت كل واحدة منهما الإصلاح, فقال الرجل أنتما طالقتان فلو راجعتكما فأنا كافر، إذن هل هما طالقتان؟ وما الحكم في قوله أنا كافر؟ والرجل يريد أن يراجع النساء، وجزاكم الله خيرالجزاء.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من قال لزوجتيه أنتما طالقتان أو أي لفظة مشتقة من لفظ الطلا ق فإنهما قد طلقتا، لأن هذا من اللفظ الصريح الذي لا يحتاج إلى نية، وانظر الفتوى ر قم:
3147
وله أن يرتجعهما بشروط الارتجاع، وانظر الفتوى رقم:
20769
وأما قوله إنه كافر لو راجعهما، فه ذا قول منكر -والعياذ بالله- وهو استخفاف بأمر الدين، فلا يسوغ للمسلم بحال من الأح وال أن يحمله الشيطان على التكلم به، وقد تقدمت الإجابة عن حكم من قال بمثل ما قاله، فانظر ذلك في الفتوى رقم:
20908
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1424(13/12352)
طلا قك لامرأتك الحامل واقع وإن كنت جاهلا بحكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم..
أنا متزوج منذ فترة ليست بعيدة وكنت قد سمعت من الناس وأهلي أن المرأة إذا حملت وطلقها زوجها فإنه لا يقع الطلاق ... وبعد فترة من الزواج ليست بالبعيدة حدث أن حملت زوجتي ولله الحمد، ولكن بعد أن دخلت في شهرها السادس من الحمل نشب بيني وبينها خلاف حاد وغضبت عليها لدرجة وصول هذا الخلاف أن رميت عليها الطلاق فقلت لها أنت طالق وحلفت بالله أن تذهب لبيت أهلها ولكن بعد أن ذكرت الله وتعوذت من الشيطان تركتها تجلس في بيتها دون أن تغادره.. وبعد فترة من الوقت قرأت في كتاب أن الحامل إذا طلقها زوجها يقع طلاقها ... وهنا كانت المصيبة فأنا لم أكن أعلم بذلك وكنت أعتقد أن الطلقة التي طلقتها إياها لم تقع، فالجهل وسماع الجهلة شتت أفكاري وجعلني أعتقد إني لو طلقت زوجتي وهي حامل لم يقع طلاقها فأفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من طلق زوجته وهي حامل يمضي عليه طلاقها إذا لم يكن الغضب قد اشتد به واستحكم، بحيث فقد وعيه، وذلك لثبوت صحة طلاق الحامل في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى مبينا عدة الحامل: وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4] .
وعن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مره فليراجعها ثم ليطلقها إذا طهرت أو وهي حامل. رواه أبو داود والبيهقي.
وفي عون المعبود: قال الخطابي: فيه بيان أنه إذا طلقها وهي حامل فهو مطلق للسنة، ويطلقها في أي وقت شاء في الحمل وهو قول كافة العلماء.... ج6ص163.
وليس مثل هذا مما يعذر فيه بالجهل للاتفاق عليه وشهرته، وأما طلاقك وأنت غضبان فانظر حكمه في الفتوى رقم: 11566، والفتوى رقم: 1496.
وعليه فإذا كان طلاقك وقع وأنت في حالة غضب لا تفقد معها وعيك فقد وقعت منك طلقة، ولك أن تراجع زوجتك ما دامت عدتها لم تنته، وعدة الحامل وضع حملها، هذا إذا كانت هذه الطلقة هي الأولى أو الثانية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(13/12353)
الطلاق البدعي حكمه وأنواعه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الطلاق البدعي؟ ومتي يستخدم؟ وهل هو حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق لنا التعريف بالطلاق البدعي وأنواعه في الفتوى رقم: 24444.
وبعد معرفتك المقصود بالطلاق البدعي، فاعلم أنه لا يجوز في حال الحيض أو النفاس أو في طهر وطئت فيه المرأة، وهذا محل إجماع.
قال ابن قدامة في المغني: وأما المحظور فالطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه، أجمع العلماء في جميع الأمصار وكل الأعصار على تحريمه، ويسمى طلاق البدعة لأن المطلق خالف السنة وترك أمر الله تعالى ورسوله، قال الله تعالى: (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء". ا. هـ
وننبه هنا إلى أن طلاق السنة هو أن يطلق الرجل المرأة طاهراً من غير جماع طلقة واحدة ثم يدعها حتى تنقضي عدتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(13/12354)
طلاق الحامل طلاق سني لا حرج فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
وجزاكم الله خيرا على هذا الموقع فسؤالي هو أنني متزوج وزوجتي حامل قد رميت عليها يمين الطلاق بلفظ أنتِ طالق وبعدها رجعنا لبعض ولكنها بعد ذلك تريد الطلاق المهم أنني حاولت كثيرا معها ولكنها تصر علي الطلاق وهي لم تلد بعد فهل طلاقي لها الآن ليس فيه أي ذنب علي علما أنني سأرمي عليها اليمين في نفس الطهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا لم يكن هناك سبب معتبر شرعاً يدعو المرأة إلى طلب الطلاق من زوجها، فإنه يحرم عليها ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أبو داود. فعلى هذه المرأة أن تتقي الله تعالى، وتنتهي عن طلب الطلاق، لكن إن استجبت لها وطلقتها وهي حامل فالطلاق صحيح وواقع بإجماع أهل العلم.
ولا إثم عليك في إيقاعه حال حملها، لأن طلاق الحامل يعتبر من طلاق السنة لا من طلاق البدعة الذي منه الطلاق في حال الحيض أو حال طهر مسها فيه، ولكننا ننصحك بالتروي واستعمال العلاج الرباني لنشوز المرأة، وهو مبين في قول الله تعالى: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ [النساء:34] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1423(13/12355)
الاقتناع برأي غير جمهور العلماء في الطلاق البدعي هل يعتبر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو رأي الشرع فيما إذا أخذت رأي غير الجمهور من العلماء فيما يتعلق بالطلاق البدعي وعدم وقوعه
حيث إنني أطلقت لفظ الطلاق في غير مرة وفي حالة غضب شديد لكنني أعي ما أقول
وجزاكم الله عنى خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالطلاق البدعي هو طلاق الرجل امرأته وهي في حيض أو نفاس أو في طهر جامعها فيه أو طلقها ثلاثاً دفعة واحدة، وكما علمت أخي السائل أن جماهير أهل العلم قديماً وحديثاً يقولون بوقوع الطلاق البدعي، وهو الذي نراه صواباً لقوة أدلته وكثرة القائلين به، وهو الأحوط، وذهب بعض أهل العلم إلى عدم وقوع الطلاق في الحيض والنفاس أو في طهر جامع فيه الرجل زوجته، واعتبروا وقوع الطلاق الثلاث دفعة واحدة طلقة واحدة فقط، وهو قول معتبر وإن قل القائلون به جداً. فإذا اقتنع به شخص، وأخذ به بناء على الاقتناع الشرعي مستندا إلى النظر في الأدلة أو إلى فتوى من يفتي بهذا القول من علماء المسلمين ممن عرف بالعلم والورع.. نقول: إذا اقتنع به على هذا الوجه فلا شيء عليه في التعامل مع زوجته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1423(13/12356)
حكم طلاق الحامل
[السُّؤَالُ]
ـ[طلقت زوجتي ولم أدر انها حامل في شهرها الثاني. وكانت هذه الطلقة الأخيرة, وقبل وضعها للحمل أرجعتها لنفسي , علما بأن الطلقتين الثانية والأخيرة نتيجة غضب مني لا غير أفيدوني وجزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فطلاق الغضبان يلزمه إلا في حالة أن يسلبه الغضب عقله أو حواسه بحيث لايدري ما يقول فلا يقع، كما هو مبين في الجواب رقم 2182
وطلاق الحامل واقع استبان حملها أم لا، علمت أنت به أو لم تعلم. ومادام هذا هو الطلاق الثالث فلا يحل لك ارتجاعها، وما قمت به من ارتجاع يعد ارتجاعاً باطلاً لا أثر له، فلا يجوز لك أن تعيد هذه المرأة إلى عصمتك مرة أخرى إلا بعد أن تتزوج زوجاً آخر، ويدخل بها في نكاح ليس المراد منه أن يحللها لك، ثم إذا طلقها هو بعد ذلك، أو مات عنها فإن لك أن تتزوجها من جديد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1423(13/12357)
طلاق السكران.. هل يقع
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفادتي عاجلا، أنا طلقت زوجتي 4 مرات متفرقة، مرة في حالة سكر و3 تناول حبوب {هلوسه} وكنت لا أعلم بالطلاق ولا أتحكم في تصرفاتي سواء مع زوجتي أو غيرها لدرجة أني كنت أذهب إلى الدوام في غير موعده، ولا أتذكر بعض أسامي زملائي في وقتها، والآن الحمد لله تبت إلى الله وبالسابق كنت أعتقد أن السكران يستطيع أن يطلق لو 100 مرة وهذا ما ذكره لي أحد الإخوة وأنا أجهل أحكام الطلاق، أنا أنوي مراجعتها لإصلاح بيتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شكّ أن تعاطي المخدرات والمسكرات منكر شنيع وكبيرة من أكبر الكبائر، ومما يوجب غضب الله، أمّا عن حكم الطلاق الذي يتلفظ به السكران فقد اختلف فيه أهل العلم، والراجح عندنا أنّه إذا وصل إلى حال يفقد فيه الإدراك فالطلاق غير واقع، أمّا إذا كان السكران مدركاً لما يقول فطلاقه واقع، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 11637.
فيتعين الرجوع إلى المحكمة الشرعية وشرح الأمر لهم ليرى القاضي الشرعي رأيه في وقوع الطلاق من عدمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/12358)
طلق زوجته بعد نقاش حاد معها فما الحكم
[السُّؤَالُ]
ـ[رميت كلمة الطلاق على زوجتي في وسط نقاش حاد. ما الحكم في ذلك وماذا يترتب علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطلاق الذي رميته على زوجتك يعتبر نافذا إذا كنت قد تلفظت بصيغة صريحة في الطلاق كقولك أنت طالق أو مطلقة أو نحو ذلك، أو تلفظت بكناية طلاق ـ وهي كل لفظ يدل على الفرقة- مع النية، وراجع في ذلك الفتويين: 24121، 78889.
وفى حال وقوع الطلاق فلك مراجعة زوجتك قبل تمام عدتها إن لم تكن طلقتها مرتين من قبل، وعدتُها تنتهي بطهرها من الحيضة الثالثة بعد الطلاق أو مضي ثلاثة أشهر إن كانت لا تحيض، أو وضع حملها إن كانت حاملا
وما تحصل به الرجعة قد تقدم بيانه في الفتوى رقم: 30719.
وإذا كنتَ وقت التلفظ بالطلاق لا تعي ما تقول لشدة الغضب فلا شيء عليك لارتفاع التكليف حينئذ كما سبق في الفتوى رقم: 35727.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/12359)
طلاق الغضبان
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد طلقت زوجتي ثلاث طلقات، وقد أصدرت دار الفتوى فتوى ببطلان جميع الطلقات رغم أنها متفرقة، وذلك بسبب الانفعال الشديد، وقد أرجعت زوجتي إلي عصمتي بناء على هذه الفتوى، ومرت الأشهر ونشب خلاف بيني وبينها وقد درست حالتها ووجدت بأنها مريضة نفسيا بعد أن أصابها مرض في الرأس، فصبرت على كلامها وسبها لي إلي أن فاض بي الكيل فطلقتها، وقد صعب علي حالها بعد طلاقي لها لأنها مريضة فأرجعتها. خلاصة الموضوع ها أنا الآن طلقتها الطلقة الثالثة وأقسم بالله أنني صبرت عليها صبرا لا يعلم به إلا الله رب العالمين، حيث كانت تسبني بألفاظ لا يصح بالمرأة المسلمة أن تقولها، وكانت تدعو على نفسها وعلى أولادها بالموت وتدعو علي وعلى أبنائها بعدم دخول الجنة، وهذا ما كان يغضبني وأفقد أعصابي، ولا أستطيع حتى التفكير لا سيما أنها تتلفظ بكلمات قذرة على أبنائها، مما يجعلني أنسى أنها مريضة نفسيا وأطلقها، وكانت آخر طلقة طلقتها وهي الثالثة كانت عليها الدورة الشهرية، فأنا واقع بين نارين نار أبنائي الذين فارقتهم رغم البلاء الذي يلحق بهم من والدتهم بفعل مرضها، وبين نار أنني خائف عليها من الانتحار؛ لأنها تهدد به علما بأنها تصلي دائما، ولكن لا تتمالك نفسها حين الغضب، فتصبح شيطانا بجسد إنسان، وأنا حقيقة قد نصحتها بالذهاب للعلاج لكنها رفضت ذلك، وأصبحت بعد كلامي لها كتلة من الغضب، قد بلغت أخاها الأكبر سنا بحالها؛ إلا أنه تجاهل ذلك الشيء جملة وتفصيلا، ولم يحرك ساكنا، ظنا منه أنني إنسان أكذب على أخته ولكن الله يعلم بما أقول. ساعدوني رجاء فحالي وحال أبنائي يرثى لها، والله إنني أحاول استرجاعها أولا لأنني أحبها حبا شديدا ثانيا لأنها إنسانة مريضة نفسيا، ومع تزايد الظروف عليها سوف تنتحر وتخسر نفسها ودينها، عندي منها خمسة أطفال أكبرهم 16 سنة. هل أستطيع إرجاعها أم لا؟ علما بأنني إنسان عصبي ولا أرضى بالخطأ والله إنه ليس في بالي طلاقها، لكنها أجبرتني أن أطلقها حيث كنت أذكرها بالله لكي تسكت وأخرج عنها تفاديا لطلاقها لكنني كنت أراها شيطانا حين عصبيتها بفعل مرضها النفسي اسم الحالة التي تعاني منها هي الذهان الاكتئابي. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. أستودعكم الله رب العالمين. وشكرا لسعة صدوركم.
ملاحظة: لم أكن أعلم بطلقاتي لها قبل دخول دار الفتوى أنها مريضة نفسيا، وقد صدرت الفتوى بأنه يمكنني إرجاعها لأنني أنا الذي كنت أغضب غضبا شديدا من أفعالها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به هو الرجوع للمحكمة الشرعية وبيان الأمر لهم ليفصلوا فيه، فإن كان ذلك غير متيسر، فلترجع إلى دار الفتوى وتقصّ عليهم ما حدث بينك وبين زوجتك بالتفصيل ليفتوك في الأمر عن بينة، وقد بينا حكم طلاق الغضبان في الفتوى رقم: 28053 فراجعها.
وينبغي أن تجاهد نفسك لتتحلى بالحلم وضبط النفس وتجتنب أسباب الغضب، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَوْصِنِي قَالَ: لَا تَغْضَبْ. فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ: لَا تَغْضَبْ. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1430(13/12360)
أحكام طلاق الموسوس
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يقع طلاق الموسوس؟ أقسمت عليكم بخالق الكون أن تجيبوا إجابة مختصرة وواضحة لا تقبل الشك أو التأويل من موسوس أو رجل عادي أو عالم وألا تكون أن يتلفظ فإن الموسوس قد يتلفظ أثناء تفكيره أو سهوه أو وسوسته، وألا تكون أن ينوي أو يقصد فإنه قد يقصد وينوي ثم يتلفظ وذلك أثناء تفكيره أو سهوه أو وسوسته أو تذكره أو ذكره للموضوع، إجابة يقيس عليها كل موسوس كل وساوسه السابقة واللاحقة بحيث يكون وقع عندها الطلاق فقط وما عداها مهما كان لا يقع الطلاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الموسوس لا يقصد بكلامه إيقاع الطلاق ولا تعليقه ولا الحلف به وإنما يوسوس إليه الشيطان بأن هذا ربما حدث منه أو ربما قصده، أو ربما وقع الطلاق به. فكل ذلك لا يقع به طلاق ولا شيء عليه فيه.
قال صاحب التاج والإكليل: سمع عيسى من رجل توسوسه نفسه فيقول: قد طلقت امرأتي، أو يتكلم بالطلاق وهو لا يريده أو يشككه، فقال: يُضرِب عن ذلك، ويقول للخبيث (يعني الشيطان) صدقت، ولا شيء عليه، ابن رشد: هذا مثل ما في المدونة أن الموسوس لا يلزمه طلاق وهو مما لا طلاق فيه، لأن ذلك إنما هو من الشيطان فينبغي أن يلهى عنه ولا يلتفت إليه. انتهى.
أما إن أراد الطلاق وقصد إيقاعه أو تعليقه فإنه يقع حينئذ شأنه في ذلك شأن الصحيح.
قال الشافعي في الأم: ومن غلب على عقله بفطرة خلقة أو حادث علة لم يكن لاجتلابها على نفسه بمعصية لم يلزمه الطلاق ولا الصلاة ولا الحدود، وذلك مثل المعتوه والمجنون والموسوس والمبرسم، وكل ذي مرض يغلب على عقله ما كان مغلوباً على عقله، فإن ثاب إليه عقله فطلق في حاله تلك أو أتى حداً أقيم عليه ولزمته الفرائض، وكذلك المجنون يجن ويفيق، فإذا طلق في حال جنونه لم يلزمه، وإذا طلق في حال إفاقته لزمه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1430(13/12361)
طلق زوجته مكرها وأراد إرجاعها في العدة فرفض أهلها ثم زوجوها
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرضت لظلم من أهل زوجتي أجبروني على طلاقها وحاولت استرجاعها في العدة وأرسلت لهم امرأة تخبرهم أنني قد راجعتها، واتصلت على والدها بهذا الخصوص فرفضت أمها وجدتها الأمر فتركتها وفي قلبي حزن نتيجة ظلمهم لي، بعد عامين تزوجت.
سؤالي هو: هل يجوز لي أن أسأل الله في هذه الحالة النصر عليهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قام به أهل زوجتك من إجبارك على تطليقها حرام، وهو من الظلم المبين الذي يوجب غضب الله وسخطه, أما بخصوص هذا الطلاق فإن كان الإجبار قد وصل إلى حد الإكراه المعتبر شرعا كأن كانوا قد هددوك بالقتل ونحوه وكانوا قادرين على فعل ذلك وغلب على ظنك أنك إن لم تستجب لهم فسيفعلوا ما هددوا به, ولم تكن هناك وسيلة للتخلص من ذلك إلا بالطلاق فهنا لا يقع الطلاق, على ما بيناه في الفتوى رقم: 126302.
أما إن كان الأمر لم يصل إلى حد الإكراه وإنما استجبت لهم عند أول طلب منهم فهنا يقع الطلاق لكنه يقع رجعيا إذا كانت هذه هي التطليقة الأولى أو الثانية ولم تكن على عوض, وحينئذ يحق لك استرجاع زوجتك ولو بغير رضاها ما دامت العدة لم تنقض, فإن كنت قد استرجعتها بالفعل فهي زوجتك شرعا وزواجها الثاني باطل لا عبرة به.
ويمكنك أن ترفع الأمر في ذلك إلى السلطات المختصة ليدفعوا عنك هذا الظلم.
أما بخصوص الدعاء بالنصر عليهم فهو جائز لأنهم بهذا الفعل ظالمون معتدون، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول: واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1430(13/12362)
الطلاق تحت الضغط النفسي الشديد
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق كان متزوجا ولديه أربعة أولاد كان يعيش مع زوجته في حب ووئام حتى حصول ظروف عائلية أدت إلى طلاق زوجته للمرة الأولى، وقام بإرجاعها وبعد ذلك تعرض لحالة نفسية كانت تجعله يتصرف أحيانا كالذي فقد عقلة وكان كثير الشك حول زوجته أن لها علاقات خارجيه رغم أنها امرأة محافظة جدا فتسبب ذلك في طلاقة لها للمرة الثانية, فقام أيضا بإرجاعها وبنفس الظروف طلقها للمرة الثالثة مع العلم أنه كان يتعالج عند طبيب نفسي في هذه الفترة، ومرت فترة من الزمن حتى تعافى تماما. فيريد أن يعرف ما حكم الطلقتين الأخيرتين كونهما وقعتا وهو فاقد بعض الشيء لقواه العقلية. لأنه يحب زوجته كثيرا وهي أيضا تحبه كثيرا مع العلم بأنه في فترة ابتعاده عن زوجته كان قد تزوج من امرأة أخرى ولا تزال على ذمته؟ أرجو أن تعطونا جوابا شافيا لهذه المسألة وجزاكم الله عنا ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت أن صديقك قد طلق زوجته طلقة واحدة قبل إصابته النفسية التي ذكرتها وهذه الطلقة نافذة بلا شك.
وبخصوص الطلقتين الواقعتين بعد مرضه فإن كان أوقعهما وهو يعي ما يقول فقد حرمت عليه زوجته حتى تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل، فإن فارقها بعد الدخول جاز لزوجها أن يتزوجها بعقد جديد بعد انقضاء العدة، وإن كان أوقع إحداهما وهو يعي ما يقول لزمته فقط دون غيرها، وإن كان أوقعهما معا وهو لا يعي ما يقول فلا شيء عليه لارتفاع التكليف عنه حينئذ فهو في حكم المجنون.
وإذا لم كن مجموع الطلاق ثلاثا فله تجديد العقد على زوجته إذا انقضت عدتها. وراجع في ذلك الفتويين: 123863، 35727. ولا يغير مما ذكرنا كونه تزوج من امرأة أخرى، وينبغي الرجوع إلى المحاكم الشرعية للتحقق من كون الزوج أوقع الطلاق وهو فاقد للوعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1430(13/12363)
اشتد غضبه فقال لزوجته والله إنك طالق
[السُّؤَالُ]
ـ[قلت لزوجتي: والله إنك طالق، وكنت غضبانا جدا ولم أدر كيف قلتها. أريد أن أرجع زوجتي ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك لزوجتك [إنك طالق] يعتبر طلاقا صريحا نافذا بلا شك، ولك مراجعتها قبل تمام عدتها إذا لم تكن طلقتها من قبل أو طلقتها واحدة فقط. وتحصل الرجعة بما يدل عليها من قول مثل راجعتك أو أعدتك لعصمتي أو بالجماع أو مقدماته مع النية، كما تحصل عند بعض أهل العلم بالجماع فقط أو مقدماته ولو دون النية كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 30719.
وإن كنت قد طلقتها مرتين قبل هذا الطلاق فقد حرمت عليك، ولا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك نكاحا صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقها بعد الدخول.
وبخصوص غضبك فإن كان خفيفا بحيث كنت تعي ما تقول فهو نافذ، وإن كان شديدا بحيث كنت لا تعي ما تقول فلا شيء عليك، ومن أهل العلم من رأى عدم وقوع الطلاق أيضا إذا لم يستحكم الغضب ولكنه يحول بين المرء ونيته كما تقدم فى الفتوى رقم: 11566.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1430(13/12364)
اشتد غضبه فطلق امرأته وكرر اللفظ ثلاثا
[السُّؤَالُ]
ـ[حصلت مشكلة بين والدي وأمي مما أدى إلى خروج أمي 5 أشهر
وبعدها، حصلت مواجهة بين الأولاد وبين أبي وكانت مواجهة قوية جداً جداً وكان الطرفان في غاية العصبية، وأخيرا قامت أختي باحتقار أبي وقالت أنت لا تستحق أمي وهي تشير إليه من أعلى وأسفل، وبعدها قال أبي: أمك لا تساوي إصبع رجلي الصغير، وأختي ردت باحتقار واستفزاز شديد ـ مسكين حالك ـ فثار أبي كثيراً ثم قال: هل تريدينني أن أطلق أمك فسكتت، ولكنها أخذت تنظر إليه بشكل استفزازي ثار أبي والتفت إلى عمي وقال أطلقها، أختي الأخرى ردت، وقالت طلقها، وأبي قال ـ أمك ـ وسكت، عمي قال لا ـ يا ـ انتظر، لكنه كان ينظر إلى أختي وهي تنظر إليه بحدة واستفزاز وتحد، فقال ـ أمك ـ وكان ينظر إلى أختي وهي تستفزه بنظراتها ـ وكانت عينيه جاحظة من الغضب ـ وقال: أمك طالق وكررها ثلاثا، وكانت هذه الطلقة الثالثة، وبعدها بثواني ندم وقال أنتم السبب في الطلاق وأصبح ثائرا ويرتجف، ف هل أمي في هذه الحالة مطلقة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن أختك التي صدر منها هذا الكلام البذيء في حق أبيها قد وقعت في العقوق وسوء الخلق والفسق وقلة الدين ـ والعياذ بالله تعالى ـ فمثل هذا الكلام الجارح لا يجوز أن يخاطب به أحد من المسلمين ـ فضلا عن الأب الذي يجب عليها الإحسان إليه وتوقيره وبره ـ فقد أمر الله تعالى بإحسان صحبة الأبوين وبرهما ـ ولو كانا كافرين ـ حيث قال تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} .
ونهي عن مخاطبتهما بأي لفظ يدل على الإساءة، حيث قال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا {الإسراء:23} .
وإذا كانت كلمة أف ونحوها مما يدل على التضجر محرمة في حق الأبوين فمن باب أحرى ما صدر من أختك هذه ـ والعياذ بالله تعالى ـ كما أن العقوق من كبائر الذنوب، ففي الصحيحين وغيرهما: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر، أو سئل عن الكبائر، فقال: الشرك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين.
وراجعي المزيد في الفتوى رقم: 95960.
وأختك الثانية ـ أيضا ـ قد عقت أباها وارتكبت معصية عظيمة حين أمرت والدها بطلاق أمها فكانت السبب في ذلك.
وعليك نصح أخواتك وإخوتك بضرورة بر الأب وخطورة عقوقه والتأكيد على أن وجود خلاف بينه مع الأم لا يوجب عقوقه ولا يسقط حقه في الإحسان والبر.
وبخصوص الطلاق الذي تلفظ به والدك، فإن كان يعي ما يقول فطلاقه نافذ وتحرم عليه زوجته، لأنك ذكرت أن هذه الطلقة الثالثة فتكراره للطلاق لم يصادف محلا، فلا تحل له زوجته ـ إذن ـ حتى تنكح زوجا غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقها بعد الدخول، ولو كان هذه هو الطلاق الأول لكان الحكم أيضا عند جماهير العلماء هو تحريمها عليه، لما ذكرته من تكراره الطلاق، أما إن كان غضبه شديدا بحيث صار لا يعي ما يقول فهو في حكم المجنون ولا يلزمه شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1430(13/12365)
التلفظ بالطلاق حال غضب الزوج الذي يفقده الإدراك
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي وزوجي: أن زوجي أحب في السابق فتاة وخطبها، ولكنه تفاجأ بعد خطبتها أنها متعلقة بابن عمتها وعندما صارحها بمشاعره أصرت على الطلاق وهو يرفضه وأدخلت القضية المحاكم حتى حصلت على الطلاق بدون إرادته، وبعدها تزوجته ولم أكن أعلم بأن لديه عقدة نفسية فهو سريع الغضب كثير الحلف بالطلاق، وعند الغضب يصبح مجنونا، بدليل صكه على أسنانه وضربة المبرح لي، وإثرها يتلفظ بالطلاق، وعند استفاقته من غضبه يكون شديد الندم ـ حتى إنه أثناء الغضب يقفز على الكراسي، ويحطم أشياء ويقول لي ابتعدي عني، أقبل أيديك ابتعدي عني، ابتعدي عني ـ أثناء الغضب، فهل يقع طلاق في حالة غضبه بمثل هذا الشكل؟ لقد أفتوني في بلدي أنه كالمجنون، وأنا متأكدة لو عرض نفسه على طبيب نفسي أثناء عصبيته لأدخله المصحة العقلية من شدة جنونه أثناء الغضب، والمشكلة الآن بعدما أعادونا في دائرة الإفتاء ولم يحسبوا طلقات، أنه أثناء غضبه نتيجة مشكلة مع أهلي، قال علي الطلاق بالثلاثة إذا ذهبت إليهم، وسكت، ثم قال وأنت وابنتي كمان، أفتوني بحالته هذه، علما بأنه بزوال ثائرة غضبه يكون زوجا رائعا، لكن غضبه لا يحتمل، هل يعقل أن أحرم من أهلي من أبي وأمي وأخوتي؟ وهل يعقل أنه إذا أصاب أبي مكروه أن لا أقدر أن أراه في بيت أهلي؟ وخاصة أن ما يطلبه مخالف لبر الوالدين، مع العلم أن أهلي يحبونه وهو يحبهم، لكن عند الغضب لا يفكر بما يقول ولا بعواقب الأمور، فماذا أفعل؟ أنا لا آكل ولا أشرب من هول الموضوع، فأنا لا أقدرتحمل أن أحرم من أهلي، ولا أقدر أن أحرم ابنتي من أب حنون، لكنه مجنون عند الغضب، هذا شهر رمضان، وأهلي عزمونا على الإفطار، فماذا أقول لهم؟.
أرجوكم ساعدوني في أسرع وقت ممكن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق، إلا أن يصل إلى حد يفقد الإدراك كالجنون، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 1496.
فإذا كان زوجك يتلفظ بالطلاق حال غضبه الذي يفقد الإدراك، فلا يقع هذا الطلاق، وكذلك حلفه عليك بالطلاق الثلاث لمنعك وبنتك من الذهاب إلى أهلك إن كان صدر منه حال غضب شديد بحيث لم يكن يعي ما يقول فلك أن تذهبي إلى بيت أهلك ولا يترتب عليه شيء، وأما إذا كان قد حلف مدركاً لما يقول فإنك إن ذهبت إلى بيت أهلك تطلقين ثلاثاً، وهذا مذهب الجمهور، خلافاً لشيخ الإسلام ابن تيمية الذي يرى أن الحلف لا يقع به طلاق، وإنما فيه كفارة يمين، وننصحك أن تذهبي للمحكمة الشرعية أو لمن يوثق في علمه في بلدكم وعرض الأمرعليه مباشرة.
كما ينبغي عليك أن تنصحي زوجك باجتناب أسباب الغضب الشديد ومحاولة ضبط النفس، والسعي في معالجة هذا الأمر، ويمكنه أن يعرض نفسه على طبيب نفسي، مع المحافظة على الأذكار المشروعة وكثرة الدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1430(13/12366)
طلاق الغضبان ثلاثة أقسام
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما تزوجت يا شيخنا الفاضل وجدت زوجتي-مصفحة- عندما كان عمرها خمس سنوات ذهبت بها أمها إلى إحدى العجائز وصفحتها عن طريق الجان والعياذ بالله، وأنا لا أعلم بهذا كله إلا بعد الدخلة، ومنذ أن تزوجت بها إلى الآن والمشاكل تزداد فوق رأسي كل يوم، يا شيخ هناك مشكلة: منذ سنتين صدر مني الطلاق فاتصلت عبر الهاتف بالشيخ وقال لي: الطلاق وقع رجعيا فأحضرت شاهدين وأرجعتها، ثم بعد ذلك حصلت مشكلة كبيرة فقلت كلمة الطلاق في حالة غضب شديد، فسألت الشيخ وقال لي: الطلاق في حالة الغضب لا يقع، علما بأن زوجتي هي التي تفتعل المشاكل لأتفه الأسباب حتى وإن كانت مشكلة عادية تقوم الدنيا ولا تقعدها، ومنذ يومين حصلت مشكلة أخرى فقامت زوجتي بسب أمي وشتمتني حتى وصل بها الأمر أن طعنت في رجولتي فغضبت غضبا شديد جدا فأصبحت أدمر أثاث المنزل، وقلت لها كلمة الطلاق عشر مرات. فسألت أحد أصدقائي فقال لي إن زوجتك مازال الجن الذي من أثر التصفيح يلازم زوجتك وهو الذي يدفعها إلى هذه المشاكل كلها. وإلى الآن يا شيخ لا أعرف ماذا أفعل بزوجتي التي دمرت حياتها ومستقبل الأطفال الذي بيننا ولا أدري هل وقع الطلاق أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذهاب بالبنات إلى بعض الكهنة والعرافين بسبب الخوف عليهن من فض بكارتهن أو لغير ذلك من الأغراض أمر لا يجوز، وفيه ممارسة لنوع من السحر والدجل والخرافة، فيجب على المسلمين الحذر من ذلك، فمجرد الذهاب إلى العراف وسؤاله أمر منكر، وأشد منه نكارة تصديقه فيما يقول، روى مسلم عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة. وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة والحسن رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
فنوصي الزوج بالصبر أولا على زوجته هذه، وننصح بأن يسعى في علاجها ويطلب لها من يرقيها بالرقية الشرعية، ويمكن مطالعة الفتوى رقم: 4310.
وأما بالنسبة للطلاق فإن الطلقة الأولى الأمر فيها على ما ذكر لك ذلك الشيخ -نعني وقوعها رجعية- وأما الطلقة الثانية والتي كانت في حالة غضب فإن طلاق الغضبان على أحوال ذكرها ابن القيم حيث قال: طلاق الغضبان ثلاثة أقسام:
الأول: أن يحصل له مبادئ الغضب، بحيث لا يتغير عقله، ويعلم ما يقول ويقصده، وهذا لا إشكال فيه، يعني أن طلاقه واقع وقوعاً لا إشكال فيه.
الثاني: أن يبلغ النهاية، فلا يعلم ما يقول، ولا يريده، فهذا لا ريب أنه لا ينفذ شيء من أقواله.
الثالث: من توسط بين المرتبتين، بحيث لم يصر كالمجنون، فهذا محل النظر، والأدلة تدل على عدم نفوذ أقواله. اهـ.
فاعرض الحالتين على كلام ابن القيم هذا، وانظر أين أنت منه. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1430(13/12367)
هل يقع الطلاق إذا وصل الغضب إلى حد فقدان الشعور
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل عصبي حاد المزاج، سريع الغضب، ولا حيلة لي في ذلك، وحدتي هذه تسبب لي مشاكل كثيرة، وخاصة في حياتي العائلية، فقد تغضبني زوجتي بكلمة أو تصرف يؤدي إلى شجار، تكون نتيجته الطلاق، في حين أنني لا أريد الطلاق ولا أفكر فيه، إن لم يكن ذلك من أجل زوجتي فمن أجل بناتي منها، ولكن في ساعة الغضب أذهل عن كل شيء، وأقول ما لم يكن في نيتي، وأتصرف تصرفات، قد يصفها بعض الناس بأنها جنونية وقاتل الله صورة الغضب، فإنها هي السبب، وقد حدث مني الطلاق مرتين على هذه الصورة، فأفتاني بعض أهل العلم بوقوع الطلاق في المرة الأولى، ومراجعة الزوجة، وقد كان، ومنذ أيام قامت مشادة بيننا مرة أخرى، بدأت زوجتي تسبني وتسب أهلي ووالدتي ـ حتى وصل بها الأمر أن تطعن فى رجولتي ـ فقلت لها كلمة الطلاق ستة أو سبع مرات، حتى وصل بي الأمر إلى تخريب أثاث المنزل، وقيل لي في هذه المرة: إنها لا تحل لي، فهي الطلقة الثالثة، مع أنني حين تلفظت بالطلاق كنت أشبه بالمحموم من شدة الغضب، وكنت مستعدًا لأي شيء في تلك اللحظات، ولكن لما برد الغضب ندمت أشد الندم، فهل عندكم حل لمشكلتي هذه؟ وهل يسمح الشرع أن تُهد الحياة الزوجية وتتمزق أسرة كاملة، بكلمة عابرة تصدر من إنسان في حالة غير متزنة وبدون نية ولا ترتيب سابق، ولكن هذا قدر الله، فأرجو أن أجد عندكم مخرجًا من هذه الورطة.
والله يحفظكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الغضب قد وصل بك إلى الحد الذي أفقدك شعورك وضبطك وصرت مدفوعاً إلى التلفظ بالطلاق دفعاً لا تملك أن تمسك لسانك عنه، فإن الطلاق لا يقع في هذه الحالة، كما بيناه في الكثير من الفتاوى، ومنها الفتاوى التالية أرقامها: 115667، 11566، 98233.
وننبهك إلى وجوب مجاهدة نفسك في أمر الغضب، فإنه داء فتاك يضيع مصالح الدنيا والدين، وقد بينا خطورته وطرق علاجه في الفتوى رقم: 58964.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(13/12368)
هل يقع طلاق المكره
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: قرأت في أكثر من فتوى لسماحتكم تنطبق علي في الإكراه، لذلك أحاول أن أختصر فيها لعلي أستطيع إيصالها لكم بالطريقة المطلوبة: أقيمت ضدي عدة قضايا يراد بها سجني، ووصل عدد القضايا إلى 3 قضايا وبما أن القانون في صف المرأة سيلبى طلبها ومن خوفي على نفسي من السجن حيث إني خرجت من السجن حديثا ولا أريد العودة له بما فيه ضرر علي في أولادي وعملي أو أطلق زوجتي، وكان رجال الشرطة في هذه الأيام يريدون القبض علي مع إصرار زوجتي وتهديدي إن لم أطلق ستزيد فيها وأن أسجن حياتي كلها وهذا ما جعلني أطلق. هل طلاقي واقع في هذه الظروف مع أنني لم أرد أن أطلقها؟ وجزاكم الله خيرا وأتمنى أن يكون السؤال واضح لسماحتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تحققت أو غلب على ظنك حصول السجن ظلما إن لم تطلق زوجتك -بحيث لم يوجد سبب شرعي للإكراه على طلاقها- فلا يقع طلاقك إذا أوقعته في هذه الحالة.
ففي الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية: ولا يقع طلاق المكره، والإكراه يحصل إما بالتهديد أو بأن يغلب على ظنه أنه يضره في نفسه أو ماله بلا تهديد إكراها. انتهى.
وفي القوانين الفقهية لابن جزي المالكي: وأما من أكره على الطلاق بضرب أو سجن أو تخويف فإنه لا يلزمه عند الإمامين وابن حنبل خلافا لأبي حنيفة. انتهى. يقصد بالإمامين مالك والشافعي.
وقال ابن قدامة في المغني: فأما الوعيد بمفرده فعن أحمد فيه روايتان: إحداهما ليس بإكراه لأن الذي ورد الشرع بالرخصة معه هو ما ورد في حديث عمار وفيه أنهم أخذوك فغطوك في الماء. فلا يثبت الحكم إلا فيما كان مثله. والرواية الثانية أن الوعيد بمفرده إكراه. قال في رواية ابن منصور: حد الإكراه إذا خاف القتل أو ضربا شديدا وهذا قول أكثر الفقهاء، وبه يقول أبو حنيفة والشافعي لأن الإكراه لا يكون إلا بالوعي د. انتهى.
أما إذا كان الإكراه بحق فالطلاق نافذ، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 98035.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(13/12369)
أحوال طلاق الغضبان والسكران
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي مشكلة وأتمنى منكم أن تفيدوني، أنا أعيش مع زوجتي من 7 سنوات تقريبا، وعندي طفلان وبنت والمشكلة هي: أنني قد رميت عليها الطلاق أكثر من مرة أربع مرات تقريبا، لكن كنت في حالة غضب منها، الأولى كنت سكران عندما رميت عليها الطلاق، ومرتين كنت غاضبا منها، والرابعة أيضا كنت غاضبا وهي حامل، أرجوا أن تفيدوني جزاكم الله خيرا، لأنني الآن في حالة نفسية وتشتيت للذهن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسكران الذي نتج سكره عن فعل محرم بأن شرب المسكر قاصدا لشربه عالما به ووصل به الحال إلى فقد العقل والتمييز إن طلق في هذه الحال فطلاقه محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من ذهب إلى وقوعه، ومنهم من لم يعتبره، والراجح عدم وقوعه، كما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد بينا الخلاف والترجيح في الفتوى رقم: 11637.
أما إن كان في بدايات السكر أو كان السكر لم يفقده تمييزه بمعنى أنه يدري ما يقول، فإن طلاقه يقع قولا واحدا.
وأما باقي الطلقات التي أوقعتها على زوجتك في حالة الغضب فلها أحوال: فإن كان الغضب لم يتجاوز بك حده العادي الذي يعرض للناس عند رؤية ما يسوؤهم، فلا خلاف في وقوع هذه الطلقات، لأن هذا النوع من الغضب لا يمنع من وقوع الطلاق، وإلا ما وقع طلاق البتة، لأن الغالب الأعم أن الإنسان لا يطلق إلا وهو غاضب، وعلى ذلك فإن زوجتك قد بانت منك بينونة كبرى لا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك - نكاح رغبة لا نكاح تحليل - ثم يطلقها.
وإن كان الغضب قد بلغ بك مبلغا أفقدك وعيك وصيرك إلى حالة من فقدان التمييز والشعور، فإن الطلاق لا يقع، فإن لم يبلغ بك الغضب هذا المبلغ ولكن صيرك مدفوعا إلى الطلاق دفعا تحت تأثيره بحيث لا تقدر على إمساك لسانك عن التلفظ به، فإن طلاقك في هذه الحالة لا يقع أيضا على الراجح من كلام أهل العلم، وقد فصلنا حكم طلاق الغضبان وأحواله في الفتوى رقم: 11566.
وإنا ننصحك بعرض الأمر على المحكمة الشرعية أو مشافهة بعض أهل العلم في بلدك حتى يستبين منك ملابسات الطلاق على وجه الدقة.
وفي النهاية نوصيك بالتوبة إلى الله سبحانه مما كان منك من جريمة شرب الخمر، فإنها من كبائر الذنوب التي توجب سخط علام الغيوب، وتجلب ذل الدنيا وخسارة الآخرة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1430(13/12370)
مسائل في طلاق الصبي والمجنون
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت امرأة من صبي أو مجنون وتريد الطلاق. فمن يُوْقِع الطلاق نيابة عنهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة للصبي فلا يصح طلاقه قبل البلوغ عند الجمهور خلافا للحنابلة القائلين بجواز طلاق الصبي المميز بحيث يعقل حرمة زوجته عليه بالطلاق، ولا يجوز لغير الأب النيابة عنه في الطلاق إجماعا، كما لا تجوز نيابة الأب عنه أيضا عند الجمهور.
أما المجنون فلا يصح طلاقه حال جنونه، وإن طلق حال إفاقته صح طلاقه، ولا يجوز لغير الأب النيابة عنه إجماعا وكذلك الأب أيضا عند الجمهور. وإليك كلام بعض أهل العلم فى المسألة:
قال ابن قدامة فى المغني: وليس لغير الأب تطليق امرأة المولى عليه , سواء كان ممن يملك التزويج , كوصي الأب والحاكم على قول ابن حامد , أو لا يملكه. لا نعلم في هذا خلافا. فأما الأب إذا زوج ابنه الصغير أو المجنون , فقد قال أحمد في رجلين زوج أحدهما ابنه بابنة الآخر , وهما صغيران , ثم إن الأبوين كرها , هل لهما أن يفسخا؟ فقال: قد اختلف في ذلك. وكأنه رآه. قال أبو بكر: لم يبلغني عن أبي عبد الله في هذه المسألة إلا هذه الرواية , فتخرج على قولين ; أحدهما , يملك ذلك. وهو قول عطاء , وقتادة ; لأنها ولاية يستفيد بها تمليك البضع , فجاز أن يملك بها إزالته إذا لم يكن متهما , كالحاكم يملك الطلاق على الصغير والمجنون بالإعسار. والقول الثاني: لا يملك ذلك. وهو قول أبي حنيفة , ومالك , والشافعي ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الطلاق لمن أخذ بالساق. ولأنه لا يملك البضع , فلا يملك الطلاق بنفسه , كوصي الأب والحاكم , وكالسيد يزوج عبده الصغير , وبهذه الأصول يبطل دليل القول الأول. انتهى.
وفي كتاب الأم للإمام الشافعي: ولا يجوز طلاق الصبي حتى يستكمل خمس عشرة أو يحتلم قبلها, ولا طلاق المعتوه , ولا طلاق المجنون الذي يجن ويفيق إذا طلق في حال جنونه وإن طلق في حال صحته جاز. انتهى.
وفي الموسوعة الفقهية: الطلاق رفع قيد الزواج ويترتب عليه التزامات مالية, فلذلك لا يصح طلاق الصبي مميزا أو غير مميز, وأجاز الحنابلة طلاق مميز يعقل الطلاق ولو كان دون عشر سنين, بأن يعلم أن زوجته تبين منه وتحرم عليه إذا طلقها. انتهى.
وفي المدونة للإمام مالك: وقال يحيى بن سعيد: ما نعلم على مجنون طلاقا في جنونه، ولا مريض مغمور لا يعقل , إلا أن المجنون إذا كان يصح من ذلك ويرد إليه عقله فإنه إذا عقل وصح جاز عليه أمره كله كما يجوز على الصحيح، وقال ذلك مكحول في المجنون. انتهى.
وفى الموسوعة الفقهية أيضا: ذهب الفقهاء إلى عدم صحة طلاق المجنون والمعتوه لفقدان أهلية الأداء في الأول , ونقصانها في الثاني , فألحقوهما بالصغير غير البالغ , فلم يقع طلاقهما لما تقدم من الأدلة. وهذا في الجنون الدائم المطبق , أما الجنون المتقطع , فإن حكم طلاق المبتلى به منوط بحاله عند الطلاق , فإن طلق وهو مجنون لم يقع , وإن طلق في إفاقته وقع لكمال أهليته. انتهى.
وإذا وجد موجب لطلاق زوجة الصبي أو المجنون فالذي يتولى الطلاق هو القاضي الشرعي.
قال ابن قدامة فى المغني: كالحاكم يملك الطلاق على الصغير والمجنون بالإعسار. انتهى.
وراجع المزيد فى الفتوى رقم: 39023.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1430(13/12371)
الطلاق بلغة أعجمية يقع كالعربية مادام باللفظ الصريح في لغتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج من إيطالية مسيحية الديانة كانت بيننا مشكلة بسبب ابننا ـ عمرـ وخرجت عن شعورى بعد 6 سنوات من الزواج، قلت لها بانفعال شديد أنت طالق فى التليفون من سنة باللغتين: العربية والإيطالية، ولا أدري إن كانت حائضا أم لا؟ وبعد حوالى شهرين راجعتها، ويوم 24/4/2009 عملنا مشكلة أخرى وذهبنا إلى القنصلية المصرية وعملنا ورقة طلاق وقلت لها أنت طالق باللغتين العربية والإيطالية، ولم تكن حائضا ويوم 14/5/2009 ذهبت إلى مصر ورجعت يوم ـ14/6/2009 وبعد يومين من رجوعي اجتمعت معها مرتين ولم نعمل أى إجراء رسمى بورقة زواج من جديد لأننا عملنا ورقة طلاق من قبل، وفي اليوم الرابع نزل عليها دم الحيض وبعد 3 أيام انتهى دم الحيض ولم أجامعها، وبعد حوالى 5 أيام جرت بيننا مشكلة ولكني كنت ظالما لها، وبعد مناقشة طويلة انتهت ـ قلت لها انتبهي بقي لنا طلقة واحدة ولن نستطيع أن نرجع لبعض لأنني مسلم قالت لي ما هذا؟ أنت صدقت أننا رجعنا لبعضنا قلها قلها وخلصني، لأنها كانت مظلومة وأنا لا أريد أن أقولها ولكن لكي أرضيها قلت لها باللغة الإيطالية فقط، لأنني ليست عندي النية أن أطلقها للمرة الثالثة وفيما بيني وبين نفسي وبيني وبين ربي أنا لم أقلها لها بالإيطالية ـ لن تحسب ـ وبعد أيام قليلة تقول لى أنا أريد أن أبقى مسلمة ونرجع لبعضنا، قلت لها لابد أن أستشير إمام المسجد، فقال لي الإمام الموضوع يحتاج إلى دراسة، فهل لي أن أردها إلى عصمتي؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت حين تلفظّت بالطلاق في المرة الأولى قد وصل بك الغضب إلى حدٍّ أفقدك الإدراك بحيث لا تعي ما تقول فلا تقع هذه الطلقة، فإنّ الغضب الذي يفقد الإدراك يمنع وقوع الطلاق، وانظر الفتوى رقم: 1496، وأمّا إذا كان الغضب لم يصل بك إلى فقد الإدراك، فهذه الطلقة واقعة، سواء أكانت في حيض أو طهر جامعتها فيه، فإنّه وإن كان هذا الطلاق محرما وبدعة إلّا أنّ جماهير أهل العلم على وقوعه، وكونك قد تلفظت بالطلاق باللغتين العربية والإيطالية، إن كنت قصدت به التأكيد أو إفهام زوجتك فهي طلقة واحدة؛ لإن اختلاف اللفظ لا يضر في قصد التأكيد، فقد قال النووي رحمه الله في روضة الطالبين: ولو قال أنت مطلقة أنت مسرحة أنت مفارقة فهو كقوله أنت طالق أنت طالق على الأصح. انتهى.
وكان قد بين قبل ذلك حكم هذه اللفظ الثاني بأنه إن قصد التأكيد وكان لم يسكت سكوت فوق سكون النفس قبل منه ادعاء التوكيد، أمّا إذا كنت قصدت بكل لفظ طلقة فهما طلقتان عند جمهورأهل العلم.
وننبّه إلى أنّ حقّ الزوج في الرجعة يكون في زمن العدة وهي ثلاث حيضات، فإذا انقضت العدة فلا يملك الزوج رجعتها إلا أن يعقد عليها عقداً جديدا، فإذا كنت راجعت زوجتك بعد انقضاء عدتها بغير عقد جديد، فهي ليست زوجة لك ولا يقع عليها طلاق ومعاشرتك لها حرام، أمّا إذا كنت قد أرجعتها قبل انقضاء عدتّها فالرجعة صحيحة، وقد لحقها ما أوقعته عليه من طلاق وأصبحت مطلقة ثلاثاً، ولا يمنع من وقوع الطلقة الثالثة كونك لم تقصد الطلاق، فإنّ صريح الطلاق يقع بغير نية، قال في الشرح الكبير ـ حنبلي: وجملة ذلك أن الصريح لا يحتاج إلى نية بل يقع من غير قصد فمتى قال أنت طالق أو مطلقة أو طلقتك وقع من غير نية بغير خلاف. الشرح الكبير لابن قدامة ـ 8 ـ 275ـ
والراجح أنّ التلفظّ بالطلاق باللغة الإيطالية لا يمنع من وقوعه ما دام باللفظ الصريح في لغتهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فَإِنَّ الطَّلَاقَ وَنَحْوَهُ يُثْبِتُ بِجَمِيعِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ مِنْ اللُّغَاتِ: إذْ الْمَدَارُ عَلَى الْمَعْنَى. مجموع الفتاوى - 15 ـ449ـ
وقال الخطيب الشربيني ـ الشافعي: وترجمة ـ لفظ ـ الطلاق بالعجمية صريح على المذهب لشهرة استعمالها في معناها عند أهلها شهرة استعمال العربية عند أهلها. مغني المحتاج - 3 / 28 0ـ
وقال الرحيباني الحنبلي: فَمَنْ قَالَهُ أَي: بِهِشْتُمْ: لفظ الطلاق بالفارسيةعَارِفًا مَعْنَاهُ مِنْ عَرَبِيٍّ أَوْ أَعْجَمِيٍّ وَقَعَ مَا نَوَاهُ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَوَاحِدَةٌ كَصَرِيحِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ.
وعلى ذلك فقد حرمت عليك زوجتك وبانت بينونة كبرى، فلا تحلّ لك إلّا إذا تزوجّت زواجاً صحيحاً ووطئها زوجها ثم طلقّها، على أن يكون الزواج زواج رغبة وليس زواج تحليل.
وإذا كانت هذه المرأة ترغب في الإسلام فينبغي أن تجتهد في تشجيعها على ذلك وتعريفها بالمراكز الإسلامية أو الاستعانة ببعض المسلمات الصالحات في بلدها، ففي ذلك أجر عظيم، فعن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1430(13/12372)
لا مخرج للزوج بعد الطلقة الثالثة إلا بزواجها آخر بغير نية التحليل ثم يطلقها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مقيم بالسويد منذ أكثر من 14 عاما متزوج من عربية، وعندي أربعة أطفال 3 إناث وذكر
مثل كل المغتربين أردت أن أسعد أبنائي بقضاء الإجازة في بلدي الأصلي، فقمت بحجز تذاكر لعائلتي، وفوجئت بأم زوجتي تريد الانضمام لهم في الرحلة، علما بأنني لن أسافر معهم وذلك لظروف عملي الصعبة، قمت بعمل الحجز بتاريخ معين وتاريخ العودة بعد شهرين ونصف، فوجئت بزوجتي تكلمني من بلدي الأصلي وتقول بأنها قدمت موعد الحجز وقصرت مده الإقامة إلى شهر مما أثار غضبي لدرجة أنني شتمتها، بعد 4 أيام أخرى فوجئت برسالة نصية من زوجني تخبرني أنها قدمت موعد العودة إلى أسبوعين فقط، هنا جن جنوني حيث إنني تكلفت مصاريف كثيرة في سبيل هذه السفرة، مع العلم أن إقامتهم في بلدي الأصلي كانت مريحة جدا والنقود كانت وفيرة، وأهلي لم يقصروا في سبيل خدمتهم وهم مقيمون بشقتنا الخاصة.
عندما رجعوا إلى السويد أقسمت أن لا تدخل بيتي إلا في موعد السفر الأول المتفق عليه بيننا، وكنت قد هددتها بالطلاق إذا هي رجعت بالموعد الذي حددته، أنا كنت قد طلقتها مرتين في الماضي لخلافات عديدة حيث كانت لا تنفك تطلب الطلاق عند أي خلاف ولا تهدأ إلا عند الطلاق.
كنت قد شرحت قصتي لشيخ المسجد صديقي الذي كان يعلم بمشاكلنا وقصة الطلاقين الأولين، فوجئت بهاتف من الشيخ وهو في بيت أبي زوجتي يقول لي طلقها يا محمد فقلت له أنا لا أريد تطليقها خصوصا أنني أعلم أنها الطلقة الأخيرة، وأنا الآن في نفسية سيئة لا تسمح لي باتخاذ قرارات مصيرية مثل هذا القرار. وسمعتها وهي تصرخ وتقول طلقني يا محمد فقلت لن أطلقها، فقال الشيخ إذن تترك المنزل، فقلت له أفعل ذلك، قال سآتي لأخذ المفتاح، وبعد وقت قصير فوجئت بها وبأبيها وبالشيخ على باب المنزل وهي تصرخ: طلقني يا محمد، والشيخ يقول طلقها يا محمد، قلت لهم أنا نفسيتي تعبانة وأنا بدي أطلق وهذه المفاتيح.
فوجئت بزوجتي تقوم بتجربة المفاتيح كأنها تخونني، هنا تضايقت وغضبت أكثر فأكثر، ثم ما لبثت أن طلبت الطلاق مجددا بطريقة هستيرية وصراخ وأبوها يناظرني كأنه يريد الانقضاض علي، فقال الشيخ طلقها يا محمد طلقها، فطلقتها، وأنا الآن نادم ولا أريد أن أخسر أولادي الأربعة، فأنا أحبهم جدا.
فهل من مخرج لمشكلتي أو فتوى متعلقة بقصتي؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأتَ بمنع زوجتك من الرجوع إلى بيتك قبل أن يحين موعد الرجوع الذي حددته أنت، فلها الحق في المسكن ما دامت في عصمتك.
وتهديدُها بالطلاق من غير تلفظ به ولا تنفيذ لا يترتب عليه وقوعه، ولم نر مسوغا شرعيا لما قام به مَن وصفته بشيخ المسجد مِن إلحاح في طلب الطلاق إضافة إلى تحمسه لإخلاء البيت وسعيه في ذلك، وكان الأجدر به أن يسعي في الصلح بينكما.
وبالنسبة للطلاق الصادر منك، فإن أوقعته وقت الغضب الشديد بحيث كنت لا تعي ما تقول فلا يلزمك شيء وإن كنت تعي ما تقول فهو نافذ، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35727.
وفي حال وقوع الطلاق فقد حرمت عليك زوجتك، ولا تحل إلا بعد أن تنكح زوجا غيرك نكاحا صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقها بعد الدخول، وهذه الزوجة البائن لاحق لها في النفقة والسكني أثناء العدة إذا لم تكن حاملا، فإن كانت حاملا فلها النفقة والسكنى مدة العدة، وراجع فى ذلك الفتوى رقم: 24185.
أما الأولاد فتجب لهم النفقة والمسكن حتى تتزوج البنات، ويكون الولد بالغا عاقلا قادرا على الكسب، فإن تعذر عليك توفير مسكن مستقل لأولادك مع أمهم، فيجوز السكني معهم في بيت واحد بشرط انفراد الأم بغرفة مستقلة بمرافقها من حمام ومطبخ ومدخل ومخرج، كما سبق في الفتوى رقم: 65103.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1430(13/12373)
قول الزوج لزوجته: اذهبي عني مطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أبعث إليكم بموضوعي هذا وأنا في حيرة من أمري، أرشدوني بارك الله فيكم: ومشكلتي تتخلص في الآتي:
حيث إنني كنت أنتظر أحد أقربائي على وجبة الغذاء، وطلبت من زوجتي أن تجهز لنا الغداء ولكنها رفضت، فذهبت بنفسي إلى المطبخ وأنا في غيظ شديد وشرعت في تجهيز وجبة الغداء بنفسي، وأتت وأنا في المطبخ لتعاتب وأنا كنت في حالة شديدة جدا جدا من الغضب لعدم تلبيتها طلبي، فطلبت منها أن تذهب وتدعني وقد ازددت غضبا، فقلت لها اذهبي عني راكي مطلقة، واستمررت في إعداد الغداء وأكملته وحضر أقربائي وتغدوا وذهبوا، ومن ذلك الحين قالت لي إنها مطلقة وتريد الذهاب إلى منزل والديها لكي أقوم بترجيعها، ولكنني قلت لها لن أتحرك قبل أن ينتهي الأطفال من امتحاناتهم حيث إننا نسكن في مدينة أخرى. السؤال هل هي طالق أم لا؟ وإذا كانت كذلك أرجو منكم أن تبينوا لي عملية الإرجاع؟ وما هي مدة العدة مع العلم أنها المرة الأولى التي أتلفظ فيها بهذه الكلمة منذ 15 سنة زواج، وهي الآن تنام في غرفة أخرى من ذلك الحين. أرجو أن تبينوا لي بالتفصيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت وقت التلفظ بالطلاق قد اشتد غضبك بحيث كنت لا تعي ما تقول، فلا يلزمك شيء لارتفاع التكليف حينئذ فأنت في حكم المجنون، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35727.
وإن كنت تعي ما تقول فأنت مؤاخذ بما تقول وبالتالي فقولك: اذهبي عني. إن لم تقصد به طلاقا وإنما قصدت طردها ثم تلفظت بطلاقها فتلزمك طلقة واحدة.
وإن نويت بطردها طلاقها، ثم تلفظت بالطلاق أيضا قاصدا إنشاءه مرة أخرى، فقد لزمتك طلقتان عند جمهور أهل العلم، وراجع في ذلك الفتويين: 78889، 102914.
وعليه، فإذا كنت لم تطلق زوجتك من قبل، فإما أن يكون الطلاق الذي قد لزمك واحدة أو اثنتين، وبالتالي فلك مراجعة زوجتك قبل تمام عدتها، والتي تنتهي بطهرها من الحيضة الثالثة بعد الطلاق، أومضي ثلاثة أشهر إن كانت لا تحيض، أو وضع حملها إن كانت حاملا.
والرجعة تحصل باللفظ الدال عليها كقولك لزوجتك أرجعتك مثلا، كما تحصل بالجماع أو مقدماته مع النية أو بدونها عند بعض أهل العلم إلى آخر ما ذكرناه في الفتوى رقم: 30719.
فإن انقضت عدتها فلا بد من تجديد عقد النكاح بأركانه من حضور الولي، وشاهدي عدل، مع مهر، وصيغة دالة على النكاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1430(13/12374)
الجهل بأحكام الطلاق لا يمنع وقوعه
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن الطلاق قبل الدخول:
في حالة غضب شديد مني قمت بتطليق زوجتي قبل الدخول بها في مكالمة هاتفية بيننا، وأنا لم أكن أعلم أنه يترتب عليه عقد ومهر جديدان.
ولا أريد أن أخبر أهلها بما فعلنا، لأنه ولله الحمد أنا سعيد معها، وهي سعيدة معي، ولكن الشيطان دخل بيننا في ذلك اليوم.
سؤالي ما حكم الطلاق قبل الدخول؟ وماذا يترتب علي وعليها إذا أردت أن أردها لي؟ وهل هي طالق مني أصلا؟
وما حكم الجهل في الحكم الشرعي؟ هل يجب توثيق عقد جديد؟
والله لم تكن نيتي الطلاق أبدا، ولم أدر كيف خرجت الكلمة من فمي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان غضبك شديدا بحيث كنت لا تعي ما تقول، فلا شيء عليك لارتفاع التكليف حينئذ عنك فأنت في حكم المجنون. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35727.
كما أنك إذا كان لسانك قد سبق إلى التلفظ بالطلاق من غير قصد إلى ذلك، ولم تدر كيف نطقت به، كما ذكرت فلا يلزمك شيء أيضا، كما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 72095.
مع التأكيد على أن الغضب الذي لا يقع معه الطلاق هو الذي وصل صاحبه إلى حالة لا يعي معها ما يقول، وهذه حالة نادرة الوقوع.
كما أن سبق اللسان بالطلاق معناه أن يريد المرء التلفظ بلفظ فينطق بالطلاق من غير قصد، وليس معناه أن يقصد التلفظ بالطلاق دون نية توقيعه، فذلك واقع علما بأن الجهل بالحكم لا يمنع وقوع الطلاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1430(13/12375)
الندم والحسرة عاقبة التسرع في الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لي ولدان من زوجتي، قد دخل الشيطان بيننا وطلقتها طلقة وعليها الدورة الشهرية، ومن فضل الله راجعتها بحضور ولي أمرها رحمه الله، ونشب بيننا خلاف في اليوم الثاني وهي مازالت على غير طهر، وطلقتها وأنا غاضب جدا، والله خرجت مني من غير شعور، وتراضينا في وقتها، وكنت في حيرة من أمري إلى أن طهرت وجامعتها، واستمرينا في حياة زوجية هادئة، وبعد وفاة والدها رحمه الله نشب بيننا خلاف إلى أن نويت الانفصال وتم الصلح بيننا، والآن ظهر خلاف جديد أدى إلى أني كتبت ورقة فيها: أنا زوج فلانة طلقت زوجتي فلانة، وأنا في كامل قواي العقلية وأشهدت على ذلك، مع العلم أنها كانت في العادة الشهرية، والآن أنا نادم أشد الندم، وأريد أن إرجاعها لأجمع شمل أطفالي خصوصا أن أهلها سلموني أولادي، وتشتت الأسرة، أنا في منطقة الدمام وزوجتي في منطقة مكة، وأطفالي في منطقة جدة. أفيدوني. جزاكم الله خيرا، الوقعة قريب من هذه الأيام، وإذا كانت في عدة أستطيع إرجاعها. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أنك قد طلقت زوجتك ثلاث مرات:
الأولى: أثناء الحيض، وهذا طلاق بدعي محرم، إلا أنه نافذ عند جمهور أهل العلم بمن فيهم المذاهب الأربعة خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية ومن معه. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 8507.
الثانية: وقت الغضب الشديد كما ذكرتَ، فإن كنت لم تشعر بما تلفظت به لشدة الغضب فلا يلزمك شيء لارتفاع التكليف حينئذ، وإن كنت تعي ما تقول فالطلاق نافذ، كما تقدم في الفتوى رقم: 35727.
أما نية الانفصال من غير تلفظ بطلاق فلا يترتب عليها شيء كما سبق في الفتوى رقم: 20822.
الثالثة: حين كتبت طلاقها وأشهدت عليه، وكانت حائضا وهذا لا يمنع وقوع الطلاق عند جمهور أهل العلم كما سبق، وراجع الفتوى رقم: 123744.
وبناء على ما تقدم، فإذا كانت الطلقة الثانية غير نافذة لوقوعها أثناء الغضب الشديد الذي لا تشعر معه بما تقول، فقد طلقتها مرتين فقط ولك مراجعتها قبل تمام عدتها من الطلقة الأخيرة، وعدتها تنتهي بطهرها من الحيضة الثالثة بعد الطلاق، أو مضي ثلاثة أشهر إن كانت لا تحيض، أو وضع حملها إن كانت حاملا. ... فإن انقضت عدتها فلا بد من تجديد عقد النكاح بأركانه من حضور ولي المرأة أومن ينوب عنه مع شاهدي عدل ومهر وصيغة دالة على العقد.
وإن كانت الطلقة الثانية قد أوقعتها وأنت تعي ما تقول فقد حرمت عليك على قول الجمهور، ولا تحل إلا بعد أن تنكح زوجا غيرك نكاحا صحيحا - نكاح رغبة لا نكاح تحليل - ثم يطلقها بعد الدخول.
وننصحك بمراجعة أهل العلم في بلدك، وطرح المسألة عليهم مشافهة؛ ليستوضحوا منك ما يحتاج إلى إيضاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1430(13/12376)
الطلاق تحت ضغط الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم يمين الطلاق الثالث في حالات النزاع والإكراه والإجبار؟ مع العلم أنه سبق لنا اليمين الأول ورجعت، واليمين الثاني ورجعت، ولكن أجبرتني على تلك اليمين الثالث، وفى حالات النزاع والإجبار والإكراه مع العلم بأننا متزوجان منذ أكثر من عشرين سنة، وعندنا بنتان، وولد. وهى تحب العمل أكثر من البيت وعنيدة ورأيها هو الماشي، وكل شيء تعمله بدون الرجوع إلي، وأنا لا أعرف ماذا تفعل إلا بعد ذلك. هل الطلاق وقع وهي ليست زوجتي مرأتي أم لا؟ ما الحل فى تلك اليمين؟ وهي التي كانت تريد الطلاق برغبتها. أرجو الرد لإنقاذ أسرتي من الخراب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد طلقت زوجتك مرتين من قبل، ثم أوقعت عليها الطلقة الثالثة فقد حرمت عليك بالإجماع، ولا تحل إلا بعد أن تنكح زوجا غيرك نكاحا صحيحا نكاح، رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقها بعد الدخول. قال تعالى في شأن من سبق تطليقه لزوجته مرتين: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ. {البقرة:230} .
والأمور التي ذكرتها من الإكراه والإجبار، إن كان القصد منها هو مجرد رغبة الزوجة في الطلاق والضغط للحصول عليه، واستبدادها برأيها، وعدم طاعتك إلى آخرها، لا تمنع وقوع الطلاق، وإن كانت زوجتك على الحالة التي ذكرتها فهي آثمة لعدم طاعتك في غير معصية الله تعالى، إضافة إلى طلب الطلاق إن كان لغير سبب شرعي وراجع في ذلك الفتويين: 29173، 116133.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1430(13/12377)
طلاق من يدفعه لتكرار لفظه الوسوسة
[السُّؤَالُ]
ـ[تصيبني الوسوسة، وقد زرت طبيبا نفسانيا فقال إني مريض بالوسوسة، ففي مرة حدث أني تلفظت بلفظ من ألفاظ كنايات الطلاق والتي تحتاج إلى نية فيصيبني الوساوس فيأتيني على هيئة سؤال ألا وهو: هل قلت اللفظ بنيه أم لا؟ ثم يتطور الأمر معي إلى أن أقول هذا اللفظ مرة أخرى بيني وبين نفسي وأحاول في هذه المرة أن أقوله بنية وذلك للتجربة وللتأكد هل قلته بنيه أم لا في المرة الأولى؟ علماً بأنني لا أريد الطلاق ولا أنويه مطلقا ولكن الذي يدفعني لتكرار اللفظ مرة أخرى هي الوسوسة والخوف من وقوع الطلاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد شككت في حصول نية الطلاق حين التلفظ بتلك الكناية فلا يلزمك شيء، لأن الأصل عدم نية الطلاق حتى يحصل يقين بوجودها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 73239.
كما لا يلزمك طلاق أيضا بإعادة تلك الكناية مع النية بقصد التجربة، وليس بقصد إزالة العصمة ولا إيقاع الطلاق، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 48463.
وننصحك بالإعراض عن الشكوك التي تعتريك في شأن الطلاق وغيره، فأهم علاج لها هو الإعراض عنها مطلقا وعدم الالتفات إليها. نسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل، وأن يجنبك كل مكروه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1430(13/12378)
طلاق من لا يعي ما يقول
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تزوجت من شخص مريض نفسيا ولم أكن أعلم بذلك، طلقني للمرة الأولى ورجعت، والثانية ورجعت، وأنا لا أعلم بمرضه، ولكن المرة الثالثة عند وقوع الطلاق بدأ يبين أنه مريض، وبدأ يبين الأوراق والتقارير الخاصة بمرضه، وعرض هذه الأوراق على الشيخ الفوزان، وبعد ما نظر الشيخ الفوزان في التقارير وتأكد من صحة مرضه لم يحسبها طلقه بسبب مرضه، ورجعت قبل نهاية عدتي، وبعد فتره طلقني عن طريق رسالة بالجوال في شهر رمضان الماضي، والآن لي تسعة شهور وقد انتهت العدة، وبدأ الآن يحاول أن يراجعني بعذر أنه مريض ولا يعلم ماذا يقول.
فما رأي الشرع في ذلك؟ أرجو الإسراع في الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت تلك الطلقتان الأوليان قد حصلتا وزوجك يعي ما يقول فهما نافذتان.
كما أن الطلقة الثالثة نافذة أيضا إن كان يعي ما يقول، وإن كان لا يعي ما يقول عند صدور الطلقات التي صدرت عنه أو بعضها، فإنه ما صدر عنه وهو لا يعي ما يقول لا يؤخذ به.
ونحن نحسن الظن بالشيخ الفوزان الذي قلت إنه قد أفتاه بعدم وقوع الطلقة الأخيرة، فلعله قد ثبت لديه تأثير المرض على عقله، وراجعي الفتوى رقم: 19625.
وبالنسبة للطلقة الواقعة بواسطة رسالة الهاتف فهي تعتبر من كنايات الطلاق، فإن كان قد كتبها وهو يعي ما يفعل ونوى الطلاق فهو نافذ، وإن لم ينو الطلاق أو كان لا يعي ما يفعل فلا شيء عليه كما تقدم في الفتوى رقم: 17011.
وننبه إلى أنه في حال وقوع الطلاق ثلاثا فلا تصح الرجعة، بل تحرمين عليه ولا تحلين له إلا بعد أن تنكحي زوجا غيره نكاحا صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل، ثم يطلقك بعد الدخول.
وإن كان أقل من ثلاث وانتهت عدتك فلا بد من تجديد عقد النكاح بأركانه من حضور الولي، وشاهدي عدل، مع مهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1430(13/12379)
حكم الطلاق تحت ضغوط الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم يمين الطلاق فى حالات الغضب والإكراه والإجبار على تلك اليمين من قبل الزوجة، وهي التي ترغب فى الطلاق؟ مع العلم هي لا تقوم بواجباتها وتهتم بالعمل فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطلاق في حالات الغضب فيه تفصيل؛ فإن كان الزوج قد اشتد غضبه بحيث صار لا يعي ما يقول فلا يلزمه شيء؛ لارتفاع التكليف حينئذ فهو في حكم المجنون كما تقدم في الفتوى رقم: 11566.
وإن كان يعي ما يقول فهو نافذ، ولو وقع تحت ضغوط الزوجة التي ترغب في حصوله. مع التنبيه على أن الزوجة يحرم عليها طلب الطلاق من غير سبب شرعي كما تقدم في الفتوى رقم: 116133.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1430(13/12380)
طلقها في حال غضب شديد
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مشكلة مع زوجي. ذهبت إلى زوجي فأخبرته هل سوف تتزوج أم لا؟ فغضب وضربني، وأنا أخذت السلك وقذفته ولم يتناقش معي، ثم قال أنت طالق مرة واحدة، وهو في غضب شديد، وقال بعد يومين إنه لم تكن له نية الطلاق.
أرجوكم أفتوني هل هذه تكون طلقة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان زوجك قد تلفظ بالطلاق وهو يعي ما يقول، فقد وقع الطلاق ولو لم ينوه؛ لأن لفظ الطلاق الصريح لا يحتاج لنية، كما تقدم في الفتوى رقم: 10422.
ولزوجك مراجعتك قبل انقضاء العدة - والتي تنتهي بطهرك من الحيضة الثالثة بعد الطلاق، أو مضي ثلاثة أشهر إن كنت لا تحيضين، أو وضع الحمل إن كانت حاملاً- إذا كانت هذه هي الطلقة الأولى أو الثانية، وما تحصل به الرجعة قد تقدم بيانه في الفتوى رقم: 30719.
وإن كانت هذه الطلقة هي الثالثة فقد حرمت عليه، ولا تحلين له حتى تنكحي زوجا غيره نكاحا صحيحا- نكاح رغبة لا نكاح تحليل- ثم يطلقك بعد الدخول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1430(13/12381)
تلفظ بالطلاق وهو غير واع فهل يقع طلاقه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص عقد القران الشرعي ولم يدخل بعد منذ 4 سنوات، ونظرا لطول المدة أصبحت حياتي مع مخطوبتي في بعض الأحيان كارثية من طرف عائلتها، والضغوط التي تقع على عاتقها، وبدوري أنا أيضا علما أنني كنت بعيدا عنها لمدة 4 أشهر، نتحدث فقط في الهاتف، وذات مرة غضبت غضبا شديدا لم أع فيه ما كنت أقول لفظت الطلاق ثلاث مرات، ولم أحتمل وقع الصدمة فبكيت بشدة خوفا من أن أكون قد طلقتها حقا. فهل من إجابة عن سؤالي هذا فقد أصبحت لا أستطيع التركيز في أي شيء وأعيد القول أننا تشاجرنا بسبب اللباس والتبرج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت حقيقة الأمر أنك لم تكن تعي ما تقول من شدة الغضب، فإنك في هذه الحالة لا يلزمك شيء لارتفاع التكليف حينئذ عنك، فأنت في حكم المجنون، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35727.
وإن كنت تعي ما تقول، وجمعت الثلاث في كلمة واحدة بأن قلت لها أنت طالق ثلاثا، فجمهور أهل العلم على وقوع الثلاث، وأن الزوجة قد بانت منك بينونة كبرى.
وإن كنت نطقت بالثلاث مرتبة مثل قولك: طالق طالق طالق. وقصدت واحدة فقط وما بعدها تأكيد، لزمتك واحدة، وإن قصدت التأسيس أي إنشاء الطلاق بالألفاظ الثلاث فقد لزمتك الثلاث، وتقدم تفصيل مذاهب أهل العلم في المسألة وذلك في الفتوى رقم: 117248.
وفى حال وقوع الثلاث فقد حرمت عليك، ولا تحل إلا بعد أن تنكح زوجا غيرك نكاحا، صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل، ثم يطلقها بعد الدخول.
وإن وقعت طلقة واحدة فقط فإنها تكون بائنة لوقوعها قبل الدخول، ولك في هذه الحالة تجديد عقد النكاح بأركانه من حضور ولي المرأة أو من ينوب عنه، مع شاهدي عدل، ومهر، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2550.
وما أقدمت عليه زوجتك من التبرج والسفور فإنه معصية شنيعة وإثم مبين، فعليك إنكار هذا المنكر بما تستطيع، كما يتعين إقناعها بارتداء الحجاب الكامل والبعد عن التبرج والسفور، وراجع التفصيل فى الفتويين رقم: 17037. 5413.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1430(13/12382)
هددته زوجته بإلقاء نفسها من السيارة إن لم يطلقها ففعل فهل يقع
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفادتي للأهمية القصوى وجزاكم الله خيرا: ما حكم الطلاق في الحالة التالية: حدثت مشاجرة بين الزوج وزوجته في السيارة، حتى أن الزوجة هاجت وطلبت الطلاق من زوجها فرفض، ثم هددته بأنها ستلقي نفسها من السيارة إذا لم يطلقها، وهي تعني ذلك فعلا، ويعرف زوجها بأنها ستلقي بنفسها فعلا إذا لم يطلقها، فقال لها أنت طالق. فهل يقع هذا الطلاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتهديد الزوجة بإلقاء نفسها من السيارة إذا لم يطلقها زوجها يعتبر إكراها شرعيا، إذا علم الزوج عزمها على الإقدام على هذا الفعل، وعليه فلا يلزمه شيء إذا طلقها لهذا السبب.
ففى الموسوعة الفقهية الكويتية أثناء الكلام على ما يحصل به الإكراه الشرعي: ويشمل التهديد بإيذاء الغير، ممن يحبه من وقع عليه التهديد - على الشرط المعتبر فيما يحصل به الإكراه من أسبابه المتعددة - بشريطة أن يكون ذلك المحبوب رحما محرما، أو - كما زاد بعضهم - زوجة. والمالكية وبعض الحنابلة يقيدونه بأن يكون ولدا وإن نزل، أو والدا وإن علا. والشافعية - وخرجه صاحب القواعد الأصولية من الحنابلة - لا يقيدونه إلا بكونه ممن يشق على المكره (بالفتح) إيذاؤه مشقة شديدة كالزوجة، والصديق، والخادم. ومال إليه بعض الحنابلة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1430(13/12383)
حكم الطلاق تحت ضغط الإكراه
[السُّؤَالُ]
ـ[خطبت فتاة، وتم كتب الكتاب الشرعي على يد شيخ، وبحضور والد الفتاة والفتاة وجمع من الأقارب، ولكن والدة الفتاة لم تكن موافقة على عقد الكتاب بحجة أنه يلزمنا وقت لندرس بعضنا، وبعد فترة شهر كان بيني وبين الفتاة خلوة شرعية، وتم الدخول قبل موعد العرس على الفتاة، وبدون علم أي أحد، ولكن الموضوع انكشف بعد فترة، وهنا جن جنون والدة الفتاة، وقالت يجب عليك أن تطلق البنت لأنك فعلت فعلتك لتكسر أعيننا وتضعنا تحت الأمر الواقع، وتأخذ البنت غصبا عنا، فقلت لها: لا، الموضوع ليس فرض أمر واقع، ولكن أنا متمسك بالبنت وأريدها زوجة لي، ولكن والدتها أصرت على موضوع الطلاق، وقالت إذا كنت تريدها طلقها وأرجع لها بعقد جديد بعد ذلك، ولكن نتيجة الضغوط والتهديد والوعيد والتشهير لأهلي وبي بمكان سكني وعملي، ولأرفع الضغط عني وعن زوجتي اضطررت إلى تطليقها نزولا عند رغبة أمها، ولكني أمام الشهود قلت لهم إني سوف أقدم على هذه الخطوة وأنا مكره ولا أرغب بالطلاق، لكن لا حول ولا قوة لأنهم حتى لم يسمحوا لي بمقابلة زوجتي ويوم تم الطلاق أتت الفتاة، وقالت لي أني أسامحك في مقدم ومؤخر المهر ولا أريد منك أي شيء، وأنا بدوري قلت لها أنا لا أريد منك أي تنازل لأني أرغب بالعودة لك وضمن العدة والكلام الذي بيني وبينك أوثق من أي تنازل، ولا أريد أي أوراق مكتوبة أو ما شابه، وقلت لها أمام الشهود أني مكره وأنت طالق طلقة واحدة بائنة بينونة صغرى وتجب عليك العدة الشرعية بدءاً من الآن، علما بأني متمسك بزوجتي وأريدها وأحبها، ولكن الظروف أكبر مني ومنها وضغط أهلها عليها كبير بحجة أنه لو أني تزوجتها بهذه الطريقة فإني سأذلهم وآخذها رغما عنهم، فأرجو الإفادة هل الطلاق واقع شرعا، وهل أنا آثم أم لا، وهل يجوز لي أن أرجعها ضمن العدة الشرعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان الأولى بك ألا تتعجل أمر الدخول بزوجتك قبل الوقت المحدد لما في ذلك من إلحاق الأذى بأهلها ومخالفة العرف المتفق عليه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2940، ولكن بما أنه قد كان ما كان فقد ثبت لها بذلك المهر كاملاً، ووجب عليها العدة إن حكمنا بوقوع الطلاق.
يبقى بعد ذلك النظر في أمر هذا الطلاق فنقول: إن كانت هذه الضغوط التي وقعت عليك قد بلغت حد الإكراه الملجئ، كأن كانوا قد هددوك بإلحاق أذى شديد من أخذ مالك، أو إلحاق ضرر بالغ بك في بدنك أو عرضك ونحو ذلك، وكانوا مع هذا قادرين على إيقاع ما هددوك به، فلا يقع الطلاق حينئذ، وقد بينا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 40934، 72802، 6106، وبينا في الفتوى رقم: 24683 حد الإكراه المعتبر شرعاً.
أما إذا كانت تهديداتهم لم تصل إلى هذا الحد المذكور فقد وقع طلاقك، ولكنه يقع رجعياً على الراجح من أقوال أهل العلم، فلك أن ترتجعها ما لم تنقض عدتها، قال الشافعي في الأم: ولو قال لها أنت طالق واحدة بائنة كانت واحدة تملك الرجعة. انتهى. وهذا الذي رجحه شيخ الإسلام.. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 115299، والفتوى رقم: 58447.
أما ما تسأل عنه من الإثم، فإن الطلاق على الوجه السني المشروع لا حرج فيه ولا يلحق صاحبه إثم، وقد سبق بيان صفته وصفة البدعي المحظور، وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 119498، 55202، 24444.
ومن خلال هذه الفتاوى تستطيع معرفة ما إذا كان طلاقك -في حال الحكم بوقوعه- سنياً أم بدعياً، لأنه لا علم لنا بتفاصيله. لكن في ضوء ما ذكرت.. ننبهك على أن إيقاع الطلاق مقترناً بوصف البينونة -كما حصل منك- غير جائز، لأنه مناقض لمقصود الشارع من بقاء الزوجة تحت عصمة زوجها حتى في زمن العدة، فعليك أن تستغفر الله من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1430(13/12384)
هل يقع الطلاق إذا كان الزوج في حالة سكر شديدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز طلاق زوجي لي وهو في حالة سكر شديدة، حيث إنه لا يعي ما يقول وما يفعل، إضافة إلى أنه يتناول أدوية مهدئة للأعصاب-مريض بالاعصاب-أتمنى أن تجيبوني في أسرع وقت ممكن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان زوجك قد صدر منه الطلاق أثناء سكره بشرب محرم كالخمر فجمهور أهل العلم على أن الطلاق نافذ وواقع، واختار بعض أهل العلم عدم وقوع الطلاق إذا فقد عقله وصار لا يعي ما يقول، وقد رجح هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية، وراجعي في ذلك الفتويين رقم: 11637. 32492.
وعلى مذهب جمهور أهل العلم القائل بوقوع الطلاق فلزوجك أن يراجعك قبل تمام العدة إذا لم يطلقك قبل هذا، أو طلقك واحدة فقط، أما إذا كان قد طلقك مرتين قبل هذا الطلاق فقد حرمت عليه، ولا تحلين له إلا بعد أن تنكحي زوجا غيره نكاحا صحيحا، نكاح رغبة لا نكاح تحليل، ثم يطلقك بعد الدخول.
ولا يقع الطلاق إذا كان زوجك قد سكر بحلال كتخدير-بنج-ونحوه مثلا، أو كان عقله غائبا بسبب مرض الأعصاب لارتفاع التكليف عنه حينئذ، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 35727.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(13/12385)
طلاق المصاب بمس حاسد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصاب بمس حاسد من نوع المارد- لعنه الله- وكثيرا ما كان يجعلني أتلفظ بالطلاق في كثير من المشاكل بيني وبين زوجتي؟ هل يقع هذا الطلاق؟
الرجاء التفصيل الدقيق في الفتوى، خصوصا أنني متمسك بزوجتي وأريدها بعد أن عرفت أنني مصاب بمس حاسد، وكذلك هي مصابة بمس حاسد، وحسبنا الله ونعم الوكيل؟ علما أنني وزوجتي مفترقين أكثر من سنيتين وهي في الرياض وأنا في جدة؟ أرجو الإفادة بشكل قاطع للفتن؟ هل أرجع زوجتي وأبدأ في علاجها؟ أم أنني أستسلم لتلك الطلقات التي كانت بسبب الشياطين والحسد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تلفظت به من طلاق زوجتك مدركاً لما تقول مختاراً غير مكره، فهو واقع، ولو كان بسبب المس أو السحر أو نحوه، أما إذا كنت تلفظت بالطلاق في حال غياب وعي، أو وجدت نفسك مجبراً عليه دون اختيار فلا يقع الطلاق حينئذ، وانظر الفتوى رقم: 6580.
وننصحك باللجوء إلى المحكمة الشرعية وعرض الأمر عليها للفصل فيه.
وننبه إلى أنه لا يجوز الذهاب للمشعوذين والدجالين، لعلاج المس والحسد، وإنما علاج ذلك يسير بإذن الله تعالى، وذلك بالرقى المشروعة، ولمعرفة كيفيتها تراجع الفتويين: 2244، 10981.
كما ننبه إلى أن أهم أسباب العلاج التوكل على الله، والمحافظة على الأذكار والدعاء، مع حسن الظن بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1430(13/12386)
وقوع الطلاق أو انتفاؤه ينبني حسب إدراك موقعه أو عدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي هي أنه حصل بيني وبين زوجتي خلاف وجدال وغضبت كثيرا، وأثناء جدالنا لم أع إلا وأنا أقول لها أنت طالق، طالق، طالق. وكررتها كثيرا، وفي الأخير قلت لها أنت طالق بالثلاث.
علما بأنني لم أع كثير مما أقول، وهي نبهتني على ذلك، علما بأنها أول مرة تحدث لي، وأنا راغب في زوجتي وهي كذلك.
أرجو معرفة الحكم بالتفصيل، وكذلك هل تبقى زوجتي ببيتي أم يجب أن ننفصل عن بعضنا؟
وأنا الآن في حيرة من أمري.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد تلفظت بالطلاق وأنت لا تعي ما تقول لشدة الغضب فلا يلزمك طلاق لارتفاع التكليف حينئذ، فأنت في حكم المجنون، وبالتالي فزوجتك باقية في عصمتك كما كانت، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35727.
أما إن تلفظت بما ذكرته من طلاق مع إدراكك لما تنطق به فقد حرمت عليك، ووجب عليك الانفصال عنها، ولا تحل لك إلا بعد أن تنكح زوجا غيرك نكاحا صحيحا، ثم يطلقها بعد الدخول.
كما تحرم عليك أيضا إذا كنت تعقل فقط وقت قولك أخيرا أنت طالق بالثلاث على مذهب جمهور أهل العلم بمن فيهم المذاهب الأربعة المشهورة، وهو القول الراجح خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية ومن معه، حيث قالوا بلزوم طلقة واحدة فقط. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 49805.
وعلى هذا القول الأخير لا تحرم عليك، ولك مراجعتها قبل انقضاء عدتها والتي تنقضى بطهرها من الحيضة الثالثة بعد الطلاق، أو مضي ثلاثة أشهر إن لم تكن ممن تحيض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1430(13/12387)
عدم وقوع الطلاق في غياب الوعي والإرادة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوج قدر الله عليه وقوع الطلاق بينه وبين زوجته، ورغبة منا نحن الاثنين في مرضاة الله وتقصيا لحلاله أولا وقبل كل شيء وفي الصلح ثانيا، نستفتي سماحتكم في هذا الطلاق ونود أن نوضح لحضرتكم تفاصيل ما حصل في كل طلقة بكل دقة وتفصيل كي تكون قضيتنا واضحة أمامكم وجلية، ونسأل الله الذي رضاه هو في نهاية المطاف مبتغانا وغايتنا, نسأله التوفيق لنا ولكم ولأمة محمد- صلى الله عليه وسلم- أجمعين:
أولا: صفات الزوج الشخصية وحالته الصحية:
الزوج عصبي المزاج، شديد الهياج عند الغضب، مصاب بارتفاع ضغط الدم، ومبتلى بمرض التدخين، كما أن السكر ينخفض عنده أحيانا -كلها أمور تزيد من الهياج والانفعال الغير طبيعي عند الغضب -.
ثانيا: صفات الزوجة الشخصية وحالتها الصحية:
عصبية المزاج، مستفزة، شديدة العناد.
الطلقة الأولى:
بداية الأمر كان نقاشا حادا تخلله سباب، وكانت الزوجة تستفزني بلسانها وتلذعني بكلماتها فغضبت ومن ثم دخلت الى غرفة ثانية وجلست، فتبعتني وطلبت منها الخروج ولم تخرج، ولم تنفك الكلمات النابية تتبادل بيننا، فكررت عليها طلبي بأن تخرج من الغرفة فأبت، فحملتها وأخرجتها بالقوة وعدت إلى غرفتي، وأفاجأ بأن قذفتني بالحذاء على أسفل رأسي من الخلف أمام أطفالي والخادمة، فأستشطت غضبا وهياجا وقمت بضربها ضربا مبرحا، وهي تسبني وتزيد من غضبي، وهنا لا أعرف ماذا حصل لي فصرت أحوم في المنزل بحثا عن شيء لأضربها به، ولم أجد أمامي سوى قطعة من الرخام تزن ما بين 40 إلى 50 كيلو جرام، وعند حملي لهذه القطعة هاما أن أضربها بها هنا وقعت من يدي وانكسرت، وفي هذا اللحظة هربت الزوجة إلى غرفة مجاورة، ولحقت بها وكنت في هياج شديد فطلبت مني الطلاق وسبتني فقلت لها: أنت طالق.
الطلقة الثانية:
كان خلافا عاديا تطور إلى سباب متبادل وكنت متعبا جدا ومرهقا، وهي ماانفكت تطلب مني الطلاق، وهنا خرجت مني الكلمة وقلت لها: أنت طالق.
الطلقة الثالثة:
كنا ذاهبين إلى منزل والدتي وبعد وصولنا اكتشفت أنها غير موجودة، فقد ذهبت وأخي الأصغر للتسوق، وعند اتصالي بهم أخبروني بأنهم سيعودون قريبا، فقلت لزوجتي لنذهب نحن أيضا للسوق ونعود وقت عودتهم، فرفضت وأقسمت بأن لا تذهب إلا لبيتها، وحاولت تهدئتها دون فائدة وبدأ تستفزني بكلمات نابية فاتصلت على أبيها لأشكوها ونحن في السيارة، وهي تحاول أن تأخذ الهاتف مني لأن أباها مريض ولا تريده أن يزداد مرضه، وعندما لم تفلح في أن تأخذ مني الهاتف قامت بضربي على كتفي الأيمن، فضربتها، ثم عدت إلى منزل والدتي وأخذت أطفالي ودخلنا إلى عمارتها ولم تكن قد عادت بعد، فتبعتنا الزوجة إلى باب شقة والدتي وقامت بالسب والدعاء في بهو العمارة بصوت مرتفع،وصراخ، مما أثارني وهنا ضربتها كي تسكت، فخلعت حذاءها وألقته علي فجاء في رأسي، ورددته عليها وأخذت أطفالي، وعدنا إلى السيارة، وتبعتنا مرة أخرى، وعند دخولها قامت بغرس أظافرها في وجهي ورقبتي حتى خرج الدم مني، وهنا لا أدري ماذا أصابني خرجت من سيارتي وصرت أضربها في الشارع أمام الناس، وفي هذه اللحظة اتصل علي والدها وسمع صراخها وقال لي: أنت لست من الرجال، وكررها أكثر من مرة، فقلت له وأنا في حال هياج وغضب جنوني بعد أن سببته -غفر الله لي-: إن بنتك طالق، وعلى مسمع منها.
شيخنا الفاضل لقد تدخل أناس عقلاء بيننا لأول مرة على وعد منهم بالإصلاح والتغيير، ولقد ارتضيناهم حكاما ومصلحين بيننا لما يشهد لهم من رجاحة عقل واعتدال فكر، واحتكام للضمير المستنير بدين الله عز وجل، وقد وضعوا نصب أعيننا وأعينهم مصلحة بناتنا الثلاث.
وقد وافقنا جميعا على الصلح شريطة موافقة الشرع وتصريحه لنا، وهذا متمثل في فتواكم، وقد حرصنا كل الحرص على ذكر التفاصيل كاملة ونشهد الله على ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمطلوب شرعا من الزوجين تبادل المودة وحسن المعاشرة، وأن يعيشا في جو من الوئام والمحبة بعيدا عن المشاحنات والخصام أحرى المشاتمة، والسب والضرب.
وبناء على ما ذكرت في سؤالك، فإن زوجتك على قدر كبير من العصبية والطيش وسوء الخلق، وقد ارتكبت أمرا محرما بسبها لك وشتمك وضربك، كما أنك أخطأت أيضا بضربها ضربا مبرحا كما ذكرت، فضرب الزوجة المأذون فيه يشترط فيه أن يكون للتأديب، وأن يكون غير مبرح.
ويظهر من السؤال أنك تلفظت بالطلاق ثلاث مرات متفرقات وهذه بلا شك تبين الزوجة وتحرمها حتى تنكح زوجا آخر إذا كانت هذه الطلقات الثلاث صدرت منك في حالة وعي منك، أما إن كنت في حالة فقد الوعي والإرادة فلا يقع من الطلقات ما صدر منك في هذه الحالة.
وعليه فأنت الأدرى بحالتك الخاصة وتراجع الفتوى رقم: 35727، وننصح بمراجعة المحاكم الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1430(13/12388)
الطلاق تحت ظروف الضغوط
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أتمنى الحديث شخصياً مع حضراتكم ولكني لم أتمكن من الحصول على الهاتف أو العنوان، أنا دكتور في العناية المركزة في مستشفى الفروانية ولدي سؤال بخصوص حياتي الزوجية وليس لدي من أحد اللجوء إليه بعد الله سواكم، أنا كنت متزوجا من فتاة عرفتها منذ أعوام وتمت فترة زواجي سنة واحدة مليئة بالمشاكل البسيطة ولكني كنت دائما أجعل منها مشاكل مستعصية، أنا أجزم أني كنت مسحوراً أو شيئا من هذا القبيل، أشياء كثيرة ومواقف ما كنت لأرتكبها في حق أي إنسان لكني ارتكبتها في حقها، الموضوع هو أني أحبها كثيراً ولا أريد العيش مع غيرها، حدث وطلقتها 3 مرات في خلال سنة من زواجنا وأنا كنت في الحال التي ذكرتها، وبعد ثالث مرة تزوجت من زوجة أخرى في خلال أسبوع وكنت دائما أفكر في الأولى بعدما فكرت في الظلم الذي مارسته معها ولكني لم أظلم زوجتي أبداً إنما كنت أعطيها حقها وأبر بها، ولكن بعد سنه علمت يقينا أن لها علاقة مع شخص آخر فطلقتها، الآن أنا أريد الرجوع إلى زوجتي الأولى أنا لا أستطيع أن أحب أو أبر أي زوجة أخرى فكان صعباً جداً ممارسة هذا الشيء مع الزوجة الثانية، واحدة من طلقات زوجتي الأولى كانت حائضا والأخيرة لم أرد أن أطلقها ولكني أجبرت عليه فطلقتها بإرسال رسالة كي أتزوج من الأخرى، أنا أعلم أن الانفصال والزوجة حائض تقع ولها إثم عظيم لأني استمعت لعدة مشايخ من السعودية، ولكن اثنين منهم ذكروا أنه من الممكن أخذ فتوى على الحالة الشخصية في هذا الموضوع، أنا الآن منفصل وأجزم أن شيئا كان قد أصابني في زواجي الأول حتى أني حرمتها من الأولاد من دون أي سبب وطالما سألت الله الأولاد منها، أنا أريد الرجوع والاستقرار مع زوجتي الأولى وأريد المساعدة حيث إني ثبت طلقة واحدة فقط ولا أريد أن أتعدى على حدود الله، ولكني أعلم أن الدين يسر والعمل أو السحر أو العين حق. والله أعلم.. وأتمنى أن تفيدوني من علمكم؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحق للإنسان أن يطلق لنفسه وغضبه العنان، ثم يبرر ما صدر منه بعد ذلك بالسحر أو العين أو غيرهما من الأسباب الخفية، فإن هذه الأمور وإن كانت حقاً لا شك فيها إذا لم تسلب الإنسان إرادته واختياره وتفقده وعيه، فإنها لا تؤثر في وقوع ما يصدر منه من طلاق وغيره ... ولا شك أن ما حدث منك من ظلم لزوجتك الأولى إن كان حقاً ظلماً حرام، إلا إذا كنت في حال لا تشعر بما تفعل ولا تضبط ما يكون منك من تصرفات جراء السحر مثلاً كما زعمت، فهنا يكون العذر وينتفي الإثم.
أما غير ذلك فلا، لأن الظلم من أكبر الكبائر، ويزداد إثماً وقبحاً إذا كان في حق الزوجة التي أكدت الشريعة حقوقها.
وأما بخصوص الطلاق فطالما أنك قد طلقتها ثلاث طلقات فقد حرمت عليك.. لا تحل لك حتى تنكح زوجاً غيرك نكاح رغبة لا نكاح تحليل، وما ذكرت من أن إحدى هذه الطلقات كانت أثناء حيضها، والطلقة الأخيرة كنت مجبراً عليها.. فنقول: أما الطلاق في الحيض فإنه واقع على الراجح من أقوال أهل العلم، بل هو رأي جمهور علماء المسلمين، مع الإثم الذي يلحق فاعله لمخالفته أمر الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك.. وخالف في ذلك طائفة من العلماء منهم ابن تيمية وابن القيم وغيرهما فقالوا: لا يقع الطلاق في الحيض.
وأما الطلقة التي تذكر أنك أجبرت عليها فلا شك أن الإكراه الشرعي المعتبر يمنع وقوع الطلاق، لكنك لم تذكر لنا ماهية الضغوط التي مورست عليك حتى اضطررت للتطليق، وهل وصلت هذه الضغوط إلى حد الإكراه الشرعي الذي لا يقع معه الطلاق أم إنها ضغوط واهية أو موهومة فلا تؤثر شيئاً في وقوع الطلاق، وعلى كل فقد بينا حد الإكراه الذي يمنع وقوع الطلاق، وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 42393، 54230، 6106. فإن تحققت هذه الشروط أو بعضها فلا يقع الطلاق وإلا فهو واقع..
وننصحك بمراجعة المحكمة الشرعية في بلدك فما حكمت به فالزمه؛ لأن حكم القاضي يرفع الخلاف، كما هو موضح في الفتوى رقم: 5584، وأما ما تذكر من أمر السحر فعليك بالرقية الشرعية المبينة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2244، 4310، 10981، ولا مانع من مراجعة المتخصصين في علاج السحر والعين بالرقى الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1430(13/12389)
من طلق وهو لا يعي ما يقول
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة منذ ثلاث سنوات، وكالعادة تحدث مشاكل بين الأزواج، ولكن مشاكلي مع زوجي تقود زوجي إلى الجنون، فمن أي شي يتعصب وينهال علي بالضرب، حتى أنا لا أعود أرى ملامحه، كأنه إنسان مجنون يكسر ويسب بي وبمن حولي، حتى إذا قلت له: استغفر ربك يجاوب بطريقة غريبة لا تصح بالإسلام، ويقوم بقول أنت طالق، وهو لا يدري ما يعي، وعندما يهدأ يقول أنا ماذا عملت، ويندم، وأنا الآن عندي طفلة عمرها سنة ونصفا، وحامل بالشهر الرابع، وقد تلفظ زوجي بالطلاق لثالث مرة علي، وهو بنفس حالته الجنونية. إخوتي الكرام ماذا أفعل؟ وهل وقع الطلاق وهو بحالته هذه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان سلوك زوجك كما ذكرت فهو سلوك خاطئ مخالف لأخلاق المؤمنين، ولما أمر الله به من حسن العشرة بين الزوجين، فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم باجتناب أسباب الغضب الذي يفقد الإنسان السيطرة على نفسه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني قال: لا تغضب. فردد مرارا قال: لا تغضب. صحيح البخاري.
أما عن سؤالك فإن الأصل أن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق، إلا أن يصل إلى حد يفقد الإدراك كالجنون، فلا يقع الطلاق حينئذ، وراجعي في حكم الطلاق في الغضب الفتوى رقم: 11566.
فإذا كان زوجك قد تلفظ بالطلاق في حال غضب بحيث لا يعي ما يقول، لم يقع هذا الطلاق، وإن كان يدرك ما يقول فإنه يكون قد طلقك ثلاث طلقات. وبالتالي فقد بنت منه بينونة كبرى ولا تحلين له حتى تنكحي زوجا غيره، ويتعين الرجوع إلى المحكمة الشرعية للفصل في هذا الأمر.
ونحن نوصي هذا الرجل وننصحه بمجاهدة نفسه للتخلص من شدة الغضب التي تحمل الإنسان على ما يغضب الله من الأفعال والأقوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1430(13/12390)
حالة الغضب عند الطلاق هي المحدد للحكم
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى الإخوة أصحاب الفضيلة: أنا رجل أبلغ من العمر 58 سنة وعندي زوجة تبلغ من العمر 50 عاما ولدينا أولاد ولكني أعاني من مرض البواسير وارتفاع ضغط الدم وسرعة الانفعال حيث إنني أغضب سريعا لأبسط الأمور ولا أدرك ماذا أقول عند الغضب, وزوجتي كذلك تعاني من ارتفاع ضغط الدم وكذلك القلب وسريعة الانفعال أيضا وقد تشاجرنا مرات أولها قبل 15 سنة ونتيجة لانفعالي طلقتها طلقة واحدة وبعد ست سنوات حصل شجار آخر وطلقتها طلقة واحدة نتيجة غضب, وفي عيد الأضحى هذا الأخير للعام 1429هـ حصلت مشاجرة بيننا وأنا كلما تقدمت في السن كلما كنت سريع الغضب أكثر وكذلك الزوجة, وأثناء المشاجرة تكلمت الزوجة بانفعال شديد وقالت إن كنت رجلا طلقني وقد قالت كلامها وأنا في حالة ثائرة وغضب شديد خرجت مني كلمة الطلاق مرتين وكان الأولاد حاضرين وقامت الزوجة ولبست عبايتها خمارها وقالت لقد طلقتني وقد حاول الأولاد إقناعها بعدم الطلاق وقالوا لها إنه لم يطلقك ولكنها رفضت وأصرت أنها مطلقة, أنا كنت في حالة انفعال ولم أدرك ما أقول واعتقدت أني قلت لها أنتي طالق أنتي طالق بينما الأولاد قالوا لي انك قلت أنتي مطلقة أنتي مطلقة وأنا لاأعرف الفرق بين كلمة طالق وكلمة مطلقة ولا أعرف ما هي الكلمة الصحيحة التي تكلمت بها لأني كنت في حالة غضب شديد.
وعلى أية حال بعد أن هدأ غضبنا ندمنا ندما شديدا أنا والزوجة ولكن نتيجة لجلهنا بهذه الأمور وكلمات الطلاق التي خرجت مني نتوجه إليكم لإفادتنا وجزاكم الله خيرا، وسؤالي هو: هل أصبحت زوجتي طالقا حسب ما رويت لكم في الموضوع أعلاه؟ أرجو منكم الإفادة في أقرب وقت ممكن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغضب لا يمنع وقوع الطلاق ما لم يصل بصاحبه إلى درجة فقد الوعي والإدراك، وأما مجرد الطلاق في حالة الغضب فإنه لا يمنع وقوعه، إذ لا يطلق الرجل زوجته في الغالب إلا في حالة غضب، وبناء عليه فإن كان الغضب الذي أصابك في تلك الطلقات الثلاث لم يصل بك إلى درجة فقد الوعي والإدراك فالطلاق لازم لك وزوجتك بائن منك محرمة عليك حتى تنكح زوجا غيرك؛ كما قال تعالى: الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ. {البقرة:229} .
وقال تعالى: فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {البقرة:230} .
وأما إن كان الطلاق الذي صدر منك قد وقع في حالة لا تعي معها ما تقول فإنه لا يقع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق.
والإغلاق معناه انغلاق الذهن عن النظر والتفكير فيكون صاحبه في حكم المعتوه والمعتوه لا يلزمه طلاق، فاتق الله تعالى وانظر فيما صدر منك وهل وصل بك الغضب إلى الحد الذي يمنع وقوع الطلاق فلا يقع عليك، أم لم يصل بك إلى تلك الدرجة فيلزمك، وننصحك بعرض المسألة على المحاكم الشرعية أو أهل العلم مباشرة، وقد بينا أحوال طلاق الغضبان بشيء من التفصيل في الفتوى رقم: 11566، والفتوى رقم: 113800.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1430(13/12391)
غلط مانع من وقوع الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[قال لي أحد الأشخاص عندما تحضر حماتك وزوجتك المعقود عليها ولم تدخل هل ستسلم عليهما باليد فرددت طبعا هن من المحرمات، فأعاد السؤال قائلا لكن أنت ضد مصافحة الأجنبيات فرددت هن من المحرمات علي تحريما أبديا، وفجأة تذكرت أن إحداهن ليست محرمة وهي زوجتي وأني أخطأت في الكلام، هل هذا الخطأ أو النسيان الذي حدث مني يترتب عليه أي تحريم أو أي شيء آخر أو أنه ضمن رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من سؤالك أن زوجتك لا تحرم عليك بما صدر منك فأنت لم تقصد تحريمها حسبما يظهر؛ بل أخطأ ظنك بوجود زوجتك من بين من ذكرت تحريمهما عليك إلى الأبد من غير إرادة ذلك، وهذا يعتبر سبق لسان وغلط مانع من وقوع الطلاق، وراجع الفتوى رقم: 72095.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1430(13/12392)
حلف بالطلاق غاضبا إذا ذهبت زوجته لخالتها غيرة عليها من ابن خالتها
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله ألف خير على ما تقومون به من عمل, سؤالي هو: في لحظة من الغضب حلفت على زوجتي بالطلاق إن ذهبت لبيت خالتها إن لم أكن موجوداً وأنا مقيم ببلد آخر، وكان ذلك من غيرتي من ابن خالتها وأنا لا أحب أن تذهب زوجتي لأي أحد من الأقارب بوجود شباب من أقاربها وأنا غير موجود فأفتوني أجاركم الله وأرجو أن يكون الجواب مفصلاً؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان غضبك شديداً وقت التلفظ بالطلاق المعلق بحيث كنت لا تعي ما تقول فلا شيء عليك، ولا يلزمك طلاق إذا ذهبت زوجتك لبيت خالتها في غيابك على كل حال ... وإن كنت تعي ما تقول وقت الحلف فالطلاق واقع عند جمهور أهل العلم إذا ذهبت زوجتك لبيت خالتها وأنت غائب.
لكن إذا كان الحامل لك على اليمين هو الغيرة من ابن خالتها ومنعها من الاختلاط به فلا تحنث إذا زارت زوجتك بيت خالتها في غيبة ابن الخالة المذكور، أما إن حصلت الزيارة بوجوده أو بوجود مثله من الشباب الذين قلت إن الحامل لك على اليمين الغيرة منهم فالطلاق نافذ عند الجمهور، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35727، 19162، 35705.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1430(13/12393)
المخرج الشرعي لمن أجبر على الطلاق وهو لا يريده
[السُّؤَالُ]
ـ[شاء القدر أن قمت بعمل مخالفة للنظام رغم أنها مخالفة بسيطة جدا وقد تم القبض علي وقد صدر أمر بترحيلي عن البلاد بحكم أني غير مواطن في البلد الذي ولدت وأعيش فيه منذ الولادة ولأني متزوج ولدي أبناء فقد خيرت بأن أطلق زوجتي أو آخذهم معي لبلدي وحيث إني ليس لدي أي شيء في بلدي وأن أهلي وإخواني وأخواتي كلهم يعيشون في هذا البلد الذي أنا أعيش فيه وأكثرهم يتمتعون بجنسية البلد الذي نعيش فيه، فما الحكم في إجباري على تطليق زوجتي رغم أني لا أريد ذلك؟ وما حكم تخييري بالتطليق أو أخذ زوجتي وأبنائي معي لبلدي هل هذا جائز شرعا؟ وكذلك لو تم التطليق بحكم أني مجبر على ذلك بحيث إني أريدهم ولكني لا أستطيع أخذهم معي من أجل أن لا أتعبهم معي في بلدي لأني لا أدري ما الذي سوف أواجهه هناك في بلدي، هل من الجائز في هذه الحالة التحايل على النظام مثلا كان أطلق وبعد ترحيلي أرجعها لحين أتمكن من الدخول للبلد مرة أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جعل الشرع الطلاق بيد الرجل فلا يحق إجبارك على تطليق زوجتك أو جعل أمر الطلاق على التخيير بينه وبين أخذك أهلك معك، ومن المخارج في حقك هو أن تتبع ما يسميه الفقهاء بالاسترعاء وكيفيته أن تشهد عددا من الشهود ويحسن أن لا يقلوا عن أربعة على أنك مضطر إلى التلفظ بطلاق زوجتك ولكنك لا تقصد وقوعه.
وللمزيد بهذا الخصوص راجع الفتوى رقم: 36100، ولو طلقت زوجتك بغير هذا الذي ذكرنا من الاسترعاء وكانت هي الطلقة الأولى أو الثانية فإن لك أن تراجعها في العدة.
والذي ننصحك به عموما هو أن تبحث عن سبيل للاستقرار مع أهلك سواء في بلدك الأصلي أو في البلد الذي تقيم فيه، ولا يخفى عليك أن أمر الأرزاق بيد الله تعالى فقد ييسر لك من أسباب الرزق ما لا يخطر لك على بال. وراجع الفتوى رقم: 2849.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1430(13/12394)
حكم طلاق الغضبان
[السُّؤَالُ]
ـ[حدثت مشادات بين من في البيت وكذلك مع زوجتي واستفزتني لأقصى درجة على أثر ذلك غضبت وثرت ثورة عارمة وإذ بي أضربها ضربا هستيريا وحاولت أختي الوقوف أمامي فدفعتها دفعة عنيفة خارج الحجرة وانهلت على زوجتي بالضرب الغاشم والذي فقدت معه عقلي وإذ بي أستفيق على أنني أقول لها أنت طالق طالق طالق وكأن الكلمة وضعت على لساني أو في أذني، وأقسم لك إنني لم أقصدها ولم تمر على عقلي ولم تكن عهدي تلك الكلمة الشائنة مع زوجتي أي أنها أول مرة أتلفظ بها، سيدي الجليل أنا لا أتهرب من الطلاق فانا أرجعت زوجتي ونعيش سويا وندمنا على ذلك وتعاهدنا على عدم العودة لهذا الغضب وتلك المشاحنة.
سؤالي هل هذا الطلاق يدخل ويندرج تحت لا طلاق مع إغلاق أم أنها طلقة محسوبة، مع أنني أؤكد أنني كنت في حالة غضب عارمة ولم أقصد الكلمة ولم تمر بعقلي ولم أفكر حتى برهة فيها ولم تكن عهدي مع زوجتي علما أنه من شدة الغضب يذكرونني أن أختي أثناء التلفظ بالطلاق قد وضعت يدها على فمي حتى أسكت فنهرتها بإزالة يدها من عن فمي هذا الموقف الخاص بأختي من فرط الغضب لم أتذكره حتى بعد أن هدأت نفسي وهى التي ذكرتني به.
أستحلفكم بالله أفيدوني فهذا الأمر قد أثر في نفسي كجرح غائر وأود أن أعرف شرط الإغلاق الذي نص عليه الحديث الذي لا يقع فيه الطلاق والمعيار الذي يتحدد به. وجزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الغضب قد وصل بك إلى ما ذكرت من فقد الوعي والإدراك ونطقت بما لم تع له فإنه لا يلزمك ما نطقت به من الطلاق، وهذا ما بيناه في فتاوى كثيرة منها الفتويين: 21944، 11566.
لكنك وقعت في خطأ عظيم وهو تعديك على زوجتك بالضرب المبرح فهذا من سوء العشرة المحرم شرعا، ومن سوء الخلق المذموم طبعا.
قال البهوتي في كشف القناع: وسن لكل من الزوجين تحسين خلقه بصاحبه والرفق به واحتمال أذاه لقوله تعالى: وبالوالدين إحسنا....إلى قوله والصاحب بالجنب. قيل هو كل من الزوجين.
فاتق الله عز وجل ولا تعد إلى مثل ذلك الفعل المشين والخلق السيئ، وعلى زوجتك أن تبتعد عما يثير غضبك، ونوصيها بما قال أبو الدرداء رضي الله عنه لزوجته: إذا رأيتني غضبت فرضني، وإذا رأيتك غضبت رضيتك.
ووصية أسماء بن خارجة الفزاري لابنته: يا بنية كوني لزوجك أمة يكن لك عبدا ولاتدني منه فيملك، ولا تباعدي عنه فتثقلي عليه، وكوني كما قلت لأمك:
خذي العفو مني تستديمي مودتي ولا تنطقي في سورتي حين أغضب.
فإني رأيت الحب في الصدر والأذى * إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب.
وللمزيد انظر الفتاوى التالية أرقامها: 22559، 31763، 94194.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1429(13/12395)
التلفظ بالطلاق في غضب شديد وغياب للوعي
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء الرد علي سؤالي لأهميته جزاكم الله خيراً.. أنا متزوجه منذ 15 عاما في إحدي الدول الأوروبية زوجي والحمد لله يعرف حدود الله جيداً وشخص جدير بثقة الكل هنا لصدقه ومخافة الله في كل عمل له هادئ لا يغضب بسرعه لعدة ظروف مررنا بها منذ 5 سنوات قامت بيننا مشاجرة واتهمت بأنه قال لي أنت طالق مرة واحدة وفي الصباح ندم وكان في حالة غير طبيعية وبتدخل الأهل وبعد الاستفسار قالوا لنا في المركز الإسلامي هنا إنه طلاق رجعي وبالفعل ردني في الحال، ولكن كان عنده انهيار عصبي وتم العلاج منه والحمد لله وبعض الأصدقاء قالوا لي إن هناك من سحر لنا ولكني لم أهتم بهذا القول لخوفي الشديد من الوقوع في الشرك ولكن في أيام معينة من بعض الشهور تقوم كراهة عجيبة بيني وبين زوجي ومشاجرات ونحاول التغلب عليها بالتوسل إلى الله وقراءة القرآن ولكن الشيطان كان أقوى منا منذ سنتين زوجي نفر مني وتشاجرنا وبتدخل الأهل اتفقنا علي الانفصال ولكن زوجي لم ينطق بالطلاق أو ألفاظه ولأن المحاكم هنا ليست شرعية لم نتجه إلي المحكمة ولممت أشيائي ورجعت بلدي في حالة يعلمها الله وانهرت بسبب تركي أولادي وتم علاجي لمدة شهرين وبعد اتصالات عديدة من أهلي وبسبب انهيار أولادي مع أبيهم الشهر الثالث قال زوجي إنه لن يطلقني وطلب مني الرجوع فأنا أم، فرجعت إلى أولادي في سلام حتى اليوم المشؤوم منذ حوالي 10 أيام قامت بيننا أيضا مشاجرة لا نعلم من أين نشبت ولكنها كبرت كنيران جهنم وفي لحظه ضعف إيماني وقمت بطلب الطلاق فرفض زوجي واتهمني بالجنون فانهرت أكثر وقمت بإشعال النيران في نفسي والبيت ونهض زوجي في آخر لحظة من النيران وغضب غضبا لم أره من قبل حتي أنه ضرب يده ليدي كيف فانشرخ عظم يده وفي غضب شديد قال لي أنت طالق طالق طالق في ستين دهيه وعندما سمعت هذا انهرت جاءت إحدى جارتي المسلمات ولكنها لا تتحدث العربية فقال لها في غضب لقد طلقتها وانهال علي ضربا حتي كدت أفقد عيني ولكنه لا يتذكر كيف ضربني بهذه الوحشية وبعد لحظات قال كيف حدث هذا ولماذا فأخبرته جارتي أنك طلقتها قال لها لم أع ما أقول وأنه لا يعي كسر يده أو ضربي ولأنه يعي نطقا للفظ الطلاق، ولكن عدده لا يتذكره ويعي اتصاله بأهلي وإخبارهم بأنه طلقني ثم انهار وأغمي عليه وبعد خروجي من المستشفي بسبب الضرب توجهنا لأحد المراكز الإسلامية هنا وكان زوجي قص للشيخ من قبل القصة، ولكن قال أود أن أسمع منها وقصصت عليه وطلب شهادة الجارة وبعدها قال لنا أنه طلاق الغضب وأنها تحسب واحدة ورجعية، علماً بأني كنت حائضا عندما طلقني زوجي ولكن الشك ملأني رجعت بيتي ولكني أعيش كالسفيه لا أدري ما يدور حولي إلا منظر ما عشته ساعة رمي يمين الطلاق علي أعيش في حالة نفسية لا يعلمها إلا الله أهملت أولادي حتى طفلتي الصغيرة أهملتها في طعامها وأهملت نفسي حتى أن زوجي يفكر إدخالي مصحة نفسية للعلاج، ولكن مشكلتي هي أن الحديث الذي رواه لنا الشيخ لا طلاق في إغلاق فهل حالة زوجي كانت إغلاقا أم لا، وهل وقع الطلاق فأفيدوني أستحلفكم بالله فأنا في كابوس دائما خاصة أنه هنا لا توجد محاكم شرعية، أريد فتوي يستريح بها ضميري ولو كانت مؤلمة فأنا أخاف معصيه الله دائما يوسوس إلي الشيطان أني أعيش مع زوجي في الحرام، فأرجوكم ارحموا أما وزوجة اقتربت من الجنون؟ أستودعكم الله وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يصلح حالكما وأن يرد عنكما كل سوء ومكروه إنه سميع مجيب، ونوصيكما بكثرة الدعاء والحرص على الرقية الشرعية، ويبدو من خلال ما سردت من أمور أن زوجك قد وصل إلى حد لا يعي فيه تصرفاته، فهي حالة أشبه بالجنون، وإذا كان الأمر كذلك فمثل هذا لا يقع طلاقه الذي تلفظ به، وعلى تقدير إفاقة زوجك على التلفظ بالطلاق -وهو مجرد احتمال- فالذي يحسب هو تلك الطلقة الأولى التى أفتاكم المركز الإسلامي بوقوعها دون غيرها من الطلقات، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 93000.
ولا يبعد أن يكون هنالك شيء من السحر ونحوه، ولذا فإننا ننصح بالحرص على الرقية الشرعية والمحافظة على الأذكار ولا سيما في الصباح والمساء، ولا بأس بالاستعانة في الرقية ببعض من عرف بالاستقامة عند الحاجة إليه، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 2244.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(13/12396)
المرجع في طلاقك إلى نيتك وقصدك وحالك
[السُّؤَالُ]
ـ[حصلت مشكلة بيني وبين زوجتي على إثرها طلقتها, كنت في حالة عصبية شديدة، حتى أنني لم أشعر بنفسي, إلا بعد أن بدأت زوجتي بالبكاء، ومحاولة إغلاق فمي، للعلم بأني قلت لها أنت طالق مرتين قبل أن أعي ما أقول وأغلق فمي، زوجتي حالياً حائض، هذا ليس كل شيء، قبل ثلاث سنين تطلقنا في المحكمة طلقة واحدة بائئة بينونه صغرى على ما أعتقد، لم أستطع العودة لها إلا بعقد جديد ومهر جديد، أنا الآن في حيرة من أمري لا أعرف ماذا أفعل للعلم توجد لنا إبنة صغيرة عمرها سنة وأنا أحب زوجتي كثيراً، ابعثوا لي الفتوى بأسرع ما يمكن لو سمحتم؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان غضبك قد وصل بك إلى درجة لا تعي معها ما تقول -وهذا ما اتضح من سؤالك- فإنك لا تؤاخذ بما صدر منك من طلاق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا طلاق في إغلاق. رواه أبو داود وصححه السيوطي. والمغلق عليه لا إرادة له فيما يصدر عنه.
وأما إن كنت تعي ما يصدر عنك فيلزمك ما نطقت به من طلاق زوجتك ولا تأثير للحيض في عدم وقوع الطلاق في قول جمهور أهل العلم، لكن تكرار الطلاق يحتمل أن يكون تأكيداً فلا تقع إلا طلقة واحدة، ويحتمل التأسيس فيحسب طلقتين بهما تبين الزوجة بينونة كبرى لحصول طلقة قبل ذلك، والمرجع في ذلك إلى نيتك وقصدك على اعتبار أنك كنت تعي ما تقول، وينبغي أن تعرض المسألة على المحاكم الشرعية إن وجدت أو المراكز الإسلامية في البلاد التي لا توجد بها محاكم إسلامية كالبلاد الغربية، وللفائدة في الموضوع انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11566، 54956، 17678.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1429(13/12397)
قال لزوجته أنت طالق طالق وزعم أنه كان لا يعي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعيش في أوروبا لأسباب معينة اضطررت لتغيير اسمي. بعد فترة عدت إلى وطني وتزوجت فتاة باسمي الجديد لإمكانية إحضارها لأوروبا معي بعدها بعام عدنا إلى بلدنا من أجل تغيير عقد الزواج إلى الاسم الأصلي. ولعدم الوقوع في مشاكل مع القانون اضطررنا إلى الطلاق في المحكمة وحينها طلقت زوجتي طلقة واحدة وأخبرت القاضي أني لم أدخل بها وذلك من أجل أن نتمكن من عقد القران مرة أخرى في اليوم التالي حتى لا ننتظر فترة العدة ولأني نفس الشخص، وبعد ثلاث سنوات حدثت مشكلة بيني وبين زوجتي وغضبت غضبا شديدا وطلقتها وقلت لها أنتي طالق طالق مرتين.ولم أع ما قلت إلا عندما بدأت زوجتي بالصراخ فعرفت أني طلقتها ولم أكن في وعيي عندها ولم أكن أقصد أن أطلقها مرتين ولا أعرف الآن هل تعتبر مطلقة طلاقا بائنا بينونة كبرى أم لا أرجو أن تردوا علي بأسرع وقت.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطلاقك لزوجتك عند المحكمة نافذ ولازم وقد أخطأت خطئا عظيما بالإقدام على الكذب بالتصريح بعدم الدخول بزوجتك وكان بإمكانك اللجوء إلى التعريض والسلامة من الكذب، فعليك أن تتوب إلى الله تعالى من ذلك وهذا الكذب المحرم لا يبيحه الاستعجال في أمر كهذا فالأصل حرمة الكذب إلا لدفع مفسدة معتبرة أو جلب مصلحة مهمة كما تقدم في الفتوى رقم: 39152.
وإذا كان غضبك شديدا بحيث كنت لا تعي شيئا وقت التلفظ بالطلاق فلاشيء عليك ولا يلزمك طلاق، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35727.
وإن كنت تعي ما تقول حينئذ فطلاقك نافذ وتلزمك طلقتان إن قصدت إنشاء الطلاق بكلتا العبارتين وعلى هذا تكون قد طلقت زوجتك ثلاثا، وبالتالي فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجا آخر نكاحا صحيحا ثم يدخل بها ثم يطلقها ويكون هذا النكاح نكاحَ رغبة وليس بقصد تحليلها لزوجها، وراجع الفتوى رقم: 17283.
وإن لم تقصد طلقتين وإنما قصدت واحدة وأكدت الأولى بالثانية فتلزمك طلقة واحدة فقط ولك مراجعة زوجتك إن لم تنقض عدتها مادمت لم تطلقها قبل هذا إلا مرة واحدة.
وتغيير الاسم جائز بضوابط شرعية سبق بيانها في الفتوى رقم: 22873.
علما بأن الزوجة لا تلزمها العدة من زوجها المطلق إذا أراد الرجوع لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1429(13/12398)
طلقها اثنتين وكان في الثانية لا يعي ما يقول
[السُّؤَالُ]
ـ[بداية أشكر لك تعاونك معي لقد وصلتني الفتوى وقرأتها ولكن لدي سؤال بخصوصها بالنسبة للطلقة الثانية التي قالها زوجي فهو لا يذكر عنها شيئا نتيجة لحالة العصبية والغضب الذي كان فيه.
وسؤال آخر أيضاً في اليوم التالي من وقوع المشكلة مع زوجي كنا أنا وزوجي نتناقش فقال زوجي على ما أذكر بأن ما وقع منه بالأمس من طلاق غير معتبر لأنه كان في حالة غضب شديدة وخصوصاً الطلقة الثانية التي لا يذكر عنها شيئا والطلاق المعتبر مثلاً أن يقول الرجل لزوجته طالق لأتفه الأسباب سؤالي هنا وأرجو أن تجيبوني فقد حصلت لدي حالة من الوسوسة فهل إذا كان الزوج يروي ما حدث فيقول مثلاً لقد قلت طالق لأنك كذا وكذا أو يقول إن أي رجل قال لزوجته طالق لأتفه الأسباب فهي تعد طالقا- تعد كلمة طالق التي لفظها يمين جديد يكمل الطلاقات الثلاث فأرجوكم ساعدوني فأنا قد أصابتني حالة من الوسوسة.. رقم سؤالي السابق: 2204462؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأمر في طلاق الغضبان على ما ذكرنا من تفصيل بالجواب السابق، وزوجك هو الذي يحدد إن كان يعي ما تلفظ به أم كان فاقداً لوعيه، وهو مسؤول عن ذلك أمام الله تعالى، فإن كان تلفظ بالطلاق في المرة الثانية وهو لا يذكر هل كان يقصد إنشاء طلاق أم تأكيد الطلاق الثابت فلا يقع هذا الطلاق.. وعلى ذلك فيكون الواقع هو طلقة واحدة، وعليكما الآن أن تنظرا في المستقبل، وأن تحرصا على نشر المودة والمحبة والاستقرار داخل الأسرة، وذلك يسير على من يسره الله عليه.
وإذا تلفظ الرجل بالطلاق وقع طلاقه، ولا عبرة بالسبب الحامل له على ذلك، سواء كان سبباً تافهاً أو أمراً ذا بال، ولذا لا يصح القول بأن الطلاق المعتبر مثلاً أن يقول الرجل لزوجته طالق لأتفه الأسباب.. ويبدو من كلامك الأخير أنك تعنين حكاية الزوج لهذا المثال أثناء كلامه معك هل يعتبر طلاقاً جديداً، فالجواب أنه لا يعتبر طلاقاً جديداً لأنه لم ينشئ طلاقاً وإنما حكى مثالاً، فلا تكمل به الطلقات الثلاث، فاطردي عنك الوساوس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1429(13/12399)
حكم طلاق السكران
[السُّؤَالُ]
ـ[تم طلاقي لزوجتي منّ حوالى6 شهور أمام المأذون الشرعي لعزبة النخل ولم أكن في وعيي لأني كنت في حالة سكر لأني كنت متعاطيا للمخدرات ولا أعلم ما حدث يومها فهل يقع هذا الطلاق حتى بعد أن تسلمت هي ورقة طلاقها وعندي شهود على أني لم أكن في وعيى وهي أول طلقة فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أن طلاق السكران نافذ وواقع، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية ومن معه عدم وقوع طلاق السكران إذا كان فاقدا لعقله لا يعي ما يقول.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 11637، والفتوى رقم: 32492.
وبناء على مذهب الجمهور فقد وقع الطلاق ولك مراجعة زوجتك إذا لم تنقض عدتها، فإن انقضت فلا بد من تجديد العقد عليها إن أردت الرجوع إليها إذا كنت لم تطلقها قبل هذا مرتين.
وننبه إلى أن تعاطي المخدرات وتناول المسكرات معصية شنيعة وكبيرة من كبائر الذنوب فبادر بالتوبة الصادقة التي تتضمن الإقلاع عن هذه المعصية والندم على فعلها والعزم على تركها مستقبلا، ولتحذر من أن يفجأك الموت وأنت مقيم على هذا الذنب فتكون من الهالكين وتندم حين لا ينفع الندم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(13/12400)
الغضبان بين لزوم الطلاق وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من حلف بالطلاق على زوجته أن لا يدخل بيت والده (بيت والد الزوج) ولكنه دخل البيت في زفاف أخته مع العلم أنه كان غاضبا ولا يعرف إن كان قد قصد اليمن أو الطلاق. أفتونا أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على الحلف بالطلاق غير مشروع لأن أيمان الطلاق من أيمان الفساق كما ذكرنا في الفتوى رقم: 58585، وإذا كان الرجل المذكور قد حلف بالطلاق وحنث فطلاقه نافذ وواقع عند أصحاب المذاهب الأربعة ولو لم يقصد وقوع الطلاق، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية وبعض أهل العلم عدم وقوع الطلاق لأن الحالف يقصد الزجر والمنع. وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 11592
والغضبان إن كان وقت حلفه يدري ما يقول فيمينه منعقدة وطلاقه نافذ، وإن كان الغضب قد اشتد به بحيث فقد عقله وصار لا يعي ما يقول فلا يلزمه طلاق لأنه أصبح في حكم المجنون وارتفع التكليف عنه. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 23251.
وأخيرا ننبه على حرمة ما أقدم الرجل المذكور من هجرانه لأبيه والحلف على عدم زيارته، فعقوق الأبوين وهجرانهما معصية شنيعة، فليتق الله تعالى وليبادر إلى مصالحة أبيه، وطلب السماح منه والحرص على بره وصلته مستقبلا. وراجع المزيد في الفتوى رقم: 49048.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1429(13/12401)
طلاق من لا يعرف ماذا يقول عند الغضب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 30 عاما ومتزوج من امرأة عمرها 29 عاما ولدي منها 3 أبناء أحبها جداً ولكن المشاكل كثيرة بيننا لتدخل أهلها دائماً في شؤوننا وحينما تكون هنالك مشكلة يطلبون الطلاق ويلحون عليه وقمت بتطليق زوجتي 3 مرات بناء على رغبتهم وإلحاحهم وإصرارهم، وفي الطلقة الأخيرة أحضرت فتوى شرعية بعدم ثبوت الطلاق للغضب واستمررنا إلى أن طلبت أن تذهب إلى زيارة بيت أهلها فلم أوافق فألحت علي وأصرت أن أطلقها فقلت لها بأنك طالق طالق بدون شهود، مع العلم بأني شديد الغضب وحينما أغضب لا أعرف ماذا أقول فهل الطلاق يجوز؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت أخي السائل أنك قد طلقت زوجتك ثلاث طلقات من قبل، إحداهن في حالة غضب ثم طلقتها أخرى في حالة غضب أيضاً بلفظ أنت طالق طالق وتسأل عن حكم هذه الحالة، وقد سبق لنا حكم الطلاق في حالة الغضب، وذلك في الفتوى رقم: 1496.
فإذا كان الغضب قد بلغ بك هذا الحد فلا يقع الطلاق الذي صدر منك فيه على زوجتك، وعليك أن تمسك نفسك عند الغضب وتستعيذ بالله من الشيطان، ولا تستعمل هذه الكلمة مهما بلغ بك من الغضب، أما إذا كان الغضب لم يصل لك إلى فقد الوعي فتكون زوجتك قد بانت منك بالطلاق الأخير، علماً بأنه لا يجوز للزوجة أن تطلب الطلاق من زوجها لغير بأس، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 14779.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1429(13/12402)
طلاق الغضبان ثلاث مرات متفرقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طلقت زوجتي ثلاث مرات في أوقات متباعدة بقولي (أنت طالق) على إثر خلافات حادة مع زوجتي مع أن زوجتي كانت مصابة بمرض نفسي وهو العصبية وكانت تعالج منه في مستشفى الأمراض النفسية، ومع كل مرة تحدث مشاجرة ويكون فيها تشابك بالأيدي وأكون في حالة غضب شديد وفي حالة نفسية لم اجدها من قبل وأنطق بها وكنت أراجع زوجتي مع كل مرة وقد بنيت عدم وقوع طلاقي بحالة الغضب التي غيبت عقلي بالرغم أني عايش معها إلى الآن وأنجبنا طفلتنا الثانية والمفاجأة أن زوجتي هدأت بعد الطلقة الثالثة وكأن سحراً انفك عنها ولم يحدث خلاف بعدها وبدأ الشيطان يوسوس لي بأن بقائي مع زرجتي حرام وأنا خائف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغضب لا يمنع وقوع الطلاق إلا إذا غطى على عقل صاحبه فلم يعد يعي ما يصدر عنه، والرجل لا يطلق زوجته غالباً إلا إذا أغضبته وفعلت ما يثير غيظه، ولا اعتبار لغضب المرأة أو حالتها النفسية، وبناء عليه فإن كنت قد طلقت زوجتك ثلاث تطليقات -كما ذكرت- فإنها قد حرمت عليك وبانت منك بينونة كبرى ولا يحل لك البقاء معها ولا العودة إليها حتى تنكح زوجاً غيرك ويدخل بها، فإن طلقها وانقضت عدتها جاز لك أن تعقد عليها عقد نكاح جديد.
وعلى هذا الاعتبار فعلاقتكم الآن بعد ما وقع من الطلاق غير شرعية. لكن الطلفة الثانية تنسب إليك وإن كانت حصلت بعد الطلاق الثالث لاعتقادكما صحة بقاء النكاح، وعليكما أن تتوبا إلى الله تعالى وتستغفراه، وعلى فرض قوة الغضب ووصوله إلى درجة فقد الوعي فلا يقع ما صاحبه من طلاق.
وعلى كل فلا بد من مراجعة المحاكم الشرعية وعرض المسألة عليها أو مشافهة أهل العلم بها للاستفصال عما كان، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 11566، والفتوى رقم: 103235.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1429(13/12403)
تشاجرت زوجته مع أمه فاستبد به الغضب فطلقها
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد شجار بين أمي (التى تزرونا حاليا في البلد التي نعيش فيها) وزوجتى وحينما حاولت مناقشة الأمر بينهما تطور الأمر إلى نزاع شديد وتشابك بالأيدى وسباب بيني وبين زوجتي مما أفقدنا شعوري وكنت فى حالة من الغضب الشديد وظلت زوجتي تصرخ وتق ل لي طلقني وتسبني مما أفقدنا شعوري تماماً وقلت لها أنت طالق عن غير إرادة مني أو حضور عقل حتى أني دفعت أمي دفعا شديداً وهي تحاول أن تحجز بيننا (كما أخبرتنا بعدما سكت عني الغضب) وقضمت أصبع زوجتي حتى تمزق اللحم ونزف دما ولما خرجت من الغرفة كان جسمي يرتعش وينتفض بشدة أتصبب عرقا ولما هدأت نفسي وسكت الغضب عني شعرت بالألم والندم لما حدث ولست أدري فهل يقع الطلاق أم لا، مع العلم بأني لم يكن لي إرادة فى الأمر، وأنا إنسان عقلاني وموضوعي وقد أغضب وأكون عصبيا أحيانا من زوجتي أما هي فعصبية ومتقلبة المزاج دائما وتطلب الطلاق فى كل شجار ونزاع ولم أكن أصل لمثل شدة الغضب وفقدان الشعور التي حدثت تلك المرة من قبل، أنا متزوج زوجتي منذ سبع سنوات ولى منها أربعة أولاد، أفتوني فهل يقع الطلاق أم لا وكيف أتعامل مع عصبية زوجتي وصراخها المستمر هل أعرضها على طبيب نفسي، أشهد الله أن ما رويت هو ما حدث وكما روت وأكدت أمي وزوجتي؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أوصى الشرع الزوجين بحسن العشرة، وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم باجتناب الغضب الذي يفقد الإنسان السيطرة على نفسه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني قال: لا تغضب فردد مراراً قال لا تغضب. رواه البخاري.
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم المرأة من طلب الطلاق من غير ضرر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أحمد في مسنده وصححه الألباني في الإرواء.
أما عن وقوع الطلاق فإن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق إلا أن يصل الغضب إلى حد يفقد الإدراك، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق. رواه أبو داود وابن ماجه وحسنه الألباني في الإرواء. والإغلاق: كل ما يسد باب الإدراك والقصد والوعي، فإذا كنت وصلت إلى تلك الحالة فلا يقع طلاقك، ونوصيك بالتوبة إلى الله ومجاهدة نفسك لتجنب الغضب الذي حملك على ما فعلت في حق أمك من دفعها، فإن ذلك خطأ عظيم وكذلك ما كان منك في حق زوجتك ولا تعد إلى مثل ذلك أبداً، أما عن سرعة غضب زوجتك وكثرة طلبها للطلاق عند النزاع فعليك وعظها وتذكيرها بعواقب ذلك وضرره على دينها ونفسها، مع الاستعانة بالله والاجتهاد في تحصيل أسباب تقوية الصلة بالله كالصلاة والذكر والدعاء، مع البعد عن المعاصي الظاهرة والباطنة، وكثرة الدعاء، وعليك أن تبحث معها في أسباب ذلك ودوافعه، فإن كان له أسباب مقبولة من أمور تشتكي منها أو مطالب تريدها فعليك أن تزيل تلك الأسباب ما دام ذلك في إطار الشرع وحدود طاقتك، فإن لم يجد ذلك فلا مانع من عرضها على طبيب نفسي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(13/12404)
تلفظ بالطلاق الثالث وهو غير واع لما يقول
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج منذ حوالي اثني عشر عاما ولدي أبناء من زوجتي وتجمعنا محبة وعشرة طويلة ولكن للأسف زوجتي حادة المزاج وعصبية جدا لأبسط الأسباب مما جعل حياتنا صعبة دائمة المشاكل وبالتالي حدثت بيننا العديد من المشاجرات والتي تصل أحيانا إلى حد التهديد والوعيد، وفي أحد شجاراتنا زاد غضبي عليها ونطقت وقتها كلمة الطلاق بقولي أنت طالق في لحظة غضب شديد ولأني لم أكن مطلعا على أحكام طلاق الغضبان اعتبرتها طلقة وراجعت زوجتي بعد ذلك وبعدها حدث بيننا طلاق آخر ولكن بعد فترة الشجار وكان الطلاق واقعا لأنه حدث ونطق بعيدا عن وقت الغضب ولو أنني نطقته في لحظة يأس من صلاح حالنا كان هذا قبل حوالي سنتين. وقبل أشهر حدث بيننا شجار عنيف يتكرر من حين لآخر ولكنني في كل مرة أستعيذ من الشيطان وأهرب خوفا من نطق كلمة الطلاق في لحظة الشجار حيث أصبحت زوجتي بهدف الضغط علي وتطويعي تلح على طلب الطلاق ولكن بدون قصد وأثناء الشجار بلغ بنا الغضب مبلغه وطلبت الطلاق ووجدتني بدون قصد أو شعور مني أقول لها: طالق وبعد نطقها،ومن فرط غضبي ضربتها لأنها دفعتني لقولها في حالة الغضب تلك، ثم ندمت على ذلك وندمت هي على إثارتها لي والآن أريد الإبقاء على زوجتي وتلح أيضا هي على ذلك أيضا لا سيما وأن لدينا أطفالا وأخشى عليها وعليهم من الضياع.
سؤالي: هو عن الطلاق الأول إن كان واقعا أم لا وكذلك الطلاق الثالث حيث إن الطلاقين وقعا في لحظة غضب لا سيما الطلاق الثالث كان الغضب شديدا ونطقت الكلمة بدون شعور وكأن لسان حالي يقول لها خذي غيبي..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسبق حكم طلاق الغضبان الذي لا تترتب عليه آثار الطلاق في الفتوى رقم: 15595.
وعليه فإذا كنت عندما تلفظت بالطلاق في المرة الثالثة غير واع لما تقول فالطلاق غير واقع وغير معتد به، وأما الطلاق في المرة الأولى فأنت أعرف بحال الغضب الذي كنت عليه، والاحتياط اعتباره طلاقا.
والحاصل أن زوجتك لا تزال في عصمتك إن كنت كما قلت نطقت بالطلاق في حالة غضب يفقدك الشعور، ولكن عليك وعليها الحذر من الطلقة الثالثة البائنة التي ليس بعدها لقاء إلا بعد أن تتزوج من رجل آخر ثم يطلقها، وينبغي الاتفاق على أسلوب آخر عند الخلاف، وألا تغضبا معا، بل إذا غضب أحدكما ملك الآخر نفسه ولم يقابله بغضب مثله لأن ذلك مما يزيد الأمر سوءا ويفتح للشيطان بابا بينكما، وينبغي التزام الصمت عند غضب الآخر وعدم مقابلته والرد عليه، فإنه سرعان ما يهدأ، وعندها يمكن نصحه والتفاهم والتناقش معه في جو هادئ تسوده المودة والاحترام.
قال أبو الدرداء رضي الله عنه لأم الدرداء: إذا غضبت فرضيني وإذا غضبت رضيتك، فمتى ما لم يكن هكذا ما أسرع ما نفترق. رواه ابن عساكر في تاريخه.
وتراجع نصائح للزوجين في الفتوى رقم: 54913.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1429(13/12405)
الطلاق في حال الغضب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج من حوالي 8 سنوات لي زوجة تبلغ من العمر 18 سنة من أسرة فقيرة عندها أمراض نفسية وأنا لا أخلو من هذه الحالات النفسية لي منها ابنة وهي تحمل الثاني في ذات يوم صدر من أخيها ما يكره الناس فقمت بطرده من البيت ولكن صدر من أخته أن أدخلته البيت فغضبت منها وكلمتها فغضبت ودخل الشيطان فسبتني وقمت بضربها وهي من النوع الذي يقاوم فاشتد الخصام حتى قمت بطلاقها وأنا في شدة الغضب وبعدما هدينا تصالحنا وفي يوم من الأيام حصل إنني دعوتها إلى الفراش فلم تستجب فدخل الشيطان وأمسكت بي وطلبت الطلاق وبعد عراك صدر مني الطلاق ونحن في شدة الغضب وذات مرة كان عندي ضيوف فطلبت منها أن تقوم بشيء ولكن لم تقم به وصدر منها شيء يغضب فصار عراك وانتهى بالطلاق والآن هي حامل في شهرها 4 وتم أيضا طلاق بعد مشاكل وغضب فصبرت عليها وصبرت والآن هي عندي في البيت ولا أدري ماذا أفعل هل لها رجعة أم أوصلها إلى أهلها أم نذهب إلى دكتور نفسي ونتعالج والله العظيم عندما تحصل مشكلة لا أدري ماذا أقول ولا أعمل وكذلك هي لأننا عشنا في ظروف قاسية كلها مشاكل بين الوالدين وحرمان أنا الآن أريدها من اجل أولادي ومتمسكين ببعض ولكن الظروف النفسية هي السبب الأول أرجو من الله المغفرة وأن يهدينا إلى الصواب وأرجو من سماحتكم أن تنظروا إلى هذه المسألة وإن أجد عندكم الجواب الشافي لكي تعود الحياة ونذهب إلى أقرب دكتور نفسي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما وقع منك من طلاق وكنت في حالة من الغضب الذي يخرجك عن شعورك فلا تدري ما تقول ولا تشعر بأفعالك، فإن هذا الطلاق لا يقع؛ لما رواه أبو داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله وعليه وسلم يقول: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق. والإغلاق معناه انغلاق الذهن عن النظر والتفكير بسبب الغضب أو غيره. وراجع ما سبق من الحديث عن طلاق الغضبان في الفتوى رقم: 11566.
وأما إذا كنت في حال من الغضب لم تخرج معه عن شعورك وكنت تدري ما تقول، وتدرك تصرفاتك فإن الطلاق يقع.
فعليك بمراجعة نفسك في ضوء ما ذكرناه فلا تعتد بما وقع منك من طلاق في حال الغضب المذهب لعقلك، أما ما لم يبلغ ذلك فعليك أن تعتد به وتحتسبه طلاقا، فإن وصل عدد الطلقات المعتد إلى ثلاث فقد بانت منك زوجتك بينونة كبرى وصارت أجنبية عنك، لا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك، وأما إذا لم يصل إلى ثلاثة فإن لك حينئذ حق ارتجاع زوجتك.
وينبغي مراجعة بعض أهل العلم مشافهة بهذا السؤال، حتى يستوضح منك بعض الظروف والأحوال التي قد تكون مؤثرة في الحكم.
للفائدة تراجع الفتويين رقم: 12600، 25322.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1429(13/12406)
الغضب المعتبر في الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[خرجت زوجتي من البيت دون إذني إلى بيت عمها مع العلم باني رفضت ذهابها وحاولت الاتصال بها عدة مرات ولم أستطع واتصلت على عمها وقلت له إذا ما جاءت زوجتي الساعة العاشرة ليلا ترى أطلقها ولم تحضر وأتت إلى البيت الساعة الثانية عشر ليلا وبعد عودتها إلى البيت حصل لغط كبير بيني وبينها في وجود أبنائي وحاولت إخراجها من المنزل إلى بيت أهلها كي أحسسها بالغلط الذي فعلته، وتدخل أولادي في الموضوع تدخل أهلها وتركتها، ولكن ابني يقول لي إني قلت قم خذ أمك أنا طلقتها وهي حرام علي وأنا كل الذي عملته تهديد ولم تكن توجد لدي نية الطلاق، وأنا والله العظيم لا أتذكر إن قلت الكلام الذي قاله ابني حيث كنت بحالة عصبية ومنقهر لخروجها مع علمها برفضي ذهابها، أرجو إفادتي جزاكم الله كل خير.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك لعم زوجتك: إذا لم تأت في الساعة العاشرة أطلقها مجرد وعد بالطلاق لا تعليق له في الظاهر، فلا يقع به ما لم تكن أوقعته.
وأما قولك لابنك: خذ أمك فأنا طلقتها وهي حرام علي طلاق صريح، فيقع عليك إن كنت قلته كما قال ابنك، قال ابن قدامة في المغني: ولو قال: قد طلقتها وأراد به الكذب لزمه الطلاق لأن لفظ الطلاق صريح يقع به الطلاق من غير نية.
وقولك في العبارة: هي حرام علي يحتمل عدة احتمالات منها أن تكون على افتراض نطقك بالطلاق تظن أن الطلاق يحرمها فأخبرت بقولك وهي حرام علي، ويحتمل تأكيد الطلاق فلا يترتب عليه شيء، وإن كنت لا تذكر قصدك به فتلزمك كفارة عند الشافعية.
وبناء عليه؛ فقد طلقت منك زوجتك بما ذكر ابنك إن كنت قلته وأنت في حالة وعي، ولك مراجعتها قبل انقضاء عدتها إن كان ذلك هو الطلاق الأول أو الثاني، ولا اعتبار للغضب ما لم يكن وصل بك إلى درجة فقد الوعي والإدراك، وبما أن تحديد حالتك يترتب على معرفة الواقع فإنا ننصحك بمراجعة أهل العلم.
وللمزيد انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2349، 6142، 12287، 38518.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1429(13/12407)
طلاق الغضبان الذي وصل إلى حد الإغلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحمن
كثيراً ما طلقت زوجتي أثر مشاكل كثيرة تحصل بيننا وكنت أغضب بشكل جنوني لا أحتمل شيئا وأخرج عن طوري وكذلك هي كانت تغضب وتسبني لدرجة أنني لا أحتمل منها ذلك وكنا على خلاف دائم وكثيراً ما كنت أطلقها 3 مرات وأقول أنت طالق طالق طالق، ولكن في النهاية أجد نفسي غضبانا وأن هذا الطلاق بسبب الغضب وأسترجعها ولكن اكتشفت في الأخير أنني مصاب بمس حسد وهي مصابة بمس وأن كل تلك الخلافات بسبب هذا المس الذي يجعلنا نغضب بشكل غير معقول وفي خلاف دائم.. ويوم أمس صارت بيننا مشكلة وقلت (لو خرجت من البيت تعتبري طالقة بدون رجعة) ولكن لما حضر أبوها ورأى حالها قال البنت متعبة وغير طبيعية وأنا أعرف أنها غير طبيعية، المهم قال أبوها لازم أأخذها وأخذها ... وأريد أن أعرف طلاقي في الأيام السابقة هل يقع.. وهل من هو في مثل حالتي مصاب بمس حسد وعصبية شديدة لدرجة أني مرة خنقتها وكانت ستموت.. بين يدي ولا أدري ما هو السبب، وفي الأخير اكتشفت أني مصاب بمس حاسد يسبب بيننا الخلافات فأفيدوني خصوصا أنني من داخلي أحس أني لم أطلقها وأنها ما زلت على ذمتي رغم أني أحلف أنها طالق وأقول: أقسم بالله لو ما جاءت اليوم والله ما عاد ترجع هي بالنسبة لي طالقة ... بصراحة ما أدري عند أي مشكلة تأتي على لساني كلمة الطلاق، فأفيدوني بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن قال لزوجته أنت طالق طالق طالق, فالأمر يختلف باختلاف نيته, فإن نوى التأكيد لطلاقه فإنها تحسب طلقة واحدة, وإن نوى تكرار الطلاق فإنها تحسب ثلاث طلقات.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: فإن قال: أنت طالق طالق طالق. وقال: أردت التوكيد قبل منه؛ لأن الكلام يكرر للتوكيد، كقوله عليه السلام: فنكاحها باطل باطل باطل. وإن قصد الإيقاع وكرر الطلقات طلقت ثلاثا. انتهى كلامه.
وأما بالنسبة لطلاق الغضبان فقد سبق الحديث عليه في الفتوى رقم: 11566.
وخلاصة القول فيه أن من وصل به الغضب إلى حد الإغلاق وفقدان الوعي فإن طلاقه لا يقع, قياساً على المكره والمجنون، ولما أخرجه أحمد وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق.
وبناء على ذلك فإنا نقول:
أولا: ما وصلت فيه حال إيقاع الطلاق إلى هذه الحالة فإن الطلاق لا يقع, وما لم تصل فيه إلى هذه الحالة وكنت مدركا لأقوالك فإن الطلاق يقع.
ثانيا: إذا كانت مرات الطلاق المعتبرة لم تصل إلى الثلاث فيصح لك مراجعة زوجتك ما لم تنته العدة, وأما إذا وصلت إلى الثلاث فلا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك.
وأما قولك لزوجتك (لو خرجتي من البيت تعتبري طالقة بدون رجعة) ، فهذا من الطلاق المعلق ومذهب جمهور العلماء وقوع الطلاق عند حدوث ما علق عليه, وخالف في ذلك ابن تيمية وجماعة من العلماء فقالوا إذا قصد وقوع الطلاق فإنه يقع وإذا لم يقصد وقوعه بل قصد مجرد الزجر والمنع فإن الطلاق لا يقع وعليه كفارة يمين فقط, ولا شك أن الراجح هو رأي الجمهور.
وبناء على ذلك فإن زوجتك بخروجها قد وقع عليها الطلاق ثلاثا وصارت محرمة عليك لا تحل لك إلا بعد أن تنكح زوجا غيرك.
جاء في المغني: وإن قال: أنت طالق لا رجعة لي عليك, وهي مدخول بها، فهي ثلاث. قال أحمد: إذا قال لامرأته أنت طالق لا رجعة فيها، ولا مثنوية. هذه مثل الخلية والبرية ثلاثا، هكذا هو عندي.
وللفائدة في الموضوع تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11566، 12287، 3795، 3273، 2244، 46284.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1429(13/12408)
طلاق من تنتابه نوبات عصبية تفقده وعيه
[السُّؤَالُ]
ـ[طلق قريبي أختي طلقات متعددة مرة واحدة، ومن ثم رجعت إليه ثم طلقها أيضا، وبعدما رجعت إليه أيضا أعاد الطلاق عليها، والطلقات المتفرقة التي سمعتها بأذنها أختكم خمس مرات، ويقول التقرير الطبي أنه لا يعي ما يقول في الحالة العصبية، فهل أختي محرمة عليه فأفتوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الزوج قد طلق زوجته بهذه الطريقة المذكورة في السؤال فالأصل أنه قد بانت منه زوجته، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاحاً ليس فيه نية التحليل ثم يطلقها بعد ذلك، لكن إذا كان هذا التطليق أثناء الحالة العصبية التي ذكرت في السؤال بحيث كان لا يعي ما يقول فإن طلاقه لا يقع لأن هذه الحالة يرتفع التكليف فيها عن الإنسان ويصير غير مكلف، وقد روى أبو داود وابن ماجه وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق. حسنه الألباني. والإغلاق معناه انغلاق الذهن عن النظر والتفكير بسبب الغضب أو غيره.
قال العلامة المرداوي في الإنصاف: ومن زال عقله بسبب يعذر فيه، كالمجنون والنائم والمغمى عليه والمبرسم، لم يقع طلاقه لكن لو ذكر المغمى عليه والمجنون بعد أن أفاقا أنهما طلقا، وقع الطلاق نص عليه ... إلى أن قال رحمه الله: ويدخل في كلامهم من غضب حتى أغمي عليه أو غشي عليه، قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: يدخل ذلك في كلامهم بلا ريب. انتهى..
وللفائدة في الموضوع راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11566، 1496، 110436.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1429(13/12409)
ضابط الإكراه في الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ أنا مريضة نفسيا وعندي اضطرابات نفسية تهدد حياتي وهذا بتشخيص الأطباء، أنا يا شيخ إذا حدثت لي مشكلة مع زوجي تصيبني هذه الحالة، وأبدأ بالصراخ والبكاء وأفقد عقلي بحيث تصيبني حالة غريبة ومخيفة وليس فقط زوجي بل أي شخص يجرحني أو يغضبني، ولكن مصيبتي يا شيخ أنني حينها أطلب زوجي أن يطلقني أو أهدده بأن أفعل مصيبة فيه أو في نفسي أو طفلتي أو أن أصرخ بعالي صوتي وكلها والله خارج عن إرادتي فيطلقني وتكرر هذا الموقف كثيرا..
سؤالي يا شيخ هل أنا فعلا طالق منه علما بأنه طلقني كثيرا وبعضها بالثلاث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا اضطر الرجل إلى حالة يطلق فيها زوجته فإن طلاقه لا يقع لأنه يكون مكرها على إيقاع الطلاق، والمكره لا يقصد الطلاق، وإنما يقصد دفع الضرر المعرض له من قتل أو إتلاف عضو أو ضياع مال، أو حبس.
وصح عن عمر رضي الله عنه أنه قال: ليس الرجل بأمين على نفسه إذا أوجعته أو ضربته أو أوثقته.
وعن ثابت الأعرج قال: سألت ابن عمر وابن الزبير عن طلاق المكره فقالا جميعاًً: ليس بشيء.
وشرط الإكراه أن يكون من قادر على فعله، ويغلب على الظن نزول الوعيد إن لم يجبه إلى طلبه، وأن يكون الضرر المتوعد به مما يستضر به كالقتل والضرب الشديد والقيد والحبس.
فينظر فإن كان الزوج يغلب ظنه عندما تصل بك الحالة النفسية إلى تهديده، إن كان يغلب على ظنه أنك ستفعلين ما تقولينه من إيذائه أو إيذاء ولده أو إيذائك، ولم يجد وسيلة للتخلص من هذا التهديد إلا لفظ الطلاق، فإن الطلاق لا يقع، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 97767.
وإن كان يمكن التخلص من ذلك بوسيلة أخرى كأن يترك البيت ويبتعد عنك وقت تهورك، أو يهدئك بكلام وغيره مما يسكن به نفسك فالطلاق في هذه الحالة يقع. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 96506.
والأولى للزوج في مثل هذه الحالة أن يعٌرض بالكلام بأن يستثني في الطلاق -مثلا- أي يقول: أنت طالق. يقصد أنت طالق يعني من وثاق يعني أنك غير مقيدة بقيد أو نحو ذلك فإن ذلك ينفعه إن شاء الله. وراجعي الفتوى رقم: 68919.
وأخيرا ننصح بطرح هذه القضية على القاضي الشرعي أو مشافهة أهل العلم فيها ليستوضحوا حقيقتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1429(13/12410)
حالات الغضب وأثرها على الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد صار بيني وبين زوجي خلاف وفي لحظة من الغضب الشديد قام زوجي بتطليقي وقال لي أنت طالق طالق طالق ثلاث مرات بعد ما تنازعنا ووصلنا إلى حالة من الهيجان حتى قلت له طلقني، ولكني لم أطلبه وقد قالها بغير شعور من كثرة الغضب ولكني لا أريد الطلاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق، لأن الطلاق غالباً لا يحدث إلا جراء غضب من الزوج، وهناك حالة نص أهل العلم على أن الغضبان لا يقع طلاقه فيها، وهي ما إذا أوصله الغضب إلى وضع يجعله لا يعي شيئاً ولا يتحكم في تصرفاته، فلا يقع الطلاق في هذه الحالة قياساً على المكره والمجنون، يقول العلامة ابن القيم: الغضب ثلاثة أقسام: أحدها: أن يحصل للإنسان مبادئه وأوائله، بحيث لا يتغير عليه عقله ولا ذهنه، ويعلم ما يقول ويقصده، فهذا لا إشكال في وقوع طلاقه وعتقه وصحة عقوده، ولا سيما إذا وقع منه ذلك بعد تردد فكره.
القسم الثاني: أن يبلغ الغضب نهايته، بحيث ينغلق عليه باب العلم والإرادة فلا يعلم ما يقول، ولا يريده. فهذا لا يتوجه خلاف في عدم وقوع طلاقه، كما تقدم.
القسم الثالث: من توسط في الغضب بين المرتبتين، فتعدى مبادئه ولم ينته إلى آخره - فهذا موضع الخلاف ومحل النظر، والأدلة الشرعية تدل على عدم نفوذ طلاقه وعتقه وعقوده، التي يعتبر فيها الاختيار والرضا، وهو فرع من الإغلاق المذكور في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق. انتهى كلامه بتصرف.
فإن كان زوجك وصل به الغضب إلى حال فقد وعيه, فإن الطلاق لا يقع, وإن كان الغضب لم يصل إلى حد الإغلاق وفقد الشعور فالطلاق واقع، ويقع ثلاثاً عند جمهور أهل العلم إن كان يقصد إيقاع طلقة بكل لفظ من الألفاظ الثلاثة، أما إن قصد التأكيد فتقع طلقة واحدة، هذا مذهب الجمهور. وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن طلاق الثلاث واحدة، وللفائدة في الموضوع راجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1496، 3073، 11566.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1429(13/12411)
حكم طلاق الغضبان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أن تقول لي زوجتك أنت طالق وأنت في حالة غضب، والغرض منها أن تهدئ من الوضع بينك وبينها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يصل به الغضب إلى درجة فقد الوعي وذهاب الإدراك فقوله ذلك صريح في الطلاق، وتطلق زوجته منه ولو لم يقصده وقوع الطلاق لكون اللفظ صريحا، والطلاق جده جد وهزله جد.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11566، 20037، 38518.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1429(13/12412)
الغضب لا يمنع وقوع الطلاق المعلق
[السُّؤَالُ]
ـ[غضبت من أحد الزيارات التي تأتيني من أهل زوجتي وقلت لها إن مسكت أختك شيئاً لا يخصها أنت طالق وفوجئت بهذه الكلمة (طالق) قد خرجت من فمي وكنت أعني حاجياتي الخاصة بي مثل حقيبتي وغيرها، فهل يقع الطلاق مع وجود الغضب، وإذا وقع كيف أراجعها، وهل هناك كفارة؟ شكراً وجزاكم الله الخير عنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما صدر منك هو تعليق لطلاق زوجتك على مسك أختها لغرض من أغراضك كما ذكرت، وبناء عليه فمتى مسكت أختها أي شيء مما قصدت فإنه يقع الطلاق في قول جمهور أهل العلم، ويمكنك مراجعتها قبل انقضاء عدتها إن كان ذلك هو الطلاق الأول أو الثاني، والرجعة لا تحتاج إلى عقد جديد بل تكون بمجرد تصريحك بارتجاعها كقولك مثلاً: أرجعتك إلى عصمتي، ونحو ذلك، أو فعلك معها ما يدل على ذلك من تقبيل ونحوه بنية ارتجاعها، وكذا وطؤك إياها ولو دون نية الرجعة على الصحيح، ولا كفارة في ذلك.
وأما الغضب فلا اعتبار له ولا يمنع تعليق الطلاق ما لم يكن وصل بك إلى درجة فقد الوعي والإدراك.. وننبه هنا إلى أن بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية يرى أن من لم يقصد بهذا التعليق إيقاع الطلاق وإنما قصد مجرد الزجر أو التهديد فإنه لا يقع عليه الطلاق، وإنما تلزمه كفارة يمين عن الحنث، وقول الجمهور أقوى وأحوط وهو وقوع الطلاق عند حصول المعلق عليه.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3795، 7665، 12084، 12908، 3073.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1429(13/12413)
لا يزول يقين النكاح بشك الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت منذ فترة أدخل على المواقع الإباحية ولقد تبت عن ذلك والحمد لله والتزمت بديني وقمت بإعفاء لحيتي والحمد لله ولكن السؤال هو: إنني كنت وقتها أريد أن أمنع نفسي من ذلك فكنت أقسم بالله ألا أعود ثم أحنث فقلت علي كفارة يمين بالله ولكنى في إحدى المرات جال بذهني أنه إذا دخلت على هذه المواقع تكون زوجتي.... (تفهم يا شيخ ما أقصده) فأنا موسوس بموضوع الطلاق وكناياته وإذا قمتم بفحص هذا البريد الذي أراسلكم من خلاله لوجدتم أسئلة كثيرة فى ذلك، ولكني لا أعرف هل تمتمت بذلك أم ظل خاطرا في نفسي فقلت لن أدخل على هذه المواقع ولا شيء في ذلك إلا أني اليوم كتبت كلمة بحث عن موضوع هيئات الجماع فكانت أولى النتائج التي ظهرت هي إحدى فتاوى موقعكم الشبكة الإسلامية فقلت في نفسي هل معنى أنى قمت بالبحث عن هذا الموضوع يدخل ضمن البحث عن مواقع إباحية أم لا حيث إنني عندما كتبت هذا العنوان جاء في ذهني أنه يمكن أن تكون النتائج عناوين لمواقع إباحية ولا أدري إن كنت قصدت أن أدخل على المواقع الإباحية أم لا فهل إن كنت قصدت ذلك يكون حنثا أم ماذا.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص الفقهاء على أن الشك في الطلاق لا يقع به الطلاق..قال ابن قدامة في المغني: وإذا لم يدر أطلق أم لا فلا يزول يقين النكاح بشك الطلاق، وجملة ذلك أن من شك في طلاقه لم يلزمه حكمه، نص عليه أحمد وهو مذهب الشافعي وأصحاب الرأي، لأن النكاح ثابت بيقين فلا يزول بشك. اهـ
وعليه؛ فلا تلتفت إلى وساوس نفسك فإن ذلك من الشيطان، على أنه لو افترضنا تلفظك بذلك ثم فرضنا نيتك بما كتبت موقعا إباحيا فإنك لا تحنث إلا بدخول هذه المواقع، علما أن تعليق الطلاق على دخول هذه المواقع هو من قبيل الطلاق المعلق وفي وقوعه عند فعل ما علق عليه خلاف بين العلماء.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17874، 5584، 70594، 51134.
وراجع في طلاق الموسوس فتوانا رقم: 56096.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1429(13/12414)
الغضب الذي لا يقع الطلاق معه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في ذلك طلقني زوجي مع العلم بأنه منفعل وغضبان وليس الغضب الشديد، لكن لا يستطيع منع نفسه ولا ملكها وحتى يرتاح مني حيث إنني كنت أرددها من زمان كأنني مصابة بعين أو شيء مخفي كمرض نفسي حيث إنني كنت كالمجنونة طلبت الطلاق فهو كالغضبان والمكره أقفلت الباب عليه وسببته ومنعته من النوم وأشعلت الأنوار وسحبت فراش النوم منه وضربته بالمخدة وقلت سأخبر أهلك عن أمورك وهددته وقلت له سأذهب عندما تنزل سأنزل معك حتى عند أخيك أو أصحابك فهي كما قال ابن القيم حالت بينه بين نيته وسيندم على أن يستحكم الغضب ويشتد به فلا يزيل عقله بالكلية، ولكن يحول بينه وبين نيته؛ بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال، قال ابن القيم: وهذا محل نظر وعدم الوقوع في هذه الحالة قوي متجه: زاد المعاد وفيه أيضا 3 أنواع من الغضب والنوع المشابه لحالتي هو، الغضب الثاني: اشتد معه الغضب وملكه الغضب ولم يستطع منع نفسه من شدة الكلام الذي سمع أو الفعل كونها مثلاً سبته ولعنته، وهناك مسالة مشابهه للشيخ ابن باز وهي من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة الشيخ م. س. ا. وفقه الله لكل خير آمين. [1] سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده: يا محب اطلعت على شرحكم بذيل كتابي الموجه للأخ هـ. م. برقم (431) وتاريخ 14/3/1393هـ وهذا نص شرحكم المذكور: (حضر عندي الزوج المدعو هـ. م. فسألته عن واقعة الطلاق 3كيف كانت، فأفاد أنه كان في حالة غضب، لكنه ليس بذلك الغضب الذي يفقده الشعور، ولكن كان منفعلا انفعالا زائدا بسبب الكلام الذي أسمعته إياه زوجته، وقد سألت المرأة التي حضرت معه والتي ذكرت أنها زوجته المشار إليها، فصدقت على كلامه وأفادت بمثل ما أفاد به عينا) انتهى.
وبناء على ذلك فقد أفتيت الزوج المذكور بأن طلاقه المذكور غير واقع وزوجته باقية في عصمته إذا حلف لديكم أن ما ذكره لكم هو الواقع؛ لأن الأدلة الشرعية قد دلت على أن شدة الغضب تمنع اعتبار الطلاق؛ لكونها تفقد العبد ضبط نفسه والنظر في العواقب وتجعله بمثابة المكره والملجأ، ومما ورد في ذلك الحديث المشهور الذي خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا طلاق ولا عتاق في إغلاق) وقد فسر جمع من أهل العلم الإغلاق بالإكراه والغضب (أي الشديد) ، شكر الله سعيكم وجزاكم الله عن الجميع خيرا. والسلام عليكم ورحمة الله النبي"قال: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق". وقد فسر جمع من أهل العلم، ومنهم الإمام أحمد الإغلاق بالإكراه، والغضب الشديد.
ومما يقع به الغضب عنده أن تقول الزوجة لزوجها: ما أنت برجل، أو نحو ذلك، وما جرى مجراه؛ فسماحته يقول: مثل هذه الألفاظ تغضب الرجل فأنا استخدمت نوعا من السب نفس ما قال ابن باز وكذلك ابن القيم أريد فتوى من سعادتكم حتى أرتاح وأكون على بينة من أمري والله العظيم إنها مشابهة لحالتي..
السوال الثاني: إذا كانت نفس الحالة هذه في الطلاق زيادة عليها قد طهرت من الدورة في اليوم السابع وهذا وقتها هل ممكن تزيد أو تنقص وقد طلقت في هذا اليوم وعندما ذهبت رأيت كدرة صفراء منها، والله أعلم أفتوني في الحالتين جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما حالة الغضب المذكور فالمفتى به عندنا أنها لا تمنع وقوع الطلاق، وإنما يمنعه الحالة الأخيرة وهي التي يفقد فيها صاحبه وعيه وإدراكه فيغلق عليه حقيقة ويصير كالمجنون والمغمى عليه، وأما شدة الغضب والانفعال فإنها لا تمنع وقوع الطلاق على الراجح لأنها لا تفقد صاحبها الوعي ولأن الرجل لا يطلق زوجته في الغالب إلا في حالة الغضب، وبناء عليه فالذي نراه هو وقوع الطلاق، ولكن للزوج مراجعة زوجته قبل انقضاء عدتها دون عقد جديد ما لم يكن ذلك هو الطلاق الثالث.
وأما الصفرة والكدرة فإن كانت نزلت بعد انقطاع الدم وظهور علامة الطهر من الجفوف أو القصة (الماء الأبيض) فإنها لا تعتبر دم حيض والمرأة طاهر، وأما إن كانت الصفرة أو الكدرة اتصلت بالدم ولم يظهر جفوف أو قصة بينهما فهما من الحيض، وبناء عليه فالاعتبار بالاتصال أو عدمه.. وعلى كل فالحيض لا يمنع وقوع الطلاق على الراجح وهو المفتى به عندنا في الموقع، وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8628، 12287، 12600، 24542، 31013، 8507.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1429(13/12415)
قال لزوجته أنت طالق ثلاث مرات ولم يكن في عقله
[السُّؤَالُ]
ـ[زوج قال لزوجته أنت طالق ثلاث مرات ولكنه لم يكن في عقله فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الزوج مغلوباً على عقله بإغماء أو جنون أو غضب شديد فلا اعتبار لما نطق به من طلاق زوجته، وأما إن كان معه عقله ويعي ما يقول فيلزمه ما نطق به من طلاق زوجته، وننبه إلى أن تكرار الطلاق قد يكون للتأكيد بمعنى أن الثاني والثالث قد يقصد به تأكيد الأول فحسب، فيكون طلقة واحدة، وقد يقصد به إنشاء طلاق أخر فيكون ثلاث طلقات وتبين به الزوجة وتحرم على زوجها على الراجح خلافاً لمن قال طلاق الثلاث لا يكون إلا واحدة فقط، وللمزيد من الفائدة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11637، 9157، 877.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1429(13/12416)
مسائل في الإكراه على الطلاق والخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[حدثت مشادة عبر الهاتف بيني وبين زوجتي أثناء وجودي في الإمارات للعمل، وقد اشترطت أن أشتري لها شقة تمليك في خلال عامين وفي خلال العامين لن نتحدث ولن نتقابل حتى أشتري لها الشقة وإن لما أشتر شقة التمليك بدلا من الإيجار قالت (كل واحد يروح لحاله) ، فسافرت إلى بلدي لعل قلبها يلين، وعرضت عليها أن تسافر معي فرفضت، وذهبت هي وأبوها إلى قسم الشرطة ليجبروني على تسليم الأثاث المكتوب في قائمة المفروشات وهددوني بأن يصل الموضوع إلى النيابة والمحكمة، وأن يتهموا أبي بسرقة المصوغات الذهبية، وبالفعل أحضروا الشرطة واستلموا كل شيء، وطلبوا الطلاق وذهبنا إلى المأذون بعد ضغط شديد من أهلها وهي، حتى أحل الموقف وخوفا من المشاكل والمحاكم، وقد سألها المأذون هل تتنازلين عن شيء، قال أبوها وبعده هي ستتنازل عن المؤخر والنفقة، فقال لها المأذون قولي (إني أبرأت زوجي..من مؤخر صداقي ونفقة عدتي) فقالت، وقال لي قل (إن السيدة ... طالق) فقلت إن السيدة (زفت) تستاهل تفة، وبصقت عليها وسببتها بوابل من الشتائم، فقال لي المأذون قل (فقلت إن السيدة..طالق) فقال لها وقعي فوقعت وقال لي وقع على عدة ورقات فوقعت، وقال انصرفوا، وبعد ثلاثة أيام اتصلت بي زوجتي وتقابلنا ورددتها بالقول وبعض من أفعال الزوجية، وأبقينا الأمر سرا بيننا حتى لا يغضب أبوها، وسافرت مرة أخرى على وعد بترتيب الأوضاع هنا ثم مهاتفة والدها، وبعد فترة ونتحدث تقريبا يوميا على أنها زوجتي وهي قالت إني مازلت زوجتك وأنت زوجي، فوجئت بها تقول إن رجعتنا لا تصح، لأن المأذون كتب على قسيمة الطلاق (طلاق على الإبراء) وهو لم يخبرني ما هو هذا الطلاق وما يترتب عليه ولم أكن أعلم يوماً أن الطلاق فيه بائن ورجعي، فهل أتحمل ذنب ما كتبه المأذون وفراق زوجتي وهدم وتدمير أسرتي وكانت نيتي أن الطلاق يمكنني أن أعيد زوجتي في شهور العدة، هل أتحمل ما كتبه المأذون ويصبح الطلاق بائنا، أم أن نيتي وفعلي يكفيان بأن يكون الطلاق رجعيا، وللعلم قد طلبت من أبيها أن أعيد ابنته فرفض رفضا باتا من باب العناد فقط، بالله عليكم أفيدوني هل هي زوجتي بعد ما حصل أم أنني أرضخ لما كتبه المأذون والذي لم أكن أعلم به نهائياً، وحتى أنها لم تتنازل عن المؤخر والنفقة ما كانت هناك مشكلة لأنها بالفعل أخذت كل شيء، بالله عليكم أفيدوني ... ]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يشترط لمضي الخلع نية الزوج أو علمه بحكمه، ولكنه لا يمضي مع الإكراه. ومن حق من خولعت أن ترجع إلى مطلقها بعقد جديد برضاها، وليس لوليها منعها من ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت أنه حصل عند المأذون من إبراء زوجتك لك من مؤخر الصداق ومن النفقة في العدة ... ثم تطليقك إياها على ذلك هو خلع. والخلع هو فراق الزوج امرأته بعوض يأخذه منها أو من غيرها. وفائدته تخليص المرأة من زوجها على وجه لا رجعة له عليها إلا برضاها وبعقد جديد. وهو جائز بالكتاب والسنة والإجماع، قال تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ. {البقرة: 229} . وقصة ثابت بن قيس في اختلاع امرأته منه ثابتة، رواها البخاري وغيره وأجمعت الأمة على ذلك.
ولا يشترط لمضي الخلع أن ينويه الزوج، بل متى وقع حصلت البينونة.
لكن ما ذكرته من أن زوجتك وأهلها قاموا بإحضار الشرطة والضعط عليك لتطلق، إذا كان قد حصل به إكراه لك على هذا الخلع، ولم يكن لك بد منه فإن ذلك لا يمضي عليك؛ لأن طلاق المكره لا يقع لقول النبي صلى الله وعليه وسلم: لا طلاق في إغلاق. رواه أبو داود وصححه السيوطي، والإغلاق هو الإكراه.
وقد عرف أهل العلم الإكراه كما يلي: يقول ابن حزم في المحلى: والإكراه هو كل ما يسمى في اللغة إكراها، وعرف بالحس أنه إكراه، كالوعيد بالقتل ممن لا يؤمن منه إنفاذ ما توعد به، والوعيد بالضرب كذلك، أو الوعيد بالسجن كذلك، أو الوعيد بإفساد المال كذلك، أو الوعيد في مسلم غيره بقتل أو ضرب أو سجن أو إفساد مال؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه.
ومثله قول ابن قدامة في المغني في شروط الإكراه في الطلاق، حيث قال: فأما الشتم والسب فليس بإكراه رواية واحدة، وكذلك أخذ المال اليسير ... إلى أن قال: وإن توعد بعذاب ولده، فقد قيل: ليس بالإكراه، لأن الضرر لاحق بغيره، والأولى أن يكون إكراها، لأن ذلك عنده أعظم من أخذ ماله، والوعيد بذلك إكراه، فكذلك هذا.
وقال ابن العربي في أحكام القرآن: وقد اختلف الناس في التهديد هل هو إكراه أم لا؟ والصحيح أنه إكراه، فإن القادر الظالم إذا قال لرجل: إن لم تفعل كذا وإلا قتلتك، أو ضربتك، أو أخذت مالك، أو سجنتك، ولم يكن له من يحميه إلا الله، فله أن يقدم على الفعل.
فمن هذا تعلم أنك إذا كنت مكرها على الخلع لم يلزمك.
وأما إذا لم تكن مكرها إكراها حقيقيا فإنك مأخوذ بما صدر منك، وتكون زوجتك قد بانت منك إذا كنت طلقتها على ما أبرأتك منه. ولا يصح لك في هذه الحالة أن ترتجعها إلا بعقد جديد وبرضاها.
ومن ذلك تعلم أن رجعتك لها غير صحيحة، ولكن ما ذكرته من الجهل ينتفي به عنك الإثم، فقد دلت الأدلة الصحيحة على أن الجهل عذر يرفع المؤاخذة في الجملة، ومن ذلك قوله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ {الأحزاب:5} ، وقوله: وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ {التوبة:115} .
ثم ما ذكرته من أنك قد طلبت من أبي المرأة أن يعيدها إلى عصمتك فرفض رفضا باتا من باب العناد فقط ... إذا كنت تقصد من ذلك أنه يعضلها عن النكاح وهي تريده فإن ذلك لا يحل له، قال الله تعالى: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:232} ، وهذا الخطاب موجه للمطلقين وللأولياء، فلا يحق لهم ولا لغيرهم منع المرأة من الزواج إذا كان بالمعروف، أي بعقد حلال ومهر جائز وزوج كفء.
فلها إذا كانت ترغب في العودة إليك أن ترفع أمرها إلى المحاكم الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1429(13/12417)
يقع الطلاق بالإقرار
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت متزوجاً من امرأة وحدثت بيننا مشاكل كثيرة فتركت البيت وذهبت للجلوس عند أخيها وقال لي أخوها أن آتي لمناقشته فذهبت فهددني أخوها ومسك سكيناً بيده وقال إن لم تطلقها اليوم سأقتلك فطلقتها وأنا على غير رضا وكنت مسافراً في اليوم التالي للدولة التي أعمل بها وفكرت ألا أذهب للمأذون لتكميل إجراءات الطلاق ولكني خفت على والدتي وأختي أن يهددني بهم وأنا في سفري فذهبت وأكملت إجراءات الطلاق وسؤالي هو هل شرعاً يعتبر هذا طلاقا أم هو إكراه على الطلاق وهل تعتبر هذه المرأة مازالت على ذمتي وهل إذا كانت مازالت على ذمتي لو تزوجت بآخر هل تعتبر زانية؟ وجزاكم الله خيراً وجعله في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
الطلاق هنا واقع لإقرارك به على نفسك عند المأذون ولست مكرها على الإقرار به، وكان بإمكانك أن تذكر له أنك مكره على الطلاق أو تبلغ الجهات المعنية لدفع ضرر الرجل، أما وأنك لم تفعل وأقررت على نفسك بالطلاق وأمضيته فإنه يلزمك، ولك مراجعة زوجتك قبل انقضاء عدتها إن كان ذلك هو الطلاق الأول أو الثاني.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا يعتبر طلاقا واقعا وذلك بإقرارك بالطلاق على نفسك دون إكراه لما فعلت من توثيق الطلاق عند المأذون. قال الشافعي في الأم: ولو أقر أنه فعل غير خائف على نفسه ألزمته حكمه كله في الطلاق والنكاح وغيره، وقد كان بإمكانك أن تشهد على أنك قد نطقت بالطلاق كرها، وأنك لا تريد الطلاق، وتبلغ الجهات المعنية بما حدث لتكف بأس الرجل وشره عنك، وتصرح عند المأذون بما كان.
أما وقد أقررت عنده بالطلاق فإنه يلزمك والمرأة طالق منك؛ لكن لك مراجعتها قبل انقضاء عدتها دون عقد جديد إن كان ذلك هو الطلاق الأول أو الثاني.
وللمزيد انظر الفتويين رقم: 6106، 36100. .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1429(13/12418)
الغضب العادي يقع به الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل مسحور فكرة الطلاق مسيطرة عليه دائما بأفكاره إلى أن أصبح يبيت نية الطلاق ففي كل مشكلة تواجهه يقول ان الحل الوحيد هو الطلاق وعندما يهدأ يقول الحمد لله لأني لم أطلق لانني غير طبيعي وفي يوم حدثت مشكلة فغضب غضبا عاديا فطلق هل يقع الطلاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن هذا الشخص مغلوبا على عقله بسبب السحر وكان غضبه عاديا فإن طلاقه واقع؛ لأن الغضب المانع من وقوع الطلاق هو الغضب الذي يفقد صاحبه الوعي والإدراك فيصير كالمغمى عليه أو المجنون.
وإلا فالرجل لا يطلق زوجته غالبا إلا إذا أغضبته.
لكن له مراجعة زوجته ما دامت في عدتها دون عقد أو شهود إذا كان ذلك هو الطلاق الأول أو الثاني، وعليه أن يحذر من التلاعب بعصمة زوجته وتعريضها للهدم لئلا يندم ولات ساعة مندم، فليصرف فكره إن عرض له بعض ذلك، وليعلم أنه من الشيطان فإنه لا يفرح فرحا كفرحه حين يفرق بين زوجين، ولمعرفة حكم الطلاق المسحور راجع الفتوى رقم: 93000،
ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 102511، 98335، 36421.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1429(13/12419)
طلاق من لا يدري ما يقول
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الطلاق الذي تم إثر الموقف التالي:
حدث خلاف ومشادة كلامية بين رجل وزوجته، ثم قال الزوج لزوجته سنتحدث غداً، وذهب لينام، وبعد أن نام نوماً عميقاً (حتى أنه كان يصدر شخيراً حسبما روت الزوجة فيما بعد) جاءت زوجته إلى الغرفة وقامت بهزّ جسده بقوة لإيقاظه وهي تقول: قم قم.. طلقني. فقام مفزوعاً وكأن مصيبة في البيت، وفوراً وهو في تلك الحالة من الدهشة قال لها: طالق.. ثم ترك الغرفة وذهب لينام في غرفة أخرى.
فهل تعتبر هذه الطلقة نافذة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الدهشة قد بلغت بهذا الرجل حدا لا يعي فيه ما يقول، فلا يقع طلاقه حينئذ، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا طلاق في إغلاق. رواه أبو داود وصححه السيوطي
قال ابن عابدين الحنفي في رد المحتار. ولا يخفى أن من وصل إلى حالة لا يدري فيها ما يقول كان في حكم المجنون، وأفتى به الخير الرملي فيمن طلق وهو مغتاظ مدهوش؛ لأن الدهش من أقسام الجنون. انتهى بتصرف
وللوقوف على كلام أهل العلم في هذه المسالة وأدلتهم نرجو مراجعة الفتويين التاليتين: 94194، 11566.
أما إذا كان يعي ما يقول حال الطلاق -وهذا هو الظاهر- فإن الطلاق واقع. وإذا وقع الطلاق له مراجعتها في العدة إن كانت هذه الطلقة هي الأولى أو الثانية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1429(13/12420)
طلاق السكران
[السُّؤَالُ]
ـ["يقول علماء إن احتساء كأسين من الخمور يمكن أن يربك تفكير الشارب بشكل خطير. ووجد باحثون من هولندة أن أربعة أعشار واحد في المئة من الكحول في الدم جعل الشاربين على غير وعي بالأخطاء التي يرتكبونها. وقال الدكتور ريتشارد ريدرنكوف من جامعة امستردام، مدير البحث، إن النتائج تفيد بان على الناس أن ينتبهوا لخطر الشرب قبل قيادة السيارة. ووجد الباحثون أن قدرة الدماغ على الاستجابة للمنبهات تتراجع بصورة كبيرة حتى عندما يكون مستوى الكحول في الدم عند 40 ميللغرام في 100 ميللغرام من الدم. وقال مدير البحث إنه أصبح واضحا أن شرب كأس من الخمور يمكن أن يبطئ استجابة الدماغ مما يجعل إمكانية ارتكاب الأخطاء اكبر. وقال الفريق الباحث إن الدماغ بعد الشرب يصبح اقل قدرة على تمييز الخطأ. وفي العادة، عندما يرتكب الشخص خطأ ما فان الدماغ ينبهه للخطأ. ويقول مدير البحث: "بعد الشرب تصبح هذه الآلية ضعيفة." انتهى الاقتباس. في الختام أستميح فضيلتكم عذراً في الإطالة، وما ذلك إلا لوضع الموقف بحذافيره وتفاصيله الدقيقة أمام سماحتكم لمعرفة رأي الشرع، فهل يعتبر الطلاق في الحالة التي ذكرت واقعاً أم لا؟ خاصةً بأن المذكور يؤكد بأنه لم يدخل بيته ليلتها وهو على نية طلاق أبداً، وإنما تصاعد الموقف فتصاعدت معه تأثيرات الشراب حتى بلغ به الغضبُ والسُّكرُ مبلغهما، وانتهى إلى حدَّ الإغلاق، وحدث ما حدث وفق ما ذُكر أعلاه، وهو نادمٌ على ما اقترف أشدَ الندم. وللعلم أيضاً فقد مضى على زواج المذكور قرابة 12 عاما، وله من زوجته أربعة أطفال، وهذه الطلقة هي الثالثة، وفي حال ثبوتها فإن الزوجة تبين بينونة كُبرى كما تعلمون، فالموقف جد حرج.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في فتاوى كثيرة سابقة أن طلاق السكران مختلف فيه بين أهل العلم، والمفتى به عندنا عدم وقوعه إذا غلب على عقله وأغلق عليه. لكن ننبه إلى خطورة شرب الخمر وسوء إثم ذلك وأليم عقابه في الدنيا الاخرة. فعلى من شربها أن يتوب إلى الله عزوجل ويحذر من غضبه ومقته.
وللمزيد انظر الفتوتين التاليتين:
11637، 105325.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1429(13/12421)
طلاق السكران الذي لا يعي ما يقول
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ.. أرجو إفادة فضيلتكم حول مدى نفاذ الطلاق الذي تم إثر الموقف التالي رجل كان يحتسي الخمر في شقة أحد زملائه، وبعد أكثر من ساعتين أخذ معه شيئا من الخمر وذهب إلى صديق آخر ليسلمه بعض الأوراق وخرج وكان يحتسي الخمر بالطريق أيضاً، وقبل وصوله إلى البيت تحدثت إليه زوجته بالهاتف واشتد بينهما الكلام، حيث إنهما ليسا على وفاق تام منذ فترة، ولما وصل إلى البيت حدثت مباشرة مشادة كلامية أخرى بينه وبين زوجته، وما يتذكره أنهما تحدثا لفترة ثم ذهبت إلى غرفة النوم، لكنها عادت بعد قليل وتلفظت بكلام لا يتذكره، فقال لها مباشرة، وقد بلغ به الغضب مبلغه، حتى أنه كانت ينتفض من شدة الغضب، فقال "أنتِ طالق"، واستمر بالمنزل، وبعد هذا الموقف بأسبوع، اتصل بزوجته فأخبرته أنه وعند وصوله إلى المنزل، بعد أن تحادثا بالهاتف، تحدثا مرة أخرى، ثم ذهبت هي، إلا أنها لم تأت من تلقاء نفسها في المرة الثانية، بل قام هو بمناداتها وقال لها (أنتِ تريدين الطلاق.. صح؟ أنتِ طالق) ثم ارتدى ملابسه وخرج.. وفي الحقيقة هو لا يتذكر أنه نادى عليها، ولا يتذكر أنه خرج بعد هذا الموقف.. إلا أنه قام بالاتصال بصديقه الذي كان جالسا في أول الليل عنده فأخبره (أنك خرجت من عندي لساعة ونصف تقريبا ثم عدت مرة أخرى.. وأخبرتني أنك طلقت زوجتك) .. ثم ذكر له شيئا من الحوار الذي دار بينهما فتذكر بعض تفاصيل الحديث الذي دار لاحقاً، لكنه لا يزال حتى لحظة كتابة هذا السؤال لا يتذكر أنه هو من نادى على زوجته أو كيف ذهب إلى صديقه.. وما ذلك إلا من تأثير الكحول.. كما أنه كان وقتها يمر بحالة عصبية مفرطة نتيجة تركه للتدخين الذي كان قد مر عليه خمسة أيام في اليوم الذي حدث فيه الطلاق، فضيلة الشيخ.. كلنا يعلم ما للمُسكر من تأثير على أي قرار.. وأسأل الله التوبة والمغفرة.. وتعلمون كذلك العصبية الزائدة التي يفرزها التوقف عن التدخين، خاصة وأن المذكور كان مُدَخِّنا لسبعة عشر عاماً.. فما بالكم إذا اجتمعا وأعني مضاعفات ترك التدخين وآفة الشراب..! فبعد هذا، أستميح فضيلتكم في معرفة رأي الشرع في الموقف المذكور، وهل يعتبر الطلاق في الحالة التي ذكرت واقعاً أم لا؟ علماً بأنه لم يدخل بيته وهو على نية طلاق، وإنما حدث ما حدث وفق ما ذُكر أعلاه؟ وجزى الله فضيلتكم خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان وصل به السكر إلى حال لا يعلم ما يقول فالراجح عدم وقوع الطلاق، وكذا إن كان وصل به الغضب إلى مثل ذلك. والأولى اعتبار وقوعه مراعاة لمن يقول بذلك من أهل العلم واحتياطاً للدين وإبراء للذمة، وله مراجعة زوجته قبل انقضاء عدتها إن كان ذلك هو الطلاق الأول أو الثاني. ولمعرفة حكم شرب الخمر وإثم متناولها نرجو مراجعة الفتوى رقم: 11637، والفتوى رقم: 23251.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1429(13/12422)
حالات الغضب ومدى أثرها على الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد بعثت إليكم سؤالا برقم 2167472 وقد تفضلتم علي بالإجابة، لكن الإجابة كانت بالنسبة لي غير واضحة فأرجو توضيح الجواب لي إذا كان الطلاق واقعا أم غير واقع، علما بأن خلاصة سؤالي هو غضب لمشكلة ثم غضب لمشكلة وذهول ثم غضب فنطق بالطلاق، علما بأن النطق به كان بسرعة شديدة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتوضيحاً لما سبق من إجابات أحيل عليها الأخ السائل نقول للغضب ثلاث حالات:
حالة تصل بالزوج إلى درجة لا يعي فيها ما يقول، بمعنى أنه يذهل ويغلق عليه عقله، ويتصرف كالمجنون، فلا يقع طلاقه في هذه الحال.
والحالة الثانية: عكس الحالة السابقة أن يكون غضباً عادياً يعي فيه ما يقول ويسيطر فيه على نفسه، ويتحكم في كلامه، فهذا لا شك في وقوع طلاقه.
والحالة الثالثة: هي حالة وسط، بين الحالتين السابقتين، لا تصل إلى درجة الذهول وعدم إدراك ما يقول، ولا هي بحالة الغضب العادية التي يسيطر فيها على نفسه، ويعرف ما يخرج من فمه، بل يكون فيها غاضباً غضباً شديداً مستحكماً لا يذهب بعقله، ولكنه يؤثر على نيته، فهذا وقع فيه الخلاف، والمرجح كما في الفتاوى المحال عليها القول بعدم وقوع الطلاق فيها.
وبالتالي فالأخ أدرى بنفسه وبمبلغ الغضب الذي وصل إليه، وإذا كان لا يستطيع التحديد فليسأل أحد العلماء مشافهة في بلده، أو ليراجع المحكمة الشرعية في بلده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1429(13/12423)
صفة الغضب الذي يوقع الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[زوج حلف بالطلاق ساعة غضب بأن يقتل إخوة زوجته ولكن بفضل الله تعالى لم يكن هذا الأخ موجودا بالمكان أثناء هذا الغضب والسؤال هل هذا الطلاق واقع أم لا؟ أريد الإجابة ولك الشكر.....]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
جمهور الفقهاء على أن الحالف بالطلاق يقع طلاقه على كل حال إذا حنث، والغضب لا يمنع وقوع الطلاق إن كان صاحبه يعي ما يقول، ولا يجوز البر بهذه اليمين التي حلف صاحبها على قتل شخص بغير حق.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عليه جمهور الفقهاء أن الحلف بالطلاق إذا حنث صاحبه يقع به الطلاق، وعلى هذا القول فإن هذا الطلاق واقع بحنث هذا الزوج، وقول الجمهور هو المفتى به عندنا. وذهب بعض العلماء إلى أن الزوج إذا لم يقصد الطلاق لا يقع طلاقه.
واعلمي أن الغضب لا يمنع وقع الطلاق؛ إلا أن يكون صاحبه قد وصل إلى حال لا يعي فيه ما يقول، وينبغي الحذر من الغضب.
ويجب على الزوج الحنث في مثل هذه الحالة، إذ لا يجوز له أن يقدم على قتل إخوة زوجته بغير وجه حق فإن هذا أمر محرم. ولمزيد الفائدة راجعي الفتويين: 36869، 15595.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1428(13/12424)
ضابط الإكراه الذي لايقع معه الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد طلقت زوجتي طلاقاً بائناً بينونةً كبرى في المحكمة الشرعية مضطراً حيث إنها ادعت علي ظلماً أنني ضربتها في المحكمة وأوقفتني في السجن، كما أنها أثقلتني ماديا في المحكمة كي لا أستطيع الحياة إلا في ظل الدين، كما أنها طلبت من المحكمة أن تحجز على راتبي الشهري لاستيفاء مطالباتها المادية بأقساط عالية رغم أنني أدفع لها النفقة بايصالات موقعة منها، لهذه الأسباب ولتخفيف العبء المادي اضطررت مكرها إلى طلاقها ... السؤال: هل يقع هذا الطلاق أم لا، وإن وقع ما العمل؟
وبارك الله فيكم دائماً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 54230 ضابط الإكراه الذي لا يقع معه الطلاق، فإن لم يصل بك الأمر إلى شيء من هذا الحد المذكور بتلك الفتوى وقع هذا الطلاق، وإلا لم يقع، وعلى تقدير وقوعه فإنها لا تحل لك حتى تنكح زوجاً غيرك نكاح رغبة ثم يطلقها أو يموت عنها.
ويمكنك مراجعة الفتوى رقم: 2550.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1428(13/12425)
طلاق الموسوس.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدى الكريم.. أرجو أن يتسع صدرك لسماع مشكلتي فأنا منذ أربعة أشهر أعيش فى ضيق وكدر شديدين ولا أعرف ما السبيل إلى الخلاص من هذه المحنة، أنا متزوج منذ أربعه أعوام وأعيش في سعادة مع زوجتي ورزقني الله بطفل جميل عمره ثلاث سنوات، بدأت مشكلتي عندما قرأت فى كتاب فقه السنه للشيخ سيد سابق أن الطلاق يقع بمجرد التلفظ به ولا يحتاج إلى نيه وأن لفظ الطلاق بالكناية هو الذى يسأل فيه عن نيه الزوج
ومنذ ذلك الحين والوساوس تعترينى فأقول فى نفسى "أنت ... " أو "زوجتي ... " وأنت تفهم الباقي لأني لا أريد أن أكمل الجملة ثم أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم حتى أني أستعيذ أكثر من مائة مرة فى اليوم وبدأت المشكلة تزداد عندما أتحدث مع نفسي أو مع أي شخص فأشك هل أنا تلفظت بهذا القول وأن الطلاق قد وقع أم لا وبدأت فى عذاب لا ينتهى وكذا عندما أتحدث مع زوجتي أو أي شخص وأقول أي جملة أشك أنها من كنايات الطلاق أم لا، بل وبدأت أشك فى نيتي ناحيتها وأبدأ من جديد فى تثبيت نيتي بأني لا أريد الطلاق حتى أني قبل الحديث معها أجدد نيتي ثانيه حتى لا تحدث الوساوس، وقرأت كثيراً من الفتاوى أنه يجب الإعراض عن هذه الوساوس حتى لا تزداد المشكلة، وسؤالي: هل إذا أعرضت عن هذه الوساوس بأن لا أستعيذ من الشيطان فى كل مرة هل هذا الخطأ لأنني أستعيذ كثيراً وأكرر الاستعاذة لأني أشك أنني لم أستعذ بشكل صحيح مما أصبح يشكل عبئاً علي ويركز الموضوع فى ذهني أكثر، وما السبيل إلى تثبيت نيتي وعدم الشك في النية، وكيف أعرف اليقين إذا كنت أشك في كثير من الأقوال أو الألفاظ التي قلتها، حتى أنني اليوم وبعد أن غسلت وجهي في الحمام وردت هذه الوساوس فى ذهني وبعد الخروج من الحمام فبدأت في الشك هل تلفظت بها أم لا، ورغم غلبة ظني أني لم أتلفظ بها بل أظن أني استعذت فى سري بعد ورود هذا الخاطر علي إلا أنني لا أستطيع أن أتوقف عن الشك
أنا أخاف من الله أن أفضح يوم القيامة أو تكون أعمالي حسرات علي يوم القيامة إذا كان الطلاق قد وقع وعيشتي معها حرام، فافتوني وأرشدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأعلم أن ما قرأته في كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق لا يعنيك أنت ولا أمثالك من الموسوسين، فقد استثنى أهل العلم طلاق الموسوس وقالوا إنه لا يقع.
قال صاحب التاج والإكليل: سمع عيسى في رجل توسوسه نفسه فيقول: قد طلقت امرأتي، أو يتكلم بالطلاق وهو لا يريده أو يشككه، فقال: يُضرِب عن ذلك يقول للخبيث صدقت ولا شيء عليه. ابن رشد: هذا مثل ما في المدونة أن الموسوس لا يلزمه طلاق وهو مما لا طلاق فيه، لأن ذلك إنما هو من الشيطان فينبغي أن يلهى عنه ولا يلتفت إليه. انتهى.
وقال ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق: وعن الليث لا يجوز {أي لا يمضي} طلاق الموسوس، يعني المغلوب في عقله، عن الحاكم: هو المصاب في عقله إذا تكلم تكلم بغير نظام. انتهى.
قال الإمام الشافعي في كتاب الأم: ... ومن غلب على عقله بفطرة خلقة أو حادث علة لم يكن لاجتلابها على نفسه بمعصية لم يلزمه الطلاق ولا الصلاة ولا الحدود، وذلك مثل المعتوه والمجنون والموسوس والمبرسم، وكل ذي مرض يغلب على عقله ما كان مغلوباً على عقله. انتهى.
فهذه نصوص صريحة في أن الموسوس غير مؤاخذ بطلاقه، فخذ بها وأرح قلبك، واعلم أن زوجتك ليست مطلقة، وأنك لا تعيش في الحرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1428(13/12426)
لا يقع طلاق المكره
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ فترة أردنا أنا وزوجي الانتقال من البيت الذي نقطنه بالإيجار إلى بيت آخر وعندما شاهدت البيت الجديد لم يعجبني وبينما أحاول إقناع زوجي بعدم السكن فيه حاول إجباري قائلا: علي الطلاق لا أخرج من هذا البيت (الذي ما زلنا نسكنه) إلا إلى هذا البيت (الجديد) أو بيت ملك (أن نشتري بيتا) , وطبعا شراء البيت صعب المنال الآن، وبينما نحن نجهز للانتقال مجبرة على ذلك بسبب يمينه تفاجأنا ان صاحب البيت رفع الأجرة وليس كما اتفقنا فعدلنا عن رأينا ولزمنا بيتنا الذي كنا نقطنه (ولم نكن قد انتقلنا منه بعد) مجبرين بسبب اليمين إذ أن زوجي لم يكن يتوقع حدوث ذلك, وبعد سنة من القصة وبالتحديد هذه الفترة صدر بيان من الحكومة بهدم (تدمير) البيوت التي تقع بجانب السكة الحديدية بغرض تطوير وتوسيع السكة, والعمارة التي نقطنها من ضمن تلك البيوت والآن نحن مجبرين على الرحيل لان الأمر خارج عن إرادتنا والبيت الذي حلف زوجي الطلاق بأن نسكنه قد تم تأجيره فما الحل هل بمجرد خروجنا من البيت وهذا من قبل الحكومة يقع الطلاق فيه مع العلم أن زوجي يقول أنه حلف الطلاق لإسكاتي وإجباري على الانتقال للبيت الجديد ولم يفكر بالطلاق فعلا, ما رأيكم جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحنث زوجك بالانتقال في هذه الحالة لأنه مكره على ذلك، والمكره لا حنث عليه على الراجح من أقوال أهل العلم.
قال المرادوي في الإنصاف: لو حلف لا يفعل شيئا ففعله مكرها لم يحنث على الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب.
وفي روض الطالب: فصل متى علقه أي طلاق زوجته بفعل ففعله ناسيا أو مكرها أو جاهلا لم تطلق.
وقرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في فتاويه قال: ولا يقع طلاق المكره ...
وبناء عليه؛ فلا يلزم زوجك ما حلف به لأنه إنما حلف على اختياره، والمكره لا اختيار له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1428(13/12427)
المرأة زوجة لك بالعقد الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[باختصار أنا طلقت زوجتي بالقوة وانتهت عدة زوجتي, وذلك لأسباب عائلية كبيرة والمشكلة من والدها لا يريدني زوجا لابنته ولدينا طفل عمره 3 سنوات، الآن قمت بإرجاع زوجتي مع اثنين من الشهود وعقد جديد بمهر بدون والد الزوجة، هل يعتبر هذا الزواج صحيحا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح الزواج بغير الولي على الراجح من كلام أهل العلم وهو هنا الأب ما لم يثبت عضله فينتقل إلى غيره من الأولياء أو السلطان على اختلاف في ذلك لإلزام الولي أو النيابة عنه في ذلك، وانظر الفتوى رقم: 5916، والفتوى رقم: 32593.
وبناء عليه؛ فإن كنتما عقدتما دون حضور والد المرأة، فنكاحكما باطل ولا بد من تجديد العقد، علماً بأنه لا يحق لوالد زوجتك منعها من الرجوع إليك، وتراجع الفتوى رقم: 29716.
هذا كله على اعتبار صحة الطلاق ووقوعه، لكن على فرض الإكراه عليه -كما ذكرت- فهو غير واقع، وتكون المرأة زوجة لك بالعقد الأول.
ولمعرفة الإكراه الذي لا يقع الطلاق بحصوله انظر الفتوى رقم: 54230، والفتوى رقم: 40934.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1428(13/12428)
طلاق الغضبان متى يقع ومتى لا يقع
[السُّؤَالُ]
ـ[طلقت زوجتي وأنا في حالة غضب شديد حتى أني ضربتها ضربا مبرحا وكسرت وحطمت في البيت وصرت مجنونا وفجأه قلت لها أنت طالق بالثلاثة، ثم أردفت قائلا أنت طالق طالق طالق وأنا لم أرد الطلاق فهل يقع طلاقي. أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
طلاق الغضبان لا يقع إذا كان لا يعي ما يقول.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت أخي السائل حين تلفظت بما تلفظت به قد بلغ بك الغضب إلى حد أنك لا تعي ما تقول فطلاقك غير واقع والحالة هذه ولا شيء عليك، أما إذا كنت تعي ما تقول فطلاقك إذن واقع وهو على قول الجمهور يقع ثلاثا، وعليه، فإن امرأتك والحالة هذه قد بانت منك بينونة كبرى، ولا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك نكاح رغبة لا تحليل ثم يطلقها، وعلى قول شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم فإن الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة، وعليه، فإذا كانت تلك هي الطلقة الأولى أو الثانية فيمكنك أن تراجع امرأتك ما دامت عدتها لم تنقض، فإن كانت عدتها قد انقضت فقد بانت منك بينونة صغرى ولا ترجع إليك إلا بعقد جديد ومهر جديد، أما إذا كانت هي الطلقة الثالثة فقد بانت منك بينونة كبرى على ما تقدم، واعلم أن قولك بعد ذلك طالق طالق طالق لا يغير في الحكم شيئا لأنها على قول الجهور قد بانت منك بمجرد قولك طالق بالثلاثة، وعلى قول شيخ الإسلام وابن القيم فلا يلزم منه بالإضافة إلى قولك طالق بالثلاثة إلا طلقة واحدة، ونوصيك بالرجوع إلى المحاكم الشرعية في بلدك لتنظر في أمرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1428(13/12429)
التهديد بطلاق الزوجة الأخرى خلق وضيع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة من رجل متزوج ولم يخبر زوجته عن هذا الزواج، وعندما سألته إذا علمت زوجتك ماذا تفعل، هل سوف تقوم بتطليقي لأنها عرفت، فرد علي وقال: لا، والآن قد علمت الزوجة وأحضرت له أهلها وطلب منه تحت تهديد السلاح بأن يمضي على خمس شيكات كل شيك بقيمة 100000 ألف جنيه إذا لم يطلقني فسوف يدخل السجن، فماذا أفعل أو ماذا يفعل فأنا لا أريده أن يطلقني لأنني حامل منه وأحبه؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز للزوجة أو أوليائها الاعتراض على الرجل في زواجه من أخرى؛ إلا لمسوغ شرعي كاشتراطهم عليه عند العقد عدم الزواج من أخرى، ولا يلزمه طلاق زوجته الثانية لأجلهم، وإذا رأى طلاقها حلاً للمشكلة فله ذلك، وعليها هي الرضى بذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن الشرع قد أباح للرجل أن يتزوج أكثر من امرأة فليس لأحد أن يمنعه ما أحل الله له.
وعليه؛ فإن ثبت ما ذكرت من أن الزوجة الأولى وأهلها قد اعترضوا على زواجه منك ولم يكن بينه وبينهم شرط في العقد على عدم الزواج من أخرى فقد أساؤوا بذلك، وأشد منه إساءة تهديدهم له وإلزامهم إياه بالتوقيع على الشيكات المذكورة ما لم تكن ديناً عليه، ولا يلزمه شرعاً أن يدفع شيئاً منها، ولا يلزم كذلك أن يطلقك من أجلهم.
ومما ننصحه به أن يستعين بالله عز وجل أولاً ثم ببعض العقلاء وذوي الوجاهة من الناس ليبينوا لهذه المرأة وأهلها خطأ ما أقدموا عليه عسى أن يعودوا إلى صوابهم، ولا بأس بأن يهددهم برفع الأمر إلى الجهات المسؤولة، إن استدعى الأمر ذلك، ورجا أن يردعوهم عن فعلهم هذا، وإن سدت عليه السبل ورأى أن طلاقك هو الحل فما عليك إلا أن ترضي وتسلمي، ولعل الله يبدلك خيراً منه، قال الله تعالى: وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1428(13/12430)
طلاق الغضب واقع ما لم يفقد صاحبه وعيه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تقع الطلقة في حالة غضب بين الزوجين ولكن تراجعت عنها في نفس اليوم، سؤالي: هل تعتبر طلقة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
طلاق الغضب واقع ما لم يفقد صاحبه وعيه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الطلاق قد صدر في حالة غضب لم يترتب عليها ذهاب العقل فهو لازم ولا يمكن التراجع عنه، وإن كان هو الطلقة الأولى أو الثانية فله مراجعة زوجته، وإن كان الطلاق بلفظ الثلاث مجتمعة، أو متفرقة بقصد إنشاء الطلاق عن كل لفظ فالطلاق واقع عند الجمهور ثلاثا، وتبين منه والحالة هذه بينونة كبرى، ولا ترجع إليه إلا إذا نكحت زوجا غيره نكاح رغبة لا تحليل ثم طلقها، وذهب بعض العلماء إلى أن الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 29234، 17678، 19267، 25839.
وإن كان الغضب قد أذهب عقله بحيث صار لا يدري ما يصدر منه من أقوال أو أفعال فلا يلزم الطلاق في هذه الحالة، وراجع الفتوى رقم: 35727، والفتوى رقم: 12287.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1428(13/12431)
طلاق الغضبان
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت زوجتي إلى منزل أهلها وحين رجعت مرة أخرى وجدتها خرجت من منزل أهلها بدون علمي إلى الحمام ولم أرخص لها في الذهاب إلى الحمام، وحين عادت دخلت معها في مناوشات كلامية ودخلت أمها بيننا فزادت الطين بلة ولم أع ولم أدر ما أقول فقلت أنت طالق بالثلاثة وحين قلتها كنت في حالة من الغضب الأعمى ولم أدر ما قلت، فما حكمها وماذا يترتب علي كي تكون زوجتي لي، ولم يكن لي نية في الطلاق أبداً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأمر على ما ذكرت من أنك قد تلفظت بالطلاق في حال الغضب، ولم تكن تعي ما تقول، وفقدت وعيك تماماً، فإن هذا الطلاق لا ينفذ، وبذلك لا تزال هذه المرأة في عصمتك، وراجع لزاماً الفتوى رقم: 11566، والفتوى رقم: 3073.
وننبهك إلى الحذر من الغضب، فقد يترتب عليه من العواقب ما لا يحمد، وانظر الفتوى رقم: 8038، والفتوى رقم: 10387.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1428(13/12432)
حكم طلاق المكره
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل هددته زوجته إذا لم يطلقها بإيذاء بنته أو بإتلاف عضو منها فطلقها الرجل تحت هذا الضغط طلقة واحدة وهو لا يريد طلاقها, وبعد ذلك ندمت الزوجة على فعلها، السؤال: هل الطلاق في مثل هذه الحالة يقع أم لا يقع، لانّ الرجل كان مهدداً بإيذاء ابنته إذا لم يطلقها, فهو كان مكرهاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الرجل المذكور قد تحقق من كون زوجته ستقوم بإتلاف عضو من أعضاء ابنته ونحو ذلك وعجز عن منعها فقام بطلاقها تفادياً لسلامة ابنته فهذا إكراه شرعي لا يلزم معه طلاق عند الجمهور، أما إذا لم يتحقق من تنفيذ الزوجة تهديدها أو كان يستطيع منعها من الإيذاء المذكور فالطلاق لازم، وإليك التفصيل.
جاء في الموسوعة الفقهية: وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم وقوع طلاق المكره إذا كان الإكراه شديداً، كالقتل، والقطع، والضرب المبرح، وما إلى ذلك، وذلك لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق. وللحديث المتقدم: إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. ولأنه منعدم الإرادة والقصد، فكان كالمجنون والنائم، فإذا كان الإكراه ضعيفاً أو ثبت عدم تأثر المكره به، وقع طلاقه لوجود الاختيار، وذهب الحنفية إلى وقوع طلاق المكره مطلقاً، لأنه مختار له بدفع غيره عنه به، فوقع الطلاق لوجود الاختيار، وهذا كله في الإكراه بغير حق، فلو أكره على الطلاق بحق كالمولي إذا انقضت مدة الإيلاء بدون فيء فأجبره القاضي على الطلاق فطلق، فإنه يقع بالإجماع. وراجع الفتوى رقم: 42393 لمعرفة أن الإكراه بإيلام الولد إكراه معتبر شرعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1428(13/12433)
حكم تطليق الزوجة إذا هددت بالانتحار إذا لم تطلق
[السُّؤَالُ]
ـ[وقع بيني وزوجي مشكلة زوجية ولكن هنالك عدد من العوامل التي ساعدت على تضخمها منها بيتي المكتظ بأشقائي وأشقاء زوجي في شقة 3 غرف حيث هددته بأنني سألقي نفسي من الشباك إذا لم يأت ويطلقني وبالفعل عاد الي المنزل وكان معه شقيقه الأصغر صاحب القرار والذي كان سببا في طلاقي الثاني لاحقا، عاد وطلبت منه الطلاق وطلقني أمام الجميع ولكن بعد فترة قال إنه لم يكن في نيته الطلاق وسأل شيخا ليخبره أنه لا يقع إذا كان تحت تهديد أنني سأنهي حياتي لا سمح الله.
كان وقتها وجدت حبوبا للاكتئاب الحاد، وبعد فترة اكتشفت أن زوجي يعاني مرض الاكتئاب ويتناول أدوية لسنوات وتردد على أطباء وفي المرتين التي طلقني فيها كان تحت العلاج وما يزال علما بأنه رجل ناجح جدا في عمله ...
أرجو إفادتي لأنني امرأة أخاف الله كثيرا ودارسة للقانون وأعرف الأحكام الوضعية تماما، أما الإلهية فلها استثناءات بحسب الاجتهاد والقياس.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر والله تعالى أعلم أن الطلاق الواقع تحت تهديد الزوجة بالانتحار غير معتبر إذا تحقق أو غلب على ظنه أنها سوف تقتل نفسها إن لم يطلقها الزوج فطلقها تجنبا لما ستقوم به من قتلها نفسها، والذي يترتب عليه غالبا الأذى والضرر به هو، فقد وجدنا في الأمثلة التي أوردها أهل العلم للإكراه المعتبر ما هو أخف بكثير مما يترتب على موت الزوجة، من ذلك مثلا أخذ المال وصفع ذوي المروءات وضرب الولد وحبسه ونحو ذلك مما لا يزيد على مشقة موت الزوجة. قال صاحب الإنصاف ما معناه أن كل ما يشق على المكره مشقة عظيمة من نحو تعذيب والد وزوجة وصديق يتجه أن يكون من الإكراه المعتبر شرعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1428(13/12434)
الغضب الذي يوقع الطلاق والذي لا يوقعه
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم شرح معنى الحديث الشريف "لا طلاق في إغلاق " كما أرجو منكم بيان حالة الغضبان الذي لا يقع منه الطلاق وكيف يمكن تمييز درجة تلك الغضب وهل يكون الغضبان فاقدا لوعيه فيما يقول أو أنه لا يذكر ما صدر عنه من أقوال أو أفعال لحظة غضبه، وهل تشترط النية في الطلاق لحظة الغضب أو أنه يقع بمجرد اللفظ المقصود، ساعدوني أرجوكم حيث إنني محتار جدا حيث تباينت آراء المشايخ والفتاوى حول هذه الحالة فمنهم من قال إنه وقع ومنهم، من قال أنه لم يقع للذهول، وما هي بالضبط حالة الذهول؟ ساعدوني بارك الله فيكم لأن هذا الطلاق هو الثالث، أما الطلاقان الأولان فصدرا مني في حالة هدوء تام والذي وقع مني في حالة غضب كان في شهر رمضان قبيل الإفطار وأنا صائم علما بأنني مدخن وأعاني من القلق النفسي.
حيث قمت بضرب زوجتي وشتمها وكسرت الصحن وصدر مني (واستغفر الله عن ذلك) سب الدين
وكذلك لفظ الطلاق، وبعد عدة دقائق هدأت الأمور وعدت إلى رشدي فسألتني زوجتي أهكذا انتهت الحياة بيننا والى الأبد؟ فأجبتها بنعم نعم انتهت، وراجعتها وجامعتها بعد ذلك وأنجبت ولدا وأنا الآن في حيرة من أمري وحرمة أو صحة معاشرتي لها، ساعدوني وأفتوني بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث هو ما رواه أبو داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق. والإغلاق معناه انغلاق الذهن عن النظر والتفكير بسبب الغضب أو غيره، وقد فصلنا القول في ذلك وبينا أحوال الغضب ومتى يقع طلاق الغضبان ومتى لا يقع.. فانظر ذلك في الفتويين: 23251، 11566، ولكن سياق كلامك يؤكد إدراكك لما صدر منك من تطليقها لأنها سألتك بعد ذلك فقلت لها: انتهى كل شيء بناء على تطليقك لها أثناء الغضب، ولو لم تكن تعي ذلك ما أكدت لها الطلاق بل ستتبرأ منه، ولذا فالذي نراه أنها قد طلقت منك بذلك وبانت بينونة كبرى فلا يحل لك نكاحها حتى تنكح زوجا غيرك، وعليكما أن تستغفرا الله عز وجل وتكفا عن بعض لأن عشرتكما محرمة، ولكن الولد ينسب إليك لشبهة بقاء الزوجية والجهل بانتهائها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إذا اعتقد هذا نكاحًا جائزًا كان الوطء فيه وطء شبهة يلحق الولد فيه ويرث أباه. انتهى
وننبهك إلى أن سب الزوجة وشتمها محرم لمنافاته لحسن العشرة ولحرمة سباب المسلم.
كما ننبهك على حرمة شرب الدخان، وللوقوف على أدلة تحريمه وما ثبت فيه من ضرر انظر الفتوى رقم: 1671.
أما سب الدين فإنه كفر يخرج عن الدين إن صدر عن قصد واختيار، كما بينا في الفتويين: 133، 16362،
والله اعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1428(13/12435)
استفت قلبك في الطلقة الثالثة واحتط لنفسك وآخرتك وآخرة زوجتك
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو مساعدتي جزاكم الله خيرا
أنا رجل متزوج منذ خمسة عشر عاما تقريبا سبق وأن قمت بتطليق زوجتي مرتين على فترتين متباعدتين وفي كلا المرتين قمت بمراجعتها خلال فترة العدة الشرعية ولم تخرج من بيتها في كلا المرتين.
حدث بعد ذلك أن قمت بطلاقها وأنا في حالة من الغضب الشديد ولكن ليس الغضب الذي يفقد الإنسان شعوره بالوعي وإنني لا أزال أتذكر كل ما حدث في ذلك الموقف مع أنه مضى على ذلك سنتان تقريبا حيث كان ذلك في شهر رمضان قبيل الإفطار فقمت بتكسير الصحون وبضرب زوجتي وبألفاظ شتم الدين (استغفر الله العظيم)
وقد استمعت لأكثر من مفت بذلك حيث أفتى بعضهم بوقوع الطلاق في حين أن دائرة الإفتاء افتت بعدم وقوعه للغضب والذهول وقد أخذت بالفتوى الأخيرة وأعدت زوجتي خلال العدة الشرعية وأنجبت ولدا بعد ذلك وإنني الآن أعيش في شك مريب من حرمة معاشرتي لزوجتي حيث إن الأسئلة التي وجهت لي من قبل المفتي كانت دقيقة جدا ولست متأكدا من إجاباتي عليها إن كانت دقيقة (فما هو مقياس الغضب والإغلاق) الذي لا يقع معه الطلاق علما بأنني الآن لا أجامع زوجتي لحين أن أتاكد من صحة معاشرتي لها فضلا عن أنني لا أحبها وأكره حياتي معها ولكني مجبر على ذلك من أجل الأولاد، فما هو الحل؟.
أفتوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي أن الطلاق في حال الغضب واقع، بل نقل بعض الأئمة الاتفاق على ذلك، ويستثنى من ذلك الغضب الذي يبلغ بصاحبه مبلغا يفقده التمييز ولا يعي فيه ما يقول، وهذا هو المراد بالإغلاق في الحديث الذي أشرت إليه، ورجح بعضهم أن الإغلاق هو الإكراه، وانظر الفتوى رقم: 39182، والفتوى رقم: 23251، والفتوى رقم: 77274، والفتوى رقم: 30600، والفتوى رقم: 22391. ففيها الجواب عن الإغلاق وعن الطلاق في حالات الغضب، وفيها بيان أقوال أهل العلم في المسألة.
وبناء على ما ذكرته من أن غضبك لم يصل الدرجة التي تفقد فيها الشعور والوعي بما حولك فاستفت قلبك في الطلقة الثالثة واحتط لنفسك ولآخرتك وآخرة زوجتك، فقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: استفت قلبك، البر ما اطمأن إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك. رواه أحمد بسند حسن كما قال المنذري، ووافقه الألباني.
وروى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما معلقا: لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع ما حاك في الصدر.
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين: لا يجوز العمل بمجرد فتوى المفتي إذا لم تطمئن نفسه وحاك في صدره من قبوله وتردد فيها، فإن كان عدم الثقة والطمأنينة لأجل المفتي يسأل ثانيا وثالثا حتى تحصل له الطمأنينة، فإذا لم يجد فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، والواجب تقوى الله بحسب الاستطاعة.
هذا، وننبه إلى أن المسلم عليه أن يبتعد عن أسباب الغضب الدنيوي لما فيه من المفاسد الدنيوية والأخروية المترتبة عليه، وذلك أخذا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني. قال: لا تغضب، فررد مرارا قال: لا تغضب. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1428(13/12436)
من طلق وبان أن به سحر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة منذ سبع سنوات طلقني زوجي مرتين متفرقتين والآن المرة الثالثة وسبب طلاقي هو عصبية زوجي الشديدة الذي أصبح منذ فترة لا يطيق الجلوس في البيت ولا محادثتي في أي موضوع وبعدها تم طلاقنا لأنه أصبح لا يطيقني ولا يحتمل تصرفاتي وبعدها بفترة أخذه صديقه إلى أحد الشيوخ ليقرأ عليه لأن تصرفاته العصبية أصبحت واضحة مع أصدقائه وأهله وبعد عدة جلسات رجع لحالته الطبيعية وقال الشيخ أن هذه التصرفات بفعل سحر أثر على حياته وفعلا شهد الجميع بتغير تصرفاته وبعد فترة وجدنا سحراً في البيت مكتوب فيه "الهم والغم وربط الذكر وعدم الإتفاق مع الأهل......." والآن هو يريد الرجوع إلي فهل تحتسب الطلقة الثالثة وهو في هذه الظروف، مع العلم بأنني لا أريد الطلاق وأنه أيضا غير مواظب على الصلاة أي في الأسبوع مرة وعدة أمور أيضا فأرجو يا شيخنا الإفادة والله على ما أقول شهيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك قد طلقك في حالة وعي وإدراك فطلاقه واقع، وما دامت تلك هي التطليقة الثالثة فإنك قد حرمت عليه وبنت منه ولا تحلين له حتى تتزوجي بغيره، فإذا طلقك الزوج الثاني وأنهيت العدة منه جاز لزوجك الأول الزواج بك بعقد جديد ومهر جديد.
وأما إذا كان طلاقه لك في حالة لا يعي فيها ما يقول وهو تحت تأثير السحر فلا يقع الطلاق الذي صدر في هذه الحالة، قال الإمام البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: وقال الشيخ: إذا بلغ به السحر إلى أن لا يعلم ما يقول لم يقع به الطلاق. انتهى. لأنه لا قصد له إذن. اهـ. وللفائدة انظري الفتوى رقم: 11577، والفتوى رقم: 93000.
والأولى رفع الأمر للمحاكم الشرعية أو مشافهة المفتي للبت في الأمر وللتبين والاستفصال عما ينبغي الاستفصال عنه، هذا فيما يتعلق بالطلاق، وأما تساهل زوجك في أداء الصلاة وتوانيه فيها فانظري فيه الفتوى رقم: 4510، والفتوى رقم: 1061.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1428(13/12437)
الإكراه الملجئ على الطلاق لا يجوز ولا ينفذ
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا أكره الشخص زوج أخته لتطليقها هل عليه وزر بمعنى آخر اشتكت لي أختي أن زوجها لا يؤدي واجب المعاشرة الزوجية في الفراش على الوجه المطلوب منه أي أنه لا يجامعها كثيراً وهي كانت حامل منه، ولكن هذا الجنين سقط فلما سقط طلبت مني أختي أن أجعل زوجها يطلقها فطلبت منه المجيء إلى المنزل وأمرته بالطلاق وقلت له سأقتلك إن لم تطلقها فهل علي ذنب وما كفارته وهل سيأخذ زوج أختي الذي طلقها بالفعل من حسناتي يوم القيامة، مع العلم بأني بفضل الله مواظب على الصلاه في المسجد ومطلق لحيتي وتزوجت منذ فترة من امرأة غير مسلمة وأقنعتها بالإسلام وبالفعل أسلمت وأواظب على الخروج في سبيل الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قمت به من إكراه زوج أختك على تطليقها لا يجوز، وعليك أن تتوب إلى الله تعالى، وتطلب منه مسامحتك والعفو عنك قبل يوم القيامة، ففي الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم: من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو شيء فليتحلله من قبل أن يؤخذ منه حين لا يكون دينار ولا درهم، فإن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإلا أخذ من سيئات صاحبه فحملت عليه. رواه البخاري.
فإذا كان المخبب وهو الذي يسعى بالحديث والنم بين الزوجين للتفريق بينهما يلحقه الإثم والوعيد الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. أخرجه أحمد وابن حبان.
فما بالك بمن يُكرههما أو أحدهما على ذلك، هذا مع ما في ذلك الفعل من إيذاء المسلم المحرم بغير حق، وقد كان لأختك أن تخالعه أو تسأله الطلاق إذا كان يلحقها الضرر بضعفه الجنسي فلا يعفها عن الحرام، ولها رفعه للقضاء إذا شاءت ليحكم بينهما بما يراه، ونحو ذلك من السبل المشروعة لحل مثل تلك المشكلة، وأما إكراهك أنت إياه على الطلاق فلا يجوز، ومع كونه لا يجوز لا يفيد، فإن الزوج إذا طلق مكرهاً بدون رضاه، فإنه طلاقه لا يقع، لأن الإكراه من موانع جريان أحكام التكليف التي لا يؤاخذ المرء معها بأقواله وأفعاله، بشرط أن يكون الإكراه ملجئاً، وهو ما كان من قادر وخشي منه تلف نفس أو عضو أو مال ونحوه على ما بيناه في الفتوى رقم: 42393، والفتوى رقم: 54230.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1428(13/12438)
حكم من ظن أنه طلق
[السُّؤَالُ]
ـ[الشكر الجزيل لموقعكم الرائع وبارك الله في جهود القائمين عليه،
هل يكفي غلبة الظن في وقوع الطلاق؟
وما حكم الشخص الذي لا يستطيع الوصول إلى اليقين في كثير من الأفعال هل صدرت منه أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فغلبة الظن تكفي في وقوع الطلاق، فمن غلب على ظنه أنه طلق زوجته وجب عليه أن يفارقها لأن العبرة بالظن الغالب فيجب العمل به ولا يشترط اليقين، وهذا في أغلب الأحكام الشرعية والتعبدية، قال صاحب غمز عيون البصائر وهو حنفي: وغالب الظن عندهم يلحق باليقين ... وصرحوا في الطلاق بأنه إذا ظن الوقوع لم يقع، وإذا غلب على ظنه وقع. اهـ.
وقال الدسوقي وهو مالكي: وأما إن ظن أنه طلق وقع عليه. اهـ
ومثل ذلك أغلب الأحكام الشرعية فيكفي في لزومها أو براءة الذمة منها غلبة الظن؛ كما قال العلوي في مراقيه: بغالب الظن يدور المعتبر
إذن فلا يشترط اليقين، وتكفي غلبة الظن، هذا في حق من عمل عملا أو قال قولا ولم يستطع الوصول فيه إلى اليقين، إلا إذا كان موسوسا فهذا يصعب عليه بل ربما يستحيل في حقه الوصول لغلبة الظن. ولذا قال بعض أهل العلم يعمل بأول خاطر، قال ابن مفلح في الفروع: ومن شك في عدد الركعات أخذ باليقين، اختاره الأكثر، منهم أبو بكر وم ش وزاد يبني الموسوس على أول خاطر، كطهارة وطواف. ذكره ابن شهاب وغيره. اهـ. وذكره صاحب المحرر. وفي التاج والإكيل: قال ابن بشير في الموسوس: يبني على أول خاطريه إن سبق إلى نفسه أنه أكمل وضوءه أو أنه على وضوئه فلا يعيد، وإن سبق إلى نفسه أنه لم يكمل أعاد ولأنه في الخاطر الأول مشابه للعقلاء، وفي الثاني مفارق لهم. وقيل: لا يلتلفت إلى شكه فوجوده كعدمه نص عليه ميارة، وأما طلاقه فما جزم به منه ولم يكن مغلوبا على عقله فإنه يقع ولا يلفت إلى ما سوى المجزوم به مما توسوس به نفسه فلا يقع، قال العبدري: وسمع عيسى أيضا في رجل توسوسه نفسه فيقول قد طلقت امرأتي أو يتكلم بالطلاق وهو لا يريده أو يشككه، فقال: يضرب عن ذلك ويقول للخبيث: صدقت، ولا شيء عليه، ابن رشد هذا مثل ما في المدونة أن الموسوس لا يلزمه طلاق وهو مما لا طلاق فيه لأن ذلك إنما هو من الشيطان فينبغي أن يلهى عنه ولا يلتفت إليه كالمستنكح في الوضوء والصلاة فإنه إذا فعل ذلك أيس الشيطان منه فكان ذلك سببا لانقطاعه عنه إن شاء الله. وعبارة التهذيب: من لم يدر أحلف بطلاق أو غيره أمر من غير قضاء، وكذلك إن حلف بطلاق ثم لم يدر أحنث أم لا أمر بالفراق، وإن كان ذا وسوسة في هذا فلا شيء عليه. اهـ
وأما الموسوس المغلوب على عقله فلا يلزمه طلاق ولو نجزه لأنه في حكم المجنون، قال ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق: وعن الليث لا يجوز طلاق الموسوس يعني المغلوب في عقله، عن الحاكم هو المصاب في عقله إذا تكلم تكلم بغير نظام. اهـ، وانظر الفتوى رقم: 56096.
إذن فالشخص العادي لا يلزمه الوصول لليقين وإن استطاع الوصول إليه فهو أولى، والموسوس العادي لا يلتفت إلى ما فات وما يشك فيه من عبادته أو غيرها، وله العمل بأول خاطر كما قيل، وإن كان لا يجب على المرء أن يتذكر أفعاله وتبقى حاضرة دائما، قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى: ولا يجب على أحد أن يتذكر ما مضى من عبادته وإن قرب العهد به حتى أنه لا يجب عليه أن يتذكر البسملة بعد أن صار في الحمد لله رب العالمين، وكذلك لا يجب عليه أن يتذكر الركوع بعد صيرورته في الاعتدال وما أشبه ذلك. اهـ
ثم إننا ننبه السائل الكريم على أن أمور الطلاق خصوصا ما كان منها صادرا من مصاب بالوسوسة لا ينبغي أن يبت فيها إلا المحاكم الشرعية لأنها هي التي تستطيع أن تستفصل من الشخص وتسمع منه كل ما صدر منه، وتنظر في أحوال وملابسات الأمر، فعليه أن يرجع إلى المحاكم الشرعية.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1428(13/12439)
من يريد الزواج بأخرى والقانون يلزمه بطلاق الأولى
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني الكرام جزاكم الله خيرا على هذه الخدمة خير الجزاء
1- زوجني أبي ممن لا أحب ولغرض في نفسه والزوجة هذه أخت لزوجته وهذا أعتبره احتيالا في حق الأبناء - نزع مني ما أحب وزرع ما يحب هو لمنفعته، بعد مدة قصيرة من دخولي على هذه المرأة عرفت السبب الذي دفع أبي لزواجي بأخت زوجته وأسرعت في الحمل حتى تتمكن مني هناك فكرت في أن لا أرجع إليها وأقسمت بأن أتزوج من أحبها أنا لا هم، ومنذ ذلك الوقت وأنا مشغول في بالي بهذه الفكرة أي البحث عمن تناسبني ولكن أحتفظ بالزوجة المفروضة علي لأن لدي منها أبناء وأنظر إليها بعين الرحمة والله العظيم ما أردت أن أشعرها حتى بكلام يجعلها تتألم ودائما أعاملها كأني أحبها لكي لا تشعر بنقصان أو ما شابه والسبب هو أنها مسكينة مطيعة وقد سبق أن عذبتني ثلاث سنوات وحرمتني حتى من النوم معها ورغم ذلك أنظر إلى وجهها وأقول ما العمل يا رب ولدي منها آنذاك بنتان وأطلب من الله أن يجعل ما فعلته لأجلها عنده. وبعد مدة من البحث لأن التي كنت أردتها تزوجت وجدت بنتا أطلب الله أن تكون ذات خلق وطاعة لله ورسوله وقد أحببتها من قلبي وطلبتها من أبيها وافق والدها بعد مد وجزر والآن أريد منكم أن تفيدوني بما هو شرعي جزاكم الله خيرا،
كوني أقطن في بلجيكا والقانون يمنع التعدد في الغرب ولم أرد أن أدخل فيما هو حرام أو يجعلني في موقع زنا مع الزوجة الأولى وفكرتي هي أن أعقد القران في البلد الأصلي بشكل صحيح وأما في بلجيكا لا بد من الفراق حتى أتمكن من الحصول على الدخول للثانية وهذا الفراق ليس من قلبي بل خارج عن إرادتي ولا أحب حتى االتلفظ بالطلاق والله هو الشاهد على ما أقول ولا أفرط في الزوجة الأولى بأي حال من الأحوال وسوف تبقى معي إلى أن يأخذ الله الأمانة حفاظا عليها وعلى أبنائي منها وأشهد الله على ما أقول
* إني والزوجة الأولى مرغومين بالقبول لصالح والدي وأختها في خدمة أبنائهما *
ما الحل في نظركم
إنني لا أستطيع البقاء بدون الثانية لأن قدمي بدأت تنزلق بعد مدة طويلة جدا من الصبر والعناء النفسي أفيدوني أفادكم الله إنه غلط الآباء الذين يزوجون أبناءهم رغما عن أنفسهم أو بطريقة ما وتقع المشاكل والتفرقة وضياع الأبناء أما ما أفعله هو أن أحتفظ بها ولا ينقصها شيء إن شاء الله وكما هي الآن وأطلب الله أن يعينني عليهما بالحكمة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان قانون الدولة التي تقيم بها يلزمك بإثبات طلاق زوجتك الأولى ليسمح لك بالزواج من الثانية فلا حرج عليك في عمل ذلك ولا يكون طلاقا لكن شريطة أن تسترعي عددا من الشهود، والأولى أن يكونوا أربعة فأكثر، أن ما تتلفظ به أمام المحكمة لا تقصده ولا يلزمك وإنما ألجئت إليه، وقد فصلنا القول في ذلك في الفتوى رقم: 36100
وإن كان هذا هو الطلاق الأول أو الثاني فيمكنك أيضا أن تطلقها طلقة واحدة أمام المحكمة لعمل الإجراءات القانونية، ثم تراجعها وهي في عدتها دون عقد. وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 8621
فلك عمل إحدى الطريقتين لتبقي على زوجتك الأولى وتعمل الإجراءات القانونية التي يلزمك عملها في مثل ذلك.
وننبهك إلى أن التعدد مباح في الشريعة لكن بشروط ومقتضيات بيناها في الفتوى رقم: 1469
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1428(13/12440)
ماهية الغضب الذي لا يقع به الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة منذ أربعة عشر سنة تقريبا ولدي طفلان, كنت أعيش مع زوجي في سعادة واستقرار, فزوجي رجل طيب ومتدين, إلى أن وقعت بعض الخلافات بيننا تشملها سوء التفاهم والغيرة المبالغ فيها وعندما يكون في أشد غيظه يتلفظ بكلمة "أنت طالق" وأحيانا يقول "أنت مطلقة مطلقة مطلقة" هكذا ثلاث مرات, وقد كرر هذا مرات عديدة وكان بعد كل مرة إما يهجرني في الفراش مدة تصل إلى شهرين أحيانا وكان في هذه المدة يقيم معي في البيت لكن في الليل ينام عند أهله وبعدها نتصالح ونتعاشر فيما بيننا, وإما نتصالح سريعا. مشكلتي الآن هي أن زوجي كثير الوسواس ويعتقد أنني الآن محرمة عليه شرعا مع أننا استشرنا عدة فقهاء في هذا الأمر وأجمعوا على أن الطلاق غير ثابت لأنه كان في لحظة غيظ, وقد أحضرنا عالما متفقها إلى البيت وقد حاول إقناعه وقرأنا الفاتحة لكن دون جدوى, فهو يقول إنني لا زلت محرمة عليه, حاولت اقتراح بعض الحلول كالطلاق رسميا ثم إعادة الزواج لكنه رفض بحجة أن هذا حدث أكثر من ثلاث مرات, يعني أنني يجب أن أنكح أحدا غيره يعني يلزمني محلل وهو رافض هذه الفكرة تماما لشدة الغيرة وأنا أيضا لا أستطيع فعل ذلك لأنني أحب زوجي إلا إذا تم عقد الزواج دون أن أرى هذا الشخص, فأنا الآن في مشكلة كبيرة لا أعرف ماذا أفعل خصوصا أن زوجي الآن يطلب مني أن أعيش معه لكن دون معاشرة وكل واحد منا في غرفة لوحده لأنه يحبني ولا يستطيع الاستغناء عني وعن أطفاله, لكني أرفض هذه الفكرة تماما.
إني أعيش في دوامة وحيرة شديدة وألتمس منكم ان تعطوني حلا يقنعني ويقنع زوجي لأنه شديد الوسواس, سأنتظر ردكم في أقرب وقت ممكن وجزاكم الله ألف خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الجواب عن الطلاق في حالة الغضب، وأنه واقع إذا لم يبلغ الغضب بصاحبه عدم إدراك ما يقول، فراجعي فيه الفتوى رقم: 23251.
فما ذكرته عن زوجك من أنه عندما يكون في أشد غيظه يتلفظ بكلمة "أنت طالق" و"أنت مطلقة مطلقة مطلقة" ثلاث مرات، إذا كان يقول هذه الكلمات وهو في درجة من الغضب لا يعي معها ما يقول فإن الطلاق لا يقع منه.
وإن كان يقولها وهو في درجة إدراك فإن الطلاق يكون واقعا منه، وهو ثلاث طلقات إذا كان يقوله بالصيغة التي بينتها في السؤال.
ومعنى ذلك أنه قد حصلت بينك وبينه بينونة كبرى عند أول مرة قال فيه ذلك اللفظ؛ لأنك ذكرت أنه يكرر الطلاق ثلاث مرات، وجمهور أهل العلم على أن ذلك يكون ثلاث طلقات.
ولو أخذنا برأي من يقول إنه طلقة واحدة –وهو شيخ الإسلام ابن تيمية ومن معه- فإنه إذا صدر منه هذا اللفظ في ثلاثة أوقات تحصل بعد كل منها رجعة، فإن إجماع أهل العلم على أن الثالثة تكون بينونة كبرى.
وقد علمت من هذا أنك لا يمكن أن تحلي لزوجك إلا بعد أن تنكحي زوجا غيره، ويدخل بك الزوج الجديد، لما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني كنت عند رفاعة فطلقني فبت طلاقي، فتزوجت عبد الرحمن بن الزبير وما معه إلا مثل هدبة الثوب. فقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك.
مع العلم أنه لا يصح أن يتزوجك ذلك الزوج بنية التحليل، وإن فعل فإنك لا تحلين للمطلق.
وهذا كله على تقدير أن الطلاق كان يصدر من زوجك في حالة يدرك معها ما يقول، (وهو ما توحي به عبارات السؤال) ، وأما إذا كان لا يدرك شيئا مما يقول فقد علمت أن الطلاق لا يقع في تلك الحالة، وننصحك وإياه بالرجوع إلى المحاكم الشرعية في بلدكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1428(13/12441)
حكم من ادعى أنه طلق تحت تأثير السحر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت متزوجة من حوالي 3 سنوات فى أول شهر زواج طلقني زوجي طلقة ومنذ حوالي 5 شهور طلقني طلقتين وتم الطلاق بيننا وثبت فى قسيمة الطلاق بأنه طلاق بينونة كبرى، ولكني فؤجئت به الآن يقول إنه اكتشف ان آخر طلقتين كان مسحورا فيهما، فهل لا تقع آخر طلقتين أم وقعتا وإن لم تقعا فكيف يحل الموضوع خصوصاً أن قسيمة الطلاق بها طلاق بينونة كبرى، فهل يمكن التعديل فيها (مع العلم بأني أول مرة أسمع عن طلاق المسحور) ، فرجاء الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص في حالة فقد وعي، بحيث لا يدري ما يقول أو يدري ما يقول ولكنه يجد نفسه مجبراً على التلفظ بلفظ الطلاق بسبب سحر أثر على عقله تأثيراً يجعله غير قادر على التحكم فيما يصدر عنه من ألفاظ أحرى إذا كان السحر قد أتى على عقل الشخص فأذهبه وأطاح بتفكيره فإنه لا يقع منه طلاق في الكل؛ لأنه إما مثل المكره، وإما مثل المجنون والمعتوه والمغمى عليه.
وإن كان يعي ما يقول ويملك نفسه فهو مؤاخذ بما يتفوه به، شأنه في ذلك شأن الأصحاء.
فلينظر زوجك في حاله وقت إيقاعه الطلاق وتلفظه به.. هل كان مغلوباً على عقله لا يعي ما يصدر عنه فلا يقع طلاقه؟ أم يعي ما يصدر عنه؟ فيحسب عليه ولا ينفعه كونه كان مسحوراً أو غير ذلك؛ لأن العبرة بالوعي والإدراك، لا بما في قسيمة الطلاق أو غيرها.
فينبغي أن يراجع المحكمة الشرعية في بلده ويعرض عليها ذلك، ثم هي تحكم بما تراه وتغير ما في ورقة الطلاق السابقة أو تقره وتثبته بناء على ما يثبت لديها من خلال الدعوى والبينة.
وعليه أن يتقي الله تعالى فيما يدعيه، ويعلم أن حكم القاضي وفتوى المفتي لا تحل حراماً ولا تحرم حلالاً، فلو حكم له القاضي وأفتاه المفتي بعدم وقوع الطلاق منه بناء على بينة دفع بها وهي خلاف الواقع فإن ذلك لا يغير الحكم في الحقيقة، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئاً بقوله، فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها. رواه البخاري. وللفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 11577.
وننبه إلى أن إيقاع أكثر من طلقة واحدة في لحظة أو قبل انقضاء العدة قد اختلف أهل العلم في حكمه.. فذهب الجمهور إلى وقوعه واحتسابه، وبناء عليه فإذا كان زوجك قد تلفظ بالتطليقتين في آن واحد أو أوقع الثانية قبل انقضاء عدتك من التي قبلها فإنهما تحسبان تطليقتين وتبيني منه بهما لأنه قد أوقع قبلهما طلقة -كما ذكرت- ولا تحلين له بعد ذلك حتى تنكحي زوجاً غيره، وهذا على اعتبار أنه كان في وعيه حين أوقع الطلاق، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية على أن من أوقع أكثر من طلقة في آن واحد أو قبل انقضاء العدة فإنه لا تحسب عليه إلا طلقة واحدة، لأن ما بعدها طلاق بدعة فهو مردود غير نافذ.
وحكم القاضي الشرعي يرفع الخلاف، فما حكم به من القولين لزم العمل به. وللفائدة انظري الفتوى رقم: 5584.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1428(13/12442)
النطق بالطلاق ثلاثا عند الغضب
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي أنه وقع لي خصام مع زوجتي لدرجة أننا لم نكلم بعضنا لمدة. وعندما عاودنا الكلام حاولنا مجددا حل المشكلة إلا أنه وقع جدال آخر جعلني أفقد صوابي وأنطق بكلمة الطلاق حيث إنني كررتها ثلاث مراث. وبعدها بمدة تصالحنا وعاد الماء إلى مجراه. أرجو منكم أن تخبروني هل استمرار الزواج بعد النطق بالطلاق جائز؟ وشكرا. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 1496، حكم طلاق الغضبان، كما أن الطلاق الثلاث دفعة واحدة يقع ثلاثا على قول جمهور أهل العلم، وخالف في ذلك بعض العلماء وقال بأنه طلقة واحدة، وتفصيل هذا الخلاف في الفتوى رقم: 5584.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1428(13/12443)
الإكراه المعتبر الذي لا يقع به الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[طلقت زوجتي مرتين خلال عشرة أعوام وتزوجت عليها بعد عشرين عاما فطلبت الطلاق فرفضت وأصرت بانفعال وصوت عال حتى تدخل الجيران لتهدئتها وهدأت وفي اليوم التالي أصرت أيضاً على الطلاق فقررت الخروج من المنزل حتى تهدأ، ولكنها قطعت علي الطريق وأصرت أن أطلقها ومن ثم أخرج، وكان ذلك بانفعال وصوت عال وخوفاً من الحرج ولتهدأة الوضع قلت لها أنت طالق أي للمرة الثالثة، ولم يكن في نيتي أصلاً أن أطلقها، وكنا كل فرد في حاله كمطلقين وبعد فترة تعقلت وبما أنني أخاف الله عز وجل طلبت منها أن نستفتي أهل الدين وكانت النتيجة متضاربة بعضهم يؤكد أن الطلاق واقع والبعض يقول أنه طلاق إكراه، وأنا في حيرة من أمري، ومرت الآن أربعة أشهر وأنا لا أعرف في أي رأي أثق وأي نصيحة أتبع آمل أن تفيدوني أفادكم الله حتى لا أظلم زوجتي ولا أظلم نفسي؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما حصل من زوجتك، لا يصل إلى حد الإكراه المعتبر شرعاً والذي يمنع وقوع الطلاق، فالإكراه المعتبر إنما يكون بالتهديد بالحبس الطويل أو الصفع ونحو ذلك، قال في أسنى المطالب شرح روض الطالب: فصل في حد الإكراه: وذكر أن الإكراه يختلف باختلاف الأشخاص والأسباب، وأنه يكون بالتخويف بالحبس الطويل والصفع للمكره ونحو ذلك. انتهى.
أما لمجرد الحرج من الجيران ونحو ذلك، فهذا ليس من الإكراه المعتبر وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 72802.
وحيث إن هذه الطلقة هي الطلقة الثالثة فقد بانت منك المرأة، ولا تحل لك حتى تنكح زوجاً غيرك، وننصح بمراجعة المحكمة الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1427(13/12444)
لا يقع الطلاق بمجرد حديث النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من حضرتكم تحويل هذا السؤال إلى السادة المفتين حيث أحاول إدخاله من مكان أسئلة الفقه ولكن هناك رفض حيث يأتيني الرد بأن هناك أسئلة مشابهة
السادة العلماء الأفاضل: لي سؤالان
السؤال الأول:
صاحب لي يقول لم لا تعاشر زوجتك وقد قال لك العلماء إنها لم تطلق فقلت له: (أعتقد أنها محرمة أو أنها حرمت والإنسان حسب ما يعتقد) فهل هذا الكلام مني يعتبر طلاقا؟ ثم رجعت إلى نفسي وقلت: (طالما تعتقد أنها محرمة فإنها تكون محرمة) فهل هذا الكلام الذي بين القوسين مني يعتبر طلاقا أيضا؟
ملحوظة كلام صاحبي هذا متخيل بمعنى أنه لم يكن مواجها لي في الكلام بل أنا الذي تكلمت ورددت على نفسي
السؤال الثاني:
طاف داخل ذهني كأني طلقت زوجتي بناء على أسئلة سألتها في الطلاق فقلت: (أنا عملت ما علي ولكنها لم تنفع أي زوجتي) فقلت أسال عن حكم هذه العبارة التي بين القوسين ثم تخيلت الشيخ الذي سوف أسأله
فقلت: (كأني طلقت زوجتي فقلت أنا عملت ما علي ولكنها لم تنفع أي زوجتي) أي كأني أعد السؤال فهل هذا يعتبر طلاقا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه العبارات المسؤل عنها لا يقع بالتلفظ بها طلاق، إذ ليس هي من صريح الطلاق ولا من كنايته، وإذا كانت مجرد حديث نفس فلا يقع بها طلاق من باب أولى، لأنه قد عفي لهذه الأمة ما حدثت به نفسها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به نفسها ما لم تتكلم به أو تعمل. رواه النسائي والترمذي. وفيما يبدو أن الأخ يعاني من الوسواس، فلتكثر من الاستعاذة بالله تعالى من شر الوسواس الخناس، ومن قراءة المعوذتين وتلاوة القرآن والمداومة على ذكر الله تعالى، وعليك الإعراض عن هذه الوساوس. وراجع الفتوى رقم: 56096.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1427(13/12445)
شروط وقوع الطلاق كتابة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة حصلت مشاكل وطلب الأهل الطلاق وحصل الطلاق غصبا عنه وعني واعتبرتها الطلقة الأولى ثم بعد فترة رجعنا لبعض في فترة العدة وحصلت مشكلة أخرى وكان غاضبا جداً فكتب لي الطلاق في ورقة ورجعني الصباح بكتابه في نفس الورقة ولم أعرف أهو جاد أم لا، وأنا اعتبرتها الطلقة الثانية وهو يقول إن الطلاق حالة الغضب الشديد لا يقع، ولكني اعتبرتها الطلقة الثانية، ثم حصلت مشكلة أخرى وطلبت أنا الطلاق وطلقني وقال إنه طلقني على طلبي ولم يكن يريد أن تزيد المشاكل وقد تنازلت في وقتها على كل ما عندي له وتنازل على ما عنده لي ولم أعطه شيئا وحصل الطلاق وفي داخلي لم أكن أريد الطلاق، ولكني رأيت أنه لا بد منه في ذلك الوقت وحصل بناء على طلبي، ثم رجعني في فترة العدة برضائي وعلى الورق فقط، وأنا الآن أريد أن أرجع له ولكني أخاف فهل أنا ما زالت محللة له أم لا، فهو يقول لي إنني ما زلت لأنه كان مجبراً على الطلاق، ولم يطلق ولا مرة وهو يريد الطلاق، وإن كان الطلاق حصل بغير رضاه وإن كان الطلاق السابق مجازاً ممكن واعتباره طلقتين وأنه يمكنني العودة بمهر جديد أفتوني، فأنا أريد أن أرجع له ولكني أخاف الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسائل الطلاق وما شابها مما يترتب عليه حقوق للآخرين مردها إلى المحاكم الشرعية، ولهذا فإننا في كل مسألة طلاق، نحيل بعد بيان الحكم الشرعي إلى المحكمة الشرعية في الغالب، لا سيما إذا كان في المسألة خلاف، ونقول للأخت السائلة بشأن الطلقات الثلاث ما يلي:
- أما عن الطلقة الأولى التي وقعت بإكراه الزوج عليها، فإذا كان هذا الإكراه بلغ حد الإكراه المعتبر شرعاً المتقدم بيانه في الفتوى رقم: 72802 فلا تقع تلك الطلقة، وإن لم يبلغ حد الإكراه فتقع طلقة.
- وأما الثانية: فكتابة لفظ الطلاق كناية، لا يقع بها الطلاق إلا بالنية، فإذا كان الزوج ينوي بها الطلاق -وهذا هو الظاهر من حاله- فقد وقعت طلقة، وإذا لم ينو بها الطلاق كأن يكون كتب تلك الكلمة ليجرب القلم ونحو ذلك أي لم يقصد الطلاق فلا عبرة بها، وصدور الطلاق في حال الغضب لا يمنع من وقوعه إلا أن يغلب على عقله، وتقدم بيانه في الفتوى رقم: 1496.
وأما الثالثة: فيقع بها الطلاق، حتى وإن قلنا بأنها خلع، فجمهور أهل العلم أن الخلع طلقة بائنة، هذا من حيث الحكم الشرعي، وننصح الأخت بالرجوع إلى المحكمة الشرعية في بلدها، لأن حكم القاضي يرفع النزاع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(13/12446)
طلاق وظهار من ينطق بالشيء وهو لا يريده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص موسوس بطريقه شديدة أقوم بإعادة كل عمل أقوم به مرتين على الأقل للتأكد من القيام به.. حدثت مشادة بيني وبين زوجتي لأنها كانت تريد العمل في بنك، فأردت أن أقول لها أنت علي كأمي لو فعلتها، ولكني لم أقلها خوفا من شدة الكلمة، فقلت لها إن الكلام بيني وبينك حرام لو ذهبت، فأرجو الإجابه على الأسئلة التاليه أثابكم الله..
1- في بعض الأوقات أتخيل أنني لم أقل عبارة "لو ذهبتي" ما حكم الشرع في الحالتين، علما بأني كانت نيتي أنها إذا ذهبت سوف أخاصمها "أي أنني كنت أهددها"؟
2- هل عندما أسأل سؤالاً وأكرر ما قلته أو ما أشك فيه للسؤال عنه أحاسب عليه شرعاً؟
3- ما حكم الحمل لزوجتي إذا كانت هناك أي نواهي شرعية من خلال ما قلته لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفيك مما بك من الوسواس، وعليك بصدق الالتجاء إلى الله، فإنه وحده القادر على كشف ما أصابك، قال الله تعالى: أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ {النمل:62} ، وعليك أيضاً بذكر الله، فقد قال الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28} ، ويمكنك أن تراجع في الوسواس القهري وفي علاجه الفتوى رقم: 3086.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن الإنسان إذا بلغ درجة من الوسواس بحيث يصير ينطق بالشيء وهو لا يريده فإنه لا يلزمه طلاق ولا ظهار على ما يظهر، وذلك لأنه في حكم المجنون، والمجنون لا ينفذ شيء من تصرفاته، قال الإمام الشافعي في كتاب الأم: يقع طلاق من لزمه فرض الصلاة والحدود، وذلك كل بالغ من الرجال غير مغلوب على عقله، لأنه إنما خوطب بالفرائض من بلغ ... ومن غلب على عقله بفطرة خلقه أو حادث علة لم يكن لاجتلابها على نفسه بمعصية لم يلزمه الطلاق ولا الصلاة ولا الحدود، وذلك مثل المعتوه والمجنون والموسوس والمبرسم، وكل ذي مرض يغلب على عقله ما كان مغلوباً على عقله، فإن ثاب إليه عقله فطلق في حاله تلك، أو أتى حداً أقيم عليه ولزمته الفرائض، وكذلك المجنون يجن ويفيق، فإذا طلق في حال جنونه لم يلزمه، وإذا طلق في حال إفاقته لزمه. انتهى.
وعليه؛ فالذي يظهر أنك لست مؤاخذاً بشيء مما ذكرت لا ظهاراً ولا حساباً، والحمل لاحق بك، والجدير بالملاحظة أن الزوج الذي ليس به أي وسواس إذا قال لزوجته: إن الكلام بيني وبينك حرام لو ذهبت وهو ينوي أنه سيخاصمها فلا شيء عليه في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1427(13/12447)
مسألة في طلاق المكره
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة وقد طلقني زوجي طلقتين غصباً عنه بالقوة تحت طلب الأهل وواحدة كان تحت غضب شديد، وأنا الآن أريد أن أرجع له وهو يقول لي إن الطلاق بالإكراه باطل وأنهن لا يحسبن إلا طلقتين أو لا يحسبن لأن الطلاق لا بد أن يكون الشخص نوى الطلاق وليس غصباً عنه أو بالقوة، فهل هذا الكلام صحيح وهل أنا ما زلت أحل له إذا رجعت له أم لا، فأرجو الرد؟ ولكم الأجر من الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطلاق المكره لا يقع عند جمهور الفقهاء خلافاً للحنفية، ودليل الجمهور: قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. أخرجه ابن ماجه والبيهقي بإسناد صحيح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولا يقع طلاق المكره، والإكراه يحصل إما بالتهديد، أو بأن يغلب على ظنه أنه يضره في نفسه أو ماله بلا تهديد. انتهى من الفتاوى الكبرى، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 6106، والفتوى رقم: 71557.
وعليه؛ فإن كان إكراه الزوج من نوع الإكراه الذي يرفع المؤاخذة فطلاقه لا أثر له، أما إذا كان لا يصل إلى حد الإكراه المعتبر شرعاً فالطلاق نافذ.
وأما الطلاق في الغضب فقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 1496، وعليه.. فإذا كان إكراه زوجك على الطلقتين من الإكراه غير المعتبر وكانت الطلقة الثالثة في حالة غضب لم يفقد معه وعيه فلا تحلين له حتى تنكحي زوجاً غيره، وننصح السائلة وزوجها بأن يراجعا المحكمة الشرعية في بلدهما للوقوف على حقيقة الأمر وملابسات القضية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1427(13/12448)
حكم من نطق بلفظ الطلاق دون شعور
[السُّؤَالُ]
ـ[حدثت مشادة كلامية بيني وبين زوجتي أثناء ما كانت حاملا غضبت غضبا شديدا ولم أعرف أنني قلت لها (طالق بالثلاثة) إلا بعد برهة علما بأنني لم أفكر بموضوع الطلاق ألبتة ولم يخطر ببالي أبدا لم أكن أعرف أن بمجرد التلفظ بكلمة الطلاق يعني وقوعه، سؤالي هو: هل حدث الطلاق أم لا وفي حالة وقوعة لا قدر الله هل يعتبر طلقة واحدة أم لا؟ أفيدوني لأنني في حيرة من أمري؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغضب الذي يصل بصاحبه إلى وضع يجعله لا يعي شيئا ولا يتحكم في تصرفاته، لا يقع الطلاق فيه، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 12287.
وأما قولك أنك لم يخطر ببالك لفظ الطلاق فإن كان سبق لسانك به، ولم تقصد لفظ الطلاق، فلا يقع الطلاق أيضا عند الجمهور لعدم القصد، ولا اعتبار للكلام بدون القصد، قال في الموسوعة الفقهية الكويتية: من قال لزوجته اسقيني فجرى على لسانه أنت طالق فإن الطلاق لا يقع عند الشافعية والحنابلة، وقال المالكية: المراد من القصد قصد النطق باللفظ الدال عليه في الصريح والكناية الظاهرة وإن لم يقصد مدلوله وهو حل العصمة، وقالوا: إن سبق لسانه بأن أراد أن يتكلم بغير الطلاق فالتوى لسانه فتكلم بالطلاق فلا شيء عليه إن ثبت سبق لسانه في الفتوى والقضاء، وإن لم يثبت فلا شيء عليه في الفتوى ويلزمه في القضاء. انتهى.
وعليه؛ فنطقك بلفظ الطلاق دون شعور منك، سواء كان لشدة الغضب أو للخطأ وسبق اللسان لا يقع به الطلاق، أما إن تلفظت بالطلاق قاصداً هذا اللفظ وأنت تعي ما تقول فقد وقع الطلاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1427(13/12449)
حكم قول الرجل: طلقت إجباريا
[السُّؤَالُ]
ـ[من غير خلاف بيني وبين وزوجتى بعض الإخوة - الله يهديهم - قالو لي: هذه الزوجة ليست صالحة. يعنى الطلاق أحسن، من كثرة كلامهم قلت لهم: طلقت إجباريا، هل هذا طلاق شرعي؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزواج شعيرة من شعائر الإسلام، سماه الله تعالى ميثاقاً غليظاً، كما قال في كتابه: وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا {النساء: 21} فحقه الحفاظ عليه والإكرام، لا التلاعب به والامتهان، وفك عراه لأتفه الأسباب من تعرض لاستفزاز ونحو ذلك.
وإن الزوج إذا تلفظ بطلاق زوجته قاصداً لفظ الطلاق وقع طلاقه، ولا عبرة بدعوى الإجبار ما دام الطلاق قد وقع باختيار منه، وراجع الفتوى رقم: 6106، وإذا كانت هذه الطلقة الأولى أو الثانية فيجوز لزوجها إرجاعها بلا عقد جديد، ويستحب له أن يشهد على رجعتها، وتراجع الفتوى رقم: 8621، والفتوى رقم: 4139.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو الحجة 1426(13/12450)
وكلت والدها بالطلاق وهي لا تريد الإبراء
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مشكلة وأرجو المشورة؛ تم عقد قراني منذ سنة ونصف تقريبا ولم يتم الدخول، ولكن حدثت خلوة أكثر من مرة والشيء الوحيد الذي لم يحدث هو الجماع؛ ومنذ شهر ونصف تقريبا تم الطلاق لأن أبي كان يريد ذلك بمحاولات مستميتة منه وتهديدات لي ولزوجي \"نظراً لمشاكل عديدة لا مجال لذكرها الآن\" وعرفت أن الطلاق إذا تم تحت تهديد لم يقع وعندما سمع أبي ذلك بدأ في إقناعي أن أوافق على الطلاق وأكون قاسية على زوجي حتى يطلقني بإرادته دون إكراه على أن يكون ذلك لفترة مؤقتة وعلى أن أعود لزوجي بعد فترة وبالفعل جاء زوجي وقسوت عليه كثيراً حتى طلقني وأشعر من أبي الآن بعدم صدقه معي ولم ينفذ ما وعدني به وأشعر بالندم لما فعلته مع زوجي؛ وهو يريد إرجاعي وأنا أريد أن أرجع له؛ علماً بأن الطلاق كان عند مأذون وهي طلقة واحدة مع الإبراء.
ملحوظة: أنا وكلت أبي في طلاقي ولكنه لم يسألني إذا كنت أريد الإبراء أم لا وأنا لا أريد الإبراء وأبي فعل ذلك من نفسه دون الرجوع إلي وفوجئت به بعد الطلاق، سؤالي هو: هل هذا الطلاق صحيح، وإذا كان صحيحا هل إذا أراد زوجي إرجاعي وأنا في العدة يجب أن يرجع لأبي، مع العلم بأنه هاتفني وقال لي أرجعتك، فهل أنا الآن زوجته حتى دون قسيمة زواج جديدة، مع العلم بأنه يوجد الآن قسيمة طلاق، وهل إذا كنت زوجته ماذا أفعل حيال أبي وهو يمنعني أن أرى زوجي أو أكلمه؟ أعتذر عن الإطالة؟ وجزاكم الله خيراً على سعة صدركم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جمهور الفقهاء على أن الخلوة الصحيحة تقوم مقام الدخول، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 41127، والفتوى رقم: 43479، وعليه.. فإن طلق الرجل زوجته بعد أن خلا بها خلوة صحيحة فإن طلاقه يقع رجعياً، والطلاق بيد الزوج وليس لك ولا لأبيك علاقة به.
أما إبراء أبيك فإن كان أبرأ الزوج من صداقك أو من بعضه فإن الطلاق يقع رجعياً، ويمكن لزوجك مراجعتك ولا يشترط لذلك موافقتك ولا موافقة أبيك ولا يحتاج إلى مهر جديد وعقد جديد، وإن كان الزوج طلق في مقابل عوض يدفعه الأب من مال نفسه فيقع الطلاق بائناً.
أو خالع الأب من مالك أنت بأن أبرأ الزوج من الصداق أو مؤخر الصداق، ولكنه لم يصرح بأنه وكيل عنك أو ولي عليك فيقع الطلاق بائناً أيضاً وعلى الأب للزوج مهر المثل، وعلى الزوج أن يدفع لك المهر كاملاً.
أو قال الأب وكلتني بنتي بإبرائك من الصداق وكان الحال أنك لم توكليه، أو تصرف بصفته ولياً لك وهو لا تصح ولايته على مالك لكونك بالغة رشيدة، ففي الحالين لا يقع الطلاق أصلاً، وقد جاء تفصيل هذه الحالات في كلام أهل العلم.
قال الإمام الرملي في نهاية المحتاج: (ويصح اختلاع أجنبي وإن كرهته الزوجة) لأن الطلاق يستقل به الزوج، والالتزام يتأتى من الأجنبي لأن الله سمى بالخلع فداء كفداء الأسير وقد يحمله عليه ما بينهما من الشر (وهو كاختلاعها لفظا) أي في ألفاظ الالتزام السابقة (وحكما) في جميع ما مر فهو من الزوج ابتداء صيغة معاوضة بشوب تعليق فله الرجوع قبل القبول نظراً لشوب المعاوضة ... ومن جانب الأجنبي ابتداء معاوضة بشوب جعالة ... ومن خلع الأجنبي قول أمها -مثلا- خالعها على مؤخر صداقها في ذمتي فيجيبها فيقع بائنا بمثل المؤخر في ذمة السائلة كما هو واضح، لأن لفظ مثل مقدرة في نحو ذلك ... (ولو) (اختلع رجل) بماله أو مالها (وصرح بوكالتها كاذبا) عليها (لم تطلق) لأنه مربوط بالتزام المال ولم يلتزمه هو ولا هي ... (فإن) (اختلع) الأب أو الأجنبي (بمالها وصرح بوكالة) منها كاذباً (أو ولاية) له عليها (لم تطلق) لأنه ليس بوكيل ولا ولي في ذلك، والطلاق مربوط بالمال ولم يلتزمه أحد، ولأنه ليس له صرف مالها في عوض الخلع.... (أو باستقلال فخلع بمغصوب) لأنه بالتصرف المذكور في مالها غاصب له فيقع الطلاق بائناً ويلزمه مهر مثل ولو لم يصرح بأنه عنه ولا عنها، فإن لم يذكر أنه مالها فهو بمغصوب كذلك، وإلا وقع رجعيا لامتناع تصرفه في مالها بما ذكر. انتهى.
وعليه.. فإن كان والدك أبرأ الزوج من صداقك وصرح بأنه وكيل من قبلك في الإبراء وكان الزوج إنما طلق في مقابل المال فلا يقع الطلاق أصلا، وأنت زوجته ولا يحتاج لإرجاعك إلى عقد ولا مهر ولا يحسب عليه من الطلاق شيء.
وإن كان لم يصرح بالوكالة بالإبراء فيقع الطلاق بائناً، لأن الأب في هذه الحالة غاصب لمالك ومتصرف فيه بغير حق فيبطل تصرفه في مالك ويلزمه للزوج مهر المثل يدفعه الأب من ماله، هو ويحتاج الزوج في هذه الحالة إلى عقد جديد ومهر جديد بإذن الولي وحضور الشهود.
وعموماً فننصح بأمرين:
الأول: أن يتم معرفة كيف تم الإبراء وما هي الألفاظ التي استخدمها الأب في ذلك.
الثاني: مراجعة المحاكم وأهل العلم في بلدكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1426(13/12451)
محل عدم لزوم طلاق المكره
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديقة ليبية عمرها الآن 33 عاما تقول لي إن والدتها قبل ما تتزوج من أبيها كانت متزوجة من رجل آخر غير أبيها ولكن كانت توجد مشاكل بين هذا الرجل وأهل والدتها مما أدى بهم إلى أن يجبروا والدتها على الطلاق من هذا الرجل وكذلك أجبروا زوجها علي تطليقها لدرجة أنهم رفعوا على زوجها السلاح لكي يطلقها بالإكراه وفعلا طلقها ذلك الزوج وبعدها رحل في الصحراء لأنك كما تعلم العادات الليبية وكانوا يعيشون في الصحراء ورحل هذا الزوج في الصحراء ولم يعرفوا مكانه في الصحراء وبعدما ذهب هذا الزوج اكتشفوا أن هذه الزوجه كانت حاملا منه فلم يبحثوا عنه ويخبروه لكي لا يفكر أنهم يريدونه مرة أخرى وهكذا عاشت هذه الزوجة وأنجبت وبعد سنتين من طلاقها هذا تزوجت من الرجل الذي هو والد صديقتي وتعيش معه الآن منذ حوالي 33 عاما وأنجبت من زوجها الحالي عدة أبناء وبنات منهم صديقتي طبعا لكني أسأل يا شيخ هل طلاقها الأول بالإكراه من زوجها وهو كان يريدها وهي كانت تريده ولكن أهلها أجبروه وأجبروها على الطلاق هل وقع هذا الطلاق أم لا؟ وهل زواجها الثاني الذي عمره الآن 33 عاماً يعتبر صحيحا أم لا؟ وماذا تنصحني أن أفعل في هذا الموضوع هل إذا كان زواجها الثاني غير صحيح هل أخبر صديقتي بهذا وأقول لها إن زواج أبيك وأمك من البداية غير صحيح أرجوالرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطلاق المكره لا يقع شرعاً عند جمهور أهل العلم إذا كان الإكراه المذكور عن طريق التهديد بالقتل أو حصول الضرر البيِّن في النفس أو المال، ففي الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية: ولا يقع طلاق المكره، والإكراه يحصل إما بالتهديد، أو بأن يغلب على ظنه أنه يضره في نفسه أو ماله بلا تهديد. انتهى. وراجعي الفتوى رقم: 6106.
ومحل عدم لزوم طلاق المكره ما لم يمضه الزوج بعد زوال الإكراه، فإن أمضاه فإنه يعتبر طلاقاً شرعياً ماضياً.
قال الحطاب في مواهب الجليل: ومن أكره على طلاق زوجته أو عتق عبده ثم أجاز ذلك آمناً لزمه، قيل لسحنون: ولم ألزمته ذلك ولم يكن ليعقد عليه طلاق ولا عتق وإنما ألزم نفسه ما لم يلزمه؟ قال: وإنما ألزمته لاختلاف الناس لأن من العلماء من يلزم طلاق المكره وعتقه. انتهى
والظاهر أن الزوج الأول قد أمضى الطلاق راضياً بعد الإكراه بدليل أنه لم يطالب بإرجاع زوجته ولا رفع الأمر إلى المحاكم، بل قد تخلى عنها وأهملها، وهذا دليل على رضاه بالطلاق بعد زوال الإكراه.
وعليه، فالزواج الثاني لهذه الزوجة صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1426(13/12452)
طلاق الغضبان المعتبر شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة منذ11 سنة ولدي أولاد، في بداية زواجي وفي حالة غضب شديد وبعد ضرب مبرح طلقني زوجي 9 طلقات مرة واحدة ولكن لسوء حظي اكتشفت بعد ذلك أني حامل فعدت له وكان كل ذلك أمام شهود ومرة أخرى قالها في حالة الإدراك وليس العصبية وقال لي أنه لم يقلها ولا يتذكرها وأنه يفقد عند الكلام عن أخته التي هربت من المنزل وبعد سنوات فقد بشكل جنوني وتذكرها وطلق ورفضت العودة ولبست الحجاب لأني لم أكن في بلدي وسألت وقالوا لي إنه في حالة الغضب الشديد لا يقع طلاق وبعد ذلك كنت في داخل الغرفة أتكلم مع موظفه يريد الارتباط بها فكلمتها ولم أعلم أنه يسمع ويصرخ لأفتح الباب وإلا طلق وحاول أن يكسر الباب وفتحت الباب فعلمت أنه طلق والأطفال يبكون وتكرر ذلك مرتين وبعد يومين يهدأ ويقول إني كنت فاقدا للوعي ولا أدرك نفسي وبالأخص عندما تكون أخته طرفا فإنه يتحول إلى إنسان ثان لا ينام إلا بمنوم أو مهدئ وعلى كل عندما يهدأ يقول نحن نسأل دائما العصبي وغير المدرك لا يقع عليه طلاق ثم أفكر في أطفالي كيف يعيشون وكيف أربيهم ونحن في غربة انتقلنا إلى بلد آخر يعلم جيدا أنه لا يستطيع ضربي ولا أفكر في من يصرف على أولادي ولكني أحتاجه أكثر لأنا هنا في بلد كفر وأخاف على أولادي من الفتنة والكفر والتنصر ولكنا ارتحنا وبالأخص بعد بعدنا عن أهله سبب المشاكل وعن الضغوط الأخرى إلى أن أتى أخوه الذي بقي عندنا ليبقى في هذا البلد عندما يخرج زوجي في الصباح أضطر أخرج إلى أن يأتي زوجي ولا أحس حماي بذلك لأنه شرعا لا يجوز بقاؤنا لوحدنا ولكن كنت أتكلم مع زوجى أني أتضايق من الحجاب وعدم راحتي طول الوقت ولكنه كان يقول ماذا أفعل فأسكت أقول صح يجب مراقبته لأنه شاب وعلينا متابعته مع أنه لديه مكان للإقامة وراتب يكفي إلى أن وجدت في الكومبيوتر أنه بفتح webs للجنس وممارسته جن جنوني فتكلمت مع زوجي قلت لدي أولاد أفكر بتربيتهم بما لا يغضب الله وابني رأى ذلك فمسحت هذه القنوات الرذيلة هو لم يصدق إلى أن رآها وقلت إذا أردت أتكلم معه وأفهمه أنه لايجوز رؤية ذلك لأنه شاب وأنا لدي ولدان في بداية المراهقه ولكنه قال أنه سيكلمه ربما أخاه سمع ولكن لم يفهم على ماذا أتكلم وتوقع أنى لا أريده في المنزل ولم أكن أعلم أن زوجي لم يكلمه خوفا على مشاعره وأن هذه الأفلام مسحها من مكان لتخرج من مكان آخر إلى أن ذهبت للنوم وبعدها حضر زوجي للصلاة والنوم فكنت أسأل عن موعد الطبيب ليذهب وما إن تكلمت حتى سب والدي رحمه الله وشتمني والغضب ملأ وجهه وهددني فسألت لماذا تسب وتشتم ماذا فعلت فقال أخي قال أنه سيذهب لأنك لا تريدينه ونزلت دمعة منه فسألته هل قلت له السبب فعاد إلى غضبه تراكمت الأحداث بسرعة وتدخل إبليس لعنه الله وقلت أفهمه ما حصل لم تلومني وصرخ وما كان منه إلا أن هجم علي كوحش وضربني واستيقظ الأولاد ليضربوه وأتى حماي ليمسكه وكنت ألبس ملابس نوم وأخجل أن أصف حالي أمام حماي نزلا معا فقلت لحماي السبب هو الكومبيوتر وزوجي يكسر في المطبخ ولا يريد أن أكمل فقال طلقتك 25 مرة وتبقين كزانية أمام أولادي وحماي فبكيت وأخطأت وقلت له أنا لست أختك فطلقني واتصل بقريبتنا لتأخذني وقال لأشهدها على الطلاق وذهبت مع الأولاد عندها 4 ليلا وقال لها طلقتها وثاني يوم ذهب زوجها وأخوه ليكلما زوجي فقال إني طلقتها ليلة أمس وبهدوء وإني ذهبت اليوم للمكتب المسؤول عنا وقلت أريد الانفصال وأقاربي سألوا الرابطة الإسلامية هنا وقالوا لا نستطيع أن نطلق نتبع قوانينهما إلا بعد سنة لكنه بعد يومين هدأ وأرسل فتوى لشيخ معروف وقال له في وقت الغضب لا يقع طلاق علما أن زوجي رجل ملتزم لا يضيع صلاة ولا صلاة الجمعة ويصوم ويتقي الله ولكنه إذا غضب فقد السيطرة على نفسه وإذا ما ذكرت أخته فإنه يكون أكثر من مجنون وسبب خروجه من بلدنا هو أخته وأنه يتوقع أن الطلاق ساعة الغضب لا يقع وهو ما إن يهدأ كان شيء لم يكن وربما يحسب كلمة الطلاق مسبة وإني أتوقع أنه مريض نفسيا بسبب أخته سؤالى هل يقع الطلاق بسبب الغضب حتى لو تكرر أفيدونى جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للمسلم الحذر من الغضب، ومن تعويد اللسان على ألفاظ الطلاق لئلا يوقع نفسه في أمور يندم عليها حين لا ينفع الندم، ولمفاسد الغضب أوصى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل الذي جاء يسأله الوصية، فقال: لا تغضب فردد مراراً قال لا تغضب. رواه البخاري.
وما ذكرته السائلة عن زوجها أكبر دليل على خطورة الغضب وعواقبه السيئة على صاحبه.
أما الآن وقد وقع زوجك فيما وقع فيه، فإنه قد عصى الله تعالى بتلاعبه في إصدار الطلاق بهذه الأعداد.
أما أنت، فإنك تعتبرين طالقاً ثلاثاً لا تحلين له إلا بعد زوج بناء على قول الجمهور في إيقاع الطلاق بالثلاث في لفظ واحد، وذلك بدءاً من طلاقه لك تسعاً دفعة واحدة، وبالتالي فبقاؤك معه بعد هذا يعد مخالفاً للشرع، لأنك أصبحت أجنبية عنه، لكن إن كنت تجهلين الحرمة في هذا فالإثم منتف، وما رزقت من أولاد بعد فإنهم لاحقون بزوجك إن جهل هو الآخر الحرمة.
ومحل هذا إن كان زوجك يعي ما يقول وقت الطلاق، أما إن كان لا يدرك ما يقول فلا يلزمه الطلاق إذا صدر منه، وهو على تلك الحال من عدم الإدراك وراجعي الفتوى رقم: 11566.
وفي حال عدم وقوع الطلاق الأول، فلابد من النظر في الطلاق الثاني والثالث، وللوقوف على حقيقة هذا الأمر ننصحك وإياه بالرجوع إلى أحد المراكز الإسلامية بالبلد الذي تقيمان فيه.
هذا وننبه إلى أمرين:
1- أن ضرب الزوج لزوجته ضرباً مبرحاً لا يجوز بحال وهو مناف للخلق والدين، كما هو مبين في الفتوى رقم: 69.
2- أنه في حال عدم الطلاق، فلا يجوز مطاوعة زوجك في بقاء أخيه معك بدون وجود من تنتفي به الخلوة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1426(13/12453)
من حنث في يمين طلاق في حال غضب
[السُّؤَالُ]
ـ[إني في أوقات غضب أحلف أن زوجتي طالق أمام الله وفي قرارة نفسي والآن وأنا في الغربة وأخاف من الانزلاق ومشاهدة الأفلام الخليعة هل يحل لي مجامعتها؟
جازاكم الله خيراً عني وعن أمة الإسلام كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح، ولكن على العموم إن كان قصدك بأنه وقع منك حنث في يمين طلاق قد حلفتها ولو في حالة غضب لا تفقد فيها وعيك، فإن الطلاق يلزمك على ما ذهب إليه جمهور العلماء.
فإن كان هذا أول طلاق أو ثانيه جاز لك ارتجاع زوجتك إلى عصمتك من غير حاجة إلى تجديد عقد النكاح ما دامت هذه الزوجة في العدة، ولمعرفة كيفية الرجعة راجع الفتوى رقم: 12908.
أما إن كان الطلاق المذكور مسبوقاً بطلقتين قبله، فهذه الزوجة لا تحل لك حتى تنكح زوجاً غيرك، لقول الحق سبحانه: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ {البقرة:230} .
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 3605.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1426(13/12454)
التهديد بالحبس هل يعتبر إكراها
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة المفتى: أساءت صديقتي الاختيار وتزوجت من شاب لا يقوم بإنفاق مليم واحد عليها،علما بأنه يملك مالا ولكنه لا يصرفه إلا على ما تشتهيه نفسه منذ اليوم الأول، وقد كانت تلجأ لأهلها للحصول على الطعام وقد حاولت كثيرا توعيته لعواقب ذلك ولكن دون فائدة واكتشفت تعاطيه المسكرات والمخدرات فطلبت الطلاق بعد ما أصبحت الشقة خاوية تماما نظرا لبيعه كل سبل المعيشة المعطاة من أهلها (العفش، أدوات المطبخ، الملابس، البطاطين..) لم يوافق هو فلجأت لأبيها الذي أعطاه مهلة لمدة سنة حتى يصلح من شأنه وقام بمساعدته ماديا وبحث له عن عمل ولكن دون فائدة وبعد انقضاء العام كانت قد أمضته هي عند أهلها وتحملوا هم مصاريفها ومسؤوليتها كاملة بما فيها الطفل لأنها كانت حاملا وأنجبت طفلا عمره الآن خمس سنوات، حتى وجدت هي عملا تنفق منه على ابنها طلب والدها من الشاب أن يطلقها ولكنه رفض فهدده بالحبس فوافق الشاب على الطلاق ولكن مشكلتها انه مازال يطاردها في كل مكان علما بأنه لم يغير أي شيء في حياته ومازال غير متحمل لمسؤولية أي التزامات ولكنه مصر على أنها مازالت زوجته بحجة انه كان تحت ضغط التهديد وتحت تأثير المخدرات ولكن هي تؤكد له بقولها أنه لم يقم أحد بإجباره بحق على إتمام الطلاق وأنه فعل ذلك وهو بكامل وعيه وإرادته ولكنه لا يريد أن يتركها وشأنها حتى تستطيع بدء حياة جديدة فهي الآن من يقوم بالصرف على ابنها من عملها وهي التي تعول ابنها في كل الأمور وتظل تترجى في الشاب ليمضي قليلا من الوقت مع ابنه لتعويضه وإعطائه شيئا من حقوقه يظل يتهرب منها ومن الطفل ولكنه يظل يردد عبارة أنها مازالت زوجته بالكلام فقط ولا يتركها لحالها فهي تريد أن تعرف هل هي زوجته فعلا أم أنه بعد وقوع الطلاق انتهى الأمر علما بأنه حدث خطأ منها وتمت معاشرة كاملة بينهم بعد انقضاء فترة العدة وذلك عدة مرات ولكنها استغفرت الله وتابت وعزمت على أن لا تفعل ذلك أبدا فهي لم تعد تريده بكل المقاييس نتيجة لعدم محاولته حتى التعديل من الوضع فهل هي مازالت زوجته أم لا وعذرا للإطالة فهو موضوع يؤرقها جدا وتفضلوا بقبول فائق الشكر والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الرجل قد ظلم نفسه وظلم أهله، والواجب عليه أن يتوب مما سلف منه، والطلاق الذي أوقعه واقع، وليس التهديد الذي حصل إكراها يرفع الطلاق ما لم يكن التهديد المذكور بالحبس من قادر على تنفيذه، كما سبق في الفتوى رقم: 54230 وعلى الاحتمال الأول وهو كون الإكراه غير معتبر لكونه صدر ممن لا سلطة له ولا قدرة له على تنفيذ ما وعد به من حبس، فهذه المرأة بعد انتهاء عدتها لها أن تتزوج، ووقوع الزنا من هذه المرأة مع من كان زوجا لها ذنب عظيم يجب عليها أن تتوب منه قبل أن ترحل إلى الدار الآخرة وتقف بين يدي الله تعالى وهي محملة بهذه الآثام والأوزار، وكون الزنا وقع مع طليقها لا يغير في الحكم الشرعي شيئا، وننصح هذه المرأة بتربية ولدها والإحسان إليه، وأن لا تمكن والده من تربيته خشية أن يؤثر عليه سلبا بأفعاله القبيحة، وأما مقابلة هذا الرجل لولده والجلوس معه فلا يمنع منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1426(13/12455)
طلاق الواقع تحت تأثير المخدر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج ولدي طفل وعندي أكبر مشكلة تهدد حياة أسرة كاملة لقد طلقت زوجتي ثلاث طلقات لفظا يعني بالكلمة أي قلت لها أنت طالق مع العلم أنت أتعاطى الأقراص المخدرة من عدة سنوات وحاولت أن أتعالج في مصحة نفسية ولكن بعد فوات الأوان ولكن صدرت مني ألفاظ الطلاق وأنا غائب عن وعيي أي أني كنت في حالة مزرية وفي إحدى الطلقات الثلاث أعطاني شخص عقارا لم أعرفه ولم أعرف عن الدنيا شيئا إلا بعد ثلاث أيام وفوجئت بعدها أنني رميت يمين الطلاق على زوجتي وأنا متعاطي المخدرات وأنا الآن أبتدئ في التعالج من المخدرات وعندي عزيمة وإصرار على تبطيل المخدرات ولكن المشكلة الأكبر أن زوجتي ما زالت معي حتى الآن لأن ابني ليس له من يقوم برعايته إلا هي كما أن ظروفي المادية صعبة للغاية فأرجو المساعدة
وجزاكم الله خيرًا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسبق حكم طلاق السكران في الفتوى رقم 39702 ونوصيك أخي بتقوى الله تعالى ومجاهدة نفسك على ترك المخدرات، وإذا علم الله منك الصدق أعانك ووفقك وسهل عليك الأمر، وكم من الناس كان غارقا في أوحال المخدرات فلما وقر الإيمان في قلبه جعل الله بينه وبين هذه القذارة والنجاسة سدا منيعا من التقوى وخوف الله. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1426(13/12456)
صوم ثلاثة أيام لمن طلق وهو غضبان لا أصل له
[السُّؤَالُ]
ـ[حصل خلاف بين أختي وزوجها وفي لحظة غضب قال لها زوجها بأنها طالق علما أنه لايعني ذلك لأنه كان في حالة غضب شديد, فذهب إلى المسجد وحكى لشيخ الجامع ما حصل فقال له إن الطلاق لم يقع وعليه أن يصوم ثلاثة أيام ويرجع إلى زوجته, فما صحة ذلك.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسبق في فتاوى كثيرة جدا الكلام عن طلاق الغضبان، وانظرى الفتوى رقم: 39128، وعليه فيكون الطلاق واقعا إلا أن يكون الرجل قد وصل به الغضب إلى مرحلة فقد فيها عقله وتمييزه. أما ما أفتى به إمام المسجد من صوم ثلاثة أيام فلا نعلم له أصلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1426(13/12457)
الغضب الذي يقع معه الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أرحني أراحك الله أنا شاب في مقتبل العمر متزوج بزوجة (الله المستعان) لا تحترمني أبدا ولا تعرف الله في حقي كزوج وبعد كثرة المشاكل حصل طلاق بيننا أكثر من مرة لدرجةأني لم أعد أعرف كم طلقة وفي فترات متفاوتة يحصل الطلاق وما نهدأ حتى ترجع الأمور إلى مجاريها نرجع لبعض بدون شهود ولا عقد أنا طيب جدا وحنون لكن لا أرضى الذل أي لا أسكت عن الحق وهي كانت تتعصب كثيرا وتستفزني لدرجة أني أطلق كلمة الطلاق لكن هي كانت تطمئنني وتقول لي أنت كنت في حالة غضب نرجع ونعيش عادي لكن هي كانت كثيرة المشاكل وتحرص على أن تعمل مشكلة بدون سبب وتكبرها قدر ما تقدر حصل الطلاق مثل ماذكرت سالفا بنفس الطريقة لكن لو أجمع عدد الطلقات لو كلها محسوبة تصل إلى خمس مرات اتصلت بشيوخ كثيرين هنا في بلدي كلهم قالوا إنها لا تجوز لي شرعا واتصلت على شيخ معروف بالسعودية وقال لي إنه في حالة الغضب الشديد لا يقع الطلاق لكن أنا لم أستطع أن أحدد نسبة الغضب عندي ومع إصرار أهلها وفتوى الشيخ ورغم أني غير متاكد من موقفي صحيح أم لا رجعتها وأصبحت أعيش معها عيشة الأزواج وصارت كثيرا ممتازة معي وندمت ندما كبيرا مع العلم أنه عندي منها طفلان وبصراحة فهما متعلقان بي كثيرا ولا أقدر أعيش بعيدا عنهم والآن نحن مرتاحون في حياتنا مع بعض لكني لازال يراودني شك ينغص علي حياتي فأحيانا أقول أنا على صواب والدين يسر ولا يرضى أن أهدم أسرة بعدما صارت الأمور على خير مايرام وأحيانا أراجع نفسي وأحس بتأنيب الضمير وأصل إلى قناعة أنني عايش بالحرام ولكن عندما أنظر إلى أولادي تضعف نفسي وأرجع للتفكير الأول أن حياتنا حلال أفتني وأرشدني جزاك الله كل خير سألتك بالله أن ترد على رسالتي ولك الأجر بإذن الله وبارك الله فيك أنا بجد محتاج إلى أحد يدلني ماذا أفعل؟ وبارك الله فيك في كل وقت وحين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي أن الطلاق في حال الغضب واقع بل نقل بعض الأئمة الاتفاق على ذلك، ويستثنى من ذلك الغضب الذي يبلغ بصاحبه مبلغا يفقده التمييز ولا يعي فيه ما يقول، وانظر الفتوى رقم 39182.
وأما قولك "الدين يسر ولا يرضى أن أهدم أسرة بعدما صارت الأمور على خير مايرام" فنقول الإسلام يسر ومن يسره أنه ترك للرجل الفرصة الأولى والثانية، وأنت الذي عسرت على نفسك وأوقعت نفسك في الحرج وهدمت أسرتك بتعجلك وغضبك.
وعليك أن تفارق هذه المرأة فورا، فإذا اعتدت وتزوجت زوجا آخر زواج رغبة لا بقصد التحليل ودخل بها، ثم طلقها أو مات عنها واعتدت منه، جاز لك الزواج بها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1425(13/12458)
طلاق الموسوس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مريض بمرض الوسواس القهري وتنتابني أحياناً بعض حالات أحلام اليقظة نتيجة لهذا المرض وقد حدثت بعض الخلافات بيني وبين زوجتي في أول الزواج نتيجة لتباين الطباع وفي إحدى المرات وبعد الصلح وجدتني أتخيل أنني أتشاجر معها، ولم تكن الزوجة حاضرة معي ولم تفعل أي شيء مما يدور في صدري وجدتني أصرخ في غضب وانفعال بكلمة أنت طالق، ومرة أخرى وكنت هذه المرة منتبها لكي لا يصدر مني أي كلام وجدتني أتخيل أنه إذا فعلت زوجتي شيئا في المستقبل يغضبني وأنه إذا لم تكن كلمة الطلاق التي صدرت مني في المرة التي رويتها لكم فإنني (قد أطلقها) وتخيلت ما سوف يحدث في المستقبل وأنني أخاطب والدها ولكن لم تصدر مني كلمة الطلاق، ولكن صدرت مني بدون قصد كلمة (عليها واحدة) ليس بقصد رمي اليمين ولكن بقصد تقرير ما يدور في خيالي ولم أرم اليمين، فهل يقع الطلاق في المرتين، وأقسم بالله أنني صادق في كل كلمة قلتها، علماً بأنه في المرتين كانت زوجتي على طهر جامعتها فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أخي أن تتوب إلى الله تعالى، وتقلع عن الخوض في هذه الوساوس، وتشغل نفسك بالذكر وتلاوة القرآن ومجالسة الصالحين، وقد سبق لنا فتاوى عن علاج الوسوسة القهرية، فتراجع، ومنها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10355، 3086، 15409.
وأما بشأن طلاق الموسوس الذي بلغ إلى مثل حالك، فإنه غير واقع، فلا تلفت لهذه الأوهام فإنها قد تجرك إلى أمور خطيرة وكبيرة، قال الإمام الشافعي في كتاب الأم: يقع طلاق من لزمه فرض الصلاة والحدود، وذلك كل بالغ من الرجال غير مغلوب على عقله، لأنه إنما خوطب بالفرائض من بلغ ... ومن غلب على عقله بفطرة خلقة أو حادث علة لم يكن لاجتلابها على نفسه بمعصية لم يلزمه الطلاق ولا الصلاة ولا الحدود، وذلك مثل المعتوه والمجنون والموسوس والمبرسم، وكل ذي مرض يغلب على عقله ما كان مغلوباً على عقله، فإن ثاب إليه عقله فطلق في حاله تلك أو أتى حداً أقيم عليه ولزمته الفرائض، وكذلك المجنون يجن ويفيق، فإذا طلق في حال جنونه لم يلزمه، وإذا طلق في حال إفاقته لزمه. انتهى، وانظر الفتوى رقم: 52232.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1425(13/12459)
من علق الطلاق حال سكره
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج من امرأة حادة الطباع أي نقاش أو توجيه لها يؤدي إلى مشكلة ودائما تتوعد بنشر المشاكل على الجيران ليعرفوا فضائحي حسب زعمها ومرتين قلت لها إن خرجت إلى الجيران فأنت طالق عندما توعدت ولكنها خرجت في المرتين أما المرة الثالثة فكانت في بداية حياتنا عندما رفضت أن تتزين أو تتعطر بحكم أنها امرأة عاملة فأقسمت بالطلاق ألا أقربها إن لم تتزين ومرت فترة طويلة وفي أحد الأيام كنت سكرانا فقربتها مع العلم أني تبت وحججت ثلاثا والآن هي معي فقط من أجل أبنائها كما تقول لأن لدينا 5 أطفال ولا أقربها حتى أسمع منكم. جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما صدر منك يعد من قبيل الطلاق المعلق، وحكمه أنه متى وقع المعلق عليه وقع الطلاق عند الجمهور، وفرق شيخ الإسلام ابن تيمية بين من قال ذلك بنية الطلاق فيقع طلاقه، وبين من قاله بقصد التهديد فلا يقع. وانظر الفتوى رقم: 3795. وبناء على قول الجمهور فإن زوجتك قد بانت منك بينونة كبرى لا تحل إلا بعد زوج وذلك لوقوع المعلق عليه في الثلاث. وكون المعلق عليه في الأولى حصل وأنت في حال سكر لا يغير من الأمر شيئا إن كان السكر متعمدا لأن السكران بالحرام يؤاخد بأعماله.
وعلى هذا فلا يجوز لك أن تسكن مع هذه المرأة في بيت واحد، ولا أن تخلو بها لأنها صارت أجنبية عنك كغيرها من سائر الأجنبيات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1425(13/12460)
طلاق الغضبان بين الوقوع وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت متزوجاً من امرأة ولكنها عصبية ,أحببتها ثم تزوجتها بعد صراعات ومشاكل كثيرة بينى وبين أهلها ونظراً لعصبيتها الشديدة جداً جداً كان يقع بيننا الطلاق , ووقت الشجار لا أستطيع أن أتحكم فى نفسي لأننى أكره الصوت العالي وفى كل مرة وتحت ضغط منها وبعد الشجار يتطور أحيانا للضرب تطلب الطلاق بشدة ولكن أرفض ولكنها تصر وتقول لو أنك لا تريدني طلقني طلقني وتصرخ وبعد الانتهاء من عصبيتها تعتذر أشد الاعتذار ونرجع لبعضنا وذلك لأننا نحب بعضنا.
فما هو حكم طلاق الغضبان علما بأننى طلقتها ثلاث مرات مرتين منهم بسبب الشجار بيننا لأسباب تافهة والمرة الأخيرة تم الطلاق بسسب ضغط أهلها علي حيث إننى حتى أثبت حسن نيتى من الزواج منها كتبت كمبيالات بخمسين الف جنيه ونظرا للفارق المادي بيننا ضغط علي أهلها وقدموا الكمبيالة للمحكمة ولكننى لم استطع كسب القضية فتم التفاوض بينى وبين أهلها - الطلاق مقابل التنازل عن القضية- وتم الطلاق لكننا مازلنا نتقابل سراً من وراء أهلها لأننا لا نستطيع أن نعيش بدون بعض فهل أستطيع أن أردها وما هو حكم طلاق الغضبان؟ فهل فعلا طلاق الغضبان مثل السكران؟ لا يجوز وهل الطلقة الثالثة طلاق المكره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية ينبغي أن يعلم أن الطلاق لا يقع في الغالب إلا إثر غضب وشحناء، فإن كان هذا الغضب يبقى معه صاحبه مدركاً لما يقول فهذا يلزمه الطلاق، وإن كان لا يدرك ما يقول فيعتبر صاحبه في حكم المعتوه، والمعتوه لا يلزمه طلاق وانظر الفتوى رقم 11566، والفتوى رقم 1496.
وعلى هذا فإذا كنت أوقعت الطلاق في المرتين المذكورتين وأنت في حالة تعي معها ما تقول فلا شك أن الطلاق نافذ، فإذا أضفنا إلى ذلك الطلقة التي تمت أمام المحكمة صارت الطلقات ثلاثاً، وعليه فإن هذه المرأة قد بانت منك بينونة كبرى لا تجوز لك إلا بعد زواج صحيح، فإن طلقها زوجها بعد دخوله بها جاز لك أن تتزوجها مرة أخرى لقول الحق سبحانه فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا.... الآية.
وبخصوص ما ذكرته من الإكراه فلا عبرة به.
واعلم أن التقاءك بهذه المرأة يعد معصية يجب عليك التوبة منها لأنها أجنبية عنك فلا تجوز الخلوة معها فضلا عن أن تمارس معها أفعالاً أخرى.
أما إن كان الطلاق الذي وقع في حال الغضب لم تكن تدرك معه ما تقول فإنه يعتبر لا غياً ولا يحسب عليك إلا الطلقة التي وقعت أمام القاضي، وعليه فيمكنك ارتجاعها والحالة هذه إذا كانت عدتها لم تنقض، فإذا انقضت عدتها فقد بانت منك بينونة صغرى ويمكنكما الرجوع إلى بعضكما بعقد جديد مستوف لشروطه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1425(13/12461)
حد الإكراه الذي لا يقع الطلاق بحصوله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أمراة متزوجة منذ 20 عاما. رزقت بخمسة أطفال في خلال سنوات حياتي حدثت عدة مشاكل. وحصل على أثرها الطلاق. وأنا حاليا عند أهلي وعندما راجعنا الطلقات تذكر زوجي أنه طلقني مجبرا طلقة واحدة قبل الدخول بي بسبب خلاف مع والدي ولم أكن أعلم بذلك.. ونحن نريد الرجوع لبعضنا وما العمل في مثل حالتنا أفيدونا أثابكم الله، نرجو الرد سريعا للحالة الصعبة التي نمر فيها وما الحكم الشرعي في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الإكراه الذي وقع على زوجك إكراها ملجئا وهو: 1ـ أن يكون بالوعيد أو التهديد من قادر على إنفاذه.
2ـ وأن يغلب على الظن نزول الوعيد إن لم يجب المكره إلى طلبه. 3ـ وأن يكون مما يتضرر به ضررا كثيرا، كالقتل، أو الضرب الشديد، أو القيد، أو الحبس الطويل، أو أخذ كل المال أو بعضه إن كان كثيرا، وما أشبه ذلك، وسواء كان هذا الضرر على المكره، أو على من يتأذى كثيرا لأذيتهم كولده. فإذا صدر الطلاق تحت مثل ما ذكر من أنواع الإكراه الملجئ فإنه لا يقع، ويترتب على عدم وقوعه أنك ما زلت زوجة له فيكون الطلاق الذي تم بعد ذلك واقعا. أما الشتم والسب وأخذ المال اليسير والعتاب واللوم والقطيعة وما أشبه ذلك فإن هذا ليس إكراها ملجئا، وعليه فيكون الطلاق واقعا ويترتب على وقوعه عدم وقوع الطلاق بعد ذلك لأنه طلاق وقع على غير محل ـ أي غير زوجة ـ ويكون ما تم بينكم في هذه الفترة من العشرة والأولاد هو وطء بشبهة يلحق فيه الولد نسبا بهذا الرجل. ويجب عليكم لتصحيح النكاح تجديد العقد الآن. والأولى على كل حال الرجوع إلى المحاكم الشرعية في مثل هذا الأمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1425(13/12462)
طلاق الغضبان وعلاج الإدمان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ عامين وقد كان زوجي قبل ذلك أي قبل الزواج مدمنا على المخدرات وقد أخبرني أنه امتنع عنها لكنه عاد إليها مرة أخرى بعد عام من الزواج وقد رمى علي اليمين 4 مرات، وفي كل مرة يكون غاضباً غضباً شديداً جداً ونكون في مشكلة كبيرة جداً، وعندما سألنا علمنا أنه لا تعد هذه طلقة لأنه غاضب ولا يعي ما يقول فهلا ساعدتموني لكي أخرجه من دوامة الإدمان هذه ويتم توصيلي بطبيب أو طبيبة مسلمة في علاج الإدمان حتى يتسنى لي علاجه، وما صحة الطلاق هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل وقوع طلاق الغضبان، والحالة التي لا يقع الطلاق فيها مع الغضب هي أن يشتد به الغضب بحيث يصبح لا يدرك ما يقول ولا يضبط تصرفه ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا طلاق في إغلاق. رواه أبو داود وصححه السيوطي، وعليه فإذا كان زوجك قد أوقع الطلاق وهو لا يعي ما يقول فلا أثر لطلاقه.
وأما علاج إدمان المخدرات، فأول علاج هو النظر في الأسباب التي أدت به إلى تعاطي المخدرات ثم السعي لإزالتها، ومن أهم الأسباب التي تؤدي إلى ذلك الفراغ والصحبة السيئة والإعلام السيء والبيئة التي يعيش فيها، فالعلاج هو أن تحاولي بقدر ما تستطيعين إبعاده عن ذلك وشغله بغيرها كإعطائه بعض الكتيبات والنشرات والرسائل التي تروي قصص التائبين من المخدرات والعائدين إلى الله تعالى، والتي تبين حرمة المخدرات وأضرارها عليه وعلى الأولاد والمجتمع، ثم استعيني ببعض الصالحين ممن لهم تأثير عليه أو أصحاب حكمة في الدعوة ليقربوا منه ويهدوه إلى الحق، ويبعدوه عن تلك المخدرات، وإن كنت في بلد به لجان خير لمكافحة المخدرات فاجعليه يتصل بهم أو اطلبي منهم أن يتصلوا به ولا حرج في إيصاله إلى طبيب حاذق بعلاج الإدمان ونعتذر عن الدلالة على طبيب معين لعدم تمكننا من ذلك، ونسأل الله أن يعينك ويوفقك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1425(13/12463)
حالات الغضب في الطلاق وحكم كل حالة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم: بارك الله فيكم. شيخي وأستاذي تلقيت فتواك في مسألة طلاقي من زوجتي التي قد أفتيت فيه ولكن أريد توضيح بعض الأمور كنت قد أغفلت عن ذكرها:
1 - أنا إنسان غلب علي التوتر العصبي فعندما أغضب فأنا أغضب غضبا شديدا وكانت اليمين الأولى يغلب علي طابع العصبية والغضب الشديد.
2 - تلفظي بالطلاق في المرة الثالثة كانت بعد تناولي بعض الحبوب المهدئة وكنت أعي أن تلفظي هذه المرة بالطلاق ستكون الثالثة وبعد أن لفظت كلمة أنت طالق علمت أن وضعي النفسي وحالتي آنذاك أغفلت ذهني وجعلت عقلي غير مسيطر عليه.
زوجتي الآن في عدة المطلقة بينونة كبرى والفتاوى تأتيني من هنا وهناك ولكن ثقتي الكبيرة بالله وبرسوله وبك سوف يلهمني طريق السلامة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك ذكرت في سؤالك السابق أن حالتك العصبية لم تكن كبيرة جدا، وأنك تعي ما تقول عند التطليقات الثلاث التي تلفظت بها متتالية عند المرة الأولى، وفي المرة الثانية لم تبين درجة الغضب التي كنت فيها وما إذا كنت تعي ما تقول أم لا؟ ولم تبين ذلك في المرة الثالثة أيضا، إلا أنك ذكرت أن الطلاق حدث دون أية مشكلة، وأنك كنت في حالة انزعاج من العمل والبيت و.. وبينت في سؤالك الثاني أنك في المرة الثالثة كنت تعي أن هذه ستكون هي الطلقة الثالثة، مما يدل على أنك في وعي، والذي أفتيناك به في فتوانا السابقة ورقمها: 50546 هو الذي نراه الآن في المسألة، لأن زوجتك إما أن تكون بانت منك بينونة كبرى في المرة الأولى، وهو ما عليه جماهير أهل العلم، وإما أن تكون بانت منك بالطلقتين اللتين جاءتا بعد تلك الأولى.
والآن ذكرت في سؤالك الجديد ما يدل على أن وعيك لم يكن كاملا في بعض تطليقاتك، فنقول لك في ذلك: إن الغضب إما أن لا يغير من إدراك الإنسان شيئا، وإما أن يغيِّب إدراكه بالكلية، وإما أن لا يغيبه بالكلية ولكنه يحول بين الإنسان وبين نيته، فلا خلاف بين أهل العلم في وقوع الطلاق في الحالة الأولى، وفي عدم وقوعه في الحالة الثانية، واختلفوا في الحالة الثالثة، قال ابن القيم: إن الأدلة ترجح عدم وقوعه، وراجع في هذا فتوانا رقم: 1496.
وعليه، فالذي ننصحك به هو مراجعة المحاكم الشرعية في البلد الذي أنت فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1425(13/12464)
الحلف بالطلاق بدون وعي من شدة الغضب
[السُّؤَالُ]
ـ[الحلف بالطلاق بدون وعي من شدةالغضب
ذات يوم بينما أتناقش أنا وأختي التي تصغرني 13 سنة بدأت ترفع صوتها علي فغضبت منها ومن غير وعي كنت قد حلفت بالطلاق ثلاثا أن لا أكلمها مرة أخرى
وهذا كان منذ سنتين تقريبا والآن توفيت أمي وليس لأختي عائل غيرى.
أقسم بالله العظيم لا أعلم كيف أنني قلت ذلك
أفيدوني يرحمكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان واقع الأمر أن الغضب قد وصل بك إلى درجة لا تعي معها ما تقول فلا يلزمك طلاق، أما إن كنت بخلاف ذلك فالطلاق لازم بمجرد حصول المعلق عليه من مكالمة الأخت على رأي الجمهور القائلين بوقوع الطلاق المعلق، وانظر الفتوى رقم: 11566.
وعلى كل فالذي ننصح به في مثل هذه الأمور هو الرجوع إلى المحاكم الشرعية.
وننبه إلى أن المسلم عليه أن يبتعد عن أساب الغضب الدنيوي لما فيه من المفاسد الدنيوية والأخروية المترتبة عليه، وذلك أخذا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: لا تغضب، فردد مرارا، قال: لا تغضب. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1425(13/12465)
مسائل حول طلاق السكران وطلاق الثلاث
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يقع الطلاق من الزوج المخمور، فإذا كانت الطلقة الأولى وهو مخمور ثم كانت الثانية والثالثة عند القاضي فهل يحسب ثلاث طلقات أم اثنين فقط، وإذا كانت اثنتين وقد تنازلت الزوجة عن المؤخر والنفقة فهل يرد إليها المؤخر والنفقة فى حالة أنهما طلقتان فقط أم يسري التنازل، السؤال الثالث: هل يقع الطلاق إذا أجبر القاضي الزوج على ذلك وحثه على التلفظ بلفظ الطلاق ثم ندم الزوج على ذلك خاصة وأنها الطلقة الثالثة وهل يكون الطلاق بائناً بينونة كبرى، وما حكم استرجاع الزوجة في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في حكم طلاق السكران، وقد سبق أن ذهبنا إلى ترجيح القول بعدم وقوع طلاق السكران الذي وصل به السكر إلى حال لا يعي فيه ما يقول، وبينا أدلة الترجيح، وذلك بالفتوى رقم: 11637.
وبخصوص حكم القاضي بوقوع الطلاق فالأصل مضيه ما دام عادلاً، ولم يخالف فيه نصاً أو إجماعاً، كما هو مبين بالفتوى رقم: 20210.
وأما الإكراه، فالأصل عدم وقوع الطلاق به، إذا كان هذا الإكراه ملجئاً وهو الذي يخاف فيه المرء على نفسه أو على عضو من أعضائه، وقد استثنى الفقهاء ههنا حالة وهي فيما إذا أكره الزوج على الطلاق بحق، كمن آلى أن لا يطأ زوجته، وقد انقضت مدة الإيلاء دون أن يرجع فأجبره القاضي على الطلاق فطلق، فإنه يقع.
وعلى هذا، فلو ثبت وقوع الطلقات الثلاث على الزوجة بأن لم يصل السكر بالزوج إلى الحالة التي لا يعتبر فيها طلاقه، فإنها تبين من زوجها بينونة كبرى، فلا تحل له بعدها حتى تنكح زوجاً غيره، ويدخل بها دخولاً حقيقياً، ثم يطلقها أو يموت عنها.
هذا فيما يتعلق بأمر الطلاق، وأما مؤخر الصداق والنفقة فكل منهما حق للزوجة، ومتى ثبت لإنسان حق، وهو جائز التصرف كان من حقه إسقاطه إلا لمانع، وإذا أسقطت المرأة حقها في مؤخر الصداق أو النفقة لم يجز لها الرجوع فيه، سواء كانت الطلقات اثنتين أم ثلاثاً، وسواء كان التنازل على سبيل الهبة أو العوض في خلع.
وننبه إلى أنه لا ينبغي للزوج التسرع إلى التلفظ بالطلاق، لما يؤدي إليه من الوقوع في الحرج، وإلى أنه ينبغي حل المشاكل التي تحدث بين الزوجين بالتفاهم بينهما وفي حدود ما جاء به الشرع الحكيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1425(13/12466)
الإكراه المعتبر في شأن تطليق الزوجة أو مخالعتها
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع: أفتونا جزاكم الله خيراً، لقد حصل الخلاف بيني وبين عمي والد زوجتي وكانت المشاكل بيننا كبيرة وكان ضحية تلك المشاكل أنا وزوجتي حيث تسببت في وقوع الطلاق الأول وأرجعتها في نفس الأسبوع الذي وقع فيه الطلاق ولكن عمي عرقل رجوعها بسبب الخلاف بيني وبينه وكانت الطلقة الثانية، ولكن عمي صمم على عدم رجوع زوجتي التي كانت في حالة ولادة وأصر على المخارجة وخلع زوجتي من عقدي رغم أنفنا نحن الاثنين أنا وزوجتي، إذ لا خلاف بيننا وقد كان قبول للمخارجة الذي أكرهت عليه هو اشتراطي إرجاع ابنتي بعد إكمال الرضاعة حولين كاملين ولكن عمي رفض ذلك ولم يعد لي ابنتي التي كان بالمخارجة مربوطاً بها، وسؤالنا لفضيلتكم هو: هل يعتبر طلاقي لزوجتي بائنا أم أن من حقي إعادة زوجتي إلى عصمتي، علما بأنني أريد زوجتي وهي بالمقابل تريد بقاءنا على زواجنا وقد كنت مكرهاً على المخارجة ولم يتحقق الشرط الذي اشترطه حتى تتم المخارجة، كما أن الخلاف بيني وبين عمي قد زال وطلب مني فتوى في ذلك، نرجو فتواكم بذلك أفيدونا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم طلاق المكره في الفتوى رقم: 6106، وذكرنا هناك الإكراه المعتبر شرعاً.
وعليه، فإن كان إكراه السائل من قبل عمه من نوع الإكراه الذي يرفع المؤاخذة وكان عمه قد أكرهه على الطلاق أو الخلع أو هما جميعاً فتصرفه من طلاق أو خلع لا أثر له، وله أن يرتجع زوجته في أي وقت زال عنه الإكراه.
أما إذا كان ما ذكره من إكراه العم على تطليق الزوجة أو على مخالعتها لا يصل إلى حد الإكراه المعتبر شرعاً، فالطلاق الواقع معه نافذ، وكذلك الخلع وإذا كان الطلاق وقع مرتين كما ذكر السائل ثم وقع الخلع، فقد بانت الزوجة بذلك بينونة كبرى على القول بأن الخلع طلاق، ولا تحل لزوجها إلا إذا تزوجت زوجاً غيره زواجاً صحيحاً ودخل بها وفارقها.
أما على القول بأن الخلع ليس طلاقاً، فتكون البينونة صغرى، ولا حرج في الزواج مرة ثانية، وللمزيد من الفائدة عن هذا الموضوع تراجع الفتوى رقم: 35310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1425(13/12467)
الطلقة بهذه الصفة واقعة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تشاجرت مع زوجتي بسبب عصيانها لي وذهبت بها إلى بيت أهلها ومن شدة غضبي تناولت جرعة كبيرة من مادة مهدئة (مشابة للمورفين) وفي المساء فقدت التحكم بتصرفاتي وانقلب تأثير المهدئ إلى شيء لا أعرفه زاد من تشويش أفكاري لدرجة أنني لم أستطع القول والتلفظ بكلام منطقي مفهوم ثم اتصلت بهم هاتفيا وقلت لأهلها أن يعيدوها وإلا سأحضر وأطلقها ولم يحضروها وذهبت بسيارتي وأنا تقريبا لا أري الطريق أمامي من تأثير الدواء وكدت أصطدم بسيارات كثيره وعندما وصلت لإليهم قلت لها وأنا أمسك بباب المنزل لعدم قدرتي على الوقوف وبكلمات متقطعة لم أعها (أنت طالق) وعدت إلى المنزل وبمجرد وصولي نمت خلال لحظات من دون ان ابدل ملابسي وذلك بسبب الدواء الذي تعاطيته لاول مره فما حكم الشرع في ذلك مع العلم انه لم تكن في نيتي ان اطلقها ولكن غلب علي الغضب والأكثر من ذلك تأثير الدواء بجرعة زائده. أفيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من كلامك أنك تلفظت بالطلاق وأنت تعي ماتقول بدلالة أنك تتذكر كل ماحدث، وتمنكت من قيادة السيارة وغير ذلك مما ورد في سؤالك وعليه فيكون طلاقك واقعاً، وتحسب هذه الطلقةعليك, فإن كانت الأولى أو الثانية ولم تنته العدة فلك مراجعتها, وإن انتهت فلك مراجعتها بعقد جديد إن رضيت.
وإن كانت هذه الطلقة هي الثالثة فقد بانت منك زوجتك بينونة كبرى, أي أنها محرمة عليك, لا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك نكاح رغبة فيصيب منها ما يصيب الرجل من زوجته, فإذا طلقها واعتدت منه فلك أن تتزوجها بعد ذلك. وانظرفي الفتوى رقم 15595
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1425(13/12468)
حكم طلاق متعاطي المخدرات
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل ٌ ابتلاه الله بتعاطي المخدّرات ومتزوج وفي حالة غضب وتحت تأثير المخدّرات قال لزوجته أنت ِ طالق مدى الحياة، ومرة ً أخرى وبعد أيام قال لها أنت ِ طالق عشر مرات، وبعد شهرين تقريبا ً حدث إشكالٌ بينه وبينها فقال لها أنت ِ طالق بالثلاث، والآن المرأة في منزل أبيها فما هو الحل، أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الرجل قد تلفظ بجميع الطلاق في حال غيبوبة عقله بسبب تناول المسكر فاختار شيخ الإسلام ابن تيمية عدم لزوم طلاقه، وراجع الفتوى رقم: 11637.
أما إذا كان الطلاق قد صدر منه في حال عدم سكره فإنه تلزمه ثلاث طلقات، وبالتالي فتكون زوجته قد حرمت عليه حتى يتزوجها رجل آخر زواجاً صحيحاً، ويحصل دخول ثم يطلقها، قال ابن قدامة في المغني: وإن قال يا مائة طالق، أو أنت مائة طالق طلقت ثلاثاً، وإن قال: أنت طالق كمائة أو ألف فهي ثلاث. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(13/12469)
ما يترتب على طلاق السكران بالثلاث
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة قال لها زوجها أنت طالق مرتين وهو سكران، ثم قال لها وهي حامل أنت طالق وهو كذلك سكران، وبعد ولادتها وهي في حالة الطهر أنت طالق مرتين وهي لا تعرف سكره من يقظته، وهذه المرأة ذهبت إلى أهلها وهو يريد استرجاعها ولكنها تخاف منه، وهي تسأل إن كان قد وقع الطلاق فعلا أو لا زالت في ذمته، أفتونا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن جمهور أهل العلم على أن طلاق السكران يقع، وقال البعض منهم إنه غير واقع إن كان قد وصل به السكر إلى حالة لا يعي فيها ما يقول، وهذا القول هو الراجح من حيث الدليل، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 11637.
وبناء عليه؛ فإن كان زوج المرأة المسؤول عنها قد طلق جميع تطليقاته أو ثلاثا منها وهو في صحوة نسبية يدرك معها ما يقول، فقد بانت منه بينونة كبرى، ولا تحل له إلا بعد زوج، وإن كان طلق تطليقاته تلك جميعها أو أكثرها وهو في غياب تام لا يعي معه ما يقول، فإنما يؤاخذ من ذلك بما أوقعه وهو صاح نسبياً، وعليه فإن له ارتجاعها دون عقد ما دامت في العدة، وإذا انقضت عدتها، كان له أن يرتجعها برضاها بعقد جديد تتوافر فيه شروط صحة النكاح كلها.
ثم إن عليها وعلى من معها من جماعة المسلمين أن يعظوا هذا الرجل ويذكروه بحرمة وقبح ما هو فيه من الإثم، فقد روى مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فإن حقا على الله لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال، قالوا: وما طينة الخبال يا رسول الله؟ قال: عرق أهل النار.
فإن لم يستجب للنصح فلا خير لها في البقاء معه، فلترفع أمرها للمحكمة الشرعية لطلب الطلاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(13/12470)
زوجها سكير مطلاق فماذا حكمها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... بسم الله الرحمن الرحيم، زوجي يقول اركعي لي مع العلم بأنه يسكر ولا يصلي وله أخلاق رديئة يطلقني فى كل يوم ألف مرة وكما وأني يتيمة الأب والأم وليس لدي أحد ألجأ إليه وآخر مرة قال لي اركعي فرفضت فطلقني ثلاث مرات، ولكني حائرة مع خالص تحياتي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن هذا الزوج قد جمع كثيراً من الشرور وعظائم الأمور، وكبائر الذنوب في أمره لك بالركوع له، وشربه للخمر وتركه للصلاة، فالواجب بذل النصح له وتذكيره بالله تعالى، وبعاقبة ما هو عليه وإن كان يأمرك بالركوع له حال صحوه يقصد بذلك ركوع العبادة فإنه يكفر بذلك، ولا يحل لك البقاء معه والحالة هذه، لأن النكاح يفسخ بكفره، فإن تلفظ به في حال وعيه وإدراكه فهو طلاق بائن بينونة كبرى فلا تحلين له حتى تنكحي زوجاً غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل، ويدخل بك، وإن كان قد صدر ذلك منه حال سكره فقد اختلف الفقهاء في حكم طلاق السكران، فجمهور الفقهاء على أن طلاقه يقع، وذهب بعضهم إلى أنه إن وصل به السكر إلى حال لا يعي فيه ما يقول فلا يقع طلاقه، وقد سبق أن بينا رجحان القول الثاني، وذلك بالفتوى رقم: 11637، وعلى هذا فإن كان الطلاق يقع في حال سكره فإنك لا تزالين في عصمته.
وبخصوص قولك: "طلقني ثلاث مرات"، فإن كانت ثلاث طلقات متفرقات، أو قال: أنت طالق ثلاثاً، أو أنت طالق طالق طالق قاصداً بذلك إنشاء طلاق مستقل فهي ثلاث طلقات تبين بها المرأة بينونة كبرى، وإن قصد بقوله: أنت طالق طالق طالق التأكيد فهي طلقة واحدة، وعلى تقدير بقاء الحياة الزوجية فننصحك بعدم البقاء مع هذا الرجل ورفع أمرك إلى المحكمة لترفع الضرر عنك إن رفض تطليقك، وذلك بعد بذل الجهد في نصحه فلعله أن يثوب إلى رشده ويتوب إلى ربه، وإلا ففي بقائك معه خطر على نفسك، وعلى أولادك إن كان لك منه أولاد والله يعوضك خيراً منه قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مخرجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوكَّلْ عَلَى الله فهو حَسْبُهُ (الطلاق: 2-3)
وراجعي الفتاوى: 4510 / 27061 / 6396 / 17283.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1424(13/12471)
طلقني.. وإلا قتلت نفسي، فطلقها، هل يقع
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا طلق الزوج مكرهاً أي أن زوجته هددته بأنها سوف تقتل نفسها فطلقها وهو لا يريد الطلاق فهل يقع هذا الطلاق أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الطلاق يقع ولا عبرة بتهديد المرأة بقتل نفسها إن لم يطلقها زوجها، وليس هذا التهديد بإكراه للزوج، فالإكراه يتوجه إلى المُكرَهِ وهو هنا الزوج، كأن يقول له من يمكنه تنفيذ ما يهدد به إن طلقت زوجتك وإلا قتلناك أو قتلنا ولدك، ونحو ذلك من صور الإكراه الملجئ.
جاء في أسنى المطالب شرح روض الطالب: "فصل في حد الإكراه:
وذكر أن الإكراه يختلف باختلاف الأشخاص والأسباب، وأنه يكون بالتخويف بالحبس الطويل والصفع للمكره ونحو ذلك، ولا يكون بقول المُكرِه "طلق زوجتك وإلا قتلت نفسي أو أبطلت صومي" قال: فليس بإكراه". ا. هـ
وراجع الفتوى رقم: 20503.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(13/12472)
الإكراه المعتبر في الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يجبر على تطليق زوجته لإرضاء شخص ما، وما عليه أن يفعل في هذه الحالة؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص أكثر أهل العلم على أن طلاق المكرَه غير واقع بشرط أن يكون الإكراه ملجئاً، قال صاحب الزاد في بيان الإكراه المعتبر في الطلاق: ومن أكره عليه ظلماً بإيلام له أو لولده أو أخذ مال يضره، أو هدده بأحدها قادر يظن إيقاعه به، فطلق تبعاً لقوله لم يقع. انتهى. فالإكراه الملجئ هو ما كان بإيلام له أو لولده وزوجته ونحوهما ممن يتأثر بإيلامه، أو بوجود تهديد من قادر يغلب على الظن أنه سيوقعه به إن لم يطلق. أما الطلاق لمجرد إرضاء شخص بدون ما تقدم، فهو طلاق واقع وهذا لا يعد إكراهاً، فإذا طلق الرجل زوجته لإرضاء شخص من غير إيلام أو تهديد كما تقدم وقع الطلاق، وانظر الفتوى رقم: 6106. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1424(13/12473)
السكران المتعدي بسكره طلاقه واقع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يقع طلاق السكران؟ وما هي كيفية الرجعة فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فطلاق السكران المتعدِّي بسكره واقع وكذا رجعته، وصفة رجعته أن يقول لزوجته راجعتك، ونحو ذلك مما تحصل به الرجعة، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 32492.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1424(13/12474)
طلاق السكران لا يقع إذا كان لا يعي ما يقول
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي أقسم بعدم دخول بيتنا بعد حوار دار بينهما قسمه بالثلاث وهو كان يشرب، سؤالي هل يقع القسم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان السكر قد وصل بزوجك إلى حال لا يعي فيها ما يقول فلا يترتب على يمينه هذه شيء، هذا هو الراجح من كلام أهل العلم في هذه المسألة كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 11637.
وإن كان يعي ما يقول عند تلفظه بهذه اليمين فيترتب على دخوله بيتكم وقوع الطلاق، لأن جمهور الفقهاء على أن يمين الطلاق يقع بها الطلاق عند حصول المحلوف عليه، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 1673.
فتبينين منه بينونة كبرى ويجب عليه أن يفارقك فلا تحلين له حتى تنكحي زوجاً غيره ويدخل بك دخولاً حقيقياً، وراجعي في هذا الفتوى رقم: 3680.
وننبه في ختام هذا الجواب إلى عدة أمور:
الأول: مناصحة هذا الزوج بأن يتقي الله تعالى وأن يقلع عن شرب الخمر، لأنه كبيرة من كبائر الذنوب.
الثاني: عدم التسرع إلى التلفظ بالطلاق، لأن ذلك موجب للوقوع في الحرج وتشتيت وضياع الأسر.
الثالث: مراجعة المحكمة الشرعية في مثل هذه المسائل لأنها أولى بالنظر فيها، ولأن حكم القاضي رافع للخلاف في المسائل الاجتهادية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1424(13/12475)
الغضب الذي لايثبت به الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أمٌ لثلاثة أولاد، ولقد تشاجرت مع زوجي شجاراً كبيراً، وأخذ يضربني من كل جانب، ولم أستطع صده إلا عندما ضربته على عضوه الذكري بقوة، وعندها تألم كثيراً، وطلقني طلقة واحدة، فهل تقع أم تعد في لحظة غضب؛ لأنه ندم ندماً شديدا، وقال إنه أرجعني أرجو أن تفيدوني وبسرعة، وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على كل من الزوجين أن يعاشر الآخر بالمعروف، وأن يترفعا عن سفاسف الأمور التي تؤدي إلى الشقاق والشجار، فضلاً عن السب والشتم والضرب، لأن ذلك يؤثر على مستقبل الأبناء والبنات، كما أنه ينعكس على الحياة الزوجية بالفشل والضياع، وللفائدة راجعي الفتويين التاليتين: 5291 2589
أما بالنسبة للطلاق فإنه يقع لعدم المانع من ذلك، وتحتسب عليك طلقة واحدة، يجوز لزوجك ردك بعدها ما لم تكن الثالثة، لكن إذا نطق زوجك بالطلاق في حالة غضب مستحكم، فإن طلاقه لا يقع، وقد بينا الحالة التي لا يقع فيها طلاق الغضبان في الفتاوى التالية أرقامها:
1496 11566 8628
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1424(13/12476)
حكم الطلاق عبر الهاتف حال الغضب
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي طلقني عبر الهاتف وهو غاضب ولم يكن في نيته الطلاق، علما بأنه يزورني ويعبر عن أنه لم ينو الطلاق، فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالطلاق عبر الهاتف واقع كما لو طلق مباشرة، أما طلاق الغضبان فينظر في حالته عند الغضب، وقد تقدمت لنا فتوى بهذا الخصوص تراجع تحت الرقم: 1496.
هذا، وإذا صدر من الزوج لفظ طلاق صريح، فلا عبرة بقوله إنه لم يكن ينوي الطلاق، فألفاظ الطلاق الصريح لا تحتاج إلى نية المطلق، وانظري في الألفاظ المحتملة للطلاق الفتوى رقم: 35329.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1424(13/12477)
المحكمة أولي بالنظر عند الاختلاف في الطلاق وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[طلقني زوجي بالتلفون وقال لي (أنتِ طالق) وهو مسافر (خارج الدولة) ، ومكثت عند أهلي ما يقارب 7 أشهر مع الأطفال، ولما عاد طلب مني أن أعود إلى البيت، وأنكر أنه طلقني لأنه كان في حالة سكر، فطلب منه أهلي إثبات الحالة في المحكمة فقال لنا المفتي أين شهود الطلاق!! وزوجي أنكر أنه طلقني!! فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي نراه هو مراجعة المحكمة الشرعية في هذا الأمر، فهي أجدر بالنظر في هذه القضية وإصدار الحكم المناسب فيها، وراجعي الفتوى رقم: 10541.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1424(13/12478)
الاسترعاء، مخرج شرعي للمكره على الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل مسلم عمري 36 سنة متزوج ولدي 3 أولاد ولأني مسافر إن شاء الله إلى دولة أجنبية (أوروبية) فقد اضطررت للزواج من مسلمة تقيم هناك حماية لنفسي من الفتنة ولكن زوجتي المصرية مصممة على أن أطلق الزوجة الأخرى (الأجنبية) قبل سفري وإلا ستطلب الطلاق أو الخلع طبقا للقوانين المصرية وأنا لا أستطيع طلاق الزوجة الثانية حماية لنفسي من الفتنة ولأني سأضطر إلى التواجد بمنزلها لأنه لا دار لي هناك أريد أن أتمسك بأم الأولاد حماية لهم ولا أريد طلاق الثانية لأنها إنسانة ملتزمة ومتدينة وحماية لنفسي فهل لي من مخرج شرعي من هذا المأزق؟ جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل الإجابة على سؤال السائل الكريم ننبهه إلى أن السفر إلى بلاد الكفار لا يجوز إلا لضرورة أو مصلحة شرعية معتبرة، ولتفاصيل ذلك وأدلته نحيلك إلى الفتوى رقم: 1818. وبخصوص السؤال، فإن الشارع الكريم جعل الطلاق بيد الرجل، وفي ذلك من الحِكْمةِ ومصلحة الطرفين ما لا يخفى على المتأمل العاقل، ولا عبرة بما تقرره القوانين الوضعية في جعل الأمر بيد المرأة، فالحقُّ أحقًّ أن يُتبع. وقد ذمَّ الشرع الطلاق، وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: إنه أبغض الحلال إلى الله تعالى رواه أبو داود وابن ماجه. فلا يلجأ إلى الطلاق أو الخلع إلا في حالة الضرورة وعدم الوفاق، وإذا تعسف الرجل في حقه وأضر بالمرأة، أو كرهته بسبب نقص في دينه وخلقه، فقد شرع لها الإسلام طلب الفراق ولو بالخلع. وأما المخرج الشرعي لما أنت فيه، فهو أنك إذا كنت مضطراً للبقاء بالفعل مع تلك المرأة الأجنبية، ومضطراً للبقاء مع أم أولادك، فبإمكانك أن تستخدم ما يسمى عند الفقهاء بالاسترعاء، وهو إيداع الشهادة عند شهود أربعة عند بعض أهل العلم، واثنان عند الجمهور، على أنك إن طلقت زوجتك أنك مضطر لذلك وهو غير واقع. قال ابن فرحون المالكي في التبصرة: الاسترعاء يجري في كل تطوع كالعتق، والتدبير والطلاق، والتحبيس والهبة ... ولا يلزمه أن يفعل شيئاً من ذلك، وإن لم يعلم السبب إلا بقوله، مثل أن يشهد إن طلقت فإنما أطلق خوفاً من أمرٍ أتوقعه من جهة كذا، أو حلف بالطلاق، وكان أَشْهدَ أني إن حلفت بالطلاق فإنما هو لأجل إكراه، ونحو ذلك ... وشرط الاسترعاء تقدمه على الفعل، وتجزئ فيه شهادة شاهدين، وكلما كان الشهود أكثر كان أفضل، واشترط ابن الماجشون أربعة شهود. انتهى ملخصاً من تبصرة الحكام لابن فرحون. وعلى هذا، فإن بإمكانك أن تشهد الشهود -استرعاء- بأنك ستطلق زوجتك الأجنبية أمام أم أولادك أو العكس، وأن ذلك غير ماضٍ، لأنك مضطر لذلك. وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 18131. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1424(13/12479)
الغضبان مكلف حال غضبه إلا في حالة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة أعيش مع زوجي في قرية عناتا في القدس وأهلي يعيشون في جنين، قبل يومين سافر زوجي إلى جنين عند أهلي، وأنا بقيت في بيتي لظروف عملي، وقد صار إشكال بين أهلي وزوجي فتصايحوا وغضبوا وعصبوا، وفي خضم الوضع قال زوجي لإخوتي بأنني طالق منه، فهل تعتبر هذه طلقة؟
أرجوكم أفتواني لكي لا أقع في الحرام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فطلاق الغضبان يقع، والغالب أن الطلاق لا يصدر إلا مع نوع غضب، ولو لم نقل بوقوع طلاق الغضبان لما وقع طلاق إلا ما ندر.
قال صاحب الإقناع من الحنابلة: والغضبان مكلف حال غضبه بما يصدر منه من كفر وقتل نفس وأخذ مال بغير حق، وطلاق، وغير ذلك. اهـ وعلى هذا جماهير أهل العلم.
ولكن هناك حالة نص أهل العلم على أن الغضبان لا يقع فيها طلاقه ولا يمضي فيها شيء من تصرفاته، وهي ما إذا أوصله الغضب إلى حد الإغماء وفقدان الوعي لتصرفاته، قياسا له على المكره والمجنون.
قال العلامة المرداوي في الإنصاف:
ومن زال عقله بسبب يعذر فيه، كالمجنون والنائم والمغمى عليه والمبرسم، لم يقع طلاقه، لكن لو ذكر المغمى عليه والمجنون بعد أن أفاقا أنهما طلقا، وقع الطلاق، نص عليه ... إلى أن قال رحمه الله: ويدخل في كلامهم من غضب حتى أغمي عليه أو غشي عليه، قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: يدخل ذلك في كلامهم بلا ريب. اهـ.
فإن كان هذا الزوج لم يصل إلى هذه الحالة، فقد وقع طلاقه، فإن كانت هذه هي الطلقة الأولى أو الثانية، فله مراجعة زوجته بلا عقد أثناء العدة، فإن انتهت العدة لم تحل له إلا بعقد ومهر جديدين، وإن كانت هذه الطلقة هي الثالثة لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(13/12480)
حالة الغضب عند التلفظ بالطلاق يقدرها قائلها
[السُّؤَالُ]
ـ[رجعت للبيت ووجدت زوجتي خرجت غضبانة لبيت أهلها من غير إذن فاتصلت بوالدها وأنا غضبان وقلت له إذا لم ترجع فهي طالق وعندها دخلت والدتي إليّ وكانت المشكلة بسببها مع زوجتي ثرت في وجهها وقلت لها إنها طالق لكي ترتاحي وكنت في حالة شديدة من الغضب فهل وقع الطلاق أم لا؟ وكيف أقدّر أن حالة الغضب التي عندي هي حالة إغلاق أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق تقسيم الغضب إلى ثلاثة أقسام في الفتوى رقم: 1496، وذكرنا هنالك ما يترتب على من طلق زوجته وهو متلبس بإحدى حالات الغضب المذكورة.
وعليه فلينظر السائل حالة غضبه التي طلق فيها زوجته طلاقًا ناجزاً عندما خاطب أمه بذلك. والحالة التي علق فيها الطلاق أيضًا عندما خاطب أبا زوجته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1424(13/12481)
إكراه الأب لابنه على الطلاق بمنعه من رؤية أولاده لا يعتبر
[السُّؤَالُ]
ـ[طلقني زوجي ثلاث طلقات ويؤكد أن المرة الثالثة لا تقع شرعا لأنه كان مكرها ومجبرا من والده الذي هدده بعدم رؤية أولاده من زوجته الثانية وقام بتنفيذ تهديده بالفعل بحرمانه من رؤيتهم50 يوما فهل هذا الطلاق يقع أم لا؟ وهل يتحقق شرط الإكراه الذي لا يقع به الطلاق استنادا إلى حديث رسول الله: (لا طلاق في إغلاق) و (رفع عن أمتي ثلاث: الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) .. وفي حالة عدم وقوعه ما هي الإجراءات القانونية التي يجب اتباعها؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس ما ذكره الزوج من إكراه والده له على الطلاق بمنعه من رؤية أولاده إكراهًا معتبرًا شرعًا يمنع وقوع الطلاق؛ لأنه يستطيع التمكن من رؤية أولاده بطرق كثيرة، كاللجوء إلى القضاء أو عن طريق من يستطيع التأثير على والده، ونحو ذلك.
وعلى فرض أنه إذا لم يطلق فلن يتمكن من رؤية أولاده، فليس ذلك بإكراه شرعي.
ولمعرفة حقيقة الإكراه الشرعي ترجى مراجعة الفتوى رقم: 24683.
وبناء على ذلك فقد بُنت منه، ولا تحلين له حتى تنكحي زوجًا آخر نكاح رغبة لا نكاح تحليل.
وراجعي الفتوى رقم: 29735، والفتوى رقم: 17283.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1424(13/12482)
من طلق زوجته وهو غضبان دون علمها
[السُّؤَالُ]
ـ[واحد طلق زوجته في حالة الغضب، وهي حتى الآن لا تدري بهذا والآن هو يريد إرجاعها، فماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق؛ لأن أغلب حالات الطلاق تكون بسبب الغضب، وعلى ذلك فإن هذا الرجل الذي طلق زوجته في حالة غضب فإن طلاقه يقع، إلا إذا كان غضبه وصل إلى مرحلة فقد الوعي، ففي هذه الحالة فإن الطلاق لا يقع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق. رواه ابن ماجه.
فإذا كان الطلاق وقع مرة واحدة أو مرتين ولم تخرج الزوجة من العدة فيجوز للزوج أن يراجعها سواء علمت بذلك أو لم تعلم به.
والمراجعة تكون بالقول وبالفعل، ولا تحتاج إلى عقد ولا مهر ولا رضى الزوجة أو الولي أو الشهود، وإن كان يستحب الإشهاد.
وعليه فإذا كان هذا الزوج يريد إرجاع زوجته ولم يكن طلقها ثلاثًا أو خرجت من العدة فله ذلك شرعاً، والمستحب له أن يشهد على ارتجاعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(13/12483)
حكم طلاق من استبد به الغضب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا وزوجتي نعمل بشركة واحدة، حيث تعمل زوجتي سكرتيرة بهذه الشركة وأنا أغار عليها كثيرا، في أحد الأيام حدث حديث بيني وبين زوجتي عندما كنا عائدين إلى منزلنا فلم يعجبني الحديث الصادر منها فغضبت غضبا شديداً، مع العلم بأن الأمر كان تافها (وهو أن زميلي رآها وهي خارجه من العمل حيث كنت أنا في انتظارها فقال لها هل أنت خارجة بإذن أم لا؟ حيث كان يعلم أن مديرها المباشر يكون ابن عمها فرد عليه وقالت له أنا أول مرة أخرج مع العلم بأنه ليس هو المسؤول، فقالت لي هذا الكلام الذي حدث بينها وبينه فغضبت وقلت لها لماذا تردي عليه) عند تلك اللحظة لم أعد أميز أحداً وزل لساني وأنا غاضب فحلفت بالطلاق على أنه في المستقبل لا تقدم يد المساعدة لأي أحد من موظفي الشركة من الرجال باستثناء مديرها المباشر، ومرت الأيام وجاء أحد الموظفين فطلب منها أن تسحب له ورقة من جهاز الحاسب الآلي ففعلت ذلك، وبعد ما ذهب هذا الشخص تذكرت بأني قد حلفت لها في السابق بالطلاق، فذكرت لي هذا الموضوع وحلفت بالله أنها فعلت هذا نسيانا وليس تعمدا، فهل لي أن أصوم ثلاثة أيام كفارة، وإن كان ذلك فهل يجب صيام هذه الأيام الثلاثة متتاليات أو منقطعات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر والله أعلم أن طلاق زوجتك هذه غير واقع، وذلك لأمرين:
أحدهما: أنك ذكرت أنك بلغت من الغضب ما لم تعد تميز معه، فإذا كان الأمر كذلك، فإن الغضب إذا استحكم في الشخص بدرجة أنه لم يعد يعي معه ما يقول فإن طلاقه غير واقع، لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا طلاق ولا إعتاق في إغلاق.، وانظر الفتوى رقم: 11566.
والثاني: أن زوجتك فعلت المحلوف عنه ناسية، وذلك لا يكون طلاقاً في مذهب الشافعي، وعطاء وعمر بن دينار وإسحاق وابن أبي نجيح وفي رواية عن أحمد، وانظر الفتوى رقم:
14603.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1424(13/12484)
طلاق السكران ماض
[السُّؤَالُ]
ـ[تشاجرت مع زوجتي وأنا شارب فقلت لها: وعلي الطلاق لن أرجعك إلى بيتي إلا بعد أسبوع وبعد ثلاثة أيام أتى بها أبوها علما بأنه لا يعرف شيئا بالموضوع وأنا بصراحة خجلت أن أقول له فماذا أفعل؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا في البداية ننبه السائل إلى أن عليه أن يتوب إلى الله تعالى لإقدامه على الذنب العظيم، وذلك لتناوله للمسكر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من شرب الخمر في الدنيا لم يشربه في الآخرة رواه مسلم.
أما بخصوص الطلاق في حال السكر، فالجمهور يقولون بمضي طلاق السكران.
قال الباجي في المنتقى: إذا طلق السكران جاز طلاقه، وهو مذهب عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب والنخعي والشعبي وابن سيرين وأكثر الفقهاء، وبه قال مالك وأبو حنيفة والأوزاعي والثوري، وللشافعي في ذلك قولان: أحدهما: يلزمه الطلاق، وعليه أكثر أصحابة، والثاني: لا يلزم.
وعلى هذا، فإن الطلاق الذي أصدره السائل يرجع فيه إلى نيته، فإن كان مراده رجوع زوجته إلى البيت مطلقاً خلال هذه المدة، فإنها تطلق بمجرد دخولها، وذلك لحصول الشرط المعلق عليه وهو الدخول.
وإن كان قصده بالرجوع أن يكون هو المتسبب في ذلك، فهذه لا تطلق إن دخلت بغير سبب منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1424(13/12485)
فتاوى حول حلف الغضبان بالطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج وأعيش في بلاد الغربة وأولادي ليسوا معي ولدي أخي الأصغر معي وطلبت منه أن يحمل جهاز كمبيوتر خاصاً بي معه إلى أولادي ورفض ذلك وحلفت بالطلاق بأن لا يتحدث مع أولاده من جهازي الموجود معي في الغرفة التى نسكن فيها، وكان حلفي في لحظة غضب واستعجال برمي الحلف ... فأرجو منكم الإجابة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن الحلف بالطلاق في الفتوى رقم: 3911، والفتوى رقم: 11592.
وتقدم الكلام عمن حلف بالطلاق في حالة غضب، وذلك في الفتوى رقم: 30600، والفتوى رقم: 22391.
وعليه فإنه إذا تحدث أخوك من جهازك الذي عنيته باليمين فإنها تقع طلقة، وإذا لم يكن قد تحدث فعليه أن يشتري له جهازاً آخر ولا يتحدث من جهازك حفاظاً على عصمة الزواج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1424(13/12486)
من طلق مكرها بدون رضاه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
لي صديق متزوج وله ثلاثة أولاد ولكن زوجته اكتشفت بالصدفه أنه يُعاشر صديقاً له معاشرة الأطفال
أهل الزوجة طلقوها منه بالقوة، الآن هو يسعى لكي تعود زوجته إلى عصمته، ولكن لا ندري هل هو تاب أم ما زال يمارس الرذيلة وهو يقول إنه تاب، ولكن نحن نريد معرفة رأي الدين في كل ذلك؟
السلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اللواط جريمة شنيعة تعافها الطباع السليمة، وتنفر منها الفطرة المستقيمة، وقد جاءت النصوص الشرعية بذمها وبيان العقوبة التي أنزلها الله بفاعليها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به. رواه أبو داود، وقال الألباني: حسن صحيح.
لكننا ننبه إلى أنه يحرم اتهام الناس بمثل هذه الفاحشة دون بينة، وذلك لا يكون إلا بالرؤية أو بالاعتراف على النفس، ولا أن يكون ذلك بمجرد الظن والتخمين، فإن الظن أكذب الحديث؛ كما صح بذلك القول عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه البخاري وغيره.
وكان الواجب على أهل الزوجة قبل أن يطلقوها من زوجها، أن يعرضوا عليه التوبة، وأن يقبلوا منه اعتذاره إذا تبين لهم صدقه في ما يقول، فالله تعالى يقبل توبة التائبين، ورحمته أوسع من ذنوب العالمين.
ونحب أن ننوه هنا إلى أن الزوج إذا طلق مكرهاً بدون رضاه، فإن طلاقه لا يقع، لأن الإكراه من موانع جريان أحكام التكليف التي لا يؤاخذ المرء معها بأقواله وأفعاله، بشرط أن يكون الإكراه ملجئاً، وهو ما يخاف المرء فيه على نفسه أو عضو من أعضائه.
وإننا لننصح الزوج بالتوبة إلى الله تعالى قبل أن يأتيه الموت وهو على ذلك، ولا تتحقق توبته إلا بترك هذا الفعل الشنيع والندم على ما حصل منه، والعزم على عدم العودة إليه في المستقبل، وننصح الزوجة بالرجوع إلى زوجها إن علمت صدق توبته، وتيقنت من إقلاعه عما وقع منه، ولتراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30031، 26179، 8752.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1424(13/12487)
طلاق المريض مرضا عصبيا هل يقع
[السُّؤَالُ]
ـ[مريض عصبيا طلق زوجته وهو متذكر واعٍ لما يقول ثم ندم على ذلك فهل يقع طلاقه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزوج إذا طلق زوجته طلاقاً صريحاً وكان يعي ما يقول فقد وقع طلاقه، فإن كانت الطلقة الأولى أو الثانية فهو يملك رجعتها، وإن كانت الطلقة الثالثة فلا تحل له إلا من بعد أن تنكح زوجاً غيره ويدخل بها ويكون قد تزوجها بغير نية التحليل، ثم إذا طلقها حلت لزوجها الأول بانتهاء عدتها، لكن إذا كان الزوج مريضاً مرضاً عصبياً –كما جاء في السؤال- فقد يبدو للسامع أو الناظر أنه عندما طلق كان يعي ما يقول وتكون الحقيقة على العكس من ذلك، والذي يفصل في هذه المسألة هم الأطباء الثقات المأمونون من ذوي الاختصاص في هذا المرض، فالقول قولهم، فإن حكموا بأنه لا يعي فلا يحكم بوقوع الطلاق لهذا العارض؛ وإلا وقع الطلاق وترتبت عليه آثاره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(13/12488)
0
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت بطلاق زوجتي امام باب منزلنا الخارجي ثم دخلت إلى داخل المنزل وأثناء دخولي قمت بتكرير لفظ الطلاق ثانية في سياق حدثي وفي حالة شديدة من الغضب. ماذا علي وهل وقع الطلاق وإن وقع فهل هو طلقه واحدة ام طلقتان؟ أفتونا اثابكم الله ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زوجتك تعتبر طالقاً لأن الغضب لا يمنع من وقوع الطلاق إلا إذا وصل بصاحبه إلى مرحلة لا يتحكم فيها بنفسه ولا يعي ما يقول، فإذا وصل الشخص إلى تلك المرحلة فإن طلاقه لا يقع ولا يمضي شيء من تصرفاته؛ لأنه كالمكره والمجنون.
فإذا كنت لم تصل إلى تلك المرحلة من الغضب فإن زوجتك قد طلقت منك بصريح العبارة.
وهل هي طلقة واحدة أو طلقتان؟
الجواب أنك إن كنت كررت الطلاق نسقاً بقصد التوكيد فإن ذلك يعتبر طلقة واحدة، وأما إذا كنت عطفت الثانية على الأولى أو نويت بالثانية طلقة أخرى فإنها تعتبر طالقاً طلقتين أو ثلاثاً إن كنت كررته ثلاثاً أو أكثر.
ولمزيد من الفائدة في المسألة راجع الفتوى رقم:
17678.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(13/12489)
الغضب الذي لا أثر له في وقوع الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نرجو أن تفيدونا في قضية رجل طلق زوجته الطلقة الثالثة وتزوج من أخرى ثم أراد الرجوع إلى الأولى وقال الطلقة الثانية غير واقعة لأنني طلقت زوجتي في حالة غضب ولم أع ما قلت ولكن بعد ذلك أخبروني أنني تلفظت بكلمة الطلاق علماً بأنه أقر في السابق بوقوع الطلقة الثانية وراجع زوجته وأمام الشهود فهل تحل له مرة أخرى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طلاق الغضبان يقع إلا إذا كان الغضب بلغ به مبلغاً بحيث لا يعي ولا يدري ما يقول، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 1496.
وعليه، فإذا كانت الطلقة الثانية في حالة الغضب الذي لا يقع فيه طلاق، فإنها لا تحسب، فيكون الزوج المذكور طلق اثنتين لا ثلاثاً، ويحل له مراجعة زوجته إن كانت في العدة، فإذا انقضت عدتها، فإنها تحل له بعقد ومهر جديدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1423(13/12490)
ليس كل غضب يمنع وقوع الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أقول لزوجتي (أنت طالق) وقت الغضب والمشادة الكلامية هل يكون اليمين قد وقع فعلاً؟ وفي حالة وقوعه ما هو العمل؟ وما هي كفارة حلف اليمين؟ علماً بأنها المرة الثانية التي أقول لها أنت طالق وقت الغضب.
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اللفظ الذي قلته لزوجتك يقع به الطلاق، ولا عبرة بكونك في حالة غضب لأن هذا الشيء شبه غالب على المطلق، لكن إذا كان هذا الغضب قوياً بحيث لم تعد تفرق بسببه بين الأشياء، ولم تعد تعي معه ما تقول فهذا يعتبر والحالة هذه لاغيا.
وإذا كان الطلاق واقعاً -كما قلنا- فاعلم أنه بقي لك طلقة واحدة، فإذا أوقعتها لم يعد لك على المرأة من سبيل إلا بعد أن تتزوج من رجل آخر ويدخل بها، ثم يطلقها أو يموت عنها، وراجع الفتوى رقم: 2182.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1423(13/12491)
تعاطى شيئا من الحشيش ثم علق طلاق امرأته فما الحكم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد:
أنا سؤالي كان في حادثة وقعت معي وأريد أن أعرف الفتوى فيها، أولا أنا متزوجة وقام زوجي بتطليقى مرتين فبقيت لى طلقة واحدة وفي يوم كان شديد الغضب، بسبب أنه كان يتعاطى شيئاً من الحشيش فكان مؤثراً على أعصابه حلف علي بأنه إذا طلب مني أي شئ ولم أقم بتنفيذه أن أعتبر نفسي طالقاً
ومن بعدها وأنا في جحيم إذا كان يمزح معي يجب أن أنفذ كلامه دائماً
سألت شيخ عن إذا كان هناك كفارة على اليمين، قال لي لا يوجد طالما إنه كان بوعيه أرجوكم فأنا في جحيم أخاف أن اخطئ أو أنسي ولي طفلة فساعدونى]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان زوجك قال ما قال وهو في حالة وعي فهو مؤاخذ بذلك ويصبح الطلاق معلقاً على عدم تنفيذ ما أمرك به، فإن حدث منك المخالفة وقع الطلاق في أي وقت كان، إلا إذا قصد زوجك زمناً معيناً فيتقيد تعليق الطلاق بالزمن الذي نواه، وانظري الفتاوى التالية أرقامها:
12287 -
23154 -
11637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1423(13/12492)
حكم طلاق الحامل والغضبان
[السُّؤَالُ]
ـ[زوج طلق زوجته ثلاث مرات في الأولى ذهب إلى الشيخ وقال له إنه كان عصبياً عندما طلق قال له لا تعتبر طلاقا وفي المرة الثانية كانت الزوجة حاملا فقال له الشيخ لايقع الطلاق لأنها حامل وفي المرة الثالثة والأخيرة قال الزوج بأنه كان عصبيا جدا هل يقع الطلاق (ضروري جداجدا) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم طلاق الغضبان في جواب رقم 8628 فليرجع إليه.
وأما طلاق الحامل فطلاق جائز واقع لا نعلم في ذلك خلافاً بين أهل العلم، وإنما خالف بعض العلماء في جواز تطليق الحامل إذا كانت حائضاً عند من يقول بأن الحامل يمكن أن تحيض، وأكثر العلماء على أن الحامل لا تحيض.
وخلاصة ما يحتاجه السائل الآن أن نقول له: إن الطلاق من الغضبان واقع إلا إذا بلغ حداً يذهب فيه وعيه وإدراكه بحيث لا يشعر باللفظ الصادر منه فهذا غضب لا يقع معه الطلاق.
وطلاق الحامل واقع.
وعليه، فتكون هذه المرأة قد بانت من زوجها بينونة كبرى لأنها قد طلقت ثلاث تطليقات فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
والواجب على المسلم إذا أراد أن يسأل عن دينه أن يسأل أهل العلم الذين عرفوا واشتهروا بالعلم.
ولا تبرأ الذمة بسؤال من لا يعلم، وإن كان ممن ظاهره الصلاح والاستقامة كأن يكون إمام مسجد أو ما شابه ذلك، فصلاحه لنفسه والعلم يؤخذ عن أهله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1423(13/12493)
حقيقة الإغلاق الذي لا يقع فيه الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج ولدي طفلان نشبت بيني وبين زوجتي مشادة كلامية أدت إلى أنني سببتها "شتمتها" وضربت طفلتي الصغيرة بشدة ثم بعد ذلك قمت لأصالحها ولكنها قالت ابعد عني فإن جسمي يرتعش ولا أستطيع أن أكلمك فغضبت بشدة ثم قلت لها أنت طالق ودفعت بسرير ابني الصغير حتى ارتطم بالحائط ثم قمت بدفع كل الملابس من الدولاب حتى ألقيتها على الأرض وبعد ذلك هدأت ثورتي أرجو أن تفيدوني هل هذه تعتبر حالة غضب لا يقع معها الطلاق أم لا وإن وقع كيفية المراجعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا وصل الغضب بالغضبان إلى حد لم يعد له قصد ولا معرفة بما يقول أو يفعل، أو غلب عليه الهذيان والخلل في أفعاله وأقواله الخارجة عن عادته، فهذا لا يقع طلاقه لأنه صار كالمجنون والمكره، وفيه يتحقق الإغلاق الوارد في الحديث الذي رواه أبو داود عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا طلاق في إغلاق.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وحقيقة الإغلاق أن يغلق على الرجل قلبه فلا يقصد الكلام أو لا يعلم به، كأنه انغلق عليه قصده وإرادته، ويدخل في ذلك طلاق المكره والمجنون ومن زال عقله بسكر أو غضب وكل من لا قصد له ولا معرفه له بما قال. انتهى زاد المعاد 4/ 42
أما إن غضب لكنه يعرف ما يقول وما يقصده فإن طلاقه يقع ولا شك.
وبالنسبة للسؤال عن كيفية المراجعة، فانظر الفتوى رقم:
12908.
وننبه الأخ السائل إلى أن ما قام به من ضرب لطفلته وابنه الصغير، لا يحل له فليتق الله عند غضبه فإن الشديد الذي يمسك نفسه عند الغضب، ولعل ساعة الغضب يخسر فيها المرء دينه ودنياه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1423(13/12494)
القول الراجح في طلاق السكران
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد من سماحتكم أنتم القائمون على قسم الفتوي أن تفتوني حيث تم نقاش بيني أنا وبعض الأشخاص وكنا خارج البلد وقلت علي الطلاق إنني لن أعود إلى هذا البلد مرة ثانية ومع الأسف إنني كنت في حالة سكر الله يتوب علينا وإن شاء الله إنني من التائبين ولقد حدتني ظروف على السفر مرة ثانية إلى هذا البلد أرجو منكم فتوى في هذه المسألة ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تضمن هذا السؤال مسألتين:
المسألة الأولى: حكم الطلاق المعلق:
فمن حلف بالطلاق معلقاً ذلك على حصول شيء معين فإن الطلاق يقع بحدوث هذا الشيء عند جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة، سواء قصد الحالف بحلفه وقوع الطلاق، أو قصد به منع نفسه عن الفعل، وتراجع في ذلك الفتوى بالرقم 13823
المسألة الثانية: حكم طلاق السكران:
فجمهور العلماء على وقوع طلاق السكران، وذهب بعض أهل العلم إلى عدم وقوع طلاقه إن كان قد وصل به السكر إلى حاله لا يعي فيها ما يقول، وهذا القول هو الراجح. وقد سبق ذلك في الفتوى بالرقم 11637
وبناء على ما تقدم فإن هذا الطلاق لا يقع إذا كنت قد حلفت بالطلاق وأنت لا تعي ما تلفظ به. كما أننا ننصحك بالعمل بما ورد من تنبيهات في الفتوى الأولى والثانية المحال إليهما فيما يتعلق بالحلف بالطلاق وشرب الخمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1423(13/12495)
ماهية الغضب الموقع للطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[الحلف بوقت الغضب هل يعتبر حلفاً يستوجب الكفارة عند الحنث به؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحلف عند الغضب معتبر، وتجب فيه الكفارة عند الحنث ما لم يشتد الغضب، ويصل بصاحبه إلى الانغلاق بحيث لا يعي ولا يضبط ما يقول فإنه يكون لاغياً، وهكذا الطلاق والعتاق وغيرهما، وقد روى أبو داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق.
والإغلاق هو انغلاق ذهن المتكلم بحيث لا ينظر ولا يفكر في ما يقول، وما يترتب على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1423(13/12496)
هل ترجع الزوجة إذا طلقت في حالة غضب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
هل إذا حلف الزوج اليمين مؤكدا أنه كان في حالة عصبية وخارج عن طوره ولا يفقه مايقول.. هل بإمكاني أن أرجع إليه وأنا حلال له والطلاق لم يقع أم أن الطلاق واقع ولا سبيل إلى العودة لبيت الزوجية.. علما أنني قد عانيت أنا وأولادي منه الشيء الكثير وهو بدوره قد أبدى أسفا كبيرا من تصرفه مع أني لا أصدقه بحكم التجربة ولا أعرف ماذا أفعل لأنني أخاف الله رب العالمين.........
أفتوني برأيكم سريعا سريعا لأنه يضغط علي من جميع الأقرباء لكي أعود إلى المنزل ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحياة الزوجية تقوم أساساً على التفاهم بين الزوجين والتغاضي عن الزلات والهفوات، وذلك من مقتضيات المودة والرحمة، والتي هي إحدى ثمرات الزواج القائم على الأسس الشرعية السليمة، قال تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم:21)
وعلى كل من الزوجين أن يحافظ على الميثاق الذي وصفه الله تعالى في القرآن بقوله (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً) (النساء:21)
وعلى كلا الزوجين أن يلجأ في حالة حدوث مشكلة إلى الحلول الشرعية، بدلاً من التمادي فيما من شأنه أن يؤدي إلى الفرقة والتنافر، فالزوجة مطالبة بتحمل الزوج وعدم استفزازه حتى ينطق بالطلاق، وعلى الزوج أن لا يقصر في حق زوجته حتى تضيق به ذرعاً، وراجعي في هذا الجواب رقم: 20950 أما عن طلاق زوجك لك وهو غضبان، فقد سبق بيان حكمه في الجواب رقم: 20079 فانظريه مع مراجعة ما فيه من الإحالات.
وخلاصة هذه الإجابات أن الغضب الذي لا يقع الطلاق معه، هو الذي يصل بصاحبه إلى حد يجعله لا يعي شيئاً، ولا يتحكم في تصرفاته، قياساً على المكره والمجنون، فإذا كان غضب الزوج من هذا النوع فطلاقه لا يقع، أما إذا كان غضبه متوسطاً أو عادياً فإن الطلاق يقع معه، لأن غالب الأزواج يطلقون وهم غضاب، ونوصيك في هذه الحالة بمراجعة الجهات الشرعية المتخصصة في بلدك الذي تقيمين فيه، للفصل في مسألتك، وعلى افتراض أن الطلاق الذي صدر من الزوج واقع، فلا يحق لك الامتناع من الرجوع إلى بيته إذا أراد ارتجاعك، مادام هذا هو الطلاق الأول، أو الثاني، وما دام قد ارتجعك قبل أن تنتهي عدتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1423(13/12497)
ماهية الغضب الذي لا يؤثر على العروة الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[أوقع زوجي الطلاق وهو في حالة غضب شديد وقال "لو لم تأت معي الآن فأنت طالق بالثلاثة " فلم أنفذ ما قال 0 هل يقع الطلاق أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان أن الغضب لايمنع وقوع الطلاق إلا في حالة واحدة وهي: ما إذا أوصل الغضب الشخص إلى حال لا يعي معها ما يقول. فلتراجع الفتوى رقم:
12287 والفتوى رقم: 8628.
وإذا لم يصل الرجل إلى تلك الحالة من الغضب فإن طلاقه واقع.
وفي هذه الصورة التي وردت في السؤال إن كان الغضب لم يصل به إلى تلك الحالة فإن زوجته قد طلقت وبانت منه بينونة كبرى، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، كما هو مذهب جماهير العلماء منهم الأئمة الأربعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1423(13/12498)
الطلاق حال ذهاب العقل لا تترتب عليه آثاره
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي طلق أمي ثلاث مرات وذلك كان منذ عام ونصف تقريبا ومع العلم أن أبي مصاب بأمراض كثيرة ومن هذه الأمراض الكلى وهذا المرض يؤدي إلى ضعف التفكير بشكل صحيح عندما يتأخر الإنسان أو المصاب عن الغسيل في الوقت المحدد وقد تم الطلاق أمامي وفي الوقت الذي فقد فيه أبي عقله تقريبا وهو يبلغ من العمر السابعة والخمسين وأمي تعلم أنه فعل ذلك.
أرجو منكم الإجابة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمطلق إذا كان لا يعي ما يقول، لجنون أو إغماء أو غضب شديد مستحكم أو مرض يسبب له ذلك، فإن طلاقه لا يقع، لأنه لا يؤاخذ بأقواله في هذه الحالة، لما هو مقرر في الشرع من أن ذهاب العقل من موانع التكليف، ولمعرفة المزيد عن هذا الحكم راجع الفتوى رقم: 3396، والفتوى رقم: 20079.
ولمعرفة أحوال من يقع منه الطلاق، ومن لا يقع منه راجع الفتوى رقم: 9157.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1423(13/12499)
حكم طلاق من هددته زوجته برمي نفسها من مكان عال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج وأب لطفلتين حصلت مشكلة بيني وبين زوجتي وهددت برمي نفسها من البلكونة إذا لم أطلقها وقلت لها خوفا من العواقب (والله ما صعب علي من هذه الكلمة وأنت طالق والآن قد مر ثلاثة أشهر وهي ترفض العودة وأنا أريدها أن ترجع فهل هذا الطلاق يعتبر صحيحا؟ أرجو الإفادة فأنا في حيرة من أمري منهم من يقول إنه صحيح ومنهم من يقول إنه غير صحيح علما أن زوجتي رفضت الالتزام بالعدة الشرعية في بيتها وكانت تخرج كثيرا في غيابي وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الطلاق الذي صدر منك طلاق صحيح نافذ، وتهديد الزوجة لك برمي نفسها لا يعتبر إكراهاً لك على التلفظ بما تلفظت به من طلاقٍ حتى يقال: إنك مكره ولا تمضي تصرفاتك.. بل إنه كان بإمكانك أن تزجرها عن ذلك الفعل وتتخذ الإجراءات المناسبة اللازمة لمنعها من تنفيذ تهديدها.
وبالجملة فإن طلاقك لزوجتك نافذ لعدم ما يمنع نفوذه -كما قدمنا- والآن إن كانت هذه هي الطلقة الأولى أو الثانية وكنت قد ارتجعت الزوجة في عدتها فهي زوجتك بالفعل وليس لها هي الحق في أن تمتنع من الرجوع إليك، وإن امتنعت وتمنعت بأهلها فهي عاصية لله تعالى ناشز، ومن أعانها على ذلك فهو شريك لها في الإثم.
وننبه هنا إلى أن صحة ارتجاع الزوج لزوجته في عدتها لا يشترط لها رضاها ولا رضا وليها، بل يكفي كل ما يصدر من الزوج مما يدل عليه من قول أو استمتاع أو نحو ذلك.
أما إذا انقضت عدة الزوجة قبل أن ترتجعها فلن تكون لك زوجة بعد ذلك إلا بعقد نكاح جديد تتوفر فيه كل الشروط المعروفة من رضى الزوجة ورضى الولي والمهر والشاهدين.
وكذلك إن كانت الطلقة التي صدرت منك هي الطلقة الثالثة، فليس لك أن تتزوجها إلا بعد ما تنكح زوجاً غيرك ويدخل بها. ثم إن طلقها بعد ذلك أو مات عنها جاز لك أن تتزوجها.
واعلم أنما ذكرناه لك مبني على أقوالك أنت فقط، مع العلم أن مثل هذه الأمور تتوقف موافقة الحكم فيه للصواب على سماع أقوال أطراف النزاع الآخرين.. لذلك نرشدكم إلى مراجعة المحاكم الشرعية -إن وجدت- في البلد الذي أنتم فيه، أوالحضور عند بعض أهل العلم مباشرة.
وأخيراً ننصح كلَ زوجين بأن يترافقا بالمعروف وأن يتغاضى كل واحد منهما عن هفوات الآخر، وأن يؤدي كل واحد منهما لصاحبه حقوقه، فبهذا ستقر الحياة الزوجية فينعم كل الأسرة تحت ظل وارف من الدعة والسعادة.
ونقول لهذه السيدة: إن طلب المرأة الطلاق في غير ضرر لحقها من الزوج يعتبر إثماً عظيماً، ففي المسند والسنن وصحيح ابن حبان،أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة.
ينضاف إلى ذلك أنما هددت به من رمي نفسها من أكبر الإثم لأنه قد يؤدي إلى قتل نفسها، وليس فوق ذلك إثم ما عدا الإشراك بالله تعالى، فعليها أن تتوب إلى الله تعالى من ذلك العزم توبة نصوحاً، وتدرك خطورة ذلك الأمر وجسامته ولمزيد الفائدة راجع:
8676
10397.
ونقول لك أنت أيها الزوج: اسع لإصلاح ما بينك وبين أهلك بالوسائل المشروعة لتجمع شمل أسرتك وتحافظ على تربية ذريتك بين أبويها.
فإن عجزت عن ذلك فلا تعلق نفسك بهذه المرأة بعينها فالنساء سواها كثر، ولن يكون إلا ما أراد الله تعالى، نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين جميعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1423(13/12500)
ما يلزم من طلق غضبان ثم عاشر زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ماحكم الدين في الحلف بالطلاق في حالة غضب شديد ثم لم يعمل بهذا الحلف مع العلم أن الذي يحلف قد تاب وندم ومن ثم عاشر زوجته معاشرة الأزواج الرجاء الإجابة لأنني في حيرة من أمري وفقكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي نرى رجحانه في هذه المسألة هو أن الحلف بالطلاق يعتبر طلاقاً معلقاً، وكذلك أقوال الغضبان وأفعاله تترتب عليها آثارها وتلحقه تبعاتها ويؤاخذ بمقتضاها ما لم يصل به الغضب إلى مرحلة يفقد فيها وعيه وشعوره بما يصدر منه من تصرفات.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها:
1956
12287
15595
3795.
أما بخصوص معاشرة الزوجة بعد ذلك الحلف، فنقول: إنه في حالة وقوع الطلاق ينظر، فإن كانت هذه هي الطلقة الأولى أو الثانية، فإن معاشرة الزوجة في العدة تعتبر ارتجاعاً لها، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى المشار إليها برقم:
3795.
أما إن كانت تلك هي الطلقة الثالثة فلا يجوز له ارتجاعها حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة وليس نكاح تحليل، فإن طلقها ذلك الزوج فإنه يحل للزوج الأول أن يتزوجها بشروط الزواج المعروفة.
وبكل حال ننصح الأخ صاحب المسألة بمراجعة المحاكم الشرعية في البلد الذي هو فيه إن وجدت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(13/12501)
المعتبر حالة المريض وقت صدور الطلاق منه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد طلق أبي أمي ثلاث مرات أمام عيني مع العلم أن أبي كان مصابا بمرض الكلى وهذا المرض يؤدي إلى وصول السموم إلى المخ مما يؤدي إلى عدم التفكير بشكل جيد وأيضا هو كبير في السن فهل تعتبر أمي مطلقة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر -من السؤال- أن هذه الزوجة بانت من زوجها بينونة كبرى، لأن الله تعالى يقول: (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) [البقرة:229] .
قال المفسرون الطلاق حل العصمة المنعقدة بين الأزواج بألفاظ مخصوصة، وهذه الآية رافعة لما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام من أن الرجل كان أحق برجعة امرأته وإن طلقها مائة مرة ما دامت في العدة، فلما كان هذا فيه ضرر على المرأة قصرهم الله تعالى على ثلاث طلقات، وأباح الرجعة في الأولى والثانية، وأبانها بالكلية في الثالثة.
ومذهب الجمهور بمن فيهم الأئمة الأربعة أنها تبين منه بالثلاث، سواء أكانت مجتمعة أم كانت متفرقة.
وقالت طائفة من أهل العلم تقع واحدة رجعية، وأفتى بذلك بعض السلف من الصحابة والتابعين وأتباع المذاهب. ونصره ابن تيمية وتبناه، وكذلك تلميذه ابن القيم وعملت به المحاكم الشرعية في بعض بلاد المسلمين في هذا العصر.
وأما عن قول السائل الكريم: إن والده مصاب بمرض الكلى الذي يؤدي إلى تسمم المخ مما يؤدي إلى إصابة العقل، فإن المعتبر هو حالته التي صدر منه الطلاق فيها، فإن كان فاقد الوعي فلا يعتبر طلاقه. أما إن كان في حال وعيه واختياره فإن طلاقه يقع، ولا عبرة لأصل المرض ولا بما قد يسببه.
والحاصل أن الطلاق إذا كان وقع متفرقاً وفي وقت انتباه والدك وعدم تأثير المرض عليه تأثيراً يذهب بعقله، فإن أمك بانت منه بالإجماع.
أما إذا وقع في غياب عقله، فإنه لا يقع، وإن كان وقع دفعة واحدة، وهو في وقت يتمتع فيه بكامل قوته العقلية، فإنه فيه الخلاف هل يقع واحدة أو ثلاثاً، وبالثلاث قال الجمهور.
وننصحكم بمراجعة المحاكم الشرعية إن كنتم في بلد فيه محاكم شرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1423(13/12502)
الغضب الذي لا تترتب عليه آثار الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحلفان بالطلاق في شدة الغضب هل يقع الطلاق
حيث أنني حلفت بالطلاق وكنت في حالة غضب شديد وكان الحلفان على شيء أن أحد الأشخاص اتصل تليفونيا في منزلي سوف أسبه ولم يتصل إلا بعد 15 يوم وحصل أنه اتصل ورديت عليه ولم أنفذ ما قلته سابقا وندمت على الحلفان؟
فما هو الموقف وكفارة الحلفان
ولكم جزير الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....أما بعد:
فأعلم أولا: أن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق، لأن الطلاق لا يحدث غالباً إلا من جراء غضب الزوج، ولا يستثنى من ذلك إلا إذا بلغ الغضب بالإنسان مبلغاً يجعله لا يعي ما يقول، ولا يتحكم في شيء من تصرفاته، فلا يقع الطلاق حينئذ، كما أخرجه أحمد وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا طلاق ولا عتاق في إغلاق ".
ثانيا: ما ذكرته من الحلف بالطلاق والحنث فيه، يترتب عليه وقوع الطلاق عند جمهور العلماء، وذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه ينظر في قصد الحالف، فإن أراد وقوع الطلاق عند الحنث، وقعت عليه طلقة واحدة وإن أراد منع نفسه أو حثها ولم يرد إيقاع الطلاق، فلا يجب عليه - عند الحنث - إلا كفارة يمين، وعلى القول بوقوع الطلاق، فإنه يقع طلقة واحدة رجعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1423(13/12503)
حالة الغضب تحدد وقوع الطلاق من عدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد وقع بيني وبين زوجتي طلاق أول مرة من عشر سنين وقد راجعتها قبل انقضاء العدة. ثم بعدها صار بيني وبينها نقاش على موضوع كنت أعلم كذبها فيه فقلت لها إن كنت لم تصدقيني الخبر فأنت طالق ,وبعدها اعترفت لي انها كذبت علي. وطلبت الفتوى فقيل لي يلزمني كفارة الحلف ففعلتها. ثم نشب خلاف بيني وبين زوجتي حتى أثارتني بقول غير لائق وأنا كنت غضبان وقد كنت في حالة أن أمد يدي عليها ولكن وجدت لفظ الطلاق بقولي أنت طالق يسبق يدي.
أنا لا أرغب في طلاقها فهل هذا يعتبر الطلاق الثاني أو الطلاق الثالث وهل لي مراجعتها؟
أثابكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يتخذ حدود الله هزواً، ومن حدود الله الطلاق، فإن الله تعالى جعله حداً يلجأ إليه عندما يتعذر على الزوجين تأسيس أسرة على بساط المودة والرحمة في ظل الإسلام وأحكامه، فلا ينبغي أن تكون كلمة الطلاق مبذولة على اللسان عند كل موقف انفعالي، أو غضبة يغضبها، ولا أن يكون من ضمن قاموس ألفاظ التهديد التي يضغط بها الزوج على المرأة، فما شرع الله الطلاق لذلك.
أما بشأن ما ورد في سؤالك من أنك طلقتها الطلقة الأولى من عشر سنين، ثم طلقتها طلاقاً مشروطاً بقولك: إن كنت لم تصدقيني الخبر فأنت طالق، ثم بان لك عدم صدقها، فإن هذا الطلاق واقع، وهذا الذي نفتي به. وانظر الفتوى رقم: 12084 والفتوى رقم: 5677 بخلاف فتوى من أفتاك بعدم وقوعه، وتكون هذه هي الطلقة الثانية.
ثم إنك الآن قد طلقتها الطلقة الثالثة، وتزعم أنها وقعت في حالة غضب، فنقول: إن بلغ بك الغضب مبلغاً أفقدك عقلك، ولا تعي فيه تصرفاتك، فإن الطلاق لا يقع، أما إن كنت عاقلاً لما تقول فإنه يقع، وتبين منك زوجتك بينونة كبرى، لا تحل لك حتى تنكح زوجاً غيرك نكاح رغبة لا نكاح تحليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1422(13/12504)
حد الغضب الذي يمنع وقوع الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[متزوج منذ 5 سنوات ومنذ أول سنة بدأت االمشاكل فهي لا تسمع الكلام في أغلب الأحيان ولا تعمل إلا ما في رأسها فأغضب منها وأقول لها كلمة: طالق.
فصارت عندي عادة فصرت أهددها وأقول لها: علي الطلاق، وعندما أغضب أقول: أنت طالق، وهكذا مع العلم أنني قلت لها أنت طالق كثيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق، لأن الطلاق غالباً لا يحدث إلا جراء غضب من الزوج، وهناك حالة نص أهل العلم على أن الغضبان لا يقع طلاقه فيها، ولا يمضى شيء من تصرفاته، وهي ما إذا أوصله الغضب إلى وضع يجعله لا يعي شيئاً ولا يتحكم في تصرفاته، فلا يقع الطلاق في هذه الحالة قياساً على المكره والمجنون.
ولما أخرجه أحمد وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق".
فإذا كنت قد قلت لزوجتك: أنت طالق ثلاث مرات متفرقات، وأنت تعي ما تقول، فقد بانت منك بينونة كبرى توجب عليك فراقها، ولا تحل لك حتى تنكح زوجاً غيرك، ويدخل بها في نكاح صحيح ليس الغرض منه تحليلها عليك، فإن طلقها بعد ذلك فلك أن تتزوجها، وننصحك بعرض المسألة على القاضي الشرعي في البلد الذي أنتم فيه إن وجد وإلا ففي أقرب بلد ممكن، ولا تقرب زوجتك حتى يبت في الأمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1422(13/12505)
حكم طلاق السكران
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا فضيلة الشيخ الكريم لقد طلقت زوجتي وأنا في حالة سكر وغضب فما حكم الإسلام في ذلك؟ مع العلم أنني لم أذهب إلى المحكمة الشرعية
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا أولاً نذكر الأخ السائل بعظم ذنب شرب المسكر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة، إلا أن يتوب".
ويقول: "فإن حقاً على الله لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال". قالوا: وما طينة الخبال يا رسول الله؟ قال: "عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار" رواهما مسلم.
وقد سمى الله الخمر رجساً من عمل الشيطان، وأمر باجتنابها، فشربها كبيرة من كبائر الذنوب التي لا تكفرها إلا التوبة.
فندعو الأخ إلى المسارعة بالتوبة قبل أن يحين الأجل وحينها لا ينفع الندم، وأما عن طلاق السكران، فقد وقع الخلاف بين أهل العلم: أيقع طلاق السكران أم لا يقع؟
فجمهورهم رأى وقوعه وآخرون يرون أنه لا يقع إن كان السكران قد وصل إلى حال لا يعلم ما يقول، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، ودليل ذلك ما ورد في قصة ماعز لما أقر على نفسه بالزنى، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: "أشربت خمراً؟ قال: لا. فقام رجل فاستنكهه فلم يجد فيه ريحاً". رواه البيهقي في السنن، والنسائي في الكبرى.
وإنما استنكهه ليعلم أسكران هو أم لا؟ فإن كان سكران لم يصح إقراره، وهذا هو وجه الاستدلال، وإذا لم يصح إقراره علم أن أقواله باطلة كأقوال المجنون.
ولأن السكران الذي لا يعلم ما يقول ليس له قصد صحيح، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما الأعمال بالنيات". وهذا هو القول الصواب.
وأما عن طلاق الغضبان إذا انفرد الغضب عن السكر، فقد تقدم الجواب عنه برقم:
8628
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1424(13/12506)
حكم طلاق المسحور
[السُّؤَالُ]
ـ[لنا أخ في الله مصاب بمس من جان وسحر منذ حوالي خمس سنوات، ويشهد على ذلك إخوة لهم مجال في هذا الشأن، ويقولون إن هذا العمل عمل تفريق بغية التفريق بينه وبين زوجه ولكن المحظور وقع فطلق زوجه ثلاث مرات بينهن أعوام عدة. فهل يقع ذلك الطلاق مع العلم بأن زوجته حامل، أم أن حكمه حكم شارب الخمر والغضبان؟
نأمل إفادتكم لنا في القريب العاجل لحل هذه المسألة الشائكة.
أبقاكم الله ذخراً للإسلام والمسلمين ونفع الله بكم المسلمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الطلاق بما أنه تصرف من التصرفات التي لها آثارها ونتائجها في الحياة الزوجية، فلا بد أن يكون من صدر منه كامل الأهلية، حتى تصح تصرفاته ويعتد بها، وإنما تكمل أهليته بالعقل، والبلوغ، والاختيار، ولهذا فقد اتُفق على أن الزوج البالغ العاقل المختار هو الذي يقع طلاقه، أما لو كان صبياً، أو مجنوناً، أو مكرها، فإن طلاقه يعتبر لغواً لو صدر منه.
روى أصحاب السنن عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل" وقال ابن عباس رضي الله عنهما: فيمن يكرهه اللصوص فيطلق، ليس بشيء. رواه البخاري.
وبما تقدم يتبين أن الإنسان عندما يفقد عقله، أو إرادته، فلا أثر لما صدر منه من طلاق، لأن العقل والإرادة هما أساس التكليف، فإذا ما فقدا فقد التكليف، واعتبر الشخص غير مسئول عن أقواله.
وعليه فإنا نرى أن من أصيب بسحر أزال عقله، أو سلبه إرادته، أو بجنون مطبق، لا يعتد بما صدر منه من طلاق أو غيره، لفقده العقل والإرادة اللذين هما مناط التكليف، والمحل الموجه إليه الخطاب من الإنسان.
أما إذا كان هذا الشخص المصاب بالسحر أو الجنون، يفيق في بعض الأحيان، وطلق زوجته طلاقاً ليس مدفوعاً إليه دفعاً لا تمكنه مقاومته، وكان ذلك في فترات إفاقته وصحوه ورجوع عقله إليه، فإنه في هذه الحالة يؤاخذ بما يتفوه به من طلاق أو غيره، شأنه في ذلك شأن غيره من المكلفين المختارين، فتبين زوجته منه بينونة كبرى إذا كانت الطلقات الثلاث المذكورة في أوقات إفاقته. وحمل الزوجة لا أثر له على وقوع الطلاق، فالطلاق يقع على الحامل، كما يقع على غير الحامل، ومن طلقت وهي حامل فإن عدتها تنتهي بوضع حملها، قال تعالى: (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) [الطلاق: 4] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1422(13/12507)
أحوال طلاق الغضبان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يقع الطلاق بمجرد التلفظ به ثلاث مرات أو أكثر أم هناك أي استثناء بناء على الظروف التي وقع فيها الطلاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن قال لزوجته أنت طالق ثلاثاً، أو أنت طالق وطالق وطالق، ونحو ذلك، بانت منه زوجته، ولا يحل أن ينكحها إلا بعد أن تنكح زوجاً غيره، وهذا مذهب جماهير أهل العلم.
وأما طلاق الغضبان فالراجح أنه يختلف باختلاف الغضب، وقد بين ذلك ابن القيم رحمه الله فقال: "طلاق الغضبان ثلاثة أقسام:
الأول: أن يحصل له مبادئ الغضب، بحيث لا يتغير عقله، ويعلم ما يقول ويقصده، وهذا لا إشكال فيه، يعني أن طلاقه واقع وقوعاً لا إشكال فيه.
الثاني: أن يبلغ النهاية، فلا يعلم ما يقول، ولا يريده، فهذا لا ريب أنه لا ينفذ شيء من أقواله.
الثالث: من توسط بين المرتبتين، بحيث لم يصر كالمجنون، فهذا محل النظر، والأدلة تدل على عدم نفوذ أقواله."
وقد روى أبو داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله وعليه وسلم يقول: "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق" والإغلاق معناه انغلاق الذهن عن النظر والتفكير بسبب الغضب أو غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1422(13/12508)
أحوال من يقع منه الطلاق ومن لا يقع منه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الحالات التي لا يقع فيها الطلاق؟ مع التركيز علي الطلاق المشروط؟ وما المقصود بالنية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبما أن الطلاق تصرف من التصرفات التي لها آثارها ونتائجها في الحياة الزوجية، فلابد أن يكون من صدر منه كامل الأهلية، حتى تصح تصرفاته، وإنما تكمل أهليته بالعقل والبلوغ والاختيار، ولهذا فقد اتُفق على أن الزوج البالغ العاقل المختار هو الذي يقع طلاقه. أما إن كان صبياً أو مجنوناً أو مكرها، فإن طلاقه يعتبر لغوا لو صدر منه.
روى أصحاب السنن عن علي رضي الله عنه أنه قال: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل".
وروى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كل طلاق جائز، إلا طلاق المعتوه المغلوب على عقله". قال الترمذي هذا حديث لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث عطاء بن عجلان، وهو ضعيف، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما فيمن يكرهه اللصوص فيطلق: ليس بشيء. رواه البخاري.
وبما تقدم يتبين أن الإنسان عندما يفقد عقله أو إرادته، فلا أثر لما صدر منه من طلاق، لأن الإرادة والاختيار هما أساس التكليف، فإذا ما فُقِدا فُقِد التكليف، واعتبر المكره غير مسئول عن أقواله، لأنه مسلوب الإرادة، وهنالك حالات أخرى مختلف في وقوع الطلاق من المتلبس بها، وهي: السكر والغضب والسحر، أعني: طلاق المسحور.
فبالنسبة لحالتي الغضب والسحر، انظر ما كتبناه تحت رقمي: 1496، 6580.
وأما بالنسبة لحالة السكر، فمذهب جمهور الفقهاء على وقوعه فيها، لأنه المتسبب بإدخال الفساد على عقله بإرادته.
وبخصوص الطلاق المشروط، أعني المعلق: فهو أن يعلق الزوج طلاق امرأته على حصول أمر معدوم، ويمكن أن يوجد، وحكمه: أنه إذا كان قصده منه إيقاع الطلاق عند حصول الشرط، فهو واقع بلا خلاف.
أما إذا كان القصد منه هو مجرد الحمل على الفعل، أو الترك، أو التهديد، فهذا محل خلاف، والجمهور على وقوعه، لأن الصيغة نص في تعليق الطلاق على أمر، وقد وقع الأمر المعلق عليه، وذهب بعضهم إلى أنه لا يقع، وجعل هذا من التهديد بالطلاق، والتهديد بالطلاق ليس طلاقاً، ويلزمه حينئذ كفارة يمين، وهذا هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من العلماء، وهو الظاهر، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: "وإنما لكل امرئ ما نوى"، والنية هي: القصد بالقلب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1422(13/12509)
الغضب الذي لا يقع معه الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[حصل بيني وبين زوجتي خصام فقلت في ساعة غضب أنت طالق مرة واحدة فقط في لحظة غضب في أحد أيام رمضان وقد ندمت على ذلك وبقيت زوجتي عندي ولم تخرج إلا قبل الإفطار وذهبت بها إلى أهلها للإفطار وفي الليل أرجعتها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقولك لزوجتك: أنت طالق. من الألفاظ الصريحة التي يقع بها الطلاق، وكون ذلك في ساعة غضب لا يعني عدم وقوعه، فإن الطلاق عادة يقع مع الغضب، ويستثنى من ذلك ما إذا بلغ الغضب بالإنسان مبلغاً يذهب فيه وعيه وإدراكه، بحيث لا يشعر باللفظ الخارج منه، فهذا هو الغضب الذي لا يقع معه طلاق.
فإن كنت مدركاً لما تقول أثناء تلفظك بالطلاق، فهو طلاق واقع، ويحسب عليك طلقة واحدة، ولك إرجاع زوجتك خلال العدة بكلام أو جماع، ويستحب الإشهاد على رجعتها.
والذي ننصحك به هو أن تتجنب ألفاظ الطلاق قدر استطاعتك، حتى لا تهدم بيتك، وتجني على أسرتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1422(13/12510)
حكم طلاق المسحور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يقع طلاق المسحور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الشخص في حالة فقد وعي، بحيث لا يدري ما يقول أويدري ما يقول ولكنه يجد نفسه مجبرا على التلفظ بلفظ الطلاق بسبب سحر أثر على عقله تأثيرا يجعله غير قادر على التحكم فيما يصدر عنه من ألفاظ أحرى إذا كان السحر قد أتى على عقل الشخص فأذهبه وأطاح بتفكيره فإنه لا يقع منه طلاق فى الكل لأنه إما مثل المكره وإما مثل المجنون والمعتوه والمغمى عليه، وإن كان يعي مايقول ويملك نفسه فهو مؤاخذ بما يتفوه به، شأنه في ذلك شأن الأصحاء. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1421(13/12511)
الطلاق تحت الضغط الأدبي أو بسبب الخوف على المطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وقوع الطلاق تحت الضغط الأدبي أو الخوف على المطلقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص أكثر أهل العلم على أن طلاق المكره غير واقع، بشرط أن يكون الإكراه ملجئاً، بأن يكون الوعيد أو التهديد من قادر على الإنفاذ، وأن يغلب على الظن نزول الوعيد إن لم يجبه المكره إلى طلبه، وأن يكون مما يتضرر به ضرراً كثيراً، كالقتل، أو الضرب الشديد، أو القيد، أو الحبس الطويل، أو أخذ كل المال أو بعضه إن كان كثيراً، وما أشبه ذلك، وسواء كان هذا الضرر على المكره، أو على من يتأذى كثيراً لأذيتهم، كزوجته وأقربائه.
أما الشتم والسب وأخذ المال اليسير والعتاب واللوم والقطيعة وما أشبه ذلك فإن هذا ليس إكراهاً ملجئاً.
فإذا صدر الطلاق تحت مثل ما ذكر من أنواع الإكراه الملجئ فإنه لا يقع، وهذا كله في الإكراه بغير حق، أما إذا أكره على الطلاق بحق كالموُلي إذا انقضت مدة الإيلاء بدون فيئ (رجوع) فأجبره القاضي على الطلاق فطلق، فإنه يقع الطلاق بلا خلاف. ومما تقدم يعلم أن ما ورد في السؤال لا يدخل تحت الإكراه الملجئ - حسب ما فهمنا - وعلى ذلك فإن الطلاق في مثله واقع.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/12512)
يقع طلاق الغضبان في الراجح عند أهل العلم إلا إذا فقد وعيه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إذا طلق زوج زوجته للمرة الثالثة وقرر بعد ذلك استرجاعها ما هو حكم ذلك؟ وكيف؟ علما أن الزوجة تعاني من اضطراب نفسي وأن الطلاقات الثلاث كانت تتم إبان فورات غضب الزوج على مسلكيات للزوجة ناجمة عن اضطرابها النفسي ولم تكن قد خضعت للعلاج والان هي قيد العلاج.. (أنا طبيبها النفسي) ؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا طلق الرجل زوجته الطلقة الثالثة فقد بانت منه بينونة كبرى ولا تحل له حتى تنكح بعده زوجاً غيره نكاحاً صحيحاً يطؤها فيه ثم يطلقها. فإن طلقها هذا الرجل الثاني حل للأول أن يتزوجها. وذلك لقول الله تعالى (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون) [البقرة:230] والمعنى فإن طلقها بعد الطلقتين المذكورتين في الآية التي قبل هذه الآية وهي: (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) فالحكم هو ما ذكرنا.. واعلم أن الطلاق حالة الغضب نافذ على الراجح عند أهل العلم إلا إذا كان الغضبان قد فقد وعيه تماماً وصار يتصرف كما يتصرف المجنون المطبق الذي لا يميز بين الليل والنهار.
والعلم عند الله.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/12513)
حكم من قال لزوجته وهوغاضب أنت طالق أو محرمة علي
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل قال لزوجته: أنت طالق ثم قال لها: ... أنت محرمة علي ّّوهو غضبان وهي حائض ... فهل الطلاق هنا واحد أم طلاقان وقد مر ... ثلاثة أشهر فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه..... وبعد: ...
فقد اختلف أهل العلم في حكم قول الرجل لزوجته أنت علي حرام أو محرمة فمنهم من قال إن ذلك بينونة كبرى لأن التحريم يقتضي ذلك. ومنهم من قال إن القائل يسأل عن نيته فإن قصد الطلاق فهو طلاق وإن قصد الظهار فهو ظهار وإن قصد الإيلاء فهو إيلاء وإن قصد اليمين فهو يمين ويعامل بما يترتب على ذلك. ولعل هذا القول هو الراجح- إن شاء الله تعالى- لقول النبي صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات...." كما في الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وأما كون الزوج قال هذا الكلام وهو غضبان فلا يمنع ذلك وقوع الطلاق، لأن الطلاق عادة لا يحدث إلا جراء غضب من الزوج فلو قلنا بعدم وقوع طلاق الغضبان لما وقع طلاق إلا ما ندر. وهنالك حالة نص أهل العلم على أن الغضبان فيها لا يقع طلاقه ولا يمضي شيء من تصرفاته وهي ما إذا أوصله الغضب إلى حد الإغماء وفقدان الحواس أوعدم الوعي لتصرفاته قياساً له على المكره والمجنون وفي المسند وسنن ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا طلاق ولا عتاق في إغلاق) (والإغلاق الإكراه على الراجح) . وأما الطلاق في الحيض فهو واقع أيضاً عند الجمهور ويحرم القدوم عليه أصلاً ويأمر الزوج بالرجعة وجوباً إن كانت الزوجة رجعية. لما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن ابن عمر رضي الله عنهما طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعُد وإن شاء طلق قبل أن يمس. فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء) فعلى هذا الرجل أن لا يقرب هذه المرأة حتى يذهب إلى المحاكم الشرعية الموجودة في البلد الذي هو فيه ويعرض عليها القصة كاملة ويعمل بما تحكم به والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1424(13/12514)
لا يقع طلاق الغضبان إذا غلب على عقله
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل قال لزوجته عندما غضب عليها اذهبي أنت طالق لاسيما وأنها طلبت ذلك منه عندما رفع صوته عليها، المشكلة أن هذه الحادثة تكررت ثلاث مرات لكن في المرة الثالثة كان الزوج غاضباً جداً لدرجة أنه كسر الزجاج والأبواب، فهل يقع الطلاق رغم كون الزوج في حالة الغضب؟ أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد: ...
ليس كل خلاف ينبعث عنه الطلاق وإنما الذي ينبعث عنه الطلاق ويعينه هو دوام الشقاق الذي يستحيل معه العشرة الزوجية وفي حالة الشقاق نفسه لا يجوز فصم عرى الزوجية مباشرة، فلا بد من الإصلاح بين الزوجين وإجراء التحكيم قبل الطلاق، فإن نفدت وسائل الإصلاح والجمع وتحقق لدى الحكمين أن التفريق أجدى فالفرقة في هذه الحالة أفضل قال تعالى: (وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته) [النساء: 130] . والطلاق أمر يبغضه الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم: " أبغض الحلال إلى الله الطلاق ". [رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم وضعفه الألباني] . واللفظ المذكور في السؤال من الألفاظ الصريحة في الطلاق، فيقع بها الطلاق دون الحاجة إلى نية، فيحسب عليه طلقتان، وأما الثالثة التي تلفظ بها في حالة الغضب، فإنه من المعلوم أن الغضب أقسام: 1: يحصل للإنسان مبادئه وأوائله ولكنه لا يغير من عقله فهو يعي ما يقول، فهذا لا إشكال في وقوع طلاقه. 2: يبلغ به الغضب نهايته فلا يعي ما يقول، فلا خلاف في عدم وقوعه. 3: يستحكم به الغضب ويشتد عليه فلا يزيل عقله، فهو يعي ما يقول، ولكنه يحول بينه وبين نيته، ففيه خلاف ولكن الأدلة كما قال ابن القيم – تدل على عدم وقوع طلاقه وعقوده التي يبرمها في معاملاته. فإن كان الغضب من الحالتين الأخيرتين فلا يقع الطلاق، وعلى السائل أن يراجع المحكمة الشرعية في بلده، وننصحه بأن يتريث ولا يتسرع في الطلاق، وأن يضبط ألفاظه، والله الموفق والهادي لكل خير، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1422(13/12515)
زوجها أساء عشرتها وتركها وطفلتها بلا نفقة فهل تختلع منه
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجني أهلي غصباً من شخص لم أجد القبول معه ولا أطيقه، هذا الشخص يتعاطى المخدرات ومريض نفسي لم أجد معه أبداً الحياة الزوجية بمعناها الصحيح بل كانت مليئة بالتعاسة والقهر، لي منه بنت وقد سافر لبلد آخر بلا سبب ولا اتصال وتزوج من أجنبية ولم يصرف علينا طوال تلك الفترة وعاد إلى بلدنا بعد سنتين وبدون أن يسأل عني أنا وبنته، علماً بأننا نعيش حالياً في بيت أهلي وأنا أريد الطلاق وأهلي يرفضون طلاقي وأهون عليهم أن أكون معلقة لأجل كلام الناس وهذا يرفضه الدين وأنا لا أريده. فماذا أفعل؟؟ هل يجوز لي الخلع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن يتوسط بعض الفضلاء ليصلحوا بينك وبين زوجك، ويناصحوا زوجك ليجتنب المنكرات ويستقيم على طاعة الله ويقيم حدود الله في بيته، فلعلّ الله يصلحه وتستقيم الحياة بينكما وتتربى البنت في كنف أبويها ويجتمع شمل الأسرة في طاعة الله، وفي ذلك من المصالح ما لايخفى، وليس تحقيق ذلك بعزيز على الله.
فإن لم ينفع ذلك، ولم يعد زوجك لك ويعاشرك بالمعروف، فلا شك أن الخير لك حينئذ هو التخلص منه، وبالتالي فلك رفع أمرك للقاضي الشرعي وطلب الطلاق أو الخلع، ولا حقّ لأهلك في الحيلولة بينك وبين الطلاق خوفاً من كلام الناس ففي ذلك ظلم لك وهضم لحقّك.
ولمعرفة الحالات التي يجوز للمرأة فيها طلب الطلاق، راجعي الفتوى رقم: 37112.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1430(13/12516)
حكم الخلع بسبب هجر الزوج وعدم إنفاقه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم خلع الزوجة لزوجها إذاهجرها مدة ستة أشهر أو تزيد مع عدم الإنفاق عليها؟ علما بأنّ قضيتهما في الطلاق المدني تحت النظر لدى المحكمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوزللزوج هجران زوجته لغير نشوز ونحوه كما لا يجوز له الامتناع عن الإنفاق عليها لغيرسبب، لقوله صلى الله عليه وسلم كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته. رواه الإمام مسلم وغيره.
وللزوجة رفع أمرها لقاض شرعي بسبب الهجران المذكورأوعدم الإنفاق عليها، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 116349، ورقم: 31884.
وإذا كان الزوجان في بلد من بلاد الكفر فيتعين رفع الأمرإلى مركز إسلامي أو لبعض العلماء المسلمين الثقات، ولا يجوز التحاكم إلى محاكم الكفر إلا في حالة الضرورة بحيث تعين ذلك لرفع الظلم عن الزوجة مع عجز المراكزالإسلامية عن حل النزاع أوعدم وجودها أصلا وتعذرالتحاكم إلى محكمة شرعية في بلد مسلم، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 7561.
ومن حق الزوجة أن تنال الطلاق من زوجها إذا أثبتت إضراره بها، وإن لم تستطع إثبات ذلك فلها أن تخالعه بما يتفقان عليه، وراجع الفتوى رقم: 122565.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1430(13/12517)
طلب الخلع لسوء خلق الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال بخصوص أختي: تم عقد قرانها على شخص كان في الأول رمز الأخلاق والكرم والطيبة، وبعد كتب الكتاب بأسبوع بدأ يتغير سلوكه، وتبين أنه عصبي وأظهر من الأخلاق ما يستحيل إتمام هذا الزواج فطلبت منه الطلاق عن طريق التوجيه الأسري فرفض. أطلب منكم شاكرين أن تفتونا. مع العلم بأنه طالبها بكل ما أنفق عليها من مال وذهب. فما حكم الشرع في ذلك؟ وهل يمكن أن يطلقها على ضوء هذه الأسباب أم لا. وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الزوجة المذكورة قد كرهت خلق زوجها، فلها طلب الطلاق منه، ولزوجها الامتناع من الطلاق حتى تختلع منه برد ما أعطاها من صداق ونحوه ثم يطلقها.
قال ابن قدامة فى المغنى: وجملة الأمر أن المرأة إذا كرهت زوجها لخلقه, أو خلقه, أو دينه, أو كبره , أو ضعفه, أو نحو ذلك, وخشيت أن لا تؤدي حق الله تعالى في طاعته, جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها منه; لقول الله تعالى {فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به} وروي {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصبح, فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما شأنك؟ قالت: لا أنا ولا ثابت , لزوجها , فلما جاء ثابت , قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه حبيبة بنت سهل , فذكرت ما شاء الله أن تذكر وقالت حبيبة: يا رسول الله كل ما أعطاني عندي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس: خذ منها. فأخذ منها, وجلست في أهلها. وهذا حديث صحيح , ثابت الإسناد , رواه الأئمة مالك وأحمد وغيرهما. انتهى.
وراجعي المزيد فى الفتوى رقم: 73322.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1430(13/12518)
المستفيدون من الخلع ولمن تئول قائمة المنقولات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الخلع؟ وهل المستفيد منه الزوج أم الأنثى، وهل قائمة المنقولات لصالح الزوجة أم لا فى حالة الخلع؟
وجزاك الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخلع لغة النزع، وشرعاً: طلاق الزوج زوجته مقابل عوض مالي، كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 3875.
والظاهر أن الخلع تعود فائدته على الزوجين معاً، فتستفيد الزوجة حريتها وانفكاك عصمتها من زوجها الذي لا ترضى معاشرته أو قد تكون تضررت بصحبته، وبالمقابل يستفيد الزوج من العوض المادي الذي حصل عليه عوضاً عما غرمه في الزواج، وقد يعينه على الزواج من أخرى، وأول خلع في الإسلام حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن ثابت بن قيس وزوجته جميلة بنت عبد الله بن أبي، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 23180.
وبخصوص من يستحق أثاث البيت في حالة الطلاق أو الخلع فقد تقدم تفصيله في الفتويين رقمي: 9494، 30662.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1430(13/12519)
زوجها يريد المهر كي يخالعها وهي لا تملكه
[السُّؤَالُ]
ـ[متزوجة منذ سنتين، في الماضي كانت لي علاقة مع ابن عمي، ومارست الجنس معه لدقائق وندمت أشد الندم، وتركت الناس، عشت وحيدة سوي أمي كانت تقف بجانبي لأنها شعرت بتغير، ولكنها لا تعلم بمشكلتي، فقط لأنها تحبني، بدأت اقتربت من ربي أكثر الصوم، وأقوم الليل، وبعدها رأيت شابا صديق زوج خالتي كان يريد الزواج من فتاة متدينة وذات خلق فرشحتني له خالتي، ورآني ولكنه كان قد خطب بنت عمه، وتعلقت به، وتمنيته لي زوجا، وقمت الليل لذلك، وسألت الله أن يكون زوجي، ومرت الأيام وأتى إلي خالتي وقال لها إنه انفصل عن خطيبته ويريد الزواج بأخرى، فقالت له: لي بنتان بنتي، وبنت أختي التي رأيتها في الماضي، فوافق وتم زواجي منه بسرعة، ولكن يوم دخلتي أحسست بالخوف من الماضي وبحت له بكل شيء، ونفس اليوم اتصل بأمي وطلب منها الحضور لشقنتا، وأخبرها بكل شيء، وصدمت أمي من الخبر ومرضت، ووعدها بأنه سوف يسترني لأن أخلاقي جيدة، وبعدها حصلت خلافات بيننا فما كان منه إلا أن اتصل بابن عمي وقال أنا لا أريدها لأنك أنت زنيت بها، وسوف أدفع لك أي مبلغ لتتزوجها، وصالحته وطلبت منه ألا يحكي مشاكلنا للغير، وحصل خلاف مرة أخرى لأنه سب أمي في عرضها، وأخبرت أمي بما حصل فغضبت منه، وقال إنه يريد مهره كاملا وحكي لخالتي علاقتي مع ابن عمي وأنني زانية، وأنه لا يريدني، فكبرت المشكلة، كان دائما يضربني في أبسط الأمور لأن صدره ضيق وليست له أخلاق، وتكرر الضرب مرات عديدة، فشكوت لأمي وخالتي لأنهما يعلمان بالماضي، فغضبت أمي وأخبرت أهله بأنه يضربني ويسيء معاملتي فما كان من أهله إلا أن قطعوا علاقتهم بأهلي، وأمه سبتني وقالت أن أهلي لم يحسنوا تربيتي، مع العلم أنها كانت مريضة فطلب مني أسافر لها وأخدمها فوافقت أمي، وسافرت لها، وجلست معها شهرا وسهرت معها الليل، لكنها لم تشكر لي ما فعلت، ومنذ ذلك الوقت انقطعت علاقتي بأهله، وهو دايما كثير الشك في أفعالي، فهو يعلم أنني في غيابه لا أفتح الباب لأحد، وهو كثير الخروج مع أصحابه لا يأتي إلا بالليل لينام.
سؤالي: أريد الطلاق منه لكنه يريد إرجاع المهر، فأهلي لا يستطعيون رده له، لأن المبلغ كبير، مع العلم أن خالتي هي من تصرف في المهر، وبعدها علمنا أنا وأهلي أنها أخذت جزءا كبيرا من المهر واشترت منه أثاثا لبيتها، أفادكم الله أفيدوني في الأمر لأنني لا أنام، وأخاف الفضيحة، فذات مرة قال لي بأنه سيخبر خالتي وزوجها بالماضي، وأنه سوف يلومهم أشد اللوم علي زواجي منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ف قد أحسنت بندمك على ما فعلت، ولكن ينبغي أن تجعلى من هذا الندم توبة نصوحا، وراجعي شروط التوبة بالفتوى رقم: 5450.
ثم إنك أخطأت من جهة أخرى عندما أخبرت زوجك بما حصل منك مع ابن عمك، وكان الواجب عليك أن تستري على نفسك فلا تخبري أحدا، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من ابتلى من هذه القاذورات بشيء فليستتر بستر الله.
وإذا كنت قد خشيت أن يطلع على زوال غشاء البكارة فكان يمكنك في مثل هذه الحالة أن تستخدمي التورية، وراجعي الفتوى رقم: 8417.
وننصح بالحكمة في حل المشكلة والبعد عن المعصية، وخاصة من قبل زوجك، ولا يجوز له أن يضربك لغير مسوغ شرعي، أو أن يظن بك سوءا من غير بينة، أو أن يخبر أحدا بما حدث منك في الماضي، ولا يجوز له أيضا أن يسيء إلى أمك، وهو مطالب تجاهك بأحد أمرين ذكرهما الله تعالى في كتابه حيث قال: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ. {البقرة:229} . فإما أن يعاشر بمعروف وإما أن يفارق بإحسان.
وإذا كان الطلاق وقع من قبله فليس له الحق في مطالبتك برد المهر، وأما إذا خالعته لكراهيتك عشرته فله الحق في مطالبته بعوض كالمهر مثلا، وانظري الفتوى رقم: 20199.
وإذا كانت خالتك أخذت بعض المهر من غير إذنك فهي مطالبة برده إليك، فالمهر حق للزوجة فلا يجوز لأحد التصرف فيه من غير رضى منها، قال تعالى: وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا. {النساء:4} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1430(13/12520)
طلب الخلع بسبب ظلم الزوج وإهانته وأذاه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي زوجة وتريد الخلع لأنها مريضة، ولا تقدر على العشرة الزوجية، وتحمل مسؤوليات البيت، وفوق ذلك أنني دائم شتمها وإهانتها وهي مريضة بارتفاع ضغط الدم، حتى أنه مرة أصابها جلطة بالصدر بسببي. فهل يحق لها ذلك؟ وحضانة الأطفال لمن تكون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
اعلم أيها السائل أنك قد عصيت ربك وظلمت نفسك وزوجك وولدك بما تقوم به من ظلم هذه الزوجة المسكينة، حتى أصابها من جراء ظلمك ما أصابها من المرض، وإنا لنحذرك عاقبة الظلم والبغي، فإن هذا مما يعجل الله عقوبته لصاحبه في الدنيا مع ما ينتظره من العذاب والخزي يوم يقوم الناس لرب العالمين، ففي الحديث الذي رواه البيهقي وصححه الألباني: ليس شيء أطيع الله تعالى فيه أعجل ثوابا من صلة الرحم، وليس شيء أعجل عقابا من البغي وقطيعة الرحم، واليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة. أخرجه أحمد وغيره وصححه الألباني.
واعلم أن فعلك هذا من كبائر الإثم والفواحش التي يخشى على صاحبها من سوء الخاتمة والعياذ بالله، جاء في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة الحادية والخمسون الاستطالة على الضعيف والمملوك والجارية والزوجة والدابة، لأن الله تعالى قد أمر بالإحسان إليهم بقوله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا. انتهى
أما بخصوص ما تطلبه هذه الزوجة من الخلع فهذا من حقها ولا شك، بل من حقها طلب الطلاق حتى تأخذ كامل حقوقها، فقد ذكر العلماء أن استطالة الرجل على زوجته بغير حق مما يبيح لها طلب الطلاق، بل قد نص بعض العلماء أنه يحق لها ذلك ولو اعتدى عليها مرة واحدة لم تتكرر، قال خليل: ولها التطليق بالضرر ولو لم تشهد البينة بتكرره. انتهى. بل ويؤدب الزوج زيادة على ذلك.
قال الدردير في الشرح الكبير: ولها أي للزوجة التطليق بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعا، كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك وسبها وسب أبيها، نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت الملعون، كما يقع كثيرا من رعاع الناس، ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق، كما هو ظاهر، وكوطئها في دبرها. انتهى.
أما بخصوص حضانة الأولاد فإنها أحق بها ما داموا لم يبلغوا سن السابعة إلا أن تتزوج فعند ذلك تسقط حضانتها وتنتقل لمن بعدها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1430(13/12521)
الخلع مقابل تنازل الزوجة عن حصتها في شركة يديرها الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنتي ترغب في الخلع لأن زوجها لا ينفق عليها وعلى أولادها وكذلك لهجرها لما يزيد عن العام، المشكلة أنها وضعت أموالا في شركة يديرها ويملك أربعين في المائة فيها، فهل لو طلبت الخلع يحق له طلب التنازل عن حصتها في الشركة، علما أن الشراكة موثقة شرعا وفي وزارة التجارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان حال زوجها معها كما ذكر في السؤال من الإهمال والتقصير وتضيبع الحقوق فلا حرج عليها في طلب الطلاق منه أو مخالعته، ولها رفع أمرها للقضاء ليلزمه بما يجب عليه تجاهها، وإذا اختارت الخلع فلها ذلك ويكون العوض ما يتفقان عليه سواء أكان ما في الشركة من مالها أو أقل منه أو أكثر، فمرد ذلك إلى ما يتفقان عليه على الصحيح.
قال تعالى: فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {البقرة:229} .
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26624، 20199، 70924.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1430(13/12522)
الخلع مقابل إرجاع المنزل الذي كتبه الزوج لامرأته
[السُّؤَالُ]
ـ[سجلت بيتي باسم زوجتي، وكان عبارة عن إرضاء حتى توافق على أن أتزوج الثانية وعندي أطفال منها، والآن تريد الخلع، فهل من حقي أشترط إرجاع منزلي وأوافق على الخلع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في اشتراط ارتجاع بيتك مقابل الخلع لقوله: فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {البقرة:229}
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة.
وننبه إلى أن الخلع جائز إن كان لسبب يقتضيه، وإلا حرم على المرأة سؤاله لما ورد من أحاديث في الترهيب منه، كقوله صلى الله عليه وسلم: المختلعات هن المنافقات. رواه الترمذي وغيره.
وقد حمله أهل العلم على ما إذا طلبت المرأة ذلك من غير سبب، وإذا حدث الخلع، فإن المرأة تمتلك نفسها به، ولم يبق عليها غير العدة، ويسقط ما لها على الزوج، وما للزوج عليها، وليس للزوج أن يرتجعها إلا بنكاح جديد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1430(13/12523)
هل يستحب للزوج أن يحقق رغبة زوجته في الطلاق أو الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقيم بالخليج، ومتزوج منذ أكثر من خمس سنوات، لدي ولدان ولله الحمد والمنة. في بداية حياتي الزوجية كانت رائعة وكنا نعين أنفسنا أنا وزوجتي على الطاعات ولله الحمد، وأسكن مع أبي لمواجهة ضغوط المعيشة بالنسبة للمقيمين بدول الخليج، تم حدوث مشاكل ليست بالكبيرة بين أبي وزوجتي – وهذا طبيعي – لاختلاف وجهات النظر والحمد لله كان الله يعينني على مواجهتها وحلها – بعد ثلاث سنوات من زواجي تركت عملي، ومررت بمشاكل في عملي شديدة الصعوبة والحمد لله انتهت على خير وسلام، ولكن تأثرت نفسيا إلى أن أصبت بشلل نصفي في وجهي – تم العلاج منه والحمد لله – وأثر ذلك على علاقتي بزوجتي في الفراش حيث أصبت بمشاكل في الجماع (سرعة القذف) علما بأنها رغبتها الجنسية صعبة الإشباع ومتكررة - وطلبت العذر منها أكثر من مرة ولأكثر من أربع أشهر لم أجامعها رغبة منها.
طلبت زوجتي الطلاق منذ أكثر من سنة، ورفضت رفضا شديدا مع العلم باعترافها لي بأنها قد خانتني مع شخص آخر – وبررت ذلك التصرف بالضغوط النفسية من كلام أهلي، وعدم اهتمامي بها في الفترة الأخيرة، بالإضافة إلى مشاكلي الجنسية، إلا إنني رفضت بشدة، وطلبت منها أن تتوب إلى الله توبة نصوحا، ولن يؤثر ذلك على شعوري تجاهها، وجعلت نفسي جزءا من الأسباب التي أرغمتها على ذلك.
وصفتني حينها بأن شعوري بارد (ومش راجل) وذلك لأنني لم أسألها عن أي تفاصيل ولا عن الشخص والوقت.
تكررت شكواها أكثر من مرة ولم أطلب منها شيئا، إلا إنني فوجئت بها في الأيام السابقة تخبرني أيضا عن علاقتها المحرمة وأخبرتني بالشخص التي خانتني معه - كفيلها بالعمل - وأنها أخبرته بكل شيء وبلغته بأنها اعترفت لي بكل شيء حتى يرتاح ضميرها، ففوجئت بهذا الشخص يتصل بي ويطلب مقابلتي أنا وهي لحل الموضوع بالطبع رفضت رفضا شديدا، وبلغتها بأن تترك العمل لديه إذا كانت توبتها إلى الله صادقة وأقسمت لي أن علاقتها معه الآن لا يشوبها أي خلل، وأنه يعاملها بكل احترام، وأنها كانت غلطة كان سببها الشيطان وضعفها أمامه وهو نادم على ذلك أشد الندم.
حقيقة أصابني ذهول شديد لم أعد أعرف ماذا أفعل حيث إنها تصر على الطلاق والانفصال، حتى لو اضطرت أن تتنازل عن كافة حقوقها والأولاد، فلم تعد تستطيع العيش معي، وبررت ذلك بأنني المتسبب في هذا كله، وكلام أهلي الجارح لها – في مخيلتها فقط -.
مازال عندي أمل في الله أن هناك حلا، أنا لا أريد الطلاق لأجل الأولاد ومستقبلهم والفضيحة بين الأهل.
السؤال: هل أستمر معها بالرغم من هذه الظروف، وأقنعها باستمرار العيش معي (حتى ولو كالمنفصلين) عسى أن تداوي الأيام هذه الجروح، أم أطلقها وأنتهي من عذاب وساوس نفسي المستمرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلو أن زوجتك لم يظهر منها ريبة ولم تقارف حراماً، وطلبت منك الطلاق لعدم رغبتها في العيش معك، لنصحناك بطلاقها، فإنه يستحب للزوج أن يجيب زوجته للطلاق أو الخلع إذا سألته ذلك، قال ابن مفلح في الفروع وتصحيح الفروع: يباح (الخلع) لسوء عشرة بين الزوجين، وتستحب الإجابة إليه. اهـ. فكيف وقد صارحتك زوجتك بوقوعها في الحرام، وبررت ذلك بعدم إشباعك لرغباتها؟ ثم تريد أن تبقي عليها كالمعلقة، وكأنك تعين الشيطان عليها للوقوع في الحرام! وذلك ما لا يجوز، ولا يليق بمسلم غيور.
فعليك بإجابتها إلى الخلع أو الطلاق، ولا حرج عليك إن طلقتها على أن تتنازل لك عن حقوقها، ولا يمنعك من ذلك خوفك على الأولاد ومستقبلهم، فإن مصلحة الأولاد أن يتربوا في أسرة مترابطة تقام فيها حدود الله.
وأما الخوف من الفضيحة بين الأهل، فعلاجه ألا تخبر أحداً بسبب طلاقها، وتستر عليها، ويمكنك أن تذكر أن السبب في طلاقها شجارها مع أهلك.
واعلم أخي السائل أنك وقعت فيما أنت فيه، لبعدك عن الله وتفريطك في التزام حدود الشرع، وخاصة فيما يتعلق بالمحافظة على زوجتك من الاختلاط المحرم في العمل.
فعليك بتجديد التوبة إلى الله، والرجوع إليه، وتقوية الصلة به، وتعلّم ما يلزمك من أمور دينك، مع الإلحاح في الدعاء، لعل الله يفرج كربك، ويصلح أحوالك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1430(13/12524)
حكم اتفاق الأجنبي مع الزوج على خلع امرأته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يقوم بالاتفاق مع طليقته وولي أمرها المتزوجة من رجل ثان بعد الطلاق بأن تخالع زوجها الثاني وذلك للزواج من زوجها الأول نظرا لأن بينهم أبناء واعتدال الأمور التي تسببت في الطلاق آنذاك ورغبة الزوجة في ذلك أيضا؟ .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمرأة أن تختلع من زوجها إذا كانت مبغضة له وخافت ألا تؤدي حق الله معه، ولا يجوز الخلع لغير مبرر، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: المختلعات هن المنافقات. رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وإذا كانت المرأة متضررة ببقائها مع زوجها فيجوز لغيرها أن يتفق مع زوجها على خلعها، قال ابن قدامة: ويصح الخلع مع الأجنبي بغير إذن المرأة مثل أن يقول الأجنبي للزوج: طلق امرأتك بألف علي وهذا قول أكثر أهل العلم.
وذلك إذا كان غرضه رفع الضرر عن المرأة، قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: وَلِهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَشْرُوطًا بِمَا إذَا كَانَ قَصْدُهُ تَخْلِيصَهَا مِنْ رِقِّ الزَّوْجِ؛ لِمَصْلَحَتِهَا فِي ذَلِكَ كَمَا يَفْتَدِي الْأَسِيرَ.
أما أن يحرّض الرجل المرأة على الخلع حتى يتزوجها، فذلك غير جائز بلا شك بل هو من الكبائر، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبّب امرأة على زوجها أو عبداً على سيده رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح الجامع.
بل ذهب بعض العلماء إلى عدم صحة زواج المرأة ممن خببها على زوجها، معاقبة له بنقيض قصده.
قال الرحيباني في مطالب أولي النهى: وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ صُورَتُهُ مَنْ خَبَّبَ أَيْ: خَدَعَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا حَتَّى طَلُقَتْ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا يُعَاقَبُ عُقُوبَةً لِارْتِكَابِهِ تِلْكَ الْمَعْصِيَةَ وَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا وَيَجِبُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1430(13/12525)
تعليق الزوجة لإجبارها على التنازل عن حقوقها والقبول بالخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[في سؤال رقم: 116224 فهمت أن هذا ليس طلاقا، زوجي لا يريدني ولا يريد تطليقي وقال أمام الكل أنا لا أريدها ولن أعيدها إلى بيتي ولو أرادت الطلاق فلتذهب وتتنازل عن حقوقها وتعيد لي المهر، المشكلة أنني من عائلة فقيرة جدا ماذا أفعل وأنا لا أملك هذا المبلغ ولا أهلي، ما هو حكم الإسلام في مثل هذا التصرف، أبي لا يملك المال أيضا، هل أبيع نفسي لأتحرر، نحن لا نملك حتى أجرة المحامي لرفع قضية، ماذا أفعل وهل سأبقي هكذا طول العمر ليس من المعقول أن الإسلام ليس فيه حل لمشكلتي، ساعدوني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الحال كما ذكرت من ظلم الزوج وامتناعه عن أداء الحقوق المترتبة عليه من نفقة ومسكن فإن هذا الزوج قد ظلم نفسه وأسخط ربه ووقع في إثم مبين.
أما ما قام به من إيقاعك في الحرج والضيق وإبقائك معلقة لتفتدي منه بإرجاع المهر وباقي الحقوق فهي معصية وجريمة كبرى كانت معروفة في الجاهلية قبل الإسلام، وقد جاء الإسلام بإبطالها والأمر بمعاشرة النساء بالمعروف والإحسان إليهن وعدم ظلمهن، قال الله تعالى: وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19} ، وراجعي المزيد في الفتوى رقم: 64756.
وبناء على ما تقدم فلك أن ترفعى أمرك إلى القاضي الشرعي مصحوبا بما يثبت حالتك لرفع الضرر عنك وإنصافك من ظلم هذا الزوج، فإما أن يعاملك كزوجة ويمنحك حقوقك كاملة أويثبت امتناعه من ذلك فيحكم عليه بالطلاق بدون مقابل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1430(13/12526)
حكم أخذ الزوجة المفروشات الزوجية بعد الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت متزوجة برجل يشرب الخمر وذي طابع شاذ في العلاقة الزوجية وعندي منه ولد عمره 4 سنوات ونصف ورفعت قضية خلع وأخذت محتويات القائمة - مفروشات الزوجية - مع العلم أنه لم ير الولد ويصرف علية بصعوبة ورفعت علية قضية نفقة للولد وآخذ حاليا مبلغ 100 شهرياً فهل أخذ المفروشات الموجودة في القائمة حلال أم حرام في هذه الحالة وأنا انفصلت عنه عن طريق الخلع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمفروشات المذكورة تعتبر ملكا لك إذا كانت جزءا من الصداق أو كانت من مالك الخاص، ولم تدفعيها لزوجك مقابل الطلاق. أما إن اشتراها الزوج من ماله الخاص به فهي ملك له، ويحرم عليك أخذها ويتعين إرجاعها للزوج إلا إذا تنازل عنها، فتباح لك. وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 9494.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1429(13/12527)
حكم خصم النفقة المتأخرة من المهر عند الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ دام زواج ابنتي حوالي 7 أشهر حيث كان مهرها 10000 في عقد النكاح ونظرا لعاداتهم فقد كتب مؤخر الصداق 25000 في ورقة خارجية. وبعدها قال زوجها إنه لا يريدها بشهادة صديقه وزوجته اللذين كانا برفقته عندما أحضرها للمنزل. هي معنا موجودة الآن لمدة أربعة أشهر لم يطلقها ولم ينفق عليها هل يمكن لزوجتي خلعه - إذا لم يطلقها فضلا عن سوء معاشرته وتعاطيه النشوق مما يجعل رائحة فمه كريهة - واحتساب نفقة تلك الأشهر جزءا مما سوف نرده من المهر، وما هو معيار احتساب مبلغ النفقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحكم به هو محاولة الإصلاح بين ابنتك وبين زوجها, ومحاولة اكتشاف الأسباب التي أدت إلى هذه النفرة السريعة بينهما ومعالجتها بما يرضي الله ويوافق شرعه وحكمه, فإن تعذر ذلك واستمر الزوج في هجرها ولم يرجعها إلى بيته فلها أن تطلب الطلاق منه, فإن أبى أن يطلق فلترفع أمرها إلى القضاء ليجبره القاضي على الطلاق أو العشرة بالمعروف فإن تعذر الرفع إلى القضاء فلها أن تفتدي منه بما تتفقون عليها من مال, حتى تتخلص منه وتخرج من عصمته علما بأنه هو لا يجوز له أخذ الخلع مادام الضرر أو النشوز من قبله، وهو على كل حال مطالب بمقدار النفقة في هذه الفترة التي غاب فيها عن زوجته طالما أنه لم يحدث منها نشوز أوتمرد عليه, لأن النفقة تثبت للمرأة في مقابل تمكين الزوج من الاستمتاع بها وهي في هذه الحالة لم تمنعه من ذلك، بل هو الذي رفض، فعليه أن يوفيها نفقتها لأن النفقة تثبت في ذمة الزوج على الصحيح من أقوال العلماء, جاء في المغني لابن قدامة: أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أمراء الأجناد، في رجال غابوا عن نسائهم، يأمرهم بأن ينفقوا أو يطلقوا، فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما مضى , ولأنها (النفقة) حق يجب مع اليسار والإعسار، فلم يسقط بمضي الزمان، كأجرة العقار والديون. انتهى.
ولذا نقول إن اتفقتم على الخلع وأن تردوا له المهر فيجوز لكم أن تحتسبوا نفقة هذه المدة لأن هذا حق لابنتكم لها أن تأخذه بكل طريق, قال اب ن قدامة: مسألة: قال: فإن منعها ما يجب لها، أو بعضه، وقدرت له على مال، أخذت منه مقدار حاجتها بالمعروف، كما {قال النبي صلى الله عليه وسلم لهند حين قالت: إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف وجملته أن الزوج إذا لم يدفع إلى امرأته ما يجب لها عليه من النفقة والكسوة، أو دفع إليها أقل من كفايتها، فلها أن تأخذ من ماله الواجب أو تمامه، بإذنه وبغير إذنه؛ بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم لهند: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف، وهذا إذن لها في الأخذ من ماله بغير إذنه، ورد لها إلى اجتهادها في قدر كفايتها وكفاية ولدها، وهو متناول لأخذ تمام الكفاية، فإن ظاهر الحديث دل على أنه قد كان يعطيها بعض الكفاية، ولا يتممها لها، فرخص النبي صلى الله عليه وسلم لها في أخذ تمام الكفاية بغير علمه؛ لأنه موضع حاجة، فإن النفقة لا غنى عنها، ولا قوام إلا بها، فإذا لم يدفعها الزوج ولم تأخذها، أفضى إلى ضياعها وهلاكها، فرخص النبي صلى الله عليه وسلم لها في أخذ قدر نفقتها، دفعا لحاجتها، ولأن النفقة تتجدد بتجدد الزمان شيئا فشيئا، فتشق المرافعة إلى الحاكم، والمطالبة بها في كل الأوقات؛ فلذلك رخص لها في أخذها بغير إذن من هي عليه. انتهى.
أما ما تسأل عنه من معيار النفقة فنقول: النفقة على الراجح مقدرة بحال الزوجين معا، فإن كانا أغنياء فلها عليه نفقة الأغنياء, وإن كانا فقراء فلها عليه نفقة الفقراء وإن كان أحدهما فقيرا والآخر غنيا فلها عليه نفقة المتوسطين.
قال ابن قدامة رحمه الله: قال أصحابنا: ونفقتها معتبرة بحال الزوجين جميعا؛ فإن كانا موسرين، فعليه لها نفقة الموسرين، وإن كانا معسرين، فعليه نفقة المعسرين، وإن كانا متوسطين، فلها عليه نفقة المتوسطين، وإن كان أحدهما موسرا، والآخر معسرا، فعليه نفقة المتوسطين، أيهما كان الموسر. انتهى.
وللفائدة تراجع الفتويين: 49355 , 109643.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1429(13/12528)
الصورة المذكورة تطابق معنى الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[لن أطيل كثيراً بسرد القصة وأختصر سؤالي بأني تزوجت وبعد شهر من الزواج طلبت زوجتي وألحت كثيراً بعدم رغبتها بمواصلة الحياة معي، علما بأني سافرت عنها فحاولت معها ووسطت الآخرين بأن تتراجع عن طلبها فلم توافق, فقلت لها بأني لن أطلقك (لأني لم أر منها ما يجعلني أطلقها) وقومي أنتي بخلعي مقابل إرجاع المهر ووكلت أحدا عن طريق الاتصال به ودون توكيل رسمي (أقصد مكتوب) ليأخذ منها المهر وكان ذلك بحضور امرأة من صديقاتها وليس أهلها لأنها كانت خائفة من رد فعل أهلها عليها وهي لا تريد أن تخبرهم إلا بعد تطليقي لها, ومن ثم أرسلت لها بطريق الجوال بالطلاق وأرسلت لأخيها وأختها أيضا على الجوال وأعطاها وكيلي ورقة تثبت تسلمه مبلغ المهر منها مقابل خلعها لي وتطليقي لها وقد علم الجميع بطلاقي لها، فهل هذا يدخل بحكم الخلع أم بحكم الطلاق أم أن هذه الطريقة لا تصح وهي ما تزال على ذمتي، علما بأن زواجي منها كان بطريقة رسمية وموثقة وعن طريق أهلها ... فأفيدونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحاصل ما ذكرت فقد طلقت زوجتك مقابل عوض دفعته إليك، وهذه هي حقيقة الخلع، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 3875.
وإذا خالع الرجل زوجته بانت منه، وإذا أراد إرجاعها فلا يجوز له ذلك إلا بعقد جديد، وانظر لذلك الفتوى رقم: 52538، واعلم أن توكيلك لذلك الرجل يعتبر توكيلاً صحيحاً إذا استوفى شروط الوكالة، ولا تأثير لعدم كتابة رسمية منك في وقوع الخلع، وننبه إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تطلب من زوجها الطلاق أو الخلع لغير مسوغ شرعي، وقد سبق بيان ذلك بأدلته في الفتوى رقم: 43053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1429(13/12529)
حكم تسلف المرأة المال لتفتدي به من زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة تطلب الخلع من زوجها ولا تريد العودة له لأنه يعذبها ويضربها ويشتم أبويها وهي لا تريد العودة لزوجها أبداً وهو قد هجرها من سنة وهي لا تملك أن تفتدي نفسها، هل يجوز أن أدفع لها على أن يعتبر هذا مهراً لها بعد خلعها من زوجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لها أن تستلف منك مبلغاً من المال تفتدي به من زوجها، إن كان حاله معها كما ذكرت، فإن تم الخلع وأردت أن تتزوجها فيمكنك جعل الدين الذي في ذمتها لك مهراً، لكن عليك أن تعلم أن تخبيب المرأة على زوجها من المنكرات العظيمة، فلا يجوز لك أن تخببها على زوجها لتفتدي منه حتى تتزوجها، بل إن بعض أهل العلم يرون عدم صحة نكاح المخبب، فعليك أن تتقي الله عز وجل وتنأى بنفسك عن ذلك، لكن إن شئت فعل المعروف ومساعدة المرأة على الخلاص من زوجها الظالم فهو حسن لا على أنك ستتزوجها، وإنما على سبيل البر ونصرة المظلوم، ولا تعدها بشيء ولا تلمح لها بأنك ستتزوجها. وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 36740، 7895، 47790.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1429(13/12530)
هل للمرأة المختلعة حق في مؤخر الصداق
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بالسعودية وتزوجت ولكن زوجتي لم يرق لها الإقامة في السعودية أو ذهابي للعمل فاشترطت أن أستقيل من عملي وأجلس في البيت وأعطيها أموالي لتديرها بمعرفتها.. وإلا الطلاق فرفضت الاستقالة والطلاق فحصلت هي على حكم بالخلع من محكمة الأسرة ولكنها استغلت سفري واستولت على ما بشقة الزوجية من متعلقات خاصة بي من ملابس وكتب وأجهزة اشتريتها بعد الزواج مثل الكمبيوتر وأجهزة أخرى. على اعتبار أن كل ما تحتويه شقة الزوجية ملك للزوجة.. كما رفضت أن ترد لي الذهب الذي اشتريته لها ولابنتي على اعتبار أنه من حقها أيضا مع العلم أن البنت في حضانتي لأنها تركتها لي بمحضر رسمي في قسم الشرطة.. فما حكم الشرع في ما أخذته بهذا الشكل؟ هذا أولا والأمر الثاني أنها تري أنني ظلمتها حيث تنازلت عن مؤخر الصداق وتقول إنه من حقها وأنها سوف تأخذه مني في الآخرة.. فهل في حالتنا هذه من حقها مؤخر مع العلم أنها طلبت الخلع بعد أن رتبت أمورها مع من ستتزوجه واتفقت معه على أن يتم زواجهما بعد حصول الخلع في الوقت الذي أصبحت أنا فيه مطلق ولدي طفلة وهو ما يجعل فرصتي على مدار ثلاث سنوات من الطلاق في الحصول على زوجه مناسبة أمر صعب في ظل تعنت الكثير في الزواج من المطلق الذي لديه أولاد.. أنا لا أريد أن أظلمها ولا أريد أن آكل مالا حراما.. هل هي من حقها المؤخر وكل ما أخذته من أشياء هي خاصة بي أنا وليست ضمن عفشها هي..؟؟؟ أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمؤخر الصداق من حق الزوجة بحلول أجله، وهو دين في ذمة الزوج حتى يؤديه إليها ما لم تتنازل عنه في الخلع أو تبرئ الزوج منه، وبناء عليه فإن كان الخلع جرى على أن يكون الطلاق مقابل تركها لمؤخر صداقها فلا حق لها فيه؛ لأنها خالعت به. وأما إن كان الخلع بغير المؤخر فهو باقي في ذمتك لها حتى تؤديه إليها، وأما أثاث بيت الزوجة فمنه ما هو للزوج كأغراضه الخاصة به، ومنه ما هو للزوجة، ومنه ما هو مشترك فيكون بحسب من اشتراه فهو مالكه إلا أن يكون عطية للزوج أو الزوجة فهو كذلك.
وأما الذهب فإن كنت دفعته لزوجتك على كونه من المهر المعجل أو على سبيل الهبة والهدية فهو لها، وتتصرف فيه كيف تشاء، ولا حق لك فيه إلا أن يكون من جهة ما جرى الخلع عليه، فلك الحق في المطالبة به، وذهب البنت للبنت.
وعلى كل فهذه المسألة فيها نزاع وخصومة، وينبغي رفعها للمحاكم لتسمع من الخصمين وتلزم كل طرف بما يجب عليه لخصمه وتعيد الحقوق إلى أصحابها.
وأما خشيتك أن تكون ظلمتها فإن كان ما تم بينكما من خلع قد تم باختيار وتراض بينكما فلا ظلم في ذلك، والمظنون فيما يصدر عن المحاكم الشرعية أن يكون حكما جرى وفق الضوابط الشرعية المقررة في شأن الخلع وغيره. وللمزيد انظر الفتاوى رقم: 20199، 102873، 22377، 17989.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1429(13/12531)
الخلع إذا كان في غياب الزوج وعلى عوض لم يرض به
[السُّؤَالُ]
ـ[خطبت امرأة وقد قمنا بكتب الكتاب وحددنا موعد الزفاف وقبل أن يتم حصلت مشاكل مع أهلها وطلبوا الطلاق وأجبروا الابنة على ذلك على كل حال اتفقت على تركها وإرجاع حقي من الأموال كالمهر والذهب وما إلى ذلك واتفقنا على الالتقاء عند أحد الشيوخ الذي سيقوم بالطلاق وعند ذهابي إليه فوجئت بأنه قام بخلعها دون وجودي وتركوا لي بعضا من الذهب وليس كل ما يدينون لي به وقال لي الشيخ بأن الانفصال قد تم وعلمت بعد ذلك أنه أخذ مالا على ذلك مر على هذا ثلاث سنوات وأنا الآن متزوج ولكن زوجتي تلح علي بأن المرأة ما زالت على ذمتي لأن هذا الخلع باطل وتطلب مني التنازل عن بقية حقي وأنا رافض لهذا فماذا يتوجب علي فعله مع العلم أن تلك المرأة تزوجت. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاتفاق الكائن قبل الخلع لا اعتبار له ولا يلزم به شيء لكلا الطرفين "الزوج والزوجة" وإنما المعتبر هو ما تم التراضي عليه عند إيقاع الخلع. وبناء على ما ذكر فإن كان الزوج رضي بما تركت الزوجة من ذهب وأوقع الطلاق مقابل ذلك فالخلع صحيح، ولو لم يكن الذهب أو العوض هو ما تواعدا عليه.
وأما إن كان الزوج لم يقبل العوض الذي تركته الزوجة ولم يوقع الطلاق فإنه لم يقع وهي باقية في عصمته ولا اعتبار لفعل الشيخ المذكور، إذ لا بد من رضى الزوج أو إيقاعه عليه في المحاكم عند قيام مقتضى ذلك. وعلى فرض أن الزوج أخذ العوض الذي تركته الزوجة عند الشيخ وأوقع الطلاق على أنه سيطالبها بالباقي فذلك لا اعتبار له، وليس له إلا ما أخذه من عوض في مقابل الطلاق، إذ لا يلزمها ما تلتزمه. وعلى كل ففي المسألة تفريعات وتحتاج إلى استفصال، وفيها خصومة، وفصل النزاع فيها إنما يحصل بعرضها مباشرة على المحاكم الشرعية أو من يقوم مقامها إن لم توجد كالهيئات الإسلامية ونحوها ثم إصدار الحكم الشرعي فيها.
وللمزيد انظر الفتاوى رقم: 20609، 97615، 105312.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1429(13/12532)
الخلع طلاق بائن
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف هل الخلع كالطلقة الرجعية التي يمكن للزوج إرجاع زوجته؟ أم أنها طلقة بائنة لا رجعة فيها؟
وما المدة التي تستغرقها المحكمة لاتخاذ مثل هذا الإجراء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخلع طلاق بائن لا يمكن للزوج مراجعة زوجته بعده إلا بعقد جديد كالعقد ابتداء. وأما المدة التي يستغرقها الحكم به في المحكمة فهو بحسب إجراءات المحكمة وطبيعة عملها، والمحاكم تختلف في ذلك من مكان إلى مكان. وللزوجة توكيل من يقوم مقامها في ذلك سيما إن كانت تخشى ضررا بحضورها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1429(13/12533)
طلب الخلع من حقوقك في هذه الحالة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من سيادتكم السماح لي بسرد مشكلتي الطويلة والعويصة أنا امرأة متعلمة وعاملة (طبيبة أسنان) تزوجت من فترة من رجل ليس بالمثقف لكنني أحببته ولم يكن فارق الثقافة يعني لي مشكلا في البداية. زوجي رجل خشن لا يعاملني معاملة حسنة رغم كل المحاولات التي قمت بها لفهم المشكل الموجود بيننا لم أستطع توضيح الأمر منذ بداية زواجنا لم أحس بسعادته بي لكنني تفهمت الأمر بتخوفه من عدم استطاعته بالقيام بالمسؤولية الزوجية وتحملت الأمر زوجي لا ينفق علي بل الأب (حماي) من ينفق على كل أهل البيت اتفقت معه منذ البداية على العمل وإنني لا أقبل منه أبدا أن أحرم من ممارسة عملي كطبيبة أسنان مهما حدث وإنني أستطيع التوفيق بين أشغال البيت وعملي أصلا دوامي نصف اليوم فقط. مع هذا وبعد اشتداد المشاكل المختلقة من طرف زوجي حرمني منه ومن أجل أن أحصل على الرضى قررت بطلبه طبعا إعطاءه ثلثي الراتب لكنه لم يكتف ويريدني أن أنفق ما تبقى على حاجياتي ويقول إنه لا ينفق على امرأة أعطاها كذا وكذا من المال (يعني المهر) . ضربني لأني منعته من أخذ المال الذي ادخرته من راتبي. يذلني لأتفه الأسباب ويريدني أن أدفع مستحقات الكهرباء والغاز الذي أستعمله في هذا البيت.... ومعاملته كثيرا ما تكون جاحدة للجميل أعني أني في البيت أعيش مع أهله وأقوم بطلبات الجميع من الغسل والمسح وطهو وأتحمل تدخلات حماتي في كل شؤوني الصغيرة والكبيرة ومع ذلك الكثير لا تكفي صفحات أن أحكي كل المآسي. المهم طلبت الطلاق بعدما عشت في جو من المشاحنة. زوج يعاملني في فراشه كعاهرة لا يمتعني، وحماة تظن أن ابنها انتقى لها خادمة لكن زوجي لم يرد أن يطلقني بل حسب قوله فأنا لست امرأة ولست طبيبة ولست متخلقة رغم مواظبتي على الصلاة في وقتها حتى صلاة الفجر ووضعي بعد زواجي للحجاب. بعد مدة من عيشي بهذه الطريقة بدأت الحياة تزداد سوءا بوضعه لي شروطا للخروج والدخول وبعدها شروطا للسماح لي بمواصلة العمل أصبحت تحت وطأة التجسس وكل ما أقول شيء يأمرني أن أصمت وإلا يوقفني عن مزاولة عملي. اخيرا قال إنه سوف يطلقني إن خرجت ففعلت وطلقني لكنه بعد أن ذهبت إلى بيت أهلي بعث لي بطلب العودة فرفعت دعوة خلع عند القاضي مشكلتي هي: هل في طلبي للطلاق إثم في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إذا كان الأمر كما وصفت من امتناع الزوج من النفقة عليك، وعدم تحصيل مسكن مستقل بك فلك طلب الطلاق منه، لاسيما إذا بلغ الحال بك إلى درجة تتضررين فيها من البقاء، وليس عليك تحمل ظلمه لك؛ فإن الله لا يكلف نفسا الا وسعها، قال عز وجل: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ {البقرة: 229} ولا إثم عليك في طلب الطلاق في هذه الحالة.
جاء في المغني لابن قدامة: والمرأة إذا كانت مبغضة للرجل، وتكره أن تمنعه ما تكون عاصية بمنعه فلا بأس أن تفتدي نفسها منه. وجملة الأمر أن المرأة إذا كرهت زوجها لخُلقه أو خَلقه أو دينه أو كبره أو ضعفه أو نحو ذلك، وخشيت أن لا تؤدي حق الله تعالى في طاعته جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها منه. اهـ
علما بأنه لا يحق لزوجك شيء من مالك إلا بطيب نفس منك، كما أنه لا يجوز له الإخلال بما اشترطت عليه من عملك كطبيبة من غير سبب معتبر شرعا.
ولمزيد للفائدة راجعي الفتوى: 80444
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(13/12534)
هل يقع الخلع بغير رضا الزوجين
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتى سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ بعدم جواز الخلع من غير موافقة الزوجين، في حالة الخلع من قبل المحاكم الشرعية من غير موافقة الزوج فما حكمه هل يقع أم لا؟ علما بأنه لا توجد أسباب لذلك وإنما تم الحكم مسبقا وجاء في حيثياته بأن الزوج لم يعترض وتلفظ بالخلع واستلم البدل ولما تم مواجهة القضاة بذلك تم إصدار حكم آخر من نفس المحكمة وإنما ذكروا فيه بعدم موافقة الزوج وحتى حينه لم يتلفظ الزوج بالخلع ولم يستلم البدل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الأصل أن الخلع لا يجوز دون رضا الزوجين به، ولكن هذا الأصل قد يعدل عنه إذا تعذر الإصلاح.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الخلع لا يجوز إلا بموافقة الزوجين، لأن المرأة فيه هي الباذلة للمال، ولا يجوز حملها على دفع مالها في الخلع لغير موجب، كما أن الرجل هو المالك للعصمة ولا يصح حمله على تركها لغير سبب، ولكن هذا الأصل قد يعدل عنه إذا حصل شقاق بين الزوجين ولم يمكن إصلاحه، فقد أمر الله ببعث الحكمين في هذه الحال، قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء:35} ، وإذا تعذر الإصلاح بين الزوجين كان للحكمين أن يفرقا بينهما على تفصيل ذكره أهل العلم، قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى في شأن الحكمين: وعليهما الإصلاح، فإن تعذر فإن أساء الزوج طلقا بلا خلع وبالعكس ائتمناه عليها أو خالعا له بنظرهما، وإن أساءا معاً فهل يتعين الطلاق بلا خلع أو لهما أن يخالعا بالنظر وعليه الأكثر؟ تأويلان.
وبين -رحمه الله تعالى- أن طلاق الحكمين (بخلع أو بدونه) ينفذ ولو لم يرض الزوجان والقاضي، قال: ونفذ طلاقهما وإن لم يرض الزوجان والحاكم. انتهى.
ومن هذا يتبين لك أن الخلع قد يقع ولو لم يرض الزوجان، وقولك (علماً بأنه لا توجد أسباب لذلك) هو قول مستبعد، لأنه لو لم تكن أسباب لما ترافع الزوجان إلى المحاكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(13/12535)
الطلاق مقابل مال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أرتبط بشاب مع عقد القران بناء على أن يتم الزواج بعد عام، وقد أخبرني أنه مر بأزمة نفسية، وأنه عولج نفسيا وأنه شفي من مرضه وأنه بحالة طبيعية، واستمرت الخطبة سبعه أشهر وقد حدثت بيننا خلوة شرعية بدون معاشرة، ولكن اكتشفت أنه لا يزال مريضا نفسيا وقد حدثت محاولة الانتحار له خلال فترة الخطبة وبالرغم من أدائه فريضة الحج إلا أنه لم يكن ملتزما دينيا. لم يكن هنالك من مجال للإصلاح بيننا لأنه لم يكن شخصا صادقا.. وأردت شخصا يخاف الله وأئتمنه على نفسي ... وحدث الطلاق وطلب استرجاع كل ما قدمه لي ... من مقدم ومؤخر وهدايا واسترد كل شيء.. ولكني لم أعلم الشيخ أمر الخلوة لجهلي بأهمية الأمر.. وسجل طلاق بائن.. لا أريد سوى رضى الله.. أريد أن أعلم ما يترتب علي فعله..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال الذي أخذه مطلقك إما أن يكون في مقابل الطلاق فيكون خلعا، وإما أن يكون أخذه برضى منك في غير مقابل، فيكون في باب الهبة وهذا الاحتمال قد يكون فيه بعد.
وعلى كل من الاحتمالين فهو مال تملكه بوجه شرعي إما كبدل خلع أو برضا منك وطيب نفس، والذي يظهر أنك بذلت هذا المال له لتفتدي نفسك، وعليه فلا أثر لحصول خلوة أو عدم حصولها لأن الذي تم هو خلع ووقع به طلاق بائن وعليك أن تعتدي.
وراجعي الفتوى رقم: 14025، والفتوى رقم: 16813.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1429(13/12536)
طلب الخلع للخوف من عدم إقامة حدود الله
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ.. أنا شاب في 27 من العمر, أعمل كمهندس منذ حوالي 5 سنوات.. كنت قد عقدت قراني على ابنة عمة والدي وعمرها 20 في صيف 2006, وقد كنت أحبها وتحبني, واتفقت معها وأهلها على الزواج بعد سنه ونصف من الخطبة حتى أتمكن من إكمال مستلزمات الزواج على الشكل اللازم ... كنت قد تعلقت بها بشكل كبير خلال فترة الخطبة لدرجة أني قد كتبت أبيات من الشعر لها.. وفي صيف 2007 سافرت مع أهلها للإجازة وبدأت منذ ذلك الحين تتغير في تعاملها معي وعندما أكلمها هاتفيا تظل تشكو أنها غير مسرورة من كلام الناس هناك عني وعنها وعن زواجنا وعن لباسها حيث إنني قد طلبت منها أول خطبتنا أن تلبس العباءة ولكنها لم تلتزم 100% ... فقلت لها أن لا تأبه لما يقال من حولها.. لكنها لم تستجب, وبقيت على هذا الحال حتى كلمتني هاتفيا وتقول إنني لا أسأل عنها ولا أهتم لما يحصل معها، علما بأنني كنت أكلمها بشكل شبه يومي.. وأطلب منها أن تقول لي ما الذي يزعجها (هل هناك أحد قد أغضبك؟ هل أغضبتك أنا في شيء؟) وتكون الإجابة بـ لا) .. وأنها قد حدثت والدها وأسرت له ثم شعرت بالارتياح بعدها.. قمت بدوري بتوبيخها والضغط عليها كي تقول لي الحكاية.. ثم اكتشفت أخيراً أن الموضوع تافه جدا, حيث إنها متضايقة من كلام وسؤال الأقارب عن موعد زواجنا (ليش بالشتاء؟ مو كويس) وبعض التعليقات عن لبسها وعباءتها ... إلخ، فشعرت بالغضب من طريقة تعاملها مع الموضوع لأكثر من مرة.. بأن لا تستمع لكلام الناس وما شابه.. وطلبت منها أن لا تكلمني هاتفيا عقابا لها على فعلتها حتى أهدأ أنا وأكلمها لاحقا.. في نفس الليلة حاولت مكالمتي ولم أجب.. بعد يومين حاولت الاتصال بها لكنها لم تجب لا بالبيت ولا على النقال.. حتى أهلها وبعد محاولات عديدة أجابت والدتها على الهاتف بصوت هادئ وحزين.. وأسمع صوت والدها يقوم بإلقاء الشتائم علي ويأمرها بإنهاء المكالمة.. صعقت!!! ما الذي جرى، ثم أخذ الهاتف منها وألقيت السلام عليه ولم يرد علما بأنه ملتزم دينيا بشكل كبير, وقال بصوت عال (أتريد أن تذل ابنتي؟) (اسمع أنت لست كفئاً) (استعد للطلاق!!) .. وأردف بقوله (أنني أستطيع أن آخذها منك حتى لو كنت (أبو زيد الهلالي) وعندها أولاد مني) !!!.....وأقفل الخط.. لم أفهم وشعرت بضيق رهيب.. حاولت مكالمتها لم تجب, كلمت إخوانها وأخواتها للتدخل كي أصل إليها لكن دون جدوى.. حيث إنني علمت أن والدها قد حلف على والدتها بالطلاق إذا قامت بالرد علي!!! أرسلت أهلي ولم يفهموا ما سبب طلبهم للطلاق، أرسلت أصدقائي وأهلهم لكن دون جدوى.. وهم لا يزالون يطلبون الطلاق.. فقلت وما السبب أريد أن أكلمها.. وكان رد الجميع لي (ما في نصيب) !! (خلص طلقها) !! وبقيت رافضا حتى أرسلوا لي بورقة من المحكمه بخصوص قضية خلع والسبب (انعدام أسباب الحياة الزوجية والخوف من عدم إقامة حدود شرع الله) !!! علما بأنني لم أدخل بها كما أسلفت.. وبعد حوالي 6 أشهر من ذلك الوقت حكمت المحكمة بالطلاق بعد أن أعادوا لي الذهب ومبلغا من المال ... حسب أمر المحكمة (حيث إنني وكلت والدي بمتابعة الموضوع) ... آسف للإطاله ولكن أحاول أن أوضح الصورة قدر المستطاع.. السؤال هنا: هل يجوز طلبها للطلاق أو الخلع شرعا في هذه الحالة، وأين السبب الشرعي لطلب الطلاق، وهل يتم الخلع ومعاملتي على أننا متزوجان وتحت سقف واحد أو أننا لم نتزوج بعد، وما معنى (الخوف من عدم إقامة حدود الله) ، فأرجو الإجابه بشكل مفصل؟ وجزاكم الله عني وعن المسلمين كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فما دمت قد رضيت بالخلع فلعله خير لك، وذلك لاستحكام الخلاف والشقاق بينك وبينهم كما اتضح من السؤال، والأصل أنه لا يجوز للمرأة أن تسأل زوجها الطلاق أو الخلع إلا لعذر معتبر كتقصيره في حقها أو إضراره بها أو استحكام بغضه في نفسها فتخشى ألا تقيم حدود الله معه، ومن حكم لها أدرى بما كان، فلعلك تراجع المحكمة في ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الأسئلة إنما توجه لمن حكم بالحكم وسمع من الخصم. ومهما يكن من أمر فإنك قد قبلت الخلع ورضيت به، ولعل فيما جرى خيراً لك. فابحث عن غيرها من ذوات الخلق والدين، ولمعرفة المسوغات التي تبيح للمرأة طلب الخلع أو الطلاق انظر في ذلك الفتوى رقم: 39211، والفتوى رقم: 20199.
ومعنى الخوف من عدم إقامة حدود الله، أي المرأة قد تكره زوجها فتخشى أن تظلمه وتضيع حقه فيسوغ لها بسبب ذلك طلب الطلاق، كما كان من شأن امرأة ثابت بن قيس لما أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكن أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته، قالت: نعم، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة. رواه أحمد.. وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 43627، 23180، 23683.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1429(13/12537)
الطلاق مقابل الإبراء
[السُّؤَالُ]
ـ[وقع طلاق (بائن مقابل الإبراء قبل الدخول / اول) . تبين بعد ذلك أن الدخول الشرعي الصحيح قد حصل بالفعل.
ما الحالة التي يصبح عليها الطلاق بعد تعديل صفته؟ هل يبقى الطلاق (بائنا) أم يصبح طلاق (رجعيا) ؟ وما مصير (الإبراء) في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الطلاق مقابل مال يعد خلعا، ولا فرق بين حصول ذلك قبل الدخول أو بعده، ولا بين كون ذلك بلفظ الخلع أو الطلاق.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا معنى قولك: ثم تبين أن الدخول الشرعي حصل بالفعل بعد قولك إن الطلاق وقع قبل الدخول؛ لكن على أية حال اعلمي أن الفرقة بين الزوجين إذا كانت حاصلة مقابل مال مبذول إلى الزوج أو مقابل إبرائه من حق واجب لها عليه فإنها فرقة بائنة؛ لا رجعة له عليها، ولا تحل المرأة بعدها إلا بعقد ومهر جديدين، ويصير الزوج كخاطب من الخطاب؛ وهذا يستوي فيه حصول الفرقة قبل الدخول أو بعده.
قال الخرشي المالكي: الطلاق البائن إنما يكون بلفظ الخلع أو الإبراء أو الافتداء والطلاق إلا أنه بالدراهم. اهـ.
وهذا مذهب جمهور الفقهاء، وإنما اختلفوا في تلك الفرقة على مال هل يكون ذلك طلاقا محسوبا أو فسخا لا ينقص به عدد الطلقات التي له على زوجته.
قال ابن قدامة في المغني: اختلفت الرواية عن أحمد في الخلع، ففي إحدى الروايتين أنه فسخ وهذا اختيار أبي بكر وقول ابن عباس وطاووس وعكرمة وإسحاق وأبي ثور وأحد قولي الشافعي. اهـ، وهذا هو القول الراجح، وقد رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية ووافقه تلميذه ابن القيم في كتابه زاد المعاد، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن القائلين بأن الخلع فسخ اختلفوا هل يشترط أن يكون الخلع بغير لفظ الطلاق أو لا يكون إلا بلفظ الخلع والفسخ والمفاداة، ويشترط مع ذلك ألا ينوي الطلاق، أو لا فرق بين أن ينويه أو لا ينويه وهو خلع بأي لفظ وقع الطلاق أو غيره على أوجه. ثم بين أن أصحها أن الخلع فسخ بأي لفظ كان.
وللفائدة راجعي الفتوى: 66068.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1429(13/12538)
الطلاق الواقع مقابل عوض يعد خلعا
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت أنا وزوجتي إلى المحكمة للطلاق وليس للخلع ورافقني والدي وشخص معه كشهود، وبعد ما وقعنا على ورقة الطلاق أخذ انتباهي أن عنوان الورقة ليس بطلاق بل هو خلع, علما بأن زوجتي لم تكن تريد الطلاق, فسألت القاضي/ الشيخ فقال لي يصبح الطلاق خلعا لأن زوجتك تنازلت عن المؤخر ولم يقل لي إنها لا تجوز لي إلا بعقد جديد وشروط جديدة، ولا أحد من عائلة زوجتي له علم بهذا الطلاق، سؤالي الأن هو: الحمد لله اتفقنا على أن نرجع لبعضنا البعض بعد أن تسرعت أنا بالطلاق, فهل نحن قادرون على أن نرجع بغير ولي أمر لها, علما بأن الطلاق أو ما سمي في المحكمة بالخلع حصل قبل أقل من شهر لأننا لا نريد إعلام أهلها بهذا الطلاق ونريد الرجوع أمام الله، فهل نقدر أن نرجع من غير ولي أمر لها؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقدعرف جمهور الفقهاء الخلع بأنه إزالة ملك النكاح بلفظ الخلع أو ما في معناه مقابل عوض تلتزم به الزوجة أو غيرها للزوج، وعليه فإذا كان الطلاق إنما حصل مقابل عوض ولو مؤخر صداق فهو خلع سواء كان الزوج ينوي الطلاق أو الخلع، فلا يجوز لك الرجوع لزوجتك إلا بعقد ومهر جديدين كما أنه لا أثر لعدم علمك بما يلزمك إذا أردت الرجوع لزوجتك، وبناء عليه فلا بد من موافقة ولي زوجتك وعلمه وحضور شاهدي عدل، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 16024.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1429(13/12539)
إكراه الزوجة على الخلع والتنازل عن حقوقها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم أنا شاب تزوجت لثمان سنوات ولي من زوجتي طفلا وطفلة بدأت قصتي قبل 8 شهور حين سالت زوجتي إن كانت تحبني وإن كانت أحبت أحدا من قبلي فجاوبتني بنعم على السؤالين وأخبرتني عن علاقة كانت لها مع شاب قبل أن أخطبها دفعني الفضول لأعرف نوع العلاقة وللأسف كانت صريحة وأخبرتني بعلاقة مشينة مع صاحب عملها قبل ان اخطبها غضبت كثيرا ولم أبين لها وجعلتها تسترسل بعد أن أعطيتها الأمان وحين سألتها إن كانت ما زالت على علاقة به فارتبكت ولما أصريت اعترفت بأنها قد زنت معه بعد زواجنا بسبع سنوات مرتين هي ذهبت إليه غضبت وطلقتها وخلعتها من عصمتي وجعلتها تتنازل عن مؤخر الصداق وعن نفقتها وهي طوعا أرسلت لي الأولاد وتبين لي أنها كانت على أكثر من علاقة زنى مع العلم أن الظاهر كان لي أنها ملتزمة بدينها فهل أخطأت بطلاقي لها واني لم أعطها أي حق من حقوقها؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
لا يجوز لك أن تكرهها على التنازل عن حقها دون حق شرعي، ولا حق فيما ذكرت وما كان لك أن تسألها عن سوابقها ولا أن تخبرك بها وأما طلاقها فهو خطأ إن كانت مستقيمة في دينها وخلقها وتابت من سوابقها وأما إن كانت لا تزال على ما كانت عليه فطلاقها أولى حماية للعرض
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان ينبغي لك أن تسألها عن سوابقها، وما كان لها أن تخبرك بذلك بل كان عليها أن تستر على نفسها، والآن وقد حصل ما حصل فعدم إعطائك لها حقوقها من نفقة ومؤخر صداق وغيره لا يجوز لك وليس لك أن تكرهها على الخلع وتجبرها عليه ولا يلزمها ما أكرهتها به. قال تعالى: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ {النساء:19} فعضل الرجل زوجته وإكراهها على الخلع والتنازل عن بعض حقوقها لا يجوز، وعليك أن تؤدي إليها حقوقها كاملة وأما هل أخطأت بطلاقها أولا فانظر الفتوى رقم: 57673.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1428(13/12540)
خلع الوالد ابنته من زوجها بغير رضاها خلع فاسد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش حاليا في الأردن وزوجتي في الكويت بعد أن تعرضت لمشاكل في العمل هناك في الكويت على إثر ذلك عدت إلى الأردن وبقيت هي هناك نتج عن ذلك مشاكل بيننا كثيرة وفي ليلة احتدم النقاش على الهاتف وطلبت مني أن أطلقها وأصرت وهددتني إن لم أفعل سوف تقتل نفسها أغلقت الخط وكانت تعاود الاتصال عدة مرات وتطلب نفس الطلب فخفت أن تنفذ تهديدها فقلت لها أنت طالق طالق طالق وأخذت تقول لي أرجوك سامحني ثم عدنا بعد أن ذهبت إلى شيخ وقد حسبها طلقة رجعية وبعد فترة من الزمن عاد الخلاف بيننا وبناء على أهلها ومع استمرار البعد طلبت الطلاق وقالت لي لا أريد منك شيئا فطلقني مقابل إبرائك من كل حقوقي حاولت إقناعها لكنها كانت تنسى وتعاود فتح الموضوع إلى أن أرسلت وكالة إلى أبيها ليتمم إجراءات الطلاق وعند ذهابنا الى القاضي طلب منا ورقة من المفتي لتثبيت الطلقة الأولى (وعندها تذكرت أنني قد قلت لها أنت طالق طالق طالق ونحن في الكويت بعد شجار كبير دار بيننا فقدت صوابي وقلتها لها وقتها سألت شيخا وقال لي زوجتك حلالك) عندما ذهبنا إلى المفتي شرحت له كل شيء فقال لي إنني قد طلقت زوجتي مرتين وأعطاني ورقة إلى القاضي وعند ذهابنا إلى القاضي قال لنا هذا سيكون طلاقا بائنا بينونة كبرى وأنه سوف يسجل لنا موعدا بعد شهر لإتمام الطلاق عسى الله أن يغير الحال ونعاود التفكير جيدا. وفي اليوم التالي هاتفني والد زوجتي وقال لي إنه قد ذهب إلى قاض آخر يعرفه وأنه يستطيع إتمام إجراءات الطلاق اليوم وأنه يجب أن آتي لإتمام الموضوع ظنا مني أنها رغبة زوجتي، وبعد إتمام الإجراءات اكتشفت أن زوجتي قد طلبت من والدها وقف الإجراءات وأنها تريد أن تكمل معي، فما الحكم الشرعي علما بأن الطلاق كان مقابل الإبراء وأننا نرغب في العودة لنعيش مع بعضنا (علما بأن الله لم يرزقنا بالاطفال بعد) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخلع والد زوجتك عنها بعد ما طلبت منه تركه كما ذكرت خلع فاسد إن لم يكن هو التزم لك مقابل الخلع شيئا من عند نفسه فيلزم، وأما إن كان الخلع نيابة عنها والمقابل عليها فهو باطل ولا يلزمك. قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب مع متن روض الطالب: فإن أضاف الأجنبي الخلع إليها مصرحا بالوكالة كاذبا لم يقع الطلاق لارتباطه بالعوض ولم يلتزمه واحد منهما، فإن اعترف الزوج بالوكالة بانت باعترافه ولاشيء له وأبوها كالأجنبي.
وبناء عليه، إن ثبت أنك لم تطلقها سابقا أكثر من مرتين فالمرأة باقية في عصمتك لأن ما تم بينك وبين أبيها غير لازم لكونه افتات عليها في الوكالة والنيابة عنها.
وننصح برفع الأمر إلى المحاكم لتبت فيه لأن حكم القاضي يرفع الخلاف ولأنه يمكنها أن تطلع على ما لا يمكن معرفته بالسؤال والجواب عن بعد. ولمزيد من الفائدة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6396، 877، 5584، 13702، 39188.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1428(13/12541)
لا يحصل الخلع بمجرد رد المهر
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو:
تقدم رجل لخطبة فتاة فوافقت هي وأهلها فتم الاتفاق على المهر والأمور الأخرى, وقرأوا الفاتحة مع تقديم المهر في المسجد بإشراف إمام المسجد. المهم تمت الخطبة بالطريقة الجزائرية-الشرعية-.بعد مدة تراجعت الفتاة وأرادت الانفصال عن الرجل مع إصرارها. لكن الرجل رفض ودخل في خلاف معها ومع أهلها ولم يسرح الفتاة. عندنا في الجزائر نقول =يعطيها كلمتها=.رغم محاولات والد الفتاة حل الأمر بالحسنى إلا أن الرجل استرجع المهر وأصبح يماطل ويتهرب. لا هو مسرح لها ولا هي قابلة بالعدول عن رفضها. وبقيا على هذا الحال أكثر من عام.
فهل يستطيع أهل الفتاة تزويجها إن تقدم لها أي شخص؟
ما حكم الشرع في ارتباطهما. هل تعتبر زوجة له مع العلم أن العقد المدني لم يقوما به بعد؟
ما هو الحل الشرعي لهذه المشكلة؟
أرجو منكم جزاكم الله خيرا جوابا لأن الفتاة لا تدري ماذا تفعل مع تهديد الرجل بعدم جعل الأمر سهلا عليها وعلى أهلها وهومتعمد لتعقيد الأمر.
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان العقد الشرعي قد تم بالإيجاب والقبول والإشهاد فإن الفتاة تصير زوجة للفتى ولا عبرة بعدم تسجيل ذلك في السجل المدني وعمل الإجراءات القانونية.
وبناء عليه فالفتى زوج للفتاة ولا يجوز لها أن ترفضه وتتركه وتفسخ العقد من طرفها، لكن إن كانت قد كرهت الفتى لخلقه أو غيره فلم تطق عشرته فلها أن تسأله الطلاق أو تخالعه برد ما أصدقها أو نحوه. وقد بينا تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 3484.
فإن أخذ الصداق أو ما اتفق عليه للخلع ولم يطلق فينبغي رفعه للقاضي ليلزمه بذلك أو يوقعه عليه إن رفض، فإذا لم يمكن رفع الأمر للقضاء لعدم تسجيل العقد لديه فينبغي توجيه بعض الصلحاء إليه ممن لهم وجاهة عنده ليطلق الفتاة ويوقع ما التزمه، إذ مجرد أخذه المهر لا يكون خلعا، قال المرداوي في الإنصاف: فائدة: لا يحصل الخلع بمجرد بذل المال وقبوله من غير لفظ الزوج. فلا بد من الإيجاب والقبول في المجلس.
وقيل بلزومه بمجرد الأخذ وقبول الفدية. ولكن الأول أولى وأحوط. وبناء عليه فلا يحل لها أن تتزوج غيره لأنها باقية في عصمته.
أما إذا كان العقد لم يتم وإنما حصل اتفاق مبدئي على مضامينه في المستقبل فلا يكون الرجل زوجا للفتاة، ولا سبيل له عليها ولو دفع لها الصداق مسبقا.
وللفائدة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8649، 14997، 61423، 905، 18857، 61230.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1428(13/12542)
الأحوال التي يجوز للمرأة فيها أن تطلب الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم على هذه الجهودالطيبة عسى الله أن يبارك فيها.
سؤالي: هل يحق للزوجة الخلع للأسباب التالية:
1-عدم ميل النفس الى الزوج وعدم الإحساس بالمودة والسكنى معه وبالتالي الخوف من التفريط في حقوقه.
2-انعدام روح المشاركة في الزوج واعتبار أن الحياة أكل وشرب ونوم وعدم استغلال الوقت بما هو مفيد بالرغم من أن الزوج ملتزم وحافظ للقران!!!
3-نظرة الزوج للزواج على أنه وسيلة للانجاب والحصول على الأبناء فقط!!!
4-عدم التوافق الفكري واختلاف الطباع التي يصعب التأقلم معها.
5- سلبية الزوج في أغلب الأمور حتى في مشاعره تجاه الزوجة والأطفال. واعتماده الشبه كلي على الآخرين في قضاء حوائجه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبغض الزوجة لزوجها وخشيتها من أن لا تؤدي حق الله في طاعته مبيح لمخالعتها له، قال ابن قدامة في المغني: مسألة قال: (والمرأة إذا كانت مبغضة للرجل، وتكره أن تمنعه ما تكون عاصية بمنعه فلا بأس أن تفتدي نفسها منه) وجملة الأمر أن المرأة إذا كرهت زوجها لخلقه أو خلقه أو دينه أو كبره أو ضعفه أو نحو ذلك , وخشيت أن لا تؤدي حق الله تعالى في طاعته جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها منه. انتهى
والأصل في ذلك قوله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ {البقرة: 229} . وفي صحيح البخاري عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله: ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته، قالت نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة.
فقولها: أكره الكفر في الإسلام معناه أنها تخاف أن يحملها بغضه على ما يقتضي الكفر،قاله في الفتح، أما مجرد عدم ميل النفس إلى الزوج وعدم الإحساس بالمودة والسكنى معه، وعدم التوافق بينها وبينه ونحو ذلك، فليس ذلك سببا يبرر طلب الخلع.
وقد اختلف في حكم طلب الخلع لغير ما ذكر سابقا فقيل يكره وقيل يحرم، قال ابن قدامة في المغني (قال: (ولو خالعته لغير ما ذكرنا كره لها ذلك ووقع الخلع) أراد إذا خالعته لغير بغض وخشية من أن لا تقيم حدود الله.. والحال عامرة، والأخلاق ملتئمة، فإنه يكره لها ذلك. فإن فعلت صح الخلع في قول أكثر أهل العلم ; منهم أبو حنيفة والثوري ومالك والأوزاعي والشافعي ويحتمل كلام أحمد تحريمه؛ فإنه قال: الخلع مثل حديث سهلة تكره الرجل فتعطيه المهر فهذا الخلع. وهذا يدل على أنه لا يكون الخلع صحيحا إلا في هذه الحال.. وذلك لأن الله تعالى قال: وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ {البقرة: 229} وهذا صريح في التحريم إذا لم يخافا ألا يقيما حدود الله، ثم قال: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ {البقرة: 229} فدل بمفهومه على أن الجناح لاحق بهما إذا افتدت من غير خوف، ثم غلظ بالوعيد فقال: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {البقرة: 229} وروى ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أبو داود. وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المختلعات والمنتزعات هن المنافقات. رواه أبو حفص ورواه أحمد في " المسند " , وذكره محتجا به، وهذا يدل على تحريم المخالعة لغير حاجة؛ ولأنه إضرار بها وبزوجها، وإزالة لمصالح النكاح من غير حاجة، فحرم لقوله عليه السلام: لا ضرر ولا ضرار. واحتج من أجازه بقول الله سبحانه: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا {النساء: 4} قال ابن المنذر: لا يلزم من الجواز في غير عقد الجواز في المعاوضة؛ بدليل الربا حرمه الله في العقد وأباحه في الهبة. والحجة مع من حرمه، وخصوص الآية في التحريم يجب تقديمه على عموم آية الجواز مع ما عضدها من الأخبار) انتهى.
وبما ذكر يتبين للأخت متى يجوز لها طلب الخلع ومتى لا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1428(13/12543)
هل تعتد المرأة بعد حكم المحكمة بالخلع أم قبله
[السُّؤَالُ]
ـ[وبعد: أنا امرأة أبلغ 30 سنة تزوجت من رجل لا نعرفه تمام المعرفة اكتشفت بعد زواجي أنه مريض نفسيا وفيه مس جني ورغم ذلك حاولت مساعدته دون جدوى ومنذ سنة وثمانية أشهر وأنا منفصلة عنه طلبت الطلاق فرفض فرفعت القضية منذ ثمانية أشهر إلى دعوة خلع فجاءت أخته الكبرى تهددني إن لم أعطهم الذهب الذي يعتبر مهري فلن يمضوا دعوى استلام الخلع مع أني كنت سأرد لهم كل مهري فأنا أفهم في الدين وأخاف الله فأعطيتها ما تريد بحضور عائلتي وعائلته وشاهدين مع العلم أن زوجي لم يحضر فقالت لي أخته اعتبري نفسك مطلقة منذ اليوم وكان هذا في الأسبوع الأول من رمضان 2006 فأخته هي التي تتحكم في أموره كونه مريضا وبعدها وافق إرسال وكالة لأخيه بإمضائه أنه قابل الخلع كون الطلاق يجري بالجزائر ونحن نعيش في فرنسا وأنا أيضا تركت محاميا ينوب عني بوكالة مني سؤالي هل أعتبر نفسي في عدة أم أنتظر صدور الحكم وماهي مدة عدة الخلع وهل أستطيع مرافقة والدتي لأداء مناسك الحج كونها كبيرة في السن وذلك بمرافقة أخي لنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الزوج قد وكل أخاه في عمل الإجراءات القانونية فحسب، وهو قد خالع بنفسه وصرح بذلك فتكونين مطلقة من وقت خلع الزوج وتصريحه، وأما إن كان وكل أخاه في إمضاء الخلع وتنفيذه نيابة عنه فلا تبدأ العدة إلا عندما يمضيه الوكيل أو يحكم به القاضي الشرعي، وأما أخته فلا اعتبار لكلامها وإن كانت تتحكم في أموره لأنها ليست وكيلة عنه، والخلع إنما هو بيد الزوج أو وكيله كما قال الصاوي في حاشيته (وموجبه) بكسر الجيم: أي موقعه ومثبته (زوج) لا غيره إلا أن يكون وكيلا عنه) .
هذا على اعتبار كون الزوج عاقلا سواء أكان يجن ويفيق وجرى منه ذلك في حال إفاقته أم لم يكن به جنون أصلا ولكنه ضعيف الشخصية عديم الإرادة لأن تصرفه ماض ما دام عقله معه، وأما إن كان مجنونا مستحكما لا يفيق منه فلولي أمره أن يخالع عنه لمصلحة قال الصاوي في حاشيته في من تجوز له المخالعة وإنفاذ الطلاق (أو ولي غيره) أي غير المكلف من صبي أو مجنون.. إذا كان الخلع منه (لنظر) : أي مصلحة)
فينظر في حال الزوج إما أن يكون عاقلا فيمضي تصرفه في الخلع سواء خالع بنفسه أو وكل من ينوبه في ذلك، فإن لم يكن عاقلا فلولي أمره أن يخالع عنه فإذا لم يكن له ولي أمر فالقاضي هو ولي أمره أو يكلفه القاضي بذلك.
وأما مدة العدة في الخلع فهي كغيره من الطلاق، فإن كنت من ذوات الحيض فهي ثلاثة قروء، وإن كنت حاملا فبوضع الحمل، وإن كنت يائسه فثلاثة أشهر.
وأما حكم السفر مع والدتك للحج فإذا لم يكن الخلع قد تم على ما ذكرناه سابقا فيجوز لك ذلك إن أذن لك زوجك أو ولي أمره، وأما إن كان الخلع قد تم من قبل الزوج أو وكيله أو ولي أمره فلا تجوز لك مرافقتها قبل انتهاء العدة لما ذكرنا في الفتوى رقم: 65624.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1427(13/12544)
فراق المرأة زوجها بعوض
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله كل خير على تعبكم فى هم الدعوة وربنا يثبتكم ويثبتنا جميعا آمين.. والله أنا طلقت زوجتي مرتين المرة الأولى قمت بردها والحمد لله وكانت بيننا وللأسف تم الطلاق مرة أخرى، ولكن هذه المرة على يد مأذون وقامت بالتنازل عن كل حقوقها والعدة سوف تنتهي بعد أسبوع، فهل يجوز أن أرجعها مثل الطلقة الأولى غيابيا أم يجب موافقتها هي ووليها، مع العلم والله على ما أقول شهيد نيتي وأنا أطلقها أني أرجعها، ولكني كنت أريد أن ألبي فقط لها طلبها فقال لي بعض العلماء أن أرجعها غيابيا مثل الطلقة الأولى ولا يهم إذا كانت على يد مأذون أم لا مع أني أيضا وعلى ما أقول الله شاهد أني إذا أرجعتها الآن لن تغضب عندما تعرف بل ستهدأ حيث أننا دار بيننا كلام كثيراً جداً فى هذا الموضوع وحدث مرة أنني قد قمت بلمسها بشهوة مع ردها بذلك، ولكن بعد أن قيل إنني من الممكن أن أردها غيابيا، ولكن بعد أن سمعت أنني لا يمكن ردها إلا بعقد جديد وبعلمها هي ووليها وموافقتهم طالما تنازلت عن حقوقها فلا أعرف ماذا أفعل وأنا أريد أن أردها قبل انتهاء العدة، أفيدوني بالله عليكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطلاق إذا تم مقابل عوض فإنه خلع، لأن الخلع هو فراق الزوج امرأته بعوض، ويصح أن يكون العوض تنازلا عن شيء من حقوقها، والخلع بينونة صغرى، فإذا كان تنازل الزوجة عن حقوقها مقابل الطلاق فليس لك مراجعتها إلا بعقد جديد ومهر جديد وبشروط النكاح من الولي ونحوه.
وأما إذا كان تنازلها عن حقوقها ليس عوضاً عن الطلاق، فلك مراجعتها في العدة، ولو دون علمها، أو علم وليها ويستحب الإشهاد، وانظر في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3118، 2324، 26624، 4139.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1427(13/12545)
ما يأخذه الزوج مقابل الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله عنا كل خير وبارك الله فيكم, ملحقاً لسؤالي رقم (2016085) وردكم وفتواكم رقم (72124) فقد حاولت قدر جهدي أن أقنع زوجتي بالرجوع إلى البيت وأن نبدأ حياتنا من جديد مبنية على كتاب الله وسنة رسوله ولكن زوجتي وأهلها مصرون على الافتراق والطلاق وإن رفضت أنا الطلاق فهم يصرون على الخلع , سؤالي يا شيخي الفاضل: هذه هي المصاريف الرئيسية التي تكلفتها عند الزواج من هذه المرأة , بناءً على كتاب الله وسنة رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام ومن باب الحقوق وليس الإحسان , فأنا إن علمت حقوقي وواجباتي فقد سهل عليّ أمر الإحسان إليها ولكنني لا أريد ظلماً لأحد (لأني أعلم أن الإحسان أن أسامحها بكل ما تكلفت من مصاريف وهذا ما لا أريد فعله بل أريد أخذ حقي وإعطاءها حقوقها) , ما الذي يجب عليّ أن أطلب من زوجتي وأهلها المُصريّن على الخلع أن يدفعوه وأن يرجعوه , وهذه المصاريف كانت كالتالي , علماً أن هذه المصاريف لا تشمل النفقة الواجبة عليّ أثناء فترة زواجنا:
1) 850 دولار تذكرة سفر لبلد الزوجة لكتب الكتاب , علماً أنه لم يكن بالإمكان لها أن تأتي لعمل ذلك وكان لا بد لي من السفر
2) 1000 دولار ُمقدّم زواج عند كتب الكتاب
3) 1000 دولار ذهب عند الزواج
4) 2500 دولار ثمن أثاث بيت جديد علماً بأن بيتي كان مؤثثاً قبل زواجي وقد جددته وأخوها كان ممن ساعدني في تركيب هذا الأثاث الجديد قبل أيام فقط من قدوم أخته (زوجتي)
5) 1000 دولار لكي تتمكن من السفر من بلدها إلى أمريكا لتلحق بي وتعيش معي
6) 2000 دولار دفعتها لها قبل سنتين عندما سافرت مع أختها لزيارة أهلها مع أنني كنت غير موافق على ذهابها
7) 2000 دولار أخذتها مني بعد عصيان أمري ورفضها السفر معي والذي بسببه تطلب الخلع , مع علمي التام أن الناشز لا نفقة لها في الشرع وكنت قد أخبرتها بهذا بعد رجوعي من سفري وعصيانها لأمري بالعودة للبيت.
شيخي الفاضل: بالله عليك أفدني ما هي حقوقي وما الذي يحق لي بالشرع أن أطلبه وأسترجعه فأنا لا أريد أن أبغي عليها أو على حقوقها وسأفعل كل ما يرضي الله ورسوله وإذا ما كانت هذه المرأة وأهلها قد خططوا لهذا الزواج من أجل الحصول على الجنسية الأمريكية بالزواج مني فما هو حكم الشرع هنا؟ أشك في هذا لأن زوجتي قد خرجت من بيتي ولم ترجع بعد إسبوعين فقط من حصولها على الأقامة الدائمة وكانت قد أخبرت أشخاصا أثق بصدقهم أنها لن تنجب مني أبداً لكي لا يكون هناك ما يربطنا معاً وقد أجهضت مرتين بشكل مريب!!! وقولها إنها قد غيرت رأيها بقبول الرحيل معي للعيش في بلدي وإصرارها إما بالعيش في أمريكا أو الرحيل للعيش في بلدها, أرجوكم أن توضحوا لي كلا الأمرين:1) ما الذي أستطيع استرجاعه من مصاريف وتكاليف الزواج. 2) وحكم الشرع فيمن يتزوج لمثل تلك الغاية؟
وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي الكريم أن جمهور أهل العلم على أن الخلع يجوز على الكثير والقليل، على ما دفعه الرجل لزوجته من المهر وعلى أكثر من ذلك، وعليه فأي مبلغ يتم الاتفاق عليه قل أو كثر جاز أن يكون عوضا في الخلع تدفعه المرأة للرجل، قال الإمام ابن عبد البر في التمهيد: وأجمع العلماء على إجازة الخلع بالصداق الذي أصدقها إذا لم يكن مضرا بها وخافا ألا يقيما حدود الله واختلفوا في الخلع على أكثر مما أعطاها فذهب مالك والشافعي إلى جواز الخلع بقليل المال وكثيره وبأكثر من الصداق وبمالها كله إذا كان ذلك من قبلها قال مالك لم أزل أسمع إجازة الفدية بأكثر من الصداق لقول الله تعالى: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ {البقرة: 229} ولحديث حبيبة بنت سهل مع ثابت بن قيس قال فإذا كان النشوز من قبلها جاز للزوج ما أخذ منها بالخلع وإن كان أكثر من الصداق إذا رضيت بذلك وكان لم يضر بها، فإن كان لخوف ضرره أو لظلم ظلمها أو أضر بها لم يجز له أخذه وإن أخذ شيئا منها على هذا الوجه رده ومضى الخلع عليه. أهـ.
وفي الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب المالكية والشافعية إلى جواز أخذ الزوج عوضا من امرأته في مقابل فراقه لها سواء كان العوض مساويا لما أعطاها أو أقل أو أكثر منه ما دام الطرفان قد تراضيا على ذلك، وسواء كان العوض منها أو من غيرها، وسواء كان العوض نفس الصداق أو مالا آخر غيره أكثر أو أقل منه، وذهب الحنابلة إلى أن الزوج لا يستحب له أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها بل يحرم عليه الأخذ إن عضلها ليضطرها إلى الفداء.
وفصل الحنفية فقالوا: إن كان النشوز من جهة الزوج كره له كراهة تحريم أخذ شيء منها، لقوله تعالى: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا {النساء: 20} ولأنه أوحشها بالفراق فلا يزيد إيحاشها بأخذ المال، وإن كان النشوز من قبل المرأة لا يكره له الأخذ، وهذا بإطلاقه يتناول القليل والكثير، وإن كان أكثر مما أعطاها وهو المذكور في الجامع الصغير لقوله تعالى: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ {البقرة: 229} وقال القدوري: إن كان النشوز منها كره له أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها وهو المذكور في الأصل (من كتب ظاهر الرواية) لقوله صلى الله عليه وسلم في امرأة ثابت بن قيس: أما الزيادة فلا. وقد كان النشوز منها، ولو أخذ الزيادة جاز في القضاء، وكذلك إذا أخذ والنشوز منه، لأن مقتضى ما ذكر يتناول الجواز والإباحة، وقد ترك العمل في حق الإباحة لمعارض، فبقي معمولا في الباقي. أهـ.
وأما على القول الثاني: فلا يجوز للرجل أن يأخذ منها أكثر مما دفعه صداقا ومهرا لها، فلا يدخل في الخلع ما كان غير داخل في المهر كنفقة سفره إليها أو سفرها إليه أو أثاث منزله، إلا إذا كان تم الاتفاق سابقا عن أن هذه الأمور من المهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1427(13/12546)
إرجاع الزوجة بعد الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة خلع المرأة نفسها هل ترجع له هداياه؟ وهل في الخلع لا يمكن للمرأة العودة لزوجها مرة أخرى؟ وهل فيه عدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخلع يكون بما يتفق عليه الزوجان من العوض كما هو مبين بالفتوى رقم: 52381، والخلع لا يمنع الزوج من إرجاع زوجته بعد أن خالعته إن رغبا في ذلك، ولكن لا بد من عقد جديد، وهذا فيما إذا لم يكن قد سبق هذا الخلع طلقتان، فإن سبقته طلقتان ثم خالعها فقد بانت منه بينونة كبرى عند جمهور الفقهاء القائلين بأن الخلع طلاق، وأما من ذهب إلى أن الخلع فسخ وليس بطلاق فلا تعتبر المرأة عندهم بائنة بينونة كبرى، وتراجع الفتوى رقم: 35310، وأما العدة فواجبة سواء قلنا إن الخلع فسخ أم طلاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1426(13/12547)
الامتناع عن الفراش وطلب الخلع لعصيان الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في امرأة تمتنع عن معاشرة زوجها جنسياً بسبب كرهها له لأنه عاص ومدمن للمخدرات وطلبت منه الطلاق فقبل بشرط أن تترك له المنزل هى وأبناؤه أو تعطيه مالا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة الامتناع عن فراش الزوج وإن كان عاصياً وسبق بيانه في الفتوى رقم: 46042.
وينبغي لها نصح زوجها وبيان خطورة المعصية الواقع فيها بهدوء ورفق ولين لعل الله يهدي قلبه ويشرح صدره لقبول الحق، وإذا أصر على عصيانه، وتفريطه في حق الله، وخافت ألا تقيم حدود الله معه فلها طلب الطلاق أو الخلع.
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله (وجملة الأمر أن المرأة إذا كرهت زوجها لخلقه أو خلقه أو دينه أو كبره أو ضعفه، أو نحو ذلك، وخشيت أن لا تؤدي حق الله تعالى في طاعته، جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها منه، لقول الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ {البقرة: 229} ا. هـ
ولها أن تفدي نفسها منه بما طلب منها من مال أو بالتنازل عن البيت وحضانة الأبناء، قال خليل في مختصره عند تعداده لما يصح به الخلع (وبإسقاط حضانتها) ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 57375.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1426(13/12548)
طلب الخلع لرعاية أبناء الأخت المتوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الأعزاء لدي مشكلة أود عرضها عليكم: رحلت زوجتي إلى الدار الآخرة، وتركت لي أربعة أطفال - والحمد لله على ذلك - للأطفال خالة متزوجة من ثلاث سنوات تحبهم كثيرًا، قبل وفاة والدتهم وبعد وفاتها أصبح حبها لهم أكبر، وهي لا تستطيع أن تعيش بعيدة عنهم، وهي عاقر لا تلد، وزوجها ممكن أن يتزوج عليها، فهل لها حق أن تطلب منه الخلع مع التنازل عن جميع حقوقها من المهر؟ وأن تعطيه أي شيء مقابل الانفصال؟ علما أنها تشعر بأنها لا تستطيع القيام بواجبات الزوجة تجاهه، وإذا كان الجواب بجواز الخلع فهل توجد عدة أم لا؟
أفتونا جزاكم الله عنا وعن المسلمين خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوجة طلب الخلع، فإن الخلع طلاق كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 7820. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم المرأة عن طلب الطلاق بغير عذر، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 1114. ولكن في حال بغضها له وخشيتها عدم إقامة حدود الله معه لها أن تطلب الطلاق أو أن تفتدي منه، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 3200.
أما عدة المختلعة فالذي عليه الجمهور هو أنها كعدة المطلقة، واحتجوا بقول الله تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ {البقرة:228} . وقالوا: إن الخلع فرقة بين الزوجين في الحياة بعد الدخول، فكانت العدة ثلاثة قروء كغير الخلع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1426(13/12549)
الامتناع عن الطلاق حتى ترد الزوجة المهر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوج ملتزم وزوجتي للأسف امرأة عادية، فكلما طلبت منها بأن تغطي عينيها وأن تلبس القفازات والشرابات في الأسواق أو المستشفيات وأنا أعاني معانات كبيرة فهل لي الحق في ذلك مع العلم بأنها تقول هذه وسوسة وتطول دائماً لسانها علي وأنا أصبر وأسكت عنها لوجه الله وتقول طلقني ما عندك كرامة ولأنها هي عند أهلها وتطالب بالطلاق مع العلم بأنها تقول وتشتكي من إذا أتى إلي أهلي في رمضان وبعض أصدقائي في أيام السنة (لا تعزم هذا ــ أعزم يوم كذا) وهذا مردها يا شيخ فقد قلت لهم أنا أريد امرأة تقوم بي وبيبتي وضيوفي وسترها أو أريد مهري الذي هو 50000 ألف ريال فهل لي الحق فيه وفي الشبكة وبعض الخواتم التي سبق أن أهديتها لها والأطقم أرجو الإجابة على سؤالي هذا ولكم جزيل الشكر وأن يجعله الله في موازين حسناتكم على ما تقومون به.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حقك أن تطالب زوجتك بالرجوع إلى بيتك، فإن رفضت فهي ناشز لا تستحق نفقة ولا مسكناً، ومن حقك أن تمتنع عن طلاقها حتى ترد إليك ما أعطيتها، أو أكثر منه أو أقل، وانظر الفتوى رقم: 8649، ورقم: 2324.
وأما عن حكم خدمة المرأة لزوجها فسبق الكلام عن ذلك في الفتوى رقم: 14896، ونوصي بالتفاهم واللين والكلمة الطيبة، والسعي في إصلاح البين والصبر والتغاضي عما يمكن التغاضي عنه، وليكن نصيبك من ذلك كله النصيب الأوفر، فإن الله تعالى أوصى الرجال بالنساء في أكثر من مناسبة، وبين أن خير رجال هذه الأمة خيرهم لأهله.
فاستوص بزوجتك خيراً وتحمل منها ما تستطيع أن تتحمل، ولا تكلفها ما يشق عليها ويجحف بها، وراجع الفتاوى التالية: 2589، 33245، 57765، 16092.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1426(13/12550)
الإبراء وفسخ العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[تم طلاقي 3 مرات أول مرة أبرأت زوجي وثاني مرة طلقت غيابيا وثالث مرة أبرأت زوجي وعلمت أن الإبراء يعتبر فسخا وليس بطلاق، وبهذا هل يحق الرجوع لزوجي لأن لي منه 3 أطفال أرجو الرد من أجل أولادي ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 66068 أن الإبراء خلع وأن الخلع طلاق عند الجمهور وفسخ عند بعض أهل العلم فلتراجع.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1426(13/12551)
لا يثبت الخلع إلا بشاهدين أو إقرار الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوج رجل امرأة خالعت نفسها من زوجها بخلع غير صحيح (قالت له أمام شهود أنها خالعته لأنه لا يريد أن يطلقها) بناء على فتوى غير صحيحة، وعاشا 3 سنوات، وعرف الزوج الثاني فتوقف عن جماعها، وقال لها إن الخلع باطل، وتركها وسافر، ثم عاد بعد 3 أشهر فقالت له إنني ذهبت إلي زوجي الأول ومعي فلانة (شاهدة) وطلبت من زوجي الأول الطلاق وطلقني ثلاثا، وتم ذلك بعد سفرك مباشرة (الزوج الثاني) فقام الزوج الثاني بالعقد عليها مرة أخرى عقدا جديدا ودخل بها منذ سنة، ثم الآن يخالط الزوج الثاني شك هل أتمت ثلاث حيضات بعد طلاقها أم لا؟
فما الحكم الآن وهو مبتعد عنها منذ شهرين ولم يسألها إلي الآن، فهل يتأكد أولا منها؟
وماذا لو كانت لم تكمل الحيضات الثلاث؟
وهل كان يجب عليها أن تعتد بعد طلاقها عدة لزوجها الأول ثم عدة لنكاحها الفاسد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في الفروج التحريم، والمرأة المتزوجة الأصل بقاؤها في عصمة زوجها حتى يثبت طلاقها منه أو خلعها بيقين، فالطلاق أو الخلع لا يثبت بقول امرأة، بل لا بد فيه من شاهدين أو إقرار الزوج، والتهاون في أمر كهذا خطير، لما فيه من انتهاك لحرمات الله واختلاط أنساب ونحو ذلك، فكان على الزوج أن يتأكد أولا من كون المرأة فارقت زوجها فراقا شرعيا، ثم يتأكد ثانية من كونها أكملت عدتها وهي ثلاث حيض عند عدم الحمل ولا يكفى ثلاثة أشهر إلا إذا كانت يائسة من المحيض كما قال تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ
وعليه، فنقول: إذا تبين للزوج أن طلاق زوجته أو خلعها من زوجها السابق غير صحيح فعليه أن يفارقها لأنها لا تزال في عصمة زوجها الأول، ونكاحها منه فاسد وعليها أن تعتد عدتان، ولا تتداخل العدتان على الصحيح لأنهما من رجلين وتراجع الفتوى رقم: 36089.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1426(13/12552)
تطليق امرأة المسجون بغير علمه بين النفاذ وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ندعو العلي القدير أن تصلكم أسئلتنا هذه وأنتم وجميع العاملين معكم في نعمة من الله وعافية. أسئلة من جمهورية بلغاريا.
1- إمام طلق امرأة منذ أشهر من زوجها الموجود في السجن لأسباب اقتنع الإمام بها. بعد مدة من الزمن حصل تغير في خلق المرأة والرجل /تحسنت/ هذه المرأة تريد أن تعود لزوجها بشرط أن لا يتم إخبار زوجها عن هذا الطلاق الذي حصل لتفادي مشاكل ردة الفعل, مع العلم أن الزوج لا يعلم بهذا الطلاق أصلا. ما حكم ذلك؟.
2- امرأة تريد الطلاق من زوجها أمام الإمام لسبب أنها تكرهه ولا تطيق أن تعيش معه وهي لا تمكنه منها لعدة أشهر وهو لا يريد الطلاق, مع العلم أن لديهم ولدا، والإمام ردّهم عدة مرات لعله يتم تغيير في المواقف-
جواب الزوج للإمام أن الزواج مسؤولية ولا يستطيع أن يطلق زوجته, وإن طلقها الإمام فليتحمل مسؤوليته- هل يحق للإمام أن ينفذ حكم الطلاق , كيف ومتى؟. جزاكم الله خيرا الجزاء.
أخوكم علي حسين خير الدين
/ مفتي صوفيا/]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعروف أن الطلاق بيد الزوج، ولا يحق لأحد أن ينفذه عليه إلا من وكله على ذلك من زوجة أو غيرها أو القاضي عند ثبوت سبب الطلاق من ضرر حاصل للزوجة من البقاء في عصمة زوجها لعجزه عن القيام بنفقتها ونحو ذلك، وتقوم جماعة المسلمين مقام القاضي عند عدم وجوده، فإذا تقرر هذا علم أن الإمام وحده لا يملك حق إنفاذ الطلاق على السجين أو غيره لأي سبب كان ذلك، وعليه فطلاقه الذي صدر وأفتى به كالعدم، والعصمة باقية على حالها، وهذا ما لم يكن مفوضا من قبل المركز الإسلامي الموجود في بلادكم، أما إن كان مفوضا من قبل جماعة المركز وأعطته صلاحية النظر والحكم في أمور الطلاق فإنه ينفذ ما أوقع من الطلاق لمسوغ شرعي ويكون طلاق بائنا، هذا من حيث الأصل، لكن بما أننا لم نطلع على السبب الذي طلقت هذه المرأة من أجله بالتحديد فلا يمكن لنا أن نحكم بأنه طلاق بائن أو رجعي لأن طلاق القاضي قد يكون رجعيا في بعض الحالات، مثلا إذا طلق المرأة من أجل عسر زوجها بالنفقة ثم أيسر الزوج قبل انتهاء العدة فله أن يرتجعها وعلى كل حال فهو طلاق.
وما ذكرناه من كون الإمام إذا كان مفوضا من قبل جماعة المركز الإسلامي يأخذ طلاقه حكم طلاق القاضي هو مقتضى كلام أهل العلم من قيام جماعة المسلمين مقام القاضي عند عدم وجوده، وهو ما قرره مجمع فقهاء الشريعة الإسلامية بأمريكا بخصوص هذا الموضوع الذي نحن بصدده، حيث جاء في بيانه الختامي للمؤتمر الثاني: أن للمراكز الإسلامية خارج ديار الإسلام صفة قضائية فإذا كان للقائم على المركز الإسلامي صفة المحكم سواء باتفاق الطرفين أو لإصلاح الجالية المسلمة عليه اعتبارا لفقهه فإنه يعتد بما يجريه من التفريق بسبب الضرر وسوء العشرة ونحوه بعد استيفاء الإجراءات القانونية التي تقيه من الوقوع تحت طائلة القانون، وعليه، فالخلاصة أن الطلاق الذي أوقعه الإمام غير نافذ ولا أثر له إن لم يكن الإمام مفوضا من جماعة المركز الإسلامي، ونافذ إن كان الإمام مفوضا من المركز الإسلامي ويعتبر طلاقا.
أما عن السؤال الثاني، فالجواب أنه في حال بغض المرأة لزوجها وعدم قدرتها على العيش معه وخشيتها من عدم قيامها بواجبها نحوه فلها طلب الطلاق، فإن لم يرض الزوج فلها أن تفتدي منه بأن تدفع له ما أعطاها من مهر أو غير ذلك مما يتم عليه الاتفاق، ويستحب للزوج إجابتها لذلك، ولا يجبر عليه فإن لم يفعل فترفع أمرها إلى القاضي أو من ينوب عنه كجماعة المسلمين كما في الحالة المسؤول عنها ليرى أو لترى الأصلح، وتراجع الفتوى رقم: 57926.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1426(13/12553)
قانون الخلع بمصر
[السُّؤَالُ]
ـ[استحدث القانون المصري قانونا سمي بقانون الخلع وبموجب هذا القانون يحق للزوجة إذا طلبت من زوجها مخالعتها ورفض أن تلجأ للقضاء بطلب طلاقها من زوجها خلعا وتعرض أن ترد عليه الصداق المذكور في وثيقة الزواج ويكفيها فقط أن تذكر أمام القاضي أنها تبغض العيش مع زوجها وتخاف ألا تقيم حدود الله وعلى القاضي أن يعرض عليها الصلح مرتين بينهما ثلاثون يوما وإذا أصرت الزوجة على طلب الخلع فليس للقاضي إلا أن يجيبها إلى طلبها ويحكم بطلاقها خلعا من زوجها رغم عدم موافقة الزوج على مخالعة زوجته ومحاولته إصلاح ذات البين وإلزام الزوج باستلام الصداق مقابل حكم القاضي بالطلاق.
والسؤال ما حكم الشرع في هذا القانون، وهل للقاضي إلزام الزوج بخلع زوجته قصرا؟ وما حكم المرأة التي تطلق بهذه الطريقة إذا تزوجت من رجل آخر بعد طلاقها بحكم المحكمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن استفتينا عن حكم قانون الخلع المذكور فأحلنا السائل عنه على أهل العلم في بلد ذلك القانون، وذلك في الفتوى رقم: 19501.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1426(13/12554)
لا تسقط النفقة بالخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب تزوجت من فتاة مسلمة وأنجبت منها طفلا وبعد مرور سنة من الولادة طلبت زوجتي الطلاق. وبعد عدم التوصل إلى أي نتيجة طلبت الخلع أمام القاضي إلا أن القاضي أمرها أن ترجع عن طلبها بالخلع لأنه لا يوجد سبب شرعي وأخبرها بأنها بفعلها هذا سوف تحرم عليها رائحة الجنة وكل هذا بعد أن سمع القاضي وهو مسلم ومعتمد من قبل الرابطة الإسلامية في البلد الذي نعيش فيها بعد أن سمع من كلا الطرفين أسباب الانفصال إلا أنها أصرت علي الخلع فذكرها بغضب الله عليها لأنه لا يوجد سبب شرعي لطلبها بالخلع ومن ضمن ما قاله هذا القاضي إن الحضانة للأم ما لم تنكح رجلا آخر وأن لا نفقة للأب على الطفل أي ابنه إلا إذا أراد أن ينفق سؤالي هنا ما حكم الشرع في حضانة الأم إذا طلبت الخلع بدون سبب شر عي كما أسلفت فهي تكون في لعنة الله والسؤال الثاني ما صحة أنه لا يجب علي الأب الإنفاق علي الطفل عندما تطلب الأم الخلع من زوجها بغير عذر شرعي وما حكم الدين إذا تزوجت الأم رجلا آخر واحتمت بقانون البلد الذي نعيش فيه وهو النمسا وهو قانون كفر ويعطي الحق للزوجة بأن تحضن الطفل بغض النظر إن تزوجت أم لم تتزوج؟ وشكرا لكم وجزاكم الله خيرا وأدامكم ذخرا لمساعدة المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي أن الخلع لا يكون إلا برضا الزوج فإذا لم يوافق فليس للقاضي ولا لغيره إلزامه بالخلع، وطلب المرأة للخلع له حالات ذكرناها في الفتوى رقم 52707.
فإذا كان طلبها للخلع مباحا أو مكروها فلها الحق في الحضانة ما لم تتزوج ولمعرفة الأحق بالحضانة انظر الفتوى رقم 6256.
أما إذا كان طلبها للخلع محرما فهي فاسقة بطلبها الخلع وشرط الحاضن أن لا يكون فاسقا فلا حضانة لها إلا أن تتوب.
وأما النفقة على الأولاد فلا تسقط بخلع أمهم ولا نشوزها ولا طلاقها، ولا يجوز لمسلم أن يحتكم إلى قانون يخالف الشرع. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1425(13/12555)
هل يشرع للمرأة طلب الخلع من زوجها العقيم
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أرادت الزوجة الخلع من زوجها لعدم إنجابه فما هي المدة اللازمة لبقائها معه هل هي سنتان أم ثلاث أم أربع......؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكما أن الله تعالى أعطى الرجل الحق في الطلاق إذا كره المرأة واستحالت الحياة بينهما، فكذلك أعطى المرأة الكارهة لزوجها والنافرة منه فرصة الاختلاع والافتداء منه بمال تعرضه عليه، قال الله تعالى: ِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {البقرة: 229} .وفي الحديث أن امرأة ثابت بن قيس جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ما أنقم عليه من خلق ولا دين إلا أني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ فقالت: نعم، فردتها عليه فأمره ففارقها. وفي رواية قال له: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة. رواه البخاري. فإذا ثبت كون الرجل عقيما وكرهت المرأة البقاء معه لذلك فيجوز لها طلب الخلع منه مقابل شيء تفتدي به، واستجابة الزوج لهذا الطلب أمر مطلوب شرعا، وليس هناك مدة معينة تلزم المرأة فيها بالبقاء معه متى ثبت كونه عقيما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1425(13/12556)
يحرم معاشرة الرجل زوجته المختلعة منه قبل إبرام عقد جديد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوجة مطلقة طلاق خلع، وأراد زوجي أن يرجعني؛ لكن هناك ظروف مؤقتة تمنعه من إبرام عقد النكاح ويطلب مني ممارسة حقوقه مثل المداعبة والممارسة الجنسية بناء على نية الرجوع هل هذا حلال أم حرام؟
وشكراً على استشارتكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أيتها المرأة أن زوجك بعد طلاق الخلع - وهو الطلاق الذي يكون على مقابل تدفعه الزوجة - أجنبي عنك لا يجوز لك الخلوة به، ولا غير ذلك مما يجوز بين الرجل وزوجته، فاتقوا الله تعالى واحذروا من الوقوع فيما يسخط الله، وعليكم عقد النكاح إن أردتم الرجوع لبعضكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1425(13/12557)
الخلع في الحيض
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال عن الخلع، كنت متزوجة من رجل أساء لي كثيرا فطلبت الطلاق، ولم يوافق زوجي على الطلاق فلجأت إلى الخلع، وتم الخلع في ثاني أيام دورتي الشهرية، فهل يعتبر هنا الطلاق واقعا أم هو باطل؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في جواز الخلع في الحيض فمنهم من أجازه وهو ما ذهب إليه الحنابلة، قال ابن قدامة في المغني: ولا بأس بالخلع في الحيض والطهر الذي أصابها فيه وعللوا هذا بأن المنع من الطلاق في الحيض من أجل الضرر الذي يلحق المرأة بطول العدة، والخلع لإزالة الضرر الذي يلحقها بسوء العشرة والمقام مع من تكرهه وهو أعظم ضررا من طول العدة. وذهب الشافعية في الأصح عندهم إلى المنع، قال صاحب مغني المحتاج: فلا يجوز خلعه في الحيض أو النفاس في الأصح. اهـ. ووافقهم المالكية في المشهور من المذهب، قال في مواهب الجليل عند قول خليل بن إسحاق: لمنع الخلع، هذا هو المشهور ومقابله الخلع في الحيض وصدر به ابن الجلاب. اهـ. وقد عزا شيخ الإسلام ابن تيمية جواز الخلع في الحيض إلى أكثر أهل العلم، حيث قال في الفتاوى: ولهذا يجوز عند أكثر العلماء الخلع في الحيض. اهـ. وعلى كل فإذا حصل الخلع في الحيض فهو نافذ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1425(13/12558)
الخلع تحت الإكراه يعتبر لاغيا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد سؤالي كالتالي زوجتي رفعت قضية الطلاق لدى محكمة أجنبية بهولندا بدون أسباب وحصلت على مبتغاها وبعد مرور الزمن طلبت مني العودة فكان شرطي معرفة أسباب الخلع فلم توافق ولم أرجع عندها. فما حكم الشرع من هذه القضية ومن هذه الزوجة ومني مع العلم بأن لدينا ابنة. وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد قبلت الخلع تحت الإكراه فإنه يعتبر لاغيا لسببين:
أولهما: الإكراه، وقد سبق أن ذكرنا حكم الطلاق والخلع تحت الإكراه في الفتوى رقم: 49567 ورقم: 40934.
الثاني: هو أن الجهة التي حكمت بطلاق زوجتك أوخلعها لا يعتبر حكمها شرعا، فهو لغو، كما أوضحنا في الفتوى: 7561 ثم إن ما قامت به هذه المرأة من التمرد على زوجها وطلبها الطلاق لغير ضرر إضافة إلى لجوئها للمحاكم الوضعية يعتبر أمرا حراما، وهي بذلك عاصية لله تعالى، متعرضة لعقوبته إذا لم ترجع إلى الله تعالى وتتوب إليه، وبإمكانك أن تطلعها على الفتويين التاليتين: 1060، 8622. وهي الآن مازالت زوجتك فننصحك بمراجعتها، فإن رجعت واعترفت بخطئها وتابت إلى الله تعالى، ولا داعي لمعرفة سبب ما قامت به مادامت قد رجعت وتابت والتزمت طاعة الله تعالى ثم طاعة زوجها.
وإن كنت قد قبلت خلعها من غير إكراه فإنها قد بانت منك بينونة صغرى، ولك أن تتزوجها إن أرادت بعقد جديد ومهر وشهود وولي. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1425(13/12559)
مسألة حول الخلع وأحواله
[السُّؤَالُ]
ـ[تكملة الفتوى رقم: 49460، أنا لاحظت أن في كل الفتاوى (الخلع) أن الزوجة تخشى أن تقيم حدود الله في حق زوجها يعني إطاعته والجنس وهكذا ولكن في حالتي أنا وزوجتي نحن يحب كل منا الآخر وفيه معاشرة زوجية طبيعية وتقريباً يومياً رغم أن جلسة الخلع أخذت موعداً في المحكمة، المشكلة هي الطاعة هي تريد أن تسهر خارج البيت دوني مع أخوتها البنات حتى الساعة الثانية أو الثالثة صباحاً أو تسافر معهم أسبوعاً أو أكثر ورغم أنها حجت معي فهي لا تصلي ولم تلبس الحجاب منذ رجوعنا من الحج، وأنا أصلي أقيم الليل أدعو لها ربنا عز وجل أن يصلح حالها وعندما ألفت نظرها للحديث (حرمت رائحة الجنة على الزوجة التي تطلب الطلاق من غير سبب تقول إن الحرية سبب ونسيت كل حاجة عن واجبات المرأة لزوجها لأنها تتنافى مع هذا العصر، أرجو المعذرة ولكن أنا لازلت عندي أمل فيها، أدعو لها وأنا أعلم أن ما تعمله حرام حتى الخلع بدون سبب شرعي حرام، أنا لست دميم الشكل ولست ضعيفا وبصراحة أنا أقوم الليل أكثر وأسبح أكثر عندما تكون عند أهلها يمكن يكون الخلع هذا نعمة من عند ربنا لي (وعسى أن تكرهوه شيئا وهو خير لكم) ، ولكن العشرة والحب وكل الأشياء الجميلة، التي عملناها مع بعض وأملي أنها ممكن أن يصلح حالها هو الذي جعلني أرفض الطلاق، السؤال هنا: هل الخلع هنا حرام عليها، وهل أصمم على أخذ كل ما أعطيتها من بيت وسيارة وهدايا وذهب وألماس وأيضاً ملابس عندما تزوجنا دخلت الشقة الجديدة بحقيبة ملابس أنا اشتريتها لها من لندن ولم تصرف قرشاً واحداً في هذا المنزل هي أو أهلها، أنا فقط أريد أن أقيم حدود الله وليس حدود القانون وأريدها أيضاً أن تعرف حدود الله وليس حدود القانون؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطلب الخلع من المرأة له ثلاث حالات:
الأولى: أن تطلب الخلع لسوء خلق الرجل كضربه لها أو سبه ونحو ذلك، فطلب الخلع في هذه الحالة مباح.
الثانية: أن تطلب الخلع مع استقامة الحال وعدم المضارة من الرجل غير أنها تخشى التفريط في حقوقه فيكره لها طلب الخلع، ويستحب لها أن تصبر وعلى هذا جمهور الفقهاء.
الثالثة: أن تقوم بمضارة زوجها بسوء خلقها وعدم طاعتها له، فتضطره إلى القبول بالخلع، ففي هذه الحالة يكون طلب الخلع محرماً، وعلى هذه الحالة يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة.
وقوله إن المختلعات هن المنافقات، وما من امرأة تسأل زوجها الطلاق من غير بأس فتجد ريح الجنة، أو قال: رائحة الجنة.
قال الإمام ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى في الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة الحادية والثمانون بعد المائتين: سؤال المرأة زوجها الطلاق من غير بأس.
أخرج أبو داود والترمذي وحسنه ابنا خزيمة وحبان في صحيحيهما، عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. والبيهقي في حديث قال: وإن المختلعات هن المنافقات، وما من امرأة تسأل زوجها الطلاق من غير بأس فتجد ريح الجنة أو قال: رائحة الجنة.
هذا فيما يتعلق بحكم طلبها هي للخلع.
أما أنت فيجوز لك أن تقبل مخالعتها، وأن تطلب منها أن تدفع لك كلما أعطيتها أو أكثر منه، إلا أن طلب الزيادة مكروه مع جوازها كما بيناه في الفتوى رقم: 43053.
واعلم أنه يجب على الزوج أن يقيم زوجته المسلمة على طاعة الله تعالى والالتزام بالواجبات والانتهاء عن المحرمات، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6} .
ومن أوجب الواجبات الصلاة لأنها عمود الدين وثاني أركان الإسلام، وكذلك الحجاب بالنسبة للمرأة، إذا عرفت هذا، فاعلم أنه ليس أمامك إلا أحد حلين:
الأول: أن ترجو استقامة حال زوجتك والتزامها بشرع الله تعالى، وأن تعلم من نفسك القدرة على توجيهها وإلزامها بذلك بمقتضى القوامة التي جعلها الله لك عليها والمسئولية الملقاة على عاتقك اتجاهها، وفي هذه الحالة لك أن تتمسك بزوجتك وتقوم بما أوجب الله عليك.
والحال الثاني: أن تعلم إصرارها على معصية الله وتركها لشعائر الدين مع عجزك عن تقويمها وحملها على الصلاح، ففي هذه الحالة يكون فراقها خيرا من إبقائها، لأن من ضيع حق الله تعالى كان لما سواه أكثر تضييعاً، ولا تعلق قلبك بها والحالة هذه لأن المؤمن يجب عليه أن يكون حبه لمن يحب الله ورسوله، وأن يكون بغضه لمن يبغض الله ورسوله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1425(13/12560)
الخلع يكون بما يتفق عليه الزوجان
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مشكلة مع أخت زوجتي وحماتي، والآن مع زوجتي. أخت زوجتي الصغيرة (28عاما) تعيش في الحرام مع طليقها (53 عاما) الذي طلقها أكثر من7 مرات، والشيوخ الذين كانوا يقولون بأن هذه الطلقة لاتحسب أو تلك لاتحسب لا يستطيعون ذلك الآن، والنتيجة أنهم يعيشون مع بعض مثل الأزواج، والمصيبة الكبرى أن حماتي الحاجة (حج و4 عمرة) تعلم بذلك وتسكت ثم تقول: وماذا أصنع حسابهم عند ربنا وتذهب عندهم وتأكل معهم مثل زوج ابنتها بالضبط وتعمل له ألف حساب. ومع شديد الأسف فإن حماتي محجبة ولكن بتلبس نصف كم وتقف في البلكونة وهي لابسة قميص نوم وترقص في الديسكو وتتباهى أنها رقصت لمدة ساعتين وتنزل المياه في العين السخنة وشرم الشيخ لابسة بنطلون وقميص أبيض على اللحم، ويمكن أن تتخيل منظرها وهي خارجة من الماء، ثم تجلس فى المجالس وتقول: أنا أصلي طوال الليل وأقرأ القرآن طوال الليل وهي فعلا تفعل ذلك وتصوم الإتنين والخميس أيضا، المهم أن زوج ابنتها عندما يتشاجر معهم يقول بالحرف الواحد لها: إن أمك كذا وتفعل كذاعلينا وحماتي سمعت ذلك عدة مرات منه ورغم ذلك مبسوطة. (نسيت أن أقول إن هذا الرجل غني جدا جدا والأخت ضبطته عدة مرات مع سيدات كثيرة وفي أوضاع مخلة أيضا وهي راضية لأنها تحبه) وأيضا يذهب إلي العمرة آخر عشرة أيام من رمضان من كل عام، وبسبب هذه الأوضاع أنا شايل نفسي بعيدا عن ذلك ولكن لا أستطيع منع زوجتي من زيارتها، وبسبب الحرية المطلقة إلي الأخت المطلقة فهي تذهب إلى الإسكندرية مع شلة بنات وشرم الشيخ وهنا في القاهرة تسهر حتى الساعة الثانية صباحا في المقاهي وهكذا، وبسبب ذلك زوجتي الآن تريد الطلاق وأنا أرفض، فعملت قضية خلع وأول جلسة يوم 11\\9 \\ 2004، وقد رفعت هذه القضية لأني أرفض أن تذهب مع أختها إلى هذه الأماكن، وحتى كتابة هذه السطور لا تزال زوجتي موجودة في شرم الشيخ مع أختها وطليقها وبعض البنات الأجانب منذ أسبوع بالضبط بسبب القضية، وأنا لا أستطيع منعها وإذا منعتها تقول طلقني، وبرغم ذلك مازلنا نعيش في بيت واحد وفى سرير واحد ونمارس الجنس مع بعض لأنها مازلت زوجتي وليس في ذلك أي مشكلة. أتمنى من الله ذلك. وحماتي تقول البنت تحتاج إلى حرية وما الحرج في أن تسافر 4 مرات في السنة بمفردها، كل مرة عدة أيام طالما فيه ثقة (على فكرة الأب توفي من 15 عاما) وإذا قلت الدين تقول الحاجة حماتي هذا كان أيام الرسول (صلى الله علية وسلم) وليس الآن. وأنا وزوجتي حججنا منذ 4 سنوات ولكنها تحجبت 3 أشهر فقط وبحجة الصداع خلعت الحجاب ولاتصلى أيضا وذلك بحجة أنها لا تستطيع عمل شعرها كل يوم، وإذا لم نمارس المعاشرة الزوجية لاتصلى أيضا، وملابسها لا تمت إلي الإسلام بصلة. ومشكلة الخلع أنني كتبت كل شيء باسمها والقانون يقول إنها تتنازل عن المهر والمؤخر فقط ولكن الشرع الذي سيحاسبنا به ربنا عز وجل يقول ردي له حديقته وهي موافقة على التنازل عن المهر فقط والمؤخر.
فهل عند حضراتكم كلمة لزوجتي الحاجة والأم الحاجة، كلمة من الكتاب الشريف والأحاديث يمكن يكون فيها هداية إليهم، أتمنى ذلك، ونصيحة لي. وأنا حتى الآن أدعو لزوجتي أن يبارك الله عز وجل لي فيها ويهديها، وللعلم ليس بيننا أولاد وليس عندي عيب ولا هي أيضا وفي 8 سنوات عملنا كل حاجة كل التحاليل ولكن أنا أريد وأنت تريد والله يفعل ما يريد. وأ نا مازلت أحب زوجتي وهي مازالت تحبني وتقول ذلك لي طوال الوقت وإذا دعوت الله تبارك وتعالى أن يخلينا لبعض تقول يارب وإذا قلت ربنا ما يحرمنا من بعض تقول يارب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان مما ينبغي لك قبل الزواج أن تختار من عرفت أنها ذات دين لما أرشد له النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. رواه الشيخان من حديث أبي هريرة.
وأما الآن فالذي ننصح به زوجتك هو أن تتقي الله وتطيعك في كل ما تريد منها مما لا معصية فيه، وألا تطلب منك الطلاق، ففي رضا الزوج عن زوجته يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما روته أم سلمة رضي الله عنها: أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة. أخرجه الترمذي وحسنه. ويقول فيما رواه الترمذي بإسناد حسن: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. وروى أصحاب السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة.
وننصح كذلك أهل زوجتك بالابتعاد عن إفسادها عليك، فإن تخبيب الزوجة ذنب كبير. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على سيده. رواه الإمام أحمد وأبو داود وصححه الألباني. كما ننصحكم جميعا بالابتعاد عن المعاصي فإن الله قريب لا ينام، وسينبأ كل امرئ بما قدم وأخر.
وفيما يتعلق بالخلع فإنه يقع بالذي تتفقان عليه، سواء كان قدر الذي أخذته الزوجة من الزوج أو أقل أو أكثر، قال تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ {البقرة: 229} . وراجع فيه فتوانا رقم: 8649.
والذي ننصحك به أنت هو أن تحاول إصلاح زوجتك وحملها على تطبيق أوامر الله، وتسعى بمثل ذلك لسائر أصهارك، فإن أيقنت أن زوجتك لا تستجيب لذلك فالأحسن مفارقتها والبحث عن امرأة صالحة، تعينك في دينك ودنياك. واعلم أن ترك الصلاة إن كان مع إنكار وجوبها فهو كفر بالإجماع، وإن كان للكسل فقالت طائفة من أهل التحقيق: إنه كفر أيضا، وقال آخرون: إنما هو من أكبر درجات الفسوق.
وعلى كل؛ فلا خير في البقاء مع امرأة مصرة على ترك الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1425(13/12561)
للزوج أن يخالع زوجته بما أعطاها إن أيس من صلاحها
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت منذ حوالي 8 سنوات من سيدة تصغر مني حوالي عشرين عاما وكنا في قمة السعادة الزوجية ونتيجة لذلك قد كتبت كل ما أملك لها عندما اشترينا شقة طلبت من صاحب الشقة بعد أن كتب العقد باسمى أن يغير العقد باسم زوجتي وهم نفس الشخص الذي باع لنا عربية جديدة وأيضا كتبت هذه أيضا باسمها وهي لم تطلب ذلك ولكن لكبر سني لها عملت ذلك لضمان مستقبلها ولأننا أقسمنا أن الموت وحده هو الذي سوف يفرق بيننا الآن زوجتي طلبت الطلاق وأنا رافض فتقدمت للخلع والجلسة يوم 11 اغسطس 2004 ونظرا لظر وف خارجة عن إرادتي أصبحت شبه فقير إذا أخذنا وقائع الخلع في عهد رسول الله – صلى الله علية وسلم - مثل قضية ثابت بن قيس مع امرأتة وأيضا قضية حبيبة سهل وقضية أخت أبى سعيد الخدرى (الصحابي الجليل) كلهم أخذوا ما اعطوا لزوجتهم نظير الطلاق، سؤالى هل من حقي الشرعي أن أطالب بالشقة والعربية منها وهل من حقها أن ترفض، إن الله عز وجل سوف يحاسبنا بالشرع وليس القانون وأحب أن أقيم حدود الله وأيضا أريدها أن تعرف حدود الله وليس حدود القانون من أسباب الخلع أنها تريد حرية مثل إذا أرادت أن تذهب إلى شرم الشيخ أو الإسكندرية رحلة كلها بنات 4 أو 5 أيام لابد أن أوافق، وإذا أرادت أن تسهر في كوفي شوب مع باقي البنات حتى ساعة متأخرة لابد أن أوافق، وإذا رفضت تقول سوف أخرج وأضرب دماغك في الحائط ورغم أننا حججنا عام 1999 هي لا تصلي وليست لابسة الحجاب وفى المصيف تلبس المايوه العادي ولبسها العادي لا يمت للإسلام بأي صلة حاولت مع أهلها كثيرا ولكن يقولوا ينبغي أن تتحمل وليست هناك أخطاء أن تطلب قليلاً من الحرية وعندما أقول إن المرأة المسلمة لا تستطيع عمل ذلك الرد الدائم من عائلتها هو أن هذا كان أيام الرسول (صلى الله علية وسلم) وليس الآن وللعلم لا يوجد أولاد بيننا أدعو لها دائما في كل صلاة أن يهديها الله عز وجل ويجعلها زوجة صالحة وحتى هذه الساعة أريدها كزوجة.
الرجاء الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تعجلت حيث كتبت ما تملك باسم زوجتك وهو تصرف لا حاجة إليه وكنت في غنى عنه. وعموما فكتابتك الشقة والسيارة باسم زوجتك هبة، والهبة لا تملك إلا بالقبض فإذا قبضت زوجتك ما وهبتها فقد ملكته وليس لك حق فيه، وقد بينا المراد بالقبض في الفتوى رقم: 51201. وننبهك إلى أنك إن لم تكن ترغب في طلاقها فليس من حقها ولا من حق القاضي إلزامك بالطلاق كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 50499 إلا في حالة أن تكون مضارا لها فيجوز للقاضي إلزامك بالطلاق عند المالكية. ويجوز لك في حالة إلزامك بالخلع، أن يكون مقابل الخلع أن تأخذ جميع ما أعطيتها بل وأكثر منه كما هو موضح في الفتوى رقم: 43053. والذي ننصحك به هو أنه ما دامت هذه المرأة على الحالة المذكورة ولم ترج زوالها وصلاح حالها فخالعها بما أعطيتها ولا خير لك فيها، وإن أصررت على إبقائها فيجب عليك أن تلزمها بأحكام الإسلام من صلاةٍ وحجاب وطاعة لك في المعروف، واعلم شرع الله وحده هو الصالح لكل زمانٍ وكل مكانٍ وكل جيل ومن ادعى غير ذلك أو ظنه فهو كافر والعياذ بالله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1425(13/12562)
امرأته تطلب الطلاق وهو يرفض إلا أن تطلب الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[على حسب الحديث الشريف امرأة بن قيس التي وافقت أن ترجع الحديقة لزوجها حتى يطلقها يعني هو كان كتب الحديقة باسمها مثل ما يحدث هذه الأيام
أنا كتبت كل حاجة باسم زوجتى لأنها تصغر مني ب20 عاما وهي لم تسأل ذلك ولكن أنا كتبت ذلك من نفسي كي أضمن مستقبلها إذا حدث لي شيء ولكن بعد 8 سنوات ونظرا لظروف اقتصادية أصبحت شبه فقير وهي الآن تريد الطلاق وأنا رافض لأننى أنتظرها تطلب
الخلع هل من حقي شرعا أن أطلب الشقة والسيارة منها علما لا يوجد أولاد بيننا وأنا كنت كتبت كل ذلك وأنا مقتنع أن الموت وحده هو الذي سوف يفرق بيننا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية ننصحك بحل الخلاف بينك وزوجتك وإن احتاج الأمر إلى توسيط أهل الخير والفضل من الأقارب أو غيرهم فلابأس وذلك لأن الطلاق ينبغي أن يكون آخر الحلول وليس أولها، لما ورد أنه أبغض الحلال إلى الله تعالى ولهذا كان طلب المرأة للطلاق من زوجها من غير مسوغ شرعي معصية فيجب عليها الحذر منها لما في حديث ثوبان الذي أخرجه الترمذي وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. ولا يخفى ما في هذا من الحكمة التي أراد الشرع من ورائها الحفاظ على هذه العلاقة واستمراريتها.
لكن إذا خافت المرأة من التقصير في حق زوجها لسوء خلقه أو كبره أو نحو ذلك فلا حرج عليها أن تطلب الطلاق في مقابل فدية تدفعها إلى زوجها ليطلقها، قال ابن قدامة في المغني: المرأة إذا كرهت زوجها لخلقه أو خلقه أو دينه أو كبره أو ضعفه أو نحوذلك وخشيت ألاتؤدي حق الله تعالى في طاعته جازلها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها منه لقول الحق سبحانه [فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ] (البقرة: 229)
ولقصة ثابت بن قيس التي أشار إليها السائل وهي في البخاري، وعلى العموم فإن استمر الخلاف بينك وبين زوجتك وكانت غير متضررة من البقاء معك فيجوز لك الامتناع عن طلاقها حتى تدفع إليك الذي أعطيتها من صداق وهدايا بما في ذلك الشقة والسيارة، فإن وافقت كان ما أردت، وإن لم توافق فإن شئت أمسكتها حتى تعطيك ذلك، وإن شئت تكرمت عليها وطلقتها
واعلم أننا لم نقف في روايات الحديث التي اطلعنا عليها على مايدل على أن ثابتا كتب ذلك ولم نر أحدا من أهل العلم ذكره
وننبه إلى أن توثيق الحقوق والعقود وتسجيلها ليس شرطا في صحة العقود ولا إثبات الحقوق وإنما هو للتوثق وقطع النزاع وسد باب الخصام.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1425(13/12563)
طلبت الطلاق فصالحها على مبلغ معين
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت منذ سنتين وسافرت مع زوجي إلى الكويت ونظراً لقسوة الجو هناك مرضت ومكثت أربعة شهور هناك، وخلال هذه الفترة رجعت إلى مصر ثلاث مرات ساءت العلاقات مع زوجي لتكرار سفري إلى مصر فطلبت منه الانفصال مع إعطائي كافة حقوقي فرفض، وقال إنه صرف مبالغ على سفري إلى مصر أكثر من حقوقي الشرعية عنده وقال إنه سوف يعطيني مبلغ خمسة آلاف جنيه وننفصل في هدوء، ما رأي الدين في ذلك، هل ذمته بريئة مني أم يظلمني في حقوقي؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحق للمرأة طلب الطلاق من زوجها ما لم يترتب على بقائها في عصمته ضرر عليها كخشيتها من التقصير في حقه لسوء خلقه ونحو ذلك مما هو معتبر شرعاً.
وفي هذه الحالة أعني حالة تضرر الزوجة من البقاء في عصمة زوجها مما ليس للزوج فيه مدخل كدمامته مثلاً، تفتدي المرأة من زوجها بصداقها أو بما تراضيا عليه، وقد سبق في الفتوى رقم: 3118 حكم الخلع -وهو الطلاق بعوض- والحالات التي يجوز فيها للزوج أخذ العوض والحالات التي لا يجوز له فيها ذلك، وعلى كل حال فإذا كنت أنت الراغبة في الطلاق وليس بسبب إضرار صادر من الزوج بك وهذا هو الذي فهمناه ولم يرض زوجك بطلاقك مجاناً فلك أن تفتدي منه بجميع حقوقك المترتبة عليه أو أقل أو أكثر ولا حرج عليه هو في ذلك.
أما إذا كان الإضرار صادراً منه هو فلا يجوز له أخذ أي شيء في مقابل الطلاق، كما سبق في الفتوى المحال عليها.
أما أن يحسب عليك ما تكلفه من مصاريف سفرك ونحو ذلك، فالظاهر -والله أعلم- أن ذلك يرجع فيه إلى عرف بلدكم فإن كان سائدا بأن ما أعطاه الزوج لزوجته أو ما صرفه في مهماتها مما لا يجب عليه لها يحسب عليها ويعتبر دينا في ذمتها عمل بمقتضى ذلك العرف وإلا فلا، والمرجع في هذا كله إلى المحاكم الشرعية فلا بد من الرجوع إليها في مثل هذه المسائل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1425(13/12564)
لا يلجأ إلى الخلع إلا لمسوغ شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج ولم أدخل بزوجتي وهي لازالت فى بيت أبيها، حدث خلاف بيني وبين أبيها وتعنت معي فى طلبات مادية، وأصر على أن أطلقها وأنا لا أريد ذلك، فهل له أن يخلعها دون الرجوع إلي، وإن أرغموني على الطلاق، فهل لي أن أسترد المهر والشيكة وأطالب بهما بالكامل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا ننصحك أولاً بمعالجة هذا الموضوع بالرفق والحكمة، وأن توسط بينك وبين أبيها العقلاء من الرجال لكي يفضوا هذا الخلاف، فإن امتنع أبوها وأصر فننصحك أن ترفع أمرك إلى القضاء الشرعي لينظر في القضية، لأنها حينئذ تحتاج إلى قضاء وليس إلى فتيا.
مع العلم بأنه لا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق إذا لم يكن مبرر شرعي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أي ما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.
وكذا الخلع إذا لم يكن مبرر شرعي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المختلعات هن المنافقات. رواه الترمذي، وصححه الألباني، وانظر الفتوى رقم: 10917، والفتوى رقم: 24956.
وإذا أرادت الخلع فيكره لك أن تأخذ أكثر مما أعطيتها وإن كان ذلك جائزاً، فقد ذهب الجمهور إلى أنه يجوز للرجل أن يخالع بأكثر مما أعطاها، قال مالك: لم أر أحداً ممن يقتدى به يمنع ذلك، لكنه ليس من مكارم الأخلاق.
قال في الروض: ويكره خلعها بأكثر مما أعطاها لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جميلة: ولا تزداد. ويصح الخلع إذن لقوله تعالى: فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِه ِ [البقرة:229] . انتهى.
وقول السائل "وهل له أن يخلعها" يعني أباها؟ فالجواب عنه هو: قال بعض العلماء يجوز للأب أن يخالع ابنته البكر، قال في شرح ميارة:
والبكر ذات الأب لا تختلع ... ... ... إلا بإذن حاجر وتُمْنَعُ
وجاز إن أب عليها أعمله ... ... ... كذا على الثيب بعد الإذن له
يعني أن البكر ذات الأب لا يجوز خلعها إلا بإذن حاجرها وهو أبوها، وتمنع من الخلع بغير إذنه، فإن صالح أبوها عند ذلك جاز هذا في البكر.... ويجوز للأب أن يمضي الخلع عنها دون إذنها إن كانت بكراً. انتهى.
وقال شيخ الإسلام في الاختيارات: والأظهر أن المرأة إذا كانت تحت حجر الأب أنه له أن يخالع بمالها إذا كان لها فيه مصلحة، ويوافق ذلك بعض الروايات عن مالك وتخرج على أصول أحمد. انتهى.
وهذا كله -أعني جواز قيام الأب بالخلع عن ابنته البكر أو الثيب- مشروط بوجود الأسباب المقتضية للخلع، ككون هذه المرأة لا تقدر على القيام بحق الزوج أو نحو ذلك، وليس لمجرد هوى أو عدم تلبية طلب أمر لا يجب على الزوج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1424(13/12565)
إذا كرهت المرأة زوجها فلها أن تخالعه بعوض
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة من شهرين والآن أكره زوجي جداً جداً ولا أطيق عشرته وذلك لإحساسي أنه يتعامل معي بخبث ودهاء وأنا لا أحتمل ذلك والآن أفضل الموت على البقاء معه فماذا أفعل؟ وما هي حقوقي إذا طلبت الطلاق؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز للمرأة طلب الطلاق إلا لعذر، وإذا كان الأمر كما ذكرت من البغض الشديد لزوجك، ولا يمكن الإصلاح بينكما بطريق أو بآخر فلك طلب الطلاق منه، فإن استجاب الزوج إلى طلبك بدون فدية فلك المهر إن بقي منه شيء في ذمته ولك السكنى والنفقة أثناء عدة الطلاق الرجعي، أما إن أبى إلا الفدية فإنك هنا تدفعين له ما تختلعين به منه.
قال الإمام ابن قدامة: وجملة الأمر أن المرأة إذا كرهت زوجها لخُلقه أو خلقه أو دينه أو كبره أو ضعفه أو نحو ذلك وخشيت أن لا تؤدي حق الله تعالى في طاعته جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها منه لقول الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ [البقرة:229] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شوال 1424(13/12566)
الخلع جائز إذا وجد سبب يقتضيه
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني في بلد لا حاكم شرعياً فيها، وقد سمعت بالخلع، وأريد أن أعرف كيف يتم وأنا هنا في هذه البلد، هل يتم مع عدم معرفته لكي أتمكن من إنقاذ ابني عندما أحصل على الإقامة الكندية في المستقبل؟ ولكم الأجر والثواب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالخلع فداء بعوض من المرأة أو وليها للزوج، وتملك بموجبه أمرها، فإذا تضررت المرأة من زوجها ولم تحصل على الطلاق، أو خافت ألا تقوم بحقوقه الشرعية، جاز لها الخلع منه بمال أو غيره.
وهو جائز باتفاق أهل العلم لقول الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ [البقرة:229] .
ولا يتوقف العمل بالخلع على الحاكم أو القاضي، بل كلما اتفق المعنيان بالخلع عليه فإنه يمضي، وتملك المرأة بموجبه أمرها وتطلق على زوجها.
إلا إذا حصل ما يوجب اللجوء إلى القاضي أو الحاكم، من المناكرة أو رفض الزوج للخلع مع وجود أسبابه، فإن للقاضي أن يحكم بالخلع إذا تبين له بعد التحري والتحقيق أن ذلك هو المصلحة.
وأما قول السائلة (وهل يتم مع عدم معرفته) فإن كان قصدها هل يتم الخلع مع عدم معرفة حكمه من الزوجين ... فإنه لا مانع من الخلع ولو كان الزوجان يجهلان أحكامه أو تفصيلاته الجزئية مع علمهما بجوازه أصلاً.
وأما إذا كان القصد: هل يتم الخلع مع عدم معرفة الزوج، ودون علمه أو إذنه بذلك أو الموافقة عليه، فهذا لا يصح لأن الزوج هو الطرف الأساسي في هذه العملية، ولا يصح شيء منها بدون إذنه وموافقته، فهو الذي يملك العصمة ولا يمكن لغيره أن يحلها.
إلا إذا تضررت المرأة ورفض الزوج الطلاق ورأى القاضي أن المصلحة تقتضي إجباره على الخلع، فله ذلك بعد إعلامه، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع ثابت بن قيس رضي الله عنه، حيث قال له: أقبل الحديقة وطلقها تطليقة. رواه البخاري.
وننبه السائلة الكريمة إلى أنه لا يجوز اللجوء إلى الخلع أو طلب الطلاق إلا في حالة الضرورة أو وجود سبب يقتضي ذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: المختلعات هن المنافقات. رواه الترمذي، وروى الإمام أحمد وأصحاب السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة.
وأما قولك "لكي أتمكن من إنقاذ ابني ... " فلم يتضح لنا مرادك منه، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 8649، والفتوى ر قم: 10917.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1424(13/12567)
مسائل في الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الخلع فى المذاهب الأربعة، هل يعتبر طلقة واحدة أو طلقة بائنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أن الخلع هو طلقة واحدة بائنة تبين بها المرأة بينونة صغرى، وذهب الحنابلة إلى أن الخلع فسخ وليس بطلاق فلا يحسب من الثلاث، والمرأة عندهم تبين بذلك الفسخ بينونة صغرى كما هو عند الجمهور، وراجع التفاصيل في الفتوى رقم: 35310، والفتوى رقم: 11543.
وعن حكم طلب المرأة للخلع وحكم تلبية الزوج لطلبها راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28764، 26624، 3484، 20199، 10917.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1424(13/12568)
لا بأس بعضلها لتفتدي منك
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي لها علاقة غرامية مع شخص غير مسلم، وقد اعترفت بذلك وتطلب الطلاق، ولي منها ولدان، وإذا طلقت هل أستطيع أن آخذ الولدين؟ وعمر كليهما أقل من خمس سنوات، وهل أنا ملزم بأن أدفع لها المهر المؤخر؟ حتى لو لم يكن عندي مال، وقد طلبت منها أن تعيد إلي ما صرفت عليها خلال ست سنوات.
آمل الإجابة باللغة العربية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت زوجتك على ما ذكرت من عدم العفة، فإن من المستحب تطليقها، وذلك خشية أن تلوث فراشك وتلحق بك ولدًا أنت في الحقيقة منه بريء، لكن لا مانع من عضلها حتى تفتدي نفسها منك بمال وهو ما يعرف عند الفقهاء بالخلع. قال ابن قدامة في المغني في معرض تعداده لأنواع الطلاق: والرابع: مندوب إليه وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها -مثل الصلاة ونحوها - أو تكون له امرأة غير عفيفة. قال أحمد: لا ينبغي له إمساكها، وذلك لأن فيه نقصًا لدينه، ولا يأمن إفسادها لفراشه، وإلحاقها به ولدًا ليس هو منه، ولا بأس بعضلها في هذه الحال والتضييق عليها لتفتدي. اهـ
وعلى هذا فبإمكانك أن تقول لها: إني موافق على طلاقك لكن بشرط إعفائي من مؤخر الصداق، فإن قبلت ذلك فإن مشكلة مؤخر الصداق انحلت. أما إن لم توافق فليس أمامك إلا أن تطلقها إذا علمت إصرارها على تلك العلاقة الآثمة، ويبقى مؤخر الصداق -والحالة هذه- دينًا لها في ذمتك، إلا أن تتنازل عنه.
أما الحضانة فالأصل فيها أنها للأم ما لم تكن على حال لا يؤهلها لذلك، كما هو حال زوجك، فتنتقل الحضانة إلى من هو أولى بها من الإناث.
ويبقى أن ننبهك إلى أنك إذا كنت أصلاً من أهل ديار الإسلام ومقيمًا بديار الكفر من غير ضرورة فينبغي رجوعك إلى دار الإسلام لتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ولما قد يترتب على الإقامة فيها من الفتنة في الدين والتعرض لأسبابها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1424(13/12569)
تأخر وقوع الخلع لا يعني بالضرورة أنه ليس خيرا للمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم طلب الخلع من زوج خائن وكاذب ولا يخاف الله؟ مع العلم أني صبرت عليه 11 سنة ولم يعتدل واني أصلي الاستخارة وهولا يريد تطليقي وظلت قضيتي 5 أشهر في المحكمة ولم يتم الخلع هل هذا معناه أن طلاقي ليس خيرا لي؟ مع العلم أني لا أستطيع الرجوع لأني أكرهه ولا أثق به.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا الزواج كما ذكرت السائلة، فإن لها أن تطلب الخلع منه، ولا حرج عليها في ذلك، قال الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ [البقرة:229] .
يقول ابن قدامة رحمه الله: إن المرأة إذا كرهت زوجها لخُلقه أو خَلقه أو دينه أوكبره أوضعفه أو نحو ذلك ... جاز لها أن تخالعه.
وأما تأخر وقوع الخلع، فلعل هذا ناتج اجراءات المحاكم، ولا نرى له علاقة بكون الخلع خيراً لك أم لا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1424(13/12570)
الاختلاع بغير حاجة لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أقسمت كذبا على أن زوجي يسبني ويهينني حتى أحصل على الخلع لكنه هو الذى دفعني لذلك برفضه تطليقي فهلا دللتموني على كفارة ذلك خاصة أنني أريد الزواج من آخر أحبه ويحبني وننوي إقامة حدود الله بيننا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلمي أن طلب المرأة الطلاق من زوجها من غير سبب مشروع كبيرة من الكبائر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. حديث صحيح أخرجه أحمد وابن ماجه والدارمي. ويزداد الإثم ويعظم الجرم إذا كان الباعث لها على هذا الطلب هو رغبتها في رجل آخر بينهما علاقة محرمة، وهو آثم إثماً كبيراً في إفساده المرأة على زوجها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبداً على سيده. أخرجه أبو داود والبيهقي والنسائي في الكبرى وصححه الألباني.
فعليك بتقوى الله عز وجل والابتعاد عن هذا الرجل الذي وعدك بالزواج في حالة اختلاعك من زوجك، واعلمي أن اختلاعك في هذه الحالة يعرضك للعقوبة الإلهية والحرمان من دخول الجنة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: المختلعات هن المنافقات. أخرجه الترمذي وصححه الألباني، وذكر له الترمذي رواية أخرى لم يسندها: أيما امرأة اختلعت من زوجها لم ترح رائحة الجنة.
أما من احتاجت للاختلاع من زوجها لسبب مشروع كأن تكون تكرهه كرهاً لا يمكنها بسببه العيش معه، وهو ليس مفرطاً في شيء من حقوقها، وليس فيه ما يعاب ديناً ولا خلقاً، ففي هذه الحالة يشرع لها الخلع وترد عليه ما أصدقها إياه، كما فعلت امرأة ثابت بن قيس بن شماس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثها في البخاري ومسند أحمد وسنن النسائي والترمذي والبيهقي.
أما حلفك بالله كاذبة أنه كان يسبك ويهينك فهو يمين غموس وسميت غموساً لأنها تغمس صاحبها في النار –والعياذ بالله- إن لم يتب منها وهي من أكبر الكبائر، فتلزمك التوبة منها واستغفار الله عز وجل واستعفاء زوجك منها، وأكثري من الأعمال الصالحات وحافظي على زوجك، ولا كفارة في اليمين الغموس على مذهب جمهور الفقهاء لأنها أعظم عند الله من أن تكفر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(13/12571)
لا تعارض بين طلب زوجة ثابت وبين نهي المرأة عن طلب الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم,
أرجو من فضيلتكم التوضيح, كيف يمكننا أن نجمع حديث امرأة ثابت بن قيس الذي رواه البخاري عن ابن عباس وحديث ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: "أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة" رواه أبو داود وحسّنه الترمذي والبيهقي في الحديث قال: وإن المختلعات هنّ المنافقات........ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تعارض بين الحديث الذي رواه البخاري في أن زوجة ثابت بن قيس بن شماس طلبت الخلع منه، وبين أحاديث نهي المرأة عن طلب الطلاق.
لأن المنهي عنه هو أن تطلب الطلاق أو الخلع من غير بأس.. أي من غير شدة تلجئها إلى سؤال المفارقة، أما إذا وجد في قلبها من البغض الجبلي له بحيث لم تعد تطيق معاشرته، وخشيت على نفسها كفران عشرته فلها أن تطلب منه الخلع كما فعلت زوجة ثابت بن قيس. قال الحافظ ابن حجر في الفتح معلقاً على حديث البخاري: وفيه أن الأخبار الواردة في ترهيب المرأة من طلب طلاق زوجها محمولة على ما إذا لم يكن لسبب يقتضي ذلك لحديث ثوبان: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أصحاب السنن وصححه ابن خزيمة وابن حبان، ويدل على تخصيصه قوله في بعض طرقه:" من غير بأس"، ولحديث أبي هريرة: المنتزعات والمختلعات هن المنافقات. أخرجه أحمد والنسائي. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1423(13/12572)
هل يجوز طلب الخلع دون سبب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد
منذ أيام رأيت في التلفاز ندوة عن الخلع في الإسلام وكان من جملة الحاضرين محام وممثل تلفيزيوني وعالم وكان الذي يدير البرنامج ويطرح الأسئلة مذيعة شابة، عندما تكلم المحامي قال في موضوع الخلع لا تسأل المرأة عن السبب أبدا ولكن ترد على الرجل ما أخذته وتتنازل عن الصداق ويفرق القاضي بينهما شاء الزوج أم أبى، وهذا ما أكده العالم المسلم عندما قال قضية الخلع ذكرت في القرآن الكريم في سورةالبقرة الآية: 229 {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ... }
أما الممثل فقال إن زوجتي رفعت علي قضية مخالعة بلا علمي فرفضت ولم تقبل علي كرامتي أن أقبل الخلع بل طلقتها وأعطيتها كل ما لها.
ثم سألت المذيعة أحد الحاضرين إذا كنت متزوجا وطلبت منك زوجتك الطلاق فهل تطلقها فقال وكان شابا في العشرينيات من عمره أسألها عن السبب فقالت المذيعة من غير سبب يعني يا أخي أنا لم أعد أحبك ولا أريد العيش معك فأجاب الشاب في هذه الحالة لن أقبل فقامت القيامة وخصوصا أن النساء كن يشكلن أكثر من نصف الحاضرين ثم أكد العالم بقوله: مهمتك أنت أن تعرف كيف تجعلها أن لا تطلب الطلاق بأن تثبت لها أنك رجل وأضاف أن الله أعطى حق الطلاق للرجل وقيده بثلاث طلقات وأعطى للمرأة حق الخلع وهو بلا عدد مقيد وبذلك حفظ للمرأة كرامتها وهنا أنوه إلى أن المذيعة ضحكت ولا أقول ابتسمت وقالت وكأنها قد رضيت بآية الخلع دينا وبحرية المرأة المزعومة إلها وبعدم المبالاة بالحجاب وأوامر خالقها إذا أعزائي المشاهدين كما رأيتم فإن الإسلام قد أعطى الحرية للمرأة في طلب الخلع في أي وقت وهي بذلك استعادت كرامتها وشخصيتها التي طالما تجاهلها الرجال.ناهيك يا سيدي عن أحد المشاركين الذي ما فتئ يتكلم عن أننا لم نعد نعيش في عصر سي السيد وهو تعبير مصري عامي استخدمه نجيب محفوظ في كتاباته وأنتم أدرى بهذا الملهم وغيره مني
اما سؤالي بعد كل ما عرضته على فضيلتكم فهل صحيح أن الخلع كما صورته هذه الندوة ورقة يحق للمرأة استخدامها متى شاءت وكيف شاءت وهنا أسأل فضيلتكم عن الحديث الآتي:
أخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة، وقال: المختلعات المنافقات".
وأخرج ابن ماجه عن ابن عباس" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تسأل المرأة زوجها الطلاق في غير كنهه فتجد ريح الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما".
فإذا كان هذا الحديث صحيحا ألا يدحض ما جعل تلك المذيعة, التي لا أظن إلا أنها لم تقبل من الإسلام إلا ما فهمته من آية الخلع’ تضحك ملء فيها
أتمنى من فضيلتكم بعض التوضيح والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالله سبحانه وتعالى قد شرع الزواج ليسكن كل من الزوجين إلى صاحبه، وجعل ركني هذه العلاقة المودة والرحمة، قال سبحانه: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم:21]
فإذا ضعف هذان الركنان، وكان التجاوز من ناحية الزوجة فقد جعل الله سبحانه طرقاً لتقويتها، وحلولا لإرجاعها مثل الوعظ والهجر والضرب وبعث الحكمين، فإذا وصلت العلاقة بين الزوجين إلى طريق مسدود، وأعيت كل الحيل، فقد جعل الله المخرج للطرفين بإنهاء هذه العلاقة، أما الرجل فبالطلاق وأما المرأة فبالخلع.
وعليه؛ فإن للمرأة طلب الخلع إذا كان هناك سبب لذلك، وقد تقدمت التفاصيل في الفتاوى التالية:
20199 15736 17586 23683 أما إذا كان من غير سبب فإنه لا يجوز لها ذلك، ولا حق لها فيه، وعليه تدل الأحاديث التي أوردها السائل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1423(13/12573)
هل ترضى بالكذب لتختلع من زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أنا امرأة عمرى 27 عاما تزوجت برجل يكبرني بحوالي 30 سنة أو يزيد منذ سنة تقريبا فلم أوفق في الحياة معه من أول الزواج فوكلت محاميا ليخلعني منه حيث أنه رفض تطليقي ويعلم الله أنني لو أعلم أن بقائي معه فيه خير لي في ديني لبقيت ولكن الأمر غير ذلك المهم قال المحامي إنه ضربني وأهانني ويعلم الله أنه ما فعل هذا أو ذاك فلما قلت للمحامي لماذا قلت هذا قال لي هذا أمر طبيعي للاختلاع فهل لو سكت على ما ذكره المحامي في المحكمة أكون آثمه وماذا أفعل أفتونا جزاكم الله خيراً مع العلم أنه تستحيل العيشة مع من أختلع منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فطلبك الخلع عند الحاجة إليه، وعدم إمكان إقامة حدود الله لا حرج فيه، ويندب للزوج الإجابة إلى ذلك، وذلك مبين في الفتوى رقم:
20199.
وأما الكذب فمحرم لا يجوز، وينبغي لك إيضاح الحقيقة وتبيينها، ويحرم عليك أن تسكتي على فعل هذا المحامي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1423(13/12574)
توجيه لمن تشعر ببغض تجاه زوجها.
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة وعندي ولد وبنت وأنا متزوجة من شاب متدين وعلى خلق ويقدر الحياة الزوجية إلا أنني للأسف لا أطيقه أبدا وكثيرا ماتحدث مشاكل بيننا بسبب عدم رغبتي بمعاشرته فما حكم الشرع بطلبي للطلاق منه....وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي للأخت السائلة أن تحاول التغلب على ما يعرض لها من بغض لزوجها رعاية لولديها، ولعل الله أن يجعل لها في ذلك خيراً كثيراً، ولكنها إن لم تقدر على ذلك، وخشيت على نفسها كفران الزوج وتضييع حقوقه، فلا حرج عليها في طلب الطلاق لما رواه البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة".
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1423(13/12575)
الحل الشرعي لمن لا تستطيع القيام بحق الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله:
أهلي أجبروني على الارتباط بشخص لا أقبله وأشعر تجاهه بنفور كبير ولكنه أصبح أمراً واقعاً وأخشى بعد الزواج أن أقصر في حقوقه عندي كزوج وأغضب ربي مني خاصة أني كلما رأيته ونتيجه ضيقي منه أعامله معاملة سيئة لا أرجو أن أعاملها لزوجي فهل من دعاء أو سبيل يجعلني أتقبله أو أتجنب به غضب الله سبحانه وتعالى؟ جزاكم الله عنا كل خير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته0]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لأهل الفتاة إجبارها على الزواج ممن لا ترغب به، فإذا فعلوا فإن لها الخيار فإن شاءت أمضت العقد وإن شاءت فسخته.
والذي ننصح به الأخت السائلة أن تمضي العقد إذا كان هذا الرجل صاحب دين وخلق، وليس هناك دعاء مخصوص لحصول المودة بين الزوجين، ولكن المودة تحصل بتنميتها، ولتعلم أن حق الزوج عظيم كما تقدم في الفتوى رقم: 1032، والفتوى رقم: 18814.
فإذا كانت لا تستطيع القيام بحق الزوج فلتفسخ العقد، لأنها قد تتعرض لسخط الله، وراجعي التفاصيل في الفتاوى التالية أرقامها:
14701
3006
4043
10286.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1423(13/12576)
الخلع ... مشروعيته ... وأول خلع في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا عن الخلع في صدر الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأول خلع وقع في الإسلام هو خلع امرأة ثابت بن قيس بن شماس وهي جميلة بنت عبد الله بن أبي، ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة. وروى أحمد عن سهل بن أبي حثمة قال: وكان أول خلع في الإسلام، وذهب بعض العلماء إلى أن الخلع وقع في الجاهلية. قال الصنعاني في سبل السلام: وقيل إنه وقع في الجاهلية وهو أن عامر بن الظرب زوج ابنته من ابن أخيه عامر بن الحارث، فلما دخلت عليه نفرت منه فشكا إلى أبيها، فقال: لا أجمع عليك فراق أهلك ومالك وقد خلعتها منك بما أعطيتها، زعم بعض العلماء أن هذا كان أول خلع في العرب. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1423(13/12577)
محاولة رأب الصدع بالطرق المتاحة؛ وإلا فيحق الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انا سيدة متزوجة وعمري 29 عاما وعندي ولد وبنت
مشكلتي أن زوجي يعاملني معاملة سيئة ويشتم ويفعل كل ما يستفزني به وفي غضبه ينسى كل شيء وفي هدوئه يعرف الله حق المعرفة. من كثرة معاملته القاسيه كرهته كما لم أكره أحدا من قبل ولكن أهلي يرفضون الطلاق حرصا على الأولاد وأنا لا أطيقه ولا أطيق نفسه في المنزل وأخاف أن يأتي اليوم ولا أستطيع أن أقيم حدود الله معه وهو وقت الغضب يقول لي تطلقي أقول له نعم يقول لي أنت تعرفين أن المرأة التي تطلب الطلاق تحرم عليها رائحة الجنة
طيب أليس من حق المراة الكارهة لزوجها الطلاق بدون أي سبب فما بال المهانة من قبل الزوج أفيدوني أفادكم الله ماذا أفعل وللعلم كرهي له لن يتغير حتى ولو صلح حاله معي لأن قلبي تغير كثيرا ناحيته
والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا ننصحك أولاً بمعالجة هذا الموضوع بالحكمة والرفق، وأن تتغاضي ما أمكنك التغاضي عن سوء معاملة الزوج لك بأن تتوددي له وتزيلي كل الأسباب والعوائق التي تثير غضبه عليك، وحاولي أن تقتربي منه أكثر وتشعريه بأن وجوده في البيت ضروري من أجل تربية الأبناء، فإذا لم تفد هذه الطريقة فابعثي إليه من ينصحه ممن له عليه تأثير، فإن أفادت هذه الأمور أو بعضها فهذا ما نتمنى، فإن لم ينفع ما ذكرنا من الوسائل واستمر الشقاق بينكما شرع لك طلب الطلاق، أو الخلع وهو أن تفدي نفسك منه بالمال وذلك لعدم حصول مقاصد النكاح التي شرع من أجلها. قال الله تعالى: فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ [البقرة:229] ، ولما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه أمر ثابت بن قيس الأنصاري رضي الله عنه لما لم تستطع زوجته البقاء معه، بقبول الحديقة التي أمهرها بها وتطليقها.
وبهذا يعلم أن طلب الطلاق إذا كان لمبرر معتبر شرعاً لا حرج فيه كما يفهم من حديث ثوبان، وهو الحديث الذي أشار له زوجك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1423(13/12578)
إذا لم يوجد العدل يوضع شبه العدل مكانه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم. هل للقاضي المسلم أومنظمة إسلاميه في بريطانيا منح الزوجة الخلع. إذا كان الزوجان يعيشان في بريطانيا. علما بأن السلطة القضائية في تلك البلاد ليست إسلامية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الخلع صورة من صور شرعها الله تعالى لحل المشاكل التي تحصل في الحياة الزوجية وراجع الفتاوى التالية أرقامها:
3118 3200 13183
فالخلع إذاً حكم من أحكام شرع الله تعالى.
وعليه، فلا يجوز إيقاعه إلا عند من يؤمن بذلك الشرع ويتحاكم إليه، كمحكمة إسلامية - إن وجدت - أو جماعة من المسلمين نصبت نفسها أو نصبها المسلمون لحل مشاكل المسلمين في البلد الذين هم فيه، كالمراكز الإسلامية في بلاد الغرب، أما اللجوء إلى السلطة القضائية في تلك البلاد فلا يجوز إلَّا إذا تعين طريقاً وحيدة لا محيد عنها إلى انتزاع الحقوق من المعتدين عليها، وردها إلى مستحقيها، كما هو مبين في الفتوى رقم: 7561 والفتوى رقم: 1213
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1423(13/12579)
المخالعة جائزة لو خشيت الزوجة الكفر في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة المتزوجة أن تطلب الطلاق لرغبتها في الزواج من رجل آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى المرأة أن تصبر مع زوجها، وأن تحسن إليه، فذلك هو واجبها.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت" رواه أحمد من حديث عبد الرحمن بن عوف.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" رواه الترمذي.
ولا يجوز لها أن تطلب الطلاق من غير ما بأس، بل عليها أن ترعى ذلك الميثاق الغليظ الذي بينها وبين زوجها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة" رواه أصحاب السنن من حديث ثوبان.
ولكن إذا لم تجد المرأة طريقاً لمودة زوجها ومحبته، وخافت من حدود الله أن لاَّ تقيمها، فلها أن تطلب الخلع.
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: وجملة الأمر أن المرأة إذا كرهت زوجها لخُلقه أو خَلْقه أو دينه أو كبره أو ضعفه، أو نحو ذلك، وخشيت أن لا تؤدي حق الله تعالى في طاعته، جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها منه، لقول الله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) [البقرة:229] .ا. هـ
وقد جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق إلا أني أخاف الكفر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتردين عليه حديقتهُ؟ قالت: نعم فردتها عليه، وأمره ففارقها" رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(13/12580)
حكم إلجاء الزوجة إلى الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ سنة،،، وأنا لا أشعر بأني متزوجة ولا أشعر بأن لدي زوجاً يصونني ويحافظ علي،،، حتى أننا لا نعرف بعضنا كثيراً،، فهو لا يجلس معي،،يقضي معظم وقته بالقهوة مع أصدقائه وشرب الشيشة،،
مع الأيام حصل بيني وبينه مشاجرة كبيرة وبدأ يهينني ويشتمني فوصلت بي إلى أن أطلب الطلاق،،، فقال ورقة الطلاق ستصلك قريبا،،، ومرت الأسابيع وأحسست بالذنب وأردت الرجوع إليه فطلب مني عدم الاتصال به ولا إرسال أية رسالة له،، طلب مني أن أذهب للمحكمة وأطلب الطلاق، وأنا لا أرغب بذلك فقد قلتها بلحظة عصبية،،، حاولت معه كثيرا وأهلي وأهله حاولوا إقناعه ولكن لا جدوى،،
ومرت علي 5 شهور وأنا معلقة ولا حتى يصرف المال علي ولا يسأل عني،،مع العلم أني قلت له لا أريد الطلاق أكثر من مرة ولكن لا جدوى معه، فهو لايريد أن يذهب للمحكمة ويطلب الطلاق بل يريد مني أنا أن أطلبه!!
فما حكم كل ذلك هل يقع اللوم كله علي أنا؟؟ أم عليه هو.؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الشرع كلا من الزوجين بمعاشرة الآخر بالمعروف، وأن يعرف كل منهما للآخر حقه، وبذلك تسود الألفة والمحبة، فإن كان زوجك على هذا الحال في التعامل معك فهو مفرط.
ومن حق الزوجة أن تطلب الطلاق من زوجها إن كانت متضررة بالبقاء معه.
وعليه؛ فإن كنت متضررة من البقاء معه فلا لوم عليك في طلبك أن يرفع الضرر أو يطلقك، ولا شك أن الصلح خير فننصح بعدم اليأس في سبيل تحقيقه، وعليك بالاستعانة بالدعاء والتوسط بمن يرجى أن يكون قوله مقبولا عنده.
وإذا تعذر الإصلاح فلا ينبغي ترك الأمر على هذا الحال، ولا يجوز للزوج أن يبقيك معلقة لا متزوجة ولا مطلقة، والزوج لا يحتاج إلى الذهاب إلى المحكمة لإيقاع الطلاق، وقد تحتاج الزوجة إلى ذلك إذا امتنع الزوج عن طلاقها، وليس في ذهابها حرج شرعا، وإن كانت لا تريد الذهاب بنفسها فلها أن توكل غيرها كما بينا في الفتوى رقم: 48966.
والخلاصة أن زوجك إذا لم يقم بواجباته لك وأردت الطلاق منه فلك ذلك، ولا حق له في الخلع بل لك الحق في كامل حقوقك كلمطلقة سواء حصل الطلاق عن طريق رفع القضية إلى المحكمة أو حصل بطريق آخر، وإن أردت أن تغضي الطرف عنه لتغليب مصلحة ما فلا حرج عليك ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1429(13/12581)
حطم طلب الخلع في مثل هذه الحالة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة ذات خلق ودين من أسرة محافظة منذ سنة تقريبا تقدم لي شاب صاحب دين وخلق في اللقاء الشرعي لم أتقبل شكله (دميم الشكل قصير وأسمر) ولكني بعد الاستخارة كنت مترددة ووالدتي وإخواني لم يكونوا موافقين بسبب نسب والدته غير العربي ولكن بحكم عمري 25 وأني لست ذات جمال أقنعت نفسي وأهلي بعد حيرة دامت قرابة الشهر بضغوطات من بنت عم الخاطب صديقتي التي كانت تمدح في هذا الشاب كثيرا وتم عقد الزواج وكانت هناك مكالمات هاتفية بيننا ولقاء مرة وبعد هذا اللقاء كرهت هذا الإنسان ولم أحب شخصيته وكنت لا أطيق مكالماته فكنت خائفة إذا استمر الزواج أن لا أعطيه حقوق الشرعية وكنت مستمرة في صلاة الاستخارة وبعد ذلك طلبت الخلع وقال لي إنه يحبني ولكني كنت مقتنعة بقراراتي وتم الخلع.
أنا الآن أحس بتأنيب الضمير (ولكني لست نادمة على قراراي) هل أنا آثمة وإذا انحرف هذا الشاب هل أنا مذنبة؟
إلى الآن لم يتقدم لي أي شاب وجميع الأهل على علم بقصتي أنا خائفة من العنوسة؟؟
أنا خائفة أن يتقدم لي أحد ويحدث الذي حدث مرة أخرى، هل الذي حصل هو من القضاء والقدر أم حدث باختياري؟
الذي حصل أثر على إيماني خاصة بالقضاء ة القدر، فبماذا تنصحوني هل أنا آثمة لأني استخرت رب العلمين ثم أقدمت على الأمر ثم تراجعت عنة؟
فبماذا تنصحوني لنسيان هذا الحدث؟ مع العلم أني موظفة وأحضر دروس حفظ القرآن في المسجد
وبماذا تنصحوني إذا تقدم شاب لخطبتي كيف أختار الزوج المناسب لي؟ وكيف أحسم قراري
هل من الممكن أن الذي حدث هو خوف وتردد مني؟ قرار الزواج قرار صعب جدا خاصة وأننا في مجتمع محافظ ليس هناك فرصة للتعارف في فترة الخطبة؟؟
أريد النصيحة. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطلب الخلع في مثل حالتك جائز، ولا يلزمك البقاء على الأمر الذي استخرت فيه إذا رأيت غيره خيرا منه، وليس عليك إثم في ذلك، ولا في انحراف الشاب لا قدر الله ذلك.
وحيث إن هذه التجربة قد سببت لك عقدة من موضوع الزواج، وأثرت على نفسيتك، فننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات في الشبكة لاستشارتهم في الجانب النفسي من الموضوع، وأما الجانب الشرعي فقد ذكرنا حكمه وننصحك بأمور، منها: طي صفحة الماضي، ونسيان ما حدث، والإيمان بأن كل ما حدث قد سبق به علم الله عز وجل وكتبه عليك وأراده سبحانه، وراجعي الفتوى رقم: 99425.
ومنها: أن الخير فيما اختاره الله عز وجل، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.
ومنها: الإقبال على ما ينفع من عمل ديني ودنيوي، وعدم الخوف من المستقبل، فالأمور بيد الله عز وجل.
وعليك بتقوى الله عز وجل والاستعانة به، والثقة به والتوكل عليه، وعدم العجز، والأخذ بالأسباب.
هذا واحمدي الله تعالى أن جعلك تعيشين في مجتمع محافظ حسب وصفك فذلك خير لك في عاجلك وآجلك، وعلمي أن ما يسمى بالتعارف قبل الزواج لا خير فيه ولا يعطي صورة حقيقية عن الأشخاص في الغالب وآثاره سيئة فلا تعلقي نفسك به وتظني أنه خير مما أنت فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1429(13/12582)
يجوز للزوج مخالعة زوجته على ما يتفقان عليه من عوض
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من زوجتي حيث لها طبع غير لائق: طبع الردح والرد والمجابهة وعدم احترام الزوج والأهل, ليس لي منها أطفال,2 سنة ونصف وكل فترة 3 أو 4 أشهر بيصير خلاف من لا شيء.أقصد أن المشكلة بحد ذاتها ليست ذات أهمية لكن المجابهة وعدم الاحترام هو الذي يصير عليها.هذا وقد حذرها أهلها والجميع من هذا التصرف غير اللائق ولو اضطر الأمر إلى أن الحق معها في مشكلة ما على أن تسكت ولا تردح.
سؤالي للافاضلة الكرام جزاهم الله كل الخير:
إني بدأت أشعر أني لا أرغب بإنجاب أولاد ريثما أتأكد من طباعها ومن ثبوتها, أم الطلاق؟ يعني أني أجد أنها لن تغير طباعها لأنها ذهبت لبيت أهلها أكثر من 7 مرات على أساس طلاق ومن ثم كلمة: هي آخر مرة ... ومن ثم تعيد الكرة وتبدأ بالردح.....
هل اختصار الطريق من الآن هو أفضل؟ وهل علي أي إثم إذا اتفقنا نحن الاثنان على الطلاق على شرط أن تسامحني بنصف المتأخر أي المؤجل من المهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة إذا استطالت على زوجها فقد أساءت معه التصرف، وهي بهذا امرأة ناشز عاصية لربها ومفرطة في حق زوجها, ومن كانت حالها كذلك فينبغي للزوج أن يصبر عليها، وأن يبذل جهده في تقويمها متبعا معها الخطوات الشرعية لعلاج نشوز المرأة, وتراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 6897، والفتوى رقم: 5291.
فإن كانت زوجك على الحال المذكور فهي ناشز فنوصيك بالصبر عليها واتباع ما أرشدنا إليه بالفتويين المذكورتين آنفا، وينبغي أن تتروى في أمر الطلاق وأن تجعله آخر الحل إذا تعذر الأمر واستحالت العشرة، ويجوز للزوج مخالعة زوجته على ما يتفقان عليه من العوض، ومن ذلك تنازل الزوجة عن مؤخر الصداق أو جزء منه، وراجع الفتوى رقم: 45355.
وأما تأخير الإنجاب فإنه يجوز للحاجة، ويشترط فيه إذن الزوجة في قول جمهور الفقهاء؛ إلا أنهم استثنوا بعض الحالات لما يترتب على تأخير الإنجاب فيها من مصلحة راجحة، وراجع في هذا الفتوى رقم: 7291، فالذي يظهرـ والله أعلم ـ أنه لا حرج عليك في تأخير الإنجاب للمقصد المذكور ولو لم تأذن لك زوجتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1426(13/12583)
للزوجة مخالعة زوجها لنقص دينه
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي دائم الجلوس على النت ومغازلة البنات على الشات والمسنجر وأنا دائمة النصح له ولكني لم أعد أحتمل فقد هددته بأن أقول لأبي وعمي ولكن دون جدوى والآن أصبحت أدعو عليه بالعمى والشلل وبالفعل أصبح يشكو من يده بألم مؤلم بها وأحيانا أكاد أصارحه بأني أنا التي أدعو عليه ولكن أغير رأيي في آخر لحظة ماذا تنصحوني أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصح الأخت بالاستمرار في نصح زوجها، وأن تدعو له بالهداية والتوبة والصلاح بدلاً من الدعاء عليه؛ ولا سيما الدعاء عليه بمثل ما هو وارد في السؤال، فإن للدعاء على الظالم ضوابط ينبغي مراعاتها، وتراجع الفتوى رقم: 28754، ولا بأس أن تستعيني بمن له تأثير عليه للقيام بنصحه، وحاولي شغل وقته، بعمل مباح يشغله عن هذه التفاهات، وإذا أصر على هذه الحال، ويئست من صلاحه واستقامته، فيجوز لك التخلص منه بالخلع أو غيره، قال المرداوي في الإنصاف: إذا ترك الزوج حق الله فالمرأة في ذلك كالزوج، فتتخلص منه بالخلع ونحوه. انتهى
وقال البهوتي رحمه الله في كشاف القناع: (وإذا كرهت المرأة زوجها لخَلْقه أو خُلُقه) أي صورته الظاهرة أو الباطنة (أو) كرهته (لنقص دينه أو لكبره أو لضعفه أو نحو ذلك وخافت إثماً بترك حقه فيباح لها أن تخالعه على عوض تفتدي به نفسها منه) لقوله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ {البقرة: 229} انتهى. والله سبحانه يعوضك خيراً منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1426(13/12584)
مجرد رفع دعوى لطلب الخلع لا يحرم المرأة على زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفادتي بسؤالي فى أسرع وقت ممكن حيث إنني فى غاية الألم والحيرة، والسؤال هو أنني رفعت دعوى خلع بالمحاكم المختصة وإلى حينه لم يتم البت بالحكم فيها وتأجل لعدم حضور الزوج إلى المحكمة برغم علمه بمواعيد الجلسات، والآن اتصل بي تليفونيا ليطلب أن يعاشرني ويتحجج بأنني مازلت زوجته حيث إنه لم يفصل فى القضية ولقد رفضته وقلت إنني قد خالعت نفسي منك بمجرد رفع الدعوى وأنا الآن محرمة عليك، ولكنه أجابني أنني مازلت زوجته وأنني أخالف شرع الله في تلبية حقوق الزوج، ماذا أفعل، وهل أنا بذلك آثمة لعصيان معاشرته وأنه مازالت الدعوى بالمحاكم ولم يصدر الحكم فيها، أرجو إفادتي في أسرع وقت ممكن حيث إنني فى حيرة من أمري لو علمت بأن رفضي لطلبه معصية لله في حقوق الزوج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك أيتها الأخت الكريمة بأن تتريثي في اتخاذ قرار الانفصال بينك وبين زوجك، فإن كان محبا لك مؤدياً لحقوقك من نفقة ومسكن ومعاشرة، غير مضار لك ولا مشاق، فإن طلب الخلع وإجبار الزوج على ذلك معصية يجب عليك التوبة منها، ويجب عليك الرجوع إلى طاعة الزوج، وتلبية طلبه، ومجرد عرض القضية على المحكمة والمطالبة بالخلع لا يبيح لك الامتناع منه، وقد سبق بيان حكم طلب الخلع في الفتوى رقم: 52707، وفيها غنية وكفاية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1426(13/12585)
أباح الشرع للمرأة الكارهة لزوجها طلب الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج منذ سنة وبعد كتب الكتاب تغيرت معاملة زوجتي معي وبعد العرس بدأت المشاكل تظهر بسبب عدم طاعتها أي أمر مني حتى تحضير الطعام.وأصبحت تحاول فرض رأيها علي ولم يعد يعجبها أي شيئ مني. وعندما شكوتها لأهلها فلا حياة لمن تنادي.. والآن وبعد سنة من زواجنا ذهبت بدون إذني إلى بيت أهلها واتصلت بي وطلبت الطلاق.. وأخذت الموضوع على محمل المزاح وذهبت لبيت أهلها لأعيدها فوجهوا لي الإهانه وبدون سبب. ولجأت إلى أهلها وعائلتها وذويها ولكن ليس من مجيب. والجواب الوحيد فقط هو:- البنت تريد الطلاق!! وطلبت أن نجلس مع بعضنا لنتفاهم ونعرف ما هي المشكله ولكن لا مجيب. مع العلم أني لم أرفض لها طلبا طيلة فترة الزواج. وكنت مطيعا لها رغم سوء تعاملها معي.وكانت تردد في آخر لقاء بيننا أنها تريد أن تعيش مع والدتها ولا تريد العيش معي. بحجة أنها لم تكن تدري أن الزواج فيه تقييد للحريات! وحتى والدها اتصلت به لأتفاهم معه حول ابنته ولكن لا مجيب. فعندما يرى رقمي لا يرد وكذلك في اللقاء بيني وبينهم (الأخير) حاولوا التقليل من شأني واتهامي بأني غير محل للاقتناع. وانهم رفضوا أزواجا لبنتهم مقابل إعطائها لي، ولكن لم أكن على قدر المطلوب (حسب كلامهم) .
الموضوع طويل ولكن هذا باختصار وهذا ما استطعت أن أسرده لكم كيف أستطيع حل مشكلتي. أفيدوني وانصحوني وما هو رأي الشرع والقانون بحالتي هذه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طلب المرأة الطلاق من زوجها دون سبب لا يجوز، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا في غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني. قال ابن حجر في " الفتح": الأخبار الواردة في ترهيب المرأة من طلب طلاق زوجها محمولة على ما إذا لم يكن بسبب يقتضي ذلك. وذلك لأن الشرع أباح للمرأة الكارهة لزوجها والنافرة منه أن تطلب الخلع من زوجها مقابل مال تعرضه عليه، قال الله عز وجل: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {البقرة: 229} . وروى البخاري في " صحيحه " عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة. قال ابن قدامة في " المغني": وجملة الأمر أن المرأة إذا كرهت لخَلقه أو خُلقه أو دينه أو كبره أو ضعفه أو نحو ذلك، وخشيت أن لا تؤدي حق الله في طاعته جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها منه. ثم قال: وبهذا قال جميع الفقهاء بالحجاز والشام. فإذا طلبت المرأة الخلع يسن لزوجها أن يقبل ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة. قال البهوتي في " كشاف القناع": ويسن له إجابتها أي إجابة زوجته المخالفة لحديث امرأة ثابت بن قيس.
فنصيحتنا لك أيها الأخ الكريم أن تحاول رأب الصدع بينك وبين زوجتك، فإن أصرت على موقفها من كرهها لك وطلبها الطلاق منك، فلا حرج عليك في قبول طلبها، ومخالعتها عن طريق المحكمة الشرعية، بل قد يسن لك ذلك كما سلف من كلام العلماء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1426(13/12586)
الخلع.. تعريفه وحكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الخلع المتداول في المحاكم حاليا جائز شرعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخلع الشرعي قد ذكرنا تعريفه وحكمه في الفتوى رقم: 3875، والفتوى رقم: 39188 وأما ما تقضي به المحاكم التي قصدها السائل فلا ندري ما هو حتى نحكم عليه بصحة أو بطلان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1425(13/12587)
مسوغات طلب الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يحق للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل هو عدم جواز طلب المرأة الطلاق بدون مسوغ شرعي، لثبوت النهي عن ذلك بصحيح السنة النبوية، ولما قد يترتب على ذلك من تشتت الأسرة وضياعها، وتنظر الفتوى رقم: 1114.
ولكن لا مانع من طلب المرأة الطلاق إن كان ثم مسوغ شرعي، ومن هذه المسوغات الشرعية التي ذكرها أهل العلم، عجز الزوج عن القيام بواجباته، وتضرر المرأة من وجودها مع زوجها، وفسق الزوج، وخشية المرأة تضييع حقوق زوجها، تراجع في هذا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 13182، 9633، 11530، 3200.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1424(13/12588)
لا حرج عليها في طلب الطلاق إذا لم تطق البقاء معه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديقه تقدم لها خاطب عن طريق أخيها ولكن أخاها لم يسمح لها بأن تراه إلا عن طريق الصورة الشخصية للخاطب فوافقت ورأت الصورة فأعجبها فوافقت على الزواج وعند ليلة الدخلة اكتشفت أن صاحب الصورة ليس هو الزوج نفسه وبينهما اختلاف شاسع والآن هي تطلب الطلاق لنفورها من الزوج وخداع أخيها لها فهل يحق لها ذلك؟ للعلم لم يدخل بها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحب هـ أما بعد:
فالسنة في الخطبة أن ينظر الخطيب إلى المرأة التي ي ريد أن يتزوجها، لحديث: انظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما رواه أحمد والترم ذي.
ولها أن تنظر إليه لهذا الغرض، بل استحبه الشافعية وبه قال الحطاب من المالكية.
جاء في مواهب الجليل: فرع وهل يستحب للمرأة نظر ال رجل: لم أر فيه نصاً للمالكية، والظاهر استحبابه وفاقاً للشافعية.
وعليه، فما فعله أخو هذه الفتاة تصرف غير شرعي، ولا تكفي الصور في مثل هذه المواقف، فكثيراً ما تكون الصورة مضللة عن الحقيقة، والآن وقد تم الزواج، فننصح هذه الفتاة بالرضا بزوجها إذا كان ذا خلق ودين، فإن لم تطق الب قاء معه لذلك السبب جاز لها طلب الطلاق، ولا حرج عليها، لحديث امرأة ثابت بن قيس أنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته، قالت: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت: أقبل الحديقة وطلقها تطليقة رواه البخاري.
وكان ثابت دميم الخلقة فلم يعجبها.
كما أخرج عبد الرزاق عن معمر قال: بلغني أنها قالت: يارسول الله، بي من الجمال ما ترى وثابت رجل دميم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1424(13/12589)
الخلع على بدل جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت زوجة ثانية منذ ثلاثة شهور والآن الزوجة الجديدة تطلب مني الطلاق بدون سبب حقيقي وتقول أنا لا أعيب عليك لا في دينك ولا خلقك فهل لي أن آخذ ما دفعته لها من مهر وهل هذا في حكم الخلع؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله أذن للزوج أن يتزوج اثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً، وإذا فعل ما أذن له فيه شرعاً فلا يحق لزوجته أن تطلب منه الطلاق من أجل أنه تزوج عليها فقط، فإذا تمادت وأصرت على طلب الطلاق، فلك أن تجيبها إليه على أن ترد لك ما دفعت لها من مهرٍ أو بعضه، كما قال تعالى: وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا [البقرة:229] .
قال ابن العربي: (قيل: أن تكون المرأة تكره الرجل حتى تخاف أن لا تقيم حدود الله بأداء ما يجب عليها له أو أكثره إليه ويكون الزوج غير مانع لها ما يجب عليه أو أكثره، فإذا كان هذا حلت الفدية للزوج) . انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1423(13/12590)
الفرق بين الطلاق والخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين:
الطلاق والخلع]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الطلاق مشتق من الإطلاق، وهو الإرسال والترك. ومعناه في الشرع: حَلُّ رابطة الزواج، وإنهاء العلاقة الزوجية، والطلاق منه رجعي يملك الزوج فيه الرجعة مادامت الزوجة في العدة، ومنه بائن لا يملك الزوج الرجعة فيه بعد ما طلق.
أما الخلع فإنه مشتق من خلع الشيء ونزعه وإزالته أو من خلع الثوب لأن كلاً من الزوجين لباس للآخر. قال الله تعالى (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنّ) (البقرة: من الآية187) وقد عرفه الفقهاء بأنه فراق الرجل زوجته ببدل يحصل له.
ومن هذين التعريفين للطلاق والخلع نلاحظ الفرق بينهما، وهو أن الطلاق فراق بغير عوض، ويستطيع الزوج أن يراجع مطلقته المدخول بها ما لم تخرج من العدة أو يطلقها ثلاثاً، وأما الخلع فهو حل للعصمة بعوض. ... وقال بعضهم: هو طلاق بائن تبين به الزوجة بينونة صغرى إذا لم يكن طلقها قبل ذلك مرتين، ولا يحق له أرتجاعها في أثناء العدة إلا برضاها ورضا وليها وشاهدين ومهر جديد.
ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم 3118
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1423(13/12591)
ليس من سبيل لأحد في مخالعة الكارهة لزوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يكون للزوج الحق أن يطلب من المحكمة الشرعية إلزام الزوجة بالعودة إلى بيته وهي لا تريده ولا تحبه ولا تتقبله هل هذا من دين الإسلام وما هو الدليل على هذا وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت المرأة متضررة من البقاء مع الرجل فليس للزوج ولا لغيره إرغامها على البقاء مع زوجها وهي متضررة بالبقاء معه ولا ترغب فيه، فإن أبى زوجها طلاقها فلها مخالعته بأن ترد له ما أخذته منه من المهر ويفسخ العقد. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم 3875
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1423(13/12592)
لابد من اتباع الخطوات الشرعية قبل الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رجل تزوج من فتاة وقدم لها شبكة ودفع لها مهرا وقدم الأجهزة الكهربائية وأسست هى عفش بيت الزوجية وعاشا مع بعضهما حوالى 3 سنوات ... والآن هجرت الزوجة بيت الزوجية وتطلب الطلاق ... قال لها الزوج أنا أرفض الطلاق وأمامك الخلع ما الحكم الشرعى فى حالة موافقة الزوج على تطليقها بناء على رغبتها وما حقوقة وحقوقها فى حالة الخلع بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهاهنا أمور عدة يجب التنبيه عليها، وهي:
أولاً: أن المرأة لا يحق لها شرعاً أن تطلب الطلاق من زوجها، إلا إذا كانت تتضرر بالبقاء معه تضرراً شديداً، أما إذا طلبت ذلك دون مبرر صحيح، فهي معرضة للوعيد الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة" رواه أحمد، وأصحاب السنن.
ثانياً: أن الله تعالى قد أرشد إلى الصلح، فقال: (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) [النساء:128] .
وعلى الزوجين السعي في حل مشاكلهما، وإصلاح ما فسد بينهما، فإن تعذر ذلك، فقد أرشد الله تعالى إلى بعث الحكمين من أهلهما.
فقال تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً) [النساء:35] .
فيختار حكمان من أهلهما من أولي العقل والحكمة، فإن لم يوجد في أهلهما بعث حكمان من غيرهما ممن يعرف بالثقة والأمانة للعمل على الإصلاح بينهما.
ثالثاً: أن للزوج رفض تطليق زوجته، وعدم الاستجابة لرغبتها، لأن الطلاق حق له.
رابعاً: أن تقدير حقوق الزوجين في حالة ما إذا هجرت الزوجة بيت الزوجية، وطلبت الطلاق مدعية الضرر يرجع فيه إلى القاضي.
خامساً: أن الزوجة إذا طلبت الخلع من زوجها، فعليها أن ترجع للزوج ما أخذته منه، (من الشبكة والمهر - وإسقاط مؤخر المهر - إن وجد - والتنازل عن قائمة (عفش الزوجية) ... إلخ. بحسب ما يتفقان عليه، فربما اتفقا على أكثر من ذلك المقدم لها أو أقل.
لقوله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [البقرة:229] .
ولما ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله: ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "أتردين عليه حديقته"؟ قالت: نعم. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "اقبل الحديقة وطلقها تطليقة"، فهذه المرأة قد ردت على الزوج الحديقة التي دفعها مهراً لها.
وأخيراً ننصح الزوجين بعدم التسرع في أمرهما، والاستخارة والاستشارة قبل الإقدام على أي أمر من الأمور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1422(13/12593)
معنى الخلع والفسخ
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بالخلع والفسخ؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ...
الخلع هو: النزع والإزالة. وفي اصطلاح الفقهاء هو نزع ملكية الزوج عن عصمة زوجته وإزالة النكاح الذي كان بينهما مقابل عوض تدفعه الزوجة. وذلك إذا تضررت الزوجة من بقائها في عصمة الزوج بسبب سوء خلقه أو نقص دينه أو كبره أو ضعفه، وخافت أن تأثم بتفريطها في بعض حقوقه، فلها أن تبذل له مالاً ليفارقها. والأصل في ذلك قوله تعالى: (فإن خفتم ألاّ يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به) [البقرة: 229] . وفي صحيح البخاري عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله: ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتردين عليه حديقته، قالت نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقبل الحديقة وطلقها تطليقة ". وكانت هذه المرأة - وهي جميلة بنت عبد الله بن أبي - قد كرهت زوجها لدمامته رضي الله عنهما، وقولها أكره الكفر في الإسلام معناه أنها تخاف أن يحملها بغضه على ما يقتضي الكفر، كما في الفتح. وأما الفسخ فهو: الإزالة والرفع والنقض، وفي اصطلاح الفقهاء هو حل ارتباط العقد ونقضه، إما لكون العقد فاسداً أصلاً وأما لسبب آخر يراه القاضي. وهذه المسائل مبسوطة بما فيه الكفاية في كتب الفقه، فمن أراد التوسع فيها فليراجعها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/12594)
إذا كرهت المرأة زوجها وخافت تضييع حقوقه فلها الحق في الطلاق أو المخالعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم، عفوا لقد أجبتموني على سؤالي رقم 3833 ولكن لي سؤال متعلق بالرد وهو: هل يعتبر كره الزوجة للزوج وحتى إذا حدث هذا الكره بدون سبب ما فهل يعتبر هذا سبب لطلبها الطلاق أم أيضا تأثم إذا طلبت الطلاق لهذا السبب؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإذا كانت المرأة مبغضة لزوجها وتكرهه وكان حالهما مستقيماً فإنه يستحب لها أن تصبر، وتدعو الله تعالى أن يذهب عنها هذا الأمر. وأما إن خشيت أن يؤدي ذلك إلى تضييع حقوقه التي أمرها الله بها فلها أن تطلب فراق زوجها إما بطلاق أو خلع، قال تعالى: (فإن خفتم ألاّ يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به) . [البقرة: 229] . وقد روى البخاري عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله - ثابت بن قيس ما أعتب في خلقه ولا دينه ولكن أكره الكفر في الإسلام.. الحديث. فلم يعب عليها النبي صلى الله عليه وسلم بغضها إياه وطلبها الفراق مع استقامته ويذكر في بعض الروايات أنه كان دميماً. فإذا سألت المرأة زوجها الطلاق لكرهها إياه فإنها لا تأثم بذلك لا سيما إذا خشيت أن تضيع حقوقه، وأن تصبر خير لها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/12595)
لا يترتب أي حكم شرعي على قول الرجل: زوجتي تقرأ عن الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[كان يحكي مع إحدى قريباته فقال: زوجتي تقرأ عن الخلع، فهل في ذلك أي شيء؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الزوج زوجتي تقرأ عن الخلع لا يترتب عليه طلاق، لأنه لا يقع إلا بلفظ صريح دال عليه أو بكناية وهي كل لفظ يدل على الفرقة مع نية الطلاق، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 97022، وليس فيما ذكر شيء من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1430(13/12596)
حكم إلزام الزوج بالخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[علمت أن الخلع يشترط فيه موافقة الزوج أما إذا لم يوافق فإنه لا يقع الخلع، بالنسبة للقوانين في بلدتي فهي تعطي المحكمة حق الخلع حتى ولو لم يوافق الزوج. السؤال هو: إذا لم يوافق الزوج على الخلع وحكمت المحكمة لها بالخلع. ما حكم الزوجة؟ هل يجوز لها أن تتزوج بآخر؟ وهل إقامتها في بيت أبيها لا يكون فيها لعنة من الله لأنها تاركة لزوجها؟ لو سمحتم أرجو الإجابة لكل الحالات التالية:
1- إذا لم تعلم الزوجة أن الخلع أصلاً من المحكمة باطل ثم أخبرها زوجها بفتواكم أن الخلع باطل
2- إذا أخبرها قبل انعقاد الحكم وجلسة الحكم وهي لم تقتنع أن هذا لا يصح وأنها لا تزال على ذمة الزوج
3- إذا قالت أن دار الافتاء في دولتنا لم تصرح بشيء من هذا القبيل لذلك فهو مطبق قانونا أن القاضي يحكم بالخلع حتى ولو لم يرض الزوج. ولم نسمع أن زوجة في عصر النبي خلعت ولديها طفل، فهل الخلع غير مرتبط بأي شيء وأصبح مجرد تطبيق لهوى النساء؟ جزاكم الله خيراً وأحببت أن أوضح أسئلتي تفصيلاً لأن الناس أصبحت تبحث عن ثغرات في الدين لكي يهربوا من الحكم الشرعي، وقضايا الطلاق والخلع كثيرة جداً الآن ونرجو أن تأخذ منكم اهتماماً بالغاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاءت أحكام الله سبحانه مبنية على الحق والصدق والعدل في مجملها وتفصيلاتها، وقد اقتضت حكمته سبحانه إذ جعل الطلاق بيد الرجل وحده، وأن يجعل الخلع بيد المرأة حتى إذا ضاقت عليها الأمور وأغلقت في وجهها الأبواب وجدت مخرجاً من النكاح، فالخلع فداء بعوض من المرأة للزوج، تملك بموجبه أمرها، ولا يجوز للزوجة أن تلجأ إليه إلا إذا تضررت من زوجها ولم تقدر على الطلاق منه، أو خافت ألا تقوم بحقوقه الشرعية. وهو جائز بإتفاق أهل العلم لقول الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ {البقرة:229} . ولم يخالف في ذلك إلا من لا يعتد بخلافه فيه، ولا يتوقف العمل بالخلع على الحاكم أو القاضي، بل كلما اتفق الطرفان على الخلع فإنه يمضي وتملك المرأة بموجبه أمرها.
والأصل أن الخلع لا يجوز إلا بموافقة الزوجين، لأن المرأة فيه هي الباذلة للمال، ولا يجوز حملها على دفع مالها في الخلع بغير رضاها، كما أن الرجل هو المالك للعصمة ولا يصح حمله على تركها بغير رضاه، ولكن هذا الأصل قد يعدل عنه في بعض الأحوال كما إذا حصل شقاق بين الزوجين ولم يمكن إصلاحه، فقد أمر الله ببعث الحكمين في هذه الحال، قال الله تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا. {النساء:35} . ومثل هذا ما إذا تضررت المرأة بالبقاء في حبال الزوج وكرهته فيجوز للقاضي حينئذ أن يوقعه عليه إذا ثبت لديه بالقرائن حاجة الزوجة له. ولكن لا يجوز للمرأة أن تسارع إلى الخلع دون سبب فقد ورد الحديث بالزجر الشديد عن ذلك قال صلى الله عليه وسلم: إن المختلعات والمنتزعات هن المنافقات. رواه الطبراني وصححه الألباني.
جاء في فيض القدير: أي اللاتي يطلبن الخلع والطلاق من أزواجهن لغير عذر هن منافقات نفاقاً عملياً.
قال ابن العربي: الغالب من النساء قلة الرضا والصبر فهن ينشزن على الرجال ويكفرن العشير فلذلك سماهن منافقات والنفاق كفران العشير، قال في الفردوس: وقيل إنهن اللاتي يخالعن أزواجهن من غير مضارة منهم. انتهى.
وعلى هذا فإنا نقول: ما دامت المرأة قد رفعت أمرها للقاضي طالبة للخلع وحكم القاضي لها بذلك فقد حصل الخلع وانحلت عقد النكاح بين الزوجين، وصار كل منهما أجنبياً عن الآخر، وإنما قلنا ذلك لأن القاضي لا يحكم بالخلع إلا إذا ثبت عنده موجب ذلك ولو بمجرد قول الزوجة إنها قد كرهت زوجها وصارت لا تطيق الحياة معه فإن هذا سبب كاف لإيقاعه والحكم به.
ثم إنا نقول: ما دامت الزوجة قد وصل بها الحال إلى أن ترفع أمرها إلى المحاكم تطلب من القضاة التفريق بينها وبين زوجها فلا شك أنها مبغضة له كارهة للبقاء معه، فأي مصلحة للرجل بعد ذلك في أن يمسك امرأة لا تحبه، وهل هذا إلا مناقضة لمقصود الشارع من الزواج حيث جعله سكناً ورحمة ومودة، وقد ألزم بعض الحكام الفضلاء الأزواج بالخلع في مثل هذه الحالات.
جاء في الإنصاف للمرداوي: وإذا كانت المرأة مبغضة للرجل وتخشى أن لا تقيم حدود الله في حقه فلا بأس أن تفتدي نفسها منه، فيباح للزوجة ذلك والحالة هذه على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم الحلواني بالاستحباب، وأما الزوج فالصحيح من المذهب أنه يستحب له الإجابة إليه وعليه الأصحاب. واختلف كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله في وجوب الإجابة إليه. وألزم به بعض حكام الشام المقادسة الفضلاء. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(13/12597)
الحكم بالخلع أو الطلاق على يد قاض غير مسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة أعيش في أمريكا وقد خالعت زوجي (لعدم قيامه بواجباته تجاهي وتجاه أولاده) ولكن الطلاق حصل وفق القانون الأمريكي في المحكمة هنا0 ولا يريد أن يطلقني طلاقا إسلاميا بحجة أني لم أعطه المقدم وقدره 6000 دولار مع العلم أنه كان يستعمل الكردت كارد الخاص بي وقد سحب منه ما يعادل 24000 دولار وقد اعترف بذلك في المحكمة ووقع على أنه ملزم بسداد المبلغ ولا أعتقد انه سيقوم بذلك لأنه لم يدفع لأولاده نفقتهم خلال فترة المحكمة إلا بعد صدور القرار وقد تجاوز المبلغ 5000 دولار لأولاده وأنه الآن يقسطه لهم 100 دولار شهريا وما زالت شركات الكردت تطالبني بمبلغ24000 دولار وأنا أعلم أن6000 دولار من حقه شرعا إذا التزم بسداد الكردت ولكن أين هو من حقوق أولاده عليه وحقوق شركات الكردت إذا لم يلتزم بالدفع لهم، وهل أنا ملزمة بدفع 6000 دولار له على كل الأحوال؟؟ وجزاكم الله خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة عما سألت عنه نريد أولا التنبيه إلى أن الأصل أنه لا يجوز للمسلم أن يتحاكم إلى محاكم الكفار، وانظري الفتوى رقم: 34618.
كما أن الأصل في الخلع أنه يتم بين الزوجين بالتراضي، لكن إذا رفض الزوج أن يجيب المرأة وكانت متضررة بالبقاء معه، فإن للقاضي الشرعي أن يلزم الزوج بالخلع، وعلى ذلك فالحكم الذي صدر من هذه المحكمة لا أثر له، وأنت لا تزالين زوجة لهذا الرجل ما دام لم ينطق بالطلاق أو الخلع ولم يحكم به حاكم مسلم.
فإذا كنت تريدين الخلع أو الطلاق، فعليك بالتوجه إلى المركز الإسلامي في البلد الذي أنت فيه واعرضي الأمر على أهل العلم بالمركز، ليفصلوا فيه، فإن رأوا الطلاق أو الخلع ولم يستجب الزوج فلهم أن يحكموا بذلك ويقع الطلاق أو الخلع.
وعلى كل حال فإن نفقة أولاده بالمعروف لازمة له، وكذلك دينه الذي أقر به يلزمه سداده لك، إلا أن يكون معسراً، فيجب إنظاره، لقوله تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة 280}
وإذا اتفقتما على عوض معين في الخلع، فيمكنك أن تبرئيه مما يقابله من الدين الذي عليه ولا يلزمك أن تدفعي له العوض.
وننبه السائلة إلى أنه ينبغي للمسلم أن يحرص على الإقامة في بلاد المسلمين ويترك الإقامة في بلاد الكفار، ولمعرفة حكم الإقامة في بلاد الكفار يمكنك الاطلاع على الفتوى رقم: 2007، والفتوى رقم: 23168.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1430(13/12598)
تخبيب المرأة على زوجها وحكم طلب الخلع للزواج بآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي كانت متزوجة من شخص لمدة تسع سنوات ولم تنجب منه وحصلت خلافات بينهم وكانت تحبه جداً والخلافات هذه لأنها كانت تغير عليه جداً وتشك فيه فحدث الطلاق فجلست ثمان شهور وتزوجت من شخص آخر عنده غلامان واحد فى 3 إعدادي والثاني فى رابع ابتدائي وأمهم متزوجة من شخص آخر وكان يقول إنه لا توجد علاقه بينهما، وفوجئنا بأنه يتصل كل منهما بالآخر من أجل إدارة شؤون الأولاد، مع العلم بأنه لا تغير على هذا ولو واحد في المليون من غيرتها للأول وقد سألتها هل عوضك عن الآخر قالت لي لا وأنجبت منه بنتا وتولدت المشاكل بينها وبينه من أجل أبنائه تارة ومن أجل تفريق المعاملة بين ابنته وأبنائه تارة أخرى، وكل العائلة متوقعون لهم الطلاق ولكنا نصبر من أجل ابنته وكلما تذكر طلاقها نقول لها إنه بغاك وتركك وأنت كنت متمسكة به وتزوج غيرك من أجل أن ننسيها طليقها ورغم ذلك لم تنسه وهي متزوجة منذ حوالي سنتين ونصف وقد حدث فيها مشاكل كثيرة وأنا بنفسي متوقع الطلاق، ولكني أريد أن تطلق بعد مدة طويلة لكي تقدر على أن تربي ابنتها الفترة الباقية من عمرها دون رجل، وللعلم هي عمرها 32 سنة، والجديد أنها رأت طليقها في الشارع وسلم عليها وسألها هل أنت سعيدة فردت سؤاله وقالت هل أنت سعيد قال لا، قالت ولا أنا
وندمت على أنها فعلت هذا وجاءت وقالت لي ما حدث وكانت تبكي ندما على أنها تحدثت معه وعلى أنها غير قادرة على نسيانه، وبعد ذلك أتصل هو بأخي الأصغر وقال له إني أريد التحدث معك فذهب أخي للقائه وفوجئت أنه يريد الرجوع لأختي ويقول له أنا لا أعلم كيف أحدثك وهو يبكي ويقول إنه قد ندم على ما حدث منه وأنه لا يعلم ماذا يفعل وأنه لم يتزوج ويريد الرجوع إليه ولا يعلم كيف يصنع فقال لي أخي هذا فصددته وقلت له أنا أرفض هذا الموضوع إنك تعلم أننا قد ربينا إيتاما فما بال ابنة أختك هل تريد أن تربى بعيدا عن أبيها، كان رده أننا كلنا متوقعون لهم الانفصال فسألتني على موضوع الخلع فى الإسلام لموضوع امرأة قيس وقالت إنها طلقت ليس من أجل الخلق ولكنها طلقت من أجل أنها كانت تبغضه من أجل دمامة شكله رضى الله عنه فطلقها الرسول صلى الله عليه وسلم، فأنا لا أعلم ماذا أصنع وأنا خائف لأني علمت أنه لا يجوز الخطبة على خطبة أخيك فما بال هذا يريد الزواج من امرأة متزوجة فلا أعلم ما حكم الشرع فى هذا أفتني بالله عليك، مع العلم بأني رافض هذا الموضوع، ولكني أخشى على أختي أن تقع في الخطأ أنا أثق بها ولكني لا أثق بالشيطان وأعلم أن الشيطان للإنسان عدو مبين.
فأفتوني جزاكم الله خيراً يا شيخنا الفاضل ولك مني كثير الشكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته أختك من كلامها مع طليقها لا يجوز لما فيه من فتح باب الفتنة، وعدم مراعاة حفظ أمانة الزوج، وأما تصرفه هو بطلب إرجاعها من أخيك فهو منكر عظيم، فالمرأة ما دامت في عصمة زوج فلا يجوز لأحد تخبيبها على زوجها، وهو من الكبائر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبداً على سيده. رواه أبو داود وصححه الألباني.
أما عن الخلع فيجوز للمرأة أن تختلع من زوجها إذا كانت مبغضة له وخافت ألا تؤدي حقه، ولا يجوز الخلع لغير مبرر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: المختلعات هن المنافقات. رواه الترمذي وصححه الألباني..
فلا يجوز الخلع لمجرد رغبة الزوجة في الزواج بآخر، بل ذهب بعض العلماء إلى عدم صحة زواج المرأة ممن خببها على زوجها، معاقبة له بنقيض قصده.
قال الرحيباني في مطالب أولى النهى.: (وقال) الشيخ تقي الدين (في) جواب سؤال صورته (من خبب) أي: خدع (امرأة على زوجها) حتى طلقت، ثم تزوجها يعاقب عقوبة، لارتكابه تلك المعصية و (نكاحه باطل في أحد قولي) العلماء في مذهب (مالك وأحمد وغيرهما) ويجب التفريق بينهما.
فعليك بنصح أختك بقطع علاقتها بطليقها، وسد أبواب الفتنة ومعاشرة زوجها بالمعروف مع الصبر وإغلاق مداخل الشيطان، ومراعاة مصلحة تربية بنتها في أسرة مترابطة، وإذا ساءت العشرة فليتوسط من العقلاء من يصلح بينهما، ويحكم بما فيه المصلحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1430(13/12599)
أحكام مخالعة المطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[1- وصلت الأمور بيني وبين زوجتي مواصيلها وتدخل أهلها بطريقة غير لائقة وأخذ الكلام يطير هنا وهناك وأخذوا ابنتهم معهم يعني حردوها السؤال: هل يجوز أن أفاوضهم على إرجاع المهر وتوابعه والتنازل عن المعجل في مقابل الطلاق.2 - وإن كنت حلفت يمينا بالطلاق أن لا تفعل أمرا وفعلته هل تصبح طالقا وهل يترتب علي معجل في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل من المناسب أن نبدأ بالإجابة على السؤال الثاني والمتعلق بيمين الطلاق فنقول: قد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن من حلف بطلاق زوجته أن لا تفعل أمراً وفعلته فإن طلاقه يقع ولو لم يقصد بحلفه إيقاع الطلاق، وذهب بعض الفقهاء إلى أنه إذا لم يقصد الطلاق لم يقع طلاقه وتلزمه كفارة يمين، وتراجع الفتوى رقم: 1956.
وعلى تقدير وقوع الطلاق فإن المرأة المدخول بها إذا طلقت استحقت كامل المهر، المعجل منه والمؤجل، وتراجع الفتوى رقم: 57577، وإذا كان الطلاق رجعياً جاز للزوج مخالعة زوجته ما دامت في العدة، قال ابن قدامة في المغني: والرجعية زوجة يلحقها طلاقه، وظهاره وإيلاؤه، ولعانه، ويرث أحدهما صاحبه بالإجماع، وإن خالعها صح خلعه. اهـ
وأما إذا كان الطلاق بائناً أو كان رجعياً ولكن انقضت عدتها قبل الخلع فلا تصح مخالعتها له بعد ذلك.
وعلى تقدير عدم وقوع الطلاق فينبغي السعي في الصلح، والاستعانة بالله سبحانه، ثم بالعقلاء من أهل الزوج وأهل الزوجة، فلعل الله تعالى يجري الصلح على أيديهم فيجتمع الشمل، وإن تعذر الأمر ولم يكن بد من الفراق، فالأولى للزوج أن يطلق زوجته من غير عوض، وله أن يشترط عوضاً مقابل طلاقها كإرجاع المعجل من المهر والتنازل عن المؤجل ونحو ذلك، مما يتفقان عليه، وهذا بشرط أن لا يكون الزوج هو المضرَّ بها والسبب في حصول الطلاق، وتراجع الفتوى رقم: 58333، والفتوى رقم: 63828.
ولنا في ختام هذا الجواب بعض التنبيهات:
الأول: أن الأولى في مثل هذه المسائل مراجعة المحكمة الشرعية.
الثاني: أن خروج المرأة بغير إذن زوجها ولغير مسوغ شرعي نشوز منها، وتراجع الفتوى رقم: 64711.
الثالث: أنه لا يجوز لأهل الزوجة إخراجها من بيت زوجها لغير مسوغ شرعي، ولا يجوز لها طاعتهم في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1426(13/12600)
مجرد رفع دعوى لطلب الخلع لا يحرم المرأة على زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفادتي بسؤالي فى أسرع وقت ممكن حيث إنني فى غاية الألم والحيرة، والسؤال هو أنني رفعت دعوى خلع بالمحاكم المختصة وإلى حينه لم يتم البت بالحكم فيها وتأجل لعدم حضور الزوج إلى المحكمة برغم علمه بمواعيد الجلسات، والآن اتصل بي تليفونيا ليطلب أن يعاشرني ويتحجج بأنني مازلت زوجته حيث إنه لم يفصل فى القضية ولقد رفضته وقلت إنني قد خالعت نفسي منك بمجرد رفع الدعوى وأنا الآن محرمة عليك، ولكنه أجابني أنني مازلت زوجته وأنني أخالف شرع الله في تلبية حقوق الزوج، ماذا أفعل، وهل أنا بذلك آثمة لعصيان معاشرته وأنه مازالت الدعوى بالمحاكم ولم يصدر الحكم فيها، أرجو إفادتي في أسرع وقت ممكن حيث إنني فى حيرة من أمري لو علمت بأن رفضي لطلبه معصية لله في حقوق الزوج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك أيتها الأخت الكريمة بأن تتريثي في اتخاذ قرار الانفصال بينك وبين زوجك، فإن كان محبا لك مؤدياً لحقوقك من نفقة ومسكن ومعاشرة، غير مضار لك ولا مشاق، فإن طلب الخلع وإجبار الزوج على ذلك معصية يجب عليك التوبة منها، ويجب عليك الرجوع إلى طاعة الزوج، وتلبية طلبه، ومجرد عرض القضية على المحكمة والمطالبة بالخلع لا يبيح لك الامتناع منه، وقد سبق بيان حكم طلب الخلع في الفتوى رقم: 52707، وفيها غنية وكفاية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1426(13/12601)
خالع زوجته ثم أرجعها دون عقد جديد وحصل بينهما أولاد فما الحكم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي زوجة حصل بيني وبينها خلع منذ فترة وراجعتها دون عقد جديد ومهر جديد، وكنا لا نعلم عدم صحة ذلك وعشنا مع بعضنا ما يقارب 13 سنة، وأنجبت مني ثلاثة أولاد، ولم أعرف هذا الشرط إلا الآن، فماذا يجب علينا؟.
أفيدونا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد خالعت زوجتك فقد بانت منك، وكان من الواجب عليك ـ عند الرغبة في الرجوع إليها ـ تجديد عقد النكاح عليها بأركانه.
أما معاشرتها بدون عقد فهو فعل محرم، وعليك الآن المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى، ثم الابتعاد عنها فورا قبل تجديد عقد النكاح، وأنتما معذوران بالجهل إذا كنتما حديثي عهد بالإسلام، أو نشأتما في مكان بعيد عن أهل العلم كما تقدم في الفتوى رقم: 49389.
أما الأولاد فهم لاحقون بك إذا اعتقدت هذا نكاحا جائزا، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 17568.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1430(13/12602)
الطلاق البائن لا يسقط العدة عن المطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل طلق امرأته وله منها أبناء، ثم تزوج من ابنة خاله لترعاه وأبناءه من الزوجة الأولى، ولكنه حن إلى الزوجة الأولى ـ أم الأبناء ـ فضايق زوجته وطردها من بيته أكثر من مرة، لأنها اكتشفت أنه يتحدث مع زوجته الأولى في الأنترنت وكذ الهاتف، وأعلمها أنه يريد طلاقها بشرط أن تتنازل له عن جميع حقوقها، فوافقت بعد محاولات الصلح التي لم تجد معه، مع أنها من أرحامه كما أسلفت، وعندما ذهبوا إلى المأذون وأخبروه بالاتفاق، وطلقها، قال لها المأذون هذه طلقة بائنة مع أنها الطلقة الأولى.
السؤال: هل هذا الطلاق بائن أم هو رجعي؟ لأنها مازالت في فترة العدة، وهل المأذون هو الذي يحدد نوع الطلاق ـ رجعى أم بائن ـ؟ لأن المرأة أرادت العودة ولكنه أصر على الطلاق.
وهل لها الزواج الآن أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطرد الزوج المذكور زوجته من بيته ومضايقتها يعتبر معصية وقطيعة رحم إذا كانت بنت خاله كما ذكرت، ونقيضا واضحا لما أمر الله عز وجل في قوله: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة:229} .
وتنازلها عن جميع حقوقها مقابل الطلاق يعتبر خلعا. وهو طلاق بائن عند جمهور أهل العلم، ولو كانت هذه الطلقة الأولى كما تقدم في الفتوى رقم: 35310.
وليس المأذون هو الذي يحدد الطلاق البائن من الرجعي، وإنما يتحدد ذلك تبعا للكيفية التي حصل بها الطلاق.
وبناء على ذلك فلا يجوز للزوج المذكور أن يراجع زوجته التي خالعته ولو طلبت ذلك، وإذا أراد مراجعتها لا بد من تجديد عقد النكاح بأركانه من حضور وليها أو من ينوب عنه مع شاهدي عدل ومهر كما سبق في الفتوى رقم: 36455.
وليس لهذه المرأة أن تتزوج غير الزوج الذي كانت عنده إلا إ ذا انقضت عدتها بطهرها من الحيضة الثالثة بعد الطلاق، أو مضي ثلاثة أشهر إن كانت لا تحيض، أو وضع حملها إن كانت حاملا.
فكون الطلاق بائنا ليس معناه سقوط العدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1430(13/12603)
هل يجب على الزوج إجابة زوجته للخلع لتضررها بالمعيشة معه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسانة مريضة جدا، ولا أقدر على الاستمرار في الحياة الزوجية. هل إذا أثبت الأطباء ذلك يستطيع القاضي خلعي من زوجي، حتى وإن لم يكن راضيا بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشرع للمتضرر من استمرار الزوجية ما يفرج به كربه ويزيل به الضرر عنه، فإذا كانت الزوجة ترغب في الخلع لتضررها من مستلزمات بقاء النكاح، بسبب مرضها الذي يمنعها من القيام بما أمرها الله به من واجبات تجاه زوجها، فلا حرج عليها في أن تختلع منه؛ لعموم قوله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ. {البقرة:229} .
والأصل أن الخلع يتم بين الزوجين بالتراضي، لكن إذا رفض الزوج أن يجيب المرأة، وكانت متضررة بالبقاء معه، فاختلف العلماء في إجباره على الخلع.
قال المرداوي في الإنصاف: أما الزوج، فالصحيح من المذهب أنه يستحب له الإجابة إليه. وعليه الأصحاب. واختلف كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله- يعني شيخ الإسلام ابن تيمية - في وجوب الإجابة إليه، وألزم به بعض حكام الشام المقادسة الفضلاء.
وقال ابن حجر في (فتح الباري) في شرحه لقوله عليه الصلاة والسلام لثابت بن قيس: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة: هو أمر إرشاد وإصلاح لا إيجاب.
وقال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع: اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة، فأكثرهم يقول: لا يلزم، فهو زوج وبيده الأمر. والقول الراجح أنه يلزم إذا قالت الزوجة: أنا لا مانع عندي، أعطيه مهره، وإن شاء أعطيه أكثر؛ لأن بقاءها معه على هذه الحال شقاء له ولها، وتفرق، والشارع يمنع كل ما يحدث البغضاء والعداوة، فالبيع على بيع المسلم حرام لئلا يحدث العداوة، فكيف بهذا؟! فيلزم الزوج أن يطلق، وحديث ثابت رضي الله عنه يدل عليه؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: خذ الحديقة وطلقها تطليقة. والأصل في الأمر الوجوب، وقول الجمهور: إن هذا الأمر للإرشاد فيه نظر. والقول بالوجوب هو الراجح.
فعلى ما ذكر من خلاف أهل العلم فقد يختلف حكم القضاة في ذلك من بلد لآخر، ويمكنك سؤال القضاة في بلدك عن الرأي المعمول به عندهم.
وانظري الفتوى رقم: 3484.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1430(13/12604)
الخلع بلفظ الطلاق يعتبر طلاقا وليس فسخا
[السُّؤَالُ]
ـ[طلقت زوجتي الطلقة الثالثة مقابل الإبراء من مؤخر الصداق، فقال لها المأذون قولي: إنني أبرأتك من مؤخر الصداق ففعلت، وقال لي قل: وأنت طالق على ذلك ففعلت، فهل هذا الطلاق يكون خلعا؟ وإذا كانت الإجابة بنعم فهل يجوز لي الأخذ بالقول إن الخلع فسخ وأعقد عليها من جديد؟ خاصة وأنني سمعت أن هذا هو قول الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع ورأي الشيخ الألباني في التعليقات الرضية، لكني أعلم أن في المسألة خلافا مشهوار، ولا أستطيع التورع والأخذ بالأحوط.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطلاقك لزوجتك مقابل الإبراء من مؤخر الصداق يعتبر خلعا، وجمهور أهل العلم على أن الخلع يعتبر طلاقا، وفي رواية للحنابلة والشافعية أنه فسخ، ورجح هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ومن معهما كما تقدم في الفتوى رقم: 66068.
لكنك قد تلفظت بصريح الطلاق عند الخلع، وبالتالي فطلاقك نافذ لا يدخل في الخلاف المتقدم عند الحنابلة، فقد جاء في المغني لابن قدامة بعد ذكره أدلة الروايتين: وهذا الخلاف فيما إذا خالعها بغير لفظ الطلاق، ولم ينوه. فأما إن بذلت له العوض على فراقها، فهو طلاق، لا اختلاف فيه، وإن وقع بغير لفظ الطلاق، مثل كنايات الطلاق، أو لفظ الخلع والمفاداة ونحوهما ونوى به الطلاق، فهو طلاق أيضا ; لأنه كناية نوى بها الطلاق، فكانت طلاقا، كما لو كان بغير عوض، فإن لم ينو به الطلاق فهو الذي فيه الروايتان. انتهى.
وبناء على ما تقدم فإن زوجتك قد حرمت عليك، ولا تحل إلا بعد أن تنكح زوجا غيرك نكاحا صحيحا- نكاح رغبة لا نكاح تحليل - ثم يطلقها بعد الدخول.
وكونك تستطيع مراجعتها من الناحية القانونية لعدم تسجيل الطلقتين السابقتين لدى المأذون لا تأثير له في الحكم الشرعي.
وننصحك بمراجعة المحكمة الشرعية في بلدك للنظر في حالتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1430(13/12605)
حقوق الزوجة المذكورة إذا اختلعت من زوجها بعد أن طلقها مرتين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوج لزوجة، ولي ثلاثة أولاد، حاولت الحفاظ علي بيتي، ولكن زوجتي تصر على طلب الطلاق لكرهها لي ولم تصارحني إلا بعد 8 سنوات، وأنا رافض، ومع تكرار طلبها بعصبية طلقتها مرتين وراجعتها، وذلك خلال 3 أيام فقط، فهل يجوز لها الخلع وما موقف الشقة والأولاد مع رغبتي في الاستمرار حباً لها وللأولاد، وحفاظا على البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت زوجتك تطلب الخلع بدون سبب شرعي فلا يجوز لها ذلك، وقد ثبت الوعيد الشديد المترتب على هذا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة. رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الشيخ الألباني.
أما إن كانت زوجتك تكرهك لخلقك أو مظهرك، وخشيت عدم القيام بحقوقك الزوجية الواجبة عليك، ولم تستطع معاشرتك بالمعروف، فيجوز لها طلب الخلع رفعاً للضرر، كما تقدم في الفتوى رقم: 20199.
ومراجعتك لها صحيحة بعد الطلاق مرتين وقبل تمام عدتها.. أما الأولاد فهي أحق بحضانتهم إذا توفرت لديها شروط الحضانة وانتفت مسقطاتها، وراجع في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 9779.
والشقة إن كنت تملكها فهي لك، ولا يلزم إعطاؤها للزوجة المطلقة وأولادها، لكن يجب عليك توفير مسكن لائق للأولاد، وتكون الأم الحاضنة معهم. وراجع الفتوى رقم: 117686..
والزوجة المذكورة إذا اختلعت من زوجها بعد أن طلقها مرتين، فقد حرمت عليه بناء على ما في السؤال، وبالتالي فلا حق لها في السكنى والنفقة والكسوة أثناء العدة إذا لم تكن حاملاً، فإن كانت حاملاً استحقت السكنى والنفقة والكسوة، وراجع للتفصيل في ذلك الفتوى رقم: 47983.
وننصحك بمراسلة قسم الاستشارات حتى ترشد إلى ما يمكن أن تصلح به ما بينك وبين زوجتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1430(13/12606)
حكم الخلع لإجراء عقد جديد لتقديمه للجهات الرسمية
[السُّؤَالُ]
ـ[حضرة الشيخ إن ابني اضطر إلى اللجوء إلى الخلع هو وزوجته، حيث إن ابني مقيم في دولة أوروبية، تزوج العام الماضي، وذلك قبل أن تتم زوجته الثامنة عشر، الآن أتمت الثامنة عشر أراد أن يعمل أوراقها، فإذا نتفاجأ أنه يجب أن تكون الثامنة عشر عند عقد القران لذلك اضطررنا إلى الخلع لكتابة عقد جديد، بعد أن أتمت العمر المطلوب، لقد لجأنا إلى جميع الطرق لتصحيح الوضع، لكن دون نتيجة لذلك، لم يكن أمامنا سوى الخلع، السؤال حضرة الشيخ: هل وقع طلاق، هل بإمكانه أن يرجعها فوراً، وإن كان نعم هل ذلك يمكن فوراً، كأن يقول لها هو: رددتك إلى عصمتي أو أنه يجب ذلك عن طريق شيخ وشهود، الرجاء أن تفيدونا أفادنا وأفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنكاح يصح إذا توفرت أركانه المعروفة، وهي حضور ولي المرأة وشاهدي عدل مع مهر وصيغة دالة على النكاح، فإذا توفرت تلك الأركان فهو صحيح تترتب عليه آثار النكاح الصحيح، وبناء على ذلك فالنكاح المذكور صحيح إذا توفرت الأركان المتقدمة، ولو كانت الزوجة قبل سن الثامنة عشر، ولا يشترط تسجيله عند الجهات الإدارية، وإذا كانت الدولة التي يقيم فيها الزوجان لا تقبل عقد النكاح قبل سن الثامنة -كما ذكرت- فبإمكانكم الإبقاء على عقد النكاح الأول حتى تكمل الزوجة السن المطلوب، ثم يتم تسجيل العقد المذكور لدى الجهات المعنية ليتم الحصول على الأوراق المطلوبة.
وعلى كل حال فإذا كنت تقصدين بخلع العقد الأول إلغاءه ولم يحصل الطلاق من الزوج، فالنكاح الأول صحيح باق على حاله، ولا يضر إلغاؤه، ولا داعي لتجديد عقد آخر، ولا أثر له على صحة العقد الأول، وإن صدر طلاق من الزوج قبل الدخول أو انتهت العدة منه إن كان حصل دخول، فلا بد من تجديد عقد النكاح بأركانه السابقة، ولا يشترط كونه عند شيخ.
أما إذا كان الدخول قد حصل ولم تنته العدة، فللزوج مراجعة زوجته ولو لم توافق أو لم تعلم، وإن كان المقصود بالخلع دفع الزوجة عوضاً عن الطلاق فلا بد من تجديد العقد بأركانه أيضاً، وتراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31322، 30240، 28634.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1430(13/12607)
الخلع الصحيح تنبني عليه آثاره
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة مطلقة مرتين وتكره زوجها ولا تستطيع العودة إليه جنسيا، وخالعته وطلبت منه الزواج من أخرى، ولكن لم تتم التسوية المالية الحقوقية بينهما، وعلى هذا الأساس تزوجت زواجا عرفيا بالسر من رجل آخر وهي تحبه ويحبها ودخل بها كونها قررت عدم العودة إلى زوجها الذي خالعته، ولكن فيما بعد وتحت ضغط الأهل والناس تحاول العودة إليه مكرهة على ذلك في سبيل المحافظة على الأسرة من التشتت، بعد أن أصبح لها علاقة جنسية مع زوجها الجديد وزوجها الجديد يعترف بها كزوجة وحتى لو تم إظهار النكاح، حيث تم إخفاء هذا الزواج بسبب المجتمع الذي يرفض أن يتقبل الطلاق والخلع للمرأة، فهل عودتها إليه تعتبر زنى بعد أن خالعته وهل تعتبر طلقة ثالثة، وما حكم زواجها من الرجل الآخر الذي يتقبلها زوجة بالسر والعلانية وتسوية الأمور المادية مع زوجها القديم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المسألة شائكة ولا بد من عرضها على المحاكم الشرعية أو مشافهة أهل العلم بها، ولكن في ضوء ما اتضح لنا من السؤال نقول: إذا كان الخلع قد تم وقبله الزوج فهو صحيح، وتبدأ العدة من حين قبول الزوج له أو حكم القاضي به، وعلى فرض صحته ووقوعه فإن كان الزوج الثاني قد عقد عليها عقد نكاح شرعي بعد انتهاء العدة مستوف لشروط النكاح وأركانه والتي من أهمها الولي والشهود فالنكاح صحيح ولا يمكنها أن تعود لزوجها الأول ما دامت في عصمة الثاني.
وأما إن كان الخلع لم يتم فهي لا تزال في عصمة زوجها الأول وما كان منها مع الرجل الثاني زنى -والعياذ بالله- ويجب عليها التوبة إلى الله عز وجل منه والإقلاع عن تلك الجريمة الشنعاء والمعصية الموبقة وتعود إلى زوجها حتى يتم الطلاق أو الخلع أو يمسكها.
كما أننا ننبه إلى أن النكاح العرفي إن كان بدون ولي أو شهود فهو نكاح باطل وإن لم تكن المرأة ذات زوج.
وبناء عليه فيلزم عرض هذه المسألة على المحاكم الشرعية أو مباشرة أهل العلم بها ليستفصلوا عما يلزم الاستفصال عنه لمعرفة الحكم الشرعي فيها.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18131، 5962، 22465، 106511، 14025، 16024
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1430(13/12608)
هل تطلب الزوجة الطلاق لو زنى زوجها أو شرب الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة، وعندي ولدان، وزوجي كان متقلب الأحوال، فترة يصلي ويتقي الله، وفترة العكس، وتركني وسافر فى أول زواجنا إلى بلد للعمل، وربنا أعطاه رزقاً كثيرا، وأحسست بأنه سلك طريق الخمر، فطلبت منه العيش معه، وبعد عذاب جاء بنا إلى مكان عمله، ومنذ أربع أشهر وأنا معه والحمد لله من يوم ما جئت لم يشرب شيئاً، ولكن منذ يومين سمعته يكلم صاحبا له، وصاحبه يسأله عن مكان سيدات لحرام وهو يقول له لا أعرف وأحاول، وجاء إليه ذلك الرجل وخرجا، وبعدة عودته رأيته مخمورا، وفى الصباح أنكر أنه على علاقه بأحد وأنه شرب فقط ولن يكرر ذلك، أسأل هل سيظل هكذا؟ وما هو واجبي لكي أبعده عن المعاصي؟ وإن تأكدت أنه فعل المنكر، فهل أطلب الطلاق؟ أفيدوني بالله عليكم فأنا ليس لي أحد فى تلك البلد المقيمة فيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا في الفتوى رقم: 9107 بيان كيفية تعامل الزوجة مع زوجها الذي يشرب الخمر، وسبق لنا في الفتوى رقم: 4489 كيفية تعامل الزوجة مع زوجها الذي له علاقات محرمة مع النساء ... وسبق لنا في الفتوى رقم: 33153 أن فسق الزوج أو إضراره بالزوجة يبيح لها رفع الأمر للحاكم لأجل الطلاق إن هي أرادت..
وعلى ذلك فإنا نوصيك بأن تخلصي النصح لزوجك، وتكوني عوناً له على التوبة والقيام بأوامر الله سبحانه، وأن تراعي أمور الفراش والزينة وسائر أمور الزوجية عموماً، ولا تفرطي في شيء منها، ثم بعد ذلك إن هو تاب وأقلع عن معاصيه فالحمد لله الذي وفقه للتوبة، وإن كانت الأخرى فإنه يجوز لك حينئذ طلب الطلاق منه إن رأيت المصلحة في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1430(13/12609)
يجوز للزوج أن يمتنع عن الطلاق حتى تفتدي منه
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب أخي منا أن نبحث له عن عروس بحثنا بما فيه الكفاية، ولم نجد له فكل له مواصفاته، المشكلة أننا نبحث عن صفات دينية بحته وليست طبقا للعادات والتقاليد فنحن أخواته لم يشترط أبي لنا مهرا غاليا أو سكنا أو أي شيء إيمانا أن الرجل ذا الدين لن يضيعنا وصدق أبي.
فبحثنا لأخي عن عروس من هذا الباب المهم عرض علينا أحد الإخوة الملتزمين أخته ونحن نرضى بالقليل، وأخي حاله متوسطة، فإذا بالعروسة آية من الجمال عارضة أزياء ما شاء الله.
بعد الملكة في أثناء المحادثات طلب منها أن تغير عباءتها المخصرة ولا تكشف على أولاد عمومتها وخالها
وبين لها بعض ما يرغبه في شريكة حياته وما هي سلوكياته، فما وجد منها إلا أن قالت إن كنت عنيدا فأنا أعند وأعرف أقاطع، أخي المطوع شد علي قاطعته شهرا، إذا تقدر أنا أقدر. طولة لسان، هذا غير الطلبات.
أريد الزواج أغاني والمطربة الفلانية لا وأنا أدلكم عليها وأنتم تدفعون، أريد قاعة فخمة، أريد مصورة وفيديو وعرض شاشة، أريد زفات بشريط خاص باسمي، أريد جوالا وهذا الشيء كان محرما عليها في بيت أبيها،
أريد هدايا، أريد أسكن في حي معين، أخي يملك شقة في بيت أبي الملك، في حي متواضع، ولكن الشقة من الداخل ركن من فلة جميلة جدا بغض النظر عن الموقع.
أخي هو الكبير والذي يحتاجه والداي دائما، بقيتنا متزوجات، رغم ذلك رضخ لطلباتها ونفذها واستأجر شقة مناسبة لحاله غرفتين وعمل لها دهانا ودفع العربون ورفضتها العروس قائلة أنا أوافق على غرفة واحدة بس في حي كذا.
ثم استأجر مرة ثانية، ونفس الشيء ودفع عربونا، ورفضتها قائلة نحن لسنا بنغالا ولا هنودا ورفضت للمرة الثانية مع أنهم ما شرطوا في العقد وحالهم اقل من حالنا.
أخي يحاول تلبية طلبتها قدر الإمكان، يريد أن يعتمد على نفسه ولا يريد أن يغرق بالديون بعد الزواج إلا بالمعقول.
قرر أخي أنه سوف يسكنها في شقته أربع غرف في بيت أبي ولن يتعب نفسه.
ثم انتقلنا لموضوع القاعة تقول أم العروس إذا تحب بنتي اعملها في قاعة كذا، ادفع لها لتعرف مقدار حبك
أساسا هم يشعرون بالندم لأن أخي في نظرهم بخيل، رغم كل الهدايا والمصروف الذي يعطيه إياها في فترة الملكة، والآن عرفت أنها ستسكن في شقته التي تعتبر ملكه تقريبا، فرفضت أن يتم الزواج، وقالت والدتها مافي نصيب يا ولدي.
أخي غضب جدا وقال لن أطلقها إذا أحبت أن تخلعني لها ذلك، ولكني لن أخرج خسران أو لترضى وتدخل بكرامتها أو أطلبها بالمحكمة، أبي حاول أن يحل الموضع بحكمة فطلب حكما من أهله وحكما من أهلها،
واجتمع الرجال واتفقوا أن تسكن البنت في بيت أخي، وعاتب الحكام الذين هم من طرف أهل العروسة ولي أمرها واتفقوا كالتالي:
أن تسكن العروسة في بيت الزوجية.
وأن يخير العريس بين ثلاث قاعات هم حددوها وفض المجلس.
وفي آخر الليل أرسل ولي أمرها أن القاعات التي حددت ليست مطلوبة، وهي ستكون لاحقا على مزاج العروسة.
أخي يريد أن يسترجع ماله، ولا يريد مماطلة فهل المحكمة في نظركم تحكم له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشرع قد حث على الزواج من الفتاة ذات الدين والخلق، وقد سبق بيان ذلك بالفتوى رقم: 1422.
فإذا صح ما ذكرت في هذا السؤال عن هذه الفتاة فهي ليست بذات دين وخلق، فننصح أخاك بطلاقها، والطلاق إذا وقع قبل الدخول كان أهون وأقل أثرا، وجمال المرأة إذا خلا عن الدين فإنه قد يطغي المرأة، فإذا تزوج أخوك منها فربما جعلت حياته نكدا وشقاء.
وإذا لم يكن أخوك المتسبب في أمر الطلاق فيجوز له أن يمتنع عن الطلاق حتى تفتدي منه، وراجع الفتوى رقم: 52812.
وإذا وقع نزاع فالقاضي الشرعي هو الذي يفصل فيه، ولا نستطيع من الآن أن نحدد الحكم الذي سيصدر هل هو لصالح أخيك، أم لا، لأن الحكم يكون مبينا على معطيات كثيرة لا نحيط بها علما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1430(13/12610)
لا خير في البقاء مع من هكذا حاله
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت منذ7 سبع سنوات ومنذ بداية زواجي أعاني من وحدتي في بيتي آكل لوحدي أنام لوحدي أخرج لوحدي، وفي أي مكان أذهب إليه أسأل سؤالا واحدا أين زوجك دائما يتركني لوحدي ينهي عمله ويرجع لأصحابه على القهوة وتعبت من كثرة ما ألفت نظره حتى حقي الشرعي تقريبا معدوم، يهجرني دائما في الفراش من غير سبب علما بأني جميلة جدا ونظيفة جدا في كل التفاصيل وجربت معه كل الحيل اللين والحب والشجار والأكاذيب حتى يغار علي ولكن دون جدوى، وأخيرا قررت الطلاق من بعد سنة وإذا بي حامل بابني الأول وعليه ألغي موضوع الطلاق وهو ليس لديه أي تغيير، تعبت أصبحت حياتي معه متعبة كلها نكد محتاجة لزوجي ولا ألقاه مع أنه تزوجني برغبته وبإلحاح منه وحاولت ومن أجل خاطر ابني وإذا به يريد مولودا ثانيا وبإلحاح وحملت بابني التانى وعشت لأولادي، وخلال زواجي أخد مني كل مصاغي بحجة احتياجه له ولم أقصر إلى جانب مالي الخاص الذي أعطاه لي أبى وكان كثيرا، وكل فترة الحال يسوء ويخسر وكل ما يمضي الوقت كل ما يسوء الحال، وإذا بي أكتشف المصيبة بأنه على علاقة بسيدة مطلقة وابنه الأول عنده سنة وضيع عليها وبسببها كل حاجة، وكان ربنا أكرمه ونحن تزوجنا وليس عنده حاجة أصلا وأدى لها كل حقوقي الوقت والفلوس والاهتمام وحقي الشرعي وكله في الحرام وطمع فيه الناس بسبب مشاكلنا هذه وإهماله لي وهنا قررت الطلاق ورفض لأنه يريدني أن أترك كل شيء يخصني وأمشي وبعده يطلق حتى الشقة مع أنه أخد كل فلوسي وأنا قلت سأتنازل عن كل حقوقي فقط يطلقني ويتركني أربي أولادي فرفض.
وأخير رفعت قضية خلع فبالله عليكم ما حكم الدين مع العلم بأني حاولتت مرات عديدة جدا رغم كل عيوبه ومن أجل خاطر أولادى بأنه يترك المرأة هذه ولكن دون جدوى فما رأيكم ... هل قصرت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن زوجك هذا -هداه الله ورده إلى طريقه- قد اقتحم أبواب الكبائر بهذه العلاقة الآثمة مع هذه المرأة، ولقد كان من ثمارها النكدة ما وقع عليك من الظلم والتضييع والضرر.
ولذا فإنا نرى أن تنصحي زوجك في محاولة أخيرة لإصلاحه واستنقاذه من مستنقع الرذيلة الآسن فإن استجاب وإلا فدعي إجراءات الخلع تأخذ مجراها وطريقها إذ لا خير في البقاء مع من هذا حاله.
جاء في الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل: وإذا ترك الزوج حقا لله فالمرأة في ذلك مثله فتختلع. انتهى.
ومعلوم بالشرع والعادة أن الرفيق يؤثر في رفيقه والزوجان مهما كان بينهما من خلاف فهما لصيقان في كثير من الأحوال وتجمعهما مصالح مشتركة كشؤون الأولاد ونحوها فلا تأمنين مع هذا أن يفسد عليك دينك وخلقك، فالأولى هو فراقه.
وقد ذكر ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى أضرارا كبيرة تلحق الزوجة جراء ارتكاب زوجها الفاحشة فراجعيها إن شئت في المجلد رقم: 32 صفحة 120 وما بعدها.
أما ما أخذه من أموالك فإن كان على سبيل القرض فإنه ملزم برده لا يسعه غير ذلك، أما إذا كان على سبيل الهبة فإن الراجح أنه يجوز لك أن تسترديه منه أيضا خصوصا مع ما ذكرت من سوء عشرته لك، فإن الغالب أن الهبة لا تكون في هذه الحالة إلا لدفع شرور الزوج وخوفا من طلاقه خصوصا مع ما إذا كان هو الذي طلب المال وحصل منه بعد ذلك ضرر لك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وقد نص على أن المرأة لو وهبت زوجها صداقها أو مسكنها فلها أن ترجع بناء على أنها لا تهب إلا إذا خافت أن يطلقها أو يسيء عشرتها فجعل خوف الطلاق أو سوء العشرة إكراها في الهبة. انتهى.
وجاء في الفروع لابن مفلح مع التصحيح للمرداوي: قال في الرعاية الصغرى: وترجع المرأة بما وهبت زوجها بمسألته على الأصح واختاره ابن عبدوس في تذكرته وقال -أي صاحب التصحيح- قلت: الصواب عدم الرجوع إن لم يحصل لها منه ضرر من طلاق وغيره وإلا فلها الرجوع. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1430(13/12611)
طلب الخلع بين الجواز وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج بامرأة من هولندا أصولها مغربية من أربع سنوات لي منها ولدان الحمدلله لظروف يطول سردها طلبت زوجتي الخلع وأنا لم أوافق ولا أريد الطلاق للحفاظ على أسرتي وأولادي طلبت زوجتي الخلع من عدة مراكز إسلامية ولم تتحصل عليه وكذلك من بعض الشيوخ فرفضوا بعد مرور فترة فوجئت أن زوجتي قطعت الاتصال وأرسلت لي رسالة من أحد المراكز الإسلامية أنها مختلعة وهي في عدتها وتحلف يمينا بالله أنها مطلقة ولا تريد أن تعطيني رقم هذا الذي أعطاها الخلع ,اتصلت بالمركز ففوجئت أن المسؤولين لا يعرفون شيئا عن قضيتي وبعد البحث والاستفسار تبين أن الورقة مزورة وأنهم لم يعطوها الخلع وبينوا لي أن ما بني على باطل فهو باطل والشخص الذي أعطاها الخلع فرد لم يستعمل اسمه بل كنية (أبو عبد الله) ولا شهود ولم يكلمني قط والمركز تبرأ من العمل وشكوا إلى الشرطة الهولندية لجريمة سرقة واستعمال وثيقة المركز الرسمية.
السؤال: هل يصح هذا الخلع؟
وماذا أفعل مع زوجتي التي أصبحت تتصرف وكأن لا زوج لها حيث إنها تخرج بدون إذن تسافر إلى أبعد الأماكن وحدها وأخذت رخصة سياقة والكثير من المخالفات الشرعية وتتصرف في تربية أولادي بطريقة ليست شرعية كوضع أولادي في روضة يقف عليها غير المسلمين ودخولها في قروض ربوية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمرأة أن تختلع من زوجها إذا كانت مبغضة له، وخافت ألا تؤدي حق الله معه، ولا يجوز الخلع لغير مبرر، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: المختلعات هن المنافقات. رواه الترمذي وصححه الألباني.
والأصل أن الخلع يتم بين الزوجين بالتراضي، لكن إذا رفض الزوج أن يجيب المرأة وكانت متضررة بالبقاء معه، فإن للقاضي أن يلزم الزوج بالخلع، وينبغي للزوج أن يجيب المرأة إلى الخلع إذا كان له ما يبرره.
قال البهوتي: ويسن له إجابتها أي إجابة طلب زوجته المخالعة.
أما عن سؤالك، فإن ما أخبرتك به زوجتك من الخلع، غير صحيح، لأنه لم يحدث منك مخالعة، ولم يحكم به قاض يلزمك به.
أما عن زوجتك، فلا شك أن ما ذكرته عنها من التعامل بالربا والخروج بغير إذنك والسفر بغير محرم، يدل على نشوزها وسوء خلقها ورقة دينها، فإذا لم تنفع معها وسائل الإصلاح، فالأولى أن تطلقها أو تجيبها إلى الخلع، ولا ينبغي لك إمساكها ما دامت على هذه الحال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1429(13/12612)
حكم القاضي بالخلع يعتبر نافذا ولو رفضه الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح الخلع الذي يتم بحكم القضاء بالرغم من عدم موافقة الزوج المخلوع قبل أن يقبض هذا الأخير بدل الخلع المعروض أو المحكوم به قضاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الخلع قد ترتبت عليه مصلحة لتعذر الإصلاح بين الزوجين المتخاصمين وتعين لقطع النزاع بينهما، وحكم به قاض شرعي، فإنه يعتبر نافذا ولو رفضه الزوج قبل استلام الشيء الذي تمت المخالعة به. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 105875.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1429(13/12613)
هل طلب الخلع يعيب الفتاة وأهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاه من أسرة فقيرة وأدرس وبقيت لي سنة في التعليم ومكتوب كتابي شرعا ولكن اكتشفت أن زوجي وأهله يريدون أن يستغلوا والدي لدرجة أنهم يريدون أن يبيع كل ما يملك لتجهيزي، ولي أربعة إخوة غيري منهم ثلاث بنات وأبي فقير، بصراحة اكتشفت أن هذا الزوج غير مناسب لي ولأهلي علما بأنني لبست شبكة ب 8000 جنية ومكتوب قائمة وأود الانفصال عنه، هل لي حقوق شرعية عنده علما بأنني أنا التي أود الانفصال وهل هذا يعيبني وأهلي أمام الناس أم لا، أرجوا الإفادة سريعا، وزادكم الله من علمه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الشق الأول من السؤال وهو المتعلق بحقوق المطلقة قبل الدخول ورغبة المرأة في الانفصال عن زوجها إذا استحكم بغضه في نفسها وخشيت ألا تقيم حدود الله معه فقد سبق الجواب عن ذلك في الفتوى رقم: 110393.
وأما الشق الثاني وهو هل طلب الخلع يعيبك وأهلك لدى الناس فمرد ذلك إلى عرف وعادة بلدك، لكن لا يضرك إن كان ترك هذا الرجل ومفارقته لفساد دينه وأخلاقه، وينبغي بيان هذا إن خشيت أن ينال من عرضك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1429(13/12614)
نفقة المخالعة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا الزوجة دفعت للزوج المهر لكي يطلقها وهي حامل منه فهل لها النفقة من الزوج بسبب حملها، وهل هناك دليل من القرآن والسنة على ذلك؟ وأستغفر الله لي ولكم.. وشكراً جزيلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما نفقة المخالعة إذا كانت حاملاً فتجب لها لحملها ما لم تكن أسقطتها في مقابل الطلاق مع ما أسقطت أو دفعت، وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 61461، 52341، 73342.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1429(13/12615)
طلب الخلع لكون الزوج تزوج من أخرى وتعاني من مشاكل نفسية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي طلب خلع بعد أن علمت أن زوجي متزوج علي علما أنني أعاني مشاكل نفسية كبيرة جدا وأرجو أن تفيدوني. وشكرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمجرد زواج زوجك من ثانية لا يبيح لك طلب الخلع أو الطلاق، لكن إن كنت تخشين من ظلمه وعدم إقامة حدود الله معه بسبب ما ذكرت من المرض النفسي أو شدة الغيرة ونحو ذلك فلا حرج عليك في مخالعته برد الصداق أو نحوه مما تتفقان عليه مقابل تخلية سراحك.
وللمزيد انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 79889، 106868، 17942.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1429(13/12616)
الخلع بحكم المحكمة وحكم سرقة الزوجة شقة الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي رفعت قضية طلاق ورغم أنها اتهمتني اتهامات كاذبة فيها إلا أنها خسرتها - وبعد ذلك رفعت قضية خلع وكسبتها بدون الرجوع إلي من أحد الحكام وأخذ رأيي - فما حكم ذلك - وما حكم عدم ردها أي شيء من حقوقي المالية - وما حكم سرقتها لمنزل الزوجية وأنا غير موجود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعطيات السؤال ليست واضحة الدلالة تماما، وعلى أية حال فإن الطلاق والخلع لا يقع أي منهما إلا من الزوج أو برضاه أو بحكم من الجهة المختصة إذا كان لها مسوغ للحكم.
وأما سرقة الزوجة لمنزل الزوجية فإنها لا تعد سرقة بالمفهوم الشرعي الذي تترتب عليه جميع أحكام السرقة، ولكنها تعتبر خيانة للأمانة، تأثم بها الزوجة وتُلزم برد ما أخذته؛ لما رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. قال شعيب الأرنؤوط: حسن لغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(13/12617)
هذا الطلاق بينونة صغرى وليس رجعيا
[السُّؤَالُ]
ـ[وقع طلاق (بائن مقابل الإبراء قبل الدخول/ أول) ولكن تبين بعد ثلاثة شهور من وقوع هذا الطلاق أن الخلوة الشرعيه والدخول كانا قد حصلا بالفعل, فما الحكم الشرعي الصحيح لهذا الطلاق بعد ثبوت الدخول، فهل يبقى الطلاق (بائنا) أم يصبح طلاقا (رجعيا) ، وماذا عن (الإبراء) الذي حدث في الطلاق الأول، فأفيدوني للأهمية البالغة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطلاق مقابل عوض كإبراء الزوج من حق للزوجة يسمى خلعاً وهو بينونة صغرى، ولا فرق بين كونه قبل الدخول أو بعده، وهل يحسب من عدد الطلقات أم لا؟ خلاف مبني على مسألة وهي هل الخلع فسخ أم طلاق؟ وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 11543. وعلى كل حال فهذا الطلاق بينونة صغرى وليس رجعياً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(13/12618)
هل للمختلعة حق في المهر
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة خلعت نفسها فهل المهر من حقها؟ وما هي حقوق الزوج عليها في هذه الحالة؟ وشكراً جزيلاً لكم مقدماً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الزوجة إذا كانت مدخولاً بها فإن المهر لها، وإن لم تكن مدخولاً بها فقد اختلف فيما إذا كان لها نصف المهر أم لا، وأما الزوج فليس له من الحقوق إلا ما تم عليه الخلع.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزوجة إذا اختلعت من زوجها وكانت قد قبضت المهر ودُخل بها فإن المهر يكون لها، وهذا مما لا خلاف فيه بين المذاهب الأربعة، وإذا كان الخلع وقع قبل الدخول أو قبل قبض المهر، فقد اختُلف عن الحنفية فيما إذا كان المهر لها في الدخول أو نصفه في عدم الدخول، أم لا شيء لها من ذلك.
جاء في العناية شرح الهداية للبابرتي الحنفي: وإذا خالعها على مال مسمى معلوم معروف سوى الصداق، فإن كانت المرأة مدخولاً بها والمهر مقبوض فإنها تسلم إلى الزوج ولا يتبع أحدهما الآخر بعد الطلاق بشيء. وإن كان المهر غير مقبوض فالمرأة تسلم إلى الزوج بدل الخلع ولا ترجع على الزوج بشيء من المهر عند أبي حنيفة خلافاً لهما، وأما إذا كانت المرأة غير مدخول بها والمهر مقبوض فإن الزوج يأخذ منها بدل الخلع ولا يرجع عليها بنصف المهر بسبب الطلاق قبل الدخول عند أبي حنيفة، وإن لم يكن المهر مقبوضاً يأخذ الزوج منها بدل الخلع وهي لا ترجع على زوجها بنصف المهر عند أبي حنيفة خلافاً لهما. انتهى.
وأما الشافعية فالمهر عندهم في الخلع يكون للمرأة في جميع الحالات، قال الشافعي في الأم: وإذا خالع الرجل امرأته دخل بها أو لم يدخل بها قبضت منه الصداق أو لم تقبضه فالخلع جائز، فإن كانت خالعته على دار أو دابة أو عبد بعينه أو شيء أو دنانير مسماة أو شيء يجوز عليه الخلع ولم يذكر واحد منهما المهر فالخلع جائز ولا يدخل المهر في شيء منه، فإن كان دفع إليها المهر وقد دخل بها فهو لها لا يأخذ منه شيئاً، وإن لم يكن دفع إليها فالمهر لها عليه، وإن كان لم يدخل بها وقد دفع المهر إليها رجع عليها بنصف المهر وإن كان لم يدفع منه شيئاً إليها أخذت منه نصف المهر وإن كان المهر فاسداً أخذت منه نصف مهر مثلها. انتهى.
ووافق الحنابلة الشافعية إلا أننا لم نقف لهم على كلام في الخلع قبل الدخول والظاهر أنهم لا يخالفون الشافعية، جاء في مطالب أولي النهى للرحيباني الحنبلي: (و) إن خالعها قبل الدخول (على مثل نصف الصداق في ذمتها) وكانت لم تقبض الصداق منه صح ذلك و (يسقط الكل) أي: كل الصداق (نصفه بالفرقة ونصفه بالمقاصة) حيث وجدت بشروطها. انتهى.
ووافق المالكيةُ الشافعية والحنابلة في جميع هذه التفاصيل، إلا أنهم فرقوا في غير المدخول بها بين مخالعتها له على مال، وبين طلاقه لها على مال.
قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى: وإن خالعته على كعبد أو عشرة ولم تقل من صداقي فلا نصف لها، ولو قبضته ردته، لا إن قالت طلقني على عشرة، أو لم تقل من صداقي، فنصف ما بقي وتقرر بالوطء.
قال الدردير: صوابه أو قالت خالعني أو طلقني على عشرة (من صداقي فنصف ما بقي) يكون لها. انتهى.
والذي نميل إلى رجحانه هو ما عليه الجمهور، لأن الصداق قد تقرر نصفه للمرأة بمجرد العقد، وتملكه بالوطء فلا معنى لسقوطه في الخلع ما لم تكن هي قد تنازلت عنه أو عن شيء منه في مقابل الخلع، وأما الزوج في الخلع فحقه أن تسلم له المرأة ما تم الخلع عليه، لا غير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1428(13/12619)
جواب شبهة حول رد المهر عند الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا يطلب القاضي أن ترجع المرأة للرجل ماله الذي أمهرها إياه عندما تريد فراقه لسوء عشرته، مع العلم بأن الرجل إذا لم يرغب في بقائها معه طلقها ولو كانت صالحة ثم هو لا يطالب بشيء لتعويض مطلقته ويحتجون بقصة ثابت، مع العلم بأن الوارد في القصة أن امرأته هي التي طلبت الانفصال وقالت بأنها لا تعيبه في شيء غير أنها لا تحبه وهنا يحق له أخذ ماله لأنه لم يكن له أي سبب بخلاف الذي يتسبب في كره المرأة له لا يحق له شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي تقتضيه قواعد الشريعة ويستلزمه عدلها هو أن الزوج إذا صدر من قبله الضرر بالزوجة، ولم ينزجر عنه إلا بالتفريق بينه وبينها، فرق بينهما بدون أي عوض منها، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. أخرجه الإمام أحمد.
ولقوله تعالى: الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة:229} ، والذي يسيء عشرة زوجته لا شك أنه إن أمسكها على هذه الحالة لم يكن ممسكاً بمعروف، وإن سرحها بعوض تقضيه له لم يكن مسرحاً بإحسان.
إذاً فالواجب هو أن يزال عن الزوجة الضرر، ففي موطأ الإمام مالك، قال: في المفتدية التي تفتدي من زوجها أنه إذا علم أن زوجها أضر بها وضيق عليها، وعلم أنه ظالم لها مضى الطلاق ورد عليها مالها، قال: فهذا الذي كنت أسمع والذي عليه أمر الناس عندنا. وما أخذته منه من مهر فهو لها بما استحل من فرجها فلا تطالب بإعادته إليه، ويقول الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى في موضوع الحكمين: وعليهما الإصلاح، فإن تعذر فإن أساء الزوج طلقا بلا خلع وبالعكس ائتمناه عليها أو خالعها له بنظرهما ... وهذا هو الذي عليه جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة.
ولم يبح الحنفية للزوج في هذه الحالة أخذ المال، ولكنهم رأوا أنه إذا أكرهها على الخلع وتعاقد معها على ذلك، فإن العقد صحيح، والعوض لازم، وهو آثم عاص، ومن هذا يتبين لك أن القاضي لا يجوز له حمل المرأة على إرجاع المال للرجل إذا أرادت فراقه لسوء عشرته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1428(13/12620)
عدة اليائسة من المحيض ثلاثة أشهر بالإجماع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي عدة المرأة التي خالعت زوجها وعمرها 50 ويائسة من المحيض، وهل يجوز الزواج بها بعد مرور شهر طبقا لمذهب الإمام مالك؟ جزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فعدة اليائسة هي ثلاثة أشهر عند مالك وغيره، ولا يجوز لغير الزوج أن يتزوج من المختلعة التي يئست من المحيض أو غيره بعد مضي شهر فقط من عدتها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعدة المرأة التي يئست من المحيض ثلاثة أشهر بالإجماع، ولقوله تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ {الطلاق: 4} ولم يختلف قول الإمام مالك رحمه الله عن الجمهور في أن الخلع طلاق بائن، وعليه فلا يجوز لغير الزوج أن يتزوج من المختلعة اليائسة من المحيض بعد مضي شهر فقط من العدة عند مالك، والجمهور كذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1428(13/12621)
اشتراط الأب عدم النفقة على أولاده للموافقة على الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين أما بعد ... إخواني في الله: لقد سبق مني طلب الفتوى منكم في موضوع الطلاق حيث عنوان الفتوى (ما تفعله الكارهة لزوجها لسوء خلقه وضعف دينه) ورقمها (77448) الآن انتهى الحال بي إلى المحاكم الشرعية بدعوى خلع مني، وقد توقفت اليوم عند موضوع المهر، حيث إن المهر عندنا مقسم إلى معجل يعطى للزوجة في حال العقد عليها، ومؤجل يعطى لها في حال طلقها الزوج أحياناً ونظراً لضيق حال الزوج يكتب المعجل غير مقبوض في عقد النكاح ومحاكمنا الشرعية تعطي الحق للزوجة بالمطالبة بالمعجل وأخذه في أي وقت شاءت وهو حقها في حال قامت برفع دعوى التفريق، باعتباره غير مقبوض، أما بالنسبة للمؤجل، في حال رفعت المرأة دعوى التفريق، تحكم المحكمة بنصفه للمرأة في حال قرر حكما التفريق أن سبب الطلاق يعود على الزوج والزوجة معاً، أو تحكم به كاملاً للمرأة في حال قرر حكما التفريق أن سبب الطلاق يعود على الزوج فقط، وأنا من الذين كتب لهن المعجل غير مقبوض، سؤالي هنا وأسوة بقصة ثابت بن قيس التي ذكرتموها لي فهل يجوز لي أخذ أي شيء من المهر سواءً كان المعجل أو أي شيء من المؤجل، علماً بأن الزوج الكريم هددني بتركي كالمعلقة هجر دون طلاق في حال طالبته بأي شيء مادي حتى ولو كانت نفقة ابنته!! فأفتوني فيما يحق لي كي لا أكون من الظالمين؟ لكم مني كل الشكر وجزاكم الله كل خير ووفقكم لما يحب ويرضى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت المسألة بين يدي محكمة شرعية فالحكم فيها أولاً وأخيراً إليها، لكن ننبهك إلى أنه لو قبل الخلع وحكم به فالعبرة فيه بما اتفق عليه بينك وبين الزوج سواء أكان المهر كاملاً معجله ومؤجله أو أكثر منه أو أقل.
وعلى فرض أنكما اتفقتما على نصف المهر فلا حرج عليك في مطالبته بالباقي ويلزمه أداؤه إليك، وكذا لو حكمت المحكمة عليه بالطلاق دون فداء لتحقق إضراره بك مثلاً فيلزمه أداء المهر إليك كاملاً معجله ومؤجله، وأما نفقة ابنته فهي لازمة له، وإن أراد مخالعتك بها فقيل له ذلك وهو الراجح، وقيل لا، كما بينا في الفتوى رقم: 61461، والفتوى رقم: 3118.
وليس من حقه أن يهددك بما ذكرت، والتهديد في هذه الحالة من العضل المحرم شرعاً، قال الله تعالى: وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19} ، فلو خشيت أن ينفذ تهديده فارفعي القضية -إذا كان طلبك للطلاق لسبب سائغ ومعتبر شرعاً لعدم النفقة عليك أو ضربك بغير حق ونحو ذلك- إلى المحكمة لكف ظلمه وإلزامه بما يجب عليه، وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 8649، والفتوى رقم: 20199، والفتوى رقم: 70649.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1428(13/12622)
يجوز للزوجة طلب الخلع من زوجها بعوض تدفعه له
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال أولا عن فتاة تريد فسخ العقد الشرعي (دون العقد المدني) بينها وبين زوجها، فماذا عليها وما لها وهل ترجع له كل ما دفع من مهر ولباس.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان العقد الشرعي قد تم بضوابطه الشرعية فإنه لا يحق لهذه الفتاة فسخه ولا يصح ذلك من قبلها إذا فعلته لأن الله تعالى جعل الطلاق بيد الزوج- لقوامته وضبط تصرفاته وانفعالاته غالبا- لا بيد المرأة ولا بيد وليها، إلا إذا ثبت ما يقتضي الطلاق من الضرر أو غيره فيرفع الأمر إلى القاضي لينظر فيه.
ويجوز للمرأة إذا كرهت زوجها والمقام معه وخشيت أن تفرط في حقه بسبب ذلك يجوز لها أن تطلب الانفصال عنه بالخلع منه بعوض تدفعه له سواء كان مساويا لمهرها وما دفع لها أو أكثر منه أو أقل متمولا أو غير متمول.. قال مالك في الموطإ: لا بأس أن تفتدي المرأة من زوجها بأكثر مما أعطاها.
وإذا وقع الخلع أو الطلاق من قبل القاضي فإنه يعتبر طلاقا بائنا لا يحق لزوجها إرجاعها في العدة- كما في طلاق الرجعية- ولا اعتبار للعقد المدني بعد وقوع الخلع والطلاق فقد انتهت عرى العلاقة الزوجية بينها وبين زوجها بذلك.
وأما قول السائلة: "فسخ العقد الشرعي دون المدني" فغير واضح لأن العقد المدني لا اعتبار له ولا قيمة إذا فسخ العقد الشرعي- كما سبق- لأن العقد المدني لمجرد التوثيق فقط.
وبإمكانك أن تطلعي على المزيد من الفائدة في الفتاوى: 15736، 57469، 3484.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1428(13/12623)
الخلع مقابل التنازل عن المهر ونفقة الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي ذهبت إلى بيت أهلها في مدينة أخرى للزيارة ثم أخبرتني أنها لن تعود إلى المنزل حتى ألبي لها شروطها وهي:
1. أن أدعها تسافر إلى أهلها خمسا أو ست مرات في السنة.
2. أن أحدد لها مصروفا شهريا من غير مصروف البيت تتصرف فيه كما تشاء هي ولا أسألها عنه.
3. أن أسمح لها بالخروج لزيارة صديقاتها والمكوث حتى وقت متأخر.
رفضت هذه الشروط لأني أراها غير شرعية، لكنها رفضت العودة إلا بهذه الشروط أو الطلاق.
أخوها والذي هو ولي أمرها يريد مني الذهاب للسفر إليه والاتفاق على هذه الأمور، لكني رفضت بحجة أنني لا أقصر في حقوقها الشرعية. وهم الآن مصرون على الطلاق. أنا رفضت الطلاق لكنهم قد يلجؤون إلى الخلع.
لدي من زوجتي طفل وهي الآن حامل، فهل يجوز لي أن أقبل الخلع برد المهر وأن تتنازل هي عن نفقة الرضاع والحمل، ونفقة الأولاد؟ أو أن نفقة الأولاد واجبة علي كما تحددها المحكمة؟ وهل يحق لها إبقاء أبنائي في المدينة الأخرى معها بحيث سيتعسر علي رؤيتهم إلا كل عدة شهور؟
أفتوني حتى يكون تصرفي تبعا للشرع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سألتك إياه زوجتك من السفر كثيرا إلى أهلها، وتحديد مصروف خاص زائد على النفقة الواجبة عليك لها والسماح لها بالمكث خارج بيتها مع صديقاتها ونحو ذلك لا يجب عليك، وليس لها الحق أن تمتنع من العودة إليك والانتقال معك باشتراط ذلك. وإن امتنعت وتمنعت بأهلها فهي عاصية لله تعالى ناشز، ومن أعانها على ذلك فهو شريك لها في الإثم، كما لا يجوز لها أن تسألك الطلاق أو الخلع لما ذكرت، ولا يجوز لولي أمرها ذلك وهذا من إعانتها على الإثم، وانظر الفتويين رقم: 52707، 24956، ولكنا ننصحك بمحاولة الإصلاح وترضيتها بما أمكن من ذلك مما لا ضرر عليك فيه لمصلحة الأبناء واجتماع شمل الأسرة.
فإن أصرت على الخلع فلا حرج عليك في قبوله، ويجوز أن يكون برد المهر كاملا أو نحوه حسبما تتفقان عليه من ذلك، قال تعالى: وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا {البقرة:229} .
قال ابن العربي: قيل: أن تكون المرأة تكره الرجل حتى تخاف أن لا تقيم حدود الله بأداء ما يجب عليها له أو أكثره إليه، ويكون الزوج غير مانع لها ما يجب عليه أو أكثره، فإذا كان هذا حلت الفدية للزوج. انتهى. كما يجوز أن يكون مقابل نفقة الأولاد عند الحنابلة والشافعية بشرط التحديد ونفي الجهالة، قال ابن قدامة في المغني: إن خالعها على كفالة ولده عشر سنين، صح، وإن لم يذكر مدة الرضاع منها، ولا قدر الطعام والأدم، ويرجع عند الإطلاق إلى نفقة مثله. وقال الشافعي: لا يصح حتى يذكر مدة الرضاع، وقدر الطعام وجنسه، وقدر الإدام وجنسه، ويكون المبلغ معلوما مضبوطا بالصفة كالمسلم فيه، وما يحل منه كل يوم.
وأما حضانة الأولاد بعد الخلع فهي حق لأمهم ما لم يقم بها مانع من فسق أو تزويج، وقد سبق في الفتوى رقم: 72018، أقوال أهل العلم فيما يترتب على ما لو تنازلت المرأة عن حق الحضانة مقابل الطلاق، لأن العبرة بمحل إقامة ولي أمر المحضون، وانظر في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6256، 94770، 94072.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1428(13/12624)
حكم الرجوع بما أنفقه الرجل على المرأة في الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب من فلسطين من دير سامت قضاء الخليل أريد أعرض قصتي لكم وأريد منكم الحكم الشرعي في ذلك وجزاكم الله خير جزاء.
أقدمت على بنت من نفس قريتنا وطلبتها من أهلها وتمت الخطبة وعقدنا عقد الزواج على سنة الله ورسوله وتمت مراسم الخطبة وقمت بذبح أغنام واشتريت جزءا من الذهب والمجوهرات والملابس وقمت بمصروف البنت مثل أي خطيب لخطيبته وبعد ستة أشهر من عقد الزواج قررنا الزواج وفوجئت أن البنت تقول إنك لا تصلح زوجا لي وقال ولي أمرها إنك لا تصلح زوجا لبنتي وأريد فسخ الخطبة أي الطلاق بدون أي سبب شرعي أريد منكم الحكم الشرعي في ذلك دون ظلم أحد
1_هل يجوز للبنت دفع المصاريف التي قدمتها لها أثناء خطبتنا؟
2_هل يوجد في الشرع رد اعتبار إلى العريس رد شرف لأنه طرد عن خطيبته؟
3_هل يجوز دفع تعويض للعريس لأنه طرد عن خطيبته غير المصاريف التي صرفها عليها أثناء الخطوبة وتعتر رد اعتبار وتشريف إلى العريس؟
4_نريد منكم الحكم الشرعي في هذه القصة وبارك الله فيكم وجزاكم الله خير جزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد عقدت عليها عقد نكاح صحيح فأمر عصمتها بيدك، وليس لها ولا لوليها أن يجبراك على مفارقتها، لكن إن شئت مخالعتها بأن ترد إليك ما دفعت إليها من مهر أوغيره فلك ذلك. وإن لم ترغب في مخالعتها فلك أن تبقي على عصمتها فأنت مالك أمرها لاهي ولا أبوها، وقد بينا حكم الخلع وحقيقته في الفتوى رقم: 3484، وما أحيل إليه من فتاوى خلالها.
وأما إذا اخترت طلاقها من تلقاء نفسك، ولم تكن قد دخلت بها فلها عليك نصف المهر الذي سميت لها في العقد، وانظر الفتوى رقم: 22068.
وأما ما دفعت من هدايا وشبكة وغيرها فقد بينا حكمه، وكذا ما صرفت عليها من مصاريف قبل وجوبها فالظاهر أنها يتبع فيها ما هو متعارف في بلدكم، فإن تعارف عند الناس على رجوعها للزوج إذا لم يتم له المقصود عمل بذلك العرف، والعكس صحيح إذا لم يكن هناك شرط من أحد الطرفين يقيد العادة المعروفة؛ وإلا عمل به.
جاء في منح الجليل وهوأحد كتب المالكية: وفي المعيار: للرجل الرجوع بما أنفق على المرأة أو بما أعطى في اختلاعها من الزوج الأول إذا جاء النفور والامتناع من قبلها، لأن الذي أعطى من أجله لم يثبت له. وإن كان التعذر من قبله فلا رجوع له عليها لأن التمكين كالاستيفاء. ثم قال صاحب منح الجليل: ولعل هذا كله إن لم يكن شرط ولا عرف بالرجوع؛ وإلا عمل به اتفاقا. اهـ
وتراجع الفتوى رقم: 1955، لمزيد من الفائدة حول هذا الموضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1427(13/12625)
شروط جواز عودة المختلعة لزوجها الذي خلعها
[السُّؤَالُ]
ـ[أكتب إليكم هذه الرسالة بهدف الوصول إلى حل شرعي فى المشكلة التي أمامي, جزاكم الله خيراً في الإفتاء، بما أن المشكلة مرت عليها أكثر من ست سنوات لذا أكتبها عن طريق نقاط متوالية ومترابطة, لتكون صورة واضحة قبل الإفتاء.
1- أنا اسمي محمد فى عام 1998 تعرفت على فتاة اسمها زينب, قبل الزفاف بأربعين يوما توفي والدي رحمة الله عليه, من خلال الزفاف (أي ليلة الدخلة) ، لم أتمكن من أداء الواجب الجنسي مع زينب, زرت مجموعة من أطباء جميعهم قالوا لي أنك تعاني من مشاكل نفسية وليس عضويه بقيت هي بكراً.
2- بعد عام من تدخل العائلتين, وضغوط عائلة زينب على شخص محمد, أدت إلى موافقة محمد على قرار الخلع والتي ينص على "محمد خلع زوجته زينب مقابل استرجاع زينب كامل الذهب والبالغة 35 مثقالا من الذهب إلى محمد" وتعتبر طلاق بينونة صغرى بطلقة واحدة, ويمكنهما العودة إلى زواج من جديد بعقدين ومهرين جديدين" هذ ما جاء بقرار الخلع.
3- محمد لم يكن موافقا على الخلع كان أمامه خيارين: الأول: موافقه على الخلع. والثانى: دخول فى صراع مع عائلة زينب ممكن تؤدي إلى نتائج سلبية بين الطرفين, لذا وافق محمد على قرار الخلع فى نيسان سنة 2000.
4- فى سنة 2000 طلبت زينب قرار الخلع بإرادتها, مع العلم بأنها تحب محمدا وجاء طلب الخلع بسبب سوء العلاقة التي وصلت بين محمد وعائلة زينب، كانت زينب بين أمرين، أما الالتحاق بمحمد وترك عائلتها أو طلب الانفصال عن محمد لذا طلبت الخلع.
5- فى كانون الثانى 2005 تم عقد قران زينب من رجل آخر اسمه حسين عن طريق شيخ مسجد (إمام مسجد- عالم ديني) وليس عن طريق المحكمة، وقررت زينب الزواج من حسين بإرادتها دون إكراه أو إجبار.
6- قبل الزفاف فى شباط 2005 بعدما علم محمد بعقد قران زينب وحسين اتصل محمد بعائلة زينب وقال لهم (كان قرار الخلع سنة 2000 من دون إرادتي والآن زينب تزوج من شخص آخر, إن أرادت زينب الالتحاق بحسين قال محمد أني أطلقها لكي يكون زواج زينب من حسين شرعياً وإن أرادت زينب العودة إلى محمد لكون زواجها من حسين غير شرعي إن محمدا مستعد للعيش من جديد مع زينب) محمد قال بوضوح قرار يعود بشكل مطلق إلى زينب وليس لشخص آخر اختارت زينب العودة إلى محمد بإرادتها لذا أخبرت زينب زوجها حسين بالموضوع, وعلى أثرها ترك حسين الوطن وسافر إلى أمريكا.
7- فى نيسان 2005 استلمت زينب رسالة يبين فيها أن حسين طلق زوجته زينب وتنازل عن المهر المقدم، نقاط للتوضيح:
• زينب بكر حتى الآن, لأنه لم يتم الزفاف من حسين.
• اختفى حسين منذ آذار 2005، ولم يتصل بزينب، علما بأن حسين له زوجة أخرى وولد يعيشون فى أمريكا، السؤال: هل قرار الخلع زينب ومحمد صائب (نعم أم لا) ، لماذا، هل زواج حسين من زينب شرعي أم لا، ولماذا، ما هو موقف زينب ومحمد من الآية الكريمة، بسم الله الرحمن الرحيم: الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ.... فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ (البقرة: 229-230) .
علما بأن زينب لم تجتمع مع حسين ولم تلامس حسين جسديا، هل يجوز رجوع زينب إلى محمد من دون وجود ملامسة جسدية بين زينب وحسين وكل مرة يجتمع زينب مع حسين فى بيت زينب مع أخ وأخوات ووالدة زينب, أي جلسة عائلية، السؤال هنا: هل كلمة تنكح زوجا غيره..... هي فعل أي يجب أن تمارس زينب بشكل شرعي عملية نكاح مع شخص آخر ثم الطلاق ثم العودة إلى محمد أو أن تنكح زوجا غيره..... هي مجرد كتابة عقد قران بين زينب وشخص آخر (مثلا) حسين، ثم العودة إلى محمد أو بمعنى آخر هل كلمة تنكح فعل أو اسم، هل يجوز شرعاً زواج محمد وزينب من جديد، وكيف، وما هو نصيحتكم شرعا لكل من محمد وزينب وحسين، أستاذي العزيز: جزاكم الله خيراً لو أفتيتم بما فيه خير لزينب ومحمد وحسين والدين الإسلامي، أنتظر منكم الجواب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما حصل بين محمد وزينب خلع، والخلع بينونة صغرى، وليس بينونة كبرى، والفرق بين البينونتين: أن الصغرى يمكن للزوج مراجعة الزوجة بعقد جديد ومهر جديد، وأما الكبرى: فلا يحل له نكاحها إلا بعد أن تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة ويطأها، ولا يكفي مجرد العقد بل لا بد من الوطء، كما سبق في الفتوى رقم: 25337.
وهذا الخلع صحيح نافذ، فليس فيه إكراه على محمد حتى يقال أنه غير واقع، وليس عدم الرضى أو عدم الرغبة إكراهاً، فالإكراه المعتبر الذي لا يقع معه الفعل هو ما سبق بيانه في الفتوى رقم: 42393.
وزواج حسين بزينب صحيح إذا لم يختل فيه شرط من شروط النكاح المتقدم بيانها في الفتوى رقم: 49075، وعدم تسجيله في المحكمة لا يؤثر على صحة العقد.
وما دام حسين قد طلق زينب، فلا مانع من عودة زينب لمحمد بعقد جديد ومهر جديد، ولا يشترط دخول حسين بزينب ولا حتى العقد عليها، لكي تعود لمحمد، لأن الخلع كما سبق ليس بينونة كبرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1427(13/12626)
الإبراء من صيغ الخلع وهل هو طلاق أو فسخ
[السُّؤَالُ]
ـ[وقع طلاق مرتين على الإبراء والثالث غيابيا والمرات الثلاثة على يد المأذون فهل يعتبر الإبراء خلعا وبناء على ذلك في مذهب ابن تيمية أن الخلع لا يعد طلاقا وبذلك يجوز لي الرجوع إلى زوجتي إذا اتفقنا على ذلك؟ ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإبراء من صيغ الخلع، قال في المبسوط وهو حنفي: ولأبي حنيفة أن الخلع في معنى المبارأة لأن المبارأة مفاعلة من البراءة والإبراء إسقاط، والخلع مأخوذ من الخلع وهو النزع والنزع إخراج الشيء من الشيء فمعنى قولنا خلعها أي أخرجها من النكاح، وذلك إنما يكون بسقوط الأحكام الثابتة بالنكاح وهو معنى البراءة، فكان الخلع من معنى البراءة والعبرة في العقود للمعاني لا للألفاظ.
وقال الخرشي وهو مالكي: الطلاق البائن إنما يكون بلفظ الخلع أو الإبراء أو الافتداء والطلاق إلا أنه بالدراهم.
وإذا تقرر أن الإبراء خلع، فإن الخلع طلاق عند جمهور الفقهاء يحسب من الطلقات الثالث، وقيل إنه مجرد فسخ وهو إحدى الروايتين عند الشافعية والحنابلة.
قال ابن قدامة في المغني: اختلفت الرواية عن أحمد في الخلع ففي إحدى الروايتين أنه فسخ وهذا اختيار أبي بكر وقول ابن عباس وطاووس وعكرمة وإسحاق وأبي ثور وأحد قولي الشافعي.
وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية هذا القول ووافقه تلميذه ابن القيم في كتابه زاد المعاد حيث قال: ولا يصح عن صحابي أنه طلاق البتة فروى أحمد عن يحيى بن سعيد عن سفيان عن عمر وعن طاووس عن ابن عباس رضي الله عنهم أنه قال الخلع تفريق وليس بطلاق. وذكر عبد الرزاق عن سفيان عن عمر وعن طاووس أن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص سأله عن رجل طلق امرأته تطليقتين ثم اختلعت منه أينكحها قال ابن عباس نعم ذكر الله الطلاق في أول الآية وآخرها والخلع بين ذلك. ثم ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن القائلين بأن الخلع فسخ اختلفوا هل يشترط أن يكون الخلع بغير لفظ الطلاق أو لا يكون إلا بلفظ الخلع والفسخ والمفاداة ويشترط مع ذلك ألا ينوي الطلاق أو لا فرق بين أن ينويه أو لا ينويه وهو خلع بأي لفظ وقع الطلاق أو غيره على أوجه. ثم بين أن أصحها أن الخلع فسخ بأي لفظ كان.
وبناء على قول الجمهور، فإن زوجتك قد بانت منك بينونة كبرى لوقوع الطلاق ثلاث مرات لأن الإبراء خلع، وبالتالي لا يجوز لك ارتجاعها إلا بعد زوج لقول الله تعالى: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ {البقرة: 230} .
وعلى رأي شيخ الإسلام فإنه لم يقع منك إلا طلقة واحدة، وبالتالي فلا حرج في ارتجاعها ما لم تنقض عدتها، فإن انقضت عدتها بانت بينونة صغرى ولك أن تنكحها نكاحاً مستأنفاً، وفي الأخير ننصحك بمراجعة المحاكم الشرعية أو الجهات المختصة في بلدك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1426(13/12627)
متى تبدأ عدة من رفعت دعوى للخلع من زوجها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كرهت الحياة مع زوجي لكثرة المشاكل بيننا ولهجره لي دائما وعدم الإنفاق علي، ولقد طلبت منه مرارا الطلاق ولكنه رفض فاضطررت لرفع دعوى خلع ولكنه لم يحضر أي جلسة تحددت من قبل المحكمة برغم أنه يتسلم الإعلان عنها بنفسه ولقد مر الآن حوالي أربعة أشهر دون إصدار الحكم بتأييد دعوى الخلع ونحن في حالة انفصال تماما لايراني ولا يتصل بي تماما0 وسؤالي هو هل يتم تحديد العدة المقررة لي من تاريخ رفع الدعوى أم من تاريخ تأييد القاضي للدعوى بالخلع وتطليقي منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعدة لا تبدأ إلا من يوم وقوع الطلاق إما بتصريح الزوج به أو بحكم القاضي عليه به، وما دام الطلاق لم يقع فلا موجب للعدة، وعلى هذا فإن عدتك تبدأ من حين حكم القاضي لك بالطلاق من زوجك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1426(13/12628)
لا يجوز إكراه الزوجته على الخلع لإسقاط حقها في مؤخر الصداق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشرعي في إكراه الزوج لزوجته في طلب الطلاق ليتزوج غيرها، وقد ندم على ذلك كونها على خلق جيد وصاحبة دين والسبب عدم الإنجاب كونها خضعت لعمل جراحي أصبح الإنجاب فيه عن طريق طفل الأنبوب حصراً فطلب الزوج من زوجته طلب الطلاق أمام القاضي ليسقط حقها في مؤخرها ومهرها ولعدم قدرته على دفع المبلغ، وتم ذلك وحصلت المخالعة بين الزوجين بعد خلافات بينهما، قصد فيها الزوج إحراج الزوجة وجعلها كارهة له، فساءت معاملته لها وطلبت الطلاق في المحكمة وتم الطلاق، وفيما بعد ندم الزوج وحاول الإصلاح ولكن المطلقة امتنعت ورفضت العودة لزوجها، وقالت إنها سامحته على كل ما بدر منه وتمنت له كل الخير ولكن دون رجعة إليه وحاول الزوج كثيراً إعادتها وهي ترفض، فما حكم الشرع بحق هذا الزوج النادم على فعلته والذي تزوج غيرها وأنجب أربعة أطفال من غيرها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوج إكراه زوجته على طلب الطلاق لإسقاط حقها في مؤخر الصداق، وإن وقع الطلاق على هذا الأساس فالمؤخر باق ديناً في ذمة الزوج، وقد أوضحنا هذا في الفتوى رقم: 6655.
وبما أن الزوج قد تاب وندم فنرجو له قبول التوبة من هذا الذنب إذا كان فعلاً اسقطت عنه هذه المرأة حقها المتبقي من صداقها برضاها، والحال أنها أهل للتصرف في مالها، وإلا فمن شرط صحة التوبة دفع مؤخر الصداق إلى صاحبته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1426(13/12629)
خداع المرأة لتفتدي نفسها بالخلع ظلم عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مقيم بالغرب. تعرفت هناك على شابة غربية تدعي الإسلام. خدعت في تدينها المزعوم وقررت الزواج بها. ولقد عاملتها معاملة الأخت المسلمة 100 في100في المهر وكل شيء إلى أن اكتشفت حنينها للكفر بطريقة غير مباشرة فلقد طلبت مني السماح لها بخلع الحجاب والعودة للتبرج كما أنها لا تصلي الشفع والوتر بدعوى أنها حديثة العهد بالإسلام وتريد أولا إتقان الفرض قبل الانتقال إلى السنة بالإضافة إلى كل هذا صارحتني بأنها كانت على علاقة بعدد كبير من الشبان وكذلك كانت تطلب مني القيام بأشياء أثناء الجماع لا يقوم بها إلا الفجار وأشياء كثيرة أخرى إذن استنتجت أنها غير صالحة بالمرة بأن تكون أما لأطفال مسلمين.وبعد إحساسها بعزمي على تركها أعلمتني بأنها قد تكون حاملا وإني لن أرى المولود طوال حياتي إن فارقتها. رغم أني كنت شبه متأكد بأنها كاذبة إلى أني أردت أن أتأكد بأنها غير حامل أو إجبارها على القيام بالإجهاض مع العلم أن هذا كله حدث بعد أسبوع من الزواج. وبالتالي قررت أن أمثل عليها دورا يجعلها تطلب مني الطلاق ولا تفكر أبدا في الحمل مني مطلقا. فأوهمتها بأني مريض وأنتمي لعائلة مريضة عن طريق شخص آخر فنجحت الخطة والآن تطلب هي الطلاق.وأنا أطالبها بإرجاع المهر مع العلم أنها تسببت لي في خسارة مادية كبيرة. فهل ما فعلته حلال أو حرام. أفتوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عضل الزوج زوجته لتفتدي منه وتلجأ إلى الخلع من أشد أنواع الظلم وأقبحه وقد كان شائعا في الجاهلية فأبطله الإسلام ونهى الله سبحانه وتعالى عنه، وأمر بالإحسان إلى النساء ومعاشرتهن بالمعروف أو تسريحهن بإحسان كما في قوله: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة: 229} . وقوله: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيرا* وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً {النساء:19ـ20} . وقال صلى الله عليه وسلم للملاعن زوجته لما قال: مالي فقال صلى الله عليه وسلم: لا مال لك إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها فذاك أبعد لك. متفق عليه. فلا يجوز لك أن تكذب عليها وتخدعها وتظلمها لتفتدي منك وتعيد إليك المهر، فإن فعلت فالخلع باطل والبدل مردود، ويرى الإمام مالك نفاذ الخلع وعده طلاقا، ويجب على الزوج رد ما أخذه. فالخلع إنما يجوز للزوجة عند نشوزها وكرهها للرجل كما بينا في الفتوى رقم: 3118. وما ذكرته من الأمور لا يبرر عضلك إياها ـ فما دامت تعلن إسلامها وتلتزم بأداء الفرائض فهي مسلمة وإن قصرت في بعض الأمور المستحبة والسنن الراتبة ونحو ذلك مما ليس بفرض مثل الشفع والوتر وغيره من السنن، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي سأله عن الإسلام" خمس صلوات في اليوم والليلة، فقال: هل علي غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع.. إلى قوله ... فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح إن صدق. متفق عليه واللفظ للبخاري، ولمسلم: هل علي غيرهن. وأما الحجاب فلا مساومة عليه، ولكن ما دامت حديثة عهد الإسلام فكان الأولى أن ترغبها فيه وتعينها عليه وتنصحها بالحكمة والموعظة الحسنة، وتريها من نفسك القدوة الصالحة من الالتزام بأحكام الإسلام وآدابه وتعاليمه وإن كانت غير ملتزمة تحرص على هدايتها، ففي الحديث: فوالله لأن يهدي بك رجل واحد خير لك من حمر النعم. رواه البخاري.
فاتق الله سبحانه وتعالى في تلك المرأة ولا تفتنها في دينها وتصدها عن إسلامها، فإما أن تمسكها بمعروف أو تسرحها بإحسان. وإياك والظن" فإن الظن أكذب الحديث " متفق عليه. ورمي المسلم بالكفر خطير خطير فقد قال صلى الله عليه وسلم: إيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه. متفق عليه واللفظ لمسلم.
وأما حكم الاجهاض فقد بيناه في الفتوى رقم: 44731. فنرجو مراجعتها، ويجب أن تتنبه إلى أن الإسلام يجب ما قبله، كما صح بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله جل وعلا: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ {الأنفال: 38} . فكون هذه المرأة فعلت أفعالا محرمة قبل أن تسلم لا أثر له عليها ولا على ما هي عليه الآن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1426(13/12630)
لا يجوز أخذ العوض على الطلاق ما لم يكن النشوز من المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي مقصر معي في علاقته الزوجية بي ودائما يشاهد الأفلام الجنسية وحذرته من ذلك كثيرا وأحيانا أحس أن فيه شخصا تانيا في حياته غيري، هو أناني في علاقته بي دائما ولا تتم بشكل يرضيني وذلك مما أدى بي لأن أكرهه ولا أحس به وهو دائم التقليل من شأني في كل شيء ولا يوجد احترام ولا حب ولا رحمة في علاقته بي كما قال الله، وهو دائما يحاول أن يكسر شخصيتي بكل الوسائل سواء بالكلام أو الأفعال ووصلت معه إلى طريق مسدود لأني أشعر أنني لو تكلمت معه سأتعب نفسيا لأني فعلا بدأت أتعب ولم أعد كما كنت سابقا أصبحت عديمة الثقة بالناس ولا أجد الحب في حياتي أبدا وأنا أخاف الله جداً ولا أريد أن أجد نفسي فجأة بعيدة عنه بسبب حالي مع زوجي، وأهلي لا يقدرون موقفي ولا يهمهم غير أطفالي (عندي عمر وكريم) أنا نفسيا لا أستطيع معاشرته لأني سمعت منه أنه لا ينجذب لي أبدا وتقريبا لا يطيقني وهذا غير سوء المعاملة وعدم الاهتمام بمشاعري أبدا وأنا أحاول معه أنه يتغير منذ 3 سنوات وهو لا حياة لمن تنادي ولا يتجاوب وأنا أريد الانفصال عنه وهو لا يريد، ولكن يريدني أنا التي أنفصل عنه بالخلع حتى أتنازل عن جميع حقوقي ومع كل ذلك أهلي يريدون مني الاحتمال وأنا صبري نفد ولا أريد أن أقع في غضب الله فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الأفعال المذكورة الصادرة من الزوج غير جائزة شرعاً، وتتنافى مع أخلاق الإسلام الفاضلة الرفيعة في التعامل مع الناس عموماً، ومع الزوجة خصوصاً، فإن المسلم ذو أخلاق حسنة مع القريب والبعيد مع الصديق والعدو، قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت: 34} . وقال تعالى: وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى {المائدة: 8} . وقال تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا {البقرة: 83} . وقال: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ {الإسراء: 53} .
وهذه الأخلاق تتأكد مع الزوجة لما لها من الحق، وهذه بعض النصوص الواردة في هذه الأخلاق، فقد قال الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 19} .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي وابن ماجه. وقال صلى الله عليه وسلم: ألا واستوصوا بالنساء خيراً. أخرجه الترمذي. وقال: اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة. رواه أحمد وابن ماجه من حديث أبي هريرة وحسنه الألباني. وروى أبو داود في سننه عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إن اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت.
هذا وفي حال كرهها وبغضها، فقد قال الله تعالى: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء: 19} . وقال: وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا {البقرة: 231} .
فما سبق من النصوص فيه مدكر ومزدجر للزوج، وأما الزوجة فنقول لها: إن شئت صبرت واحتسبت الأجر على هذا البلاء، وهذا أولى من أجل حفظ أولادك، وإن شئت بذلت له ما يطلب وفديت نفسك منه، وسيغنيك الله من فضله، ولا يجوز للزوج أخذ العوض على الطلاق ما لم يكن النشوز من المرأة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1426(13/12631)
حكم مخالعة الأجنبي وهل يجب لفظ الطلاق في الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[طلاق الخلع هل يلزم فيه التلفظ بالطلاق إذا قام شخص باستلام مبلغ المال نيابة عن الزوج، وهل إذا تلفظ هذا الشخص بالطلاق يقع الطلاق، علما بأن الزوج قد أغلق أهل الزوجة كل السبل أمامه لاستلام زوجته وهو لا يريد الانفصال عنها، وكذلك هي وإنما تم كل ذلك من إخوتها وأخوالها، علما بأن أمها وأباها متوفيان وقد عقد لها عمها لطلبها ورغبتها ولم يحضر الإخوة العقد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخلع مهما وقع اعتبر طلقة بائنة ولو لم يتلفظ الزوج بالطلاق، والمعتبر في ذلك هو رضا الزوج إن كان المخالع أجنبياً متبرعاً بالمال كما في المدونة والإنصاف وغيرها.
فإذا وكل الزوج من يتسلم المال نيابة عنه في ذلك وتلفظ الزوج بالطلاق أو لم يتلفظ به فقد وقع الخلع وبانت منه الزوجة، وأما كون الإخوة والأخوال لم يشهدوا العقد فلا عبرة بذلك لأنه يجوز للولي الأبعد أن يعقد مع وجود الأقرب ما لم يكن مجبراً (وهو الأب) ، فإن عقد الأبعد فليس للأقرب رد النكاح إلا إذا كان العقد لغير كفء؛ كما في الأم للشافعي والمدونة عن مالك.
وليست المسألة هنا مسألة اعتراض على العقد وصحته وإنما هي مخالعة أجنبي وهي صحيحة إذا تبرع من عند نفسه بالمال ورضي الزوج؛ كما قال ابن نجيم في البحر الرائق والشربيني في مغني المحتاج والمرداوي في الإنصاف وابن قدامة في المغني.
والذي يظهر من السؤال أن الزوج قد رضي بذلك واستلم المال أو وكل من ينوبه في استلامه فلزمه ذلك.
وأما كون أهل الزوجة قد أغلقوا دونه السبيل إليها فليس ذلك من الإكراه؛ إذ كان له أن يرفع أمره إلى المحكمة فتزيل عنه الظلم وتمكنه من زوجته، ولكنه آثر المال ومخالعة زوجته فبانت منه لأن الخلع يعتبر طلاقاً بائناً، كما بينا في الفتوى رقم: 35310.
وننصح في هذا الأمر بمراجعة المحاكم الشرعية، فإننا لا نرى أنه يسوغ الاعتماد في مثل هذه المسائل على مجرد فتوى لا تحيط بملابسة الأمر من كل جانب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1426(13/12632)
حكم من أكره زوجته على الخلع وإسقاط المهر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم بالزوج الذي أكره زوجته لطلب الطلاق وأكرهها على إسقاط مؤجل مهرها ليتزوج غيرها علما أنها لم تنجب له أطفالا لأسباب صحية وهي على خلق جيد وقد ندم على فعلته وطلب منها السماح وسامحته وعفت عنه ولكن ما حكم الشرع في هذا الزوج النادم على فعلته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للرجل إكراه زوجته على طلب الطلاق منه ليسقط حقها في مؤخر الصداق، وإن حصل ذلك فإن الزوج لا يزال مدينا للمرأة بحقها ذلك، وانظر الفتوى رقم: 6655.
وعلى كل، فما دام الزوج قد تاب من هذا الأمر، ومن متقضى التوبة دفع ذلك المؤخر إلى صاحبته إلا أن تتنازل عنه بمحض إرادتها وهي في حالة يمكنها التصرف في مالها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1426(13/12633)
حكم مخالعة الرجل زوجته على نفقة الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[أستاذي الفاضل سؤالي هو: طلقت زوجتي خلعا مقابل تنازلها عن كامل حقوقها بما في ذلك نفقة الأبناء وتم التنازل أمام الموجه الأسري والقاضي وذلك أثناء المخالعة، السؤال هل يجوز لها المطالبة بعد ذلك بنفقة أم لا؟؟ علما بأنها موظفة
السؤال الثاني:هل يجب علي توفير مسكن للأبناء وهي التي تكفلت بالنفقة، السؤال الثالث: ما الذي تشمله كلمة نفقة عند الأئمة.
أفيدوني جزاكم الله خيرا ووفقكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيصح أن يخالع الرجل زوجته على نفقة الأبناء، قال ابن قدامة المغني:
فصل: وإن خالعها على كفالة ولده عشر سنين , صح , وإن لم يذكر مدة الرضاع منها, ولا قدر الطعام والأدم , ويرجع عند الإطلاق إلى نفقة مثله. وقال الشافعي: لا يصح حتى يذكر مدة الرضاع , وقدر الطعام وجنسه, وقدر الإدام وجنسه , ويكون المبلغ معلوما مضبوطا بالصفة كالمسلم فيه , وما يحل منه كل يوم. انتهى
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى:
وكما أن له أن يجعل العوض إسقاط ما كان ثابتا لها من الحقوق كالدين فله أن يجعله إسقاط ما ثبت لهما بالطلاق كما لو خالعها على نفقة الولد. وهذا قول قوي وهو داخل في النفقة من غيره.
وقال في موضع آخر:
إذا خالعها على أن تبرئه من حقوقها , وتأخذ الولد بكفالته. ولا تطالبه بنفقة. صح ذلك عند جماهير العلماء: كمالك , وأحمد في المشهور من مذهبه وغيرهما، فإنه عند الجمهور يصح الخلع بالمعدوم الذي ينتظر وجوده كما تحمل أمتها وشجرها. وأما نفقة حملها ورضاع ولدها, ونفقته فقد انعقد سبب وجوده وجوازه، وكذلك إذا قالت له طلقني وأنا أبرأتك من حقوقي وأنا آخذ الولد بكفالته، وأنا أبرأتك من نفقته, ونحو ذلك مما يدل على المقصود. انتهى
وعليه.. فليس للمرأة المطالبة بالنفقة التي تنازلت عنها مقابل الخلع.
أما السكن والكسوة هل يدخلان ضمن النفقة وبالتالي يكون التنازل عن النفقة تنازلا عن السكن والكسوة أم لا بد من التنصيص على إسقاطهما؟
فالجواب أن ذلك -والله أعلم- يرجع إلى العرف، فإن كان المتعارف عليه أن التنازل عن نفقة الأولاد يشمل سكنهم وكسوتهم فليس للأم المطالبة به، وإن كان العرف يخص النفقة بالمأكل والمشرب فلا بد من التنصيص على إسقاطهما؛ وإلا يلزم الوالد بهما في هذه الحالة.
قال ابن عابدين في الدر المحتار:
قال في الفتح: ولها أن تطالبه بكسوة الصبي إلا إذا اختلعت على نفقته وكسوته فليس لها وإن كانت الكسوة مجهولة، وسواء كان الولد رضيعا أو فطيما. اهـ. ومثله في الخلاصة, وانظر ما فائدة التعميم في الولد. هذا, وقد تعورف الآن خلع المرأة على كفالتها للولد بمعنى قيامها بمصالحه كلها وعدم مطالبة أبيه بشيء منها إلى تمام المدة. والظاهر أنه يكفي عن التنصيص على الكسوة لأن المعروف كالمشروط ا. هـ.
وننصح بمراجعة المحكمة الشرعية في بلدكم
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1426(13/12634)
حكم طلب غير المدخول بها الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للفتاة أن تخلع زوجها الذي لم يدخل بها، ونرجو بيان السند الشرعي في حالة جواز ذلك من عدمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلو خشيت المرأة عدم القدرة على القيام بحقوق زوجها، وذلك لكرهها له إما لكونه دميماً أو سيء الخلق، أو نحو ذلك جاز لها الخلع منه، لما أخرج البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكن لا أطيقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. وفي رواية: ... فقالت: نعم، فردت عليه، وأمره ففارقها.
ولا فرق في هذا بين المدخول بها وغير المدخول بها، وعلى هذا، فلو علمت هذه المرأة من حال زوجها أنها لا تستطيع القيام بحقوقه لنفرتها منه جاز لها طلب الخلع، لحديث امرأة ثابت المتقدم.
أما طلب الخلع أو الطلاق لغير مبرر شرعي، بل لهوى ونحو ذلك فلا يجوز، فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم قال: المختلعات هن المنافقات. رواه الترمذي وغيره وصححه الشيخ الألباني.
وننبه إلى أنه في حال تم الطلاق، فليس على المرأة عدة، لقول الحق سبحانه: ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا {الأحزاب:49} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1425(13/12635)
الإكراه المعتبر في شأن تطليق الزوجة أو مخالعتها
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع: أفتونا جزاكم الله خيراً، لقد حصل الخلاف بيني وبين عمي والد زوجتي وكانت المشاكل بيننا كبيرة وكان ضحية تلك المشاكل أنا وزوجتي حيث تسببت في وقوع الطلاق الأول وأرجعتها في نفس الأسبوع الذي وقع فيه الطلاق ولكن عمي عرقل رجوعها بسبب الخلاف بيني وبينه وكانت الطلقة الثانية، ولكن عمي صمم على عدم رجوع زوجتي التي كانت في حالة ولادة وأصر على المخارجة وخلع زوجتي من عقدي رغم أنفنا نحن الاثنين أنا وزوجتي، إذ لا خلاف بيننا وقد كان قبول للمخارجة الذي أكرهت عليه هو اشتراطي إرجاع ابنتي بعد إكمال الرضاعة حولين كاملين ولكن عمي رفض ذلك ولم يعد لي ابنتي التي كان بالمخارجة مربوطاً بها، وسؤالنا لفضيلتكم هو: هل يعتبر طلاقي لزوجتي بائنا أم أن من حقي إعادة زوجتي إلى عصمتي، علما بأنني أريد زوجتي وهي بالمقابل تريد بقاءنا على زواجنا وقد كنت مكرهاً على المخارجة ولم يتحقق الشرط الذي اشترطه حتى تتم المخارجة، كما أن الخلاف بيني وبين عمي قد زال وطلب مني فتوى في ذلك، نرجو فتواكم بذلك أفيدونا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم طلاق المكره في الفتوى رقم: 6106، وذكرنا هناك الإكراه المعتبر شرعاً.
وعليه، فإن كان إكراه السائل من قبل عمه من نوع الإكراه الذي يرفع المؤاخذة وكان عمه قد أكرهه على الطلاق أو الخلع أو هما جميعاً فتصرفه من طلاق أو خلع لا أثر له، وله أن يرتجع زوجته في أي وقت زال عنه الإكراه.
أما إذا كان ما ذكره من إكراه العم على تطليق الزوجة أو على مخالعتها لا يصل إلى حد الإكراه المعتبر شرعاً، فالطلاق الواقع معه نافذ، وكذلك الخلع وإذا كان الطلاق وقع مرتين كما ذكر السائل ثم وقع الخلع، فقد بانت الزوجة بذلك بينونة كبرى على القول بأن الخلع طلاق، ولا تحل لزوجها إلا إذا تزوجت زوجاً غيره زواجاً صحيحاً ودخل بها وفارقها.
أما على القول بأن الخلع ليس طلاقاً، فتكون البينونة صغرى، ولا حرج في الزواج مرة ثانية، وللمزيد من الفائدة عن هذا الموضوع تراجع الفتوى رقم: 35310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1425(13/12636)
الفروق بين الطلاق والخلع والفسخ
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الطلاق والخلع والفسخ من حيث الآثار المترتبة على كل منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقال الشربيني في مغني المحتاج في تعريف الطلاق: هو لغة حل القيد والإطلاق، ومنه ناقة طالق أي مرسلة بلا قيد، وشرعا حل عقد النكاح بلفظ الطلاق ونحوه.
وقال في تعريف الخلع في مغني المحتاج: وهو -أي الخلع- في الشرع فرقة بين الزوجين بعوض مقصود راجع لجهة الزوج (بلفظ طلاق أو خلع) .
وفي الموسوعة الكويتية: الفسخ في اللغة: النقض والإزالة، وفي الاصطلاح: حل رابطة العقد، وبه تنهدم آثار العقد وأحكامه التي نشأت عنه، وبهذا يقارب الطلاق، إلا أنه يخالفه في أن الفسخ نقض للعقد المنشئ لهذه الآثار، أما الطلاق فلا ينقض العقد، ولكن ينهي آثاره فقط.
وجاء في الموسوعة أيضاً: الصلة بين الفسخ والطلاق: أن الفسخ مقارب للطلاق إلا أنه يخالفه في أن الفسخ نقض للعقد، أما الطلاق فلا ينقض العقد، ولكن ينهي آثاره فقط.
وعلى القول بأن الخلع طلاق بائن -أي غير رجعي- وليس فسخاً فيكون الفرق بينه وبين الطلاق الرجعي أن الرجل في الطلاق الرجعي أحق بزوجته، وأنها ترثه إن مات في العدة، وأنه إن طلقها لحقها الطلاق بخلاف المختلعة فليس زوجها أحق بها ولا يلحقها طلاق، ولا ترث منه إن مات في العدة إلى غير ذلك مما هو مذكور في المطولات وليس هذا موطن ذكرها.
ومن الفرق بين الطلاق والفسخ أن الفسخ، لو حدث قبل الدخول فلا مهر، ولو وقع الطلاق قبل الدخول فلها نصف المهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(13/12637)
الخلع حق لمن كرهت زوجها ونفرت منه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرف جيداً بأن سؤالي هذا سوف يحير جميع من سيقرأوه منكم، لأنه في الحقيقة الأمر وضع غريب جداً ورهيب قد خصني الله به سبحانه وتعالى، وأنا رجل أحفظ من القرآن سورة البقرة وآل عمران وأصلي في المسجد والحمد لله، ولا أزكي نفسي على الله أبداً، وبسم الله أبدأ: أنا رجل تزوجت من سنتين من زوجة قلبت حياتي جحيماً من يوم العرس، إذ أصرت على التصوير في القاعة المخصصة للحريم وقلت لها سوف تقومين بإثم عظيم فقالت لي مدعومة من قبل أهلها نرجوك أن تدعنا نفرح في هذه الليلة واضطررت أن أسكت عن هذا الخطأ الفادح من أجل أن نكف عن أنفسنا الفضائح وكلام الناس، المهم بعد الانتهاء من مراسم الحفل توجهنا إلى بيتنا الجديد وحاولت أن أفض غشاء بكارتها ولكن وكأن هناك حائلا بيني وبينها وفي الحقيقة عضوي الذكري ينتصب انتصاباً قوياً ولكن عندما اقترب منها لا يكون منتصباً ذاك الانتصاب الذي يخولني بأن أقحمه في فرجها، فقلنا ليست مشكلة فلنحاول غداً، المهم حاولنا مراراً وتكراراً ولمدة ستة أشهر، استطعت بعدها أن أفض غشاء بكارتها ولكن دون إيلاج كامل في فرجها وقلت لا حول ولا قوة إلا بالله ما هذا البلاء العظيم الذي ابتليت به والحمد لله على كل حال، عرضنا أنفسنا على بعض المتخصصين في علم الربط بين الأزواج وقمنا ببعض الأفعال مثل الاستحمام بماء مقروء عليه، بالإضافة إلى مسح الأعضاء التناسلية بزيت زيتون مقروء عليه ولكن دون فائدة، وأصبح هناك ضغوط على زوجتي من قبل أهلها بأن قالوا لها أتركيه وشكوني لوالدي الذي عرف بعد زواجي بأنني لا استطيع أن أجامعها بالرغم أني قلت لزوجتي لا تخبريهم فقالت لي لا بد من إخبار أهلي، وتفشى الموضوع بين أهلي وأهلها وكم كان هناك من الحرج الكبير علي، اتفقت مع زوجتي أن نجعل الأمر سراً بيني وبينها بأن نقول لهم أنه تم إيلاج كامل وفض الغشاء كاملاً لنبعد عنا أعينهم ونظراتهم المشفقة علينا وشر أهلها عني، مع العلم بأن زوجتي عنيدة ولا تطيعني في كثير من الأمور وحدث من المشاكل الشيء الكثير، فأصبحت تقول لي لو أن المعاشرة الجنسية بيننا طبيعية كنت لا تعمل مشاكل معي، وزوجتي في حقيقة الأمر عنيدة ومتفردة برأيها ولا تطيعني في كثير من الأمور وهذا أصلاً في شخصيتها ولكنها أصبحت تمارس هذه الورقة كضغط علي، فقلت لها يمكنك الذهاب إلى المحكمة ليقوموا بخلعك مني، ولكنها كانت في كل مرة ترفض الذهاب إلى المحكمة، فقلت لها لم لا نجرب طريقة قد نكون نحن السباقين فيها يمكن على مستوى العالم، هل تريدين أولاداً، فقالت هذا حلمي ولكن كيف سننجب وأنت لا تستطيع أن تدخل عضوك في فرجي؟؟ فقلت لها سأقوم بفرك عضوي على عضوك وعندما أحس بأنني سوف أقذف المني سأقوم بحشره في فرجك لعل الله يرزقنا، والحمد لله مباشرة وبعد أن قمنا بهذه الحركة وفي نفس الشهر رزق الله زوجتي حملاً والحمد لله رزقنا بولد جميل، مع العلم أنه في فترة الحمل كانت المشاكل لا تهدأ وحتى كتابتي لكم هذا الاستفسار، أخر التطورات بيني وبينها أنها أصبحت في كل مشكلة تحدث تقول لي إما أن تعاملني بالمعروف أو تطلقني لأنك تعمل المشاكل هذه لأنك غير مشبع جنسياً، وسوف أضطر أن أفشي سرنا، فقلت لها توكلي على الله وأفعلي ما شئت، والله أيها المتلقي لهذه الفتوى إني لا أقصر معها، وأخصص لها راتباً شهرياً بالرغم من أنها تعمل، ولا أجعلها تطبخ كثيراً فأقوم بشراء الأكل من المطعم، وأكرمها وأكرم أهلها، ولا أجعلها تساهم في مصروف البيت بالرغم من تقصيرها في واجبات البيت نتيجة عملها ولا أعاملها بقسوة وكلما أرادت أن تخرج سمحت لها بذلك، وأنا أقدر لها صبرها (المعاشرة الجنسية) ولكنها تذهب في تمادي يوماً بعد يوم، وآخر مشكلة بيني وبينها أنه حصل سوء فهم بينها وبين أختي فقالت والله لن أذهب إلى أهلك طالما أختك موجودة هناك وسوف أقوم بوصل أبيك وأمك عن طريق التليفون، فقلت لها والله العظيم لن أصالحك حتى تذهبي لأهلي وبوجود أختي (غير المتزوجة) فخاصمتها أسبوعين وجائتني بعدها تقول لي هل أنا رخيصة عندك لهذه الدرجة إذ تربط علاقتك بي بأن أذهب إلى أهلك بحضور أختك التي أخطأت في حقي ورجعت مرة أخرى تقول لو كان هناك لقاء جنسي بيني وبينك لما سمحت لنفسك أن تتركني أسبوعين دون أن تقرب مني، وأنا أخيرك الآن إما أن تسقط شرطك بالذهاب إلى أهلك بحضور أختك، وإما أن تسرحني بإحسان، قلت والله لن أسرحك، إذا أحببتي الفراق فأذهبي إلى المحكمة وخلصي نفسك مني، أما فأنا لن أطلقك أبداً أبداً، فما رأي سيادتكم في هذا الوضع بشكل عام وما هو رأي الشرع لو طلبت من المحكمة الخلع، هل ستقوم المحكمة بخلعها والحكم بأن تأخذ مؤخر الصداق وأكون أنا الخاسر الأكبر في زواجي هذا لأن المحكمة ستلزمني بالنفقة على ولدي حتى يكبر، وما هو رأيكم لو كان أحد إخواني المقيمين عند أبي وأمي قد سمعتهم زوجتي وقد استرقت السمع من خلف الحائط بأنهم يغلطون عليها، هل يحق لها أن لا تذهب إلى أبي وأمي بوجودهم، أنا أعرف بأنه يجب عليها أن تذهب لهم دون التعلل بإخواني ولكن وددت أن أسمع وأعرف رأي الشرع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكما أن الله تعالى أعطى الرجل الحق في الطلاق إذا كره المرأة واستحالت الحياة بينهما فكذلك أعطى المرأة الكارهة لزوجها والنافرة منه حق طلب الاختلاع والافتداء منه بمال تعرضه عليه، قال الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة:229] ، وفي الحديث أن امرأة ثابت بن قيس جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ما أنقم عليه من خلق ولا دين إلا أني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ فقالت: نعم، فردتها عليه فأمره ففارقها. وفي رواية قال له: أقبل الحديقة وطلقها تطليقة. رواه البخاري.
فطلب المرأة الخلع من زوجها -لاسيما والزوج غير قادر على أداء حقها في المعاشرة والجماع كما ذكر السائل- حق شرعي لها واستجابة الزوج لهذا الطلب أمر مطلوب شرعاً، وقد صرح العلماء باستحباب ذلك من الزوج، قال البهوتي في كشاف القناع: ويسن له إجابتها أي إجابة زوجته المخالعة لحديث امرأة ثابت بن قيس وقد تقدم، ولا يسقط شيء من الحقوق الزوجية بسبب الخلع ومن ذلك مؤخر الصداق إلا إذا افتدت به مقابل الخلع، وأما بشأن الذهاب إلى الأبوين لأن إحدى الأخوات غلطت عليها فاعلم أنه لا يلزمها ولا يجب عليها أن تذهب إلى أبويك وأن تسكن في بيت أبويك وإخوانك، بل لها الحق أن تطلب بيتاً وسكناً خاصاً بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1425(13/12638)
حكم مطالبة من طلبت الطلاق بالمهر وتكاليف العرس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 25 سنة تزوجت من فتاة ليست من عائلتي معرفة بعيدة تقريبا منذ 8 أشهر وهي حامل في شهرها الثالث وتطلب الطلاق لأنها لا تحبني وليست مرتاحة معي وبالعكس إني أحبها وهي الآن في بيت أهلها ولم ترجع منذ شهرين علما بأني لم أظلمها ولم أحرمها من شيء ولم أقصر في حقوقها الزوجية والله خير الشاهدين، عرفت بعد الزواج أنها كانت تحب شاباً آخر قبل الزواج ولكن أهلها زوجوها مني بعدم رضاها وإني لم أكن أعرف شيئاً عن ذلك قبل إلا بعد الزواج علما أني خطبتها وبعد سنة تزوجنا طوال فترة الخطوبة لا هي ولا أحد من أهلها بلغوني عن عدم رضاها بالزواج معي، علما بأنها وافقت أمام القاضي والشهود بالزواج عندما سألوها وتقول لي إن أهلي أجبروني على الزواج منك وإني لا أحبك، فهمتها أكثر من 50 مرة ولا تفهم! لماذا تريد الزوجة أن تضيّّّع عمرها وتفضح نفسها مع كل هذا إني أحبها بعد أن انتشر الخبر بين الجيران أن الفتاة لا تحب الزوج تريد الطلاق وهي حامل. لا فائدة والدتها وأهلها فهموها أن ترجع عندي ولكن هي لا تسمع كلام أحد!!! وإني متزوج حديثا أذهب لرويتها تقول لي لماذا جئت،، لا سمح الله في حالة ما إذا طلبت الطلاق هل عليها أن تدفع لي المهر ومصاريف تجهيزات العرس التي دفعتها.
فما قولكم في هذه الزوجة وماذا علي أن أفعل؟ جزاكم الله الخير وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصح به هذه الزوجة هو أن تصبر وتراجع نفسها، وتعود إلى زوجها لاسيما وقد حملت منه، فإن طلبها للطلاق قد يتسبب في ضياع الطفل، فإن أصرت على رأيها وطلبت الطلاق فلك مطالبتها بالمهر الذي دفعته لها أو بعضه حسب الاتفاق، أما سائر تكاليف العرس فلا حق لك في مطالبتها بها، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 8649، والفتوى رقم: 20199.
على أن المرأة لا يجوز لها طلب الطلاق لغير ضرر، ففي الحديث الصحيح: أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما، وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1425(13/12639)
لا تتعجل بخلع زوجتك قبل استنفاد كل الوسائل المتاحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج من سعودية وحصل خلاف بيني وبين أخيها سافرت إلى بلادها لكي تقضي رمضان والعيد مع أهلها فوجئت بأنها يوم الرجوع أن ولدها تعبان قات لها اكسبي رضاه واقعدي جانبه مر شهر بعد شهر فوجئت أن ابنها لم يكن مريضا وأنهم كلهم كذبوا علي وهي الحين رفعت عليه -والله- أعلم قضية خلع وأنا أحبها وأخاف الله وأنا متزوجها منذ 11 عاما ولي منها طفل 10 سنوات وأنا حتى الآن إخوتها الشباب يكذبون علي يقولون في المستشفى فأنا قمت إلى صلاة قضاء الحاجة والاستخارة وأخذ أمام عيني زوجة أخيها الذي في مصر وشقة ليهم في مصر فسافرت إلى القاهرة وجدت زوجة أخيها قالت لي إنهم كانوا هنا لا أعرف ماذا أفعل هل أطلقها أو أنتظر لما يجيني محضر بإعلان القضية مع العلم بأني أحبها وأريدها
وللعلم من حزني عليها جاءني ألم في رجلي الاثنتين ويدي كذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح حالكن وأن يصلح ما بينك وبين زوجتك، وأن يسهل أمرك، وأن يختار لنا ولكم ما فيه الخير، والذي ننصحك به هو ألا تتعجل بالطلاق، بل حاول إقناعهم بالعدول عن فكرة الخلع، فإن أبوا فحاول أن توسط لهم من يقنعهم بذلك، فإن أبوا فالأمر في الطلاق راجع إليك، وننصحك بأن تنتظر حتى ترى ما سيحكم به القاضي.
وقبل ذلك كله عليك باستخارة الله سبحانه وتعالى، ولو كنت قد استخرت حيث لا بأس في تكرار الاستخارة إذا لم يبن للشخص شيء في أمره، كما ننصحك باستشارة من تثق فيه من أهلك أو غيرهم ممن هم أدرى بحالك ووضعك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1425(13/12640)
هل يمكن للمختلعة الرجوع لزوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء إفادتي بالخلع وما يترتب عليه من أحكام خاصة بأني خلعت من زوجي وأنا نفساء بابنتي منذ 3 سنوات؟ وهل لي من رجعة؟ وكيف رغم انقطاع الاتصال بين الأهل وأنا نادمة وتائبة؟
أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالخلع هو: فراق الزوج امرأته بعوض يأخذه منها، وهو بينونة، بمعنى: أنه بمجرد حصوله لا يصح للرجل مراجعة زوجته إلا بعقد ومهر جديدين، ويجوز إيقاعه والزوجة حائض أو نفساء. وعلى المرأة العدة بوضع الحمل إن كانت حاملاً أو بثلاثة قروء إن كانت حائلاً، وهي ممن يحضن، فإن كانت لا تحيض لصغرٍ أو كبرٍ فعدتها ثلاثة أشهر، ولها الزواج بعد ذلك.
وعليه؛ فمادمت راغبة في نكاح زوجك الأول، فلا حرج عليك في عرض ذلك عليه عبر شخص موثوق أو رسالة ونحو ذلك، فإن وافق فليعقد لك وليك بحضور شاهدي عدل، وإن لم يوافق فاصبري حتى ييسر الله لك من ينكحك.
ولمزيد من الفائدة راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 3118، 8622، 11543.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(13/12641)
الخلع بين الطلاق البائن والفسخ
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
رجل طلق زوجته وأرجعها ثم تزوج بأخرى ثم طلق زوجته الأولى ثانية ثم أرجعها ثم اختلعت ويريد إرجاعها الآن هل يرجعها بعد العدة أم خلالها؟ بما أنه عليه أن يعقد عليها باعتبار أن الخلع فسخ هل يقضي معها ثلاثة أيام على التوالي أم يقضي معها يوماً يليه يوم عند ضرتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه المسألة تبنى على حقيقة الخلع، هل هو طلاق بائن أم فسخ؛ لأنه إن كان طلاقًا حُسِبَ طلقة ونقص من العدد، وإن عُدَّ فسخًا لم يحسب من العدد، والراجح الذي عليه جمهور الفقهاء الحنفية والمالكية وأحد قولي الشافعي ورواية عن أحمد أن الخلع طلاق بائن. والرواية الأخرى عن أحمد وعليها معتمد المذهب، وهي من مفردات المذهب كما نص عليه في الإنصاف أن الخلع فسخ، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية. قال تعالى: فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ [البقرة:229] .
وبناء على قول الجمهور من أن الخلع طلقة بائنة، يكون هذا الشخص قد استنفد عدد الطلقات، ولا تحل له المرأة إلا إذا نكحت زوجًا آخر وطلقها بعد الدخول بها، لقوله تعالى: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ [البقرة:230] .
أما إن قيل بأن الخلع فسخ فيجوز له أن يراجعها بعقد جديد سواء كان في أثناء العدة أو بعدها. قال البيجرمي الشافعي في تحفة الحبيب على شرح الخطيب: (وتملك المرأة) المختلعة (به نفسها) ، أي بضعها الذي استخلصته بالعوض، (ولا رجعة له عليها) في العدة لانقطاع سلطنته عليها بالبينونة المانعة من تسلطه على بضعها (إلا بنكاح) ، أي بعقد (جديد) عليها، بأركانه وشروطه المتقدم بيانها في موضعه. اهـ
ومن تزوج زوجة على زوجته التي تحته قضي له المبيت عندها ثلاث ليالٍ إذا كانت ثيباً، سواء كانت مطلقته هو أم مطلقة غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1424(13/12642)
هل يحتسب الخلع من عدد الطلقات
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يحسب الخلع من مرات الطلاق الثلاث؟ وكيف يرد الرجل زوجته بعد الخلع؟ وهل إذا عادت إليه تعود بثلاث طلقات جديدة؟ أم تعود بالطلقات الباقية لها من قبل؟ حيث إن هناك رجلاً طلق زوجته مرتين وردها خلال العدة ثم خلعته هي بعد ذلك فماذا عليهما إذا أرادا أن يتراجعا الآن؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في الخلع هل هو فسخ أو طلقة بائنة؟ والراجح أنه طلقة بائنة وتحسب من عدد الطلقات الثلاث، فإن كان الزوج قد طلق امرأته طلقتين قبله -كما هو الحال في السؤال- فإنها تبين منه بينونة كبرى ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، ولا يكون محللاً، ويكون زواجه بها بعقد مستوفٍ للشروط والأركان ومهر جديد.
وأما إذا لم يكن قد طلق امرأته قبل الخلع أو طلقها طلقة واحدة فله نكاحها بعقد ومهر جديدين، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
11543.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1424(13/12643)
حكم وطء الزوجة المختلعة
[السُّؤَالُ]
ـ[طلقت زوجتي طلاقا خلعا ثم جامعتها قبل أن أراجعها فهل هذا رجعة لها أم أنه (زنا) أفتوني؟ جزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم الخلع في الفتوى رقم:
7820.
وإذا علمت أن الخلع طلاق بائن لا رجعة فيه للزوج إلا بإذن ولي المرأة وعقد وصداق جديدين وشاهدين تبين لك أنما فعلته ذنب عظيم تجب عليك التوبة منه لوطئك امرأة لا تحل لك، وعليك ألا تطلع أحداً على شيء مما جرى، وأن تستتر بستر الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1423(13/12644)
هل يحق للزوج استرداد المهر حال طلب الزوجة الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عاقد على فتاة من البحرين ودخلت عليها وبعد أيام قالت أنا لا أريدك وصارت مشاجرات بيني وبينها وهي عندها علاقة بشاب بيني وبينها قضية تريد الطلاق وأنا أريد المهر كاملا فقلت لها تريدين الطلاق المهر أولاً وهي تطالب في بيت وأنا موفر لها البيت ولكن لا تريد فماذا تعتبر؟ وأنا عندي قضية في تاريخ 11/9/2002 وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت الزوجة كما ذكرت، فيجب نصحها وتذكيرها بالله تعالى، وبقبح ما تفعل، فإن أصرت على فعلها القبيح وعملها الشنيع من ربط العلاقة المحرمة وطلبها الطلاق فلك الحق أن ترد إليك ما أعطيتها من المهر، وانظر الفتوى رقم:
14025 والفتوى رقم: 8649.
وإن رضيت بالبقاء معك، ولم تقطع علاقاتها المحرمة، فإن نصيحتنا لك أن تطلقها فامرأة هذا وصفها لا خير لك فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1423(13/12645)
الخلع يتم بموافقة الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت من رجل مسلم في بريطانيا حيث أعيش وفقا للقانون البريطاني كذلك بموجب الشرع الإسلامي وقد حملت منه وأنجبت ولدا. غير أنني الآن أعيش في منزل أمي ولم أعد قادرة على العيش معه والولد في رعايتي وهو لا يعاشرني ولا يقوم بدفع أي نفقة لي ولا لولدي منذ أكثر من 7 أشهر وقد طلبت منه الطلاق مرات عدة ولكنه يرفض ذلك حيث تزوج علي امرأة أخرى ويشترط أن أعيد له الولد مقابل الطلاق الإسلامي. فهل يحق لي خلعه غيابيا؟ أفتوني جزاكم الله عني كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يمكن للزوجة أن تخلع زوجها إلا بموافقته ورضاه ولا يجوز للمسلم أن يتحاكم إلى القوانين الوضعية لا في مسائل الطلاق ولا في غيرها.
لكن إن كان عليك ضرر معتبر من معاشرة زوجك أو البقاء في عصمته ورفض الطلاق، فلك أن تعرضي أمرك على أقرب عالم مسلم أو جهة إسلامية موثوق بها للنظر في أسباب الخلاف بينكما، فإن قررت هذه الجهة وجود الأسباب الموجبة للطلاق فإنها تحكم به، وتحكم لمن تكون الحضانة، وعلى الزوجين أن يسلما لحكمها ويذعنا له، فإن أبى الزوج ولم يكن للجهة سلطان عليه فلا حرج على المرأة في أن تلجأ بعد مشاورة الجهة الإسلامية إلى القضاء الوضعي لإزالة الضرر عن نفسها بما لا يخالف الحكم الشرعي الذي أقرته الجهة الإسلامية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1423(13/12646)
متى يحق للمرأة طلب الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدمت زوجتي للمحكمة بطلب فسخ عقد النكاح بعد زواج دام 12 عاما ونتج عنه 4 أطفال ولم تستطع أن تثبت ما يطعن في ديني أو خلقي وقد خرجت من بيت الزوجية وتركت الأطفال منذ سنة وأنا لا أرغب في طلاقها لعدم وجود سبب يجعلها تترك البيت سوى رغبة والدتها بذلك طمعا في مرتبها السؤال: هل للقاضي أن يطلقها رغم رفضي وعدم حصوله على عيب ديني أو خلقي لدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكما أن الله تعالى أعطى الرجل الحقّ في الطلاق إذا كره المرأة واستحالت الحياة بينهما، فكذلك أعطى المرأة الكارهة لزوجها والنافرة منه حق طلب الاختلاع والافتداء منه بمال تعرضه عليه، لقول الله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) [البقرة:229] .
وفي الحديث: أن امرأة ثابت بن قيس جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، ما أنقم عليه من خلق ولا دين، إلا أني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتردين عليه حديقته؟ " فقالت: نعم، فردتها عليه، وأمره ففارقها.
وفي رواية، فقال له: "اقبل الحديقة وطلقها تطليقه" رواه البخاري.
يقول الإمام ابن قدامة: إن المرأة إذا كرهت زوجها لخُلقه أو خَلقه أو دينه أو كبره أو ضعفه أو نحو ذلك، وخشيت ألا تؤدي حق الله في طاعته جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها. المغني 7/51.
ويقول ابن كثير: إذا تشاقق الزوجان، ولم تقم المرأة بحقوق الرجل، وأبغضته، ولم تقدر على معاشرته، فلها أن تفتدي منه بما أعطاها، ولا حرج عليها في بذلها له، ولا حرج عليه في قبول ذلك منها. تفسير ابن كثير 1/272.
ونخلص إلى أن طلب المرأة الخلع من زوجها حق شرعي لها، وأن استجابة الزوج لهذا الطلب أمر مطلوب شرعاً إذا رأى منها الصدق في طلب ذلك، وأن لها عذراً شرعياً، لأن طلبها في هذه الحالة دليل على كراهيتها له، وقد صرّح العلماء باستحباب ذلك من الزوج، فقال البهوتي في كشاف القناع 3/1206: ويسن له إجابتها أي إجابة طلب زوجته المخالعة، لحديث امرأة ثابت بن قيس.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1423(13/12647)
الخلع بينونة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الخلع يعتبر طلاقا لأن أخي قال لزوجته خالعتك مقابل التنازل عن المتأخر فقبلت والآن زال الخلاف فهل تعود لي بعقد أم بلا عقد؟ وشكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تعود هذه المرأة لزوجها إلا بعقد ومهر جديدين وبولي لأن الخلع بينونة وما تم يعد خلعاً نافذا، وراجع الفتوى رقم: 19097
والفتوى رقم: 7820.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(13/12648)
شروط رجوع الزوجة المختلعة إلى حظيرة الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم رجوع الزوجة إلى زوجها بعدما ما طلبت الخلع..ومن دون علم أهلها هل هو جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الخلع يعتبر بينونة فلا يجوز بعده رجوع المرأة إلى زوجها إلا بعقد جديد بشروط النكاح المعلومة، ومنها: وجود الولي والشاهدين. هذا إذا وقع الخلع بالفعل. أما مجرد طلبه فلا أثر له، ولا يحق للأهل التدخل في عصمة المرأة ولا منعها من زوجها، قبل وقوع الخلع أو البينونة بغيره -أما بعد البينونة- فلا يجوز رجوع المرأة بدون علم الولي وإذنه، إلا أن يكون عاضلاً فلها حينئذ أن تذهب إلى القاضي ليزوجها؛ وإن لم يرض الولي، وراجع الفتوى رقم:
7820
هذا إذا لم يسبق الخلع ما يجعل البينونة كبرى كطلقتين، وهل الخلع محسوب من الثلاث أو هو فسخ غير محسوب؟ فيه خلاف بين العلماء راجعه في الفتوى رقم: 11543
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1423(13/12649)
الأحكام المترتبة على الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل خلع المرأة حلال وهل بمجرد الخلع تسقط حقوق الزوج عليها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالخلع إن كان لسبب يقتضيه فهو جائز، وقد وردت أحاديث في الترهيب من الخلع، كقوله صلى الله عليه وسلم: "المختلعات هن المنافقات" رواه الترمذي وغيره، وقد حمله أهل العلم على ما إذا طلبت المرأة ذلك من غير سبب، وإذا حدث الخلع فإن المرأة تمتلك نفسها به، وقد سمى الله عز وجل ذلك افتداء بقوله سبحانه: (فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به) [البقرة:229] ولم يبق عليها غير العدة، ويسقط ما لها على الزوج وما للزوج عليها، وليس للزوج أن يرتجعها إلا بنكاح جديد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1422(13/12650)
الخلع ... فسخ أم طلاق؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل طلاق الخلع يعتبر طلقة من الثلاث طلقات؟
لفظت لفظ خلعتك يازوجتي أمام القاضي بالمحكمة ثم تزوجتها عرفي وطلقتها مرتين هل يعتبر طلاق الخلع + الطلقتين ثلاث طلقات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختُلف في الخلع هل هو فسخ أو طلاق؟ فمذهب الجمهور أنه طلاق يحسب من الطلقات الثلاث، وقيل: هو مجرد فسخ وليس بطلاق فلا يحسب من الطلقات الثلاث، وهذا الأخير هو مذهب عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعثمان وطاووس، وهو إحدى الروايتين عند الحنابلة، ورجحها شيخ الإسلام، وابن القيم، والشوكاني، وغيرهم، قال ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد: (ولا يصح عن صحابي أنه طلاق ألبتة، فروى أحمد عن يحي بن سعيد عن سفيان عن عمر وعن طاووس عن ابن عباس رضي الله عنهم أنه قال: الخلع تفريق وليس بطلاق، وذكر عبد الرزاق عن سفيان عن عمر وعن طاووس أن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص سأله عن رجل طلق امرأته تطليقتين ثم اختلعت منه أينكحها؟ قال ابن عباس: نعم، ذكر الله الطلاق في أول الآية وآخرها، والخلع بين ذلك) ا. هـ
وعلى المذهب الأول فلا تجوز لك مراجعة زوجتك، بينما تجوز لك مراجعتها في المذهب الثاني، ويبقى لك عليها طلقة واحدة، فإذا طلقتها بانت منك بينونة كبرى، فلا يحل لك نكاحها حتى تنكح زوجاً غيرك، والزواج العرفي صحيح إذا تم بولي ومهر وشاهدي عدل ولم يكن إلى أجل محدد، وراجع الجواب رقم: 5962
وننصحك في مسألة الارتجاع بالرجوع إلى المحاكم الشرعية في البلد الذي أنت فيه، لأن الخلاف في المسألة خلاف قوي وقديم، والجزم بالراجح يحتاج إلى إحاطة شاملة بملابسات ما جرى بينك وبين زوجتك، وهل قصدت بلفظ الخلع الطلاق؟ أم قصدت مجرد الفسخ؟ إلى غير ذلك مما لا يتأتى الاطلاع عليه حقيقته إلا بجمع الطرفين والاستماع منهما، وممن هو ذو صلة بهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1422(13/12651)
[السُّؤَالُ]
ـ[]ـ
[الفَتْوَى]
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1422(13/12652)
يحق للزوجة طلب التفريق بينها وبين زوجها المعاقر للخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قدمت دليلا (الشهود) على أن زوجي يشرب الخمور. هل أحصل على حكم تفريق بيني وبينه.
وهل لي حقوق؟
وإذا دعاني زوجي لبيت الطاعة ورفضت تلبية الحكم هل أكون ناشزا (ليس لي حقوق) وهل أكون ملزمة بدفع تعويض لزوجي بدل مصاريف الزواج إذا هو طالبني بذلك في المحكمة؟ ومتى أطلق منه تلقائيا بعد اعتباري ناشزا؟ أم أبقى معلقة؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان زوجك يشرب الخمر ولم ينفع فيه النصح، فلك أن ترفعي أمرك إلى المحاكم الشرعية لتفرق بينكما وتزيل عنك الضرر الذي يلحقك منه، والمترتب على بقائك في عصمته، إن رأت أنه لن يقلع عن شرب الخمر ولن يتركه، وذلك عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا ضرر ولا ضرار".
ولما تقتضيه القواعد الشرعية من أن الضرر يزال.
ولن تطالبك المحاكم الشرعية بدفع تعويض للزوج، لأن الفرقة جاءت من جهته وبسببه، فسقط حقه بالمطالبة بتعويض. واعلمي أن الطلاق لن يحصل تلقائياً، وإنما يحصل بعد ما تثبتين التضرر وتحكم المحاكم بالتفريق بينكما.
ثم أنت قبل ذلك تعتبرين زوجة للرجل تجب عليك طاعته فيما تجب فيه الطاعة من أمور الفراش وغيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1422(13/12653)
الخلع يعتبر طلاقا بائنا
[السُّؤَالُ]
ـ[المرأة المختلعة من زوجها.. ما حكم الشرع في رجوعها لزوجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة إذا بذلت مالاً لزوجها لتملك عصمتها، فحصلت الفرقة وجرت بلفظ الخلع أو ما يدل عليه، فلا يجوز رجوعها لزوجها إلا بعقد جديد على الراجح. وقد اختلف الفقهاء في الخلع: هل هو فسخ أو طلاق؟ والراجح الذي عليه أكثر أتباع المذاهب الأربعة: أنه طلاق بائن، واستدلوا بقوله تعالى (فيما افتدت به) [البقرة: 229] أي فيما فدت به نفسها من نكاحها بمالها، وإنما يحصل الفداء إذا خرجت عن ملكه وسلطانه، وبأن المقصود من الخلع ودفع المرأة العوض للزوج هو: إزالة الضرر عنها، فلو جاز له أن يراجعها بعد الاتفاق وأخذ العوض والفرقة لعاد إليها الضرر، ولما كان هناك أثر لعقد الخلع، ولانتفت إرادة المرأة فيه.
والعلم عند الله تعالى
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1422(13/12654)
الإضرار بالزوجة وإيذاؤها لتفتدي نفسها بمهرها ظلم لايجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريبة تزوجت مكرهة من ابن عمتها منذ أربعة أشهر ولكن هذا الزوج لم يقدر هذه الزوجة ولا أهلها حيث إنه ومنذ الأيام الأولى لزواجهما تفنن في إهانتها وضربها ومطالبته لها بعدم زيارة أهلها وأقاربها وهو لا يفعل أي شئ إلا برأي والدته المهم أن هذه الزوجة تريد الطلاق منه وهو يطالب بالصداق الذي دفعه كاملا وقدره أربعون ألف ريال مع العلم أنه هو الذي كرهها في نفسه أفتونا مأجورين هل من حقه هذا الصداق أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للرجل أن يضر بزوجته ويضيق عليها ليأخذ منها ما أعطاها مهراً، قال: سبحانه (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن) [النساء:19] قال ابن المنذر "وأجمعوا على تحظير أخذ مالها إلا أن يكون النشوز وفساد العشرة من قِبَلِها" ويلزمه إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. فالحاصل أنه لا يجوز للرجل أن يأخذ من زوجته فدية على طلاقها إلا إذا كان النشوز من قبلها هي، ولم يصدر منه أي ضرر، أو أحبت فراقه هي بدون نشوز، فإنه يحل له أن يأخذ منها ما تفتدي نفسها به، والأولى ألا يجاوز ما دفع لها في الصداق، كما اقترح النبي صلى الله عليه وسلم على ثابت بن قيس، كما أنه داخل في عموم قوله سبحانه: (.. أو تسريح بإحسان) . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1421(13/12655)
لا ينبغي للزوج رفض طلب الزوجة الخلع عند تحقق الضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو تعريف الخلع شرعاًوهل يشترط موافقة الزوج وحال رفض الزوج ماهو الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم تعريف الخلع وبيان بعض أحكامه برقم: 3875 ورقم: 3118 وأما بخصوص الشق الثاني من السؤال فإنه يستحب للزوج إجابة زوجته إذا طلبت أن تختلع منه خاصة عند استحالة استمرار العيش بينهما. وفي حالة رفض الزوج فإن للزوجة أن ترفع أمرها إلى المحاكم الشرعية أو القضاة في بلدها والقاضي يحكم بينهما بما يراه مناسباً مما يوافق شرع الله من إلزامها البقاء معه أو الحكم عليه بمفارقته لها بعوض أو بدونه. هذا ومما يجب التنبه له أن المرأة لا يحق لها شرعاً أن تطلب من زوجها أن يفارقها إلا إذا كانت تتضرر بالبقاء معه تضرراً شديداً وإذا فعلت ذلك فقد ظلمت نفسها وعرضتها لعذاب الله. وقد أخرج أحمد وأصحاب السنن وغيره عن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة" روى ابن ماجه من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تسأل المرأة زوجها الطلاق في غير كنهه فتجد ريح الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً" ومعنى _في غير كنهه - من غير الوقت الذي يصيبها فيه من الأذى ما تعذر فيه بطلب الطلاق. والعلم عند الله.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/12656)
لا يجوز للمطلقة أن تطالب زوجها بحقوق أسقطتها مقابل الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله السلام عليكم اختلعت ابنتي من زوجهامضطرة للتخلص من زوج يسيء عشرتها ويعاني من اضطراب في الشخصية واضطررت للتنازل عن كل حقوقها بل بعض حقوق ابنتها ذات السنتين كشقة الحضانة وهو يدفع نفقة زهيدة جدا جدا لا تكفي احتياجاتها والسؤال هل يجوز شرعا اللجوء الى محكمة الأحوال الشخصية لانتزاع حقوق ابنتي وحفيدتي علما بأن المحاكم الوضعية في بلدي تحكم بما يوافق الشريعة الإسلاميةغالبا؟ جزاكم الله خيراً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فالخلع هو فراق الزوج امرأته بعوض يأخذه الزوج من امرأته أو غيرها بألفاظ مخصوصة، وفائدته تخليص المرأة من زوجها على وجه لا رجعة له عليها إلا برضاها وعقد جديد، وهو جائز بالكتاب والسنة والإجماع - قال تعالى: (فإن خفتم ألاّ يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به) . [البقرة: 229] . وقصة ثابت بن قيس في اختلاع امرأته منه ثابتة - رواها البخاري وغيره وأجمعت الأمة على ذلك. وتجري في الخلع الأحكام الخمسة فيكره الخلع في حالة استقامة الزوجين وعدم وجود خلاف بينهما، ويحرم ولا يصح إن عضلها وضارها بالتضييق عليها أو منع حقوقها وغير ذلك لتفتدي نفسها - قال تعالى: (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن) . [النساء: 19] . ويباح لها الخلع إن كرهت الزوجة خلق زوجها أو خافت إثماً يلحقها بترك حقه فإن كان يحبها فيسن صبرها عليه وعدم فراقها. والخلع على هذا النحو حق للمرأة المبغضة التي لا تستطيع العيش مع زوجها، وهو من تمام الرحمة ومن كمال الشريعة السمحة. وإذا تراضيا على عوض معلوم تدفعه المرأة للزوج أو كانت قد تنازلت عن نفقة تلزم الزوج بالطلاق كنفقة البنت أو المتعة جاز ذلك وصار ملزما وإن كان يستحب ألا يأخذ الزوج أكثر مما أعطاها. وإذا علمت هذا فاعلم أن لجوءك إلى المحاكم لأخذ حق اتفقت ابنتك مع الزوج على إسقاطه مقابل الخلع لا يجوز لأن طلاقه لها كان في مقابل تلك الحقوق، وإن كانت زائدة عما دفعه لها، فعلى كل لا يجوز أخذه بحال. ومما يزيد الأمور سوءاً كون هذه المحاكم وضعية فالتحاكم إليها اختياراً لا يجوز شرعاً ولو وافق حكمها حكم الشرع في بعض الجوانب. هذا والله نسأل أن يعوض ابنتك خيراً في الدنيا والآخرة، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/12657)
الحكم الفصل للمحاكم الشرعية في موضوع الخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تستحق الزوجة التي غادرت إلى بلدها بهدف الإجازة ولم تعد بعدها وطلبت الطلاق بدون أي سبب ظاهر علما بأنه قد تم طلب فتح التحكيم للوقوف على سبب طلب الطلاق إلا أن أهلها قد أصروا على الطلاق وكل ذلك بدون أي عذر شرعي أو غيره رجاء الإفادة أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم أما بعد: هذا الفعل الذي ارتكبته هذه المرأة محرم شرعاً وتعتبر خائنة لزوجها خاصة إذا لم يكن هناك سبب تطلب من خلاله الطلاق وهي واقعة بهذا التصرف في محذور عظيم فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة" [رواه الترمذي وأبو داود] . من حديث ثوبان رضى الله عنه وقال الترمذي حديث حسن. فإذا كان هناك سبب خفي فنأمل أن تبحث عن هذا السبب وتحاول معالجته بالحسنى وننصحك بالتريث في الطلاق وترسل محكمين يصلحون بينكما. فلعلها تأثرت نفسيتها ببعدها عن أهلها أو بمكثها مدة في الغربة، والله نسأل أن يوفق بينكما وأن يصلح أموركما إنه ولي ذلك والقادر عليه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/12658)
العزم على ترك الوطء هل يعد إيلاء وهل يشترط سماع الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم الإجابة على كل سؤال على حدة.
السؤال الأول: إذا عزم الإنسان على أن لا يجامع زوجته لمدة سنة، ولكنه لم ينطق بذلك، وإنما نوى في قلبه بعد أن غضبها، فهل تطلق منه بعد أربعة أشهر؟ أم أن الإيلاء لا يقع إلا بالتلفظ، ولا يقع بالنية من غير التلفظ؟ .
السؤال الثاني: إذا تلفظ الإنسان بالإيلاء، ولكن ليس أمام الزوجة، وإنما في غرفة ثانية في الشقة، بحيث لم تسمع الزوجة الإيلاء بعد أن غضب منها، فهل يقع الإيلاء؟ أم لا بد من وجود الزوجة أمامه، بحيث تسمعه وهو يتلفظ بالإيلاء؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعزمُ الزوج على عدم وطء زوجته ليس بإيلاء عند جمهور أهل العلم خلافا للمالكية القائلين بكونه إيلاء إذا قصد الزوج الإضرار بها وهي رواية عند الحنابلة، قال ابن رشد في بداية المجتهد: وأما لحوق حكم الإيلاء للزوج إذا ترك الوطء بغير يمين، فإن الجمهور على أنه لا يلزمه حكم الإيلاء بغير يمين، ومالك يلزمه ذلك إذا قصد الإضرار بترك الوطء، وإن لم يحلف على ذلك، فالجمهور اعتمدوا الظاهر، ومالك اعتمد المعنى، لأن الحكم إنما لزمه باعتقاده ترك الوطء، وسواء شد ذلك الاعتقاد بيمين أو بغير يمين، لأن الضرر يوجد في الحالتين جميعا. انتهى.
وإذا عزم الزوج على عدم الوطء لعذر كمرض مثلا لم يضرب له أجل الإيلاء، وإن كان لغير عذر فعلى رواية لبعض أهل العلم يضرب له أجل الإيلاء، فإن مضت له أربعة أشهر أمر بالطلاق أو الوطء، قال ابن قدامة في المغني: فإن ترك الوطء بغير يمين لم يكن موليا، لأن الإيلاء الحلف، ولكن إن ترك ذلك لعذر من مرض أو غيبة ونحوه لم تضرب له مدة, وإن تركه مضرا بها, فهل تضرب له مدة؟ على روايتين: إحداهما: تضرب له مدة أربعة أشهر, فإن وطئها, وإلا دعي بعدها إلى الوطء, فإن امتنع منه أمر بالطلاق, كما يفعل في الإيلاء سواء، لأنه أضر بها بترك الوطء في مدة الإيلاء فيلزم حكمه, كما لو حلف. انتهى.
وحتى على تقدير حلف الزوج، فإن الزوجة لا تطلق بمجرد انتهاء المدة عند الجمهور، وإنما يكون للزوجة الحق في الرفع إلى القاضي، فيأمر الزوج بالطلاق أو يطلقها القاضي إن امتنع الزوج، وذهب الحنفية إلى أن الطلاق يحصل بمجرد انتهاء المدة.
ويمين الإيلاء ينعقد بمجرد التلفظ به ولا يشترط فى وقوعه سماع الزوجة ولا حضورها، ولكن الزوجة إذا لم ترفع زوجها إلى القضاء حتى انتهت المدة التي حلف على ترك الوطء فيها، فإن إيلاءه ينحل ولا تلزمه كفارة إذا لم يكن وطئ في المدة التي حلف عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/12659)
أقسم ألا يقرب زوجته وقال لها لم تعودي تلزميني
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من وسواس قهري حاد منذ أكثر من عشر سنوات، وبسببه ساءت علاقتي بكثير ممن حولي، وخاصةً زوجتي، فبالأمس ـ وخلال مشادة بيني وبينها ـ بادلتني خلالها الكلمة بالكلمة، ورفع الصوت برفع الصوت وكلما طلبت منها أن تصمت لا تفعل فضربتها وحلفت عليها قائلاً: والله العظيم ما أنا جاي ناحيتك ثاني ومعنتيش تلزمينى، خلاص كده ملناش عيش مع بعض ـ وكررت هذا اليمين أكثر من مرة، والله وحده يعلم ما أنا فيه، وما كنت عليه بالأمس.
والسؤال الأول هو: هل يعد ذلك اليمين ظهاراً أم لا؟ وإن لم يكن ظهارا، فما هو؟ وما حكمه؟.
أما السؤال الثاني فهو: هل كثرة التثاؤب وتدميع العينين المستمر كلما قرأت آية من القرآن يحمل دلالة لشيء؟.
أفيدونا أفادكم الله وجعلكم عوناً لكل مبتلى ولكل مكروب وأظهر الحق على أيديكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحلفك على عدم الاقتراب من زوجتك الظاهر أنه إيلاء، فلك أن ترجع عنه وتكفّر كفارة يمين، ولك أن تبقى على اليمين مدة أربعة أشهر، فإذا انقضت أربعة أشهر وجب عليك أحد أمرين: إما أن ترجع وتكفر عن يمينك وإما أن تطلق عليك زوجتك إذا أرادت ذلك، وانظر الفتوى رقم: 95983.
وأمّا قولك لزوجتك: - ماعدتيش تلزميني، خلاص كده مالناش عيش مع بعض ـ فهذه كنايات طلاق أي ألفاظ تحتمل الطلاق ولا يقع بها الطلاق، إلا بالنية، فإذا كنت قد قصدت الطلاق فقد وقع ما قصدته ما دمت تلفظت به مدركاً لما تقول غير مغلوب على عقلك، وإن كنت لم تقصد الطلاق لم يقع شيء.
وأمّا عن دلالة التثاؤب وتدميع العينين عند سماع القرآن، فلا نستطيع القطع بشئ في ذلك، لكن ننصحك بالمحافظة على الأذكار المسنونة والرقى المشروعة، ولمزيد من الفائدة يمكنك التواصل مع قسم الاستشارات بالشبكة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/12660)
حكم حلف الزوج أن لا يمس زوجته حتى تنتهي هذه السنة الميلادية
[السُّؤَالُ]
ـ[تخاصمت مع زوجتي وقلت لها بأنني: أشهد الله أني لن أمسها أو أدخل غرفتها إلى أن تنتهي هذه السنة 2008 أي ما يقارب الستة أشهر.
هل توجد كفارة لهذا اليمين؟
علما أنها دائما ما تضطرني إلى حلف أيمان كثيرة اعتيادية أكفر عنها في حينها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من الحلف على عدم مس الزوجة ودخول غرفتها إن كنت قصدت به عدم وطئها خلال المدة المذكورة فهو إيلاء، قال ابن الهمام في فتح القدير مبينا ما يكنى به في الإيلاء: الكناية نحو: لا أمسك، لا آتيك، لا أغشاك، لا ألمسك. . إلخ وكذا ذكر السيوطي في الأشباه والنظائر.
وحكم الإيلاء قد تقدم في الفتوى رقم: 32116، وإن كنت قصدت به غير الوطء فهي يمين عادية. وعلى كلا الاحتمالين فلك أن تكفر عن يمينك وتأتي زوجتك وذلك خير لك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها، فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير. رواه مسلم وغيره.
وكفارة اليمين هي المذكورة في قول الله تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة: 89} .
وللفائدة انظر الفتوى رقم: 30726.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1429(13/12661)
الحلف على ترك وطء الزوجة أقل من أربعة أشهر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: تشاجرت أنا وزوجي فأقسم على كتاب الله ألا يجامعني قبل شهرين، فهل لليمين كفارة أم لا بد أن تمر المدة دون جماع؟ وبارك الله فيكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب أكثر أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة إلى أن حلف الزوج بالامتناع عن الوطء في مدة أقل من أربعة أشهر لا تعد إيلاء، قال ابن قدامة في المغني في تعداده لشروط الإيلاء: فعلى الشرط الثاني أن يحلف على ترك الوطء أكثر من أربعة أشهر، وهذا قول ابن عباس وطاووس وسعيد بن جبير ومالك والأوزاعي والشافعي وأبي ثور، وقال عطاء والثوري وأصحاب الرأي: إذا حلف على أربعة أشهر فما زاد، كان موليا. اهـ.
وعلى هذا، فنقول لهذه الأخت: إن كنت لا تصبرين على إتمام هذه المدة، فالواجب على زوجك المبادرة إلى تلبية رغبتك في الإعفاف ثم يكفر عن يمينه وإن لم تكن لديك رغبة في هذه الفترة المذكورة فهو مخير بين أحد أمرين: إتمام المدة إبرارا لقسمه، أوقطعها بالوطء والتكفير عن يمينه، وهذا الأخير أحسن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم: إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها. متفق عليه واللفظ للبخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1424(13/12662)
حكم من حلف على أن لا يعاشر زوجته شهرا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
أرجو أن تبعثوا لي الإجابة على: ما الحكم في حلف الرجل على عدم معاشرته لامرأته لمدة شهر في أقرب وقت؟ لأني في حيرة من أمري.
السلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من حلف على ترك معاشرة زوجته مدةً أقل من أربعة أشهر كحال السائل، فهو بالخيار: إما أن يبرّ بقسمه، فلا يجامعها حتى تنتهي المدة، وفي هذه الحالة لا شيء عليه، وخصوصًا إن كان حلف بقصد التأديب لنشوزها مثلاً. وإما أن يجامعها قبل انتهاء المدة، وفي هذه الحالة تجب عليه كفارة اليمين، وهي على التخيير: إطعام عشرة مساكين، أو كسوة عشرة مساكين، أو تحرير رقبة. فمن لم يقدر على واحدة منها فإنه يصوم ثلاثة أيام؛ لقوله تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ [المائدة:89] .
أما من حلف على ترك معاشرة زوجته أربعة أشهر أو أكثر فهو مولٍ. وتراجع الفتوى رقم:
32116 لمعرفة أحكام الإيلاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1424(13/12663)
أحكام تتعلق فيمن حلف بالطلاق أن لا يطأ زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حلفت بالطلاق بنية الطلاق بأن لا أجامع زوجتي فهل يجوز أن آتيها في غير الفرج يعني بقية جسمها إلا الإتيان في الدبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من حلف على ترك جماع زوجته فلا يحنث بغير الجماع من المقدمات من نحو قبلة ومباشرة في غير فرج، إذ لا يصدق على شيء من ذلك أنه جماع.. لا لغة ولا شرعاً.
لكن هل يعتبر من حلف بالطلاق على ترك جماع زوجته أكثر من أربعة أشهر مُوُلِياً أم لا؟
والجواب: أن الذي عليه جمهور أهل العلم أنه مولٍ. قال ابن عبد البر: وكل يمين لا يقدر صاحبها على جماع امرأته من أجلها إلا بأن يحنث فهو بها مولٍ.
وعليه، فإذا لم ترض زوجته بترك حقها في الجماع ورفعته إلى القاضي وضرب له مدة الإيلاء -أربعة أشهر- فليس أمامه إلا واحد من خيارين:
فإما أن يجامعها في المدة ويقع الطلاق المعلق بمجرد مغيب الحشفة، وعليه أن ينوي ارتجاعها بباقي المجامعة حتى لا يكون مستمتعاً بمطلقة قبل ارتجاعها، وإما أن يستمر ممتنعاً من وطئها حتى ينقضي الأجل المضروب فتطلق عليه بمقتضى الإيلاء.
وهذا إذا كان الطلاق المعلق هو الطلاق الأول أو الثاني.
أما إذا كان هو الثالث فالصحيح أنه يعجل عليه الطلاق إذ لا فائدة في ضرب الأجل، ولا يمكَّن من وطئها حينئذ لأنها بمجرده تبين منه بينونة كبرى، وهذا كله إذا لم ترض الزوجة بسقوط حقها في الجماع.
أما إذا أسقطت حقها له في الجماع، ورضيت بالبقاء مع زوجها دون جماع فلا تطلق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1423(13/12664)
معنى الإيلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الإيلاء؟
جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإيلاء لغة: الحلف، ومنه قوله تعالى: وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى ... [النور:22] .
وشرعاً: عرفه حبر هذه الأمة عبد الله بن عباس كما في فتح القدير للشوكاني بقوله: هو الرجل يحلف لامرأته بالله أن لا ينكحها، فتتربص أربعة أشهر، فإن هو نكحها كفرّ عن يمينه، فإن مضت أربعة أشهر قبل أن ينكحها خيره السلطان: إما أن يفيء، وإما أن يعزم فيطلق، كما قال الله سبحانه وتعالى: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ [البقرة:226-227] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1424(13/12665)
مذاهب الفقهاء فيما إذا ترك الزوج الوطء دون يمين
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعمل بالخارج فوجئت بعد زواج دام 22 سنة وأسفر عن أربع أبناء وقبل سفره للعمل بالخارج أعلن هجره بالفراش وبعد مضي أربعة أشهر وتحملي المعاملة القاسية الجافية في القرب والبعد أعلمته أنه مضى أربعة أشهر فعليه أن يفيء أو يطلق وساويت بين إعلانه الهجر في الفراش والمعاملة الجافية حتى في البعد وبين الإيلاء وأرقني أنه كان في إجازه ولم يبال والتحق بعمل آخر بدولة أخرى بصفة تجريبية ولم يعد لبيته أو لبلده وإجمال مدة غيابه عن بلده وهجرانه لي 8 أشهر ويؤرقني في هذا الأمر رأى الإمام مالك في أن الطلاق قد وقع إذ أعلم بعد أربع أشهر مع مخالفته للجمهور في ذلك أفيدونا أفادكم الله في حكم الشرع في هذا هل وقع الطلاق أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء فيما إذا ترك الزوج الوطء دون يمين، فذهب بعضهم إلى أنه يلحقه حكم الإيلاء، وبعضهم لم ير ذلك.
جاء في بداية المجتهد لابن رشد: وأما لحوق حكم الإيلاء للزوج إذا ترك الوطء بغير يمين فإن الجمهور على أنه لا يلزمه حكم الإيلاء بغير يمين، ومالك يلزمه وذلك إذا قصد الإضرار بترك الوطء وإن لم يحلف على ذلك. فالجمهور اعتمدوا الظاهر ومالك اعتمد المعنى لأن الحكم إنما لزمه باعتقاده ترك الوطء، وسواء شد ذلك الاعتقاد بيمين أو بغير يمين لأن الضرر يوجد في الحالتين جميعا.
والذي يظهر -والعلم عند الله- هو رجحان مذهب الجمهور فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: لا إيلاء إلا بحلف. وقال عطاء: الإيلاء لا يكون إلا بالحلف على الجماع. وعن أبي حرة قال: سألت الحسن عن رجل هجر امرأته سبعة أشهر؟ قال: قد أطال الهجر. قلت: يدخل عليه الإيلاء؟ قال: حلف؟ قلت: لا، قال: لا إيلاء إلا أن يحلف.
وبناء على ذلك فإنه لم يكن هناك إيلاء من زوجك, وعقد النكاح بينكما قائم، ولكن من حقوقك عليه أن تطالبيه بحقك في الفراش، فإن أجاب لذلك وإلا كان من حقك أن تطلبي منه الطلاق، فإن أبى فارفعي أمرك للقضاء ليقضي بتطليقك منه إن كنت ترغبين في الطلاق.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 27852.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1429(13/12666)
ما يلزم من حلف ألا يقرب زوجته وكرر الحلف
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل حلف بأن لا يقرب زوجته قائلا والله لا أقربك والله لا أقربك، فماذا يفعل إذا أراد أن يقرب زوجته، هل عليه كفارة وما هي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قاله الرجل المذكور لا يخلو من أن يكون صيغة صريحة في الإيلاء، أو كناية مقصوداً بها الامتناع عن الجماع كما يظهر من سياق السؤال، وبالتالي فقد صدر منه يمين إيلاء، وعليه فلا يجوز له الامتناع من جماعة زوجته بعد مضي مدة التربص وهي أربعة أشهر كما قال الله سبحانه وتعالى: لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {البقرة:226} ، فإذا انقضت هذه المدة وجب عليه أحد أمرين إما الرجوع عن اليمين أو الطلاق، فإذا أراد الرجوع لمعاشرة زوجته فليخرج كفارة يمين، وهذه الكفارة سبق بيانها في الفتوى رقم: 2053، والحكم كذلك لو أراد أن يجامعها قبل مضي المدة، وتكرار لفظ اليمين إذا أراد به التأكيد تكفى فيه كفارة واحدة، ففي الموسوعة الفقهية الكويتية: تكرر الإيلاء في المجلس الواحد: الحنفية على أنه لو كرر يمين الإيلاء في مجلس واحد، ونوى التأكيد فإنه يكون إيلاء واحداً ويميناً واحدة، حتى لو لم يقربها في المدة طلقت طلقة واحدة، وإن قربها فيها لزمته كفارة واحدة، وإن لم ينو التأكيد، أو أطلق، فاليمين واحدة، والإيلاء ثلاث. وعند الشافعية لا يتكرر الإيلاء إن نوى التأكيد. وسواء أكان ذلك في مجلس واحد، أم في مجالس، فإن أطلق فاليمين واحدة إن اتحد المجلس، ولم يتكلم الحنابلة عن اتحاد المجلس في الإيلاء. ولم أقف على نص للمالكية في تكرار الإيلاء، غير أنهم يعتبرونه يميناً والكفارة عندهم لا تتكرر بتكرر اليمين ما لم ينو التكرار. انتهى. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 30726، والفتوى رقم: 32116.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(13/12667)
من حلف أن لا يطأ زوجته حتى تصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[في الأيام الأخيرة اكتشفت أن زوجتي تتهاون في أداء الصلوات في أوقاتها فنصحتها مراراً وتارة أعظها وأذكرها بالله تعالى دون جدوى، فحلفت ألا أجامعها حتى تعود للالتزام بالصلاة، هل هذا اليمين يعتبر لعانا، وماذا علي أن أفعل فيما بعد؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاليمين بترك وطء الزوجة إيلاء، وليس لعانا، وسبق معنى الإيلاء في الفتوى رقم: 32116.
والإيلاء هنا معلق على عودة الزوجة للالتزام بالصلاة وترك التهاون فيها، فإن تركت التهاون في الصلاة والتزمت بها فله أن يجامعها ولا يكون حانثاً في يمينه، وإن لم تترك التهاون ولم تلتزم بالصلاة، فله ولها أحد حالتين:
الأولى: أن يجامعها فيحنث في يمينه، وتلزمه كفارة يمين.
الثانية: أن لا يجامع، وتبقى على عدم التزامها بالصلاة، فللزوجة أن ترفع أمرها إلى القاضي ليضرب أجلا للزوج، وهو أربعة أشهر، فإما أن يجامع وإما أن يطلق.
وننصح الزوج بأن يجامع زوجته ويكفر عن يمينه إذا رأى أن أسلوب الهجر لم يردعها ولم يؤثر فيها، وننصح الزوجة بالمحافظة على الصلاة وطاعة الزوج، واعلم أن الزوجة إذا ضيعت شيئاً من حقوق الله تعتبر ناشزاً، وقد تقدم في فتاوانا كيف تعامل الزوجة الناشز، وراجع فيه فتوانا رقم: 31060.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1426(13/12668)
الحلف بعدم الوطء
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي - سامحه الله - سريع الغضب ولكنه في الواقع ذو قلب رؤوف حنون، ولكنه عندما يغضب لا يدري ما يقول. ومنذ 15 عاما كان بينه وبين والدتي مشاكل كانت تؤدي به دائما للغضب ولربما كان يحلف أيمان طلاق عندما كان الغضب يتملكه تملكا لا يعلم به إلا الله عز وجل، ولقد سبق أن حلف يمينا بعدم وطء والدتي ومعاشرتها معاشرة الأزواج. وهم الآن وإن كانوا في بيت واحد إلا أن أمي قد أبلغت زوجتي بأن العلاقة بينهم هي علاقة طعام وشراب والخدمة التي تقوم أمي بها تجاه والدي من غسيل وكوي وخلافه، علما بأن أعمارهم تجاوزت الستين وما عاد في العمر أكثر مما مضى - والله تعالى أعلم -.
إنني مغترب وبعيد عنهم أكثر من 17 عاما ولا أدري ما يحصل هناك، إلا أنني والله أحب أن يلقى والدي أو والدتي ربهم وهو غير غاضب عليهم، ولذلك فإنني أطلب منكم أن تبينوا رأي الشرع في موضوع تلك الأيمان، هل هي نافذه أم لا وخصوصا في ساعة الغضب التي أعلمها جيدا في والدي والتي من خلالها يصبح لا يدري ماذا يقول، حتى إذا هدأ بدا على غير ذلك ... وأنا أريد بعون المولى عز وجل ثم بمساعدتكم حل هذه المعضلة ليرتاح بالي وليرضى ربي عز وجل ... ولعل الله عز وجل يجعل في فتواكم طريقا ومفتاحا للحل
لقد سبق وأن سمعت من أحد المشائخ على الراديو بأن الطلاق في عصرنا هذا أصبح مقننا في المحاكم، ولطالما أنه لم يطلق في المحكمة فالطلاق غير ساري المفعول وإلا عمت الفوضى، فهل في ذلك أثر شرعي ... معاذ الله أن أكون من الذين يبحثون عن زلات أو هفوات علماء لتحقيق مكسب دنيوي، ولكني أريد أن أصلح ذات بينهم قبل أن يوفيهم الله أجالهم.. لعل الله يرضى عنا وعنهم.
وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في الحلف بالطلاق، هل يقع إذا حصل ما علقه عليه أم لا؟
فذهب الجمهور إلى أنه يقع لأنه طلاق معلق بشرط، فيقع بوقوع الشرط، وعلى هذا المذاهب الأربعة. واختار شيخ الإسلام ابن تيمية عدم وقوع الطلاق إذا كان الحالف يريد الزجر والمنع، وهو كاره للطلاق، فهي يمين فيها الكفارة، ونقله عن طائفة من السلف حيث قال كما في مجموع الفتاوى: وهو المنصوص عن أبي حنيفة، وهو قول طائفة من أصحاب الشافعي، كالقفال وأبي سعيد المتولي صاحب التتمة، وبه يفتي ويقضي في هذه الأزمنة المتأخرة طائفة من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وغيرهم من أهل السنة والشيعة في بلاد الجزيرة والعراق وخراسان والحجاز واليمن وغيرها، وهو قول داود وأصحابه، كابن حزم وغيره ... وهو قول طائفة من السلف، كطاووس وغيره، وبه يفتي كثير من علماء المغرب في هذه الأزمنة المتأخرة من المالكية وغيرهم، وكان بعض شيوخ مصر يفتي بذلك، وقد دل على ذلك كلام الإمام أحمد المنصوص عنه، وأصول مذهبه في غير موضع.انتهى.
وعلى كل؛ فالخلاف في هذه المسألة قوي وقديم، وأكثر أهل العلم على القول الأول، ومن قالوا بالقول الثاني، وإن كانوا قلة، فإن معهم من الدليل ما يجعل قولهم محل اعتبار إلى حد بعيد، ولا حرج على من أخذ به لا سيما في مثل الحالة المذكورة في السؤال، هذا فيما يتعلق بالحلف بالطلاق.
وأما ما يتعلق بالحلف بعدم الوطء فهو إيلاء، وهو أن يحلف الزوج أن لا يطأ زوجته مدة أكثر من أربعة أشهر أو أن لا يطأ مطلقا وهو محرم، وقد بين الله حكمه في كتابه الكريم فقال: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {البقرة:227} .
وعليه؛ فإن عاد فوطئ وجبت عليه كفارة يمين، فإن لم يعد فلا شيء عليه ولكن للزوجة الخيار في أن تبقى معه، وفي رفع أمرها للحاكم ليلزمه بوطئها بعد مضي أربعة أشهر أو فراقها.
وأما ما يتعلق بالغضب فالأصل اعتبار ما حصل معه من الحلف بالطلاق وكذا الإيلاء إلا إذا حصلا أو أحدهما في حالة غضب لا يدري صاحبه ما يقول معه، ولا يتحكم في شيء من تصرفاته، فلا يقع، لما أخرجه أحمد وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق.
وأما القول بأن الطلاق في عصرنا لا يقع إلا في المحكمة دفعا للفوضى فإنه غير صحيح؛ بل هو خارج عن كلام أهل العلم ولا عبرة به ولا يلتفت إليه.
وأخيرا: نسأل الله جل وعلا أن يوفقك للصلح بين والديك ويثيبك على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1425(13/12669)
حكم من حلف أن لا يعاشر زوجته أبدا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج وزوجتي لا ترغب في المعاشرة الجنسية يعني لو تركتها سنة بدون معاشرة جنسية لا تتأثر وأنا لا أستطيع التحمل والشجار دائم بيننا ومنذ أسبوع أتخذت قرارا لكرامتي أنني لم ولن أعاشرها جنسيا بعد ذلك وأخبرتها بذلك ولا أعلم هل ما فعلتة هذا صحيح واللفظ الذي ذكرته إليها هو أقسم بالله تعالى بأنني لن أمسك بعد اليوم فهل هذا ظهار وهل له من عودة في حالة رغبتي في مراجعتها مرة ثانية وهل إطعام ستين مسكيناً يكفي في حالة ما إذا كان ظهارا بالرغم من أنني عمري 40 عاما ولكن صيام شهرين أعتقد بأنني لا أستطيع
أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً فى أسرع وقت ممكن وبرجاء عدم التأخير بالرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقسمك بالله تعالى على ألا تطأ زوجتك أبداً يعتبر ايلاء وليس ظهاراً، قال الله تعالى: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ* وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:227] .
قال ابن قدامة في المغني: وهو يعدد شروط الإيلاء: الشرط الثاني: أن يحلف على ترك الوطء أكثر من أربعة أشهر، وهذا قول ابن عباس وطاووس وسعيد بن جبير ومالك والأوزاعي والشافعي وأبي ثور وأبي عبيد ...
وعليه فأنت الآن في الخيار بين أمرين:
الأول: أن تعود لوطء زوجتك وتكفر كفارة يمين لا كفارة ظهار.
والثاني: أن تصر على عدم وطئها، وفي هذه الحالة لزوجتك الخيار في أن تبقى معك، ولها رفع أمرها للحاكم ليلزمك بوطئها بعد مضي أربعة أشهر فإن أبيت ألزمك بالطلاق، فإن أبيت طلق عليك، وليس عليك في هذه الحالة كفارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1424(13/12670)
حكم قول الزوج لزوجته أنا بابا دون قصد الظهار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل قول الزوج لزوجته أنا بابا أو أنا جدو أثناء المداعبة يقع بذلك ظهار ويوجب عليه كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الزوج قد نطق بما قال على وجه المداعبة ولم يقصد ظهاراً فلا ينعقد ظهاره ولا تلزمه كفارة عند جماع زوجته.
أما إذا قصد أنه بمثابة الأب أو الجد لزوجته، وأن زوجته صارت بمنزلة ابنته من الحرمة، فهذا ظهار تترتب عليه الكفارة إذا جامعها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 45921، وأنواع كفارة الظهار قد تقدم بيانها في الفتوى رقم: 192.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(13/12671)
قول الزوجة لزوجها أخاف عليك كأنك ابني أو كأني أمك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا قالت الزوجة لزوجها إني خائفة عليك كأنك ابني أو كأني أمك يعد هذا ظهارا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قالته الزوجة لزوجها لا يعتبر ظهارا، وبالتالي فلا شيء عليها، وظهار الزوجة من زوجها قد تقدم بيان حكمه في الفتوى رقم: 111318.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(13/12672)
حلف أن زوجته وأولاده حرام عليه إن فعل كذا
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ أكثر من 10 سنوات وقع خلاف حاد بين والدي وشخص ما حول مبلغ من المال يدين به هذا الأخير لأبي مما أدى إلى شجار بينهما انتهى بحلف أبي يمينا أن زوجته وأولاده حرام عليه إن أعطى هذا الشخص جواز سفره قبل أن يسدد له المبلغ المتنازع عليه لكن الرجل رفض بشدة وصار يرابط في زاوية من الحي وكل يوم يطالب بجواز سفره مما أثار خوف أمي وجدتي حيث خشيتا أن يتفاقم الوضع ويولد عنفا أكثر قد يراق فيه دم أحدهما أي أبي وغريمه فذهبتا خلسة ودون إخبار والدي وأعطيتا جواز السفر لصاحبه وسلمتا مبلغا من المال لوالدي ادعتا كذبا أن الرجل هو من أحضره لفك النزاع. فما حكم اليمين التي حلفها والدي؟ وما حكم ما فعلته أمي وجدتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحلف بتحريم الزوجة اختلف فيه أهل العلم فذهب بعضهم إلى أنه يحمل على الظهار وبعضهم إلى أنه طلاق وبعضهم إلى أنه يمين، وفرق بعضهم بين ما إذا قصد به الطلاق أو الظهار أو اليمين، وانظر الفتوى رقم: 117743.
والذي نرجحه أنه يرجع إلى ما نواه، فإن أطلق ولم ينو شيئا فهو يمين لما روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس أنه كان يقول في الحرام يمين يكفرها. رواه مسلم، وراجع الفتوى رقم: 14259.
وأما تحريم الأولاد فلغو لا يترتب عليه شيء، قال خليل: وتحريم الحلال في غير الزوجة والأمة لغو.
وأما عن سؤالك فإن ما يحصل به الحنث في هذه اليمين يرجع إلى ما قصده الحالف فإن كان قصد بها منع وصول الجواز للشخص الآخر بأي سبيل كان قبل أن يسدد ما عليه من الدين فقد حنث في يمينه بإعطائكم الجواز له، وأما إذا كان قصد أنه لا يعطيه الجواز بنفسه فلا يحنث بإعطاء غيره له.
قال المزني: ولو حلف لا تأخذ مالك علي فأجبره السلطان فأخذ منه المال حنث ولو قال لا أعطيك لم يحنث.
وأما إذا أطلق ولم ينو شيئا فيرجع إلى سبب اليمين وما هيجها وهو ما يعرف عند المالكية بالبساط، فإذا كان غرض الحالف بمنع وصول الجواز إلى الرجل هو تحصيل مبلغ الدين فإنه لم يحنث لأنه حصل على المبلغ، وأما إذا كان غرضه مجرد إعناته والإضرار به وإيذائه بمنع وصول الجواز فقد حنث في يمينه لفوات مقصوده من اليمين.
وأما عن حكم ما فعلته أمك وجدتك من إعطاء الجواز دون علم أبيك وإعطاء أبيك ما له عند هذا الشخص من مال والكذب عليه في ذلك فنرجو أن تثابا على ما قصدتاه من دفع مفسدة عظيمة يغلب على الظن وقوعها إذا لم يفعلا ذلك، وقد رخص الشرع في الكذب للإصلاح بين الناس كما يجوز للضرورة والمصحلة كما هو مبين في الفتوى رقم: 111035.
وننبه إلى أنه لا يجوز الحلف بغير الله لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: م ن كان حالفا فليحلف بالله أوليصمت.
وإذا لم يتضح لكم الحكم الشرعي مما بيناه لك فشافهوا أهل العلم في بلدكم بالسؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1430(13/12673)
طلق ثم ظاهر فكيف يردها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل قال لزوجته أنت طالق ومحرمة علي حرمة الأم والأخت وهو يقصد ذلك فعلا وهذه الطلقة الثانية فماذا يفعل لإعادتها لعصمته مرة أخرى؟ وجزاكم الله خير الجزاء وأعلى شأنكم ورفع بكم الأمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما جرى من الرجل المذكور يعتبر طلاقاً لزوجته ثم ظهاراً منها كما هو الظاهر من معطيات السؤال، وتفصيل ذلك أن الزوجة إذا كانت مدخولاً بها فإن الظهار قد وقع عليها في العدة، فإذا أراد إعادتها إليه فعليه قبل ذلك أن يكفر كفارة الظهار وهي المذكورة في قول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا {المجادلة:3-4} ، فهذه كفارة الظهار لمن أراد استمرار الحياة الزوجية مع من ظاهر منها، وهي على هذا الترتيب وجوباً، وانظري الفتوى رقم: 2182، للمزيد من الفائدة والتفصيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1428(13/12674)
مس المرأة وإنجاب الأولاد قبل كفارة الظهار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من أراد التخلص من عمل نوع من المعصية وعدم الرجوع إليه قال فى سرية لو أنى رجعت إليه فإن زوجتي عليّ كظهر أمي.
هل هو حكم ظهار أو كفارة يمين وإن كان ظهارا وقد مرة عليه 14 سنة ولم يأت بكفارة الظهار وأنجب أولادا من زوجتة وليس لها العلم وقد أعاد نفس المعصية بعد القسم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من علق الظهار من زوجته على حصول فعل ما يقع حكم الظهار إذا حصل ذلك الفعل ويجب عليه الكف عن مسها حتى يكفر كفارة الظهار لآية المجادلة.
وإذا مسها قبل الكفارة تجب عليه التوبة والاستغفار وألا يعود مرة أخرى حتى يكفر، وإذا أنجب منها قبل الكفارة فالأولاد ملحقون به ولا يشك في نسبتهم إليه.
وراجع الفتوى رقم: 14225، والفتوى رقم: 12075. فقد فصلنا فيها الكلام على الموضوع أكثر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(13/12675)
تعليق اليمين والظهار على أمر ما
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كان زوجي يتعاطى الخمر ولقد حاول عدة مرات تركه حتى تركه ولله الحمد، والسؤال في إحدى المرات أقسم بالآتي: ولله العظيم إني ما عاد أشربه مرة ثانية وأنت علي مثل أمي إن رجعت له مرة ثانية. ولكنه رجع له فما كفارة هذا القسم؟
والله يوفقكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما صدر من زوجك هو تعليق لليمين والظهار على شرب الخمر، وما دام قد عاد وشربه، فإن عليه كفارة يمين، وهي المذكورة في قوله تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة: 89} .
وعليه أيضاً كفارة ظهار، ويجب أن تكون قبل أن يمسك، وكفارة الظهار هي المذكورة في قوله الله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ {المجادلة: 3-4} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1426(13/12676)
الظهار المؤقت يقع
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل قال لزوجته أنت محرمة علي لمدة ستة أشهر، فما حكم الدين فى هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن هذا السؤال مسألتين:
الأولى: حكم إطلاق لفظ التحريم في حق الزوجة، وقد سبق أن بينا أنه يعتبر ظهاراً تلزم به كفارة الظهار في الفتوى رقم: 7438.
الثانية: حكم الظهار المؤقت، هل يقع أولا، وقد اختلف الفقهاء في ذلك على أقوال أرجحها عندنا وقوعه، كما هو مبين في الفتوى رقم: 27470.
وعلى هذا فيحرم عليك قربان زوجتك هذه المدة حتى تكفر كفارة الظهار، وقد بينا كفارة الظهار في الفتوى رقم: 12075.
وننبهك إلى الحذر من إطلاق مثل هذه الألفاظ منعاً للوقوع في الحرج، وحرصاً على حسن العشرة، وحصول الألفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1425(13/12677)
لفظ التحريم: ظهار
[السُّؤَالُ]
ـ[1-قمت في لحظة غضب بتطليق زوجتي ,للمرة الثانية في حياتنا الزوجية ,وفي نفس اللحظة وبنية تثبيت وتاكيد الطلاق قلت لها تحرمي علي إلى يوم الدين. (حسب قولها) وأنا شخصيا أن كنت قلتها نتيجة حالة هيجان وغضب , لكني لم أعيها , هل يعتبر هذا الطلاق نهائياً لا رجوع فيه أم يحق لنا العودة , علما أننا نقيم في دولة أوربية ولا يوجد محاكم شرعية , كما لا يوجد علماء دين يمكن العودة إليهم للحصول على فتوى شرعية صحيحة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالغضب لا يمنع وقوع الطلاق مطلقاً -كما يزعم أو يظن بعض الناس- بل منه ما يقع معه الطلاق، ومنه ما لا يقع معه الطلاق، وسبق تفصيل هذا في الفتوى رقم: 11566 وعليه فإن كنت طلقت زوجتك وحرمتها على نفسك في حالة غضب انغلق معه ذهنك بحيث لا تدرك ما تقول لم يقع الطلاق ولا التحريم، وإن كنت طلقتها وحرمتها على نفسك وأنت تدرك ما تقول وقع الطلاق، ووقع التحريم، وما دام هذا هو طلاقها الثاني فإنها لا يزال ارتجاعها ممكناً. والتحريم لا يعد طلاقاً سواء أكد بقول (إلى يوم الدين) أو لم يؤكد بها، بل هو ظهار على القول الراجح من أقوال العلماء ويجب على المظاهر قبل أن يمس زوجته أن يكفر كفارة الظهار، وهي على الترتيب: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، كما بين الله ذلك في أول سورة المجادلة.
وراجع الجواب:
7438
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1422(13/12678)
ما يترتب على من حرم عضوا من امرأته
[السُّؤَالُ]
ـ[قلت لزوجتي بأن جزءا من جسدها محرم علي وهو موضع الفرج أيعتبر هذا ظهارا أرجوكم أفيدوني وماذا علي أن أفعل إذا كان كذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن شبه عضواً من امرأته بظهر أمه، أو بعضو من أعضائها، فهو مظاهر منها، كمن قال: فرجك عليّ كظهر أمي، أو نحو ذلك.. فتلزمه كفارة الظهار، وهي المذكورة في قوله تعالى: (فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم) [المجادلة: 3-4] .
وأما إن حرم عضواً منها عليه، بأن قال: ظهرك حرام علي، أو فرجك حرام علي، فهو ظهار إن نواه، فإن لم ينو الظهار، ونوى الطلاق، وقع طلاقاً، فإن لم ينو شيئاً أو نوى اليمين، فكفارته كفارة اليمين، لقوله تعالى: (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم) [التحريم: 1-2] .
وكفارة اليمين هي ما رود في قوله تعالى: (فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام) [المائدة: 89] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1422(13/12679)
حكم الظهار المعلق وكفارته
[السُّؤَالُ]
ـ[قامت زوجتي بالاتصال بأحد أقارب أمي وإعلامه بأن أمي قد قالت عنهم كذا وكذا: كلاما يؤدي إلى الخصام، وعندما علمت بالأمر سألت زوجتي فأنكرت أنها هي من قام بذلك، وكنت في حالة غضب شديد فقلت لها بهدف الضغط عليها لمعرفة الحقيقة ولم أقصد أي أمر آخر بأنني إذا خرجت من البيت ولم تقولي لي الحقيقة، وتبينتها من غيرك تحرمي علي، كما حرمت أختي علي، فخرجت ولم تخبرني، وفي اليوم التالي ـ وبعد أن تحققت من الموضوع ـ راجعتها ولم تقدر أن تجيبني محاولة إصلاح أمرها معي بأنها لن تعود، ولن تقدم على أي عمل يغضبني، فتأكدت من أنها هي من قام بالاتصال، ولا أعلم ماذا أصنع؟.
أفيدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك لزوجتك: تحرمي عليّ كما حرمت أختي عليّ، ظهار، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 106379، فإن كنت قصدت تعليق هذا الظهار على عدم إخبارها لك بالحقيقة قبل أن تخرج، فقد وقع الظهار بخروجك دون إخبارها لك، وأمّا إذا كنت علّقته على مجموع الأمرين: عدم إخبارها لك قبل خروجك، ومعرفتك للحقيقة من غيرها، فلا يقع الظهار إلّا باجتماع الأمرين، فإذا كنت لم تتبين الحقيقة من غيرها فالظهار لم يقع في هذه الحال، وإن كنت تبينته من غيرها فقد وقع الظهار، وعليك كفارته قبل أن تمّس زوجتك، والكفارة صيام شهرين متتابعين، فإن كنت تعجز عن الصيام فالكفارة إطعام ستين مسكيناً، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية: أنّ مثل هذا الظهار المعلّق كفارته كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.
وننبّه السائل إلى اجتناب مثل هذه الألفاظ، فإنّ الظهار محرّم، قال تعالى: وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ {المجادلة:2} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1430(13/12680)
حكم إخراج كفارة الظهار نقودا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يستطيع من يكفر عن الظهار أن يخرج مبلغا من المال على عدة أشخاص بدلا من الإطعام؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإطعام هو الأصل ولا ينبغي العدول عنه مادام ممكنا، ومن أهل العلم من قال إذا كان دفع النقود أنفع للمساكين جاز دفعها لهم، ولكن هذا القول قول ضعيف، ثم إنه على القول به لا بد أن توصل النقود إلى هذا العدد من المساكين بالتساوي، وهذا قد يكون مساويا في المشقة دفعها إليهم طعاما، فاحرص على فعل ما أمرك به الله من إطعام ستين مسكينا.
وكفارة الظهار يلزم فيها الترتيب على النحو التالي: عتق رقبة، فإن لم يجدها فعليه صيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فعليه إطعام ستين مسكينا، لقوله سبحانه وتعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا {المجادلة: 3-4} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1430(13/12681)
الحكمة في تغليظ العقوبة على المظاهر
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال ... لماذا لم تقيد الرقبة بالإيمان في كفارة الظهار، ولماذا كانت العقوبة مثل عقوبة قاتل النفس، ونحن نقول سمعنا وأطعنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا كفارة عتق الرقبة ومتى أطلقت وأين قيدت وذلك في الفتوى رقم: 11035.
وبينا أن تقييدها بالإيمان في كفارة القتل وإطلاقها دون تقييد في كفارة الظهار وكفارة اليمين يحمل فيه الجمهور المطلق على المقيد، فيشترطون الإيمان في الرقبة المعتقة في كل تلك الكفارات وهو أسلوب عربي مبين لأن البلاغة الإيجاز، وكلما كان الكلام قليلا دالا على المقصود كان أولى، والتقييد في مكان يغني عن تكرار القيد في الأماكن الأخرى إذا اتحد الحكم والسبب، أو اتحد الحكم واختلف السبب كما هنا، وانظر الفتوى رقم: 46261.
وأما لماذا كانت العقوبة مثل عقوبة قاتل النفس؟ فالله تعالى أعلم، لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ. أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، ما شرع إلا لحكمة يعلمها سبحانه أدركنا ذلك أم لم ندركه، ولا يجوز للمسلم أن يقف حتى يعلم العلة ويدرك الحكمة فحسبه التسليم لعلم وحكمة اللطيف الخبير، ولا يبقى في نفسه شك أو تردد، كما قال تعالى: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {النساء: 65} وهنا قد ختم سبحانه حكمه في الظهار بقوله: ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {المجادلة: 3} قال الطبري: عند ذلك أوجب ربكم ذلك عليكم عظة لكم تتعظون به فتنتهون عن الظهار وقول الزور، وقال ابن كثير: تزجرون به. وقال الشوكاني: ذلكم: أي الحد المذكور. توعظون به. أي تؤمرون به أو تزجرون به عن ارتكاب الظهار. وفيه بيان لما هو المقصود من شرع الكفارة. قال الزجاج: معنى الآية: ذلكم التغليظ في الكفارة توعظون به، أي غلظ الكفارة وعظ لكم حتى تتركوا الظهار
هذا بعض ما ذكر في حكمة تغليظ العقوبة هنا على المظاهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1426(13/12682)
هل يجزئ إخراج الزوجة كفارة الظهار عن زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[قلت لزوجتي يوم من الأيام تحرمين علي كما يحرم الأخ من أخته وقامت زوجتي بدفع كفارة عني بعد ما تصالحنا هل أستطيع أن أجامعها أو لازم أنا أدفع الكفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما صدر منك هو تحريم للزوجة وتشبيه لها بمن تحرم على التأييد وهي الأخت.
أما التحريم، فالراجح أنه إن نوى به الظهار كان ظهاراً، وإن نوى به الطلاق كان طلاقاً، وإن نوى به اليمين كان يميناً، ولمعرفة أدلة ذلك انظر الفتوى رقم: 26876، والفتوى رقم: 14259.
وأما تشبيه الزوجة بالأخت، فإنه كناية في الظهار حيث إن الظهار منه ما هو صريح وهو ما ذكر فيه الظهر باتفاق، وكذا سائر الأعضاء عند أكثر الفقهاء، وهذا النوع يقع به الظهار، ولا يحتاج إلى نية.
ومنه الكناية وهو ما احتمل الظهار وغيره، فهذا يرجع إلى نية الزوج، فإن قصد به الظهار كان ظهاراً وإلا فليس بشيء، قال ابن قدامة في المغني: وإن قال: أنت علي كأمي أو مثل أمي ونوى به الظهار فهو ظهار في قول عامة العلماء منهم أبو حنيفة وصاحباه والشافعي وإسحاق، وإن نوى به الكرامة والتوقير أو أنها مثلها في الكبر أو الصفة، فليس بظهار، والقول قوله فيه. انتهى
وعليه، فيكون قولك لزوجتك: تحرمين علي كما يحرم الأخ من أخته. كناية يفتقر إلى النية، فإن كنت نويت به الظهار، فعليك كفارة ظهار، وهي: عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكيناً، كل ذلك قبل أن تمسها، وإن كنت نويت بالتحريم الطلاق، فيكون طلاقاً، وإن كنت تنوي اليمين فعليك كفارة يمين المبينة في الفتوى رقم: 204، وحينئذ لا بأس أن تخرج الزوجة عنك كفارة يمين، بإذنك لأنها من العبادات المالية التي تقبل النيابة، ودليل هذا ما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد قال: احترقت، قال: لم؟ قال: وقعت بامرأتي في رمضان، قال له: تصدق. قال: ما عندي شيء، فجلس، وأتاه إنسان يسوق حماراً ومعه طعام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أين المحترق؟ فقال: ها أنا ذا، قال: خذ هذا فتصدق به، قال: على أحوج مني ما لأهلي طعام؟ قال: فكلوه.
أما في الحالة الأولى وهي نية الظهار بهذا اللفظ فلا يجزئك إخراج الكفارة من قبل زوجتك إلا إذا كنت عاجزاً عن العتق والصيام ثم أذنت لها في الإطعام أي: إطعام ستين مسكيناً.
وننبه الأخ السائل أن كفارة الظهار تجب على الترتيب، كما في الآية الكريمة: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ {المجادلة: 3-4} .
فلا تنتقل إلى الإطعام إلا عند العجز عن العتق والصيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1425(13/12683)
حكم إطعام الصائمين كفارة الظهار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إطعام الصائمين في المسجد بكفارة الظهار، وكم المبلغ المطلوب لإطعام كل مسكين في السعودية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المظاهر من زوجته واحد من ثلاثة أمور على الترتيب، الأول: هو تحرير رقبة، والثاني: صيام شهرين متتابعين، والثالث: إطعام ستين مسكينا، ولا يجزئ واحد من الإثنين الأخيرين إلا بعد العجز عما قبله، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا {المجادلة:3-4} .
وعليه فإنه لا يجزئ من ظاهر من زوجته الإطعام إلا بعد العجز عن الإعتاق والصيام، فإذا عجز عنهما وأراد الإطعام فالواجب أن يطعم ستين مسكينا وليس ستين صائماً إلا أن يكونوا مساكين, والأحوط تمليك كل مسكين القدر الواجب له من الكفارة، لا إعطاؤه غداء أو عشاء فإن الجمهور على عدم إجزاء ذلك، وراجع في هذا المغني لابن قدامة 8/26.
وأما القدر المجزئ في الكفارة فمختلف فيه بين أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: قدر الطعام في الكفارات كلها مد من بر لكل مسكين أو نصف صاع من تمر أو شعير.... وقال أبو هريرة يطعم مدا من أي الأنواع كان، وبهذا قال عطاء والأوزاعي والشافعي ...
واعتبر الأحناف الواجب قدر الفطرة، قال في الدر المختار: فإن عجز عن الصوم أطعم ستين مسكينا كالفطرة. وعند المالكية: مد وثلثان، قال خليل: ثم تمليك ستين مسكينا أحراراً مسلمين لكل مد وثلثان برا وإن اقتاتوا تمراً أو مخرجا في الفطرة فعدله ...
وقد علمت أن أحوط هذه الأقوال هو مذهب الأحناف، واللازم عندهم إخراجه نصف صاع، وقدره كيلو ونصف تقريبا، وقيمة ذلك هي بحسب البلد ونوع الطعام المخرج، فانظر ما تخرجه من ذلك في البلد الذي أنت فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1425(13/12684)
من وطئ بعد دفع جزء من كفارة الظهار
[السُّؤَالُ]
ـ[في شجار عائلي قال زوج لزوجته
أنت حرام علي إلى يوم الدين فسأل عن كفارتها بعد أن تصالحا فقالوا له كفارتها إطعام ستين مسكينا وعدم الاقتراب من زوجته حتى تتم الكفارة, لم تكن حالته متيسرة حينها أطعم خمسة تقريبا ثم بعد شهر أكمل الباقي ولكنه خلال الشهر جامع زوجته فيسأل هل هو أثم بذلك وماذا يفعل جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأظهر أقوال أهل العلم عندنا أن تحريم الزوجة يعد ظهارا كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 7438.
وحيث اعتبر هذا ظهارا فلا يجوز للزوج إتيان زوجته إلا بعد الكفارة ومن تعمد خلاف ذلك فقد أتى معصية يجب عليه التوبة منها، وليس عليه إلا كفارة واحدة، وانظري الفتوى رقم: 14225.
وعليه، فإن من وطئ بعد دفع جزء من الكفارة بنى على ما أعطى، قال ابن قدامة في المغني: ولو وطئ أثناء الإطعام لم يلزمه إعادة ما مضى منه، وبه قال أبو حنيفة والشافعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1425(13/12685)
لا يصح الانتقال إلى رتبة إلا بعد العجز عن التي قبلها
[السُّؤَالُ]
ـ[وقع زوجي في ظهار نعلم بكفارته، هل يختار أيا من أنواع الكفارة الثلاثة، أم ملزم بتطبيقها بالترتيب كما ورد في النص القرآئي؟ وكيف نحكم بأن هذا الشخص قادر على صيام شهرين أم غير قادر؟ وإن قال هو أنا لا أقدرعلى الصيام لأني لا أقدرعلى ألا ألمسك أوأقبلك، ومثل ذلك. وسؤال آخر: إن صام الشخص وعانق زوجته أو قبلها أثناء الكفارة هل يبتديء من جديد أم يكمل أم ماذا؟ افيدونا رحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن كفارة الظهار في الآية الكريمة مرتبة، فلا يصح الانتقال إلى رتبة إلا بعد العجز عن التي قبلها، فمن لم يجد الرقبة أمكنه الانتقال إلى الصيام، ومن لم يستطع الصيام انتقل إلى الإطعام. قال تعالى: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً. [المجادلة: 3-4] .ثم إن العجز عن الصيام يكون بسبب المرض وكبر السن والشبق ونحو ذلك. قال ابن قدامة: أجمع أهل العلم على أن المظاهر إذا لم يجد الرقبة ولم يستطع الصيام أن فرضه إطعام ستين مسكينا، على ما أمر الله تعالى في كتابه وجاء في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، سواء عجز عن الصيام لكبر أو مرض يخاف بالصوم تباطؤه أو الزيادة فيه أو الشبق، فلا يصبر فيه عن الجماع، فإن أوس بن الصامت لما أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالصيام، قالت امرأته: يا رسول الله، إنه شيخ كبير، ما به من صيام، قال: فليطعم ستين مسكينا. ولما أمر سلمة بن صخر بالصيام قال: وهل أصبت الذي أصبت إلا من الصيام؟ قال: فأطعم، فنقله إلى الإطعام لما أخبره أن به من الشبق والشهوة ما يمنعه من الصيام. المغني (824) . وأما عدم صبر الزوج عن المعانقة والقبلة ونحوهما، فإن ذلك حرام قبل التكفير، ولكنه لا يقطع التتابع إذا لم يحصل منه ما يبطل الصيام، فلا يعد صاحبه -إذن- عاجزا عن الصيام، قال في المغني: وإن لَمَسَ المظاهر منها أو باشرها دون الفرج على وجه يفطر به، قطع التتابع لإخلاله بموالاة الصيام، وإلا، فلا ينقطع. (824) . وانظر المزيد في الفتوى رقم: 7438،. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1424(13/12686)
يجب على المرأة ألا تمكن زوجها من نفسها حتى يؤدي الكفارة المطلوبة منه
[السُّؤَالُ]
ـ[على زوجي كفارة صيام شهرين قبل أن يمسني وهو لا يصوم رمضان من الأساس..ماذا أفعل إذا لم أستطع منعه من مسي..وهل علي ذنب في التساهل في ذلك....أفيدوني سريعا..وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لزوجك الهداية، وإذا كان مقصودك هو أن زوجك ظاهر منك ويريد أن يمسك قبل أن يكفر فالواجب عليك هو الامتناع منه وعدم تمكينه من نفسك في هذه المدة حتى يأتي بالكفارة، ولو حصل أنه جامعك وأنت مكرهة فلا شيء عليك، ولكن لا تتساهلي في ذلك واتخذي الوسائل المناسبة لردعه من نصيحة وإخبار من يمكنه نصحه أو عدم المبيت معه أو رفعه للقضاء
: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً [الطلاق:2] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1423(13/12687)
الحالات التي يجب فيها صيام الشهرين المتتابعين ... وهل يقطع العذر الشرعي التتابع
[السُّؤَالُ]
ـ[من الذي يجب عليه صيام ستين يوما\" متتابعا\" , واذا وجب على المرأة كيفية صومها ستين يوما\" متتابعا\" مع كونها ستتعرض للدورة الشهرية , أفيدونا باستفاضة عن الأحكام الموجبة لهذه الكفارة وخصوصاً للمرأة وشكرا\"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صيام الشهرين المتتابعين يجب في ثلاث حالات:
الحالة الأولى: القتل الخطأ، فمن قتل نفساً بغير حق، ولم يجد الرقبة المؤمنة وجب عليه صيام الشهرين لقوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) [النساء:92]
الحالة الثانية: الظهار، فمن ظاهر من زوجته ولم يجد أيضاً الرقبة وجب عليه صيام شهرين متتابعين، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ*فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين) [المجادلة:3،4]
الحالة الثالثة: الجماع في نهار رمضان؛ فمن جامع أهله في نهار رمضان ولم يستطع العتق، وجب عليه صيام شهرين متتابعين، وكل من وجب عليه صيام الشهرين المتتابعين فلا يقطع صومه إلا بعذر شرعي من: مرض أو جنون أو حيض، فإذا قطعه لغير عذر شرعي وجب عليه استئناف صوم الشهرين من جديد، وإذا قطعه لعذر شرعي وجب عليه التتابع عند زوال العذر، ويبني على ما صامه قبل العذر ويعتد به. وبهذا يتضح أن المرأة إذا لزمها صيام شهرين ثم نزلت بها الدورة بنت على ما قدمته من الصيام قبل الدورة، ثم ننبه إلى أن المرأة بالنسبة للجماع في نهار رمضان الراجح أنها لا كفارة عليها.
وراجع الفتوى رقم:
1113
كما أنها لا ظهار عليها إجماعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1422(13/12688)
كفارة الظهار
[السُّؤَالُ]
ـ[1-شخص حلف على زوجته فقال أنت محرمة عليَّ كظهر أمي هل يقع الحلف وإذا كان يقع فما كفارته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرجل إذا علق الظهار على أمر فحصل ذلك الأمر اعتبر مظاهراً من زوجته، فإن جمع مع لفظ الظهار لفظ التحريم كما في السؤال، فقيل تلزمه مع الظهار طلقة إن نوى بالحرام الطلاق، وقيل تلزمه كفارة يمين.
والراجح: أنه إنما يلزمه الظهار فقط، كما نص على ذلك ابن قدامة في المغني، وذلك لأن التحريم كناية تفتقر إلى نية. والكناية هنا فسرت بصريح الظهار، فكان العمل بصريح القول أولى من العمل بالنية.
وبناء على هذا، فإن الشخص يعتبر مظاهراً من زوجته، فلا يجوز له أن يستمتع بها حتى يكفر لقوله تعالى: (فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا) [المجادلة:3]
والكفارة هي: عتق رقبة، فإن لم يجدها فعليه صيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فعليه إطعام ستين مسكيناً، لقوله سبحانه وتعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ*فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) [المجادلة:3،4]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1422(13/12689)
إن كان قصدك مطلق الخيانة.. فيلزمك كفارة ظهار
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق تزوج منذ سنتين ليحصن نفسه من الحرام وبعد مدة من زواجه سافر إلى مدينة أخرى وترك زوجته في بيت أهلها وفي أحد الأيام حاول الاتصال ببيت أهلها فوجد التلفون مشغولا أكثر من ساعة بعدها جاوبته زوجته وقد كان الشيطان وسوس له فشك في زوجته وفي حالة غضب قال لها إنه من يخون الآخر فهوحرام عليه حرمة أبيه أو أمه وبعد أن زال غضبه ندم على ما قاله وقرر أن يستفتي ولكنه انشغل وبعد حوالي سنة سافر إلى الخارج وفي حالة ضعف زل دون الوطء مع العلم أنه كان يقصد التهديد لزوجته فقط ولم يكن يقصد التحريم فعلأ أرجو إفادتنا جزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على صديقك أن يتوب إلى الله تعالى وأن يستغفره مما زل فيه، وأما قوله لزوجته: إن من يخون الآخر فهو حرام عليه…إلخ.
فإن كان يقصد أثناء تلفظه بذلك مطلق الخيانة: من الكلام في الهاتف، أو المقابلة وغير ذلك، فيلزمه كفارة ظهار لحدوث الخيانة منه.
وإن قصد بالخيانة الوقوع في الزنا، لم يلزمه شيء لعدم تحقق ذلك منه ولا من زوجته.
وكفارة الظهار: هي المذكورة في قوله تعالى: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [المجادلة:4] .
وإذا لزمته الكفارة حرم عليه الجماع ومقدماته من التقبيل ونحوه قبل التكفير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1422(13/12690)
كفارة الظهار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يكفر يمين الظهار كاليمين العادية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
ليس خصال كفارة الظهار مثل خصال كفارة اليمين، خصال كفارة الظهار: 1. عتق رقبة مؤمنة، قبل التماس، 2. صيام شهرين متتابعين قبل التماس كذلك 3. إطعام ستين مسكينا فخصال كفارة الظهار على الترتيب، بمعنى أنه لا يجوز له أن ينتقل إلى الصيام إلا إذا عجز عن الرقبة ولا ينتقل إلى الإطعام إلا إذا عجز عن الصيام. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/12691)
من ظاهر من امرأته مرتين ثم مسها قبل أن يكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[وقع مني خطأ كبير بدون قصد ولم أكن أعلمه جيداً وهو أني قد قلت لزوجتي: إنك لو فعلت كذا فإنك علي كمثل أمي. وفعلت، علما بأنني لم أكن أعرف هذا إلا بعد أن التزمت وقام أحد الإخوة بمدارسة سورة المجادلة لنا وبعدها علمت وأيقنت بما تم مني، وأتذكر أنا هذا قد حدث مني مرتين من قبل وقمت بجماع زوجتي وكأن شيئا لم يكن إلا أني الآن قد امتنعنت عنها وأريد أن أتوب إلى الله عز وجل. فماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً. أرجو الرد علي بسرعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما حصل منك يعتبر ظهاراً ولو كنت جاهلاً للحكم في ذلك الوقت، والواجب عليك الآن هو التوبة والاستغفار والابتعاد عن جماع زوجتك حتى تكفر كفارة الظهار، وهي المذكورة في قول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ... {المجادلة:3-4} .
قال مالك في الموطأ: ومن تظاهر من امرأته ثم مسها قبل أن يكفر ليس عليه إلا كفارة واحدة، ويكف عنها حتى يكفر وليستغفر الله.
وكون ذلك حدث منك مرتين قبل الكفارة فإنه لا يلزم منه إلا كفارة واحدة.
قال ابن قدامة الحنبلي في الشرح الكبير: وإن كرر الظهار قبل التكفير فكفارة واحدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1430(13/12692)
حلف بأن تكون زوجته كأمه وأخته إن كانت لمست رجلا غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[حلف زوجي بأن أكون بالنسبة له كأمه وأخته إذا كنت قد لمست رجلا غيره، وذلك صحيح، لكنني أنكرت أمامه وقلت له بأنه لم يلمسني، فماذا يتوجب علي أن أفعل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الزوج لزوجته إنها تكون مثل أمه: يحتمل أن يكون قصده منه الطلاق أوالظهار، كما يحتمل أنه يقصد مشابهتها في الكرامة والتوقير، ولكن هذا القول إذا كان بصيغة يمين على نحو ما في السؤال، فإن قصد الكرامة والتوقير حينئذ يعتبر مستبعدا وعليه، فإذا كان الزوج المذكورقد قال لزوجته بأنها تكون مثل أمه وأخته إذا كانت وسبق أن لمسها رجل غيره وقد حصل ذلك فعلا، فإن هذا يكون طلاقا إذا قصد الطلاق، كما تقدم في الفتويين رقم: 60651، ورقم: 117064.
وإن لم يقصد طلاقا وقصد الظهار فهو ظهار، وإن قصد اليمين أو لم يكن له قصد فهو يمين، وقيل إنه إذا لم يكن له قصد فإنه يكون ظهارا أيضا، قال ابن قدامة في المغني: وإن قال: أنت علي كأمي أو مثل أمي ونوى به الظهار فهو ظهار في قول عامة العلماء ـ منهم أبو حنيفة وصاحباه والشافعي وإسحاق ـ وإن نوى به الكرامة والتوقير أو أنها مثلها في الكبر أو الصفة فليس بظهار والقول قوله في نيته، وإن أطلق فقال أبو بكر: هو صريح في الظهار وهو قول مالك ومحمد بن الحسن، وقال ابن أبي موسى: فيه روايتان، أظهرهما أنه ليس بظهار حتى ينويه وهذا قول أبي حنيفة والشافعي، لأن هذا اللفظ يستعمل في الكرامة أكثر مما يستعمل في التحريم فلم ينصرف إليه بغير نية ككنايات الطلاق. انتهى.
فالواجب الآن على السائلة التوبة إلى الله تعالى مما أقدمت عليه من مخالفة شرعية وإخبار زوجها بحقيقة الأمر ليتصرف طبقا لذلك، فإن كان قصد طلاقا علم بوقوعه وتصرف بناء على ذلك، وإن قصد ظهارا لزمته كفارة ظهار فبادر إلى فعلها، لأن ذلك واجب قبل الجماع، وأنواع هذه الكفارة تقدم بيانها في الفتوى رقم: 192، وراجعي المزيد في الفتويين رقم: 96970، ورقم: 125233.
وينبغي أن تظهري لزوجك ندمك على ما كان وأنك قد قمت بما أوجب الله عليك من التوبة والإصلاح، وأنه لا ينبغي للزوج أن يؤاخذ زوجته بما كان منها قبل توبتها، بل هو مأمور بالإحسان إليها والسترعليها ونحو ذلك من الكلام الذي قد يخفف غضب هذا الزوج، نسأل الله تعالى أن ييسر أمرك ويقدر لك الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(13/12693)
علق ظهار زوجته على الرجوع إلى الدخان
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت خارج البيت لوحدي وقلت إذا رجعت للدخان فزوجتي علي كظهر أمي. فما حكمها؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد علقت الظهار من زوجتك على الرجوع المذكور، فإن لم تفعله فلا شيء عليك، وإن رجعت إلى الدخان تكون قد حنثت وانعقد الظهار، وبالتالي فعليك إخراج الكفارة قبل أن تمس زوجتك، وهذه الكفارة هي عتق رقبة، فإن لم تجد فصم شهرين متتابعين، فإن عجزت فأطعم ستين مسكينا. ولا يجوز أن تقرب زوجتك قبل التكفير، وهذه الأنواع الثلاثة على الترتيب بحيث لا يجزئ نوع منها قبل العجز عما قبله، وراجع في ذلك الفتويين: 96970، 33425.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1430(13/12694)
الزوجة لا تحرم على زوجها بتحريم نفسها عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة وقع بينها وبين زوجها شجار، قالت لزوجها: حد الله بيني وبينك. فما الحكم في ذلك؟ علما بأنها أقسمت وحلفت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان مدلول العبارة التي نطقت بها تلك المرأة لزوجها أنها تكون محرمة على زوجها، وحلفت على ذلك فالحكم في ذلك أن الزوجة لا تحرم على زوجها بتحريم نفسها عليه، لكن عليها كفارة يمين؛ لأن الراجح من أقوال أهل العلم أن من حرم شيئا من الحلال على نفسه باستثناء الزوجة لزمته كفارة يمين، كما تقدم في الفتوى رقم: 111318.
أما حلفها على ذلك فهو حلف على كذب لأنها غير محرمة على زوجها. وبالتالي فهو يمين غموس لا كفارة فيه عند جمهور أهل العلم، كما تقدم في الفتوى رقم: 50626.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1430(13/12695)
حرم زوجته تحريما مؤقتا مرتين
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: في حالة غضب قلت لزوجتي تحرمي علي بشهر لن ألمسك. وعندما ردت بوجهي قلت لها تحرمي علي بشهرين لن ألمسك وأنا أقصد المجامعة هنا.
في الماضي نطقت بنفس هذه الجملة بنية الطلاق في حال المجامعة ولكن الآن لم يكن قصدي الطلاق، وخرجت هكذا بدون نية. في حال المجامعة هل يحصل الطلاق؟
أفيدونا بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي فهمناه من سؤالك أنك قلت لزوجك في حال الغضب: تحرمين علي شهرا ما عدت ألمسك. ثم لما ردت عليك جعلت الشهر شهرين، وأنه لم تكن لك نية الطلاق بل كانت نيتك مجرد الامتناع عن جماعها.
فإن كان هذا الذي فهمناه صحيحا فإنه ينظر في حال الغضب الذي أصابك، فإن كان بحيث أفقدك وعيك وصرت معه لا تشعر بما يصدر عنك، فهذا لغو لا يعتد به، ولا يؤثر على النكاح ولا يلزمك فيه شيء.
أما إن كان الغضب لم يصل إلى هذا الحد فإن تحريم الزوجة ينظر فيه إلى نية الزوج، وبما أنك قلت إن قصدك هو تحريم جماعها، فإن هذا يعتبر ظهارا، والظهار المؤقت محل خلاف بين أهل العلم، وقد سبق بيان هذا الخلاف في الفتوى رقم: 27470.
والراجح من أقوالهم هو العمل بالتأقيت، وعليه فأنت بالخيار إن شئت امتنعت عن جماعها هذه المدة المحددة ولا شيء عليك، وإن شئت كفرت عن ظهارك أولا ثم أتيت زوجك, ولا يجوز لك جماعها في هذه المدة قبل التكفير، وقد سبق بيان كفارة الظهار في الفتوى رقم: 192.
أما المرة السابقة على هذه، فإن الطلاق يقع عليك على الراجح من أقوال أهل العلم - إذا جامعتها خلال الشهر-ما دمت كنت تقصده بهذه الصيغة، ما لم تكن قد وصلت إلى حالة من الغضب المذهل كما سبق بيانه، وتأقيتك حينئذ لا يفيدك، لأن الطلاق لا يقبل التأقيت فإن وقته صاحبه بوقت ألغي التأقيت ووقع مطلقا.
فإن كانت هذه هي الطلقة الأولى أو الثانية فإنه يقع رجعيا، ويمكنك مراجعتها ما دامت في عدتها بطرق الرجعة المبينة في الفتوى رقم: 54195. وإن انقضت عدتها فإنها لا تحل لك إلا بعقد جديد.
أما إن كانت الثالثة فإنها تكون قد حرمت عليك، ولا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقها بعد الدخول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1430(13/12696)
قال لزوجته يحرم علي جماعك إلا إذا طلبت
[السُّؤَالُ]
ـ[تشاجرنا أنا وزوجتي كلامياً في المستشفى حيث كانت ابنتي منومة، وقالت لي بصريح العبارة إذا كنت رجال حرم النوم، وهي تكررها سابقاً مرارا وتكرارا غير أني لا أعيرها أي اهتمام، وفي هذه المرة غضبت وقلت يحرم علي جماعك إلا إذا طلبت أنت مني ذلك، وبعد مضي أيام قليلة حوالي عشرة أيام اجتمعنا وطابت الخواطر وحصل الجماع بدون أن تطلب ذلك مني، فماذا يترتب علي؟ أفتوني جزاكم الله خيراً هي الآن حامل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد جامعت زوجتك قبل طلبها فقد حنثت، وعليه فينظر في قصدك من التحريم المذكور، فإن قصدت الطلاق كان طلاقاً، وإن قصدت الظهار كان ظهاراً، وإن قصدت الإيلاء كان إيلاء، وإن قصدت اليمين لزمتك كفارة يمين، وإن لم تقصد شيئاً لزمتك كفارة يمين أيضاً، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 105968.
مع التنبيه على أن زوجتك آثمة بسبب ما تخاطبك به من تحريض على تحريم جماعها، فعليك نصحها وتذكيرها بحقوق الزوج على زوجته، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 3738.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1430(13/12697)
علق تحريم زوجته على إنفاقها من مالها الخاص على البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج، وزوجتي تعمل، فقلت لها ذات يوم: تحرمين علي إذا أنفقت من مالك على البيت، ثم مرضت والآن لا أستطيع أن أعمل بانتظام حتى أنفق على البيت وحدي، لأني أعول ثلاثة أطفال، وأنا أعمل سائقا وليس لي مصدر رزق غير عملي. فأفيدوني يرحمكم الله وهل لي كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد علقت تحريم زوجتك على إنفاقها من مالها الخاص على بيتك، فإن لم تقم بذلك فلا شيء عليك، وإن أنفقت على بيتك ولو مع شدة الحاجة إلى ذلك فقد حنثت.
لكن ينظر في قصدك، فإن نويت بالتحريم الطلاق كان طلاقاً، وإن قصدت الظهار كان ظهاراً، وإن قصدت الإيلاء كان إيلاء، وإن قصدت اليمين لزمتك كفارة يمين، وإن لم تقصد شيئاً لزمتك كفارة يمين أيضاً. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 105968. وراجع للفائدة أيضاً الفتويين رقم: 192، 107238.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1430(13/12698)
من قال لزوجته: أنت تشكلي لي مشاعر الطفل الرضيع تجاه أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا قال الزوج لزوجته أنت تشكلي لي مشاعر الطفل الرضيع تجاه أمه يعد هذا ظهاراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قاله الزوج لزوجته لا يعتبر ظهاراً، وما ينعقد به الظهار ينقسم إلى لفظ صريح، وكناية، وراجع التفصيل في ذلك في الفتوى رقم: 45921.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(13/12699)
حلف بالحرام أن امرأته فعلت كذا ولم تكن فعلت
[السُّؤَالُ]
ـ[حلف زوجي: علي الحرام أني رأيتك تفعلين كذا وأنا لم أفعل ولا أعرف نيته، فما حكم عيشي معه، وأنا متأكدة أنني لم أفعل ما قال عنه، وأنه كان يعرف أنني لم أفعل ولكن حلف ليؤكد علي أنه متأكد من ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان من حلف زوجك بالصيغة المذكورة لا يخلو من أمرين:
الأول: أن يكون متعمدا الكذب عالما أنه لم يكن منك ما حلف عليه، وفي هذه الحال فإن الراجح من أقوال أهل العلم أنه يرجع إلى نيته في قوله فإن كان يقصد بحلفه هذا الطلاق وقع الطلاق أو الظهار فهو ظهار تلزمه كفارة الظهار أو اليمين فهو يمين وعليه كفارة يمين، فإذا لم ينو شيئا فهو يمين تلزمه كفارتها.
الثاني: ألا يتعمد الكذب بل حلف يظن أن ما حلف عليه حقا والحال أنه ليس كذلك، فهنا لا يلزمه شيء وتكون يمينه هذه لغوا، جاء في فتاوى ابن حجر الهيثمي: وسئل عما لو قال عليّ الحرام من زوجتي أن الشيء الفلاني لم يكن ظناً منه أنه لم يكن فبان أنه كان فهل تطلق؟ والحال أنه نوى بعليّ إلى آخره الطلاق. فأجاب: بأنه لم يقع طلاق لعذره سواء أنوى أن الأمر كذلك في ظنه أو في الواقع كما بينته في فتاوى أخرى بكلام مبسوط في هذه المسألة بان به الحق فيها إن شاء الله فإنه قد كثر اضطرابهم فيها واختلافهم، والله سبحانه وتعالى أعلم. انتهى.
وأنت أيتها السائلة قد جزمت بالحال الأول وأنه تعمد الكذب لذا فعليك أن تعلميه بحرمة ما صنع وأن عليه أن يتحلل مما قال، إما بإرجاعك إن كان يقصد الطلاق أو بفعل كفارة الظهار إذا كان قصده الظهار أو كفارة اليمين إن كان قصده اليمين أو لم يكن يقصد شيئا بعينه أصلا، مع ملاحظة أنه في حالة الظهار لا يحل له الجماع حتى يخرج الكفارة لقوله تعالى: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا {المجادلة:3} .
وقد سبق بيان كفارة اليمين في الفتوى رقم: 2053.
وكفارة الظهار في الفتوى رقم: 12075.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1430(13/12700)
قال لزوجته أنا محرم عليك إلى يوم القيامة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوكم ساعدوني وأرشدوني، أنا منذ أسبوعين عدت وأولادي من زيارة أهلي، وما مر وقت على دخولي البيت حتى بدأت أحكي لزوجي كيف قضيت عطلتي وسط العائلة، وغضب زوجي حين أخبرته أني خلال تلبية دعوة أختي للعشاء مررت على خالي وأولاده لأسلم عليه؛ لأن بيته في نفس الحي الذي تسكن فيه أختي، واعتبر ذلك أني لم آخذ موافقته لأنه لا يحب خالي، وأنا والله لو فكرت أن هذا سوف يغضبه لما ذهبت خصوصا أن علاقتي بزوجي تعرف توترا كبيرا، وأنا أتجنب أية مصادمة معه المشكلة أنه حول جلستنا الهادئة إلى مصيبة حين قال لي أثناء حديثنا أنا محرم عليك إلى يوم القيامة، ولا تنظري إلي إذا كنت ميتا، صدمني لأني اعتبرت هذا ظهارا وبقيت طوال اليوم الموالي لا أكلم أحدا، لكنه بكل هدوء عندما جاء المساء جلس بجانبي يداعب يدي ويمهد للمعاشرة الشرعية فرفضت لأن هذا قد يكون حراما، وطلبت منه أن نستشير ونسال ربما يتطلب الأمر كفارة فقال لي: لتبقي كما أنت. لا أعرف ماذا أفعل؟ هل هذا طلاق أم ظهار؟ وإذا الأمر تطلب الكفارة هو لن يستطيع الصيام لأنه يدخن وعصبي، وأيضا راتبه الشهري لن يمكننا من إطعام ستين مسكينا، وهل يمكنني أن أستعمل مالا أعطته لي والدتي من زكاة مالها من أجل الذهاب للطبيب لأن زوجي يقوم بباقي نفقاتي إلا التطبيب فهو يماطل فيه، أنا أعيش وسط كومة من المشاكل. أخرجوني من هذه المشكلة عل الأقل لأنها أعظمها. رجاء لا تتأخروا في الرد علي ولكم كل امتناني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتحريم الرجل لزوجته كقوله أنت حرام علي، أو أنا حرام عليك ونحوها يرجع فيها إلى نية الزوج على الراجح، ولا فرق بين قوله أنت محرمة علي أو أنا محرم عليك، كما نص على ذلك ابن عابدين في رد المحتار على الدر المختار. فإن قصد به الزوج الطلاق كان طلاقا، وإن قصد به الظهار كان ظهارا، وإن قصد به اليمين أولم ينو شيئا كان يمينا كفارته كفارة يمين.
وبناء عليه، فإنه ينظر في نية زوجك وقصده بما تلفظ به من قوله (أنا محرم عليك) فإن كان قصد به الطلاق وقع الطلاق على مانوى واحدة أوأكثر، وإن كان قصد الظهار فهو مظاهر وتلزمه كفارة الظهار، وماذكرته من عصبيته وتعاطيه للتدخين المحرم ليس بعذر في عدم استطاعة الصيام، وهو الذي أوقع نفسه في الحرج، فإن كان ظهارا فلا يجوز له أن يقربك حتى يكفربعتق رقبة، فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، ولاحرج في مساعدته على أداء الكفارة، سواء أكان ذلك منك أو من غيرك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أعان أعرابيا على أداء كفارته.
وأما إذا لم يكن قد نوى الطلاق أوالظهار، وإنما قصد اليمين أونطق بذالك دون قصد معين فتلزمه كفارة يمين فحسب. وهي إطعام عشرة مساكين أوكسوتهم أوتحرير رقبة، فإن لم يستطع فليصم ثلاثة أيام. ويلزم نصحه بترك الدخان لكونه محرما شرعا، وله أضرار صحية على المدخن ومن يسكن معه من زوجته وأولاده. فليتق الله وليقلع عنه.
وننبهك إلى أنه لاحرج عليك في الأخذ من زكاة أمك لتنفقي منها على علاجك مادامت نفقتك لا تلزمها وزوجك عاجز عن توفير نفقة العلاج لك.
قال النووي: إذا كان الولد أو الوالد فقيراً أو مسكيناً، وقلنا: في بعض الأحوال لا تجب نفقته، فيجوز لوالده وولده دفع الزكاة إليه من سهم الفقراء والمساكين لأنه حينئذ كالأجنبي.
ولكننا ننبه إلى أن نفقة علاج الزوجة من أهم ما ينبغي للزوج أن يعتني به، فحاجتها إلى الدواء كحاجتها إلى الطعام، بل هي أشد؛ ولذا راينا الأخذ بقول من يرى وجوب علاج الزوجة على زوجها، كما بينا في الفتوى رقم: 56114.
وننصحكما بعرض مسألتكما على أولي العلم مباشرة ليستفصلوا من الزوج عن نيته ونحوها مما يختلف به الحكم ويترتب عليه. وللمزيد انظري الفتويين رقم: 37469، 55866.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1430(13/12701)
قال لزوجته مرتين إن فعلت كذا فأنت محرمة علي
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني أجيبوني حدث مني فعل لم أكن أعرف حكمه، وكنت أجهله تماما وسوف أحدثكم بصراحة: أنا متزوج صدر مني قول لزوجتي وهو إنك إذا فعلتي كذا فأنتي محرمة علي وحدث هذا مني مرتين ولم أكن اعرف عن حكمهما شيئا إلى أن أكرمنا الله ببعض من الهداية وقرأت سورة المجادلة وحفظتها وشرحها لنا أحد الإخوة وعرفت ما حصل منا ولكن لم أذكر هذا الموضوع لأي أحد إلى الآن وأعاشر زوجتي فماذا افعل؟
ملحوظة: أنا هذا الفعل لم يتكرر مني بعد ما علمته جيدا ولن يتكرر بإذن الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تكن زوجتك فعلت ما حلفت بتحريمها على عدم فعله فلا يلزمك شيء، وأما إن كانت خالفتك وفعلت ما حلفت بتحريمها على عدم فعلها إياه فينظر حينئذ فيما قصدت بلفظ التحريم لأن الراجح فيه أنه يكون بحسب النية إن نوى به الزوج الظهار كان ظهارا، وإن نوى به الطلاق كان طلاقا، وإن لم ينو به أيا منهما وإنما أراد التحريم فحسب فهو يمين كفارتها كفارة يمين.
وعلى فرض كونه ظهارا أو يمينا فإنما تلزمه فيه كفارة واحدة للظهار إن كان ظهارا أو كفارة يمين إن كان يمينا، وأما على فرض قصد الطلاق فهما طلقتان، وعلى فرض عدم وقوع الطلاق منك عليها قبل ذلك فتصح الرجعة بعد الطلقة الثانية بالوطء ولو بلا نية على الراجح وهي باقية في عصمته.
وأما على فرض قصد الظهار فعليك أن تكف عنها حتى تؤدي كفارة الظهار وهي عتق رقبة فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكينا وإذا أديت الكفارة جاز لك قربان زوجتك.
وأما على فرض قصد اليمين وحصول الحنث فيلزمك أداء كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم تستطع فصيام ثلاثة أيام.
ولمزيد من الفائدة يرجى مرجعة الفتويين: 59996، 26876.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1430(13/12702)
لا ينحل حكم الظهار إلا بعد الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[تم حلفي على زوجتي بأن لو أخذت أي شيء من بيت أهلها مثل طعام أو شراب تكون مثل أمي وأختي وكان هذا الحلف وأنا بالحمام وقت انفعال مني لحوث موقف سابق من أهلها وهي أخذت أشياء من بيت أهلها ومعروف ثمنها بالتقدير فهل يمكن أن أقدر المأكولات بمبلغ نتفق عليه مع أهلها وأعطيه ولهم أو ماهي الكفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 44425، أن قول الرجل لزوجته أنت مثل أمي يحتمل الظهار وغيره، فيكون ظهارا بالنية، والذي ظهر لنا من كلامك أنك أردت الظهار ولم ترد أنها مثل أمك في الاحترام والتوقير مثلا.
والظهارُ يكون معلقاً، ويكون مُنجزا، والظهار المعلق يقعُ بحصول ما عُلق عليه، فإذا أردت إمساك زوجتك بعد حصول الشرط الذي علق عليه الظهار لم يجز لك أن تمسها إلا بعد الكفارة، وهي المذكورة في قوله تعالى: َالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ {المجادلة:3-4} .
فالواجبُ عليك صيام شهرين متتابعين قبل أن تمس زوجتك، فإن عجزت عن الصيام أطعمت ستين مسكينا لكل مسكين مُدٌ من طعام، وانظر الفتوى رقم: 96970.
ولا ينفعك ردُ ما أخذته زوجتك إلى أهلها ولا قيمته لأن الظهار وقعَ بمجرد حصول الشرط وهو أخذها ما أخذته من بيتهم فلا ينحلُ حكمه إلا بعد الكفارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1430(13/12703)
قول الزوج إذا لم يحدث كذا الليلة سوف تحرمين علي
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تزوجت منذ شهر تقريباً، وبعد عدة محاولات لم يتم الدخول بعد، وفي ليلة قلت لزوجتي إن لم أفض غشاء البكارة الليلة سوف تحرمين على كأمي، وبعد عدة محاولات قبل أن تنقضي الليلة لم ينفض الغشاء، ربما يكون الغشاء مطاطيا على الرغم من أنني آلمتها كثيراً، ومع ذلك لم ينفض ما حكم اليمين، أنا الآن لا ألمسها وأرجو الرد بسرعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته هو من قبيل الظهار المعلق على القول الراجح، وإن كانت الصيغة تحتمل الوعد، وأنك سوف تحرمها إن لم يحصل ما ذكرت، لكن الظاهر من السؤال أنك لم تكن تقصد ذلك، وإنما قصدت أنها تحرم عليك إن لم يقع فض لغشاء البكارة، وذكرت أنه لم ينفض فيلزمك كفارة ظهار، وهي كما قال تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ*فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ {المجادلة:3،4}
فهي إذن على الترتيب عتق رقبة، فإن لم تجد فصم شهرين متتابعين، فإن لم تستطيع فتطعم ستين مسكينا، ويجب إخراج الكفارة قبل أن تمسها، لكن ننبهك إلى أن غشاء البكارة ربما يكون قد انفض إن كنت أولجت وحصل الجماع، ولا يلزم نزول الدم؛ لأن من أنواعه ما هو مطاطي لا يتمزق ويكون فضه بالإيلاج خلاله، ولذا ينبغي التثبت أولا هل حصل فض للغشاء أولا، ويمكن ذلك بمراجعة طبيبه مأمونة، كما ننصح بعرض المسألة على المحاكم الشرعية لأن حكم القاضي يرفع الخلاف، وربما يستفصل عما ينبغي الاستفصال عنه منك عن قصدك فيما ذكرت، وعما حصل منك ونحو ذلك مما يترتب عليه أثر ويختلف به الحكم.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 80184، 27470، 19950.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1430(13/12704)
الظهار المؤقت وحكم قول الزوج أنت مثل ابنتي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول الرجل لزوجته أنت مثل ابنتي وهو يقولها بنية أنها محرمة عليه لفترة بنية معاقبتها على خطأ فعلته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الزوج لزوجته: [أنت مثل ابنتى] من الكنايات التى تحتمل الظهار وغيره، ففي الموسوعة الفقهية: والكناية عند جمهور الفقهاء ما يحتمل الظهار وغيره ولم يغلب استعماله في الظهار عرفا, ومثاله أن يقول الرجل لزوجته: أنت علي كأمي أو: مثل أمي, فإنه كناية في الظهار; لأنه يحتمل أنها مثل أمه في الكرامة والمنزلة, ويحتمل أنها مثلها في التحريم, فإن قصد أنها مثلها في الكرامة والمنزلة فلا يكون ظهارا ولا شيء عليه, وإن نوى به الطلاق كان طلاقا, وإن نوى به الظهار كان ظهارا; لأن اللفظ يحتمل كل هذه الأمور, فأي واحد منها أراده كان صحيحا وحمل اللفظ عليه, وإن قال: لم أقصد شيئا لا يكون ظهارا, لأن هذا اللفظ يستعمل في التحريم وغيره فلا ينصرف إلى التحريم إلا بنية.انتهى.
وعليه فإذا كان الزوج قاصدا تحريم زوجته فترة محددة فهذا ظهار مؤقت، وجمهور أهل العلم على وقوع الظهارالمؤقت، فإذا انقضت الفترة المحددة له حلت الزوجة بدون كفارة الظهار، وإن جامعها زوجها قبل تمام تلك المدة لزمته كفارة ظهار، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 27470.
وأنواع كفارة الظهار تقدم تفصيلها في الفتوى رقم: 192.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1430(13/12705)
غضب فحرم زوجته على نفسه فما حكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[حصلت مني مشكلة تجاه زوجتي دون علمها، وهي أنني مغترب بدولة عربية خليجية، وأثناء اتصالي بالبيت في مصر ردت علي زوجتي وقالت لي إننا محتاجون لفلوس لأن أخاك سيعمل عملية وقلت لها كم قالت مبلغ كبير لا يمكن أذكره هنا تعكر صفوي وقلت لها إذا أرسلت هذا المبلغ معناها لن أقدر أنزل مصر إجازة قالت لا لا تأي فتعكر صفو مكالمتي لها وقلت لها أعطني أمي لأكلمها وقلت لأمي إن البنت دي تحرم علي خلفتها وقلت لها إن البنت هذه لا تفهم شيئا وكلمتني أختي وقلت لها البنت هذه تحرم علي خلفتها من غير ما أقول لزوجتي، فما حكم الدين والشريعة السمحاء في ذلك وأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا بيان حكم تحريم الرجل زوجته على نفسه، وذلك في الفتوى رقم: 26876، والفتوى رقم: 2182.
وذكرنا أن الراجح أن تحريم الزوجة يرجع فيه لنية الزوج، فإن كنت تقصد بقولك هذا الطلاق فقد وقع الطلاق، وإن كنت تقصد به الظهار فقد وقع الظهار وعليك كفارة ظهار، وقد سبق بيانها في الفتوى رقم: 12075.
وإن كنت تقصد به اليمين أو لم يكن لك قصد فقد وقع اليمين، وعليك كفارة اليمين المبينة في الفتوى رقم: 107238، وننبه على أنه لا يشترط لوقوع هذه الأشياء أن يتلفظ به عند الزوجة، بل تقع بمجرد التلفظ سواء كان بحضرة الزوجة أم في غيابها، للفائدة في ذلك تراجع الفتوى رقم: 113902.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1430(13/12706)
حكم من تلفظ بكنايات الظهار
[السُّؤَالُ]
ـ[المتفق عليه من خلال القرآن الكريم في (الظهار) ما بين الرجل وزوجته أن يقول لها أنت علي كظهر أمي0 حسب الآية الكريمة0 فهل كلمة الظهار لها مرادفات أخرى في القول مثل أن يقول الرجل لزوجته أنا قرفتك وإذا نفسي بأمي نفسي بك ولم يقل لها أنت علي كظهر أمي0 كما في الآية الكريمة0
مع العلم أنه يحب زوجته كثيرا ولم يقلها من قلبه ولم يكن يعنيها بل مجرد وقت الغضب مع العلم أنه يجهل الحكم الشرعي في الظهار وما هو الظهار والآية التي فيها الظهار.
الموضوع وقع قبل (5 سنوات) مع العلم أن الزوجة توفيت قبل عام رحمها الله وهي صغيرة في مقتبل العمر موت الفجأة0 كم كانت زوجة صالحة بارة بي وبأولادي وبأهلي وكل من يعرفها بحسن خلقها، جمعني الله وإياها في الفردوس الأعلى، لأني اُشهد الله أني راضٍ عنها فارض عنها يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين0
فهل هذا يُعد ظهارا وإذا كان الجواب أنه ظهار فماذا يترتب علي عمله حسب الحكم الشرعي.
الرجاء التوضيح قدر المستطاع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظهار كما جاء تعريفه في منح الجليل شرح مختصر خليل هو: تشبيه المسلم المكلف من تحل أو جزأَها بظهر محرم أو جزئه.
أما الآيات التي ذكرت حكم الظهار فهي قوله سبحانه: الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ* وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا {المجادلة:2- 4} .
أما ما يقوله الزوج لزوجته من ألفاظ تشبه الظهار مثل ما ذكرت من قول القائل لزوجته: أنا قرفتك؟ وإذا نفسي بأمي نفسي بك فهذا ما يعرف بكنايات الظهار وحكمه أنه يقع الظهار به بالنية، فلو نوى القائل بهذه الكلمات الظهار فإن الظهار يقع بها, وإذا لم ينو فلا يقع الظهار.
قال ابن قدامة في المغني: وإن قال: أنت علي كأمي أو مثل أمي ونوى به الظهار فهو ظهار في قول عامة العلماء منهم أبو حنيفة وصاحباه والشافعي وإسحاق، وإن نوى به الكرامة والتوقير أو أنها مثلها في الكبر أو الصفة، فليس بظهار، والقول قوله فيه. انتهى.
وحيث إنك قد ذكرت في سؤالك أن الزوج لم يكن يعنيها, فظاهر كلامك أنه لم يكن يقصد الظهار بهذا الكلام وبالتالي فلا شيء عليه. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 36654.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1430(13/12707)
قال لامرأته أنت محرمة علي كأمي
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم الشرع في مقولة أنت محرمة علي كأمي وأختي حيث إني قلتها في وقت غضب وعصبية دون الشعور بمعناها الحرفي حيث إنها المرة الأولى لي، فهل يعتبر يمين طلاق أو يمين ظهار وحرمتها، مع العلم بأني سمعت أكثر من شخص وأكثر من رأي وأنا في حيرة من أمري مع العلم بأني جامعت زوجتي أكثر من مرة فما حكم الدين في ذلك أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الصيغة ليست صريحة في الطلاق ولا في الظهار على الصحيح، ولذا قال السرخسي في المبسوط: ولو قال أنت علي كأمي فهذا كلام يحتمل وجوها لأن الكاف للتشبيه وتشبيه الشيء بالشيء قد يكون من وجه وقد يكون من جوه. انتهى.
وما دمت لا تذكر قصدك هل هو الطلاق أو الظهار أو اليمين فالأولى حملها على اليمين لأنها أقل ما تصدق عليه، قال الشيخ زكريا الأنصاري: فيمن أطلق لفظ التحريم على زوجته ولم يقصد به ظهارا أو طلاقا أنه يكون يمينا.انتهى.
ونقل عن الشافعي قوله: إ ن الحرمة الثابتة باليمين دون الحرمة التي تثبت بالطلاق وعند الاحتمال لا يثبت إلا القدر المتيقن فكان يمينا. انتهى.
وقيل تحمل على الظهار كما ثبت عن مالك في المدونة، وكما ذكر السرخسي في المبسوط عن محمد بن الحسن الشيباني وأبي يوسف في رواية عنه.
والقول الأول هو ما نميل إليه لاحتمال الصيغة المذكورة، ولأن اليمين هو أقل ما تصدق عليه لكونه دون الطلاق والظهار، وبناء عليه فتجزئك كفارة يمين عنها.
قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ*قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ {التحريم: 2،1} .
وكفارة اليمين هي المذكورة في الآية: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ {المائدة:89} .
أما الغضب فلا اعتبار له إلا إذا غطى العقل ووصل إلى درجة فقد الوعي وذهاب الإدراك.
وللفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 60651، 45921، 70544، 30708، 58727.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1429(13/12708)
قال لامرأته أنت الآن أمنا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش مع أهلي وإخواني في البيت وفي يوم خرج أبي وأمي من البيت فقلت لزوجتي: أنتي الآن أمنا، وكيفي حالكي يا أمي ... إلخ. فهل هذا يعتبر ظهارا كما في قوله تعالى: الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتم، ما الحكم في ذلك؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه العبارة غير صريحة في الظهار ولم يقصد بها ذلك كما اتضح، وإنما المقصود كون الزوجة تقوم مقام الأم في رعاية الأسرة والقيام عليها بمصالحها، هذا هو الظاهر إلا إذا كنت قصدت به الظهار من زوجتك فهو ظهار، قال ابن قدامة في المغني: وإن قال أنت علي كأمي والله أمي ونوى به الظهار فهو ظهار ... وإن نوى به الكرامة والتوقير وأنها مثلها في الكبر أو الصفة فليس بظهار، والقول قوله في نيته.
والأولى هو اجتناب مناداة الزوجة بالأم أو الأخت ونحوه لما ذكر أهل العلم من كراهة تسمية الرجل زوجته بمن تحرم عليه كأمه وأخته، ولما روى أبو داود: أن رجلاً قال لامرأته يا أخية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي أختك فكره ذلك ونهى عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1429(13/12709)
قول الزوج أنت حرام دون قصد الطلاق أو الظهار أو اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أرسلت إليكم أسئلة كثيرة عن الوسوسة في ألفاظ الطلاق وكناياته (على هذا البريد الذي أراسلكم عليه وإذا تفقدتم هذا البريد لوجدتم هذه الأسئلة) وأجبتم علىً بفضل الله تعالى وجزاكم الله كل خير
وسؤالي لفضيلتكم هو:
أنى كنت أريد أن أجامع زوجتي فقالت إنها متعبه فبدأت أحدثها أن امتناعها عن الجماع حرام عليها
وهى تعرف ذلك فهي محجبة وملتزمة والحمد لله.
وأثناء الحديث قلت لها (أنت حرام) ولم أقصد الطلاق أو الظهار أو اليمين إنما قلتها دون قصد بمعنى سبق لسان فركبني هم ثقيل من هذه الكلمة وأقول لنفسي لا يترتب على هذه العبارة أي حكم فلم أقصد أن أقول العبارة ولم أقصد أي نية وأيضا لم أضف كلمة للعبارة السابقة تعنى نفسي فهل ما أقوله لنفسي صحيح أم يترتب عليه حكم شرعي؟
أود أن أذكر لفضيلتكم أني لم أكن غضبانا ولم أتشاجر أو أتخاصم مع زوجتي بسبب ذلك وتفهمت عذرها وهو أنها كانت متعبة.
أستحلفكم بالله أن تجيبوني في أسرع وقت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوجة أن تمتنع عن زوجها ما لم يكن هناك مانع من ذلك، وأما الامتناع دون سبب أو بسبب الإرهاق العادي الذي تستطيع معه الجماع، فإنه من الكبائر لما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح. ومع ذلك ينبغي للزوج مراعاة حال زوجته، فإذا كانت مرهقة أو متعبة فلا يعنتها بطلب الجماع حينئذ، لكن إن أصر على ذلك فلتجبه ولتحتسب ذلك عند الله سبحانه.
وأما قول الرجل لزوجته أنت حرام، أو أنت علي حرام وما شابه ذلك اختلف فيه العلماء اختلافا كبيرا، والخلاصة أن الأمر يرجع إلى نية الزوج فإن نوى بهذه الكلمة الطلاق كان طلاقا، وإن نوى بها الظهار كان ظهارا، وإن نوى بها اليمين فهي يمين، أما إذا لم ينو بها شيئا كما هو حالك أيها السائل فإن الراجح أنها يمين فيها الكفارة، وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي، والكفارة هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام. ويدل على ذلك ما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: إذا حرم الرجل عليه امرأته فهي يمين يكفرها، وقال: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة.
قال النووي في شرح أثر ابن عباس السابق: وقد اختلف العلماء فيما إذا قال لزوجته: أنت عليّ حرام، فمذهب الشافعي أنه إن نوى طلاقها كان طلاقاً، وإن نوى الظهار كان ظهاراً، وإن نوى تحريم عينها بغير طلاق ولا ظهار لزمه بنفس اللفظ كفارة يمين ولا يكون ذلك يميناً، وإن لم ينو شيئا ففيه قولان للشافعي: أصحهما يلزمه كفارة يمين؛ والثاني أنه لغو لا شيء فيه ولا يترتب عليه شيء من الأحكام، هذا مذهبنا. انتهى
وللفائدة تراجع الفتاوى رقم: 57586، 14259، 50329، 17483.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1429(13/12710)
حكم ظهار الزوجة من زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة قالت لزوجها: أنت حرام عليّ كحرمة أخي عليّ. فماذا يترتب على قولها من أحكام؟ وهل يحرم زوجها عليها؟ ويعد هذا ظهاراً من الزوجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا ظهار من الزوجة إذ شبهت زوجها في حرمته عليها بحرمة أخيها عليها، وهذا منكر وزور، وظهار الزوجة من زوجها وتحريمها إياه على نفسها حكمه حكم اليمين على الراجح، وكفارته كفارة يمين ولا يعتبر لغواً،. قال أبو يوسف: هو تحريم عليها كفارة يمين. وكذا قال الأوزاعي وغيرهما. قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ {التحريم:1-2} . فمن حرم شيئا على نفسه مما أحل الله له كان ذلك يمينا كفارته كفارة يمين في أصح أقوال أهل العلم، غير تحريم الزوج لزوجته مظاهرا منها.
وكفارة اليمين هي ما رود في قوله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ {المائدة: 89} . وراجع الفتوى رقم: 17696.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1429(13/12711)
حكم الحلف بالحرام على عدم تقبيل الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أمازح زوجتي وإذا بي أقول لها (بالحرام لن أقبلك) باللهجة التونسية, هل هي محرمة علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما حدث منك هو حلف بالحرام على عدم تقبيلك لها إن كان هو المراد هنا فالراجح من أقوال أهل العلم أن تحريم الزوجة يرجع فيه إلى نية الزوج إن قصد به الظهار أو الطلاق أو اليمين كما بينا بالفتوى رقم: 43663، فإن وقع ما علق عليه التحريم وقع ما نويت، ونرجو إذا كنت تقصد شيئا آخر أن تبينه لنا ليتسنى لنا جوابه.
وننبهك إلى الحذر من استعمال مثل هذه الألفاظ ولو على سبيل المزاح، إذ قد يكون عاقبة ذلك حصول ما يوجب الندم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1429(13/12712)
حكم الشك في الظهار
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يشك في ظهار زوجته فهل يجب عليه أن يسألها ما إن قال لها ما يفيد ذلك أم يطرح الشك ويبني على اليقين علما وأن هذا الرجل كثير الشكوك ولكنه يسعى إلى مجاهدة نفسه للخلاص من هذه الشكوك المتكررة التي لا تخص ما ذكرت فقط. أفيدوني في أقرب وقت ممكن جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن القواعد الفقهية المتفق عليها أن "اليقين لا يزول بالشك"
وهذه القاعدة من أنفع الوسائل في علاج الوساوس -أعاذنا الله منها-، الوساوس في أمور الطهارة، والصلاة، والطلاق والظهار ونحو ذلك، والتي قد بُلي بها فئام من الناس.
قال الكاساني في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع": حتى لو شك فيه (أي في الطلاق) ، لا يحكم بوقوعه حتى لا يجب عليه أن يعتزل امرأته؛ لأن النكاح كان ثابتا بيقين ووقع الشك في زواله بالطلاق فلا يحكم بزواله بالشك.
قال ابن قدامة في "المغني": وجملة ذلك أن من شك في طلاقه لم يلزمه حكمه نص عليه أحمد وهو مذهب الشافعي وأصحاب الرأي؛ لأن النكاح ثابت بيقين فلا يزول بشك.
هذا كلام الفقهاء رحمهم الله في الطلاق ومثله الظهار، وعلى ذلك نقول لك أخي السائل: بناء على ما ذكرته من أن هذا الرجل كثير الشكوك فيلزمه طرح هذه الشكوك وعدم الالتفات إليها ولا العمل بما تقتضيه، ولا تصير زوجته محرمة عليه بسبب هذا الشك. والذي يجب عليه بعد ذلك هو محاربة الوساوس والحذر منها والإكثار من التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وليعلم أن أفضل علاج لهذا بعد كثرة ذكر الله سبحانه، والاستعانة به واللجوء إليه، هو الإعراض عنها وتجاهلها سواء كانت في أمور الطهارة أو الصلاة أو غير ذلك، وفقنا الله وإياك إلى ما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1429(13/12713)
قول الرجل لزوجته نكون كالأخوين هل يعد ظهارا
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل تزوج حديثا ويشك أنه في أحد المواقف ولخجل زوجته منه, قال لها ندخل الغرفة ونكون كالأخوين ودخل معها وأتى حاجته. هل إذا ثبت ما يشك فيه يكون ظهارا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتشبيه الرجل زوجته بأخته بقوله: أنت كأختي أو مناداتها بذلك بأن يقول لها: يا أختي كل ذلك ليس ظهارا صريحا ولا يثبت حكم الظهار به إلا إذا نواه. قال ابن قدامة رحمه الله في المغني وهو يتكلم عن هذا اللفظ: لأن هذا اللفظ ليس بصريح في الظهار ولا نواه به فلا يثبت التحريم. انتهى.
وعليه فلو ثبت أن هذا الرجل قال لزوجته أنت كأختي أو نحن كالأخوين فإنه لا يكون مظاهرا من زوجته بذلك اللفظ إلا إذا كان نوى الظهار، وهو هنا لم ينوه بل كان ذلك لقصد إزالة خجل الزوجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1429(13/12714)
قول الزوج لامرأته أنت حرام علي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قال لزوجته أنت حرام علي ولم يذكر لفظ الأم أو الأخت، ولم ينو بذلك الطلاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في عدة فتاوى سابقة أن تحريم الزوجة يرجع فيه إلى نية الزوج، فراجع الفتوى رقم: 57586.
فإذا لم ينو الزوج بهذا اللفظ طلاقا أو ظهارا وإنما قصد به منع زوجته ونحو ذلك فتلزمه كفارة يمين كما هو موضح بالفتوى رقم: 23974.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1429(13/12715)
قول الزوج لامرأته (تحرمي علي لوفعلت كذا)
[السُّؤَالُ]
ـ[عقدت على زوجتي وبعد أسبوع سألتني عن شيء واستحلفتني بقولها قل تحرمي علي لو فعلت كذا فقلت تحرمي علي لو فعلت ذلك وأنا فعلت هذا الشيء وبعد ذلك دخلت بها ولنا الآن ثلاث سنين وبيننا طفل وسمعت الآن أن الطلاق قبل الدخول لا بد له من عقد ومهر جديدين، فهل يجب علي ذلك الآن علما بأنني حين استحلفت لم أكن أعلم أن ما قلته يعد طلاقا أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتحريم الزوجة سبق أن الراجح فيه أنه بحسب نية الزوج، فإذا كانت نيته الظهار صار ظهاراً، وإذا كانت نيته الطلاق صار طلاقاً، وإذا كانت نيته اليمين كان يميناً، وكذا إذا أطلق ولم ينو شيئاً فهو يمين.
وعليه، فإذا لم تكن تنوي بهذا القول الطلاق، فلم يقع طلاق حينئذ، ولكن يلزمك كفارة يمين، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 43663.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1429(13/12716)
تعليق تحريم الزوجة على خروجها من البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[حدثت مشاجرة بيني وبين زوجتي بسبب تأخرها بمشغل نسائي فحاولت تنبيهها بعدم تكرار هذا الشيء وحتى عن الأسواق ولكن اشتد الخلاف بيننا فقلت في حالة غضب (تحرمي علي إذا طلعتي من البيت) ، بنية قصدت بها الأسواق والمشاغل ولكني لست متاكداً إذا كنت قد حلفت على هاتين فقط أو خروجها بشكل عام وفي اليوم التالي أرسلت لها رسالة مصالحة وأن ما دار بيننا مجرد كلام لا يؤثر على علاقتنا كزوجين لكونها عند أهلها في بلد آخر ولكنها خرجت مضطرة للعمل بالوزارة تكمل إجرارات لها وأنا أعلم عنه منذ فترة وكانت هي قد فهمت التحريم على الأسواق والمشاغل النسائية فقط، فهل يقع حلفي عليها مع العلم بأني جلست معها في نفس اليوم الذي خرجت فيه وتصالحنا وسمحت لها بالذهاب إذا كان عندها أمور تحتاجها من أسواق وغيرها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الراجح في تحريم الزوجة أنه ظهار فمتى ما فعلت زوجتك ما علقت عليه ذلك فيلزمك الظهار، لكن المعتبر إنما هو قصدك ونيتك وقت حلفك أو الباعث لك على الحلف إن لم تكن تذكر نيتك، فإن غلب على ظنك أنك إنما قصدت المشاغل والأسواق فحسب لكونها هي الباعث لك على اليمين فلا تحنث بخروجها إلى غير ذلك، وأما إن كنت تقصد خروجها مطلقاً دون إذنك فتحنث متى خرجت إلى اي مكان ما لم تكن قيدت يمينك بزمن أو حال ونحوه فيعتبر ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي نراه في تحريم الزوجة أنه ظهار وبناء عليه فمن علق تحريم زوجته على فعل أمر ففعلته فإنه يكون مظاهراً منها وتلزمه كفارة الظهار قبل قربانها، والمرجح فيما ذكرت إنما هو قصدك ونيتك أو الحامل لك على اليمين والباعث إليه إن كنت لا تذكر نيتك، فإن كان قصدك مكاناً معيناً أو زماناً فلا تحنث بخروجها إلى غير ذلك المكان أو في غير ذلك الزمان، كالمشاغل والأسواق مثلاً أو في نفس اليوم أو الشهر أو حال غيابك ونحوه.
وأما إن كنت قصدت الإطلاق أي أنها لا تخرج من البيت مطلقاً دون إذنك فتحنث بمجرد خروجها إلى أي مكان وفي أي زمان.. وصلحكما لا يلغي ذلك اليمين ما لم تكن قصدت أن لا تخرج حال المغاضبة كما سبق وإلا فاليمين باق ويقع الحنث بمجرد مخالفته، قال المرداوي في الإنصاف: "ومتى خرجت على غير الصفة التي نواها لم يحنث". فإن خرجت على الصفة التي نواها حنث. فانظر ماذا نويت وقصدت وإن لم يكن لك نية ولا باعث فاللفظ عام ويبقى على عمومه فيقع الحنث بمجرد مخالفته. وما كان لك أن توقع نفسك في الحرج والمشقة وتعرض عصمتك للهدم فعليك أن تستغفر الله تعالى وتستعيذ من نزغات الشيطان، وللمزيد من الفائدة ولمعرفة كفارة الظهار ووقتها انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22979، 34958، 17483، 192.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(13/12717)
قول الزوج إن كنت ذهبت تكونين محرمة علي
[السُّؤَالُ]
ـ[تحية طيبة وبعد فقد طلبت مني زوجتى أن تذهب لزيارة صديقة بعد العمل فرفضت وقلت لها لا تذهبي وبعد رجوعها البيت قلت لها إن كنت ذهبت تكوني محرمة علي وحياتنا معا زنا فقالت إنها ذهبت. فتركتها عند أهلها وأبيت مع أحد أصدقائي.
أرجو النصيحة وجازكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 59519، والفتوى رقم: 42193، خلاف أهل العلم في حكم قول الرجل لزوجته أنت علي حرام أو محرمة، ورجحنا أنه بحسب نيته فإن قصد الطلاق فهو طلاق، وإن قصد الظهار فهو ظهار، وإن قصد الإيلاء فهو إيلاء، وإن قصد اليمين فهو يمين، ويعامل بما يترتب على ذلك.
وعليه فقولك لزوجتك (إن كنت ذهبت تكوني محرمة علي.. الخ) وقد ذهبت، يقع به ما نويت، من ظهار أو طلاق أو إيلاء أو يمين، ويلزمك ما يترتب عليه. وإن لم تكن نويت شيئا فتلزمك كفارة يمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1429(13/12718)
ظهار الزوجة من زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة ظاهرت زوجها باليمين يمينها في اعتقادي لغو سؤالي ما الحكم في يمينها؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ظهار الزوجة من زوجها يعتبر يميناً، كفارته كفارة يمين وليس لغواً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فظهار الزوجة من زوجها وتحريمها إياه على نفسها حكمه حكم اليمين وكفارته كفارة يمين ولا يعتبر لغواً، على الراجح. قال أبو يوسف: هو تحريم عليها كفارة يمين. وكذا قال الأوزاعي وغيرهما، وانظر لذلك الفتوى رقم: 17696، والفتوى رقم: 30909.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(13/12719)
حكم من شبه زوجته بظهر من تحرم عليه من ذوي رحمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوجة ثانية وزوجي سافر عند زوجته الأولى لمدة ستة أشهر ولم يترك معي مصروفا وأنا أعمل وهو دائما يستند على راتبي كي أغطي نفقات البيت وعند عودته من السفر طلب مني استعمال سيارتي ومبلغا من النقود ولكني رفضت إعطاءه لأنه مقصر في حقي على الرغم من أني قد قمت بتقديم المساعدة له أكثر من مرة وبمبالغ كبيرة وحتى الآن لم يرد لي أي مبلغ دفعته له بحجة أنه معسر وكان قد ترك عمله قبل السفر بمدة أربعة شهور وأنا كنت أقوم بالصرف على البيت من مالي الخاص وعلى الرغم من تحمل كل هذا إلا أنه غضب كثيرا من موقفي وضربني وحلف يمين أني محرمه عليه مثل بناته ولا أدري ماذا أفعل مع العلم بأنني قد طلقت منه مرتين قبل هذه إذا كانت تعتبر طلقة فأرجو تقديم الفتوى المناسبة مع العلم بأنه كان غضبان جدا وقتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
اختلف الفقهاء في تحريم الزوجة والأقرب أنه ظهار إن لم يقصد مجرد التهديد، ويتأكد ذلك إذا أضاف إلى التحريم تشبيهها بمن تحرم عليه على التأبيد كابنته أو أخته أو عمته، فيلزمه ما يلزم المظاهر، والغضب لا يمنع الحكم ما دام واعيا لما قاله وقاصده. وعلى الزوج أن يتقي الله في زوجته فيعاشرها بالمعروف ويكف عن ظلمها ومحاولته الاستيلاء على مالها بدون طيب نفس منها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيرجع في ذلك إلى نية زوجك حين تلفظ بهذا اللفظ، فإن كان يقصد تحريمك عليه -وهو الظاهر- فعليه كفارة الظهار على الأقرب من أقوال أهل العلم، فقد صرح القرآن الكريم بلزوم الكفارة في قول من قال: أنت علي كظهر أمي، ولا يخفى أن قول: أنت علي حرام مثلها في المعنى، فإذا أضاف إلى ذلك التشبيه بمن هي محرمة عليه مؤبدا كابنته كان أبين وآكد، وهذا هو مذهب الإمام أحمد وإسحاق، وبه أفتى عثمان رضي الله عنه. وهو اختيار الشيخ الشنقيطي كما في اضواء البيان وغيرهما من أهل العلم من المعاصرين.
وذهب بعضهم إلى أنه ظهار مطلقا، وذهب بعضهم إلى أنه إن نوى طلاقا يكون طلاقا.
وأما إن كان يقصد مجرد تهديدك (مجرد اليمين) واللفظ يحتمله كأن يقول: تحرمين علي مثل ابنتي إن فعلت أو إن لم تفعلي فعليه كفارة يمين إذا حنث، وهذا هو اختيار الإمامين ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله كما في إعلام الموقعين.
جاء الفتاوى الهندية – فقه حنفي: ولو قال أنت علي حرام كظهر أمي ونوى طلاقا إو إيلاء لم يكن إلا ظهارا عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى، وعندهما يكون طلاقا، وإن نوى التحريم أو لا نية له فهو ظهار بالإجماع. انتهى
وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني: وإن قال: أنت علي حرام كظهر أمي أو كأمي فكذلك (يعني يكون ظهارا) وبه قال أبو حنيفة وهو أحد قولي الشافعي. انتهى. ثم قال في الرد على المخالف: وقولهم: إن التحريم مع نية الطلاق طلاق: لا نسلمه، وإن سلمناه لكنه فسر لفظه ها هنا بصريح الظهار بقوله، فكان العمل بصريح القول أولى من العمل بالنية. اهـ
وفي المدونة في الفقه المالكي: قلت: أرأيت إن قال أنت على حرام كأمي، ولا نية له؟ قال: هو مظاهر كذلك قال لي مالك في قوله: "حرام مثل أمي" وقوله "حرام كأمي" عندي مثله، وهذا مما لا اختلاف فيه.
وفي مواهب الجليل – فقه مالكي: وإن قال: لها أنت علي حرام مثل أمي فهو مظاهر لأنه جعل للحرام مخرجا حين قال مثل أمي، قال غيره: ولا تحرم عليه؛ لأن الله أنزل الكفارة في الظهار، ولا يعقل من لفظ به فيه شيئا سوى التحريم. انتهى
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: لو قال: أنت علي حرام ونوى به الطلاق لم يقع به الطلاق عنده. ولو قال أنت علي كظهر أمي وقصد به الطلاق فإن هذا لا يقع به الطلاق عند عامة العلماء، وفي ذلك أنزل الله القرآن؛ فإنهم كانوا يعدون الظهار طلاقا والإيلاء طلاقا، فرفع الله ذلك كله وجعل في الظهار الكفارة الكبرى، وجعل الإيلاء يمينا يتربص فيها الرجل أربعة أشهر، فإما أن يمسك بمعروف أو يسرح بإحسان. كذلك قال كثير من السلف والخلف ... وإذا حلف بالظهار أو الحرام لا يفعل شيئا وحنث في يمينه أجزأته الكفارة في مذهبه؛ لكن قيل: إن الواجب كفارة ظهار وسواء حلف أو أوقع وهو المنقول عن أحمد. وقيل: بل إن حلف به أجزأه كفارة يمين، وإن أوقعه لزمه كفارة ظهار، وهذا أقوى وأقيس على أصل أحمد وغيره. فالحالف بالحرام يجزئه كفارة يمين، كما يجزئ الحالف بالنذر إذا قال: إن فعلت كذا فعلي الحج أو مالي صدقة. وكذلك إذا حلف.اهـ
ومثل التشبيه بالأم في حكم الظهار البنت وغيرها من المحارم باتفاق الأئمة الاربعة.
قال ابن قدامة: الضرب الثاني: أن يشبهها بظهر من تحرم عليه من ذوي رحمه، كجدته وعمته وخالته وأخته. فهذا ظهار في قول أكثر أهل العلم؛ منهم الحسن، وعطاء، وجابر بن زيد، والشعبي، والنخعي، والزهري، والثوري، والأوزاعي، ومالك، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وهو جديد قولي الشافعي. انتهى
وعلى هذا؛ فمن حلف بالحرام ليفعلن كذا أو لا يفعله – وهو قاصد لمعنى التحريم لا مجرد التهديد – فحنث وكانت له امرأة، فإنه يلزمه ما يلزم المظاهر، وهو المذكور في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ *فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا.. {المجادلة3-4}
ويحرم عليه الجماع ومقدماته من التقبيل والمعانقة وذلك قبل التكفير، وإن أخرج زيادة على ذلك كفارة يمين كان أحوط مراعاة للقول بها.
وأما كونه كان غاضبا فلا يمنع الحكم السابق ما دام قاصدا ماقاله واعيا له، فإن كان بحالة لا يعي فيها ما يقول فإنه لا يقع به شيء.
والواجب على زوجك أن يتقي في ألفاظه فلا يأتي بمثل هذا التحريم الذي هو منكر من القول وزور، والذي يعرض حياتكما الزوجية للانفصام، كما أن عليه أن يتقي الله في مالك، وأن يقوم بما يجب عليه من عمل ليسد حاجة من يعول، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12979، 7438، 34125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1429(13/12720)
قول الزوج تكونين محرمة علي مثل أمي هل يعد ظهارا
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي على خلاف مع خالى وحلف بأن أكون محرمة عليه مثل أمه وأخته اذا تحدثت معه طول عمره وكان في غضب شديد وقال لي إن نيته الطلاق؟ فهل اذا تحدثت مع خالي بعد أن تتصافى النفوس يقع الطلاق؟ وهل إذا وقع الطلاق تعتبر طلقة واحدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
قول الزوج لامرأته تحرمين علي كأمي يوجب كفارة الظهار، والغضب لا يمنع وقوعه ما دام يعي ما يقول.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الرجل لزوجته تكونين محرمة علي إذا فعلت كذا أو لم تفعلي من الكنايات التي تفتقر إلى نية، فإن أراد القائل طلاقا أو ظهارا أو إيلاء فهو ما نواه. وإن لم ينو شيئا أو أراد مجرد التهديد فهو يمين مكفرة إذا حنث فيها. وذلك على القول الراجح من أقوال أهل العلم وهو مذهب الشافعي، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 4027، 23974، 2182.
أما إذا أضاف الحالف إلى هذا اللفظ وهذا التحريم التشبيه بأمه أو أخته ونحوهما من محارمه. فالقول الأقرب أن هذا يقع ظهارا.. كما أفتى بذلك الحنابلة ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 96970، 7438، 9808، 10984، 12979.
قال ابن قدامة في المغني: وإن قال: أنت علي كظهر أمي حرام. فهو صريح في الظهار، لا ينصرف إلى غيره، سواء نوى الطلاق أو لم ينوه.
وليس فيه اختلاف بحمد الله؛ لأنه صرح بالظهار وبينه بقوله: حرام، وإن قال: أنت علي حرام كظهر أمي أو كأمي فكذلك، وبه قال أبو حنيفة، وهو أحد قولي الشافعي. والقول الثاني إذا نوى الطلاق فهو طلاق.
إلى أن قال: ولنا، أنه أتى بصريح الظهار، فلم يكن طلاقا كالتي قبلها.
وعلى ما سبق فعلى زوجك كفارة ظهار.. وراجعي الفتوى رقم: 96970.
وأما بالنسبة للغضب فلا يمنع وقوع الظهار أو الطلاق أو غيرهما من الأيمان ما دام الحالف يعي ما يقول ويقصده، وراجعي الفتوى رقم: 43663.
وأما بالنسبة لقولك: بعد أن تتصافى النفوس، فإنه يرجع في ذلك إلى نية الزوج، هل كان الدافع له على الحلف سبب محدد وزال هذا السبب، فإن كان كذلك فلا يقع الظهار بحديثك مع خالك.
وإن لم يكن له سبب محدد، ومقصده منع حديثك معه طول عمره حقيقة فالظهار واقع، ولا معنى للرجوع فيه ولو بعد تصافي النفوس. وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 28206، 98505، 33738.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1429(13/12721)
من قال لزوجته: إذا دخلت هذا البيت تحرمين علي
[السُّؤَالُ]
ـ[حلفت على زوجتي ألا تدخل بيت صديقتها وقلت لها ما يلي: والله ما بتدخلي هذا البيت وبعد ذلك خفت أن تدخل من دون أعلم وقلت لها محاولا تخويفها هل تعلمين أنك إذا دخلت هذا البيت تحرمين علي وهذا القول من قبل التهديد فقط ولم أكن أقصد غير ذلك، وما حصل أنها دخلت ذلك البيت فماذا علي الآن هل طلقت مني أم علي كفارة يمين أم ماذا، فأرجوكم أجيبوني على وجه السرعة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إن لم تكن قصدت التعليق فلا يلزمك شيء، وإن قصدت التعليق فتحريم الزوجة يرجع فيه إلى النية على الراجح، وإن منعتها لسبب ودخلت بعد زواله فلا يلزمك شيء أصلاً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لم تكن قد قصدت بهذا القول (هل تعلمين.... إلخ) إنشاء تعليق بمعنى أنك إنما أردت بيان ما يترتب على يمينك السابق ولم ترد ابتداء هذا التعليق، إذا كان هذا قصدك فلا يترتب عليه شيء؛ وإنما تلزمك كفارة اليمين التي حلفتها أولاً، وأما إن كنت قصدت تعليق تحريمها على دخول هذا البيت فالراجح أن تحريم الزوجة يرجع فيه إلى نية قائله، فإن نوى به الظهار كان ظهاراً، وإن نوى به الطلاق كان طلاقاً، وإن نوى به اليمين فهو يمين، كما سبق في الفتوى رقم: 43663.
وبما أنه قد وقع ما علقت عليه تحريم زوجتك وقع ما نويت، وعلى تقدير أنك نويت اليمين فتلزمك كفارة يمين، وهل تتعدد الكفارة بتعدد الأيمان على الشيء الواحد؟ في ذلك خلاف بين العلماء، والراجح ما ذهب إليه الجمهور من أنها تلزم بها كفارة واحدة، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 53941.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1428(13/12722)
حكم من علق تحريم زوجته على فعل ما
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: منعها زوجها من زيارة تهنئة لأقاربه وحلف بأنها تحرم عليه إن هي ذهبت فهل يعتبر هذا لغوا خاصة وأنه نسي ذلك بعد فترة وحرصا منها فقد ذكرته, فهل بهذا اليمين تعتبر طالقا إن ذهبت، وما كفارته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الشخص المذكور قد علق تحريم زوجته على ذهابها لزيارة أقاربه، بأن قال (هي حرام عليه أو تحرم إن ذهبت إليهم ونحو ذلك) ، من غير تقييد بزمن ينتهي عنده حلفه ولا سبب حامل له على ذلك، فقد اختلف العلماء فيما يترتب على هذا القول إن حصل ما علق عليه، فمنهم من يرى أنها تحرم بمجرد حصول المعلق عليه وهو الذهاب إلى أقارب الزوج هنا، ومنهم من يرى أن ذلك بحسب النية فإن نوى ظهاراً أو طلاقاً أو يميناً، لزمه ما نوى، وهذا هو الراجح كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 43663 وما أحيل عليه من فتاوى خلالها، ولبيان كفارة الظهار وكفارة اليمين تراجع الفتوى رقم: 12075، والفتوى رقم: 204.
أما إن قيد بزمن أو كان له سبب يحمله على ذلك وظل ذلك السبب ككونه مثلاً يمنعها من زيارة أقاربه لوجود شخص معين عندهم لا يريده هو أن يلتقي بها أو نحو ذلك فعلق طلاقها على زيارتها لهم لذلك السبب فسافر ذلك الشخص أو انقضت المدة التي علق التحريم فيها فإن يمينه تنحل في هاتين الحالتين، وتراجع الفتوى رقم: 13213، والفتوى رقم: 33738 للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1428(13/12723)
من أحكام الظهار المؤقت
[السُّؤَالُ]
ـ[قام زوج أختي بالحلف عليها أنها محرمة عليه لمدة شهرين كأختي وأمي وقد حدث ذلك في وجودها، وبعدها ذهب أخي اليه ليتكلم معه في ما صدر منه من كلام فقام بتأكيد ما قاله ثم قام بإمساك وفتح المصحف الشريف وحلف بة (المصحف) بأنها محرمة عليه ليوم الدين مرتين أمام أخي ووالدته، ثم قام أخي بسؤاله أمام والده وأخواته وأمه هل قمت بالحلف بالمصحف وأنت بكامل إرادتك وتدرك عواقب ذلك، قال نعم أدرك وأنا في كامل قواي العقلية، وتركت أختي المنزل خوفا من أن تكون قد حرمت عليه ووجب الطلاق لأننا لا نعلم الفتوى لذلك مع العلم أنه قد ردها قبل ذلك مرة، ومرة أخرى قال لوالدتها ابنتك طالق وحدث ذلك عن طريق التليفون فهل يعتبر ما حدث في حلفه بالمصحف طلقة ثانية أم ثالثة.
نرجو الرد والإفادة والفتوى الشرعية لذلك ونتمنى ذلك على وجه السرعة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا ننصح السائل الكريم برفع المسألة إلى المحاكم الشرعية لتستفصل فيها عما ينبغي الاستفصال عنه وتسمع مشافهة من الشخص نفسه الصيغة التي تم بها ذلك والهيئة التي تم عليها وغير ذلك مما ينبني عليه اختلاف الأحكام، ولا يكتفى فيها بالسؤال والجواب عن بعد.
ولكن على العموم نقول: إن التحريم الأول ليس طلاقا وإنما هو ظهار، كما في الفتوى رقم: 96970، وبما أنه موقت بزمن مجرد فإنه يزول حكمه إذا انتهى الوقت المذكور وهو شهران. قال ابن قدامة في المغني: ويصح الظهار مؤقتا.. فإذا مضى الوقت زال الظهار وحلت المرأة بلا كفارة، ولا يكون عائدا إلا بالوطء في المدة. وقيل يسقط التوقيت وتلزمه كفارة ظهار.
وأما الثاني، فإن كان أطلق لفظ التحريم دون تشبيه لها بأمه أو أخته أو من تحرم عليه تحريما مؤبدا -كما هو الظاهر- فهو لفظ يحتمل الطلاق ويحتمل غيره، والراجح في هذه الحالة أنه يسأل عن نيته في ذلك، وقد بينا ما يترتب عليه على كل تلك الاحتمالات في الفتوى رقم: 26876، والفتوى رقم: 43663، ولا عبرة بقوله ليوم الدين، كما في الفتوى رقم: 10984.
وبناء عليه، فإن كان قصد الطلاق فتكون طلقة ثالثة إن كان طلق قبلها مرتين -كما ذكرت- فتبين منه أي تحرم عليه حتى تنكح زوجا غيره، فإذا طلقها ذلك الزوج وانتهت عدتها جاز للأول أن يتزوجها، وكذا إذا نوى بها الطلاق وقصد البينونة فيقع بها ما بقي من الطلاق وتبين منه أيضا، وتراجع الفتوى رقم: 51286،
وعلى كل، فهذا النوع من المسائل لا يعتمد فيه على فتوى مفت أعدها طبقا لسؤل ورد عليه دون أن يستفسر عن حقيقة المسألة أو يستفصل عن جميع جزئياتها. لذا لا بد من رفعها إلى المحكمة الشرعية أو الرجوع إلى أهل العلم في البلد ومشافهتهم بما حصل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1428(13/12724)
حكم من علق ظهار زوجته على أمر
[السُّؤَالُ]
ـ[قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ.. أخي الشيخ الفضيل أرجو أن تفيدنا يرحمكم الله وجعل ذلك في ميزان حسناتكم، لقد كنت قبل أن أتصفح موقعكم أجهل من الأمر ما فيه الكثير لقد كنت شديد الحرص على علاقتي مع زوجتي أشد الحرص وكنت أحرص على أن لا تشوبها شائبة أو الوقوع في الشرك إن كان شركا أو إثما، وهو أنني كنت قد قلت تحرم علي زوجتي كحرمة أخواتي إن جعلتها تقبل عضوي وذلك لجهلي أن تقبيله حرام ولم أقصد الظهار بعينه وإنما من باب ردع نفسي كالحلف باليمين عن جعل زوجتي تقوم بهذا الفعل وهي تجهل تلفظي هذا ولا تعمله وإنما قلته بالسر، فأفيدوني يرحمكم الله، والله من وراء القصد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن قال لزوجته أنت حرام علي كحرمة أختي أو أمي فإنه يكون مظاهراً بذلك على الراجح، فقد سئُل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في فتاويه عمن قال لزوجته (أنت علي حرام مثل أمي وأختي) : فهل يجب عليه طلاق؟ الجواب: لا طلاق بذلك، ولكن إن استمر على النكاح فعليه كفارة ظهار قبل أن يجتمعا، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً. ومن أهل العلم من قال بأنه إذا كان نوى بذلك طلاقاً فإنه يكون طلاقاً؛ وإلا فهو مظاهر كما ذكر الشافعي في الأم قال: إن قال: أنت علي حرام كظهر أمي يريد الطلاق فهو طلاق، وإن لم يرد الطلاق فهو مظاهر.
وقال السرخسي في المبسوط: ولو قال لها: أنت علي حرام كأمي فقد انتفى احتمال معنى البر هنا لتصريحه بالحرمة، فبقي احتمال الطلاق والظهار فإن أراد الطلاق فهو طلاق ... وإن نوى به الظهار فهو ظهار.. وإن لم يكن له نية فهو ظهار لأن عند الاحتمال لا يثبت إلا القدر المتيقن، والحرمة بالظهار دون الحرمة بالطلاق، فالحرمة بالظهار لا تزيل الملك، والحرمة بالطلاق تزيله.
ويصح تعليق الظهار كالطلاق فيقع بحصول المعلق عليه، قال الشربيني في مغني المحتاج: (ويصح تعليقه) لأنه تعليق به التحريم كالطلاق والكفارة، وكل منهما يجوز تعليقه. وتعليق الظهار (كقوله) : إذا جاء زيد أو إذا طلعت الشمس فأنت علي كظهر أمي، فإذا وجد الشرط صار مظاهراً لوجود المعلق عليه.
وبناء عليه.. فلا ينبغي لك أن تدع زوجتك تفعل ما علقت عليه، وإن فعلت فتكون مظاهراً منها لأنك لم تقصد الطلاق بما ذكرت فينتفي الاحتمال ويتعين الظهار إن حصل المعلق عليه، ولا عبرة بعدم علم الزوجة بما تلفظت به، وننبهك إلى أنه يجب الاحتراز من مثل ذلك لأن الله سبحانه وصف الظهار بأنه منكر وزور، كما قال: الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ {المجادلة:2} ، وقد سبق تفصيل الكلام عن الظهار وكفارته في الفتوى رقم: 17483، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 49740.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1428(13/12725)
ما يترتب على كناية الظهار
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قلت لزوجتي في وقت غضب أنتي زي أختي في الغرفة وقدم الناس زوجتي، فما هو حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه العبارة ليست صريحة في الظهار وإنما هي كناية من كناياته ويترتب عليها ما يترتب على كناية الظهار إن قالها وهو في وعيه، وقد سبق في الفتوى رقم: 45921، حكم من قال لزوجته أنت أختي من الآن ... فنرجو من السائل مراجعتها، علماً بأننا لم نفهم المقصود من قوله (وقدم الناس زوجتي) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1428(13/12726)
حكم قول الزوج أنت محرمة علي ما فعلته
[السُّؤَالُ]
ـ[نسيت أنني قد فعلت شيئا (ليس بالحرام ولكني فعلته) وبعد مدة سألتني زوجتي عنه فأجبتها بأني لم أفعله وأنا أظن ذلك ولما كذبتني قلت لها (أنت محرمة علي ما فعلته) بنية الحلف، لكن أختي (تظن) أني فعلته، ولكني إلى الآن لا أتذكر، فما حكم الشرع أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك لزوجتك (أنت محرمة علي ما فعلته) قاصداً بذلك اليمين على نفي أمر لم تفعله في ظنك ولم تقصد بهذا الحلف الطلاق ولا الظهار تلزمك منه كفارة يمين بنفس اللفظ، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم: عن ابن عباس أنه كان يقول في الحرام: يمين يكفرها، وقال ابن عباس: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة. وفي رواية عن ابن عباس قال: إذا حرم الرجل امرأته فهي يمين يكفرها. وذكر مسلم حديث عائشة في سبب نزول قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ. وقد اختلف العلماء فيما إذا قال لزوجته: أنت علي حرام، فمذهب الشافعي أنه إن نوى طلاقها كان طلاقاً، وإن نوى الظهار كان ظهاراً، وإن نوى تحريم عينها بغير طلاق ولا ظهار لزمه بنفس اللفظ كفارة يمين ولا يكون ذلك يميناً، وإن لم ينو شيئاً ففيه قولان للشافعي: أصحهما يلزمه كفارة يمين، والثاني أنه لغو لا شيء فيه ولا يترتب عليه شيء من الأحكام، هذا مذهبناً. وحكى القاضي عياض في المسألة أربعة عشر مذهباً. ثم سردها رحمه الله، ومن أراد المزيد فليرجع إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1428(13/12727)
هل تحرم الزوجة بإنجاب ثلاثة توائم من الإناث
[السُّؤَالُ]
ـ[يقال في منطقتنا بأن الرجل الذي تنجب له زوجته ثلاث توائم يعني في كل مرة اثنان، ويكن إناث تحرم عليه زوجته، فما قول الشرع في ذلك؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا القول لا أساس له من الصحة، ولم يرد به كتاب ولا سنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1428(13/12728)
تعليق تحريم الزوجة على فعل معين
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بنزاع أنا وزوجتي وخلافات مما أدى لذهابها إلى بيت أهلها واستمر هذا الحال لمدة 3 شهور، وعندما اجتمعنا في بيت أهلها وشروطها أي شروطهم بأن أحلف وأحرم بأن لو عدت على فعلتي وهي حرام، سوف تحرم علي، وأنا يا شيخ لم أستطع أن أكف عن تلك الفعلة وأن غرضي في الحلفان (التحريم) أولاً وأخيراً عودتها إلى البيت وإذا وقع هذا الشيء ما حكمه؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان لأهل زوجتك أن يشترطوا عليك أو يكلفوك شروطاً لعودة زوجتك إلى بيتها، أما وقد كان وحلفت لهم أنك إن عدت إلى سالف فعلتك معها أنها تحرم عليك، فقد بينا أن الراجح في تحريم الزوجة أنه بحسب النية، فإن نوى به الظهار كان ظهاراً، وإن نوى به الطلاق كان طلاقاً، وإن نوى به اليمين فهو يمين، كما سبق في الفتوى رقم: 43663 وما أحيل إليه من فتاوى خلالها.
فإن كنت قلت (زوجتي حرام علي أو تحرم إن فعلتُ كذا أو قلت كذا ونحوه) فقد علقت حصول ذلك على شرط وهو عودتك إلى ما كنت تفعل سابقاً من خلاف أو غيره حسبما نويت، فإذا عدت فإنه يقع ما نويت من ظهار أو طلاق أو يمين، وإن لم تعد فلا شيء عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1428(13/12729)
حكم من ظاهر من زوجته مدة معينة وجامعها أثناءها
[السُّؤَالُ]
ـ[قلت لزوجتي في حاله غضب والله أنت حرام علي كأمي لمدة شهر كامل وقد عاشرتها في نفس الليلة؟
أفتونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 27470، والفتوى رقم: 14225، بيان حكم تحريم الزوجة لمدة معينة وما يترتب على من وطئها في هذه المدة، وننبه هنا على بعض الأمور:
الأمر الأول: أن من فعل شيئا في حالة غضب ترتبت عليه آثاره من طلاق أو ظهار ونحوهما ما لم يصل به هذا الغضب إلى حالة لا يعي فيها ما يقول.
الأمر الثاني: أنه ينبغي للزوج التروي عند حصول شيء من المشاكل بينه وبين زوجته فيجتنب التلفظ بمثل هذه الألفاظ التي قد تكون عاقبتها الندم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1427(13/12730)
حكم تحريم الزوجة لمدة معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[قلت لزوجتي في حاله غضب والله أنت حرام علي كأمي لمدة شهر كامل وقد عاشرتها في نفس الليلة؟
أفتونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 27470، والفتوى رقم: 14225، بيان حكم تحريم الزوجة لمدة معينة وما يترتب على من وطئها في هذه المدة فراجع هذه الفتوى، وننبه هنا على بعض الأمور:
الأمر الأول: أن من فعل شيئا في حالة غضب ترتبت عليه آثاره من طلاق أو ظهار ونحوهما ما لم يصل به هذا الغضب إلى حالة لا يعي فيها ما يقول.
الأمر الثاني: أنه ينبغي للزوج التروي عند حصول شيء من المشاكل بينه وبين زوجته فيجتنب التلفظ بمثل هذه الألفاظ التي قد تكون عاقبتها الندم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1427(13/12731)
هل ينقطع التتابع في كفارة الظهار بصوم رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[إني شاب أبلغ من العمر 36 عاماً, متزوج ورزقني الله 3 أطفال، مسألتي هي أني ضاجعت زوجتي بدون رضاها إضجاع سوء (في الدبر) , وقد كانت حاملا؛ وفي لحظة ندم وتحقير للنفس قلت لزوجتي باللهجة المغربية الدارجة ما معناه: تحرمين علي كأمي إن مكنتيني من نفسك هكذا مرة أخرى، وقد كنت أقصد زجر وإثناء نفسي عن العودة لمثل ذلك الفعل, لا مفارقتها أو تطليقها، وبعد مرور أكثر من سنة على تلك الواقعة, ارتكبت الذنب نفسه, بدون رضا زوجتي وقد كانت حائضا هذه المرة، للإشارة فقد تذكرت قبيل مضاجعتها ما صرحت به لها فيما مضى لكن إبليس أغواني فلم أمتنع بل ولم أذكر زوجتي بالموضوع, حيث إنها لم تتذكره إلا بعد المضاجعة، هل يعد هذا ظهاراً أم لغوا حديث حيث إني علقته على فعل شيء قصد إثناء النفس عن العودة إليه، وإن كان ظهاراً, هل لي أن أنتقل إلى كفارة الإطعام بسبب مصادفة الشهرين المتتابعين لشهري شعبان ورمضان, حيث ستمتد فترة الصوم إلى ثلاثة أشهر كما أن مدة مفارقتي لزوجتي ستمتد إلى أربعة أشهر, ولست أقوى على ذلك، وإن أمكنني ذلك, كم كلغ من الثمر تجب علي، وهل يمكنني إخراج قيمتها، أفتوني يرحمكم الله؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الفعل الذي أقدمت عليه مع زوجتك منكر، ويجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 26316 وما أحيل إليه من فتاوى خلالها.
ومن المنكر أيضاً ما نطقت به تجاه زوجتك وكونها تكون عليك كظهر أمك إن مكنتك من نفسها، وهذا منكر من القول وزور، كما قال الله تعالى: الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ {المجادلة:2} ، وإذا كانت قد مكنتك من نفسها في المرة الثانية فلم تمانع ممانعة بالغة ولم تكرهها على ذلك الفعل إكراهاً فقد وقع ما علقته من الظهار، ولا يحل لك أن تقربها (تجامعها) حتى تكفر كفارة الظهار، وهي على الترتيب: عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين لا تقطعها إلا لعذر شرعي كمرض، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكيناً، وذلك لقول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ {المجادلة:3-4} ، فإذا كنت قادراً على عتق رقبة مؤمنة فلا يجزئك غيرها، فإن لم تجد فعليك صوم شهرين متتابعين ولا يؤثر في ذلك صيام رمضان وفطر يوم العيد ونحوه، قال في مطالب أولي النهى: ولا ينقطع تتابع بصوم رمضان، ولا بفطر فيه بسفر ونحوه، أو فطر واجب كفطر يوم عيد وأيام تشريق، بأن يبتدئ مثلاً في ذي الحجة فيتخلله يوم النحر وأيام التشريق، فلا ينقطع التتابع، لأنه زمن نهى الشرع عن صومه في الكفارة كالليل. وانظر الفتوى رقم: 43036 وما أحيل إليه من فتاوى خلالها.
ولا اعتبار للمشقة الحاصلة في ذلك إن كنت قادراً على الصيام، فابدأ من الآن واحسب ما صمته قبل رمضان حتى تكمل صيام الشهرين بعده، ولا تنتقل إلى الإطعام وأنت تستطيع الصيام.
وأما سؤالك عن مقدار الإطعام بالغرام فجوابه أن مقداره هو مد من الطعام وهو ما يعادل 750 جراماً لكل مسكين، فيكون مجموع ذلك 45000 ألف غرام أي ما يعادل خمسمة وأربعين كلغم، وأوجب الجمهور إخراجه طعاماً لنص الآية، وأجاز الحنفية إخراج القيمة، والذي نراه هو الأخذ بقول الجمهور، إلا إذا كان في إخراج القيمة مصلحة فلا حرج في إخراجها. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 35169.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1427(13/12732)
قول الرجل لامرأته والله تكوني محرمة علي
[السُّؤَالُ]
ـ[حدثت مشادة بيني وبين زوجتي وقد أقسمت (والله تكوني محرمة علي بعد الآن) ، ولم يكن في نيتي الطلاق وكنت في غضب شديد وغيظ من أقوالها، ولكن هذا اليمين كان مبنيا على فهمي الخاطئ للأقوال، فأرجو الإفادة والفتوى؟ مع جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود من الصيغة المذكورة هو تنجيز تحريم الزوجة حالاً، فالجواب أن أهل العلم اختلفوا في مسألة تحريم الزوجة، فذهب بعضهم إلى أنه بينونة كبرى، وذهب بعضهم إلى أنه ظهار، وذهب بعضهم إلى أنه راجع إلى النية، فإذا كانت نية القائل الظهار كان ظهاراً، وإذا كانت نيته الطلاق كان طلاقاً، وإذا كانت نيته اليمين كان يميناً، وهذا القول هو الأقرب، كما هو مبين في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2182، 23974، 26876، 37469.
وأما عن الغضب فإذا كان قد بلغ بك إلى درجة أنك لا تعي ما تقول، فإنه لا عبرة بما قلته من التحريم، أما إذا كان غضباً طبيعياً تعي معه ما تقول، فأنت مؤاخذ به، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 34436.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1427(13/12733)
حكم تحريم الزوجة لفترة محددة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المرأة التي يقول لها زوجها أنت محرمة علي حتى آخر الشهر، مع العلم بأنها باردة جنسياً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا حكم إطلاق لفظ التحريم في حق الزوجة وأنه يعتبر ظهاراً تلزم به كفارة الظهار، كما في الفتوى رقم: 7438.
وسبق أيضاً أن ذكرنا خلاف الفقهاء في الظهار المؤقت، وأن الراجح عندنا وقوعه، كما هو مبين في الفتوى رقم: 27470.
وعلى هذ؛ افيحرم على الزوج مس زوجته في هذه المدة حتى يُكفر كفارة الظهار، وقد بينا كفارة الظهار في الفتوى رقم: 12075.
فإذا انقضى الشهر المذكور انحل ظهاره وحلت له امرأته دون كفارة, وذلك لأن التحريم كان لتلك الفترة فوجب أن ينقضي بانقضائها. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 22565، والفتوى رقم: 24650.
وننبه إلى الحذر من إطلاق مثل هذه الألفاظ منعا للوقوع في الحرج، وحرصاً على حسن العشرة وحصول الألفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1427(13/12734)
حكم تحريم الرجل امرأته إذا أخذت ميراث أبيها
[السُّؤَالُ]
ـ[أقسم رجل بأنه لن يأخذ شيئا من ميراث زوجته من أبيها وأقسم أيضا أنها ستكون محرمه عليه إن هي أخذت شيئا من هذا الميراث ثم عاد إلى رشده مرة أخرى فهل لذلك كفارة أم أن زوجته تكون محرمة عليه إن أخذت من ميراث أبيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن هذا السؤال مسألتين:
المسألة الأولى: حلفه أن لا يأخذ من ميراث زوجته من أبيها, فإن حنث تلزمه كفارة يمين, وتراجع خصال الكفارة بالفتوى رقم: 204، وهذا فيما إذا لم تكن للحالف نية أو سبب باعث على هذه اليمين فلا يحنث وراجع في هذا الفتوى رقم: 53941.
المسألة الثانية: حلف هذا الرجل بتحريم زوجته إن هي أخذت من ميراث أبيها. وقد اختلف العلماء في حكم تحريم الزوجة على أقوال: أرجحها أنه يرجع فيه إلى نيته كما سبق أن بيناها بالفتوى رقم: 26876، فإذا تحقق الشرط المذكور وقع ما نواه وهذا كله فيما إذا كانت له نية, فإن لم تكن له نية وكان له سبب موجب لهذا الحلف ثم زال السبب فلا يحنث كما ذكرنا بالمسألة الأولى. وتراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 60280.
وننبه إلى بعض الأمور:
الأول:
أنه ينبغي للمسلم الحذر من جعل ألفاظ التحريم ونحوها سببا لحل الخلافات الزوجية لأن الغالب أن تكون عاقبة ذلك الندم.
الأمر الثاني:
أن ميراث المرأة من أبيها أحله الله تعالى لها فلا يجوز للزوج منعها من أخذه.
الامر الثالث:
أن الأولى في المسائل التي هي محل للنزاع أن لا يكتفي فيها بفتوى بل ينبغي مراجعة جهة الاختصاص بالنظر في مثلها كالمحاكم الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1427(13/12735)
يلزم وقوع ما يترتب على الحلف بالحرام على واحد منكما
[السُّؤَالُ]
ـ[أردت دفع أجرة السيارة فقال السائق بالحرام لاتدفع وقلت بالحرام إلا أدفع الأجرة، هل يجوز لي أن أدفع الأجرة له بطريقة غير مباشرة مع أجرة ثانية دون أن يعلم بذلك , وماذا يترتب على جميع الحالات؟
وشكرا جزيلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا في الفتوى رقم: 30269، بيان أن الحلف بالطلاق والحرام من أيمان الفساق، وبينا في الفتوى رقم: 30708، حكم من حلف بالحرام ثم حنث، فراجعها وراجع ما تفرع عنها من فتاوى، وفيها أن الراجح من ذلك أنه بحسب نية الحالف فإذا كان يقصد به الظهار وقع ظهارا، وإذا قصد به الطلاق كان طلاقا، وإذا قصد به اليمين كان يمينا، والصورة التي ذكرتها تستلزم وقوع ما يترتب على الحلف بالحرام على واحد منكما، قال القرافي في الذخيرة: وفي الكتاب من لزمه دين لرجل أو ضمان عارية يغاب عليها فحلف بالطلاق ثلاثا ليؤدين ذلك، وحلف الطالب بالطلاق ثلاثا لا يقبله، فيجبر على أخذ الدين لتعين المنة في تركه فلا يلزم المديون إياها، ويحنث الطالب بالطلاق ثلاثا.
وبناء على ذلك فلك أن تدفع الأجرة لسائق السيارة، ويرجع الأمر حينئذ إلى نيته في قوله (بالحرام) على التفصيل الذي سبق ذكره.
والذي يظهر أنه يستوي في ذلك علم سائق السيارة وعدم علمه، ففي التاج والإكليل: قال مالك: إن حلف أن لا يأكل لرجل طعاما فدخل ولد الحالف على المحلوف عليه فأطعمه خبزا فخرج به الصبي فأكل منه أبوه ولم يعلم حنث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1426(13/12736)
لفظ التحريم يحتاج إلى نية
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل حصل والتقيت مع صديق لي تزوج قبل فترة فقلت له يا أخي تزوجت ولم تعزمني ,فقال لقد عزمتك, فقلت له: (علي الحرام أنك ما عزمتني) أو قلت (حرام أنك ما عزمتني) والسؤال يا شيخ: في حال أني كنت أنوي الحرام من أهلي:
1-هل قولي له (علي الحرام أو قولي حرام أنك ما عزمتني) يقع به شيء من الظهار أو الطلاق حتى لو كنت صادقا أنه ما عزمني.
2-لو كنت أنوي الحرام من أهلي حينما تلفظت هل بمجرد التلفظ فقط مجرد اللفظ بـ علي الحرام..أو التلفظ بـ حرام أنك..يقع ظهار أو طلاق في قصتي التي ذكرتها أو أنها ليست بمجرد التلفظ بل بما كانت هذه الألفاظ عليه يكون الحكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحلف الزوج بقوله (علي الحرام أو حرام علي) يكون طلاقا إذا نوى الطلاق، ويكون ظهارا إذا نوى به الظهار، ويكون يمينا إذا قصد به اليمين، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 2182.
ولا يلزم الرجل شيء من الحلف إذا كان صادقا فيه، أو يعتقد صدق نفسه، وإن تبين له خلافه، وتقدم في الفتوى رقم: 20149
وعليه فحلفك بالتحريم إذا كنت تعتقد صحة المحلوف عليه، لا يلزمك شيء منه، لا طلاقا ولا غيره، وإذا كنت تعتقد عدم صحته وحلفت كاذبا، فيلزمك ما نويت من طلاق أو كفارة ظهار أو كفارة يمين.
أما عن السؤال الثاني:
فإذا كنت تقصد به هل يحصل الطلاق أو الظهار بمجرد التلفظ بالتحريم أم لا بد من النية؟
فالجواب أن التحريم يختلف عن لفظ الطلاق، فلفظ الطلاق الصريح يقع به الطلاق من غير نية، أما التحريم فهو ليس صريحا بل هو كناية بحاجة إلى نية، تصرفه إلى الطلاق أو الظهار أو اليمين، وانظر الفتوى رقم: 26876
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1426(13/12737)
قول الزوج لامرأته تحرمين علي لو فعلت كذا
[السُّؤَالُ]
ـ[نشكركم على هذا الموقع المميز ونشكر جهودكم الجبارة في الرد على التساؤلات، سؤالي حصل بيني وبين زوجتي خلاف على الرسيفر (الدوش) من عام 1421هـ وهذا بداية زواجنا كان لدينا رسيفر من نوع الديجتال بمعنى يبث جميع قنوات العام وفي ذلك اليوم دخلت علي زوجتي وأنا واضع قناة فيديو كليب خليع وصار بيني وبين زوجتي خلاف وفي حالة من الغضب صدرت مني كلمة (تحرمين علي لو شغلت مرة أخرى) وقمت بتكسر ذلك الجهاز وأشرت عليه بعدم تركيبه مرة أخرى ومنذ ذلك اليوم لم نقم بتركيب الجهاز) ما الحكم في ذلك أرجو الإجابة خلال أسرع وقت ممكن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية أثابك الله على ما قمت به من التخلص من هذا الجهاز الخبيث، الذي يوقعك في ما حرم الله عز وجل، وعليك التوبة إلى الله مما سلف، وعدم العودة إليه، واجعل تركه لله وخوفا منه سبحانه، لا خوفا من طلاق زوجتك، أما بشأن سؤالك: فقد سبق أن تحريم الزوجة الراجح فيه أنه بحسب النية فإن نوى به الظهار كان ظهارا، وإن نوى به الطلاق كان طلاقا، وإن نوى به اليمين فهو يمين، كما سبق في الفتوى رقم 43663، وقولك لزوجتك (تحرمين علي لو شغلت ... الخ) معلق على شرط وهو تشغيل الجهاز، فإذا قمت بتشغيله فيقع ما نويت من ظهار أوطلاق أو يمين، وإن لم تقم بتشغيله فلا شيء عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1426(13/12738)
الظهار من الأجنبية لغو، ولا يلزم المخطوبة إخبار خاطبها بماضيها
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الشيخ،
أنا فتاة بكر قاربت على الزواج من شاب وسألني عن أشياء تتعلق بخطبتي من شاب آخر في الماضي وقد حلف علي (تحرمي علي لو كنت مخبية حاجة عني) وبالرغم أنني قد أطلعته على جزء من الحقيقة فأنا بالفعل قد أحجبت عنه بعض التصرفات حفاظاً على احترامه لي كما أنني قد تبت منذ زمن عن هذه الأفعال وعاهدت الله أن أكون زوجة صالحة له. السؤال: هل أكون محرمة عليه طبقاً ليمينه؟
أرجو من فضيلتكم سرعة الإجابة حيث إن ميعاد الزواج قد قرب وأنا في أشد الحاجة للإجابة.
جزاكم الله كل خير وعافاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك إخبار هذا الخطيب ولا غيره بما وقع منك في الماضي من آثام، وذلك للنهي الوارد في ذلك، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عيله وسلم قال: كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه.
وكون الخاطب طلب منك إخباره بكل ماضيك وإن كتمت عنه منه شيئاً فأنت محرمة عليه لا يلزمك طوعه في ذلك، لكن إن قصد بالتحريم الطلاق فلا يلزمه لأنك أجنبية عنه، وتطليق الأجنبية لا يصح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك ولا عتق له فيما لا يملك ولا طلاق له فيما لا يملك. رواه الترمذي.
وإن قصد به الظهار فهو لغو عند بعض أهل العلم، قال صاحب أسنى المطالب وهو شافعي: الظهار من الأجنبية لغو.
وقال الكاساني وهو حنفي: فلا يصح الظهار من الأجنبية لعدم الملك.
وهناك أقوال أخرى، ولكن القول بأن الظهار من الأجنبية لغو أيسر في حال السائلة وأرفع للحرج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1426(13/12739)
ظهار الموسوس وطلاقه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يقع الظهار عند التلفظ به بدون نية أي بوسوسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإنسان بلغ درجة من الوسواس بحيث ينطق بالشيء وهو لا يريده فإنه لا يلزمه طلاق ولا ظهار على ما يظهر، وذلك لأنه في حكم المجنون، والمجنون لا ينفذ شيء من تصرفاته، قال صاحب التاج والإكليل: سمع عيسى في رجل توسوسه نفسه فيقول قد طلقت امرأتي أو يتكلم بالطلاق وهو لا يريده أو يشككه، فقال: يضرب عن ذلك ويقول للخبيث صدقت ولا شيء عليه، ابن رشد هذا مثل ما في المدونة أن الموسوس لا يلزمه طلاق وهو مما لا طلاق فيه لأن ذلك إنما هو من الشيطان فينبغي أن يلهى عنه ولا يلتفت إليه. انتهى.
وقال ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق: وعن الليث لا يجوز طلاق الموسوس يعني المغلوب في عقله عن الحاكم هو المصاب في عقله إذا تكلم تكلم بغير نظام. وتراجع الفتوى رقم: 56096.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1426(13/12740)
قول الرجل (حرام مثل أمي لن أفعل هذا الإثم أبدا)
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتونا جزاكم الله خيرا، إني قد فعلت إثما أو ذنبا ثم حلفت وقلت حرام مثل أمي لن أفعل هذا الإثم أبدا، لكن فعلت هذا الإثم مرة ثانية، فما الحكم؟ جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا المراد من قولك: حرام مثل أمي، هل تقصد زوجتك حرام عليك مثل أمك؟ أو تقصد أن الفعل محرم عليك كحرمة أمك؟
وعلى كل حالٍ.. فإذا كنت تقصد تحريم زوجتك مثل أمك، وعلقت ذلك بوقوع أمر ما، فإن هذا يعتبر ظهاراً معلقاً، والظهار المعلق يقع إذا وقع الشرط المعلق عليه، وقد سبق تفصيل الكلام عن الظهار وكفارته في الفتوى رقم: 17483، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 49740، والفتوى رقم: 59519.
وأما إذا كنت تقصد أن الأمر المحرم الذي عزمت على عدم فعله محرم عليك كحرمة أمك، فلا يعتبر ذلك ظهاراً، إذ غاية ما فيه أنك حرمت على نفسك شيئاً هو محرم عليك، والواجب عليك تركه.
وفي كل الحالات يجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى من ارتكاب هذا الشيء المحرم توبة نصوحاً، وذلك بأن تقلع فوراً عن الذنب، وتندم على فعله، وتعقد العزم على عدم الرجوع إليه، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {التحريم:8} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1426(13/12741)
قول الزوج (حرام مثل أمي)
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتونا جزاكم الله خيرا: إني قد فعلت إثما ثم حلفت بهذه اللهجة حرام مثل أمي لن أفعل هذا أبدا ثم كررت هذا الفعل مرة ثانية فما الحكم؟ جزاكم الله خير الجزاء على هذا الموقع الإسلامي المتميز.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي تبادر لنا من سؤالك أنك حرمت زوجتك.. وعليه فنقول: إن قول الرجل لامرأته (حرام كأمي) ليس صريحا في الطلاق ولا في الظهار فيرجع في ذلك إلى نية المتكلم، فإن قصد الطلاق فهو طلاق، وإن قصد الظهار فهو ظهار، وإن أطلق تخير بين أن يجعله ظهارا أو طلاقا، وإن قصد بالتحريم تحريم عينها ولم يقصد ظهارا ولا طلاقا فلا يقع واحد منهما وعليه كفارة يمين.
وقد أشار إلى هذا التفصيل وزيادة ال شيخ زكريا الانصاري في أسنى المطالب فقال: لو قال أنت علي حرام كظهر أمي ونوى بمجموعه الظهار فظهار؛ لأن لفظ الحرام ظهار مع النية، فمع اللفظ والنية أولى، وإن نوى به الطلاق فطلاق لأن لفظ الحرام مع نية الطلاق كصريحه، ولو أرادهما بمجموعه أو بقوله أنت علي حرام تخير أي اختار أحدهما فيثبت ما اختاره منهما. وإنما لم يقعا جميعا لتعذر جعله لهما لاختلاف موجبهما، وإنما أراد بالأول الطلاق وبالآخر الظهار وهو أي الطلاق رجعي حصلا لما مر في نظيره, وإن كان بائنا وقع الطلاق وحده، وإن عكس بأن أراد بالأول الظهار وبالآخر الطلاق فالظهار يقع وحده؛ إذ الآخر لا يصلح أن يكون كناية عن الطلاق لصراحته في الظهار كذا علل به الرافعي، وقضية بقائه على صراحته تعين الظهار فيما إذا أرادهما وليس كذلك بل يخير بينهما كما مر، مع أن بقاءه على صراحته ينافي ما مر من عدمها، وكذا يقع الظهار وحده لو أطلق لأن لفظ الحرام ظهار مع النية فمع اللفظ أولى. وأما عدم وقوع الطلاق فلعدم صريح لفظه ونيته، ولو أراد بالتحريم تحريم عينها فكفارة يمين تلزمه لأنها مقتضاه، ويكون قوله كظهر أمي تأكيدا للتحريم فلا يكون ظهارا كما قال، ولا ظهار إلا إن نواه بالثاني وهو كظهر أمي.ا. هـ.
هذا كله إذا كان التحريم للزوجة، أما تحريم غير الزوجة فقد تقدم في الفتوى رقم: 4027 أنه لغو لا يترتب عليه شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1426(13/12742)
تحريم الأجنبية والتحريم بعد العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء الإجابة على سؤالي ولكم جزيل الشكر حيث إنني أعيش وزوجتي في قلق دائم من هذا السؤال وهو أننا عندما كنا مخطوبين كنت أزور خطيبتي وكنت أداعبها وبشكل مستمر من غير دخول، وفي إحدى المرات اتصلت هاتفيا معي وهي غاضبة من مداعبتي لها وأصبحت تتكلم كلاما عني بمعنى أنني غير جدي، وطلبت مني بإصرار أن لا تكرر هذه المداعبة، فقلت لها في غضب تحرمي علي أن ألمسك مثل ما حرمت علي أمي، حتى أسافر حيث إنني أدرس في بلد غربي، وأنا ملتزم والحمد لله، وكانت مشيئة الله أن نتزوج قبل أن أسافر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما ذكرته من التحريم لهذه المرأة يفصل فيه, فإن كان قبل العقد وقصدت به الطلاق فلا يلزم لأنها أجنبية , وإن نويت به ظهارها فلأهل العلم اختلاف في وقوع الظهار من الأجنبية وعدمه، وراجع الفتوى رقم: 47683.
أما إن وقع التحريم بعد العقد فهو على حسب نيتك فيه على ما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 14259.
ومحل هذا كله إن كانت لك نية، فإن لم تكن لك نية نظر إلى سبب اليمين وهو ما يعرف عند الفقهاء بالبساط (بساط اليمين) فإن كنت حرمت زوجتك قبل السفر من أجل أن مداعبتك إياها غير شرعية أو لأنها تغضبها، ثم زال ذلك الموجب بالزواج أو بإتمامه فلا حنث عليك إن شاء الله تعالى، قال محمد بن عبد الله الخرشي عند قول خليل بن إسحاق: ثم بساط يمينه أي وإن لم يكن للحالف نية أو كانت ونسي ضبطها فإنه ينظر في ذلك إلى بساط يمينه وهو السبب الحامل على اليمين فيعمل عليه من تخصيص أو تقييد كما يعمل على النية من بر أو حنث فيما ينوى فيه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1426(13/12743)
حكم من كرر لفظ الظهار
[السُّؤَالُ]
ـ[إنا نحبكم في الله أنا وزوجتي وندعو لكم ونسألكم الدعاء ونثق فيكم ونرجو رأيكم في المسألة إثر مشادة كلامية بيننا عبر الهاتف واظبت زوجتي في تجريحي أنا وعائلتي فكظمت غيظي وطلبت منها الهدوء والهداية، علما بأنها حامل في الرابع وهو أول طفل لنا إن شاء الله وحالتنا النفسية سيئة في المدة الأخيرة لظروفنا الصعبة، المهم أن الغضب تملكنا فهددتني أن تحلف على القرآن بأن أكون محرما عليها دنيا وآخرة عندها فقدت صوابي وأمرتها أن تحلف ففعلت قائلة ثلاثا: يا فلان يا ولد فلانة تحرم علي دنيا وآخرة، واضعة يدها على القرآن، وقلت أنا كما قالت أي يا فلانة يا بنت فلانة تحرمين علي دنيا وآخرة بدون مصحف، أرجوك سيدي أن تفتينا في أسرع وقت، فقد ندمنا أشد الندم ونحن خائفون خاصة من الحلف على المصحف الشريف؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية ينبغي أن تعلم أن الحياة الزوجية لا تخلو من مشاكل، والحازم هو الذي يعالج ذلك بالرفق، والحكمة من ذلك أنه إذا وجد أحد الطرفين الآخر مخطئاً في حقه عليه أن يصبر حتى يزول عنه الغضب ويصحو من سكرته، فإن كان الخطأ يحتاج إلى أن ينبه عليه، كالذي صدر من زوجتك بحقك وحق أهلك، فهذا لا مانع من النقاش فيه بما يحل المشكلة لئلا تؤدي عند تكررها إلى حدوث خلاف بين الزوجين مستقبلاً فتكون سبباً فيما لا تحمد عقباه هذا من حيث العموم.
أما بخصوص ما صدر منك من تحريم لزوجتك فلأهل العلم فيه اختلاف سواء كان ذلك على المصحف أو بدونه، وهو هل تحريم الزوجة يعد بينونة كبرى أو ظهاراً، أو لا يلزم منه إلا كفارة يمين؟ وراجع في ذلك الفتوى رقم: 7438، والفتوى رقم: 26876،
وعلى اعتبار أنه ظهار -كما هو المرجح عندنا- وأنك كررته كما كررته المرأة، فإن تكرارك له قبل التكفير لا يلزم منه إلا كفارة واحدة، قال صاحب التاج والإكليل نقلاً عن ابن شاس: لو كرر لفظ الظهار على واحدة متواليا كقوله أنت علي كظهر أمي، أنت علي كظهر أمي، أنت علي كظهر أمي، فليس إلا كفارة واحدة.
وقال في الإنصاف: قوله: وإن كرر الظهار قبل التكفير فكفارة واحدة، هذا هو المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد.
وذهب الشافعية إلى أن تكرار لفظ الظهار يتعدد به إلا مع الموالاة، قال في روض الطالب: ولو كرر لفظ الظهار في امرأة واحدة وفرقه تعدد، ولو نوى به التأكيد، لا إن والاه. انتهى، هذا بالنسبة لتحريمك أنت لزوجتك، أما بالنسبة لما صدر من زوجتك فتراجع فيه الفتوى رقم: 53419، والفتوى رقم: 34824
وعلى العموم فعليك بمراجعة المحاكم الشرعية في بلدك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1426(13/12744)
حكم من قال لزوجته أنت محرمة علي مثل أمي إن فعلت كذا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الدين فى رجل قال لزوجته أنت محرمة علي مثل أمي وأختي إذا أخذت من فلانة مالا وبعد فترة من الزمن نسيت الزوجة اليمين وأخذت مالا من تلك السيدة وأخبرت زوجها بما حدث وحين عاتبها على هذا قالت إني نسيت وقامت بإرجاع المال إلى تلك السيدة فهل على الزوج كفارة أم لا؟ وما حكم الدين في نفس الرجل قال لزوجته إن لم تصل تكوني محرمة علي مثل أمي وأختي فصارت الزوجة تصلي وبعد فترة من الزمن أصبحت الزوجة غير مداومة على الصلاة أحيانا تصلي وأحيانا لا تصلي مع العلم بأن الرجل لم يكن يعلم كفارة اليمين فهل عليه كفارة أم لا؟
وكيف يتبرأ الرجل من اليمين
وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الرجل لزوجته أنت محرمة علي مثل أمي وأختي إذا أخذت كذا أو إن لم تفعلي كذا. ينظر فيه إلى نية الزوج، فإن قصد بمجموعه الظهار كان ظهاراً، وإن قصد به مجرد الطلاق كان طلاقاً.
قال صاحب مغني المحتاج: ولو قال: أنت علي حرام كظهر أمي ونوى بمجموعه الظهار فمظاهر؛ لأن تلفظ الحرام ظهار مع النية فمع اللفظ والنية أولى، وإن نوى به الطلاق فطلاق لأن لفظه الحرام مع نية الطلاق كصريحه، ولو أرادهما بمجموعه أو بقوله أنت علي حرام اختار أحدهما، فيثبت ما اختاره منهما. اهـ
وعلى اعتبار كونه ظهارا فلا يؤثر في صحته كونه معلقاً لأنه يصح فيه التعليق، فمتى ما حصل المعلق عليه وقع.
قال في المنهاج: ويصح تعليقه كقوله: إن ظاهرت من زوجتي الأخرى فأنت علي كظهر أمي، فظاهر صار مظاهرا منهما. اهـ
أما على وجه التفصيل، ففي الأولى خلاف بين أهل العلم في وقوع الحنث وعدمه بالنسيان إذا فعل المحلوف عليه ما يناقض اليمين، فذهب طائفة من الفقهاء ومنهم المالكية إلى وقوع الحنث لأنهم لا يفرقون بين النسيان والعمد في الحنث، وعليه فإن الظهار واقع لوقوع المحلوف عليه.
وذهب الشافعية إلى أنه إن كان المحلوف عليه ممن يبالي بيمين الحالف لمكانته عنده وعلم بالتعليق فإنه لا يحنث بالنسيان، وراجع الفتوى رقم: 52979.
أما المسألة الثانية، فإنه يرجع فيها إلى نية الزوج، فإن قصد بقوله: إن لم تصل؛ عدم ترك الصلاة مطلقاً في المستقبل فمتى ما وقع منها ترك وقع الحنث، وإن قصد به صلاة معينة وفعلتها فلا يحنث بتركها لغيرها.
وعلى العموم، فالذي ننصح به الرجوع إلى المحاكم الشرعية ببلد السائل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1426(13/12745)
القسم بالحرام والحنث فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع هو أنه في وقت حرج وموقف خطير اعتداء كرامة من طرف شخص لم نتمكن منه آنذاك الوقت عتقني الله من ذنبه وقد كانت زوجتي مرافقة لي وقت الهروب بابنتي ذلك الوقت الذي فوجئنا فيه بالهرب صاحت زوجتي وبكت بكاء شديدا فزاد عندي الغيظ وقد خاطبت زوجتي مباشرة وأنا على فكر صحيح وثابت مما قلت قسمت لها ثلاث مرات بالحرام أني متأسف ولأول مرة في حياتي وأنا أحمل كلام الله ولكن على مراد الله خرج مني هذا القسم الخطير وإني أطلب منك سيدي حل هذا اليمين ومع القسم قلت لها أني أفدي هذا القسم بضرب عشرة بالسكين وأنزف دماؤهم من رجال القبيلة التي ينتمي لها ذلك الرجل مع العلم أنه الآن تحصن منا بالحكم والقانون وتزوجها على سنة الله ورسوله وأصبحت عروسه أما أنا اطلب منك سيدي الفتوى في يميني هذا فقط ... ... ... ... ...
وفقكم الله سيدي ... ...
0]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقسمك بالحرام إما أن تنوي به عند التلفظ الطلاق فيكون طلاقاً أو الظهار فيكون ظهاراً، أو لا هذا ولا ذاك فعليك كفارة يمين، وهذا ما سبق في الفتوى رقم: 30708، والفتوى رقم: 23975 هذا إذا حنثت في يمينك.
قال الشيخ زكريا الأنصاري في فتح الوهاب: ولو قال: (أنت علي حرام أو حرمتك ونوى طلاقاً) وإن تعدد (أو ظهاراً وقع) المنوي، لأن كلا منهما يقتضي التحريم فجاز أن يكنى عنه بالحرام (أو نواهما) معا أو مرتباً (تخير) وثبت ما اختاره منهما، ولا يثبتان جميعاً، لأن الطلاق يزيل النكاح، والظهار يستدعي بقاءه (وإلا) بأن نوى تحريم عينها، أو نحوها كوطئها، أو فرجها أو رأسها، أو لم ينو شيئاً (فلا تحرم) عليه، لأن الأعيان، وما ألحق بها لا توصف بذلك. (وعليه كفارة يمين كما لو قاله لأمته) فإنها لا تحرم عليه، وعليه كفارة يمين أخذاً من قصة (مارية لما قال صلى الله عليه وسلم: هي علي حرام نزل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ... إلى قوله: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ. أي: أوجب عليكم كفارة ككفارة أيمانكم. اهـ
وقال في أسنى المطالب: قال الزركشي ومثله فيما يظهر علي الحرام أو الحرم يلزمني لا أفعل كذا أو ما فعلت كذا (فلو حلف به وله نساء فحنث طلقت إحداهن) . اهـ أي: إن نوى الطلاق.
وأما حل اليمين بضرب عشرة من قبيلة الجاني، أو بشيء من هذا النوع، فشريعة جاهلية مصادمة لشرع الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1425(13/12746)
الحلف بتحريم الزوجة والحنث
[السُّؤَالُ]
ـ[قلت: علي الحرام حرم من عيالي لا أخبر أحدا ولكن بعد فترة أخبرت شخصا آخر فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء فيمن حلف بتحريم زوجته على شيء وحنث، فمنهم من يرى أنه ظهار، ومنهم من يرى أنه طلاق، ومنهم من يرى أنه لا يلزمه منه شيء.
وأرجح الأقوال عندنا هو أنه يرجع في هذا إلى نية الحالف، فإن قصد به الظهار فهو ظهار، وإن قصد به غيره فهو كما نوى، وراجع في هذا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 14259، 30708، 31141.
وعلى العموم، فالذي نرشد إليه السائل هو الرجوع إلى المحاكم الشرعية في بلده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1425(13/12747)
تحريم المرأة بغير نية الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[طلقت زوجتي وأرجعتها بعد ذلك خلال شجار قلت لها أنت حرام علي دون أن أنوي الطلاق، وقمت بإطعام ستين مسكيناً (لأن ظروف عملي لا تسمح لي بصيام شهرين متتابعين) ، وأرجعتها بعد ذلك، وخلال مشادة قلت لها يمكنك أن تعتبري نفسك مطلقة من باب التهديد وذهبت عند أهلها وبعد ذلك سألني شقيقها عن القرار الذي اتخذته، فقلت الطلاق دون أن أكون قد حسمت الأمر، والآن أريد أن أرجعها، فهل يجوز ذلك، أرجو أن يحال هذا السؤال على فضيلة الشيخ الدكتور القرضاوي؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يتولى الإجابة على الأسئلة في هذا الموقع هو الفريق الشرعي في الموقع وليس للشيخ الدكتور القرضاوي مشاركة فيه أو إشراف عليه. وأما عن جواب السؤال فقد سبق في الفتوى رقم: 2182 وغيرها من الفتاوى حكم قول الرجل لزوجته أنت علي حرام أو محرمة وخلاف أهل العلم فيه؛ حيث ذهب بعضهم إلى القول بأن ذلك بينونة كبرى لأن التحريم يقتضي ذلك، ومنهم من قال إن القائل يسأل عن نيته فإن قصد الطلاق فهو طلاق، وإن قصد الظهار فهو ظهار، وإن قصد اليمين فهو يمين، ويعامل بما يترتب على ذلك. ورجحنا هذا القول لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات ... متفق عليه.
وإذا كان السائل قد نوى الظهار أو اعتبر التحريم ظهاراً وهو قول -قوي جدا- وكفر عن ظهاره بإطعام ستين مسكيناً حيث كان لا يستطيع صيام شهرين متتابعين فقد حلت له زوجته، علما بأن مجرد العمل ومواصلته لا يبيح الانتقال إلى الإطعام، فالعلماء قالوا: فإن لم يستطع الصوم لكبر أو مرض أو لخوف زيادته أو نحو هذا انتقل إلى الإطعام، أما السفر ونحوه من الأمور الاختيارية فليس مبيحاً للانتقال إلى الإطعام، وبهذا يعلم السائل أنه لا يقبل منه الإطعام لظروف عمله إلا إذا كان قطع هذا العمل يتضرر به في معيشته، قال البهوتي في كشاف القناع عاطفاً على ما يسوغ الانتقال إلى الإطعام: أو لضعف عن معيشته.
أما باقي السؤال فقد سبقت الإجابة عليه أكثر من مرة، فيمكن للسائل الرجوع إلى الأسئلة السابقة التي أرسلها إلينا ففيها الإجابة مع العلم بأنه في الأسئلة السابقة ما كان يذكر التحريم، وإنما يذكر أن امرأة مطلقة تطليقتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1425(13/12748)
حكم الظهار من الأجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب توجد بيني وبين فتاة علاقة حب أنا أنوي الزواج منها بعد فترة إن شاء الله ولكن دار بيني وبينها حوار وطال النقاش وتشاجرنا وفي لحظة غضب تلفظت بكلمات وهي أنت حارم علي زوجة وكذلك حرمة دين إذا تزوجتها، ما حكم الدين في ذلك، هل أتزوجها أم لا أتزوجها، نأمل منكم الجواب على سؤالي والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك للفتاة " أنت حرام علي زوجة" راجع إلى نيتك، فإن نويت به يمينا فهو يمين، تكفر عنها بكفارة اليمين. وإن نويت به ظهارا فهو ظهار، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 2182. إلا أنه ظهار من أجنبية، وهو صحيح ونافذ في رأي الجمهور. كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 10352. وعليه، فإن تزوجت هذه الفتاة فلا يجوز لك مسها ـ والمس هنا الجماع ـ حتى تكفر كفارة الظهارة. وتقدمت كفارة الظهار في الفتوى رقم: 192. ولم يتضح لنا مراد السائل بقوله: وكذلك حرمت ديني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1425(13/12749)
الحلف بالحرام.. ما ينبني عليه في حال الحنث
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت وذات يوم كنت في حالة غضب وأقسمت لها وكذلك قلت لها بالحرم لم تدخلي إلى منزلي
واليوم ندمت على ما فعلت والآن أردت أن تدخل إلى منزلي كما كانت تدخل سابقا للعلم فهي متزوجة
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا ننصح السائل الكريم بالتحفظ من كثرة الحلف بالله تعالى، لأن ذلك قد يوقع في الحرج، وقد يؤدي إلى الاستهانة بالحلف بالله تعالى، أما الحلف بغير الله تعالى فلا يشرع أصلا، لقوله صلى الله عليه وسلم: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت. متفق عليه. وعليه أن يتجنب الحلف بالحرام وغيره مما لا يشرع الحلف به في المستقبل، ويتوب إلى الله مما مضى، فإن كان أقسم بالله تعالى وهو يعي ما يقول فعليه أن يكفر عن يمينه ويترك أخته تدخل بيته، لقوله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه. رواه مسلم. وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فمن لم يجد فعليه صيام ثلاثة أيام.
وأما الحلف بالحرام فقد اختلف أهل العلم فيما يترتب عليه في حال الحنث، فمن العلماء من يقول إن الحالف يعتبر مظاهرا، ومنهم من يقول: إن زوجة الحالف تحرم إن حصل المحلوف عليه، وهو هنا دخول أخت السائل في بيته، وهذا القول هو المشهور من مذهب مالك، لكن الراجح من أقوال العلماء أنه يعتبر مظاهرا، ولبيان ما يجب على المظاهر يرجى مراجعة الفتوى رقم: 22979. ولمعرفة حد الغضب الذي لاعبرة بما يصدر من صاحبه راجع الفتوى رقم: 8628.
وبناء على هذا، فإنه تلزمه كفارة الظهار إن ترك أخته تدخل بيته كما كانت، ويكفر عن يمينه بالله إن كان قد أقسم بالله، ولا عبرة بكونها متزوجة أوغير متزوجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1425(13/12750)
حكم مناداة الزوجين بلفظ الأب والأم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حرام أم حلال أن ينادي الزوج زوجته في البيت أو في أى مكان باسم ماما، وهي أيضا عندما تناديه باسم بابا هل هو حرام أم حلال؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنداء الرجل زوجته باسم ماما لا ينبغي، لأنه بمعنى يا أمي، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل ذلك، فقد روى أبو داود في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: سمع رجلاً يقول لامرأته يا أخيّة فنهاه.
وقال خليل: وسفه قائل يا أمي ويا أختي.
يعني أن من نادى زوجته بيا أمي أو يا أختي لا تحرم عليه تحريم المظاهر منها، ولكنه ينسب إلى السفه، وينهى عن مثل هذا النداء، وما قيل في نداء الرجل لزوجته يقال مثله في نداء المرأة زوجها باسم بابا، لأن معناه يا أبي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1425(13/12751)
الظهار لا يزيل حكم الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي امرأة في ال52 من العمر قام أبي بالمظاهرة منها قبل 14 عاما وتم الانفصال بينهما ونظرا لما حدث لوالدي من مرض نفسي بعد ذلك فهو لم يردها وبقيا منفصلين طوال هذه السنين. الآن توفي والدي فسؤالي هو هل واجب على أمي أن تؤول على زوجها كأي زوجة تعيش مع زوجها حياة طبيعية علما بأن أمي امرأة لا تفكر بالزواج مرة أخرى.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما حصل من أبيكم هو ظهار حقيقة فإن أمك ما زالت زوجة لأبيك، ولها كل حقوق الزوجة، وعليها ترك الزينة في زمن عدة الوفاة، وأن لا تخرج من البيت الذي بلغها الخبر فيه إلا لحاجة كما سبق في الفتوى رقم: 35808. لأن مجرد الظهار لا يزيل حكم الزوجية. وأما كفارة الظهار فهل يجب عليكم إخراجها من مال أبيكم قبل قسمة الميراث أم لا والجواب عن ذلك يتوقف على معرفة ما هو المراد بالعود في قوله تعالى: ثُمَّ يَعُودُونَ {القصص: 3} ، وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 18644، أن الراجح هو أن العود هو العزم على الوطء فإن لم تعلم نية الأب بذلك عن طريق تصريحه مثلاً، فالأصل براءة الذمة إلاَّ أن الأحوط إن كان له مال أن تخرج الكفارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1425(13/12752)
ما يلزم من الظهار المعلق
[السُّؤَالُ]
ـ[أتقدم لفضيلتكم داعياً الله عز وجل أن أجد الحل الصحيح لديكم حيث إن موضوعي يتلخص في الآتي:-
ومشكلتي الرئيسية هى أني أُنفذ ماجاء في كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قدر الإمكان والقابض على دينه كالقابض على جمرة من نار.
ومدة سفري إحدى عشر عاماً لم أوفر شيئاً حيث إني راضٍ بقضاء الله وأحمده على فضله وعلى كل الأحوال.
إني متزوج منذ عام ونصف – وأنا أقول لزوجتي لايحق لكِ أن تخرجي من بيت الزوجية إلا بموافقتي حيث إن زوجتي تعيش في منزل عائلتي مع والدي وهم لايضايقونها أبداً وهي معترفة بذلك.
وإنها تقول لي دائما خذني معك في سفرك وهي لاتصبر علي فيما أقوم به من محاولات لإحضارها إلى هنا لتعيش معي حيث أني أعمل في مكتب محاسب قانوني سكرتيرا وفني كمبيوتر ومهنتي عامل – وتعلمون فضيلتكم أن مهنة العامل لايحق لها أية مزايا.
يوجدعليٌ ديون بالمملكة لبعض الزملاء بسبب تليفونات دولية من العام الماضي كنت قد اتصلت عليها لتفادي وعلاج مشاكل كثيرة ولكن دون جدوى كذلك يوجد دين ببلدي وهي تعرف ذلك وطلبت منها الصبر على ذلك إلى أن أسدد وأعود إليها لنعيش معاً بجوار ابنتنا ولكن دون جدوى ولا أعرف ماذا تريد إلا السفر فقط؟!
أمها تسيطر عليها بطريقة غير عادية من أشياء كثيرة يطول شرحها حيث لفت انتباه زوجتي إلى ذلك دون جدوى وتذهب وتقول لها على كل ما يدور بيننا من أية أشياء مهما كان حتى الذي يدور بين والدي. مما كان له الأثر السلبي على حياتنا.
الخلاصة: أني عدت من إجازتي السنوية وبعد ثلاثة أشهر من العودة ذهبت إلى أمها لتجلس هناك يومين أو أكثر بدون علمي فاتصلت عليها هناك وتحدثت إليها بأسلوب كويس وتغاضيت على ذلك الخطأ وسألتها عنه فقالت إنها زهقانة (طفشانه) فقلت لها كم يوم يقضونك – وسمحت لها بيومين – وجلست ما يقرب من ثلاثة أيام وعادت إلى بيتنا لتأخذ الذهب وملابس أخرى ولتخرج بهم من باب خلفي للمنزل دون إذن أو أن يراها أحد لتعود إلى أمها ـ فأغضبني ذلك أن لايوجد أمان خاصة مع سفري هذا ـ فحلفت على والدي ووالدتي أنها إذا دخلت البيت تكون (طالقاً) وهذا يكون تقييداً لهم فهم لا يسمعون الكلام نهائيا مهما قلت لهم وكان ذلك نتيجة معاملتهم لي ـ أنهم يعاملوني وكأني طفل إذا غضبت زوجتي وخرجت من البيت في غيابي يذهبون ويحضرونها دون إذني مما يسبب المشاكل الكثيرة أكثر من إصلاحها وضجيت منهم ومن زوجتي لأمور كثيرة.
الأمر الثاني والمهم: هو أن والدي لم يقم بفعل أي شيء مما قلت له عليه من أمور كثيرة منها أني أردتهم إرسال ورق مهم وشهادات لي من البلد بالبريد فلا يفعلون مما يضعيون علي أشياء مهمة ولعملي الذي سافرت من أجله ـ وأنا جالس لا حول لي ولا قوة إلا بالله ـ مما سبب لي زهق وضيق خلق شديدين عافاكم الله وعلى أثره كشفت عند دكتور أمراض قلب بسبب تلك الظروف القاسية وهاأنا اليوم اشتكي من عصب بالظهر يشتد عند التفكير أو الزهق وعلى أثره من عملي لأسباب كثيرة ـ فقد قلت لأختي الكبيرة أمك فعلت كذا فقالت لا فضاق خلقي وبشدة قلت لماذا خلاص حرمت زوجتي علي الآن لازم أن تفعل ذلك الشيء وهو مثلاً أن تنزل بعض الأغراض من شقتنا ليستعملوها في بيت العائلة أدباً لزوجتي قبل الحلفان والغضب على أن أُحضر بدل منه في المستقبل إن شاء الله تعالى ـ ولكنهم أوصلوني لذلك الغضب وعناد زوجتي إلى الحلف مع أني شديد الحرص عليها ولا أقبله من أي إنسان هذا والله أعلم والهادي إلى سواء السبيل.
شاكراً لفضيلتكم ـ جعلكم الله ذخراً للإسلام والمسلمسن،
والله تعالى يحفظكم ويرعاكم ويسدد خطاكم،
السؤال:-
فقد قلت لأختى الكبيرة أمك فعلت كذا فقالت لا فضاق خلقي وبشدة قلت لماذا خلاص حرمت علي (المقصود بالزوجة) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حلف السائل لوالديه بطلاق زوجته إن دخلت البيت يعتبر من الطلاق المعلق، ومذهب جمهور الفقهاء على أنه يقع إن وقع الشيء المحلوف عليه، وهو هنا دخول البيت، أي تطلق طلاقاً رجعياً إذا كان هو الأول أو الثاني، وسواء قصد بذلك منع الوالدين من الأشياء التي ذكرها أو قصد التهديد أو الطلاق.
وذهب بعض العلماء منهم شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنه إن قصد التهديد أو المنع لم يقع الطلاق في حال وقوع المحلوف عليه، وإنما عليه كفارة يمين، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 5684.
وأما قول السائل في حالة غضبه: خلاص حرمت زوجتي الآن ... إلى آخر الكلام، فإنه غير واضح، إذ لم يتضح لنا هل المراد به التحريم المعلق أو التحريم المنجز، وعلى كل حال فالراجح عندنا أن تحريم الزوجة يعتبر ظهاراً كما سبق في الفتوى رقم: 17483.
والسائل أدرى بمدلول كلمته، فإن قصد بها التنجيز فهو ظهار منجز، وإن قصد بها التعليق فهو ظهار معلق إذا وقع المعلق عليه لزمه ما يلزم المظاهر.
ثم عليه أن يعامل والديه وزوجته برفق، ففي الحديث: إن الله يحب الرفق في الأمر كله. رواه البخاري.
وقد أمر الله بمصاحبة الوالدين بالمعروف، ولو كانا كافرين. قال تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا. [لقمان: 15] .
فما بالك بالوالدين المسلمين، وعليه أن يتحمل كل ما يصدر منهما ولو قصرا في حقه، أو لم يرسلا له أموراً مهمة عنده، أو نحو ذلك.
وكذلك الزوجة، فإنه مطالب بالرفق بها ولو أخطأت في حقه مرة وخرجت بغير إذنه، ففي الحديث: خيركم خيركم لأهله. رواه الترمذي.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المرأة خلقت من ضلع أعوج ولن تستقيم على طريقة، فإن استمعت بها استمتعت بها على عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1425(13/12753)
حكم الظهار من الأجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لقد فسخت خطبتي وحلفت أني لن أعو د لها وقلت تحرم علي مثل أمي وأختي وكنت أعرف أني سأعود ولكن الموقف كان مستفذاً اضطرر ت لهذا الحلف والآن بعد سنة يسعون للصلح وأنا أريده فماذ أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن هذه صغة ظهار، وقد اختلف العلماء في وقوع الظهار من الأجنبية وعدمه على قولين أحدهما أنه يصح، والثاني أنه لغو لا عبرة به، قال ابن قدامة في المغني: الظهار من الأجنبية يصح سواء قال ذلك لامرأة بعينها أوقال كل النساء علي كظهر أمي، وسواء أوقعه مطلقاً أو علقه على التزويج، ومتى تزوج التي ظاهر منها لم يطأها حتى يكفر، يروى هذا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وبه قال سعيد بن المسيب وعروة وعطاء والحسن ومالك وإسحاق، ويحتمل ألا يثبت حكم الظهار قبل التزويج، وهو قول الثوري وأبي حنيفة والشافعي. هـ
هذا إن قصدت بما قلت الظهار، وإلا فلا شيء عليك، ولا شك أن من الورع والاحتياط أنه إذا أردت الزواج بهذه المرأة أن تكفر كفارة ظهار، وهي مبينة في الفتوى رقم: 192، والفتوى رقم: 12075.
وننبهك إلى أن فسخ الخطوبة من غير مسوغ شرعي أمر لا ينبغي، وكان الأولى بك عدم فعله.
وانظر الفتوى رقم: 7237.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1425(13/12754)
من شبه زوجته بمن تحرم عليه من النساء حرمة مؤبدة، ثم طلقها ثلاثا
[السُّؤَالُ]
ـ[أخونا الصيني قال لزوجته: أنت أختي من الآن فصاعداً لا نجتمع في الفراش، ومن ثم جاء الزوجان إلى أحد الشيوخ فعقد بينهما، ولكني قلت للزوج: إن ما وقع منك هو الظهار، إما أن تعتق رقبة أو تصوم شهرين متتابعين أو تطعم ستين مسكيناً، والآن قال الزوج: زوجتي طالق ثلاثاً ولم تسمعه زوجته ولا أحد، والآن هو يريد استرجاع زوجته خوفاً من أبيه الذي قال: لو طلقت زوجتك يكون الفراق بيني وبينك إلى يوم القيامة، أفتونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن من شبه زوجته بمن تحرم عليه من النساء حرمة مؤبدة كالجدة والأخت، فهو مظاهر، قال خليل بن إسحاق: الظهار تشبيه المسلم المكلف من تحل من زوجة أو أمة أو جزئها بظهر محرم أو جزئه ظهار. انتهى.
وقد قسم العلماء الظهار إلى نوعين: صريح وكناية، فالصريح ما ذكر فيه الظهر باتفاق وكذا سائر الأعضاء عند أكثر الفقهاء، وحكم هذا النوع إذا صدر من الزوج لامرأته يعد ظهاراً لا يحتاج إلى نية.
أما الكناية فهي ما احتملت الظهار وغيره كقول الرجل لزوجته: أنت كأمي أو أختي، فهذا يرجع إلى نية الزوج، فإن قصد به الظهار كان ظهاراً وإلا فليس بشيء، قال ابن قدامة في المغني: وإن قال: أنت علي كأمي أو مثل أمي ونوى به الظهار فهو ظهار في قول عامة العلماء منهم أبو حنيفة وصاحباه والشافعي وإسحاق، وإن نوى به الكرامة والتوقير أو أنها مثلها في الكبر أو الصفة، فليس بظهار، والقول قوله فيه. انتهى.
وعلى هذا فإن ما صدر من الرجل يعد كناية فإن نوى به الظهار كان ظهاراً وإن لم ينوه فلا شيء عليه، فإن من طلق زوجته ثلاثاً دفعة واحدة بانت منه بينونة كبرى عند جمهور العلماء، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 3680.
وعلى هذا؛ فإن كان ما نسب إلى هذا الرجل صحيحاً فإنه يعتبر قد طلق زوجته ثلاثاً لا تحل له إلا بعد زوج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(13/12755)
الظهار المؤقت يقع
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل قال لزوجته أنت محرمة علي لمدة ستة أشهر، فما حكم الدين فى هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن هذا السؤال مسألتين:
الأولى: حكم إطلاق لفظ التحريم في حق الزوجة، وقد سبق أن بينا أنه يعتبر ظهاراً تلزم به كفارة الظهار في الفتوى رقم: 7438.
الثانية: حكم الظهار المؤقت، هل يقع أولا، وقد اختلف الفقهاء في ذلك على أقوال أرجحها عندنا وقوعه، كما هو مبين في الفتوى رقم: 27470.
وعلى هذا فيحرم عليك قربان زوجتك هذه المدة حتى تكفر كفارة الظهار، وقد بينا كفارة الظهار في الفتوى رقم: 12075.
وننبهك إلى الحذر من إطلاق مثل هذه الألفاظ منعاً للوقوع في الحرج، وحرصاً على حسن العشرة، وحصول الألفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1425(13/12756)
حكم من تلفظ بالظهار ناويا التأديب
[السُّؤَالُ]
ـ[وأنا في حالة غضب قلت لزوجتي: أنت على مثل أمي لمدة شهر ولم أقصد الظهار
وإنما قصدت هجرها للتأديب فماذا علي أن أعمل الآن؟
... وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء فيمن قال لزوجته: أنت على كأمي هل يكون ظهارا؟ وأكثر أهل العلم على أنه إن نوى به الظهار فهو ظهار، وأنه يرجع فيه إلى نيته.
قال ابن قدامة في "المغني": فصل: وإن قال: أنت علي كأمي أو مثل أمي ونوى به الظهار فهو ظهار في قول عامة العلماء، منهم أبو حنيفة وصاحباه، والشافعي، وإسحاق، وإن نوى به الكرامة أو التوقير أو أنها مثلها في الكبر أو الصفة، فليس بظهار، والقول قوله في نيته. انتهى.
وبما أنك لم تنو بذلك الظهار، فلا تحرم عليك زوجتك، ولكن ننبهك إلى التروي وعدم التعجل في التلفظ بمثل هذه الألفاظ، وأن تجعل الحكمة نهجك في حل المشاكل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1425(13/12757)
تحريم الرجل امرأته يرجع فيه إلى نيته
[السُّؤَالُ]
ـ[حصل شجار وخصام بيني وبين زوجتي في ثالث أيام عيد الفطر......إلخ
وقلت لزوجتي والله غدا ستعيدين (تقضين العيد) مع أهلك وإلا فأنت حرام علي كحرمة أمي علي.
فما الحكم فيها علما بأنني وقتها غاضب جدا وزوجتي لم تقض العيد مع أهلها في ذلك اليوم،
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتحريم الزوجة مختلف فيه عند الفقهاء، فهو بينونة كبرى عند المالكية، وظهار عند الحنابلة، وراجع إلى النية عند الشافعية، فإذا كانت نية القائل الظهار صار ظهاراً، وإذا كانت نيته الطلاق صار طلاقاً، وإذا كانت نيته اليمين كان يميناً، وكذا إذا أطلق ولم ينو شيئاً فهو يمين، وهذا القول هو الأقرب كما هو مبين في الفتاوى التالية: 2182 / 14259 / 23974 / 26876 / 37469.
وأما عن الغضب فإذا كان قد بلغ بك إلى درجة أنك لا تعي ما تقول، فإنه لا عبرة بما قلته من التحريم، أما إذا كان غضباً طبيعياً تعي معه ما تقول، فأنت مؤاخذ به، وراجع الفتوى رقم: 26876.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(13/12758)
الحكم فيمن طلق من ظاهر منها ثم تزوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من ظاهر زوجته ولم يستطيع أن يصوم أو أن يطعم فطلق زوجته ثم أراد أن يرجعها، فهل يسقط عنه حد الظهار؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الطلاق رجعيا، وأراد الزوج إرجاع زوجته، فإنه لا يحل له وطؤها حتى يكفر عن ظهاره، ولا تسقط الكفارة بطلاق، وأما إن كان الطلاق بائنا بينونة صغرى، وأراد الزوج أن يعقد النكاح على مطلقته، فهل تسقط عنه الكفارة أم لا؟ فذهب الجمهور إلى أن الكفارة لا تسقط عنه مطلقا وأنها لازمة له، وذهب الشافعي في قول إلى سقوط الكفارة عنه، وله قول ثالث بأن الكفارة تسقط إن كانت البينونة بطلاق الثلاث، وإلا لم تسقط.
قال ابن قدامة رحمه الله: الفصل الثاني: أنه إذا طلق من ظاهر منها ثم تزوجها، لم يحل له وطؤها حتى يكفر، سواء كان الطلاق ثلاثا أو أقل منه، وسواء رجعت إليه بعد زوج آخر أو قبله، نص عليه أحمد، وهو قول عطاء والحسن والزهري والنخعي ومالك وأبي عبيد، وقال قتادة: وإذا بانت سقط الظهار، فإذا عاد فنكحها فلا كفارة عليه.
وللشافعي قولان كالمذهبين، وقول ثالث: إن كانت البينونة بالثلاث لم يعد الظهار وإلا عاد. انتهى من "المغني".
وقد استدل الجمهور بعموم قول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا المجادلة: 3] .
قال ابن قدامة في "المغني" موجها الاستدلال بالآية: وهذا قد ظاهر من امرأته فلا يحل أن يتماسا حتى يكفر. انتهى المقصود.
وحجة الشافعي على سقوط الكفارة ما ذكره في كتابه "الأم"، حيث قال: لو تظاهر منها ثم أتبعها طلاقا لا يملك الرجعة ثم نكحها لم يكن عليه كفارة، لأن هذا ملك غير الأول الذي كان فيه الظهار. انتهى.
والذي يظهر أن قول الجمهور أرجح، وننبهك في ختام هذا الجواب إلى عدم التعجل في التلفظ بالطلاق أو الظهار، لأن عاقبة ذلك الندم، واجعل التفاهم سبيلا لحل مشاكل الزوجية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(13/12759)
تحريم الزوجة يحتمل عدة أحكام
[السُّؤَالُ]
ـ[قلت لزوجتي تحرمي علي إن فعلت كذا، ففعلت عن سوء فهم، فما الحكم؟ وإن اعتبرت طلقة فكيف أرجعها في فترة العدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن حرم زوجته ونوى بذلك الطلاق وقع طلاقاً، أو نوى الظهار كان ظهاراً، أو نوى اليمين كان يميناً، وتفصيل ذلك في الفتوى رقم: 30708.
وكيفية مراجعة الزوجة مبينة في الفتوى رقم: 12908.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1424(13/12760)
إذا حرمت المرأة زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قالت الزوجة أكون محرمة على زوجي لو كلمت فلانة، ثم اضطرتها الظروف للكلام معها، فما هو الحكم الشرعي؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزوجة لا تملك طلاق زوجها إنما الزوج هو الذي بيده عقدة النكاح، فعن شريح قال: سألني علي بن أبي طالب عن الذي بيده عقدة النكاح، فقلت هو ولي المرأة، فقال علي: بل هو الزوج. ذكره ابن كثير في تفسيره.
وعليه فإن هذه الزوجة لا تحرم على زوجها بل عليها كفارة ظهار، لأن التحريم يعتبر ظهاراً على القول المختار، كما في الفتوى رقم:
7438.
والزوجة إذا ظاهرت من زوجها بأن قالت أنت علي كظهر أبي مثلاً، تلزمها كفارة ظهار على الراجح من كلام أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: وإذا قالت المرأة لزوجها أنت علي كظهر أبي لم تكن مظاهرة ولزمتها كفارة الظهار لأنها قد أتت بالمنكر من القول والزور. انتهى.
وكفارة الظهار ثلاثة أنواع اشتملت عليها الآية الكريمة من سورة المجادلة، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ [المجادلة:3-4] .
لكن على هذه الزوجة أن تتوب إلى الله، وأن لا تعود إلى مثل هذه العبارة، فقد تؤدي إلى مشاحنة بين الزوجين، وربما يترتب على ذلك ما لا تحمد عقباه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1424(13/12761)
قال لزوجته "أنت محرمة علي" فماذا عليه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قد قلت لزوجتي إنها محرمة علي فقط، وكنت فى حالة ضيق، وقد سألت وأفادوني بأن علي كفارة وهي إطعام 60 مسكيناً فقدرتهم بنقود ووضعتها فى مسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قول الرجل لامرأته أنت علي حرام أو محرمة ... هو كناية يحتاج إلى نية، فإن قصد به الظهار كان ظهاراً، وإن قصد به الطلاق كان طلاقاً، وإن قصد به اليمين كان يمينا تلزم فيه كفارة اليمين.
ولتفاصيل ذلك وأدلته وأقوال العلماء، نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
26876.
ولعل الذين أفادوك بكفارة إطعام ستين مسكيناً، قد استندوا في ذلك إلى قول بعض أهل العلم بأن تحريم الزوجة يعتبر ظهاراً، قياساً على قول القائل لزوجته "أنت علي كظهر أمي"، فهذا ظهار عندهم باتفاق، وهذا القول له اعتبار عند أهل العلم وذهب إليه بعضهم.
وعليه فإذا كنت دفعت تلك الكفارة للمساكين (إطعام ستين مسكينا) ، أو قيمتها بعد العجز عن صيام شهرين متتابعين، فإن ما فعلت صحيح إن شاء الله تعالى، لأنه مستند على قول قوي ومذهب معتبر.
أما إذا كنت دفعت الكفارة (الإطعام) وأنت قادر على عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، فإن ذلك لا يجزئك لأن كفارة الظهار تجب على الترتيب، كما جاء في الآية الكريمة: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ [المجادلة:3-4] .
كما أن مجرد وضعها في المسجد لا يكفي، فلا بد من إيصالها إلى المساكين أو وضعها في يد أمينة توصلها إليهم، وبإمكانك أن تستفتي قضاة المحاكم الشرعية عندكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1424(13/12762)
ما يلزم من قال لزوجته (دعينا نعيش مثل الإخوان)
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتزم ولله الحمد، وقد أصبت منذ أربع سنوات بمرض الوسواس في الصلاة وفي معظم العبادات. والسؤال أنه منذ فترة حصلت لي مشكلة مع زوجتي جعلتني أقول لها اتركينا نعيش مثل الإخوان بما تعنيه هذه الكلمة من معاني، وبعدها قلت لها اتركينا نعيش مثل الأصحاب وأنا في حيرة من أمري، فهل علي شي؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان ما يتعلق بالوسوسة في العبادات، وبيان الواجب فعله عندها، وراجع في ذلك الفتويين: 3086، 2860.
وبخصوص قولك لزوجتك "مثل الإخوان" أو "مثل الأصحاب" فالأقرب أنه من كنايات الظهار، فقد نص فقهاء الشافعية على أنه: لو شبه زوجته بأجنبية ومطلقة وأخت زوجة وأب للمظاهر وملاعنة له، فلغو هذا التشبيه، لأن الثلاثة الأولى لا يشبهن الأم في التحريم المؤبد، والأب أو غيره من الرجال كالابن والغلام ليس محلا للاستمتاع. انتهى من كتاب مغني المحتاج لشربيني، والأشبه كونها من كنايات الطلاق، فالمرجع فيها إلى نيتك، فإن نويت بها الطلاق وقع وإلا فلا.
وننبهك هنا إلى ثلاثة أمور:
الأول: أنك إن كنت قد أطلقت هذه الألفاظ ابتداء ولم تقصد الطلاق، أو قصدته ثم طرأ عليك الشك بسبب هذه الوساوس فلا تلتفت إلى ذلك، بل خذ بالمتيقن أولا.
الثاني: الحذر من إطلاق مثل هذه الألفاظ في المستقبل، والحرص على حل المشاكل بعيدا عن العصبية، دفعا للحرج.
الثالث: مراجعة المحكمة الشرعية في بلدك، فهي أجدر بالنظر في مثل هذه القضايا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1424(13/12763)
من أحكام الظهار المهمة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي وقع في ظهار، والآن يطبق فترة الصيام، انتهى من شهر ويكمل الشهر الثاني، كنت قد سألت من قبل عن أنه كان خائفا من الصيام خوفا على نفسه من الشبق، وجاءتني الإجابة أن من خاف على نفسه من الشبق فيجوز أن يطعم ستين مسكينا، ولكني لم أخبره بهذا حتى يكمل فترة الشهرين، فهل يجوز كتماني ذلك؟ وأنا ما فعلته إلا لأني قلت ما دام دخل في الصيام فالله يعينه ويقويه ويكمل، ويكون هذا أحسن من إطعام مسكين، وأيضا خوفا من اختلاف الآراء قلت نريد أن نأخذ بالأفضل، هل يجوز أني كتمت عنه؟ مع العلم بأني أنوي إخباره بعد انتهاء المدة إن شاء الله.
وإن أخبرته الآن يوقف الصيام ويطعم ستين مسكينا، مع العلم أيضا بأنه ينوي أن يطعم أيضا ستين مسكينا تكفيرا أكثر لما بدر منه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ورد الوعيد الشديد في كتم العلم، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ [البقرة:159] .
وروى الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار. إلا أنه قد يجب على المرء أن يمتنع عن الحديث في أمر من الأمور لما يعلم أنه سيترتب عليه من المفسدة، ومن ذلك نهي الرسول صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل عن إخبار الناس بأن من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صدقا من قلبه حرمه الله على النار، قال: يا رسول الله أفلا أخبر الناس فيستبشرون؟ قال: إذاً يتكلون. أخرجه الشيخان وغيرهما.
وفي رواية: قال لا، إني أخاف أن يتكلوا عليها. فلا بأس -إذا- بفعلك ذلك، ولتخبريه بالحكم بعد ما يتم صيامه، واعلمي أنه إذا استطاع صيام شهرين متتابعين، فمعنى ذلك أن ما به من الشبق لم يبلغ المستوى الذي يبيح له الإطعام وترك الصيام.
وأما عن سؤالك الثاني: فإن المظاهر إذا لم يجد رقبة يعتقها وصام شهرين متتابعين، فقد أتى بما لزمه، قال تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا [المجادلة: 4] .
وأما إطعامه بعد ذلك ستين مسكينا، فإنه لا ينبغي، لأنه عدول عما شرعه الله في كفارة الظهار، فله أن يتصدق على الفقراء والمساكين بأية طريقة يراها مناسبة، وفي ذلك من الأجور ما لا يعلم قدره إلا الله. قال تعالى: وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً [المزمل: 20] .
ولكن ليس بفعل كفارتين عن ظهار واحد، فإن ذلك لا يشرع.
وأما عن سؤالك الثالث: فإن معانقة الزوجة وتقبيلها وما أشبه ذلك قبل إتمام الكفارة لا تجوز، ولكن فاعلها لا ينقطع تتابعه إلا إذا حصل منه ما يفسد به الصوم.
قال ابن قدامة في المغني: وإن لمس المظاهر منها أو باشرها دون الفرج على وجه يفطر به، قطع التتابع لإخلاله بموالاة الصيام، وإلا، فلا ينقطع. (824) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1424(13/12764)
هل يستمتع المظاهر بزوجته قبل تمام الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي وقع في ظهار أنا أعرف كفارته، ولكن هل يجب أن تكون الكفارة بالترتيب المذكور في القرآن أم يمكن للشخص أن يطعم 60 مسكيناً كما هو مذكور في الخيار الثالث في الآية، وهل اليوم يوجد عتق رقبة، وإن صام الشخص فما الذي يجب عليه فعله تجاه زوجته، وما الحكم إن قبلها أو عانقها أثناء فترة صيامه الشهرين، أجيبونا؟ جزاكم الله عنا كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كفارة الظهار يجب ترتيبها حسب ما جاء في الآية الكريمة، ولا يمكن الانتقال من مرحلة إلى التي تليها إلا بعد العجز عن الأولى، والقرآن صريح في هذا المعنى.
وأما الرقبة أو الرقيق فإنه لا يوجد اليوم حسب علمنا.
وإن صام الزوج شهرين متتابعين كفارة عن ظهاره، أو كفّر بغير الصوم مما هو حكمه فله الاستمتاع بزوجته ومباشرتها.
ولكن لا يجوز له أن يستمتع بتقبيلها أو ما أشبه ذلك إلا بعد تمام الكفارة لقول الله تعالى: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [المجادلة:3] .
ولمزيد من الفائدة والأدلة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 32996.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(13/12765)
حكم من أطلق الحلف بالحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[قالت زوجة أخي وأمها أن سبب المشاكل بينها وبين أخي هو بناتي، فقلت علي الحرام أن بناتي ما يدخلن دار أخي؟ أرجو بيان الكفارة ما أمكن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العلماء اختلفوا في من حلف بالحرام وأطلق في يمينه بأن قال: علي الحرام أو الحرام يلزمني لا فعلت كذا أولا وقع كذا.
فعند المالكية تطلق زوجته إذا حصل المحلوف عليه إلا إذا استثناها بنيته، وعند الحنابلة تلزمه كفارة ظهار وهي تحرير رقبة من قبل أن يتماسا ... فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، وعن بعضهم أنه يلزمه الطلاق إذا نواه، وعند الأحناف أن الزوجة لا تدخل في هذا التحريم إلا بالنية، وانظر تفصيل ذلك مع أدلته في الفتوى رقم: 31141.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1424(13/12766)
حكم قول الزوج لزوجته ستكونين محرمة علي
[السُّؤَالُ]
ـ[أجيبونا رحمكم الله، أنا وزوجي متحابان نعين بعضاً علي طاعة الله ولنا أولاد بدأت الحكاية بعد أن تزوجنا هو غيور وأنا منقبة ولا يريد أن يراني أحد ولو بالخطأ تشاجرنا ذات مرة وامتنعت عن الجماع بعدها، فقال يهددني أنك ستكونين محرمة علي وسأعاملك مثل أختي وأمي يقصد أنه لن يجامعني عقابا لي كما أنا امتنعت، سألنا في هذا الموضوع فأجابونا من 7 سنين أنه وقع طلاق بعدها الغيرة مازالت موجودة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن قول الزوج لزوجته ستكونين محرمة علي أو سأعاملك معاملة أمي وأختي يعتبر تهديداً بالظهار وليس ظهاراً لا فرق بين قوله ستكونين محرمة وقوله سأعام لك مثل أمي وأختي، إذا كان ناوياً الظهار أو كان بعد ما يقتضي الظهار من خصومة أو غ ضب، إذ التهديد بالأمر ليس هو، وعليه فما صدر من زوجك مجرد تهديد لا يترتب عليه شيء. وفي الأخير ننصح السائلة بالتوبة إلى الله تعالى من نشوزها وامتن اعها عن فراش زوجها، وأن لا تعود إلى ذلك ما دامت قادرة على تلبية رغبته، فالرسول ص لى الله عليه وسلم يقول: إذا دعا الرجل امرأته إلى فر اشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح. متفق عليه. كما ننصح زوجها بالثقة بأهله وعدم التسرع بالغضب والغيرة بلا سبب، إذ الغيرة منها ما هو محمود ومنها ما هو مذموم، كما سبق في الفتوى رقم: 9390 والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1424(13/12767)
لا يجزئه الإطعام
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي وقع في ظهار ونعلم كفارته وهي إما عتق رقبة ونعلم أنه الآن لا يوجد العتق، السؤال هو: هل لازم عليه الآن الصوم علما بأنه في الـ 40 من عمره، وليس لديه أمراض تمنعة من الصيام، ولكنه يقول كيف أمتنع عن التقرب منك لمدة شهرين، أنا لا أقدر، أريد أن أطعم ستين مسكينا يعني يقول كيف لا ألمسك وأنا لا أقدر، أنا أريد أن أطعم ستين مسكيناً خوفا على نفسي من الخطأ، فأنا ممكن ألمسك أو أعانقك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من ظاهر زوجته حرم عليه وطؤها قبل أن يكفر، كما تحرم عليه أيضا مقدمات الوطء من قبلة ونحوها.
والمظاهِر إذا أراد استمرار الزوجية لزمته الكفارة، وهي كما قال تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً [المجادلة: 3-4]
والكفارة كما هو واضح على الترتيب وليست على التخيير، فمن لم يجد رقبة انتقل إلى الصيام، ولا ينتقل عنه للإطعام إلا إذا لم يستطعه، وكونه يحب امرأته هذا أمر لا يسوغ الوقوع في الحرام، ثم إنه لا يليق بالمسلم أن يقول كيف أمتثل أمر ربي، وهو مصادم لهوى نفسي وما أشتهي، هذا الكلام وما في معناه خطير جدا، فالله عز وجل يقول: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) [الأحزاب: 36] .
ويقول: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا [النور: من الآية51] .
لذا، فالواجب على هذا الرجل الذي ليس به مرض يمنعه من الصيام أن يكفر عن ظهاره بصيام شهرين متتابعين، ولا يجوز له ولا يجزئه الإطعام.
ما دام قادرا على الصوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1424(13/12768)
لا يجوز للمرأة أن تحرم زوجها على نفسها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيراً على ما تقدمونه للإسلام والمسلمين.
صديقتي كانت على خلاف مع زوجها ومكثت فترة عند أهلها وحصل بسبب ما كان بينهما من خلاف أن قالت: يحرم علي (تقصد تحريم زوجها على نفسها) ، ولكنها الآن عادت إليه ومكنته من نفسها، وهي تسأل عن حكم ذلك، وهل عليها كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على صديقتك أن تتوب إلى الله مما قالته، فإنه حرام على المسلمة أن تحرم زوجها، ومع ذلك، فإنها إن فعلت ذلك فإن زوجها لا يحرم عليها، وإنما تلزمها كفارة يمين، وانظري الفتوى رقم: 17696.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1424(13/12769)
ما صدر من زوجك يعتبر ظهارا ولو كان جاهلا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة عندي أولاد أنا وزوجي متحابان ونحث كل منا الآخر على أن نتقي الله وهذه القصة حدثت منذ أعوام وسألنا وقتها شيخا فقال لا شيء في هذه المقولة والآن عرفنا أنه كان غير فاهم بأمور الطلاق ياليته قال لا أدري البداية هي أني امتنعت عن زوجي ذات يوم فقال لي وهو يهددني طيب أنا سأريكي أنتي من اليوم تصيرين مثل أمي وأختي أو قال أنتي ستكونين محرمة علي مثل أمي وأختي يقصد أنه لن يجامعني عقاباً لي ولا أنا ولا هو نعرف أبدا شيئا عن الظهار ولا هو كان ينوي الطلاق بل ينوي فقط أن يهددني ويعاقبني بأنه لن يجامعني كما لم يجامع أخته وأمه أفيدونا رحمكم الله مع العلم أنه حدث طلاق سابق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنما صدر من زوجك يعتبر ظهاراً ولو كان جاهلاً، ويجب عليه الآن ألا يجامعك إلا بعد كفارة الظهار، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، ولا يحل لك تمكينه من الوطء قبل الكفارة، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 14225.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1424(13/12770)
تحريم الزوج لزوجته يأخذ حكم الظهار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الرجل الذي يقول لزوجته أنت محرمة علي وسأعاملك مثل أمي وأختي عندما رفضت جماعه
ما حكم من يقول لزوجته لو فعلتِ كذا فأنت طالق وهو يقول إنه يقصد تهديدها وردعها فقط عن فعل هذا وماذا لو هي نفذت ما قد حلف عليه زوجها مثل الخروج من المنزل بعد أن حلف بهذا الحلف ألا تخرج من المنزل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تحريم الزوج لزوجته يأخذ حكم الظهار، كما سبق أن ذكرناه مفصلاً مع ذكر اختلاف العلماء فيه برقم: 7438
أما بالنسبة لمن علق طلاق زوجته بفعل أمر ما أو تركه فحنثته في يمينه، فإنها تطلق عليه على قول الجمهور، وقد سبق هذا الحكم في الفتوى رقم: 17834
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1424(13/12771)
ظهار المرأة من زوجها لا يصح
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم وبعد:
امرأة قالت لزوجها:"إنك محرم علي إلى يوم الدين" لأنه يشرب الخمر كل ليلة ويفزع أطفاله الصغار.
المرجو من فضيلتكم أن تفيدونا بالإجابة على ما يلي:
ما حكم ما قالت؟ وما حكم علاقتها به بعد قولها ذلك؟ وماذا يجب عليها الآن وهي راغبة في الاستمرار زوجة له؟ شكر الله لكم وأحسن إليكم.
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم على المسلمة أن تحرّم زوجها وتلزمها -إذا فعلت ذلك- كفارة يمين، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 17696، الفتوى رقم: 25429.
ولا يحرم عليها زوجها بذلك، لأنه لا يصح ظهار المرأة من زوجها، ونقول لهذا الزوج: اتق الله فشرب الخمر كبيرة من الكبائر يجب البعد عنها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها. رواه الحاكم وأبو داود.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً: كل مسكر حرام وإن على الله عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخنال، قالوا: يا رسول الله وما طينة الخبال، قال: عرق أهل النار أو عصارة أهل النار. أخرجه مسلم.
فانظر كيف يكون حالك لو أتاك ملك الموت وأنت على هذه المعصية العظيمة، وكيف ستجيب ربك إذا سألك عن مالك الذي أنفقته في ما حرم الله وعن بدنك الذي أبليته في معصيته، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه، وماذا عمل في ما علم. رواه الترمذي.
واعلم أن الدنيا مهما طالت فلا بد لها من نهاية، ولا بد لكل إنسان من القدوم على ربه فيلقى جزاء عمله، فلا يخدعنك الشيطان عن هذه الحقيقة، قال الله تعالى: وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى [لنجم:42] ، ونسأل الله لنا ولك الهداية والتوفيق، وانظر الفتوى رقم: 6500.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1424(13/12772)
تحريم الزوجة حكمه يختلف بحسب نية الحالف
[السُّؤَالُ]
ـ[حلفت على زوجتي يميناً بالحرام بالصيغة التالية:
"علي الحرام أنا لن أنفعك بعد الآن" فهل يعتبر هذا اليمين يمين طلاق أم يمين لغو أم ماذا، الرجاء إرشادي لأنني نادم على ذلك، وأريد معرفة الحكم الشرعي في ذلك، علما بأنني بقيت على اتصال بزوجتي بشكل عادي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في من حرم زوجته، فذهب بعضهم إلى أنه ظهار تجب فيه كفارة الظهار، وذهب بعضهم إلى أنه طلقة بائنة.. وذهب آخرون إلى أنه طلاق بالثلاث تبين به الزوجة بينونة كبرى.
ولعل الراجح من أقوالهم -إن شاء الله تعالى- أنه بحسب نية الحالف، فإذا كان يقصد به الظهار كان ظهاراً، وإذا قصد به الطلاق كان طلاقاً، وإذا قصد به اليمين كان يميناً.
وعلى هذا فإن كان قصدك الطلاق فزوجتك طالق إن حصل ما حلفت عليه، وإن كان قصدك اليمين فهي يمين تلزم فيها كفارة اليمين إن حنثت وليست من لغو اليمين، وإن كان قصدك الظهار فإنه ظهار، ونحيلك إلى الفتوى رقم: 23975، والفتوى رقم: 2182.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1424(13/12773)
أقوال الفقهاء في الظهار المؤقت وما ينبني عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[سيادة الشيخ الفاضل حفظكم الله تعالى أرجو أن تفهموا سؤالي وتعوه جيداً وأنا معلقٌُ في ذمتكم يوم القيامة:
(ذات يوم أردت من امرأتي أن أجامعها فأبت فأردت أن أحلف عليها بالهجر ولكني قلت لها أنت علي كأمي لمدة عشرة أيام وبعد ذلك لم أستطع الإيفاء بالأيام سؤالي هو: هل أعتبر أن هذا ظهار وما يجب علي علماً بأني موظف في هيئة حكومية وأعمل طوال النهار ولا أستطيع الصيام فهل أستطيع أن أصوم النصف وإمرأتي النصف إن كان ظهاراً حيث وأن نيتي نية هجر لا نية ظهار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قولك لامرأتك حين امتنعت عن الجماع أنت علي كأمي لمدة عشرة أيام هو في الحقيقة ظهار، ولكن لكونك لم تُطْلق وإنما قيدتَ ذلك بعشرة أيام فهو يدخل فيما يسميه الفقهاء بالظهار المؤقت، وقد اختلف الفقهاء هل يقع أم لا؟ قال أصحاب الموسوعة الفقهية: الأصل في الظهار إن أطلقه أن يقع مؤبداً، فإن أقته كأن يظاهر من زوجته يوماً أو شهراً أو سنة، فقد اختلف الفقهاء في حكمه، فذهب الحنفية والحنابلة والشافعية في القول الأظهر إلى أنه يقع مؤقتاً، ولا يكون المظاهر عائداً إلا بالوطء في المدة، فإن لم يقربها حتى مضت المدة سقطت عنه الكفارة، وبطل الظهار عملاً بالتأقيت، لأن التحريم صادف ذلك الزمن دون غيره، فوجب أن ينقضي بانقضائه، ولأن الظهار منكر من القول وزور فترتب عليه حكمه كالظهار المعلق.
وذهب المالكية والشافعية في غير الأظهر إلى أن الظهار لا يقبل التأقيت، فإن قيده بوقت تأبد كالطلاق فَيُلْغى تقييده ويصير مظاهراً أبداً لوجود سبب الكفارة.
وذكر الشافعية في قول ثالث عندهم أن الظهار المؤقت لغو لأنه لم يؤبِّد التحريم فأشبه ما إذا شبهها بامرأة لا تحرم على التأبيد. انتهى
إذا تبين لك ما سبق -أخي السائل- فاعلم أن أرجح الأقوال هو القول الأول، وعليه فإذا انقضت الأيام العشرة من غير أن تمس امرأتك، فإنها تحل لك بغير كفارة وراجع الفتوى رقم:
22565 - والفتوى رقم: 24650.
أما إذا كنت قد وطئتها أثناء الأيام العشرة فإنها تحل لك كذلك بانقضاء المدة، ولكن تبقى في ذمتك كفارة الظهار، قال النووي في روضة الطالبين فيمن ظاهر ظهاراً مؤقتاً ثم جامع امرأته أثناء المدة: وعلى الوجهين يحرم عليه الوطء بعد ذلك الوطء لارتفاع الظهار، وبقيت الكفارة في ذمته. انتهى
واعلم أن الكفارة على الرجال دون النساء، قال القاضي أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن معلقاً على قول الله تعالى: الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ [المجادلة:2] ، والتحريم في النكاح بيد الرجال، ليس بيد المرأة منه شيء، وهذا إجماع. انتهى
ومن هنا تعلم أنه لا يجوز أن تقاسمك امرأتك صيام الكفارة بل ولا تصوم يوماً واحداً، وإنما عليك أن تصوم أنت الكفارة كاملة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1423(13/12774)
أقوال الفقهاء في حكم الظهار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الظهار]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الظهار هو وصف المظاهر ممن يحل له وطؤها من زوجة وأمه بأنها عليه كظهر أمه.
وهناك اختلاف في حكمه بين الفقهاء فمنهم من قال بمنعه، ومنهم من كرهه، والراجح هو المنع بل وأنه كبيرة من كبائر، الإثم لقوله تعالى (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) (المجادلة:2)
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1423(13/12775)
تحريم المرأة لزوجها لا يعتبر ظهارا
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديقة دخلت بيتي ونظرت إلى زوجي فحذرته منها وأصبح حديث القرية وسمعت أنه سيتزوجها، فأقسمت له إن فعل ذلك يكون محرما علي إلى يوم القيامة وقد تزوجها بالفعل بعد ذلك،
س: ما حكم الدين في القسم الذي أقسمته مع العلم أنني أقسمت بالله؟ أفادكم الله ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتحريم المرأة لزوجها لا يعتبر ظهاراً، وإنما هو يمين، تلزم فيه الكفارة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
17696 - والفتوى رقم:
13777.
ولا يجوز للمرأة أن تمتنع عن زوجها، ولا أن تحرم نفسها عليه، سواء تزوج عليها أو لا.
وزواج الرجل من ثانية أمر مباح مشروع، فلا وجه لاعتراض المؤمنة عليه، فالواجب عليك هو التوبة إلى الله تعالى، والتكفير عن حلفك، واحرصي على الإحسان إلى زوجك، ومعاشرته بالمعروف.
ولمعرفة كفارة اليمين، انظري الفتوى رقم:
204 - والفتوى رقم:
2022.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1423(13/12776)
حكم الظهار المعلق على عدم إيقاع الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل قال لزوجته "بالحرام" إن لم تعودي إلى المنزل في الوقت المحدد فإني سأطلقك ولم ترجع فهل وقع الطلاق وإن راجعها فهل عليه كفارة ظهار
وجازاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم أن تحريم الزوجة ظهار، وعليه فما صدر من هذا الزواج يعتبر ظهاراً معلقاً على عدم إيقاع الطلاق على زوجتك إن هي لم تعد في الوقت المحدد.
لذا فأنت بين أمرين: إما أن تطلق زوجتك ولا ظهار عليك، أو تكف عنها حتى تكفر كفارة الظهار، ولمزيد فائدة يراجع الجواب رقم:
7438
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1423(13/12777)
أحكام متعلقة بمن ظاهر من زوجته فترة محددة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السادة العلماء الأفاضل لدي هذه المسألة التي حيرتني كثيراً:
(ذات يوم أردت أن أجامع زوجتي ولكنها أبت فقلت لها أنت علي كأمي لمدة عشرة أيام) علماً بالآتي:
1- كانت نيتي نية حلف الهجر لا نية الظهار.
2- أنا أردت تخويفها فقط.
3- أنا كنت أعرف في ذات نفسي أني لن أستطيع أن أهجرها ولو لمدة عشرة أيام.
4- لم أكن أعرف أن كفارة الظهار هي شهران متتابعان.
5- لا أستطيع الصيام شهرين ورغم أني أبلغ من العمر الشباب (23) سنة ولكن نتيجة أني أعمل طوال النهار فلا أستطيع الصيام فهل ترون في عملي حجة عن عدم الصيام.
6- أفيدوني في مسألتي حيث أني كنت في نية الحلف لا بنية الظهار. وشكراً وبسرعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقولك لامرأتك أنت علي كأمي لمدة عشرة أيام له حكم الظهار على الراجح، والواجب عليك أن تعتزل امرأتك فلا تلمسها، واعلم أنه إذا انقضت الأيام العشرة فإن امرأتك تحل لك بغير كفارة، وأما إذا أردت أن تستمتع بها قبل ذلك فلا بد من الكفارة وهي صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً لمن عجز عن الصيام.
واعلم أن عملك طوال النهار ليس عذراً يمنع الصيام إلا إذا كان عملاً شاقاً بحيث لا يمكنك معه أن تتحمل الصيام، وكنت محتاجاً إلى هذا العمل حاجة شديدة ولا تجد عملاً بديلاً عنه يمكنك الصيام مع مزاولته والحاصل أن عليك أن تصبر عن امرأتك حتى تنتهي العشرة أيام، فإن لم تصبر عنها لزمتك كفارة الظهار.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم 7438 والفتوى رقم 22565
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(13/12778)
ما يقتضيه إطلاق الزوج لفظ (التحريم) على زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قلت لزوجتي وأنا في حالة عضب أجعلك علي حراماً بقصد إغاظتها فقط فهل عليَّ ذنب في ذلك وهل تحل لي بعد هذا علما بأنها ما زالت معي؟ أرجو أن تردوا علي بأسرع وقت.
ووفقكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تحريم الزوجة يكون طلاقاً إذا نوى قائله الطلاق، ويكون ظهاراً إذا نوى به الظهار، ويكون يميناً إذا قصد به اليمين، أو قصد به الحث على فعل شيء أو تركه.
فإن كنت تقصد بهذا التحريم مجرد إغاظتها فإن هذا لا يحسب طلاقاً ولا ظهاراً، لأنك لم تنو واحداً منهما. وبناءً على ذلك، فإنه يجب عليك كفارة يمين -إن كانت نيتك كما ذكرت لك- والكفارة: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام.
وإن كانت نيتك طلاقاً فهو طلاق وإن كنت غضبان، ما لم يصل بك الغضب إلى درجة فقدان الحواس.
وأوصيك بتقوى الله تعالى، وعدم التسرع في مثل هذه الألفاظ التي تتسبب أحياناً في هدم الكثير من البيوت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/12779)
الظهار ... حقيقته وحكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوحنا الكرام. ما حكم الظهار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظهار حقيقته الشرعية تشبيه الزوج زوجته في الحرمة بمحرمه. وكان الظهار في الجاهلية طلاقاً، فغير الشرع حكمه إلى تحريم الزوجة تحريمًا موقتًا فلا تحل له حتى يخرج الكفارة، وهو محرَّم وزور، فلا يجوز للمسلم أن يظاهر من زوجته، قال تعالى: وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً {المجادلة:2}
ومن وقع في الظهار ثم عاد، فعليه الكفارة المبينة في كتاب الله تعالى المذكورة في الفتوى رقم:
7438، والفتوى رقم:
17483.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(13/12780)
حكم قول الرجل لزوجته أحبك كحب أبيك لك
[السُّؤَالُ]
ـ[قول الرجل لزوجته إنها محبوبة عنده مثل حب والدها لها وهو يعتبر نفسه أباً وأماً لزوجته في الحنان والعطف دون قصد أي شيء من المظاهرة فهل يقع هنا الطلاق؟ زادك الله خيرا....ً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الألفاظ لا تعتبر طلاقاً ولا ظهاراً، فلا شيء على قائلها بل إن ذلك من حسن العشرة وجوالب المودة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1423(13/12781)
حكم من ظاهر من زوجته لمدة محددة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قال لزوجته أنت علي حرام (قاصدا الوطء) لمدة شهر وهل يجوز له أن يلمسها أو يداعبها أو يقبلها000 خلال فترة التحريم وهل يجوز له أن يأتيها وجزاكم الله عنا كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا أن حكم من قال لزوجته "أنت علي حرام" هو حكم المظاهر في الفتوى رقم:
7438 حسبما ترجح عندنا.
وبما أن السائل هنا حرم زوجته عليه لمدة محددة -وهي شهر- فلا يجوز له أن يمسها في هذا الشهر حتى يكفر كفارة ظهار، فإذا انقضى الشهر المذكور انحل ظهاره وحلت له امرأته دون كفارة وذلك لأن التحريم كان لتلك الفترة فوجب أن ينقضي بانقضائها، قال في متن الإقناع وهو من أئمة الحنابلة: ويصح الظهار معجلاً معلقاً بشرط نحو: أنت علي كظهر أمي شهراً أو شهر رمضان فإذا مضى الوقت زال الظهار وحلت بلا كفارة. انتهى كلامه
ثم قال: ويحرم على مظاهِر ومظاهَر منها الوطء والاستمتاع منها بما دون الفرج قبل التكفير.
وبهذا يتبين للسائل أنه لا يجوز له أن يمس زوجته في ذلك الشهر حتى يكفر، وأنه إذا انقضى الشهر حلت له دون كفارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1423(13/12782)
من حلف بالحرام يعتبر مظاهرا إذا حنث
[السُّؤَالُ]
ـ[حلفت بهذه العبارة: (بالحرام ما تنزلين عند دار أهلي) ما كفارة هذا اليمين؟
ولكم مني كل الأحترام والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كانت له زوجة، وحلف بالصيغة المذكورة في السؤال، فإنه يعتبر مظاهراً يجب عليه ما يجب على المظاهر إذا حنث في يمينه، كما هو مبين في الفتوى رقم: 17483.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1423(13/12783)
ما يلزم من ظاهر وشرع في الكفارة ثم طلق
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل ظاهرمن زوجته وشرع في التكفير عن الظهار بإطعام ستين مسكينا قبل أن يتماسا ولكنه بعد إطعام ثلاثين مسكينا تشاحن مع امرأته وألقى عليها يمين الطلاق بقوله:"أنت طالق" فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الشخص المظاهر قد عزم على العود إلى وطء امرأته المظاهر منها وأخرج جزءاً من طعام الكفارة قبل وطئها كما أمره الله تعالى ليحل له وطؤها ثم طلقها فقد سقط عنه جزء من الكفارة، ولا يلزمه الباقي إلا إذا راجعها، فإن راجعها لزمه إتمام الكفارة.
وأما إذا أخرج هذا الجزء من الكفارة وهو غير عازم على وطء امرأته فهو لاغ لأنه لم يصادف محلاً، ولذلك لو راجع امرأته وعزم على وطئها لزمه إخراج كفارة كاملة ولا يحتسب منها ما كان أخرجه من قبل لأنه لم يصادف محلاً -كما سبق- ولأن الكفارة لا تجب إلا بشيئين: أولهما: قول الظهار، والثاني: العود، لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا [المجادلة:3] .
قال ابن قدامة الحنبلي: فأوجب الله تعالى الكفارة بأمرين: ظهار وعود، فلا تثبت بأحدهما، ولأن الكفارة في الظهار كفارة يمين فلا يحنث بغير الحنث كسائر الأيمان، والحنث فيها هو العود. انتهى
وهذا مذهب جماهير أهل العلم؛ إلا أنهم اختلفوا في المقصود بالعود على أقوال كثيرة: فذهب الحنفية إلى أنه العزم على الوطء عزماً مؤكداً. قال الكاساني في بدائع الصنائع: العود هو العزم على وطئها عزماً مؤكداً فكان معنى قوله تعالى: ثم يعودون لما قالوا، ثم يرجعون فيما قالوا وذلك بالعزم على الوطء، لأن ما قاله المظاهر هو تحريم الوطء، فكان العود لنقضه وفسخه استباحة الوطء.
وذهب المالكية إلى أن العود هو العزم على الوطء -وزاد بعضهم- مع نية العزم على الوطء العزم على الإمساك. ففي حاشية الدسوقي: وفهم عياض من المدونة على أنه العزم على الوطء مع العزم على الإمساك. وقال إنه مشهور. انتهى
وذهب الشافعية إلى أنه إمساك الزوجة زمنا بعد الظهار يمكنه أن يطلقها فيه ولم يفعل فقد عاد فيما قال.
قال النووي في المنهاج: على المظاهر كفارة إذا عاد وهو أن يمسكها بعد ظهاره زمن إمكان فرقة.... قال الخطيب الشربيني: لأن تشبيهها بالأم يقتضي أن لا يمسكها زوجة، فإذا أمسكها زوجة أي لم يطلقها فقد عاد فيما قال لأن العود للقول مخالفته. يقال فلان قال قولا ثم عاد له وعاد فيه أي خالفه ونقضه. وهو قريب من قولهم عاد في هبته.
وذهب الحنابلة إلى أن العود هو الوطء، فمن وطأ لزمته الكفارة ولا تجب قبل ذلك إلا أنها شرط لحل الوطء فيؤمر بها قبله، وقال القاضي: العود هو العزم على الوطء. وهذا يوافق مذهب الحنفية والمالكية كما سبق. وهذا هو القول الراجح كما دلت على ذلك الآية الكريمة، وإذا عاد الرجل إلى ما قال فقد ثبتت الكفارة في ذمته فلا تسقط بطلاقه لزوجته أو فسخ النكاح أوالموت.
قال النووي في المنهاج: ولا تسقط الكفارة بعد العود بفرقة. قال الخطيب الشربيني في شرحه على المنهاج مبيناً وجه عدم السقوط وكذا ابن حجر الهيثمي في التحفة: لاستقرارها بالإمساك، كالدين لا يسقط بعد ثبوته. انتهى
وأخيراً ننبه الأخ السائل إلى أن هذه الكفارة لا تجزئ إلا مرتبة كما أمر الله تعالى، فلا يجزئ الصيام إلا بعد العجز عن عتق الرقبة، ولا يجزئ الإطعام إلا بعد العجز عن الصوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1423(13/12784)
لا يقع الظهار إلا أذا فعل المعلق عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[تشاجرت مع عائلة زوجتي وفي قوّة غضبي قلت لزوجتي: والله تحرمين عليَّ إذا ذهبت أنا إلى منزلكم.
فالرجاء الإجابة في أقرب وقت ممكن وهل باستطاعتي أن أذهب إلى منزل عائلة زوجتي وهل يوجد كفّارة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مثل هذا القول يعد ظهاراً في الراجح من أقوال العلماء، إلا أنك لا تكون به مظاهراً إلا إذا فعلت ما علقت عليه التحريم، وبناءً على هذا، فإنك إن ذهبت إلى بيت عائلة زوجتك صرت مظاهراً، وإن لم تذهب فلا شيء عليك، ولمعرفة الكفارة وما يلزمك في ذلك راجع الفتوى رقم:
7438.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(13/12785)
حكم تحريم المرأة زوجها عليها!!!
[السُّؤَالُ]
ـ[تشاجرت مع زوجي فحرمته على نفسي في ساعة غضب ما الحكم الشرعي في ذلك؟ مع كيفية المعالجة؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم على المرأة أن تحرم زوجها أو غيره مما أباحه الله لها، ومن حرمت شيئاً من ذلك فحكمه حكم اليمين تلزمها فيه كفارة يمين، ومثله تحريم الرجل لما أحل الله له سوى زوجته، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) [التحريم:1-2] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1423(13/12786)
دلالة من قال لزوجته (تحرمين علي)
[السُّؤَالُ]
ـ[حصل خلاف بيني وبين زوجتي على جهاز الرسيفر وكنت في حالة عضب وقمت بأخذ الرسيفر وهويت به على الأرض وقلت تحرمين عليّ لو جلبت هذا الجهاز مرة أخرى وأشرت بيدي على الجهاز ما حكم هذا؟ وما الحكم لو جلبت جهاز آخرً غيره؟
أفتوني مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عليك أولاً أن تتوب إلى الله عز وجل من أمرين:
الأول: هو إدخالك لجهاز (الرسيفر) لبيتك، وفي هذا الجهاز ما فيه من المنكرات العظيمة التي يستقبلها، فيحرم عليك أن تأتى به مرة ثانية.
والثاني: هو أن تتوب إلى الله من هذا اللفظ الذي قلته لامرأتك (تحرمين عليّ) لأنه ظهار في الراجح من أقوال أهل العلم، وهو منكر من القول وزور، كما قال تعالى: (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) [المجادلة:2] .
وإذا لم تدخل هذا الجهاز مرة أخرى فلا يترتب عليك شيء، وإن أدخلته وقع الظهار من زوجتك، فلا يحل لك أن تقربها (تجامعها) حتى تكفر كفارة الظهار، وهي على الترتيب:
عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين لا تقطعها إلا لعذر شرعي كمرض، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكيناً، وذلك لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [المجادلة: 3-4] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1423(13/12787)
كفارة من أتى زوجته قبل التكفير عن الظهار
[السُّؤَالُ]
ـ[ظاهرت من زوجتي ثم جامعت قبل أن أُكفر ما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب عليك التوبة إلى الله تعالى واستغفاره عما حصل منك، وأن لا تعود لمجامعتها مرة أخرى، حتى تكفر كفارة الظهار.
قال ابن العربي: وقد اختلف السلف فيمن وطئ - بعد الظهار وقبل الكفارة - ما الذي يجب عليه من الكفارة بعده؟ فقال الحسن وجابر بن زيد وإبراهيم وابن المسيب: ليس عليه إلا كفارة واحدة، وكذلك قول مجاهد وطاووس وابن سيرين في آخرين، وقد روي عن عمرو بن العاص وقبيصة بن ذؤيب والزهري وقتادة عليه كفارتان.
قال وروي عن ابن عباس أن رجلاً قال: يا رسول الله، ظاهرت من امرأتي فجامعتها قبل أن أكفر، فقال: استغفر الله، ولا تعد حتى تكفر" فلم يوجب عليه كفارتين بعد الوطء. ا. هـ.
والحديث المذكور رواه أصحاب السنن الأربع وصححه الترمذي، وذكر له الزيلعي طرقاً وشواهد كثيرة في نصب الراية، وقال: قال مالك فيمن يظاهر من امرأته ثم يمسها قبل أن يكفر: قال: يكف عنها حتى يستغفر الله ويكفر. قال: وذلك أحسن ما سمعت.
والحاصل أنه لا يلزمك إلا التوبة النصوح ودفع كفارة واحدة، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 12075.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1422(13/12788)
هذه الصورة تأخذ حكم الظهار مع الإثم
[السُّؤَالُ]
ـ[من يحلف باسم الله العظيم لزوجته أنه ليس على علاقه بامرأة أخرى وهو يكذب وتجعله يقول: إن وجدت ذلك تكون محرمة عليه ليوم الدين، وكل هذا وهو يضع يده على القرآن وبعد ذلك يعترف أنه كذب فما الحكم في حياتهم معا وشكرا لفضيلتكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في الكذب على الزوجة الإباحة، وخصوصاً إذا كان في الأمور التي من شأنها أن تحبب كلا من الزوجين إلى الآخر، وتوطد العلاقات بينهما، وتثبتها، فعن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها قالت: ولم أسمعه - تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم- يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث: في الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها. رواه الإمام أحمد.
وبهذا تعلم أن كذب هذا الرجل على زوجته جائز، لكن إذا كانت العلاقة التي يتقيها ويحلف على عدمها علاقة غير شرعية، فإنه يكون آثما بسبب تلك العلاقة.
ثم إن تعليقه حرمة زوجته الأبدية على ثبوت تلك العلاقة يعتبر ظهارا معلقاً على أمر، وقد ثبت ذلك الأمر المعلق عليه، وعليه فيجب على هذا الرجل ما يجب على المظاهر. وقد سبق وأن ذكرنا حكم من حرم زوجته، وقلنا: إن الحرام ظهار في أظهر أقوال العلماء، وذلك في الجواب رقم: 7438
فليرجع إليه، ففيه التفصيل، ثم إن قوله في تحريمه لزوجته ليوم الدين لا أثر له، إذ هو لا يملك أن يحرمها ليوم الدين، وإنما يملك تحريمها كمظاهر منها فقط، تجوز له بعد التكفير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1422(13/12789)
طلق ... ثم ظاهر
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل طلق زوجته تطليقتين متتابعتين وقال لها بعد ذلك أنت علي حرام كما حرمت علي والدتي. فهل كلامه الأخير الذي تلفظ به يعد ظهارا وما الذي يلزمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الزوجة المطلقة تطليقتين متتابعتين، إما أن تكون مدخولا بها، أو غير مدخول بها.
فإن كانت غير مدخول بها بانت بالطلقة الأولى بينونة صغرى، والطلقة الثانية لم تصادف محلاً، فلا أثر لها.
أما إذا كانت الزوجة مدخولاً بها وطلقت طلقة أخرى بعد الأولى، فإن الجمهور على وقوع الطلقة الثانية، وخالف في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال بعدم وقوع الطلقة الثانية لمخالفتها للسنة إذ السنة في الطلاق هي أن يطلق الزوج زوجته طلقة واحد في طهر لم يمسها فيه، وبأي القولين أخذنا فإن ما وقع بعد التطليقتين ليس من باب الطلاق، وإنما هو من باب الظهار.
وعليه، فإذا كان قبل انتهاء العدة، فهو ظهار يترتب عليه ما يترتب على الظهار من حرمة المسيس قبل التكفير، وإذا كان بعد انتهاء العدة فهو أيضاً ظهار، إلا أنه ظهار من أجنبية، وهو صحيح ونافذ في رأي الجمهور.
وعليه، فمن ظاهر من أجنبية ثم تزوجها بعد ذلك، فلا يجوز له مسها حتى يكفر، والكفارة تقدمت تحت الرقم: 192.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1422(13/12790)
يقع الظهار المعلق إذا وجد المعلق عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[زوج أختي باع بيته الذي كان يسكن فيه، وسكن هو وأخي في بيت أهلها، ومع طول المدة حصل سوء تفاهم بينه، وبين أخي الكبير، فذكر له أخي أنه أطال في المدة التي جلسها عندنا في البيت هو وزوجته، فقال هو لزوجته (أختي) ما مؤداه: لو دخلت بيت أهلك مرة أخرى، فأنت حرام علي مثل ما تحرم علي أختي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما صدر من هذا الزوج لا يخلو من أحد احتمالين:
الاحتمال الأول: أن يكون ظهاراً صريحاً معلقاً، وهذا حكمه واضح بينه المولى عز وجل في قوله: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (المجادلة:3-4) .
الاحتمال الثاني: أن يكون تحريماً للزوجة، وأظهر أقوال العلماء في تحريم الزوجة أنه ظهار، وقد سبق أن أجبنا على من حلف بالحرام ثم حنث برقم: 7438.
وعليه، فالصيغة المسئول عنها تعتبر ظهاراً معلقاً، فإذا وجد المعلق عليه، وهو دخول الزوجة للدار ترتب عليه حكم الظهار، فلا يحل للزوج أن يمس زوجته إلا بعد أداء كفارة الظهار المتقدمة في الآية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1422(13/12791)
حكم من قال لزوجته أنت مثل أختي
[السُّؤَالُ]
ـ[قلت لوالد زوجتي بالتليفون ((إن فلانة مثل أختي وأقصد زوجتي وأنها متى مارغبت بالطلاق فاتصل بي وأنا مستعد لإرسال ورقتها)) وعندما قلت بأنها مثل أختي لم أكن أقصد بأنها تحرم علي مثل أختي أو ماشابه ذلك، ولم يكن في نيتي الطلاق، فما حكم الشرع في ذلك؟ وهل وقع الطلاق أم لا.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن كنت تقصد أنها مثل أختك في الكرامة والمنزلة ونحو ذلك، ولا تقصد الطلاق ولا الظهار، فإنه لا طلاق ولا ظهار، وإن كان الأولى اجتناب هذه الألفاظ الموهمة التي توقع الشخص في شك وحيرة.
ولذلك نص بعض أهل العلم على أن من قال لزوجته: يا أختي أو يا أمي فإنه يؤنب ويؤدب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1422(13/12792)
التوبة النصوح تجب ماقبلها
[السُّؤَالُ]
ـ[من قذف زوجته بالزنا وقال صيغة الملاعنة التي تكون بين الزوج والزوجة وهو كاذب، ثم ندم على مافعل وتاب إلى الله وأناب. فهل تقبل توبته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت المرأة عفيفة وتجرأ زوجها وقذفها بالزنا فقد ارتكب كبيرة من الكبائر قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ. {النور:23} . وقد سبق بيان هذا في الفتويين: 51465، 68450.
ومع هذا فإن الله عز وجل رحيم بعباده إذا تابوا وأنابوا، ولهذا قال عقب آيات اللعان فاتحا باب التوبة داعيا للإنابة إليه: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ. {النور:10}
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله: وجواب الشرط محذوف، يدل عليه سياق الكلام أي: لأحل بأحد المتلاعنين الكاذب منهما، ما دعا به على نفسه، ومن رحمته وفضله، ثبوت هذا الحكم الخاص بالزوجين، لشدة الحاجة إليه، وأن بين لكم شدة الزنا وفظاعته، وفظاعة القذف به، وأن شرع التوبة من هذه الكبائر وغيرها. انتهى.
وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. {الزمر:53} .
فيجب على هذا الزوج أن يتوب إلى الله توبة نصوحا، وإذا استوفى التائب شروط التوبة النصوح فهي مقبولة. وقد بينا شروط التوبة النصوح، وعلامة قبولها في الفتويين: 5450، 5646. فراجعهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1430(13/12793)
العنة واللعان وأحكام الملاعنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين العنة والملاعنة؟ وما حكم اللاعن في الإسلام؟ وهل اللعنة للزوجة تعتبر طلقة؟ نرجو التوضيح وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعنة هي العجز عن الجماع كما وضحنا ذلك في الفتوى رقم 48190.
وأما اللعان فيقول في تعريفه شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: واللعان لغة مصدر لاعن وقد يستعمل جمعا للعن وهو الطرد والإبعاد, وشرعا كلمات معلومة جعلت حجة للمضطر إلى قذف من لطخ فراشه وألحق العار به أو إلى نفي ولد مما سيأتي, وسميت لعانا لاشتمالها على كلمة اللعن, ولأن كلا من المتلاعنين يبعد عن الآخر بها إذ يحرم النكاح بينهما أبدا واختير لفظ اللعان على لفظي الشهادة والغضب , وإن اشتملت عليهما الكلمات أيضا; لأن اللعن كلمة غريبة في تمام الحجج من الشهادات والأيمان, والشيء يشتهر بما يقع فيه من الغريب, وعليه جرت أسماء السور, ولأن الغضب يقع في جانب المرأة وجانب الرجل أقوى ولأن لعانه متقدم على لعانها في الآية والواقع.اهـ
وكيفية اللعان أن يقول الزوج أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا أربع مرات والخامسة يقول فيها عليه لعنة الله إن كان من الكاذبين فيما رماها به من الزنا, وكررت كلمات الشهادة لتأكيد الأمر ولأنها أقيمت من الزوج مقام أربعة شهود من غيره ليقام عليها الحد وهي في الحقيقة أيمان كما مر, وأما الكلمة الخامسة فمؤكدة لمفاد الأربع، ومما يحلف عليه الزوج أن يقول: إن هذا الولد من زنا وليس هو مني لينتفي عنه. ولعان المرأة أن تقول أربعا أشهد بالله أنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا، وتقول في الخامسة بأن عليها غضب الله إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنا.
وأما عن حكم اللعان فقد يكون اللعان واجبا كأن يكون على يقين من أن الحمل ليس منه، فيجب عليه أن يلاعن لنفي الحمل حتى لا ينسب إليه ولد هو منه برئ، وقد سبق تعريف اللعان وبيان بعض أحكامه في الفتوى رقم: 1147، والفتوى رقم: 40956، والفتوى رقم: 59172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1427(13/12794)
زوال غشاء البكارة والشك في الحمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتزم والحمد لله. تزوجت مؤخراً بفتاة كنت أظنها من الملتزمات، وفي ليلة الدخول عند المباشرة تبين لي أنها ليست عذراء قد فقدت غشاء البكارة، فسألتها عن ذلك فأقامت الدنيا ولم تقعدها، فأصرت على أنها لم تمارس الجنس مع أحد قبل، لكن أنا مصر على العكس، ورأيت أن أبقي الأمر سراً وأسترها لوجه الله، ولكن تبين لي بعد ذلك أنها حامل بولد ليس مني، فاسودت الدنيا أمامي ولا أعرف الآن ماذا أفعل، فأرشدوني إلى الصواب جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زوال غشاء البكارة ليس دليلاً على عدم عفة المرأة، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 60405.
والحمل الذي بان لك الأصل فيه أنه منك، فإن الولد للفراش إذا ولد في مدة الإمكان وهي أقل مدة الحمل (ستة أشهر) ، لقوله صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش. وراجع الفتوى رقم: 64322.
لكن إذا تيقنت أنه ليس منك، فلك نفيه بملاعنة الزوجة، فإن تم اللعان بينكما حصلت الفرقة على التأبيد، وتنتفي نسبة الولد إليك، كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 1147.
وراجع أقوال أهل العلم في الظروف التي يمكن فيها الزوج من اللعان، والتي لا يمكن فيها منه في فتوانا رقم: 59172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1426(13/12795)
لماذا خص الله سبحانه وتعالى الرجال باللعنة والنساء بالغضب في آية اللعان؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا خص الله سبحانه وتعالى الرجال باللعنة والنساء بالغضب في آية اللعان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم لذلك توجيهين. الأول: أن المرأة لما كانت معتادة على ذكر اللعن على لسانها، جعل في حقها أمراً آخر هو الغضب. والثاني: ما ذكره ابن كثير رحمه الله إذ قال بعد أن ذكر الآية: فخصها بالغضب، كما أن الغالب أن الرجل لا يتجشم فضيحة أهله ورميها بالزنا إلا وهو صادق معذور، وهي تعلم صدقه فيما رما ها به، ولهذا كانت الخامسة في حقها أن غضب الله عليها والمغضوب عليه هو الذي يعلم الحق ثم يحيد عنه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1425(13/12796)
حكم الملاعنة خاص بالرجال دون النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[في الآيات 6-8 من سورة النور حكم من يتهم زوجته بالزنا فهل هذا الأمر خاص بالرجال أم يجوز للمرأة أن تلاعن زوجها إذا رأت منه تهمة الزنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اللعان خاص بالأزواج دون الزوجات، ووجه ذلك أن الله عز وجل لما جعل في نفوس الرجال حبا للزوجات غالبا وغيرة عليهن وعدم احتمال رؤية الزنا بهن دفع عنهم حد القذف بما شرع لهم وخصهم به من الملاعنة، ويبين هذا أنه لما نزلت آيات القذف وتقرر حد القاذف اشتد الأمر على الأزواج الذين يعثرون على ريبة في زوجاتهم فأنزل الله عز وجل آيات الملاعنة تخصص عموم المحصنات اللاتي يحد من رماهن ولم يأت بأربعة شهداء ...
وإن من المعلوم أن زنا الزوجة يلحق زوجها به من العار والذم وخلط أولاده بغيرهم ما لا يلحقها هي بزناه ولكن إذا ثبت زنا الزوج وأصر عليه فللمرأة أن تطلب منه الطلاق أو ترفع أمره إلى ولي الأمر ليردعه عن ذلك أو يجبره على طلاقها، فلله عز وجل الحكمة البالغة والعدل المطلق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1425(13/12797)
إذا علم بحمل امرأته من غيره فعليه أن يلاعنها
[السُّؤَالُ]
ـ[قال صديق لي: تزوجت بابنة عمي وسافرت وتركتها لمدة عام وعندما عدت وجدتها حاملاً ووضعت بعد عودتي بخمسة أشهر ونصف واعترفت بأن أحداً قد اغتصبها ولم أستطع فضح أمرها خوفا من مكانة عمي الاجتماعية والدينية وربما يصاب بصدمة قد تضره صحيا وآثرت الابتعاد عنها لفترة ووضعت مني طفلا آخر لكن رغم ذلك لم أستطع العيش معها وطلقتها وتركتها والاطفال ولم أكد أطيقهم وتزوجت بأخري ما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ستر صديقك أمر زوجته هو الأولى له والأفضل لو كان الموضوع مجرد زنا، أما وقد وجدها حاملاً، وهو على يقين من أن الحمل ليس منه، فكان الواجب عليه أن يلاعنها لنفي الحمل ولا يترك المسألة تفوت، فينسب إليه ولد هو منه برئ، وإذ لم يفعل ذلك وفضل الستر على زوجته، فليتب إلى الله مما فعل، وليعلم أن الولد صار لاحقاً به ولا يمكن نفيه بعد، لما رواه الشيخان وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر.
ولم يعد بعد ممكنا من اللعان لأن شرطه التعجيل، قال خليل: وإن وطئ أو أخر بعد علمه بوضع أو حمل بلا عذر امتنع.
ولا يفيده في نفي النسب كون الزوجة مقرة بالاغتصاب، قال خليل: ولو تصادقا على نفيه.
الدرديري: أي الولد قبل البناء أو بعده فلا بد من لعان من الزوج لنفي الولد، فإن لم يلاعن لحق به. 2/460.
ونوصي صديقك بأن لا يفرط في ولديه ذينك، وأن لا يحمله فظاعة وقبح ما فعلته ابنة عمه على ترك الواجب عليه في حقهما من النفقة والكسوة والتعليم والتربية الحسنة وغير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1424(13/12798)
من شروط نفي الولد أن يكون فوريا إلا بعذر
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للسؤال 79080 هو لم يقصد أنه يعلم منذ ثمان سنين، فهو بسبب السحر عرف وتأكد بتاريخ السؤال في هذه الفترة ومازال يعاني من السحر إلى الآن، وعرف حتى من عملوا له هذا السحر، ومتأكد مائة في المائة، ولكن من سوف يصدقنا؟ والله يشهد على كل كلامي، وهل إذا سترت الزوجة والأولاد علي ذنب؟ واللعان سوف يسبب فتنة كبيرة وقتل، لأن المتسببين هم من الأهل، وواحد منهم متزوج بنت أخي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبالإضافة إلى الجواب السابق نقول للأخ السائل: إن من شروط نفي الولد أن يكون فوريا إلا بعذر، وهذا العذر يحدده القاضي الشرعي، فالمحكمة الشرعية هي التي يحق لها أن تقرر هل السحر الذي تذكر أنك مصاب به عذر يجيز لك أن تنفي الولد عنك الآن أم لا؟
وأما سؤالك هل عليك إثم في سترك على زوجتك؟ فنقول: إذا تابت هذه الزوجة فإن الستر عليها مطلوب، ولك أجر فيه، وفي الحديث: من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخر. رواه ابن ماجه.
وأما إذا لم تتب واستمرت على ما هي عليه، فإن البقاء معها والسكوت عليها دياثة محرمة.
وأما الأولاد منها: فلا يحل لك نفيهم ولا التعرض لهم قبل حكم المحكمة، لأنهم أولادك شرعا، لحديث: الولد للفراش.
رواه البخاري. على أننا لا نشير على السائل برفع دعوى في المحكمة أو إثارة الموضوع أصلا، لما له من آثار خطيرة أشار إليها سؤاله، والغالب أن المحكمة لن تقبل حجته بعد هذه الفترة الطويلة.
كما ننبه السائل إلى أن المسحور قد يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله، ويخيل له أنه لم يفعل وقد فعل، وهذا حصل للنبي صلى الله عليه وسلم، كما أخبرت بذلك عائشة عنه، فنخشى أن يكون السائل قد أصابه شيء من ذلك، فيتعذر معه اليقين بنفي أولاده عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1424(13/12799)
أيمان اللعان لا تعتبر إلا بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[زوج رمى زوجته بالفاحشة وحينما طلبت منه ابنته أقامة حد اللعان أقسمت الزوجة ورفض الزوج أن يقسم فهل يفرق بينهما الآن وأنهما في حكم المطلقين؟ خاصة وأن الزوج اعتاد على رمي زوجته عدة مرات بغير حق فما العمل أن كان يرفض الطلاق إلا بعد أن تتنازل الزوجة عن جميع حقوقها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يحسن التنبيه إلى عدة أمور:
1- أن الشرع الكريم قد منح حماية عظيمة لعرض المسلم حيث رتب الوعيد الشديد على من قذف مسلماً أو مسلمة بفاحشة هو بريء منها، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النور:23] .
2- إن العلاقة الزوجية مستمرة بين الزوجين، لأن أيمان اللعان لا تعتبر إلا بحضرة قاض أو نائبه، أو رجل متصف بشروط القضاء يتفق الزوجان على تحكيمه بينهما، كما في كشف القناع للبهوتي وغيره.
3- أن الزوج الذي قذف زوجته بارتكاب الفاحشة، إما أن يثبت ما ادعاه من وقوع الفاحشة وهذا الإثبات لا بد له من أربعة شهود عدول أو تقر به الزوجة، أو يلاعنها، وإلا أقيم عليه حد القذف لعدم إثبات دعواه المذكورة لقول الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور:4] .
4- لا يحل للزوج الإضرار بزوجته من أجل التنازل عن حقوقها مقابل الطلاق لقول الله تعالى: وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا [البقرة:231] ، وقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه وغيره، وينبغي اللجوء إلى المحاكم الشرعية للنظر في هذه المسألة المذكورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1424(13/12800)
فتويان في اللعان غير متعارضتين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
في الفتوي رقم 33617 قلتم إن الأولاد أولاده ولم يعد هناك متسع من الوقت للعان، وفي الفتوى رقم6280 قلتم عليه ذنب إذا لم يلاعن على رغم من أنه علم بعد خمس وعشرين سنة هل يكون اللعان مازال بالنسبة للفتوى 33617 ممكن وما ذنب الأولاد الآن وانكشاف ستر الله وسوف تقع فتنة كبيرة جداً إن لاعن صاحب الفتوى 33617 مع العلم بأنه مازال مسحور إلى الآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تعارض بين فتوانا رقم: 32617، وفتوانا رقم: 6280.
لأن الأولى التي قررنا فيها عدم إمكانية اللعان لتأخيره مدة ثماني سنوات، فهذا الحكم -وهو كونه لا يقبل منه اللعان ولا يفيد- هو في حق من علم بزنا زوجته ثم لم يلاعنها بلا عذر، مع أنه أثم لسكوته عن نفي ولد تحقق أنه ليس منه، وأما الثانية فهي في حق رجل تحقق من زنا زوجته وأن ولدها ليس منه فحكمنا عليه في الفتوى الثانية بوجوب المبادرة باللعان.
قال الشربيني في مغني المحتاج: ولو أتت بولد وعلم أو ظن ظناً مؤكداً أنه ليس منه لزمه نفيه، لأن ترك النفي يتضمن استلحاقه، واستلحاقه من ليس منه حرام، كما يحرم نفي من هو منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1424(13/12801)
اللعان\" معناه، صفته، مشروعيته\"
[السُّؤَالُ]
ـ[1.ما المقصود بالتلاعن. وكيف يتم. شفهيا، بالنية، بإحضار شهود. عن طريق المحكمة. 2.وفى حاله طرد الأب لابنه هل يعتبر ملاعنة.وهل تلاعن الأم ابنتها أم الأب فقط. ... 3.وهل الملاعنة مجازة شرعا.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتلاعن من اللعان وهو في اللغة: الإِبْعادُ والطَّرْد من الخير، وقيل: الطَّرْد والإِبعادُ من الله، ومن الخَلْق السَّبُّ والدُّعاء، انظر (لسان العرب 13 / 387)
والملاعنة بين الزّوجين: إذا قذف الرّجل امرأته أو رماها برجل أنّه زنى بها.
وعرّفه بعض العلماء كما في كتاب (العناية شرح الهداية) بأنه: شهادات تجري بين الزّوجين مؤكّدة بالأيمان مقرونة باللّعن من جانب الزّوج وبالغضب من جانب الزّوجة.
وأما كيف يتم قال ابن قدامة في المغني: " المسألة الثانية: في ألفاظ اللعان وصفته , أما ألفاظه فهي خمسة في حق كل واحد منهما. وصفته أن الإمام يبدأ بالزوج , فيقيمه له: ويقول له: قل أربع مرات: أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به زوجتي هذه من الزنا. ويشير إليها إن كانت حاضرة , ولا يحتاج مع الحضور والإشارة إلى نسبة وتسمية, كما لا يحتاج إلى ذلك في سائر العقود, وإن كانت غائبة أسماها ونسبها, فقال: امرأتي فلانة بنت فلان. ويرفع في نسبها حتى ينفي المشاركة بينها وبين غيرها. فإذا شهد أربع مرات, وقفه الحاكم, وقال له: اتق الله, فإنها الموجبة, وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة, وكل شيء أهون من لعنة الله. ويأمر رجلا فيضع يده على فيه, حتى لا يبادر بالخامسة قبل الموعظة, ثم يأمر الرجل, فيرسل يده عن فيه, فإن رآه يمضي في ذلك , قال له: قل: وإن لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين فيما رميت به زوجتي هذه من الزنا. ثم يأمر المرأة بالقيام, ويقول لها قولي: أشهد بالله أن زوجي هذا لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا. وتشير إليه, وإن كان غائبا أسمته ونسبته, فإذا كررت ذلك أربع مرات, وقفها, ووعظها كما ذكرنا في حق الزوج, ويأمر امرأة فتضع يدها على فيها, فإن رآها تمضي على ذلك , قال لها: قولي: وإن غضب الله علي إن كان زوجي هذا من الصادقين فيما رماني به من الزنا. قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: كيف يلاعن؟ قال: على ما في كتاب الله تعالى, يقول أربع مرات: أشهد بالله إني فيما رميتها به لمن الصادقين. ثم يوقف عند الخامسة, فيقول: لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. والمرأة مثل ذلك, توقف عند الخامسة, فيقال لها اتق الله, فإنها الموجبة, توجب عليك العذاب. فإن حلفت, قالت: غضب الله عليها إن كان من الصادقين." أ. هـ
وأما طرد الأب ابنه أو الأم ابنها أو بنتها فلا يسمى لعانا بالمعنى الشرعي.
واللعان مشروع عند وجود سببه، وراجع الفتوى رقم 1147
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1426(13/12802)
اتهام الزوجة بالوقوع في الفاحشة
[السُّؤَالُ]
ـ[آخر مرة اتصلت بزوجتي قبل ثلاثة أيام أو أربعة، ولكني فوجئت بعد هذه المدة أن الحيوانات المنوية مازالت بكثرة في فرجها، سألتها باستغراب كيف ذلك، قالت لي بكل إصرار هو من عندك.
أرجوك أخي الكريم أجبني بصراحة حتى ولو استعنتم بطبيب متخصص فالموضوع له أكثر من سنتين وأنا مازلت أسألها وهي تجيب بنفس الجواب خاصة أني لم ألاحظ ذلك مرة أخرى..أهي خيانة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نقول للسائل: إن حماية أعراض المسلمين، والمحافظة على سمعتهم، وصيانة كرامتهم، مطلب من مطالب الإسلام، وغاية من غاياته، ولهذا فالشرع يسد الباب أمام الذين يلتمسون العيب والنقيصة للبشر، فيمنعهم من أن يجرحوا مشاعرهم، ويلغوا في أعراضهم، ويحظر أشد الحظر إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، ويحرم القذف تحريماً قاطعاً، ويجعله كبيرة من كبائر الذنوب، ويوجب على القاذف ثمانين جلدة، ويمنع شهادته، ويحكم عليه بالفسق واللعن واستحقاق العذاب الأليم في الدنيا والآخرة، ما لم يأت بما لا يتطرق إليه الشك من إقرار، أو ظهور حمل، ممن لم يكن لها زوج، أو شهادة أربعة شهود على حالة قلما تتحقق، مما يدل على خطورة انتهاك عرض المسلم عموما والزوجة خصوصا. فقد قال تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ {النور: 6} إلى آخر آيات اللعان. فمن رمى زوجته بالفاحشة فليس أمامه إلا أن يأتي بأربعة شهود على دعواه أو يلاعنها أو الجلد وهو أخف الثلاثة إن كان كاذبا، ولا يخفى ما يترتب على اللعان في حالة كون الملاعن غير صادق في دعواه من الوعيد في الآخرة ومن المفاسد في الدنيا.
إذا تقرر هذا، فليعلم السائل أن ما وجده من سائل أو نحوه قد يكون من إفرازات المرأة وهو ما يعرف عند الفقهاء برطوبة فرج المرأة، وكثيرا ما يتكلمون عنه في كتب الفقه، وعلى كل حال، فلا يبرر له اتهام امرأته بل ولا مساءلتها على وجه الإنكار ولا يبعد أن يكون هذا الشعور الذي يشعر به ممزوجا بوسوسة وحالة غير عادية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1426(13/12803)
معنى اللعان وحكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[يقال إن الزواج يزول بالطلاق واللعان والخلع والفسخ. ماالمقصود باللعان؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ...
فاللعان من اللعن، بمعنى الطرد والإبعاد، وفي اصطلاح الفقهاء ما يجري بين الزوجين من الشهادات والأيمان المؤكدة في حالة مخصوصة وهي إذا رمى الزوج زوجته بالزنا، ولم تكن له بينة على ذلك وأنكرت الزوجة ذلك إنكاراً باتاً، أو ادعى الزوج أن ولد زوجته ليس منه، وأنكرت هي تلك الدعوى ولا بينة، فإنهما يلجآن إذ ذاك للملاعنة على الصفة التي بين الله تعالى حيث يقول: (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلاّ أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين) [النور: 6-9] .
فإن تم اللعان بينهما، حصلت الفرقة بينهما على التأبيد، ويدرأ الحد وتنتفي نسبة الولد الذي لاعنا فيه عن الزوج.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/12804)
لا يكتفى في اللعان بالدلائل والقرائن بل لا بد من الرؤية أو الشهود
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يشترط علي الزوج الطالب لعان زوجته الزانية أن يكون قد رأى واقعة الزنا بعينه أم يكتفي بتأكده التام وبالدلائل المؤكدة من زنا زوجته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حماية أعراض الناس وصيانة كرامتهم -وخاصة بين الأزواج- من الأهداف الأساسية التي جاء بها الإسلام واتفقت عليها شرائع الأنبياء، ولذلك فقد نص أهل العلم على أن اللعان إذا كان عن رمي بالزنا فلا بد أن يستند فيه الزوج إلى يقين ولا يستند فيه إلى الظن ولا إلى الشك.
جاء في الشرح الكبير للدردير وهو أحد كتب المالكية المعتمدة ما معناه أنه لا بد في اللعان إذا كان بسبب القذف بالزنا من رؤية البصر ومشاهدته للزنا على حالة لا يقبل ولا يحتمل غيره أو حصول اليقين للأعمى بالمس بيده أو إخبار يفيد ذلك.
وعلى هذا، فلا يكتفى في اللعان بالدلائل أو القرائن التي لم تقم عليها بينة رؤية الزوج أو أربعة شهود على كيفية يصعب إثباتها إن لم يكن مستحيلا.
هذا، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتويين: 61445، 40956.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1428(13/12805)
حديث الولد للفراش ونفي الولد باللعان
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف التوفيق بين قوله صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش، وبين اللعان. أليس الحديث فاصلا بأن الولد ينسب إلى الزوج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالولد ينسب إلى الزوج إذا ولد على فراشه، فإن نفاه عنه باللعان فلا ينسب إليه، وإنما ينسب إلى أمه كولد الزنى، والأب في اللعان يدعي أن الولد من الزنى وأنه ليس بولده، ولذلك ينفى عنه نسبه وينسب إلى أمه.
جاء في أحكام القرآن للجصاص ما نصه: قال أبو بكر: وقوله: الولد للفراش. قد اقتضى معنيين أحدهما إثبات النسب لصاحب الفراش والثاني أن من لا فراش له فلا نسب له؛ لأن قوله الولد اسم للجنس، وكذلك قوله الفراش للجنس لدخول الألف واللام عليه فلم يبق ولد إلا وهو مراد بهذا الخبر، فكأنه قال لا ولد إلا للفراش. اهـ
فإن كان للمرأة زوج أو سيد ينسب إليه ما لم ينفه عنه عندما يتيقن أو يغلب على ظنه كونه ليس منه، وإنما هو من زنى.
وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: وللعاهر الحجر. يعنى أن الزاني لا ينسب إليه الولد، وإنما له الخيبة والعقوبة. فدل على أن ولد الزنى إنما ينسب لأمه إذ ليس لفراشها صاحب شرعي، وكذلك الحال عند اللعان ونفي الزوج للولد.
هذا مع أن من أهل العلم من منع نفي الولد بعد ولادته، لأنه يكون حينئذ ولد على فراش الزوج، فليس له نفيه وإنما ينفيه حال الحمل، وقد ذكر ذلك ابن حزم رحمه الله، وعلى كل فلا تعارض بين حديث نفي الولد باللعان، وبين كونه للفراش.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1430(13/12806)
الاحتكام إلى البصمة الوراثية في منظار الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[استكمالا للمداخلة رقم: 6045. مداخلة أخرى بنفس الموضوع فيما يتعلق بقول الرسول عليه الصلاة والسلام: الولد للفراش. فهذا القول لا شك أنه صحيح، ولكن في زمنه. بمعنى في ذلك الوقت فلو أن رجلا شك في سلوك زوجته ووجدها مثلا في بيت شخص آخر جالسة تتسامر، لا أقول تفعل الفاحشة مع ذلك الرجل هناك، فهذا الرجل سوف يأخذ من ذلك الموقف برهانا على أن زوجته تخونه وتحب شخصا آخر وقد تكون فعلت معه الفاحشة وقد يكون أحد أبنائه من جراء تلك الفاحشة ولكن أي واحد من أبنائه وربما أكثر من واحد ... فعندما تعرض مثل هذه المشكلة على الرسول الكريم، بماذا يمكن أن يرد غير الولد للفراش. فهذا هو الرد المنطقي الوحيد في ذلك العصر حيث إن مثل تلك المرأة إن أرادت أن تخون زوجها يمكن أن تقتنص لها فرصة كل أسبوع أو أكثر أو أقل، بينما هي مع زوجها كل يوم، وبالتالي فاحتمال أن يكون هذا الابن المشكوك فيه من صلب الزوج أكبر بكثير من أن يكون من العشيق. وعليه فالأولى أن ينسب للزوج صاحب الفراش. لم يكن بإمكان الرسول الكريم أن يقول ليذهب الزوج والزوجة والأبناء إلى مختبر لعمل فحص دم أو فحص دي ان ايه حتى ولو كان يعلم بأن مثل هذه الأمور سوف تكون متاحة في المستقبل. لذلك كان قوله: الولد للفراش. هو الإجابة الأكثر منطقية والأكثر عدلا في ذلك الوقت. ولكن علينا أن نستوعب نحن بأن هذا القول وغيره من بعض الأحاديث كانت محدودة بالفترة الزمنية التي قيلت فيها ولا يوجد "والله اعلم" ما يوجب الأخذ بها مع تغير الزمن وأدوات التكنلوجيا الحديثة. فلو حصل مثل الموقف الذي أوردناه سابقا مع أي شخص في هذه الأيام وعلم بأن زوجته على علاقة غرام قد تكون جنسية مع غيره وساوره الشك في نسب أبنائه هل هم منه أم من غيره؟ لا يمكن أن يرضى بقول: الولد للفراش. فسوف يذهب إلى المحكمة ويطلب تحليل دم ودي ان ايه وغيرها للتأكد من أن أبناءه هم فعلا أبناؤه. وإن وجد أن بعضهم ليس منه وأقرت الزوجة بذلك بعد البرهان العلمي واعترفت بالفاعل واعترف الفاعل بعد ظهور الحجة متمثلة بنتيجة التحليل، فهل يرضى الزوج بأن يبقى مثل هذا الابن منسوبا إليه؟ بل هل يجوز شرعا أن يبقى منسوبا إليه ويرثه ويكون أخا لبناته و..
مما سبق سيدي أرى أنه يقع عليكم واجب كبير لإعادة دراسة وتحليل الأحاديث الشريفة بنظرة أشمل وأوسع مما هو عليه الحال الآن وربما تقسيمها إلى أحاديث آنية وأحاديث قطعية، نحن نعلم بأنه لا ينطق عن الهوى. ولكن ذلك في الأمور الدينية وليست الدنيوية، وقد أخبر الرسول بذلك حيث قال: أنتم أدرى بأمور دنياكم – فيما يتعلق بتلقيح النخيل - سيدي؛ آسف على الإطالة وأرجو أن يتسع صدركم لما كتبت وتصحح ما فيه أخطأت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاستفساراتك – أيها السائل – في هذا السؤال تتمثل في ما لو ثبت لدى الزوج أن زوجته على علاقة برجل آخر, وغلب على ظنه أن بعض ولده ليس منه, بل من غيره, فكيف مع هذا نلزمه بقبول هذا الولد ولديه وسيلة للتثبت بإجراء تحليل الحمض النووي، فنقول لك إن الشرع قد جعل المخرج لمثل هذا الرجل قبل اكتشاف تحليل الحمض النووي بمئات السنين وذلك باللعان, فإذا تحقق من زنا المرأة أو غلب على ظنه فجورها وزناها بقرائن قوية، وأن الولد المنسوب إليه ليس منه، فله أن يلاعنها, قال ابن العربي: وظاهر القرآن يكفي لإيجاب اللعان بمجرد القذف من غير رؤية، فلتعولوا عليه، لا سيما وفي الحديث الصحيح: أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فاذهب فأت بها) ولم يكلفه ذكر الرؤية. انتهى.
ولا شك أن هذه الطريقة – اللعان – أفضل وأحكم وأستر من إجراء التحاليل لأن فائدة اللعان: أن يفترق الزوجان، وينسب الولد إلى أمه، وقد سترت المرأة، فلم يعرف إن كانت هي الكاذبة أو هو الكاذب، ولم يعرف إن كان الولد ابنه حقيقة أو لم يكن ابنه. وفي هذا من المصلحة ما فيه.
وقد ذهب جمع من العلماء المعاصرين إلى أن الزوج إذا طلب الاحتكام إلى البصمة الوراثية لم يستجب له، لأنه يفوت على المرأة ما يوفره لها اللعان من الستر عليها وعلى ولدها، وهذا الستر مقصود للشارع لما فيه من مصلحتها ومصلحة ولدها.
ومن العلماء المعاصرين من أجاز إجراء هذا التحليل قبل اللعان؛ لاحتمال أن تخرج النتائج مؤكدة أن هذا الولد من الزوج وليس من شخص آخر، لأن الملاعنة توجب الفرقة ونفي الولد , وقيد ذلك بضوابط سبق بيانها في الفتوى رقم: 7424.
وقد قرر مجلس المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي عدم جواز الاعتماد على البصمة الوراثية في نفي النسب، فلا يجوز تقديمها على اللعان. كما لا يجوز استخدام البصمة الوراثية بقصد التأكد من صحة الأنساب الثابتة شرعًا، ويجب على الجهات المختصة منعه وفرض العقوبات الزاجرة، لأن في ذلك المنع حماية لأعراض الناس وصونًا لأنسابهم.
وقد اختلف العلماء فيما إذا طلبت المرأة المقذوفة: الاحتكام إلى البصمة الوراثية، هل تجاب إلى طلبها أو لا؟
ف أكثر العلماء قالوا: لا يجاب طلبها، ويكتفى باللعان؛ لأنه هو الذي شرعه الله لعلاج مثل هذه الحالة، فيوقف عنده، ويقتصر عليه، ولا نتعداه.
وذهب فريق آخر إلى أنه يستجاب للمرأة في هذا الطلب، على أساس أنها لا تفعل ذلك إلا إذا كانت مستيقنة من براءتها، وتطلب اللجوء إلى وسيلة علمية مقطوع بها، تدفع التهمة بها عنها، وتحفظ بها حقها، ولا تعتدي على حق إنسان آخر، فهي تطلب بالاحتكام إلى البصمة إثبات أمور ثلاثة في غاية الأهمية شرعا:
أولهما: براءة نفسها من التهمة المنسوبة إليها، وهي جازمة بأنها تعلم أنها بريئة.
وثانيهما: إثبات نسب ولدها من أبيه، وهذا حق للولد، والشارع يتشوف إلى إثبات الأنساب ما أمكن.
الثالث: إراحة نفس الزوج، وإزاحة الشك من قلبه، بعد أن يثبت له بالدليل العلمي القطعي: أن الولد الذي اتهمها بنفيه منه هو ابنه حقا. وبذلك يحل اليقين في نفسه محل الشك، والطمأنينة مكان الريبة.
وبهذا يستفيد الأطراف الثلاثة بهذا الإجراء: الزوجة والزوج والولد.
وأمر كهذا يحقق هذه المصالح كلها، وليس فيه ضرر لأحد، ولا مصادمة لنص: لا ترفضه الشريعة، بل هو يتفق مع مقاصدها.
أما استفسارك بخصوص حديث: أنتم أعلم بأمور دنياكم. فقد سبق الحديث عنه في الفتويين: 61047 , 57742. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 7424 , والفتوى رقم: 65845.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1429(13/12807)
أحكام تتعلق فيمن لاعن كاذبا
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم من لاعن زوجته. وهو كاذب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن لاعن زوجته كاذبا فقد أتى إثما كبيرا لتعمده الكذب والقذف والأيمان الفاجرة، وكل هذه من كبائر الذنوب، ثم إنه يمضي حكم اللعان بينه وبين زوجته ولو أقر بكذبه. قال صاحب المنهاج: ويتعلق بلعانه فرقة وحرمة مؤبدة وإن أكذب نفسه. قال شارحه مغني المحتاج: فلا يفيده ذلك عود النكاح ولا رفع تأبيد الحرمة لأنهما حق له، وقد بطلا فلا يتمكن من عودهما. هـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1425(13/12808)
إذا لم تتب ففارقها واستر عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل علم وهو متأكد 100% من زنا امرأته وإنجابها بعض الاطفال ليس منه وعلم الشخص الذي زنى بها، ماذا يفعل اليوم بعد 8 سنين يذبح زوجته والأطفال والزاني، أم يلاعن اليوم من سيصدقه، يطلقها ويستر عليها وعلى الأطفال، وماذا يقول لأهله وأهلها اليوم وللمجتمع سيضحكون عليه، وعلما كل هذا تم بعمل سحر وانتقام الرجاء الرد والحل بأسرع وقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليعلم زوج المرأة المذكورة أن الأبناء الذين أنجبتهم زوجته هم أبناؤه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. متفق عليه عن عائشة رضي الله عنها.
ثم ليعلم ثانياً: أنه لم يعد ممكنا من اللعان لنفي هؤلاء الأبناء لتأخره هذا الزمن كله، قال في أنوار البروق في أنواع الفروق: قال الأمير من رأى حمل زوجته فأخر اللعان بلا عذر، فليس له نفيه ولا يعذر بجهل، وليس من العذر تأخيره خيفة أن يكون انتفاخاً فينفش. 2/168.
ثم ليعلم ثالثاً: أنه إذا قتل زوجته أو الزاني بها فإن لأولياء الدم الحق في القصاص منه إذا لم يأت بأربعة شهداء يشهدون عليهما بالزنا، وأما قتل الأولاد فهو معصية وإثم كبير، إذ لا ذنب ولا دخل لهم في الموضوع، انظر كلاً من الفتوى رقم: 12315، والفتوى رقم: 31446.
والذي نراه أقرب إلى السداد في هذا الموضوع هو أن يطلق الرجل زوجته هذه، ويبتعد عنها إذا لم تكن قد تابت توبة نصوحاً من الزنا، لحرمة نكاح الزانية، قال الله تعالى: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [النور:3] .
وأن يستر عليها وعلى الزاني بها لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة. متفق عليه.
مع العلم بأنه إذا أفشى ما كان من زناهما دون بينة تشهد له بذلك، كان قاذفا لهما ومستحقاً أن يجلد ثمانين جلدة، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور:4] .
ثم إذا كان يعتقد أنه مسحور هو أو هي فله أن يحل السحر بالطرق الشرعية، وانظر ذلك في الفتوى رقم: 10981.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1424(13/12809)
الحكم الشرعي في من رأى زوجته تعاشر غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[1- رجل طلق امرأته ثم أبقاها في منزله فترة العدة وهي ثلاث حيضات أو ثلاثة أشهر وبعد مرور الحيضة الأولى وأثناء هذه الفترة لم يجامعها أو يقبلها أو أي شيء من هذا القبيل
ثم بعد هذا الشهر أثناء عودته مبكرا من العمل دخل منزله فرأى زوجته يجامعها رجل آخر ماذا يفعل مع هذه الزوجة وما رأي الدين في ذلك؟
2- رجل تزوج امرأة وفي ليلة زفافه رأى أنها غير بكر ماذا يفعل معها هل يطلقها أم يمسكها حيث أنه لايطيق الحياة معها بعد أن رأى ذلك
وهل يضع توقيتاً للطلاق أم يطلقها فوراً أم يطلقها بعد مدة حتى لا ينكشف الأمر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المطلقة الرجعية في حكم الزوجة، وعليه فمن رأى مطلقته الرجعية تزني فهو مخير بين ما يلي:
أولاً: له أن يشهد عليها أربعة شهداء ويرفع أمرها إلى الحاكم ليقيم عليها الحد وهو الرجم حتى الموت.
ثانيا: له أن يلاعن على ما هو مذكور في الآيات الأول من سورة النور، قال تعالى: (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين* والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين*ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين*والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين..)
فإذا نكلت المرأة عن اللعان أقيم عليها الحد، وإذا لاعنت فُرِّق بينهما، وينبغي أن يذكرا بالله قبل الملاعنة، وأن يحضا على التوبة بعدها.
ثالثاً: له أن يعظهما ويذكرهما بالله، ويستر عليهما، وليس له أن يعيدها إلى عصمته، لأنه لا يجوز إبقاء الفاجرة على الذمة، إلا أن تتوب توبة صادقة، فإن تابت توبة صادقة فله أن يتزوجها بعد أن تستبرئ بحيضة.
فإن حصل أن قتلهما فإنه لا شيء عليه فيما بينه وبين الله، لحديث المغيرة أن سعد بن عبادة قال: لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أتعجبون من غيرة سعد؟! لأنا أغير منه، والله أغير مني" متفق عليه.
وأما فيما بينه وبين أولياء الدم فإن لهم أن يطلبوا القصاص، إلا أن يأتي بأربعة شهداء، فإن أتى بهم أو لم يطالب أولياء الدم بالقصاص فقد سقط عنه القصاص، وقد سئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عمن وجد مع امرأته رجلاً فقتلهما؟ فقال: إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته، أي فليسلم إلى أولياء الدم وقد شدد وثاقه ليقتصوا منه أو يعفوا عنه، والرمة: الحبل يوثق به الأسير.
وروى سعيد بن منصور عن عمر رضي الله عنه أنه كان يوماً يتغدى إذ جاءه رجل يعدو وفي يده سيف ملطخ بالدم، ووراءه قوم يعدون خلفه، فجاء حتى جلس مع عمر، فجاء الآخرون فقالوا: يا أمير المؤمنين قتل صاحبنا. قال عمر: ما يقولون؟ فقال: يا أمير المؤمنين إني ضربت فخذي امرأتي فإذا كان بينهما أحد فقد قتلته، فقال عمر: ما يقول؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين إنه ضرب بالسيف فوقع في وسط الرجل وفخذي المرأة، فأخذ عمر سيفه فهزه ثم دفعه إليه وقال: إن عادوا فعد.
فقد قضى عمر هنا بأن إقرار أولياء الدم بوجودهما على الوضع المذكور يسقط القصاص والدية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1422(13/12810)
امتناع المرأة عن فراش زوجها بغير عذر من النشوز
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج منذ حوالي: 15 سنة، ولدي أربعة أولاد، وعندما أطلب زوجتي للجماع ترفض مرات كثيرة بحجة أنها تعبانة، وطوال اليوم هي مع الأولاد، وفي المنزل، فماذا أفعل معها؟ هل هذا الرفض برود جنسي عند زوجتي؟ وقد تكلمت معها كثيرا أن هذا الامتناع حرام؟ وقد سألتها: هل هو برود لديك؟ فقالت لي ليس لدي برود، ولكنني تعبانة جدا، وهذا شيء مستحيل أن يكون التعب باستمرار.
أرجو الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فامتناع المرأة عن فراش زوجها دون عذر شرعي حرام، بل هو كبيرة من الكبائر، كما بيناه في الفتوى رقم: 121332.
فداوم على نصح زوجتك برفق، وأعلمها بحرمة هذا الذي تفعله، ونوصيك بالنظر في ما عساه أن يكون سببا لذلك، فقد يكون من أسبابه غلظتك في معاملتها مثلا، أو لأنها تجد ـ مثلا ـ شيئا تكرهه كرائحة كريهة، أو نحو ذلك، فالمطلوب من الزوج أن يتزين لزوجته أيضا فهي تطلب منه ما يطلبه منها. قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:228} .
أو قد يكون هذا الأمر لتقصيرك في حقها أثناء المعاشرة، بحيث تفرغ قبل أن تقضي نهمتها، كل هذا وغيره قد يكون سببا لما تفعله زوجتك. وإن كان هذا لا يسوغ لها فعلها على الإطلاق.
فإن استقصيت هذه الأسباب، واستمر الحال على ما هو عليه، فيمكنك عرض الأمر على أهل الطب المتخصصين فهم أدرى بعلاج هذه الأمور، ويمكنك مراسلة قسم الاستشارات في موقعنا.
علما بأن امتناع المرأة عن فراش زوجها بغير عذر يعتبر من النشوز، وقد سبق بيان ما يترتب على النشوز وكيفية علاجه في الفتاوى التالية أرقامها: 110905، 1103، 38844.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/12811)
لا خير في البقاء مع زوجة سيئة الخلق
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت من امرأة من حوالى9 شهور، وكان ظاهرا تماما منذ فترة الخطوبة عدم صلاحها، فهي طماعة شديدة الجشع رفضت شبكة بمقدار 15000، وأصرت على 20000 رغم الاتفاق مع أهلها على مبلغ 15000 فوافقت نظرا لتأخر سن الزواج بالنسبة لي 34 سنة، وتكررت مواقف الجشع والطمع مرارا منها ومن أمها، وتم الزواج وكان قدر الله بعد كثير من المواقف التي تدل على سوء خلقها، وبعد الزواج كانت كثيرة الشكوى والضجر، وبعد شهرين قامت بسرقة شرائط قبض المرتب الخاص بي حيث إن مرتبي والحمد لله كبير، وأنكرت معرفتها بمكانها عند سؤالها، وبالصدفة وجدتها بمحفظتها وبمواجهتها تعللت بأسباب واهية، وتكررت المشاكل لأسباب تافهة تفتعلها هي وتدخل في نوبات من الصراخ والصياح مما يجمع أهالي الحي علي، وتتطاول علي بالسب أمام أهلي وأحيانا تشتبك معي بيدها، وفى إحدى المرات قمت بضربها، وأهلها قوم يعاندون في الحق ويدافعون عن مواقفها الباطلة رغم اعترافهم بخطأ تصرفاتها، في وجود أب سلبي لا يتدخل ويترك الأمور لأمها، وإن تدخل وهى المرة الوحيدة قام بالتطاول على أهلي والوسطاء الذين تدخلوا للحل وطردهم من منزله، فهو رجل غير متزن ويعاقر الحشيش، ورغم تلك المواقف قامت بمراجعتي تلفونيا وتقابلنا وتنازلت عن كل حقوقي في الشتيمة والفضائح وذلك أمام أنها حامل خوفا على ابني، وأن ينشأ في مثل هذا البيت الذي بلا مبادئ ولا أخلاق ولا دين، وعدنا لاستئناف الحياة من جديد، وأنا أحاول طول الوقت إرضاءها تجنبا للمشاكل وخوفا من الفضائح التي تفعلها في الحي الذي أقيم به، ولا أخفي عليك كميه التوتر التي أعيش بها فهي تغضب لنومي مبكرا حيث إني أنام الساعة 12 مساء، حيث إنني أستيقظ الساعة 6 صباحا لأني أعمل مهندسا ميكانيكا وعملي مجهد، تشكو من عدم الخروج والفسح مع أنها تذهب لبيت أمها 3 مرات في الأسبوع رغم أنني أكون غير راض، ولكنى أتجنب الفضائح إلا أنه في يوم إجازتي ذهبت مع أخي لأساعده في قضاء بعض الأمور الخاصة به، وتغيبت لمده 3 ساعات، وعند عودتي فاجأتني: أنت هل تذكر امرأة راميها في البيت، فأجبت بأنه ليس من المنطقي أن أجلس بجوارك طوال الوقت، مع العلم أني رجل بيتوتي لا أخرج من منزلي بعد رجوعي من العمل إلا للضرورة، وتركتها وجلست في غرفة أخرى منعا للصدام، فوجدتها قامت بتغيير ملابسها وقالت لي هيا اذهب معي، عند أمي، فأجبت إنك متزوجة رجل، وشرعا لازم تأخذي رأيه قبل ما تأخذي أي قرار، فانفعلت وقالت أنا سوف أذهب بيتنا، فأخذت الشبكة منها مبررا أنها موجودة في قائمتها التي وقعت عليها، وهذا يضمن حقها حيث إنها في الخلاف السابق هددت بأنها سوف تطلب في المحكمة الشبكة مرة أخرى، وسوف تنفى أخذها، ففوجئت بوابل من الشتيمة والصراخ وتقذفني بكل ما هو أمامها، فصد أخي وأمي على الصراخ، وفى وجودهم قامت بخلع الدبلة وقذفها في وجهي، وأشارت لي بإصبعها إشارة نابية، وقام أخي بأخذها إلى أهلها وبحوزتها الذهب وقص عليهم ما فعلته ففوجئ أنهم يقولوا لقد وصفها أخوك بلفظ نابي، فأجابهم إن هذا أقل شيء توصف به من تفعل تلك الحركة التي يخجل الرجال عن فعلها، وبعد 50 يوما في اتصال هاتفي بعد وابل من الرسائل المليئة بالشتيمة تطلب مقابلتي وتقابلنا ولم تفعل إلا نفس الأشياء السابقة شتيمة وقلة أدب، فتركتها ومشيت وبعدها اتصلت مرة أخرى تعتذر هي وأمها وتقول لي: أنا كنت عارفة أن ابنتي مخطئة من البداية طالبين أن أذهب لأخذها، فرفضت وقلت إن بيتي مفتوح، ومن أخطا فعليه تصحيح أخطائه، فرفضت الأم وقالت هي ليست قاعدة عند.....لفظ نابي.
ملحوظة: بعد رجوع بيتها في المرة الأولى تركت ذهبها عند أمها وعند السؤال عن الذهب وكنا في الشارع فرجت الناس علي الناس في الشارع متحججة بأنه ذهبها وهى حرة - في الغضبة الأولى كان معها مبلغ 7500 جنيه ومكثت عند أهلها 70 يوما فقالت صرفت منهم 2500 والباقي حجزت به شقة.
سيدى بعد كل هذا لا أعرف ماذا أفعل؟ إن كنت تراني على باطل قومني، ولا يوجد شيء يجعلني أبقي عليها سوى أنها حامل بأنثى ولم تلد بعد، فبنتي هي من سوف تدفع الثمن وسوف تنشأ في بيت لا يعلم الله.؟ هو أخلاق أو أصول إن طلقتها سوف تأخذ كل شيء، وهذا حقها رغم أنني أعيش فى الجحيم منذ زواجي بها، وسوف تدعى زورا أنها لم تأخذ الذهب وأدفع مبلغ الـ 20000 مرة أخرى. سيدي أرجوك دلني على رأي الشرع والدين وما لها وما عليها من حقوق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته يدلّ على أنّك لم تسلك مع زوجتك طريق الإصلاح الذي أوصى به الله الزوج إذا خاف نشوز زوجته، وإنّما تهاونت معها ولم تقم بحقّ القوامة الذي جعله الله للرجل، وسعيت لإرضائها خوفاً من الفضائح بين الجيران، ممّا أدى إلى تمادي زوجتك في سلوكها السيئ، ثمّ أنت بعد ذلك تخشى إن طلقتها من ضياع ابنتك في المستقبل.
فاعلم أخي أنّ هذه الزوجة إذا لم تستقم وأصرت على ما هي عليه، فلا خير لك في البقاء معها، وخوفك على ابنتك لا يسوّغ لك التغاضي عن قوامتك عليها ومسؤوليتك عنها، فأي حظ لابنتك إذا نشأت بينكما في بيت لا تقام فيه حدود الله ولا تراعي فيه الزوجة شرع ربّها أو حقّ زوجها؟
وأمّا عن حقوق زوجتك بعد الطلاق، فلها مهرها المعجل والمؤخر، ولها النفقة والسكنى مدة عدتها، ويجوز لك أن تمتنع من طلاقها حتى تسقط لك شيئاً من حقّها.
ويمكنك أن توسّط بعض ذوي المروءة والدين، ليحكموا في حال الطلاق بما تتراضيا عليه من المال، فإن أصرت الزوجة على أخذ كامل حقها، فهو أخف ضرراً من بقائك معها رغم سوء خلقها، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ. {النساء: 130} .
قال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: أي وإن لم يصطلحا بل تفرقا فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. .
وأخيرا ننصحك بالتريث ومحاولة إصلاحها وإعادتها إلى جادة الطريق الصحيح ما أمكن ذلك، ولا ننصحك بالطلاق ما دمت تأمل في إصلاحها فإن الطلاق هو آخر العلاج.
وننصح السائل بالإقبال على الله وتجديد التوبة والحرص على تعلّم أمور دينه وتقوية صلته بربّه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1430(13/12812)
لا يجوز للزوجة طلب الطلاق بدون مسوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الزوجة التي طلبت الشقاق مكرهة من طرف أختها؟ مع العلم أننا رزقنا ولدين, والمحكمة بمكناس اتضح لها الأمر جليا وقضاتها يطالبونني بعمل المستحيل من أجل إقناعها بالعدول عن طلبها الشقاق, ونجحت مرة غير أنني لم أطالبها بالتنازل كتابة وفي غضون يومين رجعت إلى موقفها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
لا يحق للزوجة أن تطلب الطلاق من زوجها من غير بأس؛ لما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أحمد. وننصح هذه الزوجة بتقوى الله عز وجل، والحفاظ على بيت الزوجية لأن الطلاق مما يحبه الشيطان ويسعى إليه إفساداً للعلاقات، وتدميراً للأجيال، كما أنصح الزوج أن يستعين بأهل الخير والعلم لموعظة زوجته وحثها على رجوعها عما تطلبه. وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى رقم: 95798، 35085، 68952.
وإن كان سبب إصرارها على طلبها هو تحريض أختها لها فينبغي نصح هذه الأخت وتخويفها بعقاب الله تعالى الذي توعد به من أفسد زوجة على زوجها، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 78610.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1429(13/12813)
جمعت بين النشوز وقطيعة الرحم بتصرفاتها الشنيعة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي الثانية تتحفظ على ابنتي ذات الثلاث سنين معها في بيت والدها منذ عدة أشهر, إثر خلاف بيننا بسبب معارضة الزوجة لذهاب ابنتي لرؤية إخوانها من أبيها أو التواصل معهم بحجة أنهم لم يحضروا لرؤيتها عندما كانت صغيرة، كما لا تمكنني من رؤيتها أبدا منذ عدة أشهر أو التواصل معها بأي طريقة, كما تسافر بها بدون إذني أو علمي وقد توسط كثير من ألأشخاص والمستشارين الأسريين معها دون فائدة. ما هو حقي الشرعي في ابنتي؟ وما هو حق ابنتي في؟ وماذا يترتب على الزوجة جراء تصرفها؟ وما الذي أستطيع عمله تجاه ذلك؟ علما أنها مطلقة سابقة ولها 3 أولاد وبنت يعيشون مع والدهم حاليا وقريبا من منزل والدها ويزورونها دائما.كما تشجع تواصل الابنة معهم دون إخوانها من أبيها..كما توحي للطفلة بأن إخوانها من أبيها لا يحبونها وتهددها بالعقاب إن ذهبت إليهم وهي طفلة لا حول لها ولا قوة في ذلك. علما أنه لم يتم بيننا طلاق حتى الآن ما رأي الشرع في تصرفها ذلك؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ما ذكرته أيها السائل من تصرفات هذه الزوجة نشوز منها، وقطيعة رحم، وعليك أن تعظها بعقوبتها أمام الله، لقطيعتها للرحم ونشوزها عن طاعة زوجها، وسفرها بدون إذنك، ومثل هذه لا تصلح للحياة الزوجية خاصة وأنك ذكرت في سؤالك أنك توسطت بكثير من الأشخاص فلم يفد ذلك شيئاًً.
لكن ينبغي أن لا تيأس من الإصلاح، فإذا حاولت الإصلاح ولم تقدر عليه فينبغي أن تطلقها لقوله سبحانه: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130} وفي حال الطلاق فالأم أولى بالحضانة كما بينا تفاصيل ذلك في الفتوى رقم: 6256، فراجعها، ولكن ليس لها أن تمنعك أو تمنع أبناءك من رؤية هذه الطلفة سواء في حالة الطلاق أو البقاء على الزوجية، فإن أبت فلك رفع أمرها إلى من يمنعها من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1429(13/12814)
حكم رفض الزوجة الإقامة مع زوجها حيث يقيم وهل تعد ناشزا وهل لها نفقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أبلغ من العمر 30 عاما ومتزوج منذ حوالي 6 سنوات ولدي طفلةعمرها 5 سنوات، أنا مقيم في السعودية وتزوجت بعد شرطي على زوجتي أن إقامتنا ستكون في السعودية بصفه دائمة, ومرت عدة سنوات بعد زواجنا وطلبت زوجتي أن تذهب إلي مصر في إجازة سنوية هي وابنتي ,وبعد موافقتي وسفرها رفضت العودة مرة أخرى إلى السعودية مما أدى إلي تجديد إقامتي بدون وجودهم في السعودية وحذفهم من الإقامة, بعدها ذهبت إلى مصر وحاولت كثيرا أن أعيدها معي إلى السعودية ولكنها رفضت الرجوع إلى السعودية وطلبت مني أن أتركها بمصر وأكون أنا في السعودية, فرفضت الموضوع لأني حياتي في السعودية دائمة وتركتها عند أهلها ورجعت إلي السعودية وفوجئت بأنها لا تطيعني في أمور كثيرة منها الخروج من بيت أهلها بدون علمي, مما اضطرني إلى الحلف باليمين عليها ألا تخرج من البيت بلا استئذان مني وإبلاغي بمكان خروجها, وفوجئت بعدها بخروجها وعدم اهتمامها بالأمر, وكان نيتي في اليمين التهديد وإلزامها بعدم الخروج بدون علمي وقد خيرتها ما بين العودة إلي السعودية أو الطلاق فرفضت العودة وهي الآن معها ابنتي التي لا أستطيع رؤيتها بحكم عملي في السعودية وبين عنادها بعدم عودتها وحرماني من ابنتي فأنا والله في حيرة.
أنا مولود في السعودية وأهلي جميعا معي وعملي بالسعودية وهي تطلب مني أن أترك أهلي وعملي لأعيش معها بمصر وأستقر هناك, وأنا رفضت الموضوع كل ما ترغبه هو إرسال مصاريف شهرية فقط بحجة ابنتي وتطلب جميع حقوقها وأنا جميع حقوقي مهدورة وقد أخرجت الكثير من أسراري وأسرار أهلي لأهلها وأقاربي؛ مما أدي إلي تولد الكراهية لها في قلبي منها ولكن كنت أتحمل علي نفسي من أجل ابنتي ولكن بدون فائدة بحثت كثيرا في هذا الموضوع فوجدتها في حكم الناشز, وحاولت معها بكل الطرق فقررت أخيرا أن أضغط عليها بموضوع المصاريف وأقلل المبلغ الشهري ليكفي ابنتي فقط وتكون مضطرة للرجوع مع العلم أنها تسكن في بيت أهلها ولا توجد عليها أي التزامات مادية أخرى سوى المصاريف العادية, بالله عليكم أجيبوني ماذا أفعل معها؟ وهل في حالة عدم إرسالي مصاريف شهرية لها أكون مقصرا في حكم الشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشوز النساء هو: استعلاؤهن على أزواجهن وارتفاعهن وعصيانهن، وعدم طاعتهن فيما تلزم طاعتهم فيه، بغضا منهن وإعراضا عنهم. وتطلق هذه الكلمة على المرأة إذا كانت مخالفة لزوجها فيما يأمرها به، وكانت معرضة عنه غير طائعة له مستعلية عليه، مستخفة بحقه.
ومن النشوز خروجها من البيت بغير إذنه وصور النشوز كثيرة، والذي يعالج به النشوز أن يذكرها زوجها بالله ويخوفها وعيده لارتكابها ما حرم الله جل وعلا عليها من معصية زوجها، فإن لم يجد معها ذلك فليهجرها في المضجع، فإن لم يصلحها ذلك فله أن يضربها ضربا غير مبرح.
قال الله تعالى: وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء: 34} .
وما ذكرته من أمر زوجتك وامتناعها عن الرجوع إلى مكان إقامتك هو من النشوز المحرم, وكذلك خروجها من بيت أهلها مع نهيك لها عن ذلك، فالزوجة إذا خرجت من بيت الزوجية بغير إذن زوجها ورضاه تعتبر ناشزاً، وتسقط بذلك حقوقها الزوجية فلا سكنى لها ولا نفقة حتى ترجع إلى طاعة زوجها. ولا يجوز لها أن تطلب الطلاق لغير ضرر واقع عليها من البقاء معه، وإذا طلبته في هذه الحالة فله الامتناع من طلاقها حتى ترجع إلى طاعته أو تفتدي منه بمال.
أما أولاده فتجب لهم النفقة والكسوة والسكنى على كل حال، وينبغي له معالجة مشكلة زوجته أولا بالرفق وبما يبقي عصمة الزوجية، وبهذا يعلم السائل أنه لا يعد مقصرا إذا لم يرسل نفقة لزوجته التي تعد ناشزا.
وأما ما ذكرته من أمر اليمين فإنك لم توضح ما المقصود بتلك اليمين فإن كانت اليمين بالله سبحانه والحال أن زوجتك قد خالفت وخرجت فتلزمك الكفارة.
وأما إن كانت اليمين يمين الطلاق وكان قصدك كما ذكرت هو مجرد التهديد وإلزامها بعدم الخروج وليس نية الطلاق, فقد اختلف العلماء في ذلك: فذهب جمهور الفقهاء وفيهم الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أن من حلف بطلاق زوجته وحنث فإنه يلزمه ما حلف به فتطلق منه زوجته·
وذهب جماعة من العلماء منهم شيخ الإسلام ابن تيمية إلى عدم وقوع الطلاق في هذه الحالة, وإنما تلزم الحالف كفارة يمين؛ لأنها يمين حرام لا يحلها إلا الكفارة، لقول ابن عباس - رضي الله عنهما-: إذا حرم الرجل عليه امرأته فهو يمين يكفرها، وقال: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة.
لكنا ننبه على أن الحلف بالطلاق غير مشروع أصلا، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت. متفق عليه.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26777 , 98059 , 2041 , 46682.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1429(13/12815)
حكم ضرب الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ضرب الزوج زوجته في حال تعارك معها على شيء سخيف, وقال لها اسكتي أو أضربك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزوجة إن خرجت عن طوع زوجها تمردا وعصيانا بلا مسوغ، فقد شرع الله ـ جل وعلا ـ علاج ذلك بجملة أمور:
أولها: النصح والإرشاد، فإن تعذر ذلك لعدم استجابتها انتقل إلى الخطوة الثانية، وهي الهجر.
فإن استوفى الزوج هاتين الخطوتين، وبذل وسعه في ذلك ولم يصلح الأمر، جاز له أن يضربها تأديباً لها مراعيا جملة أمور في ذلك:
أـ أن لا يكون الضرب مبرحا، أي شديداً.
ب ـ أن لا يضربها على وجهها.
ج ـ أن لا يشتمها بالتقبيح.
د ـ أن يستصحب أثناء هذه المعاملة، أن القصد حصول المقصود من صلاح الزوجة وطاعتها زوجها.
هـ ـ أن يكف عن هذه المعاملة عند حصول المقصود.
والأصل في كل ما قدمناه قوله تعالى: وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء:34} .
ولتراجع الفتوى رقم: 22559.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1429(13/12816)
عصيان المرأة لزوجها نشوز
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم المرأة التي تعصي زوجها حتى أنه أصبح يقضي أغلب وقته خارج البيت ثم يأتي لينام فقط حتى لا تحدث مشاكل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
عصيان المرأة لزوجها يعد نشوزاً، وقد أذن الشرع للزوج عند نشوز المرأة بوعظها ثم هجرها ثم ضربها ضرباً غير مبرح إن كان يجدي معها، ثم تحكيم حكمين ثم الطلاق إذا تعين حلاً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أوكد حقوق الزوج على امرأته أن تطيعه في غير معصية الله تعالى، والمرأة التي تعصي زوجها تعد ناشزاً وهناك خطوات أخي السائل أذن الشرع باتباعها عند نشوز الزوجة، أولها الوعظ، ثم الهجر في الفراش، ثم الضرب إن غلب على الظن أنه يجدي معها على أن يكون ضرباً غير مبرح، ثم تحكيم حكمين واحد من أهله والآخر من أهلها، ثم الطلاق إذا تعين حلاً، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 17322 فراجعها.
وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1780، 9218، 18814، 29173، 23166.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1428(13/12817)
هل للزوج ضرب زوجته إذا سبته أو تطاولت عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل أن يضرب زوجته إذا تجاوزت عليه بالكلام؟ أفتونا جزاكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجاوز المرأة على زوجها بالكلام كالشتم ونحوه تأثم عليه الزوجة، وللزوج تأديبها عليه، لكن لا تعتبر به الزوجة ناشزا، بحيث تعامل معاملة الناشز، قال في فتوحات الوهاب من الشافعية: فمن خرجت عن طاعة زوجها كأن خرجت من مسكنه بغير إذنه أو لم تفتح له الباب ليدخل أو لم تمكنه من نفسها لا تستحق قسما كما لا تستحق نفقة. اهـ
قال في الشرح: خرج بذلك ضربها له وشتمها فلا يعد نشوزا. اهـ
وقال في مغني المحتاج من الشافعية: والنشوز هو الخروج من المنزل بغير إذن الزوج.. وكمنعها الزوج من الاستمتاع ولو غير الجماع لا منعها له منه أي الاستمتاع تدللا ولا الشتم له ولا الإيذاء له باللسان أو غيره بل تأثم به وتستحق التأديب عليه. اهـ
وهل يرفع الأمر إلى الحاكم ليقوم بتأديبها أم يؤدبها بنفسه وجهان عند الشافعية أصحها أن له أن يؤدبها بنفسه، ففي حاشية قليوبي وعميرة على المنهاج للنووي قال: لو صدر منها شتم له وبذاءة لسان فهل له تأديبها أو يرفع الأمر إلى الحاكم وجهان أصحهما ما في زوائد الروضة أن له ذلك لأن في رفعها إلى الحاكم مشقة وعارا وجزم به الرافعي في باب التعزير.
فإذا تقرر أن له تأديبها وأنه يقوم بذلك بنفسه على الأصح فله أن يؤدب بالضرب.
قال زكريا الأنصاري رحمه الله في أسنى المطالب: لو حلف لا يضربها إلا بواجب فشتمته فضربها بالخشب مثلا لم تطلق لضربه لها بواجب إذ المراد بالواجب ما تستحق الضرب عليه تأديبا. انتهى بتصرف يسير، وقد نص علماء الحنفية على أن له ذلك.
قال في غمز عيون البصائر شرح الاشباه والنظائر: للزوج أن يضرب زوجته على أربع وما بمعناها على ترك الزينة بعد طلبها، وعلى عدم إجابتها إلى فراشه وهي طاهرة من الحيض والنفاس، وعلى خروجها من منزله بغير إذنه بغير حق، وعلى ترك الصلاة في رواية.
قال في الشرح: وليس في كلام المصنف رحمه الله ما يقتضي أنه ليس له ضربها في غير هذه الأربعة ولهذا قال الولوالجي في فتاواه: للزوج أن يضرب زوجته على أربعة أشياء وما في معناها، ففي قوله: وما في معناها إفادة عدم الحصر، فما في معناها ما إذا ضربت جارية زوجها غيرة ولم تتعظ بوعظه فله ضربها كذا في القنية وينبغي أن يلحق به ما إذا ضربت الولد الذي لا يعقل عند بكائه لأن ضرب الدابة إذا كان ممنوعا فهذا أولى ومنه ما إذا شتمته أو مزقت ثيابه أو أخذدت لحيته أو قالت له: يا حمار يا أبله يا بغلة أو لعنته.
تنبيه: إنما يجوز الضرب إن أفاد ضربها في ظنه وإلا فلا يضربها كما صرح به الإمام وغيره، ولا يأتي بضرب مبرح ولا على الوجه والمهالك، وعبر في الأنوار بالوجوب في ذلك، وهو ظاهر والأولى له العفو عن الضرب وخبر النهي عن ضرب النساء محمول على ذلك أو على الضرب بغير سبب يقتضيه. اهـ قاله في مغني المحتاج على الشرح المنهاج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1428(13/12818)
زوجة تاركة للصلاة تخرج وتتبرج دون إذن وعلم زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
شيخنا الفاضل
أنا متزوج منذ حوالي سنة وأنعم علي الله بالهداية إلى صراطه المستقيم كما بسط لي في الرزق والحمد لله.
أعلمكم شيخنا أني متزوج من عائلة لا تملك إلا هذه البنت فأصبحوا يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة حيث إن زوجتي أصبحت لا تطيق البيت فتطلب مني كل يومين أن آخذها إلى والديها بحجة أنها تحس بالملل والفراغ.
كما أعلمكم أنها لا تصلي وأنا ألح دائما على الصلاة وأذكرها بالموت والوقوف بين يدي الله لكن بدون جدوى فهي تميل إلي الاستماع إلى الأغاني وهذا بمساعدة والدها الذي اشترى لها الجهاز كما أنه قال لي أني تشددت مع ابنته وضيقت عليها وأنها مازالت صغيرة ولها الحق في التمتع بشبابها أما أنت فإن كنت تريد أن تلتحي وتلبس القميص فافعل ما يحلو لك أما أن ترغم ابنتي على عدم التمتع بحياتها وعدم الذهاب إلى ولائم الزواج فلا يجوز لك ذلك.
والسبب في عدم ترك زوجتي الذهاب إلى الولائم هو أنني في أحد الأيام وجدتها مرتدية لباسا غير مستور وهذا اللباس تخبئه عند أمها وتستعمله كلما جاءت الفرصة.
وفي أحد الأيام طلبت مني أن تذهب إلى الحلاقة لتذهب إلى وليمة فرفضت فما كان إلا أن أتى والدها إلى البيت وأنا كنت في العمل فأخذها إلى الحلاقة ومن ثم إلى الوليمة بدون إذني. إلى حد الآن (حوالي 45 يوما) فهي في بيت والدها ولا تريد العودة إلى البيت كما أنني لا أستطيع الاتصال بها.
ثم ذهبت إلى بيت والديها فأغلقت أمها في وجهي الباب ثم اتصلت بوالدها فطلب مني إن أنا أردت أن أعيد زوجتي إلى البيت أن أستأجر بيتا آخر وهذا لا يمكن لأنني أعمل ليلا ولا أستطيع ترك زوجتي وحدها بالإضافة إلى أن بيتنا واسع والحمد لله وكل واحد من أفراد عائلتي له مدخل خاص إلي بيته.
فبما تنصحني يا شيخ لأنني في حيرة من أمري.
أفيدونا بارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أوضحنا في أكثر من فتوى، ومنها ما هو مبين تحت رقم: 17277 أن تارك الصلاة جحودا هو مرتد عن الإسلام، وكذلك تاركها بالكلية على الصحيح من أقوال أهل العلم، أما من يفعلها أحيانا ويتركها أحيانا أخرى مع إقراره بوجوبها فهذا لا يكفر.
وبناء على ما تقدم فإن كانت زوجتك تاركة للصلاة جحودا أو بالكلية فهذه كافرة لا يحل لك البقاء معها، وذلك لانفساخ النكاح بينك وبينها.
وأما إن كانت تصلي مرة وتكسل مرة فهذه يجب نصحها ووعظها، فإن قبلت ذلك فبها ونعمت، وإن أبت إلا التمادي على فجورها فيندب تركها ولا بأس بحبسها حتى تفدي نفسها منك.
قال ابن قدامة في المغني معددا أنواع الطلاق: والرابع مندوب إليه، وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله تعالى الواجبة عليها، مثل الصلاة ونحوها، ولا يمكنه إجبارها عليها أو تكون له امرأة غير عفيفة. قال أحمد: لا ينبغي له إمساكها، وذلك لأن فيه نقصا لدينها...... ولا بأس بعضلها في هذه الحالة والتضييق عليها لتفتدي منه. اهـ.
هذا ونشير إلى أن ما يقوم به والد زوجتك من تحريضها على عصيانك وتسهيل المعاصي لها بالاستماع إلى الأغاني والتبرج وشبههما من الأمور المخالفة للشرع هو أمر لا يجوز، وسيسأل عنه يوم القيامة إذا لم يبادر إلى التوبة من ذلك قبل أن يأتيه الأجل، وليس لها الحق في استئجار بيت آخر ما دمت موفرا لها سكنا مستقلا من بيتكم بمرافقه ولوازمه الأخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1426(13/12819)
الطلاق أولى من البقاء مع امرأة تفسد دينك ودنياك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج منذ 7 سنوات ولي بنت وولد، نعيش في فرنسا وإننا مختلفون تماما، فهي لها تقاليد فرنسية وأنا لي تقاليد عربية إسلامية، لقد أوقفت الصلاة وتلبس كالفرنسيات، فهي تنام وحدها في غرفة وأنا وحدي في غرفة أخرى ويدوم ذلك منذ سنتين، ولم أجامعها حتى الآن. فقلت في نفسي أصبر قليلا لعل الله يجعل خيرا، ولكنه لم يحدث شيء حتى الآن، فهي باقية معي لأن والديها ضغطوا عليها، وإنها لا تريد المصالحة، فأنا في مأزق ولا أدري ماذا أفعل.
أفيدوني أفادكم الله وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقامة في بلاد الكفر لغير حاجة لها مخاطر جمة ومحاذير كثيرة ليس أقلها فساد المرأة وتمردها على زوجها، وتقليدها للكافرات في لبسها وفي سلوكياتها، مما يجعلها غير مؤهلة لأن تكون زوجة صالحة وربة بيت فاضلة، وبالتالي فنقول للأخ: إن كنت قد استنفدت كل الوسائل لإصلاحها، ومن ذلك ما تقدم في الفتوى رقم: 17322 من التعامل مع المرأة الناشز، ويئست من رجوعها إلى صوابها، وأصرت على ترك الصلاة والتشبه بالكافرات في لباسهن، وعلى هجر فراشك وعدم المصالحة معك فنرى أن لا تحرص على البقاء معها، وننصحك بأن تعف نفسك بامرأة صالحة، تعينك على التمسك بإسلامك وتقاليدك الموافقة لدينك.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1425(13/12820)
الخيار من الرجال لا يضربون الناشزات من النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل امتناع زوجتي عني يوجب لي أن أضربها أي في حكم الناشز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فامتناع الزوجة عن إجابة زوجها إذا دعاها إلى فراشه لغير عذر معتبر شرعاً محرم، ويعد نشوزا لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح. متفق عليه من حديث أبي هريرة، وهذا لفظ مسلم. قال النووي رحمه الله: هذا دليل على تحريم امتناعها من فراشه لغير عذر شرعي. انتهى. والناشز يتعامل معها بالتدرج كما هو مبين في الآية من سورة النساء بالوعظ أولا، ثم الهجر، ثم الضرب غير المبرح، قال الله تعالى: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً {النساء: 34} .غير أن ترك الضرب أفضل، قال الدكتور عبد الكريم زيدان: والراجح أن ضرب الزوج زوجته على وجه التأديب مباح إذا لم ينفع معها الوعظ والهجر، ولم يستطع الزوج الصبر على نشوزها ومعصيتها، ويكون ترك الضرب أفضل إذا أمكن إصلاح الزوجة بدون ضرب، وإن استلزم ذلك الصبر عليها والاستمرار على معالجة عصيانها بالوعظ والهجر، لدلالة بعض الأحاديث النبوية الشريفة على أن الأولى والأفضل هو ترك الضرب، وهذا ما أخذ به الإمام الشافعي فعنده ترك الضرب أولى وأفضل، ويؤيد هذه الأفضلية لترك الضرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يضرب زوجة له قط، فقد أخرج ابن ماجه في سننه عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادما، ولا امرأة، ولا ضرب بيده شيئا. وقال القاضي ابن العربي في أحكام القرآن: قال عطاء: لا يضربها وإن أمرها ونهاها فلم تطعه، ولكن يغضب عليها. قال القاضي: هذا من فقه عطاء، فإنه من فهمه بالشريعة ووقوفه على مظان الاجتهاد علم أن الأمر بالضرب ها هنا أمر إباحة، ووقف على الكراهية من طريق أخرى في قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن زمعة: إني لأكره للرجل يضرب أمته عند غضبه، ولعله أن يضاجعها في يومه. وروى ابن نافع عن مالك عن يحي بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: استؤذن في ضرب النساء؟ فقال: اضربوا، ولن يضرب خياركم. فأباح وندب إلى الترك، وإن في الهجر لغاية الأدب، والذي عندي أن الرجال والنساء لا يستوون في ذلك، فإن العبد يقرع بالعصا والحر تكفيه الإشارة، ومن النساء بل من الرجال من لا يقيمه إلا الأدب، فإذا علم ذلك الرجل فله أن يؤدب، وإن ترك فهو أفضل. انتهى كلامه من كتاب" المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم في الشريعة الإسلامية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1425(13/12821)
لا تستقيم الحياة الزوجية إلا بالتفاهم والتغاضي عن الهفوات
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ سؤالي هو: حق مطالبة الزوجة في المصاغ والمؤخر في حال كانت هي من تفتعل المشاكل ومنعت الأولاد عن أهلي، وأنا أعمل في بلد آخر، هي لا تطلب الطلاق بشكل مباشر وإنما يجب أن أتقيد بطلبات أهلها وأن أبتعد عن أهلي ولأهلها الحق في التدخل في حياتنا حرصاً على مصلحتنا، وعدم قبولي بهذا هو حرماني من حق مطالبتها برؤية أهلي للأولاد، ومطالبتها لي بالطلاق والمقدم والمؤخر والذهب وقد اقترضته منها سابقاً برغبتها وهي تطالبني به الآن مع رواتب عملها الذي ساعدتني به عندما كنا بعيداً عن أهلها في بلاد الغربة؟ شاكراً لفضيلتكم سعة صدركم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحياة الزوجية لا تستقيم إلا بالتفاهم وحسن الخلق والتغاضي عن الهفوات ما أمكن، وهذا ما بيناه في الفتوى رقم: 2589، والفتوى رقم: 8102.
والواجب على هذه الزوجة أن تطيع زوجها في المعروف، وطاعة المرأة لزوجها سبب لرضا ربها وصلاح حالها، ولا ينبغي للزوجة أن تفتح آذانها لكلام المحرضين والمفسدين، ومن أعظم الإفساد إفساد المرأة على زوجها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجهاً أو عبداً على سيده. رواه أبو داود وغيره، والتخبيب هو: الإفساد، وانظر الفتوى رقم: 49592.
وأما بشأن مطالبتها لك بالمهر والمؤخر وما أقرضته لك فذاك حق لها، ولا فرق بين أن تكون طائعة أو ناشزة عاصية تفتعل الإشكالات، وأما النفقة فإنها لا تستحقها في حال النشوز والعصيان، كما بيناه في الفتوى رقم: 11797، وليس لها منع أولادك من زيارة أهلك، والقول في ذلك قولك لا قولها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1425(13/12822)
يستقيم الزواج بأداء الحقوق والصفح عن الزلات
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسوالله أحييكم على موقعكم المميز وجزاكم الله ألف خير، وبعد:
أنا متزوج ولدي طفلان والثالث في الطريق ولكن كثرت المشاكل بيني وبين زوجتي حتى إننا نجلس أكثر من خمسة أيام لا أحد يتكلم مع الآخر حتى إنها لا تأتي وتتأسف وأكثر من مرة أخرج عن أعصابي ولا أقدر أن أتمالك نفسي فأقوم بضربها وبعد ذلك أندم ولكن هي من تخرجني عن أعصابي في البداية كانت امرأة مميزة ولكن لا أدري ما الذي غيرها فلا تكلمني عن الحب ولا تقول لي أنا حبك ولكن دوما تضرب الأطفال خاصة بنتي من زوجتي الأولى ولكنها كانت تعاملها بلطف في البداية أما الآن لست أدري ما جرى والله أنا محتار في أمري وأحاول قدر الإمكان أن لا أقصر في حقها ولكن لا يوجد هناك تقدير والله حتى إني أدخل البيت فلا تأتي وتسلم علي ولا تقول كيف حالك وما أخبارك كأني غير متزوج هذا في غير وقت الغضب أما في وقت العضب حتى النصر لا تنصر علي انصحوني والله أنا لا أعرف ماذا أفعل؟ كثيرا ما أنصحها وأفهمها حق الزوج على الزوجة وحق الزوجة على الزوج وأحضر لها أشرطة وكتبا ولكن صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول ما معناه: إن المرأة خلقت من ضلع أعوج حتى والله إنى أندم أني تزوجتها انصحوني ماذا أفعل
أخوكم يوسف بتاريخ 8/3/1425]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحياة الزوجية لا تستقيم إلا إذا علم كل من الطرفين أن عليه حقا للآخر وقام به، وتغاضى كل منهما عن زلات صاحبه، فإن للرجل حقوقا على زوجته، وكذالك للمرأة حقوق على زوجها. قال تعالى: [وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ] (البقرة: 228) فيجب على الرجل أن يعاشر زوجته بالمعروف.
قال تعالى: [وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ] (النساء: 19) وفي حديث أبي هريرة المتفق عليه أنه صلى الله عليه وسلم قال: إن المرأة خلقت من ضلع ولن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها على عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا أحب منها آخر، ومعنى لا يفرك: أي لا يكره ولا يبغض، وإذا قصر أحد الزوجين في حق صاحبه فليس للآخر أن يعامله بالمثل، فكل مسؤول عن تقصيره، فعليك أيها الأخ الكريم أن تصبر على تقصير زوجتك ما دام في حدود قلة المؤانسة والكلام ونحو ذلك ولا تعاملها كأنها مملوكة لك تضربها إذا غضبت أو خرجت من أعصابك، فضرب الزوجة ليس أمرا هينا في الشرع، بل له حدود وله شروط، وهذه الشروط مفصلة في الفتوى رقم: 69، وعليك أن تعاملها على أساس أنها أم أولادك وشريكة حياتك وصاحبة سرك، وربما تكون زوجتك في الآخرة، فعالج تقصيرها بالإحسان، وقلة كلامها بالمفاتحة وطيب الكلام، وقلة بشاشتها في وجهك بالبشر والابتسام، فبذلك تكسب ودها وترجع إلى سابق عهدها وتذكر وصية النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء.
أما ما نوصي به زوجتك: فعليها أن تعلم أن الله أوجب عليها طاعة زوجها في المعروف، وضابط ذلك هو فعل كل ما أمر به وترك كلما نهى عنه مما ليس في فعله أو تركه محظور شرعي ولا مشقة غير معتادة، ولتستمع إلى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفسي بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها، ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه. رواه ابن ماجه بإسناد صحيح. ولا شك أن عدم تقدير المرأة لزوجها وقلة بشاشتها في وجهه وعدم سؤاله عن أحواله وغير ذلك من المعاملة غير الطيبة التي لا يرضاها أن ذلك إخلال بحقه، فعلى هذه الأخت الكريمة أن تراجع رشدها وترضي زوجها لا سيما وهو لا يطالبها بالمحال طبقا لما في السؤال، أنه يريد الزوجة الودود البشوشة الملاطفة التي تحترمه وتقدره وتحترم أولاده ولا تضربهم إلا على وجه التأديب العادي، أعني أولادها، أما ابنته من غيرها، فلا يجوز لها تأديبها إلا بإذنه.
ولمزيد الفائدة، يراجى مراجعة الفتوى رقم: 27662، 5291، ولحكم تأديب الأطفال راجع فتوى رقم: 37091.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(13/12823)
حكم ضرب المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز ضرب المرأة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز ضرب الزوجة من غير موجب شرعي يستدعي ذلك، وإن وقع ذلك كان اعتداء وظلماً لها بلا خلاف، لكن إن حدث من الزوجة عصيان لأوامر زوجها في ما أمرها الشرع أن تطيعه فيه، فقد شرع الله تعالى علاج ذلك بجملة من الأمور، أولها: النصح والإرشاد بأن يعظها ويبين لها وجوب طاعته، فإن لم تستجب انتقل إلى الخطوة الثانية وهي: الهجر في الفراش تعبيراً منه عن عدم الرضا عنها والاستياء من معاملتها، فإن استوفى الزوج هاتين الخطوتين وبذل وسعه في ذلك ولم يفد الأمر جاز له أن يضربها ضرباً غير شديد تأديباً لها متجنباً الوجه والشتم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1425(13/12824)
خروج المرأة بغير إذن زوجها للعمل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو أصل قانون بيت الطاعة، أي إجبار الزوجة للعودة إلى بيت زوجها بقوة القانون، هل هذا جائز شرعاً، هل من حق الزوج أن يمنع زوجته من العمل، وما الحل لو رفضت؟ ولكن جزيل الشكر، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا علم لنا بقانون بيت الطاعة المذكور في السؤال إلا أنه لا يجوز للمرأة أن تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه، وإذا خرجت بغير إذنه فإنها ناشز يجب عليها أن تتوب وترجع إلى بيت زوجها، وإذا كان القانون يجبرها على ذلك فهو قانون شرعي، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18036، 6478، 33969.
ومن حق الزوج أن يمنع زوجته من العمل إلا إذا اشترطت عليه العمل عند عقد الزواج، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20142، 35203، 41072.
وإذا رفضت الزوجة -التي لم تشترط- طلب زوجها بترك العمل فإنها ناشز، وقد تقدم الكلام عن التعامل مع المرأة الناشز في الفتوى رقم: 6939، والفتوى رقم: 9904.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(13/12825)
بيع الزوجة لما تملكه دون علم الزوج ليس من النشوز
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف حكم امرأة قامت ببيع الذهب الذي اشتراه لها زوجها بدون علمه مما سبب ذهابها إلى بيت أهلها وهي عندها أولاد، فإن طلقها فما هي حقوقها إن كانت قد خانت الحياة الزوجية، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الذهب الذي اشتراه الزوج لزوجته إن كان قد أعطاه لها كمهر أو هدية، فإنه قد صار ملكاً لها تتصرف فيه بما تريد من بيع أو هبة، أو غير ذلك من التصرفات المباحة، وبيعها للذهب بدون علم زوجها لا يعدّ خيانة للزوج ولا للحياة الزوجية (كما يُقال) ، ولا يعد نشوزاً منها.
ولا يوجب تطليقها، بل لا ينبغي أن يكون سبباً فيه، فقد فعلت ما يباح لها فلا تلام عليه.
وعليه؛ فإننا ننصح هذا الزوج بأن يقوم بإرجاع زوجته إليه وإمساكها بالمعروف حفاظاً على الأسرة والأولاد من الضياع، ومع هذا فقد كان من الأفضل في حق هذه الزوجة إعلام زوجها واستئذانه أو مشورته قبل بيع الذهب تأليفاً لقلب الزوج، وتطييباً لخاطره، وتجنباً للمشاكل المتوقعة -غالباً- جراء هذا السلوك عرفاً في بلد الزوجين، ولكن ذلك لا يلزم حيث لا نعلم دليلاً يلزمها بذلك، وأما لو طلقها الزوج في هذه الحالة فلها كامل حقوقها، وتلزمه نفقة الأولاد في كل الأحوال كما هو مبين في الفتاوى التالية أرقامها: 8845 / 9746 / 9746 / 7455.
ونسأل الله أن يؤلف بين الزوجين إنه سميع قريب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1425(13/12826)
الصلح خير من الفراق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج ولدي ثلاث بنات، ومشكلتي هي أن زوجتي تضخم الأمور وتثير المشاكل لأبسط الأسباب، ولها مشاكل مع أمي وإخواني رغم أنهم يسكنون في بلد آخر، ويكنون لها الاحترام، فهي تريد أن أقوم بكل شيء لحساب أسرتها، والآن أفكر في طلاقها، وذلك نتيجة لكل تلك الموا صغت أرجو أن تقولوا لي رأي الإسلام في مثل هذا الأمر ورأيه حول سلوكها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطلاق مباح في الأصل، وقد يكون مكروهاً إذا كان لغير حاجة، وقد يكون حراماً، وقد يكون واجباً على ما بيناه في الفتوى رقم: 12962، ومع هذا فقد حث الله تعالى على الصلح ووصفه بأنه خير من الفراق فقال سبحانه: (والصلح خير) [النساء:128] ونصيحتنا لك أيها -الأخ الكريم- أن تمسك زوجتك وتصبر عليها لاسيما وأن لديكما ثلاث بنات، وهن في حاجة إليكما معاً في تربيتهما ورعايتهما، وأما ما ذكرته من كونها تثير المشاكل مع والدتك وإخوانك لأبسط الأسباب فهذا -إن صح- فهو خطأ ينبغي أن تكف عنه زوجتك، وعليك أن تذكرها وتعظها بالله وتبين لها خطورة ما تفعله، وأنه من سوء الخلق، ومن سوء العشرة، ويمكنك توسيط امرأة عاقلة صالحة لنصحها وإرشادها، كما أننا ننصحك بالتغاضي عنها بعض الشيء ما لم يستفحل أمرها، كما يمكنك توسيط بعض الصلحاء للإصلاح ولتقريب وجهات النظر بينكما، وأما ما ذكرته من كونها تريدك أن تقوم بكل شيء لحساب أسرتها فلا يلزمك ذلك، ولكن لا شك أن إكرام أهلها بما لا يعود عليك بالضرر من حسن عشرتها، وعليك بنصحها وتقويمها ما أمكن، وعدم فراقها حفاظاً على الأسرة، فإن تعذر استدامة العشرة بينكما فلا حرج حينئذ في الطلاق، نسأل الله أن يصلح بينكما، ولا تنسى أن تدعو الله بصلاحها إنه على كل شيء قدير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1424(13/12827)
هجرها زوجها سنة فماذا تصنع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة متزوجة لم أبق مع زوجي فترة طويلة، وأنا الآن جالسة في بيت أهلي لي سنة ولم يسأل عني وكأنه لا يعرفني ولم يتحرك أحد الطرفين للبحث في الموضوع ودائما على وعود من أهلي بأن يحركوا الموضوع ولكن دون فائدة وأنا أريد حقي في الانفصال عنه لأني فعلا كرهته جدا فبماذا تنصحوني؟ وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فنصيحتنا هي أن توسطي أحداً من أهل الخير والصلاح ليبحث مع أهلك وزوجك في أسباب الخلاف ويحاول أن يصلح بينكما، ولا تتعجلي في طلب الطلاق ما دام الإصلاح ممكناً، وراجعي للأهمية الفتوى رقم: 28749 والفتوى رقم: 31962 والفتوى رقم: 3748 والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(13/12828)
زوجها يهددها بالطلاق إن هي تنقبت
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا متزوجة وزوجي يقف في طريقي في كل شيء، وأنا أريد أن ألبس النقاب، ولكنه هددني بالطلاق وأنا أخاف كثيراً من شره فلا أعلم بماذا تنصحوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يصلح حالك وأن يسهل أمرك وأن يختار لنا ولك ما فيه الخير.
واعلمي أنه لا يجوز لزوجك منعك من تغطية الوجه، ولا تجوز لك طاعته في ذلك، كما هو مبين في الفتوى رقم: 39636، والفتوى رقم: 7846.
وننصحك بأن تنصحي زوجك وتذكريه بالله واليوم الآخر، وأن توسطي له من يقنعه من أهله أو غيرهم، فإذا صلح حاله فذاك، وإلا فالزمي طاعة الله ولو غضب زوجك، بل ولو هددك بالطلاق، بل ولو وقع الطلاق،: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1424(13/12829)
على الزوجة ألا تطلب الطلاق بغير ما بأس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الدين في المرأة التي تطلب الطلاق وتشتكيه في الشرطة لأنه ضربها ضرباً غير مبرح وأهلها يحرضونها على الطلاق بشدة رغم وجود ثلاثة أطفال وقد زج به في السجن بسببها مع العلم بأنه طلقها برغبتها بعد أن رفعت عليه قضية ضرب بالمحكمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، ومن المعروف أن لا يضربها، وإن ضربها لسبب شرعي ضربها ضربا غير مبرح، وعلى الزوجة الصبر على زوجها ما استطاعت، وأن لا تطلب الطلاق من غير بأس حتى لا يشملها الوعيد النبوي: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة. رواه ابن ماجه.
ويجب على أهل المرأة أن لا يتدخلوا للإفساد بينها وبين زوجها حتى لا ينطبق عليهم الوعيد النبوي الموجود في الفتوى رقم: 7689.
أما إن تضررت من البقاء معه بسبب ضربه لها، فلها الحق في طلب الطلاق منه، وما دام الأمر قد رفع للمحكمة فإليها المرجع، وعلى كل حال فقد وقع الطلاق، فننصح الجميع بإصلاح ذات بينهم والتوبة إلى الله تعالى، وللزوجين مراجعة أنفسهما للعودة للزوجية إن كانت هنالك فرصة شرعية للمراجعة.
ولمزيد من الفائدة، تراجع الفتوى رقم: 22226، والفتوى رقم: 3484.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1424(13/12830)
إذا صبر الزوج على سوء خلق زوجته فله أجر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الصبر على الزوجة السيئة لمصلحة ألأولاد عليه أجر من ألله وهل أحاسب على تفريط هذه الزوجة فى بعض الأمور الشرعية نتيجة عدم فهمها، وهل أأثم إن لم أوقظها للصلاة لأنني نائم وأنا غاضب عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزوج إذا صبر على ما قد يصدر عن زوجته من خلق سيء فيرجى أن يكون له بذلك الأجر من الله تعالى، وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يفرك مؤمن من مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر. وليتبع في علاج هذه المرأة ما أمر الله تعالى به بشأن المرأة الناشز، وقد سبق أن بيناه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9904، 17322، 31060.
ثم إننا ننصح هذا الزوج بأن لا يحمله غضبه على زوجته على ألا يقوم بإيقاظها للصلاة وتوجيهها في كل ما يتعلق بأمر دينها، لأنه راع في بيته وهو مسؤول عن رعيته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1424(13/12831)
الهجر في الفراش جائز إذا كان بسبب مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
السؤال الثاني: ما حكم الدين في الزوج الدي لا يكلم زوجته لعدة شهور تصل حتى ثلاثة شهور، ولا يقترب منها في الفراش، وهي ساكتة ولا تقول شيئاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما يفعله هذا الزوج من ترك الكلام مع زوجته وهجرها في الفراش لهذه المدة بغير سبب شرعي يتنافى مع حسن العشرة، والإحسان إلى الزوجة، كما أنه سبيل إلى البغضاء والكراهية بين الزوجين، وطريق إلى وقوع الزوجة في ما يغضب الله، والله تعالى يقول: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] ، ويقول: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229] .
علماً بأنه يجوز للزوج أن يهجر زوجته في الفراش إذا كان ذلك بسبب مشروع، كنشوزها مثلاً، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وقد ذكر الخطابي أن هجر الوالد ولده والزوج زوجته ونحو ذلك لا يتضيق بالثلاث، واستدل بأنه صلى الله عليه وسلم هجر نساءه شهراً. انتهى.
وننبه إلى أن الهجر ليس هو أول العلاجات للنشوز، بل تسبقه أمور بيناها في الفتوى رقم: 17322، وراجعي الفتوى رقم: 27810، والفتوى رقم: 27852.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1424(13/12832)
لا يجوز لأهل الزوجة أن يفسدوها على زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
إكمالا لسؤالي السابق رقم 221679
بالنسبة لعائلة الزوجة كانوا على علم بالموضوع، وسهلوا للرجل مقابلتها في بيوتهم وحاربوا الزوج وتعدوا عليه بالشتائم والبذاءات، وكانوا يسعون لكي يتم الطلاق ما الحكم فيهم؟ وهل لو سمح لهم بزيارتها ومكالمتها في بيتها هل يأثم إذا منعها من الذهاب إلى بيوتهم ويكون قاطع رحم
جزاكم الله كل خير عنا وعن المسلمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد كتبنا لك الرد على السؤال الذي أشرت إلى رقمه، ولعلك تجد فيه الإجابة الشافية إن شاء الله.
وبالنسبة لأهل الزوجة فإنهم لا يجوز لهم أن يساعدوا هذه المرأة على هذا النوع من الأعمال، لما فيه من معصية الله تعالى وإفساد للزوجة على زوجها، والتعاون على الإثم والعدون.
وقد قال الله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان [المائدة:2] .
وكان الواجب عليهم أن ينصحوها ويوجهوها للخير دائماً، بدلاً من تحريضها على معصية الله تعالى والخروج على طاعة زوجها وإفسادها عليه.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها ... رواه أحمد وأبو داود، ومعنى خببها أفسدها.
وإذا ثبت عنده أن أهلها يفسدونها، فله منعها من زيارتهم ومكالمتهم منعاً للضرر، ولتفاصيل ذلك نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
20950
وننبه السائل الكريم إلى أن العلاقات الزوجية، وخاصة مع أهل الزوجة مبناها في الأصل على الاحترام والمكارمة والمودة، قال الله تعالى: وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (البقرة: من الآية237) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1424(13/12833)
اتفقت مع أجنبي على الزواج وهي لم تزل في عصمة زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في زوجة تحدثت مع رجل من أقاربها وكانت تتصل به باستمرار واتفقت معه على الزواج على أن تطلب الطلاق من زوجها وانتهزت فرصة سفر زوجها وقابلت هذا الرجل وخرجت معه وعزمته على الطعام في بيت أهلها بدون علم زوجها
هل إذا تابت الزوجة بعد انكشاف الموضوع هل يحتفظ بها الزوج وما العقاب المناسب لها وما عقابها عند الله
جزاكم الله كل خير عنا وعن المسلمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن ما فعلته هذه الزوجة من الاتصال بالرجل الأجنبي واتفاقها معه على الزواج وهي في عصمة رجل آخر، وعزمها على طلب الطلاق منه، من المنكر الحرام والأفعال القبيحة التي يجب عليها التوبة منها والندم عليها.
وكذلك ما فعله هذا الرجل من الاتصال بامرأة لا تحل له، وإفسادها على زوجها من المنكرات المحرمة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. رواه أحمد وأبو داود ومعنى خببها: أفسدها.
فإذا تابت هذه المرأة توبة نصوحا، وتبين لزوجها صدقها، فلا مانع من أن يحتفظ بها إن رأى ذلك، لأن التوبة تجبُّ ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وفي هذه الحالة ينبغي له أن يعفو عنها ويسامحها ويستر عليها، كما قال تعالى: وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [البقرة: 237] .
وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة. رواه مسلم.
وأما إذا لم تتب من ذلك ويظهر ندمها بالفعل ويلاحظ صدقها، فلا ننصح بإمساكها.
وأما عقابها عند الله تعالى، فلا أحد يستطيع تقدير درجته، المهم أنها أغضبت الله واستحقت سخطه، وهو تعالى وصف نفسه بأنه: "غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1424(13/12834)
الناشز لا نفقة لها ولا سكنى ولا قسم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج وتزوجت زوجة ثانية، بعد علم الزوجة الأولى بخبر زواجي أخذت جميع أموالي وباعت شقة الزوجية بالوكالة التي وكلتها عليها حتى أطلق الزوجه الثانية، والآن هي تجلس هي والأولاد في بلد أهلها ورفضت رفضا تاما أن يعيشوا معي والآن لا تسمع كلامي وتعمل عكس ما أطلبه منها، وسؤالي هو ما هو حكم الشرع فيها وما تقوم بعمله وهل يجب الإنفاق عليها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن حق الرجل أن يعدد الزوجات إذا كان قادراً على العدل بينهن، ولا يجوز للمرأة طلب الطلاق لأجل ذلك، كما هو مبين في الفتوى رقم: 10298، والفتوى رقم: 10382.
وإذا كان الأمر كما ذكرت فقد ارتكبت زوجتك بفعلها المذكور عدة محذورات:
الأول: نشوزها عن طاعة الزوج.
الثاني: أخذها أموال الزوج وبيع شقته بغير إذنه.
والثالث: طلبها طلاق أختها.
فيجب عليها أن تتوب إلى الله من ذلك وتعود إليك، كما يجب عليك أن تعدل بين الزوجتين.
أما عن النفقة فإذا كان الأمر كما ذكرت، فامرأتك ناشز لا نفقة لها ولا سكنى ولا قسمة، وراجع الفتوى رقم: 36384، والفتوى رقم: 18753.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1424(13/12835)
ذهبت إلى بيت أهلها بغير إذن ولم ترجع
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي ذهبت إلى أهلها ولم ترجع ولم أطلقها
1) هل تعتبر ناشزاً أو معلقة؟
2) أرجو التفصيل في الحقوق الشرعية لكل منهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن جلوس المرأة في بيت أهلها وعدم رجوعها لبيت زوجها دون إذن منه يعتبر نشوزاً وخروجاً عن طاعة الزوج، وقد تقدم ذلك في الفتوى رقم: 6895 والفتوى رقم:
18036 كما سبق بيان الحقوق الزوجية في الفتوى رقم: 19419 والفتوى رقم: 27662
هذا وننصح الزوج بأن يتعامل مع الموضوع بشيء من ضبط النفس والعقلانية، ويذهب إلى زوجته ويترضاها ويأتي بها إلى البيت، وليراجع الفتوى رقم:
3738
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1424(13/12836)
فسق أحد الزوجين لا يوجب الفرقة بينهما
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماذا يقول الإسلام في الزوج والزوجة الذى يقيم علاقة جنسية مباشرة أو عن طريق الرسائل والمكالمات الهاتفية مع إنسان آخر؟ وهل يعتبر عقد الزواج مفسوخاً بسبب ذلك؟
أرجو التوضيح مع ذكر الأدلة من الكتاب والسنة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزواج شعيرة من شعائر الإسلام، ويتحقق به التقرب إلى الله تعالى إذا قصد به الإنسان إعفاف نفسه عن الوقوع في الحرام، وإن من أعظم مقاصد الشرع من الزواج هو حفظ الإنسان نفسه من الوقوع في معصية الله تعالى، وإن إقدام أحد الزوجين على إقامة مثل هذه العلاقة المذكورة في السؤال لهو معصية للرب تعالى، فإن كان ذلك بالوقوع في فاحشة الزنا فهو كبيرة من كبائر الذنوب، وإن كان بما هو دون ذلك فهو صغيرة من صغائر الذنوب.
وفي كلتا الحالتين، فإن الواجب التوبة إلى الله تعالى توبة صادقة بالإقلاع عن هذا الذنب، والندم على ما فات، والعزم على عدم العودة إليه.
وأما كون ذلك موجباً لفسخ النكاح فلا، إذ أن الفقهاء قد نصوا على الأمور التي توجب الفرقة بين الزوجين، لكن من حق الزوج تطليق زوجته إذا علم من زوجته القيام بذلك، وكذا من حق الزوجة رفع أمرها إلى القاضي ليفسخ النكاح إذا علمت من زوجها القيام بذلك، والإصرار عليه ولم يرتدع بالنصح والتوجيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1424(13/12837)
إذا نشزت المرأة ولم يجد معها إصلاح جاز لزوجها أن يطلقها
[السُّؤَالُ]
ـ[اختلفت أنا وزوجتي واحتدم الخلاف بيننا فأخبرتها ان زواجنا كان على شروط هي كتاب الله وسنة رسوله وهذه هي الحدود التي يجب أن نتعامل من خلالها فأصرت على رأيها ولكني أحاول أن تكون حياتنا سعيدة ومستقرة ولكنها لا تعينني على ذلك وتركت المنزل مرتين دون رغبتي وغصبا عني وعندما تصل الأمور بيننا إلى الانفصال تقول إنها لا تريد الانفصال وإني لوتركتها أكون ظالما لها مع أنها لا تريد التغير وأهلها يقفون جميعا فى صفها ويسيئون لي ولوالدتي فماذا أفعل معها فأنا أصبحت لا أطيق هذه الإنسانه إطلاقا من تصرفاتها ومعاملتها السيئة جدا فهي لا تعينني على البر بها ومعاملتها بما يرضي الله فهل تعتبر هذه التصرفات نشوزاً من زوجتي لأن معظم النساء تعتبر النشوز هو فعل الفاحشة فقط، فهل إذا طلقتها أو تزوجت بأخرى عليها أكون ظالما لها؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحياة الزوجية يجب أن تكون مؤسسة على اتباع الكتاب والسنة، اشترط ذلك الزوج أو الزوجة أو لم يشترطاه، ويجب على الزوجة أن تطيع زوجها في المعروف، كما قال الله تعالى: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ [النساء:34] .
ومعنى قانتات: أي مطيعات لله وأزواجهن، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قوله تعالى: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ يقتضي وجوب طاعتها لزوجها مطلقاً من خدمة وسفر معه وتمكين له وغير ذلك. انتهى.
وفي صحيح ابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت.
وليس للزوجة أن تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه، سواء أمرها أبوها أو أمها أو غير هما باتفاق العلماء، ومتى تركت الزوجة طاعة زوجها كانت ناشزاً، يشرع لزوجها أن يعظها فإن لم ينفع الوعظ جاز له أن يهجرها في المضجع، فإن لم ينفع الهجر جاز أن يضربها ضرباً غير مبرح حتى تطيعه، كما قال الله تعالى: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً [النساء:34] .
والنشوز في قول الله تعالى: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فسره العلماء: بأن تنفر عنه بحيث لا تطيعه إذا دعاها للفراش، أو تخرج من منزله بدون إذنه، ونحو ذلك مما فيه امتناع عما يجب عليها من طاعته، فليس النشوز هو فعل الفاحشة فقط.
ومتى استمرت المرأة على نشوزها ولم يُجْدِ فيها فيها الوعظ والهجر والضرب، ونحو ذلك مما تستصلح به المرأة الناشز كان لزوجها أن يطلقها ولا يعد ظالماً لها، بل هي الظالمة بترك ما أوجب الله عليها من طاعته، وراجع للأهمية الفتوى رقم:
1103، والفتوى رقم: 9904، والفتوى رقم: 3738.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1424(13/12838)
أجوبة في التصرف مع الناشز
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يستطيع أن يفعل الزوج مع الزوجة السيئة الجاهلة التي لا تتعظ ولا بأسلوب في حين أنه لا يستطيع أن يقضي بقية حياته في مجادلتها أوبالنكد المستمر مع العلم أنه حتى لا يستطيع طلاقها بسب عدم وجود المبلغ المالي الذي يسمى المهر المؤجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعلاج الزوجة طرق ووسائل سبق أن ذكرناها في الفتاوى التالية بالأرقام التالية:
69 -
2589 -
1032 -
22559.
فإن لم تجد الوسائل كلها فإن آخر العلاج البتر، وهو الطلاق. وقد بينا ذلك في الفتوى رقم:
16092.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1423(13/12839)
أحسن الزوج وأساءت زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا طلبت من زوجتي عند ذهابها لالتقاط صورة عند المصور لجواز السفر بأن لا تضحك وكانت حجتي أن الصورة ليست خاصة وإنما سوف يشاهدها أشخاص غير محارم وقلت لها إن لم تفعلي ذلك فإنك لم تطيعي زوجك وهذا سوف يغضب الله سبحانه فلم تستجب لطلبي. أفيدونا جزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أحسنت فيما أمرت به زوجتك من عدم إظهار اللين والخضوع وما قد يكون سبباً للفتنة، وقد أساءت زوجتك حين عصتك فيما أمرتها به من الطاعة وعليها أن تتوب إلى الله عز وجل وتستغفره مما فعلت، والله عز وجل يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1423(13/12840)
نصيحة لزوجة دمرت بيت الزوجية ودنست عرضها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عربي حاصل على الجنسية من دولة أوروبية مسلم تزوجت من فتاة عربية من بلد عربي مسلمة عام 1988 بعقد إسلامي صحيح ومكتمل الشروط من وجود ولي للمرأة وشهود وموثق رسميًا بدولة عربية وقد أثمر زواجنا عن طفلتين بريئتين إحدهما حاليًا عمرها 6 أعوام والأخرى 12 عاما وقد مكثنا في هذه الدولة حتى عام 91 ثم انتقلنا إلى أرض المهجر بالدولة الأوروبية وظلت حياتنا الطبيعية وكأي أسرة عادية وحيث أنني شاب طموح ورجل أعمال ناجح استطعت أن أكون ثروة طائلة ولا أخفي على حضراتكم أن هذا كان يأخذ الكثير من وقتي واهتماماتي حين بدأت تظهر آثار النجاح السلبية على حياتي الأسرية بوضوح عام 2000 أي بعد حوالي 8 أعوام من وجودنا في المهجر حيث أن زوجتي بدأت تتهمني بأني على علاقة بامرأة أخرى وأن العمل أهم عندي منها ومن كل شيء وبدأت النزعات وتطالبني بالطلاق ليس هذا فحسب وإنما تتوعدني وتتهددني بأنني إن لم أرضخ لطلبها للطلاق فإنها سوف تدمر كل حياتي وتتسبب في إفلاسي حيث تعلم أن قانون هذه البلد مع المرأة وأنها إن حصلت على الطلاق يكون لها بحكم هذا القانون الجائر نصف ممتلكاتي من شركات وأموال وخلافه وبدأت تطالبني بأن أطلقها أمام محاكم هذه البلدة الكافرة وحيث أنني أعرف أن الطلاق الإسلامي الشرعي لا يتم إلا أمام محكمة إسلامية وقاض مسلم ومن شروطه أن أطلقها ثلاث طلقات وأن لا يكون فيه إجبار لي وتهديد لمستقبلي ومع الضغوط والتهديدات المستمرة اضطررت أخيراً أن أرضخ لمطالبها وأمثل أمام المحاكم في هذه البلدة مدفوعاً بالخوف على مستقبلي الذي بنيته بعرقي وكدي وحينما سألني القاضي في المحكمة هل أنت متفهم لهذا الطلاق؟ فأجبته قائلاً أنا مجبر على الطلاق المسيحي لأني مسلم ... فقال لي القاضي إن القانون المدني في هذه البلد يطبق علي بعد مرور خمس سنوات على إقامتك هنا وقد طلقنا القاضي الكافر علماً بأنني لم أطلقها أبداً لم أنطق بكلمة الطلاق أبداً أبداً من قبل وأنني قلت لها من قبل إنني لم أطلقكك ولكن فقط أجبرت بدافع الخوف من تدمير مستقبلي على المثول في المحاكم الكافرة وأعجب من هذا بعد الطلاق الكافر أنه هناك رجل نصراني كافر كان على علاقة بها طوال هذه الفترة وقد ضحك عليها وأوقعها في حبائله ووعدها أنه سوف يعلن إسلامه في المستقبل وسوف يهتم بأمورها وهو كالذئب كان يطمع فيها وفي أموالها وهو العاطل عن العمل الذي تزوج من قبل مرتين وطلق من زوجاته وقد نطق بالشهادة بفمة فقط وتزوجته ولقد منعت أنا حتى من دخول بيتي بالشرطة والقانون لأنها تتهمني بأني أحاول إغتصابها وأحاول قتلها.... إلخ وحتى من الأقتراب من اولأدي فلذات كبدي وعلى العلم إنني أحضرت أهلها مرتين لكي يتم الإصلاح بيننا وتحملت كافة تكاليفهم ولكن للأسف الشديد طردت حتى أهلها وهددتهم بإحضار الشرطة لهم وفشلت للأسف أن أجعلها تغير من موقفها وبعد فترة زمنية استطاعت أن تحتوى أهلها مرة أخرى وربما قبلوا بالأمر الواقع ورضخوا لها وأنني يا فضلية الشيخ أضع هذا الأمر بين أيديكم لكي تفتوني فيها فأنا مازلت أكرر أن طلاقي غير شرعي وأنني ما طلقتها أبداً وعندي أمل في الله عز وجل ثم فيكم أن تأتيني فتوى مكتوبة بعدم شرعية هذا الطلاق الذي تم أمام قاضي كافر وكذلك تحت الضغوط القانونية والإجبار والخوف على المستقبل..... ولعل وعسى أن يهديها الله إلى الصواب بهذه الفتوى لأنها تعتقد بأنها مطلقة وتعتقد بأنها يحق لها التصرف كيف تشاء من الوجهة الشرعية.... وأن تقنع أهلها أيضاً بهذه الفتوى الشرعية ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن ما حصل لك من تطليق زوجتك وحرمانك من طفلتيك، وتقسيم مالك، بلاء كبير، نسأل الله أن يرزقك الصبر عليه، والأجر فيه وأن يجعل لك منه مخرجاً وفرجاً.
وهذا يؤكد خطورة العيش في هذه البلاد، مهما بدا فيها من بريق للحرية أو وفرة المعيشة، فإن ذلك لا يساوي شيئًا أمام حرمان الإنسان من أبنائه وإجبارهم على حياة لا يرضاها الله تعالى.
وهذا الطلاق الذي لم تتلفظ به لا يقع، ولا تزال هذه المرأة زوجة لك شرعاً، ونكاحها الثاني باطل، وزنىً قبيح محرم؛ لأنه لا يجوز للمتزوجة أن تنكح غير زوجها حتى تطلق وتنتهي عدتها.
وقد وقعت زوجتك في جملة من المحرمات الكبار:
1- طلبها الطلاق من غير مبرر يدعو إلى ذلك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقًا من غير بأسٍ فحرام عليها رائحة الجنة.رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه.
2- أنها أقامت علاقة مع هذا الرجل الأجنبي عنها، فإن كان كافرا فالبلية أعظم، وإن كان قد أسلم فهو فاسق لكونه أفسد بيتاً على أهله، وقد روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس منا من خَبَّبَ امرأة على زوجها. والمعنى: أي أفسدها بأن زين لها كراهة زوجها.
3- أنها لجأت إلى تلك المحاكم مع علمها أنها لا تحكم بشرع الله تعالى، وقد أوجب الله على المتنازعين أن يتحاكموا إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ونفى الإيمان عمَّن يرغب عن حكم الشرع فقال: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً. (النساء:61) ، وقال: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً. (النساء:65) .
4- أنها أخذت ما لا تستحقه من المال، فإن المرأة إذا طلقت شرعاً لم يكن لها أن تأخذ إلا بقية مهرها إن كان فيه جزء مؤجل، ثم لها النفقة أثناء العدة، فإذا انقضت عدتها فليس لها إلا نفقة الأولاد الذين هم في حضانتها.
وكون المحكمة تقضي لها بنصف مال الزوج ظلم بين، وباطل واضح، وذلك لا يبيحه لها، بل لو قضت بذلك محكمة شرعية لم يكن ذلك مبيحاً لأن تأخذه وهي تعلم أنه مال بغير حق.
فقد روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إليَّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا فلا يأخذ، فإنما أقطع له قطعة من النار.
5- أنها حرمت زوجها من أطفاله، والمقرر شرعاً أن البنت إذا بلغت سبع سنين انتهى
حق أمها في حضانتها، ورجعت إلى أبيها، أو خيرت بين أبيها وأمها عند بعض العلماء.
والأهم من ذلك أن المرأة إذا تزوجت سقطت حضانتها، وانتقل حق الحضانة إلى من بعدها، وهي أم الأم، عند جمهور العلماء.
ونحن نوجّه إلى هذه الزوجة نصيحة صادقة فنقول: احذري مقت الله تعالى وغضبه، واعلمي أن الظلم ظلمات، وأن متاع الدنيا بأسرها لا يساوي غمسة في نار جهنم، وأن كل درهم من مالٍ حرام أخذته إثم ووبال عليك، وأنك إن أفلتِّ من عقوبة الدنيا، فإن عذاب الآخرة أشد وأنكى.
واعلمي أن الكافر إذا أتى بالشهادتين فقد دخل في الإسلام، ثم إنه يطالب بالالتزام بشريعة الله، وأداء ما افترض الله عليه من الصلاة، فإن لم يفعل ذلك كان كافراً، ولا ينفعه قوله لا إله إلا الله.
فإن أبيت إلا فراق زوجك الأول، فاحتكمي وإياه إلى حكم الشرع، وردي إليه ماله، ومكنيه من أولاده، على أن يطلقك كما أمر الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1423(13/12841)
تعامل هذه المرأة معاملة الناشز خطوة خطوة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتى اتصلت بشخص غريب لحل مشكلة حصلت لها في العمل وسبق أن حذرتها من ذلك وقد تكرر فعلها ذلك مرتين ما حكم الشرع في ذلك وكيف أفعل معها ولي منها 3 أطفال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإسلام نظم العلاقة بين الزوجين، وبين ما لكل منهما من الحقوق، وما عليه من الواجبات، كما هو الحال بالنسبة للحياة كلها. قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَة [البقرة:228] . وقال تعالى: وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [البقرة:237] .
وما من مؤسسة أو شركة إلا ولها إدارة لها كامل المسؤولية ... والأسرة هي أعظم المؤسسات، وقد جعل الله تعالى مسؤوليتها بيد الزوج، وهذه المسؤولية هي ما يسمى في الشرع "بالقوامة" فقال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النساء:34] .
ولكن هذه القوامة والمسؤولية ليس معناها الاستبداد واستغلال المنصب ... وإنما هي مسؤولية تكليف وقوامة....: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ: وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ
وقد أمر الإسلام المرأة بطاعة زوجها في المعروف، ووعدها على ذلك بالخير الكثير، والثواب الجزيل.
فعن أم سلمة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة. رواه الترمذي.
وقال صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمراً أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. رواه الترمذي.
وهذا الطاعة ليست طاعة عمياء إنما هي طاعة مبصرة، وبالمعروف، وفي حدود الشرع "فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"
وبناء على ما تقدم فيجب على هذه المرأة طاعة زوجها، ولا يجوز لها أن تُدْخل شخصاً غريباً في حل مشاكلها، ولو كانت خارج البيت وفي العمل، إلا بعد إذن الزوج، واستشارته.
أما وقد فعلت ذلك فعليها أن تتوب إلى الله تعالى، وتستغفره، وتقطع علاقتها بكل ما يريب زوجها.. وتتعاون مع زوجها في حل مشاكلها، فإن ذلك أنفع لها في دينها ودنياها.
وننصح السائل الكريم بالصبر والمعاملة بالتي هي أحسن والنصح لزوجته لعلها تتعظ وتعود إلى رشدها وطاعته ... وقد أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم بالنساء خيراً فقال: استوصوا بالنساء خيراً. متفق عليه
واعلم أن السلف كانوا إذا رأوا من زوجاتهم نفوراً وعصياناً أرجعوا سبب ذلك إلى ذنوبهم حتى قال قائلهم: إني لأرى أثر معصيتي في خلق دابتي وزوجتي.
فإذا أطعت الله تعالى سخر لك كل شيء وأطاعتك الزوجة والولد والخادم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1423(13/12842)
حكم ضرب الزوجة لأجل المعاشرة
[السُّؤَالُ]
ـ[الوالد الكريم سامحه الله يضرب الوالدة لأجل الجماع علما أنه لا يعيلها ويضربها ضربا مبرحا كيف التصرف؟ علما أنها تطلب الطلاق.
جازاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الضرب غير المبرح للزوجة هو أحد أنواع العلاج التي أباح الله تعالى للزوج بغرض إصلاح زوجته، وهي المرتبة الثالثة بعد الوعظ والهجر، كما قال تعالى: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيرا) ً [النساء:34] .
وقد مضى الجواب عن ضوابط وحدود ضرب الزوج لزوجته برقم: 69،
وليُعلم أن النفقة لا تجب للزوجة إلا إذا مكنت زوجها من الاستمتاع بها تمكيناً كاملاً في كل وقت وفي المكان الذي يريد، إلا إذا منع من ذلك مانع كالحيض والنفاس، ولمعرفة المزيد من أحكام النفقة راجعي الفتوى رقم: 722، والفتوى رقم: 2317.
وإذا كانت والدتك لا تريد أن تبقى في عصمة والدك لسبب شرعي، وهي تطلب الطلاق منه وهو لا يريد، فمن حقها أن تلجأ إلى المحاكم المختصة للفصل في مثل هذا النزاع.
ولتحذر والدتك من طلب الطلاق دون سبب، لئلا تدخل في الوصف المذكور في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة" رواه الترمذي وغيره، وصححه الألباني.
ولمعرفة المزيد عن الخلع وأحكامه راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 10917، 7820، 3875، 3484.
ويجب على الزوجة قبل طلب الطلاق اتباع الخطوات الشرعية للصلح، لقول الله تبارك وتعالى: (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) [النساء:128] .
ولمعرفة هذه الخطوات راجعي الفتوى رقم: 8649.
والواجب عليك أيها الأخ السائل أن تنصح والديك بحسن المعاشرة والمعاملة بالمعروف حفاظاً على كيان الأسرة الذي يعود على الأبناء بالخير والبركة، ونبذاً للخلاف والفرقة، لما يسببان من شر مستطير لا يعلم مداه إلا الله.
وهدانا الله وجميع المسلمين لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1423(13/12843)
امتناع الزوجة المبيت في بيت زوجها نشوز
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلة زوجية: اسكن في بيت أبي زوجتي ودائماً تقول أن البيت ليس لك لأبي حيث أنني لا يوجد بيني وبين اخوتها عقد حيث توفي أبوها وكلما حاولت أن تنقل معي ترفض ولدرجة أنها وأهلها يقومون بإغلاق منزلي عندهم ... وحيث أنا وأخواتها متقاطعون ولا نسلم على بعض منذ 6 سنوات وسبب ذلك لأني تزوجت على أختهم وفي آخر مرة قامت بطلب الطلاق والخروج من المنزل وفعلت وأخذت أولادي بنت عمرها 8 سنوات وولد عمره 5 سنوات وقررت أن لا أرجع حتى تخرج معي إلى منزلي حيث أني أملك منزلاً خاصاً بي ولها فيها شقة ولكنها تريد ومصممة على البقاء في شقة والدها عند أهلها وأنا أجد الكثير من أذى من أخواتها في عدم المعاملة الحسنة وعدم السلام والآن القضية في المحكمة أرشدوني علما لأنه لا مجال للصلح لأن أخواتها وهي مصرون على الطلاق ومصرون على أخذ أولادي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على الزوجة أن تطيع زوجها، وأن توقره، وتعرف له قدره، وتحفظ له حقوقه، وزواجك بالثانية لا يسوغ ما بدر من زوجتك لأنك لم تفعل إلا ما أباح الله لك ما دمت تعدل بينهما في المبيت وغيره، ولا يلزمك شرعاً إبقاؤها في بيت أهلها لاسيما وبينكم ما بينكم من الشحناء ما ذكرت، والواجب عليها أن تذهب معك إلى بيتك، ولا يجوز لها الامتناع إلا إذا كان عليها مضرة في ذلك، وامتناعها من غير ضرر يعتبر نشوزاً منها، وحيث إن المسألة في المحكمة الآن فيلزمك ما يحكم به القاضي الشرعي لأنه أدرى بأطراف القضية، ومدى الضرر الذي قد يلحق بالزوجة من عدمه، ومن الأصلح فيكما لحضانة الأطفال.
إلا أننا ننصحك بعدم التسرع في الطلاق، والصلح معهم حفاظاً على أسرتك وأولادك ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.
كما ننبهك إلى حرمة هجرك لإخوان زوجتك هذه المدة، فعليك أن تبدأهم بالسلام، وإن لم يبدأوك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1423(13/12844)
يمكن حل الخلاف بين الزوجين بالصدق والإخلاص والمصارحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حقوق المرأة المطلقة أوالمختلعة؟ هل من حقها السكن إذا كان لها أولاد من زوجها؟
هل إذا طلبت المرأة الطلاق من زوجها إذا كانوا مختلفين في الطباع والأفكار ولا تشعر أنه يكن لها المودة والرحمة.. هل بذلك تكون ظلمت أولادها.. وهل تصبر المرأة من أجل أطفالها وتعيش مع زوجها بنية تربية أطفالها فقط.. وقد تكون نفرت من زوجها ولا تستطيع أن تؤدي حقوقه كاملة كما أمرت بذلك؟ أم تفارق زوجها حتى لا تأثم بتضييع حقوقه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حقوق المطلقة وأولادها في الفتاوى التالية أرقامها:
9746
8845
7455.
والخلاصة أن المطلقة طلاقاً رجعياً لها النفقة والسكنى ما دامت في عدتها، أما المطلقة طلاقاً بائناً فلا نفقة لها ولا سكنى إلا أن تكون حاملاً، أما الأولاد فالواجب على أبيهم لهم النفقة والسكنى وما إلى ذلك من متطلبات الحياة.
أما عن استشارتك لنا في طلب الطلاق من زوجك الذي تختلفين معه في الطباع والأفكار فإننا نقول لك: لا تعجلي وخصوصاً أن لديك أطفالاً، وعليك باستشارة من تثقين به من أهلك وأقاربك وغيرهم، وعليك قبل ذلك أن تستخيري الله سبحانه، ثم اعلمي أنه يمكن حل الخلاف بين الزوجين بقليل من الصدق والإخلاص وجلسات المصارحة، ويمكنك أن تهدي لزوجك بعض الكتيبات والأشرطة التي تتحدث عن حسن العشرة والعلاقات الزوجية.
نسأل الله أن يصلح حالنا وحالك وأن يختار لنا ولك ما فيه الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1423(13/12845)
أخطأت علاج زوجتك..وهاك ما نوصيك به
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي تقاطع أخاها منذ عشر سنوات مضت ومات أبوها وهو عنها غاضب كل مشاكلي الآن مع زوجتي وأسبابها الأساسية حديثي معها بضرورة صلة الرحم وتطور الأمر بيننا إلى حد القطيعة علما بأننا نعيش في أمريكا ولنا طفلان ماذا أفعل معها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليكن الصبر مطية لك، فلا حيلة لك إلا أن تصبر عليها وتحلم عنها، وحاول أن تنوع من أسلوبك وطريقتك معها.. بالشدة تارة وباللين تارة، ودع القطيعة فإنها لن تجلب عليكما إلا التعب وكثرة المشاكل، لا سيما وأن لديكما طفلين يحتاجان إلى تربية ورعاية في جو أسري خالٍ من الشحناء والبغضاء، ومن التنويع في الأسلوب أن تأتي لها بشريط يتناول قضية صلة الرحم، وليكن الداعية من الدعاة المعروفين الذين ربما سمعت امرأتك بهم، فلعلها تتأثر وتستجيب حين تستمع إلى ذلك الشريط، ومن ذلك أن تأتي لها برسالة في ذات الموضوع أو مطوية، ونحن نصف لك علاجين ناجعين بإذن الله:
الأول: أن تتقي الله تعالى، وتزداد من القربات، وتراجع نفسك فلا شك أنك ستجد نفسك مقصراً، فكل بني آدم خطاء، فتب إلى الله فخير الخطائين التوابون. وإن المعصية قد تكون سبباً في تغير خلق امرأتك، كما قال بعض السلف: إني لأعصي الله، فأعرف ذلك في خلق دابتي وامرأتي.
الثاني: أن تجتهد في الدعاء لامرأتك بأن يهديها الله ويصلح بالها وقلبها، والدعاء سبب عظيم في علاج مثل حالتك.. ورحم الله من قال:
أتهزأ بالدعاء وتزدريه وما تدري بما صنع الدعاء
سهام الليل لا تخطي ولكن لها أجل وللأجل انقضاء
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1423(13/12846)
لا يعالج نشوز الزوجة بنشوز مثله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج من امرأتين وإذا غضبت من إحداهن ... غضبت وذهبت عند الأخرى..وأجلس بالأسابيع..وهكذا في كلتا الحالتين..هل آثم بهذا الفعل أم لا؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أباح الله تعدد الزوجات واوجب العدل بينهن في المبيت بلا خلاف، وكذلك في سائر ما هو مادي كالطعام والكسوة ونحوهما من غير تفرقة بين شريفة ووضيعة على القول الراجح، فإن خاف الإنسان الجور وعدم الوفاء حرم عليه التعدد، ولزمه إبقاء ما علم من نفسه العدل فيهن. قال الله تعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً [النساء:3] .
وأخرج أبو داود وغيره من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل.
ومن هذا يتبين للسائل إن الذي قام به فعل محرم تجب عليه التوبة منه وإرضاء من جار في حقها من زوجاته، وألا يعود إلى مثل ذلك في المستقبل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1423(13/12847)
زوج ضحية زوجة لا تخاف الله
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت من فتاة مصرية بعقد زواج لدى محامي وشهود وتقدمت للمحكمة لتوثيق العقد وسافرت معي إلى الأردن وعادت لمصر لمتابعة الأمور وأعطيتها مبلغ 12000جنيه وهدايا وتذكرة طيران للعودة واستغلت أنني فلسطيني ولم أستطع الحصول على تأشيرة لدخول مصر ووقعت ضحية لعملية نصب واحتيال وسحبت الأوراق من المحكمة والمحامي والآن تقوم هي وأهلها بتهديدي بإيصال أمانة كنت قد كتبتها كمؤخر لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت قد عقدت على هذه المرأة عقداً شرعياً مستوفياً للشروط، وهذا الذي ظهر لنا من السؤال ومن توثيق المحكمة للعقد، فإن هذه المرأة زوجة لك.
ولا يجوز لها الامتناع من الرجوع إليك، ولا يحل لأحد أن يتزوجها حتى تطلقها وتعتد منك.
ولكن هذه الأحكام وقولنا يجوز ولا يجوز كل ذلك إ نما يوجه لمن كان يخاف الله ويرجو ثوابه، وأما من لا دين له فلا يبالي بذلك.
ولعلك كنت تسبح في بحر هواك غافلاً عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "فاظفر بذات الدين تربت يداك".
والآن عليك أن تتجرع مرارة ما قدمت، وغير أهل الدين لا يتعاملون إلا تحت مبدأ: القانون لا يحمي المغفلين.
والخلاصة: هي أننا نرى أن توكل محامياً أو شخصاً آخر لاستخراج أوراق من المحكمة الشرعية تثبت أنك زوجاً لهذه المرأة كبدل فاقد من العقد، وعليك أن ترفع قضيتك إلى المحكمة بطريق محام في الداخل، أو بما يشير عليك به محام ثقة، فإنهم يدركون المداخل والمخارج في قوانين المرافعات.
وننصحك قبل ذلك وبعده بالرجوع إلى الله عز وجل، والإكثار من دعائه، والتوبة من معاصيه الصغير منها والكبير، فإن الله عز وجل قد وعد المتقين ووعده لا يخلف، فقال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) [الطلاق:2-3] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1423(13/12848)
الكائدة للزوج بأمور شريرة تعامل كناشزة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل متزوج من امرأتين الزوجة الأولى كثيرة المشاكل وسليطة اللسان وقد قامت بعدة أعمال مشينة منها أنها استعانت بأشخاص يتعاملون بما يغضب الله لمنع الزوج من الاقتراب من الزوجة الثانية وكذلك قامت بإخفاء الساعة التي قدمتها الزوجة الثانية هدية للزوج عندما ذهب للمبيت لديها والثالثة قامت بازعاج الزوج وزوجته ليلاً بإدعائها أن شخصاً ما يؤذيهم بالهاتف ليلاً وعندما قام الزوج بسحب الخط من الكاشف لأكثر من مرة وصعقت من المفاجأة واتضح لي أن رقم المتصل هو نفس هاتف نقال الزوجة الأولى فعندما واجهتها ليلاً أنكرت فطلبت منها الحلف على المصحف فامتنعت بحجة أنها كانت غيرانة فما الحكم في نظركم تجاه هذه الزوجة؟ مع العلم أنها كانت منذ عشرين سنة وهي بمشاكل معه ومازالت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من حق الزوج على زوجته طاعته في غير معصية، والعمل على راحته، وأن تمتنع عن كل ما يؤذيه ويغضبه من أفعال وأقوال، فحق الزوج على زوجته من أعظم الحقوق وآكدها.
روى الترمذي وابن ماجه وغيرهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عِظم حقه عليها".
فعلى الزوجة المشار إليها في السؤال أن تتقي الله وتعرف لزوجها حقه، ولتعلم أن أكثر ما يدخل المرأة النار عصيانها لزوجها وإضاعة حقوقه.
روى البخاري عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اطلعت على النار، فإذا أكثر أهلها النساء، يكفرن العشير! لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأن منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط!! ".
وأمَّا ذهابها إلى السحرة لمنع زوجها من الاقتراب من زوجته الثانية، فلا شك أن هذا من أقبح الأعمال وأشنعها، لما فيه من الشرك والفساد بين الرجل وزوجته، ويجب عليها التوبة إلى الله والاستغفار والإقلاع فوراً عن هذه الأعمال التي تستوجب غضب الله ومقته.
روى عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس منا من تطير أو تُطير به، أو تكهن أو تُكهن به، أو سحر أو سُحر له، ومن آتى كاهناً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنُزل على محمد" رواه البزار بسند جيد.
وعلى الزوج أن يأخذ على يد هذه الزوجة، وينهاها عن هذه الأفعال، فهو مسئول عنها، كما في الحديث الصحيح: "والرجل راع في أهل بيته، وهو مسئول عن رعيته".
وعليه أن يسلك في سبيل إصلاحها ما أرشد الله إليه الأزواج بقوله تعالى: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ) [النساء:34] .
نسأل الله أن يهديها ويصلحها لزوجها إنه سميع قريب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1423(13/12849)
اصبر وأرشد ولا تيأس من صلاح زوجتك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج من بنت عمي مع العلم أني لم أكن أعرف أخلاقها قبل الزواج لأني كنت ساكنا في المدينة وهي في الريف وبعد الزواج اكتشفت أنها بذيئة الخلق لا تحترم أحدا لا زوجها ولا عمها ولا عمتها وأنا لا أصبر على ذلك لكونها زوجتي وكونها تسيئ لي ولوالدي في المعاملة مع أنها بنت عمي وأنا في بعض الأوقات أضربها بسبب ذلك ولكن هذا الضرب لا يفيد كما أني قد كنت قبل ذلك أذهب إلى عمي وأخبره ولكن لا فائدة فما رأيكم في ذلك؟
أفتوني مأجورين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي ننصحك به الآن هو أن تصبر وتحتسب الأجر، وتجتهد في إصلاحها بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن تتجنب مقابلة إساءتها بالإساءة أو بالضرب، فإن ذلك قد لا يجدي.
كما أن إخبار والدها بما تصنع أمر لا ينبغي، بل عليك أن تسعى لتقوية إيمانها، وإعلامها بأن هذا الخلق السيئ يكتب في صحيفتها، وينقص من أجرها، ويوجب نفرة الناس منها، كما أن الخلق الحسن يقربها من ربها، ويؤهلها لدرجات عليا في جنته سبحانه.
كما في الحديث الذي رواه أبو داود بسند حسن: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه".
وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل ليدرك بحسن الخلق درجة الصائم القائم" رواه أحمد.
وقال صلى الله عليه وسلم: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، الموطؤون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف". رواه الطبراني في الأوسط بسند صحيح.
إلى غير ذلك من النصوص الدالة على فضيلة حسن الخلق، ولا ينبغي أن تيأس من صلاحها، ولا أن تضجر من أفعالها، بل اصبر واحتسب، فإنك مأجور على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1423(13/12850)
نشوز الزوجة ... حكمه ... وعلاجه
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي جاء أبوها وأخذها من المنزل بحجة أني قمت بضربها مع العلم بأني لم أقم بذلك فحاولت منعها من الخروج فتحدتني وقامت وهي عند أهلها بالتسجيل في الجامعة من أجل الدراسة بدون إذني وعلمي ولم أقم بإرجاعها إلى المنزل لغاية الآن منذ 6 شهور مع العلم بأنها تقوم بأفعال دون إذني وبمباركة من أهلها مع العلم بأن أمها تقوم دائما بالتدخل في حياتنا اليومية وبصورة مستمرة بالرغم من تحذيري لها من الرد والانجراف وراء أمها باستمرار ولكن دون جدوى وهي تحاول إبعادي عن أهلي بشتى الوسائل ولا تتقبل مني أي ملاحظات أو نصائح ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على الزوجة هو طاعة الزوج في المعروف، وطاعة الزوج مقدمةٌ على طاعة الوالدين كما هو مقررٌ في دين الإسلام، فعليها طاعته على كل حال مالم يأمر بمعصية لله تعالى.
وحيث إن الأمر كما ذكرت، فهذه المرأة تعتبر ناشزاً عاصية لله تعالى بخروجها من بيتك بلا إذن وبلا مبرر، ومن أعانها على ذلك فهو أيضاً عاص وداخل في الوعيد الوارد في من خبب زوجة على زوجها، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 1169.
وأحسن حل لهذه المشكلة هو أن ترسل جماعة من أهل الخير ليقوموا بواجب النصح لهذه الزوجة ولوالديْها، فإنْ قبلت وإلاّ فارفع أمرك للقضاء، لأن الزوجة والحال هذا تعتبر ناشزاً، وللناشز أحكام معروفة، فخير وسيلة لذلك القضاء ليردَّ الأمور إلى نصابها، ويحكم بما هو مقررٌ في الشريعة الإسلامية إن شاء الله تعالى.
فنسأل الله لك التوفيق، ولزوجك الهداية، والله من وراء القصد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1423(13/12851)
حلول مقترحة حال اختلاف الزوجين قبل الدخول
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب تزوجت إحدى قريباتي ولكن للأسف الشديد لم يتم الزواج من أول ليلة.. والسبب هو رفضي الدخول إلى زفة الحريم ليلة الفرح فزعلت العروس ولكن تفاهمنا بشكل ودي قبل ليلة الفرح والحمد لله..
ولكن أتضح لي أنها حزينة لعدم الدخول الزفة ليلة الفرح وعندما ذهبت إلى بوابة الحريم وطلبت من الوالدة أن تنادي زوجتي لكي أكلمها فزعمت العروسة بأنها مشغولة مع صديقاتها فزعلت أنا وأخذت سيارتي وقلت لهم لو تريدني زوجتي ستجدني في البيت ومن يومها لم أر زوجتي ولا دخلت بها ولا دخلت بيتي أبداً..
والآن أطالب من أهل العروس المهر لكي كل واحد يذهب في طريقه ولكنهم رافضون ويماطلونني بها فحيث أنني تعبت أشد التعب في تجميعها بتعب؟ أعطوني الحل جزاكم الله خيراً.. حيث أن حالتي النفسيه لا تطاق أبداً تعبت جداً من هذه المسأله؟ طالب الدعاء..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزى الله الأخ السائل خيراً على وقوفه عند حدود الله تعالى فقد فعل الواجب، إذ اختلاط الرجال بالنساء مع عدم التزام النساء بالحجاب -وهذا غالب الأحوال في الأعراس- حرام شرعاً، وعليه أن يحسن الظن بالله عز وجل، وأنه سيجعل له مخرجاً.
والحكمة في مثل هذه المواقف أن يبدأ الشخص بتوعية الأهل وأهل الزوجة بالمحاذير الشرعية قبل الوقوع فيها، ومحاولة ترغيبهم في التزام آداب الشرع، وبيان العواقب الحميدة من وراء ذلك.
والآن وقد حصل ما حصل فلا بد وأن تعرف أن الرجل إذا طلق زوجته قبل أن يدخل بها فليس له إلا نصف المهر.
وما ينبغي أن تفعله أنت هو أن تراسل زوجتك أو تهاتفها بالتليفون أو ما شابه ذلك من وسائل الاتصال، وتبين لها سبب وقوفك هذا الموقف، وأن الحياة الزوجية لا تسعد إلاَّ إذا بنيت على طاعة الله عز وجل والوقوف عند حدوده، وأنك لم تفعل ذلك إلاَّ حبا لها وحرصاً على تكوين بيت يبنى أساسه على رضوان الله، وأنها إذا أطاعت ربها والتزمت ذلك فإن ذلك سبب لسعادتها في الدنيا والآخرة.. ونحو هذا الكلام الذي يختلط فيه النصح بكلام الود والحب، فإنه أقرب إلى قبول القلوب له.
وعليك بعد ذلك أن تطالبهم بتمكينك من زوجتك ولا تطلب منهم مهراً ولا تعرض بطلاق، فإن أبوا وسدت الأبواب، فبإمكانك أن ترفع قضيتك إلى المحكمة وحينها ستلزمهم المحاكم بواحد من أمرين: إما تمكينك من زوجتك، وإما برد المهر عليك على طريق المخالعة.
وأما أن تكون أنت المطالب بالمهر والمعرض بالطلاق فإنه لن يحكم لك إلاَّ بنصف المهر كما سبق.
وما أوصيناك به من محاولة إصلاح الخلل ومحاولة إعادة الأمور إلى مجراها إنما ننصحك به إذا كانت الزوجة صالحة ذات دين، وأما أن كنت قد أسأت الاختيار من بداية الأمر فلعل من الخير لك أن تعرض عنها إلى غيرها، وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: فاظفر بذات الدين تربت يداك. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1423(13/12852)
ميثاق الزوجية أغلظ من أن يتلاعب به
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 25 عاما مخطوبة لشاب يبلغ من العمر 30 وهو شاب صالح ويخاف ربه وعنده دين، إنه يحبني كثيرا ويخاف علي، أما بالنسبة لي فعندما تقدم هذا الشاب لخطبتي لا أعرف كيف وافقت ولماذا يمكن لأني شعرت أنه يحبني كثيراً وقلت توكلي على الله، فأنا لا أشعر بأي شعور تجاه هذا الشاب بعض الأوقات أشعر أني أريده وبعض الأوقات أشعر أني لا أريده وهو متمسك بي، ففي معظم الأوقات أطلب منه الطلاق لأمور بسيطة جدا وأشعر أني أريدها ولا أريدها فكثيرا من الأحيان أشعر بأني لا أريد أن أكمل معه، فساعدوني في إبداء الرأي السليم في أسرع وقت أرجوكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان زوجك على ما وصفتِ من دينه وصلاحه وخوفه من ربه، فأولى بك ثم أولى بك أن تتمسكي به، بل عليك أن تحمدي الله الذي وفقك لزوج ذي دين في زمان قلت فيه الديانة، ثم عليك أن تشكري وليك الذي اختاره لكِ زوجاً فامتثل بذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. رواه الترمذي من حديث أبي حاتم المزني.
واعلمي أن الزوجة التي تطلب من زوجها الطلاق من غير سبب ولا مقتض حرام عليها رائحة الجنة، فعن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أصحاب السنن وحسنه الترمذي.
ونصيحتنا لكِ أن تتقربي من زوجك أكثر وتتحببي إليه كما يتقرب هو ويتحبب إليك. وبعد الدخول إن شاء الله ستزول كل وحشة تجدينها الآن وسيتعمق الحب بينكما وستكونان بإذن الله نواة لأسرة مسلمة أسست بنياتها على تقوى من الله ورضوان.
وفي الأخير نقول للأخت السائلة: إن العلاقة الزوجية ليست لعبة في يد المرأة تتصرف فيها حيث شاءت، بحيث تريد الطلاق لأدنى شعور سلبي لها اتجاه زوجها أو نحو ذلك من الأمور التافهة التي لا يخلو منها بيت ولا تنجو منها أسرة، لذا فعليك بطاعة زوجك والسعي في كل ما من شأنه أن يحببك إليه ويحببه إليك، مما ليس فيه معصية الله.
هذا وقد أجبناك على أساس أن هذا الرجل قد عقد عليك فعلاً -كما هو الظاهر من طلبك منه أن يطلقك- إذ لا يطلق إلا من قد زوج، وإن كنت أنت لا تزالين تسميه خطيباً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1423(13/12853)
خروج الزوجة عن الطاعة نشوز له علاج
[السُّؤَالُ]
ـ[حدث خلاف بيني وبين زوجتي وذلك عندما خرجنا وبصحبتنا الأطفال إلى حديقة عامة. فتركتهم في الحديقة وذهبت لشراء بعض الأشياء وأخبرتهم بأني سوف أعود بعد قليل ولكني عندما عدت وجدتها قد أخذت الاولاد ورجعت إلى المنزل دون إذني؟ فحدث بيننا خلاف ومنذ حوالي اسبوعيين لا حديث بيننا على الإطلاق.
ما حكم الشرع في الزوجة التي تتعمد عدم سماع أوامر زوجها علما بأنها كثيرا ما تخرج من المنزل بالرغم من منعي لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل في الحياة الزوجية أن تقوم على التفاهم، بمعرفة كل من الزوجين ما له من الحقوق وما عليه من الواجبات، ليتحقق استقرار الأسرة، الذي هو أساس الحياة الزوجية.
وجماع هذا كله أن يكون الدين هو الأساس في معاملة الزوجين أحدهما للآخر، وإلا انفرط النظام، وتشتتت الأسرة، وضاع العيال.
فلا بد إذن أن يكون منطلق التصرف مرضاة رب العالمين، فلا يفسَّر التصرف من أحد الطرفين بأنه فرض قرارات.
ولتعلم الزوجة أن الله تعالى جعل القوامة بيد الرجل، حيث قال: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِم [النساء:34] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. رواه أحمد عن معاذ بن جبل والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنهما بإسناد صحيح.
والمرأة إذا خرجت عن طاعة الزوج في المعروف فهي امرأة ناشز جاء الإسلام بآداب للتعامل معها، تتمثل هذه الآداب في:
أولاً: الوعظ والتذكير بالله تعالى.
ثانياً: الهجر في الفراش.
ثالثاً: الضرب غير المبرح الذي لا يكسر عظماً ولايشين جارحة.
رابعاً: إذا لم تطع يبعث حكمان من أهله ومن أهلها للإصلاح.
خامساً: الطلاق إذا تعين حلاً وهو آخر علاج، وآخر الدواء الكي.
قال الله تعالى: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً*وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً [النساء:35] .
وقد سبق الإجابة على حكم الناشز وعلاجها في الفتوى رقم:
9904.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1423(13/12854)
الطلاق آخر حل يلجأ إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم.. أرجو منكم أن تهتموا برسالتي وتردوا علي في أقرب وقت لأنني راسلت كثيرين ولم يردوا علي.. ما حكم الدين علي إذا كان لدي أخت لها زوج ظالم متجبر يعشق الشجار معها فشلنا فشلنا فشلنا في إصلاحه فأتيت بأختي وأولادها وحاليا نقوم بإجراءات الطلاق هل أنا مخطىء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اللجوء إلى تطليق المرأة من زوجها ينبغي أن يكون هو آخر العلاج، أما من ابتليت بزوج ظالم متجبر -كما يقول السائل- فلها ولولي أمرها السعي في علاج هذا الزوج بوسائل الإصلاح المتاحة لديهم، مثل: نصحه أو إرشاده وتبيين الحكم الشرعي والحقوق الزوجية وخطورة الظلم، فإن فاء إلى رشده وتوقف عن ظلم زوجته فذلك هو المطلوب -والحمد لله- وإلا فالخطوة الثانية: هي أن يبلغ أهل الجاه من قرابته: أبا كان أو أخا أو نحو ذلك بحقيقة ما يجري منه من ظلم لزوجته ليرده إلى رشده، فإن لم ينفع ذلك فيرفع أمره إلى المحاكم الشرعية لتنظر في الموضوع وتقرر الصلح وما ينبغي أن يفعل فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1423(13/12855)
حكم رفض الخروج مع الزوج للمتنزهات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة عندي 50 عاماً وزوجي عنده 60 عاماً وأجلس أغلب الوقت في المنزل أقرأ القرآن وأتصفح شئون ديني أو بيتي ولا أخرج إلا للصلاة في المسجد أو تلقي دروس العلم في المسجد بعد موافقة زوجي ولكنه يريد مني الخروج من المنزل معه أحيانا في زيارات عائلية وأحيانا لأماكن عامة كالنادي مثلاً أو إلى المصيف وأنا أرفض ذلك بشدة فهل يعتبر ذلك خروج عن طاعة الزوج؟ وحتى إذا كانت الأماكن التى يرغب في اصطحابي إليها غير ملائمة؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لزوجك أن يأمرك بفعل المحرمات كالاختلاط بالرجال، أو الذهاب إلى المصايف حيث تبدو العورات، ولو أمرك بذلك فلا تجوز لك طاعته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا طاعة لمخلوق في معصية الله". رواه الطبراني عن عمران بن حُصين.
وإذا امتنعت من الذهاب معه إلى الأماكن التي لا يرضى الله عن تواجدك فيها، فإن لك أجر ترك الحرام.
أما إذا كانت هذه الأماكن لا تشتمل على المحرمات أو المنكرات، فإنه لا يجوز لك مخالفة أمر زوجك، لأن طاعته واجبة عليك في المعروف.
والأفضل في كل هذا أن تنصحي زوجك بالمعروف دون تشنج أو عصبية، لقول الله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) [النحل:125] .
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 4149، 4180، 6063.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1423(13/12856)
حاولي الإصلاح، وإلا فطلب الطلاق صيانة لك
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا لم يكن هناك تفاهم بين الزوجة والزوج بل إن الزوج يعرض زوجته للاختلاط مع أصدقائه وهي ترفض ذلك وقد تعدى هذا الزوج على الزوجه بالضرب والإهانه ولقد كرهته الزوجه وتريد الطلاق نعم هناك أطفال ولكن الزوجه تريد الطلاق وذلك لكي تحمي نفسها من الوقوع في الحرام لأن هذا الزوج يهملها ولا يصونها في الفراش وأهلها يعتبرون الطلاق عار وأن عليها أن تدبر مصروفها إن هي أرادت الطلاق ,إضافة إلى أن هذا الزوج أيضا يقوم بقذف الزوجة في عرضها وهي شريفة , في الواقع هي كرهت هذا الزوج وتريد الطلاق ولكنها تفكر في الأطفال وأهلها ... فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز للمرأة طلب الطلاق إلا لعذر، وإذا كان الأمر كما ذكرت من أن زوجك يعرضك للاختلاط، ويهملك في الفراش، ويضربك من غير سبب ويهينك، فإن ذلك يبيح لك طلب الطلاق، ولكن قبل ذلك حاولي إصلاح الوضع معه بجلسة مصارحة، أو بتوسيط من له كلمة عليه حتى ينصحه، فإن لم يفد ذلك فلك طلب الطلاق، أما بالنسبة لأهلك فحاولي أن تقنعيهم بأن أمر الاختلاط خطير، وأنه يغضب الله، وأن هذا طعن في عرضهم، وأن الرزق على الله وأنه ما من نفس إلا ورزقها معها، فإن لم يقتنعوا فوسطي لهم من يقنعهم بذلك.
وراجعي الفتوى رقم 2019 والفتوى رقم 7981 نسأل الله أن يصلح حالك وان يختار لك ما فيه الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(13/12857)
كون الزوجة تسبق زوجها علما ووظيفة لا يسوغ الانفصال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الطلاق حرام في حالة اكتشاف عدم التكافؤ بين الزوجين؟ علما أن الزوج صغير السن وهي تكبره بأربع سنوات وتسبقه في العلم، والوظيفة، وهو لا يملك مقومات الزواج، والقوامة، أضف إلى ذلك اختلاف الثقافة فهي غير عربية. وشعرت بالخوف من عدم المقدرة على السيطرة على الأسرة في المستقبل؟ فهل الطلاق حرام أم حلال لتفادي أي مشكلات معقدة خاصة أنه لا يوجد أطفال إلى الآن؟ وأنا أمامي أكثر من أربع سنوات لأتمكن من كسب رزقي. هل أسرحها بإحسان لمنفعتي ومنفعتها في المستقبل خوفا من المشاكل والعقد النفسية التي قد أمر بها وتمر بها ويمر بها الأطفال بسبب عدم التكافؤ الذي لا أضمن حدوثه في القريب العاجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....أما بعد:
فكون زوجتك تسبقك علماً ووظيفة أو تكبرك سناً كل ذلك لا أثر له على الحياة الزوجية واستمرارها، وننصحك بعدم طلاقها بسبب ذلك إذا كانت ذات خلق ودين، إلا أن كانت هذه الفوارق مع فارق اللغة وفارق البلد لها تأثير ظاهر على العلاقة الزوجية بينكما بحيث يتعذر استمرارها، فلا حرج عليك حينئذ في طلاقها، ولعل الله يقدر لك خيراً منها، ويقدر لها خيراً منك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1423(13/12858)
الزوجة المصرة على وضع العطور عندما تخرج تجرى عليها أحكام النشوز
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي تحب أن تضع العطر (البرفان) خارج المنزل؟ فهل علي ذنب في ذلك مع العلم بأنني نصحتها كثيرا لدرجة المشاجرة؟ وهل علي أكثر من النصيحة؟ وإن لم تقبل النصيحة، ما المطلوب مني عمله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.... أما بعد:
فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: " والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا - يعني زانية " رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما.
فهذا الحديث كما هو واضح يبين لنا خطورة وضع المرأة للعطور خارج بيتها، وذلك لأنه يهيج شهوة الرجال حينما تمر بهم فينظرون إليها، والنظر إلى المرأة نوع من أنواع الزنا.
لذا فإنا نقول للسائل: لا يجوز لزوجتك أن تضع العطر خارج بيتها حيث يشم رائحته الرجال..كما لا يجوز لك أنت أن تتركها تخرج متعطرة، بل إن تركها تخرج على تلك الحالة هو من الدياثه المذمومة طبعاً، والمحرمة شرعاً، وهو خلق ينافي الرجولة والقوامة والمسئولية التي ميز الله بها الرجال وخصهم بها، فالواجب عليك منع زوجتك من الخروج متعطرة، فإن امتنعت فهي عاصية لربها، وعاصية لزوجها، وتجري عليها أحكام النشوز التي قد ذكر الله عز وجل علاجها في قوله: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ... ) [النساء:34]
وبهذا يعلم السائل أن النصيحة وحدها لا تبرئه من المسئولية التي أنيطت به - وراجع الجواب رقم:
1225.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1423(13/12859)
لا يسقط حق الزوجة والقيام بشؤونه حال الخلافات
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يكون هناك أي نوع من الخلافات أو المشاحنات بيني وبين زوجتي فما عليها إلا أن تتوقف عن كل شيء حتى خدمتي وخدمة أولادنا وتبدأ في ضرب الأولاد بدون داع وذلك لمضايقتي ما جزاء من يفعل ذلك؟ وما الحل في مثل تلك الأمور مع العلم بأنني تكلمت معها ونصحتها مراراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فخدمة الزوجة لزوجها واجبة، وقد سبق تفصيل هذا في الفتوى رقم: 13158.
وإذا وقع بينها وبين زوجها نزاع وخصام، فلا يسقط عنها هذا الواجب، ولا يبيح لها الاعتداء على أولادها بالضرب ونحوه لإغاظة زوجها، بل الواجب عليها هو القيام بما أوجب الله عليها من طاعة زوجها وتربية أولادها ونحو ذلك، وحل مشكلتها بغير هذه الطريقة التي هي في الحقيقة إشعال لها، وتوسيع لدائرتها.
وعليها أن تعلم أن ما تقوم به يعد نشوزاً على زوجها، وفي هذه الحالة ينبغي للزوج أن يحل المشكلة حسبما بينه الله تعالى بقوله: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً) [النساء:34-35] .
فيبدأ الزوج بوعظها وإرشادها وتذكيرها بالله تعالى وتخوفيها من سخطه وعقابه، فإن استمرت على نشوزها انتقل معها إلى مرحلة أخرى، وهي هجرها في المضجع بحيث يوليها ظهره ولا يطؤها، فإن استمرت على نشوزها فليضربها ضرباً غير مبرح، وهو الذي لا يكسر عظماً ولا يشين جارحة، فإن استمرت على نشوزها وسوء تصرفها، فإن شاء صبر عليها، وإن شاء طلقها، وإن شاء رفع أمرها للحاكم للنظر في القضية، أو يبعث حكمين: حكماً من أهله وحكماً من أهلها فينظران في القضية، ويحكمان فيها بالجمع أو التفريق حسبما يظهر لهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1423(13/12860)
إعراض الزوجة عن المعاشرة بدون ضرر عليها لا يسوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج ولدي طفلتان وزوجتي لاترغب في المعاشرة الجنسية وإن فعلتها فعلتها مضطرة وكل فترة يحدث بيننا خلاف بسبب هذا الموضوع وبعدها تلتزم معي فترة قصيرة وتعود ثانية لما كانت عليه مما يضطرني في بعض الأحيان ونظرا للشهوة الجنسية العادية أضطر إلى الاستمناء باليد للتخلص من شهوتي وبعد ذلك أندم على ذلك وأكررها بعد ذلك وأحيانا أفكر بأن أحرمها على نفسي بأن أقول لها أنت تحرمن علي وأحرم عليك إذا تمت بيننا معاشرة مرة ثانية فلا أدري ماذا أفعل وهل تفريغ الشهوة بهذه الطريقة حرام وهل زوجتي تعتبر آثمة على ذلك وهي أيضا ترفض زيارة الطبيبة لعرض حالتها عليها؟
الرجاء الرد عليّ سريعاً وعدم إهمال سؤالي وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على الزوجة أن تمكن زوجها من الاستمتاع بها كلما أراد ذلك على الوجه الذي أباحه الله، فإن لم تفعل من غير ضرر فإنها ناشز عاصية لربها، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح".
وعند ابن ماجه وأحمد وابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده! لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها عليها كله، حتى لو سألها نفسها وهي على قتب". وروى النسائي والترمذي عن طلق بن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا الرجل دعا زوجته لحاجته فلتأته، وإن كانت على التنور".
وإن لم تجد الزوجة رغبة في معاشرة زوجها فيلزمها مطاوعته في ذلك متى ما أراد، تحصيناً له عن الحرام، كما ينبغي عليها أن تذهب إلى الطبيبة المختصة لمعرفة الأسباب، ولا يجوز لك الاستمناء لمجرد أن زوجتك امتنعت من فراشك. وانظر حكم الاستمناء في الجواب رقم: 7170.
وعليك بنصحها ومعالجتها، وإلا فالحل يكمن في الزواج بأخرى مع إبقاء هذه الزوجة وإمساكها، مع الإحسان إليها ومعاشرتها بالمعروف ونصحها وتوجيهها إلى ما يصلح حالكما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(13/12861)
من عنده امرأة لا تصلي نصحها فإن أبت عاملها ضمن أية النشوز
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحد الأخوة متزوج من فتاة أوكرانية وهي أسلمت كما يقول ولكن لا تصلي ماذا يفعل معها؟ وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
الزواج أمر مقدر على الإنسان ونصيب مكتوب له، وهذا لا يعني أن عليه أن يفعل في شأنه ما وافق هواه بدون النظر في ما أمر الله بتحصيله في هذا الباب من الأوصاف المطلوبة في المرأة وأهمها أن تكون من ذوات العفة والدين.
وعلى كل فعلى هذا السائل أن يعلم هذه الفتاة أمور الدين، ويحثها على الصلاة ويبين لها أن الصلاة ركن ركين في الإسلام من تركها فقد كفر كما قال صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر " رواه أحمد وأبو داوود. فإن نجح في ذلك فبها ونعمت وإلا فليبدأ معها العلاج الذي أرشدنا الله إليه في التعامل مع النواشز من النساء وهو كالتالي:
أ- الموعظة فإن لم تجد فـ
ب- الهجران في المضجع بأن يوليها ظهره وينام فإن لم يجد.
ج- ضربها ضرباً غير مبرح لا يكسر عظما ولا يشين جارحه، قال تعالى: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً) [النساء: 34] . وهذا مقيد بما إذا لم يؤد إلى مفسدة أعظم منه، فإن أدى إليها فليس أمام هذا الرجل من خيار إلاّ أن يفارق هذه المرأة لأن مفسدة البقاء معها وهي لا تصلي - مع إقرارها بأنها مسلمة - أعظم من المفسدة التي قد تترتب على فراقها، فدين المرء رأس ماله ولله در القائل:
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... إذا أبقت الدنيا على المرء دينه ... فما فاته منها فليس بطائل
نسأل الله تعالى أن يوقنا جميعاً لما يحب ويرضى إنه سميع الدعاء.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1422(13/12862)
الحقوق الواجبة على الزوجين تجاه بعضهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في زوجة تركت بيت زوجها وذهبت إلى بيت أولادها منذ عشر سنوات، علماً بأن زوجها لم يسأل عنها وكان مقصراً في جميع حقوقها، فما الحكم من الناحية الشرعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن الله جل وعلا قد افترض للزوج على زوجته أموراً وافترض لها أموراً، قال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة) .
ومما افترض لها على زوجها نفقتها وكسوتها بالمعروف ومعاشرتها بالمعروف، ومما افترض له عليها: أن تطيعه في المعروف وألا تخرج من بيته إلا بإذنه، وأن تحفظه إذا غاب في ماله وفي نفسها، وأن لا تدخل بيته من لا يرغب هو في دخوله له … الخ.
فإذا وفى كل من الزوجين بما عليه من حقوق انعدمت المشاكل بينهما أو كادت، وإذا قصر أحدهما في حق الآخر، فالذي ينبغي للآخر فعله هو أن يذكره بالله وبما افترض عليه تجاه الطرف الآخر كما ينبغي له ألا يحمله ما يقع منه من تقصير في بعض الجوانب على تجاهل ماله من حسنات، فإن استقامت الأمور فحسن وإلا فإن كان التقصير من المرأة، فقد شرع جل وعلا لزوجها سبيلاً إلى التعامل مع هذا التقصير وهو سبيل مرتب على خطوات لا يجوز أن يؤتى بواحدة منها قبل استنفاد الوسع في الخطوة التي قبلها وهي:
1 - الوعظ
2 - الهجران في المضجع بأن يوليها ظهره وينام.
3 - الضرب غير المبرح الذي لا يكسر عظماً ولا يشين جارحة.
قال تعالى: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن … الخ) . [الآية] .
وإن كان التقصير من جانب الزوج فللمرأة أن ترفع أمرها إلى المحاكم الشرعية - إن وجدت - وإلا فإلى أهل العلم والصلاح من جماعة المسلمين في البلد الذي هي فيه.
أما أن تلجأ هي إلى هجران البيت وأن يلجأ هو إلى أسلوب المضايقة وعدم المبالاة، فهذا ما لا يقره شرعنا الحنيف، فعلى الكل أن يتوب إلى الله جل وعلا، فتعود هي إلى بيت زوجها في أسرع وقت قبل أن يهاجمها الموت وهي على حال لا يرضى الله جل وعلا وعليه هو أن يقلع عن مضايقتها والتعسف في معاملتها والاعتداء على حقوقها أو يفارقها إذا رأى أن استمرار العلاقة معها قد وصل إلى طريق مسدود، فالله جل وعلا يقول: (فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا * ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه * ولا تتخذوا آيات الله هزواً) . [البقرة: 231] .
هذا هو الحل فيما نرى، والعلم عند الله.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/12863)
ضرب الزوجة جائز إذا كان هناك مسوغ شرعي مع عدم تجاوز ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم ضرب الزوجة؟ وهل هناك حالات يعتبر فيها هذا جائزا؟ الرجاء إيراد الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة بهذا الخصوص وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المعلوم أن الله ـ جل وعلا ـ قد شرع من أحكامه، وسن من معاملاته، ما يكفل للعباد تحقيق كافة مصالحهم على وجه التمام، في جميع أمورهم وأحوالهم. ولا ريب أن من أعظم ما أولاه الشرع عنايته، وصرف له رعايته، حفظ رابطة الزوجية التي تجمع شمل الزوجين، وتضم أنفاسهما في ظلال بيت واحد. فقد أحاطت الشريعة المطهرة هذا الصرح (صرح الزوجية) أحاطته بسور من الأحكام التي ترسي دعائمه، وتقيم بنيانه على وجه الكمال والتمام. وهذا في غاية الوضوح والبيان لمن كان له أدنى اطلاع على علل الأحكام، وأسرار التشريع والإبرام. وبالجملة، فإن قاعدة الشرع الثابتة هي: "جلب المصالح للعباد وتكميلها، ودرء المفاسد عنهم وتقليلها". إذا علم هذا، فليعلم أن الأحكام الشرعية قد تطرقت إلى حال الشقاق والخلاف إذا طرأ بين الزوجين، وقسمتها إلى أحوال، فنأخذ منها الحالة التي ورد السؤال عنها، ألا وهي "حكم ضرب الزوجة، وهل هناك حالة يجوز فيها ذلك؟.
والجواب: أن الله جل وعلا قد حرم على كلا الزوجين ـ بل على عموم الخلق ـ الظلم والتعدي، ولا ريب أن في ضرب الزوجة بلا مسوغ شرعي أذية لها، واعتداء على حقها، فإن من حقوقها المعاملة والمعاشرة بالمعروف قال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) [البقرة:228] وقال جل وعلا: (وعاشروهن بالمعروف) [النساء:19] . وقد حرم الله جل وعلا إبقاء الزوجة في العصمة بقصد إذايتها ومضارتها، وسمى ذلك اعتداءً وظلماً، قال جل وعلا: (ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا، ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه) [البقرة: 231] وقد ثبت مرفوعا إلى النبي صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: "لا ضرر ولا ضرار" أخرجه الإمام أحمد في مسنده وهو أيضا في سنن الدارقطني.
وعليه فضرب الزوجة بلا مسوغ من الاعتداء والظلم الذي لا يجوز، وقد ثبت عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قال فيما يرويه عن ربه جل وعلا: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا" أخرجه مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه. إذا ثبت هذا فإنه مما ينبغي أن يعرف أن هنالك حالات يسوغ فيها مثل هذا الفعل، ولكن مع مراعاة الضوابط الشرعية في ذلك. فقد نص الله جل وعلا في كتابه العزيز أن ذلك يسوغ إذا خرجت الزوجة عن طوع زوجها بلا مسوغ لها في ذلك. فمن المقرر أن طاعة الزوجة زوجها من الواجبات المتحتمات المقررة في الكتاب والسنة وبإجماع أهل العلم بالملة، فإن خرجت الزوجة عن طوع زوجها تمردا وعصيانا بلا مسوغ، فقد شرع الله ـ جل وعلا ـ علاج ذلك بجملة أمور.
أولها: النصح والإرشاد، بأن يعظ الزوج زوجته ويبين لها وجوب طاعته، وما افترضه الله عليها وعليه من الحقوق، مترفقا بها تارة، وزاجراً لها أخرى بحسب المقام والأحوال. فإن تعذر ذلك لعدم استجابتها انتقل إلى الخطوة الثانية، ألا وهي الهجر، فيسوغ له عند تعذر الأمر الأول أن يهجرها في الفراش، إظهاراً لها منه بعدم الرضا عنها، والاستياء من معاملتها.
فإن استوفى الزوج هاتين الخطوتين، وبذل وسعه في ذلك ولم ينصلح الأمر، جاز له أن يضربها تأديباً لها مراعيا جملة أمور في ذلك:
أـ أن لا يكون الضرب مبرحا، أي شديداً، بل يكون على وجه التأديب والتأنيب ضرباً غير ذي إذاية شديدة.
ب ـ أن لا يضربها على وجهها.
ج ـ أن لا يشتمها بالتقبيح.
د ـ أن يستصحب أثناء هذه المعاملة، أن القصد حصول المقصود من صلاح الزوجة وطاعتها زوجها، لا أن يكون قصده الثأر والانتقام.
هـ ـ أن يكف عن هذه المعاملة عند حصول المقصود.
والأصل في كل ما قدمناه قوله ـ عزَّ من قائل ـ (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم، فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله، واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجرون في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان عليا كبيراً) [النساء:34] . وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع: "ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضربا غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً، ألا إن لكم على نساءكم حقا ولنسائكم عليكم حقا ... الحديث) أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. وخرج الإمام أبوداود في سننه من حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه قال: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت". وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة الجياد، ولا بد من الإشارة إلى أنه ينبغي لكلا الزوجين مراعاة جانب الرأفة والرحمة كلاً مع الآخر، وأن يتجنبنا الجنوح إلى هذه الحالة ما استطاعا إلى ذلك سبيلاً. وأيضا فإنه مما يعين على ذلك التغاضي عن بعض الأخطاء التي لا تخل بأمور الشرع، ولو أن كلا الزوجين تدارسا طرفا من الهدي النبوي في ذلك لكان حسنا، كباب حق الزوج على المرأة، وباب الوصية بالنساء من كتاب رياض الصالحين، جعلنا الله جميعاً من عباده الصالحين. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1421(13/12864)
كيفية الهجر عند نشوز الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[في كثير من الأحيان يكون الزوج غاضبا من زوجته، ولا يطيق النوم معها لبعض المشاكل بينه وبينها، ويزيد الأمر أن الرجل فيه حدة وقوة غضب، ومن طبيعة هذا الرجل أنه ليس بسريع الرجعة بعد غضبه، وخاصة في تكرر الخطأ من الزوجة كثيرا، فيكره هذا الزوج النوم مع زوجته بل يكره أن ينام معها في غرفة واحدة، ويكون ذلك ثقيلا عليه، بل يكره أن تأتي الزوجة لترضيته، ومن طبيعته أنه يرى أن الترضية تأتي تدريجيا بأن تكون المرأة طبيعية في التصرف وتصحح أخطاءها، لا أن تكون الترضية بالاعتذار المباشر وتبقى المرأة على خطئها، ولذا سؤالي: هل يكون آثما إذا نام عنها في غرفة أخرى، ولو كان ذلك لأكثر من ثلاث ليالٍ، فأرجو بيان هذا الأمر بوضوح، وبيان حد الهجر وضوابطه، وتنزل الفتوى على هذه الحالة بشكل دقيق، مع رجائي أن لا تكون الفتوى فيها تعميم لا ينطبق على هذه الحالة.. ولكم شكري على تقبلكم سؤالي وعلى جهدكم العظيم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
هجر الزوجة لا يجوز إلا عند تأديبها على نشوزها، ويكون هجرها في المضجع نفسه فلا يطؤها، وليولها زوجها ظهره، ولا يهجرها بترك الكلام معها، وما ذكرناه من الهجر في المضجع نفسه هو الأولى، وأما الهجر بالنوم في غرفة أخرى فهو جائز فلا يلحق الزوج منه إثم، وإن كان الأولى عدمه لغير سبب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصح به هذا الزوج أولا أن يحذر الغضب عملا بوصية رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وعليه أن يتبع ما أرشد إليه الشرع في علاج الغضب وهو مبين بالفتوى رقم: 8038، وينبغي لهذا الزوج أن يجاهد نفسه في التحلي بالحلم قدر الإمكان، فلعل الله يرزقه هذا الخلق الحميد، روى الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، من يتحرالخير يعطه، ومن يتق الشر يوقه. وهو حديث حسن.
وأما هجر الزوجة فلا يجوز إلا عند تأديبها على نشوزها، ويكون هجرها في المضجع نفسه فلا يطؤها، وليولها ظهره، ولا يهجرها بترك الكلام معها، وما ذكرناه من الهجر في المضجع نفسه هو الأولى، وأما الهجر بالنوم في غرفة أخرى فهو جائز فلا يلحق الزوج منه إثم، وهذا ما يفهم من الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولا تهجر إلا في البيت. والمعنى: لا تتحول عنها أو لا تحولها إلى دار أخرى. كما ذكر صاحب كتاب عون المعبود وهو في شرح سنن أبي داود، وتراجع لبعض التفاصيل الفتوى رقم: 62239.
وينبغي أن يعلم أن الهجر ليس بالخطوة الأولى في علاج النشوز كما بينا بالفتوى رقم: 80612. ولا يتحدد هذا النوع من الهجر بثلاث ليال، وراجع في الهجر وضوابطه الفتوى رقم 7119.
وينبغي للزوج قبول اعتذار زوجته ما أمكن، فذلك من حسن الخلق، وراجع الفتوى رقم: 80697. وعلى الزوجة إذا اعتذرت عن خطئها أن تجتهد في عدم الرجوع إليه مرة أخرى، وأما إذا استهانت بالأمر وتكرر منها العود للخطأ بعد الاعتذار فلا يقبل منها ذلك.
والله أعلم.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1428(13/12865)
متى تعتبر المرأة ناشزا
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يستطيع الزوج أن يثبت أن زوجته ناشز، وما الحقوق التي لها أن تطالب بها في حال خروجها من بيت الزوجية دون إذن الزوج؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا خرجت المرأة عن طاعة زوجها فيما يجب عليها طاعته فيه كانت امرأة ناشزاً، وإذا ثبت نشوز المرأة فإنه يسقط حقها في النفقة والسكنى ما دامت ناشزاً، ولا يمنعها ذلك من أن تطالب بحقها من المهر الذي حل أجله ونحو ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة إذا خرجت عن طاعة زوجها فيما يجب عليها طاعته فيه كانت امرأة ناشزاً، وقد بينا معنى النشوز بياناً شافياً في الفتوى رقم: 1103 فراجعها.
والمرأة إذا خرجت من بيت زوجها لأمر لها منه بد كانت ناشزاً، بخلاف ما إذا خرجت لأمر لا بد منه فلا تعتبر ناشزاً، ولمزيد الفائدة بهذا الخصوص يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 30463.
وإذا ثبت نشوز المرأة فإنه يسقط حقها في النفقة والسكنى ما دامت ناشزاً، ولا يمنعها ذلك من أن تطالب بحقها من المهر الذي حل أجله، وراجع الفتوى رقم: 102135.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1428(13/12866)
النشوز: استخفاف المرأة بزوجها وعصيانه
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، السؤال هو: ماهو نشوز المرأة، ومتى نطلق هذه الكلمة عليها. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فنشوز النساء هو: استعلاؤهن على أزواجهن وارتفاعهن وعصيانهن، وعدم طاعتهن، فيما تلزم طاعتهم فيه، بغضا منهن وإعراضا عنهم. وأصل النشوز: الارتفاع ومنه قيل للمكان المرتفع من الأرض نشز ونشاز وتطلق هذه الكلمة على المرأة إذا كانت مخالفة لزوجها فيما يأمرها به، وكانت معرضة عنه غير طائعة له مستعلية عليه، مستخفة بحقه. ومن النشوز أذنها في بيته لمن يكرهه وخروجها من البيت بغير إذنه وصور النشوز كثيرة وضابطها أنها كل أمر ترتكبه الزوجة على غير رضى من زوجها بشرط أن لا يكون الشارع قد أمرها به أو أذن لها فيه. والواجب في هذا أن يذكرها زوجها بالله ويخوفها وعيده لارتكابها ما حرم الله جل وعلا عليها من معصية زوجها، فإن لم يجد معها ذلك فليهجرها في المضجع، فإن لم يصلحها ذلك فله أن يضربها ضربا غير مبرح، قال الله تعالى: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجرون في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان عليا كبيراً) . [النساء: 34] .
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1422(13/12867)
لا يعاشرها زوجها من سنوات طويلة ولا ينفق عليها سوى الطعام
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي هاجرني لمدة 10 سنوات، ولا يجامعني نهائيا، حاولت معه ولكنه رفض. منهم من يقول إني أعتبر طالقا منه، ومنهم من يقول غير ذلك. فما الحكم أفيدوني مع الشكر. مع العلم أنه لا يقوم بالإنفاق علي إلا فقط بإحضار الطعام وهو بخيل في ذلك أيضا. أريد الطلاق منه، ولكن لأن سني47 سنة، ينصحني بالبقاء معه مع أنني لم أنجب إلا بنتا واحدة، وهي متزوجة الآن، وأعيش بفراغ قاتل أخاف على نفسي من الوقوع في الحرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان زوجك على ما ذكرتِ من الهجر والتفريط في حقك في النفقة والمعاشرة ونحوهما فهو آثم والعياذ بالله تعالى، فإن الجماع بقدر الحاجة حق للزوجة على زوجها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: ويجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف، وهو من أوكد حقها عليه أعظم من إطعامها. والوطء الواجب قيل: إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة. وقيل بقدر حاجتها وقدرته، كما يطعمها بقدر حاجتها وقدرته، وهذا أصح القولين. انتهى.
كما يجب للزوجة النفقة بقدر الكفاية إضافة إلى الكسوة ونحوها ولا يجوز التفريط في ذلك.
وبناء على ما تقدم فانصحي زوجك وذكريه بحرمة ما هو عليه من تضييع حقوقك، فإن لم يفد ذلك فلك أن ترفعي أمرك للمحكمة الشرعية لاستدعاء زوجك، فإما أن يعاشرك بالمعروف ويؤدي حقوقك، وإما أن يطلقك أو تقضي لك المحكمة بالطلاق إن أردته. وراجعي الفتوى رقم: 31884.
ولا يقع الطلاق بمجرد تفريط الزوج في الحقوق الواجبة عليه من جماع ونفقة وغيرهما؛ لأن الطلاق لا يقع إلا بالتلفظ به أو بحكم شرعي. وراجعي الفتوى رقم: 20822، والفتوى رقم: 27852.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1430(13/12868)