حكمة كون الصداق على الرجل لزوجته لا العكس
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا أوجب الله على الرجال للنساء المهر ثمن الاستمتاع بهن ولم يوجب على النساء مع أن النساء يستمتعن بهم أيضا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب أكثر أهل العلم إلى أن الصداق حق يدفعه الرجل للمرأة مقابل استباحة بضعها، قال صاحب بدائع الصنائع: والنكاح معاوضة البضع بالمال. ويشهد له حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها. رواه الترمذي. بل إن من العلماء من قال إن مجرد التلذذ في النكاح الفاسد تعاض فيه المرأة المتلذذ بها، قال خليل بن إسحاق المالكي: وتعاض المتلذذ بها. قال الخرشي في شرحه لهذه الفقرة" يعني أن النكاح الفاسد إذا فسخ بعد أن تلذذ من المرأة بشيء دون الوطء فإنها تعطى شيئا وجوبا بحسب ما يراه الإمام من غير تقدير. اهـ. أما المرأة فلا يلزمها مقابل متعتها به. وذلك لأن استمتاعها جاء تبعا لاستمتاع الرجل وحقه في الاستمتاع واجب عليها عندما يطلب منها ذلك مالم يكن بها عذر من مرض أو حيض أو نفاس، ودليل هذا الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح. ولتأكيد هذا الحق حرم الإسلام على المرأة التطوع في العبادات وزوجها حاضر إلا بإذنه. ففي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه. ونص العلماء أن التطوع في الصلاة والحج مثل التطوع في الصوم. وليس الرجل في هذا مثل المرأة بل يحق له الامتناع عن الفراش إذا دعته زوجته مالم يصل به الأمر إلى حد الإضرار، وقدر ذلك بما فوق ثلاثة أيام، كما قضى بذلك كعب بحضرة عمر بن الخطاب رضي الله في الرجل الذي جاءت زوجته تشكو هجره لفراشها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1426(13/6573)
كيفية احتساب الصداق القديم زمنه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد توفي والدي منذ 6 أشهر، ومنذ يومين سألني أحد الأصدقاء إذا تم إعطاء والدتي مؤخر عقد زواجها من والدي، فهل يتوجب دفع هذا المبلغ لوالدتي وكيف يتم احتسابه على أيامنا حيث إن العقد مضى عليه أكثر من 40 عاما؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مؤخر الصداق يعتبر من الدين الذي في ذمة الزوج، فإذا توفي قبل أدائه فإنه يبدأ في إخراجه من عموم تركته كسائر الديون التي عليه قبل الوصية، فما بقي بعد الدين والوصية يقسم على الورثة، كما قال الله تعالى: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:11} ، ولا يسقط ذلك حقها من التركة إن كانت وارثة.
وأما كيفية حسابه فإن كان عيناً (نقوداً) أعطي من التركة إن كان هذا النوع من النقود لا يزال موجودا ولو تغيرت قيمته، فإن كان هذا النوع مفقودا بحيث لم يعد الناس يتعاملون به أعطيت قيمته في آخر يوم فقد فيه، ونرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 6236.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1426(13/6574)
تقليل المهر أفضل من المغالاه فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرفت على فتاة طيبة وذات دين وخلق فصليت صلاة الاستخارة وقابلت والدها وطلبتها منه للزواج، ولكن والدها طلب مني مهرا للزواج كبير بالنسبة لي فابتعدت عنهم، علما بأن الفتاة تحبني كثيراً وأنا لا أدرى أحبها أم لا، فأنا لا أراها على قدر كبير من الجمال، فهل إذا فررت بعد ما تعلقت هي بي والناس عرفت أنى سأخطبها فسيكون ذلك تضيع فرصة من الله سبحانه قد من علي بها من زوجة صالحة فلا أوفق بزوجة صالحة مثلها بعد ذلك أم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان الأولى بأبي هذه الفتاة أن يقبل بك زوجاً لابنته إذا كنت كفؤاً لها، متصفاً بالدين والخلق الحميد، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. رواه الترمذي.
وليعلم والد هذه الفتاة أن تقليل المهر أفضل من المغالاه فيه لموافقته هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم وهدي صحابته الكرام، كما هو مبين في الفتوى رقم: 24743.
وعلى كل فإن استطعت إقناع والد هذه الفتاة بترك هذا الشرط وتنبيهه إلى أن المال عرض زائل فهذا أمر طيب، وذلك حرصاً على الزواج من تلك الفتاة المتدينة، فإن لم يقبل فلعل الله تعالى أراد بك خيراً منها وأفضل، ولا شك أنك إن بحثت ستجد إن شاء الله تعالى، فالأمة لا تخلو من صالحات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1426(13/6575)
هل يصح الصداق بالحج أو العمرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب وعمري 25 سنة وخاطب (عقد قران عن طريق شيخ) وبعد التعب الشديد في فترة الخطبة أريد فسخ القران والمهر هو (المقدم والمؤخر: ليرة فضة ومصحف وعمرة وحجة, المتقدم: ليرة فضة ومصحف وعمرة, والمؤخر: الحج إلى بيت الله الحرام) وأنا قدمت لها من الذهب ما يقدر بـ 37000 ليرة سورية وهدايا حتى يقارب إلى 50000 ليرة (الذهب + الهدايا أي خمسون ألف ليرة سورية 9 وأنا لا أحب أن أطلق ولها في ذمتي شيء فماذا نحكم لها أريد أن أعرف هل إذا سامحتها بالذهب والهدايا أكون قد أخلصت ذمتي في الله ولا أظلمها معي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في جواز صحة الصداق بالحج أو العمرة حيث ذهبت طائفة إلى المنع.
قال ابن قدامة في المغني: ولو نكحها على أن يحج بها لم تصح التسمية وبهذا قال الشافعي.
وقال خليل بن إسحاق المالكي: وفي منعه بمنافع أو تعليمها قرآنا أو إحجاجها ويرجع بقيمة عمله للفسخ وكراهته كالمغالاة فيه قولان.
لكن إن وقع كان للزوجة مهر المثل على ما ذهب إليه ابن قدامة في المغني.
وبناء على هذا، فإنه يلغى اعتبارهما ويرجع إلى تحديد الصداق بصداق مثيلات هذه المرأة فيتقرر عليك، فإن طلقتها قبل الدخول أو نحوه استحقت عليك نصف الصداق، ويحسب منه ما دفعت إليها من مقدم (ليرة) والهدايا التي دفعت لها إن اعتبرت جزءا من الصداق، فإن كان الجميع يصل نصف صداقه فقد أخذت هذه المرأة حقها، وإن كان فوق ذلك رجعت عليها بما زاد، وإن كان أقل من نصفه أتممت لها حتى تبلغ نصف الصداق.
ولمعرفة حكم الهدايا راجع الفتوى رقم: 10560.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1426(13/6576)
المهر يستقر على الزوج بالخلوة بعد العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على جهودكم. يا شيخ تتلخص مشكلتي أني تزوجت من 3 شهور تقريبا ومنذ ثالث يوم من زواجي وزوجتي ترفض القرب مني ولا تحب أن تكون معي وبعد إلحاح لمعرفة السبب قالت بأنها مسحورة وأنها لا ترغب بأن تكون معي فهل يا شيخ يحق لي استرجاع المهر كاملاً؟ خاصة وأن الرفض منها وأنا حاولت أن أحل المشكلة لكن من دون أي نتيجة وللتنويه كان فيه خلوة لكن ما تم الدخول.
وجزاكم الله خيرا يا شيخ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه بمجرد تمام العقد الصحيح على المرأة تصير بذلك زوجة لمن عقد عليها، فيجب عليها طاعته فيما يأمرها به من معروف، وخاصة إذا تعلق الأمر بأمور الاستمتاع، فإن أبت فهي عاصية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح. رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ويستثنى من هذا إن كان عند المرأة عذر مسوغ لذلك كالمرض أو نحوه.
وعلى هذا، فإن كان ما ادعته هذه المرأة صحيحاً، وكان يمنعها من تلبية رغبتك فهي معذورة، ولك أن تستعين بالطرق الشرعية لحل هذا السحر، وراجع الفتوى رقم: 5252.
فإن حلت المشكلة فاحمد ربك على ذلك وإلا فلا حرج في طلاقها، ويجب عليها أن تعتد، ولها عليك الصداق كاملاً لوجود الخلوة الشرعية، لأنها تعتبر في حكم الوطء قال الخرقي: وإذا خلا بها بعد العقد فقال لم أطأها وصدقته لم يلتفت إلى قولهما، وكان حكمهما حكم الدخول في جميع أمورها إلا في الرجوع إلى زوج طلقها ثلاثاً.
قال شارحه ابن قدامة: الرجل إذا خلا بامرأته بعد العقد الصحيح استقر عليه مهرها، ووجبت عليها العدة وإن لم يطأ.
وراجع الفتوى رقم: 1054.
ولك أن تمتنع من طلاقها حتى تعوضك ما دام طلب الطلاق أو الامتناع جاء من قبلها لغير ضرر منك لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1426(13/6577)
المهر في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي تفصيلات تطورات المهر في الإسلام من عهد النبي إلى وقتنا الحاضر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على هذا السؤال بالفتوى رقم: 62888.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1426(13/6578)
المهر في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي تفصيلات تطورات المهر في الإسلام، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمهر لغة: الصداق، قال في لسان العرب: والجمع مهور، وشرعاً عرفه الفقهاء بأنه (المال الملتزم للمخطوبة لملك عصمتها) ، وقد اتفق الفقهاء على أنه لا حد لأكثره لقول الحق سبحانه: وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا {النساء:20} ، وإنما اختلف الفقهاء في أقله، فمنهم من ذهب إلى أن أقل الصداق يتقدر بما تقطع فيه يد السارق، وإلى هذا ذهب الحنفية والمالكية، وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه لا حد لأقله.
والصداق يشترط فيه ما يشترط في الثمن من الطهارة والانتفاع والقدرة على التسليم والمعلومية، وقد أجاز أهل العلم أن يكون المهر معجلاً كله أو مؤجلاً كله أو بعضه معجلاً والبعض الآخر مؤجل، فإن كنت تقصد بالتطورات هذا الذي ذكرنا فهو كما قلنا، وإن عنيت به شيئاً آخر فالرجاء توضيحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1426(13/6579)
الترغيب في تخفيف المهر
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم لخطبتي شاب حالته المادية معتدلة وتنازل والدي عن كافة متطلبات الزواج المعتادة إلا أنه طلب منه مؤخر صداق وصل إلى 30000 جنيه مصري وهذا من وجهة نظر الشاب خارج إمكانياته، فهل يجوز المغالاة في ذلك بالرغم من تنازل والدي عن المهر أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أنه لا حد لأكثر الصداق، لقول الحق سبحانه: وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا {النساء:20} .
إلا أن الأولى تخفيف المهر وعدم المغالاة فيه للأحاديث الواردة في الترغيب في ذلك، ففي مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها.
وفي حديث آخر: أن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة. رواه الإمام أحمد.
وبما أن مؤخر الصداق من جملة الصداق فينبغي تقليله، وهذا ما ندعو أباك إليه لما في ذلك من الخير، زيادة على أنه جالب للمودة بين الرجل وأهل زوجته بخلاف المغالاة فإنها عامل كراهة وبغض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1426(13/6580)
مسائل تتعلق بالمهر
[السُّؤَالُ]
ـ[عقدت على زوجتي بحضور الإمام وولي الأمر والشهود، في كتابة العقد سألني الإمام كم يوجد من الذهب قلت له بالتقريب ثم قال كم أكتب من المبلغ قلت لا أعلم فكتب 20000 هذا وللعلم ولي الأمر لم يطلب أي شيء وعندما قلت لزوجتي علي المال قالت لا أريد أي شيء سؤالي هل الذهب يعتبر مهرا؟ وهل علي أن أعطي ذلك المبلغ لزوجتي؟ وهل نكاحي صحيح؟ شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤال الأخ كما فهمناه هو هل ما كتب في العقد من مبلغ – هذا المبلغ هو تحديد لقيمة الذهب بالتقريب – يعتبر مهرا واجبا على الزوج إعطاؤه للمرأة؟ وهل النكاح صحيح؟
الجواب
أما النكاح فصحيح لتوفر شروط صحته من ولي وشاهدين إلخ
وأما المهر فلا يشترط ذكر هـ في العقد ويصح النكاح بدون تحديده، إلا أنه يجب لها مهر المثل، أما ما كتب في العقد من مبلغ إن كان اتفق على كونه مهرا فيجب إعطاؤه للمرأة، وإن كان كتبه كاتب العقد كأمر شكلي أو رسمي وليس هو المتفق على كونه مهرا، فلا يكون مهرا ويلزمه مهر المثل
وإذا تنازلت المرأة عن المهر سقط عن الزوج، لقول الله تعالى: وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [النساء:4] .
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 18175.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1426(13/6581)
الملابس والحاجات الخاصة بالعروس هل هي من ضمن المهر
[السُّؤَالُ]
ـ[عقد عقراني على شاب مبتدئ ولم يدفع لي مؤخرا ولا مقدما وتم وضع في عقد القران ليرة ذهبية كمقدم ومؤخر وعندما طالبه والدي بتجهيزي وذلك بشراء بعض الملابس والحاجات الخاصة بالعروس لم يعجبه طلب والدي مع العلم أننا تمت الخلوة بيننا وتم الدخول قبل الزواج فما النصيحة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الدخول تم بعد العقد المستوفي الشروط والأركان وقبل الزفاف فهو زوجك، وكان الأولى أن لا يحدث الدخول إلا بعد الزفاف لما في الدخول قبل ذلك من إشكالات تلحق العاقدين والأسرة، ونصيحتنا لكم أن تيسروا الأمر وتتسامحوا في أمر الكسوة وما إلى ذلك، فإن هذه أمور تهون وتسهل إذا نظرنا إلى الزواج والحياة الزوجية أنها حياة مبنية على الرحمة والمحبة والعطف، وأما الملابس والحاجات الخاصة بالعروس فهل تلزم الزوج أم لا؟ نقول: إن كان الاتفاق أن على الرجل دفع المهر الذي هو ليرة ذهبية فقط وليس عليه شيء آخر فلا يلزمه شراء كسوة ولا غيرها سوى الكسوة والنفقة التي تجب للزوجة بعد التمكين، أما إن كان العرف أن هذه الكسوة وتكاليف العرس على الزوج زائدة على المهر فيلزمه دفعها، مع أننا ننصح الزوج ـ على افتراض أن هذه الأمور لا تلزمه ـ إن كان ميسورا أن لايبخل بها، وفقكم الله لطاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1426(13/6582)
المهر المقدم والمؤخر والشبكة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين الشبكة والمقدم والمؤخر والمهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا ما هو المقصود بالمهر في الفتوى رقم: 61455.
وقد نص أهل العلم على أنه يجوز تقديمه جميعاً عند العقد أو تأخيره عنه إلى أجل معلوم، أو تقديم بعضه وتأخير البعض الآخر ويسمى مؤخراً.
أما الشبكة فقد تكون هدية وقد تكون جزءاً من الصداق، ولمعرفة حكمها نحيلك على الفتوى رقم: 17989.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1426(13/6583)
المهر والحقوق الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا المهر وما هو المؤخر؟ وما هي أصول المعاملة التي يجب أن أعامل بها زوجتي؟
وما هي حدود طاعة الزوجة, كيف يجب أن أعاملها, وماذا إن طلبتها إلى الفراش فرفضت؟
أرجو تزويدي بكل المعلومات, لأني تزوجت حديثا وأقيم في كندا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمهر كما في الموسوعة الفقهية: هو المال الذي تستحقه الزوجة على زوجها بالعقد عليها أو بالدخول بها. وهو حق واجب للمرأة على الرجل عطية من الله تعالى مبتدأة , أو هدية أوجبها على الرجل بقوله تعالى: وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً {النساء: 4} إظهارا لخطر هذا العقد ومكانته , وإعزازا للمرأة وإكراما لها. والمهر ليس شرطا في عقد الزواج ولا ركنا عند جمهور الفقهاء , وإنما هو أثر من آثاره المترتبة عليه , فإذا تم العقد بدون ذكر مهر صح باتفاق الجمهور لقوله تعالى: لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً {البقرة: 236} فإباحة الطلاق قبل المسيس وقبل فرض صداق يدل على جواز عدم تسمية المهر في العقد. ولكن يستحب أن لا يعرى النكاح عن تسمية الصداق , لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزوج بناته وغيرهن , ويتزوج ولم يكن يخلي النكاح من صداق.اهـ
وإذا علم ما هو المهر فما أخر منه بعد الدخول فهو الذي يسمى المهر المؤخر ويكون دينا في ذمة الرجل.
وحقوق الزوجين سبق ذكرها في الفتوى رقم 27662.
وحدود طاعة الزوجة لزوجها سبق بيانها في الفتوى رقم 31919.
ولا يجوز للزوجة أن تمتنع عن فراش زوجها إلا لعذر حسي كمرض أو شرعي كحيض ونفاس وانظر الفتوى رقم 23496 والفتوى رقم 14121 والفتوى رقم: 34857
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1426(13/6584)
إذا أنكر الزوج الصداق ولا بينه للمرأة.
[السُّؤَالُ]
ـ[الشيوخ الأفاضل: لقد بعثت إليكم بأسئلة بالفرنسية وكان رقمها 142353 ولكنني عندما تصفحت بنك الفتاوى لم أجد بتاتا لا السؤال ولا الفتوى وبالتالي فإنني أبعث أسئلتي من جديد:
1ـ فيما يخص مؤخر الصداق؛ تقدم لخطبتي شاب أمازيغي يصغرني بسنتين, رفضتني أمه في البداية لأنني عربية لكن فيما بعد اتضح لي أنها شديدة التعلق به وبعد 7 أشهر من الاستخارة والدعاء استجابت والدته ولكن كان ظاهريا, التقيت مع الشاب من أجل الاتفاق على المهر وكان اتفاقنا كما يلي: أنه يعينني في شراء بعض الجهاز من ألبسة تقليدية لارتدائها يوم العرس، أن يحضر يوم الخطوبة مصحفا وطقما ذهبيا فيما بعد أي كمؤخر صداق، ولكنني أتفاجأ به لم يشتر لي أي شيء سوى حذائين وبعض المنشفات ولم يحضروا لي أي طقم يوم العرس.. أشير أنني والخاطب في فترة الخطوبة خرجنا لشراء بعض اللوازم ولم يساهم إلا بحذائين وبعض المنشفات واخترنا طقما ذهبيا قيمته 23000,00 دج، ولكنني أجده يرفض شراءه لي مدعيا أنه لم يحمل المبلغ اللازم قلت له نعطي البائع عربونا ونكمل الباقي فيما بعد، ولكنه يرفض بل قال لي: والله يا حبيبة سأشتريه لك بعد العرس لأنني أنا من سيعمل العرس بمفردي؛ عذرته لأنني كنت أثق فيه ثقة عمياء فهو متدين ويخاف الله إذا لا يخدع؛ وفي الشهر الأول أجد أخت زوجي تخبرني أن الأم تعاملني معاملة سيئة لأنها تكرهني وأنها تنوي تزويج زوجي بمن تختارها له؛ حتى وأنه متزوج إذا شمت رائحة مرة في الطريق وتوالت الأشهر وبالضبط الـ4 أجد أبا الزوج بأمر من زوجته يقول لي يا كلبة اخرجي من داري ولعلمك ابني لا يأتي معك، ولعن دين والداي رغم صلاحهم ورغم أن والدي متوفى اسمه صالح ويعرف بالصلاح، المهم أن والد الزوج كان ذميما ومن حبه العارم لي انقلب إلى كره لا مثيل له هذا الأب أما البنت فكانت تقول لي كما كنت سبب زواجك من أخي سأخرجك منه وتذكري هذا جيدا وفعلا خططوا لمصيدتي وتمكنوا مني حيث أخرجوني من البيت مع شتم وقذف أبي الزوج وأخته وحتى أخوه الذي كان شديد الاحترام لي فلقد قال لي يا كلبه، المهم أخرجت من البيت رغما عني وخلال الـ 7 أشهر كنت أتوسل لزوجي للانفراد بمسكن بعيد عن أسرته التي شممت فيها روائح التفرقة ورغم إمكانياتنا أنا والزوج ولكنه يقول لي اصبري أنت مؤمنة وكنت أقول له يا كريم لم أطالبك بالطقم وأطالبك بالمسكن بالهناء إنك تريد قتلي ولكن يرفض مدعيا أن أهله إن لم يسمحوا بالخروج فلن يخرج وتحملي يا حبيبة النار التي وضعك فيها، سؤالي: الطقم لم يعطيني وفي المحكمة يريدون شاهدا على ذلك الطقم والشاهد الوحيد هو الله, في مجلس الخطبة تحدثوا عن مؤخر صداق ولم يحددوا المبلغ وأنا اخترت ذلك الطقم ولا أريد غيره أو قيمته فما قول الشرع في ذلك، ألا يعتبر اختياري للطقم هو اتفاق على الصداق؟
سؤالي الثاني: هذا الطلاق باطل شرعا لأنه أساسا طلاق المكره، فهل أنا الآن مطلقة عند الله من هذا الشخص لأنه وبلسانه يقول لي إنه ضد الطلاق وإنه ضعيف أمام والديه وإنه مسحور.. وطلبت منه أن يرقي نفسه ولكنه بعيدا عن أسرته يستجيب وعند حضوره معهم يتحول إلى إنسان آخر ويقول إنه مستحيل أن يقطن بمفرده ومستحيل العيش مع أسرته وبما أن المحكمة حكمت بالطلاق خلاص هذا هو المكتوب سلمت أمري لله وتركت المحكمة تعمل والقرار يعود إليها، وفيما يخص المتعة فكيف يقومها القاضي العادل لأن المحكمة حكمت لي بمتعة تقدر بأقل من أجرته, حيث حكمت لي ب40000,00 دج والزوج يتقاضى شهريا أكثر من55000,00 دج
سؤال آخر: ما معنى العصمة بيد الرجل إذا أراد الطلاق طلق حتى وإن لم تكن هنالك أسباب، أحيطكم علما بأنني قلت لوالد زوجي حين وجدته يصر على تطليقي من زوجي, قلت له لقد أمضيت شبابك مع النسوة والخمرة وشيخوختك تطلقني من زوجي من غير أي مشاكل بيننا هذا حرام هذا عمل لا يفعله عاقل بل عمل الشيطان إنك مشرف على الموت فرد علي وكله ثقة بالنفس؛ قال لي أنت من سيسبقني للقبر، أم الزوج وأخته أخذوا مني منشفة صغيرة أستعملها مع زوجي عند المعاشرة وتأكد الراقي من عمل السحر لي فكيف أقيم عليهم الحجة بممارستهم للسحر والدليل الوحيد الذي لدي هو شهادة أخته المتزوجة بوجود المنشفة لدى أمها أخذتها خلسة خوفا على ابنها مني، وأنا لو كنت أعلم أنهم يسحرون بنطاف الزوجين فهل أترك أغراضي على مرأى الجميع للعلم كانت أمه وأخته تدخلان الغرفة خلسة، وحتى الزوج يعلم بذلك ولم يخبرني أحيانا أشك وأنه هو كذلك كان شريكا لهم وأحيانا أخرى أقول إنه مسحور أرشدوني بارك الله فيكم، فيما يخص المصروف لم يكن يعطني فلسا بل أنا من كنت أكسوه وأتقوت من أجرتي المهم أنني خسرت كثيرا ولم أنل من هذا الزواج سوى خيبة الأمل في الرجل الجزائري والقانون الجزائري الذي ظاهره مستمد من الشرع والتطبيق بعيد كل البعد، تكلمت كثيرا وأرجو منكم الشيوخ الأفاضل إفادتي بقول الشرع وكيفية أخذ حقوقي من هذا الظالم المخادع الذي وجد القانون برمته في صفه وآخر أمنية وأهمها أن تدعوا الله معي لنصرتي على الظالمين, ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء. أحيطكم علما بأنني سأواصل مقاضاة طليقي بالمحكمة من أجل أخذ مؤخر الصداق وباقي الحقوق من تعويض متعة وفيما يخص المحكمة فيما يخص مؤخر الصداق فهم يستندون إلى صداق المثل والقاضي يحكم بما شاء وليست لي حجة على الطليق في المبلغ ولن أسامحه إلى يوم الدين في فلس واحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدنيا دار ابتلاء وامتحان وشأن المؤمن فيها الصبر والاحتساب على ما يصيبه من أقدار الله تعالى، ففي القرآن الكريم يقول الحق سبحانه: وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً {الأنبياء:35} . وقوله تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ {البقرة:155} .
وفي الحديث الصحيح: عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له. رواه مسلم، وفيه كذلك: ما يصيب المسلم من هم ولا حزن ولا وصب ولا نصب ولا أذى حتى الشوكه يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه.
وعليه، فندعوك إلى الصبر على هذه البلايا التي أصابتك، واعلمي أن من البلاء ما قد يكون في طياته الخير، والعبد لا يدري، ومصداق ذلك قول الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ {البقرة:216} . هذا فيما يتعلق بفضل الصبر.
أما بخصوص ما سألت عنه من مسائل لا تخلو من إنكار أو منازعة فالأولى طرحها على المحكمة الشرعية فهي التي تقضي في النزاع وتأخذ لصاحب الحق حقه: إلا أننا نقول على سبيل الفائدة:
أما بالنسبة للصداق فكان الأولى والأسلم من المنازعات أن يكون معلوماً، فإن كان كذلك وأقرَّ به الزوج أو شهدت به بينة فلا إشكال في ثبوته على الزوج.
أما إن لم يكن كذلك فهذا ينظر فيه.. فإن علم نوعه كما هو الحال هنا في ادعائك أنه كان طقماً، وأقر الزوج به فهذا يلزم أيضاً، فإن جرى العرف بطقم معين اعتبر وإلا بأن كان هناك أنواعاً متعددة فللزوجة الوسط، قال صاحب التاج والإكليل عند قول خليل بن إسحاق المالكي: (ولها الوسط حالا) ابن يونس: إن نكحها على مائة بقرة أو شاة ولم يصف ذلك جاز النكاح، وعليه وسط من الإنسان، وكذا على عبد بغير عينه.
وأما أن أنكر الزوج قدر الصداق ولا بينه للمرأة، أو ادعى الزوج أنه لا صداق لها عليه فكثير من أهل العلم يرى أن القول قول المرأة إذا ادعت صداق المثل أو أقل، سواء كان ذلك قبل الدخول أو بعده، قال الخرقي: وإذا اختلفا في الصداق بعد العقد في قدره ولا بينة على مبلغه فالقول قولها ما ادعت مهر مثلها، وإن أنكر أن يكون لها عليه صداق فالقول أيضاً قولها قبل الدخول وبعده ما ادعت مهر مثلها؛ إلا أن يأتي ببينة تبرئه منه. قال شارحه ابن قدامة: فالقول قولها فيما يوافق مهر مثلها سواء ادعى أنه وفى لها أو أبرأته منه أو قال لا تستحق علي شيئاً، وسواء كان ذلك قبل الدخول أو بعده. وبه قال سعيد بن جبير والشعبي وابن شبرمة وابن أبي ليلى والثوري والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي.
وذهب المالكية إلى أن الخلاف إن كان قبل الدخول تحالف الزوجان وفسخ نكاحهما، وإن كان بعده فالقول قول الزوج إن كانت العادة تقضي بتعجيل الصداق.
وأما بالنسبة للطلاق الذي وقع من زوجك فإنه يعتبر صحيحاً ولا يؤثر فيه كونه وقع من الزوج أثر إلحاح من أهله إذ لا يعتبر ذلك إكراهاً، وانظري ضوابط الإكراه في الفتوى رقم: 24683.
لكن إن ثبت أنه وقع نتيجة لتأثير السحر ففي هذه الحالة لا يلزم وهذا ما يصعب معرفته.
وعليه.. فلا يجوز اتهام الغير بفعله، لأن الأصل أن أمور المسلمين تحمل على السلامة.
وأما بالنسبة للمتعة فلا حد لأقلها وإنما هي بحسب المطلق من اليسر والعسر، وراجعي الفتوى رقم: 30160.
وأما بالنسبة للنفقة فمن حقك مطالبته بها، قال ابن قدامة في المغني: ومن ترك الإنفاق الواجب لامرأته مدة لم يسقط بذلك وكان دينا في ذمته، سواء تركه لعذر أو غير عذر في أظهر الروايتين. انتهى.
وأما الحكمة من جعل الطلاق بيد الرجل دون المرأة فذلك لأنه صاحب القوامة ونظرته للأمور نظرة عواقب بخلاف المرأة، قال سيد سابق في فقه السنة: جعل الإسلام الطلاق من حق الرجل وحده لأنه أحرص على بقاء الزوجية التي أنفق في سبيلها من المال ما يحتاج إلى إنفاق مثله أو أكثر منه إذا طلق وأراد عقد زواج آخر، وعليه أن يعطي المطلقة مؤخر الصداق ومتعة الطلاق ... ولأنه بذلك وبمقتضى عقله ومزاجه يكون أصبر على ما يكره من المرأة، فلا يسارع إلى الطلاق لكل غضبة يغضبها أو سيئة منها يشق عليه احتمالها، والمرأة أسرع منه غضبا وأقل احتمالاً وليس عليها من تبعات الطلاق ونفقاته مثل ما عليه، فهي أجدر بالمبادرة إلى حل عقدة الزوجية لأدنى الأسباب. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1426(13/6585)
الحث على تيسير الزواج وعدم المغالاة في المهر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الدين في مغالاة أهل العروس في الطلبات مثل الجهاز والمهر والمؤخر وقت زواج ابنتهم وهم يعلمون حالة العريس أنها لا تسمح، وقد قال لهم ذلك حين طلب بنتهم للزواج والعروسان الآن مكتوب كتابهم ويجهزون للدخول هل يطلقها أو يتركها هكذا أو ماذا يفعل وماذا يقول الدين لأهل العروس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النكاح من مقاصد الدين وأهدافه العظيمة لما فيه من إحصان الفرج، وتكثير النسل، وبناء الأسرة التي هي اللبنة الأولى في المجتمع، ولذا ورد الأمر بالنكاح والزواج في كثير من الأحاديث ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج. متفق عليه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة. رواه أحمد وابن حبان وحسنه الهيثمي.
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على تيسير الزواج وعدم المغالاة في المهر، ففي مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة.
وكان هديه صلى الله عليه وسلم في تزوجه وتزويجه، وهدي صحابته رضي الله عنهم تيسير النكاح وتقليل مؤونته، ففي البخاري عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: تزوج ولو بخاتم من حديد. وفي النسائي عن ابن عباس أن عليا رضي الله عنه قال: تزوجت فاطمة رضي الله عنها، فقلت: يا رسول الله ابن بي، قال: أعطها شيئاً، قلت: ما عندي من شيء! قال: فأين درعك الحطمية؟ قلت: هي عندي، قال: فأعطها إياه.
ولا شك أن في المغالاة في المهور مفاسد ومضار عظيمة، تقدم بعضها في الفتوى رقم: 3074.
منها: انتشار العنوسة بين الجنسين، ولا يخفى ما في ذلك من نذير شؤم وفساد على المجتمع، حيث يتجه الشباب من الجنسين لقضاء شهواتهم بطرق غير مشروعة مضرة بهم وبمجتمعهم وأمتهم.
فنقول لأهل الفتاة: ينبغي لهم أن يقدموا مصلحة ابنتهم وأن يزنوا الأمور بميزان الشرع لا بموازين العرف والعادات المخالفة لهدي الإسلام، وليكن نظرهم كون هذا الشاب متصفا بالدين والخلق، فإن ذلك هو غاية المطلوب في الأزواج، وهو أرجى أن يكرم ابنتهم وأن يحفظ لها حقوقها، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها، وأن لا يجعلوا الأمور المادية حائلا دون إتمام هذا الزواج.
أما الأخ السائل فنوصيه بالاستعانة بالله والحرص على إحصان فرجه، وإذا كانت هذه الفتاة ذات دين فليحرص على الظفر بها، فإن المرأة الصالحة خير متاع الدنيا، وخير ما يكسبه الإنسان.
وليعلم أن الله عز وجل وعد من يسعى في إحصان فرجه بأن يعينه وأن يغنيه من فضله، قال الله تعالى: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:32} ، وثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: ثلاثة حق على الله إعانتهم.. . وذكر منهم الناكح يريد العفاف. رواه الترمذي والنسائي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1426(13/6586)
أحكام زيادة الزوج لزوجته على صداقها بعد العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل رفع مؤخر صداق زوجته قبل وفاته من 500ليرة سورية إلى 6ملايين ونصف ليرة سورية علما أن له من زوجته بنين وبنات وبعد الوفاة اعترض الورثة على هذا الرفع فهل رفع مؤخر الصداق بهذه الطريقة جائز؟ وهل رفع مؤخر الصداق بعد الزواج بشكل عام جائز وخاصة بعد مرور وقت طويل جدا على الزواج علما أن قيمة مؤخر الصداق القديم بعد مرور وقت طويل عليه يصبح بدون قيمة فعلية.
ودمتم لنا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمؤخر الصداق هو ما ثبت في ذمة الزوج عند العقد، فإذا زاد الزوج هذا المؤخر بعد ذلك فلا تكون هذه الزيادة من مؤخرالصداق، بل تكون إما عطية وإما وصية، فإن كانت هبة وعطية ولم تقبضها الزوجة حتى مات الزوج فتقدم أن الموهوب له لا يملك الهبة إلا بالقبض، كما في الفتوى رقم: 18923
وإن كانت وصية فالوصية لا تجوز لوارث، والزوجة وارث، لكن تنفذ الوصية إذا أذن الورثة كما في الفتوى رقم: 1996
وما يزيده الزوج بعد العقد يأخذ حكم الصداق في حالة، ويأخذ حكم الهبة والعطية في حالة أخرى. قال في حاشية الخرشي شارحا لقول المختصر: وتشطر ومزيد بعد العقد (ش) يعني أن الزوج إذا طلق زوجته قبل الدخول عليها فإن صداقها يتشطر بهذا الطلاق؛ لقوله تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ. فلو زاد الزوج لزوجته زيادة على صداقها بعد عقده على أنه من الصداق فإن تلك الزيادة تتشطر أيضا، وسواء كانت تلك الزيادة من جنس الصداق أم لا، اتصفت بصفاته حلولا وتأجيلا أم لا؛ لأن تلك الزيادة لها حكم الصداق في الجملة؛ لأنها تبطل لو مات أو فلس قبل قبضها للزوجة، فحكموا لها بحكم العطية في هذه الحالة لا بحكم الصداق، فلم تكن كالصداق من كل وجه، وفهم من قوله: بعد العقد أن المزيد قبل العقد أو حينه صداق. انتهى
الشاهد من هذا النقل أن ما زيد بعد العقد يبطل لو مات الزوج أو أفلس قبل أن تستلمه الزوجة.
وعليه، فهذه الزيادة ليست دينا على الزوج، ولا يثبت في ذمته إلا ما اتفق عليه قبل العقد أو أثنائه، ولا تختص زوجته إلا بمؤخر الصداق الذي وقع عليه العقد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1426(13/6587)
حكم الذهب والهدايا من الخطيب المتوفى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أخذ الذهب والهدايا التي أعطاني إياها خطيبي المتوفى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما أعطاكه خطيبك لا يخلو من أن يكون قد دفعه إليك على سبيل الهدية والهبة فتجري عليه أحكام الهبة والهدية، فهو لك بالقبض وقد ملكته ملكا صحيحا
وإن كان ما دفعه إليك يعتبر جزءا من الصداق عرفا أو اتفاقا فيجب عليك أن تعيديه إلى ورثته، لأن الخطوبة ليست عقدا ملزما وإنما هي وعد، وقد جرى بيان ذلك وتفصيله في الفتوى رقم: 6066، 45725 فنرجو مراجعتها للاستزادة.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1426(13/6588)
يدفع المهر حسب الاتفاق
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تم عقد القران على فتاة مسلمة ومن نفس جنسيتي (فلسطينية) طلب مني أهلها مهر (ليرة ذهب) أو ما يعادلها، مع العلم أن أهلها يقولون إن هذا الشيء رمزي والقصد أن أقوم أنا بشراء الملابس والذهب لها حسب اتفاقنا أنا وزوجتي.
السؤال: هل هذا يعني أنني قد أوفيت التزاماتي؟
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دفعت المهر المحدد قل أو كثر فقد وفيت بما عليك، ولا يبقى عليك من الواجب المالي تجاه زوجتك بعد ذلك إلا النفقة التي تشمل المسكن والملبس والمطعم والمشرب.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1426(13/6589)
مؤخر الصداق في القرآن والسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد في القرآن أو في السنة ما يدل على أن هناك ما يسمى بمؤخر الصداق وهو من حق الزوجة عند الطلاق؟
شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يرد في القرآن ولا في السنة ذكر لمؤخر الصداق وإن كان ذلك مشمولا فيهما لأنه يعتبر جزءا من الصداق الذي دلت نصوص القرآن والسنة على أنه حق للمرأة، ففي القرآن يقول الحق سبحانه: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً {النساء: 4} . وفي صحيح البخاري: التمس ولو خاتما من حديد. وبما أن الصداق عوض عن الاستمتاع فهو كغيره من التعويضات يجوز أن يكون حالا كله أو مؤجلا كله أو بعضه مؤجل وبعضه حال، قال خليل بن إسحاق: وجاز تأجيل الصداق أو بعضه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1426(13/6590)
حكم أخذ تكاليف الزواج من مهر البنت بغير إذنها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل توجد نسبة معينة أو مبلغ يمكن لولي البنت أن يأخذه من مهرها للمساعدة في المصاريف التي تترتب على زواجها، ولو فرضنا أن المهر (20000) ريال وطلبت من الزوج مبلغ (25000) ريال مهرا على أن يكون معلوما لبنتي أن الخمسة آلاف زيادة هي للمساعدة في مصاريف الزواج وليست لها، فهل هذا جائز مع العلم بأن الزوج لا يعرف هذا التقسيم، أفيدونا؟ سريعا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن يشترط الأب أن تكون نفقة العرس على الزوج، قال ابن فرحون في تبصرة الحكام: فرع: وفي سماع عيسى في رسم لم يدرك، قال ابن القاسم سألنا مالكا عمن تزوج امرأة فأصدقها صداقا، فطلبت منه نفقة العرس، هل ذلك عليه؟ قال: ما أرى ذلك عليه وما هو بصداق ولا شيء ثابت ولا هو لها إن مات ولا نصفه إن طلق، فردد عليه وقيل له: يا أبا عبد الله إنه شيء أجروه بينهم وهي سنتهم، فقال: إن كان ذلك شأنهم فأرى أن يفرض عليهم، قال ابن القاسم: وإن تشاحوا لم يكن لهم ذلك إلا أن يشترطوه. انتهى.
قال الدردير المالكي في الشرح الكبير: (وصحح) (القضاء) على الزوج إن طالبته الزوجة (بالوليمة) وهي طعام العرس بناء على أنها واجبة وسيأتي ندبها وهو الراجح فلا يقضى بها (دون أجرة الماشطة) والدف والكبر والحمام ونحوها إلا لعرف.
قال الدسوقي في الحاشية عليه: قوله: فلا يقضى بها، محل الخلاف ما لم تشترط على الزوج أو يجر بها العرف وإلا قضي بها اتفاقا بالأولى مما بعده ورجع للعرف في عملها ببيت الزوج أو الزوجة.
وقال محمد بن أحمد المشهور بعليش في منح الجليل: (دون أجرة الماشطة) وضارب الدف والكبر والحمام والجلوة المتعارفة عندهم وثمن وثيقة العقد ومحصولها فلا يقضى عليه بشيء منها إلا لشرط أو عرف. انتهى.
فإذا تقرر هذا علم أن تكاليف الزواج على الزوج إن جرى بذلك عرف أو اشترطت كما هو واضح، وعليه فأخذ نسبة من الصداق وصرفها على تكاليف العرس تصرف في مال الزوجة بغير إذنها بدون مبرر.
أما إن لم يجر بذلك عرف ولم يشترط على الزوج فإنه يكون على الزوجة، ولا حرج على وليها في صرف تلك التكاليف من مهرها برضاها، علم الزوج أو لم يعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1426(13/6591)
الزيادة في الصداق بعد العقد بين الاعتبار وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[عقدت في المحكمة الشرعية بمهر قدره خمسمائة دينار عراقي أولا وبعد رجوعنا من المحكمة طلب عمي بأن يتم العقد لدى إمام مسجد وثم تم تغيير مقدار المهر المؤجل بتسعة عشر مثقال ذهب، أيهما أصح وبكم أنا مدين لزوجتي..
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان النكاح الذي وقع في المحكمة مستوفيا للشروط والأركان فالنكاح صحيح، وبالتالي فالصداق المعتبر هو خمسمائة دينار التي ذكرت في العقد عند المحكمة، وليس للعقد الثاني محل، فلا أثر له أي فلا يلزمك شيء بموجبه؛ لكن مع ذلك فإنه ينظر في هذه الزيادة التي وقعت فيه، فإن كنت وافقت عليها معتقدا أنها تلزمك بحكم العقد الجديد فهي غير لازمة، وذلك أنها بمثابة من أعطى شخصا مالا يظنه يطالبه به، أو رهن رهنا في قتل خطأ يجهل أن الدية على العاقلة أو نحو ذلك. قال الدسوقي عند قول خليل بن إسحاق: وحلف المخطئ الراهن أنه ظن لزوم الدية ورجع ... كما لو ظن أن عليه دينا فدفعه لصاحبه ثم تبين أنه لا دين عليه، فإنه يسترده ممن أخذه منه. أما إن كنت عالما بعدم لزوم الزيادة وفعلتها على أنها جزء من الصداق فحينئذ تلزمك، وذلك أن الفقهاء نصوا على أن الزيادة في الصداق من الزوج بعد العقد تصح وتلزم، قال خليل بن إسحاق: ومزيد بعد العقد، قال شارحه الخرشي: فلو زاد الزوج لزوجته زيادة على صداقها بعد عقده على أنه من الصداق فإن تلك الزيادة تتشطر.. لأن تلك الزيادة لها حكم الصداق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1426(13/6592)
الصداق ملك للمرأة دون غيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص تزوج ودفع الكثير من المال وكتب في الوثيقة أن المهر مبلغ محدد وفيما بعد عرف أن هذا المبلغ لم يسلم للزوجة فماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصداق ملك للمرأة دون غيرها، وبالتالي فهي التي تتولى قبضه إن كانت رشيدة، وإلا تولي ذلك أبوها أو وصيه أو ولي المرأة السفيهة، فإن دفع الزوج الصداق إلى من ليس له الحق في القبض فقبضه فضاع ضمنه الزوج والقابض، فإن شاءت المرأة أخذته من القابض لتعديه بقبضه، وإن شاءت أخذته من الزوج لتعديه في الدفع إلى غير مستحق القبض.
قال صاحب حاشية الصاوي ممزوجاً بالشرح الصغير: (وقبضه) أي المهر (مجبر) أو وصيه (أو ولي سفيهة) إلى أن قال: (وإلا) يكن مجبراً ولا ولي سفيهة (فالمرأة) الرشيدة هي التي تقبضه لا من يتولى عقدها إلا بتوكيل منها من قبضه (فإن قبضه غيرهم) أي غير المجبر وولي السفيهة والمرأة الرشيدة (بلا توكيل) ممن له القبض فضاع ولو ببينة من غير تفريط كان ضامناً له لتعديه بقبضه (واتبعته) أي الزوجة (أو) اتبعت (الزوج) بتعديه بدفعه لغير من له قبضه، فإن دفعه القابض فلا شيء على الزوج، وإن دفعه لها الزوج رجع به على القابض.
وعلى هذا، فإن كان الزوج دفع المهر إلى زوجته الرشيدة أو وكيلها أوولى السفيهة، فقد سقط عن الزوج الصداق وبرئت ذمته منه.
أما إن دفعه إلى غير وكيلها وهي رشيدة، أو إلى غير وليها وهي سفيهة ثم ضاع، فإنها ترجع على من شاءت منهما كما عملت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1426(13/6593)
توقيع الزوج على القائمة بغير مشاورة أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[وفقني الله لاختيار شريكة حياتي وهي من أسرة طيبة وعند كتب الكتاب طلب مني أهلها كتابة قائمة ورحبت ولم يكن عندي أي مانع ولم أر حتى محتويات تلك القائمة التي كتبوها لأني فعلتها بنفس راضية لكن ذلك أغضب أهلي كثيرا وقالوا لي لماذا فعلت وقامت الدنيا وحدثت مشاكل لا حصر لها المهم تم الزواج بحمد الله، سؤالى هو:
1- هل كتابة هذه القائمة فى الشرع أم لا وحق للزوجة أم لا؟
2- هل كتابتي لهذه القائمة فيه إثم لأن أهلي لم يرغبوا فيها؟
أفيدونا بالرد جزاكم الله خيرا فهذا أمر زاد الجدل والكلام فيه بالنسبة لكل المقبلين على الزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتقليل المهر ومؤونة النكاح دليل على بركة المرأة وبركة النكاح، لما أخرج أحمد في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة. وأخرج كذلك: أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة.
وإن كان الأصل أنه لا حد لأكثر الصداق، لقول الحق سبحانه: وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا {النساء:20} .
وبناءً على الأصل، فإنه يجوز لأهل البنت أن يشترطوا لبنتهم ما يشاءون من متاع، وليس في ذلك إثم، فإن قبله الزوج صار ملزماً به، وبما أنك وافقت على تلك اللائحة من المطالب لأهل زوجتك فلا يمكنك التراجع عن ذلك إلا برضاهم وإقدامك على ذلك من غير مشاورة أهلك ليس فيه إثم، وإن كان الأولى بك فعل ذلك خصوصاً إذا علمت أنهم سيغضبون إذا لم يشاوروا في مثل هذا الأمر، ولمزيد قائدة راجع الفتوى رقم: 9494.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1425(13/6594)
تستحق الزوجة المهر كاملا بالدخول
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني رجل شاب وقد عقدت على فتاة مسلمة إلا أنني لم أبن بها بعد ولكن قدر الله أن نلتقي ويكون بيننا ما يكون بين الرجل وزوجه ولم أقع بهذا في شيء محرم لأنها زوجتي التي عقدت عليها بنكاح صحيح وبموافقة أهلها وتحديد مهر ليست هنا المشكلة وإنما بعد أن حصل ما حصل علمت أنها ليست بكرا وآلمني ذلك وقررت طلاقها حتى لا أعيش في ألم وضيق وشك بالإضافة إلى ذلك وجدت منها سلوكا لا يليق لمسلمة علماً بأنني رجل مستقيم في دينه ولا أزكي نفسي ومتزوج يعرف البكارة من غيرها وإذا كان الأمر كذلك فهل لها المهر أم ماذا؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي الكريم أن غشاء البكارة يزول بأكثر من سبب غير محرم، بل قد يكون ذلك بغير علم المرأة، ولذا فلا تتعجل بالتهمة واتخاذ قرار الطلاق، وإن كان قد بدر من المرأة خلق لا يرضيك، فقد تجد عندها مما يرضيك أكثر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر. رواه مسلم، ومن ذا يخلو من العيوب، وانظر الفتوى رقم: 6907.
واجتهد في أن يكون إصلاحها على يدك لتنال أجرها، واجتهد معها على فعل ما يقوي الإيمان ويغرس خشية الله التي تحول بين المسلم وبين الذنوب في الخلوة والجلوة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: اتق الله حيثما كنت. رواه الترمذي.
فإن أبيت إلا الطلاق، فقد استحقت زوجتك المهر كاملاً بالدخول الذي هو الجماع، ولا يشترط أن تزف إليك زفافاً معلناً، وانظر الفتوى رقم: 22144، والفتوى رقم: 46091.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1425(13/6595)
تقليل المهر يوافق روح الشريعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم مؤخر الصداق؟ ومن يقوم بتحديد مبلغه؟ وهل لو أن أهل خطيبتي يريدون مؤخرا مبالغا فيه ولا أقدر عليه فأنا لا أمانع وكثيراً ما أوضحت أن قيمته إن كانت قليلة فهي لن تقلل قيمتها في نظري فأنا لا أستطيع ما يريدون وهم يعلمون أنه ليس لدي إلا ما يقيم منزل الزوجية فبماذا أجيب وماذا أفعل؟ وهل مؤخر الصداق هذا يتحدد حسب العرف السائد بين الناس وعلى حسب مقدرة الزوج أم ماذا؟ نرجو الإفادة ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أنه لا حد لأكثر الصداق، لقول الحق سبحانه: ... وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا ... {النساء:20} .
قال ابن قدامة في المغني: وأما أكثر الصداق، فلا توقيت فيه بإجماع. اهـ
وبما أنه لا حد لأكثره، فإنه يرجع في تحديد قدره إلى الزوج والمرأة وأوليائها، فما اتفقوا عليه لزم الزوج.
هذا في حال ذكر الصداق عند العقد، أما إن وقع النكاح بدون ذكر الصداق، وهو ما يعرف عند الفقهاء بنكاح التفويض، فهذا إذا وقع الوطء من غير تسمية واختلف الزوجان في تحديد المهر، فإن الفيصل في ذلك ما حدده العرف، وهو صداق المثل.
والصداق إن عجل كله فبها، وإن أجل كله أو بعضه فلا حرج، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 17243.
هذا وننبه إلى أن تقليل المهر أفضل من المغالاة فيه لموافقته هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وهدي صحابته رضي الله عنهم. وراجع الفتوى رقم: 24743.
وعلى هذا، فعليك إقناع أهل هذه المرأة برغبة الشرع في تخفيف المهر، ولو وسطت في ذلك أهل الخير والصلاح فلا بأس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1425(13/6596)
هل يصح اعتبار الهدية من مؤخر الصداق
[السُّؤَالُ]
ـ[جاءني زوجي بخاتم ذهبي كهدية هل يمكن بعد أن جاءني به أن ينوي أن قيمته هذه من مؤخر الصداق لأنني علمت أنه دين عليه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قصد عند تسليمك الخاتم أن يكون من مؤخر الصداق فهو كذلك، أما إن قصد الهبة فليس له بعد ذلك اعتبار ما دفعه من الصداق، لأنه بالهبة خرج من ملكه فكيف يقضيك صداقك مما لا يملك، وانظري الفتوى رقم: 52330.
وكون ثمن الخاتم دينا على الزوج لا أثر له على الحكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1425(13/6597)
لا نذر فيما لا يملك العبد.
[السُّؤَالُ]
ـ[بنت نذر عليها أهلها من يوم كانت صغيرة بمهر بسيط جداً، هل يمكن أن يتغير المهر أم لا بد من تنفيذ النذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يلزم أهل هذه الفتاة الوفاء بهذا النذر، لأنه نذر فيما لا يملكون، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا نذر في معصية، ولا فيما لا يملك العبد. رواه مسلم.
وذلك لأن المهر ملك لهذه الفتاة وحدها دون أن يكون لأهلها فيه نصيب، قال صاحب تحفة المحتاج: الصداق ملك للمرأة، وليس لأحد ن ينتفع بملك غيره إلا بإذنه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1425(13/6598)
الشبكة بين الصداق والهدية
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك عادة في الزواج وهي تقديم \"شبكة عروس من الذهب\" تلبيسة وهي غير المهر المعجل وفي عقد الزواج لا يتم تثبيتها كجزء من المهر المعجل، فهل يجوز للزوج أن يستردها علما بأنه في حالة الانفصال لا يتم الاعتراف بها وكأنها لم تكن وسيضطر إلى دفع ما تبقى من المهر \"المؤخر\" كاملاً، وهل له أن يأخذها بإذن الزوجة أو بدونه، مع العلم بأن هذا الموضوع مقلق جداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشبكة إما أن تكون من المهر، وحينئذ فحكمها حكم المهر، وإما أن تكون دفعت على أنها هدية فحكمها حكم الهدية، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 6066، والفتوى رقم: 44658.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1425(13/6599)
عدم تسليم المهر لا يبطل النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ سنتين ويصيبني القلق الشديد والتشكك من أن عقد النكاح غير صحيح أو غير مكتمل، حيث إن المهر المعجل تم الاتفاق على استلامه من الزوج إلى والد الزوجة خارج مجلس العقد، وتم الاتفاق على ذلك، ولكن حينها لم يوضح الزوج أنه لن يدفعه بل طلب من والد الزوجة أن يجيب القاضي باستلامه المبلغ خارج مجلس العقد، وقتها الوالد وافق ولم يعترض خصوصا أنه لمس مقدار كرم ذلك الزوج مع ابنته، بعدها لم يقم الزوج بإعطائي المبلغ، وأخجل أن أطلبه منه خصوصاً أنه أغدق علي بكرمه جزاه الله خيراً، بأن اشترى لي سيارة واشترى لي ذهبا وجهز منزل الزوجية واشترى لي عقاراً وسجله باسمي، وثمن كل ما سبق يعتبر أضعاف قيمة المهر، فهل عقد الزواج صحيح، وهل تنصحوني أن أنسى أمر المهر، خصوصاً أنني أخجل من المطالبة به بعد كل ما فعله من أجلي، لكنني أتوسوس بأن عقد النكاح غير صحيح طالماً أنني لم أقبض قيمة المهر في يدي، أرجو منكم النصح والإرشاد؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يؤثر في صحة النكاح عدم تسمية المهر أو عدم تسليمه في الوقت المتفق عليه، ثم هو ملك للمرأة فلها أن تتبرع به أو ببعضه لزوجها أو تتنازل عنه قبل تسليمه لها، كما أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 53592.
قال الخطيب في الإقناع: (ويستحب) للزوج (تسمية المهر) للزوجة (في) صلب (النكاح) أي العقد لأنه صلى الله عليه وسلم لم يخل نكاحا عنه، ولأنه أدفع للخصومة، ولئلا يشبه نكاح الواهبة نفسها له صلى الله عليه وسلم.... ويسن أن لا يدخل بها حتى يدفع إليها شيئاً من الصداق خروجا من خلاف من أوجبه (فإن لم يسم) صداقا بأن أخلي العقد منه (صح العقد) بالإجماع، لكن مع الكراهة كما صرح به الماوردي والمتولي وغيرهما. وإذا خلا العقد من التسمية فإن لم تكن مفوضة استحقت مهر المثل بالعقد.
وعليه فلا داعي للقلق والتشكيك فالنكاح صحيح، والحمد لله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(13/6600)
هل يدفع مؤخر الصداق للزوجة المرتدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت متزوجاً من فتاة من اليابان وكانت بوزية الديانة وأسلمت ثم حدث بيننا الطلاق وتزوجت من رجل أمريكي غير مسلم، وعادت إلى سابق عهدها في شرب الخمر وغيره من المحرمات في الدين الإسلامي أي حدث لها ارتداد، سؤالي هو الآن: هل يجوز عدم دفع المؤخر الذي تم كتابته في العقد عند الزواج لأنها أرتدت عن الدين الإسلامي أم يجب دفع المبلغ المكتوب في العقد، أرجو الإفادة لأني أخاف أن يكون هذا دين علي يجب دفعه؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم أن المسلم إذا ارتد يودع ماله عند ثقة مسلم، فإن تاب رد إليه ماله، وإن مات على كفره فماله فيئ يوزع على مصالح المسلمين، قال ابن قدامة في المغني: ويؤخذ مال المرتد فيجعل عند ثقة من المسلمين.
وقال صاحب التاج والإكليل نقلا عن ابن القاسم: يوقف السلطان مال المرتد قيل أن يقتل -ابن عرفة- والمعروف إن تاب رجع إليه ماله. انتهى، وقال في موضع آخر: أما إن مات أو قتل على ردته فماله فيء. انتهى.
وعلى هذا فإذا كان بإمكانك المماطلة عن دفع هذا المهر إلى هذه المرأة من غير أن يلحقك بذلك ضرر فذلك لك على أن تحتفظ به ما دامت حية، فإن أسلمت دفعته إليها، وإن ماتت على الكفر دفعته في مصالح المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1425(13/6601)
ليس للأب في مهر ابنته حق
[السُّؤَالُ]
ـ[الصداق والمهر من حقي أم من حق ابنتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمهر حق خالص للمرأة لقوله تعالى: وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً {النساء: 4} . ولا فرق في ذلك بين المهر المعجل أو المؤجل.
وليس للأب منه شيء، وقد سئل عكرمة رحمه الله عما يأخذه الأب، فقال كما في المصنف: إن كان هو الذي ُينكَح فهو له. انتهى. وفي كلامه رحمه الله زجر شديد عن ذلك.
لكن هل لأبي البنت أن يشترط على الزوج دفع شيء له؟ فيه خلاف سبق بيانه في الفتاوى التالية: 21375 و 32759. فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1425(13/6602)
من سوء العشرة مماطلة الزوج في دفع المهر مع القدرة
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوج واحد قبل أربع سنوات وعنده من الزوجة طفلان ولم يدفع المهر المقرر لها حتى الآن والمذكور يعمل في الخليج وعنده المقدرة المادية لدفع المهر، وكلما يسافر البلد يؤجل المهر إلى السنة الثانية، فما حكم هذا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الزوج قادراً على دفع المهر وقد طالبت به الزوجة فلا يجوز له المماطلة وفعله هذا من سوء العشرة، ومن حق الزوجة أن تطالبه من خلال وليها أو رفع أمرها إلى الحاكم، ولكن هذا لا ينبغي أن يكون إلا إذا استعصى الأمر تماماً ولم يستجب الزوج للمطالبة، ولم يكن ثم طريق غير المقاضاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1425(13/6603)
حكم اشتراط رد قيمة الشبكة إذا فسخت الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند فسخ الخطبة من جانب العروسة هل يجوز للخطيب أن يشترط أخذ ثمن الشبكة بدلا من الشبكة نفسها، بحجة الخسارة عند بيعها وأخذ كل نفقاته في يوم الخطبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشبكة التي يقدمها الخطيب لخطيبته، وكذا الهبات الأخرى التي يقدمها الخاطب، إما أن تكون هدية منه لها، وإما أن يقصد أنها جزء من المهر، فإن كانت هدية فإنما تملك بالحيازة، وليس له استرجاعها بعد ذلك، ولا استرجاع قيمتها.
وإن كانت قدمت على أنها جزء من المهر مقدم، فهذه إذا انفسخت الخطبة ولم يتم الزواج فإن له الحق في استرجاعها، وراجع في هذا الفتوى رقم: 44658.
وإن لم يعلم القصد من تقديمها، فإنها تحمل على العرف، أي أنه إذا جرى بأنها هدية فليس له استرجاعها، وإن جرى بأنها من المهر فله ذلك، وإذا قلنا بأنها من المهر ويجب ردها، فإنما ترد بذاتها إن كانت قائمة، وإن أتلفتها عمدا أو خطأ وجب حينئذ رد قيمتها، لأن العمد والخطأ في أموال الناس سواء، وأما بالنسبة لما أنفقه على الحفل فلا يلزمها رده بحال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1425(13/6604)
لا حد لأكثر المهر ولا لأقله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل توجد قيمة معينة لمهر العروس، وهل توجد قيمة معينة لمؤخر الصداق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في نصوص الشريعة ما يفيد أن للمهر حداً لا يجوز أن يتجاوزه كثرة، قال الله تعالى: وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً {النساء:20} ، فللموسر أن يمهر امرأته بما أمكنه ولو بلغ قنطاراً.
وأما أقل المهر، فقد حدده بعض أهل العلم بربع دينار أو ثلاثة دراهم، ولكن المرجح عند العلماء أنه لا حد لأقله، للحديث الذي في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التمس ولو خاتماً من حديد.
وللترغيب في تقليل المهر، روى أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها. وفي حديث آخر: إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة.
وقد قال صلى الله عليه وسلم لرجل أخبره أنه أصدق امرأة أربع أواق من فضة قال له: كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل. رواه مسلم.
فدل هذا على أن المغالاة في المهور، وإن لم تكن محرمة فلا أقل من أن تكون مكروهة كراهة شديدة خصوصاً إذا أدركنا حجم المأساة المترتبة عليها، فأعداد العوانس في ازدياد مطرد وتبعات ذلك غير خافية على أحد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1425(13/6605)
إذا امتنع الولي من تزويج موليته لنقص المهر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب تقدمت لفتاة مرتين، الأولى: لم يكن هناك اتفاق على المهر إلا أنني لم أيأس حاولت مع أخ البنت لأنه ولي أمرها وسمح لي بالرجوع إلا أن قيمة المهر كانت أعلى، فقال لي إن المهر هو 3000 ذهب 3000 أثاث 6000 مؤجل هذا هو الذي سيكتب في العقد، ولكن لتأت بما تستطيعه إلا أنني قلت له حدد لي المهر وليكن 1500 ذهب 1500 أثاث وما تخفضوه من المقدم تزيدون به المؤخر، البنت وافقت إلا أن ولي أمرها رفض، ما رأيكم دام فضلكم، علماً بأن الزواج إيجاب وقبول هل قبول الفتاة يتم العقد أم أن موافقة ولي الأمر ضرورية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنذكر أولا أولياء أمور النساء أن غلاء المهور ظاهرة سيئة، وتعود بعواقب وخيمة على الفرد والمجتمع، ويمكن مطالعة الفتاوى ذات الارقام التالية: 3074، 19517، 21759.
وعقد النكاح لا يصح حتى تكتمل أركانه المذكورة في الفتوى رقم: 18153.
ولكن ليس للولي أن يمنع موليته النكاح بحجة قلة المهر، لأن المهر حق للمرأة فلها أن تتنازل عنه أو عن بعضه، ولها حينئذ أن تقنع أخاها بما تريد أو توسط في إقناعه بعض الأقارب، فإن لم يُجْدِ ذلك فلها أن ترفع أمرها للقاضي الشرعي، وقد بين الإمام جلال الدين المحلي ذلك وبين ما يحصل به العضل فقال: وإنما يحصل العضل إذا دعت بالغة عاقلة إلى كفء وامتنع الولي من تزويجه، وإن كان امتناعه لنقص المهر، لأن المهر يتمحض حقا لها؛ بخلاف ما إذا دعت إلى غير كفء، فلا يكون امتناعه عضلا، لأن له حقا في الكفاءة.
ولا بد من ثبوت العضل عند الحاكم ليزوج بأن يمتنع الولي من التزويج بين يديه بعد أمره به، والمرأة والخاطب حاضران، أو تقام البينة عليه لتعزز أو توار بخلاف ما إذا حضر، فإنه إن زوج فقد حصل الغرض وإلا فعاضل، فلا معنى للبينة عند حضوره. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1425(13/6606)
المقصود نصف المهر المتفق عليه المقدم منه والمؤخر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة مخطوبة ومكتوب كتابي (عقد المحكمة الشرعي) ولكن لم يتم الزواج (الزفاف) أو لم يتم الدخول.. وأود الانفصال عن خطيبي حيث لا يمكن الاستمرار لأسباب عديدة، أريد أن أعرف حقوقي؟ أعرف أن لي نصف المهر.. لقوله تعالى: \"وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم\" وسؤالي هل المهر المقصود بهذه الآية المؤخر فقط؟ أم إجمالي المقدم والمؤخر؟ وهل له حقوق أخرى علي أو لي حقوق أخرى عليه بعد ذلك، كيف ينتهي الموضوع؟؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك إن كانت الأسباب التي تدفعك إلى طلب الطلاق غير مؤثرة أو كانت مما يمكن حلها أن لا تصري على طلب الطلاق.
فإن كان ولا بد من الطلاق، فاعلمي أنه لا يكون إلا برضا الزوج، ولا يحق لك ولا للقاضي أن يلزمه بالطلاق، فإن رضي بالطلاق دون مقابل، فلك نصف المهر المتفق عليه المقدم منه والمؤخر، وانظري تفصيل ما سبق في الفتوى رقم: 1955، والفتوى رقم: 8683.
أما إذا رفض الطلاق حتى تردي إليه ما دفع إليك أو تسقطي نصف الصداق عنه فله ذلك، وليس لمن طلق قبل الدخول حق المراجعة، وليس للمطلقة حق النفقة ولا يجب عليها عدة، وقد سبق هذا في الفتاوى المحال عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1425(13/6607)
زكاة المهر المعجل إذا لم يقبض
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفادتي، هل تجب الزكاة على المهر المعجل في حال عدم قبضه من قبل الزوجة، وهل تجب الزكاة عليه في حال قالت الزوجة لزوجها بعد الزواج سامحتك بالمقدم دنيا وآخره؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمهر المعجل إذا لم يقبض، فإنه يعتبر دينا كالمؤخر، وإذا حال عليه الحول، وهو في ذمة الزوج وجبت عليها زكاته إذا كان الزوج موسراً باذلاً، فإن كان معسراً أو مماطلاً فلا تجب زكاته إلا إذا قبضته، وإن لم يحل عليه الحول بأن أخذته منه وأنفقته قبل تمام حوله أو أبرأته منه فلا زكاة فيه، لما روى ابن ماجه من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول. وروى الترمذي: من استفاد مالاً فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول عند ربه. وراجع الفتوى رقم: 1008.
وإن أبرأت الزوجة الزوج من المهر المقدم، بأن قالت له سامحتك فيه دنيا وآخرة، فإن زكاته تسقط عنها إذا لم يكن حال حوله وهو في ذمته موسراً باذلاً، وأما إن كان الإبراء حصل بعد سنة أو سنين، فإن الزوجة تؤاخذ بزكاة تلك الأعوام الماضية، قال ابن قدامة في المغني: إذا وهبت المرأة مهرها لزوجها وقد مضى له عشر سنين، فإن زكاته على المرأة لأن المال كان لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1425(13/6608)
للزوجة الحق في أخذ مؤخر صداقها من التركة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق لي أن أسامح زوجي المتوفى بمؤخر صداقي من كل قلبي بعد وفاته, مع العلم بوجود مال مورّث لي ولأبنائي؟ وهل يجوز أن يقوم أحد الورثة بدفع ذلك طواعيّة عن الجميع من الورثة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمؤخر الصداق دين في ذمة الزوج كسائر الديون، وللزوجة الحق في أن تأخذه من التركة قبل قسمها، ولها الحق كذلك في أن تسامح فيه زوجها من كل قلبها قبل وفاته أو بعدها إلا إذا كان ثم ما يمنع ذلك من نحو إحاطة الديون بمالها مثلا، أو يكون محجورا عليها لسفه ونحوه.
ولا مانع أيضا من أن يدفعه أحد الورثة طواعية منه، أو يدفعه غير الورثة. فكل ذلك صحيح ولا حرج فيه. وفعل أي شيء من ذلك مبرئ للزوج من مؤخر الصداق.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1425(13/6609)
إذا أسقطت الزوجة مؤخر الصداق بشرط أن لا يطلقها زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاشتراط في عقد الزواج أن يكون مؤخر الصداق ملزما للزوج فقط في حالة وقوع الطلاق؟ أي أن المؤخر لا يعتبر دينا عليه ما لم يطلب الطلاق وإن مات. فمن المعلوم أنه في الحالات العادية من حق الزوجة أن تحصل على مؤخر الصداق إذا مات زوجها، وذلك قبل اقتسام التركة بين الورثة. فهل يمكن اجتناب هذه الحالة بالذات، وما هي الصيغة المتبعة في كتابة عقد الزواج بالنسبة لهذه المسألة؟ أرجو بهذه المناسبة معرفة رأي المذهبين المالكي والشافعي في هذا الباب. ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمؤخر الصداق دين في ذمة الزوج كسائر الديون، فإذا لم تسقطه الزوجة فواجب على الزوج أن يقضيه لها لأنه من صداقها، وقد قال الله تعالى: وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً {النساء:4} , ولها أن تهبه للزوج كسائر أموالها، قال الله تعالى: فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا {النساء:4} .
وإسقاط الزوجة عن زوجها مؤخر صداقها هو هبة كسائر الهبات، فإن أسقطته على أن لا يطلقها فطلقها بعد فترة قصيرة، فلها الحق فيما أسقطت عنه، وإن لم يطلقها إلا بعد زمن طويل، أو لم يكن تعمد الطلاق بل وقع لسبب يمين ونحوها فليس لها الحق فيما أسقطت، وقيل: إن لها الحق فيه، ففي الحطاب -وهو مالكي-: وقال في التوضيح في فصل الخلع: فرع، وإذا أعطته مالا على أن يمسكها ثم فارقها عاجلا، فقالوا: لها الرجوع. وأما إن كان بعد طول بحيث يرى أنها بلغت غرضها لم ترجع، ولو طال ولم يبلغ ما يرى أنها دفعت المال لأجله كان له من المال بقدر ذلك على التقريب فيما يرى ... إلا أن يكون الطلاق بحدثان الإسقاط ليمين نزلت ولم يتعمد ولم يستأنف يمينا فلا شيء عليه، ورأى اللخمي أن لها الرجوع ولو كان الطلاق ليمين نزلت ولم يتعمد.انتهى.
هذا ملخص المذهب المالكي في المسألة، ويبقى أن نضيف إليه فقط أن إسقاط الزوجة شيئاً من المهر لا يعتبر إسقاطاً إلا أن تسقطه بعد العقد لأنه قبل العقد ليس ملكا لها. وعليه؛ فلا ينبغي ذكره في صيغة العقد، بل بعدما يتم العقد.
وأما المذهب الشافعي فلم نجد للمسألة ذكرا فيه، إلا أنهم يذكرون أن صلح الزوجة لزوجها على أن لا يطلقها هو من الصلح الذي يحرم الحلال فلا يجوز إذاً، قال في أسنى المطالب: والذي يحرم الحلال أن يصالح زوجته على أن لا يطلقها أو نحو ذلك ... وقال في نهاية المحتاج: وكأن صالح زوجته عما تدعيه عليه وأقر لها به على أن لا يطلقها ... ا. هـ. وعليه؛ فمثل هذا الشرط لا يصح عندهم، فلا يسقط به مؤخر الصداق.
والحاصل أن الزوجة إذا أسقطت عن الزوج مؤخر الصداق بشرط أن لا يطلقها، وأنه إن طلقها لم يكن إسقاطها له نافذا، فإن لها الحق في استرجاعه منه إذا طلقها عاجلا، وإن لم يطلقها حتى مات أو طلقها بعد طول، فليس لها الرجوع فيه عند المالكية، بخلاف ما ذكر في المذهب الشافعي، فإن لها الحق فيه مطلقا ما لم تكن أسقطته مجانا.
وأما كيفية كتابة عقد الزواج بالنسبة لهذه المسألة، فلا نعلم لها صيغة متبعة، لأن هذه المسألة ليست من الأمور المعهودة في العقود، وإذا كان لبعض الشعوب عادة بفعلها، فإن صيغ عقودهم المتبعة هي ما تعارفوا هم عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1425(13/6610)
من أحكام مؤخر الصداق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود عند كتابة عقد الزواج بالمؤخر وهو 40 ليرة ذهب لمدة سنتين فهل يجب علي أن أدفع المؤخر خلال هذه الفترة المحددة، وهل يجوز التنازل من قبل الزوجة بخصوص المؤخر، وهل عند انتهاء السنتين ولم أدفع المؤخر كاملاً يعتبر الزواج باطلاً، نرجو منكم التوضيح لأنني في حيرة؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمؤخر الصداق هو القدر الذي يتأجل منه، وليس يلزم أن يكون في الصداق مؤخر، ولا أن يؤجل بسنتين تحديداً، بل يصح أن يكون كله معجلاً أو مؤخراً، وأن يتأجل بأكثر أو أقل من سنتين.
والواجب إذا تحدد أجل مؤخر الصداق بسنتين أن يدفعه الزوج عند انتهاء الأجل إن كان قادراً على دفعه ولم ترض المرأة بالتأخير عن طيب نفس، وإذا لم يكن قادراً على دفعه، فواجب المرأة تأخيره إلى أن يجد يساراً، والأفضل لها حينئذ إسقاطه، قال الله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:280} ، وإن تيسر له الدفع ولم يفعل ولم ترض هي بالتأخير، كان ذلك مطلاً، وهو حرام لما في الصحيحين من قول النبي صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم.
وسواء دفع المؤخر أو لم يدفع، وكان عدم الدفع لعذر عذر أو لغير فإن أياً من ذلك لا يؤثر على الزواج، وإذا تنازلت المرأة لزوجها عن مؤخر الصداق صح ذلك لأنه محض حقها، وتنازلها عنه أفضل لأنه أدعى إلى المودة وقوة العلاقة، وهو معروف تؤجر عليه إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1425(13/6611)
حكم عقد النكاح بدون ذكر مهر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب خاطب بنت عمي، السؤال دون إطالة: هل يجوز لي أن أعقد دون أن أدفع مهرا، مع العلم أني غير قادر ماديا على دفعه طبعا، والمهر غير محدد لأننا أهل وهذه أمور ثانوية لكني أريد أن أعقد حتى أكلمها في الحلال، مع العلم أنني ببلد وهي ببلد آخر، أي أننا لانتقابل. أرجوكم أفيدوني؟
هل يجوز أن أعقد دون أن أدفع المهر وسأدفعه بعد العقد أي قريب الدخلة لأن إمكانياتي ضعيفة جدا لدرجة أني لا أستطيع دفع أي مبلغ كان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمهر ليس من أركان النكاح الواجب حصولها عند العقد، بل يصح أن يتزوج رجل بامرأة بدون ذكر مهر، وهو ما يسمى نكاح التفويض أو التحكيم. قال خليل بن اسحاق: وجاز نكاح التفويض والتحكيم عقد بلا ذكر مهر.
وإذا تم العقد المستوفي أركانه كلها جاز لكل واحد من الزوجين من الآخر ما يجوز بين سائر الأزواج، ولو لم يكن المهر قد حدد في العقد، أو حدد ولكنه متأجل. والذي يفسد العقود هو هبة المرأة نفسها للرجل مصرحة بأنه لا مهر.
وعليه؛ فلا مانع من عقد نكاح بينك وبين بنت عمك بدون ذكر مهر، أو مع ذكر مهر مؤجل إذا قبلت المرأة ذلك، لأن تعجيل المهر أو تأخيره هو من حقها هي، ولو رضيت بإسقاطه عنك نهائيا بعد البناء لكان ذلك صحيحا ونافذا إذا كانت بالغة ورشيدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1425(13/6612)
الذهب الذي يقدمه الزوج بعد الزواج هل يعتبر من ضمن المؤجل
[السُّؤَالُ]
ـ[الصداق في عقد النكاح يقسم عندنا إلى مقدم يتم إحضاره أثناء العقد ومؤجل، هل يعتبر كل ما يقدمه الزوج من ذهب بعد الزواج بسنوات من ضمن المؤجل أم أنه يلزم إبلاغها بأن هذا من الصداق المؤجل؟ وهل إذا أحضره بدون إبلاغ يعتبر هدية وليس من المؤجل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم ما يقدمه الزوج لزوجته من ذهب وغيره في الفتوى رقم: 6066، وبناء على التفصيل المذكور في الجواب المحال عليه سيتضح لك حكم ما قدمت من ذهب لزوجتك، وهو أنه إذا كان ما يهديه الزوج لزوجته يعتبر داخلا في الصداق حسب ما تعارف الناس عليه فلك أن تحسبه عليها من الصداق الذي في ذمتك ولا يجب عليك إخبارها، أما إذا كان قدم على أنه هبة أو هدية فلا يحق لك الرجوع فيها بل هي هبة حيزت فانتقلت ملكيتها إلى الموهوبة له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1425(13/6613)
حكم إعلان جزء من الصداق وإخفاء أكثره
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال: المهر المعتاد عندنا هو خمسة آلاف دينار يدفعها أهل العريس لوالد العروس فيما بينهم دون أن يكون هناك شهود وعند كتابة العقد يكتبون المهر ربع دينار وذلك لأن هناك ضريبة على المهر مقدارها 2% من قيمته وهذا هو الذي يقال أمام القاضي والشهود فما حكم هذا العمل
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن تقليل المهور مدعاة للرجال إلى الإقدام على الزواج، وفي هذا حفظ للمجتمع الإسلامي من الانحراف خاصة في هذا الزمان الذي قل فيه الورع، وكثرت الفتن وانتشرت وتنوعت.
وقد ورد أن قلة المهر دليل على بركة المرأة وبركة النكاح، لما أخرج أحمد في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة، وأخرج كذلك: أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة.
وإن كان الأصل أنه لا حد لأكثر الصداق، لقول الحق سبحانه: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا {النساء: 20} .
أما فيما يتعلق بإعلان جزء من الصداق بعد الاتفاق على قدره وإخفاء أكثره عند العقد فهذا لا حرج فيه، وقد يتأكد ذلك إن وجدت مصلحة تقتضي ذلك. قال الخرشي المالكي: إن الزوجين إذا اتفقا على صداق بينهما في السر وأظهرا صداقا في العلانية يخالفه قدرا أو صفة أو جنسا فإن المعول عليه ما اتفقا عليه في السر، ولا يعمل بما اتفقا عليه في العلانية. اهـ. قال العدوي منبها: ولا يخفى أن تقريره هذا يفيد أن العلانية أكثر والسر قليل، ومثل ذلك: إذا أعلن الأقل وأخفى الأكثر، لخوف ظالم يطلع على كثرته فيصادر الزوج أو أهل الزوجة. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1425(13/6614)
حكم الإقدام على الزواج بمال مسروق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الزواج بمال مسروق من الدولة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الإقدام على السرقة لتغطية تكاليف الزواج ولا لغير ذلك، ولكن إن حصل ذلك فالزواج صحيح، وعلى السارق إثم السرقة، ويجب عليه أن يرد المال إلى الجهة التي أخذه منها، وأن يتوب إلى الله تعالى من ذلك الفعل، ولهذه المرأة مهر مثيلاتها من النساء، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "فتح الوهاب": لو (نكحها بما لا يملكه) كخمر وحرٍّ ودم ومغصوب (وجب مهر مثل) لفساد الصداق بانتفاء كونه مالا أو مملوكا للزواج، سواء أكان جاهلا بذلك أم عالما به. انتهى.
وقد ذكرنا حكم السرقة من المال العام في الفتوى رقم: 16747.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1425(13/6615)
ما تستحقه المطلقة قبل الدخول
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوا أن يتسع صدركم الرحب لشرحي المسألة التي أقدم بين يديكم عسى أن أحظى بحكم فقهي يحصرها ضمن إطار شرع الله. في عائلتنا شاب تقدم لخطبة فتاة تقربه وكنت بحكم أواصر القرابة التي تربطني بالطرفين الواسطة للم شملهما تحت سقف واحد وجرت الأمور على أحسن حال حتى عقد القران ولكن يظهر أن الأمر لن يتم وسيتوقف عند ذلك الحد نتيجة لاكتشاف الشاب أن هناك علاقة للفتاة بشاب آخر عن طريق الهاتف وما شابه ذلك ولم تتعد العلاقة تلك الحدود وبدأت تظهر إشكالات بين الطرفين نتيجة لذلك حيث صارت الفتاة تلمح له بطلب الطلاق والانفصال عنه وقرر الشاب فسخ عقد القران بالطلاق قبل أن يتم الزفاف فأرجو من حضرتكم سيدي بيان ما إذا كان يتوجب على الشاب دفع شيء من مقدم أو مؤخر الصداق وهل له المطالبة بالهدايا والحلي التي قدمها لها كهدايا وما دوري هنا باعتباري قريب الطرفين حيث إنني أستطيع التأثير على الشاب ومنعه من الطلاق بالإقناع واستطعت إقناع الفتاة بالعدول عن تلك العلاقة وتأكدت من ذلك.
وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نشكرك على هذا المسعى الحميد والذي نرجو أن يكون داخلا في عموم قول الحق سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: من الآية2} ، ومن هنا نقول لك: كما بدأت الجمع بين الطرفين فحاول الاصلاح بينهما بنزع سبب الخلاف بينهما، وذلك بإقناع الفتاة بترك العلاقة بينها وبين ذلك الرجل الأجنبي، ولتنبهها إلى أن هذا النوع من العلاقة محرم شرعا، ويتأكد هذا في حق المرأة المتزوجة، ولتنبهها كذلك إلى أن طلبها للطلاق من غير سبب شرعي هو معصية أخرى؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أصحاب السنن
وعلى كلٍ.. فإن تابت هذه الفتاة واستقامت فننصح ابن عمها بإبقائها في عصمته، وإن استمرت على حالها وعلى إلحاحها في طلب الطلاق فليطلقها عسى الله أن يبدله خيرا منها. وفي هذه الحالة ليس لها إلانصف المهر المسمى ويشمل ذلك مقدم المهر ومؤخره، لقول الحق سبحانه: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ {البقرة: 237} ، ومحل هذا إذا لم يحصل وطء أو خلوة شرعية، وإلا بأن حصل أحدهما فيلزم الصداق المسمى كاملا أو صداق المثل إن لم يكن مسمى، وبخصوص الهدايا فراجع فيها الفتوى رقم: 49083.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1425(13/6616)
أعطى لخطيبته شيكا كشرط جزائي فهل تستحقه عند إرادة الفسخ
[السُّؤَالُ]
ـ[أختى مخطوبة لشاب قال إنه تخرج من كلية الهندسة وهو متخرج من المعهد العالي للتكنولوجيا وأختي في كلية الصيدلة وقد تم عقد القران دون أن نعلم بذلك وهو الآن موجود بالسعودية وطلب أن تذهب أختي له عروسة بدون حفل زفاف فطلبنا منه أن يوقع على قائمة منقولات الزوجية التي تحفظ الحقوق للمرأة في بلادنا فرفض على الفور وبدأ في المساومة على مبلغ القائمة وهنا بدأت المشاكل وتفاقمت مما أدى إلى رسوب أختي وهي دائما من المتفوقين وكان قد قدم لها في الخطوبة شبكة وشيكاً بمبلغ 30000 جنيه مصري كشرط جزائي إذا تبين أنه خدعنا أو تبين كذبه ونفاقه فهل يجوز أن تأخذ أختي أو أبي الشبكة والشيك علما بأن الطرفين اتفقا على الطلاق وهو مازال يخادعنا إلى الآن وقد وافقنا عليه لتظاهره بالتدين وطبقا للآيات 236 و 237 من سورة البقرة هل يجوز أخذ هذا المبلغ. أرجو الإجابة للأهمية القصوى
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكفاءة المعتبرة في كلا الزوجين في النكاح هي الدين والخلق على الراجح من كلام أهل العلم، وعلى هذا فلا عبرة بما يقع من فوراق بين الزوجين في المستوى الاجتماعي أو المهني، وتراجع الفتوى رقم: 19166
وعلى هذا.. فإن لم يحصل الطلاق فعلاً وكان بالإمكان أن تدوم الحياة الزوجية بينهما على أحسن حال فالأولى بقاؤها في عصمته، وأما إن وقع الطلاق فعلاً، أو لم يقع وغلب على الظن وقوع الشقاق فطلقها فإنها تستحق نصف الصداق لأنه قد طلقها قبل الدخول، وأما الشبكة فهي للزوج، ما لم يكن قد جرى العرف بكونها من الصداق، فتستحق نصفها، وما لم يكن قد وهبها إياها وقبضتها، فتكون ملكاً لها، وأما الشيك فإن كان هو مؤخر الصداق فللمرأة نصف قيمته أيضاً، وإن لم يكن كذلك فليس هنالك وجه شرعي لأخذها إياه، وتراجع الفتوى رقم: 1955.
وننبه إلى أن مصلحة إتمام الزواج وإعفاف كل من الزوجين ينبغي أن تسمو على كل مصلحة من متاع هذه الدنيا الزائل، فلا يكون ذلك عائقا في سبيل إتمام الزواج، ولا سيما في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن وعزف كثير من الشباب عن الزواج وباتت كثير من الفتيات فيه عوانس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1425(13/6617)
الأحوال التي يرد فيها المهر بعد الفراق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يرد المهر إذا كان الرفض من جهة الرجل وكم المقدار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود بالرفض الطلاق فلا يخلو الأمر فيه من واحد من أمرين:
1- أن يكون الطلاق وقع بعد الوطء أو خلوة شرعية، فهذا يجب على الزوج دفع الصداق كله للمرأة إن كان مسمى، وإلا فصداق المثل. قال ابن قدامة في المغني: الرجل إذا خلا بامرأته بعد العقد الصحيح استقر عليه مهرها. انتهى.
2- أن يقع الطلاق قبل الوطء وما في حكمه، ففي هذه الحالة ليس للمرأة إلا نصف المهر المسمى، لقول الحق سبحانه وتعالى: وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ [البقرة:237] .
وإن لم يكن الصداق مسمى، فيجب لها المتعة. قال ابن قدامة في المغني: وكل فرقة ينتصف بها المسمى توجب المتعة إذا كانت مفوضة. انتهى.
وإن وقع الرفض من الرجل قبل العقد الصحيح على المرأة، فهذا لا يوجب شيئاً من الصداق قل ذلك أو كثر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1425(13/6618)
ما يترتب على الطلاق بعد العقد وقبل الزفاف
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل حضراتكم عن حكم الطلاق قبل الدخول؟ علما بأن الزوج قام بالكذب على أهل الزوجة وقال لهم إنه تخرج من كلية الهندسة، وهو في الحقيقه تخرج من المعهد العالي للتكنولوجيا وقد تغاضى أهل الزوجة عن هذا، وعندما طلبها للزواج ـ وهو يعمل فى السعودية ـ طلب أن تسافر الزوجة له بدون حفل زفاف، عند ذلك طلب أهل الزوجة منه القائمة كما هو المعتاد، فرفض على الفور، وهنا بدأت الخلافات والمشاكل واتفق الطرفان على الطلاق. علما بأن الزوجه معها الشبكة، وشيك بمبلغ 30000 جنيه مصرى.
السؤال:-
هل يجوز أن تأخذ الزوجة الشبكة وقيمة الشيك تعويضا لها؟
وجزاكم الله خيرا.
أرجو الإجابة سريعا للضرورة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان سيطلق وهو لم يجامع ولم يخلُ بها وكانوا قد اتفقوا على مهر مسمى فلها نصف المهر المفروض. وإن كان قد جامع بعد العقد وقبل الزفة، أو كان قد خلا بها فلها المهر كاملا.
وقد ذكرنا هذا مع حكم ما يقدمه الزوج من هدية في فتاوى كثيرة منها الفتاوى التالية برقم: 22068 ورقم 1955 ورقم: 49083 ورقم: 36992. وفيها ما يغني عن الإعادة هنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1425(13/6619)
هل يسقط زنا الزوجة مهرها المؤخر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج ولي أولاد وفي ليلة من اليالي فوجئت وإذا زوجتي وشخص آخر يمارسون الجنس علي فراشي
السؤال ماهي حقوقي في هذه الحالة
وهل لها حقوق عندي بعد هذا العمل الشنيع
وهل لها مؤخر صداق أو أنني أريد تعويضا عن 8سنوات عاشتها عندي
اريد الفتوى الشرعية في هذا الأمر
اريد حقي الشرعي والقانوني عندها
مع العلم أنها لا تستحي وتعترف بوساختها أمام الشرطة والناس]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 12315، حكم زنى الزوجة وكيف يتصرف الزوج الذي وجد زوجته تزني، وأما حقوق الزوجة المادية كمؤخر الصداق فلا تسقط عن الزوج بزناها لأنه حق استقر لها لما في ذمته، فلا يسقطه عنه زناها ولا غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(13/6620)
ما يتعلق بالمهر والهدايا للمطلقة قبل الدخول
[السُّؤَالُ]
ـ[جزيتم خيرا على هذا الموقع المتميز وجعله الله في ميزان حسنتاكم..
السؤال:-
خطبت لأحد أقاربي السنة الماضية.. وأُعطيت خلال هذه الخطوبة (دبلةألماس وساعة ماسية وعقدا من الذهب الأبيض ومبلغا من المال وكسوة وعطورات) .. بعدها تم عقد القران وأعطيت المهر.. مرت خمسة شهور على العقد ثم تم الطلاق قبل العرس (أي قبل الدخول) وأعطيت خمسة آلاف درهم ولا أعرف عن ماذا هذا المبلغ!! ولم يطلبوا شيئا مما أعطوني!!..السؤال هو هل علي إرجاع شيء مما أعطيت مما سبق ذكره؟؟ .. علما بأن عند تخرجي من الجامعة أهداني هدية رمزية للمناسبة!!.. أنا في حيرة من أمري ولا أعرف هل علي إرجاع شيء مما أخذت؟؟ أرجوكم أجيبوني عن سؤالي!! جزيتم خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة تملك نصف المهر المفروض بمجرد العقد الصحيح، فإن وقع الطلاق قبل الدخول أخذت نصف الصداق المسمى، سواء كانت قبضت المقدم فقط أو قبضته كله فليس لها إلا نصفه؛ لقوله تعالى: [وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ] (البقرة: 137) .
ويستحب لكل من الزوجين أن يعفو عن النصف الواجب له لصاحبه، بدليل الآية المتقدمة.
وأما الهدايا التي قدمت للزوجة زمن الخطوبة فإن كان العرف السائد في البلد أنها من المهر فإنها تتنصف بالطلاق قبل الدخول مثل المهر فتأخذ نصفها وترد نصفها، وإن كان العرف أنها ليست من المهر وإنما هي هدايا يقدمها الخاطب إلى مخطوبته أو الزوج إلى زوجته من غير شرط، فإنها حينئذ تكون ملكا للزوجة، ولا ترد منها شيئا، سواء وقع الطلاق قبل الدخول أو بعده، فهي هبة بغير عوض تم قبضها، ولا يجوز الرجوع فيها على الصحيح، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه أصحاب السنن، وقال التسولي في شرح تحفة الحكام لابن عاصم عند قوله: وكل ما يرسله الزوج إلى زوجته من الهدايا والحلي، فإن يكن هدية سماها فلا يجوز أخذه إياها. قال: وهذا كله في الهدية المتطوع بها ولم تشترط ولا جرى عرف بها، وأما إن اشترطت في العقد وقبله أو جرى عرف بها فهي كالصداق، لأن العرف كالشرط. اهـ.
وعليه، فإن على الأخت السائلة أن ترد نصف المهر إلى الزوج، فإن عفا عنه فقد أحسن، وإن أخذه فهو حقه وأما المبلغ الذي أعطي بعد الطلاق فعلى الزوجة إرجاعه إلا أن يكون هبة لها منه، وذلك لأن المطلقة قبل البناء المفروض لها قدر الصداق لا تستحق إلا نصف المسمى ولا متعة لها.
ولتوضيح هذا يرجى مراجعة الفتوى رقم: 22068.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1425(13/6621)
هل يبرأ الزوج بإعطائه مؤخر صداق طليقته لوليها
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بإرسال سؤالين إلى استشارات الشبكة ولم أصل إلى الإجابه منهم.. ونرجو منكم المساعده في الإجابه للأهميه
السؤال الأول.... لي ابن عم كان قد تزوج من امرأة من دولة غير دولته الأصلية وقد تم الطلاق بينهم بالمرة الثالثة التي أصبحت فيه محرمة عليه إلا بزواجها من آخر، وكان الزوج المطلق بعد الطلاق قد أعطى والدها كل مستحقاتها على أساس أن والدها هو ولي أمرها في الزواج وبعد ذلك انقطعت العلاقات نهايئا ولم يعرف إذا كان قد وصلتها مستحقاتها من والدها أم لا فهو يود الأطمئنان هل هو ملزم بأن يتابع إذا كان حقها قد وصلها أم هو بإعطاء والدها مستحقاتها قد أصبح بريئا الذمة أمام الله
والسؤال الثانى ... سمعت ذات يوم من شخص مقولة على أساس أنها حديث شريف وأود منكم إخبارى عن صحة المقولة من عدم صحتها المقولة تقول عن الرسول صلى الله عليه وسلم (من زنى فى غربته لن يعود سالما وإن عاد سالما لن يعود غانما) صدق رسول الله إن كان قد قال.. أود منكم تعريفى إن كان هذا حديثا شريفا موثوقا به أم لا؟ وأنا شاب مغترب خارج بلدي سعيا وراء الكسب المادي وقد حدث ذات يوم ان اغوتنى فتاة في البلد التي أنا بها وحدث أن انكشف جسدها كله علي ولكن لم يحدث الجماع الكامل معها على أساس أنها بنت بكر وأنا غير مرتاح عن عملي هذا طبعا وسمعت المقولة التى أبلغتكم عنها زادت من توتري فهل إن كانت هذه المقولة صحيحة فما مدى تطبيقها على حالتي هذه وكيف إن كان هناك كفارة لذنبى هذا كيف تكون.... ونرجو منكم الأفادة السريعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الزوجة سفيهة أو صغيرة فإن الزوج يدفع مستحقاتها إلى أبيها لأنه ولي مالها، وكذلك إن كانت رشيدة ووكلت أباها على القبض أو قبضه بحضرتها وسكتت فإن ذلك يعتبر إجازة لقبضه ويبرأ الزوج أيضا به، أما إن كانت رشيدة فلا يبرأ الزوج بتسليم صداقها إلى أبيها إلا أن يكون موكلا من قبلها، قال في المغني: ولا يبرأ إلا بالتسليم إليها أو إلى وكيلها ولا يبرأ بالتسليم إلى أبيها ولا إلى غيره بكرا كانت أوثيبا، إلى أن قال وهذا مذهب الشافعي، وقال أبو حنيفة له قبض صداق البكر دون الثيب لأن ذلك العادة ولأن البكر تستحي فقام أبوها مقامها كما قام مقامها في تزويجها، ثم قال وإن كانت غير رشيدة سلمه إلى ولي مالها أبيها أو وصيه. انتهى، كلام المغني،
ويتفق المالكية مع الأحناف في أن الأب يقبض صداق ابنته البكر ولو بالغة ويبرأ الزوج من الصداق، قال الشيخ أحمد الدردير عند قول الشيخ خليل بن إسحاق المالكي،وقبضه مجبر ووصي وصدقا أي المجبر والوصي في دعوى تلفه أو ضياعه بلا تفريط ولو لم تقم بينة وكان مما يغاب عليه ومصيبته من الزوجة فلا رجوع لها على زوج ولا غيره، قال الدسوقي معلقا على هذا الكلام وحاصله أنهما يعني المجبر والوصي إذا ادعيا قبضه من الزوج وأنه تلف فإنهما يصدقان في القبض فيبرأ الزوج، إلى أن قال وأما الرشيدة فتقبضه ولا يقبضه وليها إلا بتوكيلها. انتهى ويعني بها الثيب الرشيدة ويتبين من هذه النصوص أن أكثر الفقهاء على أن الزوج يبرأ بقبض الولي إن كانت الزوجة صغيرة أو كانت سفيهة ثيبا كانت أو بكرا، وأنه يبرا في حال التوكيل من الرشيدة، فلينظر السائل إن كانت زوجته سابقا ثيبا رشيدة ولم توكل أباها على قبض صداقها، فإن عليه أن يتأكد من أنه دفعه لها فإن علم أنه لم يدفعه لها، دفع إليها صداقها، ويرجع هو على الاب الذي قبض منه الصداق، وإن كانت صغيرة أو بكرا بالغة أو سفيهة فإنه قد برأ بدفع صداقها لأبيها هذا على مذهب مالك وأبي حنيفة رحمهما الله تعالى: ويؤيده جريان العادة بقبض الأباء لمهور بناتهم، وأما السؤال الثاني فقد تمت الإجابة عليه في الفتوى رقم: 48586
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1425(13/6622)
المهر المعجل والمؤجل غير المقبوض يحسب من التركة
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي في الله، فيما يلي أعرض على حضرتكم أمرا أطلب من جنابكم الفتوى فيه وسأحاول تجنب الإطالة ما استطعت إن شاء الله.
تعرضت شقيقتي منذ فترة لحادث سيارة أودى بحياتها ولاحول ولاقوة إلا بالله.، وكانت مع زوجها وأطفالها (ولها ثلاث بنات أكبرهن 9 سنوات)
وثبت لدينا أن الحادث كان نتيجة إهمال وسوء تقدير من زوجها الذي كان يقودالسيارة.
مع العلم أن مهرها كان معجله ومؤجله غير مدفوع.
وقد كانت شقيقتي تستثمر معي مبلغا من النقود من مالها الخاص يعادل مجموع مهرها.
وهذا المبلغ كان سرا بيننا.
فماذا أفعل بهذا المبلغ؟ هل أعيده إلى زوجها (وكيل بناتها الآن)
وما هي نسب الإرث منها علما أن والديها على قيد الحياة، ولها أشقاء وشقيقات، وثلاث بنات. وليس لها أبناء ذكور.
هل يصح أن أبقي هذا المبلغ في طي الكتمان وأستمر باستثماره وأوزع عائداته على روح شقيقتي، إلى حين أن تكبر بناتها وأعطيه لهن بعد استسماح والدي، أم أدفعه الآن إلى ورثتها وفق النصاب الشرعي، مع العلم أن علاقتنا مع زوجها متوترة.
السؤال الثاني: كون زوج شقيقتي هو المتسبب بوفاتها.. هل يتوجب عليه دفع دية؟ وما هي قيمتها في حال توجبها. وما هي مصارفها؟ هل نتصدق بها جميعها أم توزع على الورثة؟!
أفيدونا بما فتح الله عليكم، ولكم جزيل الشكر،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة عما إذا كان عليك أن تعطي المبلغ الذي لأختك للزوج أو تكتمه وتستمر في استثماره، أقول لكم إن على الزوج أن يخرج المهر الذي لزمه لأختك (معجله ومؤجله) حتى يكون من ضمن تركتها، فإذا لم يفعل ذلك فإنه يحسب في التركة، وكأنه موجود ويوزع على الورثة كما توزع جميع أجزاء التركة، وليس لك أنت أن تستمر في استثمار المبلغ الذي كان عندك لأن ملكيته انتقلت إلى غير أختك، فلا يفعل به إلا ما يرضى به الورثة، ولا يجوز كتمانه بحال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1425(13/6623)
حكم شبكة الخطوبة إذا فسخت الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[نشكركم على الرد على السؤال بشأن إذا انفسخت الخطبة بسبب المخطوبة لمن تكون الشبكة للخطيب أم للخطيب؟
السؤال ما هو الدليل من الكتاب أو السنة على هذا السؤال؟
أي ما هو الدليل من الكتاب أو السنة على أنه إذا كانت الخطبة قد انفسخت بسبب المخطوبة ترد الشبكة إلى الخاطب على أساس أن الشبكة نوع من المهر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يسمى بشبكة الخطوبة لا تخلو من أن تكون هدية من الخاطب للمخطوبة أو تكون جزءا من المهر إن تم الاتفاق على ذلك، أو جرى العرف باعتبارها جزءا منه.
فإذا كانت هدية فإنه تجري عليها أحكام الهبة والهدية وهي تلزم بالقبض، وتكون ملكا للمخطوبة، ولا يحق للخاطب الرجوع فيها لحديث: لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وإن قدمت على أنها جزء من الصداق عرفا أو اتفاقا، وانفسخت الخطبة، فإنها من حق الخاطب، لأنه من المعلوم أن المهر لا يتقرر إلا بالعقد، وليست الخطبة عقدا، فوجب إرجاع الشبكة إلى الخاطب، إلا أن تطيب نفسه بها. وراجع الفتوى رقم: 905، و 6066.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1425(13/6624)
للزوجة العاقلة الرشيدة الحق في إسقاط صداقها أو بعضه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تبرئني زوجتي من مؤخر الصداق في حالة موتي أو موتها فقط دون أن تبرئني منه في حالة الطلاق أم أن الإبراء من المؤخر يجب أن يكون عاماً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزوجة تملك نصف الصداق بمجرد العقد عليها، ويتكمل لها كله بالدخول، وبالتالي يصبح هذا الصداق حقاً ثابتاً لها على زوجها سواء أجل كله أو بعضه، لكن إن كانت الزوجة بالغة عاقلة رشيدة جاز لها أن تعفي زوجها من صداقها أو من بعضه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 28137.
وعلى هذا فإذا أسقطت زوجك حقها عليك في مؤخر صداقها، وكانت لها الأهلية في فعل ذلك فلم تعد مطالباً به، أما إن لم تفعل أوفعلته ولكنها فاقدة الحق التصرف، فلا يزال هذا المؤخر ديناً في ذمتك يلزمك الوفاء به عند حلول أجله، وإن مت قبل أدائه فهو كغيره من سائر الديون التي تقضى قبل قسم التركة، وإن كان الميت هي فإن ورثتها يملكون هذا المؤخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(13/6625)
حكم كتابة القائمة عند العقد بين العروسين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل موضوع كتابة قائمة عند كتب الكتاب بين العروسين بدعة يهودية، أي أنها حرام علما بأن بعض العائلات يصرون عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود بالقائمة التي تكتب عند عقد النكاح هي ما يعطيه الزوج لزوجته، فلا حرج في ذلك، لاسيما إذا جرت عادة البلد بذلك، لما فيه من دفع ما قد يحصل من نزاع بين الزوجين، وليس هذا في ما نعلم من خصائص اليهود حتى يقال يمنع حذراً من التشبه بهم، وإن كان المقصود بالقائمة شيئاً آخر، فنرجو من الأخ السائل بيانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(13/6626)
الخلوة بعد العقد تثبت المهر وتوجب العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[حدث بيني وبين زوجي بعد عقد القران خلوة فيها قبلات ومداعبات والتصاق العضوين ولكن بدون إدخال، وقد تم الطلاق لمرض الزوج، وعند الطلاق قلت لم تحدث خلوة خوفاً من الفضيحة، ما رأيكم، أفيدوني لأني أخاف من الحرام، هل أنا على ذمته أم لا وهل لي عدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه خلوة صحيحة يثبت لك بها المهر وتجب عليك بها العدة ولو لم يحصل فيها وطء، وإلى هذا ذهب طائفة من أهل العلم ومنهم الحنفية والحنابلة، قال الرحيباني في مطالب أولي النهى: ولو اتفقا -أي الزوج والزوجة التي خلا بها- على أن لم يطأها في الخلوة مع علمه بها، لم يسقط مهر ولا وجوب عدة، نص عليه -أي الإمام أحمد رحمه الله-.
وقال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وجملة ذلك أن الرجل إذا خلا بامرأته بعد العقد الصحيح، استقر عليه مهرها ووجبت عليها العدة وإن لم يطأ، روي ذلك عن الخلفاء الراشدين وزيد وابن عمر، وبه قال علي بن الحسين وعروة وعطاء والزهري والأوزاعي وإسحاق وأصحاب الرأي، وهو قديم قولي الشافعي. انتهى.
والعدة ثلاث حيضات، وإذا عفوت عن المهر فهو أفضل لقول الله تعالى: وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [البقرة:237] .
وما كان يحق لك أن تكتمي شيئاً من الخلوة وما يتصل بها عند الفراق، لما يترتب على كتمان ذلك من أمور يجب الإفصاح عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1424(13/6627)
حكم إكراه الزوجة على طلب الطلاق لإسقاط مهرها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إكراه المرأة على طلب الطلاق حتى لا تأخذ حقها؟ وما حكم ضربها؟ ومتى يجوز ضرب المرأة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإكراه الزوجة على طلب الطلاق لإسقاط حقها في مؤخر صداقها أمر في غاية الحرمة، وإن حصل على هذا الوجه فإن الزوج لا يزال مديناً للمرأة بحقها، وانظر الفتوى رقم: 6655
أما متى يجوز ضرب المرأة ويحرم، فقد مضى جواب فيه تحت رقم: 69
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1424(13/6628)
المهر غير المقبوض حق للزوجة في ذمة الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل مهر المرأة غير المقبوض من حقها في حال طلبت الطلاق من زوجها بلا مبرر شرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فطلب المرأة الطلاق من غير عذر لا يجوز شرعاً، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 10298
وأما المهر غير المقبوض فهو حق للمرأة في ذمة الزوج طلقت أم لم تطلق لحديث فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها رواه الترمذي وغيره.
وهي تستحقه ما لم تتنازل عنه مقابل الطلاق، لقول الله تعالى ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله ... ، وراجع الفتويين التاليتين 8649 29474
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(13/6629)
هل يسقط الصداق بتنازل الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إبراء ذمتي من دفع مؤخر صداق زوجتي وبخاصة أن الرقم طبقا للاتفاق قبل الزواج علي الصداق المسمى بينهما عاجله وآجله، بينما دفعت مهر آنذاك 900 جنيها في عام 1979 وإنني أحاول إبراء ذمتي قبل الحج وقد سألت زوجتي عن ذلك وأفادت شفاهة أنها مسامحة، فرجاء إفادتي سريعا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمهر حق للزوجة، فإذا أبرأت الزوج منه أو من بعضه برأت ذمته، وليس لها بعد ذلك الرجوع، نص على ذلك الفقهاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1424(13/6630)
حكم تقسيط مؤخر الصداق
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: هل يجوز شرعا تقسيط مؤخر الصداق أم أن في ذلك ظلماً، وعلى أي أساس يتم احتساب مقدار النفقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمؤخر من الصداق إن كان تأخيره لأجل معلوم، فللزوجة المطالبة به إذا حل ذلك الأجل، ولا يجوز تقسيطه إلا برضاها.
أما إذا لم يكن هنالك أجل لتسديد المؤخر من الصداق، فليس الزوجة مطالبة الزوج به، إلا أن يفرق بينهما موت أو طلاق، كما هو العرف الجاري في أكثر البلدان، فإذا وقعت الفرقة حق للمرأة المطالبة بمؤخر الصداق، ولم يجز تقسيطه إلا بإذنها ورضاها، كما تقدم، وانظر الفتوى رقم: 4097.
ومحل اشتراط إذن الزوجة ورضاها، إذا كان الزوج قادراً على سداد المؤخر بأكمله مرة واحدة، فإن كان عاجزاً عن ذلك فله تقسيطه بما يتناسب مع قدرته على السداد، لعموم قوله تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:280] .
والصحيح من أقوال أهل العلم أن النفقة لا تحد بحد، إنما المرجع في ذلك إلى العرف، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 7455.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1424(13/6631)
المعتبر في تحديد المهر قول المرأة أم وليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة مخطوبة وعندما قررنا أن نكتب كتابنا واجهنا بعض المشاكل مع أهلي حول المهر. فقد طلب أهلي مهرا قدره خمسون ألف دولار أميركي، مع العلم بأنه شاب متدين جدا. فوقعت بعض الخلافات واضطررنا إلى عدم فتح الموضوع ثانية خوفا من العودة إلى المشاكل. هل يحق لأهلي أن يطلبوا مبلغا للمهر كهذا من شاب شديد التدين وحسن الأخلاق؟ أرجو الإجابة بأسرع وقت ممكن، كي نحل هذه المسألة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس هناك حد لأقل المهر ولا لأكثره، إلا أن من السنة تقليله وتيسره. كما هو مبين في الفتاوى التالية: 31508، 3074، 27264، 24743.
وفيها أيضًا نصائح في تعامل الفتاة مع وليها الذي يغالي بمهرها؟
لكن عند اختلاف المرأة ووليها في تحديد المهر فالمعتبر قول من في ذلك المهر؟ تفصيل، ففي المدونة: فإن كانت بكرًا فقالت قد رضيت وقال الولي لا أرضى - والفرض أقل من صداق مثلها - قال: الرضا إلى الولي وليس إليها؛ لأن أمرها ليس يجوز في نفسها. قال ابن القاسم: ولو كان فرض الزوج لها هوصداق مثلها، فقالت: قد رضيت، وقال الولي: لا أرضى، كان القول قولها ولم يكن للولي هاهنا قول.. قلت: فإن قالت لا أرضى، وقال الولي قد رضيت. قال: القول قول الولي إذا كان ذلك صداق مثلها. قلت: وإن كانت أيّمًا. قال: الرضا رضاها ولا يلتفت إلى رضا الولي معها. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1424(13/6632)
لا تبرأ ذمة الزوج ما لم يدفع المهر
[السُّؤَالُ]
ـ[خالتي عندما تزوجتُ من ابنها تواعدنا أن تعطيني بقية مهري وعندما تزوجت منه لم تعطني بقية المهر فعلم أبوها (جدي) بهذا الأمر وقرر أن يحرمها من الميراث وأن يعطيني إياه وعلم أنها كانت تعذبني فحزن وأنها لم تسأل عن أبيها مدة تزيد عن 22 سنة فهل هذا سبب لأن يمنعها من الميراث وهل يجوز أن تأخذ زوجة الابن المال أم لا؟ علما بأن الجد موافق وهو بكامل قواه العقلية.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مهر المرأة حق واجب لها على زوجها لا على غيره، لقوله تعالى: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً [النساء:4] .
وكون غير الزوج وعد بدفعه لا يبرئه هو منه ما لم يدفع بالفعل، لذا فلا يحق للسائلة أن تطالب بما بقي من مهرها إلا زوجها.
أما الخالة، فيجب أن لا تكون عائقاً بين ولدها وأداء ما عليه من الحقوق، وتجب عليها المبادرة إلى بر أبيها والإحسان إليه، كما قال تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً. وقال تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً.
وعليها أن تبحث عن من له صلة حسنة بالأب حتى يسعى في رضا الأب عنها.
وبالنسبة لهبة ماله لك أيتها السائلة، فما أعطاه لك في حال تصرفه الصحيح، حيث تكون الهبة في حال صحته طائعاً بها، وقمت بحيازة تلك العطية، فذلك العطاء صحيح ماضٍ، كما هو مذكور في الفتوى رقم: 25741.
أما ما تركه الأب من مال بعد وفاته، فإن البنت لها حقها من الإرث، كما قال تعالى: وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ. ولا يسوغ لأحد منعها منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1424(13/6633)
ليس لأحد العفو عن الصداق إلا الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب مقبل على الزواج, وقد عقدت النكاح بمهر قدره تسعون ألف ريال، وقد سجل في عقد النكاح, وقد كلمت أهل زوجتي حتى يخفضوا من قيمة المهر حتى يتسنى لي جمعه وقد وافقوا على جعله أربعين ألفا, السؤال هو هل يجب علي دفع المهر المسجل في العقد أو ما اتفق عليه لاحقا.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تم عقد النكاح على مهر معين فالواجب على الزوج دفعه للزوجة كاملاً، إلاَّ إذا كانت بالغة رشيدة وعفت عن مهرها أو بعضه فلا حرج في ذلك، ولا يحق لوليها العفو عن شيء من مهرها بغير رضاها. قال الإمام النووي رحمه الله: وليس لولي عفو عن صداق على الجديد.
وقال المرداوي: ليس له أن يعفو عن مهر ابنته البالغة وهو صحيح المذهب.
وعليه فالواجب عليك دفع ما تم عليه العقد، وهو تسعون ألف ريال، إلا إذا تنازلت الزوجة عن شيء منه، فلا بأس؛ لقوله تعالى: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً [النساء:4] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424(13/6634)
الحكم بقبض الزوجة الصداق قضاء لا يسقط ديانة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت متزوجة من رجل لا يعرف ما معنى قول الله تعالى وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً، للأسف بعد عقد القران بيننا صار يعيرني ويحتقرني لأني عايشة في بلده ويعير بنات بلدي بالفساد، وأمور بخصوص هذا الموضوع، وكثيراً ما قلت له حرام هذا الذي تقول، ولم يسمع كلامي، ورحت أشتكيه للقاضي، وحصل الطلاق بيننا والحمد لله رب العالمين، سؤالي: ما حكم الشرع في أن يوم عقد القران لم آخذ مهري منه، وقلت عند القاضي بأنني أخذته وذلك لأنني أريد الستر، وقبل ما أقول هذا الكلام عند القاضي قال لي بأن مهري عليه أمانة إلى يوم الدين، هل هذا الذي فعلته يجعلني مذنبة أمام الله؟ مع العلم بأنني كان هدفي أنه سوف يكون لي زوجاً ولم أظن أنه بمثل هذه التصرفات، وما حكم الدين في مثل هذا الرجل؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى قد شرع الزواج لمقاصد شرعية عظيمة، ولمعانٍ سامية، ومن ذلك تحقيق السكن والاستقرار النفسي بين الزوجين، وإنما يتحقق ذلك بمعرفة كل من الطرفين لما عليه من واجبات وما له من حقوق، والعمل وفقًا لذلك.
وقد أرشد الشرع الحكيم الزوج إلى الإحسان لزوجته، ففي سنن الترمذي عن عمرو بن الأحوص عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبة الوداع: ألا واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هنَّ عوان عندكم.
إذا تقرر هذا فإن ما قام به هذا الزوج تجاه زوجته لا شك أنه أمر لا يجوز شرعًا. وأما إخبار الأخت السائلة للقاضي بأنها قد قبضت الصداق، والواقع خلاف ما ذكرت، فإنها بهذا قد وقعت في الكذب، فالواجب عليها التوبة من ذلك. وأما الصداق فهو لازم للزوجة على زوجها كاملاً مادام الطلاق قد وقع بعد الدخول.
ولمزيد من الفائدة نحيل السائلة على الفتويين: 24917 /
31818
وننبه إلى أن الحكم بقبض الزوجة للصداق قضاء لا يسقطه عن الزوج ديانة، من أجل هذا كان قولنا بأن الصداق لازم له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1424(13/6635)
مهر أمنا حواء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما هو المهر الذي أعطاه سيدنا آدم لحواء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننصح الأخ السائل وجميع الإخوة الداخلين على مركز الفتوى بأن يسألوا عما تحته عمل، وعمَّا ينفع علمه في الدنيا والآخرة.
أما عن المهر الذي أعطاه أبونا آدم لأمنا حواء فذاك عرس لم نشهده، ولا يهمنا ما هو ذاك المهر إن كان هناك مهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1424(13/6636)
مؤخر الصداق ليس بلازم في الزواج.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم: تقدم لي رجل من غير جنسيتي وهو متزوج، وله أولاد، وملتزم ديناً، المشكلة أنه يرفض المؤخر ولا يعتبره ضرورياً في عقد الزواج، وكان هذا شرطه في إتمام الزواج الثاني، فهل يحق له رفض المؤخر أم لا؟ مع أن المهر قليل لا يتجاوز 2000 دينار. أرجو إفادتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننصحك بالموافقة على زواجك من هذا الرجل ما دام صاحب دين وخلق، فقد روى الترمذي في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض.
وأما الصداق فإنه واجب، لكن بما يتراضى عليه الزوجان مما فيه منفعة، ولو كان خاتما من حديد، وراجعي الفتوى رقم: 7650،. ولا يلزم في الصداق أن يكون منه ما هو مؤجل، بل يجوز تأجيله كله أو تعجيله كله، أو تأجيل بعضه وتعجيل البعض الآخر. وراجعي الفتوى رقم: 17243،. واعلمي أن المهر كلما كان أيسر كان الزواج أكثر بركة، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 10544، والفتوى رقم: 3074.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1424(13/6637)
قول العلماء في اشتراط الأب على الزوج شيئا من المهر لنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قولكم فيما يشترطه أهل البنت لأنفسهم من مال أو غيره حين يخطبها خاطب؟ وما العمل إذا ظهر أن هذا المال حرام هل يردونه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في اشتراط الأب أو الولي على الزوج مالاً من المهر أو زائدا عليه هل يجوز أم لا؟ فذهب المالكية إلى أن ما اشترط في عقد النكاح من عطاء يشترطه الولي لنفسه أو لغيره، فإن ذلك كله للزوجة.
وذهب الشافعية إلى عدم جواز ذلك، وأن الصداق فاسد، وللزوجة مهر المثل.
وذهب الحنابلة إلى صحة ذلك.
قال الإمام الباجي المالكي في المنتقى: قوله -يعني مالكا - (أن كل ما اشترط المنكح من كان أبا أو غيره من حباء أو كرامة فهو للمرأة إن ابتغته) يقتضي أن ما اشترط في عقد النكاح من عطاء يشترط الولي لنفسه أو لغيره، فإن ذلك كله للزوجة، ووجهه أنه عقد معاوضة، فوجب أن يكون جميع عوضه لمن عوضه من جهته كالبيع والإجارة. انتهى.
وقال جلال الدين المحلي الشافعي في شرح المنهاج: ولو نكح بألف على أن لأبيها أو على أن يعطيه ألفا، فالمذهب فساد الصداق، ووجوب مهر المثل، في المسألتين، لأنه جعل بعض ما التزمه في مقابلة البضع لغير الزوجة، والطريق الثاني فساده في الأولى دون الثانية، كما نص عليه في مختصر المزني، لأن لفظ الإعطاء لا يقتضي أن يكون المعطى للأب، والطريق الثالث في كلٍ قولان بالنقل والتخريج أحدهما الصحة بالألفين، ويلغو ذكر الأب. انتهى.
وقال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: (ولأبي المرأة الحرة أن يشترط شيئا من صداقها لنفسه) بل يصح (ولو) اشترط (الكل) أي كل الصداق، لأن شعيبا زوج موسى عليهما الصلاة والسلام ابنته على رعاية غنمه وذلك اشترط لنفسه، ولأن للوالد الأخذ من مال ولده، لقوله صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. ولقوله صلى الله عليه وسلم: إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم. رواه أبو داود والترمذي وحسنه، فإذا اشترط شيئا لنفسه من مهر ابنته صح. انتهى.
والراجح ما ذهب إليه الحنابلة.
وينبغي للولي أن يكون عونا لبنته في زواجها لا أن يطلب الرزق مما يعطى حلوانا لبضعها، وقد أعرض كثير من الشباب عن الزواج بسبب ما يفرض من قبل الأولياء من تكاليف الزواج التي تدفع للزوجة وأبيها وأمها وأخواتها وما يتبع ذلك، وقد سئل عكرمة رحمه الله عما يأخذه الأب فقال كما في المصنف: إن كان هو الذي ينكح فهو له. انتهى، وفي كلامه رحمه الله زجر شديد عن ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1424(13/6638)
لا بأس بتقديم المهر على العقد إذا كان عن تراض
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حكم دفع مهر المرأة قبل العقد بشهر أو أقل بحجة أن المرأة تقوم بتجهيز ما يلزمها إذا كانت لاتملك المال؟.
أجيبوني جزاكم الله عني كل خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا مانع من تقديم المهر على العقد إذا كان ذلك عن تراضٍ، ولابد من العلم بأنه لا يثبت المهر إلا بالعقد،
فلو فرض أن الزواج لم يتم، فإن المهر يرجع إلى الرجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1424(13/6639)
لا يتصرف في مهر الزوجة إلا بإذنها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لوالد الفتاة المخطوبة، أخذ جزء من مهرها دون إذنها لحاجة ما، بحجة أنها تعمل وسوف تعيد الجزء الذي أخذه من المهر من راتبها، وبحجة أنه علمها في الجامعة وسمح لها بالعمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المهر حق للمرأة، فلا يجوز للولي التصرف في شيء منه إلا بإذنها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 5171
ومما ينبغي أن تنتبه له البنت في هذه الحالة أن والدها إن كان محتاجاً فلا ينبغي لها أن تبخل عليه بمالها، بل عليها أن تبادر إلى الإحسان إليه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 3459
وأما احتجاج الوالد بأخذه من مالها مقابل ما أنفق عليها فهو أمر لا ينبغي، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 6630
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1424(13/6640)
التغالي في المهور مذموم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متوسط الحالة أردت الزواج من فتاة أحبها لكن غلاء المهر (المقدم) وقف حائلا بيني وبينها فالمهر كان كبيراً مع العلم بأني شاب أحب الله ورسوله وسبب غلاء المهر أنهم يخافون على الفتاة لأن شباب اليوم غير شباب الأمس ولأن الناس كلهم يغالون في المهور (ما في حدا أحسن من حدا) .
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن غلاء المهور قد ورد ذمه، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ألا لا تغلوا صدق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة لكان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ما أنكح شيئاً من بناته ولا نسائه فوق اثنتي عشرة أوقية.... ولتنظر شيئاً من ذلك في الفتوى رقم: 3074.
فإذا لم تفلح في إقناع أهل هذه الفتاة أو غيرها، ولم تتمكن من أن تتزوج، فعليك بامتثال نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال في ما رواه علقمة قال: بينما أنا أمشي مع عبد الله رضي الله عنه فقال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1424(13/6641)
حكم طلب أهل الزوجة زيادة على المهر وتوزيعه على الأقارب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
جرت العادة عندنا بعد تحديد المهر أن يطلب الأب مبلغاً معيناً وتطلب الأم مبلغاً معيناً هي بدورها ويوزع هذا المبلغ على الأقارب من كل طرف (الأم والأب) فما حكم الشرع فيه؟ وإن كنت من أحد الأقارب بمثابة العم أو الخال أو الأخ ما حكم أخذ هذا المبلغ؟ وهل يجوز للأب طلبه أو الأم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما جرت به العادة من طلب الأب والأم مبلغاً من المال زيادة على المهر وتوزيعه على الأقارب يعتبر من المهر ويحسب منه، ولا شيء في طلبه لأنه جزء من المهر.
وإن كان الأولى ترك ذلك، لما فيه من مظنة الجشع والطمع، والله تعالى يقول: وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ [البقرة:237] .
وإذا حصل فراق قبل الدخول، فللزوج المطالبة بنصف جميع ما دفع من الهدايا وغيرها، لأن حكم ذلك حكم الصداق.
وكذلك للزوجة المطالبة بنصف ما وقع عليه العقد من الهدايا وغيرها، لأن ذلك هبة لأجل النكاح، هذا خلاصة ما ذكره شراح مختصر الشيخ خليل المالكي عند قوله: في الصداق وتَشَطَّر، وهدية اشترطت لها أو لوليها قبله.
وأما الأقارب، فيجوز لهم أخذ ما أعطي لهم، ولكنه إذا أعطي لهم على سبيل التعويض أو المساعدة في الجهاز، أو ما أشبه ذلك مما هو معروف في بعض البلاد أو عند بعض المجتمعات لزمهم التعويض، لأنها هبة العوض، أو هدية لثواب.
وذلك لما رواه مالك في الموطأ أن عمر رضي الله عنه قال: ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها إذا لم يرض منها.
وهو ما درج عليه صاحب الرسالة، فقال: والموهوب للعوض إما أثاب القيمة أو رد الهبة.... .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1424(13/6642)
المطلقة المدخول بها لها بقية صداقها كاملا
[السُّؤَالُ]
ـ[عند الطلاق هل يدفع مؤخر الصداق كاملا كما كتب بعقد الزواج أم يخصم منه شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمطلقة المفروض لها صداق إما أن تكون مدخولاً بها أو لا، فإن كانت مدخولاً بها فلها بقية صداقها كاملاً، لأنه دين لها في ذمة الزوج تستحقه عند نهاية الأجل الذي ضرب له سواء كان طلاقاً أو موتاً أو غير ذلك، لقول الله تعالى: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً* وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً [النساء:20-21] .
وإن كانت غير مدخول بها فلها نصفه لقول الله تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [البقرة:237] ، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 1955.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(13/6643)
إن كانت رشيدة جاز لها التصرف في مهرها بما شاءت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة مقبلة على الزواج بعد أشهر إن شاء الله نويت أن أنفق مهري في سبيل الله لأن الله هو الوحيد القادر على ستري في الدنيا والآخرة لكن البنت في بلدي يجب أن تشتري ذهباً وتساعد أهلها أمام الناس وأنا لا أريد أن يعلم أحد بما نويت فقدمت 50 ألف كصدقة علماً أن المهر300 ألف وأنوي أن أتم باقي المهر بعد الزواج وذلك حرصاً على أن لا يعلم الناس بذلك سؤالي هو: هل يجوز لي ذلك؟ وهل أنا مصيبة أم يجب أن أنفق المهر قبل العرس؟ علماً بأني فعلته حمدا وشكرا لله الواحد القهار الستار وقد قلت عندما نويت إن شاء الله ولم أنذر لأن النذر مكروه بل نية.
وجزاكم الله عني ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مجرد نية الإنسان التصدق بشيء ما لا يوجب عليه أن يتصدق به، لأن النية ليست نذراً.
وعليه، فلا يلزم السائلة أن تنفق مهرها في سبيل الله، لكن إذا أرادت أن تحقق ما نوته وكانت رشيدة، فلا شك أن لها حق التصرف في مهرها بما شاءت من صدقة أو هبة أو غير ذلك من وجوه التصرف المباحة.
قال في مواهب الجليل -وهو مالكي-: فرع قال ابن عرفة: للزوجة التصرف في مهرها بالبيع والهبة والصدقة اتفاقاً. انتهى.
لكن إذا كان عرف البلد السائد فيه هو أن تجهيز النساء يتم من مهورهن، ولم يكن للسائلة مصدر تتجهز به لزوجها غير صداقها، فإنه يلزمها أن تتجهز لزوجها من صداقها، حسبما اشترط أو تعارف عند أهل البلد، ولا يحق لها أن تتصرف في الصداق بما يخل بذلك الشرط أو العرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(13/6644)
من شروط المهر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا شاب مسلم تزوجت من امرأة نصرانية وأخبرتها أن لها مهرا تطلبه فأصرت على أن يكون مهرها وردة أهديها إياها يوم الدخول بها وفي كل سنة من نفس تاريخ زواجنا وقد كان زواجنا إسلاميا بحضور الإمام وشهادة عدلين وتوكل عنها أحد الإخوة المسلمين بعد أن أفهمتها فقبلت أن يتوكل عنها مع العلم أني قد أهديتها بعض المتاع ولكن اشتريته من مال كانت قد أعطتني إياه من قبل.
فهل كان يجوز لها أن تزوج نفسها بدون وكيل وأن تحضر معنا أقصد مع الإمام. فهل زواجي صحيح وهل يجوز ما طلبت ليكون مهراً؟
افتونا جزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراجح عند أهل العلم أنه لا حد لأقل المهر، لحديث الصحيحين: التمس ولو خاتماً من حديد. ولكنه لا بد أن يكون المهر منتفعاً به، ولا تضر قلته، بل إن قلته أدعى للبركة كما في الحديث أن من يمن المرأة تيسير خطبتها، وتيسير صداقها رواه أحمد وحسنه الأرناؤوط والألباني.
وعليه؛ فإذا كانت الوردة منتفعاً بها فيصح كونها مهراً.
وأما اشتراطها الإتيان بها كل سنة في نفس تاريخ الزواج فيخشى أن يكون فيه تشبه بالكفار في جعلهم أعياداً للزواج والمواليد، ويكون القصد منه هو الجر إلى ذلك.
ونحن قد أمرنا بخلافهم وعدم التشبه بهم.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من تشبه بقوم فهو منهم رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني، وبناء عليه لا يجب الوفاء بهذا الشرط.
وأما حضورها مع الإمام فلا يضر إذا كانت متحجبة.
ولكن المشكلة الكبرى في زواجها بدون إذن وليها النصراني، وزواج المرأة بدون إذن الولي باطل عند الجمهور، ويدل له الحديث: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه الأرناؤوط والألباني.
وبناء عليه ننصحك بأن تجدد لها العقد بإذن وليها، وأن تدعوها للإسلام وتسأل الله الهداية لها.
وراجع الفتوى رقم:
6564
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1424(13/6645)
الزواج الأقل مؤونة أكثر بركة
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم إلى ابنتي رجل للزواج وهي فى سن 27 سنة وهو أكبر منها بـ 18 سنة وهو (متدين- وذو أخلاق- ووضع اجتماعي مناسب - وكذلك اقتصادي ... ) ولكن قد سبق له الزواج- وهو الآن مطلق..وقد عرفنا سبب الطلاق منه بأنه كان على غير وفاق معها وانفصلا بالمعروف وهو موظف ميسور الحال، وأريد الآن أن أعرف الطريقة التي يتم بها اتمام الزواج وذلك للمحافظة على حقوق ابنتي من حيث:
1- الشبكة (هدية العريس إلى ابنتي) 2 - قائمة المنقولات (ما الذي يكتب بها بالتفصيل) 3- المهر (مقدم-ومؤخرالصداق كم يحدد) ؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا الرجل على ما ذكره السائل من اتصافه بالدين والخلق، فإن ذلك هو غاية المطلوب في الأزواج، وهو أرجى أن يكرم المرأة وأن يحفظ لها حقوقها، فإن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها، روى الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض." واللفظ للترمذي.
وكلما كان الزواج أقل مؤونة كان أكثر بركة وأرجى أن يجعل الله تعالى فيه الخير الكثير، فنصيحتنا للأخ السائل الكريم المبادرة بتزويج ابنته لهذا الرجل، وألا يجعل الحقوق المالية حائلاً دون إتمام هذا الزواج، ويكون تمامه بتوافر شروط الزواج الصحيح فيه من وجود الولي والشهود وتسمية الصداق، ولمعرفة الأحكام التي تتعلق بالصداق وما يهبه الرجل للزوجة وغير ذلك نحيل السائل على الفتاوى التالية: 6066 2734 9646.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(13/6646)
الطلاق من قبل المرأة أو بسببها.. هل تستحق مهرا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا طلق الرجل امرأته قبل الدخول بها وبعد العقد يحق له استرجاع ما دفعه من مهر وهدايا ومصاريف حفلات؟ إذا كانت هي التي طلبت الطلاق؟ وكيف إذا كان هو الذي يريد الطلاق؟ أو أنهما اتفقا على الانفصال؟ وهل لها عدة؟ وجزاكم الله خيرا على كل ما بذلتموه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمطلقة قبل الدخول أو قبل الخلوة الصحيحة ولو لم يحدث دخول لها نصف المهر ولا عدة عليها، قال تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ [البقرة:237] .
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49] .
وإن كان الطلاق من قبل المرأة أو بسببها فيسقط جميع مهرها، وكونهما يتفقان على الطلاق لا يعني أن الزوج لا يُلزم بنصف المهر؛ لأنه هو الذي يحق له أن يطلق أو يمسك، فإن طلبت المرأة منه الطلاق فله أن يسترد منها ما أعطاها من مهر أو بحسب ما يتفقان عليه ويطلقها، قال تعالى: وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ [البقرة:229] .
وإن طلقها ابتداءً لزمه نصف المهر، إلا أن تعفو عنه المرأة.
وأما الهدايا ونحوها فينظر في أمرها، فإن كان المتعارف عليه في عُرف الزوجين أنها من المهر فتتنصف تبعاً للمهر، وإن لم يكن من العُرف أنها منه فهي من حق الزوجة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 1955.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1423(13/6647)
مناسبة قوله صلى الله عليه وسلم "التمس ولو خاتما من حديد"
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لبس الخواتم وقت الخطبة من السنة النبوية، خاصة وأن هناك حديثاً عن الرسول صلى الله وعليه وسلم حيث أتاه رجل يريد الزواج وليس معه شيء فسأله الرسول صلى الله عليه سلم إذا كان معه خاتم حديد ليقدمه لعروسه، فهل هذا صحيح أن لبس الخواتم (للرجل من الفضة وللمرأة من الذهب) من السنة حيث يجب علينا الالتزام بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدمت الإجابة على حكم ما جرت به العادة عند كثير من الناس وقت خطبة النكاح بين الرجل والمرأة من تبادل لبس الخواتيم في الفتوى رقم:
5080.
أما بخصوص ما ذكره السائل من قصة الصحابي فهو ثابت في الصحيحين، ولكن وردت في شأن الصداق، وليس فيها دليل على ما ذكره السائل.
وإليك تفصيل القصة برواية البخاري عن سهل بن سعد: أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ لِأَهَبَ لَكَ نَفْسِي فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ فَلَمَّا رَأَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَيْ رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا فَقَالَ هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا قَالَ انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ.... الحديث.
أما بخصوص اتخاذ الرجل الخاتم الفضة فهو من السنة؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 6148، أما المرأة فلا حرج عليها في التزين بما شاءت من فضة أو ذهب سواء كان خاتماً أو سواراً أو غيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1423(13/6648)
زكاة مهر المطلقة إذا رفضت استلامه على من؟
[السُّؤَالُ]
ـ[طلقت زوجتي منذ أكثر من سنة وأرسلت لها مؤخر الصداق مع قريب لي حيث أنني في إعارة خارج البلاد ولكنها رفضت تسلم المبلغ من قريبي وأصرت على المنازعات بالمحاكم ومر الآن سنة على هذا المبلغ - هل أخرج عنه زكاة أم أنه خرج من ذمتي ولا تلزمني زكاته؟ وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا المال الذي أرسلت إلى مطلقتك لسداد ما عليك من متأخرات الصداق ولم تستلمه هي فإنه مازال في ملكك, ويجب عليك أن تخرج عنه الزكاة إذا كان بالغاً للنصاب بنفسه أو يبلغه إذا انضم إلى غيره مما تملكه من جنسه, وحال عليه الحول
فهو جزء من ممتلكاتك قبل أن تستلمه الزوجة فيجب فيه ما يجب في بقية مالك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1423(13/6649)
هل يصح التنازل عن المهر قبل ثبوته في ذمة الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز للمرأة المخطوبة أن تهب مهرها إلى مخطوبها قبل أن تسمي المهر عند أسرتها؟
أفيدونا أفادكم الله؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا عفت الزوجة عن صداقها أو بعضه لزوجها جاز، إذا كانت بالغة عاقلة راشدة، لأن لها أهلية التصرف في أموالها -بكراً كانت أو ثيباً- عند جمهور الفقهاء، قال ابن قدامة في المغني: وإذا عفت المرأة عن صداقها الذي لها على زوجها أو عن بعضه أو وهبته له بعد قبضه، وهي جائزة الأمر في مالها جاز ذلك وصح، ولا نعلم فيه خلافاًً، لقول الله تعالى: إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ [البقرة:237] .
يعني الزوجات، وقال الله تعالى: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً [النساء:4] . انتهى
وقال القرطبي في تفسيره: واتفق العلماء على أن المرأة المالكة لأمر نفسها إذا وهبت صداقها لزوجها نفذ ذلك عليها. انتهى
لكن هل يصح التنازل عن المهر قبل ثبوته في ذمة الزوج؟ كما هو حال السائلة.
الجواب: لا يصح ذلك ويعتبر لغواً، لأنك لا تملكين إسقاطه إلا بعد ثبوته، والمهر لا يثبت إلا بعد العقد، أو الدخول كما سبق بيانه في الفتوى رقم:
18175.
ولذلك فإن الواجب عليك إن أردت التنازل عن المهر أن تتنازلي عنه لزوجك بعد العقد، فإن لم تتنازلي عنه بعد العقد فهو حق ثابت لك، ولو تنازلت عنه قبل العقد، قال الجصاص: في أحكام القرآن عند قوله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228] .
6وقد دلت الآية أيضاً على أنه لو تزوجها على أنه لا مهر لها أن المهر واجب لها. انتهى
وقال في بدائع الصنائع: من تزوج امرأة ولم يُسم لها مهراً بأن سكت عن ذكر المهر، أو تزوجها على أن لا مهر لها، ورضيت المرأة بذلك، يجب مهر المثل بنفس العقد عندنا، حتى يثبت له ولاية المطالبة بالتسليم. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1423(13/6650)
المستحب في المهر ألا يزيد على صداق أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مدى شرعية ما يفعلة الآباء من المغالاة في المهور هل هو حرام؟ وخاصة أنه يؤدي بالشباب إلى الوقوع في الحرام. أفتونا جزاكم الله خيراً ... .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن المشروع في المهر هو تخفيفه وتيسيره وعدم المنافسة فيه وذلك اتباعاً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، في ذلك، أخرج أبو داود عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير الصداق أيسره. ...
وكان مهور نسائه صلى الله عليه وسلم خمسمائة درهم ومهور بناته أربعمائة درهم، أخرج الجماعة إلا البخاري عن أبي سلمة قال: سألت عائشة رضي الله عنها، كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشاً، قالت: أتدري ما النش؟ قلت: لا، قالت: نصف أوقية. فذلك خمسمائة درهم.
وبناء على الحديث وغيره ذهب بعض أهل العلم إلى القول بكراهة ما زاد على خمسمائة درهم في الصداق، وقال النووي في المجموع: والمستحب ألا يزيد على خمسمائة درهم، وهو صداق أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/6651)
ساهمي في تخفيف المهر بطريقة ودية مع أهلك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تقدم شخص للزواج بي وهو على خلق ودين ولكن أهلي مصرون على أن يكون المؤخر كبيرا هل أقف معهم أو معه لأنه يريده على الشريعة الإسلامية أفيدني أفادكم الله وجزاكم عني كل خير
ارجو الرد بسرعة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من علامات بركة الزواج يسر أمره، وقلة مهره، وتبسيط أموره كلها.. هكذا كان هدي الصحابة والسلف الصالح.
فقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه، وكان المهر أن يعلم الرجل امرأته سوراً من القرآن الكريم، وقال لبعض أصحابه: " التمس ولو خاتماً من حديد " والحديث في الصحيحين
وقد خطب أبو طلحة رضي الله عنه أم سليم وهي مسلمة، وأبو طلحة إذ ذاك لا يزال مشركاً فجعلت مهرها أن يسلم، رضي الله عنهم أجمعين. قال أحد التابعين: فما سمعت بامرأة أكرم مهراً من أم سليم. والحديث رواه النسائي عن أنس رضي الله عنه.
فعليك أن تساعدي في كل ما يخفف التكاليف ويقلل من تعقيد هذا الأمر، من المغالاة في المهر والتكاليف الباهظة التي لا يطيقها خطيبك، وقد تؤدي به إلى حمل الديون التي ستثقل كاهله في المستقبل أو يتنازل عن الخطبة أصلاً، والمؤخر من المهر حق للزوجة لأنه جزء من مهرها فإذا استطعت تخفيفه فقد أحسنت وجزاك الله خيراً، ولكن ينبغي أن يكون ذلك بتفاهم وطريقة ودية مع أهلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1423(13/6652)
مؤخر الصداق دين في ذمة الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الآجل (المؤخر) من الصداق دين في ذمة الزوج يجب عليه تسديده على الفور وبالتالي إن أدركه الأجل ولم يسدده يكون مثل من رفض الرسول صلى الله عليه وسلم الصلاة عليه لأن عليه دينا أم على التراخي؟ وإن استطاع الزوج دفعه ولم يدفعه لأنه عرفا يستحق للمرأة عند الطلاق أو الوفاة فهل عليها زكاته؟ وإن وجبت زكاته فمن أين تدفع وهي لا تملك مالا. وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مؤخر الصداق دين في ذمة الزوج كسائر الديون، ويجب عليه تسديده لزوجته عند انتهاء أجله الذي حدد له إلا إذا أسقطته هي عنه أو رضيت بتأخيره، فإن لم يسدده مع ميسرته، وطلبها له بالسداد أثم، لقوله صلى الله عليه وسلم " مطل الغني ظلم " متفق عليه
لكن لا يجب عليه تسديده إلا عند حلوله، أما بالنسبة للزكاة فراجع الجواب رقم 8159
وفي حالة ما إذا وجبت عليها زكاته ولم يكن لديها غيره ولم تكن راضية بتأخيره عند الزوج فلا إثم عليها في تأخير إخراج الزكاة حتى تقبضه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1423(13/6653)
حكم التنازل عن بعض المهر دون علم أبيها
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم لى أكثر من شاب على خلق ودين ولكن أبي يضع شروطا مادية فوق طاقة الشباب الذين يتقدمون لي فهو يشترط قدراً كبيراً من الذهب يقدمه الشاب لي فهل يجوز لي أن أقول لوالدي بأن الشاب قد اشترى ذهبا بالكمية التي أرادها والدي (علما بأن الشاب قد اشترى ذهبا بأقل من القيمة التي أرادها والدي) ؟ وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا خلاف بين أهل العلم أنه لا يجوز نكاح بلا مهر لغير النبي صلى الله عليه وسلم، فلا بد من مهر، ولو قليلاً، بل ولو كان منفعه معتبرة كتعليم المرأة شيئاً من القرآن.
والإسلام يندب إلى تيسير الزواج ويرغب في ذلك، كما أن المرأة لها أن تسقط من مهرها ما شاءت بعد العقد، ولها أن تعطي الزوج المهر كله أو بعضه، لقول الله تعالى: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً [النساء:4] .
ومن ثم فلا حرج على الأخت السائلة في أن تسقط بعض مهرها إن كان مما يسمى مهراً، وإن كان هذا الذهب غير المهر، فذلك جائز من باب أولى.
وللأخت أن تستعمل مع والدها المعاريض أي الكلام الموهم، والذي ليس فيه كذب كأن تقول له: لقد اشترى الذهب المطلوب، وهي تقصد المطلوب بالنسبة لها، ونحو ذلك من المعاريض.
ولقد قال عمر بن الخطاب: في المعاريض ما يكفي المسلم الكذب.
رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1423(13/6654)
أحق الشروط بالوفاء شروط النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في الزوج الذي لم يدفع مهراً ولم يلتزم بالإتفاق بتجهيز الشقة ولم يرد لزوجته ما اقترضه منها من نقودها الخاصة مع العلم أن مرتبه كبير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن آكد الحقوق المالية للمرأة على زوجها المهر الذي تستحق نصفه بمجرد العقد عليها، وتستحقه كاملاً بالدخول بها، فهو حق واجب أوجبه الله تعالى بقوله (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) (النساء:4) إظهاراً لخطر هذا الزواج ومكانته، وإعزازاً للمرأة وإكراماً لها، فمماطلة الزوج به مع قدرته على سداده ظلم مبين.
وكذلك يحرم عليه المماطلة في رد الدين الذي عليه لها، إذا كان غنياً واجداً، ففي الصحيح " مطل الغني ظلم " رواه البخاري، ويلزمه شرعاً الوفاء بالشروط التي تم الاتفاق عليها مع زوجته إلا شرطاً أحل حراماً أو حرام حلالاً، أو كان على خلاف مقتضى العقد.
فألزم الشروط وأحقها وفاء ما استحلت به الفروج كما في صحيح البخاري " أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج " أي أحق الشروط بالوفاء شروط النكاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(13/6655)
حقوق المطلقة قبل المسيس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حق البنت الشرعي إذا طلقها زوجها بعد كتابة العقد وقبل أن يدخل بها، وهل يحق لها المطالبة بقائمة الأثاث التي تكتب عند العقد بغرض حفظ حق البنت مع العلم بأن الأثاث لم يأت منه شيء؟ وجزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن حق المطلقة أن تأخذ نصف الصداق إذا سمي لها، لقوله تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ [البقرة:237] .
وأما من لم يسم لها صداق وطلقت قبل الدخول فلها المتعة، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً [الأحزاب:49] .
قال ابن العربي: وآلت الحال إلى أن المتعة لم يبين الله تعالى وجوبها إلا لمطلقة قبل المسيس (الدخول) والفرض، وأما من طلقت وقد فرض لها، فلها قبل المسيس نصف الصداق، ولها بعد المسيس جميع الفرض أو مهر مثلها.
ثم قال: والحكمة من ذلك أن الله تعالى قابل المسيس بالمهر الواجب، ونصفه بالطلاق قبل المسيس لما لحق الزوجة من رَحْضِ العقد، ووصْمِ الحِلِّ الحاصل للزوج بالعقد، فإذا طلقها قبل المسيس والفرض ألزمه الله المتعة كفؤا لهذا المعنى....
ومن هذا يتبين لنا أن من حق المطلقة قبل الدخول الحصول على نصف الصداق إذا كان معلوماً.
وأن من لم يسم لها صداق فإنها تجب لها المتعة بالمعروف.
وأما قائمة الأثاث فإن كان الزوج هو الذي جاء بها لتجهيز البيت من غير أن يكون ذلك داخلاً في المهر فإنها تعتبر ملكاً للزوج، وإن كانت داخلة في الصداق ومعدودة منه فلها نصفها، بحكم أن لها نصف الصداق معجلاً كان أو مؤجلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1423(13/6656)
كيف يدفع المهر القديم من حيث القيمة
[السُّؤَالُ]
ـ[المرأة لها مهر مؤجل وكان المهر قبل 15 سنة 20000 ألف ريال والآن طلبت المهر من زوجها فهل يعطيها ذلك المهر أم يعطيها على حساب الزمن، كما تعلمون كان له قيمة في ذلك الزمن، والآن لا يساوي شيئاً، فهل الرجل مطالب بنفس المهر أو ما يعادل في هذا الزمن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المهر المؤجل دين في ذمة الزوج، وقد قرر الفقهاء أن المدين إنما يلزمه قضاء ما ثبت في ذمته، بغض النظر عن قيمته وقت الأداء، سواء ارتفعت قيمته بعد وقت التحمل أو انخفضت.
وعلى هذا فإن ما يلزم الزوج هو دفع المهر بنفس العدد الذي هو عشرون ألفاً ولو كانت قيمته أخفض، إلا إذا دفع ما هو أكثر على سبيل التبرع لا الإلزام فإن ذلك يجوز، وهو من حسن القضاء، وقد رغب الله فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1423(13/6657)
الدخول بالزوجة قبل دفع المهر جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدخول بالزوجة قبل تقديم المهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على وجوب المهر على الزوج لزوجته، إلا أن تقديم المهر ليس شرطاً لجواز الدخول بالزوجة، بل يجوز له الدخول بها ولو لم يسم لها صداقاً أصلاً، وتستحق المرأة مهر المثل إذا دخل بها ولم يسم لها صداقاً، وهذا محل إجماع بين الفقهاء كما ذكر ابن تيمية في الفتاوى، ولكن المرأة لها أن تمنع نفسها من أن يدخل بها الزوج حتى يدفع لها المهر المعجل، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
18175.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1423(13/6658)
هل لأبي البنت أن يشترط على الزوج دفع شيء من المهر له
[السُّؤَالُ]
ـ[هل مهر البنت المراد تزويجها هو حق لها أم لأبيها سواء كان المدفوع من الزوج عاجلا أم آجلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمهر الذي يعطى للمرأة حق خالص لها، لقوله تعالى: (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) [النساء:4] ولا فرق في ذلك بين المهر المعجل أو المؤجل.
لكن هل لأبي البنت أن يشترط على الزوج دفع شيء له؟ اختلف الفقهاء في ذلك: فأجازه الحنفية والحنابلة، قالوا: الشرط لازم، والصداق صحيح. وقال مالك: إذا اشترط ذلك عند النكاح فهو لابنته، وإن اشترطه بعد النكاح فهو له.
ومما يدل على صحة اشتراط الأب أخذ شيء من الصداق قوله تعالى في قصة صاحب مدين: (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَج) [القصص: 27] فجعل الصداق الإجارة على رعاية غنمه، وهذا شرط لنفسه.
وسواء اشترط الأب أو لم يشترط، فليس له أن يأخذ من مال ابنه أو ابنته إلا بشروط:
الأول: ألا يأخذ إلا بقدر حاجته.
الثاني: أن لا يضر بالابن، وألا يأخذ شيئاً تعلقت به حاجته.
الثالث: أن لا يأخذ مال ولده فيعطيه الآخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1423(13/6659)
التعبير بأي لفظ سائغ
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يقول الخاطب للمخطوبة حينما يرسل الشبكة أو المهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالخطبة هي التماس الزواج، ويعبر عنها بأي عبارة تدل على ذلك وهي مستحبة وليست واجبة.
وليس هناك لفظ محدد يلزم من أرسل هدية أو مهراً لمن أراد خطبتها أن يقوله فله أن يعبر بأي لفظ يبين أن ما أرسل هو هدية أو أنه من المهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1423(13/6660)
الخلوة الصحيحة توجب جميع الصداق
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوج شاب من فتاة ولم يدخل بها وحصلت الخلوة الشرعية بينهما ثم عدل الشاب عن الزواج، قدم الزوج مجموعة من الهدايا اعتبرها هو جزءا من المهر وأهل الزوجة لا يعتبرون الهدايا من المهر أهل الزوج حصلوا على فتوى من مفتي الديار الأردنية أن (لها نصف المهر) علما بأن المهر الكامل هو أربعون ألف كرون سويدي تنازل أهل الزوجة عن المقدم وهو عشرة آلاف كرون سويدي والذي لم يدفع من قبل الزوج. رجاء الإفادة جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا ما يترتب على الخلوة بين الزوجين، وأن الراجح من أقوال أهل العلم فيها أن الصداق يتقرر بها، وذلك في الفتوى رقم:
1955.
كما تقدم أيضاً الجواب عن حكم الهدية التي تقدم للزوجة برقم:
6066.
وعليه، فإذا تبين أن هذا الشاب خلا بزوجته خلوة يمكن وطؤه لها فيها فقد تقرر عليه جميع الصداق، وما قدمه لها من هدية لا يحق له الرجوع فيه لأنه إما أن يكون هبة وقد خرجت من يده إلى يدها وحازتها فلم يكن له الرجوع فيها، كما ذكرنا.
وإما أن يكون على أنه جزء من الصداق بشرط أو عرف، وقد قررنا أن الصداق لزمه جميعه بمجرد الخلوة. ونذكر هذا السائل بأن الخلوة ما دامت قائمة مقام الدخول فلا يحق له أن يأخذ بعدها شيئاً مما كان قد دفعه، ولو أفتى له بعض أهل العلم بذلك، فإن فتوى قام الدليل على خلافها لا تبرئ عند الله تعالى، والله جل وعلا قد قال: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً*وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً [النساء:20-21] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(13/6661)
الأحوال التي تسقط المهر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الأسباب التي تجعل المرأة غير مستحقة للمهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كل فرقة بين الزوجين جاءت من قبل الزوجة قبل الدخول بها، وقبل الخلوة الصحيحة، فإنها تسقط المهر كله، فلا تستحقه الزوجة على الزوج، وقد ذكر الفقهاء أنواعاً من هذه الفرقة منها:
أولاً: الفرقة بالارتداد عن الإسلام، أو إسلامها تحت كافر قبل أن يدخل بها.
ثانياً: الفرقة بامتناعها عن الإسلام إذا أسلم زوجها.
ثالثاً: الفرقة بسبب مباشرة أصول الزوج أو فروعه للزوجة، بما يوجب حرمة المصاهرة.
رابعاً: إذا أعتقت الأمة وهي زوجة لعبد، فاختارت نفسها ومفارقة زوجها قبل أن يدخل بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1423(13/6662)
مؤخر الصداق حق الزوجة قبل الوصية وقسمة التركة
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله في جهودكم ونفع بكم؛ فقط أريد أن أعرف عن رجل مات ولزوجته مؤخر 100 ألف دولار
والمتوفى عليه ديون والزوجة تطالب أبناءها بالمؤخر. ما حكم الشرع فيما تطلبه.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن للزوجة كامل الحق في المطالبة بمؤخر صداقها، ويجب أن يقضى لها به من رأس المال قبل الوصية؛ وإن لم يبق شيء للوصية وأصحاب الفروض، وإذا كان معها أصحاب ديون أعطوا كذلك من رأس المال، فإذا لم تف التركه بالديون تقاسم الغرماء ما وجد، ومن بينهم الزوجة، ولا شيء للوصية والورثة، ولكن يجب أن تكون عندها بينة شرعية، وعليها كذلك أن تحلف يمين الاستحقاق أو الاستظهار، وأن تصرح فيها بأنها لم تسقط حقها عن المتوفى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1423(13/6663)
من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا عن الزواج من لم يستطع دفع المهر الكثير هل الزواج من الخارج بتكلفة أقل شيء مناسب أم ماهو العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن حسن رعاية الإسلام للمرأة أن أعطاها حقها في التملك، وقد كانت المرأة في الجاهلية مهضومة الحق، وكان وليها يتصرف في خالص مالها ويمنعها حقها من التصرف فيه، فرفع الله عنها هذا الإصر وفرض لها المهر وجعله حقاً على الرجل لها، وليس لأبيها ولا لأقرب الناس إليها أن يأخذ شيئاً منها إلا في حال الرضا والاختيار. قال تعالى: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً [النساء:4] .
ولم تجعل الشريعة حدا للمهر قلة ولا كثرة، إذ الناس يختلفون في الغنى والفقر ويتفاوتون في السعة والضيق، ولكل جهة عاداتها وتقاليدها، فتركت التحديد ليعطي كل واحد على قدر طاقته، وحسب حالته وعادات عشيرته، وكل النصوص جاءت تشير إلى أن المهر لا يشترط فيه إلا أن يكون شيئا له قيمة بقطع النظر عن القلة أو الكثرة، ومن أوضح الأدلة على ذلك ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن سهل بن سعد: أن امرأة عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له رجل: يا رسول الله زوجنيها، فقال: ما عندك؟ قال: ما عندي شيء، قال: اذهب فالتمس ولو خاتماً من حديد، فذهب ثم رجع فقال: لا والله ما وجدت شيئاً ولا خاتماً من حديد، ولكن هذا إزاري ولها نصفه، قال سهل: وما له رداء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما تصنع بإزارك؟ إن لبسته لم يكن عليها منه شيء، وإن لبسته لم يكن عليك منه، فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم، فدعاه -أو دعي له- فقال له: ماذا معك من القرآن؟ فقال: معي سورة كذا وسورة كذا.. لسور يعددها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أملكناكها بما معك من القرآن.
هذا وقد حرص الإسلام على إتاحة فرص الزواج لأكبر قدر ممكن من الرجال والنساء ليستمتع كل بالحلال الطيب، ولا يتم ذلك إلا إذا كانت وسيلته مذللة وطريقته ميسرة، بحيث يقدر عليه الفقراء الذي يجهدهم بذل المال الكثير، ولاسيما أنهم الأكثرية، فكره الإسلام التغالي في المهور، وأخبر أن المهر كلما كان قليلاً كان الزواج أعظم بركة، وأن قلة المهر من يمن المرأة، فعن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: إن من يُمْنِ المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها. أخرجه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي وقال الألباني وهو عندي حسن.
وقال عمر رضي الله عنه: لا تغالوا في صدقات النساء. رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني.
وروى الحاكم وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي عن أبي العجفاء قال: خطبنا عمر -رحمه الله- فقال: ألا لا تغالوا بصداق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ما أصدق رسول الله صلى الله امرأة من نسائه، ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية.
فهذا هو شرع الله، وهذا هو هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه رضوان الله عليهم.
أما اليوم فقد أصبح الزواج مشكلة المشاكل لدى الشباب نظراً لتنافس الناس في زيادة المهور، مع ارتفاع تكاليف الحياة عموماً، والذي ننصح به أن يتكاتف الشباب في كل عشيرة أو قبيلة أو عائلة أو حي ويحاولوا مع أولياء الأمور الوصول إلى عدم المبالغة في المهور، أو الوصول بالمهر إلى سقف يكون متاحاً للشباب في مجملهم وليس معجزاً لهم، والذي نراه أنه لا مانع إذا صعبت تكاليف الزواج على الشباب في بلده ووجده ميسراً في بلد إسلامي آخر فلا بأس والحالة هذه أن ينكح امرأة من بلد آخر ما دام عقد الزواج قد استوفى شروطه وأركانه، وكان موافقاً لما جاءت به الشريعة الإسلامية السمحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(13/6664)
الزواج بغير مهر ... نظرة فقهية
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا لم تكن لدينا إمكانيات الزواج التي يطلبها عصرنا حالياً فهل يجوز لنا الزواج بدون مهر ومقدم أو أي إمكانيات بسبب ظروف الشباب المادية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمهر هو المال الذي تستحقه الزوجة على زوجها بالعقد عليها، أو الدخول بها وهو فرض، لقوله تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) [النساء:4] .
ويصح النكاح بدون تحديده، لقول تعالى: (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) [البقرة:236] .
ففي الآية دليل على أن المرأة تصبح زوجة ولو لم يفرض لها مهر عند عقد النكاح، إلا أنه يجب لها مهر المثل إن دخل بها، والمتعة إن طلقها قبل الدخول، لقوله تعالى: (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ) [البقرة:236] .
وإذا تنازلت المرأة عن المهر سقط عن الزوج، لقول الله تعالى: (وآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) [النساء:4] .
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 7650.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1423(13/6665)
يختلف حكم الشبكة حسب نية الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب كنت متزوجاً من امرأة ولي منها ولدان وعندما استحالت العشرة بيننا لكثرة المشاكل والخناقات اتفقنا على الطلاق الذي تم مؤخرا شرعا وقانونا مع حفظ جميع حقوق الطرفين والأطفال الشرعية والمادية وخلافه ولكن ظلت مشكلة الشبكة في الحقيقة لقد دفعت مهرا قدره 8000 دولار وشبكة ضعف هذا المبلغ مع شراء بيت الزوجية وتجهيزه من جانبي وقامت هي بشراء العفش سؤالي هل الشبكة من حق الزوجة وإذا كانت كذلك هل يمكن الاتفاق بين الطرفين على تعويض الزوج لها بمبلغ مادي أم أنها واجبة بعينها؟
وتفضلوا بقبول فائق التحية والاحترام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمسألة فيها تفصيل وهو كالتالي:
1- إذا كان الزوج أعطى زوجته هذه الشبكة على سبيل الهدية أو الهبة ونحو ذلك، فهي ملكها، ولا يحق للزوج أخذها منها.
2- إذا كان أعطاها هذه الشبكة على أنها جزء من المهر أو جرى العرف والعادة بذلك، فهي لها أيضاً، ولا يحق له الرجوع فيها.
3- وإذا كان أعطاها إياها لتلبسها وتتزين بها، وله أخذها منها متى أراد، أو شرط عليها أن تكون معها ما دامت زوجة له، فإذا فارقها فهي له، فيحق له الرجوع فيها وأخذها منها، ويجب عليها تسليمها له بعينها، إلا أن يوافق على أخذ شيء بدلها أو قيمتها فلا حرج عليهما في ذلك إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1423(13/6666)
طلب الزوجة مؤخر الصداق ... قول العلماء في ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حكم الشرع في مؤخر صداق الزوجة لأحد الأجلين؟ وهل يجب على الزوج إعطاء الزوجة المؤخر في حال الطلب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز تأجيل الصداق -كله أو بعضه- إلى أجل معلوم كسنة أو سنتين، واختلف العلماء في تأجيله إلى أجل مجهول كموت أحد الزوجين أو طلاق الزوج للزوجة أو حصاد الزرع أو نزول المطر ونحو ذلك، فمنعه الجمهور. ففي المدونة لمالك: قلت: أرأيت هذا الذي تزوج على مهر معجل ومنه مؤجل إلى موت أو طلاق فدخل بها أيفسخ هذا النكاح أم يقر إذا دخل بها؟ قال: قال مالك: إذا دخل بها أجزت النكاح وجعلت لها صداق مثلها ولم أنظر إلى الذي سمى من الصداق؛ إلا أن يكون صداق مثلها أقل مما جعل لها فلا ينقص منه شيء. .
وقال ابن حجر الهيتمي في التحفة: ولو نكح بألف بعضها مؤجل لمجهول فسد ووجب مهر المثل ...
وذهب الحنفية إلى جوازه قال ابن نجيم في البحر الرائق: ومن أحكام المهر أنه يصح تأجيله إلى وقت مجهول كالحصاد والدياس، وهو الصحيح. .
وأجاز الحنابلة تأجيله بدون تحديد زمن مجهول. قال: ابن قدامة في المغني: وإن أجله ولم يذكرأجله فقال القاضي المهر صحيح ومحله الفرقة فإن أحمد قال: إذا تزوج على العاجل والآجل لا يحل الآجل إلا بموت أو فرقة وقال أيضاً: فأما إن جعل للآجل مدة مجهولة كقدوم زيد ومجيء المطر ونحوه لم يصح لأنه مجهول، وإنما صح المطلق لأن أجله الفرقة بحكم العادة، وها هنا صرفه عن العادة بذكر الأجل ولم يبينه فبقي مجهولاً فيحتمل أن تبطل التسمية، ويحتمل أن يبطل التأجيل ويحل. انتهى.
والراجح مما سبق أنه يجوز تأجيل المهر -كله أو بعضه- إلى أجل معلوم، ولا يصح تأجيله إلى أجل مجهول مطلق أو محدد بزمن مجهول وفي هذه الحالة للمرأة مهر المثل. وإن سَّمى مهراً ولم يذكر تأجيل فهو معجل كثمن المبيع يحق للمرأة المطالبة به حالاً.
وإذا كان للمهر أجل معلوم وحل الأجل جاز للمرأة المطالبة به، ووجب على الزوج إجابتها إلا أن يكون معسراً فإنها تنظره حتى يوسر، لقوله الله تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَة [البقرة:280] وأما إذا لم يحل الأجل فلا يحق للزوجة المطالبة به إلاعند حصول الفرقة بموت أو بطلاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1423(13/6667)
المرأة لها حق التصرف في ما ملكته
[السُّؤَالُ]
ـ[حسب التقاليد عندنا المال (المهر) المال الذي يدفعه الشخص إلى زوجته وقت الخطبة تستخدمة في أشياء مختلفة منها شراء الذهب فهل يجوز لي التدخل في الأشياء التي تشتريها من تكون زوجتي في المستقبل أم هو حقها الخالص حتى تشتري بجميع المال أو بعض المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة لها حق التصرف في ما ملكته، وليس لزوجها التحجير عليها ولا التدخل في تصرفاتها المالية، ما دامت منضبطة بالضوابط الشرعية.
وعليه، فما يدفعه الرجل للمرأة يعتبر ملكا لها تتصرف فيه بما شاءت مما لا يخالف الشرع، وسواء كان ذلك في الهدية المقدمة إليها قبل العقد وبعد الخطبة، أو في المهر المدفوع لها عند العقد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1423(13/6668)
المهر ملك للزوجة تتصرف فيه كيف شاءت ولا دخل لأحد به
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت منذ أربعة أشهر وزوجي يكبر والدي عمرا وقد دفع لي مهرا مبلغاً من المال وضعته في حسابي في البنك وهو الآن يدعي أنه في حاجة إليه وأنا أخشى أن أعطيه إياه لربما يأخذه ويطلقني فرفضت أن أعطيه له فما حكم الشرع في ذلك؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس من المروءة ولا من حسن العشرة أن يطلب الزوج من زوجته أن ترد إليه مهراً قد دفعه إليها، ولا يجب على المرأة أن تستجيب لطلبه فقد أصبح ذلك المال ملكاً لها تتصرف فيه كيف شاءت ولا دخل للزوج به.
فننصح السائلة الكريمة ألا تستجيب لطلبه، خاصة وأنها تشك في سوء نيته، هذا إذا لم يكن قد مر بضائقة ويحتاج إلى من يساعده، أما إن كان يمر فعلاً بضائقة حقيقية فأولى الناس بالوقوف معه زوجته فلا ينبغي أن تتخلي عنه، ولها حينئذ أن ترد مهرها أو شيئاً منه إلى زوجها من باب الإحسان لا على سبيل الوجوب، بشرط أن يكون ذلك عن طيب نفس منها. قال الله تعالى (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) [النساء:4] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1423(13/6669)
التوقيع على شيء غير موجود لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[- هل يجوز التوقيع على قائمة الأثاث لوالد العروس على أشياء لا توجد أصلا في الشقة بحجة أن العقد شريعة المتعاقدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز التوقيع على أشياء لا توجد، لأن ذلك يقتضي منك الوفاء بإيجادها عند المطالبة بها، فيكون بذلك مشقة عليك، والله تعالى يقول: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) [البقرة:286] ، ولأن ذلك فيه نوع من الكذب والغش.
وقد سبق حكم هذا الموضوع في الجواب رقم: 11473 فراجعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1423(13/6670)
المهر المتفق عليه يلزم الوفاء به
[السُّؤَالُ]
ـ[عند زواجي اتفقت مع أهل زوجتي أن مؤخر الصداق الذي يكتب هو 20ألفاً ولكن قبل الزفاف قلت لخطيبتي وولي أمرها إن مؤخر الزواج في ذمتي أمام الله هو 5آلاف وبعيداً عن حقوقها القانونية في حالة الطلاق لو قدر الله. وسؤالي هل عند موتي يكون الدين الموجود بيني وبين الله هو خمسة آلاف (الغير مكتوبة) أم العشرون ألفاً المكتوبة. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما وقع عليه الاتفاق أولاً ووثق بالكتابة يلزمك الوفاء به شرعاً حسبما اتفق عليه. وما قلته بعد ذلك للزوجة وولي أمرها لا أثر له إلا إذا رضيا به، فيكون حينئذ هذا من باب الإبراء وإسقاط الحق، وإلا فأنت ملزم بما وافقت عليه في البداية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1422(13/6671)
حكم المهر الربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ماحكم من اقترض بفائدة ليتزوج ولم يجد من يقرضه قرضا حسنا؟ وماذا تفعل خطيبته إذا علمت بهذا الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاقتراض بفائدة من أجل الزواج لا يجوز، وقد سبق الجواب عن ذلك مفصلاً في الفتوى رقم:
10959
وأما عن ماذا تفعل خطيبته إذا علمت بذلك فإنه يمكنها أن تفعل شيئاً كثيراً، من ذلك إعانته على التخلص من هذه الجريمة بأن تتنازل عما ألفه الناس من المغالاة في المهور، وتكليف الناس ما لا يطيقونه، وترضى بمهر يسير يقدر على دفعه، فقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه وكان المهر أن يعلمها سوراً من القرآن، وهي إذا فعلت ذلك فإن الله عز وجل سيضع البركة فيها، وفي هذه الأسرة المكونة، فأيسر النساء مهراً أعظمهن بركة، كما ورد في الحديث النبوي، وقد تزوجت بعض نساء الصحابة وجعلت مهرها أن يسلم زوجها، فقد طلبها للزواج كافر، فجعلت مهرها الإسلام. وعليها أن تتذكر قول الله عز وجل: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) [المائدة:2] وأما هل يجوز لها أن تأخذ مهراً من ذلك المال؟ فالذي يظهر -والله أعلم- جواز أخذه إن كان قد سدد بعضه أو كله من مال آخر، أما إذا لم يقض منه شيئاً، فلا يحل أخذه، لأن الواجب عليه رده إلى صاحبه بدون زيادة والتوبة إلى الله عز وجل من ذلك.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1422(13/6672)
الوعد بكتابة الأثاث باسم الزوجة واجب الوفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[جرى العرف في مصر أن يقدم العريس أو الزوج قائمه بالأثاث الموجود بالمنزل أي ما يثبت ملكية الزوجة بالأغراض الموجودة بالمنزل وقد وعدني زوجي قبل الزواج بتنفيذ ذلك ولم ينفذ ذلك بعد الزواج. ما حكم الدين في ذلك.
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام الزوج قد وعدك بكتابة هذه القائمة، فإن عليه الوفاء بما وعد، خصوصاً إذا كان العرف جارياً به عندكم جرياناً يجعله في معنى المشروط، فقد نص العلماء على أن المشروط عرفاً، كالمشروط لفظاً، وقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً أحلَّ حراماً أو حرم حلالاً" رواه الترمذي وغيره، وفي الصحيحين عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج".
وينبغي لك معالجة القضية مع زوجك برفق وحكمة وشيء من التسامح، وأطلعيه على هذه الفتوى، لعل الله جل وعلا يشرح صدره للحق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1425(13/6673)
تقديم المهر إما للمرأة مباشرة أو لمن توكله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما كيفية تقديم المهر لفتاة مسلمة مقيمة في بلدها تقدم لزواجها شاب مسلم مقيم في أمريكا كيف يكون صداقها المقدم والمؤخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كون الصداق مقدماً أو مؤخراً، أو بعضه مقدماً والبعض مؤخراً، هي مسألة تخضع لرضى الزوجين وما يقررانه في شأنها كماً وكيفاً وأجلاً، ولا تتأثر بكونهما في مكان واحد أو مكانين مختلفين. لذا فنقول للسائل: مقدم صداق هذه المرأة التي توجد في مكان غير مكانك يرسل لها، أو يسلم لمن أمرت هي أو وليها بتسليمه إليه.
ولا تبرأ ذمتك منه إلا بتسليمه إليهما، أو إلى من وكلا، وكذلك المؤخر لا تبرأ الذمة منه - بعد استحقاقه- إلا بدفعه إليها هي أو كيلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1422(13/6674)
أثاث بيت الزوجية ... حق للزوج أم للزوجة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كثرت في الآونة الأخيرة قبل العقد أي عقد الزواج موضوع مهم قد يصل إلي نهاية الارتباط ألا وهو موضوع القائمة أن يكتب الزوج كل محتويات الشقة للزوجة بما في ذلك كل ما هو أحضره الزوج. يقوم الأهل بإمضاء الزوج علي ورقة بها كل محتويات الشقة من مفروشات وأثاث وأجهزة كهربائية وذهب فما رأي سيادتكم في هذا مع الإيضاح هل هذا يجوز شرعاً أم لا وإذا لم يجز فما هو البديل وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن تجهيز البيت بما يلزم من فرش ومتاع ونحو ذلك واجب على الزوج - وحده- لأنه من النفقة الواجبة عليه لزوجته.
فإذا قام الزوج بتجهيز منزل الزوجية بجميع ما فيه، وقد دفع المهر لزوجته، ولم تشترك هي معه في شراء شيء من المتاع، كان هذا التجهيز ملكا للزوج.
فإن جرى العرف أن تأتي المرأة بشيء من الجهاز حسب ما يتفق عليه الطرفان، فيكون ما تأتي به ملكا لها، وما يأتي به الزوج ملكا له.
فإن دفع الزوج المهر وزاد عليه واتفق أن هذه الزيادة مقابل الجهاز فهو ملك له كذلك، لأن غاية الأمر أنه فوضهم في شرائه.
وقد يجري العرف في بلد بأن الزوج لا يدفع من مقدم المهر شيئا، ولكنه يأتي عوضا عن ذلك بتجهيز البيت، فيكون الجهاز في هذه الحالة ملكا للزوجة لأنه يقوم مقام المهر.
وكذلك الذهب فإنه ملك لها، لأنه قد جرت العادة بذلك، وهو هدية من الزوج للزوجة، أو جزء من المهر.
ومما سبق يتبين أن ما يأتي به الزوج من الجهاز من ماله فهو له، وما تأتي به الزوجة من مالها فهو لها، والأولى أن تكتب قائمة بما لكل من الزوجين من منقولات وغيرها.
ولا يجوز لأهل الزوجة أن يرغموا الزوج على كتابة التجهيز لابنتهم على سبيل التمليك، إلا أن يكون قد اتفق الطرفان على اعتبار التجهيز من المهر، كما سبق.
وأكثر الأزواج يوقعون على هذه القائمة مع دفعهم المهر -منعا للمخاصمة - فالواجب على كل من الطرفين التزام حدود الله، ومعرفة حقه، وحق غيره. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1425(13/6675)
سبب وجوب المهر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
تزوجت من رجل لا يصلي لا قبل العقد ولا بعده وقد دخل بي وتمكن مني ومكنته من نفسي حوالي أسبوعا
وأعلمت والدي بذلك فأمرني أن أفارقه فحصلت مشاكل دامت حوالي سنة وبعدها وعد بأن يلتزم
فعدت إليه إلا أنه لم يلتزم حتى الجمعة لم يصلها ففارقته فبعد مدة جاء ووعد والدي
فقال له والدي لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، والآن نحن في المحاكم وقد أمر القاضي بحكمين
السؤال - هل عقد النكاح صحيح - وإذا لم يكن صحيحا هل عليه مهر وهل إذا التزم أعود بعقد
جديد أم إن العقد الأول صحيح أفيدونا جزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبالنسبة لزواج المسلمة بتارك الصلاة الذي تم العقد وهو تارك لها، أو طرأ عليه الترك بعد العقد، فقد سبقت الإجابة عن ذلك مفصلة برقم: 1061.
وأما بالنسبة للمهر، فهو لازم للمرأة على الزوج بمجرد تمكينها نفسها منه، لما رواه أبو داود من أن بصرة بن أكثم تزوج امرأة بكراً، فدخل عليها، فوجدها حبلى، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "لها الصداق بما استحللت من فرجها".
فقوله صلى الله عليه وسلم: "بما استحللت من فرجها" بيان لسبب وجوب الصداق على الزوج، واستحقاق المرأة له، وهو استحلال الفرج، ثم إننا ننصح صاحب السؤال بأن الأولى في هذه المشكلة وغيرها من المشاكل المتنازع فيها أن ترد إلى المحاكم الشرعية، فهي التي تستطيع أن تنظر في المشكلة من جميع جوانبها، ثم تصدر حكمها بشكل ملزم وقاطع للنزاع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1422(13/6676)
هل يصح منح المرأة مالا لزوجها ليقدمه مهرا لها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا فتاه تم عقد قراني منذ ثلاثة أشهر على أن يكون العرس السنة القادمة ولكن المسألة في المهر حيث تم العقد بوجود الشهود والمأذون وولي الأمر والزوج وقمت أنا بتدبير المهر طبعا بدون علم الأهل وكان المهر شكليا أمام الجميع حتى يتم عقد القران لأن الزوج لا يملك شيئا وهو على خلق ودين وهذا الاتفاق كان بيني وبينه ولا أحد يعلم بذلك إلا الله وهو سيدفع لي المهر مستقبلا والسؤال هو هل عقد القران بدون مهر صحيح؟ علما بأني راضية حتى لو لم يدفع لي
وأريد أن أعرف هل أنا حلال عليه أم لا فهو يأتي إلى منزلنا دائما وأنا أجلس معه بدون حجاب ويعاملني معاملة الأزواج باستثناء الجماع.
أفيدوني جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب أن يصدق الرجل من أراد الزواج منها شيئاً ذا قيمة مأذوناً شرعاً في تموله والانتفاع به، وهو ما يسمى بالمهر، حالاً أو مؤجلاً.
ولا حرج في دفعك شيئاً من المال إلى هذا الرجل، ليقدمه مهراً لك رفعاً للحرج عنكما، مع التزامه بأن يدفع المهر مستقبلاً.
لكن ينبغي أن توثقي هذا الحق بأن يكتب ورقة يثبت فيها أن لك عنده كذا من المال، ضماناً لحقك، ولو أمكن توثيق هذه الورقة في المحكمة، أو بشهادة شاهدين كان ذلك أولى.
وعقد نكاحك هذا المشتمل على وجود الولي والشهود والمهر عقد صحيح.
وعليه، فقد صرت زوجة له، يجوز لك الحديث معه والخلوة، وغير ذلك مما يجوز بين الزوجين، وقد سبق بيان ذلك تحت الفتوى رقم: 6263، ورقم: 3561.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1422(13/6677)
زكاة مؤخر الصداق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تخرج المرأة زكاة عن مؤخر الصداق وهو ما زال فى ذمة زوجها، سواء كان قادرا على دفعه لها حالا أم غير قادر؟ وما حكم إخراجها أيضا إذا كان العرف ألا تأخذ المرأة مؤخر صداقها إلا من تركة زوجها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مؤخر الصداق كغيره من الديون فإن كان حالاً والزوج قادر على الأداء وباذل له، يعتبر الصداق بمثابة المال المودوع، فتجب فيه الزكاة كلما حال عليه الحول، وكان بالغاً النصاب بنفسه أو بما ينضم إليه من مال هو من جنسه، أما إن كان الزوج معسراً أو مماطلاً فلا زكاة فيه حتى يقبض، فإذا قبض زكي سنة واحدة، ولو مرت عليه سنون كثيرة. وإن كان مؤخر الصداق لا يستحق إلا بالموت أو الطلاق - كما هو العرف في بعض البلاد- فإنه لا زكاة فيه حتى يقبض، لتخلف شرط من شروط وجوب الزكاة وهو الملكية التامة للمال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1422(13/6678)
الطلاق بعد الخلوة الصحيحة وما يتعلق به من أحكام
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أنا وزوجي نحتكم إلى أهلي في خلاف بيننا واضطرني الوضع إلى أن أحلف أيمانا كاذبة مما أثار غضب زوجي فطلقني بقوله (أنت طالق طالق طالق) وبعدها راجعني في اليوم التالي ولكن أهلي طلبوا مني تثبيت الطلاق وفعلا تم ذلك في المحكمة على أساس أنه تمت الخلوة ولم يتم الدخول الحقيقي إلا أنني أشعر بالذنب الكبير لأنني أوقعت نفسي وزوجي بهذا الوضع فما علي أن أعمل ليغفر الله لي لأنني من الملتزمات جدا وأخاف الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمسألة الأولى: قول زوجك لك (أنت طالق طالق طالق) فإن نوى بذلك الطلاق ثلاثاً وقع ثلاثاً، وبانت منه الزوجة، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، ثم يطلقها، وبعد ذلك له أن يتزوجها.
وإن قصد التوكيد، فتحسب طلقة واحدة لأن الكلام يكرر للتوكيد، كقوله صلى الله عليه وسلم: "فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل" رواه أبو داود والترمذي.
وإن لم يقصد شيئاً لم يقع إلا طلقة واحدة، لأنه لم يأت بينهن بحرف يقتضي المغايرة، فلا يكن متغايرات.
وبناءً على ذلك فإن مراجعة زوجك لك بعد قوله (أنت طالق طالق طالق) صحيحة في حال ما إذا أراد بتكرار اللفظ التوكيد.
أما في حال قصده بذلك وقوع الثلاث، فالرجعة باطلة، لأنها في غير محلها.
المسألة الثانية: قولك: (إنه تمت الخلوة، ولم يتم الدخول الحقيقي) .
لابد من بيان أن الخلوة الصحيحة بعد العقد حكمها حكم الدخول، حتى ولو لم يطأ وتستحق الزوجة بهذه الخلوة: المهر، وتجب بها العدة، والإرث عند جمهور العلماء روي ذلك عن الخلفاء الراشدين، وزيد، وابن عمر، وبه قال علي بن الحسين، وعروة، وعطاء، والزهري، والأوزاعي، وإسحاق.
وهو مذهب الحنفية، والحنابلة، وقديم قولي الشافعي، ودليل ذلك ما رواه الإمام أحمد بإسناده إلى زرار بن أوفى قال: قضى الخلفاء الراشدون المهديون: أن من أغلق باباً، أو أرخى ستراً، فقد وجب المهر، ووجبت العدة.
المسألة الثالثة: الحلف بالأيمان الكاذبة، وقد سبق بيان حكم ذلك في أجوبة سابقة نحيلك على أحدها رغبة في الفائدة، وعدم التكرار برقم 7228
وننبهك إلى أنه ينبغي الاستفادة مما حدث، وأن تصممي على عدم الوقوع في الحلف بالكذب أبداً مهما كانت الأسباب، وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1422(13/6679)
أكثر المهر.. وأقله
[السُّؤَالُ]
ـ[طالب يريد الزواج بأقل التكاليف فما هي المصاريف التي عليه دفعها وما مقدارها شرعا بحيث لا نهضم الزوجة حقوقها الشرعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أراد الزواج بامرأة فلا بد له من أن يصدقها شيئاً ذا قيمة مأذوناً شرعاً في تموله والانتفاع به. وقد أجمع أهل العلم على ثبوت الصداق ووجوبه للزوجة على زوجها متى تم عقد النكاح الصحيح. وأجمعوا على أنه لا حد لأكثره، قال ابن رشد الحفيد: ليس لأكثره حد، واختلفوا في أقله، فقال الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وفقهاء المدينة: ليس لأقله حد، وكل ما جاز أن يكون ثمناً وقيمة لشيء جاز أن يكون صداقاً، وبه قال ابن وهب من أصحاب مالك. وقالت طائفة بوجوب تحديد أقله، وهؤلاء اختلفوا في ذلك. والراجح - فيما ظهر لنا- ما ذهب إليه جمهور العلماء من أن المهر يتم بما تراضى عليه الزوجان مما فيه منفعة كالثوب والنعل؛ وإن كانت قيمته أقل من درهم، كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح، وذلك لما في الصحيحين وغيرهما عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: إنها قد وهبت نفسها لله ورسوله صلى الله عليه وسلم فقال: مالي في النساء حاجة، فقال رجل زوجنيها، قال: أعطها ثوباً" قال: لا أجد، قال أعطها ولو خاتماً من حديد، فاعتلَّ له، فقال: ما معك من القرآن؟ قال: كذا وكذا، قال: فقد زوجكتها بما معك من القرآن"
وننبه إلى أن الذي يجب للمرأة هو المهر فقط، أما ما يقدمه الرجل من هدايا لمن يريد التزوج بها فإن هذا راجع إلى الشخص بحسب إرادته وقدرته، وهو غير ملزم بشيء منه أصلاً، لا خلاف في ذلك بين أهل العلم فيما نعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1422(13/6680)
مؤخر الصداق دين على الزوج ولا يسقط بوفاته.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تستحق الزوجة مؤخر الصداق المكتوب في عقد الزواج من ميراث الزوج بعد وفاته وهل يعتبر هذا المؤخر من ديون الميت والتي يجب تسديدها قبل توزيع التركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مؤخر الصداق دين في ذمة الزوج كسائر الديون، فإذا توفي قبل أدائه أخذ من ماله قبل إخراج الوصايا - إن كانت ثمة وصايا ـ وقبل توزيع التركة على مستحقيها، فلو أن الميت لم يترك من المال إلا قدر مؤخر الصداق، أخذته المرأة ولا شيء لباقي الورثة، ولا لأهل الوصية إذا كانت وصية، وأخذها لما تستحقه من الدين لا يسقط حقها في الإرث، إن ترك الميت مالاً زائد على الدين. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/6681)
هل تملك المخطوبة (الشبكة) بعد فسخ الخطبة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع فى الاحتفاظ بالشبكة بعد فسخ الخطبة بعد ثلاث سنوات من جانب الخطيب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فالخطبة وما يتبعها من شبكة وهدايا هي من مقدمات الزواج، ومن قبيل الوعد به ما دام عقد الزواج لم يتم، فإذا كانت هذه الشبكة قد قدمت للزوجة على أنها هدية فإنها تجري عليها أحكام الهبة والهدية التي تلزم بالقبض، وتكون ملكاً للمخطوبة، فلا يحق للزوج الرجوع فيها، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لرجل أن يعطي عطية، أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطيه ولده، ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب يأكل، فإذا شبع قاء ثم عاد في قيئه" رواه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح. وأما إن قدمت لها على أنها جزء من الصداق عرفا أو اتفاقاً فيبقى مودعاً عندها حتى يتم العقد، فيصير ملكاً لها كاملاً إن تم الدخول، ومناصفة إن طلقت قبل الدخول. وبناء على ما تقدم فالواجب إرجاع الشبكة إلى الخاطب، ولا أثر لكون التراجع عن الخطبة من جهة الزوج أو من جهة الزوجة، لأن الخطوبة ليست عقداً ملزماً، فلكل من الطرفين التراجع عنه متى شاء، لكن ينبغي الوفاء به ديانة إذا لم يكن هناك سبب مقبول شرعاً يدعو إلى الترك. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/6682)
المهر دين واجب.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أنا متزوج منذ أربع سنوات وكان الاتفاق على المهر قبل الزواج أن يكتب مبلغ وقدره فقط 500 ألف ليرة سورية ولكن لم يوضح هل سوف يدفع المهر لاحقا أم لا. بعد ذلك وكلت أخي بوكالة رسمية لعمل عقد الزواج وسافرت إلى عملي في السعودية. تم إجراء عقد الزواج في المحكمة الشرعية في سوريا وسجل المهر على أنه باق في ذمتي. السؤال هل المهر باق في ذمتي أم لا وإن كان الرد لا كيف يكون عقد زواج بدون مهر وماذا يجب علي أن أفعل؟ مع العلم أن هذا الاتفاق عرف بين الناس يتبع في سوريا. جزاكم ألف خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
وبعد فإنه يلزمك أن تعطي لزوجتك مهراً إن لم تكن دفعته أو شيئاً منه من قبل، لأن المهر من أركان النكاح، ولا خلاف عند العلماء في وجوبه، لقوله تعالى: (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) [النساء:4] لكنها إذا وهبت لك منه شيئاً عن طيب نفس منها فذلك جائز، لقوله تعالى: (فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً) .
والعادة التي ذكرت إن كانت إسقاط المهر كله فهذه عادة باطلة لا يجوز العمل بها، وإن كانت في تحديده، كأن يكون العرف عندكم أن المهر مبلغ كذا، فهذا لا بأس به، وعلى كل حال فالمهر لا بد من دفعه للزوجة قليلاً كان أو كثيراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/6683)
لا يجوز للولي أن يأخذ شيئا من مهر موليته إلا بإذنها.
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم الخاطب لخطبة البنت وعند عقد القران أمام القاضي تبين أن المهر مقداره 20000 ريال لم يتم تسليمه لولي أمر المخطوبة بعد.وعند سؤال القاضي لولي الأمر..كم المهر؟ قال 20000 ريال. وهل استلمت المهر؟ قال نعم (بحكم معرفته بالخاطب) .وتم عقد القران. وفي نفس اليوم جاء الزوج وأحضر المهر لولي أمر الزوجة ولكن كان 25000ريال بزيادة 5000ريال عما اتفق عليه. وبعلمه أخذ الولي وهو أبو الزوجة 5000ريال وأعطاها الباقي وهو 20000 ريال. ما حكم أخذ الأب لمبلغ ال5000ريال؟ علما بأنه قام بصرف معظم هذا المبلغ لإتمام حفل القران والباقي سدد به ديونا كانت عليه. وجزاكم الله خيرا.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أولاً: لا ينبغي لولي أمر المخطوبة أن يقول: تسلمت المهر (بحكم معرفته بالخاطب) ولم يتسلمه بعد، حتى لا يقع في الكذب، ولأنه قد يترتب على ذلك إشكالات، في حال الاختلاف- لا قدر الله - فقد يمتنع الزوج من أداء ما عليه، ويطالب الولي بما ليس في حوزته.
ثانياً: أما أخذ الولي (أبي المخطوبة) شيئاً من صداقها لنفسه فمن العلماء من منع ذلك مطلقاً كالشافعي، ومنهم من أجاز ذلك إذا شرطه الولي وكان هو الأب دون غيره من الأولياء، وهو قول الإمام أحمد. قال الإمام ابن قدامة في المغني: (وجملة الأمر أنه يجوز لأبي المرأة أن يشترط شيئاً من صداق ابنته لنفسه. وبهذا قال إسحاق، وقد روي عن مسروق أنه لما زوج ابنته اشترط لنفسه عشرة آلاف فجعلها في الحج والمساكين، ثم قال للزوج جهز امرأتك. وروي نحو ذلك عن علي بن الحسين.
وقال عطاء وطاووس وعكرمة، وعمر بن عبد العزيز والثوري وأبو عبيد: يكون كل ذلك للمرأة. وقال الشافعي: إذا فعل ذلك فلها مهر المثل وتفسد التسمية لأنه نقص من صداقها لأجل هذا الشرط الفاسد، لأن المهر لا يجب إلا لزوجة لأنه عوض بضعها….إلخ) .
وبناء على ما تقدم، فهذه الزيادة التي أضافها الخاطب إلى صداق المخطوبة، إما أن يكون قد وهبها للولي، فلا حرج في أخذها، وإما أن يكون وهبها للمخطوبة، فيكون من حقها، ولا يجوز للأب أخذ شيء من ذلك إلا بطيب نفس منها، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه" أخرجه الدارقطني وأحمد والبيهقي وغيرهم، وصححه الألباني.
أما إذا وهبت ذلك لأبيها، فلا حرج عليه في أخذه لأنه حقها تتازلت عنه بمحض إرادتها.
ولو شرط الولي (الأب) هذه الزيادة (الخمسة آلاف) أو غير ذلك لنفسه جاز على الراجح من أقوال أهل العلم.
وحيث إن الولي قد أنفق معظم المبلغ لإتمام حفل القران، فيحسن بالزوجين مسامحته والتجاوز عنه، أو الترفق معه في السداد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1422(13/6684)
تستحق المرأة المهر بالدخول وإن وقعت في فاحشة بعده
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب متزوج زواجا شرعيا تم في الأردن ثم هاجر مع زوجته وطفله الى بلد غربي، وبعد فترة لاحظ على زوجته انها تخونه بالذهاب الى بيت آخر والالتقاء بشخص آخر غربي، وتابعها خفية ورآها بعينه وهي في حضن ذلك الاجنبي يقبلها وتقبله وأخذ صورة لذلك المنظر بكمرة فيديو، وبعد ذلك دخلا في غرفة في ذلك البيت وغابا عن نظره. كل هذا في بلد غربي حيث أنهما يعيشان في ذلك البلد بصفة هجرة. تخاصم معها لهذا السبب، وطردها من بيته، وقدم طلب انفصال عنها، وتم له ذلك في المحكمة في ذلك البلد، وكنتيجة لهذا الانفصال أخذت نصف ما يملك من أثاث وخلافه.كما أنه يدفع شهريا مصروف الطفل البالغ 7 سنوات والذي أبقته الحكومة برعاية أمه. السؤال هو حيث أنه ينوي طلاقها طلاقا شرعيا فهل تستحق المهر المؤجل المذكور في عقد الزواج خصوصا وانها أخذت نصف ما يملك؟ وجزاكم الله خيرا عنا وعن المسلمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المهر تستحقه الزوجة بالدخول، وما كان منه مؤجلاً فإنه يبقى ديناً على الزوج يلزمه الوفاء به، ما لم تهبه الزوجة له.
ووقوع المرأة في الزنا أو تمردها على زوجها لا يسقط حقها فيما تبقى لها من المهر.
أما أثاث البيت: فما استطاع الزوج أن يقيم البينة على ملكه له، أو أقرت الزوجة بأنه ملك له، فهو كذلك، وأما ما أهداه الزوج لزوجته فهو ملك لها، وكذلك ما أقامت هي البينة على ملكها له، أو أقر الزوج لها به فهو ملك لها.
وحيث أن المحكمة أخذت منك -بغير حق شرعي- نصف ما تملكه من الأثاث وغيره ودفعته لزوجتك، فإن كان هذا مساوياً لما بقي لها من المهر، فلا شيء لها.
وإن كان أنقص مما لها لزمك أن تدفع لها الباقي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/6685)
المطلقة بعد الدخول تستحق كامل المهر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا طلق الزوج زوجته بدون رغبته بسبب قضائي فهل يحق لها أن تطالب بالمهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
إذا طلقت الزوجة المدخول بها من زوجها، فلها المطالبة بالمؤخر من الصداق إلا إذا خالعت الزوج به وأسقتطه في مقابل تطليقه لها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر امرأة ثابت بن قيس أن ترد إليه الحديقة التي أعطاها إياها صداقاً في مقابل أن يطلقها فردتها إليه فطلقها كما في البخاري، فكذلك ما بقي في ذمة الزوج من الصداق يجوز للزوجة إبراؤه منه ليطلقها.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/6686)
حكم مؤخر الصداق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للزوجة الحق في الحصول من زوجها على مؤخر الصداق وهي على ذمته ولم تطلق منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فالمؤخر من الصداق إن كان تأخيره لأجل معلوم فللزوجة المطالبة به إذا حل ذلك الأجل الذي كان مضروباً لتسديده.
أما إذا لم يكن هنالك أجل لتسديد المؤخر من الصداق فلا يحق للزوجة المطالبة بذلك المؤخر إلا عند الفرقة بموت أو طلاق.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/6687)
لاحد لأكثر المهر ولا لأقله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي في تحديد المهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
ليس في نصوص الشرع تحديد لأقل المهر ولا لأكثره، فلذلك قال العلماء: إنه لا حد لأكثره ولا لأقله، ولكي ينبغي التوسط ومراعاة الحال والتيسير.
وقد وردت نصوص في الحث على تخفيف مؤن النكاح تيسيراً لأمره وللحدّ من تفشي العنوسة التي تنشأ عنها مفاسد كثيرة، فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة"رواه أحمد.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/6688)
لا يجوز أخذ الهدايا المقدمة للزوجة إذا طلقت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من حق زوجي الذي طلقني أن يأخذ الهدايا التي قدمها لي وحجته في ذلك بأني لم أشترط عليه في عقد الزواج شيئاً حيث كان مهري المعوذتين والفاتحة وآية الكرسي، لذلك يقول إن الهدايا التي أهداني إياها ليست من حقي. وجزاكم الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ...
الهدايا التي أهداها لك زوجك تعتبر ملكاً لك لا يجوز له الرجوع فيها، سواء كانت مشترطة في العقد أم لا.
أما قولك إن مهرك كان المعوذتين والفاتحة وآية الكرسي فإن كان قصدك أنكم قرأ تموها في ذلك الوقت وجعلتم قراءتها هي المهر فهذا لا يصح، ولك المطالبة بمهرك.
وإن كان قصدك أنه علمك إياها وجعلتم ذلك مهرا لك فهذا صحيح على الراجح من أقوال أهل العلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم زوج رجلاً امرأة على أن يعلمها شيئاً من كتاب الله تعالى. جاء ذلك في أحاديث كثيرة منها حديث سهل بن سعد في سنن أبي داود وفيه التصريح بذلك وأصله في الصحيحين.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1422(13/6689)
المطلقة قبل الدخول تستحق نصف المهر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا طلق الزوج امرأته قبل أن يدخل بها هل يحق لها أن تطالب بالمهر المؤخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزوجة التي طلقها زوجها قبل أن يدخل بها لها نصف كامل المهر-المقدم والمؤخر- لقول الله تعالى: (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون …) [البقرة: 237] .
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/6690)
غلاء المهور ظاهرة تخالف الشريعة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل محدود الدخل تقدم لخطبة فتاة طلب والدها مهرا فوق المتوسط المتعارف عليه وبحجة أن أخت المتقدم كان مهرها فوق المتوسط قبل عام وذلك من باب المعاملة بالمثل وكذلك حسب قوله إنه ليس أقل من الناس. وحيث إن المهر يستخدم حسب العرف في شراء الكثير من الملابس والذهب. السؤال هل يجوز لي الاعتراض علي هذا المهر؟ من باب اقلكن مهرا اكثركن بركة وكذلك لانني اعتقد أن المهر يستخدم في التبذير الذي لا لزوم منه مع العلم أنني كنت قد اعترضت على مهر أختي، حتى لو كان اعتراضي سيسبب فشل إتمام الزواج؟. وهل يجوز لي الاعتراض على تدخل والدي؟ الذي على استعداد لدفع المهر حيث إن قدراته تسمح بذلك، مع العلم أنني لا أريد تدخله لأنه سيساعد في مصروفات أساسية أخرى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ... فلا يخفى على عاقل ما في غلاء المهور من المفاسد والمضار التي منها انتشار العنوسة بين الجنسين، وإثقال كاهل المتزوجين بديون يرزحون تحت وطئتها لسنوات عديدة. وقد يتسبب ذلك في أن الزوج إذا لم توافقه الزوجة ولم يمكنه إمساكها فمن الصعب عليه أن يطلقها ويسرحها سراحاً بالمعروف لأنه يرى أنه قد خسر في زواجه منها خسارة كبيرة -فيلجأ إذا لم يتق الله تعالى- إلى مضارتها وتضيع بعض حقوقها ليلجئها إلى الافتداء منه بما يخفف عليه تلك الخسارة، لذلك كله كان من هدي الإسلام تخفيف مؤونة النكاح. ومن أراد معرفة ذلك فليقرأ هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تزوجه وتزويجه. وهدي صحابته – رضي الله عنهم – في ذلك فعليك أن تتدخل لدى المعنيين بهذا الأمر جميعاً من باب النصح والدعوة إلى الالتزام بشرع الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. كل ذلك يكون بالحكمة والحوار والإقناع. ولا تغفل الموازنة بين المصالح والمفاسد. ولا تغفل أن ما يتسبب من ذلك في فشل الزواج ينبغي تجنبه، وحاول أن تقنع والدك فإن المشكلة ليست فيمن يدفع. وإنما المشكلة فيما يترتب على ذلك من مفاسد. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/6691)
ما تستحقه المطلقة قبل الدخول بها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق تم عقدقرانه على فتاة وقد تم الاتفاق على مؤخر صداق ثلاثة آلاف جنيه مصري بخلاف الاتفاق على تقديم مصاغ ذهبية (شبكة) بمبلغ معين بعد فترة من الزمن. ولم يتم الدخول بها حتى الآن. وقد حدث نوع من عدم التوافق بينهما. فماهو الحكم في حالة الانفصال قبل الدخول بها. وما هو مصير مؤخر الصداق والمصاغ المشار إليهما. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فإذا تم عقد النكاح وأراد الزوج أن يطلق - قبل الدخول - فلا حرج في ذلك لا سيما مع عدم التوافق بين الزوجين، وفي حالة الطلاق قبل الدخول فإن المرأة المطلقة لا عدة لها، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحاً جميلاً) . [الأحزاب: 49] .
والمرأة تملك المهر بمجرد العقد، فإذا حدث طلاق قبل الدخول فإن المهر يتنصف بين الزوجين، المقدم منه والمؤخر، قال تعالى: (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم) .
[البقرة: 237] .
ويستحب أن يعفو أحد الزوجين عن النصف الواجب له لصاحبه لقوله تعالى: تعالى: (وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم) . هذا كله في حالة عدم دخول الزوج، أو خلوته بها خلوة يمكن فيها الوطء عادة، فإن الخلوة الصحيحة بين الزوجين لها حكم الدخول على الراجح من أقوال أهل العلم إذا ثبتت بينهما بالإقرار، أو بالبينة فإنها تجعل للزوجة جميع الحقوق المقررة للمدخول بها، فلها جميع المهر، وتجب عليها العدة إذا طلقت، ولها النفقة من حين الخلوة بها إلى نهاية عدتها.
وأما نفقتها: فإذا لم يدخل بها، ولم يخل بها خلوة على الوجه المتقدم، فإن النفقة لا تجب لها إلا إذا كانت الزوجة ممن يوطأ مثلها، وسلمت نفسها للزوج ومكنته من الدخول بها، ولو حكماً، فإن النفقة تجب لها على الزوج من حين التمكين.
أما الشبكة الذهبية فإن كان المتعارف عليه لديكم أنها من المهر - وهذا هو الأغلب لجريان العادة به في كثير من البلدان - فإنها تتنصف كذلك كتنصف المهر المسمى.
وأما إن كان المتعارف عليه أنها ليست من المهر ولكنها هدية يقدمها الخاطب لمخطوبته، أو الزوج لزوجته، فإن أهل العلم ذكروا أنها تكون كلها من حق الزوجة في حالة ثبوت نصف المهر لها، أو ثبوت المهر كاملاً، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1425(13/6692)
خلاف العلماء في استقرارالمهر بالخلوة الصحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سؤالي هو هل الخلوة الشرعية بين الزوجين اللذين لم يخدلا ببعض يعتبر دوخل شرعي حتى لو لم يتم الدخول على اعتبار ان الزوج اختلى بزوجته، وهل يحق للزوجة عند تفريقها من الزوج بسبب خلافات من قبل الزوج هل يحق لها ان تاخذ كل الحقوق الزوجية المترتبة على عقد النكاح بالكامل يرجى التوضيح والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه أما بعد: ...
ذهب جمهور العلماء إلى أن الخلوة الصحيحة بعد العقد يستقر بها المهر، وتجب بها العدة، وإن لم يطأ. روى ذلك عن الخلفاء الراشدين وزيد وابن عمر. وبه قال علي بن الحسين وعروة وعطاء والزهري والأوزاعي وإسحاق. وهو مذهب الحنفية والحنابلة وقديم قولي الشافعي. ودليل ذلك ما رواه الإمام أحمد بإسناده إلى زرار بن أوفى قال:"قضى الخلفاء الراشدون المهديون إن من أغلق بابا أو أرخى سترا فقد وجب المهر ووجبت العدة". وذهب شريح والشعبي وطاووس وابن سيرين ومالك والشافعي في الجديد إلى أنه لا يستقر المهر الكامل إلا بالوطء. وحكي ذلك عن ابن مسعود وابن عباس ولم يصح عنهما والأظهر هو القول الأول والله أعلم. وصلى الله على نبيه وسلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/6693)
أجبرها عمها على الزواج من ابنه الذي ضيع حقوقها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة منذ أكثر من 18 عاما من ابن عمي ـ أخي والدي ـ وهو الوالي الشرعي لي، حيث إن والدي توفي وأنا طفلة صغيرة، وقد أرغمني عمي على الزواج من ابنه دون موافقتي خوفا من ذهاب الثروة التي سأرثها بعد والدي، فلم أكن موافقة على الزواج ولم يكن ابن عمي يرغب في الزواج مني، فقد تزوجني خوفا من والده، ولكن ـ ورغم مرور أكثر من 18 عاما على زواجنا ـ لم نأكل معا وجبة طعام واحدة، بل ولم يحدث بيننا ما يحدث بين الزوجين من معاشرة قط، فأنا أسكن في بيت بجانب بيت والده، وأما هو فيأكل وينام في بيت والده، ولا ينفق علي منذ أن تزوجنا، ورزقي يأتيني من الله عز وجل عن طريق البقرة التي لا أملك غيرها فأنا يتيمة ولا يوجد لدي إخوة وليس لي إلا عمي الذي ظلمني، وخالي الذي لا يسأل عني ولا يحاول أن يوقف بجانبي كي لا تسوء العلاقة بينه وبين عمي.
إنني صبرت كل هذه السنين الطوال على الألم والفقر والمعاناة والظلم وكنت آمل أن يتحسن الأمر وأن يتغير الحال، ولكن الحال ازداد سوءا، فمنذ أربع سنوات لا يدخل زوجي بيتي ولا يكلمني مطلقا، حتى إنني أحس أنه لا يطيق أن يراني رغم أنني لم أعص له أمرا منذ أن تزوجنا ولا أذهب إلى أي مكان إلا بعد استئذانه.
والآن وبعد أن فكرت كثيرا، أريد أن أعرف هل علي إثم بسبب أنني لم أخالعه؟ وأنا أعرف أن خلعه ليس بالأمر السهل فلا يوجد من يقف معي ولا أدري ماذا يجب علي فعله؟ أريد من حضرتكم أن تفتوني في ما إن كان علي إثم في سكوتي أم لا؟ وماذا يجب علي فعله كي أتخلص من هذا الظلم؟.
علما أنني ـ والله يشهد ـ لست مقصرة في حق زوجي وقد بذلت كل ما في وسعي كي يحبني، ولست أقل من نظيراتي في الجمال والأخلاق والدين، فزوجي لا يخاف الله وليس ملتزما بتعاليم الدين الحنيف، فهو متهاون في الصلاة وقد ثبت عليه الخلو مع نساء أخريات ولاقى ضربا مبرحا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان عمك قد أجبرك على الزواج من ابنه هذا وعقد لك عليه، بحيث لم يكن لك خيار ولا رضا, فإن هذا الزواج باطل وعليك أن ترفعي أمرك للسلطات المختصة كي تفسخ هذا النكاح أو تطلقك منه، جاء في فتاوى اللقاء الشهري لابن عثيمين: إذا كانت المرأة مغصوبة، فإنها إذا غصبت على الزواج من رجل ـ وإن كان صغيراً ـ فإن النكاح باطل.
أما إن كنت غير راضية، ولكنك وافقت بمحض إرادتك على العقد تحت الضغوط، فإن النكاح صحيح, ولكن في كل الأحوال، فإن عمك هذا ظالم بفعله هذا، لأن البنت لا يملك أحد إرغامها على الزواج بمن لا تريد, كما بيناه في الفتوى رقم: 64887
وعلى كل حال, فما دام الأمر على ما ذكرت من بغضه لك وتضييعه لحقوقك جميعا وهجره لك دون سبب وفسوقه وارتكابه للمحرمات واستمراره على هذا النهج المنحرف طوال هذه السنين، فإن هذا يبيح لك طلب الطلاق منه, بل بعض هذه الأمور كاف في ذلك, وقد سبق الحديث مفصلا عن الأحوال التي يجوز للمرأة فيها طلب الطلاق من الزوج في الفتوى رقم: 116133.
فإن لم يستجب لك في ذلك فأنت بالخيار بين أمرين: إما أن ترفعي أمرك للسلطات المختصة لتجبره على التطليق, وإما أن تختلعي منه.
أما ما تذكرين من عدم وجود من يقف بجوارك: فنقول لك: استعيني بالله وحده فهو نعم المولى ونعم النصير واستعيني بمن يقدر على نصرتك من الأخيار، ويمكنك أن تقصدي بعض النساء الصالحات من أهل العلم والخير والدعوة وتعرضي عليهن أمرك ليساعدنك في التخلص من هذا الظلم.
أما بخصوص الإثم: ففي مثل حال زوج السائلة لا أقل من أنه يستحب لها أن تتخلص منه بالخلع ونحوه، وقيل يجب عليها ذلك، وعلى القول بالوجوب تأثم السائلة إذا قدرت على التخلص منه ولم تفعل.
ففي الإنصاف: إذا ترك الزوج حق الله فالمرأة في ذلك كالزوج فتتخلص منه بالخلع ونحوه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/6694)
زوجته أخذت وسائل لمنع الحمل دون علمه فهل يعفو عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج منذ 4 سنوات والحمد لله، رزقنا الله ببنت بعد السنة الأولى، وبعدها قامت زوجتي بأخذ وسيلة لمنع الحمل بدون معرفتي، وبعد مرور 3 سنوات، وقبل يومين قالت لي إنها أخذت وسيلة لمنع الحمل، وهي الآن تطلب مني أن أسامحها، ولكني لا أستطيع بعد أن عرفت إنها كانت تأخذ وسائل منع الحمل على الرغم من أني كنت أتمني أن يرزقنا الله بمولود خلال هذه الفترة، هل هذا جائز منها، وماذا أفعل، على العلم إنها تطلب الطلاق إذا لم أسامحها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فما فعلته زوجتك من أخذ وسيلة لمنع الحمل دون علمك أمر غير جائز؛ لأن الإنجاب حق مشترك للزوجين لا يجوز لأحدهما أن يستأثر بمنعه، وإلا كان متعدياً على حق صاحبه، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 65131، وراجع ضوابط الإقدام على منع الحمل في الفتوى رقم: 636.
وإنا لننصحك أن تعفو عن زوجتك وتغفر لها ما كان منها من هذ الفعل، فإن الله سبحانه قد ندب عباده إلى العفو وأمرهم به، فقال سبحانه: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34} ، وقال سبحانه: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40} ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله. رواه مسلم.
والعفو والصفح هما خلق النبي صلى الله عليه وسلم، فقد سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله فقالت: لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ولا صخابا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، رواه أحمد والترمذي وأصله في الصحيحين.
فلتبين لها حكم ما أقدمت عليه حتى لا تعود له مرة أخرى، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 2019، والفتوى رقم: 10298 لحكم طلب المرأة الطلاق من زوجها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/6695)
حكم الامتناع عن الزوج للشعور بفتور تجاهه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة أبلغ من العمر 30 عاما، أشعر بفتور كبير جدا تجاه زوجي، ولا أريد ممارسة الجنس معه، مع العلم أنني كنت كثيرة الشهوة، وأريد أن يجامعنى كل يوم على الأقل مرتين باليوم، ولو حتى فعل المزيد كنت أحب ذلك، بل وكنت أفوقه في رغبتي الجنسية، ولكن الآن لا أدري ماذا أصابني مع العلم أنني كنت حاملا وابني الآن تم عشرة أشهر، وإنى حملت مرة اخرى بعد النفاس وأنا حامل الآن في الشهر الثامن فهل الحمل له تأثير على هذا الشعور.
وأريد أيضا أن أوضح لكم بأنني أحيانا أمارس العادة السرية بعد ما يجامعني زوجي، وأتخيل زميلا لي بالعمل، ولكني بعدها أشعر بالذنب، ولكن أرجع مرة ثانية أفعلها، ويكون عزائي الوحيد هو أنني لا أريد أن أقع في الزنا مع هذا الزميل.
أفيدوني ماذا أفعل لأجدد حياتي مع زوجي مرة أخرى. مع العلم أني والله العظيم أحب زوجي كثيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوجة الامتناع عن فراش زوجها حتى وإن لم يكن لها رغبة لذلك، ما لم يكن لها عذر حقيقي في ذلك من مرض ونحوه، فهنا يجوز لها الامتناع. وراجعي في ذلك الفتاوى التالية: 123651، 14121، 34857.
أما ممارسة العادة السرية فهي محرمة وصاحبها آثم، وهي من المتزوج أشد قبحا وإثما، وقد بينا هذا كله في الفتويين التاليتين: 37399، 21579.
وأما تخيل المرأة أثناء ذلك معاشرة شخص أجنبي لها فهذا زيادة في الإثم وإيغال في العصيان. ولعل هذا الأمر هو السبب في فتور علاقتك بزوجك. وقد بينا حكم التخيلات الجنسية في الفتوى رقم: 111167.
وأما تأثير الحمل على النشاط الجنسي فيراجع فيه أهل التخصص من الأطباء ونحوهم، ويمكنك مراسلة قسم الاستشارات في الشبكة.
ونوصيك بالتوبة إلى الله سبحانه والاستغفار من الذنوب والاجتهاد في طاعة الله والإلحاح عليه في الدعاء أن يصلح لكم الحال والبال، وأن يصرف عنكم كل ما يكدر صفوكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/6696)
وجوب طاعة الزوج في لبس النقاب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هوحكم المرأة التي كانت ترتدي النقاب الذي تظهر منه العينان، ولكن بعد فترة قررت ترك لبس النقاب وهي الآن كاشفة للوجه واليدين وتدعي أن هذه الحالة أحسن من لبس النقاب، لما يسببه النقاب من سمعة غير محمودة للنساء، لأن بعض النساء يقمن بالاستهتار خلال لبس النقاب؟ وهي الآن تاركة للنقاب بالرغم من أن زوجها يلح عليها في ارتدائه، ولكن دون جدوى، فما هو السبيل لهذا الزوج في نصح زوجته؟ وما هي نصيحتكم لهذه المرأة؟.
أفتونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في وجوب لبس المرأة للنقاب وجواز كشف وجهها أمام الأجانب، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 80256، كما سبق بيان حكم المرأة التي تخلع النقاب بعد لبسه في الفتوى رقم: 28460.
لكن ننبه إلى أنه رغم الخلاف في وجوب النقاب، إلا أنه يجب على الزوجة طاعة زوجها إذا أمرها بلبسه، كما بيناه في الفتوى رقم: 62866.
والذي ينبغي على هذا الزوج أن يسلك مع زوجته طريق الحكمة ويطلعها على كلام أهل العلم بشأن الحجاب والستر ووجوب طاعة الزوج ويبين لها فساد احتجاجها بوقوع أخطاء من بعض المنتقبات، فمثل هذه الأفكار هي تلبيس من الشيطان وتشويش من أهل الجهل والضلال يريدون بها تخذيل المسلمين عن الطاعات وتثبيطهم عن التمسك بأحكام الشرع، وينبغي أن يجتهد في إعانتها على تقوية صلتها بربها بمصاحبة الصالحات وسماع المواعظ النافعة والاجتماع على الذكر وتلاوة القرآن ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1430(13/6697)
أين تقيم المرأة عندما يسافر زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة عاملة ماكثة مع أهل زوجها بدون أطفال. هل يجب عليها المكوث معهم وخدمتهم أثناء سفر زوجها للعمل مع العلم أنها أحيانا تأتي من العمل متعبة وبيت أهل زوجها سكن مختلط، وفيه إخوته الذكور عازبون.
وهي تفضل المكوث في بيت أمها لحين عودة زوجها مع زيارة أهل زوجها من حين لآخر في غيابه، مع العلم أنها في بيت أمها تشعر بالراحة أكثر لمساعدة أخواتها لها في أعمال المنزل على عكس أهل زوجها فهم لا يقدرون ظروفها بأنها تتعب من العمل. أرجو الفتوى فيما يجب علي فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت إقامتك مع أهل زوجك تعرّضك للخلوة مع إخوة زوجك أو الاختلاط المحرّم بهم، فلا تجوز لك الإقامة معهم، وأمّا إذا كان لك مسكن مستقل تأمنين فيه من الخلوة بهم، فلا مانع من إقامتك مع أهل زوجك، مع التنبيه على أنّ خدمتهم ليست واجبة عليك، لكن من تمام الإحسان إلى زوجك أن تحسني إلى أهله، وإذا كنت تفضلين الإقامة مع أمّك فلا مانع من ذلك، وينبغي لزوجك ألّا يمنعك منه.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 109883.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1430(13/6698)
لا حق للزوجة في معرفة كل شيءعن زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من حق الزوجة معرفة كل شيء عن زوجها ـ صغيرا كان أو كبيرا في حياته؟ وما هي حقوقها وواجبتها؟ وهل من حقها طلب الطلاق، لأنها عرفت أنه يشمئز منها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حق للزوجة في معرفة كل صغيرة وكبيرة عن زوجها، بل لا حق لإنسان أن يعرف كل صغيرة وكبيرة عن أحد مهما كانت علاقته به، أما عن حقوق الزوجة وواجباتها نحو زوجها فهي مبينة في الفتوى رقم: 27662.
وأما عن حق الزوجة في طلب الطلاق، لأن زوجها يشمئز منها، فإن كان ذلك يؤدي إلى تضررها بإساءة معاملة زوجها لها وهضمه حقوقها، فلها طلب الطلاق وإلا فلا، ولمعرفة الحالات التي يجوز للمرأة فيها طلب الطلاق راجعي في ذلك الفتوى رقم: 37112.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1430(13/6699)
حكم نوم أخي الزوج على فراش الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[ألف شكر على هذا الموقع العظيم، فالرجاء ثم الرجاء الإجابة على السؤال: هل يجوز لأخي أن ينام في غرفة نومي وعلى فراش الزوجية عند زيارته لنا؟ مع العلم بأنه متزوج ومطلق؟.
وشكراً جزيلاً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في نوم أخيك في غرفة نومك على فراش الزوجية ما دام ذلك بإذنك ولم تترتب عليه مفسدة أو ضرر بزوجتك، ولا فرق في ذلك بين أن يكون أخوك متزوجاً أو غير متزوج، وإذا كان فراش الزوجية ملكاً لزوجتك فيشترط إذنها بالإضافة إلى إذنك، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 101188.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1430(13/6700)
حكم عمل الزوجة بدون إذن زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم راتب الزوجة إذا كانت تعمل بدون إذن الزوج؟ وإذا شاركت زوجها في شراء شقة للسكن أو للبيع أو للإيجار فهل يأثم الزوج بهذه الشراكة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوجة أن تخرج من البيت بغير ضرورة دون إذن زوجها، وعليه فلا يجوز لها أن تعمل خارج البيت بغير إذن زوجها، إلّا إذا كانت قد اشترطت عليه في عقد الزواج أن تعمل، أو كان زوجها معسراً لا ينفق عليها. وانظر الفتوى رقم: 73341.
لكن ذلك لا أثر له في حكم راتبها، فما دام عملها مباحاً فراتبها حلال سواء كان العمل بإذن الزوج أو بغير إذنه. وانظر الفتوى رقم: 41072.
وعلى ذلك فإذا كانت زوجتك تعمل عملاً مباحاً وشاركتك بمالها في شراء مسكن أو غيره أو أعطتك منه بطيب نفس فلا إثم عليك في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1430(13/6701)
كيف تعف نفسها إذا كان زوجها كبير السن ومريضا
[السُّؤَالُ]
ـ[إني امرأة أعيش في الأحواز جنوب إيران، وعمري 35 سنة، وزوجي 60 سنة، وهو مريض، ولا يستطيع أن يقوم بواجبه منذ أکثر من عام، ولا أريد أن أتمتع کما أفتوا لي هنا في بلدي لأني لست مقتنعة بالمتعة، ولا أثق برجال الدين الموجودين علي مذهبنا، وصراحة أعتبر المتعة مثل الزنا تماما، ولا أريد أن أقع في الحرام. فهل يوجد سبيل غير المتعة في ديننا الحنيف، وأنا علي ذمة زوج کما ذکرت حاله. أجيبوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت بحرصك على إعفاف نفسك وبعدك عن الحرام، فنسأل الله تعالى أن يحفظك من الزلل.
ولاشك أن المسلمة مأمورة بالعفاف، قال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. {المؤمنون: 5} . ويمكنك الاستمتاع بزوجك بأي نوع من الاستمتاع المباح كالتقبيل ونحو ذلك.
وأما نكاح المتعة فهو محرم، بل نقل البيهقي عن جعفر بن محمد أنه سئل عن المتعة فقال: هي الزنا بعينه. وراجعي الفتوى رقم: 485.
وحتى على قول من أباحه من الفرق الضالة، فإنا لم نقف على إباحته عندهم لمن هي ذات زوج.
فحق لك أن لا تقتنعي بقول من يقول بإباحته وخصوصا في حالتك فإنه من الزنا الواضح.
وإذا كنت متضررة ببقائك مع زوجك على هذا الحال فصارحيه بالأمر، واطلبي منه طلاقك ولو في مقابل عوض تدفعينه إليه، فإذا انقضت عدتك منه جاز لك أن تتزوجي من غيره نكاحا مستوفيا شروط الصحة غير نكاح متعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1430(13/6702)
غيرة الزوج على زوجته وتجنيبها الاختلاط بأقاربه الأجانب عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج وفى إحدى خلافاتي مع زوجتي قلت لها: أنت تحبين أخي، فقالت: نعم، فقلت لها لم قالت لأنه رجل ومنذ ذلك الحين لا ينام لي جفن والغيرة تقتلني، وللعلم أنا في سفر دائم عنها وأخي أيضا ولكن إذا صادف وجوده في المنزل وأنا في السفر لا أستطيع النوم بسبب الشك، وللعلم أيضا نحن من مصر وأنا وإخواني نسكن في منزل واحد وهو متزوج أيضا ماذا أفعل لكي أستطيع النوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت أيها السائل خطأ بالغا في سؤال زوجتك هذا السؤال، وقد أصابك من جراء هذا ما أصابك من القلق والهم بسبب مخالفتك لأمر ربك فقد قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ. {المائدة:101} .
جاء في تفسير القرطبي: وقيل: المراد بكثرة المسائل السؤال عما لا يعني من أحوال الناس بحيث يؤدي ذلك إلى كشف عوراتهم والاطلاع على مساوئهم. وهذا مثل قوله تعالى: وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً. انتهى.
وننبهك على أن مقام زوجك في بيت العائلة إن كان يتضمن الاختلاط المحرم بإخوتك ومن ليس بمحرم لها فهذا منكر ويجب عليك أن تمنع زوجتك منه إما أن تنقلها إلى مسكن مستقل، أو توفر لها في هذا البيت مكانا مستقلا بمرافقه بحيث لا تختلط بالأجانب.
فإن فعلت ذلك وقمت بواجبك تجاه زوجتك من حفظها وصيانتها في مكان مستقل آمن لا تختلط فيه بأقاربك خاصة وبالأجانب عامة فستطمئن نفسك ويهدأ روعك، بعد ذلك عليك أن تصرف عن نفسك وساوس الشيطان ونزغاته وأن تظن بزوجتك خيرا مع تمام الحذر والتوقي ورعايتها والمحافظة على دينها وخلقها فإن الله سائلك عنها، ولا ننصحك بالبعد عنها بالسفر الطويل بل فإما أن تصحبها معك أو توفر لنفسك عملا في بلدكم بحيث تكون قريبا منها.
وراجع الفتوى رقم: 118777. ففيها بيان الفرق بين الغيرة المحمودة والمذمومة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1430(13/6703)
متى يحق للزوجة طلب الطلاق والخروج من البيت دون إذن زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج منذ 3 سنوات، ووقعت مشكلة بيني وبين زوجتي، وقد أثارت عصبيتي ودفعتني أن أشتمها، ولكن بعد ذلك عندما هدأت أعصابي اعتذرت لها عن الشتيمة، وقد حصلت مرتين فقط خلال عمر زواجنا، واعتذرت ولم تتكرر بعد ذلك، سؤالي هو: هل يحق لزوجتي أن تطلب الطلاق بسبب هاتين الشتيمتين اللتين حصلتا خلال الثلاث سنوات؟ وما هي الحالات الرئيسة والاستثنائية التي يحق للزوجة فيها طلب الطلاق؟ وهل إذا حدث شجار بين الزوجين وغادرت الزوجة بدون إذن زوجها المنزل إلى بيت أهلها هل يحق لها طلب الطلاق وأخذ حقوقها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الحديث مفصلا عن الأحوال التي يجوز للمرأة فيها طلب الطلاق من الزوج في الفتوى رقم: 116133. وهناك تجد أن لها أن تطلب الطلاق بالضرر ولو لم يتكرر.
مع التنبيه على أن مجرد الخلاف والشجار بين الزوجين لا يجوز للمرأة مغادرة البيت دون إذن الزوج، إلا إذا خافت من الزوج أن يؤذيها أو يضر بها فخرجت تستنجد بأهلها أو القاضي مثلا فحينئذ لا حرج عليها في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1430(13/6704)
ليس في إرسال الزوج النفقة لزوجته عن طريق أهله إهانة لها أو هتك لأسرار البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي مسافر، ويرسل لي الفلوس عن طريق البنك، ويستلمها أخوه ثم يرسلها إلي، وأنا لاأحب ذلك
وأعتبره إهانة لي، وخصوصا أنه يتضايق عندما أقول لأهلي إن شيئا ناقص من البيت وأريد شراءه، ويعد ذلك إخراجا لأسرار البيت، وأنا لا أحب أيضا أن يعرف أخوه مصروف بيتنا، وأن أستلم أنا الفلوس من البنك
بدلا عنه، ولكنه لا يوافق، فماذا أفعل وهو يصر على ذلك، وهذا يضايقني كثيرا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس فيما ذكرت من إرسال زوجك لنفقاتك مع أخيه إهانة لك أو إساءة إليك أو هتك لأسرار بيتك، وإنّما ينبغي أن تحملي ذلك على أنّه من الإكرام والصيانة لك، واحذري أن تفتحي الباب للشيطان لينزغ بينكما بمثل هذه الأمور اليسيرة، واحرصي على طاعة زوجك في المعروف وحفظ المودة بينكما، فذلك أنفع لك في دينك ودنياك، وإذا كان ذهابك للبنك لأخذ المال لا يتضمن محذورا شرعيا فينبغي أن تتلطفي بزوجك وتحاولي إقناعه به بهدوء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1430(13/6705)
جواز طلب المرأة الطلاق لكثرة إهانة زوجها لها وشكه فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي بخصوص طلب المرأة الطلاق من زوجها للضرر، حيث إن لي صديقة متزوجة حديثا، ومنذ زواجها وزوجها دائم الشك فيها ويهينها، كما أنه قام بضربها وطلب منها أن تحكي له عن كل من تقدم لخطبتها، ومن تمت خطبتها له بالفعل، وما حدث بينهم أثناء الخطوبة، بحجة أنه يريد معرفة كل شيء عنها، وبعد ذلك أخذ في إلقاء اللوم عليها من ناحية خروجها مع من خطبت لهم، واستمرت الإهانات واللوم لها، مما جعلها دائمة البكاء والفزع، وطلبت منه الطلاق عدة مرات ورفض في كل مرة، ووعدها أن لا تحدث منه أي إهانه لها، ثم يعود مرة أخري، وقال لها إن الحديث الشريف يحرم على المرأة رائحة الجنة إذا طلبت الطلاق من زوجها، ولكنها لا تستطيع البقاء معه بأي حال من الأحوال، فما هو الرأي في هذه الحالة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يفعله هذا الرجل من إهانة زوجته وضربها والاستقصاء تتبعاً لأخطائها قبل الزواج كل هذا لا يجوز، وهو بفعله له ظالم آثم، وواجب عليه أن يتوب إلى الله، ويتحلل زوجته مما كان منه من ظلم لها، فإن لها عليه حق الإحسان والمعاشرة بالمعروف.
أما طلب امرأته للطلاق منه بسبب هذه الأفعال فلا حرج فيه، لأن المحظور على المرأة أن تطلب الطلاق بلا حاجة تلجئها إليه، أما أن تطلب الطلاق لظلم الزوج لها، فهذا لا حرج فيه، وقد بينا هذا في الفتاوى التالية أرقامها: 44191، 26915، 123440.
لكنا على كل حال، لا ننصح هذه الزوجة بالمسارعة في طلب الطلاق، بل نوصيها بالصبر ومحاولة استصلاح زوجها، فإن يئست من رجوعه فلا حرج عليها حينئذ في طلب الطلاق، مع التنبيه على أنه لا يلزمها أن تخبره عما كان من أحوالها قبل الزواج، بل عليها كتمان ما كان منها من مخالفات ومعاص ـ إن وجدت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1430(13/6706)
شاركت زوجها في سيارة فهل لها مطالبته بكتابة حقها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوجة التي شاركت زوجها في اقتناء سيارة بالنصف أو أكثر أن تطالبه بحفظ حقها كأن يكتب لها أن عليه دينا لها حتى تحفظ حقوقها في جميع الأحوال؟ ـ في الموت ـ لا قدر الله ـ أو غيره ـ وإن رفض الزوج فماذا عليها أن تفعل دون إغضاب ربها أو زوجها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمادمت قد دفعت إليه هذا المال على أن يكون لك نصيب من السيارة فلك حصة من السيارة بقدر ما دفعت، وإن كنت أعطيته المال قرضا فهذا المبلغ دين عليه، وفي كلا الحالين من حقّك مطالبة زوجك بكتابة هذا الحق وتوثيقه والإشهاد عليه، فإن امتنع فينبغي أن تنصحيه في ذلك برفق، ويمكنك الاستعانة ببعض الأقارب من ذوي الدين والمروءة، فإن لم ينفع معه ذلك ـ وكنت لا تريدين إغضابه ـ فليس أمامك إلا الصبر، فالحيلة فيما لا حيلة فيه الصبر، وأنت مأجورة على حسن عشرتك لزوجك، ولك إلزامه بهذا التوثيق أو مطالبته برد الحق إليك ولو عن طريق القضاء وليس في هذا ما يغضب الله تعالى، لكن هل من المصلحة أن تفعليه أولا؟ هذا أمر أنت أعرف به ونحن لا ننصح به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1430(13/6707)
حكم هجر الزوج زوجته خارج البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعرف الله، يصوم ويصلى ويراعى أمه وإخوته، ولكنه يخاصمني طويلا، ويهجرني ويذهب للبيات عند أمه عقابا لي، ولا يكلمني ولا حتى ينظر إلي، وإذا طلبت منه توصيلي إلى مكان أهلي أنا والأولاد يرفض، وفي نفس الوقت يوصل أخته المتزوجة وأبناءها. فهل ذلك يرضي الله؟ مع العلم أني أعامل أهله بالمعروف وهو يرفض حتى السؤال عن أبي المريض. وبصراحة شديدة أخاف على نفسي من الفتنة والأفكار الشيطانية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله الأزواج بمعاشرة أزواجهن بالمعروف، ومن العشرة بالمعروف ألّا يهجر الزوج زوجته دون مسوّغ، وإذا هجر الزوج زوجته لسبب مشروع فقد اختلف العلماء في حكم هجره لها خارج البيت. والراجح عندنا جواز ذلك، وانظري الفتوى رقم: 62239.
وأمّا توصيل زوجك لأخته وأولادها، فهو من صلة الرحم وهو عمل صالح يرضاه الله، لكن ما كان ينبغي له الامتناع من توصيلك لبيت أهلك دون مسوّغ. لكن إذا قصّر الزوج في بعض الأمور فلا يجوز للزوجة أن تقابل ذلك بتقصير في حقّه، أو تفريط في حدود الله.
فعليك معاشرة زوجك بالمعروف، ومناصحته برفق، والتفاهم معه لمعرفة أسباب هجره لك، فإن كان لتقصير منك في شيء من حقوقه فعليك تدارك ذلك ومعاشرته بالمعروف، مع التغاضي عن هفواته والحرص على حسن التبعّل له، فإن لم ينفع ذلك فليتوسّط من عقلاء الأهل من يصلحون بينكما.
واعلمي أنّ حق الزوج على زوجته عظيم، وهي مؤتمنة على بيته، قال تعالى: ... فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ.. قال السدي وغيره: أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله. تفسير ابن كثير.
فعليك أن تتقي الله، وتحذري من استدراج الشيطان واتباع خطواته، وذلك بالاعتصام بالله والالتزام بالشرع، والبعد عن مواطن الفتن. وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 35669.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1430(13/6708)
لا يجب على الزوجة إعطاء مرتبها لزوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ 8 سنوات، وأعيش مع زوجي في هناء ـ والحمد لله ـ وأنا أشتغل، وكنت منذ أول راتب أضع مرتبي في يد زوجي يضمه إلى مرتبه ويتصرف فيه بالمعروف في مصاريف البيت، وكنا نحتفظ في كل شهر بمبلغ معين حتى نستطيع أن نقتني بيتا ونخرج من الكراء، ولما وجدنا بيتا قمنا بدفع ما نملك من المال كمقدم واقترضنا الباقي من البنك ـ قرضا ربويا ـ وكنا في تلك الفترة لا ندري أن هذا القرض حرام، وعندما علمنا بذلك لم ندر ماذا نفعل؟ فنحن لا نملك ثمن القرض لنسدده فاستمررنا في دفع الأقساط وعزمنا أن لا نقترض من البنوك أبداً ـ مهما كان الأمرـ ولما اقتنينا البيت قام بتسجيله باسمينا نحن الاثنين لكل واحد منا النصف، وبقينا نسدد أقساط البيت وقد أوشك على الانتهاء ـ بإذن الله ـ وفي هذه الفترة أنا أطلب مصروفي من زوجي وأحس أنه ـ في بعض الأحيان ـ يستكثر ما أطلبه منه ويقول لي ماذا فعلت بالمال الذي أعطيتك إياه بالأمس؟ وعندما أريد مثلاً: أن أعطي أمي أوأتصدق لا يريد أن يعطيني دائما كما أريد، فأصبحت أحس أنني أستشيره في أبسط الأشياء التي أريد أن أشتريها ـ والمال مالي في الأصل ـ وسؤالي هو: هل عدم العودة إلى القروض الربوية تعتبر توبة يقبلها الله؟ وهل بيتي الذي أعيش فيه حلال أم حرام؟ بعد أن نقوم بأداء ديوننا، وهل أستمر في إعطاء زوجي مرتبي؟ أم أنقطع عن ذلك وأستقل ماديا عنه تماما؟ فأنا أخاف أن يتعكر الجو بيننا ويعتبر أنني لا أثق فيه، فهل إذا استمررت في إعطاء زوجي مرتبي يمكن أن أحتسبه كصدقة؟ أنا آسفة لأنني قمت بطرح 4 أسئلة في نفس الوقت، ولكنني لم أرد أن أطرح الموضوع ناقصا حتى تكون إجابتكم أكثر إفادة.
جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعزم على عدم العودة إلى القروض الربوية أحد شروط التوبة، ويشترط مع ذلك: إخلاص التوبة لله، والندم على الذنب، وإذا تحققت شروط التوبة فإنه يُرجى أن يتقبلها الله تعالى، فإن من تاب تاب الله عليه، والواجب على من تاب من الاقتراض بالربا أن يرد رأس المال فقط دون الفوائد، لأنها ربا إلا أن يُلزم بدفعها، وإذا كان في تعجيل تسديد القرض مصلحة إسقاط الفوائد الربوية عنه فليبادر إلى ذلك حسب الإمكان، وإن لم يكن في تعجيل تسديد القرض مصلحة إسقاط الفوائد الربوية فلا وجه لتعجيل السداد، وقد سبق بيان كيفية التوبة من القرض الربوي في عدة فتاوى منها الفتاوى التالية أرقامها: 25156، 95558، 97703، 112282.
والبيت المشترى بالقرض الربوي ملك لمن اشتراه، ولا حرج في الانتفاع به، لأن الإثم يتعلق بذمة المقترض بالربا لا بعين ما اشتراه.
وأما الاستمرار في إعطاء مرتبك لزوجك فلا يجب عليك ذلك، ولكن ننصحك بفعل ما فيه المصلحة وما يحفظ حسن العشرة بينكما، وإذا أردت الاستمرار في إعطاء زوجك ناوية التقرب إلى الله تعالى بذلك فهي صدقة، فالصدقة بمعناها اللغوي هي: ما يعطى على وجه التقرب إلى الله تعالى لا على وجه المكرمة. وفي الاصطلاح: تمليك في الحياة بغيرعوض على وجه القربة إلى الله تعالى.
ولا يشترط في المتصدق عليه في صدقة التطوع الفقر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1430(13/6709)
من حق الزوجة أن ترجع إلى زوجها وإن رفض أبوها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب من الجزائر متزوج حديثا وعلى وفاق مع زوجتي، وقد حصل بيننا منذ أشهر سوء تفاهم والحمد لله الآن نحن متفقان، وهي تريد الرجوع إلى المنزل، إلا أن أهلها رفضوا رغم أنها أخبرتهم بقرار رجوعها إلا أنهم أصروا على أن تطلق، وأنا وهي لا نريد ذلك، وكانت وساطة بما فيهم الإمام والوالد وبعض من أهلها، ولكنه أصر على الطلاق، وقال لها إن عدت إلى زوجك فأنا بريء منك إلى يوم الدين، ووصل به الحد إلى تحريم أمها إن هي رجعت إلي، ولم تستطع فعل شيء، والمحكمة مازالت لم تفصل في طلب أبيها الخلع. أفيدوني أرجوكم. ولكم مني فائق التقدير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لوالد زوجتك أن يمنعها من الرجوع إليك، ولا أن يحرضها على الطلاق منك، فهذا من التخبيب المحرم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. أخرجه أحمد واللفظ له، والبزار، وابن حبان في صحيحه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فسعي الرجل في التفريق بين المرأة وزوجها من الذنوب الشديدة، وهو من فعل السحرة، وهو من أعظم فعل الشياطين..
ولا يجوز لابنته أن تطيعه في ذلك، بل واجب عليها أن تخالفه وترجع إلى زوجها، فقد صار زوجها بعد الزواج أملك وأولى بها من والديها، وطاعته أوجب عليها من طاعتهما.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى: المرأة إذا تزوجت، كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب. انتهى.
فعلى هذه الزوجة أن تنصح لأبيها برفق ولين، وتعلمه أنه بفعله هذا يخالف أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، ويمكنها أن تستعين عليه ببعض أرحامه وأصحابه ممن يملك التأثير عليه، فإن أصر على رأيه فعليها مخالفته والرجوع إلى زوجها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1430(13/6710)
يجب على المرأة خدمة زوجها ويجب على الزوج النفقة على زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: هل واجب على المرأة أن تعمل في بيت زوجها (كنس، طبخ، تنظيف إلخ) هل هو واجب أم عرف واجتهاد من نفسها؛ لأنه هذه الأيام باتت المرأة تعير زوجها بذلك، إذ تقول له أنا ليس من الواجب علي التنظيف ونحو ذلك (اشتغل لوحدك) وبنفس الوقت يقول لها الزوج أنا ليس من الواجب علي إعطائك مصروفا وإخراجك من البيت والشراء لك ووو إلخ. أفيدونا بارك الله فيكم حتى لا يكون للطرفين ثغرة يعير الآخر بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان يجب على المرأة خدمة زوجها، والذي نرى رجحانه هو أنه يجب عليها خدمة زوجها فيما جرى به العرف أن تخدم زوجها فيه، وهي الخدمة الباطنة خدمة البيت، ويكون على الزوج الخدمة الظاهرة وهي الخدمة خارج البيت كجلب الطعام والاحتياجات التي تقتضي الخروج من البيت. وقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك بين علي وفاطمة رضي الله عنهما كما سبق أن بينا بالفتويين: 13158، 119096.
ويجب على الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف. وينبغي أن يسود التفاهم بين الزوجين في مثل هذا الأمور، بدلا من تعنت كل منهما تجاه الآخر، إذ السعادة الزوجية يمكن أن تتحقق بمثل ذلك التفاهم، وأما الشجار والخصومة فلا يكون منها إلا العواقب السيئة في الغالب. وقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم إعانة أهله في خدمة البيت، وراجع في هذا فتوانا رقم: 35325.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1430(13/6711)
راتب الخادمة ومصاريف انتقال الزوجة للعمل هل تجب على الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي موظفة واختلفنا في مسألة تحمل راتب الخادمة، ومصاريف توصيلها هي إلى عملها، فأنا أرى أن الخادمة تحل محل الزوجة في القيام بالمسؤليات التي يجب أن تقوم بها، وأيضا أن مصاريف مواصلاتها للعمل تتعلق باختيار الزوجة للذهاب للعمل، فأ ريد فتواكم بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق المرأة على زوجها أن ينفق عليها وعلى أولاده بالمعروف، ولا يلزم الزوجة ـ ولوكانت غنية ـ أن تنفق على البيت من مالها الخاص، إلا أن تتبرع بذلك عن طيب نفس وللزوج منع الزوجة من الخروج من بيته ما دام ينفق عليها، وما تكسبه المرأة من عملها هو حق خالص لها، إلا أن يكون الزوج قد اشترط للسماح لها بالخروج إلى العمل أن تعطيه قدراً منه، فيلزمها الوفاء به، كما سبق في الفتويين رقم: 35014، ورقم: 19680.
أما عن مصاريف مواصلات الزوجة للعمل فلا تلزم الزوج، وأما عن أجر الخادمة فهذا ينبني على الخلاف في وجوب خدمة الزوجة لزوجها، فحيث قلنا بعدم وجوب الخدمة على الزوجة، فالواجب على الزوج أن يوفر خادماً لزوجته إذا كانت ممن لا تخدم نفسها، وأما على القول بوجوب خدمة الزوجة لزوجها، فلا يجب على الزوج أجرة الخادمة، وهذا القول هو المفتى به عندنا، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 13158.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1430(13/6712)
حكم رفض الزوج كسوة وعلاج أهل زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[رفض الزوج كسوة وعلاج ومجاملة أهل زوجته بحجة أنها تعمل، علماً بأنها تعطيه مبلغا نقديا كل شهر مقابل أن يسمح لها بالعمل، علماً بأنه تزوجها وهى عاملة، وأمام رفض الزوجة في بعض الأحيان الدفع نتيجة أسلوبه في رفض النفقة فقد تم شراء منزل وكتابته مناصفة بينهما، فيأخذ المبلغ الشهري لهذا القسط ويرفض ما ذكرته سابقا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال فيه شيء من الغموض لم يتبين لنا معه مقصود السائلة على وجه الدقة، ولكننا في ضوء ما فهمناه من السؤال نقول: إن كان الزوج يرفض إهداء أوكسوة أهل الزوجة من ماله، فهذا لا حرج عليه فيه، لأنه لا يجب عليه ذلك، أما إن كان يمنع زوجته من أن تعطي أهلها من مالها فهذا لا يجوز، لأن المرأة لها ذمتها المالية المستقلة ولا يجوز للزوج أن يحجرعليها في ذلك, جاء في قرارعن المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمرالإسلامي: للزوجة الأهلية الكاملة والذمة المالية المستقلة التامة، ولها الحق المطلق في إطار أحكام الشرع بما تكسبه من عملها، ولها ثرواتها الخاصة ولها حق التملك وحق التصرف بما تملك ولا سلطان للزوج على مالها، ولا تحتاج لإذن الزوج في التملك والتصرف بمالها. انتهى.
مع التنبيه على أن نفقة الزوجة واجبة على زوجها ـ حتى وإن كانت غنية ـ ولا يجوز له أن يمنعها نفقتها بحجة أنها تعمل أو نحو ذلك، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 51104.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1430(13/6713)
هل يجب على الزوجة طاعة زوجها في زيارة أهله الذين يؤذونها
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي متزوجة وأهل زوجها يعاملوها معاملة سيئة للغاية، وزوجها يسمع وينفذ كل ما يقوله له أهله حتى إن كان ذلك خطاْ وفيه ظلم لزوجته، وقد حدثت مشكلة كبيرة بينهم بسبب أهله كانت سوف تؤدي للطلاق وغضبت في بيت أبي شهرا، ولكي ترجع إلى بيتها حكم أهله وأهلها بأنها لا تذهب إلى أهله وهو وافق على هذا الشرط، ولكن منذ أن عادت أختي إلى بيتها فهو يعاملها معاملة سيئة لا أحد يتحملها لكي تذهب مرة ثانية إلى بيت أهله ولكن أختي لم ترض بهذا الكلام لأنهم آذوها أذى شديد وما زالوا حتى الآن يضروها، فهم يتصلون بها بالهاتف ويهينوها. فما حكم الدين في هذا الأمر هل تسمع كلام زوجها وتذهب إلى أهله على الرغم من الإيذاء الذي سوف تتعرض له إن ذهبت؟ هل عليها ذنب لأنها لم تطع زوجها فى هذا الأمر؟ ولكم جزيل الشكر. أرجو الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الأمر على ما ذكرت من حال أختك وإيذاء أهل زوجها لها وإضرارهم بها فلا يلزمها حينئذ أن تذهب إليهم، ولا يجوز للزوج أن يأمرها بالذهاب إلى أهله ما دام أنه يعلم أنهم يؤذونها ومن باب أولى لا يجوز له أن يضارها أو يضيق عليها لتفعل ذلك، فإن فعل فإنه ظالم مخالف لأمر ربه في معاشرة زوجته بالمعروف، ولا يجب عليها طاعته في ذلك لأن الطاعة إنما تكون في المعروف، ولكن لا يجوز لها أن تمنع أولادها من زيارة أجدادهم وأعمامهم لما في ذلك من قطيعة الرحم، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 118610.
والواجب على هذا الزوج أن يكف أذى أهله عن زوجته بأسلوب لين رفيق، ولا يجوز له بحال أن يعاونهم على ذلك أو أن يلتزم الصمت تجاه ظلمهم، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 75905.
وختاماً فإنا ننصح لأختك أن تصبر على هذا الأذى وأن تقابله بالعفو والصفح بل والإحسان، فهذا ابتلاء من الله لها ليرى صبرها وتقواها، وقد قال الله تعالى: وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا. {الفرقان:20} ، وقال جل وعلا: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. {فصلت:34} . وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 108165.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1430(13/6714)
نقضت الاتفاق ورفضت استقبال ابنه من زوجته السابقة
[السُّؤَالُ]
ـ[قصة سؤالي، أرجو من فضيلتكم أن تسمعوها وأن تفتونا في أمرها، ولعلمي بضيق وقتكم وكثرة من يسألكم، أقدم اعتذاري أولاً لطولها، ولكن يعلم الله ـ الذي لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء ـ أنني في أمس الحاجة لردكم، ويجب عليكم معرفة كل الظروف المحيطة حتي يمكنكم الله عز وجل من عرض الفتوي والجواب الصحيح لحالتي: فأنا شاب فلسطيني أبلغ من العمر الآن سبعة وثلاثين عاماً، قدمت إلي الولايات المتحدة الأمريكية في عامي التاسع عشر علي أساس أن لي أخا هنا تعهد بإحضاري وتعليمي بوصية من أبي الذي توفي بعد واحد وأربعين يوماً من وصولي إلى هنا بعد قهر اليهود وإجبارهم لي على مغادرة غزة الحبيبة بشروطهم، ولكن لم تشإ الأقدار بتوفيق أخي علي أن يفي بوعده لي ولأبي بتعليمي، فاتجهت للعمل وتركت الأمل في الدراسة، ومرت بضع سنوات، وكان وجودي في أمريكا يعتبر غير قانوني، ولكنني لم أستطع المغادرة بحكم شروط اليهود التي فرضت علي، ولم تكن آنذاك القوانين الأمريكية للهجرة بالصارمة، ولكن، كانوا على وشك أن ينفذوا قانوناً جديداً بطرد كل من يقيم بطريقةٍ غير قانونيةٍٍ إن لم يتمكن من تغييرها في الوقت المناسب، فلم يكن أمامي إلّا الزواج من أي امرأةٍٍ أمريكية لتغيير وضعي القانوني هنا، وكان هذا بعد وجودي هنا بست سنوات، وافقت المرأة علي الزواج، وتقديم معاملة الهجرة المطلوبة لتثبيت قانونية وجودي هنا، والمرأة مسيحية الديانة، وزواجي منها تمّ في مقر الحقوق الشخصية للزواج أمام قاضي الزواج ـ امرأةـ وبوجود شاهدتين، الأولي مسلمة والثانية مسيحية وطفلٌ دون العاشرة من العمر ولم تكن زوجتي تعلم أن السبب الرئيسي من زواجي منها هو الحصول علي أوراقي القانونيةَ للبقاء هنا، ثم مرت ثلاث سنوات، وحملت زوجتي، ووضعت لي طفلاً، ثم مرت ثلاث سنوات أخري، وقررت أن أتركها، وكان ذلك قبل حصولي علي الأوراق، لم أعد أحتمل العيش معها للعديد من الأسباب، فتركتها بعد سنتين من العيش المنفصل، قررت الزواج من زوجتي الحالية زوجة مسلمةً وعلى أتم الخلق، وكنا متفقين قبل الزواج أنها ستعينني علي تربية ابني من الزواج السابق، فطلقت زوجتي السابقة قانونياً، وتزوجت، ولكن بعد فترة قصيرة، ولم يكن ابني مقيماً معنا في كل تلك الفترة وإلي الآن وابني مقيم مع أمه، لا يعلم عن ديننا شيئا، ولا يعلم عن لغتنا شيئاً، ومرت الآن ست سنوات، ولي من زوجتي الآن ولدان وبنت، وابني بعيد عني، يبلغ من العمرعشر سنوات، وحجة امرأتي أنه ابن زنا، ولا تستطيع أن تربيه، أو تقربه من أولادنا، وأنها تكرهه، برغم أنني لم أفرضه عليها يوماً ولم أجبرها أن تقبل به أو تربيه قبل زواجنا أو بعده وأراه يضيع أمام عيني، إن لم أفعل شيئاً لإنقاذه، سيربى تربيةً غير إسلامية وسيعيش حياة الخطيئة والضلال، أهو حقاً ابن زنا؟ وإن كان، فما ذنبه؟ فالذنب ذنبي أنا، فماذا أفعل؟ أأخسر حياتي مع زوجتي وأبنائي الثلاثة لإنقاذه؟ لأنها ترفض رفضاً تاماً بلا نقاش شرعيته، أو وجوده معنا، حاولت بكل طريقة، لجأت كل ملجإٍ لإقناعها بغير فائدة، حتي اللهَ دعوته مراراً وتكراراً أن يغير من حالها، بلا نتيجة، فماذا أفعل بالله عليكم؟ ما هو الحكم الشرعي في هذا الابن؟ وما هو الحل الأمثل لقضيةٍٍ مثل هذه؟ فأين الخلاص؟ وأين العدل إذا أنا كنت الذي ظلم؟ وأي ذنبٍ اقترفه هذا الطفل؟ أهذا عقاب لي؟ إذا كان الحكم الشرعي أنه ابن زنا لا يلحق بأبيه، لا يرث ولا يورث، ولا هو محرمٌ لإخوته، وهذا حكم الله، فما علي إلا السمع والطاعة، وإن كان غير ذلك، فماذا أفعل؟ بالله عليكم أن تنظروا فيها، وتفتونا بما فتح الله به عليكم من الحكمة، ومرةً أخري جزاك الله عنا كل خير ووفقك لكل خير وتقبل منا ومنك صالح الأعمال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فإن زواجك بتلك المرأة لم يكن زواجاً شرعياً، والواجب عليك التوبة من ذلك، فالزواج بغير ولي ولا شهود زواج باطل، لكن ما دمتما قد اعتقدتم حل هذا الزواج فالولد الذي بينكما نسبه ثابت لك وليس ابن زنا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومن نكح امرأة نكاحاً فاسداً متفقاً على فساده أومختلفاً في فساده، أوملكها ملكاً متفقاً على فساده أومختلفاً في فساده، أووطئها يعتقدها زوجته الحرة أوأمته المملوكة، فإن ولده منها يلحقه نسبه ويتوارثان باتفاق المسلمين. الفتاوى الكبرى.
وهذا الولد يلحقك في الدين، لأن الولد يلحق بخير الوالدين ديناً، والواجب عليك ضم هذا الولد إليك، ولا حق لزوجتك في الاعتراض على ذلك، فعليك أن تبين لها أن هذا الولد ولدك وليس ولد زنا، وأنها ما دامت قبلت بوجوده معكم فليس من حقها أن ترفض وجوده بعد ذلك، قال الدسوقي المالكي: حاصله أن أحد الزوجين إذا كان له ولد صغير وأراد الآخر أن يخرجه عنه من المنزل فإن له ذلك ما لم يعلم به وقت البناء، فإن علم به وأراد أن يخرجه عنه فليس له ذلك، وما ذكر من التفصيل من أنه إذا علم به عند البناء فليس له إخراجه وإلا كان له إخراجه محله إذا كان للولد حاضن أي كافل يكفله وإلا فلا امتناع لمن ليس معه الولد أن يسكن مع الولد سواء حصل البناء مع العلم به أم لا. حاشية الدسوقي.
وعليك بكثرة الدعاء مع إحسان الظن بالله، فإنه قريب مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1430(13/6715)
طاعة الزوج واجبة على زوجها مالم يأمرها بمعصية
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت أنا وزوجتي على أنها تذهب تجلس عند أهلها، لنرى نحن الاثنان هل أطلقها أم لا؟ ثم مرت الأيام وكلمت زوجتي وقلت لها إنني سوف آتي لكي تذهبي معي إلى البيت، فقالت لي اتركني الآن أنا نفسيتي تعبانة الآن. فهل هذا من حقها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن نلفت الانتباه إلى أن ما صدر منك مع زوجتك لا يعتبر طلاقاً، وأنه أيضاً ليس هو الطريقة المثلى لحل المشاكل، وعلى أية حال فليس من حق زوجتك أن تمتنع من الرجوع إلى بيتك ما دمت قد طلبت ذلك منها، بل ولا يجوز لها أن تماطل في ذلك أو تؤجله، لأن طاعة زوجها في مثل هذا واجبة متحتمة ومخالفته نوع من النشوز المحرم.
ولكنا ننصحك أيضاً بأن تراعي ظروفها ونفسيتها، فإن كانت بحاجة إلى التغيير والبقاء عند أهلها بعض الوقت فالأولى أن تمكنها من ذلك إلى أن تستقر أمورها وتهدأ نفسها، فهذا سيكون له -إن شاء الله تعالى- أثر طيب على العلاقة بينكما. وراجع في ذلك الفتويين: 67057، 43646.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1430(13/6716)
هل للزوجة مطالبة زوجها بما أخذه من مالها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي حلف بالطلاق مرتين دون قصد وقوع الطلاق، في المرة الأولى لم يخبرني، وفي المرة الثانية أخبرني وراجعني مع أنه كان يجامعني وهو كثير الوسواس، وفي مرة من المرات تحدثت معه في أموالي فأخذ يقسم ويحلف بالله أن لايأخذ من مالي وقال بعدها علي الطلاق أن لا آخذ من مالك ولم يحدثني بعدها ثم إنه بعد مضي وقت قال مع نفسه أن سيأخذ ما يصرف به على الأولاد، ثم مضى وقت ثلاث سنوات تقريباً وهو يأخذ من مالي بعلمي وبرضاي وهو ناس، مع العلم أنني أحبه ولدي منه أولاد وهو أيضاً يحبني ولا نريد أن نفترق أبداً لا أنا ولا هو. فهل علينا شيء أفيدونا جزاكم الله خيرا؟
زوجي مشارك مع إخوانه في جمع مبلغ من المال لشراء أرض وبناء عمارة واستثمار جزء منها والسكن في الجزء الآخر. فهل أعتبر أنا شريكة معه في النصف من نصيبه مقابل ما أخذ من مالي خلال الثلاث سنوات برضاه؟
أفيدنا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحلف بالطلاق عند جمهور العلماء يقع به الطلاق إذا وقع المحلوف عليه، وذهب بعض العلماء ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنّ حكم الحلف بالطلاق حكم اليمين إذا لم يكن الحالف يقصد الطلاق، فإذا وقع المحلوف عليه لزم الحالف كفارة يمين ولا يقع به طلاق، والذي ننصحكم به هو الرجوع للمحكمة الشرعية للفصل في الأمر.
أمّا بخصوص ما أخذه الزوج من مالك، فإن كنت سمحت له يأخذه بشرط أن يكون لك نصيب من حصته في ذلك العقار بقدر ما أخذه من مالك فلك ذلك، وأمّا إذا كنت تركت زوجك يأخذ من مالك راضية بذلك دون نية الرجوع عليه بما يأخذه فتلك هبة لا يجوز لك الرجوع فيها.
جاء في التاج والإكليل: لم يختلف قول مالك أنّ الرجل إذا أكل مال زوجته وهي تنظر ولا تغير أو أنفقت عليه ثم طلبته بذلك أن ذلك لها وإن كان عديما في حال الإنفاق، ويقضى لها عليه بعد يمينها أنها لم تنفق ولا تتركه يأكل إلا لترجع عليه بحقّها.
وجاء في المدونة: وأما ما أنفقت على زوجها فذلك دين عليه موسرا كان أو معسرا إلا أن يرى أنه كان منها لزوجها على وجه الصلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1430(13/6717)
حكم منع الأهل ابنتهم من السكن في بيت والد زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي كانت تسكن معي عند أبي في بيته المكون من 7 غرف ومطبخ، 4 دورات مياه، حصل بيني وبينها مشاكل حتى أني طلقتها طلقة واحدة، فراجعتها قبل انتهاء العدة وزوجتي قابلة أن تعيش معي في بيت أبي فرفض أهلها وقالوا لا بد من بيت وأنا لا أستطيع بناء بيت نظرا لظروفي المادية، مع العلم أني فقير وزوجتي قابلة العيش معي وهي تعلم أنها مخطئة في حقي واعترفت أمام أهلها. فهل لو ذهبت معي إلى بيت أبي تكون مخطئة وعليها إثم مع العلم أن أهلها يقولون لو ذهبت معه فنحن متبرؤون منك إلى يوم الدين. فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن من حق الزوجة على زوجها أن يوفر لها سكنا مستقلا، وهي ليست ملزمة بالسكن في بيت أبيه ولو كان متسعا جدا، لكن هذا الحق إنما هو للزوجه نفسها وليس لأهلها.
وعليه؛ فما دامت زوجتك راضية بالسكن في بيت أبيك فلا حقّ لأهلها في منعها منه، ولا يلزمها طاعتهم في ذلك، وإنّما عليها أن ترجع لزوجها ولا إثم عليها في مخالفة أبويها في هذا الأمر، فإنّ طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين.
قال ابن تيمية: الْمَرْأَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ كَانَ زَوْجُهَا أَمْلَكَ بِهَا مِنْ أَبَوَيْهَا وَطَاعَةُ زَوْجِهَا عَلَيْهَا أَوْجَبُ. مجموع الفتاوى.
لكن عليها أن تترفّق بوالديها وتداوم على برّهما والإحسان إليهما فإنّ حق الوالدين عظيم، وإذا قامت بحقّهما فلا يضرّها عدم رضاهما عنها، ما دام بغير حقّ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1430(13/6718)
لا يجوز للمرأة الخروج بغير إذن زوجها لغير ضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج منذ حوالي: 10 سنوات، وأم زوجتي ـ حماتي ـ تصر على قضاء العيد ـ الأضحى والفطرـ في منطقة بعيدة حوالي: 200 كلم من العاصمة لسنوات، ومن باب المجاملة والحرص على أولادي وعلاقتي بزوجتي وأمها كنت أرافقهما مما كان يولد لدي الكثير من الحرج والمشقة، لكون المنطقة بعيدة ولا أستطيع التواصل مع أهلي ووالدتي، خصوصا يوم العيد بسبب وجودهم في العاصمة. وزوجتي بالرغم من معرفتها برفضي للفكرة إلا أنها لا تبالي وتصرعلى الذهاب مع أمها. حاليا توقفت عن مرافقتهم حتي أستطيع أن أبر أمي وأن أقضي العيد بين أهلي، علما بأن أم زوجتي ليس لها أهل في البلد، حيث إن كل إخوانها وأخواتها متواجدون في العاصمة، فما حكم مرافقة زوجتي لأمها؟ علما بأنني أرفض لذلك، وأيضا، ما حكم ضغط زوجتي علي كل عام واختلاق المشاكل بسبب هذه القضية؟.
وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حق لزوجتك في الخروج مع أمها دون موافقتك، فخروج المرأة من بيت زوجها بغير إذنه من غير ضرورة لا يجوز، وانظر الفتوى رقم: 110905.
كما أن إلحاح زوجتك عليك في هذا الأمر وإثارة المشاكل من أجله يتنافى مع ما يجب على الزوجة من طاعة زوجها وإحسان عشرته، وينبغي للزوجين أن يحرصا على التفاهم في مثل هذه الأمور ومراعاة كل منهما لظروف الآخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1430(13/6719)
الاجتهاد في تعليم الزوجة والأخذ بيدها للالتزام بالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[متزوج ولدي 3 أولاد وبنت وأكبرهم 17عاما وأصغرهم 11عاما علمتهم ما استطعت من الدين واللغة والقرآن وما زلت أرعاهم في بلدي، ومشكلتي: أن زوجتي من أم أنجليزية وأب عربي مسلم تزوجت بها في بلدي وساعدتني وما زالت، وبعد عامين سافرنا إلى بريطانيا، دعوتها وفهمتها وشرحت لها عن الإسلام وماذا يجب عليها فلم تستجب، لا تصوم ولا تصلي ولا تنصح الأولاد بالصلاة في غيابي ـ إلا نادراً ـ ولا تلبس المحتشم وتشاهد التلفاز وتدخن في البيت، طلبت منها عدم العمل أو خفض ساعاته فلم تستجب، طلبت منها السفر إلى بلدي ومحل الأولاد، لكنها طلبت العكس، ولا تهتم بأمورالبيت وكثيرة الزيارة لأمها ولا تهتم بفراشي ولا بطعامي وكثيرة التبذير، وكلما طلبت منها الكف عن ذلك تقول احتفظ بنقودك وترفض أن تأخذ مني إلا البسيط ونسافر إلى بلدي كل عامين شهرا، ولكنها لم تهتد على مدار 16عاما وأنا في نصحها بشتى الوسائل دون جدوى، إلا أنها لمحت لي بأن أتزوج في بلدي قبل 8 أعوام، لكن تغاضيت عنها وقلت لعلها تهتدي فهي أم أولادي وساعدتني، أرجو منكم أن تفتوني بما في القرآن والسنة حتى لا أظلمها، لأنني أنوي الزواج من بلدي وسأبقيها في عصمتي إن شاءت.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله قد جعل للزوج حق القوامة على زوجته، ومن القوامة أن يحملها على أداء الفرائض واجتناب المحرمات، قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ {النساء:34} .
قال السعدي: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه وكفهن عن المفاسد والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك. تفسير السعدي.
فالواجب عليك أن تجتهد في تعليم زوجتك والأخذ بيدها لاتباع الشرع والتزام طاعة الله، ويمكنك أن تسمعها بعض المواعظ النافعة وتعرفها ببعض المسلمات الصالحات مع كثرة الدعاء لها بالهداية، ومن الوفاء لها فيما قامت به من مساعدتك أن تبذل جهدك في ذلك، فإن أبت ولم تستجب فلا خير لك في البقاء معها والأولى أن تطلقها، قال ابن قدامة عند كلامه على أقسام الطلاق: والرابع: مندوب إليه وهوعند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها مثل الصلاة ونحوها ولا يمكنه إجبارها عليها. المغني.
ومن حقك أن تتزوج على امرأتك ما دمت قادراً على مؤنة الزواج، وليس في ذلك ظلم لزوجتك ما دمت ستراعي العدل بينهما فيما أمر الشرع بالعدل فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1430(13/6720)
حرص المرأة على كسب رضا زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[ترملت وأنا بعمر19 ودخلت ال20 بالعدة، دام زواجي من ولد عمي الله يرحمه 6شهور و9 أيام، والخطوبة 9شهور ولي مترملة 8شهور، كان- رحمه الله- يحبني وكنت أحبه وكان-رحمه الله- نادرا في الوجود، ولله الحمد والمنة توفي وهو راض عني.
سؤالي ياشيخ: إذا تزوجت من شخص آخر ومات وهو غاضب عني لا قدر الله هل لن أكون من أهل الجنة علما أن الأول مات وهو راض عني, لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم فيما معناه: أي امرأة ماتت وزوجها راض عنها دخلت الجنة؟
أدري يا شيخ أني أستبق الأمور لكن هذا السؤال يؤرقني ويسبب لي خوفا ليس طبيعيا وأحبيت أن تفيدوني؟ أنا لا أفكر حاليا بالزواج حتى أكمل دراستي الجامعية وأتخرج وبقي لي عن التخرج 3 سنوات.
إذا كتب لي الزواج قبل ذلك ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأحسن الله عزاءك في زوجك وجزاك الله خيرا في حرصك على رضا ربك، ونسأله سبحانه أن يكتب لك رضوانه إلى يوم القيامة بسبب رضا زوجك عنك.
وننصحك بأن تهوني على نفسك وأن لا تجعلي التفكير في أمر لم يحصل بعد مثارا للقلق، ونوصيك بالتفاؤل بأن الله تعالى سيرزقك رجلا صالحا ترضين عنه ويرضى عنك، وأكثري من دعائه أن يحقق لك ذلك فهو القائل سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ. {غافر:60} .
ولو قدر لك الزواج من رجل آخر فاحرصي على رضاه وطاعته في المعروف امتثالا لأمر الله تعالى.
واعلمي أن رضا الزوج المذكور في الحديث هو الزوج الأخير فقد انقطع أمره بتزويجك من ثان.
وإذا حدث أن غضب عليك هذا الزوج الأخير في بعض المرات فاحرصي على كسب رضاه، روى النسائي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود الولود العؤود على زوجها التي إذا آذت أو أوذيت جاءت حتى تأخذ بيد زوجها ثم تقول والله لا أذوق غمضا حتى ترضى.
وإذا مات هذا الأخير وهو غاضب عليك من غير سبب منك فلا يلحقك من ذلك شيء، وإذا تسببت في إغضابه فعليك أن تكثري من الدعاء له بخير حتى يرضيه الله عنك.
وحاصل الأمر أنه أمر مفترض فقد لا يحدث فنكرر ما ذكرناه سابقا من عدم الاهتمام له بحيث يصير مصدرا للقلق.
ثم إننا نرشدك إلى عدم تأخير الزواج قدر الإمكان فالأعمار محدودة وأسباب الفتن كثيرة، والدراسة لا تتعارض مع الزواج، فبادري إليه إذا تيسر ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1430(13/6721)
حكم تقبيل رجل الزوج لصلاحه
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت برجل طيب وعلى خلق، ولأنه كذلك أحاول تقبيل قدميه ولكن زوجي يزعجه ذلك خوفا من الحرمة ولكني أستند إلى أن المرأة لو أمرت أن تسجد لغير الله لسجدت لزوجها فلا بأس في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه فلا حرج على المرأة في تقبيل يد أو رجل زوجها لصلاحه إذا كان رجلا صالحا، وقد بسطنا الكلام على المسألة في الفتوى رقم: 13930.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1430(13/6722)
توضيح حول حكم منع الزوجة من زيارة والديها
[السُّؤَالُ]
ـ[في الفتوى رقم 120433 قيل: ولا يجوز له -الزوج- أن يمنعها من زيارة أهلها لغير مسوغ شرعي، وينبغي أن تحاوري زوجك في هذا الأمر أيضاً، فإن أذن لك بزيارتهم فقد تم الأمر، وإلا جاز لك زيارتهم ولو لم يأذن لك، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. أما في الفتوى رقم 29930 قيل: فيجوز للزوج أن يمنع زوجته من زيارة محارمها كوالديها وجديها وعمتها وعمها، ونحو ذلك. وفي الفتوى رقم 22026 قيل: إن للزوج منع زوجته من الذهاب إلى أقاربها، لاسيما إذا كان له في ذلك نظر صحيح. أريد التوضيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المسألة ومثيلاتها من المسائل الاجتهادية بمعنى أنه لا نص قاطع فيها، وقد اختلفت فيها آراء أهل العلم والمجتهدين حسب فهمهم لعمومات الأدلة وترجيحاتهم لوجوه النظر، فبعضهم راعى حق الزوج فمنع الزوجة من الخروج بغير إذنه ولو لزيارة والديها، وبعضهم راعى حق الوالدين فأجاز للزوجة الخروج لهما ولو بغير إذن الزوج إذا كان منع الزوج لها من قبيل التعنت والهوى.
والذي نراه راجحاً من هذه الأقوال أنه لا يجوز للزوج أن يمنع زوجته من الخروج لزيارة والديها وأرحامها بالمعروف إلا إذا خاف عليها أن يفسدوها في دينها أو أخلاقها أو يخببوها عليه، وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30301، 7260، 166.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1430(13/6723)
هل يجب على الزوجة الغنية أن تنفق على نفسها وأولادها
[السُّؤَالُ]
ـ[رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير، أنا أستاذة جامعية ـ من الجزائرـ أساعد زوجي في مصاريف البيت، وأولادي وأنا التي أتكفل بهم من حيث اللبس ولوازم الدراسة، وحتى زوجي أحيانا أنا التي أشتري له ملابسه مع العلم أن أجرته 3 أضعاف أجرتي الشهرية، ودائما يقول لي إن عليه دينا يجب أن يقضيه، وأعلم أن هذا الدين هو ثمن البيت والسيارة، وحتى السيارة أعطيته مبلغا من المال كي يؤمنها، وهو منذ زواجنا لم يشتر لي أي شيء إلا في أعياد ميلادي، لكنه هذه السنة لم يشتر لي أي شيء بحجة أن ليس له المال، ولما قلت له إنك لا تتذكرني إلا في عيد ميلادي وأنت مسؤول عني ويجب عليك أن تنفق علي، أجابني ـ وهو غاضب ـ أنا نادم على الهدايا التي أعطيتك إياها، ومنذ ذلك اليوم عزمت أن لا أساهم في مصروف البيت, وحتى أولادي قلت في نفسي لابد أن يتقاسم معي مصروفهم، مع العلم ـ كما أسلفت ـ أن أجره 3 أضعاف أجري، وذات يوم سمعته وهو يتحدث مع أخيه ويقول له إن احتجت إلى المال فسوف أعطيك وما فيه مشكلة، فهل يجوز له أن يبخل علينا ويعطي ماله للغير؟ وهل يجوز لي أن لا أساعده في مصروف البيت؟.
وشكرا جزيلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أوجب الشرع على الزوج نفقة زوجته وأولاده، وقد بينا ماهية هذه النفقة بالفتوى رقم: 113285، وإذا بخل الزوج فلم يقم بواجب النفقة جاز لزوجته أن تأخذ من ماله بالقدر المعروف الذي يكفيها وأولادها ـ ولو من غير علم زوجها ـ كما هو مبين بالفتوى السابقة، وتقديم هدايا للزوجة ـ وإن لم يكن واجبا ـ إلا أنه يستحب، لأن ذلك مما تدوم به العشرة، وينبغي للزوجة أيضا أن تهدي لزوجها ما دامت مقتدرة.
ولا يجب على الزوجة أن تنفق على نفسها وأولادها ولو كانت غنية، فإذا امتنعت عن ذلك لم تكن آثمة، ولكن إن كان تركها الإنفاق أوالمساعدة فيه قد يؤدي إلى تفاقم المشاكل بينها وبين زوجها فالأولى أن لا تتوقف عن الإنفاق ولتجتهد بعد ذلك في محاولة التفاهم مع زوجها، وانظري الفتوى رقم 31645.
والله أعلم.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1430(13/6724)
هل تجب صلة أم الزوج وأخواته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أخوات الزوج من الأرحام الذين تجب صلتهم؟ وهل أم زوجي رحم لي تجب علي صلتها أم لا؟ مع العلم أنه ليس لدي أطفال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تكن لك قرابة نسب بأم زوجك ولا بأخواته فلسن من أرحامك ولا تجب عليك صلتهن ـ سواء كان لك أبناء من زوجك أم لا ـ وإن كان الأفضل الإحسان إليهن وصلتهن حسب الاستطاعة، لما يترتب على ذلك من ألفة ومحبة معهن، إضافة إلى جبر خاطر زوجك وتطييب نفسه، وإن وجدت قرابة نسب بينك معهن فتندب صلتهن ولا تجب، بناء على القول الراجح إن لم تكن بينك وبينهم محرمية بالقرابة، كما تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 11449، وراجعي المزيد من الفائدة في الفتويين رقم: 26205، ورقم: 119939.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1430(13/6725)
هل تجب طاعة الزوج في عدم زيارة أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الواجب علي زيارة أهل زوجي؟ لأنني أريد زيارتهم، لكن زوجي يرفض ويقوم بزيارتهم وحده وكان هذا شرطه قبل الزواج، لكنني الآن أصبحت أعاني، لأنهم يقولون إنني سبب المشكلة، مع أنهم يعرفون طباع ابنهم والمشكلة أنني الآن أصبحت في شجار دائم مع زوجي، لكن دون فائدة، وللعلم لقد سبق لزوجي أن تزوج قبلي وطلق ويقول إن ذلك بسبب أهله ولهذا لا يريد أن يتكرر الأمر ثانية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأهل زوجك ليسوا من الأرحام الذين تجب عليك صلتهم, بل تستحب صلتهم لما بينك وبينهم من رحم الإسلام العامة وحق المصاهرة, ولا شك أن طاعتك لزوجك واجبة والواجب إذا تعارض مع المستحب قدم عليه، فعليك إذن أن تقدمي طاعة زوجك وتمتثلي له فيما يأمرك به, لأن طاعته في هذا واجبة, فإذا انضم إلى ذلك اشتراطه هذا عليك في عقد الزواج فقد تأكد الأمر بهذا أكثر وأكثر.
ويمكنك أن تناقشيه في هذا الأمر برفق ولين, وتقترحي عليه حلولا وسطا كأن يقتصر اتصالك بأهله على الهاتف ونحوه دون اللقاء ما دام أنه يخشى من لقائك بهم, فإن أصر على رأيه فليس أمامك من سبيل إلا طاعته في ذلك والاستجابة له, وليس عليك من ذلك وزر ولا إثم ـ إن شاء الله.
أما أن تتخذي من هذا ذريعة وسببا للتشاجر والتشاحن مع زوجك فهذا لا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1430(13/6726)
هل يترك العمل بالخارج لتضرر زوجته من غيابه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة وأتم التسليم أما بعد:
ما حكم تركي الأسرة والأولاد لمدة طويلة (سنة) حيث إنني أعمل في السعودية؟ وهل إذا طلب مني العودة لأني لا أستطيع استقدامهم لطبيعة المهنة حيث إنها ليس لها استقدام، مع العلم أنني الآن أحسب نفسي ملتزم دينياً على عكس الفترة السابقة من حياتي وأخشى إذا أطعت زوجتي - لأنها غير راضية عن غيابي عنها مدة طويلة- أن أنتكس مرة أخرى، مع العلم أنني من مصر ومن منطقة راقية (كما يطلق عليها في مصر) وهي المهندسين وما أدراك ما كمية المغريات للفسوق سواء من ناحية العمل ومجالاته ومن النواعي المعيشية الأخرى، كما لا أخفي عليكم أنني الآن في المملكة مرتاح نفسياً بسبب بعدي عن المعاصي وأماكنها وأنني أحاول حل مشكلة الفيزة والاستقدام ولم أنجح حتى الآن (أنا منذ عامين هنا في المملكة وأنزل إجازة كل عام) ، فما هو الواجب أن أفعله هل أنزل أم انتظر هنا إلى أن يسهلها ربنا وأجد حل وفيزة جديدة تصلح لأعمل استقدام للزوجة والأولاد؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح عندنا أن المدة التي ينبغي للزوج ألا يزيد عليها في البعد عن زوجته ستة أشهر ما لم يكن هناك عذر، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 10254.
ولا شك أنه ينبغي على المسلم أن يحرص على الإقامة في البيئة الصالحة التي تعينه على الاستقامة، لكن من واجب المسلم أيضاً أن يحرص على وقاية أهله من الفتن وإعانتهم على الاستقامة، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ. {التحريم:6} .
فإذا كانت زوجتك متضررة من غيابك ولم تكن أنت محتاجاً حاجة حقيقية للغياب هذه الفترة فالواجب عليك قطع هذه الغيبة وإزالة الضرر عن زوجتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1430(13/6727)
الغيرة على الزوج والدعاء بأن يصرف الله قلبه عن النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة وأغار على زوجي وأقرأ أحيانا سورة الزلزلة وأدعو بأن يزلزل الله بنات حواء جميعا من قلبه وأن يكن حجرا محجورا عليه، فهل أرتكب إثما بدعائي هذا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حرص المرأة على عفة وطهارة قلب زوجها أمر محمود وهو مطلب شرعي مهم جدا.
ويتعين بعدها عن الغيرة المفرطة التي تسبب المشاكل بين الزوجين وسوء الظن.
ويشرع لها أن تسأل الله الهداية لزوجها واستقامته على الطاعات وعفته عن المحرمات وسلوته عن النساء الأجنبيات.
وأما تخصيص سورة معينة لم يثبت تخصيصها في الدعاء بها فالأولى تركه خوفا من الوقوع في البدعة الإضافية.
وقد قدمنا بعض الأدعية المأثورة في هذا المجال وبعض النصائح المفيدة في علاج ما قد يحصل من بعض الرجال من التعلق بالأجنبيات في فتاوى سابقة، فراجعي منها الفتاوى التالية أرقامها: 37518، 73902، 34460، 74992، 93857، 65741.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1430(13/6728)
لا يجوز اتهام أحد بالسحر بدون بينة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الفاضل: لقد تزوجت من امرأة على زوجتي الأولي بعلمها، وبعد زواجي بفترة قصيرة بدأت مشاكل كثيرة بيني وبين زوجتي الأولى وصلت إلى حد الطلاق، فطلقتها مرة ثم راجعتها، واستمرت الحياة ولكن مع كثير من المشاكل، وبعد ذلك بدأت تظهر لي متاعب صحية مما استدعي ذهابي إلي الأطباء الذين أكدوا أنني لا أعاني من أي مرض عضوي، وقادني قدري إلي التعرف علي شيخ ـ معالج روحاني ـ قصصت عليه موضوعي فسألني عن اسمي واسم والدتي وقال هذه البيانات أستخدمها حتي يتسني لي الكشف عليك، وبعد يوم واحد كلمته فأخبرني أنني أعاني من سحر خبيث أعدته لي زوجتي الثانيه بهدف التفريق بيني وبين زوجتي الأولي حتى تستأثر بي وطلب مني أن لا أخبرها وبدأنا طريق العلاج، وقد كان هذا الشيخ يتواصل مع أحد أقربائي وأخبره بدون علمي أنه إذا أردت أن أتخلص من معاناتي فيجب علي أن أطلق زوجتي الثانية وأن أرسلها إلي البلد الذي أتت منه حيث إنها من بلد آخر، فقمت بإرسالها إلي بلدها بحجة أن تزور أهلها وأنا سوف ألحق بها وأنا في نيتي أن أطلقها، كما قال الشيخ، فتركتها لمدة شهر ببيت أهلها تم حدثتها هاتفيا وأخبرتها بأنني علي علم تام بكل الأشياء التي كانت تفعلها من سحر وخلافه وأنني سوف أطلقها، فأجهشت بالبكاء وأخبرتني أنني ظلمتها ظلما شديداً وخدعتها وأقسمت بأغلظ الأيمان أنها لا تعرف أي ساحر، ولم تتعامل مع سحرة من قبل، وأخبرتني أنها توافق على الطلاق ولكن بعد أن أظهر لها بينة على صدق كلامي، فرجعت إلى الشيخ وسألته أن يعطيني أي دليل أواجهها به لأنها تقسم وتنكر وحتى يرتاح ضميري أيضا، فأخبرني أنه لا يستطيع أن يخبر بالتفاصيل لأنه مقيد بعهود ويجب أن يوفي بها، فذهبت لشيخ آخر فأكد لي كلام الشيخ الأول ورفض أيضا إعطائي أدلة على كلامه والآن يا سيدي: أنا وزوجتي هذه بين شد وجذب لقرابة سبعة أشهر ضغطت عليها بشتى الطرق وهي مصرة على الإنكار، ورغم ما فعلته معها إلا إنها لا تظهر لي إلا الود والاحترام، وتخبرني بأنها منتظرة أن أقرر في هذا الموضوع، حيث إنها تحملت كثيراً وتريد أن تعرف نهاية الأمر، ولا أدري، هل أطلقها كما أخبرني الشيخ المعالج بدون إبداء الأدلة والبراهين؟ أم أصدقها وتستمر الحياة بهذا الشكل؟ فأنا في صراع هائل بين كلام الشيخ وبين حقوق هذه الزوجة التي أعلم جيداً أنني قصرت في حقها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من كلام هذا الرجل وحاله أنه مشعوذ كذاب. وعليه، فإننا ننصحك بالابتعاد عنه وعدم تصديق كلامه، ونوصيك بإمساك زوجتك هذه ما دمت لم تر منها إلا الخير، وإن كنت تشكو من شيء من أعراض السحر ونحوه، فنوصيك بالرقية الشرعية المبينة في الفتاوى التالية ررقامها: 80694، 2244، 4310، 22104.
ثم احذر من اتهام زوجتك بمجرد الظنون والأوهام، فإن هذا سيحملك تبعة عظيمة أمام الله سبحانه، فقد قال الله عز وجل: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {الأحزاب:58} . قال ابن كثير: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا. أي: ينسبون إليهم ما هم براء منه لم يعملوه ولم يفعلوه، فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا. انتهى.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال وليس بخارج. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني. وردغة الخبال هي عصارة أهل النار.
واعلم أن ما قمت به من التضييق على زوجتك وإخراجها من بيتها والإساءة إليها هو نوع من الظلم العظيم الذي حرمه الله سبحانه وحرمه رسوله الكريم، قال صلى الله عليه وسلم: إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة. رواه ابن ماجه وابن حبان وغيرهما وحسنه الألباني.
وقد عد بعض العلماء ظلم المرأة والعدوان على حقوقها دون وجه حق من جملة الكبائر، جاء في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة الحادية والخمسون: الاستطالة على الضعيف والمملوك والجارية والزوجة والدابة، لأن الله تعالى قد أمر بالإحسان إليهم بقوله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِالْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا. انتهى.
وتذكر أنك مطالب بمعاشرة زوجتك بالمعروف، امتثالاً لقوله سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19} . قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: أي طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1430(13/6729)
حقوق الزوج على زوجته قبل الزفاف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عقد قراني منذ شهرين على زوج ـ ولله الحمد ـ يحبني وأحبه تبارك الله، ولكن أحيانا أخاصمه لذا أود سؤالكم: هل لزوجي حقوق كاملة علي الآن؟ وهل تلعنني الملائكة إذا خاصمتة أو رفضت له طلبا؟ ادعوا معنا أن يوفقنا الله وأن ينير طريقنا وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه.
جزاكم الله خيراً ووفقكم لما يحبه ويرضاه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا عقد الرجل على المرأة عقداً صحيحاً فإنها تصير زوجة له يحل له معاشرتها، لكن جرى العرف أنه لا يسمح للعاقد بمعاشرتها حتى تزف إليه، فينبغي احترام هذا العرف، وانظري الفتوى رقم: 2940.
كما أنه يجوز للزوجة أن تمتنع من تسليم نفسها للزوج حتى يؤدي إليها مهرها الحال، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 63572.
وأما طاعة الزوج قبل الدخول فهي لوليها وليست لزوجها، سئُل الشيخ ابن باز: هل للمرأة المعقود عليها ولم يدخل بها الزوج يكون للزوج الحق في أن يقول لها: افعلي كذا ولا تفعلي كذا وهي في بيت والدها، أم ذلك في بعض الأمور يكون له الحق؟ فأجاب: ما دامت عند أهلها لا حق له عليها حتى تنتقل عنده وتصير في بيته، وما دامت عند أهلها فهي في حكم أهلها يدبرها أهلها، وليس له حق عليها بهذه الحال حتى تنتقل، إنما هي زوجة ليس لها أن تتزوج عليه، بل زواجه ثبت وهو زوجها ومتى تيسر دخولها عليه أدخلت عليه، وعليها أن تخاف الله وتراقبه وأن تبتعد عما حرم الله، لكن ليس له حق أنها تستأذن إذا أرادت الخروج، أو يكون له حق أن يمنعها من الخروج، هذا هي عند والديها الآن، فالأمر عند والديها حتى تنتقل إليه. فتاوى نور الدرب من موقع الشيخ ابن باز. وانظري الفتوى رقم: 78509.
لكن ذلك لا يعني أنه يجوز لها أن تسيء إليه أو تهجره بغير حق، فإن ذلك غير جائز مع المسلم عموماً، فكيف بمن يكون زوجاً؟ وننبه إلى أن الذي يوجب لعن الملائكة للزوجة هو امتناعها من فراش زوجها بغير عذر من حيض ونحوه أو مسوغ كامتناع منه حتى يؤدي المهر الحال، وراجعي الفتوى رقم: 100010.
ونسأل الله أن يهديكما لأرشد الأمر ويوفقكما لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1430(13/6730)
طاعة المعقود عليها لوليها لا لزوجها مادامت في بيت وليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة مخطوبة أبلغ من العمر 23 سنة، وتم عقد قراني أيضا، لكن الزواج سيكون بعد أقل من سنة ـ بإذن الله ـ وهناك موضوع جدا يحيرني، إذا اختلف أهلي وخطيبي في أمر ما، فأيهما أولى بطاعتي له؟ أأطيع أهلي؟ أم خطيبي؟ وأود أن أسأل عن واجباتي تجاه خطيبي، هل أعامله كزوج من ناحية حقوقه وطاعته؟ مثلا: إذا نام وهو غضبان علي، هل يترتب على ذلك لعنة الملائكة لي؟.
وسؤال آخر: أنا أبذل قصارى جهدي لأرضيه وأتخير ما يحب، لكنه لا يعاملني بالمثل، ويتهمني بالنكد إذا تضايقت من أمر ما أو تقصير بحقي، ويقول لي بأنه نائم وهو غضبان علي، مع العلم أنه هو المقصر بحقي، ولم أقصر معه بشيء. فهل أأثم إن قال إنه نائم وهو غضبان علي دون تقصير أو خطإ مني؟.
أفيدوني جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أولّاً أنّ الطاعة الواجبة ـ سواء كانت للوالدين أو الزوج ـ هي الطاعة في المعروف، أمّا الأمور المخالفة للشرع أو التي فيها ضررفلا طاعة لمخلوق فيها.
أمّا بخصوص المعقود عليها قبل الدخول فالراجح عندنا أنّ الزوجة قبل الدخول تكون طاعتها لوليّها وليس لزوجها.
سئل الشيخ ابن باز: هل للمرأة المعقود عليها ولم يدخل بها الزوج يكون للزوج الحق في أن يقول لها: افعلي كذا ولا تفعلي كذا وهي في بيت والدها؟ أم ذلك في بعض الأمور يكون له الحق؟.
فأجاب: ما دامت عند أهلها لا حق له عليها حتى تنتقل عنده وتصير في بيته، ما دامت عند أهلها فهي في حكم أهلها يدبرها أهلها. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 78509.
لكن على المرأة قبل الدخول أن تحسن إلى زوجها وتطيعه في المعروف بما لا يتعارض مع حقّ والديها، وإذا قامت الزوجة بما يجب عليها نحو زوجها ـ سواء قبل الدخول أو بعده ـ فلا يضرّها غضبه عليها أو عدم رضاه عنها ما دام بغير حقّ.
وننبّه إلى أنّ الذي يوجب لعن الملائكة للزوجة هو امتناعها من فراش زوجها بغير عذر، وراجعي الفتوى رقم: 100010.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1430(13/6731)
حكم الامتناع عن المعاشرة حتى يسكنها زوجها في بيت مستقل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوزالامتناع عن الزوج لعدم الاقامة في مسكن الزوجية، مع العلم أننا نقيم مع والدته ويطلب مني الذهاب للمنزل فقط لذلك، وأنا أتضرر خاصه وأن لدي طفلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حقك على زوجك توفير مسكن مستقل تقيمين فيه، إلا إذا رضيت بالتنازل عن ذلك. وراجعي التفصيل فى الفتوى رقم: 110353. فقد اشتملت على بعض كلام أهل العلم في المسألة.
وبناء على ذلك فإذا امتنع زوجك عن إقامتك في المسكن المستقل المذكور فلك الامتناع عن تلبية رغبته في المعاشرة حتى تحصلي على حقك، لأن حق الزوج فى المعاشرة منوط بأداء الحقوق الواجبة عليه لزوجته من نفقة ومسكن ونحوها، وراجعي في ذلك الفتويين: 114219، 94858.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1430(13/6732)
مات زوجها وهي مخاصمة له
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وقد خاصمته والدتي، فماذا يجب عليها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أن والدتك قد هجرت والدك بغير حق أوأنها قصرت في حقه، فالواجب عليها أن تتوب إلى الله من ذلك، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم العود له، وينبغي لها أن تدعو له وتتصدق عنه، وتكثر من الأعمال الصالحة والحسنات الماحية كالصلاة والصدقة والصوم وبر الوالدين وصلة الأرحام والذكر والدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(13/6733)
حكم أخذ الزوجة من مال زوجها بدون علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أخذ مال من الزوج دون علمه؟ لأنه لايعطيني مالا بحجة أنني موظفة وقد أعطيته مبالغ كثيرة ويرفض التسديد بحجة أنني غير محتاجة أوتحويل بعض من عقاراته باسمي مقابل ما أطلبه، علما بأن أحواله المادية ممتازة ويملك عقارات ولديه بنات من زوجة أخرى ولاينفق علي إلا الأكل والشرب للبيت عامة ولدي منه أولاد وبنات، فماذا أفعل؟ وإعطائي له كان من سنوات قبل تحسن أحواله، والآن في مشاكل دائمة معه من أجل هذا الموضوع، فما الحل؟ وما هو حكم الأخذ منه، ولو مبلغا بسيطا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوجة أخذ شيء من مال زوجها دون علمه، إلا في حالة ما إذا قترعليها وعلى أولادها، فلم يعطهم ما يكفيهم من النفقة، فلها حينئذٍ أن تأخذ من ماله بدون علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف، ولا تزيد على ذلك كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 24487، ورقم: 30536، وما أحيل عليه فيهما، ولا يجوز للزوج أخذ شيء من مال زوجته إلا برضاها وطيب نفسها ـ ولو كانت غنية وهو فقير محتاج ـ كما سبق بيانه في الفتوى: 32280.
وبخصوص ما أعطيته من المال لزوجك قبل تحسن أحواله، فإن كان على وجه السلف، فإن من حقك مطالبته به واسترجاعه منه فإذا لم يرده إليك جاز لك أخذ مقابله دون علمه وبدون زيادة على حقك، إذا لم يؤد ذلك إلى شحناء وبغضاء بينكما، وهذه المسألة معروفة عند أهل العلم بمسألة الظفر بالحق، وسبق بيانها بالتفصيل في الفتوى رقم: 18260، وما أحيل عليه فيها.
وأما إذا كان ما أعطيته له في ذلك الوقت على سبيل الهبة فلا يحق لك استرجاعه والمطالبة به.
ونحن ننصحكما وكل زوجين بالتسامح والعفو في مثل هذه الحالات، فإن ذلك أدعى للألفة والوفاق والمحبة وأقرب إلى التقوى، قال الله تعالى: وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم {البقرة:237} .
وللمزيد من الفائدة، انظري الفتوى رقم: 117244.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(13/6734)
زوجته ترفض زيادة الستر وتخرج بغير رضاه
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت منذ سنة، وقد من الله علينا بتوأم، وزوجتي لا تطيعني في الأمور الشرعية، ومنها: أنني أطلب منها زيادة ستر نفسها عندما تخرج بأن تطول الجلباب الذي فوق العباءة وهي تقول إن العباءة واسعة وتعيرني بأنني مريض، لأنني أريد منها هذا الستر الزائد, وأيضا أمنعها أن تنزل بمفردها إلي بعض الأماكن التي قد يحصل ضرر منها، فعندما أقول لها عليك بالطاعة تقول خليني وربي، وتقول أنا لن أفعل شيئا لست مقتنعة به، وإلا اتركني، انصحوني، أفادكم الله، ماذا أفعل معها؟ وهل أصبر لوجود الطفلين الرضيعين؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تفعله زوجتك من عصيان أمرك فيما تطلبه منها من الستر والاحتشام وخروجها من بيتك دون رضاك وتطاولها عليك كل هذا حرام وهو من النشوز المحرم شرعا.
لكنا نرى أن لا تتعجل في أمرك، بل عليك أن تصبر عليها وتسلك معها سبل علاج النشوز، كما بينها الله سبحانه فتواظب ـ أولا ـ على نصحها وتذكيرها بالله سبحانه برفق ولين, ويمكنك أن تستعين عليها ببعض الداعيات وذوات الخير والدين ـ في محيطكم ـ ليذكرنها بالله ويكنّ عونا لها على طاعته سبحانه وطاعة زوجها.
فإن أصرت على عصيانها وتمردها فاهجرها في المضجع, فإن أصرت فاضربها ضربا خفيفا غير مبرح إذا ظننت أن هذا قد يقومها, قال الكاساني الحنفي: فإن كانت ناشزة فله أن يؤدبها، لكن على الترتيب، فيعظها أولاً على الرفق واللين، فلعلها تقبل الموعظة فتترك النشوز، وإلا هجرها، فإن تركت النشوز فبها، وإلا ضربها. انتهى.
فإن لم يجد هذا كله ويئست من رجوعها عن ذلك فالأولى لك أن تطلقها، لأنه لا يستحب إمساك امرأة ضعيفة في دينها متطاولة على زوجها, وقد بينا ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 124146 , 121997 , 113289.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(13/6735)
زوجته تاركة للصلاة وتتطاول عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[المرجو الإجابة على هذا السؤال الذي لطالما حيرني: رجل هجر زوجته من الفراش لمدة 6 سنوات - مع العلم أنهما متزوجان منذ12 سنة- وذلك لسوء أخلاقها فهي دائما تكلمه ببذاءة لسان، كما أنها لم تكن تقوم بواجباتها اتجاهه وكانا على وشك الطلاق مرات عدة إلا أن بينهما طفل عمره 6 سنوات وهو متعلق بشكل كبير جدا بأبيه الشيء الذي جعل هذا الرجل يستمر مع هذه المرأة دون أن تكون بينهما أية علاقة حميمية وذلك لحبه الشديد لابنه. مع العلم أن هذا الرجل ملتزم وتلك المرأة غير ملتزمة حتى إنها لا تصلي. فما موقف الشرع من هذه الوضعية؟ وبماذا تنصحون هذا الرجل؟ وقد قرر أن يتزوج ثانية لأنه يقول إنه يحتاج لزوجة. فالمرجو جزاكم الله خيرا أن تفتوا في هذه الحالة؟ كيف ينبغي أن تكون حياته مع زوجته المقبلة هل يجب عليه أن يقوم بالعدل في كل شيء مع وجود كل تلك الاعتبارات أم ماذا؟ وجزاكم الله عني خيرا وأعتذر عن الإطالة، لأنه هام جدا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصح به هذا الرجل أن يقبل على زوجته هذه بالوعظ والنصيحة وليكن أول ما يبدأها به أن يذكرها بحق الله عليها في الصلاة وأنه لا يجوز لها أن تضيعها فإن ترك الصلاة بالكلية كفر مخرج من الدين على ما رجحه كثير من محققي أهل العلم، فإن لم تستجب له زوجته في ذلك فعليه أن يطلقها لأنه لا يجوز إمساك امرأة تاركة للصلاة. سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: عمن له زوجة لا تصلي هل يجب عليه أن يأمرها بالصلاة؟ وإذا لم تفعل هل يجب عليه أن يفارقها أم لا؟ فأجاب رحمه الله: نعم عليه أن يأمرها بالصلاة ويجب عليه ذلك، بل يجب عليه أن يأمر بذلك كل من يقدر على أمره إذا لم يقم غيره بذلك، وقد قال الله تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا. وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا. وقال عليه الصلاة والسلام: علموهم وأدبوهم.
وينبغي مع ذلك أن يحضها على ذلك بالرغبة كما يحضها على ما يحتاج إليه، فإن أصرت على ترك الصلاة فعليه أن يطلقها، وذلك واجب على الصحيح، وتارك الصلاة مستحق للعقوبة حتى يصلي باتفاق المسلمين. انتهى.
وراجع الفتويين التاليتين: 61588، 10370.
أما إن استجابت فعليه أن يذكرها بحقه عليها ويعلمها أن تطاولها عليه في المقال أو الفعال هو من النشوز المحرم، وليصبر عليها في ذلك صبرا جميلا، فإن لم تنته عن إيذائه فيجوز له أن يطلقها، ويجوز له أن يمسكها، فإن أمسكها وتزوج عليها فلا يجب عليه أن يعدل بينها وبين زوجته الأولى في القسم، لأن النشوز يسقط حق المرأة في النفقة والقسم كما بيناه في الفتوى رقم: 77560.
لكنا على كل حال لا ننصحه بإمساكها ما دامت مصرة على نشوزها لأن إمساكها في هذه الحالة مع ترك معاشرتها والقسم لها فتنة عظيمة لها فالأولى أن يطلقها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(13/6736)
مراعاة الحكمة عند التعامل مع الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني الأعزاء هذا ليس سؤالا، بل طلب نصيحة ممن هم أفقه وأعلم مني بالدين:
زوجتي دائما تذمني، ولا أعرف كيف أعبر عن شعوري لها؟ وتقول لي إنك إنسان بدون مشاعر معي، والله يشهد على كلامي، إن كلمتي: حبيبتي وحياتي، لا تخرج من لساني عند مخاطبتها، ولا أعرف ماذا تريد؟ وإذا تشددت معها حصل بيننا خصام، ولا تحاول أن تصالحني ـ حتى ولو كنت أنا صاحب الغلط ـ أما أنا ـ وأعوذ بالله من كلمة أنا ـ حتى لو كانت هي صاحبة الغلط ـ أعتذرلها وأصالحها فقط لتسير حياتنا, وأنا أعمل بشركة نفطية والحال ـ ولله الحمدـ ممتاز من حيث المادة، وهي دائما تريد الأشياء الثمينة مثل الشنط والساعات، وأقول لها هذا إسراف وتقول لي إن الله يحب أن يرى نعمته على عبده، وأنا لا أبخل عليها، ولكن أقول لها خذي قيمة الشنطة مثلا: اشتري شنطة بسعر معقول وتصدقي بالباقي فهذا أفضل، فتغضب من كلامي، ولا أعرف ماذا أقول؟ فقد تعبت وصبرت كثيرا، وأريد نصائحكم.
ولكم جزيل الشكر والعرفان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعلاقة بين الزوجين ينبغي أن تقوم على المودة وحسن العشرة والتفاهم، وذلك إنّما يكون في بيت تقام فيه حدود الله، ويخشى كل من الزوجين ربّه ويسعى لمرضاته، فالذي ننصحك به أن تعاشر زوجتك بالمعروف وتتعامل معها بالحكمة، والحكمة: هي وضع الشيء في موضعه، فينبغي أن يكون الرفق في موضعه والشدة في موضعها دون إفراط أو تفريط، مع مراعاة طبيعة المرأة التي وصفها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَىْءٍ فِى الضِّلَعِ أَعْلاَهُ إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا. متفق عليه.
واعلم أنّ الواجب عليك أن تنفق على زوجتك بالمعروف، فعن عمرو بن الأحوص ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وما زاد عن حاجة زوجتك في النفقة بالمعروف فلا يجب عليك، لكن كلما أحسنت إلى زوجتك في النفقة فهو من الإحسان الذي تؤجر عليه، بشرط أن تجتنب الإسراف، وحد الإسراف يختلف باختلاف حال الإنسان من الغنى والفقر، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 17775.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(13/6737)
يسيء معاملة زوجته بعد أن سافرت إليه بناء على طلبه
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء الإجابة الآن. أنا جئت عند زوجي في السعودية بعد ما طلب مني أن أترك العيال في البلد، وأول ما وصلت عاملني أسوأ معاملة. أتوسل إليكم أجيبوني حالا ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به أن تصارحي زوجك وتسأليه عن سبب إساءته لك، فإن كان لخطأ صدر منك نحوه أو تقصير في حقّه، فعليك إصلاح خطئك وتدارك تقصيرك، والحرص على حسن معاشرة زوجك وطاعته في المعروف مع التغاضي عن الهفوات، والتماس العذر لما قد يكون منه من الزلّات، وأمّا إذا كانت معاملته السيئة لك دون سبب من جهتك، فعليك نصحه برفق وحكمة بالمعاشرة بالمعروف، فإن لم ينفع معه النصح فيمكنك توسيط بعض العقلاء من الأقارب ليكلّموه في ذلك أو توسيط بعض أهل العلم القريبين من مكان إقامتكم، مع الاستعانة بالله والتوكل عليه وكثرة الاستغفار والمحافظة على الأذكار المسنونة والإلحاح في الدعاء، فإنّ الله قريب مجيب. ولا ننصحك بطلب الطلاق إذا كان في وسعك الصبر على معاملته، مع أن من المباح لك طلب الطلاق إذا كنت متضررة من معاملة زوجك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(13/6738)
حكم ادخار الزوجة مما يعطيها زوجها من مصروف شخصي
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: هل يجوز للزوجة الادخار من المال الذي يعطيها الزوج للمصروف الشخصي للزوجة وذلك بنية الادخار للزمن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاذا كان الزوج ملكها المال لتصرف على أمورها الخاصة فإنه لا حرج عليها ادخار بعض ما أعطاها، وينبغي أن تخبره بذلك.
ويدل لمشروعية الادخار للحاجة ما عمله سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام في خطته الاقتصادية حيث قال: قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ* ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ* ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ. {يوسف:47-49} .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدخر لأهله قوت سنة كما في حديث البخاري. وقد بوب البخاري عليه فقال: باب حبس الرجل قوت سنة على أهله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1430(13/6739)
زوجها لا يرغب بمبيت والد امرأته المسن معهم في البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في حالة عدم قبول زوجي بمبيت أبي معنا في البيت؟ علما بأن والدي رجل كبير ولا يوجد أحد عنده ولا يوجد عنده بيت، فهل أطيع زوجي؟ أم ماذا؟ علما بأن بيتي صغير جداً ونحن في الغربة وزوجي يتقيد بوجود أبي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيستحب لزوجك أن يقبل ببقاء أبيك معكم في بيتكم نظراً لما ذكرت من وحدته وحاجته، فإن هذا من إعانة المسلمين وإغاثتهم وقضاء حوائجهم، وهذا من أعظم القربات وأجل الأعمال الصالحات التي تستجلب فضل الله ورحمته في الدنيا والآخرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. رواه مسلم وغيره.
فإن أصر زوجك على رفض استضافة أبيك فلا يجوز لك أن تعترضي عليه في ذلك، لأن سكنى أبيك غير واجب عليه، وابذلي أنت جهدك في إعانة أبيك بما تستطيعين، فإن لم يكن له مال يشتري به منزلاً أو يستأجر به مسكناً وكان لك مال فواجب عليك أن تبذلي له ما يكفي حاجته في ذلك، وإن لم يكن لك مال فواجب على من تجب نفقة أبيك عليه من فروعه أو أصوله أن يوفر له ذلك، واعلمي أن طاعة الزوج -ما دامت في المعروف- مقدمة على طاعة غيره، وقد بينا ذلك في الفتويين رقم: 55801، ورقم: 97919.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(13/6740)
موقف الزوجة من سكوت زوجها على ارتكاب ضرتها الفاحشة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعلم من أبنائه أن زوجته الأولى تخونه، وعندما أناقشه يقول بأنه لا يستطيع أن يطلقها لأجل أبنائه. وآخرمرة قال أنا راض، أصبحت خائفة من أن أصاب بمرض لأنه يعاشرها وهي خائنة تعاشر غيره وتعاشره. أرجو من الله أن لا يؤاخذني. فما هو الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لكم المسارعة في اتهام هذه المرأة بالفاحشة دون أن تكون هناك بينة ظاهرة ظهور الشمس، كأن تعترف هي بذلك، أو يشهد عليها أربعة شهود بفعل هذه الجريمة المنكرة، أو يراها زوجها في هذه الحال، وحينئذ فالواجب على الزوج أن يطلقها لأنه لا يجوز إمساك مثل هذه المرأة.
جاء في الإنصاف: وعنه يجب- الطلاق- لكونها غير عفيفة ولتفريطها في حقوق الله تعالى، قلت وهو الصواب. انتهى.
وليعلم الزوج أن سكوته على سلوك زوجته إذا تبين فجورها إثم عظيم، لأن هذا من الدياثة، وقد جاء الوعيد الشديد للديوث الذي يقر الخبث في أهله، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 56653.
وعليك أن تنصحي لزوجك حينئذ وتعلميه بحرمة تجاهل ذلك، وما يزعمه من إمساكها خوفا على مصلحة الأولاد كلام ساقط، لأن بقاء الأولاد مع أمهم وهي بهذه الأخلاق المرذولة أكبر ضياع لهم، فهلا عقل الزوج هذا؟
فإن أصر الزوج على تمسكه بهذا الوضع فإنه فاسق بلا شك وفسق الزوج يبيح لزوجته طلب الطلاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(13/6741)
سكن الأقارب في بيت الزوجية يعكر خصوصية الحياة الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة وأعيش في السويد وأخو زوجي يسكن معنا وأبوه متوفى وزوجي هو المسؤول عنه الآن وهو يعمل المنكرات والزنا، وزوجي دائما يحاول أن يتكلم معه وينصحه، لكنه لايهتم وعمره 17عاما، هل يعتبر زوجي هو الآثم على تصرفاته؟ لأنه هو المسؤول عنه أم ماذا؟ وأهل زوجي يريدون العيش معي، على الرغم أن باستطاعتهم العيش في منزل وحدهم وأنا أرفض أن يسكنوا معي، هل إذا أراد زوجي أن يسكنهم في بيت وحدهم يكون آثما أم لا؟ وكيف أستطيع أن أتكلم مع زوجي أن يسكنهم في منزل وحدهم دون أن تحدث أية مشكلة بيني وبينه؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب: على زوجك أن ينصح لأخيه وأن يحذره عاقبة ما يصنع، فإن أصحاب الكبائر بجانب ما ينتظرهم في الآخرة من سوء العذاب ـ إن لم تتداركهم الرحمة - فإن الله يعجل لهم في الدنيا من العذاب الأدنى لعلهم يرجعون، وما الذي يصيب أهل المعاصي من أمراض ومصائب في الأموال وفشل في الآمال والأولاد عنا ببعيد. وقد سبق الحديث عن عقوبات الزنا في الفتوى رقم: 26237.
فإن لم يستجب أخوه له، فالواجب على زوجك أن يخرجه من بيته، لأن إبقاءه له في بيته آكلا شاربا نائما كالرضا بفعله، وهذا يتنافى مع ما يجب على المسلم من مفارقة أهل المعاصي المصرين عليها ولو كانوا ذوي قربى، كما بيناه في الفتوى رقم: 119581
أما رغبة أهل زوجك في العيش معكم في نفس البيت فهذا لا يجوز ما دمت رافضة لذلك، لأن المرأة لها الحق في السكن المستقل، على ما بيناه في الفتوى رقم: 34802.
فيمكنك أن تناقشي هذا الأمر مع زوجك ـ بلطف ولين ـ وتعلميه أن العلاقة الزوجية قائمة على الاستقلال والخصوصية وأن وجود بعض الأقارب ـ سواء من أهل الزوج أو الزوجة ـ يعكر هذه الخصوصية، ومن أجل ذلك كفل الشرع للزوجة مسكنا مستقلا، ويمكنك أن تطلعيه على فتوانا هذه، مع الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه أن يشرح صدره لذلك.
واحذري أن يستشعر الزوج من حديثك بغضك لأهله أو كراهيتك للقرب منهم، فإن هذا مما يسوؤه قطعا وينعكس على علاقته بك سلبا
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(13/6742)
الغيرة في غير موضعها مما يبغضه الله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[ابن خالة زوجتي طفل عمره خمس سنوات، وزوجتي تبلغ من العمر 25 سنة، وأراهما مرتبطين ببعض، وأرى زوجتي تلاعبه وتداعبه وأراه مرتبطا بها جداً، لأنها تحضر له الألعاب وأراه دائما يريد أن يقبلها وفعلا يقبلها كثيراً، وهذا المنظر يغضبني جداً. فهل لي الحق أن أمنع زوجتي أن تلاعب ابن خالتها الطفل؟ وأمنع أن تقبله أو يقبلها بالرغم أن زوجتي تحب الأطفال جداً وكل أطفال أقاربها يحبونها جداً أم أن غضبي هذا مبالغ فيه ويجب العدول عنه؟! علما بإني عاقد فقط على زوجتي حتى الآن. أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فغضبك هذا في غير موضعه قطعاً، وغيرتك هذه غير محمودة لك، لأن الطفل في هذه السن لم يبلغ مبلغ التمييز وهو أبعد ما يكون عن التفطن لأمور الشهوة وما يريده الرجال من النساء، وقد أباح الله سبحانه للمرأة أن تظهر زينتها أمام الأطفال الذين لم يبلغوا أن يتفطنوا لعورات النساء ومفاتنهن، فقال سبحانه: أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء {النور:31} .
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء. يعني: لصغرهم لا يفهمون أحوال النساء وعوراتهن من كلامهن الرخيم، وتعطفهن في المشية وحركاتهن، فإذا كان الطفل صغيراً لا يفهم ذلك، فلا بأس بدخوله على النساء، فأما إن كان مراهقاً أو قريباً منه، بحيث يعرف ذلك ويدريه، ويفرق بين الشوهاء والحسناء، فلا يمكن من الدخول على النساء. انتهى.
واحذر أن تتحدث مع زوجتك في هذا فتفتح للشيطان أبواب النزغ بينكما، ولن تجد أحداً من الناس يوافقك على رأيك هذا، بل ستجد الناس ما بين ذام لك ومنكر عليك، واعلم أن الغيرة في غير موضعها مما يبغضه الله سبحانه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 118777 ففيها بيان الفرق بين الغيرة الممدوحة والمذمومة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(13/6743)
سمح لامرأته بالعمل وترتبت عليه ديون هل يحق له مطالبتها بمال لسداد ديونه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مغربي متزوج ولدي طفل عمره سنتان، لدي مشكلة سببتها لي زوجتي التي تركتني مريضا وهربت إلى بيت والديها، فقد مرعلى زواجنا ما يزيد عن ثلاث سنوات، وأعتقد أنني كنت أعاملها معاملة حسنة، وقد كنا نعيش في سلام ونحيى حياة عادية كبقية الناس، إلا أنها كانت تلزمني بشراء أشياء ليس في إستطاعتي شراؤها وكانت تحاول أن تعيش حياة فوق قدرتي المادية، مما دفعني إلى الاستدانة من البنك لتوفير بعض الأشياء لها وقد اتفقنا على أن تعمل، وقد قررت العمل بإرادتها ورغبتها واتفقت معي على أن تساعدني ماديا لكي أتخطى الأزمة المالية التي أعيشها، وبمجهودي استطعت أن أساعدها لكي تعمل كمدرسة لدى وزارة التعليم ولولا مساعدتي وسماحي لها بالعمل ما كانت لتعمل أبداً، وهنا بدأت المشاكل، فما أن اشتغلت وأستلمت المال وأعطته كله لوالديها حتى تغير سلوكها معي، الشيء الذي سبب لي أزمة نفسية وصحية حادة لم أعد أقوى بسسببها على العمل كما في السابق، وبسبب الديون الهائلة التي تراكمت علي والتي تستحوذ على حولي 60 بالمائة من راتبي لم يعد بإمكاني الانفصال عنها، وقد اضطررت للعيش معها حتى تنتهي الأزمة، إلا أنها مؤخرا حرمتني من أن أعيش مع ابني الذي لم يكد يبلغ عامه الثاني وأبقته مع والديها وبالرغم من جميع محاولاتي في إقناعها كي تأتي بالولد كي يعيش معنا، فقررت الهرب وتركتني وأنا في حالة صحية ونفسية صعبة وذهبت عند والديها دون أن تشرح لي أسباب هربها، وعندما أحاول الاتصال بها لا تجيبني وبالمقابل يتصل بي أخوها الأكبر ووالدتها لكي يهددانني بالقتل ويهيناني ويشتمانني، سؤالي هو: هل شرعا يحق لي أن أسترجع منها بعض المال حتى أفك ديني، علما بأن أجرتها الآن تفوق أجرتي بأربعة أضعاف؟. ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد اقترضت من بنك ربوي يعطي القرض على أن ترده بزيادة مشروطة في العقد، فهو ربا وهو من أكبر الكبائر، ومن السبع الموبقات، ومن أسباب محق البركة، وتجب عليك التوبة من ذلك، وانظر في الفتوى رقم: 16659.
أما عن راتب زوجتك فهو حق خالص لها ليس لك فيه حق، إلا أن تكون قد اشترطت عليها للسماح لها بالخروج إلى العمل أن تعطيك قدراً من راتبها، فيحق لك أخذ هذا القدر، كما سبق في الفتويين رقم: 35014، ورقم: 19680.
وأما إذا لم تكن قد اشترطت عليها وإنما وعدتك هي بمساعدتك، فهذا الوعد لا يلزمها الوفاء به، ومن أهل العلم من يرى لزوم الوفاء بالوعد إن كان الموعود دخل في أمر مالي بسبب الوعد، لكن ما دامت المسألة محل خلاف، فإن مجرد الفتوى لا تفيد شيئاً في رفع الخلاف، وننبه إلى أن خروج زوجتك دون إذنك إذا لم يكن لعذر فهو نشوز تأثم به وتسقط به نفقتها، وينبغي أن توسط بعض أهل الدين والمروءة من يصلح بينك وبين زوجتك ولك رفع الأمر للقاضي الشرعي لينظر في مسألتك فقوله رافع للخلاف في مسائل الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1430(13/6744)
تقوم الحياة الزوجية على التفاهم وحسن العشرة والتغاضي عن الزلات
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي عصبي المزاج، وقام بخلع بعض نباتات الزينة ليغيظني، مع العلم أنني لا دخل لي بما جعله يغضب
وخلعه للنباتات التي أعتني بها لسنوات أحزنني وأغاظني، وكل ما فعلته أنني تجنبته حتى لا ـ يتفشش ـ في.
هل هناك أي فتوى لشيء من هذا القبيل؟ وهل عمله هذا يرضي الله والرسول؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعلاقة بين الزوجين ينبغي أن تقوم على التفاهم وحسن المعاشرة، وذلك يحتاج أحياناً إلى الصبر وإلى التجاوز عن بعض الأخطاء والتغاضي عن الزلات والهفوات، والنظر إلى الجوانب الطيبة في أخلاق الطرف الآخر، وما قام به زوجك من إتلاف النباتات عند غضبه، هو عمل يتنافى مع ما ينبغي أن يكون عليه الزوج مع زوجته من حسن العشرة، كما أنّه عمل لا يرضاه الله، لما فيه من إتلاف المال وإضاعته بدون حقّ، فعن الْمُغِيرَةِ بن شعبة أنّ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثًا؛ قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ. متفق عليه.
وينبغي لهذا الزوج أن يجاهد نفسه للتخلّق بالحلم واجتناب أسباب الغضب، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْصِنِي قَالَ: لَا تَغْضَبْ. فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ: لَا تَغْضَبْ. صحيح البخاري.
وننصح السائلة أن تصبر على سلوك زوجها ولا تقابله بتقصير في حقّه، فإن حقّ الزوج عظيم، وعليها أن تتلطف في نصحه وتوجيهه إلى الخلق الطيب، مع الاستعانة بالله ودعائه، فإن الله قريب مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(13/6745)
لا تطيق العيش مع أم زوجها المريضة وزوجها مغترب
[السُّؤَالُ]
ـ[استحالت العشرة بين أمي وزوجتي، وهما تسكنان معا في بيت واحد، وأنا مغترب خارج البلاد لعملي، ودائما زوجتي تطلب منى الذهاب لبيت والدها، لأنها لا تطيق العيش مع أمي، فإذا وافقت على ذلك، فأمي ستظل وحيدة في المنزل وتسوء حالتها، مع العلم أنها مريضة، فماذا أفعل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به هو أن تبذل النصح لكل من زوجك وأمك فتذكر زوجتك بالصبر على ما تجده من أخطاء أمك وتعلمها أن قيامها بمصالحها وخدمتها ودفع إساءتها بالإحسان من الطاعات العظيمة التي تجلب رضوان الله وتوجب ثوابه، ثم تذكر أمك بالإحسان إلى زوجتك وأنها بمثابة ابنتها وأن الواجب عليها أن تحسن صحبتها وتراعي مشاعرها، فإن لم تستقم الأمور بينهما، فلا يجوز لك أن تجبر زوجتك على البقاء مع أمك في نفس المكان، لأن من حق الزوجة على زوجها أن يوفر لها مسكنا مستقلا، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 112772، ولا يشترط في المسكن أن يكون بعيدا عن سكن أقاربه، كما يتوهمه بعض الناس، بل يتحقق هذا المسكن باستقلال مرافقه وحجراته ولو كان في نفس البيت. كما ننبهك على أنه لا يجب على زوجتك خدمة أمك، كما بيناه في الفتوى رقم: 33290.
ولكن ما دامت أمك على ما ذكرت من المرض والحاجة إلى الخدمة والرعاية ولم تكن قادرة على توفير من يقوم برعايتها من خادم ونحوه فقد وجب عليك كفايتها في ذلك، فإما أن ينشرح صدر زوجتك لهذا وتعدك وعدا مؤكدا أن تكفيك حاجة أمك، وإما أن تستأجر لها خادمة أو ممرضة تقوم على شئونها، ولكن لا يجوز مطلقا أن تعرض أمك إلى الضياع ولو استلزم الأمر رجوعك من سفرك وقيامك بنفسك على خدمتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1430(13/6746)
خروج الزوجة للولادة في بيت أمها لترعاها ورفض الزوج لذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[إن شاء الله سنرزق بمولود بعد شهر وأنا أريد أن أقضي أسبوع الولادة عند أمي حتى تتمكن من رعايتي. وزوجي يريد أن أجلس في بيتي وتأتي أمي لخدمتي، ويقول إنني مكثت عندها 3 أيام أثناء زواج أخي أساعدهم ومكثت يوما لرعاية أبي المريض أثناء سفر أمي، كما أن أمي مكثت عند خالي المريض 4 أيام ترعاه فتكون ابنتها أولى أن تأتي إليها لترعاها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شكّ أنّ طاعة الزوجة لزوجها واجبة في المعروف، فالواجب عليك طاعة زوجك في بقائك في بيته حال الولادة، واعلمي أنّه لا يجب على أمّك رعايتك وخدمتك، وإذا فعلت ذلك فهو محض تبرّع منها، وإنّما يجب على زوجك أن يوفر لك من يقوم برعايتك حال الولادة.
قال ابن قدامة الحنبلي في المغني: فإن كانت المرأة ممن لا تخدم نفسها لكونها من ذوي الأقدار أو مريضة وجب لها خادم. اهـ
وإذا تعذّر مجيء أمّك لتقيم معك لرعايتك، فإمّا أن تقنعي زوجك بالموافقة على إقامتك عندها تلك المدّة، وإمّا أن يهيء لك من تقوم برعايتك، فإذا لم يوفّر لك الزوج من يقوم برعايتك وكنت لا تقدرين على خدمة نفسك، فيجوز لك الخروج من البيت للذهاب إلى أمّك لرعايتك.
قال الرحيباني: (هَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ تَحْرِيمِ الْخُرُوجِ بِلَا إذْنِهِ وَسُقُوطِ نَفَقَتِهَا بِهِ (إذَا قَامَ) الزَّوْجُ (بِحَوَائِجِهَا) الَّتِي لَا بُدَّ لَهَا مِنْهَا (وَإِلَّا) يَقُمْ بِحَوَائِجِهَا (فَتَخْرُجُ لِإِتْيَانِهَا بِمَأْكَلٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا لَا غِنَاءَ لَهَا عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ.
وننبّه إلى أنّه ينبغي للزوجين أن يحرصا على المعاشرة بالمعروف، ومراعاة كلٍّ منهما لظروف الآخر، ولا بدّ لذلك من الصبر والتغاضي عن بعض الأمور حتى يحصل التفاهم وتسود المودة بينهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1430(13/6747)
درجة حديث: أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هذا الحديث صحيح أم لا؟ عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة. رواه الترمذي وقال حديث حسن. جزاكم الله خيراً وبارك فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المذكور قال عنه الترمذي: حديث حسن غريب. وقال الحاكم في المستدرك على الصحيحين: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص، وقد ضعفه الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة برقم 1426، وعلى فرض ضعفه فهو في فضائل الأعمال أي في بيان أجر مترتب على عمل دلت عليه نصوص صحيحة فيرجى حصول الثواب الوارد المذكور فيه.
وفي الكتاب والسنة أدلة كثيرة على عظم حق الزوج على زوجته، منها قوله تعالى: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ. {النساء:34} .
قال القرطبي: هذا كله خبر، ومقصوده الأمر بطاعة الزوج والقيام بحقه في ماله وفي نفسها في حال غيبة الزوج. اهـ من الجامع لأحكام القرآن
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: إذا صلت المرأة خمسها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها. دخلت من أي أبواب الجنة شاءت. رواه ابن حبان في صحيحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(13/6748)
إذا تعارضت طاعة الزوج مع طاعة الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ زواجي توجد خلافات بين زوجي وأهلي وصلت إلى اعتبار كل طرف منهم أن الآخر غير موجود، ويقتصر السؤال فى حالات المرض والمناسبات الاجتماعية المحدودة جداً، مشكلتي إحساسي بالتقصير مع أهلي وعدم قدرتي على التوفيق بين زوجي وأهلي وخاصة أن المشاكل أخذت شكلا يصعب الوصول فيه إلى حل، عمل زوجي يتطلب سفره أسبوعين أو أكثر لمدة قد تمتد إلى أعوام، سابقا كنت إذا سافر زوجي سواء لمدة طويلة أو قصيرة لكنها غير دائمة كنت أبيت عند أهلي، ولكن منذ نقله الجديد يرغب زوجي فى مكوثي ببيتي ويقتصر الأمر على زيارة أهلي فقط، هذا الوضع الجديد يغضب أبي وأمي فهم يريدوني أن أبيت معهم، مع العلم بأني لم أصرح بأنها رغبة زوجي حتى لا أزيد من الفجوة الكبيرة بينهم وقلت إنها رغبتي. فهل بتنفيذ ما يريد زوجي وعدم مبيتي مع أهلي أثناء سفره مما يثير غضبهم مني يكون ذلك عقوقا لأبي وأمي؟ علما بأني أريد أن أرضيهم ولكن فى أحيان كثيرة يتعارض إرضاؤهم مع رغبة زوجي، فأني أخاف أن أرضي زوجي وخاصة مع وجود خلافات بين أهلي وزوجي وأكون فى نفس الوقت عاقة لأهلي فربي يعلم أني أريد إرضاءهم وأن أنال ثواب رضا الوالدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام هذا المكان الذي أسكنك فيه زوجك آمناً لا خوف عليك فيه من لصوص أو فساق أو نحوهم فإنه يجب عليك القرار فيه حال غياب زوجك طاعة له، لأن طاعته في ذلك واجبة، وإذا تعارضت طاعة الزوج مع طاعة الوالدين فواجب على المرأة أن تقدم طاعة زوجها ما دامت في غير معصية، لأن حق زوجها أعظم من حق والديها، وطاعته أوجب من طاعتهما.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتاوى: المرأة إذا تزوجت، كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب. انتهى. وقد بينا ذلك بشيء من التفصيل في الفتوى رقم: 45675.
مع أن الأولى بالزوج أن يأذن لزوجته بالمبيت عند أهلها حال سفره إن أرادت ذلك وهذا على سبيل الاستحباب والأفضلية، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 109883.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1430(13/6749)
حكم اللجوء إلى المحاكم لدفع الظلم وطلب الحقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[لي بنت تزوجت منذ 9 أشهر، وزوجها يعاملها معاملة سيئة جداً من سب وضرب وإهانة، وبنتي غاضبة وهي عندي لمدة تصل إلى شهرين ونصف من عمر زواجها الذي لم يتجاوز 9 أشهر، وزوجها وأهله لا يريدون المجيء والتفاهم معنا والمواجهة لحل هذه الخلافات، ويقول زوجها إذا كان لها حق فلتأخذه من المحكمة، والسؤال هو: هل اللجوء إلى المحكمة لطلب حقوق ابنتي يعتبر من اللجوء إلى حكم الطاغوت؟ علماً بأن ابنتي حامل فى الشهر الثامن ولا ينفق عليها، كما أن أغراض الزوجية لديه.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما يفعله هذا الرجل من ضرب زوجته وسبها وإهانتها دون سبب حرام وهو من الظلم المبين الذي يجلب على صاحبه غضب الله سبحانه، وقد بينا هذا مفصلاً في الفتوى رقم: 119423.
وما دامت زوجته قد خرجت من بيته فرارا من ظلمه وأذاه، فإن نفقتها واجبة عليه، خصوصاً مع ما ذكرت من حملها، بل يجب عليه أن يدفع ما مضى من الأيام التي لم ينفق فيها، لأن نفقة المرأة تثبت في ذمة زوجها، فإن امتنع عن الإنفاق فحاولوا أن توسطوا بينكم وبينه من يملك التأثيرعليه من صديق أو قريب أو بعض أهل العلم والخير، فإن لم يجد ذلك وتعينت المحاكم طريقاً لاستيفاء حقكم فلا حرج عليكم حينئذ في التحاكم إليها، خصوصاً وأن هذه المحاكم في كثير من بلاد المسلمين تحافظ على الحكم بأحكام الشريعة فيما يخص جانب الأحوال الشخصية، وراجع تفصيل هذا في الفتوى رقم: 112265، وما أحيل عليه فيها من فتاوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1430(13/6750)
كيف تتصرف الزوجة في تدخل أم زوجها في حياتها هي وزوجها مع سكوته على ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[بالله عليكم أرجو الإجابة على سؤالي هذا بأسرع ما يمكن عسى الله أن يجعلكم سبب راحتي، وسامحوني إن أطلت: أنا فتاة لم أتجاوز العشرين من عمري، كنت طالبة فى كلية الصيدلة، وتقدم لي زوجي وأنا فى السنة الأولى، واتفقنا على إكمال تعليمي، ولما تزوجت الحمد لله رزقني الله الحمل مباشرة، فقررت أن أترك تعليمي بناء على رغبة زوجي، فقاطعني أهلي، وبعدها بدأت مضايقات أم زوجى فهي-الله المستعان- أصبحت تعاملني كأني ضيفة، وتسبنى وتتهمني بأني غير ملتزمة، ولا أعمل بما أحفظ من كتاب الله لأتفه الأسباب، أو بدون سبب مثلا أكلت يوما بدونها! وأصبحت تحرض زوجي علي، وبناتها، فظلمت كثيرا وتسببت فى طرد زوجي لأمي من بيتي، وسبت أمي بنفسها، وتريد زوجي أن يعطيها كل المال لتأخذ ما تشاء وتترك ما تشاء، وتنفق على أولادها المتزوجين من أثرياء من مال زوجي، وتصر على عد المال بنفسها يوميا وإلا تغضب على زوجي، ومعها مفتاح شقتي، تدخل في أي وقت شاءت من صباح أو مساء، وهي تسكن فى شقة أمامنا مباشرة، ومعذرة رأتني أنا وزوجى ونحن فى وضع جماع، أما زوجي فهو يرى أن هذا كله من حقها، وأنه يبرها بدعوى أنها تعبت في تربيته، وتدخلها في حياتي يشعرني أنه ليس لي كيان، وأنا الآن ليس لي إلا الله، فأهلى شبه مقاطعين لي، وليس لي صديقات، وأنا في وحدة قاتلة، فزوجي مشغول بعمله، وأنا لا أريد الطلاق فأنا أحبه ومهما فعل أسامحه، ولكن لا أطيق الحياة بهذه الصورة.
والسؤال الآن: هل هذا يرضي الله؟ هل من حقها عد المال يوميا وأخذه بهذه الصورة؟ وما هو حقها الشرعي في مال زوجي؟ وهل من حقها مفتاح الشقة؟ وهل من حقها الدخول لتأخذ ما تشاء من أشياء خاصة وطعام وقد لا تترك ما يكفينا؟ أفتوني في أمري عسى الله أن يهدي زوجي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت أمّ زوجك تسبّك وتسيء إليك دون مسوّغ فهي ظالمة، والواجب على زوجك أن يوازن بحكمة بين برّ والدته وعدم ظلمه لزوجته وتضييقه عليها، وعليه أن يعاشر زوجته بالمعروف ويحسن إلى أهلها، أمّا دخول أمّ زوجك إلى شقتك دون استئذان فهو غير جائز، لما فيه من الاطلّاع على العورات، ولمنافاة ذلك لحقّك في السكن المستقل، وينبغي لزوجك أن ينصحها في ذلك برفق، أمّا عن حقّها في ماله فلها أن تأخذ منه ما تحتاج إليه لنفسها، لكن إذا أعطاها زوجك ما تريده ممّا لا يضرّ به فهو من الإحسان إليها، وليس لك الاعتراض على ذلك ما دام زوجك ينفق عليك بالمعروف، وكلّ ما لا يضرّ زوجك إعطاؤه لأمّه فالأولى أن يعطيها حتى ترضى.
جاء في الفروق للقرافي: قِيلَ لِمَالِكٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لِي وَالِدَةٌ وَأُخْتٌ وَزَوْجَةٌ فَكُلَّمَا رَأَتْ لِي شَيْئًا قَالَتْ: أَعْطِ هَذَا لِأُخْتِك، فَإِنْ مَنَعْتُهَا ذَلِكَ سَبَّتْنِي وَدَعَتْ عَلَيَّ؟ قَالَ لَهُ مَالِكٌ: مَا أَرَى أَنْ تُغَايِظَهَا وَتَخْلُصَ مِنْهَا بِمَا قَدَرْت عَلَيْهِ أَيْ وَتَخْلُصَ مِنْ سَخَطِهَا بِمَا قَدَرْت عَلَيْهِ. أنوار البروق في أنواع الفروق.
ولا شكّ أنّ حرص زوجك على برّ أمّه من علامات صلاحه، فينبغي أن تشجعّيه على ذلك، فذلك ممّا يعود عليكم بالخير في الدنيا والآخرة، واعلمي أن من حسن عشرة الزوجة لزوجها، إحسانها إلى أهله وتجاوزها عن زلّاتهم، وإعانته على بر والديه وصلة رحمه، وذلك من حسن الخلق الذي يثقّل الموازين يوم القيامة، كما أنه مما يزيد من محبة الزوج واحترامه لزوجته، وراجعي الفتوى رقم: 60257.
وننبّه السائلة إلى أنّ مقاطعة أهلك لك لا تبيح لك مقاطعتهم ولا سيمّا والداك، فعليك برّهم وصلتهم بما تقدرين عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1430(13/6751)
هل يجب على المرأة أن تعرض نفسها على زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان يوجد خلاف بين الزوجين وكل ما حاولت الزوجة الحديث مع الزوج يرفض بشدة، فهل يجب عليها أن تعرض نفسها على الزوج؟ أم يكفي أن تتزين له وتترك الأمر له إذا شاء؟.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على المرأة أن تعرض نفسها على زوجها ولا يلزمها ذلك، كل الذي يلزمها أنه إذا دعاها زوجها إلى فراشه ولم يكن بها مانع شرعي من صوم واجب أو حيض ونحو ذلك أن تجيبه بطيب نفس.
وعليه؛ فإذا قمت بحق زوجك عليك من التزين له والتودد معه فقد أديت ما عليك في هذا الجانب.
وننبه على أنه لا يجوز للزوج أن يهجر زوجته فيمتنع عن كلامها بغير سبب معتبر شرعا، فهذا مما ينافي المعاشرة بالمعروف التي أمره الله بها، إضافة إلى أن الهجر بين المسلمين عموما لا يجوز، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.
وجاء في سنن أبي داود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار. صححه الألباني.
وأيضا فإن الواجب على الزوج أن يؤدي حق زوجته عليه في الفراش بحسب حاجتها وقدرته، فهذا من أعظم حقوقها عليه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في الفتاوى الكبرى: ويجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف وهو من أوكد حقها عليه أعظم من إطعامها، والوطء الواجب قيل: إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة، وقيل: بقدر حاجتها وقدرته، كما يطعمها بقدر حاجتها وقدرته وهذا أصح القولين. انتهى كلامه رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1430(13/6752)
سفر الرجل بعيدا عن أسرته يتسبب في مفاسد كثيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا يمني مقيم بالسعودية وزوجتي باليمن، وقد حددت لها يوما من الأسبوع لزيارة أهلها، لكن زوجتي تذهب أكثر من يوم إلى بيت أهلها دون علمي ودون إذن مني، وكذلك تقوم زوجتي بضرب أطفالي بعنف وبكل قوة، كما أنهم ليسوا أطفالها، نصحتها أكثر من مرة، اشتكيت لأهلها لكن دون جدوى، يردون علي أن كل الناس يضربون أولادهم، وكذلك كل الناس يتركون زوجاتهم يذهبن إلى بيوت أهلهن، مع أني أعطيتها يوما في الأسبوع لزيارة أهلها، أنا أفكر بالزواج من أخرى لكنني أخاف أنني لا أستطيع أن أعدل، فقد كرهت زوجتي ولا أطيق العيش معها، فأفيدوني وفقكم الله؟ مع العلم بأن لدي ولدا وبنتا وكنت أحبها بصدق لكنها لا تسمع كلامي، وقد أسمعتها عدة محاضرات دينية، وأنصحها لكن دون فائدة، وأثناء اتصالي بأهلي باليمن قال لي ابني الصغير وعمره 3 سنوات إن أمه ضربته بالنعال -أعزكم الله- وقد قررت عدم الكلام مع زوجتي نهائيا. فهل هذا جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فابتداء ننصحك أيها السائل بأن تبذل جهدك في الاجتماع بأسرتك، فإما أن ترجع أنت لبلدك، وإما أن تستقدمهم إليك في موطن عملك، لأن في بُعد الرجل عن بيته مفاسد عظيمة منها ضياع الأولاد، وضعف أواصر المحبة والترابط بين أفراد الأسرة، بالإضافة إلى أن غياب الزوج عن زوجته فترة طويلة غير مستحب شرعاً، وقد يكون محظوراً إذا لم ترض به الزوجة.
وأما ما تفعله زوجتك من الخروج إلى بيت أهلها في غير الأوقات التي حددتها لها دون علمك ولا إذنك فهذا حرام وهو من النشوز، كما بينا ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 36830، 60754، 95281.
وأيضاً فإن ما تقوم به من ضرب أولادك ضرباً مبرحاً أمر لا يجوز، بل إن ضرب الطفل في هذه السن المذكورة -ثلاث سنوات- ضرباً مبرحاً لهو محض عدوان عليه وظلم له، صحيح أن الشارع قد أباح للوالدين ضرب ابنهما تأديباً سواء على فعل الواجبات أو ارتكاب المخالفات، ولكن ذلك مقيد بكون الضرب خفيفاً غير مبرح، وألا يكون في السن المبكرة التي لا يدري الطفل فيها معنى العقاب أصلاً، وقد بينا ضوابط ضرب الأولاد في الفتويين: 123698، 123464.
وإنا لنوصيك بالصبر على زوجتك ومحاولة استصلاحها، والمداومة على تذكيرها بحق الله وبحق الزوج، مع الإكثار من الدعاء والتضرع أن يصلح الله لها الحال والبال.
وما تريده من الزواج بثانية فلا حرج عليك فيه سواء مع نشوز زوجتك أو حتى مع عدم نشوزها.
وأما ما تخشاه من ترك العدل بين زوجتيك بسبب بغضك للأولى فنقول: لا شك أن العدل بين الزوجات واجب متحتم على الرجل لا يسعه تركه، فإن لم تكن واثقاً من القدرة على العدل فيما يجب العدل فيه فلا تعدد.
وأما عن امتناعك عن كلامها فهذا جائز إن غلب على ظنك أنها ستنزجر بذلك، فقد هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه شهراً.
جاء في فتح الباري: وقد ذكر الخطابي أن هجر الوالد ولده والزوج زوجته ونحو ذلك لا يتضيق بالثلاث، واستدل بأنه صلى الله عليه وسلم هجر نساءه شهراً، وكذلك ما صدر من كثير من السلف في استجازتهم ترك مكالمة بعضهم بعضاً مع علمهم بالنهي عن المهاجرة. انتهى.
ولكن الظاهر أن هجرك لزوجتك خصوصاً مع غيابك عنها لن يكون مؤثراً، بل ربما زادها تمرداً وعصياناً وعنفاً على الأولاد فالأولى تركه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(13/6753)
من حق الزوج على زوجته أن تقيم معه حيث يقيم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في إحدى الدول العربية، وتقيم معي زوجتي، وقد سافرت إلى مصر لكي تضع طفلنا، وبعد أن وضعت لا تريد أن تعود إلى الإقامة معي، وتريد أن تبقى في مصر وقالت إنها تشعر بالملل لأنها تقضى الوقت لوحدها وأنا في العمل، مع العلم أن عندنا الآن طفلان وأنا أوفر لها هنا سبل الراحة، هل يحق لي الإصرار على سفرها معي؟ لأنني أريد أن تكون هي والأولاد بجانبي، ولأنني لا آخذ إجازة إلا كل سنة، وإذا أصرت على موقفها هذا فماذا أفعل؟ ووجودها معي هي والأولاد أمر ضروري جدا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة تقيم حيث يقيم زوجها، إلا أن تكون قد اشترطت عليه في العقد أن لا تخرج من بلدها فلها شرطها، أمّا إذا لم تشترط فالراجح عندنا أنّه يجب عليها طاعته، إذا طلب منها الانتقال للعيش معه، قال الحطّاب المالكي: للرجل السفر بزوجته إذا كان مأمونا عليها، قال ابن عرفة: بشرط أمن الطريق والموضع المنتقل إليه. مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل.
وعلى ذلك فمن حقك الإصرار على انتقال زوجتك للعيش معلك ما دمت توفر لها المسكن الذي لا تتضرر فيه، ويمكنك الاستعانة في ذلك ببعض الصالحات من الأقارب، ليبينوا لها وجوب طاعة الزوج ورجحان مصلحة اجتماع شمل الأسرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1430(13/6754)
لا حق للزوج فيما تكسبه زوجته من وظيفتها مالم يشترط عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعمل في عمل مرموق وراتبه كبير، ويصر على أخذ راتبي المتواضع جدا، ولا يسمح لي بالتصرف فيه رغم أنه يقصر معنا في بعض الأمور الهامة، ويمن على الأولاد وعلى بكل قرش يصرفه في المأكل أو غيره، وحين رفضت إعطاءه المرتب ثارعلي وعنفني وهدد بخراب البيت، فأصبحت أعطيه له، ثم أقوم بسرقته دون علمه، ولكن المشكلة أنني كنت آخذ المبلغ على فترات حتى لا يكتشف، والآن أنا لا أدري إن كنت جاوزت الحد أو لا، وأخشى أن أكون أخذت أكثر مما أعطيت، فماذا أفعل حتى لا يكون مالي حراما؟ مع العلم أنني أنفقه على طعام وأدوات تعليم وملابس وما إلى ذلك مما يدخل على أولادي وبيتي، وهو كله من واجبه هو، لكني أكمل ما يقصر هو فيه حتى لا أحرم أولادي، فماذا علي؟ أفيدوني أفادكم الله، فأنا أخشى من الحرام ومن أن ينبت لحم أولادي من سحت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق المرأة على زوجها أن ينفق عليها وعلى أولاده بالمعروف، ولا يلزم الزوجة ولو كانت غنية أن تنفق على البيت من مالها الخاص، إلا أن تتبرع بذلك عن طيب نفس، وما تكسبه المرأة من عملها هو حق خالص لها، إلا أن يكون الزوج قد اشترط للسماح لها بالخروج إلى العمل أن تعطيه قدراً منه، فيلزمها الوفاء به، وتراجع في ذلك الفتويين رقم: 35014، 19680.
فإذا كان زوجك لم يشترط عليك للسماح لك بالعمل أن يأخذ شيئاً من راتبك، فراتبك حق خالص لك، ولا يجوز لزوجك أن يأخذ شيئاً منه دون رضاك.
وإذا كان زوجك يأخذ راتبك بغير حقٍ فهو ظالم لك، ولا حرج عليك في أخذ قدرهذا المال الذي أخذه منك بغير علمه، ثمّ إذا كنت تأخذين من ماله زيادة على ما أخذه منك، فإن كان بقدر ما تحتاجين إليه لنفقتك وأولادك بالمعروف فهو جائز، فعن عائشة رضي الله عنها: أن هند بنت عتبة قالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه.
وأمّا إذا كنت تأخذين من ماله زيادة عن النفقة بالمعروف فهو غير جائز، وعليك ردّ قدر هذا المال لزوجك، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 105547.
وإذا كنت تشكين فيما إذا كان الذي تأخذينه أكثر من القدر المباح لك أخذه، فالواجب أن تردي ما يغلب على ظنك أنه قدر الزيادة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1430(13/6755)
الإحسان إلى الزوجة وعدم ظلمها مطلب شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل عن صحة هذا الكلام: لو أغضب زوج زوجته وقفى عنها راحلا تاركا إياها حزينة، فإن الله يكتب له في كل خطوة لعنة، ويبعد عنه رزقه ويقلل من عافيته، ويكتب له من كل دمعة من عينيها ألف جمرة في كل ليلة نصفها في الدنيا والنصف الآخر في الآخرة.
بالطبع هو ليس حديثا لكن هل هذا الكلام صحيح أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أصاب السائل الكريم في القطع بأن هذا الكلام ليس بحديث، أما عن صحة معناه فإنه كذلك ليس بصحيح، ومثل هذا الوعيد يفتقر إلى نص شرعي ثابت.
ثم لا يخفى ما في هذا الكلام من السماجة والمبالغة. ومع هذا فالإحسان إلى الزوجة والحذر من البغي عليها وظلمها أمر ثابت شرعا، فلا يجوز ظلمها بأي نوع من الظلم سواء كان ماديا أو معنويا، وراجع في ذلك الفتويين: 70931، 71663.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1430(13/6756)
المرجع في تحديد أقصى مدة لغياب الزوج عن زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي مسافر وأنا أرفض سفره. ما حكم الدين في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كثر كلام أهل العلم عن مسألة غياب الزوج عن زوجته، وحددوا المدة التي يحق للزوج فيها الغياب عن زوجته ولو بغير رضاها بستة أشهر، استنادا لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه سأل ابنته حفصة: كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: خمسة أشهر، ستة أشهر، فوقَّتَ للناس في مغازيهم ستة أشهر. يسيرون شهراً ويقيمون أربعة ويسيرون شهراً راجعين.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وسئل أحمد أي ابن حنبل رحمه الله: كم للرجل أن يغيب عن أهله؟ قال: يروى ستة أشهر.
وقال صاحب كشاف القناع من فقهاء الحنابلة: وإن لم يكن للمسافر عذر مانع من الرجوع وغاب أكثر من ستة أشهر فطلبت قدومه لزمه ذلك.
ولكن الذي يظهر أن هذا من عمر رضي الله عنه ومن العلماء بعده قد جرى مجرى الاجتهاد، ومعلوم أن الأمور الاجتهادية التي لم يرد فيها نص صريح تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال. ولا شك أن زمان عمر رضي الله عنه ليس كزماننا، فقد كان أكثر الرجال والنساء في عصره في الغاية القصوى من التقوى والديانة والعفة والصيانة، وكان داعي التقوى والتدين قويا وكان داعي الفتنة والشر ضعيفا، وكفي ذلك الزمان أنه زمان عمر الذي كان يخشاه الشيطان ويفر منه، وهذا مغاير بالكلية لزماننا هذا الذي أقبلت فيه الفتن تموج كموج البحر لا يكاد يسلم منها أحد.
وعلى ذلك فإنا نرى أن يرد الأمر في هذه المسألة إلى الزوجين فهما أعلم الناس بأحوالهما، فإن اتفقا على مدة معينة تعلم الزوجة إطاقتها للصبر فيها عن زوجها ويعلم الزوج ذلك منها فلا حرج عليه في السفر سواء زاد وقته عن ستة أشهر أو نقص، أما إذا اختلفا فلا مفر من الرجوع إلى القاضي حينئذ ليقرر هذه الفترة حسب حال الزوجين.
جاء في فتاوى نور على الدرب لابن عثيمين رحمه الله: وإذا غاب الزوج عنها لطلب العيش برضاها وكانت في مكان آمن لا يخشى عليها شيئاً فإن ذلك لا بأس به، لأن الحق لها فمتى رضيت بإسقاطه مع كمال الأمن والطمأنينة فلا حرج في تغيبه لمدة ثلاث سنوات أو أقل أو أكثر أما إذا طالبت بحضوره فإن هذا يرجع إلى ما لديهم من القضاة يحكمون بما يرونه من شريعة الله عز وجل. انتهى.
ويقول الشيخ عطية صقر رحمه الله: ولئن كان عمر جعل أمد البعد أربعة أشهر في بعض الروايات فلعل ذلك كان مناسبا للبيئة والظروف التي ينفذ فيها هذا القرار، والبيئات والظروف مختلفة، والشعور بالبعد يختلف بين الشباب والكبار، ويختلف من زوجة لديها دين وخلق قوي إلى من ليس عندها ذلك، والزوج هو الذي يعرف ذلك ويقدره. انتهى.
وقال أيضا: ولئن كان عمر رضي الله عنه بعد سؤاله حفصة أم المؤمنين بنته قد جعل أجل الغياب عن الزوجة أربعة أشهر، فإن ذلك كان مراعى فيه العرف والطبيعة إذ ذاك، أما وقد تغيرت الأعراف واختلفت الطباع، فيجب أن تراعى المصلحة في تقدير هذه المدة، وبخاصة بعد سهولة المواصلات وتعدد وسائلها ومهما يكن من شيء فإن الشابة إذا خافت الفتنة على نفسها بسبب غياب زوجها فلها الحق في رفع أمرها إلى القضاء لإجراء اللازم نحو عودته أو تطليقها، حفاظا على الأعراض، ومنعا للفساد، فالإسلام لا ضرر فيه ولا ضرار. انتهى.
وفي النهاية فإنا ننصح الزوجة ألا تتعنت في هذا الأمر، وأن تتحلى بالحكمة والصبر خصوصا إذا كان سفر الزوج لحاجة معتبرة من طلب الرزق أوالعلم النافع.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1430(13/6757)
حكم مبيت الزوج خارج منزل الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق لزوجي أن ينام خارج المنزل عند أصدقائه في الشاليه، مع العلم بأنني أقول له أنني غير راضية لأن ذلك يسبب لي مشاكل، حيث إنني وحيدة بالمنزل مما يضطرني إلى الذهاب للنوم في منزل والدي، وذلك يسبب لي السهر والتعب وعدم القدرة على النوم إلى اليوم التالي، لأنني من الناس الذين لا يستطيعون النوم إلا بأماكنهم التي اعتادوا عليها، مع العلم أنني قلت له: إذا أردت أن تتأخر تأخر إلى الساعة 2 أو 3 ولكن لا تنام ارجع حتى أستطيع أن أنام في مكاني، ولكنه يفضل أن يظل عند أصدقائه ويسهر معهم إلى الصباح، ويتعذر بأن كل أصدقائه متزوجون وكلهم يسهرون خارج المنازل وعندهم زوجات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في وجوب مبيت الرجل عند زوجته، فذهب بعضهم إلى عدم وجوبه، وبعضهم إلى وجوبه ليلة من كل أربع ليال، قال ابن قدامة في المغني: إذا كانت له امرأة لزمه المبيت عندها ليلة من كل أربع ليال ما لم يكن عذر. اهـ
واختار بعضهم عدم تحديد المدة وتركها للاجتهاد، قال المرداوي في الإنصاف: وقال القاضي وابن عقيل يلزمه من البيتوتة ما يزول معه ضرر الوحشة ويحصل منه الأنس المقصود بالزوجية بلا توقيت فيجتهد الحاكم، قلت وهو الصواب. اهـ
وعلى ذلك فإذا كان زوجك يبيت خارج البيت لغير عذر، ويعرضّك بذلك للضرر فلا حقّ له في ذلك، وليس ذلك من المعاشرة بالمعروف التي أمر الله بها الأزواج.
فعليك نصحه بترك البيتوتة خارج البيت لغير عذر، وعليك تنبيهه إلى أنّ السهر لغير مصلحة مكروه، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن السمر بعد العشاء لما فيه من تضييع صلاة الصبح وقيام الليل، فعَنْ أَبِي بَرْزَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ النَّوْمِ قَبْلَهَا ـ العشاءـ وَالْحَدِيثِ بَعْدَهَا. رواه أبو داود.
كما نوصيك بإعانة زوجك على الحرص على الاستفادة من وقته فيما ينفعه في دينه ودنياه، وتشجيعه على حضور مجالس العلم، ومصاحبة الصالحين، واستماع الأشرطة النافعة للدعاة المصلحين، مع الحرص على حسن التبعّل له والقيام بحقوقه، فذلك مما يعين على قبوله للنصح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1430(13/6758)
سب الزوجة وأهلها وضربها من مسوغات طلب الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوكم أفتوني في أمري: أنا متزوجة منذ سنتين، ولي طفلة عمرها 4 شهور، أعمل في شركة، وقد أخذت من البنك قرضا حتى يروجه، وقد تبت إلى الله وأتمنى أن يغفر لي، أنا أحب زوجي لكني لا أدري إن كان يحبني لأنه كلما شب بيننا خصام ولو على أتفه الأسباب يتهمني بالكذب والنفاق ويسبني وأهلي بأتفه الألفاظ ويضربني. فهل أطلب الطلاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاقتراض بالربا من أكبر الكبائر، وممّا يوجب اللعن، ومن أسباب غضب الله ومحق البركة، فالحمد لله الذي منّ عليك بالتوبة منه، ولمعرفة كيفية التوبة من الاقتراض بالربا انظري الفتوى رقم: 47181.
أمّا عن زوجك فعليك مناصحته برفق، ومعرفة أسباب سوء معاملته لك، فإن كان لتقصير منك في شيء من حقوقه، فعليك تدارك ذلك ومعاشرته بالمعروف، مع التغاضي عن هفواته والحرص على حسن التبعّل له، فإن لم ينفع ذلك فليتوسط من عقلاء الأهل من يصلح بينكما، فإن تعذّر ذلك، فلا حرج عليك في طلب الطلاق. وللفائدة راجعي الفتويين: 35669، 37112.
علما بأن ما ذكرت عنه من سبك وسب أهلك يعطيك حق الطلاق عند المحكمة الشرعية، وكذا الضرب إذا لم يكن لسبب نشوز منك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1430(13/6759)
الغيرة في غير موضعها من الصفات المذمومة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة، لدي مشكلة في علاقة زوجي مع أهلي، فهو غيور علي منهم، وبين فترة وأخرى يعلق عليهم، ولا يحبذ زيارتهم لي، وفي الفترة الأخيرة حصلت مشكله بيني وبينه ولجأت بها إلى أهلي، ومن بعدها أصبح لا يكلم أهلي ولا يزورهم ولا يسمح لهم بزيارتي. ما الحكم الشرعي في ذلك؟ وكذلك هو لا بسمح لي بزيارتهم إلا كل أسبوعين وأنا أحب زيارتهم ووصلهم كل أسبوع. فما الحكم الشرعي بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغيرة في غير موضعها من الصفات المذمومة البغيضة التي يجب على المسلم أن يتنزه عنها؛ لأنها أخلاق أراذل الناس وسفهائهم.
وعلى ذلك فليس للزوج أن يغار على زوجته من أهلها ما لم يوجد مبرر لذلك من تهمة أو ريبة، وما يفعله زوجك من تناول أهلك في حديثه لا يجوز – إذا كان على وجه الطعن والعيب - لأن ذلك من الغيبة المحرمة. وقد بينا حقيقة الغيبة وحكمها في الفتويين: 6710، 12890.
فإن زاد الأمر عن ذلك وحملته الغيرة على منع أهلك من زيارتك أو منعك من زيارتهم دون سبب معتبر فهنا تشتد الحرمة ويعظم الذنب، فإن الراجح من كلام أهل العلم أنه لا يجوز للزوج منع والدي الزوجة وأرحامها من زيارتهم في بيتها ما لم يخش من زيارتهما ضررا كتخبيب ابنتهم عليه.
جاء في الإنصاف للمرداوي: فوائد: الأولى: لا يملك الزوج منع أبويها من زيارتها على الصحيح من المذهب. قال في الفروع والرعايتين: ولا يملك منعهما من زيارتها في الأصح وجزم به في الحاوي الصغير. وقيل: له منعهما. قلت: الصواب في ذلك إن عرف بقرائن الحال أنه يحدث بزيارتهما أو أحدهما له ضرر فله المنع وإلا فلا. انتهى.
وذهب المالكية إلى أنه لا يمنع أبويها من زيارتها حتى ولو كانا مسيئين ولكن ترافقهما امرأة أمينة أثناء زيارتهما.
جاء في التاج والإكليل أيضا: وإن اشتكى ضرر أبويها، فإن كانا صالحين لم يمنعا من زيارتها والدخول عليها, وإن كانا مسيئين واتهمهما بإفسادها زاراها في كل جمعة مرة بأمينة تحضر معهم. انتهى.
وفي التاج والإكليل أيضا: وفي العتبية ليس للرجل أن يمنع زوجه من الخروج لدار أبيها وأخيها ويقضى عليه بذلك خلافا لابن حبيب، ابن رشد: هذا الخلاف إنما هو للشابة المأمونة وأما المتجالة فلا خلاف أنه يقضى لها بزيارة أبيها وأخيها وأما الشابة غير المأمونة فلا يقضى لها بالخروج. انتهى.
وفيه أيضا: إذا منع أخاها من الدخول عليها سئل عن ذلك مالك فقال ما أرى أن يمنع، وسئل أيضا عن المرأة يغيب عنها زوجها فيمرض أخوها أو أمها أو أختها فتريد أن تأتيهم تعودهم ولم يأذن لها زوجها حين خرج قال لا بأس بذلك أن تأتيهم وإن لم يأذن لها زوجها حين خرج. انتهى.
ومما تقدم تعلمين أن ما يفعله زوجك من منع أهلك من الدخول عليك لا يجوز خصوصا وأن ما يفعله لا مسوغ له، بل لو حدث بين الزوج وبين أهل امرأته شيء من الخصومة أو الخلاف فلا ينبغي أن يحمله ذلك على منعها منهم.
جاء في منح الجليل: إن وقع بينه وبين أخي امرأته كلام فليس له منعه منها. انتهى.
وأما المدة التي يسمح لك بالزيارة خلالها فيرجع في ذلك للعرف والحال، فإن هذا مما يختلف باختلاف الأحوال ومدى تباعد الديار وتقاربها وغير ذلك، فوجب الرجوع في ذلك كله للعادة والعرف، وقد نص بعض الفقهاء في كتبهم على تقييد هذه المدة بأسبوع، ف جاء في منح الجليل: فيقضى لهما بالدخول لها كل جمعة مرة. انتهى.
وقال ابن نجيم في البحر الرائق: فعلى الصحيح المُفتى به: تخرج للوالدين في كل جمعة بإذنه وبغير إذنه، ولزيارة المحارم في كل سنة مرة، بإذنه وبغير إذنه. انتهى.
ولكنا نرى أن هذا جرى مجرى التقريب لا التحديد، فالصواب الرجوع للعرف والعادة كما سبق.
وفي النهاية ننصحك بالتحلي بالحكمة والصبر في التعامل مع زوجك، لا سيما بعدما علمت من غيرته من أهلك، فلا تكوني عونا للشيطان عليه. واحذري أن يشعر منك باستقواء بأهلك عليه فهذا سيزيده نفورا منهم وبغضا لهم. واعلمي أن زوجك هو أولى الناس بك، وحقه أعظم الحقوق عليك بعد حق الله سبحانه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الألباني.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى: المرأة إذا تزوجت، كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1430(13/6760)
حكم إجبار إحدى الزوجتين على استقبال أولاد الأخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوج أن يجبر زوجته على استقبال أطفاله من زوجته الأخرى ويهددها بالطلاق إن لم تفعل ذلك؟ وهل من حقه فتح بوابة بين منزلي زوجتيه دون موافقة إحداهن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا المقصود باستقبالك للأطفال. وعموما نقول: إذا كان المقصود باستقبال هؤلاء الأطفال أن يسكنوا معك. فقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما نصه: وإن كان الولد صغيرا لا يفهم الجماع، فيرى الحنفية أن إسكانه معها جائز، وليس لها الحق في الامتناع من السكنى معه. ويرى المالكية أن الزوجة لا يجوز لها الامتناع من السكنى مع ولد زوجها من غيرها إذا كانت تعلم به حال البناء.
فإن كانت لا تعلم به عند البناء بها، وكان له حاضنة فللزوجة الحق في الامتناع من السكنى معه. وإن لم يكن لولد زوجها من غيرها حاضنة غير أبيه فليس لها الامتناع عن السكنى معه.
وحيث لا يحق لك الامتناع من سكناهم معك لكونهم صغارا كما عند الحنفية أو لكونهم صغار ولا حاضن لهم كما عند المالكية، فلا يحق لك الامتناع من إدخالهم إلى منزلك من باب أولى، وتراجع الفتوى رقم: 73093.
وننبه إلى أنه لا يجب عليك الاحتجاب من أولاد زوجك ولو كانوا بالغين؛ لأنهم من محارمك، فيجوز لك محادثتهم والجلوس معهم. ومن باب أولى جواز فعل ذلك مع أولاده غير البالغين، بل إن ترحيبك واحتفاءك بهم من مكارم الأخلاق، ومن الإحسان إلى أقاربه، ومن تمام حسن عشرتك له.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه متفق عليه.
فإذا كان إكرام الضيف والجار عموما من الإيمان، فما بالك بإكرام أولاد زوجك المجاورين لك؟
وأما فتح بوابة بين منزلي الزوجتين فلا حرج فيه ما دام لكل واحدة منهما منزل خاص بها، ولم يكن في ذلك ضرر على أي منهما.
قال ابن قدامة في المغني: وإن أسكنهما في دار واحدة، كل واحدة في بيت جاز، إذا كان ذلك مسكن مثلها.
وفي مغني المحتاج للخطيب الشربيني: ولو اشتملت دار على حجرات مفردة المرافق جاز إسكان الضرات فيها من غير رضاهن، والعلو والسفل إن تميزت المرافق مسكنان.
وفي العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية لابن عابدين: لو كان في الدار ضرة أو أحد من أقارب الزوج يؤذيها لم يكف بيت منها له غلق ومرافق، وإن لم يكن أحد يؤذيها كفى ولو كان في نفس البيت أحد لم يكف مطلقا هذا.
ومن ذلك يتضح تقييد ذلك الحكم بعدم الضرر، فإن كان هناك ضرر على أي من الزوجتين لم يجز ذلك؛ لأن المقصود من حق الزوجة في السكنى أن تشعر بالسكن وتأمن على نفسها ومالها. وقد قال عليه الصلاة والسلام: لا ضرر ولا ضرار.
وختاما ننبه الأخت السائلة إلى أهمية التسامح لتحقيق الحياة الزوجية السعيدة، وكذلك نلفت نظرها إلى أن رعاية أولاد الزوج من القربات العظيمة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 28430
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1430(13/6761)
لا حق للزوج في التحكم في أهل زوجته والاعتداء عليهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة منذ 7 سنوات، مشكلتي مع زوجي بدأت حينما كان يحاول السيطرة على إخوتي وصداقاتهم، في بداية الأمر كان يكتفي بالطلب منهم أن يمتنعوا عن صحبة أشخاص مشهود لهم بالأخلاق، وإذا رأى عدم تجاوب يعود غاضبا للمنزل، ويبدأ في السب والشتم لأهلي، ثم بدأ يفرض شروطه بأن يهددني بالانفصال في حال رأى أحد أولئك الأصدقاء أو سياراتهم أمام منزل أهلي، ثم تدرج الأمر إلى أن خاصم إخوتي وضربهم بسبب صداقاتهم تلك. مع أنه لا يعترض على الأشخاص أبدا ويقول بأنهم خلوقون لكنني لا أرضاهم أصدقاء لإخوتك، ثم بدأ يمنعني من حضور أي مناسبة اجتماعية يكون أصدقاؤهم طرفا فيها، وأحيانا بدون سبب يمنعني من حضور تلك المناسبات. والآن تقدم لخطبة أختي أحدهم ويلوح بأنه إن تمت الموافقة سيطلقني أو يتزوج علي، مع أنني مررت بـ 5 حالات إسقاط كان السبب فيها تأثري النفسي بسبب سبه وشتمه المستمر لأهلي، وهو يعلم ذلك لكنه لا يتورع، وحدث بيننا طلاق ثم رجعنا لبعضنا، ووصل الأمر به أنه حدث أن استعار أحدهم سيارة أخي فأقسم أن لا أركب سيارة أخي لأن فلانا ركبها، وكنت مضطرة لأن أمي مريضة وتحتاج لمن يذهب معها ولم يرض حتى قام أخي بالبحث عن سيارة أخرى. يحاول إخوتي الصبر عليه لأجلي لكنه يتمادى في كل يوم في فرض قيوده وإدخاله ما يراه خارج المنزل في حياتنا الشخصية، بالإضافة إلى غيرته الشديدة حتى من إخوته وإخوتي. باختصار أنا أعاني جدا من غيرته وسبه وشتمه وتهديداته لي وانتقاصه من شأن إخوتي وأهلي، وأننا لسنا في مقامهم الاجتماعي، مع أنه تزوجني برغبة شديدة منه، أصبحت الآن أعيش في عزلة اجتماعية، فلا أزور عائلتي إلا نادرا، ومنزلي لا يتجرأ أحد لزيارته خوفا من ردة فعل زوجي. كيف أتعامل مع شخصية زوجي وكيف أفهم نفسيته؟ وما حكم الشرع فيما يفرضه علي من منع ركوب سيارة إخوتي؟ وماذا لو كنت مضطرة لذلك ولا يرضى هو قضاء حاجياتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حقّ لزوجك في التدخل في شئون أهلك إلّا بالنصيحة بالمعروف، أمّا منعه لهم من مصاحبة البعض وضربهم على ذلك وسبّهم وشتمهم وتهديدك، ومنعك من ركوب سيارة أخيك لمجرد أنّ أحد أصحابه قد استعارها، كلّ ذلك تعدٍّ لحدود الشرع، وانحراف عن السلوك السويّ وظلم لك ولأهلك، وأمّا غيرته عليك فإن كانت في حدود الشرع فهي محمودة، ولمعرفة الغيرة المحمودة والمذمومة راجعي الفتوى رقم: 71340.
وعليك نصح زوجك بالمعاشرة بالمعروف، وإعانته على تقوية صلته بربه وتعلّم ما يلزمه من أمور دينه، والواجب عليك طاعته في المعروف، ولمعرفة حدود طاعة المرأة لزوجها راجعي الفتوى رقم: 115078.
فإذا لم ينتصح زوجك، فحكم من أهله وحكم من أهلك للإصلاح بينكما وردع الزوج عن تعدي حدوده.
أمّا عن منعه لك من ركوب سيارة أخيك فعليك طاعته في ذلك وإبرار قسمه، إلّا أن تضطرّي لركوبها فلك ذلك.
ولمعرفة كيفية التعامل مع زوجك وفهمه، يمكنك التواصل مع قسم الاستشارات بالموقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1430(13/6762)
لا حرج في طلب الطلاق إذا استحالت العشرة بين الزوجين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أم لستة أطفال، متزوجة منذ 13 سنة، هناك مشاكل دائمة،هو رجل عصبي ولا يحب الحوار معي يتهمني باللؤم، مشاكلنا تزداد يوميا هو على علاقات هاتفية مع نساء أجنبيات، أصبح لا يطيق حتى حل مشاكل الأولاد حيث إنه طلقني مرة، أنا حاولت إرجاعه وبحمد الله رجع، ولكنه يحقد لا يغفر حتى إنه لا يكلم أحدا من عائلتي لإصلاح الحياة التي أصبحت مستحيلة، أنا أقول له آسفة إذا أخطأت بحقك مع أنني أكاد أتمزق من الظلم لأن الرجل يدفع المرأة لأي تصرف غير لائق، يحاول يوما ويرجع المشاكل، أنا نفد صبري حتى إنني لا أستطع النوم والأكل هذا يصعب علي، أقوم بتربية أولادي وتنشئتهم نشأة صالحة، حاولت كثيرا من المرات التحدث معه لكن دون جدوى، هناك كثير من المشاكل التي يصعب علي كتابتها. أنا محتارة ماذا أفعل كي لا أظلم أولادي ولا نفسي التي دمرها، وأظلمه؟ ماذا أفعل أنا يائسة جدا ولكني لا أقنط من رحمة الله، أقول له دائما إذا أنا أخطأت يوما بحقك أصفح ولكنه لا يفعل. أصبحت الغيرة تقتلني والشك والوحدة. أغيثوني أرجوكم كيف أتصرف قلبي يقول لي أن أطلب الطلاق وأتراجع. هل من حل؟ ما موقف الدين والسنة من مثل مشكلتي؟ أرجو الرد علي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به أن تصارحي زوجك وتتلطفي في نصحه وتوجيهه إلى المعاشرة بالمعروف، وتذكّريه بحرمة ما يفعله من مهاتفة الأجنبيات والعلاقة بهن، وتجتهدي في السعي لإصلاحه بتشجعيه على حضور مجالس العلم، ومصاحبة الصالحين، واستماع الأشرطة النافعة للدعاة المصلحين والاستعانة بالله وكثرة الدعاء، مع الحرص على حسن التبعّل له والقيام بحقوقه، لاسيما في حق الفراش، وما يتعلق به من التزين والتجمل بما لا يخالف الشرع، فذلك مما يعين على قبوله للنصح، ورده إلى الصواب.
فإن حسنت العشرة بينكما، وإلّا، فحكم من أهله وحكم من أهلك، للإصلاح بينكما، فإذا لم تنفع وسائل الإصلاح، فلا حرج عليك في طلب الطلاق أو الخلع بعد استشارة عقلاء الأهل واستخارة الله عز وجل.
واعلمي أنّ المؤمن لا ييأس أبداً، مهما أصابه من بلاء، فعليك أن تحذري من كيد الشيطان، وأن يلقي في قلبك اليأس، واعلمي أنك إن استقمت على طاعة الله وصبرت، فلن يضيعك الله أبداً، وأبشري بكلّ خير، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ. {يوسف: 90} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1430(13/6763)
الصبر والإصلاح إن أمكن خير من الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أبلغ من العمر 19 عاماً، متزوجة من شاب عمره 25 عاماً، أحبه ويحبني ولقد أحببنا بعضنا قبل الزواج، وهناك توافق كبير بيننا وكلانا مثقف، وكان الجميع يتحدثون عنا وعن علاقتنا الجميلة، كل هذا كان طبعاً حتى الأيام الأولى من الزواج، ولكن بعد ذلك كل شيء تغير وأصبحنا لا نطيق أن نرى بعضنا البعض، علماً بأنني الآن أدرس بالجامعة، وهذا بالطبع أصبح يؤثر على تحصيلي، والذي يحير في الأمر أننا لا نعلم السبب الذي أدى بنا إلى هذه المرحلة إذ إنه أصبح فجأة لا يتكلم معي إلا بالصراخ، علماً بأنه يصلي ويعرف الله حق المعرفة، تحدثت مع أمه عن الموضوع فقالت ربما عين الناس هي التي أصابتكم ونصحتني بقراءة القرآن في البيت، علماً أننا لا نسمع الأغاني أبداً خاصة في البيت، وأغلب النقاشات التي تحصل بيننا تكون عن أمور الدين، والذي يدهشني أنه يصرخ عليّ وأحياناً يضربني، ولكنه سرعان ما يهدأ ويعود، ويكلمني ويغضب حين يراني أبكي، بعد شهر واحد من الزواج قررت البحث عن عمل حتى نغيب عن بعضنا، ويشتاق كل منا للآخر ونبتعد عن المشاكل ولكن شيئا لم يتغير. أرجوكم ساعدوني أكاد أجن لا أعلم لما يتصرف هكذا! بعض الناس يقولون لي: ليس هناك ما يجبرك على هذه الحياة اتركيه فأنت ما زلت في مقتبل العمر، وكل شيء يمكن التنازل عنه إلا الكرامة.... وما إلى ذلك. المشكلة أنهم يعلمون أني أحبه أكثر من نفسي ومستعدة أن أتحمل كل شيء منه، ولكن فقط أريد معرفة السبب، أنا الآن في بيت أهلي منذ ثلاثة أيام، ولا أعلم ماذا أفعل أسمع من الجميع ولا أعلم من أتبع. أرجوكم ساعدوني؟ لا أريد أن أفقد زوجي مع العلم أننا متزوجان فقط منذ شهرين. هل أعود للبيت دون أن يأتي ليأخذني ويعدني أمام أهلي ألا يعاود فعل هذا مرة أخرى؟ أم أنتظر ليبادر هو بالأمر؟
والله إني حزينة جداً. أين أحلامنا التي حلمنا سويا؟ وأين تمنياتنا بقدوم ورد، الثمرة التي لطالما حلمنا بها؟
أنتظر الإجابة والنصيحة من حضرتكم؟
ملاحظة: ورد هو الاسم الذي نتمناه لابننا إن أراد الله أن يرزقنا به.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يصلح ذات بينكم، ويصرف عنكم كيد الشيطان، ويرزقكم من الذرية الصالحة ما تقر به عيونكم.
وننبهك أيتها السائلة إلى أن العلاقات التي تكون بين الفتاة والرجل الأجنبي قبل الزواج بدعوى الحب، وما يتبع ذلك غالبا من الولوج في معصية الله ولو بنحو نظرة أو لمسة أو حديث لا حاجة إليه، أو لم تلتزم فيه ضوابط الشرع، كل ذلك غالبا ما يظهر شؤمه ووباله عقيب الزواج في صورة الشقاق والخلاف، والخصومات، وذهاب الألفة بين الزوجين، والمعاصي لها آثارها السيئة التي تصيب أصحابها ولو بعد حين.
يقول ابن الحاج رحمه الله في كتابه المدخل وهو يتحدث عن المعاصي التي يقع فيها الزوجان وما ينتج عنها من الآثار السيئة: لا جرم أن التوفيق بينهما قل أن يقع، وإن دامت الألفة بينهما فعلى دخن، وإن قدر بينهما مولود فالغالب عليه إن نشأ العقوق وارتكاب ما لا ينبغي، كل ذلك بسبب ترك مراعاة ما يجب من حق الله تعالى منهما معا. انتهى.
فالواجب عليكما التوبة إلى الله جل وعلا مما كان منكما من هذا القبيل.
ثم بعد ذلك ننصحكما بالرقية الشرعية المبينة بالتفصيل في الفتاوى التالية أرقامها: 52520، 22104، 4310، 2244، 80694. فربما كان للعين أو الحسد دور فيما يحصل بينك وبين زوجك.
ثم ننصحكما بمراجعة علاقتكما بالله، وما عساه يكون قد حصل من تقصير منكما في جنبه سبحانه، فإن ترك الواجبات والمأمورات سبب في العداوة والبغضاء كما قال الله سبحانه: فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. {المائدة:14} .
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: ... إ ن ترك الواجب سبب لفعل المحرم قال تعالى: ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء الى يوم القيامة. فهذا نص فى أنهم تركوا بعض ما أمروا به فكان تركه سببا لوقوع العداوة والبغضاء المحرمين، وكان هذا دليلا على أن ترك الواجب يكون سببا لفعل المحرم كالعداوة والبغضاء. انتهى.
واعلمي أيتها السائلة أن الأصل المتقرر أن المرأة لا يجوز لها الخروج من بيت زوجها دون إذن منه إلا لحاجة أو ضرورة. وقد بينا ضوابط ذلك في الفتوى رقم: 65363.
وعلى ذلك فخروجك من بيته إلى بيت أهلك دون إذن من زوجك لا يجوز، وعليك بالتوبة من ذلك ولا تتحقق التوبة إلا بالرجوع إلى بيته فورا دون شرط.
وأما ضربه لك، فإن كان بغير سبب معتبر فإنه غير جائز وهو من الظلم المبين، وقد نص الفقهاء على أن ضرب الرجل زوجته بدون سبب يبيح لها طلب الطلاق كما بيناه في الفتوى رقم: 112369.
ولكنا لا ننصحك بطلب الطلاق ولوكان الزوج ظالما لك، بل ننصحك بالصبر عليه وبذل الجهد لاستصلاحه.
واحذري أن تنصتي لهؤلاء الغاوين الذين يحرضونك على طلب الطلاق فإنهم إما عدو حاسد، وإما صديق أحمق جاهل.
وفي النهاية ننبه على أن عمل المرأة له شروط سبق بيانها في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 522، 7550، 8360.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1430(13/6764)
تمتنع عن تلبية رغبة زوجها بحجة خوف خروج وقت الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي عندما أطلبها للفراش خلال اليوم تتعذر بأنها تنتظر الصلاة لأنها لا تريد أن تغتسل قبل الصلاة خوفا من خروج وقت الصلاة. فهل تقبل صلاتها علما بأنني إذا رفضت أغضب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الواجبات الشرعية على المسلم ذكرا كان أو أنثى أن يصلي الصلاة في وقتها، وبالنسبة للرجال يجب عليهم صلاة الجماعة في المسجد إلا من عذر. والقاعدة أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وعلى ذلك فإن كان امتناع زوجتك عن الفراش بسبب ضيق الوقت عن أداء الصلاة، وانشغالها بأدائها في وقتها، كأن تكون أخرتِ الصلاة لآخر الوقت، وطلبتها أنت لفراشك حينئذ، بحيث يضيق الوقت عن إجابتك ثم اغتسالها وأدائها للصلاة، فهي مصيبة ومثابة على امتناعها في هذه الحال، لأن إجابتك حينئذ سيترتب عليها خروج وقت الصلاة.
أما إن كان في الوقت متسع لإجابتك، ثم الاغتسال والصلاة قبل خروج الوقت، فلا يجوز لها الامتناع؛ فإن آكد حقوق الزوج على زوجته مطاوعته في الفراش عندما يطلب منها ذلك، وإلا كانت ناشزا، وفي امتناعها هذا إثم كبير، كما سبق بيانه في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 30639، 9572، 69931. وعندئذ تكون الزوجة قد عرضت صلاتها لعدم القبول، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رءوسهم شبرا: رجل أم قوما وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط ... الحديث. رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني. وقال البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات. اهـ.
قال السندي: قَوْله بَاتَتْ وَزَوْجهَا عَلَيْهَا سَاخِط لِعَدَمِ إِطَاعَتهَا إِيَّاهُ فِيمَا أَرَادَ مِنْهَا، وَلِهَذَا قَالَ (بَاتَتْ) لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْعَادَة يَكُون فِي اللَّيْل، وَإِلَّا فَلَا يَخْتَصّ الْحُكْم بِاللَّيْلِ. اهـ.
وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 34631. أن المراد بالحديث عدم القبول لا عدم الإجزاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1430(13/6765)
استمري على ما أنت فيه من خير فإن الحسنات يذهبن السيئات
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت لمدة 22 عاما، وقد سافر زوجي للعمل بإحدى الدول العربية بعد الزواج بـ 10 أعوام، وترك لي 3 أبناء، واستمر للعمل بهذه الدولة لمدة 10 سنوات، كان يحضر لمدة 15 يوما كل عام أو عام ونصف، وفى إحدى المرات جاء بعد 3 أعوام، ولم أكن أطمع بالمال لأن ما يرسله كان لا يكفي مطلقا، وكنت أصرف على أولادي - والحمد لله كانوا مثال الأخلاق والعلم - من وظيفتي، وحاولت معه مرارا لكي يترك هذا العمل لكنه رحمه الله رفض، وبعد هذه الفترة عاد واستمر معنا لمدة عامين ثم توفاه الله. وما أريد السؤال عنه: أنه خلال فترة العامين حدثت مشاكل كثيرة مع أولاده لدرجة كبيرة، وقد كان شديدا جدا معهم وبه جفاء شديد، مما جعل الأولاد يضيقون به لدرجة أن 2 منهم رسبوا عام حضوره بعد أن كانوا من الأوائل، وحاولت أن أوفق بينهم بكافة الطرق، ولكنه أهانني أمام أبنائي حتى انهرت وحاولت الطلاق، ولكن تدخل الأهل للتوفيق بيننا، ولكن بعد تغير النفس منه، المهم بعد فترة وجيزة وفي شهر رمضان تقيأ زوجي دما وذهبت به لمركز طبي كبير حيث أصيب بعدها بغيبوبة كبد وسكر، وتحملت الكثير من المال عن طيب خاطر ولهفة وخوف عليه رغم ما حدث، وبقيت معه باستمرار وتركت أولادي عند أحد أقاربي، وطوال الخمسة أيام التي كان بها في الغيبوبة وأنا أقرأ له القرآن، وأدعو له وأدعوه أن يسامحني، وأحضرت أولادي له لكي يسامحوه ويسامحهم، وقبل لحظات من وفاته ولم أكن أعلم أنه في سكرات الموت كنت أجفف له عرقه وأدعو له، وأقرأ له القرآن وأنا أبكي، ثم توفي في لحظة الأذان لصلاة الجمعة الأولى من رمضان رحمه الله، وبعد وفاته فوجئت بأن عليه ديونا كثيرة لا أعرف سببها، وقمت بسدادها جميعا والحمد لله، وعلى مدار عامين كاملين وبعد ذلك قمت بتكاليف زواج البنتين والحمد لله، ولم يبق معي سوى الأخ الأصغر، وهو الآن في كلية مرموقة وحسن السلوك والحمد لله، وأنا أدعو أولادي دائما لكي يدعوا له ويقرؤوا عليه القرآن دائما، وأدعو له كل صلاة وكل يوم، كما أن له أختا وحيدة مقيمة ببلدتها وكبيرة في السن وأزورها أسبوعيا، وأقوم على خدمتها وتلبية كل طلباتها كما أتصدق عليه دائما، ولكن ما يؤرقني حتى الآن وبعد مرور حوالي 5 سنوات على وفاته هو أنني أخاف أن يكون غاضبا علي، وأن أكون عاصية لله سبحانه وتعالى. فأرجو أن تفيدوني ماذا أفعل لكي يطمئن قلبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرحم زوجك، وأن يجزيك خيرا، ويزيدك حرصا على إرضاء الله تعالى، ثم اعلمي أيتها الأخت الفاضلة أن ما فعلته مع زوجك في حياته وبعد مماته، وكذلك مع أخته ومع أبنائك من الأعمال الفاضلة التي نسأل الله أن يتقبلها منك، وأن يجعل في ذلك كفارة لما قد يكون بدر منك تجاه زوجك أو غيره. فحافظي على ذلك واستقيمي عليه.
واحمدي الله تعالى أن وفقك لطلب مسامحته لك ولأولاده قبل وفاته بلحظات، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. رواه البخاري.
وعلى أية حال، فمن قصر في شيء فله في بقية حياته مستعتب، والأعمال بالخواتيم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1430(13/6766)
يحرم على الزوج ترك النفقة على زوجته وأبنائه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة عمري 47، متزوجة من 25 عاما، ولي أربعة أبناء، مشكلتي أن زوجي كنت أحسبه طموحا ولكنه شخص اعتمادي، اعتمد علي في كل شيء، ولا يسأل عن أبنائه في شيء حتى أصبحوا الآن في مراحل التعليم الجامعي بفضل الله، وخلال فترة زواجنا عانيت منه الكثير، فأنا لي مال ورثته كنت أصرفه علي أبنائي لتقصيره في الصرف عليهم، يمكن أن يكون لعدم وجود مال معه، ولو توفر المال معه لا يعطيني ما صرفته، أنا بفضل الله من عائله كبيرة وهو من عائله أغلب ما فيها من إخوته لم يكملوا تعليمهم لأن والده كان لا يقرأ ولا يكتب وكان رجلا فاضلا رحمه الله، والحمد الله على حسن الخلقة، رأيت أن أكتب مشكلتي وما تقدم هو جزء منها، ومنذ 6 سنوات وزوجي لم يقم بالعلاقة الزوجية نتيجة ضعف أصابه بها وليس لمرض ظاهر، وأنا أرفض القيام بها لتضرري منها، ونظير هذا أصبح يسبني في أي وقت حتى أمام الأبناء بصوت، وأحيانا يلكمني في الفراش، وبدلا من أن يتلطف معي أصبح غير محتمل الأخلاق، وأيضا أصبح يخرج منذ ذلك الحين بلا أي سبب ممكن يمكث خارج البيت طوال اليوم بلا داعي، وهو أيضا كان يخرج سابقا كثيرا ويقضي مصالح كل إخوته وجميع الناس إلا أنا وأولاده، إلا بعد ما أكرر له طلبي لمصلحة ما لأولاده، وأيضا أصبح لأولاده كالغريب، وهذا منذ زمن- يدخل البيت يجلس أمام التلفاز إلى ما شاء وعندما يدخل يترك الأولاد المكان ويدخلوا حجرتهم دون أي كلمة ولا جلسة ود بينهم، صرفت أموالي من أجل تعليمهم أحسن تعليم وكسوتهم وعدم إحساسهم بأي حرج من أي نوع، وحرمت نفسي من كثير من الأشياء الضرورية لأوفر لهم كل شيء، وهو عندما يرزقه الله بالمال لا يعطيني ما صرفته ولا يكسوني، ولو مرضت لا يسأل عني، وأصرف على نفسي حتى للعلاج، والآن زاد أكثر بعد ما أصابه في العلاقة الزوجية، وأصبح لا يترك لي مالا، وكل المال يحمله معه في جيبه أو أي مكان، وهو يعرف أنني لا أفتش وراءه وأمينة والحمد لله، ومن تكرار ما يحدث من مشادة بيني وبينه على مصروف للمنزل أصبحت أنفق كل ما معي لتلافي ما يحدث بيننا، ولا أشتكي منه حتى أجعل له صورة جميلة أمام الناس؛ لأن بناتي على وشك زواج، وأخاف أن يتأثر الآخرون بما يحدث بيننا، تحملت الكثير منه. أريد أن أعرف منكم ما حكم الشرع في هذا الزوج؟ لقد احتسبت ما يفعله لي عند الله على الرغم من أني أحيانا أتذمر وأكلم نفسي بصوت عال وهل أنا آثمة؟ وأيضا يمكنني ترك المنزل والطلاق وأني لا أعمل، ممكن الحصول على معاش أبي، ولا أستطيع فعل ذلك خوفا على بناتي وهدم منزلي من أجلهم، فأنا أعيش كئيبة بدون أي حوار مع هذا الزوج على الإطلاق، وكل يوم أكرر نفس ما يحدث من أعمال منزلية، ولا أخرج من أجل أولادي، لكي لا نصبح أنا وهو خارج المنزل وذلك حفاظا عليهم. وأيضا هل أنا آثمة للامتناع عن زوجي لما سبق ذكره من كره هذه العلاقة. أفيدوني ماذا أفعل؟ ولكم جزيل الشكر والعرفان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما يفعله زوجك من تقصير في حقك وحق أبنائه وترك النفقة الواجبة عليه حرام لا يجوز، وهذا من الظلم البين، وحسبه زاجرا عن فعله قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وحسنه الألباني.
وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 113285. ماهية النفقة الواجبة على الزوج.
وأما عن استحقاقك لما أنفقته في الفترة السابقة على نفسك وولدك ورجوعك عليه بذلك، فقد بيناه مفصلا في الفتوى رقم: 76604.
والأصل المتقرر في شرع الله أنه لا يجوز للزوجة أن تمتنع عن فراش زوجها دون عذر شرعي من حيض أو إحرام بحج واجب ونحو ذلك، لما جاء في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع.
وكذا لا يجوز لها أن تخرج من بيته دون إذنه، كما بيناه في الفتوى رقم: 124187.
ولكن إن أعسر الزوج بالنفقة، أو امتنع من الإنفاق الواجب عليه، فحينئذ يجوز للمرأة أن تمتنع عن فراشه، ويجوز لها أيضا أن تخرج من بيته ولو بغير إذنه، لأن المرأة محبوسة في البيت لحق زوجها لأجل إنفاقه عليها، فإذا لم ينفق فلا حق له في حبسها.
جاء في المجموع شرح المهذب: وان اختارت المقام بعد الاعسار لم يلزمها التمكين من الاستمتاع ولها أن تخرج من منزله، لأن التمكين في مقابلة النفقة، فلا يجب مع عدمها. انتهى.
وكذا يجوز لك أن ترفعي أمره للقاضي ليجبره على الإنفاق حال امتناعه أو ليفسخ النكاح حال إعساره.
قال الشوكاني في نيل الاوطار: وظاهر الأدلة أنه يثبت الفسخ للمرأة بمجرد عدم وجدان الزوج لنفقتها بحيث يحصل عليها ضرر من ذلك. انتهى.
وأما بخصوص المرض الذي أصابه، فإن كان قد سلبه القدرة على الجماع بحيث لا يقدر عليه البتة، فيجوز لك أن ترفعي الأمر للقضاء ليضرب له مدة قدرها الفقهاء بسنة، فإن لم يصبك خلالها فسخ النكاح، كما بيناه في الفتوى رقم: 48190.
أما إن كان هذا المرض لم يسلبه القدرة على الجماع، وإنما أضعفه وصار بحيث لا يقدر عليه إلا على فترات متباعدة، فهنا ينظر فيه، فإن كنت تتضررين بسبب تباعد هذه الفترات فيجوز لك حينئذ طلب الطلاق للضرر، وأما إن كنت لا تتضررين بهذه الفترة فهنا لا يجوز طلب الطلاق بهذا السبب.
وننصحك بمواصلة الصبر حتى لا يتأثر أبناؤك وبناتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1430(13/6767)
لا يجوز طاعة الأم في الإضرار بالزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أذنب لو أطعت أمي على حساب زوجتي، وأحرم زوجتي وأطفالي من التمتع بمالي، وأحرمها من البيت الذي أمتلكه بتنازلي عنه لأمي؟ مع العمل بأن أمي لديها فيلا وهي مؤجرة لها بمبلغ كبير جدا، وتسكن في بيتي مع أخواتي، وزوجتي تريد أن تستقل بحياتها مع أطفالي الثلاثة، ولكن أنا أطيع أمي وأنفذ كل ما تطلبه على حساب زوجتي. فهل علي ذنب مع العلم أن زوجتي عاضبة مني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حق الزوجة على زوجها أن يوفر لها مسكنا مستقلا، تأمن فيه على خصوصياتها وشؤونها، وقد بينا ذلك بالتفصيل في الفتاوى الآتية أرقامها: 5034، 9517، 34173.
وعلى ذلك فلا يجوز لك أن تحرم زوجتك من حقها في ذلك، خصوصا وأنت قادر عليه، ولا يجوز لأمك أن تطالبك بما يعود بالضرر على زوجتك وأولادك، ولا يجب عليك أن تطيعها في ذلك، بل عليك أن توفي كل ذي حق حقه. فحق الأم البر والصلة والطاعة في المعروف، وحق زوجتك وأولادك النفقة عليهم وكسوتهم بالمعروف وإسكانهم في مسكن لائق بحالكم، وقد بينا في الفتوى رقم: 113285. ماهية النفقة الواجبة على الزوج.
واعلم أنك إن ظلمت زوجتك أو حرمتها من حقوقها التي كفلتها لها الشريعة فأنت آثم مؤاخذ بذلك عند الله جل وعلا، ولا يعفيك من المؤاخذة والتبعة طاعتك لأمك؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1430(13/6768)
إحراج الزوجة بشكواها إلى أهلها دون مبرر أو فائدة من سوء العشرة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي ظلمني في أمور خاصة بي- والله على ما أقول شهيد - وأنا أريد أن أحل الأمر بيني وبينه. كلما ضاقت الأمور بيننا يذهب ويشكوني لأمي - رغم خطئه - للأمانة أمام الله أنا أكون عصبية معه، ولكن أقسم بالله العظيم لا أنتقل إلى الحديث بعصبية إلا بعد أن يؤذيني بتجاهل مطلبي وتسفيه شكواي. المشكلة أن شكواه لأمي لا تفيد لأنني لا أريد أن أفضح أمورا خاصة بيننا، وقد يؤذي صورته أمام أهلي الحديث عنها، وهو يضعني في حرج شديد - أصلح الله حالنا - تهديده بشكواي لأمي يؤذيني، لأنني لا أريد لأي من خارج بيتنا أن يطلع على أمورنا الخاصة، وأدعو الله في كل وقت أن يهديه للحق ويرزقه اتباعه. هل يجوز له شرعا الشكوى أو أن يستخدم التهديد بالشكوى كوسيلة للضغط، خاصة وأن حل هذه المشكلة تحت ستر الله سهل، وممكن بيننا وبدون تدخل. أفيدونا؟ وادعوا لنا بصلاح الحال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعلاقة بين الزوجين ينبغي أن تقوم على المودة وحسن العشرة والتفاهم، لكنّ ذلك يحتاج إلى الصبر وإلى التغافل عن بعض الأمور، والنظر إلى الجوانب الطيبة في أخلاق الطرف الآخر، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِىَ مِنْهَا آخَرَ. صحيح مسلم.
والأصل أن يعالج الزوجان الخلاف بينهما دون تدخل أحد، لكن إذا لم يمكن التفاهم بينهما، فينبغي تدخل من يشير برأي أو يصلح بينهما.
فإذا كان زوجك يشكو لأمّك عند تعذّر التفاهم بينكما، فلا حرج عليه في ذلك، وأمّا إذا كان يفعل ذلك ويهدّدك به دون حاجة إليه، مع تضرّرك به، ففعله لا ينبغي لأنّه من سوء العشرة.
وعلى كل حال ينبغي أن تحرصي على تجنّب أسباب الخلاف بينكما، وأن يكون الحوار بينكما بأدب ولطف، مع مراعاة عدم التقصير في حقّه، فإن حقّ الزوج عظيم، مع الاستعانة بالله وكثرة دعائه، نسأل الله أن يصلح أحوالكما ويديم بينكما الألفة والمودة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1430(13/6769)
حد الضرورة التي تبيح للزوجة الخروج من بيت زوجها بدون إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد إثم على الزوجة التي تترك بيت زوجها بعد أن يتكرر طردها منه في أي مشكلة، مع العلم بأن الزوج عصبي جدا ويتمادى مع زوجته بالسب والإهانة، ودائما يجد مبررات لأفعاله ولم يمض على زواجهم أكثر من ستة أشهر، حتى والداه يرون أنه شديد القسوة مع الزوجة ويغلطونه في تصرفاته، مع العلم أنه قاس معهم أيضا، ويبرر ذلك دائما بشتى الأسباب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على كلا الزوجين تقوى الله تعالى، وأن يؤدي كل منهما ما عليه من الحق، عالما أنه مسؤول بين يدي الله عز وجل، وليعلم أن الواجب على الزوج عشرة زوجته بالمعروف امتثالا لقوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ. {النساء: 19} . فلا يجوز له أن يؤذيها أو يهينها بالسب ونحوه، وليس له أن يطردها من البيت أو يخرجها منه.
وعلى هذا الزوج أن يترك القسوة والغلظة، وأن يعلم أن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، فينبغي مناصحته وتذكيره بتقوى الله تعالى ورعاية حق الزوجة، وترك العنف والقسوة مع الناس عموما ومع الزوجة خصوصا، ومع الوالدين بأخص الخصوص، وعلى هذه الزوجة أن تصبر ما دامت في عصمة هذا الزوج، وتؤدي الذي عليها وتسأل الله الذي لها، وتجتهد في الدعاء لهذا الزوج أن يشرح الله صدره ويهديه للتي هي أقوم، ولا يجوز لها الخروج من بيته إلا بإذنه، إلا إن خرجت لضرورة، كأن كانت تخرج لتتظلم منه إلى وليها أو القاضي لينصفها ويأتيها بحقها، فيجوز لها الخروج بغير إذنه والحال هذه، كما بيّنّا ذلك في الفتوى رقم: 95195.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1430(13/6770)
للزوجة الحق في مقاضاة زوجها إذا أذاها بدنيا أونفسيا
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم معاملة الزوج بخشونة وظلمه وعدم تودده إلي؟ فهو يضربني عندما أبصره بأخطاء يفعلها في حقي وفي حق الآخرين، أوعدم فعلى لأشياء يطلبها مني تضر بي من الناحية النفسية، إذا فعلتها كالذهاب إلى أهله والمكوث عندهم بضعة أيام؟ مع العلم أنهم يتذمرون مني، ويحققون معي في أسباب الخلافات بيني وبين زوجي، ويشوهون صورتي أمام الناس، وكذلك زوجي يصور للناس أني مريضة نفسيا، وأنا الآن حائرة في كيفية التعامل معهم ومع زوجي، فهم يفعلون كل ذلك لكي يرغموني على الطلاق. مع العلم أنه تعسرت كل سبل الطلاق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل المتقرر أن الزوج له كمال التوقير والاحترام لما له من عظيم حق على زوجته، وقد بينا هذا في الفتويين رقم: 11245، 29957.
ولكن هذا لا يسوغ للزوج الاعتداء على زوجته بأي وجه، فلا يجوز له أن يضربها دون وجه حق، ولا أن يسبها، ولا ما دون ذلك من وجوه الاعتداء، ولا يجوز له أيضا أن يجبرها على ما فيه إضرار بها، ومن ذلك إجبارها على الإقامة في بيت أهله خصوصا إذا ثبت إيذاؤهم لها.
فإن فعل هذا فهو آثم مخالف لأمر الله سبحانه حيث أمره بمعاشرة زوجته بالمعروف قال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19} . ويجوز للزوجة حينئذ أن ترد عليه ظلمه، ولو بأسلوب غليظ إذا علمت أن ذلك سيردعه.
ولكنا لا ننصح بمثل ذلك لأن هذا سيزيد الأمور اشتعالا، ويدخل الطرفان في سلسلة من الفعل ورد الفعل لا تنتهي – في الغالب – إلا إلى مزيد من الشقاق والشر، بالإضافة إلى ما سيمثله هذا من جو متوتر مشحون يؤثر سلبا على الأولاد وعلى تربيتهم، والشيطان أحرص ما يكون على استغلال هذه الهنات حتى يقود الأسرة إلى مواطن الهلاك.
وقد جعل الشرع للزوجة مخرجا من ظلم زوجها فعليها أن تسلك الطرق الشرعية لدفع ظلمه، فيجوز لها مثلا أن ترفع الأمر للقضاء ليردعه عن ظلمه، بل وللقاضي أن يؤدبه زيادة على ذلك، ويجوز لها أن تطلب منه الطلاق، قال الدردير في الشرح الكبير: ولها أي للزوجة التطليق بالضرر وهو ما لا يجوز شرعا كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك وسبها وسب أبيها، نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت الملعون، كما يقع كثيرا من رعاع الناس، ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق، كما هو ظاهر وكوطئها في دبرها. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1430(13/6771)
موقف الأهل من خيانة زوجة ابنهم له وسكوته عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ زوجته تخونه منذ 14 عاما، ولا يصدق عليها شيئا؛ لأنها تصنع له سحرا وعمولات، وكثيرا ما نلاحظ الرجال يخرجون من بيته وهو مسافر ليلا وفجرا، وحذرناه، حذره والده وقاطعه مرارا وتكرارا، وحذره جميع إخوانه وأصدقائه، ولكنه لا يصدق حتى استطعنا مصادفة أن نجد تسجيلات بصوتها المعروف مع أحد عشاقها وهي تزني بكلامها معه، وتقول ألفاظ يصعب سماعها وأسمعناها له، فاعترف أنه صوت امرأته وأسمعها إياه فأنكرت صوتها، ولما سمعه إخوتها قالوا صوتها فاعترفت، ثم قالت إنه كان مزاحا وصدقها زوجها، ثم من ضغط والده عليه وأهل العلم في القرية قال افعلوا ما ترونه فأتينا بالمأذون فبكت له، وساقت عليه صاحبتها الدجالة فأقسم أنه لن يطلق، علما بأنه جارنا في البيت وبيته ملك لوالدي. فما حكم الشرع تجاهه علما بأنه يحبنا جدا، ولكنه إما مسحور وإما ديوث جدا، وقد أقسم الوالد أن يبيع بيته ويمشي في الأرض من جراء ولده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان أخوكم مسحورا مغلوبا على أمره بسبب السحر، فينبغي السعي في علاجه بالرقية الشرعية، كما ينبغي السعي في هدايته وهداية زوجه بالحكمة، والسعي قدر المستطاع في منع الأجانب من دخول بيت أخيكم.
ثم إن هذا الفساد الذي تزعمون يحتاج لبذل الأسباب لانتزاعه من أصوله، ومن أنفع ذلك أن تفقهوا أخاكم في مسؤوليته عن هداية أهله فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ. {التحريم:6} .
قال علي رضي الله عنه في تفسير هذه الآية: علموهم وأدبوهم. رواه الطبري في تفسيره.
وقال مجاهد: علموهم ما ينجون به من النار.
فننصحكم جميعا بأن يوفر كل واحد في بيته التغذية الإيمانية للقلوب كما يوفر التغذية والمأكولات للبطون، فليكن عند كل واحد وجبة يومية من الترغيب والترهيب بنصوص الوحي الثابتة حتى تنقمع النفوس عن المعاصي والشهوات طائعة لله تعالى، فإذا طبق هذا وتابت الزوجة مما تتهم به فلا حرج في إمساكها، فإن أصرت على الفجور فالأولى بأخيكم أن يفارقها. وراجع الفتاوى التالية أرقامها للاطلاع على البسط فيما ذكرنا: 61445، 25475، 36189، 105390، 80694، 63250.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1430(13/6772)
الصبر وحل الخلافات إن أمكن خير من الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[لا تتصوّر فرحتي لأنّني استطعت مراسلتكم حتى أطلعكم على مشكلتي وتفيدونني.
أنا فتاة تونسيّة ارتديت الحجاب وعمري 19 سنة، درست في مجال الهندسة وتخرجت مهندسة في مجال الإعلام، كان كلّ همّي أثناء دراستي أن أخدم ديني، وحتى المشاريع التي أقوم بها نيتي فيها أن أخدم الإسلام.
كنت أصغر من تحجّب في وسطي العائلي، وشيئا فشيئا كثر عدد المحجّبات والحمد لله.
المهمّ كان كلّ أملي أن أكون امرأة صالحة، كنت أقوم الليل، وأتحرّى الصّحبة الصّالحة. لديّ عيوبي من بينها العصبيّة، ولكنّي لا أحمل حقدا وأعود لصوابي.
تقدّم لخطبتي شبّان، ولكنّي كنت أبحث عن ذي الخلق والدّين، لا يهمّني إن كان يمتلك سيارة أو منزلا المهمّ هو الخلق والدّين.
في سنة التخرّج تقدّم لخطبتي شابّ أكبر منّي بـ 3 سنوات، وصدفة كان قد درس في نفس كليّتي، وهو مهندس في الإعلام أيضا، تعرّفنا على بعضنا، وتراسلنا بالانترنت حتى لا يراني ولا يسمع صوتي، ويكون الحوار خاليا من الفتن، ثم أتى إلى منزلنا، الملخّص: أنّه حصل التوافق وتمّ الزّواج، وحرصنا أثناء الخطوبة على الابتعاد عن الفتن وتم الزواج دون اختلاط، أنا كنت قد بيّنت له في حوار أنّني أحبّ أن أكون زوجة صالحة، ويمكن أن أجلس في البيت لإرضاء زوجي وتلبية رغباته، وهو أكد لي أنني يمكن أن أشتغل في البيت في مجال البرمجة، وبعد الزواج تحديت عائلتي وجميع من أعرف، وجلست في المنزل رغبة مني في الابتعاد عن كل ما يقلق زوجي.
أنا عندما تزوّجت لم أكن أعرف شيئا عن شؤون المنزل، وهو كان يعرف هذا قبل الزواج، ولكنه كان يظن أني سرعان ما سوف أتعلم وأصبح كما يريد، وكان لا يحتمل أن يراني أخطئ، وكانت مرحلة صعبة علي وحصلت العديد من المشاكل.
المهمّ جلست في البيت لتلبية رغبته، ولم أستطع التوفيق بين المنزل والعمل في البيت في مجال البرمجة، فهو يرفض أن يأتي لي بعاملة تساعدني في شؤون البيت، ومع دقة ملاحظته وتدخله في كل كبيرة وصغيرة، أصبحت أشعر بالملل، وليست لي حتى رغبة في القيام بأي شيء.
المشكلة أنّني الآن وبعد عام من الزّواج، أصبحت لا أطيق الجلوس في البيت، مع العلم أنّ زوجي يسيء معاملتي أحيانا، ويصيح لأتفه الأسباب، وأنا أحسّ بالعصبية والحزن الشديدين؛ لأنني كنت أتوسّم فيه الخير، ولكنّ طباعه صعبة جدّا، وفي أي شيء له ملاحظة، وأحيانا كثيرة أوقظه لصلاة الفجر ولا يستيقظ، فأزيد توتّرا وصل به الأمر إلى ضربي لأنّني في بعض الأحيان أفقد أعصابي، وأقول له كرهتك مثلا، أو لم أعد أطيق الحياة معك.
منذ أن تزوّجنا ونحن نعاني من المشاكل، وأنا أصبحت أحسّ بضغوط عديدة نتيجة جلوسي في البيت وطباعه الحادّة، ثمّ إنّي كافحت منذ زواجي لإقناع أهلي ببقائي في البيت، فهم غير راضين. أنا كنت متفوّقة في دراستي، أنا في هذه الفترة حامل، والمشاكل كالعادة موجودة، فهو لا يحاول حتى مراعاة مشاعري أو تقدير ظروفي، بل إنّه إذا رأى أيّ عيب لا بدّ من أن يبدي ملاحظاته التي لم أعد أطيقها، طلبت منه الإذن وأنا الآن في منزل أهلي ويعرف أني مريضة، لم يكلف نفسه حتى ليسأل عني عندما هاتفته، وقلت له لماذا لا تسأل عنّي؟ قال لي انتظرت أن تهاتفيني أنتِ.
جرحني بكثير من العبارات، وتحملت حدّة طباعه وتعاليقه الفارغة التي لا تمسّ لأمور الدين بطرف. أظنّ أنّ جلوسي في البيت قد زاد الأمر تعقيدا لأنني لم أعد أحتمل.
هل إني إذا خرجت للعمل مع العلم أنه ليس لدينا عمل غير مختلط، وأن زوجي يمكن أن لا يرضى عن خروجي للعمل أكون آثمة؟ أو أن أطلب الطلاق. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... أرجوكم دلوني على حل أنا أحس أني لا أستطيع مواصلة حياتي هكذا، ومنذ الزواج لم أحقق أي هدف من أهدافي التي كنت أطمح لها، سوى أني أدرس علم التجويد سنة أولى، ولكني لم أجد ما كنت أنتظر من زوجي. مع العلم أني أطيعه في كل شيء غير أني أحيانا أحس أني لم أعد أستطيع التحمل، وتكثر حولي الضغوطات فأصيح في وجهه، وهنا تحصل الكارثة فهو لا يقبل ذلك أبدا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يعافيك في دينك ودنياك، وأن يجمع بينك وبين زوجك على خير، وأن يصلح بالكم.
أما بالنسبة لخروجك للعمل بغير إذن زوجك فلا يجوز، جاء في الموسوعة الفقهية: للمرأة الحق في العمل بشرط إذن الزوج للخروج.. ويسقط حقه في الإذن إذا امتنع عن الإنفاق عليها. اهـ.
وفيها أيضا: إذا كانت المرأة متزوجة فإنها ترتبط في خروجها من المنزل بإذن زوجها لأن حق الزوج واجب، فلا يجوز تركه بما ليس بواجب، وخروج الزوجة من غير إذن زوجها يجعلها ناشزا، ويسقط حقها في النفقة في الجملة اهـ.
وقد سبق بيان ذلك وكلام أهل العلم فيه، في الفتويين رقم: 38490،ورقم: 34629.
ثم إن الأصل في عمل المرأة في مكان يختلط فيه الرجال بالنساء هو المنع، إلا إذا دعت الضرورة لذلك، ولم تجد المرأة وسيلة للنفقة على نفسها وأولادها أوأبويها غيره، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 3859، 65401، 20388، 22513.
أما بالنسبة لطلب الطلاق فننصحك باستبعاد هذه الفكرة، والاجتهاد في إصلاح حال زوجك بالصبر والحكمة والرفق واللين، واعلمي ـ أختي الكريمة ـ أن الطلاق في أكثر الأحيان لا يأتي بخير، ولا يحصل منه نفع، خاصة وأنت حامل، ومن حق هذا الطفل أن يرعاه والداه في رباط أسري متين ومطمئن، فحاولي التغلب على ما يعرض لك من إشكالات حسية أو معنوية مع زوجك، وذلك برد الإساءة بالحسنى والصبرالجميل، وتدبري قول الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {فصلت:34-36} .
ولا تنسي قوله سبحانه: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216} . وقوله عز وجل: فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً {النساء: 19} . فكم من امرأة صبرت على أذى زوجها فبدل الله حاله إلى أحسن حال، ورزقها منه الذرية الطيبة الصالحة.
ثم إمن المعلوم أن كل إنسان فيه شيء من العيوب، فابدئي أنت بنفسك وأصلحي ما فيها من عيوب بقدر طاقتك، فإن ذلك سيعينك على إصلاح زوجك إن شاء الله.
وقد سبق لنا بيان الطريقة الشرعية لحل الخلاف بين الزوجين، وتقديم بعض النصائح للزوجة قبل اللجوء للطلاق، في الفتويين رقم: 5291، ورقم: 55872. كما سبق أن بينا الحالات التي يشرع للمرأة فيها أن تطلب الطلاق في الفتوى رقم: 37112.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1430(13/6773)
الأخذ بالأسباب لا يتنافى مع الإيمان بالقدر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عمري 35، متزوجة من سنة ونصف، وأعيش مع زوجي وأهله وهم: والده، ووالدته، وأخوه، وأخته، هو طيب جدا معي ويحبني ويوفر لي كل ما أطلب، ولكنه قبل الزواج وعدني بأن وجودي معهم لن يتجاوز شهرين أو ثلاثة، وعلى اعتقاد أن مصاريف السكن والمعيشة مقسمة على الكل، ولكن مع الأيام علمت أنه هو من يصرف على البيت والإيجار، وطلبت أن يفي بوعده ويكون لي بيتي، لأني غير مرتاحة في العيش معهم لوجود مشاحنات من الاحتكاك والعشرة، لكنه رفض التخلي عنهم بدافع البر بأهله. وسؤالي: هل هذا صواب؟ خاصة وأنه بذلك يهمل حقي وحق نفسه في أهم الأشياء وهى: أولا: عدم اهتمامه بالإنجاب، وعدم السعي والإنفاق على ذلك من تحاليل ووسائل تساعد عليه رغم إلحاحي عليه لكبري في السن، ويقول هو رزق من الله، وأنا أعلم أنه رزق من الله، ولكني أحس أنه تواكل منه لأنه لم يأخذ بالأسباب ويعمل ما عليه. وثانيا: توفير المسكن لي لأني وإلى الآن وبعد حوالي السنتين ليست لي شقة زوجية؛ لأن كل اهتمامه بالمسؤولية ناحية عائلته، مع العلم أن كلا من والدته ووالده يملكون مالا في البنك، ولكنه يصر على عدم طلبه منهم للإنفاق منه، ويتكفل هو بذلك ويقول إن هذا واجبه تجاههم. أرجو الرد هل هذا صواب ومن الإنصاف؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق المرأة على زوجها أن يوفر لها مسكناً مستقلاً مناسباً لها، على قدر استطاعته، لا تتعرض فيه لضرر أو حرج، لقول الله تعالى في حق المطلقات: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ. {الطلاق: 6} . ولا يجب عليها أن تسكن مع والديه بحيث يحصل لها ضرر من ذلك.
فإن كنت قد اشترطت عليه ذلك قبل الزواج، فإن الأمر يزداد تأكيدا، لأنه يجب على الزوج الوفاء بما اشترطه، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج. متفق عليه. وانظري لمزيد الفائدة الفتاوى التالية أرقام ها: 6418، 116681، 21483.
وإن كانت مرافق هذا البيت مشتركة، لم يجز لك الإقامة فيه؛ لما قد تؤدي إليه من منكرات، كاختلاطك مع أخيه وتكشفك أمامه، وربما خلوت به أحيانا. وانظري الفتويين: 2069، 53584.
لكل ما سبق يجب ويتأكد على الزوج توفير مسكن خاص بك.
وهو ليس مصيبا في احتجاجه ببره بأهله، إذ لا تنافي بين بر الأهل وإسكان الزوجة وحدها، وليس ذلك من العقوق في شيء.
إلا أن عليك أن تعيني زوجك على بر أبويه والعناية بهما، فإن ذلك من تمام برك بزوجك، وقد لا يتأتى له ذلك إذا انتقل بك إلى مسكن آخر، وحينئذ يكون في تنازلك عن بعض حقك من أجل ذلك أجر عظيم إن شاء الله.
وإن من أعظم الوسائل لتفادي الخلافات الاجتماعية ونزع فتيل التوتر والحساسية معاملة الناس بالفضل لا بالعدل، وليس ذلك محتما عليك، لكنه مقام عال في الأخلاق لا يناله كل أحد فنرجو أن تناليه بفضل الله وتوفيقه.
كما أن شريعتنا تعطي كل ذي حق حقه، وتأبى الظلم، فهي مع ذلك تحضنا على العفو والصفح والتسامح. قال تعالى: وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. {البقرة:237} .
قال تعالى: ول يَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. {النور:22} .
وقال تعالى في وصف المتقين: الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ الْمُحْسِنِينَ. {آل عمران:134} .
وقال سبحانه: وعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا. {لفرقان:63} . وقال جل وعلا: ُخذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين. َ {الأعراف:199} .
وقال: وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ. {الشورى:43} .
وقال: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ. {فصلت:34، 35} .
وإذا كان هذا مندوبا إليه مع عموم الناس فهو مع أقارب الزوج أولى بالندب.
وأما إنفاقه على أهله، فما داموا غير محتاجين، فإنفاقه عليهم مستحب وليس واجبا، أما إن كانوا محتاجين، وكان موسرا يستطيع الإنفاق عليهم بما لا يخل بنفقته على زوجه وولده، فحينئذ تجب نفقته عليهم.
وانظري الفتويين: 70923، 121134.
وأما بالنسبة للإنجاب فلا شك في أن حصول النسل من أهم مقاصد الزواج، والإسلام يدعو إلى التناسل والتكاثر، ففي الحديث الشريف: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة. رواه ال نسائي وأبو داود، وصححه الألباني.
وإذا كان الأمر كذلك، فإننا لا نقول بوجوب أخذ زوجك بوسائل الإنجاب، ولكن نقول إنه ينبغي له ذلك ما دام ممكنا، ولا يترتب عليه شيء من المحاذير الشرعية. وانظري للفائدة الفتويين: 102445، 41671.
وكون الأولاد رزقا من عند الله لا يتنافى مع الأخذ بوسائل الإنجاب المشروعة، وحكم ذلك كحكم الأخذ بسائر الأسباب المشروعة لنيل ما قدره الله، فإن الله جل وعلا قد ربط بين الأسباب والمسببات. وانظري الفتويين: 57380، 17431.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1430(13/6774)
مدى مسؤولية الزوجة عن أخوات زوجها بعد وفاته
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تساعدوني برد على هذا السؤال. هل الزوجة مسؤولة عن أخوات زوجه بعد وفاته. لكم جزيل الشكر، وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزوجة غير مسؤولة عن أخوات زوجها مطلقا لا في حياته ولا بعد وفاته، فلا تجب عليها تجاههم نفقة ولا غيرها، وإن تطوعت بما ينفعهم من إعانة أو نفقة أو غير ذلك فهي مأجورة إن شاء الله؛ لقوله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ {الزلزلة: 7-8}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1430(13/6775)
حكم قيام الزوجة بخدمة شقيق زوجها المعاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكريم أريد أن تفيدوني؛ إنني في أحد الأيام كنت أتكلم مع أم زوجي رحمها الله في دردشة، وقلت لها بعد موتك سأبقي ابنك عندي، وكانت ومع رغم هذا كانت دائما خائفة لعلها تعرف كل أحد من أبنائها وكونهم ترعرعوا في بلد غير مسلم ليس لهم ذلك الحنان، وجاءت الأقدار وليلة موتها في الحج تكلمت مع أحد الأشخاص الذين ذهبت معهم أنها ليست مرتاحة من طرف ابنها المريض (لديه تأخر في النمو العقلي وداء السكر) وأجابتها إحداهم لقد قالت لك زوجة ابنك إنها ستقوم به عند موتك والتي هي أنا فأجابتها أم زوجي رحمها الله: ليس بالشيء السهل عليها، لا تستطيع وحدها، وماتت بدون سابق إنذار اليوم التالي بعد أدائها صلاة المغرب من يوم الجمعة. وأنا عند كلامي، ولكن أريد أن أستفسر من حضرتكم هل لي أن أطلب من أخيه المتزوج وأخواته البنات أن يساعدوني فيه أي يأخذوه عندهم في العطل المدرسية والأسبوعية والصيفية كون له أخت مدرسة، ويمكنها أن تساعدني حتى في الأيام الأسبوع؛ لأنها تعمل فترة الصباح فقط، ولديها ولد واحد عمره 15 سنة، مع العلم أن لدي ثلاثة أطفال أكبرهم أربع سنوات ونصف، وأصغرهم 8 أشهر، بما أنه يقيم عندي طوال السنة هل يعد هذا إخلال بالكلمة، فإن هذه المساعدة تمكنني من أن لا أكره من خدمته، وأريد أن أقول لكم إنه بعد موت المرحومة قال إخوته سوف تكون هناك مساعدة بيني وبين زوجة أخي زوجي المتزوج، ففي الأول قلت لا اريد هذه المساعدة سوف يبقى عندي، فقالت إحداهما حتى أخوه لديه الحق أن يأخذه عنده، ونحن نأخذه كذلك عندما نريد في العطل، ولكن زوجة أخي زوجي قالت: لا أريده وأصبحت أنا وحدي التي أقيم به، مع العلم أنه منذ وفاة حماتي سنة ونصف أخذوه في العام الماضي مدة 10 أيام، وهذه السنة 10 كذالك. هل يجب علي أن أتحمل مسؤوليته وحدي فقط؟ أم يقسموا معي هذا العمل؟ وهل يدخل هذا في إجباري أن أقوم به وحدي؟ وهل الله عز وجل يحاسبني عندما في بعض الأحيان أتعب منه وأتقلق وأتكلم مع نفسي بأشياء كقولي عندما يموت سرف أرتاح، هل هذا يعد من حديث النفس أو وسوسة الشيطان؟ مع العلم بعد قولي هذا أستغفر ربي وأتوب إليه. وهل علي ذنب؟ وأريد جوابا مفهوما صريحا من فضلكم لأنني بحاجة ماسة إلى هذا الجواب؛ لأن ضميري غير مرتاح، وكوني أريد الالتزام في ديني بشكل صحيح أن أكون مع ربي صافية القلب إن شاء تعالى. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 121995، الحدود الشرعية لتعامل المرأة مع شقيق زوجها المعاق، فعليك بمراجعتها للفائدة.
واعلمي أن الصبر على ما تجدينه من تعب وضيق جراء قيامك بمصالح هذا المريض من أعظم الأعمال الصالحات التي تتقربين بها إلى الله جل وعلا. ولك إن شاء الله عظيم الأجر وجزيل الثواب على ذلك، بل ستجدين بإذن الله ثمرة هذا في الدنيا من معونة الله لك، ولطفه بك وإصلاحه لذريتك، ففي صحيح مسلم وغيره أن رسول الله قال: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
ولا مانع من أن تستعيني على خدمته ببعض أخواته، فهن في الحقيقة أولى برعايته منك؛ لأنهن من محارمه، وهذا ما يفهم من كلام أهل العلم حين ذكروا أن المجنون لا يزوج إلا لحاجة، ومن حاجته أن يحتاج إلى الخدمة، ولا يوجد في محارمه من يقوم بها. جاء في روضة الطالبين للنووي: أو بأن يحتاج المجنون إلى من يخدمه ويتعهده ولا يجد في محارمه من يحصل هذا. انتهى.
فالذي نراه تفاديا لما تجدين من ضيق وتعب جراء انفرادك بخدمته أن تتعاوني مع أخواته للقيام بمصالحه، وقد يكون من الأفضل أن تكون إقامته مقسمة بينكن جميعا، ولا يعد هذا من إخلاف وعدك مع أمه، مع التنبيه على أن الوعد لا يجب الوفاء به أصلا، وإنما يستحب على الراجح من كلام أهل العلم، كما بيناه في الفتوى رقم: 17057.
وأما ما تجدين في نفسك من ضيق يحملك في بعض الأوقات على الضجر منه وتمني الموت له، فهذا لا يضرك إن شاء الله، ما دمت تندمين عليه بعد ذلك، وتستغفرين الله منه، بشرط أن يبقى الأمر في حيز حديث النفس وخواطرها، ولا يتعدى ذلك إلى أفعال الجوارح بإيذائه بقول أو فعل، فإن الله سبحانه قد تجاوز لهذه الأمة عن حديث النفس ما لم تتكلم أو تعمل، روى البخاري في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1430(13/6776)
يجبرها زوجها على زيارة أخته والسفر معها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يجبرني على زيارة أخته أسبوعياً في يوم محدد من الأسبوع, ويطالبني برفض أي دعوة أو زيارة واجب لو كانت في نفس هذا اليوم حتى ولو كنت مدعوة من قبل إحدى أخواتي, فهو يطالبني بتقديم زيارة أخته على أهلي. فما الحكم الشرعي في ذلك؟ وهل له أيضاً أن يلزمني بالسفر مع أخته علماً بأنه كثيراً ما يحصل سوء تفاهم بيني وبينها مما يؤدي لحدوث المشاكل بيني وبينه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من حقّ زوجك أن يجبرك على زيارة أخته كل أسبوع، وإذا كنت تتضررين بزيارتها فلا يجب عليك طاعته في ذلك، فإنّ الطاعة في المعروف، وانظري الفتوى رقم: 97514.
وأمّا إلزامه لك بالسفر مع أخته، فإن كان سفرك معها وحدها فهو غير جائز، لأنّ المرأة يحرم عليها السفر بدون محرم، وانظري الفتوى رقم: 6219.
وأمّا إذا كان زوجك يسافر معك ويصطحب أخته في هذا السفر فالواجب عليك طاعته ما لم يكن عليك ضرر في السفر.
وينبغي للزوجين أن يحرصا على المعاشرة بالمعروف ومراعاة كل منهما لظروف الآخر، ولا بدّ من الصبر والتغاضي عن بعض الأمور حتى تتحقّق المودة بينهما.
واعلمي أنّ من محاسن أخلاق الزوجة وطيب عشرتها لزوجها، إحسانها إلى أهله وتجاوزها عن زلّاتهم، وإعانته على بر والديه وصلة رحمه، وذلك من حسن الخلق الذي يثقّل الموازين يوم القيامة، كما أنه مما يزيد من محبة الزوج واحترامه لزوجته.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 60257.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1430(13/6777)
لا يستطيع إحضار زوجته إليه وحاول الرجوع إليها ببلده فمنع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما القول في السفر الى الخارج، وترك الزوجة لمدة سنة ونصف، مع العلم أنني حاولت الرجوع ولكني منعت من السلطات المصرية فى مطار القاهرة، وعدت أدراجي إلى الولايات المتحدة. معي إقامة لكني لا أستطيع أن أجلب زوجتي إلي على الجواز الأمريكي- زوجتي في غزة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مراد السائل الكريم السؤال عن المدة التي يجوز للزوج أن يغيب فيها عن زوجته، فقد سبق أن بينا أن من حق الزوجة على زوجها ألا يغيب عنها أكثر من ستة أشهر، وليس له أن يغيب عنها أكثر من ذلك إلا بإذنها. وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 10254، 9035، 32062.
وإن كان مراده السؤال عن الوسائل التي بها يمكن أن يتصبر هو زوجته على فترة السفر فيمكن مراجعة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 29026، 22083، 25370، 44467.
وأما إن كان مراده السؤال عن ما ينبغي فعله حيال هذه الحال المؤلمة، فاعلم أخي الكريم أن الصبر معول المؤمن، وأن مع العسر يسرا، وعليك بتكرار محاولة الرجوع لزوجتك أو أخذها معك إن كنت تعيش في مكان يمكنك فيه أن تقيم شعائر دينك وتأمن فيه على نفسك وأهلك. ونسأل الله تعالى أن يفرج كربك وكربات المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1430(13/6778)
حكم طلب الطلاق لكون الزوج يمنع زوجته من خدمة أمها طريحة الفراش
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يمنع زوجته من زيارة والدتها، وهي امرأة طريحة الفراش، لا تستطيع الاعتماد على نفسها حتى في قضاء الحاجة، وهي محتاجة إلى عناية لازمة ومستعجلة، وليس من أبنائها من يقوم بذلك، فهل تطيع زوجها أم تغيث أمها؟ مع العلم أن هذه المرأة تعيش هذا الوضع مع زوجها منذ أكثر من 30 سنة، وهي صابرة لأن والديها كان بإمكانهما الاعتناء بنفسيهما، أما الآن وقد عجزا لا تستطيع الصبر على ذلك، فهل يجوز لها سؤال زوجها الطلاق من أجل هذا الأمر؟
أفيدونا في هذه المسألة أثابكم الله تعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوج أن يمنع زوجته من زيارة والديها دون سبب معتبر، خصوصا إذا كان والداها في حالة من العجز والمرض، بحيث يحتاجان لخدمتها ورعايتها، فإن الأبناء مسئولون عن رعاية والديهم عند الحاجة، سواء في ذلك الذكور والإناث والمتزوجون وغيرهم، ويتوزع ذلك عليهم بحسب قدرتهم ووسعهم، وامتناع بعضهم عن ما يلزمه لا يسقط الحق عن الباقين، بل يجعله آكد منهم.
فإن أصر زوجك على منعك من زيارة والدتك والقيام بأمورها دون سبب معتبر شرعا، فإنه آثم ويجوز لك حينئذ أن تخرجي لها بدون إذنه. جاء في البحر الرائق لابن نجيم: ولو كان أبوها زمنا مثلا وهو يحتاج إلى خدمتها والزوج يمنعها من تعاهده فعليها أن تعصيه مسلما كان الأب أو كافرا. كذا في فتح القدير. انتهى
ولكن ينبغي أن يكون قيامك بخدمة أمك مقيدا بعدم الإضرار ببيتك وحق زوجك عليك، فإن حق زوجك عليك هو أعظم الحقوق على الإطلاق بعد حق الله سبحانه.
ومن المقترح في هذا المقام أن تتفقي مع إخوتك أن يدفع كل منكم مبلغا معينا من المال مقسما عليكم بحسب حال كل منكم من الغنى واليسار لتوفروا لأمكم خادمة تقوم على شئونها ورعايتها، ثم تتناوبون أنتم على زيارتها والقيام بما تقدرون عليه من خدمتها ومصالحها، فإن امتنع إخوتك عن ذلك فعليك أنت أن تقومي بذلك من مالك، فإن لم يكن لك مال فحينئذ عليك أن تقومي بخدمتها ورعايتها بما لا يتعارض مع حقوق زوجك وبيتك كما سبق.
فإن أصر زوجك على منعك من ذلك، فلا حرج عليك حينئذ في طلب الطلاق منه، بل نص أهل العلم على أنها لو رفعت الأمر إلى القاضي وطلبت الطلاق يأمره برفع الضرر أو بالطلاق. قال خليل: ولها التطليق بالضرر ولو لم تشهد البينة بتكرره. انتهى
ومن المعلوم أن التفريق بين الزوجة وبين أمها المريضة ومنعها من زيارتها وتعاهدها من أعظم الضرر بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1430(13/6779)
خروج المرأة.. رؤية واقعية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلمة أحب الله ورسوله، أؤدي فروضي، وألتزم ديني قدر المستطاع، والدي كان إمام مسجد، ربانا على تعاليم الدين الإسلامي ومن بينها طاعة الزوج وعدم إغضابه، وطاعته في كل شي ليس فيه مخالفة لأوامر الله سبحانه، وتزوجت وسافرت مع زوجي إلى بلده ورزقنا ب5 أطفال، وكل يوم أمني نفسي بأن الغد أحسن من الأمس لكني لم أعد أستطيع أن أتحمل تصرفاته غير المفهومة، فهو لا يفوت فرضا في المسجد لكن في نفس الوقت أراه يسهر على النت إلى الفجر، أراه يكتب على الاسكايب مع بنات أرى من عناوين أسمائهم أنها لا تليق، ولا أريد الاسترسال. ثم يؤذن الفجر فيغلق النت ويذهب إلى الجامع لصلاة الفجر وأحيانا يعود لينام، ولا أخفي على شيخنا الفاضل أنني أتقزز عندما أراه يعود إلي بعد أن اشتهى غيري ووالله إنه فوق طاقتي، ثم إن جميع البنات والنساء معه في العمل أو في أي مكان يعجبن به ويتعلقن به والكثير أحببنه لأنه ذو شخصيه قوية ولطيفة في نفس الوقت، يجيد الكلام جيدا وكما يقولون بياع كلام، إضافة إلى أنه يعمل في مجال السياحة في دائرة حكومية فإن عمله يتيح له التعرف على الكثير من النساء، يتصلن به يسألن عنه وهو أيضا يتصل بهن وبغيرهن، هذا على حدة غير بنات خالاته، وبنت عمه التي أخذها مرة معه في رحلة عندما كنت أنا نفساء بدون علمي وأراد أن يتزوجها لكن الله سبحانه أراد غير ذلك، لأني تركت أمي وأبي وإخوتي ولم أرهم طيلة 12 سنة إلا مرتين، وقد تحملت ظلم أهله لي، علما أن أمه وأباه متوفيان، لكن أخته وأخاه يعلم الله ما لقيت منهما من قهر وذل، وكان دائما يلتمس لهما عذر اليتم وقلة المعرفة، رغم أن أخته أكبر مني بعام وأخاه أكبر مني ب5 سنوات فكنت أحتمل وأحتسب. والآن انتقلنا إلى بيتنا الخاص بعد معاناة، صحيح أنه متكون من غرفتين وأن أخته كل صيف تجيء تصيف معنا هي وزوجها الآن بعد أن تزوجت، لكن المشكلة أنه لا يتركني أتعرف على أحد ولا أخرج من البيت إلا بعد محاولات، وإذا احتاج الأولاد شيئا يشتريه هو وأنا بصراحة تعبت لا عندي أهل أزورهم ولا أهله يزوروني، رغم أني أشهد الله أنهم لم يجدوا مني إلا كل تسامح وكل شيء طيب لكن معاملة زوجي لهم هي التي أبعدتهم أيضا حتى إذا جاء أحد من الجيران يريد شي ما، يريدنا نسلفلهم إلا نادرا، واليوم استأذنته بالذهاب لشراء أغراض ضرورية وبصراحة بشيء من الإلحاح مني قال لي: مثل ما بدك. فأخدت ابني عمره 13 سنة وذهبت ولم أغب سوى ساعتين، ورجعت وجدته غضبان، لماذا ذهبت؟ وقلت: أنت قلت على كيفك قال لي: ولو كان لازم تخبريني بالهاتف وهو عادة لا يحب أن أتصل به على الهاتف لكي لا تنتهي بطاقة التلفون، وحصل نقاش ورفع يده علي وهددني بالضرب أمام أولادي، وأهانني بالكلام، وقال لي أيضا لماذا أترك الأولاد يلعبون وهو نايم رغم أن الوقت كانت الساعة 7 مساء والبيت غرفتين و5 أطفال أصغرهم عامين وأكبرهم 14 سنة، وهو هكذا دائما، حاولت كل الطرق أطبخ الأكل الذي يريده أجمل نفسي وأتعطر، أتكلم معه كلاما حلوا لكنه بالعكس كل ما دللته أهانني أكثر وكأنه يحسني ضعيفة، لكن إذا عندت معه، وتمشكلت معه على حقوقي طبعا، وإذا حاسبته على كل شيء صغير يصير هو يترضاني ويرجع إنسانا حنونا وطيبا وهكذا. لذا أردت سؤال فضيلتكم هل حرام علي إذا قاطعته قليلا وإذا رفعت صوتي، لأنه ليس لدي حل غير هذا أو أني أتركه وأسافر لأهلي ولا أرجع له. أفتوني؟ انصحوني؟ أفيدوني فوالله إن هذه الكلمات خطت بدموعي، والله على ما أقول شهيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يفعله زوجك من علاقاته النسائية هذه عبر النت، ومع زميلاته في العمل، وقريباته الأجنبيات، كل ذلك حرام، وقد بينا حرمته في الفتاوى التالية أرقامها: 80373 , 97907 , 93537.
وبينا في الفتوى رقم: 4489. كيفية تعامل الزوجة مع زوجها الذي له علاقات محرمة مع النساء.
وأما بخصوص العمل في مجال السياحة فنقول: الأصل في هذا العمل في هذه الأزمنة هو المنع نظرا لما يشتمل عليه من منكرات عظيمة، وقد بينا ذلك بالتفصيل في الفتويين رقم: 63133 , 9743 , وبينا في الفتوى رقم: 37192. ضوابط العمل في مجال السياحة.
وأما منع زوجك لك من الخروج من البيت فهذا فيه تفصيل:
فأما منعه لك من الخروج الواجب عليك كزيارة الوالدين، أو المستحق لك كالتظلم لدى القاضي وتعلم علم واجب واستفتاء، والحال أنه لم يكفك في هذا، فهذا غير جائز وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتويين: 117262 , 51896.
وأما منعه لك من الخروج للنزهة ونحوها فقد نص بعض الفقهاء على أن منع الرجل لزوجته من الخروج لمثل هذا لا يعد من الضرر.
جاء في حاشية الصاوي على الشرح الصغير: وليس من الضرر منعها من الحمام والنزاهة. انتهى.
وجاء في الشرح الكبير: لا بمنعها من حمام وفرجة. انتهى. أي فليس هذا من الضرر.
ولكن الراجح أن هذا الكلام ليس هكذا على إطلاقه في كل زمان ومكان, فإن النزهة والترويح على النفس مما تدعو الحاجة إليها خصوصا مع ضيق النفس وكثرة المشكلات والمكدرات, ولعل كلام السادة المالكية على هذا النحو إنما روعي فيه عرف زمانهم فقد كانت المرأة في ذلك الزمان لا تكاد تخرج من البيت. قال ابن العربي: لقد دخلت نيفاً على ألف قرية، فما رأيت نساء أصون عيالاً ولا أعف نساء من نساء نابلس، التي رُمي بها الخليل صلى الله عليه وسلم بالنار، فإني أقمت فيها فما رأيت امرأة في طريق نهاراً إلا يوم الجمعة فإنهن يخرجن إليها حتى يمتلىء المسجد منهن، فإذا قضيت الصلاة وانقلبن إلى منازلهن لم تقع عيني على واحدة منهن إلى الجمعة الأخرى، وقد رأيت بالمسجد الأقصى عفائف ما خرجن من معتكفهن حتى استشهدن فيه. انتهى.
ولكن الحال قد تغير في هذا الزمان ولا حول ولا قوة إلا بالله, فينبغي ألا تمنع المرأة من الخروج مطلقا فإن هذا فتنة لها أيما فتنة, وقد جاء في كتب الشافعية أن النزهة من الأغراض الصحيحة المقصودة أحيانا, وذلك أثناء كلامهم على مسألة قصر الصلاة. فقد جاء في حاشية الجمل على المنهج لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري: وفي شرح شيخنا أنه (التنزه) لو كان لإزالة مرض ونحوه كان غرضا صحيحا. انتهى. ثم ذكر في أثناء الحديث عن مسألة ما لو عدل المسافر عن الطريق القصير إلى الطويل لأجل النزهة قوله: وكذا لو سلك الطويل لمجرد تنزه على الأوجه لأنه غرض مقصود إذ هو إزالة الكدورة النفسية برؤية مستحسن يشغلها عنها ومن ثم لو سافر لأجله قصر أيضا. انتهى.
والحاصل أنا لا نرى جواز منع المرأة من الخروج مطلقا لأنه لم يجر العرف بذلك في هذه الأزمان، ومعلوم أن الله سبحانه قد أمر بمعاشرة النساء بالمعروف، وليس هذا من المعروف.
فعليك أن تناقشي زوجك بشأن هذا وأن تطلبي منه الخروج للنزهة ونحو ذلك مما يلتزم فيه بالآداب الشرعية.
وأما ما كان منه من إذن لك بالخروج ثم غضبه بعد ذلك فهذا فيه تفصيل: فإن كنت قد فهمت من كلامه هذا الإذن ظاهرا وباطنا أعني بقلبه ولسانه فلا حرج عليك حينئذ في الخروج, وليس عليك أن تؤكدي هذا بالهاتف ونحوه خصوصا مع علمك بكراهته للاتصال به.
أما إن كنت قد فهمت من كلامه هذا عدم الإذن أصلا أو أن إذنه باللسان فقط نتيجة إلحاحك وقلبه غير راض عن ذلك فعندئذ تكونين قد أخطأت بخروجك، لأن إذن من له الإذن يشترط فيه الرضا ظاهرا وباطنا, وقد نص العلماء على مثل هذا في إذن الوالدين لولدهما. جاء في الفواكه الدواني: وإذا خرج بإذنهما فالمعتبر منه الإذن باللسان والباطن، فلا يجوز له الخروج بمجرد إذنهما باللسان حتى يكون القلب كذلك. انتهى.
وأما منعه إعارة ما يحتاجه الجيران فلا حرج عليه فيه وإن كان خلاف الأولى، لأن العارية الأصل فيها الندب ولا تجب إلا في أحوال معينة كاستغناء صاحبها عنها واضطرار السائل لها. جاء في البهجة في شرح التحفة: وحكمها (العارية) الندب لأنها معروف وإحسان والله يحب المحسنين، وقد يعرض وجوبها كغنى عنها لمن يخشى هلاكه بعدمها كإبرة لجائفة وفضل طعام أو شراب لمضطر إليه. انتهى. وجاء في الذخيرة: وهي مندوب اليها لقوله تعالى: وافعلوا الخير. انتهى.
وأما بخصوص ما تسألين عنه من هجر زوجك أو زجره برفع الصوت عليه ونحو ذلك، فهذا لا يجوز لأنه مما يتنافى مع حقوق الزوج على زوجته والتي بيناها في الفتويين رقم: 29957 , 112459
وفي النهاية ننصحك بالصبر على أهل زوجك ومعاملتهم بالحسنى، ومقابلة إساءتهم بالإحسان والصفح، واعلمي أن في الصبر على ذلك خيرا عظيما في الدنيا والآخرة, لكن إن لم تتغير أحوالهم معك ولم تطيقي صبرا على أذاهم فلا بأس حينئذ في أن تتقللي من معاملتهم ومخالطتهم حتى تتجنبي شرهم وأذاهم. وقد بينا في الفتوى رقم: 112460 حلولا واقعية لمن تعاني من أذى أهل زوجها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1430(13/6780)
يسن مساعدة الزوج لامرأته في أعمال البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على الزوج مساعدة زوجته في الأعمال المنزلية؟ وأريد دليلا على ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحكم فيما إذا كان على الزوج مساعدة زوجته في الأعمال المنزلية ينبني على اختلاف أهل العلم فيما إذا كان على الزوجة خدمة زوجها أم أن ذلك ليس عليها.
فقد اختلف الفقهاء في وجوب خدمة الزوجة لزوجها، فالذين قالوا بعدم وجوب الخدمة على الزوجة، أوجبوا على الزوج أن يوفّر خادماً لزوجته إذا كانت ممن لا تخدم نفسها.
قال ابن قدامة الحنبلي: فإن كانت المرأة ممن لا تخدم نفسها لكونها من ذوي الأقدار أو مريضة وجب لها خادم. المغني.
وقال الشربيني الشافعي: (وَ) يَجِبُ (عَلَيْهِ لِمَنْ) أَيْ لِزَوْجَةٍ حُرَّةٍ (لا يَلِيقُ بِهَا خِدْمَةُ نَفْسِهَا) بِأَنْ كَانَتْ مِمَّنْ تُخْدَمُ فِي بَيْتِ أَبِيهَا مَثَلا, لِكَوْنِهَا لا يَلِيقُ بِهَا خِدْمَةُ نَفْسِهَا فِي عَادَةِ الْبَلَدِ كَمَنْ يَخْدُمُهَا أَهْلُهَا, أَوْ تُخْدَمُ بِأَمَةٍ, أَوْ بِحُرَّةٍ, أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. مغني المحتاج.
ثم اختلفوا هل يمكن أن يقوم الزوج بالخدمة بنفسه بدلاً من الخادم.
قال الخرشي المالكي: وَيَحْصُلُ إخْدَامُهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَمْلُوكَتِهِ، أَوْ يُنْفِقُ عَلَى خَادِمِهَا أَوْ يُكْرِي لَهَا خَادِمًا. شرح مختصر خليل للخرشي.
وقال ابن قدامة: وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ: أَنَا أَخْدُمُك بِنَفْسِي. لَمْ يَلْزَمْهَا ; لأَنَّهَا تَحْتَشِمُهُ, وَفِيهِ غَضَاضَةٌ عَلَيْهَا, لِكَوْنِ زَوْجِهَا خَادِمًا. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ , أَنَّهُ يَلْزَمُهَا الرِّضَى بِهِ ; لأَنَّ الْكِفَايَةَ تَحْصُلُ بِهِ. المغني.
وأمّا على القول بوجوب خدمة الزوجة لزوجها فلا يجب على الزوج شيء من الخدمة في البيت وهذا القول هو الراجح عندنا، وانظر الفتوى رقم: 13158.
وعلى كلّ حال، فلا شكّ أنّ إعانة الرجل زوجته في أعمال المنزل من إحسان العشرة ومن مكارم الأخلاق التي سنّها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى البخاريّ في صحيحه قال: بَاب خِدْمَةِ الرَّجُلِ فِى أَهْلِهِ - فيه: الأسْوَدِ: أنه سَأَل عَائِشَةَ، مَا كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ فِى الْبَيْتِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِى مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا سَمِعَ الأذَانَ خَرَجَ.
قال المهلّب: هذا من فعله عليه السلام، على سبيل التواضع وليسنَّ لأمته ذلك، فمن السنة أن يمتهن الإنسان نفسه في بيته فيما يحتاج إليه من أمر دنياه وما يعينه على دينه. شرح صحيح البخاري ـ لابن بطال.
وقال السندي: ففيه أن خدمة الدار وأهلها سنّة عباد الله الصالحين. حاشية السندي على صحيح البخارى.
وهذا الأمر كما أنّه من أسباب وجود المودة والرحمة بين الزوجين، فهو أيضاً ممّا يعين الإنسان على تطهير نفسه من الكبر والتجبّر وتعويدها على الرفق والتواضع، وذلك من أنفع الأخلاق التي يحبّها الله ويرفع قدر صاحبها، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ... وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ. رواه مسلم.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 69191.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1430(13/6781)
هل يجب على الزوجة طاعة أم زوجها وأبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من واجب الزوجة طاعة وبر أم وأبي زوجها؟ وإن كان الجواب هو نعم.فهل يكون برهما مطابقا لبر أبويها أي يحتلان نفس المكانة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على الزوجة طاعة أم زوجها ولا أبيه, ولا يجب عليها خدمتهما, وليس عليها أن تبرهما بنفس درجة برها لوالديها, بل عليها أن تحسن معاملتهما وتكرمهما، وتجتنب الإساءة إليهما في القليل والكثير فإن إكرامهما من إكرام الزوج, والإحسان إليهما إحسان إليه, وإن قامت على خدمتهما فهو حسن جميل، ولها بذلك عظيم الأجر من الله سبحانه, فقد كانت فاطمة رضي الله عنها تخدم أم زوجها علي بن أبي طالب، وتساعدها في شؤون البيت، وقد كان علي رضي الله عنه يقسم العمل في البيت بين زوجته وبين أمه، فقد أخرج الطبراني بسنده عن علي قال: قلت لأمي فاطمة بنت أسد بن هاشم اكفي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سقاية الماء والذهاب في الحاجة وتكفيك خدمة الداخل الطحن والعجن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1430(13/6782)
لا تمتنع المرأة من فراش زوجها بدون عذر شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تبلغ من العمر 45، ولديها 10أولاد من أب 6 أولاد و4 بنات، والطفل 11 مات بعد ولادته بيومين. والطبيب نبه عليها ألا تلد بعد هذا الولد لخطورة ذلك على حياتها فبدأت بتناول حبوب منع الحمل لكن هذه الأخيرة سببت لها السكري، والمشكلة أن الوالد متزوج بامرأتين بدل أمي في الحلال طبعا والمرأة الأخيرة مازالت شابة. المهم أمي ماعاد لها رغبة في أن تعطي أبي حقوقه الفراشية خوفا على صحتها ولأن أولادها كبار وبناتها صاروا نسوة فصار خلاف بينهما وأبي ترك البيت وراح عند زوجته الصغرى المهم صائرة فتنة كبيرة في البيت أبي عامل مع أمي سياسة الغذاء مقابل الفراش وصار لأبي أكثر من 6 سنوات وهو تارك البيت. والطلاق في هذا السن أيضا فيه خجل وإحراج لنا، طبعا أمي قد كبرت وتريد الذهاب للحمام المعدني لتعالج نفسها وترغب في الذهاب لكي تخطب لإخوتي، وأبي يرفض بحجة أنه يمنعها نعيم أنها تروح وتتجول وتنبسط فهل يجوز لها أن تسافر بغير إذنه علما أنها كبيرة في السن أو تروح للبيت الحرام مثلا. نريد فتوى صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لأمّك الامتناع من فراش زوجها ما لم يكن لها عذر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح. متفق عليه.
وإذا كان في الحمل خطر على حياتها، فلها أن تستعمل وسيلة من وسائل منع الحمل، ويمكنها استشارة طبيبة لتحديد وسيلة مناسبة لا يكون فيها ضرر عليها.
أمّا امتناعها عن زوجها بحجة أنّ ذلك غير لائق لكون أولادها كبارا، فهذا غير جائز، وما دامت أمّك ممتنعة عن فراش زوجها بدون عذر سائغ فهي ناشز ولا نفقة لها على زوجها.
كما أن خروجها من البيت بغير إذنه لا يجوز إلّا للضرورة، كالعلاج، والحج والعمرة الواجبين، قال ابن قدامة: وجملة ذلك أن المرأة إذا أحرمت بالحج الواجب أو العمرة الواجبة وهي حجة الإسلام وعمرته أو المنذور منهما فليس لزوجها منعها من المضي فيها ولا تحليلها في قول أكثر أهل العلم.
مع التنبيه على أنّ المرأة لا تسافر بدون محرم. وانظري الفتوى رقم: 6219.
وعليكم نصح أمّكم بمعاشرة زوجها بالمعروف وعدم منعه حقّه فيما لا يضرّها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1430(13/6783)
حكم خروج الزوج من البيت إذا اختلف مع امرأته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوج إذا حدث خلاف بينه وبين زوجته أن يترك المنزل حتى يهدأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأولى أن يلجأ الزوجان إلى الحوار والنقاش الهادئ حتى يتجاوزا ما يحدث بينهما من خلاف أو شقاق، وأن يحاول كل طرف أن يسترضي صاحبه حتى ولو كان مظلوما، فبذا تدوم العشرة والمودة بينهما، وتضيق هوة الخلاف والشقاق. قال أبو الدرداء رضي الله عنه لزوجته: إذا رأيتني غضبت فرضني، وإذا رأيتك غضبى رضيتك، وإلا لم نصطحب.
ومع ذلك فلا حرج على الزوج إن هو خاف على نفسه أن يغلبه غضبه وانفعاله فيحدث ما لا تحمد عقباه أن يخرج من البيت إلى أن يسكت عنه الغضب، ثم يرجع ليرضي زوجته أو ترضيه، ففي صحيح البخاري عن سهل بن سعد قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يجد عليا في البيت فقال (أين ابن عمك) . قالت كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج، فلم يقل عندي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان (أنظر أين هو) . فجاء فقال: يا رسول الله هو في المسجد راقد، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول: قم أبا تراب. قم أبا تراب.
وجاء في فتح الباري: قال ابن بطال: وفيه أن أهل الفضل قد يقع بين الكبير منهم وبين زوجته ما طبع عليه البشر من الغضب، وقد يدعوه ذلك إلى الخروج من بيته ولا يعاب عليه. قلت ويحتمل أن يكون سبب خروج علي خشية أن يبدو منه في حالة الغضب ما لا يليق بجناب فاطمة رضي الله عنهما فحسم مادة الكلام بذلك إلى أن تسكن فورة الغضب من كل منهما. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1430(13/6784)
تنازل الزوجين عن حقوقهما الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف لى زميلة تعلقت بها وتعلقت بي، وكنت أريد الزواج منها لولا المرض الذى أصابني مؤخرا، وحاولنا أن نبتعد عن بعضنا حتى لا نغضب الله، ولكن لم نستطع، فاتفقنا على أن نتزوج عرفيا بدون علم الأهل حتى يكون جلوسنا وكلامنا سويا لا يغضب الله. علما بأن الزواج سيكون على يد مأذون مع وجود شاهدين، ولكن بدون توثيق.
وإتماما للسؤال اتفقنا على أن يتنازل كل منا عن الحقوق الناتجة عن هذا الزواج. فما رأي فضيلتكم، هل هذا الزواج صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزواج المرأة بدون وليها باطل كما بيناه في الفتاوى رقم: 66004، 11144، 4832. وعلى ذلك فلا يجوز لك أن تتزوج هذه المرأة دون إذن وليها، وإلا وقع النكاح باطلا. وأما بالنسبة للزواج الشرعي الذي يقع مستوفيا شروطه وأركانه المبينة في الفتوى رقم: 1766. ثم بعد ذلك يتنازل الزوجان عن حقوقهما فيه فلا حرج في ذلك، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 3329.
وفي النهاية ننبهك على أن علاقتك بهذه المرأة وما نتج عنها من تعلق كل منكما بصاحبه حرام. كما بيناه في الفتاوى رقم: 109089، 71506، 3672.
فالواجب على كليكما التوبة إلى الله سبحانه، وقطع هذه العلاقة فورا، وابتعد عن العمل في الأماكن المختلطة فإنها شر وبلاء. وراجع خطر العشق وكيفية علاجه في الفتوى رقم: 9360.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1430(13/6785)
التفريق بين ظلم الزوج وما يمارسه من حقوقه
[السُّؤَالُ]
ـ[كيفية التعامل مع الزوج الظالم الكاذب الذي لا يراعي الله، وهل يجوز الطلاق منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولا إلى أنه ينبغي للزوجة أن تتحقق جيدا قبل اتهام زوجها بالظلم لأن هذه تهمة عظيمة, وكثير من الزوجات يخلطن بين الظلم وبين ما يمارسه الزوج مما هو محض حق له, فمن منع زوجته من الخروج من البيت بغير إذن، أو منعها من لقاء صواحبها وصديقاتها وزيارتهن في بيوتهن، أو منعها من لقاء الأجانب من أقاربها ونحو ذلك، كل هذا ليس من الظلم، وإنما الظلم يكون بالاعتداء عليها بغير حق، كأن يسبها أو يضربها أو يهجرها بلا سبب، أو يمنعها حقها من النفقة أو السكن المستقل أو الكسوة ونحو ذلك, وقد تنبه الفقهاء لمثل هذا ونبهوا عليه.
جاء في الشرح الكبير للدردير: (ولها) أي للزوجة (التطليق) على الزوج (بالضرر) وهو ما لا يجوز شرعا كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك وسبها وسب أبيها نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت الملعون كما يقع كثيرا من رعاع الناس، ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق كما هو ظاهر، وكوطئها في دبرها , لا بمنعها من حمام وفرجة، وتأديبها على ترك صلاة، أو تسر أو تزوج عليها. انتهى.
وجاء في مواهب الجليل لشرح مختصر خليل: قال ابن فرحون في شرح ابن الحاجب: من الضرر قطع كلامه عنها، وتحويل وجهه في الفراش عنها، وإيثار امرأة عليها، وضربها ضربا مؤلما، وليس من الضرر منعها من الحمام والنزاهة، وتأديبها على ترك الصلاة ولا فعل التسري. انتهى.
وجاء في حاشية الصاوي على الشرح الصغير: وليس من الضرر منعها من الحمام والنزاهة، وضربها ضربا غير مبرح على ترك الصلاة ونحوها، بخلاف المبرح كما تقدم. انتهى.
فإن كان زوجك يظلمك على ضوء ما ذكرنا، فإن من حقك طلب الطلاق منه، ولكنا نوصيك بالصبر عليه ومحاولة استصلاحه، ونصحه وتذكيره بما أمره الله به من معاشرتك بالمعروف, ولا ننصحك بالتعجل في طلب الطلاق.
أما بخصوص كذب الزوج، فعليك أن تداومي له النصح بأسلوب لين رفيق، وتذكريه بحرمة الكذب، وأن من كذب مرة فإن ذلك قد يجره إلى اعتياد الكذب، ومن اعتاد الكذب فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير, وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 79970.
ولم نفهم ما تقصدينه من كونه لا يراعي الله، فإن كان قصدك هو ما أجبناعنه فذاك، وإلا فبيني لنا مرادك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1430(13/6786)
هل يجوز للمرأة أن تشكو زوجها وهل ينقص ذلك من أجرها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعاني من مرض الفصام الباروني ويرفض تناول أي علاج. المشكلة لدي أنه يسألني مرارا لمن أشتكي وأجاوبه أن شكواي لله تعالى. وفي الحقيقة أنا أنفس عن مشاكلي وإزعاجاته حيث إن شكوكه تتعلق بي أنا ويعتقد أنني أراقبه وأنوي ضرره، وبالتالي اضطررت للجوء لأخته الكبيرة والمتزوجة هنا في نفس البلد، وهي ملتزمة والحمدلله وهو لا يعلم، وبالتالي هل أتحمل وزرا؟ وهل هذا ينقص من أجر صبري الذي أحتسبه عند الله تعالى؟ وما معنى أن يكون المرء صابرا بينما في مثل حالتي أتمنى إما موتي أو موته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما بخصوص الشكوى للناس من شخص بعينه، فالأصل فيها أنها ممنوعة لما تتضمنه من الغيبة، لأن الشكوى تستلزم ذكر معايب الشخص، وذكر المعايب من الغيبة المحرمة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: الغيبة ذكرك أخاك بما يكره. رواه أبو داود وصححه الألباني.
ولكن يستثنى من ذلك بعض الحالات المذكورة في الفتوى رقم: 6082.
وعلى ذلك، فإن شكواك لأخت زوجك يتوقف الحكم فيها على المقصود من وراء ذلك، فإن كان مقصودك من ذلك أن تقوم بنصحه أو كفه عن بعض أذاه، أو حتى بنصحه بالتداوي من مرضه ونحو ذلك، فلا حرج عليك في ذلك، لأن هذا من المواطن التي تباح فيها الغيبة كما سبق بيانه في الفتوى المحال عليها آنفا، ويمكنك أن تستعملي التورية والمعاريض لإخفاء هذا عن زوجك إذا سألك عمن تشتكين إليه.
أما إذا كانت أخته لا تقدر على شيء من هذا، وكانت شكواك لها لا فائدة من ورائها، فإنه لا يجوز حينئذ خصوصا مع علمك بكراهية زوجك لهذا.
وأما بخصوص نقصان الأجر بسبب الشكوى فنقول: أما الشكوى التي تتضمن التسخط على أقدار الله سبحانه والجزع مما نزل بالمرء فهي ممنوعة محرمة، وأما ما كان على خلاف ذلك كإخبار صديق أو قريب ونحوهما بالحال فلا حرج فيها، وإن كان أجر من كتم هذا أعظم من أجر المشتكي ولا شك، وراجعي الكلام عن الشكوى مفصلا في الفتوى رقم: 28045.
أما بخصوص تمني الموت، فإنه مكروه إذا كان لأجل مصيبة دنيوية، لأنه بخلاف تمني الموت لخوف الفتنة في الدين فإنه جائز، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي.
جاء في فتح الباري لابن حجر: وقوله: من ضر أصابه، حمله جماعة من السلف على الضر الدنيوي، فإن وجد الضر الأخروي بأن خشي فتنة في دينه لم يدخل في النهي، ويمكن أن يؤخذ ذلك من رواية ابن إسحاق: لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به في الدنيا. انتهى.
وفيه أيضا: لأن في التمني المطلق نوع اعتراض ومراغمة للقدر المحتوم. انتهى.
وننبهك على أن في صبرك على زوجك وما نزل به من بلاء خير عظيم، وثواب كبير في الدنيا والآخرة، لكن إن كان في بقائك معه ضرر عليك فإنه يجوز لك أن تطلبي الطلاق منه.
وأما بخصوص امتناع زوجك عن العلاج فراجعي حكم التداوي في الفتويين رقم: 116773، 9729.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1430(13/6787)
هل يجوز للمطلقة المطالبة بما أنفقت من مالها على زوجها وبيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوجة المطلقة الموظفة أن تأخذ كامل رواتبها بعد زواج استمر ثماني سنوات على الرغم من أنها كانت تعتبر عملها خارج المنزل مساعدة لزوجها ولبيتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك أن هذه المرأة كانت تنفق من راتبها على البيت حال قيام الزوجية، وبعد الطلاق تريد استرداد ما أنفقته، فإذا كان الحال على نحو ما فهمناه، وكان زوجها قد اشترط للسماح لها بالخروج إلى العمل أن تعطيه قدراً منه، فهو حقٌ له، كما سبق في الفتوى رقم: 35014، والفتوى رقم: 19680. وحينئذٍ لا يجوز للزوجة استرداد ما أخذه الزوج.
وأمّا إذا كان الزوج لم يشترط عليها ذلك، فراتبها حقً خالص لها، وما أنفقته منه على زوجها إذا كانت أنفقته متبرعة فلا يجوز لها الرجوع فيه، وأمّا إن كانت نوت الرجوع على الزوج به، فمن حقّها استرداده إذا حلفت أنّها كانت تنوي الرجوع، أو أتت بشهود على ذلك، إلّا أن يكون هذا الإنفاق كان بمعنى الصلة والإكرام للزوج، فلا حقّ لها في الرجوع.
جاء في التاج والإكليل: لم يختلف قول مالك أن الرجل إذا أكل مال زوجته وهي تنظر ولا تغير أو أنفقت عليه ثم طلبته بذلك أن ذلك لها وإن كان عديما في حال الإنفاق ويقضى لها عليه بعد يمينها أنها لم تنفق ولا تتركه يأكل إلا لترجع عليه بحقها. اهـ
مع التنبيه على أنّ النفقة التي تسترد هي النفقة المعتادة، أمّا ما أنفق فيما خرج على العادة فلا يسترد.
جاء في المدونة: وأما ما أنفقت على زوجها فذلك دين عليه موسرا كان أو معسرا، إلا أن يرى أنه كان منها لزوجها على وجه الصلة. قلت: وكذلك لو أن أجنبيا أنفق على سنة ثم طلب ما أنفق أيكون ذلك له؟ قال: نعم، في رأيي إلا أن يكون رجلا يعرف أنه إنما أراد به ناحية الصلة والضيافة فلا يكون ذلك له. قلت: فإن كان إنما كان ينفق الخرفان ولحم الدجاج والحمام فكنت آكله وأنا لو كنت أنفق من مالي لم أنفق هذا؟ قال: لا ينظر في هذا الأمر إلى الإسراف، ويرجع عليه بغير السرف.
وانظر الفتوى رقم: 34771، والفتوى رقم: 109174.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1430(13/6788)
حكم الزوجة التي ارتد زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا حيران ومتعجب من بعض الناس الذين يختارون أو يفضلون العيش في الظلمات ويكونون أولياء للشيطان بدلا من العيش في نور الله!
هذا شاب كان من رواد المساجد، وكان يصوم يومي الاثنين والخميس والأيام البيض، وكان لا يغيب عن صلاة الجماعة ولاعن صلاة الصبح إلا نادرا.
فجاءني وخطب مني ابنتي فامتثلت لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. فأعطيتها له فتزوجها وله صبي يبلغ من العمر حوالي ثلاث سنوات.
والحيرة والمصيبة الكبرى أن الرجل ترك الصلاة، وبدأ يدخن، ووصل به الحال أن تقدم في الظلمات وأصبح يشرب الخمر- والعياذ بالله- ويسب الله عز وجل ويسب الدين، ويسب العائلة كلها بدون حياء ولا خوف.
أريد منكم توجيها يريحني من هذا الوحل الذي أنا فيه، علما أني عرفته في المسجد وشهد له إمام المسجد الذي كان يصلي فيه أنه يصلي كل الصلوات هذا في الظاهر والله يتولى السرائر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أعظم ما يُرثى له، ويؤسف عليه ما وقع لهذا الشاب من الانتكاس، والضلال بعد الهدى، والغي بعد الرشاد، وتلك غائلةٌ هائلة، ولا جرم كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الحور بعد الكور. أخرجه مسلم. قال ابن القيم: أي أعوذ بك من الحور بعد الكور أي الرجوع عن الاستقامة بعد ما كنت عليها. انتهى.
وقال النووي: قال الترمذي بعد أن رواه بالنون- أي من الحور بعد الكون - ويروى بالراء أيضا ثم قال: وكلاهما له وجه. قال: ويقال هو الرجوع من الايمان إلى الكفر، أو من الطاعة إلى المعصية.
وقد ذكر الله في كتابه دعاء الصالحين الراسخين في العلم وأنهم كانوا يقولون: رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ. {آل عمران:8} .
وهذا الذي حصل لهذا الشاب من أعظم ما يدلُ على مصداق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من أن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.
فالواجبُ علينا جميعاً أن نلجأ إلى الله تعالى في تثبيت قلوبنا على دينه، وأن يعيذنا بمنه من الحور بعد الكور.
وأما أنت فنسأل الله أن يثيبك خيرا، فقد فعلت ما حثك عليه الشرع الشريف من تزويج ذي الدين والخلق، ولا يعلم الغيب إلا الله.
وأما بعد ما آل أمر هذا الشابِ إلى ما آل إليه، فينبغي أن تجتهدوا في مناصحته ودعوته إلى الله عز وجل، وأن تبينوا له خطورة ما هو مقيمٌ عليه من المعصية، وأنه بذلك يلقي نفسه في أعظم الهلكة والعياذ بالله، واجتهدوا في الدعاء له بالصلاح والاستقامة، وحث أهل الخير على تكليمه ومناصحته.
وإذا كان أمره قد آل إلى هذه الدركة الفظيعة من سب الله عز وجل وسب دينه، فلا يجوز لابنتك أن تبقى تحته، ولا أن تمكنه من نفسها، بل الواجبُ فسخُ هذا النكاح، فإن سب الله عز وجل وسب دينه كفر وردة والعياذ بالله وانظر الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 48551، 47738، 115727.
ولا يجوز للمسلمة أن تبقى تحت كافر أبدا. لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ. {الممتحنة:10} .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: سب الدين ردة عن الإسلام، وكذلك سب القرآن وسب الرسول ردة عن الإسلام، وكفر بعد الإيمان، نعوذ بالله، لكن لا يكون طلاقا للمرأة بل يفرق بينهما من دون طلاق، فلا يكون طلاقا بل تحرم عليه لأنها مسلمة وهو كافر، وتحرم عليه حتى يتوب فإن تاب وهي في العدة رجعت إليه من دون حاجة إلى شيء، أي إذا تاب وأناب إلى الله رجعت إليه، وأما إذا انتهت العدة وهو لم يتب فإنها تنكح من شاءت، ويكون ذلك بمثابة الطلاق، لا أنه طلاق، لكن بمثابة الطلاق لأن الله حرم المسلمة على الكافر.
فإن تاب بعد العدة وأراد أن يتزوجها فلا بأس، ويكون بعقد جديد أحوط خروجا من خلاف العلماء، وإلا فإن بعض أهل العلم يرى أنها تحل له بدون عقد جديد، إذا كانت تختاره، ولم تتزوج بعد العدة بل بقيت على حالها، ولكن إذا عقد عقدا جديدا فهو أولى خروجا من خلاف جمهور أهل العلم، فإن الأكثرين يقولون: متى خرجت من العدة بانت منه وصارت أجنبية لا تحل إلا بعقد جديد، فالأولى والأحوط أن يعقد عقدا جديدا، هذا إذا كانت قد خرجت من العدة قبل أن يتوب، فأما إذا تاب وهي في العدة فهي زوجته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر الذين أسلموا بعد إسلام زوجاتهم على أنكحتهم قبل خروج زوجاتهم من العدة. انتهى.
وما ذكره الشيخ من كون التفريق بالردة فسخا لا طلاقا، هومذهب الجمهور وانظر الفتويين رقم: 111588، 25611.
وما أشار إليه من أن بعض العلماء يرى أنه إن تاب بعد انقضاء العدة جاز للمرأة أن ترجع إليه من غير تجديد عقد هو اختيار ابن القيم، وأطال في نصره بما يُراجع في زاد المعاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1430(13/6789)
يطلب أهلها منها ترك زوجها والرجوع لبلدها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: إنني أم لبنت واحدة عمرها 6سنوات، وأعيش مع زوجي المقعد أصابه شلل نصفي بعد 3 سنوات من زواجنا وتحملت الكثير، والآن أهلي يطلبون مني أن أتركه وأرجع لبلدي لأني وحيدة في هذا البلد. أرجوكم أفيدوني علما، أنا أحب زوجي وليس لديه أحد؟ إنني في حيرة من أمري علما أنني أعيش في دولة أوروبية أنا وزوجي وبنتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على مثابرتك في القيام بمصالح زوجك حال مرضه وبلائه، ونسأل الله سبحانه أن يجعل ذلك في ميزان حسناتك وأن يعجل له العافية والشفاء.
واعلمي أيتها السائلة أنه يجب على الزوجة المقام حيث يقيم زوجها حيث كان مكان الإقامة مكانا آمنا تأمن فيه على نفسها, وقد بينا ذلك في الفتويين رقم: 79665 , 112100.
ولا يجوز لأهلك أن يغروك بترك زوجك ومفارقته لأن هذا ضرب من التخبيب المحرم, وقد بينا في الفتوى رقم: 119517. حكم التخبيب وأنه محرم وفاعله آثم.
يبقى بعد ذلك النظر في إقامتكم في بلاد الكفر, وهذا الأصل فيه المنع إلا إذا وجدت ضرورة أو حاجة معتبرة شرعا، وأمن المقيم على نفسه الفتنة في الدين, وقد بينا هذا مفصلا في الفتوى رقم: 2007.
فعليك أن تطلبي من زوجك مغادرة هذه البلاد وأن ترجعوا إلى بلدكم أو أي بلد مسلم آخر, فإن أصر زوجك على الإقامة دون سبب معتبر, فإنه يجوز لك حينئذ المغادرة دونه في حال كانت إقامتك ممنوعة شرعا, وقد بينا في الفتوى رقم: 7930. أنه لا تجوز مطاوعة الزوج في الإقامة الدائمة في بلاد الكفر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1430(13/6790)
للمرأة أن تتصرف في مالها الخاص بغير إذن زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[الزوجة عندما تخفي مقداراً من النقود عن زوجها وأولادها من حيث لا يعلمون بذلك، وهي لا تبذرها ولا تصرفها، ولكنها تحتفظ بها لوقت الأزمات المالية في العائلة، ففي مثل ذلك الوقت تخرجه لزوجها وأولادها...... هل في ذلك شيء؟ وما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا المال الذي تخفيه الزوجة من مالها الخاص كراتبها أو ما وهبه الزوج أو غيره لها، فلا حرج عليها في ذلك، سواء كانت تدخّره لنفسها أو لغيرها، فللمرأة أن تتصرف في مالها بغير حاجة إلى إذن زوجها، وتراجع الفتوى رقم: 94840.
أما إذا كان ذلك من مال زوجها فلا يجوز إلا بإذنه، فالزوجة مؤتمنة على مال زوجها ومسئولة عنه، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ... والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها..متفق عليه، فلا يحقّ للمرأة أن تأخذ شيئاً من مال زوجها أو تتصرّف فيه بغير إذنه ما دام ينفق عليها وعلى أولاده بالمعروف.
أمّا إذا أذن لها في ذلك فلا حرج فيه، سواء كان هذا الإذن لفظياً بأن يصرّح لها بالإذن، أو عرفياً بأن تعلم من حاله أنّه يرضى بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1430(13/6791)
حقوق وواجبات الزوجة التي لم يدخل بها زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف ما هي حقوق وواجبات الرجل والمرأة بعد عقد القران وقبل الدخول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا عقد الرجل على المرأة عقداً صحيحاً فإنها تصير زوجة له، ويترتب على ذلك الحقوق الزوجية المعروفة ومنها: حل الاستمتاع المشروع بين الرجل وزوجته، وثبوت نسب ما حملت به بعد العقد للزوج، لكن جرى العرف أنه لا يسمح للعاقد بمعاشرتها حتى تزف إليه، فينبغي احترام هذا العرف، وانظري الفتوى رقم: 2940.
ومنها أنه يجب للزوجة المهر الذي اتفقا عليه في العقد، ويصبح المهر ديناً في ذمة الزوج، ويستقر المهر ويتأكد بالدخول، كما يستقر ويتأكد بموت الزوج، ويتنصف بالطلاق إلا أن يعفو أحدهما عن نصفه، إلا أن من حق الزوجة أن تمتنع من تسليم نفسها للزوج حتى يؤدي إليها مهرها، وانظري لذلك الفتوى رقم: 63572.
ومنها أنه يثبت التوارث بين الزوجين قبل الدخول، فإذا مات أحدهما ورثه الآخر، وانظري الفتوى رقم: 24943.
وفي مسالة النفقة الراجح أنه لا يجب على الزوج أن ينفق على زوجته قبل أن تنتقل إليه وتسلم نفسها له، إلا إذا مكنته من ذلك وكان التقصير من جهته كما لو امتنع عن دفع المهر لها أو لم يوفر مسكناً مناسباً لها، وانظري لذلك الفتوى رقم: 722.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1430(13/6792)
المرأة التي لم يدخل بها زوجها هل يلزمها طاعته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مكتوب كتابي، ولم يتم الزفاف، وأعاني من سيطرة زيادة عن الحد، يمنعني من الذهاب لأختي أو لجدتي، ومن الذهاب لشراء احتياجاتي حتى الخروج الضروري يلزم والدتي بالذهاب معي حتى لو مريضة، وهذا شيء يتعبني جداً، مع العلم بأني إنسانة أعرف ربنا، ومن أسرة طيبة، وباعترافه أنه أخدني لديني وأخلاقي قبل أي شيء ثان، ما هي حقوقه وواجباته وواجباتي وحقوقي قبل عقد القران؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح عندنا أن الزوجة قبل الدخول تكون طاعتها لوليها وليس لزوجها، وانظري لذلك الفتوى رقم: 78509.
وعلى ذلك فليس من حق زوجك ما دمت لم تنتقلي إليه أن يمنعك من الخروج أو يلزم والدتك بالخروج معك، لكن الأولى أن تطيعيه فيما لا حرج عليك فيه، أما حقوق وواجبات الرجل والمرأة قبل العقد، فليس هناك حقوق وواجبات قبل العقد إلا الحقوق والواجبات العامة للمسلمين، فالمرأة قبل العقد بالنسبة للخاطب حكمها حكم أي أجنبية عنه، لا يحل له إلا النظر إليها، وأما إن كنت تقصدين حقوق وواجبات الرجل والمرأة بعد العقد وقبل الدخول، فهي مبينة في الفتوى رقم: 123110.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1430(13/6793)
حكم إجبار الزوجة على التنازل عن شرط السكن المستقل
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من أخل بشرط من شروط عقد النكاح وأجبر زوجته على عدم المطالبة به بتهديدها بالطلاق، الأمر الذى جعل والدها يخاصمها ويمنعها من زيارته كونها خرجت مع زوجها دون علمه، الشرط هو السكن المستقل، علما أن له زوجة أخرى ولها سكن مستقل عن أسرته؟ وهل للأب حق على ابنته وهل تعتبر معصية؟ علما أن زوجها أساء لوالدها أمام الله وخلقه، وادعى عليه مرتين ادعاء باطلا عن طريق الشكوى ولم يفلح، وطرد جدها لأبيها من بيته، علما أنه بعيد عن أي صلح، بل استغل غضب الأب على ابنته وتطورت الأمور إلى مشاكل بين أبي البنت وأمها بسبب هذه المصيبة التى زرعها ذلك الزوج المنافق، لان الكذب والإخلاف بما وعد به جعلني أسميه بهذ الاسم. ماحكم مثل هذا؟ وهل على الأب إثم في منعها من زيارة أسرته؟ وماهو الحل أفيدونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسكن المستقل حق من حقوق الزوجة ولو لم تشترطه في العقد, على ما بيناه في الفتوى رقم: 112772.
فإذا اشترطته في العقد فقد ازداد تأكده، ولا يجوز للزوج أن يخل به لأنه حينئذ يكون - بجانب ما ضيع من حق زوجه- قد خالف شرطه, وهذا لا يجوز لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: والمسلمون على شروطهم، إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً. رواه الترمذي وابن ماجه وقال الترمذي حسن صحيح, ويراجع في ذلك الفتوى رقم: 23286.
وما دام المسكن المستقل حقا من حقوق الزوجة وليس ركنا من أركان النكاح فإنه يجوز لها أن تتنازل عنه ولا حرج عليها في ذلك، بشرط ألا يوقعها هذا التنازل في معصية من اختلاط محرم ونحوه, فإذا تنازلت عنه فليس لأبيها بعد ذلك كلام، ولا يحق له أن يغريها بالتمرد على زوجها بسبب ذلك, وإلا وقع في التخبيب المحرم, وليس له أيضا أن يعاقبها على ذلك بمنعها من دخول بيته فيحرمها بذلك من صلة أرحامها, ويقطع ما أمر الله به أن يوصل، وهذا إفساد في الأرض بغير الحق وصاحبه على خطر عظيم.
وأما ما فعله الزوج من إهانة والد زوجته، والادعاء عليه بالباطل، وكذا ما يفعله من تهديد زوجته بالطلاق ليذهب بحقها، كل ذلك حرام، ويتنافى أيما تناف مع ما أمر به الشرع من الإحسان إلى الزوجة ومعاشرتها بالمعروف, وما رغب فيه من حسن العشرة مع الأصهار.
والذي ننصح به هذه الزوجة هو أن تترفق في مطالبتها زوجها بما اشترطته عليه من المسكن المستقل، وتعلمه أن هذا حقها وأنه لا يجوز له أن يمنعها منه, ويستحب أن تصبر عليه في ذلك ولا تتعجل, مع الدعاء والاستعانة بالله سبحانه, فإن لم يستجب لها وأصر على حرمانها من حقها فلها أن تطلب منه الطلاق، وإن صبرت وتنازلت عن حقها فهو أفضل ما لم يوقعها في محرم.
أما بخصوص الأب فإن عليها أن تحسن صحبته وتلزم بره والإحسان إليه، وأن تقابل إساءته بالصبر والغفران , ولتحرص دائما على أن تخفي عنه كل خلاف بينها وبين زوجها فلا تظهر له إلا كل جميل, ولتعلمه أن طاعتها لزوجها واجبة، وأنها سبيل لبلوغ رضوان الله والجنة, وأنه لا يسعها معصيته إذا أمرها, وأن طاعتها لزوجها في المعروف لا تتوقف على إذن أحد.
فإن أصر على ألا تدخل بيته فيمكنها أن توسط بينها وبينه من له وجاهة عنده كأحد إخوته أو أعمامه أو أصدقائه, فإن لم يستجب فلتحرص على صلة أهلها بما تيسر لها من اتصال هاتفي ونحوه، ولتلزم التقوى والصبر والدعاء فإن الله جاعل لها – إن شاء – فرجا قريبا ومخرجا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1430(13/6794)
حكم اطلاع الزوج على بريد زوجته وحديثها مع أهلها بدون علمها
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أطالع بريد زوجتي الألكتروني، وحديثها بالياهو مع أهلها وبدون علمها، علما بأن علاقتي مع أهلها سيئة جدا. هل هذا حرام أم حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الفعل لا يجوز لكونه نوعا من التجسس، وقد ذكرنا جملة من الأدلة التي تبين حرمة مثل هذا الفعل وذلك بالفتوى رقم: 60127. فراجعها وبادر إلى التوبة، واجتنب الرجوع إلى مثل هذا الفعل.
وأما بخصوص ما ذكرت من سوء العلاقة بينك وبين أهل زوجتك فليس مسوغا لهذا العمل، واعلم أن حسن المعاشرة بين الأصهار أمر مطلوب شرعا، فننصح بالتماس أسباب الكدر في هذه العلاقة والسعي في الإصلاح فقد قال تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ. {النساء: 128} .
وراجع الفتوى رقم: 94887.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1430(13/6795)
حكم مطالبة الزوج بتغيير البلد الذي يسكنون فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أني أقيم مع زوجي في البلد الذي يكون فيه، إلا أنني أطالبه بتغيير البلد نظرا للظروف البيئية الصعبة، والوسط والعادات المختلفة. فهل لي الحق في مطالبته بتغيير البلد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للزوجة مطالبة زوجها بتغيير البلد الذي قد تقسو فيه الحياة، ويمكن أن تشير إلى زوجها بأسلوب طيب بالانتقال إلى بلد آخر، ولكن لا يلزم الزوج أن يفعل ذلك إذا كان هذا البلد الذي يقيم فيه آمنا.
قال الحطاب في مواهب الجليل: فرع: للرجل السفر بزوجته إذا كان مأمونا عليها. قال ابن عرفة: بشرط أمن الطريق والموضع المنتقل إليه وجري الأحكام الشرعية فيه. انتهى.
ولمزيد الفائدة راجعي الفتويين: 75201، 106083.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1430(13/6796)
وازني بين حقوق زوجك ووالدك
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا: سبق وأرسلت سؤال منذ فترة ورقمه 2227768 ولم يتم الرد حتى الأن برجاء الأفادة.
ثانيا: أنا زوجة وأم لثلاثة أولاد، وأعمل وأسكن فى مكان بعيد عن سكن والدى، وهو رجل مسن وفى مرض الموت، وأنا لا أزوره إلا كل حين وذلك لكثرة مسؤولياتى من خدمة زوجى وأولادى، وعملى، ولى إخوة آخرون يقومون عليه، لكني أشعر بالذنب لتقصيرى فى جنبه. فهل أنا آثمة وعاقة؟ وهل يجب علي أن أترك أولادى وأذهب إلى أبي مهما كان الثمن؟ فزوجي يغضب كثيرا ولا يقبل أن أقصر فى خدمته أو خدمة أولاده. أفيدونى أفادكم الله؟ أستحلفكم بالله سرعة الرد فالوقت ليس فى صالحى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولا على أن سؤالك السابق قد تمت الإجابة عليه ونشر في الفتوى رقم: 120815.
أما بخصوص سؤالك هذا فنقول: لا يجب عليك أن تتركي زوجك وأولادك لتذهبي لوالدك، بل ولا يجوز هذا أصلا إذا ترتب عليه ضياع حق للزوج، فإن المرأة إذا تزوجت فقد صار زوجها أملك بها من أبويها، وطاعته أوجب عليها من طاعتهما. قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- في الفتاوى: المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعته عليها أوجب. انتهى.
والذي ننصحك به هو أن توازني بين برِّك بأبيك وقيامك بحقه عليك - لا سيما وقت مرضه واعتلاله- وبين حقوق الزوج والأولاد, فليس كل خروج لزيارة الوالد مضرا بالزوج ومضيعا لحقه، بل لا يتضرر إلا بالخروج الدائم المتكرر, ويمكنك أن تناقشي زوجك في هذا مناقشة هادئة تذكريه فيها بما أوجبه الله عليك من البر بالوالد وتطلبي منه - بتودد ولطف- أن يساعدك على ذلك, ثم تتفقان على طريقة للتعامل مع أبيك حال مرضه, كأن تتفقا على وقت معين تخرجين فيه لزيارته بعد إنجاز مهام البيت, سواء كانت مرة في الأسبوع أو أكثر أو أقل , لأن هذه الأمور لا نص فيها وإنما تركت لما اعتاده الناس وتعارفوا عليه, وما بين هذه الزيارات يمكنك الاطمئنان على أبيك باستعمال ما يسر الله به من وسائل الاتصال كالهاتف ونحوه.
مع التنبيه على أن الراجح من أقوال أهل العلم أنه لا يجوز للزوج أن يمنع زوجته من زيارة أبويها ما لم يخش عليها ضررا من ذلك, وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 117262.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1430(13/6797)
المبيت عند أهل الزوج إذا كان يضر بالزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وزوجي مسافران للعمل في دولة عربية، وفي شهر الإجازة تحدث بيننا كثير من الخلافات بسبب رغبته في أن أبقى أياما متصلة فى بيت أهله برغم أن شقتي ليست بعيدة عن أهله، وبإمكاننا زيارتهم والرجوع بسهولة، ويوجد عربة معنا، ورفضي هذا ليس بسبب أنى لا أريد زيارتهم كما يتصور، ولكن لأني لا أرتاح في المبيت إلا في بيتي، أو قضاء أوقات طويلة أو أيام متصلة في بيت أهله، وذلك لوجود إخوة ذكور له كبار في العشرينيات من عمرهم يجب علي لبس الحجاب أمامهم طوال هذه الأيام التي أكون عندهم فيها، واذا خرجت لقضاء حاجتي فى الليل أفتح باب حجرتي ألقاهم أمامي، وادخل الحمام أمامهم، وهذا أمر محرج وغير مريح تماما، أنا أقول له أنا مستعدة أذهب إليهم كل يوم، ولكن أرجع إلى بيتي أنام فيه، وفهمته الأسباب ولكنه يرفض رفضا قاطعا. هل من حق الزوج أن يجبر زوجته على هذا، وهذا شيء فوق استطاعتي، ولو رفضت المبيت وأخذت موقفا منه يحاسبني الله على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا بالفتوى رقم: 112804، أنه لا يجوز للرجل أن يجبر زوجته على المبيت عند أهله، وإذا كان هذا في الأحوال العادية التي لا يترتب عليها من هذا المبيت ضرر، فكيف والحال هنا ما ذكر من تضرر المرأة من هذا المبيت ووجود إخوة الزوج البالغين في البيت ونحو ذلك. وإذا امتنعت المرأة من طاعة زوجها في هذه الحالة فلا يلحقها إثم بذلك.
ونوصي هذا الزوج بعدم التعنت والاستبداد برأيه، خاصة وأن زوجته لم تمتنع عن الذهاب إلى أهله. ونوصي كلا من الزوجين بالحرص على التفاهم بينهما في إطار الاحترام المتبادل، وأن يجتنبا قدر الإمكان كل ما من شأنه أن يكون سببا للشقاق. ولمزيد من الفائدة يرجى مطالعة الفتويين رقم: 70969، 118271.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1430(13/6798)
سفر الزوجة بمفردها وكم يصبر الزوج على فراقها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي ستسافر بعد العرس لإجراءات قانونية في بلد إقامتها، وترجع وتسافر كلما طلبوا ذلك، ونحن نريد الاستقرار. بماذا تنصحوننا؟ فأنا لا يسمح لي بالسفر لهذة الدولة الغربية، كم المدة التي يصبر بها الزوج عن بعد الزوجة والزوجة عن الزوج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسفر المرأة بغير محرم لا يجوز، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. متفق عليه.
أما عن سؤالك، فننصحك بالقرار مع زوجتك في بلد مسلم، والحرص على أن يكون سفر زوجتك مع محرم لها. واعلم أن الأصل أن الزوجة تقيم حيث يقيم زوجها، لكن إن رضي الزوج بإقامتها في بلد تجوز لها الإقامة فيه فلا حرج، أما عن المدة التي ينبغي للزوج ألا يزيد عليها في البعد عن زوجته، فالراجح عندنا أنها ستة أشهر ما لم يكن هناك عذر، وانظر لذلك الفتوى رقم: 10254.
ولمعرفة حكم الإقامة في بلاد الكفار يمكنك الاطلاع على الفتويين رقم: 2007، 23168.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1430(13/6799)
قيام الرجل بمعاونة زوجته في البيت يعلي قدره ويرفع شأنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيبة ومتزوجة من طبيب، وكان يحبني بشدة، وألح في موافقتي عليه برغم عدم اقتناعي به؛ لأنه في مثل سني، ومازال في بداية الطريق نفسيا واجتماعيا، ولكن لم يكن له مشكلة مادية، فأقنعني والدي بأنه ذو خلق ودين، وكل شيء بعد ذلك لا يهم.. ومن اليوم الأول للزواج اكتشفت الحقيقة المرة وصارحني بأنه لا يريد أي اهتمامات وتطلعات تخص عملي ودراستي. حتى أهلي وأصدقائي كان يضجر بهم وكان يضيق بعملي، ويعلن أنه غير راض عنه، وأنه يؤثر سلبا على البيت والأولاد- فقد أنجبت منه طفلين- ومرت 8 سنوات حصلت فيها على الماجستير والدكتوراة، وطلقني مرة من 4 سنوات، وعدنا بعدها لكن بيننا طلاق أخطر ومازال مصرا على أن طموحي وكياني الوظيفي شيء سلبي، وأن راحته كانت ستكون مع ست البيت، وبدأ يعتاد إهانتي أمام أولادي، ويثور لأتفه الأسباب، ويبحث عن أي هفوة في قولي، أو في سلوكي ليثبت لنفسه هذه الأفكار، ويهددني بالطلاق يوميا ويصف مشاركته لي في تنظيم شئون البيت وتحركات أولادنا خارج البيت بأنها تقلل من شأنه وتنال منه، وأن الأصل في الأمور أنني ست بيت، وما تحمله هو لا يتحمله بشر ولا يجيزه شرع ... فهل هذا صحيح؟ لقد صارت حياتي معه جحيما دائما ليلا ونهارا برغم أنني كنت واضحة من البداية، ولم أخف عليه أي شيء من واقع عملي الذي يعرفه جيدا. وهل يسامحه الله حين يقول لم أكن أعرف أن هذه الظروف ستزعجني لهذا الحد إلا عندما جربت؟.. وهل من الأفضل أن أنهي هذه المأساة حتى ينشأ أولادي في جو محترم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما ما يريده منك زوجك من ترك العمل والتفرغ لشئون البيت، فهذا فيه تفصيل؛ فإن كنت قد اشترطت عليه في عقد الزواج أنك ستواصلين عملك ولا تنقطعين عنه فهنا يجب عليه الوفاء بهذا الشرط، ولا يجوز له أن يمنعك منه بشرط أن تلتزمي الضوابط الشرعية في عمل المرأة، والتي بيناها في الفتويين رقم: 19233، 522.
أما إذا لم يكن هناك شرط بذلك، فإن من حقه عليك أن تتفرغي له ولشئون بيته، حتى ولو وصل الأمر إلى ترك عملك بالكلية، وتفرغك الكامل لأمور البيت، ولا يسعك في ذلك إلا الطاعة؛ لأن هذا حقه، فإن خالفتيه فيه فأنت ظالمة له مضيعة لحقوقه.
أما ما يقوم به بعد ذلك من تهديدك دائما بالطلاق، وتعمد إهانتك والإساءة إليك، سواء أمام الأولاد أو بعيدا عنهم فهذا لا يجوز، وهي مخالفة صريحة لأمر الله بمعاشرة الزوجات بالمعروف.
وأما وصفه لما يقوم به من معاونة لك في أمور البيت بأنه يقلل من شأنه، فهذا كلام عار تماما عن الصحة بل عكسه هو الصحيح، وأن قيام الرجل بمعاونة زوجته في البيت مما يعلي قدره ويرفع شأنه؛ لما فيه من التأسي بسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم فعن الأسود بن يزيد قال قلت لعائشة أي شيء كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع إذا دخل بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة. رواه البخاري وغيره. وقد وقع مفسرا في الشمائل للترمذي من طريق عمرة عن عائشة بلفظ: ما كان إلا بشرا من البشر، يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه. ولأحمد وابن حبان من رواية عروة عنها: يخيط ثوبه ويخصف نعله. وزاد ابن حبان: ويرفع دلوه.
جاء في تحفة الأحوذي: والحديث فيه الترغيب في التواضع وترك التكبر وخدمة الرجل أهله. انتهى.
وإن كان هذا إنما يجري مجرى مكارم الأخلاق وحسن العشرة، ولكنه غير واجب على الرجل، فإن المرأة هي التي تلزم بأمور الخدمة الباطنة داخل البيت، والرجل إنما يجب عليه الكسب، وقد بينا هذا في الفتويين رقم: 67759، 13158.
وإنا لنوصيك في ذلك أن تتصبري وتتغاضي عن أذاه لك، وتحتسبي هذا كله عند ملك الملوك جل في علاه. ثم لا تقصري في نصحه وتذكيره بأمر الله والتأسي بحال النبي صلى الله عليه وسلم في بيته ومع أزواجه. واحذري التعجل في أمر الطلاق لما له من عواقب وخيمة يجني ثمارها النكدة جميع الأطراف، وخصوصا هؤلاء الصغار الذين لا ذنب لهم فيما يحدث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1430(13/6800)
حكم سب الزوجة بألفاظ قبيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هنا في مصر تتداول بعض الشتائم القبيحة مثل كلمة شرموطة وقحبة وغير ذلك، ولقد قرأت لأحد المشايخ وهو د/ أحمد الحجي الكردي حينما سأله أحد السائلين عن حكم الشرع فيمن يقول ذلك لزوجته فأجاب بأنه إذا كانت الزوجة لم تتأذى بذلك فلا حرج عليك، والحق أنني وجدت في نفسي من تلك المسألة، فهل يصح أن يقول الرجل ذلك لزوجته، ومعذرة إذا كنت ذكرت هذه الشتائم أو الألفاظ كاملة ولكن لا حياء في تعلم العلم؟ الرجاء الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ف السبّ والقذف أمر محرم مناف لخلق المؤمن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعّان ولا اللعّان ولا الفاحش ولا البذيء. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وعن أبي الدرداء أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يبغض الفاحش البذيء. رواه الترمذي.
وما ذكرته من الشتائم لا يجوز للمسلم أن يخاطب به زوجته أو غيرها، بل إنّ من العلماء من جعل هذا من القذف الذي يجب به الحدّ.
جاء في التاج والإكليل من كتب المالكية: من قال لامرأته يا قحبة عليه الحدّ. اهـ
وقال الخرشي في شرحه لخليل: وكذلك يحد من قال لامرأته يا قحبة وهي الزانية، ولا فرق في ذلك بين زوجته والأجنبية. اهـ ووجوب الحد هو الظاهر عند الشافعية.
ولعلّ ما قرأته من الفتوى المتعلقة بهذا الأمر تتناول سقوط الحدّ في حال عدم قيام الزوجة بالمطالبة بما لها من الحق في ذلك، أمّا إباحة هذه الشتائم إذا كانت الزوجة لا تتأذى فهذا لا يسوغ بحال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1430(13/6801)
حكم انشغال المرء بزوجته عن أصدقائه بعد زواجه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من اعتزل الناس أول 6 أشهر بعد الزواج وقال إنه حق الزوجة، هو يصلي في المسجد مع المسلمين الصلوات الخمس، ولكننا لم نعد نراه ونحن كنا أصدقاءه ولا نفترق أبدا, هل هو على حق أم هو مقصر في حقنا؟ ما أظن أن هذا من سنة الرسول الأمين ولا الصحابة الكرام، ما قعد الرسول صلى الله عليه وسلم في بيوت أمهات المؤمنين، أنا لست أغار، أرسلوا لي الجواب الشافي مع ماذا علي فعله مع الوضع الجديد بعد زواج صديقي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أنّ للزوجة حقّاً على زوجها، كما أنّ عليه حقوقاً أخرى، والواجب الموازنة بين هذه الحقوق، ففي الحديث الذي رواه البخاري: قال سلمان الفارسي لأبي الدرداء: إن لنفسك عليك حقا، ولربك عليك حقا، ولضيفك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه. فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك فقال له: صدق سلمان.
ومن حسن عشرة الزوج لزوجته ألّا يتركها وحيدة، وأن يفرّغ لها وقتاً كافياً ليؤانسها ويعلمّها ما تحتاجه من أمور دينها.
ولكن لا على أساس أن ملازمة الزوجة في هذه الفترة سنة شرعية بل لما يترتب عليها من المصالح المذكورة.
فإذا كان صديقك يحضر الصلوات في المساجد ولا يقصّر في حقوق إخوانه من حضور الجنائز وعيادة المريض ونحو ذلك، فلا يلام على ملازمته لبيته، فإن حسن صحبته لزوجته من حسن الخلق ومن الأمور النافعة له في دينه ودنياه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي، وصححه الألباني
والذي عليك فعله بعد زواج صديقك ألّا تشغله عن بيته وواجباته، وأن يكون اجتماعكما لأمور نافعة في الدين والدنيا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1430(13/6802)
زوجها يلعب القمار ويرفض إعادتها إلى بلدها حتى تسقط حملها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ سنة وسبعة أشهر، وأنا مقيمة في ألمانيا، والمشكلة أن زوجي مدمن على اللعب بالقمار، وأنا حاولت كثيرا معه، ولكن لم أجد جدوى معه، والآن أنا لم أعد أصبر أكثر، حتى أنه أخذ ذهبي مني دون أن أعرف، وأنا الآن قلت له أن يطلقني، وإني سوف أرجع إلى بلادي، والآن أنا حامل منذ أربعة أشهر، ولكنه قال لي: ارجعي إلى بلادك، ولكن قبل أن ترجعي أنزلي الجنين، وأنا رافضة ذلك، فأطلب منكم أن تساعدوني.
وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقمار محرم بنص كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سبق بيان ذلك بالفتوى رقم: 3803، فإذا كان زوجك يلعب القمار فقد أتى منكرا عظيما، ثم إنه أضاف إلى ذلك منكرا آخر بأخذه من مالك لأجل لعب القمار، وأخذه هذا المال من غير إذنك إضافة إلى أمره إياك بإجهاض الجنين في حال إصرارك على طلب الطلاق.
وأما طلبك الطلاق فإن كنت متضررة ببقائك مع زوجك فلك الحق في طلب الطلاق، ولكن قبل الإقدام على ذلك عليك الموازنة بين مصلحة صبرك على زوجك ومحاولة إصلاحه وبين طلب الطلاق، وانظري الفتوى رقم: 97491.
وأما الإجهاض فلا يجوز لك طاعة زوجك فيه، فالإجهاض محرم في كل مراحل الجنين، ويتأكد تحريمه بعد نفخ الروح في الجنين كما هو موضح بالفتوى رقم: 2016.
وإذا خشيت من زوجك ضررا على نفسك أو جنينك فارفعي أمرك إلى أحد المراكز الإسلامية الموجودة عندكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1430(13/6803)
حق الزوجة في بيت مستقل عن أولاد الزوج من زوجة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش مع زوجي منذ ثمان سنوات، وأقوم على تربية أبنائه من صلبه، والآن الأولاد كبروا ويعاملونني معاملة غير صالحة، وزوجي يفضلهم علي، كما أنه يمنعني من الإنجاب بسببهم، علما بأنني أنجبت طفلة رغم إرادته، وكما أنني أتحمل أكثر من 70% من مصاريف البيت حيث إنني امرأة عاملة غير أنه لا يكف عن السب والشتم، هل يحق لي أن أطالب ببيت لي ولطفلتي من غير أولاده؟ أرجوكم ساعدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لزوجك أن يمنعك من الإنجاب؛ لأن الإنجاب حق مشترك بين الزوجين، لا يحق لأحدهما أن يمنع منه الآخر. وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 18375.
وكذا لا يجوز له أن يفضل أولاده عليك بحيث يؤدي ذلك إلى ظلمك وانتقاص حقوقك، ويحرم عليه أن يسبك أو يشتمك، فإن سباب المسلم فسوق، كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحرم عليه أيضا أن يأخذ مالك بغير طيب نفس منك للإنفاق منه على البيت أو لغير ذلك؛ لأن هذا المال حق خالص لك، ونفقتك ولو كنت غنية ونفقة ابنتك وسائر أولاده إنما تجب عليه وحده، وإن أردت أن تساعديه في شيء من ذلك عن طيب نفس منك فهو أفضل، ولك في ذلك إن شاء الله عظيم الأجر والمثوبة.
ويجوز لك أن تطلبي لك ولطفلتك بيتا مستقلا بعيدا عن أولاده، فهذا من الحقوق التي كفلتها الشريعة للزوجة كما بيناه في الفتاوى رقم: 113430، 106813، 68642.
مع التذكير بأنه وإن لم تجب عليك خدمة أبنائه من غيرك، إلا أن قيامك على تربيتهم وصبرك على أذاهم من القربات العظيمة التي توجب رضوان الله ومغفرته، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 25707.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1430(13/6804)
حكم استقدام الزوجة إلى بلد كافر مع خوف الفتنة عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم أعيش في بريطانيا, تزوجت في العام الماضي من فتاة مسلمة وتركتها مع عائلتي في بلدي المسلم وعدت إلى بريطانيا, ظنا مني أني أستطيع أن أعود إلى بلدي كل 4أشهر وأمكث مع أهلي أسبوعيين، ولكن قد مضت 7أشهر ولم أستطع العودة ولو مرة واحدة, بسبب عملي وبعد المسافة.
الآن زوجتي أصبحت لا تطيق هذا الوضع وتحس أنها خادمة في بيت أهلي، وأني قد ظلمتها وتبكي كثيرا لحالها, أفكر في إحضارها إلى بريطانيا للعيش معي, ولكن شرعا هذا يخالف حكم الإسلام في من يعيش بين أظهر المشركين، كذلك أنا غير مطمئن إلى أن زوجتي تفتن وتتغير أخلاقها, فكما تعلمون الحال في بريطانيا القانون يعاقب الزوج إذا أراد أن يقوم زوجته إذا أساءت التصرف وتمادت في الخطأ، ويجبره على مغادرة المسكن العائلي وعدم الاقتراب من الزوجة.
كذلك دعاة الفساد من النساء في هذا البلد يعملن ليلا ونهارا على إفساد المرأة على زوجها بحجة حرية المرأة، والمساواة بين الزوج والزوجة في الحقوق والواجبات.
وما يؤرقني ويحرم علي النوم هو أن زوجتي جميلة جدا والكثير من الرجال ينجذبون لها رغم أنها ترتدي حجابا شرعيا إلا أن عينيها فاتنتان.
ولم أعش معها طويلا حتى أتحقق من عقيدتها, علما أن الأخلاق والتربية الحسنة غير كافيين هنا, فنزغات الشيطان جد خطيرة, فالمطلوب هو عقيدة توحيد وورع في خشية الله.
خوفي هدا ناتج عما أراه كل يوم يحدث لأزواج وزوجات، والخيانة الزوجية يدعى لها في الشوارع وفي جميع وسائل الإعلام، حتى أن النساء تتملص أخلاقهن ويتمادين في عقوق أزواجهن يقينا منهن أن المحكمة سوف تعطيهن الحق في جميع الأحوال ظالمة أو مظلومة، حتى أن القضاة أصبحوا يجرمون الرجل الذي يغار على زوجته, فإذا حدث ووجدت زوجتك مع رجل آخر وقمت بتعزيرها, فالقانون يمنعك ويعاقبك وربما يزج بك في السجن، ويعطي الحق الكامل للزوجة في طلب الطلاق والاحتفاظ بالبيت، وعليك أن تنفق على الأولاد في غالب الأحوال، الزوجة تصبح عاهرة وتقوم بإحضار الرجال إلى البيت، هذا شيء أصبح جد متداولا بين المطلقات فهن لا يردن معاودة تجربة الزواج حتى لا يفقدن إعانة الدولة لهن من إيجار, ونفقات المأكل والمشرب.
فخلاصة القول: النساء لا يستطعن مقاومة نزغات الشيطان وخاصة وهن في غربة عن الأهل وعن الإسلام , فأمور مثل التي ذكرت تحدث في بلاد الإسلام والمسلمين فما بالكم في غيرها؟ عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
- هل أقوم بإحضار زوجتي إلي بريطانيا؟
- ماذا لو طلقت زوجتي وتزوجت من فتاة مسلمة من بريطانيا وهن كثيرات, وولدن في هدا البلد ولكنهن متمسكات بتعاليم الإسلام أم أبقي زوجتي في بلدي المسلم وأحاول الذهاب، ولكن هذا الحل جد صعب ومكلف جدا؟
في الأخير أرجو منكم حكما شرعيا لأمري هذا وليس رأيكم فيه, فإما حلال أوحرام, فأنا سأصبح في محل الراعي المسؤول عن تصرفات زوجتي حتى إن نظرت إلى مشهد حرام فإني مسؤول أمام الله, كما أني لا أضمن أني سأعيش معها طوال حياتها, فكل ما سيصدر عنها من أعمال فسأكون مسؤولا عنه.
أشكركم شكرا جزيلا على ردكم وجعله الله في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تأتي بزوجتك إلى هذه البلاد التي تعيش فيها، بل يحرم عليك ذلك ما دمت تخشى عليها الفتنة. فإن الأصل المقرر أنه لا تجوز الإقامة في بلاد الكفر إلا بشرط الأمن من الفتنة، والقدرة على القيام بشعائر الدين، ووجود حاجة أو ضرورة تقتضي الإقامة.
وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 55773، 63449، 97245، 104036.
بل إنا لنوصيك أن تراجع أنت وضع إقامتك في هذه البلاد في ضوء هذه الشروط والضوابط, فإن تحققت هذه الشروط في إقامتك فيجوز لك الاستمرار وإلا فيجب عليك أن تغادر هذه البلاد إلى بلدك أو غيرها من بلاد المسلمين.
أما ما تذكر من طلاق زوجتك والتزوج بغيرها من المسلمات المقيمات في هذا البلد فهذا جائز في الأصل ولكنه لا يحقق لك ما تريده، وما تتوجس منه فإن الفتنة لا تفرق بين مسلم عربي وغير عربي, وكذا ما ذكرت من القوانين التي تنصر المرأة بالحق والباطل فإنها لن تفرق بين امرأة من الشرق أو من الغرب، بل قد تتشدد في نصرة امرأة من أهل البلد أكثر من تشددها في حق الأجنبية.
لذا فالذي يظهر – والعلم عند الله – أن أصوب الحلول وأمثلها هو أن تغادر أنت إلى بلدك وتلحق بزوجتك، وهذا الحل وإن كان صعبا – كما تزعم - إلا أنه أسلم الحلول والسلامة لا يعدلها شيء.
مع التنبيه على أنه يجب عليك أن تؤدي حقوق زوجك كاملة حال غيابك من النفقة والكسوة ونحو ذلك وإلا كنت ظالما لها, ومن حقها ألا تغيب عنها أكثر من ستة أشهر بغير إذنها إلا لحاجة شديدة, كما بيناه في الفتاوى الآتية أرقامها: 22429 , 9035 , 55706.
وأيضا فإنه لا يجب على زوجتك أن تخدم أهلك، وإرغامها على ذلك غير جائز، فإن المرأة لا يجب عليها إلا خدمة زوجها فقط.
وما تذكر من خوفك من افتتان الناس بزوجك, يمكن التحرز منه بأن تسدل حجابا على وجهها عند الخروج بحيث يحجب عينيها عن نظر الرجال ولا يحول بينها وبين الرؤية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1430(13/6805)
طاعة الزوج وحكم موافقته لأمه في أغلب أحواله
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت أنا وزوجي وأمه، وأخته للحرم المكي، وبعد عدة أيام اتصلت ابنة عم زوجي وطلبت أن أقابلها في الحرم لكي يلعب أطفالنا مع بعض، وبالفعل لبيت طلبها، وعند دخولنا للحرم قلت لزوجي أريد أن أقابل ابنة عمك فرفض بحجة أنها لابد أن تسلم على أمه وأخته أولا، ولكن عند دخولي رأى زوجها زوجي فقام وسلم عليه، ثم ذهبت وسلمت عليها، ولعب الأطفال مع بعض، وعندما رجعنا للبيت إذا زوجي وأمه مغضبان مني، زوجي يقول أنا رفضت أن تقابليها وقابلتيها وذالك يعتبر من عصيان الزوج، ومرة أخرى عزم زوجي أهلي وطلبت منه أن أعزم النساء فرفض لأسباب خاصة به، ولكن لم ألح عليه ولكن عزمت النساء ولم تستجب إلا واحدة، وعندما رآها غضب بقوه وقال إنه عصيان. فهل يعتبر ما حدث عصيانا للزوج في كلا الحالتين علما بأنه يرفض أغلب الأشياء إرضاء لأمه وأنا لا أحد يراعيني. أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فابتداء ننبهك أيتها السائلة على أن الحرم الشريف زاده الله تعظيما وتكريما وأمنًا, ليس مكانا للعب الأطفال بل إنه مكان معظم لعبادة الله والتقرب إليه بالطواف والصلاة وسائر الطاعات, وأما اللعب فله أماكن أخرى، وراجعي الفتوى رقم: 2750.
وأما ما كان من زوجك وطلبه منك ألا تسلمي على زوجة ابنة عمه فإنه لا يجوز، وذلك لما فيه من الأمر بهجران المسلم دون مسوغ شرعي وهو حرام، وتزداد الحرمة إذا كان ذلك في المسجد الحرام لأن المعاصي تغلظ في الحرم كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 12665.
والأمر بترك السلام عليها شيء وذهابك إليها شيء آخر، فإن كنت قد التقيت معها وجها لوجه أو ما قارب ذلك فحينئذ لا حرج عليك في السلام عليها، لأن ترك السلام حينئذ يعتبر من الهجران والقطيعة، ولا تجوز طاعة الزوج في مثل هذا.
أما إن كانت بعيدة عنك وبادرت أنت بالذهاب إليها رغم نهي زوجك لك فأنت مخطئة حينئذ، إذ كان الواجب عليك الوقوف عند أمر الزوج.
وأما بخصوص النساء اللاتي نهاك عن دعوتهن فكان الواجب عليك أن تمتثلي أمره, وقد أخطأت حين عصيتيه في ذلك, إذ من حق زوجك عليك أن تطيعيه في مثل هذا بلا خلاف, فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه.
قال: النووي في شرحه لهذا الحديث:
والمختار أن معناه أن لا يأذن لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم والجلوس في منازلكم، سواء كان المأذون له رجلا أجنبيا أو امرأة أو أحدا من محارم الزوجة، فالنهي يتناول جميع ذلك، وهذا حكم المسألة عند الفقهاء أنها لا يحل لها أن تأذن لرجل أو امرأة ولا محرم ولا غيره في دخول منزل الزوج إلا من علمت أو ظنت أن الزوج لا يكرهه، لأن الأصل تحريم دخول منزل الإنسان حتى يوجد الإذن في ذلك منه، أو ممن أذن له في الإذن في ذلك، أو عرف رضاه باطراد العرف بذلك ونحوه، ومتى حصل الشك في الرضا ولم يترجح شيء ولا وجدت قرينة لا يحل الدخول ولا الإذن. والله أعلم. انتهى.
أما موافقته لأمه في أغلب الأوقات فهذا لا حرج عليه فيه بشرط ألا يحمله ذلك على معصية الله، أو يوقعه في ظلمك أو انتقاص حق من حقوقك, فإن فعل هذا فهو آثم وليس هذا من البر بأمه أصلا إذ البر إنما يكون بالمعروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1430(13/6806)
هل يجب على الزوجة المبيت عند أهل زوجها وتكرار زيارتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وزوجي نعمل في الخليج ولدينا طفلة والحمد لله، وفي إجازة الصيف نسافر إلى بلدنا، وأهل زوجي هم: والد زوجي، ووالدته، وإخوته ثلاثة شباب وفتاة. وأهلي وهم: والدي، ووالدتي، وأخوين. وإجازة زوجي فقط أسبوعان ويسافر وأنا أمكث بعده فترة أطول ثم ألحقه إلى الخليج، ومتفقان أنا وزوجي على مبيتي معه في بيت أهله بضعة أيام ثم أنتقل أنا للمبيت في بيت أهلي بقية إجازتي، وخلال هذه الفترة أقوم مع أهلي بزيارة أهل زوجي، علما بأنهم يسكنون في منطقة أخرى تبعد 80 كم عن منطقة أهلي، أما أهل زوجي فمتضايقون من هذا الوضع ويريدونني أن أبيت عندهم أكثر من ذلك وأن أزورهم بكثرة، وأيضا أن أقوم بخدمتهم حتى بعد سفر زوجي، وبصراحة فإن علاقتهم معي ليست طيبة وقد تسببوا لي ولزوجي بمشا كل جمة، ولكني والحمد لله أظل متواصلة معهم وعلاقتي مع زوجي طيبة، مبنية على الود والحب والاحترام، فهل ما يطلبون مني من زيارتهم المستمرة والمبيت عندهم وخدمتهم واجب علي خلال فترة إجازتي؟
أرجو الرد على سؤالي؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حسن عشرة المرأة لزوجها إحسانها إلى أهله، وإعانته على بر والديه وصلة رحمه.
أمّا عن سؤالك، فلا يجب عليك خدمة أهل زوجك ولا المبيت عندهم، أو تكرار زيارتهم، لكن إن فعلت شيئاً من ذلك فهو من الإحسان ومن مكارم الأخلاق، بشرط ألّا يترتب على ذلك خلوة بغير المحارم، أو اختلاط يؤدي إلى الفتنة، أو سفر بغير محرم، فذلك غير جائز، فإذا اجتنبت هذه الأمور المحرمّة، فما أمكنك فعله من صلتهم فهو خير، وما كان عليك فيه ضرر أو حرج فلتعتذري لهم برفق. ولتحرصي على حسن علاقتك بهم وبقاء المودة معهم، وذلك يسير، بالكلمة الطيبة والتغافل عن الهفوات، فذلك من حسن الخلق الذي يحبه الله، كما أنّه ممّا يجلب المودة والألفة بينك وبين زوجك، ويزيد احترامه ومحبته لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1430(13/6807)
زوجته ترفض السفر معه لكونها لا تطيق البعد عن أهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت زوجتي في وطني الأم بعد أن هيأت مسكنا ولوازمه والحمد لله في الإمارات العربية المتحدة حيث مكان عملي. عشنا مع بعض لمدة سنة كاملة في الإمارات، وكانت الأيام الأولى الأصعب لزوجتي حيث لم تتمكن من التأقلم مع الجو والعيش في بلاد الغربة، فكانت تبكي كثيرا وتشتاق إلى أهلها كثيرا. حاولت معها بكل الوسائل لكي تتعود على العيش في البلاد ونجحت إلى حد ما في الشهور الأولى غير أنها سرعان مع أصبحت متشائمة، وأصبحت لا تطيق العيش وترغب في الرجوع إلى بلدنا الأصلي، حاولت أن أقنعها مرة أخرى ولم أفلح. وعند عودتنا إلى بلدنا الأصلي لقضاء الإجازة ترفض العودة معي للعيش معا في الإمارات بدعوى أنها لا تطيق العيش بعيدا عن أهلها وأخواتها. أوضحت لها بأن قرارها يمكن أن يفرقنا إلى الأبد، لكن كل ذلك بدون جدوى، فهي تقول بأنها لا تريد أن أطلقها بل تريد أن تعيش هناك وأنا هنا، لكن هذا مضر لي جدا ولا أستطيع ترك عملي للعيش معها في وطننا فأنتم تعلمون كم هو صعب إيجاد عمل في أيامنا هذه. أرجوكم إفادتي عاجلا بالواجب عمله شرعا بما يرضي الله ورسوله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة يجب عليها أن تقيم حيث يقيم زوجها حيث كانت إقامته بمكان تأمن فيه على نفسها ومالها, كما بيناه في الفتويين رقم: 112100 , 114456
وعليه، فإنا ننصحك أن ترفق بزوجتك وأن تعلمها بأن هذا الذي تفعله غير جائز شرعا، ويمكنك أن تستعين عليها بأهل الحكمة والعقل من أرحامها كأبيها أو أحد إخوتها أو أعمامها, فإن أبت فهي ناشز، والناشز يسقط حقها في النفقة إلا إذا كانت حاملا كما بيناه في الفتوى رقم: 106833.
فإن أصرت وأردت طلاقها فلا حرج عليك حينئذ, ويجوز لك أن تعضلها بأن تمنعها من النفقة وتمتنع عن طلاقها حتى تختلع منك بمال على ما بيناه في الفتوى رقم: 121140.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1430(13/6808)
زوجها مفرط في صلاته ويطالبها بالمعاشرة المحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي غير ملتزم بأمور الحياة الزوجية مثل الغموض فى السهر حتى الصباح، وعدم المحافظة على صلواته، ومطالبه بالمعاشرة من الدبر، وإدخال أمه فى حياتنا بكل صغيرة وكبيرة، والآن أنا غاضبة منه لعدم مبالاته، لي من زواج دام ثلاث سنوات بدون أطفال بسبب الشك مني فيه، لأنه يخفى الهاتف عني وسبق وقد خانني، أرجو المساعدة لأنني أقيم حالياً مع والدتي منذ عشرة أيام دون اتصال منه، فماذا أفعل هل أعود وأنسى ما حدث لأنه عنيد ولا يهمه سوى والدته لأنه مستحيل فراقه لها رغم أن لديها بيتا وزوجا وأخوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت من ترك زوجك للصلاة، وخيانته، ومطالبته لك بالمعاشرة المحرمة، كل هذا حرام لا يجوز، والواجب عليك أن تمنعيه مما يطلبه بشأن الإتيان المحرم ولا تمكنيه منه.
وأما بره بأمه واهتمامه بها فهذا مما يحمد له ولا يذم عليه بحال، لكن الذي لا يجوز هو أن يحمله إحسانه لأمه على ظلم زوجته وهضم حقوقها، فهذا غير جائز لأنه مطالب أن يوفي كل ذي حق حقه.. كما أن خروجك من بيته وإقامتك في بيت أمك إن لم يكن له ما يبرره وكان بغير رضا منه فإنه يعد نشوزاً يجب أن تتوبي إلى الله منه.
فالذي ننصحك به هو أن ترجعي إلى زوجك، لأن الأصل أنه لا يجوز للمرأة أن تفارق بيت زوجها إلا لدفع ضرر لا تقدر على دفعه إلا بالخروج ونحو ذلك، مما سبق بيانه في الفتوى رقم: 65363.
ثم عليك بعد ذلك أن تقفي معه وقفة هادئة تذكريه فيها بحقوق الله عليه، وحرمة ما يفعله مما ذكرت، وتطالبيه أيضاً بحقوقك عليه، فإن استجاب لك وإلا فإنه يجوز لك طلب الطلاق منه، بل قد يكون هذا هو الأولى إذ لا خير في البقاء مع من يفرط في الصلاة ولا يتقي حرمات الله، ويضيع حقوق أهله عليه.
أما ما ذكرت من تعليلك لعدم الإنجاب منه فلم نفهم مقصودك منه، ولكنا على أية حال نقول: لا يجوز لك أن تمنعي زوجك من حقه في الإنجاب ولو كان على ما ذكرت من السوء والتفريط، لأن الإنجاب حق مشترك بين الزوجين لا يملك أحدهما الاستئثار به، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 118433.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1430(13/6809)
تريد الرجوع إلى بلدها وتشعر بأن زوجها غير راض
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ 14 عاما ولى ولدان، وبعد عامين من الزواج سافرت مع زوجي إلى إحدى البلاد العربية لظروف عمل زوجي بها، والآن أنا في هذا البلد منذ 11 سنة وعندي مشكلتان:
الاولى: رغبتي الشديدة في الرجوع إلى وطني وعدم قدرتي على الاستمرار في العيش فى الغربة، ومجاهدة نفسي منذ اليوم الاول على الاستمرار بجانب زوجي حتى أكسب رضا الله علي ورضا زوجى لكن - والله الذى لا إله غيره أنى لا أطيق الغربة والبعد عن الأهل- وزوجي لا يفكر بالرجوع أبدا الى الوطن.
والمشكلة الثانية: هي أنه بسبب السفر كانت أم زوجي تأتى لتمكث معنا فترة من الوقت والآن أصبح الوضع دائما، وتحدث مشاكل ومضايقات عديدة أحاول جاهدة الصبر عليها من باب بر الزوج وأهله، ولكن مؤخرا حالتي النفسية ازدادت سوءا وأريد أن أرجع مع أولادي إلى بلدي تفاديا للمشاكل، وزوجي لا يمانع ولكني أعرف أنه من داخله غير راض عن هذا.
هل إذا رجعت أكون آثمة في حق زوجي، مع العلم أننا من الممكن أن نأتي إليه مرتين في العام أنا وأولادي، وهو أيضا يستطيع أن يأتي إلينا مرتين في العام أيضا، بالله عليكم إني فى حيرة من أمري وأعاني كثيرا بسبب هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة تقيم حيث يقيم زوجها، إلا أن تكون قد اشترطت عليه في العقد ألا تخرج من بلدها فلها شرطها، أمّا إذا لم تشترط فالراجح عندنا أنّه يجب عليها طاعته إذا طلب منها الانتقال للعيش معه.
قال الحطّاب المالكي: للرجل السفر بزوجته إذا كان مأمونا عليها قال ابن عرفة:بشرط أمن الطريق والموضع المنتقل إليه. مواهب الجليل لشرح مختصر خليل.
أمّا عن سؤالك، فإذا أذن لك زوجك في الرجوع إلى بلدك فلا إثم عليك في ذلك، لكن مادمت تعلمين أنّه غير راض عن ذلك، فلا ينبغي لك الإقدام على هذا الأمر، فالأولى أن توطنّي نفسك على البقاء معه، إرضاءً لربك وتحصيلاً للمصالح الكبيرة، فإن اجتماع شمل الأسرة وتنشئة الأولاد بين أبويهم مصلحة عظيمة لا تقارن بضرر بعدك عن أهلك، وتواصلك مع أهلك ممكن بالاتصال بهم وزيارتهم في الإجازة السنوية.
أمّا إقامة أمّه معكم، فالأصل أنّ من حق الزوجة على زوجها أن يوفر لها مسكناً مستقلاً لا يشاركها فيه أحد من أقاربه ولا تتعرض فيه لضرر، لكن قد يتعذر ذلك على زوجك في مثل حالتكم، فيمكنك التفاهم مع زوجك لإزالة أسباب الخلاف، مع التغاضي عن الهفوات واجتناب نزغات الشيطان، ولا شكّ أنّ في صبرك على بقائها أجرا عظيما فإنّه من الإحسان إلى زوجك ومن إعانته على بر أمّه، وذلك ما يرجى أن يعود عليكم بإذن الله بالبركة في العمر والرزق والولد، واعلمي أنّك إذا جاهدت نفسك في مرضاة الله فسوف تجدين التيسير في الأمور.
قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا. {الطلاق:4}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1430(13/6810)
هل تسافر لزوجها وتترك عملها ووالديها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجى يعمل بالخارج، وأنا أعمل محاسبة في مصر، وقد مضت سنتان على سفره، لي 3 بنات، إنني محتارة أين الصواب؟ هل أسافر وأترك عملي ومرتبي، وأترك أبي وأمي، وأذهب إليه حتى تجتمع الأسرة، ولكني خائفة من المستقبل، ممكن الاستغناء عنه، وأنا أكون قد تركت عملي، لا أعرف ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك يطلب منك السفر إليه فلا يسعك إلا أن تجيبيه إلى ما يريد، ولو أدى ذلك إلى مفارقة أبويك وترك العمل، فإن طاعة الزوج واجبة، والزوجة يجب عليها أن تقيم حيث يقيم زوجها في حال أمرها بذلك، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 112100.
أما إذا لم يكن لديه مانع من بقائك في بلدك فلا حرج عليك حينئذ، ولكن الأولى أن تكوني بجواره محافظة على جمع شمل الأسرة، وقياماً بمصلحة الأولاد على أكمل الوجوه.
أما الخوف من ترك العمل وضياع الراتب تحسباً لحوادث الزمان، فهذا ليس في محله؛ لأن المستقبل بيد الله، ومن خاف الله واتقاه كفاه الله همه وصرف عنه السوء، ومن أعظم الطاعات التي تتقربين بها إلى الله طاعة الزوج والقيام بواجباته.
فإن أقلقك هذا، فيمكنك أن تأخذي إجازة من عملك بحيث تحتفظين بحقك في الرجوع إليه إذا أردت، وراجعي ضوابط عمل المرأة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 522، 7550، 8360.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1430(13/6811)
زوجته هددته بالقتل وخرجت بغير إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[حدثت مشادة كلامية مع زوجتي فقامت بتهديدي بقتلي، فقمت بالاتصال بأمها وأخبرتها بتهديد ابنتها لي بالقتل، فما كان منها إلا أن وجهت لي كلاما غير لائق، وقام أخوها بسبي وسب أبي، فقمت بضرب زوجتي فقامت بالذهاب للمطبخ وإحضار سكين لتهديدي بها، وأخذت منها السكين وضربتها، وبعد يومين وبتوجيه من أسرتها وبدون علمي وأثناء غيابي عن المنزل قامت بالذهاب لدكتور أطفال وبدون محرم معها، وعملت تقريرا طبيا وتطلب منها ذلك الكشف عن ذراعيها وأرجلها وكتفها حتى يرى الضرب ويعمل لها التقرير، وهذا بدون وجود محرم معها، رغم وجود نساء طبيبات في المستوصف، وعلمت بذلك التقرير بعد عددة شهور وحصلت من المستوصف على صورة منه، وزوجتي الآن بمنزل أهلها. فما هو حكم الشرع في هذه الزوجة، وماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما صنعته زوجتك من حمل السكين عليك تهددك بالقتل حرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أشار إلى أخيه بحديدة، فإن الملائكة تلعنه، وإن كان أخاه لأبيه وأمه. رواه مسلم وغيره.
قال النووي في شرحه على مسلم: فيه تأكيد حرمة المسلم والنهي الشديد عن ترويعه وتخويفه والتعرض له بما قد يؤذيه، وقوله صلى الله عليه وسلم: وإن كان أخاه لأبيه وأمه. مبالغة في إيضاح عموم النهي في كل أحد سواء من يتهم فيه ومن لا يتهم، وسواء كان هذا هزلا ولعبا أم لا، لأن ترويع المسلم حرام بكل حال، ولأنه قد يسبقه السلاح كما صرح به في الرواية الأخرى، ولعن الملائكة له يدل على أنه حرام. انتهى.
والأصل أن خروج الزوجة من بيتها لعمل مثل هذا التقرير الطبي لأجل أن ترفعه للقضاء مباح ولو بدون إذن زوجها، إذا كان الضرب بغير حق، وتعدى فيه الزوج عن الحد المشروع، كما بيناه في الفتوى رقم: 95195.
لكن خروج امرأتك هذا لا يجوز لأنها إنما ذهبت إلى طبيب، والمرأة لا يجوز لها أن تتداوى عند طبيب تتكشف عليه إلا في حالة عدم وجود امرأة، وبشرط أن يكون معها محرم على ما بيناه بالتفصيل في الفتوى رقم: 119878.
ولا فرق بين التداوي وبين خروجها لإعداد تقرير فإن خلوة الطبيب بها وتكشفها عنده لا يجوز إلا لضرورة.
وعلى كل فزوجتك هذه ناشز بما فعلته من الأفعال المذكورة وبما كان منها من امتناعها من الرجوع إلى بيتك.
وأما ما كان منك من ضرب لها فينظر فإن كان بقصد التأديب والزجر، ولم يكن مبرحا، وكان قد سبقه الوعظ والهجر ولم يفيدا فلا حرج عليك فيه. أما إن كنت قد تعديت في ضربها بحيث ألحقت بها ضررا فهذا حرام لا يجوز، كما بيناه في الفتوى رقم: 107501. وعليك أن تستغفر الله منه وتتحلل منها من ذلك.
والذي ننصحك به هو أن تجتهد في إرجاع زوجك إلى بيتك، وأن تعلمها ما هي بحاجة إليه معرفته من حقوق الله وحقوق الزوج وحرمة النشوز والعصيان، ثم تتوخى دائما الحكمة والصبر في التعامل معها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(13/6812)
السنة عند دخول الزوج بزوجته أول ليلة
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن من السنة في أول خلوة شرعية مع زوجتك كان الرسول صلي الله يطعم زوجته بيده حليبا أو حلوى، ويضع يده علي رأسها، ويقرأ القرآن، ويصلي معها صلاة نافله، فهل هذا صحيح؟ وهل دخول البيت بالرجل اليمنى من السنة؟ وإن كان ما قلته فيه خطأ، فما السنة أي كل أفعال الرسول صلي الله عليه وسلم بعد الزواج مباشرة أي بعد أول خلوة شرعية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يستحب لمن دخل على امرأته في أول ليلة أن يضع يده على مقدمة رأسها ويقول: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلت عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلت عليه ... وأما صلاة هاتين الركعتين فهو أمر ثبت عن بعض السلف، وقد سبق بيان هذا وغيره من الآداب الشرعية في ليلة الزفاف في الفتوى رقم: 10267.
وأما صفة الصلاة فإنها تكون جماعة، وتقوم المرأة خلف زوجها، أما ما ذكرت من إطعامه صلى الله عليه وسلم لزوجته الحليب فهو ثابت من حديث أسماء بنت يزيد بن السكن. والمقصود منه ملاطفة الزوجة وإزالة الوحشة عليها، جاء في كتاب آداب الزفاف للألباني رحمه الله: يستحب له إذا دخل على زوجته أن يلاطفها كأن يقدم إليها شيئاً من الشراب ونحوه لحديث أسماء بنت يزيد بن السكن قالت: إني قينت (زينت) عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جئته فدعوته لجلوتها، فجاء فجلس إلى جنبها فأتى بعس (القدح الكبير) لبن فشرب ثم ناولها النبي صلى الله عليه وسلم فخفضت رأسها واستحيت قالت أسماء: فانتهرتها وقلت لها: خذي من يد النبي صلى الله عليه وسلم قالت: فأخذت فشربت شيئاً، ثم قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أعطي تربك ... الحديث.
وأما السنة في دخول البيت فهي الدخول بالرجل اليمنى، وقد بينا ذلك وذكرنا كلام أهل العلم عليه، وذلك في الفتوىر قم: 41403.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(13/6813)
حكم الامتناع عن السكن الملاصق لأهل الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي أنا متزوجة، وزوجي يريد أن نسكن في بيت فوق بيت أهله، وأنا أرفض ذلك؛ لأن فيه تقييدا لحريتي، وأنا ضعيفة الشخصية، ولا أستطيع أن أدافع عن حقوقي خشية الوقوع في مشاكل، ولكن ما ألاحظه أن أهل زوجي يتضايقون كلما خرجت زوجة ابنهم الآخر، ألاحظ ذلك في وجوههم وأحاديثهم وغير ذلك يا سيدي، فإن أخا زوجي يسكن أيضا في نفس البناء (البناء ثلاثة طوابق) وكل واحد له طابق، وهذا يؤدي إلى وقوع الاختلاط أغلب الأحيان، صحيح أني لا أتكلم مع أخي زوجي إلا للضرورة إلا أن الاختلاط يزعجني.. ولا أستطيع أن أمنع هذا الاختلاط، وكذلك يا شيخي فإن الجيران عندما يزورونا (هم أيضا أقارب زوجي) فإنهم يخوضون في أحاديث لا تخلو من الغيبة، وأنا لا أملك الجرأة لأوقفهم عن ذلك، ولكني أحاول أن لا أخوض معهم في الحديث، فهل يحق لي أن أمتنع عن السكن في هذا المنزل أم ماذا أفعل، مع العلم بأن زوجي مصر على السكن فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن المسكن المستقل الذي تأمن فيه الزوجة على شؤونها وخصوصياتها هو حق ثابت كفلته لها الشريعة الغراء، وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 68642، 113430، 34802.
وما دام زوجك قد وفر لك هذا المسكن المستقل فإنه لا يسعك أن تمتنعي من السكن فيه، حتى ولو كان على ما ذكرت من كونه ملاصقاً لبيت أهله. وأما ما ذكرت من المفاسد المترتبة على ذلك، فإنه يمكن التحرز منها مع أن الانتقال إلى منزل آخر قد لا يقي منها، فمن جاءك منهم زائراً، ثم خاض في حديث محرم كغيبة أو نميمة فلا تنصتي له وذكريه بحرمة هذا، ومن بغى على حق من حقوقك فإن لك أن تطالبي به حتى تستوفيه، وإذا جاء أخو زوجك أو أحد أقاربه ممن ليس من محارمك ليدخل عليك في حال عدم وجود زوجك أو في حال تتحقق فيها الخلوة المحرمة فلا تأذني له، ولا تستحي في شيء من ذلك، فإن الحياء هنا مذموم، بل هذا ليس من الحياء أصلاً، ولكنه نوع من الخجل وضعف النفس، وراجعي الفرق بين الحياء المحمود والخجل المذموم الفتوى رقم: 66212.
فإن ضعفت عن دفع شيء من هذه المنكرات ولم تقدري عليه، فطالبي زوجك أن يكفيك إياه، فإنه راعي الأسرة والمسؤول الأول عنها أمام الله جل وعلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(13/6814)
حكم الإصرار على تأجيل الإنجاب دون موافقة الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[باختصار زوجتي لا تحب الإنجاب أو تخاف من الحمل فقد مرت لحد الآن 3 سنوات تقريبا منذ أن رزقنا الله بابنة ومنذ أشهر أحاول أن أقنع زوجتي بإنجاب مولود آخر لكن دون جدوى فهي تريد تأجيل الحمل لأشهر أخرى حيث قالت إنها ستتوقف عن تناول حبوب منع الحمل مع بداية شهر رمضان القادم إن شاء الله مع العلم أن زوجتي ماكثة بالبيت وتعيش مع والدي وليست لدينا ولله الحمد أي مشاكل أضف إلى ذلك أن شقيقاتها المتزوجات الأخريات فعلن نفس الشيء. فهل يجوز لها ذلك؟ وهل يجوز لي إجبارها على الحمل؟ إذا كان الجواب لا فكيف أقنعها؟ وهل يجوز لي شراء هذه الحبوب لها؟ وهل الأمر عادي من الناحية الشرعية؟ أفيدوني رجاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أهداف النكاح الجليلة ومقاصده العظيمة حصول الذرية وتكثير النسل، قال تعالى: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ {البقرة: 187} .
قال ابن عباس ومجاهد والحكم بن عيينة وعكرمة والحسن والسدي والربيع والضحاك: معناه وابتغوا الولد، يدل عليه أنه عقيب قوله: فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ. انتهى من تفسير القرطبي.
ويشهد لذلك النهي عن التزوج بالمرأة العاقر كما في النسائي وغيره وصححه الألباني من حديث معقل بن يسار قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أصبت امرأة ذات حسب ومنصب إلا أنها لا تلد أفأتزوجها؟ فنهاه، ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فنهاه، فقال تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم.
وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 65131 أن المرأة لا يجوز لها البتة أن تقدم على منع الحمل إلا بإذن زوجها طالما أنها لا تخشى منه ضررا محققا أو غالبا.
فعليك حينئذ أن تعلمها بالحكم الشرعي, وتذكرها أنه يحرم عليها مخالفتك في طلب الذرية والنسل, فإن أصرت فيجوز لك حينئذ أن تمنعها من تناول ما يمنع الحمل فإن هذا من حقك.
أما بالنسبة لحكم منع الحمل فقد سبق ذكره في الفتوى رقم: 55117.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(13/6815)
ترك امرأته أكثر من عام بلا نفقة ولا شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تحسب للمرأة عدة مع أنها غير حامل ولا يوجد لديها أولاد بعد أن تركها زوجها سنة وشهرا ولغاية الآن لم يسال عنها ولم ينفق عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعدة المرأة المطلقة تبدأ من وقت طلاق زوجها لها أو حكم الحاكم به، وعدة المدخول بها واجبة بالكتاب والسنة والإجماع، ولا فرق بين أن يكون الزوج حاضرا مع زوجته أو غائبا عنها، وتراجع الفتوى رقم: 1598.
فإذا طلق الزوج زوجته أو طلقها القاضي عليه وجبت عليها العدة ولو طال عهده بها سنين عديدة، لكن مجرد غيبة الزوج عن زوجته سنة أو شهرا أو أكثر مع عدم الإنفاق عليها لا يعتبر طلاقا بل تظل في عصمته يجب عليها ولها ما يجب على المتزوجات، لكن يحق لها أن ترفع أمرها للقاضي وتطلب الطلاق لعدم النفقة ثم تبدأ العدة بعد الطلاق إن حكم به، وراجعي الفتوى رقم: 2671، والفتوى رقم: 116133.
مع التنبيه على حرمة ما أقدم عليه هذا الزوج من ترك الإنفاق على زوجته وتضييع حقوقها، وراجعي أيضا الفتوى رقم: 8497.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1430(13/6816)
لا يلزم الزوجة أن تسكن مع أحد من أقارب الزوج إلا برضاها
[السُّؤَالُ]
ـ[كان الاتفاق بين أهلي وأهل زوجي أن يكون لي شقة وأن يجلس أخوه الذي يبلغ 22عاما ووالدته في حجرتين ومطبخ وحمام فوق شقتي ولكن بعد الزواج بشهرين نزلوا وأقاموا معنا في الشقة والمشكلة أن حماتي تدخل من تشاء في حجرة نومي بدون إذني وتدخل في أي وقت بدون استئذان وتخرج الأسرار تقريبا كل صغيرة وكبيرة للجيران وأسمعها تحرض زوجي علي وتدخل من يجالسها ويتحدثون في الأعراض وعندما أنهاها بلين تغضب وتبكي وتشتكيني للناس ولقد رزقني الله بطفل وكنت أنام كل ليلة باكية ومحتسبة مما يحدث منها لأنها كانت تضر طفلي بأفعالها مثلا تعطيه محشي وهو ابن 4 شهور وأشياء أخرى كثيرة ولقد سافر زوجي للعمل بإحدى الدول العربية ويرسل لها ما يزيدعن 1000جنيه شهريا وعلى الرغم من ذلك فتطلب الصدقة من الناس ومعها رصيد كبير في البنك فما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 52604، وغيرها أن المسكن المستقل حق من حقوق الزوجة وأنه لا يلزمها أن تسكن مع أحد من أقارب الزوج إلا برضاها، وقد تأكد هذا الحق بما تم الاتفاق عليه في العقد لأن الغالب أن هذا الاتفاق بين أهلك وأهل زوجك كان بعلم الزوج ورضاه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أحمد.
ولذا فإن ما فعله زوجك من إسكان أمه وأخيه معك لا يجوز لأنه هضم لحقك ومخالفة للشرط، بالإضافة إلى أنه لا يجوز لأخيه هذا أن يدخل عليك ولا أن يختلي بك لأنه ليس من محارمك، وعلاقة الرجل بزوجة أخيه لا بد وأن تكون على قدر كبير من الحيطة والتوقي لما يكتنفها من توفر أسباب الفتنة، لأجل هذا حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم تحذيرا خاصا من دخول أقارب الزوج على الزوجة وذلك لأن أقاربه يتاح لهم من أسباب الريبة والفساد ما لا يتاح لغيرهم، فقال صلى الله عليه وسلم: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. متفق عليه.
قال النووي: المراد في الحديث أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه، لأنهم محارم للزوجة يجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت. قال: وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابن العم وابن الأخت ونحوهم مما يحل لها تزويجه لو لم تكن متزوجة، وجرت العادة بالتساهل فيه فيخلو الأخ بامرأة أخيه فشبهه بالموت وهو أولى بالمنع من الأجنبي. انتهى.
ولا يجوز لأم زوجك أن تدخل أحدا إلى غرفة نومك إلا بإذنك، بل ولا يجوز لها هي أن تدخل إلا بعد الاستئذان، فأنت أولى الناس بالتصرف في البيت حال غياب زوجك، لما يشتمل عليه من حاجاتك وخصوصياتك.
وأيضا فإنه لا يجوز لها أن تتعامل مع طفلك بما يلحق به الضرر أو يؤذيه وعليك أن تمنعيها من ذلك.
والذي ننصحك به في هذا المقام أن تطلبي من زوجك أن يسارع بالتصرف لإصلاح هذا الوضع وأن تعلميه أنه لا يجوز لك شرعا أن تسكني مع أخيه فإنه وإن انتفت الخلوة بوجود أمه إلا أن الشيطان قد ينزغ والنفس قد تسوّل لا سيما مع طول غياب الزوج وكثرة الاحتكاك وأن الأم لا بد لها وأن تغادر البيت في بعض الأوقات.
ويحق لك أن تطالبيه بخروج أمه أيضا من مسكنك ورجوعها إلى مسكنها إنفاذا لما اشترطتموه عليه ودفعا للضرر الواقع عليك من بقائها معك، وإن كان الأولى لك أن تصبري على بقائها وحدها معك وأن تقابلي ما يكون منها بالعفو والصفح، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 79001.
فإن لم يستجب لك في ذلك فيجوز لك أن تتركي بيته وترجعي إلى بيت أهلك إلى أن يرجع من سفره لاسيما إذا خشيت حصول فتنة أو خلوة محرمة بينك وبين أخيه، فإن رجع ولم يصحح ذلك الوضع فيجوز لك حينئذ طلب الطلاق منه.
أما ما تقوم به أم الزوج من سؤال الناس مع استغنائها فهذا حرام كما بيناه في الفتوى رقم: 106065.
والواجب عليك هو أن تنصحيها وتعلميها بحرمة ذلك الفعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1430(13/6817)
شاركته زوجته في البناء فهل له أن يسكن من يريد بغير إذنها
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أستنير برأيكم في الموضوع الآتي: لقد تمكنت بفضل الله أن أبني مسكنا على الأرض التي أهدياني إياها والدي، والتي قيمتها حوالي ضعف قيمة المسكن المذكور. ولقد شاركتني زوجتي ماديا في عملية البناء بحوالي النصف. هل لي الحق أن أستضيف أحد أرحامي أخي أو أختي مثلا للسكن لأيام في هذا البيت بدون علم الزوجة التي تكره رحمي. والتي أعلم رفضها لهذا الأمر مسبقا. وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما أنفقته زوجتك في بناء هذا البيت لا يخلو من أمرين:
الأول: أن تكون قد أنفقته بنية الرجوع عليك به، أو مشاركتك في البيت بقدر ما أنفقته، وفي هذه الحالة فلها ما أنفقته، إما أن تعطيه لها، وإما أن تملكها بقدره من البيت كالربع أو الثلث مثلا.
الثاني: أن تكون قد أنفقته بنية الهبة والمساعدة لك في بناء البيت، فهنا لا شيء لها من ملكية البيت أو غيره، ولكن إذا أرادت الرجوع في ذلك واسترداد ما أنفقته فإن ذلك لها على الراجح.
قال في المغني: قال الأثرم: سمعت أحمد يسأل عن المرأة تهب، ثم ترجع، فرأيته يجعل النساء غير الرجال، ثم ذكر الحديث: (إنما يرجع في المواهب النساء وشرار القوم) ، وذكر حديث عمر: (إن النساء يعطين أزواجهن رغبة ورهبة، فأيما امرأة أعطت زوجها شيئًا، ثم أرادت أن تعتصره، فهي أحق به) رواه الأثرم بإسناده. انتهـ ى
وعليه، فإن كانت زوجتك قد أنفقت بنية الرجوع، وملكتها جزءا من البيت فإنها تصير شريكة لك في هذا المنزل فلا يجوز لك أن تسكن فيه أحدا دون إذنها طالما لم يتميز نصيب كل منكما بالقسمة.
قال الكاساني في بدائع الصنائع: ولا سبيل إلى التصرف في الملك المشترك والحق المشترك إلا برضا الشركاء. انتهى.
أما إذا لم يثبت مشاركة زوجتك لك في هذا المسكن فيجوز لك أن تسكن فيه من شئت بعلمها وبغير علمها، وليس لها منعك من ذلك، طالما أنك وفرت لها ما كفله لها الشرع من حقها في مسكن مستقل تأمن فيه على نفسها وخصوصياتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(13/6818)
الزوجة أولى بالإنفاق عليها وتوفير المسكن من الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أود أن أسألكم هذا السؤال راجية عدم التأخر بالاجابة. ولكم مني جزيل الشكر.
أم زوجي غير محتاجة للمال لأن والد زوجي ينفق عليها من راتبه. لا بل إنها توفر بعضا من المال الزائد عن حاجتها.. وأنا لا أملك سوى غرفة وحمام وزوجي دائما يقول لي بأنه وعندما يتوفر معه المال سيبني لي مطبخا مع الغرفة فقط ومن ثم يقوم بتحسين بيت أهله ليبدو عصريا نوعا ما، وبعد ذلك كله يكمل لي بيتي عندما يتوافر المال مرة ثانية، مع العلم أن بيت أهله كبير وواسع وما سيقوم به كماليات وليست ضروريات.
أنا لا أعلم هل معه حق بذلك أم أن الحق معي عندما أرفض وأطلب منه أن يبني لي بيتا كاملا ثم يحسن بيت أهله. وأتساءل لماذا لا تقوم والدته ببذل مالها الزائد عن حاجتها في ذلك إذا كانت ترغب فيه؟ مع العلم أني أجمع كل مايتوافر معي لمساعدة زوجي ولكن عندما أسمع كلامه لا أتشجع في مساعدته.
وما يزعجني أنه يقول لي بأن أمه أولى مني بالإنفاق فهل هذا صحيح؟ يا سيدي أنا أعرف أن الأم اذا كانت غير محتاجة فلا يجب على الابن أن ينفق عليها، فكيف إذا كانت تملك مالا زائدا عن حاجتها؟ زوجي لا يقبل أن نتناقش بذلك ويتهمني أني لا أحب أن يساعد أهله. والله ياسيدي لو كانوا محتاجين للمال لدفعته إلى الإنفاق عليهم قبل الإنفاق علي. أرجوكم انصحوني ماذا أفعل؟ فأنا دائمة التفكيربذلك وهذا سبب لي العديد من الأمراض. أرجوكم ساعدوني وانصحوني ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام والدا زوجك على ما ذكرت من الكفاية وعدم الحاجة للمال فإنه لا يجب على زوجك أن ينفق عليهما, ولكن لا شك أن ما يبذله لهم من المال من أعظم القربات وأفضلها، ولكنه يجري مجرى المستحب لا الواجب.
أما الإنفاق على الزوجة فهو واجب متحتم حتى ولو كانت غنية، وهي أولى بالإنفاق عليها من الوالدين كما بيناه في الفتوى رقم: 65045.
وكما تجب النفقة للزوجة فإنه يجب لها السكنى في مسكن يراعى فيه حال الزوجين من الغنى والفقر أو التوسط بينهما.
جاء في الشرح الكبير لابن قدامة: ويكون المسكن على قدر يسارهما وإعسارهما؛ لقول الله تعالى: (من وجدكم) ولأنه واجب لها لمصلحتها في الدوام فجرى مجرى النفقة والكسوة. انتهى.
وما دام بيتك على ما ذكرت من الضيق وتحتاجين فيه للتوسعة, وقد وسع الله على زوجك بما يستطيع به ذلك فإن الواجب عليه أن يبدأ بتوفير المسكن اللائق بك ولو بأجرة, ثم بعد ذلك له أن يفعل ببيت والديه ما يشاء من التحسينيات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1430(13/6819)
الزوجة تتصرف بمالها الخاص بما شاءت
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل خارج البلاد وزوجتي تريد صلة أرحامها من مالها الخاص بدون إذني فهل لها ذلك، وما هو المشروع للمرأة في صلة رحمها وفي أن يصلها رحمها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمال الزوجة لها التصرف فيه بما شاءت من هبة أو صدقة أو صلة رحم وغير ذلك ولا يلزمها استئذان زوجها في ذلك كما هو مذهب الجمهور وهو الراجح كما تقدم في الفتوى رقم: 76751، والفتوى رقم: 109830.
والرحم الواجب صلتها قد تقدم بيانها في الفتوى رقم: 11449.
وما تحصل به صلة الرحم يرجع فيه للعادة والعرف، فما تعارف عليه الناس أنه صلة فهو صلة، وما تعارفوا على أنه قطيعة فهو قطيعة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 29047.
علما بأن المرأة لا يجوز لها أن تدخل بيت زوجها من يكرهه وتراجع الفتوى رقم: 80959.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(13/6820)
امتناع المعقود عليها عن الوطء لحين الزفاف
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد شهرين إن شاء الله سوف يتم عقد قراني وخطيبي أعطانى كتابا في الدين يقول إني زوجته شرعاً عدا الدخول بي وأن له حق الاستمتاع بي، وأخبرني خطيبي بذلك ولكني قلت له إنه لن ينفع لأني أخاف أن نضعف ويؤدي ذلك للحمل ولكنه قال لي إنه لن يحدث شيء وأن من حقة الاستمتاع بي حتى لا يفتن لأن الفتن والمغريات كثيرة الآن وأن تلك الفتن والمغريات من لبس وعري تجعله يشعر بالضعف وأنه عقد النكاح حتى لا يقع فى الفتن والمغريات ويغضب الله، أنا لا أريد أن يحدث بيننا شيء يضعفنا ويجعلنا نغلط ويدخل بي دون علم أهلي احتراما للأعراف وأقول له إ نني سأمتنع عنه، ولكن ليس كلياً لأنه زوجي شرعاً، ولكني أريد أن تكون علاقتنا الخاصة خفيفة حتى لا نقع في الخطأ وهو يقول لي إنه أصبح زوجي وأنه لن يحدث شيء وإن لم أرض فأنا أغضب الله ويجب أن يستمتع بي كما يشاء عدا الدخول بي تحسباً للأعراف حتى لا ينظر لي المجتمع إن حدث حمل أو فقدت عذريتى نظرة سيئة أو يجعلني أنا وأهلي في حرج إن حدث شيء بيننا لا قدر الله ولكني أعرف أن هذا الاستمتاع بالتأكيد سوف يوقعنا في الخطأ فهل أرضيه كما يقول أم ماذا أفعل فأنا أخاف أن نضعف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت مجرد مخطوبة فأنت أجنبية عن خطيبك لا يجوز له منك شيء بل شأنك معه شأن الأجنبيات، أما إن كان قد عقد عليك لكنه لم يتم الدخول بعد، فقد أصبحت زوجة له في شرع الله وحكمه، ويجوز له منك ما يجوز للرجل من زوجته.. لكن ينبغي مراعاة الأعراف التي جرت ألا يتم الوطء إلا بعد الزفاف خشية أن يحصل الحمل، ثم يحدث ما يمنع من الدخول فيقع الجميع في الحرج، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 62139.
ولذا فإنا نرى أن امتناعك عنه بالقدر الذي تخشين منه الوقوع في الجماع جائز وأنه لا حرج عليك فيه، ويمكن للزوج إن كان يريد ذلك أن يتعجل إتمام الزفاف فهذا حقه ولا يجوز لأهلك أن يماطلوه في ذلك.. مع التنبيه أن للمرأة أيضاً الحق في الامتناع عن زوجها قبل قبض المهر الحال.
قال المرداوي في الإنصاف: ولها أن تمنع نفسها قبل الدخول حتى تقبض صداقها الحال.
وقال الإمام النووي في المنهاج: ولها حبس نفسها لتقبض المهر المعين والحال لا المؤجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1430(13/6821)
هل للزوجة أن تطالب زوجها بإلغاء التوكيل الرسمي لأخته
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي وكل أخته منذ أكثر من 3 سنوات بتوكيل رسمي شامل بالبيع والشراء أي أن تكون في ماله كأنه هو تصرفاً كاملا، والسبب أنه كان في سفر إلى العراق، وللأسف خاف أن يموت ويورث فيه غير أمه وأخته أي من أقاربه، وتحدثت معه بعد ذلك أن الميراث لله يورثه لمن يشاء. المهم أنه عاد وتزوجني وهو الآن في المدينة المنورة يحيا هناك في سلام وأمان، وأنا اخشي بشكل كبير على نفسي وعلى أولادي أن نكون في قبضة أخته، والحقيقة أنها أمينة وصالحة، ولكن زوجها غير مؤتمن، وهو دائما ما يدفعها لتستدين من زوجي أو يستدين هو مباشرة منه. أرجو أن أعرف حكم هذه الوكالة؟ وهل يجوز لي أن أطلب منه فسخها للتضرر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوكالة عقد جائز متى ما أراد زوجك فسخها فله ذلك، سيما إن خشيت ضررا من زوج تلك المرأة فلا حرج عليك في إخبار زوجك ليفسخ تلك الوكالة.
وأما استدانة الوكيل لنفسه من مال الوكالة فلا تجوز له دون إذن خاص من موكله، بل حتى شراؤه لنفسه من مال موكله لا يجوز على الراجح. قال ابن قدامة في المغني: وشراء الوكيل من نفسه غير جائز وكذلك الوصي. وهو مذهب الشافعي وحكي عن مالك والأوزاعي جواز ذلك فيهما. اهـ
وذلك لوجود التهمة، فإن كان أذن لها في أن تستدين لنفسها أوغيرها جاز لها ذلك، وإلا امتنع. وراجعي الفتوى رقم: 51388.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1430(13/6822)
الصبر على الزوجة والاجتهاد في إصلاحها
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت فتاة تربطني بها قرابة من درجة بعيدة، تمت الخطبة وسافرت وتم الزواج بعد عام من الخطوبة، ومر على زواجنا ستة أشهر وقالت لي إنها في الماضي كانت تحب ابن جيرانهم وقال لها أصدقاؤها لماذا توافقين علي خطوبتك ألا تخافين من زعل حبيبك قالت لهم هذا ميسور الحال وسيعيشني في المستوي الذي أتمناه، وأيضا هذا نصيبي وجاءني، ثم سألتها هل يوجد ما تخفينه قالت لا، فضغطت عليها فقالت إنها كانت تذهب إلى منزل حبيبها بحكم أنه جيرانهم، وعندما ذكرت اسم من تحب تذكرت أنه في فترة الخطوبة كانت تقول لي لو رزقنا الله بولد سوف أسميه فلانا علي اسم حبيبها، فقلت لنفسي اترك هذا الأمر ما دام هذا في الماضي، وأحاسب زوجتي بدءا من يوم دخولها بيتي، ولكن فوجئت أنها ما زالت تحبه وتفكر فيه، والأدهش من ذلك والذي ينقسم له ظهر البعير أنه عندما علمت بوفاته انهارت بالبكاء والدموع، وسألتها لماذا تبكين قالت فلان مات تقصد حبيبها، وبعدها اعترفت أنها فعلا كانت تحبه وتفكر فيه.
أرجوكم بماذا تنصحونني، أريد طلاقها وأخاف أن يوجعني ضميري بعد الطلاق، حيث إنها قالت لو طلقتني أهلي سيذلونني في البيت وحياتي ستتدهور، ولكن برغم ما حدث لا أجد عندها تغييرا وأنها تعاندني في كل شيء، ولا تقدر أني ما زالت متمسكا بها رغم ما ارتكبته من خطأ في حقي.
وأيضا أفكر في أنه لو طلقتها سوف تحدث فضيحة لأهلها على اعتبار أن عمرها 18 عاما ومضى على زواجها ستة أشهر، وأنها ليست بجميلة وسوف يتدهور حالها ولا تجد من يقترب منها للزواج، وأيضا سوف تحدث فضيحة أكبر لو تم الطلاق بالفعل؛ لأن أهلي كلهم عرفوا ما ارتكبته زوجتي من خطأ في حقي وربما يقولون سبب الطلاق أن زوجته كانت كذا وكذا ويذكرون الموضوع وتكون الفضيحة أكبر
وأتذكر أنها قالت لي لو تريد تتزوج تزوج لكن أبقني معك، على ذمتك، وأنا أخاف أن حالي يتدهور بالزواج من اثنتين حيث إني لست ميسور الحال.
بالله عليكم انصحوني ماذا أفعل في حيرتي هذه، وأذكركم بقوله سبحانه وتعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على زوجتك أن تتقي الله، وأن تعرف لك حقك كزوج فتطيعك في المعروف، فإن عصت وتعالت عليك كانت امرأة ناشزا، وقد أرشد الشرع الحكيم إلى الخطوات التي يمكن أن يعالج بها نشوز الزوجة وهي مبينة بالفتوى رقم: 1103.
وعلى كل فإننا نوصيك بالصبر عليها والاجتهاد في إصلاحها، فإن استقام أمرها فبها ونعمت، وإن استمرت في نشوزها، فلا خير لك في معاشرة امرأة لا تحفظ لزوجها قوامته عليها، فإن وقع الطلاق فهي التي جنت على نفسها بذلك، وحاجتها لبقائها في عصمتك ينبغي أن تكون من أقوى دواعي حرصها على طاعتك.
وعلى كل حال الأمر راجع إلى قدرتك على التحمل والصبر عليها،وقدرتك على إصلاحها وتعليمها ما يجب عليها من الحقوق تجاه زوجها.
نسأل الله لها الهداية والاستقامة على الجادة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1430(13/6823)
زوجها ينفق على نفسه بسخاء ويبخل عليها وعلى أولادهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم أن تعطوني رأيا في مشكلتي؛ لأني قررت أن أحتكم لرأيكم وأن أنفذه لأنه ليس هناك من أثق برأيه غيركم.
أنا سيدة متزوجة من 10 سنوات، ولدي طفلان، غير سعيدة بحياتي مع زوجي، وباختصار إليكم بعض منغصات حياتي التي تجاوزت عنها لمده 10 سنوات لكي تستمر الحياة وأربي الطفلين بأقل الخسائر.
يرفض أن ننام معا بغرفه واحدة بتاتا رغم أن علاقتنا الخاصة مستمرة، لكن ممنوع المبيت معه بنفس الغرفة، والسبب هو لعدم إزعاجه وهو نائم مما يسبب لي ألما وحرجا شديدين.
يسافر للفسح للخارج بمفرده، ويزور العديد من البلاد بهدف السياحة ويصرف الألوف في سبيل ذلك، ويتركني بالأسابيع بمفردي بحجة، إذا أردت تتفسحي وتسافري ادفعي، وأنا إمكانياتي المادية أقل منه بكثير فلا أقدر على مسايرته والسفر معه مما يسبب لي ألما نفسيا شديدا لأني أشعر بالاحتقار.
يصرف على نفسه مأكلا ومشربا بسخاء شديد (علما أنه يحضر لنفسه مأكولات ومشروبات وحلوى له فقط) ويقتر في مصروف البيت ويحاسبني عليه بشدة لدرجة أني أغلب الأحيان أستلف لأتمكن من أن أكمل الشهر.
أنا أعمل موظفة ولكن راتبي بالكاد يكفيني؛ لأنني أتحمل مصروفاتي الخاصة فهو لا يتحمل أيا منها، وكذلك مصروفات الأولاد اليومية ويطالبني بالمزيد من المصروفات التي لا أقدر عليها، فلقد حفزني على شراء سيارة وإلى الآن أسدد مصروفاتها، مع العلم أن هذه السيارة نستعملها معا ومريحة للأولاد.
أعيش مع أمه ببيت واحد وغير مرتاحة معها علي الإطلاق فهي شديدة التدخل بجميع أمور حياتي حتى البسيطة منها.
يستيقظ من نومه الساعة 12 ظهرا أكون أنا بعملي وأطفالي بمدرستهم ويعود من العمل في الثانية فجرا مع العلم أنه يعمل هذا بإرادته فمواعيد عمله الرسمية من الساعة 9 صباحا إلي الساعة 5 عصرا وهو بحكم كونه مديرا للشركة ومعه المفاتيح يتصرف بكامل حريته في مواعيد عمله، وعليه فإنه لا يراني أنا والأولاد سوى أيام الجمع فقط نظرا لاختلاف مواعيدنا تماما بسببه.
سيدي بعد تحملي لمدة 10 سنوات لهذه التصرفات والألم النفسي المصاحب لها قام بتمزيق ملابسي التي أرتديها واتهمني بالسرقة لماذا لأنني أخذت منه 38 جنيها لشراء طعام للأولاد، فهو يتركني بدون مصاريف وأضطر لأصرف من راتبي لكن هذه المرة أخذت المبلغ منه لأعرفه أن يترك لنا ما يلزمنا من مصروفات، فكانت النتيجة تمزيق ملابسي من على جسمي واتهامي بالسرقة.
سيدي أنا إلى الآن لم اتخذ القرار النهائي، فأنا أميل إلى الانفصال لأني ضقت به، وليس عندي أمل أن يصلح من نفسه، فهو أناني يعيش لنفسه فقط، ولا يعلم شيئا عنا وفي الوقت نفسه أخشى علي مستقبل أولادي، وأن يتمزقوا بيننا، فهل أستمر وأنا متضررة، أم أنفصل وأترك أولادي للضياع بيننا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب السائلة في نقاط: النقطة الأولى: ما يقوم به زوجك من السفر للنزهة بمفرده فلا حرج عليه في ذلك طالما أنه لا يتغيب عنك زيادة عن ستة أشهر، وهي المدة التي حددها الشرع لفراق الرجل زوجته بغير إذنها دون سبب معتبر. وكذا نومه في غرفة غير التي تنامين بها لا حرج عليه فيه كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 108973، وإن كان هذا كله خلاف الأولى خصوصا إذا تأذت الزوجة من ذلك.
الثانية: ما يقوم به من تقتير على أولاده في النفقة بحيث يضطرك إلى الإنفاق عليهم وعلى البيت من مالك الخاص، وكذا تركه للإنفاق عليك جملة كل ذلك حرام لا يجوز. وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم: 113285، وأوضحنا هناك بالتفصيل ماهية النفقة الواجبة على الزوج.
وعليه فلا تلزمين أنت بالنفقة لا على نفسك ولا على أولادك، ولا يلزمك ما اشتريت لهم من سيارة ونحو ذلك. بل يجوز لك أن تأخذي من ماله ما يكفيك من النفقة ويكفي أولادك بالمعروف، ما دام مانعا للنفقة أو مقصرا فيها، وما فعله معك من الإهانة والاتهام بالسرقة بعد أن أخذت شيئا من ماله حرام وزيادة منه في الظلم والعدوان.
الثالثة: وهي إسكان أمه على حالة تتضررين من سكنها فيها معك غير جائز إلا برضاك، وسواء صدر منها أذى لك أم لم يصدر، وقد سبق أن بينا في عشرات الفتاوى السابقة أن الزوج يلزمه أن يسكن زوجته في مسكن مستقل بها، ولها أن تمتنع من السكن مع أحد من أقاربه حتى والديه كما بيناه في الفتوى رقم: 112772.
الرابعة: بخصوص طلب الطلاق منه فلا ننصحك بالتعجل في ذلك، بل الزمي الصبر مع محاولة إصلاحه، فالحياة في غالب أحوالها مليئة بالمنغصات والمشكلات، ولا يكاد أحد يسلم من ذلك، ولا يخفى عليك ما في الطلاق من تشتت الأولاد وضياع مصالحهم في الأعم الأغلب.
أما إن يئست من إصلاحه وضاق صدرك منه ولم تطيقي صبرا على أذاه وإضراره بك فلا حرج عليك حينئذ في طلب الطلاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(13/6824)
لبي مطالب زوجك ولا تقصري في شيء منها
[السُّؤَالُ]
ـ[أشعر بغيرة كبيرة على زوجي وخاصة من زوجة أخيه التي تلبي له كل طلباته في المنزل وأنا لا أريد هذا.
أريد أنا أن أقوم بزوجي وكل يوم أعمل له مشكلة بسبب غيرتي فما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغيرة أمر محمود إذا كانت في موضعها ولم تتجاوز حدّ الاعتدال، وانظري الفتوى رقم: 24118.
وقد جعل الشرع حدوداً وآداباً لتعامل الرجال مع النساء الأجانب، تسدّ أبواب الفتنة وتحافظ على طهارة القلوب، وحذر الشرع من التهاون في تلك الحدود مع أقارب الزوج، فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ قَالَ الْحَمْوُ الْمَوْتُ متفق عليه. الحمو: أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج.
أمّا عن سؤالك، فالذي ينبغي عليك فعله بدلاً من إثارة مشكلة مع زوجك، أن تلبّي مطالبه ولا تقصريّ في شيء منها ولا تدعي مجالاً لزوجة أخيه لتقوم بخدمته، مع الحذر من إساءة الظن وكثرة الاتهام، وينبغي أن تصارحي زوجك برفق بأنّ عليه أن يطلب منك ما يريد، لا أن يطلبه من زوجة أخيه، مع حرصك على طاعته في المعروف وحسن التبعّل له، والتعاون معه على طاعة الله والتقرّب إليه وتعلّم ما يلزم من أمور الدين.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 24729.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(13/6825)
تزوجت قبله مرتين ولم تخبره بأولاهما فهل يعد خداعا
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرفت على زوجتي وكانت متزوجة قبلي لمدة 3 سنوات دون أولاد، ثم عملت مخالعة وعندما سألتها أخبرتني سبب المخالعة.. ثم بعد زواجي بها أخبرتني أمي أن زوجتي قبل زواجها السابق كانت أيضاً متزوجة بعقد كتاب شيخ دون أن يثبت بالمحكمة ولم يحدث زفاف وطلبت الطلاق ثم تزوجت زوجها السابق.. وقد علمت أمي قصة زواج زوجتي مرتين قبلي صدفة من الأهل (حيث زوجتي تقربني قرابة بعيدة ولم أكن أعرفها قبل زواجي) .. وعندما أخبرتني أمي بالموضوع فاتحت زوجتي بالقصة وأخبرتني صحة الموضوع.. وعندما عاتبتها لماذا لم تخبريني بالموضوع بأنك كنت متزوجة قبلي مرتين وليس مرة واحدة فقالت لي لأن الأول دون زفاف فقط لمدة سنة عقد شيخ أثناء الخطبة وافتكرت أن أهلك (خالي كونه يقربها أيضاً) قد أخبروك بالموضوع قبل التقدم لخطبتي من أهلي.. فأخبرتها أنني لم أكن أعلم بذلك، سؤالي هل ما أخفته عني زوجتي لا يجوز شرعاً، فماذا يترتب على هذا الموضوع بالنسبة لي، علماً بأن حجة زوجتي بإخفاء زواجها الأول عني غير مقنع لأنني عند التقدم لخطبتها سألتها عن سبب طلاقها من زوجها السابق كمعلومات يجب علي معرفتها وهنا كان يجب على زوجتي أن تسأل نفسها لماذا لم يسألني أيضاً عن سبب طلاقها الأول فربما لا يعلم بذلك وليس الاستناد على فرضية أن خالي ربما قد أخبره، ف أفيدوني وانصحوني عن رأي الشرع بذلك وعلى الصعيد الشخصي كرجل أحسست أني خدعت؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته زوجتك من عدم إخبارك بزواجها الأول جائز شرعاً، ولا حرج فيه، وليس هذا من الخداع كما تظن، ولا يلزم الزوجة إخبار زوجها بزواجها السابق، وانظر لذلك الفتوى رقم: 44617.
ولا يترتب على علمك بهذا الأمر شيء فهذا الأمر لا يؤثر على حياتك الزوجية ولا يضرك شيء، فالذي ننصحك به أن تعرض عن هذا الأمر ولا تقم له شأناً، وعاشر زوجتك بالمعروف وأحسن صحبتها، ولا تفتح باباً للشيطان ليفسد بينكما، وتعاونا على طاعة الله وإقامة حدوده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(13/6826)
حكم منع الزوج امرأته من التصدق بمالها
[السُّؤَالُ]
ـ[أشتغل وأوفر كل معاشي من أجل أن نعمر بيتا، وزوجي لا يريد أن آخذ من معاشي قرشا واحدا من أجل الصدقة، بل يريد أن يعطيني من نقوده للصدقة. هل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لزوجك أن يجبرك على المساهمة في تعمير البيت ونفقاته؛ لأنه هو المطالب بالإنفاق لا أنت. قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ {النساء:34}
وكذلك ليس لزوجك منعك من إخراج زكاتك الواجبة. ولا يصح إخراج الزكاة عنك بدون إذنك، سواء كان ذلك من مالك أو تبرع به من ماله، ولا يجزئ. فإن فعل بدون إذن منك لم يجزئ عنك؛ لأن نية المزكي شرط في إجزاء الزكاة. وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 12582
وكذلك ليس له منعك من صدقة التطوع من مالك، وإنما اختلف الفقهاء في منع الرجل زوجته من التصدق بما زاد على ثلث مالها، والجمهور على أن ليس له منعها.
قال ابن قدامة في المغني: ظاهر كلام الخرقي أن للمرأة الرشيدة التصرف في مالها كله بالتبرع والمعاوضة. وهذا إحدى الروايتين عن أحمد، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وابن المنذر. وعن أحمد رواية أخرى: ليس لها أن تتصرف في مالها بزيادة على الثلث بغير عوض إلا بإذن زوجها. وبه قال مالك.ا. هـ
ويستحب للمرأة استئذان زوجها عند صدقة التطوع. وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 61510، ورقم: 9116.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(13/6827)
حكم امتناع الزوجة عن الفراش بلا عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[متزوج منذ ما يقارب العشرين سنة عندي أربع أولاد، باختصار زوجتي ترفض الجماع. أنا مؤمن وأصلي والحمد لله، فأضطر إلى العادة السرية. ما الحكم وماذا علي أن أفعل؟ هل يجوز أن أتزوج؟
ولكم الجزاء من رب العالمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوجة أن تمتنع عن زوجها إذا دعاها لفراشه، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح.
فإذا امتنعت الزوجة عن ذلك من غير عذر فهي امرأة ناشز، وقد بين القرآن كيفية التعامل مع الناشز، وقد ذكرناه بالفتوى رقم: 1103، فعليك باتباع هذه الخطوات مع زوجتك، وأما زواجك بأخرى فأمر مشروع إن كنت قادرا على العدل بينهما.
وأما العادة السرية فإنها محرمة، ولها كثير من المضار على المرء في دينه ودنياه، وليس امتناع الزوجة عن الفراش بمسوغ لها، فالواجب عليك التوبة مما فعلت منها في الماضي، والواجب عليك الحذر من ممارستها مستقبلا، وراجع الفتوى رقم: 7170.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1430(13/6828)
مباشرة الزوجة شراء مستلزمات البيت.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[لي سؤالان بارك الله فيكم:
ما الحكم إذا كان الزوج يصر على أن تشتري المرأة طلبات البيت من أكل وشرب ببطاقة الفيزا على أن يسدد بالربا بمعرفة الزوج، ونصحته كثيرا دون فائدة، وكذلك يرفض أن ينزل ويشتري هو بنفسه وهي الآن تضطر لأن تشتري بالبطاقة الأكل والشرب لأنه لا يعطيها مالا يكفي للأكل، ويقول لها تريدين شراء الأكل اشتري بالفيزا؟
السؤال الثاني هو: أن نفس الزوج وضع وديعة في البنك ينزل عليها طبعا فائدة ربوية باسمه هو، ولكنه عنده دائما وسواس أنه سيمرض ويحتاج المال، فعمل للزوجة تفويضا للتصرف في هذا المال لكنه ليس باسمها هي وإنما وقعت على تفويض للتصرف فيه إن احتاج الأمر لذلك، لأنه يظن أنه سيد خل المستشفى في أي وقت ويحتاج أن يسحب أحد له هذا المال.
فهل عليها إثم بهذا التفويض في المال الربوي، علما بأنه ليس باسمها وكذلك لا تأخذ من فوائده ولا تعرف عنها شيئا، فهل تعتبر شاهدة على الربا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مباشرة شراء مستلزمات البيت وحاجاته من طعام وشراب وغيره يرجع فيه للعرف، فإن كان العرف قد جرى بأن تشتري المرأة هذه الأشياء من الخارج فعليها حينئذ مباشرة الشراء، إلا أن يتبرع الزوج ويكفيها مؤنة ذلك.
أما إذا جرى العرف بأن الرجل هو الذي يشتري هذه الاشياء فلا يجوز حينئذ أن تجبر المرأة على شرائها إلا أن تتطوع بذلك، وعبارات الفقهاء في تحديد الخدمة الباطنة التي تلزم بها المرأة تدل على هذا المعنى، جاء في فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك: وعليها استقاء الماء إن كان عادة البلد. انتهى.
وجاء في شرح مختصر خليل: يعني أن المرأة إن لم تكن أهلا لأن يخدمها زوجها بأن لم تكن من أشراف الناس بل كانت من لفيفهم، أو كان زوجها فقير الحال ولو كانت أهلا للإخدام، فإنه يلزمها الخدمة في بيتها بنفسها أو بغيرها من عجن، وكنس، وفرش، وطبخ، واستقاء ماء من الدار أو من خارجها، إن كانت عادة بلدها إلا أن يكون الزوج من الأشراف الذين لا يمتهنون أزواجهم في الخدمة فعليه الإخدام وإن لم تكن زوجته من ذوات الأقدار. انتهى.
هذا كله مع أمن الفتنة، أما إذا خشي حدوث فتنة أو وقوع شر من خروج المرأة للأسواق لشراء مثل هذه الأشياء، فيجب عليه منعها وعلى الرجل أن يكفيها ذلك.
وأما ما يطلبه منك من التعامل بالفيزا المشتملة على عقد ربوي فلا يجوز لك موافقته في ذلك لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان.
وأما قبولك التفويض للتصرف في ماله المودع في البنك فإنه لا حرج فيه -إن شاء الله- إذا كان تصرفك في رأس المال دون الفوائد، لأنه لا حق له في هذه الفوائد، والواجب عليه أن يصرفها في منافع المسلمين العامة أو يدفعها إلى الفقراء والمساكين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1430(13/6829)
الأولى كون الزوج مع زوجته في منطقة السكن
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أستشيركم في أمر وهو أنني أعمل في منطقة تبعد 1000 كيلو متر عن المنطقة التي أسكن فيها. فهل يجوز لي أن أترك عملي رغبة في الاستقرار أي قصدي أريد أن أتزوج وأسكن مع زوجتي ولا أريد أن أتركها، والمنطقة التي أعمل فيها لا أستطيع أن أسكن فيها. فأفيدوني بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فلا شك أن استمرارك في هذا العمل مع عدم تمكنك من الاستقرار، والسكنى في مكان عملك، ورغبتك في الزواج والاستقرار مع زوجتك فيه عنت ومشقة، ولا شك أيضاً أن اجتماع الزوج مع زوجته في مكان واحد فيه من المصالح ما لا يخفى، فإن الله سبحانه جعل الزوجة سكناً يسكن إليه الرجل، فقال سبحانه: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا. {الأعراف:189} .
ولا يتحقق هذا المقصود مع افتراقهما وبعد كل منهما عن صاحبه، وعليه، فإذا أمكن أن تجد عملاً في بلدتك فهذا المطلوب وإن لم يمكنك فانظر في أمرك.
ونوصيك باستخارة الله جل وعلا فيما تريد الإقدام عليه، فإنه ما ندم من استخار، وقد سبق بيان صلاة الاستخارة في الفتوى رقم: 77013.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1430(13/6830)
طاعة الزوج في عدم زيارة الجارة وقبول هديتها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي منعني من زيارة جارة لي فى منزلة أمي، وقد سبق أن حصلت مشاجرة معها من قبل، فهو يريد ألا نختلط معها مرة أخرى، ولكن هي قادمة من العمرة وهو لا يريد أن آخذ منها أي هدايا بل أرفضها ولا آخذها. فأنا أريد معرفة هل أسمع كلامه وأرفض الهدية منها أو أزورها أم ماذا أعمل؟ أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى قد جعل القوامة للرجل على المرأة، قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أموالهم. {النساء:34} .
وقد أوجب على المرأة طاعة زوجها في المعروف.
روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.
ومن المعلوم أنه لا يلزم المرأة زيارة جارتها أو قبول هديتها، وإذا تعارض عندنا أمر واجب وآخر غير واجب فيقدم الواجب قطعا، والواجب هنا هو طاعة الزوج، وقد ذكرت أنه حدثت لك مع هذا المرأة بعض المشاكل، فلا تقدمي على زيارتها بدون موافقة الزوج، وبإمكانك تهنئتها بالاتصال عليها.
وإن كانت هذه المرأة لا يخشى منها شر في المستقبل، وأمكنك إقناع زوجك بالموافقة على زيارتها وقبول هديتها فلا شك أن ذلك أولى. ولمزيد الفائدة راجعي الفتويين: 13739، 49264.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1430(13/6831)
خدمة الزوجة في بيت زوجها وحكم مساعدة بناتها لها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على الوالدة أي من الأعمال المنزليّة مثل التنظيف، وإعداد الطّعام، والمسح..الخ ... ؟ وهل يجب على بناتها المساعدة؟ أم إحضار خادمة هو الأفضل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قيام المرأة بالأعمال المذكورة إن كان من أجل خدمة زوجها، فالصحيح أنه يجب على المرأة أن تخدم زوجها فيما تقوم مثلها به أو مما جرت به عادة مثيلاتها من النساء، كما سبق بيانه في الفتويين: 106936، 13158.
وإن كانت تقوم بذلك من أجل بناتها، فلا يجب ما دمن قادرات على ذلك، وأما قيام الولد ذكرا أو أنثى بخدمة والدته فيجب عند الحاجة، وإذا أخدمها خادمة لم يلزم أن يقوم بذلك بنفسه.
وعليه، فإذا قامت بناتها بمباشرة خدمتها بأنفسهن، فهذا هو الأولى والأفضل والأبر؛ تطييبا لخاطر أمهن، وإمعانا في برها وإكرامها، وإلا فلا تتعين مباشرة خدمتها؛ لأن المقصود رعاية الأم وتعاهدها، سواء حصل ذلك منهن مباشرة وهو الأولى، أو بتأجير من تتولى ذلك.
وعموما، فإن مساعدة البنات لأمهن مطلوبة شرعا، ومن الإحسان والبر، لا سيما في مرحلة الكبر التي هي أحوج ما تكون إليهن فيها، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف. قيل من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم.
وحق الوالدين عظيم، ومهما فعل الأولاد مع والديهم فلن يوفوهم حقهم.
روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 114981.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1430(13/6832)
موقف الزوج إذا عصته امرأته وهربت مع صديق لها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يا شيخ أني تزوجت من ابنة عمي، وأنا أعمل بالخارج، وبعد الزواج ظهر لي منها أشياء كثيرة، حيث كانت دائما تخالفني ولا تطيعني في أي شيء، وكنت دائما أتنازل من أجل صلة الرحم ومن أجل والدها، وبعد الزواج بشهرين سافرت لأني أعمل بإحدي الدول، وحينما طلبتها لترافقني رفضت، وأعدت المحاولة مرات وقابلتني بالرفض، وحين تم عليها الضغط من قبل الأسرة أظهرت الموافقة، وانتهزت الفرصة وهربت من المنزل، وذهبت لصديق لها، وأنا كنت لا أدري أنها تحب غيري، وأنها مرغمة عل الزواج مني.؟ فماذا أفعل يا شيخ؟ وهل لها حق في ما أعطيت لها من مهر وحقوق واجبة علي في الطلاق من مؤخر صداق ونفقة أو تسقط جميع حقوقها، وأسترد كل ما أعطيت لها؟ الرجاء الإفادة حيث إن الأمر انتشر في الأسرة ولا أستطيع أن أرجعها أو أن أصلح منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته زوجتك من رفضها للسفر معك وهروبها إلى رجل أجنبي كبيرة من كبائر الذنوب التي توجب سخط علام الغيوب، وتوجب كذلك سقوط حقها في النفقة ونحو ذلك، لأنها ناشز قال العلامة السرخسي الحنفي في المبسوط: وإذا تغيبت المرأة عن زوجها أو أبت أن تتحول معه إلى منزله أو إلى حديث يريد من البلدان وقد أوفاها مهرها، فلا نفقة لها لأنها ناشزة. انتهى.
ويقول ابن قدامة الحنبلي رحمه الله في المقنع: وإذا امتنعت من السفر معه أو من المبيت عنده أو سافرت بغير إذنه سقط حقها من القسم. انتهى.. ولكن مع ذلك فإن حقها في المهر مقدمه ومؤخره ثابت لها طالما أنك دخلت بها، ولا يجوز لك أن تسترد أي نفقة أنفقتها عليها حال الطاعة والوفاق، ولكن يجوز لك والحال هذه أن تضيق عليها بأن تمتنع من طلاقها حتى تفتدي منك بما دفعت لها من مهر أو أكثر أو أقل حسب ما تتفقان عليه.. ويستحب ألا تأخذ منها زيادة عما دفعت لها من مهر، قال تعالى: ... وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ {النساء:19} .
فقد ذهب جمع من السلف وأهل العلم المحققين إلى أن الفاحشة المذكورة في الآية لا تقتصر على الزنا، بل تعم غيره، جاء في تفسير القرطبي: وقال ابن مسعود وابن عباس والضحاك وقتادة: الفاحشة المبينة في هذه الآية البغض والنشوز، قالوا: فإذا نشزت حل له أن يأخذ مالها، وهذا هو مذهب مالك. انتهى.. وقال الطبري رحمه الله: فمعنى الآية: ولا يحل لكم أيها الذين آمنوا أن تعضلوا نساءكم فتضيقوا عليهن وتمنعوهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن من صدقاتكم (المهر) إلا أن يأتين بفاحشة من زنا أو بذاء عليكم وخلاف لكم فيما يجب عليهن لكم.. فيحل لكم حينئذ عضلهن والتضييق عليهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن من صداق إن هن افتدين منكم به. انتهى بتصرف.. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 76251.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1430(13/6833)
المسكن المستقل الآمن حق من حقوق الزوجة على زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ ست سنوات ورزقت من زوجى بولد والحمد لله، ولكن من بداية الزواج وأنا فى مشاكل معه ورفعت عليه القضايا، وساعدته فى بناء بيته ووقفت بجانبه بكل ما أملك، وعشنا مع بعضنا فى بيتنا الجديد، ولكن أخواته البنات وعددهن ستة يتدخلن فى حياتنا، وهو يقول لهم كل شىء بينى وبينه وهذا يجعلهن يكرهنني ويحرضنه علي، وهو مسافر إلى دولة عربية، وآخر إجازة له حدثت مشاداة بيننا على الفلوس وعملي، حيث إننى عاملة وتركت البيت لفترة، ولكنه حكى لأخواته كل شىء مما زاد كرههن لي وحرضن زوجى على الزواج من أخرى، وبالفعل ذهب ليرى العروس وقد رجعت بيته ولكن معاملته تغيرت، وبعد سفره بيوم واحد وجدت أغراضي الشخصية سرقت من شقتي، لأن واحدة من أخواته البنات كانت غضبانة عندنا فى البيت هى وأولادها، وبمجرد ما سألت عن أغراضى أين ذهبت جاءت أخته الصغرى- وهو عامل لها توكيل رسمى عام فى كل شىء- وسبتنى كثيرا وأخرجتنى من البيت أنا وابنى من غير أي شيء، وتركت البيت وأنا حامل بتوأم وزوجى يعلم ذلك، وأرسلت رسالة على البريد الإلكتروني لزوجى أشرح له أن أخته أهانتنى وإن كان يريد أن نترك بعضنا بالمعروف يكون ذلك أحسن، ولكنه لم يأخذ حقى منها وطلقنى فى الهاتف مرتين، وظل يبحث عن زوجة مرة واثنان وثلاثة، وفضل أخواته علي وعلى ابنه وعلى أولاده الذين فى بطنى، ولم آخد حتى منقولاتى الزوجية ولا أي شىء، فاضطررت للذهاب إلى القضاء لأخد حقي وحق أولادى، واسترداد البيت الذى ساعدته فى بنائه.
فهل الطلاق فى الهاتف صحيح؟ وهل أخطأت في حقه؟ وهل يحق لي ولأولادى أخذ البيت مأوى لأولادى على الرغم أنه سعى أكثر من مرة إلى أن أذهب وآخد المنقولات؟ وهل يحق له أن يفضل أخواته على زوجته وأولاده على الرغم أن جميع أخواته مستورات الحال، وكل واحدة لها بيتها المستقل، وكل إجازة يأتي فيها لا أستطيع الانفراد بزوجي، وأخواته لا يتركونا مع بعض إلا فترات الليل ويتدخلن كثيرا فى حياتنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقرر في الشريعة أن المرأة محبوسة لحق زوجها في بيته بموجب عقد الزواج، ومن أجل ذلك أوجب الشرع عليه نفقتها وسكناها وكسوتها ونحو ذلك.
وعليه، فلا يجوز للمرأة أن تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه، سواء كان خروجها للعمل أو غيره، وقد بينا في الفتوى رقم: 110905، أن خروج المرأة من بيت زوجها دون إذنه يعتبر من النشوز المحرم.
أما ما يحدث من تدخل أخوات زوجك في شؤونكم الخاصة - أيتها السائلة- فهذا غير جائز, فإن البيوت لها خصوصياتها وأسرارها ولا يجوز لأحد أن يقحم نفسه في العلاقة بين المرء وزوجه لا إخوة الزوج ولا أخواته بل ولا والداه.
وقد كان للزوج – غفر الله له – دور كبير فيما حدث, إذ أنه لو التزم ما أمره الله به من النصيحة لأخواته وكفهن عما يتطلعن إليه مما لا يعنيهن لما وصلت الأمور إلى هذا الحد, لكنه – للأسف – كان عونا لهن على التمادي في الخطأ, خصوصا فيما ينقله لهن من تفاصيل الخلاف بينكما, وهذا حرام بلا شك لأنه من النميمة المحرمة.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: لا يدخل الجنة قتات. أي نمام.
وضابط النميمة المحرمة هو ماجاء في فتح الباري: وقال الغزالي ما ملخصه: النميمة في الأصل نقل القول إلى المقول فيه، ولا اختصاص لها بذلك بل ضابطها كشف ما يكره كشفه، سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه أو غيرهما، وسواء كان المنقول قولا أم فعلا، وسواء كان عيبا أم لا، حتى لو رأى شخصا يخفي ماله فأفشى كان نميمة. انتهى.
وأما ما حدث من سرقة أمتعتك وأغراضك فمن حقك السؤال عنها، لكن الواجب عليك أن تتثبتي قبل المسارعة باتهام أحد لئلا تتهمي أحد البرآء فتبوئي بإثمه وتصبحي على ذلك من النادمين.
وأما ما كان من أخت الزوج التي سبتك وأخرجتك من البيت فهذا من العدوان المبين الذي لا عذر لصاحبه فيه, وقد أخطأ الزوج عندما مكنها من بيته فإن هذا البيت –وإن كان ملكا للزوج – إلا أنه حق لزوجته من حيث السكنى، ولذا أضاف الله سبحانه البيوت إلى الزوجات في قوله: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ. {الطلاق:1} . وهي إضافة إسكان لا إضافة تمليك.
قال القرطبي: وهذا معنى إضافة البيوت إليهن؛ كقوله تعالى: وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ. وقوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ. فهو إضافة إسكان وليس إضافة تمليك. انتهى.
فإن المسكن المستقل الآمن حق من حقوق الزوجة على زوجها, ولا يملك الزوج نفسه إخراج زوجته من مسكن الزوجية؛ لقوله تعالى: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِن. َّ {الطلاق:1} . وهذا في حالة الطلاق والخصام فكيف بحالة الوفاق والوئام.
وليعلم الزوج أن زوجته وأولاده أولى به من إخوته وأخواته، ولا يجوز له أن يفضل إخوته عليهم تفضيلا يفضي إلى ظلمهم وضياع حقوقهم.
أما ما كان من مشاركتك لزوجك في بناء البيت، فإن لم يكن هذا بقصد الهبة فإنه لا بد من تقدير قيمة ما أنفقته في ذلك، وعلى الزوج أن يرده لك أو يملكك من البيت بقدر مالك.
وأما الطلاق عبر الهاتف فإنه واقع كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 112565.
وما دام زوجك قد طلقك مرتين، فإن كان راجعك في كل مرة قبل انتهاء العدة فإن عقدة النكاح بينكما ما زالت باقية, وتبقى له تطليقة واحدة تحرمين بعدها عليه.
وأما إذا انتهت العدة دون أن يرجعك فلا تجوز الرجعة بعد ذلك، ولو أرادك زوجة له فعليه حينئذ أن يعقد عليك عقدا جديدا بمهر جديد.
مع التنبيه على أن الزوجة المطلقة رجعيا لها النفقة والسكنى مدة العدة, وأن البائن الحائل غير الحامل لا نفقة لها ولا سكنى إلا إذا كانت حاضنة فإن لها السكنى حينئذ تبعا لأولادها, لأن الأولاد المحضونين لهم الحق في النفقة والسكنى على من تلزمه نفقتهم وهو الأب هنا, وقد بينا ذلك بالتفصيل في الفتويين: 47983 , 24435.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1430(13/6834)
تجتهد في طاعة زوجها فلا يثيبها بل يثور عليها كثيرا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوجة وأم لثلاثة أولاد، وأعمل ومطيعة لزوجي والحمدلله، وهو راض عني، فأنا أخدمه وأتبعل إليه كالجارية، ولا أتوانى في تلبيته حتى ما هو فوق احتمالي، كذلك أنا أحبه كثيرا، وأعلم أنه يحبني، وهو رجل صالح لكنه عصبي، وقد تعودت على ذلك، المشكلة أنني لا أسمع منه أي شيء يرضيني، لا يثني علي ولا حتى هدية، ولو وردة، إنما هى الأوامر فقط، وإن أخطأت أو نسيت فعقابى شديد من التوبيخ، وأنا لا أعترض على هذا، ولكن لماذا لا يكون هناك ثواب على التفاني والطاعة العمياء، كذلك أحيانا أشعر أنني أنا التي فعلت ذلك بخضوعى إليه وعدم اعتراضي، لكني منذ تزوجته أراقب الله فيه، وأبتغي الجنة بطاعته أنا أشعر أنني كالأرض التي تنتظر قطرة ماء لترويها، ولكنها لا تأتي أنا خائفة أن تأتي لحظة انفجار وهو لن يقبل ذلك، فلم يتعود مني سوى الخضوع، أنا أعلم أنني يجب أن أؤدي ماعلي، وأسأل الله ما لي لكني بشر، وخصوصا أن كل السيدات حولي على عكسي تماما، يعلو صوتهن على أزواجهن أمامي وأمام زوجي وكل الناس، ولا يطيعونهم في صغيرة ولا كبيرة، ومع ذلك فأزواجهن يقدرونهن ويجزلون لهن العطاء في كل شيء. أحيانا أشعر أن هؤلاء النسوة على صواب، ولكن كيف وديننا يشدد على أن دخول المرأة الجنة متوقف على رضى زوجها. أنا أجاهد لذلك لكني حزينة ومحبطة. ماذا أفعل؟ أفيدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أيتها السائلة أن الابتلاء والاختبار من أعظم حكم خلق الإنسان ليتميز الصادق من الكاذب والخبيث من الطيب، قال سبحانه: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا {الإنسان: 2، 3}
والابتلاء يتنوع في هذه الدار الدنيا، فمن الناس من يبتلى بالغنى، ومنهم من يبتلى بالفقر، ومنهم من يبتلى بالصحة، ومنهم من يبتلى بالمرض، وهكذا.
وقد ذكرت في حديثك أن زوجك رجل صالح، وهذه نعمة من أعظم نعم الله عليك وعلى أولادك، فإن صلاح رب الأسرة صلاح للأسرة جميعا، كما أن في فساده ضياعا للأسرة جميعا إلا ما شاء الله.
أما ما يكون منه من هنات تتمثل في سرعة غضبه وانفعاله وردود أفعاله العنيفة، فهذا مما يمكن تحمله والصبر عليه ابتغاء رضوان الله، وطلبا لثوابه وجنته، وقد روى الإمام أحمد عن الحصين بن محصن أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة ففرغت من حاجتها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أذات زوج أنت؟ قالت: نعم، قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك. صححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
فماذا يضيرك لو صبرت هذه الأيام القلائل مقابل الفوز بنعيم الجنة الذي لا يفنى ولا يبيد ورضوان من الله أكبر، ففي المسند وصحيح ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت.
وكلامنا هذا لا يعني عدم النصيحة له أو ترك محاولة استصلاحه واستنقاذه من داء الغضب الوبيل كلا، بل ينبغي لك، ومن حقه عليك أيضا أن تنصحي له بأسلوب رفيق رقيق لا تشوبه شائبة تسلط ولا عنف، وأن تذكريه بحقك عليه، وما أمره الله به من معاشرة زوجه بالمعروف، وقد سبق بيان معنى المعاشرة بالمعروف في الفتوى رقم: 116273.
ثم ذكريه دائما بسيرة رسولنا الكريم، وكيف كانت أحواله مع نسائه وهو القائل: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
فقد كان صلى الله عليه وسلم يحسن إليهن غاية الإحسان، ويصبر عليهن، ويقيل عثراتهن مع ما كان يصدر منهن من هنات في بعض الأوقات كمراجعته بل وهجره أحيانا، وكان صلى الله عليه وسلم يقابل هذا كله بالحلم والصفح، بل لا يزيده ذلك إلا حلما وعفوا، وراجعي في ذلك الفتاوى رقم: 69672، 46907، 34925.
ويمكنك أن تقترحي على زوجك أن يعرض نفسه على طبيب نفسي مسلم متدين، فأحيانا ما يكون هناك أسباب مرضية أو اختلالات هرمونية وراء هذه الانفعالات الشديدة، وقد جربت الأدوية الكيميائية في علاج ذلك فكان لها أثر كبير بفضل الله وتوفيقه، فإذا رفض فأمامك الكتب المتعلقة بعلاقات الزوجين يمكنك إهداؤها له أو اكتبي أنت له رسالة تذكرين منها حاجتك إلى كلمة طيبة أو هدية معبرة.
وأما هؤلاء النسوة اللاتي ذكرت من إيذائهن لأزواجهن، وتطاولهن عليهم فلا ترتابي في أمرهن ولا تشكي قط أنهن على الخطأ المبين، وأنك على الصراط المستقيم، فابذلي لهن ما تستطيعين من الوعظ وذكريهن بحق الله وحق الزوج، فإن لم يجد ذلك معهن فاقطعي علاقتك بهن؛ لئلا تتأثري بأحوالهن، فإن الأخلاق ما أسرع ما تنتقل إلى الصاحب المعاشر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1430(13/6835)
أساس التعامل بين الزوجين
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت من البعض عن نص حديث نبوي معناه: عاشروهن وخالفوهن. في التعامل مع الزوجة. فهل هذا الحديث صحيح؟ وما هي أسس التعامل مع الزوجة في البيت، فالبعض يقول لي يجب أن تعلم أنك حازم وطيب في نفس الوقت. فهل أتعامل مع زوجتي على أساس طبيعتي أم بشكل مختلف ولا أكون على طبيعتي؟ فانا خاطب الآن ولست متزوجا، ولكن أريد أن أعرف أسس وأصول التعامل اجتمايا ودينيا قبل أي شئ حتى يستريح ضميري أمام الله وأستريح نفسيا؟
بمعنى أدق: في الحياه العامة يقول البعض حديثا معناه هو عدم ترك الزوجة تتعامل معك كما تريد وعاملها كما تريد أنت، وكن أنت الأقوى. مثل هذه النصائح العامة ولكني أرى أنه يجب أن أكون على طبيعتي بشكل لا يؤثر على طبيعتنا، فكيف كان النبي عليه الصلاة والسلام؟ وكيف أستطيع التعامل مع زوجة المستقبل- بإذن الله- بطريقة لا تزيد المشاكل ولا تضيع هيبة الرجل في البيت؟ فكما سمعت وقرأت ببعض النصوص الدينية أن المرأه خلقت من ضلع أعوج وتحتاج إلى طريقة خاصة لمعاملتها. فما هي هذه الطريقة بما يرضى الله ورسوله عليه الصلاة والسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعلك تقصد بما ذكرت ما اشتهر على ألسنة بعض العوام من قولهم: شاوروهن وخالفوهن. وهذا حديث باطل لا أصل له.
جاء في فيض القدير: وأما ما اشتهر على الألسنة من خبر شاوروهن وخالفوهن فلا أصل له. انتهى.
وجاء في السلسة الضعيفة للألباني: شاوروهن-يعني النساء-وخالفوهن , لا أصل له. انتهى.
والأصل في معاشرة الرجل لزوجته أن تكون بالمعروف، وقد سبق معنى المعاشرة بالمعروف في الفتويين رقم: 116273 , 2589. وبينا بالتفصيل الحقوق المشتركة بين الزوجين في الفتوى رقم: 27662.
وفي النهاية ننبهك إلى أن التعامل بين الزوجين ينبغي أن يكون بالمودة والرحمة التي امتن الله بها على الأزواج بقوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. {الروم:21} .
فليست العلاقة إذا قائمة على التنافس والتضاد، وأما ما تسأل عنه من تعاملك مع زوجتك بطبعك وما جبلت عليه أم تتكلف خلقا آخر فنقول: ينبغي أن يكون تعاملك مع زوجتك على أساس الحق والصواب، فإن كانت أخلاقك توافق الحق والصواب فلا تخرج عنها, وإلا فعدل أوضاعك وغيّر أحوالك بما يوافق الحق وهذا هو أساس التكليف وأصله, فإن الإنسان من طبعه العجلة وهو مأمور بالأناة, ومن طبعه الشح وهو مأمور بالبذل والجود, ومن طبعه الظلم وهو مأمور بالعدل وهكذا، وما ذكرت من كون المرأة لها طبيعتها الخاصة حق لا شك فيه. فقد قال سبحانه: أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ. {الزخرف: 18} .
قال ابن كثير رحمه الله: أي: المرأة ناقصة يكمل نقصها بلبس الحلي منذ تكون طفلة، وإذا خاصمت فلا عبارة لها، بل هي عاجزة عَيِيَّة.
وكذلك فإنها خلقت وفيها عوج لازم لها لا سبيل لتمام تقويمه كما قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء. رواه البخاري.
وفي صحيح مسلم عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها.
ولكن هذه الطبيعة لا تسوغ للرجل أن يحقرها أو يستخف بحقوقها، بل إنما ذكر الشرع هذا من طبيعة المرأة لحكم عظيمة من أهمها أن يحفز الرجال على المزيد من الصبر والحلم والتغاضي في تعاملهم مع النساء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1430(13/6836)
لم تتسبب في موت طفلها وتصر على صوم الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي لنا طفل صباحا عن عمر 4 شهور بما يسمى بالموت المفاجئ للأطفال اثناء النوم قبل 13 عاما. وزوجتي منذ أشهر قليلة تقول إنه ربما قصرت في رعاية الطفل ليلة وفاته وتصر على أنها ربما تكون بهذه الحالة قاتلة بالخطأ وتصر على صوم شهرين متتابعين كفارة لذلك وصامت بنية الصوم بالتتابع دون موافقتي ودون إذني، وكنت أقطع صومها بالجماع، وكانت تمسك عن الطعام حتى المغرب. هل هذا قتل خطأ؟ هل عليها صوم؟ وهل قطع تتابع الصوم؟ وهل علي إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل براءة ذمة زوجتك من موت طفلها حيث لم تتسبب هي في وفاته، ولا يلزمها كفارة قتل الخطأ، وليس لها أن تصوم بغير إذنك إلا صيام الفريضة. وقد اتفق الفقهاء على أنه ليس للمرأة أن تصوم تطوعا إلا بإذن زوجها. وأما هل الوطء يقطع تتابع صومها فلو فرض أنه تلزمها الكفارة فإن جماعك لها يقطع تتابعها إلا إذا أكرهت على الجماع.
قال ابن عثيمين في شرح الزاد: أو المرأة أكرهها زوجها فجامعها فإنه لا ينقطع التتابع انتهى.
وانظر للأهمية الفتوى رقم: 10717.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1430(13/6837)
حكم هجر الزوج فراش الزوجية بغير مسوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة، ومنذ أكثر من سبع سنوات يهجر زوجي فراش الزوجية دون أي سبب يذكر. ورغم أنني أصبر على ذلك، ولا أجعله مطية للخصومة بيننا؛ إلا أنني أتأذى كثيرا في أعماقي من سلوكه هذا. وأحيانا كثيرة تلح علي رغبة في أن أمنع نفسي عليه أو في أن أعصيه في بعض الأمر انتقاما لنفسي.
فهل يحل لي أن أفعل شيئا من هذا القبيل؟ وما هم حكم الشرع في سلوكه هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوج أن يهجر فراش زوجته لغير مسوغ شرعي كنشوز ونحوه. ويجب عليه إعفافها وإعطاؤها حقها في الفراش، والراجح أن ذلك يكون بحسب حاجتها وطاقته، كما بينا في الفتوى رقم: 8935.
فإذا كان هجر زوجك للفراش طيلة هذه المدة من غير عذر شرعي، فقد أساء أبلغ الأساءة، وينبغي أن تلتمسي السبب الذي يدعوه إلى ذلك، كما أن عليك أن تصارحيه وتناصحيه بأسلوب طيب، وإن كان ثمة سبب من قبلك فعليك بالسعي في إزالته كترك التزين والتجمل وحسن التبعل.
ولا يجوز أن يكون هذا التصرف من زوجك ومنعه إياك من حقك دافعا لك إلى ما ذكرت من الانتقام منه أو منعه شيئا من حقوقه.
وإذا كنت متضررة بالبقاء معه على هذا الحال فلك الحق في طلب الطلاق، وإن رأيت الصبر عليه فلك ذلك، وعليك بكثرة الدعاء عسى الله تعالى أن ييسر أمرك، ويفرج كربك، ويصلح زوجك.
وانظري الفتوى رقم: 98304.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1430(13/6838)
حكم ترك الإقامة مع الزوج والعودة للوطن مع الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أم لأربعة أولاد، ومقيمة مع زوجي بدولة عربية، مرضت نفسيا لغيابه معظم الوقت بالعمل، وليس لي أصدقاء. هل علي إثم لو رجعت مع أولادي لبلدي، علما أن ابني الكبير سيدخل الجامعة في بلدى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على الزوجة أن تقيم حيث يقيم زوجها إذا طلب منها ذلك، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 79665.
وما تعانين منه من ضيق بسبب انشغال الزوج بالعمل وقلة الأصدقاء يمكن معالجته بالتعرف على بعض أهل الخير والصلاح الذين يوفرون لك جوًا من الأنس ويكونون لك - في ذات الوقت - عونا على طاعة الله تعالى وشغل الأوقات بما يفيد في أمر الدين والدنيا.
ويمكنك أن تستأذني زوجك في الرجوع إلى بلدك، فإن أذن لك فلا حرج عليك حينئذ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1430(13/6839)
طاعة الزوج في عدم الجلوس مع أجنبي قي بيت أبيها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج ولدي بنت وولد. في الأشهر الماضية بدأ خلاف بيني وبين زوجتي بسبب رجل غريب (يعمل مع أختها في المؤسسة) يأتي إلى بيت أبيها كل أسبوع من مرتين إلى ثلاث مرات، وهو يجلس في نفس المجلس مع الحريم (أخواتها) وهي تكون في نفس المجلس لما نذهب لزيارة والدها. سبق ان كلمتها بأن لا تجلس معهم عند حضور الشخص، ولكن هي تقول إن والدها يعتبر الشخص مثل أخيهم. علما بأنه مؤخرا تم انفصال أختها عن زوجها بسبب نفس الشخص، كان يذهب الى بيت أختها مرارا بدون علم الزوج؟ ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يفعله والد زوجتك من سماحه لهذا الرجل الأجنبي بالجلوس مع بناته بحجة أنه يعتبره أخاً لهن هو خطأ، فقد خاطب الله خيرة رجال ونساء هذه الأمة، بقوله: وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن {الأحزاب: 53}
والواجب على زوجتك الامتناع عن مجالسة هذا الرجل، وطاعتك فيما تأمرها به من حضور هذا المجلس، ويجوز لك أن تمنعها من زيارة أبيها في الأوقات التي تعلم أن هذا الرجل يزورهم فيها،
وينبغي أن تنصحهم برفق وحكمة، وتبين لهم أنّ الإنسان مهما زعم من حسن نواياه وسلامة صدره، فإنه لا بد أن يلتزم حدود الشرع. وانظر الفتوى رقم: 98295، والفتوى رقم: 12562.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1430(13/6840)
معصية الزوج ومخالفته لا تسوغ هجر زوجته له في الفراش
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجه من 27 عاما، مشكلتي الوحيدة مع زوجي أنه كذاب، وعندي أربع أولاد، الكبير عنده 25 عاما، زوجي يعمل مدرسا في إحدي دول الخليخ وهو يسافر منذ 17 عاما، لا يوجد لديه أي ترابط أسري، يعتقد أن اهتمامه باولاده وبي هو مجرد توفير المال فقط، وفي هذا العام قررت أن اسافر معه، وأبقي معه هناك، وفي إجازه نصف العام يأتي أولادي إلينا زيارة لمدة شهر، وقد لاحظوا خلال هذا الشهر أن أباهم يشاهد أفلاما إباحية، ولديه رسائل من نساء علي هاتفه الخلوي، وقد شاهده أيضا ابنه الاصغر وهو يشاهد هذه الافلام، وعندما تحدث معي ابني قائلا إنه شاهد أباه يشاهد هذه الافلام قلت لا، احتمال تكون فيرس أو أي شيء، فلما سألت أولادي قالوا نعم، ونحن أيضا شاهدناه، وعندما واجهته بهذا الكلام أنكر وقال لا أعرف شيئا عن هذا الكلام، فقامت ابنته الكبيىر بمسح هذا الملف من علي الكمبيوتر بعد أن شاهدته أنا، ولم يتصور عقلي أن زوجي يشاهد مثل هذه المناظر المحرمة، كما أنه أيضا يتحدث مع الفتيات علي الهاتف مدعيا أنه يبلغ من العمر 27 عاما رغم أنه يبلغ من العمر 55عاما متلاعبا بمشاعر الفتيات، كما أنه يدخن بشراهة، فأنا ال؟ آن هجرته في الفراش، فأنا أنام في غرفة وهو في غرفة، وآخذ من جيبه فلوسا بدون علمه. فهل علي حرمه في ذلك؟ كما أنه أيضا حلف بالله وعلي المصحف أكثر من مرة بانه لن يتكلم مع نساء مرة أخري، ولكن أفاجأ بوجود رسائل علي هاتفه، وأنه يتحدث معهم.
فما العمل معه وماذا علي أن أفعل؟ أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته من هجرك لفراش زوجك حرام لا يختلف في حرمته، لما جاء في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع.
ومعصية الزوج ومخالفته لا تسوغ لك مقابلتها بمعصية مثلها.
وكذا ما تأخذينه من ماله بغير علمه فإنه أيضا حرام لأن هذا المال ملك خالص له, وحال الزوج في النفقة لا يخلو من أمرين:
إما أن يكون ملتزما بالنفقة على زوجه وأولاده فحينئذ لا يجوز لزوجته أن تأخذ قليلا ولا كثيرا من ماله دون إذنه لأنه قد وفاها حقها.
وإما أن يكون ممتنعا عن النفقة أو مقصرا فيها وحينئذ يجوز للمرأة أن تأخذ من ماله ما يكفيها وولدها بالمعروف ما دامت مستحقة للنفقة، ولم يكن هناك مانع من نشوز ونحوه, وأنت في هذه الحالة لا تستحقين النفقة لأنك ناشز بهجرك لفراشه، والناشز يسقط حقها في النفقة والقسم.
فالواجب عليك هو أن تتوبي إلى الله عما كان منك من هجر لفراش زوجك وترجعي إليه, ثم تردي هذه الأموال إليه، والأولى أن يكون هذا دون علمه لئلا يترتب على علمه بذلك ضرر فيؤدي إلى فقدان الثقة بينكما، وهذا فيه من المفاسد ما فيه.
ثم عليك بعد ذلك بمداومة النصح له وتذكيره بالله، وبحرمة هذه المعاصي من الكذب والخداع، ومشاهدة الأفلام الخليعة وغير ذلك, فإن استجاب فبها ونعمت، وإن لم يستجب فلك أن تطلبي منه الطلاق إن أردت, ولعل طلبك للطلاق يكون بمثابة تهديد له فيحمله ذلك على التوبة والاستقامة.
وقد سبق لنا الحديث عن موقف الزوجة من زوجها الذي يشاهد الأفلام الخليعة في الفتوى رقم: 8946. فراجعيها للفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1430(13/6841)
هل يجب تسجيل الزوجة في معهد لحفظ القرآن إذا رغبت
[السُّؤَالُ]
ـ[أقيم وعائلتي بدولة الإمارات، وزوجتي تريد مني السماح لها بالتسجيل في معهد لتحفيظ القرآن والذي عادة ما يكون أحد مساجد المنطقة، علما أنه لدينا ثلاثة أولاد 11 سنة - 3 سنوات - 1.5 سنة، كما أنها حامل، كما أنه ليس لدي الوقت الذي يسمح لي بتوصيلها ذهابا وإياباً، علما أنه يوجد باص خاص في المعهد للتوصيل، ولا أرغب لزوجتي بالركوب في باص يقوده رجل، كما أنه يوجد هناك بدائل كالتعلم من خلال الانترنت على التجويد وأحكامه، فهل يغني ذلك عن التسجيل بالمعهد؟ وهل يتوجب علي تسجيلها بالمعهد رغم ما ذكرت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحرص زوجتك على حفظ القرآن مما تحمد عليه، وينبغي أن تشجعها على ذلك بالطرق المشروعة التي تناسب حالكم، فقد جاء الترغيب في حفظ القرآن وفضل تعلمه في أحاديث كثيرة منها: قول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ. رواه البخاري، وقد سبق بيان فضل ذلك في فتاوى كثيرة منها الفتوى رقم: 29947.
ولا يشترط لتعلم القرآن أن يكون في معهد خاص أو غيره، بل متى تيسرت وسائل للمرأة للحفظ والتعلم وهي في بيتها كالتعلم بالوسائل الحديثة من إنترنت، أو الأقراص الحاسوبية الخاصة بتعليم القرآن وتحفيظه؛ أو مع إحدى أخواتها من المتقنات؛ أغنى ذلك عن الخروج للمعهد، بل ذلك أفضل من خروجها من البيت؛ فالمرأة مأمورة بالقرار في البيت إن لم تكن هناك حاجة معتبرة لخروجها، كما قال تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ. {الأحزاب: 33} . وقد سبق بيان هذا في الفتويين رقم: 34612، 7996.
ولا يجب عليك تسجيلها في المعهد المذكور وإن لم يكن عندك الأعذار التي ذكرتها في سؤالك؛ إذ على الرغم من اتفاق الفقهاء على فضل حفظ القرآن، إلا أنهم لا يرون حفظه واجبًا ما عدا الفاتحة، لورود الأدلة على وجوب قراءتها في الصلاة، كما بينا ذلك في الفتويين: 17834، 25499.
أما ما زاد على الفاتحة فهو واجب على الكفاية إذا قام به البعض سقط عن البقية وصار مستحبا في حقهم، وبالتالي فحكم تعليمها إياه وإعانتك لها على ذلك كل هذا مستحب، إن تحققت الضوابط الشرعية في عملية التعليم والتعلم،وخروج المرأة من البيت، ولم يكن هناك مفسدة تترتب على ذلك، فإن قدرت على إعانتها فلك الأجر إن شاء الله، فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1430(13/6842)
صاحب الحق في الإذن للزوجة بالخروج هو الزوج نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج منذ عدة أشهر، وأعمل بإحدى الشركات، وقد حدث بيني وبين زوجتي بعض الخلافات البسيطة، والتي تحدث بين أي زوجين، وبعدها تم تكليفي بمأمورية عمل خارج المحافظة التي نعيش فيها لمدة 8 أيام، ولأنه لا يجوز أن أتركها تعيش بمفردها، وطبقا لعاداتنا فأرسلتها إلى منزل والدها وحتى تكون بجوار عملها، فهي تعمل معلمة رياض أطفال بإحدى المدارس بجوار منزل والدها، وحتى أعود من سفري، ولكني طلبت منها ألا تخرج من بيت أبيها بعد رجوعها من عملها، إلا إذا اتصلت بي على الهاتف لتعلمني أين هي ذاهبة. فقالت لي إنها سوف تذهب إلى عماتها وجدتها فقلت لها الوقت الذي سوف تخرجين تتصلين بي فيه، وسافرت ولم أتصل بها، وانتظرت أن تتصل بي لتطمئن على سلامة وصولي لا في اليوم الأول ولا في الثاني ولا في الثالث. وفي اليوم الرابع اتصلت أنا بوالدي لأطمئن عليهم، وسألتهم عما إذا كانوا يتصلون بها أم لا، فأخبراني بأن والدها اتصل بهم (ولم يتصل بي لا هو ولا هي) في ذلك اليوم وأخبرهم بأنه سوف يسافر إلى القاهرة، ويأخذها معه ليقضوا بضعة أيام هناك هي ووالدتها وإخوتها، وسافروا دون أن أعلم، ولولا اتصالي بوالدي لما علمت مع العلم بأنها تعرف جيدا بأنني لدي بعض الامتحانات التي تخص دراستي بعد عودتي بيومين اثنين، وهو نفس الوقت الذي تكون فيه مع والديها في القاهرة، بدلا من أن تكون بجواري لتقضي لي حاجاتي، وتجهز لي ملابسي ولقمتي وتعينني على أمور حياتي. فما حكم الإسلام في ذلك؟ وما التصرف الذي ينبغي علي أن افعله معها ومع والدها الذي أعانها على ذلك؟ وهل إخبار والدها لوالدي بسفرها يعتبر إذنا لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الزوجة طاعة زوجها في المعروف، ومن حقه عليها ألا تخرج إلا بإذنه، سواء كانت في بيته أو بيت أبيها، وصاحب الحق في الإذن هو الزوج نفسه وليس أبوه أو أبوها، وطاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين، قال ابن تيمية: الْمَرْأَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ كَانَ زَوْجُهَا أَمْلَكَ بِهَا مِنْ أَبَوَيْهَا وَطَاعَةُ زَوْجِهَا عَلَيْهَا أَوْجَبُ. اهـ من مجموع الفتاوى.
فما فعلته زوجتك من سفرها مع والدها دون إذنك لا يجوز، وإذن والدك لا يجزئ عن إذنك.
لكن ننبهك إلى أنها قد يكون ما دفعها للسفر أن أهلها قد قرروا السفر، وهي لا تستطيع البقاء وحدها، فتكون معذورة من هذه الجهة، لكن كان عليها أن تستأذنك.
فالذي ننصحك به أن تكّلم زوجتك وتذكّرها بوجوب طاعتك في المعروف، وعدم جواز خروجها بغير إذنك، فإذا لم تستجب لك سلكت معها وسائل الإصلاح كما أرشدنا الله بقوله:.. وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء: 34}
مع مراعاة طبيعة المرأة التي وصفها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: ... وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَىْءٍ فِى الضِّلَعِ أَعْلاَه، ُ إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1430(13/6843)
حكم انتفاع الزوج بما تملكه الزوجة من أمتعة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا عند عقد النكاح يتفق أهل الزوج والزوجة على أن العفش-الأثاث- يشترى مناصفة يدفع الرجل وأهله النصف، والمرأة وأهلها النصف الآخر، وبعد الزواج من المعروف أن العفش كله يكون للزوجة باعتبار أن النصف الذي دفعه الرجل وأهله هو المهر، لكن يكتب في قسيمة الزواج المهر بمبلغ رمزي مثلا واحد جنيه حتى يتفادى دفع رسوم كثيرة، لأن الرسوم نسبة من المبلغ المكتوب في القسيمة. لكن يكتب مبلغ آخر يسمى مؤخر الصداق يكتب كاملا بالتحديد كما يجب سداده.
السؤال هو: بعد الزواج معلوم أن العفش-الأثاث- أصبح ملكا للزوجة شرعا لكن هو موجود في مسكن الزوجية، الزوج يستعمله كما هو معلوم عرفا، ممكن يتلف مثلا زجاج يكسر أو مرايات تكسر من غير قصد من الزوج أو ربما من الزوجة، أو الخشب مع الوقت يتلف وقشرة الموبيليا تتلف وغير ذلك. هل على الزوج أي التزامات شرعية تجاه صيانة العفش-أي هل يأثم شرعا إذا تلف أي شيء من الأثاث منه عن غير قصد، أو من غيره مثل الزوجة أو الضيوف أو الأولاد- علما بأنه عند عقد النكاح كان الاتفاق على مناصفة ثمن العفش، ولم يحدث أي كلام بخصوص هل على الزوج صيانة العفش أو دفع ثمن تجديده أو أصلاحه، ومعروف عرفا أن للزوج استخدامه وقد يتلف أي شيء منه. هل شرعا يأثم الزوج إذا لم يدفع ثمن صيانة أي جزء من العفش تلف بمرور الوقت، أو زجاج كسر من غير قصد من الزوج أو الزوجة أو الأولاد أو الضيوف. مع العلم والتأكيد على ما أن ما تم الاتفاق عليه عند إجراءات عقد النكاح هو شراء الأثاث ووضعه في مسكن الزوجية للاستخدام، ومناصفة ثمنه فقط مرة واحدة عند الشراء ولم يحدث أبدا التطرق لموضوع صيانته عند الاتفاق على شروط الزواج أي لم يتم ذكر أن على الزوج إصلاح التالف أو صيانته.
هل لو أرادت الزوجة أن تبيع جزءا منه تبيعه بحالته المتهالكة وتأخذ ما تحصل عليه من البيع وليس على الزوج أي التزامات مالية تجاه إرجاعه لوضعه الأصلي أو فرق الثمن ليس الزوج ملزم به؟
نفس السؤال بالنسبة لأدوات الأكل مثل الكؤوس والأطباق، العرف أنها على الزوجة هل لا يدفع الزوج أى شىء فيها لو كسر منها شىء عن غير قصد، والمعالق لو ضاع بعضها فى الزبالة هل يوجد أى إثم شرعى على الزوج لأنه فى المقابل الزوجة أيضا تستعمل الكهربائيات التى يجب على الزوج إحضارها ولا يطالبها بثمن صيانتها أو غيرها إن تلفت؟
هل لو توفى الزوج المطلوب شرعا هو سداد مؤخر الصداق للزوجة من التركة ولا يخصم أى شىء آخر مقابل أى أثاث تالف أو كؤوس كسرت أو غير ذلك، لأنه معلوم أن هذه الأشياء توضع فى مسكن الزوجية للاستخدام وقد لا تكون سليمة أو كاملة، إذا توفى الزوج فهل شرعا على الزوج أى ديون تجاه الزوجة بخصوص هذه الأشياء علما أنها أو أهلها لم يشترطوا أو يقولوا أى شىء بخصوص هذه الأشياء.
وهل على الزوج أى ديون للزوجة غير مؤخر الصداق شرعا اذا توفى قبل الزوجة؟ معلوم أن الزوج عليه الانفاق لكن لو اشترت الزوجة طعاما وأكل منه الزوج بموافقة الزوجة ومن باب العشرة بالمعروف، واشتركا مثلا بالمعروف فى بعض مصاريف البيت والأولاد والهدايا التى أهدتها الزوجة لزوجها شرعا لا يجب خصم أى شىء من تركة الزوج أو مطالبته فى حياته إذا رزقه الله بالمال أن يدفع لها ثمن ذلك، وليس لها أن تأخذ الهدايا إذا توفى الزوج قبلها إنما يجب أن تترك وتوزع ضمن التركة. أى هل تبرأ ذمة الزوج شرعا من الديون تجاه الزوجة بسداد مؤخر الصداق والباقى هو توزيع التركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أثاث البيت ملكا للزوجة لكونه من صداقها، أواشترته من مالها فلا يجوز للزوج الانتفاع به إلا برضا الزوجة، هذا مذهب جمهور أهل العلم، ففي الموسوعة الفقهية: قال جمهور الفقهاء: ليس للزوج الانتفاع بما تملكه الزوجة من متاع كالفراش, والأواني, وغيرها بغير رضاها, سواء ملكها إياه هو, أم ملكته من طريق آخر, وسواء قبضت الصداق, أم لم تقبضه. ولها حق التصرف فيما تملكه بما أحبت من الصدقة, والهبة, والمعاوضة, ما لم يعد ذلك عليها بضرر. انتهى.
والزوجة عرفا تسمح لزوجها باستعمال أثاث البيت. وبناء على ذلك، فما أتلفه الزوج من هذا الأثاث من غير قصد بحيث استعمله استعمال مثله عرفا فلا ضمان عليه لأنه أمين، أما إذا فرط ولم يستعمله استعمال مثله فعليه ضمان مثله أو قيمته، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 49631.
ولا يأثم الزوج بعدم صيانة أثاث البيت المذكور إذا أرادت الزوجة بيعه، كما لا يلزمه ضمان ما أتلفته الزوجة أو الضيوف، أو ضاع مطلقا، ولا يؤخذ من تركته إذا مات.
أما مؤخر الصداق إذا كان باقيا في ذمة الزوج ومات قبل أدائه فهو حق للزوجة تأخذه من تركته مع نصيبها من الميراث فقط،إذا لم تكن لها عليه ديون أخرى ثابتة شرعا، وتبرأ ذمته تجاه الزوجة بهذا.
كما لا يلزم ضمان ما أكله من طعام لزوجته بإذنها أو ما اشترته من مصاريف البيت تبرعا أو هدية أهدتها له، فكل ذلك لا يخصم من تركته إذا مات.
أما ما أنفقته على نفسها أو الأولاد أو مصاريف البيت بقصد الرجوع على الزوج، فإنه يكون دينا في ذمته يؤخذ من تركته قبل قسمها، وراجع فى ذلك الفتوى رقم: 34771.
والهدايا التي أهدتها الزوجة لزوجها وحازها الزوج قبل موته تكون ملكا له توزع ضمن تركته، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 58686.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1430(13/6844)
أمر الأزواج أن يمسكوا زوجاتهم بمعروف أو يسرحوهن بإحسان
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوكم إجابتي عن هذا السؤال حتى أتمكن من إقناع جاري الذي يرافقني دائما للصلاة في المسجد إلا أن معلوماته الدينية ضئيلة جدا جدا.
السؤال: طلب من زوجته عدم مقابلة أبناء عمومتها وأصهارها في المناسبات الدينية. وعندما جادلته بعثها لدار أهلها ولا يرغب في إعادتها أبدا ولا يطلقها؛ لأن لهم أبناء، منهم من وصل للجامعة. كيف الحل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان قصد هذا الرجل أن يمنع زوجته من أبناء عمومتها الذكور أو غيرهم من الأجانب الذين تربطهم بها علاقة قرابة أو مصاهرة، فإنه يجب عليها طاعته في ذلك حتى ولو كان لقاؤها بهم على وجه مشروع منضبط، فإن طاعة الزوج واجبة في مثل هذا.
وكذا لو كان قصده منعها من بنات عمومتها أو غيرهن من النساء ممن لا تربطهن بها رحم محرمة، وكان للزوج غرض صحيح معتبر من ذلك، كخوفه مثلا من إفسادهن لها أو تخبيبها عليه، فهنا يجب أيضا عليها طاعته، بل يجوز له في مثل هذا أن يمنعها من أرحامها الأقربين كإخوتها وأعمامها.
أما إن كان منعه لها من قريباتها لا لسبب بل لمجرد التعنت فإن هذا غير جائز له لما يشتمل عليه من الأمر بالمعصية وتقطيع الأرحام.
أما ما حدث منه من طرد لزوجته من بيته إلى بيت أبيها، ثم هو بعد ذلك لا يريد إرجاعها ولا طلاقها، فهذا حرام لأنه من الإضرار المرفوض شرعا، وهو مخالفة صريحة لأوامر الله سبحانه الذي أمر الأزواج أن يمسكوا زوجاتهم بمعروف أو يسرحوهن بإحسان، وهو بفعله هذا لا أمسك بمعروف ولا سرح بإحسان.
فالأولى به أن يرد زوجته إلى بيته، وأن يحسن معاشرتها، فإن مجرد مجادلتها له فيما أمر لا توجب كل هذا الجفاء والعقاب، فإن لم تكن له نية في إرجاعها فعليه أن يطلقها، فقد قال الله تعالى: وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا {البقرة: 231}
ويراجع في ذلك الفتوى رقم: 79896.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1430(13/6845)
هل تأثم إذا تطاولت على زوجها بغير وعي لكونها محسودة
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت أنا وزوجي إلى أحد الشيوخ الثقات بعد مرور سنين طويلة من المعاناة، وفيها كنت أطلب الطلاق من زوجي كثيرا وأتطاول عليه، وأصرخ وكنت أكاد أن أجن، ومرضت نفسيا كثيرا، وكانت دقات قلبي مرتفعه جدا، ويوميا أعانى من خفقان القلب، ولا أطيق زوجي ولا أولادي، أغضب لأتفه الأسباب وأضرب الأولاد، ولا أصدق ماذا يحدث لي، كنت حزينة لهذا الحال وكنت أدعو ربى في سجودي وأنام ودموعي تسيل ومن أي شيء، حتى لو بسيطا، أغضب وأحس بسخونة تحت جلدي، وأحس أن عروقي تؤلمني، فقال الشيخ لنا إن هذا حسد مع شيطان وأنا -ولله الحمد- أحس أنى مبتلاة، وهذه الأفعال خارجة عن إرادتي لأنني في الطبيعة غير ذلك، فأنا إنسانة محترمة وأخاف الله، أحيانا أحس أنني لو طلقت سوف أستريح من كل هذه المعاناة حتى لا أظلم زوجي والأولاد معي، هل يؤاخذني الله عما يحدث لي أم أن الحسد والشيطان الذي أعانى منه من الابتلاءات المرفوع عن العبد المحاسبة فيها؟ هذا شيء يؤلمني أن أفعل هذه الأفعال واستغفر الله كثيرا، وأحيانا أصاب بالغضب الشديد الذي أفقد فيه الوعي في الكلام والأفعال، أتطاول على زوجي وألطم ولا أدرى لماذا أفعل هذا، فهل يحاسبني الله؟ أفيدونى في حالتي أم أنا من الآثمين وحسبي الله على من يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ثبت لديك أنك مصابة بشيء من العين، أو الحسد، أو السحر، فعليك بالمسارعة إلى العلاج بالرقية الشرعية لتفادي ما ذكرت من هذه المفاسد العظيمة التي تحدث جراء هذا.
أما بخصوص ما يكون منك من أذى لزوجك وتطاول عليه، أوغيره، فيختلف حكمه بحسب الحال, فإن كنت في حالة لا تشعرين فيها بما يحدث منك, ولا تضبطين ما يصدر عنك من أقوال وأفعال فلا إثم عليك في هذا ولا حرج لارتفاع التكليف عنك حينئذ.
أما إذا كان الأمر بخلاف هذا، وحدثت هذه الأمور بقصدك وإرادتك، فلا شك أنك مؤاخذة بما تقولين.
ويمكنك مراجعة تفصيل الرقية الشرعية في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 7976 , 5433 , 5856.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1430(13/6846)
على الزوج أن يوازن بين حق والديه وحق زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخت عمرها تقريبا أربعون سنة، مصابة بشلل الأطفال، متزوجة وساكنه بمشتمل معزول عنا، ولكن بنفس البيت، تربطها علاقة غير حميمه مع أهل زوجها حيث إنهم كانوا رافضين لزواج ابنهم منها، زوجها لديه أخ مسافر ولكن بقية الأخوات غير مسافرات، ولكن متزوجات، أغلبهم في نفس المنطقة مع أهله، وأخت غير متزوجة تسكن مع أهله.
المشكلة تكمن في أنه يذهب ويبيت في بيت أهله تقريبا كل خمسه أيام في الأسبوع، ويأتي إلى زوجته كل خميس وجمعة، ويوم السبت يرجع إلى أهله عصرا وهكذا، لأن أمه وأبوه يريدانه ويحتاجانه، لأن أباه في غالب الأوقات مريض بمرض القلب ويحتاجه، رغم أن لديه أختا في البيت عمرها ثلاثون سنة، وأخواته بيوتهم قريبة منهم، وفي نفس الوقت أختي تحتاجه للذهاب إلى الطبيب وللتسوق، إضافة إلى أنها تبيت وحدها في مشتملها، ونحن أهلها في البيت أنا وأمي فقط، أبونا مات رحمه الله، وليس لدينا أخ ونحن في ظروف صعبه في بلدنا، وأختي حاليا حامل بعد خمس سنوات عقم وتحتاج إلى من يداريها أو لا سمح الله تمرض في الليل من يكون معها، الزوج لا يتفهم ويقول فقط: أمي وأبي، ونحن نخاف الله تعالى ولكن هل الشرع يقبل بهذا وما هو الحل؟
أرجو التفصيل ياشيخنا لأن الزوجان كلاهما متفقان على أنهما سوف يعملان بما تقوله حضرتك، لأنه أمانة علي أن يقرءا ما سوف تكتبه لهما.
وجزاك الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ف من حسن عشرة المرأة لزوجها إحسانها إلى أهله، وإعانته على بر والديه وصلة رحمه، ومن حق المرأة على زوجها أن ينفق عليها بالمعروف ويوفر لها مسكناً مناسباً، ويعفّها على قدر طاقته وحاجتها، وأما مبيت الرجل عند زوجته فقد اختلف العلماء في وجوبه وقدره، فذهب بعضهم إلى عدم وجوبه، وبعضهم إلى وجوبه ليلة من كل أربع ليال.
قال ابن قدامة: إذا كانت له امرأة لزمه المبيت عندها ليلة من كل أربع ليال ما لم يكن عذر. المعني.
واختار بعضهم عدم تحديد المدة وتركها للاجتهاد. قال المرداوي:
وقال القاضي وابن عقيل يلزمه من البيتوتة ما يزول معه ضرر الوحشة، ويحصل منه الأنس المقصود بالزوجية بلا توقيت فيجتهد الحاكم، قلت: وهو الصواب.
فعلى هذا الزوج أن يوازن بين حق والديه وحق زوجته، وعلى الزوجة أن تتفهم أن حق والديه عليه عظيم، وأعظم من حقها عليه، وأن إعانتها له على برهما والإحسان إليهما يعود عليهما بالخير والبركة.
ونحن ننصح كلا من الزوجين بالرفق بالآخر والتغاضي عما يمكن التغاضي عنه من التقصير إن وجد تقصير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1430(13/6847)
حقوق الزوجة المريضة ثابتة ولو حال مرضها دون الاستمتاع
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكو زوجتي، وأقدر وضعها، أنا متزوج ولدي طفلان الأول 4 سنوات والثاني سنتان، وزوجتي لديها مرض عصبي.. دائمة النكد قلَّت مواصفات الزوجة الصالحة بها، تسيء لي بكلامها، وتشتم أهلي، وتصفهم بألفاظ بذيئة، ربما لأنهم قاسون معي، ولكنهم أهلي، مرضها يفقدها صوابها لأبسط الأمور، ولأكثر من مرة كانت ستخنق ولدي ومرة ابنتي.. تسئ إلي بشكل دائم. أخاف الله بها وعلى أولادي.. ولولا الأولاد لطلقتها من أول سنة زواج من 5 سنين لم أعد أعلم ما أفعل.. حقي كزوج أكاد لا أخذ منه إلا أقل القليل. من معاشرة واحترام وتقدير.. أبذل ما بوسعي والنتيجة تقول إني أقدم لنفسي وأولادي ولا أقدم لها شيئا، وتدوم تذكر فلانة وعلانة وتبصق على حظها أني تزوجتها، كنت لا أحتمل شتمها وأسلوبها وقلة أدبها مع أمي /المريضة بالقلب/ أحيانا فأضربها، ووالله أحاول أن أهدئها كثيراً قبل الضرب ولكن دون جدوى، أخاف على أولادي معها، وأرغب بالطلاق منها، حيث لا تسمع لأحد حتى ولو كلمها أهلها.. وكأنها طفلة فاقدة الأهلية، أريد أن يكون أولادي معي. فماذا أفعل؟ لا أستطيع أن أتزوج أخرى الآن، ولكني سأفعلها كي لا أموت وأنا بهذه الحياة التعسة، أطلب إفادتي من الناحية القانونية باحتضان الأولاد؟ والناحية الشرعية لحق زوجة ناشز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بالصبر على زوجتك، وأن تعذرها في تجاوزاتها وأخطائها نظرا لظروف مرضها، وأن تبذل مع ذلك الجهد لعلاجها، لعل الله أن يكتب لها الشفاء؛ وبذا تجتمع لك المصالح كلها.
أما إن تعذر علاجها، أو تبين لك أن هذا راجع إلى سوء خلقها، وليس لمجرد المرض فلا حرج عليك في طلاقها حينئذ.
أما حضانة الأولاد فالأصل أنها من حق الأم إلا أنه في مثل هذه الحالة التي يخشى منها على الأولاد، فإن الحضانة تسقط عنها حينئذ وتنقل إلى من بعدها في الحق كأمها. وتراجع الفتوى رقم: 10233.
جاء في الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل: ولا حضانة لرقيق...... ولا لمجنون ولو غير مطبق ولا لمعتوه ولا لطفل ولا لعاجز عنها. انتهى. هذا هو الحكم الشرعي.
أما الناحية القانونية فليست من اختصاصنا ولا علم لنا بها.
أما حقوق زوجتك هذه، فإن كانت تفعل هذه الأفعال تحت تأثير المرض دون قصد ولا تمييز فلا لوم عليها فيها، وحقوقها ثابتة لها حتى ولو حال مرضها بينك وبين الاستمتاع بها.
قال البهوتي - وهو حنبلي -: فتجب النفقة حتى ولو تعذر وطؤها لمرض أو حيض أو نفاس.
وقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَوْ كَانَتْ مَرِيضَةً لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهَا. انتهى من الحاوي في الفقه الشافعي. وقد سبق لنا تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 114314.
أما إذا كانت تفعل هذه الأفعال عن قصد منها فلا شك أنها ناشز، والناشز يسقط حقها في النفقة وغيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1430(13/6848)
أبوها علق سفرها لزوجها على موافقة أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عقد علي زوجي منذ 9 أشهر، ووافقت على زوجي وأسرته دينيا، ومنذ الخطوبة وحدثت مشاكل خفيفة، والآن زادت المشاكل لدرجة تعرضه لوالدتي ووالدي بالإهانه حتى يجبروا زوجي على الطلاق، لأنهم استعملوا كل الأساليب مع زوجي ليطلق فرفض زوجي، وقال لا أفرط فى زوجتي لأنه يحبني وأنا أحبه، ويرى أني ملتزمة، ولكن المشاكل زادت الآن لما عرض زوجي على أسرته أنه يحتاجها لتعيش معه بالسعودية، فرفض أهل زوجي وزادوا فى الإهانات، ووالدي موافق على سفري، ولكن بشرط وهو موافقة أهل زوجي، ويرى أنه لو أهل زوجي رافضون للزواج فسيجبر زوجي على الطلاق بأي أسلوب، فهل لي أن أوافق والدي الرأي لأنه نسب وأسرة ويرى زوجي أن أهله مصيرهم أن يرضوا بالأمر الواقع وهو لن يفرط في، فماذا أفعل ويفعل زوجي، وهل يرسلني والدي لزوجي بالرغم من رفض والديه أم يمنعني، فأرجوكم أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العلي القدير أن يفرج عنك هذا الهم، وأن ييسر لك أمرك، وأن يصلح بين أهلك وأهل زوجك ... وإذا كان قد عقد لهذا الرجل عليك فقد أصبحت زوجة له، فتجب عليك طاعته في المعروف، وطاعة المرأة زوجها مقدمة على طاعة والديها، وعلى هذا فالواجب عليك طاعة زوجك والسفر معه للإقامة معه حيث يقيم، ولا يجوز لوالدك أن يمنعك من السفر، أو أن يسعى في طلاقك منه لغير مسوغ شرعي، وليس مجرد رفض أهل زوجك زواجه منك بعدما حصل بمسوغ لمنعك من شيء من ذلك. وانظري لذلك الفتوى رقم: 1780، والفتوى رقم: 53320.
ومن جهة أخرى فلا يلزم زوجك أن يطيع والديه في أمرهما له بطلاقك أو منعه من سفرك معه، إن لم يكن لهم مبرر شرعي في ذلك. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 3651.
فالذي ننصح به هو السعي في حل هذه المشكلة بشيء من الحكمة، وأن يستعان في ذلك ببعض الفضلاء والعقلاء من الناس، فيصلحوا بين الأسرتين، ويذكروا الجميع بالله تعالى، وما ينبغي أن يكون عليه الأصهار من حسن العشرة بينهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1430(13/6849)
موقف الزوج إذا اختطفت زوجته ثم عادت
[السُّؤَالُ]
ـ[سادتي العلماء الأفاضل, يقول لكم صهري ما يلي:
كنت مسافراً أنا وزوجتي, ولما كنا عائدين من سفرنا تركت زوجتي مع أمتعتنا بالمحطة وذهبت أشتري بعض اللوازم. لما رجعت لم أجدها. بحثت عنها طويلا، وأعلمت مكتب الشرطة، ثم أعلمت كل أفراد عائلتي وعائلتها, وطفقنا نبحث عنها بكل الوسائل. وبعد شهر رجعت وهي في حالة نفسية وصحية يرثى لها. صرحت أن عصابة إجرامية, على غفلة منها, وضعوا شيئا على أنفها ففقدت وعيها. ولم تفق إلا وهي محبوسة في دار موصدة أبوابها. ولكن الله العلي القدير أعانها حتى قفزت من على سور ذلك المنزل ليلاً.
السؤال سادتي الأفاضل هو: ماذا على زوجها أن يعمل والحالة أن بعض أولي النوايا الخبيثة أسروا له ولوالده أن هذه لم تعد صالحة كزوجة، المرجو من فضيلتكم أن توجهوا الخطاب للزوج ولوالده كي لا يتخذا قرارا يؤذي هذه السيدة المسكينة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في المسلم السلامة والصدق، فإن كان الزوج لم ير من زوجته ما يرتاب منه، ولم تظهرعليها أمارات الكذب والخداع، فعلى زوجها أن يقبل منها قولها وأن يحسن الظن بها، ولا يستمع لهؤلاء الذين يريدون أن يفرقوا بينه وبين زوجه، وما تعرضت له المرأة لا يؤثر شيئاً على استمرار عقدة النكاح بينهما، وإذا حصل اغتصاب لها من قبل مغتصبيها فقد اختلف العلماء هل عليها عدة أم لا؟، ورجح الشيخ ابن عثيمين أنها إن كانت ذات زوج أنه لا عدة عليها ولا استبراء، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 36723.
وإذا ثبت حمل فإنه ينسب للزوج شرعاً لكونه صاحب الفراش، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: الولد للفراش وللعاهر الحجر. أخرجه البخاري ومسلم. إلا إذا استحال كونه من الزوج صاحب الفراش فينسب حينئذ لأمه، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 97924.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1430(13/6850)
لعن زوجته وأهانها فامتنعت عن الفراش حتى يرضيها بهدية
[السُّؤَالُ]
ـ[قام الزوج بلعن زوجته وإهانتها، وبعد ذلك طلبها لنفسه فامتنعت الزوجة مشترطة عليه أن يرضيها بهدية فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزوج المذكور قد ارتكب معصية شنيعة وإثما مبينا بإقدامه على لعن زوجته وإهانتها، كما أن الزوجة قد ظلمت وعصت ربها بالامتناع عن فراش زوجها، فالزوج وإن عصى الله تعالى فيها فلا يحل لها أن تعصي الله فيه، فإن استجاب لها وطيب خاطرها بهديه ونحوها فبها ونعمت، وهذا من حسن عشرته، وإلا لم يجز لها منعه من حقه، ولا يجوز لها التمادي على هذا الامتناع حتى يسترضيها بهدية أو غير ذلك، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 35538، والفتوى رقم: 54583.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(13/6851)
الأفضل الإقامة في بيت الزوج وزيارة الأهل للصلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تزوجت منذ ثلاث سنوات بزميل لى في الشغل على درجة من الأخلاق والأدب كبيرة بشهادة كل من حولي، وعلى درجة من الطيبة غير عادية، ولكن أنا معي بكالوريس وهو معه دبلوم، ويلتحق الآن بالجامعة المفتوحة ولكن هذا ليس سببا فى مشكلة بينى وبينه، ولكننا نحب بعضا، ومنذ أن تزوجنا إلى الآن لا يوجد خلاف أبدا، ولكن لظروف شغلي ولوجود طفلي يبلغ من العمر سنة وثماني شهور، وأن منزل والدي قريب من الشغل، ومنزلى بعيد، وإصرار أهلى في الجلوس معهم اضطررت أن أجلس عندهم بعد إقناع زوجي، وكنا نذهب منزلنا يومين في الأسبوع، ولكن أهلي يتعاملون مع زوجي أسوأ معاملة ويستخسرون فيه الأكل رغم أنه لم يدخل البيت ويده فارغة، ويطلبون مني أن أسمع كلامهم، وكلام زوجي لا. ومنذ ثلاثة شهور ذهبت إلى الاستقرار في بيتي، وأنا في بيتي أشعر براحة نفسية، ولكن يطلبون مني أن أقضي يومين عندهم في البيت ولأني لا أحب المشاكل ذهبت إليهم ولكن أمى تشاجرت معي وقالت لي إنها تخدمني منذ سنتين وأجبرني والدي أن أتأسف لها، وأنا لم أغلط في حقها، ولأني في بيتى، وهم يطلبون مني ثانيا أن أذهب للمبيت عندهم لارتباطهم بابنتي، ولكنهم يعاملون زوجي أسوأ معاملة، وهو يعاملهم بما يرضي الله، وأنا زهقت ولا أعرف ماذا أفعل معهم. وعندما قلت لوالدي لماذا يفعلون معه كذلك. قالوا لأنه لا يساعدني، ويعلم الله أنه يساعدني في كل شيء، ولكن في بيتنا وليس في بيت أهلي، إنهم يحشرون نفسهم في أدق تفاصيل حياتنا ويريدون أن يسيطروا علي. فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطاعة زوجك أوجب عليك من طاعة أبويك، سيما إذا راوداك على النشوز منه وعدم طاعته والاستخفاف بحقه. ونصيحتنا لك هي أن تقري في بيتك مع زوجك، ولا تذهبي لأهلك إلا لزيارتهم وصلة رحمهم، ثم تعودين إلى بيتك مع زوجك؛ لأن بقاءك على ما ذكرت من حال أهلك مع زوجك قد يؤدي إلى تفكك الأسرة وهدم عصمة الزوجية.
وإذا أذيت ببلدة فارقتها * ولا أقيم بغير دار مقام
هذا، وننبه زوجك إلى عظيم فضله، وجميل صنعه بما صبر على معاملة أهلك، ودفعه لأذيتهم بالتي هي أحسن، فليدم على تلك الحال ما استطاع، لقول الله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت: 34، 35}
ولحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل يشكو إليه سوء معاملة أقاربه له قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويُسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون عليّ، فقال: لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل (الرماد الحار) ولا يزال معك من الله ظهير عليهم مادمت على ذلك. رواه مسلم وأ حم د وأبو داود، وفي المسند والسنن عن أبي كبشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث أقسم عليهن: ما نقص مال من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عزا، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر.
وللفائدة انظري الفتاوى رقم: 19419، 1764، 69337.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(13/6852)
منع الزوجة من حضور جنازة أبويها.. رؤية شرعية أخلاقية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما اسم الصحابية التي مات أبوها ولم تحضر طاعة لزوجها المجاهد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة التي سألت عنها لم نر من أهل العلم من ذكر اسمها، ولكن الحديث المشتمل على قصة تلك المرأة ضعيف كما ذكر الشيخ الألباني في إرواء الغليل.. وعموماً فللزوج منع زوجته من الخروج لحضور جنازة والديها أو أحدهما، لكن لا ينبغي له منعها من ذلك لأن هذا ليس من حسن المعاشرة المأمور به، ولما فيه من القطيعة للوالدين أو أحدهما، قال ابن قدامة في المغني: وللزوج منعها من الخروج من منزله إلى ما لها منه بد سواء أرادت زيارة والديها أو عيادتهما، أو حضور جنازة أحدهما، قال أحمد في امرأة لها زوج وأم مريضة: طاعة زوجها أوجب عليها من أمها، إلا أن يأذن لها، وقد روى ابن بطة في أحكام النساء عن أنس: أن رجلاً سافر ومنع زوجته من الخروج، فمرض أبوها فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيادة أبيها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقي الله، ولا تخالفي زوجك. فمات أبوها فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حضور جنازته، فقال لها: اتقي الله، ولا تخالفي زوجك، فأوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم إني قد غفرت لها بطاعة زوجها.
ولأن طاعة الزوج واجبة، والعيادة غير واجبة، فلا يجوز ترك الواجب لما ليس بواجب، ولا يجوز لها الخروج إلا بإذنه، ولكن لا ينبغي للزوج منعها من عيادة والديها، وزيارتهما، لأن في ذلك قطيعة لهما، وحملا لزوجته على مخالفته، وقد أمر الله تعالى بالمعاشرة بالمعروف، وليس هذا من المعاشرة بالمعروف. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(13/6853)
حكم إدخال الزوجة من يكره الزوج دخوله
[السُّؤَالُ]
ـ[في أحد الأيام طلبت من زوجي أن أزور أهلي وأصنع لهم وجبة عشاء بسيطة إلا أن زوجي رفض، وحاولت مراراً وتكراراً، ولكنه يقول إنه لا بد أن يعمل لهم وليمة كبيرة وأنا رفضت ذلك، لأن راحة أهلي بزيارتي أن يكون العشاء من ميسور البيت وحاولت ولكنه رفض، وقررت أن لا أكلمه مرة أخرى وفعلا، ولكن في نهاية الأسبوع ذهب واشترى ذبيحة ودعاهم، ففرحت فرحا شديد وذلك لأن أهلي لم يدخلوا بيتي منذ سنتين تقريبا، وبدأت بالطبخ والثناء عليه، وطلبت منه أن أعزم نساء الجيران ورفض بحجة أن أهله مسافرين ولا يريد أن يغضبوا لأنه قام بدعوة من ورائهم، لم ألح في طلبه ولكن ذهبت وعزمت النساء في العصر أي على القهوة فقط، ولكن لم يحضر من النساء إلا زوجة عمه، وعندما رآها غضب كثيراً وغضب مني، واعتبر ذلك من عصيان الزوج لأنه قال: لا تعزمي أحدا، وأنا أحسست بنقص داخلي، فقط هذه المرة التي سوف أعزم أهلي والجيران لماذا يرفض؟، واستمر الغضب وحاولت إرضائه ورضي، ولكن دائما يقول لي الله لا يسامحك، ويقول إنه من عصيان الزوج والتمرد عليه، وبعد فترة ذهبنا للحرم المكي واتصلت بي ابنة عمه تود مقابلتي، وعند الدخول للحرم أخبرته بذلك إلا أنه رفض وبشدة وقال:المفروض هي التي تأتي وتسلم على أمي وأختي وعليك وتذهبون مع بعض، ولكني أحرجت منها فهي تراني وأنا داخلة، ولكن ذهب ليسلم على زوجها فذهبت لأسلم عليها وصلينا، وخرجنا من الحرم، ثم غضب مرة أخرى هو وأمه، والسبب أن أمه لا ترتاح لها، فكان لا يريدني أن أسلم عليها والبنت والله إنها طيبة ومتدينة، ولكن لمشاكل بينهم، وغضب مني بقوة، وكذلك اعتبر ذلك تمردا عليه وعصيانا، وأنا هنا أريد الحكم لأنه صار يؤرقني ويتعبني بالمشاكل وكل ما أود أن أوضح له شيئا قال الله لا يسامحك فأنت تعصين زوجك أريد أن أعرف هل في ذلك عصيان؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما إدخالك لمن يكره دخوله بيته ولم يأذن في ذلك فهو محرم شرعاً وعصيان له، وأما تسليمك على من لقيت من قريباتك أو غيرهن في الطريق فلا حرج فيه ولو لم يرض به، لأن السلام حق شرعي للمسلم على أخيه إذا لقيه، فليس للزوج منع زوجته منه، لأن طاعته إنما تلزم في المعروف ولا طاعة في معصية الله.
لكن ينبغي أن يكون ذلك كله بالمفاهمة والحوار الهادئ، وبيان الصواب وإبداء الرأي فيما تختلفان فيه للوصول إلى الصواب، وإلى ما يجمع الكلمة، ويرضي الطرفين مع النظر دائماً إلى الجوانب المشرقة في الحياة الزوجية، وعدم التركيز على الأخطاء واستحضارها، إذ ينبغي أن تنسى وتمحى من الذاكرة حفاظاً على الألفة والمودة بينكما، وسعياً في دوام العشرة واستقرار الحياة الزوجية لكما، فكوني له أمة يكن لك عبداً، وإياك والشعور بالإهانة عند طاعة الزوج في حقه المأذون له فيه شرعاً فلا مذلة في ذلك ولا إهانة، فليحرص كل منكما على إكرام الآخر وإحسان عشرته، ومراعاة شعوره في تجنب ما يكره، وإتيان ما يحب مما لا معصية فيه شرعاً، وللفائدة انظري في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 79881، 109676، 70321، 54632.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1430(13/6854)
أراد زوجها أخذ ابنتها ليتمتع براتبها فخرجت واشتكت عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي دائما يهددني بأن أترك البيت، وأنا أسكن معه في السويد ولم يصرف علي طوال زواجي منه في العراق.
أخذت أطفالي الاثنين وتركت البيت، واشتكيته للشرطة، لأنه يريد أن يأخذ ابنتي مني ليتمتع براتبها وهي تبلغ من العمر 5 سنوات، وأنا لا أعرف هل ما فعلته اتجاه الله سبحانه وتعالى يرضيه أم يغضبه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك وعلى زوجك التوبة إلى الله جل وعلا مما كان منكما فكلاكما أساء وبغى على حق صاحبه، أما أنت فقد أسأت عندما تركت البيت، والزوجة لا يجوز لها أن تترك بيتها إلا بعد إذن زوجها. وأما زوجك فقد أساء بتهديده لك دائماً بإخراجك من البيت وهذا ينافي المعاشرة بالمعروف التي أمره الله بها، وأساء بترك النفقة عليك، فإن نفقة المرأة واجبة على زوجها طالما أنها محتبسة لحق زوجها ولم يحصل منها نشوز، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 11797، والفتوى رقم: 97608.
أما مال ابنتك الصغيرة فإنه حق لها ينفق عليها منه بالمعروف، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 23776، والزائد بعد النفقة يدخر لها حتى بلوغ الرشد فيدفع لها، والأب هو صاحب الولاية عليها في مالها فهو الذي يتولى الإنفاق عليها منه حسب مصلحتها وحاجتها دون تقتير ولا إسراف بشرط أن يكون عدلاً، ويراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28545، 30186، 37701. ولكن لا يجوز له أن ينتزع ابنتك منك لأن حضانتها ثابتة لك طالما لم تبلغ سن السابعة، أو لم تتزوجي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1430(13/6855)
هل للزوج المحتاج أن يأخذ من ذهب زوجته رغما عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت منذ 8 أشهر بزوجة تصلي، وتصوم، وتؤدي الفروض، ولكنها أحيانا لا تطيعني في بعض الأمور. وقد اضطررت لأن أقترض مبلغ20ألف جنيه من أحد البنوك لأتمم زيجتي، بالإضافة إلى مبلغ آخر اقترضته من أختي.
وبعد مرور عدة أشهر علمت أن القروض حرام، ومنذ لحظتها وأنا أشعر بالذنب، وأدعو الله أن يسدد عني، وجمعت مبلغا من المال فطلبت منها أن آخذ إسورة من الذهب -كانت كسرت ولا تستعملها منذ فترة-من الشبكة التي قدمتها لها لأبيعها، وأكمل بها مبلغ قرض البنك، فوافقت، وبمجرد أن حدث بيني وبينها خلاف طلبت مني الإسورة، فأعطيتها لها ولم أسدد القرض.
فهل يجوز لي أن آخذ من ذهبها رغما عنها للضرورة، وبما تنصحونني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تأخذ من مالها إلا ما طابت نفسها به، ولا ضرورة إلى ما ذكرت.
والواجب عليك هو السعي للتخلص من ذلك القرض المحرم الذي أخذته بالتكسب ونحوه، أو البحث عمن يقرضك قرضا حسنا لترد إلى البنك ما أخذت منه من غير زيادة إن أمكن ذلك، فليس له إلا أصل ماله والزائد عليه محرم وباطل.
وينبغي أن تحاول إقناع زوجتك بأن تسلفك بعض ما لها لتسدد ذلك القرض المحرم، فإن أجابتك فبها ونعمت، وإلا فليس لك أخذ مالها إلا بطيب نفس منها كما بينا، وللفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 48786، 112282، 49425.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1430(13/6856)
حكم الامتناع عن الفراش لكون الزوج يطلق بصره للحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي توجد صديقة لي تمتنع بعض المرات عن زوجها بسبب أنها تقول إن بعض الأشخاص يأتون لها ويقولون إن زوجها يقوم بالنظر للفتيات، وعند مواجهة الزوج ينكر، لكن بعض المرات يقوم بالنظر للفتيات وزوجته معه، وفي بعض المرات لاحظ فتاة على ظهر السطح وهو على البرنده وهي تأكل البوشار فقال لها يا ليتني (بوشار تقبري البي) وكانت زوجته معه، لكن الفتاة لم تسمعه وأيضا وهو في العمل يوجد عنده أصحاب سوء يحملون الجوال وفيه أفلام إباحية، يقوم بالتفرج عليها، وأحيانا يذهب للحمام للتفريغ عن نفسه، أو ينتظر للذهاب إلى البيت، ويحدث زوجته وساعات يغلط بلسانه وبعدها ينكر وبعد ما ينظر إلى البنات والأفلام الإباحية يأتي لزوجته لكي يعاشرها، لكن الزوجه ترفض بعض الأحيان وتقول له اذهب إلى حيث كنت عند الفتيات وعند أصحابك الذين بعطونك الأفلام دعهم ينفعوك، وما ترضى أن يعاشرها الزوج، يغضب ويروح ينام شيخي. ما حكم الزوجة والزوج في هذا الكلام؟ الرجاء الإجابة وبأسرع وقت ممكن.
وفي بعض الاوقات يقول لزوجته أريد أن أذهب للحمام لأستحم، وتذهب معه الزوجة لترى أنه يحتاج شيئا أو لا وتراه بمنظر غير طبيعي. وكان يوجد فتاة معه بالحمام، وصارت أكثر من مرة، وعندما يرى زوجته قد رأته يقول لها تعالي عندي لكن هي ترفض وتبتعد عنه، وأيضا بعض المرات يقوم بإهانتها أو ضربها لكن يصالحها بعدها ويقول لها لاتغضبي مني. وعندما أحد أزواج أخواته يضرب أخته يقوم بمشاجرته ولا يرضى بأن أخته تهان أو تضرب. اما هو يرضى لزوجته هذا. ما رأيك شيخي أريد الحكم بأسرع وقت ممكن. الله يرضى عليك على نار لأسمع الحكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمشاهدة الأفلام الإباحية حرام، كما سبق في الفتوى رقم: 3605، كما سبق بيان كيفية التخلص من ذلك في الفتوى رقم: 53400.
كما أن مغازلة النساء الأجنبيات أمر غير جائز وسلوك مشين، وإذا وقع ذلك من رجل متزوج فذلك أشد قبحاً، ودليل على ضعف الدين وفساد الخلق.
أما عن سؤالك، فإن امتناع هذه المرأة عن زوجها بسبب ما ذكرت عنه من أمور منكرة غير جائز، بل هو من الكبائر، ومما يوجب اللعن، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح. متفق عليه.
كما أنها بذلك تكون عوناً للشيطان عليه، وذلك ما لا يليق بمسلمة.
أما عن إهانة هذا الزوج لزوجته وضربه لها دون سبب مشروع، فذلك غير جائز وهو من سوء العشرة، وفساد الخلق، وذلك غير بعيد ممن يصاحب المفسدين ويجترئ على مشاهدة ما حرّم الله، فالواجب على هذه المرأة، أن تطيع زوجها في أمر الفراش ما لم يكن لها عذر، وعليها أن تنصحه بالرفق وتذكّره بخطر مشاهدة تلك الأمور المحرمة، وتذكّره باطلاع الله عليه وهو يفعل تلك المنكرات، وتشجعه على حضور مجالس العلم، ومصاحبة الصالحين، واستماع الأشرطة النافعة للدعاة المصلحين، مع التنبيه على عدم التقصير في حق الزوج فإن حقه في الشرع عظيم، لا سيما في حق الفراش، وما يتعلق به من التزين والتجمل بما لا يخالف الشرع، كما أن حسن التبعل له، مما يعين على قبوله للنصح، ورده إلى الصواب، وعليها أن تستعين بالله وتكثر من الدعاء فإن الله قريب مجيب.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1430(13/6857)
زوجها لا يعدل بينها وبين زوجته الأولى ويقسو على الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة من عدة سنوات، ولكنى أعاني من أشياء تصعب على أي زوجة أن تواجهها وهى: أن زوجي يحب تعدد الزوجات من أجل الجنس، ومع ذلك فإنه لا يراعي مشاعري وقاسيت معه كثيرا، وأنا لم أكن الزوجة الوحيدة في حياته، وبالرغم من أني قبلت أن أكون الزوجة الثانية وتحملت كل العناء والتعب من هذا القرار الذي أخذته عندما رضيت أن أكون زوجة ثانية، ولكن زوجة مقهورة ومجروحة، لم يكن لها حق في شيء سوى المآكل والملبس وأرى بعيني الفرق الشاسع في المعاملة وعدم العدل بيننا، وهذا لأني غريبة والزوجة الأولى ابنة عمه ومن بلده، وأنا في حكم الغريبة، وأعامل معاملة تسببت لي في مرض نفسي وجسدي، ولكنى عندما أردت أن أنفصل لم يكن لي الحق في ذلك، لأنه سوف يحرمني من أولادي، وجميع حقوقي ويجعلني في الشارع، وينتقم مني شر الانتقام، وهذا من أجل غروره ولكن أنا أتحمل هذا من أجل أولادي وأنتظرهم أن يكبروا لأني لا أستطيع أن أتركهم مع أب قاس وهم صغار ويحتاجوا للحنان والعطف، وهو لا توجد عنده هذه المشاعر.
ومرت السنوات وأنا في عناء مع زوج لا يعرف عن الحياة الزوجية سوى الجنس وينفق علينا فقط، وبالرغم أنه يصلى ويصوم لكن أرى أن هذا لا ينهاه عن هذه المعاملة، وكل مشكلتي أني أريد الحياة الكريمة مع زوج يخاف الله في، ولكن هذا لم يحدث من أجل أبنائى.
ولكن بعد هذه المعاناة أجد هذا الشخص الذي يعرف كل شي عنى وعن هذه الحياة التعيسة التي لو أردت الكلام عن مدى ظلمها وصعوبتها لطال الموضوع، وهو أحد أقربائي، وهو يتمنى أن يعوضني عن هذه المتاعب، ولكن أنا وهو نريد ذلك في طاعة الله، وهو يريد الزواج منى وأنا أيضا، ولكن هذا صعب الآن لأني انتظر مع هذا الزوج من أجل أبنائي حتى يكبروا ويعتمدوا على أنفسهم، ولكن هذا الشخص يهون علي المتاعب والعناء والمصاعب والقسوة التي أعاني منها في هذه الحياة التي أرهقتني جسديا ونفسيا، لكن أنا أعلم أن هذا حرام أي أن أفعل ذلك وأنا مازلت على ذمة زوج، لكن أنا وهذا الشخص عاهدنا الله أننا لن نفعل معصية ونتمسك بهذا، ونحاول أن نتقرب من الله ونقوى بعضنا على الطاعة، ولكن هذا كله وهو يعلم أنه سوف يصبر سنوات من أجل أن يتحقق هذا الحلم الذي نتمناه من أجل الراحة بعد العناء، وهو مشفق علي لأنه يعلم ما أنا فيه، ونحرص دائما أن لا نغضب الله، وإذا حدث بيننا كلام لا يخرج نطاق السؤال عنى أو الحديث في أمور الدين ونحاول أن نقوى بعضنا على البر والتقوى، ولكن أخشى أن أكون في ضلال وأنا لا أحب ذلك، لأني أريد أن أكفر عن سيئاتي، وأفعل مايرضى الله، وهو أيضا يساعدني على ذلك ويتمنى لي الخير، ولكن ألم يكون لي حق أني أجد من يخفف عنى عندما أكون في مثل هذا الضياع الذي لا يوجد له عنوان، وأنا أعاني كل يوم من الإهانة والجرح والقهر، وأشياء كثيرة لا أستطع أن أذكرها، لأني عندما أتذكرها يتقطع قلبي من الحزن والألم، ولكن أشكوها إلى الله وهو أعلم بي من أي أحد. وهذا سؤالي؟
ملحوظة: أنا لا أحلل الحرام لكن أنا على يقين بأني- إن شاء الله- لا أفعل المعصية، وأريد الرد لكي يستريح قلبي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلاقتك أيتها السائلة بهذا الرجل الأحنبي علاقة محرمة يجب عليك قطعها فورا والتوبة إلى الله جل وعلا مما كان منها, ولا يبرر هذا كونكما تتعاونان على البر والتقوى ويساعد أحدكما الآخر على طاعة الله – كما زعمت - فهذا والله من كيد الشيطان ومكره بكما وكيف يحصل التعاون على الطاعة والبر ومجرد هذه العلاقة إثم وعدوان لا يختلف في منعه وتحريمه, وقد ذكرت أيتها السائلة في ثنايا سؤالك أنك عاهدت الله مع هذا الشخص ألا تفعلا ما يغضب الله وهذا إلزام فوق الإلزام, لأن العهد يجب الوفاء به.
قال تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا {الإسراء: 34}
ولا يمكن الوفاء بهذا العهد إلا بقطع هذه العلاقة تماما لأنها مما يغضب الله ويسخطه. أما ما يحصل من زوجك من أذى لك وإضرار بك حتى أصابك من جراء هذا ما أصابك من المرض البدني والنفسي فهو حرام, ومخالفة صريحة لأوامر الله ووصايا رسوله بالنساء, إضافة إلى ما فيه من الظلم والبغي ولا يخفى ما جاء من وعيد للبغاة الظالمين.
وإنا لننصحك أن تقفي مع زوجك وقفة هادئة تذكريه فيها بالله وتستثيري فيه كوامن الدين والخلق, وتعلميه بما أصابك من ضرر جراء إساءته وتفريطه وتطالبيه أن يتقي الله فيك وأن يوفيك حقوقك ومن أعظمها العدل بينك وبين زوجته الأولى فإن العدل بين الزوجات واجب متحتم على الرجل لا يسعه تركه كما سبق بيان هذا في الفتوى رقم: 31514.
عسى الله أن يصلح من أحواله ويغير من أخلاقه, فإن أبى إلا التمادي في ظلمه فعند ذلك يحق لك طلب الطلاق منه , لأنه لا ضرر ولا ضرار كما قضى بذا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فإن طلقك فلك الحق في حضانة الأولاد حتى يبلغوا سن السابعة ما لم تتزوجي وكذا لك الحق في جميع حقوقك التي كفلها لك الشرع ويمكنك أن تستوفيها كاملة عن طريق القضاء الشرعي، وإن أردت الصبر على أذاه تقديما لمصلحة الأولاد على مصلحة نفسك فنرجو أن يثيبك الله على هذا أعظم المثوبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1430(13/6858)
حكم تأخير الإنجاب حتى تنقص امرأته وزنها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق للزوج تعمد تأخر الحمل شريطة أن تفعل الزوجة ما يريده حتى لو كان السبب تنزيل الوزن عشرات الكيلو جرامات. تعرفت إلى زوجي من 4 سنوات، وكان يلمح لي برغبته في الارتباط من زوجة فاضلة، شريطة أن يكون وزنها وشكلها رشيقا بالنسبة له، ويجب أن يكون تنفيذ هذا الطلب نابعا منها وبإرادتها، ووعدته بذلك وقبل الزواج نفذت الوعد، وأنت تعلم بعد الزواج يزيد الوزن بعض الكيلو جرامات، وليس لدرجة الزيادة المفرطة، وبدأ يطلب مني التخفيف وإنقاص الوزن وإلي الآن على قرابة السنتين في محاولات، ولكن لأني أعاني من خمول في الغدة الدرقية مما يؤثر على الوزن في إنقاصة بصعوبة، ويتعمد في المعاشرة الزوجية أن لا تتم بالشكل الذي كما أمر الله تعالى، فأنا لا أتناول أي موانع حمل أو واقي مما أدى هذا الاسلوب إلى تعرضي لبعض الالتهابات المهبلية، وهو يعلم بالموضوع ... أصبحت حياتي محصورة بين اختيارين: أما أن أخسر من وزني أو لا إنجاب، إلا عندما هو يحكم ويرى إذا كان الوزن يسمح بالحمل أو لا، والآن حياتي مليئة بالمشاكل وركود في العاطفة، بالإضافة إلى ذلك أنه يعمل في مكان يبعد عني لمدة 5 أيام أسبوعيا، وأتلاقى معه يومين فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان منك من علاقة بزوجك قبل الزواج أمر غير جائز، ويجب عليك أن تحدثي له توبة، وتذكري دائماً أنه ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة، وأنه لا يستبعد أن يكون هذا الذي بينك وبين زوجك الآن من ذهاب الود وغلبة الجفاء والتشاحن، إنما هو بسبب فعل بعض المعاصي أو التفريط في بعض الطاعات والواجبات. فراجعي رحمك الله علاقتك بربك، قال بعض السلف: إن الصالحين إذا فقدوا آمالهم تفقدوا أعمالهم.
أما تأخير الزوج للإنجاب حتى ينقص وزنك، فهذا لا يجوز وهو من الظلم؛ لأن الإنجاب حق مشترك بين الزوجين، لا يجوز لأحدهما أن يمنع منه الآخر، قال ابن قدامة في المغني: ولأن لها (الزوجة) في الولد حقاً، وعليها في العزل ضرر فلم يجز إلا بإذنها. انتهى.. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 118433.
وكذا ما يكون منه أثناء المعاشرة مما ذكرت أنه يلحق بك الضرر لا يجوز أيضاً؛ لأنه لا ضرر ولا ضرار، كما قضى بذا رسول الله صلى الله عليه وسلم. جاء في الكافي في فقه الإمام أحمد: وله الاستمتاع في كل وقت من غير إضرار بها. انتهى.
وإنا لننصحك بأن تطالبي زوجك بالعدل والإحسان، وأن يوفيك حقوقك، كما تقتضيها المعاشرة بالمعروف التي أمر الله بها، وذكريه أن بينك وبينه عهد الله وميثاقه الغليظ، وقد شدد الرسول صلى الله عليه وسلم وحرج حق المرأة، حيث قال: اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة. رواه ابن ماجه وأحمد.. على أن يكون هذا برفق ولي وفي جو من المودة والتآلف، مع الإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله أن يصلح الله لكم الحال والبال، وأن يصرف عنكم همزات الشياطين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1430(13/6859)
حكم سفر الزوج للعمل مع كون زوجته مريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم سفر الزوج للعمل وزوجته حامل ومريضة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمجرد مرض الزوجة أو حملها ليس أي منهما بمانع من سفر الزوج. وعلى أية حال فالواجب على الزوج أن يتقي الله في زوجته ولا يضيعها أو يعرضها لما يضر بها. وإذا كان سفره للعمل سيتجاوز ستة أشهر فليس له ذلك إلّا بإذن زوجته، كما بيّنّا ذلك في الفتوى رقم: 53510.
وأما إن كان تغيبه للعمل دون هذه المدة فلا حرج عليه، ولو بلا إذن منها، إلا إن أضر بها سفره ضررا بالغا، كأن كانت مريضة ولا يوجد من يخدمها ويقوم بمصالحها، فليس له السفر في هذه الحال لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. أخرجه ابن ماجه والدارقطني وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1430(13/6860)
حكم إجبار الزوجة على العمل بشهادة خبرة مزورة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوج صديقتي يرغمها على العمل لحاجة المعيشة، ومصمم أن يخرج لها شهادة خبرة مزورة كي تحصل على عقد عمل براتب مرتفع، وإلا ينغص عليها عيشتها. وهي تسأل ما الحكم إذا قبلت مضطرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوج أن يجبر زوجته على عمل طيب حلال لا شبهة فيه لأجل أن تساعده في النفقة؛ لأنه لا يجب عليها من النفقة شيء ولو كانت غنية موسرة، إنما النفقة كلها على الرجل. فما الظن إذن بمن يجبر زوجته على عمل معتمد على شهادة مزورة، لا شك أنه مما لا يختلف في حرمته، فإن هذا الفعل يعتبر من شهادة الزور، ولا يخفى ما جاء في شهادة الزور من الوعيد، فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، ثلاثاً: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: ألا وقول الزور، وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت. متفق عليه.
ولا يجوز للزوجة أن تطيعه في ذلك بدعوى أنها مضطرة، إذ لا اضطرار هنا، بل عليها إن نفذ ما هددها به من تنغيص المعيشة أن ترفع أمرها للقضاء ليكف عنها ظلمه، فإن لم تتمكن من ذلك فلتطلب منه الطلاق.
وليعلم هذا الزوج أن تكاليف المعيشة ومؤنها إنما يستعان عليها بتقوى الله، قال تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ {الأعراف: 96} ، وقال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق: 2، 3} ، وقال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق: 4} .
وليعلم أن الرزق مكتوب، وأنه يطلب صاحبه كما يطلبه أجله، وأن نفسا لن تموت حتى تستوعب رزقها، كما جاء في الحديث: إن روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه أبو نعيم والطبراني والبزار وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1430(13/6861)
رهبة المرأة من الاستمتاع ليلة الزفاف
[السُّؤَالُ]
ـ[إني مقبل على الزواج بإذن الله تعالى بعد شهرين، وقد عقدت في المحكمة، فقد سألتني زوجتي عن ليلة الدخلة وما فيها وما يكون واجباتها، فقالت إني لا أريد الجماع، فقلت لها هذا حرام، ولا يجوز، ولكنها متوترة بعض الشيء حيال هذا، ولكني أعطيتها بعض الدروس ومبرهنة من كتاب الله وسنة رسوله فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطاعة الزوجة لزوجها من أوجب واجباتها، وأعظم ما تجب فيه طاعتها له أمر الاستمتاع ما لم يكن لها عذر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح. متفق عليه.
ومن المعلوم أن المرأة قد يصيبها شيء من الرهبة من الجماع في ليلة زفافها، فينبغي أن تعذر في ذلك، وعلى الرجل أن يسعى لإزالة تلك الرهبة، وإشعار المرأة بالطمأنينة، وذلك بالكلام الحسن والملاطفة والمداعبة وعدم التعجل في أمر الجماع، وننصحك بقراءة بعض الكتب المفيدة في هذا الشأن، ككتاب تحفة العروس.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 39011.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1430(13/6862)
الصبر على أذى الزوج وهل للزوجة الامتناع عن الإنجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوجي يعاملني معامله سيئة في معظم الأوقات، فهو يسبني بأمي وأبي، وقد سبهم علانية أمامهم، وسب أهلي كلهم مع أنى من عائلة محترمة جدا، ولم يحدث لأحد منا ما يحدث لي، وهو أيضا يخرج أسرار بيتنا لأمي وأبي قبل أن يسبهم، أو لأمه وأبيه، فإذا حدث بيننا مشكلة يخبر بها أهله، ويتهمني بأشياء لم أفعلها، وأهله يعلمون أنه يظلمني وكثيرا ما نصحوه أن يتقى الله في، ولكن دون جدوى، بالإضافة أنه يضربني حتى وقت الصلح يهددني بالضرب. أنا لا أعلم ماذا أفعل معه، ويعلم الله أني لم اقصر في واجباتي تجاهه وتجاه بيتي وابني وتجاه أهله. أنا أريد الانفصال إذا لم يصلح من نفسه، ولكنه لا يرى نفسه مخطئا في أي شيء، فكثيرا حاولت الإصلاح منه ولكن دون جدوى، وأصبحت تعبانة من أسلوبه معي، ولا أستطيع أن أنسى إهانته لأهلي الذين أصبحوا كارهين مقابلته وسماع صوته، مع العلم أني بنت وحيدة لامي وأبي، وأنا وزوجي نعيش مغتربين في بلد عربي. وأهلي من شدة قلقهم علي أصيبوا بالمرض. هل إذا أردت الانفصال منه أكون مخطئة، مع العلم أني أحبه؟ وإذا استمررت معه لا أريد أن أنجب منه ثانية؛ خوفا من الانفصال في يوم من الأيام. فهل بهذا أنا علي ذنب؟ أفيدوني بالله عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يفعله زوجك معك من إيذائك وسبك وسب أهلك وضربك كل هذا حرام، بل هو من كبائر الذنوب التي توجب غضب الله وعقوبته. وقد سبق بيان هذا بالتفصيل والدليل في الفتوى رقم: 113458.
وفعله هذا يبيح لك طلب الطلاق منه، ولكنا لا ننصحك بالتعجل في ذلك، بل ننصحك بالصبر عليه وعلى أذاه، وأن تحاولي استصلاحه خصوصا مع ما ذكرت من حبك له، وهذا دليل على أن فيه من الصفات ما يحببك فيه.
فإن لم يجد هذا نفعا، ونفد صبرك معه، واستحالت العشرة بينكما، فإن الحل حينئذ هو طلب الطلاق منه تخلصا من هذا الأذى. أما أن تبقي في عصمته وترفضي الإنجاب فهذا لا يجوز إذ الإنجاب حق مشترك بين الزوجين لا يجوز لك أن تمنعيه منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1430(13/6863)
السكن المناسب والنفقة بالمعروف حقان للزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أفعل؟ أنا وزوجي مفترقان بسبب مشاكل بين أهله وأهلي، واختلاف في وجهات النظر، وبسبب أنه لم يكن يعمل، ولم يوفر مسكنا سوى تسعة أشهر، وبعد ذهابي إلى منزل أهلي طلب منه والدي عدم رؤيتي أنا وأطفالي، وعدم الاتصال بي، ومنعني من التحدث معه، فلم يسال زوجي عنا، وبعد سنة طلب والدي أن أذهب معه للمحكمة للشكوى من هجر زوجي وطلب الطلاق، فرفضت أنا، والده يقول إن ابني لم يعد يبغي بنتك ويريد إرجاع المهر الذي دفعه، ولم نرد عليهم. ماذا أفعل؟ هل أعصي والدي وأكلم زوجي للتفاهم معه أو أذهب للمحكمة وأطالب بالخلع؟ وهل علي ذنب بسبب السكوت عن التفرقة كل هذه السنوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن واجب الزوج على زوجته أن يوفر لها مسكناً مناسباً، وأن ينفق عليها بالمعروف، وإذا أعسر الزوج بالنفقة فمن حق المرأة أن ترفع أمرها للقضاء وتطلب فراقه لذلك، لكن إن رضيت وصبرت معه، فهو أولى.
قال ابن قدامة: وجملته أن الرجل إذا منع امرأته النفقة لعسرته وعدم ما ينفقه فالمرأة مخيرة بين الصبر عليه وبين فراقه. انتهى.
وهذا الحق للمرأة نفسها وليس لوليها، فإذا رضيت المرأة بالبقاء مع الزوج المعسر، فليس لوليها أن يجبره على طلاقها، وعلى ذلك فإذا كنت راضية بالبقاء مع زوجك على تلك الحال، فلا حق لأبيك أو غيره في التدخل في علاقتك بزوجك، إلا بالنصح والمشورة بالمعروف، ولا يجب عليك طاعة والدك في طلب الطلاق أو الخلع، لكن ننبه إلى أن ذلك لا يعني جواز التقصير في بر الوالد والإحسان إليه، واعلمي أنك إن كنت تركت زوجك وذهبت لبيت أهلك دون إذنه، فقد ارتكبت إثماً يجب عليك التوبة منه، والذي نوصيك به أن تكلّمي زوجك فإن تفاهمتما على الرجوع، فلا حق لأحد في منعك من ذلك، فإن طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين.
قال ابن تيمية: الْمَرْأَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ كَانَ زَوْجُهَا أَمْلَكَ بِهَا مِنْ أَبَوَيْهَا وَطَاعَةُ زَوْجِهَا عَلَيْهَا أَوْجَبُ. اهـ
وإذا لم يتم التفاهم بينكما فينبغي أن يتوسط بينكما حكم من أهلك وحكم من أهله، للإصلاح بينكما، فإذا لم تنفع وسائل الإصلاح مع زوجك، فيجوز لك طلب الطلاق منه ويجب عليه هو ذلك إذ لا ضرر ولا ضرار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1430(13/6864)
هل يأثم الزوج إذا تلف أثاث الزوجية وهل يلزمه تعويضه
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا عند عقد النكاح يتفق أهل الزوج والزوجة على أن العفش- الأثاث- يشترى مناصفة، يدفع الرجل وأهله النصف، والمرأة وأهلها النصف الآخر، وبعد الزواج من المعروف أن الأثاث كله يكون للزوجة باعتبار أن النصف الذي دفعه الرجل وأهله هو المهر، لكن يكتب في قسيمة الزواج المهر كمبلغ رمزي مثلا واحد جنيه حتى يتفادى دفع رسوم كثيرة، لأن الرسوم نسبة من المبلغ المكتوب فى القسيمة. لكن يكتب مبلغ آخر يسمى مؤخر الصداق، يكتب كاملا بالتحديد كما يجب سداده.
السؤال هو:
بعد الزواج من المعلوم أن الأثاث أصبح ملكا للزوجة شرعا لكنه موجود في مسكن الزوجية، الزوج يستعمله كما هو معلوم عرفا، من الممكن أن يتلف مثلا زجاج يكسر أو مرآة تكسر من غير قصد من الزوج، أو ربما من الزوجة، أو الخشب مع الوقت يتلف وقشرة السرير أوالدولاب تتلف وغير ذلك. هل على الزوج أي التزامات شرعية تجاه صيانة الأثاث؟ أي هل يأثم شرعا إذا تلف أي شيء من الأثاث بسببه عن غير قصد، أو من غيره مثل الزوجة أو الضيوف أو الأولاد، علما بأنه عند عقد النكاح كان الاتفاق على مناصفة ثمن الأثاث ولم يحدث أي كلام عن التزام الزوج بصيانة الأثاث، أو دفع ثمن تجديده أو إصلاحه، ومعروف عرفا أن للزوج استخدامه وقد يتلف أي شيء منه.
هل شرعا يأثم الزوج إذا لم يدفع ثمن صيانة أي جزء من الأثاث تلف بمرور الوقت، أو زجاج كسر من غير قصد من الزوج، أو الزوجة، أو الأولاد، أو الضيوف؟ مع العلم والتأكيد على أن ما تم الاتفاق عليه عند إجراءات عقد النكاح هو شراء الأثاث، ووضعه في مسكن الزوجية للاستخدام ومناصفة ثمنه فقط مرة واحدة عند الشراء، ولم يحدث أبدا التطرق لموضوع صيانته عند الاتفاق على شروط الزواج، أى لم يتم ذكر أن على الزوج إصلاح التالف أو صيانته.
هل لو أرادت الزوجة أن تبيع جزءا منه تبيعه بحالته المتهالكة وتأخذ ما تحصل عليه من البيع وليس على الزوج أي التزامات مالية تجاه إرجاعه لوضعه الأصلي، وفرق الثمن ليس الزوج ملزما به؟
نفس السؤال بالنسبة لأدوات الأكل مثل الكؤوس والأطباق، العرف أنها على الزوجة، هل يلزم الزوج دفع أي شيء عنها لو كسر منها شيء عن غير قصد، والمعالق لو ضاع بعضها في القمامة هل يوجد أي إثم شرعي على الزوج؟ لأنه في المقابل الزوجة أيضا تستعمل الكهربائيات التي يجب على الزوج إحضارها ولا يطالبها بثمن صيانتها أو غيرها إن تلفت؟
هل لو توفى الزوج المطلوب شرعا هو سداد مؤخر الصداق للزوجة من التركة ولا يخصم أي شيء آخر مقابل أي أثاث تالف، أو كؤوس كسرت أو غير ذلك، لأنه معلوم أن هذه الأشياء توضع في مسكن الزوجية للاستخدام وقد لا تكون سليمة أو كاملة إذا توفى الزوج، فهل شرعا على الزوج أي ديون تجاه الزوجة بخصوص هذه الأشياء علما أنها أوأهلها لم يشترطوا أو يقولوا أي شيء بخصوص هذه الأشياء.
وهل على الزوج أي ديون للزوجة غير مؤخر الصداق شرعا إذا توفى قبل الزوجة؟ معلوم أن الزوج عليه الإنفاق، لكن لو اشترت الزوجة طعاما وأكل منه الزوج بموافقة الزوجة ومن باب العشرة بالمعروف، واشتركا مثلا بالمعروف فى بعض مصاريف البيت والأولاد والهدايا التي أهدتها الزوجة لزوجها شرعا لا يجب خصم أي شيء من تركة الزوج، أو مطالبته في حياته- إذا رزقه الله بالمال- أن يدفع لها ثمن ذلك، وليس لها أن تأخذ الهدايا إذا توفى الزوج قبلها إنما يجب أن تترك وتوزع ضمن التركة. أي هل تبرأ ذمة الزوج شرعا من الديون تجاه الزوجة بسداد مؤخر الصداق والباقي هو توزيع التركة؟ ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما جرى عليه العرف في مصر عند الزواج، من أن الأثاث يشترى من صداق المرأة ومن مالها أو مال أهلها، فيكون الأثاث ملكاً للزوجة وحدها، وربما يستند هذا العرف إلى المشهور في المذهب المالكي من إلزام الزوجة بالتجهيز من صداقها، ويطلق عليه عندهم الشورة.
قال الحطاب المالكي: ونقله صاحب الشامل في شرح المختصر من أن هذا الحكم جار على المشهور أن المرأة يلزمها التجهيز بصداقها. مواهب الجليل
وذكر المالكية أيضاً أن من حق الزوج استعمال أثاث البيت الذي هو صداق الزوجة.
قال الخرشي: يجوز للرجل أن يتمتع مع زوجته بشورتها التي تجهزت بها ودخلت عليه بها من غطاء ووطاء ولباس ونحوها. شرح مختصر خليل.
وعلى ذلك فلا يأثم الزوج بتلف شيءمن الأثاث بغير تفريط منه، ولا يلزمه تعويض ما تلف، ولا تعويض ما باعته الزوجة، ولا فرق في ذلك بين ما اشترته الزوجة أو اشتراه الزوج، لأن الجميع أصبح ملكاً للزوجة كما سبق، لكن ينبغي أن يعلم أن الزوج تجب عليه النفقة على زوجته وأولاده بالمعروف، ولا يلزم الزوجة أن تنفق على زوجها وأولادها، فإذا تلف شيء من الأثاث مما تحتاجه الزوجة أوالأولاد وجب على الزوج توفير ما تندفع به الحاجة بالمعروف.
قال الخرشي المالكي: ولا يلزم الزوج بدل الشورة الأولى بل يلزمه ما لا غنى عنه لها. شرح مختصر خليل.
وأما عن مؤخر الصداق فهو دين على الزوج، وفي العرف في مصر يحل هذا الدين بالطلاق أو الموت، فإذا مات الزوج وجب للمرأة مؤخر صداقها، ولا يلزمه شيء بخصوص ما تلف من الأثاث بغير تفريط.
وأما ما أنفقته المرأة في بيت زوجها متبرعة، وما أهدته لزوجها وحازه الحوز الشرعي، فالصحيح أنه لا يجوز لها الرجوع في ذلك في حياته أو بعد موته. وانظرالفتوى رقم: 16694 والفتوى رقم: 69511.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1430(13/6865)
حكم مبيت المرأة وأولادها ببيت أمها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تبيت فى شقة أمها لوحدها هي وأولادها الصغار وليس معها أحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في مبيت المرأة هي وأولادها ببيت أمها إذا أذن لها زوجها في ذلك وكان البيت مأمونا.
وللفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 72469، 65437، 64654.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1430(13/6866)
واجبات المرأة نحو بيتها وزوجها وأولادها
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن أن نقوم بمساعدة فتاة غارقة في معصية الله كي تقتنع وتقلع عن ارتكاب ما حرم الله تعالى وخصوصا أنها متزوجة وعندها بنت وولد، فهي لا يهمها سوى نفسها، متعالية ومغرورة لا تعتني بأسرتها ولا تمدهم بالحنان الواجب ككل أم وزوجة، والمشكلة أنني تكلمت معها سابقا وكانت هناك نتيجة لكن سرعان ما رجعت لما كانت عليه، والآن أريد منكم أن ترسلوا لي جوابا فيه كلمات قاسية لعلها تحرك فيها شيئا، مع العلم أنها محجبة لكنه مع الأسف حجاب زينة فقط؟
أرجو منكم الرد في أقرب وقت ممكن والله يتقبل منكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها أمام الله كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع ومسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسؤولة عن رعيتها. متفق عليه.
وقد حدد رسول الله الحقوق الواجبة على المرأة في البيت حينما قضى على ابنته فاطمة بالخدمة الباطنة داخل البيت وحكم على زوجها علي بن أبي طالب بالخدمة الظاهرة خارج البيت.
قال ابن حبيب في الواضحة: حكم النبي صلى الله عليه وسلم بين على بن أبى طالب رضي الله عنه، وبين زوجته فاطمة رضي الله عنها حين اشتكيا إليه الخدمة، فحكم على فاطمة بالخدمة الباطنة، خدمة البيت، وحكم على علي بالخدمة الظاهرة، ثم قال ابن حبيب: والخدمة الباطنة: العجين، والطبخ، والفرش، وكنس البيت، واستقاء الماء، وعمل البيت كله. انتهى.
ومما يتأكد وجوبه على المرأة اهتمامها بأولادها والقيام بمصالحهم وشؤونهم داخل البيت على أكمل حال, وبذل ما تقتضيه الفطرة السوية لهم من الحب والعطف والحنان, فهذا مما وصى الله به، فقال تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ. {النساء:11} .
قال السعدي – رحمه الله –: أي: أولادكم - يا معشر الوالِدِين- عندكم ودائع قد وصاكم الله عليهم، لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية، فتعلمونهم وتؤدبونهم وتكفونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله وملازمة التقوى على الدوام كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها فيستحقوا بذلك الوعيد والعقاب. انتهى.
وقد جاء في الحديث المتفق عليه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم ناس من الأعراب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: أتقبلون صبيانكم فقالوا نعم. فقالوا لكنا والله ما نقبل. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأملك إن كان الله نزع منكم الرحمة.
ألا فلتتق هذه الزوجة ربها ولتخش وقوفها بين يديه يوم تبلى السرائر ويبرز المكنون في الضمائر , ولتذكر ما جاء من الوعيد الشديد لمن استرعاه الله رعية فضيعها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه البخاري ومسلم.
وقد سبق لنا بيان خطر الكبر والتعالي وعلاج ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 19854 , 5899 , 24081.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1430(13/6867)
حكم سب الزوجة وإهانتها والتهديد المتكرر بطلاقها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الزوج الذي يطلب الطلاق بصفة متكررة بالتراضي من غير سبب مقنع، ويقوم بإهانة زوجته أمام عائلته بالرغم من أن الزوجة لا تريد الطلاق، بل المحافظة على بيتها، كما أنها متدينة، وتلبى متطلبات زوجها وتحترمه، وهو لا يرضى بها، ويحب الخروج مع النساء أي علاقات غير شرعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسب المسلم وإهانته حرام، بل هو من كبائر الذنوب، جاء في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة التاسعة والثمانون والتسعون والحادية والتسعون بعد المائتين: سب المسلم والاستطالة في عرضه وتسبب الإنسان في لعن أو شتم والديه وإن لم يسبهما ولعنه مسلما. انتهى.
وسب المسلم من الخصال التي توجب الفسق لصاحبها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. متفق عليه..
قال النووي: واعلم أن سباب المسلم بغير حق حرام كما قال صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق. انتهى.
ويزداد الإثم إذا وقع السب للزوجة لما لها من حق على الزوج زائد عن الحقوق الواجبة لعموم المسلمين، ولما جاء في القرآن والسنة من الأمر بمعاشرتها بالمعروف.
وليعلم ذلك الزوج أن الإسلام ما جاء إلا بإعزاز المرأة وإكرامها، وأن فقهاء الإسلام وعلماءه قد جعلوا ما يصدر من الرجل من أذى لزوجته مما هو أقل من ذلك يجيز لها طلب الطلاق، ولو حدث مرة واحدة لم يتكرر بعدها، بل ليس هذا فحسب، بل أوجبوا مع الطلاق التعزير البليغ الذي يردع من يسب زوجته ويهينها.
قال خليل: ولها التطليق بالضرر البين ولو لم تشهد البينة بتكرره. قال الدردير في الشرح الكبير: ولها أي للزوجة التطليق بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعا، كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك وسبها وسب أبيها، نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت الملعون، كما يقع كثيرا من رعاع الناس، ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق، كما هو ظاهر، وكوطئها في دبرها. انتهى.
لكن الطلاق ليس علاجا للمشاكل الزوجية ولا حلا لها، ولا ينبغي أن يلجأ إليه إلا إذا استحالت العشرة واستحكم الشقاق، فهو كالكي لا يكون إلا آخر الدواء. وقد أحسنت الزوجة برفضها لما يدعوها إليه زوجها من الطلاق، وننصحها بالصبر عليه وعدم إجابته إلى ذلك ومحاولة الصلح معه ومعرفة سبب نفوره، والأخذ بأسباب جذب شعوره وامتلاك عواطفه بإحسان التبعل والتجمل له؛ ليستغني عن الحرام ويتعفف بما أحل الله له، ولا يتبدل الخبيث بالطيب، وتبين له حرمة ذلك وبشاعته بأسلوب هين لين، وتلجأ إلى الله تعالى بالدعاء ليصلح حال زوجها ويهدي قلبه ويصرف عنه السوء والفحشاء.
وإن استعانت على ذلك بجلب كتيبات وأشرطة وما شابه ذلك تتحدث عن خطورة هذه المعاصي والكبائر، أو تدل عليه بعض أهل الصلاح والفضل ليدعوه إلى الخير ويحذروه من ذلك السبيل المنحرف ويبينوا له حقوق زوجته عليه، فذلك أولى وأفضل. وللفائدة ننصح بمراجعة الفتويين رقم: 21254، 55976.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1430(13/6868)
أهل زوجها يصفونها وابنتها بالقبح وهو لا يحرك ساكنا
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت وكانت علاقتي بأهل زوجي جيدة، فأنا من النوع الهادئ، قليلة الكلام، ومن طبعي أن لا أوجه أي إساءة، أنا حسنة المظهر وبجمال عادي، ولكن والدة زوجي كانت دائما تخبر زوجي بأن زوجتك ليست جميلة ودائما تحاول أن تبشع صورتي أمامه وحتى بوجودي، وعندما أنجبت طفلة أصبحوا يكررون دائما بأن الطفلة ليست جميلة تشبه أمها أمامي وأمام زوجي وأمام أي شخص، حتى من يقول عنها إنها جميلة يشنون حربا عليه، لأن الجمال فقط مقصور عليهم: زوجي وإخوته وأخواته وأمه وأولاد أخواته، فلا يطيب لهم أن يمدحني أحد أنا وابنتي، حتى أن زوجي لم يقل يوما إن ابنته جميلة خوفا من غضب والدته، وأثر ذلك كثيرا على حياتي مع زوجي الذي لا يتكلم معي سوى بالكلام الجاف والجارح دون أي احترام لمشاعري ولا يعتبر أنه يسيء، كنت أغضب أحيانا من كلام أهل زوجي فأنقطع عنهم 3 أو 4 أيام ثم أعاود زيارتهم كأن شيئا لم يكن، علما أنني لم أظهر يوما لهم غضبي، ولكن في كل زيارة يعاودون الفكرة: بنتك ليست جميلة، عيونها كذا، أنفها كذا ... ، بالإضافة لأنهم يدعون عليها: ياليتك تموتين، ألله ياليت عمرك قصير.... ... ... ...
أخبرت زوجي بأن ذلك يجرحني كثيرا ويحزنني ويغضبني، ولكنه ابتدأ برمي التهم علي بأنني: أفتري على أهله، وأقطعه من أهله، بالإضافة لتهم أخرى كانو يتهمونني بها، ويأتي هو ويقول: رأيتك فعلت كذا، ويحلف بالحرام وبالطلاق أنه رآني، وهو والله العظيم كله افتراء من أهله، ويعتبر هذا هو بر الوالدين، وصلة الرحم، انقطعت عنهم فترة لكثرة إساءتهم، فجعل حياتنا جحيما لغضبه، لأن أهله لا يريحهم أن أنقطع عنهم، علما أنهم لا يحبونني ولكن من باب التحكم، فأصبح يذلني دائما، والله أريد أن أحرق قلبك، لا ينظر إلي، يتجاهلني، يشتم ويسيء، لا ينام في غرفة النوم، ينام في فراش منفصل حتى لو كنا في نفس الغرفة ويدعي أنه نام وهو يشاهد التلفاز، علما أنه لم ينقطع عن المعاشرة، عدت لزيارة أهله على أمل أن ينتهي الذل الذي أعيشه، فلم يتحسن حالي، علما أنني أحاول بكل جهدي، التزين ولا يعجبه، يقبح دائما فلم يترك نقطة من جسدي إلا انتقدها.... ما حقي عند زوجي؟
هل خدمة أهله وصلتهم واجبة علي، علما أنهم في كل زيارة يسيئون إلي ويقبحونني ويقبحون ابنتي أمامي وأمام زوجي حتى دبت الخلافات بيننا، علما أن انقطاعي عنهم لتقليل المشاكل؟
هل يحق لزوجي أن يعطي من رواتبنا لأهله بكثرة علما بأن راتبه لا يكفي للإنفاق على البيت وأنا موظفة، فأنا أنفق على البيت وهو يقتر ويعطي لأهله علما أنهم ميسورين ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يصنعه أهل زوجك من الذم والتقبيح لك ولابنتك ولمزكما بالدمامة وقلة الجمال هو من الأمورالمحرمة لأنه إيذاء، وإيذاء المسلم حرام بكل صوره وبجميع أشكاله, وقد توعد الله من فعل هذا بالويل والثبور فقال سبحانه: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ {الهمزة: 1} .
جاء في تفسير ابن كثير: قال ابن عباس: {هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} طعان معياب. وقال الربيع بن أنس: الهُمَزة، يهمزه في وجه، واللمزة من خلفه, وقال قتادة: يهمزه ويلمزه بلسانه وعينه، ويأكل لحوم الناس، ويطعنُ عليهم انتهى.
وقد جاءت النصوص بحرمة تقبيح الإنسان في هيئته وخلقته ونهت عن ذلك، لأن الإنسان ليس له من أمر الخلق والتصوير شيء إنما الله هو الخالق المصور، فذم الصنعة وتقبيحها هو في الحقيقة ذم للصانع جل في علاه – نعوذ بالله من ذلك - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا تقبح الوجه. رواه أبو داود، وحسنه الألباني.
جاء في عون المعبود: ولا تقبح الوجه: بتشديد الموحدة، أي لا تقل: إنه قبيح، أو لا تقل: قبح الله وجهك أي ذاتك فلا تنسبه ولا شيئا من بدنها إلى القبح الذي هو ضد الحسن لأن الله تعالى صور وجهها وجسمها وأحسن كل شيء خلقه، وذم الصنعة يعود إلى مذمة الصانع. انتهى.
وكذا فإن دعاءهم على هذه البنت الصغيرة محض الإثم والعدوان والقطيعة، ومخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم.. رواه مسلم عن عبادة بن الصامت.
وأبشري فلن يستجاب دعاؤهم هذا – إن شاء الله – فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. رواه مسلم.
وقد أساء زوجك عندما أقرهم على أفعالهم، سواء بالمعاونة، أو بالتزام الصمت، لأن السكوت كهيئة التقرير للفعل والرضا عنه, وكان عليه أن يأمرهم بتقوى الله، وأن يكفهم عن إيذائهم لك ولابنتك، فهذا من حقوقكما عليه.
وأما ما يكون من زوجك من إساءة لك وتعد عليك فهذا كله غير جائز، وهو من باب المخالفة الصريحة لأمر الله سبحانه حيث قال: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19} , ومن المعاشرة بالمعروف أن يلين الرجل لزوجته الجانب، وأن يخفض لها الجناح، وأن يطيب لها الكلام، وأن يتجنب ما عساه أن يؤذيها ويحزنها ويكسر قلبها.
قال ابن كثير في تفسيره للآية السابقة: أي طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف. انتهى
وأما حلفه بالطلاق والحرام فهذا غير جائز، وهو من أيمان الفسّاق لقوله صلى الله عليه وسلم: فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت. متفق عليه.
وقد قال بعض أهل العلم: إن من كثر حلفه بالطلاق والحرام ترد شهادته ويحكم بفسقه.
فإن كان قد تكرر حلفه بذلك ثلاث مرات وحنث فيهن فهنا يجب عرض الأمر على أهل العلم أو المحكمة الشرعية حتى تنظر في هذا الأمر وتستجلي قصده ونيته من ذلك، وتحكم على إثر هذا ببقاء عقدة النكاح أو انفصام عرى الزوجية.
أما خدمة أهل زوجك فلا تجب عليك، إنما الواجب عليك هو خدمة زوجك فقط إلا أن تتبرعي بخدمتهم وتبذليها عن طيب نفس منك, ولا يحق لزوجك أن يطلب هذا منك إلا على سبيل الندب والحث لا على سبيل الإيجاب والحتم.
وأما صلتهم فإنهم على كل حال ليسوا من أرحامك الذين تجب لهم الصلة، ولكن لهم بلا شك حقوقهم كحقوق عموم المسلمين بعضهم على بعض, ولهم زيادة على ذلك حق المصاهرة وكونهم أرحام زوجك، ولا شك أن إكرامهم إكرام له وبرّهم برٌ به، فننصحك بالعفو عنهم والصبر على أذاهم، فإن هذا من عزم الأمور، قال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40} . وقال: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:22} .
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله.
ولكن إن لم ينتهوا عن فعلهم ولحقك من جراء هذا من الضرر والأذى ما لا تطيقينه ولا تصبرين عليه, فإنه يجوز لك حينئذ هجرهم بالقدر الذي يدفع عنك شرورهم وأذاهم.
قال ابن عبد البر رحمه الله: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى.
أما ما يعطيه زوجك لهم من ماله فهذا محض حقه، ولا يجوز لك أن تعترضي عليه ما دام أنه لم يقصر في نفقتك ولم ينقصك شيئا من حقك.
وأما مالك وراتبك فهو لك لا يجب عليك أن تنفقي منه شيئا على البيت قليلا كان أو كثيرا إلا أن تفعلي ذلك على جهة التبرع، فإن نفقة البيت تجب على الزوج وهو وحده الذي يطالب بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1430(13/6869)
لا يجوز للزوج التصرف بمال امرأته إلا بطيب نفس منها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة وزوجي موظف، أعطيه راتبي كله حتى أنني كنت أعطيه بطاقة الصراف لسحب راتبي، حتى لا أجعله يشعر يوما أنني أمنن عليه إذا أعطيته بيدي، ولكنه اعتبر هذا واجبا لازماً، وبدأ يمنعني من شراء حاجياتي وملابسي، وحتى حليبا لطفلتي، قولاً منه إنه لا يوجد معنا المال لشراء ذلك، وأنا كنت أشعر معه بنفس الشعور، لأننا فعلا بنينا بيتا، ونسدد أقساطاً كثيرة، ولا يبقى لنا سوى القليل من الراتب، ولكن المشكلة أنني وجدته مؤخراً يمنعني من شراء حاجياتي، ويعطي المال لأمه وأخواته وهو يعلم بحاجتي الشديدة لبعض الملابس، حيث أنني أذهب إلى الدوام بملابس يمكن القول أنها غير لائقة، وهو يحرمني ليعطي أهله، مع التذكير أن المال المتوفر معه مشترك بيننا ليس ماله فقط، بل مالي أيضاً، وأيضا فهو في العيد يعايد أمه وأخواته، وأنا أعلم أن هذا من صلة الرحم، علما بأنهم جميعا ميسورو الحال، وهو يعايدهم من أموالنا المشتركة، ويقتر علي وعلى أولادي باللباس والطعام ويقول:إنه حقهم، وقبل البناء كانت أوضاعنا جيدة فكان يعايد أهله ويمنعني من معايدة أمي وأخواتي، علما بأنهن كن طالبات في حاجة ماسة للمبلغ، وكنت أعطيهن إياه من باب المساعدة، لأن وضع أهلي سيء فكانت لديهم 3 طالبات في الجامعة يدفعن أقساطا كبيرة،فكنت أعايدهن مساعدة أكثر من أن تكون معايدة ومن راتبي الخاص، وهو أيضا كان يعايد أهله من راتبي،ومع ذلك عندما عرف أول مرة بعد زواجنا أنني أريد معايدة أمي وأخواتي قال لي:إذا عايدتيهم لا ترجعي إلى الدار، والله لا تبقي عندي، علما بأنني أعايد من راتبي الخاص، وحتى هو إذا نوى أن لا يعايد أهله أجبره أنا على ذلك حيث كانت ظروفنا جيدة،وأعايدهم من مالي أنا. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
ما حق زوجي في راتبي؟ هل معايدة أهله أولى من شرائي لمستلزمات رئيسية لي ولأولادي؟، علما بأن راتبه لا يكفي للإنفاق على البيت، فهو يأخذ راتبي أيضا كاملاً، ولو اشتريت أنا من راتبي لي ولأولادي فلن يبقى لنا ما يكفينا لشراء الخبز فقط، فهل معايدة أهله أولى من حاجياتي وأولادي؟، هل يحق له حرماني من معايدة أهلي، علما بأنني في قلبي أعتبرها صدقة وكنا نحن ميسوري الحال وهم بحاجة ماسة للمال؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لزوجك أي حق في راتبك إلا ما تعطينه له عن طيب نفس منك، أما بدون ذلك فلا، حتى ولو كان للنفقة على البيت والأولاد، فإن النفقة إنما يطالب بها الرجل وحده دون المرأة، ومن باب أولى فإنه لا يجوز له أن يأخذ من مالك ليعطي أهله إلا أن تأذني أنت له في ذلك عن طيب نفس منك، وقد سبق لنا في ذلك عشرات الفتاوى.
فأعلمي زوجك بهذا، وأخبريه أن هذا المال هو حقك، ولك أن تتصرفي فيه كما تشائين من: شراء، وهبة وصدقة، وغير ذلك، فهذا هو شرع رب العالمين وحكم أحكم الحاكمين، لكن يستثنى من ذلك ما إذا كان الزوج قد أذن لك في العمل مقابل شيء من الراتب حينئذ عليك أن توفي له شرطه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1430(13/6870)
اتهم امرأته بما هي منه براء ثم هجرها ولم ينفق عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة تزوجت من رجل متزوج من قبل، وبعد أربع سنوات اتهمني بأنني أدخلت شخصا غريبا إلى غرفتي، علما أن هذا الشخص من أقربائه وأنا لا أعرفه، وقام زوجي بإبلاغ الشرطة، وعند استدعاء هذا الشخص اقر بأنه لا يعرفني، وأنه جاء إلى إحدى بنات أخت زوجي، وبعدها قام زوجي بالتنازل عن الموضوع كاملا، فطلبت منه أن يوفر لي سكنا شرعيا حتى لا يتكرر مثل هذا، ولكنه رفض وذهب بي إلى المنطقة الغربية دون أخذ ابني الذي يبلغ من العمر حينها سنتين وابنتي التي تبلغ سنة، وأنا حامل في شهري الأول حتى ملابسي لم آخذها، وتركني عند أهلي حتى اليوم، وقد أصبحت المدة ست سنوات، لم أر أبنائي ويرفض الاعتراف بابنتي التي كنت حاملا بها وهي الآن تبلغ من العمر 5 سنوات دون إثبات هوية، وأنا كذلك لا يوجد لي إثبات، لا نستطيع العلاج في المستشفيات أو إدخال ابنتي المدرسة، علما انه يرسل لي مصروفا قليلا جدا، ويقول المصروف لي أنا فقط، فالبنت لا أعترف بها، وأنا أريد الطلاق منه لصعوبة ما مررت به ولظلمه لي، ووالدي كبير في السن، وليس لديه القدرة على الذهاب إليه والتفاهم معه. أفتوني وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان من اتهام زوجك لك بما أنت منه براء هو ذنب عظيم وجرم كبير، فإن قذف المحصنات المؤمنات من كبائر الذنوب التي توعد الله عليها باللعن في الدنيا والآخرة والعذاب العظيم، قال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ. {النور: 23} ، ذلك أن عرض المسلم حمى محرم كحرمة دمه لا يجوز استباحته ولا الخوض فيه بأقل القليل إلا بسلطان مبين، وقد قال الله سبحانه: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب: 58} ، قال ابن كثير: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا أي: ينسبون إليهم ما هم بُرَآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه، فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا وهذا هو البهت البين أن يحكى أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لم يفعلوه، على سبيل العيب والتنقص لهم. انتهى.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت. رواه الشيخان.
وما طلبته منه إثر ذلك من مسكن مستقل حق مشروع من حقوقك التي كفلها لك الشرع، وما دام أنه رفض ذلك وتركك عند أهلك طوال هذه الفترة غير ممسك بمعروف ولا مفارق بإحسان فعليك أن تطالبيه إما بإرجاعك وإما بطلاقك، فإن أبى فارفعي أمرك للمحكمة لتطلقك منه.
وما كان منه من حرمانك من أبنائك الصغار صورة أخرى من الظلم والعدوان، فإنك أحق بأولادك حتى يبلغوا سن السابعة ما لم تنكحي.
أما بخصوص ابنتك هذه التي معك فهي ابنته جاءت على فراشه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. انتهى.
ونفقتها طوال الفترة السابقة عليه، فارفعي أمرك للمحكمة الشرعية لأخذ حقوقك من هذا الرجل وإثبات نسب البنت منه، فإما أن يلاعن لنفي نسبها، وإما أن تلحقها المحكمة به رغما عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1430(13/6871)
هل يجب على الزوج توفير سائق لامرأته
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي موظفة، وتطلب مني أن أدفع إيجار السواق والشغالة، علما بأنني أصرف عليها متطلباتها من مصروف يومي وكسوتها، وأقوم بدفع متطلبات البيت من إيجار ومطبخ ولله الحمد، فعندما طلبت مني أن أدفع إيجار السواق والخادمة قلت لها السواق خاص لك لتوصيلك العمل، فلماذا أدفع له وأنت راتبك مثل راتبي، فقالت: أنت زوجي تدفع مصاريفي وإن لم تستطع فبيت أهلي قريب، قلت لها إن من حقوقي السكن ومتطلبات البيت وكسوتك، فقالت أنت ما تلبي لي شيئا، وندخل في دوامة المشاكل، فهل من حقي أن أدفع إيجار السواق والشغالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب للزوجة على زوجها النفقة والمسكن، قال ابن قدامة في المغني: وجملة الأمر أن المرأة إذا سلمت نفسها إلى الزوج على الوجه الواجب عليها، فلها عليه جميع حاجتها من مأكول ومشروب وملبوس ومسكن. اهـ
وإذا لم تكن ممن تخدم نفسها فيجب عليه أن يوفر لها خادمة، قال ابن قدامة في موضع آخر: فإن كانت المرأة ممن لا تخدم نفسها لكونها من ذوي الأقدار أو مريضة وجب لها خادم: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ. ومن العشرة بالمعروف أن يقيم لها خادما، ولأنه مما تحتاج إليه في الدوام فأشبه النفقة. اهـ
وأما السائق فلا يجب عليه أن يوفره لها. ثم إنه لا يجوز لك تمكين الزوجة من أن يذهب بها السائق إلى العمل بحيث تكون معه وحدها؛ لأن هذا في معنى الخلوة المحرمة. وانظر الفتويين: 19305، 4091.
وننصح بتحري الحكمة في حل هذه المشكلة، وتحكيم العقلاء من أهلك وأهلها إن تطلب الأمر ذلك، وإن حدث منها شيء من التطاول عليك أو رفع صوتها أو الخروج على طاعتك فهي امرأة ناشز، فاتبع معها الخطوات التي قررها الشرع لعلاج النشوز. وقد بيناها بالفتوى رقم: 9904.
ولك أن تمنعها من الخروج إلى العمل إن لم تكن اشترطت في العقد أنها ستعمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1430(13/6872)
اتهمها ظلما ولم يعطها سكنا مستقلا ثم تركها معلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت من رجل متزوج لديه أبناء وبنات، ودام الزواج لمدة 4 سنوات، أنجبت منه ولدا وبنتا، حدثت مشاكل كثيرة، ومنها اتهامه بأني أدخلت رجلاً غريبا إلى غرفتي، علما أن هذا الشخص من أقربائه، علما أن في المنزل يعيش بنات أخته وهم أكبر مني سناً، ولديه بنات كبيرات ولكنه اتهمني أنا، وبعدها قمت بالشكوى في الشرطة وأحضر الشخص المتهم، وقال بأنه لا يعرفني وأنه يعرف إحدى بنات أخت زوجي، وجاء من أجلها وبعدها تنازل زوجي عن الموضوع كاملاً، فطلبت منه سكنا شرعيا حتى لا يتكرر مثل هذا الموضوع، ولكنه رفض وذهب بي إلى أهلي وأنا حامل في شهري الأول، وتركني حتى هذا اليوم أصبح لي 6 سنوات، وابنتي بدون إثبات هوية، ولا تستطيع الدخول إلى المدرسة، والمصروف الذي يرسله قليل جداً، ووالدي كبير في السن وأرغب في الطلاق منه أفتوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان من اتهام زوجك لك بما أنت منه براء إنما هو ذنب عظيم وجرم كبير، احتمل به بهتانا وإثما مبينا، فإن عرض المسلم حمى محرم كحرمة دمه، لا يجوز استباحته ولا الخوض فيه إلا بسلطان مبين، وقد قال الله سبحانه: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب: 58} قال ابن كثير: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} أي: ينسبون إليهم ما هم بُرَآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه، {فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} وهذا هو البهت البين أن يحكى أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لم يفعلوه، على سبيل العيب والتنقص لهم. انتهى.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: في خطبة الوداع: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت. رواه الشيخان. وقال صلى الله عليه وسلم: الربا اثنان وسبعون بابا، أدناها مثل إتيان الرجل أمه، وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه. رواه الطبراني وصححه الألباني.
فليتدبر العاقل البصير كيف جعل رسول الله أن أربى الربا وأعظمه الخوض في عرض المسلم، جاء في فيض القدير: (استطالة المرء في عرض أخيه) في الإسلام أي احتقاره والترفع عليه والوقيعة فيه وذكره بما يؤذيه أو يكرهه. انتهى
وما طلبته منه إثر ذلك من مسكن مستقل حق مشروع من حقوقك التي كفلها لك الشرع، وما دام رفض ذلك وتركك عند أهلك طوال هذه الفترة غير ممسك بمعروف ولا مفارق بإحسان، فعليك أن تطالبيه إما بإرجاعك وإما بطلاقك، فإن أبى فارفعي أمرك للمحكمة لتطلقك منه.
مع ملاحظة أن نفقتك أنت وابنتك تلزمه طوال الفترة الماضية، وهي حق ثابت لك عليه طالما أنه لم يحصل منك نشوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1430(13/6873)
الذهاب إلى العمرة في شهر الزواج الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قضاء شهر العسل في العمرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الإنسان إن هو قضى الشهر الأول من زواجه بجوار بيت الله الحرام, فيجمع بذلك بين خيري الدنيا والآخرة, ولذة الدين والدنيا, ويكون هذا بمثابة فرصة عظيمة لشكر الله سبحانه على ما من به عليه من نعمة الزواج التي هي من آيات الله وآلائه على عباده.
ولكن ينبغي على الزوج ألا يشغله أمر العبادة عن توفية حقوق أهله خصوصا في أيامهم الأولى في الزواج لا سيما حقها عليه في الفراش والمؤانسة والمداعبة, فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن لجسدك عليك حقا وان لعينيك عليك حقا وإن لزوجك عليك حقا.
وينبغي للزوجة أيضا ألا تشغلها العبادة عن ذلك.
مع التنبيه على وجوب تجنب محظورات الإحرام قبل التحلل، وتراجع الفتوى رقم: 14432، والفتوى رقم 41125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1430(13/6874)
صديق زوجها يشغله عن القيام بحقوقها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعمل طوال الأسبوع وينهي عمله متأخرا في المساء ونحن حديثا العهد بالزواج، وهاتفاه النقالان يرنان بعض الأحيان في طوال المدة التي يقضيها، خاصة أحد أصدقائه فقد يرسل 10 رسائل في الساعة وقد نكون في الفراش وهذا أمر يضايقني كثيرا فكأنه لي ضرة، ولطالما أدى هذا إلى خصومات حادة بيننا، فزوجي لا يريد أن ينبه صديقه للإزعاج والمشاكل التي بيننا بسببه، وأنا ضقت ذرعا بتكرار نفس الجمل كل يوم فقد امتد الأمر كثيرا حتى صرت أرى هذا الشخص في كوابيس في منامي، فأرجو من فضيلتكم النصح لي والدعاء فقد عجز صبري وأرجو منكم أن توجهوا كلمة لزوجي وإن استطعتم أن تجيبوا بالفرنسية فإنه لا يقرأ العربية بدون شكل..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن رحمة الله تعالى بعباده أن شرع لهم ما تستقيم به حياتهم، وتنضبط به معايشهم، ولا سيما الزوجان؛ فإنه ينبغي أن يكون بينهم من المودة والرحمة ما تتم به سعادتهم، ومن هذه الشرائع العامة والقواعد الكلية التي لو روعيت لتحققت هذه المصلحة العظيمة، قوله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة: 228}
قال السعدي: أي: وللنساء على بعولتهن من الحقوق واللوازم مثل الذي عليهن لأزواجهن من الحقوق اللازمة والمستحبة انتهى.
وهذه القاعدة قد وسعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلها قاعدة عامة بين الناس، فقال: من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه. رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه متفق عليه.
فإن كان الزوج يحب أن تتجنب زوجته ما يزعجه ويغضبه، فكذلك ينبغي عليه أن يتجنب ما يزعجها ويغضبها. وهذا من جملة العشرة بالمعروف التي أمر الله بها فقال: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 19} .
وعلى الزوج أن يدرك أن حسن معاملته لأهله من أسباب نوال الخيرية عند الله، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني.
ولذلك أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنساء خيرا، فقال صلى الله عليه وسلم: استوصوا بالنساء خيرا. رواه البخاري ومسلم واللفظ له. وقد سبق بيان معاملة النبي الحسنة لأهله وخدمه في الفتوى رقم: 27182.
فينبغي للزوج أن يقوم بحق زوجته تقربا إلى الله بامتثال أمره، ولا يشغله عن ذلك حتى العبادة فضلا عن غيرها، فقد آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال: كل فإني صائم. قال: ما أنا بآكل حتى تأكل. فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم فقال: نم. فنام ثم ذهب يقوم فقال: نم. فلما كان آخر الليل قال سلمان: قم الآن. فصليا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق سلمان. رواه البخاري.
فالزوج مطالب مطالبة أكيدة بإعفاف زوجته ومعاشرتها بالمعروف، وليس من العشرة بالمعروف إهمال ها والإضرار بها.
كما نوصي الزوجة بأداء حق زوجها والصبر عليه ومعاملته بالحسنى، وأن تدفع أذيته بالتي هي أحسن، كما قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت: 34} .
ولتتذكر السائلة الكريمة أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل امرأة: أذات زوج أنت؟ قالت: نعم. قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه. قال: فانظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ونارك.
قال المنذري: رواه أحمد والنسائي بإسنادين جيدين والحاكم وقال صحيح الإسناد اهـ. وصححه الألباني.
ويرجى مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 27662، 6795، 2589، 39430، فإن فيها جملا مفيدة نافعة بإذن الله تعالى فيما يتعلق بحقوق كل من الزوجين وما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بينهما وما يضمن استمرارية الحياة الزوجية على الوجه الأكمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1430(13/6875)
أغرق امرأته في الديون ثم عرضها لسؤال الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الزوج الذي يغرق زوجته في الديون، ويتخلى عنها، ولا ينفق على أطفاله، وهو يعلم أن زوجته تطلب إعانة من ناس، مع العلم أنها ضحت معه كثيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 19453، أن نفقة الزوجة على زوجها واجبة شرعا وكذا نفقة أولاده، وبينا في الفتوى رقم: 55694، أن هذا الوجوب إنما هو بحسب استطاعة الزوج، وعلى هذا فهذا الرجل مخطئ خطأ عظيما بتعريضه زوجته للمسألة وتكفف الناس إذا كان يقدر على الإنفاق عليها وعلى أولادها، والواجب عليه التوبة إلى الله عز وجل وإعطاؤهم حقهم الذي فرضه الله لهم.
فقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. وعند مسلم في صحيحه: كفى بالمرء إثما أن يحبس عن من يملك قوته.
فنحن نذكره بالله عز وجل أن يقوم بواجبه، ولا يضيع امرأته وعياله إذا كان موسرا، وأما إن كان معسرا فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وهذه المرأة مخيرة بين أن تصبر وبين أن تطالب بفسخ النكاح في قول العلماء الذين يرون فسخ النكاح للإعسار بالنفقة لقول أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري: تقول المرأة إما تطعمني وإما تطلقني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1430(13/6876)
التغافل عن دمامة الزوج ومحاولة تنمية مشاعر المودة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ أكثر من عشر سنين، ولكني نادرا ما أنجذب لزوجي لأسباب كثيرة؛ منها وأهمها أنه ليس جميلا، وأنا أعلم تمام العلم أنه ليس له يد بذلك، فهذي خلقة الله ولكني أحب الجمال وأعشقه، حاولت كثيرا تجاهل شكله، ولكن للأسف لم أنجح. قد تقولون الأخلاق أهم شيء أنا معكم في ذلك، ولكن طبيعتي تحب الجمال أو حتى أن يكون فيه شيء من الجاذبية، وساعد على عدم انسجامي معه أنه من النوع الصامت الكتوم ولا يجيد فن الحوار ولا الحديث ولا الرومانسية ولا التعبير عن الحب، ولا يجيد التغزل بي أو مدحي فهو يجيد الكدح والعمل فقط، حاولت معه بالتلميح والتصريح، ولكنه قال لي لا أستطيع أن أفعل ما تقولينه لأن طبيعتي هكذا ولا أستطيع تغييرها
هذا أثر كثيرا على علاقتي به، فأنا لا أعطيه حقه بالفراش إلا وأنا كارهة، فأنا لا أنجذب إليه، لا يوجد به شيء يدعوني للانجذاب إليه، لا رومانسية ولا شكل، أقول في نفسي لو كان شكله مقبولا لانفتنت به وانجذبت إليه، ولكن الحمد لله على كل حال، أعرف أنكم ستقللون من مشكلتي وتعتقدون أني سطحية ولكن هذي تركيبتي أتمنى لو أنه يجيد الكلام، أو أنه مثقف أو لديه معلومات ثقافية، أو أنه متعلم تعليما عاليا، فشهادته الابتدائية، وأنا الجامعية. وهذا لا يدعوني أن أتكبر لا ولله الحمد، ولكني أريدكم أن تفهموا جوانب مشكلتي من جميع الجهات، فشخصيتي تختلف عنه تماما، ولكن كل ذلك يهون أمام شكله.
أحس أن مشكلة الشكل أثرت علي، أريد أن أعشق زوجي وأحس بمعنى الزواج، وخاصة في الفراش، فأنا لا أستمتع معه بسبب شكله.
أنا أم لأربعة أولاد، أرجو أن يكون عندكم حل أو على الأقل ادعوا لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمحبة الجمال أمر فطري، ولا يُنْكَر على المرأة أن تطلب حسن الصورة في من يتزوجها، بل إنها إذا كرهت زوجها لدمامته حتى خافت ألا تقيم حدود الله معه، فقد أباح الشرع لها أن تختلع منه، حتى لا تظلم نفسها وزوجها، كما أن من حسن عشرة الزوج لزوجته أن يؤانسها ويلاطفها بالكلام الطيب، فإن ذلك مما يجلب المودة بينهما، لكنّ وجود المودة والألفة بين الزوجين قد يحتاج أحياناً إلى الصبر وإلى التغافل عن بعض الأمور والنظر إلى الجوانب الطيبة في أخلاق الطرف الآخر، قال تعالى:.. وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19} .
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِىَ مِنْهَا آخَرَ. رواه مسلم.
فلعلك إذا نظرت إلى الجوانب الطيبة في صفات زوجك وأخلاقه، تبدلت مشاعرك نحوه، وتحول قلبك إلى محبته، فإن القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء.
واعلمي أن صبرك على زوجك في صمته وضعف إبداء مشاعر الحب، فيه أجر كبير، ما دمت لا تقصرين في حقوقه، وخاصة حق الفراش فإنه من أعظم حقوق الزوج، وليس عليك حرج في إجابتك له وأنت كارهة ما دمت لا تظهرين ذلك، كما أن في هذا الصبر الحفاظ على استقرار الأسرة، وتربية الأولاد في أسرة مترابطة.
وننبهك إلى أن مشاعر الحب والمودة ليست شرطاً لاستقرار الحياة الزوجية، قال عمر رضي الله عنه لرجل يريد أن يطلق زوجته معللاً ذلك بأنه لا يحبها: ويحك، ألم تبن البيوت إلا على الحب، فأين الرعاية وأين التذمم؟ .
وقال أيضاً لامرأة سألها زوجها هل تبغضه؟ فقالت: نعم، فقال لها عمر: فلتكذب إحداكن ولتجمل فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام. أورده في كنز العمال.
ثم إن هذه المشاعر يمكن تنميتها مع الوقت، فما دمت تحسنين عشرته، وتظهرين له المودة والحب، ولو بالتكلّف والتصنّع، وتحرصين على إثراء مشاعر المودة عنده، بالمواقف الطيبة، والكلمات الرقيقة، والهدية ولو باليسير، والتعاون على طاعة الله، مع الاستعانة بالله ودعائه، فسوف يثمر ذلك ثماره الطيبة بإذن الله، فهو سبحانه قريب مجيب.
نسأل الله أن يؤلف بين قلبيكما، وأن يجعل زوجك لك قرة عين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1430(13/6877)
بدد زوجها الأثاث فقاضته فسجن فهل تأثم
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد زواجي مدة 45 يوما افتعل زوجي مشكلة مع ابنتي من زوج سابق وترك البيت وبعد حوالي 10أيام تركت وابنتى بيت الزوجية إلى شقتي الخاصة بي وبعد فترة ذهبت إلى منزل الزوجية لأخذ بعض الملابس الخاصة لنا فإذا المنزل فيه أناس آخرون وسألتهم أين الأثاث الذى كان هنا قالوا إنهم أستأجروا المنزل من صاحبه وأنه أخذ كل ما بالبيت، فأقمت دعوى تبديد لقائمة الأثاث وتم الحكم فيها بسنة سجن والقيمة المالية للقائمة 65000 ألف جنية مصري وتم القبض عليه وهو الآن بالسجن، فهل أكون بذلك قد حصلت على حقي أم لا؟ فأفيدوني أفادكم الله ووفقكم لما فيه خير البرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان زوجك قد بدد الأثاث الذي هو ملك لك، فقد خان الأمانة وتعدى حدود الله، وإذا كان قد وقع على قائمة المنقولات بالقيمة التي ذكرت على أن ذلك من صداقك فعليه أن يؤدي إليك تلك القيمة.
فإذا كان الحال كذلك فما قضت به المحكمة فهو من حقك، لكن كان الأولى توسيط حكم من أهله وحكم من أهلك لمعالجة الأمر ومحاولة الإصلاح دون اللجوء للمحكمة، علماً بأنك آثمة بخروجك من بيته إذا لم يكن ذلك بإذنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1430(13/6878)
الشيطان يسعى دائما للإفساد بين الأزواج ويفرح بذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تزوجت بمطلقة لها ابن في التاسعة من العمر وقبل كتب كتابي عليها قالت لي بأنها بعد طلاقها من الرجل الأول تقدم إليها رجل ثان وتم كتب كتابها عليه ولكن تم الطلاق قبل الدخول بها، لكن بعد دخولي بها وبعد مدة تبين لي بأنه دخل بها ولم يكن ذلك بعرس أو بعلم والديها فآلمني ذلك كثيرا وما زادني تأثرا أن زوجتي بقيت تحتفظ بشريط فيديو لمراسيم خطبتها منه دون علمي به. بل وبينما أنا في شغل بعيد عنها اتصلت بها ليلا للحديث معها سألتها عما تفعل قالت لي بأنها تشاهد شريط خطبتها فظننت أن الأمر يتعلق بخطبتنا لكنها قالت خلال كلامنا أن الشريط متعلق بالرجل الثاني وقالت إن محتواه خاص فقط بأفراد عائلتها فلما عدت وفي الصبيحة بينما هي في الشغل بحثت عن الشريط فوجدت أن محتواه كله يبين زوجها السابق وهو يرقص رفقة أصدقائه ثم يوضح مراسيم خطبتهما. فكسرت ذلك الشريط وكظمت غيظي حينها لأنها كانت حامل في الشهر الرابع تقريبا وخفت أن أفقد ابني فنحن نقيم في أوروبا. وازدادت نفسيتي سوءا لما صرحت دون شعور منها أنها قبل انتقالها الى أوروبا مع الزوج الأول كانت تشتغل معه أي مع الرجل الثاني وكانت على علاقة طيبة معه. أنا الآن ومنذ سنتين تقريبا لا أزال أعاني ضيقا في صدري ووساوس لا تزال تراودني اتجاه زوجتي. بيننا الآن طفل وأنا متردد في البقاء معها. سؤالي هو هل الصواب أن أطلقها بعد أن أضمن حقوقي في ابني أم أبقى معها إحسانا بها؟ مع أنني والله لن أنسى هذه الأحداث. أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في معاشرة العاقد لزوجته ما يدعو للريبة، فالرجل بمجرد العقد الصحيح على المرأة يكون له حق الاستمتاع بها، فهي زوجته، ولكن جرى العرف أنه لا يسمح له بمعاشرتها حتى تزف إليه، فينبغي احترام هذا العرف، أما إذا حدث وعاشر العاقد زوجته، فلا تعد هذه المعاشرة حراماً، فهو قد عاشر زوجته التي أحلها له الله.
وأما احتفاظها بشريط مراسيم الخطبة، فهو غير جائز، وكان عليك أن تمنع ذلك ليس فقط من باب الغيرة عليها وإنما من باب إنكار المنكر مرضاة لله عز وجل، وما كان ينبغي لزوجتك أن تحدثك عن عملها مع هذا الرجل قبل زواجها، لكن ذلك كله لا يجعلك تسيء الظن بزوجتك، فإن الواجب إحسان الظن بالمسلم، والأصل براءته من التهمة، واعلم أن الشيطان يفرح بتلك الأمور ويسعى للإفساد بين الزوجين بمثل تلك الوساوس، وهو يجري من ابن آدم مجرى الدم.
والذي ننصحك به هو أن تمسك زوجتك بالمعروف وتجتنب إساءة الظن بها، وتحذر من وساوس الشيطان ونزغاته، وأن تجتهد وإياها في إقامة حدود الله، وتتعاونا على طاعة الله.
وننبه السائل إلى أنه ينبغي للمسلم أن يحرص على الإقامة في بلاد المسلمين ويترك الإقامة في بلاد الكفار، ولمعرفة حكم الإقامة في بلاد الكفار يمكنك الاطلاع على الفتوى رقم: 2007، والفتوى رقم: 23168.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1430(13/6879)
الصبر على فقر الزوج وعدم وجود مسكن مستقل
[السُّؤَالُ]
ـ[متزوجة منّذ أكثر من10سنوات أعاني من مشكلة نفسية وعدم النسيان أنا من عائلة غنية وتزوجت من رجل فقير لأنه يصلي ويخاف الله على أساس أن أمه قالت لنا عنده بيتان بسوريا واحد له للسكن والثاني ستعطيه إياه ليفتحه مكتبا وسيأخذني للكويت سنة واحدة وبعدها يستقر بسوريا وهو وحيد هو وأخته فقط لديها من الأولاد2----بعد الزواج باعت البيت الذي سيكون مكتبا لابنها أو صرفت ثمنه سفرا للكويت وهدايا كل سنة لكل الأهل والجيران مدة الزيارة 6 أشهر والبيت الذي كان سيكون سكنا لنا أجرته ولم تعطنا إياه، وعندما أنزل شهرا أوأكثر على سوريا أعاني الأمرين من النوم عند أهلي وإخوتي مع 4أطفال وزوجي حالته المادية ضعيفة، ما حكم هذا الزواج فكرت مرات عديدة بالطلاق وعدلت عن رأيي خوفا على أمي لأنني أحسن أخواتي شكلا وعلما. –ما رأي ديننا الحنيف بوضعي ولا أستطيع أن أمنع أمه -الله لا يسامحها- من السفر لعندي خوفا من الله عز وجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحق الزوجة على زوجها أن يوفر لها مسكنا مستقلا تأمن فيه على شؤونها وخصوصياتها, وكذا من حقها عليه أن ينفق عليها بالمعروف نفقة تراعى فيها حال الزوجين من الغنى أو الفقر, فإن لم يفعل ذلك فهو مقصر مضيع لما عليه من الحقوق.
لكن الزواج صحيح على أية حال طالما وقع مستوفيا أركانه وشروطه من إيجاب وقبول وولي وشهود.
هذا وإنا لنوصيك أيتها السائلة بالصبر على زوجك وعلى ما هو فيه من ضيق العيش خصوصا مع ما ذكرت من كونه صاحب دين وخلق يخشى ربه ويتقيه, واعلمي أن العسر بعده اليسر والضيق في إثره الفرج فأكثري من الدعاء أن يرزقكم الله من فضله الواسع, ولا ننصحك بطلب الطلاق, فالطلاق أبغض الحلال إلى الله لما فيه من تشتت للأسرة وضياع الأولاد, إضافة إلى ما ذكرت من كون أمك ستتأذى كثيرا بهذا.
لكن إن ضاق الأمر عليك ولم تطيقي صبرا على ذلك بسبب عدم توفر النفقة الواجبة أو عدم توفر المسكن المستقل فلك حينئذ طلب الطلاق إن أردت ذلك, قال تعالى: الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة:229} .
ولا شك أن إمساك المرأة مع عدم الإنفاق عليها ليس إمساكا بالمعروف بل فيه من الإضرار والأذى ما لا يخفى, وقد قال تعالى: وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا {البقرة: 231}
وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أعسر الرجل بنفقة امرأته يفرق بينهما رواه الدارقطني والبيهقي.
قال ابن المنذر: ثبت أن عمر كتب إلى أمراء الأجناد أن ينفقوا أو يطلقوا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1430(13/6880)
الغيرة على الزوجة المحمود منها والمذموم
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال يرحمك الله أن كثيراً ما تذكر زوجتي أمامي مدى حبها لسيدنا عمر رضي الله عنه وانبهارها به. فأجد في نفسي ضيقا، أعلم أن الحب مختلف، ولكنني أغار عليها كثيرا، وحقاً أتضايق عند سماعي تلك العبارات منها، حتى ولو عن شخص كريم قد فارق الحياة منذ أمد بعيد ... فآمرها أن تتوقف عن الكلام، ولكنها تعيده مرة أخرى بعد ذلك، ظناً منها بأن ما حدث من قبل مزاحا.. فماذا أفعل؟ !]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغيرة تنقسم إلى قسمين:
1- غيرة محمودة كأن يرى الرجل أهله في فعل محرم أو في موضع تهمة.
2- غيرة مذمومة وهي الغيرة في غير مواطن الريبة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من الغيرة ما يحبه الله، ومنها ما يبغضه الله، فأما الغيرة التي يحبها الله، فالغيرة في الريبة، والغيرة التي يبغضها الله، فالغيرة من غير ريبة. رواه أبو داود وابن ماجة وصححه الألباني.
جاء في شرح سنن ابن ماجه للدهلوي قوله: فالغيرة في الريبة أي يكون في مواضع التهم والشك والتردد بحيث يمكن اتهامها فيه، كما لو كانت زوجته تدخل على أجنبي أو يدخل أجنبي عليها، ويجري منهما مزاح وانبساط، وأما ما لم يكن كذلك فهو من ظن السوء الذي نهينا عنه. انتهى
وغيرتك أيها السائل من حديث زوجتك عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من الغيرة المذمومة، ولا شك لأنها غيرة في غير موضعها، ولو أنك أنصفت لفرحت بحديث زوجتك عن عمر رضي الله عنه، ولسعدت بذلك فإن حب عمر هو من علامات الإيمان، وبغضه من علامات النفاق.
أتدري أيها السائل من عمر؟ إن عمر كان بركة على الإسلام وأهله من أول لحظة اعتنق فيها الإسلام، كان إسلامه رضي الله عنه فتحاً، وكانت هجرته نصرا، وكانت خلافته قسطا وعدلا. ولو ذهبنا نستقصي فضله وأخلاقه وبركته على الإسلام وأهله لأعيانا البحث ووهنت منا القوى، ثم لم نرجع إلا ببعض فضائله، ويكفي عمر أنه كان يوافق الله سبحانه، فلكم تكلم بالحديث فينزل الوحي إثر ذلك موافقا ومصدقا، قال علي رضي الله عنه: ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر. رواه البيهقي في دلائل النبوة.
ولسنا بصدد الحديث عن فضائل عمر وفضله فهذا مما لا يتسع له هذا المقام، لكن الذي نؤكد عليه خطأ موقفك، وأن غيرتك ليست في موضعها، وأنك غير معذور فيها.
نسأل الله أن يقيك شرها، وأن يذهب عنك شؤمها. وراجع الفتاوى رقم: 44234، 31042، 114065. ففيها بعض الحديث عن فضائل عمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1430(13/6881)
حكم الامتناع عن معاشرة الزوج الممتنع عن النفقة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الزوج الذي لا ينفق على زوجته، وليس له دور في حياة أولاده، ويفكر فقط في نفسه، وزوجته تنفق عليه، وهي لا ترضى أن تتركه، لأنه ليس له أي مأوى أو أهل سوى معها، وهي تخاف أن تغضب الله أو تعصيه، فهي تعامله بما يرضي الله، وبكل رحمه لأنه عمره 80 عاما وهي عمرها 50 عاما ولكن لا تشعر معه بالمودة، وليس لديها أي رغبه ولا جهد في المعاشرة الزوجية، وهو يطالب بها بدون مراعاة لظروفها، فهي تعمل عملا شاقا لتربي أولادها، منهم من قامت بتزويجه، ومنهم من لازال في المدرسة والجامعة، وما حكم ما قامت به من إنفاق وتربية الأولاد التربية الإسلامية الصحيحة وحفظ القرآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن واجب الزوج على زوجته أن ينفق عليها بالمعروف، لقول الله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ {الطلاق: 7} .
وليست المرأة مطالبة بالإنفاق ولو كانت غنية، ولكن إذا تبرعت المرأة وأعانت زوجها في النفقة، فلا شك أن ذلك من مكارم الأخلاق وحسن العشرة.
وإذا لم ينفق الزوج على زوجته، فمن حقها أن ترفع أمرها للقضاء ليفرض لها حقها وتطلب فراقه لذلك، لكن إن رضيت وصبرت معه، فهو أولى، قال ابن قدامة في المغني: وجملته أن الرجل إذا منع امرأته النفقة لعسرته وعدم ما ينفقه فالمرأة مخيرة بين الصبر عليه وبين فراقه. اهـ
وننصح السائلة بالصبر على هذا الزوج رعاية لكبر سنه، ووفاء لطول العشرة، وجمعا لشمل الأسرة، ولتعلم أن الحب والمودة ليست شرطا لاستقرار الحياة الزوجية كما قال عمر رضي الله عنه لرجل أراد أن يطلق زوجته لأنه لا يحبها: ويحك ألم تبن البيوت إلا على الحب، فأين الرعاية وأين التذمم.
وأما إجابة الزوج إذا طلب المعاشرة، فقد ذكر الفقهاء أن الزوجة إذا رضيت بالبقاء مع زوجها الذي لا ينفق عليها، فمن حقها أن تمنعه حق المعاشرة، قال ابن قدامة (الحنبلي) في المغني: إذا رضيت بالمقام مع ذلك (عدم الإنفاق) لم يلزمها التمكين من الاستمتاع. اهـ
وقال الشيرازي (الشافعي) في المهذب: وإن اختارت المقام بعد الإعسار لم يلزمها التمكين من الاستمتاع. اهـ
ولكن الأولى والأحوط ألا تمتنع الزوجة من إجابة زوجها من غير عذر، لعموم الأدلة القاضية بوجوب طاعة الزوج في الاستمتاع، والترهيب من الامتناع منه من غير عذر.
وأما حكم ما قامت به الزوجة من الإنفاق، فهو من القربات الجليلة إذا قصدت بذلك وجه الله، فقد سألت امرأتان النبي صلى الله عليه وسلم عن أجر الصدقة على الزوج والأيتام، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم: لَهُمَا أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ. متفق عليه.
وأما قيامها بتربية أولادها على منهج الإسلام، وتحفيظهم القرآن، فذلك من أعظم ما تقوم به المرأة، ومما ينفعها الله به في الدنيا والآخرة، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ: إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1430(13/6882)
موازنة الزوج بين واجباته كزوج وكأب
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي 4 أطفال أكبرهم بالصف الثالث الابتدائي، مغتربة عن أهلي بدولة الكويت، دوام زوجي طويل، لكن لديه 3ساعات فترة الظهر للغداء، يذهب بهذه الفترة إلى ممارسة رياضة الحديد، وصارت هوسه هذه اللعبة يوميا بشكل غير منقطع، وعندما يأتي مساء يكون الأطفال قد ناموا، وهو مرهق طبعا يتعشى وينام، الوضع الاقتصادي تحت الوسط، لا يوجد خادمة، وأمه كل سنة تأتي زيارة لنا أشهر معدودة، هل تجوز الرياضة التي يمارسها وكل أعباء التدريس والتنظيف والطبخ وحل مشاكل الأطفال علي كله، وضغط الدم عندي يرتفع، ولم أتجاوز الـ 30عاما. ما رد ديننا الحنيف على هذا الوضع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتربية الأولاد مسئولية مشتركة بين الوالدين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْأَمِيرُ رَاعٍ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. متفق عليه.
فإذا كان من حق زوجك أن يمارس الرياضة، فإن عليه أن يوازن بين الواجبات التي عليه كزوج وأب، ويعطي كل ذي حق حقه، ففي الحديث الذي رواه البخاري: قال سلمان الفارسي لأبي الدرداء: إن لنفسك عليك حقا، ولربك عليك حقا، ولضيفك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه. فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك فقال له: صدق سلمان.
ولا شكَّ أن تربية الأولاد تحتاج من الأب أن يفرّغ لهم شيئاً من وقته، ليقترب منهم ويتفقد أخلاقهم وطباعهم، ويعلمهم ويؤدبهم، فغياب الأب عن أولاده يحرمهم من خير كثير.
قال الشاعر:
إن اليتيم هو الذي تلقى له أُمَّاً تخلت أو أباً مشغولا
أما ما يتعلق بأعباء البيت من الطبخ والتنظيف ونحوه، فالزوجة تقوم بذلك بالمعروف، وهو من حسن عشرتها لزوجها، وانظري الفتوى رقم: 14896.
فعليك أن تناصحي زوجك برفق وتذكريه بحق بيته وأولاده عليه، وأن تربية أولاده وإعانة زوجته على ذلك، مما ينفعه في دينه ودنياه.
ونوصي السائلة بالصبر واحتساب الأجر فيما تبذله من جهد، وأن تحرص على أن يكون ذلك ابتغاء وجه الله، فإن الإحسان إلى الزوج ورعاية الأولاد من أعظم ما تتقرب به المرأة إلى الله، وأبشري خيراً فلن يضيع جهدك، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف:90}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1430(13/6883)
هل تمتنع الزوجة عن زيارة أهل زوجها إذا أساءوا إليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من صد أهل زوجي معنا، ومع ذلك صبرت ولمدة عشر سنوات، والآن وصل الأمر لنظرة دونية إلينا، بسبب أن مستواهم المعيشي تحسن نتيجة الطفرة الاقتصادية، ونتيجة أننا نحمل جنسية غير جنسيتهم، فهم مواطنون ونحن بالتسمية العنصرية أجانب، وأصبحت أفكر وبجد بالابتعاد عنهم؛ لأن هذا الأمر أصبح يسبب لي أزمة نفسية قاسية، ويزداد عندي الضغط والمعاناة، فأنا إنسانة بسيطة وأحب العيش بطريقة بسيطة من غير عقد، لأنني أتعب ويسبب لي ألما نفسيا، ووصلت لدرجة أشعر أني لست بالإمكان أن أصبر أكثر، وما كان صبري إلا خوفا من الله، ولكن الآن أشعر بأني وصلت إلى نقطة وإلى وضع الاختناق، ليس لدي أي مانع من التواصل معهم، وأحرص أكثر من زوجي أن يتواصل معهم، ويبر أمه وأهله، ولكن نظرتهم الدونية أصبحت تقتلني، خاصة أنني إنسانة جامعية وأعمل، فهل أكون آثمة إن توقفت أنا وأطفالي عن زيارتهم بسبب ما أصبحت أعانيه نفسياً، أم أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان يلحقك ضرر من زيارة أهل زوجك فلا يلزمك زيارتهم ولا تأثمين بتركها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. ولكن لا يجوز لك منع أولادك من زيارتهم، لما في ذلك من قطيعة الرحم، والواجب تربية الأولاد على صلة الرحم وحسن الخلق.
وننبه إلى أنه من محاسن أخلاق الزوجة وطيب عشرتها لزوجها، إحسانها إلى أهله، وتجاوزها عن زلاتهم وإعانته على بر والديه وصلة رحمه، فذلك من حسن الخلق الذي يثقل في الموازين يوم القيامة، كما أنه مما يزيد من محبة الزوج واحترامه لزوجته، كما أن مقابلة السيئة بالحسنة مما يجلب المودة ... فقد حثنا الله على ذلك حتى مع بعض الأعداء، قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:34-35} ، كما أن العفو يزيد العبد عزاً وكرامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا. كما أن العفو سبيل لنيل عفو الله ومغفرته، قال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:22} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1430(13/6884)
هل تطيع أباها وتعمل في بلد سوى بلد زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة من رجل مصري كان حبنا معقدا من الأول للآن ولم نستطع الاستراحة من مشاكل زواجنا، ليس بيني وبين زوجي، لأننا ننسى العالم عندما نكون بالقرب من بعضنا، لكن المشكلة في الظروف المعيشية زوجي ليس مستقرا ماديا والآن لم يعد لدينا شقة، نسكن في شقة صديقه، حاولت أن أساعده باشتغالي لكننا لم نوفق في شيء، رغم كل ذلك الحمد لله لازلنا نكن الاحترام والتقدير لبعض، أحاول فقط أن أشير بكلامي هذا للحب الذي بيننا، لكن وللأسف عائلتي لم تقبل بالوضع عندما رأتني أعيش بهذه الطريقة وهنا بدأت لمشاكل التي لم أعد أتحملها، فأبي يريد من زوجي إما أن ينفذ وعوده وإما أن يطلق، ولما عرف أبي أني متعلقة بزوجي حاول من طرفه أن يوفر لي وظيفة عمومية لم أكن لأحلم بها، وهكذا وقعت في مشكلة كبيرة لم أعد قادرة على التفكير، هل أترك زوجي في بلده وأسافر إلى بلدي، مع العلم أن زوجي لازال يحاول أن يسافر خارج البلاد، أم أستقر هنا، وهكذا سأترك أبي وأمي في قمة الغضب والقهر، أنا حائرة فأنا لليوم لم أعش يوما مريحا منذ زواجي لمدة سنتين ونصف تقريبا، رغم حبي لزوجي وحبه لي. أرجوكم أرجوكم أريد جوابا سريعا، فأنا حياتي تنهار. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن واجب الزوج لزوجته أن يوفر لها مسكناً مناسباً، وأن ينفق عليها بالمعروف، لقول الله تعالى في حق المطلقات: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ {الطلاق:6} وقوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ. {الطلاق: 7} .
وليست المرأة مطالبة بالإنفاق ولو كانت غنية، ولكن إذا تبرعت المرأة وأعانت زوجها في النفقة، فلا شك أن ذلك من مكارم الأخلاق وحسن العشرة، وإذا أعسر الزوج بالنفقة فمن حق المرأة أن ترفع أمرها للقضاء وتطلب فراقه لذلك، لكن إن رضيت وصبرت معه، فهو أولى.
قال ابن قدامة: وجملته أن الرجل إذا منع امرأته النفقة لعسرته وعدم ما ينفقه، فالمرأة مخيرة بين الصبر عليه وبين فراقه. اهـ
وهذا الحق للمرأة نفسها وليس لوليها، فإذا رضيت المرأة بالبقاء مع الزوج المعسر، فليس لوليها أن يجبره على طلاقها، وعلى ذلك فإذا كنت راضية بالبقاء مع زوجك على تلك الحال، فلا حق لأبيك أو غيره في التدخل في علاقتك بزوجك، إلا بالنصح والمشورة بالمعروف، والمرأة مطالبة بطاعة زوجها في المعروف، ولا يحل لها أن تطيع غيره في الانتقال والخروج من بيته إلا بإذنه.
فإن رضي زوجك بانتقالك إلى العمل الذي وفره لك والدك، وكان عملاً مباحاً، فلا حرج في ذلك، وإن رفض زوجك هذا العمل، فلا يحل لك طاعة والدك، ولا يضرك غضبه منك، فإن طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين، لكن عليك أن تحسني إلى والديك وتجتهدي في برهما بكل ما تستطيعين من وسائل مشروعة. ونوصيك وزوجك بالتوبة إلى الله، والتعاون على الطاعات واجتناب المعاصي الظاهرة والباطنة، فإن المعاصي سبب القحط، والتقوى سبب البركات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1430(13/6885)
المطلقة التي لها أولاد كبار هل يحق لها المطالبة بسكن مستقل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ 13 سنة وقمت برفع دعوى على زوجي بإسكاني في بيته الكبير حيث تسكن فيه حاليا مطلقته واثنان من أبنائها أعمارهم 16 و14 سنة، والسبب الظروف الصعبة وزوجي لديه علم وموافق وحكمت المحكمة لصالحي بأن أسكن البيت وتكون المطلقة وأبناؤها في ملحق من البيت..
والسؤال إذا رفضت أن تسكن الملحق وطلبت من زوجي إسكانها في بيت مستقل وطالبت بالنفقة، وللعلم زوجي لا يصفى من راتبه إلا4000 وإيجار البيت معروف عندنا أقل شيء 6000 وهذا يكون في منطقة بعيدة وحالة جيدة وتريد النفقة، للعلم أنا حاليا أسكن في ملحق إيجار 6500 وصار 4 أشهر لم ندفع الإيجار وأنا مهددة بالطرد في أي لحظة ومهدد زوجي بدفع مبلغ 26000 قيمه الإيجار 4 أشهر ويمكن أن يزداد تراكم الإيجار وزوجي يقول إن من حقها سكنا مستقلا ونفقة فأنا في دوامة وزوجي عاجز عن نفقتي أنا وأبنائي الثلاثة فراتبه 4000 وباقي الراتب في دين مدته 8 سنوات وزوجي قريبا سيتقاعد لأنه الآن في سن التقاعد وسوف ينقص الراتب أكثر وتزداد الأمور سوءا، وأنا لا أعمل ولم أكمل تعليمي وأبنائي صغار وطليقته متقاعدة وراتبها أعلى من زوجي ولديها 2 من أبنائها يعملون واحد متزوج وجالس لدى أمه بسبب خلاف مع زوجته والثاني شاب في العشرين يعمل فهي ستطلب البيت انتقاما وإرهاقا لزوجي، وزوجي يخاف من غضب أبنائها وأنا تعبت من هذا، وسؤالي هل لديها الحق في ما تطلبه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطالما أن هذا الأمر قد رفع إلى المحكمة فكان على جميع الأطراف أن يلتزموا بما حكم به القضاة، ولا معنى للاستفتاء بعد صدور حكم في القضية، لأن حكم القاضي يرفع الخلاف وهو ملزم، وليس كذلك الفتوى.
وعموما نقول إنه ليس من شك في أن الزوج يجب عليه توفير مسكن لزوجته في عصمته وأولاده الصغار، وأما سكنى المطلقة الحاضنة فقد اختلف العلماء فيه، فمنهم من لم ير وجوبه ومنهم من أوجبه ومنهم من أوجبه إذا لم يكن للحاضنة مسكن، وانظري التفصيل في الفتوى رقم: 24435.
كما اختلف العلماء في السن الذي تنتهي عنده الحضانة، والمختار عندنا أن الغلام إذا بلغ سبع سنين يخير بين أبويه فيكون عند من يختار منهما، وراجعي الفتوى رقم: 64894.
أما سكن الأولاد المحضونين ونفقتهم فهي على الأب، لكنهم إذا بلغوا وكانوا قادرين على الكسب، أو لهم ما ينفقون به على أنفسهم، فلا نفقة لهم.
فإذا كان أبناء زوجك من مطلقته غير قادرين على الكسب، فيلزمه نفقتهم وتوفير مسكن لهم، وتبعا لذلك يلزمه سكن أمهم على قول من قال بلزومه.
والمسكن الذي يلزم الزوج توفيره في حق المطلقات هو المبين في قوله تعالى: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ {الطلاق:6} .
وعلى ذلك، فلا يحق لهذه المرأة أن تطلب الانفراد بالسكن في البيت مع أولادها، وعليها التزام ما قضت به المحكمة الشرعية.
وإن حصل نزاع في غير ذلك، ولم يتم حله بالمصالحة فالمحكمة الشرعية هي صاحبة الاختصاص في فرض الحل المناسب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1430(13/6886)
موازنة الزوج بين علاقته بزوجته وعلاقته بأهله
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي متعلق جداً بأهله لدرجة أنه ينسى حقي وحق ابنه ويفضل إخوته وأباه وأمه علي دائما أنا أفهم حق الوالدين وحق برهما لكن المشكلة منذ أن تزوجنا في شقة في بيت أهلي ونحن نبيت عندهم الخميس والجمعة وأيام الإجازات والأعياد وأنا كنت متضايقة من هذا الوضع لكن كنت أرضيه خوفا من المشاكل التي يعملها معي وتكشرته في وجهي دائما إلى أن حدثت مشكلة بيني وبين أمه بسبب طبق لم أغسله أكل فيه أخوه، واتصلت بأبي وأمي حتى يأتوا ليأخذوني وهي كادت أن تضربني ومشيت مع أمي وأبي وأخذت ابني بعد أن كانوا سيمنعونني أن آخذه وانهارت أعصابي، المهم لم يسأل عني ولا على ابنه شهراً كاملا وبعده أصلح بيننا رجل طيب فقررت عدم المبيت عندهم بسبب هذا الموقف وبسبب أيضا أن إخوته شباب وأنا لا آخذ حريتي عندهم ويبيت هو وحده وأزورهم يوم الجمعة ليروا حفيدهم ولا أحرمهم منه، إلا أن زوجي عاد يتشاجر معي كي أبيت معه عند أهله وأنا أرفض مع العلم أني أعمل معه في نفس مكان عمله وأحصل علي نفس مرتبه والسكن في شقتي وأسهم في مصروف البيت بطريقةغير مباشرة ومستواي الاجتماعي أعلى منه، لكني والله لا أريد أن يسيطر الشيطان على بيتي ولا أريد الطلاق حتى لا أفرحه، لكن لا أجد حلا مع زوجي والله أنا أدعو له كثيراً، لكن هو على طول مكشر في وجهي ويعمل معي مشاكل باستمرار ويترك البيت ويذهب عند أهله شهرين وثلاثة وأنا أصبر حتي يستمر زواجي لكن أنا تعبت وقررت أن أنفصل عنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإسلام قد كفل للزوجة حقوقاً يجب على الزوج الوفاء بها، وجعل للوالدين والأقربين حقوقاً يحرم تضييعها والتفريط فيها، ومن المعلوم أنه ينشأ أحياناً بين الزوجة وأهل زوجها شيء من الغيرة فيظن أهل الزوج أن الزوجة قد أخذت ابنهم منهم، وتظن الزوجة أن الزوج يميل إلى أهله ويفضلهم عليها، والزوج له دور كبير في معالجة مثل هذه الأمور، فعليه دائماً أن يوازن في العلاقة بين زوجته وأهله، فحق الأهل على الزوج البر والصلة، والمعاملة الكريمة، والنفقة على الوالدين إن كان للولد مال، وكان الوالدان في حاجة، وأن يصل أقاربه بالعطاء من الصدقة والزكوات إن كانوا من الفقراء.
وحق الزوجة على زوجها أن يعاشرها بالمعروف وأن يوفر لها حياة هادئة بعيدة عن المنغصات وحقها أيضاً أن يحفظ لها خصوصياتها وأسرارها وسائر شؤونها، وألا يسمح لأحد أن يتدخل في أمورها بما يجلب الشقاق ويعود بالفساد.. فلا يحق للأم مثلاً أن تتدخل في شؤون الزوجة ولا أن تفرض سيطرتها على الزوجة، بحكم أنها زوجة ابنها، ولا أن تلزمها بخدمتها أو خدمة غيرها من أهل الزوج لأنه لا يلزم الزوجة إلا خدمة زوجها فقط.
وأما ما يكون من زوجك ومن عبوسه دائماً في وجهك وتركه للبيت فترة طويلة تصل إلى الشهرين والثلاثة فهذا حرام لا يجوز لأنه ينافي المعاشرة بالمعروف التي أمره الله بها في قوله: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19} ، وقوله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:228} ، وقد جعل العلماء أن هجر الزوجة دون موجب مما يبيح لها طلب الطلاق.
قال الدردير في الشرح الكبير: ولها أي للزوجة التطليق بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعاً كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك وسبها وسب أبيها نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت الملعون، كما يقع كثيراً من رعاع الناس ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق، كما هو ظاهر وكوطئها في دبرها. انتهى.
وأيضاً فإنه لا يجوز للزوج أن يطلب منك أن تبيتي في بيت أبيه كل أسبوع يوماً أو يومين طالما أن إخوته الذكور يعيشون في البيت وهذا لا شك يؤثر على راحتك وحريتك، لكونهم ليسوا من محارمك ... وأما ما تبذلينه من سكن وإنفاق على البيت فهذا مما تؤجرين عليه إن شاء الله وإن كان هذا لا يجب عليك أصلاً بل السكن والنفقة الكاملة حق واجب على الزوج وحده، لكن إن كان قد اشترط عليك شيئاً من راتبك مقابل سماحه لك بالعمل فعليك أن توفي له به لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم.. رواه البخاري ومسلم.
وعلى كل فإنا نوصيك بمزيد من الصبر على زوجك وعلى جفائه، ولا مانع من أن توسطي أحداً من أهل الخير والصلاح ليكلمه ويعظه، هذا مع الإكثار من الدعاء والنصح له فإن الحياة الزوجية لا تخلو من مشكلات وهنات ولكنها على كل خير من الفرقة والطلاق، وقد قيل: كدر الزواج خير من صفو الطلاق.
أما إن زاد الأمر عن حده وتجاوز المدى ولم تطيقي صبراً فلك حينئذ طلب الطلاق إن أردت، وفي النهاية ننبهك على أنه لا ينبغي لك أن تنظري لنفسك على أنك أعلى من زوجك في الوضع الاجتماعي أو غيره من حطام الدنيا الزائل فهذا كله لا يزن عند الله جناح بعوضة وإنما التفاضل عند الله سبحانه بالتقوى والعمل الصالح، قال سبحانه: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {الحجرات:13} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1430(13/6887)
تأديب الزوجة إذا تبين أن لها علاقات مريبة بصديقاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أخرجت زوجتي من المنزل وضربتها لأنني وجدت مع زوجتي رسائل حب من صديقاتها وألاحظ عليها كثرة اهتمامها بنفسها في وقت دراستها بالجامعة ومكالمات معهن تدوم وقتا طويلا وهي تقول إن هذا حب بريء مع أنني حذرتها مسبقا من هذا التصرف لكن وقعت بالصدفة تلك الرسائل بيدي فماذا أفعل هل أنا على حق أم لا؟ وهي تنعتني بقولها إنني أشك بها وأنا لا اشك بأخلاقها أبدا لكن تلك الرسائل لم أتحملها لكني أشك أن صديقاتها يحببنها وهي راضية بهذا الحب البريء كما تقول. وهي تقول وواثقة أن تصرفها لم يكن بالخطأ بل إنني أنا الرجل المتشدد المعقد مع أنها تعترف بأنني لم أقصر بشيء تجاهها من خلال معاملتي من حيث إشباعها عاطفيا.وتصرفاتي التي لم أسئ إليها فيها إلا في هذه اللحظهة وهي الآن في بيت أهلها وتريد مني أن أعتذر لها وإلا لن ترجع للبيت مع أنها ابنة عمي حظت بكل المعارضة إلى درجة أن إخوانها انصدموا بتصرفها ورأوا الرسائل ويقولون لي اتركها وأنت على حق ولم يأت منك أي تقصير وهي لا تستاهلك ودعها تعرف سوء تصرفها الخارج عن الدين والمنطق.
فأفيدوني لأنني لا أريد أن أطلقها لأنها بنت عمي وأحبها وأحب والدها الذي كان له فضل كبير علي بعد الله رحمه الله وأنا أجهل تصرفات النساء لأنني لا أعلم هل هناك حب بريء تتم فيه كل هذه الرسائل والمكالمات وبعض التصرفات الغريبة؟؟ مع أنها فتاة مصلية وتعرف حدود الله لكن الله يهديها أفيدوني بأسرع وقت لأن الأمور بدأت تتفاقم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبخصوص هذه الرسائل فإن كانت متضمنة بعض العبارات المريبة فلا شك أن هذا لا يجوز، وليس هذا من الحب البريء في شيء، وقد سبق أن بينا حكم ما يحصل بين البنات أحيانا مما يسمى بالإعجاب، وذلك في الفتوى رقم: 8424. ومن حقك كزوج العمل على صيانة زوجتك وحفظها من أسباب الفساد.
ولكن إذا وجد من المرأة ما يقتضي تأديبها فقد جعل الشرع خطوات لذلك سبق بيانها بالفتوى رقم: 1103، وليس من هذه الخطوات إخراجها من البيت، وأما الضرب فهو وإن كان واحدا منها فليس هو بأول الحلول، هذا بالإضافة إلى أن ضرب الزوجة له ضوابط سبق بيانها بالفتوى رقم: 69.
وأما إن كانت هذه العبارات عادية، فلا ينبغي أن تؤاخذها بها، وقد تكون الغيرة هي التي دفعتك إلى ذلك والغيرة التي توجب نوعا من سوء الظن بالزوجة تعتبر غيرة مذمومة، وراجع الفتوى رقم: 9390.
ومعالجة هذا الموقف الآن بعد أن حصل ما حصل تتطلب منك الكثير من الحكمة، وينبغي أن تستعين ببعض الفضلاء من الناس ليبينوا لها فضل الزوج على زوجته، وأنها لا يجوز لها الخروج من بيت زوجها إلا بإذنه وأن يبين لها أيضا أن دافع زوجها الغيرة عليها والحرص على صيانتها وحفظها وأن هذا مما يدل على حبه لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1430(13/6888)
حكم تأجيل الإنجاب بحجة أن الزوجة لا تحسن تربية الأطفال
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل تزوج امرأة وأنجبت له طفلا، ويري أنها غير كفء في تربية الأبناء، ويؤجل الإنجاب ويرفضه لحين الزواج بأخرى تكون أهلا للمسؤولية مع العلم بأنه سلك سبلا كثيرة لإصلاحها، ولكن طاقتها ضعيفة في استيعاب الأطفال والصبر عليهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فابتغاء الولد والأخذ بأسباب الحمل حق مشروع للزوجة، كما هو حق مشروع للزوج، فقد نص الفقهاء على تحريم عزل الزوج عن زوجته الحرة بغير إذنها، فإن إنجاب الأولاد هو المقصود الأهم من الزواج، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث على الإنجاب.
ويقول: تزوجوا الودود الولود، إني مكاثر الأنبياء يوم القيامة. رواه أحمد وأبو داود والبيهقي عن أنس بن مالك.
وفي حديث آخر: تناكحوا تناسلوا، أباهي بكم الأمم يوم القيامة. رواه عبد الرزاق والبيهقي عن سعيد بن أبي هلال.
وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها رواه الإمام أحمد وابن ماجه.
قال صاحب كشاف القناع: ويحرم العزل عن الحرة إلا بإذنها؛ لما روي عن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها. رواه أحمد وابن ماجه، لأن لها في الولد حقا، وعليها من العزل ضرر فلم يجز إلا بإذنها. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: ولأن لها (الزوجة) في الولد حقا، وعليها في العزل ضرر فلم يجز إلا بإذنها. اهـ
ومما تقدم يتبين أنه لا يجوز لهذا الزوج أن يمنع زوجته من الحمل، ودعوى أنها لا تحسن تربية الأولاد لا تبرر فعله، ولا تسوغ منعها من حقها الشرعي في الإنجاب، بل الأحرى به أن يؤهلها لذلك، وأن يصبر عليها، فهذا حقها عليه. فإن تأديب الزوجة وتعليمها وترويضها على خصال الخير والصبر على ذلك لهو مما أمر به الزوج.
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم: 6} قال العلماء: أدبوهن وعلموهن.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع ومسؤول عن رعيته.متفق عليه.
كما أن تربية الأولاد أمر مشترك بين الزوجين، وليس للزوج أن يلقي بالأمر كله على عاتق الزوجة، وأما لو اتفق الزوجان معا على تنظيم النسل لمصلحة ما كتربية الأولاد مثلا، أو شيء من ذلك القبيل، فإن ذلك جائز.
لما رواه جابر رضي الله عنه قال: كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل. متفق عليه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1430(13/6889)
هل يستحق الزوج على زوجته أجرة السفر إذا سافر لمصلحتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في بلد عربي وجاء معي زوجي كمرافق ويريدني أن أدفع له ثمن مجيئه معي، مثلاً يريدني أن أدفع له ثمن تأمينات العمل الخاص به رغم أنه يعمل ولا يضع أي شيء في البيت وعندما رفضت قام بضربي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس للزوج أن يأخذ شيئاً من مال زوجته ولا حق له في مالها الأصلي ولا في راتبها إلا ما طابت نفسها به، لما جاء في الحديث الذي رواه أحمد وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبة الوداع المشهورة: ... ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا، إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه.
أما سفر زوجك معك كمرافق فإنه يستحق عليك أجرة الانتقال والسفر ما دام قد سافر لأجل مصلحتك، أما ما وراء ذلك من النفقة عليك وعلى البيت والأولاد والتأمينات الخاصة به فإن ذلك كله عليه وحده، إلا أن يكون قد اشترط جزءاً من راتبك مقابل سماحه لك بالعمل أو سفره معك فحينئذ يجب عليك أن توفي له شرطه ...
وأما ضرب الزوج لزوجته دون سبب فهو ظلم وعدوان، فإذا انضم إلى ذلك أنه يضربها لأخذ مالها وأكل حقوقها فهنا يزداد الظلم ويعظم الجرم ويشتد الإثم، فعلى هذا الزوج أن يتقي الله وأن يحذر عاقبة الظلم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة. أخرجه أحمد وغيره وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1430(13/6890)
زوجته على خلاف دائم مع أخته من أبيه المقيمة معهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي من أبي تسكن معي بالمنزل، ودائماً في خلاف مع زوجتي، وكلما رجعت من العمل وجدت زوجتي في حالة غضب شديد وشكوى مستمرة منها، وتلزمني أن أحلف بالله أنني أكره أختي ولا أقبل تصرفاتها. هل يجوز لي أن أحلف وفى حالة أرفض أن أحلف يستمر الشجار بيننا إلى ما بعد منتصف الليل، مما جعلني أقصر في عملي وأشعر بالتعب المستمر، مع العلم أن زوجة أبي والدة أختي سبق - والعلم عند الله - أن عملت لنا سحر تفريق. فما هو الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت لا تكره أختك فلا يجوز لك أن تحلف بالله كاذبا على كرهها طاعة وإرضاء لهوى زوجتك، ولا ينبغي أن تكره أختك، بل تنصحها إذا أخطأت، وتحاول الإصلاح بينها وبين زوجتك، وتنصف كل واحدة منهما، لكنلك أن تعرض لزوجتك بما تفهم منه التنزل لها فيما تريد إن لم يكن باطلا حتى يهدأ غ ضبها ويفيئ إليها رشدها وتبين لها ما تريد بحكمة وقول لين، وفي المعاريض مندوحة للمؤمن عن الكذب، وينبغي أن تذكر لها أن إكرام أهل الزوج إكرام للزوج وإحسان لعشرته، والزوجة الصالحة هي التي تجمع الرجل بأهله وتدعوه إلى الإحسان إليهم وصلتهم، ولا تسعى في بذر الخلاف والشقاق والبغضاء بينهم، فبين لها ذلك، وإن كان لها حق شرعي في المسكن المستقل، سيما إذا كانت تتضرر بوجود غيرها معها فيه، إلا أنه يجمل بها مراعاة حاجة أختك إلى السكنى معك، فتنصحها بتحملها والصبر على أذاها ودفع إساءتها بالإحسان فذلك مما يجلب المودة والألفة كما قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}
وأما اتهام أم أختك بعمل السحر فذلك أمر خطير جدا لا يجوز إلا عن بينة ويقين، وإن كنتما تجدان أعراضه فلكما أن تذهبا إلى من يرقيكما الرقية الشرعية، شريطة أن يكون موثوقا في دينه وعلمه.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30060، 54531، 7258، 64888، 49623.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1430(13/6891)
حكم إخفاء أرباح الزوج وشراء شقة من ماله بغير إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[وضعنا مبلغا من المال مع ناس يعملون بالتجارة، ويعطوننا أرباحا كي تكون حلالا، ولكني لا أخبر زوجي بالأرباح كلها، وأحافظ له عليها؛ لأنه إذا علم أننا جاءتنا فلوس كثيرة يزيد في مصاريفه وهو يعمل بإيطاليا، ويريد إذا أكمل مبلغا معينا نصف مليون مثلا أن يترك العمل نهائيا ويرجع البلد، وأريد أن أشتري شقة بهذا المال، وأكتبها باسمه ولكني سأقول له إن أمي هي التي اشترتها لنا، فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك التصرف في مال زوجك إلا بإذنه، فهذا المال ملك لزوجك ائتمنك عليه، فلا يجوز لك التصرف فيه إلا بما أذن فيه، ولا يغير من هذا الحكم كون زوجك يزيد في المصروفات إذا علم بذلك، بل الأولى أن تنصحيه بالاقتصاد والاعتدال في نفقته كلها، كما لا يغير هذا الحكم كونك ستشترين بالمال شقة وتكتبينها باسمه، كما لا يجوز أن تذكري له أن أمك هي من اشترت الشقة؛ لأن ذلك من الكذب المحرم؛ فيحرم عليك كل تصرف في مال زوجك دون إذن منه، والواجب عليك أن تخبريه بكل الأرباح التي تأتي من تجارته، ولا تخفي عليه من ذلك شيئا.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى رقم: 117115، ورقم: 117942. والفتوى رقم: 118222.
وننبهك إلى أنه لا تجوز الهجرة من بلاد المسلمين إلى بلاد غير المسلمين لمن لا يستطيع أن يقيم شعائر الدين، ولا يأمن على نفسه الوقوع في الفتنة، كما سبق بيانه في فتوانا رقم: 2007.
والله أعل م.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1430(13/6892)
يتعين على زوجك أن يوفر لك مسكنا مستقلا
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن سوريان مقيمان في الكويت، تزوجت منذ 5 أشهر وسكنت في شقة بمفردي مع زوجي. حصلت مشكلة لأهل زوجي حيث تقاعد والد زوجي وهو ممنوع من النزول لسوريا لأسباب دينية فاضطر أهل زوجي (الزوجة والأولاد) للنزول لسوريا وبقي والد زوجي مع ابنه الأصغر من زوجي الأعزب ويعمل في الكويت، بقي مع أبيه في شقتهم وأنا وزوجي نزور والده ثم نعود لشقتنا. يريد زوجي أن يأتي بوالده إلى شقتنا ويعيش معنا. علما أن والده مدخن ويدخن كثيرا جدا جدا وأنا معي حساسية من الدخان وأمرض من رائحته حى أنني أتعب جدا عند رجوعي من زيارته. وعرضت على زوجي أن يستأجر شقتين (صغيرتين) متلاصقتين واحدة لأبيه وأخيه والأخرى لنا بدلا من أن نعيش في شقة واحدة.
فهل رأيي مخالف للشرع؟! لأن زوجي من وجهة نظره يرى أن بره لأبيه يتحقق إذا جاء به وعاش في شقتنا وشقق الكويت صغيرة والأهم من ذلك مرضي من رائحة الدخان.
أليس البر يتحقق من استئجاره لشقتين؟؟ حيث إنني سأطبخ وأرعاه..
ملاحظة: زوجي يعمل من الساعة الثامنة والنصف الى الخامسة والنصف.. أي أنني أنا التي سألازم أباه وليس هو ... وطبع أبيه صعب وأنا أعلم طبيعة نفسي وجسمي لن أستحمل العيش في شقة واحدة مع رائحة الدخان الممرضة لي.
أرجو التوضيح هل رأيي مخالف للشرع؟ أليس البر أيضا في استئجاره شقتين متلاصقتين بجانب بعضهم البعض؟ مع العلم أنني أضحي براحتي في شقتي الكبيرة لأنتقل لشقة صغيرة لنكون بجانب أبيه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في عشرات الفتاوى السابقة أن الزوجة لها الحق في مسكن مستقل تأمن فيه على شؤونها وخصوصياتها وأنه لا يجوز للزوج أن يجبرها على الإقامة مع أحد من أقاربه بل ولا والديه.
بذا يتبين أن ما تطلبيه من زوجك من استئجار شقتين إحداهما لوالده والأخرى لكم أمر مشروع ولا يخالف الشرع في شيء لأن هذا خالص حقك الذي ضمنته لك الشريعة.
فإذا انضم إلى هذا أن والد زوجك مدخن وأنك تتضررين بالتدخين فهنا يتعين على الزوج أن يوفر لك مسكنا مستقلا، ولا يجوز له أن يسكنك مع والده فيعرضك بذلك لأضرار التدخين وآثاره السيئة.
وإذا فعل هذا فلا يكون عاقا بوالده، فإنه لا يشترط للبر أن يسكن أباه معه في نفس مسكنه خصوصا إذا كان سيترتب على إسكانه ضرر بأهله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1430(13/6893)
زوجته على خلاف دائم مع أخته من أبيه المقيمة معهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي من أبي تسكن معي بالمنزل، ودائماً في خلاف مع زوجتي، وكلما رجعت من العمل وجدت زوجتي في حالة غضب شديد وشكوى مستمرة منها، وتلزمني أن أحلف بالله أنني أكره أختي ولا أقبل تصرفاتها. هل يجوز لي أن أحلف وفى حالة أرفض أن أحلف يستمر الشجار بيننا إلى ما بعد منتصف الليل، مما جعلني أقصر في عملي وأشعر بالتعب المستمر، مع العلم أن زوجة أبي والدة أختي سبق - والعلم عند الله - أن عملت لنا سحر تفريق. فما هو الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت لا تكره أختك فلا يجوز لك أن تحلف بالله كاذبا على كرهها طاعة وإرضاء لهوى زوجتك، ولا ينبغي أن تكره أختك، بل تنصحها إذا أخطأت، وتحاول الإصلاح بينها وبين زوجتك، وتنصف كل واحدة منهما، لكنلك أن تعرض لزوجتك بما تفهم منه التنزل لها فيما تريد إن لم يكن باطلا حتى يهدأ غ ضبها ويفيئ إليها رشدها وتبين لها ما تريد بحكمة وقول لين، وفي المعاريض مندوحة للمؤمن عن الكذب، وينبغي أن تذكر لها أن إكرام أهل الزوج إكرام للزوج وإحسان لعشرته، والزوجة الصالحة هي التي تجمع الرجل بأهله وتدعوه إلى الإحسان إليهم وصلتهم، ولا تسعى في بذر الخلاف والشقاق والبغضاء بينهم، فبين لها ذلك، وإن كان لها حق شرعي في المسكن المستقل، سيما إذا كانت تتضرر بوجود غيرها معها فيه، إلا أنه يجمل بها مراعاة حاجة أختك إلى السكنى معك، فتنصحها بتحملها والصبر على أذاها ودفع إساءتها بالإحسان فذلك مما يجلب المودة والألفة كما قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}
وأما اتهام أم أختك بعمل السحر فذلك أمر خطير جدا لا يجوز إلا عن بينة ويقين، وإن كنتما تجدان أعراضه فلكما أن تذهبا إلى من يرقيكما الرقية الشرعية، شريطة أن يكون موثوقا في دينه وعلمه.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30060، 54531، 7258، 64888، 49623.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1430(13/6894)
حكم إخفاء أرباح الزوج وشراء شقة من ماله بغير إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[وضعنا مبلغا من المال مع ناس يعملون بالتجارة، ويعطوننا أرباحا كي تكون حلالا، ولكني لا أخبر زوجي بالأرباح كلها، وأحافظ له عليها؛ لأنه إذا علم أننا جاءتنا فلوس كثيرة يزيد في مصاريفه وهو يعمل بإيطاليا، ويريد إذا أكمل مبلغا معينا نصف مليون مثلا أن يترك العمل نهائيا ويرجع البلد، وأريد أن أشتري شقة بهذا المال، وأكتبها باسمه ولكني سأقول له إن أمي هي التي اشترتها لنا، فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك التصرف في مال زوجك إلا بإذنه، فهذا المال ملك لزوجك ائتمنك عليه، فلا يجوز لك التصرف فيه إلا بما أذن فيه، ولا يغير من هذا الحكم كون زوجك يزيد في المصروفات إذا علم بذلك، بل الأولى أن تنصحيه بالاقتصاد والاعتدال في نفقته كلها، كما لا يغير هذا الحكم كونك ستشترين بالمال شقة وتكتبينها باسمه، كما لا يجوز أن تذكري له أن أمك هي من اشترت الشقة؛ لأن ذلك من الكذب المحرم؛ فيحرم عليك كل تصرف في مال زوجك دون إذن منه، والواجب عليك أن تخبريه بكل الأرباح التي تأتي من تجارته، ولا تخفي عليه من ذلك شيئا.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى رقم: 117115، ورقم: 117942. والفتوى رقم: 118222.
وننبهك إلى أنه لا تجوز الهجرة من بلاد المسلمين إلى بلاد غير المسلمين لمن لا يستطيع أن يقيم شعائر الدين، ولا يأمن على نفسه الوقوع في الفتنة، كما سبق بيانه في فتوانا رقم: 2007.
والله أعل م.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1430(13/6895)
يتعين على زوجك أن يوفر لك مسكنا مستقلا
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن سوريان مقيمان في الكويت، تزوجت منذ 5 أشهر وسكنت في شقة بمفردي مع زوجي. حصلت مشكلة لأهل زوجي حيث تقاعد والد زوجي وهو ممنوع من النزول لسوريا لأسباب دينية فاضطر أهل زوجي (الزوجة والأولاد) للنزول لسوريا وبقي والد زوجي مع ابنه الأصغر من زوجي الأعزب ويعمل في الكويت، بقي مع أبيه في شقتهم وأنا وزوجي نزور والده ثم نعود لشقتنا. يريد زوجي أن يأتي بوالده إلى شقتنا ويعيش معنا. علما أن والده مدخن ويدخن كثيرا جدا جدا وأنا معي حساسية من الدخان وأمرض من رائحته حى أنني أتعب جدا عند رجوعي من زيارته. وعرضت على زوجي أن يستأجر شقتين (صغيرتين) متلاصقتين واحدة لأبيه وأخيه والأخرى لنا بدلا من أن نعيش في شقة واحدة.
فهل رأيي مخالف للشرع؟! لأن زوجي من وجهة نظره يرى أن بره لأبيه يتحقق إذا جاء به وعاش في شقتنا وشقق الكويت صغيرة والأهم من ذلك مرضي من رائحة الدخان.
أليس البر يتحقق من استئجاره لشقتين؟؟ حيث إنني سأطبخ وأرعاه..
ملاحظة: زوجي يعمل من الساعة الثامنة والنصف الى الخامسة والنصف.. أي أنني أنا التي سألازم أباه وليس هو ... وطبع أبيه صعب وأنا أعلم طبيعة نفسي وجسمي لن أستحمل العيش في شقة واحدة مع رائحة الدخان الممرضة لي.
أرجو التوضيح هل رأيي مخالف للشرع؟ أليس البر أيضا في استئجاره شقتين متلاصقتين بجانب بعضهم البعض؟ مع العلم أنني أضحي براحتي في شقتي الكبيرة لأنتقل لشقة صغيرة لنكون بجانب أبيه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في عشرات الفتاوى السابقة أن الزوجة لها الحق في مسكن مستقل تأمن فيه على شؤونها وخصوصياتها وأنه لا يجوز للزوج أن يجبرها على الإقامة مع أحد من أقاربه بل ولا والديه.
بذا يتبين أن ما تطلبيه من زوجك من استئجار شقتين إحداهما لوالده والأخرى لكم أمر مشروع ولا يخالف الشرع في شيء لأن هذا خالص حقك الذي ضمنته لك الشريعة.
فإذا انضم إلى هذا أن والد زوجك مدخن وأنك تتضررين بالتدخين فهنا يتعين على الزوج أن يوفر لك مسكنا مستقلا، ولا يجوز له أن يسكنك مع والده فيعرضك بذلك لأضرار التدخين وآثاره السيئة.
وإذا فعل هذا فلا يكون عاقا بوالده، فإنه لا يشترط للبر أن يسكن أباه معه في نفس مسكنه خصوصا إذا كان سيترتب على إسكانه ضرر بأهله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1430(13/6896)
هل تحرم الزوجة إذا حلفها على المصحف أنها لم تؤذه
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة جاء زوجها بالمصحف وقال لها أن تحلف على هذا المصحف أنها لا تؤذيه هو وأمه أي أنه يشك في السحر أو السم. فهل هذا الشك أو الحلف على المصحف يجعلها تحرم عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتحليف الزوج لزوجته على المصحف أو غيره وشكه في كونها سحرته ونحوه لا تأثير له على عصمة الزوجية، فلا تحرم عليه ولا يلزمه شيء بذلك، وهي إن حنثت في يمينها وفعلت ما حلفت على عدم فعله لزمتها كفارة يمين، وإن كان لا يجوز لها أن تؤذي زوجها أو أهله بل عليها أن تعاشره بالمعروف وتحسن إلى أهله لأن ذلك من عشرته والإحسان إليه، كما أنه لا يجوز للزوج أن يسيء إلى زوجته ويؤذيها ويتهمها بالسحر أو غيره دون بينة ويقين.
وللمزيد انظر الفتاوى رقم: 32303، 56044، 69470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1430(13/6897)
الإحسان إلى الزوجة وعدم مصادرة رأيها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوجة أحب زوجي وأصونه في حضوره وغيابه، لكن عندما يجرجني زوجي بقول أو فعل أناقشه فيقول: أنت إذا اطعتني دخلت الجنة، أما أنا فلا، أعلم أنه على حق في الشطر الأول، ما قول الشرع في الشطر الثاني، هل هو على حق، هل يحق له شرعاً أن يهمل إحساسي بدعوى أن طاعتي ليست من الأسباب التي شرعها الله لدخول الجنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لهذا الزوج أن يستعمل ما منحه الشرع من قوامة على زوجته في إيذائها وجرح كرامتها والاستهتار بمشاعرها، ولا يجوز له أن يصادر حق زوجته في المشاورة وإبداء الرأي فيما يخص حياتهما بحجة أنها إن أطاعته دخلت الجنة، أما هو فلا.. فإن الشريعة المباركة التي جعلت طاعة الزوج سبباً من أسباب رضوان الله والفوز بالجنان، هي نفسها التي جعلت الإحسان إلى الزوجة وإكرامها ومعاشرتها بالمعروف سبباً من أسباب رضوان الله والفوز بثوابه أيضاً، ولم لا؟ وقد قال الله سبحانه يوصي الأزواج بزوجاتهم: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19} ، وقال سبحانه: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:228} .
قال ابن كثير رحمه الله: ولهن على الرجل من الحق مثل ما للرجال عليهن، فليؤد كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف. انتهى.
وقال السعدي رحمه الله: وللنساء على بعولتهن من الحقوق واللوازم مثل الذي عليهن لأزواجهن من الحقوق اللازمة والمستحبة. انتهى.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
وفي رواية أخرى: خيركم خيركم للنساء.
والذي ينظر في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ليرى العجب من إحسان النبي لأزواجه وقيامه بمصالحهن وصبره عليهن وتغاضيه عن هفواتهن وأخطائهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1430(13/6898)
حكم شراء شقة للأم من مال الزوج بدون علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أبى سيء السلوك، وهو يعامل أمي وأخواتي معاملة سيئة جدا جدا، ودائما يحلف عليها أيمان طلاق حتى تجاوز الحد، وهي تخشى أن تكون تعيش معه في الحرام، بسبب حلفانه المتكرر، ولكنها تحافظ دائما على المنزل لأننا 4 بنات، وأنا متزوجة، وأبى أحيانا يعاملني معاملة سيئة، لا يريدني أن آخذ شيئا من منزله، ويريد أن أعطيه أنا دائما، لأن زوجي يعمل بالخارج، وأريد أن أشتري شقة لأمي كي تعيش بها من مال زوجي، ولكن بدون علمه. علما أننى سوف أقول له إن أمي تعيش فيها وتعطيها لنا هدية، وأكتبها باسمه. فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما كثرة حلف أبيك بالطلاق، فإن كانت أمك على يقين أنه جاوز الطلقات الثلاث، فإنه لا يجوز لها أن تبقى معه يعاملها معاملة الأزواج، ولا يجوز لها أن تمكنه من نفسها، بل ولا يجوز لها أن تساكنه، وعليها أن تفارقه ولو بطريق الخلع أو ترفع أمره للقضاء ليفرق بينهما. قال ابن قدامة في المغني: وهذا قول أكثر أهل العلم لأن هذه تعلم أنها أجنبية منه محرمة عليه فوجب عليها الامتناع والفرار منه كسائر الأجنبيات. انتهى. وقد بينا ذلك في الفتويين رقم: 59567، 30001.
أما إذا لم تكن على يقين من ذلك أو كانت تشك في وقوع الطلاق أو عدمه فعليها رفع أمرها لأهل العلم، واستفتائهم في عدد مرات الطلاق وصيغة الطلاق في كل مرة، وما يفتونها به فعليها أن تعمل به.
وأما ما كان من أبيك ومن منعه لك من أخذ شيء من بيته، فهذا وإن كان خلاف الأولى وخلاف الإحسان للأولاد الذين أوصى الله بهم، إلا أنه لا حرج عليه في ذلك لأن نفقتك إنما تجب على زوجك لا أبيك.
وأما ما يريد أن يأخذه منك، فإن كان فقيرا وكنت صاحبة مال فإنه تجب عليك نفقته بالمعروف، ولكن إن كان غنيا فلا يجوز له أن يأخذ شيئا من مالك إلا ما تعطينه له عن طيب نفس منك، ويستحب لك ذلك برا به وإحسانا إليه.
وأما إن كنت فقيرة فلا يجب عليك شيء، ولو كان أبوك فقيرا، ولا يجب عليك أن تأخذي من مال زوجك لتعطيه، بل لا يجوز هذا إلا بعلم الزوج وإذنه.
وأما ما تريدين فعله من أخذ مال من زوجك دون علمه لشراء شقة لأمك فهذا غير جائز، وهو من أكل أموال الناس بالباطل، لأن أموال زوجك حق خالص له، ولا يجوز لك أن تأخذي منها شيئا، ولا أن تنفقي منها شيئا إلا بعلمه وإذنه، فقد روى الترمذي من حديث أبي أمامة الباهلي في خطبة الوداع: لا تنفق امرأة شيئا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها.
واستثنى العلماء من ذلك الشيء اليسير الذي جرت العادة بالتسامح في مثله، لما روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أنفقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئا.
وما تريدين فعله من كتابة هذه الشقة باسمه على أنها هدية من أمك لا يبرر الفعل، ولا يخرجه عن صفة الحرمة؛ لأن مجرد تصرفك في ماله دون علمه، وإسكان أمك في هذه الشقة فترة من الزمن دون علمه، كل هذا حرام لا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1430(13/6899)
إذا لم ينفق الزوج فهل للزوجة أن تأخذ من بيت أهله بدون علمهم
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة تعيش في بيت عائلة ولا ينفقون عليها فهل يجوز أن تأخذ أشياء من البيت بدون علمهم وتنفق على نفسها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تقصدين أنك متزوجة وتقيمين مع زوجك في بيت أهله فإن نفقة المرأة المتزوجة تلزم زوجها بلا شك.
فعن عمرو بن الأحوص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم للزوجة إذا كان زوجها بخيلا أن تأخذ من ماله بغير علمه ما تنفق به على نفسها وأولادها بالمعروف.
فعن عائشة رضي الله عنها: أن هند بنت عتبة قالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه.
وعلى ذلك فإذا كان زوجك لا ينفق عليك بالمعروف فإنه يجوز لك أن تأخذي من ماله دون علمه ما تحتاجين إليه أنت وولدك، بما يعد في العرف في حدود الكفاية لكم، أما أن تأخذي من مال أهله فذلك لا يجوز بل هو خيانة للأمانة.
وراجعي الفتوى رقم: 104000.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1430(13/6900)
تقيم في بيت ورثة مع أم زوجها وتريد سكنا مستقلا
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء قراءة قصتي ... أنا متزوجة ولله الحمد من زوج طيب وحنون، ولي منه بنت، مشكلتي أنني أسكن مع أمه في سكن واحد، وكنت أظن أن هذا السكن ملك لزوجي، فاتضح لي بعد الزواج أنه منزل ورثة يتشارك فيه إخوته وأخواته من أبيه، ولزوجة أبيه حق في البيت أيضا، لأن هذا البيت باسم والد زوجي الذي طلق أم زوجي وتزوج من امرأة أخرى وأنجب منها 4 بنات وولدين، السؤال هو: هل لأم زوجي حق في المنزل؛ لأن زوجة والد زوجي تطالب في المنزل.. هل يا شيخ لي الحق أنا كزوجة أن أطالب زوجي بسكن خاص مستقل، مع العلم بأني أواجه مشاكل مع أم زوجي، زوجي هو آخر العنقود إذ أني متضايقة من وجودي في منزل ورثة لا أستطيع تأمين مستقبلي ومستقبل أولادي، زوجي من النوع الذي لا يفكر بالمستقبل.. فماذا أفعل، فأرجوكم ردوا علي بأسرع وقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت أم زوجك قد طلقت من أبيه، وانتهت عدتها قبل موته، فلا حق لها في الإرث منه، وانظري لذلك الفتوى رقم: 55852، والفتوى رقم: 26659.
أما عن مطالبتك زوجك بمسكن مستقل فذلك حق لك بلا شك، وانظري لذلك الفتوى رقم: 77743، والفتوى رقم: 34018.
لكن ينبغي أن يكون ذلك بحكمة ومراعاة لظروف الزوج، ومدى حاجة أمه لإقامته معها. واعلمي أن إعانتك له على بر أمه والإحسان إليها فيه فضل عظيم وأجر كبير، ولا تخشي على مستقبلك ومستقبل أولادك، فإن الله لا يضيع أهل التقوى والصبر، قال تعالى: إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف:90} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1430(13/6901)
عادات اجتماعية تتنافى مع الحقوق الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخنا الفاضل في بلدنا ليبيا هناك عبء كبير يثقل كاهل المرأة المتزوجة وهو علاقتها بأهل زوجها.
جرت العادة الاجتماعية أن يتدخل أهل الزوج تحديدا أم الزوج وأخواته في خصوصيات الزوجين، وبعد مرور أقل من شهر على الزواج تبدأ المشاكل في العادة، وأسباب المشاكل الشائعة في مجتمعنا تتضمن غالبا مايلي:
1.مطالبة أهل الزوج الزوجة بمساعدتهم في أمور بيت والد الزوج، رغم سكن الزوجة في بيت مستقل عن أهل زوجها، وإن لم تفعل فإن الحرب تعلن عليها من أهل الزوج والمجتمع وتوصف بأبشع الأوصاف، ويتم اغتيابها والتشهير بها وبأهلها، واتهامها بسوء الطبع رغم أن هذا في أحيان كثيرة ظلم وغير صحيح.
2. يشيع عندنا هذا القول من قبل أهل الزوج، يجب أن تقوم الزوجة بخدمة أهل زوجها وزيادة لكي تحلل-أي تجعله حلالا - ما دفع لها من مهر.
3. أخذ بعض المتعلقات الخاصة بالزوجة، والتي أحضرها لها الزوج، كهدايا بدون علمها تحت باب أن ابنهم هو من ابتاعه ويحق لهم أخذه.
4.منع الزوجة من الطبخ في بيتها وإلزامها بالأكل يوميا مع أهل زوجها، بل البعض-وهو شائع- يمنعون الزوج من شراء حتى فرن وأنبوبة غاز لكي لا تطبخ زوجته في بيتها. وهذا من الشروط الشائعة قبل الزواج وتقبله في العادة المرأة مكرهة وخوفا من الضغط الاجتماعي.
4. بعض الرجال في مجتمعنا-هداهم الله- وهم ليسوا بالقليل يقومون بالحديث عن كل كبيرة وصغيرة تحدث بينهم وبين الزوجة للأم والأخوات بدون أية مراعاة للزوجة وخصوصيتها.
يا فضيلة الشيخ أنا لا أبريء كل الزوجات من الخطأ والظلم، فكثير من الزوجات ظالم-وهذه قصة أخرى- فكل إنسان معرض للخطأ، ولكن تزايد عدد الطلاق في مجتمعنا بسبب تدخل الأهل أمر ملحوظ ومتزايد، والخلط بين طاعة الوالدين والبر وصلة الرحم وتضييع حقوق الزوجة أمر واضح.
المعروف بين الزوجة وأهل زوجها مطلوب وأمر حسن، ولكن ليس لدرجة تضييع الحقوق.
يا فضيلة الشيخ هذه المشكلة لا تخصني شخصيا، ولكنها شائعة في مجتمعنا بشكل مخيف، وتؤدي إلى تبعات لا تحمد عقباها وموجبة لغضب الرب من ظلم وغيبة ونميمة وتشهير بالعباد بغير وجه حق.
ومن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أريدكم أن توجهوا كلمة لأمهات الأزواج وأخواتهم فكثير منهن يطلع على موقعكم وأصلح الله حالنا جميعا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
1- فالحياة الزوجية مبنية على الاستقلال والخصوصية نظرا لما فيها من طبيعة خاصة، فليس لأي أحد من أهل الزوج أو الزوجة أن يتدخل في خصوصياتهما، ولا أن ينصب نفسه وصيا عليهما– طالما كانا بالغين راشدين – فإن هذا أوسع الأبواب للفساد، وأقصر الطرق لتفكك الأسر وذهابها، وهذا معلوم بالتجربة والمشاهدة. ومطالبة أهل الزوج للزوجة أن تخدمهم وإلا فلها العداء والتضييق ظلم وعدوان، فإن المرأة لا يجب عليها إلا خدمة زوجها وبيتها، ولا تطالب بما وراء ذلك من خدمة أهله بل ولا والديه، إلا أن تفعل ذلك تطوعا عن طيب نفس منها، ويستحب لها ذلك حسب طاقتها وقدرتها؛ لأن هذا من باب الإحسان للزوج وإكرامه ولكنه لا يجب عليها بحال. فقد صح عن جابر رضي الله عنه أنه تزوج ثيباً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا بكراً تلاعبها وتلاعبك، فقال: يا رسول الله قتل أبي يوم أحد وترك تسع بنات فكرهت أن أجمع إليهن خرقاء مثلهن، ولكن امرأة تمشطهن وتقوم عليهن، قال: أحسنت. رواه الشيخان. قال العراقي في طرح التثريب: وفيه جواز خدمة المرأة زوجها وأولاده وأخواته وعياله، وأنه لا حرج على الرجل في قصده من امرأته ذلك، وإن كان لا يجب عليها، وإنما تفعله برضاها. انتهى.
2- وقولهم إن خدمة أهل الزوج لا بد منها حتى يكون المهر حلالا، افتراء على الله وكذب عليه، والله سبحانه يقول: وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ {النحل: 116} .
فإن الله جلت حكمته قد جعل المهر والصداق عطية واجبة منه سبحانه للمرأة، لا علاقة له بخدمة أهله لا من قريب ولا من بعيد، فقال سبحانه: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً {النساء: 4} ومعنى نحلة أي فريضة. جاء في تفسير الألوسي: أي أعطوهن مهورهنّ حال كونها فريضة من الله تعالى لهنّ. انتهى.
3- وأما ما يأخذه أهل الزوج من متعلقات الزوجة التي وهبها لها زوجها، فهو حرام وهو من أكل أموال الناس بالباطل، وهذه هي السرقة بعينها إن أخذت بغير علمها، وإلا فهو غصب وكلاهما حرام. وقولهم إن لهم الحق في ذلك لأن ابنهم هو الذي اشترى هذه الأشياء تلبيس من إبليس، فإن هذه الأشياء قد دخلت في ملك الزوجة بقبضها، ولا يملك زوجها نفسه أن يأخذها منها.
4- وأما ما يكون من منع الزوجة من الأكل في بيتها وإكراهها على الأكل في بيت أهل زوجها فلا يجوز؛ لأن فيه من الحرج ما فيه، ولا شك أن الزوجة لها حقها في الحياة المستقرة المستقلة والتمتع بمرافقها الخاصة داخل بيت زوجها، ولكن طالما أنك قد وافقت على هذا الشرط فإن عليك حينئذ الوفاء به، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. وقد نص بعض العلماء على أنه يلزم الوفاء بالشرط المشروع ولو ترتب عليه ضرر. جاء في شرح أخصر المختصرات لابن جبرين:...... فلذلك يرى بعض العلماء أن عليه الوفاء بهذا الشرط، وألا يتزوج عليها، ولو تضرر. انتهى. ولكن يمكنك أن تراجعي زوجك في هذا الشرط وأن تظهري له تضررك منه، وأنه لا يجوز الضرر في دين الله، وأن تطلبي منه أن يقيلك من هذا الشرط، مع الدعاء والاستعانة بالله جل وعلا، وسيجعل الله سبحانه بعد عسر يسرا.
5- أما ما يقوم به هؤلاء الأزواج من إفشاء أسرار زوجاتهم فغير جائز، فلا يجوز للزوج أن يفشي أسرار زوجته لأي أحد، لأن إفشاء السر خيانة للأمانة، وإذا ترتب عليه ضرر فهو حرام، قال صاحب الإنصاف: قال في أسباب الهداية: يحرم إفشاء السر. وقال في الرعاية: يحرم إفشاء السر المضر. انتهى. قال الغزالي في الإحياء: وإفشاء السر خيانة وهو حرام إذا كان فيه إضرار، ولؤم إن لم يكن فيه إضرار. انتهى.
... وأما إفشاء أسرار الفراش وما يكون بين الرجل وأهله فهذا حرام بلا خلاف، بل جاء في الحديث الصحيح تشبيه من يفعل هذا بالشيطان.
6- وأما نصيحتنا إلى الأزواج الذين يخلطون بين صلة الرحم وبر والوالدين من جهة وحقوق الزوجة والبيت من ناحية أخرى فنقول لهم: ينبغي أن يوفى كل ذي حق حقه، فإن الإسلام قد كفل للوالدين والأرحام حقوقا يحرم تضييعها، وكفل للزوجة أيضا حقوقا يجب على الزوج الوفاء بها.
وكثيرا ما ينشأ بين الزوجة وأهل زوجها شيء من الغيرة، فيظن أهل الزوج أن الزوجة قد أخذت ابنهم منهم، وتظن الزوجة أن الزوج يميل إلى أهله ويفضلهم عليها، فتنشأ حالة من التنافر بينهم. والزوج له دور كبير في معالجة مثل هذه الأمور. فعليه أولا بالتوازن في العلاقة بين زوجته وأهله، فحق الأهل على الزوج البر والصلة، والمعاملة الكريمة، والنفقة على الوالدين إن كان للولد مال، وكان الوالدان في حاجة، وأن يصل أقاربه بالعطاء من الصدقة والزكوات إن كانوا من الفقراء.
وحق الزوجة على زوجها أن يعاشرها بالمعروف، وأن يوفر لها حياة هادئة بعيدة عن المنغصات، ومن ذلك أن يكون لها سكن مستقل تأمن فيه على نفسها وشؤونها، ولا يتدخل أحد في خصوصيات حياتها، ولا يجوز لأحد من الطرفين أن يبغي على حق صاحبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1430(13/6902)
يضايقه اتصال ابن خال زوجته بها في غيابه فماذا يفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي كالتالي أعيش مع أسرتي في المهجر بعيدا عن بلدنا والحمد لله متزوج من قريبة لي وأحبها جدا وهي كذلك، واثق بها جدا ولي منها الأولاد والبنات، مشكلتي أن لها ابن خالة بين الفينة والأخرى يتصل على تلفون البيت للسؤال عن الحال أو لإعلامها أنه سيسافر لبلدنا وهل تريد شيئا لأمها وأخواتها وأهلها وكذلك عند العودة يبادر بالسؤال..لا شيء عندي في ذلك.. ولكن الذي يؤلمني هو توقيت الاتصال دائما يتصل عليها في الوقت الذي أكون أنا خارج البيت في العمل..ما الحل ... في الوقت القريب أجدها او أحس أنها تخفي عني اتصالاته وكأن شيئا لم يكن..ممكن أنها أحست أنني أتضايق من اتصالاته ... وجهونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فابتداء عليك بإحسان الظن بزوجتك خصوصا مع ما ذكرت من كونك تثق فيها وفي أخلاقها, وما يكون من اتصال ابن خالها بها لا حرج فيه طالما أنه في حدود المشروع بعيدا عن مواطن الريبة والتهم, خصوصا مع ما ذكرت أن اتصاله غالبا ما يكون في المناسبات وقبيل أو بعيد سفره, وأما تحينه الاتصال في وقت عملك بحيث لا تكون في البيت, فهذا قد يكون بسبب حيائه منك، فهو يريد أن يصل رحمه من جهة ومن جهة أخرى لا يريد أن يضع نفسه في موضع الحرج, هكذا ينبغي أن يظن بهذا الرجل طالما أنه من أهل الخير والدين ولم يظهر منه خلاف ذلك.
أما بالنسبة لعلاج ما في صدرك من حرج فهذا يكون بمصارحة زوجتك بكل لطف ولين، مع الحذر الشديد أن يظهر في حديثك نبرة الشك والريبة منها أو من قريبها, فهذا بجانب ما فيه من الإثم واتهام البرآء فإنه قد يؤدي – لا قدر الله – إلى مشكلات عميقة يصعب تجاوزها ونسيانها, فعليك أن تصارحها وأن تطلب منها ألا تخفي عليك اتصاله بها بل تعلمك به, وإذا أردت أن تطلب منها عدم الرد عليه طالما أنك خارج البيت فإذا رجعت إلى البيت قامت هي بالاتصال به في وجودك فهذا حق لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1430(13/6903)
عقوبة من تخون زوجها وتتفق مع غيره ليتزوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما عقاب الزوجة التي تخون زوجها، وتتفق مع رجل آخر على الزواج وهي على ذمة زوجها، ولم يكشف أمرها في الدنيا. المقصود بالعقاب أي عقاب يوم القيامة أو عذاب القبر؟ الرجاء الإجابة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخيانة المرأة لزوجها من الفسق العظيم؛ لاعتدائها على حقه في صون عرضه وفراشه، وتفريطها في جنب الله بتجاوز حدوده، وقد قال: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ {النساء:14} وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من تخبيب المرأة على زوجها والسعي بينهما لإفساد علاقتهما فقال: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. أخرجه أحمد.
كما حذر المرأة من طلب الطلاق دون بأس فقال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا في غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أصحاب السنن.
هذا فيمن سألت زوجها الطلاق دون بأس، فكيف بمن تخونه وتتفق مع غيره ليتزوجها وهي لا تزال على ذمته. إن إثمها عظيم، ووزرها كبير، وتستحق سخط ربها ومقته، ما لم يتداركها برحمته فتتوب من ذنبها.
فمعصيتها من أعظم المعاصي لحق الله وحق الزوج، لكن لم نقف على تحديد عقوبة معينة لذلك الذنب، وإنما هو من جملة المعاصي والذنوب العظيمة، وإن كان يدخل في كفران العشير الذي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه من أعظم الأسباب التي جعلت النساء هن أكثر أهل النار في قوله: يا معشر النساء تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار. فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير. متفق عليه. وكفران العشير هو غمط نعمة الزوج وكفران جميله، ولا شك أن خيانته من أعظم ذلك الكفران.
وللمزيد انظر الفتويين رقم: 101393، 7895.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1430(13/6904)
رعاية الزوجة أم زوجها المريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أم مريضة ولا تقدر على عمل شيء..... وأنا متزوج وعندي اثنان من الإخوة متزوجان مثلي وأمي تحتاج إلى عناية دائمة، وأخي الأكبر يقول إن زوجته مريضة ولا تقدر على عمل شيء يقول عندها الغضروف ونحن الاثنان معا في منزل واحد مع الوالدين، والثاني أصغر مني في قرية مجاورة ويأتي يومان في الأسبوع وأحيانا يوم وعندي أختان وتقومان بما تقدران عليه.
المشكلة هنا زوجتي تنظر إلى زوجة أخي الأكبر والأصغر، هي تساعد ولكن ليس بالقدر المطلوب منها بحكم من معهم في البيت.
المطلوب نصيحة لزوجتي أن تقوم بدورها مع العلم أنه قد دارت مناقشات بيني وبينها كثيرا.
وشكرا لحضراتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي التفريق - خاصة عندما يغلب الشح والهوى -.بين الحقوق الثابتة الواجبة شرعا, وبين ما لا يجب ولا يلزم، وإنما يجري مجرى مكارم الأخلاق ومحاسن العادات, أما في المقام الأول وهو مقام الواجبات فإنه لا يجب على الزوجة شرعاً خدمة والدي زوجها، ولا يلزمها ذلك سواء كان الوالدان في حالة الصحة أو المرض., لكن ليس من المعاشرة بالمعروف للزوج أن يكون والداه موجودين في المنزل وكلاهما أو أحدهما مريض, ثم لا تقوم الزوجة بخدمتهما من إعداد الطعام لهما أو غسل ثيابهما ونحو ذلك، وإذا كان الله عز وجل قد أمر بالإحسان إلى من لم تربطه بالإنسان إلا علاقة السفر العارضة، كما قال الله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً {النساء:36} .
والصاحب بالجنب هو الرفيق المسافر، إذا كان الأمر كذلك، فكيف بأبوي الزوج الذي أوجب الله طاعته وحث على حسن معاشرته وإرضائه.
لا شك أنهما أولى بالإحسان إليهما والرفق بهما, والقيام بمصالحهما حسب الوسع والطاقة.
ولا حرج على الزوج في أن يطلب ذلك منها، بل ولا أن يتزوجها بهذا القصد، فقد صح عن جابر رضي الله عنه أنه تزوج ثيباً، فقال له رسول الله صلى الله عليه: فهلا بكراً تلاعبها وتلاعبك، فقال: يا رسول الله قتل أبي يوم أحد وترك تسع بنات فكرهت أن أجمع إليهن خرقاء مثلهن، ولكن امرأة تمشطهن وتقوم عليهن، قال: أحسنت. رواه الشيخان.
قال العراقي في طرح التثريب: وفيه جواز خدمة المرأة زوجها وأولاده وأخواته وعياله، وأنه لا حرج على الرجل في قصده من امرأته ذلك، وإن كان لا يجب عليها، وإنما تفعله برضاها. انتهى.
ولتعلم الزوجة أن من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة, وأن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه, وأنه سبحانه قد جعل فعل الخير سببا للفلاح والنجاح فقال سبحانه وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. {الحج: 77} .
فالذي يقدر على خدمة الناس خصوصا من له صلة رحم وقربة ثم لا يفعل ويضن بجهده أو ماله عنهم فهو في الحقيقة إنما يبخل عن نفسه ويحرمها من ثواب الله وفضله والله سبحانه غني عن العالمين, قال سبحانه: وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ. {محمد: 38} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1430(13/6905)
مسائل حول أخذ كلا الزوجين من مال صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يأخذ كل مرتبي وأنا أتصرف في أشياء من المنزل بدون علمه؟ فهل هذا حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لزوجك أن يأخذ من راتبك إلا ما أذنت له فيه وطابت نفسك به إلا أن يكون شرط عليك منه جزءا لقاء إذنه لك بالخروج للعمل. وإلا فراتب الزوجة حق خالص لها ليس لزوجها أخذه كله أو بعضه إلا عن طيب نفس منها.
كما أنه ليس للمرأة أن تأخذ من مال زوجها دون إذنه إلا إذا كان لا يعطيها ما يكفيها وولدها، فلها حينئذ أن تأخذ من ماله دون إذنه ما يكفيها وولدها بالمعروف.
وهنا إذا كان ما تأخذينه هو مالك الذي تسلط زوجك عليه فلا حرج، وكذا إذا كان لا يعطيك ما يكفيك بالمعروف، وكان أخذك لما يكفيك بالمعروف فلا حرج عليك ولو دون إذنه.
وللمزيد انظري الفتاوى التالية أرقامها: 4555، 42518، 116759، 117115.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1430(13/6906)
الصبر على جفاء الزوج وأذى أهله وعدوانهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشرعي في مثل هذا الزوج، وهل عليه عقاب في الدنيا والآخرة؟ دام زواجنا سنة وتسعة شهور، والله يعلم يا شيخ أني لا أريد الطلاق؛ لأنني ومنذ بداية الزواج، وأنا أمر بضغوط من زوجي، ولكني ماشيت هذه الضغوط وصبرت عليها، ومررنا بمشاكل ولكنها كانت تنتهي بنفس اليوم، ولكن زادت المشاكل عندما سكنا عند أهله، فهم يراقبون خروجنا ودخولنا وغيره، وكانت الأم تتدخل في حياتنا، والزوج لا يحفظ أسراري، وكان يطلب مني أن أنزل عند مطبخ والدته لآخذ الطعام الذي ينقصني وهم لا يحترمونني، والأم دائما تضغط علي بكلام غير مباشر يجرحني إلى أن وصل الحال أن أمه وأخواته لا يقفون للسلام علي، ومنذ ذاك اليوم وأنا في شقتي في الدور الثالث، لا أكثر زيارتهم، ولكن زادت المشاكل، فأنا أمر عليهم كل يوم عند ذهابي لدوامي وألقي السلام ولكن لا أحد يرد علي لا الكبار ولا الصغار، بل وهم يتعمدون إهانتي يريدونني أرمي النفاية في الخارج مع العلم أنه يوجد خادمة في البيت تفعل ذلك، وأنا امرأة منتقبة ولكنهم يتعمدون إخراجي للشارع لرمي النفاية فعلتها مرة واحدة فقط، وتدخل زوجي بالرفض، والدة زوجي دائما إذا قمت بزيارتها تذكرني بالضغوط التي مررت بها مع زوجي في بداية زواجنا، وكأنها تقول أنا من قلت له يضغط عليك، صبرت ولكني كنت أتحاشى كثرة الجلوس معها.
وإذا كان زوجي موجودا تقول له بدأ العد التنازلي أي طلقها، دائما تأمره بطلاقي مع العلم أني لم أغلط بحقها، وذات مرة وأنا على الدرج في طريقي أريد ان أجلس معها سمعتها تشوه صورتي عند والد زوجي، وقالت عني كلمات بذيئة، وقامت بقذفي أي قذف المحصنات الغافلات، وقالت أني لا أضع البوشيه إذا رأيت أخا زوجي الأكبر وهذا كله بهتان، ولم ينكر والد زوجي الكلام مع علمه أن هذا لم يحدث أمام عينيه، وهم كلهم يعلمون أني لا افعل ولكنهم ظلموني وصبرت كما صبرت عندما زوجي في يوم من الأيام وأنا نائمة أتاني في دبري، وأنا كنت نائمة فلما أحسست استيقظت وأبعدته عني قام يضرب رأسه ويقول إنه لا يحس بنفسه وغيره، ولكني لم أقم بشيء إلا أني قمت بتهدئة روعه مثل أي امرأة عاقله وسامحته، وأنا والله يا شيخ من ذلك اليوم إلى الآن وأنا في بطني غازات، وذهبت إلى طبيبة وكشفت علي، وقالت ربما زوجك جرح القولون، وأعاني من انتفاخ البطن بالغازات، وعندما أدخل دورة المياه تأتيني عوارض كثيرة، وتغيرت عندي أشياء كثيرة، أنا تأذيت كثيرا بعد ذلك اليوم، ولكني سامحته يا شيخ، وتعبت نفسيتي بعد ذلك اليوم، وكرهت نفسي، وأحسست أني حيوان أكرمك الله، وقمت وأصبحت عصبية وكسرت الصحون وذهبت عند أهلي لم أشكوه عندهم، بل قلت أنا مجنونة كسرت الصحون، ولم اذكر لهم شيئا، لأنني لا أريد تشويه سمعته، وأيامها أمي كانت تتعالج بالخارج، وكان يتعمد إذا رآني غاضبة يذكرني بمرض أمي أستغل مرض أمي كي أسكت على حالي وسكت لأني ومن البداية لا أريد الطلاق صبرت على فقره وساعدته من راتبي وتحملت أقساط سيارته، وإذا صار معي نقود أشتري له أغلى الملابس وأغلى الساعات والبخور وأفضله علي، ومع ذلك ومع إساءات أهله وضرب أخته لي وتعديها علي ثم افتراؤها علي، بأني أنا التي ضربتها تبلت علي وظلمتني وإصرار أمه على تطليقي تركني ببيت أهلي إلا أن ذهب والدي لطلب ورقة الطلاق، أنا والله يا شيخ إني حافظه أسراره ودائما أمدحه عند أهلي وأزين صورته وحافظته بالغيب، لا أخرج إلا بعلمه، ولا أحد يعلم أي شيء صغير عن حياتنا، اعترف لي أن أهله من زوجه وهو غير مقتنع بفكرة الزواج، والآن يريد أن يطلق كأن بنات الناس لعبة. أرجوك يا شيخ أفتني؟ هل أنا أذنبت وما ذنبي؟ وما رأي الشرع بما فعله زوجي لي؟ وما رأي الشرع بما فعله أهل زوجي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوج أن يفشي أسرار زوجته لأي أحد حتى لوالديه لأن إفشاء السر خيانة للأمانة، وإذا ترتب عليه ضرر فهو حرام.
قال صاحب الإنصاف: قال في أسباب الهداية: يحرم إفشاء السر. وقال في الرعاية: يحرم إفشاء السر المضر. انتهى.
قال الغزالي في الإحياء: وإفشاء السر خيانة وهو حرام إذا كان فيه إضرار، ولؤم إن لم يكن فيه إضرار. انتهى
وأما إفشاء أسرار الفراش وما يكون بين الرجل وأهله فهذا حرام بلا خلاف، بل جاء في الحديث الصحيح تشبيه من يفعل هذا بالشيطان.
وما فعله زوجك من إتيان الدبر كبيرة من كبائر الذنوب التي توجب لعنة علام الغيوب، لكن طالما أنه تبرأ من فعله ونسب نفسه أثناء الفعل إلى الغفلة والسهو، فاقبلي منه ذلك، وكلي أمره إلى من يعلم السر وأخفى.
وأما ما يحدث من أهله من محاولات الإفساد بينك وبين زوجك فهذا حرام، وهذا عين التخبيب الذي قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. أخرجه أحمد واللفظ له والبزار وابن حبان في صحيحه.
وقد عده بعض العلماء من الكبائر جاء في كتاب: الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة السابعة والثامنة والخمسون بعد المائتين: تخبيب المرأة على زوجها: أي إفسادها عليه، والزوج على زوجته. انتهى
وما تطلبه أمه منه أن يطلقك منكر، وليس عليه أن يجيبها في ذلك، وعلى الأم أن تتقي الله، فواجبها أن تحافظ على أسرة ابنها لا أن تكون معول هدم لها، وكذا ما كان منها من اتهامك بالباطل.
فقد قال الله سبحانه: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب: 58}
قال ابن كثير: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا أي: ينسبون إليهم ما هم بُرَآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه، {فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} وهذا هو البهت البين أن يحكى أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لم يفعلوه، على سبيل العيب والتنقص لهم. انتهى
وكل ما قام به أهل زوجك من تعمد إهانتك وضربك من الظلم والعدوان، والعجب أن الظالم يسول له الشيطان أنه يشفي نفسه من خصمه، والحقيقة أنه لا يكسب من وراء ظلمه إلا الخيبة في الدنيا والآخرة. قال الله سبحانه " وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا {طه: 111}
وعدم رد السلام معصية ومخالفة لأمر الله سبحانه، فإن الله قد أوجب رد السلام فرضا، قال سبحانه: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا {النساء:86} وعليه فمن ترك رد السلام بلا عذر فهو آثم تارك لما أوجبه الله سبحانه.
قال النووي رحمه الله في المجموع: وأما جواب السلام فهو فرض بالإجماع. اهـ
ولكن لا ينبغي لك أن تغضبي من عدم قيامهم لك عند السلام، فقد ورد الوعيد الشديد لمن أحب أن يقوم له الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يتمثل له الناس قياما، فليتبوأ مقعده من النار. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما وصححه الألباني.
وقد كان الصحابة على ما هم عليه من حبهم لرسول الله وإجلاله وتعظيمه لا يقومون له إذا دخل لما يعلمون من كراهيته لذلك، فعن أنس قال: لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
ومع ظلمهم هذا وعدوانهم فإنا نوصيك بالصبر عليهم، والعفو عنهم. فمن عفا وأصلح فأجره على الله، ولا شك أن ما أنت فيه فتنة شديدة، وما قوبلت الفتن بمثل الصبر عليها واحتساب الأجر عند الله سبحانه.
فقد قال سبحانه: وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا {الفرقان: 20} .
يقول ابن القيم رحمه الله: فليس لمن قد فتن بفتنة دواء مثل الصبر، فإن صبر كانت الفتنة ممحصة له ومخلصة من الذنوب، كما يخلص الكير خبث الذهب والفضة، فالفتنة كير القلوب ومحك الإيمان، وبها يتبين الصادق من الكاذب. انتهى.
وتذكري دائما أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1430(13/6907)
سعى للإقامة بأسرته في بريطانيا فحدث ما لا يحمد عقباه
[السُّؤَالُ]
ـ[سأقوم بشرح قصتي باختصار وهي طويلة....أنا تعرفت على امرأة ظننت أنها امرأة تخاف الله لأن الظاهر كان كذلك وتزوجتها وأنجبت منها أربعة أطفال أكبرهم 8 سنوات وأصغرهم ستة أشهر. أنا تعرضت لخسارة كبيرة في مالي بسبب الأسهم وبسبب سوء التصرف في أمور أخرى والحمد لله. حلمت بمستقبل أفضل لأولادي ولزوجتي ولبيتي. أنا عانيت الكثير من هذي المرأة بسبب تدخل أهلها في كل أموري الصغيرة والكبيرة، وكنت أعلم أن زوجتي هي تقوم بإرسال الأخبار الخاصة وغير الخاصة إلى أهلها، ولكني كنت أتجاهل تصرفاتها، وكنت أعلم بأن أهلها كانوا يتدخلون من بعيد في أمور بيتي، ولكني كنت أتجاهلهم لأنهم لا يستطيعون أن يعملوا شيئا غير فتح باب جهنم عن طريق بنتهم. ومع هذا كنت صابرا ولم أنكسر لهم. في يوم من الأيام جاءني اتصال من أهلها حينما كانوا في بريطانيا لعلاج والدهم رحمه الله. وعرضوا علي الهجرة إلى بريطانيا وطلب اللجوء فيها وبالفعل وافقت وكل هذا من اجل مستقبل أفضل للأطفال. وعرضوا علي قصة يجب أن أقولها في طلب اللجوء، ولكن القصة كانت غريبة وغبية وحينما اعترضت على القصة أوهموني أنها كلام محام بريطاني وللأسف اكتشفت أنها من نسيج خيالهم وأنا في بريطانيا وأمام وزارة الداخلية. باختصار أهلها سافروا من بريطانيا وقرروا العودة إلى بريطانيا في تاريخ 28 /10 / 2007 ورفضت قضيتي سريعا بسبب القصة التي منحت منهم للأسف. تداركت الوضع ووضعت أنا خطة أخرى ولكن كان يجب أني أغادر بريطانيا وأترك زوجتي وأطفالي الثلاثة في بريطانيا، لكي أحمي خط العودة لهم إلى الخليج في حال رفضت القضية لهم، وكانت زوجتي حاملا في الشهر الثاني، وبعد الاتفاق مع زوجتي ومع أهلها على سفري ومع الاتفاق أيضا مع المحامي الذي وعدني بأنه سوف يقوم باستدعائي بفيزة عمل، وإذا كسبوا عائلتي الإقامة هم يستطيعون لم شملي.... وكل هذا كان أمام زوجتي وأهلها ويشهد الله على ذلك. وكان كلام أهلها أنهم سوف يأتون في تاريخ 28 / 10 / 2007 تحت أي ظرف لعلاج والدهم والجلوس مع أطفالي لأنه ليس لهم أحد. وبالفعل أنا سافرت في تاريخ 26 / 10 / 2007 وللأسف أهلها لم يستطيعوا أن يأتوا إلى بريطانيا مما وضع أطفالي وزوجتي في مأزق كبير. ودخلت زوجتي وزارة الداخلية، وقدمت على اللجوء الإنساني بعد أن غادرت أنا الأراضي البريطانية بالاتفاق معها ومع المحامية ومع أهلها والله شاهد وهو خير الشاهدين. منحوا عائلتي الإقامة بسبب الخطة التي أنا وضعتها وكانت هنا المفاجئة. أصبحت لا تريد عودتي خوفا على الإقامة من أن تسحب منها، وأيضا لأنها امرأة متسلطة تحب التملك بكل شيء أولا زوجتي تبشر أهلها بحصولها على الإقامة، وكأن أهلها هم الصابرون وهم المحرومون من الأطفال ... وثانيا أصبحت زوجتي عدائية ولا تتكلم إلا من طرف أنفها، وأصبحت تتكلم وكأنها هي المجاهدة الصابرة في أرض المعركة ومع هذا كنت صابرا جدا لأني أنا الشخص الخاسر كل حاجة. ولم تكتف إلى هذا الحد، بل تعدت حدود الله وأصبحت تمنعني عن مكالمة أطفالي وتنذرهم بأن لا يخبروني أي شي إلا بعلمها، ولا أعلم ما هو الشيء الذي يرعبها أن يخبروني أطفالي حتى حينما أسأل عن موعد الولادة كانت تقول لن أخبرك بذلك لأنك سوف تقول لأهلك، نسيت أيضا أن أطفالي يحملون اسمي واسم أهلي ولا يحملون اسم أهلها.. تكلمت مع أهلها وللأسف وكانت هنا البداية. تخبرني والدتها وإخوانها بأنهم لا يريدون أن يتدخلوا في أمورنا الشخصية وأن هذي الأمور عائلية يجب أن تحل بيني وبين زوجتي، ويا سبحان الله أصبحوا قمة في الأخلاق بعد ما خربوا البيت، وكان التوجيه يأتي إلى زوجتي من بيتهم الذي هو أشبه بالكنيست الإسرائيلي في اتخاذ القرار في بيتي. ولم تغامر زوجتي بلم شملي بأطفالي مثل ما أنا غامرت بأن يكون لهم مستقبل أفضل ... وأصبحت تقفل خطوط التلفون في وجهي، وأصبحت تخرج من المنزل وتسافر في أي مكان في بريطانيا بدون علمي ... بل كان يأتي لها الأوامر من منزل والدتها وإخوانها المنزوعين الغيرة. أنا أنذرتها وحذرتها بأني أنا زوجها وأني أنا أبو أطفالها وأنا سندها وأنا من سيدخلها الجنة إذا كنت راضيا عنها. وللعلم أنا من أدخلها بيت الله مكة المكرمة لأنها هي تعيش خارج السعودية. وكل هذا نسي بعد أن حصلت على الإقامة والمنزل والمصروف. حتى أصبحت تقول أنا هنا لأجل الأطفال وهي كاذبة. وطبعا أنا أعلم بأن والدتها وإخوانها هم حذروها من العودة إلي لأن مستقبلها ومستقبل الأطفال أفضل في بريطانيا، وكأنهم هم المسؤولون في بيتي أمام الله في تربيه أطفالي. وكذلك حينما تشتد المشاكل بيننا تقول سوف أقوم بتطليق نفسي منك في المحكمة، والسبب أنك هاجرنا ولم تصرف علينا. وكأنها نسيت أني أنا لم أهجرها ولكن هي التي هجرتني ومنعتني من الدخول إلى بريطانيا ورفضت العودة والانصياع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من حق أهل الزوجة أن يتدخلوا في حياتها الزوجية، ويفسدوا بينها وبين زوجها، ويعتدوا على حق الزوج في القوامة، لكن ذلك لا يسوغ لك أن تلقي باللائمة عليهم وحدهم فيما حدث لك، فإنك قد أخطأت وجنيت على نفسك، بالسعي للإقامة في بلاد الكفر، زاعماً أنك ترجو لأولادك مستقبلاً أفضل، وأي مستقبل للأولاد تنتظره إذا تربوا في بلاد الكفر، التي تعج بألوان المفاسد والفتن، ولا سيما وقد أصبحوا بعيداً عن رقابتك، ومع أم يظهر مما ذكرته أنها لا تقيم حدود الله؟
فالذي ننصحك به أن ترجع إلى الله وتستعين به، وتذكر زوجتك بما أوجب الله عليها من طاعة الزوج في المعروف، وتخوفها عاقبة عصيان زوجها، وتسعى بكل طريق لإرجاعها وأولادها إلى بلدك المسلم، ولو كان ذلك على حساب مستواهم المعيشي، فإن سلامة الدين يجب أن تقدم على كل شيء، واعلم أن الرزق بيد الله يبسطه ويقدره لعباده بحكمة بالغة، قال تعالى: اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {العنكبوت62}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1430(13/6908)
شاركت زوجها في شقة فأعطاها ما دفعت تكرما
[السُّؤَالُ]
ـ[تحية طيبة أنا من قراء الموقع الجميل وبفضله استفدنا الكثير منه وفقكم الله.
أنا سيدة متزوجة والحمد لله أنعم الله علي بالزوج المتدين والكريم (الله أكرم) اشترينا سكنا جميلا ولله الحمد الزوج أعطاه البنك قرضا يسدده الآن شهريا أنا بعت كل المجوهرات بما فيهم الصداق يعني مهري وهذا لإتمام المبلغ المطلوب للسكن بعد ترميمه إلخ: سؤالي هل أواصل في أخذ المبلغ الذي يعطيه لي زوجي شهريا وهذا لأشتري وأعوض الذهب الذي بعته من أجل السكن أم لا يجوز لي ذلك بما أن السكن مكتوب باسمي واسمه ونحن الاثنان عائشان فيه مع العلم فزوجي هو الذي يقوم بمصاريف البيت كليا حتى فواتير الماء الغاز الهاتف والكهرباء هو الذي يسددهم أنا لم أساعده بشيء ومع هذا يعطيني شهريا مبلغا لأجمعه وأشتري ذهبي الذي بعته على المنزل، ساعدوني هل يجوز فكرت وقلت في نفسي لا بما أنه هو الذي يقوم بكل لوازم البيت.
أرجوكم أن تردوا علي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن واجب الزوج على زوجته أن يوفر لها المسكن المناسب وأن ينفق عليها بالمعروف، لقول الله تعالى في حق المطلقات: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ {الطلاق: 6} وقوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ. {الطلاق: 7} .
ولا تطالب المرأة بالإنفاق على البيت ولو كانت غنية، إلا أن تتبرع بذلك عن طيب نفس.
أما عن سؤالك، فإن كان ما أعطيتيه لزوجك بقدر نصيبك من البيت فإنه بحيث تكون لك حصة تملكينها من البيت فإنه لا يجب عليه أن يرده إليك، ولكنه على كل حال إذا تبرع بدفع ما أخذه منك أو بأكثر منه أو أقل، فهو محسن بذلك، ولا حرج عليك في قبوله، ولا أثر لكونه ينفق على البيت فإن ذلك واجب عليه.
وننبه السائلة إلى أن القرض إذا كان يرد بزيادة مشروطة في العقد، فهو ربا وهو من أكبر الكبائر، ومن السبع الموبقات، ويستحق صاحبه اللعن، بل توعده الله بالحرب، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة: 278: 279} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1430(13/6909)
التجسس على الزوجة إذا فعلت ما يريب ومواجهتها بذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج ولي طفلتان، منذ حوالي ثمانية أعوام، ونعيش عيشة كريمة والحمد لله زوجتي تعمل بوظيفة حولها زملاء بالعمل لنا بهم علاقة جيدة،لاحظت منذ فترة وجيزة توطد علاقتها بهؤلاء الزملاء ورغبتها الدائمة في ارتباطنا بهم في حياتنا ولقاءاتنا، وفوجئت ذات يوم بالصدفة إرسالها بعض الرسائل لأحد زملائها عن طريق هاتفها المحمول والتي لا يليق بامرأة متزوجة إرسال مثل تلك الرسائل لرجل أجنبي، هذا بالإضافة إلى بعض التصرفات المثيرة للشك، وإصرارها الدائم على التواجد والارتباط بتلك المجموعة، ولقد قرأت في بعض الفتاوى أنه لا يصح التجسس على الزوجة، فأنا في حيرة من أمري. كيف لي أن أتحقق من تلك المسألة؟ وهل يوجد علاقة بينها وبين ذلك الرجل أم لا؟ وهل أواجهها بما اكتشفته، وما أراه من تصرفاتها المريبة؟ أم أصبر حتى أتيقن من ذلك؟ وما حكم الشرع إذا ثبت وجود علاقة فعلا؟ أفيدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعمل المرأة إذا كان يشتمل على اختلاط بالرجال بالصورة التي ذكرت، فهو غير جائز، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 37294.
وما ذكرته من لقاءات مختلطة مع هؤلاء الرجال فهو غير جائز، وراجع الفتوى رقم: 3539.
فما حدث من زوجتك هو نتيجة تهاونك في هذا الأمر، فإن من واجب الرجل على زوجته، ومن حق القوامة أن يجنبها الاختلاط الذي يؤدي إلى الفتنة ولا تؤمن معه الريبة، وأما عن حكم تجسسك على زوجتك، فالأصل أن التجسس حرام، لكن يجوز في حالات، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 15454، والفتوى: 17659. والفتوى: 60127.
ففي مثل حالتك يجوز لك التجسس لمنع ما يمكن أن يحدث من مفسدة، وينبغي أن تواجه زوجتك بما تراه من تصرفات مريبة، وعليك بمنعها من هذا العمل الذي يعرضها للفتن، ولا تنتظر حتى يحدث مالا يحمد عقباه، وإذا كان هناك حاجة لعملها، فيمكنكم البحث عن عمل لا يشتمل على تلك المفاسد، وعليك بالحرص على إقامة حدود الله في بيتك، وتقوية صلتك بربك، وتعليم زوجتك ما يلزم من أمور دينها، وأن تتعاونا على طاعة الله، وتجتنبا المعاصي الظاهرة والباطنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1430(13/6910)
التصرف في مال الزوج دون إذنه.. المباح والمحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعمل بايطاليا فهو مدخر مبلغا من المال وأعطينا هذا المبلغ لأناس تعمل بالتجارة وهم يعطوننا أرباحا ليست كأرباح البنوك حتى تكون حلالا وهم أحيانا يعطوننا أرباحا كثيرة وأنا لا أخبر زوجي بالأرباح كلها ولكن جزء منها لأني أريد أن أشتري شقة لأمي تعيش فيها ولكن لا أريد أن أقول لزوجي ذلك وعندنا بنت وولد وأريد أن أكتبها باسم الأولاد فهل يجوز لي ذلك وأبي بخيل جدا وتعبنا كلنا حتى أمي تريد أن تزوج أخواتي البنات وتترك منزله وكلنا لا نريد العيش معه وكلنا 4بنات وأريد أن أشتري هذه الشقة كي تعيش بها أمي وأي واحدة منا أنا وأخواتي لا قدر الله لم توفق في حياتها الزوجية تعيش بها، وفي نفس الوقت سأكتبها لأولادي لأنها بفلوس أبيهم وأقول لزوجي أنها حق أمي وهي كتبتها لأولادي، فهل يجوز ذلك أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تسألين عنه من شراء هذه الشقة لأمك من مال زوجك بدون علمه حرام لا يجوز وهو من الخيانة للزوج, وأكل أمواله بالباطل والزور, إذ أن زوجك قد ائتمنك على هذا المال فلا يجوز لك أن تتصرفي فيه إلا بعلمه وإذنه حتى ولو كان هذا التصرف على وجه البر والصدقة, خصوصا في مثل هذه الأشياء عظيمة القيمة, فقد روى أبو داود والنسائي عن عبد لله بن عمرو قوله صلى الله عليه وسلم: لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها. وروى الترمذي من حديث أبي أمامة الباهلي في خطبة الوداع: لا تنفق امرأة شيئاً من بيت زوجها إلا بإذن زوجها.
ويستثنى من ذلك الشيء اليسير الذي جرت العادة بالتسامح فيه إذا كان معها إذن عام من الزوج قبل ذلك، فهذا إن تصدقت المرأة به دون إذن من زوجها، كان لها نصف الأجر، ولزوجها النصف الآخر؛ كما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه، وما أنفقت من كسبه من غير أمره فإن نصف أجره له.
يقول النووي رحمه الله: وأما قوله صلى الله عليه وسلم: وما أنفقت من كسبه من غير أمره فإن نصف أجره له.. فمعناه: من غير أمره الصريح في ذلك القدر المعين , ويكون معها إذن عام سابق متناول لهذا القدر وغيره، وذلك الإذن الذي قد أولناه سابقا إما بالصريح وإما بالعرف، ولا بد من هذا التأويل؛ لأنه صلى الله عليه وسلم جعل الأجر مناصفة، وفي رواية أبي داود (فلها نصف أجره) ، ومعلوم أنها إذا أنفقت من غير إذن صريح ولا معروف من العرف فلا أجر لها، بل عليها وزر، فتعين تأويله.
واعلم أن هذا كله مفروض في قدر يسير يعلم رضا المالك به في العادة، فإن زاد على المتعارف لم يجز، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة، فأشار صلى الله عليه وسلم إلى أنه قدر يعلم رضا الزوج به في العادة، ونبه بالطعام أيضا على ذلك؛ لأنه يسمح به في العادة بخلاف الدراهم والدنانير في حق أكثر الناس، وفي كثير من الأحوال.
واعلم أن المراد بنفقة المرأة والعبد والخازن النفقة على عيال صاحب المال وغلمانه ومصالحه وقاصديه من ضيف وابن سبيل ونحوهما، وكذلك صدقتهم المأذون فيها بالصريح أو العرف. والله أعلم. انتهى.
وقولك: إنك ستكتبين هذه الشقة باسم الأولاد لا يغير من الأمر شيئا, ولا يجعل الحرام حلالا, فهذه الشقة ليست ملكا للأولاد وإنما هي ملك لأبيهم.
والخلاصة أنه يحرم عليك هذا التصرف؛ بل ويحرم عليك كل تصرف في مال زوجك دون إذن منه, فعليك أن تتقي الله سبحانه وأن تخافي بطشه وعقابه في الدنيا ويوم تبلى السرائر, ويجب عليك حتما أن تخبريه بكل الأرباح التي تأتي من تجارته فلا تخفي عليه من ذلك شيئا, وما أخذتيه منها يجب عليك رده فوراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1430(13/6911)
هل ترجع لزوجها مع كونه قليل الصلاة ويشرب الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان هناك رجل يشرب الخمر ويتحادث مع نساء غريبات في التلفون أو الإيميل وقليل الصلاة أو إذا صح التعبير غير ملتزم بالصلاة، ومتزوج منذُ أكثر من عام ولدية طفلة مع الأسف في الشهر التاسع من العمر وزوجته متدينة، واكتشفت هذه الرذائل بعد زواجها، فحرصت بحكم تربيتها الفاضلة أن تحفظ زوجها فصبرت وأخفت هذه المآسي دون اطلاع أحد من أسرتها أو أسرته محاولةً بذلك معالجة الأمر مع زوجها للإقلاع عنها والعودة إلى الله، واختيار طريق الفضيلة والتقوى، لكن دون جدوى سوى الوعود فقط مع الاستمرار بالخلافات الدائمة والإهانات، ومنعها من الذهاب إلى أهلها إلا فيما ندر تحت مبرر أن الشرع لا يجبره على ذلك ... الخ وأخيراً بعد أحد المواقف الأخيرة فإن هذه الزوجة الآن في بيت أبيها ... والآن أهل الزوج على الرغم من علمهم بكل شيء إلا أنهم وابنهم يراجعون والدها للعودة وبكل غطرسة وتعال.. والمطلوب منكم جزاكم الله خيراً إفتاءنا بما يلزم التصرف به، وبما يتماشى مع الشرع ولا يغضب الله. هل يجوز إعادتها ومنحه فرصه أخرى، وإن كان الأمل فيه ضعيفا، لكن يظل العلم في الأخير عند الله. أو يتم الفصل في الموضوع بالانفصال. أرجو سرعة الرد شاكرين لكم سلفاً ما ستفتوننا به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الزوج برغم ركوبه للمعاصي والموبقات والتي أعظمها ترك الصلاة وشرب الخمر إلا أن عقدة النكاح لم تزل قائمة، وبالتالي فإن طاعة زوجته له واجبة، وخروجها من بيته دون إذنه حرام لا يجوز، ويجب إعادتها إلى بيته، إلا إذا كان هناك ضرر يلحقها منه من أذى في الدين أو النفس، فلها حينئذ عدم العودة إلى بيته تخلصا من ضرره وأذاه على ما هو مبين في الفتوى رقم: 43646.
وعليه، فإن كان خروجها من بيته لدفع الضرر فإن الذي ننصحكم به أن تعرضوا أمركم على بعض أهل العلم والخير والوجاهة ليتحدثوا مع هذا الزوج ويأخذوا منه الضمانات اللازمة لعدم الإضرار بها، فإن أعطى ضماناته وعهوده ووعد بالتوبة والاستقامة فلا حرج عليكم إن أنتم رددتم إليه زوجته لتنظروا حاله بعد ذلك. أما إن رفض ذلك أو غلب على ظنكم أنه لن يترك سيرته الأولى، فننصح زوجته حينئذ بطلب الطلاق منه لأنه لا خير في البقاء مع زوج بهذه الصفات.
أما بخصوص ما يفعله من المنكرات والفواحش وقد نصحت زوجته له لترده عن غيه فلم يجد ذلك شيئا، وأصر على ما هو عليه، فإن لها طلب الطلاق منه حينئذ، بل يستحب فإنه لا يحسن البقاء مع مثل هذا الرجل.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 27802، 5291، 16678، 43646.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1430(13/6912)
ماذا يفعل إذا لم يطق العيش مع امرأته
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي لا أطيق العيش معها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبغضك لزوجتك تجد الكلام مفصلا فيه في الفتوى رقم: 8429.
وعلى كل حال ننبهك إلى أن التفاهم بين الزوجين يحتاج أحيانا إلى الصبر وإلى التغافل عن بعض الأمور والنظر إلى الجوانب الطيبة في أخلاق الطرف الآخر وإلى معرفة الزوج لطبيعة المرأة وكيفية التعامل معها كما أرشد الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1430(13/6913)
موقف الزوج إذا رأى من زوجته ما يريب
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يعمل إذا الرجل أحس أن الزوجة تخونه وتقول اسما آخر غير اسمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز اتهام الزوجة أو غيرها بالفاحشة من غير بينة، فذلك من كبائر الذنوب، فقد شدد الشرع في أمر الأعراض، فحكم على القاذف بالجلد ووصفه بالفسق ورد شهادته، قال تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {النور:4} .
فإذا كان اتهام ذلك الرجل لزوجته بالخيانة ليس عن بينة، وإنما مجرد وساوس وأحاسيس، فذلك غير جائز، وليس مجرد ذكر الزوجة لاسم آخر دليلا على أنها تخون زوجها، فإن الأصل في المسلم السلامة، واعلم أن الشيطان يفرح بتلك الأمور ويسعى للإفساد بين الزوجين بمثل تلك الوساوس، وهو يجري من ابن آدم مجرى الدم، فيجب على من صدر منه شيء من هذه التهم أن يتوب من ذلك ويطرد تلك الوساوس عن نفسه.
وأما إذا كان يرى على زوجته ما يريب، وليس الأمر مجرد وساوس، فعليك أن تتيقن الأمر ولا يجوز لك السكوت على مثل ذلك، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 75457.
وعلى كل حال فإن الرجل عليه أن يقوم بواجبه في القوامة على زوجته، ويسد عليها أبواب الفتن، ويقيم حدود الله في بيته، ويتعاون مع زوجته على طاعة الله، وفي ذلك وقاية من الحرام وأمان من الفتن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1430(13/6914)
من عامل زوجته بالإهانة والانتقاص فقد فرط فيما أوجبه الله عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[لم يمض على زواجي سوى شهرين ونصف، ولكن سرعان ما اندلع كم هائل من المشاكل، والسبب هو عائلة خال زوجي الذين يسكنون بجواري، والذي أفقدني أعصابي أنه فضلهم علي، ولا يصدقني بالمرة، ويقلل من احترامي أمامهم.
حتى أنه عزلني عن أهله لأني قلت له بأني أريد تغيير المنزل والابتعاد عن مصدر المشاكل، وزوجي ليس من النوع التقي، فهو لا يحافظ على صلاته، ولا يلقي لي اهتماما، حتى أشعرني بالملل واليأس في بداية الطريق.
أنيروني جازاكم الله خيرا، كيف أتصرف مع هذا الزوج وأحمي حياتي الزوجية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الحديث في الفتاوى رقم: 1061 , 114228 , 44459.عن كيفية العلاقة بين المرأة وزوجها الذي لا يحافظ على الصلاة, وخلاصة الكلام أنه يجب على الزوجة أن تديم نصحه, وأن تذكره بعظم قدر الصلاة في الدين, وأن كثيرا من السلف قد ذهبوا إلى أن من ترك صلاة واحدة بلا عذر حتى خرج وقتها فقد كفر وفارق الإسلام والعياذ بالله , فإن استجاب وإلا فعليها طلب الطلاق منه ومفارقته.
وأما بخصوص أقارب زوجك الذين يسببون لك المتاعب والمشكلات, فلا ندري ما هي هذه المشكلات وما سببها, ولكن على أي حال نقول: الحياة الزوجية مبنية على الاستقلال والخصوصية نظرا لما فيها من طبيعة خاصة، فليس لأي أحد من أهل الزوج أو الزوجة أو غيره أن يتدخل في خصوصياتهما، ولا أن ينصب نفسه وصيا عليهما – طالما كانا بالغين راشدين – فإن هذا أوسع الأبواب للفساد, وأقصر الطرق لتفكك الأسر وذهابها, وهذا معلوم بالتجربة والمشاهدة, ولا يجوز لزوجك أن يفضل خاله وأسرته عليك تفضيلا يخل بحقوقك ويضيعها فأنت أولى به وأقرب إليه منهم, ولا يجوز له أن يهينك أمامهم فهذا لا يجوز فإن الشريعة أمرت الرجل أن يعاشر زوجته بالمعروف, وأوصت بالنساء خيرا، فمن عامل زوجته بالإهانة والانتقاص فقد فرط فيما أوجبه الله عليه, وارتكب الإثم والحرام.
أما بخصوص أقارب زوجك هؤلاء.. فإنا نوصيك بالصبر عليهم والتغاضي عن زلاتهم وهفواتهم، فهذا بلاء قد ابتليت به وعليك أن تصبري, وقد قال سبحانه: وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا {الفرقان: 20} .
ولكن إن ضاق بك الأمر واشتد إيذاؤهم لك وأصابك الضر بسببهم, فيمكنك حينئذ أن تعتزليهم وتقصري التعامل معهم على القدر الضروري الذي تتحقق به الصلة وتندفع به المشاكل, قال ابن عبد البر رحمه الله: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه. فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1430(13/6915)
نسيان ما سلف من الذنوب التي تابت منها الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أقص عليكم قصتي وأقسم بالله أن كل ما أقوله حقيقي تعرفت على فتاة في نت تقطن بكندا وأعجبتني أخلاقها وأفكارها وما أعجبني فيها أكثر أنها ترتدي الحجاب وقررت أن أتزوج بها وعندما أخبرتها بذلك اعترفت لي بشيء أنها ليست بالعذراء وإن سبق لها أن وقع لها حادث كان ذلك هو السبب في فقدانها بكارتها وقالت كذلك أنه سبق لها أن مرت بعدة تجارب فاشلة وبدوري تعاطفت معها ولا أخفيكم علما أنني تعلقت بها لدرجة الجنون أصبحت لا أقدر العيش من دونها وعندما جاءت إلى المغرب بلدي التقينا وخرجنا مع بعضنا البعض واختليت بها عدة مرات وكنت أنا الذي أجبرها على ذلك ثم بعد ذلك تزوجتها ولا أخفيكم أنها تفعل ما بوسعها لتلبية طلباتي وإسعادي، المشكل الذي أصبت به هو عدم الشعور بالراحة معها في الجماع أشعر حين التواجد بقربها بذهاب مخيلتي إلى أنها قد مرت بعدة تجارب أخرى وأنها تفكر في ذلك حتى أصبحت هذه الأفكار تخيم في عقلي أعرف أني فعلت أشياء حراما ولكن أنا نيتي الزواج بها.
أريد أن تقرؤوا رسالتي بشكل جيد وأن تنصحوني فيما أفعل واعتبار الجواب موجها إلى أحد أولادكم، وأرجو إخباري ما العمل أريد أن أصطلح مع الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد تزوجت هذه الفتاة زواجا مستوفيا شروط صحة الزواج، ومن أهمها الولي والشهود فقد أصبحت زوجة لك، وقد ذكرنا هذه الشروط بالفتوى رقم: 1766، وإن كانت هذه الفتاة على دين وخلق الآن فلا تلتفت إلى أي منكر قد حدث منها في ماضي أيامها قد تابت منه، ولا تدع مثل هذه الوساوس تسيطر على نفسك.
فعليك بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، فإن هذه الوساوس قد تقودك إلى الوقوع فيما لا يرضي الله تعالى من ظن السوء ونحو ذلك.
فننصحك بمعاشرة زوجتك بالمعروف، وأن تتعاونا معا على طاعة الله تعالى، وتجب عليكما التوبة مما وقع في الماضي من الخلوة أو المحادثات عبر الانترنت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1430(13/6916)
هل الشقة من حق المطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[المطلقة هل لها الشقة، أم لها ما ذكر في القائمة المتفق عليها ومؤخر الصداق المذكور في العقد؟
(حيث إن لها منه طفلا سنة 4.5 سنة واثنين 14،17 / والزوج يريد الشقة للزواج بأخرى ومستعد لدفع القائمة والمؤخر) وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب إنما هو دفع مؤخر الصداق وما اتفق عليه في القائمة، لكن يجب للمطلقة الرجعية أو الحامل ولو بائنا السكن مدة العدة أو الحمل، فإذا انقضت العدة أو وضعت البائن حملها جاز للرجل إخراجها من مسكنه، وعلى كل فالشقة ملك للزوج وليست من حق المطلقة إلا أن لها الحق في سكناها حتى تنقضي عدتها إن كانت رجعية أو حاملا.
وإذا كان الأولاد يبقون إلى جانبها وتتولى حضانتهم فيلزم الأب دفع نفقتهم وإسكانهم، لكن ذلك لا يعني أن للحاضن حق انتزاع الشقة من الأب، بل يسكن أبناءه في أي مسكن لائق، سواء أكان الشقة أم غيرها، والأولى وما ننصح به هو علاج تلك المشكلة بحكمة وتفاهم. وننبه هنا إلى أن حضانة الأولاد هي لأمهم وذلك في الصغير منهم، وأما أخواه اللذان بلغا سن التمييز فلهما الخيار بين الأب والأم، فأيهما اختارا كان له حضانتهما.
وللمزيد انظر الفتاوى رقم: 58937، 117142، 47605.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1430(13/6917)
موقف الزوجة إذا كان الزوج يشاهد الأفلام الخليعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم مساعدتي في هذه القضية أنا متزوجة منذ سنتين وعندي طفلتان أريد الحفاظ على زواجي بعد أن اكتشفت أن زوجي يكلم بعض الفتيات فقد اكتشفت ذلك من هاتفه ولا أريده أن يعلم بأني قد اكتشفت ذلك من تفتيشي المتواصل لجهازة حتى لا يفقد ثقته بي، وأريد أيضا حلا لمشكلته الثانية وهي مشاهدته للأفلام الخليعة وفتحة لمواقع جنسية فما الحل مع أني غير مقصرة معه من الناحية الجنسية فأنا متعلمة وأعرف الكثير عن الحياة الزوجية علما بأنه بدأ في مشاهدة الأفلام وهو في الغربة بعيدا عني، فأنا أريد أن أعيده إلى رشده أريد رسالة قوية ترشده إلى طريق الصواب فهو يخاف من رب العباد ولكن ضعف الوازع الديني لديه هو السبب، أرجو المساعدة فأنا أريد أن أساعده دون أن يعلم أني أعرف كل سوابقه علما بأني عرفت انه قبل الزواج كان يشاهد الأفلام ويكلم البنات فكيف أستطيع إلغاء هذا من حياته نهائيا وإلى الأبد، أرجو النصيحة فأنا أخاف الله وأريده أن يخاف أيضا، أنا أعرف رقم الفتيات أحيانا أفكر في الاتصال إليهن وتأديبهن ولكني أتراجع بسبب أنهن قد يكشفن مكالمتي لزوجي فيعرف أني قد تجاوزت حدودي، أريد حلا كل الخيوط أمامي ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلت من تفتيش جهاز زوجك بدون علمه لغير مسوغ، غير جائز،، قال تعالى: وَلَا تَجَسَّسُوا. فلا يجوز التجسس إلا في حالات مخصوصة كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم 15454، والفتوى 57410.
أما عن مشاهدة زوجك للأفلام الخليعة والمواقع الجنسية الماجنة، فذلك بلا شك محرم، ودليل على ضعف الدين وفساد الخلق، وقد سبق بيان حكم مشاهدة تلك الأفلام في الفتوى رقم: 3605، وبيان كيفية التخلص من ذلك في الفتوى رقم: 53400.
فالذي نوصيك به هو ترك الاتصال بهؤلاء الفتيات ما دام سيؤدي إلى مفسدة بينك وبين زوجك، وعليك بنصحه بالرفق وتذكيره بخطر مشاهدة تلك الأمور المحرمة، وإطلاعه على كلام أهل العلم الموثوقين في ذلك، وتشجيعه على حضور مجالس العلم، ومصاحبة الصالحين، واستماع الأشرطة النافعة للدعاة المصلحين.
وعليك أن تستعيني بالله وتكثري من الدعاء، مع التنبه إلى عدم التقصير في حق الزوج فإن حقه في الشرع عظيم، كما أن حسن التبعل له مما يعين على قبوله لنصحك، ورده إلى الصواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1430(13/6918)
زوجها يفرط في صلاة الجماعة ويكثر من الجدال
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي الحمد لله يصلي ويلبي كل ما نطلبه ويرضي والديه لكنه يصلي في البيت والمسجد يبعد عن البيت 200متر فقط وعندما أشدد عليه أن يذهب إلى المسجد تحدث بعض المناوشات وأشعر أنه سيصبح يكرهني من كثرة ما أشدد عليه فهل عملي صحيح معه وإذا كان خطأ كيف أتعامل معه، والمشكلة الثانية التي أعاني منها أنه كثير الجدال أبسط الأشياء لا تحتاج إلى جدال يجادل فيها وعندما أقول له عن الأمر أنه لا يحتاج إلى جدال يدرك ذلك ويبتسم أي أنه يعرف نفسه لكن كيف يغير هذه العادة وهي مذمومة؟
وسؤال آخر تمر أيام وأشهر وأشعر أن الحياة (روتين) فقط يأتي زوجي يلاعب ابنه الصغير ثم يذهب إلى النوم دون أن أشعر بأي نوع من العاطفة منه ولا كلمة جميلة حتى يقولها لي فأنا أشعر بالضجر من هذه الحياة فماذا أفعل، حيث إنني أحاول أن أجعل حيوية في البيت دون فائدة وهو يكبرني بـ 11سنة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصحيح من أقوال أهل العلم أن أداء الصلاة في المسجد مع الجماعة واجب على الرجال للأحاديث الصريحة والصحيحة الدالة على ذلك.. وعليه فمن صلى في بيته من غير عذر فقد عصى الله تعالى وأثم، والصلاة صحيحة على قول الجمهور، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 34242، والفتوى رقم: 1415.
وأما بخصوص نصيحتك له فأحرصي على أن تكون باللين والحكمة، فإن صار الأمر إلى إثارة المشكلات والخلافات بينكما عندها فاتركي نصيحته، فقد أديت ما عليك وحسابه على ربه ...
أما بخصوص ما عنده من جدل فذكريه بكراهة الجدال دون حاجة في الشرع فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً وبيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً وبيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه. رواه أبو داود وغيره وحسنه الألباني.
وفي البخاري ومسلم: إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم. والجدال في كل الأمور الصغيرة والكبيرة مضيعة للوقت ومذهبة للمروءة وهو من سفاسف الأمور التي يبغضها الله.
ففي الحديث الصحيح: إن الله تعالى جميل يحب الجمال ويحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها. صححه الألباني. وراجعي في الفتوى رقم: 66789 ثواب الإعراض عن الجدال والمراء.
وأما ما تجدينه من كآبة وفتور في البيت فننصحك بمراجعة استقامتكما على أمر الله تعالى، فإن الله سبحانه بحكمته وفضله قد جعل الرضا والفرح والسرور والنشاط والأنس وقرة العين في طاعته وامتثال أوامره، وجعل أضداد هذه من الهم والحزن والضيق والكآبة في التفريط في الطاعة وفعل المعصية، وقد قال سبحانه: لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا {النساء:123} ، وقد روى ابن حبان في صحيحه وصححه الألباني: إ ن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية: لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ.... وكل شيء عملناه جزينا به، فقال: غفر الله لك يا أبا بكر ألست تمرض ألست تحزن ألست يصيبك اللأواء، قال: فقلت: بلى، قال: هو ما تجزون به. ..
فدل هذا الحديث على أن ما يصيب المؤمن من هم وحزن وكآبة إنما هو بسبب ذنوب تقدمت منه وهذا من رحمة الله فإنه يكون كفارة لذنوبه، وأما بخصوص الأسباب المادية التي تخرج البيت من فتوره وخموله فننصحك أن تراجعي في هذا قسم الاستشارات في الشبكة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1430(13/6919)
التوبة من العلاقة المحرمة والتعاون مع الزوج على طاعة الله
[السُّؤَالُ]
ـ[لا أدري كيف أبدأ.. ولكني حقاً متعبة جداً، سوف أختصر سؤالي، لقد تم زواجي من ابن خالة والدتي وأبلغ من العمر الثامنة عشر، وكان زواجي عن طريق الأهل، وبعدها عشت معه ولكن للأسف زوجي لا يصلي دائماً ما كنت أنصحه ولكن دون جدوى طلبت من الأهل التدخل فنصحوه ولكن لم يتغير بل إنه دائماً ما يقول إن شاء الله سوف أصلي، وطلب الأهل مني السكوت عن هذا الموضوع ولكن أعاني كثيراً، أما بالنسبة لمعاملته لي فكانت جيدة ووفر لي كل ما أحتاجه، ولكني نفسياً متعبة جداً، ونحن متزوجان منذ ما يقارب التسع سنين وليس لي أطفال كانت والدتي تعمل من أجل سد تكاليف المعيشة ولكن بسبب مرضها أرغمتها بالجلوس في البيت والعمل نيابة عنها، فعملت في إحدى الشركات ومن خلال عملي بدأت أدخل مواقع الإنترنت وأجلب لزوجي أوراقا لحثه على الصلاة وعقوبة تارك الصلاة، إلى أن أدى إلى كثرة المشاكل بيني وبينه فطلبت منه الطلاق ولكنه أبى لأنه يحبني ولكن حبي له قد انتهى لأنه قطع علاقته بأهلي لسنة كاملة كما أنه ابتعد عني فترة طويلة، فدخلت في منتدى ومن خلاله تعرفت على شاب متدين وخلوق وذلك من خلال مشاهدتي وقرائتي لمواضيعه ومن هنا بدأ الشيطان غوايته لي فكنت أعتبره كأخ نظراً لأسلوبه وطريقة ردوده حيث إنه من نفس البلد الذي نقطنه، فمن المنتدى إلى البريد الخاص ومنها الى التكلم بالماسنجر، هكذا إلى أن تعلقت به فأحببته فأخذت أكلمه بالهاتف، وبعد ذلك طلب رؤيتي ولثقتي به وصفت له المكان الذي أعمل فيه، فأعجبت به وأعجب بي، ولكنه كان متزوجا ولديه أبناء، حيث كانت له وقفات معي عندما كنت أبكي فكان يواسيني باتصاله، أما زوجي فكان يخرج غاضبا ولا يكلمني كما أن معظم أوقاته يسهر مع أصدقائه ويتركني وحيدة خائفة، فطلب مني الزواج بعد ما انفصل عن زوجي، وهذا الشاب الذي تعلقت به فكان يكبرني بعشر سنين حيث إنني أبلغ من العمر 25 سنة وكان دائما ما يطلب مني قراءة القرآن وفي الحقيقة علمني الكثير من أمور العبادة فوصل حبي له لدرجة الجنون، هكذا وللأسف من شدة حبي له وقعت معه في الحرام دون حتى أن أعي حقا، والله لا أدري كيف أغواني الشيطان حتى نسيت نفسي، لا أبرئ نفسي ولكنني نادمة حقاً وتبت الى الله توبة نصوحا حتى أنني قطعت جميع اتصالاتي معه، واعترفت لزوجي فقط بمعرفتي لشاب آخر حيث لا أستطيع إخباره بالأمر لأنني أنا أيضا الآن في حالة لا يعلم بها غير رب العالمين ودائما ما أقول في نفسي ليست الحقيقة بل كنت أحلم ولم أكن أنا!!! كما أنني لم أخبر زوجي بما وقع مني لأنه اعترف بأنه لا يستطيع العيش بدوني ولكني الآن في ذهول من أمري ماذا أفعل، وإلى الآن لا يزال زوجي لا يصلي أما عن معاملته لي ولأهلي فقد تغيرت، أرجوكم ساعدوني هل أخبر زوجي بالحقيقة الكاملة أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أننا لم نعد بحاجة إلى التنبيه على أن التعارف عبر الشبكة العنكبوتية بين الرجال والنساء الأجانب غير جائز لما يترتب عليه من مفاسد وما يشتمل عليه من تعريض للفتن، وما يجره من بلاء إلى المجتمع، وخير مثال على ذلك هو ما ذكرته من خبر هذا الشاب الذي وصفته بالتدين والخلق والاستقامة ودعوتك إلى الخير وقراءة القرآن ... ولأنك لم تلتزمي حدود الله في هذا الأمر فقد أوقعك ذلك في خطأ كبير، وإثم عظيم وخصوصاً إذا كان قولك (وقعت معه في الحرام) تقصدين به فعل الفاحشة -والعياذ بالله- فإن الزنا من أكبر الكبائر وأفظع الفواحش، لا سيما إذا كانت المرأة متزوجة فإن إثمها أعظم وجريمتها أبشع، لكن من سعة رحمة الله وعظيم كرمه أنه من تاب توبة صادقة فإن الله يقبل توبته ويعفو عنه.
والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب والندم والعزم على عدم العود إلى الذنب، وتجنب كل ما يجر إلى الفتن، مع الإكثار من الأعمال الصالحة، ولا يلزمك أن تخبري زوجك بما حدث، بل يجب على الإنسان إذا وقع في شيء من الفواحش أن يستر على نفسه ولا يفضحها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:.. أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله. رواه مالك في الموطأ.
أما عن زوجك وتركه للصلاة فعليك أن تبذلي جهدك معه وتبيني له خطر تركه للصلاة، فإن استجاب فعليكما أن تتعاونا على طاعة الله وإقامة حدوده، وعليك أن تحذري أشد الحذر من مداخل الشيطان وخطواته، وأما إذا أصر على ترك الصلاة فلا نرى لك البقاء معه، وراجعي في حكم بقاء الزوجة مع زوجها التارك للصلاة الفتوى رقم: 5629.
ولعل الله يعوضك عنه زوجاً صالحاً يعينك على طاعة الله.. علماً بأن ما ذكرته عن ذلك الشاب المتزوج من الوقوع معك في الحرام ومن تخبيبك على زوجك يفيد بأنه فاسق وليس هو الزوج الصالح الذي ينبغي أن تبحثي عنه إذا حصلت على الطلاق من زوجك، اللهم إلا أن يتوب توبة صادقة من جميع ذلك فإن لك حينئذ وبعد الطلاق من زوجك أن تتزوجيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1430(13/6920)
لا يحق للزوج التسلط على راتب زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وزوجي مقيمان بدولة في الخليج وليس لدينا منزل في بلدنا، ولذلك نعمل معاً على تجميع المال لشراء المنزل، ولكن زوجي يريد الحصول على مرتبي كاملاً ولا يتبقي لي منه شيء، وأنا أرفض وأقول له إن راتبي سيبقى معي حتى تحتاجه لشراء المنزل سأعطيك إياه، وهو يرفض أيضا وقلت له أترك لي مصروفا خاصا بي وأعطيك الراتب ويرفض أيضا أن يعطيني مصروفا خاصا ليدي فهو يريد الراتب كاملاً ويهددني بالطلاق إن لم أفعل، علما بأني حكمت إخوته في الموضوع ولكنه لا يسمع لأحد، فكيف أتصرف معه علما بأنه سبق وطلقني طلقة، وكثيرا ما يهددني بالطلاق لأي سبب، وأنا أريد أن تكون لي نقودي الخاصة حماية منه ومن الزمن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن راتبك حق خالص لك ليس لزوجك أخذه، إلا ما طابت نفسك به منه، ويلزمه أن يؤدي إليك نفقتك ولو كنت غنية موسرة إلا أن تسقطيها عنه، ولا يلزمك مشاركته في بناء مسكنكما، لكن لا حرج في ذلك إن شئت على سبيل الهبة أو على سبيل المشاركة، ويكون المسكن بينكما بالسوية إن دفع كل منكما نصف تكلفته أو بحسب ما دفع.
وبناء عليه؛ فلا يجب عليك إجابة الزوج إلى طلبه بدفع جميع الراتب إليه ولو أدى ذلك إلى الطلاق، لكن لا بأس أن تساعديه بشيء من راتبك في شؤون البيت وعند إعساره لما في ذلك من جلب المودة والألفة..
وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 483، 36890، 42518، 104458.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1430(13/6921)
طلب الزوجة صلاة التراويح خلف زوجها السابق لحسن صوته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الشرع في زوجة تطلب من زوجها الذهاب للصلاة خلف زوجها السابق في صلاة التراويح؛ وذلك لحسن صوته. أليس في ذلك عدم مراعاة لزوجها، وذلك بداعي أن ذلك ليس حراما، وهي الآن تتهمه بالتشدد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعلوم أن الأفضل للمرأة أن تصلي في بيتها، لقوله صلى الله عليه وسلم: صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها. رواه أبو داود وغيره.
وفي مسند الإمام أحمد أن أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، قال: قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي.
فدل هذان الحديثان على أنه كلما كان المكان أستر للمرأة وأبعد عن اختلاطها بالرجال كانت الصلاة فيه أفضل بالنسبة لها.
ولكن إذا طلبت الصلاة في المسجد فلا ينبغي لزوجها أن يمنعها إذا تحققت الضوابط الشرعية في خروجها، وقد يبناها في الفتوى رقم: 35324، بل يستحب أن يأذن لها لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله. متفق عليه.
قال النووي في شرح المهذب: يستحب للزوج أن يأذن لها إذا استأذنته إلى المسجد للصلاة، إذا كانت عجوزاً لا تشتهى، وأمن المفسدة عليها وعلى غيرها للأحاديث المذكورة، فإن منعها لم يَحْرم عليه، هذا مذهبنا، قال البيهقي: وبه قال عامة العلماء، ويجاب عن حديث لا تمنعوا إماء الله مساجد الله بأنه نهي تنزيه، لأن حق الزوج في ملازمة المسكن واجب، فلا تتركه للفضيلة. انتهى.
وقال أيضاً في موضع آخر: وهذا النهي عن منعهن من الخروج محمول على كراهة التنزيه، إذا كانت ذات زوج أو سيد، ووجدت الشروط المذكورة.
وأما بخصوص هذا السؤال فالأصل هو حسن الظن بالمسلم وحمل أقواله وأفعاله على أحسن الأحوال، فعلى الزوج أن يحسن ظنه بزوجته، وألا يظن بها ما لا ينبغي. ولكن من ناحية أخرى فإن طلب الزوجة هذا طلب غير لائق، وفيه عدم مراعاة لشعور زوجها، وبناء على ما سبق من أقوال العلماء فلو منع الزوج زوجته هذه من الصلاة خلف زوجها السابق لغيرة أو خوف فتنة فلا حرج عليه؛ لأن المساجد سوى هذا المسجد كثير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1430(13/6922)
ظلمها ثم طلقها ويريد إرجاعها لأجل الأولاد دون أي حقوق لها
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم كثيراً على جهودكم التي ترجون بها وجه الله، مشكلتي أني كنت متزوجة من رجل وتحملت معه الكثير جداً وعانيت معه إلى أن رزقه الله المال الكثير ودون أن يعوضنى تزوج علي ولم يوفر لي حتى المسكن الآمن فأنا كل سنة في شقة والله يشهد أني تحملت منه كافة أنواع الإهانات وكذلك من زوجته كل ذلك من أجل أولادي ثم طلقني بعد 20 عاما من الزواج وكان من قبلها لا يتقي الله في وكان هجرني تماما حتى من الكلمة الطيبة وطلقني ولم يعطني أي شيء من حقوقي فأصبحت في الشارع بدون مأوى أو مال ولي منه ولدان في سن الشباب وبنت عمرها 14 عاما وهي الصغرى ولم يرض أن يطلقني رسميا حتى لا أتزوج وهو قالها لأولادي صراحة والآن هو يريد أن يردني كى يحافظ على أولاده من الضياع، ولكن دون أن يكون لي أي حق ولا يأتيني ولا يكون لي أي اتصال به فرفضت ذلك وقررت الزواج من رجل يخاف الله، ولكن المشكلة أن أولادي يحملوني الذنب لأن أباهم لا يريد أخذهم عنده وهم لا يريدون أن يكونوا معي ومع زوجي الجديد، رغم أن شرط الرجل الذي يريدني للزواج هو رعاية أولادى لوجه الله، وأنا أصبحت فى حيرة من أمري هل أرجع لزوجي الأول الظالم وأعيش مع أولادى أم أتزوج وأعيش حياتي وأترك أولادي، فأرجوكم انصحوني بما فيه خير الدنيا والآخرة؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت عدتك من الزوج الأول قد انتهت فإنا ننصحك بعدم الرجوع لهذا الزوج الظالم الباغي الذي ضيع حقوقك وأهانك ولم يحفظ أمر ربه فيك حيث قال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19} ، وليته بعد ذلك العدوان قد راجع نفسه فندم على فعله واستغفر لذنبه، وكان قصده من إرجاعك لذمته هو أن يتدارك ما فات فيعوضك إحساناً وبراً ومعروفاً بدل ظلمه وعدوانه، بل إنه رجع بنفسيته السابقة وهذا ما ظهر من اشتراطه ألا يصلك ولا يوفيك حقاً من حقوقك.
ولعلك إن تزوجت بهذا الرجل الذي تذكرين دينه وصلاحه أن يقر الله عينك به وأن يعوضك خيراً عما وقع عليك من ظلم وبغي من زوجك الأول، ولكن تنبهي إلى أنه لا يجوز له أن يتزوجك ولا أن يخطبك إلا بعد انتهاء عدتك، وليس لك أن تباشري عقد الزواج بل لا بد أن يباشره وليك..
أما بخصوص أولادك فقد صاروا كباراً وخرجوا عن سن الحضانة وقد ذكرت أنك ستضمينهم إليك في زواجك فليس لهم بعد ذلك أن يعترضوا على زواجك ولا أن يقفوا حجر عثرة دون تحقيق ذلك.
وفي النهاية ننبهك إلى أن هذا منا يجري مجرى النصيحة فقط، وإلا فلو أردت الرجوع لزوجك الأول والتنازل عن جميع حقوقك والصبر على ذلك فهذا لك ولا تمنعين منه، وكلامنا هذا كله مبني على أن العدة قد انتهت وفي هذه الحال إذا أردت الرجوع إليه فلا بد من عقد ومهر جديدين، وننصحك دائماً بالاستخارة في كل أمورك.
أما إذا لم تنته العدة فله إرجاعك بغير رضاك، فإذا تضررت من البقاء معه فلك رفع الأمر إلى القاضي ليجبره على الطلاق أو رفع الضرر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1430(13/6923)
تقاسم الزوجين تكاليف الزواج لا يخل ذلك بكرامة الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب مني أن نتقاسم دفع تكاليف الزواج؛ لأنني أعمل وهو لا يعمل ولا يملك شيئا، وأنا أحبه وأقترح عليه أن ننتظر حتى يفرج الله ويرزقه من فضله، هو في ملجأ للاجئين وينتظر حق الإقامة في أوروبا، فقلت له أنا لن أدفع شيئا، لأن ذلك من واجبه. فهل هذا رجل يخشى الله ويتقيه، أو هل يعتبر هذا من الكرامة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق المرأة على زوجها أن يقدم لها مهراً خالصاً لها، ولا مانع من أن تهبه له أو تهب له منه بعد ذلك ما شاءت بطيب نفس، قال تعالى: وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا {النساء:4} ، ولا مانع شرعاً من تقاسم الزوجين تكاليف الزواج بالتراضي بينهما، ولا يخل ذلك بكرامة الزوج، لكنه لا يجب على المرأة، والأولى للرجل ألا يقدم على الزواج حتى يستطيع مؤنته، قال تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ {النور:33} ، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 8899، والفتوى رقم: 98433.
وننبه السائلة إلى أن حكم الخاطب حكم الأجنبي عن الفتاة التي خطبها ما دام لم يعقد عليها، ويمكن مراجعة الفتوى رقم: 15127 الخاصة بحدود تعامل الخاطب مع خطيبته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1430(13/6924)
إعراض الزوج عمن يريد إفساد علاقته بزوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت منذ ستة أشهر بعد هذه المدة بعث لي أحد رسالة يشتمني ويقول إنه كان يعرف زوجتي وكانت له معها علاقات وله صور كثيرة معها وهو يقول عني إنني ليس لي شهامة ولا رجولة لأني تزوجت بامرأة كان يعرفها فأنا في حيرة في أمري، أريد منكم أيها السادة أن تنصحوني كيف أتعامل معه وكيف أعمل مع زوجتي؟ أرجوكم أفيدوني وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به ألا تلتفت لتلك الأقاويل، وأن تعرض عن هذا المفسد ولا تعيره اهتماماً، وإذا تكرر منه ذلك فازجره، وإن لم يرتدع فيمكنك رفع أمره للسلطات.
وأما عن زوجتك فما دامت مستقيمة، فلا يضرها ذلك، فإنه حتى على فرض صحة تلك الأقاويل فإنها إذا تابت واستقامت، فلا يلتفت إلى ما مضى، فإن التوبة تمحو ما قبلها، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ. رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
على أن الواجب إحسان الظن بالمسلمين، والأصل في المسلم السلامة.
واحذر أن تفتح باباً للشيطان ليفسد بينكما، فاستعن بالله وعاشر زوجتك بالمعروف، وتعاونا على طاعة الله وإقامة حدوده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1430(13/6925)
تريد الانتقام من زوجها وأهله لظلمه لها وقدحه فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت وأنا عمري 27 سنه كنت إنسانة محترمة جداً ومؤدبة جداً حتى أن إحدى جاراتنا قامت بتسمية مولودتها على اسمي حتى تصبح مثلي وكل جاراتنا بدون مبالغة كانوا يمدحون دائما أمي ويحسدونها على تربيتنا وأدبنا وفهمنا أنا وأخواتي، وتزوجت من إنسان راعيت فيه أنه يصلي ويصوم ومحترم لكنه كان وباء علي فقد اكتشفت أن شخصيته ضعيفة ويتصرف كأنه طفل كل ما يحدث بيني وبينه حتى أسرار العلاقة الزوجية يعرفون بها وفوق كل هذا يحرمني من أهلي ويتحكم بزيارتي لهم ويريدني أن أقعد عن العمل لكي يتحكم بي أكثر، باختصار شديد أكرهه وبعد كل الفضائح التي يفضحني إياها واتهامي بالكذب إذا لم يعجبه حديثي أمام أهله كلهم طلبت الطلاق أكثر من مرة ثم يأتي أهله ويرجعوني مع وعود كثيرة بأنه سوف يتغير ويحبني حتى أنه وصل به الأمر إلى أن يتهمني بشرفي أكثر من مرة،كل هذا أثر على نفسيتي كثيراً لدرجة أني أصبحت لا أتحدث مع أحد ولا أضحك ولا آكل وأثر ذلك على وضعي الصحي كثيراً فصبرت ولكنه بعد لم ينصلح حاله أصبحت أفكر في الانتقام منه ومن أهله لأنه أكلني لحما ويريد أن يرميني عظما، وصدقا لم أبق عنده سوى لأنتقم منه فهل الانتقام منه حرام بعد أن أساء لي ولأهلي ولشرفي ولكرامتي وكل حياتي معه بالغصب فهو يتلذذ بجرحي وحرماني من أهلي الذين ليس لي غيرهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت عن زوجك من صفات وأفعال إن كانت كذلك فهي تدل على سوء خلقه وضعف دينه، ومن الخطأ الكبير أن يتهمك في شرفك إذا لم يكن له دليل لذلك، علماً بأنه ليس لك أن تضحكي مع الرجال الأجانب وليس لك أن تتكلمي معهم إلا لحاجة وبشرط التقيد بضوابط الشرع، مع أن طلبه منك ترك العمل ليس ظلماً لك وإنما هو حقه ما لم تكوني قد اشترطت عليه في عقد الزواج الاستمرار في العمل، فلا يحق له حينئذ أن يمنعك منه.
أما عن سؤالك فإنه لا يجوز لك أن تبقي معه لغرض الانتقام منه أو من أهله، لأن جميع ما ذكرته -رغم أن البعض منه يعتبر ظلماً- لكنه ليس مجالاً للانتقام، فالانتقام لا يكون إلا فيما يجوز وبقاؤك لهذا الغرض يعتبر ظلماً لنفسك وليس فيه من فائدة، لكن ما دامت المرأة في عصمة زوجها فإن عليها أن تؤدي حق زوجها وقد شرع الخلع للمرأة إذا خافت ألا تؤدي حق زوجها لبغضها له، ولها أن ترفع أمرها للقاضي إن كان عليها ضرر بالبقاء ليكلف الزوج برفع الضرر أو بالطلاق.. لكن ما دامت المرأة في عصمة زوجها فإن عليها أن تؤدي حقه وتحسن عشرته، ومن المعلوم أن حق الزوج على المرأة عظيم.
والذي ننصحك به هو أن تتريثي وتراجعي نفسك وتصارحي زوجك بما ينفرك منه ليتجنبه، ولتعلمي أن التفاهم بين الزوجين يحتاج إلى الصبر وإلى التغافل عن بعض الأمور والنظر إلى الجوانب الطيبة في أخلاق الطرف الآخر.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر. رواه مسلم.
ولمعرفة وسائل إصلاح العلاقة بين الزوجين يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 35669..
فإذا لم يتغير زوجك فينبغي أن يتوسط بينكما حكم من أهلك وحكم من أهله، للإصلاح بينكما، فإذا لم تنفع وسائل الإصلاح مع زوجك، فيجوز لك طلب الخلع أو الطلاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1430(13/6926)
إساءة الظن بالزوجة من غير داع يفسد العلاقة الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي لا يثق بأحد حتى أنه اعترف لي بأنه لا يثق بي ويشك بي فما الحل؟ وهو بطبيعة الحال يعمل موظفا في المحكمة -كاتب- يكتب قضايا المسلمين ومشاكلهم المعاصرة فهل هذا هو السبب، وما الحل برأيكم كيف أعيش معه كرهت حياتي كثيرا فقد منعني من زيارات المعارف والأعراس بحجة وجود أشخاص سيئين هناك أرجوكم ساعدوني.
وبالمقابل هو إنسان طيب وأنا أحبه كثيرا ويخاف الله لا يحب مناقشتي أبدا في أي موضوع ودائما يردد أنا الرجل وكلمتي هي التي تنفذ وبرأيكم بيت جدي وبيت عمي بينهم مسافة قصيرة جدا فهو لا يسمح لي أن اذهب إليهم إلا بالسيارة وهذا يضايق أهلي كثيرا لعدم وجود الثقة وأحيانا يتحجج بأني أخاف عليكم من الحسد وأحيانا يقول إن هذا البيت فيه شخص غير سوي فلا تذهبي إليه علما أن أخته هي صديقتي فما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظن السيئ بالمسلم والشك في أخلاقه ومعاملته بالريبة غير جائز شرعاً، لقول الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ. {الحجرات:12} .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ...
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شراً وأنت تجد لها في الخير محملاً.
وقال ابن سيرين رحمه الله: إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذراً، فإن لم تجد فقل: لعل له عذراً لا أعرفه.
وهذا لا يعني أن لا يغار الزوج على زوجته, فالغيرة في موضعها ممدوحة وهي مظهر من مظاهر القيام بالدين، لما فيها من صيانة للأعراض، وحفظ للحرمات، وتعظيم لشعائر الله, وحفظ لحدوده، وهي مؤشر على قوة الإيمان ورسوخه في القلب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن يغار والله أشد غيرة. رواه البخاري ومسلم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتعجبون من غيرة سعد، لأنا أغير منه، والله أغير مني. رواه البخاري ومسلم.
ولكن إذا زادت الغيرة عن حدها كانت نقمة على الشخص وعلى من حوله، وحينئذ يخرج الأمر من نطاق المدح إلى نطاق الذم, ومن دائرة الخير إلى محيط الشر, ويصير هذا الأمر مما يبغضه الله جل وعلا, فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من الغيرة ما يحب الله ومنها ما يكره الله، فأما ما يحب فالغيرة في الريبة، وأما ما يكره فالغيرة في غير ريبة. صححه الألباني.
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم: أن يطرق الرجل أهله ليلا ً يتخونهم ويطلب عثراتهم. رواه مسلم.
والخلاصة أنه لا يجوز للرجل أن يسيء الظن بزوجته دون داع، وليس له أن يسرف في تقصي كل حركاتها وسكناتها؛ فإن ذلك يفسد العلاقة الزوجية ويقطع ما أمر الله به أن يوصل.
وما ذكرته أيتها السائلة من حال زوجك فهذا ولا شك خروج عن الحد وتجاوز للمشروع في أمر الغيرة, وهذا يوقع الزوجة في الحرج والضيق، وقد يكون من أسباب ذلك ما ذكرت من طبيعة عمله واطلاعه على المشكلات المعقدة التي دهمت بيوت المسلمين في هذه الأزمان - نسأل الله السلامة والعافية - ولذا فإن الحل في مثل هذه الحال أن تنصحي زوجك وأن تذكريه بخطورة الإفراط في الأمور عموما وفي الشك والظن خصوصا, وأن الإفراط عواقبه وخيمة مهلكة, وحاولي أن تمديه ببعض الأشرطة أو الكتيبات التي تتحدث عن الوسطية في الأمور وعن ذم الغلو والإفراط , وقد يكون من المفيد في مثل هذه الأحوال الذهاب إلى طبيب نفسي لأن هذا قد يكون من أعراض المرض المعروف بالوسواس القهري, وهذا له علاج يعرفه أهل التخصص والطب, وراجعي في قسم استشارات الشبكة الاستشارات رقم: 245347، 252822.
وننصحك بالصبر على زوجك وطاعته ما استطعت خصوصا مع ما ذكرت من كونه صاحب دين وخلق.
أما بالنسبة لمنعه لك من الذهاب إلى مكان بعينه فهذا يجب عليك طاعته فيه, طالما أنه لا يمنعك من زيارة أهلك وأرحامك. وراجعي الفتوى رقم: 110919.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1430(13/6927)
قاطعها زوجها لما عرفت بعلاقته بأجنبية عن طريق الهاتف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في زوج يعرف واحدة عن طريق الهاتف وأنا الزوجة أشتغل وأساعد في كل شيء أخاف ربنا فيه، لما عرف أني عرفت سبني وغضب علي، وإلى الآن لا يكلمني لا أعرف هل أنا هكذا مخطئة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التحدث مع المرأة الأجنبية لغير حاجة لا يجوز لما يترتب عليه من مفاسد وما يفتحه من شرور، وقد بينا حكم ذلك في الفتوى رقم: 21582.
والمرأة إذا تيقنت أن لزوجها علاقة غير شرعية مع امرأة أجنبية سواء عبر الهاتف أو غيره، فإنه يجب عليها أن تنصحه بلطف وتودد وتخوفه من الله تعالى وعقابه الآجل والعاجل، وتذكره بأن المعاصي سبب الفشل والخسران والحرمان في الدنيا والآخرة.
فإن كنت قد قمت بواجبك من النصيحة تجاهه فإنك لم تخطئي.. وما كان من زوجك وهجرانه لك فهذا غير جائز فقد جاء في الحديث الصحيح النهي عن هجران المسلم فوق ثلاث، فاجتهدي في إزالة هذه الحواجز وأعلميه أنك لم تغضبي مما حدث إلا لحبك له وحرصك عليه.
وكذا ما كان منه من سب لك فهو غير جائز لأن سباب المسلم فسوق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. متفق عليه..
ونذكرك بالمحافظة على حقوق زوجك عليك من الاعتناء به والتزين له، فإن كثيراً من الأزواج إنما يكون سبب انحرافهم هو تقصير زوجاتهم.. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 4489، والفتوى رقم: 21582.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1430(13/6928)
موقف الزوج إذا اكتشف أن زوجته تطلع على صور خليعة
[السُّؤَالُ]
ـ[اكتشفت بالصدفة أن زوجتي تشاهد الصور والأفلام الفاضحة عل النت فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا خلاف في حرمة رؤية الصور الإباحية والأفلام الخليعة، وذلك لما فيها من فساد للأخلاق وإشاعة للفاحشة التي حرم الله تعالى.
قال جل وعلا: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ {النور:19} .
كما أن تلك الصور من الأمور التي أوجب الله على المؤمنين والمؤمنات أن يغضوا أبصارهم عنها، قال سبحانه وتعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ، وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ {النور: 30- 31} .
فالواجب عليك هو أن تنصح لزوجتك وأن تعلمها بحرمة مشاهدة هذه الصور، ثم عليك أن تبحث عن الأسباب التي دعتها لهذا الفعل، فإن هذا الفعل ولا شك ناتج عن خواء إيماني كبير فإن القلب المشغول بالله العامر بذكره لا يمكن أن يقرب هذه المنكرات، فراجع نفسك في قوامتك على زوجك ورعايتك لها، فقد أمرك الله سبحانه بتأديبها وتقويمها وتعليمها فقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6} .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع ومسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسؤولة عن رعيتها.. . متفق عليه.
فزوجتك من رعيتك وهي أمانة عندك وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من تضييع الأمانة فقال: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه مسلم.
ثم ننصحك أن تعمل على غرس امرأتك في بيئة صالحة من أزواج أصدقائك وجيرانك الصالحات القانتات لكي يعينوها على طاعة ربها ويأخذوا بأيديها إلى القيام بأوامره وترك نواهيه.
ثم راجع نفسك بعد ذلك فيما يخص أمور الفراش والمعاشرة فلعل تقصيرك في ذلك هو الذي دفع زوجتك للولوج إلى مشاهدة هذه الفواحش.
وفي النهاية أكثر من الدعاء لها بالهداية والحفظ من شياطين الإنس والجن فرب دعوة واحدة صالحة تفتح لها أبواب السماء يغير الله بها الأحوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1430(13/6929)
الزوجة تعامل بحالها لا بما مضى من ذنوب تابت منها
[السُّؤَالُ]
ـ[اكتشفت أن زوجتي ارتكبت فاحشة مع شخص آخر قبل خطوبتنا وأنا كنت على علم بالعلاقة وسألتها كثيراً قبل الزواج لكنها اعترفت لي مؤخراً ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت حين سألت زوجتك أن تخبرك عن ماضيها السيئ، فذلك أمر مخالف للشرع كما أنها لا يجب عليها أن تخبرك بذلك، وقد أخطأت حين أخبرتك فقد أمر الشرع من اقترف ذنباً أن يستر على نفسه ولا يفضحها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله.. رواه مالك في الموطأ.
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل أمتى معافى إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه. رواه البخاري ومسلم.
كما أن الإنسان يعتبر بحاله لا بما مضى، فمن المعلوم في الشرع أن التوبة تمحو ما قبلها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التأئب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
فإذا كانت زوجتك في الحال مستقيمة، فلا تلتفت إلى ما مضى، ولا تعد إلى سؤالها عن مثل ذلك، وعليك بالستر عليها، حتى يسترك الله يوم القيامة، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:.. من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1430(13/6930)
زوجها حين يغضب يضربها وأحيانا يحاول أن يخنقها
[السُّؤَالُ]
ـ[حدثت بيني وبين زوجي مشاكل كثيرة لأسباب عديدة كان منها أنه كذب علي قبل الخطوبة في سبب وفاة والده واكتشفت بعد الزواج أن والده كان يعمل عميلاً للعدو الإسرائيلي مما أدى إلى حدوث مشاكل كثيرة تصل إلى الضرب المبرح.. كما أنني من معاشرتي لزوجي اكتشفت أنه يعاني من مشكلة نفسية وأنه يثور ويغضب ويصبح كالثور الهائج لأتفه الأسباب ويضربني مما يصيبني بالكدمات والردود كما أنه حاول عدة مرات خنقي ... وعندما يهدأ ينسى ما فعل وكأن شيئا لم يكن ويتهمني بأنني فعلت بنفسي ما سببه لي من آثار وأنني أنا جرحت نفسي وحرقت نفسي وهكذا ... حاولت أن أصبر عليه وأتفاهم مع من يثق بهم ويستمع إليهم من أهل الشورى والنصيحة ... ولكن لا فائدة لأنه عندما يغضب يخرج عن السيطرة ... مما أدى إلى خروجي من بيتي بدون إذن مع نية عدم الرجوع.. فهل علي إثم في ذلك، وعندما خرجت لم آخذ معي سوى القليل من ملابسي ... وعندما طالبت بإحضار أغراضي وحاجياتي الخاصة ومصاغي الذي هو من مهري رفض إعطائي إياه وقال إنه ليس لي عندهم شيء فهل يجوز له ذلك.. وقد طلبت الطلاق ولكنه رفض ذلك وقال إنه سيذرني كالمعلقة.. مع العلم بأنه تزوج مرة أخرى وتحت نفس الظروف من الكذب ... فهل يحق لي رفع قضية طلاق مع العلم أنني صار لي 6 شهور عند أهلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في كتمان زوجك عنك سبب وفاة والده مسوغ للشقاق بينكما، كما أن مجرد كون والده كان عميلاً للعدو -رغم شناعة ذلك- لا يعيب زوجك، فالقاعدة في الشرع أنه لا يؤخذ أحد بجريرة أحد، أما عن سلوك زوجك معك وضربه لك ضرباً مبرحاً، فهو بلا شك ظلم وسوء عشرة، وإذا كان ذلك بسبب معاناته من مشاكل نفسية فقد كان عليه أن يسلك الطرق المشروعة للعلاج منها.
أما خروجك من بيته بغير إذنه فهو غير جائز، وتأثمين بذلك، إلا أن تكوني قد خرجت لعذر قهري، كما لو كنت خرجت للفرار من ضرر سيلحقك كضربه وخنقه لك ونحو ذلك، فلا حرج عليك حينئذ، أما عن امتناع زوجك من إعطائك حاجياتك الخاصة، فلا يجوز له ذلك، لكن إذا كان الزوج قد وقع على ما يعرف بقائمة المنقولات، فما يدخل في تلك القائمة يجوز له أن يمتنع عن إعطائه حتى يأخذ وثيقة بذلك، حتى تسقط المطالبة به عند النزاع، وأما قوله لك إنه سيذرك كالمعلقة فهو غير جائز لقوله تعالى: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة:229} ، وقال تعالى: فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ {النساء:129} .
وأما مجرد زواجه من ثانية فليس مسوغاً لك لطلب الطلاق، أما طلب الطلاق لما يلحقك من ضرر من سوء عشرته وضربه المبرح فهو جائز، والذي نوصي به هو أن يتوسط بينكما حكم من أهلك وحكم من أهله للإصلاح بينكما، وفعل ما يريان من المصلحة في المعاشرة بالمعروف أو الطلاق في حال تعذر الإصلاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1430(13/6931)
حكم التقصير في النفقة والشك في الزوجة بلا برهان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ 6 سنوات ولم أنجب أطفالا والمشكلة مشتركة، زوجي كثير البخل لا يشتري لي ملابس وغير ذلك من حلي وروائح أو أي شيء آخر حتى في العلاج للإنجاب، ولا يعاملني جيدا ودائم الشك بأن لي حبيبا آخر وأتكلم معه، لقد صبرت 6 سنوات أقر بأنه تغير قليلا ولكني أريد أن أعيش وألبس وأخرج، ماذا أفعل؟ هل أطلب الطلاق أم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 113285، ماهية وحدود النفقة الواجبة للزوجة على زوجها من ملبس ومسكن ومطعم ومشرب فراجعيها، فإن وجدت زوجك قد أخل بشيء مما فيها فهو خاطئ في تضييعه لهذه الحقوق ولك أن تطالبيه بالنفقة الواجبة عليه بل ولك أن تأخذي ما يكفيك من ماله بدون علمه إذا أمكنك, وإن لم يكن كذلك فلا لوم عليه، ولا يجوز أن تأخذي شيئا من ماله إلا بإذنه كما لا يجوز لك الخروج مطلقا إلا بإذنه ما لم تكن هناك ضرورة ملجئة للخروج.
وأما شك زوجك في علاقتك برجل آخر ورميه للكلام هكذا دون حجة ولا برهان فهذا حرام، وهو من البهتان الذي نهى الله عنه ونهى عنه رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
قال سبحانه: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب: 58} .
قال ابن كثير: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا أي: ينسبون إليهم ما هم بُرَآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه، فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا، وهذا هو البهت البين أن يحكى أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لم يفعلوه، على سبيل العيب والتنقص لهم. انتهى.
أما علاج الزوج لزوجته من العقم خاصة فالظاهر أنه لا يجب عليه ذلك، ولكن يندب له أن يفعل ذلك لأن هذا من باب حسن العشرة التي أمره الله بها.
أما ما تذكرين من رغبتك في الخروج من البيت فراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 63226، 20363، 25737.
وأما بخصوص طلب الطلاق فلا ننصحك بالتعجل به، خصوصا مع ما ذكرت من كونه قد تغيرت أحواله بعض الشيء إلى الأفضل، ولعل الله أن يتم عليه نعمته مستقبلا ويغير أحواله إلى أحسن حال.
لكن إذا لحقك ضرر جراء بقائك معه كأن أصر على اتهامه لك بالباطل أو منعك النفقة الواجبة ولم يجد معه النصح فيمكنك حينئذ طلب الطلاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1430(13/6932)
حكم كفالة الزوجة أخواتها اليتيمات دون علم زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة وزوجي ميسور الحال وأبي متوفى وأخواتي مازلن في التعليم وهن بنات وليس لأمي دخل كان لأبي معاش، وأنا أعطي مبلغا شهريا لكفالة الأيتام وقد أعلمت زوجي وأنا أعطيه لجمعية ولكني أرى بعد وفاة أبي أن أخواتي يحتجن المساعدة وزوجي يعلم ورغم علمه بالحالة الصعبة لهم إلا أنه يعطى زكاة المال لغريب غير محتاج مثل أمي ويعطي الهدايا الغالية الثمن لأقاربه ولا يفكر فيهم، فهل من الممكن أن أعطي هذا المبلغ الشهري لأيتام أمي دون علم زوجي، فأنا لا أنام وأخواتي لا يجدن مالا للتعليم أو المأكل أو المشرب..
وأرجو الرد سريعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كفالة اليتيم من القربات العظيمة، وإذا كان اليتيم قريبا فالأجر أعظم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة. رواه الترمذي.
فإذا كنت صاحبة المال ومالكته، سواء من كسبك أو كسب زوجك بعد أن يهبه لك، فلك التصرف فيه وصرفه على أمك وأخواتك، ولو لم يعلم الزوج بذلك.
وأما إذا كان المال لزوجك فلا يجوز لك التصرف فيه إلا بإذنه، وفي هذه الحال ينبغي أن تقنعي زوجك الفاضل المحسن، بأن الأجر سيتضاعف إذا ما كان المتصدق عليه قريبا لكم وكن يتيمات فحقهن آكد، فإقناعه هو السبيل الوحيد لتمكنك من صرف هذا المال لصالح أخواتك، وبدون إذنه لا يجوز لك فعل ذلك، وراجعي الفتوى رقم: 66708.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1430(13/6933)
هل يجب على الزوجة مرافقة زوجها للمبيت عند أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[أراد زوجي السفر ليبيت ليلة واحدة في منزل زوج أمه ليراها قبل سفره لمدة أسبوعين للعمل خارجا. وسألني إذا كنت أستطيع فقلت له لا، وذلك لأنني واقعة تحت ضغوطات في العمل، ولدي الكثير مما علي إنجازه. بالإضافة إلى مشقة الانتقال مع طفلتين، كما أنني بكل صراحة لا أرتاح للنوم في منزل زوج أمه لما في ذلك من صعوبة لي في أبسط الأمور كدخول الحمام مثلا. فهل أنا بذلك آثمة؟ وهل تجبر الزوجة على السفر والنوم في منزل رجل غريب عنها لأن زوجها يريد ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن طاعة زوجك في المعروف، من أعظم الواجبات ومن أفضل القربات، كما أن من حسن العشرة إحسانك إلى أهله وإعانته على بر والديه وصلة رحمه، فإذا لم يكن عليك ضرر في الذهاب معه للمبيت في منزل أمه فيجب عليك طاعته في ذلك، وأما إذا كان عليك ضرر في ذلك فلا يجب عليك طاعته ولا تأثمين بالرفض، لكن الأولى الموافقة لما في ذلك من الإحسان إليه وإلى أهله، وذلك مما يجلب المودة والألفة بين الزوجين، ويزيد احترام الزوج ومحبته لزوجته.
أما عن حكم مبيت المرأة في بيت فيه رجل أجنبي عنها، فذلك جائز للحاجة بشرط أمن الفتنة، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 70710.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1430(13/6934)
مجرد طلب الزوجة مسكنا مستقلا لا يدل على بغضها لأهل الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة سأتزوج قريبا، ولكني أواجه مشكلة الآن مع خطيبي، حيث إنه عندما تقدم لخطبتي قال بأنني سأسكن لوحدي أي ببيت مستقل بعيداً تماما عن أهله، ولكن عندما اقترب موعد الزواج طلب مني أن أسكن معه في بيت أهله، مع العلم بأن لديه أربعة إخوة وأباه وأمه ولكني رفضت لأني في هذه الحالة لا أكون على راحتي فأجلنا عرسنا عاما آخر حتى يشتري لي بيتا ولكنه اتهمني بأنني رفضت لأنني لا أحب أهله، فهل أنا على حق أم لا، وماذا بالنسبة لكلامه، أريد منكم إجابة واضحة لو سمحتم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطلبك من زوجك سكناً مستقلاً بعيداً عن أهله مطلب شرعي لا حرج عليك فيه؛ لأن من حق المرأة على زوجها أن يوفر لها مسكناً مستقلاً يحفظ لها أسرارها وخصوصياتها، وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5034، 9517، 34802، 69337، 77743، وغيرها.
أما بخصوص اتهامه لك بأنك تبغضين أهله فهذا غير جائز، إذا لم يكن لديه دليل على قوله، وإلا فمجرد طلب الزوجة مسكناً مستقلاً بعيداً عن أهل الزوج لا يفهم منه على الإطلاق بغضهم، بل إن كثيراً من الحكماء أصحاب الخبرات ممن حنكتهم الأحداث والتجارب يوصون الأحباب بألا يساكن بعضهم بعضاً، وألا يبالغوا في المخالطة؛ لأن كثيراً ما تحدث الخلطة الزائدة عداوة وبغضاً بعد القرب والمودة. وقريب من هذا المعنى ما رواه ابن حبان في صحيحه وحسنه الألباني عن عطاء قال: دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة رضي الله عنها فقالت لعبيد بن عمير: قد آن لك أن تزورنا، فقال: أقول يا أمه، كما قال الأول: زر غباً تزدد حباً. انتهى.
والمعنى كلما كان الإنسان بعيداً كلما تعلقت به القلوب ورغبت في قربه ولقائه، بخلاف من هو دائما قريب ملاصق فلربما استثقلته النفوس ونفرت منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1430(13/6935)
حكم خروج الزوجة لزيارة والديها بدون إذن زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي وأخواتي على خلاف دائم وأمي تجلس مع أخواتي في شقة العائلة ومنعني من زيارتها نهائيا بسبب أخواتي ماذا أفعل وأمي صعبة علي وربنا أوصى عليها وهي أمي فهل من حقي أن أذهب لرؤيتها بدون علم زوجي أم يحرم علي ذلك، علما بأن زوجي إنسان غير ملتزم لكي أسمع كلامه وليس له الفضل في معيشتي أنا وبناتي فقط هو أبو البنتين وأنا من بيت أصول وأفهم ذلك، ولكن تعبت من كثرة تحكمه في بسبب والدتي بالذات ولو خيروني لاخترت أمي طبعا فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز للمرأة أن تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه، حتى ولو كان الزوج عاصيا أو مقصرا في بعض الواجبات، فإن خرجت دون إذنه، كانت عاصية ناشزا، تسقط نفقتها، وتأثم بذلك.
لكن يستثنى من ذلك حالات الاضطرار، وقد مثّل لها الفقهاء بأمثلة منها إذا خافت من انهدام المنزل، أو خافت من عدو أو حريق ونحو ذلك.
أما خروج المرأة لزيارة والديها أو أحدهما خاصة فإن العلماء اختلفوا في ذلك:
فذهب الحنفية والمالكية إلى أن الزوج ليس له أن يمنعها من ذلك.
قال ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق: ولو كان أبوها زمِنا (أي مريضا) مثلا وهو يحتاج إلى خدمتها والزوج يمنعها من تعاهده، فعليها أن تعصيه مسلما كان الأب أو كافرا، كذا في فتح القدير، وقد استفيد مما ذكرناه أن لها الخروج إلى زيارة الأبوين والمحارم، فعلى الصحيح المُفتى به: تخرج للوالدين في كل جمعة بإذنه وبغير إذنه، ولزيارة المحارم في كل سنة مرة، بإذنه وبغير إذنه.
وقال في التاج والإكليل على متن خليل المالكي: وفي العُتْبية: ليس للرجل أن يمنع زوجه من الخروج لدار أبيها وأخيها، ويُقضى عليه بذلك، خلافا لابن حبيب. ابن رشد: هذا الخلاف إنما هو للشابة المأمونة، وأما المتجالّة (العجوز الفانية) فلا خلاف أنه يُقضى لها بزيارة أبيها وأخيها، وأما الشابة غير المأمونة فلا يقضى لها بالخروج. انتهى.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه له أن يمنعها، ويلزمها طاعته، فلا تخرج إليهما إلا بإذنه، لكن ليس له أن يمنعها من كلامهما ولا من زيارتهما لها، إلا أن يخشى ضررا بزيارتهما، فيمنعهما دفعا للضرر.
قال صاحب كتاب أسنى المطالب الشافعي: وللزوج منع زوجته من عيادة أبويها ومن شهود جنازتهما وجنازة ولدها، والأولى خلافه. انتهى.
وقال صاحب الإنصاف الحنبلي: لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها، ولا زيارةٍ ونحوها. بل طاعة زوجها أحق.
هذا كلام أصحاب المذاهب، والذي يظهر هو رجحان القول بعدم جواز منع الزوجة من زيارة أبويها فإن التفريق بين الوالدة وولدها من أعظم الضرر الذي نبهت الشريعة على قبحه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فرق بين الوالدة وولدها فرق بينه وبين أحبته يوم القيامة. رواه الترمذي وقال حديث حسن.
وعليه فإنه لا يجوز للزوج أن يمنع زوجته من زيارة والديها وأهلها إلا إذا خاف لحوق ضرر جراء ذلك ككونهم أصحاب معاصي مثلا، وهو يخشى على زوجته منهم أن يضيعوا دينها ويفسدوا أخلاقها أو أن يكونوا ممن يحاولون الإيقاع بينه وبين زوجته، ويحاولون إغراءها بعصيانه والتمرد على طاعته، فله حينئذ منعها، بل قد ذهب المالكية في هذه الحالة وهي حالة خوف إفساد أبويها لها إلى عدم المنع أيضا، وقالوا كما جاء في الشرح الكبير وحاشية الدسوقي: فإذا ادعى الزوج إفساد أبويها لها وأثبت دعواه ببينة قضي بخروجها مع أمينة وأجرة الأمينة على الأبوين لأنهما ظالمان، والظالم أحق بالحمل عليه وقد انتفعا بالزيارة، فإن كان ضرر الأبوين مجرد اتهام فالأجرة على الزوج لانتفاعه بالحفظ.
وخلافه مع أخواتك لا يبرر له أن يمنعك من أمك فإنه لا تزر وازرة وزر أخرى، ومن الممكن في هذه الحالة أن تأتي أمك لزيارتك دفعا للخلاف وتجنبا للشقاق، فإن أصر على منعك تماما من زيارتها ومنعها من زيارتك دون سبب فلك حينئذ أن تخرجي لزيارتها دون إذنه كما صرح به ابن نجيم في القول السابق.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 61150، 73619، 67544.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1430(13/6936)
حق الزوجة في استرداد ما أخذه الزوج من مالها
[السُّؤَالُ]
ـ[بعثتني الشركة التي أعمل بها إلى دورة تدريبية في دولة أوروبية وخرج معي زوجي وأولادي، تصرف لي الشركة مبلغا ماليا يغطي مصاريفي ومصاريف العائلة ينزل المبلغ في حسابي وكافة معاملاته باسمي حيث تقدم الشركة نوعين من المنح التدريبية إما لعائلة أو لعازب وقيمة راتب العازب (أو العازبة) هي 75% من قيمة المبلغ المخصص للعائلة، بحكم القانون يحق لزوجي الدراسة على حساب الشركة بحكم كونه مرافقا لي، ولكن نظراً لأن الشركة أمورها الإدارية مرتبكة فهي تتأخر في سداد معظم نفقات العلاج ودراسة المرافقين والأولاد وغيره من المصاريف لدرجة أن بعض الموظفين يستلمون مستحقاتهم المتأخرة بعد سنين من دوراتهم أحيانا..
اتفقنا أنا وزوجي على أن يدرس من الراتب الممنوح لنا إن لم يتم تغطية مصاريف دراسته من قبل الشركة، ولكن أنا كنت دائما مقتنعة بأنهم سيعيدون لنا أية مصاريف ندفعها ولو بعد حين لأنه حقه قانونيا وبسبب حدوث هذا مع بعض المعارف، ولكن زوجي لم يصدقني (رغم وجود فقرة صريحة في القانون بأحقيته ولم يصدق أنهم سيقومون بتغطية مصاريف دراسته وكان يستهزئ دائما بكلامي وبثقتي الزائدة في تطبيق القانون، وقمنا بالسؤال قبل مغادرتنا بلدنا فقالوا إن إجراء دراسة زوجي روتينيا قد يستغرق سنينا في عرف إدارات بلدنا ويحتاج لتقديم طلب لإدارة الشركة عند الوصول لبريطانيا، بعد وصولنا لبريطانيا بدأ زوجي بالدراسة على حسابنا الشخصي من المنحة الممنوحة لي وللعائلة واستخدم مالاً آخر لي كنت أحضرته معي ولم أمنعه ولم أبد اعتراضا لأنني أريد المصلحة له ولأنه أيضا لا خيار لدي، على العموم أنهى زوجي دراسته التي استغرقت سنتين وبعد انتهاء دراسته بشهرين تحصل على الموافقة بتغطية مصاريف دراسته من الشركة كما توقعت لأنه منصوص عليها قانونيا وصرفوا مبلغا مقابل ما تم دفعه من قبلنا، أعاد زوجي نفس قيمة مالي الذي أحضرته معي من بلدي وبقي مبلغ10000 جنيه وهو يقابل ما صرف من الراتب المصروف لي وللعائلة على دراسته ومصاريف دراسية للأولاد، أخذ زوجي المال وألمحت له أن لي حقا في هذا المال ولكنه لم يفهم أو تظاهر بعدم الفهم فكتمت حسرتي في قلبي واحتسبت عند الله، هذا الموضوع لا يزال يؤلمني من باب تطاوله على حقي، فهل لي حق بالمال، وهل له حق به علما بأن الراتب كله باسمي وأنا مسؤولة أمام القانون عن جميع المعاملات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس للزوج أن يأخذ من مال زوجته إلا ما طابت نفسها به، لما جاء في الحديث الذي رواه أحمد وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبة الوداع المشهورة: ... ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه.
ولا حق للزوج لا في مالها الأصلي ولا في راتبها إلا أن يشترط عليها جزءاً معيناً من راتبها مقابل سماحه لها بالعمل عند ذلك عليها أن توفي له شرطه، ومحل ما تقدم إنما هو مال الزوجة وراتبها الأصلي الذي تستحقه مقابل عملها.. وأما القدر الزائد الذي تصرفه جهة العمل للعائلة فالظاهر أن للزوج حقاً في هذا المال.
وعلى هذا الأساس يكون النظر في هذا المبلغ المتبقي الذي أخذه زوجك من جمله المال المصروف فنقول إن كان قد حصلت النفقة على العائلة من القدر الزائد على الراتب فلا حق لزوجك في هذا المال ويصبح هذا المال حقاً خالصاً لك.
أما إذا كنت تحوزين القدر الزائد إليك ولم يستهلك في النفقة على الأسرة فلا شك أن له حينئذ حقاً في هذا المال، ويبقى قدر ما يستحقه كل منكما من هذا المبلغ خاضعاً لحساباتكم لأنا لا نستطيع الجزم بحق كل واحد على وجه التحقيق لغياب التفاصيل..
وفي النهاية ننصحك بأنه إذا كان زوجك قد تعلقت نفسه بهذا المال فاتركيه له عفواً ومسامحة -حتى ولو كان لك فيه حق- فقد ندب الله سبحانه إلى العفو بين الزوجين حتى في حالة الطلاق، فقال سبحانه: وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة:237} ، فإذا كان هذا في حالة الاختلاف والفراق فما ظنك بحالة الألفة والوفاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1430(13/6937)
الأمور التي يلزم فيها مشاورة الزوج فيما يخص الولد
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي زوجة ثانية بيني وبينها خلاف وهي متواجدة منذ عدة أشهر في بيت والدها _ وهي لا تزال في عصمتي _ولي منها بنت ذات ثلاث سنين ونصف. . وبسبب منعها ابنتي من زيارتي لعدة أشهر, منذ تواجدها ببيت والدها,,,, ورفضها زيارة البنت لإخوانها من أبيها منذ ولادتها ,, رفعت عليها دعوى قضائية وحكم لي بزيارة البنت لي ولإخوانها في مواعيد محددة كل أسبوع..
سؤالي أولا: ما هي الأمور التي يجب أن تأخذ إذني فيها وتشاورني فيها قبل التصرف فيها بنفسها في ما يتعلق بالبنت؟
ثانيا: هل لي أن أمنعها من السفر بابنتي خارج المدينة التي نقطنها إلى منطقة أخرى تبعد ما يقرب من مائة وثمانين كيلومترا تقريبا, لمدة يومين أو ثلاثة أو أسبوع أحيانا. إذا ذهبت للسياحة أو لزيارة أقاربها هناك..وأطلب منها ترك البنت معي في حال سفرها حتى ترجع, وهل يجب عليها أخذ الإذن مني قبل السفر بها؟
ثالثا: لو حدث منها تجاوز في هذه الأمور ما الذي يترتب عليها جراء ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة لا يجوز لها أن تغادر بيت زوجها إلا بإذنه فإن فعلت فهي ناشز, فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن. رواه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى: قال النووي: استدل به على أنَّ المرأة لا تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه لتوجه الأمر إلى الأزواج بالإذن. انتهى كلامه من فتح الباري.
وقال ابن تيمية رحمه الله: فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه، سواء أمرها أبوها، أو أمها، أو غير أبويها، باتفاق الأئمة. انتهى.
أما الأمور التي تخص ابنتك والتي يجب عليها أن تستأذنك فيها قبل الإقدام عليها, فيرجع في ذلك للعرف، فما حدده العرف أن المرأة تستقل به من شؤون البنت كأمر طعامها وشرابها ولباسها فهذا لها ولا يجب عليها أن ترجع إليك فيه إذ ليس من المعقول أن ترجع إليك في مثل هذه الأمور طالما لم يلحقك ضرر من ذلك في النفقة أو غيرها, أما ما حدد العرف أن القرار فيه للأب أو بالمشاورة بين الأبوين فهذا لا يجوز لها أن تستقل به, وذلك كتعليمها في مدرسة معينة دون غيرها, وتلقيها علوما معينة دون غيرها ونحو ذلك فهذا لا تقطعه دونك.
أما بخصوص ما تسأل عنه من سفرها المسافة المذكورة دون إذنك فهذا لا يجوز ولك أن تمنعها من ذلك السفر.
جاء في بدائع الصنائع: وإن أرادت المرأة أن تخرج من المصر الذي هي فيه إلى غيره فللزوج أن يمنعها من الخروج سواء كان معها ولد أو لم يكن؛ لأن عليها المقام في بيت زوجها.
أما بخصوص اصطحاب ابنتك في هذا فهو لها لأنها حاضن وكونها ناشزا لا يسقط حقها في الحضانة فقد سئل الرملي في فتاويه عن الزوجة إذا نشزت هل تستحق حضانة ولدها من الزوج أم لا؟ فأجاب: بأنها تستحق حضانة ولدها من زوجها، ولا يمنع منها نشوزها. انتهى. كلامه.
والراجح أن الحاضن لها السفر بالمحضون ما لم يكن سفر نقلة.
قال الدردير ممزوجا بكلام خليل: وشرط سفر كل منهما كونه (سفر نقلة) وانقطاع (لا تجارة) أو زيارة ونحوها فلا يأخذه ولا تسقط الحضانة بل تأخذه معها ويتركه الولي عندها. انتهى.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 50709.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1430(13/6938)
ذهبت لزيارة أمها وتركت زوجها مريضا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في امرأة تركت زوجها مريضا ومحتاجا جدا لها وذهبت لزيارة والدتها في بلد آخر مع العلم أن هذا الزوج بقي معه أولاده ولكن هناك أمور يستحسن أن تقوم بها الزوجة. وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه المرأة قد خرجت من بيت زوجها بغير إذنه بلا ضرورة فهي آثمة.
وأما إذا كان خروجها بإذنه فهو جائز، لكن الأولى لها أن تبقى في بيتها لرعاية زوجها المريض، فإن حق الزوج على زوجته عظيم، وهو أعظم من حق أمها عليها.
وننبه إلى عدم جواز سفر المرأة بغير محرم، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 46069.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1430(13/6939)
مؤنة النكاح على الزوج لا على والد الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم لي شاب من أسرة طيبة، ووافق أبي، واتفقا على إتمام الزواج، وأن يتكفل كل منهما بتجهيز منزل الزوجية، ثم تخلى أبي عن وعده، وبدأ في افتعال المشاكل حتى تعهد إخوتي وأمي بإتمام الموضوع من مالهم مع العلم بأن أبي قادر على الوفاء بوعده من الناحية المادية، ما حكم الدين في امتناع أبي عن الإنفاق على زواجي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوالدك غير ملزم شرعاً أن ينفق من ماله على زواجك؛ لأن مؤنة النكاح إنما هي على الزوج لا على والد الزوجة، وما يجري من العرف في بعض البلدان من إيجاب شيء من نفقة الزواج على ولي الزوجة لا يلزم منه إيجاب ما لم يوجبه الشرع، وبخصوص ما ذكر من الوعد، فإن الوعد يستحب الوفاء به عند جمهور العلماء، ولا يجب وهو الراجح، كما بينا في الفتوى رقم: 17057.
وما دام إخوتك وأمك قد تكفلوا بإتمام الزواج فدعي أباك وشأنه، فإن الدخول معه في شيء من النزاع بخصوص النفقة أو غيرها قد يجر إلى ما هو أعظم فيتعثر أمر إتمام الزواج، واحرصي على البر به والإحسان إليه على كل حال، فحق الوالد عظيم. وراجعي بهذا الشأن الفتوى رقم: 1841.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1430(13/6940)
الزوجة مؤتمنة على مال زوجها ومسؤولة عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقتي تشكو من أمها بأن أباها يعطي أمها مبلغا من المال لتصرفه بشراء مستلزمات لبناتها وأولادها حيث تخبره أنها تنوي شراء شيء معين بمبلغ كبير والواقع أنها تشتري عددا أقل أو أشياء أرخص ثمنا، وتوفر الباقي لنفسها وتدخره، صديقتي مستاءة من هذا، ولكن لم تستطع أخبار أبيها خوفا من المشاكل، فهل ما فعلته الأم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حق المرأة على زوجها أن ينفق عليها وعلى أولاده بالمعروف، وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم للزوجة إذا كان زوجها بخيلاً أن تأخذ من ماله بغير علمه ما تنفق به على نفسها وأولادها بالمعروف، فعن عائشة رضي الله عنها: أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. صحيح البخاري ومسلم.
كما أن الزوجة مؤتمنة على مال زوجها ومسؤولة عنه، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ... والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها ... البخاري ومسلم. فما دام الزوج ينفق على زوجته وأولاده بالمعروف، فلا يحق للمرأة أن تأخذ شيئاً من ماله بغير إذنه، وإذا فعلت ذلك فإنه من الخيانة التي لا تجوز.
أما عن السؤال فإذا كانت تلك المرأة تأخذ من مال زوجها بدون علمه رغم أنه ينفق عليهم بالمعروف، فإن ذلك حرام، وعلى البنت أن تنصح أمها بالرفق، وتبين لها أن عليها أن تتوب إلى الله مما سبق، وعليها أن ترد قدر هذا المال لزوجها إلا أن يسامحها فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1430(13/6941)
مسامحة الزوجة إذا تابت من خطيئتها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد علمت أن زوجتي ارتكبت خطيئة، ولكنها تابت ولقد سامحتها، ولكني لا أستطيع النسيان، وفي نفس الوقت أفكر هل مسامحتي لها سكوت عن الحق وأأثم عليه؟ أم يجزيني الله بالخير ويعتبرني من العافين عن الناس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت زوجتك قد تابت توبة صادقة، فقد أحسنت في مسامحتك لها، ولا إثم عليك، وليس ذلك من السكوت عن الحق، فإن التوبة تمحو ما قبلها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
وعليك أن تحرص على إقامة حدود الله في بيتك ما استطعت، وعدم التقصير في القوامة التي جعلها الله للزوج، لتقطع على زوجتك سبل الشيطان وتسد أبواب الفتن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1430(13/6942)
وجوب الوفاء بما اشترطت الزوجة عند العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي لا تطيعني في أي شيء حتى أنها لا تتركني أجامعها إلا بالقوة أو مكرهة لذلك وعندما أردتُ أن أُخوفها بأن تترك عملها -العمل كان شرطاً قبل الزواج- اشتكت لوالدها فكلمني في الهاتف بصوتٍ غير لائق وقال لي إن العمل هو مستقبل زوجتي ويجب أن لا أحاسبها بما تفعل وأعادها إلى العمل بدون أن يسمع مني أي كلمة, لم أرد أن أُكلمه لأنه كان في غليان وقلت سوف أكلمه عند عودتي إلى المنزل, لعلمكم أنا أعمل 1200 كلم بعيداً عن البيت وزوجتي تقيم في بيت والدها في غيابي.
ولعلمكم أيضا أن زوجتي لا تطيعني ولكن لوحدها تقوم بمعاملة أهلي بأحسن معاملة. أرجو منكم أن تفسروا لي قصتي هذه قبل عودتي إلى البيت لأكلم والدها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المقرر شرعا أنه يجب على الزوجة طاعة زوجها في المعروف، ومن ذلك إجابتها له إلى الفراش إن طلب منها ذلك، فإن امتنعت عنه لغير عذر شرعي كانت ناشزا كما بينا بالفتوى رقم: 54131، وقد أوضحنا بهذه الفتوى خطوات علاج النشوز كما بينها الشرع، وعلى هذا الأساس وبحكمة ينبغي أن تعامل زوجتك.
وفي المقابل يجب عليك الوفاء لها بما اشترطت عند الزواج من أمر العمل، ولا يجوز لك منعها منه لمجرد كونها تمنعك شيئا من حقوقك، ونوصيك بالكلام معها أو مع أبيها في هذا الأمر بشيء من الهدوء وبعيدا عن العصبية فهذا أدعى لأن يتحقق به الغرض، وإن احتجت إلى جعل بعض فضلاء الناس شفعاء في هذا فافعل. ونذكر في ختام هذا الجواب بحسن المعاشرة بين الأصهار اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وراجع الفتوى رقم: 64686.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1430(13/6943)
هل على المرأة حق في بيتها لأخي زوجها سوى الضيافة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لأخي زوجي أي حقوق داخل بيتي غير الضيافة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأخو الزوج إذا لم يكن من محارمك فهو أجنبي منك، يجب أن تحتجبي بحضوره، ولا تجوز الخلوة به، وليس له حقوق داخل بيتك سوى الضيافة، وقدرها ثلاثة أيام، وما زاد عليها فهو صدقة.
والضيافة مستحبة عند الجمهور وليست بواجبة، كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 99980.
وللأخ صاحب البيت أن يأذن لأخيه في السكنى معه في بيته بضوابط تقدمت في الفتوى رقم: 98483.
وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 70981.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1430(13/6944)
حكم امتناع الزوج عن الوطء مع قدرته وحاجة امرأته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في زوجي الذي يقول لي بعد أن يجامعني (يله عيشي عليها شهر) وأقول له أنا أصبر شهرين بل سنتين وبعدها بفترة أبكي وأدعو عليه بأن يصبح عاجزا وأنا أصبر عليه، يا شيخ زوجي قليلا ما يجامعني، أذكر عندما كنت حاملا في الشهر الخامس قال لي لن أقربك حتى تلدين ولا أعرف ما السبب، وبعد ما ولدت حصل شجار بيني وبينة وحلف أن لا يجامعني إلا على الستين يوما ونفذ وفعل أي ابتعد عني سبعة أشهر متصلة وإلى الآن أدعو عليه ولا أطيقه أصبحت الآن أكرهه، علما بأنني متزوجة منذ اثني عشر سنة وهو على الحال ولا يجامعني إلا قليلا أي في الشهر مرتين أو أقل، وأي شجار حصل يجعله وسيلة في الابتعاد عني مع أني امرأة جميلة جدا، فهل ما يفعله بي حرام؟ أنا لا أقصر معه راتبي يذهب للبيت أراعي أمور بيتي وأولادي ولن أطلب الطلاق حفاظا على بيتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في القدر الواجب على الزوج في الجماع، فمنهم من أوجب عليه الجماع مرة كل أربع ليال، وبعضهم أوجبه كل أربعة أشهر، وبعضهم أوجبه كل طهر، والقول الراجح أنه واجب عليه بقدر حاجتها وقدرته، وهو اختيار ابن تيمية، قال في الفتاوى الكبرى: وَيَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَهُوَ مِنْ أَوْكَدِ حَقِّهَا عَلَيْهِ أَعْظَمَ مِنْ إطْعَامِهَا، وَالْوَطْءُ الْوَاجِبُ قِيلَ: إنَّهُ وَاجِبٌ فِي كُلِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مَرَّةً، وَقِيلَ: بِقَدْرِ حَاجَتِهَا وَقُدْرَتِهِ، كَمَا يُطْعِمُهَا بِقَدْرِ حَاجَتِهَا وَقُدْرَتِهِ، وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ. وَاَللَّهُ أَعْلَم.
كما أن إشباع حاجة الزوجة، يعد من حسن العشرة، ومما يؤجر عليه العبد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَفِى بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأْتِى أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِى حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِى الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ. رواه مسلم.
فإذا كان زوجك يمتنع عن جماعك مع حاجتك وقدرته بغير عذر، فهو ظالم لك، ومسيء لعشرتك، وإذا كنت متضررة بذلك فمن حقك طلب الطلاق منه، لكن ما دمت صابرة على ذلك فهو بلا شك أفضل وأعظم لأجرك.
وأما عن دعائك عليه، فإنه يجوز للمظلوم أن يدعو على الظالم بقدر ظلمه دون تعد، وإن كان الأولى ترك ذلك. وأما دعاؤك عليه أن يصاب بالعجز، فهو من التعدي في الدعاء فلا يجوز، قال القرافي في أنوار البروق في أنواع الفروق: وَحَيْثُ قُلْنَا بِجَوَازِ الدُّعَاءِ عَلَى الظَّالِمِ فَلَا تَدْعُو عَلَيْهِ بِمُؤْلِمَةٍ مِنْ أَنْكَادِ الدُّنْيَا لَمْ تَقْتَضِهَا جِنَايَتُهُ عَلَيْك بِأَنْ يَجْنِيَ عَلَيْك جِنَايَةً فَتَدْعُوَ عَلَيْهِ بِأَعْظَمَ مِنْهَا فَتَكُونَ جَانِيًا عَلَيْهِ بِالْمِقْدَارِ الزَّائِدِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ.
والذي نوصيك به أن تتفاهمي مع زوجك بالرفق، فيما يحمله على ذلك، وتذكريه بما أوجب الله عليه من المعاشرة بالمعروف، مع الاستعانة بالله والدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1430(13/6945)
لا حرج على الزوج أن ينفصل بزوجته في مسكن مستقل دون رضا والده
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مشكلة أود السؤال عنها.. أنا متزوجة الحمد لله أن وضع زوجي جيد جداً وهو مقتدر أن يستاجر لي بيتا نحن مغتربون في السعودية والد زوجي يعمل في السعودية طبعا هو يسكن معنا لأنه لا يجوز أن يسكن لوحده المهم أن زوجي في فترة بسيطة استأجر بيتا كبيرا حتى يسكن معه أخوه المتزوج لأن وضعه المادي بسيط أنا لم يكن لدي مانع في البدايه لأن زوجي وعدني أن ذلك لفترة بسيطة جداً، لكن هذه الفترة امتدت لمدة أربع سنوات المشكلة الآن أن زوجي ليس لديه مانع بأن نفصل البيت بحيث نستأجر بيتا لي ولوالده بدون أخي زوجي وزوجته المشكلة أن والد زوجي يعارض بشدة أن نفصل، مع العلم بأن وضع أخي زوجي تحسن وهو مقتدر أن يفتح بيتا وأنا لم أعد أحتمل الحياة المشتركة مقيدة دائما بالحجاب والد زوجي يعارض من الناحية المادية بنظرة الشراكة في البيت أوفر لأولاده وأنا بنظري أن حياتي تتأثر بشدة بسبب الحياة المشتركة ولا يعني أن تكون هذا الحياة فيها توفير فهل يجوز لزوجي أن يفصل رغم عدم رضى والده لأن حياتي الزوجية أصبحت مليئة بالمشاكل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى زوجك أن يحاول أولاً - برفق ولين - أن يقنع أباه بحقه أن يعيش في مسكن مستقل وأن هذا سيكون أكثر راحة له ولزوجته، ويخبره أيضاً أن الحياة الزوجية مبنية على الستر والخصوصية، وأن زوجته تكابد المتاعب والمشكلات جراء سكنها مع أخي زوجها، لأنه ليس من محارمها، ويتحتم عليها الحجاب أمامه، فإن استجاب الوالد فبها ونعمت، وإلا فيمكن لزوجك أن ينفصل بك في مسكن مستقل دون رضا والده، طالما أنك تطلبين ذلك، فإن المسكن المستقل حق للزوجة كفلته لها الشريعة الغراء، قال خليل بن إسحاق: ولها الامتناع من أن تسكن مع أقاربه. قال شارحه عليش: لتضررها باطلاعهم على أحوالها وما تريد ستره عنهم وإن لم يثبت إضرارهم بها.
فإذا منع الزوج زوجته هذا الحق كان ظالماً لها، والظلم حرام لا يجوز، ولا يجوز له أيضاً أن يطيع والده في ظلم زوجته؛ لأن الطاعة لا تكون إلا في المعروف، ومعلوم من أحكام الشريعة أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وعليه أن يبقى محافظاً على بره وطاعته في المعروف واحترامه.
وللفائدة في ذلك تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 115188، 108993، 101474.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1430(13/6946)
الإصلاح خير، وطلب الطلاق لعدم توفير السكن جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت من رجل مقيم في الخارجِ، قبل الزواج اشترط على أبي أن أتمم دراستي وأشتغل وأن أظل في بيت والدي حتى ألحق به لكن بعد رحيله بأسبوعين طلب مني أن أنتقل إلى بيت والديه أو يطلقني مع العلم أن منزلهم صغير ويعيش فيه أبواه وإخوانه كلهم شباب 2شباب غير متزوجين وآخر مطلق مع ولديه لكنني رفضت فقال لي أنا أريد الطلاق ولم ينفق علي ولو درهما واحدا حتى الآن فأبي هو الذي يعيلني مند 4 أشهر فهو الآن يقول إنه لا يريد الطلاق ولا ينفق علي، أنا أخرج باستمرار للبحت عن عمل، والدي يريدان أن أطلب الطلاق وأنا أريده فما حكم الشرع في ذلك، لقد ظلمني وجار علي، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق المرأة على زوجها أن يوفر لها مسكناً مستقلاً مناسباً لها، على قدر استطاعته، لا تتعرض فيه لضرر أو حرج، لقول الله تعالى في حق المطلقات: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ {الطلاق: 6} .
ولا يجب عليها أن تسكن مع والديه بحيث يحصل لها ضرر من ذلك.
أما وقد اشترطت عليه ذلك قبل الزواج، فإن الأمر يزداد تأكيداً، فإنه يجب على الزوج الوفاء بما اشترطه، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج. متفق عليه.
وعلى هذا فإنه يحق لك رفض الإقامة في بيت أهله، لكونك قد اشترطت عليه عند العقد، ولما يلحقك من ضرر بالسكن فيه، بل لا يجوز لك أن تقيمي في بيت مشترك المرافق مع إخوته الذكور، ولا تكوني ناشزاً برفضك ذلك، والواجب عليه أن ينفق عليك بالمعروف.
وإذا كان ممتنعاً عن الإنفاق عليك، فلك أن تطلبي الطلاق، ولكن الأولى أن تحاولي الإصلاح، وتوسطي من عقلاء أهلك من ينصحه ليعدل عن طلبه منك أن تقيمي ببيت أهله، وأن ينفق عليك بالمعروف، حتى تلحقي به، لعل الله أن يوفق بينكما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1430(13/6947)
حكم إخبار الزوجة أمها بحملها بدون علم الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة منذ عام وأعيش فى بلد بعيدة عن أهلي وأهل زوجي، لاحظت أن والدة زوجي تدلي بأسرار بيتها وأسرار بيوت أبنائها لأخواتها ومن أخواتها لأبنائهم وزوجات أبنائهم وهكذا ... فلا يكون هناك سر أساساً اعتقاداً منها بأنها لا تفعل شيئا خطأ وأنه حق لها لا أحد من حقه النقاش معها وقررنا أنا وزوجي ألا يعلم أحد عنا أي شيء بسبب والدته، الآن الحمد لله في انتظار طفل ومازلت فى شهري الأول ولا أستطيع إخفاء هذا الأمر عن أمي وفي نفس الوقت لا أريد أن يعلم أحد مثل هذا الخبر وقد طال انتظاري له وأريد أنا أحافظ عليه بشتى الطرق فهل يجوز لي أن أقول لأمي وأخفي عن زوجي معرفة أمي أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن للزوجين حياة مستقلة، لا يحق لأحد أن يتدخل فيها إلا بنصح أو مشورة بالمعروف، كما أنه لا يجوز إفشاء أسرار البيوت، ولا ينبغي التكلم في خصوصيات الغير بدون مصلحة، قال صلى الله عليه وسلم: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. رواه الترمذي.
أما عن سؤالك فلا حرج عليك في إخبار أمك بالحمل، ما لم يترتب على ذلك ضرر، ولا يلزمك إخبار زوجك بذلك، لكن لا يجوز الكذب عليه إذا سألك، ويمكنك التعريض.
وننبه السائلة إلى أنه إذا كان في إخبار أم زوجك بالحمل إدخال السرور عليها دون مفسدة، فهو أولى كما أنه ليس من شرط المحافظة على الحمل كتمان خبره، وإنما المحافظة عليه بالأسباب المشروعة والتوكل على الله. نسأل الله أن يرزقك الذرية المباركة التي تقر بها عينك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1430(13/6948)
لا يحق للزوجة الخروج بغير إذن ورفع الصوت على الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أسلوب معاملة الزوجة سيئة للغاية وطريقة التعامل والتفاهم أصبحت مستحيلة، تريد تنفيذ طلباتها بدون النظر لظروفي. ووالدتها تشجعها على ذلك، وتدخل حماتي في جميع شئوننا الداخلية لدرجة أن الزوجة تلجأ إليها، عندما أرفض تنفيذ أي طلب تطلبه مني وذلك لظروفي. وتريد دائما الذهاب إلى والدتها. وأنا أرفض ذلك ولا أحبذه. لدرجة حضور أخيها بتعليمات والدتها وأخذها هي والأولاد مع أنني قلت لوالدتها إنني غير موافق على ذهابها، حتى لم يخبرني أخوها أنه ذاهب إلى منزلي وأخذ أخته. كما تقول لي زوجتي إنها لن تخبرني عن ذهابها إلي أي مكان تذهب إليه وهي عند والدتها وسوف تخرج وتذهب من دون علمي. وتفعل أشياء غير معقولة بالمرة مثلا تقول لي لو ما ذهبت بي عند أمي سوف أكسر العفش والأجهزة وسأضرب أولادك. وفعلا هي تضربهم دائما مع العلم بأن سنهم سنة، سنتان، والأولاد الآن عندهم برد شديد وتفتح باب البلكونة بكامله بعد منتصف الليل وأنا أسكن في منطقة الهواء يدخل لنا من كل جهة، وأنا أريد أن أحافظ على أولادي بغض النظر عن الزوجة ولا أريد شيئا منها ووالدتها حاولت التفاهم معها تقول لي يعني أنت لا تريدها ووالدها لا يصد ولا يرد الكلام كله مع الحريم فلا أعلم ماذا أفعل مع هذه العقلية. مع العلم ترفع صوتها عدة مرات. وقد حاولت تأديبها بالتفاهم وبالضرب غير المبرح. والهجر في المضاجع. فعلت كل ذلك أكثر من مرة. وعندما أتكلم مع والدتها تقول لي من أجلي سامحها هذه المرة. وأّخرها ذهابها الى والدتها بدون موافقتي وقالت لي والدتها حماك يقول لك إنني سآتي آخدها يومين وسأرجعها لك بعد هذين اليومين ومضى الآن أسبوع على ذهابها.
أفيدوني بالله عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أوجب الله على المرأة طاعة زوجها في المعروف، وأمرها بحسن عشرته، وجعل له درجة القوامة عليها، فلا يجوز لها أن تخرج من بيته إلا بإذنه، ولا أن ترفع صوتها عليه، أو تخاطبه بأسلوب غير لائق، كما أنه ليس من حق أهل الزوجة أو غيرهم أن يتدخلوا في حياة الزوجين، ويتعدوا على حق الزوج في القوامة.
أما عن سؤالك، فإن كان الأمر كما ذكرت، فلا شك أن زوجتك قد تعدت حدود الله معك، وعاملتك بأخلاق سيئة وسلوك غير سوي، كما أن أهلها قد أساءوا إساءة كبيرة بتدخلهم في شئونكما وإعانتها على العصيان والنشوز، والذي نوصيك به هو أن تتمسك بحقك في القوامة ولا تتهاون في ذلك، وتحرص على أن تحد علاقة زوجتك بأهلها بالقدر الذي لا يكون فيه قطيعة، ولا يؤثر عليها بالسوء، على أن يكون ذلك بالحكمة، ومحاولة الإصلاح، وإن كنت قد سلكت معها مراحل الإصلاح من الوعظ والهجر والضرب غير المبرح، ولم ينفع معها شيء من ذلك، فعليك أن تستعين بالله وتبحث عن جوانب القصور من جهتك فتعالجها، وتبحث معها في أسباب نشوزها ودوافعه، فإن كان من أمور تشتكي منها أو مطالب تريدها، فعليك أن تزيل تلك الأسباب ما دام ذلك في إطار الشرع وحدود طاقتك، فإن لم يجد ذلك، فوسّط بينك وبين أهل زوجتك ممن يتصف بالدين ورجاحة العقل من يقوم بنصحهم وردهم إلى الصواب، فإن لم ينفع ذلك فالطلاق آخر الحلول ولك قبل الطلاق أن ترفع الأمر إلى القضاء الشرعي ليرى ما إذا كان لك الحق في الخلع منها أو أن تطلق مجانا إن لم ترد الاستمرار معها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1430(13/6949)
حدود طاعة المرأة لزوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا أحب أن أشارك في الردود بدون ذكر اسمي وباسم مستعار تحت بعض الأخبار في بعض الجرائد الإلكترونية على النت، وهي مواقع إخبارية محترمة ولا تشوبها شائبة، ففي بعض الأحيان يكون الخبر يتعلق بانتهاك لحرمات الله من خلال بعض الظواهر الاجتماعية السيئة، وأحب أن أعلق على الخبر بآية من القرآن الكريم أو حديث يتعلق بالموضوع للحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام مع تعليق معين يخص الموضوع، زوجي يرفض هذا ويمنعني من فعله، فهل من حقه فعل ذلك، وهل واجب علي طاعته فأفيدوني حيث لا أريد أن أغضبه أو أغضب الله؟ بارك الله فينا وفيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن طاعة الزوجة لزوجها من أعظم الواجبات، قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ {النساء:34} ، قال القرطبي: هذا كله خبر، ومقصوده الأمر بطاعة الزوج والقيام بحقه في ماله وفي نفسها في حال غيبة الزوج. انتهى.
لكن طاعة المرأة لزوجها ليست طاعة مطلقة، وإنما مقيدة بقيود ثلاثة:
الأول: أن لا تكون في معصية، فعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في معصية، إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه.
فيحرم على المرأة أن تطيع زوجها في فعل محرم أو ترك واجب.
القيد الثاني: أن تكون في استطاعة الزوجة ولا يلحقها فيها ضرر أو مشقة عظيمة، لقول الله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286} ، وقوله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ {الحج:78} ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. وقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك وأحمد وابن ماجه وصححه الألباني.
والقيد الثالث: أن تكون في أمور النكاح وما يتعلق به، قال ابن نجيم الحنفي: لأن المرأة لا يجب عليها طاعة الزوج في كل ما يأمر به إنما ذلك فيما يرجع إلى النكاح وتوابعه خصوصاً إذا كان في أمره إضرار بها. انتهى.
وبناء عليه فإنا ننصحك بأن تستفسري من زوجك عن السبب الذي من أجله يمنعك من هذه المشاركة، فإن أبدى لك سبباً مقنعاً تتحقق منه مصلحة أو تندفع به مفسدة فعليك حينئذ بطاعته، أما إن كان المنع لأجل المنع وليس لسبب فيندب لك أن تطيعيه ولكن لا يجب عليك ذلك لأن طاعة المرأة لزوجها إنما تجب إذا كانت في أمور النكاح وما يتعلق به كما سبق، فإن خالفته في ذلك فلا حرج عليك، ولكن عليك أن تبيني له أولاً أن المنع من هذا العمل بلا سبب لا يجوز شرعاً.
وللفائدة في الأمر تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 115078، 31919، 65905، 113112.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1430(13/6950)
زوجة خال زوجها لديها مفتاح بيتها وتدخل متى شاءت
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت منذ شهر واستأجرت بيتا بجوار عائلة خال زوجي ولكن فوجئت بتصرفات زوجة خاله فهي لها نسخة من مفتاح منزلي أعطاه إياها زوجي قبل زواجنا تدخل متى تريد في غيابي وكل ليلة في منزلي هي وزوجها وأبناؤها حتى أني أتحرج من الذهاب للنوم وتركهم جالسين وكلما تحدثت مع زوجي في ذلك اتهمني بأني أكرههم ولكني بالفعل مستاءة من الوضع أم هل علي تحمل ذلك لأن الحبيب عليه الصلاة والسلام أوصى بالجار خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت أنت التي استأجرت هذا البيت من مالك الخاص – كما هو الظاهر من صيغة السؤال - فأنت صاحبة القرار فيه، ولا يجوز لزوجك أن يعطي المفتاح لأحد لا لأقاربه ولا لغيرهم إلا بإذنك.
وإذا كان زوجك هو الذي استأجر هذا البيت فلا يجوز له أيضا أن يعطي مفتاحه لأحد طالما أنك مقيمة فيه، لأن الشريعة الغراء قد كفلت للمرأة حق السكن المستقل الذي لا يشاركها فيه أحد من أقارب الزوج، بل ولا والداه، فطالما أنك تسكنين هذا البيت فكيف يعطي مفتاحه لزوجة خاله أو خاله إذ بذلك يمكنه أن يدخل عليك هو أو أحد أبنائه في أي وقت شاءوا، وهم ليسوا من محارمك، ويجب عليك الاحتجاب منهم، وأيضا فأنت لك خصوصياتك وأسرارك التي ينبغي سترها من الناس، فعلى هذا الزوج أن يتقي الله ربه، وأن يراعي حق زوجته، ولا يأذن لأحد من أقاربه أن يدخل عليها، طالما أنه ليس من محارمها، فهذا باب كبير من أبواب الشر والفساد، فقد قال الصادق المصدوق والناصح الأمين – بأبي هو وأمي - عليه الصلاة والسلام: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. متفق عليه.
قال النووي: المراد في الحديث أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه، لأنهم محارم للزوجة يجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت. قال وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابن العم وابن الأخت ونحوهم مما يحل لها تزويجه لو لم تكن متزوجة، وجرت العادة بالتساهل فيه فيخلو الأخ بامرأة أخيه فشبهه بالموت وهو أولى بالمنع من الأجنبي. انتهى.
فعليك أن تطالبي زوجك بأن يحفظ لك خصوصيتك، وأن ينتزع هذا المفتاح من زوجة خاله، وعليك أنت أيضا أن تلتزمي الحجاب الشرعي أمام جميع من هم ليسوا من محارمك، سواء كانوا من أهل زوجك أم من غيرهم، وهذا ليس من الإساءة للأقارب أو الجيران في شيء بل هذا من باب الانقياد لحكم الله سبحانه، ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 112772.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1430(13/6951)
زوجها اعتاد قضاء العيد لدى أهله وهي لا تريد ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة مند 7 سنوات وعمري 40 سنة وزوجي 50 سنة. سؤالي يتمحور حول عيد الأضحى. اختلفت مع زوجي لأني أريد أن أفوت العيد في بيتي منذ زواجي وأنا أذهب إلى بيت أهل زوجي في العيد وكل عام أختلف عن عائلة زوجي مع العلم نحن نشتري كبش العيد ونذهب به إلى أهله كذلك هم يشترون يعني يصبح لدينا كبشان. هل يحق لي أن أطلب من زوجي أن أبقى في بيتي للآن منذ 7 سنوات وأنا أذهب إليهم رغما عني خوفا من المشاكل حتى أصبحت عديمة الشخصية ولما طالبت بذلك يقول لي زوجي إن لديك الحق ولكن لن أستطيع أن أترك إخوتي لوحدهم مع العلم أصغر إخوته عنده 35 سنة وأنا لست على علاقة جيدة مع أخواته البنات دائما يحسسونني أني لست شيئا وأنهن هن اللواتي يتصرفن في أخيهم (زوجي) ولقد لاحظت ذلك في عدة مواقف.
ماذا أفعل؟ أفيدوني؟ إنني أتالم كثيرا. وشكرا جزيلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك أولا بالصبر على أهل زوجك والعفو عنهم، ومحاولة التغلب على المشاكل التي تعكر أجواء الأقرباء والأصهار، ونذكرك بقول الله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34} ، وبقوله سبحانه: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:34} ، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله. رواه مسلم.
والعفو والصّفح هما خلق النبيّ صلى الله عليه وسلم، فأين المقتدون بسيد الأنام صلى الله عليه وسلم؟ سئِلَت عائشة رضي الله عنها عن خلُق رسولِ الله، فقالت: لم يكن فاحِشًا ولا متفحِّشًا ولا صخَّابًا في الأسواق، ولا يجزِي بالسيِّئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح. رواه أحمد والترمذي وأصله في الصحيحين.
واعلمي أيتها السائلة أن فساد ذات البين من المهلكات، فعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة قالوا: بلى، قال: صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين. رواه الترمذي وصححه الألباني.
أما بخصوص ما ذكرت من كون زوجك لا يرغمك على الذهاب إلى بيت أهله في العيد، ولكنه يقول إنه لا يستطيع أن يترك إخوته فهذا يدل على حسن أخلاقه وحكمته في التعامل لأنه مع حرصه على صلة رحمه وعلاقته بإخوته لم يكرهك على ما لا تريدين. ولذا فإنا نوصيك أن تحسني التصرف وأن تأتمرا بينكما بالمعروف. فيمكنك مثلا أن تعرضي عليه أن تقضي العيد مرة في بيتكم ومرة عند إخوته أو تقضيا بعض الوقت في بيتكم، ثم بعد ذلك تذهبان لزيارة أهله أو غير ذلك مما يحقق المصلحة لكليكما.
وللفائدة تراجع الفت اوى رقم: 15110، 18911، 23279، 35823.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1430(13/6952)
استحباب خدمة الزوجة أهل زوجها برضاها
[السُّؤَالُ]
ـ[أتوجه إليكم بالسؤال التالي طالباً من فضيلتكم التكرم بالرد عليه بما فتح الله عليكم من العلم راجياً من الخالق جل وعلى أن يجزل لكم الثواب:
أنا أم لولدين تزوج الأول وسكن في شقة وبقيت مع زوجي وولدي الثاني في الشقة المجاورة وتزوج ولدي الثاني في نفس الشقة التي نسكن فيها بابنة عمته (شقيقة زوجي) وكانت علاقتي بالبنت وبأمها علاقة قوية جدا.
وبعد الزواج بفترة قصيرة أصبت بانزلاق غضروفي في العمود الفقري، الأمر الذي منعني من القيام بأي عمل مهما كان بسيطاً. وبعد مكوثنا مع ولدي وزوجته بسنتين تقريبا، فوجئت بان زوجة ولدي تركت البيت وذهبت إلى بيت أهلها وتطالب ببيت مستقل لها ولزوجها بدون أي سبب يستدعي ذلك خاصة وانه لا يوجد لدي سوى ولديّ المذكورين وليس لدي بنات وأنا غير قادرة على رعاية نفسي وزوجي ولم يصدر مني تجاهها أي شيء يستدعي غضبها بل كنت أعاملها كابنتي كما أني غير قادرة على فراق أولادي ولا أتحمل غيابهم عني ولو ليوم واحد.
وحاولنا معها ومع أهلها لإصلاح الأمر والعودة إلى ما كنا عليه لكننا قوبلنا بالإصرار الشديد من الجميع على أن تخرج هي وولدي لبيت آخر وأنها لا تستطيع البقاء معنا ورعايتنا وبالإمكان كوضع مؤقت أن نظل معها شهرا أنا وزوجي ثم نعيش مع ولدي الأكبر شهرا (وهكذا بالتناوب) . مع العلم (أن زوجة ولدي الأكبر موظفة وعندها ثلاثة أبناء) بينما الأخرى ليست موظفة وليس لديها أبناء وكانت تقضي معظم وقتها (صباحاً مساء) في بيت أهلها لقربه من منزلنا وكنا نتحمل تقصيرها في رعايتها لنا وإهمالها لنا ولم نظهر شيئا سوى الرضى والحب وكنا نخفي ذلك عن ولدي خشية المشاكل. وقد شكل هذا التصرف منها ومن أهلها صدمة عنيفة لنا لأنه غير مبرر ولأن العلاقة بيننا كانت قوية جداً.
ولأنني غير قادرة على فراق ابني تركت لها البيت أنا وزوجي وسكنا مع ولدي الأكبر في الشقة الأخرى، وخرجت من بيتي وأنا منهارة وأبكي بكاءً شديداً وبأعلى صوتي لأني لم أكن متوقعة أنني سأتعرض في حياتي لمثل هذا الموقف. وبعدها وافق أبوها بإعادتها إلى البيت بعد خروجنا منه بشرط أن لا يدخل منا أحد عند ابنته.
وبعد فترة أظهرت هي وأهلها استياءهم لعدم دخولنا عندهم (وذلك حرجاً من الناس فقط) ولكنني بعد ما حدث لم أستطع الدخول لا عندها ولا عند أهلها وتحول حبي لها ولأمها إلى كرهٍ وأدعوا عليهما ولي على هذا الحال حوالي عشرة أشهر. وفي المقابل هناك قطيعة من قبلهم والتواصل بيننا منعدم وأنا في حالة قلق وخوف من الحرام بسبب هذه القطيعة ومما أجده في نفسي من كرهٍ لم أستطع التغلب عليه.
لذا أفيدونا جزاكم الله عنا خير الجزاء بما يتوجب علينا عمله وقاية من الوقوع في الحرام واتقاءً لغضب الله تعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي التفريق - خاصة عندما يغلب الشح, ويحضر الشيطان والهوى- بين الحقوق الثابتة الواجبة شرعا, وبين ما لا يجب ولا يلزم، وإنما يجري مجرى مكارم الأخلاق ومحاسن العادات.
أما في المقام الأول وهو مقام الواجبات فإنه لا يجب على الزوجة شرعاً خدمة والدي زوجها، ولا يلزمها ذلك سواء كان الوالدان في حالة الصحة أو المرض, لكن ليس من المعاشرة بالمعروف للزوج أن يكون والداه موجودين في المنزل وكلاهما أو أحدهما مريض, أو محتاج إلى الخدمة ثم لا تقوم الزوجه بخدمتهما من إعداد الطعام لهما أو غسل ثيابهما ونحو ذلك، وإذا كان الله عز وجل قد أمر بالإحسان إلى من لم تربطه بالإنسان إلا علاقة السفر العارضة بخدمته وقضاء مصالحه، كما قال الله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً {النساء:36} . والصاحب بالجنب هو الرفيق المسافر، أقول: إذا كان الأمر كذلك، فكيف بأبوي الزوج الذي أوجب الله طاعته وحث الشارع على حسن معاشرته وإرضائه. لا شك أنهما أولى بالإحسان إليهما والرفق بهما وخصوصاً إذا لم يكن لديهما بنات.
فإن فعلت الزوجة ذلك تطوعاً منها واحتسابا كانت مأجورة مثابة إن شاء الله تعالى، ولا حرج على الزوج في أن يطلب ذلك منها بل ولا أن يتزوجها بهذا القصد، فقد صح عن جابر رضي الله عنه أنه تزوج ثيباً، فقال له رسول الله صلى الله عليه: فهلا بكراً تلاعبها وتلاعبك، فقال: يا رسول الله قتل أبي يوم أحد وترك تسع بنات فكرهت أن أجمع إليهن خرقاء مثلهن، ولكن امرأة تمشطهن وتقوم عليهن، قال: أحسنت. رواه الشيخان، قال العراقي في طرح التثريب: وفيه جواز خدمة المرأة زوجها وأولاده وأخواته وعياله، وأنه لا حرج على الرجل في قصده من امرأته ذلك، وإن كان لا يجب عليها، وإنما تفعله برضاها. انتهى.
وأما طلب الزوجة لمسكن مستقل بها فهذا من حقوقها المقررة شرعا، والذي كفلته لها الشريعة الغراء, وقد سبق بيان هذا بالتفصيل في الفتاوى رقم: 5034، 9517، 34173.
مما سبق يتبين أن هذه المرأة لم تأت بظلم ولا عدوان يجيز لك بغضها والدعاء عليها, فيكون دعاؤك عليها حينئذ من باب الإثم والقطيعة وهو حري ألا يجاب، بل وأن يكتب في ديوان السيئات, فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. رواه مسلم.
ولتعلمي أن هجر المسلم عموما دون مسوغ شرعي حرام لا يجوز لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.
وجاء في سنن أبي داود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار. صححه الألباني.
بل قد جاء وعيد شديد فيمن هجر أخاه سنة، فقد روى أحمد وأبو داود وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه. صححه الألباني.
جاء في فيض القدير: أي مهاجرته سنة توجب العقوبة كما أن سفك دمه يوجبها، والمراد اشتراك الهاجر والقاتل في الإثم، لا في قدره، ولا يلزم التساوي بين المشبه والمشبه به، ومذهب الشافعي أن هجر المسلم فوق ثلاث حرام إلا لمصلحة كإصلاح دين الهاجر أو المهجور أو لنحو فسقه أو بدعته. انتهى.
لذا فإنه يجب على جميع الأطراف أن يتقوا الله سبحانه، وأن يسعوا إلى إزالة أسباب النزاع والشقاق, وأن يصلحوا ذات بينهم, فقد قال سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ {الأنفال:1} , وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى. قال: صلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وللفائدة تراجع الفتاوى رقم: 80279، 33290، 113709.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1430(13/6953)
أهل زوجها يسيئون إليها ويلجأون للسحر للتفريق بينهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ 7 سنوات ولدي طفلان ومتزوجة في شقة في بيت أهل زوجي، ومنذ زواجي وهم دائموا المشاكل معي ومع أهلي، عندما يأتي أحد لزيارتي يكرهون زوجي فيه دائماّ ولكني أتقي الله وأملي أن يتبدل الحال إلى الأحسن لكي لا أخرب بيتي إلى أن عرفت أن خالة والده؟ دجالة كبيرة ومعروفة في القاهرة ويذهبون إليها ويسحرونه ويجعلونه يكرهني ودائم الشجار معي ويراني دائما أني وحشة وفيه كل الصفات السيئة على الرغم من أنني أعامله بما يرضى الله لأنني والحمد لله أصلي وأؤدي كل الفروض أما هو فلا يصلى نهائيا وتعبت من كثرة كلامي معه على الصلاة إلى أن تركت الأمر لله فلا أعرف ماذا أفعل وأنا لا أحب أن أذهب إلى الدجالين لإبطال السحر له لأني لا أحب أن أخسر ديني ولا أريد أن أغضب الله وهل الجان والسحرة يتحكمون بحياتي بهذه الصورة دون مرد؟ فلا أستطيع أريد أن أقول (حسبي الله ونعم الوكيل) وأريد مشورتكم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يصلح الحال بينك وبين أهل زوجك، وأن يرزقهم التقوى وحسن الخلق، فلا شك أن ما يفعلونه من التدخل في أموركم، ومحاولة إفساد العلاقة بينك وبين زوجك من الأمور المحرمة شرعاً.
ويزداد الفعل شناعة وقبحا إن كان الأمر كما ذكرت من لجوئهم للسحرة والمشعوذين للوصول إلى أغراضهم الخبيثة, فهذا من كبائر الذنوب.
فقد جاء في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة العشرون والحادية والثانية والثالثة والعشرون بعد الثلاثمائة: السحر الذي لا كفر فيه وتعليمه كتعلمه، وطلب عمله، قال تعالى: واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون. في هذه الآيات دلالات ظاهرة على قبح السحر وأنه إما كفر أو كبيرة كما يأتي في الأحاديث. انتهى.
أما ما تذكرين من كون زوجك لا يصلي فالذي ننصحك به هو مناصحته فيما يرتكبه من تفريط عظيم في حق الله سبحانه بترك الصلاة، وإعلامه بأن ترك الصلاة بالكلية كفر على الراجح من أقوال أهل العلم، إذا كان ذلك تكاسلاً وتهاوناً، أما إن كان جحودا فهو كافر بالإجماع، فالأمر جد خطير فليتدارك نفسه وليبادر إلى إقام الصلاة والتوبة إلى الله عز وجل.
فإن لم يجد ذلك شيئاً وأصر على ترك الصلاة فلا خير لك في البقاء معه، وعليك بطلب الطلاق منه ورفعه للقضاء إن لم يفعل، ولعل الله يعوضك خيراً منه، ويرزقك مأوى تستقرين فيه.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما حكم بقاء المرأة المتزوجة من زوج لا يصلي وله أولاد منها؟ فأجاب: إذا تزوجت امرأة بزوج لا يصلي مع الجماعة ولا في بيته فإن النكاح ليس بصحيح، لأن تارك الصلاة كافر، كما دل على ذلك الكتاب العزيز والسنة المطهرة وأقوال الصحابة، كما قال عبد الله بن شقيق: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة.
والكافر لا تحل له المرأة المسلمة لقوله تعالى: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنّ. {الممتحنة:10} .
وإذا حدث له ترك الصلاة بعد عقد النكاح فإن النكاح ينفسخ إلا أن يتوب ويرجع إلى الإسلام.
وبعض العلماء يقيد ذلك بانقضاء العدة، فإذا انقضت العدة لم يحل له الرجوع إذا أسلم إلا بعقد جديد.
وعلى المرأة أن تفارقه ولا تمكنه من نفسها حتى يتوب ويصلي ولو كان معها أولاد منه؛ لأن الأولاد في هذه الحال لا حضانة لأبيهم فيهم. انتهى.
أما إن استجاب وأناب إلى ربه وأقام الصلاة, عند ذلك عليكما بالرقية الشرعية وسيينفعكما الله بها من كيد الكائدين ويصرف عنكما بها شرور السحرة والشياطين.
واعلمي أنه لا يجوز اللجوء إلى السحرة والمشعوذين في فك السحر فهذا حرام, فقد روى البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: إن الله لم يَجعَل شفاء أمتي فيما حَرَّم عليها.
وروى ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى لم يجعل شفاء أمتي فيما حَرَّم عليها.
وروى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا عباد الله تَداوُوا، فإن الله لم يَضَعْ داء إلا وَضَع له دواء. وفي رواية لأبي داود: فَتَداوُوا ولا تَتَداوَوا بالمحرَّم.
واللجوء للسحرة من المحرمات بالاتفاق، فلا يجوز تعاطي ذلك، ولأن الذهاب إلى الساحر والطلب منه يكون رضاً بما صنع أو إقراراً له على ما يصنع، وهذا لا يجوز بحال, فعن جابر رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النشرة، فقال: هي من عمل الشيطان رواه أحمد بإسناد جيد.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى: النشرة حل السحر عن المسحور، وهي نوعان:
أحدهما: حل بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان، وعليه يحمل قول الحسن البصري: لا يحل السحر إلا ساحر، فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب، فيبطل عمله عن المسحور.
الثاني: النشرة بالرقية والتعوذات والأدعية والدعوات المباحة فهذا جائز. انتهى.
وأما سؤالك عن تحكم السحرة والجن في حياتك فنقول, كل ما يحدث في هذا الكون هو بإرادة الله سبحانه ومشيئته, ولا يستطيع السحرة ولا الجان أن يضروا أحدا إلا بإذن الله سبحانه, قال سبحانه: وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ {البقرة:102} .
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 76641، 61454، 10981.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1430(13/6954)
حكم هجر الزوجين لبعضهما
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: ما هو الحكم الشرعي في زوجين يعيشان مع بعضهما في منزل واحد ولكن لا يكلم أحدهما الآخر وهذه الحال منذ ما يقارب الست سنوات. فالزوج لا يريد الطلاق كي لا يخسر منزله الذي هو سبب النزاع لأن الزوجة أرادت بيع المنزل الذي شاركت في بنائه. حيث إن الزوج وعدها سابقا أن يكتب لها نصفه فحصل النزاع لأن الزوج رفض البيع أو كتابة نصف المنزل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبخصوص سبب النزاع وهو رفض الزوج كتابة نصيب الزوجة في البيت لها مع مشاركتها في بنائه، فهذا ظلم لا يجوز؛ لأن المرأة لها ذمتها المالية المستقلة، ولها حقها الكامل في التملك والتمليك، وطالما شاركت في بناء هذا البيت، فلها نصيبها بالقدر الذي شاركت به، ولا يجوز لزوجها أن يمنعها ذلك، فإن فعل فقد ظلمها وغصب حقها، وقد بينا حكم ذلك في الفتوى رقم: 45960، وذكرنا هناك أن للزوجة حق مطالبته بنصيبها ديانة وقضاء.
أما بخصوص هجر كل من الزوجين للآخر فهذا لا يجوز، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.
وجاء في سنن أبي داود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار. وصححه الألباني.
بل قد جاء وعيد شديد فيمن هجر أخاه سنة، فقد روى أحمد وأبو داود وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه. صححه الألباني.
جاء في فيض القدير: أي مهاجرته سنة توجب العقوبة كما أن سفك دمه يوجبها، والمراد اشتراك الهاجر والقاتل في الإثم لا في قدره ولا يلزم التساوي بين المشبه والمشبه به، ومذهب الشافعي أن هجر المسلم فوق ثلاث حرام إلا لمصلحة، كإصلاح دين الهاجر أو المهجور أو لنحو فسقه أو بدعته. انتهى.
فعلى الزوجين أن يتوبا إلى الله سبحانه وأن يسارعا إلى إصلاح ذات بينهما، فقد قال سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ {الأنفال:1}
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى، قال: صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وللفائدة تراجع الفتاوى رقم: 100053، 93919، 2589.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1429(13/6955)
هل يجب على الزوجة خدمة أم زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة من رجل مصري مسافر ببلد عربي تركني عند أهلي ويريد مني أن أعيش بشقته مع والدته، وأخوه أعزب لكنه يعيش بشقة مجاورة لنا وأنا ما زلت صغيرة 21 سنة ومتزوجة حديثا وليس لي القدرة على أن أعيش مع والدته حيث إن سنها كبير ومريضة لديها ابنتها التي ترعاها لكنها تريد أن تتخلص من خدمة أمها فتثقل علي لوحدي بهذه المسؤولية رغم أنني قلت أكثر من مرة لزوجي أني لا أقدر على هذه المسؤولية ولا أقدر أن أسكن في شقة بدون زوجي، ولكنه يضغط علي وأنا ليس لي الخبرة في التعامل مع أمه غير أنها تتعب باستمرار فإذا حصل لها شيء ستكون مسؤوليتي أمام عائلته ولن أستطيع التصرف إذا مرضت فمن سيذهب بها إلى الدكتور وزوجها أي حماى متزوج من أخرى وغير مهتم بموضوعها فهل من الشرع أن يتركني لوحدي في شقتي وليس معي أحد أتكل عليه غير أن زوجي غيور جداً وكان معي في أيام الخطوبة شكاكا أيضا وأنا أعلم أن ألسنة الناس لن تتركني بحالي إذا سكنت بالشقة لوحدي وعيونهم ستتابعني وإذا بلغه شيء عني حتى لو ظلما أعلم أنه سوف يصدق ومن الممكن أن يؤدي للطلاق فماذا أفعل وهل خدمة أمه واجبة على ابنتها أم علي أنا هل أتمسك بوجودي عند أهلي وهل هو حرام عليه ألا يلبي دعوة أمه بأنها تظل بالشقة حيث إنها تسكن مع ابنتها بالقاهرة وهي تريد العودة إلى بلدها وهي الشرقية وهل طالما والد زوجي معارض فكرة نزول والدة زوجي إلى الشرقية يجب على زوجي أن يكف عن التفكير فى نزول والدته أو لا ويكون غير آثم، وهل أنا من الأساس حرام علي إذا لم أخدمها وطبعا لأني لا أقدر بكل النواحي وليس لدي القوة ولا القدرة على تحملها؟ شكراً وأرجو الرد سريعاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن خدمة الأم ورعايتها إذا احتاجت إلى ذلك تجب على أولادها بنات كن أو أبناء، ولا تجب على زوجة الابن خدمة أم الزوج ولا رعايتها ولا تأثم إذا امتنعت عن ذلك..
وعليه فإذا كانت أم زوج السائلة تحتاج إلى رعاية وخدمة فيجب على ابنتها وابنها القيام بذلك، ولا يجب على السائلة وليس من حق زوجها أن يرغمها على ذلك، كما أنه ليس من حقه أن يخالف والده إذا كان لا يوافق على انتقال زوجته -الأم المذكورة- إلى بلد آخر بل لا يجوز له ذلك ولا يجوز أيضاً لأمه أن توافقه عليه ما دام زوجها لا يرضى به.
إذ من المعلوم أن المرأة لا يجوز لها الخروج من بيت زوجها إلا بإذنه ما لم تتضرر من البقاء في البيت، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 80693.
وأخيراً ننصح السائلة في حالة ما إذا انتقلت أم زوجها إلى الشقة وسكنت معها بالرفق بها ومساعدتها حسب استطاعتها كما ننبهها على وجوب طاعة زوجها إذا أمرها بالانتقال إلى السكن الذي وفره لها إذا كانت لا تتضرر بالسكن فيه ولا تتأذى، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28141، 33290، 28141.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1429(13/6956)
للزوجة والأولاد حقوق كما للأم حقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أرجو النصيحة ماذا أفعل فأنا متعبة جداً، قصتي يا شيخ أن حماتي تبلغ من العمر 84 وأولادها مغتربون ومن بينهم زوجي وكانت تقضي وقتها عند أولادها إلا أنها قبل سنتين مرضت وأرادت أن تستقر في بيتها في فلسطين ولا أحد يوجد فيه ولها بنتان في نفس البلد متزوجتان فقام زوجي ببعثي أنا وأولادي لخدمتها على أن يستقر هو عندنا السنة المقبلة فوافقت ونزلت على هذا الشرط والآن أنا أقيم عندها وهي تعافت الآن وبسبب الوضع في فلسطين لم يجد وظيفة ولنا أولاد في الجامعات ومصاريفهم كثيرة فبقي في الخليج، مشكلتي أن لي أولادا مراهقين لا أقدر على تربيتهم وحدي فطلاب المدارس هنا سيئؤا الأخلاق ويسبون الله ويتكلمون بكلام بذيء وبدأت ألاحظ ذلك على أولادي فقلت لزوجي إننا نخسر أولادنا يجب أن تأخذنا عندك فرفض بسبب أنه لا يريد ترك أمه، مع العلم بأن ابنها الأكبر يطلب منها القدوم عنده ودائما يلوم زوجي لأنه أخذ أمه من عنده إلا أن أمه لا تريد الذهاب وتريد البقاء في بيتها لأن هناك حشرا وفي بيتها تنزل في الحارة عند صاحباتها، أقنعت زوجي أن يضع أمه عند أخيه ولها في بلد أخيه بنتان أيضا ويضعون لها خادمة ويبعث لها فلوسا ويذهب لرؤيتها وقتما يشاء فرفض وخاف أن يكون هذا من عقوق الوالدين لأن أمه لا ترتاح إلا عنده وبالأخص لأني أنا أعاملها أفضل من زوجات أولادها وكذلك أولادي وتحب زوجي أكثر من غيره، فماذا أفعل الآن وأنا بأشد الحاجة لزوجي وأخاف أن أفقد أولادي وتسوء أخلاقهم بحاجة لأبيهم في هذا السن وزوجي يعيش عيشة ضنكا ودائما يقول لي إن حياته جحيم وأنت تدري يا شيخي بالفتن الموجودة في عالمنا إلا أنه يريد أن يضحي لأجل أمه هي دائما تقول له خذ زوجتك وأولادك عندك وقال لها إن أردت ذلك اذهبي عند أخي ولا تكوني لوحدك فرفضت الذهاب فرفض أخذنا وترك أمه لوحدها فماذا أفعل يا شيخي أرجوكم ساعدوني قبل أن أخسر أولادي وأطلب الطلاق من زوجي إن أصر على موفقه ودائما أقول له إن أمك لها 5 بنات و3 أولاد وأنا وأولادي ليس لنا إلا الله ومن ثم أنت وبنتاها الموجودتان هنا يقمن بالخبيز لها وغسلها ولا يقصرن معها فأرجوكم ماذا أفعل ولا تهملوا سؤالي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فجزى الله زوجك خيراً على بره بأمه وسعيه الحثيث على مصلحتها وراحتها، وجزاك الله خيراً على ما تقومين به من طاعة لزوجك وبر بأمه، ولكن ليعلم الزوج أن لزوجته وأولاده عليه أيضاً حقوقاً عظيمة، والمؤمن الفطن هو الذي يوازن بين أصحاب الحقوق ليوفي كل ذي حق حقه ولا يعطي حقاً ويضيع حقوقاً.
أما بخصوص سفر الزوج فقد قرر أهل العلم أن الزوج له أن يسافر ويغيب عن زوجته ستة أشهر فأقل ولو لم تأذن له زوجته وليس له أكثر من ذلك لغير داع يقتضي ذلك، إلا بإذنها، لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه سأل ابنته حفصة: كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: خمسة أشهر، ستة أشهر، فوقت للناس في مغازيهم ستة أشهر.. يسيرون شهراً ويقيمون أربعة ويسيرون شهراً راجعين.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وسئل أحمد أي ابن حنبل رحمه الله: كم للرجل أن يغيب عن أهله؟ قال: يروى ستة أشهر.
وقال صاحب كشاف القناع من فقهاء الحنابلة: وإن لم يكن للمسافر عذر مانع من الرجوع وغاب أكثر من ستة أشهر فطلبت قدومه لزمه ذلك. انتهى..
ولكن يستثنى من التقييد بهذه المدة السفر الواجب كالحج والذي لا بد له منه كالسعي في الأرض لطلب الرزق.
قال صاحب كتاب (الإنصاف) : قد صرح الإمام أحمد رحمه الله تعالى بما قال. فقال في رواية ابن هانئ وسأله عن رجل تغيب عن امرأته أكثر من ستة أشهر؟ قال: إذا كان في حج أو غزو أو مكسب يكسب على عياله أرجو أن لا يكون به بأس، إن كان قد تركها في كفاية من النفقة لها، ومحرم رجل يكفيها. انتهى.
وبناء على ذلك فلو كان هذا الزوج يملك من أسباب الرزق في بلده ما يوفر له ضروريات الحياة وحاجياتها فقط دون التحسينيات والترفيهيات فلا يجوز له أن يسافر أكثر من ستة أشهر إلا بإذنك، أو يصطحبك معه، فإذا لم يفعل ورفض الرجوع أو اصطحاب زوجته معه وتضررت الزوجة بذلك فيجوز لك حينئذ طلب الطلاق.
وأما بخصوص بقائك مع أم زوجك في بيتها فهذا لا يلزمك شرعاً ولا تجب عليك خدمتها خصوصاً وقد ذكرت أن لها بنات يستطعن خدمتها، ولكن إن فعلت فأنت مأجورة على ذلك.
فذكري زوجك بحقوقك عليه وحقوق أولاده وأنه لا يجوز له أن يضيعكم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1429(13/6957)
حول معاشرة الزوج زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[فقه معاشرة النساء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود بذكر هذه العبارة غير واضح، ولكن إن كنت تعني السؤال عن معاشرة الزوج زوجته.. فإن هذا الأمر مطلوب شرعا قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19} ، قال أبو السعود في تفسيره: وعاشروهن بالمعروف خطاب للذين يسيئون العشرة معهن، والمعروف ما لا ينكره الشرع والمروءة، والمراد ههنا النصفة في المبيت والنفقة والإجمال في المقال ونحو ذلك. انتهى.
وقال ابن كثير في تفسيره: أي طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف. انتهى.
فينبغي لكل من الزوجين أن يعرف حق الآخر عليه فيؤديه له على وجهه الأكمل، وبذلك تتحقق السعادة في الحياة الزوجية وتحسن العشرة بينهما.
ولمعرفة الحقوق المشتركة بين الزوجين راجع الفتوى رقم: 27662، وهنالك بعض الآداب المتعلقة بالجماع خاصة، فراجعها بالفتوى رقم: 3768.
ولعلك إذا راجعت كتب الفقه وكتب السنة تجد كثيرا من النصوص التي تتعلق بفقه معاشرة النساء، فقد عقد العلماء في هذه الكتب أبوابا بهذا الخصوص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1429(13/6958)
حكم الإساءة إلى أم الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي مع أمي هي من زمان كان عندها مشاكل مع جدتي أم أبي وصدق جدتي كانت شريرة بس هي الآن كبرت وتغيرت والآن قاعدة عندنا لأن أبي سافر وأحضرها عندنا حتى ما نقعد لحالنا نحس بالوحدة أمي صارت تعاملها بطريقة مرة مزعجة ولا مرة شفتها قعدت وكلمتها جدتي من الصبح إلى الليل وهي قاعدة بالصالة ولا أحد يكلمها نحن بالمدرسة وأمي ما تكلمها تخيلوا حتى الغداء والعشاء ما تأكل معها تحط لجدتي لوحدها وبعدين بتقول لنا ومرة أعطت لها أشياء وجدتي قعدت تشوفهم وما كملت ثانية حتى أمي قالت لها: شنو هذا كلمة شكراً ما قلتها لي لازم أعطيك بالغصب أو هذا واجب ولما راحت أمي قالت جدتي لا أنا ما أبغيهم ما أحب الذي يقول لي هذا الشيء والله إن أمي صرت أحس أنها شريرة مع جدتي حتى خالتي لما تحضر عندنا تعامل جدتي معاملة أحسن من أمي ولما أقول لأمي تضربني وتشاجرني وتقول لي لا تحاسبيني وبعدين كفايا عليها أن أنا تاركتها في بيتي وتأكل وتشرب من خيري، والله أنا خلاص لا أعرف أمي على حق ولا على باطل لأنها يمكن تبغي تنتقم منها، أريد أن أعرف حكم الذي تفعله أمي.. ساعدوني؟ الله يخليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حسن عشرة المرأة لزوجها إحسانها إلى أهله، والتغافل عن زلاتهم، وإعانته على بر والديه وصلة رحمه، وإذا كانت خدمة أهله ليست واجبة على الزوجة، فإن الإساءة إلى أم الزوج تعد من سوء العشرة، ومما يتنافى مع أخلاق الإسلام، فقد أمر الشرع بالإحسان إلى الناس وعدم إيذائهم، ولو كانوا من الخدم أو الرقيق، بل أمر بالإحسان إلى البهائم، وجعل الإحسان إلى الناس من أفضل أعمال البر، ومن أسباب شرح الصدور ومغفرة الذنوب وتثقيل الموازين يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق. رواه الترمذي، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
كما أن الإنسان إذا صنع معروفاً لغيره فينبغي أن يكون قصده به رضا الله، ولا يمن عليه أو يؤذيه، فإن ذلك يؤدي إلى إحباط أجره، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى&1648;.. {البقرة:264} ، فالواجب عليك أن تحسني صحبة جدتك وتبريها بما تقدرين عليه من أنواع البر، كخدمتها ومؤانستها وإلانة الكلام لها، وعليك أن تنصحي أمك وتبيني لها خطأ إساءتها إلى جدتك، وفضل الإحسان إليها، مع مراعاة الطريقة اللائقة بمخاطبة الوالدين، من التوقير والرفق وخفض الجناح، مع كثرة الدعاء لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(13/6959)
جمع الزوج بين بر أمه وحسن عشرة زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج منذ 3 سنوات وليس لي أولاد ولا يوجد عيب بي أو بزوجتي ولكنها إرادة الله، وبعد السنة الأولي من الزواج طلبت أمي مني الانتقال للعيش معي لأنها تشعر بالوحدة وبدأت بالفعل أحس فيها بمظاهر الاكتئاب. وبدأت المشاكل منذ انتقال أمي للعيش معنا علي الرغم أنها كانت خير معين لزوجتي وأقسم بالله أنها كانت تتعامل معها ولو أنها بنتها ولكن زوجتي ما كانت تطيق ذلك بحجة أنها نفسها تحس أنها ست بيت وأن أمي لا تترك لها مساحة لذلك وأمي بطبيعة الحال نشيطة جداّ وكانت تعمل أعمال البيت لإحساسها أن دورها لم ينته في الحياة وأنها تساعدها فقط.
المهم، بدأت زوجتي تتذمر من الوضع وتطلب مني أن ننتقل للعيش في شقة أخرى أو أن أبحث عن فرصة عمل في الخارج أو أن تنتقل أمي للعيش بمفردها في شقتها مرة أخرى، وأنا أحاول معها بالحجة والبرهان أن ديننا الحنيف أمرنا بواجبات تجاه الأهل وأن عليها الصبر وجزاؤها عند الله ولكن مع كل مرة كانت تغضب وتذهب لبيت أمها، ففي ثلاث سنوات تركت زوجتي بيت الزوجية 4 مرات.
سؤالي هو: هل أنا قصرت في حق زوجتي أمام الله مع العلم أنني كنت أوفيها جميع حقوقها وطلباتها سواء طلبت أو فكرت في شيء وهل إذا طلبت الطلاق لها الحق في مطالبتي بأي حقوق مادية من نفقة ومؤخر وهل هي ممن قال عنهم رسول الله ما معناه: أيما امرأة طلبت الطلاق من غير ما بأس حرمت عليها رائحة الجنة. وجزاكم الله خيرا.
ملحوظة: ما تكلمت معها أو أمي مرة واحدة عن الذرية ولكن كل مرة نذهب فيها للطبيب كنت أقول لها: المال والبنون زينة الحياة الدنيا. وأن الذرية رزق من الله يمنحه ويمنعه كيفما ووقتما يشاء وأقسم بالله أن أمي أيضا كانت تقول لها هذا الكلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يرزقكما الذرية المباركة وأن ييسر لكما أموركما، أما عن سؤالك فإن حق الأم عظيم، وبرها من أوجب الواجبات ومن أعظم القربات ومن أهم أسباب رضا الله.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك. رواه البخاري ومسلم.
كما أن من حق الزوجة على زوجها أن يوفر لها مسكنا مستقلا لا تتعرض فيه لضرر، والمقصود بالمسكن المستقل أن يكون للزوجة حجرة مع ملحقاتها من ممر ومطبخ ومكان قضاء الحاجة، ومن المعلوم أن الزوجة لا يلزمها خدمة أم الزوج أو غيرها من أقاربه لكن إن فعلت ذلك فلا شك أنه من حسن العشرة ومن مكارم الأخلاق، وعلى ذلك فليس من حقك أن تجبر زوجتك على السكن مع أمك في مسكن واحد مشترك المرافق ما دامت زوجتك متضررة من ذلك، لكن خروجها من بيتك إلى بيت أهلها من غير إذنك سلوك خاطئ مخالف للشرع.
وأما عن حقوقها في حالة طلبها الطلاق فإن لها حقوق المطلقة المشروعة، من النفقة في العدة ومؤخر الصداق، وليس طلبها للطلاق طلبا من غير بأس حتى تدخل في الحديث المذكور، ولكن لا ننصح بذلك، وإنما عليك أن تعالج الأمر بحكمة وتجمع بين بر أمك وحسن عشرة زوجتك، فيمكنك أن توفر لزوجتك مسكنا مستقلا ولو غرفة في البيت بمرافقها أو تسكن أمك قريبا من سكنك حتى تتمكن من القيام برعايتها ومؤانستها وعليك بالاستعانة بالله عز وجل وكثرة دعائه إنه قريب مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(13/6960)
هل يجب على الزوج إيقاظ زوجته لصلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[نمت البارحة قبل زوجي وكنت في خلاف معه فلم أقل له إني ذاهبة للنوم ولم أحيه قبل النوم، ردة فعله كانت أنه لم يوقظني زوجي لصلاة الفجر كما هي العادة، ففاتني الوقت وعندما سألته عن السبب, قال إنه كان غاضباً مني فلم يوقظني..
سؤالي هو: ما الحكم الشرعي في عدم إيقاظ الزوج لزوجته لصلاة الفجر لأنه غاضبٌ منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي للزوج ترك زوجته نائمة عن الصلاة، وقد كان مستحبا له إيقاظك لها سيما وهو يعلم رغبتك في ذلك لكن لا إثم عليك في نومك ما دمت قد نمت قبل دخول الوقت.
قال النووي في المجموع: يستحب إيقاظ النائم للصلاة لا سيما إن ضاق وقتها لقوله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى.
ومن أهل العلم من مال إلى وجوب إيقاظ النائم.
قال القرطبي: لا يبعد أن يقال إنه واجب في الواجب ومندوب في المندوب لأن النائم وإن لم يكن مكلفا لكن مانعه سريع الزوال فهو كالغافل وتنبيه الغافل واجب. انتهى.
وعلى القول بوجوب إيقاظ النائم للصلاة فإن زوجك يأثم بعدم إيقاظك، وأما على القول بالندب والاستحباب فلا إثم عليه لكنه ترك الأولى والمستحب.
وننبهك إلى أنه قد ورد في الحديث: ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع, وامرأة نامت وزوجها عليها ساخط, وإمام أم بقوم وهم له كارهون. رواه الترمذي، وصححه الألباني.
فإذا كان زوجك قد غضب عليك بحق فكان الواجب عليك ترضيته لئلا يشملك الوعيد الوارد في الحديث.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30008، 55182، 99848.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(13/6961)
هل يؤدي تحبب المرأة لزوجها إلى إهمال الزوج لها
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل الله لنا ولكم العفو والعافية في الدنيا والآخرة.. شيخي الفاضل الرسول عليه الصلاة والسلام قال خذوا الولود والودود ... ما المقصود بالودود ... فأنا بصراحة فتاة مقبلة على الزواج وأنا لا أعرف كيفية التصرف مع الرجل كي أكون ممن قال عنهم الرسول عليه الصلاة والسلام.. وبصراحة والله يعلم ما أقول فإنني أخاف إن كنت ودودة بأن يهملني زوجي ... ربما كلامي خاطئ ولكن هذا ما أسمعه من النساء.... والله يعلم بأنني أخاف غضبه ... وخاصة خطيبي مطلّق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الحديث الذي تسألين عنه فهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: ألا أخبركم بخير نسائكم من أهل الجنة! الودود الولود العئود لزوجها التي إذا ظلمت قالت: هذه يدي في يدك لا أذوق غمضاً حتى ترضى. رواه الدارقطني والطبراني وحسنه الألباني.
أما المقصود بـ (الودود) فهي التي تتحبب إلى زوجها، جاء في فيض القدير: الودود: بفتح الواو أي المتحببة إلى زوجها.
واعلمي أيتها السائلة أن حق الزوج على زوجته عظيم، وأن طاعتها له في المعروف من أوجب الواجبات، وأنها لن تؤدي حق ربها حتى تؤدي حق زوجها. هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.. والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها كله حتى لو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه. رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني.
وروى أحمد عن الحصين بن محصن: أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة ففرغت من حاجتها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أذات زوج أنت؟ قالت: نعم، قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك. صححه الألباني.
أرأيت كيف عظم النبي صلى الله عليه وسلم حق الزوج على زوجته وكيف حذرها من مخالفته أو مغاضبته، فكيف يأتي بعد ذلك من يقول إن تحبب المرأة إلى زوجها يؤدي إلى إهمالها، وهل هذا الكلام إلا مناقضة ومخالفة لأمر الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه، نعم قد يؤدي تحبب المرأة لزوجها إلى إهمال الزوج لها وذلك إذا كان الزوج لئيماً ضعيف الدين سيئ الخلق، وهذا حري ألا يزوَّج ابتداء وألا تبقى معه المرأة إذا تزوجت به ويئست من إصلاحه، فقد حث الإسلام على تزويج صاحب الخلق والدين، كما جاء في الحديث: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
يقول ابن رشد في بداية المجتهد: لم يختلف المذهب -يعني المالكي- أن البكر إذا زوجها أبوها من شارب الخمر، وبالجملة من فاسق أن لها أن تمنع نفسها من النكاح، وينظر الحاكم بعد ذلك فيفرق بينهما وكذلك إن زوجها ممن ماله حرام أو ممن هو كثير الحلف بالطلاق.
فاختاري رحمك الله صاحب الدين والخلق زوجاً لك فهو إن أحبك أكرمك وإن كرهك لم يظلمك، وراجعي سمات وصفات الزوجة الصالحة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10561، 1780، 100754.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(13/6962)
كتمان المرأة مشاعرها تجاه زوجها من الحياء المذموم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ سنة وثلاثة أشهر من رجل متدين ولي بنت عمرها ثلاثة أشهر أحب زوجي كثيرا ولكنني عندي مشكلة في التعبير عن حبي له حيث إنني خجولة وزوجي لم يساعدني على تخطي مشكلتي بل كان عصبيا ويعاملني أحيانا بقسوة مما جعلني أخاف أن أعبر له عن حبي فأنا حساسة جدا ولا أحب أن يجرحني أحد أو يحرجني وهو لم يكن صبورا معي قليلا وأصبح بيننا جفاء ومما جعل الأمور تسوء أكثر أنه اتهمني مرة باتهام أفسد كل شيء وقد حاولت كثيرا أن أوضح له الأمر ولم يصدقني، وأنا أقسم بالله أنني بريئة من هذا الذنب ومن يومها وأنا أعاني تبعات هذه المشكلة وهو الآن يريد تطليقي وأنا لا أريد ذلك وطلبت منه إعطاء نفسينا فرصة لإصلاح الأمور فأنا أحبه كثيرا ولدينا طفلة ليس لها أي ذنب وهو إنسان طيب ومعدنه أصيل ولكنه رفض وأنا الآن في بيت أهلي منذ أسبوع ولا أعرف ماذا أفعل هو يقول إن طبعي لم يتماش مع طبعه وليس هناك انسجام فهل هذا سبب يوجب الطلاق بيننا أو هناك سبيل لمعالجة الأمور والإصلاح، أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت أيتها الزوجة عندما استجبت لداعي الخجل وكتمت داخلك مشاعر الحب تجاه زوجك ولم تبوحي له بها, وقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه أنه يحبه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم وصححه الألباني.
قال الخطابي: معناه الحث على التودد والتألف وذلك أنه إذا أخبره أنه يحبه استمال بذلك قلبه واجتلب به وده، وفيه أنه إذا علم أنه محب له وواد له قبل نصيحته ولم يرد عليه قوله. انتهى.
فإذا كان هذا مندوبا إليه بين عموم المسلمين، فمن باب أولى بين الزوجين الّلذيْن يجمعهما عقد النكاح الذي سماه الله سبحانه ميثاقا غليظا, ولعل ما وقر في قلب زوجك من إحساسه بعدم التوافق بينكما إنما سببه هذا الذي كان منك, وهو لا شك خلق مذموم، وليس من الحياء الذي مدحه الشرع في شيء، بل هذا عجز وخور.
جاء في فتح الباري: والحياء الذي ينشأ عنه الإخلال بالحقوق ليس حياء شرعيا، بل هو عجز ومهانة، وإنما يطلق عليه حياء لمشابهته للحياء الشرعي. انتهى.
فعليك أن تطلبي – كما ذكرت – من زوجك أن يعطيك فرصة أخرى, لعل الله سبحانه أن يصلح فيها ما أفسده الشيطان بينكما, فإن الشيطان لا يفرح بشيء كفرحه حين يفرق بين زوجين.
جاء في صحيح مسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئاً، ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، فيدنيه منه ويقول: نعم أنت فيلتزمه.
وذكريه أن الطلاق إنما هو نهاية المطاف وآخر الدواء, ولا يصح اللجوء إليه عند أول بوادر الخلاف, إذ هو أبغض الحلال إلى الله سبحانه لما فيه من التفريق بين المرء وزوجه، ولما يترتب عليه من الخصومات والعداوات بين الأسر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لولا أن الحاجة داعية إلى الطلاق لكان الدليل يقتضي تحريمه، ولكن الله تعالى أباحه رحمة منه بعباده لحاجتهم إليه أحياناً. انتهى.
وذكريه أيضا بابنتكما، وأن من حقوقها أن تنشأ بين أبويها في أسرة مستقرة , فالطلاق أضر شيء بالأولاد غالبا , ويترك آثارا سيئة على نفوسهم ربما تستمر مدة حياتهم , فالحل في مثل هذا أن يلجأ الزوجان إلى معالجة مشكلاتهما بالحكمة والحوار والمصارحة , مع استصحاب نية الإصلاح والخير في ذلك كله.
والله سبحانه يقول: إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء:35} .
أما ما اتهمك به من اتهام تقولين إنك منه بريئة, فحاولي أن تثبتي ذلك له بالقرائن, وذكريه بحرمة الظن السيئ بالمسلمين, وأن من حق المسلم على أخيه أن يحمل تصرفاته على أحسن الوجوه وأجملها.
قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ {الحجرات: 12} .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شراً وأنت تجد لها في الخير محملاً.
وقال ابن سيرين رحمه الله: إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذراً، فإن لم تجد فقل: لعل له عذراً لا أعرفه.
ويمكنك أن تستعيني عليه بمن يذكره بهذه المعاني من أهل العلم والفضل الذين وضع الله لهم قبولا عند الناس في بلدكم أو فيما جاورها.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 96545 , 2589 , 110201.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1429(13/6963)
زوجها يستمع إلى الأغاني ويجبرها على الاستماع إليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة ملتزمة بشرع الله ومتزوجة منذ 5سنوات برجل خلوق كريم طيب العشرة وعندي منه أولاد لكنه يحب سماع الأغاني والموسيقى طوال اليوم أي لا يقل عن 8 ساعات في اليوم، ويجبرني على سماعها ويأمرني أن أحفظها على ألحانها لكي نغني معاً فهذه غاية السعادة والمنى عنده، وأنا كارهة لها وأعلم أنها محرمة ...
ومنذ بداية زواجنا قال لي أنا أحب سماع الأغاني وثوبي دائما مسبل وطويل وعملي فيه اختلاط وأنا بحكم العمل مجبر على تكليم النساء وممازحتهن في الكلام لأن هذا من طبعي فأنا بشوش وخفيف دم وأعلم أن كل ذلك حرام، فإذا لم ترضي بي وتتقبليني كما أنا فهناك أكثر من ألف واحدة تتمناني.
أنا أحب زوجي كثيرا ولا أقوى على فراقه وأتمنى أن أسعده لكن من دون معصية الخالق.
ملاحظة: سمعت أن الشيخ القرضاوي أفتى بحلية الأغاني وكذلك الحبيب الحفري؛ ولكن أنا أريد دليلا شرعيا وحجة قوية على جواز سماعها.
فأرشدوني رعاكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاستماع الغناء المصحوب بالموسيقى محرم عند جماهير العلماء، بل نقل بعض العلماء الإجماع على ذلك، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 5282.
فلا شك أن ما يفعله زوجك من استماع الغناء والموسيقى وإدمانه على ذلك أمر منكر، لا يجوز إقراره عليه، ولا يحل لك مشاركته فيه ولو أمرك بذلك، لأن الطاعة إنما تكون في المعروف، فعن عليّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ رواه البخاري ومسلم.
ولا يبرر لك طاعته في ذلك أنه قد اشترط عليك قبل الزواج، فإن الشروط التي تشتمل على معصية، شروط باطلة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا رواه الترمذي وصححه الألباني.
فالواجب عليك تجنب استماع هذه الأغاني، ووعظ زوجك ونصحه بالرفق وتذكيره بخطر تماديه في ذلك فإن استماع تلك الأغاني يفسد القلب ويصد عن ذكر الله، وعليك بإطلاعه على كلام أهل العلم الموثوقين، في تحريم المعازف، وتشجعيه على حضور مجالس العلم، ومصاحبة الصالحين، واستماع الأشرطة النافعة للدعاة المصلحين، ويمكنك تعويضه عن ذلك بالأغاني المباحة ذات الكلمات الحسنة والمعاني الطيبة، التي ليس فيها معازف، وعليك بالتعاون معه على الطاعات، وخاصة تلاوة القرآن، وتدبره، فإنه من أنفع الأمور للقلب وهو يطرد محبة تلك الملاهي من القلب، قال ابن القيم:
حب الكتاب وحب ألحان الغنا في قلب عبد ليس يجتمعان.
كما أن عليك أن تنصحيه بالتزام حدود الله في التعامل مع النساء الأجنبيات، فإن الممازحة والتبسط في الكلام معهن بغير حاجة، أمر مخالف للشرع، وليس ذلك من البشاشة، وإنما هو من التسيب والجرأة على المعاصي، وعليك أن تستعيني بالله وتكثري من الدعاء، مع التنبيه على عدم التقصير في حق الزوج فإن حقه في الشرع عظيم، كما أن حسن التبعل له، مما يعين على قبوله لنصحك، ورده إلى الصواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1429(13/6964)
حق الزوجة في الإنجاب إذا كان الزوج قادرا عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[متزوج منذ 7 سنوات ورزقت بطفلين الأصغر عمره عامان.
زوجتي تلح على في إنجاب ثالث مع العلم أني أعالج بالهرمونات المنشطة لحدوث الإنجاب. فهل علي إثم إن لم أستجب لمطلب زوجتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإنجاب حق لكلا الزوجين لا يجوز لأي منهما رفضه مع القدرة عليه إذا طالب الآخر بحقه في ذلك، وبناء على هذا فإذا كانت زوجتك تطالب بالإنجاب مع قدرتك عليه فالواجب تلبية رغبتها وتأثم إن امتنعتَ عن ذلك، هذا إضافة إلى أن كثرة النسل مقصد أساسي من مقاصد الزواج، وقد حث عليه الإسلام وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتناسل والتكاثر كما ثبت في الحديث الصحيح، وراجع الفتوى رقم: 31369، والفتوى رقم: 101850.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(13/6965)
حكم نوم الزوج في غرفة دون غرفة زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[زوج تعود طوال حياته أن ينام وحيدا في فراشه خاصة أنه حساس جدا للأصوات والحركات التي تجعله يستيقظ ولا يستطيع أن ينام بعدها بسهولة إلا بعد أن يستغرق ذلك منه عدة ساعات، وعندما تزوج حاول أن ينام بجوار زوجته إلا أنه فوجئ أنها تشخر بصوت عال وأنها تتكلم في نومها مما استحال معه النوم وأصبح يقظا معظم أوقات الليل مما سبب ذلك أنها كأثناء عمله نهارا لذلك قرر أن ينام في غرفة مجاورة حتى يستطيع النوم، زوجته أغضبها هذا التصرف بالرغم من تفهيمه لها الأسباب وما من مناسبة إلا ويثور الخلاف الحاد بسبب ذلك!!
ما حكم الشرع في تصرف الزوج؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعاشرة بالمعروف أن ينام الرجل مع زوجته على فراش نومهما، قال في حاشيتي قليوبي وعميرة من الشافعية: وكذا يستحب أن ينام مع كل واحدة في فراش واحد حيث لا عذر. انتهى.
قال في التاج والإكليل لمختصر خليل من المالكية: وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فراش للرجل، وفراش لامرأته، وفراش للضيف، والرابع للشيطان. وفي نوازل ابن الحاج: قد يستدل من هذا الحديث أنه ليس على الرجل أن ينام مع امرأته في فراش واحد إنما حقها عليه في الوطء خاصة، والذي يدل عليه الأثر أن نوم النبي عليه الصلاة والسلام كان مع أهله في ثوب واحد. انتهى.
وأما بالنسبة للحالة المذكورة فلا حرج على الزوج فيما فعل لأنه بذلك يدفع الضرر الواقع عليه من التنغيص عليه في نومه وراحته، وقديما قيل: نتغيص النوم مغضبة.
مع ملاحظة أنه لا حرج على الزوجة أيضا في هذا لأنه لا دخل لها فيه، فالشخير يحدث بلا اختيار أو إرادة من الإنسان، وما كان كذلك فلا يدخل في نطاق التكليف.
قال الإمام الغزالي في المستصفى: لا يدخل تحت التكليف إلا الأفعال الاختيارية هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنه يحدث أثناء النوم والنائم يرفع عنه التكليف، قال النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن الصغير حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المصاب حتى يكشف عنه. رواه أحمد.
فلو أمكن للزوجة أن تعرض نفسها على الطب لعلاج حالة الشخير هذه، فهذا هو الأولى والأفضل، بل وقد يجب عليها ذلك إذا طلبه منها زوجها دفعا للأذى الواقع عليه من ذلك، وبهذا ينتهي الشقاق بينها وبين زوجها، ولكن لو تعذر العلاج أو تأخر بعض الوقت فعليها أن تتفهم ظروف زوجها وما يلحقه من أرق وقلق في نومه بسبب هذا، وما يترتب على ذلك من تعب وإرهاق له في يومه، فينبغي ألا تكلفه ما يعنته، وأن لا تغضب من تصرفه.
وعلى الزوج أيضا ألا يغضب من رد فعل زوجته جراء نومه بعيدا عنها فهذا إن دل فإنما يدل على حبها له ورغبتها في قربه.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 79894، 79400، 38452.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1429(13/6966)
غيرة الزوجة على زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي تغار علي ولا تريد أن أتحدث أو أجاوب على أي نقال غير معروف, وقد حاولت أن تختبر حبي لها فاستخدمت نقالا جديدا واستخدمت اسم امرأة أخرى بحجة أنها تريد الارتباط بي، فهل هذا التصرف صحيح أم هو مخالف للشريعة والحمد لله كانت محادثتي بالمسجات بما يرضي الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغيرة منها ما هو محمود ومنها ما هو مذموم، ومن الغيرة المذمومة ما يترتب عليه شك واتهام من غير بينة، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 1995.
وعلى هذا فإن كانت زوجتك تتهمك بإقامة علاقة مع النساء ولم تكن على بينة من ذلك فقد أخطأت، وأخطأت أيضاً بوقوعها في الكذب وادعائها أنها امرأة أخرى، وكونها تريد اختبارك بذلك لا يسوغ لها فعله، فالواجب عليها أن تتوب إلى الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1429(13/6967)
يجوز للمرأة الخروج ما دام زوجها أذن لها ولو كان مسافرا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على زوجة الحاج لبيت الله عدم الخروج من البيت لحين رجوع زوجها من موسم الحج أم يمكنها الخروج أثناء غيابه إن كان قد سمح لها بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة يجوز لها الخروج من بيتها إذا أذن لها زوجها في ذلك، سواء كان مسافرا للحج أم غير ذلك. ولكن مع الالتزام بالحجاب الكامل وعدم التطيب والتزين، ولا تزاحم الرجال، ولا تخلو بأجنبي، وإن احتاجت للكلام مع رجل فليكن ذلك في حدود الحاجة مع البُعد عن الريبة والخضوع بالقول.
وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 21524، والفتوى رقم: 6478.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1429(13/6968)
جفاء الزوج في معاملة زوجته هل يبيح لها طلب الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم امتناع الزوج عن الجماع؟ مع أني أتزين له وأتعطر كل ليلة ويتركني, وأحيانا أخبره بأني لا أريد الجماع إذا كنت لا تريده ولكن أريد الرحمة على الأقل, فهو يعاملني بجفوة وقد تمر أيام لا يقبلني ولا يضمني, مع أننا ننام على فراش واحد أحس بوحشة وجفوة شديدة وأغلب الأوقات تنتهي بالبكاء الشديد, مع العلم أني كلمته في الموضوع مرات عديدة وهو يبرر ذلك بأسباب صحية, وإذا طلبت منه مراجعة الطبيب يقول: لست بحاجة. أنا لا أريد الاستمرار معه في الزواج، فهل طلب الطلاق جائز بالنسبة لي؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن الواجب على الأزواج أن يعاشروا زوجاتهم بالمعروف، لقوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً {النساء:19} .
وقوله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {البقرة:228} ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص لما شغل وقته بقيام الليل وصيام النهار: صم وأفطر، ونم وقم، وصم من الشهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها، فإن لنفسك عليك حقاً، ولزوجك عليك حقاً، ولضيفك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه. رواه البخاري ومسلم.
ومن العشرة بالمعروف القيام بحق الزوجة في الفراش، حيث لا يجوز له ترك ذلك إلا لمانع أو عذر شرعي، وقد اختلف العلماء في الفترة التي يجب على الزوج أن يطأ زوجته فيها والراجح أن هذا يكون حسب حاجتها، وقدرته، بحيث لا يفوت حقها في الاستمتاع ولا يضر ببدنه وصحته.
وقد سئل الإمام ابن تيمية رحمه الله عن الرجل يترك وطء زوجته الشهر والشهرين، فهل عليه إثم؟
فأجاب: يجب على الزوج أن يطأ زوجته بالمعروف، وهو من أوكد حقها عليه: أعظم من إطعامها. والوطء الواجب قيل: إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة، وقيل بقدر حاجتها وقدرته، وهذا أصح القولين. والله أعلم. مجموع فتاوى ابن تيمية.
وقد ورد أن امرأة جاءت إلى عمر رضي الله تعالى عنه وقالت: إن زوجي يصوم النهار ويقوم الليل، فقال: نعم الرجل زوجك، فأعادت كلامها مرارا، في كل ذلك يجيبها عمر رضي الله عنه بهذا، فقال كعب بن سور: يا أمير المؤمنين إنها تشكو من زوجها في أنه هجر من صحبتها فتعجب عمر رضي الله تعالى عنه من فطنته وقال اقض بينهما، فقضى كعب رضي الله عنه فقال: أراها إحدى نسائه الأربع لهن ثلاثة أيام ولياليها ولها يوم وليلة. وفي رواية أنه قال: إن لها عليك حقا يا بعل، تصيبها في أربع لمن عدل، فأعطها ذاك ودع عنك العلل. فاستحسن منه عمر ذلك وولاه قضاء البصرة.
وقد استنبط بعض الفقهاء من ذلك أن الرجل عليه أن يطأ زوجته مرة كل أربع ليال، إذا اشتكت قلة الوطء، جاء في الفواكه الدواني في فقه المالكية: والراجح أنها إذا شكت قلة الوطء يقضى لها في كل أربع ليال بليلة. انتهى.
والواجب على الزوج مع ذلك أن يعامل زوجته بالمودة والرحمة في كل الأحوال والأوقات، فمن فعل ذلك فقد أصاب ومن خالف فقد ناقض حكمة الله سبحانه في هذا العقد الخطير, والميثاق الغليظ، فقد قال سبحانه: وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21} ، وقال سبحانه: هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ {البقرة:187} .
جاء في تفسير الألوسي: ولما كان الرجل والمرأة يتعانقان ويشتمل كل منهما على صاحبه شبه كل واحد بالنظر إلى صاحبه باللباس أو لأن كل واحد منهما يستر صاحبه ويمنعه عن الفجور. انتهى.
فإن كان زوجك عاجزا عن الجماع لأسباب صحية كما يزعم فلك أن تطالبيه بحقك، وذلك بأن يسعى في علاج نفسه، فإن لم يجبك لذلك، فلك الحق في أن تطالبيه بالطلاق، فإن طلق وإلا فارفعي أمرك إلى القضاء، وإن أحببت أن تصبري معه على ذلك فالأمر راجع إليك.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8935، 94585، 111990، 48190.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1429(13/6969)
زوجها يبخل عليها وعلى ابنته في الكسوة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يجلب كل متطلبات المنزل من الأكل دون أي اعتراض في ماعدا متطلبات الملابس بخيل جدا معي أنا وبنتي في هذا الموضوع مع العلم أن له إخوة متزوجين ولهم أولاد لما يطلبوا منه أي شيء لا يتأخر عن طلباتهم أيا كانت ملابس أو فلوسا ويعطيهم مبالغ كبيرة جدا دون تردد علما أنه عند إعطاء مصروف يرجع يحاسبني، هل أنا لي حق عليه أم لا وماذا افعل علما أني والله أراعي الله فيه وأخاف الله والله يشهد على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق المرأة على زوجها أن ينفق عليها وعلى أولاده بالمعروف، فعن عمرو بن الأحوص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
فإذا كان زوجك لا ينفق عليكم في الكسوة بالمعروف، فقد رخص النبي للزوجة إذا كان زوجها بخيلاً أن تأخذ من ماله بغير علمه ما تنفق به على نفسها وأولادها بالمعروف، فعن عائشة رضي الله عنها: أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. رواه البخاري ومسلم.
وأما إنفاقه على أولاد أخيه، فهو من صلة الرحم، ومن سبل الإنفاق التي يحبها الله، فينبغي أن تعينيه على ذلك، ما دام لا يقصر في الإنفاق عليكم.
وننصح السائلة أن تصبر على سلوك زوجها وتتلطف في نصحه وتوجيهه إلى الإحسان في النفقة على كسوتكم، وتنبيهه إلى أن أجر النفقة على الأهل من أعظم الأجور، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1429(13/6970)
حق الزوجة في معرفة هل للزوج أولاد من زوجته الأخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[اكتشفت بعد زواجي ب9 سنين أن زوجي متزوج بأخرى فطلبت منه أن يخبرني إن كان بينهما أولاد أم لا وهو يرفض ويقول لي هذا ليس شأنك، هل هذا الموقف صحيح وهل من حقي معرفة ذلك؟
أرجوا أن تجيبوا على سؤالي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في سؤاله وينبغي لك ذلك لتعرفي إن كان له أولاد فهم يرثونه ويكونون إخوانا لإبنائه وبناته منك، وننصحكما بالبعد عن افتعال المشاكل، وما يؤدي إلى الشقاق بينكما فلا تلحي على زوجك في المسألة وتحيني أوقات راحته، والزوجة الحكيمة هي التي تعرف كيف تصل إلى غرضها دون إغضاب زوجها، واسمعي إلى وصية أسماء بن خارجة لأبنته لما زفها إلى زوجها قال لها: يا بنية كوني لزوجك أمة يكن لك عبدا ولا تدني منه فيملك ولا تباعدي عنه فتثقلي عليه وكوني كما قلت لأمك:
خذي العفو مني تستديمي مودتي * ولاتنطقي في سورتي حين أغضب.
ولا تنقريني نقر الدف مرة ... * فإنك لا تدرين كيف المغيب.
ولا تكثري الشكوى فتذهب بالقوى * وإياك قلبي والقلوب تقلب.
فإني رأيت الحب في القلب والأذى * إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب.
وللفائدة انظري الفتوى رقم: 18444، والفتوى رقم: 102625.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1429(13/6971)
من أخذ شيئا من غيره على سبيل الحياء لا يملكه الآخذ
[السُّؤَالُ]
ـ[هل: ما أخذ بسيف الحياء هو حرام، حديث عن الرسول الكريم. وهل يندرج تحته إذا عدم أخذ الزوجة حقها المالي من زوجها (في راتبها أو مشروع مشترك بسبب الحياء والخوف من المشاكل. خصوصا إذا كان الزوج يغضب من مناقشة الأمور المالية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في فتوى سابقة أن معنى هذا اللفظ صحيح لكنا لم نقف عليه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو موقوفا على أحد صحابته. والظاهر أنه من كلام الحكماء وأقوال أهل العلم.
قال ابن الهيتمي في الفتاوى الكبرى: ألا ترى إلى حكاية الإجماع أن من أخذ منه شيء على سبيل الحياء من غير رضا منه بذلك أنه لا يملكه الآخذ، وعللوه بأن فيه إكراها بسيف الحياء فهو كالإكراه بالسيف الحسي.
وفي نوازل العلوي أن الزوجة ترجع على الزوج بما أكل من مالها وسكتت عنه حياء أو رهبا، يقول ناظم النوازل:
ورجعت عليه بالذي أكل *من مالها على الذي به العمل.
إن سكتت حياء أو من الرهب
وراتب الزوجة من مالها لا يجوز لزوجها أن يأخذ منه شيئا بدون طيب نفس منها، وما أخذه من مالها دون طيب نفس منها فهو في ذمته حتى يؤديه، أو تسامحه بإسقاطه وإبرائه منه.
وللفائدة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام الآتية: 38073، 4556، 32165، 42518.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1429(13/6972)
ذهاب الزوجة لخدمة أبيها يحتاج لإذن زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوجة الذهاب إلى بيت أهلها والبقاء لأسبوع لكي تعتني بأبيها ومتطلبات عمله في حال ذهاب الأم إلى بيت ابنتها الأخرى التي في حالة وضع، مع العلم بأن لها أخوات يدرسن في الصباح وهذه الفترة الأب يحتاج طهي فطور لعماله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إذن لها زوجها في ذلك فلا حرج عليها، وأما إن لم يأذن لها فلا يجوز لها الخروج من بيته دون إذنه، وللفائدة انظري الفتوى رقم: 79065، والفتوى رقم: 9218.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1429(13/6973)
ترك العمل لتربية الأولاد والسعي في إرضاء الزوج وإسعاده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة كنت أؤمن بحرية المرأة والمساواة بينها وبين الرجل من حيث الحقوق والواجبات بالشكل العام وليس في كل شيء، ولم أكن اقبل أي معاملة فوقية من زوجي الذي كان إذا تشاجرنا يقول لي "كيف تكلميني بهذه الطريقة أنا زوجك" أقول له "إيش يعني؟ أنت أحسن مني بإيش؟ " ولا أخفي عنكم أنني كنت مقصرة في أداء صلاتي ومع أنني محجبة إلا أنني أرتدي الحجاب المنتشر في بلادي والذي يعتمد على اللباس العادي (الجينز والبلوز الطويلة) .
عندما جاء رمضان قررت ونويت التوبة لله تعالى عن تقصيري في أمور ديني، ولقد وفقني الله إلى التزام الصلاة وقد ختمت القرآن في رمضان.
ولكنني الآن أشعر أنني ارغب بالمزيد فانا أريد أن أرتدي العباءة، كما في الخليج إذ إننا عشنا هناك طويلا, وقد حاولت قراءة الكثير عن موضوع المرأة وأريد رأيكم فيما توصلت إليه وما قررت القيام به:
1: إن شاء الله سأرتدي العباءة ولقد وصيت أختي التي تعيش هناك أن ترسلها لي. وأنا أعرف أنني سألقى معارضة شديدة من محيطي ولكنني لا أهتم خاصة أن زوجي سعيد بقراري.
2: قررت أن أترك العمل إن شاء الله, وأنا معلمة في مدرسة ابتدائية مختلطة, ولا يوجد إلا مدير وأستاذ واحد والأولاد بعمر 12سنة وأقل. ومع أن معاشي يعتبر كبيرا إلا أنني أطلب من الله العوض فيه لأبقى في منزلي وأربي ابنتي (فتاتان) . ولكن هل يعتبر هذا تفريطا في النعمة؟ مع العلم أننا لا نحتاج لمعاشي في المنزل
3: أرغب وأدعو أن يوفقني الله أن أكمل الماجستير بالشريعة وأنا أحمل ليسانس لغة عربية, وقد وافق زوجي. فهل لي الثواب في هذه الدراسة؟
4:وأخيرا وهو أصعب موضوع عندي: من الصعب على المرأة في هذا الزمن وخاصة العاملة أن تتقبل فكرة الخضوع التام للرجل ولكنني بدأت أعود نفسي. ولقد فكرت بالشكل التالي:
خلق الله الرجل في هذه الدنيا ليشقى ويعمل، بعد عبادته بالتأكيد, واعتبرت أن الزوجة هي قطعة شوكولا, يأكل منها الرجل إذا جاع, يغطيها ويحجبها عن كل ما يمكن أن يلوثها, وهي موجودة لإسعاده. وعندما وصلت إلى هذه الفكرة شعرت أن سبب خلق الله للمرأة، بعد عبادته, هو إسعاد الرجل, فهل من الخطأ أن أفكر بهذا الشكل؟ وهل من الخطأ ان أجعل سعادة زوجي هي هدفي في الحياة بعد طاعة ربي وأداء ما عليّ من واجبات دينية؟ وهل يحاسب الرجل إذا حقّر المرأة التي تسعى لإرضائه أو أشعرها أنها ذليلة أمامه؟ أو عاملها كخادمة؟ فأنا على استعداد أن أتحمل حياة قد تطول وقد تقصر وإن كانت ستفنى في إسعاد زوجي مقابل الحصول على رضى الله ونعيم الجنة.
وجزاكم الله عنا الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنهنئك أولا على التوبة والإنابة إلى الله جل وعلا، ونسأل الله أن يوفقك للمزيد من الطاعات، وأن يثبت أقدامك على طريق الاستقامة والهداية.
أما ما تسألين عنه بشأن ترك العمل في المدرسة فنقول: الأصل هو قرار المرأة في بيتها ورعايتها لشؤون زوجها وأولادها لقوله جل وعلا: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى {الأحزاب: 33} ، وخروج المرأة للعمل سيكون حتما على حساب وظائفها المنزلية، والتي هي الأصل وهي الأولى بالرعاية. ولكنا مع هذا نقول لا بأس بالعمل الذي يلائم فطرة المرأة الخَلقية ووظيفتها الجسدية، إذا ما أمنت الفتنة وروعيت الأحكام الشرعية، كالبعد عن الخلوة وجميع التصرفات المحرمة، وكان ذلك بإذن زوجها إن كانت متزوجة، وهذا مثل تدريسها للبنات أو الأطفال أو عملها في مستشفى خاص بالنساء، أو في مجال العمل الخيري ونحو ذلك، فلا حرج على المرأة في مثل هذه الأعمال، ولو لم تكن محتاجة للمال أو المعاش، بل قد يكون عملها مندوباً أو واجباً بحسب حالها، والحاجة إليها.
وبناء عليه، فإنا نرى أنك قد أحسنت فيما اتخذت من قرار بترك العمل والتفرغ لشؤون الأسرة، ولا يعد هذا من قبيل التفريط في النعمة، بل هذا من باب حفظ نعمة الزواج والأولاد الذين جعلهم الله أمانة في أعناق آبائهم وأمهاتهم.
وبخصوص ما تنوين فعله من دراسة الشريعة الاسلامية فلا شك أنك تؤجرين في ذلك، ما دامت نيتك من طلب العلم هي إرادة وجه الله الكريم والعمل بهذا العلم، فإن تعلم العلم الشرعي من أعظم القربات وأجل الأعمال الصالحات التي توصل إلى رضوان الله والجنة، وقد جاء في الحديث الذي روته عائشة وصححه الألباني في صحيح الجامع عن رسول الله أنه قال: إن الله أوحى إلي أنه من سلك مسلكا في طلب العلم سهلت له طريق الجنة.
أما ما تذكرين من صعوبة الخضوع التام من المرأة لزوجها فنقول: طاعة الزوجة لزوجها في المعروف واجبة، ولكن ليس معنى هذا أن تلغي المرأة شخصيتها تماما، وأن تذوب في شخصية زوجها، فلا ترى إلا ما يرى زوجها، ولا تسمع إلا ما يسمع، ولا تفعل إلا ما يهوى في كل الأمور، كلا بل طاعة الزوج كما نص بعض العلماء إنما تجب في النكاح وتوابعه، قال العلامة ابن نجيم الحنفي رحمه الله تعالى في البحر الرائق: لأن المرأة لا يجب عليها طاعة الزوج في كل ما يأمر به، إنما ذلك فيما يرجع إلى النكاح وتوابعه خصوصاً إذا كان في أمره إضرار بها. انتهى. وقد بينا في الفتاوى رقم: 50343، 93340، 97514، ما يجب على المرأة أن تطيع زوجها فيه وما لا يجب.
وأما ما اهتديت إليه بعد التفكير من أن تجعلي هدفك بعد طاعة الله سبحانه هو إرضاء زوجك وإسعاده فلا شك أن هذا عين الصواب، وهذا من هداية الله وتوفيقه لك، وهذا ما أمر به الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه، فقد أوصى المرأة بزوجها وجعله جنتها أو نارها،. فقد روى أحمد عن الحصين بن محصن: أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة ففرغت من حاجتها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أذات زوج أنت؟ قالت: نعم، قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك. صححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وقال صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.
وروى الترمذي في سننه عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم، العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون. حسنه الألباني. ولو تتبعنا الأحاديث الواردة في ذلك، لعجزنا عن حصرها في هذا المقام.
أما إن أساء الرجل استعمال هذه النعمة التي أنعم الله بها عليه من طاعة زوجته له وامتثالها لأوامره، وقابل ذلك بتحقيرها أو إذلالها ونحو ذلك فهذا من كفران النعمة، وهذا من المعاصي الشنيعة التي حذر منها رسول الله وبالغ في التنفير منها حين قال: بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. رواه الترمذي وصححه الألباني. جاء في تحفة الأحوذي: أي حسبه وكافيه من خلال الشر ورذائل الأخلاق احتقار أخيه المسلم. انتهى.
فعلى الزوج أن يتقي ربه، وأن يقابل نعمه بالشكر، وأن يحسن عشرة زوجته.
وللفائدة تراجع الفتاوى رقم: 9859، 6745، 94364، 18814.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1429(13/6974)
الموازنة بين تحصين الزوجة من الفساد وصلتها لأهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت فتاة تقطن في مدينة تبعد عن مدينتي حوالي 100كم، أما أهل أم الفتاة التي تزوجتها فيقطنون في مدينتي وأخبرت أهل الفتاة حين الزواج بأني سأقطن مع والدتي وذلك لأن والدي متوفي منذ حوالي 6 سنوات وأخبرتهم بأني لا أحب الزيارات الكثيرة، عشنا حوالي السنتين ولكن أهل الفتاة سواء أخوالها أو أمها يتدخلون بحياتي عن طريق زوجتي حتى أنهم يتدخلون بلباس زوجتي بدأت أنفر منهم ولا أطيق أن أذهب إليهم وخاصة بعدما علمت بأن خال زوجتي مسجون وأنه دائما مقيم بالسجن, يخرج من السجن ثلاثة أشهر ويعود إليه وأنه ينصب على الناس ويسكر ويذهب إلى الملاهي الليلية فقررت أن أمنع زوجتي عن أهل أمها وواخترت طريقة التمهل بتنفيذ ذلك، اتصل والد زوجتي ليدعوني إلى حضور كتب كتاب ابنته الأخرى، ولكني اعتذرت عن الحضور بداعي العمل فاتصلت زوجتي بي فأخبرتها بأنه ليس لدي عمل ولكني لا أنوي الحضور فعلم أبو زوجتي بالأمر وقال لها أخبريه بأني صغرت بعينه وأمنها لنقل الرسالة فأخبرتني زوجتي بالرسالة وزادت عليه بأنهم غير مكترثين بي وأنهم حتى لم يذكروني وأنهم لا يريدونني فثار غضبي وسببت أهلها وسببت أهل أمها وأخبرتها بأني لا أريد أن يدخلوا بيتي وأني لن أذهب لزيارتهم أبدا وأني لا أريد أن تحضر مناسباتهم على الإطلاق وأني لن أحرمها من زيارة أهلها أيدا بل سأرسلها إلى مدينة أمها وأبيها كل فترة، وطبعا أخبرت زوجتي أباها الذي أخبرها بضرورة أن تخرج من بيتي وتأتي إلى بيته وبالطبع زوجتي لا ترفض طلبا لأهلها فأخبرتني بأنها لن ترضى بطلباتي وأنها ستذهب إلى بيت أهلها فقلت لها إذا خرجت من بيتي فلن أعيدك إليه لكنها أصرت على الذهاب إلى بيت أهلها فقلت لها أن تفكر بالموضوع لكنها أصرت فاتصل والدها بخالها ليأخذها إلى بيته فحضر خالها وقال لي إنه يريد أن يأخذ زوجتي إلى بيت جدها الذين يقطنون بجواري فقلت له بأنها إذا خرجت من بيتي فلن أعيدها إليه فأصر بدوره لأخذها فتركتها تذهب فاتصل أخي في اليوم التالي عند علمه بالموضوع بأبيها لكنه أغلق الهاتف بوجهه فاتصلت زوجة أخي بأمها فأخبرتها أم زوجتي بأن تخبرني بأن زوجتي تريدني وهي دائمة البكاء تريد العودة إلي ولكنهم لن يدعوني حتى أن أراها أو أتحدث معها حتى أعتذر من أخوالها ومن جدتها ومن أبيها وأمها وأنفذ شروطهم وأحد هذه الشروط بأن أقوم بزيارتهم أسبوعيا وأدعها تخرج حين تشاء وأنهم سيقومون بطلب الطلاق في حال لم أنفذ شروطهم ولكني لا أنوي إعادة زوجتي إلا بشروطي أنا وهي أن لا يدخل أخوالها وأمهم بيتي وأني لن أرسلها لرؤيتهم وإني لا أريد أن يدخل أبو زوجتي أو أمها بيتي وأنا سأقوم بإرسال زوجتي إلى بيت أهلها لقضاء يومين كل فترة من الزمن حسب ظروفي وذلك لبعد مدينتهم وغايتي في ذلك المحافظة على بيتي وأولادي وضمان عدم تكرر المشاكل التي يتسبب بها أخوالها وأمهم وأني لا أريد أن تختلط بهم لأن سمعتهم سيئة وبصراحة أنا أرى بأن الطلاق أفضل وسيلة لأن أهلها يحاولون بتلك الشروط إجباري على الخنوع لهم وأنهم لا يريدون إعادتها إلي إلا بشروطهم علما بأن لي طفلة , أرجو النصح وإبداء الرأي الشرعي في ذلك علما بأن زوجتي لم ينقصها شيء على الإطلاق وأنا أقوم بجميع واجباتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حسن عشرة الزوج لزوجته أن يحسن إلى أهلها وأن يعينها على بر والديها وصلة رحمها، لكن أهل الزوجة ليس لهم أن يتدخلوا في حياة ابنتهم، ويفسدوا بينها وبين زوجها، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على سيده. رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح الجامع.
كما أن من واجب الزوج أن يحافظ على زوجته وأولاده من الفساد، ويمنع عنهم ما يضر بدينهم، فله منع زوجته من زيارة أهلها، إذا تأكد أن فيها مفسدة، بل له أن يمنعهم من زيارتها إذا اقتضت المصلحة.
قال الماوردي في ذلك: الصواب في ذلك: إن عرف بقرائن الحال: أنه يحدث بزيارتهما أو أحدهما له ضرر، فله المنع، وإلا فلا.
ولكن ينبغي لك أن تجمع بين الواجبين، فلا تمنع زوجتك من زيارة أهلها، أو زيارتهم لها، على أن يكون ذلك بالقدر الذي لا تحصل فيه مفسدة، مع تعريف زوجتك بأن طاعة زوجها أوجب عليها من طاعتها لوالديها، وأنه لا يجوز لها أن تطيعهم فيما فيه معصية أو تعد على حق الزوج من الطاعة والقوامة.
وأما عن رفضك دعوة أبيها لك لحضور عقد زواج ابنته، فقد أخطأت في ذلك، فما لم يكن هناك أمر محرم، فقد كان ينبغي عليك تلبية دعوته، كما أنك أخطأت حين سببت أهل زوجتك وأهل أمها، فالواجب على المسلم أن يتجنب الغضب الذي يحمله على الأمور التي تخالف الشرع.
وأما عن الطلاق فلا ننصحك به، لاسيما مع وجود طفلة، ينبغي أن تنشأ في ظل أسرة مترابطة تقيم حدود الله.
والذي ننصحك به أن توسّط بينك وبين أهل زوجتك ممن يتصف بالدين ورجاحة العقل ليعيد زوجتك إلى بيتك دون أن يشترطوا عليك ما يخالف الشرع ويخل بحقك في الطاعة والقوامة.
وعليك أن توازن بين المحافظة على زوجتك من المفاسد, وبين برها بوالديها وصلة رحمها،
وعليك أن تتعاون مع زوجتك على طاعة الله والتقرب إليه وتعلم ما يلزم من أمور الدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(13/6975)
ذكر الزوجة ما فعل زوجها من زنا وزواج في السر
[السُّؤَالُ]
ـ[أحكي قصة زواج زوجي العرفي بالمرأة التي زنا بها والتي تزوجها في السر وأشكو حالي لكثير من الناس ومن قبل أتمنى على أسرة زوجي قبل أن يعترف هو وقال لي إنه أصبح ليس سرا فهل هذا حرام أن أذكر قصة زواجه وأنني مظلومة هل أنا مظلومة ولي الحق في أن آتي بسيرته وأشكوه لله ثم للناس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان ينبغي لزوجك أن يخبرك بما وقع فيه من الفاحشة مع هذه المرأة، فإنه يجب على الإنسان إذا وقع في شيء من الفواحش أن يستر على نفسه ولا يفضحها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ. رواه مالك في الموطأ.
أما زواجه بها سراً، فإن كان بمعنى أن الزواج تم دون علم ولي المرأة، أو أن المرأة هي التي زوجت نفسها، فهذا زواج باطل، وأما إذا كان المقصود به أنه لم يوثق عند القاضي لكنه استكمل الشروط من الولي والشهود والإيجاب والقبول فإن هذا الزواج صحيح، ولمعرفة المزيد تراجع الفتوى رقم: 32843.
وأما عن ذكرك أمر زواجه سراً، فإنه إن كان السر بمعنى الزواج الباطل، فلا ينبغي ذكر ذلك لأحد إلا لمصلحة شرعية، وأما إذا كان الزواج صحيحاً، فلا حرج في ذكر ذلك، ما لم يترتب عليه مفسدة، ولتعلم السائلة أن مجرد زواج زوجها عليها، ليس ظلماً لها، ما دام يؤدي حقها، ويعدل بينهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1429(13/6976)
حكم توبيخ الزوجة إذا قصرت في الخدمة بالمنزل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
هل يجب على الزوجة القيام بالأعمال المنزلية، وإذا كان ذلك ليس من واجباتها وأمرها زوجها به فهل يصبح من واجباتها، وهل يحق لزوجها إجبارها على ذلك، وإذا قصرت الزوجة لسبب ما كألم بالظهر أو تعب ووهن أو غير ذلك فهل يجوز لزوجها توبيخها؟ جزاكم الله خيراً وحفظكم للأمة الإسلامية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 13158 أن القول الصحيح هو القول بأن الزوجة تجب عليها الخدمة الباطنية من طبخ وعجن وكنس وفرش واستقاء الماء ونحو ذلك مما هو متعارف عليه عادة، وهذا القول هو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث قال في الفتاوى الكبرى: وتجب خدمة زوجها بالمعروف من مثلها لمثله ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال، فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية وخدمة القروية ليست كخدمة الضعيفة، وقاله الجوزجاني من أصحابنا وأبو بكر بن أبي شيبة. انتهى.
وعليه فالخدمة المذكورة واجبة على الزوجة أصلاً قبل أمر الزوج بها، وبالتالي فأمره بتلك الخدمة مما يزيدها تأكيداً، لكن لا يجوز للزوج توبيخ زوجته إذا قصرت في هذه الخدمة لعذر كألم أو تعب أو نحو ذلك، لقوله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286} ، فالأصل حرمة الإساءة إلى الزوجة أو شتمها أو توبيخها، وراجعي الفتوى رقم: 99702.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(13/6977)
إصرار الزوج كونه مع امرأته لدى زيارتها لصاحباتها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يرفض أن أذهب لزيارة صديقاتي بدون رفقته وهذا يسبب لي حرجا حيث إنه ربما ظروف عمل أزواج صديقاتي لا تسمح باستقباله وقد تكون غير متزوجة وما زالت في بيت والديها ومع أني عرضت عليه أن يقوم بتوصيلي لبيت صديقاتي ثم يعود لأخذي فيما بعد إلا أنه رفض وطلب مني أن آتي بدليل على أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم والصحابيات كن يتزاورن.
فهل ثبت فعلا أنهن لم يكن يتزاورن؟ وهل يجوز له منعي من زيارة صديقاتي بهذا الشرط؟ أرجو الإفادة بالدليل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في زيارة المرأة لصديقاتها ما لم يكن في ذلك خشية ضرر عليها، مثل أن يكن فاجرات فيؤثرن عليها، وأما الصالحات الطيبات فلا يزدنها إلا خيرا، وقد كان الصحابيات يتزاورن ويأذن لهن أزواجهم في ذلك، فإن أذن لك زوجك في زيارة صديقاتك فلا حرج عليك، وإن لم يأذن لك فلا تجز معصيته، ويمكن إقناعه بالأسلوب الحسن والكلام الجميل.
وننصحكما بمطالعة سيرة السلف الصالح، وكيف كان الصحابة رضوان الله عليهم يعاملون زوجاتهم، وكيف كان نساؤهم يعاملونهم.
وأما اشتراطه أن يذهب معك فلا ينبغي له ذلك إلا أن يخشى عليك أذى كيلا يحرج أهل صديقتك أو زوجها كما ذكرت، وليأت الناس ما يجب أن يأتوه، لكن يصحبك حتى يوصلك إلى من يأمن في وجودك معهم من الطيبات. هذا ما ننصحه به. وللفائدة انظري الفتاوى رقم: 59548، 25737.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1429(13/6978)
على زوجك تأمين مسكن مستقل، أو يمنع حصول الخلوة بأخيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة منذ أربع سنوات ولم أرزق بأطفال والحمد لله على كل حال ولكن عندي استفسار بخصوص أن أخا زوجي تزوج وأتى ليعيش عندنا في نفس البيت ولكن يصادف أياما أو ليالي لا يكون زوجي متواجدا في البيت لظروف عمله وأيضا زوجي متزوج من امرأة أخرى وساكن في بيت ثان معها ولذلك لا ينام معنا في البيت وفي المقابل لا تكون زوجة أخي زوجي في البيت إما زيارة لبيت أهلها أو في المستشفى لمرض أحد أولادها ونكون في البيت أنا وأخو زوجي في البيت فقط، وأنا والحمد لله أخاف الله وأخو زوجي إنسان محترم ومتدين ولله الحمد فهل علينا من حرج علما بأنا نلتقي أنا وهو في الصالة أو المطبخ، وفي بعض الأحيان في وقت الليل وأنا أخبر زوجي عن الوضع يقول لي اجلسي في غرفتك وأقفليها عليك وأنا أحتاج للبيت علما بأن البيت بيت زوجي وأنا لا أشعر بالراحة لهذا الوضع، فبم تنصحوني جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق الزوجة على زوجها أن يوفر لها مسكناً مستقلاً لا تتعرض فيه لضرر، والمقصود بالمسكن المستقل أن يكون للزوجة حجرة مع ملحقاتها من ممر ومطبخ ومكان قضاء الحاجة.
ولكن إذا رضيت الزوجة بالسكن مع أهل زوجها، فلا حرج، لكن لا يجوز أن يكون في ذلك تعريض للخلوة مع رجل أجنبي، فذلك غير جائز، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ متفق عليه.
وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ قَالَ الْحَمْوُ الْمَوْتُ متفق عليه، الحمو: أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج.
وعلى ذلك فإن على زوجك أن يوفر لك مسكناً مستقلاً، أو يمنع من حصول الخلوة بأخيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1429(13/6979)
حكم تحدث الزوجة عن العجز الجنسي لزوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أم لولدين الكبير عمره 6 سنوات، زوجي يعاني من برود جنسي منذ حوالي ثلاث سنوات ولا يتقبل النقاش في هذا الموضوع بالذات، فهذا المشكل جعله يهجر فراش الزوجية ليس بالأيام بل بالأشهر، والسؤال المطروح هو/ بعد أن وصل الصبر مني ذروته تكلمت عن هذا العجز عند زوجي لأمي وقريبتين لي تعتبران من أقرب الناس على نفسي..لكن قيل لي إن هذا حرام فهل هو كذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان حديثك معهما عن زوجك للتندر والفكاهة وإفشاء سر الزوجين فهو محرم شرعا، وعليك أن تتوبي إلى الله تعالى ولا تعودي إليه، وأما إن كان حديثك معهما من باب المشورة فلا حرج فيه، لأن ذلك مما يستثنى من الغيبة المحرمة. قال النووي معلقا على حديث هند لما شكت زوجها أبا سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم ووصفته بأنه شحيح قال: في هذا الحديث فوائد منها جواز ذكر الإنسان بما يكرهه إذا كان للاستفسار والشكوى ونحوهما. اهـ
ولا يجوز لزوجك أن يهجرك في الفراش لغير مسوغ معتبر، كنشوز ونحوه، ولك مطالبته بحقك الشرعي والتظلم منه، فإن كان عاجزا ولحقك الضرر فلك طلب الطلاق منه أو مخالعته إن شئت، والأولى مناصحته بالعلاج عسى أن يعافى من دائه.
وقد اختلف أهل العلم في المدة التي يجب على الزوج أن يطأ فيها زوجته، والراجح أنها بحسب حاجتها وقدرته. قال شيخ الإسلام ابن تيمية لما سئل عن الرجل يترك وطء زوجته الشهر والشهر هل عليه إثم؟ قال: يجب على الزوج أن يطأ زوجته بالمعروف، وهو من أوكد حقوقها عليه، أعظم من إطعامها. والوطء الواجب قيل إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة، وقيل بقدر حاجتها وقدرته. وهذا أصح القولين. مجموع الفتاوى.
وننبهك إلى ضرورة اهتمام المرأة بنفسها وزينتها وإحسان التبعل لزوجها والتهيؤ التام له، فربما ينفر الزوج من زوجته لانشغالها عنه وعدم اهتمامها بنفسها وزينتها، فتنبهي لذلك، وللفائدة انظري الفتاوى رقم: 12911، 48190، 19663، 49310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(13/6980)
هل تطيع زوجها الذي يكذب ولا يصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ 8 أشهر فقط - وحامل بالشهر السابع زوجي يبلغ من العمر 29 سنة ولكني اكتشفت بعد زواجي بأن زوجي كاذب في حديثه لي وأفعاله - مع العلم بأني حاولت معه بكل الطرق بألا يكذب علي وقلت له إني لا أريد أي شيء منه غير أن يكون صادقا معي وأني أساعده أيضا بالمصارف بالبيت ولا أطلب منه أي مصاريف أو طلبات لي أو للبيت أو مصاريف متابعة علاجي للحمل بمعنى أني لم أضغط عليه بأي مصاريف واجبة عليه وتبريره أنه يكذب علي حتى لا أغضب وهو يبحث عن وظيفة منذ فترة، وحاولت معه الانتظام في الصلاة علما بأن والدته قد أخبرتني أنه كان يصلي الوقت بوقته بالجامع وقراءته للقرآن كثيرة، وقد تغير تماما وهذا التغير منذ فترة وقبل زواجي بكثير.
علما بأن والدي ووالدتي وأهلي يقدمون له معاملة حسنة ومن الناحية المادية أيضا عند طلبه منهم يقدمون له
سؤالي - ما حكم الإسلام في طاعتي له مع العلم أني متأكدة انه كاذب وبالدليل سواء كانت أشياء صغيرة أو كبيرة ...
كل ما يهمني هو حكم الإسلام في طاعتي له - لأني بقدر ما أستطيع أحاول إطاعتي ربي علما بأني لا أستطيع التعامل معه بسبب هذا الكذب وحالتي النفسية شبه أنها مدمرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك طاعة زوجك في المعروف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. صححه السيوطي.
ولقوله أيضا كما جاء في المسند وغيره من حديث عبد الله بن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كنت آمراً أحدا أن يسجد لغير الله تعالى لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها كله حتى لو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه.
قال الشوكاني: إسناده صالح. إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة في هذا الباب.
ولا شك أن الكذب كبيرة من كبائر الإثم، وقد بينا ذلك بالدليل في الفتوى رقم: 26391، والتفريط في الصلاة ولو في فريضة واحدة من أعظم الكبائر وأشد الموبقات، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 1145، والفتوى رقم: 78185.
ولكن طالما أن هذا الزوج لم يترك الصلاة بالكلية فإن هذه الذنوب لا تبيح لك مخالفة أمره، ولا الخروج عن طاعته، بل الواجب عليك طاعته في المعروف واستفراغ الوسع في نصحه وتذكيره بأوامر الله وعظيم حقه سبحانه، ويمكنك أن تستعيني عليه في ذلك بأهل الخير والعلم، فإن أصر على فعله وكنت تتأذين –كما ذكرت- من ذلك، فعندها يجوز لك طلب الطلاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(13/6981)
حق زوجة الأب في العيش في شقة منفصلة
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي متوفاة وأبي متزوج من أخرى وتريد العيش لوحدها مع العلم بأن أبي يعيش مع إخوتي وهم بنتان وأنا مسافر ولا أعيش معهم ونحن نرفض العيش بدون والدنا، مع العلم بأننا لدينا شقة فى الدور الثاني وهى تريد العيش هي ووالدنا وانفصالهم عنا حتى في الأكل والشرب. ما حكم الشرع من ناحيتنا وناحية والدنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسكن المستقل من حق الزوجة على زوجها، سيما إذا كانت تتأذى بمساكنة غيرها معها، لكن ينبغي معالجة المشكلة بحكمة والإحسان إلى زوجة الأب وتحمل أذاها وعدم مؤاخذتها بالإساءة، وجعلها بمنزلة أمكم في البر والإحسان لما في ذلك من البر بالأب.. والإحسان إليه، وإذا أحسنتم إليها فستحبكم وترغب في مساكنتكم لأنكم بمثابة أبنائها ... وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 54560، 76545، 5034.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1429(13/6982)
رفض المرأة أن تسكن ضرتها معها في سكن واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[أما بعد أنا أمرأة تزوج زوجي علي وأنا أرفض وبشدة أن أكون أنا وهي في نفس المكان ولا أن تدخل بيتي ولا أدخل بيتها ولكن إن التقينا في مكان ما أسلم عليها أو أرد السلام ولا يدور بيننا أي كلام فهل أكون مذنبة في ذلك أم لا؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حقك على زوجك أن يوفر لك مسكناً مستقلاً لا تشاركك فيه غيرك، سواء أكان زوجة أخرى أو غيرها، ولا إثم عليك في مطالبته بذلك.
قال ابن قدامة: وليس للرجل أن يجمع بين زوجتيه في مسكن واحد بغير رضاهما.
كما لا حرج عليك في عدم مصاحبتها، أو الدخول عليها دون هجران أو قطيعة، وإن كان الأولى هو التعاون والتآلف وتقوية الأواصر بينكما، لما في ذلك من الراحة النفسية لكما أولا، ولزوجكما، ولأولادكما. وهو ما ننصحكما به.
وللمزيد انظري الفتاوى رقم: 21818، 52604، 34802.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1429(13/6983)
وجوب إعفاف الزوجة وإعطاؤها حقها في الفراش
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في الزوج الذي يستحلم بإنزال المني وله زوجة ومرات عديدة ليس مرة واحدة وحجته أن هذا تصريف من عند الله. فما فائدة الزواج مادام هو يعمل هكذا وزوجته بجانبه مع العلم أنه يظل أسبوعا وأكثر بدون علاقة حميمة والسبب والحجة الشغل والعمل مع أنه في ببعض الأحيان يستحلم في أيام الإجازات ولا يلتفت إلى زوجته مع أنها والله أعلم لا تحرمه من شيء أبدا فما موقف الزوجة من زوجها في رأي الدين وماذا تفعل وبم تنصح هذا الزوج لأنها نفسيا تعبانة جدا بعد كل موقف من هذا القبيل وتشعر بأنه لا حاجة إليها في حياة زوجها بما أنه لا يعيرها اهتماما ويصرف حاجته بعيدا عنها.
أرجو الرد سريعا لما فيه حالة الزوجة من كآبة وحزن وشعور بعدم الراحة.
ولكم مني جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مؤاخذة على الإنسان في حال نومه، لكن لا يجوز للزوج أن يهجر فراش زوجته لغير مسوغ شرعي كنشوز ونحوه. ويجب عليه إعفافها وإعطاؤها حقها في الفراش. والراجح أن ذلك يكون بحسب حاجتها وطاقته.
وننصحك بإحسان التبعل والتجمل له لشد انتباهه إليك، وينبغي مصارحته بما تنقمين عليه، فكتمان ذلك إنما يزيد الضغينة والخلاف، وربما يكون سبب نفوره هينا فتعالجينه ليزول. وأهم ما تستقيم عليه الحياة الزوجية هو المناصحة والمصارحة بين الزوجين، وتغاضي كل منهما عما يمكن التغاضي عنه من هفوات الآخر وزلاته، والنظر إلى الجوانب المضيئة في حياة كل طرف فذلك يساعد على تجاوز الخلاف ويذهب الضغائن ويديم العشرة ويجلب الألفة والمودة.
وللمزيد انظر الفتاوى رقم: 105742، 55728، 54416، 71145، 113634، وإن كنت تقصدين بالاستحلام الاستمناء فهو حرام ولا يجوز، وقد سبق بيان حرمته وكيفية التخلص منه في الفتوى قم: 7170، فلتراجع للأهمية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1429(13/6984)
حدود طاعة الزوجة لزوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم طاعة الزوجة للزوج؟ وإن كان مخطئا في الأمر؟ وهل يجوز له منعي من فعل الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن طاعة الزوجة لزوجها من أعظم الواجبات، قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ {النساء:34}
قال القرطبي: هذا كله خبر، ومقصوده الأمر بطاعة الزوج والقيام بحقه في ماله وفي نفسها في حال غيبة الزوج. اهـ
وأعظم ما تجب فيه طاعتها له أمر الاستمتاع ما لم يكن لها عذر فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح. متفق عليه.
لكن طاعة المرأة لزوجها ليست طاعة مطلقة، وإنما هي طاعة مقيدة بقيود ثلاثة:
الأول: أنها لا تكون في أمر فيه مخالفة للشرع، فعن عليّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه قال: لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ. متفق عليه، فيحرم على المرأة أن تطيع زوجها في فعل محرم أو ترك واجب.
القيد الثاني: أن تكون في استطاعة الزوجة ولا يلحقها فيها ضرر، لقول الله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة:286} . وقوله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78} ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ. وقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك وأحمد وابن ماجه وصححه الألباني.
والقيد الثالث: أنها لا تكون واجبة إلا في أمور النكاح وما يتعلق به، قال ابن نجيم الحنفي: لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَجِبُ عليها طَاعَةُ الزَّوْجِ في كل ما يَأْمُرُ بِهِ إنَّمَا ذلك فِيمَا يَرْجِعُ إلَى النِّكَاحِ وَتَوَابِعِهِ خُصُوصًا إذَا كان في أَمْرِهِ إضْرَارٌ بها. اهـ
وننبه إلى أن الأصل في علاقة الزوجين إحسان العشرة، والتغافل عن الهفوات، والحرص على ما يجلب الألفة والمودة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1429(13/6985)
زوجها أسكن أخته معها رغما عنها ثم ضربها وهجرها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي جاء بأخته للعيش معه مع أنها بإمكانها العيش مع أهلها ولا ضرر في ذلك.
المشكلة أن بيت الزوجية صغير جدا ولا أجد حريتي في التكلم مع الزوج وأشياء أخرى وهو يفرضها علي في كل شيء حتى عندما أطلب منه الذهاب إلى أهلي يطلب منها أن ترافقني مما ضخم المشاكل بيننا بحيث كلما طلبت منه أمرا أو تكلمت معه يقول لي لماذا تكلمت معي وأختي تسمع ولم يعد مجال لمناقشة المشاكل مما جعلها تكبر إلى أن وصلت أن زوجي ضربني وهجرني ولم يعد ينفق عني فكيف يمكنني التصرف، دون أن أعصي الله. هولا يريد أن يتراجع عن عيش أخته معه حيث إنه من النوع العنيد ولا بقبل المناقشة وأنا الآن أعيش وحيدة وهو لم أعد أراه ولم يتصل بي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حسن عشرة المرأة لزوجها إحسانها إلى أهله، وإعانته على صلة رحمه، والتغافل عن هفوات أهله، فهو مما يجلب المودة والألفة بين الزوجين، ويزيد احترام الزوج ومحبته لزوجته.
كما أن من حق المرأة على زوجها أن يوفر لها مسكناً مستقلاً، لا تتعرض فيه لضرر أو حرج.
فلا شك أن ما فعله زوجك من مجيئه بأخته للعيش معكم في المسكن الضيق دون ضرورة، فهو من الظلم ومن إساءة العشرة، وكذلك هجره وضربه لك إن كان بدون مبرر فهو ظلم وتعد لحدود الله، وأما تركه الإنفاق عليك فإن كنت قد خرجت من البيت بغير إذنه، فلا نفقة لك إلا أن تكوني حاملاً، وأما إن كنت في بيته فلا يجوز له ترك الإنفاق عليك.
والذي نوصيك به إذا كانت إقامة أخته في فترة قصيرة، فمن الإحسان أن تتحملي تلك الفترة، وتحتسبي الأجر عند الله، وتكلمي زوجك برفق وتذكريه بما أوجب الله عليه من الحق وما ينبغي أن يكون عليه من حسن العشرة.
فإن لم ينفع ذلك معه، فعليك أن توسّطي من العقلاء من يصلح بينكما، فإن لم ينفع ذلك فيمكنك رفع الأمر إلى القضاء بعد استشارة أهلك.
ونوصي السائلة بالاستعانة بالله والتوكل عليه وكثرة الدعاء أن يصلح الله بينهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1429(13/6986)
زوجها يشترط عليها أن تقاطع أهلها إلا أمها
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي رجل من رجال الدولة له سكرتير قام أبي بتخصيص قطعة أرض لي أنا وزوجي عن طريق الدولة بعد فترة غير أبي رأيه وسحب قطعة الأرض. زوجي يعتقد أن سكرتير أبي باع قطعة الأرض وقام زوجي برفع دعوى قضائية ضده ومن هنا بدأت المشاكل بين أبي وزوجي وإخوتي على هذا الموضوع أنا الآن في بيت أهلي لا أعرف ماذا أفعل اشترط علي زوجي إن عدت إليه أن لا أرى أهلي عدا أمي لأنها مطلقة من أبي. فما هو الشيء الصحيح الذي أفعله أتبع زوجي أم أهلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالموقف الصحيح هو أن تعودي إلى زوجك، وتحاولي إقناعه بصلة أبيك والصلح بينهما، وإن أصر على منعك من زيارته فلك مخالفته ولو بدون علمه، إذ لا يجوز له منعك من ذلك على الراجح.
وأما مسألة القطعة الأرضية فإذا كان الأب إنما سعى في إيصالها إليكم من الدولة، فليس له الرجوع فيها إذ لا علاقة له بها، وإنما بذل شفاعته فحسب، وبناء عليه فلا حرج على زوجك في مطالبته بها، لكن ينبغي أن يكون ذلك بالتي هي أحسن، إذ يمكنه رفع دعوى قضائية ونحو ذلك دون الخصام والسباب.
وعلى كل فالذي ننصحك به هو مصالحة زوجك والرجوع معه إلى بيته، ومحاولة إصلاح ما بينه وبين والدك بالتي هي أحسن.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 110919، 4171، 31962.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1429(13/6987)
اشترط عليه أبو زوجته بعض الشروط فهل يلزم الوفاء بها
[السُّؤَالُ]
ـ[حدثت مشادة بيني وبين والد زوجتي وبعد أن اتفقنا على مجموعة أمور قال لي (على حسب ما أذكر) إن اختلفنا بعد ذلك أن أتركها وألا أكلمها عن إحدى المشكلات التي اتفقنا عليها ولا أسأل عالما في أي خلاف يحدث بعد ذلك وأن أرجع إليه هو في أي خلاف (مع العلم بأنه من عوام الناس) ويغلب على ظني أني كنت أوافق على ما قاله ولكني راجعته في اليوم التالي وأخبرته بإحدى نقاط الضعف في كلامه وقلت له إني سألتزم بأني سأمسكها بمعروف ونلغي كل ما قاله لي وما قلته له، فهل ما قاله لي شروط يلزمني الالتزام بها وماذا لو لم أستطع الالتزام بشروطه، وهل تحللت من شروطه عندما قلت له إني سأمسكها بمعروف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما طلبه منك ليس شرطاً يلزم الوفاء به، إذ لا يجوز له أن يمسكها عنك حتى يشترط عليك، وإنما هو مجرد طلب وقد وعدته بالوفاء به فيستحب لك ذلك إن لم يكن محرماً، لأن الوعد يستحب الوفاء به على الراجح ولا يجب.
والواجب عليك تجاه زوجتك إنما هو الإمساك بالمعروف أو التسريح بإحسان.. وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17057، 44575، 59904.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1429(13/6988)
حكم دخول الأقارب غرفة النوم بدون إذن الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق لأهل زوجتي أو أهلي أن يدخلوا غرفة نومنا؟ وما هي الحالات التي يمكن فيها ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لأحد من أهلك ولا أهل زوجتك أن يدخل غرفة نومك إلا بإذنك. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ. متفق عليه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق الزوج على زوجته: وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ. رواه مسلم.
قال النووي: والمختار أن معناه أن لا يأذن لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم والجلوس في منازلكم سواء كان المأذون له رجلا أجنبيا أو امرأة أو أحدا من محارم الزوجة.
وأما إذا أذنت لأحد في الدخول فلا حرج في ذلك ما لم يترتب على ذلك مفسدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1429(13/6989)
زوجها لا ينفق عليها ولا على بناتها ويريد أخذ مالها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا معلمة متقاعدة وعمري (58) لدي راتب والحمد لله لكن زوجي دائما يجادلني لأنه يريد الراتب مني مع العلم بأن الراتب أنفقه على بناتي الخمسة وهن طالبات جامعيات وهو لا يقبل أن يصرف عليهن ولا علي ولا على مستلزمات المنزل أي شيء مع أن حالته المادية ميسورة وهو بخيل جداً وكذلك يقطع في صلاته وكثير التحرش بالنساء وأنا في الحقيقة لا أستطيع العيش في هذا الوضع فقد صبرت معه 32 عاما وهو يزداد سوءاً، فهل علي ذنب عندما أعصيه ولا أتكلم معه حتى يلبي حاجات المنزل، مع العلم بأن لديه سوبر ماركت ولا يجلب للمنزل أي شيء من المحل ويتحدث للناس بكلام غير محترم علي وأنا لم أخنه في ماله ولا في عرضه ويشهد علي الله، فأفتوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لزوجك التصرف في شيء من مالك بغير إذنك، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 19180، والواجب أن يقوم هو بالإنفاق عليك وعلى بناته، والذي يلزمه من النفقة هو ما يسد الحاجة من المأكل والمشرب والملبس والمسكن حسب المعتاد في البلد الذي أنتم فيه، وكذلك ما يلزم لتعليم الأولاد ما يجب عليهم من أمر دينهم ومعرفة حرفة يعيشون بها، فقد نص الفقهاء على أنه يجب على الأب تعليم ولده وتعليمه حرفة، جاء في منح الجليل شرح مختصر خليل وهو في الفقه المالكي: (وللأب) وسائر الأولياء (تعاهده) أي المحضون ذكراً كان أو أنثى (وأدبه) أي تأديب المحضون (وبعثه) أي إرسال المحضون (للمكتب) بفتح الميم والفوقية أي محل تعلم الكتابة أو المعلم أو المعلمة ... ) انتهى.
وفي نهاية المحتاج في شرح المنهاج وهو في الفقه الشافعي: "ويسلمه" وجوباً لمكتب بفتح الميم والتاء ويجوز كسر التاء وهو اسم المحل التعليم ... "وحرفة" يتعلم من الأول الكتابة ومن الثاني الحرفة على ما يليق بحال الولد، وظاهر كلام الماوردي أنه ليس لأب شريف تعليم ولده صنعة تزريه، لأن عليه رعاية حظه ولا يكله إلى أمه لعجز النساء عن مثل ذلك، وأجرة ذلك في مال الولد إن وجد وإلا فعلى من عليه نفقته. انتهى.
ويجوز لك أن تأخذي من مال زوجك بمقدار نفقتك ونفقة عيالك بالمعروف ولو من غير علمه، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 22917، وإذا امتنع زوجك عما يجب لك من النفقة فلك أن ترفعيه إلى القضاء الشرعي ليلزمه بالنفقة، فإن امتنع جاز لك طلب الطلاق.. ولا يجوز لك هجر زوجك ولو كان عاصياً، ويجب عليك طاعته في المعروف، وتقصيره لا يسوغ لك عصيانه، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 69177، وننصحك بالصبر على زوجك ومناصحته بأسلوب طيب وتذكيره بأمر هذه النفقة، وبخصوص ما ذكرت أنه يأتي من منكرات كالتفريط في الصلاة والتحرش بالنساء واتهامك من غير بينة في ذلك ... وينبغي أن تكثري له من الدعاء فلعل الله يصلحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1429(13/6990)
لا سبيل للزوج على راتب زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بأمس الحاجة للجواب فأرجوكم، أنا معلمة متقاعدة عمري (58) عاما ولدي راتب بسيط أنفقه على بناتي الخمسة والحمد لله
ولكن المشكلة أن زوجي دائما يجادلني لأنه يريد الراتب مني مع العلم بأن الراتب أنفقه على بناتي الخمسة وهن طالبات جامعيات وهو لا يقبل أن يصرف عليهن ولا علي ولا على مستلزمات المنزل أي شيء مع أن حالته المادية ميسورة وهو بخيل جداً وكذلك يقطع في صلاته، وكثير التحرش بالنساء حتى وصلني كلام بأنه يدخل نساء إلى محله ودائما أجادله وأنصحه في هذا الموضوع ولا يقبل النصيحة من أحد وأنا في الحقيقة لا أستطيع العيش في هذا الوضع غير أن بناتي يكسرن قلبي إذا تركتهن ... فقد صبرت معه 32 عاما وهو يزداد سوءاً، فهل علي ذنب عندما أعصيه ولا أتكلم معه حتى يلبي حاجات المنزل، مع العلم بأن لديه محلا لبيع المنظفات ولا يجلب للمنزل أي شيء من المحل إلا إذا دفعنا النقود له ويتحدث للناس بكلام غير محترم عني وأنا لم أخنه في ماله ولا في عرضه ويشهد علي الله، وهل على بناتي ذنب عندما لا يتكلمن مع والدهن بسبب أسلوب معاملته والتفرقة بينهن، فأفتوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما راتبك فهو حق خاص بك لا سبيل للزوج عليه ولا يلزمك الإنفاق منه على نفسك أو عيالك وإنما يجب ذلك على الزوج هو ملزم بنفقة زوجته ولو كانت غنية وكذلك أولاده ما لم يكونوا أغنياء، وإذا كان لا يعطيك ذلك شحا وبخلا فلك أخذه من ماله دون علمه؛ كما قال صلى الله عليه وسلم لهند امرأة أبي سفيان لما شكت شحه وأنه لا يعطيها ما يكفيها فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.
ولك التظلم منه ورفعه للقضاء لإلزامه بما يجب عليه إلا إذا أذن لك في العمل مقابل إنفاقك على نفسك وعيالك فذلك الشرط معتبر.
وأما حديثه عنك بما لا يليق فلا يجوز له لكن إساءته لا تبيح لك هجرانه أو منعه من حقه الشرعي في الفراش، كما لا يجوز لبناته أن يسئن إليه ولو أساء هو، ولهن نصحه ووعظه بالتي هي أحسن وتسليط من له وجاهة عنده ليؤثر عليه ويبعده عن الظلم والإساءة.
وأما تهاونه بالصلاة وكسله عنها فهو خطير جداً لا يجوز السكوت عليه بل ينصح ويذكر، وللمزيد انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 110029، 62842، 95203، 32165، 42518، 19453.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1429(13/6991)
الأفضل توثيق تنازل إحدى الزوجتين عن بعض حقوقها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج وقد تم الاتفاق بيني وبين امرأة أخرى على الزواج ولظروف خاصة لن أخبر زوجتي الأولى بهذا الأمر وعليه تم الاتفاق بيني وبين الثانية أن يكون المبيت عندها ليلة واحدة بالأسبوع.
وسؤالي: هل يجب ذكر هذا الشرط أو غيره في عقد الزواج الشرعي لتبرئة ذمتي أمام الله من عدم العدل بين الزوجتين، يرجى الإفادة يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعدد الزوجات مشروع إذا توفرت للزوج القدرة المادية من نفقة وكسوة ومسكن إضافة إلى القدرة البدنية على ذلك. ولا يلزم فيه إخبار الزوجة الأولى.
والزوجة الثانية بمجرد العقد الصحيح تثبت لها الحقوق الزوجية من نفقة ومسكن وقَسم في المبيت ونحو ذلك من الحقوق، وبالتالي فإذا كنت لا تريد إلا المبيت عندها ليلة واحدة في الأسبوع فيجب إخبارها بذلك عند عقد النكاح أو قبله، والأولى توثيق ذلك بذكره كتابيا في عقد النكاح، فإن رضيت بهذا الأمر وتنازلت عن حقها جاز ذلك، وهكذا الحال بالنسبة لبقية حقوقها من مسكن ونفقة، فإن كنت تخشى من التقصير في شيء من ذلك فأخبرها عند العقد، فإن رضيت بالتنازل عن حقها فلها ذلك، وإن لم ترض فلها المطالبة بكامل حقوقها.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 39298، 74398، 102157.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1429(13/6992)
تفرغ الزوجة لمصالح زوجها وبيتها مطلب شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسان فاشل في ارتباطي بالجنس الآخر لأني كل ما أحتاجه واحدة تكون بحاجة إلي ولا تجعلني في مقارنة مع أي شيء دنيوي مع العلم بأني عندي 27 سنة وكل ارتباطي عن طريق الأهل وبطريقة رسمية وعمري ما لعبت بمشاعر أحد لأني أراعي ربنا في كل أمور حياتي, لكن للأسف كل ارتباط يفشل لأنها تريد أن يكون لها علاقات بأصدقاء بعد الزواج, أو لأنها تريد أن تحضر ماجستير ودكتوراه, أنا لست إنسانا معقدا أو أريد واحدة أحبسها فى البيت أنا أريد إنسانة تعامل ربنا في وأكون أنا وبيتها من أول أولوياتها وأي حاجة ثانية لا تهم يا ترى أنا هكذا مفتر أم ماذا بالضبط لأني حاسس أني بقيت متعقدا من البنات كلهن, مع العلم أني بحثت كثيرا على بنت الحلال التي أتزوجها وأنا الحمد لله إنسان ميسور وعندي كل متطلبات الزواج, أنا تعبان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تطلبه أخي ممن تريدها زوجة لك مِنْ تفرغ لمصالحك ومصالح بيتك هو مطلب شرعي لا غبار عليه، بل هذه هي أوامر الشريعة الغراء للمرأة أن تقر في بيتها، وألا تكون خراجه ولاجة، لأن هذا مما يورثها وأسرتها الشتات، ويعرضها وأولادها للفساد، قال سبحانه: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى {الأحزاب:33}
قال مجاهد: كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال, فذلك تبرج الجاهلية.
قال القرطبي في تفسير قوله تعالى (وقرن في بيوتكن) : ذكر الثعلبي وغيره: أن عائشة رضي الله عنها كانت إذا قرأت هذه الآية تبكي حتى تبل خمارها (وذلك لخروجها لموقعة الجمل) . وذكر أن سودة قيل لها: لم لا تحجين ولا تعتمرين كما يفعل أخواتك؟ فقالت: قد حججت واعتمرت، وأمرني الله أن أقر في بيتي, قال الراوي: فوالله ما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت جنازتها، رضوان الله عليها! قال ابن العربي: لقد دخلت نيفاً على ألف قرية، فما رأيت نساء أصون عيالاً ولا أعف نساء من نساء نابلس، التي رُمي بها الخليل صلى الله عليه وسلم بالنار، فإني أقمت فيها فما رأيت امرأة في طريق نهاراً إلا يوم الجمعة فإنهن يخرجن إليها حتى يمتلىء المسجد منهن، فإذا قضيت الصلاة وانقلبن إلى منازلهن لم تقع عيني على واحدة منهن إلى الجمعة الأخرى، وقد رأيت بالمسجد الأقصى عفائف ما خرجن من معتكفهن حتى استشهدن فيه. انتهى.
ولذا فإنا يا أخي نوصيك بأن تختار صاحبة الدين والخلق فمعها ستجد – إن شاء الله – ما تصبو إليه نفسك وتقر به عينك. وللفائدة تراجع الفتاوى رقم: 104254، 10561، 20121، 107034.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1429(13/6993)
كتم الزوج عن زوجته إذا أخبرته عن نفسها بما يشينها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي ادعت على نفسها كلاما يخل بالشرف وعندما اشتكيتها لأخيها كذبت وحلفت بالمصحف وادعت أنني أنا الذي قلت الكلام وطالبتني بحق حتى تسامحني على ما قلت.. والله ووالله إن الكلام الذي قالته هي ولم أدع عليها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت زوجتك قد قارفت شيئاً محرماً وتابت منه، فما كان ينبغي لها أن تذكر لك ذلك، فإنه يجب على الإنسان إذا وقع في شيء من الفواحش أن يستر على نفسه ولا يفضحها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ. رواه مالك في الموطأ.
وأما أنت فقد أخطأت حين ذكرت ذلك لأخيها، فإنه ينبغي الستر على المسلمين، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. رواه مسلم وابن ماجه.
وعلى كل حال فمادامت هي التي ذكرت ذلك عن نفسها ولم تكن أنت الذي اتهمتها به فلا ذنب عليك فيما لم يصدر منك، ولكن ما كان ينبغي لك أن تذكر ذلك لأخيها كما سبق ما لم يثبت لك من المرأة صدقها فيما تقول وإصرارها عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1429(13/6994)
للزوجة حق الامتناع من السكن مع أولاد الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي متوفاة ووالدي متزوج من أخرى وتريد أن تعيش لوحدها ونحن نريد أن نعيش معها ومع والدي في منزل واحد ونفترق في النوم فقط حيث إن لدينا شقة أخرى في الدور الثاني ولكن هي تريد أن نعيش مفصولين عنهم تماما ولا نستطيع الأكل ولا الشرب مع والدنا وتريد عدم نزولنا الشقة التي هي فيها ونحن نرفض نحن نريد أن نعيش معها وننفصل وقت النوم فقط مع العلم أن الأبناء بنتين ولا يوجد أولاد حيث إنني أعيش بالخارج ونزولي بسيط جدا مع العلم أننا عرضنا عليها أن تعاملنا بالحسنى ونحن نعاملها بالحسنى ولا نريد غير ذلك ولكن هي ترفض تريد أن تعيش عيشة مستقلة تماما عنا، أريد معرفه الفتوى الصحيحة في أسرع وقت وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من حق زوجة أبيكم أن تمنعكم من زيارة أبيكم أو مؤانسته، لكن من حقها أن يوفر لها زوجها مسكناً مستقلاً، لا تتعرض فيه لضرر أو حرج، لقول الله تعالى في حق المطلقات: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ {الطلاق:6} .
وجاء في "الكتاب" فقه حنفي: وعليه أن يسكنها في دار منفردة ليس فيها أحد من أهله إلا أن تختار ذلك، وإن كان له ولد من غيرها فليس له أن يسكنه معها.
وقال عليش في شرح مختصر خليل وهو مالكي: ولها أي الزوجة الامتناع من أن تسكن مع أقاربه أي الزوج لتضررها باطلاعهم على أحوالها وما تريد ستره عنهم، وإن لم يثبت إضرارهم بها.
وعلى ذلك فمن حق هذه الزوجة أن ترفض إقامتكم معها في بيت أبيكم وانفصالكم عند النوم فقط.
ويمكنكم أن تقتصروا في الجلوس عند أبيكم على القدر الذي لا يضر بالزوجة، وتحصل به مؤانستكم لأبيكم، وقد تغير زوجة أبيكم موقفها، بعد أن تلمس منكم حسن العشرة وطيب المعاملة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1429(13/6995)
مدى جواز تصرف الزوجة في مال زوجها المريض ولا يرجى شفاؤه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تتصرف الزوجة في أموال زوجها أثناء مرضه بمرض لا يرجى شفاؤه أو يأمل شفاءه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس للزوجة أن تتصرف في مال زوجها إلا بإذنه، فإن كان مريضاً مرض الموت فإنه محجور عليه في ماله، لكن للزوجة أن تأخذ نفقتها الواجبة لها شرعاً بالمعروف إن لم يكن لزوجها وصي على ماله، ولها أن تأخذ منه لعلاجه ورعايته وتتصرف فيه بما يصلحه كحفظه إن لم يكن له من يتولى ذلك حتى ينصب له الحاكم وصياً، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 41635.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1429(13/6996)
موقف المرأة من الزوج إذا أقام علاقة بامرأة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة منذ 6 سنوات ولدي طفل، اكتشفت مؤخراً وبالصدفة أن زوجي على علاقة بأخرى وأنه خانني لكني لم أخبره أنني اكتشفت الأمر، فعلت كل شيء كي أفرق بينهما خصوصاً أني أعرف أنها علاقة عابرة وقد نجحت في ذلك لكنها ما زالت تطارده، لكني لم أعد أثق به، أحب زوجي وهو يريدني إلى جانبه ويقول إنه يحبني وإنه لن يتركني أبداً، ما حكم الشرع فيما فعل، وماذا يمكنني أن أفعل للحفاظ على أسرتي حسب الشرع؟ شكراً مقدماً على ردكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسواء كان المقصود بقولك إنه على علاقة بأخرى وإنه قد خانك فعل الزنا أو مجرد علاقة، فالواجب عليك مناصحته وتخويفه بالله وبالعقاب الشديد لأن هذا كله محرم وإن كان الزنا أشدها تحريماً، قال تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلا ً {الإسراء:32} ، فإن استجاب وظهرت منه أمارات التوبة -كما ذكرت- فالحمد لله، والله يقبل توبته كما أخبر في سورة الفرقان: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان:68-69-70} .
وإياك ثم إياك أن تعيريه بعد التوبة بذنبه أو أن تظهري له التوجس منه ومن معاملته وعدم الثقة فيه فهذا مما يفسد العلاقات، ويزرع العداوات، فعليك أن تقبلي عذره وأن تنسي أوتتناسي ما كان منه، ومما يعينك على ذلك أن لو تصورت نفسك مكانه ووقعت في الخطأ وندمت عليه ألا تودين مسامحته لك، وتغاضيه عن هفوتك ونسيانه لزلتك، وهكذا تنزلينه منزلة نفسك، ثم إنه ينبغي عليك أن تنظري إلى معاملتك له وما دعاه إلى الوقوع فيما وقع فيه من التطلع إلى غيرك، فلعلك لا تحسنين التبعل والتجمل له، فأحسني في ذلك لتعفيه عن الحرام، وتملئي قلبه بالمعاملة الجميلة، وسمعه بالكلمات الحانية الودودة وبصره بالتجمل وحسن التبعل.
أما بالنسبة لهذه المرأة فيجب على زوجك أن يقطع علاقته بها بكل سبيل وأن يظهر لها من النفرة والبغضاء ما يزجرها عن ملاحقته ومطاردته فإنها لم تفعل ذلك إلا وهي طامعة في استجابته لها، أما إن رأت منه الجد والحزم فيوشك أن تتركه وتذهب لسبيلها.. أما ما تسألين عنه من أسباب الحفاظ على الأسرة فعماد ذلك تقوى الله سبحانه والقيام بأوامره وواجباته والبعد عن معاصيه، فقد تكفل الله للمؤمنين الحافظين لحدوده بالحياة الطيبة المطمئنة في الدنيا قبل الآخرة، فقال سبحانه: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {النحل:97} ، وقال سبحانه: قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه:123-124} ، وكما وعدهم سبحانه أن يدافع عنهم وأن يكفيهم ما أهمهم، وأن يصرف عنهم ما يقلقهم ويحزنهم، فقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ {الحج:38} ، وللفائدة في الموضوع تراجع الفتوى رقم: 26233، والفتوى رقم: 109703.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1429(13/6997)
حق الزوجة في ألا يطيل زوجها السفر عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم سفر الزوجة إلى الزوج مع العلم بأن الزوج سافر بعد الزواج بشهر تقريبا وحيث إنهم تزوجوا بدون تجهيز البيت واتفقا على أنهم يجهزون البيت (من أثاث وغيره من التجهيزات الأساسية) بعد الزواج وسافر الزوج وبعد ثلاثة شهور طلبت الزوجة منه أن يدعوها للسفر معه ولكنه طلب منها أن تصبر إلى أن يتم تجميع مبلغ من المال لتجهيز البيت، ولكنها تطلب من زوجها بشدة أن يدعوها للسفر أولا وبعد ذلك يفتح الله عليه بالرزق في تجهيز البيت.. فهل إذا رفض الزوج دعوة الزوجة يكون فيها معصية لله أو أنها تصبر عاما حتى يتم تجميع مبلغ من المال لتجهيز البيت ... مع العلم بأن أحد أقارب الزوج أعطاه بيته ليتم الزواج فيه حتى يفتح الله عليه ويكمل بيته، فأ فيدوني؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق الزوجة على زوجها معاشرتها بالمعروف وإعفافها فلا يطيل السفر عنها أكثر من ستة أشهر إلا بإذنها أو لاشتغاله بمهم مثل تحصيل نفقة ونحو ذلك، وبالتالي فنقول إن الزوج المذكور لا يأثم في عدم استقدام زوجته قبل مضي ستة أشهر على سفره خصوصاً كونه لم يتوفر على تجهيز بيت الزوجية، فينبغي لزوجته الصبر عليه ومراعاة ظروفه، فإن مضت ستة أشهر وحصل على ما يطلبه ولم ترض بتأخره فعليه أن يستقدمها إليه خصوصاً إذا وجد من أقاربه من يتبرع بمسكن مجهز، فإن لم يستطع استقدامها فليسافر إليها ولو مدة قصيرة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 41508.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1429(13/6998)
لم يشعر بتوافق مع زوجته فخانها ولجأ إلى الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[هذه أول مرة أتحدث فيها عن مشكلة هامة أواجهها في حياتي وأحتاج لمساعدة رجال الدين بها لأني لجأت إلى الله بعد ما ضاقت بي الدنيا وألتمس المساعدة من الله ورجال الدين.
في البداية أنا رجل في سن الثلاثين من عمري تزوجت منذ خمس سنوات ولكن ليس عن حب ففي البداية كنت أحب إنسانة وودت أن أتزوجها ولكن لم أستطع لأسباب كثيرة بالرغم من حبها الشديد لي وحبي الشديد لها وفي أثناء ذلك كنت أعرف والد زوجتي بحكم طبيعة العمل وتعرفت إلي زوجتي كمدرس كمبيوتر وعند ما عرفت بأن الإنسانه التي كنت أحبها قد خطبت تقدمت أنا إلي زوجتي لأخطبها زواج صالونات ووافقوا وبعدها طلبت مني الإنسانة التي كنت أحبها أن نرجع لبعض وتترك هي خطيبها وأن أترك خطيبتي ونتزوج ولكني رفضت بالرغم من حبي لها وذلك بسبب التزام والدي بكلمة أمام أهل زوجتي لأني أحب أبي وأمي وأهتم بالكلمة التي ارتبطوا بها وفات الوقت وتزوجت هي وتزوجت أنا في البداية كنت إنسانا عاديا مع زوجتي أعاشرها ونضحك ثم وجدت نفسي أتغير ((عفوا أحب أن أوضح شيئا في البداية أنا رجل مسلم ولست بالشيخ أو الطاهر بنسبة 100% ولكني أحب الله)) وجدت نفسي أتغير فرجعت أبحث عن الحب فأنا إنسان أحيا بمشاعري فلم أعد مكتفيا بزوجتي هي ليست إنسانة سيئة ولكن العيب مني أنا فلم أستطع قتل ما بداخلي فاكتشفت أني لا أستطيع أن أحب زوجتي فبدأت بالتعرف على فتيات أخرى باحثا عن الحب ولكنه لم يكن الحب فقط فقد صاحبه الجنس فاكتشفت أني لا أرتاح مع زوجتي جنسيا بالرغم من أنها تفعل كل شيء لإرضائي ولكني عندما كنت أؤدي فهو مجرد أداء لأتمم حقها فلم يكن يتخلله مشاعر ولا حب فبدأت بالتعرف على أخريات أبحث معهن عن الحب الذي فقدته وظللت أبحث لفترة من الزمن وأعرف أن هذا يغضب الله ولكني قلت لك إنني لست بالملاك كان شيطان بداخلي يحركني ولكن أنعم الله علي بطفلة جميلة وقلت في بالة نفسي أعتقد أنه وجب علي التغيير ولكني لم أستطع فأصبحت وأنا في منزلي متعدد الوجوه فأنا أضحك وأنا بداخلي حزن بدأت بالشعور بنفور غريب من زوجتي لا أريد أن أمسك يديها ولا أستطيع أن أقبلها مثل باقي الزوجات لا أعرف ثم قابلت إنسانة فبدأت بالإعجاب بها وهي تعرف أني متزوج ولم أتوقع في يوم أني أحبها فقد كانت قد تم عقد قرانها ولكنها لم تتم زيجتها وقد وقفت معلقة من زوجها بسبب أنه لا يريد أن يطلقها (بنت) ففي بداية الأمر وجدت أنها بحاجة إلى مساعدة ولأن ظروفها وظروف أهلها والظروف المحيطة كانت صعبة وبالفعل بدأنا بتبادل الآراء فيما يخصني ويخصها وبدون أن نشعر وجدنا أنفسنا ننجذب لبعض وعندما صارحتها بالموجود بداخلي رفضت وقالت لي كيف ذلك فهو ليس من حقك ولا من حقي فأنا أعتبر متزوجة وأنت متزوج وعندك طفلة لا أرضي بذلك وأنا أعرف ومتأكد بأنها تريدني وبدأت بالهروب مني ولكني وجدت نفسي أتعلق بها ووجدت نفسها أنها عندما تهرب لا تجد فرارا وترجع لي مرة أخرى ظللنا نعرف بعضا لمدة 4 سنوات بما يرضي الله ولا يغضبه فكانت هي تتعذب وأنا أتعذب وكانت هي كثيرة الهروب وذلك لأنها تحس بتأنيب الضمير الدائم أني لست من حقها وأن ما تفعله خطأ ولكنها سيدي الفاضل منعتني عن كل ما هو خطأ كنت أفعله ولم أعد أبحث عن الحب والجنس لم أعد استطيع أن أرى إلا هي وفضلت بجوارها إلى أن حكم لها بالطلاق وفرحت وحزنت فرحت لأنها تخلصت من حمل كان على عبئها لمدة 5 سنوات وحزنت أن لحظة الفراق قد حانت فقد كنت أخطط أنها لن تكون مجرد علاقة عابرة لأني أريدها في شرع الله كزوجتي ولكني أعرف أني سوف أدخل في حرب مع أهلي وأهل زوجتي لأني أعرفهم جيدا وكنت أخطط بإذن الله أنه يجب أن يكون عندي مال وفير لأتمم هذه الزواجة فانا شاب انعم الله علي بعيشة مريحة ووظيفة أتربح بها دخلا جيدا نعم والداي قاما بمساعدتي في بدء حياتي بتوفير شقة تمليك لي وعدم تركي إلا وأنا واقف على قدمي ولكن لأتزوج مرة أخرى يجب أن أكون ((أنا)) وليس هما فبعد الحكم بطلاقها بدأ الراغبون في الزواج التقدم لها فقامت بسؤالي ماذا سوف تفعل؟؟ فرددت أن الآن صعب أن أفعل أي شيء فلا يوجد مال لأنفذ أي شيء فاعتبرت ذلك تخليا عنها وقامت باتخاذ قرار بالبعد وأن تهجرني وبالفعل بدأت في ذلك ولكني كنت شديد الإصرار ولكن في النهاية كنت رجلا له كرامة فبدأت بالموافقة على قرارها لتفادي المشكلات وحاولت أن أرجع لزوجتي لكن بدون فائدة وجدت نفسي أهرب من أداء ما حلله الله لي – أهرب منها – لا أجد راحة ((عفوا وأعتذر – لدرجة أنني فضلت العادة السرية عن الجماع)) ومرة أخرى وجدت نفسي تائها بدونها ورجعت مرة أخرى للوراء ورجعت للهلث وأبحث عن راحتي مرة أخرى ولكني لم أستطع هذه المرة فكانت دائما تشدني عن الخطأ وتذكرت الله في هذه اللحظة وسألته لما لا أفعل ما أحله الله لي لما لا أتزوج وأواجه. ومرة أخرى بدون أن نشعر التقينا ورجعنا مرة أخرى –]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم – أيها السائل – أنك قد فعلت منكرا عظيما, وأتيت ظلما وزورا عندما تركت ما أحل الله لك من زوجك، وانطلقت تتبع خطوات الشيطان وتفعل الفواحش والمنكرات بحجة البحث عن الحب، ووالله إن هذا لمن تلاعب الشيطان بك، إذ كيف يكون الحب في فواحش الذنوب التي توجب لعنة وغضب علام الغيوب؟ أما علمت أن الله سبحانه جعل السكينة والطمأنينة والراحة في طاعته والبعد عن معاصيه، وجعل القلق والهم والاضطراب والغم في معصيته وارتكاب مناهيه، وقد حرم سبحانه الزنا وبالغ في ذمه والتنفير منه فقال: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا" {الإسراء: 32] . وقال سبحانه: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا {الفرقان:68- 69} .
وكان عليك أيها السائل إذ لم تجد توافقا بينك وبين زوجتك وخفت أن تظلمها أو أن تضيع حقوقها أن تطلقها وتبحث عن زوجة أخرى تحقق لك ما تريد، لا أن تنطلق في تلبية شهواتك بلا حدود أو قيود.
فعليك بالمسارعة إلى التوبة إلى الله جل وعلا، والإكثار من الأعمال الصالحة المكفرة لعل الله سبحانه أن يغفر لك ذنبك ويقيل عثرتك.
أما بالنسبة لما كان منك من علاقة مع هذه المرأة فهذا أيضا حرام؛ لأنك ابتدأت معها العلاقة وهي متزوجة، وهذا فيه ما فيه من العدوان على عرض إنسان مسلم والتعرض لحرمته، هذا فضلا عن أن العلاقة بين الرجل والمرأة بعيدا عن مظلة الزواج الشرعي علاقة محرمة لا تجوز، وقد بينا هذا في الفتاوى رقم: 1769، 10522، 37015.
وأما بالنسبة للعادة السرية فقد سبق بيان حكمها في الفتوى رقم: 3239، وبينا في الفتوى رقم: 14674، أن عدم إعفاف الزوجة لزوجها لا يبرر له العادة السرية.
أما الآن فننصحك أولا بالتوبة وبالصدق فيها والإخلاص لله تعالى، ثم لتصبر على زوجتك وإعطائها حقها، ولتعلم أن البيوت لا تبنى على الحب وحده، فإن لم يستطع الصبر عليها أو لم ترض هي بحالتك معها، فقد يكون الحل هو الطلاق لإزالة الضرر عن الزوجة، ولتبحث عن زوجة صالحة تعفك عن الحرام. نسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1429(13/6999)
الصبر على الزوج ومساعدته قدر الإمكان
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد 8 سنوات زواج حصلت لي مشكلة فظيعة اكتشفت أن زوجي مديون بمبلغ 300 ألف جنيه وأنه كذاب في الأول فهمني أن ديونه 15 ألف جنيه ثم 50 ثم 100 وأسرعت إلي أهلي وأحضرت منهم 22 ألفا وبعت أشياء بـ 20 ألفا وأنا أعمل في وظيفة مرموقة وهو طبيب بيطري طيلة 8 سنوات كنت لا أبخل عليه بشيء سواء يحتاجه هو أو البيت أو الأولاد أو حتى أهله وإنني أخاف الله دائما في كل تعاملاتي وأنا طيبة جدا ومتسامحة جدا ولكني لا أستطيع أن أسامح زوجي أبدا لأنه الآن تركني أنا والأولاد أتحمل مسئولية كل شيء أشتغل وأشتري طلبات البيت والأولاد وأدفع كل المصاريف دون أن يساعدني أحد بتاتا حتى إخوتي فنادرا ما يتصل بي أحدهم ويسأل هل الأطفال الصغار ناموا من غير عشاءأم تعشوا هل أحد منهم مريض هل أحد قال أريد بابا وكلامهم دائما بكرة أنت تتعودين والأولاد ينسون وبالرغم من ظلم زوجي لي وللأولاد إلا أنني متعاطفة معه لأنه دخل السجن وتخلى عنه كل أهله لأن لا أحد يستطيع سداد ديونه المهم أنني تعبت ودائما خائفة لا يحصل لي حاجة ودائما أشعر بالأرق وقلة النوم وساعات يبقي نفسي أساعد زوجي وأخلصه وسأموت عليه لأنه بصراحة طيب وساعات أحس أنه غير أهل لهذا الشعور لأنه رمى اولاده وتركني أتحمل المسؤولية وحدي ولا أدري مصيره بعد ذلك فهو عليه ما يقرب من 12قضية حكم عليه في ثلاثة بـ 1.5 سنة ونحن نخفي على الناس وعلى الأولاد ونقول إنه مسافر فأسرتي وأسرته كلهم ذو أوضاع اجتماعية متميزة وليسوا متميزين ماديا المصيبة أني اكتشفت أن زوجي استمر بكلية الطب البيطري 16سنة وتخرج 97 ولكنه مزور شهادة بتاريخ 92 مع العلم أنه مواليد 63 أشعر أن كل فرش بيتي من فلوس حرام وأنه استحل التزوير والنصب على الناس وفكرت كثيرا في الطلاق ولكن لا مكان لي سوى بيتي هذا في عمارة صغيرة يمتلكها حماي وأن كل ما حدث لزوجي بسبب شدة والده عليه وتحميله مسئولية كل شيء منذ كان طفلا 6 سنوات وكان والده الضابط دائما مسافرا وكان يكذب علي والده خوفا من عقابه بل وكل إخوته كذابون ولكن لم يضر أحد منهم نفسه كما فعل زوجي أنا لا أدري ماذا أعمل ليس عندي فلوس للمحامين ووالده رافض أن أي أحد يساعده من إخوته لأنه شخصية متسلطة وعصبي جدا ويهين أي أحد يخالفه حتى حماتي 60 سنة المريضة خلاص أنا تعبت خالص خالص ولا أملك إلا أن أشكو ضعفي وهو أني وقلة حيلتي إلى الله يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث اللهم أغثني أريد أي كلام يثبتني وينصحني أنا أربي أولادي على الدين والقيم والمبادئ وبعد لما يكبروا يجيء أحد يخطب بنتي ويسأل عن أبيها فما الوضع إنني أشعر باليأس والإحباط والفشل وهل أطلق أم أساعده ولكن كيف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أيتها السائلة أن تحمدي الله على ما أصابك من سوء، وأن تستغفري لذنبك، وأن تقابلي قضاء ربك بالصبر والرضا، فإنه سبحانه لا يقضي لعبده المؤمن إلا الخير، وإن بدا ذلك في صورة الشر والضرر، قال رسول الله: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. رواه مسلم وغيره.
واعلمي أيتها السائلة أن عواقب الأمور مغيبة عن الإنسان لا يعلمها إلا علام الغيوب جل في علاه، ورب أمر نظر الإنسان فيه فحسبه محض الشر، والحقيقة أن فيه خيره وفلاحه، ورب أمر نظر فيه الإنسان فحسبه محض الخير وفيه حتفه وهلاكه، قال سبحانه: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216} .
يقول ابن القيم: فإن العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب والمحبوب قد يأتي بالمكروه، لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة، ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة، لعدم علمه بالعواقب، فإن الله يعلم منها مالا يعلمه العبد. انتهى.
أما بالنسبة لما ذكرت من كون زوجك يقترف الأموال الحرام في مطعمه ولا يتحرى الحلال، وإن كان كما تقولين استمرأ التزوير والتدليس والنصب على الناس، فكان عليك أن تنصحيه وأن تخوفيه بالله وعقابه، وبعاقبة أكل المال الحرام وما له من تأثير لا ينكر في خراب البيوت وفساد الذرية وخيبة الرجاء وضياع الآمال, وأن تهدديه لطلب الطلاق إن لم يقلع عما يفعل، ولكن أما وقد حدث ما حدث، ونزل به من البلاء ما نزل وذاق وبال أمره وعاقبة بغيه، فإنا ننصحك بالصبر ومحاولة مساعدته بما تقدرين في حدود طاقتك ودون أن تكلفي نفسك ما لا تطيقين، حتى يأذن الله بزوال هذه الغمة وذهاب هذه البلوى، ويخرج من محنته، فإذا تم ذلك وفرج الله عنه، فحينئذ عليك أن تضعيه بين خيارين لا ثالث لهما؛ إما الاستقامة على أمر الله سبحانه وترك الحرام وإما الطلاق والانفصال عنه
وللفائدة تراجع الفتاوى التالية: 54858، 64596، 61093، 70126، 39315.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1429(13/7000)
زوجها لا ينفق ويقطع الصلاة ويتحرش بالنساء ويهينها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متقاعدة عمري 58 وزوجي لا ينفق علي ولا على بناتي أي شيء بحجة أن لدي راتبا، علما بأن راتبي لا يكفيني وأبنائي الخمسة، والآن لم يعد يصرف على البيت من طعام وغيره أبداً، ودائما يهينني ويشتمني ويكفر ويقطع في صلاته وكثير التحرش بالنساء، ولم نتكلم مع بعضنا منذ مدة بسبب بخله علينا مع العلم أنه غني ولا يحب النصيحة من أحد فهل أنا مذنبة عندما لا أتكلم معه حتى يعطيني حقوقي الزوجية الكاملة ويلتزم دينيا وأخلاقيا فماذا أفعل فأفتوني؟ جزاكم الله خيراً. ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصدين بقولك يكفر، أي يكفر بالله تعالى فإنك لم تبيني لنا بأي وجه حكمت على زوجك أنه يكفر، فالحكم بالكفر حكم عظيم وأثره خطير فلا ينبغي المسارعة في ذلك إلا بحجة واضحة وسلطان مبين، فإن كان قد ثبت هذا لديك وكان زوجك قد أتى فعلاً من الأفعال التي يكفر صاحبها قطعاً كأن سب الله أو سب دينه أو بعض رسله أو كتبه أو استهزأ بشيء من شعائر الإسلام، فلا شك أنه قد كفر بفعله.
قال الموفق ابن قدامة في المغني: ومن سب الله تعالى كفر سواء كان مازحاً أو جاداً، وكذلك من استهزأ بالله تعالى أو آياته أو برسله، قال الله تعالى: وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ* لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ. انتهى.
وإذا ثبت كفره فقد انحلت عقدة النكاح بينكما وصرت محرمة عليه لا يحل له أن يقربك ولا يحل لك أن تمكنيه من ذلك، لقوله تعالى في زوجات المشركين اللاتي أسلمن: فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ {الممتحنة:10} ، هذا إذا ثبت كفره، أما إذا لم يثبت ذلك فإن عليك أن تذكريه بالله وأن تطالبيه بالاستقامة وأداء الحقوق من نفقة عليك وعلى أولادك فإن النفقة على الزوجة والأولاد إنما تلزم الزوج وحده ولا تطالب بها المرأة لا في قليل ولا كثير، حتى ولو كانت غنية، لقوله تعالى: وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:233} ، ولقوله جل وعلا: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا {الطلاق:7} ، قال ابن المنذر: اتفق أهل العلم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن إذا كانوا جميعاً بالغين، إلا الناشز منهن الممتنعة.
واعلمي أن سائر الأفعال التي ذكرت عن زوجك إنما هي من كبائر الذنوب، وأعظمها على الإطلاق ترك الصلاة، فقد ذهب جمع من أهل العلم إلى كفر من ترك صلاة واحدة متعمداً دون عذر حتى يخرج وقتها، وأيضاً فإن سب الزوجة وإهانتها من المحرمات، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر.
قال النووي: واعلم أن سباب المسلم بغير حق حرام كما قال صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق. انتهى.
ويزداد الإثم إذا وقع السب للزوجة لما لها من حق على الزوج زائد عن الحقوق الواجبة لعموم المسلمين، ولما جاء في القرآن والسنة من الأمر بمعاشرتها بالمعروف، جاء في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة الحادية والخمسون الاستطالة على الضعيف والمملوك والجارية والزوجة والدابة، لأن الله تعالى قد أمر بالإحسان إليهم بقوله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا. انتهى..
وليعلم هذا الزوج أن الإسلام ما جاء إلا بإعزاز المرأة وإكرامها، وأن فقهاء الإسلام وعلماءه قد جعلوا ما يصدر من الرجل من أذى لزوجته مما هو دون ذلك يجيز لها طلب الطلاق، ولو حدث مرة واحدة لم يتكرر بعدها، بل وفي بعض الأحوال أوجبوا مع الطلاق التعزير البليغ الذي يردع هذا الذي يهين زوجته ويعتدي عليها، قال خليل: ولها التطليق بالضرر البين ولو لم تشهد البينة بتكرره.
وقال الدردير في الشرح الكبير، فقال: ولها أي للزوجة التطليق بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعاً، كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك وسبها وسب أبيها، نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت الملعون، كما يقع كثيراً من رعاع الناس ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق، كما هو ظاهر وكوطئها في دبرها. انتهى.
أما ما ذكرت من هجرك له لمجرد المعصية أو التقصير في النفقة فهو غير جائز لأن الله سبحانه قد جعل الهجر حقاً للزوج وحده، ولكن في هذه الحالة يمكنك رفع أمرك للقاضي ليرفع عنك الضرر أو تطلبي أنت الطلاق للضرر.
وللفائدة في الموضوع راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28493، 31884، 5629، 25456.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1429(13/7001)
هل يحق لمن تنازلت عن ليلتها أن تطالب بها من جديد
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة تنازلت عن حقوقها الزوجية في لحظة غضب لشريكاتها فتراجعت وندمت لكن الزوج يقول لا حقوق لك أنت تنازلت فما الحكم الشرعي في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الزوجة المذكورة قد اشتد غضبها بحيث كانت لا تعي ما تقول وقت إسقاط حقوقها الزوجية فلا يلزمها شيء لارتفاع التكليف عنها حينئذ، فهي في حكم المجنونة، ولاشيء عليها، كما تقدم في الفتوى رقم: 35727.
وإن كانت وقت تنازلها عن حقوقها في كامل وعيها فتسقط حقوقها، لكن إذا تراجعت عن إسقاطها لتلك الحقوق مستقبلا وندمت على ذلك وطالبت بها فتعود لها حقوقها.
قال ابن قدامة في المغنى وهو حنبلى: ومتى رجعت الواهبة في ليلتها، فلها ذلك في المستقبل ; لأنها هبة لم تقبض، وليس لها الرجوع فيما مضى ; لأنه بمنزلة المقبوض. ولو رجعت في بعض الليل، كان على الزوج أن ينتقل إليها، فإن لم يعلم حتى أتم الليلة، لم يقض لها شيئا ; لأن التفريط منها. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1429(13/7002)
الصبر على بخل الزوج وعدم التفريط في حقه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ 18 سنة وأعاني من بخل زوجي الذي يشتري لنفسه كل ما تشتهي نفسه ويبخل علي وعلى أبنائه ولما أطلب منه النقود يقول إن له ديونا يجب أن يسددها، ذهب العام الماضي إلى الحج وكذب علي وقال إنه استدان من أمه والحقيقة هي أن أمه أعطته ميراثه، ولا أقول الأكاذيب التي أسمعها كل يوم، ومنذ يومين لا يكلمني أصبح ينام لوحده هذا لأنني أظهرت له أنني لم أستطع أن أتحمل أكثر من هذا. انجدوني أنا لا أعرف ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبخل من الصفات الذميمة التي نهى الشرع عنها، قال صلى الله عليه وسلم:.. واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم.. صحيح مسلم، كما أن الكرم والجود من الصفات التي يحبها الله ورسوله، وقد وعد الله من ينفق على أهله الأجر على ذلك.
فعن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى ما تجعل في في امرأتك. متفق عليه.
ومن حق المرأة على زوجها أن ينفق عليها وعلى أولاده بالمعروف، فعن عمرو بن الأحوص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
فإذا كان زوجك ينفق عليك وولدك بالمعروف، فلا يكون بخيلاً، أما إذا كان لا ينفق عليكم بالمعروف فيكون بخيلا.
وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم للزوجة إذا كان زوجها بخيلاً أن تأخذ من ماله بغير علمه ما تنفق به على نفسها وأولادها بالمعروف، فعن عائشة رضي الله عنها: أن هند بنت عتبة قالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم فقال خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. صحيح البخاري، وصحيح مسلم.
وننصح السائلة أن تصبر على سلوك زوجها ولا تقابله بتقصير في حقه، فإن حق الزوج عظيم، وعليها أن تتلطف في نصحه وتوجيهه إلى الخلق الطيب، مع الاستعانة بالله ودعائه، فإن الله قريب مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1429(13/7003)
التريث في الطلاق ومعالجة المشاكل الزوجية بحكمة
[السُّؤَالُ]
ـ[من بعد محاولات كثيرة لحل المشاكل بيني وبين زوجتي إلا أنها لم تتغير..لا مجال لمناقشتها الآن هي تطلب الطلاق بيديها الاثنتين رغم معاملتي لها بالإحسان ومخافة الله بها رغم حبها لي إلا أنها متضايقة من تبعات الزواج وحقوقه وواجباته التي بنظرها يأخذ كل حياتها تريد أن تعود لحرية العزوبية لتحقيق طموحاتها العملية لذا دائماً متمردة وناكرة ومنفجرة تريد الخلاص رغم مرور أيام رائعة جداً عندما تكون قنوعة أنا رغم ألمي الشديد لا أريد أن أطلقها من أجل بناتي الصغيرات وأيضاً تحسباً لمستقبلهن عندما يتزوجن بأن ربما لا يتقدم لهن أحد كونهن من أبوين مطلقين وزوجتي قبل أن أتزوجها كانت مطلقة أيضا من زوج قبلي وأبوهم أنا أيضاً من أبوين مطلقين وأمهم زوجتي من أبوين منفصلين طوال حياتهم وخالة بناتي أخت زوجتي مطلقة مرتين وأنا تحز في نفسي هذه النقطة كون عندما استشرت أهل العلم والخير مما أعانيه من مشاكل مع زوجتي فأحد العتاب الذي قاله لي أحدهم بأنني أنا لم أختر زوجة صح حيث اخترت زوجة من عائلة يكثر فيها الطلاق فأخشى حرقة قلب بناتي بهذه النقطة والله أو أن لا سمح الله يلحق بهم سلسلة الطلاق بحجة من أزواجهن مستقبلاً، أو أن يتزوجوا عليهن ويبرروا ذلك بحجة أنهن من عائلة غير ثابتة على الزواج أي يقولون لهن أبوكم تزوج على أمكم وما شابه ولا مانع أن أتزوج عليك أنا أيضاً هذا ما يدور في رأسي والله لقد قرفت الحياة مع زوجتي ونكرانها لي رغم ما كل ما نتمتع به من نعم من الله.
هل من طريقة شرعية تفتون بها؟ هل من حل واحد لمشلكتي مع زوجتي غير الطلاق؟ زوجتي طلبت الخلع والهجر والطلاق أو أن أكون زوجا شكليا أمام الناس عندما وجدت إصراري على عدم الطلاق وحالياً نعيش بنفس البيت شكلياً فقط أمام الناس وأمام البنات.. إلا أن بناتي رغم صغرهن تجد الفرحة قلت منهن كونهن يشعرن بفرق المشاعر سابقاً قبل ضجر زوجتي وحالياً..
هل ما تطلبه زوجتي معقول شرعاً أي نعيش كلانا بعيدين ببيتين منفصلين دون طلاق؟ ودون أن يحق لي أن أكون وصيا على زوجتي أي تفعل وتتحرك كما تريد بدون مشورتي.. فهل يحق لها هذا وهل يتوجب علي الصرف عليها وعلى بيتها أي أعطيها مصاريف بناتي فقط دون أن أعطيها مصاريفها، وأدخل بيتها كل عدة أيام فقط من أجل أن أرى بناتي وأتفاعل معهن؟
هل يحق لي أن أتزوج كما قالت لي وأبقيها على نفس الحال معلقة دون طلاق؟؟ أم يجب علي شرعاً أن أساوي بينها وبين زوجتي الجديدة رغم أن هي من تطلب هلاك وتفريق أسرتنا ولست أنا أقسم بالله أي ليس لدي رغبة أو نية مبطنة للزواج بأخرى وعدم الصرف على زوجتي رغم وجود إمكانياتها المادية وتستطيع أن تعتمد على نفسها وليست بحاجة إلي كما كانت تخبرني لتطعن بكبريائي إنما أنا مجروح منها كثيراً بسبب تنكرها وتعاليها علي وتمردها وعدم اهتمامها عن رضاي عليها فليس لدي الرغبة أن أحقق لها رغبة هلاك حياتنا الأسرية وأن أصرف عليها أيضاً أم لديكم حلول أخرى عمليه تكون شرعية وتحفظ بسمة بناتي قدر الإمكان.. المشكلة هو أنني لا أستطيع أن آخذ اتفاقا ثابتا مع زوجتي فربما الآن تطلب أن أعطيها حريتها وأن أكون زوجها أمام البنات والناس شكلياً كحل سريع لها لكي تتفرغ لتحقيق مصالحها الشخصية في متابعة دراستها وحياتها العملية ثم بعد أن أتزوج تنفجر عندها الغيرة وتعود لتلاحقني وربما تضغط على بناتي بالكلام الجارح أبوكم مع زوجته الجديدة وما شابه من كلامها الضرب الجارح كما أعرفها لأن من طباع زوجتي أنها إذا كانت منزعجة من أحد فإنها تعكس إنزعاجها بأن تعصب على من حولها وتنكد أيامه وتلتئم فكيف إذا كان انزعاجها من زوجها القديم أبي بناتها؟؟ ربما تنفجر لتزعجني ولتطالبني بالمساواة معها وأنا بنظري لا تستحق المساواة والعدل مع زوجتي الجديدة كونها لم تقدرني وتقدر مخافتي من الله بمعاملتي لها وبالإحسان والطيبة ولم تقدر حياتي معها المستقرة من طرفي أشك أنها تزوجتني مؤقتاً فقط لكي تحصل على الأطفال الذي حرمها منهم زوجها السابق بإرادته ولأن زوجتي لم تستعد لتبعات الزواج وتحمل مسؤولياته طوال العمر رغم زواجي منها وكان سنها ناضجا 28 سنة ومرورها بحياة زوجية سابقة قبلي عرفت من خلالها شخصية الرجل وحقوقه كزوج ... فهلكتني وهلكت حياتي بنكدها ونكرانها من أجل التخلص من تبعات الزواج فأخشى كيدها في أن لا تريحني بعد ابتعادي عنها وربما بعد زواجي من جديد أرشدوني كيف أتصرف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطلاق كالكي لا يكون إلا آخر الدواء، فلا ينبغي أن يصار إليه أو يكون حلا لخلافات آنية ومشاكل مؤقتة لعواقبه الوخيمة وأثره السيئ على الزوجين وعلى الأولاد وعلى المجتمع، وقد وضعة الشارع الحكيم بيد الرجل ليتصرف بعقلانية وحكمة ولا يلجا إليه إلا إذا استنفذت وسائل الصلح وسبل العلاج واستحكم الشقاق، فحينئذ يكون الفراق خيرا من التلاقي وحل العصمة خيرا من بقائها.
وبناء عليه فالذي نراه وننصحك به هو معالجة تلك المشكلة بحكمة ومحاولة معرفة أسباب تبرم زوجتك منك ولا تجبها إلى الطلاق ما وجدت إلى الصلح وحل المشكلة سبيلا.
ولك أن تبقى معها مع تنازلها عن حقوقها في المبيت أو النفقة ونحوها، لكن ذلك لا يسقط حقك عليها متى ما أردته، ولا يسقط قوامتك في بيتك، فليس لها أن تخرج دون إذنك ويلزمها طاعتك في المعروف، ولا يجوز لك أن تقرها على منكر، وأنت تستطيع تغييره، فهي من رعيتك وأنت مسئول عنها يوم القيامة كما في الحديث: الرجل راع في بيته ومسئول عن رعيته.
وأما ما تخافه من انعكاس الحياة السلبية بينكما على بناتك وحياتهما الزوجية في المستقبل فهو تخوف في محله، لكن ينبغي إحسان تربيتهن مهما كان، وإذا كتب الله لهن الزواج فعلمهن حقوق أزواجهن وأوصهن بما ينبغي التعامل به، وما كنت تحب من زوجتك أن تكون عليه من السمع والطاعة، وبذلك تجنبهن سبيل أمهن ونحو ما ذكرت بإذن لله، وأما أن تتزوج بأخرى مع زوجتك فلا حرج في ذلك ولا يلزمك العدل إن أسقطت زوجتك الأولى حقها فيه، لكن ما خشيت من غيرتها وتقلب مزاجها مما يخشى، فاستخر الله عز وجل في أمرك واستشر ذوي الرأي والحكمة من أهلك وخاصتك وافعل ما يترجح لديك من ذلك.
وللفائدة ننصحك بمراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 64210، 31947، 28395، 96453، 2358، 112898.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1429(13/7004)
لا يلزم إعلام الزوج بالاستقراض
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سوريه متزوجة بجزائري لدي5 أطفال أهلي في اليمن لم أزر والدي منذ7سنوات بعد جهد وبيع بعض حليي تدبرت أمر التذكرة ولم تكفني النقود لشراء هدايا استدنت من أختي التي في بريطانيا زوجها جزائري أيضا مائتي دولار سرا عن زوجي لأنه بينه وبين زوج أختي غيرة وخصوصا زوجي يغار منه كثيرا لأنه غني ويشهد الله أننا لم نر من زوج أختي إلا الخير وهو يتعامل معه ظاهريا بشكل جيد لكن من ورائه يسبه ويتكلم عنه أنه منافق وما إلى ذلك وقد حاولت أنا وأختي أن نؤلف بين قلوبهم ولكن دون جدوى وأختي بعثت إلي بالنقود من عندها لكن عن طريق حساب زوجها باسم صديقة لي هنا وهي أوصلته إلي بدون علم أحد إلا الله سبحانه وسافرت وعدت -والسؤال أنني لا زلت أحس بالذنب لأنني أخذت المال دون علم زوجي رغم أنها أرادت أن تعطيني إياه هدية إلا أنني رفضت واعتبرته سلفا ووافقت علما أن زوجي وعد أهلي بسفري إليهم كل عامين مرة على الأقل ولكنه لم يستطع بسبب الحالة المادية ولكنه لا يريد أن يقتنع أن في هذه الدنيا هناك غني وفقير وأنه ليس كل غني هو سارق ومنافق وأحيانا يكاد أن يخرج عن الدين في اتهاماته، أرجو منك شيخنا الفاضل أن ترشدني فانا تعبانه وتائهة ولا أستطيع أن أخبر زوجي لأنه أصلا بيننا مشاكل بسبب الانترنت والبنات اللاتي معه في العمل وأنا غيورة جدا. ولكنني مؤمنة بقضاء الله وقدره.
*_ فهل يجب علي إخباره علما أنه ستحدث مشكلة كبيرة إذا علم.. هل ما فعلته حرام أم لا ... وجزاكم الله عنا ألف خير على فتح المجال لاستعلامنا عن أمور ديننا علما أن هذه أول مرة أرسل بسؤال إلى أي برامج فتوى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك فيما استلفت من مال ولا يلزمك إخبار زوجك بهذا السلف فإن للزوجة ذمة مالية مستقلة، فلها أن تقرض أو تقترض ولا يلزمها استئذان زوجها في ذلك. وراجعي الفتوى رقم: 109830.
وننبهك إلى أنه لا يجوز لك سداد هذا الدين من مال زوجك الخاص إلا بإذنه، وراجعي الفتوى رقم: 9457.
وأما بخصوص ما بين زوجك وزوج أختك من الغيرة فينبغي أن تجتهدا في الإصلاح بينهما، وينبغي أيضا مناصحته إن ثبت فعله ما لا يجوز شرعا سواء من خلال النت أو من خلال تعامله مع النساء في العمل، ونوصيك بالحذر من أن تدفعك الغيرة على زوجك إلى اتهامه بشيء معيب من غير بينة.
ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 75940.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1429(13/7005)
لم ينفق على زوجته وجعلها تقيم مع إخوته الذكور
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد سيدة متزوجة من سنة في فرنسا بقيت في بيت والدة زوجها 6 أشهر وزوجها سافر وحده ولم يترك لها أدنى شيء نقود ولا حتى غرفة نوم مع العلم البيت بيه 3 رجال إخوة الزوج،حتى تم جواز السفر سافرت بعدها كان سفرها صعبا في الغربة بعد حوالي شهرين توفي أبو الزوج وعاد للبلد يعني خارج فرنسا صمم الزوج بعدها أن لا يأخذ زوجته لتبقى مع أمه بالبيت وإخوته الثلاثة غير متزوجين مع العلم لم يترك لها مصاريف جاء أبي فقال له لا أبقى مع العلم ليس لديها غرفة خاصة بها فلم يحب يشتري لها غرفة فقلق أبو البنت كثيرا فجاء ببنته لبيته فلما صادف العيد لم يعيد عليها وسافر فرنسا دون أن يراها ولا حتى أدنى مصاريف ولا حتى يكلمها بالهاتف هي الآن ببيت أبيها يعني أم الزوج تحب لكي تبقى معها بعد وفاة أبي الزوج للعلم الزوج ليس لديه أبسط قدرة للمسؤولية ما الحكم في رأيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الزوج قد ارتكب – عياذاً بالله – جملة من الذنوب منها:
أولها: تضييع زوجته بترك الإنفاق عليها, إن لم يكن قد وكل أباه أو أمه في النفقة عليها بما يسدد حاجتها في المأكل والمشرب والملبس ونحو ذلك من الأمور الضرورية. وقد قال الرسول – صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أبو داود وغيره وحسنه الألباني.
والنفقة واجبة للزوجة على زوجها بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، فكفى بهذا الزوج إثما أن يضيع واجبا بهذا التحتم واللزوم.
قال ابن المنذر: ثبت أن عمر كتب إلى أمراء الأجناد أن ينفقوا أو يطلقوا. انتهى.
وليعلم الزوج أن ما مضى من حق زوجته في النفقة إنما هو حق ثابت في ذمته لا يسقط بمرور الأيام.
جاء في المغني لابن قدامة: أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أمراء الأجناد، في رجال غابوا عن نسائهم، يأمرهم بأن ينفقوا أو يطلقوا، فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما مضى , ولأنها (النفقة) حق يجب مع اليسار والإعسار، فلم يسقط بمضي الزمان، كأجرة العقار والديون. انتهى
فعلى هذا الزوج أن يتقي الله وأن يوفي زوجته حقها من النفقة فإذا لم يفعل فعليه أن يطلقها؛ لأن الله سبحانه يقول: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة:229} , وهو لم يمسك بمعروف فعليه أن يسرح بإحسان.
ومن المعاصي العظيمة التي وقع فيها هذا الزوج هو تركه لزوجته في بيت عائلته بدون حجرة مستقلة بها, وفي البيت ثلاثة من إخوته الذكور العزاب, وهذا فيه ما فيه من التضييع للحقوق وعدم المبالاة بحفظ الدين والعرض, وقد حذر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من الدخول على النساء خصوصا أقارب الزوج فقال: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. متفق عليه.
قال النووي: المراد في الحديث أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه، لأنهم محارم للزوجة يجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت. قال وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابن العم وابن الأخت ونحوهم مما يحل لها تزويجه لو لم تكن متزوجة، وجرت العادة بالتساهل فيه فيخلو الأخ بامرأة أخيه فشبهه بالموت وهو أولى بالمنع من الأجنبي. انتهى.
ويخشى على هذا الزوج أن يكون من أهل الدياثة الذين أخبر الصادق المصدوق عنهم أنهم لا يدخلون الجنة فقال: ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر والعاق والديوث الذي يقر في أهله الخبث. رواه أحمد وصححه الألباني. وجاء في بعض روايات الحديث:" قالوا: يا رسول الله أما مدمن الخمر فقد عرفناه فما الديوث قال: الذي لا يبالي من دخل على أهله.
جاء في فيض القدير:" قال ابن القيم: وذكر الديوث في هذا وما قبله يدل على أن أصل الدين الغيرة ومن لا غيرة له لا دين له. انتهى.
فعليك أيتها الزوجة أن تطالبي زوجك أو يطالبه وليك بحقوقك من النفقة والسكن المستقل الذي تأمنين فيه على نفسك وعرضك، فإن أبى فعند ذلك يحق لك طلب الطلاق من هذا الشخص إذ لا خير في البقاء مع زوج بهذه الصفات.
للفائدة تراجع الفتاوى رقم: 2069، 34018، 55907، 40180.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(13/7006)
مال الزوجة حق خالص لها تشتري به ما تشاء مما أحل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة وحامل أسكن مع إخوة زوجي في بيت واحد ولكل واحد من إخوته ذمة مالية مستقلة عدا زوجي الذي يبحث حاليا عن عمل ولديه دخل مادي بسيط جدا لا يكفي لتحمل مسؤوليتي حتى لذلك فهو يساهم بالشيء القليل مع إخوته في تحمل الأعباء المادية وهو ما أدى إلى مشاكل عديدة فأصبح كل واحد من الإخوة يتهرب من المسؤولية ولا تتوفر في البيت سوى الضروريات لكن وكما تعلمون أن الأطباء ينصحون المرأة الحامل بالتغذية الجيدة لكن زوجي غير قادر على الإنفاق علي لذلك يساعدني أهلي ببعض المال كي أشتري بعض الكماليات لصحة الجنين مثل التمر والجبن والعصير وهي لا تتوفر في بيت العائلة ولا يستطيع زوجي شراءها أصلا..فهل يجوز لي شرعا أن أمنحه المال كي يشتري لي هذه الاحتياجات فأتناولها وحدي خفية عن العائلة والله يعلم بنيتي لو كان باستطاعتي توفيرها للجميع لفعلت لكن أهلي يتصدقون علي شفقة منهم لأني حامل وزوجي غير قادر على تحمل مسؤوليتي..فهل ما أفعله جائز شرعا أم لا؟ أنتظر ردكم بفارغ الصبر جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزوج هو المطالب شرعا بالإنفاق على زوجته لقوله سبحانه: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا {الطلاق: 7} . والزوجة لا تطالب بالإنفاق لا على نفسها ولا على بيتها في قليل ولا كثير، ومالها سواء ما هو معها قبل الزواج أو ما أهدي إليها من الوالدين أو غيرهما أو ما أخذته من راتب ونحو ذلك حق لها وحدها، ولا حق لزوجها فيه إلا ما أعطته إياه عن طيب نفس منها.
وبناء على ذلك فلا حرج عليك أيتها السائلة في شراء ما تريدين بالنقود التي يبذلها لك أهلك – جزاهم الله خيرا – ليعينوك على ما أنت فيه من متاعب الحمل، لأن هذا هو خالص حقك لا يشاركك فيه أحد.
لكنا ننصحك بعدم إظهار هذا أمام أهل زوجك حفاظا على مشاعرهم وحتى لا يفتح هذا أبواب الشيطان فينزغ بينكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1429(13/7007)
اختلاف طبائع النساء وكيفية التعامل معهن
[السُّؤَالُ]
ـ[الكمال لله وحده ... وليس من إنسان إلا وله عيوب أو سلبيات بسلوكه أريد أن أستفسر من حضرتكم عن نوع من أنواع شخصيات الزوجات عيبها يتجاوز المقبول، والتي كثرت في هذه الأيام ... تلك الزوجة التي تتصرف وتتمتع بالتصرفات التالية:
ترى زوجة متدينة، محجبة، لا تنسى عباداتها مع الله، تتمتع بعقلانية منطقية بالحياة وليست عاطفتها تغلب دائماً بل ناضجة) فقد اختارها الزوج تحمل هذه الصفات لتريحه بحياته كونها تخاف الله وتقبل هي أيضاً بزواجها برجل يحمل الصفات نفسها أيضاً من تدين وعبادة ولطف بالمعاملة وإحسان لترتاح هي أيضاً إنما إن كان هذا الزوج ذا أخلاق عالية أيضاً أي يتصرف مع زوجته بهدوء وحب وحنان ومرونة بالتعامل مع مواقف زوجته وكان أيضاً لهذه الزوجة المتدينة إمكانيات مادية من عمل أو ورثة مالية فتجدها رغم أنها متدينة تخاف الله في عدم تقصيرها بالعبادات إلا أنها تجدها تريد إثبات شخصيتها التي ليست ممسوحة بالأصل من الزوج بل يحترم مكانتها ورأيها وشخصيتها تجدها متسلطة، ذو نبرة قوية مسترجلة بعنادها وإصرارها وطريقة خطابها وجدالها لزوجها والزوج بطبيعته ليس مؤذيا أو صاحب خبرة عالية بالتعامل مع النساء المتمردات فيخاطبها ويقنعها بالمنطق ويتشهد بأمثلته بالدين ليذكرها مما يقوله الله سبحانه وتعالى ورسولنا وحبيبنا محمد أفضل الصلوات عليه بحقه وحقوقه عليها عندما تنسى وتتجاهلها، وتكون طريقة خطابه وردة فعله مع زوجته ليست بذلك الرجل الخشن القوي ذي السي سيد الذي يردعها ويرد عليها الصاع صاعين، فهنا تشعر وتجد الزوجة أنها أقوى من الزوج وأنها ذات إمكانيات علمية ومادية خاصة تستطيع أن لا تسأل عنه.. يهبط بنظرها باطنياً مكانة الزوج كرب الأسرة مسؤول عنها وعن الأولاد والبيت من تكاليف ومسؤولية وقيادة فلا تأبه له ولا تهابه.
لقد رأيت ولمست وسمعت مثل تلك الشخصية للزوجة من عدة أزواج ذوي أخلاق حسنة يعانون المرارة من سلوك زوجاتهن المتسلطة المتعالية المتكبرة (الناقصة الدين) التي تخاف الله بالعبادات وبنفس الوقت لا تسأل عن رضا الزوج ولاعن احترامها له وكأن الزوج وطريقة تعاملها معه ونبرة صوتها واستهتارها برضاه هو ليس جزءا كبيرا وهام من تتمة العبادات.. الزوج يعاملها رفقاً بالقوارير فلا يؤذيها أو يهينها (ربما يعصب لا إرادياً بسبب تمردها وتسلطها وهو من أخلاقه ومخافته من الله لا يستطيع أن يفعل لها شيئاً فينعكس تصرفها معه بأن يعصب من زعله وعلى حساب أعصابه وصحته) ... كلما تصرف معها رفقاً بالقوارير وعاملها بالإحسان ولم يبادلها الأذية بالأذية والإهانات.. تستمر وتقوى شوكة الزوجة المتمردة ... وكأن المرأة (لا أعمم لا تصدق أن تجد بين يديها إمكانيات مادية ومكانة إجتماعية حتى تنفجر من باطنها ردة فعل المنتقم لمنافسة الرجل وتصغيره من باب إثبات الذات فقط وأقول فقط لأنها تنسى توصيات الله ورسوله بالتعامل معه ولا تنسى بنفس اللحظة الصلاة والعبادات.... لا تقولوا لي أبالغ.. والله صراع المرأة مع الزوج لتنافسه وتأخذ مكانه وتحديها له فقط للانتقام وإثبات الذات والدليل كما قلت تنسى توصيات الله ورسوله بالتعامل مع الزوج وتتذكر هي ماضي المرأة بشكل عام واضطهاد الأزواج (اللذين لا يخافون الله والجهلاء بتعاملهم مع المرأة) ومايرونه بالأفلام والمسلسلات ويسمعونه من ظلم الرجل للمرأة فيخلطون الأوراق ويعممون وتنفجر لديهم بالإمكانيات التي حصلوا عليها فجأة حب النفوذ والتسلط والاسترجال عليه تحت شعار لا تسمحي له أن يسيطر عليه.. كوني أنت السباقة أقوى منه ... لديك ما يساعدك على ذلك، لا تسألي عنه ... ويطلبون الطلاق بسهولة.... لا يحللون أن ما بذهنكم ذلك الزوج المفترس هو ليس أمامكم الآن.... لا يقولون مهلاً.. فيعمموا ... لا يضعوا ما يقوله ديننا الحنيف في التعامل معه بل ما تقوله فلانة وعلانة عن الرجل، يستشهدون بمفردات وحكم من الدنيا ولا يستشهدون بالآيات وأقوال الحبيب صلى الله عليه وسلم التي هي من الآخرة والتي بتطبيقهن لذلك يدخلون الجنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اقتضت حكمة اللطيف الخبير جل في علاه أن خلقت المرأة ناقصة عقل ودين, وأنها خلقت وبها عوج في أصل خلقتها, وأن هذا العوج إنما يكون أظهر ما يكون في لسانها, كما قال الصادق المصدوق في الحديث المتفق عليه: اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَىْءٍ فِى الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح: قوله: وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، قيل فيه إشارة إلى أن أعوج ما في المرأة لسانها، وفائدة هذه المقدمة أن المرأة خلقت من ضلع أعوج فلا ينكر اعوجاجها، أو الإشارة إلى أنها لا تقبل التقويم كما أن الضلع لا يقبله. قوله: فإن ذهبت تقيمه كسرته قيل هو ضرب مثل للطلاق أي إن أردت منها أن تترك اعوجاجها أفضى الأمر إلى فراقها، ويؤيده قوله في رواية الأعرج عن أبي هريرة عند مسلم: وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها. انتهى بتصرف يسير.
فينبغي على الرجل الحكيم الأريب ألا يطلب من زوجته ما هو فوق طاقتها من تمام الاستقامة والحكمة, لأنه إن فعل فقد كلفها شططا, ويوشك أن تنتهي العلاقة بينهما بسبب ذلك, لكنه في ذات الوقت لا يترك لها الحبل على الغارب فيتركها تهينه دائما وتتعالى عليه أبدا, وتنطلق في تلبية شهواتها على طول الخط مستهينة به مضيعة لمصالحه وحقوقه, هذا ما لا ينبغي فإن الرجل راع في بيته ومسئول عن رعيته وهو مكلف من قبل علام الغيوب بإصلاح زوجته وتأديبها, قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم:6}
ولو ترك لها الأمور كما تريد فقد خالف أمر ربه وضيع أمانته.
فينبغي للرجل أن يغاير بين الأحوال والأساليب فيجعل أصل تعامله مع زوجته هو الرأفة والمودة والرحمة، ولكن إن ظهر منها تكبر أو سوء أدب فإن له أن يقسو عليها بقدر فعلها وتجاوزها.
أما ما ذكرت من أخلاق بعض النساء اللاتي ينصبّ اهتمامهن في التدين على بعض العبادات مثل الصلاة والذكر وتلاوة القرآن وهن مع ذلك يضيعن لحقوق الزوج وواجباته, فهذا أكبر دليل على الجهل والسذاجة والسطحية في فهم مقاصد هذا الدين العظيم, وأهداف هذه الشريعة الغراء السمحة, أما سمع أمثال هؤلاء قول الصادق المصدوق؟ : لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها كله، حتى لو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه. رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني.
ألا فلتخش هذه المسكينة على عباداتها وعلى صلواتها وصيامها وقيامها من الحبوط والبطلان, فتمردها على زوجها قد يذهب بهذا كله فتقدم على ربها قدوم المغرور المحروم بعد أن صارت أعمالها كلها هباء منثورا, قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {محمد:33}
جاء في تفسير القرطبي: ولا تبطلوا أعمالكم. أي حسناتكم بالمعاصي، قاله الحسن.
أما ما ذكرت من إرادة بعض النساء أن ينافسن الرجال مهما كان النتيجة بغية أن تأخذ مكان الرجل ومنزلته , فهذا لن يكون لأن الله سبحانه وهو الخالق الحكيم قد خلق للمرأة طبيعة خاصة وأقدرها على أمور لا يستطيعها الرجال, وخلق الرجال وخلق لهم طبيعة خاصة وأقدرهم على ما لا يقدر عليه النساء، ولكل دوره في هذه الحياة الدنيا, ولكنه سبحانه فضل الرجال في الجملة على النساء فقال: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ {النساء: 34}
ثم نهى سبحانه أن يتمنى أحد الفريقين منزلة الآخر فقال سبحانه: وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا. {النساء: 32}
قال ابن كثير: نزلت هذه الآية في قول النساء: ليتنا الرجال فنجاهد كما يجاهدون ونغزو في سبيل الله عز وجل.
فإن أرادت المرأة مقاما كريما للمنافسة فلتنافس الرجل في طاعة الله وسرعة الاستجابة لأوامره سبحانه ففي مثل ذلك فليتنافس المتنافسون.
6925 , 23862 , 65159.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1429(13/7008)
الصبر على معصية الزوجة وعدم التسرع في طلاقها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في المهجر مع زوجتي، وقبل زواجي منها بشكل رسمي بحضور الأهل قبل تسعة أشهر كنا قد كتبنا عقد النكاح منذ ست سنوات وذلك كان فقط بنية تسهيل الهجرة لها إلى هذه البلاد أي أنه كان نكاحا على الورق علما أن والداي لم يكونا على اتفاق تام معي ولم يعلما بكتابة العقد إلا بعد سنتين تقريبا ورغم رفض أمي الاستمرار في علاقتي بأسرة الفتاة إلا أنني لم أبال لذلك وظللت أعكف على زيارتهم مع العلم أني كنت قد وعدت الفتاة بالزواج منذ سن المراهقة وكانت لنا لقاءات لكن دون الوقوع في الزنا أو المحرمات ونحن الإثنان في سن الواحدة والثلاثين الآن، وخلال سنوات الانتظار للحصول على التأشيرة حدثت مشاكل لي من خلال مال اقترضه أخوها مني حيث طلبت قرضا من البنك لكي أعطيه له كدين ليقضي غرضا له والطبع أيضا دون علم أبواي بذلك وحتى أبويه كذلك، ومع تماطله في إعادة المبلغ لي قمت بإبلاغ أهله بذلك الذين أعادوا لي المال كاملا لكن أسرتي لم تستسغ الأمر وطلبوا مني الحد من كل ما يجمعني بهم في ظل ما يرونه استغلالا منهم لي، وإثر ذلك حاولت قطع الزيارات لبيتهم مع الإبقاء على عقد النكاح الصوري حتى نصل إلى هدف الاتفاق ألا وهو الهجرة، وبالفعل تم ذلك مع العلم أن الفتاة ترتدي الحجاب وقامت بنزعه في السفارة بإيعاز من أمها خوفا من أن يكون سببا في رفض التأشيرة وكنا ما نزال حينئذ في زواج صوري، وكما سبق قبل قدومنا للمهجر تقدمت للزواج منها بعد إقناع إخوتي وأبي وأمي التي ظلت رافضة إلى آخر لحظة وافقت برضى غير تام وقمت بذلك وفاء بالعهد بالزواج لها ولأنها تتوفر على بعض الصفات الطيبة، وأنا اليوم معها تحت سقف واحد في بلاد المهجر حدثت لي مشاكل معها بسبب مصافحتها لزوج خالتها باليد والخذين رغم تنبيهي لها على ذلك، وأيضا بسبب تدخل أخيها في حياتنا الخاصة وأمها، وكنت قد طلبت منها تأخير الإنجاب حتى يستقر حالنا هنا لكنها رفضت وأقامت الدنيا لذلك فخضعت للأمر لكي لا أحرمها من حقها في الإنجاب وهي الآن حامل في الشهر الثاني، ومع مرور الوقت أحسست بندم شديد على تجاهلي آراء أمي وأسرتي كاملة وتمنيت لو عدت للماضي وأتبع نصائحهم لي، والآن لم أعد أطيق العيش معها ولا حتى الحديث مع أبويها أو أخيها، فذاكرتي ما زالت لم تنس ما قمت به وندمي شديد على ما سببته لأمي من هم وغم علما أني أطلب منها السماح عندما أحدثها وتؤكد على رضاها رغم كل ذلك، وقبل يومين أخبرت زوجتي أنني أريد الطلاق تخلصا من قلة التفاهم بيننا وحرصها مصلحة أخيها أولا قبل زوجها والدفاع عنه كلما انتقدت تصرفاته خاصة وأني أعلم أنه يلعب القمار ولا أريد أن يدخل بيتي مال حرام من خلال ما يشتريه عندما يأتي لزيارة أخته، اليوم أجد نفسي أنافقهم كلهم ولم أعد أطيق ذلك، تحدثت مع أبويها حول الطلاق وأخذوا يسألونني عن الأسباب ويؤكدون لي أنني بمرتبة ابن لهم ولا يسعون لإضراري، وأنا صرت أرى أن النية الصادقة في هذا الزواج سبقتها نية كاذبة. سؤالي هل هذا الزواج فيه شك من صحته مع العلم أنه يوم كتابة العقد كان هناك فقط كاتب عدل واحد وما هو مدون في العقد اسمان لشاهدين عدلين والمذهب في بلادنا هو المالكي؟ ثانيا هل طلبي الطلاق في ظل حملها وعدم رغبتي في العيش معها وعدم استقامة دينها ومشاكل ماضينا ظلم مني لها؟ أفيدوني جازاكم الله خيرا فصبري نفذ ولم أعد أمضي ساعة بدون تفكير، وأرجوكم الإجابة لأنه سبق لي أن أرسلت سؤالا فلم يدرج. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح ولكن إن كان المقصود أن الزواج قد تم بشهادة شاهدين عدلين، فإن كان قد تم مع ذلك حصول الإيجاب والقبول بينك وبين ولي المرأة فقد تم عقد النكاح ووقع صحيحا مستوفيا لشروطه وأركانه.
أما بخصوص طلاق هذه المرأة فلا ننصحك به وإنما ننصحك بإمساكها ومحاولة استصلاحها وردها عما تفعله من معاص مثل التي ذكرت من تسليمها على بعض الأجانب ومصافحتهم وتقبيلهم، فإن هي استجابت فأمسك عصمتها ولا تطلقها، فالشرع قد ندب إلى إمساك المرأة حتى مع كراهتها، فقال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً [النساء:19] .
قال ابن العربي عند تفسيره لهذه الآية: المعنى إن وجد الرجل في زوجته كراهية وعنها رغبة ومنها نفرة من غير فاحشة ولا نشوز فليصبر على أذاها وقلة إنصافها فربما كان ذلك خيرا له. انتهى.
وقال ابن الجوزي في هذه الآية: وقد ندبت الآية إلى إمساك المرأة مع الكراهية لها، ونبهت على معنيين: أحدهما: أن الإنسان لا يعلم وجوه الصلاح فرب مكروه عاد محمودا ومحمود عاد مذموما، والثاني: أن الإنسان لا يكاد يجد محبوبا ليس فيه مكروه فليصبر على ما يكره لما يحب. انتهى.
وقد أخرج مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه، وسلم قال: لا يَفْرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر.
وما تجده تجاهها من ضيق ونفور فهذا يمكن التغاضي عنه في مقابل المصالح المترتبة على إمساكها وأهمها مصلحة هذا الجنين الذي في أحشائها فإن من حقه أن ينشأ بين أبويه في ظل أسرة مستقرة، ومما يذكر هنا أن رجلاً جاء إلى عمر يريد أن يطلق زوجته معللاً ذلك بأنه لا يحبها، فقال له عمر: ويحك، ألم تُبْنَ البيوت إلا على الحب، فأين الرعاية وأين التذمم؟، والتذمم هو الإحسان إلى من يذم بترك الإحسان إليه. وقال عمر أيضا لامرأة سألها زوجها هل تبغضه؟ فقالت: نعم، فقال لها عمر: فلتكذب إحداكن ولتجمل فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام. أورده في كنز العمال.
وما ذكرناه هو الأولى والأفضل ولكن إذا ضاقت نفسك بها ولم تطق عيشا معها فيمكنك حينئذ طلاقها، ولا يعد هذا من باب الظلم إن شاء الله.
أما إذا لم تستجب لك في ترك هذه المعاصي التي ذكرتها فعليك حينئذ طلاقها فلا يستحب إمساك مثل هذه المرأة.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17383، 22363، 108701، 1766.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(13/7009)
زنت في عدة الطلاق ثم أعادها زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت منذ 18عاما واكتشفت أن زوجي كان يعلم أنه لا ينجب ولم يصارحني قبل الزواج ولكني تخطيت الأزمة على أمل في شفائه وقمنا بعمل حقن مجهري مرتين وفشلت وكانت ظروفنا المادية سيئة جدا وتحملت كل الصعاب معه وصبرت عليه حتى أكرمه الله بعمل خارج الدولة وتيسر الحال بفضل الله ثم واجهتنا مشكلات شخصيه مع عائلته فهم يكرهونني ويعتبرونني الآن مسيطرة على كل أموال زوجي وأنني أحول بينهم وبين أمواله وليس لدينا أبناء وبدؤوا يسببون لي المشكلات معه وكثيرا ما كنت أترك البيت وذات يوم أصررت أنا لا أعود وخاصة بعد وقوف زوجي إلى جانبهم كالعادة وطلبت الطلاق وبعد رفض من زوجي عليه أمام إصراري وافق وانفصلنا وتقدم لخطبتي من الأصدقاء والأقارب ووافقت على أحدهم ووافق الأهل وباركوا هذا الزواج رغم الفارق الكبير بينه وبين زوجي فزوجي كان طبيبا وهو لا يحمل الإعدادية وظروفه المادية أقل من سيئة ولكن كي أهرب من بيت العائلة وكي يتخلصوا هم مني وبعد ذلك وجدت فيه حنانا وحبا لم أجدهم مع زوجي 18 عاما أببته وانتظرت معه شهورا كي يتقدم خطوة واحدة لبناء بيت لنا دون جدوى ولكي كنت أجد فيه الملاذ من جحود الأهل فهو قمة في الحنان وأنا لم أعرف معنى هذه الكلمة الجميلة طيلة حياتي وعمرى الآن 36وحدثت الكارثة ووقعنا في الخطيئة فأنا عشت مع زوجي سنوات كنت فيها أعاني من حرمان تام أحيانا فلقد كان لا يمسني طويلا بسبب تدهور حالته الصحية ورفضه العلاج وكنت أخشى أن أبوح له باحتياجاتي كزوجة وهو كان لا يأخذ هذا بعين الاعتبار وبعد أنا وقعت في هذه المعصية تحولت حياتي كربا ليس له نهاية وانهالت فوقي المشاكل والهموم وكانت لي أخت تحقد علي لأنني كنت متزوجة من ومستقره رغم عدم وجود أولاد وهي لديها ولد وطلقت من زوجها لأنه لا يعمل وهي تحب المال أكثر من أي شيء حتى تركت ابنها وكانت تريد الذي خطبني ولكنه كان لا يرغبها فكرهتني أكثر وباتت تكيد لنا حتى انقلب الحال لرفض هذه الزيجة من الأهل وطردوه من منزلنا وكنت حينها حاملا منه (غفر الله لي) ولا أحد يعلم بهذا الأمر سوانا وأجهضت لأن هذا الخطيب لا زال لا يملك سوى حبه لى وحينها عاد زوجي يرغب في استرجاعي له وأمام قسوة القلوب وعماها عن الحق عدت إليه وأنا في غاية الأسى ولكنه كان الهروب من المشاكل وبلا رغبة في الحياة صارت الأمور من سيئ إلى الأسوأ فزوجي الذي كنت أرفض نصائح البعض بالانفصال عنه كي أنجب طلب مني أن يتزوج كي ينجب هو من أخرى طالما العملية فشلت معي فربما تنجح مع غيري. والآن تذكرت خطيئتي لأنني كنت مازلت في شهور العدة وقلت لنفسي أنا أقبل كي أكفر عن ذنبي في حقه بعذابي بوجود أخرى في حياة زوجي وأنا أقسم أنه منذ عدت وأنا أحاول أن أرضي الله في هذا الزوج المخدوع الذي يعتقد أنني ادأشرف النساء وأنا لست كذلك وللعلم أنها أول خطيئة وآخرها طيلة حياتي وأنا أتقي الله في زوجي ونفسي فماذا أفعل أأقبل زواجه من أخرى كي أكفر بعضا من هذا الذنب الكبير أم أقنعه باحتمال نجاح العملية هذه المرة وأن يتوكل على الله وللعلم هو تقدم بالفعل لخطبة فتاة ووافقت وهي تعلم أنه لا ينجب دلوني بالله عليكم وماذا أفعل كي أكفر عن هذا الذنب مع العلم أن الخاطب السابق ما زال يلاحقني ومازلت أكن له شيئا في قلبي وغاضبة من الزوج الذي تحملته رغم كل شيء واليوم يريد الزواج بأخرى. والأهل قاطعوني لأني كنت أصر على الخطيب وضربوني وعذبوني ولهذا عدت لما أنا فيه الآن أجيبوا بالله عليكم بلسان العالم وعقل الأب الذي حرمني الموت منه في هذه الظروف ولو كان حيا ما كانوا فعلوا بي، كل هذا، رحم الله أبي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلقد كان حسنا منك أن صبرت مع زوجك رغم عدم إنجابه، لكنك لم تحسني حين واجهت مشكلات أهله بترك البيت وطلب الطلاق، فقد كان من الممكن احتواء هذه المشكلات بشيء من الحكمة والصبر والاستعانة بالله، دون أن يصل الأمر إلى الطلاق.
ثم وقعت في خطأ كبير وإثم عظيم بارتكابك الفاحشة، وذلك لعدم التزامك حدود الله في التعامل مع الخاطب، فإن حكم المخطوبة بالنسبة للخاطب (ما دام لم يعقد عليها) لا يختلف عن حكم أي فتاة أجنبية عنه، فلا يحل له الخلوة بها ولا لمس بدنها، بل ولا الحديث معها لمجرد الاستمتاع والتشهي وإنما ينبغي أن يكون للحاجة والمصلحة المعتبرة شرعاً في حدود الاحتشام والجدية والبعد عن كل ما يثير الفتنة.
ثم أتبعت ذلك بذنب آخر وهو الإجهاض، فهو جريمة أخرى، إذا كان الحمل قد تعدى أربعين يوماً.
ويجب عليك أن تتوبي إلى الله توبة صادقة بأن تقطعي كل صلة لك بهذا الخاطب الذي أخطأت معه، وتزيلي من قلبك كل تعلق به، فإن وجود علاقة بين المرأة وغير زوجها من الخيانة للزوج، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال 27} .
ومن شروط التوبة، الندم على الوقوع فيما حرم الله، والعزم الصادق على عدم العود، ثم عليك بالإكثار من الأعمال الصالحة، من طاعة الزوج وبر الوالدين وصلة الرحم والصلاة بالليل والصدقة والصيام وكثرة الذكر والدعاء.
أما رغبة زوجك في الزواج بثانية فهو في الأصل أمر مباح، لا يحق لأحد الاعتراض عليه، بشرط أن يكون قادراً عليه، وأن يعدل بينكما فيما أمره الله بالعدل فيه، أما إذا كان لا يقدر على مؤونة هذا الزواج سواء من جهة النفقة أو من جهة القدرة على المعاشرة، فلا يجوز له حينئذ أن يتزوج الثانية، وعليك أن تحذريه من ذلك وليس موافقتك على زواج زوجك من أخرى كفارة لما وقع منك من الخطأ، وإنما كفارة ما وقعت فيه تكون بالتوبة الصادقة بشروطها التي سبق ذكرها، وليس من شرط التوبة أن تعاقبي نفسك بزواجه من الثانية، وإنما من توبتك أن تحسني عشرته وتصوني عرضه وتتعاونا على طاعة الله تعالى.
وننبه السائلة إلى أن أهلها، وإن كانوا أساؤوا إليها، فإنه لا يجوز لها مقاطعتهم، فقد أمر الله بصلة الرحم ونهى عن قطعها حتى لمن يسيء ويقطع، فعن عبد الله بن عمرو عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا. صحيح البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(13/7010)
حكم أمر الزوج لامرأته أن تهجر صديقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على جهودكم..سؤالي: إذا أمر الزوج زوجته بقطيعة أخت في الله لأسباب دنيوية ستنفذ أمره لأن الله أمرها بطاعة زوجها، ولكن إذا سألت عنها بالهاتف أو قابلتها في مكان غير بيتها أو بيت المذكورة هل عليها إثم؟ علما أنه ليس في وصلها ضرر ولكن الله يصلح زوجي فهو شديد الغيرة لا يريد أحد أن يهتم بي وأنا تعبت من غيرته. كيف أعيش بدون رفقة صالحة.. أفيدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أمر هذا الزوج زوجته بهجر هذه المرأة الهجر المحرم بأن تمتنع عن الكلام معها بالكلية أو السلام عليها ونحو ذلك فلا تجب طاعته في ذلك، فالطاعة إنما تجب في المعروف، وراجعي الفتوى رقم: 25074.
وأما إن منعها من زيارة هذه المرأة في بيتها أو استقبالها لها في بيته فتجب عليها طاعته في ذلك، وإن قدر لها مقابلتها في مكان ما أو حادثتها عبر الهاتف ونحو ذلك ولم يخش عليها منها فساد فنرجو أن لا حرج في ذلك إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1429(13/7011)
حكم أخذ الزوجة من مال زوجها بغير علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أسرق من مال زوجي دون علمه لأنه كان يدفعني إلى ذلك بتقتيره وحرصه وطلبت منه مصروفا شهرياً فأعطاني، ولكن حين وجد المبلغ يكبر معي وأصرف منه على هدايا وأغراضي الخاصة رغم أنني أسأله دائما فهل هذا المال خالصا لي يقول نعم لكنك غير حرة في التصرف فيه فكنت أشتري ما أحتاج وأسرق منه ليظل معي نفس المبلغ لأنه دائما يطلب مني أن أريه إياه وكلما رأى المبلغ ازداد عندي توقف عن إعطائي مصروفي وطالبني بالاشتراك في مصروف البيت والحقيقة أني سرقته كثيراً بما يستوجب إقامة الحد علي وأنا الآن نادمة أشد الندم وأريد التوبة، ولكن إن صارحته أبغضني وكرهني ولن يعود ليثق بي وخاصة أن المبلغ كبير جداً ولا أستطيع رده كاملاً فهو من النوع الحريص على المال جداً وكنت حاولت مراراً أن ألمح له بذلك، فأنا كنت أصرف مباشرة من المبالغ التي أسرقها ولذلك تراكمت، لكني كنت كل فترة وفترة أقول له لقد أخذت منك مبلغا دون علمك، فهل تسامحني عليه وبعد إلحاح طويل يقول إن كان لا يتجاوز مبلغا معينا وإلا لن أسامحك أبداً أنا الآن نويت التوبة وأريد أن أقول له الحقيقة مهما كانت النتائج، ولكن سؤالي هل إذا سامحني عن تلك النقود فهذا يغنيني عن ردها فأنا لا أعمل وليس لدي مورد وأهلي حالهم صعبة وهل يمنع ذلك من إقامة الحد علي إذا سامحني فيها جميعها، أسأل الله أن يتوب علي وعلى جميع المسلمين وأن يتقبل توبتي ويثبتني عليها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حق المرأة على زوجها أن ينفق عليها وعلى أولاده بالمعروف، كما أن الزوجة مؤتمنة على مال زوجها ومسؤولة عنه، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ... والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها.. رواه البخاري ومسلم.
ولا يحق للمرأة أن تأخذ شيئاً من مال زوجها بغير إذنه ما دام ينفق عليها وعلى أولاده بالمعروف، أما إذا كان الزوج شحيحاً بالنفقة، فإن للمرأة حينئذ أن تأخذ من ماله بغير إذنه بالمعروف، فعن عائشة رضي الله عنها: أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. رواه البخاري ومسلم.
وعلى ذلك فإذا كان ما أخذته من مال زوجك دون علمه، أنفقته فيما تحتاجينه لك أو لولدك بالمعروف فلا شيء عليك.. وأما إذا كنت قد أخذت من ماله دون علمه، رغم أنه ينفق عليكم بالمعروف، فإن هذا من الخيانة التي لا تجوز، وأما عن كون ذلك يوجب إقامة الحد عليك، فالراحج من أقوال العلماء، أنه لا حد على الزوجة فيما تأخذه من مال زوجها، جاء في الموسوعة الفقهية: اتفق جمهور الفقهاء على عدم إقامة الحد إذا سرق أحد الزوجين من مال الآخر وكانت السرقة من حرز قد اشتركا في سكناه، لاختلال شرط الحرز وللانبساط بينهما في الأموال عادة.
وأما عن وجوب رد المال فإذا سامحك الزوج فيما مضى فإن هذا يعفيك من رد ما أخذته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1429(13/7012)
زوجها لم يف بما شرط عليه من شراء شقة في بلدها
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم على هذا الموقع وأرجو الإفادة في الرد على سؤالي هذا.... أنا سيدة مصرية متزوجة من رجل أردني وأقيم معه في الأردن منذ 10 سنوات وكان شرط والدي للموافقة على الزواج أن يأخذ لي شقة في مصر وأنتم تعلمون معنى أن البنت تأخذ غريبا عن بلدها على سبيل ضمان حقي أو عندما أنزل زيارة إلى أهلي أنزل على بيتي، المهم تعهد بذلك ولكن بعد الزواج نظرا للظروف المادية مما يتطلبه تكاليف الزواج وكثيرا ما صارت بيننا مشاكل بسبب هذا الموضوع ودائما يتحجج بأن وضعه لا يسمح وأنا لا أعلم الكثير عن وضعه المادي وهذه حقيقة ولا أبالغ في شيء والله يعلم ما أقوله وأحيانا كثيرة لا أشعر معه بالأمان والاستقرار ولا أملك منه أي شيء ولا يوجد لدى أي دخل ولا ذهب ولا فلوس وأخاف في أي وقت يصير بيننا شيء ولا أجد مأوى وأنا الآن ربنا رزقني بطفلتين منه وأسافر عند أهلي تقريبا مرة في السنة وصار موضوع الشقة ضروريا غير أني صرت
أستحي أنزل على بيت أهلي مرة أخرى للعلم أن بيت أهلي صغير جدا وممكن ننام على الأرض والوضع يكون صعبا جدا، أنا والدتي متوفاة وأبي متزوج وهذا يسبب لي خجلا كثيرا وأبى رجل مريض ونفسي أسافر لأراه، وأنا أتمنى أنزل في بيتي وأفرح أهلي إن صار لي شقة ولا تنسى أن هذا وعد منذ 10 سنوات من زوجي وأنا أخاف الله، حكى لي زوجي إذا تريدين نأخذ من البنك وأشتري شقة وأنا خائفة ربى يغضب علينا رغم أني والله في أشد الحاجة لذلك، أفيدوني بالله عليكم ماذا أفعل أحيانا أقول يا رب أنت عالم بالحال وتسامحني وأخاف من تردد زوجي كثيرا وأقول لا بد أن يكون عندي بيت في بلدي وأحيانا أخاف عقاب الله أذا اقتربت من بنك.......... أرجو الرد علي سريعا لأني لا أنام من الحيرة، وجزاكم الله كل خير....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والدك قد اشترط على زوجك في العقد أن يكون لك بيت في بلدك، فهو ملزم بهذا الشرط، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحق ما أوفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج. متفق عليه.
ويرى الحنابلة أنه يجوز لك فسخ النكاح إذا لم يف لك بالشرط.
لكن الذي ننصحك به أنه مادام غير قادر على ذلك، فعليك أن تصبري حتى يتيسر له الأمر، أما عن الاقتراض من البنك الربوي، فذلك لا يجوز، فإن الربا من أكبر الكبائر، ومن السبع الموبقات، ويستحق صاحبه اللعن، بل توعده الله بالحرب، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ &61476; فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة (278-279} . ولا نظن بمن في قلبه نبض الإيمان أن يسمع هذا الوعيد ثم يقدم على التعامل بالربا، لا سيما والأمر ليس فيه ضرورة، فيمكنك أن تخبريه بضيق مسكن والدك وتسأليه إن تيسر له أن يعطيك ما تستأجرين به مسكناً وقت إقامتك بمصر، حتى يوسع الله عليه، ويفي لك بما وعد.
واعلمي أن عاقبة الصبر والتقوى الخير في الدنيا والآخرة، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف90} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(13/7013)
امرأته عصت أمره ولم يزجرها أهلها بل اعتدوا عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل ثلاث سنوات عمري 22 سنة وكان عمرها 18 خُطبت البنت على ثلاثة شبان ولقد اختارتني البنت من باقي المتقدمين وكان أهل المتقدمين موجودين في تلك اللحظة وقمت بالنظر، أما أهالي المتقدمين للبنت وكانوا ينظرون إلي بنظرة الحقد والكره، ففي ليله الزواج كان كل الناس يتكلمون عني وعن زوجتي بأننا أفضل من العروسين الثانيين بكل المقاييس وفي اليوم التالي من الزواج حصلت مشكلة وهي على كلمة كنت أمزح بها وجلست تبكي فتقول نحن في البداية طلقني فحاولت فكنا نخرج فهي لا تتكلم معي وأحاول الكلام معها وهي رافضة في يوم ثان وثالث فكل وقتها تريد أن تذهب إلى أهلها فهي تنفر مني بدايه الزواج لا تطيق الجلوس معي رجعنا لبيتنا فهي قلبت حياتي نكدا جميع وقتها تبكي من الغربة فبين كل فترة وفتره أسافر بها إلى أهلها لكن نفس الحكاية فكانت حياتنا مليئة بالمشاكل دائما مشاكل وقد انقلبت حياتي فصار إخوان زوجتي يكرهونني وأم الزوجة تكرهني بدون أي سبب خلال السنة الأولى طلقت زوجتي فهي كانت دائما كئيبة حزينة فصرت لا أحب الرجوع إلى البيت فكنت أعمل عملا صباحيا وعملت عملا مسائيا حتى أبعد عن البيت وعن المشاكل وما زالت المشاكل تزيد بشكوتها بأنني لا أجلس في البيت فكانت تسمع من ناس آخرين سعادتهم في الحياة الزوجية وتريد نفس طريقتهم في السفر، السنة الثانية تعودت عليها وتعودت علي أنا أعمل في الصباح والمساء أرجع إلى البيت منهكا وهي لا يهمها أي أمر تحب الازعاج والمشاكل ولا تهتم بشؤون منزلها مثل باقي النساء أنا أعتمد على أغلب الأمور على أهلي وهي لا يهمها هذا الأمر كرهت هذه الحياة لأنني لست سعيداً كثيرة الشكوى وكثيرة التملل لا يعجبها أي أمر مني فيه نهاية السنة الثانية بدأت تتحسن فكانت تهتم بي بشكل أكبر، ولكني أنا أخذت في نفسي منها سابقا فكانت تفاجئني بالهدايا والمفاجئات تغيرت تغيرا جذريا ولكنها تقول أنت لا تفعل معي كذا وأنت لا تفعل ولا تفعل فكانت تحطمني وأنا أعاندها ولا أفعل عناداً لها ففي يوم من الأيام من شدة المشاكل قد أيقظتني من النوم وكان معها سكينا وتريد أن تذبحني وقمت مسرعا وأخذت السكين وإذا هي على الأرض والسكين بيدي إذ أنني أنا بحالة جنونية أريد قتل زوجتي لأني انفجعت وتريد قتلي قائلة هل تطلقني أم لا فكانت على لسانها هذه الكلمة دائما فكانت تقول تقدم لي فلان وفلان للزواج وأنا كنت أكره هذا الكلام وقد تكلمت معها عدة مرات بهذا الشأن فهي ما زالت تعيده اشتكيت لأهلها وبعدها فما صارت تقول لي هذا الكلام ولكن عند المشاكل تقول لي هذا أنا تريدني وإلا براحتك حاولت معها بجميع الطرق لكن دون فائدة اشتكيت لأهلها دون فائدة لا تهتم بي كثيراً كثيرا ما تهم بأهلها وتقول أنا عند أهلي كنت مبسوطة أنا كرهتك أنا ما أريدك أنت جبت لي نفسيه فكانت تقول الكلام دائماً السنة الثالثة حياتنا عادية روتينه تشتكي للكل بأني لا أقدر الحياة الزوجية ولا ولا ولا فكان أي سبب أو أي مشاكل تبحث عن أي طريقة لضربها فكانت تقول اضربني فكانت تستدعيني بأني أنا أضربها حتى تشتكي لأهلها فأنا أبتعد عنها وأتحاشها نتزاعل دائما ولكن أنا الذي أسامحها فهي أبداً لا تعتذر أنا أعتذر حتى ولو كانت هي المخطئة ولكن هي لا تعتذر أبداً بعض المرات أقول إنها تحسنت وبعض المرات أقول إنها مثل أول ما تغير فيها شيء حياتي معها غير سعيدة وهي أيضا علاقتي الجنسية معها أصبحت ضعيفة حيث إنني أمارس معها بدون رغبه ولكن مجاملاً لا يوجد أطفال حيث ذهبنا للعديد من الأطباء دون فائدة ليس مني ولا منها أي عيب صار حمل لأكثر من مرة ولكن يسقط وينزل الحمل ليس بيننا أي كلام أو حوار أحاول أن أتحاشها إذا ذهبت إلى أهلها وأنا رجعت لمديتني أشتاق إليها وهي تشتاق لي كثيراً ويكون بيننا لهف وشوق ولما أذهب لأخذها فقط تنقلب ثاني يوم من رجعوها إلى مثل الأول أكره دخول بيت أهلها لا أحب الجلوس عندهم بالعكس بالأول كنت أحب الجلوس عندهم أسافر لأخذ زوجتي ولا أمكث عندهم كثيراً حيث إنني أتضايق بشكل كبير وأحس بهم وغم وشيء في صدري فعندما أخرج من بيتهم يزول الهم وهي مثلي تماما لما تدخل بيتنا تقول لي مثل هذا الكلام، الشيء الذي يحيرني أنها تحبني وأنا أحبها على كلامها وتصرفاتها معي بعض الأحيان إنها تحبني نهاية السنه الثالثة صارت بيني وبينها مشكلة وشتمت أمي ورفعت صوتها على أمي أخذتها وقامت بتصرفات تدل على أنها لن ترجع أبداً وذهبت وسافرت بها تجمع علي إخوانها مرسلين من قبل أمهم فقد قاموا بمشاجرتي وصلت إلى مد اليد علي ورجعت لمدينتي لأخي زوجتي الذي بنفس مدينتي وتشاجرت معه فوصلت لمد اليد وخالتي قالت لي كلاما لا يقبل أن يسمعه وشتمتنا حيث إن زوجتي قالت لهم كلاما غير صحيح ولكن لتكبير المسألة، شهرين قررت أني أتزوج بأخرى وطلاق زوجتي ولكن لا يمر أي دقيقة وإلا أنا أفكر فيها أتساءل هل هي تريدني أم لا أنا أريدها، ولكن أطلقها أو لا. فأرجو الرد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت هذه المرأة أيما خطأ بتضييع حقك وعصيان أمرك وتمردها عليك، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في المسند وغيره من حديث عبد الله بن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله تعالى لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها كله حتى لو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه. قال الشوكاني إسناده صالح.
وأخطأ أهلها بعدم زجرها عن فعلها ثم باعتدائهم عليك، وأخطأت أنت أيها السائل عندما قابلت رجوعها وإحسانها بالعناد والتجاهل وكان عليك أن تشجعها على ذلك وأن تأخذ بيدها إلى طريق التوبة.
ومهما يكن من أمر فإنا ننصحك بأن لا تتعجل في طلاقها وعليك بمراجعة أهل العلم والخبرة بالرقية الشرعية وعلاج السحر والحسد فإن وجدت أن هذا من أعراض السحر أو العين فعليك بعلاج ذلك بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله الكريم.
أما إن كان الأمر بعيداً عن ذلك وكان مجرد عناد ونشوز منها فإنا نوصيك بالعلاج الشرعي للنشوز كما جاء في كتاب الله، قال سبحانه: وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء:34} .
فإن لم يجد معها نفعاً فعليك بطلاقها فلا يستحب إمساك مثل هذه المرأة، وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16755، 38710، 2244.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1429(13/7014)
من حقك استرجاع ما صرفت من نفقات لا تلزمك شرعا إن لم يف بوعده
[السُّؤَالُ]
ـ[اشترى زوجي قطعة أرض ونحن بالغربة ووعدني أن يملكني نصفها ولما اكتمل بناؤها لم يفعل رغم قوله لي دائما أنني كافحت معه وتحملت الغربة والمعاناة حتى اكتمل البيت، وقد اقترح علي إعطائي قطعة أرض أخرى ولكنني لم أقبل وطلبت منه أن يعطيني جزءا من البيت لحاجتي لسكن يؤويني في حال لا سمح الله حصل له شيء خاصة وأنه لا أطفال لدينا، وأنا أرى أن لي حقا في البيت لصبري وكفاحي معه طيلة عشر سنين في الغربة، فهل هناك أي محذور شرعي يمنع أن يعطيني جزءا من البيت، علما بأن له أملاكاً أخرى، وهل علي إثم إن طالبته بتحقيق وعده الذي اعتمدت عليه ولم أفعل لنفسي شيئاً رغم أنني كنت أعمل بمرتب جيد وفضلت أن أعينه في بناء البيت الذي كنت أعتقد أنه لنا نحن الاثنين، وهل يستطيع ورثتي أن يخرجوه من المنزل في حال توفيت قبله لأنه قد يكون سبب تردده، علما بأنني قد عرضت عليه الاحتفاظ بقطعة الأرض التي عرضها علي وقطعة أخرى ورثتها من والدي حتى يكون لديه ما يفدي به نصيب ورثتي، الرجاء إفادتي؟ جوزيتم خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي على زوجك أن يفي بوعده لك بتمليك نصف الأرض، فقد أمر الله تعالى بالوفاء بالوعد، والجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة يرون الوفاء بالوعد مستحباً، قال النووي في الأذكار: قد أجمع العلماء على أن من وعد إنساناً شيئاً ليس بمنهي عنه فينبغي أن يفي بوعده، وهل ذلك واجب أم مستحب؟ فيه خلاف بينهم، ذهب الشافعي وأبو حنيفة والجمهور إلى أنه مستحب، فلو تركه فاته الفضل، وارتكب المكروه كراهة شديدة، ولكن لا يأثم. انتهى.
وذهب المالكية إلى أنه ملزم إذا كان بسبب أو دخل الموعود بالوعد في شيء، قال القرافي في الفروق: (الفرق 214) ما نصه: وجه الجمع بين الأدلة المتقدمة التي يقتضي بعضها الوفاء به، وبعضها عدم الوفاء به، أنه إن أدخله في سبب يلزم بوعده لزم، كما قال مالك وابن القاسم وسحنون أو وعده مقروناً بذكر سبب. انتهى.
كما أن وفاء زوجك بوعده من حسن العشرة التي أمر الله تعالى بها لا سيما وقد قمت بإعانته على بناء البيت، وإذا كان الوعد بتمليك نصف الأرض مقابل ما دفعتيه من نفقة البناء أو نفقات على البيت أو غيره مما يجب على الزوج، فإنه في هذه الحالة إذا لم يف بما وعد يكون من حقك أن تسترجعي منه ما قمت بصرفه من النفقات التي لا تلزمك شرعاً، لأنك قد بذلت له ذلك في مقابل أمر ولم يتم..
أما إخراج ورثتك لزوجك من المنزل إذا توفيت قبله فلا يمكنهم إجباره على ذلك لأن نصيبك من البيت إذا أمكن تقسيمه بين الورثة فيتم تقسيمه وإذا لم يمكن جاز لزوجك أخذه على أن يدفع ثمن نصيب باقي الورثة.. ولا نرى أنه يوجد محذور شرعي في تمليكك جزءا من البيت مقابل ما دفعتيه من نفقات لزوجك، وننصحك بالمحافظة على طاعة زوجك وأن تبييني له الأمر برفق ولين، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17057، 92999، 111853.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1429(13/7015)
أهمية التفاهم بين الزوجين والتغاضي عن الزلات
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد من يشد أزري في مشكلتي ويرشدني إلى حل، بداية أنا والدي متوفى منذ أربع سنوات وأمي سيدة فاضلة ربتنا أنا وشقيقاي أحسن تربية بشهادة الجميع، نعرف حقوق الله ونتقيه والحمد لله مشكلتي هي زوجي حيث إنه منذ زواجنا وحتى قبل الزواج لا يحب أمي ويغار علي منها ومن أخواي ودائما يريد أن يبعدني عن أمي لاعتقاده وإيمانه القوي بأن حماته إذا تدخلت في حياته ستعكر صفوها وكان منذ الخطوبة يقول لي (ما تحكيش أي حاجه لمامتك) . مع العلم أني اكتشفت أنه يحكي كل شيء لوالده ووالدته وهما اللذان زادا كراهيته لأمي. مع أن أمي لم ترهقهم تماما في متطلبات الزواج رغم أنهم ميسوروا الحال جدا ولكننا عاملنا الله ولم نراجعهم في أي شيء. ورغم معاملة زوجي وأهله الفظة لأمي وإخوتي تم الزواج ليس بسبب تمسكي به ولكننا قلنا كل الزيجات تحصل فيها مشاكل وإن شاء الله ربنا يهديهم. بعد الزواج اكتشفت أن زوجي لا يحافظ على الصلاة وتفوته صلوات كثيرة وساعات كثيرة صلاة الجمعة بحجة أنه كان بائتا في عمله وراجع الصبح ويريد أن ينام وكانت الصدمة. وعرفت أيضا أنه لا يمتلك أي شيء باسمه لا شقة ولا سيارة وقال لي أسباب ذلك وصدقته ... وعلى الجانب الآخر أنا كنت أخذت قرضا قبل الزواج وأخبرته بذلك بعد زواجنا وقال لي "ربنا يقدرني وأسدد هـ لك وانتهى الأمر. بعد ذلك كانت كلما تنشأ بيننا أي مشكلة يقول لي أنت تزوجت بقرض وغششتوني ويغلط في أمي وأخواتي لأنهم لم يقفوا بجنبي ولا يحبونني ولكن الحقيقة هي العكس تماما.. المهم أنه يرجع بعد ذلك ويعتذر ويقبل يدي وقدمي أيضا ويتكرر نفس السيناريو عند كل مشكلة ... حتى وصلنا إلى ولادة طفلتي.. بدأ يقول لي مرتبك من حقي واصرفي على بنتك وفين نقطة جوازك.. أنت صرفتيها على أهلك حتى وصلنا بسبب فتنة أحدثتها أمه إلى أنه قال لى: ما تحطيش رجلك في البيت ومكثت في بيت أمي أربعة أشهر وكان عمر بنتي 25 يوما ولم ينفق علينا جنيها واحدا.. حاول الاعتذار طوال هذه الفترة حتى وصل إلى أنه جاء بيت أمي وبكى وقبل يدي وكان يريد أن يقبل قدمي وقال لي إنه لا يستطيع الحياة بدوني وبالفعل عدت وبعد أسبوعين كانوا شهر عسل اضطررت للسفر لزيارة خالتي المريضة في محافظة أخرى أنا وأمي وإخوتي لمدة ليلتين كانت منهم ليلة سيكون بائتا في عمله. هو اعترض على عودتي يوم السبت وقال لا بد أن ترجعي الجمعة فقلت إن شاء الله وظل يستفزني حتى وصلت لأني ظللت أضرب على رأسي وانهرت بالبكاء قبل سفري مباشرة ونزولي لأهلي الذين يسكنون معي بنفس العمارة.. صعبت على زوجي وطيب خاطري وسافرت ولم أتمكن من العودة واتصلت به وأخبرته أن حالة خالتي سيئة للغاية ولا نستطيع تركها الآن.. ثار وقال لي (انت بتمشى كلامك عليا.. أنا غضبان عليك وأنا الحمد لله بعد ما رجعنا التزمت بالصلاة ومش هفوت فرض وهادعيلك ربنا يسامحك بس هافضل غضبان عليكي) .. وبعد عودتي يوم السبت لم أجده بالبيت وعاد بعدي بحوالي ساعة وسلم علي ببرود وقال لي أنا تعبان وسأدخل لأنام فتركته.. بعدها لقيته يقول (أنت مين علمك اللطم أنت عارفه اللي بيلطم بيبقى كافر.. مامتك هي اللى علمتك وبدأ يتستفزني ويغلط في أمي ويسبها حتى سببته بوالده فسبني بأقذع الألفاظ وسكب علي ماء مثلجا أنا وطفلتي الرضيعة وضربني على وجهي وقال لي تريدين أن تتطلقي؟ أنت ما عندك دم أنا شتمتك أنت وأهلك.. فقلت له أريد أن أتطلق.. وكنا الساعة الثالثة صباحا.. فاتصل بوالده وقاله يأتي ليطلقني لأني سببته وهو كذلك سبني وأنا خايف أنزل لأهلي وأخواتي يتخانقوا معه، فقال له والده اتركها تمشي وبالفعل ذهبت لأهلي مع طفلتي وانتظرت أن يأتي أبوه ولكن لم يحدث.. ذهبت لشقتي في الصباح فوجدته أخذ كل ملابسه وأخذ دبلتي الماس وذهب طفلته ولاحظت العفس بملابسي محاولة منه للعثور على الشبكة ولكنها كانت عند أهلي.. وكذلك خرب باب الشقة بحيث لا أستطيع فتح الباب من الداخل..
ملحوظه هامة جدا: وجدت مع زوجي قبل ولادتي أقراصا مخدرة وواجهته بذلك قبل عودتي للمنزل (بعد مكوثي 4 أشهر عند أهلي) ولم ينكر وقال لي إنها خطأ ولن تتكرر ولكن حالته كانت غير طبيعية تماما يوم عودتي من عند خالتي فأين ذلك الرجل الذي كان يبكي لفراق زوجته وطفلته بكاء مريرا وكان يقسم أنه لن يغضبني أبدا وأنه سيفعل أي شيء ليرضي أهلي ويرضيني، الآن هو لم يطلقني وقد أخبرني قبل أن أترك البيت أنه لن يعطيني مؤخر الصداق.
أعتذر عن طول الرسالة ولكن هناك تفاصيل أكثر قسوة من ذلك بكثير..الآن أنا وأهلي في حالة سيئة جدا فأنا لم يمر على زواجي غير عام وثلاثة أشهر وزوجي أهانني أنا وأهلي إهانة بالغة فماذا نفعل، عندي تفاصيل أخرى مهمة لا أستطيع كتابتها الآن فهل يمكنني الاتصال المباشر بكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أيتها الأخت الكريمة أنه ما كان ينبغي أن يحصل منك ومن زوجك ما حصل من سب وشتم وخصام فلم تبن الحياة الزوجية لذلك، وإنما للألفة والمودة والسكن، وأما وقد كان ما كان فلا يخلو حال زوجك من أحد أمرين:
أولهما: أن يكون قد طلقك وإن لم يذكر لك ذلك، وحينئذ يلزمه دفع مؤخر الصداق إليك، وكذا ما استولى عليه من أثاث بيت الزوجية مما يخصك كدبلة الماس إن لم يكن يملك ذلك.
وأما الاحتمال الثاني: فهو ألا يكون قد أوقع الطلاق وحينئذ فالذي نراه وننصح به هو السعي في الصلح معه ومعالجة المشكلة بالتفاهم والتغاضي عما يمكن التغاضي عنه من الهفوات والزلات، فإذا استنفذت وسائل الصلح وسبل العلاج ووجدت أنه لا يمكنك العيش معه فلا حرج عليك في طلب الطلاق أو الخلع.
والذي ننصح به على كلا الاحتمالين هو عرض المشكلة على القضاء لإلزام كل طرف بما يجب عليه وليسمع من الخصمين معا فقد سمعنا منك ما لم نسمع من الزوج ومع الغائب حجته، وننبهك إلى أنه يجب على الزوج أن ينفق على زوجته وولده ولو كانت زوجته غنية ولا حق له في راتبها إلا إذا طابت نفسها له بشيء منه، إلا أن يكون قد اشترط عليها شيئا من الراتب مقابل سماحه لها بالعمل.
كما ننبه إلى أن ترك الزوج للصلاة وتهاونه بها أمر خطير جدا، ولا يجوز للزوجة أن تسكت عليه بل تنصحه وتعظه وتسعى في توبته واستقامته وصلاح حاله، فإن لم يجد ذلك بذلت جهدها في فراقه والفكاك منه.
وأما الاتصال المباشر فنعتذر عنه لأنه ليس من خدمات هذا الموقع.
وللمزيد انظري الفتاوى التالية أرقامها: 96545، 98335، 58974، 42518، 1061، 105945.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1429(13/7016)
خروج الزوجة بغير إذن الزوج في ميزان الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تحاسب المرأة إذا خرجت من غير إذن زوجها إلى عدة أماكن وزيارات عائلية بعضها مهمة وبعضها لا في حال كان الزوج قد ترك البيت وخرج لأسابيع مكملا حياته الطبيعية, ولا يرد عليها ولا يكلمها ولا يعرف عنها شيئا وما تحتاجه ثم يتصل يطردها من بيته وتذهب لبيت أهلها وتكمل حياتها الطبيعية ثم يحصل الطلاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوجة أن تخرج من بيت زوجها دون إذنه، وعليها الإثم إن فعلت ذلك إلا إذا كانت تعلم أنه لا يمانع في خروجها، فيعتبر ذلك إذنا ضمنيا فلا يلحقها إثم بخروجها إلى ما تظن أنه لا يمانع في خروجها إليه، كما لا حرج عليها إن خرجت لضرورة أو حاجة كتحصيل نفقتها إن لم يدع لها نفقة أو علاج إذا مرضت ولم يكن حاضرا ونحو ذلك، مما تدعو الحاجة إليه في حال غياب الزوج، وأما إذا لم يكن هنالك مسوغ معتبر لخروجها، وكان الزوج يمانع في خروجها دون إذنه فلا يجوز لها أن تخرج وتأثم إن فعلت ذلك دون إذنه، كما بينا سابقا. وأما طرده إياها من بيتها فلا يجوز له ولا إثم عليها بعد طرده إياها في خروجها، ولا تعتبر ناشزا بذلك، ومحل ما ذكرنا سابقا هو ما إذا كان خروجها دون إذنه حصل قبل طرده إياها من بيته. وأما إن كان خروجها لحوائجها وصلة رحمها حصل بعد الطرد والهجر من الزوج لغير مسوغ فلا حرج عليها.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 21016، 64711، 8513.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1429(13/7017)
هل للزوجة أن ترفض أن تسكن أم زوجها معها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أمي ليس لها مكان تعيش فيه وأنا متزوج وأريد أن تجلس أمي معي في منزلي.هل لا بد من أخذ إذن الزوجة قبل أن تأتي أمي. وفي حالة رفض الزوجة ذلك الأمر فهل يجوز لها أن ترفض أم ذلك الأمر الحكم فيه بيد الزوج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حق الأم على ابنها عظيم، أعظم من حق الأب والزوجة وغيرهما، وبره بها وقيامه برعايتها واجب شرعي، فإن لم يكن لها مكان تعيش فيه فيتعين عليه أن يوفر لها سكنا أو يسكنها معه، ولا يحق للزوجة أن تمنعه من ذلك، ولكنه يسوغ للزوجة أن تطالبه بسكن مستقل المرافق من مدخل ومطبخ وحمام ونحو ذلك، تستقل فيه عن الأم، ولا يجب عليها السكن مع الأم ولخدمتها، والأولى بالرجل أن يستشير زوجته في أموره فإن استشارتها أدعى للموافقة، كما أنه يحسن بالمرأة أن تساعد زوجها في رعاية أمه والقيام بشؤونها.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 43802، 45138، 62280، 53002، 52604.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1429(13/7018)
الحب ليس شرطا لاستمرار الحياة الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني تزوجت من بنت عمي منذ أربع سنوات ولي طفلان منها ولكنني منذ أن دخلت بها وهي لم تعجبني بتاتا وصبرت عليها لحد اليوم نظرا لقرابة الأسرة وأخاف من قطيعة الرحم وإني والله أعيش في جحيم حتى إنني أكثرت من استعمال العادة السرية وأفضلها على الجماع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وجود المودة والألفة بين الزوجين قد يحتاج أحياناً إلى الصبر وإلى التغافل عن بعض الأمور والنظر إلى الجوانب الطيبة في أخلاق الطرف الآخر، قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء: 19}
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِىَ مِنْهَا آخَرَ. رواه مسلم.
كما أن مشاعر الحب والمودة ليست شرطاً لاستقرار الحياة الزوجية.
قال عمر رضي الله عنه: فليس كل البيوت تبنى على الحب ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام.
كما أن الشرع قد أباح لك أن تتزوج ثانية وثالثة ورابعة، ما دمت قادراً على الزواج، على أن تراعي العدل بين زوجاتك، أما إذا تعذر عليك معاشرتها بالمعروف. ولم تستطع أن تتزوج عليها وكانت نفسك تتوق إلى الزواج فلا لوم عليك إذا طلقتها.
أما ما ذكرته من فعلك للعادة السرية، فهو خطأ كبير، وانحراف عن الفطرة، واستبدال للخبيث بالطيب، فهي عادة خبيثة منكرة لها آثارها السيئة على فاعلها، في دينه ونفسيته وصحته، كما أن في ذلك ظلما لزوجتك وهضما لحقها، فإن من حقها عليك أن تعفها على حسب قدرتك، فعليك بالتوبة الصادقة من هذه العادة، وإحسان عشرة زوجتك، والتقرب إلى الله عز وجل، والبعد عن المعاصي الظاهرة والباطنة، وننبهك إلى أن غض البصر من أهم أسباب قناعة الزوج بزوجته، كما أن إطلاق البصر في المحرمات، يزهد الزوج في زوجته ولو كانت أجمل نساء الأرض، ويفتح الأبواب للشيطان ليزين له الافتتان بغيرها والنفور منها، فاحرص على غض بصرك وسد أبواب الفتنة، واستعن بالله ولا تعجز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1429(13/7019)
تدخل الأم في الامور الزوجية لولدها
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أطرح عليكم استفسارا بخصوص بر الوالدين وخاصة الأم، حاولت قراءة الفتاوى الموجودة لكن لم أعلم جوابا ل سؤالي حول حقوق الأم على ابنها المتزوج وإذا كانت تريد التدخل بأقل تفاصيل حياته حتى بيته هل هذا من حقها؟، وهل الزوجة ليس لها أي استقلالية في بيتها، الأم تستطيع التدخل بما شاءت وكل ما عند ابنها تعتبره من حقها بحكم قول النبي صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك، فعن طريق هذا الحديث هي تعتبر حتى الزوجية يحق لها أن تتدخل فيها مع العلم أن الابن عمل جاهدا لإرضاء الأم وحتى زوجته كانت تعينه على ذلك لكن كثرة التدخلات بشؤونها جعلتها غير قادرة على التحمل أكثر فلأي حد تستطيع أن تتدخل الأم بالأمور التي تخص الزوجة أو أمور بيت ابنها وهل يعتبر من العقوق عدم الرد على الأم في الأمور التي تخص الزوجة والتي لا تؤثر على الأم سوى أن كلمتها لم تنفذ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن بر الأم من أوجب الواجبات ومن أعظم القربات إلى الله، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان:14} .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك. رواه البخاري ومسلم.
ومن حسن عشرة المرأة لزوجها إعانته على بر والديه وصلة رحمه، كما أن من حسن عشرة الزوج لزوجته أن يوفر لها حياة مستقلة لا يقع عليها ضرر فيها، ولا يحق للأم ولا غيرها أن يتدخل في حياة الزوجين إلا بنصيحة أو مشورة، وليست الزوجة مالا للزوج حتى يجوز للأم أن تتصرف فيه، وإنما الزوجة مأمورة بطاعة زوجها في المعروف وليست ملزمة بطاعة أمه أو خدمتها إلا أن يكون ذلك من إحسان الزوجة وكرم خلقها، فالذي نوصي به أن تجتهد في بر أمك والإحسان إليها دون أن تظلم زوجتك أو توقع عليها ضررا أو تكلفها بما لا يجب عليها، ويتأتى ذلك بأن تتعامل معها بالحكمة والمداراة وطيب الكلام مع الاستعانة بالله ودعائه، وأما عن سؤالك عن عدم ردك على أمك في الأمور التي تخص الزوجة، فإنه يمكنك التخلص من ذلك بالتورية في الكلام، ولكن لا يجوز لك أن تترك الرد على كلامها أو تكلمها بأسلوب غير لائق فإن عقوق الأم من أكبر الكبائر ومما يجلب غضب الله على العبد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1429(13/7020)
مدى وجوب إنفاق الزوج على علاج زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج منذ عامين ولم ننجب أولادا لأن زوجتي بها بعض المشاكل في عملية التبويض ومع ذلك تشعرني بأن العيب مني وقد ذهبنا إلى أكثر من طبيب وتقول لي إن غيرك يصرف أكثر منك من أجل الأبناء لدرجة أنها تريد مني أن آخذ ميراثي من والدي لكي أصرفه على علاجها، وتقول لي الكثير غيرك يفعل ذلك لدرجة أن والدتها عرضت علينا مبلغا من المال 500 جنيه وأنا رفضت وقلت لها لماذا نأخذ المال من أحد ونستدين، ولماذا لا يكون على قدر حالنا فرفضت هي ووالدتها طبعا وقامت الدنيا ولم تقعد إلى أن أخذنا المبلغ وفي هذا الشهر صرفت مبلغ 1000 جنيه على العلاج فقط ثم لم يحدث حمل في هذا الشهر فقلت لها أنا لم يعد معي مال فغضبت وقالت لي أتريد أن توقف العلاج الآن كل شهر مرتبط بالشهر السابق وهذا طبعا بتشجيع من والدتها وذهبت والدتها وحجزت لها عند هذا الدكتور مرة أخرى من غير إذني ولم تخبرني بذلك إلا وأنا ذاهب إلى عملي الساعة الثامنة صباحا وارجع من عملي في الساعة الثالثة وكان ميعاد الدكتور في الرابعة والنصف في نفس اليوم فغضبت وحلفت أني لن أذهب معها فذهبت هي والدتها طبعا وقرر الدكتور أن تعمل أشعة بالصبغة فرفضت وقلت لها أنا ليس معي مال لعمل هذه الأشعة فقالت لي إ ن أمي ستدفع المال حوالي 230 جنيه وقد حجزت لي بالفعل فقلت لها ما دمت حجزتي لعمل الأشعة وتصرفت من نفسك ولم تخبريني افعلي ما تريدين وذهبت بالفعل هي ووالدتها إلى والدها وظلت خارج البيت إلى الساعة 2 ليلا ثم اتصلت بي من عند والدتها لتخبرني بأنها عادت من عند الطبيب الساعة 2 ليلا ثم بعد ذلك أخذت تعايرني بالمال الذي أخذته من والدتها وتقول لي سدد المال الذي عليك البالغ 750 جنيه وأخت في كل وقت تعايرني بهذا المال مع أنها هي التي أخذته من ورائي وتصرفت من ورائي حتى في الذهاب إلى الطبيب ومع أنها تسعى وراء الحمل بهذه الطريق إلا أنها يا سيدي لا تريد الحمل مني أو أن يكون لها طفل مني إلا اللهم لترث في وهذه هي الطامة الكبرى وقد قالت لي ذلك وأقسم بالله العظيم على كل حرف كتبته قالت لي بالحرف الواحد أنا أسعى إلى الحمل فافرض أنك مت الآن سوف أخرج من المولد بلا حمص وسوف يقوم أشقاؤك بطردي من الشقة ولن أرث فيك، فماذا أفعل بالله عليك ياسيدي هل أطلقها أم ماذا والسبب الآخر أنها لا تريد الإنجاب مني إلا إرضاء لوادتها ووالدها فهما لم ينجبا ذكورا، وهذا عمل لها عقده في حياتها فتريد أن تنجب على أن يكون المولد ذكرا لكي تسعد أباها وأمها هل تعرف أمرا آخر يا سيدي إذا ذهبت إلى أحد أصدقائي أو ذهبت لزيارة أهلي وعندما أعود تظل تبكي وتنوح على بختها الأسود الذي رماها مع رجل مثلي يتركها وحيدة في المنزل مع العلم والله العظيم أني لا أخرج من المنزل إلا في أضيق الأوقات وتقول لي إنها لن أدعك تخرج بحريتك ولا تنغص على عيشتي إلا إذا أنجبت أو إذا التحقت بأي وظيفة فماذا أنا بالنسبة لها يا سيدي، وهل أنا متزوج من امرأة أو من ماذا، أنها تتصرف من تلقاء نفسها وتشعرني أنها تتصرف كالرجال وتقول لي إ نها دائما مع خلاف معى وتضع نفسها فى مقارنة دائمة معي وتقول لي كما تفعل افعل أنا فإذا قلت لها مثلا نذهب إلى بيت أهلي تقول لي لا اذهب بمفردك أنا لن آتي معك هذا بيتي أنا تزوجتك في هذا المنزل وليس فى منزل والدك مع أنني لا أذهب إلى بيت والدي إلا كل أسبوعين أو ثلاثة ولا يبعد البيت عنا سوى مسافة 7 كم فقط وهو في قرية وتقول ما معنى أنا لا اذهب لبيت والدي إلا كل شهر مره أو مرتين مع العلم أنها في كل مرة تذهب إلى بيت والدها تبيت يوما أو يومين يعني معدل خمس أو ستة أيام في الشهر وعندما أطلب منها أن تذهب معي إلى بيت أبي ترفض وتغضب وعندما تذهب إلى هناك تظل غاضبة ولا تريد أن تبيت هناك لدرجة أنها تفضل أن تظل بمفردها في البيت على أن تأي معي وعندما أهدها أني سوف أتأخر أو أبيت هناك تقول لي لا يهمني مع العلم أننا متزوجون حديثا منذ عامين فقط ولم ننجب أولادا أرجو منك الاهتمام برسالتي والرد علي لأنني أوشكت عل الانفجار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن من أهم مقاصد الزواج الإنجاب وهو مطلب فطري للرجل والمرأة، وحق مشترك للزوجين لا يجوز لأحدهما أن يمنع الآخر منه، وإذا تأخر لعارض من مرض أو نحوه جاز الأخذ بأسباب العلاج المشروعة، فعن أسامة بن شريك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم.
وقد ذهب أكثر الفقهاء إلى أن الرجل لا يجب عليه نفقة علاج زوجته، لكن لا شك أن من حسن العشرة ومن تمام المروءة أن ينفق الرجل على علاج زوجته قدر استطاعته، أما ما زاد عن قدر استطاعته أو لم تطب نفسه ببذله فلا يلزمه، ومن هذا تعلم أنه لا يلزمك من سداد المال الذي دفعته الزوجة إلا ما اقترضته منها، أو وكلتها في دفعه أما ما عدا ذلك فلا يلزمك.
لكن ينبغي التنبيه إلى أن أمر الإنجاب أو غيره من أمور الزوجين هو حق لهما دون غيرهما، فلا يحق لأحد أن يتدخل في حياة الزوجين إلا بمشورة أو نصيحة بالمعروف، فما فعلته والدة زوجتك من التدخل في هذا الأمر خطأ، رغم أننا نقدر شعورها كأم تتلهف على ما يسعد ابنتها لكن ذلك لا يبرر لها التدخل في خصوصياتكم وتجاهل حقك في القوامة.
ويجب على زوجتك أن تعلم أن الله قد أوجب عليها طاعة زوجها في المعروف وأمرها بحسن عشرته وجعل له درجة القوامة عليها، فلا يجوز لها أن تخرج من بيته إلا بإذنه ولا أن ترفع صوتها عليه أو تخاطب بأسلوب غير لائق، ومن حسن العشرة أن تحسن إلى أهله وأن تعينه على بر والديه وصلة رحمه.
والذي نوصيك به أن تتعامل بالحكمة مع زوجتك وأهلها بما جعل الله لك من القوامة وبما ينبغي أن يكون بين الزوجين من التغافل عن الزلات والتجاوز عن الهفوات، وأن تقدر أن تأخر الإنجاب عند زوجتك يسبب لها ضيقا وقلقا فينبغي أن تعوضها عن ذلك بحنان الزوج، وبما حباك الله به من الصبر وحسن الخلق، وأن تعينها على طاعة الله والتقرب إليه وكثرة الذكر والاستغفار وتعلم أمور دينها وشغل فراغها بما ينفعها في دينها ودنياها مع الإنفاق على علاجها بما يتيسر لك.
وننبهك إلى أنه لا يجوز لك أن تسمح لزوجتك بالعلاج عند طبيب ما دامت هناك طبيبة تقوم مقامه وتسد مسده، وفي حالة عدم وجود هذه الطبيبة فيجب عليك ألا تسمح لها بالخلوة بالطبيب إلا في حال وجود محرم؛ لقول رسول صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلى ومعها ذو محرم. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1429(13/7021)
الصبر على الزوج المريض بالعنة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي مريض بالعنة رغم أن الله رزقنا ثلاثة توائم سبحان الله ولا يلامسني إطلاقا (وبحجو نفسيا تعبان) ما حكم الدين وهل أكسب ثوابا من الله بسبب هذه الحالة النادرة، أرجو الرد سريعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الزوجة تؤجر على صبرها على زوجها وطاعتها إياه لما روي عن حصين بن محصن قال حدثتني عمتي قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الحاجة، فقال: أي هذه أذات بعل؟ قلت نعم قال: كيف أنت له فقالت ما ألوه؟؟ ـ أي ما أقصر في طاعته وخدمته إلا ما عجزت عنه، قال: انظري أين أنت منه فإنه جنتك ونارك. أخرجه أحمد والنسائي.
وأخرج الحاكم في مستدركه من حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة. صححه الحاكم ووفقه الذهبي.
لكن إذا ثبت حصول الضرر البين على المرأة لعجز زوجها عن إعطائها حقها في الفراش فلها طلب الطلاق والسعي في فراقه بالخلع لأن حق الفراش من مقاصد النكاح العظيمة إذ به يحصل العفاف، فعجز الزوج عنه أو امتناعه منه يقع به الضرر البين على المرأة غالبا، ولذا فإن أهل العلم اختلفوا في المدة التي يجوز للزوج ألا يأتي فيها أهله، فقال بعضهم أربعة أشهر وقيل مرة في كل طهر، ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية كونه بحاجة الزوجة وقدرة الزوج وهذا هو ما نراه راجحا.
وبناء عليه فإن كان في عدم إتيان زوجك لك ضرر فلا حرج عليك أن تسأليه الطلاق أو تخالعيه برد الصداق ونحوه إليه.
وأما ما ذكرت من إصابته بالعنة فلا يثبت به حق الفسخ لرضاك به وسكوتك عليه ولحصول الولد منه.
وللمزيد انظري الفتاوى التالية أرقامها: 53698، 73373، 34145.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1429(13/7022)
راتب الزوجة حق خالص لها
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بعمل قرض قبل زواجي وأخبرت زوجي به بعد الزواج فقال لي ربنا يقدرني وأسدده لك ثم عاد بعد فترة وثار علي وقال لي أنت غششتيني وكان لازما أن تقولي لي قبل الزواج لأن مرتبك من حقي وحق بيتك.
هل كان يجب علي أن أخبره به قبل الزواج أم كان يجب ألا أخبره مطلقا مع العلم أن راتبي يغطي قسط هذا القرض ومصاريفي الشخصية وأحيانا متطلبات المنزل حتى لا أشعره أن بيته ينقصه شيء ولا أطلب من زوجي شيئا لنفسي أبدا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان يجب عليك إخباره بذلك وراتبك ليس من حقه بل هو حق خالص لك تتصرفين فيه كيف تشاءين، ولا يجب عليك النفقة على نفسك أو أولادك من راتبك، وإنما ذلك على الزوج لكن ينبغي للزوجة مشاركة زوجها في تلك النفقات وتحمل أعباء الأسرة إن كان لها مال لما في ذلك من تطييب خاطر الزوج ويكون ذلك سببا في جلب الألفة والمودة ولله در القائل.
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما اسعبد الناس إحسان.
وللفائدة انظري الفتوى رقم: 42581.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(13/7023)
حكم سب الزوجة وإهانتها وضربها بغير حق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
زوجي عصبي جداً ويقوم بسبي وإهانتي وكان في أول الزواج عند وجود خلاف أحيانا يقوم بضربي ويقول إن هذا حقه، فهل هذه حقيقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسب المسلم وإهانته حرام بل هو من كبائر الذنوب، جاء في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة التاسعة والثمانون والتسعون والحادية والتسعون بعد المائتين: سب المسلم والاستطالة في عرضه وتسبب الإنسان في لعن أو شتم والديه وإن لم يسبهما ولعنه مسلما. انتهى.
وسب المسلم من الخصال التي توجب الفسق لصاحبها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. متفق عليه..
قال النووي: واعلم أن سباب المسلم بغير حق حرام كما قال صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق. انتهى.
ويزداد الإثم إذا وقع السب للزوجة لما لها من حق على الزوج زائد عن الحقوق الواجبة لعموم المسلمين, ولما جاء في القرآن والسنة من الأمر بمعاشرتها بالمعروف.
وأما ضرب الزوجة بغير حق فهو حرام أيضا ومن كبائر الذنوب, جاء في كتاب "الزواجر عن اقتراف الكبائر": الكبيرة الحادية والخمسون الاستطالة على الضعيف والمملوك والجارية والزوجة والدابة، لأن الله تعالى قد أمر بالإحسان إليهم بقوله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا.
وليعلم هذا الزوج أن الإسلام ما جاء إلا بإعزاز المرأة وإكرامها, وأن فقهاء الإسلام وعلماءه قد جعلوا ما يصدر من الرجل من أذى لزوجته مما هو أقل من ذلك يجيز لها طلب الطلاق ولو حدث مرة واحدة لم يتكرر بعدها, بل ليس هذا فحسب بل أوجبوا مع الطلاق التعزير البليغ الذي يردع هذا الذي يسب زوجته ويهينها, قال خليل: ولها التطليق بالضرر البين ولو لم تشهد البينة بتكرره.
وقال الدردير في الشرح الكبير، فقال: ولها أي للزوجة التطليق بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعا، كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك وسبها وسب أبيها، نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت الملعون، كما يقع كثيرا من رعاع الناس، ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق، كما هو ظاهر، وكوطئها في دبرها. انتهى.
أما الضرب الجائز للرجل فهو ما يكون في حالة نشوز المرأة وعصيانه وبعد أن ينصحها فلا تنتصح, ويهجرها في الفراش فلا تنته عن نشوزها عند ذلك له أن يضربها بشروط:
أـ أن لا يكون الضرب مبرحا، أي شديداً بل يكون على وجه التأديب والتأنيب ضرباً غير ذي إذاية شديدة.
ب- أن لا يضربها على وجهها.
ج- أن لا يشتمها أثناء الضرب.
دـ أن يستصحب أثناء هذا، أن القصد حصول المقصود من صلاح الزوجة وطاعتها زوجها، لا أن يكون قصده الثأر والانتقام.
هـ- أن يكف عن هذه المعاملة عند حصول المقصود.
أما قول الزوج لك إن هذا حقه, فإن كان يقصد أن حقه الضرب بلا سبب والسب والشتم لزوجته, فهذاغير صحيح لأننا قد قدمنا ما هو حق له بالشروط المذكورة, بل إن قوله هذا كبيرة أعظم من كل الكبائر المذكورة إذ أن قوله هذا كذب على الله سبحانه والله عز وجل يقول: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا {الأنعام:93} , ويقول سبحانه: وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {النحل:116- 117} .
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 69، والفتوى رقم: 65795.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(13/7024)
حق الزوجة في سكن مستقل عن أهل زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تزوجت قبل عام وأعيش الآن مع زوجي في أميركا, ونحن نعيش مع أبويه في نفس البيت، عرفت أن من حقي أن أعيش في بيت مستقل وخاصة أن البيوت هنا صغيرة جداً وأنا لا أشعر بالراحة أبدا, طلبت من زوجي أن ننتقل إلى بيت لوحدنا لكنه رفض أنا لا أعاني من مضايقات مباشرة من أهل زوجي ولكن لا أشعر بالراحة في البيت ولذلك بدأت أكرههم لأنهم سببوا لي الكآبة والحزن الدائم.
سؤالي: أنا أدعو دائماً أن يبعدهم الله عنا وأن أعيش مع زوجي ببيت لوحدنا بحرية واستقرار, وليست نيتي أن نبعد كثيراً فبيت مستقل يكفيني ولا أريد أن أبعد عنهم, فهل دعائي يعتبر من قطيعة الرحم أو الإ ثم أو ما شابه؟ أم أن هنالك احتمالا بأن الله يجيب دعوتي؟ لا أريد أن أضيع وقتي في دعاء ليس منه أمل وخاصة أني أصلي كل يوم وفي رمضان من أجل هذا الأمر ولا أدعو الله غيره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأمر كما ذكرت – أيتها السائلة – من أن المرأة لها على زوجها الحق في سكن مستقل بعيدا عن أهله حتى ولو لم يصدر منهم أذى لها، فإن لم يوفر لها السكن المستقل جاز لها أن تطالبه به وأن تمتنع عنه حتى يعطيها حقها.
قال خليل المالكي في مختصره: ولها الامتناع من أن تسكن مع أقاربه. انتهى.
قال شارحه عليش: لتضررها باطلاعهم على أحوالها وما تريد ستره عنهم وإن لم يثبت إضرارهم بها.
فلك أن تطالبي زوجك بذلك السكن المستقل فهذا محض حقك, ولكن ننصحك بمراعاة ظروفه المادية فلو كانت ظروفه المادية لا تسمح الآن بشراء سكن مستقل أو استئجاره, فإن الأفضل هو أن تصبري حتى يرزقه الله من فضله وهو خير الرازقين، وأما بخصوص الدعاء فلا ينبغي أن يكون دعاؤك ببعدهم عنكم بل اجعلي دعاءك بأن يرزقك الله بيتا مستقلا تعيشين فيه أنت وزوجك.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 68642 , 105323 , 34802.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1429(13/7025)
حكم اشتراط الزوج لجزء من راتب زوجته مقابل سماحه لها بالعمل
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي تعمل مدرسة، وتأخذ راتبها لحسابها (تجمعه) وقد أمرني والدي بأن آخذ نصيبا من الراتب بدل الوقت الذي تقضيه خارجا حتى لو لم تكن تقصر في عمل البيت لأنه جزء من وقتي، وزوجتي ترفض هذا الموضوع إجمالا لأني أرسل مساعدات مالية لأهلي وأزواج أخواتي وأصدقائي المحتاجين،، هل يحق لي منعها من العمل أو أن أسمح لها بمواصلة العمل بشرط إعطائي جزءا من الراتب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تكن الزوجة قد اشترطت هي أو وليها على الزوج في العقد السماح لها بالعمل فيحق له منعها من العمل ما دام قادرا وقائما بالواجب عليه من النفقة عليها وولدها منه، وله أن يسمح لها بالعمل إذا كان العمل مباحا ويشترط عليها مبلغا تدفعه له مقابل سماحه لها بالخروج للعمل كما بيناه في الفتوى رقم: 1357، وانظر أيضا للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 109174، 32280، 19680.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1429(13/7026)
احترام العرف القاضي بعدم المعاشرة إلا بعد الزفاف
[السُّؤَالُ]
ـ[بإذن الله تعالى سوف أعقد قراني في الشهور القليلة المقبلة على فتاة أحبها كثيرا - وأعلم جيدا ما هي حقوقي الشرعية معها بعد العقد - ولكني أخشى من غيرة الأب على ابنته وأخشى أن يمنعنا من الاختلاء ببعضنا أو ما شابه ذلك.. فهل من الممكن أن أجلس وأتحدث معه بكل صراحة واحترام عن حقوقي الزوجية بعد العقد إن شاء الله أم أن هذا سوف يجعله يغير أكثر على ابنته كلما رآنا في خلوة أو ما شابه ذلك (بعد العقد) ؟ وهل هذا سيعزز ثقته في ويطمئن على ابنته (زوجتي إن شاء الله) معي أم أن هذا سوف ينفره مني ومن جرأتي ولن يرتاح من خلوتي مع ابنته معي (حيث إنه يعلم من حديثي معه سابقاً أن أي شيء هو من حقي شرعاً فيما عدا الدخول بها) - أرجو إفادتي في هذا الأمر..فهل أتحدث معه قبل العقد أم لا؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقد الصحيح على المرأة يحل للزوج الاستمتاع بها، فهي زوجته، ولكن جرى العرف أنه لا يسمح له بمعاشرتها حتى تزف إليه، فينبغي احترام هذا العرف.
أما عن غيرة والد الفتاة عليها بعد العقد ممن عقد عليها، فهي غيرة في غير موضعها، وأما عن سؤالك عن إخبار والد الفتاة قبل العقد بحكم الشرع فيما يحق لك بعد العقد، فإن علمت من حاله، أنه ممن ينقاد لأوامر الله ويقف عند حدوده، ويتسع صدره لتفهم أحكام الشرع ولو خالفت العادات والأعراف، فينبغي أن تخبره بذلك، أما إذا علمت من حاله أنه لا يتسع صدره لذلك، فلا تخبره، واصبر حتى تزف إليك زوجتك، وعلى كل حال، فإن تعجيل الدخول أفضل، فابذل جهدك في تعجيل الدخول ما استطعت، مع العلم بأن من حق والد البنت أن يمنعك من الدخول بها إلى أن تدفع المهر الحال، وتراجع الفتوى رقم: 54046، والفتوى رقم: 60506.
نسأل الله أن ييسر لك الأمور ويجمع بينكما في خير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1429(13/7027)
الصبر على الزوج الذي لا يظهر مشاعر الحب
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سألت الله أن يعطيني الزوج الذي يشجعني على العبادة وطلب العلم وأن ييسر لي الوقت لذلك وسوف أتحمل أي شيء من زوجي مقابل أن يفعل لي هذا، وبالفعل أكرمني الله بهذا الزوج وحقق لي ما كنت أتمناه إلا أن مشاعر الحب لديه تكاد تكون معدومة ويعيش في عزلة عنى ولا يشاركني الرأي في أي شيء، والسؤال ما جزائي عند الله إذا تحملت هذا أم أن ما تمنيته هو عوض عن هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على حرصك على العبادة والعلم النافع، وقد أكرمك الله باستجابة دعائك، بأن يسر لك الزوج الصالح الذي يعينك على ذلك، فينبغي أن تحرصي على شكر هذه النعمة، فإن شكر النعمة سبب مزيدها وبركتها، قال تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ {ابراهيم: 7} .
أما ما يتعلق بسؤالك، فإن صبرك على زوجك في حبه للعزلة وضعف إبداء مشاعر الحب، فيه أجر كبير، كما أن فيه الحفاظ على استقرار الأسرة، وننبهك إلى أن مشاعر الحب والمودة ليست شرطاً لاستقرار الحياة الزوجية، قال عمر رضي الله عنه لرجل يريد أن يطلق زوجته معللاً ذلك بأنه لا يحبها: ويحك، ألم تبن البيوت إلا على الحب، فأين الرعاية وأين التذمم؟ . وقال أيضاً لامرأة سألها زوجها هل تبغضه؟ فقالت: نعم، فقال لها عمر: فلتكذب إحداكن ولتجمل فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام. أورده في كنز العمال.
ثم إن هذه المشاعر يمكن تنميتها مع الوقت، فما دمت تحسنين عشرته، وتظهرين له المودة والحب، وتحرصين على إثراء مشاعر المودة عنده، بالمواقف الطيبة، والكلمات الرقيقة، والهدية ولو باليسير، مع الاستعانة بالله ودعائه، فسوف يثمر ذلك ثماره الطيبة بإذن الله، فهو سبحانه قريب مجيب، وقد استجاب لك من قبل، فهو قادر على أن يجيبك في هذا، ولا حرج على فضل الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1429(13/7028)
تحمل إساءة الزوج وطلب الطلاق لكونه عقيما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ ست سنوات وتم الزواج عن طريق أمي التي شاورتني في الزواج من ابن خالي الذي يعيش في السعودية ولا يوجد بيني وبينه أي تواصل إلا بالتلفون يمكن في السنة مرة، لما أمي تتكلم معه تعطيني أنا وأخواتي نسلم عليه بعدها جاء ابن خالي إلى دبي لدينا بيت في دبي. واستقبلناه وعرضت أمي علي فكرة الزواج وعليه أيضا لكن قالت أنا لا أجبركم وكلانا فكر في الموضوع ووافقنا أن نتزوج، ولكن زوجي لا يحمل جنسية البلد الذي كنت متواجدة فيه ولا يمكن أن يتزوجني إلا بتصريح من الدولة، فكافحت كثيرا للحصول على التصريح ودفعت الأموال إلى آخره كل ذلك في سبيل أن نكون معا ولا نعيش بعيدين عن بعض، بعدها تزوجنا وتم الاستقرار في البلد الذي تواجدت فيه، في البداية لم يكن لديه عمل وبعدها حصل على وظيفة على فكرة زوجي يصلي الصلوات الخمس في المسجد، وكان يؤذن في المسجد في زياراته الأولى بدبي كان يعمل في دكان للمواد الغذائية وآخر الشهر يعطيني كل الراتب أدفع للأكل والكهرباء والماء ويبقي مبلغا قليلا لنفسه، كان يعمل مع امرأة وكانت الاتصالات كثيرة إذا أتى إلى البيت هي تتصل ولما أسأله يقول هذا عمل، بدأت أشك وفي يوم من الأيام بعد صلاة الفجر فتحت تلفونه الجوال فوجدت صورة المرأة الذي يعمل معها في الشاشة، لم أستحمل أول ما رجع قلت له إني رأيت الصورة، ثم قال لي كنا نجرب التلفون ونسيت أن أمسح صورتها وغضب لماذا فتحت التلفون ومن يومها فقدت الثقة في زوجي وأحس بذلك فصرنا دائما في شجار، كما جاءت امرأة أخرى في المحل الذي يعمل به وكانت تعمل كموظفة لكنها امرأة صايعة وكنت مستمرة في عدم الثقة، كذلك هي كانت تتصل ولما سألته قال لي عمل وصار يخبئ جواله وأحيانا أخرى ترسل هي رسالة فيها نكتة، وفي بعض الأحيان كنت أذهب إلى المحل بقصد التجسس، أحسست أن هذه المرأة تحاول اجتذاب زوجي، وفي إحدى المرات ذهبت إلى المحل وصرت أقول عبارات الإعجاب لزوجي بصوت عال لكي تسمع وتضايق زوجي وفي البيت أخذ يدافع عنها ولما كنت أقول إنها صايعة كان يثور لدرجة قال لي لو جئت المحل سأطلقك بالثلاثة بعدها كنت أقوم الليل وأستخير الله كذلك أقول لو كنت أنا سيئة الظن فليسامحني الله وفي ليلة حلمت أنني في شجار مع المرأة التي تعمل مع زوجي وفي المساء أخبرت زوجي بالحلم فقال لي إنه تشاجر مع المرأة وتم طردها من المحل وقال عنها إنها معروفة لدى الرجال بأنها رخيصة وتذهب إلى المراقص وغيرها أحسست أني لم أكن مخطئة في تفكيري السابق وبعد فترة تم إقفال المحل وصار زوجي بدون وظيفة وكذلك بالنسبة لي دعوت الله كثيرا أن يبعد عني الشكوك وفعلا صرت لا أتجسس على جواله ولكنه دائما يخاف أني أنظر إلى جواله وأحيانا يأخذه إلى الحمام لكن المحبة بيننا قلت كثيرا مع أنني أحاول قيام الليل والاستخارة بقدر ما أستطيع لكن فترة نتفاهم وبعدها نتشاجر وإذا أخبرته بشيء بسيط يكبر الموضوع ويخرج أحيانا من المساء إلى الليل بأسباب تافهة وينتج عنها كلام سيئ كنت أذهب لأعطي محاضرات في المساجد فيقول لي أنت منافقة، وهناك نقطة مهمة نسيت أن أذكرها وهي أنه لمدة ثلاث سنوات أطلب منه أن يفحص لأننا لم نرزق بأطفال ويرفض ذلك حتى يقول لي أحيانا شوفي لك زوجا ثانيا استحملت أخبرت أختي فقط وبعدها واظبت على البقرة وأخبرت صديقا له لكنه في سن والدي وأخبره بشكل غير مباشر وبعدها وافق وفحص وطلع عنده المشكلة وتابعنا العلاج ولكن كأنني أسحبه إذا لم أذكره ليس مهما لديه وكذلك لا يجتهد في الحصول على وظيفة بالرغم أن البلد الذي نعيش فيه يوظف المواطنين أكثر وهو لا يوجد لديه أي شهادة لكنه لا يسعى كثيرا أصبحت أكرهه لما يراني أبكي لأي سبب لا يسألني حتى لو بكيت دما أصبح بدون مشاعر نعيش مثل الجماد مع أنني أحاول التغيير الفرفشة -لا يريد السفر ولا الخروج إلى العشاء ولا العمرة أحيانا أريد الذهاب إلى دبي وأحتاج محرما ويقول: (روحي وحدك ولا يهتم إذا أتينا بعيال أم لا.
أنا بلغت الثامنة والثلاثين من عمري وكلما تأخرت في الإنجاب العواقب ليست جيدة - أنا أفكر في الطلاق لأن المشاعر عندي مهمة من أشياء كثيرة وهو يحطمني من الداخل - أريد الطلاق بسلام - عند مناقشة أي شيء يأتي بالمواضيع القديمة يعني لا نخلص دائما أخبره لننظر للمستقبل تعبت من التفاهات، عندما يؤذيني أنتقم منه بحركة أخرى يغضب كثيرا وينسى أنها ردة فعل - أنا ميسورة الحال ونسكن في بيتي وأمتلك سيارتي أحيانا لما يضايقني أخبئ المفتاح فيغضب مني أسبوعا - لأنني طبخت العيش بزيادة وعادة ما أرمي ما يمكن أن نأكله اليوم الثاني، تشاجر معي وصار لا يأكل الغدا شهرا - مرة أطفأت المكيف أخذ يقول لأني أدفع الكهرباء لا أريده أن يهنأ بالمكيف، صرت أنا الرجل أستحمل وهو المرأة على أتفه الأسباب يتشاجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك التجسس على زوجك ولا تتبع عوراته, لأن هذا الفعل محرم, قال تعالى: وَلا تَجَسَّسُوا {الحجرات: 12} .
وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيما رواه البخاري ومسلم: ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تباغضوا، وكونوا إخوانا.
وعن أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه-: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله. رواه الترمذي وقال الألباني: حسن صحيح.
وعن معاوية - رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يقول: إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم. رواه أبو داود وصححه الألباني. ... ... ... ... ... ... ... ... ...
فعليك أن تبادري بالتوبة إلى الله – جل وعلا – من هذا الذنب وأن تعزمي على عدم العود إليه مرة أخرى. ونحن نوصيك بزوجك خيرا ونذكرك بحقوقه عليك, فإن له من الحقوق ما ليس لغيره , وقد أمرك الله سبحانه بطاعته في غير معصية، أخرج الترمذي وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. قال الألباني: حديث حسن صحيح.
ولا شك أن زوجك قد أساء في أكثر من موقف, فقد أساء عندما وسع علاقاته مع نساء أجنبيات, وأساء عندما رد نصيحتك ولم يقبلها, وأساء حينما اتهمك بالنفاق فهذا غير جائز. لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – سباب المسلم فسوق.
ولكن كان عليك أن تغفري له إساءاته في حقك ولا تعاقبيه بحرمانه من السيارة ونحو ذلك, نعم طالما أن السيارة ملك لك فأنت صاحبة الحق فيها إن شئت بذلتيها أو منعتيها, ولكن المعاشرة بالمعروف تقتضي ألا تفعلي ذلك.
وأما بالنسبة لأمر العقم وعدم الإنجاب منه, فإنه مسوغ لطلب الطلاق منه؛ لأن نعمة الولد من النعم الكبرى، وفقدانها أذى يجيز لك طلب الطلاق، وما ورد من أحاديث فيها النهي عن طلب المرأة طلاقها من زوجها محمولة على ما لم تكن تتأذى من البقاء في عصمة الزوج أو تتضرر، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه الترمذي وأبو داود , وصححه الألباني.
فدل ذلك بالمفهوم المخالف أنها لو سألت الطلاق لأذى أصابها أو لضر وقع بها فلا تدخل تحت الوعيد المذكور.
وإن ما ننصحك به هو أن تتمهلي وتنصحي زوجك باللين فيما تريدين, فإن رجع عما هو فيه وأصلح وكف عن إيذائك, فإنا ننصحك بالبقاء معه وكثر ة الذكر والدعاء واللجوء إلى الله أن يرزقكما الولد الصالح, وأما إن استمر على ما هو عليه فيحق لك حينئذ طلب الطلاق.
وللفائدة تراجع الفتويين: 28106 , 42753.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1429(13/7029)
حكم إلزام الزوجة بالإنجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاه متزوجة ولدي بنتان وولد وموظفة وزوجي يعمل في مكان بعيد عنا حيث يأتي عندنا فقط يومين بالأسبوع يعني أني مسوؤلة عن أطفالي كأم وأب وأقوم بتدريسهم وملاحقتهم ومع العلم أني أعاني من بعض الأمراض الصحية وزوجي يريد مني أن أنجب له طفلا آخر وأنا أشعر أني لا اقدر أن أنجب طفلا آخر لأني أتعب جدا في عملي وتدريس أولادي وهو مصمم فماذا أفعل عرضت عليه أن يتزوج لأني حاليا لا اقدر، الرجاء أريد أن أعرف ما حكم الإسلام وهل يقدر الإنسان أن يكلف نفسه فوق طاقته، الرجاء مساعدتي وجزاكم الله كل خير وأشكركم من قلبي..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عن سؤالك نود أن ننبه إلى أنه ينبغي أن يسود في الأسرة المسلمة روح التفاهم بين الزوجين ليكون الاستقرار في هذه الأسرة.
ولا شك أن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها كما نص على ذلك في كتابه، فإن كان الإنجاب يترتب عليه كبير ضرر عليك فلا يجوز لزوجك إلزامك بالإنجاب، وأما إن كان يلحقك من الحمل من المشقة ما يلحق الحامل عادة فلا يجوز لك مخالفة زوجك وترك الإنجاب.
ولا يجوز أن يكون ذهابك للعمل مانعا من تحقيق رغبة زوجك ولاسيما إن لم تكوني بحاجة لهذا العمل، فبقاء المرأة في بيتها وقيامها بشؤون زوجها وشؤون أولاده خير لها من الخروج من بيتها.
وننصح زوجك بالحرص على أن يجعل أهله يقيمون حيث يقيم فيبحث عن سبيل يمكنه من ذلك لأن هذا أدعى لاستقرار الأسرة وتعاون الزوجين في القيام بشؤون الأسرة، كما نوصيه بالرفق بزوجته ومراعاة حالتها الصحية والنفسية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1429(13/7030)
مال الزوجة لا يحل لزوجها إلا بطيب نفس منها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ابنة موظفة في فرنسا تزوجت أخيرا بشاب مسلم إقامته بفرنسا كانت غير قانونية كافحت ابنتي حتى تسلم كل أوراق إقامته الشرعية. بيت القصيد هنا هو أنها أسكنته بالمنزل الذي تؤدي هي كراءه وأطعمته وكسته ثم أعطته حتى بطاقتها لسحب المال من رصيدها في البنك بدون أدنى تحفظ. لقد غاظني أمرها هذا وقلت لها إن الإسلام لم يعط للزوج التحكم في أموال زوجته. وعليك أن تسحبي منه بطاقة سحب المال من رصيدك في البنك كما أنه عليه أن يعمل وأن يتحمل مسؤولياته كزوج إزاءك كزوجة له {كسوة مأوى إطعام} والأدهى هو أنه أرغمها على التخلي عن العمل. أفيدونا يرحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مال الزوجة مال خاص بها، ولها في الشرع حق التملك للمال والتصرف به في أوجه الحلال كتجارة وغيرها من بيع وشراء وصدقة، وتجب فيه الزكاة المفروضة إذا بلغ نصابا وحال عليه الحول، وليس من حق الزوج أن يتسلط على مالها أو يأخذه منها إلا بطيب نفسها، قال سبحانه: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا {النساء:4} .
; وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أبو داود وصححه الألباني.
- فقيدت الآية الكريمة والسنة المطهرة حل الأكل من مال الزوجة خصوصا والغير عموما بطيب النفس.
- وما ذكرت في السؤال ليس فيه أن الزوج يأخذ مالها قهرا أو غصبا بل الظاهر أنها هي التي تعطيه من مالها بطيب النفس, وعليه فليس على الزوج حرج في ذلك, طالما هي الباذلة برضا وطيب نفس، وأما بالنسبة للنفقة على البيت من طعام وشراب وسكن وعلاج ونحو ذلك فهي على الزوج؛ دل على ذلك الكتاب والسنة، أما الكتاب فقوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا {الطلاق:7}
-وأما السنة فحديث هند في الصحيحين أنها قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذى ما يكفيك وولدك بالمعروف.
- قال ابن قدامة في المغني: وفيه أي الحديث دلالة على وجوب النفقة لها على زوجها، وأن ذلك مقدر بكفايتها، وأن نفقة ولده عليه دونها مقدر بكفايتهم، وأن ذلك بالمعروف، وأن لها أن تأخذ ذلك بنفسها من غير علمه إذا لم يعطها إياه. انتهى.
وقال في موضع آخر: وجملة الأمر أن المرأة إذا سلمت نفسها إلى الزوج، على الوجه الواجب عليها، فلها عليه جميع حاجتها؛ من مأكول، ومشروب، وملبوس، ومسكن. انتهى.
- ومع كون النفقة واجبة على الزوج فلو أسقطتها الزوجة فلا حرج في ذلك لأنها حق لها تتصرف فيه كما تشاء, قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وإذا خافت المرأة نشوز زوجها وإعراضه عنها لرغبة عنها، إما لمرضٍ بها أو كبر أو دمامة، فلا بأس أن تضع عنه بعض حقوقها تسترضيه بذلك، لقول الله تعالى: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً. . انتهى.
- فإذا جاز للزوجة أن تسقط حقها حال الخوف من إعراض الزوج ونشوزه الذي هو مظنة الظلم من الزوج , فمن باب أولى يجوز لها إسقاط حقها حال الأمن والرضا.
- وأما ما ذكرت من كونه أرغمها على ترك العمل فهذا حقه الشرعي لأن الزوجة محبوسة لحق زوجها, جاء في أسنى المطالب: لو أجرت حرة نفسها إجارة عين بغير إذن الزوج لم يجز لأن أوقاتها مستغرقة لحقه.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 483 , 4556 , 107662.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1429(13/7031)
والدا زوجها يسيئان إليها وهو لا يحرك ساكنا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 20 عاما، تزوجت منذ أكثر من سنة من شاب يبلغ 31 عاما، أحببت فيه أخلاقه تدينه وعلمه وحبه الكبير لدينه ووطنه كما بدا لي، أحببته من قلبي وتحديت الناس للزواج منه فاعتبرته زوجي وحبيبي وكل شيء في حياتي، كان شعار حياتنا معا نصنع حياتنا معا نحو الجنة، اخترنا أسماء لأطفالنا في المستقبل وحلمنا بهم وهم يحصلون على أعلى المراتب العلمية والدينية، مشكلتي تكمن مع زوجي بحضور أهله فأنا أحترمهم منذ البداية ولكنهم للأسف لم يحبوني قط يحاولون دائما تحطيمنا ويتمنون فراقنا، فعندما نذهب لزيارتهم يبدأ أبوه بسبي وشتمي بكل الصفات المكروهة ويهددني بضربي ويعطيني الأوامر وكذلك أمه تأمرني كأني أمة رغم أني أفعل ما في جهدي لمساعدتها كل هذا وزوجي لا يحرك ساكنا، وعندما يأتون عندنا يفعلون نفس الشيء وأكثر فأبوه كل ما يهمه في الدنيا المال فقط رغم أنه غني جدا فهو يطمع في ابنه، تخيلوا أن زوجي حصل على منحة مالية أعطاها لأخيه ليبدأ مشروعه التجاري وأبوه طلب من زوجي أن يعطيه شيكا بمبلغ كبير قيمة ما صرفه عليه أثناء دراسته تخيلوا، رغم كل ما يملك من مال إلا أنه يطمع في مال ابنه الذي هو في أمس الحاجة إليه علما بأنه في بداية مشواره المهني ويهدده إن هو لم يعطه سيفضحه أمام الناس وزملائه في العمل، أنا لم أر في حياتي والدين أكثر أنانية منهما، بل يجب على الآباء مساعدة أبنائهم إذا كانوا ميسورين، أنا لا تهمني الأموال بقدر ما يهمني زوجي وسعادتي معه، فليأخدوا المال ويتركوننا لشأننا، في هذه الأيام وهم عندنا في منزلنا جاءت أمي لتزورني من مدينة أخرى، وبنفس الأسلوب عامل أمي التي لم تكن تعلم بشيء فقد كنت أخبئ عنها كل شيء وأصبر من أجل زوجي رغم أنه لم يدافع عني ولو لمرة بل كان يضربني في بعض الأحيان ويعاملني كالخادمة ليرضي والديه وأنا صابرة, أبوه قال لي إنه لن يتركني قبل أن أصبح مجنونة أنتف شعري سبحان الله, حتى لما قذف المحصنات ومس شرفي وشرف أمي واتهم شرفنا ومس كرامتنا لم ينطق بكلمة بل لما وصلت الجرأة بأبيه أن يطرد أمي، دفع زوجي أمي وضربني بقوة وقال صحيح ما قاله أبي وأنا الفتاة التي تحب حجابها ولا تنظر أو تسلم على الرجال احتراما وحبا لزوجها، فأنا أعامل زوجي بكل احترام وحب وإحسان وحنان بشهادته هو، فهل يوجد زوج على البرية يمس شرف زوجته وهو ساكت، لقد ضيع كل شيء وضيع أحلامنا الجميلة، والداي لم يرضيا بما حصل وطلبا منه أن يطلقني، فالحمد لله أنا طالبة هندسة ومستقبلي زاهر والكثير من الشباب يتمنونني، أمي تقول لي إن العرق دساس وكيف سأربي أبنائي في تلك البيئة رغم أن زوجي مستواه الدراسي عال ولكنه لم يفعل شيئا عندما نزع أبوه سرواله أمامي وأمام أمي وهو ينظر بدون أن يفعل شيئا، انظروا إلى قلة الاحترام والتصرفات اللاأخلاقية, سامحوني على الجرأة ولكن للأسف هذه هي الحقيقة، أنا الآن في بيت والدي، كلمني زوجي وقال إنه لا يزال يريدني رغم أنه لم يعتذر عما فعله، أنا الآن حائرة بين مستقبلي الزاهر ودراستي وزوجي الذي رغم كل ما فعله بي، فأفيدوني بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعله والد زوجك من قذفك وقذف أمك هو من كبائر الذنوب التي تجلب لعنات علام الغيوب جل في علاه، قال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النور:23} ، وهو بفعله هذا قد استحق وصف الفسق، قال سبحانه: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {النور:4} ، واستحق أيضاً وصف الفسق بسبك وسب أمك، قال صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق ... متفق عليه.
وخلعه لسراويله أمامك وأمام أمك وقاحة وسوء أدب وفعلة قبيحة يستحق عليها التعزير البليغ من الحاكم، وصمت زوجك على تصرفات والديه معك ذنب غير مبرر، بل ومشاركة في هذا العدوان، فليس من العدل أن يراهما يفعلان ما يفعلان وهو صامت، بل يجب عليه أن يردهما عن ظلمك والبغي عليك والعدوان على حقوقك، وأن يكف أذاهما عنك، ولا يعتبر هذا من عقوقهما بل من البر بهما أن يكفهما عن الظلم، ولكن عليه أن يراعي التلطف في المعاملة معهما لعظيم حقهما عليه.. وعلى كل حال فإن تيقنت أو غلب على ظنك أن زوجك قد ندم على فعله وتقصيره وأنه فعلا سيرد الأذى والعدوان عنك في المستقبل فارجعي إليه.
وأما إن غلب على ظنك أنك إن رجعت فسيتكرر ما حدث وسيظل زوجك على سلبيته وصمته وكنت مع ذلك لا تطيقين الصبر على هذا فإنا ننصحك بطلب الطلاق لأن هذا من الضرر الذي يجوز طلب الطلاق، قال خليل في مختصره: ولها التطليق بالضرر ولو لم تشهد البينة بتكرره. وقال الدردير في الشرح الكبير: ولها أي للزوجة التطليق بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعاً، كهجرها بلا موجب شرعي وضربها كذلك وسبها وسب أبيها، نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت الملعون، كما يقع كثيراً من رعاع الناس، ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق كما هو ظاهر وكوطئها في دبرها. انتهى ...
وللفائدة في الموضوع راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22705، 54675، 108165.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1429(13/7032)
وجوب حفظ السر بين الزوجين
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء فترة عقد قراننا أنا وزوجي تعرضت لنوع من السحر جعلني أقوم بسبه وإلقاء دبلته على الأرض وكراهيته بدون أي سبب وزوجي لم يصدق أنه سحر وتزوجني لكي ينتقم مني وبعد أن تزوجنا عاملني أسوأ معاملة وبدأ يفشي ما بيننا من أسرار أمام أهله وأهلي، وبدأ يفشي ما يحدث بيننا من تعامل في البيت أمام الناس وأمام أهله ويقول عني أشياء لم تحدث مما جعل أهله يكرهونني، ولدي منه ابنة وأنا الآن لا أطيق العيش معه. والسؤال ماذا أفعل تجاه زوجي وتجاه أهله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على المسلم وجوبا متأكدا أن يحفظ الأسرار في كل الأحوال ولا يذيعها أو يفشيها سواء أغضب أو رضي, لأن السر أمانة وإفشاؤه خيانة, روى أحمد وأبو داود وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا حدث الرجل بحديث ثم التفت فهي أمانة. حسنه الألباني, ومعنى "ثم التفت" أي: التفت يمينا وشمالا خشية أن يراه أحد.
جاء في عون المعبود: قال ابن رسلان: لأن التفاته إعلام لمن يحدثه أنه يخاف أن يسمع حديثه أحد وأنه قد خصه سره، فكان الالتفات قائما مقام اكتم هذا عني أي خذه عني واكتمه وهو عندك أمانة. انتهى.
قال صاحب الإنصاف: قال في أسباب الهداية: يحرم إفشاء السر. وقال في الرعاية: يحرم إفشاء السر المضر. انتهى.
فعلم من هذا أن من أفشى السر فقد خان الأمانة, والله سبحانه لا يحب الخائنين, قال سبحانه: إِن اللهَ لا يُحِب الْخَائِنِينَ {الأنفال:58} .
ويتأكد أمر حفظ السر بين الزوجين خصوصا فيما يتعلق بأمور الفراش والاستمتاع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها. رواه مسلم.
قال النووي في شرحه لهذا الحديث: فيه تحريم إفشاء الرجل ما يجري بينه وبين امرأته من أمور الاستمتاع ووصف تفاصيل ذلك، وما يجري من المرأة فيه من قول أو فعل ونحوه. انتهى.
فعليك بالصبر على زوجك والنصح له والتودد إليه فإن ذلك مما يزرع لك المحبة في قلبه, فإن هو أصر بعد ذلك على أفعاله ولم يكف عن إيذائه وصرت لا تطيقين الصبر وخفت مع ذلك ألا تقيمي حق الله معه, فلك عندها طلب الطلاق منه فإن أبى فلك أن تطلبي منه الخلع أو أن ترفعي الأمر إلى المحكمة ليجبره القاضي على التطليق أو حسن العشرة.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8622 , 26915، 26915، 33363، 27381.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1429(13/7033)
أثاث البيت من حق الزوج أم الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أثاث البيت من حق المطلقه لأنهم اشتروه لها مع العلم أني أنا التي طلبت الطلاق لأنه لا يخاف ربنا ولا يعاملني بالمعروف وأنا حامل بطفل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأثاث بيت الزوجية قد يكون من حق المرأة وقد يكون من حق الزوج وقد يكون مشتركا بينهما..
وبيان ذلك أن ما كان خاصا بالزوجة كأن اشترته بمالها أو كان عطية أو هدية لها من الزوج أو من غيره فهو ملك لها لا سبيل للزوج عليه، وأما ما كان خاصا بالزوج مما اشتراه بماله لنفسه ولم يملكه لزوجته فهو له وله الحق في أخذه سواء كان هو باشر شراءه بنفسه أو دفع ثمنه لزوجته أو غيرها لتنوب عنه في ذلك.
ومتى حصل نزاع وخصام فينبغي عرض الأمر على القضاء لأن حكم القاضي يرفع الخلاف وقوله ملزم نافذ وحتى يسمع من كلا الطرفين حجته ودعواه.
ولكن ننبهك إلى ما ذكرت من أنك أنت التي طلبت الطلاق فإن كان ذلك لوقوع ضرر بين من الزوج أو لاستحالة العشرة بينكما فلا حرج عليك في ذلك، وإلا فلا يجوز للمرأة أن تسأل زوجها الطلاق دون مسوغ شرعي لقوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه الترمذي وأبو داود.
والطلاق إنما يكون آخر العلاج كالكي آخر الدواء سيما إذا كان بين الزوجين ولد أو حمل فينبغي أن يتغاضى كل منهما للأخر عما يمكن التغاضي عنه من هفوته وزلاته، ولا يطالبه بجميع حقوقه لتدوم العشرة وتكون الألفة والمودة.
ولمزيد انظري الفتاوى التالية أرقامها: 30662، 97392، 36570، 69888.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1429(13/7034)
شاركت زوجها في أرض فباعها بغير إذنها
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت مع زوجي منذ عدة سنوات أرضا ولم يتم تسجيل الأرض باسمينا لأسباب معينة وكنت دائما أطلب منه تسجيل الأرض وأن لا تبقى باسم صاحبها الأول فالدنيا حياة وموت وكان يعدني خيراً وكلما سألته قال لي إنه سيتصرف ... وأعلم أن زوجي مستقيم لا يلف ولا يدور.. وفي السنوات الأخيرة ألححت عليه كثيراً وخاصة أن أسعار الأرض تضاعفت عدة مرات.. فما كان منه اليوم إلا أن قال لي إنه اضطر لبيع الأرض لأنها مشتركة ولها عدة أصحاب وأنهم أصروا على بيعها منذ أربع سنوات -وأنا لا أعلم-.. وأنه كان بحاجة للمال وكان ينوي أنه حالما حصل على نصف المبلغ الذي باع به ... أن يعطيني إياه.. وأنه كان ينتظر ذلك ليخبرني.. ويعطيني نقودي فغضبت وقلت له هل تغاضيت عني وعن وجودي لهذا الحد وأنه كان يجب أن يشاورني ... تأثرت كثيراً وغضبت لأسباب منها أنني أعتبرها خيانة لأمانة لم أسلمها له ... وتصرف بملكي دون علمي ... وباعها بثمن بخس يكاد يساوي ثمن الشراء ... وأنا أمني نفسي بالربح الوفير لغلاء الأراضي هذه الأيام ... وكذلك لم يعطني حقي في المال ... يقول إنه كان ينتظر أن يحصل على مبلغ من عمله حتى يعطيني إياه ... أنا لم أقل شيئا ولكني غضبت جداً وأخذت على خاطري ولا أرضى بالسعر الذي باع به وأنوي أن أقول له إنني أريد على الأقل نصف سعر الأرض التي تباع بها هذه الأيام وهو يساوي على الأقل ثلاثة أضعاف السعر الذي باع به، فهل لي الحق بذلك وهل يعتبر شرعا ما قام به خيانة للأمانة، وما هو حقي في هذه الحالة.. وهل يمكنني مقاطعته بسبب غضبي وتصرفه غير اللائق وتجاهلي تماما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمال الزوجة خاص بها لا يشاركها غيرها إلا أن تعطيه بطيب نفس؛ لقوله تعالى: فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً {النساء:4} ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء بالصدقة، فجعلن يتصدقن بحليهن، ولم يسألهن النبي صلى الله عليه وسلم هل استأذنتن أزواجكن أم لا؟ فدل ذلك على الجواز عموماًً. وقد ورد تصرف النساء في أموالهن في عدة أحاديث أخرى. وهذا ما ذهب إليه جمهور العلماء أن للمرأة في مالها الخاص حق التصرف فيه.
إذا ثبت هذا وقمت أنت وزوجك بشراء الأرض على سبيل الشركة بينكما، فأنت وزوجك شريكان في هذه الأرض شركة ملك، ولا يجوز لأحد الشريكين التصرف في نصيب شريكه إلا بإذنه وكل واحد منهما في نصيب صاحبه كالأجنبي، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ليس لشريك الملك في نصيب شريكه شيء من التصرفات التعاقدية: كالبيع, والإجارة, والإعارة وغيرها, إلا أن يكون ذلك بإذن شريكه هذا. فإذا تعدى فآجر, مثلا, أو أعار العين المشتركة فتلفت في يد المستأجر أو المستعير, فلشريكه تضمينه حصته وهذا أيضا مما لا خلاف فيه. انتهى.
وجاء في درر الحكام شرح مجلة الأحكام: لو باع أحد صاحبي الدار المشتركة حصته وحصة شريكه بدون إذنه لآخر فيكون البيع المذكور فضولا في حصة وللشريك المذكور إن شاء فسخ البيع في حصته وإن شاء أجاز البيع إذا وجدت شرائط الإجازة. انتهى.
فتصرف زوجك في نصيبك من الأرض حكمه حكم تصرف الفضولي -وهو من يبيع مال الغير من غير توكيل أو ولاية- وهو موقوف على الإجازة من المالك عند الحنفية والمالكية ورواية عن الحنابلة، وباطل عند الشافعية والحنابلة في الرواية الأخرى، فإن أمكن فسخ البيع في حصتك من الأرض فلك حق استرداد نصيبك وإن أجزت البيع كان من حقك ثمن نصيبك من الأرض، وإذا لم يمكن فسخ البيع فإن زوجك ضامن لقيمة نصيبك من الأرض، وحكم الضمان هنا حكم ضمان المغصوب، جاء في فتاوى ابن تيمية: وإذا تغير السعر وفقد المثل فينتقل إلى القيمة وقت الغصب وهو أرجح الأقوال. انتهى.
وننبهك إلى أن مسائل النزاع لا يرفع الخلاف فيها ويقطع الخصام إلا قضاء القاضي الشرعي أو التحكيم الشرعي، وينبغي لك أن تتحري الحكمة في معالجة الأمر مع زوجك لئلا يقع الشقاق والنزاع فيحدث ما لا تحمد عقباه، بل ينبغي أن تتلطفي معه وتستعيني بأهل الخير والعقلاء من الناس، ونصيحتنا لك ولزوجك أن تحذرا أن تفتحا باباًً للشيطان بسبب المال، فتتحول حياتكما بعد السعادة إلى الشقاء، وبعد الاجتماع إلى الفرقة، واجعلا بينكما الود والرحمة لتدوم السعادة بينكما، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16108، 69969، 92951، 106474، 111344.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1429(13/7035)
حكم ادخار المرأة من مال زوجها دون إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أن تدخر الزوجة مال من مال زوجها بدون علمه ثم تشتري أي شيء يلزمها وتخبره أن والدها أعطاه لها كشيء في منزلها أو ذهب أو تدخره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوجة أن تأخذ من مال زوجها دون إذنه إلا إذا منعها حقها الواجب لها شرعاً من نفقة أو كسوة ونحوها، أو كان لا يعطيها ما يكفيها فتأخذ من ماله دون علمه بالمعروف لقوله صلى الله عليه وسلم لهند لما سألته أن زوجها شحيح لا يعطيها ما يكفيها وولدها، فقال صلى الله عليه وسلم: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.
وبناء عليه فإن كان الزوج يدفع إلى زوجته حقها الواجب ولايقصر في ذلك فلا يجوز لها أخذ شيء من ماله دون إذنه وطيب نفسه، وإلا فلها أخذ ما يكفيها بالمعروف، وينبغي أن تعرض وتكني إن سألها من أين لها ذلك دون أن تكذب كذباً صراحاً فتجيبه بما يفهم منه مرادها وإن كان حقيقته شيئا آخر ففي المعاريض مندوحة للمسلم عن الكذب.
وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8534، 107937، 34529، 1126، 7758.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1429(13/7036)
عصيان الزوج واتهامه بالسرقة بلا بينة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم امرأة لا تسمع كلام زوجها وتتهمه بالسرقه بدون سبب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة مأمورة بمعاشرة زوجها بالمعروف وطاعته في غير معصية، ولا يجوز لها أن تخالفه في نفسها وفي ما يأمرها به من معروف، ويحرم عليها اتهامه بالسرقة من غير بينة كما يحرم اتهام أي مسلم بها وبغيرها من الجرائم بغير بينة، ونحيل على الفتوى رقم: 45710، لمعرفة حق الزوج على زوجته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1429(13/7037)
تنازل الزوجة الثانية عن بعض حقها في المبيت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج وعندي أولاد وأرغب في الزواج من أخرى.... والمشكلة أني أخبرت زوجتي الحالية برغبتي هذه فرفضت تماماً وهددت بطلبها للطلاق ... لذلك أخبرتها بتراجعي عن هذا القرار ثم حدث اتفاق بيني وبين الأخرى أن لا نخبرها وأن نتكتم الخبر عمن يمكن أن يوصل الخبر للأولى فقط ... على أن يكون معلنا لأي
طرف آخر لا يمثل صلة مشتركة مع استعدادها لتقديم أي تنازلات في مقابل بقاء الأمر غير معروف للأولى، السؤال الآن هل أكون غير عادل في حق الثانية في هذه الحالة حيث إنها لن تأخذ حقها من المبيت والاهتمام وأشياء أخرى قد تضطرنا لها الظروف حتى يبدو الأمر طبيعيا للأولى.. يرجى إفادتي أفادكم الله، وهل زواج المسيار يكون حلا صحيحا في هذه الحالة؟ جزاك الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق جواز زواج المسيار كما في الفتوى رقم: 3329.
وزواج المسيار هو زواج توفرت فيه شروط الزواج الشرعي، إلا أن الزوجة تتنازل عن بعض حقوقها، ومن ذلك القسم في المبيت، وعليه فلا حرج على الأخ في الزواج بهذه المرأة، ولا يكون آثماً بعدم العدل بينها وبين زوجته الأولى في المبيت وغيره إذا رضيت بذلك في عقد الزواج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1429(13/7038)
رضى الزوجة بهدية الزوج ولو كانت يسيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
حدثت مشادة كلامية بيني وبين زوجي من أجل شيء اشتراه ولم يعجبني وطبعا كالعادة قاطعني زوجي ولم يعد يكلمني وعندما شكوت لصديقتي قالت إنه معه حق وأن هناك حديثا يقول إن الزوجة يجب أن يعجبها أي شيء يحضره زوجها حتى لو كان حدوة حصان أو ما شابه، فهل هذا صحيح أريد الحديث لو سمحتم وهل يجوز أن يقاطعني 7 أو 10 أيام من أجل شيء تافه وأنا لا أملك غيره في غربتي هذه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي لكل من الزوجين أن يكون حسن العشرة، وأن يحرص على ما يجلب المودة بينهما، ويتجنب كل ما يؤدي إلى الشقاق والنفور، ولا شك أن حق الزوج على المرأة عظيم، وأن حسن معاملتها لزوجها من أعظم ما تتقرب به إلى الله، لكن ليس في اعتراض الزوجة على زوجها في شيء قد اشتراه ما يعد من إساءة المعاملة، ما دام ذلك بأسلوب طيب مهذب لائق بمخاطبة الزوج، لا سيما إذا كان في ذلك مصلحة معتبرة.
وأما ما ذكرته صاحبتك من الحديث فلم نطلع عليه بخصوصه إلا أنه لا ينبغي للمسلم أن يحقر ما أهُدي إليه ولو كان حقيراً في نفسه، فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة. والفرسن: عظم قليل اللحم، وهو مثل القدم في الإنسان، والمقصود من الحديث الحث على التهادي ولو بالقليل، وعدم احتقار ما يهدى للإنسان مهما كان.. وعلى ذلك فإذا أهدى إليك زوجك شيئاً، فإن من حسن العشرة أن تشكريه عليه، ولا تحتقريه مهما كان يسيراً.
أما هجر زوجك لك بدون سبب مقبول فهو غير جائز، ولكن ينبغي أن تتجنبي ما يغضبه وتتلطفي في مخاطبته وتتعاملي بالحكمة فيما يشتريه من الأشياء التي لا تعجبك بترك الاعتراض عليها، لا سيما إذا لم يكن في الاعتراض فائدة أو في تركه مفسدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1429(13/7039)
زوجته تريده وكفيله لا يجيزه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في المملكة العربية السعودية وتركت زوجتي وأبنائي في مصر وزوجتي تطلب مني عدم التأخر في العمل وكفيلي يماطل في الموافقة علي الإجازة ولي أكثر من عام وقد طلبت إجازة من كفيلي مند أكثر من ثلاثة أشهر فهل علي ذنب تجاه أسرتي وحاولت كثيرا أن أفهم كفيلي ذلك ورغم أنه ملتح إلا أنه لا يهمه إلا عمله ومصلحته فقط فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حق الزوجة على زوجها ألا يغيب عنها لغير عذر أكثر من ستة أشهر، إلا بإذنها، لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه سأل ابنته حفصت: كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: خمسة أشهر، ستة أشهر، فوقَّتَ للناس في مغازيهم ستة أشهر.. يسيرون شهراً ويقيمون أربعة ويسيرون شهراً راجعين.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وسئل أحمد أي ابن حنبل رحمه الله: كم للرجل أن يغيب عن أهله؟ قال: يروى ستة أشهر.
وقال صاحب كشاف القناع من فقهاء الحنابلة: وإن لم يكن للمسافر عذر مانع من الرجوع وغاب أكثر من ستة أشهر فطلبت قدومه لزمه ذلك.
وهذا من كمال الشريعة، وحرصها على حماية المرأة والرجل، ووقايتهما من الانحراف.
ولكن يستثنى من التقييد بهذه المدة: السفر الواجب كالحج والذي لا بد له منه كالسعي في الأرض لطلب الرزق، قال صاحب كتاب الإنصاف: قد صرح الإمام أحمد رحمه الله بما قال. فقال في رواية ابن هانئ وسأله عن رجل تغيب عن امرأته أكثر من ستة أشهر؟ قال: إذا كان في حج، أو غزو، أو مكسب يكسب على عياله أرجو أن لا يكون به بأس, إن كان قد تركها في كفاية من النفقة لها، ومحرم رجل يكفيها. انتهى.
وبناء على ذلك فلو كانت إقامتك هذه لا بد لك منها لطلب الرزق الحلال الذي لن تجده ببلدك، فلا مانع من الزيادة على هذه الفترة، ولكن يستحب لك أن تعلم زوجتك بذلك ليخرج الأمر في صورة الاتفاق والتشاور فإن ذلك أطيب لنفسها.
وأما لو كانت سبل الرزق ميسرة لك في بلدك فلا يجوز لك أن تتغيب عن زوجتك أكثر من ستة شهور إلا بإذنها.
وعلى كل حال فإنا نوصيك ألا تتأخر عنها وعن أولادك طويلا خصوصا في هذه الأزمنة التي عمت فيها البلايا والفتن.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10254، 77173، 22429.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1429(13/7040)
هل يحق للزوج أن يلزم امرأته بالمبيت لدى أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسافر ولي زوجة (حديث الزواج) أود أن تكون مع أهلي حيث إننا نعيش في نفس البيت ولكن بالطابق الأعلى وهي موافقة ولكنها تقول إنها عند النوم ستنام في شقتنا حتى تأخذ حريتها وأنا أعارضها حيث إنني أقول لها لابد أن تكون موجودة مع أهلي فما حكم الدين في هذا الأمر؟
أمر آخر تود زوجتي أن تبيت في بيت أهلها خلال فترة سفري لمدة يومين في الأسبوع فما هو حكم الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تريده زوجتك من المبيت في شقتها الخاصة بها هو حق لها، ولا يجوز لك أن تمنعها منه بأن تجبرها على المبيت مع أهلك، لأن أمور المرأة عموما مبنية على الستر والخصوصية، ولذا فإن الشرع قد كفل لها السكن المستقل وجعله حقا خالصا لها في جميع الأحوال.
قال خليل المالكي في مختصره: ولها الامتناع من أن تسكن مع أقاربه. اهـ
قال شارحه عليش: لتضررها باطلاعهم على أحوالها وما تريد ستره عنهم وإن لم يثبت إضرارهم بها.
وأما بالنسبة لمبيتها في بيت أهلها وقت سفرك فلا حرج في ذلك إذا أذنت أنت لها، لأنه لا يجوز خروج المرأة من بيت زوجها إلا بإذنه، والأولى لك أن تأذن لها؛ لأن المرأة وقت غياب زوجها عنها تشعر بالوحدة والوحشة، ففي مقامها مع أهلها بعض الوقت ما قد يخفف عنها هذا الشعور، وهذا أدعى لدوام الألفة والمودة بينكما.
وللفائدة تراجع الفتاوى رقم: 34802، 102189، 109883.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1429(13/7041)
الآثار السيئة لتدخل الأهل في شئون بنتهم المتزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي حدود تدخل أهل الزوجة في حياة ابنتهم فقد والله مسني منهم ضرر شديد أمها وأخواتها وذلك بتخبيب زوجتي علي كلما سافرت, يعلم الله أني أريد المحافظة على بيتي, زوجتي الخير فيها إن شاء الله وأريد أن أحمي أسرتي منهم فقد والله طغوا علينا هي تخاف من أمها, وأعلم يقيناً أنها هي أيضاً تريد المحافظة على بيتها ولكنها تتعرض لضغوطات من أمها وجدتها وأخواتها ونساء سوء هن صويحبات أمها, سؤالي هو هل بإمكاني أخذ صك عليهم بعدم التعرض لنا وعدم التدخل في شؤوننا وما هي نظرة الشرع. أفيدونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حسن عشرة الزوج لزوجته أن يعينها على بر والديها وصلة رحمها، وأن يحسن إلى أهلها، ولا يجوز للزوج أن يمنع زوجته من بر والديها وصلة أرحامها، لكن أهل الزوجة يجب أن يعلموا أنه بمجرد زواج ابنتهم فقد أصبح لها حياة مستقلة مع زوجها، لا يحق لأحد أن يتدخل فيها، وإذا كان من حقهم أن يتفقدوا حال ابنتهم، فإنه ليس لهم إلا النصح والمشورة بما يحقق مصالح الدين والدنيا ويعين على وجود الألفة بين الزوجين، أما أن ينصّب الأهل أنفسهم أوصياء على الزوجة، يرسمون لها حياتها وفق ما يريدون، متجاهلين بذلك حق زوجها في القوامة، وحق الزوجين في حياة مستقلة، فإن ذلك من مساوئ الطباع ومذموم الأخلاق، وهو يدل على ضعف العقل وقلة العلم، أما إذا أضيف إلى ذلك إفساد الزوجة على زوجها، فإن ذلك ظلم واضح وفساد ظاهر وإثم مبين، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها، أو عبدا على سيده. رواه أبو داود وصححه الألباني.
فإذا كان الحال هكذا، فإن من حق الزوج أن يحافظ على زوجته من الإفساد بما يراه مناسباً، فله منعها من زيارتهم إذا تأكد أن فيها مفسدة، بل له أن يمنعهم من زيارتها إذا اقتضت المصلحة، قال المرداوي في ذلك: الصواب في ذلك: إن عرف بقرائن الحال: أنه يحدث بزيارتهما أو أحدهما له ضرر، فله المنع، وإلا فلا. انتهى.
أما عن سؤالك بإمكان أخذ صك عليهم بعدم التعرض لكم.. فلا ننصح به لما فيه من إثارة المشاكل والخلافات بينك وبين أهل زوجتك، وإن كان يحق لك أن تفعل هذا إذا لم تجد وسيلة لردعهم عن التدخل في حياتك الزوجية إلا به. والذي نوصيك به أن تحسن عشرة زوجتك، وتعطيها من وقتك وجهدك، لتحصّنها بالإيمان والعلم النافع، وتتعاونا على طاعة الله، وتقوية أواصر المودة بينكما، وعليك أن تجتهد في الحد من العلاقة بينها وبين أهلها إلى القدر الذي يزول به الضرر ولا يكون فيه قطيعة، مع الاستعانة بالله ودعائه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1429(13/7042)
زوجها يريد منها خلع النقاب ولبس الملابس المزخرفة
[السُّؤَالُ]
ـ[2_زوجي يريدني أن أخلع النقاب لكني مرتاحة فيه وكذلك لا يريدني أن أخلعه الآن فقلت له إما أن أخلعه الآن أو أظل لابسته.
فأرجو أن تفيدني هل يجب أن أطيعه كذلك في هذا الأمر ويريدني أن ألبس عبايات مزخرفة لأن لون عباياتي أسود وليس فيه زخرفة يقول لي إنك بهذا تثيرين انتباه الناس إليك؟
أرجو أن تفيدني وجزاك الله ألف خير.
في أمان الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وأما ما يتعلق بالنقاب، فإن ستر المرأة لوجهها واجب على الراجح من قولي العلماء، ولاسيما في الأزمنة والأماكن التي يكثر فيها الفساق، ولا تستطيع المرأة أن تصرفهم عن النظر إليها إلا بستر وجهها. وعليه، فلا يحل لك كشف وجهك، وعليك بتذكيره بفضائل ستر الوجه وما فيه من تمام الصيانة وكمال الاحتشام والتشبه بأمهات المؤمنين.
وأما لبس الملابس المزخرفة فلا يجوز، وعليه فلا طاعة لزوجك في ذلك، ولكن ننبهك إلى أنه لا يتعين على المرأة لبس الثياب السوداء، وإنما لها أن تلبس غيرها، بشرط ألا تكون فتنة في نفسها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1429(13/7043)
حكم الذهاب لمركز التحفيظ دون علم الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد من حضرة الشيخ أن يفيدني في سؤال لدي:
1_لا يوجد جنب بيتي مركز لتحفيظ القرآن قريب فطلبت من زوجي أن أذهب إلى مركز لكنه بعيد عن البيت ورفض لأنه لا يستطيع أن يوصلني إليه لمشاغله وكذلك لأنه يكون مع زوجته الأولى التي تتعب أحيانا وكذلك يخاف علي لأني غريبة عن البلد ولا أعرف أحدا في هذا البلد لأنه هنا معاكسات علنية وصار لي يوم أو قلت له إن رجلا أعطاني رقمه لكني لم أعره اهتماما.
هل يجوز لي أن أذهب دون علم زوجي لمركز التحفيظ؟
وهل يجوز لي ألا أخبره عن أي شخص عاكسني إلا أنه يقول لي دائما إن عاكسك أحد أخبريني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن حرصك على حفظ القرآن، أمر طيب تحمدين عليه، لكن ينبغي أن تعلمي أن طاعة زوجك في المعروف من أعظم الواجبات ومن أفضل القربات، فلا يجوز لك أن تخرجي من بيتك بغير إذنه، ويمكنك أن تبحثي عن وسيلة أخرى لحفظ القرآن، لا يكون فيها مخالفة للزوج، كصديقة تعينك على الحفظ، أما ما يتعلق بالمعاكسات، فلا يلزمك أن تخبريه بذلك، إلا إذا كان في إخباره مصلحة، كأن يمنع هذا الأمر، ودون أن يترتب عليه مفسدة كبيرة، مع التنبيه على أنه ينبغي للمرأة أن تتجنب مواضع الفتن، وأن تصون نفسها عن كل ما يطمع فيها ضعاف النفوس ومرضى القلوب،، فمن ذلك التزام الحجاب الشرعي والتخلق بالحياء والاحتشام في الكلام مع الأجنبي عندما تدعو الحاجة (المعتبرة شرعاً) إليه والبعد عن الليونة والخلاعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1429(13/7044)
السكن المستقل حق للزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة مرتبطه منذ مطلع العام 2008 ولكن لم أعقد القران بعد ... يعيش خطيبي مع والده في بيت مكون من غرفتين ملك الوالد، يعاني والده من بروستات وفي بعض الأحيان لا يتحكم بعملية البراز والتبول، تقدم لي على أساس أن العائلة متفقة أن يسكن مع أخته، وهذا ما عارضته بشدة مع خطيبي فأخبرتني العائلة مجتمعه أنهم مجمعون على ذلك وأن البيت غير شرعي لأن يسكن مع عروس ابنه، وقد مضى الآن شهر تقريبا على سكنه عند ابنته وذلك لتوضيب البيت، وإذ أتفاجأ ان خطيبي يخبرني أن أخته بدأت بالتلميح بأنه عندما يسوء وضع والدها الصحي لا تستطيع تحمل مسؤوليته، اقترح خطيبي استئجار بيت لوالده مقابل لبيتنا وبذلك يقدر أن يخدم والده ويبقى بجواره معظم الوقت، الحمد لله أخاف الله كثيراً وكذلك خطيبي وهو بار لوالده يخدمه ويحبه كثيراً ولذلك عرض عليه أن يتزوج ليكمل نصف دينه كون ابنه ملتزما دينيا، ما أخافه أن يكونوا يمهدون الطريق أمامي ويقدمون هذه الاقتراحات وبعد الزواج تتغير الأمور، لأنني أشعر أنني غير قادرة على هذا الوضع، ولماذا لم يشرح لي الأمر على الطاولة منذ بداية الطريق، فما رأي الشرع في ذلك أفتوني بأسرع وقت؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب عليك أيتها السائلة شرعاً خدمة والد زوجك إلا أن تشائي أنت متبرعة، فإن فعلت فأنت مأجورة إن شاء الله، أما إذا امتنعت عن هذه الخدمة فلا حرج عليك شرعاً، لا سيما وأنت قد ذكرت أن حالته الصحية حرجة ويحتاج إلى رعاية من نوع خاص، وعند ذلك فالحل في مثل هذا أن يخصص بيت لوالد الزوج، على أن يقوم ابنه بخدمته بنفسه إن تيسر له ذلك، وإن لم يتيسر لانشغاله بأمور معاشه ونحو ذلك، فيمكنه أن يستأجر لوالده من يقوم على خدمته، ويكون أجر هذا الأجير في مال الأب إن كان له مال أو في مال ابنه أو أبنائه إذا لم يكن للأب مال، لأن نفقته حينئذ على أولاده.. قال ابن المنذر: أجمع العلماء على وجوب نفقة الوالدين اللذين لا كسب لهما، ولا مال، سواء أكان الوالدان مسلمين أو كافرين، وسواء كان الفرع ذكراً أو أنثى، لقوله تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا.
وقال ابن قدامة في المغني: ويجبر الرجل على نفقة والديه وولده الذكور والإناث إذا كانوا فقراء، وكان له ما ينفق عليهم. انتهى..
وجاء في تحفة المحتاج: (فصل) في مؤن الأقارب (يلزمه) أي: الفرع الحر، أو المبعض الذكر والأنثى (نفقة) أي: مؤنة حتى نحو دواء وأجرة طبيب (الوالد) المعصوم الحر وقنه المحتاج له، وزوجته إن وجب إعفافه، أو المبعض بالنسبة لبعضه الحر لا المكاتب (وإن علا) ولو أنثى غير وارثة إجماعاً، ولقوله تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا. لخبر الصحيح إن أطيب ما أكل الرجل منه كسبه، وولده من كسبه. انتهى.
على أنا نؤكد أن البيت الذي يقيم فيه الوالد طالما أنه ملك له -كما ذكرت- فلا يجوز للابن أن يخرجه منه ليتزوج فيه، على أن يستأجر له بيتاً غيره، بل الابن هو الذي يستأجر في هذه الحالة، ويمكنك أيتها السائلة أن تشترطي أولاً قبل عقد الزواج أن يكون لك سكن مستقل، لا يشاركك فيه أحد من أهل الزوج، على أن تتوخي اللطف والحكمة في هذا الطلب لئلا تحركي عليك ضغائن الزوج وأهله، فهذا من حقوقك التي كفلها لك الشرع، قال خليل المالكي في مختصره: ولها الامتناع من أن تسكن مع أقاربه. انتهى..
ويمكنك مراجعة الفتوى رقم: 33290، والفتوى رقم: 64701.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1429(13/7045)
زوجها يمنعها حقها في الفراش
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متقية مصلية أخاف الله كثيراً ... المشكلة أن زوجي يتهرب من مضاجعتي وكلما أقترب منه يجد عذراً للتخلص من القرب منه، يفضل أن ينام مع أبنائه ولا ينام معي، حاولت مراراً معرفة السبب فهو لا يجيب حيث يغادر البيت بدون رد علي، طلبت منه مرة أن نسافر إلى بلد بعيد يمكن هنا يجتمع بي ولكنه خيب سعيي حيث في الفندق غادر الغرفة تركني وحدي في السرير وراح لغرفة أبنائه لينام على الأرض، يكره أن يسمع مني كلاما في الحب وأي شيء يقربني منه، دائما أنا وحيدة وحالته تزيد سوءاً لا يراعي مشاعري أبداً يعتبرني بدون أحاسيس ورغبات، همه الكبير فقط الأكل والنوم، أما طلباتي فلا يرغب حتى في معرفتها، فأرجوكم أفيدوني كيف سأتصرف مع هذا الشخص الذي ينكد حياتي، حرمني من المتعة الحلال وأشياء كثيرة وأنا جداً مستاءة من وضعي وأنا أبكي ليل نهار على تضييع شبابي معه دون الاستمتاع مثل الأخريات مع أزواجهن، ماذا سأفعل لقد مضت سنون على هذا الوضع وأنا الآن جداً معذبة، فأرجوكم أجيبوني ماذا علي أن أفعل اتجاه هذا الشخص المتبلد شعورياً؟ جزاكم الله الجنة أرجوكم لا تنسوا الرد على سؤالي فأنا في الانتظار الشديد.. نسيت شيئاً مهماً ذات مرة تخاصمنا خصاما قويا فقال لي: اذهبي لبيت أبيك وغداً ستصلك ورقتك، فهل بهذا الكلام أكون مطلقة حسب الشرع والدين فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك على الحال الذي ذكرت فإن هذا يتنافى مع ما أمر الله تعالى به من حسن معاشرة الزوج زوجته، وإن من حسن العشرة أن يعف الرجل زوجته، فننصحك أولاً بدعاء الله تعالى أن يهدي زوجك لأرشد أمره ويرده إلى صوابه، وعليك بمناصحته بكل رفق ولين، وذكريه بالله تعالى وبما أوجب عليه نحوك من حقوق، فلعله يصلح أمره وإن استمر على الرفض وخشيت على نفسك الضرر كان لك الحق في طلب الطلاق، وإن رأيت الصبر عليه والاستمرار معه على هذا الحال فذلك أفضل؛ لأن حصول الطلاق قد يترتب عليه كثير من العواقب غير الحميدة ولا سيما على الأولاد، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 29158.
وههنا أمر مهم ينبغي التنبه له وهو أنه قد يكون سبب تصرفات الزوج في مثل هذه الحالات تأثره بنوع من السحر أو المس ونحو ذلك، فإن غلب على الظن حدوث شيء من هذا فينبغي رقيته بالرقية الشرعية، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 8343.
وأما قول الزوج لزوجته (اذهبي لبيت أبيك) فمن كنايات الطلاق لا يقع بها الطلاق إلا إذا نواه الزوج، كما هو مبين في الفتوى رقم: 23963.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1429(13/7046)
وجوب حسن الظن وحمل أمر الزوجة على السلامة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب تزوجت من فتاة لعائلة صديقة لعائلتي منذ 3 سنوات ولكوني ما أزال أدرس فإننا نعيش كل عند أهله ولكن نلتقي تقريبا كل 15 يوما وفي العطل الدراسية ونمكث معاً لمدة تزيد عن الشهر، وسامحوني لأنني سأفصل ما جرى رغبة مني في أخذ القرار الشرعي، بدأت المشاكل بيننا وتفاقمت منذ شهرين حيث لم يعد أي منا يكلم الآخر خلال هذه المدة حتى الآن، المشاكل بإيجاز هي كما يلي: الكلام بصوت عال لا أطيقه، الالتزام بالحجاب الشرعي ضعيف، الحفاظ بعلاقة مشكوك فيها مع رجال لا أعرفهم وقد اكتشفت ذلك عدة مرات من خلال الهاتف النقال فمثلاً خلال زيارة لي لها وجدت رقما في هاتفها قد طلبها عدة مرات ولما طلبته وجدت رجلا لا امرأة كما قالت لي، ولما ألححت عليها قالت هي لا تدري، كما أنه قد حدث يوما كذلك أن طلبها شخص في الهاتف في وقت كان من المفروض أن لا أكون معها فلما سألتها عن هذا الشخص قالت هي لا تعرفه مع العلم بأنه طلبها باسمها والحوادث مثل هذا كثيرة وكانت كلما وقع حادث أطلب منها الابتعاد عن صديقاتها غير الملتزمات لأنها تقول لي في بعض المرات عندما أقتني لها هاتفاً جديداً أن بعض صديقاتها هن من يعطي رقم هاتفها لبعض الذكور لكن المشكلة تتكرر باستمرار وقد كنت أتحمل لعلاقة العائلتين إلى أن قررت منذ 8 أشهر أن أجعل حداً لعلاقتنا لأنني لم أعد أستطيع حتى الدراسة غير أنني تراجعت عندما أخبرتني أنها حامل وبما أننا لم نكن مهيئين لهذا فقد اتفقنا على الإجهاض بعد أن طلبت الحكم الشرعي لأحد الشيوخ الذي قال لي لا حرج إذ لم تنفخ فيه الروح أي قبل 120 يوما، وتعاهدنا بعد ذك على التعاون ونسيان الماضي لكن سرعان ما عادت الأمور وتكشفت أمور أكثر خطورة جعلتني أشك في كل علاقاتنا وهو أني اكتشفت أنها تقوم بعملية النمص باستمرار ولكنها تنكر ذلك مرة وتعترف مرة أخرى بمعنى أنها غير صادقة معي فبدأت أراجع ما مضى وخاصة بكارتها التي لم أجد أي مقاومة تذكر في اول علاقة بها وسألتها حينها فقالت هي لا تدري وهناك أمور كثيرة جعلتني أظن أن الطلاق هو الحل، فأفتوني هل أنا مذنب مع ربي والله على ما أقول وكيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في المسلم حمل أمره على السلامة حتى يتبين منه خلاف ذلك، وعلى هذا فلا يجوز لك اتهام زوجتك كونها على علاقة برجال آخرين أو بوقوعها في الفاحشة إلا بيقين، وأما زوال البكارة فقد يحصل بغير الفاحشة، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 13932.
وإن كنت قد وقع منك شيء من التجسس عليها فالواجب عليك التوبة، ولا ننصحك بالتعجل إلى الطلاق، وعليك بمناصحتها برفق ولين فيما ذكرت من أمور منكرة تفعلها كالنمص وعدم الالتزام بالحجاب ونحو ذلك، فلعلها تتوب ويصلح حالها، فإن فعلت فالحمد لله، وإن استمرت على ذلك وصعب عليك معاشرتها وهي على هذا الحال ورأيت طلاقها فإن الطلاق مباح فلا يلحقك منه ذنب ففارقها بإحسان.
وأما الإجهاض قبل نفخ الروح في الجنين فقد اختلف فيه الفقهاء، والراجح عندنا أنه لا يجوز، فالواجب عليكما التوبة، ويجب على من باشر الإجهاض الدية إن حصل ذلك بعد تخلق الجنين، ومن العلماء من أوجب عليه الكفارة، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 108305.
وقولك (لم نكن مهيئين) إن كنت تقصد به أن سبب الإجهاض يتعلق بأمر الرزق والخوف من ذلك، فإن هذا أشبه بفعل أهل الجاهلية في قتلهم أولادهم خشية الفقر، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2385.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1429(13/7047)
عصيان الزوج لربه هل يسوغ عصيان الزوجة له
[السُّؤَالُ]
ـ[هل طاعة الزوج غير المنتظم في الصلاة ويتعاطى المخدرات واجبة ومقدمة على طاعة والدة الزوجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على المرأة طاعة زوجها في المعروف، ووقوع الزوج في المعاصي والمنكرات لا يسوغ لها مخالفته فيما ليست فيه معصية لله تعالى وليس فيه ضرر عليها، وينبغي للزوجة أن تتحرى التوفيق بين طاعة زوجها وطاعة والديها قدر الإمكان، فتؤدي لكل حقه، ولو فرض أن تعارض حق الزوج مع حق الوالدين أو أحدهما فحق الزوج مقدم كما بينا بالفتوى رقم: 19419.
وننبه إلى أنه ينبغي لهذه المرأة أن تنصح زوجها هذا في أمر تركه الصلاة وتناوله المخدرات برفق ولين، وتخوفه بالله تعالى، ولا بأس بأن تستعين عليه ببعض أهل العلم والفضل، وعليها أن تكثر من دعاء الله تعالى له بالهداية والصلاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1429(13/7048)
هل على الزوجة حق واجب تجاه أهل زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة من سنتين وليس لي أولاد، من بداية زوجنا وزوجي بطريق غير مباشر يعمل على إبعادي عن أهلي وضمي إلى أهله قائلا إن هذا هو المتعارف عليه أن الزوجة تصبح تبع زوجها, ونحن الآن مقيمون بعيدا عن بلدنا وبمجرد نزولنا في إجازة تبدأ السيطرة من قبله وقبل أهله في إبقائنا معهم قدر المستطاع وعند أي طلب مني لزيارة أمي أو إخوتي أو زيارتهم لي تبدأ المشاكل والمشاحنات.. وتنقلب أم زوجي علينا ويحاول زوجي استرضاءها بتقليل نزهاتنا مع أهلي أو نزهاتنا منفردة. وحاليا يريد زوجي في الإجازة القادمة أن نسافر معهم للمصيف, فطلبت منه أن تصاحبنا أمي فبدأت المشاحنات.. فأحسست بغصة فهل إن رفضت أن أسافر معهم أكون آثمة.
وما هو الصح وما هو الخطأ؟ وما هو الحد بين البر والتحكم في الحياة؟ وهل حقوق أهل الزوجة بالنسبة للزوج هي ذاتها حقوق أهل الزوج بالنسبة للزوجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحيث كان السفر المذكور ليس فيه معصية ولا يضر بالزوجة، فالواجب عليها طاعة زوجها في ذلك، ولتعلم أن زوجها أحق بها وأملك لها من أهلها، وطاعته مقدمة على طاعة غيره.
وينبغي لها أن تكون حكيمة ولطيفة في طلب زيارة أهلها أو طلب مرافقة أمها لها، بحيث لا يحس الزوج وأهله أنها تقدم أهلها عليهم، حرصا على دوام الألفة وتجنبا للغيرة، والحسد، ونحو ذلك.
وليس هناك واجب حق على الزوجة تجاه أهل زوجها وكذا العكس سوى حق المسلم وحق القربى.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 7260، والفتوى رقم: 3683، والفتوى رقم: 38616.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1429(13/7049)
علاج السباب المتبادل بين الزوجين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج منذ سنة وحصل خلاف بيننا في الأشهر الأولى فتركتها عند أهلها تسعة أشهر وكانت حاملا، ولما رزقنا الله بطفل أرجعتها للبيت، ولكن في الحقيقة صرت أثور الخلاف معها وأشتمها، وهي كذلك تسب وتشتم بشكل متكرر، وصرت أهجرها في الفراش ولا أكلمها، وأنا إنسان أخاف الله فهل علي إثم وهل هذا العمل ينقص من الحسنات، أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسباب المسلم فسوق كما في الحديث، سيما إذا كان المسلم زوجا أو زوجة، والسباب والشتم ينافيان ما أمر الله به من إحسان العشرة والإمساك بالمعروف، فلا يجوز لكما ذلك، وذلك ينقص من حسناتكما، ويزيد في سيئاتكما، فتناصحا بالمعروف، وكفا عن ذلك، واعلما أن الحياة الزوجية لا بد فيها من منغصات ولا تستقيم إلا إذا تغاضى كل طرف للآخر عما يمكن التغاضي عنه من الهفوات والزلات مع معرفة كل منكما للآخر حقوقه الواجبة شرعا وأدائه إليه ما أمكن، كما يعينكما على تجاوز الخلاف وحل المشاكل النظر إلى الجوانب المضيئة في حياتكما الزوجية وعدم تلمس العيوب والأخطاء.
وللمزيد انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 110910، 59932، 70265، 69177، 2050، 101571.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1429(13/7050)
الحكمة من تقديم حق الزوج على الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يكون حق الزوج أعظم من حق الوالدين وهما من ربيا وتعبا وهما من لحمها ودمها، أما الزوج فقد أخذها جاهزة كما نقول، لا أعترض على أحكام الله، ولكن أسأل لعل لله ذلك حكمة لا أعلمها، وأنتم تعلمونها ...
جزاكم الله خيرا....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تواترت نصوص الشريعة المطهرة واستفاضت أقوال أئمة الدين وعلماء الملة، بتقديم حق الزوج على ما سواه من الحقوق بما في ذلك حقوق الوالدين، فقد روى أحمد عن الحصين بن محصن أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة ففرغت من حاجتها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أذات زوج أنت؟ قالت: نعم، قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك. صححه الألباني.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الألباني.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى: المرأة إذا تزوجت، كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب. انتهى.
وقال أيضاً: فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه، سواء أمرها أبوها، أو أمها، أو غير أبويها باتفاق الأئمة. انتهى.
فهذا هو حكم الله وحكم رسوله – صلى الله عليه وسلم – بتقديم حق الزوج على غيره من الحقوق، والواجب على المسلم أن ينقاد لأمر الله سبحانه ويستجيب له إذ ليس له الخيرة في ذلك، قال سبحانه: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا {الأحزاب: 36} .
ولكن لا ما نع أن يحاول الإنسان أن يتعرف على الحكمة من تشريع الحكم لأن الإنسان إذا تبينت له الحكمة فإن انقياده عادة يكون أكمل وأتم.
فنقول: هناك حكم كثيرة من تقديم حق الزوج على غيره وذلك أن المرأة تكون حياتها على طورين:
الطور الأول: ما قبل الزواج وفي هذه الفترة يكون حق الوالدين عليها هو أعظم الحقوق وخصوصا حق الأم.
الطور الثاني: بعد الزواج وحينئذ يكون حق الزوج أعظم من حق الوالدين، وهذا ما تقتضيه الحكمة وذلك لما يلي:
أولا: عندما كان الوالدان هما اللذين يبذلان ويعطيان الولد حقوقه من نفقة وكسوة وتربية وتعليم وغير ذلك كان حقهما أعظم، وبعد الزواج صار أمر الإنفاق والكسوة والإطعام والعلاج وغير ذلك على الزوج فكان حقه لذلك مقدما.
ثانيا: الزوج هو الذي يعطي لزوجته الإشباع المادي والعاطفي والجنسي ولا يفعل ذلك غيره، فكان جزاؤه تعظيم حقه على زوجته، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
ثالثا: أن الشرع حريص كل الحرص على حفظ كيان الأسرة وحمايتها من عوامل التفكك والانهيار، والزوجة ركن أساسي في تكوين الأسرة، والمرأة بطبعها عاطفية سريعة التأثر بمشاعرها فاقتضت حكمة اللطيف الخبير أن يجعل أعظم الحقوق عليها هو حق الزوج حتى تسارع في طاعته ومرضاته والانقياد له في غير معصية، ولا شك أن في هذا حفظا أيما حفظ لكيان الأسرة لأنه لن يكون أحد أحرص على الأسرة وعلى الأولاد وعلى الزوجة من الرجل الذي هو رب الأسرة، فوحد الشرع للزوجة جهة القيادة والطاعة - وذلك بتعظيم حق الزوج - حتى تكون سلما لزوجها ولا تقع ضحية لشركاء متشاكسين.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9218، 19419، 60819.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1429(13/7051)
هل مال الزوجة حلال لزوجها وأولادها
[السُّؤَالُ]
ـ[موظفة وزوجها دخله قليل, ولكنه يقول لأولاده إن مال أمهم حلال له ولهم، أي يجوز له أن يسرق من مالها بغير علمها" أي الراتب" مع أن هذه المرأة تصرف أغلب راتبها على البيت، وما توفره تقول إنه للأولاد عندما يكبرون مثلا الجامعات،....
ما رأي الشرع فيما يقوله زوج أختي. مع علمي أن النفقة شرعا على الرجل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس للزوج أن يأخذ من مال زوجته إلا ما طابت نفسها به، ولا حق له في مالها، والنفقة إنما هي عليه لا عليها، وما يدعيه من كون مالها حلالا له ولأبنائه دعوى باطلة، بل لا يجوز الأخذ من مالها إلا عن طيب نفس منها، لكن ينبغي لها أن تكون عونا لزوجها وتساعده بما يحتاج إليه من مالها.
وللمزيد انظر الفتوى: رقم: 104458.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1429(13/7052)