نكاح الكافر المسلمة حرمته محل إجماع
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت بنت أختي الكبيرة رجلا نصرانيا في بريطانيا منذ ثلاث سنوات وهي الآن تعيش في لندن أنا لم أكلمها إلا مرة واحدة بالهاتف ولكن لا أجد فائدة أن أظل غاضباً فإن تكلمت عن الإسلام قد أكون سببا لإسلامه فما رأيك يا أستاذي؟ وكيف أعاملهما؟
أرجو الإجابة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج من كافر نصرانياً كان أو يهودياً أو غير ذلك، لقوله تعالى: (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) [البقرة:221] .
وقوله تعالى: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) [النساء:141] .
وهذا محل إجماع لا خلاف فيه بين الأمة سلفاً أو خلفاً.
والواجب عليك أن تنصح بنت أختك، وتبين لها حكم الله تعالى بوجوب مفارقة هذا الرجل الكافر، وأن علاقته بها ما دام كافراً تعتبر زنا محضاً والعياذ بالله، وإذا أسلم فلها أن تتزوج به مثل ما فعلت أم سليم رضي الله عنها لما خطبها أبو طلحة وقالت: والله ما مثلك يرد، ولكنك كافر، وأنا مسلمة، ولا يحق لي أن أتزوجك، فإن تسلم، فذلك مهري، ولا أسألك غيره، والقصة في النسائي عن أنس رضي الله عنه.
وعليك أنت أن تدعوه إلى الإسلام، فالقلوب بيد الله تعالى يقلبها كيف شاء، فربما تقول له كلمة خالصة يفتح الله صدره، فيسلم على يدك، وفي هذا من الخير ما لا يعلمه إلا الله تعالى، فقد جاء في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لأن يهدي الله بك رجلاً واحد خير لك من حمر النعم".
وفي رواية: "خير لك من الدنيا وما فيها".
والدعوة إلى الله تعالى واجبة على العموم، ولكنها تتأكد في بعض الأوقات والأحوال، ولا شك أنها في حال هذا الرجل الذي ابتليت به ابنة أختك آكد وأوجب.
أما معاملة بنت أختك، فيجب أن تكون منحصرة في طريقة تقلع بها عن هذه الكبيرة، وأنت الذي تقدرها، لأنك أدرى بظروفها، فإن كانت النصيحة والمواصلة أجدى، فواصل معها في ذلك المجال، وإن كانت مقاطعتها وهجرانها أجدى، فاسلك ذلك السبيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1423(13/2492)
ما يجب فعله في زواج بنت بأوربي
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرف رجلاً مسلماً كان متزوجا من أجنبية (أوروبية) وقد أنجب منها بنتا وهي الآن فتاة عمرها 23 سنة وقد تزوجت من رجل أوروبي مثلها وأنجبت طفلاً وحيث إننا سنسأل عن أولادنا وكيف رعيناهم ماهي أفضل طرق التوجيه والنصيحة نحو هذا الرجل المسلم وابنته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زواج المسلم من الأوربيات الكتابيات العفيفات وإن كان جائزاً من حيث الجملة، إلا أنه اليوم من جملة المصائب التي نزلت بالمسلمين، لما فيه من الآثار والعواقب الوخيمة على الزوج وعلى الأولاد والأسرة.
وأخطر ما في هذا الزواج تأثيره على الأطفال، فالأم هي المحضن الأول للطفل بعد ولادته وفي سنين نشأته الأولى، وفي هذه السن تتكون شخصيته، ويكتسب العادات والسلوك، فحينما تكون الأم أوربية على عقيدة غير عقيدة الإسلام، فإنها تصبغ الولد بصبغتها وتُخرج مسخاً أبعد ما يكون عن دينه وتقاليد مجتمعه، ويكون تأثير هذه الأم في بناتها أشد لتعلق البنت بأمها عادةً، فتكتسب من أخلاقها وتميل إلى قومها، كما رأينا في هذه الحالة الواردة في السؤال.
والآن وقد وقع المحذور، فالذي يجب فعله في زواج البنت بالأوربي إن كان كافراً أن يفرق بينهما فوراً، فإنه لا يحل لمسلمة أن تكون تحت كافر بإجماع العلماء، لقوله تعالى: (وَلا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا) [البقرة:221] .
يقول الإمام القرطبي عند تفسيره لهذه الآية: أي لا تزوجوا المسلمة من المشرك، وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه، لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام. (3/72) .
ولا يجوز لهذه البنت أن تمكنه من نفسها، لأن هذا زواج غير شرعي، والطفل الذي أنجبته منه يتبعها وينتسب إليها وعلى دينها، لأن الأولاد يتبعون خير الزوجين ديناً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1423(13/2493)
اشتراط إسلام الكافرة بعد العقد عليها ... رؤية فقهية
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم الزواج من هندوسية بشرط تسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز الزواج بامرأة هندوسية إلا بعد أن تدخل في الإسلام، أما قبل دخولها فيه فإن العقد عليها باطل؛ وإن شرَط عليها الإسلام بعد العقد باتفاق العلماء، فالله يقول: وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ [البقرة: من الآية221] . فشرط لجواز نكاحها والعقد عليها دخولها في الإسلام بالفعل، وليس مجرد العزم على الدخول كافياً. وانظر الفتوى رقم:
2779.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1423(13/2494)
لا ينصح شباب اليوم بنكاح الكتابيات لهذه الاعتبارات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في مقتبل عمري أعيش في ضياع وعذاب شديد أحب فتاة قبطية بالأصح غير مسلمة فهل يجوز الزواج منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أيها الشاب أن تنتبه لنفسك وتتوب إلى ربك وتفزع إليه وتستعيذ به من الشيطان ونزغاته ومن الهوى ونزواته.
واعلم أن الضياع الحقيقي والعذاب الشديد العاجل والآجل هو ذلك الذي يحصل لمن عصى الله تعالى وخالف أمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63] .
واحذر عقاب ربك وسوء عاقبة معصيته، ولا تدفعك طاعة هواك وتزيين الشيطان إلى ما تندم عليه في الدنيا والآخرة، ثم إن الأولى بالمسلم أن يتزوج من مسلمة للتناسق الذي بينهما في العقيدة والثقافة والهدف مما يعين على أن يحفظ كل واحد منهما على الآخر دينه ويعينه على بناء بيت مسلم ينتج جيلاً مسلماً يربيانه على الإسلام عقيدة وعبادة ومنهجاً للحياة من غير شوائب ولا معوقات.
ولم يبح الله تعالى للمسلم أن يتزوج من الكافرات؛ إلا الكتابيات فقط، بشروط مبينة في الفتوى رقم:
10253 والفتوى رقم: 8674.
هذا من حيث الحكم العام بالنسبة لزواج المسلم من الكتابية، أما بالنسبة لك أنت خاصة فلا ننصحك بالزواج من هذه المرأة نظراً لما ذكرت من أنك في مقتبل عمرك لم تجرب الأمور بعد، والغالب أنك ستكون غير مسلح ومحصَّن بما يكفي من العلم الشرعي، إضافة إلى ما ذكرت من حبك الشديد لهذه المرأة وتعلقك بها، مما يجعلنا نخشى أن تفتنك عن دينك وتجرك إلى ماهي عليه من ضلالٍ وباطل بحكم طاعة المحب لمن يحب، فقد قيل قديماً:
(إن المحب لمن يحب مطيع) وقيل أيضاً (وعين الرضا عن كل عيب كليلة) .
ومما يجعلنا أيضاً ننصحك بعدم الزواج من هذه المرأة أن هذا النوع من الحب والتعلق قد يعقبه غالباً فتور وزهد في المحبوب إذا قدر المحب عليه وقضى منه شهوته وظهرت له عيوبه، لذلك نخشى أن يحصل ذلك لك بعدما تتزوج بهذه المرأة، فإن تركتها وقد أنجبت منك فستكون بذلك قد ضيعت ولدك عند امرأة لا تؤمن على دينه ولا على خلقه، ولا يخفى ما في ذلك من المفسدة الظاهرة والخطر العظيم.
وبالجملة: فإننا نحثك على تقوى الله تعالى ومراقبته وتقديم مراعاة مرضاته على كل ما سوى ذلك.
ولا تحملنك الرغبة في قضاء شهوة عابرة على المغامرة بمستقبلك ومستقبل ولدك، نسأل الله لنا ولك التوفيق لما يحبه ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1423(13/2495)
أهل كتاب زماننا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الزواج بالكتابيات؟ وهل يطلق على نصارى ويهود زمننا الحالي "أهل كتاب"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما عن حكم الزواج بالكتابيات فانظر الفتوى رقم:
8674 والفتوى رقم:
5315
والأصل في اليهود والنصارى في كل الأزمنة -بما فيها زماننا هذا أنهم من أهل الكتاب- إلا أن الكثير منهم قد اعتنقوا المذاهب الإلحادية التي تخرجهم عن كونهم من أهل الكتاب. وانظر الفتوى رقم:
2547 والفتوى رقم:
2924.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1423(13/2496)
الزواج من غير مسلمة ... الجائز والممنوع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم, لي ولد عمره 6 أشهر من بنت كافرة كندية, وهذا بعدما زنيت بها فهو ابن زنى. ما الذي يجب أن أفعله. وهل يجوز لي أن أتزوجها. وماهي الشروط ليغفرالله لي؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ولد الزنا مقطوع النسب من أبيه، وقد سبقت الإجابة على حكمه في الجواب رقم:
6045 والجواب رقم: 9625 أما التزوج بالزانية فهو أمر غير مشروع حتى تتوب إلى الله تعالى، ويتوب الزاني بها.
وعليه؛ فإذا كانت هذه الكندية مسلمة أو كتابية وتابت إلى الله تعالى من زناها توبة صادقة فلا حرج عليك أن تتزوج منها، كما لا حرج عليها هي في زواجها منك إن تبت، أما إن كانت غير مسلمة ولا كتابية فلا يجوز لك التزوج بها.
وعليك أخي الكريم أن تبادر إلى الله تعالى بالتوبة من هذه الفاحشة الكبيرة قبل أن يغلق باب التوبة. وراجع الجواب رقم:
1095
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1423(13/2497)
الزواج بالكتابية وما يترتب عليه من ذرية مباح
[السُّؤَالُ]
ـ[بخصوص زواج المسلم من أهل الكتاب وفي حالة إتمام الزواج ما هي الاحتياطات الواجب إتباعها لإنجاب الأبناء ذكوراً وإناثاً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالكتابية هي التي تؤمن بدين سماوي -يهودياً كان أو نصرانياً- وأهل الكتاب هم أهل التوراة والإنجيل، لقوله تعالى: (أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا) [الأنعام: 156] وقد اتفق العلماء على أنه يجوز للمسلم أن ينكح المرأة الكتابية الحرة، وقد ذكر الاتفاق على هذا ابن حجر في الفتح وابن رشد في بداية المجتهد عن ابن المنذر، وكذا ذكره ابن قدامة في المغني، وذلك لقوله تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أتوا الكتاب من قبلكم) [المائدة:5] والمراد بالمحصنات في الآية: العفائف، وما روي عن عمر بن الخطاب من أنه كان ينهى عن التزوج بهن فهو نهي إرشاد ومصلحة، لئلا يفتتن بهن رجال المسلمين، ويدَعون نساءهم دون زواج، كما ذكره الجصاص في تفسيره، وابن القيم في أحكام أهل الذمة، وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عن المسلم يتزوج النصرانية أو اليهودية؟ فقال: (ما أحب أن يفعل ذلك، فإن فعل، فقد فعل ذلك بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) ذكره ابن القيم في أحكام أهل الذمة.
هذا هو حكم الزواج بهن إجمالاً وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 323 3648 10253 8674
وليست هناك احتياطات معينة في الإنجاب يفرضها عليك الشرع، فالأمر متروك لك.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1423(13/2498)
معيار اختيار الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب من الجزائر أعيش في بريطانيا أحببت فتاة من انجلترا ورغبت في الزواج منها لأ ن
لها عملاً شريفاً مع العلم أنها لبنانية الأصل وأنها نصرانية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجوز للمسلم أن يتزوج بامرأة نصرانية إذا كانت عفيفة غير عاهرة. مع أن الزواج بها فيه بعض الأخطار على المرء في دينه وفي ذريته، وراجع الأجوبة التالية أرقامها:
10253 8846
على أننا ننبه السائل إلى أن المعيار الذي ينبغي للمسلم أن يختار على أساسه شريكة حياته، وركن بيته هو: الدين والخلق، وليس العمل ولا المال، لقوله صلى الله عليه وسلم: "فاظفر بذات الدين تربت يداك" متفق عليه.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1423(13/2499)
نكاح الزانية التائبة بقصد إعفافها فيه ثواب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
أنا شاب متزوج 32 سنة أب لطفلة أعمل موظفا في إدارة ومعي موظفة 36 سنة غير منزوجة تكثر الخلوة بيننا في مكان العمل بحيث عصينا الله لكننا لم نزن بفروجنا ثم ندمنا على أفعالنا وقررنا أن نتوب وأن نحول علاقتنا الى أخوة وتناصح في الدين وتعاهدنا أن نبتعد عن الزنا فنصحتها أن تحتجب وتلتزم بالصلاة وفعلا تغير حالها إلى أحسن وقالت لي بأنها تتمنى أن تتزوج ونستقر لكن مشكلتها أنها غير عذراء فرق قلبي لحالها وتمنيت في نفسي أن أساعدها ولو بالزواج منها مع العلم أن زوجتي تؤمن بالتعدد ويمكن أن توافق عن طيب خاطر, سؤالي هو هل في زواجي بها أجر وثواب؟؟؟ وما هي نصيحتكم لي؟؟؟ وماهو الحل الإسلامي للفتيات التائبات غير العذراوات؟؟؟ والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته جازاكم الله عنا أوفى الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية محرمة وذريعة للوقوع في الزنى، فالواجب عليكما أن تبتعدا عن الخلوة وسد جميع ذرائع الفساد المفضية للوقوع في الزنى كالنظر وتبادل الحديث ونحوهما. ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم 10164 ونصيحتنا للمرأة الثيب التائبة من الحرام أن تستمر في توبتها وتسعى للحصول على الوسائل المعينة لها على امتثال أوامر الله والابتعاد عن نواهيه، ولا بأس أن تعرض نفسها أو يعرضها وليها على رجل صالح للزواج منها وتحصينها عن الحرام.
ولا شك أن زواجك بهذه المرأة لتحصينها ودفع ما قد يقع بينكما من أمور محرمة تغضب الله سبحانه وتعالى فيه أجر وثواب بهذه النية الصالحة.
نسأل الله للجميع التوبة والثواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1423(13/2500)
لا يجوز لكافر التزوج بمسلمة بإجماع العلماء
[السُّؤَالُ]
ـ[خالتي تزوجت من رجل إيطالي ولم ترنا العقد الشرعي علما أنه تختم لكنه لا يصلي ولا يصوم أماالتوحيد فلا ينطق بالشهادة ويتكلم عن المسيح كثيرا أفتونا مأجورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا الرجل لم ينطق بالشهادتين ولم يصل، فإنه لم يدخل في الإسلام، ولا يجوز للمسلمة أن تتزوج بالكافر، لقول الله تبارك وتعالى: (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ) [البقرة:221] .
ولقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) [الممتحنة:10] .
وقد أجمع أهل العلم على أنه لا يجوز لغير المسلم أن يتزوج بمسلمة.
وعليه، فيجب عليكم إنكار هذا الزواج، والسعي الحثيث في إبطاله، وبذل الوسع في ذلك بكل ما أتيح لكم من وسائل، بما في ذلك رفع أمر هذه المرأة إلى المحاكم الشرعية عندكم.
وراجع الجواب رقم: 8832.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1422(13/2501)
استقبال الأهل لابنتهم المتزوجة من كافر من عدمه يخضع للمصلحة الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ما حكم الاسلام في فتاة مسلمة هربت وتزوجت بمسيحي وأنجبت منه فتاة هل يجوز لأهلها أن يسامحوها ويستقبلوها مع الرجل وماذا تعتبر الطفلة في الدين الاسلامي وإذا سامحها أهلها إلا أختها الأكبر منها لا تريد مسامحتها ولا رؤيتها ولا استقبالها في منزلها هل ما تفعله صحيح أو تعتبر قد قطعت صلة الرحم نتمنى أن تجيبوا عن هذا السؤال من كل جوانبه الإسلامية ولكم التوفيق]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمسلمة أن تتزوج بكافر نصرانياً كان أم يهودياً أم غيرهما من أهل ملل الكفر وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
1800 ورقم:
والله أعلم. 4114 وعلى وليها أن يسعى بكل الوسائل لنزعها من هذا الكافر، فإن كان في بلد مسلم يحكم بالشريعة فعليه أن يرفع أمرها إلى القضاء، وإن كان في بلد لا يحكم بالشريعة فيلزمه نصحها وتذكيرها حتى تقلع عن هذه العلاقة الآثمة، والبنت تلحق بأمها في الدين، فهي مسلمة يجب رعايتها وتربيتها على الإسلام. وانظر الفتوى رقم:
11506
أما استقبال هذه الفتاة من قبل أهلها فيخضع للمصلحة الشرعية، فإن كان في استقبالها تأليف لقلبها وعون لها على مفارقة هذا الرجل فلا بأس بذلك، وإن كان هجرها قد يؤثر عليها فيدفعها إلى التفكير في مفارقة الرجل المذكور فيجب هجرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/2502)
تنقطع العلاقة بين الزوجين بارتداد أحدهما
[السُّؤَالُ]
ـ[1-زوجة جديدة العهد في الاسلام تعيش في بلد غير مسلم وزوجها في بلد آخر غير مسلم , تسافر إليه في العطل, ... بدأ يعاملها بشكل قاس, ويخونها , بدأ يمنعها من الصلاة وأحرق لها مصحفها (أستغفر الله العظيم) ... قررت الزوجة ألا تعودإليه ... سؤالي: هل تعتبر هذه الزوجة طالقة منه لأن الزوج أصبح كافرا بحكم ما صدر منه (اختصرت قدر الإمكان لأن القصة طويلة وتثير المشاعر) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت من أن هذا الرجل يمنع زوجته من الصلاة وكان ذلك استخفافاً بها أو جحوداً بهذا العمل يكون مرتداً عن الإسلام والعياذ بالله تعالى، والمرتد عن الإسلام تبين زوجته منه وتنقطع العلاقة بينهما. وعليه، فلا يجوز لها أن تعود إليه، ولا أن تتخذه زوجاً بعدما صدر منه هذا العمل المكفر. هذا بالإضافة إلى ما ذكر من خيانته، إن كان القصد بالخيانة أنه يرتكب الفواحش.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1422(13/2503)
حكم الزواج بمن وعد بالإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب أمريكي يريد الزواج مني في البداية قال لي إذا اقتنع بالدين الإسلامي فسوف يصبح مسلماً وإذا لم يقتنع فسيظل كما هو. الآن هو مقتنع ولكن أنا أريد أن أعرف هل من يجوز للفتاة المسلمة أن تتزوج شخصاً كان مسيحياً وأسلم أم لا؟ وما حكم الدين في هذا الزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مجرد الاقتناع بالدين الإسلامي، والاعتراف به، لا يكفي في الدخول فيه، ولا يسمى صاحبه مسلماً، فقد كان عم النبي صلى الله عليه وسلم أبو طالب معترفا بصدق الرسالة المحمدية، وأمانة حاملها، ولكنه لما لم يصدق ذلك بأعماله وأقواله ظل على كفره، والعياذ بالله تعالى.
والحاصل أن هذا الرجل إذا اعتنق الدين الإسلامي فإنه تجري عليه أحكامه، ويصبح من أهله، له ما لهم وعليه ما عليهم، فيتزوج المسلمة بدون حرج، أما إذا ظل على نصرانيته مع قوله إنه مقتنع بالإسلام فهو لا يزال كافراً، ولا يجوز زواجه من المسلمة بأي وجه، لأن الله تعالى يقول: (ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا) [البقرة:221]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1422(13/2504)
المتزوجة من نصراني هل تعتبر مرتدة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ابنة عم تربت ونشأت في فرنسا وقد كانت أمها مسيحية مما أدى إلى اختلال في تربيتها ومن بعد ذلك طلق عمي تلك المرأة وأخذ معه ابنته وعاد إلى بلاده وبعد مرور عدة سنين جاءت أمها إليها كي تزورها ولكنها في تلك الزيارة أدخلت في عقل ابنتها الحقد على الإسلام وحب النصارى فهربت البنت إلى فرنسا وتزوجت أو بالأحرى زوجتها أمها من شاب نصراني ومازالت معه حتى الآن وقد مر على غيابها ما يقارب الخمس أو عشر سنوات وقد غضب عليها والدها إلى يوم الدين وسؤالي هل تعتبر البنت مرتدة إذا كانت تعلم بالحكم الشرعي وهل تعتبر غير مرتدة إذا كانت لا تعلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلاشك أن زواج المسلمة من النصراني باطل، ولا ينعقد أصلاً بإجماع العلماء، ومستند هذا الإجماع قول الله جل وعلا: (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) [البقرة:221] .
وحكم هذا الزواج حكم الزنى، كما يجب أن يفرق بينهما في الحال، ومن استحل ذلك كان كافراً بشرط أن يكون عالماً بالتحريم، كما أن مجرد زواجها بالنصراني لا يعد - بحد ذاته - كفراً ما لم تستحله، هذا إذا كانت ملتزمة بالإسلام وشعائره الظاهرة، وأهمها الصلاة، وغير واقعة في ناقض من نواقض الإسلام.
أما إذا كانت تحقد على الإسلام، وتحب النصارى وتواليهم، فتعد بذلك مرتدة عن الإسلام، وكذا إذا كانت واقعة في ناقض من النواقض الأخرى، وللمزيد راجع الفتوى رقم: 7386، ورقم: 8106، ورقم: 4114.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1422(13/2505)
لا يصح الزواج من نصراني نطق بالشهادتين دون عمل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن لي أن أتزوج من مسيحي قد دخل في الإسلام بدون أن يقوم بالطهارة والصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالكافر إذا نطق بالشهادتين، وعلم شرائع الإسلام فلم يعمل بها، مع تمكنه من العمل، لم يحكم بإسلامه، لتخلف شرطٍ من شروط صحة إسلامه، وهو العمل الصالح. فقد جاء يهوديان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألاه عن مسائل، فأجابهما، فقالا: نشهد إنك نبي، قال:" فما يمنعكما من اتباعي؟ " فقالا: إن داود دعا أن لا يزال في ذريته نبي، وإنا نخشى إن اتبعناك أن تقتلنا يهود. رواه البيهقي في السنن الكبرى.
فلم يحكم صلى الله عليه وسلم لهذين اليهوديين الذين شهدا له بالرسالة بحكم الإسلام، لأن مجرد الإقرار والإخبار بصحة رسالته لا يوجب الإسلام، وبهذا يعلم أنه لا يصح الزواج من الشخص المذكور في السؤال. لأنه لم يدخل في الإسلام حقيقة، على أننا ننبه السائل إلى وجوب نصح الداخل في الإسلام، وتعليمه أحكامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1422(13/2506)
حكم الزواج من فتاة أمريكية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الزواج من فتاة أمريكية - ليست مسلمة - في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه الفتاة الأمريكية على دين أهل الكتاب (اليهود والنصارى) وكانت عفيفة، فإنه يجوز الزواج منها شرعاً، لقول الله تعالى: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [المائدة:5] .
وإن كانت غير كتابية أو غير عفيفة، فلا يجوز الزواج منها، لقول الله تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) [البقرة:221] .
ونلفت انتباه الأخ السائل إلى قول الله تعالى: (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ) [البقرة:221] .
فالمؤمنة مهما كانت خير من المشركة والكتابية.
وفي الجواب رقم: 5315 مزيد فائدة، فليراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1422(13/2507)
حكم بقاء المسلمة في عصمة الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تمكث المرأة المسلمة عند الكافر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فيحرم على المرأة المسلمة الخلوة بالرجل الأجنبي عنها، ولو كانت الخلوة لعبادة كالصلاة، وقراءة القرآن ونحوهما. لما في ذلك من المفاسد الكبيرة، منها حضور الشيطان ووسوسته لهما، وسعيه لإيقاعهما في المعصية. وقد جاءت الأحاديث النبوية الصحيحة محرمة لذلك. ومنها ما رواه البخاري ومسلم عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إياكم والدخول على النساء " فقال رجل من الأنصار أفرأيت الحمو؟ قال:" الحمو الموت" وما روياه أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم" وما رواه أحمد والحاكم أن رسول الله صلى الله قال:" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم، فإن ثالثهما الشيطان". وإذا كان هذا في مجرد خلوة قد تكون عابرة، فإن سكن المسلمة مع الأجنبي عنها أولى بالتحريم، بل إن السكن يكون محرماً، -وإن كان معها محرم- إذا لم يكن السكن واسعاً بحيث لا يطلع أحدهما على الآخر. قال زكريا الأنصاري: " عُلِم جواز خلوة الرجل بالأجنبية مع المحرم، وامتناع مساكنته إياها معه، إلا عند تعدد الحجر، أو اتساعها بحيث لا يطلع أحدهما على الآخر" انتهى.
فإذا كان سكنها مستقلاً عن سكن الأجنبي وإن لاصقه فلا حرج في ذلك، لكن بشرط عدم اتحاد المرافق بينهما، كالممر والمطبخ أو الخلاء ونحو ذلك، قال ابن حجر الهيثمي: " فإذا سكنت المرأة مع أجنبي في حجرتين، أو في علو وسفل، أو دار وحجرة، اشترط أن لا يتحدا في مرفق، كمطبخ، أو خلاء، أو بئر، أو ممر، أو سطح،أو مصعد، فإن اتحدا في واحد مما ذكر حرمت المساكنة، لأنها حينئذ مظنة الخلوة المحرمة، وكذا إن اختلفا في الكل ولم يغلق ما بينهما من باب أو يسد، أو أغلق لكن ممر أحدهما على الآخر، أو باب مسكن أحدهما في مسكن الآخر " انتهى.
وإذا كانت المسلمة يحرم عليها الخلوة بالمسلم الأجنبي عنها، وكذلك مساكنته إلا بما ذكر، فكيف بالكافر؟! فلا شك أن الخلوة به ومساكنته أعظم حرمة، وأكبر جرماً، إلا إذا كان هذا الكافر محرماً لها من جهة النسب، فيجوز لها ذلك، لكن لا ولاية له عليها، هذا إذا كان القصد من السؤال هو ما ذكرناه.
أما إذا كان القصد منه هو بقاء المرأة بعد إسلامها مع زوجها الباقي على كفره، فالجواب هو: أنه إن كان إسلامها قبله وقبل أن يدخل بها تعجلت الفرقة، سواء كان زوجها كتابياً أو كان غير كتابي. إذ لا يجوز لكافر نكاح مسلمة. قال ابن المنذر: "أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم، وإن كان إسلامها بعد أن دخل بها، فقال أبو حنيفة ومالك: عرض الإسلام عليه فإن أبى وقعت الفرقة. وقال أبو حنيفة: إن كانا في دار الحرب وقف ذلك على انقضاء عدتها.
أما الشافعي وأحمد فيوقعان الفرقة بمجرد إسلامها.
ولا نعلم أحداً من أهل العلم أجاز أن تبقى المرأة المسلمة في عصمة الكافر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1422(13/2508)
مراحل إباحة نكاح الكتابيات، والحكمة من الزواج بهن
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سمح الله عز وجل للمسلمين بالزواج من الكتابية (النصارى واليهود) وفي القرآن الكريم قال الله عز وجل: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) وأتنمى أني ذكرت الآية بصورة صحيحة. فكيف يكونون كفاراً ويسمح الله عز وجل من زواج المسلمين بهن؟ أرجو توضيح هذه السألة فالموضوع ملتبس علي وشكراً لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد مر حكم نكاح الكتابية (اليهودية والنصرانية) بثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: منذ بداية الدعوة إلى صلح الحديبية في سنة ست من الهجرة، ففي هذه المرحلة أقر المسلمون على أنكحتهم، فكان من المسلمين من لم تؤمن زوجته، وكان من المسلمات من لم يؤمن زوجها، فأقروا على ذلك، والحكمة من هذا الإقرار أنها كانت مرحلة ابتداء الدعوة في قومٍ لم تكن لهم معرفة سابقة بها، ومنها: أن السلطان في مكة كان بيد أئمة الكفر، وأما سلطان المسلمين في المدينة فيما قبل الحديبية فكان في بدايته، وبحاجة إلى زيادة تثبيت، ومنها: أن تفاصيل علاقة المسلم بالكافر لم تكن قد تمت بعد.
صحيح أن ولاية القلب بين المؤمن والكافر قد قطعت، منذ أوائل مراحل الدعوة الإسلامية في مكة، إلا أن قطع مظاهر الولاية والأسباب المؤدية إليها، إنما يكون على التدريج، وبحسب ما يمكن الله عز وجل.
المرحلة الثانية: ابتدأت في السنة السادسة للهجرة، وهي سنة صلح الحديبية، وامتدت إلى نزول بعض آيات سورة المائدة في حجة الوداع في سنة عشر للهجرة، وفي هذه المرحلة حرم نكاح كل كافرة أو مشركة، لا فرق بين كتابية أو وثنية.
قال تعالى: (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) [الممتحنة:10] .
وقال تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ) [البقرة:221] .
والحكمة من تحريم نكاح كل كافرة بما فيها الكتابية: أن تلك المرحلة كانت مرحلة بناء سلطان الإسلام في المدينة، وهذا يقتضي تربية الصحابة رضوان الله عليهم على معرفة جميع أوجه الولاية وأسبابها وقطعها جميعاً بينهم وبين ملل الكفر، فكان يخشى أن يكون نكاح الكتابية ذريعة إلى موالاة الكفار، لأن مظاهر الولاية وأسبابها، لم تكن قد قطعت كلها في ذلك الوقت، وهذا يناسب منع نكاح الكتابية، لأن نكاحها قد يكون مانعاً من التوغل في قطع أوجه الولاية، وأيضاً عقد الجزية، وشروط عقد الذمة لم تكن قد شرعت بعد، وهذه الشروط تسد الذرائع إلى الموالاة في حالة نكاح الكتابية، فلما لم يكن يعمل بها في تلك المرحلة، كان المناسب تحريم نكاح الكتابية لأجل التوغل في قطع الولاية بين المؤمنين والكافرين.
المرحلة الثالثة: وفيها أحل نكاح المحصنات من أهل الكتاب، وبقي سائر الكوافر على التحريم، وابتدأت هذه المرحلة من سنة حجة الوداع، وهي سنة عشر من الهجرة.
قال تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [المائدة:5] .
قال الإمام القرطبي رحمه الله: قالت طائفة حرم الله نكاح المشركات في سورة البقرة، ثم نسخ من هذه الجملة نساء أهل الكتاب، فأحلهن في سورة المائدة، وروي هذا القول عن ابن عباس، وبه قال مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وعبد الرحمن بن عمر، والأوزاعي. اهـ من القرطبي في تفسير آية البقرة 221.
وإنما أبيح نكاح الكتابيات في آخر الأمر، لأن المسلمين قد وصلوا إلى الغاية في قطع أوجه الولاية بينهم وبين الكافرين، فلا ضرر على المسلم في نكاح الكتابية، وهو لا يحل أن يسكن معهم، ولا أن يبدأهم بالسلام، ولا أن يتشبه بهم، ولا أن يتخذهم بطانة ووليجة وأولياء! فمثل هذا النكاح لا يضر المسلم في الغالب، فجانب الضرر على عقيدة المسلم مأمون، مع ما فيه من مصلحة للطرف الآخر، وذلك أن يبعد الكتابيات عن ملة الكفر، ويمنعهن من إظهار الكفر في بيوت أزواجهن، ويفرض عليهن إسلام الأبناء والبنات من الأزواج المسلمين، مع ما أوجبه الله على الأزواج المسلمين من إحسان عشرتهن ومعاملتهن بالمعروف، فيكون هذا وسيلة لاستدراجهن وأقربائهن إلى الإسلام. ومن الحكم أيضاً في تخصيص حلَّ نكاح نساء أهل الكتاب دون غيرهم من الكفار إيجاد أرضية مشتركة ببيننا وبينهم من الإيمان بالله وبرسله وكتبه على وجه الإجمال، فكان هذا عاملاً محفزاً لدعوتهم، ليبين لهم الهدى فيما ضلوا فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1422(13/2509)
ما يشترط في نكاح الكتابية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاستغناء عن شرط أن تكون المرأة الكتابية التي أريد الزواج منها محصنة علما بأن هذا الشرط صعب تحقيقه هنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى إنما أباح نكاح الكتابيات بشرط الإحصان وهو العفة، فقال: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (المائدة:5) قال ابن القيم: ومن أقبح القبائح أن يكون للرجل زوج بغي، وقبح هذا مستقر في فطر الخلق، وأيضاً فإن البغي لا يؤمن أن تفسد على الرجل فراشه، وتعلق عليه أولاداً من غيره، والتحريم يثبت بدون هذا، وأيضاً فإن مرثد بن أبي مرثد الغنوي استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوج (عناق) وكانت بغياً، فقرأ عليه صلى الله عليه وسلم آية النور وقال: " لا تنكحها" أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي والبيهقي من حديث عمرو بن شعيب، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، ولتمام الفائدة ينظر الجواب رقم 8674
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1422(13/2510)
حكم المتزوجة من رجل دخل في الإسلام ولم يلتزم بشئ منه
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة مسلمة متزوجة منذ سنوات من رجل إنجليزى أشهر إسلامه قبل زواجه منها، ولكنه لم يلتزم بتعاليم الإسلام ولم يصل ولو مرة واحدة بل لم يدخل مسجداً فى حياته ويرفض مصاحبتها للحج، فهل هذا الزواج حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالكافر إذا نطق بالشهادتين، إما أن يكون ذلك على سبيل الإخبار، أو على سبيل الالتزام بالإسلام وشرائعه، ولا شك أن الشهادة على سبيل الإخبار لا تنفع صاحبها، ولا تثبت له حكم الإسلام في الدنيا، ولا النجاة في الآخرة، لأنها مجرد إخبار لا فائدة منه.
وقد شهد كثير من أهل الكتاب (اليهود والنصارى) والمشركين للرسول صلى الله عليه وسلم بالرسالة، لكنهم لم يتبعوه، فلم تنفعهم هذه الشهادة.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه (زاد المعاد) : (ومن تأمل ما في السير والأخبار الثابتة من شهادة كثير من أهل الكتاب والمشركين له صلى الله عليه وسلم بالرسالة، وأنه صادق، فلم تدخلهم هذه الشهادة في الإسلام، علم أن الإسلام أمر وراء ذلك، وأنه ليس هو المعرفة فقط، ولا المعرفة، والإقرار فقط، بل المعرفة والإقرار، والانقياد، والتزام طاعته ودينه ظاهراً وباطناً) . (3/638) .
وقال ابن القيم بعدما ذكر شهادة بعض المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم بالنبوة، وشهادة هرقل بذلك، وبعض اليهود حينما سألوه صلى الله عليه وسلم عن التسع آيات البينات، فأخبرهم بها فقبلوا يده، وقالوا: نشهد إنك نبي!. قال: "فما يمنعكم من أن تتبعوني؟ " قالوا: إن داود عليه السلام دعا أن لا يزال في ذريته نبي، وإنا نخشى إن اتبعناك أن تقتلنا يهود (فهؤلاء قد تحققوا نبوته، وشهدوا له بها، ومع هذا فآثروا الكفر والضلال، ولم يصيروا مسلمين بهذه الشهادة ... ) إلى أن قال: (وعلى هذا فإنما لم يحكم لهؤلاء اليهود الذين شهدوا له بالرسالة بحكم الإسلام، لأن مجرد الإقرار والإخبار بصحة رسالته لا يوجب الإسلام، إلا أن يلزم طاعته ومتابعته، وإلا فلو قال: أنا أعلم أنه نبي، ولكن لا أتبعه، ولا أدين بدينه كان من أكفر الكفار كحال هؤلاء المذكورين وغيرهم. وهذا متفق عليه بين الصحابة والتابعين، وأئمة السنة أن الإيمان لا يكفي فيه قول اللسان بمجرده، ولا معرفة القلب مع ذلك، بل لابد فيه من عمل القلب، وهو حبه لله ورسوله وانقياده لدينه، والتزامه طاعته ومتابعة رسوله، وهذا خلاف من زعم أن الإيمان هو مجرد معرفة القلب وإقراره، وفيما تقدم كفاية في إبطال هذه المقالة ... إلخ) مفتاح دار السعادة لابن القيم (1/93) .
وبناءً على ما تقدم فإننا نقول: هذا الزواج باطل لأنه تم بين امرأة مسلمة ورجل كافر لم يدخل الإسلام أصلا بل هو ما يزال على كفره وضلاله حيث لم يلتزم بأحكام الإسلام وفرائضه، ويجب على هذه المرأة مفارقته فورا؛ لإجماع المسلمين على بطلان زواج المسلمة من كافر، كما يجب عليها عدم تمكينه من نفسها وإلا وقعت في الزنا عياذا بالله، وعليها أن تستعين بمن يستطيع تخليصها من الزواج الباطل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1422(13/2511)
الابتعاد عن نكاح الكتابيات أفضل لعدة أمور
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا تزوج المسلم من فتاة من أهل الكتاب، هل يجوز لها أن تبقى على دينها، وإذا توفي الزوج فهل ترث، وإذا توفيت أين تدفن، وهل تجوز الصلاة عليها والدعاء لها بالرحمة؟
جزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أحل الله تعالى للمؤمن نكاح المؤمنة المحصنة العفيفة، وبين تعالى أن المؤمنة ولو كانت أمة خير من المشركة ولو أعجبت الناس. قال تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم) [البقرة:221] .
والعلة في ذلك ذكرها الله تعالى بقوله: (أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه) [البقرة:221] .
واستثنى الله تعالى من المشركات الكتابيات (النصرانيات واليهوديات) ، حيث إن الكتابيات يشتركن مع المسلمات في بعض العقائد، كالإيمان بالله واليوم الآخر والحساب والعقاب ونحو ذلك، مما عساه أن يكون مساعداً في هدايتهن إلى الإسلام.
وقيد سبحانه جواز نكاح الكتابية بأن تكون محصنة (عفيفة) ، قال تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) [المائدة: 5] .
فإن كانت غير محصنة (غير عفيفة) فلا يحل نكاحها. ولذلك كان عمر رضي الله عنه يمنع من ذلك، ونهى الصحابة عنه.
والأولى للمسلم أن يتزوج بمسلمة لعدة أمور، منها:
- أن المسلمة تربي أولاده على الإسلام، وليس هناك خلاف بينهما لاشتراكهما في دين واحد، فلا يضر بقاء الأولاد معها في حال المفارقة بموت أو طلاق.
- أنه لا يأمن المسلم من أن تؤثر الكتابية على أولاده فينشئوا متأثرين بعقيدتها وسلوكها.
- أن الغالب على هؤلاء ـ لا سيما الأوروبيات ـ ترك الدين الذي ينتسبون إليه إلى مذاهب وملل أخرى، كالوجودية والإلحاد، ولا ارتباط لهن بدينهن. فهن في الحقيقة لا دين لهن. كما أن الغالب عليهن عدم العفة وهو شرط معتبر في جواز نكاحهن. ومع ذلك فإن وثق من الكتابية في عفتها، وأنها باقية على دينها فإن الأصل جواز نكاحها.
لكن ننصح بعدم اللجوء إلى الزواج منهن إلا في أضيق نطاق لما ذكرنا. وليعلم أن التحريم ليس وحده هو الحاجز، بل هناك مفاسد ومشاكل تنشأ من مثل هذه الزيجات، تجعل تركها أحمد في العاقبة، وأهنا للعيش.
ويزداد الأمر خطورة بالنسبة لليهوديات في الوقت الحاضر لأن اليهود قوم بهت ماكرون، وقد يستعملون لصالح حربهم المعلنة على المسلمين بعض نسائهم في جلب الشر إلى المجتمعات الإسلامية والتجسس عليها، وهذا أسلوب معلوم عندهم في حرب من يعاودونهم.
هذا من حيث مبدأ الزواج من الكتابيات، فإذا حصل الزواج، فإنه في حال الوفاة لا يرث أحدهما الآخر، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يرث مسلم كافراً، ولا كافر مسلماً" متفق عليه.
وإذا توفيت فإنها تدفن في مقابر الكافرين، ولا تدفن في مقابر المسلمين، فإن لم يكن للكافرين مقبرة يدفنون فيها دفنت في موضع منفرد، ولا تجوز الصلاة عليها، ولا الدعاء لها بالمغفرة، لأنها ماتت على الشرك قال تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) [التوبة:113] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1422(13/2512)
إذا أسلم الزوج، واستمرت الزوجة على دينها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة من فلسطين، أدخل الى ساحة الحوار في مواقع انجليزية وأحاول نشر الاسلام وتعريف الأجانب عليه، ومن الذين حاورتهم رجل هندي كان هندوسيا ولكنه ذو فطرة سليمة، وهداه الله إلى الاسلام بعد عدة حوارات معي، وهذا الرجل متزوج من امرأة هندوسية من حوالي 15 سنة، وهو يحبها،
والآن هو أصبح مسلما وهي ما تزال على دينها وهو يحاول دعوتها إلى الإسلام، ولكن الله لم يشرح صدرها إلى الآن، لأن لديها بعض الاعتراضات على أمور مثل الحجاب وتعدد الزوجات، وأنا أعلم أنه لا يجوز لمسلم أن يتزوج من مشركة، ولكنني لم أخبره بذلك لأنني أرجو أن يهديها الله للإسلام على يديه.
سؤالي هو: هل عليه إثم بالبقاء معها الآن وهي على دينها؟ وهل يجب علي أن أخبره بأنه لا يجوز له البقاء معها إذا طال عنادها ورفضها للإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يأجرك على ما قدمت في دعوة هذا الرجل إلى الإسلام، وأن يثبته ويقوي إيمانه، وأن يكرم أهله وولده بالإسلام.
وينبغي أن يجتهد في دعوة أهله إلى الإسلام، وأن يبن لهم أن الدخول في الإسلام لا يتوقف على لبس الحجاب، فعليها أن تدخل في الإسلام، وتتعلم أحكامه وآدابه، ثم تتخذ قرارها بعد في لبس الحجاب أوعدم لبسه، وأن يطمئنها في أمر تعدد الزوجات، بأن يعدها ويلتزم لها بأنه لن يتزوج عليها، ويخبرها بأن كثيراً من المسلمين لا يعددون الزوجات مع إيمانهم بجواز ذلك.
والذي نراه لك أن تسعي في ربطه بجماعة مسلمة تقيم في بلده، فهذا خير معين له على الثبات والاستقامة، وأن تتولى هذه الجامعة إخباره بشأن علاقته مع زوجته وليكن كل ذلك بأسرع ما يمكن فلا شك أن بقاءها - كافرة - في عصمته - وقد أسلم - غير جائز.
نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1422(13/2513)
التوفيق بين تحريم المرأة على الكافر وبقاء زوجة أبي طالب في عصمته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ:
هل مات أبو طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم كافرا أم مسلما وكيف ذلك؟ علماً أن زوجته فاطمة بنت أسد من أوائل الداخلين في الإسلام وكيف سمح الرسول صلى الله عليه وسلم ببقائها على ذمته لحين وفاته. والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أبا طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم مات كافراً، لا يوجد في ذلك خلاف معتبر بين أهل العلم، وقد روى البخاري ومسلم وأحمد والترمذي والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما حضرت وفاة أبي طالب أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا عماه قل لا إله إلا الله، أشهد لك بها يوم القيامة"، فقال: لولا أن تعيرني قريش يقولون: ما حمله عليه إلا جزع الموت، لأقررت بها عينك، ولا أقولها إلا لأقر بها عينك، فأنزل الله عز وجل: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين) .
وهكذا قال عبد الله بن عباس وابن عمر ومجاهد والشعبي وقتادة: إنها نزلت في أبي طالب، حين عرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: لا إله إلا الله.
وروى البخاري من حديث عباس بن عبد المطلب أنه قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ما أغنيت عن عمك، فإنه كان يحوطك ويغضب لك قال: "هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار".
وروى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عنده عمه فقال: "لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه".
وفي رواية: "تغلي منه أم دماغه".
وروى مسلم من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أهون أهل النار عذاباً أبو طالب، وهو منتعل بنعلين يغلي منهما دماغه".
وأما سماحه صلى الله عليه وسلم ببقاء فاطمة بنت أسد في عصمة أبي طالب، فإن ذلك كان قبل تحريم بقاء المؤمنات تحت الكفار، لأن أبا طالب مات عام الحزن، وهو قبل الهجرة بثلاث سنين، وتحريم بقاء المؤمنات في عصم الكفار نزل في صلح الحديبية عام ستة من الهجرة.
أخرج الشيخان عن المسور ومروان بن الحكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عاهد كفار قريش يوم الحديبية جاءت نساء من المؤمنات، فأنزل الله: (يا أيها الذين أمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات ... ) إلى قوله تعالى: ( ... ولا تمسكوا بعصم الكوافر) ، وأخرج الواحدي عن ابن عباس قال: إن مشركي مكة صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية على أن من أتاه من أهل مكة رده إليهم، ومن أتى من أهل مكة من أصحابه فهو لهم، وكتبوا بذلك كتاباً وختموه، فجاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية بعد الفراغ من الكتاب، والنبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية، فأقبل زوجها وكان كافراً، فقال: يا محمد رد علي امرأتي، فإنك قد شرطت علينا أن ترد علينا من أتاك منا، وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد، فأنزل الله هذه الآية.
فوفاة أبي طالب، ونزول تحريم بقاء المؤمنات في عصم الكفار بينهما تسع سنين. والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1422(13/2514)
السنة التي نزل فيها تحريم التزاوج بين المشركين والمسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ هل كان تحريم الإسلام لزواج المشرك من المسلمة والمسلم من المشركة في أول ظهور الإسلام.
وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم يكن تحريم زواج المشرك من المسلمة، والمسلم من المشركة محرماً في ابتداء الإسلام، وإنما حرم بقوله تعالى: (لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهم) [الممتحنة: 10] .
قال الحافظ ابن كثير: هذه الآية هي التي حرمت المسلمات على المشركين، وقد كان جائزاً في ابتداء الإسلام أن يتزوج المشرك المؤمنة. والآية المذكورة من سورة الممتحنة، وهي قد نزلت بعد صلح الحديبية، وكان هذا الصلح في السنة السادسة من الهجرة، إذا فتحريم المسلمة على المشرك، والمشركة على المسلم كان سنة ست في أثنائها أو بعدها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1422(13/2515)
شروط صحة الزواج من الكتابية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل مسلم أتيت إلى رومانيا من أجل العمل وتزوجت من امرأة رومانية وذلك كان قبل 9 سنوات، لم تسلم زوجتي وبقيت على دين النصرانية، منذ شهرين طلبت مني زوجتي الطلاق وتم ذلك في المحكمة الرومانية، علماً بأن العقد الأول أيضاً كان في المحكمة الرومانية ولم يتم عمل عقد إسلامي. الآن عادت المرأة حيث تطلب الزواج مرة أخرى. علمت من صديقتها أنها خلال الفترة التي قد طلقتها بها قد مارست الزنى مع رجلين أعرفهما، سألتها عن ذلك فلم تنكر وقالت إن هذه غلطة قد ارتكبتها، السؤال هو هل أستطيع أن أتزوج منها بعد هذا الفعل، وإذا جاز ذلك فمتى يمكن ذلك، علماً بأني أحبها كثيراً، وعندما تزوجتها لم تكن عذراء، أفيدونا جزاكم الله خيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز الزواج بأي امرأة - مسلمة أو كتابية- إلا بموجب عقد شرعي يستوفي أركانه، كوجود المتعاقدين، وولي الأمر، والمهر، وتتوفر فيه الشروط الشرعية اللازمة. فإذا كان زواجك من المرأة المذكورة بموجب عقد لم تتوفر فيه الأركان أو الشروط الشرعية فإنه عقد باطل ومعاشرتك لها بموجب ذلك العقد تعتبر سفاحاً لا نكاحاً، ولا يعتبر العقد المدني الوضعي في عقود النكاح لأن الفروج لا تستحل إلا بكلمة الله، وتلك العقود ليست من كلمة الله في شيء، كما أنه يشترط أيضاً في الكتابية المراد الزواج منها بموجب عقد شرعي أن تكون محصنة -أي عفيفة- ولا يجوز الزواج بغير المحصنة. والمعروف الآن في دول الغرب أن وصف الإحصان يكاد يكون معدوماً، كما أن نساء الغرب أكثرهن لم يبق لهن من النصرانية إلا الاسم، والواحدة منهن في حقيقة الأمر: إما ملحدة شيوعية أو غيرها، وإما وثنية، إلى غير ذلك من العقائد التي تخرجها عن كونها كتابية. ومعلوم أن الزواج من المشركات محرم.
فعليك بالتوبة إلى الله على ما بدر منك، كما أنه لا يجوز لك الزاوج منها لما عرفت من فجورها وعدم إحصانها والله يقول: (والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين) [النور:3] وأنى لمسلم أن يرضى بمثل هذه زوجة؛ بل الأولى للمسلم حتى وإن وجد الكتابية المحصنة العفيفة أن يتزوج بالمسلمة، فإن ذلك خير له. وانظر أيضاً جواب رقم 5315.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1422(13/2516)
شروط الزواج بالكتابية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهى الشروط الواجب مراعاتها عند الزواج من غير مسلمة تدعي أنها مسيحية، وهل يجب مرضاة أهلها وهل تصدق باستبراء رحمها وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزواج بالكتابية يشترط له ما يشترط للزواج بالمسلمة من الولي والصداق والشهود.
ويلي الكتابية وليها الكافر، فإن اعترض على زواجها من مسلم - لكونه مسلماً- فإنه يعتبر عاضلاً لها عمن هو كفؤ لها، فتنتقل الولاية عنه إلى غيره من الكفار ولو بَعُدَ، ولا يصح النكاح إلا بولي، ولا يلي الكافرة إلا من هو على دينها.
أما عن تصديق الكتابية فيما تدعيه من براءة رحمها، فالجواب عليه هو أنه يشترط للزاوج منها أن تكون محصنة (عفيفة) -كما تقدم- وإذا كان هذا هو الظاهر من حالها فلا داعي لاستبرائها، وإلا فلا يجوز نكاحها أصلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1422(13/2517)
حكم إبقاء الزوجة المرتدة.
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم
تزوجت منذ سنة من امرأة أجنبية كانت حديثة العهد بالإسلام وكانت محجبة وبعد فترة قصيرة قالت لي إن في الإسلام أخطاء فهي لا تؤمن بأن خروج الهواء من الإنسان يبطل الوضوء، وأن المرأة لا يجب أن تصلي بالحجاب لأن الله ليس برجل لينظرإليها وأن الرسول أضاف بعض الأمور من عنده إلى القرآن.
سؤالي هو: هل يجوز شرعًا أن أبقيها كزوجة مع العلم أنها تقول بأنها تؤمن بوحدانية الله وأنها تؤمن بالأديان الثلاثة ولكن هذه الأديان حرفت بما فيها الإسلام.
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه المرأة مادامت اعتنقت الإسلام، وعرفت ما يجب على المسلم تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ما جاء به هو من عند الله، وأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فإن ما صدر منها يعتبر ردة وخروجاً على الإسلام. وعليه فلا يجوز إبقاؤها كزوجة لقوله تعالى: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) [الممتحنة: 10] ولقوله: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) [البقرة:221] وقول هذه المرأة: إنها تؤمن بالأديان الثلاثة لا يفيدها شيئاً، لأن الإيمان كما هو معروف ليس مجرد قول باللسان مع التمسك بما يناقضه من عدم الانقياد والتسليم لأحكامه تعالى، واعتقاد أنه صلى الله عليه وسلم زاد في الشريعة من عند نفسه أو نقص، هذا كله يناقض الإيمان بالله وبرسوله، وقد قال تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً) [النساء: 65] ثم إن الإيمان بالأديان الثلاثة إنما ينفع من جزم بأن الإسلام ناسخ للدينين اللذين قبله، ومهيمن عليهما فالإيمان بهما على غير هذا الوجه لا ينفع صاحبه. قال تعالى: (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) . [آل عمران:85] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1422(13/2518)
الابتعاد عن نكاح الكتابيات أفضل لعدة أمور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يستطيع المسلم الزواج من أوروبية أو نصرانية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أحل الله تعالى للمؤمن نكاح المؤمنة المحصنة العفيفة، وحرم نكاح المشركات أياً كانت ديانتهن، وبين تعالى أن المؤمنة ولو كانت أمة خير من المشركة ولو أعجبت الناس. قال تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم) [البقرة:221] .
والعلة في ذلك ذكرها الله تعالى بقوله: (أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه) [البقرة:221] .
واستثنى الله تعالى من المشركات الكتابيات (النصرانيات واليهوديات) ، حيث إن الكتابيات يشتركن مع المسلمات في بعض العقائد، كالإيمان بالله واليوم الآخر والحساب والعقاب ونحو ذلك، مما عساه يكون مساعداً في هدايتهن إلى الإسلام.
وقيد سبحانه جواز نكاح الكتابية بأن تكون محصنة (عفيفة) ، قال تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) [المائدة: 5] .
فإن كانت غير محصنة (غير عفيفة) فلا يحل نكاحها. ولذلك كان عمر رضي الله عنه يمنع من ذلك، ونهى الصحابة عنه.
والأولى للمسلم أن يتزوج بمسلمة لعدة أمور، منها:
- أن المسلمة تربي أولاده على الإسلام، وليس هناك خلاف بينهما لاشتراكهما في دين واحد، فلا يضر بقاء الأولاد معها في حال المفارقة بموت أو طلاق.
- أنه لا يأمن المسلم من أن تؤثر الكتابية على أولاده فينشئوا متأثرين بعقيدتها وسلوكها.
- أن الغالب على هؤلاء ـ لا سيما الأوروبيات ـ ترك الدين الذي ينتسبون إليه إلى مذاهب وملل أخرى، كالوجودية والإلحاد، ولا ارتباط لهن بدينهن. فهن في الحقيقة لا دين لهن. كما أن الغالب عليهن عدم العفة وهو شرط معتبر في جواز نكاحهن، ومع ذلك فإن وثق من الكتابية في عفتها، وأنها باقية على دينها فإن الأصل جواز نكاحها.
لكن ننصح بعدم اللجوء إلى الزواج منهن إلا في أضيق نطاق لما ذكرنا. وليعلم أن التحريم ليس وحده هو الحاجز، بل هناك مفاسد ومشاكل تنشأ من مثل هذه الزيجات، تجعل تركها أحمد في العاقبة وأهنا للعيش.
ويزداد الأمر خطورة بالنسبة لليهوديات في الوقت الحاضر لأن اليهود قوم بهت ما كرون وقد يستعملون لصالح حربهم المعلنة على المسلمين بعض نسائهم في جلب الشر إلى المجتمعات الإسلامية والتجسس عليها وهذا أسلوب معلوم عندهم في حرب من يعادونهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1421(13/2519)
إنكاح الكتابي المسلمة لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز زواج المسلمة بالكتابى فى بلاد الغرب؟ علما بما يلي:
هناك الكثير من المسلمات اللاتي ولدن فى بلاد الغرب لايجدن أحدا يتقدم للزواج منهن من الشباب المسلم، لأن عدد الذكور المسلمين مقارنة بالإناث يعتبر قليلاً جدا فى بلاد الغربة، كما أن الكثير منهم يتزوج من بنات كتابيات من أهل تلك البلاد، إضافة إلى أن قانون تلك البلاد يجرم الجمع بين زوجتين. أفيدونا بحل عاجل لهذة المشكلة، لأن عدد المسلمات اللاتي يقدمن على الزواج من غير المسلمين يزداد كل يوم، وإذا حاولت نصحهن بالصوم قلن لي: إنت لا تشعرين بما نشعر به، لأنك متزوجة، كما أن انتشار الرذيلة فى هذه البلاد يجعل الصوم حلا غير عملي، وكل واحدة منا تحلم بالأسرة والأولاد، كما أننا بزواجنا بالكتابي يكون حالنا أفضل من الشباب المسلم الذى يتزوج من كتابية ثم يطلق زوجته، لأنه يفقد أبناءه وقد يفقدون دينهم. أما نحن المسلمات فلو تعرضت واحدة للطلاق فأولادها لها بالقانون والأبناء يتبعون دين الأم، وإذا لم يحدث الطلاق فمن المعروف أن الأولاد أكثر تأثراً بالأم لطول الوقت الذى يقضونه معها. أرجو الرد على ذلك ووضع حل للمسلمات فى الغرب للحد من إقبالهن على الزواج بغير المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فزواج المسلمة بالكتابي لا يجوز بحال من الأحوال، ولم يقل به أحد من الأئمة والعلماء، لأنه يخالف صريح القرآن الكريم حيث يقول الله تعالى: (ولن يجعل لله للكافرين على المؤمنين سبيلا) [النساء: 141] .
فالمسلمة بحكم كونها زوجة يجب عليها الطاعة للكافر والخضوع له، والكافر لا يحترم دينها، بل يذلها في دينها ويقول تعالى: (ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا) [البقرة: 221] ، فهي تضحي بدينها في سبيل شهوة عابرة، وذلك لا يمكن إقراره في دين الإسلام.
أما أن شباب المسلمين يتزوجون ببنات الكافرين ويتركون المسلمات فعلى المسلمين أن يكونوا أعلى همة من غيرهم فيتحدوا في سبيل مواجهة هذه الأخطار، وعليهم أن يستعينوا بالمسلمين في بلاد الإسلام لزواج بناتهم، فإن معظم المسلمين المقيمين في الغرب لهم أقارب وأصدقاء في العالم الإسلامي، لئلا يقعوا في هاوية الفجور والزنا مع الكافرين، وأن يكبحوا شهواتهم بالصوم، أو بتناول بعض الأدوية القاطعة للشهوة، ومن استطاع ترك تلك البلاد وجب عليه ذلك، فراراً بدينه وعرضه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1422(13/2520)
يجوز الزواج من الكتابية بنص الآية الصريحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الزواج من الكتابية وهي على ديانتها دون أن تدخل قي الاسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: لقد أحل الله للمؤمن أن يتزوج المؤمنة المحصنة أي العفيفة وكذلك أحل له الزواج من عفيفات أهل الكتاب قال تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم..) [المائدة:5] والزواج من الكتابيات المحصنات العفيفات مستثنى من عموم الزواج من المشركات الذي قد حرمه الله على عباده قال تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يُؤْمِنَّ ولأَمَةٌ مؤمنةٌ خير من مشركة ولو أعجبتكم) [البقرة: 221]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/2521)
زواج المسلم من الكتابية جائز ولا يخلو من مفاسد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز زواج المسلم من الكتابية فى بلاد الغرب علما بما يلي: ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
1- عند حدوث طلا ق بين الزوجين فإن القانون يعطي الأولاد للزوجة مما يترتب عليه اعتناق الأولاد لغير الدين الإسلامي.
2-التاثير القوى للمجتمع على عقيدة الابناء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه وسلم أما بعد:
1ـ أباح الله جل وعلا للمسلم أن يتزوج بالكتابية ـ المسيحية أو اليهودية ـ شريطة أن تكون محصنة غير زانية. والزواج من المسلمة أولى صيانة للمؤمنات، وتجنباً لكثرة العنوسة بين المؤمنات.
2ـ وإذا خاف المسلم على الذرية من الوقوع في شباك الكفار عند الفراق يمكنه أن يكتفي بالعشرة المجردة دون طلب الذرية، فقد ثبت عن الصحابة أنهم كانوا يعزلون خوفا على الولد من الغيلة.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/2522)
يجوز الزواج بالكتابية ويحرم بالملحدة الكافرة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أولا نهنئكم على هذه البادرة الطيبة والتي بفضلها وبإذن الله أصبح بإمكان المسلمين في بلاد الاغتراب الاهتداء إلى ما فيه خيرهم في أمور دينهم وبعد: أنا متزوج من امرأة روسية منذ ستة أعوام ولي منها ولدان وموضوعي هو الآتي: عند عقد قراننا طلب الشيخ من زوجتي أن تنطق بالشهادتين لكنها رفضت وحجتها في ذلك أنها تجهل الدين الاسلامي وأنها ستنطق بها حال اقتناعها به. (علماً أنها تؤمن بوجود الله جل جلاله) سؤالي هو هل عقد قراني منها شرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ...
فقد أحل الله للمؤمن أن يتزوج المؤمنة المحصنة أي العفيفة، وكذلك أحل له الزواج من عفيفات أهل الكتاب قال تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم..) [المائدة: 5] . والزواج من الكتابيات المحصنات العفيفات مستثنى من عموم الزواج من المشركات الذي حرمه الله على عباده قال تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يُؤْمِنَّ ولأَمَةٌ مؤمنةٌ خير من مشركة ولو أعجبتكم) [البقرة: 221] . فإذا لم تكن هذه المرأة على دين أهل الكتاب كأن تكون شيوعية ملحدة فلا يجوز الزواج منها ويعتبر العقد باطلاً، ويجب عليك أن تفارقها لبطلان العقد، وأولادك منها ينسبون إليك لجهلك بتحريم هذا عند العقد، ولا يكفي اعترافها بوجود إله، أو اعترافها بالأديان إلا أن تعتنق دين الإسلام أو دين أهل الكتاب، وأما إن كانت على دين أهل الكتاب وأبت عند العقد الدخول في الإسلام فالزواج شرعي صحيح، وعليك أن تستمر في دعوتها إلى الإسلام وترغيبها فيه، وأن ترى من افعالك ومواقفك ما يرغبها فيه، ويعظمه في عينها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(13/2523)
لا يجوز إعطاء الزوجة الكتابية فرصة لتؤثر على دين الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي أجنبية متدينة في الديانة المسيحية (لكننا نعيش في بلدي) ولقد عرفت أنها تدعوا صديقاتها الى الدين المسيحي (صديقاتها من أهل ملتها) مع العلم أننا لسنا مختلفين في أغلب المواضيع من الناحية الدينية وجه الخلاف أنها لا تؤمن بديننا وبرسولنا. فما حكم الدين في ذلك مع العلم أنها تقول لي أيضا إن دينها يحتم عليها أن تقول لأولادها عن دينها؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
كان الأولى بالسائل الكريم أن يتزوج بامرأة مسلمة يبني من خلال الزواج بها أسرة توحد الله وتطبق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بحيث يلحقه أجر عمل هذه الأسرة في حياته وبعد مماته كما ثبت ذلك عن نبينا صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: وذكر منها (ولدً صالحً يدعو له) . والمسؤولية الآن تتحملها أنت أخي السائل في تربية أولادك والمحافظة عليهم من تأثير أمهم خاصة وقد تبين أنها تدعوا النساء ممن هن على دينها، وكأنك تقلل من شأن خلاف هذا حجمه، ونحن نؤكد لك أنها ما دامت تعتقد أن دينك باطل وأن ما أنت عليه ضلال مبين فلن تدخر جهداً في جرك وجر أبنائك إلى دينها، فلا محيد لك عن التخلص منها بأن تطلقها وتأخذ منها أبناءك ما دمتم في دولتك قبل أن تذهب إلى مكان لا يمكن فيه أخذهم منها. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/2524)
لا يصح نكاح كتابية غير محصنة
[السُّؤَالُ]
ـ[سألني مسلم عادي كان قد تزوج بيهودية في جاهليته دون أي عقد شرعي أو عرفي وعاش معها حياة زنى أنجب منها ثلاثة أولاد،السؤال: يريد أن يعقد عقدا شرعياً ما حكم الأولاد والحياة الزوجية المستقبلية؟ افيدوني بارك الله فيكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: ... على هذا المسلم أن يعلم أن الزنا ذنب عظيم فقد قال عنه الله جل وعلا " ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا "، فأول واجب على هذا الرجل أن يتوب إلى الله جل وعلا، وأن يكثر من أفعال الخير فبقاؤه هذه المدة الطويلة على ممارسة فاحشة الزنى مع هذه المرأة أمر خطير. أما عن زواجه من هذه المرأة في المستقبل ـ فهذا غير جائز له ـ وإن كانت كتابية (يهودية) لأن شرط زواج المسلم من الكتابية أن تكون محصنة والمحصنة هي العفيفة وما دامت قد رضيت أن تقيم معه على ممارسة الفاحشة فترة تنجب فيها ثلاثة أولاد فهي أبعد ما تكون عن الإحصان. فعليه أن يبتعد منها. وأما عن الأولاد فلا علاقة له بهم لأنهم أبناء زنى فلا يرثونه ولا يرثهم ولا ارتباط له بهم في الشرع ولا ينسبون إليه ما دام لم يرتبط بأمهم بعلاقة شرعية. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1424(13/2525)
يجوز نكاح الكتابية بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[أريدالزواج من امرأة كتابية. ماهي الشروط؟ وهل يجب عليها ارتداء الحجاب الإسلامي إذابقيت على دينها؟]ـ
[الفَتْوَى]
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
1 - اختلف الأئمة في شرط جواز نكاح الكتابية فقال بعضهم: يشترط شرطان: أ: أن يكون أصلها منتميا إلى بني إسرائيل. ب: أن تكون محصنة غير زانية ولا متخذة أخدان. وأكثر العلماء على أن شرط نكاحها أن تكون محصنة، أي عفيفة غير زانية ولا فاجرة. وقد تزوج جماعة من الصحابة من نساء النصارى ولم يروا في ذلك بأساً. وكان ابن عمر يمنع من ذلك، وروي عن عمر نفسه رضي الله عنه. ... 2 - ويقتضي الإحصان، أن تكون غير متبرجة على شكل أهل الفجور لأن ذلك ليس لباس أهل العفة والاحصان، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1422(13/2526)
لا تتزوج ممن تسب الصحابة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الزواج بامرأة تعتقد جواز سب الصحابة أو بعضهم وقد تفعل ذلك هي أحياناً وكذا العكس، أعني تزويج امرأة من رجل يعتقد ذلك أو يفعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
لحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: ...
فإن سب الصحابة رضوان الله عليهم منكر عظيم وإثم كبير، ومخالفة لصريح القرآن والسنة المشتملين على عظيم الثناء وكبير الحفاوة بأمر الصحابة الكرام، حملة القرآن ودعاة الإسلام، وهداة الأمم. ومن جمع بين سب الصحابة ودعوى ردة كثير منهم عن الإسلام، أو اعتقد جواز ذلك ولو لم يفعل، فهذا كافر مرتد عن الإسلام. ومن سب الشيخين أبا بكر وعمر أو سب أم المؤمنين عائشة ونسب إليها ما برأها القرآن منه، أو سب جميع الصحابة الذين رضي الله عنه ورضوا عنه. فهذا كافر أيضا وكفره في بعض هذه الصور محل إجماع. إذا تقرر هذا فليعلم أنه لا يجوز زواجك ممن قد ذكرت وصفها وكذا العكس، والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/2527)
استشيري زوجك بشأن التصرف بهذا المال
[السُّؤَالُ]
ـ[خالي يصنع لي حجرة نوم ثمنها 12000 جنيه مصري، وقالت لي والدتي سأقول له يخليها 11500 ممكن أعطيها 500 مع العلم أن زوجي لا يعلم بهذا وهي تحتاج ولو أعطيتها أحيانا لكي تستطيع أن تطبخ لأنها تثير شفقتي، تستلف من أحد لكي تأكل وتتعالج. الرجاء أفيدونى بسرعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد تملكت هذا المال الذي ستدفعينه، سواء من زوجك أو من غيره، فلا مانع من أن تعطي منه أمك. أما إن كان ما ستدفعينه من مال زوجك وإنما جعل لك التصرف فيه على سبيل الوكالة لا التملك، فلا يخلو الأمر حينئذ من إحدى حالتين:
الأولى: أن يكون عقد استصناع الغرفة قد تم بينك وبين خالك وأصبح لازما ثم خفض خالك من الثمن، فحينئذ يجوز لك التصرف فيما خفضه من الثمن؛ لأنه يكون هبة مباحة لك من خالك.
الحالة الثانية: أن يكون ما خفضه خالك من الثمن قبل لزوم العقد؛ أي في مجلس العقد (خيار المجلس) أو في مدة خيار الشرط، أو قبل العقد، فحينئذ لا يجوز لك التصرف المذكور في السؤال؛ لما نص عليه أهل العلم من أن الوكيل إنما يتصرف بما هو أحظ وأنفع لموكله. وحينئذ يكون الطريق المشروع لما تريدينه أن تستأذني زوجك وتذكريه بفضل الصدقة على المحتاجين، وتبيني له حاجة أمك وما قامت به من إحسان في سعيها لخفض خالك من ثمن الحجرة، فإن وافق فبها ونعمت، وإن كانت الأخرى فالحق له.
جاء في كشاف القناع عن متن الإقناع: (ولو باع له وكيله ثوبا) أو نحوه (فوهب له) أي للوكيل (المشتري منديلا) بكسر الميم أو نحوه (في مدة الخيارين فهو) أي المنديل (لصاحب الثوب) نص عليه (لأنه زيادة في الثمن) في مدة الخيارين (فلحق به) أي بالثمن وكذا عكسه وعلم منه أنه لو وهبه شيئا بعد مدة الخيارين أنه للموهوب له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2528)
مات عن أم وزوجة وأربع بنات وأخ شقيق وثلاث شقيقات
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية:
- للميت ورثة من الرجال: (أخ شقيق) العدد 1
- للميت ورثة من النساء: (أم) - (بنت) العدد 4- (زوجة) العدد 1- (أخت شقيقة) العدد 3
- إضافات أخرى: من هم الورثة الشرعيون، ما هي نسبة كل وريث من الورثة الشرعيين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكل المذكورين في السؤال ورثة، وإذا لم يترك الميت غيرهم فإن لأمه السدس لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى:.. وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ. {النساء:11} ، ولزوجته الثمن لوجود الفرع الوارث كما قال تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ. {النساء:12} ، وترث البنات الأربع الثلثان لقول الله تعالى في ميراث البنات: فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ. {النساء:11} ، والباقي للأخ الشقيق والأخوات الشقيقات -تعصيباً للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ. {النساء:176} .
فتقسم التركة على مائة وعشرين سهماً، للأم سدسها (عشرون سهماً) ، وللزوجة ثمنها (خمسة عشر سهماً) ، ولكل بنت عشرون سهماً، وللأخ الشقيق سهمان، ولكل أخت شقيقة سهم واحد.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2529)
حكم ارتفاع الإمام عن المأمومين قدر شبر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز رفع مستوى أرضية محراب المسجد الذي يصلي فيه الإمام عن باقي المسجد مقدار شبر لكي يشاهده المصلون هل في ذلك حرج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن ثم حاجة لتعلية مكان الإمام فإنه يكره تعليته لأنه يكره للإمام أن يصلي في مكان مرتفع عن المأمومين لما رواه أبو داود عن عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أنه كان بِالْمَدَائِنِ فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَتَقَدَّمَ عَمَّارٌ وَقَامَ عَلَى دُكَّانٍ يُصَلِّي وَالنَّاسُ أَسْفَلَ مِنْهُ فَتَقَدَّمَ حُذَيْفَةُ فَأَخَذَ عَلَى يَدَيْهِ فَاتَّبَعَهُ عَمَّارٌ حَتَّى أَنْزَلَهُ حُذَيْفَةُ، فَلَمَّا فَرَغَ عَمَّارٌ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ أَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِذَا أَمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ فَلَا يَقُمْ فِي مَكَانٍ أَرْفَعَ مِنْ مَقَامِهِمْ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ قَالَ عَمَّارٌ لِذَلِكَ اتَّبَعْتُكَ حِينَ أَخَذْتَ عَلَى يَدَيَّ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: ويكره أن يكون موقف الإمام عالياً عن موقف المقتدين اتّفاقاً، إلاّ إذا أراد الإمام تعليم المأمومين ... اهـ
وقد اختلف العلماء في قدر الارتفاع المكروه فذهب بعضهم إلى الكراهة فيما إذا زاد الارتفاع عن ذراع وأما أقل من ذلك فلا كراهة.
قال صاحب الروض: ويكره علو الإمام عن المأموم إذا كان العلو ذراعا فأكثر لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا أم الرجل القوم فلا يقومن في مكان أرفع من مكانهم فإن كان العلو يسيرًا، دون ذراع لم يكره. اهـ.
وفي الدسوقي من كتب المالكية مستثنيبا من الكراهة: قوله إلا بكشبر أي إلا أن يكون علو الإمام على المأموم يسيرا بأن كان ذلك العلو قدر شبر أو ذراع....
وذهب بعض أهل العلم إلى أن المكروه أن يجاوز الارتفاع القامة.
ففي المبسوط من كتب الحنفية:.... وذكر الطحاوي أنه ما لم يجاوز القامة لا يكره: لأن القليل من الارتفاع عفو في الأرض ففي الأرض هبوط وهو الكثير ليس بعفو فجعلنا الحد الفاصل أن يجاوز القامة ... .
ومن هذا يتبين لك أنه لا حرج في رفع مستوى أرضية محراب المسجد إلى القدر الذي ذكرت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2530)
حكم استجلاب الشهوة بهذه الوسيلة
[السُّؤَالُ]
ـ[صديق يسأل أن زوجته لا تأتيها الشهوة إلا عن طريق استعمال شطاف الماء. هل يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أن هذه المرأة تفعل ذلك بنفسها للشهوة، فذلك غير جائز لأنّه يدخل في الاستمناء وهو من الاعتداء الذي حرمه الشرع الحنيف، وانظر الفتوى رقم: 16443.
وإذا كانت المرأة لا تجد شهوتها في المعاشرة الزوجية المباحة فينبغي أن تلتمس الأسباب المشروعة لعلاج هذا الخلل، وليس لها علاجه بما حرمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2531)
حكم الصلاة إذا سلم الإمام من الثالثة فلما أخبروه أعاد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[صلى بنا الإمام صلاة العشاء وجلس عند الركعة الثالثة وسلم، فتكلم معه المصلون بذلك فقام وأعاد صلاة العشاء فأنكرت عليه محتجا بالحديث المعروف، علماً بأن الإمام لم يقم من مجلسه والكلام الذي دار بعد التسليم كان حول توضيح الأمر للإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان الواجب على هذا الإمام أن يقوم لقضاء الركعة التي نسيها ثم يسجد سجدتي السهو بعد السلام إن لم يكن تعمد الكلام، فإن كان كلم المصلين معتقداً أن صلاته قد تمت فلا شيء عليه، لأن كلام الناسي والجاهل لا يبطل الصلاة على الراجح من قولي أهل العلم، وأما من تعمد تكليمه من المصلين لإخباره بأنه قد بقيت عليه ركعة فإن صلاته تبطل عند الجمهور القائلين بأن الكلام عمداً يبطل الصلاة ولو كان لمصلحتها. وعند المالكية أن الكلام اليسير لإصلاح الصلاة لا يبطلها، واستدلوا على ذلك بحديث ذي اليدين الذي أشرت إليه، وأجاب عنه الجمهور بما ذكره الحافظ في الفتح وعبارته: واستدل به- أي بخبر ذي اليدين- على أن تعمد الكلام لمصلحة الصلاة لا يبطلها، وتعقب بأنه صلى الله عليه وسلم لم يتكلم إلا ناسياً، وأما قول ذي اليدين له بلى قد نسيت وقول الصحابة له صدق ذو اليدين فإنهم تكلموا معتقدين النسخ في وقت يمكن وقوعه فيه فتكلموا ظنا أنهم ليسوا في صلاة كذا قيل وهو فاسد لأنهم كلموه بعد قوله صلى الله عليه وسلم: لم تقصر، وأجيب بأنهم لم ينطقوا وإنما أومأوا كما عند أبي داود في رواية ساق مسلم إسنادها وهذا اعتمده الخطابي، وقال حمل القول على الإشارة مجاز سائغ بخلاف عكسه، فينبغي رد الروايات التي فيها التصريح بالقول إلى هذه وهو قوي لكن يبقى قول ذي اليدين بلى قد نسيت، ويجاب عنه وعن البقية على تقدير ترجيح أنهم نطقوا بأن كلامهم كان جواباً للنبي صلى الله عليه وسلم وجوابه لا يقطع الصلاة. انتهى منه مختصراً.
والحاصل أنه لم يكن يجوز لهذا الإمام أن يقطع الصلاة لقوله تعالى: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ. بل كان عليه المبادرة بالقيام إلى الركعة التي بقيت عليه فور إخبار المأمومين له بذلك، وأما من تعمد الكلام معه لإخباره بالخلل الذي وقع في الصلاة فكان عليهم أن يستأنفوا صلاة جديدة عند الجمهور فيدخلون معه فيما بقي من صلاته ثم يتمون صلاتهم بعد سلامه، وعند المالكية أن صلاتهم صحيحة ولا يلزمهم شيء لما قدمناه، أما وقد أعادوا الصلاة فقد برئت ذممهم جميعاً وأجزأتهم صلاتهم الثانية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2532)
امتناع البنت عن عمل توكيل على حسابها لأبيها هل يعد عقوقا
[السُّؤَالُ]
ـ[ساعدت أخي بمبلغ كبير من المال ـ وهو محتاج ـ لكي يكمل بناء منزله ولم يساعده أحد من إخوتي وأبي، حيث إنه أخي من أمي المتوفاة وقد غضب مني والدي وطلب مني أن جعل له توكيلا على حسابي بالبنك، ولكنني رفضت، باعتبار أنه مالي الخاص، فهل أعتبر عاقا؟ مع العلم أن أبي شخص لايتحمله أحد بسبب أخلاقه وقد حرمني من زيارته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من حقّ والدك أن يلزمك بعمل توكيل له على حسابك بالبنك، ولا يكون امتناعك من ذلك عقوقاً له، لكن من حقّه إذا كان فقيراً لا كسب له أن تنفقوا عليه بالمعروف، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد.
وأما إذا كان والدك غنياً، فلا يجب عليك الإنفاق عليه، لكن من الإحسان إليه أن تعطيه ما يطلبه منك من المال ممّا لا يلحقك ضرر بإعطائه، فإن لم تفعلي فلتعتذري له برفق.
واعلمي أنّه مهما كان حال والدك وسوء خلقه، فإنّ ذلك لا يسقط حقّه عليك في البرّ، فاحرصي على برّ والدك والإحسان إليه وطاعته في المعروف، فعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب أواحفظه. رواه ابن ماجه والترمذي، وصححه الألباني
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2533)
حكم تقبيل عورة الرضيع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنجبت منذ أشهر ولدا وأقيم حاليا عند أبي لأن، زوجي يعمل بالخارج في أمركا وتزورني حماتي أحيانا وفي يوم ما عند مجيئها كنت أغير حفاظات ولدي الرضيع فدخلت علي وكانت تداعب ولدي وتقبله ومن جملة ما فعلت تقبليه في أعضائه التناسلية وقد دهشت وذهلت وكرهت فعلها هذا جدا واعتبرته قبيحا وبصراحة كرهتها ولم أعد أريد زيارتها ولا رؤيتها خوفا من أن تعيد فعلها هذا، ولم أعد أثق بها وأخاف من ترك ابني الرضيع وحده معها، فهل ما قامت به حماتي حرام أم حلال؟ وإن كان حراما فهل فيه كفارة؟ وإن كان جائزا شرعا، فهل يحق لي أن أنهاها عن فعله، لأنني أبغض هذا الفعل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطفل غير المميز ـ كالمذكور في السؤال ـ لا حكم لعورته، فلا يحرم مسها ولا النظر إليها. وقد سبق بيان ذلك في الفتويين رقم: 112826، ورقم: 49463.
وعلى ذلك، فما فعلته حماتك ليس حراما ولا يدعو إلى كراهتها أو الخوف على أطفالك منها.
وإن كنت تكرهين هذا الفعل في نفسك فيمكنك أن تطلبي منها عدم فعله أمامك، مع مراعاة الأدب وانتقاء الكلمات واستعمال الأسلوب المناسب لمخاطبتك والدة زوجك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2534)
طلب من امرأته أن تتلف صورها مع مطلقها واهلها يعارضون
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت من سيدة مطلقة ـ وكان الزواج الأول بالنسبة لي ـ وبعد مرور سنوات وبمجرد الصدفة بدأت صور عرسها مع زوجها الأول تسقط في يدي وذلك في بيت والدها فطلبت منها أن تتخلص من هذه الصور، لأنها أصبحت زوجتي، ولكنها كانت تجد صعوبة من أهلها وكانت ترد علي بأنها تخلصت منها، ولكن ذلك لم يكن صحيحا، علما بأن أهلها لا تمكن مناقشتهم في ذلك، وأبنائي الآن في عمر الزواج وأخاف أن تسقط هذه الصور في أيديهم، فماذا أفعل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي لزوجتك أن تتخلّص من تلك الصور ما دمت قد سألتها ذلك، ويمكنها أن تحتال لإتلاف هذه الصور ولا يضرّها غضب أهلها، فإن لم تتمكن من ذلك، لمنع أهلها، أو لكونه يؤدي إلى مفسدة أكبر، فينبغي أن تعذرها في ذلك، وإذا وقعت هذه الصور في أيدي أولادك فلا نرى في ذلك خطراً، وما دامت الصور بعيدة عن الوقوع في أيدي الرجال الأجانب، فالأمر يسير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2535)
كيف تتصرف مع الحمام الذي لا يعرف صاحبة ويسبب الأذى
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب أن أسأل: عن حكم ذبح الحمام الذي يبني عشه على تكييف منزلي، مع العلم أنني أسكن في منطقة كلها عمارات ويوجد في كل مكان حمام لا صاحب له، وهذا الحمام موجود بكمية كبيرة ويبني أعشاشه على الشبابيك والتكييف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحمام لا مالك له، فيجوز لك أخذه وذبحه والانتفاع به.
وأما إن كان مملوكا للغير، فلا يجوز لك ذلك، وإنما يمكنك تنفيره بوسيلة مناسبة، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية: السؤال الخامس من الفتوى رقم: 9410: س: في بيتنا كثير من طيور الحمام الذي لا يعرف صاحبه، وهو يتكاثر بشكل كبير مسببا لنا الأوساخ والإزعاج، فهل يصح صيده وأكله أو تربيته في أقفاص؟.
ج: لك أن تحفظ منزلك عن دخول طيور الحمام بتنفيرها وعدم تهيئة المكان للتواجد فيه، ولا الطعام لتناوله، وبذلك تسلم من الأذى والأوساخ.
وأما صيده أو تربيته للتتملكه فلا يجوز إلا بإذن صاحبه المالك له.
وانظر الفتوى رقم: 10365.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2536)
حكم شراء أضحية من مبيعات بدين استقرت في ذمة البائع
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أشكركم على الموقع الجميل فعلاً ونفع الله بكم الإسلام والمسلمين وجعل ذلك في ميزان حسناتكم. آمين.
أنا أريد أن أشتري أضحية ولي عند البائع نقود قد تتجاوز ثمن الأضحية وقد لا تتجاوز. فهل يجوز أن أشتري الأضحية بثمن تلك الأشياء التي بعتها للبائع قبل ذلك ولم يدفع ثمنها؟ هل يجوز أن أشتري الأضحية ولا أدفع ثمنها بما لي عند البائع من نقود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في شراء الأضحية أو غيرها من المبيعات بدين قد استقر في ذمة البائع.
فقد جاء في الموسوعة الفقهية في مسألة: تمليك الدين للمدين: أن ما يكون الملك عليه مستقراً من الديون كغرامة المتلف وبدل القرض ... وثمن المبيع.. أن هذا النوع من الديون لا خلاف بين الفقهاء في جواز تمليكه لمن هو عليه بعوض أو بغير عوض. انتهى.
وقال الشيرازي في المهذب: أما الديون فينظر فيها فإن كان الملك عليها مستقراً كغرامة المتلف وبدل القرض جاز بيعه ممن عليه قبل القبض، لأن ملكه مستقر عليه فجاز بيعه كالمبيع بعد القبض. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2537)
يتعين عدم تعريض المسجد للإغلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[نريد أن نسألكم في أمر هام: نحن جماعة نسكن في قرية صغيرة في فرنسا ـ والحمد لله ـ نجحنا في أن نفتح مسجدا، لكن رئس البلدية لهذه القرية لا يريد جماعة الخروج في سبيل الله أن يأتوا إلى المسجد والذين يأتون من مدن أخرى ويهدّدنا بإقفاله ونحن مختلفون: ففينا من يرى أنه يجب منعهم، وفينا من يرى أنه لاينبغي منعهم.
أجيبونا جزاكم الله خيراً، فماذا نفعل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلمين يتعين عليهم الحفاظ على ما عندهم من الخير والسعي في المزيد، وبناء عليه فيتعين الحفاظ على بقاء المسجد مفتوحاً، ولا تعرضوه لما يؤدي لإغلاقه، وجماعة الدعوة التي تأتيكم يمكن أن تنزل في البيوت فإن أمكن السماح لهم بالصلاة في المسجد والمدارسة مع الناس في المسجد أوقات الصلوات ثم يكون سكنهم الرسمي خارج المسجد فهو أولى.
وإلا، فلتكن لقاءاتهم بالناس في البيوت والأندية والمقاهي ولا تعرضوا المسجد للإغلاق، وادعو الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين، ويرزقهم العون على إقامة جميع أعمالهم التعبدية، والدعوة بأمان وحرية، واحرصوا على عدم وجود الخلاف بين جماعة المسجد ولا تحملنكم العاطفة وحب ضيافة الضيوف على التفرق والتنازع الذي يخشى أن يؤدي للفشل، وتذكروا أن أعظم الدعاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تتح له الفرصة بمكة لجمع الناس بالمسجد والمدارسة معهم فيه، وإنما كان يلتقي بهم في بيت الأرقم بن الأرقم ـ رضي الله عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2538)
حكم السهو في الصلاة وسبل تجنبه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم السهو أثناء الصلاة؟ وما هي النصيحة لمن يسهو؟.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسهو في الصلاة أمر جبلي لا يسلم منه أحد ـ حتى إنه وقع من النبي صلى الله عليه وسلم ـ فلا يلام العبد إذا سها في صلاته، وقد رفع الله ـ برحمته ـ عن هذه الأمة المؤاخذة في الخطإ والنسيان، قال العلامة العثيمين ـ رحمه الله: السهو يقال: سها في صلاته وسها عن صلاته، أما سها في صلاته فالمعنى أنه نسي منها شيئاً ـ إما ركوعاً أو سجوداً أو تسبيحاً ـ وأما سها عن صلاته فالمعنى غفل عنها وتهاون بها، فالأول السهو في الصلاة أمر جبلي يحصل من كل أحد حتى الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه سها في صلاته. ولا يلام العبد لأنه من طبيعة الإنسان، وأما السهو عن الصلاة فهو المذموم الذي قال الله تعالى عنه: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ. أي غافلون عنها لا يهتمون بها، بل يتهاونون بها. انتهى.
وإذا كان هذا السهو يعرض للإنسان بسبب استرساله مع الوساوس والفكر في أمور الدنيا والإعراض عن تدبر الصلاة فعليه أن يأخذ بالأسباب التي تجنبه هذا السهو من الإقبال على الصلاة والإعراض عما سواها، قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله: هذا الأمر يشتكي منه كثير من المصلين، وهو أن الشيطان يفتح عليه باب الوساوس أثناء الصلاة، فربما يخرج الإنسان وهو لا يدري عما يقول في صلاته، ولكن دواء ذلك أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو أن ينفث الإنسان عن يساره ثلاث مرات وليقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فإذا فعل ذلك زال عنه ما يجده ـ بإذن الله.
وعلى المرء إذا دخل في الصلاة أن يعتقد أنه بين يدي الله عز وجل، وأنه يناجي الله تبارك وتعالى، ويتقرب إليه بتكبيره وتعظيمه، وتلاوة كلامه سبحانه وتعالى، وبالدعاء في مواطن الدعاء في الصلاة، فإذا شعر الإنسان بهذا الشعور فإنه يدخل في الصلاة بخشوع وتعظيم الله سبحانه وتعالى ومحبة لما عنده من الخير، وخوف من عقابه إذا فرط فيما أوجب الله عليه. انتهى.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: ينبغي للمصلي إذا حضر وقت الصلاة أن يتخلى عن كل شيء من أعمال الدنيا وشواغلها حتى يتجه ذهنه وتفكيره إلى عبادة ربه قدر الطاقة، فإذا تطهر ووقف في الصلاة وقف خاشعاً تالياً لكتاب ربه أو مستمعاً له متدبراً لمعانيه ولما يقوله من أذكار في صلاته ولا يستسلم للشيطان ووساوسه، بل عندما يعرض له أقبل على صلاته ويتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لما روي عن أبي العلاء بن الشخير أن عثمان قال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: حال الشيطان بيني وبين صلاتي وبين قراءتي، قال: ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أنت حسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثاً. قال: ففعلت ذاك فأذهب الله عز وجل عني. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2539)
تحريم النظر لصور المتبرجة
[السُّؤَالُ]
ـ[كما لا يخفى عليكم وجد في الفترة الأخيرة برامج الاتصال بين مستخدمي الإنترنت ما يسمى فيس بوك
يوميا يزداد عدد المستخدمين لهذا البرامج.
سؤالي: هل يجوز للرجل أن يضيف إلى ملفه الخاص في هذا البرامج امرأة أجنبية عنه إن كان يتم ذلك بصورة صغيرة لامرأة متبرجة أجنبية عنه؟ وهل يجوز للرجل أن ينظر إلى صورة صغيرة لامرأة متبرجة أجنبية عنه لصغر الصورة؟ وجد عدد ممن يشار إليه بالبنان يفعل ذلك, وفعلهم ذلك يستلزم دليلا على جواز ذلك. فما رأيكم أحسن الله إليكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنظر الرجل إلى صورة امرأة متبرجة أجنبية عنه حرام كما بيناه في الفتوى رقم: 55811.
من هنا يتبين أن ما تسأل عنه من إضافة عنوان البريد الذي يستلزم إضافة هذه الصورة المتبرجة غير جائز. وراجع حكم المحادثة بين الرجل والمرأة الأجنبية في الفتاوى التالية: 109089، 122152، 119444، 3672.
مع التنبيه على أن الأحكام الشرعية إنما تؤخذ من النصوص الشرعية من الكتاب والسنة ولا تؤخذ من أفعال الرجال حتى وإن كانوا من أهل العلم، وقد قال علي رضي الله عنه: إن الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله. وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 108000.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2540)
تحايل على الإقراض بالربا
[السُّؤَالُ]
ـ[أقيم في الولايات المتحدة الأميركية، وأمتلك بيتي الذي أعيش فيه أنا وعيالي، ونفكّر حالياً بشراء بيت في الشام، يبلغ ثمنه حوالي خمسمائة ألف دولار أميركي، أملك منها حالياً حوالي مائتين وستين ألف دولار أدخرها لهذا الغرض، وبالتالي ينقصني ما يقارب المائتين وأربعين ألف دولار لأتمكن من شراء البيت الذي أرغبه في الشام.
في نفس المدينة التي أعيش فيها في أميركا يوجد بنك أميركي تقليدي لديه قسم خاص للقروض والمعاملات الإسلامية، ولديهم عقود مرابحة وعقود إجارة وفق الشريعة الإسلامية.
هل يجوز أن أحصل على قرض من هذا البنك بضمان بيتي الذي في أميركا؟ والاسم المتداول لهذه الطريقة في الولايات المتحدة هو (هووم إكويتي لوون) ، أو (هووم ري فاينانسينغ) ، (أو كاش آووت لوون) .
أي قرض بضمان البيت، وعادةً تبلغ قيمة القرض ما يعادل ثمانين بالمائة من سعر البيت.
فعلى سبيل المثال، أذهبُ إلى هذا البنك وأقول لهم إنني أريد قرضاً بضمان بيتي، وفق عقد المرابحة، فيقوم البنك بإرسال شخص مختص لتقييم بيتي ومعرفة سعره الحقيقي، ولنفترض أنهم وجدوا أن سعره ثلاثمائة ألف دولار، وبالتالي أقصى حد للقرض الذي ممكن أن أحصل عليه منهم هو مائتين وأربعين ألف دولار، فيشترون ثمانين بالمائة من مساحة بيتي بمائتين وأربعين ألف دولار وتصبح ملكهم، ثم يبيعونها لي مرة أخرى مع إضافة نسبة ربح محددة نتراضى عليها، ولنفترض أن قيمة الربح التي حددها البنك هي سبعون ألفاً، وبالتالي يصبح المبلغ الواجب عليّ سداده هو ثلاثمائة وعشرة آلاف دولاراً، وأقوم بتسديدها على دفعات شهرية لمدة معينة ولنفترض أنها عشر سنوات.
أي أنني لكي أحصل على قرض، قمت ببيع ثمانين بالمائة من بيتي الذي أسكنه للبنك بقيمة مائتين وأربعين ألف دولار قبضتها نقداً، ثم قمت بشراء نفس هذه الثمانين بالمائة من مساحة بيتي بقيمة ثلاثمائة وعشرة آلاف دولار أسددها على دفعات شهرية، ويقوم البنك بتحويل مبلغ المائتين وأربعين ألف دولار، أي قيمة القرض، إلى حسابي البنكي في أميركا، وأنا أقوم بتحويله إلى حسابي البنكي في الشام، وهناك أضيفه إلى مدخراتي وأشتري البيت المطلوب في الشام.
والسؤالان المرجو التكرم بالإجابة عليهما هما.
أولاً: هل هذا القرض حلال وجائز أم لا؟
ثانياً: هل يمكن اعتبار هذا العقد هو عقد مرابحة وتنطبق عليه شروط وضوابط عقد المرابحة الإسلامية؟
أرجو التكرّم بالردّ المفصّل والسريع على هذين السؤالين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المعاملة وهي أن تبيع السلعة بثمن حال ثم تشتريها منه بأكثر نسيئة، هي عكس مسألة العينة، وهي مثلها في التحريم على الراجح، ومن أباحها اشترط ألا يكون هناك تواطؤا عليها لأنها بذلك حيلة على الربا.
وبالنسبة لسؤالك فالتحايل فيه على الربا واضح، وعلى ذلك فلا يجوز هذا القرض. وانظر للأهمية الفتوى رقم: 116297 وكذلك ما أحيل عليه فيها من فتاوى.
وأما اعتبار هذا العقد الربوي بيع مرابحة شرعي، فلا يمكن اعتباره كذلك، وإنما هو في حقيقته تحايل على الإقراض بالربا، والعبرة بحقيقة المعاملات لا بمجرد أسمائها. وراجع في المرابحة الشرعية الفتوى رقم: 1608.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1430(13/2541)
الحل يكمن في هذه الأمور.. والانتحار ليس حلا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة متزوجة، وكنت دائما أرجو التقرب إلى الله، ولكن بعد سنة من زواجي عجز زوجي جنسيا عجزا كاملا، ورضيت بما قضى الله لي، ولكني بعد 4 سنين ضعفت وكونت علاقة وراء الأخرى، ولكن ضميري يؤنبني وخوفي من الله يزداد يوما بعد يوم، وعدم رغبتي في التخلي عن زوجي هي التي تمنعني من الطلاق، فكرت كثيرا في الانتحار كي أتخلص من ذنوبي وضعفي الذي لا أقدر على مقاومته، أريد الله ولكن ضعفي يغلبني قد بدأت في الصلاة بعد أن قطعتها سنين، ولكن الشيطان يقول لي كيف تتكلمين مع الرجل وترجعين إلى الصلاة، بدأت في الرجوع إلى القرآن وسماعه، ولكني مازالت مع هذا الرجل الذي يحبني ويشعرني بأني أنثى، وأني مثل الشابات التي في سني، فأنا لا أريد شيئا سوى أن أشعر أني امرأة محتاجة لوجود رجل في حياتها، علما بأنه مرت سنوات دون أن يأخذني زوجي في حضنه، أو يقبلني كأنما عجزت مشاعره معه، أنا في أوائل الثلاثين من عمري، وهذا العجز منذ 6 سنوات. أرجو الإجابة. هل أستمر في الصلاة مع العلم أني أفكر كيف أتغلب على نفسي وأبعد عن الخطيئة، أو أترك الصلاة إلى أن أتخلص من أخطائي؟ هل أقف أمام الله وأنا أخطئ هذا الخطأ؟ أم أنتحر لكي أتخلص من حياتي ومن أخطائي التي زادت عن الحد، مع العلم أني في يوم من الأيام فكرت في الطلاق عندما فاض بي الكيل، ولكن لم أجد أهلي يقفون بجانبي، كأنهم لا يشعرون بي. أرجوكم احكموا لي بالانتحار كي أتخلص من نفسي، فقد قرفت منها ومن حياتي، ولولا كسوفي من مقابله الله لفعلتها. والله أرجو الرد فأنا بجد متعبة من كل شيء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تقومين به أيتها السائلة من علاقة مع هؤلاء الرجال الأجانب أمر محرم لا خلاف في تحريمه، ولسنا بحاجة إلى الاستفاضة في هذا لوضوحه وظهوره. وراجعي في ذلك الفتويين التاليتين: 22368، 28080.
وما أصيب به زوجك من عجز لا يسوغ لك هذا الذي تفعلين بأي حال، فإن الشرع قد جعل لك من هذا مخرجا كريما، إما بفسخ النكاح عن طريق القضاء، وإما بطلب الطلاق من زوجك لأجل الضرر اللاحق بك، وإما بالخلع إن رفض الزوج الطلاق. وقد بينا هذا في الفتويين التاليتين: 56738، 113898.
ولا يجوز لأهلك أن يمنعوك حينئذ من الطلاق، فإن أصروا على منعك من حقك في الانفصال عن زوجك، فارفعي أمرك للقضاء ليتولى القاضي ذلك رغما عنهم، والواجب عليك أن تسارعي بالتوبة إلى الله سبحانه من هذه العلاقات وقطعها فورا، ثم عليك بالمحافظة على إقامة الصلاة، فإن الصلاة وذكر الله أعظم عون للعبد على ترك الفواحش والمنكرات. قال سبحانه: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ {العنكبوت:45}
جاء في تفسير البغوي وقال عطاء في قوله: " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر" قال: ولذكر الله أكبر من أن تبقى معه معصية. انتهى.
وجاء في الحديث أن يحيى بن زكريا قال لبني إسرائيل: وآمركم بذكر الله كثيرا، ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره، فأتى حصنا حصينا فأحرز نفسه فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
واعلمي أنه لا يجوز ترك الصلاة أبدا مهما صدر من العبد من مخالفات، وهذا الحرج والضيق واليأس الذي تجدين في صدرك إنما تتخلصين منه بترك هذه المنكرات لا بترك الصلاة التي هي عماد الدين. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 121717.
وأما الانتحار فإنه كبيرة من كبائر الذنوب، وكثيرا ما يوسوس الشيطان للإنسان أنه هو الحل لما يعانيه من مشكلات، وهذا وهم كبير فإنه وإن كان صاحبه سيهرب به من شقاء الدنيا، فإنه سينتقل إلى الشقاء الأعظم في نار الجحيم والعياذ بالله. ولمزيد الفائدة يمكن مراجعة الفتوى رقم: 10397.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(13/2542)
حكم مقولة (الإمام مالك ليس رسولا يصيب ويخطئ في فتواه)
[السُّؤَالُ]
ـ[تحت عنوان التطاول على الأئمة سؤالي هو:
هل يحق للمؤمن أن يقول مثلا: الإمام مالك ليس رسولا يصيب ويخطىء في فتواه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إطلاق هذه العبارة على الإمام مالك أو غيره من الأئمة المجتهدين ـ صحيح، بشرط أن لا يصحبه استهانة أو انتقاص لأقدار أولئك الأئمة، وانظر الفتويين رقم: 4402، 56408.
هذا، وليحذر المسلم من إطلاق لسانه في العلماء وأئمة الدين حراس الشريعة؛ فإن لحومهم مسمومة، وعادة الله في هتك أعراض منتقصيهم معلومة، وهم ورثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وإجلالهم وإنزالهم منزلتهم من إجلال الله تعالى، وانظر الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 15399، 64606، 33943.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(13/2543)
إذا دخل الوتر بنية ركعة فهل له أن يقلبها ثلاثا
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجل ينوي الوتر بركعة وينسى دعاء القنوت، فهل يجوز له أن يزيد ركعتين، لكي لا يفوته دعاء القنوت؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا: أن دعاء القنوت في الوتر مختلف في استحبابه، والراجح مشروعيته في الوتر في رمضان وفي غيره، وانظر الفتوى رقم: 126543.
وليس قنوت الوتر واجبا عند أحد من العلماء ـ فيما نعلم ـ ومن ثم فصلاة من تركه سهوا أو عمدا صحيحة، ولا شيء عليه، وليس لمن نوى الوتر واحدة أن يغير نيته فيجعله ثلاثا عند كثير من أهل العلم، وقد أوضحنا هذا في الفتويين رقم: 68896، ورقم: 94083.
والظاهر أن مذهب الحنابلة هو جواز تغيير النية في الوتر، فإنهم أجازوا تغيير النية في صلاة النافلة إذا كان على وجه مباح، قال البهوتي في تعليل منع الزيادة على اثنتين لمن نواهما ليلا، مع جوازه نهارا: فإن قيل الزيادة على ثنتين ليلا مكروهة فقط وذلك لا يقتضي بطلانها قلت: هذا إذا نواه ابتداء، وأما هنا فلم ينو إلا على الوجه المشروع فمجاوزته زيادة غير مشروعة، ومن هنا يؤخذ أن من نوى عددا نفلا ثم زاد عليه إن كان على وجه مباح فلا أثر لذلك وإلا كان مبطلا له. انتهى.
وقال العلامة العثيمين ـ رحمه الله،: نص الإمام أحمد على أنه إذا قام في صلاة الليل إلى ثالثة فكأنما قام إلى ثالثة في صلاة الفجر يعني إن لم يرجع بطلت صلاته، لكن يستثنى من هذا الوتر، فإن الوتر يجوز أن يزيد الإنسان فيه على ركعتين فلو أوتر بثلاث جاز.
وعلى هذا، فإن الإنسان إذا دخل في الوتر بنية أن يصلي ركعتين ثم يسلم ثم يأتي بالثالثة، لكنه نسي فقام إلى ثالثة بدون سلام، فنقول له أتم الثالثة فإن الوتر يجوز فيه الزيادة على ركعتين. انتهى.
والأحوط هو القول الأول وأن من نوى عددا فلا يصرفه إلى غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1430(13/2544)
حكم تعليق لوحة مكتوب فيها اسم الله الضار النافع والمنتقم
[السُّؤَالُ]
ـ[أهداني أحدهم لوحة مكتوبا فيها أسماء الله الحسنى، لكن ليست كلها أسماء صحيحة، ففيها أسماء مثل الضار النافع، المنتقم: أي أنها أسماء مشتقة من صفات وأفعال لله سبحانه وتعالى ـ وهي لوحة قيمة ـ وتصر زوجتي على تعليقها في المنزل، فهل لنا أن نقوم بتعليقها؟ أم في ذلك إثم علينا؟.
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد ذكر تلك الأسماء في حديث رواه الترمذي واختلف أهل العلم في صحته، فمن صححه أدخل الأسماء المذكورة ضمن الأسماء الحسنى، ومن لم يصححه لم يدخلها في الأسماء الحسنى، وانظر لذلك الفتوى رقم: 12383.
وما دام المحدثون مختلفين في ثبوت الحديث فلا نرى أن تنكر على زوجتك مثل هذا الأمر، وإذا كانت زوجتك قد استندت في ذلك إلى قول المصححين للحديث فلا إثم عليها ـ إن شاء الله ـ وهذا كله في عد هذا من أسماء الله تعالى، أما مجرد أن نخبر عنه سبحانه بأنه الضار النافع فهذا لا خلاف ـ نعلمه ـ في صحته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1430(13/2545)
هل يلزم طاعة الزوج في إيقاد السراج عند الاستمتاع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إطفاء الأنوار عند الجماع إذا أصرت عليه المرأة، رغم معارضة زوجها وغضبه عليها؟ وهل يحق لها الامتناع؟ وهل تأثم لذلك، لأن هذا من حق الزوج؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لكل من الزوجين أن ينظر إلى بدن الآخر كله وليس في ذلك ما ينافي الحياء والمروءة، ومن حق الزوج أن يستمتع بزوجته على جميع الوجوه التي يأذن فيها الشرع، وبالتالي فإذا أراد الزوج أن يستمتع بالنظر لجسد زوجته حال جماعها وأراد إبقاء الأنوار متقدة ليستوفي هذه المتعة فلا حقّ للزوجة في منعه، إلا أن يكون عليها ضرر في ذلك، قال الشربيني: ونبه باللمس على أن ما فوقه بطريق الأولى، لكن لا يفهم منه أنها لو منعته النظر بتغطية وجهها أو توليته يكون نشوزا، والأصح في زيادة الروضة أنه نشوز. مغني المحتاج.
وينبغي للزوج أن يبين ذلك لزوجته برفق ويحرص على أن تكون علاقته بزوجته قائمة على التراحم والتفاهم والتوادّ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1430(13/2546)
خطبة المحرم وهل له أن يطلب من غيره أن يبحث له عن زوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعلوم أن الحاج لا يجوز له أن يعقد أو يشهد زواجا وهو في حال الإحرام، ولكن هل يجوز له أن يصرح لمن حوله أنه يبحث عن زوجة؟ وهل يجوز له ـ إن عرض عليه ـ أن يرى الرؤية الشرعية؟ وهل يجوز الدخول في نقاش يتعلق بالزواج أو ترتيباته؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما قولك إن المحرم لا يعقد نكاحا فصحيح وهو مذهب الجمهور، ودليله حديث عثمان ـ رضي الله عنه ـ عند مسلم: لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب.
وأما قولك إنه لا يجوز له أن يشهد زواجا ففيه نظر، فإن شهادة المحرم على النكاح ليست محرمة في قول الأكثر، وإن كانت مكروهة كما نص على ذلك أهل العلم، فالأولى والأفضل للمحرم أن لا يكون شاهدا في عقد نكاح، قال العلامة العثيمين ـ رحمه الله: أما الشاهدان فلا تأثير لإحرامهما، لكن يكره أن يحضرا عقده إذا كانا محرمين، فإن عقد النكاح في حق المحرم منهما حرام. انتهى.
وأما الخطبة للمحرم فقد ذهب كثير من العلماء إلى أنها مكروهة غير محرمة واختار بعض العلماء التحريم لظاهر النهي، قال النووي في شرح مسلم: واعلم أن النهى عن النكاح والإنكاح في حال الإحرام نهي تحريم فلو عقد لم ينعقد ـ سواء كان المحرم هو الزوج والزوجة أو العاقد لهما بولاية أو وكالة ـ فالنكاح باطل في كل ذلك حتى لو كان الزوجان والولي محلين ووكل الولي أو الزوج محرما في العقد لم ينعقد، وأما قوله صلى الله عليه وسلم ولا يخطب.
فهو نهى تنزيه ليس بحرام.
وكذلك يكره للمحرم أن يكون شاهدا في نكاح عقده المحلون.
وقال بعض أصحابنا لا ينعقد بشهادته، لأن الشاهد ركن في عقد النكاح كالولي، والصحيح الذي عليه الجمهور انعقاده. انتهى.
وقال العلامة العثيمين ـ رحمه الله: الخطبة الصحيح أنها حرام، لأن النهي فيها واحد مع العقد، وعموم الحديث: ولا يخطب.
أنه لا يخطب تعريضاً ولا تصريحاً. انتهى.
وقال ابن قدامة ـ رحمه الله: وتكره الخطبة للمحرم وخطبة المحرمة ويكره للمحرم أن يخطب للمحلين، لأنه قد جاء في بعض ألفاظ حديث عثمان: لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب. رواه مسلم.
ولأنه تسبب إلى الحرام فأشبه الإشارة إلى الصيد. انتهى.
وبه تعلم أن المحرم ليس له أن يخطب وأنه منهي عن ذلك ـ إما نهي كراهة وإما نهي تحريم ـ والرؤية الشرعية التي يراد بها الخطبة هي من هذا الباب فليس للمحرم أن يقدم عليها، وأما تصريحه لقرنائه بأنه يريد الزواج وحديثه بشأن ترتيبات الزواج ونحو ذلك فليس منهيا عنه شريطة أن يجتنب الرفث، فإن الله تعالى يقول: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ {البقرة:197} .
ولو شغل المحرم نفسه بالذكر والتلبية وما شرع له من الأعمال الصالحة في هذه المواسم الفاضلة لكان أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1430(13/2547)
حكم إجبار الأب على أن يخص بعض أبنائه بعطية دون باقيهم
[السُّؤَالُ]
ـ[والله لست أدري من حيث أبدأ، فمشكلتي مبهمة وغير معروفة، فأنا لست أفهم ما يجري لي، منذ مدة تزيد عن 4 سنوات اكتشفنا أن أبي كان متزوجا بامرأتين أخريين غير أمي التي مضى على زواجه منها أكثر من 47 سنة ـ وبحكم أن أبي كان يعمل خارج مكان إقامتنا ـ فلم نكن ندري ما يجري، كان يأتي إلينا في العطلة كل شهرين، بالرغم من أنه من كل 4 أسابيع يأخذ عطلة لمدة 3 أسابيع، فقد كان متزوجا، واكتشفنا الأمر عندما خرج التقاعد، حيث كان يسافر كل شهر ولا يرجع إلى البيت إلا بعد شهر، فاحتارت أمي إلى أين يذهب؟ فما كان مني إلا الذهاب إلى صندوق الإعاشة والسؤال هناك فاكتشفنا أنه متزوج من امرأتين والمشكلة ليست هنا ـ بالرغم من أمي أحست بهذا وهي متأكدة أنه متزوج، ولكن لا تعرف الحقيقة فقد أخفيتها عنها ـ وإنما بدأت عندما أردنا ـ أنا وإخوتي ـ أن نكتب كل أملاكه الموجودة في مكان إقامتنا ـ بالرغم من أنها بسيطة ـ بأسمائنا خوفا من أن تحصل بعد وفاته مشاكل - مع العلم أن أهل بلدتنا يكنون لنا كل الاحترام ولا يعلمون أنه متزوج من نساء أخريات ـ وأول شيء فعلته أنني قمت ببناء في البيت وطرحت عليه مقابل ذلك أن يكتب لي محلا تجاريا قديما في وسط البلدة، خوفا من أن يبيعه، لأنه في كل مرة يقوم بالبيع، فقد باع أراضي في مكان مهم وكذا مزرعة، لكن أين ذهبت الدراهم؟ لا يعلم أحد، بالرغم من أننا لم نكن نعيش بمستوى مرموق مثل الناس الذين كانوا أبوهم يعمل مثل عمل أبي وعلى حسب تفكيري فقد أخذ كل من العائلتين ـ بالرغم من صغر أفرادهم 4 أولاد ونحن 8 يعني الضعف ـ حقوقهم كاملة، ولهذا فإنني أرى أنه يجب أن نأخذ حقنا، فعند موافقة أبي على منحي المحل كتب لي وكالة بالتصرف في المحل والمسكن وهذا بعد مجهود جبار، استطعت أن أكتب المحل ولم أستطع كتابة المسكن لأخواتي المتزوجات كحق لهن، لأن أبي كأنه كان يرفض داخليا أن يكتب المنزل وكل ما يمكله لسبب لا يعرفه إلا الله، والمشكلة أنه كان يقوم بأعمال شعوذة حتى لا نستطيع أن نعمل شيئا، فكم من مرة وصلت إلى غاية باب الموثق ورجعت أدراجي، وقد تمكنت من كتابة المحل بفضل شيخ راق، والمشكلة الأكبر أننا لا نعلم أي شيء عن زوجاته وأولاده الآخرين، وعندما نسأله عنهم لا يعطينا الإجابة الشافية، وكم من مرة طلبنا منه أن نراهم ونذهب إليهم فكان يرفض رفضا قاطعا، والسبب غير معروف، فأحيانا تحدث مشاكل بيني بين إخوتي وأخي الأصغر الشقيق لسبب غير معلوم، ونحن على هذه الحالة، فما استطعنا فهمه ولافهم تفكيره ولا أن نفعل الشيء الذي يضمن حقنا خوفا من حدوث ما لاتحمد حقباه في حالة وفاته، لأنه من الممكن جدا أن ترفع علينا زوجاته دعوى قضائية لاقتصاص حق أولادهن، ونصبح أضحوكة في بلدتنا، فأردنا أن نعالج كل شيء الآن في حياته، ولكنه يأبى ذلك ولا حوار معه، ولا يفهمنا أي شيء، غير الأمور الطبيعية التي كانت تحدث لنا، وأمي مسكينة مغلوب على أمرها فهي طيبة ولا تقدر على مراوغته وافتكاك حق أبنائها رغم أننا نحن الكبار، وعماتي ـ وبحكم أنهن يكرهننا ـ كن دوما مع أبي حتى في حالة خطأه، وبقي فمن أملاك أبي المنزل الذي نسكنه، ومزرعة فقط، فأردت أن تقسم على أخواتي الشقيقات وأخي الأصغر، لكن كيف؟ لا يعلم إلا الله فهو ـ من حيث كلامه ـ غير رافض للفكرة، لكن التطبيق شيء آخر، فهو يريد من خلال فهمي لمجريات الأمور أن يبيع المزرعة، بالرغم أن كل الأموال التي كان يحصل عليها بعد البيع لا يظهر عنها أي شيء، فهو غير مفهوم فمن ناحية يريد أن يبيع ومن ناحية أخرى يريد أن يكون شكله جميل في البلدة، لأن في بلدتنا بيع العقار شيء غير مهضوم إلا لضرورة قصوى، مع أن معاشه محترم لتعيش كل العائلات بشكل بسيط، كيف يفكر؟ وما الحل؟ العلم عند الله حتى أمي لم تستطع فهمه ولا فهم ما يجول بخاطره.
وكل رجائي أن أرى النور من خلال ملاحظاتكم وما يجب علينا فعله فنحن في حيرة، وقد أردت التوجه إليكم بعد أن ضاقت بنا كل السبل لعلاج الموضوع وخاصة المتعلق بجانب الشعوذة التي يمارسها أبي مع أخته في حقنا.
الرجاء مساعدتنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزواج الرجل من زوجة ثانية ـ بل وثالثة ورابعة ـ حق مشروع له بشرط القدرة على القيام بحقوق الزوجات والعدل بينهن وعدم الميل إلى واحدة على حساب الأخرى, ولا يشترط في ذلك علم الزوجة الأولى ولا إذنها ولا يشترط إذن أولاده السابقين ولا علمهم، وراجع الفتوى رقم: 124568.
وأما بخصوص الأولاد، فإن العدل بينهم في العطايا ونحوها واجب على الراجح من كلام أهل العلم، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 64930.
وعليه، فلا يجوز للأب أن يفضل بعض أولاده على بعض إلا إذا وجد مسوغ للتفضيل من فقر أو مرض ونحو ذلك، كما بيناه في الفتويين رقم: 14254 , ورقم: 124893.
وما تقومون به من الضغط على أبيكم ليكتب لكم بعض أملاكه غير جائز، لأن هذا المال حق خالص له ولا يجوز لكم أن تأخذوه منه إلا بطيب نفس منه, والأب له على ولده حق البر والصلة، وإكراهه على ما لا يريده من العقوق, والعقوق من كبائر الذنوب, هذا بالإضافة إلى أنكم لا تجزمون بأن هذه الأموال التي يحصلها أبوكم من بيع ممتلكاته يفضَل بها أولاده الآخرين, بل إن الأمر منكم مجرد ظنون، والظن لا يغني من الحق شيئا, ثم إنه إذا استجاب لكم وخصكم بهذه الأملاك ـ والحال أنه لم يعط أولاده الآخرين مثلها ـ فإنكم تكونون قد أوقعتموه في الظلم والجور, وهذا لا يجوز إضافة إلى أنه لا يشرع لكم حينئذ أن تنتفعوا بهذه الأموال دون باقي إخوتكم فاتقوا الله سبحانه وتوكلوا عليه وحده في أمر الرزق واحذروا أن يجركم حب الدنيا إلى الظلم والعقوق، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشحّ، فإن الشحّ أهلك من كان قبلكم، وحملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم. رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.
ولكن لا مانع أن تذكروا أباكم بأسلوب لين رفيق بأن الشرع الحنيف أمر بالعدل بين الأولاد والزوجات، بل هذا من حق أبيكم عليكم أن تنصحوا له.
وأما إخفاء أبيكم أمر زوجاته الأخريات وأولاده منهن فهذا غير جائز، لأنه إذا مات على هذه الحالة فسيؤدي هذا إلى ضياع حقوق الورثة, ثم إلى قطيعة الرحم بين الإخوة وهذا لا يجوز.
ولا يجوز لكم أن تسيئوا الظن بأبيكم وعمتكم فيما تذكرون من أمر السحر والشعوذة، فإن إساءة الظن بالبرآء ظلم عظيم, وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات: 12} .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي وغيره: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث. صححه الألباني.
وقال أيضا لما نظر إلى الكعبة: مرحباً بكِ من بيتٍ، ما أعظمَكِ، وأعظمَ حرمَتَكِ وللمؤمنُ أعظمُ حرمةً عند اللهِ منكِ، إن اللهَ حرّم منكِ واحدة، وحرّمَ مِنَ المؤمنِ ثلاثاً: دمَه، وماله، وأن يُظَنَّ به ظنُّ السُّوءِ. أخرجه البيهقي وغيره، وصححه الألباني.
وننصحكم ـ على كل حال ـ بالمحافظة على الرقية الشرعية خصوصا إذا تيقنتم من شيء من هذا الذي ذكرت وقد بينا كيفية الرقية الشرعية في الفتاوى التالية أرقمها: 22104 , 4310 , 2244 , 80694.
وراجع حكم التحية بـ ـ صباح الخير ـ في الفتوى رقم: 74681.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1430(13/2548)
هل يلزم الابن أن يستأذن من زوج أمه لكي يزورها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد التكرم بالإجابة على هذا السؤال المُلِّح مع تَقديم الشُكر والتّقدير مُسبقاً حَفِظكُم الله!
أنا (امرأة) تزوجت من شَخص بعدَ أن طلقني زوجي السّابق، وكَان لِي منه ولد، وأنا أعمل موظفة في مؤسسة دوليّة، وأتقاضى راتباً شهرياً.
وقد اشترطت عليه أن يسكن ابني معي في بيتي الذي هو ملك خاص لي، وليس لزوجي الثّاني وتعهّد هو أي- زوجيَ الثّاني- أن يُحافظ على ابني ويرعاهُ، وكأنّه ابنه، وأن يبقى معنا في البيت، وبعد فترة من الزمن رجع ابني إلى أبيه ليعيشَ معه وأصبح يتصل بي هاتفيّاً، ليطمئن عليّ ويزوني شخصياً في بيتي بينَ الحِين والآخر مما لا يروق لزوجي الثاني، وأصبح يطلب مني أن أخبر ابني قبل أن يزورني أن يطلب إذناً من زوجي بالزيارة بعدَ أن تعهد برعايته وإبقائه معي في البيت.
ومن ناحيةٍ أخرى، أصبح بطريقةٍ غير مُباشرة ينظر إلى راتبي الشهري، وكأنّ له حقا شرعيّا في قسمٍ منه، على اعتبار أنه يسمح لي بالذهاب إلى العمل من الوقت الذي هو يعتبره ملكاً له.
ما هو ردّ الشرع الإسلامي في مثل هذه الحَالة؟ شاكرة لكم مرة أخرى جهودكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص فقهاء المالكية على أنه لا يجوز للزوج أن يمنع زوجته من إسكان ولدها من غيره معهما إن كان يعلم به وقت البناء. قال الخرشي شارحا لقول خليل: إ لا أن يبني وهو معه: يعني أن أحد الزوجين إذا بنى بصاحبه ومعه ولد يعلم به صاحبه ثم بعد ذلك أراد أن يخرجه عنه ليس له ذلك. اهـ.
فإذا انضم إلى ذلك اشتراط الزوجة عند الزواج سكناه معهما تأكد عدم المنع. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج. رواه البخاري ومسلم عن عقبة ابن عامر رضي الله عنه.
ينضاف إلى هذا أن الولد إن جاء وسكن فإنما يسكن في بيت هو ملك لأمه، فلا وجه لمنع زوجك له من السكن أحرى إذا كان سيأتي مجرد زائر.
وبالنسبة للزيارة فقد نص فقهاء المالكية أيضا على أنه يقضى للصغار بزيارة أمهم كل يوم، وللكبار مرة في الأسبوع. قال خليل في مختصره: وقضى للصغار كل يوم، وللكبار في الجمعة كالوالدين ومع أمينة إن اتهمهما.
قال الخرشي شارحا: يعني أن أولاد المرأة إذا كانوا صغارا فإنه يقضى لهم بالدخول على أمهم في كل يوم مرة لتتفقد أمهم حالهم، وإن كانوا كبارا فإنه يقضى لهم بالدخول إليها في كل جمعة مرة واحدة اهـ.
فإذا كان هذا من حقهم فلا يلزم الواحد منهم استئذان الزوج فيما هو حق له.
وأما بالنسبة لراتبك فإن للزوجة ذمة مالية مستقلة فلا يجوز لزوجك أن يأخذ شيئا منه من غير طيب نفس منك، إلا إذا اشترط عليك جزءا من الراتب مقابل السماح لك بالعمل، فيجب عليك الوفاء له بهذا الشرط، وإذا كنت قد اشترطت عليه عند الزواج السماح لك بالعمل فإنه يجب عليه الوفاء بذلك.
ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 19680، والفتوى رقم: 107448.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(13/2549)
الأولى بالتقديم في ولاية النكاح في المذهب الأربعة
[السُّؤَالُ]
ـ[من الأحق بتزويج المرأة في المذاهب الأربعة؟ باعتبار أنه لا نكاح إلا بولي، وهل الكلام عن أهل العصبة المذكور في الموقع فيه خلاف؟ أم إجماع؟ أرجو أن توضحوا لي أكثر على العصبة والتعصيب؟ وما هي مميزاتهم عن باقي الأرحام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء فيمن هو أولى بالتقديم في ولاية النكاح اختلافا كبيرا حتى في المذهب الواحد، ونحن نجمل الكلام في المذاهب دون التعرض لتفاصيل الخلاف؛ فنقول:
ذهب الأحناف إلى أن أولى الناس بالتقديم هو الابن وابنه وإن سفل، ثم الأب والجد أبوه، ثم الأخ الشقيق، ثم لأب، ثم باقي العصبات على هذا النسق الذي ذكره صاحب كتاب " فتح القدير" حيث قال: فتقدم عصبة النسب وأولاهم الابن وابنه وإن سفل ... ثم الأب ثم الجد أبوه ثم الأخ الشقيق ثم لأب.....ثم ابن الأخ الشقيق ثم ابن الأخ لأب ثم العم الشقيق ثم لأب ثم ابن العم الشقيق ثم ابن العم لأب ثم أعمام الأب، كذلك الشقيق ثم أبناؤه ثم لأب ثم أبناؤه ثم عم الجد الشقيق ثم أبناؤه ثم عم الجد لأب ثم أبناؤه وإن سفلوا. انتهى
وأما المالكية فقد قال عنهم ابن جزي في القوانين الفقهية: المسألة الثالثة: في ترتيب الأولياء: أما الذي يجبر فالأب ثم وصيه، وأما الذي لا يجبر فالقرابة ثم المولى ثم السلطان , والمقدم من الأقارب الابن ثم ابنه وإن سفل ثم الأب ثم الأخ ثم ابنه ثم الجد ثم العم ثم ابنه وقيل الأب أولى من الابن. انتهى.
وأما الشافعية فإنهم يقدمون الأب مطلقا وليس للابن عندهم ولاية التزويج أصلا. جاء في المنهاج للنووي: وأحق الأولياء أب ثم جد ثم أبوه ثم أخ لأبوين أو لأب ثم ابنه وإن سفل ثم عم ثم سائر العصبة كالإرث، ويقدم أخ لأبوين على أخ لأب في الأظهر، ولا يزوج ابن ببنوة. انتهى.
وأما الحنابلة فإنهم يقدمون الأب على الابن، جاء في مختصر الخرقي: وأحق الناس بنكاح المرأة الحرة أبوها ثم أبوه وإن علا ثم ابنها وابنه وإن سفل ثم أخوها لأبيها وأمها والأخ للأب مثله ثم أولادهم وإن سفلوا ثم العمومة ثم أولادهم وإن سفلوا ثم عمومة الأب ثم المولى المنعم ثم اقرب عصبته ثم السلطان ووكيل كل واحد من هؤلاء يقوم مقامه وإن كان حاضرا. انتهى.
وأما تعريف العصبة فهو ما جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: العصبة في اللغة: القرابة الذكور الذين يدلون بالذكور، وهو جمع عاصب , والعصبة في الاصطلاح عند الإطلاق هم: الذكور من ولد الميت وآبائه وأولادهم. انتهى.
وبهذا التعريف الجامع المانع تتبين -أيها السائل - الفرق بين العصبات وغيرهم من ذوي الأرحام كالأخوال ونحوهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(13/2550)
هل المرأة غير المتزوجة ممنوعة من التزين
[السُّؤَالُ]
ـ[إلحاقا بالسؤال رقم 2237101
قال في مغني المحتاج [جزء 1 - صفحة 187]
ووصل شعر الآدمي بشعر نجس أو شعر آدمي حرام، ويحرم بغير إذن زوج أو سيد وصل شعر بغيرهما
وقال في الجوهر النقي [جزء 7 - صفحة 294]
قال (باب لا تطيع زوجها في معصية) ذكر فيه (أن امرأة زوجت ابنة لها فسقط شعرها فقالت للنبي صلى الله عليه وسلم أن زوجها أمرني أن أصل في شعرها فقال لا الحديث - قلت - ذكر النووي في شرح مسلم أنها أن وصلت بشعر طاهر من غير آدمي فان لم يكن لها زوج ولا سيد فحرام وان كان ففيه أوجه أصحها عندهم أن فعلته بإذن الزوج أو السيد جاز وإلا فحرام وكذا لو أذن في تحمير الوجنة والخضاب بالسواد وتطريف الأصابع جاز على الصحيح هذا تلخيص كلام أصحابنا
وقال ابن حجر في فتح الباري -[جزء 10 - صفحة 378]
وقال النووي يستثنى من النماص ما إذا نبت للمرأة لحية أو شارب أو عنفقة فلا يحرم عليها إزالتها بل يستحب قلت وإطلاقه مقيد بإذن الزوج وعلمه وإلا فمتى خلا عن ذلك منع للتدليس وقال بعض الحنابلة إن كان النمص أشهر شعارا للفواجر امتنع وإلا فيكون تنزيها وفي رواية يجوز بإذن الزوج إلا إن وقع به تدليس فيحرم قالوا ويجوز الحف والتحمير والنقش والتطريف إذا كان بإذن الزوج لأنه من الزينة وقد أخرج الطبري من طريق أبي إسحاق عن امرأته أنها دخلت على عائشة وكانت شابة يعجبها الجمال فقالت المرأة تحف جبينها لزوجها فقالت أميطي عنك الأذى ما استطعت وقال النووي يجوز التزين بما ذكر إلا الحف فإنه من جملة النماص
وقال النووي في شرحه على مسلم [جزء 14 - صفحة 104]
قالوا وأما تحمير الوجه والخضاب بالسواد وتطريف الأصابع فان لم يكن لها زوج ولا سيد أو كان وفعلته بغير اذنه فحرام وان أذن جاز على الصحيح.
وقال في الإنصاف [جزء 1 - صفحة 123] قلت: ووجه في الفروع وجها بإباحة تحمير ونقش وتطريف بإذن زوج فقط. انتهى. وعمل الناس على ذلك من غير نكير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في جواب السؤال الذي أشرت إليه أن المرأة غير المتزوجة لم يثبت نهي عن تزينها، ولا حاجة للجمع بينه وبين مشروعية تزين المخطوبة لخاطبها إذ ليس ثمت تناقض يحتاج إلى أن يجمع بينه.
وما جاء في هذا السؤال لا علاقة بينه وبين السؤال المتقدم، بل اشتمل على بعض كلام أهل العلم فى جزئيات خاصة، ولا تتناول أصل مشروعية التزين للمرأة غير المتزوجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(13/2551)
مسائل فيمن أتى أمرأته في دبرها
[السُّؤَالُ]
ـ[أقدمت على فعل محرم وهو الوطء في الحرام، وذلك بسبب قراءتي لبعض الفتاوى من بعض المواقع الإلكترونية أنها ليست محرمة، والبعض يقول إنها محرمة، علما أنني كنت أعلم قبل أن أقرأ للمواقع أنها تطلق زوجتك بالثلاث، وكنت أولا لا أقرب الشيء هذا لأنها تطلق زوجتك بالثلاث، وصار لي كم سنة وأنا متزوج ولم أقرب هذا الشيء، وقرأت بالمواقع الإلكترونية أنها ليست محرمة ومشايخ تقول إنها محرمة، ووسوس لي الشيطان أن أفعل هذا، وفعلت وأعلم أنها محرمه، لكن كل ما أقترب وأضعه لا أقدر أن أغيبه داخل فقط الرأس ولم أنزل فيه حتى لا يصيبني شيء، وشيء ما يمنعني عنه وخوف ورهبة من الموقف حتى أنني بعض المرات أنزل قبل ألا ألمسه، وقبل فعلتي هذه عرفت أن من أحلها كانت زلة عالم، وأنا ما فهمت ما قرأته صحيحا أنها محرمة.
سوالي: هو نظرا لجهلي في الأحكام وهو السؤال أنني نذرت أنني لا أرجع لهذا الشيء ولا أفعله، وإن فعلته أنذر تكفيرا للذنب الذي فعلته، وهو ذبح أذبحه وفعلته. الآن ماذا أفعل. وأنا الحمد لله تركت هذا الشيء خوفا من ألله عز وجل. هل لي تكفير للذنب؟ علما أنني تبت لله عز وجل، وعندما كنت أحاول تغييبه أرجع عن الشيء هذا خوفا منه وشيء يصيبني أعجز عن فعل هذا الشيء. وهل النذر يلزمني؟ هل أذبح تكفيرا لذنبي أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوطء المرأة في دبرها محرم، بل هو كبيرة من الكبائر، والخلاف فيه خلاف شاذ لا يعتبر ولا يعتد به، وكثير من الأقوال المنقولة عن الأئمة في ذلك إما مكذوبة عليهم أو أخطأ الناقل عليهم فيها. وقد بينا هذا بالتفصيل في الفتوى رقم: 21843.
فعليك بالتوبة إلى الله سبحانه مما كان منك من هذا الفعل القبيح، وعليك بالإكثار من الأعمال الصالحة المكفرة.
وننبه على أن هذا الفعل مع قبحه لا يترتب عليه بمجرده تطليق الزوجة لا طلقة واحدة ولا أكثر، ولكن ذكر أهل العلم أنهما يعاقبان على ذلك إن تواطآ عليه، وإن لم ينزجرا بالعقوبة يفرق بينهما.
قال ابن تيمية: ومن وطئ امرأته في دبرها وجب أن يعاقبا على ذلك عقوبة تزجرهما، فإن علم أنهما لا ينزجران فإنه يجب التفريق بينهما. انتهى.
والنذر الذي أقدمت عليه لتمنع نفسك من الوقوع في هذه الكبيرة يسمى نذر اللجاج، وهو الذي يقصد صاحبه منع نفسه من شيء أو حثها على فعله، وقد اختلف العلماء فيما يلزم الشخص إذا لم يوف بمقتضاه، فبعضهم أوجب فيه كفارة يمين، وبعضهم خير بين فعل ما نذر أو الكفارة. وقد بينا هذا في الفتاوى التالية: 8336، 30392، 43225.
وكفارة اليمين سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 2053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(13/2552)
جواب شبهة حول خلق الله تعالى للكون
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني من إنكار كامل لوجود الله وخلقه لكل شيء، حيث أرى أنه قد لا يكون الله هو الذى خلق الكون وأن إلها آخر غيره هو الذي خلقه، فما الدليل العلمي الذي يبطل هذه الشبهة، أرجوكم أجيبوني سريعا عن هذا السؤال الخطير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن أظهر حقائق الوجود وأثبتها وأصحها هي وجود الله تعالى الخالق البارئ المصور، ولا يستطيع إنكار ذلك أو حتى الشك فيها عاقل منصف، وحسبنا في ذلك آية واحدة من كتاب الله، تكفي مريد الحق لرفع الشك والريب، فهذا جبير بن مطعم كان كافراً، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة الطور فلما بلغ هذه الآية: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ. أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ. أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمْ الْمُسَيْطِرُونَ. قال: كاد قلبي أن يطير. رواه البخاري.
فكان سماعه لهذا الآيات الكريمات سبباً في إسلامه وهدايته، وكاد قلبه أن يطير من حسن هذا البيان وروعته، وفصاحته وبلاغته، ومن وضوح الحجة وسطوع الحق، فإن معناها: أم خلقوا من غير خالق، وذلك لا يجوز؛ فلا بد لهم من خالق، وإذا أنكروا الخالق فهم الخالقون لأنفسهم، وذلك في الفساد والبطلان أشد؛ لأن ما لا وجود له كيف يخلق؟! وإذا بطل الوجهان قامت الحجة عليهم بأن لهم خالقا، ثم قال: أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ. أي إن جاز لهم أن يدعوا خلق أنفسهم فليدعوا خلق السماوات والأرض، وذلك لا يمكنهم، فقامت الحجة، ثم قال: (بَلْ لَا يُوقِنُونَ) فذكر العلة التي عاقتهم عن الإيمان، وهو عدم اليقين. وعلى أية حال فقد سبق لنا بيان الأدلة المتلوة والمرئية على وجود الله جل جلاله، والرد على الشاك في وجوده، في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 103949، 75468، 48913، 22055، 22279، 100160، 52377.
ويبقى بعد ذلك خصوص الشبهة التي ذكرها السائل -هداه الله ووفقه وشرح صدره وألهمه رشده- وهي تدور حول إمكانية مشاركة غير الله له في الخلق، وقد تولى القرآن الحكيم جواب ذلك بأوجز لفظ وأحسن بيان، في ما يعرف عند المنطقيين بدليل التمانع، ونحن نعرض ذلك من خلال ثلاثة مواضع من كتاب الله المجيد:
الموضع الأول: قوله تعالى: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ {الأنبياء: 22} ، قال ابن كثير: أي لو قُدِّر تعدد الآلهة، لانفرد كل منهم بما يخلق، فما كان ينتظم الوجود، والمشاهد أن الوجود منتظم متسق، كل من العالم العلوي والسفلي مرتبط بعضه ببعض، في غاية الكمال "مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ" ثم لكان كل منهم يطلب قهر الآخر وخلافه، فيعلو بعضهم على بعض. والمتكلمون ذكروا هذا المعنى وعبروا عنه بدليل التمانع، وهو أنه لو فرض صانعان فصاعدا، فأراد واحد تحريك جسم وأراد الآخر سكونه، فإن لم يحصل مراد كل واحد منهما كانا عاجزين، والواجب لا يكون عاجزًا، ويمتنع اجتماع مراديهما للتضاد. وما جاء هذا المحال إلا من فرض التعدد، فيكون محالا فأما إن حصل مراد أحدهما دون الآخر، كان الغالب هو الواجب، والآخر المغلوب ممكنًا؛ لأنه لا يليق بصفة الواجب أن يكون مقهورا؛ ولهذا قال: وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ. انتهى.
وقال السعدي: بيان ذلك: أن العالم العلوي والسفلي على ما يرى في أكمل ما يكون من الصلاح والانتظام، الذي ما فيه خلل ولا عيب، ولا ممانعة ولا معارضة، فدل ذلك على أن مدبره واحد، وربه واحد، وإلهه واحد، فلو كان له مدبران وربان أو أكثر من ذلك، لاختل نظامه، وتقوضت أركانه فإنهما يتمانعان ويتعارضان، وإذا أراد أحدهما تدبير شيء وأراد الآخر عدمه، فإنه محال وجود مرادهما معا، ووجود مراد أحدهما دون الآخر يدل على عجز الآخر، وعدم اقتداره واتفاقهما على مراد واحد في جميع الأمور، غير ممكن، فإذًا يتعين أن القاهر الذي يوجد مراده وحده، من غير ممانع ولا مدافع، هو الله الواحد القهار. انتهى.
وقال صاحب (الظلال) : الكون قائم على الناموس الواحد الذي يربط بين أجزائه جميعاً؛ وينسق بين أجزائه جميعاً؛ وبين حركات هذه الأجزاء وحركة المجموع المنظم.. هذا الناموس الواحد من صنع إرادة واحدة لإله واحد. فلو تعددت الذوات لتعددت الإرادات. ولتعددت النواميس تبعاً لها، فالإرادة مظهر الذات المريدة. والناموس مظهر الإرادة النافذة، ولانعدمت الوحدة التي تنسق الجهاز الكوني كله، وتوحد منهجه واتجاهه وسلوكه؛ ولوقع الاضطراب والفساد تبعاً لفقدان التناسق.. هذا التناسق الملحوظ الذي لا ينكره أشد الملحدين لأنه واقع محسوس. انتهى.
الموضع الثاني: قوله سبحانه: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ * عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ {المؤمنون:91-92} ، قال السعدي: أي: لو كان معه آلهة كما يقولون {لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ} أي: لانفرد كل واحد من الإلهين بمخلوقاته، واستقل بها، ولحرص على ممانعة الآخر ومغالبته، {وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} فالغالب يكون هو الإله، وإلا فمع التمانع لا يمكن وجود العالم، ولا يتصور أن ينتظم هذا الانتظام المدهش للعقول، واعتبر ذلك بالشمس والقمر والكواكب الثابتة والسيارة، فإنها منذ خلقت وهي تجري على نظام واحد، وترتيب واحد، كلها مسخرة بالقدرة، مدبرة بالحكمة لمصالح الخلق كلهم، ليست مقصورة على مصلحة أحد دون أحد، ولن ترى فيها خللا ولا تناقضا، ولا معارضة في أدنى تصرف، فهل يتصور أن يكون ذلك تقدير إلهين ربين. {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} قد نطقت بلسان حالها، وأفهمت ببديع أشكالها، أن المدبر لها إله واحد كامل الأسماء والصفات، قد افتقرت إليه جميع المخلوقات، في ربوبيته لها، وفي إلهيته لها، فكما لا وجود لها ولا دوام إلا بربوبيته، كذلك، لا صلاح لها ولا قوام إلا بعبادته وإفراده بالطاعة. انتهى.
الموضع الثالث: قوله تعالى: وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا * قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا * سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا * تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا. {الإسراء:42-43-44} .
قال السعدي: يخبر تعالى أنه صرَّف لعباده في هذا القرآن أي: نوَّع الأحكام ووضحها، وأكثر من الأدلة والبراهين على ما دعا إليه، ووعظ وذكر لأجل أن يتذكروا ما ينفعهم فيسلكوه، وما يضرهم فيدعوه. ولكن أبى أكثر الناس إلا نفورا عن آيات الله لبغضهم للحق ومحبتهم ما كانوا عليه من الباطل، حتى تعصبوا لباطلهم ولم يعيروا آيات الله لهم سمعا ولا ألقوا لها بالا. ومن أعظم ما صرف فيه الآيات والأدلة التوحيد الذي هو أصل الأصول، فأمر به ونهى عن ضده، وأقام عليه من الحجج العقلية والنقلية شيئا كثيرا، بحيث من أصغى إلى بعضها لا تدع في قلبه شكا ولا ريبا. ومن الأدلة على ذلك هذا الدليل العقلي الذي ذكره هنا فقال: ... قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلا. أي: لطلبوا السبيل وسعوا في مغالبة الله تعالى، فإما أن يعلوا عليه فيكون من علا وقهر هو الرب الإله، فأما وقد علموا أنهم يقرون أن آلهتهم التي يعبدون من دون الله مقهورة مغلوبة ليس لها من الأمر شيء فلم اتخذوها وهي بهذه الحال؟ فيكون هذا كقوله تعالى: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى} أي: تقدس وتنزه وعلت أوصافه {عَمَّا يَقُولُونَ} من الشرك به واتخاذ الأنداد معه {عُلُوًّا كَبِيرًا} فعلا قدره وعظم وجلت كبرياؤه التي لا تقادر أن يكون معه آلهة فقد ضل من قال ذلك ضلالا مبينا وظلم ظلما كبيرا. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(13/2553)
المخاطب في قوله تعالى: نجوت من القوم الظالمين
[السُّؤَالُ]
ـ[من المخاطب في قوله تعالى: نجوت من القوم الظالمين؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المخاطب في هذه الآية هو موسى عليه الصلاة والسلام، كما يدل له سياق القصة أولا وآخرا من قوله في بداية السورة: نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {القصص:3} .
إلى قوله تعالى: فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ {القصص:29} .
فتدبر سورة القصص يتضح لك الأمر جليا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1430(13/2554)
التباطؤ في النهي عن المنكر.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: أحيانا أرسل بريدا إلكترونيا للزملاء في العمل فيه فائدة أو حكم شرعي، فما حكم إرساله للموظفات أيضا حتى لا أحرمهن من هذا الفضل؟ أم هذا فيه فتح لباب يصعب غلقه؟ وإذا شاهدت موظفا يحدث موظفة في موضوع غير العمل، فهل أرسل لهما بريدا إلكترونيا مشتركا فيه الحكم الشرعي لهذا الخطإ أم لا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإرسال مثل هذه الرسائل التي تشتمل على العلم النافع والمواعظ الحسنة الأصل فيه الجواز ـ سواء كانت للرجال أو النساء ـ بل هو من الأعمال الصالحة، لأنه من جنس الدعوة إلى الله جل وعلا, ولكن ثبت بالتجربة والواقع أن فتح مثل هذا الباب مع النساء ذريعة قوية للفتنة والشر، وأمر كهذا لن يدعه الشيطان يمر هكذا دون أن يجتهد في إغواء أصحابه ـ ولكم رأينا وسمعنا عن حرمات انتهكت, وفواحش ارتكبت كانت بدايتها مثل هذه الأمور الطيبة, وما ذلك إلا لأن فتنة النساء فتنة عظيمة كبيرة ـ فحري بالعاقل أن يغلق دونها كل باب ويسد أمامها كل ذريعة, وإن أردت عموم الفائدة ـ كما تذكر ـ فيمكنك أن تكلف زوجتك أو أختك مثلا لتتواصل هي بدورها مع هؤلاء النسوة وتقوم على دعوتهن وتذكيرهن بالخير.
أما عن محادثة النساء مع الرجال بغير ضرورة ولا حاجة فالأصل أنها غير جائزة، كما بيناه في الفتويين رقم: 62874 , ورقم: 21582.
فإن وجدت شيئا من هذا المنكر فواجب عليك أن تنهى أصحابه عنه بالحكمة والموعظة الحسنة والأسلوب اللين الرفيق ولا يجوز لك أن تؤخر النهي حتى ينتهي المنكر وينقضي، لأن المقصود من النهي عن المنكر الإعذار إلى الله سبحانه وانتهاء أصحابه عنه، قال سبحانه: وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ {الأعراف: 164} .
فلا يجوز لك أن تترك أصحاب الباطل على باطلهم ثم ترسل إليهم بعد ذلك موعظة، بل عليك بنصحهم في الحال, وهذا كله مقيد بالقدرة وغلبة المصلحة, فإن ظننت أن نهيك لهما وهما على هذه الحال قد يؤدي إلى عكس المقصود من عنادهما أو نفورهما أو يؤدي إلى مفسدة كبيرة فلا مانع حينئذ أن تغير بقلبك وتؤخر التذكير إلى ما بعد ذلك ـ سواء كان في صورة تذكير مباشر أو إرسال رسالة ونحو ذلك ـ وقد بينا حكم إنكار المنكر في الفتوى التالية أرقامها: 123483، وبينا معنى إنكار المنكر بالقلب خاصة في الفتوى رقم: 1048.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1430(13/2555)
استشيري زوجك بشأن التصرف بهذا المال
[السُّؤَالُ]
ـ[خالي يصنع لي حجرة نوم ثمنها 12000 جنيه مصري، وقالت لي والدتي سأقول له يخليها 11500 ممكن أعطيها 500 مع العلم أن زوجي لا يعلم بهذا وهي تحتاج ولو أعطيتها أحيانا لكي تستطيع أن تطبخ لأنها تثير شفقتي، تستلف من أحد لكي تأكل وتتعالج. الرجاء أفيدونى بسرعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد تملكت هذا المال الذي ستدفعينه، سواء من زوجك أو من غيره، فلا مانع من أن تعطي منه أمك. أما إن كان ما ستدفعينه من مال زوجك وإنما جعل لك التصرف فيه على سبيل الوكالة لا التملك، فلا يخلو الأمر حينئذ من إحدى حالتين:
الأولى: أن يكون عقد استصناع الغرفة قد تم بينك وبين خالك وأصبح لازما ثم خفض خالك من الثمن، فحينئذ يجوز لك التصرف فيما خفضه من الثمن؛ لأنه يكون هبة مباحة لك من خالك.
الحالة الثانية: أن يكون ما خفضه خالك من الثمن قبل لزوم العقد؛ أي في مجلس العقد (خيار المجلس) أو في مدة خيار الشرط، أو قبل العقد، فحينئذ لا يجوز لك التصرف المذكور في السؤال؛ لما نص عليه أهل العلم من أن الوكيل إنما يتصرف بما هو أحظ وأنفع لموكله. وحينئذ يكون الطريق المشروع لما تريدينه أن تستأذني زوجك وتذكريه بفضل الصدقة على المحتاجين، وتبيني له حاجة أمك وما قامت به من إحسان في سعيها لخفض خالك من ثمن الحجرة، فإن وافق فبها ونعمت، وإن كانت الأخرى فالحق له.
جاء في كشاف القناع عن متن الإقناع: (ولو باع له وكيله ثوبا) أو نحوه (فوهب له) أي للوكيل (المشتري منديلا) بكسر الميم أو نحوه (في مدة الخيارين فهو) أي المنديل (لصاحب الثوب) نص عليه (لأنه زيادة في الثمن) في مدة الخيارين (فلحق به) أي بالثمن وكذا عكسه وعلم منه أنه لو وهبه شيئا بعد مدة الخيارين أنه للموهوب له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2556)
عقد النكاح بدون ولي بين الصحة والبطلان
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: قبل سنوات كنت في دولة أوروبية، كنت أعرف شخصا مسلما يعيش مع امرأة بدون زواج وبعد النصيحة قبل أن أعقد له عليها، كان اثنان شهودا، وأنا والزوج والمرأة، كنت أنا عاقد ووكيل الزوجة. ما حكم ما فعلت؟ وما حكم العقد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إقامة رجل مع امرأة أجنبية من المنكرات والمعاصي، لما يترتب على ذلك من أمور محرمة كالخلوة ونحوها، بل قد يفضي ذلك إلى الفاحشة والعياذ بالله تعالى، فقد حرم الإسلام مجرد الخلوة بينهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان. فما بالك بالإقامة الدائمة بينهما والعيش في مكان واحد خصوصاً في بلاد الكفر التي يغلب عليها شيوع المنكرات والفواحش.
وبخصوص النكاح المذكور والذي باشرت أنت عقده فإن كان قد حضره شاهدا عدل، وجئت بصيغة دالة على العقد؛ كزوجتك هذه المرأة أو أنكحتك إياها ونحو ذلك، مع وجود مهر فهو صحيح عند الإمام أبي حنيفة باطل عند الجمهور لتخلف ركن من أركانه وهو الولي. فالواجب فسخ هذا النكاح وإن أردتم تصحيحه فيمكنكم الاتصال بوليها ليحضر لتزويجها أو يأذن في ذلك، وإن لم يوجد لتلك المرأة ولي مع انعدام قاض شرعي جاز لها توكيلك أو توكيل أي شخص آخر من المسلمين ليكون ولياً لها، وحينئذ يكون العقد صحيحاً.
قال ابن قدامة في المغني: فإن لم يوجد للمرأة ولي ولا سلطان فعن أحمد ما يدل على أنه يزوجها رجل عدل بإذنها. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(13/2557)
مسائل في الحضانة ورؤية المحضون
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت من امرأة مطلقة ولها ولد من طليقها السابق عمره 4 سنوات، وبعد إتمام زواجي بشهرين سافرت إلى إحدى الدول العربية ومكثت ثمانية شهور رغم إرادتي وعدم حصولي على تأشيرة نهائيا إلا بعد هذه المدة، وقد قمت بطلاقها عبر التليفون إثر مشادة عنيفة قبل نزولي بشهر، وقد وضعت مولودا قبل نزولي بأسبوعين. وقد اكتشفت أنها على علاقة بطليقها السابق وكانت تحادثه تليفونيا أثناء سفري، وقد تم اكتشاف هذا أثناء سفري وعلمت بهذا عند نزولي. وقد أقامت دعاوى قضائية كثيرة كلها افتراءات وفي انتظار حكم محكمة بالخلع بعد فشلها في الحصول على حكم طلاق. وسؤالي هو أنني لا أرى ابني إلا في النادي بحكم رؤية ثلاث ساعات أسبوعيا وفي كل مرة أصاب بتعب نفسي شديد، وأهلها لا يريدونني أن أرى ابني بمنزلي أنا وأهلي كما الوضع مع زوجها السابق. فهل إرسال نفقة الصغير دون رؤيته لأنه سيكون بحضانتها حتى يبلغ 15 عاما هل يعتبر هذا إثما؟ وما الذي يمكن عمله مع هذا الوضع المتعسف ضدي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تبين لنا ما إذا كنت قد راجعت زوجتك قبل انتهاء عدتها أم لا، فإن كنت قد راجعتها فالأولى أن يتوسط بعض العقلاء للإصلاح بينكما حتى يتربى الولد بينكما، فإن تعذر الإصلاح فليكن الطلاق بإحسان دون حاجة للنزاعات القضائية، وإذا أرادت الزوجة الخلع فيستحب لك إجابتها إليه.
قال ابن مفلح الحنبلي: يباح -الخلع- لسوء عشرة بين الزوجين، وتستحب الإجابة إليه. الفروع وتصحيح الفروع.
أما إذا كنت لم ترتجع زوجتك قبل وضعها للمولود فقد بانت منك بهذه الطلقة ولها عليك حقوق المطلقة المبينة في الفتوى رقم: 20270.
وفي حال افتراقكما فإن زوجتك أحق بحضانة طفلها ما لم تتزوج بأجنبي منه أو يكن بها مانع من موانع الحضانة المبينة في الفتوى رقم: 9779. فإن كان بها مانع انتقل حق الحضانة إلى من يليها في الترتيب الاستحقاقي للحضانة، ونفقة ولدك المحضون واجبة عليك بلا خلاف.
وأما السن التي تنتهي عندها حضانة الولد فقد اختلف العلماء فيها وراجع في ذلك الفتويين: 64894، 6256.
أما بخصوص رؤية الطفل المحضون فلا يجوز لمن له الحضانة أن يمنع أهله من زيارته، وانظر الفتوى رقم: 95544.
وهذه الزيارة ليس فيها تحديد من الشرع وإنما تكون بما جرى به العرف، وعلى ذلك فما قررته المحكمة من رؤيتك لولدك ثلاث ساعات أسبوعياً لا نرى فيه مخالفة للشرع ما دام الولد دون سن التمييز، أما إذا بلغ الولد سن التمييز فلا ينبغي منعه من زيارتك لتتعهده بالتربية، أما عن حكم امتناعك عن رؤية ولدك حتى يبلغ خمسة عشر عاماً فلذلك غير جائز لما فيه من قطع الرحم كما أن فيه حرمان الولد من عواطف الأبوة وإهمال حقه في التربية والتأديب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(13/2558)
المسارعة إلى التوبة وستر العاصي على نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقي متزوج، ولكنه له علاقات بفتيات عن طريق الأنترنت، حيث يتبادل هو وصديقاته الجنس عن طريق الكاميرا ويقوم بفعل العادة السرية أمام هؤلاء الفتيات، بالرغم من أنه لا يضيع فرضا ويحافظ على قراءة القرآن، ولكنه لا يستطيع التخلي عن هذه العادة وفي كل مرة يندم ويتوب إلى الله، لكنه يرجع ثانية، وهو يريد أن يتخلى عن هذه العادة، فما هو الحكم الشرعي؟ وما العمل؟ فقد اعترف لي ـ وأنا صديقه الذي يثق به.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحكم الشرعي فيما يفعله صديقك هذا واضح لا خفاء فيه وهو أن هذا الفعل من المنكرات العظيمة, كما بيناه في الفتوى رقم: 30637، ويخشى على مقترف هذه الفواحش أن تبطل أعماله إن لم يتدارك ذلك بالتوبة الصادقة , قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {محمد:33} . جاء في تفسير القرطبي: ولا تبطلوا أعمالكم أي حسناتكم بالمعاصي، قاله الحسن.
وقال الزهري: بالكبائر. انتهى.
فعلى صديقك هذا أن يقطع علاقاته فورا بهؤلاء النسوة ثم يكثر من الاستغفار والدعاء أن يصرف الله عنه السوء والفحشاء ويرد عنه كيد الشيطان ثم عليه بالإكثار من الأعمال الصالحة المكفرة ـ خصوصا الصلاة والذكر والصدقة ـ فقد قال الله سبحانه: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ {العنكبوت:45} .
جاء في تفسير البغوي: وقال عطاء في قوله: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر.
قال: ولذكر الله أكبر من أن تبقى معه معصية. انتهى.
وجاء في الحديث أن يحيى بن زكريا قال لبني اسرائيل: وآمركم بذكر الله كثيرا ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا حصينا فأحرز نفسه فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى. رواه الترمذي وغيره، وصححه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: وعليكم بصدقة السر، فإنها تطفئ غضب الرب عز وجل. رواه ابن أبي الدنيا وصححه الألباني.
وراجع شروط التوبة الصادقة في الفتوى رقم: 5450.
مع التنبيه على أن من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فعليه أن يستر نفسه ولا يجوز له أن يذكر ذلك للناس فهذا يدخله في زمرة المجاهرين بالمعاصي , فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: كل أمتي معافى إلا المجاهرون، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل باليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1430(13/2559)
هل يصلي الراتبة في البيت ولو فاته الصف الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما أفضل: الصف الأول فى الصلاة؟ أم السنة فى البيت؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل الجمع بين أداء السنة في البيت وإدراك الصف الأول, وأما إن ظن أنه إن صلى السنة في البيت فاته الصف الأول في المسجد، فقد أفتى الشيخ ابن عثيمين بتقديم أداء السنة الراتبة في البيت على إدراك الصف الأول, جاء في لقاء الباب المفتوح: سؤال: فضيلة الشيخ: أيهما أفضل في الأجر: التبكير إلى المسجد وحضور الصف الأول؟ أم صلاة السنة الراتبة في البيت؟ وبذلك يفوت الصف الأول.
الجواب: الذي يظهر لي أن الأفضل أن تصلي في البيت، لأن مخاطبتك بالراتبة قبل مخاطبتك بالصف، ويُبدأ بالأول فالأول، فصلِّ الراتبة ثم اذهب إلى المسجد، وكن حيثما تجد المكان. هـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(13/2560)
حكم أخذ عمولة من العميل بدون علم صاحب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في معرض للسيارات مسؤول مبيعات ونتعامل مع شركات تمويل إسلامية وعندما نبيع سيارة عن طريقها تصدر شيكا باسم المعرض بـ100 ريال عمولة لي كمسؤول مبيعات ولمندوب المعرض، ولكن صاحب المعرض يستحلها ويقول هي من حق المعرض، علما بأن شركة التمويل تقر بأن العمولة للمندوب، فهل أقع في الإثم عندما آخذ هذا الحق المسلوب مني بدون علم صاحب المعرض بأي صورة من الصور، علما بأننا حاولنا أن نوضح له أن هذه العمولة من حقنا دون جدوى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأخ السائل يعتبر أجيراً خاصاً لدى هذا المعرض، فليس له من الحق إلا ما تعاقد عليه مع صاحب المعرض من الراتب ونحوه، ولا يجوز له أخذ العمولة المشار إليها في السؤال إلا بإذن صاحب المعرض، فإن أخذها دون علمه كان ذلك من هدايا العمال التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم، وسبق بيان ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 17863، 60670، 108676.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(13/2561)
مات عن زوجة، وابنين، وخمس بنات
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء قسم الميراث على الورثة التالي ذكرهم: زوجة، وولدان، وخمس بنات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن توفي عن زوجة وابنين وبنات ولم يترك وارثا غيرهم ـ كأب أو أم ـ فإن لزوجته الثمن، لوجود الفرع الوارث، كما قال الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء: 12} .
والباقي بين البنات والابنين ـ تعصيبا ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11} .
ولا فرق بين من كان منهم متزوجا وأعزب ومطلقة فكلهم يرثون أباهم, فإن كان عدد البنات خمسا ـ كما فهمنا من السؤال ـ فإن التركة تقسم على اثنين وسبعين سهما, للزوجة ثمنها (تسعة أسهم) ولكل ابن أربعة عشر سهما, ولكل بنت سبعة أسهم، وإن كان عدد البنات غير ذلك، فإن الباقي بعد ثمن الزوجة يقسم بينهن وبين البنين، بحيث يكون لكل ذكر مثل حصة بنتين.
ثم إنا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(13/2562)
حكم الدخول إلى مكان فيه تصاوير
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أريد أن أسألكم عن موضوع لي فيه شك, هناك مؤسسة لجمعية نسائية تابعة للكنيسة يذهب إليها الكثير من النساء المغاربة يلتقين هناك لتعلم اللغة العربية في جو مدرسي وذلك بواسطة الحوار, ومن يشرفن على هذا هن الرهيبات، أعلم أن هذا مسموح به لكن في هذا المحل توجد صورة لشخص، في الماضي كنت أذهب إلى هذا المكان وذلك للتعلم ولكي ألتقي مع النساء فلا أكون منفردة وحدي، لكن بسبب المرض وفي الأخير تركت هذا المكان بسبب الصورة، والآن جارتي تريد أن تذهب إلى هناك وتريد أن أذهب معها فطلبت منها بأن تنتظر حتى أسألكم. فهل يمكن الذهاب إلى هناك أم لا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز في الأصل ذهاب المرأة لطلب العلم ولو كان علماً دنيوياً كتعلم اللغة ونحو ذلك إذا انضبط ذهابها بالضوابط الشرعية من الالتزام بالحجاب وعدم الاختلاط بالرجال، وأما الذهاب إلى المؤسسة المشار إليها مع وجود صورة شخص فإن كانت الصورة مرسومة -وليست فوتوغرافية- فهي محرمة، وإن كانت فوتوغرافية فهي محرمة أيضاً عند بعض العلماء ومباحة عند آخرين إذا خلت من محظور شرعي كتعظيم ونحو ذلك. ويغلب على الظن أن الصور التي تعلق في الكنائس والجمعيات التابعة لها أنها للتعظيم حيث يعلقون صور قسيسيهم ورهبانهم، وإذا كانت كذلك فهي من الصور المحرمة ولو كانت فوتوغرافية، وقد دلت سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة أصحابه الكرام على الامتناع من الدخول في مكان فيه صورة، فقد روى مالك والبخاري ومسلم عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل فعرفت في وجهه الكراهية وقالت: يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله، فماذا أذنبت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فما بال هذه النمرقة، قالت: اشتريتها لك تقعد عليها وتوسدها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم أحيوا ما خلقتم ثم قال: إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة.
وفي سنن أبي داود: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه زمن الفتح وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها فلم يدخلها النبي صلى الله عليه وسلم حتى محيت كل صورة فيها.. وروى البيهقي بسند صححه الألباني وذكره البخاري معلقاً بصيغة الجزم عن أسلم مولى عمر: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قدم الشام فصنع له -أي طعاماً- رجل من النصارى فقال لعمر: إني أحب أن تجيئني وتكرمني أنت وأصحابك -وهو رجل من عظماء الشام- فقال له عمر رضي الله عنه: إنا لا ندخل كنائسكم من أجل الصور التي فيها. وروى البيهقي أيضاً بسند صححه الحافظ عن أبي مسعود عقبة بن عمرو: أن رجلا صنع له طعاماً فدعاه فقال: أفي البيت صورة؟ قال: نعم، فأبى أن يدخل حتى كسر الصورة ثم دخل.
فهذه الأحاديث والآثار تدل على المنع من دخول مكان فيه صور، ولذا ننصح أخواتنا الكريمات بعدم الذهاب إلى تلك المؤسسة وليبحثن عن سبيل آخر -لتعلم اللغة- لا يترتب عليه أي مخالفة شرعية، وانظري في ذلك الفتاوى: 64015، 18462، 11316. وكلها عن الإقامة في بلاد الكفر وما يتعلق بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2563)
مواضع رفع اليدين وحكم رفعهما عند السجود والرفع منه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أرفع اليدين عند قول الله أكبر قبل السجود وعند الرفع منه؟ فقد نبهتني إحدى زميلاتي أن صلاتي هكذا خاطئة، وأنا منذ كان عمري 9 سنين وأنا أصليها هكذا.
فأرشدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة من رفع يديه عند السجود أو الرفع منه صحيحة على كل حال، وإنما اختلف العلماء هل يسن ذلك أو لا يسن؟ ونحن نبين هذه المسألة بشيء من البسط لعموم الحاجة إليها، فرفع اليدين في الصلاة ثابت في أربعة مواطن، عند تكبيرة الإحرام اتفاقا، وعند الركوع وعند الرفع منه خلافا للحنفية، وعند القيام إلى الثالثة عند كثير من العلماء ودلت عليه أحاديث صحيحة، ففي الصحيحين من حديث ابْن عُمَرَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَتَحَ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلَاةِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ يُكَبِّرُ حَتَّى يَجْعَلَهُمَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَهُ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَعَلَ مِثْلَهُ، وَقَالَ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يَسْجُدُ، وَلَا حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ.
وفي صحيح البخاري من حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما: أنه كَانَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَامَ مِن الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَرَفَعَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فهذه المواطن الأربعة ثبت فيها رفع اليدين في الصلاة، وقوله في حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما: وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يَسْجُدُ، وَلَا حِينَ يَرْفَعُ.
وأما رفع اليدين عند السجود والرفع منه، فقد نفاه عبد الله ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ كما مر في الحديث.
وروى النسائي عن مالك ابن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل هذا.
وصحح الحديث بعض أهل العلم كالألباني ـ رحمه الله.
وقال بشذوذه كثير من أهل العلم لمخالفة حديث ابن عمر المتفق عليه. وممن جزم بشذوذ هذه الزيادة العلامة ابن القيم ـ رحمه الله ـ قال في زاد المعاد: ثم كان صلى الله عليه وسلم يكبر ويخر ساجداً ولا يرفع يديه، وقد روي عنه أنه كان يرفعهما أيضاً، وصححه بعض الحفاظ كأبي محمد بن حزم ـ رحمه الله ـ وهو وهم، فلا يصح ذلك عنه البتة، والذي غره أن الراوي غلط من قوله: كان يُكبر في كل خفض ورفع ـ إلى قوله: كان يرفع يديه عند كل خفض ورفع. انتهى.
قال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله: على تقدير أن يكون ذكر الرفع محفوظا، ولم يكن قد اشتبه بذكر التكبير بالرفع - بأن مالك بن الحويرث ووائل بن حجر لم يكونا من أهل المدينة، وإنما كانا قد قدما إليها مرة أو مرتين، فلعلهما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذَلِكَ مرة، وقد عارض ذَلِكَ نفيُ ابن عمر، مع شدة ملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم وشدة حرصه على حفظ أفعاله واقتدائه به فيها، فهذا يدل على أن أكثر أمر النبي صلى الله عليه وسلم كان ترك الرفع فيما عدا المواضع الثلاثة والقيام من الركعتين.
وقد روي في الرفع عند السجود وغيره أحاديثُ معلولة. انتهى من فتح الباري لابن رجب.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: سلك بعض العلماء مسلك الترجيح في ذلك فرجحوا ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ من عدم رفع اليدين عند السجود والرفع منه، واعتبروا رواية الرفع فيهما شاذة لمخالفتها لرواية الأوثق.
وسلك آخرون مسلك الجمع بين الروايات، لكونه ممكنا فلا يعدل عنه إلى الترجيح، لاقتضاء الجمع العمل بكل ما ثبت، واقتضاء الترجيح رد بعض ما ثبت وهو خلاف الأصل.
وبيان ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه في السجود والرفع منه أحياناً، وتركه أحياناً، فروى كل ما شاهد، والعمل بالأول أولى للقاعدة التي ذكرت معه. انتهى.
والخلاصة أن رفع اليدين عند السجود وعند الرفع منه قد وردت فيه أحاديث ضعفها كثير من أهل العلم، ومن ثم فلا يكون الرفع مشروعا في هذه المواطن، وصححها بعضهم، فيجمع بينها وبين ما ثبت عن ابن عمر من نفي الرفع بأن الرفع يكون أحيانا والترك يكون غالبا، وقد ملنا إلى ترجيح القول بمشروعية الرفع أحيانا في الفتوى رقم: 27316.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(13/2564)
لا حرج في نقل الفتوى بشرط التأكد من صحة نسبتها إلى قائلها وعدم تغيير مضمونها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب دائما في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن قرأت فتوى بأن قليل العلم لا يجب أن يأمر وينهى في الدين، خصوصا إذا كان غير حافظ أو غير ملم بالأدلة الشرعية التي تأمر بهذا الفعل أو تنهى عنه مثال: أقول إن الموسيقى حرام، ولكن لا أعلم الأدلة الشرعية التي تحرمها ودرجة صحتهاـ وأنا أعلم أنني مقصر، ويجب أن أطلب العلم الشرعي لآمر وأنهى على بصيرة، ولكن على وضعي الحالي: هل يجوز لي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أم لا؟.
وهل إذا سمعت فتوى من شيخ موثوق به في أمر ما يجوز لي نقل خلاصة الفتوى من غير الأدلة الشرعية؟
وأقول الشيخ الفلاني قال هذا الأمر حلال؟ أو حرام؟ أو مكروه فقط.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن العلم شرط في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من حيث الجملة، لأن الشرع الحكيم هو الميزان الذي يعرف به المعروف من المنكر، فلابد من معرفة كون هذا الشيء معروفا أو منكرا في جهة الشرع قبل الأمر أو النهي.
ومن درجات العلم معرفة كلام العلماء في مسألة ما، ولو كان ذلك مجردا عن الأدلة، وقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 2481، أنه لا حرج على من نقل فتاوى أهل العلم الموثوق بهم ونشرها بين الناس، إذا كان متأكداً من صحة نسبتها إليهم، وكان نقله لها لا يغير مضمونها، ولا يخل بشيء من ضوابطها.
وننبه هنا على أن مسائل الخلاف المعتبر ليست من مواضع الإنكار، وإنما هو التناصح والإرشاد، وقد سبق أن نبهنا على أن من شروط المنكر الذي ينبغي إنكاره أن لا يكون من المسائل المختلف فيها اختلافًا معتبرًا سائغًا. فراجع في ذلك وغيره الفتويين رقم: 36372، 124424. ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 8580.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(13/2565)
تنازل بعض الورثة عن نصيبهم لغيرهم
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد وفاة جدي وعدم الانتفاع بالمنزل، أسعى حاليا للحصول على منزل والدي وأعمامي الاثنين، وذلك إن شاء الله برضا إخوتي وأخواتي وموافقة أعمامي. والدي سيهبني إن شاء الله نصيبه ـ عقد هبة ـ وعماي سيتنازلان لي إن شاء الله عن نصيبهما ـ عقد تنازل عوضا عن عقد هبة، وذلك أن الأول خاضع إلى أداء بقيمة 6 بالمائة، بينما الثاني بقيمة 25 بالمائة؛ لأنه من الدرجة الرابعة حسب القانون. هل ما سأقوم به جائز شرعا؟ أم يجب أن يكون تنازل أعمامي عبر عقد هبة؟ هل يجوز شرعا أن يكون عقد تنازل أعمامي مشتركا؟ أفيدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح، ونحن قد سبق أن قلنا للسائل في الفتوى رقم: 128401. أنه لا حرج أن يهب له والده نصيبه من الدار بشروط، كما قلنا أنه لا حرج في أن يهب له عماه أيضا نصيبهما، وسواء حصل هذا بعقد هبة أم بعقد تنازل لا فرق فالمعنى واحد، وللسائل أن يطلب منهما التصرف المناسب والأيسر له، ولا مانع أن يحصل التنازل أيضا عن طريق عقد مشترك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2566)
بنى فوق منزل أبيه وإخوته لا يعترفون بذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء قسم الميراث على الورثة التالي ذكرهم: ستة أولاد، وخنثيان.
علما بأنني أحد أبناء المتوفى قمت ـ وبالموافقه من والدي ـ بالبناء فوق المنزل وإخوتي لا يعترفون لي بالمال الذي دفعته، فما الحكم في هذه المسألة؟ وما هو نصيبي من الميراث؟ مع العلم أن العمارة تتكون من: 4 طوابق باسم أبي، وأنا الذي بنيت الطابق الرابع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الورثة محصورين فيمن ذكر وتبين حال الخنثيين أنهما أنثيان ـ كما يفهم من السؤال ـ فتعاملان على أنهما بنتان, فتقسم التركة بين الأبناء والبنات ـ تعصيبا ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11} .
فتقسم التركة على (14) سهما, لكل ابن من الأبناء الستة سهمان, ولكل بنت من البنتين سهم واحد.
وأما بناء الابن فوق بيت أبيه وقوله إن إخوته لا يعترفون له بالمال الذي دفعه في البناء ... إن كنت تعني أنهم لا يقرون بذلك وينكرون أن تكون بنيته بمالك فأنت مطالب بإقامة البينة على أنك بنيت ذلك البناء، لأن الأصل أن البيت بجميع طوابقه للأب وأنت تدعي أن الطابق الأخير لك، وقد روى الترمذي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. اهـ.
فإن لم تقم البينة حلف الورثة على نفي العلم, أي يحلفون على عدم علمهم بأنك بنيت الطابق بمالك وعلى نفي العلم بأن أباك وهب لك السطح، لأن من حلف على فعل غيره في النفي حلف على نفي العلم, جاء في الموسوعة الفقهية: يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِي فِعْلِهِ، وَكَذَا فِعْل غَيْرِهِ إِنْ كَانَ إِثْبَاتًا، وَإِنْ كَانَ نَفْيًا فَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وجملة الأمر: أنّ الأيمان كلّها على البتّ والقطع إلاّ على نفي فعل الغير، فإنّها على نفي العلم, وعلى هذا أبو حنيفة ومالك والشّافعيّ. اهـ.
وجاء في فتاوى ابن حجر الهيتمي الشافعي: وَالْمُعْتَبَرُ أَنْ يُقَالَ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِي كُلِّ عَيْنٍ إلَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَارِثِ فِيمَا يَنْفِيهِ. اهـ.
وإن كان الورثة صغارا لم يحلفوا ووقف الأمر إلى بلوغهم ولا يحلف عنهم وليهم, جاء في كشاف القناع من كتب الحنابلة: ولا تدخل النيابة في اليمين فلا يحلف أحد عن غيره فلو كان المدعى عليه صغيرا أو مجنونا لم يحلف، لأنه لا يعول على قوله ووقف الأمر إلى أن يكلفا. اهـ.
وجاء في الفقه الإسلامي وأدلته لوهبة الزحيلي: ولا تدخل النيابة في اليمين، ولا يحلف أحد عن غيره، فلو كان المدعى عليه صغيراً أو مجنوناً، لم يحلف عنه، ووقف الأمر حتى يبلغ الصبي، ويعقل المجنون، ولم يحلف عنه وليه. اهـ.
وأما إن أقمت بينة على أنك بنيت الطابق الأخير بمالك، فقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في حكم ما بناه الابن فوق بيت أبيه ما حكمه في الميراث، فانظر لذلك الفتويين رقم: 107908 , ورقم: 32937.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(13/2567)
حكم ارتفاع الإمام عن المأمومين قدر شبر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز رفع مستوى أرضية محراب المسجد الذي يصلي فيه الإمام عن باقي المسجد مقدار شبر لكي يشاهده المصلون هل في ذلك حرج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن ثم حاجة لتعلية مكان الإمام فإنه يكره تعليته لأنه يكره للإمام أن يصلي في مكان مرتفع عن المأمومين لما رواه أبو داود عن عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أنه كان بِالْمَدَائِنِ فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَتَقَدَّمَ عَمَّارٌ وَقَامَ عَلَى دُكَّانٍ يُصَلِّي وَالنَّاسُ أَسْفَلَ مِنْهُ فَتَقَدَّمَ حُذَيْفَةُ فَأَخَذَ عَلَى يَدَيْهِ فَاتَّبَعَهُ عَمَّارٌ حَتَّى أَنْزَلَهُ حُذَيْفَةُ، فَلَمَّا فَرَغَ عَمَّارٌ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ أَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِذَا أَمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ فَلَا يَقُمْ فِي مَكَانٍ أَرْفَعَ مِنْ مَقَامِهِمْ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ قَالَ عَمَّارٌ لِذَلِكَ اتَّبَعْتُكَ حِينَ أَخَذْتَ عَلَى يَدَيَّ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: ويكره أن يكون موقف الإمام عالياً عن موقف المقتدين اتّفاقاً، إلاّ إذا أراد الإمام تعليم المأمومين ... اهـ
وقد اختلف العلماء في قدر الارتفاع المكروه فذهب بعضهم إلى الكراهة فيما إذا زاد الارتفاع عن ذراع وأما أقل من ذلك فلا كراهة.
قال صاحب الروض: ويكره علو الإمام عن المأموم إذا كان العلو ذراعا فأكثر لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا أم الرجل القوم فلا يقومن في مكان أرفع من مكانهم فإن كان العلو يسيرًا، دون ذراع لم يكره. اهـ.
وفي الدسوقي من كتب المالكية مستثنيبا من الكراهة: قوله إلا بكشبر أي إلا أن يكون علو الإمام على المأموم يسيرا بأن كان ذلك العلو قدر شبر أو ذراع....
وذهب بعض أهل العلم إلى أن المكروه أن يجاوز الارتفاع القامة.
ففي المبسوط من كتب الحنفية:.... وذكر الطحاوي أنه ما لم يجاوز القامة لا يكره: لأن القليل من الارتفاع عفو في الأرض ففي الأرض هبوط وهو الكثير ليس بعفو فجعلنا الحد الفاصل أن يجاوز القامة ... .
ومن هذا يتبين لك أنه لا حرج في رفع مستوى أرضية محراب المسجد إلى القدر الذي ذكرت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2568)
ماتت عن زوج وأخوين وأختين أشقاء
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية:
-للميت ورثة من الرجال: (أخ شقيق) العدد 2، (ابن أخ شقيق) العدد 1، (زوج) .
-للميت ورثة من النساء: (أخت شقيقة) العدد2، (أخت من الأب) العدد 1.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يوجد من الورثة إلا من ذكر في السؤال فإن للزوج النصف لعدم وجود الفرع الوارث كما قال الله تعالى: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ.. {النساء: 12} . والباقي للأخوين الشقيقين والأختين الشقيقتين– تعصيبا – للذكر مثل حظ الأنثيين لقول الله تعالى: ... وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. {النساء: 176} . ولا شيء للأخت من الأب ولا لابن الأخ الشقيق لكونهم جميعا محجوبون حجب حرمان بالأخ الشقيق، فتقسم التركة على اثني عشر سهما، للزوج نصفها – ستة أسهم، ولكل أخ شقيق سهمان، ولكل أخت شقيقة سهم واحد.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2569)
أحكام إيقاظ البالغ وغير البالغ لأجل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم إذا كان والداي لا يريدان مني أن أكرر نصيحة الأمر بالصلاة لأخي الصغير وهو عمره 8 سنين، ولا يريدان مني أن أوقظه لصلاة الفجر، ولا يريدان مني أن أوقظ إخواني البالغين لصلاتي العصر والفجر، فإذا فعلت ذلك يغضبان علي. فهل يكفي أن أوقظ إخواني البالغين مرة لكل صلاة لأني أكرر النصح والتذكير لهم؟ ويقولان لي لا تكرري علينا النصح كثيرا لأن الدين ليس بالقوة، وإذا عملنا عمل خير نعمله لوجه الله وليس لأجلك. فما الحكم فضيلة الشيخ أثابكم الله تعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأمر الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، وضربه عليها إذا بلغ عشرا، وذلك فيما رواه أبو داود وأحمد أنه صلى الله عليه وسلم قال: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع.
وعليه؛ فلا بد من أمرهم بالصلاة إذا بلغوا سن السابعة، وترغيبهم فيها بكل سبيل، كما بيناه في الفتوى رقم: 8140.
أما بالنسبة لحال أخيك الذي لم يبلغ العاشرة فهذا ينبغي الرفق به في أمر الصلاة خصوصا صلاة الفجر - لشدتها ومشقتها على من كان في مثل سنه - فإنه لم تجب عليه الصلاة بعد، بل ولم يبلغ السن التي يضرب فيها على الصلاة.
وقد سأل سائل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فقال: لي ولد عمره حوالي تسع سنوات هل أوقظه لصلاة الفجر؟ فأجاب رحمه الله تعالى: نعم إذا كان للإنسان أولاد ذكور أو إناث بلغوا عشر سنين فليوقظهم وما دون ذلك إن أيقظهم ليصلوا في الوقت فهذا هو الأفضل، وإلا فلا إثم عليه، ولكن الاختيار أن يوقظهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. انتهى.
أما بخصوص إيقاظ البالغين للصلاة فهذا محل خلاف بين أهل العلم، والراجح أنه يجب إيقاظهم إذا خيف خروج وقت الصلاة.
جاء في تصحيح الفروع للمرداوي: لو دخل وقت صلاة على نائم هل يجب إعلامه أو لا يجب. أو يجب إن ضاق الوقت؟ جزم به في التمهيد وهو الصواب؛ لأن النائم كالناسي، والقول بوجوب إعلامه بدخول الوقت مطلقا ضعيف جدا. انتهى.
وعلى ذلك فالواجب عليك هو أن توقظي إخوتك إن خفت خروج وقت الصلاة على أن يكون هذا بأسلوب رفيق لين، فإن خفت حصول مفسدة من جراء تكرر نصحك لهم، وكان خوفك مستندا إلى يقين جازم أو ظن غالب بحصول المفسدة، فلا حرج عليك حينئذ في تركهم؛ لأن من شروط وجوب إنكار المنكر وجود القدرة وغلبة المصلحة، كما بيناه في الفتوى رقم: 124424.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(13/2570)
حكم استجلاب الشهوة بهذه الوسيلة
[السُّؤَالُ]
ـ[صديق يسأل أن زوجته لا تأتيها الشهوة إلا عن طريق استعمال شطاف الماء. هل يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أن هذه المرأة تفعل ذلك بنفسها للشهوة، فذلك غير جائز لأنّه يدخل في الاستمناء وهو من الاعتداء الذي حرمه الشرع الحنيف، وانظر الفتوى رقم: 16443.
وإذا كانت المرأة لا تجد شهوتها في المعاشرة الزوجية المباحة فينبغي أن تلتمس الأسباب المشروعة لعلاج هذا الخلل، وليس لها علاجه بما حرمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2571)
صفة المذي ومني المرأة وما يلزم من استيقظ فوجد بللا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للمذي رائحة، لأن السائل الذي أراه أحيانا أعزكم الله في حالة اليقظة يعني في الأوقات العادية له رائحة غريبة، وهو أبيض وبكميات قليلة، وأنا أعتقد أنه مذي، وهل يجب أن يظهر المني في الملابس الداخلية؟ أم يبقى داخل الفرج؟ وكم مقداره الذي يوجب الغسل؟ وهل علي أن أغتسل بعد النوم كل ما وجدت إفرازات.. سؤال آخر: قمت بعملية الغسل بهذه الطريقة: غسل الفرج ثم غسل اليدين وتعميم الجسد والشعر بالماء (3 حثيات) مع أني قرأت في أحد المواقع أن التعميم يشمل العانة وأنا لم أفعل ذلك لأني أعتقد بان لمس القبل والدبر أثناء الغسل لا يجوز، فهل علي إعادة الغسل والصلوات؟ مع العلم بأن عمري 18.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فق د بين العلماء صفة المذي، وأنه ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند فتور الشهوة بلا شهوة، ولا يعقب خروجه فتور في البدن، وقد لا يشعر به، جاء في حاشية الروض: وهو –أي المذي- ماء رقيق أبيض لزج، يخرج عند الملاعبة أو تذكر الجماع، أو إرادته، أو نظر أو غير ذلك، عند فتور الشهوة بلا شهوة، وربما لا يحس بخروجه، ويخرج عند مبادئ الشهوة، ويشترك الرجل والمرأة فيه.
فإذا رأيت ما هذه صفته فقد وجب عليك تطهير بدنك وثوبك منه ووجب عليك الوضوء، سواء كان لما رأيته رائحة أو لا، وأما المني فإن خروجه موجب للغسل، ومني المرأة رقيق أصفر، ورائحته تشبه رائحة مني الرجل، ورائحته كرائحة طلع النخل أو رائحة العجين، وقد استوفينا القول في الفرق بين مني المرأة ومذيها وما يجب بخروج كل منهما في فتاوى كثيرة وانظري الفتوى رقم: 45075، والفتوى رقم: 100639.
فإذا خرج منك المني الذي هذه صفته وجب عليك الغسل، وإذا كانت المرأة ثيبا كفى أن ترى المني في الفرج، ويجب عليها الغسل إذا وصل المني إلى الموضع الذي يجب عليها غسله في الغسل، وهو ما يظهر عند جلوسها لقضاء الحاجة لأنه في حكم ظاهر البدن.
وأما إذا كانت المرأة بكرا فلا يجب عليها الغسل إلا بخروج المني من الفرج، ولا يلزمها شيء إذا كان المني داخل الفرج، قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: والمرأة كالرجل في هذا إلا أنها إذا كانت ثيبا فنزل المنى إلى فرجها ووصل الموضع الذي يجب عليها غسله في الجنابة والاستنجاء وهو الذي يظهر حال قعودها لقضاء الحاجة وجب عليها الغسل بوصول المنى إلى ذلك الموضع لأنه في حكم الظاهر، وان كانت بكرا لم يلزمها ما لم يخرج من فرجها، لأن داخل فرجها كداخل إحليل الرجل. انتهى
ثم إن الغسل يجب على المرأة إذا رأت المني ولو بكمية قليلة، قال النووي رحمه الله: أجمع العلماء على وجوب الغسل بخروج المني، ولا فرق عندنا بين خروجه بجماع أو احتلام أو استمناء أو نظر ... وسواء خرج كثيرا أو يسيرا، ولو بعض قطرة، وسواء خرج في النوم أو اليقظة من الرجل والمرأة العاقل والمجنون، فكل ذلك يوجب الغسل عندنا. انتهى.
وأما إذا استيقظت فوجدت بللا، فإن تحققت أن الخارج مني، فقد وجب عليك الغسل، وإن تحققت أنه مذي وجب عليك الوضوء وتطهير البدن والثوب، وإن شككت هل هو مني أو مذي فإنك تتخيرين بينهما عند الشافعية، وانظري تفصيل القول فيمن استيقظ فوجد في ثوبه بللا في الفتوى رقم: 118140.
وأما ما يخرج من رطوبات الفرج في النوم أو اليقظة فإنها ناقضة للوضوء، ولكنها طاهرة على الراجح من قولي العلماء، فلا يجب تطهير البدن ولا الثياب منها. وانظري لمزيد الفائدة حول أنواع الإفرازات الخارجة من فرج المرأة وحكم كل منها الفتوى رقم: 110928.
وأما ما ذكرته من اعتقادك أن لمس القبل أو الدبر في الغسل لا يجوز فهو اعتقاد خاطئ، ثم اعلمي أن الواجب في الغسل تعميم جميع البدن بالماء، فإن كان الماء قد وصل إلى جميع بدنك فغسلك صحيح، وإن لم تقومي بدلك هذه المواضع بيدك لأن الدلك في الغسل والوضوء مستحب وليس بواجب على الراجح. وانظري الفتوى رقم: 1432.
وأما إذا كان الماء لم يصل إلى موضع من بدنك ولو كان هذا الموضع يسيرا، فقد بينا حكم ذلك في الفتوى رقم: 129044، والفتوى رقم: 129045.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(13/2572)
حكم زراعة شعر للحاجبين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التاتو أو زراعة الحاجب حرام لمن تعاني مشكلة نفسية من وجود شعر خفيف جداً وذي لون باهت في منطقة الحاجبين، وهذه المشكلة تسبب لها مشكلة نفسية جداً، فهي لا تستطيع الخروج من غير وضع قلم حواجب في كل لحظة حتى وهي في المنزل. فهل حرام وضع تاتوه في هذه المنطقة.. وجزاكم الله ألف خير، أرجو إفادتي فأنا أعاني من هذه المشكلة منذ زمن طويل، وقد جربت كل الوسائل الطبيعية لإنبات الشعر في هذه المنطقة، ولكن دون فائدة، وأخاف الله جداً من عمل شيء يغضبه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان تشوه الحاجب مشيناً واضحاً، ملفتاً للانتباه جداً بحيث يقل أن يوجد له نظير، وقد جربت الوسائل الطبيعية فلم تفد، فلا مانع من زراعة الحاجب حينئذ بحيث يعود الأمر إلى طور الاعتدال، وليس هذا من تغيير خلق الله، بل هو علاج مباح بدليل ما رواه أبو داود والترمذي والنسائي في سننهم: أن عرفجة بن أسعد قطع أنفه يوم الكُلاب، فاتخذ أنفاً من ورق فأنتن عليه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذ أنفاً من ذهب.
وانظري لذلك الفتوى رقم: 34455.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2573)
حكم وضع المصحف في حقيبة السفر وشحنها مع الأمتعة
[السُّؤَالُ]
ـ[وضع المصحف في حقيبة الملابس حال السفر هل فيه شيء؟ وهل يجوز وضع هذه الحقيبة مع باقي الأمتعة في الشحن؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في وضع المصحف أثناء السفر في حقيبة الملابس بشرط أن يكون ما يباشر المصحف من الملابس طاهراً، وينبغي أن يوضع في الجيب الذي يقع في أعلى الحقيبة إن كان فيها، وإن لم يكن فيها جيب فليوضع المصحف فوق الملابس، وإن كانت الحقيبة ستشحن فلا حرج في شحنها مع باقي الأمتعة، ولكنه يحسن أن تلصق عليها ورقة تدل على الاهتمام، ليضمن سلامته مما يؤدي للامتهان والابتذال له، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 28709، 117827، 42177، 70739، 116716.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(13/2574)
أنت مخيرة بين الصبر عليه وبين فراقه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة عن قصة حب كبيرة ورزقت بولد ـ ما شاء الله ـ وزوجي يعيش في أمريكا منذ ولادة ابني آدم وعمره الآن سنتان ونصف ولم يتصل ولم يعل ابنه حتى بدرهم واحد تركه في بطني في الأسبوع الأول وولد في غيابه والآن أعيش وحيدة مع ابني، فهل ما زلت زوجته؟ أم حرمت عليه؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن ما فعله زوجك من قطع الصلة معك وعدم الإنفاق عليك وعلى ابنك كل هذا المدة يعتبر خطئا كبيرا منه، إلا أن جميع ذلك لا يحصل بمجرده طلاق الزوجة أو تحريمها على زوجها.
فما دام زوجك لم يطلقك أو يخالعك أو يحكم بالطلاق أو الخلع قاض مسلم فأنت لا تزالين في عصمته، وانظري الفتوى رقم: 97561.
لكن إذا كنت متضررة من غياب زوجك فلك أن ترفعي أمرك للمحكمة الشرعية لطلب الطلاق، وراجعي الفتوى رقم: 10254
كما أنّ ترك زوجك للإنفاق عليك وعلى ولدك يسوّغ لك طلب الطلاق، قال ابن قدامة: وجملته أن الرجل إذا منع امرأته النفقة لعسرته وعدم ما ينفقه فالمرأة مخيرة بين الصبر عليه وبين فراقه. المغني.
وانظري الفتوى رقم: 60315.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(13/2575)
امتناع البنت عن عمل توكيل على حسابها لأبيها هل يعد عقوقا
[السُّؤَالُ]
ـ[ساعدت أخي بمبلغ كبير من المال ـ وهو محتاج ـ لكي يكمل بناء منزله ولم يساعده أحد من إخوتي وأبي، حيث إنه أخي من أمي المتوفاة وقد غضب مني والدي وطلب مني أن جعل له توكيلا على حسابي بالبنك، ولكنني رفضت، باعتبار أنه مالي الخاص، فهل أعتبر عاقا؟ مع العلم أن أبي شخص لايتحمله أحد بسبب أخلاقه وقد حرمني من زيارته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من حقّ والدك أن يلزمك بعمل توكيل له على حسابك بالبنك، ولا يكون امتناعك من ذلك عقوقاً له، لكن من حقّه إذا كان فقيراً لا كسب له أن تنفقوا عليه بالمعروف، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد.
وأما إذا كان والدك غنياً، فلا يجب عليك الإنفاق عليه، لكن من الإحسان إليه أن تعطيه ما يطلبه منك من المال ممّا لا يلحقك ضرر بإعطائه، فإن لم تفعلي فلتعتذري له برفق.
واعلمي أنّه مهما كان حال والدك وسوء خلقه، فإنّ ذلك لا يسقط حقّه عليك في البرّ، فاحرصي على برّ والدك والإحسان إليه وطاعته في المعروف، فعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب أواحفظه. رواه ابن ماجه والترمذي، وصححه الألباني
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2576)
حكم تقبيل عورة الرضيع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنجبت منذ أشهر ولدا وأقيم حاليا عند أبي لأن، زوجي يعمل بالخارج في أمركا وتزورني حماتي أحيانا وفي يوم ما عند مجيئها كنت أغير حفاظات ولدي الرضيع فدخلت علي وكانت تداعب ولدي وتقبله ومن جملة ما فعلت تقبليه في أعضائه التناسلية وقد دهشت وذهلت وكرهت فعلها هذا جدا واعتبرته قبيحا وبصراحة كرهتها ولم أعد أريد زيارتها ولا رؤيتها خوفا من أن تعيد فعلها هذا، ولم أعد أثق بها وأخاف من ترك ابني الرضيع وحده معها، فهل ما قامت به حماتي حرام أم حلال؟ وإن كان حراما فهل فيه كفارة؟ وإن كان جائزا شرعا، فهل يحق لي أن أنهاها عن فعله، لأنني أبغض هذا الفعل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطفل غير المميز ـ كالمذكور في السؤال ـ لا حكم لعورته، فلا يحرم مسها ولا النظر إليها. وقد سبق بيان ذلك في الفتويين رقم: 112826، ورقم: 49463.
وعلى ذلك، فما فعلته حماتك ليس حراما ولا يدعو إلى كراهتها أو الخوف على أطفالك منها.
وإن كنت تكرهين هذا الفعل في نفسك فيمكنك أن تطلبي منها عدم فعله أمامك، مع مراعاة الأدب وانتقاء الكلمات واستعمال الأسلوب المناسب لمخاطبتك والدة زوجك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2577)
طلب من امرأته أن تتلف صورها مع مطلقها واهلها يعارضون
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت من سيدة مطلقة ـ وكان الزواج الأول بالنسبة لي ـ وبعد مرور سنوات وبمجرد الصدفة بدأت صور عرسها مع زوجها الأول تسقط في يدي وذلك في بيت والدها فطلبت منها أن تتخلص من هذه الصور، لأنها أصبحت زوجتي، ولكنها كانت تجد صعوبة من أهلها وكانت ترد علي بأنها تخلصت منها، ولكن ذلك لم يكن صحيحا، علما بأن أهلها لا تمكن مناقشتهم في ذلك، وأبنائي الآن في عمر الزواج وأخاف أن تسقط هذه الصور في أيديهم، فماذا أفعل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي لزوجتك أن تتخلّص من تلك الصور ما دمت قد سألتها ذلك، ويمكنها أن تحتال لإتلاف هذه الصور ولا يضرّها غضب أهلها، فإن لم تتمكن من ذلك، لمنع أهلها، أو لكونه يؤدي إلى مفسدة أكبر، فينبغي أن تعذرها في ذلك، وإذا وقعت هذه الصور في أيدي أولادك فلا نرى في ذلك خطراً، وما دامت الصور بعيدة عن الوقوع في أيدي الرجال الأجانب، فالأمر يسير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2578)
مات عن أم وزوجة وبنت وإخوة وأخوات أشقاء
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية:
-للميت ورثة من الرجال: (أخ شقيق) العدد 3.
-للميت ورثة من النساء: (أم) ، (بنت) العدد 1، (زوجة) العدد1، (أخت شقيقة) العدد 2]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر في السؤال فإن لأمه السدس لوجود الفرع الوارث، كما قال تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ. {النساء: 11} .
ولابنته النصف لقول الله تعالى في البنت الواحدة: وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ. {النساء: 11} .
ولزوجته الثمن لوجود الفرع الوارث، كما قال تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ. {النساء: 11} .
وما بقي فهو للأخوات والإخوة الأشقاء – تعصيبا – للذكر مثل حظ الأنثيين لقول الله تعالى: وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. {النساء: 176} .
فتقسم التركة على مائة واثنين وتسعين سهما، للأم سدسها – اثنان وثلاثون سهما – وللزوجة ثمنها – أربعة وعشرون سهما – وللبنت نصفها – ستة وتسعون سهما – ولكل أخ شقيق عشرة أسهم، ولكل أخت شقيقة خمسة أسهم.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2579)
كيف تتصرف مع الحمام الذي لا يعرف صاحبة ويسبب الأذى
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب أن أسأل: عن حكم ذبح الحمام الذي يبني عشه على تكييف منزلي، مع العلم أنني أسكن في منطقة كلها عمارات ويوجد في كل مكان حمام لا صاحب له، وهذا الحمام موجود بكمية كبيرة ويبني أعشاشه على الشبابيك والتكييف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحمام لا مالك له، فيجوز لك أخذه وذبحه والانتفاع به.
وأما إن كان مملوكا للغير، فلا يجوز لك ذلك، وإنما يمكنك تنفيره بوسيلة مناسبة، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية: السؤال الخامس من الفتوى رقم: 9410: س: في بيتنا كثير من طيور الحمام الذي لا يعرف صاحبه، وهو يتكاثر بشكل كبير مسببا لنا الأوساخ والإزعاج، فهل يصح صيده وأكله أو تربيته في أقفاص؟.
ج: لك أن تحفظ منزلك عن دخول طيور الحمام بتنفيرها وعدم تهيئة المكان للتواجد فيه، ولا الطعام لتناوله، وبذلك تسلم من الأذى والأوساخ.
وأما صيده أو تربيته للتتملكه فلا يجوز إلا بإذن صاحبه المالك له.
وانظر الفتوى رقم: 10365.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2580)
حكم شراء أضحية من مبيعات بدين استقرت في ذمة البائع
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أشكركم على الموقع الجميل فعلاً ونفع الله بكم الإسلام والمسلمين وجعل ذلك في ميزان حسناتكم. آمين.
أنا أريد أن أشتري أضحية ولي عند البائع نقود قد تتجاوز ثمن الأضحية وقد لا تتجاوز. فهل يجوز أن أشتري الأضحية بثمن تلك الأشياء التي بعتها للبائع قبل ذلك ولم يدفع ثمنها؟ هل يجوز أن أشتري الأضحية ولا أدفع ثمنها بما لي عند البائع من نقود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في شراء الأضحية أو غيرها من المبيعات بدين قد استقر في ذمة البائع.
فقد جاء في الموسوعة الفقهية في مسألة: تمليك الدين للمدين: أن ما يكون الملك عليه مستقراً من الديون كغرامة المتلف وبدل القرض ... وثمن المبيع.. أن هذا النوع من الديون لا خلاف بين الفقهاء في جواز تمليكه لمن هو عليه بعوض أو بغير عوض. انتهى.
وقال الشيرازي في المهذب: أما الديون فينظر فيها فإن كان الملك عليها مستقراً كغرامة المتلف وبدل القرض جاز بيعه ممن عليه قبل القبض، لأن ملكه مستقر عليه فجاز بيعه كالمبيع بعد القبض. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2581)
يتعين عدم تعريض المسجد للإغلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[نريد أن نسألكم في أمر هام: نحن جماعة نسكن في قرية صغيرة في فرنسا ـ والحمد لله ـ نجحنا في أن نفتح مسجدا، لكن رئس البلدية لهذه القرية لا يريد جماعة الخروج في سبيل الله أن يأتوا إلى المسجد والذين يأتون من مدن أخرى ويهدّدنا بإقفاله ونحن مختلفون: ففينا من يرى أنه يجب منعهم، وفينا من يرى أنه لاينبغي منعهم.
أجيبونا جزاكم الله خيراً، فماذا نفعل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلمين يتعين عليهم الحفاظ على ما عندهم من الخير والسعي في المزيد، وبناء عليه فيتعين الحفاظ على بقاء المسجد مفتوحاً، ولا تعرضوه لما يؤدي لإغلاقه، وجماعة الدعوة التي تأتيكم يمكن أن تنزل في البيوت فإن أمكن السماح لهم بالصلاة في المسجد والمدارسة مع الناس في المسجد أوقات الصلوات ثم يكون سكنهم الرسمي خارج المسجد فهو أولى.
وإلا، فلتكن لقاءاتهم بالناس في البيوت والأندية والمقاهي ولا تعرضوا المسجد للإغلاق، وادعو الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين، ويرزقهم العون على إقامة جميع أعمالهم التعبدية، والدعوة بأمان وحرية، واحرصوا على عدم وجود الخلاف بين جماعة المسجد ولا تحملنكم العاطفة وحب ضيافة الضيوف على التفرق والتنازع الذي يخشى أن يؤدي للفشل، وتذكروا أن أعظم الدعاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تتح له الفرصة بمكة لجمع الناس بالمسجد والمدارسة معهم فيه، وإنما كان يلتقي بهم في بيت الأرقم بن الأرقم ـ رضي الله عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2582)
حكم السهو في الصلاة وسبل تجنبه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم السهو أثناء الصلاة؟ وما هي النصيحة لمن يسهو؟.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسهو في الصلاة أمر جبلي لا يسلم منه أحد ـ حتى إنه وقع من النبي صلى الله عليه وسلم ـ فلا يلام العبد إذا سها في صلاته، وقد رفع الله ـ برحمته ـ عن هذه الأمة المؤاخذة في الخطإ والنسيان، قال العلامة العثيمين ـ رحمه الله: السهو يقال: سها في صلاته وسها عن صلاته، أما سها في صلاته فالمعنى أنه نسي منها شيئاً ـ إما ركوعاً أو سجوداً أو تسبيحاً ـ وأما سها عن صلاته فالمعنى غفل عنها وتهاون بها، فالأول السهو في الصلاة أمر جبلي يحصل من كل أحد حتى الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه سها في صلاته. ولا يلام العبد لأنه من طبيعة الإنسان، وأما السهو عن الصلاة فهو المذموم الذي قال الله تعالى عنه: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ. أي غافلون عنها لا يهتمون بها، بل يتهاونون بها. انتهى.
وإذا كان هذا السهو يعرض للإنسان بسبب استرساله مع الوساوس والفكر في أمور الدنيا والإعراض عن تدبر الصلاة فعليه أن يأخذ بالأسباب التي تجنبه هذا السهو من الإقبال على الصلاة والإعراض عما سواها، قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله: هذا الأمر يشتكي منه كثير من المصلين، وهو أن الشيطان يفتح عليه باب الوساوس أثناء الصلاة، فربما يخرج الإنسان وهو لا يدري عما يقول في صلاته، ولكن دواء ذلك أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو أن ينفث الإنسان عن يساره ثلاث مرات وليقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فإذا فعل ذلك زال عنه ما يجده ـ بإذن الله.
وعلى المرء إذا دخل في الصلاة أن يعتقد أنه بين يدي الله عز وجل، وأنه يناجي الله تبارك وتعالى، ويتقرب إليه بتكبيره وتعظيمه، وتلاوة كلامه سبحانه وتعالى، وبالدعاء في مواطن الدعاء في الصلاة، فإذا شعر الإنسان بهذا الشعور فإنه يدخل في الصلاة بخشوع وتعظيم الله سبحانه وتعالى ومحبة لما عنده من الخير، وخوف من عقابه إذا فرط فيما أوجب الله عليه. انتهى.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: ينبغي للمصلي إذا حضر وقت الصلاة أن يتخلى عن كل شيء من أعمال الدنيا وشواغلها حتى يتجه ذهنه وتفكيره إلى عبادة ربه قدر الطاقة، فإذا تطهر ووقف في الصلاة وقف خاشعاً تالياً لكتاب ربه أو مستمعاً له متدبراً لمعانيه ولما يقوله من أذكار في صلاته ولا يستسلم للشيطان ووساوسه، بل عندما يعرض له أقبل على صلاته ويتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لما روي عن أبي العلاء بن الشخير أن عثمان قال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: حال الشيطان بيني وبين صلاتي وبين قراءتي، قال: ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أنت حسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثاً. قال: ففعلت ذاك فأذهب الله عز وجل عني. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2583)
تحريم النظر لصور المتبرجة
[السُّؤَالُ]
ـ[كما لا يخفى عليكم وجد في الفترة الأخيرة برامج الاتصال بين مستخدمي الإنترنت ما يسمى فيس بوك
يوميا يزداد عدد المستخدمين لهذا البرامج.
سؤالي: هل يجوز للرجل أن يضيف إلى ملفه الخاص في هذا البرامج امرأة أجنبية عنه إن كان يتم ذلك بصورة صغيرة لامرأة متبرجة أجنبية عنه؟ وهل يجوز للرجل أن ينظر إلى صورة صغيرة لامرأة متبرجة أجنبية عنه لصغر الصورة؟ وجد عدد ممن يشار إليه بالبنان يفعل ذلك, وفعلهم ذلك يستلزم دليلا على جواز ذلك. فما رأيكم أحسن الله إليكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنظر الرجل إلى صورة امرأة متبرجة أجنبية عنه حرام كما بيناه في الفتوى رقم: 55811.
من هنا يتبين أن ما تسأل عنه من إضافة عنوان البريد الذي يستلزم إضافة هذه الصورة المتبرجة غير جائز. وراجع حكم المحادثة بين الرجل والمرأة الأجنبية في الفتاوى التالية: 109089، 122152، 119444، 3672.
مع التنبيه على أن الأحكام الشرعية إنما تؤخذ من النصوص الشرعية من الكتاب والسنة ولا تؤخذ من أفعال الرجال حتى وإن كانوا من أهل العلم، وقد قال علي رضي الله عنه: إن الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله. وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 108000.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2584)
هل يجب على أهل جدة طواف الوداع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على سكان جدة طواف الوداع؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسكان جدة كغيرهم من أهل الآفاق يلزمهم إذا أرادوا مغادرة الحرم أن يطوفوا للوداع، ليكون آخر عهدهم بالبيت، قال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله: إذا حج الإنسان وأخر طواف الوداع إلى وقت آخر فحجه صحيح، وعليه أن يطوف للوداع عند خروجه من مكة، فإن كان في خارج مكة كأهل جدة وأهل الطائف والمدينة وأشباههم فليس له النفير حتى يودع البيت بطواف سبعة أشواط حول الكعبة فقط ليس فيه سعي، لأن الوداع ليس فيه سعي، بل طواف فقط، فإن خرج ولم يودع البيت فعليه دم عند جمهور أهل العلم، يذبح في مكة ويوزع على الفقراء والمساكين وحجه صحيح. انتهى
وقال أيضاـ رحمه الله: الواجب على سكان جدة وأمثالهم أن لا ينفروا من الحج إلا بعد طواف الوداع كأهل الطائف وأشباههم، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم يخاطب الحجيج: لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت. خرّجه مسلم في صحيحه.
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض.
وعلى من ترك ذلك دم: وهو سُبع بدنة أو سُبع بقرة أو رأس من الغنم ـ ثني من الماعز أو جذع من الضأن ـ يذبح في مكة ويوزع في فقراء الحرم. انتهى.
وفي المسألة خلاف بينه ابن قدامة ـ رحمه الله ـ فقال في المغني: فصل: ومن كان منزله في الحرم فهو كالمكي لا وداع عليه، ومن كان منزله خارج الحرم قريبا منه فظاهر كلام الخرقي أنه لا يخرج حتى يودع البيت وهذا قول أبي ثور وقياس قول مالك ذكره ابن القاسم.
وقال أصحاب الرأي في أهل بستان ابن عامر وأهل المواقيت: إنهم بمنزلة أهل مكة في طواف الوداع، لأنهم معدودون من حاضري المسجد الحرام، بدليل سقوط دم المتعة عنهم، ولنا عموم قوله صلى الله عليه وسلم: لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت.
ولأنه خارج من مكة فلزمه التوديع كالبعيد. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2585)
نبذة عن الجصاص وكتابه أحكام القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى القائمين على مركز الفتوى بإسلام ويب شيوخنا: ما هو رأيكم في الإمام أحمد بن علي الرازي ـ الجصاص؟
ثم ما رأيكم في كتابه أحكام القرآن؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجصاص عالم من كبار علماء الأحناف، وقد انتهت إليه رئاسة الحنفية في وقته وكان صاحب عبادة وزهد وقد عرض عليه القضاء فرفضه، وتوفي سنة 370هـ، وأما كتابه أحكام القرآن: فهويعتبر من التفاسير التي تهتم بأحكام القرآن وقد بسط القول في الأحكام التي تتناولها الآيات القرآنية فيه وذكر خلاف أهل العلم فيها وأدلتهم والآثار عن السلف، ومما يلاحظ عليه أنه يميل ـ أحياناً ـ للحنفية، ولكن مع ذلك لا يغفل المذاهب الأخرى ـ رحمه الله رحمة واسعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2586)
هل يعرف الميت من الذي أهدى له العمل الصالح ومن هو الولد الصالح
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: أريد أن أطيع والدي ووالدتي بعد موتهم أيضا، فما هو أفضل شيء لي أن أطيعهم بعد الدعاء لهم، وأريد أن أفعل لهم صدقه جارية، مثلا بناء جامع إن شاء الله، فهل هم يشعرون أو يعرفون أنها مني يعني يحسون بها أنها مني؟
وما المقصود بمعنى الحديث الشريف: ولد صالح يدعو له. يعني لو أنا مقصر في بعض الأشياء، ولكن لا أترك الصلاة فهل دعوتي لهم مقبولة بإذن الله، أم لأني مقصر ببعض الأشياء لا تستجاب دعوتي لهم، ولا تكون صدقة جاريه لهم. اشفوني في الإجابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على أن الميت ينتفع بالدعاء والاستغفار له، والصدقة عنه، وكذلك الحج والعمرة من حيث الجملة، كما سبق تفصيله في عدة فتاوى، منها الفتويين: 3406، 69673.
فما يريد السائل الكريم عمله لوالديه من الصدقة الجارية لا شك أنه نوع من البر والإحسان المأجور فاعله، وقد تقدمت أمثلة للصدقة الجارية عن الميت في الفتويين: 8042، 10668. ولمعرفة ما يُبَرُّ به الوالدان بعد موتهما يمكن مراجعة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 10602، 7893، 44341.
وأما قول السائل الكريم: هل يعرفون أنها مني؟ فالظاهر أن ذلك حاصل، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول: أنى هذا؟ فيقال: باستغفار ولدك لك. رواه ابن ماجه وأحمد، وحسنه الألباني.
ويؤكد ذلك عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم من الأموات، فإن كان خيرا استبشروا به، وإن كان غير ذلك قالوا: اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا. رواه أحمد، وصححه الألباني. وقد سبق في الفتوى رقم: 79657. أن الذي يظهر أنهما يعلمان ذلك.
وقد تعرضنا قبل ذلك لبعض المسائل المتعلقة بأحوال الموتى كسماعهم كلام الأحياء وعلمهم بما يجري في الدنيا، فراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 121613، 54990، 72205، 72205.
كما سبق لنا بيان المقصود بصلاح الولد وأنه الإيمان وأداء الفرائض واجتناب الكبائر، فراجع الفتويين: 51983، 59144.
وقال المناوي في (فيض القدير) ، ومحمد بن عمر النووي في (شرح لباب الحديث) : ولد صالح أي مسلم.انتهى.
وقال القاري في (مرقاة المفاتيح) : ولد صالح أي مؤمن، كما قاله ابن حجر المكي. انتهى.
وعلى ذلك فتقصير الإنسان في بعض الأمور أو ارتكابه لبعض الذنوب، لا يمنع والديه من الانتفاع بدعائه وصدقته عنهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2587)
هل يجب على مريض الكلى صيام رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[أخواي مصابان بالفشل الكلوي المزمن، يذهبان إلى المستشفى ثلاث مرات أسبوعيا لغسل الدم وتنقيته، يفطران في أيام ذهابهما إلى الغسيل بأمر من الطبيب، ويصومان في الأيام الأخر، نصحهما طبيب بعدم الصيام مطلقا، ولكن طبيبا آخر نصحهما بصيام اليوم الذي لا يذهبان فيه إلى الغسيل ّإذا استطاعا ذلك ولم يشعرا بالإرهاق. أرجو منكم توضيح الحكم الشرعي، وما يترتب عليهما شرعا، وكيفية عمله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فغسيل الكلا مفسد للصوم كما سبق في الفتوى رقم: 6371. وبه أفتى علماء اللجنة الدائمة.
وقد جاء في فتاوى اللجنة: غسيل الكلى عبارة عن إخراج دم المريض إلى آلة كلية صناعية تتولى تنقيته ثم إعادته إلى الجسم بعد ذلك، وأنه يتم إضافة بعض المواد الكيماوية والغذائية كالسكريات والأملاح وغيرها إلى الدم. وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء والوقوف على حقيقة الغسيل الكلوي بواسطة أهل الخبرة أفتت اللجنة بأن الغسيل المذكور للكلى يفسد الصيام. انتهى.
فإذا علمت هذا فاعلم أن فطر أخويك- عافاهما الله- في الأيام التي يذهبان فيها لغسيل الكلا لا حرج فيه، وأما الأيام الأخرى فالواجب عليهما الصوم فيها إذا كانا يطيقانه ولا يشق عليهما، فإن شق عليهما أو خشيا زيادة المرض جاز لهما الفطر، والمعتبر في ذلك هو التجربة، وخبر الأطباء الثقات المعروفين بتعظيم الشرع، ثم الواجب عليهما قضاء الأيام التي يفطرانها ما داما يقدران على ذلك ولو في أيام الشتاء القصيرة، وذلك لقوله تعالى: وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ. {البقرة:185} .
فإن عجزا عن الصيام مطلقا وعجزا كذلك عن القضاء فعليهما فدية طعام مسكين عن كل يوم يفطرانه لقوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ. {البقرة:184} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2588)
التوبة المستوفية لشروطها تمحو الذنوب
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول صاحبي: كنت أسير في طريق خال فرأيت بنتين في عمر الثامنة تقريبا فأخرجت ذكري ومشيت عليهما فما أن رأتاني حتى جريتا في نفس اللحظة مذعورتين كل في اتجاه من غير اتفاق منهما. وسؤاله: هل تكفيه التوبة أم أنه من الآثام المستمرة؛ لخوفه من تأثير هذا عليهما في مستقبلهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله عزوجل لا يحب الفحش ولا التفحش، وما فعله صاحبك هذا يعد من الفحش في الفعل، ومن المحرمات، وينم عن عدم حياء من الله ومن نفسه ومن الناس.
فعن معاوية القشيري رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ قَالَ: احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ، فَقَالَ: الرَّجُلُ يَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ قَالَ إِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَاهَا أَحَدٌ فَافْعَلْ، قُلْتُ وَالرَّجُلُ يَكُونُ خَالِيًا قَالَ: فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ. رواه الإمام أحمد وأبوداود والترمذي وابن ماجه وحسنه الترمذي، ثم الألباني.
ومع قبح هذا الفعل وشناعته إلا أن باب التوبة مفتوح مهما عظم الذنب، ومادام صاحبك قد ندم على هذا الفعل، فالندم هو أصل التوبة، وليضف إلى هذا الندم الاستغفار والعزم على عدم العودة إلى هذا الفعل فهذا يكفيه إن شاء الله تعالى. فقد قال سبحانه: وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. {لأنفال: من الآية33} .
وقال سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. {الزمر: 53} .
وقال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا. رواه مسلم.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ. رواه أحمد، والترمذي وحسنه، وابن ماجه، وحسنه الألباني.
ولا يعد هذا الذنب من الذنوب المستمرة بل إن تاب منه تاب الله عليه، وليسأل الله تعالى أن يعافي هاتين الفتاتين، وأن يوفقهما، ولمزيد من الفائدة راجع الفتويين: 54900، 51247.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2589)
الرد على من يشك في أن الله تعالى هو خالق الكون
[السُّؤَالُ]
ـ[أواجه شبهة في منتهى الخطورة وهى أنني أشك في أن الله هو خالق هذا الكون وأن إلها آخر غيره هو الذي خلقه. فأرجوكم أفتوني بالدليل الذي يبطل هذه الشبهة ويبعدها عن نفسي تماما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يهدي قلبك وأن يلهمك رشدك، وهذا الشك الذي يدور بعقلك هو من وساوس الشيطان، فالمشركون الذين بعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يعتقدون أن الله هو الخالق لهم وللكون ولكل شيء وإنما كان شركهم في صرف أنواع من العبادة لغير الله لتقربهم إلى الله، فكيف بك وأنت تنتمي إلى الإسلام ونشأت على الإسلام؟! وقد ذكر الله سبحانه هذا في كتابه في مواضع كثيرة منها: قوله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ. {العنكبوت:61} . وقال تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ. {العنكبوت:63} . وقال تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ. {الزخرف:87} .
ثم هناك سؤال لابد منه وقد سأله الله مستنكرا على من لم يشكر نعمة الله عليه ولم يوحده سبحانه، فقال عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ. {فاطر:3} . فمن شك في أن الله سبحانه هو الخالق، فما جوابه على هذا السؤال؟ وما هي صفة هذا الخالق المزعوم من دون الله عز وجل؟! هل له رسائل إلى خلقه ليعرفهم بنفسه أم خلق الخلق وتوارى واعتزل؟
ثم لماذا الشك هل هناك أي شبهة عقلية ولو من بعيد على وجود إله آخر خالق لهذا الكون غير الله، ما هو برهان ودليل من يدعي ذلك، قال تعالى: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ * وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ * أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ * لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ * لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ * أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ. {الأنبياء:16-24} .
فالمعنى: لو كان فيهما آلهة موصوفة بأنها غير الله لَفسدتَا، فامتنع أن يكون هناك شريك. يقول الله تعالى: قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً. {الإسراء: 42} .
الحق - سبحانه وتعالى - يعطينا القسمة العقلية في القرآن: فلنفرض جدلاً أن هناك آلهة أخرى: قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً.. {الإسراء: 42} أي: لو حدث هذا لاَّبْتَغَوْاْ إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً. {الإسراء: 42} .
السبيل: الطريق، أي طلبوا طريقاً إلى ذي العرش أي: إلى الله، لماذا؟ إما ليجادلوه ويصاولوه، كيف أنه أخذ الألوهية من خلف ظهورهم، وإمّا ليتقربوا إليه ويأخذوا ألوهية من باطنه، وقوة في ظل قوته، كما أعطى الله تعالى قوة فاعلة للنار مثلاً من باطن قوته تعالى، فالنار لا تعمل من نفسها، ولكن الفاعل الحقيقي هو الذي خلق النار، بدليل أنه لو أراد سبحانه لَسِلَبها هذه القدرة، كما جاء في قول الحق سبحانه وتعالى: قُلْنَا يانَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ. {الأنبياء: 69} .
وقوله: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ... {المؤمنون: 91} وهذه الآية الكريمة وأمثالها تثبت أنه سبحانه موجود وواحد.
لكن، لماذا تفسد السماء والأرض إنْ كان فيهما آلهة غير الله؟
قالوا: لأنك في هذه المسألة أمام أمرين: إما أن تكون هذه الآلهة مستوية في صفات الكمال، أو واحد له صفات الكمال والآخر له صفة نقص. فإنْ كان لهم صفات الكمال، اتفقوا على خَلْق الأشياء أم اختلفوا؟
إنْ كانوا متفقين على خَلْق شيء، فهذا تكرار لا مُبرِّر له، فواحد سيخلق، والآخر لا عملَ له، ولا يجتمع مؤثران على أثر واحد.
فإن اختلفوا على الخَلْق: يقول أحدهم: هذه لي. ويقول الآخر: هذه لي، فقد علا بعضهم على بعض.
أما إنْ كان لأحدهم صفة الكمال، وللآخر صفة النقص، فصاحب النقص لا يصحّ أن يكونَ إلهاً. وهكذا الحق - سبحانه وتعالى - يُصرِّف لنا الأمثال ويُوضِّحها ليجلي هذه الحقيقة بالعقل وبالنقل: لا إله إلا الله، واتخاذ آلهة معه سبحانه أمر باطل. انتهى من تفسير الشيخ الشعراوي.
فاستعذ بالله أيها الأخ الكريم، وتذكر قول الرسل لأقوامهم: قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ. {إبراهيم: 10} . وخير وسيلة لمقاومة هذه الشبهات هي اللجوء إلى الله أن يهدي قلبك ويثبته على الإيمان، والإكثار من قول لا إله إلا الله مخلصا من قلبك لتذوق حلاوة الإيمان ويندفع عنك الشيطان، وعليك بالصحبة الصالحة المؤمنة وعليك بالعلم والقراءة ففي العلم أعظم علاج لتبديد ظلام الشبهات وتثبيت حقائق الإيمان وسوف نحيلك على بعض المراجع والفتاوى لتزداد علما، ومن ذلك:
كتاب مختصر معارج القبول للشيخ هشام عقدة، من أول: إثبات ذاته تعالى (البراهين على وجود الله عز وجل) وما بعدها من صفحات. ويمكنك تحميل الكتاب من هذا الرابط:
http://www.saaid.net/book/5/816.zip
كتاب: للكون إله، قراءة في كتابي الله المنظور والمسطور، تأليف: د. صبري الدمرداش، ويمكنك تحميل الكتاب من هذا الرابط:
http://www.archive.org/download/llkwon/LLKWN.pdf
كتاب: "الفيزياء ووجود الخالق " للدكتور جعفر شيخ إدريس ويمكنك تحميل نسخة منه من هذا الرابط:
http://www.saaid.net/book/9/2368.zip
كتب الشيخ عبد المجيد الزنداني ومنها: "إنه الحق، كتاب التوحيد، توحيد الخالق، البينة العلمية في القرآن، بينات الرسالة، رَسَائِل تَثبيت الإيمَان- طريق الإيمان (1) ، رَسَائِل تَثبيت الإيمَان - طريق الإيمان (2) علم الإيمان " ويمكنك تحميل نسخة منها من هذا الرابط:
http://www.saaid.net/book/9/2337.zip.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 52377، 22081، 39560، 53031، 122213.
ونسأل الله أن يهديك ويثبت قلبك على الإيمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2590)
حكم أخذ أجرة مقابل كفالة الغير واستخراج إقامة له
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك عامل أجنبي إقامته محجوزة لدى إحدى المراكز الأمنية وخرج هو بكفالة منذ خمسة أشهر تقريباً، وأنا أستطيع أن أستخرج إقامته وأكفل حضوره في حالة طلبه من المركز، واستخراجي لها بطرق نظامية وليس هناك ضرر على الغير، وهو ليس تحت كفالتي وقد طلب مني ذلك وعرض علي مبلغ مقابله، لأن كفيله غير مهتم بموضوعه. السؤال: هل يجوز أن آخذ منه مبلغا ماليا مقابل تعقيبي وكفالته واستخراج إقامته، أم أنها تعتبر رشوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فالظاهر أن نفع السائل الكريم لهذا العامل مقتصر على الشفاعة له أو كفالته بما له من جاه، فإن كان كذلك فلا يجوز أخذ شيء في مقابل ذلك، فإن الكفالة من عقود الإرفاق وليست محلاً للمعاوضات، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شفع لأخيه بشفاعة فأهدى له هدية عليها فقبلها فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا. رواه أبو داود وأحمد. وحسنه الألباني.
اللهم إلا إن كان السعي في هذه الخدمة للعامل يحتاج إلى تعب أو سفر أو نفقة لاستخراج اللازم من الأوراق، فحينئذ يجوز أخذ أجرة المثل دون زيادة عليها ولا الربح فوقها، كما سبق التنبيه عليه في الفتويين: 4714، 5264.
وينبغي أن يحتسب السائل الكريم الأجر العظيم على هذا العمل، فإنه من أجل الأعمال وأحبها إلى الله، كما قال تعالى: مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا. {النساء:85} .
قال ابن كثير: أي من سعى في أمر فترتب عليه خير كان له نصيب من ذلك. انتهى.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم أو يكشف عنه كربة أو يقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد -يعني مسجد المدينة- شهراً. ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام. رواه الطبراني وحسنه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: اشفعوا تؤجروا. وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته. متفق عليهما. وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. وقال صلى الله عليه وسلم: من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2591)
حكم لبس المحرم أكثر من إزار ورداء والتغطي ببطانية من البرد
[السُّؤَالُ]
ـ[لو كان الجو باردا في الحج، فهل يجوز للمحرم لبس أكثر من طبقة من ملابس الحرام بعضها فوق بعض؟ مثل إزارين، علما بأنه غير مخيط، وهل عليه دم؟ وإن تغطى ببطانية مخيطة، ف هل عليه دم ـ أيضا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المحرم أن يلبس إزارين بعضهما فوق بعض أو رداءين كذلك، ولا حرج عليه أن يغطي بدنه بغطاء - بطانية ونحوها- ولا شيء عليه، وإنما يحرم عليه تغطية رأسه، قال ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ فيما يجوز للمحرم فعله: التلفف بالبطانية ونحوها عن البرد فلا بأس بذلك كله، لأنه ليس داخلاً فيما نهي عنه لفظاً ولا معنى فيكون مباحاً. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 28822.
وإذا خشي المرض بترك رأسه مكشوفاً فله أن يغطيه وعليه الفدية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2592)
موقف المسلم ممن يمارس اللواط وحكم الائتمام به
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو موقفك كمسلم تجاه مسلم شاذ يمارس اللواط؟ هل تقاطعه؟ تنصحه؟ تخبرعنه محيطه؟ تستر عليه؟.....؟ علما أنه أحيانا يصلي بالناس في مسجد. أرجو إجابتي كيف أتعامل مع هذه الحالة؟ وما حكم من صلى خلفه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنّه لا يجوز اتهام المسلم بالفاحشة من غير بينة، فذلك من كبائر الذنوب، وقد شدد الشرع في أمر الأعراض، فحكم على القاذف بالجلد ووصفه بالفسق وردّ شهادته، أمّا إذا كنت على بينة من وقوع هذا الشخص في تلك الفاحشة فما يفعله منكر شنيع.
فاللواط من كبائر الذنوب ومن أفظع الفواحش، ومن انتكاس الفطرة، وفاعله يستحق العذاب والخزي في الدنيا والآخرة، والواجب عليك في هذه الحال أن تنصحه وتعظه وتخوّفه من عواقب هذا الفعل القبيح.
فعن أبي سعيد رضي الله عنه أنّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ. رواه مسلم.
فإذا لم ينتصح فالمشروع هجره ومقاطعته لا سيما إذا رجي بذلك رجوعه عن المنكر.
جاء في الفروع لابن مفلح: ونقل حنبل: إذا علم من الرجل أنه مقيم على معصية لم يأثم إن هو جفاه حتى يرجع، وإلا كيف يبين للرجل ما هو عليه إذا لم ير منكرا عليه، ولا جفوة من صديق. انتهى.
أمّا الستر عليه فهو الأصل فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. متفق عليه.
لكن إذا كان الستر عليه يؤدي إلى تماديه في المعصية فلتبلغ عنه من يقدر على منعه من هذا المنكر.
قال النووي: وأما الستر المندوب إليه هنا فالمراد به الستر على ذوي الهيئات ونحوهم ممن ليس هو معروفا بالأذى والفساد فأما المعروف بذلك فيستحب أن لا يستر عليه بل ترفع قضيته إلى ولي الأمر إن لم يخف من ذلك مفسدة لأن الستر على هذا يطمعه في الايذاء والفساد وانتهاك الحرمات وجسارة غيره على مثل فعله. انتهى. شرح النووي على مسلم.
وأمّا الإخبار عن أمره دون مصلحة معتبرة فغير جائز لما فيه من إشاعة الفواحش، وأمّا عن حكم الصلاة خلفه، فما دامت صلاته صحيحة فلا حرج في الصلاة خلفه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: كلُّ مَن صحَّت صلاتُهُ صحَّت إمامته. انتهى. الشرح الممتع على زاد المستقنع.
لكن الأولى أن يكون الإمام من أهل الصلاح والاستقامة، وانظر الفتوى رقم: 14675.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2593)
حكم لبس المرأة بلوزة طويلة تحتها بنطلون ضيق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس بلوزة طويلة طولها إلى حد الركبة، وتحتها بنطلون ضيق. أرجو التوضيح إذا كان فيه خلاف بين العلماء لأن أمي تريد مني أن ألبسها أفتوني مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا اللباس بالهيئة المذكورة في السؤال لباس محرم، لأن من شروط اللباس الشرعي أن يكون واسعاً فضفاضاً لا يصف ولا يشف، أما اللباس الضيق الذي يصف بدن المرأة فهو حرام لا خلاف في حرمته بين أهل العلم جميعاً، وقد بينا شروط اللباس الشرعي مفصلة وذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 6745، 9428، 13914.
وكل ما خالف هذه المواصفات فهو من التبرج، والتبرج كبيرة من كبائر الذنوب، كما بينا ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 66102، 115873، 34838.
وعليه فلا يجوز لأمك أن تأمرك بهذا اللباس لأنه مخالف لشرع الله، ولا يجوز لك أن تطيعيها في ذلك لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2594)
حكم شراء متجر تباع فيه السجائر
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص مقيم بأمريكا يرغب في شراء متجر لبيع المواد الغدائية تباع فيه السجائر، فهل يجوز له شراؤه؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حرمة التدخين وبيع السجائر في عدة فتاوى، منها الفتويين رقم: 17461، 66437.
فإذا كان الذي يريد شراء هذا المتجر سيمتنع من بيع الدخان وغيره من المحرمات بعد تملكه، فلا حرج عليه في شرائه والانتفاع بأرباحه، وأما إن كان هذا النشاط ونحوه من المحرمات سيستمر بعد الشراء، فقد تقدم أنه لا يجوز بيع الدخان، فالمال المكتسب منه مال خبيث.
ثم ننبه السائل الكريم على أن جواز العيش في بلاد الكفر مشروط بأمن الفتنة والقدرة على إقامة شعائر الدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2595)
هل لقراءة سورة يس تأثير على السارق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 26 عاما، قد تورطت في سرقة مصاغ جدتي، وهى الآن تبحث عن السارق وأنا السارق، وهى قرأت في السارق عدة ياسين أي سورة ياسين. فماذا علي أن أفعل وأنا تبت والحمد الله، وأصلي الفرائض في وقتها وربنا أكرمني بعقد عمل في البلدان العربية، والحمد الله أرجو منك فضيلة الشيخ الإجابة على السؤال، وما قد تفعله في قراءة عدة ياسين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي وفقك إلى التوبة مما فعلت، ونسأله سبحانه أن يديم عليك نعمة الهداية ويزيدك هدى، ومن توبتك رد المسروق إلى صاحبه، فيجب عليك رد المصاغ إلى جدتك، ولو بطريق غير مباشر، ما دامت لم تبرئك منه. وانظر الفتوى رقم: 40782.
وبخصوص سورة يس فلا نعلم دليلا صحيحا على تأثيرها في السارق، وانظر الفتويين: 101045، 23230.
وإذا علم الله منك صدق توبتك، وتقبلها منك، ورضي عنك، فلن يضيرك شيء إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2596)
أجبرها عمها على الزواج من ابنه الذي ضيع حقوقها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة منذ أكثر من 18 عاما من ابن عمي ـ أخي والدي ـ وهو الوالي الشرعي لي، حيث إن والدي توفي وأنا طفلة صغيرة، وقد أرغمني عمي على الزواج من ابنه دون موافقتي خوفا من ذهاب الثروة التي سأرثها بعد والدي، فلم أكن موافقة على الزواج ولم يكن ابن عمي يرغب في الزواج مني، فقد تزوجني خوفا من والده، ولكن ـ ورغم مرور أكثر من 18 عاما على زواجنا ـ لم نأكل معا وجبة طعام واحدة، بل ولم يحدث بيننا ما يحدث بين الزوجين من معاشرة قط، فأنا أسكن في بيت بجانب بيت والده، وأما هو فيأكل وينام في بيت والده، ولا ينفق علي منذ أن تزوجنا، ورزقي يأتيني من الله عز وجل عن طريق البقرة التي لا أملك غيرها فأنا يتيمة ولا يوجد لدي إخوة وليس لي إلا عمي الذي ظلمني، وخالي الذي لا يسأل عني ولا يحاول أن يوقف بجانبي كي لا تسوء العلاقة بينه وبين عمي.
إنني صبرت كل هذه السنين الطوال على الألم والفقر والمعاناة والظلم وكنت آمل أن يتحسن الأمر وأن يتغير الحال، ولكن الحال ازداد سوءا، فمنذ أربع سنوات لا يدخل زوجي بيتي ولا يكلمني مطلقا، حتى إنني أحس أنه لا يطيق أن يراني رغم أنني لم أعص له أمرا منذ أن تزوجنا ولا أذهب إلى أي مكان إلا بعد استئذانه.
والآن وبعد أن فكرت كثيرا، أريد أن أعرف هل علي إثم بسبب أنني لم أخالعه؟ وأنا أعرف أن خلعه ليس بالأمر السهل فلا يوجد من يقف معي ولا أدري ماذا يجب علي فعله؟ أريد من حضرتكم أن تفتوني في ما إن كان علي إثم في سكوتي أم لا؟ وماذا يجب علي فعله كي أتخلص من هذا الظلم؟.
علما أنني ـ والله يشهد ـ لست مقصرة في حق زوجي وقد بذلت كل ما في وسعي كي يحبني، ولست أقل من نظيراتي في الجمال والأخلاق والدين، فزوجي لا يخاف الله وليس ملتزما بتعاليم الدين الحنيف، فهو متهاون في الصلاة وقد ثبت عليه الخلو مع نساء أخريات ولاقى ضربا مبرحا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان عمك قد أجبرك على الزواج من ابنه هذا وعقد لك عليه، بحيث لم يكن لك خيار ولا رضا, فإن هذا الزواج باطل وعليك أن ترفعي أمرك للسلطات المختصة كي تفسخ هذا النكاح أو تطلقك منه، جاء في فتاوى اللقاء الشهري لابن عثيمين: إذا كانت المرأة مغصوبة، فإنها إذا غصبت على الزواج من رجل ـ وإن كان صغيراً ـ فإن النكاح باطل.
أما إن كنت غير راضية، ولكنك وافقت بمحض إرادتك على العقد تحت الضغوط، فإن النكاح صحيح, ولكن في كل الأحوال، فإن عمك هذا ظالم بفعله هذا، لأن البنت لا يملك أحد إرغامها على الزواج بمن لا تريد, كما بيناه في الفتوى رقم: 64887
وعلى كل حال, فما دام الأمر على ما ذكرت من بغضه لك وتضييعه لحقوقك جميعا وهجره لك دون سبب وفسوقه وارتكابه للمحرمات واستمراره على هذا النهج المنحرف طوال هذه السنين، فإن هذا يبيح لك طلب الطلاق منه, بل بعض هذه الأمور كاف في ذلك, وقد سبق الحديث مفصلا عن الأحوال التي يجوز للمرأة فيها طلب الطلاق من الزوج في الفتوى رقم: 116133.
فإن لم يستجب لك في ذلك فأنت بالخيار بين أمرين: إما أن ترفعي أمرك للسلطات المختصة لتجبره على التطليق, وإما أن تختلعي منه.
أما ما تذكرين من عدم وجود من يقف بجوارك: فنقول لك: استعيني بالله وحده فهو نعم المولى ونعم النصير واستعيني بمن يقدر على نصرتك من الأخيار، ويمكنك أن تقصدي بعض النساء الصالحات من أهل العلم والخير والدعوة وتعرضي عليهن أمرك ليساعدنك في التخلص من هذا الظلم.
أما بخصوص الإثم: ففي مثل حال زوج السائلة لا أقل من أنه يستحب لها أن تتخلص منه بالخلع ونحوه، وقيل يجب عليها ذلك، وعلى القول بالوجوب تأثم السائلة إذا قدرت على التخلص منه ولم تفعل.
ففي الإنصاف: إذا ترك الزوج حق الله فالمرأة في ذلك كالزوج فتتخلص منه بالخلع ونحوه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2597)
توضيحات حول قصة موسى في القرآن الكريم
[السُّؤَالُ]
ـ[خطر على بالي هذان السؤالان لدى قراءتي لسورة طه (أرجو الإجابة بسرعة حيث إني أنتظر شهرا أحيانا لأتلقى الإجابة على أسئلتي)
الأول: من الآية 48 إلى الآية 58 كان الحديث قائما بين سيدنا موسى وفرعون، إلا أنه من منتصف الآية 53 إلى الآية 56 أصبح المتحدث الله عز وجل ثم عاد الحديث مرة أخرى بين سيدنا موسى وفرعون. فما الحكمة من تغير طريقة سرد القصة؟
الثاني: أرجو أن لا يفهم أنني أعطي عذرا لفرعون لبقائه على كفره بعد قصة السحرة، حيث إني أشعر أن هنالك أمرا لا أستطيع فهمه، ولكن لو حدثت قصة السحرة مع أحدنا لقال إن السحرة قد اتفقوا مسبقا مع سيدنا موسى خصوصا أن السحر كان منتشرا تلك الأيام، وكان فرعون يعتقد أن ما قام به سيدنا موسى هو من السحر أيضا. وأمر آخر من أين أتوا بعلمهم عن العذاب والمغفرة وعن الجنات (الآية 74 إلى 76) وهم قد أسلموا لتوهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر الألوسي في تفسيره أن قوله تعالى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى. {طه: 53} . يحتمل أن يكون ابتداء كلام منه عز وجل وكلام موسى قد تم عند قوله ولا ينسى. ويحتمل أن يكون من كلام موسى عليه السلام، على أن يكون قد سمعه من الله عز وجل فأدرجه بعينه في كلامه وقد رجح رحمه الله الاحتمال الأول وذكر أنه يقويه قوله تعالى: وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى. {طه:56} .
وبناء عليه يكون عود الحديث لموسى من باب أن الله عز وجل واصل في سرد القصة فذكر أنه أرى فرعون آياته فكذب ثم قال لموسى كذا فأجابه موسى بكذا.
وأما السؤال الثاني الذي لم تفصح فيه إفصاحا كاملا فجوابه أن فرعون مكابر جحود كما أخبر الله عنه في قوله: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ. {النمل:14} .
وأخبر الله عنه في آية أخرى أنه اتهم موسى بأنه مسحور لما جاء بالآيات التسع فأجابه موسى بقوله: قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُورًا. {الإسراء:103} .
ففرعون كان مكابرا جحودا، وموسى لم تكن آيات صدقه قاصرة على انتصاره على السحرة بل جاءه بكثير من الآيات الأخرى فكذب وأبى.
وأما علم السحرة بالمغفرة والعذاب فهو غير مستغرب لاحتمال أن يكون موسى حدثهم بذلك إذ من أهم الأمور التي يحدث بها الدعاة مدعويهم أن يحدثوهم عن ذلك كما حدث نوح في قوله: قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاء لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ. {نوح:3-4} .
وحدث نفر من الجن في قولهم: يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ. {الأحقاف:31} .
إضافة إلى أن المفسرين قد ذكروا أن كبار السحرة كان أغلبهم من بني إسرائيل أكرههم فرعون على تعلم السحر ومعارضة موسى، ويؤيد هذا قولهم: إنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى. {طه:73} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2598)
حكم تصرف المريض مرض الموت في ماله بالبيع والشراء وغيرهما
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال وأتمنى أن يكون الرد عليه واضحا ومختصرا حتى أفهمه بشكل صحيح: فهل يجوز لرجل مريض على وشك الموت أن يبيع نصف ماله مع أنه له ورثة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الرجل لا يزال واعيا مدركا لما يفعل، فلا حرج في تصرفه في ماله بالبيع إن لم يكن في ذلك محاباة للغير، ففي المدونة: أن مالكا قال في بيع المريض وشرائه إنه جائز إلا أن تكون فيه محاباة فيكون ذلك في ثلثه. هـ.
وقال الدسوقي: المريض لا يحجر عليه في المعاوضات وإن حجر عليه في التبرعات بالنسبة لما زاد على ثلثه. هـ.
وقال الباجي في المنتقى: إذا ثبت أن حكم الحجر يلحق المريض في ثلثي ماله لحق الورثة، فقد قال القاضي أبو محمد في معونته أنه يتعلق به حكم الحجر فيما زاد على قدر حاجته من الإنفاق في الأكل والكسوة والتداوي والعلاج وشراء ما يحتاج إليه من الأشربة والأدوية وأجرة الطبيب ويمنع من السرف وما خرج عن العادة، لأن ذلك إخراج مال على غير عوض يستفيده أو ورثته فكان في معنى إضاعته، وذلك ممتنع قال: وله أن يتصرف في ماله بالبيع والشراء، لأن حق الورثة لم يتعلق بعين المال، وإنما تعلق بمقداره.
وروى ابن وهب عن مالك في المجموعة: ولا يمنع المريض من البيع والابتياع إذا لم يكن في ذلك محاباة أو ضرر بالورثة. قال ابن القاسم وأشهب: وهبته للثواب كبيعه. هـ.
وقال ابن قدامة في المغني: وبيع المريض كبيع الصحيح في الصحة وثبوت الشفعة وسائر الأحكام إذا باع بثمن المثل ـ سواء كان لوارث أو غير وارث ـ وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد.
وقال أبو حنيفة: لا يصح بيع المريض مرض الموت لوارثه، لأنه محجور عليه في حقه، فلم يصح بيعه كالصبي.
ولنا أنه إنما حجر عليه في التبرع في حقه، فلم يمنع الصحة فيما سواه كالأجنبي إذا لم يزد على التبرع بالثلث وذلك لأن الحجر في شيء لا يمنع صحة غيره. هـ.
وأما إن كان غير واع فقد نص الفقهاء على مشروعية الحجر على من كبرت سنه وتغير عقله، لأنه لا يحسن التدبير وتصريف المال كالمجنون والمعتوه ونحوهما، وقد روى عبد الرزاق في مصنفه: أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله عن الشيخ الكبير الذي قد ذهب عقله أو أنكر عقله، فكتب إليه إذا ذهب عقله أو أنكر عقله حجر عليه. هـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2599)
مدى مشروعية صلاة الوحشة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي صلاة الوحشة؟ فقد سمعت أنها تصلى للميت، فإذا كان كذلك، فهل يجوز أن أصليها؟ وفي أي وقت عن أمي ـ رحمها الله؟ وهل يجوز أن أصلي صلاة الحاجة وأدعو لأمي؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة المعروفة: بصلاة الوحشة ليس لها ذكر في كتب أهل العلم من أهل السنة، وإنما تعرف هذه الصلاة عند بعض أهل البدع والأهواء، فيرون وجوب صلاة ركعتين ليلة دفن الميت، وهذا لا أصل له عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه، نعم من صلى صلاة ثم وهب ثوابها للميت، فإن العلماء اختلفوا في انتفاعه بهذا الثواب، والصحيح الراجح أن الميت ينتفع بما يوهب له من ثواب القربات كلها ومنها الصلاة، وقد فصلنا هذا القول وبينا رجحانه في فتاوى كثيرة، فلتراجع منها الفتوى رقم: 111133.
أما صلاة الحاجة فهي مشروعة، ويدعو الإنسان بعدها بما أحب من خيري الدنيا والآخرة، ومن ذلك الدعاء للميت، وقد بينا مشروعية صلاة الحاجة في الفتوى رقم: 128409.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2600)
حكم سحب الممرضة الدم من الرجال وهي تلبس قفازين
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة قامت بإحضار فريق ممرضات لسحب الدم لعمل شهادة صحية في مقر الشركة، عند دخولهن لمقر الشركة عرفت أنه لا يوجد ممرض رجل مع الفريق، وكانت عندي 15 دقيقة للتفكير ولم أعرف التصرف الصحيح عندها، وعندما سألت المسؤول عن إحضار هذا الفريق هل يوجد ممرض رجل قال لي إن الممرضة تلبس القفازين مما جعلني أدخل لتسحب مني الدم كارها لذلك، مع العلم أنه لا يوجد خلوة، هل فعلي هذا صحيح؟ وهل القفاز يكفي؟ مع العلم أني تعرضت سابقا لهذا الموقف عند طبيب رجل ومعه ممرضة وعندما طلب مني الكشف جهة البطن والعانة طلبت باحترام عدم حضور الممرضة، وقد نصرني الله عندها وخرجت الممرضة؟ ولكن الموقف هنا يختلف. كما أود أن أسأل عن النية حيث إني عادة أرفض هذا الموقف رجولة وفطرة وعنادا، خاصة أني منذ الصغر أعاني من محاولة فرض القبول بولاية المرأة والاختلاط ومنافسة الإناث ومحاولة تطبيع هذا الأمر مما جعل عندي حساسية من الإناث، وظللت فترة طويلة كارها ومتحسسا من النساء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن يقوم الرجال بتطبيب الرجال، والنساء بتطبيب النساء، ما لم يكن هناك حاجة تدعو إلى خلاف ذلك، وانظر الفتوى رقم: 8972.
وأمّا عن سؤالك فلا حرج عليك فيما فعلته ما دمت قد سألت عن وجود ممرض ولم تجد ولم تحدث خلوة، ولا سيما إذا كانت الممرضة تلبس القفازين.
وكونك ترفض مثل هذه الأمور بدافع الفطرة والرجولة فهو أمر محمود، لكن ينبغي ألّا يحملك بغضك لدعوات أهل الباطل على الغلو في شأن النساء، وإنما الواجب أن تلزم حدود الشرع وآدابه، وأن يكون قصدك من أفعالك مرضاة الله عز وجلّ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2601)
لا ينتفع المتخلص من الفوائد الربوية منها لنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أقوم بعمل رسالة ماجستير في معهد أبحاث، وأعمل كل شغلي العملي والنظري في نفس المعهد، ولكن لإجراءات روتينية وشكلية يجب إضافة اسم دكتور من الجامعة مع الدكتور الذي في المعهد ورغم عدم استفادتي من الجامعة في أي شيء إلا انهم يطلبون مني دفع مصاريف في الجامعة رغم عدم استخدامي لمعملهم أو أي شيء تابع للجامعة، ومعظم هذه المصاريف هي تبرعات. فهل يمكن لي أن أدفع تلك المصاريف من أرباح البنوك التي أعتبرها محرمة ولا أستخدمها في بيتي بل أصرفها في منفعة عامة؟ فهل يجوز شرعا وضعها في تلك المصاريف التي معظمها تبرعات ولا استفاد من الجامعة في شيء مطلقا سوى توقيع الدكتور التابع للجامعة فقط وهو إجراء روتيني شكلي فقط؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحرمة الفوائد الربوية ووجوب التخلص منها في وجوه الخير والمصالح العامة صحيح كما يعتبره السائل الكريم، توقيا للمال الحرام وتخلصا منه، ومن كان عنده شيء من هذه الفوائد الربوية وجب عليه أن يتخلص منه بحيث لا ينتفع به هو بجلب مصلحة له أو دفع مضرة عنه، ومن ذلك أنواع الضرائب والمكوس والرسوم الإجبارية، فلا يجوز له أن يدفعها من هذه الفوائد. وينبغي أن تكون النية عند إخراجها هي التخلص من المال الحرام لا الصدقة، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا. ولذلك سبق أن نبهنا على أن دفع الضرائب والرسوم والغرامات ونحو ذلك من هذه الفوائد أمر يعود بالنفع على الدافع في الحقيقة، إذ به تكون حماية ماله فلا يجوز له ذلك، وراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 1983، 9879، 53825.
وعلى ذلك فإذا لزم السائل الكريم تسديد رسوم للجامعة المذكورة، فلا يجوز له دفعها من الفوائد الربوية، حتى ولو كانت قد فرضت عليه ظلما دون وجه حق، ولكن الحكم قد يختلف بما ذكره السائل من أن (معظم هذه المصاريف تبرعات) فإن المال المطلوب دفعه إذا كان عبارة عن تبرع من الدافع، فيمكن أن يحكم له بأنه من جملة المصالح العامة التي تصرف فيها الأموال الربوية، وراجع الفتوى رقم: 15443.
ولكن الظاهر من السؤال أن السائل الكريم ملزم بالدفع، وهذا ينافي معنى التبرع، فإن كان واقع الحال هو الإلزام رجع الكلام إلى ما سبق من حرمة الانتفاع بأموال الربا للشخص نفسه، لأنه بذلك في الحقيقة إنما يحمى ماله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2602)
سبب قلة مرويات أبي بكر الصديق
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا كانت مرويات أبي بكر الصديق رضي الله عنه قليلة جدا، بالرغم من ملازمته الطويلة للرسول صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل ذلك راجع إلى قصر المدة التي عاشها بعد رسول الله-صلى الله عليه وسلم وانشغاله في تلك الحقبة القصيرة بتدبير الخلافة. ولعل ملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم طول حياته من أسباب قلة روايته لوجود النبي صلى الله عليه وسلم معه.
والمكثرون من الحديث عاشوا بعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- طويلا كما سبق بيانه في الفتوى: 62856. فكان طلبة العلم والمستفتون يجتمعون بهم وربما يرحلون إليهم من مختلف الأقطار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2603)
طلقها زوجها ثم مات فهل تعتد للوفاة وترثه
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة قال لها زوجها أنت طالق ثم توفي بعد يومين. فهل يكون لها نصيب في الميراث أم يكون قد وقع الطلاق وليس لها شيء يعنى حكمها مطلقة أم أنها أرملة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الطلاق رجعيا والزوجة وما زالت في العدة فإنها ترث من مطلقها الذي مات وتعتد منه عدة الوفاة.
قال ابن عاصم المالكي في التحفة: وحَالُ ذَاتِ طَلْقَةٍ رَجْعِيَّهْ فِي عِدَّةٍ كَحَالَةٍ الزَّوْجَيَّهْ
قال شراحه: والمعنى أن حال الرجعية وقت عدتها كحال الزوجة التي في العصمة في وجوب النفقة لها وجواز إرداف الطلاق عليها ولزوم الظهار والإيلاء منها، وثبوت الميراث، وانتقالها لعدة الوفاة في موته عنها وغير ذلك من الأحكام إلا في الاستمتاع بها. انتهى.
أما إذا كان الطلاق بائنا أي كانت الطلقة المذكورة هي الثالثة فإنها لا ترث ولاتعتد عدة الوفاة، وسبق بيان ذلك بتفصيل أكثر في الفتوى: 115172. وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2604)
لا حرج على المحرم في أكل الزيت والدهن
[السُّؤَالُ]
ـ[المحرم ممنوع من استعمال الدهن هل إذا أكل طعاما فيه دهن ويديه أصابها الدهن هل عليه شىء أى أن المحرم لا يحل له أن يأكل طعاما به دهن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمحرم ليس ممنوعا من أكل طعام فيه دهن كزيت وشحم ونحوه.
قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن للمحرم أن يأكل الزيت والشحم والسمن والشيرج وأن يستعمل ذلك في جميع بدنه سوى رأسه ولحيته.. اهـ
والادهان الذي يمنع منه المحرم هو استعمال دهن مطيب – أي فيه طيب – وأما ما لا طيب فيه فيجوز استعماله على خلاف بين الفقهاء في ذلك، وانظر الفتويين: 52420 , 43631.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2605)
زوج ابنه ووهبه شقة ثم مات تاركا بنتا وزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء قسم الميراث على الورثة التالي ذكرهم: زوجة، وولد، وبنت.
توفى والدي وترك ابنا وبنتا وزوجة وتركة تقدر: 46 ألف جنيه، و16 قيراطا، وكانت كل تصرفاته وأرضه وكل أسراره في يد أخيه الأكبر، وقبل الوفاة بقليل باع 16 قيراطا من أجل أخي لشراء شقة وتجهيز لوازم الزواج، وقال لأخيه بعد زواج أخي بع 8 قراريط عبارة عن نصيبي وتم تأجيل البيع، لأن المشتري لم تكن معه سيولة كافية إلى ما بعد فرح أخي، وأنا لم تكن عندي نية لبيعها وفكرت في أن أتركها أرضا فذلك أفضل من بيعها، ثم توفى والدي قبل بيع القراريط المخصصة لي وكان جزء من ثمن الأرض التي بيعت لم يدفعه الشاري وهو 26 ألفا، ومبلغ آخرفي دفتر التوفير بقيمة 20 ألفا، وبعد الوفاة قال عمي: إن أخاه كان يريد أن يبيع نصيبي، ولكن بعد زواج أخي وعند وجود مشتر جاهز لشراء 8 قراريط، والباقي هو التركة فقط:8 قيراط +20 ألفا بعد خصم 8 قراريط لي وباقي ثمن الأرض لأخي والباقي يوزع بيني وبين أخي وأمي، ولكن بعد إعلان التركة وحصاد الأرض من المحصول في شهر 12 القادم.
ثم توفي عمى في شهر رمضان الماضي بعد أن أبلغ أمي وأخي بذلك ولم يعترضا ـ لا أمي ولا أخي ـ وقالت أمي الذي يمليه عليك ضميرك وتراه صحيحا افعله، وبعد وفاة عمى رجع أخي عن كلامه وقال عمى مات وليست لي دعوة بما قال ولن تأخذي ما قاله عمك ولا والدك.
وقد سألت دار الإفتاء قبل وفاة عمى، وردت علي بأن كل ما ترك تركة، وعلى المدعي الإثبات، وكان إثباتى الوحيد هو عمي وما قاله لي ولأمي ولأخي ووافقنا عليه وبعد وفاته أنكر أخي كل شيء، ولكنني مصممة على أخذ حقي بعد أن سألت دار الإفتاء وقالت بأن علي الإثبات وسأثبت بأن هذا حقي، علما بأن أمي شاهدة على ذلك وزوجة عمى الآخر ويوجد شهود بذلك ويوجد من سمع ما قاله عمي من أولاده قبل وفاته، وأخيرا فما الحكم في هذا الموضوع؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا مات والدك قبل أن تباع الأرض التي أمر ببيعها ويكون ثمنها لك، فإن تلك الأرض تدخل في التركة ولا تكون لك حتى وإن أوصى بذلك بعد مماته وأشهد على وصيته أهل الأرض جميعا, وكون والدك باع أرضا لتجهيز زواج ابنه لا يوجب عليه أن يعطيك ما يقابل ذلك, والأب إذا زوج بعض أبنائه، فإنه لا يلزمه شرعا أن يعطي الآخرين ما يقابل ذلك، لأن هذه نفقة لحاجة فلا يلزم فيها العدل بين الأولاد، كما فصلناه في الفتوى رقم: 124867.
ولكن يبقى النظر في شراء شقة لابنه، لأن هذه هبة قد تكون فوق الحاجة وليست نفقة لحاجة وعلى فرض كونها فوق الحاجة، فإنها تدخل في الهبة الجائرة، كما بيناه في الفتوى رقم: 114813 , وفي هذه الحال يخصم من نصيب الابن من التركة ما يقابل ثمن الشقة التي اشتراها له والده.
ووجوب العدل بين الأبناء في العطية محل خلاف بين العلماء، كما أن لزوم رد الابن لما وهبه له والده ـ إن لم يعدل الوالد ـ محل خلاف أيضا، وإذا كان كذلك فعند الخصومة يرفع الأمر إلى المحكمة الشرعية إن وجدت.
ومن توفي عن زوجة وابنة وابن، فإن لزوجته الثمن والباقي بين الابن والبنت ـ تعصيبا ـ للذكر مثل حظ الأنثيين, فتقسم التركة على أربعة وعشرين سهما, للزوجة ثمنها ـ ثلاثة أسهم ـ وللابن أربعة عشر سهما وللبنت سبعة أسهم.
ثم إننا ننبه السائلة إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2606)
حكم النسبة إلى الله تعالى بلفظ اللاوي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما التحليل الشرعي واللغوي لاستخدام لفظة "اللاوي" نسبة إلى الله عز وجل، حيث يتم استخدام هذا اللفظ في بعض المناطق للدلالة مثلا عن أي شيء عالي أو مرتفع كأن يقال أسعار هذا المحل "اللاوية" للدلالة على ارتفاع السعر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسبة الشيء إلى الله يقال فيها: إلهي، فلفظ الجلالة (الله) علم على الإله المعبود بحق أصله إله دخلت عليه ال ثم حذفت همزته وأدغم اللامان. كما في لسان العرب لابن منظور، والمعجم الوسيط، وغيرهما من معاجم اللغة.
وأما النسبة إلى الله بلفظ (اللاوي) كما ذكر في السؤال فلا أصل لها في اللغة، وإذا كان الأمر كذلك فالظاهر -والله أعلم- أنه لا يصح شرعاً أن ينسب شيء إلى الله على صورة النسبة المذكورة في السؤال، لأن تسمية الله بما لم يسم به نفسه أو يسمه به رسوله صلى الله عليه وسلم هي من القول على الله بلا علم، ومن التحريف لاسم الجلالة سبحانه وهذا من الإلحاد في أسماء الله وصفاته، وقد نهى الله عن ذلك فقال: وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ. {الأعراف:180} .
قال البغوي في تفسيره: هم المشركون عدلوا بأسماء الله تعالى عما هي عليه، فسموا بها أوثانهم فزادوا ونقصوا، فاشتقوا اللات من الله، والعزى من العزيز، ومناة من المنان هذا قول ابن عباس ومجاهد.. وقيل: هو تسميتهم الأصنام آلهة، وروي عن ابن عباس: يلحدون في أسمائه أي يكذبون، وقال أهل المعاني: الإلحاد في أسماء الله: تسميته بما لم يسم به، ولم ينطق به كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وجملته: أن أسماء الله تعالى على التوقيف فإنه يسمى جواداً ولا يسمى سخياً، وإن كان في معنى الجواد ويسمى رحيماً ولا يسمى رفيقاً، ويسمى عالماً ولا يسمى عاقلاً. انتهى.
وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 10300، 23893، 25564، 94098.
وعلى المسلم أن يهتم بكلامه فيسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية فما كان غالياً في الثمن سماه باسمه دون أن يتكلف ما لا علم له به، لا سيما إن تعلق بلفظ الجلالة سبحانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2607)
حكم ولادة المرأة على يد طبيب ذكر
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال آخر: ما حكم ولادة المرأة لدى طبيب ذكر رغم وجود طبيبات توليد نساء، مع العلم أن الطبيبات النساء لم يكن بنفس كفاءة الرجال فأنا أعمل بمستشفى وأعرف إمكانيات كل طبيب جيداً ولكني فى حيرة بين الشرعية والكفاءة. الرجاء الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة لولادة المرأة على يد طبيب ذكر، فهذا لا يجوز إلا في حال الضرورة المبيحة للمحظور، كأن تستدعي حالة المرأة وجود طبيب، ولا يوجد إلا طبيب ذكر أو وجدت طبيبة ليس عندها كفاءة لمثل حالة المرأة فيخشى منها الإضرار بها، كما تقدم بيان ذلك في الفتويين: 13756، 47114.
فإنه لا يخفى أن ولادة النساء تختلف يسراً وعسراً، وسلامة وخطراً، فلا بد من تقدير الأمر حق قدره، فلا ينتقل عن أصل الحرمة إلا في الضرورة المعتبرة، وهكذا الحكم عموماً في كشف الطبيب الذكر على المرأة وقد سبقت بعض الفتاوى في حكم كشف الطبيب على المرأة، وبيان حد الضرورة المبيحة لذلك، فراجع منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 20549، 23240، 8107، 19439.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2608)
مات عن زوجة وأربعة أبناء وبنت
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية:
- للميت ورثة من الرجال: (ابن) العدد 4
- للميت ورثة من النساء: (بنت) العدد 1- (زوجة) العدد 1؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ورثة الميت المذكور محصورين في من ذكر فإن تركته تقسم على النحو الآتي:
لزوجته ثمن التركة فرضاً لقول الله تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم. {النساء:12} ، وما بقي بعد فرض الزوجة يقسم على الأبناء للذكر مثل حظ الأنثيين لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ. {النساء:11} .
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2609)
هل يحجب ما يشكل فهمه من النصوص النبوية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز حجب بعض أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجة أنها لا تناسب هذا الوقت، أو هذا العصر مثل حديث: حق الزوج على زوجته أن لو كانت به قرحه فلحستها ما أدت حقه، وفى رواية عند البزار أو انتثر منخراه صديدا أو دما ثم ابتلعته ما أدت حقه، وعند أحمد في رواية....
قال هذا الكلام بعض الأئمة غير المعينين من الأوقاف، وزادوا على ذلك أحاديث أخرى مثل حديث الذبابة، وحديث إرضاع الكبير، وغيره من الأحاديث. بحجة أن هذا الكلام لا يناسب العصر، والوقت الذي نعيش فيه الآن، وأن بعض الأحاديث بها ألفاظ لا تناسب هذا الزمان مثل لحس الصديد والدم.
إذا كان هذا الكلام صحيحا أليس من الأفضل أن نعرف أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وشرحها حتى لا نحارب من المستشرقين واليهود والنصارى الذين يشككون في ديننا، وفي هذه الأحاديث وحتى لايهتز المسلم الضعيف الذي ليس لديه علم.
وإن كنت أرى أن يقوم الأئمة الثقات بشرح تلك الأحاديث للعامة من المسلمين وتوعيتهم أفضل من حجب حديث بسبب أي حجة أو أي سبب آخر أفادكم الله وبارك فيكم أفتونا نرجوكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الأصل هو تبليغ العلم المأخوذ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ونشره في الناس وعدم كتمانه.
قال تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ {آل عمران: 187}
ولا يصح أن يوصف شيء ثبت في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يناسب العصر، وإلا فالقرآن نفسه قد يوصف بعض أحكامه بالصفة نفسها، فالثابت في السنة كالقرآن من حيث تبليغه ونشره والعمل به، فعن عبد الله بن عمرو قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه، فنهتني قريش وقالوا: أتكتب كل شيء تسمعه ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا. فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأومأ بأصبعه إلى فيه، فقال: اكتب، فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق. رواه أبو داود وأحمد والدارمي، وصححه الألباني.
وأما ما يشكل فهمه من النصوص الشرعية فهو محل اجتهاد من أهل العلم، متى يحدثون به، ومن يحدثون، وكيف يحدثون ... وقد عقد الإمام البخاري في صحيحه: باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا يفهموا. وأسند تحته قول علي بن أبي طالب: حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله. قال ابن حجر: زاد آدم بن أبي إياس في كتاب العلم.. في آخره: "ودعوا ما ينكرون" أي: يشتبه عليهم فهمه.. وفيه دليل على أن المتشابه لا ينبغي أن يذكر عند العامة. انتهى.
وأسند فيه أيضا حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ: من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة. قال: ألا أبشر الناس؟ قال: لا؛ إني أخاف أن يتكلوا.
ومن ذلك أيضا ما رواه مسلم عن ابن مسعود قال: ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة. رواه مسلم.
وقد سبق لنا في الفتوى رقم: 7453، أن العالم قد يمتنع عن الحديث في أمر من الأمور لما قد يسببه ذلك من فتنة وشر فيما يرى، أو لأنه قد لا يبلغ فهم السائل إدراك ما يقال على وجه صحيح. كما سبق لنا في الفتوى رقم: 24086، الرد على من زعم أن أحكام الشريعة لا تناسب هذا العصر.
وراجع بخصوص الأحاديث المذكورة في السؤال الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 67037، 6776، 105629.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2610)
هل عقوبة شرب المخدرات تعزير أم حد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا كانت عقوبة المخدرات تعزيرية ولم تكن كشرب الخمر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية ننبه على أمرين:
الأول: أن المخدرات لم تكن في العصر النبوي ولا ما بعده من عصور الأئمة المتبَعين، وإنما عرفت في بلاد الإسلام في أواخر القرن السادس الهجري.
الثاني: أن هناك فرقا بين المسكر وبين المرقد والمفتر والمفسد.
قال الحطاب: فائدة تنفع الفقيه يعرف بها الفرق بين المسكر والمفسد والمرقد.
فالمسكر: ما غيب العقل دون الحواس مع نشوة وفرح.
والمفسد: ما غيب العقل دون الحواس لا مع نشوة وفرح، كعسل البلادر. والمرقد: ما غيب العقل والحواس كالسكَران. انتهى.
وقال القرافي في الفروق: المتناول لما يغيب العقل، إما أن يغيب معه الحواس أو لا، فإن غابت معه الحواس كالبصر والسمع واللمس والشم والذوق فهو المرقد، وإن لم تغب معه الحواس، فإما أن تحدث معه نشوة وسرور وقوة نفس عند غالب المتناول له فهو المسكر، وإما أن لا يحدث معه ذلك فهو المفسد. فالمرقد ما يغيب العقل والحواس. والمفسد: ما يغيب العقل دون الحواس لا مع نشوة وفرح. انتهى.
وقد اختلف أهل العلم في المخدرات، من أي الأنواع الثلاثة هي، وبالتالي هل يجب فيها حد الخمر؟ أم يجب فيها التعزير؟.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى عن الحشيشة: أول ما بلغنا أنها ظهرت بين المسلمين في أواخر المائة السادسة وأوائل السابعة، حيث ظهرت دولة التتر. ومن الناس من يقول: إنها تغير العقل فلا تسكر كالبنج، وليس كذلك، بل تورث نشوة ولذة وطربا كالخمر، وهذا هو الداعي إلى تناولها، وقليلها يدعو إلى كثيرها كالشراب المسكر، والمعتاد لها يصعب عليه فطامه عنها أكثر من الخمر، فضررها من بعض الوجوه أعظم من الخمر، ولهذا قال الفقهاء: إنه يجب فيها الحد كما يجب في الخمر. انتهى.
وما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية هو الراجح ـ إن شاء الله.
وقد أعدت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية، بحثا بعنوان: نظرة الشريعة الإسلامية إلى المخدرات، نشر في مجلة البحوث الإسلامية ومن مسائله: مسألة الفرق بين حقيقة كل من الخمر والمخدر والمفتر. ومسألة علاقات المخدرات بالخمر.
ومما جاء فيه: الصلة بين المخدرات وبين الخمر قوية، إذ لا أقل من أنها تحقق قيام الوصف المقتضي للتحريم بها قياسا واضحا جليا، ولهذا حكم ابن تيمية وغيره بأن للحشيش من المخدرات أحكام المسكرات الأساسية المتخذة من عصير العنب إذا غلا واشتد وقذف بالزبد، وهذه الأحكام ثلاثة: التحريم، والنجاسة، والحد على متعاطيها، وذلك، لأنه عندهم مسكر كالخمر، ومن تتمة النظر في هذا أن نضيف أن بعض الفقهاء لم يكتف في بعض هذه المخدرات باعتباره مسكرا، بل سماه خمرا، منهم شيخ الإسلام الفقيه المحقق الإمام أحمد ابن تيمية ـ وكانت فيه غيرة دينية عجيبة وسعة أفق ـ كما سترى في رأيه الفقهي مع أراء الفقهاء من مختلف المذاهب، وكذلك الحافظ الذهبي.
كما جاء في كتاب الزواجر: والفقه الحنبلي هو أقوم ما عرفناه كتابة في هذا الموضوع، وبيان الحكم الشرعي فيه بقوة وخصوبة واستيعاب الأدلة، يتمثل ذلك في كتابة شيخ الإسلام ابن تيمية، وإن كان في نقول بعض الشافعية نقل عن الغزالي يفيد وجوب التعزير دون الحد على آكل الحشيشة انتهى.
وراجعي لمزيد الفائدة الفتويين رقم: 17651، 120228.
وبهذا يتبين أن الراجح في عقوبة تعاطي المخدرات أنها كعقوبة شارب الخمر، وإن كان قول الأكثر أنها ليست كالخمر، فلأنها عندهم ليست مسكرة، بل مرقدة أو مفترة أو مفسدة.
وقد سبق لنا بيان الفرق بين الحد والتعزير، في الفتوى رقم: 95693 وبيان هل عقوبة شرب الخمر تعد من باب الحد؟ أم التعزير؟ في الفتوى رقم: 113912.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2611)
حكم العلاقة بين الرجل والأجنبية بداعي الأخوة والاستشارة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعمل طبيبا، وتعرف على ممرضة صرحت له أنها تحبه، لكن هو لم يقبل ذلك واعتبرها أخته وهي أصبحت تعتبره كذلك، هي تركت العمل في المستشفي وسافرت وأصبحا على اتصال تستشيره في أمورها ومشاكلها، وعندما علمت تضايقت فأنهى زوجي هذه العلاقة، وعندما علمت هي بكت بكاء شديد وقالت إنه لم تكن تريد شيئاً سوى أخ لأنها هي يتيمة ومسؤولة عن إخوتها وليس لها أحد تستشيره في أمور حياتها أنا شعرت بالذنب وطلبت منه أن يتزوجها. فهل أنا مذنبة؟ وهل هذه العلاقة صحيحة وما رأي الإسلام في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأ زوجك بإقامة علاقة مع تلك الممرضة، فلا يقر الشرع علاقة بين رجل وامرأة أجنبية عنه تحت مسوغ الزمالة أو الإخوة أو نحو ذلك، لما يجره ذلك من الفتن وينطوي عليه من المفاسد والشرور. وإذا أرادت المرأة أن تستشير أحداً في أمورها فالأولى أن يكون ذلك مع امرأة عاقلة أو رجل من محارمها، فإن احتاجت للحديث مع رجل أجنبي فليكن مع التزام الآداب الشرعية من عدم تليين الصوت والخلوة ونحوه من الأسباب الداعية للفتنة، ومن ثمن فينبغي أن تنصحي زوجك بقطع علاقته بتلك الممرضة ولا بأس بحديثه معها وفق الضوابط السابقة، ولا إثم عليك في طلبك من زوجك قطع تلك العلاقة، أما طلبك منه أن يتزوجها فلا حرج فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2612)
هل يجوز لصاحب المال والعامل أن يتقاضى راتبا مع الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[أسسنا شركة تجارية أنا وصديق لي، أنا أساهم برأس المال وصديقي عليه بالعمل ثم نقتسم في آخر العام الفائدة مع العلم أنه يتقاضى راتبا شهريا من نفس الشركة.
والسؤال: هل يحق لي أن أتقاضى راتبا شهريا مثله من شركتنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز لصاحب المال ولا للعامل أن يتقاضى راتبا شهريا مع حصته من الربح.
قال ابن قدامة في المغني: مسألة قال: ولا يجوز أن يجعل لأحد من الشركاء فضل دراهم وجملته أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة, أو جعل مع نصيبه دراهم, مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم, بطلت الشركة، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة. وممن حفظنا ذلك عنه مالك والأوزاعي والشافعي, وأبو ثور وأصحاب الرأي, والجواب فيما لو قال: لك نصف الربح إلا عشرة دراهم, أو نصف الربح وعشرة دراهم, كالجواب فيما إذا شرط دراهم مفردة. وإنما لم يصح ذلك لمعنيين; أحدهما: أنه إذا شرط دراهم معلومة, احتمل أن لا يربح غيرها, فيحصل على جميع الربح, واحتمل أن لا يربحها, فيأخذ من رأس المال جزءا. وقد يربح كثيرا, فيستضر من شرطت له الدراهم. والثاني: أن حصة العامل ينبغي أن تكون معلومة بالأجزاء, لما تعذر كونها معلومة بالقدر, فإذا جهلت الأجزاء, فسدت, كما لو جهل القدر فيما يشترط أن يكون معلوما به. ولأن العامل متى شرط لنفسه دراهم معلومة, ربما توانى في طلب الربح; لعدم فائدته فيه وحصول نفعه لغيره, بخلاف ما إذا كان له جزء من الربح. انتهى.
وبخصوص صديقك فالأصل أنه لا يجوز له تقاضي راتب شهري إضافة إلى نسبة الربح المتفق عليها؛ لأن نسبة الربح في مقابل عمله، فأما إن قام بأعمال لا يلزمه القيام بها عادة فننظر هل قام به على وجه التبرع أم طلبا للأجرة؟ فإن فعله تبرعا لم يملك أن يطالب بالأجرة، أما إن فعله ليأخذ عليه أجرا، ففي ذلك خلاف بين العلماء.
قال ابن قدامة في المغني: وعلى العامل أن يتولى بنفسه كل ما جرت العادة أن يتولاه المضارب بنفسه; من نشر الثوب, وطيه, وعرضه على المشتري, ومساومته, وعقد البيع معه, وأخذ الثمن, وانتقاده, وشد الكيس, وختمه, وإحرازه في الصندوق, ونحو ذلك، ولا أجر له عليه; لأنه مستحق للربح في مقابلته. فإن استأجر من يفعل ذلك, فالأجر عليه خاصة; لأن العمل عليه. فأما ما لا يليه العامل في العادة; مثل النداء على المتاع, ونقله إلى الخان, فليس على العامل عمله, وله أن يكتري من يعمله. نص عليه أحمد؛ لأن العمل في المضاربة غير مشروط, لمشقة اشتراطه, فرجع فيه إلى العرف. فإن فعل العامل ما لا يلزمه فعله متبرعا, فلا أجر له. وإن فعله ليأخذ عليه أجرا, فلا شيء له أيضا, في المنصوص عن أحمد. وخرج أصحابنا وجها: إن له الأجر, بناء على الشريك إذا انفرد بعمل لا يلزمه, هل له أجر لذلك؟ على روايتين. وهذا مثله. والصحيح أنه لا شيء له في الموضعين; لأنه عمل في مال غيره عملا لم يجعل له في مقابلته شيء, فلم يستحق شيئا, كالأجنبي. انتهى.
وبهذا يتيين لك أن اشتراطك راتبا شهريا معلوما زائدا على حصتك من الربح لا يجوز، كما لا يجوز ذلك للعامل أيضا، ولمعرفة كيفية تصحيح المعاملة راجع الفتوى رقم: 58979.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2613)
هل يتزوج من أسلمت على يديه أم خطيبته المسلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم مقيم في أوروبا تعرفت على امرأة أوروبية ودعوتها إلى الإسلام، وبالفعل أسلمت هذه المرأة الأوروبية وطلبت مني أن أتزوجها، لأنها تريد أن تعيش مسلمة وتريد بناء أسرة مسلمة، وأنها استشعرت مني الإيمان والتقوي، وأنا قد خطبت فتاة من مصر قبل سفري إلي أوربا ولا أدري ماذا أفعل؟ هل أتزوج هذه المرأة الأوربية وأترك خطيبتي؟ أو أترك هذه المرأة الأوروبية لتعود لما كانت عليه من كفر، وخاصة أنها استغاثت بي أن لا أتركها، لأنها تريد أن تعيش في جو الإسلام وتعلمُ الدين الإسلامي، وتريد ارتداء الحجاب وتصبح زوجة مسلمة لي؟ أو أعلم خطيبتي بما حدث ولها أن تقرر، في انتظار رد سيادتكم.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك ـ أولاً ـ إلى أن الإقامة في بلاد الكفر لا تجوز إلا في حالات معينة وبضوابط مبينة في الفتوى رقم: 2007.
ولا شك أن الدعوة إلى الله من أفضل الأعمال، لكن ننبه إلى أن التعارف بين الرجال والنساء الأجانب باب فتنة وذريعة فساد، فالواجب على المسلم التزام حدود الشرع واجتناب مواطن الفتن.
أما عن زواجك من هذه المرأة التي أسلمت فلا مانع منه، لكن الذي ننصحك به ـ إذا كانت خطيبتك ذات دين ـ أن لا تفرط فيها ولا تفسخ خطبتها، لما في ذلك من إخلاف الوعد، وما قد يترتب عليه من إضرار بها، وما تخشاه على تلك المرأة الأوروبية إذا لم تتزوجها يمكن تداركه بتعريفها بالمراكز الإسلامية أو الاستعانة ببعض المسلمات الصالحات في بلدها، كما يمكنك أن تلتمس لها مسلماً صالحاً يتزوجها، ونوصيك بالاستخارة قبل أن تقدم على أمر من الأمور. وراجع في كيفية الاستخارة الفتوى رقم: 103976.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2614)
زوجته تقيم مع طفلهما في أوروبا وتقيم علاقة مع رجال أجانب عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[بعدما استحال استمرار الحياة الزوجية، طلبت من زوجتي أن نفترق بالحسنى، وأن يأخذ كل ذي حق حقه، المشكلة بيننا الآن هو أنها تعيش بعيدة عني في بلد أوروبي، ومعها ابني البالغ من العمر عامين وأربعة أشهر، ولا أستطيع أن أكون هناك رفقة ابني إلا أن تمضي معي زوجتي بعض الوثائق الإدارية لكنها ترفض ذلك، وهو الشيء الذي دفعني إلى الامتناع عن تطليقها إلى أن أضمن كامل حقوقي في ابني وأطمئن على مصير ابني، فما حكم الشرع في موقفي هذا وفي موقفها الساعي إلى حرمان الأب من ابنه والابن من أبيه، وهي الآن تتصرف تماما كمطلقة تمت عدتها رغم أني لم أطلقها، فبعدما نهيتها عن الاتصال برجال أجانب عنها كانت على صلة بهم قبل زواجي بها أصبحت الآن تتصل بهم، بل وتذهب إلى بيوتهم وتركب معهم في سياراتهم وأكثر من ذلك تعزمهم في بيتها، وهي تقوم بهذه التصرفات مكراً بي لكي أطلقها، فما حكم الشرع في سلوكها هذا وما نصيحتكم لها؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقامة في بلاد الكفار خطر على دين المسلم وخلقه، فلا تباح إلا في حالات معينة، وبضوابط سبق بيانها في الفتوى رقم: 23168، والفتوى رقم: 2007.
وما تقوم به زوجتك من الاتصال بالرجال الأجانب ودعوتهم لبيتها والذهاب معهم لبيوتهم كل ذلك منكر ظاهر وسلوك منحرف يدل على رقة الدين وفساد الخلق، ونصيحتنا لهذه الزوجة أن تتقي الله ولا تتعدى حدوده، وعليها أن ترجع لزوجها وتعاشره بالمعروف.
وعليك بنصحها وتخويفها بالله، فإن لم ترجع عما هي فيه فالأولى أن تطلقها، وفي حال الطلاق لا حق لها في حضانة ولدك لإقامتها في غير بلدك على ما ذهب إليه كثير من العلماء، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 123083، والفتوى رقم: 67319.
كما أنه ليس من مصلحة الولد نشأته في بلاد الكفار مع أم لا تقيم حدود الله، وإذا لم تتمكن من ضم الولد لك إلا بالامتناع عن طلاقها حتى تتنازل لك عن حضانته فلا حرج عليك في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2615)
الآيات المكية والمدنية في سورة الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[سورة الحج هل فعلا أنها مكية إلا ثلاث آيات وإذا كان كذلك فما هي هذه الآيات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سورة الحج اختلف فيها هل هي مكية أو مدنية، والجمهور على مكيتها وأن فيها آيات مدنية واختلف في تعيين وعدد هذه الآيات.
فقال الداني في كتابه البيان في عد آي القرآن: سورة الحج مكية إلا أربع آيات منها نزلت بالمدينة في الذين تبارزوا يوم بدر وهم ثلاثة مؤمنون علي وحمزة وعبيدة بن الحارث وهن قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم إلى قوله تعالى وهدوا إلى صراط الحميد. هذا قول ابن عباس وعطاء بن يسار إلا أن ابن عباس لم يذكر إلى أين ينتهين وذكره عطاء، وقيل عن ابن عباس إنهن ينتهين إلى قوله تعالى: الحريق فكأنه عد الحميم ووالجلود ولم يعدهما عطاء.
وقال مجاهد: هي مكية إلا ثلاث آيات نزلت بالمدينة هذان خصمان تمام ثلاث آيات ولم يذكر منتهاهن، وروي ذلك أيضا عن ابن عباس، وقال قتادة الحج مدنية إلا أربع آيات منها نزلت بمكة وهن قوله تعالى: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلى قوله تعالى عذاب يوم عقيم. انتهى.
وقال الشيخ مرعي الكرمي في كتابه قلائد المرجان في بيان الناسخ والمنسوخ في القرآن: سورة الحج مكية غير آيتين وهما قوله تعالى: ومن الناس من يعبد الله على حرف الآية، والتي بعدها نزلتا بالمدينة وقيل السورة مدنية غير أربع آيات وهي قوله تعالى: وما أرسلنا قبلك من رسول إلى تمام أربع آيات نزلت بمكة.
وقال عطاء بن يسار: مكية إلا ثلاث آيات نزلت بالمدينة وهي قوله تعالى: هذان خصمان إلى ثلاث آيات أو إلا ست آيات وهي من قوله تعالى: هذان خصمان إلى ست آيات وهذه السورة من أعاجيب القرآن فيها مكي وهي رأس الثلاثين إلى آخرها ومدني وهي من رأس خمس وعشرين إلى رأس ثلاثين.انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2616)
الصدقة الجارية أفضل من الصدقة المنقطعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أوصاني والدي قبل وفاته إنه إذا توفي أن أتصدق بنحر عدد اثنين من الإبل وتوزيعها على الفقراء، فهل هذا جائز؟ وهل من الممكن التصدق بقيمة الجملين لإحدى المدارس أو المساجد لتكون صدقة جارية بدلاً من شراء الجملين ونحرهما، أو إذا كان هناك طريقة أخرى للصدقة على والدي تكون أفيد له في مماته، علما بأن المال الذي سيتم به شراء الجملين أو التصدق بالقيمة هو من مالي الخاص وليس من مال والدي؟ بارك الله فيكم وجزاكم خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لوالدكم ولجميع موتى المسلمين، ولتعلم أن من تمام بر الوالدين إنفاذ وصيتهما بعد موتهما، فقد روى الإمام أحمد في المسند وابن ماجه في سننه وغيرهما عن أبي أسيد مالك بن ربيعة رضي الله عنه قال: بينما نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله أبقي من بر أبوي شيء أبرهما به من بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإيفاء بعهودهما من بعد موتهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما. والحديث تكلم بعض أهل العلم في سنده، وإذا كانت الوصية في غير مال والدك الخاص، فالأفضل تنفيذها إن استطعت ولكن ذلك ليس بواجب عليك.
وما دمت تريد تنفيذ الوصية من مالك الخاص، فإن الأمر يعود إليك، فإن شئت جعلته في صدقة جارية في بناء مسجد أو مدرسة أو مستشفى ... أو توفير ماء لمن يحتاجونه، ولك أن توزع القيمة على الفقراء والمساكين فكل ذلك من الصدقة التي ينتفع بها الميت ويصله ثوابها، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 9998.
ولكن الصدقة الجارية أفضل من الصدقة المنقطعة؛ كما جاء في حديث أنس مرفوعاً: سبع يجري للعبد أجرها بعد موته وهو في قبره: من علم علماً، أو أجرى نهراً، أو حفر بئراً، أو غرس نخلاً، أو بنى مسجداً، أو ورث مصحفاً، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته. رواه البزار. نسأل الله تعالى أن يوفقك لما فيه الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2617)
حكم تهنئة الكافر بقدوم مولود له
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تهنئة الكافر بمناسبة إنجاب مولود؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجوز تهنئة الكافر إذا ولد له مولود، وإنما ينهى عن تهنئتهم بما كان مختصا بدينهم وشعارا من شعائره كالأعياد ونحوها.
وعلى المسلم إذا هنأ الكافر بقدوم مولود أن يحذر العبارات التي تدل على إكرامه أوالرضا بدينه، قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه أحكام أهل الذمة: فصل في تهنئتهم بزوجة أو ولد أو قدوم غائب أو عافية أو سلامة من مكروه ونحو ذلك: وقد اختلفت الرواية في ذلك عن أحمد فأباحها مرة ومنعها أخرى، والكلام فيها كالكلام في التعزية والعيادة ولا فرق بينهما، ولكن ليحذر الوقوع فيما يقع فيه الجهال من الألفاظ التي تدل على رضاه بدينه كما يقول أحدهم: متعك الله بدينك أو نيحك فيه، أو يقول له أعزك الله أو أكرمك إلا أن يقول أكرمك الله بالإسلام وأعزك به ونحو ذلك، فهذا في التهنئة بالأمور المشتركة.
وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل: أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم. هـ.
وقد نقل ابن القيم قبل ذلك في الفصل المتعلق بعيادتهم عن المروذي قال المروذي: بلغني أن أبا عبد الله سئل عن رجل له قرابة: نصراني يعوده؟ قال نعم.
وعن الأثرم قال: سمعت أبا عبد الله يسأل عن الرجل له قرابة نصراني يعوده؟ قال نعم، قيل له نصراني، قال: أرجو أن لا تضيق العيادة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2618)
حكم لبس الرجل سروالا قصيرا من الحرير الصناعي
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بتفصيل (شورت) من قماش ملون ناعم من الحرير الصناعي بتفصيل على النمط الرجالي من أجل لبسه داخل غرفة النوم. فهل في هذا حرام أو شبهة؟ أفيدونا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 7829، أن الحرير الصناعي لا يأخذ حكم الحرير الطبيعي؛ ولذلك فلا حرج إن شاء الله تعالى في لبسه داخل البيت أو خارجه.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 36376.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2619)
حكم شراء منتج من شخص شرط عليه ألا يبيعه لغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أبحث في الإنترنت عن برنامج يساعدني في عملي الخاص (في المنزل) ، وعندها وجدت من يبيع المنتج ومنتجات أخرى معه بسعر زهيد جدا 90 دولارا علما بأن سعر هذا المنتج مع المنتجات الأخرى من الشركة الأصلية يساوي تقريبا 2500 دولارا، وعند سؤالي للبائع عن سبب هذا السعر المنخفض أخبرني أن هذا بسبب عدم حصولي على أقراص، وإنما علي أن أحمل هذا المنتج من الإنترنت مباشرة بخلاف ما تقدمه الشركة الأصلية من أقراص تحوي هذه البرامج، فاستعنت بالله واستخرت واشتريته، وبعد ذلك بعدة أيام اخبرني البائع بأنه قد أوقف الاتفاق بينه وبين الشركة الأصلية، والسبب حسب اعتقاده هو أنه زودهم ببيانات وهمية أثناء التسجيل (وهذا التسجيل يخول المسجل بالحصول على هذه البرامج بشروط عدم إعادة بيعها أو توزيعها) وهو قد باعها علي. والآن بعد علمي بمصدر هذه البرامج وسبب رخصها ما هو رأي الشرع؟ أفتوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان البائع قد اشترى النسخة الأصلية، واشترط عليه البائع أن لا يبيعها أو أن ينزلها في جهاز غير جهازه فالظاهر بطلان هذا الشرط، وأن للمشتري أن يبيعها وأن يستخدمها في جهازه وجهاز غيره.
وعلى هذا فلا حرج عليك في شراء البرنامج المذكور من مالكه، وراجع في ذلك فتوانا رقم: 118634.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2620)
من قال لامرأته علي الطلاق لم أعد أجامعك، وكان طلقها في حال الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني لقد كنت في حالة غضب، فحلفت على زوجتي بالطلاق إن جامعتها فقلت لها كالتالي:
علي الطلاق لم أعد أنام معك (أجامعك) فما حكم قولي لها، وقد كان اليمين بطلب منها، علماً أنني وفي فترة الخطوبة قد طلقتها أول مرة. هل يقع الطلاق؟ وما هي كفارة يميني؟
وإن كان علي ان أكتب كتابي عليها مرة أخرى، هل من الضروري الشهود والشيخ أرجو الجواب علي بأسرع وقت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب ننبهك أولا إلى أن ما ذكرت أنك فيه من الغضب لا يمنع وقوع الطلاق، لأنك مدرك لتفاصيل صيغة اليمين والظروف التي وقعت فيها.
وقولك [علي الطلاق لم أعد أجامعك] تعليق للطلاق على جماعها، فإن لم تقدم على ذلك فلا شيء عليك، وإن جامعتها وقع الطلاق عند جمهور أهل العلم بمن فيهم المذاهب الأربعة. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية تلزمك كفارة يمين إذا كنت لم تقصد طلاقا. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 115867.
وفي حال وقوع الطلاق فلك مراجعتها قبل تمام عدتها إذا لم يكن هذا الطلاق مكملا للثلاث. وما تحصل به الرجعة قد تقدم بيانه في الفتوى رقم: 30719.
فإن انقضت عدتها قبل الرجعة فلا بد من تجديد عقد النكاح بأركانه من حضور ولي المرأة أو من ينوب عنه مع شاهدي عدل ومهر وصيغة دالة على عقد النكاح.
وإن كان هذا الطلاق قد سبقته طلقتان فقد حرمت عليك ولا تحل حتى تنكح زوجا غيرك نكاحا صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقها بعد الدخول
وبخصوص الطلاق الذي ذكرتَ أنك أوقعته زمن الخطوبة، فإن كان قبل العقد الشرعي فلا يقع لأن المرأة أجنبية منك حينئذ. وإن كان بعد عقد النكاح وقبل الدخول بها فهو طلاق بائن ولا تحل إلا بعقد جديد. فإن لم تقم بتجديد العقد، فابتعد الآن عنها فورا فهي أجنبية منك، والمعاشرة بينكما محرمة قبل العقد الشرعي، وطلاقُك الذي علقته على الجماع لا يقع لكونك لا تملك عصمتها حينئذ. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2550 والفتوى رقم: 124812.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2621)
الرجعة لا تفتقر إلى رضا الزوجة أو وليها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي طلقني بالثلاث مجموعة وهو غضبان، وعنده القولون العصبي، وهذه أول مرة يطلقني فيها. فترة العدة قضيتها عند أهلي وأنا حامل، أنا كلمت زوجي في فترة العدة واتفقنا على الرجعة بعد ذلك جاء زوجي للوالد على أساس أنه يرجعني، لكن الوالد وضع شروطا: لازم تدفع مبلغا، وتسكن في بيت مستقل، ولازم نروح المحكمة لنسأل الشيخ عن الرجعة.
وزوجي غضب من الوالد ولم يرجع، وأنا حاليا مطلقة لي تقريبا سنة ونصف من تاريخ الطلاق.
هل أنا مازلت في عصمة زوجي لأنه كانب يرجعني في فترة العدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك قد نطق بالطلاق أثناء الغضب الشديد بحيث كان لا يعي ما يقول فلا شيء عليه لارتفاع التكليف حينئذ، فهو في حكم المجنون كما تقدم في الفتوى رقم: 35727.
وإن كان يعي ما يقول، وقد طلقك ثلاثا في كلمة واحدة، فلا يجوز له أن يراجعك، بل قد حرمتِ عليه ولا تحلين له حتى تنكحي زوجا غيره نكاحا صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل، ثم يطلقك بعد الدخول، وهذا هو القول الذي عليه أصحاب المذاهب الأربعة وهو الراجح الذي نفتي به.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ومَن وافقه لا تقع إلا طلقة واحدة كما تقدم في الفتوى رقم: 5584.
وبناء على هذا القول الثاني، فله مراجعتك قبل تمام العدة بما تصح به الرجعة وقد تقدم بيانه في الفتوى رقم: 30719.
وإن كان قد راجعك أثناء العدة فأنت باقية في عصمته، فالرجعة حق للزوج لا يشترط فيها رضا الزوجة ولا علم وليها، ولا تحتاج لعوض كصداق أو غيره، وبالتالي فلا يحق لأبيك الامتناع عنها أواشتراط مبلغ لذلك.
قال ابن قدامة في المغني:
وجملته أن الرجعة لا تفتقر إلى ولي، ولا صداق، ولا رضى المرأة، ولا علمها بإجماع أهل العلم. انتهى.
أما المسكن المستقل فهو حق للزوجة بحسب قدرة الزوج، كما تقدم في الفتوى رقم: 110353.
وقد علمت مما ذكرنا أن الطلاق قد لا يكون واقعا أصلا إذا كان غضب الزوج على النحو الذي ذكرنا، وأنه مع خفة الغضب يقع طلقة واحدة عند ابن تيمية ومن معه، وفي هذه الحال إن كان زوجك قد أرجعك إلى عصمته في العدة فأنت لا تزالين زوجة له، ويقع ثلاثا عند الجمهور، وبالتالي ليس له الارتجاع في هذه الحال.
وننصحك برفع الأمر للمحكمة الشرعية في بلدك للنظر في مختلف جوانب المسألة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2622)
هل تبرأ الذمة برد قيمة الذهب المسروق الذي تم بيعه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سرقت من أمي ذهبها وبعته قبل الوظيفة، وقد أغواني الشيطان، ثم تبت ورجعت المال إلى أمي عند استلامي للوظيفة دون علمها بأني أنا السارقة، والآن أنا اشتغل موظفة، وبالإضافة إلى هذا عندي حرفة عمل الإكسسوارات أبيعها والمردود المالي من هذه التجارة أضعه في البنك الإسلامي ونويته لأمي لعل الله يغفر لي ما حييت. وسؤالي هو هل أستر على نفسي أمام أمي ولا أصارحها بأني سرقتها، مع العلم أنها تذكر من سرقها بالدعاء عليهم وتعتقد أن خادمتنا القديمة هي من سرقتها، أنا أحب أمي كثيراً ولا أنام إلا أن أقبل يدها وأسمع كلمة الرضا علي منها كل ليلة وأنا بارة بها إلى أبعد الحدود، ولكني أخاف أن أموت وهي غير راضية علي لأنها لا تعلم من سرقها، وأنا أخشى أن أفقدها إذا علمت أنني سرقتها، وأخاف الله فيها، وأتمنى أن يغفر الله لي ويتوب علي، وأنا أعلم أن رضا الله من رضا الوالدين، وأن من مات ووالدته غاضبة عليه دخل النار، فأريد أن أعلم ماذا أفعل؟ فأنا حزينة لا أنام الليل من هذا الموضوع؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن غصب حلياً من الذهب ثم استهلكه فقد وجب عليه أن يرد قيمته، جاء في التاج والإكليل: وفي المدونة: ومن غصب من رجل سوارين من ذهب فاستهلكهما فعليه قيمتهما مصوغين من الدراهم وله أن يأخذه بتلك القيمة. وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 95304.
وعليه، فما دمت قد رددت لأمك القيمة فنرجو أن تكون ذمتك قد برئت من هذا الحق، يبقى بعد ذلك التوبة إلى الله جل وعلا واستغفاره ثم المبالغة في بر الأم والإحسان إليها، فلعل هذا يكفر ما كان منك من إساءتها بسرقة ذهبها، ولا يلزمك أن تعلميها بأنك أنت من أخذ هذا الذهب خصوصاً إذا كنت تخافين أن يؤثر هذا على علاقتك بها، أما اتهامها للخادمات فعليك أن تنصحيها بأن هذا لا يجوز طالما أنه لا يوجد دليل على ذلك؛ لأن اتهام البرآء دون بينة إثم عظيم، قال الله سبحانه: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {الأحزاب:58} ، قال ابن كثير: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا. أي ينسبون إليهم ما هم برآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه. فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا. انتهى.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال وليس بخارج. رواه أبو داود وغيره، وصححه الألباني. وردغة الخبال هي عصارة أهل النار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2623)
حكم أخذ عمولة مقابل تأمين العقارات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج وأعمل في شركة وساطة عقارية في قسم المبيعات, حيث إن من يريد شراء وبيع عقار نأخذ منه عمولة مقابل ذلك، ووظيفتي هي: إيجاد عملاء يشترون مشاريع لشركات تطوير عقاري, وآخذ عمولة من شركتي وأحيانا يعرض علي الزبائن عمولة مقابل تأمين عقار لهم.
أفيدوني جزاكم الله خيرا، هل عملي به شبهة الحرام؟ حيث إنني ألتمس المال الحلال في تربية ابني والإنفاق على بيتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يزيدك ورعا وتحريا للحلال، وأن يبارك لك في ذريتك وينبتها نباتا حسنا.
واعلم أن الوساطة العقارية من باب السمسرة، وهي جائزة بشروطها، كما بينا ذلك في الفتويين رقم: 93865 ورقم: 93804.
وإذا كنت تقصد بقولك أن الزبائن يعرضون عليك عمولة مقابل تأمين عقاراتهم، أي أنهم يوكلون إليك القيام بتأمين عقاراتهم لدى شركات التأمين فجواز هذا العمل يتطلب إذنا من الشركة التي تعمل فيها ـ إذا كان هذا يتم أثناء دوامك الرسمي بها ـ كما يتطلب أن تكون الشركة التي تؤمن بها شركة تعاونية تكافلية.
أما شركات التأمين التجاري، فلا يجوز لك التأمين فيها، لأن التأمين فيها قائم على الغرر والميسر، وراجع الفتوى رقم: 10437.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2624)
الوارثون هم الأبناء الخمسة والبنات الست والزوجة فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[، الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية
?-للميت ورثة من الرجال:
(ابن) العدد 5
(ابن ابن) العدد 7
(أخ شقيق) العدد 6
?-للميت ورثة من النساء:
(بنت) العدد 6
(بنت ابن) العدد 4
(زوجة) العدد 1
(أخت شقيقة) العدد 1]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الورثة محصورين فيمن ذكر فإن الذي يرث منهم هم الأبناء الخمسة والبنات الست والزوجة فقط، وأما أبناء الابن وبنات الابن والإخوة والأخت الشقيقة فكلهم محجوبون حجب حرمان بالابن، فيكون للزوجة الثمن لوجود الفرع الوارث كما قال تعالى:.. فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ... {النساء: 12}
والباقي بين الأبناء والبنات – تعصيبا – للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ... {النساء: 11} فتقسم التركة على مائة وثمانية وعشرين سهما؛ للزوجة ثمنها (ستة عشر سهما) ولكل ابن أربعة عشر سهما، ولكل بنت سبعة أسهم.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2625)
حكم تغطية العميل صفقات البيع بالبورصة مقابل عمولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أستفسر عن شرعية العمل في البورصة بأضعاف الرأسمال الحقيقي، بحيث تتيح لي شركة السمسرة بأن أتعامل بيعا وشراء بأكثر من ضعفي رأس المال المودع، ولكن بشرط أن أصفي هذه المديونية في نهاية اليوم أو اليوم التالي على الأكثر، كل ما تحصل عليه الشركة هي العمولة عن كل عملية بيع أو شراء وهي نسبة من إجمالي العملية، فهل هذه التسهيلات تندرج تحت طائلة قرض جر نفعا؟ أم رهن الأسهم؟ وما الحكم في عمل الوسيط الذي يتحدد راتبه على كمية العمولات الناتجة عن هذه المعاملات بحيث يجب عليه تسهيل الشراء والبيع للعميل بأضعاف المبلغ لتزيد العمولة؟ أرجو الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في أكثر من فتوى لنا أن قيام الوسيط بتغطية الصفقة أو ما يسمى بالمارجن إنما هو إقراض من الوسيط للعميل مقابل عمولة يأخذها عن كل عملية بيع، وبينا حرمة هذه المعاملة لأنها حقيقة قرض جر نفعا مشروطا.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 48051، والفتوى رقم: 70757.
وإذا كانت هذه المعاملة محرمة فيحرم على كل الأطراف مباشرتها أو الإعانة عليها. وراجع تفصيلا أكثر في الفتوى رقم: 7770.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2626)
كيف فتحت برقة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو اسم المعركة التي انتصر فيها عقبة على الروم فى برقة؟ مع توضيح الاسم وحبذا لو ترسلوا الإجابة فى الحال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على اسم لهذه المعركة، وبرقة لم تفتح عنوة وإنما فتحت صلحاً على يد عمرو بن العاص فبعد أن استقر له فتح مصر سار ليؤمن فتوحه من ناحية الغرب إذ كانت للروم قوات في برقة وطرابلس تتحصن هناك، وربما واتتها الفرصة وساقها الإغراء إلى مهاجمة المسلمين بمصر، فاتجه في قواته إلى برقة سنة 22 هـ وكان الطريق بينها وبين الإسكندرية آنذاك منزعاً بالخضرة والعمران، فلم يلق كيداً في طريقه إليها، فلما وصلها صالحه أهلها على أداء الجزية، وكان أهل برقة بعد فتحها يبعثون بخراجهم إلى والي مصر من غير أن يأتيهم حاث أو مستحث.
وجاء في حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة للإمام السيوطي: فسار عمرو بن العاص في الخيل حتى قدم برقة، فصالح أهلها. ولم يكن يدخل برقة يومئذ جابي خراج إنما كانوا يبعثون بالجزية إذا جاء وقتها. ووجه عمرو بن العاص عقبة بن نافع، حتى بلغ زويلة، فصار ما بين برقة وزويلة للمسلمين. انظر حياة عمر بن الخطاب للدكتور الصلابي وحسن المحاضرة للإمام السيوطي. وللمزيد عن عقبة بن نافع انظر الفتوى رقم: 19830.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2627)
دراسة الفتاة في الجامعة المختلطة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة في السنة الأخيرة للمرحلة الثانوية وكنت قد عزمت على دخول كلية الطب لأدرس طب الأسنان- أطفال
فما حكم دخول كلية الطب؟ وما حكم دراسة طب الأسنان تخصص أطفال، علماً بأن كلية الطب عندنا مختلطة، لم أرتد الحجاب الشرعي النقاب بعد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما دراسة علم الطب فأمر حسن جميل لأنه من العلوم النافعة المفيدة.
جاء في سير أعلام النبلاء للذهبي: قال الشافعي: العلم علمان: علم الدين وهو الفقه، وعلم الدنيا وهو الطب، وما سواه من الشعر وغيره فعناء وعبث. انتهى.
أما عن حكمه الشرعي فهو من فروض الكفايات التي إذا قام بها البعض الذي يحصل به كفاية الأمة سقط الوجوب عن باقي الأمة، وبقي بعد ذلك الإباحة التي تتحول إلى عمل صالح بالنية الصالحة من إعانة المحتاجين وستر عورات المسلمين ونحو ذلك، وقد بينا طرفاً من ذلك في الفتوى رقم: 20399.
وأما عن الدراسة في الأماكن المختلطة فالأصل المتقرر شرعاً أنه يجب على المسلم اجتناب أماكن المنكرات بوجه عام ومنها الأماكن التي يختلط فيها الرجال بالنساء على وجه محرم سواء كانت كانت جامعة أو غيرها، ويستثنى من ذلك من دخل هذه الأماكن بغرض إنكار المنكر، أو كانت له حاجة أو ضرورة لا تحصل إلا في ذلك المكان، ومن المعلوم أن الاختلاط في أكثر الجامعات في بلاد المسلمين اختلاط محرم محظور لما يشتمل عليه من التبرج السافر للنساء وانبساطهن من الرجال بالخضوع بالقول وغير ذلك من المنكرات ولا حول ولا قوة إلا بالله، لذا فالدراسة في هذه الجامعات الأصل فيها الحرمة إلا إذا لم يوجد غيرها فحينئذ يجوز للشخص الدراسة فيها مع التزام الضوابط الشرعية المبينة في الفتوى رقم: 5310.
وعلى ذلك فإن تعينت هذه الجامعة سبيلاً لدراستك ولم تكن هناك جامعة أخرى غير مختلطة فيجوز لك الدراسة فيها بشرط الالتزام بالضوابط الشرعية المبينة في الفتوى المحال عليها آنفاً، وفي النهاية ننبهك على أن النقاب فرض محتم على المرأة كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 4470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2628)
الردة تكون بالنية والقول والفعل لمن كان عالما قاصدا مختارا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شخص عمل عملا أو قال قولا أو نوى نية تخرج من الإسلام وهو غافل عن ذلك؟ أو يعلم ولكن
لا يستطيع أن يفعل شيئا؟ سؤال من فقرتين فما هو الجواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ف الردة عن الإسلام ـ والعياذ بالله ـ قد تكون بالنية أو بالقول أو بالفعل.
قال النووي في منهاج الطالبين: الردة هي قطع الإسلام بنية أو قول كفر أو فعل، سواء قاله استهزاء أو عنادا أو اعتقادا. انتهى.
وقد يأتي الإنسان بشيء مكفر ولكنه متلبس بعارض من عوارض الأهلية كالخطأ والإكراه، فلا يحكم بردته.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: لا بد في العقود وغيرها من قصد التكلم وإرادته، فلو فرض أن الكلمة صدرت من نائم أو ذاهل، أو قصد كلمة فجرى على لسانه بأخرى، أو سبق بها لسانه من غير قصد لها، لم يترتب على مثل هذا حكم في نفس الأمر قط. انتهى.
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان: قاعدة الشريعة أن العوارض النفسية لها تأثير في القول إهدارا واعتبارا، وإعمالا وإلغاء، وهذا كعارض النسيان والخطأ والإكراه والسكر والجنون والخوف والحزن والغفلة والذهول، ولهذا يحتمل من الواحد من هؤلاء من القول ما لا يحتمل من غيره، ويعذر بما لا يعذر به غيره، لعدم تجرد القصد والإرادة ووجود الحامل على القول وجعل النبي صلى الله عليه وسلم الغضب مانعا من تكفير من قال له ولأصحابه: هل أنتم إلا عبيد لأبي. وجعل الله سبحانه الغضب مانعا من إجابة الداعي على نفسه وأهله، وجعل سبحانه الإكراه مانعا من كفر المتكلم بكلمة الكفر، وجعل الخطأ والنسيان مانعا من المؤاخذة بالقول والفعل. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية: اللفظ هو الصورة التي تحمل مراد المتكلم إلى السامع، فإذا كان صاحب اللفظ جاهلا بمعناه كالأعجمي لم يعد اللفظ صالحا لتأدية هذا المعنى، فيسقط اعتباره. جاء في قواعد الأحكام: إذا نطق الأعجمي بكلمة كفر أو إيمان أو طلاق أو بيع أو شراء أو صلح أو إبراء لم يؤاخذ بشيء من ذلك؛ لأنه لم يلتزم مقتضاه ولم يقصد إليه، وكذلك إذا نطق العربي بما يدل على هذه المعاني بلفظ أعجمي لا يعرف معناه فإنه لا يؤاخذ بشيء من ذلك؛ لأنه لم يرده، فإن الإرادة لا تتوجه إلا إلى معلوم أو مظنون. انتهى.
ولا ندري على وجه القطع ما هي الغفلة التي يعنيها السائل الكريم، فإن كان يريد معنى الجهل، أي إنه فعل ما فعل جهلا منه بحرمته أو أنه مكفر، فالذي يظهر لنا أن الفعل إذا كان معلوماً لا يخفى على آحاد الناس أنه فعل كفري فمن فعله فإنه يكفر، أما إذا كان أمراً خفياً فلا يكفر من فعله إلا بعد العلم بذلك، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 121629. وراجع لمزيد الفائدة الفتويين: 497، 61106.
وإن كان المراد أنه كان هازلاً لا جاداً، فليس هذا بعذر.
قال الزركشي في (المنثور) : من تكلم بكلمة الكفر هازلا ولم يقصد الكفر كفر. انتهى.
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين: قد تقدم أن الذي قال لما وجد راحلته:" اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح لم يكفر بذلك وإن أتى بصريح الكفر؛ لكونه لم يُردْه. والمكره على كلمة الكفر أتى بصريح كلمته ولم يكفر لعدم إرادته، بخلاف المستهزئ والهازل فإنه يلزمه الطلاق والكفر، وإن كان هازلا؛ لأنه قاصد للتكلم باللفظ، وهزله لا يكون عذرا له بخلاف المكره والمخطئ والناسي فإنه معذور مأمور بما يقوله، أو مأذون له فيه، والهازل غير مأذون له في الهزل بكلمة الكفر والعقود، فهو متكلم باللفظ مريد له ولم يصرفه عن معناه إكراه ولا خطأ ولا نسيان ولا جهل، والهزل لم يجعله الله ورسوله عذرا صارفا، بل صاحبه أحق بالعقوبة، ألا ترى أن الله تعالى عذر المكره في تكلمه بكلمة الكفر إذا كان قلبه مطمئنا بالإيمان ولم يعذر الهازل بل قال: ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم. وكذلك رفع المؤاخذة عن المخطئ والناسي. انتهى.
وفي (البحر الرائق) لابن نجيم الحنفي عن (الجامع الصغير) : إذا أطلق الرجل كلمة الكفر عمدا لكنه لم يعتقد الكفر، قال بعض أصحابنا: لا يكفر؛ لأن الكفر يتعلق بالضمير ولم يعقد الضمير على الكفر. وقال بعضهم: يكفر. وهو الصحيح عندي؛ لأنه استخف بدينه. انتهى
قال: والحاصل أن من تكلم بكلمة الكفر هازلا أو لاعبا كفر عند الكل ولا اعتبار باعتقاده، كما صرح به قاضي خان في فتاواه. ومن تكلم بها مخطئا أو مكرها لا يكفر عند الكل، ومن تكلم بها عالما عامدا كفر عند الكل انتهى.
ويحتمل إن مراد السائل بالغفلة: السهو أو الذهول ونحو ذلك.
فقد جاء في الموسوعة الفقهية: النسيان والسهو والغفلة والذهول هذه الألفاظ متقاربة في المعنى عند الفقهاء والأصوليين.. وصرح البيجوري بأن السهو مرادف للغفلة. وأما الذهول فمن العلماء من جعله مساويا للغفلة، ومنهم من جعله أعم منها، ومنهم من جعله أخص، وجميع هذه الألفاظ ترجع إلى عيوب في الإرادة لمنافاتها العلم، وما كان منافيا للعلم كان منافيا للإرادة، وصلتها بالخطأ أنها أسباب تؤدي إليه والخطأ ينتج عنها. انتهى.
وهذا ينبغي أن ينظر فيه لحقيقة الحال، فإن آلت إلى معنى الخطأ أو النسيان كما في حديث: اللهم أنت ربي وأنا عبدك. فصاحبه معذور، كما سبق. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إ ن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.
ويمكن أن نضرب لذلك مثلا بما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم فقال: الرجل لو كان يدعو الله، واجتاز في ممره بصنم أو صليب أو كنيسة، أو كان يدعو في بقعة وهناك صليب هو عنه ذاهل، أو دخل كنيسة ليبيت فيها مبيتاً جائزاً، ودعا الله في الليل لم يكن بهذا بأس. ولو تحرى الدعاء عند صنم أو صليب أو كنيسة، يرجو الإجابة بالدعاء في تلك البقعة لكان هذا من العظائم. انتهى باختصار يسير.
وأما إن آلت حاله إلى معنى الاستخفاف وعدم التبين، فيحمل على قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم. وفي رواية: ما يتبين فيها. متفق عليه.
وأما قول السائل: أو يعلم ولكن لا يستطيع أن يفعل شيئا، فإن كان المراد أنه مكره، فهو معذور كما هو معروف، وقد سبق بيان حكمه في كلام ابن القيم، وإن كان المراد غير ذلك فلم يتبين لنا.
ومن القواعد الكلية في هذا الباب ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية: من ثبت إيمانه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة. انتهى.
وقوله: الشخص المعين الذي ثبت إيمانه لا يحكم بكفره إن لم تقم عليه حجة يكفر بمخالفتها، وإن كان القول كفرا في نفس الأمر بحيث يكفر بجحوده إذا علم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2629)
لا يسقط الحق بالتقادم ولو سقط قبول الدعوى به
[السُّؤَالُ]
ـ[أطالب رجلا بمبلغ من المال مقابل إيجارات مستحقة قديمة لمدة أربع سنوات، وكان يماطلني بالسداد حتى رفعت عليه شكوي بعد مضي أربع سنوات، فأفاد المحامي الخاص له بأن دعوتي باطلة بسبب طول المدة، وأن الشيخ محمد إبراهيم أفتى بذالك، وأن من طالت مدته ولم يطالب بحقه فلا حق له.
فأفيدوني، جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحقوق لا تسقط بالتقادم، أما قبول الدعوى وسماعها فتسقط به ـ عند بعض أهل العلم ـ إذا مر عليها زمن طويل، لأن العادة تدل على أن صاحب الحق لا يترك حقه لمدة طويلة، وقد جرى العمل في كثير من البلدان على تحديد مدد لرفع الدعاوى، وهذه المدد تختلف بحسب البلدان وحسب نوع الدعوى، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: لولي الأمر منع القضاة من سماع الدعوى في أحوال بشروط مخصوصة، ومن ذلك منع سماع الدعوى في بعض الحالات بعد مدة محددة معلومة، ومع أن الحق لا يسقط بتقادم الزمان، إلا أن وجه هذا المنع هو تلافي التزوير والتحايل، لأن ترك الدعوى زماناً مع التمكن من إقامتها، يدل على عدم الحق ظاهراً، وعدم سماع الدعوى بعد المدة المحددة ليس مبنياً على سقوط الحق في ذاته، وإنما هو مجرد منع القضاة عن سماع الدعوى مع بقاء الحق لصاحبه حتى لو أقر الخصم يلزمه، ولو كان التقادم مسقطاً للحق لم يلزمه. انتهى.
أما فتوى الشيخ محمد بن إبراهيم: فلا نعلم عنه أنه أفتى بأنه لا حق لمن طالت مدته، والمنقول عن الشيخ هو المنع من سماع الدعوى إذا طالت المدة، كما هو قول الحنفية وقد وافقهم ابن القيم أيضاً، وفي فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم ما نصه: فقد جرى الاطلاع على استرشادكم بخصوص إقامة الدعوى بعد مدة طويلة كثلاثين سنة أو عشرين، هل تسمع هذه الدعوى أو لا؟ ونفيدكم أن هذه مما يقتضي العرف بكذبها فلا تسمع إذا لم يذكر المدعى مانعاً يمنعه من مطالبته من خوف سلطان أو ما أشبه ذلك من العذر المانع من المطالبة بالحقوق ولم يكن بينه وبين المدعى عليه قرابة ولا شركة في ميراث أو ما أشبه مما يتسامح فيه الأقرباء بينهم، قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه: الطرق الحكيمة ـ ما نصه: وأما المرتبة الثالثة فمثالها: أن يكون رجل حائزاً لدار متصرفاً فيها السنين العديدة الطويلة بالبناء والإجارة والعمارة وينسبها إلى نفسه ويضيفها إلى ملكه وإنسان آخر يراه ويشاهد أفعاله فيها طوال هذه المدة وهو مع ذلك لا يعارضه ولا يذكر أن له فيها حقاً ولا مانعاً يمنعه من مطالبته من خوف سلطان أو ما أشبه ذلك من الضرر المانع من المطالبة، ولا بينه وبين المتصرف في الدار قرابة ولا شركة في ميراث أو ما أشبه ذلك مما يتسامح فيه القرابات والصهر بينهم، بل كان بريئا من جميع ذلك ثم جاء بعد طول المدة هذه يدعيها ويزعم أنها له ويريد أن يقيم بذلك بينة فدعواه غير مسموعة أصلاً فضلاً عن بينته. انتهى.
وهل الدعوى موضوع السؤال والمدة المذكورة مما يمنع سماعه؟ فهذا مرده إلى المحاكم الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2630)
الترغيب بالدفن بجوار أهل الصلاح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الميت إذا دفن بجانب ميت يعذب يرى ذلك ويتأذى منه؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأمور التي تحدث لأهل القبور من الأمور الغيبية التي لا يجزم بشيء فيها دون الاعتماد على نص من نصوص الوحي الثابتة في هذا الشأن.
وقد رغب أهل العلم في الدفن بجوار أهل الصلاح، كما قال القرطبي والمناوي.
ويستأنس لذلك بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دفن عثمان بن مظعون ووضع عند رأسه حجرا، وقال: أتعلم بها قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي. رواه أبو داود، وحسنه الألباني.
وقال صاحب الكفاف:
والدفن بين الصلحا وصى خبر به وعن جوار الأشرار زجر.
وقد روى الحاكم في المستدرك: أنه لما توفيت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألحقوها بسلفنا الخير: عثمان بن مظعون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2631)
حكم بيع الحمل في بطن الحيوان
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالنا عن مسألة عمت بها البلوى ـ أو كادت أن تعم بها ـ في البدو هنا عندنا في الخليج ملخصها كالآتي: يذهب الرجل إلى سوق الإبل فيشتري ناقة مثلا قيمتها لا تتجاوز 2000 ريال ثم يذهب بهذه الناقة إلى بعير ـ فحل مشهور ـ بصفات معينة ككون أولاده يتميزون بجمال الشكل: وهو ما يسمى عندنا ـ بالمزاين ـ أو كون أولاده يتميزون بالسبق في سباق الهجن أو غير ذلك من الصفات المرغوبة في هذا الفحل ـ وغالبا ما يرغب الناس عندنا هنا في المزيتين السابقتين ـ فيأتي هذا البدوي بناقته هذه التي لا تتجاوز قيمتها 2000 ريال ـ كما أسلفنا ـ إلى هذا الفحل لتلقح منه وعند ما يتم تلقيحها منه يذهب بها إلى أصحاب الإبل ليعرضها للبيع على أساس أنها قد لقحت من هذا الفحل المشهور فيبيعها ب100000 ـ مائة ألف ريال ـ علما بأن المشتري لم يعط فيها هذه القيمة التي تفوق قيمتها بأضعاف مضاعفة إلا رغبة في ما في بطنها من ذلك الفحل المشهور ويقول أحدهم هذا نصيبي قد يطلع الجنين بصفات أبيه فيبيعه بمليون وقد لا يأتي كذلك فيخسر ما دفعه، فما حكم هذا البيع؟ وما الفرق بينه وبين مسألة الملاقيح والمضامين المعروفة في الفقه؟.
أجيبونا على وجه السرعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبيع الحمل أو الناقة الحامل له صور:
1ـ أن يتم بيع الحمل بمفرده: وهذا غير جائز، وهو بيع الملاقيح والمضامين، قال ابن المنذر في الإجماع: وأجمعوا على فساد بيع المضامين والملاقيح. قال أبو عبيد: هو ما في الأصلاب وما في البطون. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وبيع المضامين: وهي ما سيوجد من ماء الفحل. وبيع الملاقيح: وهي ما في البطون من الأجنة.
وذلك لحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المضامين والملاقيح وحبل الحبلة. ولما في ذلك من الغرر والجهالة، وللحديث: نهى عن بيع الغرر. انتهى.
وجاء فيها: اتفق الفقهاء على عدم جواز بيع الحمل وحده أو استثنائه من بيع أمه، لأن من شروط البيع أن يكون المعقود عليه موجودا مقدور التسليم. انتهى.
2ـ أن يتم بيع الناقة الحامل مطلقا بلا شروط ولا زيادة ثمن لأجل الحمل:
والأصل أنه جائز وهو مستثنى من بيع الغرر، وبيع الغرر محرم، قال أبو إسحاق الشيرازي في المهذب: روى أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن بيع الغرر. والغرر: ما انطوى عنه أمره، وخفي عليه عاقبته. انتهى.
وفي شرح ذلك يقول النووي في المجموع: الأصل أن بيع الغرر باطل، لهذا الحديث، والمراد ما كان فيه غرر ظاهر يمكن الاحتراز عنه، فأما ما تدعو إليه الحاجة ولا يمكن الاحتراز عنه كأساس الدار وشراء الحامل مع احتمال أن الحمل واحد أو أكثر وذكر أو أنثى، وكامل الأعضاء أو ناقصها، وكشراء الشاة في ضرعها لبن ونحو ذلك، فهذا يصح بيعه بالإجماع، ونقل العلماء الإجماع ـ أيضا ـ في أشياء غررها حقير، قال العلماء: مدار البطلان بسبب الغرر والصحة مع وجوده على ما ذكرناه، وهو أنه إذا دعت الحاجة إلى ارتكاب الغرر ولا يمكن الاحتراز عنه إلا بمشقة، أو كان الغرر حقيرا جاز البيع، وإلا فلا. انتهى.
3ـ أن يتم بيع الناقة بشرط الحمل، أو يزاد في الثمن من أجل الحمل، وهذا البيع مختلف في جوازه، قال خليل في الكلام على البيوع الفاسدة: وكبيع حامل بشرط الحمل، قال في منح الجليل: وكبيع أنثى آدمية أو غيرها حامل بجنين في بطنها بشرط الحمل إن قصد به استزادة الثمن بأن كان مثلها إذا كان غير حامل يباع بأقل مما بيعت به. انتهى.
وقال النووي في المجموع: إذا باع حيوانا من شاة أو بقرة أو ناقة أو فرس أو جارية أو غيرها وشرط أنها حامل ففي صحة البيع خلاف مشهور، حكاه المصنف والجمهور قولين، وحكاه جماعة وجهين: أصحهما: عند الأصحاب الصحة، والثاني: البطلان، قال أصحابنا هما مبنيان على القولين المشهورين في أن الحمل هل يعرف أم لا؟ أصحهما يعرف، وله حكم، وله قسط من الثمن، والثاني: لا يعرف، ولا حكم له، ولا قسط من الثمن. انتهى.
وإذا كان الحمل بينا ظاهرا، فالظاهر جواز البيع المذكور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2632)
سبب إثبات الفاء في النحل في قوله (فإذا جاء أجلهم) وحذفها في يونس
[السُّؤَالُ]
ـ[في سورتي: يونس والنحل آيتان كريمتان اختلفتا في بعض الحروف، الأولى: فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.
والثانية: لم تلحق الفاء في أداة الشرط وجاءت في جوابه: إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعةً ولا يستقدمون.
فما السر في ذلك؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننبهك بداية إلى أن الخلاف ورد بين سورة الأعراف والنحل وبين سورة يونس، حيث قال الله تعالى في سورة الأعراف: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ {الأعراف:34} .
وقال في سورة يونس: قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاء اللهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ {يونس:49} .
وقال في سورة النحل: وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ {النحل:61} .
فقد لحقت الفاء بإذا الشرطية في سورتي الأعراف والنحل ولم تلحق بها في سورة يونس، وإنما وردت في جواب الشرط.
وقد ذكر الألوسي في تفسيره: أن الفاء المذكورة في الأعراف هي الفاء الفصيحة وأنها سقطت في يونس، لأنه لما سيقت آية يونس جوابا عن استعجال الكفار العذاب الموعود به في قولهم: متى هذا الوعد؟ لما سيقت آية يونس جوابا لهم اعتنى بأمر الشرطية كمال الاعتناء فأتى بها غير متفرعة على شيء كأنها من الأمور الثابتة في نفسها وقوى لزوم التالي فيها للمقدم بزيادة الفاء التي يؤتى بها للربط في أمثال ذلك، وقد يقال: إن إسقاط الفاء أولا، لتكون الجملة في موضع للربط ل ـ أجل ـ تهويلا لأمره وتنويها بشأنه أي لكل أمة أجل موصوف بأنه إذا جاء لا يستأخرون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2633)
الرقية من الحسد وعدم اتهام الآخرين بغير يقين
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مشكلة وأتمنى أن تساعدوني فيها: فقد تعرضت لكثير من المتاعب والآلام في الفترة الماضية في أنحاء متفرقة من جسمي وخصوصا أسفل الظهر والركبتين، ووجع في رأسي وضيق شديد وأغضب سريعا لأتفه الأسباب وهذا ليس من عادتي، وكشفت عند أكثر من طبيب وعندي مشاكل في بطني، ولكن بدون فائدة، فنصحني أحد الصالحين أن أرقي وأن أبحث عن أحد من الصالحين يرقيني الرقية الشرعية، وعندما رقيت بدأ جسمي يتفاعل مع القرآن الكريم وحدثت لي أشياء غريبة في رقبتي وكأن شيئا يتحرك بداخلي، وفي الليل عند ما أدعو الله ينشرح صدري للدعاء وأحس أن صوتي تغير، ولكن لا أتحكم في لساني لبعض الوقت وداومت على شريط الرقية الشرعية، وأحد الصالحين يقرأ علي أيضا بالنهار حتى قابلت أحد الشيوخ المتخصصين فقرأ علي فتشنجت جميع أجزاء جسمي أيضا ويزداد في التحرك حتى وصل إلى أذني، وأنفي، وبفضل الله لم يتركني الشيخ حتى نزل من أنفي دم لونه غريب وأحسست أنني أفقت من غيبوبة وأن جسمي ليس به شيء حتى عدت إلى البيت واغتسلت بمياه القرآن وأنا سعيد جدا لفك هذا عني، ولما نمت بدأ القلق والخوف يعودان ثانية وأحس أنني أرى أشياء، ومع الأيام أيضا أكون نائما وأظن أن أحدا يهمس في أذني ويوقظني، وفي بعض الأوقات عند الاستيقاظ أرى أن خيالا يمشي في الغرفة ولا أستطيع أن أبدأ النوم بمفردي، وأنا بفضل الله على طاعة أنا وزوجتي ودائما القرآن يتلى في المنزل من قنوات دينية، وقد قال لي الشيخ بأنه حسد وإن تيقنت ممن حسدك فخذ ماءه واغتسل به. والآن ماذا أفعل فأنا لا أعرف من حسدني ولا أريد أن أظن ظن سوء بأحد، وبصراحة الحساد كثيرون وأود أن أستريح، لأن جسمي تعبان وكذلك يأتيني إحساس بالخوف الشديد بالليل تحديدا خصوصا وقت النوم مع أنني أنام على وضوء وأصلي قيام الليل وأقرأ أذكار النوم، وأيضا أقلق في الليل وأحس بخوف وأن شيئا ما في الحجرة. فماذا أفعل؟ ساعدوني فهل من الممكن أن يكون هناك شيء آخر بداخلي؟ أتمنى أن أعود مثل الأول علما بأنني أعمل وفي سعة ـ والحمد لله ـ وأكرم والدي وأساعد إخوتي كثيرا وأحب زوجتي وابنتي جدا وأنا أبلغ من العمر30 عاما وزوجتي تبلغ 25 عاما وابنتي عامين، وقد حفظت مؤخرا بعض السور كالملك وأقرؤها قبل النوم، وأيضا حفظت النبأ والتكوير والانشقاق والانفطار.
فأرجو منكم الإجابة سريعا فأنا فعلا تعبان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك العافية ونهنئك على ما أعطاك الله من حفظ بعض السور القرآنية، وأما عن تحليل سبب ما يحصل لك فليس عندنا فيه شيء، لأن الموضوع ليس من اختصاصنا، ولكننا ننصحك بالإكثار من الدعاء ومواصلة الرقية الشرعية فارق نفسك أو استرق بعض من جرب نفعه من المعروفين بالاستقامة وصحة الاعتقاد واتباع السنة.
وقد أحسنت في الابتعاد عن الاتهام للناس بالحسد، ولكنه يشرع إذا علمت باليقين أن شخصا أصابك بالعين أن تطلب منه أن يغتسل وتغتسل بالماء الذي اغتسل به، ويتعين عليه أن يستجيب لطلبك لما في الحديث: العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا. رواه مسلم.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 32263، 100529، 51475، 117597، 64558، 80694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(13/2634)
أساليب ووسائل في الدعوة إلى الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم مساعدتي، فأنا أتعامل مع نصرانية شريكة مع أخي في مشروعه، ونحن من حين لآخر نناقش معها أمور ديننا بغية أن تسلم، وقد قامت بقراءة القرآن وفيما بعد سألتني: هل يمكن للمرأة أن تسافر إلى مكان بعيد بمفردها؟ فقلت ـ والله أعلم ـ إذا كان المكان قريبا فنعم، أما إذا كان المكان بعيدا والسفر لمدة يوم وليلة فيلزمها محرم، فطلبت مني إحضار الدليل وأنا أعلم جيداً أن سفر المرأة بدون محرم لا يجوز، ولكن يلزمني الدليل وأنا لست حافظة لكتاب الله بما يكفي، فأرجو مساعدتكم.
وهل يمكن عند مناقشاتنا معها أن نتنازل في بعض الأمور من ديننا بغرض أن تدخل في الإسلام كأن لا نشدد خصوصا وأن هذه المناقشات بانت بعدما قررت أن أتخلى عن لباس الحجاب الذي كان زينة في نفسه إلى جلباب فضفاض، وهذا صعب قليلا، حيث باتت تقول لا أفهم الفرق فقد كنت طائعة لربك من قبل وترتدين الحجاب وتمارسين عبادتك مثل الآخرين، فلماذا غيرت ملابسك من فتاة جميلة أنيقة في ملابسها إلى فتاة ترتدي ثيابا فضفاضة واسعة ذات ألوان غامقة؟ فقلت لها ربي أمرني بهذا، فتقول: وهل الرب لا يحب الجمال؟ فقلت لها: بلى فتقول ـ إذا ـ لماذا غيرت طريقة لبسك؟ فأرجو منكم مساعدتي وبعض النصح، لكي أجيب على أسئلتها وأقنعها فهي طيبة جداً وأعزها، لذا نحاول معها كي تهتدي.
أعانكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعوة إلى الإسلام من أفضل الأعمال التي يحبها الله ويثيب عليها بأعظم الأجور، فعن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من أن يكون لك حمر النعم. متفق عليه.
والداعي إلى الله لا بد أن يكون على علم بما يدعو إليه وحكمة في أساليب دعوته، قال تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ {يوسف:108} .
ومن الحكمة في الدعوة أن يتدرج الداعي مع المدعو ويراعي الأولويات فيبدأ بالأهم فالمهم، فعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال: إنك تقدم على قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله عز وجل، فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم فإذا فعلوا فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإذا أطاعوا بها فخذ منهم وتوق كرائم أموالهم. صحيح مسلم.
قال ابن حجر: وكان النبي صلى الله عليه وسلم أول ما يشترط بعد التوحيد إقامة الصلاة، لأنها رأس العبادات البدنية ثم أداء الزكاة، لأنها رأس العبادات المالية، ثم يعلم كل قوم ما حاجتهم إليه أمس. فتح الباري.
ويجوز للداعي أن يسكت عن بعض المنكرات التي يفعلها المدعو حتى يتهيأ الوقت المناسب للنهي عنها، لكن لا يجوز أن يتنازل الداعي عن شيء من الإسلام أو يغير حكماً من الأحكام، وإنما يراعى التدرج والرفق بالمدعو دون تحريف للشرع، فعليك بالاهتمام بدعوة تلك المرأة إلى الإيمان والتوحيد قبل الدخول معها في جدال حول بعض الأحكام الفرعية، وعليك أن تستعيني ببعض النساء من أهل العلم والصلاح.
واعلمي أن من أعظم وسائل الدعوة الاستعانة بالله والإحسان إلى المدعو والإلحاح في الدعاء له مع عدم تعجل النتيجة، ولمعرفة القواعد المفيدة في الدعوة إلى الله تعالى راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 21186، 7583، 19218.
وفيما يخص سفر المرأة بغير محرم راجعي في الفتوى رقم: 6219.
وفيما يخص الحجاب راجعي الفتوى رقم: 112150.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2635)
حكم تسمية المولودة باسم نشوى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل اسم نشوى حرام تسميته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في الأسماء الجواز ما لم يكن بها مانع شرعي، وسبق أن بينا ضابط الأسماء المكروهة والممنوعة في الفتوى رقم: 12614 وما أحيل عليه فيها.
ولكن من السنة أن يختار المسلم لأبنائه من الأسماء الحسنة، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 1640.
واسم نشوى لا نرى مانعاً منه شرعياً وإن كان الأولى عدم التسمية به لأن من معاني النشوة السكر، كما قال أهل اللغة، فيقال: امرأه نشوى أي سكرى، كما أن له معاني أخرى يمكن أن يحمل عليها، ومنها: الحركة والنشاط والحيوية وأغلب ذلك لا يناسب المرأة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2636)
لا يحل لأمين الصندوق التصرف فيما تحت يده إلا في حدود المأذون له
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 24 عاما، أعمل في شركة مساهمة عامة في الأردن ووظيفتي: أمين صندوق وهناك أمور أقوم بها في عملي وأريد معرفة: هل هي حلال أم حرام؟ وهي كالتالي:
1- أحيانا يأتيني أحد الموظفين ويأخذ مبلغا من المال ـ سواء كان قليلا أو كثيرا ـ لحاجته إليه ويكتب ورقة أنه استلم المبلغ ويوقع عليها على أن يسدد عند نزول الراتب أو في أي وقت آخر وأقوم بإعطائه على مسؤوليتي دون علم المدير.
2- هل يجوز لي أنا ـ أيضا ـ فعل ذلك وأن آخذ مبلغا من المال وأكتب ورقة وأضعها في الصندوق وأسدد المبلغ بالتقسيط أو عند استلام الراتب دون علم المدير؟.
3- عند إعطاء القروض للموظفين ـ وبعلم المدير ـ تكون هناك فائدة على القرض يحسبها المدير وأنا أقوم بتسليم القرض للموظف وأخصم عليه الفائدة، فهل أنا هنا آثم في ذلك؟ وهل هو ربا؟ أم ماذا؟ وماذا أفعل؟.
4- أحيانا يحدث نقص في الصندوق وأقوم بدفعه من جيبي شخصيا دون علم أحد، والآن توجد زيادة في الصندوق 24 ديناراً ولا أحد يعلم بها فهل آخذها؟ أم أتصدق بها؟ أم أدعها في الصندوق؟ وإذا حدث نقص آخر آخذه منها، مع العلم أن النقص حدث على فترات إلى أن وصل إلى 24 دينارا، فماذا أفعل؟.
5- إذا كنت محتاجا لعشرين ديناراً مثلا وأخذتها على أن أحضرها في اليوم الثاني، فهل يجوز ذلك؟.
6- هل المبلغ الذي آخذه يعتبر مالا حراما إلى أن أسدده؟ وهل يعد خيانة للأمانة؟.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنه لا يحل لك التصرف في أموال الصندوق إلا فيما أذن لك بالتصرف فيه، لأنه أمانة عندك، فما تدفعه إلى الآخرين أو ما تأخذه لنفسك بدون علم المسؤول المخول يعدّ خيانة للأمانة، والمال المأخوذ بهذا الوجه حرام، لأنه اعتداء على حقوق الغير، ولا تبرر الحاجة أو العزم على رد المبلغ من الغد ونحو ذلك من التعللات مسوغاً لما تقوم به، وعليك التوبة إلى الله تعالى ورد ما أخذت أو أعطيت لغيرك من أموال الصندوق والعزم على عدم العود لمثل هذا.
وأما قيامك بدفع القروض ذات الفائدة أو خصمك للفوائد فهذا حرام ولا ريب، ويجب عليك الكف عنه، وإذا كان هذا الإقراض الربوي مما لا يد لك في الامتناع عنه، فيلزمك ترك العمل في هذه الشركة، وأما بخصوص السؤال الرابع فراجعه في الفتوى رقم: 125579.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2637)
هل يرد الفوائد الربوية للبنك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة ومشترك في نظام للإدخار وهو اقتطاع نسبة من المعاش الشهري، وتقوم الشركة باستثمار هذا المال في البنوك الربوية وتضيفها إلى حسابي الإدخاري، وأيضا تدفع الشركة للمشترك في نظام الإدخار عند تقاعده أو تركه للشركة ضعف ما ادخره لتشجيعة على الادخار لمنفعتة بالإضافة إلى الأموال الربوية التي اكتسبها عن طريق الشركة، أنا الآن تقاعدت من الشركة وطلبت منها أن أرجع إليها المبلغ الضعف والمبالغ الربوية الصريحة لكي تعيدها إلى المصدر الذي أخذتها منه إلا إنها أي الشركة رفضت أن أرجع أي مبلغ إليها بحجة أنه ليس لديها بند في حساباتها يسمح بأن أرجع إليها هذه الأموال، أنا مع القول الذي أفتى بأن ترجع أموال الربا إلى مصدرها ولا تنفق في أي طريق كان أي حتى أنه لا يحل لي أن أتصدق بها أو أدفعها إلى حساب جمعية خيرية لأني في هذه الحالة قد أخذت هذا الربا ولم أرجعة إلى صاحبه الذي أخذ منه، وهذا هو سبب تحريم الربا لأن فيه ظلم للشخص الذي أخذ منه (وان تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) فأرجو أن تفتوني كيف أتصرف؟ ماذا أفعل في هذه الحالة ماذا أفعل بهذه الأموال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رد هذه الأموال الربوية إلى المصدر يكون مطلوباً إذا كان هذا المصدر سيردها إلى أهلها، وهذا متعذر في مثل هذه المصادر كالبنوك وشركات التأمين، وإذا تعذر الرد لم يكن هناك من سبيل إلا صرفها في منافع المسلمين العامة، وراجع للفائدة في ذلك الفتوى رقم: 44901.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2638)
وجه زيادة هو في الإطعام والشفاء في سورة الشعراء
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا هذه الآيات من سورة الشعراء بعضها يحتوى على هو والبعض ليس فيه هو أي خمس آيات ثلاث فيها هو واثنان من غير هو
الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ
وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ
وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ
وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ
وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فضمير الرفع المنفصل الذي لا محل له من الأعراب يأتي لتأكيد الكلام، ومنه التأكيد في هذه الآيات الكريمات بالضمير (هو) والذي يظهر ـ والله أعلم ـ أن التأكيد اقترن في هذه الآيات بما قد يدعيه مدع من الخلق وهو في ذلك صادق من وجه ما، كالهداية والإطعام والسقاية والمداواة. في حين خلت عنها المواضع التي يظهر فيها لكل عاقل أن مدعيها كاذب أفاك، كالخلق والإحياء والإماتة، قال الفيروزابادي في (بصائر ذوى التمييز في لطائف الكتاب العزيز) : قوله: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} زاد (هو) في الإِطعام والشِّفاءِ؛ لأَنهما ممَّا يدَّعى الإِنسان، فيقال: زيد يُطعم، وعمرو يداوي. فأَكد؛ إِعلاماً لأَنَّ ذلك منه سبحانه وتعالى لا من غيره. وأَمَّا الخَلْق والموت والحياة، فلا يدَّعيها مدّع، فأَطلق اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2639)
امتناع المرأة عن فراش زوجها بغير عذر من النشوز
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج منذ حوالي: 15 سنة، ولدي أربعة أولاد، وعندما أطلب زوجتي للجماع ترفض مرات كثيرة بحجة أنها تعبانة، وطوال اليوم هي مع الأولاد، وفي المنزل، فماذا أفعل معها؟ هل هذا الرفض برود جنسي عند زوجتي؟ وقد تكلمت معها كثيرا أن هذا الامتناع حرام؟ وقد سألتها: هل هو برود لديك؟ فقالت لي ليس لدي برود، ولكنني تعبانة جدا، وهذا شيء مستحيل أن يكون التعب باستمرار.
أرجو الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فامتناع المرأة عن فراش زوجها دون عذر شرعي حرام، بل هو كبيرة من الكبائر، كما بيناه في الفتوى رقم: 121332.
فداوم على نصح زوجتك برفق، وأعلمها بحرمة هذا الذي تفعله، ونوصيك بالنظر في ما عساه أن يكون سببا لذلك، فقد يكون من أسبابه غلظتك في معاملتها مثلا، أو لأنها تجد ـ مثلا ـ شيئا تكرهه كرائحة كريهة، أو نحو ذلك، فالمطلوب من الزوج أن يتزين لزوجته أيضا فهي تطلب منه ما يطلبه منها. قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:228} .
أو قد يكون هذا الأمر لتقصيرك في حقها أثناء المعاشرة، بحيث تفرغ قبل أن تقضي نهمتها، كل هذا وغيره قد يكون سببا لما تفعله زوجتك. وإن كان هذا لا يسوغ لها فعلها على الإطلاق.
فإن استقصيت هذه الأسباب، واستمر الحال على ما هو عليه، فيمكنك عرض الأمر على أهل الطب المتخصصين فهم أدرى بعلاج هذه الأمور، ويمكنك مراسلة قسم الاستشارات في موقعنا.
علما بأن امتناع المرأة عن فراش زوجها بغير عذر يعتبر من النشوز، وقد سبق بيان ما يترتب على النشوز وكيفية علاجه في الفتاوى التالية أرقامها: 110905، 1103، 38844.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2640)
نذرت أن تدرس التفسير إن تخرجت من الجامعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة نذرت لله نذراً إن تخرجت من الجامعة ـ ولم أف به ـ وهذا النذر هو: أنني إن تخرجت من الجامعة سأدرس تفسير القرآن الكريم، ولكنني لا أتذكر إن كان النذر للدورة التكميلية أو الدورة الأولى، فكيف يمكنني أن أفي بنذري؟ هل بطريقة أخرى كدفع مبلغ من المال أو أية طريقة أخرى؟ فأنا أشعر أن أموري متعسرة كثيراً بعد الجامعة.
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على المسلم الوفاء بنذره على الكيفية التي نذره عليها، امتثالاً لأمر الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج:29} .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. الحديث رواه البخاري.
ودراسة تفسير القرآن الكريم من أعظم القرب التي يجب الوفاء بنذرها، فإذا كنت نسيت نوع الدراسة، فإن عليك أن تجتهدي في تذكرها، فإذا لم تعلميها فخذي بما هو أحوط، فإذا كانت الدورة الأولى أوسع أو أشمل، فإن عليك أن تأخذيها احتياطاً وإبراء لذمتك من هذا النذر، ولا يصح لك تغيير النذر إلى الكفارة ما دمت قادرة على الوفاء به.
أما إذا عجزت عن الوفاء به عجزاً لا يرجى زواله، فإن عليك ـ حينئذ ـ كفارة يمين، لقوله صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة اليمين. رواه مسلم وغيره.
وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة مؤمنة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى التالية أرقامها: 36870، 21393، 123036، 37057.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2641)
العمل قصد الرغبة في تيسير أمور الدنيا والآخرة لا ينافي الإخلاص
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال أتمنى إفادتي به لأنه مسبب لي حيرة وارتباكاً.. أنا والحمد لله ملتزمة بصلواتي المفروضة وأصوم وأزكي وأخاف ربي.. مع العلم إني لست متدينة لكني والحمد لله أؤدي العبادات المفروضة وأقول الأذكار الصباحية تقريبا كل يوم.. وكل ما احتجت شيئاً من أمور الدنيا أدعو ربي إيمانا مني بأنه سبحانه وتعالى يحب أن يسمع دعاء عبيده، وأنه سميع مجيب حتى لو تأخر في الإجابة.. ولكن ماهي المشكلة.. أنا مثل معظم الناس.. أحيانا أغفل عن ذكر الله ولي بعض الذنوب، وأحاول دائما أن أستغفر، ولكن أحيانا عندما يهّم بي أمر أو أن أكون في مأزق، أو بحاجة إلى أمور دنيوية كالزيادة في الرزق أو الزواج من رجل مناسب أو النجاح وغيره.. فإني أكثر من الاستغفار تطبيقا لقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) : من لزم الاستغفار يجعل الله له ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب. فأستغفر بكثرة وبحرقة ... ولكن قرأت في أحد مواقع الإنترنت أن أي عمل تعبدي يجب أن يكون خالصاً لوجه الله تعالى ولطلب الآخرة، وإلاّ سيكون نوعا من الشرك الأصغر، أو بمعنى إذا كان الإخلاص وسيلة للحصول على شيء دنيوي فإنه يعتبر نقصا في الإيمان (وشركا أصغر) .. وأنا لا أريد أن أكون ناقصة إيمان بل أريد أن يرضى الله عني في الدنيا والآخرة، ولكن من الطبيعي أن يبتغي الإنسان بعض الحاجات من الدنيا ولذلك وجد الدعاء.. ولكن الذي يحيرني الآن هو أني أشعر بشيء من التناقض بين حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) عن الاستغفار وبين ما ذكر أعلاه.. أنا أعلم أن المقصود هو يجب أن يتعّبد المؤمن وهو خالص النية لوجه الله وللأجر وليس أن يعتبره وسيلة فقط للحصول على الأمور الدنيوية، وهذا ما أقوم به ولله الحمد.. ولكني الآن واقعة في مشكلة وهي أني كلما أستغفر تطبيقا للحديث أعلاه أشعر كأني منافقة وخصوصا إذا كنت محتاجة شيئا من ربي كالزواج أو النجاح في حياتي أو الخروج من مشكلة.. فأرجو حل هذا اللبس؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب نريد أولاً أن ننبهك إلى الخطأ في قولك (لست متدينة) فمن جهة يجب على المسلم أن يكون متديناً أي قائماً بالواجبات مجتنباً للمحرمات كما أمره خالقه، ومن جهة أخرى فإن هذه العبارة متناقضة مع ما ذكرته من حرصك على أن يرضى الله عنك في الدنيا والآخرة.. ومما لا شك فيه أنه يجب على المسلم أن يقصد بأعماله الصالحة ابتغاء وجه ال له والإخلاص له فيها سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل: قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ {الزمر:11} ، وقال أيضاً: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ {البينة:6} ، وثبت في الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
وعليه، فإذا قام المسلم بالذكر المعين وليس له غرض إلا أن يحصل ما تضمنه ما ترتب عليه من حظ دنيوي فإن ذلك ينافي الإخلاص، وأما إن قصده تبعاً لأدائه الذكر لله تعالى فلا حرج في ذلك، قال ملا علي القاري في شرحه على مشكاة المصابيح أثناء شرحه لبعض الأحاديث: وفي هذه الأحاديث إشارة إلى أن العمل لله مع رجاء الثواب الذي رتبه على ذلك العمل وطلب حصوله لا ينافي الإخلاص والكمال، وإن نافى الأكمل وهو العمل ابتغاء وجه الله تعالى لا لغرض ولا لعوض. انتهى.
وقال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ في شرحه للأربعين النووية عند شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم: ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة. قال: وهذا من الثواب الذي جُعل في الدنيا والآخرة، فلا بأس من أن يقصده المسلم في أن ييسر على إخوانه رغبة فيما عند الله -جل وعلا- ورغبة في أن ييسر عليه في الدنيا والآخرة، لأن هذا كما ذكرنا في شرح حديث: إنما الأعمال بالنيات. لا ينافي الإخلاص. فإن العمل إذا رتب عليه الثواب في الدنيا أو في الدنيا والآخرة وجاءت الشريعة بذلك فإن قصده مع ابتغاء وجه الله جل وعلا والإخلاص له لا حرج فيه. انتهى.. فنرجو بهذا البيان أن يكون قد اتضح لك الأمر وزال عنك الإشكال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2642)
أثر الصلاة والصوم والزكاة في طمأنينة النفس وراحتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد توضيحا للعبادات من صلاة وصيام وزكاة، وما لذلك من أثر كبير في علاج حالات التوتر والقلق والاكتئاب وغير ذلك في بضعة أسطر ـ من فضلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العبد الموحد لله تعالى المنقادَ لشرعه الواقفَ عند حدوده هو أسعد الناس وأكثرهم طمأنينة وسكينة، لأنه يعلم: من ربه؟ وما الغاية التي خلق من أجلها؟ وما حكمة الابتلاء؟ وما مصيره بعد الموت؟ وماذا له لو كان من المحسنين؟ وماذا عليه لو لم يكن كذلك؟ ولذلك قال إبراهيم بن أدهم: لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه ـ يعني من السعادة وطمأنينة القلب ـ لجالدونا عليه بالسيوف.
وانظر أثر الإيمان في حياة المسلم في الفتاوى التالية أرقامها: 38814، 115393، 29172.
وأما أثر الصلاة خاصة في حصول السكينة وطمأنينة القلب وراحته، فانظره في الفتويين رقم: 28759، ورقم: 117997.
وأما أثر أداء الزكاة في طمأنينة القلب وسكينته فظاهر، لأن الشخص إذا كان مدينًا لعبد مثلِهِ، فإنه لا يستطيع أن ينام من الهم، ولا يستريح باله إلا إذا قضى ما عليه من ديون، فإذا كان الأمر كذلك وكان دين الله أحق بالقضاء، فإن الذي يؤدي الزكاة طيبة بها نفسه يكون في راحة لا يعلمها إلا الله ولا يجد الهم إلى قلبه طريقًا خاصة إذا كان ممن يتحرى الطيب من ماله ويتحرى المستحقين من المؤمنين ليتيقن من وصول الزكاة لمستحقيها.
هذا، وإن الصيام مما اختص الله تعالى به نفسه، قال سبحانه وتعالى: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به. رواه البخاري ومسلم.
فلا شك ـ إذًا ـ أن تطمئن نفس المؤمن ويذهب عنها الضيق والوساوس إذا كان العبد ممن صام لله تعالى، لما تجلبه طاعة المحبوب من الفرح والسكينة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2643)
له عمان استأثرا بعقار موروث مقابل أجرة زهيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت جدتي، وتركت عقارا (أرضي + دور) لأربع أبناء، إيجار المنزل 14.30 جم في الشهر، يسكن عمي الدور الأرضي، وعمى الأخر الدور فوق الأرضي من العقار بعقود، لكل حجرة عقد منفصل، ثم بعد فترة من الزمن قام كل واحد بفتح الحجرات على بعض حتى اكتملت شقة واحدة بدون إذن باقي الورثة، ولما علم والدي بذلك هاج وطالبهم عن طريق المحاكم بتغيير العقود وزيادة القيمة الإيجارية، لكل شقة بدون جدوى حتى امتنع عن أخذ حقه من الإيجار أكثر من عشر سنوات، وقبل مرضه الذي توفى فيه وبعد إلحاح من أبنائه حتى لا يتوفى وهو عنهم غير راض، تم مصالحتهم وأخذ الإيجار، وبعد وفاته طالبتهم بتصحيح الوضع وتغيير العقود وزيادة القيمة الإيجارية كطلب والدي لهم امتنعوا عن منحى نصيبنا في الإيجار ووضعوه في المحكمة [كل 6 أشهر مقدما] خوفا من أن أذهب إلى المحكمة، ماذا أفعل مع أعمامى أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية يحسن أن ننبه على أن عقود الإجارة لا بد فيها من تحديد زمن تنتهي إليه حتى تخرج عن الجهالة والغرر الذي يؤدي إلى التشاحن والنزاع، وإذا لم يحدد لها زمن بل كان العقد مشاهرة فهو غير ملزم لأحد الطرفين، بل هو منحل من جهتهما، فأيهما أراد فسخ العقد فله ذلك، ما لم يدفع المستأجر الأجرة أو يبدأ في الشهر أو السنة.
وعلى ذلك فما تفعله بعض الدول من إلزام ملاك البيوت بتأجيرها مدى الحياة أو للأبد لا يجوز شرعا، ولا يجوز للمستأجر الاستمرار في ذلك استناداً إلى القوانين الوضعية التي تقره، بل عليه أن يرجع العين المؤجرة إلى مالكها إن كان حياً، وإلى ورثته إن كان ميتاً، أو يبرم معه عقداً شرعياً تحدد فيه المدة، وتحدد فيه الأجرة باتفاق الطرفين وبرضاهما.
وننبه أيضا على أن المستأجر ليس له أن يغير شيئا من البنيان المستأجر إلا بإذن من أصحابه. وراجع في ذلك الفتويين رقم: 74998، 55152.
وعلى ذلك، فمن الظلم البيّن أن يستأثر بعض الورثة بهذا العقار الموروث، مقابل أجرة زهيدة ليس لها مدة تنتهي إليها، ومن حق المظلوم أن يرفع أمره للقاضي الشرعي ليدفع الظلم عن نفسه، وليس في ذلك قطيعة رحم يأثم عليها المظلوم، بل اللائمة تعود على الظالم.
ومع ذلك فإننا ننصحكم بالرفق والصبر على أعمامكم، وأن تناصحوهم وتحاولوا حل الإشكال بينكم وديا، وأن توسطوا أهل الفضل والصلاح بينكم وبينهم، ليذكروهم بالله تعالى، والوقوف بين يديه غدا للحساب، وأن الدنيا إما أن تزول وإما أن نزول نحن عنها. فإن استجابوا فهذا هو المراد، وإن أصروا على الظلم فلا بأس عليكم أن ترفعوا أمركم للقضاء، وإن كان العفو أقرب للتقوى. وللفائدة يمكن الاطلاع على الفتويين رقم: 114087، 43086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2644)
حكم إغلاق المسجد لمنع الطالبات من الهرب من الدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إغلاق مسجد المدرسة أثناء فترة الدراسة تخوفا من تسرب الطالبات؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز إغلاق المساجد في غير أوقات الصلاة للمصلحة، وانظري الفتوى رقم: 63687.
وعلى هذا، فإن كنتم تعانون من مشكلة هروب الطالبات من مقاعد الدراسة ومكثهن في مسجد المدرسة، فإن بإمكانكم أن تغلقوه بعد أداء الطالبات للصلاة مباشرة، أو أن تتخذوا أي إجراء آخر كالحسم من الدرجات أو غير ذلك، وأما إن كان المقصود إغلاق المسجد وحرمان سائر الطالبات والمدرِّسات من الصلاة فيه، مما يترتب عليه تأخيرهن للصلاة عن أول وقتها وربما خروج جميع وقتها بالكلية، فإن ذلك محرم، لقول الله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ {البقرة:238} .
وقوله: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103} .
وقوله: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّا {مريم:59} .
وقوله: ف َوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:5،4} .
والوعيد ليس على تركها بالكلية، وإنما على مجرد تأخيرها حتى يخرج وقتُها وإن أدَّوْها، كما حُكي عن ابن عباس وغيره.
وأن إغلاق المسجد بحيث يترتب عليه ما ذُكر لهو منتهى الظلم، وهو من أعظم صور السعي في خرابها، وقد قال الله تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا {البقرة:114} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2645)
حكم تقديم الطبيب شهادة مزورة ليعجل من دراسة الماجستير
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلدنا مصر تسن وزارة الصحة قانوناً يمنع الطبيب المعيَّن في وزارة الصحة من تحضير الماجستير، في تخصُّص معين حتى تمرّ عليه ثلاث سنوات، وهذا تعطيل للطبيب بلا داعٍ، في حين يُمنح الحق لزميله الطبيب المعيَّن في كادر الجامعة أن يحضِّر الماجستير فوراً دون تعطيل، فهل يجوز لطبيب وزارة الصحة أن يقدِّم شهادة"مزيفة" بأنه يعمل طبيباً حرّاً غير تابع للوزارة حتى يتسنى له التساوي بزملائِهِ أطباء الجامعة وتحضير الماجستير سريعاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن التزوير محرم؛ لما فيه من الكذب وشهادة الزور.
فعن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور أو قول الزور. وكان رسول الله متكئاً فجلس فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت. متفق عليه.
وقيام الطبيب المذكور وأمثاله بتقديم شهادة مزيفة داخل في التزوير المحرم، والمطلوب منهم التزام الشروط المقررة من قبل الوزارة المعينة، وإذا كانوا يرون ذلك ظلما فليطالبوا برفع هذا الظلم دون اللجوء إلى هذه الوسائل الممنوعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2646)
هل الله تعالى لا يقبل دعاء من وقع في الحرام جاهلا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم جهل المسلم بفعل شيء حرام، وهل يترتب على ذلك عدم قبول المولى عز وجل لدعائه. مثلا يقوم الشخص بفعل شيء حرام ويترتب عليه مكسب مالي وهو لا يدري أنه فعل فعلا محرما ومكسبا ماديا محرما، فهل ينطبق عليه الحديث: مأكله حرام ومشربه حرام فانى يستجاب له.
أمثلة على ذلك. هل يجوز استخدام كهرباء العمل لعمل شاي أو شحن الموبايل؟ وهل يجوز قراءة الصحف أثناء ساعات العمل أو الخروج أثناء ساعات العمل لقضاء حاجة شخصية؟ وإذا كان حكم ما سلف حرام وترتب على ذلك راتب حرام. ثم يجيء هذا الموظف ويدعو الله بشيء، فهل سيقبل المولى عز وجل دعاءه علما بجهل الموظف بحرمة الحكم في تلك الأمور.
فسؤالي: هل الجهل بالأحكام يعفي من المسؤولية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإنسان لا يعذر بجهله في الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، والمشهورة بين عامة الناس كوجوب الصلاة والزكاة والصوم والحج، وحرمة الزنا والخمر والميتة والخنزير اللهم إلا إذا كان حديث عهد بالإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة.
وأما ما ليس معلوماً من الدين بالضرورة فيعذر فيه بالجهل، ويختلف ذلك باختلاف الناس والبيئات كما هو مبين في الفتوى رقم: 19084.
وعلى ذلك، فإن وقع الشخص في بعض المعاملات المحرمة جاهلا بحرمتها، ولم تكن حرمتها من الأمور المشهورة بين الناس، فلا إثم عليه إن شاء الله، ولا مانع من أن يستجيب الله دعاءه بفضله ورحمته.
لكن إذا علم بحرمة ما في يديه من مال، فيجب عليه التخلص منه بصرفه في أعمال البر والمصالح العامة. وانظر الفتوى رقم: 50478.
وأما الانتفاع بكهرباء العمل فإن كانت جهة العمل تأذن بذلك نصا أو عرفا، فلا حرج وإلا فلا يجوز ذلك. وانظر الفتوى رقم: 114546، وما أحيل عليه فيها.
وأما قراءة الصحف وغيرها أثناء العمل، فإذا كان يترتب عليها إخلال بالعمل فلا يجوز ذلك، وأما إن كانت قراءتها لا تخل بالعمل في قليل ولا كثير، فلا حرج في ذلك. لكن يحترز من الصحف والجرائد المشتملة على الصور المحرمة كصور النساء مكشوفة العورة، وكذلك الصحف والمجلات الداعية إلى الفساد. وانظر الفتوى رقم: 24466.
وأما الخروج من العمل لقضاء حوائج شخصية فهذا يرجع فيه إلى لوائح وقوانين العمل، فإن كانت تسمح للعامل بذلك فلا حرج، وإلا فلا يجوز ذلك. وانظر الفتوى رقم: 42937، والفتوى رقم: 52476.
وعلى المسلم أن يحرص على تعلم أمور دينه، فإن إعراضه عن طلب ما يحتاج إليه من العلم يجعله غير معذور بجهله؛ لأنه يكون حينئذ عاصيا بجهله وتفريطه. وانظر الفتوى رقم: 100423.
وما ذكرناه إنما هو بشأن رفع الإثم في ارتكاب بعض المخالفات جهلا، أما إعفاء الجاهل من المسئولية عموما فليس على إطلاقه، فحقوق الآخرين لا تسقط بالجهل، وكذلك هناك من شروط العبادات والمعاملات ما لا يسقط بالجهل. وبسط الكلام في هذا لا يتسع المقام له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2647)
اللجوء إلى التورية للتخلص من القضية المرفوعة ظلما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيبة بيطرية 33 سنة، آنسة، كنت أعمل فى إحدى شركات الأدوية منذ 3 سنوات، وتركتهم لعدم حصولي على مستحقاتي، وكنت قد كتبت وصل أمانة غير مؤرخ وخانة (من إلى) فارغة، وهذا إجراء تأخذه الشركات ضمن مصوغات التعيين، ولم آخذ هذا الوصل عندما تركتهم، إلا أنني هذا العام فوجئت بأن صاحب الشركة باع الوصل لاثنين من معارفه من بلدته، وقاموا برفع قضية ضدي يريدون أن أرد مبلغ الوصل 20000 جنيه وحجزت القضية لإحضار شهود نفي من ناحيتي ومن ناحيتهم.. وطلب المحامي إحضار اثنين من طرفي يشهدان بأني طبيبة بيطرية، ونفي واقعة التسليم، حيث إنني لا أعرف الأشخاص الذين رفعوا القضية. فهل يعتبر شهودي زور ... وماذا يكون عقاب هؤلاء الأشخاص الذين يدعون بأني استلمت منهم هذا المبلغ، فهل هذا حلال أم حرام علما بأني لا أعرفهم ولا يعرفونني شكلاً أو مضمونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أساء صاحب الشركة فيما قام به من بيع هذا الوصل، وهو ومن اشتراه منه آثمون بفعلهم هذا المشتمل على أكل المال بالباطل، قال الله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188} ، وذكر ابن كثير في تفسيره عن جماعة من التابعين أنهم قالوا: لا تخاصم وأنت تعلم أنك ظالم، ثم قال: وقد ورد في الصحيحين عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا إنما أنا بشر، وإنما يأتيني الخصم، فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من نار، فليحملها أو ليذرها. فدلت هذه الآية الكريمة وهذا الحديث على أن حكم الحاكم لا يغير الشيء في نفس الأمر، فلا يحل في نفس الأمر حراما هو حرام، ولا يحرم حلالا هو حلال، وإنما هو ملزم في الظاهر، فإن طابق في نفس الأمر فذاك، وإلا فللحاكم أجره وعلى المحتال وزره. انتهى.
ولا حرج عليك في أن تستخدمي ما يدفع عنك شرهم، ولكن الأولى اللجوء للتورية والمعاريض، ولا يلجأ لغير ذلك من الكذب إلا عند الاضطرار لذلك، أما الشاهدان فلا يجوز أن يشهدا بأمر لا يعلمانه. وراجعي في بيان جواز الكذب والتزوير إذا تعين ذلك سبيلاً لحفظ الحق الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24687، 104433، 112139، 115855.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2648)
حكم الشهادة على شخص بأمر عرف عنه دون مشاهدته
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت إلى المحكمة مع العائلة بعد طلاق أختي من ابن عمي، ثم نادى القاضي باسمي وحلفت اليمين من أجل تخصيص نفقة لأختي، حلفت على أن لديه راتبا شهريا، لكونه عسكريا، وأيضا أن له حلالا ـ غنم ـ يبيع ويشتري منها ـ وهو معروف بهذه الصنعة ـ لكنني لم أر الغنم بعيني، فهل علي إثم اليمين الغموس؟ وقلت للقاضي لا يمكنني تحديد دخله الشهري بالتحديد، علما أنني ذهبت إلى المحكمة بدون أن أعرف أنهم سوف يطلبونني للشهادة والحلف.
أرجو الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في الشهادة أن تكون عن مشاهدة وعلم، لقوله تعالى: إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ {الزخرف: 86} . وقد بينا شروط الشهادة في الفتوى رقم: 74733.
كما بينا أن الحلف على الكذب من أكبر الكبائر لا سيما إن كان أمام القاضي بشهادة زور، أو تترتب عليه حقوق وانظر الفتويين رقم: 9714، 72329.
فإن كنت شهدت بحقيقة علمتها بالمشاهدة أو سمعتها من الناس حتى حصل لك اليقين بها فلا حرج ـ إن شاء الله تعالى ـ كما سبق بيانه في الفتوى المشار إليها.
أما إذا كان ما شهدت به وحلفت عليه كذبا أو مجرد إشاعة أو خبرا لا يصل إلى العلم اليقيني، فإن الشهادة به لا تجوز، والحلف عليه خطأ فاحش، يأثم فاعله، وتجب التوبة النصوح منه إلى الله تعالى، وغرم ما ترتب على الشهادة من مال أو غيره لصاحبه، لأنه من شهادة الزور التي يغرم صاحبها، قال ابن عاصم المالكي في تحفة الحكام: وشاهِدُ الزُّورِ اتِّفاقاً يَغْرِمُهْ في كلّ حالٍ والعِقابُ يَلْزَمُهْ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2649)
مديره يمنعه من صلاة الجماعة بالمسجد فماذا يفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بمتجر ملابس وأقرب مسجد منه مسافة 4 دقائق مشيا، وقليلا ما يسمح لي مديري بشهود صلاة الجماعة فهل أنا آثم؟ مع العلم أنني حاولت الانتقال لفرع آخر ولم أستطع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أمكنك فعل الجماعة في غير المسجد فلا حرج عليك ـ إن شاء الله ـ فإن الجماعة تجوز في غير المسجد على الراجح من أقوال العلماء، وإن كان فعلها في المسجد أولى، وراجع الفتوى رقم: 128394، وأما إذا لم يمكنك فعل الجماعة في مكان عملك، فعليك أن تجتهد في مناصحة صاحب العمل وتبين له أهمية الجماعة وأنه يثاب المثوبة العظيمة ـ إن شاء الله ـ إن مكنك من شهود الجماعة، ولا ينبغي له أن يمنعك من ذلك إلا أن يكون له عذر في المنع كإن كان ذهابك للجماعة يؤدي إلى تعرض المال الذي استؤجرت لحفظه للضياع أو كان المسجد بعيدا أو كان الإمام يطيل مما يضر به، جاء في أسنى المطالب: قال الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَلْزَمُهُ تَمْكِينُهُ من الذَّهَابِ إلَى الْمَسْجِدِ لِلْجَمَاعَةِ في غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَلَا شَكَّ فيه عِنْدَ بُعْدِهِ عنه، فَإِنْ كان بِقُرْبِهِ جِدًّا فَفِيهِ احْتِمَالٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامُهُ مِمَّنْ يُطِيلُ الصَّلَاةَ فَلَا، وَعَلَى الْأَجِيرِ أَنْ يُخَفِّفَ الصَّلَاةَ مع إتْمَامِهَا، ثُمَّ مَحَلُّ تَمْكِينِهِ من الذَّهَابِ إلَى الْجُمُعَةِ إذَا لم يَخْشَ على عَمَلِهِ الْفَسَادَ وهو ظاهر. انتهى.
فإن أصر على منعك من شهود الجماعة فلا نرى حرجا من استمرارك في هذا العمل، لما مر بك من كلام الأذرعي، وإن وجدت عملا غيره تتمكن معه من المحافظة على الجماعة كان ذلك أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2650)
المنعم في قبره هل يخاف يوم القيامة أم يبقى آمنا
[السُّؤَالُ]
ـ[بخصوص نعيم القبر.. فبعد أن يعيش المؤمن حياة البرزح في القبر ويعلم بمصيره في الآخرة وهو الجنة إن شاء الله.. لماذا يكون خائفاً يوم القيامة وهو يعلم بأن مصيره الجنة.. ولماذا يخاف عند الصراط؟ وجزاكم الله خيراً على هذا الصرح الطيب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت الإجابة عن نحو هذا السؤال في الفتوى رقم: 17787.
ومما يزيد الأمر وضوحا أن تفهم البشارة التي تحصل للمؤمن في قبره في ضوء البشارة العامة لأهل الطاعة والاستقامة منذ أن أُهبط آدم على الأرض، كما قال تعالى: فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ {البقرة:38} ، قال النيسابوري في غرائب القرآن ورغائب الفرقان: هذا يدل على أن المكلف الذي أطاع الله تعالى لا يلحقه خوف عند الموت ولا في القبر ولا عند البعث ولا عند حضور الموقف ولا عند تطاير الكتب ولا عند نصب الميزان ولا عند الصراط: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّة ِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ. وقال قوم من المتكلمين: إن أهوال يوم القيامة تعم الكفار والفساق والمؤمنين بدليل قوله تعالى: يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى) . (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا) (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ) . (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) وفي الحديث: تدنو الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق فمنهم من يكون إلى كعبه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً. وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيه. وحديث الشفاعة وقول كل نبي: (نفسي نفسي) إلا نبينا صلى الله عليه وسلم، فإنه يقول (أمتي أمتي) مشهور. قلت: لا ريب أن وعد الله حق، فمن وعده الأمن يكون آمناً لا محالة، إلا أن الإنسان خلق ضعيفاً لا يستيقن الأمن الكلي ما لم يصل إلى الجنة، لأنه لا يطمئن قلبه ما لم ينضم له إلى علم اليقين عين اليقين، وأيضاً إن جلال الله وعظمته يدهش الإنسان براً كان أو فاجرا.. انتهى.
وقال القرطبي: المعنى في الآية: فلا خوف عليهم فيما بين أيديهم من الآخرة ولا هم يحزنون على ما فاتهم من الدنيا. وقيل: ليس فيه دليل على نفي أهوال يوم القيامة وخوفها على المطيعين لما وصفه الله تعالى ورسوله من شدائد القيامة، إلا أنه يخففه عن المطيعين وإذا صاروا إلى رحمته فكأنهم لم يخافوا، والله أعلم. انتهى.
وبنحو هذا أجاب الرازي وأبو حيان وابن عادل في تفاسيرهم، وللألوسي جواب آخر يعتمد على التفريق بين خوف المكروه وخوف الجلال، حيث يقول: قال بعض الكبراء: خوف المكروه منفي عنهم مطلقا، وأما خوف الجلال ففي غاية الكمال ... وذكر بعض الناس أن العدول عن لا خوف لهم أو عندهم إلى لا خوف عليهم للإشارة إلى أنهم قد بلغت حالهم إلى حيث لا ينبغي أن يخاف أحد عليهم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2651)
دخل المسجد ووجدهم يصلون على الجنازة ولم يكن أدى الفريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[من دخل إلى المسجد ولم يدرك الجماعة الأولى مع الإمام ووجد الإمام يصلي على جنازة، فهل يصلي المكتوبة أولاً؟ أم يصلي مع الإمام على الجنازة ثم يصلي المكتوبة؟.
أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن دخل المسجد بعد انتهاء الجماعة ووجد الجماعة يصلون على جنازة، فإنه يصلي عليها معهم حتى لا تفوته ثم يصلي الفريضة بعد ذلك، هذا إذا لم يخش خروج وقت الفريضة، قال ابن قدامة في المغني: فصل: وإذا اجتمع صلاتان، كالكسوف مع غيره بدأ بأخوفهما فوتاً. انتهى.
قال ابن باز فيمن دخل المسجد ووجد الجماعة يصلون على الجنازة: المشروع لك في مثل هذا الأمر أن تنوي صلاة الجنازة إذا علمت أنها صلاة جنازة ثم تكبر وتكمل معهم صلاة الجنازة، ثم بعد ذلك تصلي صلاة الظهر لأن صلاة الجنازة تفوت، وصلاة الظهر لا تفوت، لأن وقتها واسع. وفق الله الجميع. انتهى من مجموع فتاواه.
وانظر للأهمية في ذلك الفتوى رقم: 25328.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2652)
العلامة الكونية التي يعرف بها دخول وقت العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً: ما هي المدة الزمنية بين المغرب والعشاء؟ أي متى يخرج وقت صلاة المغرب؟ هل بعد ساعة إلا ربعا من بدء أذان المغرب أو أكثر من ذلك؟.
ثانياً: هل هناك خلاف بين المذاهب في هذه المسألة؟ وما هو الراجح؟.
ثالثاً: صلاة العشاء التي قد صليتها سابقا على أساس أن الزمن ساعة إلا ربعا بين المغرب والعشاء هل علي قضاؤها الآن؟ أم أن المسألة خلافية وفي الأمر سعة؟ حيث إن بعض المساجد عندنا يصلون العشاء بعد المغرب ب 45 دقيقة من أذان المغرب ويقولون إن هذا مذهب الشافعي.
فأرجو منكم الإجابة عن كل سؤال بشكل منفرد.
وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس الوقت الذي يفصل بين المغرب والعشاء محدداً بالدقائق، ولكن آخر وقت المغرب هو أول وقت العشاء وذلك بمغيب الشفق الأحمر على الراجح من أقوال العلماء، وهذا يختلف باختلاف الأزمان، فهذا عن سؤالك الأول.
وأما عن سؤالك الثاني: وهو المتعلق بخلاف العلماء في هذه المسألة: فأعلم أنهم اختلفوا في أول وقت العشاء وبماذا يدخل؟ فذهب الجمهور إلى أنه يدخل بسقوط الشفق الأول وهو الأحمر.
وذهب أبو حنيفة: إلى أنه لا يدخل إلا بمغيب الشفق الأبيض.
وقد فصل ابن قدامة القول في المسألة فقال ـ رحمه الله: لا خلاف في دخول وقت العشاء بغيبوبة الشفق، وإنما اختلفوا في الشفق ما هو؟ فمذهب إمامنا - يعني أحمد رحمه الله - أن الشفق الذي يخرج به وقت المغرب ويدخل به وقت العشاء هو الحمرة، وهذا قول ابن عمر وابن عباس وعطاء ومجاهد وسعيد بن جبير والزهري والثوري وابن أبي ليلى والشافعي وإسحاق وصاحبي أبي حنيفة.
وعن أنس وأبي هريرة: الشفق البياض، وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز وبه قال الأوزاعي وأبو حنيفة وابن المنذر، لأن النعمان بن بشير قال: أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة: صلاة العشاء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر الثالثة. رواه أبو داود.
وروي عن ابن مسعود قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي هذه الصلاة حين يسود الأفق.
ولنا: ما روت عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعشاء حتى ناداه عمر بالصلاة نام النساء والصبيان فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما ينتظرها أحد غيركم.
قال: ولا يصلي إلا بالمدينة وكانوا يصلون فيما بين أن يغيب الشفق الأول إلى ثلث الليل. رواه البخاري.
والشفق الأول: هو الحمرة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: وقت المغرب ما لم يسقط فور الشفق. رواه أبو داود.
وروى ثور الشفق: وفور الشفق: فورانه وسطوعه، وثوره: ثوران حمرته، وإنما يتناول هذه الحمرة، وآخر وقت المغرب وقت العشاء.
وروي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الشفق الحمرة فإذا غاب الشفق وجبت العشاء. رواه الدارقطني. انتهى.
فهذا عن سؤالك الثاني.
وأما سؤالك الثالث: وهو عن قضاء تلك الصلوات التي صليتها على هذه الصفة، فإذا كنت صليت شيئاً من الصلوات قبل دخول وقت العشاء وسقوط الشفق الأحمر، فإن قضاءه واجب عليك، لأن هذه الصلوات ما زالت ديناً في ذمتك ودين الله أحق أن يقضى.
وأما ما صليته من الصلوات في وقت العشاء فليس عليك قضاؤه، بل قد برئت منه ذمتك، ويمكنك الرجوع إلى التقاويم الموثوقة لتتبين ما إذا كان ما فعلته من الصلاة بعد مضي هذا الوقت المعين موافقاً للصواب في نفس الأمر أو لا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2653)
المصاب بالمس يعالج بالرقية لا بالأغاني المحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت زوجه أخي طبيعية وعندما قرأنا عليها بعض القرآن تغير صوتها وقالت: أنا مأمون وإنه جن ـ وتفعل أشياء غريبة لا نفهمها، وعند تشغيل الأغاني تسكت، فماذا نفعل لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصح بمعالجة هذه المرأة بالرقية الشرعية إذا شككتم أنها مصابة بالمس وأن تحرصوا على عدم سماعها للأغاني المحرمة، فما كان محرما يحرم العلاج والتسلية به، ففي الحديث: إن الله لم يجعل شفاء أمتى فيما حرم عليها. رواه ابن حبان.
وقد بينا الرقية الشرعية وتحريم سماع الموسيقى في الفتاوى التالية أرقامها فراجعها: 66001، 54316، 80694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2654)
الدعاء بعد التكبيرة الرابعة في صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة جنازة الإمام سلم بعد التكبيرة الرابعة مباشرة، أليس بعد الرابعة دعاء عام للأحياء والمتوفين من أمة محمد؟ المأموم إذا كان مذهبه تسليمة واحدة في صلاة الجنازة، لكن الإمام سلم اثنتين، هل يجب على المأموم تسليمتان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء بعد التكبيرة الرابعة في صلاة الجنازة مّما اختلف العلماء في حكمه، فبعضهم ذهب إلى مشروعيته وبعضهم إلى عدم مشروعيته.
قال ابن قدامة: ظاهر كلام الخرقي أنه لا يدعو بعد الرابعة شيئا، ونقله عن أحمد جماعة من أصحابه وقال: لا أعلم فيه شيئا، لأنه لو كان فيه دعاء مشروع لنقل، وروي عن أحمد: أنه يدعو ثم يسلم لأنه قيام في صلاة فكان فيه ذكر مشروع كالذي قبل التكبيرة الرابعة، قال ابن أبي موسى وأبو الخطاب يقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وقيل يقول: اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده وهذا الخلاف في استحبابه، ولا خلاف في المذهب أنه غير واجب، وإن الوقوف بعد التكبير قليلا مشروع.
وانظر صفة صلاة الجنازة في الفتوى رقم: 56392.
وإذا سلّم الإمام تسليمتين فإنه يشرع للمأموم متابعته، وإن كان مذهب المأموم الاكتفاء بتسليمة واحدة. فقد جاء عن الحنابلة مشروعية متابعته تخريجاً على متابعة الإمام في قنوت الفجر.
قال ابن مفلح: وهل يتابع الإمام في التسليمة الثانية؟ يتوجه، كالقنوت في الفجر. وفي الفصول: يتبعه في القنوت، قال: وكذا "في" كل شيء، لا يخرج به عن أقاويل السلف.
وكلام الحنابلة في قنوت الفجر ليس صريحاً في الوجوب.
قال المرداوي: لو ائتم بمن يقنت في الفجر تابعه فأمن أو دعا جزم به في المحرر والرعاية الصغرى والحاويين وجزم في الفصول بالمتابعة وقال الشريف أبو جعفر في رؤوس المسائل تابعه في الدعاء قال ابن تميم: أمن على دعائه وقال في الرعاية الكبرى تبعه فأمن ودعا وقيل: أو قنت وقال في الفروع ففي سكوت مؤتم ومتابعته كالوتر روايتان وفي فتاوى ابن الزاغوني يستحب عند أحمد متابعته في الدعاء الذي رواه الحسن بن علي فإن زاد كره متابعته وإن فارقه إلى تمام الصلاة كان أولى وإن صبر وتابعه جاز وعنه لا يتابعه قال القاضي أبو الحسين: وهي الصحيحة عندي. انتهى.
وعلى ذلك فالأحوط متابعة الإمام في التسليمة الثانية كما سبق في الفتوى رقم: 43458.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2655)
المال التالف بين وجوب زكاته معدمها
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت باستثمار مبلغ: 1450 دولار في شركة بورصة في الأردن، وبعد فترة وجيزة أفلست شركات البورصة في الأردن، ونتلقى وعود بإعادة هذا المبلغ من قبل الحكومة بعد تحصيلها من الشركات، ولكن سؤالي هو: هل تجب علي الزكاة عن هذا المبلغ، حيث إنه قد حال عليه حول كامل؟ وهل هذا المبلغ نصاب؟ وكم يبلغ نصاب الزكاة في أيامنا الحالية؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنصاب هو ما يساوي 85 جراما من الذهب الخالص تقريبا، أو 595 جراما من الفضة الخالصة تقريبا، فإذا بلغ ما يملكه الشخص هذا المقدار وجبت عليه زكاته إذا حال عليه الحول وهو في يده دون أن ينقص عن النصاب في أثناء الحول، وأما هذا المال المسؤول عنه، فإن كان الحول قد حال عليه وأمكنك أداء الزكاة قبل أن تفلس هذه الشركات فقد استقرت الزكاة في ذمتك وصارت دينا عليك يجب عليك المبادرة بإخراجها، فإن تلف المال بعد التمكن من أداء الزكاة لا يسقط وجوبها، قال ابن قدامة في المغني: وحكى عنه الميموني أنه إن تلف النصاب قبل التمكن من الأداء سقطت الزكاة عنه، وإن تلف بعده لم تسقط، وحكاه ابن المنذر مذهبا لأحمد وهو قول الشافعي والحسن بن صالح وإسحق وأبي ثور وابن المنذر، وبه قال مالك إلا في الماشية.
وأما إذا كانت هذه الشركات قد أفلست قبل حولان الحول أو قبل تمكنك من الأداء فلا شيء عليك، قال ابن قدامة: والصحيح ـ إن شاء الله ـ أن الزكاة تسقط بتلف المال إذا لم يفرط في الأداء، لأنها تجب على سبيل المواساة فلا تجب على وجه يجب أداؤها مع عدم المال وفقر من تجب عليه، ومعنى التفريط أن يتمكن من إخراجها فلا يخرجها، وإن لم يتمكن من إخراجها فليس بمفرط ـ سواء كان ذلك لعدم المستحق أو لبعد المال عنه. انتهى.
ثم إن كان القائمون على هذه الشركات قد تعدوا بفعل ما لا يجوز أو فرطوا بترك ما يجب في حفظ المال والقيام عليه فهم ضامنون له، وحينئذ فحكم هذا المال حكم الديون التي في يد الغير فيجب عليك زكاته إذا قبضته لما مضى من السنين، كما بينا ذلك في الفتويين رقم: 119194، ورقم: 119205، وأما إذا لم يكن من هذه الشركات تعد ولا تفريط فلا ضمان عليها لهذا المال، لأن المضارب لا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2656)
هل للمذي رائحة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في رحلة إلى مدينة دبي، وأثناء هذه الرحلة أثيرت شهوتي قليلاً ثم بعد أن انتهيت وكنت في الطريق، كنت أغفو قليلاً وأستيقظ، مع العلم بأنه لم يكن نوما متواصلا، بل متقطعاً ثم بعد ذلك استيقظت، ولم أر مناما، وبعد عودتي إلى المنزل رأيت سائلا لزجا أبيض وهو نفس السائل الذي ينزل منيا عادة، وأنا أجزم بأنه مذي، لأن له مواصفات المذي، فهل للمذي رائحة؟ لأنني لست متأكدة إن كان نزل أثناء رحلتي أو عند غفوتي وله رائحة غريبة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت تجزمين بأنه مذي، لكون صفته هي صفة المذي فهو مذي يجب الوضوء منه وتطهير البدن والثوب، وقد بينا الفرق بين مني المرأة ومذيها في الفتوى رقم: 45075.
وبينا حكم من شك فيما خرج منه، هل هو مني أو مذي؟ وأنه يتخير بينهما على ما اختاره بعض أهل العلم، وانظري الفتوى رقم: 64005.
ولم يتعرض العلماء ـ حسب اطلاعنا ـ لرائحة المذي وما إذا كان له رائحة أو لا، ولكنهم بينوا صفة المذي وأنه سائل أبيض رقيق يخرج عند فتور الشهوة بلا شهوة ولا يعقب خروجه فتور بالبدن وقد لا يشعر بخروجه وهو في النساء أكثر منه في الرجال، فإذا كان السائل الذي رأيته بهذه الصفة فهو المذي ـ سواء كانت له رائحة أو لا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2657)
غسل من ترك شيئا من بدنه
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بالاغتسال بهذه الطريقة: غسل الفرج ثم اليدين ثم تعميم الجسد بالماء ثم غسل الشعر ثلاث حثيات، فما المقصود بالحثيات؟ مع العلم بأنني كنت أتجنب غسل الفرج ـ سواء القبل أو الدبر ـ والمنطقة المحيطة بهما لأنني كنت أعتقد أنه لا يجوز لمس هذه المناطق أثناء الغسل، ولأنني سمعت أحد المشايخ يتحدث عن ذلك، وقد علمت الآن بأن الغسل يشمل العانة، فهل علي أن أعيد الغسل والصلاة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا صفة الغسل المشروع في فتاوى كثيرة، وبينا الغسل الكامل المسنون، والغسل الواجب المجزئ، فراجعي لمعرفة ذلك الفتويين رقم: 41097، ورقم: 31877.
واعلمي أن ترك شيء من البدن دون إفاضة الماء عليه في الغسل، مما لا يصح الغسل معه؛ إذ إن تعميم البدن بالماء من واجبات الغسل، فإذا كنت تتركين هذه المواضع المذكورة دون إفاضة الماء عليها، فإن غسلك هذا لم يقع صحيحا ولا مجزئا، وعليه فيلزمك إعادة الصلوات التي صليتها بهذا الغسل غير المجزئ، لأنها دين في ذمتك فلا تبرئين إلا بقضائها، لقوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.
ويرى بعض العلماء أن قضاء تلك الصلوات لا يلزمك وأنك تعذرين بجهلك بالحكم وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، والقول الأول أحوط.
وانظري للفائدة حول هذه المسألة الفتويين رقم: 125226، ورقم: 109981.
وأما إذا كنت تتركين دلك هذه المواضع فقط مع إفاضة الماء عليها فلا شيء عليك، لأن الدلك مستحب وليس بواجب على الراجح، وانظري الفتوى رقم 1432.
وأما الحثيات فهي الحفنات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2658)
مات عن أب، وثلاثة أولاد، وشقيقين، وابن عم لأب
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء قسم الميراث على الورثة التالي ذكرهم: أب، وثلاثة أولاد، وشقيقان، وابن عم لأب.
علما بأن على الميت ديون.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب قبل قسمة التركة بين الورثة سداد الدين الذي على الميت من تركته, لأن الدين مقدم على حق الورثة في المال، كما بيناه في الفتوى رقم: 6159.
ثم بعد ذلك تقسم التركة على الورثة, فإن كانوا محصورين فيمن ذكر، فإن للأب السدس، لقول الله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ {النساء: 11} .
والباقي للأبناء الثلاثة تعصيبا ـ بينهم بالسوية ـ لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ. متفق عليه من حديث ابن عباس.
ولا شيء للأخوين ولا لابن العم، لكونهم ـ جميعا ـ محجوبين حجب حرمان بالابن والأب, فتقسم التركة على ثمانية عشر سهما, للأب سدسها (ثلاثة أسهم) ولكل ابن خمسة أسهم.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2659)
جواب شبهة حول حديث (من مات وليس في عنقه بيعة..)
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: رقم الفتوى: 111159.
عنوان الفتوى: توضيح المقصود من حديث: من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية.
تاريخ الفتوى: 04 شعبان 1429 / 07-08-2008
قرأنا فتواكم هذه، لكنها تعارض فتوى الشيخ العثيمين فى المحاضرات التى تنشرونها على موقعكم فى أكثر من محاضرة عن وجوب مبايعة ولي الأمر فى أي من الأقطار العربية والإسلامية، وإحدى فتاواه أسفل وفيها خلاف ما قلتم: في معنى حديث: من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية.
السؤال حديث: من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية.
ما معنى هذا الحديث؟ الجواب: معناه: أنه يجب على الإنسان أن يجعل له إماماً، ولا يحل لأحد أبداً أن يبقى بلا إمام، لأنه إذا بقي بلا إمام بقي من غير سلطان، ومن غير ولي أمر، والله -عزَّ وجلَّ - يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ {النساء:59} .
وهذا الذي مات وليس في عنقه بيعة شاذٌّ خارجٌ عن سبيل المؤمنين، لأن المؤمنين لا بد أن يكون لهم أمير مهما كانت الحال، فإذا خالَفَ هذا وشذَّ صار خارجاً عن سبيل المؤمنين.
فأ يهما الأصح؟ رأي فضيلتك؟ أو رأي الشيخ العثيمين؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فهمه السائل من الفتوى المذكورة ليس هو المراد، فليس من شرط البيعة أن تجتمع الأمة كلها في المشرق والمغرب على إمام واحد، قال الشيخ صالح آل الشيخ في شرح العقيدة الواسطية: المسلمون أجمعوا ـ بلا نكير ولا اختلاف ـ على انعقاد الإمامة الشرعية لإمامين: هما: إمام بني العباس في بغداد، وإمام بني أمية في الأندلس ومضت الأمة على ذلك قروناً، وكل واحد من هذين الإمامين العلماء وأئمة السنة في بلده يقولون: هذا الإمام الذي تجب بيعته ويحرم الخروج عليه، وهذا إجماع منهم على أن البيعة لا يشترط لها الخلافة الراشدة العامة، بل البيعة منوطة بمن ولي الأمر، لأن البيعة تتجزأ حسب البلد، بحسب الوالي، هذا بحث.
والثاني: في هذه المسألة أن هذا القول - وهو أن البيعة لا تكون إلا مع الإمامة العظمى - يلزمه أن البيعة قد ذهبت منذ أزمان، وأن قول النبي عليه الصلاة والسلام: من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية.
أن هذا مخصوص ببعض الأزمنة دون بعض، وهذا تحكم في دلالة النص وتحكم أيضاً في كلام أهل السنة، فالبيعة ليس لها زمن يحدها عند أهل السنة، بل هي ماضية ولم يحدها أحد، والقول بأن البيعة منوطة بالإمامة العظمى هذا يلزم منه هذين اللازمين الباطلين. انتهى.
وإنما المراد بالفتوى المحال عليها: التحذير من التحزب بأن تدعي كل طائفة أو جماعة بأن رئيسها هو الإمام الذي تجب طاعته وبيعته، ويأتون بآيات وأحاديث تحض على اجتماع المؤمنين على بيعة إمام واحد للأمة ويسقطونها ـ جهلاً أو اتباعاً للهوى ـ على أحزاب يخترعونها ويحملون ذلك على شخص منهم، كما جاء في نص الفتوى المعنية بالرقم: 111159.
وقد سبق لنا بيان معنى الحديث المذكور والمراد ببيعة الإمام وماهيتها وكيف تتم؟ في الفتاوى التالية أرقامها: 6927، 23027، 31487، 117439.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2660)
حكم شراء الشقق عن طريق جمعيات الإسكان التابعة للنقابات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشراء من جمعيات الإسكان التابعة للنقابات، الأرض محددة، والعمارات قيد الإنشاء، مساحات الشقق واحدة. في البداية نقوم بسداد نصيب الشقة في الأرض، ثم يحدد باقي المبلغ حسب تكلفة المباني والتشطيب والطابق، وإذا كانت الشقة بها امتيازات أخرى أي تصير اتحاد ملاك، وتحدد الشقة لكل فرد بالقرعة في جلسة واحدة علنية، والمبالغ التي تسدد للجمعية عن طريق رقم حساب الجمعية في البنك. فما حكم الشراء بهذه الطريقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نستطيع أيها السائل الكريم أن نعطيك حكما للشراء بما ذكرته في سؤالك، حيث لم تحدد لنا كيفية التعاقد وبنوده، ونحن نذكر لك للفائدة حكما إجماليا فنقول: إن كانت هذه الجمعيات تقوم بجمع الأموال من المشتركين من أعضاء النقابة، وتقوم بشراء الأراضي وبناء العقارات، وتكون هذه الجمعيات بمثابة الوكيل عن أعضاء النقابة الذي يشتركون بالجمعية، فلا حرج في هذه الحالة من أن توزع الشقق بالقرعة، لأن القرعة يجوز استخدامها عند القسمة بين الشركاء.
وجواز الاشتراك في هذه الجمعيات مقيد بالتزامها بالضوابط الشرعية في معاملاتها مع الأعضاء، وكذلك في معاملاتها عند شراء الأراضي وبناء العقارات، فيجب أن تلتزم بالضوابط الشرعية للبيع والشراء، والضوابط الشرعية للاستصناع إن كان تقوم ببناء الشقق عن طريق عقد الاستصناع.
وإما إن لا تكون الجمعية وكيلة عن أعضاء النقابة، وإنما تبيع لهم أو تجري معهم عقد استصناع، وفي هاتين الحالتين التعاقد معهما لا يجوز لجهالة المبيع في البيع، ولجهالة المستصنع إن فرض أن العقد لهما عقد استصناع. وراجع الفتوى رقم: 110893، والفتوى رقم: 11224.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2661)
توظفت عن طريق قريبها وتخشى أن تكون أخذت حق غيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من أسرة حالتها المادية سيئة، لدرجة أن والدي أحيانا يستدين من الناس دون أن يعيد حقهم لهم بسبب ضيق ذات يده، وقبل فترة من الزمن ظهر إعلان في الصحف عن وظائف بإحدى الجامعات، وكانت تنطبق شروطها علي، وكان معدلي ممتازا، فقدمت على إحدى هذه الوظائف، وكان بهذه الجامعة موظف من أقارب والدي كلمه والدي ليساعدني في الوظيفة، وقد ذهبت للاختبار وأجبت حسب ظني جيدا، ثم ظهرت الأسماء ولم يكن اسمي منها، أي أن الوظائف التي أعلنوا عنها رشحوا ووظفوا لها جميعا أناسا آخرين لم أكن منهم، أي أنه لم يتوسط لي في الوظيفة الأساسية، وعندما راجعه والدي بعد ذلك قال له بأنه يأخذ ويوظف حسب الحل في الاختبار الأفضل فالأفضل، وقال لي إنني من الاحتياط وهناك وظائف للاحتياط.. وبعد فترة رشحني قريبي لوظيفة أخرى لها نفس مسمى الوظيفة التي قدمت عليها ونفس المرتبة أي أنني سأتوظف بوظيفة أخرى غير الأساسية التي رشحوا عليها ووظفوا.. أي إنني لم آخذ حق أحد في الوظائف الأساسية، فالوظائف الأساسية التي أعلنوا عنها وظفوا عليها وانتهوا، علما بأن قريبي هذا قبل فترة ظهرت وظائف معيدات وقدمت وكلمه والدي ليتوسط لي، لكنه قال له بأنه هناك أناس معدلهم أعلى، ولا يستطيع أن يقدمني عليهم، وهذا دلني على أنه لا يستطيع تقديمي على أحد، علما بأنني سألت والدي وقال لي بأنه لم يقدمني على أحد، ولكن أنا خائفة أن يكون راتبي حراما وأطعم أهلي حراما لأنني كما قلت نحن محتاجون جدا للوظيفة، وأنا نادمة أشد الندم أني طلبت منه التوسط. فهل أترك الوظيفة بناء على شكي؟ أم أعتمد على كلمته وكلمة والدي، فربما كان حقا دوري قد جاء في الوظيفة، ماذا علي أن أفعل جاوبوني أرجوكم رجاء حارا، فهل سيكون راتبي حراما أم حلالا. وفقكم الله جاوبوني بأسرع وقت فحالتي النفسية سيئة جدا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على الحرص على تحري الحلال في كسبك وما تنفقين على أهلك، وننصحك بإبعاد الوساوس عنك وتمسكي بعملك.
فالأصل صدق والدك وقريبك، فأنت ذكرت تحري قريبك في الموضوع وعدم تقديمه لغير الأفضل، فاصرفي ذهنك عن الموضوع، ولا حرج عليك في أخذ الراتب إذا كنت تقومين بعملك على الوجه المطلوب.
ولمزيد الفتاوى التالية أرقامها: 53222، 64780، 97529.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2662)
سهولة خروج الروح وظهور ما يدل على صلاح الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[أصيب والدي بالمرض منذ 6 شهور، أصيب بالسرطان واستأصل كلية، وكان دائماً يقول الحمد لله هذا خير ونعمة، وكان في شدة ألمه يبتسم ويحمد ربنا على الابتلاء، وكان يقول لي يا ابنتي أنا أتعالج ليس لإطالة العمر، وإنما كي أقف على رجلي لغاية ما أموت حتى لا أتعب معي أحد، وفعلاً حدثت له غيبوبة لأقل من 24 ساعة فقط، وكانت آخر حاجة له صلاة العشاء، ولآخر وقت كنت أسأله كيف حالك يا حبيبي، وبالرغم من ألمه الشديد إلا انه كان يقول لي الحمد لله أنا على أتم الصحة، وقبل وفاته قال لعمي لماذا أنتم متضايقون، أنا مبسوط والحمد لله وغير خائف من الموت، قد بعث الله لي هدية، وهل يوجد أحد يرفض هدية ربنا.
توفي والدي رحمه الله منذ 12 يوما قالوا لي إنهم لم يروا مثله، وجهه لم يكن لإنسان ميت ولكنه بدا وكأنه نائم، قالت أختي إن نفسه كان متعبا جداً، ويتنفس بصعوبة من شدة المرض، ولكن وقت الوفاة وقبلها بدقائق ارتاح نفسه وهدأ جداً لدرجة أنهم توقعوا أنها بداية الشفاء، ولحظة الوفاة كانوا ينظرون إليه، ما حدث أنه فتح عينيه ونظر لليمين واليسار وأغمضها وكانت النهاية.
السؤال هنا: هل هذا يعني خروج الروح بسهولة كما قيل لي، وهل بالفعل تظهر على الميت علامات تبشر بأنه من أهل الصلاح إن شاء الله أسألكم الدعاء له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لوالدكم الرحمة، وأن يحسن عزاءكم. ونرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 73790.
وما ذكر من قصة الوالد يفيد خروج روحه بسهولة، وفي الحديث: أن نفس المؤمن تسيل كما تسيل القطرة من فم السقاء. رواه أحمد وصححه الأرناؤط.
وهناك علامات تظهرعلى الميت تدل على صلاحه، وقد ذكرنا بعضها في الفتوى رقم: 29018، والفتوى رقم: 50241.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2663)
حكم إعادة جدولة القرض الربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إعادة جدولة القرض؟ حيث إن شروط البنك ترفض إعادة الجدولة إلا بأخذ قيمة 200دينار، لكي يعيد لي جدولة القرض على الفائدة الجديدة التي هي أقل من الفائدة التي أخذتها في القرض الأول، وهل يجوز أن أزيد عليها لكي أشتري سيارة عائلية تكفيني أنا وأسرتي؟ مع العلم أن لدي سيارة صغيرة لا تكفينا أنا وأسرتي التي تتكون من 10 أفراد.
أرجو الإفادة في أسرع وقت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاقتراض بالربا لا يجوز، وهو من الكبائر التي ورد فيها الوعيد الشديد، ولا يستثنى من ذلك إلا من به ضرورة معتبرة شرعاً، ومن تاب من الاقتراض بالربا فعليه أن يسدد المال المقترض، وإن استطاع أن لا يسدد الفوائد فلا يسددها، أما جدولة القرض فهي جائزة بدون زيادة في القرض ـ سواء كانت من مقدار الدين أو في صورة مبلغ مقطوع يدفع عند الموافقة على إعادة الجدولة ـ جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته السادسة عشرة المنعقدة في مكة المكرمة ما نصه: ثانياً: من صور بيع الدين غير الجائزة: أ - بيع الدين للمدين بثمن مؤجل أكثر من مقدار الدين، لأنه صورة من صور الربا، وهو ممنوع شرعاً وهو ما يطلق عليه جدولة الدين. هـ.
أما الزيادة على القرض الربوي أو أخذ قرض جديد لشراء سيارة فغير جائز، فليس من الضرورة المبيحة للقرض الربوي اشتراء سيارة، وراجع حد الضرورة التي تبيح للمرء التعامل بالربا الفتوى رقم: 127235.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2664)
حكم طلب الطلاق خشية إنجاب طفل معاق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الله في الزوجة التي تطلب من زوجها الطلاق، ولا تريد أن تنجب منه ولدا ثانيا لأن الولد الأول معاق، مع العلم أنها ابنة خالته، وهو الآن ينام وحده، يقول كيف أطلقها طلاقا شرعيا، فأرجو الإجابة الشافية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في عدة فتاوى أنه لا يجوز للمرأة أن تطلب من زوجها الطلاق لغير عذر مقبول شرعاً، وذكرنا أيضاً الحالات التي يجوز للمرأة فيها طلب الطلاق، فيمكن مراجعة الفتوى رقم: 37112، والفتوى رقم: 2091، فتأثم هذه المرأة بطلبها من زوجها الطلاق لغير سبب. وإن كان ولادتها منه ولداً معاقاً هو سبب طلبها الطلاق فليس هذا عذراً شرعياً يبرر لها ذلك.
والإنجاب حق لكل من الزوجين، فلا يحق للمرأة الامتناع من الإنجاب بغير رضا زوجها، وراجع الفتوى رقم: 24033، واحتمال ولادة المرأة ولداً معاقاً لا يسوغ لها عدم الإنجاب، ثم ما يدريها فقد لا تلد ولداً معاقاً مرة أخرى، وإذا ولدته فقد يجعل الله تعالى فيه من الخير أكثر مما يمكن أن يحصل من الولد السليم، فالذي ننصحها بها أن تترك الأمر لله تعالى، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 53944.
وأن تتوب إلى الله تعالى مما وقعت فيه من الإثم، وإذا استمرت هذه المرأة على هذا الحال فهي امرأة ناشز، فللزوج أن يتبع معها ما أمر به الشرع في علاج نشوز المرأة، والتي قد ضمناها الفتوى رقم: 1103، وينبغي أن لا يلجأ إلى الطلاق حتى يستنفد ما قبله من الوسائل المذكورة، وإذا رأى المصلحة في طلاقها، وأراد أن يطلقها، فالطلاق الشرعي أن يطلقها للسنة، والطلاق السني بيناه في الفتوى رقم: 119498.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2665)
حكم استخدام البرامج المنسوخة بدون إذن أصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد عمل مشروع، وأريد أن أعرف هل هو حلال أم لا؟
المشروع باختصار أنني أريد عمل قاعة للمحاضرات والتعليم بحيث يتم تأجيرها بالساعة، هذه القاعة ستكون مزودة بأجهزة حاسب آلي.
وسؤالي هنا هو أنني سأقوم بتحميل البرامج على هذه الأجهزة، وكلها ستكون منسوخة مثل الويندوز والأوفس وخلافه، بالإضافة إلى أن المحاضرين الذين سيأتون إلى هذه القاعة قد يقومون بتحميل بعض البرامج الخاصة بهم والتي على الأرجح ستكون منسوخة أيضا. وأنا لا أستطيع شراء البرامج الأصلية لتكاليفها الباهظة.
فهل هذا المشروع والمال المتحصل منه حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاستخدام البرامج المنسوخة لا يجوز عند كثير من المعاصرين، وهذا ما عليه الفتوى في موقعنا، فإن أمكنك استخدام برامج مجانية أو شراء نسخ أصلية، فلا حرج في هذا المشروع إن كنت ستقوم بتأجير القاعة لأنشطة مباحة شرعا، وإذا استخدم المحاضرون في قاعتك برامج منسوخة فإنهم يتحملون تبعة ذلك، ولا يلحقك شيء منها. وانظر أقوال العلماء في حكم نسخ البرامج، وما يتعلق بالملكية الفكرية في الفتاوى التالية أرقامها: 34828، 121287، 125771.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2666)
الثوب المتنجس الجاف إذا لامس غيره هل ينجسه
[السُّؤَالُ]
ـ[طفل عمره أكثر من سنة ونصف ويأكل الطعام فشممت على سرواله رائحة البول عند فرجه، ولكن سرواله كان جافا وهو ـ فى الغالب ـ لا يبول على نفسه، وقد جلس على السجادة والسرير، فهل السرير والسجادة الذين جلس عليهما قد تنجسا؟ وهل إذا سار أحد على السجادة والسرير بقدميه يتنجس باقي المكان؟ مع أنه لم يبل على السجادة ولا توجد عين للنجاسة ولا رائحة، ولكنه جلس بسرواله فقط.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أحوال انتقال النجاسة من جسم متنجس لآخر، وذلك في الفتوى رقم: 117811، وفيها بينا أن الجسم المتنجس إذا كان جافاً لم تنتقل النجاسة إلى ما لاقاه من الأجسام الطاهرة، وبه تعلم أن ما لامسه سروال هذا الطفل لم تنتقل إليه النجاسة، لكون السروال كان جافاً، ولا تتنجس قدم من سار على هذه السجادة، لأنها طاهرة غير نجسة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2667)
ابنة عمها رضعت من أمها فهل أبناء أختها يحرمون عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي رضع من زوجة عمي، وابنة عمي رضعت من أمي. فهل هذا صحيح أنه رضاعة متبادلة. لأن ابنة عمي التي لم ترضع مع أخي متزوجة عمي والد زوجي، ولها أبناء هم إخوان زوجي. فهل يجوز لي أن أتكشف عليهم لأنهم ينادوني ياخالة. ويقول أخي الذي رضع من زوجة عمي بأنه يجوز أن تكشفي عليهم لأني سألت أحد الشيوخ وقال له بأنها رضاعة متبادلة؛ لأن اللبن لبن الأب. فهل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأخوك الذي رضع من زوجة عمه يصير وحده أخا من الرضاع لأولاد عمه ذكورا وإناثا، ولا يدخل في ذلك إخوته وأخواته الذين لم يرضعوا منها.
كما أن ابنة عمك التي رضعت من أمك تصير أختا من الرضاع لك ولإخوتك وأخواتك ذكورا وإناثا، ولا يدخل في ذلك إخوتها ولا أخواتها ممن لم يرضعوا من أمك. ففي شرح الدردير ممزوجا بمختصر خليل المالكي:
(وقدر الطفل) الرضيع (خاصة) دون إخوته وأخواته (ولدا لصاحبة اللبن ولصاحبه) زوج أو سيد فكأنه حصل من بطنها وظهره. انتهى
فابنت عمك التي تزوجها والد زوجك لا تصير أختا لك من الرضاع بمجرد رضاع أختها من أمك ورضاع أخيك من زوجة عمه، وبالتالي فأبناؤها الذين هم إخوة زوجك ليسوا بمحارم لك، ولا يجوز لك الكشف بحضورهم إذا لم يوجد سبب محرمية من جهة أخرى.
واللبن ينسب للأم المرضعة للطفل ولزوجها الذى حصل اللبن بسببه بداية من وطئه حتى ينقطع اللبن.
ولكن ليس لشيء من ذلك تأثير في حصول المحرمية في موضع السؤال.
والرضاع الذي يثبت به التحريم هو خمس رضعات مشبعات على القول الراجح.
كما تقدم في الفتوى رقم: 52835.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2668)
العزم على ترك الوطء هل يعد إيلاء وهل يشترط سماع الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم الإجابة على كل سؤال على حدة.
السؤال الأول: إذا عزم الإنسان على أن لا يجامع زوجته لمدة سنة، ولكنه لم ينطق بذلك، وإنما نوى في قلبه بعد أن غضبها، فهل تطلق منه بعد أربعة أشهر؟ أم أن الإيلاء لا يقع إلا بالتلفظ، ولا يقع بالنية من غير التلفظ؟ .
السؤال الثاني: إذا تلفظ الإنسان بالإيلاء، ولكن ليس أمام الزوجة، وإنما في غرفة ثانية في الشقة، بحيث لم تسمع الزوجة الإيلاء بعد أن غضب منها، فهل يقع الإيلاء؟ أم لا بد من وجود الزوجة أمامه، بحيث تسمعه وهو يتلفظ بالإيلاء؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعزمُ الزوج على عدم وطء زوجته ليس بإيلاء عند جمهور أهل العلم خلافا للمالكية القائلين بكونه إيلاء إذا قصد الزوج الإضرار بها وهي رواية عند الحنابلة، قال ابن رشد في بداية المجتهد: وأما لحوق حكم الإيلاء للزوج إذا ترك الوطء بغير يمين، فإن الجمهور على أنه لا يلزمه حكم الإيلاء بغير يمين، ومالك يلزمه ذلك إذا قصد الإضرار بترك الوطء، وإن لم يحلف على ذلك، فالجمهور اعتمدوا الظاهر، ومالك اعتمد المعنى، لأن الحكم إنما لزمه باعتقاده ترك الوطء، وسواء شد ذلك الاعتقاد بيمين أو بغير يمين، لأن الضرر يوجد في الحالتين جميعا. انتهى.
وإذا عزم الزوج على عدم الوطء لعذر كمرض مثلا لم يضرب له أجل الإيلاء، وإن كان لغير عذر فعلى رواية لبعض أهل العلم يضرب له أجل الإيلاء، فإن مضت له أربعة أشهر أمر بالطلاق أو الوطء، قال ابن قدامة في المغني: فإن ترك الوطء بغير يمين لم يكن موليا، لأن الإيلاء الحلف، ولكن إن ترك ذلك لعذر من مرض أو غيبة ونحوه لم تضرب له مدة, وإن تركه مضرا بها, فهل تضرب له مدة؟ على روايتين: إحداهما: تضرب له مدة أربعة أشهر, فإن وطئها, وإلا دعي بعدها إلى الوطء, فإن امتنع منه أمر بالطلاق, كما يفعل في الإيلاء سواء، لأنه أضر بها بترك الوطء في مدة الإيلاء فيلزم حكمه, كما لو حلف. انتهى.
وحتى على تقدير حلف الزوج، فإن الزوجة لا تطلق بمجرد انتهاء المدة عند الجمهور، وإنما يكون للزوجة الحق في الرفع إلى القاضي، فيأمر الزوج بالطلاق أو يطلقها القاضي إن امتنع الزوج، وذهب الحنفية إلى أن الطلاق يحصل بمجرد انتهاء المدة.
ويمين الإيلاء ينعقد بمجرد التلفظ به ولا يشترط فى وقوعه سماع الزوجة ولا حضورها، ولكن الزوجة إذا لم ترفع زوجها إلى القضاء حتى انتهت المدة التي حلف على ترك الوطء فيها، فإن إيلاءه ينحل ولا تلزمه كفارة إذا لم يكن وطئ في المدة التي حلف عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2669)
غاب عن عمله وأخذ الراتب كاملا فهل يجعله مقابل حق أخذ منه ظلما
[السُّؤَالُ]
ـ[موظف عمل بالدولة أكثر من 30 سنة، ثم إنتقل إلى مكان سكن آخر بعيد عن مقر عمله، وأصبح ذهابه اليومي إلى هنالك صعبا جداً مما ترتب عليه غياب كثير، ثم وجد أن مرتبه لم ينقص شيئا فهل هذا المال حلال أم حرام، علما بأن المدة تخللتها إجازات مستحقة، والعمل لدينا خمسة أيام فقط وكان يحضر متى يستطيع مثلاً يومان من كل أسبوع، ملاحظة: مدة هذا الغياب كانت عدة أشهر قدم هذا الموظف طلبا للتقاعد بعد هذه المدة القصيرة من الغياب، فوافقت الدولة وحسبت له مدة العمل أقل بسبعة عشر عاما من المدة التى قضاها في العمل، وأصبح معاش الموظف الآن قرابة نصف المعاش الأصلي الذي كان يتقاضاه قبل، فما الحكم فضيلة الشيخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالالتزام بشروط التعاقد المحددة من قبل جهة العمل أمر واجب، لعموم قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم.. رواه البخاري تعليقاً. وأبو داود والترمذي وقال حسن صحيح. وصححه الألباني. وقول القاسم بن محمد: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا. رواه مالك في الموطأ.
وعلى ذلك فأخذ راتب أيام لم يحضرها الموظف دون إذن ممن هو مخول بالإذن لا يجوز.. وعليه أن يرد ما أخذ إلى هذه الجهة، ولا يصرفه إلى جهة أخرى ما دام يقدر على رده إليها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 127515، والفتوى رقم: 99496.
ولكن إن كان للسائل حق لدى جهة عمله أو أنه ظُلم بقدر معين من المال، كما هو ظاهر السؤال حيث يقول السائل إن دولته حسبت له مدة العمل أقل بسبعة عشر عاماً من المدة التي قضاها في العمل بالفعل، ولا يخفى ما في ذلك من الظلم وبخس الحقوق، فإن كان الأمر كذلك، فلا حرج عليه أن يحتفظ براتب أيام الغياب كاملاً، إن كان قدرها أقل من حقه الذي ضاع عليه، أو مساوياً له وهو ما يعرف عند الفقهاء بمسألة الظفر، كما سبق أن بينا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 114794، 106914، 42472.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2670)
حكم الصلاة وراء الإمام المشار إليه بالسؤال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة خلف إمام لا يرغب أن تصلي خلفه، ولا يرد السلام بسبب خلاف، ولا يوجد إلا مسجد واحد في المدينة، وأنا لا أستطيع الابتعاد عن المسجد. سبب الخلاف هو نحن نعيش في فرنسا والشباب لا يفهم اللغة العربية، وكذلك الأفارقة فطلبنا منه أن يكلف واحدا من الجماعة لترجمة ما يقول إلى اللغة المتداولة هنا أي الفرنسية، وهو لا يعرف الفرنسية فأبى، وهو لا يهمه إلا جمع الأموال.
ثانيا: في كل آخر صلاة يردد هذا الدعاء جماعة وبصوت مرتفع مع حاشيته بعد الاستغفار 3 مرات تم فاتحة للوالدين والمحبسين وكافة المسلمين أجمعين، ثم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعوته إلى خفض الصوت حتى لا يشوش على من يأتي متأخرا إلى الصلاة فرفض وغضب، وأصبح لا يرغب فينا أن نصلي خلفه، وأحيطكم علما بأن كثيرا من المصلين لا يأتون إلا يوم الجمعة ورمضان لصلاة التراويح والعيدين، أما صلاة الفجر فالمسجد لا يفتح وكذلك العشاء في الصيف وفي العطلة الصيفية حينما يسافر إلى أهله. والمسجد أصبح كالمقهى للحديث عن أمور الدنيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة وراء الإمام المشار إليه صحيحة مجزئة إذا كان يأتي بأركانها وشروطها، ولا يجوز لك أن تتهمه بأنه لا هم له إلا جمع الأموال؛ لأن هذا اتهام بفساد النية، والنية محلها القلب، فكيف يتسنى الحكم عليها.
والأصل في المسلم أن يؤم الناس طلبا للأجر لا لجمع الأموال، وما ذكرته من مطالبتكم له بترجمة ما يقول.. فإن كنت تقصد خطبة الجمعة وتعني ترجمة فورية حال الخطبة فهذا غير مشروع في المفتى به عندنا، كما فصلناه في الفتوى رقم: 22008. والإمام محق في الامتناع عن ذلك، وإن كنت تعني بعد الانتهاء من الخطبة والصلاة، فلا نرى مانعا من ذلك كما بيناه في الفتوى رقم: 97966. وكذا إذا كان المقصود ترجمة الدروس بعد الصلاة.
وأما الدعاء الجماعي ورفع الصوت بذلك وقراءة الفاتحة بعد كل صلاة فهذه أعمال غير مشروعة؛ لأنها لم ترد بها السنة، والمواظبة عليها تجعلها في حيز البدعة، ويتعين على المسلم أن يعبد الله تعالى على ما شرعه في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لا أن يتعبد على وفق هواه ومراده، فننصح الإمام المشار إليه بترك ذلك الدعاء الجماعي. وانظر الفتوى رقم: 127293.
ولا ننسى أيضا أن نحثه على فتح المسجد في صلاة الفجر وصلاة العشاء فالمساجد بنيت لإقامة الصلاة وذكر الله تعالى، وإغلاقها مناف لما بنيت له، والتخلف عن صلاة الفجر وصلاة العشاء من صفات المنافقين.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إ ن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا. رواه مسلم.
وإذا كان عاجزا عن فتح المسجد وقت صلاة الفجر وصلاة العشاء فليوكل غيرها ممكن يمكنه فتح المسجد وكذا إذا سافر. وانظر الفتوى رقم: 23962.
ونوصيكم باللين والرفق في التناصح فيما بينكم فهذا مدعاة لقبول النصح من الناصح وزيادة المودة والإخاء بين المؤمنين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2671)
الفرق بين الوسوسة والشك الذي يكفر به الإنسان
[السُّؤَالُ]
ـ[لا أدري من أين أبدأ؟ ولا كيف أبدأ؟ فالخطايا تخنقني والذنوب أهلكتني: فأنا فتاة في 14 من العمر وكنت على قدر كبير من الالتزام ـ والحمد لله ـ وبدايتي كانت عندما تصفحت منتدى للملحدين لعل وعسى أن يكرمني الخالق بهداية شخص على يدي وانصدمت لما رأيت هناك، فشباب في مقتبل العمر يتطاولون على الخالق الجبار فأشفقت عليهم وحزنت لحالهم، ولكن حدث ما لم أتوقعه: أصبحت تراودني وساوس وشكوك في صحة عقيدتنا ـ وأستغفر الله ـ وأصبحت في صراع دائم مع نفسي وتراودني تساؤلات خطيرة جدا جدا، علما أنني لم أترك الفرائض ولا العبادات ولم أفرط في أي واجب، لكن مجرد ذلك التفكير جعلني أجزم بأنني خرجت من الملة ـ والعياذ بالله ـ اسودت الدنيا في وجهي وأصبحت حياتي جحيما لا يطاق، وكان رمضان الماضي محطة هامة، حيث عدت إلى الله وأصبح إيماني أقوى، لكن إحساسي بأنني ارتكبت خطيئة الشرك يقتلني والله إنني أموت في الساعة مائة مرة وأنهار يوميا ولا أدري، هل يغفر الله لي أم لا؟ وأنا لا أقنط من رحمة الله، ولكن ما فعلته من أكبر الكبائر، فهل ـ حقا ـ ظلمت نفسي وخرجت من الإسلام؟.
أرجوكم ساعدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسن الأخت السائلة ـ كما هو ظاهرـ لا يؤهلها لما أقدمت عليه من دخول مثل هذه المواقع، وقد سبق أن نبهنا ـ مرارا ـ أن محاورة الملحدين وغيرهم من أهل الزيغ والضلال لا يصلح لها كل أحد، فلابد لمن يتصدى لذلك أن يكون مؤهلا تأهيلا يجعله قادراً على كشف شبهاتهم وإيصالهم إلى توحيد رب العالمين، وإلا عادت عليه هذه الحوارات بالخسران إذا انطلت عليه شبهات المبطلين وتشربها قلبه، وراجعي في هذا المعنى: الفتاوى التالية أرقامها: 63952، 63082، 62110، 31015، 111900، 62022.
أما بخصوص ما حصل، فلا نراه ـ على ما يظهر من السؤال ـ يصل إلى درجة أن تقول السائلة: أجزم أنني خرجت من الملة ـ فلا ريب أن هناك فرقا بين الشك المخرج من الملة وبين الوسوسة، فالوسوسة: هي ما يهجم على القلب بغير اختيار الإنسان، فإذا كرهه العبد ونفاه دلت كراهته على صريح الإيمان، وأما الشك: فهو نقيض اليقين، وهو التردد بين شيئين، كالذي لا يجزم بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يكذبه ولا يجزم بوقوع البعث ولا عدم وقوعه، ولا يكون العبد مؤمنا إذا وقع في مثل هذا الشك، فلا بد لحصول الإيمان أن يكون العبد موقنا يقينا جازما بمدلول شهادة: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، وتوبة الشاك تكون بالإتيان بالشهادتين مع الجزم واليقين بما كان قد شك فيه.
لكن ينبغي التنبه إلى أنه قد يطرأ في نفس الإنسان نوع وسوسة يظنه شكا، ولكنه ليس شكا، بل يكون في داخله مصدقا مؤمنا، وعلامة ذلك كراهته لهذه الخواطر وخوفه ونفوره منها، وأما من تابع الوسوسة وتكلم بها ونشرها ووصل معها لدرجة الشك التي تزعزع أركان اليقين وتخالف التوحيد، فذاك الذي يخشى على إيمانه ويخاف عليه من الكفر ومتابعة الشيطان فيما يلقي إليه من وسوسة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 120582.
وقول السائلة: علما بأنني لم أترك الفرائض ولا العبادات ولم أفرط في أي واجب، لكن مجرد ذلك التفكيرـ يدل على أنها من هذا النوع المؤمن ـ إن شاء الله.
وعلى أية حال ـ فالحمد لله تعالى ـ أن تداركك برحمته في شهر رمضان فاحمدي الله تعالى ولازمي ذكره وتلاوة كتابه وألحي في دعائه واجتهدي في طلب العلم النافع.
ونوصيك بعدم الدخول لهذه المواقع وأمثالها، فبحمد الله تعالى أبواب الدعوة إلى الله كثيرة جدا، والسعي في هداية الناس ميسور بسبل متعددة ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 61074، 37141، 118361.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2672)
حكم شراء أرض عن طريق جمعية قانونها به محاذير شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أحسن الله إليكم وعفا عنكم، بغية امتلاك بقعة أرضية للسكن هناك ودادية - جمعية - أنشأها مجموعة من الموظفين، تقوم بشراء أراضي فلاحية وتجهيزها وتوزيع البقع على المستفيدين.
يقوم المستفيدون بالانخراط في الجمعية، بعد أداء واجب الانخراط، مقداره ألف درهم، وتوقيع التزام بجميع بنود القانون الداخلي. تدفع المبالغ على أقساط دورية - كل ثلاثة أشهر - مع دفعة مقدمة تقدر بخمس عشر بالمائة من الثمن المتوقع للبقعة، ودفعة قبيل استلام الأرض تقدر بنصف الثمن المتوقع. لا تحدد الجمعية الثمن الحقيقى ابتداء، إلا بعد شراء الأرض ومعرفة مصاريف التجهيز. حيث يتقاسم المستفيدون على حسب مساحة البقعة المختارة ومصاريف شراء الأرض وتجهيزها.
بعض البنود في القانون الداخلي أشكلت علي وهي: نقوم بودع الدفعات في حساب الجمعية، وهو حساب في بنك ربوي محض.
- كل من أحب الانسحاب من الجمعية يخصم منه مبلغ 3000 درهم، وإرجاع كل دفعاته.
- للجمعية الحق في طرد عضو من الأعضاء، ولم يوضحوا في القانون الداخلي، الأسباب المستحقة للطرد، مع خصم مبلغ 3000 درهم من مجموع دفعاته.
- كل تأخير عن موعد سداد الدفعة يترتب عليه زيادة جزافية تقدر بخمسة بالمائة من مقدار الدفعة.
- يتم توزيع البقع الأرضية على المستفيدين عن طريق القرعة. نتساءل وفقكم الله هل يجوز الانخراط في هذه الجمعية، وقبول هذه الشروط، والاستفادة من بقع أرضية أرخص بأكثر من النصف من ثمن البيع الحالي؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الاشتراك في هذه الجمعية إذا كان قانونها الداخلي فيه محاذير ومخالفات شرعية، ولو في بند واحد من بنودها. ولا سيما مع التوقيع على التزام جميع بنود هذا القانون، كما ورد في السؤال.
وما ذكره السائل الكريم مما أشكل عليه من بنودها لا يخلو من هذه المحاذير والمخالفات، ومن أظهرها: وضع أموال الأعضاء في بنوك ربوية.
ومن ذلك أيضا: الزيادة المشروطة المقدرة بخمسة بالمائة من مقدار الدفعة عند كل تأخر عن موعد سداد الدفعة. فهذه من الربا الصريح؛ فإن الشرط الجزائي المقرر لتأخير الوفاء بدين غير شرعي باتفاق، لأنه صريح الربا، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 34491. وراجع في ما سبق الفتويين: 101302، 23338.
ومن ذلك أيضا إعطاء الجمعية الحق في طرد عضو من أعضائها دون إيضاح لمسوغات ذلك في القانون الداخلي، مع خصم مبلغ 3000 درهم من مجموع دفعاته، ففي هذا ظلم بيِّن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2673)
حكم ترك العامل زميله ينجز له ما تبقى من عمله
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل ـ بمرآب ـ ببلجيكا وبعد انتهاء الوقت الرسمي للعمل أترك زميلي نصرانيا يكمل مابقي لي من عمل، هل يجوز هذا التصرف ولا يعتبر تشجيعا على عدم ترك البيع والشراء يوم الجمعة؟ وهل علي أن أدفع له مقابل مساعدته لي، مع أنه لم يطلب ذلك؟.
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أن صاحبه يلتزم بالوقت الرسمي للعمل فلا يتخلف عنه ولا يقصر فيه، وما بقي له من أعمال لم ينجزها في الدوام الرسمي للعمل يتركها لزميله النصراني كي ينجزها بدلا عنه، وأن زميله هذا متبرع بذلك، ولكن قد يصادف ذلك وقت صلاة الجمعة، فإن كان الحال كذلك، فلا بأس على السائل في ما يصنع، وليس في ذلك تعد على حرمة البيع وقت صلاة الجمعة، لأن زميله هذا ليس بمسلم، ولا هو حتى في بلد أو مجتمع إسلامي.
وأما الشطر الثاني من السؤال عن دفع مقابل لزميلك نظير مساعدته لك فهذا لا يجب عليك طالما أنك تعلم أنه متبرع بذلك لا يريد عليه مقابلا، ما دمت تستعين به في عمل مباح على وجه مشروع، جاء في الموسوعة الفقهية: تجوز الاستعانة في الجملة بغير المسلم ـ سواء أكان من أهل الكتاب أم من غيرهم ـ في غير القربات، كتعليم الخط والحساب والشعر المباح وبناء القناطر والمساكن. هـ.
ومع ذلك، فالأفضل بلا شك أن تعطيه مقابل ذلك، لكي لا يكون له عليك مِنَّة أو تستغني عن خدمته لك من الأصل، فقد حث الشرع على الاستغناء عن الناس وعدم سؤالهم شيئا.
فعن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يتقبل لي بواحدة وأتقبل له بالجنة؟ قال: قلت: أنا، قال: لا تسأل الناس شيئا، فكان ثوبان يقع سوطه وهو راكب فلا يقول لأحد ناولنيه حتى ينزل فيتناوله. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه، وصححه الألباني.
ويرجي لمزيد الفائدة مراجعة الفتويين رقم: 28513، ورقم: 60125.
وأخيرا ننبه السائل الكريم على أن حِلَّ السفر إلى بلاد الكفر مشروط بأمن الفتنة والقدرة على إقامة شعائر الدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2674)
حكم لعب الورق مع اجتناب المحاذير الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال قد يكون تردد كثيراً ولكن الإجابات لم تكن دقيقة، وأرجو عدم إحالتي لسؤال متكرر، لعب الورق لمدة لمرة واحدة في الأسبوع بحيث لا يوجد فيه تضييع للوقت ولا يكون في وقت الصلاة، ولا يلهي عن أي أمر تعبدي ويكون بين أشخاص لا يوجد بينهم أي شحناء ولا يؤدي لأي مشكلة بينهم، أي تجتنب فيه جميع المحاذير الشرعية. ما حكمه في هذه الحالة؟ وهل يوجد حكم ثابت لهذه اللعبة، وإن وجد فما هو الدليل؟ وجزيتم الجنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في اللعب بالورق طالما اجتنبت فيه جميع المحاذير الشرعية، كالمذكورة في السؤال ونضيف إليها ألا يكون اللعب على عوض، فإنه يكون حينئذ من الميسر، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. {المائدة:90} ، والأصل في الأشياء الإباحة، ما لم يرد دليل على المنع، ومن ثم فالدليل على حل هذه اللعبة بضوابطها هو عدم وجود المانع، وانظر الفتويين: 1825، 58245 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2675)
الشاعر الذي يكتب في الفتن والكفريات هل يقرأ شعره الخالي من ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك شاعر معروف والكثير من شعره يدعو إلى الفتن والضلال، ويحتوي بعض هذا الشعر على كفر في كثير من أبياته، فهل يجوز لي قراءة شعر هذا الشاعر الذي يخلو من الفتن ومن الكفريات؟ أو لا يجوز؟ لأنني بهذا أكون أقرأ لشاعر كتب أوصافا كفرية في شعره.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما ما خلا من الفتن والضلال وغيرها من الكفريات من شعر هذا الرجل فيجوز لك الاطلاع عليه إذا كنت ممن عنده علم يستطيع أن يميز به بين الحق والباطل وبين الكفر وغيره، فما زال العلماء يستشهدون بأشعار الكثير من أهل الجاهلية، فضلاً عن أهل الفسق والمجون كأبي نواس ونحوه، ومع قولنا بالجواز إلا أننا ننبه السائلة إلى أنه يجب عليها أن تصون نفسها وأن تبعدها عن مواطن الفتن وعن القراءة لأهل الإلحاد والزندقة، وفي أشعار أهل الإيمان والسنة غناء، وننصح السائلة بالرجوع إلى كتاب مفيد جداً في هذا الباب وهو ـ الإنحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها دراسة نقدية شرعية ـ للدكتور: سعيد بن ناصر الغامدي.
وراجعي الفتوى رقم: 38467.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2676)
وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والالتزام بضوابطه
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في مصر تكثر المنكرات، فلا يكاد الانسان يخرج في شوارع المسلمين في أي وقت من الأوقات إلا وإذا بها فيها من المنكرات ما فيها، فهل يجب علي الإنكار على تلك المنكرات جميعها إذا استطعت، سواء كان ذلك بالكلمه أو بالمطوية أو غير ذلك. طبعا لا بد من إنكار القلب وهو أدنى الحالات، ولكنني أخشى من ارتكابي للحرام بعد الإنكار، وهذا الأمر يشغلني، وياترى هل يجب علي الإنكار لو أنني كنت راكبا لدراجتي والله المستعان.
شيخي العزيز المجيب على سؤالي أنت تعلم أحوال المسلمين والمنكرات في زماننا، فأرجو من الله ثم منكم إجابة وافية شافية كافية واقعيه موضحة بالأمثلة بها إسقاطات على الواقع. والله المستعان، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل من أصول الدين، كما يقول الغزالي، وهو واجب في الجملة، وحكى النووي وابن حزم الإجماع على ذلك. فالسكوت عند رؤية ارتكاب المنكر المتفق على تحريمه حرام، والنهي عنه واجب، وذلك حين توفر شروطه والمراتب والوسائل المذكورة في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم. وهذا في الجملة. انتهى من (الموسوعة الفقهية) .
ومما هو واضح في الحديث السابق مراعاة قدرة العبد، فإن الاستطاعة هي مناط التكليف.
قال المناوى: إن لم يستطع الإنكار بيده بأن ظن لحوق ضرر به (فلبسانه) أي بالقول كاستغاثة أو توبيخ أو إغلاظ بشرطه (فإن لم يستطع) ذلك بلسانه لجود مانع كخوف فتنة أو خوف على نفس أو عضو أو مال (فبقلبه) ينكره وجوبا بأن يكرهه به ويعزم أنه لو قدر فعل اهـ.
وقال ابن العربي: القدرة أصل، وتكون في النفس وتكون في البدن، إن احتاج إلى النهي عن المنكر بيده اهـ.
ويؤكد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل. رواه مسلم.
وقد سبق لنا بيان وسائل ومراتب وشروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فراجع في ذلك الفتويين: 36372، 17092.
ولذلك فإننا ننصح الأخ السائل أن يجتهد في الأمر والنهي كلما رأى ما يستدعي ذلك، وأن يلتزم بالضوابط الموضحة في الفتويين أعلاه، فإن خاف على نفسه الضرر وسعه أن ينكر بقلبه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها - وقال مرة أنكرها- كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها. رواه أبو داود، وحسنه الألباني. وراجع في ذلك الفتويين: 18122، 1048.
وأما قول السائل الكريم: (ولكنني أخشى من ارتكابي للحرام بعد الإنكار) فالمقرر عند أهل العلم أن وقوع الإنسان في المنكر لا يسقط عنه وجوب الإنكار، لأن تقصيره في أحد الواجبين لا يبيح له التقصير فيهما معا، وراجع لزاما في هذا المعنى الفتويين: 9329، 26549.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2677)
توفيت عن زوج وأربعة أشقاء وثلاث شقيقات
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية:
?- للميت ورثة من الرجال: (أخ شقيق) العدد 4- (زوج)
?- للميت ورثة من النساء: (أخت شقيقة) العدد 3؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن توفيت عن زوج وأربعة أشقاء وثلاث شقيقات ولم تترك وارثاً غيرهم، فإن لزوجها النصف لعدم وجود فرع وارث، كما قال الله تعالى: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن ل هُنَّ وَلَدٌ ... {النساء:12} ، والنصف الثاني بين الأشقاء الأربعة وبين الشقيقات الثلاث -تعصيباً- للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقول الله تعالى في الكلالة: وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ.. {النساء:176} ، فتقسم التركة على اثنين وعشرين سهماً، للزوج نصفها -أحد عشر سهماً- ولكل أخ سهمان، ولكل أخت سهم واحد.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2678)
مات عن ابنين وثلاث بنات وأولاد ابن وأخ لأم
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية:
?- للميت ورثة من الرجال: (ابن) العدد 2- (ابن ابن) العدد 4- (أخ من الأم) العدد 1.
?- للميت ورثة من النساء: (بنت) العدد 3- (بنت ابن) العدد 2.
?- معلومات المفقودين في أقارب الميت هي: زوج بنتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزوج البنت ليس من الورثة، ولا ميراث له سواء كان مفقوداً أو موجوداً، وإذا كان الورثة محصورين فيمن ذكر ولم تترك وارثاً غيرهم فإن تركتها لابنيها وبناتها تعصياً، للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:11} ، ولا شيء لأبناء وبنات الابن والأخ من الأم لكونهم جميعاً محجوبون حجب حرمان، فتقسم التركة على سبعة أسهم، لكل ابن سهمان ولكل بنت سهم واحد.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2679)
تأخير أجور العمال بدون عذر من كبائر الذنوب
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا عن تأخير الراتب بدون عذر مادي؟ مع العلم بأن راتب العمالة معروف قدره للجميع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتأخير أجور العمال وحقوقهم بدون عذر من كبائر الذنوب، فقد روى البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعط أجره.
نسأل الله تعالى أن يصلح حال الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2680)
نزول البول مع خروج الروح هل يدل على سوء الخاتمة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند خروج الروح قد يتبول الميت على نفسه. فهل هذا كما يقال بسبب رهبة دخول ملك الموت على الميت أم أنه بسبب عدم تحكم الميت فى جسمه؟ وهل يدل هذا على حسن أو سوء الخاتمة أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للموت سكرات وما يحدث للجسم في هذا الوقت من نزول البول وغيره ليس دليلا على شيء، وربما يكون أمرا طبيعيا بالنظر إلى حال المريض وتغير جسمه.
ولهذا استحب أهل العلم أن يغطى الميت ويوضع بجواره شيئ طيب الرائحة ليخفي ما عساه أن يخرج منه من روائح كريهة.
وقد بينا أن شدة الموت وخروج الرائحة ليس دليلا على سوء خاتمة الميت انظري الفتاوى التالية أرقامها: 116086، 63861، 3382.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2681)
طلق زوجته بعد نقاش حاد معها فما الحكم
[السُّؤَالُ]
ـ[رميت كلمة الطلاق على زوجتي في وسط نقاش حاد. ما الحكم في ذلك وماذا يترتب علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطلاق الذي رميته على زوجتك يعتبر نافذا إذا كنت قد تلفظت بصيغة صريحة في الطلاق كقولك أنت طالق أو مطلقة أو نحو ذلك، أو تلفظت بكناية طلاق ـ وهي كل لفظ يدل على الفرقة- مع النية، وراجع في ذلك الفتويين: 24121، 78889.
وفى حال وقوع الطلاق فلك مراجعة زوجتك قبل تمام عدتها إن لم تكن طلقتها مرتين من قبل، وعدتُها تنتهي بطهرها من الحيضة الثالثة بعد الطلاق أو مضي ثلاثة أشهر إن كانت لا تحيض، أو وضع حملها إن كانت حاملا
وما تحصل به الرجعة قد تقدم بيانه في الفتوى رقم: 30719.
وإذا كنتَ وقت التلفظ بالطلاق لا تعي ما تقول لشدة الغضب فلا شيء عليك لارتفاع التكليف حينئذ كما سبق في الفتوى رقم: 35727.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2682)
لا يتوقف حصول الطلاق على صدور الوثيقة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي طلقني وحسب ما هو مدون في الصك بتاريخ 23-4-1430وجامعني بتاريخ 16-5-1430وصدر الصك بتاريخ1-7-1430حيث جامعني وأنا في فترة العدة رغم أنه قال لي أنا طلقتك وبعدها وقع الجماع وما كنت مصدقته أنه طلقني بالثلاث دون رجعة. السؤال: هل مازلت على ذمته أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطلاق يقع بمجرد نطق الزوج به ولا يتوقف حصوله على صدور وثيقة الطلاق، وبالتالي فإذا كان زوجك قد طلقك بلفظ صريح فهو نافذ، وكذا إذا كان بلفظ غير صريح مع قصده الطلاق.
وهذا الطلاق رجعي إذا لم تسبقه طلقتان، والجماع الحاصل أثناء العدة تحصل به الرجعة ـ ولو من غير نية ـ عند بعض أهل العلم كالحنابلة والحنفية كما تقدم في الفتوى رقم: 30719.
ولم يتضح لنا المقصود بقولك [وما كنت مصدقته إلى آخر كلامك] فإن كنت تقصدين أنك لا تعتقدين أنه قد طلقك ثلاثا دون رجعة وهو في حقيقة الأمر لم يطلقك ثلاثا فأنت الآن باقية في عصمته لأنه قد ارتجعك بالجماع المذكور.
وإن كان المقصود أن الزوج قد طلقك ثلاثا- أي ثلاث طلقات لم تتخللها رجعة- فالبينونة قد حصلت بذلك عند جمهور العلماء خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية الذي يرى بأنها تقع طلقة واحدة، وبالتالي فإنك على قول الجمهور تحرمين عليه حتى تنكحي زوجا غيره نكاحا صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقك بعد الدخول وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 35044.
وننصحك بالرجوع إلى القاضي الشرعي لأنه يتمكن من معرفة الحال , وقوله رافع للخلاف في مسائل الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2683)
هل يقع الطلاق إذا قال لزوجته يا جارية أو يا أمة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ: وصلنا الرد على الفتوى رقم: 123733.
عنوان الفتوى: من قال لامرأته إنه سيعاملها معاملة الجارية: هل يلزمه طلاق؟.
تاريخ الفتوى: 23 جمادي الثانية 1430 ـ 17-06-2009.
هل يعنى ذلك يا شيخ: أن من قال لزوجته يا جارية أو يا أمة ـ هذه الكلمة من الإماء ـ يريد أنه سيعاملها مثل الجواري والإماء ليس فيها شىء إذا لم يقصد بها الطلاق؟.
فقط نريد أن نتأكد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من حسن العشرة أن يقول الزوج لزوجته إنه سيعاملها معاملة الجارية أو الأمة، أو يناديها بالجارية أو الأمة.
ومع ذلك، فإنه لا يلزمه شيء إذا قال لزوجته: ياجارية أو يا أمة ـ سواء قصد بذلك أنه سيعاملها معاملة الجارية أم لا ـ فالطلاق لا يقع إلا بلفظ صريح أو كناية مع النية، وبالتالي فالجواب هو ما تقدم فى الفتوى التي أشرت إليها.
وننصح هذا الزوج بالإعراض عن الوساوس وعدم الالتفات إليها مطلقا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2684)
ما يفعل إذا امتنع بعض الورثة عن قسمة التركة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الشيخ: نحن خمسة إخوان ـ ثلاثة أولاد وبنتان ـ وأمي, توفي والدي وترك لنا عمارة ـ ثلاث شقق ـ تسكن أمي في الكبيرة، وأخي الكبير في المتوسطة، والصغيرة فارغة، جاءت أمي وقالت إنها تريد بيع العمارة وتوزيع الحصص وفق الشرع، فقام أخي الكبير بالاعتراض بحجة أن الشقة التي يسكنها صارت ملكه، فقام أخي الآخر بالتهديد باللجوء إلي المحكمة، وبعد حصول خلاف شديد قامت أمي بالسكوت عن الموضوع، والآن قررت أنها لا تريد بيع العمارة وغضبت على أخي الذي يريد اللجوء إلى المحكمة وقالت سوف أغضب على كل من يوقف معه.
طلبت من أخي الذي يسكن في الشقة المتوسطة أن يدفع أجرة من وقت وفاة والدي حتى تقرر أمي البيع فرفض وقال هذا بيتي وحصلت قطيعة لمدة ثلاثة أشهر بعد هذا الخلاف بيننا، إلا أنني عدت وتصالحت مع الجميع وأتكلم معهم، ولكنهم جميعا متقاطعين ـ سيدي ـ أنا الآن في حيرة فلم أعد أعرف أين الحرام وأين الحلال في الموضوع؟ وماذا أفعل؟.
أرجو المساعدة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المال الذي يتركه الميت حق لورثته جميعا، قال تعالى: لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا {النساء:7} .
وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ومن ترك مالا فلورثته.
ولكل واحد من الورثة المطالبة بنصيبه في التركة، وقد سبق أن بينا أن هنالك طرقا ثلاثا يمكن أن يقسم بها العقار الموروث فيمكنك مراجعتها.
ولا يجوز لأحد من الورثة الامتناع عن قسمة التركة إذا طالب بعض الورثة بقسمتها، ويجبر الممتنع على القسمة، بشروط معينة ضمناها الفتوى رقم: 35945.
ويجوز لمن يطالب بالقسمة أن يرفع القضية إلى المحاكم الشرعية للفصل بين الورثة ودفع الحقوق إلى أهلها، ولا يجوز للأم أو غيرها أن تمنع أحدا من الورثة من رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية أو التحكم في أمر القسمة، وينبغي محاولة إقناع هذه الأم والحرص على إرضائها، وانظر الفتوى رقم: 109860.
وأما دعوى أخيكم أن الشقة التي يسكنها ملك له، فإن كان له دليل على ذلك فيمكنه إثباته عند المحكمة، وإلا فالأصل أنها تابعة للتركة.
ولا يحق لبعض الورثة استغلال العقار بسكن أو إجارة دون رضى بقية الورثة، فإذا لم يكن سكن أخيكم في هذه الشقة برضاكم فيجب عليه دفع أجرة عن تلك المدة.
وإننا ننصح بالحرص على حل هذه المشكلة بالحكمة، ولا يجوز التهاجر لأمر دنيوي ففي ذلك قطيعة للرحم، وانظر الفتوى رقم: 119058.
وإذا تعذر أمر التراضي على قسمة التركة وحدث النزاع فينبغي مراجعة المحكمة الشرعية فهي أولى بالنظر في مثل هذه المسائل. ... ... ... ...
والله أعلم. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2685)
هل تغفر ذنوب الغريق لأنه شهيد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الغريق يعتبر شهيدا حتى ولو كانت أعماله سيئة؟ وهل يعاقب عليها أم لا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يغفر الله للشهيد كل ذنب إلا الدين. رواه مسلم وغيره. وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: والغريق شهيد. الحديث رواه مسلم وغيره.
وعلى ذلك، فإن أعمال الغريق السيئة مغفورة له ـ ما لم تكن دينا أو كفرا مخرجا من الملة ـ فضلا من الله تعالى، لأنه شهيد، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال العلماء بعد ذكر شهداء الآخرة: هذه كلها ميتات فيها شدة تفضَّل الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأن جعلها تمحيصا لذنوبهم وزيادة في أجورهم يبلغهم بها مراتب الشهداء.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتويين رقم: 100560، 97099.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/2686)
آداب وضوابط مناقشة أهل البدع
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: هل يحق لي وأنا مسلم من أهل السنة والجماعة أن أشارك في منتديات الصوفية ومناظرتهم حول الاحتفال بالمولد النبوي وأنها غير صحيحة وأنها لم تشرع في ديننا وأن أقول كلمة الحق وأن أتناقش معهم في مسألة العقيدة الواسطية وأن لله صفاته التي وصف بها نفسه والتي تليق به عز وجل من غير تأويل ولا تحريف ولا تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل وأن الاستواء هو العلو لله عز وجل وأن هذا الاستواء يليق بجلاله عز وجل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من شعائر الدين العظيمة وهو من فروض الكفاية، ويتعين على بعض الأفراد بحسب القدرة.
وحتى تتحقق القدرة لا بد من استيفاء شروط من أهمها: العلم بما تأمر به والعلم بما تنهى عنه، وقد بوب البخاري في صحيحه بقوله: باب: العلم قبل القول والعمل.
ومناظرة المبتدعة المخالفين لأهل السنة والجماعة في الاعتقاد أو العمل ليست على درجة واحدة، فعوامهم يكفي لكشف شبهتهم بيان الحق بأقل ألفاظ، وهؤلاء لا يُخشى منهم، أما رؤوسهم ومتبوعوهم وكبراؤهم، فإن مناظرتهم تحتاج إلى دُربة ومعرفة بمسالك القوم، وانتباه لطريقتهم في الاستدلال بالنصوص، ومعرفة لعوارض الأدلة ولوازمها وملزوماتها وما لا يلزم من ذلك، ومعرفة لما يصلح أن يكون دليلاً وما لا يصلح لمنع الخصم المخالف من الاستدلال به، أو نقض استدلاله إن كان دليله غير مُنتج لما يريد المصير إليه، أو معارضة دليله بما هو أرجح منه، إلى غير ذلك من فن المناظرة والذي هو علم برأسه، وهذا لا يكفي في إتقانه قراءة ـ العقيدة الواسطية ـ لشيخ الإسلام.
بل قد يزيد البلاء بمناظرة أولئك الرؤوس وتحصل فتنة للمناظر بأن يتشرب قلبه الشبهة ويقع في مصيدة هؤلاء، وما ذلك إلا لأنه خاض البحر الخضم ولمَّا يتقن السباحة، وانظر الفتوى رقم: 24320. ... ... ... ... ... ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2687)
حكم تقديم عقد مزور للحصول على بدل السكن كاملا
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل أنا وزوجي بالسعودية منذ عامين في أكاديمية تعليمية خاصة، ونأخذ بدل سكن واحد أي لي وله كأننا واحد.
بدل السكن كان 1000 ريال شهريا مع العلم أن أقل إيجار شهري لشقة غرفتين وصالة 1200 ريال.وسكنت أنا وزوجي في غرفة منفصلة في شقة أحد الأصحاب وندفع 500 ريال شهري مع الكهرباء.طلبوا منا في العمل صورة من عقد الإيجار وبناءا على هذا العقد لن يعطوا بدل سكن إلا المبلغ المكتوب في العقد.لا يوجد عقد معنا لأن عقد الشقة مع صاحبنا الذي نسكن عنده في غرفة من شقته. الآن هل نقدم عقد مزور كما فعل أصحابنا في العمل ونكتب فيه ال1000 ريال أم ال500 ريال نحن في حيرة وإذا لم نعطي شيئا فلن يكون لنا بدل سكن، وكذلك لو تركنا الغرفة التي نحن فيها وذهبنا إلى مكان أغلى فلن يعطونا الزيادة بعد ذلك.أرشدونا عافاكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
لا يجوز تقديم عقد مزور لجهة العمل، لأن الكذب وشهادة الزور من الكبائر المحرمة، فإذا أمكنك السكن في شقة مستقلة ودفعت أنت وزوجك الزيادة اليسيرة فهذا أسلم لكما، لا سيما وأن هذه الزيادة يسيرة، ولا يلزم جهة العمل أن تدفع ما زاد على بدل السكن المتفق عليه في العقد.
لكن إن أردتما الاستمرار في السكن الذي أنتما فيه ولم يمكنكما الحصول على حقكما في بدل السكن إلا بعقد صوري فذلك جائز إذا أمنتما الضرر، وفي هذه الحالة يجب أن تكون القيمة المذكورة في العقد هي قيمة الإيجار الحقيقية وهي هنا الخمس مائة.
وننبهك إلى أن السكن في شقة أحد الأصحاب إذا أدى لوقوع خلوة أو اختلاط محرم لا يجوز.
نسأل الله تعالى أن يغنيكما من فضله العظيم.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 69900، 80896، 93011، 97740.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2688)
اتبع هذه الخطوات حتى تتخلص من الوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[سأطرح مشكلتي وأرجو منكم الإنصات لها: بدأت مشكلتي مع الوسوسة في الصلاة قبل عامين واستمرت معي وكانت في البداية شديدة، لكن ـ مع الأيام ـ تعودت عليها وكنت أحاول أن أتجنبها، لكن لم أستطع وأصبحت أرى أن جميع صلواتي غير مقبولة، وكنت أفعل أمورا أثناء الصلاة أشعر أنني مجبرعليها، ففي بعض المرات أتحرك كثيرا، وأثناء التشهد الأخير كنت أجلس ثم أرفع جسدي للأعلى قليللا ثم أجلس ثم أرفعه مرة أخرى حتى أنتهي من التشهد وأشعر أنني إن لم أفعلها فكأن شيئا سيخرج مني ويبطل صلاتي ـ والحمدلله ـ الآن تركت هذه العادة، لكن ظهرت لي أمور أخرى: فأصبحت حين أبدأ الصلاة لا أستطيع الوقوف كثيرا فكل مرة أكبر فيها أرجع وأنهي الصلاة وأشعر كأن شيئا يسخرج مني أيضا ويبطل الصلاة وأظل على هذا الحال حتى تذهب الحالة وأصبحت أقرأ السور بصورة سريعة حتى أنتهي من الوقوف، وهذا مايعذبني وأشعر أنني مقصر كثيرا في صلاتي وحتى سجودي أصبح سريعا لايتعدى الثانية، وحين قرأت حديثا عن من يسرق من صلاته جاءني حزن فظييع وشعرت بأن صلاتي التي سبقت كلها باطلة فحاولت أن أطيل، لكن لا أستطيع، والآن ظهرت لي حالة أخرى لا أعرف كيف أقولها؟ ألبس تحت القميص بنطالا وأرفع القميص إلى الأعلى فتظهر عورتي من الخلف وأحاول أن أغطيها بجلال الصلاة، لكن يكون شفافا ولايغطي المكان ولاأستطيع أن أرتاح أو أتم صلاتي إلا بهذه الطريقة، وكل ما أخشاه أن ماسلف من أعمالي باطل وناقص وأصبحت في حال لايعلمها إلا الله.
أرجو منكم أن تعطوني الحل المناسب والفتوى، وهل صلاتي صحيحه أم باطلة؟ وماذا علي أن أعمل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما ذكره السائل يدل على أنه مبتلى بوسوسة شديدة، والذي ننصحه به هو أن يستعد للصلاة عند دخول وقتها فيلبس ما يستر عورته ويكبر ويقرأ الفاتحة ويصلي بطمأنينة ولا يلتفت أبدا إلى الأمور التي ذكرها مثل الشعور بأن شيئا سيخرج منه ونحو ذلك ولا يحرك بيده شيئا ولا يرفع ثوبه كي لا تنكشف عورته وليجتهد في مخالفة ما تمليه عليه وساوسه وما هي إلا أيام قليلة ـ إن شاء الله ـ وسيتغلب عليها، ولا شك أن ستر العورة شرط لصحة الصلاة وأن كشفها عمدا مبطل للصلاة, وكذا القيام فرض في صلاة الفريضة، والطمأنينة فرض في الصلاة، فمن لم يطمئن في سجوده أو كشفت عورته في الصلاة عمدا أو لم يقم في صلاة الفريضة فالصلاته باطلة وتلزمه إعادتها, وقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في علاج الوسواس القهري فنحيله إليها، وقبل الإحالة ننصحه بمراجعة طبيب الأمراض النفسية، وهذا مطلوب، لأنه من التداوي المباح.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ مَعَهُ شِفَاءً إِلَّا الْهَرَمَ. رواه أحمد والترمذي وابن ماجة.
وانظر الفتويين رقم: 3086 , ورقم: 118262.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2689)
الدراسة ليست عذرا لقصر الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقيمة بالولايات المتحدة لغرض الدراسة والمكان الذي أدرس فيه ليس به مكان أستطيع الصلاة فيه, وفى الأغلب صلاة العصر تكون قصرا، لأنني ملزمة بالتواجد في مكان الدراسة، فهل بالإمكان أن أصلي العصر جمع تقديم مع الظهر؟ أو لا يجوز؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة العصر لا تقصر إلا في السفر, ولا تقصر في الحضر وليست الدراسة عذرا لقصر الصلاة, وإن كنت تعنين أن مكان الدراسة يبعد عن مكان إقامتك مسافة قصر، فلا حرج عليك أن تجمعي العصر مع الظهر والواجب عليك ـ أختي السائلة ـ أن تصلي صلاة العصر في وقتها ولا تجمعيها إلى الظهر قبلها ـ إن كنت مقيمة غير مسافرة ـ فإن تعذر ذلك فلا مانع أن تجمعيها مع الظهر بشرط أن لا تتخذي ذلك عادة مستمرة فهذا لا يجوز, وانظري الفتوى رقم: 2160، عن الجمع بين الصلاتين في غير السفر للشغل الشاغل.
ولتحذر السائلة من التساهل أو التفريط في الصلوات عموما وصلاة العصر خصوصا, قال شيخ الإسلام: تفويت العصر أعظم من تفويت غيرها، فإنها الصلاة الوسطى المخصوصة بالأمر بالمحافظة عليها، وهي التي فرضت على من كان قبلنا فضيعوها. انتهى.
ولتعلمي ـ أيضا ـ أن الهجرة إلى بلاد الكفر لا تجوز إلا في حدود بيناها في الفتوى رقم: 2007، وأن الدراسة في المؤسسات المختلطة ـ وخصوصا في بلاد الكفر ـ لا تجوز لغير ضرورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2690)
حكم الاقتداء بمن يشك أنه يلحن في الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند ذهابي للصلاة قد أجد الإمام الذي يؤم الناس في الصلاة ممن يلحن في الفاتحة ممن لا تجوز إمامته إلا لمن هو مثله، فيا ترى هل أصلي وراءه؟ أم أخرج من المسجد وأذهب إلى مسجد آخر؟ أم أتحرى قبل أن أدخل المسجد؟ أم أصلى معه ثم أعيد صلاتي؟ وما الحكم أيضا إذا كنت شاكا في أنه يجيد قراءة الفاتحه قراءة ليس معها لحن يغير المعنى؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بد من التفريق بين مسألتين، فإن من لا تصح إمامته إلا بمثله عند الجمهور هو من يخل بحرف من الفاتحة كأن يبدل حرفاً بحرف مع عدم القدرة على الإتيان بها على وجهها، وهذا هو الذي نص الفقهاء على أنه لا تصح إمامته إلا بمثله كالألثغ ونحوه، جاء في حاشية الروض: قال الشيخ فلا يصلي خلف الألثغ، يعني إلا من هو مثله. وقال النووي في المنهاج: ولا -أي لا يصح اقتداء- قارئٍ بأمي في الجديد، وهو من يخل بحرف أو تشديده من الفاتحة، ومنه أرت يدغم في غير موضعه، وألثغ يبدل حرفاً بحرف، وتصح بمثله. انتهى.
وذهب المالكية إلى صحة الاقتداء به إذا كان بحيث إذا علم لم يتعلم لأن صلاته لنفسه صحيحة فصح الاقتداء بل قال الدردير في الشرح الكبير: وجاز بمرجوحية اقتداء بأعمى ... (و) اقتداء سالم بإمام (ألكن) وهو من لا يستطيع إخراج بعض الحروف من مخارجها لعجمة أو غيرها سواء كان لا ينطق بالحروف البتة أو ينطق به مغيراً كأن يجعل اللام ثاء مثلثة أو تاء مثناة أو يجعل الراء لاما أو غير ذلك. انتهى.
وهذا المذهب له قوة، وإن كان الأحوط هو قول الجمهور، وأما من يلحن في الفاتحة فيبدل حرفاً بحرف أو يلحن لحنا يحيل المعنى مع كونه إذا علم تعلم فصلاته لنفسه غير صحيحة، ومن ثم فلا شك في عدم صحة الاقتداء به، قال النووي في المنهاج: فإن غير معنى كأنعمت بضم أو كسر أبطل صلاة من أمكنه التعلم فإن عجز لسانه أو لم يمض زمن إمكان تعلمه فإن كان في الفاتحة فكأمي وإلا فتصح صلاته والقدوة به. انتهى.. وقد أشبعنا القول في هذه المسألة في الفتوى رقم: 113626، وفيها بينا أن بعض أهل العلم سهل في الحروف المتقاربة المخارج كالضاد والظاء ونحو ذلك فانظرها للفائدة.
وبعد هذا البيان نحب أن ننبهك إلى أن الأصل هو صحة صلاة الإمام وسلامة قراءته من اللحن، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 123064، فلا نرى لك أن تستسلم للوساوس التي تعرض لك في قراءة الأئمة، ولا يسوغ لك ترك الاقتداء بإمام مجرد شكك في كونه يلحن في الفاتحة، فالواجب عليك أن تصلي جماعة غير ملتفت لهذه الوساوس، فإذا ظهرت لك بالقطع كون الإمام ممن يلحن في الفاتحة لحنا يحيل المعنى على الوجه المتقدم، فاترك الاقتداء به وصل خلف غيره ممن يقيم القراءة على وجهها، فإذا دخلت المسجد ووجدت الإمام ممن يلحن لحنا يحيل المعنى فإن أمكنك الانصراف إلى مسجد آخر دون إحداث فتنة فافعل، ثم عليك بمناصحة من تراه من الأئمة يلحن في الفاتحة على وجه يبطل صلاته وصلاة من خلفه وأن تبين له كلام أهل العلم في المسألة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2691)
زوجها يراسل الأجنبيات بحجة أن العمل يقتضي ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يتحدث كثيرا إلى النساء ويراسلهن بحجة العمل مثل: صباح الخير أو تصبحين على خير
وعمله حر ليس فيه اختلاط، لكن هذا حدث بعد تكرار سفره لدولة خليجية، وإذا ناصحته يغضب ويقول هذا رزقنا ولا بد من المجاراة ويزداد أكثر من هذا الفعل، فكيف أتعامل معه حسب الشرع وطاعة الزوج؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحديث الرجل مع المرأة الأجنبية عنه الأصل فيه المنع، ولكن إن دعت إليه حاجة أو ضرورة فلا حرج فيه بشرط أن يكون منضبطا بالضوابط الشرعية من غض البصر وترك الخلوة والخضوع بالقول والاقتصار على قدر الحاجة أو الضرورة, وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 30016.
والذي ننصحك به هو أن تنصحي لزوجك بأسلوب لين رفيق وتعلميه بأن التعامل مع النساء الأجنبيات باب عظيم من أبواب الفتنة والشر ما لم ينضبط بضوابط الشرع, وأكثري من الدعاء له بالهداية والرشاد وأن يصرف الله عنه كيد الشيطان, وراجعي حكم التحية بصباح الخير وما شابهها في الفتوى رقم: 74681.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1430(13/2692)
حكم سفر الداعية الذي يخاف على نفسه الفتنة للدعوة بالغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[أود من فضيلتكم توجيهي، فأنا أود أن أضع ملفا للقبول في الدراسة بمعهد الأئمة والدعاة برابطة العالم الإسلامي بمكة، وبعدها ـ إن يسر الله لي القبول وأكملت الدراسة ـ من الممكن أن يوظفوني كمرشد ديني في أحد المراكز الإسلامية بالغرب أو بإفريقيا، ولكن ـ يا شيخ ـ أخشى على نفسي من الإقامة في بلاد الغرب ربما أفتن أو أخطئ، فبماذا تنصحني إن يسر الله لي القبول بالمعهد؟ وهل إذا لم يوافق الوالدان على بعدي عنهم بسبب طلب علم أو عمل أكون آثما؟.
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك بالحرص على دراسة علوم الشريعة ـ سواء في هذا المعهد أو غيره ـ وأن تشتغل بالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والهجرة إلى بلاد الكفار حرام لمن لم يتمكن من إقامة شعائر دينه، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 10043، 37470، 45909، 8614.
وإن كان يغلب على ظنك أن عملك في المراكز الإسلامية التي في بلاد الغرب يعرضك للفتنة والانحراف فالسفر إليها حرام، وانظر الفتوى رقم: 57842.
والظاهر من سؤالك أن هناك مجالاً للعمل في مراكز إسلامية بإفريقيا، وهذه قد تكون أنسب لك إذا كنت واثقًا من حفاظك على دينك فيها.
هذا، ولا تجب طاعة الوالدين إذا منعا من السفر لطلب علم واجب لا يمكن تحصيله بغير السفر، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 51180، 102254، 56544.
وإن كان الوالدان لا يعيلهما إلا أنت وكانا مضطرين إلى وجودك معهما فيحرم سفرك للعمل وطلب الرزق بغير إذنهما، وإلا لم يحرم، وانظر الفتويين رقم: 126496، ورقم: 60672.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2693)
أسكنهم أخوهم في بيته ثم طالبهم بقيمة البناء بعد خمس وعشرين سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن 4 إخوة كنا نعيش فى بيت واحد بناه لنا أخونا الأكبر منذ 25 سنة، ثم ترك أخونا الأكبر البيت وبنى لنفسه بيتا آخر بجوار بيتنا على قطعة أرض ملك لنا جميعا وأخونا الأكبر يريد الآن ثمن المباني فى البيت الأول، أي أنه يريد ما أنفق من مال على بناء البيت الأول، والسؤال: هل نعطيه ثمن المباني من 25 سنة؟ أم نعطيه ثمن المباني على ما هي عليه الآن؟ بمعنى: إذا كانت المباني تساوي 20 ألفا منذ 25 سنة وتساوي الآن 80 ألفا فأيهما نعطيه؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان البيت المبني ملكاً لأخيكم ثم تركه لكم لتسكنوا فيه مجاناً أو بأجرة، وبعد ذلك أراد أخذ ثمن المباني، فهذا من قبيل البيع، والأصل أن يتم البيع بالثمن الذي يتفق عليه البائع والمشتري فيجوز لكم التراضي على البيع بما تتفقون عليه من ثمن.
وإذا كانت هذه الأرض مشتركة بينكم وبين أخيكم ففي حكم البناء في الأرض المشتركة تفصيل ملخصه، كما ذكره علي حيدر في درر الحكام شرح مجلة الأحكام: ليس لأحد الشركاء في عرصة مشتركة أن يحدث بناء بلا إذن، فلذلك إذا بنى أحد الشركاء لنفسه في الملك المشترك القابل للقسمة بدون إذن الآخرين ولم يطلب أي شريك من الشركاء التقسيم وطلب الشريك الآخر رفع البناء يرفع، وفي هذه الصورة لا يقسم القاضي العرصة لأن الطلب شرط في قسمة القضاء ويكون البناء المذكور ملكاً مستقلاً للباني ولا يكون مشتركاً بمجرد بنائه في ملك مشترك، أما إذا طلب الشريك غير الباني أو الشريك الباني أو كلاهما القسمة فتقسم إذا كانت قابلة للقسمة، لأنه إذا رفع البناء في هذا الحال قبل القسمة يبطل حق الباني بالكلية، أما إذا قسم فيكون قد حوفظ على حقه في المقدار الذي أصاب حصته، فإن أصاب بناء على القسمة ذلك البناء حصة بانيه فيكون أصاب الهدف، وإن أصاب حصة الآخر فله أن يكلف بانيه هدمه ورفعه، وإذا تراضى مع الباني يدفع بدل البناء للباني ويمتلك الشريك البناء، وإذا أصاب بعض البناء حصة الباني وبعضه حصة الشريك الآخر فأمر البناء الذي يصيب الباني يكون عائداً له، أما البناء الذي يصيب حصة الآخر فيهدم ويرفع بطلبه، وإذا لزم هدم ورفع البناء وحصل من جراء ذلك نقصان للعرصة يضمنه الباني أيضاً، ومع ذلك إذا كان هدم البناء مضراً بالعرصة فيضمن صاحب العرصة قيمة البناء للباني مستحق القلع. انتهى.
وهذا التفصيل هو الذي نراه قريبا من الصواب، مع أن مسألة بناء الشريك في العرصة المشتركة محل خلاف بين أهل العلم، وقد بينا من قبل مختلف آرائهم فيها، فيمكن أن تراجع فيها الفتوى رقم: 117531.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2694)
حكم سكنى الزوجين معا بعد طلاقهما
[السُّؤَالُ]
ـ[يبلغ والدي من العمر 65، وهو يكبر والدتي بعشر سنين، وقد قررا الطلاق بالتراضي. فهل يجوز أن يمكثا معنا في نفس المنزل بدون أن يكلم أحدهما الأخر بما أن أمي قد دخلت سن اليأس وليس هناك فتنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي لكم أن تجتهدوا في مناصحة الوالدين بعدم الطلاق، فالصلح بينهما للبقاء خير من الفراق، والله عز وجل قد قال عنه: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ {النساء:128} أي خير من الفراق لكن إن حصل طلاق.
فكون والديك قد بلغا السن الذى ذكرتَه لا يجعلهما ذلك غير أجنبيينِ، بعد وقوع الطلاق بل الخلوة بينهما داخلة فى عموم الخلوة المحرمة، لأن المرأة دائما مظنة الفتنة والشهوة ولو كانت عجوزا.
قال الحطاب في مواهب الجليل: لأن المرأة مظنة الطمع فيها ومظنة الشهوة ولو كانت كبيرة وقد قالوا: لكل ساقطة لاقطة. انتهى.
وبناء على ذلك، فلا يحوز أن تسكن والدتكم مع أبيكم فى منزل واحد إلا بالشروط المطلوبة لذلك من استقلال الأم بغرفة وحدها لها مدخل ومخرج مختصان بها، مع وجود مرافق مستقلة من حمام ومطبخ ونحو ذلك، ولا يجوز سكناهما معا في منزل واحد بدون توفر هذه الشروط.
ففى الموسوعة الفقهية: فلو كانت دار المطلِّق متسعة لهما، وأمكنها السكنى في غرفة منفردة، وبينهما باب مغلق (أي بمرافقها) وسكن الزوج في الباقي جاز، فإن لم يكن بينهما باب مغلق ووجد معها محرم تتحفظ به جاز، وإلا لم يجز. انتهي
وقال ابن حجر الهيتمي فى الفتاوى الكبري: إذا سكنت المرأة والأجنبي في حجرتين أو علو وسفل أو دار وحجرة اشترط أن لا يتحدا في مرفق كمطبخ أو خلاء أو بئر أو ممر أو سطح أو مصعد له، فإن اتحدا في واحد مما ذكر حرمت المساكنة لأنها حينئذ مظنة للخلوة المحرمة، وكذا إن اختلفا في الكل ولم يغلق ما بينهما من باب أو يسد أو غلق، لكن ممر أحدهما على الآخر أو باب مسكن أحدهما في مسكن الآخر. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/2695)
طلق امرأته ثم أرجعها ثم قال لها تعالي خذي حاجتك ثم طلقها
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت من سيدة تزوجت من قبل أربع أو خمس مرات ولها أولاد من ثلاثة أزواج وعندما تزوجتها كان عندها حوالي: 52 سنة واستمر زواجنا سنة ونصفا وهي من القاهرة وأنا من الاسكندرية واكتشفت أنها عصبية جداً وكنت أحاول أن أتحملها قدر الإمكان المهم أنها كانت تذهب إلى القاهرة كل ثلاثاء وأربعاء من كل أسبوع وكنا متفقين على هذا من أول الزواج لترى أولادها، والصغير كان يسكن معنا فى الاسكندرية وأدخلته مدرسة اعدادية وطلقتها من قبل بسبب عصبيتها الزائدة معي ـ طلقتها وهي تكلمنى بالتليفون ـ ثم رددتها ثانية ثم بعد ذلك بفترة أخذت تقول إنها تعبت من السفر ذهابا وإيابا فعرضت عليها أن تأتي بأبنائها للعيش معنا فرفضت وأخيراً ـ وهي فى القاهرة ـ غضبت علي مرة أخرى فى التليفون بطريقة لا تطاق فقلت لها تعالي وخدي حاجتك وعندما أتت حاولت أن أتصالح معها أو أثنيها عن ترك المنزل فرفضت تماما وبعد حوالي ثلاثة أيام من تركها المنزل قلت لها فى التليفون لكي تستطيعى الخروج دون أن يتحمل منا أحد وزرا فأنت طالق، فهل إذا طلقتها عند المأذون لها عندي نفقة؟.
وأكون شاكر جداً على الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت أنك طلقت زوجتك ثم أرجعتها وهذه الطلقة الأولى نافذة‘ ثم خاطبتها بعد ذلك بقولك ـ تعالي خذي حاجتك ـ وهذه العبارة من كنايات الطلاق، فإن قصدت بها طلاقها فهو نافذ، وإن لم تقصده فلا شيء عليك، لأن ضباط كناية الطلاق: هو كل لفظ يفيد قصد الفرقة، قال ابن قدامة في المغني متحدثاً عن كناية الطلاق: وسائر ما يدل على الفرقة ويؤدي معنى الطلاق. انتهى.
ثم طلقتها بعد ذلك قائلاً ـ أنت طالق ـ فإن كنت نويت الطلاق بقولك ـ خذي متاعك ـ فقد وقع الطلاق ثلاثاً وبانت منك بينونة كبرى ولا تحل لك حتى تنكح زوجاً غيرك نكاحاً صحيحاً نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقها بعد الدخول، وعلى تقدير بينونتها فلا نفقة لها في العدة.
وإن لم تكن بقولك تعالى خذي حاجتك قد نويت طلاقا فطلاقها رجعي، وبالتالي فتجب عليك نفقتها وسكناها حتى تنقضي عدتها، والتي تنتهي بطهرها من الحيضة الثالثة بعد الطلاق أو مضي ثلاثة أشهر ـ إن كانت لا تحيض ـ أو وضع حملها كله إن كانت حاملاً، وإن أردت طلاقها المرة الثالثة لدى المأذون أثناء عدتها فهي نافذة وتكون قد بانت بينونة كبرى ولا نفقة لها على القول الراجح إلا إذا كانت حاملاً فلها النفقة والسكنى حتى تضع حملها كله، كما تقدم في الفتوى رقم: 24185، وإن كانت عدتها قد انقضت فلا يقع الطلاق لدى المأذون ولا غيره لكونه لم يصادف محلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2696)
هل يندرج الحدث الأكبر تحت الحدث الصغر
[السُّؤَالُ]
ـ[لو اغتسل شخص ولم يصل الماء إلى بعض الأعضاء التي يصل إليها الماء في الوضوء، ثم بعد الغسل توضأ ووصل الماء فهل غسله صحيح ووضوؤه صحيح بحيث تصح الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأعضاء التي لم يصل إليها الماء يجب غسلها بنية رفع الحدث الأكبر، فإن توضأ ناويا رفع الحدث الأكبر ارتفع حتى ولو فصل فاصل بين الغسل والوضوء؛ لأن الموالاة ليست شرطا في غسل الجنابة كما بيناه في الفتوى رقم: 14937.
وإن غسلها بنية رفع الحدث الأصغر – الوضوء – لا الأكبر عمدا، وهو عالم بأنه لم يكمل غسل الجنابة لم ترتفع الجنابة عند الفقهاء وقيل ترتفع، وإن أخطأ فغسلها بنية الوضوء ناسيا أنه لم يكمل غسل الجنابة أجزأه ذلك, جاء في الإقناع عند ذكره لغسل الجنابة: ويكفي نية رفع الحدث عن كل البدن، وكذا مطلقا في الأصح...... فلو نوى الأكبر كان تأكيدا، أو لو نوى رفع الحدث الأصغر عمدا لم ترتفع جنابته لتلاعبه، أو غلطا ارتفعت جنابته عن أعضاء الأصغر.. اهـ
وقد نص بعض فقهاء المالكية أن من توضأ في غسل الجنابة ناويا رفع الحدث الأصغر – لا الأكبر - لم يجزئه في المشهور عندهم, وفي قول يجزئه، جاء في مواهب الجليل للحطاب: ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَ الصَّلَاةِ وَلَوْ نَوَى بِهَذَا الْوُضُوءِ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَالْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَكْبَرَ لَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ الْأَصْغَرِ..... وَقِيلَ: يُجْزِئُ؛ لِأَنَّهُ فَرْضٌ نَابَ عَنْ فَرْضٍ. نَقَلَهُ فِي التَّبْصِرَةِ. اهـ
وبهذا يتبين أن في المسألة خلافا إذا توضأ بنية رفع الحدث الأصغر عامدا. وانظر للفائدة الفتوى رقم: 115594.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1430(13/2697)
المنشغل بالذكر إذا سمع الصلاة على النبي
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا بعد أداء الصلاة المفروضة في الجماعة يقوم الذي أقام الصلاة ويقول بصوت مرتفع: استغفر الله ثلاثاً اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ويسكت، وفي جوامع أخرى يكملون الورد بصوت مرتفع بأن يردد المصلون بعد هذا الذي أقام الصلاة: آية الكرسي والتسابيح، وسؤالي: أين المشروع في هذا كله؟ وإذا كان هذا كله بدعة، فكيف السبيل عندما يذكر الصلاة على النبي إذا كانت في غير محلها هنا؟ فهل أصلي عليه صلى الله عليه وسلم أم لا؟.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجهر بالأذكار التي تكون دبر الصلاة محل خلاف بين أهل العلم، وقد اختار جماعة منهم الإمام الشافعي عدم مشروعية قراءة الأذكار المأثورة بعد أداء الصلاة المفروضة جهراً ـ لا من المؤذن ولا من الإمام ولا من أحد من المأمومين ـ إلا في حال إرادة تعليم المأمومين تلك الأذكار، كما تقدم في الفتوى رقم: 7444، وفي ذيل هذه الفتوى بيان حكم تلاوة الأذكار بصورة جماعية.
هذا، وإذا سمعت من يذكر النبي صلى الله عليه وسلم وأنت منشغل بتلاوة الأذكار التي تقام أدبار الصلوات - فإن عليك أن تقطع ما أنت فيه لتصلي عليه صلى الله عليه وسلم ثم تعود لما كنت عليه من ذكر- فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند سماع من يذكره متأكدة جداً ولو تكرر ذكره كثيراً، بل قال بعض العلماء بوجوبها: كالإمام ابن عبد البر، ولا يمنع منها كون العبد متلبساً بعبادة أخرى كالصلاة مثلاً، إلا أن يكون بالسامع لذكره مانع يمنعه من ذكر الله تعالى كأن يكون على حاجة مثلاً، ويدل لما سبق ما رواه الترمذي في جامعه من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: البخيل من ذكرتُ عنده فلم يصل علي.
وما رواه الترمذي ـ أيضاً ـ من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنف رجل ذُكرت عنده فلم يصل علي.
وما رواه الترمذي ـ كذلك ـ من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 30357.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2698)
حكم التفاوت في خصائص الأسهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمؤسسة أن تصدر أسهما تمثل حقاً في التصويت لأخذ القرار، وأخرى تعطي فقط الحق في حصص الأرباح دون أخذ القرار؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى حرجاً في أن يتم إصدار أسهم لا يكون لأصحابها حق في التصويت، فالتفاوت في خصائص الأسهم إذا كان من الأمور الإدارية أو الإجرائية لا حرج فيه، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في الدورة السابعة المنعقدة عام: 1412هـ: لا يجوز إصدار أسهم ممتازة لها خصائص مالية تؤدي إلى ضمان رأس المال، أو ضمان قدر من الربح، أو تقديمها عند التصفية، أو عند تقسيم الأرباح، ويجوز إعطاء بعض الأسهم خصائص تتعلق بالأمور الإجرائية أو الإدارية. انتهى.
وهذه الأسهم قريبة الشبه مما يسمى بالأسهم الممتازة، فمن أنواع الأسهم الممتازة أسهم ذات أولوية في الحقوق غير المالية يكون لأصحابها عدد من الأصوات في الجمعيات العمومية زيادة على تلك التي تقرر للأسهم العادية، وهذا النوع من الأسهم فيه قولان للمعاصرين:
الأول: أنه لا يجوز إصدارها ولا تداولها، لأن هذه الأسهم فيها تفاوت في الحقوق لا مبرر له والأصل تساوي الشركاء في الحقوق.
الثاني: أنه يجوز إصدارها وتداولها، لأن الامتياز في هذه الأسهم ليس في الحقوق المالية، وإنما يعود إلى الجوانب الإدارية، ولكن يشترط أن يكون هذا الامتياز منصوصاً عليه في قانون الاكتتاب وبعيداً عن الاستغلال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2699)
حكم الزواج من بنت بنت الأخت لأب
[السُّؤَالُ]
ـ[أبلغ من العمر 20 عاما وأرغب في الزواج من بنت بنت أختي من أبي، فهل يجوز ذلك أم لا؟.
أرجو الرد بأقصى سرعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك الزواج من بنت بنت أختك، لأن بنت الأخت يحرم نكاحها ـ إجماعا ـ فهي من ضمن المحرمات من النسب السبع ـ سواء كان الأخ شقيقا أو لأب أو لأم ـ ويشمل التحريم بنات بنت الأخت ـ وإن سفلن ـ قال الجصاص في أحكام القرآن: وقد عُقِل من قوله تعالى: وبنات الأخ.
وبنات الأخت من سفل منهن.
كما عُقِل من قوله تعالى: أمهاتكم.
من علا منهن. انتهى.
وقال البغوي في تفسيره: وبنات الأخ وبنات الأخت.
ويدخل فيهن بنات أولاد الأخ والأخت ـ وإن سفلن. انتهى.
وعليه فبنت بنت أختك من الأب من محارمك ولا يجوز لك نكاحها وعليك أن تصرف نظرك عن التفكير في الارتباط بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2700)
حكم إفساد صوم القضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[نوت زوجتي صيام هذا اليوم قضاء لما أفطرت في رمضان وقد أخبرتني بذلك البارحة، وبعد صلاة الفجر من هذا اليوم أردت معاشرتها ناسيا أنها صائمة, أما هي فلم تكن تريد أن ترفض طلبي ولم تذكرني أنها صائمة، فما حكم كسر صيام القضاء من جهتي ناسيا؟ ومن جهتها متذكرة؟ لكن إرضاء لرغبات زوجها.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت زوجتك حين لم تذكرك بكونها صائمة، فإن قطع صوم الفرض بعد الشروع فيه لا يجوز، لقوله تعالى: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ.
قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله: القضاء إذا كان قضاء عن واجب كقضاء رمضان، فإنه لا يجوز لأحد أن يفطر إلا لضرورة، لأن القاعدة الشرعية: أن كل من شرع -أي بدأ- في واجب فإنه يجب عليه إتمامه إلا لعذر شرعي. انتهى.
وأما أنت فلا إثم عليك، لكونك كنت ناسياً، وقد رفع الله الإثم عن الناسي، فقال تعالى: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة:286} .
وقال الله في جوابها: قد فعلت. أخرجه مسلم.
والواجب على زوجتك أن تتوب إلى الله تعالى من إقدامها على إفساد يوم القضاء الذي كان إتمامه واجباً عليها ولا يزال ذلك اليوم الذي أفسدت صومه ديناً في ذمتها، وليست عليها كفارة لأنها لا تلزم إلا بانتهاك حرمة رمضان، قال ابن رشد: واتفق الجمهور على أنه ليس من الفطر عمداً في قضاء رمضان كفارة، لأنه ليس له حرمة زمان الأداء أعني: رمضان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2701)
حكم إطلاق لقب السيد على من انتسب لأهل البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إطلاق لقب السيد: على كل من انتسب إلى آل بيت النبي صلى الله عيه وسلم، حتى لو كان طفلاً صغيراً، أو شخصا لا تبدو عليه بوادر الاستقامة أو من أهل البدع أو غير ذلك؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا اللقب يراد به اليوم معنى خاصا وهو انتساب الشخص إلى آل الحسن أو الحسين ـ رضي الله عنهما ـ وبناء عليه، فلا حرج في هذا اللقب، لأنه يراد به التعريف ولا يراد به التعظيم، قال المناوي: واستعمال السيد في غير الله شائع ذائع في الكتاب والسنة.
قال النووي: والمنهي عنه استعماله على جهة التعاظم لا التعريف. انتهى.
وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 100849، 105856، 109726.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2702)
تقدم لها خطيب ثم تقدم لها آخر حالته المادية جيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي كانت خطبتها يوم الخميس الماضي وكان الذي يريد أن يخطبها مسافر في دولة عربية طلبا للعمل وتأمين مستقبله وهو شاب يعتبر فقيرا وليس متعلما وكذلك أهله حالتهم المادية سيئة وهو يساعدهم في إيجار البيت وبعد الخطبة جاءها عريس متعلم ومركز ومؤمن مستقبله فوقعت أختي في حيرة من أمرها، مع العلم بأن أختي والله لا تريد أي غاية أخرى فأختي لا تستطيع الدفاع عن نفسها وكثيراً كثيرا إذا تضايقت أو انزعجت لا تقدر أن تعبر عن ذلك ولا تعرف كيف تتصرف وتخجل كثيراً كثيراً، فأنا أفكر في ظروف حياتها مع خطيبها ستكون صعبة من الناحية المادية، أما العريس الأخير فحاله مستقر ومتعلم، وبصراحة الاثنان نفس الشيء لا نعرفهم والفرق في المغريات، فما هو رأيكم إذا تم فسخ الخطوبة من أجل العريس الجديد؟ يعني أختي متعلمة وتريد أحدا متعلما.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت أختك لم تقبل بالخاطب الأول، فلا حرج على الخاطب الآخر أن يتقدم إليها، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 25922، وأما إذا كانت قد قبلت بالخاطب الأول فلا يجوز للثاني أن يتقدم إليها إلا إذا ترك الأول الخطبة لكن لا حرج على أختك في فسخ خطبة الأول وقبول الخاطب الثاني إذا خطبها، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 71049.
واعلمي أن الأصل في معيار اختيار الزوج هو الدين والخلق، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. روه ابن ماجه والترمذي وحسنه الألباني.
ولكن ذلك لا يعني أنه لا يجوز مراعاة أمر غير الدين والخلق في الزوج، فمن حق المرأة أن تراعي فيمن تختاره زوجاً ـ مع الدين والخلق ـ أموراً أخرى مباحة كالعلم والمال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2703)
هل يتزوج من ابنة عمه مع زعم أمه أنها أرضعتها كثيرا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أريد الزواج من بنت عمتي، لكن أمي تقول إنها أرضعتها، وعندما سألت عمتي قالت إن أمي أرضعت ابنتها مرة أو مرتين فقط، ولكن أمي قالت لي لا لقد أرضعتها مرات كثيرة، مع العلم بأن أمي طلقت إثر خلاف مع والدي وهي تكره كل عائلة أبي وأنا لا أشك في كلام عمتي، لأنها ملتزمة جداً ـ وللأسف ـ أمي كثيرة الكذب فماذا أفعل؟ ومن أصدق؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عن السؤال نريد أن نلفت انتباهك إلى أن وصف الأم بأنها كثيرة الكذب ينافي الاحترام الواجب في حق الوالدين، فإذا كانت أمك غير ملتزمة فعليك بنصحها برفق وأن لا تتحدث عنها على نحو ما ذكرته في السؤال، وبخصوص جواب ما سألت عنه: فجمهور أهل العلم على أن الرضاع لا يثبت بشهادة امرأة واحدة، وعند الحنابلة يثبت بقولها إذا كانت ثقة، قال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أن شهادة المرأة الواحدة مقبولة في الرضاع، إذا كانت مرضية. انتهى.
وبناء على ذلك، فإذا كانت والدتك كثيرة الكذب فلا يثبت بها الرضاع حتى عند الحنابلة القائلين بصحة شهادة المرأة الواحدة في الرضاع، وبالتالي فلك الزواج من ابنة عمتك، إذا لم يكن ثمت شهود على الرضاع المذكور غير أمك وعمتك ولم يوجد سبب آخر للمحرمية، وينبغي التلطف بأمك ومحاولة إقناعها بأمر زواجك ممن لا ترغب فيه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 28816.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2704)
توفي عن أم وزوجة وأختين شقيقتين
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء قسم الميراث على المورثة التالي ذكرهم: أم، وزوجة، وأختان شقيقتان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن توفي عن أم وزوجة وأختين شقيقتين ولم يترك وارثاً غيرهم، فإن لأمه السدس، لقوله تعالى: فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:11} .
ولزوجته الربع، لعدم وجود فرع وارث، كما قال تعالى: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ {النساء:12} .
وللأختين الشقيقتين الثلثان، لقول الله تعالى: فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ {النساء:176} . والمسألة عائلة فتقسم التركة على ثلاثة عشر سهماً، للأم منها سهمان، وللزوجة منها ثلاثة أسهم، ولكل أخت شقيقة أربعة أسهم.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية، وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2705)
سبب عدم ذكر إخوة شعيب لأصحاب الأيكة في سورة الشعراء
[السُّؤَالُ]
ـ[في سورة الشعراء لم يقل: أخوهم شعيب، كما فعل مع باقي الرسل، فلماذا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر بعض المفسرين أن شعيباً عليه السلام أرسل إلى أهل مدين وأصحاب الأيكة وذكر أنه عليه السلام كان من أهل مدين ولم يكن من أصحاب الأيكة، فلذلك عبر الله عن أخوته لأهل مدين فقال: وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا. كما في سورة: الأعراف وهود والعنكبوت.
ولم يذكر ذلك في سورة الشعراء، لأن المذكور فيها هم أصحاب الأيكة، فقال تعالى: كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ* إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ.
وقيل: إن أصحاب الأيكة هم أهل مدين، ولكنه قال ـ أخوهم ـ لما ذكرهم باسم قبيلتهم، لأنه يشاركهم في نسب القبيلة، ولم يقل أخوهم حين نسبهم إلى الأيكة التي هلكوا بها تنزيها لشعيب عن النسبة إليها، كذا قال ابن جزي في تفسيره. وراجع تفسير النسيابوري وابن كثير وابن السعود والبغوي وأضواء البيان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2706)
لا يعاشرها زوجها من سنوات طويلة ولا ينفق عليها سوى الطعام
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي هاجرني لمدة 10 سنوات، ولا يجامعني نهائيا، حاولت معه ولكنه رفض. منهم من يقول إني أعتبر طالقا منه، ومنهم من يقول غير ذلك. فما الحكم أفيدوني مع الشكر. مع العلم أنه لا يقوم بالإنفاق علي إلا فقط بإحضار الطعام وهو بخيل في ذلك أيضا. أريد الطلاق منه، ولكن لأن سني47 سنة، ينصحني بالبقاء معه مع أنني لم أنجب إلا بنتا واحدة، وهي متزوجة الآن، وأعيش بفراغ قاتل أخاف على نفسي من الوقوع في الحرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان زوجك على ما ذكرتِ من الهجر والتفريط في حقك في النفقة والمعاشرة ونحوهما فهو آثم والعياذ بالله تعالى، فإن الجماع بقدر الحاجة حق للزوجة على زوجها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: ويجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف، وهو من أوكد حقها عليه أعظم من إطعامها. والوطء الواجب قيل: إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة. وقيل بقدر حاجتها وقدرته، كما يطعمها بقدر حاجتها وقدرته، وهذا أصح القولين. انتهى.
كما يجب للزوجة النفقة بقدر الكفاية إضافة إلى الكسوة ونحوها ولا يجوز التفريط في ذلك.
وبناء على ما تقدم فانصحي زوجك وذكريه بحرمة ما هو عليه من تضييع حقوقك، فإن لم يفد ذلك فلك أن ترفعي أمرك للمحكمة الشرعية لاستدعاء زوجك، فإما أن يعاشرك بالمعروف ويؤدي حقوقك، وإما أن يطلقك أو تقضي لك المحكمة بالطلاق إن أردته. وراجعي الفتوى رقم: 31884.
ولا يقع الطلاق بمجرد تفريط الزوج في الحقوق الواجبة عليه من جماع ونفقة وغيرهما؛ لأن الطلاق لا يقع إلا بالتلفظ به أو بحكم شرعي. وراجعي الفتوى رقم: 20822، والفتوى رقم: 27852.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1430(13/2707)
معنى: من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا - ما معنى صلى الله عليه عشرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث المشار إليه حديث صحيح يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. . الحديث رواه مسلم وغيره.
ومعنى صلى علي: أي قال اللهم صل على محمد ... فهذه الجملة تعني أن قائلها يسأل الله تعالى مزيدًا من الرحمة والثناء والأمان.. لرسوله صلى الله عليه وسلم. فبذلك يكون جزاؤه الصلاة من الله تعالى عليه فيستوجب الرحمة والمغفرة والرضوان من الله تبارك وتعالى.
قال صاحب تحفة الأحوذي: صلى الله عليه بها عشرا: أي أعطاه الله بتلك الصلاة الواحدة عشرا من الرحمة.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى: 98633 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1430(13/2708)
هل هناك دعاء يقال عند خروج الريح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد أي دعاء إذا خرج الريح من البطن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على دعاء خاص يقال عند خروج الريح من البطن، وقد ذكر أهل العلم الأذكار الواردة عند دخول الخلاء والخروج منه، ولم يذكروا دعاء أو ذكرا بمجرد خروج الريح أو غيره من نواقض الوضوء غير الغائط. انظر وراجع للمزيد الفتوى: 44987.
وقد سبق أن بينا أن خروج الريح لا يترتب عليه سوى الوضوء، وأنه لا يشرع الاستنجاء منه. انظر الفتوى: 2562.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1430(13/2709)
فضل الاستغفار والتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل مائة مرة
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخنا الأفاضل نفع الله بكم. هل تخصيص ورد للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مثلا مائة مرة في اليوم، ومثل ذلك في الاستغفار والتهليل والتسبيح، هل تخصيص عدد معين في اليوم والليلة يدخل في البدعة، وما صحة الحديث الذي يحض فيه النبي عليه السلام على الصلاة عليه ألف مرة في اليوم؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتقيد في الذكر بعدد معين والتزامه، واعتبار ذلك سنة من البدع الإضافية، إلا إذا دل الدليل على التقييد، وانظر في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 118092، 51760، 99061.
وبخصوص التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل مائة مرة.. فقد ورد في سنن النسائي الكبرى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال سبحان الله مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كان أفضل من مائة بدنه، ومن قال الحمد لله مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كان أفضل من مائة فرس يحمل عليها في سبيل الله، ومن قال الله أكبر مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كان أفضل من عتق مائة رقبة، ومن قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها لم يجئ يوم القيامة أحد بعمل أفضل من عمله إلا من قال مثله قوله أو زاد عليه. حسنه الألباني.
وأما الاستغفار مائة مرة في اليوم ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة. يغان: المراد ما يتغشى القلب من الغفلة.
وأما ما ورد عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ألف مرة في اليوم، فراجع فيه الفتوى رقم: 76608 وما أحيل عليه فيها من فتاوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1430(13/2710)
حكم الصلاة في مسجد يحوي مقاما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة في المسجد الذي يظهر مخططه وهو يحوي مقاما؟ علماً بأن أقرب مسجد يليه أبعد منه بحوالي: 8 أضعاف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بالمقام: القبر، فإما أن يكون هذا القبر خارج المسجد أو داخله، فإن كان خارج المسجد فتجوز الصلاة فيه ـ ولو كان القبر إلى جهة القبلة ـ ما دام هنالك حائل من حائط أو سور ونحوهما.
وأما إذا كان القبر داخل المسجد فالصلاة فيه منهي عنها ـ مع صحتها ـ وقيل لا تصح، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 13365، ورقم: 72189، ولا يجوز في الإسلام أن يجتمع مسجد وقبر، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 4527، ونقلنا فيها كلام أهل العلم بخصوص ما يجب فعليه إذا اجتمعا، فراجع هذه الفتوى للأهمية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2711)
الأولى أن تتزوجها إن تابت، وفاء بالعهد
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الزواج بفتاة، وجعلنا العهد بيننا حول هذا الزواج، وبَعد ذلك تغيَّر قراري، بسبب أنّني ماَرستُ الجنس معها قبل أن يتم هذا الزواج، فما هو حكم مَن خالف هذا العهد؟.
وجزاكم الله خَيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليكما أولاً التوبة من الزنا والحذر من التساهل في الوسائل التي قد تؤدي إلى الوقوع فيه مرة أخرى من الخلوة ونحو ذلك من الأمور المحرمة، وإذا تابت هذه الفتاة وأصبحت مرضية في دينها وخلقها فالأولى أن تتزوجها، ووقوعها في الزنا ليس بمانع شرعاً من هذا الزواج إذا تابت، ففي زواجك منها ـ والحالة هذه ـ وفاء بالعهد الذي بينك وبينها، وهذا الوفاء من الأخلاق الكريمة التي حث عليها الشرع الحكيم، ولكنك إن لم ترغب في الزواج منها فلا حرج عليك في ذلك، وإذا كان هذا العهد بصيغة عاهدت الله ونحو ذلك ولم تتزوجها، فتجب عليك كفارة يمين، وقد فصلنا القول في هذا كله في الفتويين رقم: 30489، ورقم: 57942، وإذا لم تتب فلا يجوز لك الزواج منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2712)
حكم الاشتراك في نشاط علمي جامعي مختلط
[السُّؤَالُ]
ـ[خطيبي إنسان ملتزم ومتدين وعلى خلق كبير وهو يدرس في كلية علمية مرموقة وقد أخبرني أنه يود الاشتراك في نشاط علمي في جامعته سوف يوصله إلى مرتبة عالية في الشغل بعد التخرج، كما أن هذا النشاط العلمي له فوائد ومنافع كثيرة جدا في مجاله، وهذه الفرصة لن تتكرر له مرة أخرى، ولكن النشاط العلمي الذي يشترك فيه مختلط أى يوجد به فتيات وشباب، ولكنه أخبرني أنه سيتعامل مع الفتيات في حدود الدراسة فقط، فهل هذا جائز؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان وجود الفتيان والفتيات في هذا المكان يؤدي إلى الاختلاط المحرم أي الذي لا يلتزم فيه بالضوابط الشرعية فتظهر الفتيات متبرجات وقد يدور بين المختلطين حديث يجر إلى الفساد، فإن كان الحال كذلك ـ وهذا هو الغالب ـ فلا يجوز له الاشتراك في هذا النشاط، وإذا اتقى الله تعالى جعل له مخرجا ويسر له أمره، قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا *وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2،3} .
وقال: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4} .
وروى الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله تبارك وتعالى إلا آتاك الله خيرا منه.
وراجعي الفتوى رقم: 109857.
وأما إن توفرت الضوابط الشرعية لاجتماع الرجال بالنساء، فلا حرج عليه في الاشتراك في هذا النشاط.
وننبهك إلى أنك قبل أن يعقد عليك تبقين أجنبية عليه، فلا يجوز أن يختلي بك ولا أن يرى منك ما لا تحل رؤيته للأجنبي ولا أن يخاطبك أو تخاطبيه بأكثر مما تدعو إليه الحاجة، مع التزام ضوابط الخطاب بين الرجل والمرأة الأجنبية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2713)
تجاوز الله عن الزلة تقع من الابن البار في حق والديه
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ أن ماتت أمي ـ رحمها الله ـ وأنا أحاسب نفسي على تقصيري معها وعلى كل شيء مثل صراخي في البيت أو حتى معاملتي، فأمي كانت مريضة وكنت أظل بجانبها وأخدمها، لكنني أحيانا أكون متضايقا من أمر ما وينعكس ذلك في البيت وقبل أن تموت أمي بيوم حدث نقاش بيننا وصرخت أمامها، لكن مع العلم أن أمي تحبني كثيرا وأنا أحبها وما يصدر مني هو من ضغوطات الحياة ولم أتعمد في يوم من الأيام أن أصرخ عليها، بل كنت أغضب لوحدي وعلى نفسي، لكن أمامهم، فهل هذا شي طبيعي يحدث بين الأهل؟ أم هو عقوق؟ فأنا في كل يوم أحاسب نفسي وأدعو الله أن يوفقني لبر أبوي، لكن عندي ندم كبير وألم وألوم نفس دائما وأخاف أن تكون ماتت وفي قلبها شيء من الحزن أو الغضب تجاهي أو أكون أنا السبب في موتها ـ والعياذ بالله ـ وأنا والآن أدعو لها دائما وأتصدق عنها وقد التزمت أكثر من ذي قبل في صلاتي وأعمالي ـ والحمد لله ـ حتى أكون ولدا صالحا ويتقبل الله عز وجل دعائي لها.
هل عدم تقبيل يد أبوي يوميا من العقوق؟ فأنا أحب تقبيل يديهما في كل يوم، لكن لا أفعل ذلك إلا في المناسبات وفي بعض الأحيان، لأنني لم أتعود على ذلك، فأرجو الإجابة العاجلة، لأن ذلك يؤلمني كثيرا ووالله الذي لا إله غيره إنني أحب أمي كثيرا وأحمد الله عل حسن ختامها، فهي امرأة مصلية وقارئة للقرآن وصائمة وقد توفيت في صباح أول يوم عيد الفطر المبارك وكان آخر أعمالها الصيام وصلاة الفجر وصلاة العيد، وهي تحبني كثيرا وكانت دائما تخاف علي وقلبها طيب جدا ولا أتوقع منها الغضب وهي ـ بإذن الله ـ راضية عنا، لكن ماذا أفعل بالألم واللوم والندم الذي يصاحبني حتى صرت لا أشعر بطعم السعادة بعدها؟ وكيف أرضيها في قبرها؟ اللهم ارحم أمي واغفر لها واجمعني بها في الجنة واجعل أعمالي الصالحة معها في حياتها وفي موتها برا لها واغفري لي تقصيري معها وأعني على بر والدي يا الله واغفر لجميع المؤمنين يارب العالمين.
أرجو الدعاء لأمي ـ رحمها الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يرحم أمك رحمة واسعة وأن يسكنها فسيح جناته ويكتبك من البارين بها في حياتها وبعد مماتها.
واعلم ـ أيها السائل ـ أن الله سبحانه بفضله ورحمته يتجاوز عما يكون من الولد في حق والديه من الهفوة والبادرة التي تصدر منه وقت الضجر والغضب إذا كان الأصل فيه البر إلى والديه والإحسان إليهما وإكرامهما وإجلالهما.
قال سبحانه: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا {الإسراء:25} .
قال القرطبي عند تفسيره لهذه الآية: وقال ابن جبير: يريد البادرة التى تبدر، كالفلتة والزلة، تكون من الرجل إلى أبويه أو أحدهما، لا يريد بذلك بأسا، قال الله تعالى: إن تكونوا صالحين.
أي صادقين في نية البر بالوالدين فإن الله يغفر البادرة.
وقوله: فإنه كان للاوابين غفورا.
وعد بالغفران مع شرط الصلاح والاوبة.
وإنَّا في ضوء ما ذكرت من حالك مع أمك لا نرى منك عقوقا لها ولا تسببا في موتها, أما هذه الهنات التي كانت منك في حقها فيمكنك التكفير عنها بالمداومة على الدعاء لها والإحسان إليها بالصدقة وإكرام أصدقائها وصلة أرحامها، فإن ذلك من البر الذي لا ينقطع بوفاتها.
فقد روى أبو داود وابن ماجه عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي ـ رضي الله عنه ـقال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما.
ولا يشترط للبر المداومة على تقبيل يد الوالدين كل يوم ـ كما ظننت ـ وراجع حكم تقبيل يد الوالدين في الفتويين رقم: 13930 , ورقم: 43760.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2714)
هل يستمر في دراسته مع تجاوزه الغياب المسموح
[السُّؤَالُ]
ـ[أدرس في الأقسام التحضيرية للمدارس العليا للمهندسين، حيث إن مدة الدراسة في هذه المؤسسة تدوم سنتين، وفي آخر السنة الثانية هناك امتحان بموجبه يتم ترتيب التلاميذ من أجل الدخول للمدارس العليا للمهندسين التي تدوم الدراسة فيها ثلاث سنوات، وأنا قد اجتزت امتحان الأقسام التحضيرية السنة الدراسية الماضية، ولم أوفق فيه حيث إنه طلب مني اجتياز امتحان آخر شفوي، ولكن هذا لا يؤهلني للولوج إلى مدرسة المهندسين التي أريد لهذا لم أذهب لاجتيازه، وقررت تكرار السنة الثانية من الأقسام التحضيرية، وشروط التكرار في المؤسسة هي ألا يتجاوز الطالب تسع حصص من الغياب، وأنا لدي تسع حصص من الغياب مسجلة بشكل رسمي، وبالفعل تم قبولي لإعادة السنة، ولكن في الواقع لدي أكثر من عشر حصص من الغياب، ولكن لم يتم تسجيلها لأن بعض الأساتذة لا يقومون بتسجيل الغياب، علما أنني أستحق تلك المؤسسة وتكرار السنة الثانية فيها لأن ترتيبي داخل القسم كان جيدا، ولكن في الامتحان الأساسي لم أوفق فيه، والآن تراودني بعض الشكوك والوساوس بأن هذا يعتبر نوعا من الخداع وأنه غير شرعي، كوني لدي تسع حصص رسمية وأخر من الغياب غير مسجلة؛ لأن الأساتذة لم يسجلوها، وليس لأنني قمت بتزوير. وبالتالي فإذا نجحت في الامتحان وتمكنت من ولوج إحدى المدارس العليا وبعد ثلاث سنوات من الدراسة سيكون المال الذي أتحصل عليه من العمل حراما؛ لأنه جاء من أساس غير شرعي. أفيدوني جزاكم الله خيرا لأني لا أستطيع الآن أن أركز في الدراسة بسبب هذه الوساوس عذرا على الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى حرجاً في أن تستمر في دراستك، لأنه لم يقع منك خداع ولا غش، وإذا ترك الأساتذة تسجيل الغياب فالغالب أنهم يكونون مخولين بمثل هذا، كما أن هذه القوانين إنما يجب الالتزام بها إذا كانت قد وضعت للمصلحة لا إذا كانت مجرد عقبات.
وننبهك على أن المال الذي تتحصل عليه من العمل يكون مباحاً إذا أديته على الوجه المطلوب منك، ولو كان هناك خلل أو تقصير في الدراسة.
وننصحك بالإعراض عن هذه الوساوس، والاجتهاد في دراستك لتنفع بها نفسك والمسلمين، ونسأل الله تعالى أن يوفقك إلى خير الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1430(13/2715)
الطلاق والرجعة يقعان ولو لم تعلم بهما الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[علمت بخيانة زوجي وأقسم ويده على المصحف أنه سيخلص لي وسيخبرني لو أعادها وأقسم ـ لو خنتك أو نظرت بشهوة لامرأة أخرى أنت طالق ـ فماحكم هذا الطلاق؟ وهل يمكن أن يطلقني ويرجعني دون علمي إذا حصل وخانني؟ وماحكم الحلف على القرآن الكريم؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بالخيانة كونه قد وقع في الزنا، فإنه يكون بذلك قد أتى منكرا عظيما، فالزنا من كبائر الذنوب فيجب عليه أن يبادر إلى التوبة، وراجعي الفتوى رقم: 1602.
ولا يجوز للمسلم أن يخبر بمعصيته أحدا من الناس ـ سواء كانت هذه المعصية زنى أم غيره ـ بل الواجب عليه أن يستر على نفسه، كما هو موضح بالفتوى رقم: 1095.
وهذه الصيغة التي ذكرها زوجك من جنس الطلاق المعلق، فإذا حصل ما علق عليه الطلاق وقع طلاقه في قول جمهور الفقهاء، كما سبق بيانه بالفتوى رقم: 5684، ويقع الطلاق ـ سواء علمت به أم لم تعلمي به ـ وكذا الحال بالنسبة للرجعة.
وإذا وقع الطلاق، فإن اليمين تنحل، وننصح زوجك بالابتعاد عن المعاصي والآثام كلها ويغض بصره عما حرم الله، كما ننصحكما معا بأن لا تجعلا تعليق الطلاق وسيلة لحل مشاكلكما فلا تلجئيه إليه بدوام المراقبة والتفتيش واجعلي بدل ذلك النصح والموعظة.
وأما حكم الحلف على القرآن الكريم، فقد سبق بيانه بالفتوى رقم: 36839.
وقد نبهنا من قبل ـ ونؤكد على ذلك الآن ـ من أنه لا بد من ضبط المصطلحات وتسمية الأمور بأسمائها، وراجعي بهذا الخصوص فتوانا بالرقم: 15726.
والله أعلم.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1430(13/2716)
مدى مشروعية الصيام بنية القضاء وبنية الست من شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قضاء الصيام مع الأجر في شوال؛ أي أقضي الدين الذي علي ويحسب لي أجر مع صوم الست البيض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن الصيام بنية القضاء وبنية الست من شوال غير مشروع، لأن كلا من صوم رمضان وصوم الست من شوال عبادة مقصودة لذاتها، فلا يصح التشريك فيها، وصوم الست من شوال هو كالسنة البعدية لرمضان، كما قال ابن رجب في لطائف المعارف، ومن ثم احتاج إلى نية خاصة ولم يندرج في صوم القضاء، قال العلامة ابن باز رحمه الله: وأما أن تصوم الست بنية القضاء والست فلا يظهر لنا أنه يحصل لها بذلك أجر الست، الست تحتاج إلى نية خاصة في أيام مخصوصة. انتهى من فتاوى نور على الدرب.
ومما يؤيد ما ذكرناه من أنه لا بد من صوم الست من شوال بنية مستقلة ما ثبت في الحديث من تعليل مشروعية صيام الست من شوال بأنها مع رمضان تعدل صيام السنة، وذلك كما قال العلماء لأن رمضان يعدل عشرة أشهر، وتعدل الست صيام شهرين.
قال المباركفوري رحمه الله: (فذلك صيام الدهر) لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر، والستة بشهرين. قال النووي: وقد جاء هذا في حديث مرفوع في كتاب النسائي. انتهى.
وقد ناقشنا هذه المسألة وبينا خلاف العلماء فيها، وأن بعضهم ذهب إلى حصول الأجر لمن صام القضاء في شوال وإن لم ينو صوم الست أصلا، وذلك مبسوط في الفتوى رقم: 6579. فلتراجع.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن من صام بالنيتين لم يحصل له أجر القضاء ولا صوم الست من شوال ولم يسقط عنه الفرض بذلك جاء في بغية المسترشدين في بيان الخلاف في هذه المسألة: (مسألة:) : ظاهر حديث: وأتبعه ستاً من شوّال وغيره من الأحاديث عدم حصول الست إذا نواها مع قضاء رمضان، لكن صرح ابن حجر بحصول أصل الثواب لا كماله إذا نواها كغيرها من عرفة وعاشوراء، بل رجح (م ر) حصول أصل ثواب سائر التطوعات مع الفرض وإن لم ينوها، ما لم يصرفه عنها صارف، كأن قضى رمضان في شوّال، وقصد قضاء الست من ذي القعدة، ويسنّ صوم الست وإن أفطر رمضان. اهـ. قلت: واعتمد أبو مخرمة تبعاً للسمهودي عدم حصول واحد منهما إذا نواهما معاً، كما لو نوى الظهر وسنتها، بل رجح أبو مخرمة عدم صحة صوم الست لمن عليه قضاء رمضان مطلقاً. انتهى.
وننبه ههنا إلى أن تسمية الست من شوال بالأيام البيض مما لا نعلم له أصلا، وإنما أيام البيض هي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر الهلالي، وسميت بذلك لاكتمال ضوء القمر في لياليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1430(13/2717)
حكم إطلاق (المخوف) على الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أيها الشيوخ الكرام: هل يجوز لنا أن نقول شرعا الله المخيف أو المخوف أو يخيف؟ وهل من صفات الله أو أسمائه المخيف أو المخوف؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأسماء الله تعالى توقيفية، فلا يصح إثبات اسم لله تعالى إلا بدليل، ولا مدخل للقياس في ذلك، قال البغوي في تفسيره: الإلحاد في أسماء الله تسميته بما لم يتسم به ولم ينطق به كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وأهل العلم الذين قرروا ذلك قد اختلفوا في ما جاءت به النصوص منسوبا إلى الله تعالى بصيغة الفعل وبصورة الاسم المضاف، هل يجوز اشتقاق الاسم منها؟ أم أن هذا ينافي التوقيف؟ وقد سبق بيان ذلك، وأن الراجح هو أن ندور مع النصوص الشرعية لفظا ومعنى، فما ورد بصيغة الاسم أثبتناه اسما بلفظه، وما ورد مضافا أو بصيغة الفعل لم نتجاوز وصف الله تعالى به بالصيغة التي ورد بها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 125377.
ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 6009، 23074، 127333.
هذا في باب تسمية الله تعالى ثم وصفه، أما باب الإخبار عنه سبحانه فهو أوسع، فيصح بكل ما يصح نسبته إليه عز وجل، ولا يجب أن يكون توقيفيا، قال ابن القيم: ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفيا، كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه. اهـ.
وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 124345، 102169، 15709، 47902.
وقال الغزالي في ـ المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى ـ في اسم الله: المؤمن: لعلك تقول الخوف على الحقيقة من الله تعالى، فلا مخوف إلا إياه، فهو الذي خوف عباده، وهو الذي خلق أسباب الخوف فكيف ينسب إليه الأمن؟ فجوابك: إن الخوف منه والأمن منه وهو خالق سبب الأمن والخوف جميعا، وكونه مخوفا لا يمنع كونه مؤمنا، كما أن كونه مذلا لم يمنع كونه معزا، بل هو المعز والمذل، وكونه خافضا لم يمنع كونه رافعا، بل هو الخافض الرافع، فكذلك هو المؤمن المخوف، لكن المؤمن ورد التوقيف به خاصة دون المخوف. اهـ.
وقد أخبر الله تعالى عن نفسه، وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم، أنه يخوف عباده ليتقوه، قال سبحانه: لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ {الزمر: 16} .
وقال تبارك وتعالى: وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا {الإسراء:59-60} .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله تعالى يخوف بها عباده. متفق عليه.
وقال الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني في المختصر في التعرف على أسماء الله الحسنى: الأسماء التسعة والتسعون التي وردت بنصها في الكتاب المقدس ـ يعني عند أهل الكتاب ـ منها أيضا عشرون اسما متفقة مع ضوابط الإحصاء التي تقدمت، وهي أسماء لم ترد في الإسلام بنصها، ولا يصح تسمية الله بها عند المسلمين، ولكن يصح إطلاقها على الله من باب الأوصاف والأفعال والإخبار. اهـ.
وذكر منها: المخوف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2718)
حكم زيادة ثمن السلعة كلما زاد الأجل
[السُّؤَالُ]
ـ[في بيع التقسيط الزيادة التي تكون في مقابل الأجل تكون مشروعة، ولكن يا ترى ما حكم تلك الزيادة إذا زادت بزيادة المدة؟ بمعنى: أنه قال له أي البائع أن تلك السلعة نقدا ب 10قروش، وتقسيطا لمده سنة ب12، ولمدة سنة ونصف 13، أي أنه حدثت زيادة بزيادة الزمن، فما حكم ذلك؟ وهل يعد ربا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مراد السائل الكريم أن المشتري يأخذ السلعة دون الجزم بإحدى الصفقات على أنه إن قضى الثمن في سنة قضاه بسعر، وإن قضاه في أقل أو أكثر قضاه بسعر آخر، فلا يجوز هذا العقد، لدخوله في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة، ولحصول ما يشبه ربا الجاهلية، حيث تفرض أموال زائدة على الثمن المقسط مقابل التأخر في السداد، وهي تساوي قولهم في الجاهلية للمدين إذا عجز عن السداد: إما أن تقضي، وإما أن تربي.
فهي في معنى مسألة: ضع وتعجل.
أو زد وتأجل.
وراجع في ذلك الفتويين رقم: 52070، ورقم: 62017.
وأما إن كان المراد أن المشتري تعرَض عليه السلعة بثمنين، ثمن في العاجل وثمن في الآجل ليختار أيهما يتم عليه العقد، فهذا جائز عند جمهور العلماء، لأن ذكر الثمنين كان عرضاً لا إيجاباً، فلابد لصحة هذا البيع أن يتفق الطرفان قبل إبرام العقد على الثمن وطريقة دفعه، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 11261، 49911، 1084.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1430(13/2719)
الحقوق المترتبة على طلاق من أبت أن تسافر مع زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بالسعودية ومضى على زواجي ثلاث سنوات ولي بنت عمرها تسعة أشهر اتفقت مع أهل زوجتي قبل الزواج على إقامة زوجتي معي بالسعودية على أن تقضي إجازة سنوية معهم، وبلغت مدة الإجازة من إجمالي 37 شهرا حوالي: 17 شهرا مع أهلها متقطعين ـ4+9+4ـ وحتى الآن وهي ترفض العودة للإقامة معي بحجة أنها لا تستطيع التأقلم على المعيشة وحيدة بعيدة عن أهلها وبلدها، واستعملت كل وسائل النصح والإرشاد إلى أن وصل الحال إلى أنني قررت طلاقها إذا ما أصرت على عدم قدومها مرة أخرى إلى السعودية، وكما علمت أن ليس للزوجة الحق في رفض السفر مع زوجها إلى أي بلد ما لم تشترط عليه ذلك قبل العقد أو لم تأمن على نفسها في سفرها أو إقامتها في البلد محل الزوج من ظروف حرب أو فتنة في الدين إلخ، وإذا فعلت فهي في حكم الناشز وبالتالي، يسقط حقها في النفقة، وسؤالي الآن: هل إذا تم الطلاق لها نفقة أو مؤخر صداق؟ مع العلم أنني وقعت على مؤخر الصداق بقيمة 10 آلاف جنيه مصري وكذلك حقها في المنقولات الزوجية من أثاث وخلافه، مع العلم أنني وقعت على قائمة قيمتها 32 ألف جنيه.
أفيدوني يرحمكم الله بما لي من حقوق؟ وما عليّ من واجبات؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على زوجتك أن تسافر معك إلى البلد الذي تقيم فيه إذا لم تشتَرط في عقد النكاح عدم إخراجها من بلدها، فإن اشترطت ذلك تعين الوفاء بشرطها، كما تقدم في الفتوى رقم: 59904.
فإذا لم تكن قد اشترطت ذلك وجب عليها السفر معك، وامتناعُها يعتبر معصية وإثما، كما يعتبر نشوزا مسقطا لنفقتها حتى ترجع عن نشوزها، قال الحطاب المالكي في مواهب الجليل: من المدونة: وللزوج أن يظعن بزوجته من بلد إلى بلد ـ وإن كرهت ـ وينفق عليها. انتهى.
وقال السرخسي الحنفي في المبسوط: وإذا تغيبت المرأة عن زوجها, أو أبت أن تتحول معه إلى منزله, أو إلى حيث يريد من البلدان وقد أوفاها مهرها فلا نفقة لها، لأنها ناشزة ولا نفقة للناشزة. انتهى.
أما الحقوق المترتبة على طلاقها فهي كما يلي:
1ـ نفقتها أثناء العدة إذا كانت حاملا حتى تضع حملها ـ سواء كان طلاقها بائنا أو رجعيا ـ وإن كان طلاقها بائنا ولم تكن حاملا فلا نفقة لها، وإن كان طلاقها رجعيا وهي غير حامل وناشز فلا نفقة لها أثناء العدة عند الحنفية وعلى القول الأظهر عند الشافعية، كما تقدم فى الفتوى رقم: 124549.
والظاهر من مذهب المالكية هو وجوب نفقة الرجعية أثناء عدتها مطلقا، قال في فتح الجليل في شرحه لمختصر خليل المالكي: وتفترق الرجعية من الزوجة ـ أيضا ـ في أنها إذا خرجت من منزلها بغير رضاه فلا تسقط نفقتها بخلاف الزوجة.
2ـ استحقاقها لجميع مؤخر الصداق ولا يسقط بنشوزها، كما تقدم فى الفتوى
رقم: 119213.
3ـ استحقاقها لجميع قائمة المنقولات التي وقَّعتَ عليها والتزمتَ بها والتي تشمل أثاث البيت ونحوه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 126333.
وإذا كانت زوجتك ناشزا ـ كما ذكرت ـ جاز لك الامتناع عن طلاقها حتى تفتدي منك بجميع حقوقها أو ببعضها أو بغير ذلك ـ حسبما تتفقان عليه ـ وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 76251.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2720)
حكم قول الزوج لزوجته أنت طالق طالق طالق
[السُّؤَالُ]
ـ[حصل بيني وبين زوجتي نقاش حاد بسبب موضوع دقيق، حاولت أن تعلمني الصراحة فرفضت فقمت بتوصيلها إلى بيت والدها، وقلت لها عندك فرصة باقية بأن تصارحيني، وتركتها عند أهلها، ورجعت منزلي. وفي اليوم الثاني دققت عليها وحاولت أن تصارحني وبعد نقاش طويل وارتفاع صوتي قلت لها أنت طالق طالق طالق. وهذه أول مرة تحصل مني بعد زواج استمر سبعة عشر عاما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن قال لزوجته: أنت طالق طالق طالق، ونواها ثلاثاً، وقعت ثلاثاً وبانت منه زوجته عند الجمهور. وإن نواها واحدة وقصد بالتكرار التوكيد فتحسب طلقة واحدة، لأن الكلام يكرر للتوكيد، كقوله صلى الله عليه وسلم: فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل. رواه أبو داود والترمذي.
وإن لم يقصد شيئاً لم يقع إلا واحدة، لأنه لم يأت بينهن بحرف يقتضي المغايرة فلا يكن متغايرات.
قال ابن قدامة في المغني: فإن قال: أنت طالق طالق طالق. وقال: أردت التوكيد. قبل منه، لأن الكلام يكرر للتوكيد، كقوله عليه السلام: فنكاحها باطل باطل باطل. وإن قصد الإيقاع وكرر الطلقات، طلقت ثلاثاً. وإن لم ينو شيئاً لم يقع إلا واحدة، لأنه لم يأت بينهما بحرف يقتضي المغايرة فلا يكن متغايرات. انتهى.
وعليه فإن كنت تقصد بلفظتك هذه طلقة واحدة مؤكدة أو لم تقصد شيئا أصلا فتحسب طلقة واحدة، ويجوز لك حينئذ ارتجاع زوجتك ما دامت في عدتها.
أما إن كنت تقصد بها ثلاث تطليقات، فإنها تقع ثلاثا، وتكون زوجتك قد بانت منك بينونة كبرى، فلا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك نكاح رغبة لا نكاح تحليل، ويدخل بها ثم يطلقها في قول عامة أهل العلم، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه إلى أن الطلاق ثلاثا دفعة واحدة يحسب طلقة واحدة.
وراجع تفصيل هذا في الفتوى رقم: 5584.
ولمعرفة ما تحصل به الرجعة تراجع الفتوى رقم: 54195.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2721)
حكم محادثة الأجنبي عبر الماسنجر وإرسال رسائل بريدية له
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم محادثة شاب بالماسنجر، مثلا إضافة دكتور الجامعة لسؤاله عن المحاضرات وبعض الدروس أو إرسال رسائل عبر البريد الالكتروني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحديث المرأة مع الرجل الأجنبي عنها، سواء كان زميلا في العمل أو الدراسة أو مدرسا، وسواء كان مشافهة أو عبر وسائل الاتصال غير جائز إذا كان ذريعة للفساد والفتنة.
ولا شك أن الحالة المسئول عنها ليس فيها حاجة، بل هي من مكر الشيطان وكيده ليستدرج أصحابها إلى الوقوع فيما حرم الله، خصوصا مع كون هذا الدكتور شابا – كما يظهر من السؤال - وهذا مما يؤكد جانب المنع ويقويه، لذا فالواجب التنبه لكيد الشيطان والانصراف عن هذه التصرفات المحرمة. أما السؤال عن المحاضرات ونحوها فله طرق أخرى كثيرة، فيمكنها سؤال بعض زميلاتها أو صديقاتها مثلا، ولو افترضنا أن الحاجة دعت حقيقة إلى ذلك لقلنا بإباحته مع مراعاة الضوابط الشرعية. وتراجع الفتاوى التالية: 31054، 210، 1932. ففيها تفصيل مفيد وبيان شاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2722)
الطلاق تدمير لكافة افراد الأسرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل تجاوزت الأربعين ملتزم بشكل لا بأس به ومتزوج منذ 17عاما ولي ثلاثة أولاد، أعاني من غيرة مدمرة وشكوك مسيطرة وأحلام مزعجة في علاقتي بزوجتي التي ظاهرها طيب ـ والحمد لله ـ إلا أنه تسيطر علي الشكوك والوساوس وقد طلقتها مرتين والحياة بيننا جحيم يومي وأنا أريد الفراق النهائي، لأنني لاأستطيع معاشرتها وأجد أن هذا هو الحل الأنسب، لأن قدراتي الجسدية والذهنية تنهار، وهي ترفض الأمر بشدة، وقد لجأت إلى الرقية الشرعية، أرجو منكم الدعاء وأسالكم: هل علي أثم إذا طلقتها طلاقا نهائيا لاعتبار حالتي الموضحة آنفا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه لك العافية والشفاء وأن يصلح لك الحال والبال ويصرف عنكم كيد الشيطان.
وإنا لننصحك ـ أيها السائل ـ بالتوبة إلى الله سبحانه واستغفاره من الذنوب التي لها دور كبير في ذهاب الآمال وحلول النقم والوبال, وقد قال أحد السلف: إن الصالحين إذا فقدوا آمالهم تفقدوا أعمالهم.
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتاب الجواب الكافي: ومنها: عقوبات المعاصي: وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله جل وعلا, ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها لم تف بتلك الوحشة وهذا أمر لايحس به إلا من في قلبه حياة وما لجرح بميت إيلام, وليس على القلب أمر من وحشة الذنب على الذنب ـ فالله المستعان. ومنها: الوحشة التي تحصل له بينه وبين الناس ولاسيما أهل الخير منهم، فإنه يجد وحشة بينه وبينهم وكلما قويت تلك الوحشة بعد منهم ومن مجالستهم وحرم بركة الانتفاع بهم وقرب من حزب الشيطان بقدر ما بعد من حزب الرحمن, وتقوى هذه الوحشة حتى تستحكم فتقع بينه وبين امرأته وولده وأقاربه وبينه وبين نفسه فتراه مستوحشا من نفسه, وقال بعض السلف: إني لأعصي الله فأرى ذلك في خلق دابتي وإمرأتي.
ومنها: تعسير أموره عليه فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقا دونه أو متعسرا عليه، وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا، فمن عطل التقوى جعل الله له من أمره عسرا. انتهى بتصرف.
ثم عليك بالمداومة على ذكر الله سبحانه، فإن الذكر له أثر عجيب في سكينة النفس وطمأنينة القلب، قال سبحانه: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28} .
وفي مسند الإمام أحمد وصحيح ابن حبان عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أصاب عبدا هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور بصري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرحا.
أما عن الطلاق: فإن الأصل فيه الإباحة، لكنك بالطلاق تدمر أسرتك وتلحق مصيبة عظيمة بنفسك وبزوجتك وأولادك، وأولى لك الصبر وطلب العلاج لما أنت فيه من الوسواس والشكوك، فلا تتعجل أمر الطلاق وأكثر من الدعاء والإلحاح على الله سبحانه أن يصرف عنك الهموم والغموم ويكفيك شرور نفسك وسيئات عملك. وننصحك بمراجعة قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2723)
إحدى عينيه ضعيفة فهل له دفع رشوة لاستخراج رخصة سياقة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بامتحان السياقة ـ وقد اجتزت قبل هذا امتحاني سياقة وبنجاح ولم يهتموا لعيني ـ واجتزته بنجاح وأنا أسوق جيدا، لكن عندي عين لا أرى بها جيدا فمنعوني جواز السياقة حتى أثبت طبيا أن نظري فوق المستوى المطلوب طبعا، وأنا لا أرى بعيني جيدا وهي إلى عدم الرؤية أقرب، والأخرى ـ والحمد لله ـ عشرة على عشرة والذي منعني الجواز يعلم أنني أسوق جيدا، إلا أنه طلب مني رشوة حتى يعطيني الجواز الجديد والاثنين الآخرين المحجوزين؟ فهل أعطيه إياها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت القوانين واللوائح المتعلقة باستخراج جواز القيادة، تنص على كون كل من العينين سليمة، فلا تجوز مخالفتها، لأن هذه المعايير إنما وضعت للمصلحة العامة والخاصة، مصلحة الناس ومصلحة السائق، وأشد من ذلك بذل المال في سبيل المخالفة والاحتيال على القانون، وما يبذله الشخص من مال في هذا السبيل يعد رشوة محرمة من الراشي والمرتشي.
أما إن كان المعتبر لاستخراج الجواز هو الرؤيا الجيدة ولو بعين واحدة، وإنما امتنع الموظف المختص من إعطائك الجواز ليجبرك على الرشوة، فحينئذ يجوز لك إعطاؤه إياها إن لم تجد طريقا غيرها، ويكون الإثم عليه دونك.
وانظر الفتويين رقم: 1713، ورقم: 2487.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2724)
لا يجوز الاستيلاء على الميراث تحت سيف الإكراه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما موقف الإسلام من سوء معاملة زوجة أخ لنا توفي في سن صغير، وأمه مازالت تعيش وهي لا تتعامل معنا برحمة، وكأن الميت مصيبتها لوحدها، كذلك تسلط الناس على إجبار أمي للتنازل عن ورثها في ابنها بحجة أن أولاده صغار، مع أن أمي لها 8 أحفاد آخرين منهم بنت مات زوجها ولها 5 أولاد أيتام، ولم تطلب الابنة كتابة شيء مساعدة لأولادها. ماذا نفعل مع زوجة أخي المتوفى، وهى سوف تحرمنا أولادها، وما حق عمة الأولاد عند هذه الأرملة والأولاد مازالوا صغارا 10و 8 و5 سنين لا يعلمون شيئا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي لأحد أن يلح على الورثة كي يتنازلوا له عن نصيبهم الشرعي من الميراث، لأن هذا الإلحاح يدخل في سؤال الناس، وهو مخالف أيضاً لما ينبغي أن يكون عليه المسلم من العفة والاستغناء، فإذا أخذ هذا الشخص شيئا من أصحابه بغير رضاهم بل بسيف الحياء والخجل وتحت ضغط السؤال والإلحاح، فإنه لا يحل له أخذه ولا يطيب له الانتفاع به؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أبو داود وصححه الألباني، وهذا لم تطب نفس صاحبه به فكيف يحل لآخذه؟ قال ابن حجر الهيتمي الشافعي في الفتاوى الفقهية: ... ألا ترى إلى حكاية الإجماع على أن من أخذ منه شيء على سبيل الحياء من غير رضا منه بذلك لا يملكه الآخذ، وعللوه بأن فيه إكراهاً بسيف الحياء فهو كالإكراه بالسيف الحسي، بل كثيرون يقابلون هذا السيف ويتحملون مرارة جرحه ولا يقابلون الأول خوفاً على مروءتهم ووجاهتهم التي يؤثرها العقلاء ويخافون عليها أتم الخوف ... انتهى.
فالواجب على زوجة أخيكم أن تتقي الله وتحسن معاملة أهل زوجها، ولا تمنع أولادها من زيارة أجدادهم وأعمامهم وعماتهم، فهذا حرام لا يجوز لما فيه من تقطيع الأرحام التي أمر الله أن توصل. وعليها أن تكف عن سؤالهم أموالهم وإرثهم، ولتتوكل على الله وحده، وتحسن الظن به، فإن الأولاد وإن كانوا صغارا ضعفاء فإن الله سيرزقهم ويرعاهم وهو سبحانه خير الرازقين.
مع التنبيه على أن حضانة الأم للأولاد تستمر حتى بلوغهم سن السابعة، أما من بلغ السابعة فقد حصل خلاف بين الفقهاء هل يضم إلى أبيه أو من يقوم مقامه أو يخير بين الأب والأم، وكذا حصل الخلاف في البنت خاصة، هل تستمر حضانتها إلى زواجها أم إلى بلوغها تسع سنوات أو غير ذلك، وكل هذا قد تم بيانه في الفتوى رقم: 6256.
والذي نراه راجحاً هو مراعاة مصلحة الطفل، قال الشوكاني في نيل الأوطار: واعلم أنه ينبغي قبل التخيير والاستهام ملاحظة ما فيه مصلحة للصبي، فإذا كان أحد الأبوين أصلح للصبي من الآخر قدم عليه من غير قرعة ولا تخيير، هكذا قال ابن القيم، واستدل بأدلة عامة نحو قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا. وزعم أن قول من قال بتقديم التخيير أو القرعة مقيد بهذا، وحكى عن شيخه ابن تيمية أنه قال: تنازع أبوان صبيا عند الحاكم فخير الولد بينهما فاختار أباه، فقالت أمه: سله لأي شيء يختاره؟ فسأله فقال: أمي تبعثني كل يوم للكاتب والفقيه يضرباني، وأبي يتركني ألعب مع الصبيان! فقضى به للأم. انتهى.
فإذا عُدم الأب فالعصبات من جد ونحوه يقومون مقام الأب، جاء في المغني لابن قدامة: فإن كان الأب معدوما أو من غير أهل الحضانة وحضر غيره من العصبات كالأخ والعم وابنه قام مقام الأب، فيخير الغلام بين أمه وعصبته لأن عليا رضي الله عنه خير عمارة الجرمي بين أمه وعمه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2725)
حكم صرف الزكاة لدار العجزة والمساكين ورعاية الأيتام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إعطاء الزكاة لدار العجزة والمساكين، أو لدور رعاية الأيتام بدلا من إعطائها لديوان الزكاة؟. أرجو الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزكاة لا تدفع للعاجز ولا لليتيم لمجرد العجز واليتم إذا لم يكن من أهل الزكاة, ولا تدفع الزكاة إلا إلى الأصناف الثمانية المنصوص عليها في سورة التوبة، والذين ذكرناهم في الفتوى رقم: 27006، فإذا كان العجزة واليتامى في الدور المشار إليها فقراء أو مساكين أو غارمين جاز دفع الزكاة إلى تلك الدور إذا كانت ستملكهم إياها, وأما إن كانوا أغنياء فلا يجوز دفعها إلى تلك الدور، وكذا لو كان فيها من هو فقير ومسكين ومن هو غني لم يجز دفعها إلا إذا علمت أنها ستدفعها إلى أهل الزكاة منهم، وانظر للأهمية الفتاوى التالية أرقامها: 3544 , 35305 , 123791.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1430(13/2726)
حكم التورق المنظم الذي تجريه بعض البنوك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التورق في بنك سامبا حلال أم حرام، وهم شرحوا طريقتهم لي، وهي أنهم يشترون لي رزا، ثم يبيعونه على طرف ثالث بوكالة مني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الصورة داخلة فيما يعرف بالتورق المنظم، وفيه يلتزم البنك بالشرط في العقد أو بحكم العرف والعادة ببيع السلعة للعميل، وهو غير جائز، وبالخصوص إذا كانت السلعة طعاما لأنه حيلة على القرض الربوي وليس تورقاً حقيقياً.
وراجع قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن التورق المنظم في الفتوى رقم: 46179.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2727)
هل لطالب العلم أن يقرأ في كتب المبتدعة والطرقية
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: أنا شاب مسلم سوري وطالب جامعي، لكنني لست متخصصا في العلوم الشرعية
وكثيرا ما تُفتح مواضيع حوارية بين الطلبة الجامعيين حول الفرقة الفلانية والفرقة الأخرى فمن مبتدعين إلى طرقيين وسوى ذلك، وسؤالي: هل تنصحنا بقراءة كتب هذه الأطراف جميعا ونأخذ منها ما يناسبنا والأقرب إلى عقولنا؟ أم نلتزم بقراءة كتب أهل السنة بفهم سلف الأمة وسماع شيوخهم وعلمائهم والابتعاد عن علماء الطرف الأخر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن سيرين قال: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم.
وهذه المقولة على اختصارها تبين المنهج الصواب في ما سأل عنه الأخ الكريم، فلا يصح أن يأخذ طالب العلم إلا من كتب الثقات من أهل العلم المعروفين بالديانة واتباع السنة ومجانبة البدعة ـ ولا سيما ـ والسائل يقول عن نفسه: لست متخصصا في العلوم الشرعية ـ وقد سبق لنا بيان ذلك في عدة فتاوى، منها الفتاوى التالية أرقامها: 30036، 38541، 18328، كما سبق لنا بيان حكم قراءة الكتب المحتوية على البدع في الفتوى رقم: 38299.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1430(13/2728)
حكم عدم قبول الهدية
[السُّؤَالُ]
ـ[قامت إحدى الموظفات عندنا في الشركة بشراء سيارة، وطلبت من الإدارة رسميا شراء وجبات جاهزة لتوزيعها على كل موظفي الشركة، وستقوم هي بتغطية التكاليف، وكنت محسوبا بينهم، ولكني رفضت أخذ الوجبة المخصصة لي، لأني لا أريد وجود الإناث في الشركة، ولا أريد لهذه الدعوات أن تنتشر، فهل فعلي صحيح؟ وما هي النية الصحيحة الواجب توفرها لفعل كهذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد رغَّب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبول الهدية فقال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه فتموله، فإن شئت كله، وإن شئت تصدق به، وما لا فلا تتبعه نفسك. قال سالم بن عبد الله: فلأجل ذلك كان عبد الله لا يسأل أحدا شيئا ولا يرد شيئا أعطيه. متفق عليه. وقال - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه عنه أبو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ.
قَالَ اِبْن بَطَّال رحمه الله ـ في شرح صحيح البخاري هذا حض منه لأمته على المهاداة، والصلة، والتأليف، والتحاب، وإنما أخبر أنه لا يحقر شيئًا مما يُهدى إليه أو يدعى إليه؛ لئلا يمتنع الباعث من المهاداة لاحتقار المهدى، وإنما أشار بالكراع وفرسن الشاة إلى المبالغة في قبول القليل من الهدية، لا إلى إعطاء الكراع والفرسن ومهاداته؛ لأن أحدًا لا يفعل ذلك. انتهى.
وقد اختلف العلماء فيمن أهدي إليه مال هل يلزمه قبوله أم لا، قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: واختلف العلماء فيمن جاءه مال هل يجب قبوله أم يندب؟ على ثلاثة مذاهب والصحيح المشهور الذي عليه الجمهور أنه يستحب. انتهى
وتأسيسا على ذلك فإنه يستحب لك قبول هذا الطعام الذي أهدي إليك. أما هذا القصد الذي رددت من أجله الهدية فينظر في الظروف الملابسة له، فإن كان عمل النساء في الشركة عملا منضبطا من الناحية الشرعية بمعنى أنه لم يكن هناك مخالفات شرعية من اختلاط بالرجال أو تبرج ونحوه فنرى حينئذ أن فعلك هذا خلاف الأولى؛ لما فيه من ترك أمر مستحب ندب إليه الشرع.
أما إن كان عمل النساء في الشركة يتضمن مخالفة شرعية، وكان تركك لأخذ هذا الطعام من قبيل إنكار المنكر وهجر أصحابه وزجرهم، فإن فعلك هذا محمود، ولك فيه الأجر والمثوبة إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2729)
ساعد زميله في تخفيض الجمارك فأهداه هدية فما حكمها
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب مني شخص على معرفة بي أن أساعده في تخفيض رسوم جمركية عن بضاعة مستوردة لديه، فقمت أنا بالاتصال مع صديق لي من أجل مساعدته فقام صديقي بمساعدته، فقام الشخص الذي طلب المساعدة مني بتقديم مبلغ من المال لي كهدية، فهل يعتبر هذا المبلغ بمثابة رشوة؟ أو هو من الحرام؟.
أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المسألة مما يعرف عند أهل العلم بثمن الجاه، وقد اختلفوا فيها ما بين قائل بالتحريم مطلقاً، وقائل بالكراهة، وقائل بالتفصيل، أي إن كان ذو الجاه يحتاج إلى نفقة وتعب وسفر فيجوز له أخذ أجرة المثل، وإلا فلا وهذا هو الراجح، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 71533.
والظاهر من السؤال أنك لم تحتج إلى بذل جهد ولا مال، فعلى ذلك لا يجوز لك أخذ ذلك المبلغ على القول الراجح، وهذا كله على فرض أن تلك الرسوم الجمركية ليست مشروعة، وإنما هي ظلم لمن تؤخذ منه، أما إن كانت تلك الرسوم مشروعة، فلا يجوز التهرب منها، ولا تجوز المعاونة على ذلك التهرب ـ سواء بعمولة أو مجاناً ـ وانظر للفائدة الفتوى رقم: 54824.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2730)
شروط جواز التورق
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن شركة عقارية مساهمة مقفلة، ونقوم في الوقت الحالي ببناء مجمع تجاري في منطقة الشويخ وتبقى 20% لإنجاز المشروع ونحتاج إلى مبلغ: 400,000 دينار كويتي لإكمال المشروع وتوجد لدينا أصول، ولكن في حال تم بيعها فسوف تكون هناك خسارة، وحرصا على مصلحة المساهمين قررنا التوجه إلى بنك بوبيان وطلب تورق بالمبلغ لسداد حقوق مقاولي المشروع، ولم يمانع البنك في إعطائنا المبلغ مضافا إليه الأرباح، علما بأننا سوف نتسلم المبلغ نقدا بعد التوقيع على العقود اللازمة، والسؤال: هل عقد التورق هذا يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء؟.
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتورق هو أن تشتري سلعة بثمن مؤجل، ثم تبيعها بثمن حال لغير من اشتريتها منه، من أجل أن تنتفع بثمنها وقد اختلف فيه أهل العلم وأكثرهم على أنه جائز، ويشترط لجوازه أن يقوم العميل بشراء السلعة من البنك شراء حقيقياً، بحيث تدخل في ملكه وضمانه بعد أن دخلت في ملك البنك وضمانه قبل ذلك، ثم يبيعها لآخر أو يوكل من يبيعها له، وأما إذا لم يكن هناك بيع حقيقي ـ كما هو الشائع في كثير من البنوك ـ فإنه تحايل على الربا وبالتالي، لا يحل الدخول في هذا العقد، وانظر للمزيد من الفائدة الفتويين رقم: 77080، ورقم: 102002.
وأما ما ذكرته من أن البنك لم يمانع من إعطائكم المبلغ مضافاً إليه الأرباح وأنه سيستلم نقداً فهو صريح الربا ولا يجوز، وليس هذا هو التورق الذي اختلف العلماء في جوازه، بل هو من الموبقات، كما جاء في الحديث الشريف، فالواجب الابتعاد عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2731)
حكم تمييز بعض الأبناء في العطية لمجهوده في إنشاء الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لأب يمتلك شركة استثمار يملك هو فيها51% أن يوزع النسبة المتبقية كالآتى: الابن الأكبر 29%، والابنة الوسطى 10%، والابن الأصغر 10%، والاعتبار الوحيد هو: أن الابن الأكبرقد قام بمجهود كبير في نشْْأة الشركة بحكم علاقته وخبرته السابقة التي تفوق خبرة إخوته، مع العلم بأن خبرات والده قى نفس المجال منذ 40 عاما، ومع العلم ـ أيضا ـ بكفاح الوالد المستمر لرفع مستوى أولاده ـ الصبية ـ المادي وحصول كل منهما علي فيلا مستقلة، فما حكم الشرع في توزيع هذه الشركة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الأب العدل بين أولاده في الهبة على الراجح، كما تجب التسوية بين الذكر والأنثى منهم على الراجح أيضا، وانظر الفتوى رقم: 6242.
ولكن إذا كان أحد أبنائه له ميزة لا توجد عند الآخرين كأن يكون قد قام بمجهودات في إنشاء الشركة ونحو ذلك فلا بأس أن يكافئه الأب عليها بإعطائه نصيبا زائدا من الشركة، وانظر لمزيد الفائدة الفتويين رقم: 11517، ورقم: 104208.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2732)
الأصل أن تتعلم المرأة القيادة عن طريق مدربة أنثى
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن القيادة وتعليمها للمرأة: هل يجوز لها أن تتعلم القيادة من قبل امراة مثلها؟ وأيضا: هل من الممكن أن تقود سيارتها بعد التعلم؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم قيادة المرأة للسيارة وذكرنا أن ذلك جائز بضوابط شرعية معينة، فراجعي الفتوى رقم: 24621.
وأما تعلمها القيادة عن طريق مدربة أنثى فجائز أيضا، بل الأصل أن تعلمها امرأة أو زوج أو أحد محارمها ولا يجوز أن تتدرب على يد أجنبي إلا للحاجة وبشرط أن يكون معهم من تنتفي به الخلوة، لأن وجود امرأة وأجنبي عنها في السيارة له حكم الخلوة، كما أوضحنا ذلك بالفتوى رقم: 10690.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2733)
حكم هجر الوالد تارك الصلاة ومتعاطي المحرمات
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد هجرت أبي، لانه لا يصلي ولا يريد أن يكف عن شرب البيرة، فأنا متزوج، ولا أريد أن ترى زوجتي ما يفعله أبي. أفيدونى: فهل علي وزر قطع صلة الرحم أم لا؟ وماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك ـ أيها السائل ـ أن تهجر أباك لأي سبب كان ـ سواء كان مسلما أو كافرا ـ وتصديق ذلك من كتاب الله قوله سبحانه: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:15} .
فإذا كان أبوك تاركا للصلاة أو متعاطيا لبعض المحرمات، فالواجب عليك أن تنصحه برفق ولين، فإن لم يستجب لك وأصر على معاصيه فله عليك حق المصاحبة بالمعروف، ولكن لا تكن عونا له على معصيته، وعليك أن تفارقه وقت ارتكاب المعصية.
وما تذكر من عدم رغبتك في رؤية زوجتك له وهو على هذه المنكرات لا يستلزم هجرانك له، فيمكنك أن تصطحبها معك لزيارته في الوقت الذي تعلم منه عدم مقارفته لهذه الفواحش، فإن تعذر ذلك فاذهب أنت بمفردك لزيارته، فإن زوجتك لا يجب عليها صلة أبيك، أما أنت فلا يسعك إلا صلته وبره. وراجع الفتويين رقم: 50848 ورقم: 49048
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2734)
لا تعارض بين كون الحوادث بقدر الله وكونها قد تقع بتقصير العبد
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة حكم حادث السيارة والإصابة فيه: هل هو مقدر ومكتوب في الكتاب منذ خلق وأن يتم فى الوقت الذي حدث فيه وأنه من الإيمان بالقضاء والقدر؟ أم تقصير مني وعدم الأخذ بأسباب الحيطة والحذر في القيادة؟ وهل هذا ابتلاء من الله لمعرفة صبري على المصائب؟ أم غضب من الله علي؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجميع ما يحصل في الكون من خير أو شر قد سبق به علم الله تعالى وجرى به القلم في اللوح المحفوظ قبل خلق الخلق، كما قال تعالى: قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا {التوبة:51} .
وقال سبحانه: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ {التغابن:11} .
وقال عز وجل: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر:49} .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة. رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني.
وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة. رواه مسلم.
ولا تعارض بين كون الحوادث التي تصيب العبد بقضاء الله وقدره، وبين كونها قد تكون بسبب تقصيره وعدم أخذه بأسباب السلامة، فإن ذلك نفسه بقضاء الله تعالى وقدره، فالله تعالى هو الذي خلق الأشياء وأسبابها وقرن بينهما بحكمته سبحانه، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 103587، 47818، 80725.
وأما الحكمة من وراء هذه الحوادث، فهي كسائر أنواع البلاء تارة يكون لتكفير الخطايا ومحو السيئات، وتارة يكون لرفع الدرجات وزيادة الحسنات، وتارة يقع لتمحيص المؤمنين وتمييزهم عن المنافقين، وتارة يعاقب المؤمن بالبلاء على بعض ذنوبه، كما سبق بيان ذلك في الفتويين رقم: 27048، ورقم: 44779.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2735)
حكم الامتناع عن الزوج للشعور بفتور تجاهه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة أبلغ من العمر 30 عاما، أشعر بفتور كبير جدا تجاه زوجي، ولا أريد ممارسة الجنس معه، مع العلم أنني كنت كثيرة الشهوة، وأريد أن يجامعنى كل يوم على الأقل مرتين باليوم، ولو حتى فعل المزيد كنت أحب ذلك، بل وكنت أفوقه في رغبتي الجنسية، ولكن الآن لا أدري ماذا أصابني مع العلم أنني كنت حاملا وابني الآن تم عشرة أشهر، وإنى حملت مرة اخرى بعد النفاس وأنا حامل الآن في الشهر الثامن فهل الحمل له تأثير على هذا الشعور.
وأريد أيضا أن أوضح لكم بأنني أحيانا أمارس العادة السرية بعد ما يجامعني زوجي، وأتخيل زميلا لي بالعمل، ولكني بعدها أشعر بالذنب، ولكن أرجع مرة ثانية أفعلها، ويكون عزائي الوحيد هو أنني لا أريد أن أقع في الزنا مع هذا الزميل.
أفيدوني ماذا أفعل لأجدد حياتي مع زوجي مرة أخرى. مع العلم أني والله العظيم أحب زوجي كثيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوجة الامتناع عن فراش زوجها حتى وإن لم يكن لها رغبة لذلك، ما لم يكن لها عذر حقيقي في ذلك من مرض ونحوه، فهنا يجوز لها الامتناع. وراجعي في ذلك الفتاوى التالية: 123651، 14121، 34857.
أما ممارسة العادة السرية فهي محرمة وصاحبها آثم، وهي من المتزوج أشد قبحا وإثما، وقد بينا هذا كله في الفتويين التاليتين: 37399، 21579.
وأما تخيل المرأة أثناء ذلك معاشرة شخص أجنبي لها فهذا زيادة في الإثم وإيغال في العصيان. ولعل هذا الأمر هو السبب في فتور علاقتك بزوجك. وقد بينا حكم التخيلات الجنسية في الفتوى رقم: 111167.
وأما تأثير الحمل على النشاط الجنسي فيراجع فيه أهل التخصص من الأطباء ونحوهم، ويمكنك مراسلة قسم الاستشارات في الشبكة.
ونوصيك بالتوبة إلى الله سبحانه والاستغفار من الذنوب والاجتهاد في طاعة الله والإلحاح عليه في الدعاء أن يصلح لكم الحال والبال، وأن يصرف عنكم كل ما يكدر صفوكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2736)
التورق المنظم ليس تورقا حقيقيا
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكريم أرجو من سعادتكم إعطائي فتوى على السؤال التالي: سوف آخد سلعة من البنك السعودي الهولندي وهي أرز بقيمة 100000ريال سعودي، وذلك على أن يتم سداد هذا المبلغ بالفائدة من قبلي على 4 سنوات وسيكون 120000 ريال سعودي وذلك من راتبي الذي سوف يحول على البنك، وحيث إنني لا أستطيع بيع الأرز سوف أقوم بتوكيل البنك بالبيع لصالحي ثم يتم إنزال المبلغ فى حسابي وهو 100000 ريال سعودي وعلى أنني سوف أقوم بزيارة المستودع لمشاهدة الأرز الذي سوف أقترضه والموظف يقول لي إذا كنت تريد الأرز فأحضر سيارات لتحمله إلى مستودعاتك، ولكنني بالطبع لن آخذه إذ ليس عندي ـ لا مكان ولا مشتري ـ وهذا يلقب بشراء سلعة بالمرابحة، فهل هذا حلال أم حرام؟.
الرجاء أن تفيدوني أكرمكم الله وكل عام وأنتم بخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الصورة داخلة فيما يعرف بالتورق المنظم، وهو غير جائز، لأنه حيلة على القرض الربوي وليس تورقاً حقيقياً، فإن مشتري السلعة لا يقبضها ولا يبيعها، بل يلتزم البنك بالشرط في العقد أو بحكم العرف والعادة ببيع السلعة للعميل، فيصبح الأمر عبارة عن قرض ربوي.
أما التورق الجائز ـ على الراجح لدينا ـ فيشترط فيه أن يقوم البنك بشراء السلعة شراء حقيقيا ثم يبيعها للعميل فإذا قبضها العميل جاز له بيعها والاستفادة من ثمنها.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 46179، 112214، 112842، 115367، 121687.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2737)
التوكل على الله لا يعني ترك التدبير والحيطة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مهندس اتصالات متزوج وأعمل بشركة كبيرة وبمرتب كبير، لكنني مللت من هذا العمل، لأنني لا أحبه وأخاف أن لا أتقنه وتكون الفلوس حراما، والعمل الذي أحبه أسعى الآن وأبحث بجد عن فرصة فيه، والسؤال: هل أبقى بعملي حتى أجد فرصة مناسبة؟ أم أتركه وأتوكل على الله وأبحث بجد وبيقين أن الله لا يضيعنا ـ أنا وزوجتي؟ مع العلم أن العمل الذي أحبه به مستقبل لي أكبر من الذي أعمل فيه الآن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام عملك الحالي مباحا، فتركك له قبل أن تجد عملا بديلا ليس من اليقين ولا من التوكل الذي أمرنا به وإنما هو تسرع وتفريط، وربما كان فيه إضاعة لك ولأهل بيتك، وقد قال عليه الصلاة والسلام: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أبو داود وأحمد، وحسنه الألباني.
والتوكل على الله واليقين به لا يعني ترك التدبير وأخذ الحيطة والحذر، بل قد أمرنا الله بذلك، فقال: وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ {النساء:102} .
فعليك أن تستمر في عملك طالما لم تجد عملا غيره، واحرص على إتقانه، واستعن بالله ولا تعجز، وتذكر قوله عليه الصلاة والسلام: إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه. رواه أبو يعلى والبيهقي في الشعب، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
ونسأل الله سبحانه أن ييسر لك العمل الذي تحبه وأن يوفقك لما يحبه ويرضاه ويزيدك قربا منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1430(13/2738)
يلزمك أداء فرق الإيجار
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أستفتي في موضوع شخصي فيما يلي نصه: استأجرت شقة إيجارها السنوي: 6500 ريال سعودي وكنت أدفع الإيجار شهريا وهو: 542 ريالا، دفعت أجرة الشهر الأول ثم الثاني على هذا النحو وفي الشهر الثالث قلت لصاحب الشقة ياشيخ بلا 42 ريالا خليها 500 ريال صافية، خصوصا وأن ظروفي المادية صعبة ووقتها لم يكن عندي عمل، لكنه رفض فاقترحت أن أجمع له ال 42 ريالا عن كل شهر في نهاية السنة فسكت ومن سكوته عرفت أنه قبل ومضت السنة الأولى ولم أعطه ال 420 حق عشرة شهور وهو أيضا لم يطالب بها وبقيت في البيت 12 سنة ولم يطلب الرجل فرق الإيجار ويبدو أنه قدر حالتي المادية حتى إنه وفي سنة من السنوات وتحديدا في شهر رمصان من تلك السنة كانت ظروفي صعبة ودفعت له إيجار الشهر، ولكنه وبعد أن أخذ المبلغ 500 ريال أعاده إلي على أنه زكاة، وقبل نحو 3 شهور قمت بعمل بعض الإصلاحات في المنزل مثل باقي المستأجرين بمبلغ:400 ريال على أن تكون على حسابه فرفض وقام بزيادة الإيجار 100 ريال عن كل شهر أي أصبح الإيجار 600 ريال، بل وبدأ يطالب بفرق الإيجار للسنوات الماضية التي قضيتها عنده فتعجبت لأنه طوال 12 سنة لم يطالب بهذا الفرق وبسبب مطالبتي ب 400 ريال قام بزيادة الإيجار والمطالبة بفرق كل تلك المدة، وقبل ثلاثة أشهر تقريبا وبسبب مسألة ليس لها علاقة نهائيا بما حصل بيني وبينه تركت الشقة واستأجرت أخرى في حي آخر وكان لي عنده إيجار شهر واحد كنت قد أعطيته مقدما، لأنه وعند زيادته لإيجار الشقة اشترط أن أعطيه أجرة ثلاثة أشهر مقدما فبقي مبلغ 600 ريال معه علاوة على المطبخ الذي قمت بتركيبه على حسابي، فقلت له أعطيني ال 600 ريال فرفض وقال لي يجب عليك أن تدفع لي فرق الإيجار عن السنوات التي أقمت فيها بشقته ـ 12ـ سنة، والآن أفتوني جزاكم الله خيرا: هل يستحق الرجل فعلا فرق الإيحار عن تلك المدة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الرجل لم يصرح بإسقاط هذا الفرق ـ كما هو الظاهر من كلامك ـ فيلزمك أداء فرق الإيجار إليه، ومجرد ترك المطالبة بهذا المال لا تدل على إسقاطه عنك.
أما بخصوص الإصلاحات التي قمت بها، فإن كانت بإذن المؤجر وعائدة على العقار بالنفع فهي على المؤجر، وإن كانت عائدة على المستأجر بالنفع فهي على المستأجر ما لم يفعل ذلك بشرط الرجوع على المؤجر، وراجع تفصيلا أكثر في الفتوى رقم: 104968.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2739)
حكم إخراج المستأجر المنتهي عقده بالقوة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي شقة سكنية، كانت في الأصل لوالدتي ثم وهبتني إياها لاحقا.. المشكلة هي أن هذه الشقة تم تأجيرها لشخص منذ حوالي 15 سنة على أساس أن يخلي الدار فور انتهاء المدة المتفق عليها وهي سنتان فقط، ولكن هذا المستأجر تمسك بالدار، واستغل ضعف القانون في بلدي للاستمرار فيها، وهو يدفع مبلغا ماليا يكاد يكون زهيدا.. وعندما طالبته بالإخلاء لحاجتي للسكن بعد زواجي علما أن هذه الدار هي ما أملك في هذه الدنيا فقط، ولكنه رفض ذلك، فرفعت عليه قضية أمام المحاكم، والمشكلة الأكبر أنه بناء على قانون الإخلاء يتحتم علي دفع 40% من قيمة العقار السوقية لهذا المستأجر لكي يخلي الشقة ويسلمها إلي، علما أن هذه القيمة قد تصل إلى مبلغ مهول لا أملك منه شيئا ...
هل هذا الأمر يجوز شرعا، ويعتبر بحكم المال المغتصب، ويجوز الذود عنه بالدم، وإن خالف القانون..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الواقع ما ذكر من كون مدة الإجارة المتفق عليها في العقد قد انتهت، فيجب على المستأجر إخلاء هذا العقار، ولا حق له في المطالبة بشيء من المال مقابل إخلائه له، فإن هذا من الظلم البين، وقد ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.
وإذا رفض هذا الرجل إخلاء العقار فهو معتد على حق الغير بغير وجه حق، فعليك بذل الحيلة في إخراجه منه، وإن لم يكن من سبيل إلى إخراجه إلا القوة فالأصل جواز ذلك، قال السرخسي في المبسوط – وهو في الفقه الحنفي: وكما أن له أن يقاتل دفعا عن ملكه إذا قصد الظالم أخذه منه، فكذلك له أن يقاتل في استرداده، والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم: من قتل دون ماله فهو شهيد اهـ.
وهذا الحديث رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. إذن من جهة الأصل يجوز لك دفعه بالقوة، ولكن لا يخفى عليك أن هذا الرجل يجد حماية من قبل القانون، فإصابتك إياه بأي نوع من الضرر تجعلك في مواجهة القانون، فقد يقع عليك بسبب ذلك ضرر أكبر من ضرر أخذ مالك، ولهذا فلا ينبغي لك الإقدام على ذلك، بل اتخذ من الوسائل ما تتمكن به من إخراجه من غير أن تقع في شيء من الحرج.
لكن أفضل الوسائل هو أن توسط بعض أهل الفضل لعلهم يقنعونه بالخروج ولو بمقابل معقول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2740)
حكم العقيقة بلحم مستورد مذبوح
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أسرة على قدر محدود من الدخل ـ أنا وزوجي ـ موظفان ونسكن بيتا بالإيجار ولنا من البنات 3ـ والحمد لله ـ تمكنا من الذبح عن اثنتين من البنات عقيقة، مع العلم أنني وزوجي لم يعق عنا في صغرنا، ومع الارتفاع الهائل في سعر الذبائح عندنا في فلسطين قد يصل سعر الذبيحة فوق 450 دولارا أمريكيا أي ما يساوي تقريبا ثلث دخلنا الشهري قبل سداد التزاماتنا الشهرية، وبصراحة نريد أن نذبح العقائق عنا، ولكن ـ ما باليد حيلة ـ فأخبرنا أحد المعارف عن ذبائح تستورد من البرتغال سعرها أقل من الذبائح البلدية، ولكنها تستورد مذبوحة ولن نتمكن من ذبحها نحن، علما بأن أي ذبيحة تذبح في الملحمة وليس في المنزل لا نراها قبل ذبحها فقط ندفع ثمنها ونأخذ لحمها لنقوم بتوزيعه، أرجو الإفادة، فهل يجوز أن نقوم بالعق من هذه الذبائح المستوردة؟ لأنه يمكننا أن نقوم بتوفير ثمنها بالادخار على مدى أشهر، أما بالنسبة للذبائح المتوفرة عندنا فإنه تلزمنا سنوات لنتمكن من ذبح واحدة، هذا على فرض أن السعر ثابت ولن يرتفع، مع العلم أنني أقوم منذ مولد ابنتي الصغرى والتي تبلغ من العمر الآن سنتين بالادخار وإلى الآن لم أجمع سعر ذبيحة، لأن أسعارها في ارتفاع مستمر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنظرا لما ذكرت السائلة الكريمة فإن الظاهر أن العقيقة ساقطة في مثل هذه الحالة المذكورة، لما فيها من إجحاف وتكلفة، فالعقيقة سنة ـ على الراجح من أقوال أهل العلم فيها ـ على من كان قادرا عليها، ولا تجحف به وذلك لما رواه مالك في موطئه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ولد له ولد فأحب أن ينسك عن ولده فليفعل.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنها مندوبة مطلقا، قال العلامة خليل المالكي في المختصر: وندب ذبح واحدة تجزئ ضحية في سابع الولادة.
وسبق بيان أحكام العقيقة وما تعلق بها في الفتاوى التالية أرقامها: 120903، 57780، 15481.
وتأديتها من الذبائح واللحوم المستوردة لا يصح، لأن العقيقة قربة، والقرب لابد فيها من النية عند إرادتها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. متفق عليه.
والذبائح المستورة قد ذبحت بغير نية العقيقة.
والحاصل أن العقيقة ساقطة عنكم في هذه الظروف ولا حرج عليكم ـ إن شاء الله تعالى ـ وبإمكانكم أن تقضوها فيما بعد إذا تيسرت الأمور وتغيرت الأحوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2741)
المسلم مطالب بالتخلي عن المعاصي صغيرها وكبيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال لم أستطع أن أجد له جواباً شافياً لي، فأرجو أن تفيدوني بعلمكم قدر المستطاع. أنا شاب عمري 17 سنة, والحمد لله أن الله هداني وتركت المعاصي الصغيرة, فأنا الآن أصلي الصلوات والسنن, وآمر بالمعووف وأزكي, وأصوم وأقوم الليل وأحفظ القرآن وأسمع كثيراً من الخطب الإسلامية وهكذا، ولا نزكي على الله أحدا، فأنا أعلم أني مذنب وأحتاج إلى استغفار كثير، لأننا نحن البشر كلنا مقصرون في عبادة الله عز وجل، وقد نرتكب بعض المعاصي فنرجو من الله قبول التوبة , ولكن هنالك شيء واحد يجعلني أفكر كثيراً وهو أن الله عز وجل رحيم غفور لدرجة أن من فعل السيئات (وأنا أتكلم عن الصغائر) وصلى الصلوات الخمس وصام فإن هذه الأعمال تذهب السيئات وأيضاً قوله نعالى: إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما [سورة النساء: 31] .
وقوله عز وجل الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم [سورة النجم: 32] وفي الصحيحين عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: اجتنبوا السبع الموبقات، قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: الإشراك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات. وقيل من صلى الصلوات الخمس وصام رمضان واجتنب الموبقات قيل له ادخل الجنة بسلام. فسؤالي هو هل يعني ذلك أن من تجرأ على الله وارتكب المعاصي كالاستماع للأغاني المهيجة للشهوات أو كالذي ينظر إلى الصور الفاضحة والماجنة، أو كالذي يصافح النساء أو ما شابه ذلك, فهل هو من الذين يقول له ادخل الجنة بغير حساب فإن الأعمال الصالحة تكفر الذنوب ولا حاجة إلى استغفار؟ أم أنهم سيعذبون قدر معاصيهم ان لم يتوبوا..فأنا عندما أرى هذه الذنوب منتشرة عند الشباب فأقول لنفسي هل من خاف ربه واجتنب جميع نواهيه يكون مثل الذي يرتكب الصغائر ويجتنب الكبائر؟ وهل درجة المعاصي التي ذكرتها, تكون تحت "قال أنس بن مالك رضي الله عنه «إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر، كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات» رواه البخاري، والموبقات أي المهلكات.
فان هذه المسألة أخاف منها لأنها-والعياذ بالله- تشجعني في ارتكاب الصغائر. وأنا أعلم أن رحمة الله وسعت كل شيء. ولكن هل يجوز الاعتماد على رحمة الله مع العمل بالصلاة والصيام وارتكاب الكبائر فهل بهذا تكفر الذنوب التي أراها مفسدة للأخلاق، أرجو منكم التوضيح؟ وأثابكم الله وأدخلم جناته جنات عدن. وشكرأً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الله تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ. وقال صلى الله عليه وسلم: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر. رواه مسلم. ولكن هذه الوعود وغيرها من الله تعالى ورسوله يجب أن لا تكون مسوغة للعبد أن ينتهك الستر الذي بينه وبين الله تعالى وأن لا تجعله يقتحم مساخطة سبحانه، لأسباب منها:
1- أن المعاصي وإن لم تكن من كبائر الذنوب إلا أن الله تعالى يكرهها ويكره فاعلها ويتوعده بالعذاب الأليم، قال الله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَليِ مٌ {النور:63} ، وقال بعض السلف: لا تنظر إلى صغر المعصية، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت!. وقال ابن مسعود: المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن المنافق يرى ذنوبه كذباب مر بأنفه فقال به هكذا. أي هشه وأزاحه بيده. رواه البخاري.
2- أن إدمان الصغائر يورث في القلب استخفافاً واستهانة بالآمر الناهي سبحانه وتعالى، وهذا الاستخفاف وتلك الاستهانة من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر.
3- أن الوعد الذي في النصوص متعلق بالصغائر، وإنما تظل المعصية صغيرة إذا لم يصر عليها العبد، فإن أصر على فعلها وداوم عليها لم تبق صغيرة، وقد روي عن ابن عباس أنه قال: لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار. ولا بد لمن أراد تكفير سيئاته بما يفعله من الحسنات أن لا يكون مصراً عليها، كما قال تعالى: وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ {آل عمران:135} ، وعلى ضوء ما سبق يمكن فهم قول أنس رضي الله عنه: إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنا نعدها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم الموبقات. رواه البخاري. قال المناوي: محقرات الذنوب أي صغائرها، لأن صغارها أسباب تؤدي إلى ارتكاب كبارها، كما أن صغار الطاعات أسباب مؤدية إلى تحري كبارها، قال الغزالي: صغائر المعاصي يجر بعضها إلى بعض حتى تفوت أهل السعادة بهدم أصل الإيمان عند الخاتمة. انتهى. وانظر للفائدة الفتوى رقم: 124964.
4- أن فاعل المعصية وإن كانت من الصغائر لا يأمن أن يختم له بها فتكون آخر أعماله وعليها يلقى الله تعالى، ولتتدبر قول الله سبحانه وتعالى: وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ* وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُون* أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ* أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ* أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْ مُحْسِنِينَ {الزمر: 54-55-56-57-58} .
5- أن أداء صورة العبادات على وجه تسقط به المطالبة لا يكفي لحصول الوعد بتكفير السيئات ولا لحصول باقي الآثار المترتبة على أدائها، كصيانة العبد وحفظه عن ارتكاب ما يسخط الله، وذلك كما في قوله تعالى (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) ، فكم من مصلٍ يغشى المنكرات ويبارز الله بالمعاصي ولم تنهه صلاته؟! وإنما كان ذلك لأنه لم يقمها على وجه من الحسن والإتقان يتضمن الإخلاص وتجريد المقصود الذي حمله على إنشاء تلك العبادة، ويتضمن كذلك المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة أدائها، ويتضمن أيضاً الخوف والإشفاق من ردها وعدم قبولها، ولا يسعد بالتوفيق لإحسان العبادة التي تترتب آثارها عليها من هو مقيم على معاصي الله مستخفاً بأمره ونهيه بحجة أنه مجتنب للكبائر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2742)
طريق النجاة من العادة السرية
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: أنا شاب وعمري 23 سنة أصبت ببلاء ـ وما أدراك ما هذا البلاء؟ إنه ذلكم المرض الخطيرـ العادة السرية ـ عكرت صفو حياتي تماما وأنا لم أستطع الزواج نظرا لظروفي وعليه، فإن هذه العادة تسببت في التالي:
1ـ عدم القدرة على مواصلة الدراسة حتى إنني أفكر في مواصلتها بعد الزواج وهذا بغير علم أهلي، حيث إنني أتظاهر بالالتزام ـ وأنا فعلا ملتزم ولله الحمد ـ ولكن المذهل أنني أما رس هذه العادة الخبيثة كل يوم وأحيانا تصل الممارسة في اليوم إلى أكثر من ثمان مرات أوأكثر: إما تكون الممارسة قبل النوم أوبعد صلاة الفجر، حيث إنني أصلي الفجر ثم بعد ذلك أعود لممارستها ـ والعياذ بالله ـ وأحيانا يكون ذلك في وقت الظهيرة، وعليه فإنني الآن أعاني من اكتئاب وخوف اجتماعي وكسل وخمول، وكل هذا من آثارها عموما ـ وحتى في رمضان والعياذ بالله لم أستطع تركها ـ والسبب في ذلك أن فكري وعقلي دائما ما يتخيل مواقف جنسية وكأنني أجامع وهو وحي من الخيال عاقبته وخيمة، حيث إنني أفكر في عورات الناس ثم بعد ذلك أقذف، ولكن الآن أضع النقاط على الحروف فعندما كنت في الثانوية العامة كانت لي جارة شابة تكبرني بثمان سنوات وكانت على علاقة بي، ولكن لم يحدث الزنا ـ والحمد لله ـ وإنما يحدث شيء من المداعبة وكنت آكل وأشرب مما تصنعه كالكيك والحليب وأشياء أخرى، والآن يراودني شك، هل مثلا تستطيع فعل شيئ داخل تلك المأكولات فيكون شغلي الشاغل هو التفكير في الجنس، علما أنها الآن متزوجة ولديها ثلاثة مواليد وإذا كانت تستطيع فعل ذلك فماهو الحل والخروج من هذا المأزق الخطير؟ أنقذوني جزاكم الله خيرا.
2ـ هذه العادة جعلتني إنسانا انطوائيا لا ألتقي بالناس، خصوصا عندما تعطلت دراستي، حيث إنني أواجه أسئلة مثل: أنت في أي سنة دراسية؟ ولا أريد أن أكذب، فما هو الحل؟.
3ـ أنا حساس جدا، بحيث لو وقعت أي شجارات بيني وبين الآخرين فإنني لا أتكلم معهم جل الوقت بسبب شجار أحيانا يكون تافها على سفاسف الأمور.
4ـ لا أستطيع أن أنام إلا على بطني وأنا أعلم أنه مكروه، لكن لا أرتاح إلا وأنا على البطن.
أفيدونا جزاكم الله خيرا وجعلكم ذخرا للإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه العادة الخبيثة قد سبقت لنا عشرات الفتاوى التي بينا فيها خطرها على دين المرء وأخلاقه وصحته وراجع الفتويين رقم: 7170 , ورقم: 106 , ففيهما كلام مفصل عن أضرارها وكيفية التخلص منها، وراجع الفتوى رقم: 6995 , ففيها نصائح لمن غلبته شهوته.
ونحن نرى أن سبب ملازمتك هذه العادة القبيحة ـ برغم ما سببته لك من ضرر بدني ونفسي ـ هو ضعف همتك وعزيمتك ولو أنك صدقت الله سبحانه في التوبة منها لوفقك الله وتاب عليك, فلا ينبغي أن تسارع في نسبة الأمور إلى الأسباب الخفية من السحر والجن ونحو ذلك, وإن كان هذا غير مستبعد, ويمكنك على كل حال ملازمة الرقية الشرعية المبينة في في الفتويين رقم: 7151، ورقم: 4310.
واعلم أن من يريد النجاة يلزمه أن يسلك الأسباب الموصلة إليها، ونجاتك من هذه العادة أن تشغل وقتك بما ينفع في دينك ودنياك وأن تبادر إلى صحبة الأخيار وملازمتهم وأن تعرض تماما عن التخيلات التي تحفزك لفعلها، فإذا فعلت ذلك ـ مع التضرع بين يدي الله تعالى وسؤاله الإعانة ـ فإنك ستتخلص منها ـ بإذن الله تعالى.
وأما ما تذكره من حساسيتك الزائدة ـ حتى من المواقف السهلة اليسيرة ـ فهذا لا علاج له إلا بالاستعانة بالله جل وعلا واستحضار فضيلة العفو والصفح وترويض نفسك على الحلم والصبر، فإنما الحلم بالتحلم والأخلاق الحسنة تكسب بالتعود.
أما بخصوص النوم على البطن فإنه مكروه، كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 109614 ورقم: 5439.
وإذا كان النوم على بطنك يدعوك إلى ممارسة العادة السرية فيلزمك تركه، فتكر ذلك وسيلة من وسائل إقلاعك عن هذه العادة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2743)
الرؤية الشرعية في قتل من أنبت من يهود بني قريظة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك شبهة انتشرت حاليا تقول إن الاسلام يحث على قتل الاطفال! بالرغم من حديث النبى عليه الصلاة والسلام وقوله لا تقتلوا طفلا ولا امرأة.. إلخ والشبهة تعتمد على أن الطبرانِي روى في الكبير والصغِير من حديث أسلم الأنصاري قال: جعلنِي النبي صلى الله عليه وسلم على أَسارى قريظةَ فكنت أنظر في فرجِ الغلامِ، فإن رأَيته قد أنبت ضربت عنقه، وإن لم أَره قد أنبت جعلته في مغانم المسلمين. وحديث: عطِية القرظِي: عرِضنا على النبى صلى اللَّه عليه وسلم يوم قريظة وكان من أنبت قتل، ومن لم ينبِت خلي سبِيله، فكنت ممن لم ينبت فخلي سبيلي، وهناك أولاد ينبتون شعر العانة وعمرهم 8 أو 9 سنوات، فرددت وقلت إن الإنبات يعنى إنبات شعر اللحية فهل الإنبات في هذه الاحاديث يعنى شعر اللحية ام شعر العانة؟
وهل حديث عطية القرظى صحيح ام لا؟ يرجى الرد باستفاضة حول هذه الشبهة؛ لانها للأسف انتشرت كثيرا حاليا عند الملحدين والنصارى الحاقدين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما حديث عطية القرظي فرواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، أنهم يرون الإنبات بلوغا إن لم يعرف احتلامه ولا سنه، وهو قول أحمد وإسحاق. اهـ.
وقال ابن حجر في (التلخيص) : له طرق أخرى عن عطية، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم وقال: على شرط الصحيح. وهو كما قال اهـ. وصححه الألباني.
وأما حديث أسلم الأنصاري، فعزاه ابن حجر للطبراني في معجميه الكبير والصغير، وقال: هو ضعيف. اهـ.
والمراد بالإنبات هنا بلا خلاف هو شعر العانة الخشن لا اللحية، وقد جاء ذلك صريحا في رواية أبي داود، ولفظها: فكشفوا عانتي فوجدوها لم تنبت فجعلوني من السبي.
ومع ذلك فلا شبهة في الحديث، ولا متمسك فيه للمشككين والمضللين، وبيان ذلك مبني على العلم بأن الأحكام في الشريعة تتعلق بالبلوغ، فهو الحد الفاصل بين الكبير والصغير، أو بين الرجل والطفل.
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة ... وذكر منهم: الصبي حتى يبلغ. رواه أبو داود، وصححه الألباني. ورواه أصحاب السنن بروايات، منها: الصغير حتى يكبر. ومنها: الصبي حتى يشب أو: يكبر، أو يبلغ أو يحتلم.
فإذا اعتبرنا البلوغ هو الحد الفاصل بين الرجل والطفل، فلا يصح أن يوصف من قتل البالغين بأنه يقتل الأطفال. والإنبات أمارة وعلامة على البلوغ على الراجح من أقوال العلماء، ومنهم من اعتبر ذلك في حق الكفار دون المسلمين كالشافعية.
جاء في (عون المعبود) : يشبه أن يكون المعنى عند من فرق بين أهل الإسلام وبين أهل الكفر حين جعل الإنبات في الكفار بلوغا ولم يعتبره في المسلمين، هو أن أهل الكفر لا يوقف على بلوغهم من جهة السن ولا يمكن الرجوع إلى قولهم لأنهم متهمون في ذلك لدفع القتل عن أنفسهم، ولأن أخبارهم غير مقبولة. فأما المسلمون وأولادهم فقد يمكن الوقوف على مقادير أسنانهم؛ لأن أسنانهم محفوظة وأوقات مواليدهم مؤرخة معلومة وأخبارهم في ذلك مقبولة، فلهذا اعتبر في المشركين الإنبات، والله أعلم. قاله الخطابي. وقال التوربشتي: وإنما اعتبر الإنبات في حقهم لمكان الضرورة؛ إذ لو سئلوا عن الاحتلام أو مبلغ سنهم لم يكونوا يتحدثون بالصدق إذ رأوا فيه الهلاك. اهـ.
فلما لم يكن هناك وسيلة موثوقة يعرف بها البالغ في قضية بني قريظة تعينت هذه الوسيلة لتنفيذ الحكم الحق الذي استحقه بنو قريظه لغدرهم وخيانتهم الخيانة العظمى كما هو معروف في أسباب الحكم الذي حكم به سعد بن معاذ رضي الله عنه موافقا حكم الله تعالى فيهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يقتل منهم سوى المقاتلة البالغين فهو صلى الله عليه وسلم أعظم الناس نهيا عن قتل الأطفال. والنهي عن قتل الأطفال أصل ثابت في الإسلام. ففي الصحيحين عن ابن عمر أن امرأة وجدت في بعض مغازي النبي صلى الله عليه وسلم مقتولة، فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان. رواه البخاري ومسلم.
وعن بريدة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا، ثم قال: اغزوا باسم الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا، ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال، فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا. رواه مسلم.
وراجع للمزيد في رد شبه المغرضين حول قتل بني قريظة الفتوى رقم: 108493. والفتوى رقم: 13988.
وراجع في بعض أخلاق وسلوكيات المسلمين في حربهم مع الكفار، وقد سبق أن ذكرنا طرفا من ذلك في الفتوى رقم: 56284.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2744)
تحريم النظر لصور المتبرجة
[السُّؤَالُ]
ـ[كما لا يخفى عليكم وجد في الفترة الأخيرة برامج الاتصال بين مستخدمي الإنترنت ما يسمى فيس بوك
يوميا يزداد عدد المستخدمين لهذا البرامج.
سؤالي: هل يجوز للرجل أن يضيف إلى ملفه الخاص في هذا البرامج امرأة أجنبية عنه إن كان يتم ذلك بصورة صغيرة لامرأة متبرجة أجنبية عنه؟ وهل يجوز للرجل أن ينظر إلى صورة صغيرة لامرأة متبرجة أجنبية عنه لصغر الصورة؟ وجد عدد ممن يشار إليه بالبنان يفعل ذلك, وفعلهم ذلك يستلزم دليلا على جواز ذلك. فما رأيكم أحسن الله إليكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنظر الرجل إلى صورة امرأة متبرجة أجنبية عنه حرام كما بيناه في الفتوى رقم: 55811.
من هنا يتبين أن ما تسأل عنه من إضافة عنوان البريد الذي يستلزم إضافة هذه الصورة المتبرجة غير جائز. وراجع حكم المحادثة بين الرجل والمرأة الأجنبية في الفتاوى التالية: 109089، 122152، 119444، 3672.
مع التنبيه على أن الأحكام الشرعية إنما تؤخذ من النصوص الشرعية من الكتاب والسنة ولا تؤخذ من أفعال الرجال حتى وإن كانوا من أهل العلم، وقد قال علي رضي الله عنه: إن الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله. وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 108000.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/2745)
حكم العلاقة بين الرجل والأجنبية بداعي الأخوة والاستشارة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعمل طبيبا، وتعرف على ممرضة صرحت له أنها تحبه، لكن هو لم يقبل ذلك واعتبرها أخته وهي أصبحت تعتبره كذلك، هي تركت العمل في المستشفي وسافرت وأصبحا على اتصال تستشيره في أمورها ومشاكلها، وعندما علمت تضايقت فأنهى زوجي هذه العلاقة، وعندما علمت هي بكت بكاء شديد وقالت إنه لم تكن تريد شيئاً سوى أخ لأنها هي يتيمة ومسؤولة عن إخوتها وليس لها أحد تستشيره في أمور حياتها أنا شعرت بالذنب وطلبت منه أن يتزوجها. فهل أنا مذنبة؟ وهل هذه العلاقة صحيحة وما رأي الإسلام في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأ زوجك بإقامة علاقة مع تلك الممرضة، فلا يقر الشرع علاقة بين رجل وامرأة أجنبية عنه تحت مسوغ الزمالة أو الإخوة أو نحو ذلك، لما يجره ذلك من الفتن وينطوي عليه من المفاسد والشرور. وإذا أرادت المرأة أن تستشير أحداً في أمورها فالأولى أن يكون ذلك مع امرأة عاقلة أو رجل من محارمها، فإن احتاجت للحديث مع رجل أجنبي فليكن مع التزام الآداب الشرعية من عدم تليين الصوت والخلوة ونحوه من الأسباب الداعية للفتنة، ومن ثمن فينبغي أن تنصحي زوجك بقطع علاقته بتلك الممرضة ولا بأس بحديثه معها وفق الضوابط السابقة، ولا إثم عليك في طلبك من زوجك قطع تلك العلاقة، أما طلبك منه أن يتزوجها فلا حرج فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/2746)
زوجها يراسل الأجنبيات بحجة أن العمل يقتضي ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يتحدث كثيرا إلى النساء ويراسلهن بحجة العمل مثل: صباح الخير أو تصبحين على خير
وعمله حر ليس فيه اختلاط، لكن هذا حدث بعد تكرار سفره لدولة خليجية، وإذا ناصحته يغضب ويقول هذا رزقنا ولا بد من المجاراة ويزداد أكثر من هذا الفعل، فكيف أتعامل معه حسب الشرع وطاعة الزوج؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحديث الرجل مع المرأة الأجنبية عنه الأصل فيه المنع، ولكن إن دعت إليه حاجة أو ضرورة فلا حرج فيه بشرط أن يكون منضبطا بالضوابط الشرعية من غض البصر وترك الخلوة والخضوع بالقول والاقتصار على قدر الحاجة أو الضرورة, وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 30016.
والذي ننصحك به هو أن تنصحي لزوجك بأسلوب لين رفيق وتعلميه بأن التعامل مع النساء الأجنبيات باب عظيم من أبواب الفتنة والشر ما لم ينضبط بضوابط الشرع, وأكثري من الدعاء له بالهداية والرشاد وأن يصرف الله عنه كيد الشيطان, وراجعي حكم التحية بصباح الخير وما شابهها في الفتوى رقم: 74681.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1430(13/2747)
حكم الاشتراك في نشاط علمي جامعي مختلط
[السُّؤَالُ]
ـ[خطيبي إنسان ملتزم ومتدين وعلى خلق كبير وهو يدرس في كلية علمية مرموقة وقد أخبرني أنه يود الاشتراك في نشاط علمي في جامعته سوف يوصله إلى مرتبة عالية في الشغل بعد التخرج، كما أن هذا النشاط العلمي له فوائد ومنافع كثيرة جدا في مجاله، وهذه الفرصة لن تتكرر له مرة أخرى، ولكن النشاط العلمي الذي يشترك فيه مختلط أى يوجد به فتيات وشباب، ولكنه أخبرني أنه سيتعامل مع الفتيات في حدود الدراسة فقط، فهل هذا جائز؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان وجود الفتيان والفتيات في هذا المكان يؤدي إلى الاختلاط المحرم أي الذي لا يلتزم فيه بالضوابط الشرعية فتظهر الفتيات متبرجات وقد يدور بين المختلطين حديث يجر إلى الفساد، فإن كان الحال كذلك ـ وهذا هو الغالب ـ فلا يجوز له الاشتراك في هذا النشاط، وإذا اتقى الله تعالى جعل له مخرجا ويسر له أمره، قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا *وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2،3} .
وقال: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4} .
وروى الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله تبارك وتعالى إلا آتاك الله خيرا منه.
وراجعي الفتوى رقم: 109857.
وأما إن توفرت الضوابط الشرعية لاجتماع الرجال بالنساء، فلا حرج عليه في الاشتراك في هذا النشاط.
وننبهك إلى أنك قبل أن يعقد عليك تبقين أجنبية عليه، فلا يجوز أن يختلي بك ولا أن يرى منك ما لا تحل رؤيته للأجنبي ولا أن يخاطبك أو تخاطبيه بأكثر مما تدعو إليه الحاجة، مع التزام ضوابط الخطاب بين الرجل والمرأة الأجنبية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/2748)
حكم محادثة الأجنبي عبر الماسنجر وإرسال رسائل بريدية له
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم محادثة شاب بالماسنجر، مثلا إضافة دكتور الجامعة لسؤاله عن المحاضرات وبعض الدروس أو إرسال رسائل عبر البريد الالكتروني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحديث المرأة مع الرجل الأجنبي عنها، سواء كان زميلا في العمل أو الدراسة أو مدرسا، وسواء كان مشافهة أو عبر وسائل الاتصال غير جائز إذا كان ذريعة للفساد والفتنة.
ولا شك أن الحالة المسئول عنها ليس فيها حاجة، بل هي من مكر الشيطان وكيده ليستدرج أصحابها إلى الوقوع فيما حرم الله، خصوصا مع كون هذا الدكتور شابا – كما يظهر من السؤال - وهذا مما يؤكد جانب المنع ويقويه، لذا فالواجب التنبه لكيد الشيطان والانصراف عن هذه التصرفات المحرمة. أما السؤال عن المحاضرات ونحوها فله طرق أخرى كثيرة، فيمكنها سؤال بعض زميلاتها أو صديقاتها مثلا، ولو افترضنا أن الحاجة دعت حقيقة إلى ذلك لقلنا بإباحته مع مراعاة الضوابط الشرعية. وتراجع الفتاوى التالية: 31054، 210، 1932. ففيها تفصيل مفيد وبيان شاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2749)
النظر للفتاة والاختلاط بها بريد العشق المهلك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب في كلية الهندسة السنة قبل الأخيرة، وتعرفت على فتاة مؤدبة ومحترمة، وارتحنا لبعض، وذلك بعلم العائلتين، وهناك موافقة مبدئية، ولكن قالوا إن كل شىء بعد التخرج، ولم أرفض ذلك، ولكننا نتقابل في مكتبة الكلية، ونتكلم دائما ونتعرف وأؤثر عليها لتزيد من تدينها لأن ذلك ما أريده، وأنا حافظ بفضل الله 20 جزءا وسأختم هذه السنة إن شاء الله، وأنا مطلق اللحية وملتزم، ولكني أحبها كثيرا، وطلبت خطبتها لكن أهلها أجلوا ذلك كما قلت، والآن أبوها خائف من التزامي وأن أبعدها عنهم وأمها مادية تريد أن تزوجها من الجاهز مباشرة أيا كان ولكن البنت مقتنعة أن مستقبلها معي لأنها تعرف مدى التزامي وفهم الدين بعقل، وليس تعصبا وتشجعني على دخول مسابقات القرآن، ونصلي في جامع الكلية سويا، ونتبادل الإسلاميات على الكمبيوتر والكتب، وأنا أعلم أن الاختلاط بها حرام، ولكني أعتقده حراما صغيرا؛ والآن وصلت لمرحلة العشق، وأعلم أن ذلك غلط وهكذا، فماذا أعمل مع أهلها لأنهم ليسوا متدينين ولا يقدرون الشاب الملتزم؟ ماذا أقول لهم ليحفظوها لي ولا يفكروا في تزويجها من أي أحد جاهز رغم علمهم بأنها تميل لي. وآسف إن أطلت عليكم. فليس لنا سوى الله ثم أنتم من بعد ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تقوم به أيها السائل من اختلاط بهذه الفتاة على هذا الوجه مع علمك بحرمته وعدم جوازه منكر عظيم، ذلك أن اتباع الهوى مع العلم قبيح جدا، وقد ذم الله سبحانه من زاغ عن الصراط المستقيم واتبع هواه وهو مستبصر، فقال سبحانه: وَزَيّنَ لهم الشيطان أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ {العنكبوت: 38}
يقول الألوسي رحمه الله: {مُسْتَبْصِرِينَ} أي عقلاء يمكنهم التمييز بين الحق والباطل بالاستدلال والنظر، ولكنهم أغفلوا ولم يتدبروا، وقيل: عقلاء يعلمون الحق ولكنهم كفروا عناداً وجحوداً، وقيل: متبينين أن العذاب لاحق بهم بإخبار الرسل عليهم السلام لهم ولكنهم لجوا حتى لقوا ما لقوا. انتهى.
وقال سبحانه: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ الله أفلا تذكرُونَ {الجاثية: 23}
يقول الألوسي رحمه الله: وفيها من ذم اتباع هوى النفس ما فيها، وعن ابن عباس ما ذكر الله تعالى هوى إلا ذمه , وقال وهب: إذا شككت في خير أمرين فانظر أبعدهما من هواك فأته، وقال سهل التستري: هواك داؤك فإن خالفته فدواؤك، وفي الحديث: العاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله تعالى. انتهى.
وأنت أيها السائل قد أفتيت نفسك بنفسك عندما صرحت بأن علاقتك بهذه الفتاة غير شرعية , وكان الواجب عليك إذن أن تسارع إلى قطعها , ولكن العجيب أنك لم تفعل ذلك ولم ترسل لتستفتينا في كيفية التوبة إلى الله من هذا الإثم الذي قادك إلى العشق والعياذ بالله , بل كل ما تسأل عنه هو كيفية الاحتفاظ بهذه الفتاة حتى تتزوج منها , وطفقت تبرر لنفسك فعلك وأنه ليس من الكبائر بل من الصغائر وهذا لا نوافقك عليه قطعا لأنا إذا سلمنا أن مجرد النظرة والكلمة والابتسامة العابرة من الصغائر فإنها بالمداومة عليها يتغير الحكم تماما وتصبح من الكبائر الموبقات بل مفاسد ذلك تربو على مفاسد كثير من الكبائر خصوصا بعد أن أوصلك فعلك إلى العشق وهو داء عضال ومرض قتال، أتعب الأطباء وحير الحكماء، وإنه ليفتح على صاحبه والعياذ بالله من المحن والمفاسد ما لا يقدر على صرفه إلا الله.
يقول ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى: وأما النظر والمباشرة فاللمم منها مغفور باجتناب الكبائر، فإن أصر على النظر أو على المباشرة صار كبيرة , وقد يكون الإصرار على ذلك أعظم من قليل الفواحش , فإن دوام النظر بالشهوة وما يتصل به من العشق والمعاشرة والمباشرة قد يكون أعظم بكثير من فساد زنا لا إصرار عليه؛ ولهذا قال الفقهاء في الشاهد العدل: أن لا يأتي كبيرة ولا يصر على صغيرة، وفي الحديث المرفوع {لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع استغفار} . بل قد ينتهي النظر والمباشرة بالرجل إلى الشرك كما قال تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله} . ولهذا لا يكون عشق الصور إلا من ضعف محبة الله وضعف الإيمان، والله تعالى إنما ذكره في القرآن عن امرأة العزيز المشركة، وعن قوم لوط المشركين، والعاشق المتيم يصير عبدا لمعشوقه منقادا له أسير القلب له. انتهى.
واعلم أن كل ما تبرر به لنفسك من زعمك أنك تتعاون معها على الصلاة والذكر والتمسك بالدين، كل هذا لا يفيدك في شيء، بل هذا من كيد الشيطان ومكره.
فبادر رحمك الله بالتوبة إلى الله، وشكر ما أنعم الله به عليك من حفظ كتابه، واعلم أن أعظم شكر لهذه النعمة أن توقر كتاب الله وتعظّم قدره، وتبتعد عن مواطن التهم والشبهات، فضلا عن المحرمات، ذلك أن حامل القرآن ليس كغيره من الناس.
قال الحسن البصريُّ رحمه الله: إن من كَان قبلكم رأوا القُرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل، وينفذونها بالنهار.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ينبغي لحامل القُرآن أن يُعرف بليلهِ إذا النَّاس نائمون، وبنهاره إذا النَّاس مفطرون، وبحزنه إذا النَّاس يفرحون، وببكائهِ إذا النَّاس يضحكون، وبصمتهِ إذا النَّاس يخوضون، وبخشوعه إذا النَّاس يختالون.
وعن الفضيل بن عياض رحمه الله قال: حامل القُرآن حامل راية الإسلام لا ينبغي أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو تعظيماً لحق القرآن.
وما ننصحك به في الختام هو أن تتقدم لأهل هذه الفتاة وتصارحهم برغبتك في تعجيل الزواج بها، فإن أجابوك إلى ذلك فبادر إلى الزواج ولا تؤخره، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجة وغيره وصححه الألباني.
وإن طلبوا منك التأجيل فأنت بالخيار، فإما أن تجيبهم إلى ذلك مع قطع كل علاقة لك بها إلى أن يتم العقد، وإما أن تنصرف عنها وتبحث عن غيرها من ذوات الخلق والدين.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2750)
نظر المرأة إلى الرجال الأجانب
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي هي أن زوجتي لا تغض بصرها عن الرجال الأجانب. فما النصيحة التي توجهونها إليها لأنني لم أعد أرغب فيها، ولم أعد أطيق رؤيتها بسبب هذه العادة السيئة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله النساء بغض أبصارهن عن الرجال فقال تعالى: وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن {النور:31}
قال الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية: فقوله تعالى: وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن أي: عما حرّم الله عليهن من النظر إلى غير أزواجهن. ولهذا ذهب كثير من العلماء إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى الرجال الأجانب بشهوة، ولا بغير شهوة أصلاً.
واحتج كثير منهم بما رواه أبو داود والترمذي من حديث الزهري عن نبهان - مولى أم سلمة- أنه حدث أن أم سلمة حدثته: أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة قالت: فبينما نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه، وذلك بعدما أمرنا بالحجاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احتجبا منه" فقلت يا رسول الله: أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه" ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وذهب آخرون من العلماء إلى جواز نظرهن إلى الأجانب بغير شهوة، كما ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: جعل ينظر إلى الحبشة وهم يلعبون بحرابهم يوم العيد في المسجد، وعائشة أم المؤمنين تنظر إليهم من ورائه، وهو يسترها منهم حتى ملّت ورجعت. انتهى من تفسير ابن كثير.
وخلاصة ما تقدم أنه لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى الرجال الأجانب بشهوة بالاتفاق. وأما النظر لغير شهوة فهو محل خلاف والأولى تركه أيضا إلا لحاجة.
فعليك أيها السائل بنصح امرأتك في هذا بحكمة وتلطف، واحذر أن تأتي نصيحتك في صورة اتهام أو ريبة فهذا قد يكون له أثر سيئ، بل قد يؤدي إلى مفسدة كبيرة.
ثم احرص على أن تعين زوجتك على طاعة الله سبحانه، وأن تعلمها أمور دينها، وأن تأخذها من بيئة الغفلة إلى بيئة الذكر والعلم، وأن تصلها بصحبة طيبة من النساء ذوات الدين والخلق المشتغلات بالعلم والدعوة إلى الله سبحانه، فإن الصحبة الطيبة لها أثر كبير في استصلاح الشخص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2751)
الأصل أن تتعلم المرأة القيادة عن طريق مدربة أنثى
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن القيادة وتعليمها للمرأة: هل يجوز لها أن تتعلم القيادة من قبل امراة مثلها؟ وأيضا: هل من الممكن أن تقود سيارتها بعد التعلم؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم قيادة المرأة للسيارة وذكرنا أن ذلك جائز بضوابط شرعية معينة، فراجعي الفتوى رقم: 24621.
وأما تعلمها القيادة عن طريق مدربة أنثى فجائز أيضا، بل الأصل أن تعلمها امرأة أو زوج أو أحد محارمها ولا يجوز أن تتدرب على يد أجنبي إلا للحاجة وبشرط أن يكون معهم من تنتفي به الخلوة، لأن وجود امرأة وأجنبي عنها في السيارة له حكم الخلوة، كما أوضحنا ذلك بالفتوى رقم: 10690.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(13/2752)
حكم إقامة المرأة بمفردها وهل تقيم مع زوجها قبل الزفاف
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال يحيرني: سأعقد على زوجتي قريبا، حيث نعيش معا في بلاد غربة فهي إذا تعيش لوحدها. سؤالي هو: ما الحكم في أن تستمر في العيش وحدها بعد العقد علما أن أهلها لا يوافقون أن تعيش معي قبل الزفاف. أفتوني جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي للإنسان أن يسكن بمفرده فقد ورد النهي عن ذلك, كما بيناه في الفتوى رقم: 54823. ويتأكد ذلك إذا كان الساكن امرأة لما جبلت عليه من الضعف ولما يخشى من طمع أهل الشر والفساد فيها خصوصا في هذا الزمان الذي ضعف فيه الدين وكثرت فيه الفتن.
وعلى هذا فإنا ننصحكم بتعجيل الزفاف فهذا خير الحلول بالنسبة لك ولزوجتك، وهذه المرأة وإن كانت ستصبح زوجة لك بمجرد العقد الشرعي إلا أنه ينبغي أن تحافظ على ما يطلبه منك أهلها من عدم السكنى معها قبل الزفاف محافظة على الأعراف والعادات واحتراما لما قطعه عليك أهلها في هذا, وراجع الفتاوى التالية: 60368 , 5859، 127019.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1430(13/2753)
ضوابط جواز التعلم في المدارس المختلطة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص ملتزم بكل تعاليم ديننا الحنيف ـ من صلاة وصوم وعبادات مفروضة ـ وأبلغ من العمر 16 سنة، وأدرس في مدرسة مختلطة بين ذكور وإناث، أي أنني أرى الإناث يوميا، وهؤلاء البنات لا يلتزمن الحجاب ولا اللباس الإسلامي الشرعي، ونفس الأمر ينطبق على المعلمات، وعند النظر إلى هؤلاء ـ أؤكد لكم أنني ـ لا أنظر إليهن بشهوة، لأنني قد تعودت النظر إليهن، فأنا في هذه المدرسة منذ 3 سنوات تقريبا أي قد نشأت بيننا علاقة زمالة لا تتجاوز إلقاء التحية والمساعدة في الشؤون الدراسية ـ لا أكثر ولا أقل ـ وأحاول عدم النظر إليهن قدر المستطاع، لكن المعلمات لا يمكن أن يبعد الشخص نظره عنهن، لأنهن من يقمن بشرح الدروس فيجب الالتزام بالنظر إليهن، فهل يقع علي شيء من الحرمة أو من الذنب؟ مع العلم أنني لا أستطيع الانتقال من هذه المدرسة، وإن انتقلت فستكون المدرسة الأخرى مختلطة أيضا، لأن كل المدارس هنا مختلطة، وتوجد مدرسة وحيدة هي ليست مختلطة، لكن هذه المدرسة ينتشر بين طلابها التدخين والمشاكل والمعاصي وضرب المعلمين، ولا يوجد فيها طاقم تعليمي جيد أي أنها مدرسة فقط بالاسم، فهي ليست إلا مكانا لتجمع الشباب.
فأرجو أن يؤخذ ذلك بعين الاعتبار.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أن الاختلاط بين الرجال والنساء ـ إذا لم ينضبط بالضوابط الشرعية كما هو الغالب اليوم ـ أمر منكر يجر إلى المجتمع كثيراً من البلايا ويفتح أبواب الفساد والفتن، فينبغي أن يُفصل بين البنين والبنات في مراحل التعليم المختلفة، وأن يقوم الرجال بتدريس البنين والنساء بتدريس البنات، درءاً للمفاسد وحفاظاً على طهارة المجتمع وعفته، وقد سبق أن بينا أن الدراسة في المدارس المختلطة لا تجوز إلا عند الحاجة الشديدة، وانظر الفتوى رقم: 31656.
وأعلم أن الإسلام لا يقر علاقة زمالة أو صداقة بين الشباب والفتيات، وانظر هذا في الفتوى رقم: 119360.
فإذا كنت بحاجة إلى الدراسة في المدارس المختلطة، فالواجب عليك أن تلتزم الضوابط الشرعية من اجتناب الخلوة بالأجنبيات والبعد عن الاختلاط المحرم، والحرص على غض البصر عن الأجنبيات ـ سواء كن تلميذات أو معلمات ـ فذلك واجب عليك، كما بيناه في الفتوى رقم: 3974.
وعليك أن تجاهد نفسك في ذلك الأمر وتستعين بالله تعالى، وسوف تجد أثر ذلك في قلبك ـ بإذن الله ـ فإن غض البصر يثمر طهارة النفس وقوة القلب وصفاءه، واستشعار حلاوة الإيمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1430(13/2754)
لا طاعة لمخلوق في منكرات الأعراس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أريد أن أكمل نصف ديني وأتزوج ولكن المعروف في عاداتنا وتقاليدنا أنه في ليلة العرس يدخل العريس على العروس في صالة الأفراح ويجلس بجانبها على ما يسمى (الكوشه) وصاله الأفراح تكون عامرة بنساء فقط وقد سبقني إخوتي وأقاربي في هذا، ولكن قبل أيام ومن باب الصدفة قد عرفت أن هذا الشيء حرام. وأذكر أنه ذات مرة قالت عمتي (أخت والدي) لوالدتي إنه عندما أتزوج أنا ستجعلني أدخل صالة الأفراح رغماً عني أي بالإصرار علي، وكما أخبرتكم في ما سبق أن هذا الشيء حرام ولا يجوز. وأنا لا أريد أن أحصل على ذنوب في دخولي صالة الأفراح وهي عامرة بنساء على حساب رضى والدتي أو عمتي أو أهل العروس إن كان أبوها أو والدتها. فهل أأثم إذا دخلت صالة الأفراح وأنا أعرف أن هذا حرام ولا يجوز؟ وإذا أصروا على دخولي، هل أدخل أو أرفض حتى لو غضبوا مني..؟ وأيضاً بعد عقد القران يوجد لدينا ما يعرف (الملجه) وهي بعد عقد القران تعمل حفلة صغيرة ويدعون الناس كما في العرس ويتضمنها أهل العريس والعروس والمعارف وكلها نساء فقط، ولكن على شكل مصغر وتعمل في بيت العروس في غرقة كبيرة أو في مساحة البيت الداخلية وهي تعرف لدينا باسم (الحوش الداخلي) وبعد أن تجلس العروس على الكرسي ويتجمع الناس ينادى العريس ويدخل عليهم ويجلسونه بجانب العروس ويلبسون الخواتم لبعضهم، وأظن أنهم يلتقطون الصور للعروسين، وأيضاً قال لي أهلي شيئا غريبا وهو أنه يشربها العصير وتشربه بالمثل ويطعمها الكيك وتطعمه بالمثل وقد تعجبت من هذه الأشياء ولا أدري من أين يأتون بهذه الأشياء الإضافية!! فهل يجوز لي أن أحضر الملجه بوجود نساء لا يحللن لي وأيضاً بوجود أهل العروس كأخواتها أو بنات أقربائها أم أرفض؟ ومن يجب فقط أن يتواجد في الملجه؟ وإذا فرضوا علي الدخول ماذا أفعل في هذه الحالة؟ وهل يجوز أن أشترط حين عقد القران أن لا أدخل على النساء إن كان في الملجه أو صالة الأفراح أو لا يجوز كتابة مثل هذه الشروط في العقد..؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت أيها السائل -بارك الله فيك- عندما تحريت حكم الله سبحانه في هذه الأمور المحدثة التي تحدث في عقد الزواج مما يسمى بالكوشة ونحوها والتي ابتلي بها المسلمون في هذا الزمان بسبب تقليدهم للأمم غير المسلمة التي لا تراعي دينا ولا خلقا ولا حياء ولا مروءة، وقد بينا حكم هذه العادة ومفاسدها في الفتوى رقم: 9661.
وما دمت قد علمت حكم هذه الأمور المنكرة فلا يجوز لك أن تطيع فيها أمك ولا أباك وأولى غيرهما من عمة ونحوها، لما تقرر في الشريعة وعلم من الدين بالضرورة أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق جل وعلا، فالواجب عليك أن تمتنع عن مثل هذه المنكرات ولو أدى ذلك إلى غضب أهلك منك، وعليك أن تبين لهم أن امتناعك ليس لأجل التعنت أو الهوى وإنما لأجل الحكم الشرعي، وذكرهم بأن الزواج نعمة من أعظم نعم الله على العبد فكيف تقابل النعمة بمثل هذه المعاصي، لا شك أن هذا من الكفران للنعمة والجحود لحق المنعم جل وعلا.
ونذكرك بأن مثل هذه المنكرات التي يرتكبها الزوجان قبل العقد وأثناءه غالبا ما يعاقبون بها بعد الزواج فتجد الشقاق قد دبّ بين الزوجين دون سبب ظاهر ومزقتهما الخلافات والعداوات، وقد ينتهي الأمر بهما إلى الطلاق وكل ذلك من جراء المعاصي وشؤمها.
أما ما يسمى بـ "الملجة" فحكمها في ذلك حكم هذه الكوشة إن اشتملت على نفس المحظورات من حضور النساء الأجنبيات في زينتهن يراهم العريس ويريْنه وهذا كثيرا ما يحدث لأن الحضور يحرصون في مثل هذه المناسبات على أن يكونوا في كامل الزينة.
بل لو حضر النساء ملتزمات باللباس الشرعي فإن الأمر لا يسلم من الحرج أيضا فإن وجود الرجل بين نساء أجنبيات بجوار زوجته تطعمه ويطعمها ويلبسها زينتها لا شك أنه يتضمن إثارة الغرائز وتهييج الشهوات خصوصا بين النساء العازبات، وهذا فيه ما فيه من فتح أبواب الفتنة.
ولا يحتاج الأمر إلى اشتراط مثل هذا في العقد ولا يلزمك ذلك فالأمر أيسر من كل هذا، ما عليك هو أن تمتنع عن فعل كل ما فيه معصية لله سبحانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1430(13/2755)
التوبة النصوح تهدم ما قبلها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة منتقبة أبلغ من العمر 20 سنة، وفي السنة الرابعة من كلية التجارة تعرفت على شاب في سنتي الأولى قبل أن أكون متدينة وقبل ما ألبس النقاب، المهم أنني أحبيته فجاء مرة فلمسني ـ والحمد لله ـ إلى حد الآن أنا بكر، فجاء ليتقدم إلى خطبتي عند أبي فقال له أبي تقدم لها بعد ما تتخرج، وبعده تقربت من الله ولبست النقاب، فجاء إلى الكلية يريد أن أخلع النقاب وألبسه بعد الزواج، ويريد أن يلمسني فرفضت وقلت له: اتق الله إنه حرام، إنه لا يشعر بهذا الكلمة، وأنا أريد أن أتوب من الزنا، فهل سيقبل مني الله؟ وماذا أفعل مع هذا الشاب؟ فهو لا يريد أن يبتعد عني فماذا أقول له؟ وكيف أبتعد عنه؟ وإن جاء شخص آخر وسألني إن كنت أعرف شخصا قبله فماذا أقول له؟
أرجو الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أن تتوبي إلى الله جل وعلا مما كان منك من زلل في علاقتك بهذا الشاب، ولا تتحقق توبتك إلا بقطع كل علاقة لك به، فلا تقابليه ولا تحدثيه، وإن تعرَّض لك في الكلية أو الشارع فكوني معه في غاية الحزم، وهدديه بفضحه وكشف أمره، فإن لم ينته فعليك أن تبلغي من يملك كفه عن ذلك ـ سواء من أرحامك أو من السلطات المختصة.
علما بأن مجرد لمس الرجل للمرأة ولمسها له ـ وإن كان من الأمور المحرمة المنكرة ـ إلا أنه لا يعد من الزنا الأكبر الذي يوجب الحد، وإنما يطلق عليه لفظ الزنا مجازا، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تمنَّى وتشتهي، والفرْج يصدق ذلك كله ويكذبه. رواه البخاري ومسلم.
قَالَ اِبْن بَطَّال ـ رحمه الله: سُمِّيَ النَّظَر وَالنُّطْق زِنًا، لأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى الزِّنَا الْحَقِيقِيّ؛ وَلِذَلِكَ قَال: وَالْفَرْج يُصَدِّق ذَلِكَ أوَيُكَذِّبهُ. انتهى.
أما الزنا الحقيقي الموجب للحد فلا يتحقق إلا بالإيلاج.
فإن تقدم لك شخص آخر وتوسمت فيه الدين والخلق، فلا حرج عليك في قبوله زوجا لك، بل الأولى المبادرة إلى الزواج تجنبا للفتن وفرارا من هذا الفساد الذي عم وانتشر، ولا يجوز له أن يسألك عن ماضيك ولا ما كان منك، فإن حدث وسألك فلا تخبريه بذلك مطلقا مهما ألح أو كرر طلبه، بل استري على نفسك واستعملي معه التورية والمعاريض.
وراجعي شروط التوبة الصادقة في الفتوى رقم: 5450، وضوابط الدراسة المختلطة في الفتوى رقم: 5310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1430(13/2756)
تعلق القلب بحب الأجنبي وتمني الزواج به والدعاء بذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[والله لا أعلم كيف أبدا لكن أود أن أسالك حضرة الشيخ وعفوا على هذا السؤال يا شيخ: أنا فتاة أبلغ من العمر 18 سنة كنت على علاقة مع شاب أحبني وأحببته حتى أني أخبرت أمي بذلك، ولكن قد من الله علي بالالتزام والحمد لله حمدا كثيرا على هذه النعمة إلا أني مازلت أكن لذلك الشخص كثيرا من المودة، تعاهدنا أن ننتظر بعضنا حتى يكتب الله لنا العيش السوي وقطعت به كل اتصالاتي الهاتفية والالكترونية راجية من الله أن يرزقني به بالحلال وأنا أدعو الله في صلاتي وسجودي في دعائي وقيامي في كل وقت وبعد صيامي راجية من العزيز الغفار أن يجمعني به في الجنة. وسؤالي هل حبي له حرام؟ هل من العيب أن أدعو الله بهذه الطريقة إن كانت لا تليق برب العزة جل وعلا؟ مع العلم أني في صبيحة يوم الجمعة وبعد صلاة الفجر رأيته في المنام كانت معي صديقة لي غير مقربة تلبس قميصا وبنطلونا في اللون البني وهو أيضا كان يلبس هذا اللون أما أنا فقد كنت ألبس عباءة خضراء خضرة البساتين كانت قصيرة بعض الشيء وليس لها أكمام، كان يطاردني من مكان إلى آخر حتى اقتربت من المنزل كانت بجانبي أختي ولما وصلت إلى المنزل ركب في سيارة وذهب. أرجوكم الله يثبتك الله يعطيكم الخير ويهب لكم الجنة أفتوني يا رب أكرمهم وأعطيهم الجنة وصلي اللهم على محمد خير خلقك؟ استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحب الذي يكون واقعا باختيار الإنسان وسعيه وكسبه كحال من يتساهل في النظر إلى النساء، والحديث معهن ومراسلتهن، أو من تتساهل في هذا من النساء, لا شك أنه محرم، ويأثم به صاحبه، لأنه من كسبه والله تعالى يقول: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ. {البقرة: 225} .
أما إذا لم يكن للإنسان كسب في الحب ولا سعى إليه، كأن تسمع امرأة عن رجل أو تراه نظر فجأة فيتعلق قلبها به، فإن اتقت الله تعالى، ولم تفعل مع هذا الرجل أمرا محرما من خلوة أو نظرة محرمة أو مواعدة ونحو ذلك مما قد يفعله بعض الفساق، فلا حرج عليها في هذا الحب بل إنها تؤجر على مجاهدتها نفسها في البعد عما حرم الله.
فما دمت قد تبت إلى الله سبحانه من علاقتك بهذا الشاب واتقيت الله في أمورك فنرجو ألا يكون عليك حرج مما تجدين في قلبك من ميل إلى هذا الرجل, ولكن عليك بمجاهدة نفسك في هذه الخواطر والأفكار فإن الاسترسال فيها غالبا ما يجر إلى ما لا تحمد عقباه.
يقول ابن القيم – رحمه الله – في كتاب الفوائد: دافع الخطرة فإن لم تفعل صارت فكرة، فدافع الفكرة فإن لم تفعل صارت شهوة، فحاربها فإن لم تفعل صارت عزيمة وهمة، فإن لم تدافعها صارت فعلا، فإن لم تتداركه بضده صار عادة فيصعب عليك الانتقال عنها. انتهى.
ونذكرك بأن تعلق القلب بحب الأشخاص من أفسد الأشياء له وقد يصل بصاحبه والعياذ بالله إلى داء عضال ومرض قتال، أتعب الأطباء وحير الحكماء ألا وهو العشق، وهذا المرض والعياذ بالله يفتح على صاحبه من المحن والمفاسد ما لا يقدر على صرفه إلا الله, كما بيناه في الفتاوى التالية أرقامها: 117632 , 9360 , 27626
أما مجرد تمني كون الشخص زوجا والدعاء بذلك فهذا لا حرج فيه كما بيناه في الفتوى رقم: 103765.
وإذا أمكن أن تطلبي منه أن يتقدم للزواج بك فهذا خير فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجه.
وبخصوص الرؤيا التي رأيتها في المنام فإن موقعنا لا يعبر الرؤيا، ويمكنك سؤال المعبرين الموثوق بهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1430(13/2757)
حضور المرأة عرس النساء وسترها ما يجب ستره أمامهن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تذهب إلى عرس نسائي وتكون عورتها مكشوفة أمام النساء؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمرأة حضور عرس لا يحضره إلا النساء، وعورتها بالنسبة للنساء المسلمات هي ما بين السرة والركبة عند الجمهور فيحرم عليها كشف ذلك ويجوز كشف ما سواه.
أما النساء الكافرات فلا يجوز لها أن تكشف بحضورهن إلا الوجه والكفين فقط على القول الراجح، كما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 7254.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1430(13/2758)
الغيرة على حدود الله وعلى الزوج وخطورة التبرج والاختلاط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوجة أخاف الله وأم لأولاد وبنات وقد ابتلاني الله بالعيش في بلد تدعي أنها إسلامية، ولكنها بعيدة كل البعد عن الإسلام، بل ابتلاها الله بفتنة ـ من وجهة نظري ـ بسبب بلاء أي مجتمع وسقوطه في هوة الفقر وغضب الله ألا وهي فتنة النساء والاختلاط والسفور والفجور في كل مجال من مجالات الحياة حتى صار هذا منوال الحياة الطبيعي، وأنا ـ والحمد لله ـ مدركة لخطورة هذه المشكلة فأجاهد نفسي بالبعد عن الشبهات فلا أخرج إلا للضرورة بالاحتشام وغض البصر ـ ثبتني الله ـ ومشكلتي ـ أيها الفاضل ـ أن الله أكرمني بالعيش في بلد إسلامي آخر لمدة عامين، ولكنها علي العكس تطبق شريعة الله كما أمرنا, فتنعمت خلال هاتين السنتين بأهنإ عيشة مع زوجي من الهدوء والحب ونزول بركة الله منذ خمسة عشر عاما, فكان لا يري غيري ولا أري غيره وبعيد كل البعد عن الفتن، حيث إن عمله غير مختلط وإن حدث أي كلام مع إحدي الزميلات يكون في أضيق الحدود وكما أمر الله, مع الالتزام بالصلاة في المساجد وقراءة القرآن، ولكن ـ للأسف ـ بعد عودتنا إلي بلدنا الأم ـ آسفة علي هذا اللفظ ـ ركب زوجي الموجة وأصبحت أتشاجر معه بسبب تهاونه في الضحك مع هذه وتبادل الرسائل مع هذه والمكالمات التليفونية مع المتبرجة هذه الذي يأتي عطرها علي بعد أمتار بحجة أن هذا عمله وطبيعة عمله تفرض عليه ذلك التعامل حتى ينفق علي وعلى أولادي, وطبعا يرجع إلى منزله فيجدني أقوم بالأعمال المنزلية ورعاية الأولاد ويقوم بالمقارنة التي ليست في صالحي حتى أحسست أنني أصبحت عليه كالشرطي مرة أذكره بالله ومرة أصمت وأذكر الله ومرة لا أستطيع التحمل فأتشاجر معه وأقول له، هل تقبل هذه التصرفات من زوجتك مع رجل آخر؟ فيقول لا, فأرد عليه لماذا ترضاها علي نساء الآخرين؟ ولا نصل إلي شيء وفي آخر المطاف غير بالتستر عني بهذه الأعمال ـ وآسفة للإطالة ـ وسؤالي هو: هل النساء الكاسيات العاريات المائلات المميلات عندما يفتن زوجي وأزواج الأخريات بالتبسط والضحك والنظر المحرم نوع من أنواع ظلم الإنسان لأخيه الإنسان وسو ف يقتص منه، لأنة كما تدين تدان وسوف يأتي عليها يوم تعاني مما أعاني منه؟ وأخشي علي نفسي فلا أعلم، هل هذه الغيرة علي حدود الله؟ أم علي زوجي؟ أم على الاثنين؟ وهل هذا شيء محمود؟ أم مذموم؟ وما هو الدعاء الذي أدعو به ليشفيني الله مما أنا فيه؟ حيث إن زوجي يتهمني بأنني مريضة.
هدي الله نساء المسلمين جميعا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبارك الله فيك وجزاك خيراً على غيرتك على محارم الله وحرصك على الستر والاحتشام، فذلك من دلائل الاستقامة وسلامة الفطرة ومقتضيات الصدق في محبة الله ورسوله، وكلّ ذلك من فضل الله عليك ونعمته فاشكري الله قلباً وعملاً ولساناً، واعلمي أنّ غيرتك على حدود الله وغيرتك على زوجك كلاهما محمود ما دام لم يخرج عن حدّ الاعتدال، ولمعرفة الغيرة المحمودة والمذمومة راجعي الفتوى رقم: 71340.
ولا يخفى أنّ تبرج النساء ومخالطتهنّ للرجال على الوضع الشائع في هذه المجتمعات، من أعظم المفاسد ومن أشدّ الأمراض التي تفت في عضد الأمة وتنخر في عظامها، كما أنّ النساء اللاتي يخرجن متبرجات ويفتنّ الرجال إثمهن عظيم، فقد قال فيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا. صحيح مسلم.
وعَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا اسْتَعْطَرَتِ الْمَرْأَةُ فَمَرَّتْ عَلَى الْقَوْمِ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِىَ كَذَا وَكَذَا ـ وعند النسائي: فهي زانية.
قال المباركفوري: لأنها هيجت شهوة الرجال بعطرها وحملتهم على النظر إليها، ومن نظر إليها فقد زنى بعينيه فهي سبب زنى العين فهي آثمة.
فالواجب عليك مداومة نصح زوجك برفق وحكمة بالحرص على التزام حدود الله واجتناب مواضع الفتن ومواطن الريب مع الاعتصام بالله، أمّا عن الدعاء فلا نعلم دعاء مخصوصاً في الشرع لمثل حالك، لكن الدعاء ينفع بإذن الله في كل مطلوب مشروع، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} .
واعلمي أنّ أعظم ما يعينك على شفاء صدرك وطمأنينة نفسك: كثرة الذكر، فإنّ للذكر أثراً عظيماً يغفل عنه كثير من الناس، وانظري في فوائد الذكر الفتوى رقم: 95545.
كما ننصحك ـ أيتها الأخت الفاضلة ـ بالاعتناء بالتجمل لزوجك وحسن التبعل له حتى يجد منك ما يغنيه عن التطلع إلى النساء، نسأل الله تعالى أن يصلح سائر شؤونك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1430(13/2759)
التعارف بين الجنسين يجر إلى ما لا تحمد عقباه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد وثقت بكم وأعجبت بموقعكم مما دفعني أن أستشيركم بغلط ارتكبته ونادمة عليه أشد الندم، ففي الحقيقة أنا فتاة عمري 17 وملتزمة ـ والحمد لله ـ أصلي وأصوم ولباسي محتشم وأبي شيخ معروف في البلد، وليست لي علاقات مع شباب أبداً، مع أنني محط أنظار الجميع، ولكن أحدهم قد أحبني منذ 5 سنوات وهو ما زال إلى هذه اللحظة يحبني، في البداية حاول التقرب مني، ولكنني رفضت وأبعدته عني خوفا من أن يكون كباقي الشباب المعروفين بقلة الحياء والكذب ـ مع العلم أنني أعيش في بلدة والناس يعرف بعضهم بعضا ـ ولكن كان يصلني منه كل فترة كلام عن طريق إحداهن بأنه يحبني وسيظل يحبني إلى آخر عمره، مرت الأيام وبدأت أشعر بالذنب تجاهه، وبدأ يجول في خاطري أن أتواصل معه، ولكن في حدود شرع الله أي فقط نكتفي بسلام وكم قليل من الكلام، وفعلا: تم ذلك وتعرفت عليه، امتدت مكالماتنا نحو شهر، مع أنني بعد كل هاتف أطلب منه أن نوقف تلك المكالمات، وقد أشعرته بأنني لست راضية عما يجري بيننا مما زاد إعجابه بي، حتى جاء العيد، وعيدت له بأغنية غنيتها له وندمت عليها كثيراً، مع أنه أوضح لي بأن الأمر عادي، وأنا أعرف أنه يكذب علي، ولكني بدأت بشتم نفسي ونعتها بأسوإ الألفاظ فبقي صامتا، ولكنه قال لي بأنني أحمل الموضوع أكثر من قيمته، المهم لا أدري، ما الذي جعلني أيضا أطلب منه أن يرسل لي صورة على جوالي؟ وفعلا أرسلها وطلب مني صورة لي فعارضت في البداية، ولكنني أرسلت له صورة وأنا غير متحجبة ولم يبدو فيها سوى شعري ورأسي، وأعرف أنني غلطت وفعلت حراما فتوضأت وصليت ركعتين وتبت فوراً من كل قلبي ودعوت ربي أن يستر غلطتي وجعلته يمحوها فورا، وحلّفته أن يمحوها وقد محاها فعلا، وبعدها قطعت كل الصلات وبقي يحبني ولم يتغير شيء ـ مع أنني اختبرته أكثر من مائة مرة، وتبين لي أنه ابن حلال، وأنه على ثقافة واسعة في الدين ـ ولكنه لم يبتزني بها، مع أنني قطعت الصلة معه وهو غير راض، ولكن قال في النهاية أنني مهما عذبته وقسوت عليه لن يتغير أبداً، مع أنه كان غاضبا، ومع ذلك لم يهددني بها، واعترف لي في النهاية بأنه على يقين بأن ما نفعله ـ أنا وهوـ يغضب الرب وبدا متأسفا، ولكن خوفي أكثر من أن يتم زواج بيننا ويذكرني بها في يوم من الأيام، مع أنني قلت له بأنني نادمة عليها، وخائفة مما ذكرته لكم بعد الزواج، فغضب مني وقال بأني أسيء الظن به وخائفة أيضا من أن ـ كما يقولون ـ أسقط من عينه ويعتبرني غير مؤدبة، ويعتقد أنني أكذب عليه بالتزامي وديني، مع أنه أدرى الناس بي، ولكن لا أدري تلك غلطتي وأريد رأيكم، وأريد أن أعرف، هل فعلتي شوهت صورتي عنده؟ مع أنني والله خائفة من عذاب ربي ـ وهو يعرف هذا الكلام ـ وفي آخر حديث جرى بيننا سألته سؤالا وطلبت منه أن يجيبني عليه بكل صراحة، سألته: كيف وجدتني بعد هذه العشرة؟ فصمت وقال: لا يمكنني أن أطلق عليك سوى لقب الفتاة المؤدبة التي لا يوجد مثلها في هذه الأيام سوى القليل، وليس الأدب فقط ما يميزك، بل أخلاقك وثقافتك الواسعة في الدين وبراءتك، فهذا رأيه فيّ، فما رأيكم أنتم؟ أرجوكم أن تريحوني والله إنني قطعت كل الصلات معه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يغفر لك ما كان منك من زلل في علاقتك بهذا الشاب، وأن يثبت أقدامك على طريق التوبة إنه سبحانه كريم، ونذكرك ـ بعد التوبة ـ بالإكثار من الاستغفار والأعمال الصالحة من صلاة وصيام وصدقة، فإن الله يكفر بها السيئات ويمحو بها الخطيئات، قال سبحانه وتعالى: وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114} .
وفي صحيح الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن. حسنه الألباني.
وننبه على أن من أسباب هذا الزلل الجهل بأحكام الدين، ذلك أنك قد أقدمت على هذه العلاقة ظنا منك أن التعارف بين الفتاة والرجل الأجنبي جائز إذا كان في حدود السلام والكلام المعروف في أضيق الحدود، وهذا ظن خاطئ قطعاً، لأن هذه العلاقة تجر إلى ما لا تحمد عقباه، وقد وصلت في حالتك إلى أن أرسلت له صورتك وغنيت له أغنية، ولا يخفى أن هذا حرام، والأصل أن كل علاقة بين رجل وامرأة أجنبية هي علاقة غير مشروعة ما لم توجد حاجة أو ضرورة فحينئذ يباح الكلام بالمعروف بقدر هذه الحاجة، وليس من الحاجة المشروعة ما يسمى: بالتعارف بين الجنسين، وقد بينا هذا مفصلاًُ في الفتاوى التالية أرقامها: 6158، 8768، 9431.
أما ما تسألين عنه من نزول قدرك عنده بسبب ما كان منك، فهذا مما ينبغي أن لا تشغلي نفسك به، فما دمت قد تبت إلى الله سبحانه من علاقتك هذه، وقطعت الصلة به فلا تنشغلي بأمره، وليكن همك كله إرضاء ربك والتوبة إليه والمحافظة على قدرك عنده وحده سبحانه، فهذه أمارات التوبة الصادقة، وقد قال الحارث بن أسد المحاسبي ـ رحمه الله: الصادق: هو الذي لا يبالي لو خرج كل قدر له في قلوب الخلق من أجل صلاح قلبه ولا يحب اطلاع الناس على مثاقيل الذر من حسن عمله. انتهى.
واعلمي أنك إن اتقيت الله كفاك أمر الناس، فإن تقدم لك هذا الشاب للزواج وكنت تتوسمين فيه الخير في دينه وخلقه فلا حرج عليك في الزواج منه بعد الاستخارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1430(13/2760)
الاسترسال في العلاقة مع الأجنبية من خطوات الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم العمر27 سنة، تعرفت علي فتاة في الجامعة وأحببتها كثيراً وبعد التعارف طلبت مني أن أذهب لبيت والدها، فذهبت وأخذت أهلي لطلبها وأصبح بيننا عدة زيارات، وفي يوم من الأيام جاء لبيتنا عائلة وتحدثت على أهل الفتاة وقالو إن أمها صعبة المزاج وإنها متكبرة ففتحت الموضوع مع الفتاة لأعرف حقيقة الأمر فتفاجأت أنها ردت علي بصوت مرتفع ووصل الموضوع لأهلها رغم أني طلبت منها عدم البوح لأحد وأن الموضوع بيننا. المهم سمع أهل الفتاة ورفضوا موضوعي وغضبت معها وانفصلنا، وبعد فترة رجعنا بدون علم أهلنا لبعض وأصبحنا نجلس ونتحدث بدون أن يربطنا شيء رسمي أصبح ضميري وضمير البنت يعذبنا، فاتصلت بوالدها وطلبت مقابلته فصرخ في وجهي وقفل السماعة وقال لي ما في نصيب، بعد ذلك أصبح ضميري وضمير البنت يعذبنا أننا نتقابل ولكن بما لا يرضي أهلنا وربي، فقلت لها إننا يجب أن نبتعد عن بعض وإننا لا نستطيع العيش مع بعض بدون رضاء أهلنا، فوجدت البنت تقول لي إني ضحكت عليها وإنها لن تسامحني وإنها وقفت ضد أهلها من أجلي. وأصبح ضميري يؤنبني كثيراًَ. أنا تركتها والله رغم حبي لها وخوفا من أن نقع في خطإ فادح وخاصة أن الضغط الذي علينا يجعلنا نجلس مع بعض فترات طويلة. فهل أستمر في هجرها وكل واحد يبحث عن حظه أو ماذا أفعل؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت أيها السائل عندما استرسلت في علاقتك بهذه الفتاة ومجالستها وهي أجنبية عنك فإن هذا لا يجوز لأنه باب من أبواب الفتنة والشر، وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 6158، 121866، 109089.
وعلى كل فالواجب عليك أن تستغفر الله ربك مما كان منك من علاقة بهذه الفتاة ثم تداوم على ما أنت عليه من قطع علاقتك بها فهذا هو المعروف، وأما رجوعك إلى محادثتها أو لقائها فهذا منكر ولا شك، ويوشك أن يوقعكما الشيطان بسببه فيما هو فوق ذلك مما يغضب الله ويسخطه. ويمكنك إن كنت تريد الزواج منها أن تحدث أباها في ذلك مرة أخرى -بعد الاستخارة- فإن وجدت منه إصراراً على الرفض فانصرف حينئذ عنها تماما وابحث عن أخرى من ذوات الدين والعفاف، مع التنبه على أن ما ترهبك به هذه الفتاة من كونك خدعتها وأنها لا تسامحك كلام غير صحيح لأنه لم يكن منك خداع لها وليس لها عليك حق حتى تطالبك به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1430(13/2761)
حكم ركوب الرجل مع صديقه بصحبة ابنته المتبرجة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
زوجي يذهب لعمله مع صديق له بحجة تخفيف مصروف البنزين، وله ابنة في الجامعة وهي سافرة ومتبرجة وتخرج معهم ولا أعلم السبيل لتركه الخروج معهم، وكلما أنصحه يقول لي للمصلحة وأخاف على زوجي الفتنة وهي جميلة. أريد أن أعلم ما حكم خروجه معهم وهل لي الحق بالقلق لهذا الأمر؟ الرجاء مساعدتي بالآيات التي تحرم ذلك وبالكلمات المقنعة والأسلوب الجميل؟ وأعانكم الله على كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لزوجك أن يخرج مع صديقه هذا ما دامت ابنته تصحبه وهي على هذه الحالة المنكرة من التبرج والسفور، لأن خروجه معهم يتضمن جملة من المعاصي والمخالفات، منها: أن ركوبه معهما للسيارة يتضمن غالباً رؤيتها ورؤية زينتها وهذا حرام بإجماع أهل العلم، لقوله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ... {النور:30} ، ومنها أن خروجه معهما كالإقرار لهما على هذا الفعل وهذا لا يجوز لأن المنكر يجب إنكاره، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
فجعل الإنكار بالقلب أضعف الإيمان ولا يتحقق الإنكار بالقلب إلا بهجر أصحاب المعاصي والبعد عن مصاحبتهم، ويتأكد البعد عنهم حال ارتكابهم للمعصية، وقد بينا معنى إنكار المنكر بالقلب في الفتوى رقم: 1048.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1430(13/2762)
أقام علاقة محرمة مع أجنبية ووعدها بالزواج فهل يلزمه الوفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي أنا مررت بمشكلة مع فتاة حيث أني أحببتها حبا جما ووعدتها بالزواج، ووالله كنت صادقا في كل كلمة حدثتها بها، ولكن أهلها علموا بأنها تكلمني على الهاتف المحمول فوبخها أبوها وضربها، وكلم أبي واتفقا على أن لا نكلم بعضنا البعض. ومرت الأيام وإذا بهذه الفتاة تتصل بي وتكلمني، وللأسف انقدت وراء مشاعري وبادرتها الكلام، وانكشفنا مرة أخرى فكان واقعها أكبر، حيث إن بأها وأبي اشتدا في الكلام حتى شتم هو أبي. وحرمها أبوها من إكمال الدراسة الجامعية، ولكن ما زال هناك القليل من المشاعر تجاهها لأني كنت صادقا معها والله، مع أننا تقابلنا عدة مرات ولم يحصل منها الكبائر، والحمدلله.
يا شيخي العزيز أنا ندمان جدا على ما حدث لأبي بسببي، ووالله لم أرد أن يوضع في موقف مثل هذا، ولكن حبك الشيء يعمي ويصم، فهل كان خطئي أنها لم تكمل دراستها، فهي تلومني على ذلك مع أنها عادت بمحض إرادتها؟
وهل يجب علي الزواج من هذه الفتاة لأنني لا أريد أن يحدث هذا ببناتي لأن الله يمهل ولا يهمل؟
علما أنني ابتعدت عن الفتيات وانتظمت بصلاة المسجد. ماذا أفعل ساعدكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي عافاك من هذه العلاقات المحرمة، ووفقك للتوبة والمحافظة على الصلوات، ونسأله سبحانه أن يثبتك على صراطه المستقيم، وأن يصرف عنك كيد شياطين الجن والإنس.
واعلم أن من تمام توبتك أن تقطع كل علاقة لك بهذه الفتاة، فإن مجرد لقائك بها محرم؛ لأنه ذريعة قوية للفساد والفتنة. واحذر أن تستجيب لما تشعر به تجاهها من مشاعر وأحاسيس، فهذا من كيد الشيطان الرجيم ليرديك في المعصية مرة أخرى.
وأما منع أبيها لها من الدراسة فلم يكن بسبب منك، بل كانت هي السبب في ذلك بمعاودتها الاتصال بك بمحض رضاها وإرادتها، ولكنك تلام ولا شك في استجابتك لها، وكان الواجب عليك أن تتقي الله وتنصرف عنها تماما مهما أغرتك بالرجوع.
ولا يجب عليك الزواج من هذه الفتاة حتى مع وعدك لها بالزواج، لكن إن كنت ترى فيها الخير وتتوسم فيها الاستقامة بعد الزواج فلا حرج عليك أن توفي لها بوعدك، ولكن هذا ليس على سبيل الحتم بل على سبيل الاستحباب والندب، وهذا هو الأفضل في هذه الحالة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجه وغيره وصححه الألباني. أما إن كنت ترى أنها لا تصلح لك كزوجة، فأنت في حل –إن شاء الله - من هذا الوعد. وراجع الفتوى رقم: 56567.
وبالنسبة لما جاء من سؤالك أنك لا تريد أن يحدث هذا لبناتك، فاعلم أنه لا تزر وزارة وز أخرى، وإذا وقع الأب في خطيئة مع امرأة فلا يلزم من ذلك أن تقع بناته أو امرأته فيها، كما هو شائع عند البعض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1430(13/2763)
حكم محبة المرأة الأجنبية ودعوتها إلى الحجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحب فتاة تدرس معي وأغار عليها بشدة، وأنا والحمد لله لم أفعل أي شيء يغضب الله معها لكني أريد أن أدعو الخالق أن ييسر لي زواجي بها في المستقبل. فهل يجوز الدعاء بهذه الدعوة؟ أنا أعامل الفتاة معاملة جيدة وأنا والحمد لله متفوق في دراستي. فهل يمكنني مساعدتها على الدراسة؟ هل يمكنني أن أحاول استمالتها إلى الله ودعوتها إلى الحجاب والاستقامة والدعاء لها بالهداية، مع العلم أنها تصلي لكنها مقصرة في بعض الأمور؟ وشكراً لكم وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإقامة العلاقات بين الشباب والفتيات أمر لا يقره الشرع ولا ترضاه آداب الإسلام، وانظر الفتوى رقم: 8663.
ومجرد حبك لها إن كان بغير سبب محرم كأن نظرت إليها نظرة فجأة فوقع حبها في قلبك فإنه لا إثم عليك في ذلك الحب، أما إذا كان حبك نشأ عن سب محرم كأن نظرت إليها نظراً محرماً أو من باب أولى خلوت بها أو نحو ذلك، فإنك آثم بهذا الحب وعليك مدافعته حتى لا يجرك إلى الوقوع في حرام.
وأعلم أن تعاملك مع تلك الفتاة فيما يخص الدراسة أو غيرها مما لا تدعو إليه الحاجة المعتبرة، إنما هو ذريعة للفساد وباب من أبواب الفتنة، وحتى لو كان التعامل من أجل دعوتها وإعانتها على طاعة الله، فإن ذلك قد يكون استدراجاً من الشيطان وتلبيساً من النفس واتباعاً للهوى، فعليك بقطع كل علاقة بتلك الفتاة، وإذا أردت دعوتها فلا يكن ذلك بنفسك وإنما عن طريق بعض محارمك.
وأما عن دعائك بتيسير الزواج منها فلا حرج عليك في ذلك، لكن الأولى أن تدعو الله أن يرزقك زوجة صالحة دون تعيين، فهو سبحانه أعلم بما فيه الخير لك، وننصحك أن تشغل نفسك بما ينفعك في دينك ودنياك، وتحرص على تقوية صلتك بربك بالمحافظة على الصلاة في المساجد، وحضور مجالس العلم والذكر، ومصاحبة الأخيار الذين يعينون على الطاعة، مع الاستعانة بالله وكثرة الذكر والدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1430(13/2764)
عورة المرأة أمام الرجال الأجانب عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو رأي المذاهب الأربعة بخصوص ملبس المرأة وعورتها؟ فهل هي الوجه والكفان؟ أم هي كل البدن؟ وهل تختلف هذه الفتوى من دولة إلى أخرى؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيمكنك مراجعة عورة المرأة أمام محارمها من الرجال في الفتوى رقم: 599، وعورتها أما النساء في الفتوى رقم: 7254.
وأما عورتها أمام الرجال الأجانب فهي جميع بدنها، واختلف في الوجة والكفين، وقد سبق لنا بيان أقوال المذاهب الأربعة فيما يتعلق بالوجه والكفين من المرأة، وهل تجب تغطيتهما أولا تجب؟ وبينارجحان وجوب تغطيتهما، فراجع الفتوى رقم: 4470.
ولا تختلف الفتوى في هذا بين بلد وآخر ـ سواء كان من بلاد الكفرأو من بلاد الإسلام ـ نعم قد يكون من المناسب أحيانا وفي ظروف خاصة أن تفتى المرأة بجواز كشف الوجه والكفين إن كان يلحقها من ذلك ضرر لازم لا سبيل للانفكاك عنه، كما هو مبين في الفتوى رقم: 125777.
وهذا لا يغير في أصل الحكم وهو الوجوب، ولذا فإذا زال عنها هذا العذر وجب عليها أن ترجع إل الأصل وهو التغطية.
ويمكنك مراجعة الشروط الواجب توفرها في لباس المرأة في الفتوى رقم: 6745.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1430(13/2765)
حكم دخول الزوجين المطاعم والمقاهي المخصصة للعائلات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتزم، عندنا في غزة مطاعم ومقاهي مخصصة للعائلات. هل لو ذهبت أنا وزوجتي إلى تلك المطاعم علينا إثم؟ مع العلم أن هذه المطاعم لا يوجد بها شيشة ولا أغاني، وكل شخص يكون جالسا مع زوجته أو أهله على الطاولة. فهل هذا إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت زوجتك ملتزمة بالحجاب الشرعي، ولم يترتب على دخول على هذه الأماكن فتنة أو اختلاط محرم، فلا إثم عليك في ذلك.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1430(13/2766)
حكم زفة العريس بالسيارات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في زفة العريس إلى الفندق أو إلى منزل العروس بالسيارات.
أفيدونا مأجورين بالتفصيل والتأصيل؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمشروع في النكاح هو إعلانه بواسطة ضرب الدف مع الغناء المباح ونحو ذلك كما ذكرنا في الفتوى رقم: 125802.
وزفة العريس إلى منزل العروس أو الفندق بالسيارات أو غيرها لم نر ما يدل على منعه بشرط السلامة من الاختلاط بين الرجال والنساء، والبعد عن الغناء المحرم. وراجع الفتويين: 51417، 8283.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1430(13/2767)
مذاهب العلماء في نظر المرأة إلى الرجال الأجانب
[السُّؤَالُ]
ـ[أم المؤمنين عائشة كانت تنظر لمن يلعب بالنبل. هل ذلك استخدمه الفقهاء الذين أجازوا النظر بدون شهوة
أم كيف تنظر للأجانب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقصة نظر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مخرجة في الصحيحين: البخاري ومسلم، فعَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ الْحَبَشُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ فَسَتَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَنْظُرُ فَمَا زِلْتُ أَنْظُرُ حَتَّى كُنْتُ أَنَا أَنْصَرِفُ فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ تَسْمَعُ اللَّهْوَ.
وللعلماء في نظر المرأة إلى الرجال الأجانب وعند أمن الفتنة وعدم وجود شهوة قولان:
القول الأول: جواز ذلك، ومن جملة أدلة أصحاب هذا القول حديث عائشة رضي الله عنها السابق.
قَالَ القاضي عِيَاضٌ رحمه الله: وَفِيهِ جَوَازُ نَظَرِ النِّسَاءِ إِلَى فِعْلِ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُكْرَهُ لَهُنَّ النَّظَرُ إِلَى الْمَحَاسِنِ وَالِاسْتِلْذَاذِ بِذَلِكَ، وَمِنْ تَرَاجِمِ الْبُخَارِيِّ عَلَيْهِ: بَابُ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إِلَى الْحَبَشِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ غَيْرِ رِيبَةٍ. انتهى.
وذكر الحافظ ابن حجر ما يقوي هذا القول في فتح الباري عند شرحه: بَاب نَظَرِ الْمَرْأَةِ إِلَى الْحَبَشِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ غَيْرِ رِيبَةٍ. فقال: وَظَاهِر التَّرْجَمَة أَنَّ الْمُصَنِّف -أي البخاري- كَانَ يَذْهَب إِلَى جَوَاز نَظَر الْمَرْأَة إِلَى الْأَجْنَبِيّ بِخِلَافِ عَكْسه, وَهِيَ مَسْأَلَة شَهِيرَة, وَاخْتُلِفَ التَّرْجِيح فِيهَا عِنْد الشَّافِعِيَّة , وَحَدِيث الْبَاب يُسَاعِد مَنْ أَجَازَ , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَبْوَاب الْعِيد جَوَاب النَّوَوِيّ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ عَائِشَة كَانَتْ صَغِيرَة دُون الْبُلُوغ أَوْ كَانَ قَبْل الْحِجَاب , وَقَوَّاهُ بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَة: فَاقْدُرُوا قَدْر الْجَارِيَة الْحَدِيثَة السِّنّ. لَكِنْ تَقَدَّمَ مَا يُعَكِّر عَلَيْهِ وَأَنَّ فِي بَعْض طُرُقه أَنَّ ذَلِكَ بَعْد قُدُوم وَفْد الْحَبَشَة وَأَنَّ قُدُومهمْ كَانَ سَنَة سَبْع وَلِعَائِشَة يَوْمئِذٍ سِتّ عَشْرَة سَنَة, فَكَانَتْ بَالِغَة, وَكَانَ ذَلِكَ بَعْد الْحِجَاب, وَحُجَّة مَنْ مَنَعَ حَدِيث أُمّ سَلَمَة الْحَدِيث الْمَشْهُور: أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا. وَإِسْنَاده قَوِيّ ... وَالْجَمْع بَيْن الْحَدِيثَيْنِ اِحْتِمَال تَقَدُّم الْوَاقِعَة أَوْ أَنْ يَكُون فِي قِصَّة الْحَدِيث الَّذِي ذَكَرَهُ نَبْهَان شَيْء يَمْنَع النِّسَاء مِنْ رُؤْيَته لِكَوْنِ اِبْن أُمّ مَكْتُوم كَانَ أَعْمَى فَلَعَلَّهُ كَانَ مِنْهُ شَيْء يَنْكَشِف وَلَا يَشْعُر بِهِ , وَيُقَوِّي الْجَوَاز اِسْتِمْرَار الْعَمَل عَلَى جَوَاز خُرُوج النِّسَاء إِلَى الْمَسَاجِد وَالْأَسْوَاق وَالْأَسْفَار مُنْتَقِبَات لِئَلَّا يَرَاهُنَّ الرِّجَال , وَلَمْ يُؤْمَر الرِّجَال قَطُّ بِالِانْتِقَابِ لِئَلَّا يَرَاهُمْ النِّسَاء , فَدَلَّ عَلَى تَغَايُر الْحُكْم بَيْن الطَّائِفَتَيْنِ , وَبِهَذَا اِحْتَجَّ الْغَزَالِيّ عَلَى الْجَوَاز فَقَالَ: لَسْنَا نَقُول إِنَّ وَجْه الرَّجُل فِي حَقّهَا عَوْرَة كَوَجْهِ الْمَرْأَة فِي حَقّه؛ بَلْ هُوَ كَوَجْهِ الْأَمْرَد فِي حَقّ الرَّجُل فَيَحْرُم النَّظَر عِنْد خَوْف الْفِتْنَة فَقَطْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِتْنَة فَلَا, إِذْ لَمْ تَزَلْ الرِّجَال عَلَى مَمَرّ الزَّمَان مَكْشُوفِي الْوُجُوه وَالنِّسَاء يَخْرُجْنَ مُنْتَقِبَات , فَلَوْ اِسْتَوَوْا لَأَمَرَ الرِّجَال بِالتَّنَقُّبِ أَوْ مُنِعْنَ مِنْ الْخُرُوج. انتهى.
وقد أجاب الإمام أبو داود عن حديث: أفعمياوان أنتما. عقب روايته له في سننه بقوله: هَذَا لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً أَلَا تَرَى إِلَى اعْتِدَادِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، قَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ عِنْدَهُ. انتهى.
قال الحافظ ابن حجر فِي تلْخِيص الحبير: وَهَذَا جَمْع حَسَن وَبِهِ جَمَعَ الْمُنْذِرِيُّ فِي حَوَاشِيهِ وَاسْتَحْسَنَهُ شَيْخنَا. اِنْتَهَى.
وقال المباركفوري: قال السيوطي رحمه الله: كان النظر إلى الحبشة عام قدومهم سنة سبع ولعائشة يومئذ ست عشرة سنة وذلك بعد الحجاب فيستدل به على جواز نظر المرأة إلى الرجل. انتهى.
وبدليل أنهن كن يحضرن الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، ولا بد أن يقع نظرهن إلى الرجال فلو لم يجز لم يؤمرن بحضور المسجد والمصلى، ولأنه أمرت النساء بالحجاب عن الرجال ولم يؤمر الرجال بالحجاب كذا في المرقاة. انتهى من تحفة الأحوذي.
والقول الثاني: عدم جواز نظر المرأة للرجال الأجانب وإن كان النظر بلا شهوة أو ريبة، وهو أصح الوجهين عند الشافعية.
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: وَفِيهِ جَوَاز نَظَر النِّسَاء إِلَى لَعِب الرِّجَال مِنْ غَيْر نَظَر إِلَى نَفْس الْبَدَن. وَأَمَّا نَظَر الْمَرْأَة إِلَى وَجْه الرَّجُل الْأَجْنَبِيّ فَإِنْ كَانَ بِشَهْوَةٍ فَحَرَام بِالِاتِّفَاقِ, وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ شَهْوَة وَلَا مَخَافَة فِتْنَة فَفِي جَوَازه وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا: أَصَحّهمَا تَحْرِيمه ... وَعَلَى هَذَا أَجَابُوا عَنْ حَدِيث عَائِشَة بِجَوَابَيْنِ ... انتهى.
وقد تقدم ذكر الجوابين والجواب عنهما في كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله.
وقال السندي في حاشيته على النسائي: وفي الحديث دلالة على جواز نظر المرأة إلى الرجال إذا كان المقصد النظر إلى لعبهم مثلا لا إلى وجوههم، وقيل كان قبل بلوغ عائشة أو قبل تحريم النظر. والله تعالى أعلم. انتهى.
وعلى كلا القولين فلا إشكال في قصة نظر عائشة رضي الله عنها للحبشة، لأن الفتنة كانت مأمونة، كما أن النظر إلى مجموع الرجال يختلف عن النظر إلى الأفراد، وراجع الفتوى رقم: 7997.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1430(13/2768)
فوائد غض البصر ينالها من يجد الشهوة ومن لا يجدها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل فوائد غض البصر تفيد من يغض بصره عن النساءعند إيجاد الشهوة فقط؟ أم تفيد أيضا من يغض بصره عن النساء ـ حتى وإن لم يكن يجد شهوة فى بعض الأحيان ـ عند نظره إلى النساء؟.
وأرجو الإقناع من سيادتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المسلم غض بصره وعدم النظر إلى من لا تحل له من النساء ـ حتى وإن لم يجد شهوة عند النظرـ كما أمر تعالى في قوله: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30} . ولقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ. رواه البخاري ومسلم.
وغض البصر يفيد الجميع، من وجد شهوة عند النظر، ومن لم يجد، ودليل ذلك في الآية التي ذكرناها والتي فيها الأمر بغض البصر وفيها: ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ.
والآية فيها أمر للمؤمنين جميعا من يجد شهوة عند النظر ومن لا يجد شهوة، فعلق سبحانه زكاة نفس من غض بصره على مجرد غض البصر ولم يقيد تلك الزكاة بحال الشهوة.
وكذلك غض البصر هو امتثال لأمر الله سبحانه ولأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه الفائدة متحققة لكل من غض بصره، إلا أن الذي يجاهد نفسه مع وجود الشهوة أعظم استفادة بفوائد غض البصر من الذي لا يجد شهوة، فكلما اشتدت دواعي المعصية وسهلت طرقها كانت مجاهدة النفس على تركها أفضل من الذي ضعفت عنده دواعي المعصية، وكانت الثمرة في حق من يجاهد نفسه أعمق وأبلغ، وهؤلاء من الذين أخلص الله قلوبهم وعمرها بتقواه.
روى الإمام أحمد في كتابه الزهد عن مجاهد قال: كتب إلى عمر: يا أمير المؤمنين رجل لا يشتهى المعصية، ولا يعمل بها أفضل، أم رجل يشتهى المعصية ولا يعمل بها؟ فكتب عمر: إن الذين يشتهون المعصية ولا يعملون بها: أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ {الحجرات: من الآية3} .
وعن أبي سليمان الدارني في قوله تعالى: وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً {الانسان:12} . قال: بما صبروا عن الشهوات. رواه أبونعيم في حلية الأولياء.
فوجود الشهوة ثم مجاهدة النفس على تركها من أعظم وأفضل أنواع الجهاد، ففي المسند للإمام أحمد وصححه الحاكم وابن حبان والألباني عن فَضَالَةَ بْن عُبَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَل.
وعن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الجهاد أفضل؟ قال: أن تجاهد نفسك وهواك في ذات الله عز وجل. رواه أبو نعيم في الحلية، وصححه الألباني.
ووعد الله من جاهد فيه سبحانه بالهداية، فقال: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69} .
وليست هذه الآية في جهاد الكفار فقط، بل هي في الجهاد العام في دين الله وطلب مرضاته، فسورة العنكبوت مكية ولم يكن الجهاد بمعنى القتال قد فرض.
قال الطاهر بن عاشور ـ رحمه الله: وَهَذَا الْجِهَادُ هُوَ الصَّبْرُ عَلَى الْفِتَنِ وَالْأَذَى وَمُدَافَعَةِ كَيْدِ الْعَدُوِّ وَهُوَ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ أول السُّورَة: وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ. إِذْ لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ جِهَادُ الْقِتَالِ كَمَا عَلِمْتَ مِنْ قَبْلُ. انتهى.
وقال القرطبي: وقال أبو سليمان الداراني: ليس الجهاد في الآية قتال الكفار فقط، بل هو نصر الدين والرد على المبطلين وقمع الظالمين، وعظمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنه مجاهدة النفوس في طاعة الله وهو الجهاد الأكبر.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 43691.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1430(13/2769)
فوائد غض البصر ينالها من يجد الشهوة ومن لا يجدها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل فوائد غض البصر تفيد من يغض بصره عن النساءعند إيجاد الشهوة فقط؟ أم تفيد أيضا من يغض بصره عن النساء ـ حتى وإن لم يكن يجد شهوة فى بعض الأحيان ـ عند نظره إلى النساء؟.
وأرجو الإقناع من سيادتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المسلم غض بصره وعدم النظر إلى من لا تحل له من النساء ـ حتى وإن لم يجد شهوة عند النظرـ كما أمر تعالى في قوله: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30} . ولقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ. رواه البخاري ومسلم.
وغض البصر يفيد الجميع، من وجد شهوة عند النظر، ومن لم يجد، ودليل ذلك في الآية التي ذكرناها والتي فيها الأمر بغض البصر وفيها: ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ.
والآية فيها أمر للمؤمنين جميعا من يجد شهوة عند النظر ومن لا يجد شهوة، فعلق سبحانه زكاة نفس من غض بصره على مجرد غض البصر ولم يقيد تلك الزكاة بحال الشهوة.
وكذلك غض البصر هو امتثال لأمر الله سبحانه ولأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه الفائدة متحققة لكل من غض بصره، إلا أن الذي يجاهد نفسه مع وجود الشهوة أعظم استفادة بفوائد غض البصر من الذي لا يجد شهوة، فكلما اشتدت دواعي المعصية وسهلت طرقها كانت مجاهدة النفس على تركها أفضل من الذي ضعفت عنده دواعي المعصية، وكانت الثمرة في حق من يجاهد نفسه أعمق وأبلغ، وهؤلاء من الذين أخلص الله قلوبهم وعمرها بتقواه.
روى الإمام أحمد في كتابه الزهد عن مجاهد قال: كتب إلى عمر: يا أمير المؤمنين رجل لا يشتهى المعصية، ولا يعمل بها أفضل، أم رجل يشتهى المعصية ولا يعمل بها؟ فكتب عمر: إن الذين يشتهون المعصية ولا يعملون بها: أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ {الحجرات: من الآية3} .
وعن أبي سليمان الدارني في قوله تعالى: وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً {الانسان:12} . قال: بما صبروا عن الشهوات. رواه أبونعيم في حلية الأولياء.
فوجود الشهوة ثم مجاهدة النفس على تركها من أعظم وأفضل أنواع الجهاد، ففي المسند للإمام أحمد وصححه الحاكم وابن حبان والألباني عن فَضَالَةَ بْن عُبَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَل.
وعن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الجهاد أفضل؟ قال: أن تجاهد نفسك وهواك في ذات الله عز وجل. رواه أبو نعيم في الحلية، وصححه الألباني.
ووعد الله من جاهد فيه سبحانه بالهداية، فقال: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69} .
وليست هذه الآية في جهاد الكفار فقط، بل هي في الجهاد العام في دين الله وطلب مرضاته، فسورة العنكبوت مكية ولم يكن الجهاد بمعنى القتال قد فرض.
قال الطاهر بن عاشور ـ رحمه الله: وَهَذَا الْجِهَادُ هُوَ الصَّبْرُ عَلَى الْفِتَنِ وَالْأَذَى وَمُدَافَعَةِ كَيْدِ الْعَدُوِّ وَهُوَ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ أول السُّورَة: وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ. إِذْ لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ جِهَادُ الْقِتَالِ كَمَا عَلِمْتَ مِنْ قَبْلُ. انتهى.
وقال القرطبي: وقال أبو سليمان الداراني: ليس الجهاد في الآية قتال الكفار فقط، بل هو نصر الدين والرد على المبطلين وقمع الظالمين، وعظمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنه مجاهدة النفوس في طاعة الله وهو الجهاد الأكبر.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 43691.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1430(13/2770)
إقامة المرأة علاقة مع رجل أجنبي محرم وتعد لحدود الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في الثانية والعشرين من العمر، كتب الله لي أن أدرس، وقد تخرجت والآن أعمل، وخلال فترة دراستي وعملي لمدة تسع سنوات كان لي زميل دراسة، وكانت ماهية التعامل بيننا الأخوة والزمالة فقط، وهو صاحب أخلاق عالية، ويخاف الله ومتعلّم ومثقف وسواها من الصفات الحسنة، ومنذ أكثر من سنة تقدم لخطبتي، وقد تيسرت الأمور بعد بضعة أشهر، والآن نحن مخطوبان، ولكن وقبل خطبتي بأكثر من سنة ونصف كنت أتعامل مع قريب لي بشكل كبير أي اتصالات هاتفية ولقاءات، دون أن نتجاوز حدود الله أبداً، ولكن كلّ منا يعتبر الآخر أخا وقريبا له، ويقدم له ما يستطيع من مساعدة إلى أبعد الحدود، وهو شاب ملتزم بدينه جداً، وصاحب خلق وأدب ومبدإ.
وبعد ذلك وعندما علم قريبي بموضوع خطبتي ضجّ كثيراً حتى ضاقت به الأرجاء، حيث كنت بجانبه الند بالند، وهنا اكتشفنا كلانا حقيقة المشاعر الدفينة داخلنا، فكلّ يحمل للآخر حباً كبيراً، وقد صرح كلٌّ منا بمشاعره للآخر.
والآن أنا مخطوبة، ومع ذلك أتعامل مع قريبي، ولا أستطيع إلا أن أسأل عنه وأراه وأخاف عليه، وهو نفس الشيء مع رفض الجميع، وخطيبي قد عرف الموضوع نتيجة تصارحنا الكبير، ومن إحساسه بمشاعري، وطبعاً هذا أصبح باباً كبيرا للمشاكل بيني وبينه، وأنا في حيرة من أمري فأنا أمام خطيب توافقنا عقلياً إلى حد كبير، وخلال الخطبة تعلق بي كثيراً إلى حد الجنون، وأمام حبيب أحسّه كما لا أحسّ مخلوقا سواه، ولا أستطيع إلا أن أتعامل معه، مع أنني أشعر بتباعد ـ نوعاً ما ـ بين عقولنا وتفكيرنا لاختلاف البيئات والتربية، وأناعلى يقين أنّ ما يحدث الآن لا يرضي الله، مما دفعني لأطرق بابكم وأرجو تقديم الحكم الشرعي في هذا: فهل أنفصل عن خطيبي وبذلك لا أكون قد ظلمته؟ مع التنويه إلى أنّ أمور الزواج غير ميسرة من خدمة علم وتأمين مسكن وحتى عدم رضا أهله تماماً.
أم أترك تعاملي مع قريبي هذا، وأرضى بما قسم لي ربي، ولا أكون قد ظلمته وظلمت نفسي معه.
فلكم الفتوى والرأي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فابتداء ننبهك على بعض الأخطاء التي وقعت فيها، والتي تستوجب منك التوبة إلى الله جل وعلا. فمن ذلك: أنك أقمت علاقة لك مع قريبك هذا. وهذه العلاقات محرمة في ذاتها، والعجب أنك تقولين إنكما لم تتعديا حدود الله، وقد غفلت أن مجرد هذه العلاقات تعدٍ واضح لحدود الله سبحانه وانتهاك لحرماته. وقد بينا ذلك في الفتويين رقم: 116825، 109089. ...
ومن ذلك: ما تذكرينه من علاقتك أيضا بخطيبك الذي ما يزال بالنسبة لك رجل أجنبي حتي يعقد عليك، فهذا كله يحرمه الشرع.
فالواجب عليك هو قطع العلاقة بينك وبين قريبك هذا تماما، والتوبة إلى الله مما كان منك فيما سبق، وكذا الحال في الخطيب.
أما بخصوص من تقدِّمين منهما في الزواج، فقدمي من تحبين إذا كان صاحب خلق ودين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجة وغيره، وصححه الألباني.
وعلى كل حال نوصيك بأن لا تقدمي على شيء من أمورك إلا بعد استخارة الله جل وعلا، واستشارة أهل الخير والصلاح والرأي من أهلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1430(13/2771)
التحدث مع الأجنبية لإعلامها بالرغبة في نكاحها
[السُّؤَالُ]
ـ[ابتليت بعلاقة محرمة منذ أربع سنوات وحتى الآن، ومع أني أعرف أنها محرمة وضميري يؤنبني وأريد التخلص من هذه العلاقة ولا أعرف ما هي الطرق، مع أنني حاولت كثيرا ولكنني لم أستطع لأننا تعلقنا ببعضنا كثيرا، علما أنه ولله الحمد منذ السنوات التي مضت عاهدت نفسي أن لا أصافحها أبدا، ولكن أنا أعرف أن الفتنة قد تأتي في أية لحظة، علما أنني أحتاج على الأقل سنتين حتى أستطيع خطبتها. فهل يجوز أن أعدها أن أخطبها بعد سنتين -والله على ما أقول شهيد-وفي هذه الفترة لا نتحدث أبدا مع بعضنا أم لا يجوز؟ وفي هذه الحالة ماذا أفعل حتى يفرج الله همي الذي أتعبني كثيرا فأرجوكم أفتوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يعرف بعلاقة الحب بين الشباب والفتيات هو أمر لا يقره الشرع، ولا ترضاه أخلاق الإسلام، وإنما المشروع في الإسلام أن الرجل إذا أراد أن يتزوج امرأة فإنه يخطبها من وليها الشرعي، ثم تظل أجنبية عنه حتى يعقد عليها.
فإذا كانت هذه الفتاة التي تريد خطبتها ذات دين فلا مانع من وعدها بالزواج مع المحافظة على حدود الشرع في التعامل معها والبعد عن أسباب الفتنة ومداخل الشيطان.
وننصحك أن تشغل نفسك بما يفيدك في دينك ودنياك، وتحرص على تقوية صلتك بربك بالمحافظة على الصلاة في المساجد، وحضور مجالس العلم والذكر، ومصاحبة الأخيار الذين يعينون على الطاعة، مع الاستعانة بالله وكثرة الذكر والدعاء، مع وجوب التوبة من العلاقة المحرمة مع تلك المرأة، ولا تصح لك توبة حتى تقطع علاقتك المحرمة بها، لأن من شروط التوبة الاقلاع عن المعصية والندم والعزم على عدم العودة للمعصية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1430(13/2772)
لا يجوز ارتكاب مخالفات شرعية في حفل الزواج بحجة مشروعية الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي في إقامة عرس في باحة فندق دون فصل للرجال عن النساء اعتمادا على أنه اجتماع على أمر أقره الشرع؟ لاسيما وأنه يتضمن وليمة، وستكون هناك فرقة دبكة من الرجال وبعض الزجالين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاختلاط بين الرجال والنساء على النحو المتعارف عليه في الأفراح أمر منكر محرم لا يقره الشرع ولا يجوزه؛ لما يشتمل عليه من التبرج وظهور النساء أمام الرجال الأجانب في كامل زينتهن ـ لا سيما العروس ـ وهذا كله محرم ولا خلاف في تحريمه.
فإذا انضم إلى ذلك كون الاجتماع في فندق، فإن الإثم يشتد والحرمة تعظم، لأن الغالب الأعم اشتمال الفنادق ـ ولا سيما في بلاد غير المسلمين ـ على الكبائر والموبقات من الفجور وتعاطي الخمور ونحو ذلك.
وأما عن اللهو في الأعراس فإنه مشروع إذا انضبط بالضوابط الشرعية، وقد بينا هذا بالتفصيل في الفتوى رقم: 8283.
أما بخصوص حكم ما يعرف بالدبكة، فقد بيناه في الفتوى رقم: 51449.
مع التنبيه على أن النكاح وإن كان من الأمور التي ندب إليها الشرع، فإنه لا بد وأن ينضبط الاحتفال به بأحكام الشرع، ولا يجوز أن تنتهك حدود الله وتستباح محارمه بحجة أن هذا الفعل مباح أو حتى مأمور به، لأن الغاية لا تبرر الوسيلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1430(13/2773)
لا يجوز تعمد النظر إلى الأجنبية ولا محادثتها بالهاتف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عندي 16 سنة ومتدين، وأصلي إماما للناس في المسجد الذي عندنا ـ والحمد لله ـ وفي شارعنا تسكن امرأة، وأنا أحبها جدا، ولا أعرف إذا كانت تحبني أم لا ـ ولما أمر أمام بيتها أنظر إ لى شرفة البيت وأتمنى أن تكون واقفة فيها ـ وفي بعض الأحيان أنظر إليها وتنظر إلي، ودائما أتخيلها، ولكن والله لم أفكر فيها بشهوة أبدا، وأنا أحبها حبا صادقا، ولا أنوي أن أكلمها أبدا إلا عندما أكون على قدر المسؤولية وأخطبها، فهل لو كلمتها في التليفون فقط ولم أخرج معها ولم أكلمها في أمور الدننا، فهل هذا حرام أم حلال؟ أرجو الرد، لأنني في حيرة ونفسيتي تعبت. فأرجو الرد على كل ما في الرسالة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تحدث هذه الفتاة لا في الهاتف ولا في غيره، لا في أمور الدنيا ولا في أمور الدين، فهذا كله ذريعة للفساد والفتنة، وقد يغريك الشيطان للحديث معها بدافع التناصح والوعظ، وهذا من مكايده حتى يوقعك في المحظور. فكن على حذر من عدوك، ثم إن ما تفعله من النظر إلى هذه الفتاة حرام لا يجوز، ولو كان بغير شهوة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 70444.
واعلم أنه إذا قذف في قلب الرجل حب امرأة ما هكذا دون سعي منه ولا تسبب، فلا يأثم بذلك بشرط أن يأخذ بأسباب السلامة، ويتقى الله ربه، ويكف نفسه عن هواها. وعليه فلتعلم أنك بسعيك في تثثبيت هذا الحب في قلبك وزيادته بنظرك إلى المرأة ورغبتك في الحديث معها تأثم على ذلك وتؤاخذ به.
وننبهك إلى أن إمامة الناس في الصلاة مقام عظيم، وينبغي لصاحبه أن ينأى بنفسه عن مواطن الشبهات فضلا عن المعاصي الظاهرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1430(13/2774)
ترك التحدث مع الأجنبي في أمور الحب وغيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي: لقد تواصلت مع رجل في موقع إسلامي للزواج، حيث لا يسمح بتبادل الإيميلات ولا أرقام الهاتف الشخصية والتواصل يتم من خلال الموقع فقط، فإن توافق الشخصان اتصل الرجل بولي المرأة، وتواصلت معه بعد ما أبدى لي جديته ـ وعلى حسب قوله ـ فهو متخرج من جامعة للعلوم الشرعية، وقال إنه ذهب للحجاز ومكث مدة زمنية تعلم فيها علوم الدين على يد نخبة من الشيوخ، وقال إنه ذهب إلى مصر وحضر للشيخ محمد حسان ـ حفظه الله ـ وهو متزوج وأب لثلاثة أبناء ويريد الزواج بثانية اقتداء بالسنة، وسألته إن كانت زوجته الأولى موافقة، وهل يقدرعلى العدل والمساواة؟ فأجاب بنعم وسيوفقه الله لذلك حتما، لأنه على حسب قوله يريد العفاف وهو لا يريد أن يبني بيتا ليهدم آخر، ولو كان ذلك لما قبل الزواج ثانية، ولمدة عامين وهو يفكر في الأمر، سألته عدة أسئلة وبدى لي متدينا ومتخلقا، كما أنه كان يلتزم بقوانين الموقع وطلب مني عنواني فأعطيته إياه، لأنه ينوي المجيء إلى بيتنا بعد عودته من عمرته بعد رمضان ـ إن شاء الله ـ ولكن ما حيرني كان كثيرا ما يشير لي من خلال كلامه أنه يحبني ويريد أن أكون من نصيبه، ولكن لم يقلها لي مباشرة، قال لو خير بعشر نساء جميلات وبيني لاختارني وقال إن قلبه مال إلي، وذكر حديثا للرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال: من ألقى الله في قلبه حب امرأة فليتزوجها.
وبحثت عن الحديث في النت فلم أجد له أصلا ولا أدري، هل هذا فعلا حديث منسوب للرسول الكريم أم لا؟ ومدى صحته، لقد كلم أباه عني فوافق، والظاهرأنه يريد فعلا أن أكون من نصيبه ويخشى عدم حصول ذلك ومتخوف من رفض وليي ويريد أن أساعده في ذلك ويخيفه أيضا أن يحصل له مكروه إن لم يكن فيه نصيب بيننا، وهو لم يرني ولم أسمح أبدا له أو لغيره أن يراني خارج نطاق الشرع ولم أتواصل معه لدرجة التعلق لكنه بدا كذلك، والوسط الذي أعيش فيه غير ملتزم وبعد أن من الله علي بنعمة الهداية أخشى على نفسي من الضعف والعودة، فليس لي أحد من أقاربي يساندني ويشجعني وأخاف أن يؤثرعلي محيطي، لذلك ارتأيت أن الحل في الزواج من الرجل الصالح، وأخاف أن أفوت الفرصة علي، لأن زماننا قل فيه الصالحون لشدة الفتن والمغريات، وللأسف ليس لي أحد أشكو له همي سوى الله، وليس من عادتنا أن يخطب الولي لوليته إن أعجب برجل صالح فليس عندنا هذا ولا حتى من النساء، أود فعلا أن يرزقني الله زوجا متخلقا وصالحا، لأنني أتألم كثيرا وأخاف على نفسي، لدي دين في المال والصوم والصلاة وتخالجني أفكار بأنني لست صالحة، فكيف يكون لي الرجل الصالح، وليس لي حل سوى الزواج، لانني وحيدة وسط بيئة غريبة، والنفس البشرية تحتاج لنفس مثلها تقترب منها وتواسيها، لقد استخرت الله تعالى وهو كذلك، والآن أريد رأيك في موضوعي سيدي والحكم في كل هذا، وجزاك الله كل خير، أنتظر ردك شيخي بفارغ الصبر، كما أرجو منك الدعاء لي، ورمضان كريم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك التيسير في سائر الأمور ونسأله سبحانه أن يمن عليك بزوج صالح يعينك على طاعة ربك.
واعلمي أيتها السائلة أن ما يحدث بينك وبين هذا الرجل من محادثات أمرغير جائز وهو ذريعة كبيرة للشر والفساد, وراجعي في ذك الفتاوى التالية أرقامها: 121866 , 121135 , 3672 , وقد بدت أمارات الفتنة في حديثه فيما ذكرت من تعريضه لك بالحب وإيثارك على غيرك من النساء وخوفه من أن يصاب بمكروه إن لم يتزوجك, وهذا كلام لا يجوز أن يصدر من عوام المسلمين، فكيف بطالب العلم الشرعي الذي يعلم قطعا أن هذا لا يجوز؟ لا شك أن هذا مما يقدح في أخلاقه وينال من عدالته, فاتقي الله سبحانه واقطعي علاقتك بهذا الرجل، فإن كان جادا في رغبته في الزواج منك فإنه سيتقدم لخطبتك من أهلك.
فإن تقدم لك وتوسمت فيه الخير والصلاح فلا مانع من القبول بالزواج منه ـ بعد الاستخارة ـ والأولى أن تسألوا عنه أولا من يعلم أحواله، أما هذا الحديث الذي استدل به فإننا لم نعثر ـ فيما بين أيدينا من مصادر ـ على حديث بهذا اللفظ, ولكن المشهورعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى هو قوله: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الألباني.
وفي الختام نذكرك بضرورة التوكل على الله سبحانه وإحسان الظن به والإلحاح عليه في الدعاء أن يرزقك بزوج صالح يكون عونا لك على أمور دينك ودنياك, ونذكرك أن الزوج الصالح من نعم الله سبحانه ونعم الله لا تنال إلا بطاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1430(13/2775)
حكم نظر المرأة إلى شاب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل علي إثم إذا كنت قد رأيت بأن شابا معينا في رؤيا (أحسبها كذلك لأنها كانت واضحة) سيكون زوجا لي. فهل علي إثم إذا نظرت إلى هذا الشاب مع العلم بأني أدعو أن يكون زوجي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله النساء كما أمر الرجال بغض البصر، قال الله تعالى: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ. {النور:31} ، فلا يجوز لك إطلاق بصرك في هذا الشاب، لما يترتب على ذلك من الفتنة إلا عند الخطبة، وانظري لذلك الفتوى رقم: 15196.
أما دعاؤك بأن يكون زوجاً لك فلا حرج فيه، لكن الأولى أن يكون دعاؤك بسؤال الله أن يرزقك الزوج الصالح عموماً، فإن ما فيه الخير يعلمه الله وحده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1430(13/2776)
هل تدخل الخادمة في ملك اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز معاشرة الخادمة تحت شعار وما ملكت أيمانكم في زمن أنجب فيه عصر الإماء والعتاق أمرا في غاية الخطورة من ضياع الأنساب وارتكاب الفاحشة التي تسبب الكوارث بغضب من الله. والله المستعان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخادمة لا تدخل في ملك اليمين، وحكمها حكم غيرها من النساء الحرائر، ومعاشرة مخدومها لها بغير زواج شرعي إنما هو زنا يوجب غضب الله، والاجتراء على مثل ذلك دليل على فساد الدين وضياع المروءة. وراجعي الفتوى رقم: 37893.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1430(13/2777)
الانشغال بامرأة دون القدرة على الزواج منها مفسدة وليس مصلحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أخوكم فى الله ـ من مصر من المنصورة ـ عندي 16 سنة، وعندي سؤال يحيرني جداً جداً وأرجو مساعدتكم لي والرد السريع: أنا أعرف ـ طبعاً ـ أن الحب الشيطاني حرام، ولكن ما المانع لو أحببت فعلاً لأجل الزواج؟ والله عندما ينشط الحب في داخلي أشعر بتحسن من ناحيتي، وخصوصا أن من أهم ذلك التحسن نسيان العادة السرية والابتعاد عنها، يعني: أن الحب له فائدة غير الزواج ـ طبعاً.
فأ رجوالاهتمام منكم وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يعرف بعلاقة الحب بين الشباب والفتيات أمر لا يقره الشرع، لكن إذا تعلق قلب الرجل بامرأة دون كسب منه أو سعي في أسبابه فلا حرج عليه، والمشروع له حينئذ أن يخطبها من وليها، فإن أجابه فبها ونعمت، وإن قوبل بالرفض انصرف عنها إلى غيرها، وإذا لم يكن الزواج متيسراً للشاب فينبغي له أن يزيل من قلبه هذا التعلق، ويشغل نفسه بما ينفعه في أمر دينه ودنياه.
فالذي ننصحك به أن تعرض عن هذه الأمور، وتلتفت لما يفيدك في دينك ودنياك، ولا يغرنك ما تتوهم من الفائدة في الاسترسال مع تلك المشاعر، فليس الأمر كما تظن من أن هذه المشاعر هي السبب في انصرافك عن العادة السرية، وإنما انصرافك عنها سببه شغل فراغ النفس، وهذا يتحقق بشغلها بأمور مباحة نافعة، ولمعرفة ما يعينك على التخلص من العادة السرية، راجع في ذلك الفتويين رقم: 5524، ورقم: 7170.
فأشغل نفسك بما ينفعك في دينك ودنياك، ولا سيما وأنت في مرحلة عمرية لها خطرها في حياة الإنسان، ففي بداية مرحلة الشباب يملك الإنسان طاقة هائلة، وإذا أحسن توظيفها، فإن ذلك يكون سبباً في صلاح أمره ورفعة شأنه وسعادته في الدنيا والآخرة، وأما إذا أهمل واستجاب لغرورالشيطان ومطامع الهوى ودواعي الكسل والخمول، فإنه يحرم الخير الكثير ويندم حيث لا ينفع الندم، وسوف يسأل الإنسان عن تلك المرحلة من عمره يوم القيامة، فعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزول قدما عبد يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وماله، من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وماذا عمل فيما علم؟. رواه الترمذي وصححه الألباني.
ونوصيك بالحرص على تقوية صلتك بربك بالمحافظة على الصلاة في المساجد، وحضور مجالس العلم والذكر، ومصاحبة الأخيار الذين يعينون على الطاعة، مع الاستعانة بالله وكثرة الذكر والدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1430(13/2778)
حكم مرافقة الأجنبية لإرشادها إلى الأماكن السياحية
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد هنا فتاة روسية في زيارة لمصر بنظام التبادل الطلابي في الجامعة الأمريكية, وكانت تبحث عن شاب مصري يرافقها في مصر ويرشدها إلى الأماكن السياحية ويعطيها معلومات عن مصر، وهي تريد أن تقابلني فهل إذا خرجت معها في أماكن عامة ومتنزهات يكون ذلك حراما؟ علما بأنني أنوي أن أحدثها عن الإسلام فهي لا تعرف عنه شيئا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك الخروج مع هذه الفتاة ولو كان الخروج إلى المنتزهات والأماكن العامة, لأن خروجك معها ومصاحبتك لها ليس مظنة للفتنة فحسب، بل هو عين الفتنة، لما هو معلوم من حال هؤلاء النساء وتبرجهن السافر وانسلاخ أكثرهن من الحياء والخلق جملة واحدة, ومن المعلوم المقرر أن ما سوى الوجه والكفين من المرأة عورة باتفاق أهل العلم, وخروجك معها لا بد معه من النظر، فكيف تنظر إلى هذه العورة؟ ثم لو افترضنا جدلا أنك لن تنظر إليها ـ وهذا يكاد يكون مستحيلا ـ فإن مجرد خروجك معها على هذه الحالة هو من باب التعاون على الإثم والعدوان, والله سبحانه يقول: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} .
ثم حديثك معها محظور لأنه لا تجوز محادثة المرأة الأجنبية ـ خصوصا الشابة ـ إلا لضرورة أو حاجة وبالتزام الضوابط الشرعية من أمن الفتنة وغض البصر ونحو ذلك, فأي حاجة لك أو لها في ذلك؟.
أما ما تذكر من رغبتك في دعوتها للإسلام فهي رغبة كريمة محمودة، ولكن يمكن تحقيق ذلك بأن تدل عليها بعض الأخوات المؤمنات من أهل الدعوة إلى الله جل وعلا وهنّ يباشرن دعوتها, أما أنت فلا يجوز لك ذلك لأن الفتنة بأمثال هؤلاء تكاد تكون يقينية, فاتق الله ربك واحفظ عليك دينك وخلقك واعلم أنه لا يجوز لك أن تسعى في هداية أحد بما يرجع عليك أنت بالضلال والغواية، وراجع ضوابط محادثة الأجنبية ومعاملتها في الفتوى رقم: 116308.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1430(13/2779)
ما يباح النظر إليه من عورة المرأة أثناء الولادة
[السُّؤَالُ]
ـ[بدايةً أود أن أبارك لكم شهر رمضان وأسأل الله أن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال.
وسؤالي: أود أن أعلم رأيكم بخصوص عورة المرأة أثناء الولادة:
ـ فما هو الحد الذي يسمح به من كشف العورة؟ وما أعنيه بالضبط هو الطبيبة التي تُولد المرأة والكادر الموجود معها ـ الحالة الموجودة والتي مررنا بها: طبيبة مع ممرضتين والولادة قيسرية وليست طبيعية.
- بعد الولادة والمرأة مازالت في المشفى، هل يجوز أن تنكشف المرأة على الممرضة لضرورة طبية، وخاصة أنه بين الحين والآخر تدخل ممرضة جديدة، إما بسبب أن الممرضة السابقة التي انكشفت أمامها المرأة مشغولة أو تغير الكادر حسب الدوام، والمقصود من هذا السؤال حسب الحالة التي مررنا بها أن المرأة انكشفت عورتها على أكثر من 6 ممرضات للأسباب التي ذكرت.
ـ بعد الخروج من المستشفى، هل يجوز أن تنكشف المرأة أمام أمها لمساعدتها في تغير ملابسها أو لتنظيف جسمها أو للتغييرعلى جرحها؟ مع العلم أن الزوج موجود ولكنه أثناء النهار يكون في عمله ووقت عمله ليس طويلاً أي أن الأمور التي تحتاج لمساعدة قد تنتظر ريثما يعود الزوج من عمله.
ـ هل يوجد في الشرع ما يسمى: بأن الأم باعتبارها ولدت بنتها فلا يوجد حرج في انكشاف البنت وهي كبيرة بالغة متزوجة؟ وانكشاف عورتها أمام أمها؟ مع العلم أن هذا الأمر شائع كثيراً بين الناس بعدم وجود الحرج باعتبارها أمها وهي ولدتها وربتها إلى آخر ما هنالك من هذا الكلام.
نرجو منكم الإفادة بأسرع وقت ممكن إن أمكن، لأننا مازلنا نعيش الحالة.
وجزاكم الله خير الجزاء عن المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل وجوب ستر العورة، وعورة المرأة المسلمة مع امرأة مسلمة مثلها هي: ما بين السرة والركبة، فما بينهما يحرم النظر إليه قطعاً، وما حرم النظر إليه، حرم لمسه من باب أولى إلا لضرورة، كعلاج لا يتم إلا بذلك، ومن هذا القبيل وضع الولادة، وحيث قلنا بجواز النظر أواللمس في الولادة فيقتصر من ذلك على ما لا بد منه، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الضرورة تقدر بقدرها، فيكشف من العورة القدرالمحتاج إليه فقط ويحرم ما عدا ذلك.
قال الكاساني ـ رحمه الله: وَأَمَّا الثَّالِثُ وهو بَيَانُ ما يَحِلُّ من ذلك وما يَحْرُمُ لِلْمَرْأَةِ من الْمَرْأَةِ فَكُلُّ ما يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ من الرَّجُلِ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْظُرَ إلَيْهِ من الْمَرْأَةِ، وَكُلُّ ما لَا يَحِلُّ له لَا يَحِلُّ لها فَتَنْظُرُ الْمَرْأَةُ من الْمَرْأَةِ إلَى سَائِرِ جَسَدِهَا إلَّا ما بين السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَلَا يَجُوزُ لها أَنْ تَنْظُرَ ما بين سُرَّتِهَا إلَى الرُّكْبَةِ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ بِأَنْ كانت قَابِلَةً فَلَا بَأْسَ لها أَنْ تَنْظُرَ إلَى الْفَرْجِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ، لَكِنَّ الثَّابِتَ بِالضَّرُورَةِ لَا يَعْدُو مَوْضِعَ الضَّرُورَةِ لِأَنَّ عِلَّةَ ثُبُوتِهَا الضَّرُورَةُ وَالْحُكْمُ لَا يَزِيدُ على قَدْرِ الْعِلَّةِ هذا الذي ذَكَرْنَا حُكْمُ النَّظَرِ وَالْمَسِّ. بدائع الصنائع في الفقه الحنفي 5/124.
وإذا دعت الحاجة إلى اطلاع الممرضة على موضع الجرح، وكان هذا بأمر الطبيبة لمصلحة العلاج فلا حرج في ذلك، بحيث يقتصر أيضا على ما تدعو إليه الحاجة دون التوسع في ذلك، وإن أمكن أن تكون التي تتابع الجرح امرأة واحدة فهو أولى، وما ذكر من انكشاف الزوجة على ست ممرضات إن كان بسبب مقبول شرعا كتغير الدوام مع وجود الحاجة إلى ذلك فلا حرج عليكم في ذلك.
وأما بعد الخروج من المستشفى واحتياج المرأة إلى من يساعدها في القيام ببعض الأمورالتي فيها انكشاف عورتها فيما بين السرة إلى الركبة، فإن كان الزوج موجودا ويستطيع القيام بذلك بلا ضرر أو مشقة تلحق بزوجته إذا انتظرته حتى يعود من عمله، فلا يجوز أن تكشف المرأة عورتها أمام أحد حتى ولو كانت أمها، فحكم نظر الأم إلى عورة ابنتها ـ بلا مبرر شرعي ـ كحكم أي امرأة أخرى وهو عدم الجواز، ولا يوجد دليل يستثني الأم من هذا الحكم، وما اعتاده بعض الناس من التساهل في اطلاع الأم على عورة ابنتها لكونها هي التي ولدتها هو من المحرمات، ومما تأثم به الأم والمرأة إذا لم تكن هناك ضرورة لذلك أو حاجة تنزل منزلة الضرورة، وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء.
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر المرأة إلى عورة المرأة ولم يستثن الأم من ذلك، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ، وَلَا يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَلَا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ.
وفي رواية: لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عُرْيَةِ الرَّجُلِ، وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَى عُرْيَةِ الْمَرْأَةِ. رواه مسلم في صحيحه.
قال الإمام النووي في شرحه للحديث السابق: وَأَمَّا أَحْكَام الْبَاب فَفِيهِ تَحْرِيم نَظَر الرَّجُل إِلَى عَوْرَة الرَّجُل وَالْمَرْأَة إِلَى عَوْرَة الْمَرْأَة, وَهَذَا لَا خِلَاف فِيهِ، وَأَمَّا ضَبْط الْعَوْرَة فِي حَقّ الْأَجَانِب، فَعَوْرَة الرَّجُل مَعَ الرَّجُل مَا بَيْن السُّرَّة وَالرُّكْبَة, وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة مَعَ الْمَرْأَة, وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي جَمِيع هَذِهِ الْمَسَائِل مِنْ تَحْرِيم النَّظَر هُوَ فِيمَا إِذَا لَمْ تَكُنْ حَاجَة, أَمَّا إِذَا كَانَتْ حَاجَة شَرْعِيَّة فَيَجُوز النَّظَر فِي حَالَة الْبَيْع وَالشِّرَاء وَالتَّطَبُّب وَالشَّهَادَة وَنَحْو ذَلِكَ وَلَكِنْ يَحْرُم النَّظَر فِي هَذِهِ الْحَال بِشَهْوَةٍ، فَإِنَّ الْحَاجَة تُبِيح النَّظَر لِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ, وَأَمَّا الشَّهْوَة فَلَا حَاجَة إِلَيْهَا. شرح النووي على صحيح مسلم 4/30.
وللاستزادة تراجع الفتاوى التالية أرقامها: 98406، 17481، 7254، 46607، 48114.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1430(13/2780)
المعصية في رمضان أشد منها في غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 22 سنة، وأحب بنتا وأريد أن أتزوجها، ولكن أنتظر أن أعمل أولا وأريد أن أعرف، هل التحدث معها في شهر رمضان حرام أم لا؟ علما بأنني أتكلم معها بعد الإفطار، فهل كلام الحب بيننا بعد الإفطار حرام أم لا؟.
أرجو الإفادة للضرورة، ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يعرف بعلاقة الحب بين الشباب والفتيات هو أمر لا يقره الشرع، ولا ترضاه أخلاق الإسلام، فالمشروع في الإسلام للرجل إذا تعلق قلبه بامرأة أن يخطبها من وليها الشرعي، ثم تظل أجنبية عنه حتى يعقد عليها، والكلام مع الأجنبية إنما يجوز عند الحاجة المعتبرة شرعاً، مع مراعاة الجدية والاحتشام والبعد عن الليونة في الكلام وراجع في ذلك الفتوى رقم: 21582.
فما تفعله من محادثة تلك الفتاة في أمور الحب هو أمر مخالف للشرع ـ سواء أكان ذلك في رمضان أم غيره ـ وإن كانت المعصية في رمضان أشد، وهو شهر ينبغي للعاقل فيه أن يحذر من كلّ ما يغضب الله ويحرص على كلّ ما يقرّب إليه، فالواجب عليك أن تقطع علاقتك بهذه الفتاة، حتى إذا تيّسر لك الزواج تقدمت إليها، فإن قدّر الله لك زواجها فبها ونعمت، وإن لم يقدّر الله لك زواجها فلتنصرف عنها إلى غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1430(13/2781)
اشتراط كون الزفاف بموسيقى واختلاط بين الجنسين
[السُّؤَالُ]
ـ[ابني شاب ملتزم ـ والحمد لله ـ تقدم لخطبة فتاة ملتزمة ومن أسرة كريمة، ولكن المشكلة في حفل الزفاف فأهل العروس يريدون أن يكون حفل الزفاف في إحدى القاعات وتكون فيها موسيقى هادئة دون حدوث رقص أو سماع أغاني وتكون الأسر مختلطة دون فصل بين السيدات والرجال، فهل يجوزهذا؟ وخصوصا إذا كان هذا شرط أساسي لإتمام الزواج وإلا سيتم فسخ الخطبة، وهل على ابني إثم إذا وافقهم على ما يريدون؟.
أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يطلبه أهل العروس من وجود الموسيقى واختلاط الرجال بالنساء لا يجوز وهو محرم تحريما قاطعا, أما حرمة الموسيقى، فقد بيناها بالتفصيل في الفتاوى التالية أرقامها: 54316 , 46392 , 16261 , 6110.
وأما الاختلاط بين الرجال والنساء على الوجه الذي يكون في الأفراح وظهور العروس بكامل زينتها أمام جميع الناس فهذا لا يختلف في تحريمه وكونه من الكبائر, بل واشتماله على جملة من الكبائر منها: الدياثة، والتبرج والنظر المحرم, وإغواء الناس بالمعصية وإثارة كوامن شهواتهم, فهل يرتاب في حرمة مثل هذا؟ فالواجب على ابنك ألا يطاوعهم فيما يطلبونه منه من معصية الله سبحانه, ولو أدى ذلك إلى فسخ الخطوبة والانصراف عنهم جملة واحدة.
وليعلم أن الزواج نعمة عظيمة من نعم الله سبحانه فلا يجوز للإنسان أن يقابل هذه النعمة من أولها بمعصية الله فهذا من كفران النعم, وكثير من الأسر يتسارع إليها الشقاق والخلاف بعد الزواج مباشرة ويتهدم بنيانها بسبب مثل هذه التجاوزات.
فليتق ابنك ربه سبحانه وليحرص على مرضاته وحده وليخالف أهل المعاصي والشهوات, وليكن همه في الزواج أن يؤسس بيته من أول يوم على تقوى من الله ورضوان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(13/2782)
الرغبة في الزواج لا تسوغ العلاقة بين الأجنبيين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شابة في22 من عمري أحب شابا منذ سنة ونريد أن نتعفف وأن نمتنع عن المعاصي، أريد الزواج منه ولكنني أخاف أن أصارح أبي، وأظن أنه سيرفضه في مثل هذا الوضع، ولا أعرف ماذا أفعل؟ فإننا نقع في ذنوب ومعاصي كبيرة ونريد أن نضع حداً لها، ولذلك قررنا أن نتزوج في السر، وعائلته ستكون على علم وسأخبر أختي الكبيرة بالأمر، فهل النكاح صحيح وجائز؟ وإن لم يكن جائزاً، فما العمل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فابتداء ننبهك إلى أنه يجب عليك أن تقطعي كل علاقة لك بهذا الرجل، لأن مجرد علاقة المرأة برجل أجنبي عنها أمر محرم ولا تسوغها الرغبة في الزواج منه، فإذا انضم إلى ذلك ما تذكرين من انتهاك حرمات الله وتعدي حدوده، فماذا تنتظرين بعد هذا؟ هل تنتظرين إلا عقاب الله وسخطه وفضيحة الدنيا وخزي الآخرة؟ فعليك أن تبادري بالتوبة إلى الله سبحانه توبة صادقة نصوحاً وأن تذرفي دموع الندم والحسرة على ما كان منك من تفريط في حقه سبحانه وخيانة لأهلك، وتذكري نعمة الله عليك وأنت مقيمة على هذه المعاصي وهو يسبغ عليك ستره، فماذا لو أزال عنك هذا الستر وفضحك؟ وكيف سيكون حالك وحال أهلك بين الناس؟.
أما عن الزواج بهذا الشخص فإن كنت قد وقعت معه في جريمة الزنا، فلا يجوز لك الزواج به إلا بعد التوبة الصادقة من كليكما بالاستغفار والندم وقطع هذه العلاقة الأثيمة جملة واحدة، ثم الاستبراء، ويكفي فيه حيضة واحدة -على الراجح- كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 1677.
أما إن كان الأمر لم يصل إلى حد الفاحشة فلا حرج حينئذ في الزواج منه، بل الأولى المسارعة بهذا الزواج، ولكن لا يجوز لك أن تتزوجي بدون وليك، لأن موافقة ولي المرأة شرط في صحة النكاح، إذ لا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها ولا أن تزوجها امرأة مثلها ـ سواء كانت أمها أو أختها أو غير ذلك ـ فإن عدم الولي فالنكاح باطل كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبينا ذلك في الفتوى رقم: 5916.
والذي ننصح به في هذه الحالة هو أن يتقدم هذا الرجل لخطبتك من وليك ثم تكتمان عنه، بل وعن جميع الناس ما حدث بينكما من إثم، بل يجوز لك أن تتظاهري بعدم معرفتك به أصلاً، وبذا تكونين قد تجنبت السبب الذي قد يحمل وليك على رفض هذا الشاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(13/2783)
مجرد علاقتك بهذا الزوج نوع من السعي في تخريب بيته وهدم أسرته
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب زميلي فى العمل وهو متزوج ولكن بينه وبين زوجته مشاكل كثيرة ولديه ابنة وهو يحبني كثيراً وطلبت منه أن نتزوج وأكون زوجة ثانية من أجل خاطر ابنته، لكنه رفض بحجة أنه لن يقدر أن يعدل بيننا وهو لا يريد أن ينفصل عن زوجته بسبب ابنته وهو خائف جدا على حياتها ومستقبلها وأنا لا ألومه، لكنني أحبه جدا ولا أعرف هل أقدر أن أبتعد عنه وأنساه؟ ويا ترى، هل أقدر أن أتزوج غيره؟ وأنا لا أقدر أن أتزوج أحدا لا أحبه، وأنا قلت له إتزوجني لأجل مستقبل البنت، وأنت فى خلاف دائم مع زوجتك لن يكون جيدا، وهو بصدق غير قادر أن يستمر مع زوجته، وحياته كلها الشغل فقط، من أجل أن لا يذهب إلى البيت ـ وهذه ليست حياة ـ وأيضا البنت ستكون معقدة حينما ترى العلاقة متوترة بين أمها وأبيها، انصحوني، ماذا أفعل؟ لأنني تعبت وأنا ليس في نيتي أن أخرب بيتهم، وأنا أحب أن أسعده بأية طريقة، والسؤال هو:
هل استمرار العلاقة بين واحد وزوجته من أجل خاطر الأولاد فقط يجعلها تستمر وتدوم، والأطفال لن يكونوا أسوياء فى ظل علاقه لا تشوبها أية مودة ورحمة بين والديهم، أم الحل هو الطلاقو المحاولة فى تربية الأطفال بينهم بدون مشاكل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تطلبين النصيحة حقاً، فإنا ننصحك بتقوى الله سبحانه والبعد عن هذا الرجل وقطع كل علاقة لك به، لأنه أجنبي عنك، والعلاقة بين المرأة والرجل الأجنبي علاقة محرمة، وهي سبيل لفساد الدين وضياع الخلق، واحذري أن يستزلك الشيطان لتحريضه على تطليق زوجته، فإن هذا حرام وفيه ظلم للرجل وزوجته وأولاده، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا فقال: ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها. رواه البخاري.
جاء في فتح الباري: قال النووي: معنى هذا الحديث: نهى المرأة الأجنبية أن تسأل رجلاً طلاق زوجته وأن يتزوجها هي فيصير لها من نفقته ومعروفه ومعاشرته ما كان للمطلقة، فعبرعن ذلك بقوله تكتفي ما في صحفتها، قال والمراد بأختها غيرها ـ سواء كانت أختها في النسب أو الرضاع أو الدين ـ ويلحق بذلك الكافرة في الحكم وإن لم تكن أختاً في الدين، إما لأن المراد الغالب، أو أنها أختها في الجنس الآدمي. انتهى.
واعلمي أن مجرد علاقتك به هي نوع من السعي في تخريب بيته وهدم أسرته ولم لم تقصدي ذلك، وذلك لأن الرجل إذا كان قلبه وفكره مع امرأة أخرى، فإن هذا سيشتت عليه تفكيره ويزهده في زوجته ويغريه ببغضها والنفور منها لأتفه الأسباب، أما إذا يئس من مثل هذه العلاقات وانقطع رجاؤه فيها فعند ذلك سيقبل على شؤونه وأحواله بصبر وحكمة وتريث.
واعلمي أن مجرد بغض الزوج لزوجته لا يوجب عليه طلاقها، بل إن الله قد أرشد الزوج إلى إمساك زوجته حتى وإن أبغضها، فقال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19} .
قال ابن العربي عند تفسيره لهذه الآية: المعنى إن وجد الرجل في زوجته كراهية وعنها رغبة ومنها نفرة من غير فاحشة ولا نشوز فليصبرعلى أذاها وقلة إنصافها فربما كان ذلك خيراً له. انتهى.
وقال ابن الجوزي في هذه الآية: وقد ندبت الآية إلى إمساك المرأة مع الكراهية لها، ونبهت على معنيين: أحدهما: أن الإنسان لا يعلم وجوه الصلاح، فرب مكروه عاد محموداً، ومحمود عاد مذموماً، والثاني: أن الإنسان لا يكاد يجد محبوباً ليس فيه مكروه فليصبرعلى ما يكره لما يحب. انتهى.
وقد أخرج مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر.
وليس كل البيوت تبنى على الحب، كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ بل هناك مقاصد أخرى غير الحب منها: مصالح الأولاد والمحافظة على كيان الأسرة وغير ذلك، فاتقي الله سبحانه ودعي هذا الرجل وشأنه ولا تتدخلي في أمور بيته، مع التنبيه على أنه لا يجوز له الزواج منك حتى ولو صرت زوجة ثانية إذا كان غير قادر على العدل كما صرح بذلك، لأن التعدد إنما يباح للرجل بشرط العدل، فإن كان عاجزاً عنه فليقتصر على واحدة، قال الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ {النساء:3} .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له امرأتان فمال إلى أحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1430(13/2784)
التحذير من التهاون في الخلوة مع أقارب الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[لا يوجد عندنا غير شقة واحدة لي أنا وأخي عبارة عن 4 غرف كل غرفتين منفصلتين عن الأخريتين. سوف أتزوج في هذه الشقة قريبا في غرفتين منها، وبعدي بعام سوف يتزوج أخي في الغرفتين الأخريتين بباب خاص لهما من داخل الشقه لكن الحمام مشترك بيني وبين أخي. فهل هذا الوضع يجوز شرعاً؟ وأمي تقول لي لو لم تتزوج على هذا الوضع سوف تغضب مني لأنها تعتقد بهذا أني لا أحب أخي وأفرق بيننا وسوف أتسبب في الكراهية، لأن هذا الأمر منتشر عندنا في القرية أن يتزوج الإخوة في شقة واحدة وبدون غرف منفصلة والأمر عندهم عادي جداً جداً، وعندما تتكلم في هذا يقال زوجتك لو أخوك رآها عارية سوف يغطيه ويخاف عليها أكثر من نفسه هذا ما اعتادت عليه القرية، على هذا أغلب القرى.
الرجاء نصحي ماذا أفعل في وضعي هذا ومع أمي التي الأمر عندها لا تقبل فيه مناقشة؟ الرجاء الإفادة؟ والرجاء الإجابة مفصله لزيادة البيان؟ ورجاء سرعة الإجابة جزاكم الله عنا خيراً وجعل الله لكم كل هذا المجهود في صحيفة حسناتكم وأسكننا وإياكم الفردوس الأعلى اللهم آمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام هذا المسكن مشتركاً في بعض المرافق كالحمام ونحوه فإن إقامتك بزوجتك مع أخيك وزوجته لا تجوز، لما في ذلك من تعرض للخلوة المحرمة في حال غيابك عن زوجتك أو غياب أخيك عن زوجته، على ما هو الغالب من خروج الرجل لطلب معاشه، وبهذا علل بعض أهل العلم للمنع.
جاء في تحفة المحتاج في شرح المنهاج عند الكلام على مساكنة المرأة للرجل الأجنبي ولو مع وجود محرم: ... إذ لا سبيل إلى ملازمته لها في كل حركة وبانتفاء ذلك وجدت مظنة الخلوة المحرمة ... انتهى.
وإذا كانت هذه الشقة خالية ولن يساكنك أخوك فيها إلا بعد زواجه، فيمكنك طاعة أمك في الزواج والسكن بتلك الشقة، ثم إذا حان وقت زواج أخيك فعليك أن تقنع أمك برفق وحكمة بأن الاشتراك في المرافق بهذه الصورة مخالف للشرع، وأن حرصك على التزام حدود الشرع وغيرتك على زوجتك ليس من الإساءة لأخيك أو السعي في الفرقة، وإنما الغرض من ذلك إرضاء الله. ويمكنكم أن تستحدثوا حماماً ليكون لكل منكما حمام مستقل وينتهي الإشكال.
وننبه إلى أن ما يشيع في بعض البلاد من اشتراك الإخوة المتزوجين في السكن المشترك الذي لا تؤمن فيه الخلوة هو أمر مخالف للشرع، وما يبررون به ذلك من كون الأخ يحافظ على زوجة أخيه، هو استدلال باطل فإن الشرع قد حذر من التهاون في الخلوة مع أقارب الزوج، فعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والدخول على النساء ... فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله.. أفرأيت الحمو، قال: الحمو الموت. متفق عليه. الحمو: أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج.
قال ابن الأعرابي: هي كلمة تقولها العرب مثلاً، كما تقول: الأسد الموت، أي لقاؤه فيه الموت، والمعنى احذروه كما تحذرون الموت.
وقال النووي رحمه الله: وإنما المراد أن الخلوة بقريب الزوج أكثر من الخلوة بغيره، والشر يتوقع منه أكثر من غيره، والفتنة به أمكن لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة بها من غير نكير عليه بخلاف الأجنبي. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(13/2785)
لا يجوز للرجل السكن في غرفة داخل منزل يتعرض فيه للخلوة بامرأة أجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب مسلم عندي 21 سنة، سأدرس في باريس العام القادم ـ إن شاء الله ـ وجدت بعد مشقة كبيرة سكنا مع عائلة مسلمة، الأم لديها 37 سنة مطلقة من 7 سنين، ولديها ولدان أحدهما لديه 6 سنوات، والآخر 11 سنة، وبنت لديها ستنان، وستكون لي غرفتي المستقلة، فهل سكني مع تلك الأسرة حلال؟ ولن تكون هناك خلوة، وإن شككت بأي شىء سأغادر المنزل على الفور.
أرجو الأستشهاد بالآيات والأحاديث، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولا إلى أن السفر إلى بلاد الكفر والإقامة فيها لفترات طويلة الأصل فيه المنع وعدم الجواز، لأن هذه البلاد بلاد فتن وشرور، ولا شك أن المقيم فيها سيتأثر بتلك الفتن مهما بالغ في التحرز والتوقي منها، وهذا معلوم بالمشاهدة. وراجع الفتوى رقم: 2007
وبينا ضوابط السفر للدراسة في هذه البلاد في الفتاوى التالية أرقامها: 76312، 31862، 34751.
وعلى ضوء هذه الضوابط المذكورة في تلك الفتاوى تستطيع تحديد ما إذا كان يشرع لك السفر للدراسة في هذه البلاد أو لا يشرع أصلا.
فإن تحققت فيك شروط الإباحة وأمنت على نفسك الفتنة ـ وهو أمر مستبعد لمن هم في مثل سنك ـ فلا حرج عليك من السفر بعد استخارة الله جل وعلا.
أما عن سكنك مع هذه الأسرة فينظر فيه، فإن كانت هذه الحجرة منفصلة عن البيت مستقلة بمرافقها وشؤونها بحيث تعد مسكنا مستقلا، فلا حرج عليك في السكنى فيها.
أما إذا كانت هذه الغرفة غير منفصلة عن البيت أوكانت منفصلة لكنها متحدة المرافق معه في الحمام ونحوه فلا يجوز لك حينئذ السكن فيها، بل يحرم ذلك، لأنه ذريعة قوية للفساد والفتنة، ودعوى عدم الخلوة غير صحيحة فإنه لا بد لك من خلوة محرمة في هذا المسكن مهما تحرزت من ذلك، فإن الأولاد يكونون غالب الوقت في المدارس وهذه المرأة مطلقة أي أنها تقضي أوقاتا طويلة بمفردها في البيت، فوجودك أنت معها في هذه الأوقات هو عين الخلوة المحرمة وهو فتنة ما بعدها فتنة. فاتق الله ربك، واحذر أن تدخل نفسك في أبواب الفتنة بحجة أنك ستغادر عند حدوث ريبة أو شر، فهذا من كيد الشيطان واستدراجه لك.
أما عن أدلة تحريم الخلوة فهي كثيرة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. متفق عليه. وقال أيضا: ما خلا رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان. رواه الترمذي وأحمد.
قال أبو العباس القرطبي في كتابه المفهم: وبالجملة فالخلوة بالأجنبية حرام بالاتفاق في كل الأوقات وعلى كل الحالات. انتهى.
واتفقت جماهير أهل العلم على سد الذرائع بمعنى أنه إذا وجد فعل في أصله مباح ولكنه سيؤدي إلى محرم يقينا أو على أغلب الظن، فإن هذا الفعل المباح يصير محرما، فإن الله جلت حكمته إذا حرم الشيء حرم أسبابه وسد الذرائع الموصلة إليه والداعية لفعله. يقول ابن القيم في إعلام الموقعين: لما كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بأسباب وطرق تفضي إليها، كانت طرقها وأسبابها تابعة لها معتبرة بها، فوسائل المحرَّمات والمعاصي في كراهتها والمنع منها بحسب إفضائها إلى غاياتها وارتباطها بها. انتهى.
وفي فتح الباري عند الحديث عن نهي الرجل أن يسب والديه، يقول ابن حجر: قال ابن بطال هذا الحديث أصل في سد الذرائع ويؤخذ منه أن من آل فعله إلى محرم يحرم عليه ذلك الفعل، وإن لم يقصد إلى ما يحرم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1430(13/2786)
أعظم الزنا على الإطلاق الزنا بالمحارم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة كنت أعاني من حالة نفسية، وقد استغل ابن أخي حالتي وأخذ يقول لي الكلام المعسول وبأنه أحبني وأنه يجوز أن أصبح عشيقته، رغم أنني عمته، وصدقته ومارست معه الجنس بدون رغبة مني، ولأنني تعالجت وشفيت، ولكن مازال في بالي ما كنت أفعله وأنا مريضة، ولأنني تائبة ونادمة على ما فات، فرجاء أريد أن أعرف الحكم الشرعي، هل أنا زانية؟ وكيف أستطيع أن أصلح ما حصل لي في الماضي؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزنا من أشنع الجرائم التي تجلب غضب الله، وإذا كان مع المحارم كان أشنع وأفظع جرماً، قال الهيتمي: وأعظم الزنا على الإطلاق الزنا بالمحارم. اهـ من الزواجر عن اقتراف الكبائر.
وهو دليل على انتكاس الفطرة وانحطاط الأخلاق وانعدام المروءة، فما وقعت فيه من الزنا مع ابن أخيك منكر عظيم، ولا يهون من إثمك استدراجه لك بالكلام المعسول ومعاناتك من مرض نفسي، فإن تحريم هذا الأمر لا يخفى على مسلم، ولا يشك فيه عاقل، فلا عذر لك إلا أن يكون المرض النفسي قد أفقدك الإدراك وسلبك الإرادة فلا تؤاخذين في هذه الحال، لكن الظاهر من سؤالك أنك كنت مدركة مختارة لهذه الفاحشة متأثرة بالكلام الشيطاني من ابن أخيك الذي لم يخش ربه، ولم يردعه دين أو خلق أو رجولة، وعلى كل حال، فإن الله بكرمه وعفوه وسعة رحمته يقبل توبة العبد مهما عظم ذنبه، قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53} .
فعليك بالمبادرة إلى التوبة الصادقة وشروط هذه التوبة: الإقلاع عن الذنب، والندم على الوقوع في هذه الفعلة الشنيعة، والعزم الصادق على عدم العودة لهذا الذنب، وذلك بالبعد التام عن مقدماته ودواعيه وعدم مجاراة الشيطان في خطواته، فعليك بالحذر من الخلوة مع هذا الشاب، واجتناب أسباب الفتنة ومواطن الريبة، وعليك بالإكثار من الأعمال الصالحة، والحرص على تعلم أمور الدين اللازمة، وتقوية الصلة بالله مع سترك على نفسك، فلا تذكري هذا الذنب لأحد أبداً، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح ـ وقد ستره الله عليه ـ فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه. متفق عليه.
واعلمي أن التوبة الصادقة تمحو ما قبلها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(13/2787)
ظلم نفسه بإقامة علاقة محرمة مع فتاة وظلمت نفسها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم بشاب يخدع البنات البريئات ويكذب عليهن ويوهمهن أنه سوف يتروجهن وعندما يمل يتركهن ويذهب يلعب بغيرهن، فهل هو ظالم لهن؟ علما بأنني ـ للأسف ـ واحدة من تلك البنات، والله أنا نادمة أشد الندم على تلك العلاقه غير المشروعة ـ وبإذن الله ـ لن أعيدها ما حييت، وأنا أريد أن أعرف ما هو جزاء هذا الشاب؟ لأنه لا يتأثر ويغضب مثل البنات اللتي يضحك عليهن ويعيش حياته ـ ولا أحلى ـ وهذا الشيء يغضبني، فهل هو ظالم أم لا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإسلام لا يقرعلاقة بين الرجل والمرأة بغير الزواج، وقد وضع الشرع حدوداً للعلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية، تضمن طهارة المجتمع وصيانة الأعراض وتحفظ كرامة المرأة، وتنأى بها أن تكون وسيلة للعبث والتسلية، والشاب الذي يقيم علاقة غير مشروعة مع فتاة ظالم لنفسه بارتكابه المعصية وتعديه لحدود الله، كما أنه ظالم للفتاة التي يعينها على المعصية، لكن تركه لها وقطع علاقته بها ليس ظلماً لها، وإنما هو واجب عليه مع التوبة، كما أن زواجه منها ليس بواجب عليه وهي التي ظلمت نفسها بإقامة تلك العلاقة المحرمة.
والذي ننصحك به ألا تشغلي نفسك بموقف هذا الشاب، وإنما ينبغي أن تشغلي نفسك بتحقيق التوبة الصادقة مما سبق من العلاقة المحرمة، والحرص على تعلم أمور دينك وتقوية صلتك بربك والانشغال بما ينفعك في دينك وديناك، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 103876.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1430(13/2788)
حضور الأعراس المشتملة على منكرات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة ـ والحمد لله ـ متدينه ولكني أحب كثيراً الرقص، ولا أسمع الغناء ولا أحضر مناسبات الزواج وغيره إلا مرتين أو ثلاثا في السنة، ولكن إذا حضرت لابد أن أشارك في الرقص، علما بأن جميع المناسبات التي أحضرها، إما أن يكون فيها ما يسمى ـ بالدي جي ـ وهو نفس أشرطة المغنين توضع بسماعات مكبرة جداً للصوت، أو ما يسمى ـ بالطقاقات ـ وهن النساء اللاتي يحضرن لإحياء حفلة الزواج وأحيانا يكون معهن رجال من الخارج بعضهم يستخدمون ـ الأورق ـ آلة موسيقية، وبعضهن لا يستخدمنه، ولكن بعض الدفوف تكون مغقلة من الجهتين، وبعض الدفوف التي تصدر أصواتا حين الضرب عليها، فأحيانا حينما أنصح أحدا فأقول: ألا تستحيي من الله أن يراك على المعصية؟ وأحتقر نفسي حينما يراني الله وأنا أرقص على مثل هذه الآلات، فهل حينما أحضر حفلات الزواج وأبدأ بالتصفيق والتشجيع علي إثم من ناحية السماع والتشجيع؟ مع أنني أبتعد عن السروال واللبس العاري والتشقير، إلا الرقص فأنا أحبه كثيراً، وحفلاتنا اليوم لا تخلو من الآلات المحرمة فمهما حاولت أن أتركه أتذكر زواجات إخواني وأخواتي وأعلم أنني لا أستطيع، وماذا أفعل بزواج إخواني وأخواتي؟ لابد أن أحضر، وكيف أحضر بدون أن يلحقني إثم؟ فأ ريد الجواب والتفصيل على كل ما ذكرت.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً في حرصك على أن تكوني متدينة وتحذري ما يسخط الرب تعالى، وأما بالنسبة للرقص في هذا الحال المذكور بالسؤال -نعني: بوجود غناء ومعازف، ووجود الرجال أحياناً- فلا يجوز أصلاً حضور مثل هذا الاجتماع فضلاً عن المشاركة بالرقص فيه، فقد ثبت بالأدلة من الكتاب والسنة حرمة الغناء المشتمل على المعازف، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 54439.
وكذلك جاءت الأدلة على تحريم الاختلاط بين الرجال والنساء على الوضع الشائع الآن، وهي مبينة في الفتوى رقم: 106085، ومن المعلوم أيضاً أنه لا يجوز للمسلم شهود أماكن المنكر إلا لغرض قصد الإنكار مع غلبة الظن بالقدرة على التأثير والأمن من الوقوع في الفتنة، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا {الفرقان:72} . وقال سبحانه: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ {الأنعام:68} .
وأما رقص المرأة أمام النساء فلا حرج فيه إذا كانت محتشمة وساترة لما يجب عليها ستره أمامهن، وكان الغناء من نساء وخلا من المعازف فيما عدا الدف فإنه مباح لهن، وللفائدة نرجو مطالعة الفتوى رقم: 1258.
وأما بالنسبة لحضورك زواج إخوتك فجائز ولكن يجب عليك اجتناب أماكن المنكر وتبتعدي بحيث لا ترين المنكر ولا تسمعينه، وراجعي المزيد من التفصيل في الفتوى رقم: 102825.
وننبهك إلى أنه يجب عليك الحذر من التساهل في شيء من دينك من أجل إرضاء الناس، روى الترمذي عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من التمس رضاء الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضاء الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(13/2789)
حكم النظر إلى ملابس النساء الفاتنة المعروضة في المحلات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم النظر إلى ملابس النساء الخليعة المعروضة في المحلات؟
وما حكم قراءة مواضيع الثقافة الجنسية في النت لغير المتزوجين؟
وما حكم النظر إلى الأستاذة في الجامعة أثناء الشرح مع أم ان الفتنة وعدم ثوران الشهوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنظر إلى ملابس النساء الخليعة المعروضة في المحلات مما يثير الغرائز ويهيج الشهوات لدى الشاب، ومن ثم فمن كانت له حاجة للنظر إليها كمن يريد أن يشتريها لزوجته لتلبسها على الوضع الذي يجوز لها لبسها فيه فلا إشكال في نظره لها ليختار منها، أما الذي لا توجد له حاجة وكان شابا ولا زوجة له فينبغي له اجتناب ذلك النظر، هذا إن لم يصاحبه شيء آخر محرم كأن تكون معروضة على صور للنساء فحينئذ لا يجوز النظر إليها. ويتعين على الشاب أن يسد على نفسه مداخل الشيطان وطرق الفتنة والغواية، وأن يبتعد عن كل ما يخدش الحياء ويقلل من المروءة.
وأما عن حكم قراءة مواضيع الثقافة الجنسية في النت لغير المتزوجين فقد سبق الجواب على هذا في الفتاوى التالية: 44216، 36917، 121586. فراجعها.
وعن حكم النظر إلى الأستاذة في الجامعة فقد سبق الجواب عن هذا بالتفصيل فراجع الفتاوى التالية: 26884، 22220، 14229.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1430(13/2790)
حكم خلوة الرجل مع امرأتين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل وجود رجل مع امرأة وبنتها في مكان مغلق كأن يكونوا بالمنزل مثلا يعتبر خلوة؟ وما حكم الشرع في ذلك إذا كان هذا التواجد لقضاء حاجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخلوة الرجل مع امرأتين ثقتين دينتين تلتزمان بالضوابط الشرعية للبس والكلام لا تعتبر من الخلوة المحرمة – بشرط أمن الفتنة – على ما رجحه كثير من أهل العلم وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 9786.
لكن الأولى ترك مثل هذا خصوصا في هذه الأزمان التي طغى فيها الفساد وجاوز الحد, وينبغي ألا يتكرر هذا بحيث يصير معتادا , لأن اعتياد اللقاء يسقط الحشمة والانقباض ويورث الانبساط, وكل ذلك ذريعة للشر والفساد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1430(13/2791)
حدود العلاقة بين الزوجين قبل الزفاف
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ هل فيما يخص المكالمات الهاتفية بين الخطيب وخطيبته يؤثر عرف المنطقة التي نسكن فيها، بحيث ينكر هذا. يا شيخ لما سألت شيخ من شيوخ المنطقة له درجة الإفتاء من الأزهر ومعروف بعلمه في منطقتنا قال لا يجوز مكالمة الخطيب لخطيبته لو كان عاقد عليها عقد القانوني، يعرف الشيخ أن العقد القانوني في الجزائر مستوف للشروط، ولكن قال إن الزواج ينقصه الإشهار. هل عرف المنطقة يدخل في هذه الأمور أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تم العقد الشرعي على المرأة مستوفيا شروطه وأركانه من الإيجاب والقبول، والولي، والشهود. فقد صارت المرأة حلا لزوجها وهو حل لها , حتى ولو لم يحصل الإشهار لأن إشهار العقد مندوب على ما بيناه في الفتوى رقم: 63277.
وعليه فلا حرج على الرجل في محادثة زوجته بعد العقد سواء كان مشافهة أو عبر الهاتف بل ولا حرج عليه فيما فوق المحادثة من أمور الاستمتاع، ولكن ينبغي تأخير الجماع إلى وقت الزفاف مراعاة للأعراف والعادات. وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 13450.
أما قبل إتمام العقد الشرعي – فترة الخطوبة – فالمرأة في هذه الفترة أجنبية عن خاطبها, ولا يجوز له منها إلا أن ينظر إلى وجهها وكفيها وتنظر إليه حتى إذا تمت الخطبة وركن كل واحد منهما لصاحبه رجع الأمر إلى ما كان عليه من الحظر فلا يحادثها إلا لحاجة حتى يتم العقد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1430(13/2792)
احذري خداع هذا الرجل وغيره من الرجال الأجانب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا منذ 26 سنة أعمل في مجال التكنولوجيا وفي فريق عملي بعض الزملاء من الرجال، ومنهم شخص كان يريد أن يمزح معي، وأنا أصده، ويسألني عن أشياء ليس من حقه السؤال عنها، وكنت أقول له حضرتك فضولي وينظرإلي نظرات غير سوية وأنا أرتبك منها، والغريب أنه أخبر زميلة له معنا وقال لها أنا معجب بإيمان وسألها عن أهلي، وقالت له إننا أناس طيبون، ولكن لم يتقدم لخطبتي ويصرعلي معاملتي كصديقة، لأنه قال لي أنه لا بد أن يتعرف على البنت قبل أن يخطبها، وقلت له لكن هذا حرام ـ من غير علم الأهل ـ وربنا ذكر: ولا متخذات أخدان، وسألت زميلتي لماذا لم يتقدم لخطبتي؟ قالت هو بصراحة قال إنك صعبة وشديدة وتختلقي مشاكل، وهذا لا ينفعه، وبصراحة أنا انصدمت كثيراً، لأني كنت أشعر باهتمام منه بي، مما جعلني أُعجب به ولكن بداخلي، وكنت أظهر عكس ما بداخلي إلي أن حدثت مشكلة: وهي أنه كانت تصلني رسائل على النت منه في أوقات غير مناسبة أبدا، فعملت له ـ أجنورـ لأنني لا أريد شيئا غير الحلال، وأريد الاستمرار علي أخلاقي ومبادئي التي تربيت عليها، وقاطعته لمدة كبيرة من الزمن حوالي شهرين متتاليين إلى أن أتى وكلمني وقال لي لماذا هكذا يا إيمان؟ يعني أنا لست محترما، قلت له أنا أحافظ علي نفسي، أنا طلبت منك أن لا نتكلم في غير في حدود العمل، ولن أتكلم علي ـ الشات ـ وفعلا مسحت اسمه، والمهم أنني اكتشفت أن زميلتنا ـ الوسيط ـ نقلت كلاما على لساني له في الشغل ـ وغير شخصي ـ وتضايق، فقلت له هي أيضا قالت كلاما على لسانك: قالت إنك قلت ما معناه: أنني معقدة وأختلق مشاكل ولست مرنة، تخيل يا سيدي أنها قالت لي أن المفروض أن أكون مرنة وأضحك وأمزح مع الناس، وأنا رفضت ـ والحمد لله ـ بفضل ربي علي وكرمه، والآن يعاملني معاملة الذي يشعر بغلطه ويريد أن يحكي معي، لكن بصراحة في حدود، فأنا خائفة أن تكون تمثيلية عملها ليوقعني فيها وأظهر له ما بداخلي، لكن ـ وربنا يعلم ـ أنني أريد الحلال، وهو لوكان يريدنى بصدق لكان تقدم لي، أنا يا سيدي في حيرة من أمري، كنت في الماضي أحسن الظن بالآخرين، والآن أصبحت أخاف منهم ولا أثق في أحد بصدق، وأنا أحس أنه يريد أن يتسلي، أريد ردا وافيا لحالتي.
وجزاكم الله خيراً كثيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن العمل في هذه المؤسسة المختلطة هو الذي جرعليك هذه الفتنة التي تعانين منها، وقد سبق أن بينا أن العمل المختلط الذي يحتك فيه الرجال بالنساء احتكاكاً مباشراً دون تميز بينهم، بحيث ينظر بعضهم إلى بعض ويحدث بعضهم بعضاً، غير جائز، لأنه ذريعة قوية إلى الفساد والفتنة، وهذا معلوم مشاهد في الواقع لا يحتاج إلى استدلال عليه، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 112600.
فالواجب عليك هو أن تتركي هذا العمل فوراً وتبحثي عن غيره في مكان آخر لا اختلاط فيه، مع الالتزام الكامل بالضوابط الشرعية لعمل المرأة المبينة في الفتاوى التالية أرقامها: 522، 7550، 8360.
وأما عن هذا الرجل فالظاهر من كلامك أنه غير مستقيم في دينه وغير مرضي في أخلاقه، وقد أحسنت صنعاً عندما أغلقت في وجهه باب الحديث والممازحة، لأن هذا حرام لا يجوز، والذي يظهر من حاله أيضاً أنه غير جاد في طلب الزواج، لأنه لو كان جاداً لأتى البيوت من أبوابها وذهب لخطبتك من أهلك، ولكنه يتذرع بحجج واهية من ضرورة التعارف قبل الزواج بصورة غير مشروعة ونحو ذلك، وهذا غير جائز، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 111586.
فاحذري التعامل مع هذا الرجل ومع غيره من الرجال الأجانب، فإن هذا كله لا يجوز ـ وإن زعم أصحابه أن نياتهم حسنة ـ ثم إننا نؤكد عليك مرة أخرى فنقول: أحذري العمل في الأماكن المختلطة عموماً، فإنها من أعظم أسباب الفتن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(13/2793)
أراد أن يصون نفسه من الفتنة فأضر ببدنه
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتغلت عند أسرة صديقي فحاولت زوجة أخيه إغرائي بصدرها العاري داخل المنزل، فضربت عضو ذكري بدون أن أقصد قطع عرق من ذكري فانقطع حتى سال منه نقاط من الدم لحفظ كرامتي وكرامة أسرة صديقي فتركت الصلاة عندما بدأ يسيل ماء من دبري.أتمنى المساعدة ولو بنصيحة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن ما حدث من ظهور زوجة أخي صديقك بصدر عار أمامك لا يكون غالبا إلا نتيجة تساهل في مراعاة الضوابط الشرعية في الدخول على النساء أو الخلوة بهن، ونرجو أن تتدبر هذه النصوص التي سنذكرها ومن ذلك ما روى البخاري ومسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والدخول على النساء. فقال رجل من الأنصار يا رسول الله فرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت.
وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان. وهذا بشرط أن يكونوا ثقات ويكون دخولهم لحاجة. وعلى كل فالواجب التوبة إلى الله تعالى.
وقد أحسنت من جهة حرصك على حفظ كرامتك وكرامة أسرة صديقك، وهذا من الوفاء وكان يجب أن يكون أكبر حامل لك على الترك هو الخوف من الله واستشعار مراقبته لك، ولكنك قد أسأت بما أقدمت عليه من ضرب فرجك بالصورة التي ذكرت، ففي هذا تعذيب للنفس وإضرار بالبدن. وقد كان يمكنك فقط مراعاة ضوابط الشرع في الزيارة والدخول إلى بيت الغير.
وأما تركك الصلاة لأجل هذا الماء الذي يسيل من الدبر فهذا خطأ أعظم، إذ لا يجوز للمسلم إخراج الصلاة عن وقتها لغير عذر شرعي كالنوم والإغماء ونحوهما. والغالب في هذا الماء الذي يخرج من الدبر أن يكون إفرازات التهابية، وهذه تغسل ويتوضأ منها من الحدث الأصغر، وأما تركك الصلاة لأجل ذلك فهذا إثم تجب التوبة منه وقضاء ما تركت من الصلوات.
وبقي أن ننبه إلى أنه إذا كان نزولها مستمراً على الصفة التي بيناها في الفتوى رقم: 23889. فإنها تعتبر سلساً. وقد سبق حكمه في الفتوى المذكورة وكذا في الفتوى رقم: 32236.
والله أعلم.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(13/2794)
عورة المرأة مع المرأة وأهمية عدم الاستهانة بكشفها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي عورة المرأة المسلمة مع النساء المسلمات؟ وفي حال كشف العورة أمامهن، فهل تعتبر ذنبا كبيرا أي من الكبائر والمحرمات؟ أم هي ذنوب صغيرة يمكن الاستهانة بها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عورة المرأة المسلمة مع غيرها من النساء المسلمات هي ما بين السرة والركبة، كما سبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة في الفتويين رقم: 68201، ورقم: 2951، وما أحيل إليه في الأخير منهما.
وأما كشف العورة فإنه -وإن كان من صغائر الذنوب - كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 54900، فإنه لا تجوز الاستهانة به، ولا تجوز الاستهانة بصغائر الذنوب عموماً، فالمؤمن لا ينبغي له أن يستهين بالذنب مهما كان صغره، فقد قال أحد السلف: لا تنظر إلى صغر الذنب، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت.
وروى الإمام أحمد في المسند أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم ومحقرات الذنوب، كقوم نزلوا في بطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى أنضجوا خبزهم، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه. وفي سنن ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة إياك ومحقرات الأعمال فإن لها من الله طالباً. صححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(13/2795)
بعد نكاحها بأشهر تعلقت بزميلها في العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم الإجابة على مسألتي بسرعة مع جزيل الشكر. الموضوع باختصار أنني قد عقد علي رجل مسلم منذ ما يقارب الثلاثة أشهر وذلك دون الدخول ولكن مع الخلوة، ومنذ ما يقارب الشهر، وبحكم الزمالة في العمل، التقيت بزميل مسلم، وما لبث الأمر أن تعدى المجاملة والملاطفة ليصل بيننا إلى مرحلة الحب والتعلق، مع العلم بأنه لم يمسسني مطلقاً بل لا يفكر في ذلك، المشكلة الآن أنني لم أعد أحب زوجي الذي عقد علي منذ ثلاثة أشهر ذلك الحب الذي تحبه المرأة للرجل والذي يكفل استمرار الزواج بيننا، وأنا الآن محتارة بين الخيار الأول، وهو البقاء على الزوج الأول والصبر على الحياة معه ومحاولة نسيان الرجل الذي أعشق؛ والخيار الثاني، وهو طلب الطلاق منه واتباع القلب والزواج من الرجل الذي أتمنى، مع العلم أنه متزوج وله خمسة أولاد؟ مع الشكر الجزيل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما حدث بينك وبين هذا الرجل الأجنبي هو من إغواء الشيطان لك وتلاعبه بك، ومن أعظم الأسباب التي أوقعتك في هذه الفتنة العمل في الأماكن المختلطة، وقد سبق أن بينا في عشرات الفتاوى أن عمل المرأة في هذه الأماكن من أعظم أسباب الشر والفساد، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 112600.
فالواجب عليك هو أن تتركي هذا العمل فوراً وتتوبي إلى الله مما كان منك، وتقطعي كل علاقة لك مع هذا الرجل ثم إن لم تكن بك حاجة للعمل فالأولى أن تتركي العمل مطلقاً، وإن كانت لك حاجة إليه فابحثي عن عمل تتحقق فيه الضوابط الشرعية المبينة في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 522، 7550، 8360.
واعلمي أنه لا يجوز لك طلب الطلاق من زوجك لهذا السبب، فإن طلب المرأة للطلاق من زوجها الأصل فيه المنع والحظر، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 118823. ولا يباح إلا عند الضرورة أو الحاجة الشديدة وعلاقتك بهذا الرجل ليست من الضرورة ولا من الحاجة، بل هي من المعصية الظاهرة، فاتقي الله سبحانه واقصري طرفك على زوجك واحبسي نفسك عليه، ثم نذكرك بضرورة كتمان ما حدث بينك وبين هذا الرجل عن الناس عموماً وعن زوجك خصوصاً، فقد قال صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله، وليتب إلى الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله. صححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1430(13/2796)
موقف المسلم من المرأة التي تقيم علاقات بالهاتف
[السُّؤَالُ]
ـ[اكتشفت أن إحدى الأخوات لها علاقات بالهاتف، فتثبت مرة ومرتين لعل المشكلة تنتهي، ولكن لا جدوى، فنبهت صديقتها ألا تتعامل معها ولا تصاحبها، فهل قذفتها في هذه الحالة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن التجسس على المسلمين وتتبع عوراتهم حرام، بل هو من كبائر الإثم، كما بيناه في الفتوى رقم: 16126.
وما فعلته من طلبك من صديقة هذه المرأة ألا تتعامل معها غير جائز، لأن هذا كلام مريب، وسيؤدي بهذه المرأة ـ قطعاً ـ إلى إساءة الظن بصديقتها وربما جرها الشيطان بسبب ذلك إلى أوهام فاسدة بعيدة عن الواقع، بل وربما قامت هي بدورها فحذرت منها الناس وأشاعت عنها السوء، وكان الأحرى بك -بدلاً من هذا- أن تقوم بنصح هذه الأخت وتذكيرها بالله سبحانه أولاً -إن كانت من محارمك - فإن لم تنته فأخبر بحالها من يمكنه التأثير عليها من باقي أرحامها، أما أن تبادر إلى التشويش عليها بهذه الطريقة -قبل نصحها أو إرشادها- فهذا لا يجوز، أما إذا لم تكن من أقاربك فلا يجوز لك أن تشتغل بأمورها أصلاً، لأن هذا مدخل من مداخل الفساد والفتنة.
وهذا التصرف لا يصل إلى حد القذف الذي يوجب الحد، ولكن فيه من فضح المسلمين وكشف عوراتهم ما يناقض مقصود الشرع من سترهم، فعليك أن تبادر بالتوبة إلى الله ـ سبحانه ـ من ذلك، وراجع الفتويين رقم: 21582، ورقم: 116825، ففيها الكلام عن عدم جواز الحديث مع المرأة الأجنبية إلا لضرورة أو حاجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1430(13/2797)
عدم الجلوس مع زوجة الأخ أبعد عن الريبة وأسلم من الفتنة
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل هل من الاختلاط المحرم أن أجلس في غرفة أو على مائدة إفطار في بيتي وفيه ابنة خالي أو زوجة أخي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جلوسك في بيتك وفيه امرأة أجنبية لا يعتبر من الاختلاط المحرم إن لم تكن هناك خلوة أو مس أو نظر محرم أو حصول ما يؤدي للفتنة. فمجرد وجود الرجال والنساء تحت سقف واحد من دون مس ولا نظر للحرام لا حرج فيه، ويدل لذلك اجتماعهم في المسجد النبوي للصلاة، وحضور مجالس الخير في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وزيارة بعضهم للبعض. ولا شك أن الأولى هو بقاء النساء في غرفة مستقلة ولا يدخل عليهم الرجال فهذا أبعد عن الريبة وأسلم من الفتنة، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 29848، 35079، 63091، 48092، 116673، 118379.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1430(13/2798)
جواز زيارة جماعة من الرجال الصالحين للمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[شيختا الفاضل: كان النبي عليه السلام يصل صويحبات أمنا خديجة ـ رضي الله عنها ـ وكذلك سيدنا أبو بكر وعمر كانا يزوران أم أيمن، وثبت أن سيدنا عمر في خلافته خرج بنفسه وحمل طعاما لبيت أرملة وأيتام، وحصل هذا مع العديد من الصحابة، شيخنا أنا ـ والله لا أعترض على الشرع، لا ومقلب القلوب ـ ولكن أريد الإيضاح فقط، أليس هذا من الإختلاط أو الخلوة المحرمة؟ فإن كان ليس من الخلوة، فهل يجوز لي زيارة امرأة عمي أو إبنة خالي لصلة الرحم أو لعيادة مريض؟ ومتى يبلغ الطفل درجة المحرمية؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على حسن ظنك بنا، اعلم أولاً أن كلا من الخلوة بالأجنبية أو الاختلاط بها على الوضع الشائع الآن قد ثبتت حرمته بنصوص صحيحة صريحة، وقد ذكرنا طرفاً منها في الفتوى رقم: 28829.
وأما صلة النبي صلى الله عليه وسلم لصويحبات خديجة ـ رضي الله عنها ـ فثابتة، وقد ذكرنا الأحاديث التي بينت كيفية هذه الصلة، وذلك في الفتوى رقم: 72514، ولم نجد ما يدل على أنه كان يزورهن، ولو ثبت ذلك فليس فيه ما يدل على أنه كان وحده أو أنه كان يختلط بهن.
وقد ثبت أنه زار بعض النساء كضباعة بنت الزبير وأم السائب، وكذا ثبت زيارة أبي بكر وعمر إلى أم أيمن رضي الله عن الصحابة أجمعين، وقد أخذ العلماء من ذلك جواز زيارة جماعة من الرجال الصالحين للمرأة، قال النووي معلقاً على حديث أم أيمن: فيه زيارة الصالحين وفضلها وزيارة جماعة من الرجال للمرأة الصالحة وسماع كلامها. انتهى.
والشاهد هو أن العلماء يضعون لمثل هذا الجواز ضوابط تؤمن معها الفتنة وتنتفي بها الشبهة، فحيث تحققت هذه الضوابط جاز الدخول على المرأة، وحيث انتفت لم يجز، وابنة الخال أجنبية على الرجل وكذا زوجة العم إن لم تكن خالة للرجل ونحو ذلك، فلا تجوز زيارتها إلا وفقاً للضوابط الشرعية، والطفل لا يكون محرماً للمرأة حتى يكون بالغاً على الراجح من أقوال العلماء، وانظر بهذا الخصوص الفتوى رقم: 30344.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(13/2799)
حكم الاشتراك في قوافل طبية يختلط فيها الرجال بالنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في الكلية تخرج قوافل طبية كل سنة، فنذهب إلى قرية فقيرة ونقيم بها أسبوعا كاملا لإجراء الفحوصات الطبية وتقديم العلاج والتحاليل الطبية والتوعية الصحية لأهل القرية، وهو عمل جميل جدا وكنت أحبه جدا وكنت أشعر بمردود ما نقوم به أمامي، ولكن كان يعيب هذا المشروع أن معسكر الإقامة مختلط ـ شباب وبنات ـ ومحل السكن منفصل، ولكن أرض المعسكر مشتركة، فكان يحدث بها بعض التجاوزات بين الجنسين مثل الضحك واللعب والكلام الذي لا علاقة له بالعمل والتعارف ومعظم التجاوزات كانت في شكل ـ شلل ـ وتجمعات من الشباب والبنات يلعبون ساعات اللعب ـ وليس بها مس اليدين أو شيء من هذا ـ واللعب وغيره والقليل منها في شكل اثنين يأخذون جانبا بمفردهم، فاستنكرت هذه الأشياء وحاولت أن أغيرها ولو بقلبي.
فسؤالي: هل أذهب إلى هذه القوافل مع اعتزالي ما أشعر أنه خطأ أم لا أذهب على الإطلاق وأبتعد؟ هذا مع العلم أن انضمامي إليها يفيد كثيرا من الفقراء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاختلاط بين الفتيان والفتيات نذير أمر خطير وشر مستطير، لا يخفى على أحد من الناس، وآثاره السيئة على الأفراد والأسر والمجتمعات واضحة للعيان، وهي أشهر من أن تذكر، وأكثر من أن تحصر في هذه الفتوى، وقد سبق لنا ذكر جملة من هذه المفاسد وبعض أدلة تحريم الاختلاط، فراجع الفتوى رقم: 3539.
وقد أحسنت بما قمت به من إنكار حسب استطاعتك، وهذا واجب من رأى منكرا، روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
والذي ننصحك به أن تجتنب هذه القوافل ما دامت مشتملة على هذا الاختلاط، فحفظ الدين أحد الضرورات الكلية الخمس، بل هو أولها، والسلامة لا يعدلها شيء، كما قال أهل العلم، ولعلك إذا بحثت وجدت قوافل أخرى يقوم بها الصالحون لمساعدة الفقراء فيتحقق لك فيها ما تصبو إليه من الإعانة على الخير مع السلامة من التعرض للوقوع في الفتن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(13/2800)
لا تفرط في دينك وتضيعه حفاظا على دنيا غيرك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تعرفت على فتاة عن طريق النت، وقد أحبتني ولم أرها وهي رأتني، ولكن سمعت صوتها، وعندما شعرت أنها تعلقت بي حاولت الانسحاب بلطف، وأصبحت أتصرف بتصرفات مزعجة كي تكرهني لأنني أدركت أن النهاية مسدودة. فهي تبعد عني بالطائرة مسافة 8 ساعات. فعندما شعرت هي بالابتعاد أصبحت تهددني بأنها سوف تنتحر، فلم آخذ الموضوع بكل جدية حتى ذلك اليوم من حوالي 3 أشهر أخذت كمية من الدواء بنية الانتحار لأنني لم أكلمها، وقد اتصلت بأحد أقاربها بأن يقوم بنجدتها إلى المشفى، وفعلا ذهبت إلى المشفى، ومن ثم أصبحت أعمل على مراضاتها كي لاتقع في نفس المشكلة، وقررت أن أنسحب بالتراضي، فأصبحت آتي بالأحاديث النبوية الشريفة، وبالأحداث المشابهة عن الانتحار وماشابه ذلك وأنه حرام في الإسلام إزهاق الروح، ومن ثم حدثت في بلدي حادثة وفاة لأحد أقربائي واضطررت للسفر، فعندما كلمتها هاتفيا قالت لي لا تذهب أريد الذهاب معك علما بأنني أعمل في بلد وأصلي من بلد آخر، وهي في بلد ثالث. وجميعها بعيدة عن بعضها، وفي هذه الأثناء كنت في المطار وقلت لها أسبوع واحد وسوف أعود إلى البلد التي أعمل بها وسوف نتكلم على النت، ولكن أصرت أنها سوف تعاود الكرة مرة أخرى وتنتحر، فقلت لها سوف أعود إلى البيت كي أكلمك على النت في سبيل مراضاتها كي لاتتهور مثل المرة الأولى ولكن موعد الطائرة قد حان فصعدت إلى الطائرة وسلمت أمري إلى الله. وعندما وصلت إلى بلدي أتتني رسالة على الجوال من صديقتها بأنها عاودت الكرة، علما بأنني عندما كنت أتصل بأختها هاتفيا كي أشرح لها لا تجيب على اتصالي،وعندما أرسل لهم الرسائل يجيبون بمثلها، فقلت إنها كذبة منها. فهذه الأرقام كلها لها ولايوجد صديقة ولا أخت تعلم بالموضوع، فهي تريدني أن لا أبتعد عنها بأي طريقة فأصبحت تتصل هي أو أختها أو صديقتها يوميا، وأنا لم أجب على التلفون وعدت إلى البلد الذي أعمل به، وقررت أن أقطع علاقتي بها كليا، ولكن إنسانيا تألمت خوفا على إنسان يتأذى بسببي، فقلت سوف أتصل بصديقتها وأطمئن عليها فلم تجب، واتصلت بأختها ولم تجب، فقمت بإرسال رسالة لها بأن تجيبني لأمر ضروري كي أحذرها من طيش أختها، فردت علي برسالة الذي يموت يموت بساعته بما معناه. فعاودت الاتصال بصديقتها مرارا دون جدوى حتى هي بعثت لي رسالة وقالت لماذا تتصل بأختي وصديقتي وترسل لهم الرسائل لماذا لا تتصل بي دون أي وسائط. فلم أجبها حتى بعد فترة من الزمن، وإذا بصديقتها ترسل لي الرسائل وتريد أن تكلمني ضروري، فعندما اتصلت قالت لي إنها عاودت الكرة مرة أخرى، فقلت لها وماعساي أن أفعل إذا أختها لم تهتم بالموضوع، وأنت لاتجيبينني على الهاتف فماذا عساي أن أفعل؟ فقالت: أنت تكلم معها وأقنعها حتى تبقى بالمشفى كي تتمم علاجها، وفعلا فعلت خوفا من الله تعالى، وكل إنسان يقع بالخطأ، فأصبحت يوميا أكلمها ساعة تقريبا وهذا شيء مكلف وهي تقول لي إنهم سوف يأخذون منها الهاتف بالمشفى، وأنهم يطفئونن الأنوار ومن هذا القبيل، يمكن كي يرق قلبي ولكنني أخذت القرار بأنني سوف أقطع العلاقة الخاطئة من الأساس، ولكن لا أريد أن أكون سببا لموتها إذا كان الأمر من أساسه صحيحا والله أعلم. وعندما خرجت من المشفى قالت بأن الدكتور قال لها إنه لافائدة من مكوثها فهي انتهت وهو كلام غير عقلاني والله أعلم فأصبحت تقول لي إذا أردت أن تبتعد عني سوف أنتحر، فقلت لها لو كنا متزوجين ونملك أطفالا وقمت بالطلاق هل ستموتين؟ فقالت: لا، هذا شيء وهذا شيء آخر. فأنا أصبحت لا أفهم شيئا من الموضوع، فقطعت الاتصال بعدها لفترة من الزمن وقلت يارب ريح بالي من هذه المصيبة، وأصبحت أدعو بكل صلاة حتى مر أكثر من شهر وإذا صديقتها تطلب مني أن أتصل فقالت لي إنها قامت بإعطائها وصية وعليها بتسليمها لإخوتها إذا ماتت ومضمون الوصية هو أنني أنا السبب بموتها. فقلت لها أين إخوتها قالت: إنهم أتوا للاطمئنان عليها كونهم في أوروبا ودخلت هي المشفى وهم رجعوا إلى أعمالهم فقلت: وأين أختها التي تقييم معها، قالت: لقد ذهبت معهم، قلت: وهي أين؟ أجابتني بالمشفى وسيعمل لها عملية بالمعدة لأنها انتهت. لم يمر 24 ساعة على العملية وإذا بها تتصل، قلت كيف عملية واتصال فوري، فقامت بإرسال رسالة بأن أخاها سوف يأتي ليأخذها من المشفى وأمامي ساعتين لأكلمها ماذا وإلا سوف تأخذ جرعة دواء وتنهي على نفسها تماما. فلم أجب لا برسالة ولا اتصال حتى على صديقتها لم أعد أجيب بشئ، وبعد قرابة 20 يوم أختها على أساس ولا أعرف إذا كان صدقا لأنني إلى هذه اللحظة لم أتكلم معها، أرسلت لي رسالة بأنني السبب بما حدث، وأنها لن تسامحني، وبعد يومين أو ثلاث أرسلت صديقتها تقول يسلم راسك لقد ذهبت، وبعدها بأربع ساعات تقول لم أر منك أي اهتمام ولا كلمة تعزية، وبعدها بنصف ساعة تقول إن الذي كتب بالوصية صحيح. فماذا يترتب علي شرعا أمام الله عز وجل إذا صح الموضوع؟ والله أعلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أولا أن تتوب إلى الله سبحانه وتستغفره مما كان منك من التعرف على النساء عن طريق النت وغيره فهذه معصية وهي التي جرتك إلى هذا الشر. وقد بينا حكم هذه العلاقات في الفتاوى التالية: 117881، 116825، 109089، 71506، 120672.
والذي ظهر من كلامك أنك كنت سببا في بلاء هذه الفتاة وتعلقها بك وذلك بسبب اتصالاتك المتكررة بها، وإعلامها بأخبارك دائما وهذا كله حرام، ولا يسوغه ما تزعم من خوفك عليها من قتل نفسها إن أنت فارقتها، فإن الواجب عليك أن تتقي الله وتقف عند حدوده مهما كانت النتيجة، ولا يزمك أن تفرط في دينك وتضيعه حفاظا على دنيا غيرك، فاصدق رحمك الله في توبتك إلى ربك، وأكثر من الأعمال الصالحة المكفرة، وتجنب هذه العلاقات المشينة، ثم لن يضرك بعد ذلك ما كان من هذه الفتاة سواء كانت قد قتلت نفسها فعلا أو كانت تحتال لترجعك إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1430(13/2801)
غض البصر عن الأجنبيات ليس من التشدد في شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أشاهد التلفزيون لكن ليس في نيتي شهوة عندما أشاهد الأفلام المحترمة التى تخلو من اللقطات المخلة، ولكن فيها نساء غير محجبات. فهل هذا حرام؟ وإذا كان حراما لو عندي مدرسة في المدرسة غير محجبة أنا لا أنظر لها بنية الشهوة لكن أيضا ممكن أن أفتن بها، هل يكون أيضا حرام علي أن أنظر إليها؟ ولو كان ذلك حراما هل عندما أتكلم معها لأجيب على سؤال مثلا أنظر إلى الأرض؟ ولو سمحت هل هذا تمسك وتشدد في الدين أو وسط في الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنظر إلى المرأة المتبرجة حرام لا خلاف في حرمته، سواء كان النظر إلى شخصها أو إلى صورتها في التلفاز أو غيره، وسواء كان بشهوة أو بغير شهوة. وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 36031. وبينا ضابط الأفلام المحرمة من غيرها في الفتوى رقم: 59985.
وأما قولك: هل هذا تشدد أو وسطية. فإنا نقول بل هذه هي عين الوسطية والدين كله من أوله إلى آخره في فرائضه وواجباته، ومستحباته دين الوسطية. وتحديد الوسطية لا يرجع فيه إلى ما تستحسنه العقول والأذواق والعادات، وإنما يرجع فيه إلى نصوص الشرع وكلام أهل العلم الثقات الذين تلقتهم الأمة بالقبول، وإلا فقل لنا أيها السائل إذا كان غض البصر عن المرأة المتبرجة التي تظهر محاسنها ومفاتنها ليس من الوسطية فهل يكون النظر إليها وإلى مفاتنها وما يترتب على ذلك من مفاسد عظيمة من تعلق القلب وإثارة الغرائز وتهييج الشهوات هل يكون هذا هو الوسطية؟ إن من له بقية من عقل أو أثارة من فطرة سليمة مستقيمة ليدرك أن غض البصر عن هذه المناظر هو عين الوسطية، وأن ما خالف ذلك هو عين الإباحية والانحلال، وراجع كلامنا في بيان وسطية الدين في الفتاوى التالية: 25075، 69083، 26673.
وكلامنا عن ضوابط الدارسة المختلطة في الفتاوى التالية: 44085، 2523، 56103.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1430(13/2802)
لا يجوز عمل لقاءات مختلطة بين الجنسين بهدف التعارف للزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسكن في البرازيل، ولدي بنات والحمد الله هن محجبات ومتمسكات بالدين، ولكن المشكلة ليست هن فحسب بل جميع البنات هنا يعانون من نفس المشكلة وهي الزواج، فالشباب المسلم يختلط كثيرا مع البنات البرازيلية فتحصل بينهم المودة والمحبة فيتزوجون منهن، بينما البنت المسلمة تبقى مكانها تنتظر النصيب.
ففي أحد الأيام رأيت شابة مسلمة كاشفة عن شعرها فسألتها لما لا تضع الحجاب؟ فأجابت: أنا أبحث عن شاب مسلم يرى جمالي كي يعجب بي فيتزوجني، فأنا حلمي وحلم البنات المسلمات بالبرازيل بأن نتزوج.
فانا أخاف عليهن وعلى البنات المسلمات أصبحن في الثلاثين ولم يتزوجن بسبب عدم معرفة الشباب المسلم بالبنات المسلمات. فهل يجوز السماح باختلاط الشباب بالبنات بحدود الأدب في مخيمات أو المحاضرات الدينية أو مؤتمرات، أو ما شابه ذلك لأجل التعارف بينهم لأني أخاف أن يكثر زواج الشباب المسلم من البنات البرازيليات ويترك الشابات المسلمات للضياع. أفتونا جزاكم الله كل خير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على مصلحة المسلمين ورغبتك في تسهيل سبل الخير والعفاف لهم، ولكنا ننبهك على أن غايتك هذه وإن كانت غاية نبيلة محمودة، إلا أنه لا بد لها من وسائل مشروعة، لأن الغاية في الشريعة لا تبرر الوسيلة، وما تقترحه من عقد هذه اللقاءات المختلطة بين الفتيات والشبان، ينظر بعضهم إلى بعض ويتجمل بعضهم لبعض غير جائز، لأنه ذريعة عظيمة إلى الفساد والفتنة وتعلق قلوب بعضهم ببعض، أضف إلى ذلك أن الأصل في نظر الرجال إلى النساء هو الحرمة والمنع، وإنما أباحه الشرع عند الخطبة للحاجة إلى ذلك، فإن الرجل إذا نظر إلى المرأة التي يريد زواجها ونظرت إليه كان هذا أدعى إلى الألفة واستمرار الحياة الزوجية بينهما، فالواجب أن يبقى ما عدا هذه الحالة على أصله من المنع والتحريم.
ولم تتعين هذه الطريقة سبيلا لتيسير أمور الزواج، فهناك بدائل شرعية أخرى معروفة، فمثلا يمكنكم أن تقيموا لجنة نسائية بأحد المساجد أو المراكز الإسلامية تجمع بيانات ومواصفات الفتيات المسلمات الراغبات في الزواج، ولجنة أخرى يشرف عليها الرجال لتجمع بيانات الشباب المسلم الراغبين في الزواج، ويكون هناك تنسيق بين اللجنتين، ومن علمتم أمانته ورغبته الجادة في الزواج أعطيتموه بيانات الفتاة التي توافق مواصفاته ليتوجه هو بدوره إلى وليها ليخطبها منه.
وفي النهاية ننبهكم على أن الإقامة في بلاد غير المسلمين لا تجوز إلا بضوابط معينة سبق بيانها في الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1430(13/2803)
حدود الاختلاط المسموح به في الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت العائلة على عقد ـ مقرأة ـ أسبوعيا لقراءة القرآن وتعلم أحكام التجويد، وأيضا لجعلها سببا في صلة الرحم، حيث أن المقرأة تعقد كل مرة فى بيت أحد أعضاء المقرأة، مما يساعد على الزيارات العائلية ـ حتى فى أوقات الانشغال ـ والمقرأة يحضرها الرجال والنساء، علما بأن جميع الحاضرين متزوجون وملتزمون بالحجاب الشرعى، وأعمار الأزواج تتراوح من 25 إلى 60، علما أيضا بأنني وزوجتي -بفضل الله- أعلم الأعضاء بعلم التجويد، والسؤال: هل هناك ما يشوب هذا الاجتماع الأسبوعي من حرمة سواء للاختلاط أو قراءة القرآن للنساء أمام الرجال؟ وأرجو أيضا تعريف لفظة الاختلاط ومتى يكون محرما ومتى يكون مباحا؟ بالأدلة الشرعية، علما بأننى من مصر ـ وكما تعلمون ـ كل الزيارات العائلية والمناسبات الاجتماعية تكون مختلطة فما حكم هذه الزيارات المختلطة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلة الرحم من أفضل الأعمال التي أمر بها الشرع وجعلها سبباً للبركة في العمر والرزق، ومن أعظم أنواع الصلة: التعاون على الطاعات والتواصي بفعل الخيرات، فما اتفقتم عليه من الاجتماع لقراءة القرآن وتعلّم أحكام التجويد هو أفضل ما اجتمعتم عليه وهوعمل جليل مبارك وسبب لنزول الرحمات، أمّا عن اختلاط الرجال بالنساء غير المحارم عند التلاوة مع التزام النساء بالحجاب الشرعي وعدم الخلوة وعدم الخضوع بالقول فالأولى أن ينفصل الرجال عن النساء، فقد ذكر العلماء أنّ جهر المرأة بالقراءة بحضرة الرجال الأجانب مكروه، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 24898.
لكن يجوز الاجتماع إذا روعيت الضوابط الشرعية وأمنت الفتنة، ويجوز للمرأة أن تجهر بالقرآن إذا كانت التلاوة لا تمطيط فيها ولا ليونة في الصوت، وأما إذا كان في الصوت ليونة أو تمطيط يؤدي إلى فتنة فلا يجوز. ولمعرفة معنى الاختلاط وحكمه راجع الفتوى رقم: 72264.
وأمّا حدود الاختلاط المسموح به في الشرع: فهو ما تؤمن معه الفتنة ويكون فيه التزام بضوابط الشرع كاجتناب الخلوة والخضوع بالقول والتزام الحجاب وغض البصر، والاختلاط الشائع اليوم والذي لا تراعى فيه ضوابط الشرع، هو باب شر وفساد يجر على المجتمع كثيراً من المفاسد والبلايا، والواقع شاهد بذلك، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 123172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1430(13/2804)
لا يحل للفتاة أن تجلس بغير حجاب وتختلط مع أجانب عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[تعيش معنا منذ مدة طويلة فتاة غير محجبة تعامل أبي وكأنه أبوها، وأخي وكأنه أخوها، كلمتها مرارا في عدم جواز ذلك فأعرضت عن الحق ونهرتني، صرت أتجنب الجلوس معها في حضرة أبي وأخي حتى على مائدة الطعام، مما أغضب والدي، ولو عرفا السبب لازداد غضبهما، هل يحل لي ذلك؟ وكيف أتعامل مع الأمر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت القناة المذكورة ليست محرما لوالدك وأخيك فالواجب مواصلة نهيها عن مخالطتهما المحرمة، ويشرع هجرها إن علم أنه ينفع، واستعيني بأمك حتى تقنع الوالد والأخ بعدم مخالطتها، وبينا لهما الحكم الشرعي، ويحسن أن تستجلبا للبيت بعض المطويات والأشرطة المفيدة في هذا المجال إن كان ذلك ممكنا.
وقد بسطنا الكلام في هذا الأمر في عدة فتاوى، فراجعي منها الفتاوى التالية أرقامها:
63342، 78113، 93537، 111151، 111256.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1430(13/2805)
التوبة مقبولة إذا تحققت شروطها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحب فتاة وهي فى غاية الاحترام والتدين، لكن للأسف الشيطان أغواني وجعلني أجرها معي وأفعل أشياء لا أخلاقية في التليفون فقط. لم يحدث أي شيء بيننا إلا عبر التليفون فقط، أي كنا نفعل كل شيء مثل الأزواج، والآن استيقظنا ونستغفر ربنا ونريد ربنا أن يسامحنا فماذا نفعل؟ وهل لنا توبه أم لا؟ أرجو الرد مع العلم بأني أحب هذه الفتاة جداً وأتمنى أن تكون زوجتي فى المستقبل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نعمة الله على عبده أن ينتشله من سبل الضلالة ويأخذ بحجزته عن النار، ويهديه سبيل الرشاد فعليكم شكر هذه النعمة الجليلة، وكل من تاب إلى الله توبة صادقة فإن الله سبحانه وتعالى يقبل توبته، مهما عظم ذنبه، طالما كان ذلك قبل أن يدركه الموت، وقبل طلوع الشمس من مغربها، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ* وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ. {الزمر:53-54-55} . وقال عليه الصلاة والسلام: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر. رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد وحسنه الألباني. الغرغرة: بلوغ الروح الحلقوم.
وقال عليه الصلاة والسلام: لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها. رواه أبو داود وأحمد وصححه الألباني.
وقد سبق الكلام عن التوبة المقبولة في الفتوى رقم: 5450.
ويمكنك الزواج وهو الأفضل لكما لقوله صلى الله عليه وسلم: لم نر للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
وانظر للمزيد من الفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 57688، 28288، 22368.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(13/2806)
هل يعتبر من أقام علاقة غير شرعية مع فتاة ظالما لها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الشاب الذي يستغل فتاة بريئة جاهلة لعمل علاقة معها، وعندما ملها تركها وذهب إلى غيرها ليخدعها قد ظلمها؟، علما بأن عنده أسلوبا مغريا جداً لجذب الفتاة حتى وإن كانت ملتزمة ـ وصدقني يا شيخ أسلوبه يلين الحجر وهو حجر ـ فكيف لو كانت مراهقة وفي أول مرة تحس أن أحداً يهتم بها، وأنا الآن ندمت ولن أرجع لهذه المعصية أبداً ـ إن شاء الله ـ لكن هل معقول أن شابا يلعب بالبنت ويرجع ويلعب بغيرها وما يحس بشيء؟ وأما البنت فتكويها نار الحسرة والندم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بالظلم معناه الشائع الذي هو تضييع حقوق الغير أو سلبها بغير وجه حق، فإن هذا الشاب لم يظلم بهذا المعنى، لأنه لم يكره هذه الفتاة على هذه العلاقات المحرمة ولم يجبرها على ذلك، كل ما هنالك أنه دعاها إلى معصية الله فاستجابت له، ولو أنها اتقت الله سبحانه وخافت مقامه ووقفت عند حدوده لما وجد هذا الأثيم طريقاً إلى إضلالها وغوايتها، فالأولى أن ترجع على نفسها باللوم والذم، كما قال الشاعر:
فنفسك لم ولا تلم المطايا * ومت كمدا فليس لك اعتذار.
ولكن هذا لا ينفي عنه الإثم والخطيئة، لأنه بفعله هذا قد أضل غيره، وكان سبباً في غوايته وبعده عن الصراط المستقيم، ولا شك أن من يضل الناس ويدعوهم إلى سبيل الشيطان والشهوات لفي ضلال كبير، وسيحمل من أوزار من أضلهم ودعاهم إلى معصية الله، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً. رواه مسلم وغيره.
جاء في شرح رياض الصالحين لابن عثيمين رحمه الله: ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً أي إذا دعا إلى زور وإلى ما فيه الإثم مثل أن يدعو الناس إلى لهو أو باطل أو غناء أو ربا أو غير ذلك من المحارم، فإن كان إنسان تأثر بدعوته فإنه يكتب له مثل أوزارهم، لأنه دعا إلى الوزر والعياذ بالله. انتهى.
فالواجب عليك أيتها السائلة أن تنشغلي بالتوبة إلى الله جل وعلا، وأن تحذري كيد شياطين الإنس والجن، ثم إن علمت أن هذا الشاب قد قصد بعض الفتيات ليوقعها في المعصية فعليك أن تحذيرها من ذلك، سواء كان تحذيرك لها مباشرة أو عن طريق غيرك، لكن دون أن تتعرضي لما كان بينك وبينه، بل عليك أن تستري نفسك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله.
وهذا كله مع أمن المفاسد، فإن غلب على ظنك أن تحذيرك هذا سيفتح عليك أبواب الفتنة أو ستترتب عليه مفسدة عظيمة فحينئذ اكتفي بالتوبة إلى الله ودعي عنك أمر غيرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(13/2807)
قيام المرأة بإلقاء كلمة أو ماشابه أمام الرجال ولو بحجابها يعرضها للفتنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أدرس في ثانوية مختلطة، مع حرصي على الحجاب الشرعي وبعدي عن المفاسد، وعادة ما تنظم الثانوية احتفالات أو لقاءات، وطلبوا مني أن أشارك معهم في إلقاء بعض النشاطات: شعر، ومسرح، والمقدمات الافتتاحية، وذلك للسنة القادمة، لكن رأيي مائل للرفض، هل يجوز لي كفتاة مسلمة أن ألقي الشعر أو مقدمة أو أن أمثل في مسرحية هادفة في ثانويتي أو خارجها؟ أكرر أن هذا الأمر يتم أمام جمهور مختلط.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وفقك الله تبارك وتعالى بأن أخذ برأيك نحو الرفض، ونحن كذلك نرى عدم مشاركتك في هذه الأعمال سدا للذريعة وأبواب الفتنة، فبروزك أمام الرجال ولو كنت ملتزمة بالحجاب الشرعي وتحدثك أمامهم لفترة طويلة من الزمان، وقيامك بأدوار مسرحية، وتحدثك أمامهم بالساعة والساعتين، لا شك أنه باب لافتتان المعجبين منهم بك وتطلعهم إليك، وفي هذا من المفاسد ما لا يخفى، ولم يعرف عن أمهات المؤمنين ـ رضي الله عنهن ـ البروز للناس من أجل إقامة محاضرات ودروس لتعليمهم أمور دينهم مع غزارة علمهن، فما بالك بما هو دون ذلك في الأهمية، وراجعي لمزيد الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 109816، 5310، 9855.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1430(13/2808)
تعريف الأمرد وحكم النظر إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي:
أولا: أريد تعريفا واضحا وبسيطا للرجل الأمرد.
ثانيا: ما هي الأحكام التي تتعلق بهذه الظاهرة المترتبة على الشخص الأمرد؟ وما هي الأحكام المتعلقة بتعامل الناس معه؟ من حيث صحبته والنظر إليه، وقد نجد أن أغلب المردان في سن الشباب يميلون لصحبة من هم أكبر منهم في العمر، فما حكم هذه الصحبة؟ وما هي النصائح للرجل الأمرد؟.
أرجو تفصيل الإجابة لتتضح الصورة جيدا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
الأمرد هو الشاب الذي خلا وجهه من الشعر، ويحرم النظر إليه بشهوة إجماعا، كما يحرم النظر إلى الأجنبية وذوات المحارم لشهوة كما قال العلماء، ويجب على من هو في هذه السن أن يبتعد عن ضعاف النفوس ومرضى القلوب، وخاصة إذا كانوا أكبر منه، فهؤلاء قد يكونون أخطر عليه ممن هم في سنه.
ولذلك ننصح الجميع بتقوى الله تعالى وسد هذا الباب والبعد عن صحبة المردان والنظر إليهم، مع دعائنا للجميع بالهداية.
هذا وسبق بيان حكم النظر إلى المردان والصبيان والرجال بشهوة مع الأدلة وأقوال أهل العلم، وبإمكانك أن تطلع على ذلك في الفتوى: 124804، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1430(13/2809)
حكم تكلم الزوج مع أخت زوجته والجلوس معها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مصافحة أخت الزوجة والجلوس والحديث معها داخل البيت في حضور الزوجة طبعاً؟ والركوب في سيارة واحد مع وجود الزوجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأخت الزوجة ليست من المحارم فهي أجنبية وإن كانت محرمة مؤقتا، ومصافحة المرأة الأجنبية لا تجوز كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 1025.
أمّا الجلوس والحديث معها وركوبها معه في السيارة في وجود الزوجة فلا مانع منه إذا أمنت الفتنة، وروعيت حدود الشرع من الالتزام بالحجاب الشرعي، وغض البصر، واجتناب الخضوع بالقول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1430(13/2810)
الحرة المتزوجة لا يمكن أن تصير ملك يمين لصاحب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة ولدى طفل وأعمل بشركة صاحب ومدير الشركة وينفرد بي كثيراً ويمارس معي أعمالا وكأني زوجته عدا الدخول بي، وعندما أردت الابتعاد عنه اشتد إيذاؤه لي لدرجة أنه أخذ علي إيصالات أمانة ـ عددها: 3 إيصالات ـ وعلى الرغم من ذلك أريد الاستمرار فى الابتعاد عنه ولكنه قال لي إننى ملك يمينه، فهل أنا فعلا ملك يمينه؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أيتها السائلة إلى أنك قد انتهكت حرماته الله ـ سبحانه ـ وضيعت أمانته وخنت زوجك خيانة عظيمة عندما مكنت هذا الغوي الأثيم من أن يعبث بعرضك هكذا، وقد أوقعك في هذا المنكر العظيم تساهلك في الخلوة به، أما علمت أن خلوة المرأة بالرجل الأجنبي محرمة على كل حال حتى ولو كان يعلمها القرآن، وقد اشتهر على ألسنة العامة والخاصة والصغير والكبير والذكر والأنثى، قوله: صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. متفق عليه.
وقوله فيما رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني: ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان.
وأما قول هذا الأثيم إنك ملك يمينه فهذا مبالغة منه في الخداع والكذب، فإنه قطعا يعلم أنك حرة لا سبيل له عليك، بل ويعلم أن الرق لم يعد له وجود في هذا الزمان.
فالواجب عليك هو أن تنتهي فورا عن هذا العمل في هذا المكان الذي سبب لك هذه الخلوة المحرمة وأن تتوبي إلى الله سبحانه من هذه الفواحش وتلزمي بيتك متفرغة لعبادة ربك وخدمة زوجك وتربية ولدك، واعلمي أن الزوج وحده هو الذي يلزم بالإنفاق على البيت وأنك لا تطالبين من النفقة لا بقليل ولا بكثير.
وأما بخصوص هذه الإيصالات التي أخذها منك فيمكنك أن تبلغي السلطات بخصوصها حتى لا تكون ورقة تهديد في يده وتعلميهم بما كان منه من إجبارك على ذلك ليكرهك على ما يريد من أفعاله المشينة الخبيثة.
وفي النهاية نوصيك بكتمان هذا الأمر عن زوجك ما استطعت إلى ذلك سبيلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1430(13/2811)
صفة الاختلاط المحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاك الله خيرا يا شيخ.
نعلم أن الاختلاط في كل مكان حتى بالطريقة الإلكترونية والبيع والشراء كذلك من المواقع الإلكترونية
هل يعتبر مكان اختلاط الرجال بالنساء والبيع والشراء هو السوق؟ للحاجة لدعاء السوق، أو أن هناك دعاء آخر لمنع روح الشر بالإنسان؟.
جزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمقصود السائل من سؤاله فيه بعض الغموض، وسنجيب على ما فهمنا أنه يسبب إشكالا عند السائل، فنقول:
الاختلاط المحرم هو: الاجتماع بين الرجل والمرأة التي ليست بمحرم، أو اجتماع الرجال بالنساء غير المحارم، في مكان واحد يمكنهم فيه الاتصال فيما بينهم، بالنظر أو الإشارة أو الكلام أو اللمس، مع تبذل المرأة وعدم احتشامها، وخلوة الرجل بالمرأة الأجنبية على أي حال من الأحوال تعتبر اختلاطاً. انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية ـ2ـ290ـ عودة الحجاب، لمحمد أحمد إسماعيل المقدم ـ 3ـ52ـ.
وقد دل الكتاب والسنة على منع الاختلاط بين الجنسين بهذا المعنى وتحريمه وتحريم جميع الوسائل المؤدية إليه، وسبق بيان هذا في الفتوى رقم: 3539.
والاختلاط المحرم ليس مقصورا على السوق فقط، ولكن الأسواق من الأماكن التي يكثر فيها هذا الاختلاط وغيره من المحرمات التي جعلت الأسواق من الأماكن المكروهة عند الله، ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا.
قال النووي رحمه الله: قَوْله: وَأَبْغَض الْبِلَاد إِلَى اللَّه أَسْوَاقهَا، لِأَنَّهَا مَحَلّ الْغِشّ وَالْخِدَاع وَالرِّبَا وَالْأَيْمَان الْكَاذِبَة وَإِخْلَاف الْوَعْد وَالْإِعْرَاض عَنْ ذِكْر اللَّه وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ.
وقد شرع الدعاء في السوق، لأنه مكان غفلة ومظنة لوجود المنكرات والمعاصي، فعَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ: لاَ تَكُونَنَّ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السُّوقَ وَلاَ آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا فَإِنَّهَا مَعْرَكَةُ الشَّيْطَانِ وَبِهَا يَنْصِبُ رَايَتَهُ. رواه مسلم.
قال النووي رحمه الله: قَوْله فِي السُّوق إِنَّهَا مَعْرَكَة الشَّيْطَان لِكَثْرَةِ مَا يَقَع فِيهَا مِنْ أَنْوَاع الْبَاطِل كَالْغِشِّ وَالْخِدَاع، وَالْأَيْمَان الْخَائِنَة، وَالْعُقُود الْفَاسِدَة، وَالنَّجْش، وَالْبَيْع عَلَى بَيْع أخِيهِ، وَالشِّرَاء عَلَى شِرَائِهِ، وَالسَّوْم عَلَى سَوْمه، وَبَخْس الْمِكْيَال وَالْمِيزَان، قَوْله: وَبِهَا تُنْصَبُ رَايَته إِشَارَة إِلَى ثُبُوته هُنَاكَ، وَاجْتِمَاع أعْوَانه إِلَيْهِ لِلتَّحْرِيشِ بَيْن النَّاس، وَحَمْلِهِمْ عَلَى هَذِهِ الْمَفَاسِد الْمَذْكُورَة، وَنَحْوهَا، فَهِيَ مَوْضِعُهُ وَمَوْضِعُ أَعْوَانه. انتهى.
وقد سبق ذكر حديث دعاء دخول السوق مع بيان درجته، والمقصود بالسوق في الحديث، وذلك في الفتوى رقم: 25814.
ولا نعلم ورود دعاء معين لمنع روح الشر بالإنسان كما يقول السائل، ولكن الأدعية والأذكار التي تنمي مراقبة الله وتحث على الخيرات وتبعد الغفلة التي تسبب الوقوع في كثير من الشر وتقي من وسواس الشيطان وتحفظ العبد من الأضرار كثيرة، كأذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم والاستيقاظ، وعند الجماع، ودعاء كفارة المجلس وغير ذلك مما ورد في السنة الصحيحة، والله الموفق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1430(13/2812)
لا يجوز طاعة الوالدين في الاختلاط ومصافحة الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[تعود أقاربي على الالتقاء في أجواء فيها اختلاط وتبرج للنساء ومصافحتهن للرجال، أتجنب هذه اللقاءات ولكن ذلك أغضب أهلي ووالدي، بم تنصحونني؟ جازاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يزيدك تمسكا بالدين وثباتا على الصراط المستقيم، واعلمي أيتها السائلة أننا في زمان القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر، ولا نجاة للمؤمن من فتنه وشروره إلا بالاستعانة بالله سبحانه والصبر على القيام بأوامره وكثرة ذكره وشكره.
ولا يجوز لأهلك أن يصدوك عن سبيل الله، ولا أن يطلبوا منك ما فيه معصية له سبحانه من تبرج واختلاط محرم بالرجال، فهذا كله من الأمر بالمنكر والضلال، ولا يجوز لك أن تستجيبي لهم في ذلك، ولا أن تطيعيهم ولا يعد هذا من عقوق الوالدين أو قطيعة الرحم، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه.
ولكننا ننصحك على كل حال بالتلطلف في معاملة أهلك عموما، ووالديك خصوصا، ولا يحملنك ذلك على الإساءة إليهما في قليل ولا كثير، فحقهما عليك عظيم ولو كانا يأمرانك بما يخالف أمر الله سبحانه، ثم حاولي أن تبذلي النصح لأقاربك هؤلاء الذين يقعون في محارم الله سبحانه، وخصوصا النساء المتبرجات على أن يكون هذا كله بأسلوب رفيق لا عنف فيه ولا غلظة، امتثالا لقوله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ {النحل: 125} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1430(13/2813)
لا أثر لممارسات الزوجين الجنسية المحرمة على نسبة الأولاد إليهما ولا على زواج أحدهما بآخر بعد فراقهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الزاوج من امرأة مطلقة، كانت متزوجة من أجنبي أسلم من أجل الزواج منها، ولكنها كانت تعلم أنه أسلم للزواج فقط، وكان يمارس معها من المحرمات وهي كانت تعلم أنه حرام، والآن عندها ولد منه، ولكنه تركه وسافر وطلقها، وهي حكت لي أنها كانت تمارس معه كالأجانب، هل هذا الابن حرام لما كانت تفعله مع زوجها؟ وهل ينفع الزاوج منها؟ فأنا شاب غير متزوج أعزب ومسلم وهى مسلمة ـ والحمد لله ـ أرجو الإفادة، هل يصح هذا الزواج؟ وهذا الطفل ـ ولدها موضوع وهذا موضوع ـ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الجزم بأن هذا الرجل قد أسلم من أجل الزواج، فإن ذلك من الأمور القلبية التي لا علم لنا بها، والأصل أننا نحكم على الناس بظواهرهم ونكل سرائرهم إلى الله، فإذا دخل هذا الرجل في الإسلام ولم يرتد عنه وتزوجته المرأة حال إسلامه بعقد مستوف لأركانه فزواجها صحيح، ولم يتضح لنا المقصود بكون زوج هذه المرأة كان يمارس معها بعض الامورالمحرمة، فإن كان المقصود أنه يفعل الأمور المحرمة في معاشرتها وذلك بالوطء في الدبر والوطء في الفرج أثناء الحيض والنفاس فعليها التوبة من ذلك، أما عن حكم ولدها منه فمادامت قد حملت به بعد زواجهما فهو ابن لهما، ولا أثر لما كان يفعله الزوج من الأمور المحرمة على صحة الزواج أو ثبوت نسب الطفل، وحتى لو كان الزوج فعل ما يخرج به عن الإسلام وكان الزواج باطلا، فإنهما ماداما قد اعتقدا حل هذا الزواج، فالولد نسبه ثابت لأبيه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومن نكح امرأة نكاحا فاسدا متفقا على فساده أو مختلفا في فساده فإن ولده منهما يلحقه نسبه ويتوارثان باتفاق المسلمين. الفتاوى الكبرى: 3/326.
وأما عن زواجك من هذه المرأة فمادامت مسلمة عفيفة فلا مانع من زواجك منها مع التنبيه على أنها أجنبية عنك حتى تعقد عليها.
وننبهك إلى أن محادثة هذه المرأة لك فيما يتعلق بمعاشرة زوجها لها مع كونها أجنبية عنك هو أمر غير جائز، فالكلام مع الأجنبية إنما يجوز عند الحاجة المعتبرة شرعا مع التزام الحشمة والحياء والاقتصار على قدر الحاجة، فالواجب عليكما التوبة من ذلك والتزام حدود الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1430(13/2814)
محاذير علاقة الفتاة العاطفية مع رجل أجنبي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة ملتزمة والحمد لله، تعرفت على شاب ذا خلق ودين لكنه من جنسيه غير جنسيتي ومتزوج، أحبني لأدبي وتديني، صارحني بحبه، رفضت، ثم وافقت لأني وقعت في حبه وجعلني أعشقه جدا من أسلوبه الطيب وأخلاقه الحسنة، وقتها كنت فاقدة أمي يرحمها الله. وقف جنبي ودعمني معنويا وغمرني بكلامه الحنون واهتمامه،
ويشهد الله حبنا طاهر لم نتعد حدود الله أبدا، حتى القبل أرفضها، لكن أتبادل معه كلام الحب مثل أحبك, يا روحي....الخ
رغم ذلك أحس بخوف من الله وأن حبنا حرام لأنه عرض علي الزواج وقلت له افقد الأمل أهلي مستحيل يقبلوا أن أتزوجك، فقال: ما دام حبنا طاهر وما فيه كلام يخل بالأدب خلينا نستمر في حبنا لأننا ما نقدر نعيش بدون بعض، لأننا مرة مرة متعلقين في بعض، مع الأيام أرسل صورته، وصار يطلب مني أن أرسل صورتي.يقول يحب أن يرى شكل التي يحبها، رفضت وتحت إلحاح منه وافقت، لكن أرسل عيوني فقط، لكن كلما أرسل له الصورة يصير مشكله بيننا أو ظروف عندي تشغلني، أختي قالت لي يمكن فيها خير لأنك صالحة وربي عارف نيتك حفظك من أن ترسليها لأنه حرام يشوفك حتى لو عيونك، ورفضت أختي الكبيرة أن أرسل له الصورة وقلت له، غضب مني وبعدين أرسل يريد أن أرجع له، وأنا خائفة من ربي مرة مرة وأحب ربي ولا أريد أن أعصيه.
فأرجوكم انصحوني لأني ضائعة ما عندي لا أم ولا أب ينصحوني ويدلوني على الخير؟
إذا حبنا حرام ويغضب ربي أرشدوني والله لأخالف هوى نفسي من أجل ربي، أحب أن أصير إنسانة تقية صالحة، وأريد أن أكمل حفظي للقرآن. انصحوني كيف أعالج قلبي من حبه؟ صرت أفكر فيه ليل نهار. أرجوكم ردوي علي قبل أن أضيع ويضيعني الشيطان؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل المولى الكريم أن يثيبك خيرا في حرصك على الاستقامة على طاعة ربك والبعد عن معصيته، ونسأله سبحانه أن يحفظك ويحفظ لك دينك حتى الممات.
ولا يخفى عليك أنه لا يجوز للمسلمة أن تكون على علاقة عاطفية مع رجل أجنبي عنها فإن هذا أمر كان من عادة أهل الجاهلية وحرمه الإسلام كما قال الله سبحانه: وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ. {النساء: 25} . وواضح من خلال ما ذكرت من سياق قصتك مع هذا الشاب أن الشيطان يريد أن يستدرجك ويسوقك إلى ما يسخط الرحمن، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ. {النور: 21} . وقد أحسنت حين لم تعط هذا الشاب صورتك، ولا يجوز لك إعطاؤها له بأي حال، ولا يجوز لك محادثته أو تبادل أي من عبارات الحب معه فإن هذا معصية في حد ذاته، وأنت الآن معه بين أمرين فإما أن يأتي الأمر من بابه فيخطبك من وليك ويتزوج منك، فإن لم يتم ذلك فالأمر الثاني وهو وجوب مفارقته، وأما نسيانه فأمر ممكن، فإن تصدقي الله تعالى يصدقك، وقد ذكرنا بالفتوى رقم: 9360. جملة من سبل علاج العشق فراجعيها. ولمزيد الفائدة فيما يتعلق بالحب قبل الزواج نرجو أن تراجعي الفتوى رقم: 4220. وننصحك بالحرص على مصاحبة أخواتك المؤمنات الصالحات اللائي يذكرنك بالله إذا نسيت ويكون منهن العون لك إذا ذكرت.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1430(13/2815)
الصداقة بين الجنسين باب شر وفساد عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الجميل والمفيد.
أرجوكم يا إخواني القائمين على الموقع أن تشيروا علي ماذا أفعل فأنا الآن حائرة، وأرجو منكم إجابتي في أقرب وقت ممكن إذا سمحتم: أنا فتاة عمري 22 سنة، كعادة كل الفتيات تعرفت على شاب ولكن لأني كنت أعرف الله وأعلم حدوه، ولأني كنت أخافه أخبرت ذلك الشاب بأني أحبه وأنا لم أخبره من أكون لأني فتاة أخاف على سمعتي ولأنك غير متزوج أعرض عليك نفسي إذا قبلت وإذا لا أتركك بسلام والله شاهد على كلامي، كنت أعي ما أقول، وكنت أنوي فعلا تركه لو قال لي لا، ولكن لما عرفني من أكون ولاسيما هو صديق أبي وأبي يحبه جدا-لا تظن بأنه كبير جدا لا عمره 29- ولما عرفني فرح فرحا شديدا، وقال لي أن نكون صديقين فقط وأنا وافقت على ذلك فقط أصدقاء لا غير، ولكن قبل موافقتي أخبرت أخي بأن يذهب ويسأل لي عنه بطريقة غيره مباشرة، كيف هو في السوق؟ وماذا يقول الناس عنه، رجع لي أخي وقال بأن الكل مدحه، وأنه ممن يصلون بالمساجد ويقيمون حدود الله، والكل يشهد على أخلاقه، أنا فرحت جدا وعرفت أنه بسبب أخلاقه وبسبب أبي لن يحدث بيننا أي سوء فقط أصدقاء، أحتاج إليه يساعدني بجلب احتياجاتي الدراسية كصديق فقط، بقينا هكذا وبدون أي كلام غزل أو أي شيء، ولكن بدأ هو شيئا فشيئا أحس بأنه يغازلني أو يقول لي كلاما فيه غزل، أخبرته بأن هناك من يأتي لخطبتي كنت أكذب ولكن فقط لكي أعرف صدق نواياه، كان يقول وافقي فأنا وأنت أصدقاء، فأقول في نفسي هذه أفكار الشيطان هو لن يفعل شيئا سوءا لي لأنه متدين ويخاف الله، ولكن مرة كنت أتحدث بصورة طبيعية عند أخواتي معه، ولكنه قال أريد منك إذا تريدين أن نبقى أصدقاء أن تتحدثي معي عندما تكوني وحيدة لأني أخجل من أهلك وافقت على طلبه بدون تردد، ومرة أخبرني بأنه يريد مقابلتي لوحدي في بيتنا-نحن عندنا بيت شتوي وبيت صيفي-أخبرته لا مشكلة أمام الشارع قل ما تريده، قال: طيب، ولكن عندما أتينا قال: لا، دعينا ندخل البيت أنا خفت قلت له: لا يجوز هذا، فذهب وهو منزعج مني وقال أنت لا تثقين بي، فلا تتكلمي معي، أنا أصلا لست من ذلك النوع من الشباب، ندمت ندما شديدا لأني أسأت الظن به، وقال لو أنه كان يريد فعل فاحشة هناك مليون فتاة بانتظاره، وأنه يقدر بماله أن يفعل ما يريد ولكنه يخاف الله، هذا كان رده لي فندمت لأني أسأت الظن به، فوافقت على طلبه، دخلنا للبيت وأخبرته ماذا يريد؟ ففجأة إذا به يمسكني ويفعل كل شيء، وأنا كنت مثل الخشب المسند واقفة متعجبة مصدومة. هل هذا الذي كان يدعي الدين والأمانة وال.......الخ. أنا لا أقول الذنب ذنبه، كل الذنب علي، ولكني كنت في عمر 19 سنة، ولم أكن أخرج من البيت أبدا أبدا، ولم أكن أعرف أي شيء، ولا حتى أعرف ماهو الشاب والفتاة، ولا أي شيء، كنت أظن أن الصداقة بينهما أمر عادي كباقي كل الصداقة، المهم الحمد لله حافظت على عذريتي وشرفي والتي عرفتها بعد ذلك اللقاء أن الفتاة لديها شيء يسمى العذرية والشرف، وحتى لم أدعه ينزع حجابي، وبعد ما خرجنا أتيت إلى البيت وأنا مصدومة ولا أدري أي شيء، اتصل بي وبطريقة عجيبة غريبة أقنعني بأنه شيء عادي، لاسيما أنه يعرف أني فتاة غبية ليس لي أي تطلع على هذه الأشياء، بقينا مع بعض ودائما يأخذني ويخرجني معه ويشتري لي الهدايا، تعلقت به تعلقا شديدا، أصبحت أكثر حبا له حتى إنه أحيانا كان يشرح لي المواضيع الدينية. لا أدري كيف؟ هي شخصيته، وفجأة يوما ما من أمي عرفت أنه خطب فتاة واتصلت به لكي أتأكد، قال لي: نعم أخبرته ولم فعلت بي ذلك، ولما اشتريت لي الهدايا ولم ولم.....كان جوابه إنه لم يخطط أن يحبني ولكنه أحبني وطلب مني عدم الاتصال به، وهكذا تركني، وافقت على طلبه لأن زوجته ليس لها أي ذنب، وأنا دخلت النت وسألت، عرفت أني كنت أذنب فتبت إلى الله وعزمت على عدم العودة إلى أي فعل يغضب الله، ولكني تفاجأت أنه يوم عرسه اتصل بي، ومنذ ذلك اليوم كل يوم يتصل بي ويطمئن علي، أنا منذ 4 أشهر أدعو وأقوم الليل وأسأل الله أن يريني الحق وأن يبعده عني إذا كان يغضبه، ولكن دائما أرى أنه يرجع لي وأن الله سيرده إلي، والحب الذي أكنه له مازال كل يوم يكبر شيئا فشيئا، وأنا لست مرتاحة أبدا ولا أدري ماذا أفعل الآن؟ هل أنا الآن أيضا أعصي الله؟ هل الله غاضب علي؟ أشيروا علي بارك الله فيكم؟ هل كان الذنب ذنبي أو ذنبه؟ هل هو ظلمني كما أنا أظن؟ وكيف أدعو الله؟ وكيف أفعل الآن؟ وكيف أتوب إليه من ذنبي هذا؟ ولكم مني جزيل الشكر ولن أنسى الدعاء لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك قطع كلّ علاقة بهذا الشاب، فإنّ محادثتك له بهذه الصورة معصية لله، واعلمي أنّك أذنبت وظلمت نفسك بتفريطك وتهاونك في حدود الله مع هذا الشاب، فعليك أن تتوبي إلى الله ممّا كان بينك وبينه من الأمور المحرّمة. والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود، واعلمي أنّ ما فعله هذا الشاب معك يدلّ على رقة دينه وفساد خلقه وجرأته على انتهاك المحارم والعبث بالأعراض، فعليك أن تزيلي من قلبك التعلّق به بقطع كلّ علاقة به وعدم الاسترسال مع الأفكار والخواطر، وشغل الأوقات بالأعمال النافعة، والحرص على تقوية صلتك بالله، بتعلّم أمور الدين والحرص على صحبة الصالحات، مع كثرة الدعاء أن يعصمك الله من الفتن وأن يرزقك بالزوج الصالح.
واعلمي أن ما يعرف بالصداقة بين الشباب والفتيات هو أمر لا يقرّه الشرع، وهو باب شر وفساد عظيم، وانظري الفتوى رقم: 1072. وليس الأمر كما ذكرت من أنّ التعارف مع الشباب هو عادة كلّ الفتيات، وإنمّا كثير من الفتيات بفضل الله صالحات بعيدات عن الاختلاط المحرّم بالشباب قد عصمهنّ الله من الفتنة وجملهنّ بالحياء والعفّة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1430(13/2816)
المحبة على غير طاعة الله تنقلب يوم القيامة إلى عداوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كانت لي علاقة جنسية بشاب وهو قال لي: قولي: زوجتك نفسي، وكنا مثل المتزوجين تماما، وهو الآن توفي وأنا تبت عن ذلك الذنب أسأل الله أن يغفر لي. وسؤالي هو: هل الله ممكن أن يجمعني به في الجنة، مع العلم أنه توفي غريقا؟ هل من الممكن أن يشفع لي عند ربه مع العلم أنني كنت أغلى وأحب الناس له في الدنيا وكل الناس تعلم ذلك ووالداه أيضا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان بينك وبين هذا الرجل إنمّا هو زنا، وقولك له: زوجتك نفسي، لا يفيدك شيئاً ولا يخفّف من شناعة هذا المنكر، ولا يهوّن من تلك الجريمة النكراء التي توعدّ الله فاعلها بالعذاب والخزي في الدنيا والآخرة، إذا لم يتب توبة صادقة، لأنه نكاح باطل لكونه بلا ولي ولا شهود.
والواجب عليك التوبة إلى الله، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود، مع مراعاة الستر وعدم المجاهرة بالذنب، والإكثار من الأعمال الصالحة والحسنات الماحية.
ومن صدق توبتك ألّا يلتفت قلبك للذنب، ولا يتعلّق بمن واقعت معه المعصية، بل ينبغي أن يبغضه قلبك لما ارتكبه من المعصية، ومن صدق توبتك أن يكون أعظم رجائك هو قبول الله لتوبتك وأكبر خوفك من عدم قبولها.
فينبغي ألّا يكون همّك هو إمكان الجمع بينك وبين هذا الرجل في الآخرة، واعلمي أنّ الذي ورد في الشرع أنّ المرأة تكون في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا، وانظري الفتوى رقم: 19824.
وأمّا الشفاعة فلها شروط مبينة في الفتوى رقم: 2525.
واعلمي أنّ العلاقة التي تقوم في الدنيا على غير أساس من التقوى تنقلب يوم القيامة إلى عداوة، يوم لا ينفع الندم، قال تعالى: الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ. {الزخرف: 67} .
والأمر يوم القيامة جد خطير فكلّ إنسان مشغول بمصيره، قال تعالى: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ. {عبس 34-37} .
فعليك بالإقبال على ربّك، وتعلّم أمور دينك، وكثرة الاستغفار والدعاء بقبول التوبة، وأن يرزقك الله بزوج صالح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1430(13/2817)
ليس كل اختلاط محرما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل أعمل رئيس قسم الخدمات المساندة. هل يجوز لي تكليف أحد العمال إما نجار أو سباك أو كهربائي.....الخ أن يقوم بتأدية عمله في مكان يوجد به نساء؟ وهل علي إثم إذا وجهت أحد هؤلاء العمال لتأدية العمل المطلوب منه؟ فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاختلاط ليس محرما بإطلاق، وإنما فيه تفصيل.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: يختلف حكم اختلاط الرجال بالنساء بحسب موافقته لقواعد الشريعة أو عدم موافقته، فيحرم الاختلاط إذا كان فيه: الخلوة بالأجنبية، والنظر بشهوة إليها، وتبذل المرأة وعدم احتشامها، أو عبث ولهو وملامسة للأبدان.
ويجوز الاختلاط إذا كانت هناك حاجة مشروعة مع مراعاة قواعد الشريعة، ولذلك جاز خروج المرأة لصلاة الجماعة وصلاة العيد. اهـ بتصرف واختصار.
وهؤلاء العمال إنما يتواجدون في المكان المذكور للحاجة؛ حيث إن هذه الأعمال وأمثالها لا يقوم بها إلا الرجال، وبعد انتهاء عملهم يغادرون المكان.
فلذلك لا نرى حرجا فيما ذكر شريطة التزام العمال بغض البصر، وتفادي الخلوة المحرمة، وعدم التحدث معهم لغير حاجة. وينبغي انتقاء أورعهم وأتقاهم لإرسالهم إلى ذلك المكان.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 118479
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1430(13/2818)
نية المرأة الرجوع لطليقها لا تبيح لها الخروج معه ولا الخلوة به
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أخت مطلقة، وعندها بنت من زوجها السابق، وقد تم طلاقهما من سنوات للظروف المادية، ولأن زوجها السابق لا يعمل وأختي تعمل مدرسة، لاحظت والدتي أن أختي تخرج مع زوجها السابق للدكتور بسبب بنتهما وهذا لا يجوز شرعا، وقد تقرر ذلك أكثر من مرة، وتحدثت معها وتحدثت أمي معها وهي تقول أنا لا أفعل شيئا حراما، وفي نيتها تريد الرجوع لزوجها، ولكن زوجها لا يعمل، وأنا لا أعلم أيضا نيته، علما بأني أعمل في محافظة أخرى، وأختي أكبر مني بسنة ولا تسمع لكلامي، ولكني أحتاج نصيحتكم حتى لا أكون مسؤولا أمام الله عما يحدث -أبي متوفى منذ ثلاث سنوات- وجزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تفعله أختك من الخروج مع طليقها السابق أمر محرم، وهو ذريعة قوية للفساد والشر، وأعظم منه حرمة ما تقوله أختك من أن ما تفعله هذا جائز لا حرج فيه، وهذا من أعظم المنكرات وأشنعها، لأن القول على الله بغير علم من أكبر الكبائر، والله سبحانه يقول: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ. {لأعراف:33} .
قال ابن القيم عند تفسيره لهذه الآية: فرتب المحرمات أربع مراتب، وبدأ بأسهلها وهو الفواحش، ثم ثنى بما هو أشد تحريما منه وهو الإثم والظلم، ثم ثلث بما هو أعظم تحريما منهما وهو الشرك به سبحانه، ثم ربع بما هو أشد تحريما من ذلك كله وهو القول عليه بلا علم، وهذا يعم القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي دينه وشرعه. وقال تعالى: وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. {النحل: 116-117} . انتهى.
فالواجب عليك أن تعلم أختك بحرمة ما تفعله، وأن هذا الرجل قد صار أجنبيا عنها، لا يحل لها الخلوة به ولا الخروج معه، بل شأنه شأن سائر الأجانب، ونيتها الرجوع إليه لا يغير من هذا الأمر شيئا، فإن لم تستجب فعليك أن تمنعها من ذلك ولو قهرا، فإن لم تستطع فأخبر بذلك بعض أرحامكم من عم أو خال ونحو ذلك وتعاونوا جميعا لكفها عن هذا الإثم.
وفي النهاية ننبه على أنه يجوز لأختك هذه أن ترجع إلى زوجها بعقد نكاح جديد في حالة ما إذا كان هذا الطلاق هو الأول أو الثاني، ولا يجوز لكم أن تمنعوها من التزوج إذا كان صاحب خلق ودين، وكونه لا عمل له ولا كسب غير مانع من زواجها به إذا رضيت هي بذلك.
أما إن كانت هذه التطليقة هي الثالثة فلا يجوز لها الرجوع إليه حتى تنكح زوجا غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1430(13/2819)
حكم جلوس المرأة مع أقارب الزوج غير المحارم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تجلس مع أقارب زوجها مثل عم الزوج مثلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأقارب الزوج كالعم ونحوه أجانب بالنسبة الزوجة إذا لم يوجد سبب للمحرمية كرضاع مثلا، وبالتالي فلا يجوز لأي منهم الخلوة بها ولا لمسها، ولا يجوز لها الجلوس معهم إلا مع ارتداء الحجاب الكامل، وبحضور محرم لها مع البُعد عن الكلام معهم إذا اشتمل على ريبة أو خضوع بالقول.
وراجعي في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 7816، 4470، 3819.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1430(13/2820)
شروط التوبة النصوح من محادثة الفتيات للتسلية بهن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب تعرفت على فتاة عن طريق الهاتف، تسليت معها وعلقتها بي ووعدتها بالزواج وهي صدقتني، وأنا هدفي كان التسلية وإضاعة الوقت، لكني الآن ندمت ماذا أفعل حتى أكفر عن خطيئتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا وكررنا أن مثل هذه العلاقات بين الشباب والفتيات من أفسد الأشياء على دين المرء ودنياه، وأنه يجب قطعها فورا بلا تردد ولا تسويف، فلا تحصل التوبة منها إلا بذلك، وراجع طرفا من هذا في الفتويين التاليتين: 62874، 21582.
وعلى ذلك فالواجب عليك أن تقطع علاقتك بهذه الفتاة فورا، ثم تتوب إلى الله سبحانه توبة صادقة مما كان منك، واعلم أن التوبة الصادقة لها شروط خمسة:
الشرط الأول: الإخلاص فيها، بأن يكون قصد الإنسان بتوبته وجه الله عز وجل ولا يقصد بذلك مراءاة الناس والتقرب إليهم، أو دفع الأذية من السلطان وولي الأمر.
الشرط الثاني: الندم على ما فعل من المعصية لأن شعور الإنسان بالندم هو الذي يدل على أنه صادق في التوبة.
الشرط الثالث: أن يقلع عن الذنب الذي هو فيه وهذا من أهم شروطها.
الشرط الرابع: العزم على أن لا يعود في المستقبل إلى هذا العمل.
الشرط الخامس: أن تكون توبته في زمن تقبل فيه التوبة، فإن تاب في وقت لا تقبل فيه التوبة لم ينتفع بتوبته وذلك على نوعين:
النوع الأول: باعتبار كل إنسان بمفرده، فلابد أن تكون التوبة قبل حلول الأجل يعني الموت، فإن حل الأجل وبلغت الروح الحلقوم فحينئذ لا تنفع التوبة صاحبها لقول الله سبحانه: وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ. {النساء: 18} .
والنوع الثاني: باعتبار العموم لجميع الناس، وذلك إذا طلعت الشمس من مغربها فحينئذ تغلق أبواب التوبة، وراجع ذلك في الفتوى رقم: 5051.
وفي النهاية ننبهك إلى أنه لا حرج عليك في الزواج من هذه الفتاة إن كانت قد وقعت في نفسك وكنت تتوسم فيها الخير والاستقامة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجه وغيره وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1430(13/2821)
حكم نظر المرأة لأهل العلم أثناء استماع الدروس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل نظر المرأة إلى الشيوخ والعلماء والربانيين، ومذيعي الأخبار عبر وسائل الاتصال لسماع خطبهم ونشراتهم يعتبر منافيا لغض البصر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الكلام عن حكم نظر المرأة لأهل العلم أثناء استماع الدروس والمواعظ في التلفاز ونحوه مفصلا في الفتوى رقم: 7997.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1430(13/2822)
يحرم مرور المرأة أمام الرجال وهي لابسة ما فيه رائحة طيبة
[السُّؤَالُ]
ـ[مشايخنا الأعزاء: أنا طالبة أدرس في جامعة خاصة بالطالبات، ولكن يوجد فيها مدرسون ودكاترة، ونحن الآن في سنة التخرج، ونريد أن نقيم احتفالاً وسيكون من ضمن المدعوين أولياء الأمور-الآباء والأمهات- وكذلك المدرسون والدكاترة، وفي هذا الاحتفال تهدى بعض الطالبات عقوداً من الفل، فهو يجوز للطالبات لبس هذا العقد مع العلم أن هناك من يحضر هذا الاحتفال من الرجال، أي المقصود هل لبس الفل بحضور الرجال له نفس حرمة وضع العطر والمرور على جمع من الرجال؟ أرجو توضيح هذه المسألة، لأنني أشعر أن هناك الكثير من المحرمات التي استهان بها الناس ورأوها شيئاً عادياً؟
شكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة لا يجوز لها المرور أمام الأجانب وهي متلبسة بما فيه رائحة طيبة، لما في صحيح مسلم مرفوعا: أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء. وفي حديث أبي داود: والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا يعني زانية.
وفي حديث النسائي: إذا خرجت إحداكن إلى المسجد فلا تقربن طيبا. وفي حدث أبي داود: ما من امرأة تخرج إلى المسجد تعصف ريحها فيقبل الله منها صلاة حتى ترجع إلى بيتها فتغتسل.
ولا فرق في هذا بين العطر وغيره، لأن علة التحريم هي البعد عن كل ما يثير الفتنة، والرائحة الطيبة موجودة في الفل، ويخشى أن تثير الرجال وتحملهم على النظر.
قال المباركفوري في شرح حديث الترمذي: أيما امرأة استعطرت ثم مرت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية. قال رحمه الله: لأنها هيجت شهوة الرجال بعطرها وحملتهم على النظر إليها، ومن نظر إليها فقد زنى بعينه فهي سبب زنا العين فهي آثمة. اهـ.
ولا شك أنه لا يستوي من تقصد الفتنة مع غيرها، ولكن الكل محظور عليهن المرور أمام الرجال بالرائحة الطيبة.
وبناء عليه، فننصحك إذا أخذت العقد أن تحفظيه عندك حتى تبتعدي عن الرجال وتلبسه في بيتك أو مع زميلاتك. وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 71047، 119420، 118844.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1430(13/2823)
العلاقة بين الجنسين خارج الإطار الشرعي محرمة وظلم للنفس وللطرف الآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الشاب الذي يعمل علاقة مع فتاة بهدف التسلية لوقت من الزمن وتركها، يعتبر ظالما لها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يقر الإسلام علاقة بين الرجل والمرأة بغير الزواج، وقد وضع الشرع حدودا للعلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية، تضمن طهارة المجتمع وصيانة الأعراض، وتحفظ كرامة المرأة، وتنأى بها أن تكون وسيلة للعبث والتسلية، والشاب الذي يقيم علاقة غير مشروعة مع فتاة فهو ظالم لنفسه بارتكابه المعصية وتعديه لحدود الله، وظالم لها هي أيضا بإعانتها على المعصية، أما تركه لها وقطعه لتك العلاقة المحرمة فهو واجب عليه، كما أنها هي قد ظلمت نفسها بإقامة تلك العلاقة المحرمة، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 103876.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1430(13/2824)
محبة الفتى للفتى لحسن صورته وتقبيله مقدمة لفاحشة اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أن يحب الفتى فتى آخر ويقبله- وليست فتاة- والسبب حسن الأخلاق وجمال الوجه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمحبة الرجل الرجل لحسن صورته والتلذذ بتقبيله منكر شنيع، ودليل على مرض القلب وفساده، وهو أشد في الإثم، وأقبح مما يكون من ذلك بين الذكر والأنثى، مع أن ما يكون بين الذكر والأنثى معلوم حرمته.
فالواجب على هذا الشاب أن يبتعد عن الآخر الذي يفتنه، حتى لا يقعا في فاحشة اللواط-والعياذ بالله- ف اللواط من كبائر الذنوب ومن أفظع الفواحش، ومن انتكاس الفطرة، وفاعله يستحق العذاب والخزي في الدنيا والآخرة.
وعليه أن يتزوج إذا لم يكن متزوجاً، ويحرص على صحبة الصالحين وحضور مجالس العلم والذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1430(13/2825)
هل الحصول على شهادة ضرورة تبيح مصافحة أجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[أقيم أنا وزوجي في بلد غير مسلم وكلما حاول زوجي العمل في الشركات في اختصاصه لسوء حظه تكون المديرة امرأة وأثناء المقابلة ـ ومن بروتوكول المقابلة ـ تقوم وتريد مصافحته ولكن يرفض مصافحتها ويفسر لها ـ بكل احترام لك ـ لا أستطيع المصافحة لأننى مسلم، هذا التصرف غير مقبول ويعتبر إهانة بالنسبة للمرأة في هذا البلد، وزوجي تفوته فرص العمل دائما من أجل هذا، ولسنا ندري ما العمل؟ ولا نريد حل ما حرم الله ـ والله المستعان ـ أفيدونا بارك الله فيكم، فهوعلى هذا الحال مدة طويلة يعلم أنه على حق ولكن نحن نعيش في ديار غير إسلامية ونفكر في العودة للوطن بعد إكمال زوجي دراسته ـ إن شاء الله ـ والعمل مكمل لدراسته لأنه تدريب في اختصاصه ومطلوب من طرف الجامعة التي يدرس فيها وملزم بإكمال هذا التدريب في هذه الشركات وإلا لا يسطيع أن يكمل دراسته، فلا نستطيع العودة بدون شهادة ولا المكوث في هذا البلد للعمل.
فهل مصافحة زوجي لمرة واحدة اضطرارا من المحظورات المباحة للضرورة؟ أفيدونا وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمصافحة النساء الأجنبيات أمر محرم، كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 2412، فقد أحسن زوجك في امتناعه عن مصافحة الأجنبية، وما ذكرت من حاجته إلى هذا التدريب أو هذه الشهادة لا يعتبر ضرورة يستباح بها المحظور، فالضرورة المعتبرة شرعا هي التي يصل فيها المرء إلى الهلاك أو يناله من المشقة ما لا يحتمل إن لم يرتكب هذا المحظور، فهذا الذي يحدث لزوجك مجرد ابتلاء، وإنه إذا اتقى الله وصبر يسر الله أمره، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف:90} . وقال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2-3} .
وروى الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله جل وعز إلا أعطاك الله خيرا منه.
فلعل بعد هذا الصبر أن ييسر الله له مكانا للتدريب لا يقع فيه في شيء من الحرج في دينه، وقد يفتح الله له بسبب تقواه أبوابا من الخير كثيرة قد لا تكون تخطر لك ولا له ببال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1430(13/2826)
إقامة علاقة مع المعقود عليها يدخل في تخبيب المرأة على زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أقسم بالله يا إخواني في الله أنني في حيرة من أمري ـ لاجئ إلى الله، ثم إليكم ـ
ما أدري هل مسموح لي أن أكتب بالعامية أم لا؟.
إخواني: أنا أحببت بنتا وارتحت لها جدا وكلمت أمي عنهاـ والله يعلم ما في القلوب ـ أن نيتي صافية، ونيتي أن تكون شريكة حياتي.
ووافقت أمي على هذاالشيء وكلمت البنت وكل شيء، على أنني عندما أشتغل أخطبها، وكنت سأشتغل قريبا جدا، ودارت الأيام وخطبها ولد خالة أبيها، وأجبرت عليه تحت الضغط، لأنه جاءها من طرف أهلها.
ويوم ـ الملكة ـ دخل عليها عمها وقعد معها هو وأخوها وسألها: قال لها أنت موافقة بدون أي ضغط وأي تأثير وكانت تصيح وأخوها عندها من الخوف قالت نعم وهي ما تبغيه.
وإلى الآن لم تكلمه أكثر من أسبوع من بعد الملكة وإلى هذا اليوم وهي ما تبغيه، وإلى الآن أنا على علاقة معها على أساس أنها تنفصل عنه وأنا أجيء وأخطبها، لأنها لاتريده وأجبرت عليه تحت تأثير ضغط أهلها قالت نعم وهي خائفة من أمها وأبيها.
والآن ـ والحمد لله ـ أنا أشتغل وراتبي جيد وأموري طيبة وكل يوم أدعو في صلاتي أن تكون من نصيبي ووالدتي تدعو لي في صلاتها أن تكون من نصيبي، وما أظن أن فيه أما لا تحب بنتا كفؤا لولدها ولولا الخوف من الله عز وجل كنت انتحرت، فقط إيماني بالله قوي.
وأؤمن بالله وأدعوه وأملي كبير فيه جدا، متفائل خيرا بالله أنها ستكون من نصيبي، أتمنى الحل يا إخوان، وهل الذي أفعله خطأ أو صحيح؟ أحس قريبا أنني سأصير مجنونا، أتمنى أن لا تحطموني لأن نفسيتي تعبت جدا على هذه القصة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يعرف بعلاقة الحب بين الشباب والفتيات هو أمر لا يقره الشرع، ولا ترضاه أخلاق الإسلام، وإنما المشروع في الإسلام أن الرجل إذا أراد خطبة امرأة تقدم لخطبتها عند وليها الشرعي، ثم تظل أجنبية عنه حتى يعقد عليها.
فالواجب عليك أن تتقي الله وتقطع علاقتك بتلك الفتاة، ولا سيما وقد عُقِدَ نكاحُها وأصبحت زوجة، وربما كانت راضية بزواجها فتفسد عليها الزواج بعلاقتك بها، وتدخل في من يسعى للتفريق بين الزوجين وهو أمر خطير وإثم مبين، فإفساد المرأة على زوجها من الكبائر، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبّب امرأة على زوجها. رواه أبو داود وصححه الألباني.
واعلم أنّ المبالغة في التعلقّ القلبي ّ بين الرجل والمرأة أمر مذموم قد يؤدي إلى مفاسد وأمراض قلبية كمرض العشق، وراجع الفتوى رقم: 9360.
فلا يليق بمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحمله تعلقّه بفتاة على تعدي حدود الله، وأن يصل به الحال حتى يفكّر في الانتحار الذي هو من أكبر الكبائر، ومما لا يقدم عليه مؤمن، فالمؤمن لا ييأس من رحمة الله أبداً.
فعليك أن تتوب إلى الله وتحرص على تقوية صلتك به بمصاحبة الصالحين، وحضور مجالس العلم والذكر، وسماع المواعظ النافعة، وكثرة الذكر والدعاء، وننصحك بالبحث عن فتاة ذات دين وتعجيل الزواج بها، واعلم أنّ في الصبر ومخالفة الهوى الخير العظيم والعاقبة الحسنة، كما أن في اتباع الهوى ومخالفة الشرع الخسران المبين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1430(13/2827)
تدخل شابا غريبا في البيت حال عدم وجود زوجها وتسمح له بالخروج مع ابنتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنة أخي زوجي تمشى مع ولد، وكنت أعرف الموضوع، وعرف عمها الموضوع أيضا، ولكن الأم سردت الموضوع بطريقة خطإ، وأخفت الحقيقة وأنا أعرف الحقيقة: وهى أن الأم تدخل هذا الشاب المنزل في غياب الأب، والابنة تخرج معه بعلم والدتها، وأنا محتارة، هل أقول الحقيقة أم لا؟ مع العلم أنني عرفت هذه القصة من الخارج.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صح ما ذكرت من أن هذه البنت تخرج مع هذا الشاب وهو أجنبي عنها، فلا شك في أنها مسيئة فيجب على من علم بأمرها أن يقوم بنصحها بأسلوب طيب، وكذا الحال بالنسبة لأمها إن ثبت فعلا أنها تدخل هذا الشاب إلى البيت في حال غياب زوجها، فينبغي أن تذكر بالله تعالى، وأن يبين لها أن في عملها هذا خيانة لأمانة الحفاظ على البيت حال غياب زوجها، فقد روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها. وروى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبة حجة الوداع: ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه.
قال النووي في شرحه على مسلم: والمختار أن معناه أن لا تأذن لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم والجلوس في منازلكم، سواء كان المأذون له رجلا أجنبيا أو أمراة أو أحدا من محارم الزوجة فالنهى يتناول جميع ذلك.اهـ.
ومن لم ترتدع منهما فيمكن تهديدها بإخبار الأب بما يحدث، فإن لم يزجرها هذا التهديد فينبغي أن يشار لهذا الأب بالتنبه إلى بيته ونحو ذلك مما يستوجب منه الحذر، والأولى أن يأتي هذا التوجيه من أخيه ونحوه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1430(13/2828)
حكم حب شخص ما وتمني الزواج به
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الحب إذا كان عن طريق إخفائه في القلب إلى أن تسمح الظروف بالبوح به؟ وهل التفكير بهذا الشخص وتمني الزواج به ولو بعد فترة من الزمن محرم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحب الذي يكون واقعا باختيار الإنسان وسعيه وكسبه كحال من يتساهل في النظر إلى النساء، والحديث معهن ومراسلتهن، وغير ذلك من أسباب الفتنة، فلا مرية في أن هذا الحب لا يبيحه الإسلام، ويأثم صاحبه، قال تعالى: َلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ {الأحزاب:5} .
والتفكير بالشخص إذا كان عن اختيار فيؤاخذ به صاحبه، وأما مجرد تمني كون الشخص زوجا فلا حرج فيه.
وإذا لم يكن للإنسان كسب في الحب ولا سعى إليه، كأن تسمع امرأة عن رجل أو تراه نظر فجأة فيتعلق قلبها به، فإن اتقت الله تعالى، ولم تفعل مع هذا الرجل أمرا محرما من خلوة أو نظرة محرمة أو مواعدة ونحو ذلك مما قد يفعله بعض الفساق، فإنها تؤجر على ذلك.
وإن أمكن زواجها منه فذلك أفضل، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجة.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 5707.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1430(13/2829)
حلف أبوها على أمها بالطلاق لو تزوجت ممن تريده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 17 سنة، منذ 5 سنوات بدأت علاقتي بزميل لي في المدرسة وقد أحببته بصدق، وكنا نتكلم بالهاتف لفترات طويلة لمدة 3 سنوات، ولكن أبي وأمي علموا بالأمر وعاقبوني، وأبي حلف بالطلاق أني لن أتزوجه، مع العلم أني من أسرة متدينة ومحافظة، أما أنا فأدركت أن ما كنت أقوم به خطأ، إلا أنني وللأسف قد تبت متأخرة، ولكني أعلم أن الله غفور رحيم. إلا أنني ما زلت أفكر به وأكن له مشاعر في قلبي، حاولت نسيانه والمضي بحياتي ولكني لم أستطع، وقد علمت من مدة أنه تاب أيضا وأصبح يصلي بالمسجد، وقد اتفقنا عندما افترقنا أننا لن نعصي الله أبدا، وسنظل نكن تلك المشاعر إلى أن يحين وقت الزواج ويأتي لخطبتي. من جهة لا أريد أن أغضب ربي، ومن جهة أبي حلف بالطلاق على أمي إذا تزوجت من هذا الشخص، لا أعرف ما الحل؟ لقد سئمت،! أريد أن يكون هذا الشخص من نصيبي حسب شرع الله وفي دائرة الحلال، إلا أنني في كل مرة تخطر هذه الفكرة في خاطري أتذكر الماضي وما فعلته من معاص، وأتذكر حلف أبي بالطلاق، فأظل أبكي وأتوسل إلى الله بأن يساعدني ويرشدني. أرجوكم ساعدوني؟ ما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت بإقبالك على التوبة، ونسأل الله تعالى أن يتقبلها منك، واعلمي أن مغفرة الله تعالى لا يتعاظمها ذنب، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. {الزمر:53} . وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه.
ونوصيك بالحذر من التساهل مستقبلا في أمر مثل هذه العلاقة، وعليك بالحرص على العلم النافع والعمل الصالح ومصاحبة أخواتك المسلمات الصالحات.
ولا ينبغي للأب أن يرفض الخاطب إذا كان كفئا للزواج من ابنته، روى الترمذي عن أبي هريرة أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض.
ولكن من المعلوم أن الأصل في الأب الشفقة على ابنته والحرص على مصلحتها، وربما اطلع في الشاب على صفات تجعله لا يرضاه زوجا لابنته، وقد يكون سعيه في إفسادك، ومواصلة اتصاله بك لمدة سنوات هو السبب الحامل للأب على منعه من الزواج منك، فالذي سعى في مثل هذا ويتمادى فيه هذه المدة مهيء لأن يفعله مع أخرى، ومثل هذا لا يصلح زوجا لامرأة صالحة ما لم تعلم توبته، فإذا أصر أبوك على عدم زواجك من هذا الشاب فيجب عليك طاعته، فطاعة الأب في المعروف واجبة، وزواجك من هذا الشاب ليس بواجب، وما كان واجبا فإنه مقدم على ما ليس بواجب، وانظري الفتوى رقم 6563.
وحلف أبيك بالطلاق يتأكد به أمر اجتنابك الزواج من هذا الشاب، فإنه إذا حصل زواجك منه وقع الطلاق في قول جمهور الفقهاء. هذا مع العلم بأنه لا يجوز الحلف بالطلاق لأنه من الحلف بغير الله، وهو مخالف لما رواه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت.
وأما نسيانك هذا الشاب فإنه ممكن، فعليك أن تستعيني في ذلك بالله تعالى بدعائه والتضرع إليه بأن يصرف ذكراه عن قلبك، هذا بالإضافة إلى أن الخوف من الله عز وجل وصدق العزيمة في إرادة نسيانه مما يعينك على ذلك، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 9360. والتي ضمناها ما ذكره ابن القيم من طرق علاج العشق.
وينبغي أن تستحضري أيضا أن هنالك كثيرا من الزيجات التي قامت على مثل هذا النوع من الحب وكان مصيرها الفشل، وربما كان الفتى أو الفتاة يظن أنه مما تتحقق له به السعادة، فوصيتنا لك أن تكلي الأمر إلى الله تعالى فتسألينه أن يرزقك زوجا صالحا تقر به عينك، فالله عز وجل هو الذي يعلم عواقب الأمور قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. {البقرة: 216} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1430(13/2830)
حكم الاجتماع بين الرجال والنساء في مكان واحد للعمل الخيري
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل أعمل في إحدى الجمعيات الخيرية بقسم الخدمات المساندة، وطبيعة عملي تكون في بعض الأحيان التعامل مع القسم النسائي بالجمعية، إما عن طريق الهاتف أو الحضور إلى مكاتبهم بوجود امرأة واحدة أو أكثر. أو الاجتماع معهن فيما يخص تنظيم العمل بالجمعية. وغالبا يكون الاجتماع معهن بحضور رجل أو أكثر مع امرأة أو أكثر. فهل يجوز لي الاختلاط بهن لمصلحة العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخلوة المحرمة هي أن ينفرد فيها رجل بامرأة أجنبية عنه لا يكون معهما ثالث، وقد جاءت الأحاديث النبوية الصحيحة الصريحة بالتحذير من ذلك، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 50916.
وقد اختلف أهل العلم في حكم خلوة الرجل مع أكثر من امرأة والعكس، والصحيح ـ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 31014 ـ جواز خلوة رجال بامرأة إن أمنت الفتنة والريبة من تواطئهم على الفحش، وكذلك جواز خلوة رجل بنسوة لعدم المفسدة غالبا، فإذا خشيت المفسدة لم يجز، ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو رجلان. رواه مسلم. وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 124694.
وقد نص جماعة من الفقهاء على أن الخلوة المحرمة تنتفي بحضور رجل أو امرأة أخرى أو صبي مميز يستحيى منه. كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 124389.
وعلى ذلك فلا بأس بالوضع المذكور في السؤال من اجتماع السائل الكريم مع أكثر من امرأة، أو اجتماعه بامرأة واحدة في وجود غيره من الرجال، بحيث يكون ذلك بقدر الحاجة وتحقق المصلحة، مع التزام الآداب الإسلامية من كلا الطرفين كغض البصر وعدم خضوع النساء بالقول والتزامهن بالحجاب، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 60093.
وأما إذا خلا السائل وحده بامرأة وحدها في مكتب، ففي ذلك تفصيل، فإذا كان غيرهما لا يدخل هذا المكتب أثناء جلوسهما إلا بإذن، فإن ذلك خلوة محرمة.
وأما إذا كان باب المكتب مفتوحا، ويدخله الناس دون استئذان، فلا بأس بذلك، بشرط عدم الريبة، والتزام ما سبقت الإشارة إليه من الآداب، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 61721.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1430(13/2831)
حكم الجلسات العائلية المختلطة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أنه من عاداتنا أن نجلس مجمتعين: أبي وأمي وإخواني وزوجاتهم، والآن أنا أريد أن أعتزل ولكن كيف لي أن أجتمع مع أمي وحدها؟.
وجزاكم الله خيرا. لم تجيبوني على أحد تساؤالاتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تحفظك من الجلوس مع زوجات إخوانك محمود إلا أنه لا يمنع شرعا إذا كن ملتزمات بالضوابط الشرعية كالستر الواجب، وعدم ترخيم الصوت عند التحدث، وكان الأجانب ملتزمين بغض البصر، وأما أمك فيمكن أن تلقاها في أوقات لا يجلس معها النساء الأخريات، إذ من المعلوم ضرورة أنهن لا يتصور جلوسهن معها طيلة الوقت، ففي الأوقات التي تشتغل النساء فيها بمهام بيوتهن يمكن أن تتحين الفرصة المناسبة للجلوس مع أمك.
وأما السؤال الذي ذكرت أنك لم تجب عليه، فنرجو أن تبعث لنا رقمه لننظرهل أجيب عليه ولم تطلع عليه أم ماذا؟
وراجع للبسط فيما قدمنا في المسألة الفتاوى التالية أرقامها: 50794، 48184، 67217، 80661، 55535.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1430(13/2832)
ترك المحاضرات أولى من الوقوع في فتنة لا تحمد عقباها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أنني منذ أن التحقت بالجامعة، وقد قابلت أستاذا لي لا أنكر أنني نظرت إليه نظرة محرمة، ولكن اكتشفت أنه للأسف نظر إلي بمثل هذه النظرة، فأصبح يلمح بكلمات مريبة في المحاضرات، ماذا أفعل؟ ويدرس لنا كل ترم وهو يفتعل ذلك، هذا العام حاولت أن أقلل من النظر إليه إلا للضرورة وهي الشرح، لأنني أعرف أن هذه النظرات حرام، وينتابني شعور بالذنب لأني أحضر محاضراته، ولكن إذا لم أحضرها أخشي أن يلاحظ أصدقائي شيئا، ودائما أستغفر الله من هذا الذنب، ولكني بعد حضور محاضراته أشعر بالذنب مرة أخري، ودائما أقنع نفسي بأنه متزوج ولديه أولاد ولا ينظر إلي خاصة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك تقوى الله عز وجل، والحرص على غض البصر عمّا حرّم الله، فقد أمر الله النساء كما أمر الرجال بغضّ البصر، قال تعالى: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّْ {النور:31} .
كما أنّ عليك البعد عن أسباب الفتنة ومواطن الريبة، وذلك بالمحافظة على الحجاب الشرعي الكامل الذي أمر الله به، وانظري الفتوى رقم: 6745، والحرص على عدم الخضوع بالقول والتزام الحياء والاحتشام، وعليك ترك حضور محاضرات هذا الأستاذ ما دام الاستغناء عنها لا يضرّ كما هو الظاهر من كلامك، وخوفك من ملاحظة صديقاتك لهذا الأمر ليس مسوّغاً لحضورك مع تعرضك للإفتان والافتنان، فإنّه بإمكانك أن تستعملي التورية والمعاريض إذا سألوك عن سبب تغيبك، بل ولو تركت الجامعة لكان ذلك هو الأولى لك إن لم يكن فيه عليك ضرر، وإذا خشيت الفتنة باستمرارك فيها وجب عليك تركها على كل حال.
وعليك أن تحرصي على شغل أوقاتك بما ينفعك في دينك ودنياك، ولا تسترسلي مع الخواطر والأفكار التي تؤدي إلى الفتنة، قال ابن القيم في طريق الهجرتين: قاعدة في ذكر طريق يوصل إلى الاستقامة في الأحوال والأقوال والأعمال: وهي شيئان. أحدهما: حراسة الخواطر وحفظها والحذر من إهمالها والاسترسال معها فإن أصل الفساد كله من قبلها يجيء لأنها هي بذر الشيطان والنفس في أرض القلب، فإذا تمكن بذرها تعاهدها الشيطان بسقيه مرة بعد أخرى حتى تصير إرادات، ثم يسقيها بسقيه حتى تكون عزائم، ثم لا يزال بها حتى تثمر الأعمال. اهـ
واحرصي على مصاحبة الصالحات اللاتي يذكرنك بالله، وعلى سماع المواعظ النافعة ودروس العلم المفيدة مع الاستعانة بالله وكثرة دعائه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1430(13/2833)
الفرق بين الحب في الله والحب لحظوظ النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[في لحظة ضغط نفسي وجدت نفسي أتناول حبوب أدوية، لم أدر بنفسي كيف فعلت هذا على الرغم أنني متدينة وملتزمة، وأعلم يقينا أن الانتحار حرام، والحمد لله لم يحدث لي أي مضاعفات حتى الآن من يومين تقريبا. هل أنا ارتكبت ذنبا في حقي وحق رب العالمين؟ ماذا أفعل؟ سبب الضغط النفسي هو أن شخصا أحبه في الله وهو متزوج، وفي يوم ما عرض علي أن يتزوجني فرفضت رفضا قاطعا، وتم تحديد العلاقة بيننا وبقيت علاقة الأخوة والصداقة وزميل عمل، ولكن تفاجأت به يطلب مني أن أقف معه وأساعده في الزواج من أخرى بأن أقنع زوجته ورئيسه في العمل. أرشدوني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الانتحار وهو قتل النفس من أعظم الكبائر الموبقات التي تفسد على المرء دينه وآخرته والعياذ بالله، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 10397. ولا شك أنك ارتكبت إثما عظيما بشروعك في قتل نفسك، وانتهكت بذلك حرمات الله وخالفت أمره وأقدمت على هدم بنيانه، وهذا كله من الذنوب العظيمة التي تستوجب عليك التوبة إلى الله جل وعلا.
وأما ما تذكرين من حبك لهذا الشخص فننبهك إلى أنه ينبغي الحذر الشديد في تعامل المرأة مع الرجل الأجنبي عنها، لأن الشيطان كثيرا ما يلبس الحق بالباطل، ويخدع المرأة بأن حبها لذلك الأجنبي في الله، والواقع بخلاف ذلك، فينبغي الحذر من مكر الشيطان والتفطن لمكايده.
واعلمي أن الحب لله له علامات منها أن يكون بسبب طاعة الشخص لربه وتعظيمه لأوامره، ومنها أن يجتنب في هذا الحب كل محظور شرعا، وإلا فإن من تحب رجلا فيقودها هذا الحب إلى التعلق به وكثرة التفكير فيه والحديث عنه فهذا ليس في الله قطعا. وما حدث منك من الرغبة في التخلص من الحياة بسبب إقدام هذا الرجل على الزواج يدل على أن هذا الحب لم يكن لله، أو كان لله في بادئ الأمر ثم حول الشيطان دفته إلى الحب الممنوع، وإنا لنعجب أشد العجب من رفضك الزواج منه بعدما عرض عليك الأمر صريحا، ثم بعد ذلك تقدمين على فعلك هذا عندما أراد الزواج بغيرك، وقد كان الأولى بك أن تجيبيه إلى ما طلب وتوافقي على الزواج منه ما دمت تعلمين من نفسك حبه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجه وغيره وصححه الألباني.
فننصحك أيتها السائلة أن تجمعي أمرك وتأخذي بالحزم بأن تطلبي من هذا الرجل أن يتقدم للزواج بك، وأن تعلميه بموافقتك على ذلك، فإن أجابك لذلك فلا تترددي في الزواج منه بعد الاستخارة إن كان صاحب دين وخلق، أما إن رفض فابتعدي عنه واقطعي كل علاقة لك به، فإن مثل هذه العلاقات بين المرأة والرجل الأجنبي ذريعة للفساد والفتنة، وقد رأيت ما جر عليك هذا من بلاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1430(13/2834)
اختلاف الجنسية ليس مانعا شرعيا من الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعرف شخصا من فترة طويلة، ونحن من جنسية مختلفة، وعدني بالزواج وفعلا كلم أهله في الموضوع، ولكنه لقي رفضا شديدا بحجة أنني لست من نفس جنسيته، وأنه يحتمل حدوث مشاكل بعد الزواج، علما أنني فتاة محترمة وعلى دين وخلق جيد، والحمد لله، ومن عائلة طيبة.
من فترة بسيطة تمت مقابلتي بأمه وأخته قصد التعرف علي، ولقيت ترحيبا منهما، ولكن لم يفاتحوني أبدا في موضوع الزواج. سررت بمقابلتهما وتمنيت أن أكون فردا منهم. بعد ذلك اليوم أخبرني هو أن أمه لم تعطه أي رأي مع أنني لاحظت أنه كان هناك نوع من التقبل حين قابلتها، علما أنها كانت تعارض بشدة زواجه مني.
والآن طلب مني أن أنتظر إلى حين رجوع والده من السفر إن شاء الله لكي نعرف مصير علاقتنا ويكون الرد النهائي، أنا خائفة جدا ومتوترة، أنا أعلم أنه لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا، ولكن أنا في حيرة من أمري، أخاف أن يكون تراجع واقتنع بأمر والديه ولا يريدني.
وما حكم الشرع في زواجه مني من دوني رضى والديه؛ لأنه يعتبره عقوقا ويخاف كثيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن مثل هذه العلاقات بين المرأة والرجل الأجنبي علاقات محرمة، وأنها باب من أبواب الفتن وذريعة إلى فساد الدين والخلق جميعا. وراجعي في ذك الفتاوى التالية أرقامها: 121866، 121135، 3672.
فعليك بالتوبة إلى الله سبحانه وقطع علاقتك بهذا الرجل قبل أن يستدرجكما الشيطان إلى تعدي حدود الله وانتهاك حرماته، وبعدها ستقعدين أنت بحسرة الذنب والخسارة، وسيكون هذا الرجل أول من يزهد فيك ويرغب عنك.
أما بخصوص منع والديه له من هذا الزواج لمجرد اختلاف الجنسية فهذا غير جائز، لأن اختلاف الجنسيات والعادات والأعراف ونحو ذلك ليس مانعا من التزاوج بين المسلمين كما بيناه في الفتوى رقم: 65570.
ولكن ما دام والداه أو أحدهما يعارضه في الزواج منك، فالواجب عليه أن يستجيب لهما لأن طاعتهما واجبة، إلا إذا خشي على نفسه وقوع ضرر محقق عليه في دينه أو دنياه بسبب ترك هذا الزواج، فحينئذ له أن يتزوجك ولو بغير رضاهما، وعليه أن يبذل جهده بعد ذلك في استرضائهما بكل سبيل.
وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 111785.
وفي النهاية ننصحك بتقوى الله سبحانه والرضا بقضائه والتسليم له في كل الأمور، فاختياره لعبده خير من اختيار العبد لنفسه، ولكن العبد لفرط جهله وعجلته يتمنى حدوث ما يحب ويرجو، وربما كان فيه عطبه وهلاكه. وراجعي الفتوى رقم: 106294.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1430(13/2835)
لا يجوز للأب الخلوة بمن أراد خطبتها لابنه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق لرجل أن يتكلم مع فتاة يريد أن يخطبها لابنه من قبل أن يتقدم لخطبتها ومع عدم وجود محرم؟.
أفيدونى أفادكم الله، مع العلم أنها منتقبة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للرجل المذكور الخلوة بتلك الفتاة لغرض خطبتها لابنه ولو كانت منتقبة، وإنما يجوز له الكلام معها في هذا المجال بحضور محرَم لها، وأن يقتصر في كلامها على قدر الحاجة من غير خضوع منها بالقول مع ارتدائها الحجاب الكامل، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 93537.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1430(13/2836)
سوء معاملة الوالدين للبنت ليس مبررا لإقدامها على المعاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحبة السؤال2237660 سأكمل حديثي:
في السنة الماضية كنت مضطربة في نفسيتي، حيث إنني كنت أفرض رأيي على أهلي، وغيرها من الأمور التي قد تواجه المراهقين في مثل سني آنذاك، ولكن والداي لم يفكرا أبدا أن في ذلك السن بالضبط تكون حالة الشاب مضطربة جدا، وقد يحتاجون فيها إلى النصائح، لذلك يجب على الوالدين أن يكونا أقرب ما يمكن إلى الشاب في تلك الفترة التي تعرف بالمراهقة، والداي لا يفكران هكذا ولا يعرفان ما سبق وقلت، بحيث إنهم كانوا يقسون علي كثيرا رغم أن تصرفاتي تلك لم تكن بإرادتي، والله يشهد، وفي نفس الوقت بالضبط سمعت من والدي كلاما لا أظن أن في العالم أحدا قال ذلك الكلام لابنه أو ابنته، بل منذ ذلك الوقت وإلى الوقت الحالي وأنا أشك هل أنا ابنتهما حقيقة أم لا؟ لا أظن بأنني ابنتهما، إليكم ما قال والداي: والدي أقسم على أن يزوجني من أول شاب يتقدم لخطبتي حتى وإن رفضته أنا، وأنا بدوري أقسمت أنني لن أتزوج مرغمة حتى ولو اضطررت إلى ترك المنزل.
أما والدتي فقد كانت دائما تدعو الله أمامي بأن يتقدم لخطبتي أحد لأتزوجه لتتخلص مني، لم أكن أتصور أن هناك أما تريد أن تتخلص من ابنتها كما تفعل والدتي، قالت لي كلاما كلما تذكرته بكيت بكاء مريرا، قالته مرة واحدة فقط ولكنني لازلت أتذكر تلك الكلمات وكأن عهدها بالحياة أمس، حيث قالت لي: كل سيداتك تزوجن وبقيت لي أنت هناك كالثيب. قد لا تصدقونه ما قلت لأنه غير عادي أن تقول الأم لابنتها كلاما كهذا، إذا كانت قد قالت لي ذلك الكلام عندما كان عمري 17 سنة ولم أتزوج بعد فماذا ستقول لي إذا كان عمري 24 أو25 سنة وأنا لا زلت عازبة. والله إن تلك الكلمات لا تزال تتردد على سمعي، أكره نفسي عندما أتذكرها لأنني أحس أنني عبء ثقيل على أهلي؟
مؤخرا تعرفت على شاب عراقي عبر الإنترنت، ودامت علاقتي معه مدة 3 أشهر ولا تزال قائمة، أنا لم يسبق لي أن كان لدي أصدقاء، ولكن حالتي النفسية تجعلني أبحث عن من أحكي له كل ما يجول بخاطري، المهم أحبني وأحببته وهو يريدني أن أكون زوجة له، ولكن لا أظن أن والدي سيقبلان لأنه هو عراقي وأنا مغربية. فقط لبعد المسافة، كما أنه ينتمي للمذهب الشيعي الجعفري وأنا لا أتبعه. أنا أعرف أن علاقتي معه حرام ولكنني لا أستطيع أن أنساه، حاولت ذلك مرارا لكن بلا جدوى، أنا أحبه لدرجة رغم أنني لم أره أبدا، إلا أنه أرسل لي صوره وأنا أيضا، لو علم أهلي بعلاقتي معه لكانت نهايتي لا محالة. هو أكبر مني بـ 12 سنة هو بايلوجي كما أنه عضو في منظمة حقوق الإنسان العراقية، وحاليا طالب دراسات عليا حول الإسقاطات الجنينية المتكررة للمرأة المصابة بداء القطط. هو شاب متدين وأحبه كثيرا، والآن لا أستطيع أن أنساه، وعلمت من العلماء أن الحب الذي لا تحميه علاقة شرعية هو حب حرام، فكيف أنسى هذا الشاب وأصرف حبي لله عز وجل؟
أرجو أن تساعدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أيتها السائلة أن علاقتك بهذا الشاب علاقة محرمة لا تجوز بحال، ولا يبررها ما تعتذرين به من سوء معاملة والديك لك، فهذا لا يصلح مسوغا لما تقدمين عليه من معصية الله سبحانه ومخالفة أوامره، وكان الأولى بك أن تلجئي إلى الله سبحانه، وتلحي عليه في الدعاء، ليكشف عنك السوء، وييسر لك الزوج الصالح، فإن الأمور كلها بيد الله، وما عند الله لا ينال إلا بطاعته.
فإن ضاق بك الأمر ذرعا، وكان لا بد من شخص تبثين إليه همومك وأحزانك وتستشيرينه في أمورك فليكن إحدى صديقاتك أو زميلاتك، أو أرحامك، ممن تثقين في دينه وعقله.
فاتقي الله سبحانه واقطعي علاقتك بهذا الشاب فورا، واصرفي عنك فكرة الزواج به؛ لأنه مخلف لك في المذهب، وهذا سيجعل قبول أهلك به صعبا عسيرا، وقد يكون من أصحاب البدع الشنيعة، فلا يجوز لك الزواج به حينئذ أصلا.
واعلمي أن كل تأخر في قطع العلاقة معه يجرك إلى مزيد من اقتراف المحرمات، وقد رأيت أن الأمر بدأ بحديث عادي ثم تطور إلى تعلق به، ثم إرسال صورتك له وإرسال صورته لك، وهذا نذير شر، ولسنا في حاجة إلى تفصيل الكلام في هذا لأنك تعلمين وتقرين أن علاقتك بهذا الشاب علاقة محرمة.
أما ما تحكين عن معاملة والديك لك، فهذا لا يجوز لأن كلامهم هذا إيذاء لك أيما إيذاء، والمسلم ممنوع من إيذاء عموم المسلمين فكيف بإيذاء ولده الذي له عليه حقوق عظيمة أوصاه الله بتوفيتها، لا شك أن هذا مما يزيد في الإثم ويُعْظِمه.
والذي ننصحك به هو أن تصبري على ما يكون من والديك وتحسني صحبتهما، ولا يحملك هذا على التقصير في حقوقهما من البر والصلة، فإن حقهما عظيم، حتى وإن قصرا في حق ولدهما، بل وإن ظلماه ظلما بينا لا عذر فيه ولا تأويل. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 73279. ثم حاولي أن تتقربي منهما وتتحسسي الأسباب التي تدفعهم إلى معاملتك بهذه الطريقة، فقد يكون لك دور في هذا وأنت لا تشعرين.
وفي النهاية ننبه على أن الوالد لا يجوز له أن يجبر ابنته البالغ على الزواج بمن لا تريده على الراجح من كلام أهل العلم، وقد بيناه في الفتويين: 44474، 10658.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1430(13/2837)
لا يجوز النظر إلى الأجنبية محجبة أو غير محجبة إلا لضرورة أو حاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل النظر إلى وجه ويدي المرأة الأجنبية المحجبة حجابا واسعا فضفاضا ولكن تكشف وجهها ويديها وبغير شهوة حرام أم حلال للضرورة؟ مثل الحديث مع المرأة، أم أن الأفضل أن تغض بصرك حتى لو كنت تكلمها للضرورة؟.
وهل النظر في وجه المنتقبة التي تظهر العينين من غير شهوة حرام؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز النظر إلى وجه المرأة الأجنبية لغير ضرورة أو حاجة، سواء كانت متحجبة أو غير متحجبة، وبشهوة أو بغيرها فقد أمر الله- عز وجل- عباده المؤمنين بغض البصر فقال تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30} .
أما إذا كان النظر أو الحديث لضرورة أو حاجة فإنه لا حرج فيه بشرط الالتزام بالآداب الشرعية.
وللمزيد انظر الفتوى رقم: 15640.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1430(13/2838)
محادثة غير الزوج بالحب والغرام من الخيانة الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة وعندي طفلان، ولكن زوجي لا يتكلم معي بخصوص الحب والرومانسية، ولا حتى يعانقني ولا يوجد بيننا أحاسيس أو مشاعر يعني: عيشة والسلام، وأنا لا أريدأن يقع انفصال أوطلاق من أجل أولاد، ي ولا أحب أن يعيشوا في بيت مفكك أو مع أم متزوجة أو أب متزوج،أخاف على أولادي ومتحملة من أجلهم، لكن من داخلي أرغب أن أسمع كلاما حلوا من رجل، فلجأت إلى زميل لي وبدأنا نتكلم في التليفون فقط، ولا أراه لكني أتكلم معه في أحاسيس الحب، وأعيش معه مشاعر حلوة أفتقدها في بيتي، وأريد أن أسألكم، هل هذا يعتبر خيانة زوجية؟ وهل هو حرام؟ وماذا أفعل؟ وقد واجهت زوجي بأنني أفتقد هذه المشاعر معه، ولكن لا حياة لمن تنادي، فهو لا يبالي بكلامي، وأنا كأي امرأة أريد أن أسمع كلاما حلوا وأحس أحاسيس حلوة، وأحس أن أحدا يهتم بي. فماذا افعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنُعيذك بالله تعالى من الخيانة، فإنها بئست البطانة، ولا شك أن ما تفعلينه خيانة لزوجك ولدينك ومعصية واضحة لربك، ولا يليق بامرأة مسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تستهين به، وإن كان وراء ذلك أنواع أشد من الخيانة، فإن الخيانة ليست درجة واحدة بل هي درجات بعضها أسوأ من بعض.
ومن ناحية أخرى فإن الشيطان لا يقف بالإنسان عند حد، فهو وإن بدأ بمثل هذا الكلام الهاتفي المحرم، إلا إنه لن يكتفي بذلك، بل سيتدرج في هاوية المعصية حتى يصل إلى منتهاها إن استطاع، فاتق الله ولا يستدرجنك الشيطان، فإن من أعظم أسباب الفتنة ما يكون من محادثات بين الرجال والنساء لغير حاجة، ويعظم الخطر إذا تضمن الأمر مغازلة ونحوها، فهذا منكر عظيم بلا شك، وقد قال الله تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا {الأحزاب:32} . فتضمنت الآية التوجيه السليم في أسلوب الكلام ومضمونه.
وراجعي في ذلك الفتويين رقم: 119855،ورقم: 15726.
واعلمي أن زوجك برغم ما تشتكين منه، فهو خير لك في العاجل والآجل من ذاك الرجل الخائن الذي يهاتفك، وإن كان يُسمعك ما تحبين من معسول القول لعباً منه بالعواطف وتسلِّيا بما يعتبره صيدا، وقد يكون أسوأ حالا من زوجك لو كنت له حلالا.
وأما ما تفتقدينه من زوجك من حسن العشرة وطيب الكلام، فابدئي أنت به وشجعيه على ذلك، وقابلي صدوده وقلة مبالاته باجتهاد منك في تغييره وتحسين معاملته لك، واعلمي أنك مهما أحسنت إليه فلن يضيع الله أجرك، وسينقلب حاله في المآل إلى ما تحبين، فقد قال تعالى: وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {هود:115} . وقال سبحانه: نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف: 56} . وقال عز وجل: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف: 90} . وقال تبارك وتعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34} . ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 27953.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1430(13/2839)
من خاف الله أمنه من كل شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بنت كنت أمشى في الشارع وأبكي بسبب ظلم موظف طلبت منه مساعدة في مجال العلم، ولم تكن عندي واسطة فطردني فخرجت أبكى، التقيت بشرطي طلب مني المساعدة، فرفضت فألح علي فقبلت بقبول رقم الهاتف مرت الأشهر، وفي يوم طلبت مني أمي أن أطلب منه خدمة فاتصلت به. قال إنه بحث عني طوال الأشهر الماضية وقال لي إنه أحبني منذ أول لقاء حدثته عن مبادئي، وطلبت منه أن يأتي ليطلبني فقال: إنه لا يمكنه الزواج إلا بعد إتمام دراستي 3 سنوات وتوالت الاتصالات به من أجل الخدمة، التقيت به فقبلني وبدأ يكلمني في الجنس عبر الهاتف، وعندما أرفض يذكرني في الخدمة التي لم يتحقق تنفيذها لأنها مرتبطة ب10 جويلية وأنني لا أحبه إلا في مصلحة، وأنا بنت ملتزمة كبحت نفسي عن العلاقات مع الجنس الآخرـ حتى في سن المراهقةـ لم أقع في حب أي شخص، وحلمي أن يرزقني الله زوجا تقيا متدينا يقودني إلى الجنة وأقوده إليها أحبه في الحلال، منذ أسبوع لم أصل لأنني أستحي من الله كيف أصلي وهو أمر فعصيت إنني أحس أنه بعيد عنى، ضاق صدري وجف دمعي، لقد أعدت السنة الدراسية في التخصص الذي اخترته في سبيل التعمير في سبيل الله، وهو الهندسة المعمارية وأعلم أن السبب هو المعصية، ماذا أفعل؟ وأنا أخاف أن يلحق الشرطي الضرر بي وبعائلتي، لكن خوفي الأكبر من العالي: من الله، ماذا أفعل؟ أريد الزواج أريد الجنة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك ولا جدال أنك أنت وليس غيرك هو من أوقع نفسه في براثن هذه الفتنة العمياء باتصالك بهذا الرجل الأجنبي، ثم باسترسالك في العلاقة معه، مع ما بان لك من سوء قصده وخبث نيته وفساد دينه، ولا يخفى على مسلم أن مثل هذا حرام لا يجوز.
وأما ما ترجين منه من مصلحة فلسنا ندري ما هي هذه المصلحة التي تجعلك تصبرين هذه الفترة على معصية الله، وإهدار كرامتك، وتدنيس عرضك مع هذا الغوي الأثيم.
فالواجب عليك هو أن تكفي فورا عن علاقتك بهذا الرجل، وأن تقطعي اتصالاتك به تماما، وما تزعمين من خوف منه غير مبرر ولا مسوغ، لأنه يمكن كف شره بأدنى اتصال برؤسائه أو جهات التفتيش الخاصة في عمله، فإنهم لو اطلعوا منه على مثل هذه التصرفات فسيذوق وبال أمره. فاتقي الله سبحانه وأفرديه وحده بالخوف والخشية يكفك من سواه.
أما بخصوص الزواج، فأكثري من دعاء الله والتضرع إليه سبحانه أن يرزقك زوجا صالحا، يكون عونا لك على مصالح الدين والدنيا، ولا حرج عليك إن كنت تعلمين شخصا صاحب خلق ودين أن تطلبي منه التقدم لخطبتك، بشرط أن تأمني الفتنة ولا يتجاوز الأمر مجرد الطلب منه دون استرسال في معاملته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1430(13/2840)
صرحت له بإعجابها به فأعرض عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال وأرجو الإجابة عليه بأسرع وقت ممكن؛ لأنني في حيرة من نفسي: لقد تعلقت بشخص وهو عالم في الدين، وأخفيت وكتمت شعوري وإحساسي من ناحيته، ولم أبح له إطلاقا خوفا وحياء، ولكن هو الذي اكتشفني بنفسه، وطلب مني أن أصارحه وأصدق معه، وصارحته بالأمر مجانبة للكذب والخيانة، وأعلم جيدا أن المصارحة في هذه الأمور يؤاخذ الشخص بها عند الله مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت أنفسها ما لم يتكلم أو يعمل به. ولكن صارحته بالأمر حتى لا أكون خائنة وكذوبة، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: كبر ت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك به مصدق وأنت له به كاذب. وقلت: مادام هو فتح الموضوع رفعت حجاب الحياء وصارحته بأني معجبة بشخصيته منذ فترة طويلة، وللأسف لما صارحته انقطع واختفى. السؤال الذي يحيرني: على ماذا يدل هذا التصرف منه وفعله تجاهي؟ وهل أنا أخطأت لما صارحته؟ وهل أنا مؤاخذ ة عند الله بهذه المصارحة؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يهديك، وأن يوفقك لما يحب ويرضى، وأن يجنبك مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، فلا شك أنك أخطأت بهذه المصارحة، خاصة وأنت قد أشرت إلى أنك تعلمين أن التصريح بهذه الأمور مما يؤاخذ به العبد، وذكرت على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم. متفق عليه.
ومثل هذا الكلام مما يعاب شرعا وعقلا وعرفا، إلا إذا كان ذلك في الحدود الشرعية من عرض الفتاة نفسها للارتباط بمن تراه يصلح لها زوجا، فقد سبق أن بينا أنه لا غضاضة في ذلك على المرأة، إذا توخت الحذر من استدراج الشيطان لها بإيقاعها في نوع من أنواع العلاقات مع رجل أجنبي عنها، وراجعي في ذلك الفتويين: 18430، 21489.
أما السؤال عن دلالة انقطاع واختفاء هذا الرجل بعد هذه المصارحة، فهي واضحة ومفهومة، ولا سيما وأنت وصفته بأنه عالم في الدين، فإن الذي يعلم حدود دينه ينأى بنفسه عن مواقع الفتن ويربأ بنفسه عن الاقتراب من تعدي حدود الله تعالى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. متفق عليه.
فمخافة هذا الرجل الرشيد من ربه هي التي حملته على ما صنع. واللائق بك أن تتشبهي به في سلوكه الملتزم، فتبتعدي عنه ولا تفكري فيه إلا في الحدود التي سبقت الإشارة إليها من عرض الزواج عليه، فهذه هي العلاقة الشرعية الوحيدة بين المرأة والرجل الأجنبي عنها. وراجعي للفائدة الفتويين: 9360، 80510.
وفقك الله لأرشد أمرك، وألهمك رشدك، وكفاك شر نفسك، وغفر لك ذنبك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1430(13/2841)
حكم خلوة رجل فوق الستين بخادمته وأختها في بيت واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يفوق الستين أرمل بدون أطفال، يعيش مع خادمته عمرها 25 سنة، وأختها 15 سنة. ما حكم الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حرمة الخلوة بالأجنبية خادمة كانت أو غير خادمة، في الفتويين: 61277، 29672.
وقال القرطبي في المفهم: الخلوة بالأجنبية حرام بالاتفاق في كل الأوقات وعلى كل الحالات. اهـ.
وفي الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أن الخلوة بالأجنبية محرمة. اهـ.
وهذا الحكم يشمل من يفوق الستين من الرجال وغيرهم.
ويبقى النظر في وجود أخت الخادمة معها وهل ينفي ذلك حكم الخلوة أم لا؟ فقد اختلف أهل العلم في حكم خلوة الرجل مع أكثر من امرأة. فذهب الشافعية إلى تحريم خلوة الرجل بأكثر من امرأة إلا أن يكون محرما لإحداهن.
وذهب الأحناف إلى أن الخلوة تنتفي بوجود امرأة ثقة، وهذا يفيد جواز الخلوة بأكثر من امرأة، وعند الحنابلة تحرم خلوة الرجل مع عدد من النساء.
والصحيح كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 31014 جواز خلوة رجال بامرأة إن أمنت الفتنة والريبة من تواطئهم على الفاحشة، وكذلك جواز خلوة رجل بنسوة لعدم المفسدة غالبا، فإذا خشيت المفسدة لم يجز، ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو رجلان. رواه مسلم.
قال النووي في المجموع: المشهور جواز خلوة رجل بنسوة لا محرم له فيهن؛ لعدم المفسدة غالبا؛ لأن النساء يستحيين من بعضهن بعضا في ذلك. اهـ.
وفي حاشية الجمل: يجوز خلوة رجل بامرأتين ثقتين يحتشمهما، وهو المعتمد. اهـ.
وعلى ذلك فإن كانت أخت الخادمة ثقة، وهي ممن يحتشم، وأمنت الفتنة والريبة والتواطؤ على الفساد، فلا بأس بهذه الخلوة، وإلا فلا.
والذي نراه أن يجتهد هذا الرجل في استخدام رجل بدلا من هذه المرأة، خروجا من الخلاف، واحتياطا للدين، وإزالة لأسباب الفتنة والريبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1430(13/2842)
حكم مصافحة المرأة ابن أخت زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[في البداية أود أن أتقدم لكم بالشكر الجزيل على فعل الخيرالكثير الذي تقدمونه للمشتركين الكرام وأسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.
س1- هل يجوز للمرأة أن تصافح ولد أخت زوجها؟ وماذا ينبغي لها إذا مد هذا الولد يده لمصافحتها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المصافحة بين المرأة وبين من ليس محرما لها محرمة شرعا باتفاق أهل العلم إذا كان ذلك بين شابين وإذا خيفت الفتنة.
ويجب على كل من الطرفين أن يقدم رضى الله والتمسك بطاعته على عادات الناس فقد قال الله تعالى: يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ {التوبة:62} .
وجوز بعض أهل العلم مصافحة العجوز التي لا تشتهى، ولكن الأولى هو الالتزام بالأحوط المتفق عليه.
ففي حديث مسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. وعليك أن تعلمي أن مجرد كون هذا الشاب ولد أخت زوجك لا يسوغ لك مصافحته فليس محرما لك، بمجرد كونه ابن أخت زوجك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1430(13/2843)
حديث المرأة مع الرجل الأجنبي عنها محظور لغير حاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة ولي ولدان، وحياتي الأسرية مستقرة ـ والحمد الله ـ ومنذ 6 أشهر دق جرس التليفون ورددت عليه، قال لي رجل إنه رجع من ألمانيا كان بها منذ 15عاما، وأن هذا الرقم لصديق له، فقلت له الرقم خطأ، حاول الاتصال أكثر من مرة لمعرفة منزل من؟ واسمي، وحتى الآن لم يعرف مني أي شيء، بدأ الحديث معي عن عملي فقلت له مدرسة أطفال، بدأ يحكى لي عن عمله وحياته في مصر وألمانيا وتوالت الاتصالات، أخبرت زوجي أنه توجد معاكسات في التليفون وإصرار وملاحقة، تجاهل زوجي وتمادت المعاكسات قال لي أنا أرتاح عند ما أتكلم معك، وقد علم أنى متزوجة، حكى لي أنه تم اغتصابه وهو طفل من جيرانه، وشدة معاملة الأب له ودلع الأم وعلاقاته الحرام في ألمانيا، كان يتصل كل يوم ويحكى لي عن ما يحدث له، يعيش في شقة لوحده بعيدا عن الأسرة، ومن خلال الاتصالات اكتشفت أن لديه مرضا نفسيا اسمه: الشذوذ الجنسي، وأنه كان يتخيلني في عقله الباطن على العلم أنه لم يرني ويمارس العادة السرية معي، وهو لا يعرف عنى أي شيء في الدنيا غير صوتي، وعندما عرفت فزعت جدا وبكيت، وكلما أصلي أطلب من الله أن يبعدني عن هذا البلاء، حاولت معه أن يطهر نفسه وينظفها بالصلاة والصوم والزكاة، وأن يتق الله، وأن يبعد شيطانه عني، ولكن لازال يطاردني، قال لي إنني الوحيدة التي في حياته محترمة، وأنا في أعماق نفسي أنزف على مصيبتي في نفسي، والله العظيم لم يرني ولم يعرف حتى اسمي، وقال لي إنه لن يتصل بي، ولكن لازال يطاردني، خشيت أن أحكي لزوجي ما عرفته عن هذا الشخص، ورفعت السماعة وفصلت التليفون، ولكن يطاردني في التليفون.
ماذا أفعل في مصيبتي؟ وما بداخلي ينزف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت أيتها السائلة ولا شك في علاقتك بهذا الرجل، لأن كل علاقة بين امرأة ورجل أجنبي عنها علاقة محرمة، وكل حديث بينهما لغير حاجة محظور، بل قد نص أهل العلم على عدم جواز رد السلام على الرجل الأجنبي، قال صاحب الإقناع من الحنابلة: وإن سلم الرجل عليها ـ أي على الشابة ـ لم ترده. انتهى.
هذا في السلام الذي هو من شعائر الإسلام، فكيف بما كان بينكما من حديث عن العورات والاستمناء ونحو ذلك، لا شك أن هذا كله حرام، ولا ينفعك ما تعتذرين به من كونه لم يرك ولم يعرف اسمك.
فالواجب عليك حينئذ هو أن تبادري بالتوبة إلى الله جل وعلا مما كان منك، ثم قطع كل علاقة لك بهذا الرجل، فلا تردين عليه في قليل ولا كثير، واحذري أن يستدرجك الشيطان إلى الحديث معه بحجة دعوته إلى الخير أو إلى التوبة ونحو ذلك. فهذا كله لا يجوز، وقد رأيت ما جرت عليك هذه العلاقة من شر وبلاء.
وإنا ننصحك بكتمان هذا الأمر عن زوجك تماما، فلا تحدثيه بذلك لا جملة ولا تفصيلا، لا تصريحا ولا تلميحا، وإن استطعت أن تفصلي هذا الهاتف وتعطليه عن العمل فترة حتى يكف هذا الشخص الأثيم عن اتصالاته وملاحقاته فهو أفضل.
وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 99815، وما أحيل عليه فيها من فتاوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1430(13/2844)
المحادثة بين الجنسين من أخطر أبواب الفتنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أستعمل السكايب وأتعرف على الأولاد والبنات الذين أعمارهم في 18 فأقل وعمري 15
هل هذا حرام؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمحادثة بين الشباب والشابات في الإنترنت وغيره يعد بابا من أخطر أبواب الفتنة وأسرعها تأثيرا وإفسادا، والواقع خير شاهد على ذلك، وادعاء الطهارة وسلامة القلب غير مُسَلَّم، فالشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وانظر الفتوى رقم: 8768.
وقد سبق أن بينا أنه لا تجوز محادثة المرأة الأجنبية الشابة إلا لضرورة أو حاجة، كما في الفتويين رقم: 21582، والفتوى رقم: 116825.
فاتق الله سبحانه، واحرص على شغل أوقاتك بما يعود عليك بالنفع في دينك ودنياك، فإن الإنسان مسؤول عن وقته وعمره وشبابه أمام الله، فقد قال رسول الله الله صلى الله عليه وسلم: لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن علمه ما فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أب لاه. أخرجه الترمذي وصححه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ. رواه البخاري وغيره، فمن أنعم الله عليه بنعمة الفراغ عليه أن يستغلها في طاعة الله والقيام بأوامره، والإكثار من ذكره وشكره، قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا {الفرقان: 62} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1430(13/2845)
الحكمة من النهي عن النظر إلى العورة
[السُّؤَالُ]
ـ[كثرت المقالات التي تذكر حديث: لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل. الذي رواه مسلم. ثمة أمر يحيرني في هذا الحديث، وهو نهيه عن النظر إلى العورة. الكثير يقول بتحريم النظر إلى العورة، لكنني أريد أن أعرف سبب التحريم هنا، فهذا الشيء لم يذكر في كل تلك المقالات. هل السبب يتعلق بالشهوة أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن نظر العورة حرام لا يجوز إلا بين الزوجين، أو في حالة الضرورة أو الحاجة التي تنزل منزلتها، ولا قول لأحد بعد قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة. والحديث كما أشرت رواه مسلم وغيره.
ومن حكم تحريم النظر إليها أن العقل الصحيح والفطرة السليمة يأبيا النظر إليها، ولذلك سميت العورة سوءة؛ لأن نظرها يسوء الناظر والمنظور منه، والتجرؤ على نظرها انتكاس للفطرة وذهاب للحياء الذي هو من الإيمان قال الله تعالى: يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا. {الأعراف: 27} . وقال تعالى: يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ. {الأعراف: 26} .
ومنها أن كشفها ونظرها ينزل بمستوى الإنسان المكرم عند الله تعالى إلى مستوى البهائم والحيوانات، كما أنه يثير الشهوة ويغري بالفاحشة.
ولو لم نفهم الحكمة من تحريم النظر إلى العورة ووجوب سترها، فيجب على المسلم سترها وغض البصر عنها امتثالا لأمر الله تعالى.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى: 2315، 56616، 17248، 112291.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1430(13/2846)
الحل يكمن في الصحبة الصالحة والبعد عن مصاحبة الفتيات
[السُّؤَالُ]
ـ[لا أعرف كيف أبدأ بالسؤال، لقد كنت منذ شهرين ملتزما، وأنا لي صديقان ملتزمان أيضا، وحدث لهم أمر خطير، وهو أنهما تعرفا على فتاتين في الجامعة، وكانوا كثيرا ما يتحدثون عن الدراسة، ولكن في الأخير أحباهما وأرادا الزواج، ولكن كان هذا فقط من مداخل الشيطان لأنهما في خلال سنة ما فعلا شيئا يقربهم من الزواج، بل واصلا معهما الحديث بدون رابط ولا مانع، وأنا بحكم الصداقة كنت دائما أنصحهما، ولكن بحكم قربي منهما ضعفت كثيرا، وأصبحت أنا كذلك أحب فتاة، وفي طرفة عين أصبحت أسمع الموسيقى وأشاهد الأفلام وأمارس العادة السرية، حتى الصلاة أصبحت أؤديها في البيت، ولا أقوم بأركانها، وأنا لا أصدق أنني تحولت من طلب العلم إلى هذه الحالة. ماذا أفعل الآن؟ صراحة أنا أريد أن أبتعد عن هؤلاء، قد يبدو الأمر أنني ألقي اللوم عليهما، لكن أنا معهما لا أستطيع أن أتحكم في نفسي. أرجو أن تعطوني إجابة شافية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من مخاطر الدراسة المختلطة بين الرجال والنساء إقامة علاقات غير مشروعة، قد تصل والعياذ بالله إلى ارتكاب الفاحشة الكبرى، ومن هنا أفتى كثير من أهل العلم بحرمة الحضور إلى تلك المدارس أو الجامعات الدراسية التي هذه صفتها، وانظر الفتوى رقم: 2523.
وما وقع فيه زميلاك ثم وقعت فيه مؤخرا ما هو إلا أثر من آثار ذلك الاختلاط، وانظر الفتوى رقم: 11945.
والواجب عليك أن تنجو بنفسك وتقطع علاقتك بهذه الفتاة فورا؛ حسما للمادة، وأن تقلع عن باقي المعاصي التي أشرت إليها في سؤالك، وليكن ما يحملك على ذلك هو تقوى الله الذي يكره أن يراك حيث نهاك، وانظر شروط التوبة النصوح التي لا يقبل الله غيرها في الفتوى رقم: 5450.
ثم لتحذر زميليك من مغبة ما هم فيه من معصية الله تعالى، وأن لذائذ الدنيا تنسى بعد غمسة واحدة في جهنم، وأن الصبر على الشهوة في الدنيا حتى يأتي الله بالفرج لا يقارن بالصبر على حر جهنم.
هذا، وإن مما يعينك على الاستقامة على طريق الهداية سؤال الله أن يشرح صدرك، ويلهمك رشدك، ويكفيك شر الشيطان وشر نفسك. ونوصيك باتخاذ صحبة من الشباب الصالح المؤمن، فإن صحبتهم من أعظم المعينات على الثبات على طريق الحق، ففتش عنهم وانتظم في سلكهم، واعبد الله معهم، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وراجع الفتوى رقم: 25342، والفتاوى المرتبطة بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1430(13/2847)
تنمية مهارات اللغة لأجنبية ليس طريقه الوحيد محادثة الأجنبيات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل عمري 38 سنة متزوج. اشتركت في خدمة الانترنت بهدف العمل علما بأن عملي يعتمد على الانترنت ومن خلال تصفحي للانترنت دخلت على مواقع أجنبية وتعرفت على أشخاص، وبالأخص على فتيات أجنبيات وأوروبيات (علما بأن لي رغبة دائما بالزواج من أجنبية)
ونيتي من هذه المحادثات هي تطوير مهاراتي باللغة الانجليزية ومعرفة طرق حياتهم. وقد تطور الموضوع بأن ترسل هذه الفتيات صورها لي، وسيرة حياتهم الذاتية، وغالبا نيتهم للتعرف من أجل الزواج، وقد سبب ذلك الموضوع ضيق واستياء زوجتي، علما بأني أحب زوجتي جدا، وأخبرها دائما بما يجري. ما حكم ذلك كله أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يجري من تعارف بين الرجال والنساء على النت وغيره حرام ولو كان بغرض الزواج، كما بيناه في الفتاوى التالية أرقامها: 31054، 210، 1932، فإذا انضم إلى ذلك إرسال مثل هذه الصور التي غالبا ما تظهر الأجنبيات فيها كاسيات عاريات، فقد ازداد الإثم وعظم الذنب، فإن النظر إلى مثل هذه الصور لا يجوز بحال. ومن أراد الزواج فليسلك الطرق المشروعة.
وإذا استقر عنده أن هذه المرأة صالحة له لا يوجد ما يمنع شرعا من زواجه بها فليذهب إلى وليها ويخطبها منه وليرها بحضرته.
فالواجب عليك أن تتقي الله سبحانه وتغلق هذه الطرق المؤدية إلى الفتن والشر، حفاظا على دينك وعرضك، ثم حفاظا على أسرتك وعلاقتك بزوجك، فإن أردت تنمية مهاراتك في اللغة الأجنبية فلن تعدم المراكز المتخصصة، ولا حرج في الحديث إلى الأجانب عبر النت بحيث يقتصر الأمر على الرجال. فلم تتعين النساء طريقا لإتقان اللغة.
وأما رغبتك في الزواج بأجنبية فلا حرج في ذلك إن كانت مسلمة أو كتابية عفيفة، كما بيناه في الفتوى رقم: 2779.
ولكن يشترط لنكاح الكتابية شروط، سبق بيانها في الفتوى رقم: 323، ومن يتأمل هذه الشروط قليلا يعلم أنها لا تكاد تنطبق على واحدة من أهل الكتاب في زماننا هذا. وسبق لنا في الفتوى رقم: 5315. بيان مخاطر الزواج بالكتابيات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1430(13/2848)
أحكام المحرمية بينك وبين أختك باقية، ولا تزول بما فعلته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر الآن 25 سنة، أعزب وفي سن الرابعة عشرة كنت قد نظرت إلى أختي التي من أبي وتكبرني بعشرة أعوام أكثر من مرة، وفي أماكن حساسة من الجسم من غير ملابسها وهي في الحمام، ولما رأتني مرة غضبت بشدة وهددتني أن تقول ذلك لوالدي، ومن بعدها ندمت وعزمت ألا أرجع لهذا الأمر، وذلك ليس خوفا من والدي، إنما لأني كنت أعلم أن ما أفعله لا يجوز، وبالفعل قطعت هذا الأمر نهائيا، ولم يحصل بعدها أن نظرت لها بشهوة مرة أخرى، ولم يتكرر أبدا حتى غادرت المنزل وتزوجت، وبقيت مشاعري تجاهها أنها أختي فعلا من بعد ما تركت هذا الأمر، وقد تزوجت وأنا في سن الواحدة والعشرين، وذهبت إلى فرحها وقبلتها كأي أخ يقبل أخته مع أني وقتها لم أكن ملتزما، ولكنى كنت ندمت على ما فعلته من سنين، وإلى هذا الوقت وأنا والحمد لله ملتزم وقطعت كل المعاصي ـ الأغاني والافلام الإباحية وأهل السوء ـ والحمد لله ثابت منذ أكثر من سنة، وأصلي الصلوات الخمس في المسجد، والصيام على قدر الإستطاعة: الأيام القمرية والإثنين والخميس، وقيام الليل قدر الاستطاعة وغيرها من السنن.
وللعلم أنا والله لا أحس تجاه أختي إلا بمشاعر الأخوة، وأحاول أن أصلها على قدر المستطاع، نظرا لوفاة والدي، ونظرا أيضا للخلاف بينها وبين أمي، وهي في هذا الوقت تعاملنى كأخ مائة بالمائة، وتقريبا نسيت ما حدث في الماضى، فقط أنا الآن لم أنس ونادم جدا وزاد همي وندمي أني سمعت أنها ستبقى محرمة علي مثلها مثل الأجنبية، وأنا كنت في بداية فترة المراهقة، وكان تفكيري ضئيلا في مثل هذه المسائل.
والله هذا الوقت هي أختي ومشاعر الأخوة من صلة رحم وغيرها تملأ قلبي وبقينا مثل أي أخ وأخت ولا أفكر ولا أتوقع أساسا ـ بإذن الله ـ أن أفكر في يوم من الأيام ولو بنسبة 1في المليار أن الذي حصل من قبل من الممكن أن يحصل ثانية.
وسؤالي ياليتكم تجيبوني لأنه يرهقني بشدة، هل أصبحت محرمة علي مثلها مثل الأجنبية في التعامل؟ ولا يجوز أن أزورها وزجها غير موجود؟ مع العلم أنها في قلبي وعقلي أختي الكبيرة وأنها أختي والله أختي ولو كانت محرمة علي ماذا علي أن أفعل؟ أقاطعها نهائيا أم ماذا؟ وكيف أقاطعها وبنتها تقول لى يا خالي، بالله عليكم جاوبوني بسرعة أنا تعبت نفسيا من هذا الموضوع، ولست أدري ماذا أعمل؟ وخائف أن أحس أني قد خسرت أختي إلى الأبد. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يغفر ذنبك، ويطهر قلبك، ويحصن فرجك.
وقد سبق الكلام على ضوابط تقبيل الرجل لمحارمه في الفتاوى التالية أرقامها: 110935، 7421، 3222.
وأما القول بأنها أصبحت بالنسبة لك مثل المرأة الأجنبية، فهذا لا أصل له، بل أحكام المحرمية باقية، ولا تزول بما فعلته.
وعلى ذلك، فإذا كان الذي في صدرك تجاهها قد زال تماما، فلا حرج عليك في معاملتها بمثل ما يعامل به الرجل محارمه، لكن متى أحسست ببادرة لنزغات الشيطان، فامتنع عن جميع ما قد يجرك إلى الوقوع في محظور، من الخلوة بها والنظر إليها، وغير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1430(13/2849)
متى تنتفي الخلوة المحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرملة أسكن وأبنائي الثلاثة 765س في شقة، وجد الأولاد وعمهم أعزب س28 في شقة في نفس البيت وباقي الشقق خالية، سيذهب الجد في سفر لمدة أسبوعين، هل يجوز أن يبقى الوضع كما هو بدون محرم؟ وإن مكثت معي أختي المتزوجة وليس معها أبناء وزجها مسافر، فهل تكفى؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخلوة عرفها الفقهاء بأنها اجتماع لا تؤمن معه الريبة عادة، وقد نص جماعة من الفقهاء على أنها تنتفي بحضور رجل أو امرأة أخرى أو صبي مميز يستحيى منه.
وعلى ذلك فوجود الأبناء المذكورين في السؤال، والذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة والسابعة، ووجود أخت السائلة أيضا، ينفي الخلوة المحرمة ويرفع الحرج في هذا الوضع. وقد سبق تفصيل ذلك في الفتويين رقم: 101950، ورقم: 102389، وما أحيل عليه فيهما.
ويبقى النظر في دواعي وجود الفتنة والريبة، بحسب حال المرأة وعم الأولاد، والظاهر من حالها أنها ملتزمة بالشرع، ولذلك اهتمت بالسؤال، فإن لم يكن هناك ريبة من حال العم تدعو للقلق وخشية الفتنة فلا بأس بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1430(13/2850)
مشاركة الفتاة الطلاب في الإجابة على بعض الأسئلة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا أود أن أستفسر عن حكم الدراسة المختلطة في البلاد الغربية، علما أني ملتزمة بالنقاب الإسلامي، وأتجنب الرجال، لكني أحيانا أضطر في خلال الدروس لحل بعض التمارين في مجموعات طلابية، فأضطر للكلام معهم فقط لحل التمارين، وأنا في حرج من ذلك، علما أنني أخذت بفتوى عالم فاضل وأهل ثقة بجواز الدراسة مادمت ملتزمة بنقابي، لكني في حرج من الحديث مع الرجال. أفتوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم دراسة المرأة في المدارس الموجودة في بلاد الكفر في الفتوى رقم: 8221، وبينا ضوابط الدراسة المختلطة بصفة عامة في الفتوى رقم: 5310.
فإن قدرت على تحقيق هذه الضوابط -وهو أمر مستبعد جدا- فلا حرج عليك في إتمام الدراسة.
أما بخصوص مشاركة الطلاب في حل بعض التمارين أو الإجابة على بعض الأسئلة، فإن غلب على ظنك حصول فتنة لك أو لغيرك بسبب مشاركتك فحينئذ يحرم عليك المشاركة في هذا.
أما إذا أمنت الفتنة ولم يوجد محظور شرعي من خلوة أو ريبة، ووجدت حاجة لذلك فلا حرج فيه، وإن كان الأولى تجنبه في كل الأحوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1430(13/2851)
حكم الاجتماعات المختلطة لأجل أمور محمودة شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عضو بإحدى الجمعيات، ونشاط جمعيتنا يندرج تحت ما هو خيري وتنموي, جمعيتنا هذه بها شباب وبنات يعملون سوية, وليس لدينا مقر خاص بنا, نستغل فقط قاعة بدار الشباب 3 ساعات من كل أسبوع الشيء الذي لا يفي بحاجة الجمعية, بالتالي نلجأ في كثير من الأحيان لعقد لقاءاتنا ببيت أحد الأعضاء, طبعا مع مراعاة ضوابط الاختلاط, من التزام البنات بالزي الشرعي، وغض البصر إلى غير ذلك من الضوابط, ومؤخرا كان لدينا لقاء ببيت أحد الإخوة وكان عددنا تسعة أفراد بين شباب وشابات, والهدف من اللقاء مشاهدة فيديو لنشاط قمنا به حتى نقوم بتقييمه في إطار العمل الجمعوي المنوط بنا, ومنزل أخينا هذا لم يكن به والداه وإخوته, فقد كانوا في سفر.
فما حكم الشرع في هذا اللقاء؟ وما حكم الشرع في مثل هذه اللقاءات بصفة عامة حيث إننا ننوي بالجمعية اكتراء مقر رسمي خاص بنا لنعقد اجتماعاتنا فيه، علما أن هذه الاجتماعات ستتم بحضور شباب وبنات. فهل يجوز لنا ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي نراه – والعلم عند الله - هو عدم جواز مثل هذه الاجتماعات المختلطة بين الشباب والفتيات لأنها وإن انتفى عنها الحرج في ذاتها بما ذكرت من الالتزام بالضوابط الشرعية من الحجاب، وغض البصر ونحو ذلك, إلا أن المداومة عليها ذريعة للفتنة والشر لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم, والفتنة بالنساء من أعظم الفتن بل هي أعظمها على الإطلاق, كما جاء في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء.
فالواجب حينئذ أن تسد كل الذرائع إليها، وأن تغلق كل الأبواب دونها، خصوصا في مثل هذه الأزمان التي عم فيها البلاء وطم.
ويمكنكم أن تكملوا ما بدأتموه من الأعمال الخيرية الطيبة دون اختلاط، وذلك بأن يباشر الشباب أعمالهم والفتيات أعمالهن كل بمعزل عن الآخر, ولو احتجتم إلى تبادل الخبرات مثلا فعليكم بالسبيل الشرعي في ذلك كأن تكلوا هذا الأمر إلى إحدى المحارم لبعض الأعضاء وتكون هي المسؤولة عن التواصل بين الفتيات وبين محرمها, وقد بينا هذا في الفتوى رقم:. 15176
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1430(13/2852)
لا يجوز للمرأة العمل في مكان تخلو فيه بأجنبي
[السُّؤَالُ]
ـ[إني موظفة في إحدى الشركات الأهلية، وكنت أتمنى العمل بعد التخرج وتحقق ذلك بمشيئة الله، وفرحت أول شهر استلمت فيه الراتب، ولكن في الشهر الثاني فاجأني مديري بالغرفة نفسها عن حبه الشديد تجاهي، وبدأ بكلام وهمسات، ثم تجاوز ذلك إلى أن يلمسني، ولكني أرفض باستمرار، وذلك لأني أعرف أنه حرام، وهناك ظروف تحكم عدم الزواج بي، وهي أنه متزوج ولديه طفلة، وأن أهلي معتزون بي، وأعترف أني مستمرة برفض حبه تجاهي، ولكن الذي يحدث عندما أصلي تأتيني رعشه في بدني كله وحتى أجهش بالبكاء على السجادة. أعرف أنه يحبني إلى الجنون ويراعيني في العمل بشكل ملحوظ، ولكن الظروف تعكس كل شيء، فكرت في ابتعادي عنه بعدم حضوري إلى الدوام، ولكن هذا سبب لي مشاكل مادية، إضافة إلى أنه أيضا لم يذهب للعمل، وبقي العمل متوقفا لأنه أني وهو فقط ندير العمل. بالله عليكم ساعدوني كيف أستطيع أن أتوقف عن البكاء وتأنيب الضمير لمجرد إحساسه تجاهي ولمسه لي بشكل سطحي عند إعطائه البريد أو ماشابه ذلك؟ أرجو الرد السريع حتى لا أقع في الخطأ أكثر. ومن الله ثم منكم التوفيق مع شكري واعتزازي بهذا الموقع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعملك في هذا المكان لا يجوز، والواجب عليك هو أن تتركيه فورا؛ طاعة لله وحفظا لدينك وعرضك، وتجنبا للعواقب الوخيمة المتوقعة من جراء استمرارك به، لأن الظاهر أن عملك هذا يتضمن خلوة مع هذا الشخص الأثيم المجترئ على حرمات الله، والخلوة مع الأجنبي محرمة، لأنها ذريعة للشر والفساد، قال صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. متفق عليه، ولقوله صلى الله عليه وسلم أيضا: ما خلا رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان. رواه الترمذي وأحمد. قال أبو العباس القرطبي في كتابه المفهم: وبالجملة فالخلوة بالأجنبية حرام بالاتفاق في كل الأوقات وعلى كل الحالات. انتهى. وقد بينا المزيد في الفتوى رقم: 50082.
فإن استطعت أن تطلبي من المسئولين أن ينقلوك إلى قسم خاص بالنساء لا اختلاط فيه فهو خير، وإن لم يتيسر ذلك فاتركي هذا العمل بالكلية طاعة لله وتوكلا عليه وثقة به. واعلمي أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
وننبهك على أن كون هذا الرجل متزوجا غير مانع من الزواج بك، فإن أردت الزواج به فلا حرج عليك في هذا، ولا يجوز لوليك أن يمنعك من الزواج به لمجرد كونه متزوجا، ولكنا لا ننصحك بالزواج منه لما ظهر من ضعف دينه وانتهاكه لحرمات الله جل وعلا. فأكثري من الدعاء أن يرزقك الله بزوج صالح يعينك على القيام بمصالح الدين والدنيا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1430(13/2853)
من أعطى أسباب الفتنة من نفسه أولا لم ينج منها آخرا وإن كان جاهدا
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي تدرس في دولة أوربية وحدها، حدثت مشكلة بيننا وهي أنها تخرج مع بعض زملائها في الغربة سواء رجال أو سيدات في شكل مجموعات، وأحيانا لوحدها مع رجال لظروف اللغة، أنا لست راضيا عن ذلك. ماذا أفعل معها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تفعله زوجتك من الخروج مع الرجال غير جائز مهما كان سببه، وكونه في بلاد الكفر مما يزداد معه الخطر ويعظم معه الإثم، فإن بلاد الكفر تموج بالفتن والشرور كموج البحر الهادر، ولا يكاد يسلم المقيم فيها في دينه ولا خلقه، فإذا انضم إلى ذلك كونها بمفردها بلا راع ولا رقيب، فقد ازداد الأمر سوءا، لأنها تكون قد أخذت بكل أسباب الفتنة وفتحت كل ذرائع الشر والفساد، ومن كان هذا حاله فلا يكاد ينجو والعياذ بالله.
جاء في الفروع لابن مفلح: من أعطى أسباب الفتنة من نفسه أولا لم ينج منها آخرا، وإن كان جاهداً. انتهى.
وهذه المخالفات العظيمة سينالك حتما من إثمها ووزرها، لأن الزوج راع لزوجته وهو المسؤول الأول عن صيانة دينها وعرضها أمام الله جل وعلا. قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا. {التحريم: 6} .
قال القرطبي رحمه الله: فعلى الرجل أن يصلح نفسه بالطاعة، ويصلح أهله إصلاح الراعي للرعية. انتهى.
وقال صلى الله عليه وسلم: ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم. الحديث رواه البخاري ومسلم.
ولو أنك التزمت الحزم والتقوى من أول الأمر ومنعتها من هذا السفر لما كان ما كان. أما أن تمكنها من أسباب الفتنة ثم تجلس بعد ذلك تلوم نفسك وتستصرخ الناس فهذا مسلك غير قويم.
فالواجب عليك هو أن تتوب إلى الله جل وعلا مما كان منك من تضييع هذه الأمانة التي استأمنك الله عليها، ثم عليك أن تأمر زوجتك بالرجوع فورا من بلاد الفتنة هذه، فإن مصلحة الحفاظ على الدين لا تساويها مصلحة. وحق على كل مسلم أن يؤثرها على ما سواها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1430(13/2854)
لا حرج في محادثة الرجل الأجنبية عند الحاجة مع التزام الضوابط الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف في قسم الحاسب الآلي.
سؤالي عن رجل يعمل في مجال الحاسب الآلي -الدعم الفني- ولعله لا يخفى عليكم طبيعة عمل هذه الوظيفة
يتلقى المرء فيها اتصالات وشكاوى من الموظفين بأعطال في أجهزتهم، وتكون مهمة هذا الرجل إصلاح الأعطال. سؤالي هو: أنه لو تلقى المرء اتصالا من موظفة وقالت عندي مشكلة كذا وكذا وبدأ الرجل بحل المشكلة، وللعلم يجب أن يبقى المختص على اتصال بالعميل حتى تنتهي المشكلة، ثم بدآ يتحدثان خارج نطاق العمل. أعليه وزر أم لا؟ وما أقول له إن قال هي التي بدأت وأخاف إن لم أرد عليها أن أخسر عملي! هذه حالة.
والحالة الثانية: أنه قد يخرج لينجز عملاً في إدارة أخرى خارجية وكان القسم قسم نساء، أو دار تحفيظ، أيحل للمرأة أن تلتقي بهذا الرجل لتشرح له مشكلتها وتبقى عنده حتى يفرغ؟ وهل له أن يأمرها بالخروج؟ وماذا تفعل هي لو طلب منها الموظف ذلك؟ أي أراد أن تأتيه صاحبة الحاجة لتشرح له مشكلتها بنفسها. وهل هو آثم بفعله هذا؟ أعني إصراره على لقائها؟
وجزاكم الله خير الجزاء على ما تقومون به من جهد، غفر الله لي ولكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لهذا الرجل أن يسترسل مع النساء في حديث خارج نطاق العمل، بل الواجب عليه أن يقتصر في ذلك على ما تدعو إليه الحاجة، لأن الحديث مع النساء بغير حاجة لا يجوز، وهو ذريعة للفساد سواء بدأ هو بالكلام أو بدأته هي واسترسل هو معها، وقد بينا ذلك بالتفصيل في الفتاوى التالية أرقامها: 109089، 71506، 3672.
وقوله إنه يخشى أن يخسر عمله إن التزم الحزم في معاملة النساء غير صحيح، فإن أحدا لن ينكر عليه عفته وانضباطه في التعامل مع النساء الأجنبيات، بل لو افترضنا جدلا أن هذا الكلام صحيح فليس عذرا له لأنه لو استرسل في الحديث معها فسيخسر دينه وآخرته، والعاقل يقدم دنياه فداء لدينه وآخرته، وكله يقين أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
وأما بخصوص الشق الثاني من السؤال فإن الواجب عليه أن يجتنب الخلوة بالنساء حال مباشرة عمل خاص بهن، ويحرم عليه أن يدخل بيتا لا توجد فيه إلا امرأة واحدة، مهما كانت الأسباب لأن هذا من الخلوة المحرمة.
أما دخوله هيئة أو مؤسسة خاصة بالنساء فلا حرج عليه في ذلك إذا التزم الآداب الشرعية من غض البصر وترك الخلوة ونحو ذلك، والراجح من أقوال أهل العلم أن وجود الرجل مع اثنتين فصاعدا من النساء لا يعد من الخلوة المحرمة كما بيناه في الفتوى رقم: 9786.
ثم إن أمكن لهذا الموظف أن يتحدث إلى رجل فلا يجوز له أن يطلب الحديث إلى المرأة، أما إذا لم يكن هناك بد من محادثة المرأة فلا حرج عليه في ذلك، ولا حرج على المرأة في ذلك أيضا بشرط أن يلتزم كل منهما بالآداب الشرعية من ترك الخلوة والخضوع بالقول وغض البصر والاقتصار على قدر الحاجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1430(13/2855)
حكم اتصال الرجل مع القريبة وخروجها معه بدون علم زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرف شخصا يقوم بالاتصال بقريبة له أكثر من 10 مرات في اليوم، وأحيانا يكون الاتصال في منتصف الليل وذلك دون علم زوجته، ودون علم زوج قريبته، وهو يتصل بها لأنه يقدم لها خدمات، وأحيانا يقوم بتوصيلها إلى مشاوير خاصة بها في سيارته كذلك دون علم أحد.فهل ما يقوم به جائز شرعا أم يدخل في الحرمات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت المرأة أجنبية على هذا الرجل- كما هو الظاهر- أي ليست من محارمه، فإنه لا يجوز له محادثتها لغير حاجة، وتكرر محادثته لها على الوجه المذكور مما يدل على أن هنالك أمرا مريبا، وهو منكر بلا شك، هذا بالإضافة إلى ما ذكر من كونه يقوم بتوصيلها في سيارته فهذا منكر آخر؛ إذ أن ركوب المرأة وحدها في سيارة مع رجل أجبني عنها يعتبر نوعا من الخلوة كما هو موضح بالفتوى رقم: 68341.
ثم إن هذه المرأة إن كانت تخرج بغير إذن زوجها هو فهي عاصية لربها مفرطة في حق زوجها، فالواجب أن ينصحا بأن يتقيا الله تعالى بالكف عن ذلك، فإن انتهيا فالحمد لله، وإلا فيمكن تهديدهما بإخبار الزوج بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1430(13/2856)
الواجب في حق من ظهرت أمامه مفاتن النساء في النت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الصور التي تظهر على شاشة النت من الجنس اللطيف، والذي يظهر جميع مفاتن المرأة ولا يرحم الرجل بالرغم من كثرة الاستغفار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعلوم أن النظر إلى صور النساء محرم بنص القرآن الكريم والسنة الشريفة. لكن إذا وقع نظر الإنسان على تلك الصور اتفاقا من غير عمد، ومع التحرز من رؤيتها بقدر الاستطاعة، فلا إثم عليه إن شاء الله. ومما يعين على ذلك أن لا يقدم الإنسان على فتح الإنترنت إلا إذا كان ذا عزيمة قوية، وإيمان ثابت، يحجزه عن الحرام، ومن لم يكن كذلك، فلينأ بنفسه عن أسباب الفتنة، ولينصرف إلى ما ينفعه في دينه ودنياه.
ومن كانت له حاجة في دخول الإنترنت، فلا ينبغي أن يزور كل موقع يعرض عليه، بل يكتفي بما علم خلوه مما حرم الله تعالى، فإن قدر ظهور صورة له، فليبادر بإغلاقها، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصرف البصر حين سئل عن نظر الفجأة. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 9485، وانظر أيضا الفتوى رقم: 28814
وأما رحمة الله للمستغفر فإنما تنال من استوفى شروطه، وهي الإقلاع عن الذنب، وعقد العزم على عدم العودة إليه، والندم على ما فرط في جنب الله تعالى؛ وهي نفسها شروط التوبة؛ فإن الاستغفار والتوبة قرينان متلازمان كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 77486.
أما الذي يستغفر الله بلسانه وهو مقيم على معصية الله غير نادم على ما فات منه، فإن استغفاره هذا يلزم منه الاستغفار!!
ومما يعين على تحقق الندم في قلب العبد أن يتذكر عظمة من عصاه، وأن هذه المعصية قد تكون سبباً في سخط الله عليه، كما قد تكون سبباً في إصابته بالبلاء والفتن، وأنه ربما يموت على تلك الحال دون الندم على ما فعله فيجده مكتوباً في صحيفة أعماله يوم القيامة، فيندم حين لا ينفع الندم. وانظر الفتاوى الآتية أرقامها: 22293، 55969، 70444.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1430(13/2857)
المراسلة بين الشباب والفتيات من استدراج الشيطان وخطواته
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل سؤالا: أنا فتاة أبلغ من العمر 16، عندي صديق بالمراسلة -على النت- طلب مني صورتي. هل يجوز أن أعطيه صورتي وأنا صغيرة وعمري بهذه الصورة يقارب 3 سنوات، وأنا بهذه الصورة أرتدي الحجاب وجزاكم الله خيرا؟
الرجاء المساعدة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أن التعارف بين الشباب والفتيات عبر الشبكة العنكبوتية أمر غير جائز، لما يجر من الفتن وما يترتب عليه من المفاسد والبلايا، كما أنّ الإسلام لا يعرف علاقة زمالة أو صداقة بين الشباب والفتيات، وإنما ذلك دخيل علينا من عادات الكفار وثقافات الانحلال، وانظري الفتوى رقم: 1072.
فلا يجوز لك محادثة هذا الشاب، ولا إرسال صورتك له ولو كانت في سن صغيرة لا يحرم النظر إليها، لأنّ ذلك باب فتنة، والواجب عليك قطع علاقتك بهذا الشاب، والبعد عن هذه الفتن، وعليك بالالتفات لما ينفعك في دينك ودنياك، والحذر من استدراج الشيطان واتباع خطواته، والاغترار بتزيينه للمنكرات، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 20415.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1430(13/2858)
لا يجوز وصف محاسن امرأة أمام الرجال إلا لمن أراد خطبتها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال عن حكم وصف نساء أمام رجال أغراب عنهن: كأن تقوم الأم أو الأخت بالحديث عن فلانة من الناس وتسميها باسمها، وتمتدح شكلها، أو جمالها بحضور الأب أو الأخ أو أي رجل من أفراد العائلة؟
أنا قرأت حديثا لا أعلم هل هو صحيح أم لا؟ في النهي عن وصف المرأة امرأة أخرى لزوجها كأنه يراها.
فهل هذا المعنى ينطبق على الزوج فقط؟ وماذا في حالة إذا أردت الأم خطبة فتاة لولدها إلى أي حد يسمح لها بالوصف الجسدي له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنّه لا يجوز وصف محاسن المرأة ومفاتنها أمام الرجال، والحديث الذي ورد في ذلك حديث صحيح رواه البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا.
وليس النهي مختصاً بالزوج وحده وإنما هو عام للرجال.
قال النووي في رياض الصالحين: باب النهي عن وصف محاسن المرأة لرجل إلاَّ أن يحتاج إلى ذلك لغرض شرعي كنكاحها ونحوه. اهـ
وذلك لأنّ وصف محاسن المرأة أمام الرجال ذريعة للفتنة، فكان النهي عامّاً، إلّا أنّ الشرع قد رخصّ في هذا الأمر حال الخطبة.
قال الشيخ زكريا الأنصاري: فَإِنْ لم يَتَيَسَّرْ نَظَرُهُ إلَيْهَا بَعَثَ امْرَأَةً أو نَحْوَهَا تَتَأَمَّلُهَا وَتَصِفُهَا له، لِأَنَّهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم بَعَثَ أُمَّ سُلَيْمٍ إلَى امْرَأَةٍ وقال: اُنْظُرِي عُرْقُوبَيْهَا، وَشُمِّي عَوَارِضَهَا. رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ..... وَيُؤْخَذُ من الْخَبَرِ أَنَّ لِلْمَبْعُوثِ أَنْ يَصِفَ لِلْبَاعِثِ زَائِدًا على ما يَنْظُرُهُ هو فَيَسْتَفِيدُ بِالْبَعْثِ ما لَا يَسْتَفِيدُهُ بِنَظَرِهِ. اهـ من أسنى المطالب في شرح روض الطالب.
وقد ذهب كثير من العلماء إلى أنّ المرأة يجوز لها في هذه الحالة أن تصف للخاطب أكثر ممّا يجوز له نظره من المخطوبة.
قال الرملي: وَمَنْ لا يَتَيَسَّرُ لَهُ النَّظَرُ أَوْ لا يُرِيدُهُ بِنَفْسِهِ كَمَا أَطْلَقَهُ جَمْعٌ، يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُرْسِلَ مَنْ يَحِلُّ لَهُ نَظَرُهَا لِيَتَأَمَّلَهَا وَيَصِفَهَا لَهُ، وَلَوْ بِمَا لا يَحِلُّ لَهُ نَظَرُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْخَبَرِ، فَيَسْتَفِيدُ بِالْبَعْثِ مَا لا يَسْتَفِيدُ بِالنَّظَرِ, وَهَذَا لِمَزِيدِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ مُسْتَثْنًى مِنْ حُرْمَةِ وَصْفِ امْرَأَةِ امْرَأَةً لِرَجُلٍ. نهاية المحتاج.
وقال البجيرمي: قَوْلُهُ: زَائِدًا عَلَى مَا يَنْظُرُهُ. أَيْ الْبَاعِثُ كَالصَّدْرِ وَالْبَطْنِ وَالْعَضُدَيْنِ. حاشية البجيرمي على الخطيب.
مع التنبيه على أن المرأة لا يجوز لها أن تنظر من المرأة ما فوق الركبة وما تحت السرة، وانظري الفتوى رقم: 284.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1430(13/2859)
غض البصر عن الأجنبية أثناء الحديث معها ليس من الكبر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم النظر إلى المرأة الأجنبية التي تعمل معي في نفس المكتب؟ وهل يعتبر من الكبر إعراضي عنها وهي تكلمني فلا أنظر اليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى أمر بغض البصر عن النساء فقال تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. {النور:30} .
وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم غض البصر من حق الطريق، وليس من الكبر عدم نظر الرجل إلى الأجنبية إذا كان يريد بذلك امتثال الأمر الشرعي، وقد صرح أهل العلم بمنع النظر إلى ما سوى الوجه والكفين اتفاقا، كما صرحوا بمنع النظر إلى الوجه والكفين بشهوة، وكذا إذا كانت تخاف الفتنة بها، بل ذهب كثير منهم إلى منع ترداد النظر للشابة المحرم لغير حاجة، وإلى منع نظر المرأة من فوق الثياب بشهوة.
كما قال الناظم.
ونظر المرأة من فوق الثياب بشهوة من واجبات الاجتناب
وليس بالجائز ترداد النظر للمحرم الشابة إلا لضرر
وراجع الفتويين رقم: 95591، 50794.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1430(13/2860)
علاج من تأثرت بنظرات مدرسها
[السُّؤَالُ]
ـ[المرجو منكم أن تدعوا لي بالنجاح في الامتحان حتى أفرح والدي جزاكم الله عني كل خير، وأريد أن أستفتيكم إذا سمحتم في الأمر الآتي: هو تعلق الطالبة أولى باكالوريوس بأستاذها، طبعا حرام وأدعو الله لكي يثبتني. مع العلم أني أتفاداه وأحاول غض بصري لكن أفشل أمام نظراته التي تلاحقني بالرغم أنه شاب ملتزم. لكن لا أفهم هذا الأمر لماذا أنا بالضبط. ولماذا تأثرت بنظراته حتى إني مع محاولتي أن أنساه مرضت. أرجوكم أفتوني في أمري؟ الآن أنا كرهت أن يكون عندنا مدرسون، وأكره الاختلاط في الدراسة لكن أبحث عن الحل. أنا أقرأ القرآن لكي أنسى لكن الشيطان لعنة الله عليه يصر على تذكيري، ويوهمني أني أعجبته ويريد الزواج مني، وهذا ليس واقعا بل خيال لأنه أجمل مني. وأرجو من الله أن يغفر لي. المرجو الإجابة في أسرع وقت؟
جعلكم الله صلاحا للأمة، وجعل عملكم هذا في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يوفقك وسائر المسلمين، ثم اعلمي أن ما تعانين منه سببه تعدي حدود الله تعالى وعدم الالتزام التام بتعاليم هذا الدين الحنيف، فإن الله تعالى جعل بين الرجال والنساء سياجا وحائلا، فلا يجوز إطلاق البصر ولا الكلام لغير حاجة ونحو ذلك من التشريعات التي ليس مقصودها التعنيت على البشر ولا إتعابهم، وإنما شرعها الله لمصلحتهم، فمن تعدى حدود الله فأطلق بصره حيث لا يحل له أن يطلقه، أو تجاوز حدود الله في الحديث فتوسع فيه بما لا يحل فقد أوقع نفسه في العنت والحرج فعصى ربه وأتعب نفسه، ومن ههنا يظهر كمال الشريعة ورعايتها لمصالح المكلفين، والواجب عليك الآن هو التوبة النصوح ممّا ألممت به من المخالفة بإطلاق البصر إلى هذا الأستاذ الأجنبي عنك فإن نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي على وجه يجر إلى الفتنة والشر ممّا لا شك في منعه، قال تعالى: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ. {النور 31} . واعلمي أن التوبة النصوح يكفر الله بها الذنوب ويمحو السيئات قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ. {الشورى:25} .
ثم عليك أن تشغلي نفسك بما ينفعك من الإقبال على العبادة والاجتهاد في الطاعة من حفظ القرآن وقراءته، والاشتغال بالنوافل، ممّا له أكبر الأثر في ملء قلبك بمحبة الله تعالى،فإن القلب إذا امتلأ بمحبة الله لم يكن فيه مكانٌ لتلك المحبة الباطلة، وإنما تعمرُ محبة الشهوات القلوب بسبب نقص محبة الله فيها كما قال القائل:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى * فصادف قلباً فارغاً فتمكنا
فعليكِ أن تجتهدي في تحصيل أسباب محبة الله تعالى، واستمري في مجاهدة نفسكِ، وعدم الاستسلام لوساوس الشيطان، وثقي بأنك لو صدقتِ اللجأ إلى الله في أن يشفيكِ من هذا الداء، ويزيل عنكِ هذا المرض، فإنه تعالى لن يخيب سعيك، قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا. {العنكبوت:69} .
واعلمي أن العشق من أخطر الأمراض، وأفتك الأدواء التي إن تمكنت من قلب أفسدته، فتعوذي بالله من العشق، واستعيني بالله على مدافعته. نسأل الله أن يشفيكِ وسائر المبتلين.
وللفائدة راجعي الفتويين رقم: 103762، 110661.
فعليك الحذر من إطلاق البصر والحديث مع هذا الرجل لغير حاجة.
وأما ما وقع في نفسك من كراهة الاختلاط فهذا من الخير، فاحمدي الله عليه، واسعي إلى العمل بما توجبه هذه الكراهة من سد ذرائع الفتن، وتقليل أسباب الشر، والله المسؤول أن يوفقنا وإياك لما يحبُ ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1430(13/2861)
حدود التعامل المسموح به بين الجنسين في الوظائف المختلطة
[السُّؤَالُ]
ـ[نود من فضيلتكم أن تعرفونا بحدود الاختلاط السموح به في الشرع؟ وما هو الاختلاط العام المأذون به شرعا والاختلاط الخاص؟ حيث عندنا مؤسسة تعليمية تذكر أنها إسلامية الطابع إلا أنها مختلطة في إداراتها حيث يوجد في نفس المبنى والطابق موظفون وموظفات ومكاتبهم مقابلة لبعضهم البعض، مما يؤدي إلى حدوث احتكاك دوري بينهم من سلام وكلام ومزح، فضلا عن طبيعة العمل التي تتطلب الاحتكاك لمدة 7 ساعات بينهم، وعندما روجعت الإدارة في الموضوع برروا وضعهم بالحاجة إلى النساء في العمل، وأنه لا غناء عنهن بالإضافة إلى أن هذا الاختلاط من الاختلاط العام غير المحرم، والفتاوى جاهزة طبعا، فما رأي فضيلتكم في هذا الوضع؟ وهل لو تم الفصل بين المكاتب بحيث يصبح الرجال في جناح والنساء في جناح مع استمرار اللقاءات والاحتكاك بين الموظفين والموظفات بحكم طبيعة العمل واللقاء بينهم في الاجتماعات التي يجلس فيها الكل على طاولة واحدة، هل يعد هذا الفصل كافيا ليصبح الوضع شرعيا؟ أفيدونا وبارك الله فيكم، علما أني سأقوم بعرض جوابكم على هذه المؤسسة التعليمية من باب إبراء الذمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحدود الاختلاط المسموح به في الشرع هو ما تؤمن معه الفتنة، ويتحقق فيه الالتزام بضوابط الشرع، من تجنب الخلوة والخضوع بالقول والالتزام بالحجاب وغض البصر. والاختلاط الشائع اليوم والذي لا تراعى فيه ضوابط الشرع، هو باب شر وفساد يجر على المجتمع كثيراً من المفاسد والبلايا، والواقع شاهد بذلك.
أمّا ما ذكرت عن موقع العمل الذي يحدث فيه بين الرجال والنساء الأجانب مزاح وكلام بلا حاجة، فذلك غير جائز. قال العلّامة الخادمي رحمه الله في كتابه: (بريقة محمودية) وهو حنفي قال: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة لأنه مظنة الفتنة. وانظر الفتوى رقم: 21582.
وأمّا إذا تمّ الفصل بين مكاتب الرجال ومكاتب النساء، وكان التعامل بينهما في حدود العمل بقدر الحاجة مع التزام النساء بالحجاب، والبعد عن الخضوع بالقول وتجنب الخلوة، فذلك جائز، وانظر الفتوى رقم: 63091.
واعلم أن الشرع قد حذّر من فتنة النساء، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. متفق عليه.
والشريعة حرصت على ستر المرأة، وإبعادها عن مواطن الريبة ومظان الفتنة، حتى ولو كان ذلك في المسجد، وانظر أدلة ذلك في الفتوى رقم: 99207. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 3539.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1430(13/2862)
يحادث الفتيات مضمرا السوء فينقلب خيرا فهل يستمر
[السُّؤَالُ]
ـ[أعتذر مقدما لفضيلتكم ولكن بي ألم نفسي شديد.
فأنا أحس في كل لحظة أن الله معي في كل أموري الحمد لله، ولكن للأسف فأنا كلما أقوم للصلاة أشعر بالندم من ذنوبي التي فعلتها قبل الصلاة، ولكن للأسف أعود بعد الصلاة إلى المعاصي من جديد -- وهي للأسف بسبب الجلوس إلى النت والتحدث إلى الأجنبيات -- ولكن في الفترة الأخيرة لاحظت أنني كلما نويت أو كانت بداية عملي نية سيئة، فإنني في نهاية العمل أجده قد انقلب إلى خير بتوفيق الله، فمثلا أتحدث إلى أخت وأحكي معها وفي نفسي شيئ سيء، ولكن الكلام يأخذني معها إلى نصحها بالصلاة والانتظام فيها، وحذف بريدي من عندها وأشعر بأنها تأثرت من كلامي فعلا، وأني حصلت على ثواب، ويكون كلامي بنية صادقة لنصحه، وخوفي الآن أن لا يستمر توفيق الله لي في الابتعاد عن المعاصي، أو تغيير العمل الذي يبدأ بنية سيئة - دون عمل في أغلب الأحيان -- وينتهي بنية صالحة وعمل موفق في الخير في أغلب المرات من الله تعالى.
علما بأنني الحمد لله أواظب على الصلوات في موعدها بالمنزل لأنني مريض ولا أغادر المنزل، والحمد لله حافظ للقرآن الكريم كاملا، وهو الذي أشعر عند اقترافي للذنوب أنه يحرقني من داخلي، فكيف أرتكب المعاصي وفي داخلي القرآن؟ وهو ما يشعرني بالندم الشديد عند القيام للصلاة.
لكن أعترف لكم أن باقي يومي بالكامل أقضيه بالجلوس إلى النت، والتعرف على أصدقاء من الجنسين وليس هناك شيء آخر أواظب على فعله بخلاف ذلك.
وفي الفترة الأخيرة بدأت أواظب على إرسال رسائل دينية لكل من عندي على الماسنجر، والحمد لله قال لي أكثر من واحد أنهم بدأوا يبحثون عن المواقع الدينية والبحث فيها.
ولكني أعود بيني وبين نفسي وأجدني أضمر بعض النوايا السيئة، ولكن كما ذكرت من قبل أجد أن الله لا يوفقني في ارتكاب المعاصي في كثير جدا من المرات. فما نصيحتكم لي؟
كما أطلب منكم جزاكم الله دعوة صادقة بظهر الغيب لي بأن يهديني الله، وينصرني على شر نفسي وشر الشيطان.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يقيك شرور نفسك وسيئات عملك، وأن يصرف عنك كيد الشيطان ومكره، وأن يعجل لك العافية والشفاء.
واعلم أيها السائل الكريم أن المحادثات التي تكون بين الشباب والفتيات عبر النت حرام، وهي من وسائل الشيطان لإضلال العباد والإيقاع بهم في مستنقع الشهوات المحرمة والعلاقات الآثمة، وقد بينا هذا في الفتاوى ذوات الأرقام الآتية: 80373، 97907، 93537.
وما تذكر من تحول الأمر من إرادة السوء والشر إلى الخير، والدعوة إلى سبيل الله، لا يسوغ لك ما تقوم به، لأن الغايات المحمودة لا تبررها الوسائل المحظورة، فكيف والغايات هنا ليست محمودة والأمر مصحوب من بدايته بنية السوء والشر كما تذكر، وماذا لو حرمت لطف ربك بسبب ذنوبك فوقعت في المحظور، وانتهى بك الحال إلى الولوج في الفواحش والمنكرات.
فالواجب عليك أن تتقي الله سبحانه وتنتهي عن مثل هذه المحادثات، وتتوب إلى الله سبحانه توبة صادقة عما سلف منك.
واعلم أنه ينبغي لحامل القرآن أن يوقر القرآن في صدره، وينأى بنفسه عن مواطن الشبهات بل وبعض المباحات فضلا عن المعاصي والمنكرات.
قال النووي رحمه الله: ومن آدابه (حامل القرآن) أن يكون على أكمل الأحوال وأكرم الشمائل، وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى القرآن عنه إجلالا للقرآن. انتهى.
وقال الفضيل بن عياض: حامل القرآن حامل راية الإسلام لا ينبغي أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو، تعظيما لحق القرآن. انتهى.
ثم إنا لنوصيك بأن تستغل الأوقات فيما يعود عليك بالنفع في أمر الدنيا والآخرة، واحذر من الفراغ والبطالة وإضاعة الأوقات فيما لا يفيد، فإن ذلك مفسدة للمرء أي مفسدة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ. رواه البخاري وغيره.
فمن أنعم الله عليه بنعمة الفراغ عليه أن يستغلها في طاعة الله، والقيام بأوامره، والإكثار من ذكره وشكره. قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا. {الفرقان: 62} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1430(13/2863)
تلزم المرأة بيتها عند توقع المفسدة والتعرض للمضايقات
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي ملتزمة باللباس الشرعي الكامل -على رأي الشيخ الألباني- ستر كامل الجسم إلا الوجه والكفين بجلباب فضفاض لا يصف، ولا يشف، وفوقه عباءة رأس تزيد الجسم سترا، وهذا اللباس يكاد يكون ممنوعا في بلادنا وصاحباته يتعرضن للمضايقات، وللاستجواب أحيانا من قبل رجال الشرطة في الجامعات، وحتى في الطريق العام والأسواق.
مسألتي: أمي كبيرة في السن وهي في ضيافتي لمدة أيام، وكلما أرادت الذهاب للسوق تحب وتفرح جدا باصطحاب زوجتي معها لتؤنسها -طبعا بالضوابط الشرعية- ولكن المشكل أن أمي تكثر من الذهاب إلى السوق -تقريبا 3 مرات في الأسبوع- سواء لقضاء حاجياتها الخاصة أو للبيت، وأنا في العادة الذي أقوم بذلك كله ولا أسمح لزوجتي بالذهاب إلى السوق أبدا أبدا؟
فما الحل: هل أسمح لزوجتي على كثرة هذه المرات، وبذلك أكون قد أدخلت السرور على قلب أمي، أم أمنع زوجتي اتقاء لشرور السوق المعروفة وللأسباب التي ذكرتها آنفا؟ أفيدوني أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن النساء مأمورات بلزوم البيت منهيات عن الخروج، إلا أن الفقهاء أجازوا الخروج للمرأة إذا توفرت الضوابط الشرعية، والتي منها: أمن الفتنة، وعدم الاختلاط مع الرجال على وجه محرم، وأمن الطريق من توقع المفسدة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 60452.
فإذا توفرت هذه الضوابط فلا بأس عليك أن تأذن لزوجتك في الخروج إلى السوق إذا احتاجت لذلك، والأفضل لها أن تبقى في بيتها ما دمت تكفيها هذه المؤنة، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 25835.
وفي مسألة السائل الكريم تنبيه على فقد شرط توقع المفسدة، حيث ذكر أن ما ترتديه زوجته من اللباس الشرعي يكاد يكون ممنوعا في بلده، وصاحبته تتعرض للمضايقات في الطريق العام والأسواق، وفي الوقت نفسه يظهر من السؤال أن أمه لم تأمر زوجته على وجه الإلزام بالخروج معها بحيث يخشى غضبها بعدمه، فإذا كان الأمر كذلك، فالأفضل عدم خروج زوجتك مع أمك، وإن استطعت أن تخرج أنت معها فهذا أفضل.
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 76303. ففيها ما ذكره أهل العلم من ضوابط وجوب طاعة الوالدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1430(13/2864)
حكم مشاركة المرأة في المعارض المختلطة
[السُّؤَالُ]
ـ[ابتداء ما حكم الجامعات المختلطة؟ ثانيا إذا افترضنا أن دخول المرأة لهذه الجامعات أصبح من ضروريات هذا العصر، هل يجوز لهن المشاركة في المعارض التي تقيمها الجامعة للعامة من أجل نشر المعرفة و....إلخ أي أن هذه المعارض مختلطة بالرجال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدراسة في الجامعة المختلطة فيها خطر عظيم، وتعرض لكثير من الفتن التي لا يقوى على السلامة منها الكثيرون لا سيما في مرحلة الشباب.
وبناء على ذلك فلا تجوز الدراسة في الجامعات المختلطة إلا في حالة الاضطرار أو الحاجة الشديدة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 5310، ومن تحققت فيه شروط جواز هذه الدراسة فعليه بالتحفظ وغض البصر وحفظ الفرج، وعدم الاختلاط قدر المستطاع، وعليه أن يسعى في تقليل المنكر ما وجد إلى ذلك سبيلا، وأن يختار رفقة صالحة تعينه على غض البصر وحفظ الفرج. ودخول المرأة لهذه الجامعات ليس من الضروريات بالمعنى الشرعي في حق كل امرأة، بل الحال يختلف من امرأة إلى أخرى كما سبق بيانه في الفتوى المشار إليها سابقا، وفي الفتويين رقم: 2523، 20297، وقد بينا فيهما أن الجواز مقيد بالاضطرار أو الحاجة الشديدة، فإن انطبقت هذه الشروط على المرأة فلا حرج عليها في إتمام دراستها، وإن لم تنطبق عليها، فلا تجوز تلك الدراسة، وإن كان الواقع -كما تقول- يعتبرها من الضروريات فالواجب أن يكون الواقع وفق أحكام الشرع، لا أن نطوع أحكام الشرع للواقع.
وإن جاز للمرأة الدراسة، فلا يجوز لها المشاركة في هذه المعارض المختلطة؛ إذ لا حاجة فيها ولا ضرورة، وأبواب نشر المعرفة المنضبطة بأحكام الشرع كثيرة، ويكفي المرأة أن تدعو بنات جنسها فهو مجال خصب لنشر المعرفة وباب عظيم من أبواب الخيرات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1430(13/2865)
التمتع بالزواج يكون في حدود ما أباحه الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ولله الحمد تربيت في أسرة ملتزمة، فزرعت بداخلي بذرة الالتزام وأصبحت- وإن كنت أعلم أني مقصرة جدا- أصبحت أحرص على رضا الله في كل شبر وكل نفس أتنفسه، وقبل أن أقدم على أي فعل أسأل هل يرضي الله أم يغضبه؟ الحمد لله رزقت بزوج -نحن مازلنا معقودين ولم تتم الدخلة- يحبني جدا جدا، حبا لا يوصف ولكنه ليس على درجة الالتزام التي أردتها، ولكن أيضا هو إنسان هين لين، متواضع لا يتكبر على النصيحة، ولا يجادل بغير علم، ويريدني أن أساعده ليكون أقرب إلى الله وهو يقول لي دائما أنت العفة بالنسبة لي وهذا ليس بالقليل، ولكنه في ما مضى كان يتابع الأفلام والمسلسلات، ويستمع إلى الأغاني، وكان يعمل معاصي لم يخبرني بها لكنه قال لي لقد تركت معاصي كثيرة منذ عرفتك، وهو يقول لي أريد أي متعة كنت أراها في فيلم أو غيره، وأحس برغبة أن أجربها معك حتى لا أشعر أني ينقصني شيء مثال لما يتخيل: يتخيلني أنا وهو نجلس معا وهو رومانسي جدا فيقوم بخفض الأنوار وتشغيل موسيقى هادئة لتشعل الرومانسية بداخله، ومن الممكن ان نتشارك الرقص أنا وهو على أنغام الموسيقى-وهو طبعا شاهد كل هذا في الأفلام الرومانسية وتمنى أن يفعله مع زوجته- قلت له إن الموسيقى حرام، والرومانسية يمكن أن تحدث بدون موسيقى بل بإرضاء الله، ولكنه مصمم على كلامه، ويقول في هذه الحالة أنا أسمع للموسيقى ولا أستمع والاستماع هو الحرام، وأيضا هو لن يشعر بإشباع داخلي إلا إذا جرب كل ما رآه وتمنى أن يفعله بالحلال، وهو يفكر أيضا كيف سنقضي يومنا فيقول: سيكون هناك وقت فراغ كبير لذا سنملأه بمشاهدة الأفلام والبرامج الخفيفة، ولكني أخبرته أن الأفلام حرام فتراجع عنها، وهو الآن يجمع أفلام-انمي- كارتون يعني لنشاهدها خلال هذه الأيام، وأريد أن أسألكم كيف يمكن أن نقضي وقتنا؟ فأنا لم أفكر في هذا الأمر من قبل ماذا سنفعل؟ أريد منكم اقتراحا بهذا الشأن فقد قرأت مرة أنه لا يجوز مشاهدة الانمي، وأيضا إن أنا انشغلت طوال هذه الأيام بالأفلام فقط سأبتعد عن الله ويقل إيماني ولكنه يضحك علي عندما أقول سأستمع لبرنامج ديني، هو ليس شخصا سيئا ولكنه تربى بهذا الشكل والوسط حوله كله كذلك، فهو يريد أن يلتزم ولكنه يجر خلفه بعض رواسب أيام الجاهلية، هذا الجزء الأول من سؤالي هل كل ما ذكرته بالأعلى جائز ليصل هو إلى متعة معينة أباحها له الشرع ولكنه-في ظنه- لن يصل إليها إلا بوجود هذه الأشياء. أانا خائفة ولا أريد أن أغضب الله في بداية حياتي لأني أريده أن يبارك لي في زوجي وحياتي كلها.
أريد أن أسأل أيضا سؤالا آخر في نفس هذه الدائرة: فزوجي جمع بعض المال ليستخدمه في الأيام الأولى من الزواج للسفر والفسح، طبعا السفر داخل مصر ولكن أين سننام؟ سننام في فندق في إحدى المحافظات المشهورة بالسياحة، وأظن أنه لا يوجد فندق مميز في مكان سياحي أو في أي مكان إلا ويقدم الخمور. فهل يجوز لي المبيت في مكان يقدم الخمور وربما لا ترتدي فيه النساء زيا محتشما؟ وإن كان هذا حراما فما هو البديل؟ فزوجي كما قلت لكم قضى وقتا طويلا من عمره حتى قبل أن يلقاني في التخطيط لهذه الأيام وتخيل كيف ستكون العلاقة بيننا، وهو الآن لا يريد أن يحرم نفسه من شيء تمناه أو تخيله أو سمع به حتى، عندما يقول هذا الكلام لا أدري بماذا أرد، إ نه يقول: أنا لا أريد أن أشعر أني لم أفعل شيئا كان في نفسي حتى لا يوسوس لي الشيطان. وقال لي بالتأكيد هذا لن يكون حراما شرعا لأني أريد الوصول لإرضاء نفسي بالحلال وألا أنظر أبدا إلى الحرام.
ماذا افعل أرجوكم أجيبوني إجابة شافية ومفصلة؟ وأرجو أن تردوا على كل التفاصيل وإن استطعتم أن تقدموا لي بدائل فجزاكم الله خيرا؟ كما أرجو شيئا آخر وهو كيف أساعد زوجي ليقلب معاييره فأنا أفكر في الشيء فأول سؤال أسأله لنفسي هل يرضي الله أم لا؟ إذا أرضاه أمضي قدما فيه وإلا توقفت عنه، إما هو فيفكر في الأمر ويتخيله وربما يمضي قدما فيه ولا يأخذ باله هل هذ يرضي الله أم لا؟
ملاحظة: كان زوجي لا يهتم بالصلوات في المسجد ولكنه الحمد لله حافظ عليها الآن فهو يتقدم جيدا في هذا الأمر وأمامي من الآن 9 أشهر حتى الدخول هل يمكنني خلال هذه الفترة أن أتتبع نهج معينا فتتغير مفاهيمه دون أن يشعر؟
عذرا على الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه لك الثبات على طريق الهدى وأن يهدي زوجك إلى صراطه المستقيم.
واعلمي-أيتها السائلة-أن رغبة زوجك في التمتع معك بكل متعة رآها فيما شاهده من أفلام ومسلسلات أمر غير مستقيم شرعا، فقد علم يقينا أنها تشتمل على كثير مما لا يجوز فعله ولو كان بين المرء وزوجته، ومعلوم من شرع الله بالضرورة أن المسلم لا يحل له أن يتمتع بما حرم الله عليه, ولا شك أن الموسيقى مما حرم الله سبحانه على ما بيناه في الفتوى رقم: 54316.
وأما قوله إنه يسمع ولا يستمع، وأن المحرم هو الاستماع، فهذا من تلبيس الشيطان عليه ليوقعه في الباطل ويسلبه مع ذلك الإحساس بالذنب، ولا فرق في الواقع بين السماع والاستماع , بل ما يقوله زوجك هذا إنما ينم عن جهله بألفاظ اللغة ومعانيها، فإنه ما دام قد قصد سماع الغناء فإنه يستمع شاء أم أبى.
جاء في كتاب الفروق اللغوية: يقال: استمع. لما كان بقصد، لأنه لا يكون إلا بالاصغاء وهو الميل، وسمع يكون بقصد، وبدونه. انتهى.
وأما مشاهدة أفلام الكرتون فقد بينا حكمها بالتفصيل في الفتوى رقم: 110537. وما أحيل عليه فيها من فتاوى.
وأما رقص الرجل مع زوجته حيث لا يراهما أجنبي فلا حرج فيه ما لم يشتمل على محرم من معازف ونحو ذلك.
هذا مع التنبيه على أنه لا ينبغي لك أن تستغرقي وقتك في فعل ما يبعدك عن الله ولو كان مباحا محضا, فإن الإكثار من المباحات يسبب فساد القلب وقسوته.
جاء في فتح الباري: ونقل ابن المنير في مناقب شيخه القبارى عنه أنه كان يقول المكروه عقبة بين العبد والحرام، فمن استكثر من المكروه تطرق إلى الحرام، والمباح عقبة بينه وبين المكروه، فمن استكثر منه تطرق إلى المكروه، وهو منزع حسن ويؤيده رواية ابن حبان من طريق ذكر مسلم إسنادها ولم يسق لفظها فيها من الزيادة: اجعلوا بينكم وبين الحرام سترة من الحلال، من فعل ذلك استبرأ لعرضه ودينه، ومن أرتع فيه كان كالمرتع إلى جنب الحمى يوشك أن يقع فيه. والمعنى أن الحلال حيث يخشى أن يؤول فعله مطلقا إلى مكروه أو محرم ينبغي اجتنابه كالإكثار مثلا من الطيبات فإنه يحوج إلى كثرة الاكتساب الموقع في أخذ ما لا يستحق، أو يفضى إلى بطر النفس، وأقل ما فيه الاشتغال عن مواقف العبودية وهذا معلوم بالعادة مشاهد بالعيان. انتهى.
وأما قوله إنه لن يشعر بإشباع إلا إذا جرب كل ما رآه فهذا ليس عذرا له في فعل الحرام، وهو كلام غير صحيح أصلا، فإن فيما أباحه الله لعباده غنية عن مواقعة الحرام, وإطلاق العنان للنفس هكذا لتستمتع بما تشاء هو طريق الخسران في الدارين, قال سبحانه: فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى* وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ* وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى. {النازعات: 37 - 41} .
أما الإقامة في الفنادق التي تشتمل على المنكرات من شرب الخمور، وتبرج النساء فهي غير جائزة، كما بيناه في الفتوى رقم: 60165.
أما بخصوص البدائل المقترحة في هذا الشأن فلا يوجد شيء بعينه، ولكن يمكنكم أن تقوموا بما تشاءون من رحلات ترفيهية ونحوها في أماكن لا تنتشر فيها الفواحش أو المنكرات، ويمنكم أن تستمتعوا خلال هذا بما أباحه الله سبحانه من طعام وشراب، وسماع ونظر، وبكل ما يباح بين الزوجين, وما زال أهل الدين والتقوى يتزوجون ويتمتعون غاية التمتع في حدود ما أباحه الله دون أن يتعدوا حدوده أو ينتهكوا حرماته.
والذي ننصحك به هو أن تنصحي لزوجك وتأخذي بيده إلى الالتزام بالشرع، وتذكريه بحقيقة هذه الدنيا وأنها دار البوار وأن الآخرة هي دار القرار، وأن من أراد المتعة الحقيقة واللذة الخالصة فليطلبها في الجنة وذلك لا يكون إلا بطاعة الله في الدنيا، ومجاهدة النفس على القيام بأوامره ونهيها عن الهوى.
ثم إنا ننصحك بأن تدلي زوجك على رفقة صالحة من أهل الخير والاستقامة ليلازمهم، ويتعاون معهم على البر والتقوى، فإن الصحبة الصالحة لها أثر عظيم في الاستقامة على أمر الله سبحانه، وليكن كل ذلك بحكمة منك ولين ورفق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1430(13/2866)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للطلبة التعلم على يد امرأة مكشوفة الشعر في مادة دراسية ضمن المواد المقررة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدراسة على يد النساء المتبرجة فيها تعرض لكثير من الفتنن التي لا يقوى على السلامة منها الكثيرون، لاسيما في مرحلة الشباب. وبناء على ذلك، فلا تجوز الدراسة على يد تلك المرأة إلا في حال الاضطرار أو الحاجة الشديدة. وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 5310، 2523، 20297.
ومن تحققت فيه شروط جواز هذه الدراسة فعليه بالتحفظ وغض البصر وحفظ الفرج كما قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30} وكذلك الحرص على عدم وجود خلوة محرمة مع المعلمة، وعلى الدارس أن يسعى في تقليل المنكر ما وجد إلى ذلك سبيلا، وأن يختار رفقة صالحة تعينه على غض البصر وحفظ الفرج. ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 22220.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1430(13/2867)
مسائل تتعلق بمن يشعر بالميل إلى جنسه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال حول زواج الشخص الذي يشعر بالمشاعر المثلية وهو الآن يكتم الأمر عن الجميع ولا يريد ممارسة الفواحش، وهل الزواج حل له؟ فإن تزوج ولم يستطع إشباع المرأة، أو أن تخونه شهوته فتفضحه أمامها بأن لا يستطيع المتعة، فهل يكون عندئذ مذنبا؟ وماذا لو أحست المرأة بسرحانه مثلا وأنه بعيد عنها روحيا، فهل يخبرها بالأمر أم أن ذلك خراب للبيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أحس من نفسه بمثل هذه المشاعر فعليه أن يلجأ إلى الله سبحانه بالدعاء أن يصرف عنه هذه الخواطر ويكفيه شرها وخطرها, ثم عليه أن يبادر إلى الزواج خصوصا إذا خشي الوقوع في الفتنة، فإن الزواج حينئذ يصبح فرضا متحتما عليه.
قال ابن قدامة في المغني: والناس في النكاح على ثلاثة أضرب؛ منهم من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح، فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء، لأنه يلزمه إعفاف نفسه، وصونها عن الحرام، وطريقه النكاح. انتهى.
وما يخشاه من عزوب شهوته عن زوجه، أو عدم قدرته على إشباعها جنسيا أو عاطفيا, كل هذا من وسوسة الشيطان له ليصده عما شرعه الله له من الزواج، ويوقعه فيما حرم الله من الموبقات، فعليه أن يستعيذ بالله من كيد الشيطان وشره، وأن يسارع إلى النكاح ففيه-إن شاء الله-العفة لنفسه والتحصين لفرجه, هكذا أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم في قوله: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج. متفق عليه.
وليحذر تماما أن يحدث أحدا بهذا البلاء لا زوجته ولا غيرها، بل واجب عليه أن يستتر بستر الله عليه.
ثم عليه بالإكثار من الصلاة وذكر الله، فإنهما حرز للمرء أيما حرز من مقارفة الفواحش والمنكرات قال سبحانه: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ. {العنكبوت:45} .
جاء في تفسير البغوي: وقال عطاء في قوله: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر قال: ولذكر الله أكبر من أن تبقى معه معصية. انتهى.
وجاء في الحديث: أن يحيى بن زكريا قال لبني اسرائيل: وآمركم بذكر الله كثيرا، ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا حصينا فأحرز نفسه فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى. رواه الترمذي وغيره، وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1430(13/2868)
العلاقة الآثمة بين الجنسين وحكم الزواج العرفي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمرى17، والدي رباني أنا وإخوتي على الفضيلة، والصلاة، والقرآن، ودائما يحثنا على الصلاة والخير، ودائما يكون ملازما للبيت بعد ما يعود من عمله إلا للصلاة في المسجد، وشاغلني ابن الجيران وأنا كنت أسهر الليل للمذاكرة، ولكن كنت أتحدث معه في الهاتف أثناء الليل ووالدي نائمان، حتى تم زواج عرفي بيننا وحملت منه، وبعد الشهر الرابع أخبرت أهلى بذلك وتم تدارك الموقف بعقد نكاح. فماذا أفعل بهذا الطفل بعد ولادته فأسرتى لن تقبله مخافة الفضيحة، وخاصة أن لي أختا أكبر مني، وأسرتي ملتزمة ولكن زلت قدمي، كيف أفعل به لإنقاذ الأسرة من فضيحتي؟ وهل إتمام الزواج بهذا الزوج الزاني معي حرام؟ أفيدوني أرجوكم؟ أسألكم الدعاء لوالدي فهو يكاد أن يموت منذ أن عرف بمصيبتي. وما حكم والدتي التي كانت تعرف أني أتحدث معه في الهاتف ولم تخبر والدى بهذا، على الرغم أنها كانت تنهرني عن ذلك، ومرة أمسكت به معي في حجرة النوم ليلا وأخرجته ولم تخبر والدي أيضا بهذا، فهل حلال طلاقها لسكوتها أرجو الإجابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حذر العلماء والمصلحون وما زالوا يحذرون من إقامة العلاقة بين الفتيان والفتيات وحصول مثل هذه المحادثات، وما حدث لك مع هذا الشاب لهو خير دليل على حكمة الشرع في المنع من اتخاذ الأخدان والذي ورد النهي عنه بنص القرآن حيث قال الكريم المنان: وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ. {النساء:25} .
وعلى كل حال، فالواجب عليكما أن تتوبا إلى الله تعالى التوبة النصوح من تلك العلاقة. ويمكن مطالعة شروط التوبة بالفتوى رقم: 5450.
وما ذكرت من أمر الزواج العرفي فإن كان المقصود أنه زواج تم بإيجاب وقبول ولكن من غير ولي أو شهود فهذا نكاح باطل، لكن يلحق فيه الولد بأبيه إذا كان يعتقد حليته، وراجعي الفتوى رقم: 17568.
وهذا فيما إذا كان الذي حدث زواجا عرفيا، وأما إن كان مجرد اتفاق بينكما على أن يعاشر كل منكما الآخر معاشرة الأزواج فهذا ليس بزواج شرعا، ولا علاقة للمولود بالزاني، بل ينسب إلى أمه وهي المسؤولة عنه. وعلى أهلك أن يعلموا أن بينهم وبين هذا المولود رحما، وأنهم قد ابتلاهم الله تعالى بوجوده فعليهم أن يصبروا على هذا البلاء. وراجعي الفتوى رقم: 6045.
وبالنسبة لهذا العقد الذي قلت أنه تم تدارك الموقف به، فيمكنك أن تنظري حكمه في الفتوى رقم: 22478.
وقد أساءت أمك حين علمت بأمر مجيء هذا الشاب إلى بيتكم ليلا ولم تخبر أباك بذلك حتى يحزم ويحسم الأمر، ولا ننصح بطلاقها لمجرد كونها لم تخبر زوجها بالأمر، فربما تكون قد سكتت خشية أن ينال ابنتها مكروه من أبيها إن أعلمته بما حدث، أو أن يكون منه اعتداء على ذلك الشاب فتحدث مشاكل كبيرة مع أهله ونحو ذلك.
وعلى كل حال، فإننا ننصح الأبوين بالحرص على صيانة الأولاد وحسن تربيتهم، وتوجيههم إلى الخير، وتحذيرهم من الشر.
نسأل الله لنا ولأبيك العافية من البلاء والصبر على الضراء.
والله أعلم. ... ... ... ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1430(13/2869)
الثقة وحسن الظن لا يبيح التهاون في انفراد الصديق مع بنت صديقه
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهب زميلي إلى انتداب، ووصاني أن أوصل أبناءه إلى المدرسة، ومن ضمن أبناءه بنت في الجامعة، وقد قلت له إنه لا يجوز أن أوصل ابنتك إلى الجامعة وأنا وهي وحدنا، فقال أنا أثق بك جدا، وللعلم هو على جانب كبير من الثقافة الدينية، فهل يجوز أن أوصل ابنته مع أني رفضت وترجاني أن أوصلها، والحمد لله أنا أبلغ من العمر 45، ولا أفكر مطلقا في هذه الأمور، ولكن الحي لا يأمن على نفسه من الفتنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لهذه البنت أن تنفرد معك في السيارة، لأن ذلك يُعَدُّ في حكم الخلوة كما رجحّناه في الفتوى رقم: 1079، فإن أمكن مصاحبة غيرها لها كبعض إخوتها أو أخواتها أو بعض محارمك أو غيرهم بشرط أن يكونوا ممّيزين، وكانت الفتنة مأمونة، فلا مانع من توصيلها، وأمّا إذا تعذّر وجود من يصاحبها ممّن تنتفي الخلوة بوجوده، أو كانت الفتنة غير مأمونة فلا يجوز لك توصيلها، وعليك أن تعتذر لوالدها وتبين له أنّ الثقة وحسن الظن لا يبيح التهاون في حدود الشرع، والتفريط في المحافظة على بناته. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 10690.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1430(13/2870)
الحمو الموت.. يشمل أقارب الزوجين
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة موضوع الحمو الموت على الجميع سواء أزواج أو زوجات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الصحيحين وغيرهما عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والدخول على النساء. فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الحمو يطلق على قريب الزوج والزوجة معا.
ًففي عون المعبود شرح سنن أبى داود: قال ابن فارس: الحمأ أبو الزوج وأبو امرأة الرجل، وقال في المحكم أيضا: وحمأ الرجل أبو زوجته أو أخوها أو عمها، فحصل من هذا أن الحمأ يكون من الجانبين كالصهر وهكذا نقله الخليل كذا في المصباح. انتهى
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: اتفق أهل اللغة على أن الاحماء أقارب زوج المرأة كأبيه، وعمه، وأخيه، وابن أخيه، وابن عمه ونحوهم، والأختان أقارب زوجة الرجل، والأصهار يقع على النوعين. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: الحمو الموت. فمعناه أن الخوف منه أكثر من غيره، والشر يتوقع منه والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن ينكر عليه بخلاف الأجنبي، والمراد بالحمو هنا أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه، فأما الآباء والأبناء فمحارم لزوجته تجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت، وإنما المراد الأخ وابن الأخ، والعم وابنه ونحوهم ممن ليس بمحرم وعادة الناس المساهلة فيه ويخلو بامرأة أخيه فهذا هو الموت وهو أولى بالمنع من الأجنبي لما ذكرناه، فهذا الذى ذكرته هو صواب معنى الحديث. انتهى.
ولا ريب أن قريبات الزوجة أيضا فتنة للزوج فيجب الابتعاد عن التساهل في الخلوة بهن، أو نظر ما يحرم نظره لأن النساء أعظم فتنة على الرجال كما قال صلى الله عليه وسلم: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. متفق عليه واللفظ للبخاري.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 26152.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1430(13/2871)
حكم خلوة الرجلين أو الثلاثة بالأجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة وأضطر للعمل خارج المكتب-ميداني- وقد أخرج مع موظفين لمسافات تزيد عن ساعة بالسيارة، وقد أكون أغلب الحالات وحدي أنا وموظف واحد فقط. فما حكم الإسلام هل هذا يعتبر خلوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الحالات التي تكونين فيها أنت ورجل واحد منفردين فهذه حرام لا خلاف في حرمتها , لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. متفق عليه. ولقوله صلى الله عليه وسلم أيضا: ما خلا رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان. رواه الترمذي وأحمد.
قال أبو العباس القرطبي في كتابه المفهم: وبالجملة فالخلوة بالأجنبية حرام بالاتفاق في كل الأوقات وعلى كل الحالات. انتهى. وقد بينا حكم الخلوة في السيارة في الفتوى رقم: 50082.
فإذا انضم إلى ذلك السير بالسيارة مسافة يصدق عليها عرفا اسم السفر فهنا ينضاف محظور آخر, ومعلوم أن سفر المرأة دون محرم لها حرام, كما بيناه في الفتوى رقم: 120008.
فعليك بالتوبة إلى الله سبحانه من هذا كله، ثم احذري من العود إليه مرة أخرى لأنه ذريعة للشر والفساد.
يبقى بعد ذلك النظر في الحال التي تكونين فيها مع عدد من الرجال -اثنين فما فوق- داخل محيط البلد أعني دون سفر, فإن كان هناك تجاوز للآداب الشرعية من ترك الحجاب الشرعي، أو وجود خضوع بالقول، أو كلام فيما لا حاجة منه, فهو أيضا حرام, لأن هذا من الاختلاط المحرم, وقد بينا حكم العمل المختلط وضوابطه في الفتوى رقم: 31199.
أما إن كان هذا مع التزام الضوابط الشرعية وعدم الخروج عنها، ووجدت حاجة معتبرة للعمل في هذا المكان المختلط، وكان هذا إنما يجري في بعض الأحوال والأوقات دون بعض، فالذي نراه راجحا – والعلم عند الله سبحانه – أنه يجوز لك الاجتماع معهم– عند الحاجة - بشرط أن يكونوا جماعة يبعد تواطؤهم على الفاحشة، وأن يكونوا من أصحاب الدين والأمانة الذين يبعد تواطؤهم على الشر, أما إذا كانوا معلنين بالفسق والتهتك فلا يجوز لك الاجتماع معهم, وإنما اخترنا هذا لما جاء في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على المنبر فقال: لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان.
وإنما عدلنا عن ظاهر الحديث في الاكتفاء برجلين فقط نظرا لفساد الزمان وغلبة الشر, وقد ذهب بعض العلماء إلى عدم الاكتفاء بالثلاثة أيضا في ظل فساد الزمان.
قال الحافظ أبو العباس القرطبي في شرحه لهذا الحديث: لا يدخلن رجل على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان. سدا لذريعة الخلوة ودفعا لما يؤدي إلى التهمة، وإنما اقتصر على ذكر الرجل والرجلين لصلاحية أولئك القوم, لأن التهمة كانت ترتفع بذلك القدر, فأما اليوم فلا يكتفى بذلك القدر, بل بالجماعة الكثيرة لعموم المفاسد , وخبث المقاصد, ورحم الله مالكا لقد بالغ في هذا الباب حتى منع خلوة المرأة بابن زوجها والسفر معه وإن كانت محرمة عليه، لأنه ليس كل أحد يمتنع بالمانع الشرعي إذا لم يقارنه مانع عادي. انتهى.
وذهب الإمام النووي إلى أبعد من هذا حيث ذكر أن هذا الحديث مؤول, وفي ذلك يقول في شرحه على صحيح مسلم: ثم إن ظاهر هذا الحديث جواز خلوة الرجلين أو الثلاثة بالأجنبية، والمشهور عند أصحابنا تحريمه، فيتأول الحديث على جماعة يبعد وقوع المواطأة منهم على الفاحشة لصلاحهم أو مروءتهم أو غير ذلك، وقد أشار القاضي إلى نحو هذا التأويل. انتهى.
أما إذا كان اجتماعك بهم على سبيل الدوام وكنت في غالب وقت العمل تكونين وحيدة بين هؤلاء الرجال -وهذا هو الظاهر من سؤالك- فهذه الصورة ممنوعة قطعا ولا يجوز لك المداومة عليها بحال لأنها ذريعة قوية لحصول الفتنة
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1430(13/2872)
واجب من يعمل في مدرسة أكثر المدرسين فيها نساء
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم العمل في مدرسة أكثر مدرسيها معلمات وهي مختلطة للصغار العمر 11 سنة مختلطة، وحكم رد السلام عليهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليك أن تبحث عن مدرسة أخرى لا يوجد فيها تبرج، ولا اختلاط طلباً للسلامة وبعداً عن الفتنة، وإن لم يتيسر لك عمل آخر وكنت مضطراً إلى هذا العمل ضرورة ملجئة، فابق فيه حتى يزول عنك حال الاضطرار، واحرص على غض البصر والبعد عن الخلوة المحرمة، مع بذل النصيحة والدعوة للحجاب في موضعك، وللاستزادة راجع في ذلك الفتوى رقم: 7934.
وأما رد السلام فالسلام بين الرجل والمرأة الأجنبية يسن إن كانت المرأة عجوزاً أو لا يشتهي مثلها، ويجب عليها رد السلام.. وأما إن كانت شابة أو ممن يشتهى مثلها ويخشى الافتتان بها، أو يخشى افتتانها هي بمن سلم عليها فيكره إلقاء السلام عليها، وكذا رده منها وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم، وللاستزادة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6158، 8469، 31226.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1430(13/2873)
وجوب النصح بضوابطه من العلاقات بين الشبان والشابات
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي قريبة في 15 من العمر، ولديها صديقة في المدرسة غير خلوقة، لديها هاتف خلوي من دون علم أهلها وتتكلم مع الشباب، وقد قامت هذه البنت بإغراء قريبتي بابن عمها على أنه رجل مهذب ويحبها، ويريد الارتباط بها وقد أخبر أهله بذلك، وقريبتي هذه وقعت في هذه المشكلة تعلقت به دون أن تتكلم معه وإنما بنظرات- حسب قولها لي- وأنها تراه عند المدرسة واليوم الذي لا تراه فيه تنزعج، وهي أيضا كانت من المتفوقات في المدرسة إلا أن هذه الصديقة قد أثرت عليها في الدراسة وهي تقبل الآن على المرحلة الثانوية.
بدوري أنا قد جلست معها أكثر من مرة، وقد فهمت أنها تورطت من صديقتها، وأنا لا أعلم هل هي جاهلة أم أنها تكذب؟ وأيضا من خلال الحديث معها اكتشفت أنها تكذب بسبب الخوف، مع أني تركت لها المجال لتحكي وأعطيتها الأمان لكي أستطيع أن أحل المشكلة دون أن يعلم بها إخوتي الأكبر مني سنا.
أرجو منكم الإجابة بالسرعة الممكنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا أن مثل هذه العلاقات بين الشباب والفتيات من أضر الأشياء على دين المرء ودنياه, وأنه يجب قطعها فورا بلا تردد ولا تسويف, وأنه لا تحصل التوبة منها إلا بذلك, وقد بينا ذلك وزيادة عليه في الفتويين رقم: 62874 , 21582.
فالواجب على هذه الفتاة أن تكف عن علاقتها بهذا الشاب طاعة لله، وسدا لذرائع الشر وأبواب الفتنة والفساد.
ثم عليها أن تقطع علاقتها بصديقتها هذه التي كانت سببا في وقوعها في هذه الفتنة, فإن من كان على هذه الشاكلة لا تجوز مصاحبته ولا مرافقته, وقد بينا ذلك في الفتاوى الآتية أرقامها: 49072 , 24857، 61194.
يبقى بعد ذلك النظر في علاقتك أنت بهذه الفتاة, فإن كنت من محارمها -أي يحرم عليك الزواج منها- فعليك أن تعينها على ذلك، وأن تكثر من نصحها وتذكيرها حتى تتجاوز هذه المحنة, مع محافظتك على سترها وعدم إخبار أحد بذلك إلا في حدود المصلحة الراجحة.
أما إن لم تكن من محارمها فهنا عليك أن تكف عن علاقتك بها فورا, لأن علاقتك بها حينئذ من جنس هذه العلاقة بينها وبين هذا الشاب الأجنبي والتي تنكرها عليها, غاية الأمر أنه يمكنك أن تخبر بهذا بعض أرحامها ممن يستطيع تقويمها وكفها عن هذه العلاقات المحظورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1430(13/2874)
توسط لها في العمل ثم أصبح يلاحقها رغبة في الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي مشكلة مع رجل كان هو من وظفني عند شخص هو يعرفه. شكرت له معروفه وأخبرته أن الله هو وحده من سيجازيه على معروفه هذا. لكنه طلب مني أو بالأحرى أمرني بأن أرد له معروفه وذلك بإمضاء ليلة معه.
أنا دائما أخاف من أن يعاكسني في الطريق. لدرجة أنني أطلب من مديري أن يصاحبني. أرجوكم أن تنصحوني فأنا خائفة، والله وحده أعلم بحالي، وشكرا لتفهمكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يطلبه منك هذا الرجل حرام، وهو من كبائر الذنوب التي توجب غضب الله سبحانه، فالواجب عليك أن تقطعي علاقتك به فلا تقابليه ولا تحدثيه ولا تردي على هواتفه واتصالاته. وعليك بإخبار بعض أرحامك وأوليائك كأبيك أو أخيك أو أحد الأعمام بحاله وما يطلبه منك ليردعه عن تتبعه لك.
مع تنبيهك على أمرين:
الأول: أنه لا يجوز لك العمل في الأماكن المختلطة إلا بالضوابط الشرعية التي سبق بيانها في الفتوى رقم: 31199.
الثاني: أنه لا يجوز لك التبسط في علاقتك بمديرك هذا، ولا أن تطلبي منه أن يوصلك إلى مسكنك، فإنه ليس من محارمك، وعليك أن تطلبي هذا من أحد محارمك أو بعض زميلاتك في العمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1430(13/2875)
وجوب التستر من الأب الذي يرغب برؤية أجساد بناته على وجه الفساد والشهوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي مشكلة، والدي دائما كان يطلب منا أن نريه جسمنا، وكنا نرفض، ومع كل رفض كان يضربنا ولا يكلمنا بتاتا، ويضرب أمي لأنها هي التي تحرضنا، أمنا لا تحرضنا نحن لسن صغارا، وهو دائما عصبي ويقول لأمي سيتزوج عليها، وهو لا يحترمنا ويقول للناس إننا نحن لا نحترمه. أريد فتوى في ما حكم أن تجلس الفتاة في حضن والدها، وما حق البنت على أبيها؟ فهو حرمنا كل شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يطلبه منكن أبوكن من رؤية أجسادكن على وجه الفساد والشهوة حرام، بل هو من أقبح المعاصي وأشنعها، ولا يجوز لكنّ أن تطعنه في ذلك، بل عليكن ما دمتن قد اطلعتم على أخلاقه هذه أن تبالغوا في التحرز منه، ولا تظهرن أمامه إلا بكامل الستر والاحتشام بحيث لا يظهر منكن إلا الوجه والكفين في أوسع الأحوال، ثم احرصن كل الحرص على ألا يختلي بواحدة منكن، بل عليكن أن تكنّ في أغلب الأوقات مجتمعات، خصوصا في الأوقات التي يكون حاضرا فيها، ثم عليكن أن تنصحن له بأسلوب رفيق، وأن تعلمنه بحرمة هذا الذي يصنعه، وأن هذا مما يوجب لعنة علام الغيوب جل جلاله.
فإن تمادى في غيه وعدوانه فهددنه بإفشاء أمره للأسرة والعائلة، فإن لم ينزجر، فيمكنكن أن تخترن أحد الأعمام أو الإخوة ممن تثقن في دينه ورجاحة عقله ثم تخبرنه بما يحدث، وسيكون هذا إن شاء الله رادعا له عما يصنع.
مع الإكثار من الدعاء له بالهداية والرشد، ثم الدعاء لأنفسكن بالعفة والستر، وأن يرزقكن الله الأزواج الصالحين.
وقد بينا في الفتويين رقم: 47916، 117906، بعض النصائح للفتاة التي يتعدى والدها حدود الشرع في معاملتها.
أما ما تسألين عنه من جلوس الفتاة في حضن والدها فإنه فيمن كان أبوها على ما ذكرت من الحال فإنه يحرم عليها ذلك قطعا في جميع الأحوال، بل يحرم ما دونه من مجرد الخلوة به ولو كانت الفتاة في كامل لباسها الشرعي الذي يستر وجهها وكفيها.
وقد بينا في الفتاوى رقم: 3222، 55893، 599، بعض الأحكام في تعامل المرأة مع محارمها.
وأما بخصوص حقوق البنت أو الولد عموما على أبيه فقد بيناها بالتفصيل في الفتويين رقم: 113285، 23307.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1430(13/2876)
مفسدة الاختلاط مغتفرة في جانب مصلحة تولي النساء للنساء في الولادة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي الزواج من ممرضة ملتزمة تعمل كمولدة مع اختلاط لأن كل المستشفيات عندنا مختلطة رغم استقلال كل قسم بمستخدميه، بحيث قسم التوليد لا يشتغل فيه الا الممرضات النساء لكن يؤطرهن طبيب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في الزواج من هذه الفتاة، لا سيما إذا كانت صاحبة خلق ودين، وعملها هذا وإن كان يشوبه الاختلاط في بعض الأوقات، فنرجو أن لا يضرها ذلك إن شاء الله، ولا حرج عليها منه إن هي التزمت الآداب الشرعية من الحجاب الساتر لجميع البدن، وترك الخلوة والخضوع بالقول ونحو ذلك من المحظورات، خصوصا مع ما ذكرت من أن كل المستشفيات في بلدكم لا تخلو من اختلاط، وإنما ذهبنا إلى ذلك لأن عملها هذا متعين على النساء، ولا يجوز أن يقوم به الرجال مع وجودهن، فاغتفرت فيه هذه المفسدة الحاصلة من الاختلاط في جانب المصلحة العظيمة المترتبة على مباشرة النساء للنساء في الحمل والولادة دون غيرهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1430(13/2877)
تعامل المرأة مع زميل العمل يكون في أضيق الحدود
[السُّؤَالُ]
ـ[مامدى حكم علاقة المرأة المتزوجة بزميلها في العمل مع إحساسها بأنه لديه إعجاب منه لها مع أنها ليس لديها أي اتجاه ناحيته وتعامله في حدود العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليها أن تلتزم حدود الله، وتتأدب بآداب الشرع في التعامل مع الرجال، ولتحذر من التهاون في هذه الحدود والآداب خاصة مع الشخص الذي تحسّ منه الإعجاب، وتحرص على أن يكون تعاملها معه في أمور العمل في أضيق الحدود، فإذا احتاجت للتعامل معه أو مع غيره من الرجال الأجانب فالواجب أن يكون ذلك بدون خلوة مع الالتزام بالحجاب الشرعي، والحرص على غض البصر، وأن يكون الكلام بجدٍ واحتشام بعيداً عن الليونة والتبسط وإزالة الكلفة، وأن يقتصر على قدر الحاجة، وينبغي الحذر من استدراج الشيطان واتباع خطواته والانخداع بتزيينه وغروره، فإنّه يتربّص بالعبد حال تفريطه وتهاونه ليوقعه في الفتنة التي تفسد عليه دينه ودنياه، والنجاة في التمسّك بالشرع والاعتصام بالله، ولتعلم أن العمل الذي يختلط فيه الرجال والنساء على وجه محرم يجب تركه لأنه ذريعة إلى الوقوع فيما حرم الله عز وجل. وراجع الفتوى رقم: 37294، 3859.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1430(13/2878)
بلاد الكفر.. ومسألة غض البصر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص انتقلت إلى أوروبا وملتزم قدر الإمكان والحمد لله -لا أزكي نفسي والعياذ بالله- عندي مشكلة وهي غض البصر، أنا أغض البصر والحمد لله منذ زمن وأعلم فوائده وأدلته و ... إلخ، فأرجوكم لا تكتبوا لي محاضرة عن فوائد غض البصر مثلما يحصل لي عادة عند طرحي لهذا السؤال التالي:
كيف يمكن للإنسان أن يوفق بين غض البصر والتعامل مع الناس، فغض البصر عن النساء في الشارع أو التلفاز ليست مشكلة على الإطلاق والحمد لله، المشكلة تبدأ عندما تضطر إلى التعامل مع النساء، وهنا في أوروبا للأسف حدث ولا حرج ما أكثر النساء في الوظائف العامة وفي الجامعات و ... إلخ.
في بداية قدومي لم أكن أنظر إلى النساء أثناء تكلمي معهن، وكان ذلك يسبب لي المشاكل وسوء الفهم وأخذ نظرة غريبة عن الإسلام، فسألت أهل العلم في المهجر، فتساهلوا معي وقالوا لا يمكن تطبيق غض البصر كما في البلاد الإسلامية، فأنا في حيرة من أمري!
سامحوني للإطالة ولكن أرجوكم لا تعطوني جوابا مثل: اتق الله قدر استطاعتك. أو عند الضرورة. لأن الضرورة والاستطاعة نسبية من شخص إلى شخص.
حتى أسهل عليكم علمائي الأفاضل:
1- هناك أقرباء أو أصدقاء لي في هذا البلاد قد يكون عندهم بنت غير محجبة، فهل إذا في يوم من الأيام دعوني لبيتهم -وهم لا يعرفون عن الإسلام شيئا- أرفض رفضاً باتا بسبب ابنتهم، أم أذهب-لنفرض مرة واحدة في السنة مع أمن الفتنة وعدم تحقق الخلوة- وأشرح لهم عن الدين الإسلامي وأدعوا إلى الله مع عدم غضي الكامل للبصر، وإنما أغضه غضاً ذكيا = غض بصر 80%.
2- عند إلقائي محاضرة في الجامعة مثلاً، أو دعوتي إلى الله في إحدى الندوات مثلاً التي لا تخلو من النساء. هل أغض البصر غضا كاملا، ومن التجربة فإن هذا يعيق إدارة الحديث ولا يعطي الطرف الآخر شعورا بالاهتمام وخاصة في هذه البلاد.
3- عندما تكون أستاذتي في الجامعة امرأة، فكيف لي أن أغض البصر؟ قد لا أفهم -وهذه بسيطة يمكن تعويضها عن طريق الدراسة المكثفة في الكتب- ولكنها قد توتر العلاقة تجاهي -خاصة أني بفضل الله من المميزين والمعروفين- ويتم تفسير تصرفاتي بأنني لا أحترم الأستاذة بسبب تكبري، وإذا أخبرتهم عن السبب الرئيسي وهو غض البصر تبدأ أصابع الاتهام توجه إليك بالتشدد وتكون محل شبهة كإرهابي والعياذ بالله.
4- هل يمكن النظر للنساء اللواتي بلغن فوق سن الأربعين من دون شهوة في حالة الحديث الضروري معهن - مثل الحالات المذكورة أعلاه- وكذلك الحال بالنسبة لنساء فوق الثلاثين اللواتي لا يجلبن الشهوة في الحالات المذكورة أعلاه.
آسف للإطالة ولكن صدقوني الموضوع ضروري ومهم فأرجوكم إجابتي إجابة مفصلة جدا لا تحتوي على التعميمات التي أقيس عليها، وحتى لا نعيد المنوال مثل دائما ... ؟
أنا إنسان متشدد في غض البصر فبإذن الله لن أترك غض البصر الذي هو مصدر العزة، يعني لا تخافوا من إعطاء الأحكام المخففة قليلاً التي أعلم متى أستخدمها، حيث قد يكون هناك من يريد التشديد علي حتى لا أقع في الفتنة، فقبل الإجابة أطمئنكم والثقة بالله فقط وحده لا شريك له.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت تعلم أدلة غض البصر فلن نفيض في ذكرها، ولكننا سنجمل نصيحتنا لك في أمور:
1- لا تجوز الهجرة من بلاد المسلمين إلى بلاد غير المسلمين لمن لا يستطيع أن يقيم شعائر الدين، ولا يأمن على نفسه الوقوع في الفتنة، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 2007.
2- الأماكن التي تعلم أنك لن تستطيع أن تغض بصرك فيها يجب عليك عدم الذهاب إليها إلا إذا دعت إلى ذلك حاجة معتبرة شرعا.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: وَيَجِب عَلَى الرِّجَال غَضّ الْبَصَر عَنْهَا فِي جَمِيع الْأَحْوَال إِلَّا لِغَرَضٍ صَحِيح شَرْعِيّ, وَهُوَ حَالَة الشَّهَادَة، وَالْمُدَاوَاة, وَإِرَادَة خِطْبَتهَا، أَوْ الْمُعَامَلَة بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاء, وَغَيْرهمَا, وَنَحْو ذَلِكَ, وَإِنَّمَا يُبَاح فِي جَمِيع هَذَا قَدْر الْحَاجَة دُون مَا زَادَ. وَاللَّه أَعْلَم. اهـ
3- على المسلم الاعتزار بدينه والالتزام به، ونظرة غير المسلمين لك إذا تمسكت بدينك وما قد يقولونه عنك كل هذا لا يسوغ الوقوع في الحرام أو التساهل في أوامر الله، فأنت مطالب بتطويع حياتك لأحكام الإسلام لا تطويع أحكام الإسلام وفقا للواقع أو لنظرة غير المسلمين لك.
4- إذا كانت الدراسة لابد منها ولا توجد أماكن غير مختلطة فلا مانع من الذهاب إلى هذه الأماكن دارسا أو محاضرا، ولكن غض بصرك ما أمكن ذلك، ونظر الفجأة معفو عنه، أما غير المعفو عنه فهو إدامة النظر وتعمد ذلك، فعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي. رواه مسلم.
قال النووي في شرح الحديث: قَوْله: الْفُجَاءَة. هِيَ الْبَغْتَة. وَمَعْنَى نَظَر الْفَجْأَة أَنْ يَقَع بَصَره عَلَى الْأَجْنَبِيَّة مِنْ غَيْر قَصْد فَلَا إِثْم عَلَيْهِ فِي أَوَّل ذَلِكَ, وَيَجِب عَلَيْهِ أَنْ يَصْرِف بَصَره فِي الْحَال, فَإِنْ صَرَفَ فِي الْحَال فَلَا إِثْم عَلَيْهِ, وَإِنْ اِسْتَدَامَ النَّظَر أَثِمَ لِهَذَا الْحَدِيث, فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِأَنْ يَصْرِف بَصَره مَعَ قَوْله تَعَالَى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ. اهـ.
5- عندما تكون أستاذتك معلمة فيجب عليك أيضا غض بصرك قدر الإمكان.
6- لا يتحدد جواز نظرك للمرأة أو عدم جوازه بسن معين كالأربعين -كما ذكرت- أو غير ذلك، بل ما دامت المرأة أجنبية عنك فيجب عليك غض بصرك إلا في الحالات المستثناة التي سبقت في كلام النووي رحمه الله، وكذلك العجوز الفانية ونحوها مما تؤمن فتنته، وتراجع الفتوى رقم: 5776، والفتوى رقم: 22225.
وأخيرا نوصيك بتقوى الله والحرص على دينك، فإن لم تستطع ذلك في البلاد أنت فيها فابحث لك عن مكان تستطيع أن تقيم فيه دينك وتأمن الفتنة، والله يغنيك من فضله، وراجع الفتوى رقم: 5658.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1430(13/2879)
محادثة الأجنبي ومشاهدته من خلال الكاميرا عبر النت
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الفاضل، أريد أن أسأل سؤالا: أختي تتكلم مع رجل عبر الإنترنت يسكن في السعودية ويبعث لها النقود وهي لا تعرفه قصد المساعدة، وشاهدها عبر الكاميرا وتكلم معها في السماعة. فهل هذا حرم أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمحادثة أختك لهذا الرجل الأجنبي عنها مع مشاهدته من خلال آلة التصوير هو أمر لا شك في حرمته. وهو من أعظم أسباب البلاء ويجر إلى كثير من الويلات، ولذا يحذر منه العلماء والدعاة والمصلحون. ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 0 4662
وما أخذته من مال هذا الرجل إذا كان يدفعه لها مقابل هذه العلاقة التي بينه وبينها وليست مجرد مساعدة لها لحاجتها إليها ونحو ذلك فهذا كسب خبيث، لا يحل الانتفاع به، والواجب عليها التوبة، وقطع هذه العلاقة، والتخلص مما بقي عندها من ذلك المال بإنفاقه في وجوه الخير بنية التخلص من المال الحرام، ولا يجوز لها إرجاعه إلى ذلك الرجل لئلا يكون قد جمع له بين العوضين كما أوضحنا بالفتوى رقم: 71980.
أما إذا كان مجرد مساعدة كما ذكرت فلا حرج في قبوله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1430(13/2880)
هل يحتفل بزواجه بالنزول في فندق يقدم الخمور
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مقبل علي البناء-الدخلة- وأريد أنا وزوجتي أن نحتفل بزواجنا بالسفر داخل بلدنا مصر وأن نذهب لمدينة ساحلية سياحية, هناك فندق في مدينه الغردقة يحتوي علي غرف شديدة الخصوصية فبعضها يحتوي علي حمام سباحة خاص، وبعضها يحتوي علي حديقة خاصة بالغرفة، وهذا شيء مفيد خصوصا أني ملتزم وزوجتي منتقبة فسيكون بإمكاننا أن نفعل مالا نستطيع أن نفعله في مكان آخر وأن نكون بحريتنا, المشكلة أن هذا الفندق يحتوي علي بار يقدم الخمور. مع العلم أن هذا البار بعيد عن مكان الغرف تماما وفي مبني مختلف، وأننا لن نكون في نفس مكان شرب أو تواجد هذه الخمور, هل يجوز لنا النزول في هذا الفندق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يبارك لكم هذا الزواج، ولا ينبغي لكم الاحتفال بزواجكم بالنزول في مثل هذه الأماكن التي فيها محاربة لله ورسوله بتيسيرها الخمور وغيرها من الفواحش، لأن الواجب هو الإنكار على من يملكها لسماحه بتقديم الخمر فيها، وأقل درجات الإنكار أن يهجر ولا يتعامل معه حتى يتوب، وراجع الفتاوى التالية ففيها مزيد فائدة: 35180، 60165، 21564.
وسلامة الدين والتماس رضا الله أعظم ما يفرح به المؤمن، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1430(13/2881)
كان ينبغي لك النفي القاطع لإرادتك الزواج منها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عادل الذي طلب الفتوى من فضيلتكم بخصوص حرمة تخبيب الزوجة على زوجها وكان هذا في 03 جمادي الأولى 1430 / 28-04-2009 رقم الفتوى هو 120817 ونص رسالتي هو:
أنا شاب أبلغ من العمر 26 سنة، تعرفت على فتاة وبعدها علمت منها أنها مخطوبة لشاب آخر، قالت لي إنها في البداية رضيت به، ولكن بعد شهر علمت مساوئ أخلاق هذا الشاب فطلبت من أهلها فسخ الخطوبة لكن أهلها رفضوا هذا لخوفهم على ابنتهم من العنوسة، وتم العقد على زواجهما، هي الأن خائفة على نفسها من الزواج به لسوء أخلاقه، أخبرتني أني إن كنت أريدها حقا للزواج فستقنع أهلها بفسخ زواجها، ويعلم الله صدق نيتي في الزواج منها ونحن متعلقين ببعضنا جدا، فضيلتكم أعلم أنني وقعت في ذنب عظيم بعلاقتي مع هذه الفتاة، ولكني لا أريد أن أقع في ذنب أعظم، أرشدوني ماذا عساي أفعل؟ أنا خائف من سخط الله علي، أنا متيقن من أنه إن تركت الفتاة هذا الزوج سأتزوجها، لكن هل يحكم علي أني خطبت على خطبة مؤمن آخر، فأرجو أن تفيدوني بفتواكم أنا تائه لا أعلم ماذا أفعل؟
فضيلتكم أريد أن أحمد الله على توبتي وأشكركم على فتواكم، فقد قطعت كل علاقتي مع هذه الفتاة لكن أريد فقط أن أشير إلى أشياء والله على ما أقول شهيد:
1- عقد زواج الفتاة تم ولكن دخلتهما لم تتم بعد 2- والله لا أعرف ولم أرى زوجها في حياتي قط 3 - والله لم أنطق بكلمة سوء واحدة عن هذا الزوج لأني لا أعرف عنه سوى ما حكته لي الفتاة 4- يعلم الله أني حاولت بقصارى جهدي أن أوفق بينهما وكنت دائما أقنعها بأن الشاب سيتغير بعد الزواج 5 - كيف أخبب الزوجة وهي لم تكن مقتنعة به منذ البداية وقد أخبرتكم أنها وافقت عليه طاعة لأهلها.
فضيلتكم أعلم أني أخطأت لكن أن يصل بي الأمر لإفساد الأسر وتحريضها على ترك زوجها فالموت أهون عندي من هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت حين قطعت علاقتك مع هذه الفتاة، وظننا بك أنك ستفعل لما التمسنا من صدقك من خلال سؤالك. ونسأل الله تعالى أن يعفو عما مضى، وأن يوفق إلى إحسان العمل فيما يستقبل.
وإننا لم نظن بك شراً أو أنك أردت إفساد هذه المرأة على زوجها، ولكن ما ذكرت من إخبارها إياك بأنك إن كنت تريد الزواج منها فستقنع أهلها بفسخ الزواج، وسكوتك على هذا الكلام. قد يكون مظنة لإفسادها على زوجها، وكان ينبغي لك النفي القاطع لإرادتك الزواج منها، كما أن محاولاتك بقصارى جهدك التوفيق بينها وبين زوجها هو خطأ أيضاً: لأن الواجب هو الابتعاد عنها ثم ما يدريك أنها لو طلقت ثم تزوجتها أن تكون حياتك معها سعيدة.
فقد رأينا حالات كثيرة من الزواج الذي يقوم على مثل هذا الحب المزعوم ويكون نهايته الفشل بسبب ما قد يظهر كل من الطرفين من مظاهر خداعة يتبين فيما بعد أنها محض سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً، قال تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ. {البقرة:216} .
وأما هذه الأشياء التي أشرت إليها بالأرقام في نهاية السؤال فلا تأثير لها فيما أفتيناك به.
وإذا أردت الزواج من امرأة فأعلم أنه يكفيك أن تسأل من يعرفها من الثقات عن دينها وخلقها، فإذا أثنوا عليها خيراً رأيتها الرؤية الشرعية واستخرت الله تعالى في أمرها، فإن كان في زوجك منها خيرا يسره الله لك بمنه وكرمه، وانظر الفتوى رقم: 19333 وهي عن الاستخارة في النكاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1430(13/2882)
ماذا يفعل المتزوج إذا اتهمته امرأة ظلما أنه زنا بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أبلغ من العمر 29 سنة متزوج وأب لطفلين، تفاجأت من إحدى البنات الزانيات (أعوذ بالله) بأنها ولدت مولوداً غير شرعي وقالت إن هذا المولود أنا أبوه، وأنا أقسم بالله ما اقتربت من هذه الفتاة يوماً، فهذا الأمر الآن مسبب لي ضغطا نفسيا أكثر من اللازم، وخاصة أنا رب أسرة وأعمل في مؤسسة لا تقبل مثل هذه الشبهات، فأنا قررت أن أنتقم من هذه الفتاة، ولكن للطف الله وجدت المساحة المخصصة للأسئلة في هذا الموقع المبارك، فأرجو من فضيلتكم أن تعينوني على تجاوز هذه المحنة وهذا الابتلاء برد شاف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه السائل إلى أن رمي المرأة المذكورة بالزنا من المحرمات العظيمة، وكونها ولدت ولدا بلا زوج ليس دليلا على ارتكابها الفاحشة لاحتمال أن يكون الحمل بسبب إكراه أو وطء شبهة، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 28539.
أما ما قامت به من اتهامك أنك والد هذا الطفل وأنت بريء من ذلك فهذا حرام وهو أيضا من القذف المحرم, إذا لا فرق في ذلك بين اتهام الرجال أو النساء، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 63475، والفتوى رقم: 98673.
والذي ننصحك به هو أن تعرض عن هذه الفتاة وعن أقاويلها - خصوصا مع ما ذكرت من أن هذا قد يؤثر عليك سلبا في جهة عملك - فإن هذه الشائعات إنما تخمد وتموت بالإعراض عنها، أما إذا لاكتها الألسنة بالبحث والاستقصاء فإنها حينئذ تنتشر انتشار النار في الهشيم.
فإن أعرضت عنها ولم تنته عن اتهامها لك فعليك أن ترفع الأمر للقضاء أو السلطات المختصة ولا يجوز لك بحال أن تقوم بمعاقبتها لأن مثل هذه العقوبات لا توكل للأفراد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(13/2883)
احتجاب المرأة ممن تولى أبوها كفالته وتربيته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة تقبيل ومجالسة أخيها بالتبني أو بالكفالة (ولد تبناه ورباه والدها منذ كان صغيرا) وهل تحتجب منه أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود بالتبني إلحاقه بنسب الوالد المذكور فهذا لا يجوز أصلا ولا يصير بهذا التبني ابنا شرعيا له.
وإن كان المقصود تربيته وكفالته فهذا فيه خير كثير وأجر عظيم لكنه يعتبر أجنبيا من أولاد من تبناه، وبالتالي إذا كان بالغا أو قريبا من البلوغ فالواجب على تلك المرأة ارتداء الحجاب بحضوره، وتحرم الخلوة به وملامسته، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 42751 والفتوى رقم: 63990
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(13/2884)
حكم سكن المرأة مع أختها وزوجها في غرفة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك امرأة كبيرة السن 60 سنة وقد دعتها أختها لتأدية العمرة حيث إنها ستسكن مع أختها وزوجها في نفس الغرفة هناك في المدينة. هل يجوز لها أن تسكن معها وزوجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزوج الأخت ليس من المحارم وإنما هو أجنبي، لا تحل الخلوة به ولا مساكنته في غرفة واحدة، بحيث يطلع أحدهما على الآخر.
قال زكريا الأنصاري الشافعي: عُلِمَ جَوَازُ خَلْوَةِ الرَّجُلِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ مَعَ الْمَحْرَمِ وَامْتِنَاعُ مُسَاكَنَتِهِ إيَّاهَا مَعَهُ إلَّا عِنْدَ تَعَدُّدِ الْحُجَرِ أَوْ اتِّسَاعِهَا بِحَيْثُ لَا يَطَّلِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ
أمّا عن سؤالك، فإذا كانت تلك الغرفة واسعة بحيث يمكن عمل حائل حتى يؤمن الاطّلاع على العورات، فلا مانع من سكن تلك المرأة مع أختها وزوجها مع عدم الخلوة، أمّا إذا كانت الغرفة لا تتسع لذلك فلا يجوز لها السكن معهم، وننبه إلى أنّ المرأة لا يجوز لها أن تسافر بغير محرم، إلا أن العلماء اختلفوا في جواز سفرها مع رفقة آمنة للحج والعمرة الواجبين، وانظر الفتوى رقم: 6219.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(13/2885)
حكم كلام المرأة مع الكفيف الأجنبي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الكلام مع أولاد مكفوفين ومساعدتهم حرام أم حلال، يعني عندما نكون نذاكر لهم هل من الممكن أن نتكلم في كلام خارج عن المذاكرة وهل ذلك حرام أم حلال؟ أرجوكم أفيدونا....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هؤلاء المكفوفون أطفالا صغارا لم يبلغوا الحلم فلا بأس بالكلام معهم، وأما إن كانوا قد بلغوا الحلم، فيجوز الكلام معهم بقدر الحاجة فقط؛ وذلك لأن حكم كلام المرأة مع الكفيف الأجنبي لا يختلف عنه مع المبصر؛ لأن المحادثة بين المرأة والرجل الأجنبي عموما سبيل إلى الفتنة في غالب الأحوال، فكما أن للمبصر شهوة فإن للكفيف شهوة أيضا، وكما قد تقع الفتنة بالمبصر، فإنها قد تقع أيضا بالكفيف، ولذلك فالمحادثة بين المرأة والرجل الأجنبي عموما لا تجوز إلا إذا كانت هناك حاجة معتبرة شرعا، وكانت الريبة مأمونة.
وأما الكلام لغير حاجة، فإنه يجر بعضه بعضاً، وربما تبعته ضحكات وابتسامات، ونحو ذلك مما هو ذريعة للفتنة والوقوع في الفاحشة، والشارع الحكيم قد سد الذرائع المفضية إلى الحرام ولو كانت في أصلها مباحة، فمنع سفر المرأة بدون محرم، والخلوة بالأجنبي، ونحو ذلك.
وعلى ذلك فإذا كان هؤلاء المكفوفون بالغين ولم تكن هناك حاجة إلى هذا الكلام الخارج عن موضوع المذاكرة فإنا ننصح الأخت السائلة بأن تحذر من ذلك وتتجنبه.
وراجعي للأهمية الفتوى رقم: 111317، والفتوى رقم: 69408.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(13/2886)
طلق زوجته بناء على رغبتها وخطب غيرها لكنه دائما يتذكرها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 28 عاما، تزوجت قبل 3 سنوات من فتاة لم أكن أعرفها، أي ذهبت إلى بيتها وطلبتها، وقد تزوجتها بعد فترة من الخطوبة، وخلال هذه الفترة أحببتها كثيراً، وأحبتني أيضا وبعد مرورر حوالي عام من الزواج كان يحدث تنافر بيننا لا أعرف لماذا، قد يكون عينا أو سحرا أو الله أعلم، وبعد ذلك بحوالي عشرة أيام ذهبت إلى أهلها، ولم تعد، وطلبت الطلاق، وبعد محاولات كثيرة لإرجاعها وإثنائها عن ذلك استمرت حوالي سنة ونصف، ولكن كلها باءت بالفشل حيث ترفض الرجوع، مع العلم بأني جلست معها في إحدي المحاولات وقالت لي إنك إنسان طيب وتستاهل واحدة أحسن مني، وبعد كل هذه المحاولات (لأني أحبها) قمت بتطليقها، ولكني لم أنسها، حاولت نسيانها بشتى الطرق، وقبل فترة وجيزة تقدمت لخطبة فتاة أخرى من عائلة أخرى وهي إنسانة طيبة وتحبني كثيراً وقد أحببتها أيضاً، وسيكون الزواج بإذن الله بعد فترة وجيزة، ولكني وحتى الآن لا أستطيع نسيان زوجتي السابقة، وخصوصا عندما أراها مثلا في السوق أتذكرها أكثر، وأصبح كئيبا جدا بسبب أنه لماذا لا تريدني، خلال هذه الفترة أعلم أن هذه الأمور كلها ابتلاء من الله عز وجل، وأنا أحتسب ذلك عند الله، ولكن بنفس الوقت لا أريد أن أظلم زوجتي أو خطيبيتي الثانية مع العلم بأني لا أذكر زوجتي الأولى أمامها أبداً، ولكن هذا الأمر في القلب، وأدعو الله أن أنسى زوجتي الأولى وأن يوفقني مع الثانية، فأرجو أن ترشدوني ماذا أفعل (والله لا أريد ظلم زوجتي الثانية، ولا أستطيع أن أنسى زوجتي الأولى، التي أدعو الله أن يوفقها في حياتها من بعدي) ، فأرشدوني ماذا أفعل ...
سؤال آخر: هل الإنسان عندما يدخل الجنة برحمة الله طبعا، هل يكون أزواجه الذين تزوجهم في الدنيا رفقاء له بالجنة، يعني هل مثلا زوجتي الأولى تكون من رفقائي بالجنة بإذن الله حتى لو طلقتها في الحياة الدنيا أو حتى تزوجت بعدي من إنسان غيري، أشكر لكم حسن إصغائكم لي، وجعله الله في ميزان حسناتكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به هو أن تستعين بالله جل وعلا، وتنسى أو تتناسي ما كان بينك وبين زوجتك الأولى، ومما يعينك على نسيانها أن تجتنب الأماكن التي يغلب على ظنك تواجدها بها، ثم ادع الله جل وعلا أن يجبر مصابك وأن يعوضك خيراً منها.. واعلم أن ما أصابك إنما هو بقضاء الله وقدره، وقضاؤه سبحانه خير لعبده المؤمن، وإن بدا في ظاهر الأمر بخلاف ذلك، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 116408، والفتوى رقم: 114474، والفتوى رقم: 111666.
أما بخصوص الشق الثاني فإن المرأة في الآخرة تكون مع زوجها إذا دخلا الجنة، فإن تزوجت بأكثر من رجل، فقد حصل خلاف بين أهل العلم هل تكون لآخرهم زواجاً بها أم تكون لأحسنهم خلقاً، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 2207.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(13/2887)
حكم تعرف المرأة على أخبار شخص يحتمل أن يخطبها
[السُّؤَالُ]
ـ[أحببت أحدهم في مجال عملي وهو أحبني ولكن لم نتكلم سويا إلا في مجال العمل فالاحترام المتبادل والعفة جذبتنا لبعضنا وعندما صارحني أنه يريدني زوجة حكى لي عن أن ظروفه يلزمها بضعة أشهر لتحل وقد تركت عملي حتى أتجنب الحديث معه مرة أخرى كي لا نتعلق ببعضنا أكثر وأنا بعيدة منذ شهرين تقريبا لم أحادثه حتى بالهاتف وهو كذلك لكنه ينتظر إلى أن تحل ظروفه كي يطلبني رسميا بالدين، فهل يمكنني سماع أخباره من صديقة لي في العمل.. وهو هل يمكنه ذلك فهذا ما نفعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم الحب قبل الزواج في الفتوى رقم: 4220.
أما بخصوص ما تسألين عنه فإن كان الأمر في حدود ما ذكرت من سماعك أخباره عن طريق صديقة لك فهذا لا حرج فيه إن شاء الله بشرط أن يقتصر الأمر على مجرد الأخبار وأن تأمني من أن يؤدي ذلك إلى فتنة.
أما تعرفه هو على أخبارك عن طريق صديقتك فلا يجوز إن كانت أجنبية عنه لأن الكلام مع الأجنبية إنما يكون في حدود الضرورة والحاجة وليس هذا من قبيل الضرورة ولا الحاجة، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 118761، والفتوى رقم: 47908.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(13/2888)
وجوب قطع العلاقة بالمرأة الأجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال باختصار تقدمت لخطبة فتاة منذ ستة أشهر ولم يوافق أهلها علي ولم يبينوا لي السبب وحسيت أن الأمر كله تقدير من الله تعالى وصرفت النظر بعدها وعلمت أن أحد الخطاب تقدم لها ووافقوا عليه المشكلة أنها مازالت تتصل بي وتسألني عن أخباري وأنا أحاول أن أبين لها أن وضعها الآن اختلف ولا يصح أن تتكلم معي فهل أكون آثماً إذا استمرت بالحديث معي وما دوري أنا في قطع هذه العلاقة؟
أفتونا مأجورين ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان ينبغي أن تعلم أن المحادثة والعلاقة بتلك الفتاة كانت محرمة عليك من قبل أن تخطب من ذلك الشخص الذي تمت الموافقة على خطبته، وعلى أية حال فليس من شك في أنك إن استرسلت في الحديث مع هذه الفتاة فإنك تكون آثما، متبعا لخطوات الشيطان الرجيم، فإن العواقب الوخيمة والنهايات الأليمة للعلاقات غير الشرعية بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه إنما تبدأ دائما بالحديث الذي يزعم أصحابه أنه بريء وهو من البراءة بريء، وراجع حكم التحدث مع المرأة الأجنبية في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 109089، 71506، 3672.
فالواجب عليك أن تتقي الله وتتوب إليه فإن عادت للاتصال بك ثانية فلا ترد عليها أصلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1430(13/2889)
الطريق إلى علاج الولع بالنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن الخروج من أي شخص أو وقف الإدمان؟ هذا الإدمان هو المرأة. رجل متزوج، ودائما يبحث عن نساء أخريات. حاول الزواج من زوجة أخرى، ولكن هناك مشكلتان. مشكلة واحدة، وتقول زوجته إذا تزوج زوجة 2، سيجعله بالتأكيد (لها 4 أطفال معا) . المشكلة اثنين، وهناك الكثير من الفتيات والنساء اللاتي يبحثن عن الزواج، لكنها لن تتزوج من رجل متزوج؟ ويقول هذا الرجل، إذا تزوج زوجته الثانية أو الثالثة، في ذلك الوقت مما كان له مختلفة من النساء ونقله لغيرها من النساء (الإدمان) على الأرجح سوف يتوقف، ما هي النصيحة التي يمكن أن تعطيها هذا الرجل الذي ينام مع مختلف مشاكل المرأة؟ الرجاء الرد لي شكرا لك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من مجمل السؤال دون معالجة تفاصيله الغامضة أن السائل يسأل عن شخص مولع بالنساء، مغرم بهن، وهذا له حالان:
الأول: أن يدفعه هذا إلى مواقعة الحرام والولوج فيما حرم الله من النظر أو الخلوة أو ما فوق ذلك، والأمر في ذلك واضح، إذ قبح هذه الأمور وحرمتها أوضح من أن يستدل عليه، وقد بينا بعض ذلك في الفتاوى رقم: 1095، 121179، 119568، 119236.
الثاني: أن يقتصر في ذلك على الطريق الشرعي الأوحد وهو الزواج بأن يلجأ إلى التعدد، وهذا لا حرج عليه فيه، فإن الله سبحانه قد أباح للرجل الزواج من أربع نسوة بشرط أن يلتزم العدل بينهن على ما سبق بيانه في الفتاوى رقم: 31514، 2967، 4955.
ولكن مع هذا ينبغي أن يحذر من مغبة الاسترسال في الشهوات، فإنه مذموم وخاصة في شهوة النساء، فإن الفتنة بهن عظيمة، وعواقبها مردية وخيمة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيحين: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء.
ومعلوم أن الانشغال بشهوة النساء وغيرها من شهوات الدنيا – وإن كانت مباحة – فإنه يعطل عن القيام بمصالح الدين والدنيا، وغالبا ما يجر صاحبه إلى المنهي عنه، جاء في فتح الباري: ونقل ابن المنير في مناقب شيخه القبارى عنه أنه كان يقول: المكروه عقبة بين العبد والحرام، فمن استكثر من المكروه تطرق إلى الحرام. والمباح عقبة بينه وبين المكروه فمن استكثر منه تطرق إلى المكروه، وهو منزع حسن، ويؤيده رواية ابن حبان من طريق ذكر مسلم إسنادها ولم يسق لفظها فيها من الزيادة اجعلوا بينكم وبين الحرام سترة من الحلال، من فعل ذلك استبرأ لعرضه ودينه، ومن أرتع فيه كان كالمرتع إلى جنب الحمى يوشك أن يقع فيه. والمعنى أن الحلال حيث يخشى أن يؤول فعله مطلقا إلى مكروه أو محرم ينبغي اجتنابه كالإكثار مثلا من الطيبات فأنه يحوج إلى كثرة الاكتساب الموقع في أخذ ما لا يستحق أو يفضى إلى بطر النفس وأقل ما فيه الاشتغال عن مواقف العبودية وهذا معلوم بالعادة مشاهد بالعيان. انتهى
ويمكنه أن يتغلب على ذلك بأن يشتغل بما يعود عليه بالنفع في دينه ودنياه، فإن مثل هذه الأمور إنما تكون بسبب الفراغ والبطالة، ثم ليجعل همه النظر والتأمل فيما خلقه الله لأجله من إخلاص العبادة له سبحانه، وأنه بذلك قد تحمل أمانة عظيمة عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها.
ثم ليتذكر أن شهوة النساء وغيرها من شهوات الدنيا مع ما فيها من التنغيص والتكدير فإنها فانية إلى زوال، وأن من أراد اللذة الكاملة التامة فليطلبها في جنة عرضها السماوات والأرض، ولا ينال ذلك إلا بالاجتهاد في طاعة الله والقيام بأوامره.
وتراجع الفتوى رقم: 117632، فإن فيها كلاما نفيسا عن عشق النساء وكيفية التخلص منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(13/2890)
هل الركبة عورة بالنسبة للمرأة مع المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[عورة المرأة للمرأة مابين السرة والركبة، أو من السرة إلى الركبة، هل تعتبر الركبة عورة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا مذاهب العلماء في عورة المرأة بالنسبة للمرأة، وذكرنا أن الأحوط ألا تُظهرَ المرأة عند النساء إلا ما يظهرُ غالباً، وانظر للتفصيل الفتوى رقم: 115965.
وعلى قول الجمهور الذين ذهبوا إلى أن عورة المرأة أمام المرأة هي كعورة الرجل، يتفرعُ خلافهم في ركبة المرأة، هل هي عورة بالنسبة للمرأة أو لا؟، فمن قال إن ركبة الرجل عورة، قال إن ركبة المرأة عورة بالنسبة للمرأة، ومن قال ركبة الرجل ليست عورة، فكذلك ركبة المرأة بالنسبة للمرأة، لأنهم نصوا على أن عورة المرأة مع المرأة كعورة الرجل مع الرجل.
جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الفقهاء إلى أن عورة المرأة بالنسبة للمرأة هي كعورة الرجل إلى الرجل، أي ما بين السرة والركبة، ولذا يجوز لها النظر إلى جميع بدنها عدا ما بين هذين العضوين، وذلك لوجود المجانسة وانعدام الشهوة غالبا، ولكن يحرم ذلك مع الشهوة وخوف الفتنة. انتهى.
ومذهبُ الجمهور أن الركبة ليست بعورة، وأن العورة هي ما بين السرة والركبة قال ابن قدامة في المغني: ليست سرته وركبتاه من عورته. نص عليه أحمد في مواضع. وهذا قال به مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة الركبة من العورة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الركبة من العورة. ولنا ما تقدم من حديث أبي أيوب وعمرو بن شعيب ولأن الركبة حد فلم تكن من العورة كالسرة. وحديثهم يرويه أبو الجنوب، لا يثبته أهل النقل. وقد قبل أبوهريرة سرة الحسن ولو كانت عورة لم يفعلا ذلك. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(13/2891)
نصائح لتحصين الشباب الذين يدرسون في الجامعات المختلطة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن استفتيكم بحكم العادة السرية.. هل لها نفس الحكم دائما..
فأنا طالب جامعي أغض البصر بفضل الله.. ولكن الفتيات اللواتي يحضرن يبدين زينتهن وأجسادهن.. يجلسون أمامنا وخلفنا وبجانبنا ويسألوننا في كل يوم الكثير من الأسئلة بعضهن بنية التعلم والأخريات بنية التحرش والمخالطة مما يثير لدى الشباب الشهوة فلا أخفيك سراً أن ذلك شكل عندي مشكلة لأنني أغض البصر ولكن الاختلاط في الجامعة يجبرك على رؤية المناظر التي حرمها الله من دون قصد..
فأرشدوني ودلوني إلى خير العمل.. لأنني في ضيق من ذلك.. وجزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم العادة السرية وأنها محرمة كما في الفتوى رقم: 2179.
والعادة السرية شأنها شأن سائر المحرمات لا يجوز فعلها إلا عند الضرورة الملجئة كما لو نزل بالشخص ضرورة ملجئة فتحقق أو غلب على ظنه أنه إذا لم يستمن فإنه سيقع في الزنا لا محالة فيجوز له الاستمناء في هذه الحالة، ويكون هذا من باب ارتكاب أخف الضررين وأقل المفسدتين، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 2720.
أما ما ذكرت من العناء والمكابدة جراء الاختلاط بالنساء في أماكن التعليم المختلطة فهذا لا يعد من الضرورة ولا يسوغ الاستمناء فإن المسلم الحريص على دينه عليه أن يتجنب أماكن الفتن ومواطن الشهوات المحرمة، فيحرص ابتداء على عدم دخول هذه الجامعات المختلطة أصلا وأن يبحث عن غيرها مما لا اختلاط فيه، فإن لم يتيسر ذلك له وتعينت هذه الجامعات طريقا للتعلم، فعليه حينئذ أن يقلل وجوده فيها قدر الوسع والطاقة وأن يقتصر على ما لا بد منه من الحضور في أوقات المحاضرات الهامة وأوقات الامتحانات مع الالتزام في هذا كله بغض البصر، وعليه مع غض البصر بالصوم فإنه يكسر الشهوة ويضعف حدتها، وقد أرشد رسول الله الشباب إلى ذلك في قوله: يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء.
قال النووي: والمراد هنا أن الصوم يقطع الشهوة ويقطع شر المني كما يفعله الوجاء. انتهى.
وجاء في فتح الباري: لأن شهوة النكاح تابعة لشهوة الأكل تقوى بقوته وتضعف بضعفه. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 6995، فإن بها نصائح لمن غلبته شهوته.
ثم عليك بالإكثار من الصلاة وذكر الله فإنهما حرز للمرء أيما حرز من مقارفة الفواحش والمنكرات، قال سبحانه: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ {العنكبوت 45} .
جاء في تفسير البغوي: وقال عطاء في قوله: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ. قال: ولذكر الله أكبر من أن تبقى معه معصية. انتهى.
وجاء في الحديث أن يحيى بن زكريا قال لبني اسرائيل: وآمركم بذكر الله كثيرا ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا حصينا فأحرز نفسه فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
وراجع حكم الدراسة في المدارس والجامعات المختلطة وكيفية التحرز من شرها في الفتويين: 5310، 2523
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(13/2892)
بريد الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا معلمة تربية إسلامية، وقد سألتني إحدى زميلاتي بالعمل سؤالا احترت في كيفية الإجابة عليه، الغريب في الأمر أنا أعرفها حق المعرفة، ولكني استغربت مما حصل لها، حيث قالت إني تغيرت كثيرا مؤخرا حيث كنت أحب زوجي وبيتي وأولادي، فجأة وجدت نفسي أحب شابا يصغرني بسبع سنوات، وخرجت معه حتى توصلت بي أن يقبلني، وتسأل هل يعتبر وضع أصبعه في مهبلي زنى مثله مثل وضع القضيب في نفس المكان، وهي لا تعرف ماذا تفعل؟ مع العلم أنها تسبح كثيراً، ولكن ماذا حصل لها لا أعرف. أفيدوني جزاكم الله خيراً. وهل يعتبر هذا الأمر زنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزنا من الكبائر التي تجلب غضب الله، كما أنه جريمة خطيرة لها آثارها السيئة على الفرد والمجتمع قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا {الإسراء:32}
والزنا الموجب للحد هو إيلاج فرج الرجل في فرج المرأة التي لا تحل له، فما ذكرت عن هذه المرأة وما تفعله مع الرجل الأجنبي، لا يعتبر زنا يوجب الحدّ، ولكن ذلك لا يعني أنّه أمر هين، وإنما هو إثم كبير، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم زنا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه. متفق عليه.
وإذا كان الشرع قد حرّم مجرد الخلوة بالأجنبية، بل حرّم النظر إليها بشهوة، فكيف بمن تفعل تلك الأعمال الفاضحة والمنكرات الشنيعة؟ كما أنها خانت أمانة زوجها الذي ائتمنها على عرضه، ولم تحفظ نعمة الله عليها بالزوج والأولاد، فلا شك أنّ ذلك دليل على رقة الدين وقلة الحياء.
واعلمي أنّها قد وقعت في ذلك لتفريطها وتهاونها في حدود الله، فقد وضع الشرع حدوداً لتعامل الرجال والنساء، تحافظ على العفة، وتصون العرض، وتحرص على طهارة القلوب، فمن ذلك تحريم الخلوة، وتحريم الخضوع بالقول، ومنع الكلام بغير حاجة، والأمر بالحجاب وغض البصر.
فعليك بنصح هذه المرأة أن تتوب إلى الله بالإقلاع عن هذا الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود، والتزام حدود الشرع في التعامل مع الرجال الأجانب، والإكثار من الأعمال الصالحة، مع سترها على نفسها، والحذر من المجاهرة بالذنب، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه. متفق عليه.
فإن تابت، وإلا فعليك هجرها وترك مصاحبتها، فعن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لَا تُصَاحِبْ إلَّا مُؤْمِنًا، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَك إلَّا تَقِيٌّ. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(13/2893)
تهدده بالانتحار إن فارقها
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرفت على فتاة منذ أربع سنوات، وواعدتها بالزواج، بعد مدة اكتشفت أنها مريضة ولم تخبرني وبختها كثيرا واستمرت علاقتي بها، لكنني أصبحت لا أثق وألاحظ كثرة كذبها، ففكرت في قطع علاقتي بها، لكنها أصبحت تهددني بالانتحار إن أنا فارقتها، وأنها لا تستطيع فراقي. ماذا أفعل؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا. هذه الفتاة أنا لم أتزوجها بعد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلاقتك مع هذه الفتاة علاقة محرمة آثمة، والواجب عليك هو أن تتوب إلى الله من هذا، ولا تتحقق التوبة الصادقة إلا بقطع علاقتك بهذه الفتاة فورا. وانظر الفتويين رقم: 94452، 30003.
والذي ننصحك به أيها السائل هو أن تبادر إلى الزواج من امرأة ذات دين وخلق، فإن هذا أصون لدينك وأحصن لفرجك.
أما ما تهددك به هذه الفتاة من الانتحار فلا تلتفت إليه، فإن فعلت فليس عليك من إثمها شيء، وإنما هي التي تبوء بإثم هذا الفعل المنكر الشنيع. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 120668.
وإن توسمت فيها الاستقامة والخير إن أنت تزوجت بها فلا مانع من الزواج بها.
وننبه إلى خطورة أمر الانتحار، فإنه وإن كان صاحبه يظن أنه سيهرب به من شقاء الدنيا، فإنه ينتقل بذلك إلى الشقاء الأعظم في نار الجحيم إن لم يتجاوز الله عنه. ولمزيد الفائدة يمكن مراجعة الفتوى رقم: 10397.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1430(13/2894)
تاب من علاقته غير الشرعية وقالت بأنها لن تسامحه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج وفي حياة زوجية رائعة إسلامية لكن ارتكبت خطأ دخلت على شات وتكلمت مع فتاة لمدة يومين كتابة فقط ففهمت منها أنها أحبتني جدا ومنتظرة أن أتقدم لها ولا تعلم أني متزوج، المهم أني صارحتها اليوم الثاني أني أخطأت وأني كنت بالصدفة على الشات وحكيت لها ظروفي واعتذرت وطلبت منها أن تسامحني داعيا لها بالتوفيق لكن فوجئت بها تقول حسبي الله ونعم الوكيل في ولن تسامحني أبدا وأن الله سينتقم مني، أنا أنهيت هذه الصفحة من حياتي ولم أعد إليها أبدا وتبت إلى الله لكن كلامها دائما يتردد في أذني هل ينتقم مني الله ولا يغفر لي وأنا قد تبت إليه، أعلم أن الله سبحانه وتعالى يغفر الذنوب لمن يشاء وأسأل لكي يطمئن قلبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت إلى نفسك وإلى تلك الفتاة حين تبت إلى الله تعالى وقطعت علاقتك معها فمثل هذه المحادثات عبر الانترنت أو غيره محرمة وسبب لكثير من الفساد.
والله تعالى قد فتح أبوابا عظيمة للتوبة، فإنه يغفر لمن استغفره، ويتوب على من تاب، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53} .
وروى البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ويتوب الله على من تاب. وراجع الفتوى رقم: 1882.
وننصحك بأن لا تلتفت لما قالته هذه الفتاة فإنك لم ترتكب في حقها جرما حتى تدعي عدم مسامحتها لك، ومن الجرأة بمكان أن تجزم بأن الله تعالى سينتقم منك.
وعليها أن تلوم نفسها الأمارة بالسوء والتي قادتها إلى أن تجري معك مثل هذا المحادثة التي لا تحل شرعا، وأن تتوب إلى الله تعالى من ذنبها لا أن تلقي باللوم على غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(13/2895)
نصائح لعلاج فضول النظر
[السُّؤَالُ]
ـ[شكرا لكم على هذا الموقع الرائع، وأتمنى أن تفيدوني جزاكم الله خيرا..
والله لا أعلم إن كان من قلة حيائي سأطرح السؤال أو من شدة تيهي لا أعلم كيف سأبدأ أو من أين سأبدأ
فأنا في صراع داخلي والله أنا ضائعة تائهة أنا كرهت نفسي وكرهتها للغير لا أعلم إن كان ابتلاء أو من قلة إيماني أو الله غاضب علي لا أفهم ما هذا الذي يحدث لي، فأنا أعاني من شيء لا أتمناه لأي شخص آخر فإنه سيفقده كل ما هو إنساني أحس نفسي مجرمة في حق الإسلام في حق الحجاب في حق كل شيء، أنا أعاني من.. لا أدري ما أقول لا تكاد عيني تنظر إلى شيء إلا وقعت على عورة، نعم أعاني من مرض النظر إلى العورات عافاكم الله حياتي تحطمت أو تتحطم شيئا فشيئا، في الشارع لا يمكنني أن أرفع رأسي في الجامعة في البيت
في كل مكان وإن رفعته لا أدرى ما أقول حتى أحس أنه ليست لدي شيء من الكرامة أنا أقوم بدورة في الكمبيوتر أفكر بان أتركها وفي الدراسة أصبحت أذهب مرة أو مرتين في الأسبوع ولما أعود أكون منهارة تماما أفيدوني أكرمكم الله أصبحت أكره أن أنظر لنفسي في المرآة، أنا نفسي تنكر كل هذه المناظر ولكن ما العمل أفيدوني
أفتوني أهذا مس أو هذا مرض أو هذه لعنة من الله وغضب وسخط وغضب الله علي بسبب ذنب أو...........
والله لا أعلم أنا في حكم ماذا أحس بأني أبشع مخلوق على وجه الأرض، أفيدوني ما العمل هل هناك من رقية لي؟ جزاكم الله خيرا.
عفوا على الإطالة وعلى تجرئي في الكلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله لنا ولك العافية من جميع البلاء، وننصحك بالحفاظ على الأذكار والتعاويذ المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم في المساء والصباح وعند النوم وعند الدخول للمنزل والخروج منه.
وعليك أن تعرضي عن هذه الوساوس وتتركي التفكير فيها، وأن تشغلي نفسك عنها بشحن وقتك وطاقتك بما يجلب لك النفع في الدنيا والآخرة، وحسني الظن بالله تعالى وأيقني بأن من استقام على طاعة الله والتزم بالفرائض سيجلب الله تعالى له الحياة الطيبة، فالتزمي بالصلوات وبالحجاب وبغض البصر عن المحرمات، وأكثري الدعاء وسؤال الله العفة، واحرصي على الزواج إن لم تكوني متزوجة.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 93857، 51601، 96816، 100459، 114154.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1430(13/2896)
حكم تمكين المرأة الأجنبي عنها من رؤيتها بدعوى التعارف
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرفت على شاب عن طريق الإنترنت خلوق ومؤدب ويخاف الله، وأفعاله تدل على أنه يخاف الله ولا يحب المعصية. صارحني بأنه يحبني وقد رفضت في البداية خوفا من المعصية، ولكنه أوضح لي أنه يريد علاقة شريفة، ويريد الزواج ولكن إلى أن تتحسن ظروفه.
طلب أن يراني لكي نجلس مع بعض ونتعرف أكثر ونطور الحب الذي بيننا، أنا بعقلي خفت ولكنه طمأنني بأنه لن يضرني بشيء، وأنه فقط يريد أن يتعرف علي أكثر ويحاول أن يسعدني، علما بأنه مريض ويريد أن يعيش معي آخر لحظات حياته في حدود الحلال.
سؤالي هو: هل يجوز أن أكلمه على الإنترنت أو على الهاتف وأن أخرج، معه علما بأني متأكدة من نيته السليمة وأنه لن يقع بيننا الحرام، وأنه فقط يريد أن يضمني إلى صدره قبل أن يموت.
هل هذا حلال؟ لأني مع أني مقتنعة أنه ليس كذلك، ولكن بالنسبة لظروفه وأنه مريض ولا يستطيع حاليا التقدم للزواج وظروفه لا تسمح. هل يحوز أن نخرج إلي أن تنزوج بشرط ألا يقع المحظور بيننا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت لنا عدة فتاوى فيما يتعلق بما يسمى بالتعارف بين الفتيان والفتيات من خلال الإنترنت وما ينشأ عن ذلك من علاقات محرمة لا يجيزها الشرع، فنرجوا مراجعة الفتويين رقم: 1072، 37015.
وعلى هذا فلا يجوز لك مطلقا أن تمكني هذا الشاب من رؤيتك أو مجالستك بدعوى التعارف، ولا يجوز لك أيضا مكالمته سواء عبر الإنترنت أو الهاتف، والخروج معه آكد في التحريم وأعظم إثما.
ولا ينبغي أن تخدعي بدعوى كونه مريضا، أو ما قد يظهر لك من كونه صالحا، فليس من الصلاح أن يطلب منك مقابلته والخروج معه وضمك إلى صدره، فمثل هذا لا يطلبه من يخاف الله، فحذار من ذئاب البشر. وخروجك معه محرم سواء خشي أن يترتب عليه محظور أم لا، فإن الخروج معه محظور في حد ذاته.
وإذا كان يرغب فعلا في الزواج منك فليأت الأمر من بابه، ولو فرضنا فعلا أنه تقدم للزواج منك فلا توافقي على ذلك حتى تسألي عنه أو يسأل عنه وليك من يعرفه من ثقات الناس، ثم تستخيري الله تعالى في أمر الزواج منه، وانظري الفتويين رقم: 65917، 19333.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(13/2897)
تعرف على فتاة عن طريق النت ويريد الزواج منها فما حكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرفت على فتاة عن طريق موقع زواج على الإنترنت وأنا أريد فعلا الزواج منها وهي كذلك وأنا أنوي أن أذهب لرؤيتها في بيت أهلها وإذا كانوا ناسا من أهل الخير وأعجبتني الفتاة خلقا وشكلا سأتزوجها وإن لم يعجبني خلقها أو شكلها لم أتزوجها مع أنها أرسلت لي صوراً لها، فهل هذا الزواج حلال وجائز أم فيه شك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنك قد خالفت أمر الله وأمر رسوله عندما أقمت مثل هذه العلاقة مع الفتاة المذكورة عن طريق النت فهذا حرام، كما بينا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 93399، 30548، 1932.
فالواجب عليك هو التوبة إلى الله مما كان منك ولا تتحقق التوبة إلا بقطع كل العلاقة المحرمة بهذه الفتاة، ثم إن أردت الزواج بها فعليك أن تتوجه مباشرة لرؤيتها في بيتها فإن لم تعجبك فاتركها، وإن أعجبتك فاخطبها من وليها، ثم تزوج بها الزواج الشرعي ويقع الزواج حينئذ صحيحاً لا خلاف في صحته إن شاء الله.
أما إرسال الفتاة الصور ليراها من يريد خطبتها فلا حرج فيه، إذا لم تكن الصورة تبدي شيئاً من مفاتنها أو عورتها بأن كانت تظهر وجهها أو وجهها وكفيها على أوسع الأحوال، وعلى الرجل أن يكون نظره إلى الصورة نظر استعلام لا نظر شهوة وتلذذ، والأولى عدم إرسال مثل هذه الصور.. لأن الصورة عادة لا تظهر الشكل على حقيقته، ولما يترتب عليها من المفاسد لو وقعت في يد من لا يتقي الله ولا يخشاه.. والواجب عليك هو إما أن ترد هذه الصور إليها عند الذهاب لخطبتها أو تتخلص منها إذا خفت منها الفتنة أو عزفت عن أمر الخطبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(13/2898)
حكم التواصل مع امرأة أجنبية متزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخنا الأعزاء: بارك الله فيكم، وأدامكم لنا نورا إلى فهم كتاب الله تعالى وهدي نبيه محمد بن عبد الله النبي الأمين عليه أفضل الصلاة والسلام..
سؤالي هو:
أنا كنت أحب فتاة أثناء دراستي الجامعية، ولقد تزوجت هذه الفتاة من رجل آخر إرضاء لأهلها (ولكن ليست مغصوبة) .. لتفادي القيل والقال..
بعد مدة سنة ونصف من الزواج بدأت هذه الفتاة بمحاولة التواصل معي عن طريق الهاتف، الرسائل.. وأوضحت لي أنها غير سعيدة، وأنها لم تنجح في نسيان موضوع علاقتنا وأحلامنا.
في بادئ الأمر حزنت كثيرا لجل الهموم التي تعاني منها بسبب قلبها المتعلق بي.. وبصراحة تراخيت وأبديت لها أن حبي لها ما يزال في أوج شبابه والدليل أنني لم أتزوج إلى الآن.. ولكنني أوضحت لها أنها متزوجة، وأن هذا الكلام لا ينفعنا، وأنه خطأ وليس منه غير الأثم.. وقد نصحتها بأن تحاول أكثر لعل الله يزرع المودة بينهم ولو بعد زمن..
مما علمته منها أنها بدأت تعاني من نوبات نفسيه تطورت إلى نوبات صرع، وهذا بشهادة أطباء مرخصين موثوقين في الدولة.. كما علمت أن الله لم يرزقهم بأطفال إلى الآن..وهي تفكر بالطلاق.. مع العلم أن زوجها على حد قولها ليس بمقصر، ولكنها تعاني من بعض الأمور مثل غياب الحب بينهم والرومانسية وهي أطلعته باحتياجاتها ولكن ليس هناك أي تقدم من قبل الزوج.. وكما أنه لا يراها إلا في نهاية الأسبوع والإجازات الرسمية، وهو غير متزوج من أخرى، وقد تزوجها بكر.
وقد أعلمتها أنني لا أستطيع التواصل معها لأنه لا فائدة من ذلك، وقد نصحتها وأعلمتها أن تتجه إلى أمها أو أخواتها أومن ترضاه لكي تجد الحل المناسب لوضعها، وسأقوم بتغيير رقم هاتفي وعناويني البريدية، ولكنني خائف أن يؤثر هذا فيها ويزيد من مرضها.
من خلال بحثي في موقعكم رأيت أنه لا يحق لامرأة أن تطلب الطلاق بدون أي سبب، وذلك لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أصحاب السنن وحسنه الترمذي.
وأنا أعلم أن البيوت تعمر بالمودة والرحمة أكثر من المحبة، ولكن سؤالي بالتحديد كما يلي:
هل يحق لها أن تطلب الطلاق إذا كانت لا تحب زوجها وترى أن حياتها ليست ذات قيمة في الوضع الحالي؟ وهل تكون مأثومة كما ورد في نص الحديث السابق؟
هل ما فعلته من تواصلي معها وإبرازي لحبي لها ومحاولتي لنصحها يقع تحت طائلة الحديث التالي:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأ ة على زوجها.
جزاكم الله كل خير الجزاء، وأثابكم عنا جنان الآخرة، ووفقكم لما يحبه ويرضاه..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حرم الإسلام على المسلم أن يكون على علاقة عاطفية بامرأة أجنبية عنه فقال تعالى: وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ {النساء: 25} وهذا في حق النساء، وأما في حق الرجال فقد قال تعالى: وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ {المائدة: 5} ولا شك أن هذا الفعل من أعظم الذرائع إلى الفساد، ثم إن التواصل مع المرأة الأجنبية بالرسائل والاتصال الهاتفي لا يجوز، وتبادل عبارات الحب لا يجوز، ويعظم الأمر إذا كانت ذات زوج، ومن هنا فإننا ندعوك إلى التوبة النصوح وقطع أي علاقة معها مرة أخرى. ولا شك أنه لا يجوز للمرأة أن تطلب من زوجها الطلاق من غير سبب لورود النهي عن ذلك، روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. ولكن إن كانت هذه المرأة متضررة بالبقاء مع زوجها فلها الحق في طلب الطلاق لأجل الضرر، وكذا إن كرهت زوجها وخشيت أن يدفعها ذلك إلى التفريط في شيء من حقه فلها الحق في مخالعته مقابل عوض تدفعه إليه. وراجع الفتوى رقم: 37112، وهي عن الحالات التي يشرع للمرأة فيها طلب الطلاق، والفتوى رقم: 3875، وهي عن الخلع.
وعلى كل حال فإننا لا ننصح هذه المرأة بالتعجل إلى شيء من الخلع أو طلب الطلاق، وينبغي أن تتذكر أن الحياة الزوجية قد تقوم على غير الحب، فهنالك كثير من المصالح التي يمكن تحقيقها من الزواج، ثم إن الحب يمكن تحصيله بحسن العشرة والتودد وحسن التبعل ونحو ذلك.
واعلم بأن تواصلك معها وإظهار حبك لها قد يكون تخبيبا لها على زوجها، فالواجب عليك التوبة والابتعاد عن كل ذلك، ودع المرأة وشأنها. ولمزيد الفائدة نرجو مراجعة الفتويين: 96415، 7895.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(13/2899)
رزقه الله بزوجة جميلة ومع ذلك فقد أقام علاقة بامرأة أجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج وعندي ثلاثة أطفال وزوجتي جميلة جداً، ولكن أعيش قصة حب مع بنت تعمل معي فى العمل وهي غير جميلة وطبيعية، ولكن تهتم بي وتحبني وتعشقني وتحن حد الجنون، وهي بنت من عائلة محترمة وعريقة، ومحافظة جداً على العادات والتقاليد الاجتماعية الصحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن هذا الذي تفعله من علاقتك بهذه الفتاة مما يغضب الله ويسخطه ويوجب عذابه وعقوبته في الدنيا والآخرة، فبادر إلى التوبة إلى الله من ذنبك لأنك إن أخرت التوبة ركبت بحر الأماني والتسويف فقد يحال بينك وبينها فلا تقدر عليها، والله سبحانه يحول بين المرء وقلبه، قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ. {الأنفال:24} .
قال السعدي رحمه الله:
فإياكم أن تردوا أمر الله أول ما يأتيكم، فيحال بينكم وبينه إذا أردتموه بعد ذلك، وتختلف قلوبكم، فإن الله يحول بين المرء وقلبه، يقلب القلوب حيث شاء ويصرفها أنى شاء. انتهى.
وكان الواجب عليك إذ منّ الله سبحانه عليك بنعمة الزواج من امرأة ذات جمال أن تذكر نعمة ربك عليك، وأن تبذل المجهود لأداء شكرها بدلاً من أن تقابلها بالمعصية.
فالواجب عليك الآن هو أن تكف عن علاقتك بهذه الفتاة فلا تحدثها ولا تقابلها بل ولا تراها.
وإن كان قد وقع في قلبك حبها وتعلقت نفسك بها فبادر إلى التقدم لخطبتها ثم الزواج بها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجه وغيره وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(13/2900)
غض البصر عن الحرام واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يغض البصر على المحرم ومن يمارس العادة السرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح لكن نقول إن غض البصر عن الحرام واجب، قال الله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ... {النور:30} ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة. رواه أبو داود وحسنه الألباني. وعن جرير قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فقال: اصرف بصرك. رواه أبو داود وصححه الألباني. وغض البصر من أنفع الأمور لحفظ الفرج وصلاح القلب، وراجع في فوائده وثمراته الفتوى رقم: 78760.
وأما العادة السرية فهي عادة خبيثة منكرة لها آثارها السيئة على فاعلها، في دينه ونفسيته وصحته، وهي لا تعالج مشكلة الشهوة كما يتوهم البعض، وقد سبق بيان تحريمها في الفتوى رقم: 21512، وسبق بيان كيفية التخلص من هذه العادة في الفتوى رقم: 5524، والفتوى رقم: 7170.. ولمعرفة المزيد مما يعين على التغلب على الشهوة وغض البصر نوصيك بمراجعة الفتوى رقم: 36423، والفتوى رقم: 23231.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1430(13/2901)
ضوابط الحديث بين المطلق ومطلقته التي انتهت عدتها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا صاحب السؤال رقم 2226160 أريد أن تحددوا لي الضوابط الشرعية في حديث المطلق مع مطلقته في حالة رغبتهما في الرجعة لأن هناك مسائل يمكننا نقاشها بيننا فقط؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من سؤالك السابق أن زوجتك قد طلقتها وانتهت عدتها وبذلك تكون قد بانت منك فهي أجنبية مثل غيرها من الأجنبيات، وبالتالي فالحديث معها لا يجوز إلا بالضوابط المطلوبة في الحديث مع الأجنبية بحيث يكون مع وجود محرم لها والتزامها بالحجاب الكامل وعدم الخضوع بالقول والبعد عن كل ما تخشى منه الفتنة والريبة، إلى آخر ما تقدم في الفتوى رقم: 107091.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(13/2902)
تدليك الأخت جسد أخيها جائز بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة والحمد لله، رزقني الله بمولود له 9 أشهر.
زوجي يحب التدليك كثيرا؛ وعندما نذهب إلى بيتهم يطلب من أخته أن تدلك له جسمه؛ علما أني لست مقصرة معه في هذا الأمر؛ وعلما أنني لا أحب هذا الفعل إلا أنه لا يعيرني أي اهتمام ويقول لي إنها أختي وأنها ليست مشكلة، ولكن أنا لا أحب هذا؛ هل لي الحق أم لا؟ أجيبوني من فضلكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأخ محرم لأخته، يجوز له الخلوة بها والسفر معها، ورؤية ما يظهر من جسدها غالبا مثل وجهها وكفيها وشعرها ورجليها ونحو ذلك.
وعليه، فإنه يجوز للأخت أن تقوم بتدليك جسد أخيها بالشروط التالية:
1- أن يكون التدليك بعيدا عن مواطن العورة، وعورته بالنسبة لها هي ما بين السرة والركبة.
2- ألا يكون هذا بشهوة منهما أو من أحدهما، فلو حصل ذلك دخل الأمر في نطاق الحرمة ومنع منه قطعا.
3- أن تؤمن الفتنة عليهما، فلو خيف أن يؤدي هذا الفعل إلى فتنتهما أو وقوعهما أو أحدهما فيما حرم الله فيجب الكف حينئذ، لأنه حينئذ ذريعة للمحرم، والذريعة إلى المحرم محرمة.
مع التنبيه أن أولى الناس بتدليك جسد الرجل هي زوجته حتى في حال أمن الفتنة من قبل المحارم.
وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 56058.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1430(13/2903)
أمها تحب رجلا غير أبيها فماذا تفعل معها
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تحب رجلا غير أبي، ولا أكاد أصدق ذلك مع تأكدي منه، لأنها أجبرت على الزواج من أبي، ولو عرف الأمر واشتهر سيكون فضيحة كبرى لعائلتنا، وقد يصاب أبي بجلطة، وأنا وأختي غير متزوجتين، وقد نظل هكذا طول حياتنا، مع أن هذا ليس من أخلاقنا، ولا نقع في أخطاء كي لا يجرح أحد كرامتنا، وأنا أدعو الله دائما أن يستر علينا، وأدعو على من تحبه بالموت، لأنه هو السبيل الوحيد لإبعادهم عن بعض، ولو كشف الأمر وصارت فضيحة فما ذنبنا أن نتضرر بفعل غيرنا، وهل يقل ذنب أمي حيث إنها أكرهت على الزواج من أبي وهي غير مرتاحة معه وتختلق المشاكل معه لأتفه الأسباب، ولذلك قامت بهذا الأمر، كما أني لا أستطيع مصارحتها بالأمر لأنها أمي ولا أحب أن تكون صغيرة أمامي فما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الذي يحدث إنما هو من الثمرات النكدة لمخالفة أحكام الشريعة الغراء فيما أمرت به من ترك اختيار الزوج إلى المرأة وحدها، وأنه لا يجوز لأهل الفتاة أن يكرهوها على الزواج بمن لا ترغب فيه، طالما كانت بالغة عاقلة - على ما ذهب إليه جمهور العلماء - لما يترتب على ذلك من تأثير على استقرار الحياة الزوجية بينهما، وفي سنن ابن ماجه عن بريدة عن أبيه: أن فتاة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته، قال: فجعل الأمر إليها، فقالت: قد أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيء.
ولكن هذا لا يسوغ لأمك بأي حال أن تفعل هذا الذي تفعله مما فيه فساد الدين والدنيا والخزي والفضيحة في الأولى والآخرة.
وإذا كان أهلها قد خالفوا الشرع وأجبروها على الزواج بمن تريد، فقد جعل الشرع لها من ذلك مخرجا كريما وذلك بأن ترفع أمرها للقضاء ليرد هذا النكاح، فإن لم يتيسر ذلك لها فهناك طريق آخر وهو أن تختلع من زوجها، ولو أنها استفتت بعض أهل العلم في أمرها لأعلموها بذلك، ولكنها – هداها الله – استجابت لهوى النفس الأمارة بالسوء وركبت ما حرمه الله ونهى عنه.
وأما بخصوص ما ننصحك به في هذا الأمر فهو أن تواجهي أمك بما يحدث – ما دمت متيقنة من ذلك – وأن تكوني معها في غاية الصراحة ما دامت لم تنتفع بالتلميح والتعريض، وأن تذكريها بالله وأليم أخذه وعقابه وما ينتظرها وينتظركم جميعا من الفضيحة والعار، إذا كشف الله أستارها وعلم الناس بهذا الأمر.
ثم عليك أن تذكريها بحقوق زوجها عليها، وأنها بهذا الذي تصنعه تضيع كل حقوقه وتخون جميع عهوده ومواثيقه.
فإن استجابت لذلك فاحمدي الله أن منّ عليها بالتوبة والإنابة، واشكري له سبحانه أن جعل توبتها على يديك.
أما إن أصرت على ما هي عليه فعليك حينئذ - دون تردد ولا توان - أن تختاري من أرحامها من تتوسمين فيه الخير والحكمة كأبيها أو أحد إخوتها أو أعمامها وأن تصارحيهم بما يحدث وسيكونون – إن شاء الله – قادرين على ردعها وزجرها، ولا يجوز لك بحال أن تكتفي بالدعاء لها أو بالدعاء على هذا الرجل الذي ترتبط به، وإن كان الدعاء عليه مشروعا لا حرج فيه، لأنه بفعله هذا ظالم معتد، والظالم يجوز الدعاء عليه بضوابط سبق بيانها في الفتوى رقم: 28754.
أما ما تسألين عنه من أنها قد تكون معذورة بعض العذر فيما تصنعه، أو أن إثمها في ذلك دون إثم غيرها نظرا لأنها قد أكرهت على هذا الزواج، فهذا كله غير صحيح؛ لأن المعصية لا تجوز بحال اللهم إلا بعض المعاصي في حال الإكراه على فعلها، وغير خاف على أحد أن فعلها هذا ليس من الإكراه في شيء إذ إنها تفعل هذا بمحض إرادتها.
وأما ما يحيك في صدرك من كونكم برآء مما يحدث ومع ذلك فقد يصيبكم أذى من جراء فعل أمكم فنقول: ينبغي للمسلم دائما أن يرضى بقضاء الله، وأن يعلم أن أقدار الله كلها لا تخرج عن الحكمة والصواب، ولا يجوز للعبد أن يسأل لم فعل الله كذا، فقد قال تعالى: لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ {الأنبياء: 23} قال الطحاوي رحمه الله فمن سأل: لم فعل؟ فقد رد حكم الكتاب ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين انتهى.
واعلمي أيتها السائلة إنك إن أنت سارعت إلى الامتثال لأوامر الله سبحانه وقمت بما أوجبه الشرع عليك من إنكار هذا المنكر، ورددت أمك عن معصيتها فستؤجرين على ذلك الأمر وتؤجر أمك إن تابت إلى الله تعالى، وهذه هي بركة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال رسول الله في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره: مثل القائم على حدود الله والمدهن فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة في البحر، فأصاب بعضهم أعلاها وأصاب بعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقال الذين في أعلاها: لا ندعكم تصعدون فتؤذونا فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1430(13/2904)
قطع العلاقة بالفتاة الأجنبية وإزالة تعلق القلب بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر الثانية والعشرين من العمر تقريبا، طالب سنة أولى جامعة قسم الخدمة الاجتماعية.
مشيئة الله تعالى شاءت أن تنشأ علاقة حب بيني وبين إحدى زميلاتي في القسم أحببتها بكل إخلاص، وطلبت منها أن تعطيني معلومات أهلها لكي أتقدم لخطبتها فوافقتني على ذلك الأمر بكل سرور واحترام، وازداد تقديرها لي حين علمت أني كنت جادا وبدأت مشاورة أحد أقربائها بالأمر فرحب بي. ولكن للأسف الشديد فجأة اتصلت البنت بي وقالت لي: أنا لا أحبك أتمنى أن تبعد عن طريقي، بحجة أنها كذبت علي وقالت لي إنها لم ترتبط بشخص من قبل وحسب أنت إنسان رائع جدا، وأحببتك لكن للأسف أنا أحببت شخصا آخر من قبل خمس سنوات ولم أستطع أن أنسى هذا الرجل بالرغم أنه خطب بنتا أخرى، ولكن لا أريد أن أكون شريكة لعمرك وأنا أحبيت شخصا آخر. من الصعب أن أبقى معاك حفاظا على عمرك الصادق.
المطلوب هو: أن البنت لازالت نظراتها إلي كلما أراها في الجامعة وكأنها تريد أن تقولي لي شيئا ماذا أعمل
بالرغم أني أكاد أجن وكل أفكاري تذهب بعيدا حتى في الشرح، والبنت إذا حضرت داخل القاعة أرتاح جدا وإن غابت أتألم ويأتيني الاكتئاب الشديد؟
بالرغم أني تألمت جدا يوم أن وصلتني رسالتها بأنها لا تحبني. فهل أعرض عليها الأمر مرة أخرى أم ماذا أعمل؟
أم أبتعد عن هذا القسم الذي أصبح دمارا لمستقبلي التعليمي ومستقبل البنت؟ أم أقترح بأن يخرج أحدنا؟
أرجو منكم شاكرا ومقدرا الإجابة على سؤالي بكل تفصيل. فجزاكم الله ألف خير لما فيه الصلاح لشباب الأمة الإسلامية.
وللعلم فإني شاب متدين وأتقي الله في نفسي وفي الناس الذين من حولي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يعرف بعلاقة الحب بين الشباب والفتيات هو أمر لا يقرّه الشرع، وإنما المشروع في الإسلام أن الرجل إذا تعلق قلبه بامرأة، يخطبها من وليها الشرعي، ثم تظل أجنبية عنه حتى يعقد عليها.
فالواجب عليك قطع علاقتك بهذه الفتاة، والبعد عن أماكن الاختلاط الذي لا تؤمن معها الفتنة.
وإذا أمكنك أن تنتقل إلى مكان بالجامعة لا تتواجد فيه هذه الفتاة فبادر إلى ذلك قطعا لطريق الفتن والشر.
أما عن هذه الفتاة فإن كانت ذات دين، وكنت قادراً على الزواج، فلا حرج أن تخطبها من وليها مباشرة، وأما إن كنت غير قادر على الزواج، أو لم يتيسر لك الزواج منها، فعليك أن تجتهد لإزالة تعلق قلبك بها، وذلك بالاستعانة بالله، وقطع كل الأسباب التي تزيد هذا التعلق، وعدم الاسترسال مع الأفكار والخواطر، وشغل الأوقات بالأعمال النافعة، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 4220.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(13/2905)
خيانة الزوج هل تسوغ للزوجة التعلق بأجنبي عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سألت سؤالا وأجبتموني إجابه أخافتني كثيراً.. لكن أنا سوف أوضح لكم سبب كرهي لزوجي وهو خيانته لي مع النساء ولي معه على هذا الحال 5 سنوات.. جربت كل طريقة حسنة ولم يقلع عن ذلك.. حتى أصبحت لا أطيقه ولا أطيق العيش معه، ولكن لم أخبره وأقوم بكل حقوقه على أكمل وجه ولم أفكر ولا لحظة أن أكون مثله خوفا من العزيز الحكيم.. وحبي الشخص الذي أحبه حب طاهر عفيف لا أتواصل معه.. فأرجو إرشادي فأنا احترت أكثر.. هذا هو سؤالي السابق.. (أنا امرأة متزوجة، ولا أحب زوجي لأسباب خاصة، وقائمه بحقوقه على أكمل وجه، وأحاول جاهدة ألا أقصر معه بشيء، أو أن أبين له أني لا أحبه، ولا أزكي نفسي، أنا أحب شخصا آخر وهو يحبني، وليس بيننا أي علاقات أو تواصل فقط نعرف أننا نحب بعضا، وأنا أدعو الله دائما بهذا الدعاء: اللهم أنت أعطيتني نعما عظيمة ولم أتعمد جحدها، ولم أتعمد معصيتك، فاغفر لي ذنبي.. اللهم أنت من تضع المحبة في القلوب.. وأنت تعلم مقدار حبي لهذا الشخص، اللهم إن كان في اجتماعي معه خير لي في ديني ودنياي وأهلي وعاقبة أمري فاجمعني معه بالحلال عاجلا لا آجلا، وإن كان في اجتماعي به شر لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري فأبعده عني، وأنزع محبته من قلبي، وعوضني خير العوض.. ف هل هذا يجوز أم لا، وهل يعتبر هذا الدعاء من الأمور المستحيلة، أو من التعدي في الدعاء.. لأني قرأت آداب الدعاء، وفيها أن لا يتعدى في الدعاء، وألا يدعو بأمر مستحيل؟) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عن الدعاء المذكور فجوابنا كما سبق أنه غير جائز، وقد بينا الأسباب في الفتوى السابقة وهي برقم: 120261، وراجعي أيضاً الفتوى رقم: 113122.
وخيانة زوجك لا تعطي لك الحق في التعلق برجل لا يحل لك، فعشق الرجل الذي لا يحل لك معصية، وخيانة زوجك معصية أخرى لا تبرر الأولى، وإنما تعطي لك خيارات شرعية يجوز الأخذ بها كأن تطلبي مفارقته بطلاق أو خلع إن لم ينته عن خيانتك، وقد كان الأولى بك ألا تكوني سلبية تلك المدة الطويلة إن تأكد عندك خيانته لك بارتكاب الفاحشة أو كبائر أخرى مع النساء، فإن كنت بذلت ما في وسعك لإقلاعه ولم يفعل فيحل لك طلب الطلاق أو الخلع منه، وقد قيدنا في فتوانا السابقة عدم جواز ذلك بما إذا لم يكن هناك سبب مشروع.
أما وقد ذكرت أنه خائن -ونحن نفتي حسب ما يذكر السائل والله حسيبه- فلا بأس بطلب مفارقته لخيانته وليس للزواج من ذاك الرجل فهذا أمر خارج عما نتكلم فيه.
ويمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 106491، 77638، 26233، 39387، 27993، فقد تكلمنا فيها عن موقف الزوجة من خيانة زوجها والحلول الشرعية لها، ونسأل الله تعالى أن يتوب على زوجك وأن يؤلف بينكما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(13/2906)
أقام علاقة مع فتاة ووعدها بالزواج ثم تاب
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرفت علي فتاة عبر الإنترنت قبل سنتين أو أكثر، وكنت أصلي وأعبد الله ولكن لا أعرف الأحكام الشرعية كما يجب، فطال حوارنا وكلامنا، وقد واعدتها بالزواج عندما تتيسر لي الأمور المادية وإنني أشترط على زوجتي الشروط التالية: النقاب، التزام البيت، عبادة الله، طاعة الوالدين والزوج، ولكن قد علمت مؤخرا أن هذا لا يجوز وهو من انتهاك محارم الله والله أعلم.
وأنا أريد أن أتوب إلى الله من هذا العمل، فماذا يجب علي أن أفعل؟ وللعلم فإن الفتاة قد رفضت خطابا أتوها بسبب وعدي إياها على حسب ما تقول لي. أنا الأن أسأل هل يجوز لي أن أبقى علي وعدي ولكن لا أتكلم معها حتى يتيسر لي الأمر ونتزوج؟ هل يجوز لي أن أخلف هذا الوعد وأنقضه؟
أنا الآن قطعت العلاقة مع تلك الفتاة وأخبرتها بأننا نعصي الله بهذه الأشياء التي نفعلها وأن الشيطان يسول لنا أعمالنا، ولكن ذالك الوعد يعذبني ويهلكني ولا أدري ما أفعل؟
وهل إذا أردت أن أخطبها ورفضت الشروط التي أخبرتها أن أنقض وعدي وأخلفه؟
أرجوكم أفتوني بما يجب علي فعله وكيف تكون توبتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أن التعارف بين الشباب والفتيات أمر غير جائز، ولو كان بغرض الزواج، لما يجر من الفتن وما يترتب عليه من المفاسد والبلايا.
أما عن سؤالك، فإن التوبة الصادقة مقبولة بإذن الله، وهي تكون بالإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم العود إليه، وراجع الفتوى رقم: 66701.
ولا يمنع ذلك أن تنتظر حتى يتيسر لك الزواج فتخطبها من ولّيها، مع التزامك بحدود الشرع في منع محادثتها بغير حاجة، وأما عن إخلاف وعدك لها بالزواج، فالوفاء بالوعد مستحب غير واجب عند الجمهور، لكن ما دامت الفتاة قد ردت خطاباً بسبب وعدك، فإنه ينبغي عليك أن تفي بهذا الوعد، ما دام ذلك في استطاعتك، وانظر الفتوى رقم: 20200.
أما إذا لم توافق على الشروط التي تريدها في زوجتك، فلا حرج عليك في تركها، والبحث عن غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1430(13/2907)
حكم التعارف بين الجنسين إذا كان بقصد الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[شكري الجزيل لكل القائمين على هذا الموقع، وجزاكم الله خير الجزاء.. أنا طالبة عمري 24 سنة تعرفت على رجل عبر الهاتف مدة سنة إلى أن صرح بكونه متزوجا وله بنون، عزمت على قطع أي صلة بيننا غير أني لم أستطع كوني أحببته وتعودت على محادثته، بقينا على اتصال، وكلما حاولنا الابتعاد ازداد الشوق وفاض الحنين بالرغم أنه التزم، غير أنه كان كلما يحدثني يصرح بحبه لي أكثر من زوجته ورغبته بخطبتي لكني أرفض كوني امرأة ثانية، وهذا لن يرضي والدي أبداً، غير أننا نكتفي بتبادل الحديث بيننا في شؤون عديدة عبر الهاتف فقط ليطمئن الواحد على الآخر ليس إلا، ونحن لا نزال على هذا الحال بالرغم أن ضميري يؤنبني لأني وسيط خيانة بين زوجين، فهو يزداد في التزامه ويسارع في الخيرات وهذا ما يحسسني أني شيطان بينه وبين زوجه، فأفيدوني أفادكم الله بما يستلزم لي فعله. فأنا والله أريد التوبة النصوح من هذا الوضع لأني أتوب وأرجع كل مرة بالرغم أني في غالب الأحوال أكون سبب الرجوع له، فهل إذا علمت زوجته بالوضع يستلزم طلب السماح منها لأني أخاف يوم الحساب، أود من فضلكم توضيح كل جانب لوضعي خاصة جانب الصفح والتكفير عن الذنوب والسيئات لأنه يسارع في الخيرات، وأنا آتيه لأفسد عليه وهو يتجاوب معي لإرضائي وعدم صدي، وهذا مما يؤكد حبه لي، فأرجوكم أرجوكم رجاء الغارق في بحر الذنوب كي تنجيه فأنا أرغب في الخروج من هذه الفتن؛ لأن لا نفسيتي ولا أحوالي الدراسية تسمح لي بالتفكير به والبقاء على هذه الأحوال، أرجو أن تعينوني على الخروج والتفطن، فإن نفسيتي قد تعبت وكلما حاولت نسيانه وجدت كل ما بحولي يذكرني به ويجذبني للرجوع إليه؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أن التعارف بين الشباب والفتيات أمر غير جائز، ولو كان بغرض الزواج لما يجر من الفتن وما يترتب عليه من المفاسد والبلايا، أما عن سؤالك فقد أخطأت بإقامة هذه العلاقة والتمادي في محادثة هذا الرجل، وذلك بتزيين الشيطان وتسويل النفس الأمارة بالسوء.
فالواجب عليك التوبة وذلك بقطع علاقتك بهذا الرجل، والندم على ما وقع بينكما من مكالمات والعزم على عدم العود لذلك، وذلك يسير بإذن الله إذا صدقت في الرغبة في مرضاة الله والاستعانة به، وقطع كل الأسباب التي تزيد التعلق به، وعدم الاسترسال مع الأفكار والخواطر، وشغل الأوقات بالأعمال النافعة، والحرص على تقوية الصلة بالله، وتعلم أمور الدين والحرص على الصحبة الصالحة التي تعين على الخير، مع كثرة الدعاء أن يعصمك الله من الفتن وأن يرزقك الزوج الصالح.
أما ما يتعلق بزوجة هذا الرجل فلا يلزمك طلب السماح منها، وننبه إلى أن زواج الرجل على زوجته ليس خيانة لها، كما أنه لا حرج على الفتاة أن تتزوج رجلاً متزوجاً، إذا رضيت دينه وخلقه.. وانظري لذلك الفتوى رقم: 63239، ولا ينبغي لولي المرأة أن يرفض من يتقدم إليها لمجرد كونه متزوجاً، ولكن ننبه إلى أن الغالب أن الولي يحرص على اختيار الأفضل للفتاة، واعلمي أن الخير كل الخير في الاستقامة والصبر ومخالفة الهوى، كما أن الخسران في اتباع الهوى ومخالفة الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(13/2908)
حكم طلب الدعاء من امرأة أجنبية مسافرة للعمرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت أعرف بنتا ونحب بعضا، وأعلم أن العلاقة بيننا علاقة غير شرعية، وهذه البنت سوف تقوم قريبا بالسفر إلى السعودية لعمل عمرة.. فهل يجوز أن أطلب منها الدعاء لي، وهل يجوز أن تدعو هي لي أو أدعو لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يسعك في هذا الحال سوى أن تقطع علاقتك مع هذه الفتاة فورا، خصوصا مع علمك بأنك ترتكب الحرام في علاقتك بها.
ولا يحل لك محادثتها ولا مصاحبتها، ولا يجوز لك أن تطلب منها الدعاء فإن محادثة المرأة الأجنبية الشابة غير جائزة إلا لضرورة أو حاجة، كما بيناه في الفتويين رقم: 21582، 116825.
وطلبك منها الدعاء ليس من الضرورة ولا من الحاجة في شيء، إضافة إلى أن ذلك ذريعة لرجوع العلاقة المحرمة بينكما وترسيخها.
أما أن تدعو هي لك من تلقاء نفسها أو تدعو أنت لها فهذا جائز ولا حرج فيه.
ثم ما دام قد تعلق قلبك بها وتعلق قلبها بك، فننصحك بأن تسارع إلى الزواج منها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجة وغيره وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1430(13/2909)
حقيقة الخلوة غير المشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي تعمل حديثا في حضانة أطفال، لكن زوج صاحبة الحضانة يأتي في الصباح الباكر يفتح الحضانة حتى تأتي زوجته، ثم ينصرف إلى عمله. هل هذا اختلاط أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان وجود هذا الرجل لا يحصل معه خلوة ولا يترتب عليه فتنة، فلا حرج في ذلك، أما إذا ترتب عليه فتنة أو حصلت خلوة فلا يجوز ذلك، والخلوة معناها: اجتماع الرجل والمرأة في موضع يأمنان فيه من دخول أحد عليهما، أو بحيث تحتجب أشخاصهما عن الناس. وراجع الفتوى رقم: 49878. وانظر في شروط وضوابط عمل المرأة الفتوى رقم: 8528، والفتوى رقم: 5181.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1430(13/2910)
أخطأ مع زوجته قبل أن يعقد عليها فهل يخبر حماه بما كان
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت من خطيبتي وحدثت بيننا بعض التجاوزات في فترة الخطوبة، ولكن دون الزنا الكامل، فهل لوالدها حق علي لرد المظالم، وهل أبلغه أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أولاً هو التوبة إلى الله جل وعلا مما كان منك من هذه الأفعال، وأن تصدق في توبتك إلى الله وتندم على ما كان منك، فإن مجرد الزواج ليس بتوبة ولا يمحو ما كان منك مع زوجتك قبله.
ولا شك أن لوالد زوجتك عليك حقوقاً، لأن الله سبحانه حرم الإعتداء على المسلم وإيذاءه بأي نوع من الإيذاء، وأي إيذاء أشنع وأقبح من إيذاء الرجل في عرضه!
ولكن مع هذا فلا يجب عليك أن تصارح والد زوجتك بما كان، لما سيترتب عليه من مفاسد عظيمة قد يصعب تداركها وإصلاحها، وكذا لما ستعرض نفسك له من الفضيحة أمامه بعد أن ستر الله عليك في معصيتك.
والواجب على من اقترف شيئاً من هذه القاذورات أن يستتر بستر الله عليه، ولا يفضح نفسه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله، وليتب إلى الله، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله. صححه الألباني.
فاكتف بالدعاء والاستغفار له، فلعل هذا يكفر لك ما أسلفت في حقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1430(13/2911)
حرمة تخبيب الزوجة على زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 26 سنة، تعرفت على فتاة وبعدها علمت منها أنها مخطوبة لشاب آخر، قالت لي إنها في البداية رضيت به، ولكن بعد شهر علمت مساوئ أخلاق هذا الشاب فطلبت من أهلها فسخ الخطوبة لكن أهلها رفضوا هذا لخوفهم على ابنتهم من العنوسة، وتم العقد على زواجهما، هي الأن خائفة على نفسها من الزواج به لسوء أخلاقه، أخبرتني أني إن كنت أريدها حقا للزواج فستقنع أهلها بفسخ زواجها، ويعلم الله صدق نيتي في الزواج منها ونحن متعلقين ببعضنا جدا، فضيلتكم أعلم أنني وقعت في ذنب عظيم بعلاقتي مع هذه الفتاة، ولكني لا أريد أن أقع في ذنب أعظم، أرشدوني ماذا عساي أفعل؟ أنا خائف من سخط الله علي، أنا متيقن من أنه إن تركت الفتاة هذا الزوج سأتزوجها، لكن هل يحكم علي أني خطبت على خطبة مؤمن آخر. أرجو أن تفيدوني بفتواكم أنا تائه لا أعلم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أيها السائل هوأن تسارع بالتوبة إلى الله جل وعلا مما كان منك من علاقة بهذه الفتاة وأن تقطع كل علاقة بها فورا.
واعلم أنها ما دامت قد تزوجت فلا سبيل لك إليها بحال, سواء كان زوجها متدينا حسن الأخلاق أو فاسقا سيء الأخلاق, كل ذلك لا يسوغ لك تخبيبها ولا تحريضها عليه, فإن فعلت فقد ارتكبت إثما عظيما.
جاء في مسند الإمام أحمد عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من حلف بالأمانة، ومن خَبّب على رجل زوجته أو مملوكه فليس منا.
ومعنى خبّبها: خدعها وأفسدها عليه, وليس هذا من الخطبة على الخطبة كما تظن بل هذا أعظم جرما وأكبر إثما.
ومن خبب امرأة على زوجها حتى تزوجها فإنه يعاقب عقوبة بليغة تردعه وتردع أمثاله عن العبث بحقوق الناس وانتهاك حرماتهم, وقد ذهبت طائفة من أهل العلم إلى بطلان نكاحه ممن خببها, وبذا تكون حياته معها بعد ذلك ما هي إلا صورة من صور الزنا.
قال الرحيباني في مطالب أولى النهى: (وقال) الشيخ تقي الدين (في) جواب سؤال صورته (من خبب) أي: خدع (امرأة على زوجها) حتى طلقت، ثم تزوجها يعاقب عقوبة، لارتكابه تلك المعصية و (نكاحه باطل في أحد قولي) العلماء في مذهب (مالك وأحمد وغيرهما) ويجب التفريق بينهما. انتهى.
فإن كنت حقا تخاف سخط الله وغضبه فاقطع علاقتك بهذه المرأة سدا لأبواب الشر والفتنة وحفاظا على أعراض المسلمين وحرماتهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1430(13/2912)
يتصل بامرأة لتعليمها أحكام الدين ويصرح لها بحبه لها في الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يتابع امرأة في أمور الدين والعقيدة عبر الانترنيت هو داعية وفقيه، ويهيئها للدعوة ويتصل بها على الدوام مع علم زوجته، ولكن يمازحها، وكذلك يقول لها نحن نحبك في الله؟
بارك الله فيكم وجزاكم خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الصورة المذكورة من مداومة هذا الرجل على اتصاله بهذه المرأة، ومزاحه معها وتصريحه لها بحبها، كل ذلك ذريعة إلى الوقوع في المحرم، ولا يفيد في ذلك كونه يعلمها أمور الدين وأحكام الشريعة, فهذه حجة واهية لأن من أظهر أحكام الشريعة وأشهرها عند العامة والخاصة وجوب التوقي من فتنة النساء، والحذر منها وسد كل ذريعة تؤدي إليها, فكيف يزعم بعد ذلك أنه يعلمها أحكام الشريعة، وبماذا تنتفع من هذا التعليم إذا كان يعلمها أحكام الله بلسانه ويعلمها معصية الله بسلوكه وأفعاله.
وهذه التصرفات التي تصدر من هذا الرجل – هداه الله وتاب عليه - تنافي ما ينبغي أن يكون عليه طالب العلم والداعي إلى الله جل وعلا من توقير أوامر الله والبعد عن مواطن الشبهات, فالواجب عليه أن يتقي الله ربه وأن يسد باب الفتنة، وأن يمتنع تماما عن محادثتها, وأن تمتنع هي عن محادثته أيضا.
وكون زوجته تعلم بما يفعله لا يفيد شيئا ولا يجعل الحرام حلالا، بل حتى ولو علم أهل الأرض جميعا بذلك فإن هذا لا يغير من الحكم شيئا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1430(13/2913)
من الآثار السيئة لمحادثة الأجانب عبر النت
[السُّؤَالُ]
ـ[ربما تجدون قصتي غريبة نوعا ما، ولكن أرجو أن تنال حيزا من اهتمامكم وأن تقفوا بجانبي لأنني أشعر بالضياع.
أنا امرأة متزوجة من 15 عشر عاما، ليس لدي أطفال، والسبب من زوجي، أكملت دراستي وأصبحت معلمة وتقربت جدا من الله، تعلمت على الكمبيوتر ولغات وانترنت.
قادني الفضول لدخول الشات والتحدث للشباب لمجرد الفضول تطورت الأمور إلى تبادل أرقام الجوالات وأحاديث تخرج عن اللياقة والأدب من قبل من يحادثني كنت مستمعة أيضا من باب الفضول والتعرف إلى نوعية الأحاديث التي تجري على الهاتف، وكنت قد قرأت الكثير عن ضحايا النت، فأردت أن أرى كيف يكون ذلك.
المهم أكيد لم يتجاوز الأمر أكثر من ذلك النت فقط شات كتابي وأحاديث على الهاتف، وجدت نفسي أبتعد عن الله، وقلبي يقسو أكيد أنني لم أترك أي من العبادات التي هي فرائض، لا والله ولكن فقدت ال شعور بالخشوع واللذة بتلك الطاعات، فقدت الذكر الذي كنت مداومة عليه، عزمت عشرات المرات على ترك ذلك وكان الفراغ يجعلني أعود لمجرد التسلية، كنت أقول لو كنت أما لما فعلت ذلك، لو ولو..... أعلم أن لو تفتح عمل الشيطان وأنا على علم تام بالأمور الشرعية، فأنا كنت ملتزمة جدا، وثقافتي الدينية لا بأس بها، وأنا في عملي ناجحة جدا، وقد وصلت بوقت قصير إلى مرتبة عالية، لا أريد الاستمرار هكذا أخشى أن أقبض على معصية لا أريد أن أشعر بأن الله غير راض عني، أريد أن أعود كما كنت. هل هذا مستحيل؟ أرجوكم ساعدوني بعد الله عز وجل فهذا رجائي من الله أولا ثم منكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن محادثة المرأة للرجال الأجانب عن طريق الانترنت أو غيره يعتبر أمرا محرما، وإذا كانت المرأة متزوجة كانت الحرمة أشد، ولا يسوغ هذه المحادثة كونها مجرد شات كتابي أو أحاديث عبر الهاتف. فالواجب عليك المسارعة إلى التوبة واجتناب مثل هذه المكالمات.
وقد أحسنت بتسمية هذا الأمر فضولا، ولكن اعلمي أن السلف قديما قالوا: إياك والفضول فإن حسابه يطول اهـ.
وأحسن من هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. رواه الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه، فانظري كيف جرك ذلك الفضول إلى هذه العواقب السيئة من البعد عن الله وقسوة القلب، وفقد الشعور بلذة الطاعة وحلاوة العبادة، وقد استدرجك الشيطان إلى ذلك، وإن لم تتداركي نفسك وترجعي إلى ربك وتتوبي إليه، قد يقودك إلى ما هو أعظم، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ {النور:21} .
ومما يمكن أن يعينك في تصحيح المسار عدة أمور نذكر منها:
أولا: استحضارك رقابة الله عز وجل عليك، قال تعالى: وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا {النساء: 1} .
ثانيا: كثرة ذكرك للموت والخشية من أن يفجأك وأنت على معصية، قال الله سبحانه: وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ {الزمر:54} .
ثالثا: أن تستشعري أن الفراغ نعمة تسألين عنها أمام الله تعالى، روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ. فاستثمري هذا الفراغ فيما ينفعك من أمر دينك ودنياك.
رابعا: عليك بالحرص على مصاحبة الصالحات اللائي يذكرنك بالله إذا نسيت ويكن عونا لك إذا ذكرت.
وأما بالنسبة لإنجاب الذرية فننصحك بالتوجه إلى الله تعالى فإنه على كل شيء قدير، وكل أمر عليه يسير، قال تعالى: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ {الشورى:49} . وراجعي الفتوى رقم: 15268.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1430(13/2914)
تهدده بالانتحار إن قطع علاقته الآثمة معها
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة تهددني بالانتحار لقطعي العلاقة بها بعد أن تبت إلى الله، وهي تلاحقني بشتى الوسائل، وأنا لا أريد الزواج بها. وبارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن حذرنا، وما زلنا نحذر مما يحصل بين الفتيان والفتيات من علاقات غير شرعية، فإن هذا من أخلاق أهل الجاهلية، فقد قال الله تعالى: ولا متخذي أخدان. هذا بالإضافة إلى ما يترتب على مثل هذه العلاقات من عواقب وخيمة، وما ذكرت من تهديد هذه الفتاة بالانتحار إن لم تتزوجها فخير شاهد على ما ذكرنا.
وقد أحسنت بتوبتك إلى الله تعالى، ويجب عليك الحذر من الوقوع في مثل ذلك الخطأ في المستقبل، كما أن الواجب عليك سد كل ذريعة قد تقودك إلى الوقوع في حبال الشيطان مرة أخرى.
ولا يلزمك الزواج من هذه الفتاة، ولكن إن كانت أهلا لأن تكون لك زوجة، وأمكنك الزواج منها فافعل، فلعلك تؤجر بإعفافك لها، والحيلولة بينها وبين ما هددت به من أمر الانتحار. ولو قدر أن لم تتزوج بها وانتحرت فعلا، فلا يلحقك من ذلك إثم، فإنها هي التي جنت على نفسها.
وننبه إلى خطورة أمر الانتحار، وإن كان صاحبه يريد أن يهرب إلى شيء من شقاء الدنيا، فإنه ينتقل بذلك إلى الشقاء الأعظم في نار جهنم. ولمزيد الفائدة يمكن مراجعة الفتوى رقم: 10397.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1430(13/2915)
حكم التحدث مع الفتاة بحجة التعارف بقصد الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لفضيلتكم أن تبينوا لي وبالتفصيل والأدلة حكم حديث الزميل مع زميلته في العمل في غير ما يتطلبه العمل، حيث إن أحد زملائي يتحدث مع إحدى الزميلات أحيانا داخل المكتب، وأحيانا يخرجان أمام مبنى الشركة، حيث توجد حديقة ويتمشيان لوحدهما ليس في خلوة حيث يوجد أناس وسط الحديقة ويتحدثان، أنا لا أجد في جعبتي الأدلة الكافية لنصح هذا الزميل، حيث إنهما يعتبران ما يقومان به جائزاً، لأنهما ليسا في خلوة؛ ولأن الزميلة تلبس الحجاب، ولأنهما يتحدثان بغية التعرف أكثر على بعضهما البعض قصد الزواج، ولذلك يعتبران هذا التعارف حاجة تبرر حديثهما، فهل ما يقومان به جائز؟ وإن لم يكن جائزاً فما هي أدلة عدم جوازه من القرآن والسنة؟ وكيف لي أن أنصح هذا الأخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يفعله زميلك من كلامه مع تلك الفتاة بدون حاجة معتبرة وخروجهما معاً بحجة التعارف بقصد الزواج، هو أمر غير جائز، وهو باب فتنة وذريعة فساد، وقد سبق بيان أدلة ذلك في عدد من الفتاوى، فراجع منها الفتاوى أرقام: 111586، 1769، 118479.
كما ننبه إلى أن عمل المرأة في مكان فيه الرجال يجب أن يضبط بالضوابط الشرعية، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 37294، والفتوى رقم: 3859.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1430(13/2916)
الكلام مع النساء مظنة الوقوع في الفاحشة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي صديق ملتزم دينيا وخلقيا ولا أزكيه على الله، ولكن وقعت له مشكلة مع صديق عزيز عليه جدا، وهذه المشكلة كانت مع زوجة صديقه. اتصلت به على الهاتف الجوال وقصت عليه مشكلتها التي تعانيها من زوجها من ضرب مبرح وشتم وإهانات، ويرغمها على أن ترى الأفلام الخليعة بالتلفاز وشرب السجائر المخدرة، وبعض المخالفات الشرعية، ودام هذا الاتصال لفترات عدة حتى يمتص منها الغضب والكراهية لزوجها، وبدأت تقتنع بالنصائح الإرشادات الدينية، ولكن فجأة اتضح أنها وقعت في عشق هذا الرجل، ومع ذلك واصل معها الاتصال لعلها أن ترجع إلى الله، وتحتسب أمرها لله، وهو عارف أنها وقعت في عشقه، ولما عرف نفسه لم يفلح في قطع بها الاتصال نهائيا. وبعدها مرضت وحاولت الانتحار؛ لأنها تزعم أنه وقع هو في غرامها. وبعد ذلك ذهب لزوجها وصارحه بذلك، وطلب منه أن يسامحه وفعلا سامحه وعفا عنه؛ لأنه قال له صديقه احمد الله بأنها لم تتصل بأحد غيري لكانت المشكلة أكبر من ذلك، وفجأة قطع هذا الزوج علاقته بصاحبه نهائيا. والآن هذا الرجل نادم على هذا الاتصال، وقطع على نفسه عهدا ألا يقبل أي اتصال من أي عنصر من النساء. فهل عليه إثم وإنه تائب إلى الله ويستغفره ويعاني من هذه المشكلة ليلا ونهارا.
فأفتونا جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأ هذا الرجل ولا شك عندما استرسل في الحديث مع هذه المرأة، خصوصا بعد علمه بما حصل لها من ميل نحوه، ولا يشفع له في هذا كونه يريد الإصلاح بينها وبين زوجها، فإن هذا الفعل غير جائز أصلا، والفعل الممنوع لا تصلحه النية الصالحة، والغاية المحمودة لا تبرر الوسيلة المذمومة.
وقد جاء النهي الصريح من رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن تكلم النساء إلا بإذن أزواجهن. أخرجه الطبراني وصححه الألباني.
جاء في فيض القدير: (نهى أن تكلم النساء إلا بإذن أزواجهن) لأنه مظنة الوقوع في الفاحشة بتسويل الشيطان، ومفهومه الجواز بإذنه. وحمله الولي العراقي على ما إذا انتفت مع ذلك الخلوة المحرمة، والكلام في رجال غير محارم. انتهى.
وكان الواجب عليه فور كلامها له أن يعلم زوجها بما كان، وأن يعظه بتقوى الله، بذا يكون قد أدى ما عليه من واجب النصيحة من جهة، وأعلمه بما كان منها من جهة أخرى، فيكون الأمر تحت سمعه وبصره، وبذا تنتفي التهمة والريبة وتنسد أبواب الشيطان.
ولكن طالما أنه قد تاب إلى الله وندم على فعله، فإنا نبشره بقبول توبته إن شاء الله، قال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25} .
ثم عليه أن يوفي بعهده مع ربه فيمتنع عن الكلام والحديث مع النساء الأجنبيات، فإنه ذريعة لوقوع الشرور وحصول المفاسد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1430(13/2917)
حديث رجل مع امرأة في أمور إباحية حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أتحدث مع زميلتي في أمور إباحية فما حكمكم في هذا؟ الرجاء الرد سريعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما تذكر من حديث مع هذه المرأة في أمور إباحية حرام لا شك فيه، والواجب عليك التوبة إلى الله عز وجل فورا، وقطع كل علاقة لك بهذه المرأة.
ولا حرج عليك إن كانت هذه المرأة غير متزوجة أن تتقدم لخطبتها من وليها، ثم تعجل بالزواج بها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1430(13/2918)
العلاقة بين الجنسين من أبواب الفتنة ومداخل الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل, أريد أن أطرح مشكلتي وأتمنى أن تجدوا لي الحل:
أنا فتاة أحببت شخصا فكنت أتواصل معه عن طرق الهاتف، في يوم من الأيام طلب مني أن أمارس الجنس التلفوني معه، فكنت راضية بشدة، وقال لي أرجوك لا أعرف ماذا؟ المهم ضحك علينا إبليس وكل شخص صور مفاتنه وأرسلنا لبعضنا البعض، أنا وهو نحب بعضا ونريد أن نرتبط مستقبلاً، ولكن لا أعلم هل يجوز هذا الشيء أم لا؟ ونحن نادمان على هذه الفعله وهو إلى الآن يريدني ومتمسك بي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يعرف بعلاقة الحب بين الشباب والفتيات هو أمر لا يقره الشرع، ولا ترضاه أخلاق الإسلام، وإنما المشروع في الإسلام أن الرجل إذا تعلق قلبه بامرأة، يخطبها من وليها الشرعي، ثم تظل أجنبية عنه حتى يعقد عليها، والكلام بين الشاب والفتاة الأجنبية لغير حاجة معتبرة شرعاً، من أبواب الفتنة ومداخل الشيطان، فكيف إذا كان الكلام في الأمور المحرمة، وإثارة الشهوة بالكلام والصورة، فلا شك أن ما فعلتماه أمر محرم، يجب عليكما التوبة منه، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم، والعزم على عدم العود إليه، مع الإكثار من الأعمال الصالحة. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 5450.
والواجب عليك قطع علاقتك بهذا الشاب تماماً، ثم إذا تقدم لخطبتك من وليك وكان ذا دين وخلق، فلك قبوله بعد استخارة الله عز وجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1430(13/2919)
الاختلاط في منظار الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي لو تكرمتم:كنت أنا ورفيق لي نتناقش بموضوع الاختلاط بالنساء وأنه لا يجوز مع تقديم الدليل له، ولكنه قدم لي دليلا عن مخالطة الرسول صلى الله عليه وسلم للنساء طبعا للتعليم، وكيف أنه صلى الله عليه وسلم كيف جلس مع صديقة زوجته أمنا خديجة رضي الله عنها، قلت له هذه حالة استثنائية وإنها امرأة كبيرة في السن لكنه لم يقتنع. أرجو التكرم وإعطائي الدليل على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاختلاط الرجال بالنساء ليس محرماً على إطلاقه، وإنما الأصل فيه الجواز، والأدلة على ذلك كثيرة في كتب السنة، لكن المحرّم منه ما يؤدي إلى الفتنة أو يكون خالياً من الضوابط الشرعية، كالخلوة والخضوع بالقول، وإظهار الزينة والتطيب.
واعلم أن الشرع قد حذّر من فتنة النساء، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. متفق عليه.
والشريعة حرصت على ستر المرأة وإبعادها عن مواطن الريبة ومظان الفتنة، حتى ولو كان ذلك في المسجد، وانظر أدلة ذلك وجواب شبهة صديقك في الفتوى رقم: 99207.
والاختلاط الشائع اليوم والذي لا تراعى فيه ضوابط الشرع، هو باب شر وفساد يجر على المجتمع كثيراً من المفاسد والبلايا، والواقع شاهد بذلك.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 3539.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1430(13/2920)
حكم خروج الفتاة مع بنت خالتها وزوجها إلى المطاعم
[السُّؤَالُ]
ـ[خطبت منذ قرابة الشهر والنصف, وقد علمت عن خطيبتي أطهر الصفات والحمد لله. لكن, هناك شيء نختلف عليه دائما وهو خروجها مع بنت خالتها المقربة منها، وزوج بنت خالتها إلى المطاعم معها بدون أي محرم.
إنني في نفسي أشعر بحرقة شديدة من هذا الموضوع, ولم أستطع تقبله، ووصلت في إحدى المراحل إلى أن أطلب منها عمل ما تريد ولكن دون البوح في مثل هذه القصة. ولكن الموضوع يظهر كلما ذكرت هي بنت خالتها وزوجها.
لقد قلت لها مرارا إن مثل هذا الشيء حرام. فقالت لي أنني أفتي بما ليس لي من علم. علما أنني رجل غيور -لكني لا أمانع في عملها المختلط لأن مهنتها إنسانية وهي التطبيب. سبق وقد قالت لي إنني بحاجة إلى طبيب نفسي لمعالجة مثل هذه الغيرة، وكانت تقول لي إنه علي أن أتصرف بشكل طبيعي كما هي حال باقي أزواج رفيقاتها. إذا كانت غيرتي زائدة, فأطلب منكم النصح. وإذا كان تصرفها حراما, فأطلب من سماحتكم فتوى؟
والله ولي التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية ننبه السائل إلى أن حكم الخاطب حكم الأجنبي عن الفتاة التي خطبها ما دام لم يعقد عليها، وانظر الفتوى رقم: 15127، الخاصة بحدود تعامل الخاطب مع خطيبته.
واعلم أن الاختلاط بين النساء والرجال الأجانب على النحو المشاهد اليوم لا يجوز، لكونه مظنة الفتنة، بل هو الفتنة نفسها.
أما عن سؤالك، فإذا كان خروج هذه الفتاة مع بنت خالتها وزوجها إلى المطاعم على وجه لا تؤمَن معه الفتنة، ومن ذلك أن تجلس مع بنت خالتها وزوجها على مائدة واحدة مع ما يصاحب ذلك من الانبساط والكلام ونحو ذلك، فذلك غير جائز، ورفضك لذلك هو من الغيرة المحمودة، ولمعرفة الغيرة المحمودة والمذمومة راجع الفتوى رقم: 71340.
أما قولك: إنك لا تمانع في عملها المختلط لكون مهنتها التطبيب، فلست محقاً في ذلك، فإن عمل المرأة إذا كان فيه مخالطة للرجال لا يجوز إلا عند الحاجة الشديدة مع المحافظة على الضوابط الشرعية، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 37294، والفتوى رقم: 3859.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1430(13/2921)
المحادثة بين الرجال والنساء والمغازلة من أعظم أسباب الفتنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إن تلقى الرجل لمكالمات هاتفية من فتيات يغازلنه، أو الحديث معهن مباشرة يعد خيانة زوجية أم لا، وما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وضع الإسلام سداً منيعاً بين الرجال والنساء الأجنبيات لئلا تقع الفتنة ويكون الفساد، فجاء التحذير الصريح من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء. رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
ومن أعظم أسباب الفتنة ما يكون من محادثات بين الرجال والنساء لغير حاجة، ويعظم الخطر إذا تضمن الأمر مغازلة ونحوها فهذا منكر بلا شك، وقد قال الله تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا. {الأحزاب:32} ، فتضمنت الآية التوجية السليم في أسلوب الكلام ومضمونه.
وأما مصطلح الخيانة الزوجية فلم يرد به الشرع وإطلاقه قد يحتوي على شيء من المحاذير، ولذا فنرى الإعراض عن ذكره، ويكفي أن نعلم أن هذا الأمر محرم ولا يرضاه الله تعالى، وللمزيد من الفائدة يمكن مراجعة الفتوى رقم: 15726.
وننبه إلى أنه ينبغي للمرأة أن تهتم بأمر تزينها للرجل وحسن تبعلها له، واهتمامها بأمره لئلا يتطلع إلى غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(13/2922)
حدود علاقة الزوج بزوجة أخيه
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تكون علاقة زوجي بزوجة أخيه؟ حيث إنها عندما خطبني اتصلت بي وقالت لي: خطيبك بعيوني ومستعدة أن أفعل أي شيء يقوله لي.
وبعد أن تزوجنا أصبحت تراسله بالرسائل الإلكترونية، وتهنئه في عيد ميلاده، وفي المقابل يثني عليها فيرد: شكرا كثيرا على الرسالة، سلمت لي، وتراسله بالبريد الالكتروني -مواضيع عامة-وأنا لا تراسلني مع أني أبعث لها الرسائل العامة.
وعندما حملت اتصلت لتخبر زوجي بنفسها، اتصلت على هاتفه الخاص، وعتبت علي كيف أني لم أبارك لها. ثم سقط الجنين فاتصل بأخيه ليعزيه، وطلب التحدث معها فتضايقت كثيرا.
أرجوكم أفيدوني لأنها متبرجة -غير محجبة- وأحيانا عندما ننزل في الإجازة في بيت أهل زوجي نلتقي معهم، فكيف على زوجي رؤية أخيه بدون أن يأخذ الإثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلاقة الرجل بزوجة أخيه لا بد وأن تكون على قدر كبير من الحيطة والتوقي لما يكتنفها من توفر أسباب الفتنة, لأجل هذا حذر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تحذيرا خاصا من دخول أقارب الزوج على الزوجة، وذلك لأن أقاربه تتاح لهم من أسباب الريبة والفساد ما لا يتاح لغيرهم , فقال– صلى الله عليه وسلم: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. متفق عليه.
قال النووي: المراد في الحديث أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه، لأنهم-آباء الزوج وأبناؤه- محارم للزوجة يجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت. قال: وإنما المراد الأخ، وابن الأخ،والعم، وابن العم، وابن الأخت، ونحوهم مما يحل لها تزويجه لو لم تكن متزوجة، وجرت العادة بالتساهل فيه، فيخلو الأخ بامرأة أخيه فشبهه بالموت، وهو أولى بالمنع من الأجنبي. انتهى
فبان بهذا أن ما يحصل من زوجك في انبساطه في علاقته بزوجة أخيه حتى وصل الأمر أن تحدثه على هاتفه الخاص لتخبره بخصوصيات حياتها من الحمل ونحوه أمر لا يجوز، وينبغي التوقف عنه فورا، حذرا مما قد يجر إليه من خطوات الشيطان, خصوصا مع ما ذكرته من كون هذه المرأة متبرجة، مظهرة لما أمر الله بستره.
أما إذا جمعتكم مناسبة ما في إجازة أو غيرها في مكان واحد فينبغي أن يكون للنساء مكان مخصص لهن بعيدا عن الرجال, فإذا دعت ضرورة أو حاجة لأن يتحدث زوجك معها فينبغي أن يقتصر على قدر الضرورة والحاجة بدون خلوة ولا ريبة، وأن يلتزم بالآداب الشرعية من غض بصره عنها، وعدم الخلوة بها، ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1430(13/2923)
حكم النوادي المختلطة وتبادل الرسائل الإلكترونية بين الجنسين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من إحدى بلاد الشام، وأدرس بإحدى جامعاتها بكلية الطب، واعتزمنا عمل مشروع تثقيفي صحي وكنت ومجموعة فتيات أعضاء في اللجنة التنظيمية له، ولكن في إحدى المراحل استوجب الأمر دخول شباب للجنة التنظيمية، وكانت هناك عوائق معينة تواجه الفكرة، واقترح عمل اجتماع لممثلي اللجنة التنظيمية عبر برنامج المحادثة عبر الإنترنت-المسنجر- يضم مجموعة من الفتيات والشباب، وذلك لصعوبة الاجتماع في مكان ما.
فما الحكم برأي فضيلتكم بالنسبة لهذا الاجتماع على الشبكة العنكبوتية؟
وما حكم تبادل الرسائل الالكترونية بين شاب وفتاة لغرض تنظيم مشروع، أو التسجيل به؟
وما حكم إقامة النوادي التابعة للكليات المختلفة، والتي تضم شبابا وفتيات على حد سواء يتناقشون فيما بينهم في مناسبات مختلفة أمورا تنظيمية وإدارية، وتنفيذية معينة؟
وهل هناك ضوابط أو شروط معينة؟
بصراحة رفضت الاجتماع لأنني رأيته مخالفا للشرع، لكنني ووجهت بمعارضة من الآخرين، وقد كنت مصرة أن يصطبغ المشروع بالطابع الإسلامي الملتزم لنكن قدوة يحتذى بها ولا نتتبع خطوات الشيطان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدراسة في الجامعات التي يحدث فيها اختلاط محرم، لا تجوز إلا عند الحاجة الشديدة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 2523.
والمحادثة بين الرجال والنساء الأجانب، لا تجوز من غير حاجة، كما سبق في الفتوى رقم: 24272.
وما ذكرتِه من عمل مشروع تثقيف صحيّ ليس من الحاجة المعتبرة التي تباح من أجلها المحادثة بين الشباب والفتيات، كما أنه يمكن تحصيل هذه المصلحة بوسائل أخرى لا تشتمل على هذا الأمر، فلا يجوز لكم عمل هذه الاجتماعات المختلطة عبر برامج المحادثات، ولا يجوز تبادل الرسائل الالكترونية بين الشباب والفتيات لأجل هذا الغرض.
وأما الاختلاط في النوادي التابعة للكليات فهو أمر غير جائز، لعدم وجود الحاجة المعتبرة، ولما ينطوي عليه ذلك من تعريض للفتن، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 15176.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1430(13/2924)
لقاء الخطيبة والتحدث معها هل يكون عاصما من الفتنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب خطبت ابنة عمي، فقط خطبة.
وفي الحقيقة أنا خطبت حتى لا أقع في الحرام من نظر أو ما شابه ذلك.
وطلبت من عمي الذي هو والد خطيبتي أن نعقد العقد في المحكمة عند كاتب العدل، ولكنه رفض لعدة أسباب منها:
أنه وضع شرطا لي أن أسدد مهرا حدده هو وقدره 300 ألف ليرة سورية وهو مبلغ كبير، وأنا لا أقدر جمع هذا المبلغ إلا بعد سنة على أقل تقدير، وأريد أن أرى الفتاة رؤية شرعية ولكنه لا يفهم كلامي ويقول لي: تعال لتراها بالبيت وهي محجبة، ويقول لي: تكلم معها على الهاتف، وأنا أقول له: لماذا نقع بالحرام طالما بإمكاننا أن نعقد العقد ويصبح كل شيء حلالا، ولكنه لا يقتنع، وأنا لا أقدر على أن لا أكلم الفتاة على الهاتف أو أن لا أراها.يعني أنا كل يوم أكلمها على الهاتف، وكل أسبوع أذهب إلى بيت أبيها لأراها، علما أنها تكون جالسة مع أهلها يعني بدون خلوة.
ولكني فعلت المستحيل حتى يكون كل شيء حلالا ولكن عمي لا يهمه الأمر، ويقول لي: ادفع المهر وحدد وقت العرس حتى نعقد العقد لأنه لا يحب أن تكون الخطبة طويلة سنة مثلا، وأنا لست قادرا على جمع المال في هذا الوقت، وكذلك لست قادرا على الابتعاد عن الفتاة، بصراحة أنا أحبها كثيرا فماذا أفعل؟؟
وهل رؤيتي لها في بيت أبيها حرام،وهل كلامي معها على الهاتف حرام، علما أني أكلمها يوم الخميس حوالي 4 ساعات في الليل، لكنني خطبت حتى أبتعد عن الجو الذي أنا فيه يعني أنا مهندس مدرس في الجامعة وأدرس طالبات أعمارهن حوالي 22 سنة، فلا أريد أن أقع بالحرام من خلال الكلام معهن أو النظر إليهن نظرات خبيثة، لذلك فكرت بخطبة ابنة عمي كوني أحبها، وقلت أكلمها على الهاتف، وأذهب لرؤيتها كل أسبوع حتى لا أفعل ذلك مع فتاة لا تحل لي، ولكن عمي الآن يقف في طريقي، من جهة طلب مني مهرا كبير جدا، ومن جهة ثانية لا يريد أن يعقد العقد في هذا الوقت وأنا محتار، أقسم بالله أني أريد الحلال والله أعلم بما في النفوس حتى إني عندما قلت لعمي إنه بطلبه لهذا المهر الكبير سوف يؤخر زواجنا لعام كامل فأجابني: ويكون عامين أين المشكلة. ويقول دائما إننا نحن ننتظرك حتى يصبح عمرك ستين عاما، وكأنه لا يعرف أحاسيس ومشاعر الشباب
ويتجاهل مشاعري ومشاعر ابنته، وأنا حائر جدا ولا أعرف ماذا أفعل معه؟
فكرت أن أكلم احد الشيوخ في حينا لكي يكلم عمي ويقنعه بفعل الصواب، ولكني خفت أنه بتصرفي هذا يمكن أن يقوم عمي بإنهاء موضوع الخطبة، ويرمي لي الخواتم، لأنه لا يريد لأحد أن يتدخل في هذا الموضوع.
أتيت له بكتب تبين له عدم المغالاة بالمهور، وشروط عقد العقد، ولكنه لم يأبه لشيء وهو يعتبر أن قراره هو الصائب.
أتمنى أن تنصحوني ماذا أفعل علما أني أكلم الفتاة منذ 3 أشهر وأراها أيضا، وحتى إني رأيتها خارج المنزل بدون علم أبيها، ولكن بمكان عام وأمام الناس.
ماذا أفعل؟؟
ماذا أفعل؟؟؟
أخاف إذا لم أر الفتاة أو أكلمها أن أعود وأنظر إلى الطالبات عندي بالكلية وأن أكلمهن وهذا مالا أريده، علما أيضا أن ابنة عمي حافظة لكتاب الله غيبا وكاملا والحمد لله.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يفرج كربك وييسر أمرك، ويصرف عنك السوء، ويفتح لك أبواب الرزق الطيب الحلال.
واعلم أيها السائل الكريم أن ما تقوم به من حديث طويل مع ابنة عمك، ومقابلتها في بيت أبيها تارة، وتارة أخرى بمفردها خارج البيت للاستمتاع برؤيتها أو حديثها، كل هذا لا يجوز، وهو باب من أبواب الشيطان وذريعة قوية للشرور والآثام، ولا يغرنك الشيطان ويزين لك أنك بهذا تبتعد عن الحرام وعن الفتنة، فإنك بفعلك هذا توقع نفسك في قلب الفتنة وتلج إليها من أوسع الأبواب، إذ لا فرق في الحقيقة بين ابنة عمك وبين غيرها من الفتيات فالكل أجنبي عنك.
وأما بخصوص موقف عمك فحاول معه مرة أخرى وكرر المحاولات، وذكره بالله سبحانه وحذره أن يكون حجر عثرة أمام الخير والعفاف، فإن استجاب لك في تعجيل العقد، وإلا فاستعن عليه ببعض أهل الخير والوجاهة عنده، فإن لم يمكنك ذلك فلم يبق أمامك إلا الانصراف عن هذه الفتاة وتركها والبحث عن غيرها ممن هو متاح، أو الصبر والانتظار حتى ييسر لك الله المهر، ولا يجوز لك على أي حال أن تستمر فيما أنت عليه من هذه العلاقة.
والله أعلم.
&8195;
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1430(13/2925)
العلاقة هذه من تزيين الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحب رجلا متزوجا، وهو كذلك، وهو يقول لي إننا لا نفعل شيئا خطأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليكما أن تتقيا الله تبارك وتعالى، وأن تقطعا هذه العلاقة المحرمة، فإن تحادثكما وتلاقيكما وتبادلكما كلمات الحب والغرام مما لا يرضاه الله ولا رسوله –صلى الله عليه وسلم- وقد سد الإسلام ذرائع الشر وأغلق أبواب الفتنة، فمنع من إطلاق البصر بين الجنسين، ومنع من المحادثة المشتملة على الخضوع بالقول الداعية إلى الفتنة والشر, كل ذلك درءا للمفاسد وتجفيفا لمنابع الرذيلة, ولا توجد علاقة يقرها الإسلام بين رجل وامرأة إلا في إطار من العفة والصيانة, ولا سبيل إلى ذلك إلا بالزواج, فإن لم يكن هنالك مانع شرعي من زواجكما، وتيسر لكما أمره، فهو أمر حسن، فقد روى ابن ماجه أنه –صلى الله عليه وسلم- قال: لم يرْ للمتحابين مثل النكاح. وإن لم يتيسر ذلك فبقاء هذه العلاقة بينكما أمر محرم، لا يقره الإسلام ولا يليق مثله بالمسلمين, بل عليك أن تعرضي عن كل ما يضر بك في دينك، وأن تقطعي علاقتك بهذا الرجل إن لم يتيسر لك الزواج به حرصا على سلامة قلبك.
واعلمي أن هذا العشق المحرم لم يتسلل إلى قلبك إلا لأنك لم تملئيه بمحبة الله ورسوله –صلى الله عليه وسلم- كما قال الشاعر:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى *فصادف قلباً فارغاً فتمكنا
فلا تستبدلي الذي هو أدنى بالذي هو خير، واملئي قلبك بمحبة الله –عز وجل- ورسوله –صلى الله عليه وسلم- واصحبي الصالحات من أخواتك اللائي يعنّك على طاعة ربك عز وجل والاجتهاد في التقرب إليه.
نسأل الله أن يصرف عنا وعنك السوء والفحشاء، وأن يجعلنا وإياك من عباده المخلصين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1430(13/2926)
ضوابط تكليم الفتاة عبر الهاتف لزميلها في الدراسة، أو العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أستفسر عن مكالمة الفتاة عبر الهاتف لزميلها في الدراسة، أو العمل، في الأمور المتعلقة بالعمل فقط، دون الخوض في أي أمور حميمية، سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة، سواء كان بالهاتف النقال، أو الأرضي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمحادثة الرجل للفتاة، أو المرأة المتزوجة عبر الهاتف جائز، إذا وجدت حاجة للحديث، أو دعت إليه ضرورة، بشرط أن يقتصر الحديث على قدر الحاجة فقط، وألا يكون فيه خضوع بالقول أو ترخيم للصوت، أو أي تصرف يكون سبباً للإثارة والفتنة, وأن يكون كل من الرجل والمرأة ملتزما بالآداب الشرعية, وأمنت مع ذلك كله الفتنة، فإن خاف أحدهما أو كلاهما الفتنة منع ذلك.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 56988، 116825، 3672، 47566.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1430(13/2927)
زوجته تربت مع ابن عمها وتعامله كأنه أخوها
[السُّؤَالُ]
ـ[خطبت وعاقد قراني على فتاة من بيت ذي أدب ودين وخلق، وأحمد الله على حسن الاختيار لهذه الفتاة، لكن تواجهني مشكلة، وهي أهل الفتاة عائلة مكونة من أخوين في بيت واحد - أبوها وعمها - والثالث بجوار المنزل مستقل لوحده، ويوجد ابن عمها معها في البيت وتعامله معاملة الأخ وأكثر، ممكن النوم على فراش واحد في بعض الأوقات، وهو في الإعدادية، وبعض القبلات، كما ذكرت أنها تعامله كأخ لها، وكل أولاد عمها، وتكلمت معها أنه يعتبر أجنبيا عنها، لكن خائف تصير مشكلة في البيت، أو يقولون إني أفرق بين الإخوان؛ لأنهم مرتبطون ارتباطا أسريا قويا لا فرق بينهم. أكيد مفهوم سؤالي وصل. وأرجو الرد للنصح والإرشاد لخطيبتي، وكيف تكون المعاملة لأولاد عمها، وأنا دوري ودورها معي بدون تفرقه بينهم، ولا إحراج من جميع الأطراف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم ينطلق في تصرفاته في حياته من منطلق الشرع. قال تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {الأنعام:162} .
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن من علامات الإيمان المبادرة إلى الاستجابة للشرع وطاعة الرحمن.
قال عز وجل: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {النور:51}
وأما العادات والتقاليد وأهواء النفوس التي لا ترضي الله تعالى فلا يجوز أن يعارض بها ما جاء به الشرع الحكيم، قال الله سبحانه: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا {الأحزاب:36}
فنصيحتنا لهذه المرأة أن تتقي الله تعالى، وأن تعلم أن أبناء عمها أجانب عليها، وليسوا بإخوة لها شرعا، وكونها تعتبرهم إخوة لا يغير من الواقع شيئا. فيجب عليها الاحتجاب عنهم، وعدم الخلوة بأي منهم، وأما تقبيل ابن العم أو النوم معه في غرفة واحدة أو على فراش واحد ونحو ذلك فهو أشد إثما وأعظم جرما، والتفريق بين الإخوة الأشقاء في المضاجع في هذه السن مأمور به شرعا، فكيف بغيرهم، فهذا الولد الذي ذكر أنه في الإعدادية قد يكون بالغا أو قارب البلوغ، وفي هذا من أسباب الفتنة ما لا يخفى على عاقل.
وعليك بمناصحة أهل هذا البيت بأسلوب طيب، وبيان الحكم الشرعي لهم، ويمكنك أن تستعين في ذلك ببعض العقلاء منهم. ولا يضرك ما يمكن أن يقال من أنك تريد أن تفرق أهل هذا البيت.
وإذا كانت هذه الفتاة قد عقد لك عليها فهي زوجتك، فيجب عليها طاعتك في المعروف، وإن أصرت على القيام بما تقوم به، فقد يكون الأولى أن تطلقها إن كنت قد عقدت عليها، وأن تفسخ الخطوبة إن كانت مجرد خطوبة؛ لأنه لا خير فيمن تصر على المعصية، وخاصة أن هذه المعصية ستكون لها صلة بحفظ عرضك وعفة زوجتك، ولا بد أن يكون هذا الأمر مثارا للخلاف بعد إتمام الزواج، فيحصل ما لا تحمد عقباه، وفسخ الخطبة أو الطلاق قبل الدخول لا شك أنه أهون وأسلم عاقبة من حصول الطلاق بعد الدخول وإتمام الزواج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1430(13/2928)
التعارف عبر النت بين امرأة متزوجة وأجنبي عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني امرأة متزوجة، حاصلة على شهادة الماستر من بريطانيا في علوم الحاسبات، إنسانة تقية أخاف الله وأحب أطفالي، ولكن بطريق الصدفة تعرفت على شاب عن طريق الإنترنت، وبدأت بيننا علاقة صداقة، ومن ثم شعرت أنني متعلقة به كثيرا وهو أيضا، حيث إنه يسكن في بلد آخر بعيد عن بلد إقامتي الحالي، ولكنه من نفس جنسيتي: عربي.
طلب مني الانفصال عن زوجي والزواج منه، علما أنني أعرف عنه الكثير فقد حكى لي كل صغيرة وكبيرة، السيئ والجيد، وقد تأكدت من مصداقية حديثه عن طريق أقارب لي في بلدي، ولكنني مترددة لا أستطيع القبول بالزواج منه رغم أن علاقتي بزوجي متوترة، وذلك لأني أخشى أن أكون نزوة في حياته، وأخشى على أطفالي أن يتربوا بعيدا عن والدهم، ويؤثر هذا على نفسيتهم مستقبلا، وأرى نفسي غير مرتاحة معه، شيء ما يقلقني! وحينما أكون بعيدة عنه نفس الشيء، غير مرتاحة إطلاقا.
أرجو منكم أن تدلوني على الرأي الصائب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن التعارف عبر الشبكة العنكبوتية بين الرجال والنساء الأجانب غير جائز، لما يترتب عليه من مفاسد، وما يشتمل عليه من تعرض للفتن، وما يجره من بلاء إلى المجتمع، وإذا وقع ذلك من امرأة متزوجة فذلك أفظع وأشنع، فإن وجود علاقة بين المرأة المتزوجة ورجل أجنبي عنها من الخيانة للزوج، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ. {الأنفال:27} .
وما فعله ذلك الرجل من طلب انفصالك عن زوجك، إنما يدل على فساد دينه وخلقه ولؤم طبعه، فالمرأة ما دامت في عصمة زوج، فلا يجوز لأحد مجرد التعريض بخطبتها، ويعد ذلك من التخبيب على زوجها، وهو من الكبائر، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها، أو عبدا على سيده. رواه أبو داود وصححه الألباني.
فالواجب عليك التوبة إلى الله، بقطع علاقتك بهذا الشخص تماما، والندم على ما وقعت فيه من إثم، والعزم على عدم العود لمثل ذلك.
وعليك أن تتعلمي أمور دينك، وتتقي الله في زوجك، وتحسني عشرته، وتسعي لإصلاح مابينكما، وتحافظي علي بيتك وأطفالك، فترابط هذه الأسرة نعمة من الله، فلا تقابليها بالكفران، واحذري من فتح أبواب الفتن التي يدخل منها شياطين الإنس والجن ليفسدوا عليك حياتك، ويشتتوا شملكم.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم 99815
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1430(13/2929)
الاختلاط في الجامعة وعلاقة الزمالة بين الجنسين
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أشكركم أولا على مجهودكم الرائع في خدمة الإسلام. لي زميلة في الجامعة أخبرتني أنها تحبني، والمولى وحده الذي يعلم أني لا أفكر في هذا الموضوع، فأخبرتها أنني أعتبرها أختا، فغضبت مني هي وزملائي الذين شجعوني على مجاراتها، فتشاجرت معهم، ولكنهم إلى الآن يقولون إني مخطئ، فهل أنا مخطئ؟
أرجو الإجابة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله لك، وجزاك الله خيراً، واعلم أن الإسلام لا يعرف علاقة زمالة أو صداقة أو أخوة بين الرجال والنساء الأجانب، وإنما ذلك دخيل علينا من عادات الكفار وثقافات الانحلال، كما أن الاختلاط بين الشباب والفتيات في الجامعة أمر غير جائز، وهو باب شر وفساد كبير، فلا تجوز الدراسة في هذه الجامعات المختلطة إلا لضرورة أو حاجة شديدة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 2523.
فالواجب عليك قطع علاقتك بهذه الفتاة وغيرها، وقطع علاقتك بهؤلاء الشباب الذين يشجعون على المعصية ويسعون لإفسادك، واعلم أن صحبة هؤلاء وبال في الدنيا والآخرة، وأن مودتهم تنقلب يوم القيامة إلى عداوة، يوم لا ينفع الندم. قال تعالى: الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ {الزخرف:67} .
وعليك أن تختار صحبة صالحة تعينك على طاعة الله وتربط قلبك بالمساجد، ومجالس العلم والذكر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمنا. رواه أبوداود وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1430(13/2930)
حكم القبلات والأحضان بين الأخ وأخته
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء توضيح ما هو حكم التقبيل والاحتضان بين الأخ وأخته؟ خاصة القبلة في الفم، وخاصة إذا خالطها شهوة من أحدهما أو كلاهما. لأن لي أخا وأختا يتعاملان بهذه الطريقة، ويتعللان بأن كلا منهما محرم على الآخر، فيقول لها مثلا: سأفعل لك كذا مقابل قبلة منك، أو يقول لها: لقد فعلت لك كذا، أفلا أستحق قبلة منك.
وأنا أتضايق من ذلك كثيرا، أعتقد أنهما يستتران خلف ستار الأخوة، وأخاف أن يؤدي بهما ذلك إلى ما هو أكبر مثل زنا المحارم -عافانا الله-. الرجاء توضيح الحكم مع الأدلة، والدعاء لنا جميعا بالهداية والستر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء فيما يجوز نظر المحارم إليه من المرأة، والراجح عندنا أنه ما يظهر غالباً كالرقبة والرأس والكفين والقدمين، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 599.
ومن باب أولى لا يجوز له لمس ما لا يجوز النظر إليه، وعلى ذلك فلا يجوز احتضان هذا الأخ لأخته، وأما التقبيل فهو جائز في أحوال معينة كالقدوم من السفر، بشرط أن يكون في الجبهة والرأس، ولا يكون في الفم، جاء في الآداب الشرعية: قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يُقَبِّلُ الرَّجُلُ ذَاتَ مَحْرَمٍ مِنْهُ؟ قَالَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ وَلَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ، وَذَكَرَ حَدِيثَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ كَمَا قَالَ {النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ مِنْ الْغَزْوِ فَقَبَّلَ فَاطِمَةَ} وَلَكِنْ لَا يَفْعَلُهُ عَلَى الْفَمِ أَبَدًا، الْجَبْهَةِ أَوْ الرَّأْسِ.
وانظر الفتوى رقم: 110935، وهذا كله فيما إذا لم يكن لشهوة أو يخشى منه الفتنة، أما مع خوف الفتنة أو قصد الشهوة، فلا يجوز له مجرد النظر.
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ وَذَوَاتِ الْمَحَارِمِ بِشَهْوَةِ. اهـ
فعليك أن تنصحي أخاك وأختك باجتناب هذه الأمور والتزام حدود الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1430(13/2931)
حكم من وقع بصره على عورات الآخرين بدون قصد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم النظر غير المقصود إلى عورات الآخرين من الرجال والنساء مع بقاء تأثير نفسي على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنظر إلى ما لا يحل النظر إليه من عورات الرجال أو النساء بدون قصد من الخطأ المعفو عنه، ففي سنن أبي داود والترمذي أنه صلى الله عليه وسلم قال: لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة.
وفي حديث جرير رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فقال: اصرف بصرك. كما في سنن الترمذي وأبي داود.
فمن وقعت عينه على محرم دون قصد فلا إثم عليه ولو علق بنفسه بعض الشهوة ما لم يتماد في النظر، إذ يجب عليه صرف بصره كما في الحديث السابق، وقوله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30} .
وللفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 43020، 26418، 97460، 76764.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1430(13/2932)
التعارف بين الجنسين والخطبة على الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في السابعة والعشرين من عمري، كنت هاويا في فترة سابقة من حياتي لهواية المراسلة، وكنت للأسف أراسل الكثير من الفتيات، ولكن كان الكلام في حدود التعارف ليس أكثر، ولم أكن أعلم أن ذلك لا يجوز.
ومن ضمن هؤلاء الفتيات تعرفت على فتاة في غاية الالتزام والرقة والهدوء تلاقت أفكارنا على الورق، واستمرت المراسلات بيننا حوالي سنتين اقتربنا فيها أكثر من بعضنا البعض إلى أن أحببتها، وهي أيضا، وكنت وقتها لازلت طالبا بنهاية الطب، ولا أستطيع التقدم لخطبتها، فاتفقنا علي الانتظار مدة من الزمن امتدت لثلاث سنوات، لم نلتق فيها وجها لوجه، ولا مرة، بل اقتصرت علاقتنا على المكالمات الهاتفية فقط حتى لا يتطور الأمر إلى ما هو أبعد من ذلك.
ثم حدث أن قررنا سويا وفي وقت واحد ودون اتفاق مسبق السير خطوة إلى الإمام في طريق الالتزام، حيث قمت بإطلاق لحيتي، وهي أيضا لبست النقاب، وكانت فرحتنا بهذه الخطوة لا توصف، ولكنها غيرت من شكل علاقتنا، حيث بدأنا نحفظ القرآن سويا، ونراجع في الهاتف لبعضنا البعض حتى أتممت حفظ ثلث القران في سنة، وأيضا قررنا التوقف عن الحديث في الهاتف لمدة قرابة العام حتى تخرجت من الكلية، وانتظرتني هي هذه المدة،
وبالفعل تقدمت لخطبتها أنا وأهلي، ولكن حدثت ظروف خارجة عن إرادتنا من ناحيتي حيث مرض والدي مرضا شديدا، وتوفي الي رحمة الله، وحدثت عندي الكثير من المشكلات أدت إلى إنهاء العلاقة مجبرا بيني وبينها بعد 5 سنوات من الحب الطاهر دون لقاء واحد، وبعد أن أصبح كل منا يفهم الآخر أكثر من نفسه.
المهم ... كان ذلك منذ عام تقريبا، وكنت طوال هذا العام في دوامة من الصراعات والمشاكل بعد وفاة والدي، وبعد أن انفصلنا استمرت اتصالاتنا علي فترات متقطعة للسؤال والاطمئنان، ثم علمت منها من أربعة شهور فقط بأنه تمت خطبتها، ولم يعد لاتصالاتنا أي معني أو محل من الإعراب شرعا وعرفا، وعلي جميع المستويات
ولكن من شهرين قامت هي بالاتصال بي، وفهمت من كلامها أنها لا تستطيع نسياني، وأنها غير سعيدة مع خطيبها وتتألم نفسيا....وفي الفترة الماضية حدثت عندي تطورات إيجابية جعلت من عودتي إليها وخطبتها أمرا ممكنا، فاتصلت بها وأخبرتها بذلك ووجدت لديها الاستعداد، ولكن علي أرض الواقع سيكون الأمر صعبا بسبب أنها مخطوبة، ولا يخطب أحدكم علي خطبة أخيه، إلا أن يأذن له كما أخبر الهادي البشير.
ما هو أسلم طريق من ناحية الشرع لكي أعود إلى هذه الفتاة وأنا أريد وهي تريد ...
هل سيكون إخبارها لخطيبها الحالي بالحقيقة هو الحل المثالي..وهو أيضا إنسان على خلق ومتوقع منه أن يتفهم كل ما حدث؟
أم أذهب أنا إليه وأشرح له الوضع، أو أبعث إليه أحدا يخبره بأنه سوف يتزوج من إنسانه قلبها وعقلها مع شخص آخر؟ ما هو الحل المثالي في هذه المشكلة من ناحية الشرع؟ أولا ومن ناحية القابلية للتطبيق على أرض الواقع؟ وجزاكم الله خيرا، وآسف جدا على الإطالة ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أن التعارف بين الشباب والفتيات أمر غير جائز؛ لما يجر من الفتن وما يترتب عليه من المفاسد والبلايا، والكلام مع الأجنبية إنما يجوز عند الحاجة المعتبرة شرعاً مع التزام الحشمة والحياء والاقتصار على قدر الحاجة، كما أن تبرير الكلام معها بأنه في أمور الخير والدين، إنما هو تلبيس من الشيطان واتباع لخطواته واغترار بتزيينه، فذلك باب فتنة، وذريعة فساد.
أما عن سؤالك، فاعلم أن الخطبة على خطبة المسلم حرام، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك. متفق عليه.
فما دامت هذه الخطبة قائمة فلا يحل لك التقدم لخطبتها، ولا يحل لك الكلام معها والاتصال بها.
فالواجب عليك التوبة إلى الله مما سبق وقطع كل علاقة بتلك الفتاة.
وأما هي فننصحها إن كان خطيبها على خلق ودين ألا تفسخ هذه الخطبة، وأن تلتزم حدود الله، أما إذا كانت لا ترغب في الزواج منه بحال، فيجوز لها أن تفسخ الخطبة دون الحاجة لذكر السبب، وحينئذ يجوز لك أن تتقدم إلى وليها لتخطبها، واعلم أن ما فيه الخير لك يعلمه الله وحده، قال تعالى:.. وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1430(13/2933)
حكم خروج المرأة مع ابن عمها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الخروج مع ابن عمي حرام علما بأنه لا علاقة بيننا، ويظهر لي بأنه يحبني، والخروج لشراء كتب، فنحن طلبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك الخروج مع ابن عمك لا للشراء ولا للنزهة ولا لما سوى ذلك من الأغراض لأنه ليس من محارمك بل هو أجنبي عنك, والانبساط في العلاقة مع الرجال الأجانب ممنوع في الشريعة لأنه ذريعة قوية للفساد والوقوع فيما حرم الله.
وأما قولك إنه يحبك فهذا لا اعتبار له ولا يغير من الأمر شيئا لأن الإسلام لا يعترف بما يسمى بالحب بين الرجال والنساء إلا تحت مظلة الزواج الشرعي, فلو كان جادا فعليه أن يتقدم لخطبتك ثم يسعى لإتمام الزواج, وبذا يكون قد فعل الصواب وأتى البيوت من أبوابها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1430(13/2934)
اجتناب مكان وقوع المنكر في العرس
[السُّؤَالُ]
ـ[راسلتكم قبل أيام، أنا شاب مضى من عمري22سنة، أردتُ أن أخطب فتاة فعارض أهلي وأهلها لصغر السّن.
الحمد لله الآن اقتنع كلا الطرفين. ب
باختصار مشكلتي أن الفتاة كلّمتْها خالتي عن شروطي فقبلت إلا شرطا واحدا: قلتُ لها إنك بعد الزواج لن تذهبي إلى أعراس محارمك، وإن كان أخاك، إذا ما كانت هناك منكرات-الاختلاط، والتبرج، والغناء- فأجابت: أنها لا تستطيع أن تترك أخاها في وقت يحتاج فيه لمن يساعد النساء في غسل الأواني وخدمة المدعوات، فتنازعنا في الأمر، قلتُ لها نعرض أمرنا على الكتاب والسنة.
فما قولكم حفظكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز حضور الأعراس التي تشتمل على منكرات إلا لمن ينكر على أصحابها، قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا {الفرقان: 72} قال السعدي: أي: لا يحضرون الزور أي: القول والفعل المحرم، فيجتنبون جميع المجالس المشتملة على الأقوال المحرمة أو الأفعال المحرمة، كالخوض في آيات الله والجدال الباطل، والغيبة والنميمة، والسب والقذف والاستهزاء، والغناء المحرم، وشرب الخمر. تفسير السعدي.
ويستوي في ذلك القريب وغيره، لكن ذلك لا يلزم منه اجتناب العرس بالكلية، وإنما الواجب اجتناب مكان المنكر، أما ما لا يشتمل على أمور محرمة، كإعداد طعام الوليمة، فلا مانع من المشاركة فيه، وانظر الفتوى رقم: 39752.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1430(13/2935)
مراسلة الأجنبية ذريعة قوية للشر والفساد
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي تمنعني من مراسلة امرأة مسلمة تعيش بفرنسا، رغم أن هذه الرسائل عبر الانترنت هي مجرد تبادل أفكار حول القرءان والدعوة إلى الله، وأنا أرتاح إلى هذه المراسلة الخالصة من كل الشوائب والمفيدة جدا إلي ولهذه المرأة، ولا أريد أن أقطعها لأني أتقي الله فيها. دلونى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمراسلة المرأة الأجنبية عبر النت أو غيره من وسائل الاتصال لا تجوز؛ لما تجر إليه من المفاسد العظيمة التي منها تعلق قلب الرجل بالمرأة، وتعلق قلبها به، وهذا ذريعة قوية للشر والفساد، وقد جاءت الشريعة بغلق هذه الأبواب وسد تلك الذرائع. وقد سبق لنا في الفتويين: 44101، 115490 أن العلا قة بين الرجال والنساء لا تجوز حتى ولو كانت بهدف المساعدة على الخير والتعاون على البر والتقوى.
فالواجب عليك هو المسارعة إلى تقوى الله وطاعته، وقطع العلاقة بينك وبين هذه المرأة قبل أن يستدرجك الشيطان إلى الإثم ويوقعك فيما لا يحمد. وأما ما يكون منكما من تداول في أفكار الخير والدعوة إلى الله والتدبر في كتابه، فستجد أنت من يعينك على ذلك من شباب الإسلام الصالحين، وستجد هي من يكفيها فيه من الفتيات والنساء الصالحات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1430(13/2936)
وجوب احتجاب المرأة بحضرة أزواج أخواتها
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت زوجتي تقريبا منّذ 3سنوات وبعد فترة من الزواج تقارب الشهرين انتقبت زوجتي ولله الحمد بعد ضغط مني. وليس لها إخوة رجال وتوفي والدها وهي في سن صغيرة وهي أصغر أخواتها البنات وكان يعتني بها أزواج أخوتها البنات مع أمها. وعندما نتبادل الزيارات مع أخواتها غير المنتقبات تكشف عن وجهها لأنها اعتادت ذلك منذ صغرها. لا أدري ماذا أفعل هل آمرها بتغطية الوجه أمامهم مع العلم أن ذلك قد يحدث مشاكل خاصة من قبل أمها المنتقبة أيضا لأن هؤلاء الأزواج بالنسبة لها مثل أبنائها وقد قاموا بالاعتناء بزوجتي من بداية الزواج بأخوات زوجتي والارتباط بالعائلة وذلك نظرا لظروف وفاة والدها.
وعندما أتكلم معها بهذا الشأن تقول إنهم مثل إخوانها الكبار وقد تحدث مشاكل من قبل أخواتها البنات من مقاطعة أو ما شابه ذلك من المشاكل التي لا أعلمها، أفيدوني بالله عليكم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي – شرح الله صدرك ونور قلبك- أن الله سبحانه نزل الكتاب بالحق , قال سبحانه: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ {البقرة: 176} , وشرع أحكامه كلها بالصدق والعدل فقال سبحانه: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. {الأنعام: 115} , وما دامت أحكام الله سبحانه قد اشتملت على الحق والصدق والعدل فإنه يجب حينئذ الانقياد إليها واتباعها دون مداهنة ولا مجاملة ولا مراوغة.
وأزواج أخوات زوجتك ليسوا من محارمها، ولذا فعليها أن تلتزم أمامهم بكامل حجابه االشرعي, هذا هو حكم الله وقضاؤ هـ الذي لا معقب له ولا راد, فإن غضبت أمها من ذلك أو غضب أخواتها أو أزواجهن, فلا تلتفتوا لغضبهم وأعلموهم أن هذا حكم الله الذي لا يسع المسلم إلا اتباعه والانقياد له, وتلطفوا معهم قدر ما تستطيعون في بيان ذلك.
ونذكرك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس ومن أسخط الناس برضا الله كفاه الله مؤنة الناس. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
وكتبت عائشة رضي الله عنها إلى معاوية رضي الله عنه وروي مرفوعا وموقوفا عليها: من أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن أرضى الناس بسخط الله عاد حامده من الناس له ذاما صححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1430(13/2937)
حكم الكلام مع الأجنبية لغرض الزواج منها
[السُّؤَالُ]
ـ[أحبيت وأعجبت بزميلتي التي تدرس معي في نفس القسم الذي أدرس فيه، وبعدها أبلغتها بحبي لها فطلبت مني أن أتقدم لخطبتها، روأن أعرف باب الأصول فازداد حبي واحترامي لها.
فأنا أسأل الآتي:
1- هل الحب حرام؟
2- هل الاتصال بهذه البنت حرام، بالرغم أن اتصالي بها هو فقط من أجل أن أصل لأقاربها، يعني أن تدلني وتعرفني بأحد أقاربها لكي يكون الوسيط بيننا؟
3- أواجه تخوفا من عدم موافقة أهلي، فهل أتوكل على الله بخطبتها في حال رفض إخواني، أم ماذا علي أن أفعل؟
أريد منك النصح فيما ذكرت، علما بأني عندما أتصل بهذه البنت ترفض الاتصال وتقول: اعرف بيت أهلي، علما بأن هذه البنت يتيمة وتسكن في بيت جدها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم ما يعرف بعلاقة الحب قبل الزواج بين الشباب والفتيات، وأن ذلك غير جائز، وانظر الفتوى رقم: 30003، وإنما المشروع في الإسلام أن الرجل إذا تعلق قلبه بامرأة يخطبها من وليها الشرعي، ثم تظل أجنبية عنه حتى يعقد عليها، وقد سبق بيان حكم الحب وأقسامه في الفتوى رقم: 5707.
وأما حكم اتصالك بهذه الفتاة، فالأصل أنه لا يجوز الكلام مع الأجنبية إلا لحاجة معتبرة، فإذا لم يكن هناك سبيل لمعرفة أهلها إلا أن تسألها هي، فلا مانع من ذلك على أن تقتصر في الكلام على قدر الحاجة.
وأما عن تخوفك من رفض أهلك لها، فإن كنت تقصد بأهلك والديك فاعلم أن طاعة الوالدين مقدمة على الزواج من فتاة بعينها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 97876.
إلا أن يكون في تركك زواجها ضرر كبير، أو خشية الوقوع في المحرم، فيجوز لك زواجها مع المحافظة على بر والديك.
وأما إذا كنت تقصد بأهلك إخوتك فلا تلزم موافقتهم للزواج، لكن من صلة الرحم وحسن الخلق أن تقنعهم بزواجك منها، وتحرص على ودهم وحسن الصلة معهم.
ونصيحتنا لك هي: أن تبادر لخطبة هذه الفتاة التي تعلق قلبك بها من ولي أمرها إن كنت مستطيعا للزواج، إذا لم يمانع والداك على نحو ما تقدم.
أما إن كنت غير مستطيع فلتكف عنها، ولتدع الله عز وجل أن ييسر أمرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1430(13/2938)
خطورة المنتديات الفاسدة وإقامة علاقة مع الأجانب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة وتعرفت على شاب في أحد المنتديات، وهو من بلدتي، وأحبني وأحببته رغم رفضي لهذه العلاقة، لكنه كان بحاجتي، وطلب مني مرة أن ينام معي رفضت، ثم استخرت ربي، وإذا بي بين يديه، لم أخلع ملابسي كلها، وحاول أن ينام لكنه لم ينجح لعدم انتصاب عضوه. وأتى أحد الفتاحين وقال له أنت زنيت مع فلانة، وفعلت كذا وكذا، وحكى له الحادثة كأنه يراها، وفضحني أمام مجموعة من الأصدقاء. انتهت القصة وتبت إلى الله، وإذا به مرة أخرى يريد أن ينام معي، ويهددني ليثبت رجولته أمام أصدقاءه، أنا لا أريد أن أذهب عنده، ولكن أريد حلا لتلك المسألة، إني تبت إلى الله، تبت إلى الله، تبت إلى الله، لا أريد الزنا، ولا أريد الفضيحة؟
أرشدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تكون على علاقة مع رجل أجنبي عنها، فإن هذا من أخلاق الجاهلية التي جاء الإسلام بإبطالها، قال تعالى: وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ {النساء: 25} والأخدان هم الأصدقاء.
والذي فهمناه من سؤالك أنك قد كنت على علاقة مع هذا الشاب مع أنك متزوجة، وبهذا يكون الإثم أشد والتحريم آكد، وحسنا فعلت حين أقدمت على التوبة، ولتجعلي من هذه التوبة توبة نصوحا، وراجعي شروط التوبة النصوح بالفتوى رقم: 5450. والواجب عليك قطع العلاقة نهائيا مع هذا الشاب، وإن حاول إعادة الكرة فهدديه بإخبار وليك أو رفع الأمر إلى الجهات المسئولة.
وإن قدر أن سئلت إن كان قد حصل شيء من ذلك معه، فيمكنك أن تنفي ذلك، وتستخدمي معاريض الكلام. ففي المعاريض مندوحة عن الكذب. وراجعي الفتوى رقم: 7758.
ونوصيك بالحرص على الالتزام بضوابط الشرع من الحجاب الشرعي وعدم الخلوة بالرجال الأجانب، وعليك بالحذر من الدخول على مثل هذه المنتديات الفاسدة.
وها أنت قد رأيت بأم عينيك كيف قادك التساهل في هذا الأمر إلى بلاء عظيم، وفضيحة بين يدي الخلق في الدنيا اضطرب لها قلبك، فكيف تخافين هذه الفضيحة وتغفلين عن الفضيحة الأكبر في يوم العرض على الله تعالى، فينبغي أن يقودك كل هذا إلى استحضار كون الله تعالى ناظرا إليك، ومطلعا على أعمالك، فلا تجعليه سبحانه أهون الناظرين إليك، جاء في كتاب جامع العلوم والحكم للحافظ ابن رجب أنه قال: قال أبو الجاد: أوحى الله تعالى إلى نبي من الأنبياء، قل لقومك: ما بالكم تسترون الذنوب من خلقي وتظهرونها لي. إن كنتم ترون أني لا أراكم فأنتم مشركون بي، وإن كنتم ترون أني أراكم فلم تجعلوني أهون الناظرين إليكم اهـ.
وننبه إلى أنه لا يجوز للمسلم الذهاب إلى الكهنة والعرافين ومن يدعون معرفة الغيب، ففي هذا من الخطورة على دين المرء ومن أسباب الفساد ما فيه. وانظري الفتوى رقم: 8198.
وننبه أيضا إلى أنه من الجرأة بمكان أن يستخير المرء ربه في ارتكاب معصية، والجهل بأحكام الشرع هو الذي يحمل على الوقوع في مثل هذا الخطأ العظيم، ومن هنا فينبغي للمسلم أن يحرص على تعلم أحكام دينه، وأن يسأل عما يجهل قبل أن يفعل، قال تعالى: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {النحل:} روى أبو داود عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه سلم قال: ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال. ولمعرفة ما تكون فيه الاستخارة وما لا تكون فيه، راجعي الفتوى رقم: 93254.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1430(13/2939)
خال أبي الزوج هل هو محرم للزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل خال والد الزوج محرم للزوجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخال والد الزوج أو أخوه أو غيرهما ليسوا من محارم زوجته، ما لم يكن بينها وبين أحدهم رضاع أو قرابة تثبت المحرمية. وأما مجرد المصاهرة فإنها لا تثبت بينها وبينهم محرمية، ولذلك يجوز له أن يتزوجها إذا طلقت أو مات زوجها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إياكم والدخول على النساء: قال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت.
والحمو أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج. وللفائدة انظري الفتويين رقم: 7816، 40492.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1430(13/2940)
راودته امرأة خاله فاستجاب لها فيما دون الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[ظلت تراودني عن نفسي لفترة طويلة من الزمن، وفى النهاية أغراني الشيطان، وفورة الشباب، فعشت معها أوقاتا ساخنة مع العلم بأني لم أزن بها، وهي خائنة لزوجها المسافروالمغترب منذ سنتين، وهي امرأة خالي كيف السبيل إلى التوبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكونك لم تصل إلى الزنا الذي يوجب الحد، لا يخفف من شناعة ما فعلته مع زوجة خالك الذي لم تحفظ غيبته ولم تراع حق الرحم فيه، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الزنا بحليلة الجار من أعظم الذنوب، وذلك لما جعل الله للجار من الحق، فكيف بزوجة القريب الذي له حق الرحم؟
ألم تكن لك أسوة في نبي الله يوسف عليه السلام حين راودته امرأة العزيز وهو في فورة الشباب فلم يستجب لدواعي الهوى، ومكائد الشيطان، ولم يرض لنفسه بالخيانة والظلم، واستعصم بالله والتجأ إليه، قال تعالى: قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ {يوسف: 23} .
واعلم أنك وقعت في الحرام لتفريطك في أوامر الله وتعديك لحدوده، فإن الشرع قد جعل حدوداً وآداباً لتعامل الرجال مع النساء الأجانب، تحقق العفة، وتصون الأعراض، وتحافظ على طهارة القلوب، وحذر الشرع من التهاون في تلك الحدود مع أقارب الزوج، فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ. متفق عليه. الحمو: أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج.
فالواجب عليك التوبة إلى الله وذلك بالإقلاع عن هذا الذنب، واستشعار الندم على فعله، والعزم على عدم العود لهذا الفعل، وقطع كل علاقة بهذه المرأة وسد أبواب الفتنة ومداخل الشيطان، وعليك بالزواج إذا لم تكن متزوجاً، فإذا كنت لا تقدرعليه، فعليك بالصوم مع حفظ السمع والبصر، واستعن بالله واعتصم به وتوكل عليه، فإنه لا قوة لك إلا به، قال تعالى عن نبيه يوسف عليه السلام: قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ {يوسف:33}
وعليك بالحرص على مصاحبة الصالحين وحضور مجالس العلم والذكر، والبعد عن رفقة السوء ومجتمعات المعاصي.
وعليك بالستر على نفسك، فلا تخبر أحداً بذلك، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ. رواه مالك في الموطأ.
وعليك أن تنصح خالك أو توجّه من ينصحه بالعودة لبيته، وعدم ترك زوجته فوق ستة أشهر من غير ضرورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1430(13/2941)
أدب المرأة التي تعيش مع أهل زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تحافظ المرأة المتزوجة التي تعيش مع أهل الزوج على نفسها، وما هو أجرها عند الله؟ كيف تلتزم المرأة بحجابها والزى الإسلامي، وكيف يعيش الرجل مع زوجته لتكوين حياة سعيدة ترضي الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة إذا كانت تعيش مع أهل زوجها عليها أن تحذر من الخلوة بالرجال من أقارب الزوج كأخيه وعمه ونحو ذلك، فإن الخلوة مع الرجل الأجنبي محرمة، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ. متفق عليه.
وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من دخول أقارب الزوج على المرأة، فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْو َ قَالَ الْحَمْوُ الْمَوْتُ. متفق عليه.
الْحَمْوُ: أَخُو الزَّوْجِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ أَقَارِبِ الزَّوْجِ ابْنُ الْعَمِّ وَنَحْوُهُ.
وعليها أن تحرص على التزام الحجاب الشرعي أمام هؤلاء الرجال، قال تعالى: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {النور:31}
فإذا كان أحد أقارب الزوج من الرجال كأخيه، يقيم معهم في نفس البيت، فلا بد أن يكون للزوجة مسكن مستقل ولو غرفة بمرافقها، وذلك لأن الاشتراك في المرافق مع الأجنبي مظنة حصول المشقة لأن التزامها بالحجاب التام في البيت يوقعها في حرج شديد.
وعدم التزامها به يفضي لا محالة إلى أن يراها الأجنبي ولا يخفى ما في ذلك من المحظور الشرعي.
وعلى المرأة أن تحرص على الاحتشام عند الكلام معهم وتتجنب الخضوع بالقول وكل ما يثير الفتنة ويدعو للريبة، وراجع الفتوى رقم: 3819.
وأما أجر المرأة إذا حافظت على نفسها وأطاعت زوجها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلت المرأة خمسها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت رواه ابن حبان في صحيحه.
وينبغي للمرأة أن تعامل أهل زوجها بخلق حسن، ولها في ذلك الأجر العظيم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق. رواه الترمذي. وصححه الألباني.
وأما كيف يعيش الرجل مع زوجته حياة سعيدة، فذلك لا يكون إلا في بيت تقام فيه حدود الله، ويخشى كل من الزوجين من الله ويسعى لمرضاته.
ولتحقيق الحياة السعيدة، فإن على الزوج حسن العشرة لزوجته، وعلى الزوجة الطاعة في المعروف، وعلى الزوجين معاً القناعة، وللمزيد راجع الفتوى رقم: 73552.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1430(13/2942)
لا علاقة مشروعة بين شاب وفتاة خارج نطاق الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة تبلغ 22 عاما، وأحب شخصا محترما ورجلا ذا أخلاق حسنة وهو أكبر مني بعام. صارحت أبي بهذا لأني لا أستطيع إخفاء أي شيء عنه، فهو أبي الحنون، ويتسم بالمناقشة والحوار والتفاهم. لك أن تسأل أين أمي فهي موجودة، ولكننا لسنا متفاهمين منذ الصغر، فهي مرتبطة أكثر بأخي والله أحبها كثيرا، ولكننا دوما ما ينتهي بنا أي حوار إلى طريق مسدود مليء بعدم المناقشة وتسلط الرأي والصراخ. ولكنني أحاول على قدر الإمكان رضاءها. أبي وأمي يعلمون جيدا أهل هذا الشخص حيث إن أمه كانت تعمل مع أمي وأبوه كان يعمل مع أبي، وأيضا كنا جيران في نفس المنطقة، لذا فهم يعلمونهم جيدا ويعلمون أخلاقهم. عندما صارحت أبي لم يكن معارضا أبدا، ولكن قال لي يجيب الشقة الأول، وعندما علمت أمي كانت معارضة تماما، لأنها تأمل في شخص مقتدر جدا يملك الشقة الفاخرة والمهنة العظيمة وطبعا ذو أخلاق. فهي من وجهة نظرها تعتقد أن المشوار أمامه طويل غير أن أهلهم مازالوا يسكنون في نفس المنطقة القديمة ولم يطوروا من أنفسهم علما بأن كل أقاربي يسكنون في نفس المنطقة، إنها ليست بسيئة ولكن أمي تنظر أننا أصبحنا من سكان المعادى. اتصلت أم هذا الشخص بأمي منذ سنة لكي تجعل الأمر رسميا، ولكن قامت أمي بصدها وأمه قالت لها إن فلوس الشقة موجودة والأمر مجرد وقت، ولكن رفضت أمي وتداوم أمه رغم كل ذلك على الاتصال بي لأنها تحبني جدا. وأبي لا يعترض فاعتراضه الوحيد أنه لا يملك شقة. كل الشباب يواجهون نفس المشكلة فالرواتب قليلة والشقق باهظة الثمن والأهالي يرفضون فماذا يفعل الشباب؟ قرر أهلي أني لا أكلمه نهائيا وفعلا نفذت كلامهم بالحرف فلا أكلمه ولا أراه. ولكن بعد 8 شهور تقابلنا صدفة على النت وكان يحملني الذنب أني لم أقف بجواره وأنتظره، ولكي لا أطيل عليك فأصبحنا نتكلم ولكن بداخلي شعور بذنب فظيع ناحية أهلي، فصارحت أبي أننا نتصل لنتطمئن على بعضنا، وقال لي ماذا فعل بخصوص الشقة فقلت له إنه مازال يبحث. لك أن تعلم أنه لا يبحث عن أي شقة لا، فإنه يريد شقة في مكان مناسب ومساحة مناسبة، حتى لا يعطي لأهلي فرصة الرفض. إنني دوما أصلي صلاة الاستخارة، ونرجو من الله أن يوفقنا في الحصول على الشقة؛ لأننا والله نريد أن نتزوج. وإني أشكر الله دوما لحصولي على هذا الشخص، وإني أحلم دائما أن يكون بيتا مليئا بالدفء بعيدا عن الخلافات والتوتر والكره، فإني يا سيدي أرى في بيتنا ما يجعلني أرفض فكرة الزواج تماما من كثرة ما رأيت من عدم تفاهم ومشاكل أخرى بين أبي وأمي لا أريد الخوض فيها، وكل هذا اثر علي، فإني أعاني من التبول اللاإرادي البسيط، وذلك من كثرة الضغوط. وكنت دوما عنيدة ولكنني الحمد لله عندما اقتربت من الله أكثر وأحببته فإنني أصبحت هادئة وصبورة، ولكنني لا أطيق الدخول إلى البيت. والآن يا سيدي هذه هي كل حكايتي، ماذا أفعل في كل شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم ما يعرف بعلاقة الحب قبل الزواج بين الشباب والفتيات، وأن ذلك غير جائز، وانظري الفتوى رقم: 60926.
وإنما المشروع في الإسلام أن الرجل إذا تعلق قلبه بامرأة، يخطبها من وليها الشرعي، ثم تظل أجنبية عنه حتى يعقد عليها.
وقد كان الواجب على والديك أن يمنعاك من الكلام معه منذ البداية، فالكلام بين الرجل والمرأة الأجنبية إنما يجوز عند الحاجة المعتبرة شرعاً، وليس اطمئنان كل منكما على الآخر من ذلك، وراجعي الفتوى رقم: 21582.
فالواجب عليك قطع العلاقة به، سواء كانت عبر الانترنت أو الهاتف أو غير ذلك، ولاسيما وقد أمرك والداك بهذا فزاد الأمر تأكيداً، لكن يمكنك أن تتفاهمي مع والدك بالرفق على عدم التشديد على هذا الشاب في متطلبات الزواج ما دام صاحب دين وخلق.
وننبه السائلة إلى وجوب برها بوالديها وطاعتهما في المعروف، ولتعلم أن حق الأم آكد في البر، وعقوقها من أكبر الكبائر ومما يوجب غضب الله، فلتحذر من كلامها بما لا يليق أو رفع الصوت عليها أو الإساءة إليها ولو بالتأفف، قال تعالى:.. فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا {الإسراء: 23}
واعلمي أن بر الوالدين من أعظم أسباب رضا الله وتوفيقه للعبد، كما أن عقوقهما من أعظم أسباب سخط الله وخذلانه للعبد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1430(13/2943)
حكم ترك الضيف المتكاسل عن الصلاة بالمنزل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة الحديث: من ترك أجنبيا في أهل بيته وهو يعلم لا ينظر الله إليه يوم القيامة. هل أترك الضيف بالمنزل إذا كان يتكاسل عن أداء الصلاة بالمسجد وأذهب أنا أم أصلي في البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المشار إليه لم نجد له أصلا فيما بين أيدينا من المراجع على كثرتها، وانظر الفتوى رقم: 12581، والفتوى رقم: 56653.
ومن أتاه ضيف وحان وقت الصلاة فينبغي له أن يأمره بأداء الصلاة معه في المسجد إن كان ممن تجب عليه في المسجد قياما بواجب الأمر بالمعروف، ثم إن كان أجنبيا على أهل البيت وأبى أن يخرج إلى المسجد أو كان ممن لا تجب عليه الصلاة في المسجد فله أن يتركه في البيت إن لم يترتب على بقائه خلوة محرمة، كأن يكون في البيت من تنتفي الخلوة بوجوده، وإن ترتب على بقائه في البيت حصول خلوة محرمة لم يجز له أن يتركه خاليا بهم عند ذهابه إلى المسجد، وليبين له ذلك وليطالبه بانتظاره خارج البيت ريثما يصلي ويعود.
وانظر الفتوى رقم: 14566، والفتوى رقم: 63936.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1430(13/2944)
يقيم في الغرب وتعلق قلبه بفتاة نصرانية وتعلقت به
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد ابتليت بحب صديقة مسيحية متشددة، وهي أحبتني أكثر، ولكننا لم نمارس الجنس فقط تقبيل. وفي الفترة الأخيرة تبت إلى الله، ولكنني لا أستطيع أن أتركها ولا بشكل رسمي أتزوجها لمعارضة أهلها الزواج من مسلم، نحن كلانا في ألمانيا، وهي ليست ألمانية، أريد الآن أن أتخلص منها أو أن أتزوجها ما هو أفضل شيء حتى أحفظ علي ديني؟ وهي لا تريد أن تسلم أبدا، وأيضا مدة بقائنا هنا محدودة، وهي لا تريد أن ترجع معي لتعيش في بلدي المسلم، ما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقامة في بلاد الكفار، خطر على دين المسلم وخلقه، فلا تباح إلا في حالات معينة وبضوابط تجدها في الفتوى رقم: 23168، والفتوى رقم: 2007.
وقد ظهرت آثار ذلك على سلوكك المخالف للشرع، فالعلاقة بين المرأة والرجل الأجنبي قد وضع الشرع لها حدوداً وآداباًُ تحمي المجتمع من الفساد الأخلاقي، وتحافظ على طهارته، فلم يجعل الله طريقاً للاستمتاع بالمرأة الحرة إلا الزواج، وحرم كل طريق غيره، ولا يعرف في الإسلام ما يسمى بالصداقة بين الرجل والمرأة الأجنبية، وإنما ذلك من عادات الكفار وأخلاقهم الفاسدة، فكيف إذا كانت تلك الصداقة بين رجل مسلم وامرأة كافرة، وجرّ ذلك إلى مقدمات الزنا وفضائح الأعمال؟
فإذا كنت قد منّ الله عليك بالتوبة من هذه الأفعال، فاعلم أن التوبة تكون بالإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم العود له، فعليك بقطع علاقتك بهذه الفتاة، وسد كل أبواب الفتنة ومداخل الشيطان، والاجتهاد في إزالة تعلق قلبك بها، وذلك بالاستعانة بالله، وقطع كل الأسباب التي تزيد هذا التعلق، وعدم الاسترسال مع الأفكار والخواطر، وشغل الأوقات بالأعمال النافعة، وأفضل شيء تحفظ به دينك أن ترجع إلى بلدك المسلم، وتتزوج ذات دين، وإذا لم تتمكن من رجوعك لبلدك، فعليك بالزواج من مسلمة عفيفة ذات دين، فإذا لم تتمكن من ذلك، فعليك بالصوم مع حفظ السمع والبصر، والحرص على صحبة الأخيار الذين يعينونك على الطاعة، ويربطونك بالمساجد ومجالس العلم، مع كثرة الدعاء والاعتصام بالله.
مع أن الزواج بالكتابية العفيفة يهودية كانت أو نصرانية جائز، لكن لا ننصح به، بل نوصي باجتنابه والابتعاد عنه فإنه يترتب عليه من الآثار السيئة المدمرة للزوج نفسه ولعياله في الدين والدنيا ما يمنع العاقل من الإقدام عليه لو تفكر في عواقبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1430(13/2945)
الكلام مع الأجنبية بغير حاجة بدعوى حسن النية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أريد الفتوى في مسألة. والدتي لها صديقة، وعندها بنتان، وأنا وأخواتي البنات والصبيان نتعامل معهم دائما علي أنهم أخوات لنا، وكنت أتحدث دائما معهم على الشات على أيميلي، والأخت الكبيرة تزوجت، وأتحدث معها، أحيانا يردون على الشات، أما أختها الأصغر مازلت أتحدث معها باستمرار وأتناقش معها في أشياء كثيرة، وهي دائما ترشدني إلي الخير، وتذكرني دائما بصلاة الفجر والاستمرار عليها كما تفعل، ومع العلم أني لا أخرج معها وحدنا أبدا. فما الفتوى في ذلك؟ رجاء الرد علي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمهما زعم الإنسان من حسن نواياه وسلامة صدره، فإنه لابد أن يلتزم حدود الشرع في التعامل بين الرجال والنساء الأجانب، فقد خاطب الله خيرة رجال ونساء هذه الأمة، بقوله: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ {الأحزاب:53} .
وعلى ذلك فما ذكرته من كونكم تتعاملون مع أفراد هذه الأسرة على أنكم إخوة وأخوات، وأنك تتحدث مع بناتهم، بدون حاجة معتبرة، هو خطأ، كما أن تبرير ذلك بأن الكلام في أمور الخير والدين، إنما هو تلبيس من الشيطان واتباع لخطواته واغترار بتزيينه، فذلك باب فتنة، وذريعة فساد، فالكلام مع الأجنبية إنما يجوز عند الحاجة المعتبرة شرعاً مع التزام الحشمة والحياء والاقتصار على قدر الحاجة.
فالواجب عليك قطع هذه المحادثات، والتزام حدود الشرع وآدابه، وللمزيد راجع الفتوى رقم: 30016.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1430(13/2946)
خالته تقابل رجلا أجنبيا في منزلها فكيف يتعامل معها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أب لطفلين، أعيش في قرية في المغرب، عندي خالة غير متزوجة، وتستقبل رجلا في منزلها، ويعلم سكان القرية ذلك. كيف أتعامل مع هذه الخالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك أن تنصح لخالتك هذه، وأن تبين لها قبح ما تفعل، وأن هذا مما يغضب الله ويسخطه، ويجلب الخزي والعار في الدنيا وفي دار القرار.
فإن استجابت فهذا الذي يؤمل ويرتجى، وإن لم تستجب فعليك أن تهددها بكشف أمرها لأقاربها وأرحامها لعل ذلك يردعها، فإن لم ترتدع فاختر أحد أقاربها من والدها أو إخوتها أو أعمامها أو أخوالها ممن تتوسم فيه الخير والحكمة وأعلمه بهذا الأمر، وتعاونا فيما بينكما فيما ترونه صالحا.
وعلى كل فإنه يجب عليكم أن تمنعوها عن غيها وهواها، ولو وصل الأمر لحبسها في البيت، ومنعها من الخروج ومن دخول الرجال عليها، كما أنه يجب عليكم أن تحذروا هذا الشخص الذي يتردد عليها، وأن تمنعوه من الدخول عليها، مع دوام النصح والدعاء لها أن يهديها الله، وأن يصرف عنها كيد الشيطان وهمزاته. ولو استطعتم مع ذلك أن تسعوا لتزويجها من رجل صاحب خلق ودين فهو خير، بل لعل هذا أنجع علاج لهذه المشكلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1430(13/2947)
حدود التعامل بين البنت البالغة وأبيها وخالها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتكون من جزأين: الجزء الأول: أريد أن أستفسر من سيادتكم عن حدود تعامل الأب مع ابنته البالغة من العمر 16 سنة من ناحية المداعبة أو الهزار كما يقول عليه البعض، سأعرض على فضيلتكم جزء مما يحدث (آسف على هذه التفاصيل ولكن ليكون عند فضيلتكم إحاطة بالأمر) فمثلا يقوم هذا الأب بمداعبة ابنته (16 سنة) وذلك عن طريق تقبيلها في فمها ووضع يده على مفاتنها كصدرها أو منطقة الخصر من الأمام والخلف على سبيل المداعبة ويقوم كذلك باحتضانها أو النوم معا وهي في حضنه وتقبيلها حتى في الفم وأحيانا يقوم بأكثر من ذلك كالنوم عليها مثلا ً والتصاق الجسم بالجسم وإذا ابتعدت الفتاة عنه يقوم بمطاردتها وإذا رفضت يقوم بنفرها وعدم الكلام حتى معها، وأحيانا يقوم بكشف عورته في حضورها بل ويقوم بالاستحمام في وجودها ووجود أبنائه وزوجته، وأرجو توضيح ما يجب فعله أمام الأبناء وما لا يصح.
والجزء الثاني للسؤال هو: هل يصح للبنت البالغة 16 عاما عند السلام على الخال الارتماء في حضنه وتقبيله وهو كذلك يحتضنها ويقبلها، علما بأن هذا الخال غير متزوج وفي السادسة والعشرين من عمره، فأرجو من فضيلتكم سرعة الرد على سؤالي للأهمية وخطورة هذا الأمر وهل هذا حلال أم حرام، وإذا كان حراما ً فعلى من يقع الذنب على الأب أم البنت أم الاثنين على حد سواء.. وجزاكم الله خيراً، وأرجو من فضيلتكم الإجابة على السؤال مباشرة لأهمية الأمر؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء فيما يجوز النظر إليه من المحارم، والراجح عندنا أنه ما يظهر غالباً كالرقبة والرأس والكفين والقدمين، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 599..
ومن باب أولى أن لا يجوز له لمس ما لا يجوز النظر إليه، ويجوز له أن يقبلها في جبهتها ورأسها، لكن لا يجوز تقبيلها في الفم، وهذا كله فيما إذا لم يكن لشهوة وبشرط أمن الفتنة، أما مع خوف الفتنة أو قصد الشهوة، فلا يجوز له مجرد النظر.
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: كما اتفقوا على تحريم النظر إلى الأجنبية وذوات المحارم بشهوة.
فما ذكرته من سلوك هذا الأب مع ابنته منكر عظيم وانحراف عن الفطرة، ولا يجوز للبنت أن تمكنه من ذلك أبداً، وإذا فعلت فهما آثمان ولا يجوز لهذه الفتاة أن تختلي بأبيها ما دام على هذا الحال، لكن كل ذلك لا يسقط حقه في البر والمصاحبة بالمعروف والطاعة في غير معصية.. كما أن كشف عورته أمام أولاده غير جائز، ويدل على فقد الحياء، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: إذا لم تستح فاصنع ما شئت. رواه البخاري.
وعورة الرجل عند جمهور العلماء ما بين السرة والركبة ولا يجوز كشف العورة أمام الأقارب أو غيرهم، ولا يستثنى من ذلك إلا الزوج أو الزوجة.
فعن بهز بن حكيم قال: حدثني أبي عن جدي قال: قلت: يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر، قال: احفظ عورتك إلا من زوجك أو ما ملكت يمينك، فقال: الرجل يكون مع الرجل، قال: إن استطعت أن لا يراها أحد فافعل قلت والرجل يكون خالياً قال فالله أحق أن يستحيا منه من الناس. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
كما أن احتضان الخال للبنت البالغة غير جائز أيضاً، لما يشتمل عليه من لمس ما لا يجوز، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 46891، وإنما يجوز له أن يقبلها في غير الفم كالجبهة والرأس لغير شهوة وبشرط أمن الفتنة، والأولى البعد عن التقبيل لمثل هذا الشاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1430(13/2948)
الصداقة بين الجنسين على المواقع الإلكترونية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم جدا وبشكل عاجل وضروري أن تفتوني في أمري الذي أصبح لا بد من معرفة الحكم الشرعي فيه، ما هو الحكم الشرعي في موقع الفيس بوك المعروف وبخاصة التعارف بين الأجناس من ذكر وأنثى، بحيث يكون هنالك للفتاة مجموعة من الأصدقاء ضمن قائمتها من الذكور، رغم عدم المعرفة المباشرة لهم، وإنما من باب المخاجلة قي عدم قبوله على الموقع عندما يطلب ذلك بحيث يدرسون مع بعضهم في الجامعة، فإنني أريد منكم تبيين ما يتعلق بهذا الأمر ليتبين للجميع الحكم في ذلك من ناحية العلاقة بين الأجناس المختلفة، والعلاقة من نفس الجنس، وذكر المخاطر المتعلقة بهذا الامر على الفتاة من ناحية التأثير على العقيدة والشرف، حيث إن هنالك بعض المسيحيين موجودة أسماؤهم كأصدقاء لدى بعض الفتيات المسلمات. وما هي الطرق المناسبة للحل في ذلك دون شعور الطرف المقابل بأي مضايقة عند إلغائه من قائمة الأصدقاء.
ملاحظة: أرجو منكم 1000مرة بأن توضحوا لي هذا الأمر بكافة جوانبه، ومن يحرض على استخدامه لتكوين الصداقة بين الذكور والإناث؛ لأن معظم فتياتنا قد لا يعرفون خطورة هذا الأمر.
جزاكم الله خيرا، ونفع بكم الأمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في فتاوى سابقة عدم مشروعية إنشاء علاقة بين الرجال والإناث الأجانب خارج إطار الزواج، ولو كانت هذه العلاقة عبر المواقع الإلكترونية. وانظري على سبيل المثال الفتاوى ذوات الأرقام: 1072، 50355، 58406، 97907.
وعلى هذا، فإن الواجب على الفتيات عدم إضافة الرجال لغرف المحادثة الكتابية أو الصوتية ابتداء، وكذلك حذف من تم قبول استضافتة سابقا، وعليهن أن لا يتحرجن من ذلك خوفا على مشاعر الرجال، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس. رواه الترمذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1430(13/2949)
حكم ترك الضيف بمفرده مع الزوجة وطفلتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج، ولي بيت أسكن به مع زوجتي، جاءنا اثنان من أقاربنا وسكنا معنا في البيت، حيث إنهما أتيا معنا في نفس البيت لطلب الرزق والعمل. الاثنان يصليان والحمد الله، وهما متزوجان، لكن أحداهما لا يحافظ على صلاة الجماعة، ويوجد مسجد صغير بالقرب منا لا يبعد سوى اقل أو أكثر من 200 متر، ولكنه لم يصل به أبدا منذ أن جاءنا، وأنا في حيرة من أمري حين ينادي المؤذن وهو في البيت أذهب للصلاة وأتركه مع زوجتي في البيت، أم لا أذهب إلى المسجد لأداء صلاه الجماعة. أفتوني مأجورين. ماذا أفعل؟ وهل يجوز تركه في البيت مع زوجتي والذهاب إلى الصلاة؟ علما أنه ليس لدي أي أحد في البيت سواها، ولدي طفلة عمرها لم يكمل السنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تترك هذا الرجل في البيت بمفرده مع زوجتك، فهذا حرام لا خلاف في حرمته، وهو باب كبير للفتنة والفساد، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني: ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان.
بل قد حذر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تحذيرا خاصا من دخول أقارب الزوج على الزوجة، وذلك لأن أقاربه تتاح لهم من أسباب الريبة والفساد ما لا يتاح لغيرهم فقال صلى الله عليه وسلم: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. متفق عليه.
قال النووي: المراد في الحديث أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه، لأنهم محارم للزوجة يجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت. قال: وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابن العم وابن الأخت ونحوهم مما يحل لها تزويجه لو لم تكن متزوجة، وجرت العادة بالتساهل فيه فيخلو الأخ بامرأة أخيه فشبهه بالموت وهو أولى بالمنع من الأجنبي. انتهى.
فاحذر أيها السائل من التساهل في مثل هذا، فإن التساهل في ذلك عواقبه وخيمة ونهاياته مؤسفة أليمة.
فعليك أن تعلم قريبك هذا بوجوب صلاة الجماعة، وأنه لا يجوز له التخلف عنها بغير عذر، وغالب الظن أنه سيستجيب لك في ذلك لكونه في بيتك وضيافتك، فإن لم يستجب فصارحه بأنك حريص على صلاة الجماعة، وأنه لا يجوز أن تتركه بمفرده مع زوجتك. فإما أن ينزل للصلاة، وإما أن ينزل من البيت إلى مكان آخر حتى تعود أنت من صلاة الجماعة، ولا تستح منه في ذلك، فإن الله لا يستحيي من الحق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1430(13/2950)
هل للزوج أن يأمر زوجته ألا تنزع حجابها عند خالها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد طلبت من زوجتي عدم نزع حجابها أمام خالها فما حكم الدين في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أخوال المرأة من محارمها الذين يجوز لهم الخلوة بها والسفر معها، وأن تظهر زينتها أمامهم؛ ولذا فإن طلبك من زوجتك ألا تنزع حجابها أمامهم، لا بد فيه من التفصيل، فإن كان هناك مظنة ريبة أو تهمة فإنه لا حرج عليك في ما فعلت، بل قد يتعين هذا عليك عند خوف الفتنة وتوقع الشر.
وأما إذا انتفت الريبة، ولم يكن هناك مظنة فتنة ونحوها، فلا ينبغي لك ذلك؛ لأن فعلك هذا سيوقع الوحشة حتما في قلوب أخوالها، ويوغر صدورهم منك ومن زوجتك وهو – ولا شك – ذريعة قوية للفساد بينك وبينهم مع ما يتضمنه هذا من قطع الرحم بين زوجتك وأخوالها الذين هم من الرحم التي يتعين عليها صلتهم. ومعلوم أن الشرع قد نهى عن كل ما يفسد بين المسلمين عامة وسد الذريعة إلى ذلك؛ ولذا حرم خطبة الرجل على خطبة أخيه، وبيعه على بيعه وغير ذلك. وحرم من الزواج ما يفسد بين الزوجة وأرحامها، ولذا حرم الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، وعلل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: إنكم إن فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم.
فلا ينبغي لك والحالة هذه أن تُقْدم على هذا مراعاة لحقوق الرحم والمصاهرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1430(13/2951)
حكم العشاء الذي يجمع بين الإخوة وزوجاتهم وأخواتهم وأزواجهن
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم الاختلاط مع الأهل مثال عشاء جماعي الأخ وزوجته والأخت وزوجها وأنا وزوجتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في هذا الاجتماع إذا انضبط الجميع بالضوابط الشرعية من حجاب وحشمة وعدم خلوة وعدم خضوع بالقول، وعدم مماسة أو مصافحة وغض الجميع من أبصارهم فقد قال الله تبارك وتعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ*وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {النور:31،30}
وقال تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا {الأحزاب:32}
وأما اجتماع الرجال والنساء تحت سقف واحد دون الالتزام بالضوابط الشرعية، كأن تكون هناك مماسة بين الجنسين، أو عدم احتجاب النساء، أو خضوعهن بالقول، ونحو ذلك فهو من الاختلاط المحرم.
وبناء عليه، فلا حرج عليكم في تلك الاجتماعات العائلية إذا ما انتفت الخلوة المحرمة، وكانت كل من المرأتين الأجنبيتين في حجابهما الشرعي، ولم يكن هناك خضوع بالقول، ولا خروج عن الآداب الشرعية، وأمنت مع ذلك الفتنة. وأما اذا خشي حصول الفتنة من تعلق الرجال بالنساء أو النساء بالرجال عند ذلك فإنه يدخل الأمر في حيز المنع، ثم إنه لا شك أن الأولى هو انفراد السيدات في حجرة ليتعشين وينبسطن بعيدا عن الرجال.
هذا، وليعلم أن أقارب الأزواج بالنسبة للنساء مثل غيرهم من سائر الأجانب، بل قد ورد من الشارع الحكيم التنصيص على التحفظ منهم والنهي عن دخولهم على المرأة منفردة، ففي الصحيحين من حديث عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله: أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. والحمو أخو الزوج أو قريبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1430(13/2952)
المحادثة بين الجنسين بغير حاجة باب فتنة يجب إغلاقه
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أستشيركم في أمر أنا طالبة بالجامعة..ملتزمة ولله الحمد..حجابي ساتر ولله الحمد..معي زميل لي في نفس الجامعة..هو أيضا ملتزم ومحافظ على صلواته في المسجد وأحسبه على خير والله حسيبه..
الحكاية..أننا في الكلية يطلب منا القيام ببعض البحوث..بحيث نكون مجموعة تعمل هذا البحث على النت..المهم هذا الأخ كان معي في البحث..لا نتحدث إلا لضرورة..فالحمد لله أنا أمتنع تماما عن الوقوف في الجامعة مع ولد أو الحديث بدون داع (تقوى لله)
في يوم ما اضطررنا على أن يأخذ إيميلي وأخذ إيميله..لأغراض البحث..فعلا أضافني عنده في الماسنجر.. وأرسلت له البحث وانتهى الأمر..
طبعاً أحسست بنوع من الإعجاب في عين هذا الشخص..وبصراحة أنا كنت معجبة بدينه وخلقه..لكن أقسم بالله العلي العظيم أني لم أبين له ذلك أبداً لا بتعريض أو تصريح..كنت أتجاهل الموقف داعيةً المولى أن يرزقني به زوجاً إن كان خيرا لي..
طبعاً الحمد لله مبدأ الوقوف في الجامعة والتحدث مرفوض عندي وعنده..تقوى لله ثم حفاظاً على سمعتي.. المشكلة أنه هو مسجل عندي في الماسنجر وفي بعض الأحيان أدخل ويكون هو فاتحا أو العكس..في البداية كان يتحدث معي عن الدراسة والامتحانات وهكذا ... شعرت منه أنه يحاول يعرف كيف تفكيري ما هو مدى تديني..كان يسأل أسئلة في الدين، يرسل دروسا دينية..شعرت بإعجابه بإجاباتي..لكن لم يحدث أي كلام خطأ..لأني كنت حازمة وجادة ولا أسمح بالمزح بصراحة أنا كنت متضايقة جداً من موضوع الماسنجر..أشعر أني في خلوة بالرغم من أنه الحمد لله لم يتم بيننا شيء خطأ من خضوع بالصوت أو غيره..فالحديث كله بالكتابة أنا سمحت له فقط بالتحدث معي حتى يفهم تديني..حيث إنني شعرت أنه يريد أن يفهم..لأنه هو الذي يبدأ الحديث دائماً لكن بصراحة هذا الأمر ضايقني لأنني أول مرة أتحدث فيها مع شاب حتى لو في الخير..الحمد لله لم نتحدث كثيراً فالموضوع جديد..قمت بعمل بلوك له حتى لا يعرف كل مرة أنني دخلت..حتى لا نتحدث كل مرة..
سؤالي: الآن لكم هل أتحدث معه بصراحة أن موضوع الماسنجر هذا أنا غير مرتاحة له..ولابد من أن نتركه لوجه الله..طالما لا توجد ضرورة أم أعمل له أنا بلوك وأمسح أميله من عندي من غير أن أتكلم.... خصوصاً أننا في الكلية كل يوم.. فأمر محرج، أنا معجبة به ولا أريد أن أخسره..وفي نفس الوقت لا أريد أبداً أن أغضب ربي ولا أن أبدأ خطوة من خطوات الشيطان دلوني بالله عليكم ماذا أفعل وأتصرف بحكمة وعقل.. تجعل ربي راضياً عني وهذا هو أهم شيء عندي.. وفي نفس الوقت أن يعلم هذا الشخص بأنّني عفيفة ولا أريد إلا ما يرضي الله..فأرتفع في نظره ويزاداد تمسكاً بي..فأنا لا أعلم ربّما يفعل ذلك ليختبرني ويرى تصرفي أيضاً ما رأيكم في شخصه..فهل معنى أنه تحدث معي على النت يعني أنه ضعيف إيمانيا خصوصاً أنه حديث الالتزام..فقط هو جاد جداً في التزامه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان أن الدراسة في الجامعات المختلطة لا تجوز إلا عند الحاجة الشديدة كما في الفتوى رقم: 2523.
كما سبق بيان أن المحادثة بين الرجال والنساء الأجانب، بواسطة النت أو غيره لا تجوز من غير حاجة، وبيان ضوابطها في الفتوى رقم: 4662.
أما عن سؤالك، فاعلمي أن ما وقعتما فيه من المحادثة بغير حاجة معتبرة شرعاً، هو استدراج من الشيطان، وهو باب فتنة يجب إغلاقه، فعليك بإلغاء عنوانه من بريدك دون تردد، وقطع العلاقة معه، إلا إذا دعت لذلك حاجة معتبرة، مع الالتزام بالضوابط الشرعية.
وإذا كنت ترغبين في الزواج منه وكان ذا دين وخلق فبإمكانك أن تعطيه إشارة بذلك ثم تعتذري له عن التواصل معك حتى العقد الصحيح وتمتنعي عن ذلك تماما حتى العقد الصحيح.
وأما عن سؤالك عن هذا الشاب، فلا يمكن أن نحكم عليه بضعف الإيمان بالمرة ولكن ما حدث منه، يدل على ضعف في التزامه، فإن المشروع لمن أعجبته فتاة أن يخطبها من وليها، ثم تظل أجنبية عنه حتى يعقد عليها، واعلمي أنك ما دمت حريصة على البعد عما يغضب الله، وتطلبين مرضاة ربك، بمخالفة هواك، فذلك علامة الخير وسبيل الفلاح في الدنيا والآخرة، وعليك بكثرة الدعاء أن يعصمك الله من الفتن ويرزقك بالزوج الصالح، فإن الله قريب مجيب0
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1430(13/2953)
إخوة الزوج أولى بالمنع من الدخول على الزوجة من الأجنبي
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي عمره40 سنة تزوجنا مند 9أشهر وهو المعيل لأهله وأنا حامل في الشهر السابع..نعيش في بيت والده مع أخته وأخيه المتزوج البطال وابن اخيه في شقة بعمارة.. اشترطت في بادئ الأمر حجابي الشرعي في المنزل ولكن مع تزامن عوارض الحمل في شهر رمضان الماضي مع الحرارة والمرض استغنيت عن الحجاب أمام إخوته وأنا الآن نادمة وأتمنى استقلاليتي في بيت خاص..
سؤالي: هل طلبي هذا يتعارض مع بره لوالده وهل هو ملزم بالنفقة على أخيه وزوجته وأخته وابن أخيه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلتِه من ترك الحجاب أمام أقارب زوجك –إذا كانوا بالغين أو مراهقين - حرام بل هو كبيرة من كبائر الإثم التي تستوجب منك التوبة إلى علام الغيوب والمبادرة بلبس الحجاب ثم كثرة الاستغفار والأعمال الصالحة عسى الله أن يكفر عنك ما كان منك, فإن المرأة يحرم عليها أن تكشف أمام الأجانب ما سوى وجهها وكفيها بإجماع المسلمين, ويحرم عليها كشف وجهها أو كفيها على الراجح من أقوال أهل العلم، وتشتد الحرمة ويعظم الخطب إذا كان هذا الكشف أمام أقارب الزوج ممن ليسوا بمحارم للمرأة كأخيه وابن أخيه وأولاد عمه فهؤلاء ينبغي زيادة الحذر من اطلاعهم على المرأة, لأن الأجنبي غالبا لا يصل إلى المرأة ذات الزوج إلا بتكلف وصعوبة, أما الأقارب فهؤلاء يتاح لهم من الاتصال بالمرأة والاطلاع عليها ما لا يتاح لغيرهم, ولذا قال رسول الله: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. متفق عليه.
قال النووي: المراد في الحديث أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه، لأنهم محارم للزوجة يجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت. قال: وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابن العم وابن الأخت ونحوهم مما يحل لها تزويجه لو لم تكن متزوجة، وجرت العادة بالتساهل فيه فيخلو الأخ بامرأة أخيه فشبهه بالموت وهو أولى بالمنع من الأجنبي. انتهى.
أما ما تذكرين من استقلالك مع زوجك في بيت خاص فهذا حقك ويجب عليك أن تطالبي زوجك به طالما أنك تعيشين مع إخوته وأبناء إخوته في مكان واحد يطلع بعضكم على بعض, وعلى الزوج أن يجيبك إلى هذا ولا يجوز له أن يمتنع لأن استقلالك في مسكن خاص بك حق شرعي لك من ناحية, ومن ناحية أخرى فإن فيه صيانة لك وسترا لشؤونك وخصوصياتك, ولا يعتبر استقلاله معك في بيت خاص من العقوق لوالده، ولا يعارض هذا بره في شيء طالما أنه مقيم على طاعته والإحسان إليه، فلم يتعين البقاء مع الوالد في بيت واحد طريقا لبره.
أما بخصوص إنفاق الرجل على إخوته وأبناء إخوته فهذا محل خلاف بين العلماء, وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 44020 , مع ذكر المذاهب وذكرنا أن الراجح هو مذهب الإمام أحمد , وهو أن النفقة تجب لكل قريب وارث ولكن بشروط:
1- أن يكون القريب فقيراً لا مال له ولا كسب، ولا يقدر على الكسب, أو له عمل ولكن لا يكفيه.
2- أن يكون من وجبت عليه النفقة له مال زائد عن حاجته وحاجة أولاده.
3- أن يكون المنفق وارثا.
فإذا توفرت هذه الشروط بأن كان إخوته صغارا ولا مال لهم, أو كانوا كبارا ولكنهم عاجزون عن الكسب أو لهم كسب لا يكفيهم, وكان لزوجك مال زائد عن حاجته وحاجة أولاده فإنه يجب عليه نفقتهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1430(13/2954)
حرمة استعمال الشات في محادثة النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتى في ال23 من عمري..أغواني الشيطان ودخلت عالم الشات وتعرفت على بنت وبعد فترة طلبت مني أن أرسل صورة من جسدي الذي هو الذكر أعزكم الله وفعلا طاوعتها وأرسلت وبعد يوم سرق هاتفي وأصبت بالضعف الجنسي.. والحمد لله تبت بعدها ولكني لا أعرف ماذا أفعل وهل هذه حالة طبيعية أم هي من فعل المشعوذين والجان وهذا الكلام منذ سنتين تقريبا وأنا ما زلت أعاني..
بارك الله لكم يا شيخ وأرجو أن تفيدوني..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشيطان من خبثه ودهائه يستدرج الإنسان من معصية إلى ما هو أكبر منها، ولذلك حذرنا ربنا تبارك وتعالى من استدراجه لنا فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ {النور:21} .
فاستعمال الشات في محادثة النساء معصية، وقد جرت صاحبه إلى منكر أعظم وأقبح، كما هو ظاهر. وقد سبق التنبيه على هذا في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22074، 20415، 9694. كما سبق بيان حكم كشف عورة الرجل وكيفية التوبة من ذلك في الفتوى رقم: 54900.
وعلى أية حال فقد أنعم الله عليك بنعمتين: الأولى أن وفقك للتوبة. والثانية أن عجل لك العقوبة في الدنيا، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة. رواه الترمذي، وحسنه الألباني.
وأما ما ذكرت من الضعف الجنسي، فعليك أن تطلب علاجه ولا تيأس من روح الله، وقد ذكرنا طرفاً من وسائل علاجه في الفتوى رقم: 9962.
وإن كان من المحتمل أن يكون هذا بسبب الجان فالواجب فعله هو حسن الظن بالله والتوكل عليه، وينبغي لك الإكثار من الصلاة والدعاء والذكر، واستعمال الرقية الشرعية، وغير ذلك من الوسائل التي سبق بيانها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24972، 5252، 5433.
ولتبدأ العلاج بإصلاح حالك مع الله والإقبال عليه بالاستغفار والتوبة من جميع الذنوب، فإن ذلك من أعظم أسباب رفع البلاء، فما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة، كما قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى: 30} .
وقال سبحانه: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ {هود: 3} ، وقال: لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {النمل: 46} .
ثم بعد ذلك تتبع السيئات بالحسنات حتى تمحوها، وتلزم تقوى الله تعالى في السر والعلن بمراقبته وحفظ أمره ونهيه، فمن اتقى الله تولى الله حفظه ولم يكله إلى غيره، ونصره على عدوه، قال تعالى: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا {آل عمران: 120} .
وقال: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق: 2-3} ... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق: 4} .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: احفظ الله يحفظك. رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح. وصححه الألباني.
وقد سبق لنا ذكر أسباب البلاء ووسائل دفعه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 76268،، 56211، 5249.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1430(13/2955)
حكم ركوب المرأة مع ابن خالتها في السيارة وحدها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تركب مع ابن خالتها في السيارة لوحدها؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن محرما لها من رضاع فلا يجوز لها أن تركب معه في السيارة وحدها؛ لأنها في حكم الخلوة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم. متفق عليه.
والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فيوسوس له ويزين ويهيج الشهوة ويسول المعصية، و: ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما. كما ثبت في الحديث عند أحمد والترمذي وغيرهما.
وللفائدة انظر الفتويين: 1248، 46848.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1430(13/2956)
تعرفت على شاب على النت ففعلت معه أمورا محرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[عرفتني صديقتي على شاب من الانترنت، وظللت أحكي معه مدة 4 سنوات بعلم من أمي وأمه، وكلمتني أمه وخطبتني في الهاتف. وهذه السنة قرر يخطبني بشكل رسمي ونعمل عقدا شرعيا. مع العلم أنه رآني من غير حجاب، وصارت معنا أشياء محرمة. وطلب مني لما يأتي يتمتع معي على أساس أني سأصبح زوجته شرعا. ماذا أفعل؟ ساعدوني ماذا أفعل؟ أنا أقوم الليل ومحافظة على صلواتي، وكل ما أغلط أتوب وأرجع أخطئ مرة ثانية ما لقيت أحدا ينصحني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للمسلمة أن تحرص على صحبة الخيرات من النساء اللاتي يوجهنها إلى الخير، كما حث على ذلك ديننا الحنيف، وهذا من أفضل ما يمكن أن يعين على التوبة والاستقامة على الحق والبعد عن المعاصي. وراجعي الفتوى رقم: 24857.
وإن مصاحبة الأشرار سبب لكثير من البلاء، وما كان من توجيه صديقتك هذه لك للتعرف على هذا الشاب خير دليل على ذلك، فالواجب عليك التوبة مما حدث منك من محادثتك له وفعلك معه أشياء محرمة، والواجب عليك أيضا قطع العلاقة معه، ولا يجوز لك أن تمكنيه من رؤيتك من غير حجاب، أو من الخلوة بك أو اللمس أو نحو ذلك، فالرجل لا يزال أجنبيا عن المرأة حتى يعقد له عليها.
وأما الزواج منه فلا ننصحك بالتعجل إلى الموافقة عليه، بل عليك أن تستشيري أولا في أمره، وتسألي عنه من يعرفه من أهل الخير والصلاح، ثم تستخيري الله تعالى. وراجعي الفتويين: 64607، 70874.
وقد أحسنت بمحافظتك على الصلوات وقيامك الليل فنوصيك بالمداومة على ذلك، ويمكنك مراجعة الفتوى رقم: 10800 ففيها بيان بعض وسائل الثبات على الدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1430(13/2957)
تعلق قلبها بأستاذها الذي يكبرها بعشرين عاما
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أخبرك يا شيخ بأنني ابتليت بحب أستاذي الجامعي الذي يكبرني بـ 20 سنة، وهو ما شاء الله رجل متدين لأبعد الحدود، ولا يزال أعزب، ولكنه والله العظيم لم أر أحدا بمثل أخلاقه الإيمانية العالية فهو دائما يدعونا في كل محاضرة إلى الله، ويحكي لنا قصص الأنبياء عليهم السلام، بل وأكثر من ذلك يدعو زميلاتي اللواتي لا يرتدين الحجاب الشرعي بوجوب ارتدائه.
لا أدري ماذا أفعل يا شيخ أشعر أنني ضائعة وهائمة على وجهي، وأتمنى من الله العلي القدير أن يصبح زوجا لي. فو الله يا شيخ إنه ليس بشخص جميل المنظر، ولكنني أحببت خلقه ودينه مع أنه يكبرني بـ 20 عاما. قل لي ماذا أفعل؟ جزاك الله خيرا. يا شيخ انصحني أرجوك أرجوك أرجوك يا شيخ. وبالإضافة إلى ذلك هو شخص مؤدب عندما يكلم طالبة ترى عيونه باتجاه الأرض. ونحن باختصار جامعتنا غير مختلطة يعني للإناث فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يعرف بعلاقة الحب بين الرجال والنساء هو أمر لا يقره الشرع لكن إذا وقع في قلب المرأة تعلق برجل بدون كسب منها فلا حرج عليها إذا لم يترتب على ذلك أمر محرم، كإطلاق البصر والكلام لغير حاجة، ونحو ذلك، ولم يجر إلى معصية، ولكن ينبغي التنبيه إلى أن الاسترسال مع هذا قد يؤدي إلى العشق، وهو مرض يفسد القلوب، ولمعرفة ذلك المرض وكيفية التخلص منه تراجع الفتوى رقم: 9360.
كما أنه لا حرج على المرأة في أن تعرض نفسها على الرجل الصالح ليتزوجها، وذلك بضوابط وآداب مبينة في الفتوى رقم: 108281.
فإذا لم يرغب في زواجك أو رفضه وليك، فعليك أن تجتهدي في إزالة تعلق قلبك به، وذلك بالاستعانة بالله، وقطع كل الأسباب التي تزيد هذا التعلق، وعدم الاسترسال مع الأفكار والخواطر، وشغل الأوقات بالأعمال النافعة، مع كثرة الدعاء أن يرزقك الله بالزوج الصالح، واعلمي أن ما فيه الخير يعلمه الله وحده، فقد تتوهمين أن السعادة مع هذا الرجل، ويكون الأمر بخلاف ذلك، قال تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216} .
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 5707.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1430(13/2958)
تعلق بامرأة تكبره فتزوجت وما زال يتعلق بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 28 عاما تعلق قلبي بفتاة تكبرني بثلاث سنوات ونصف وجمعنا مكان عمل كانت هي رئيسة العمل ولم يكن عملا مؤقتا وكنت أتمنى العمل في هذا المكان للتقرب منها وعندما جاءت الفرصة وعملت هناك علمت أنه يوجد من يريد التقدم لها وهي رفضت حتى أنها أخذت رأيي لأنها كانت تحترمني جدا وكانت تسمع عني من أخيها الذي هو يعتبر صديقا لي ثم حاولت أن أظهر لها ذلك إلى أن وضح الأمر جليا بأني مشغول بها وبعدها وجدتها بادلتني نفس الشعور ولكن كونها تكبرني سنا كان مشكلة كبيرة فقلت لها أنا ليس عندي مشكلة في هذا الأمر لأنها ملكت شغاف قلبي وكان أحيانا يتصل عليها أحد الأشخاص فأسألها فتقول مثلا صديق من أيام الجامعة فأقنعتها أنه لا تجوز صداقات بين ولد وبنت وأنا لا يمكن أن أقبل مثل هذا النوع مع الإنسانة التي ستكون بإذن الله زوجة لي ولم تعارض أبدا في هذا الأمر وكانت متجاوبة جدا.
تعلق قلبي أكثر وأكثر بها وكنت أريد أن أسافر للعمل فاتفقنا أني بعد السفر بفترة أتصل بأهلها وأتفق معهم على موضوع الزواج ثم سافرت وحاولت التقدم لكن قوبل بشبه الرفض ثم جاء لها عريس وقبل أهلها العريس وضغط عليها بأن سنها تقدم ولا بد لها أن تتزوج ثم تزوجت ولكن احترق قلبي ماذا أصنع وأنا أعلم أن من خبب امرأة على زوجها عقابه شديد ولن يدخل الجنة؟
ولكن بعدها بفترة حوالي أربعة أشهر أخذت إجازة وعدت إلى الوطن بعد سفر دام ثلاث سنين ونصف لم ينسنيها وكنت قبل زواجها دائم الاتصال بها وبعد زواجها بأربعة أشهر نزلت إجازة وبعد نزولي بحوالي ثلاثة أيام اتصلت بها وأردت مقابلتها فوافقت أن أذهب إليها في مكان عملها وأسلم عليها فقط وأذهب ولكن قدر الله أني شعرت أن الأمر غير طبيعي ولم أذهب ثم بعد بضعة أيام سمعت أن زوجها قام بالتزوج بأخرى كان يحبها من قبل وحدثت مشكلة بينهما وهي ذهبت إلى بيت أبيها فاحترق قلبي لما ألم بها فما مصيبة أعظم على المرآة من هذه ثم اتصلت بها لا لأصطاد في الماء العكر والله أبدا ولكن حبها في قلبي يكاد يكون تملكه ولا حول ولا قوة إلا بالله، أنا والحمد لله أحافظ على الصلوات الخمس في جماعة وأخشى على نفسي فقد قابلتها وللأسف في مكان كنا فيه في خلوة ومن فرط الشوق احتضنتني ولكن أحمد الله أنه لم يقع بيننا أمر الزنا فهي محصنة وبعدها سافرت وأحاول جاهدا أن أبتعد عنها حتى لا أكون سببا في طلاقها فهي ما تزال متعلقة بي وللأسف زوجها بدأها بأن تزوج عليها بعد أربعة أشهر، أنا لا أريد سوى كيف أبعد نفسي عن الهاوية فالأمر صعب فأحيانا أمسك بالتليفون وأريد أن أتصل بها ولكن أمنع نفسي بصعوبة حتى أني لا أستطيع أن أفكر في غيرها لأني وبصراحة لم أجد غيرها لأنني هنا في غربة وبعيد عن الأجواء أسأل الله أن يرزقني الزوجة التي تكون لي سكنا وراحة وأن لا أكون سببا في تدمير البيوت وخرابها أرجو الإجابة والمساعدة فإني في غاية الإرهاق النفسي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرزقك زوجة صالحة تعينك على أمر دينك ودنياك، وأعلم أن ما أنت فيه من أمر التعلق بهذه المرأة إنما هو بسبب ما جنت يداك حين تساهلت في أمر التعامل معها في مكان العمل.
فالواجب عليك التوبة من ذلك ومما وقع بينكما من خلوة واحتضان، خاصة وأن ذلك قد وقع وهي زوجة لغيرك.
والواجب عليك الحذر من العودة لمثل ذلك في المستقبل، ويجب عليك أن تبتعد عن هذه المرأة كل البعد، وأن تجتهد في نسيانها، وأن تبذل الأسباب التي تعينك في هذا السبيل، وقد سبق لنا ذكر بعضها حين الكلام عن الطريق إلى علاج العشق فراجع الفتوى رقم: 9360.
وأما زعمك بأنك لم تجد غيرها فما هو إلا من تسويل الشيطان ليستمر قلبك في التعلق بها، وإلا فالنساء غيرها كثير، وما يدريك فلعللك ترزق من هي خير منها، وكيف يمكن لك أن تجزم بأنك لو تزوجت منها لحققت لك السعادة في هذه الحياة، فعليك أن تعتبر بكثرة الزيجات التي كان أساسها ما يطلق عليه الحب والعلاقات العاطفية، وكان مصيرها بعد ذلك الفشل.
ونعود ونكرر أنه يجب عليك قطع أي علاقة لك بهذه المرأة، والحذر كل الحذر من أن تكون سببا في في إفسادها على زوجها، وراجع الفتوى رقم: 32225.
فننصحك بالاجتهاد في البحث عن غيرها، وأن تستعين في ذلك بالله تعالى ثم بمن تثق بهم من الأقارب والأصدقاء، وإذا وجدت امرأة تصلح لك فاستخر الله تعالى في أمر الزواج منها، وراجع في الاستخارة الفتوى رقم: 19333.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1430(13/2959)
رؤية الأفلام الإباحية كالمستجير من الرمضاء بالنار
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا منفصل عن زوجتي علما بأني سني صغير، ولم أتزوج إلا عامين فقط، المهم أني انفصلت عنها وسافرت إلى دولة أخرى، وأتفرج على أفلام إباحية لإفراغ الكبت الجنسي لدي، وعذري أنه أحسن من الزنا. علما بأنني أصلي وأخاف الله. أرجو الإفادة علما بأنني غير قادر على الزواج مرة أخرى.
أرجو الإفادة في هذا الموضوع لأنني أخاف الله جدا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحسن أن يخاف المسلم ربه، ونسأله تعالى أن يجعل هذا الخوف حائلا بينك وبين الوقوع في معصيته، وأن يكون دافعا إلى الحرص على طاعته.
ومشاهدة الأفلام الإباحية منكر لا يجوز للمسلم الإقدام عليه على كل حال، ومن المعلوم أنها من أعظم أسباب إثارة الشهوة، فمن يلجأ إليها خوفا من الوقوع في الزنا يصدق عليه قول القائل:
المستجير بعمرو عند كربته * كالمستجير من الرمضاء بالنار
فكن على حذر من هذا الفعل، فهو معصية للرب تعالى قد تجرك إلى غيرها من المعاصي، وصاحبه يعرض نفسه للعذاب الأليم يوم القيامة، وكيف يليق بالعاقل أن يلتذ بما قد تكون عاقبته الندامة، هذا بالإضافة إلى ما للمعصية من أضرار على المسلم في الدنيا في بدنه وقلبه. ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 20090.
وينبغي أن تجتهد في البحث عن سبيل للزواج أو إرجاع زوجتك الأولى، وإذا لم يتيسر ذلك فعليك اتباع بعض الوسائل التي يمكن أن تقيك من الوقوع في الزنا ومن أهم هذه الوسائل الصوم، ولذا أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم الشباب. ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 6995.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1430(13/2960)
حكم عقد لقاء بين الجنسين بغرض التعارف لتيسير الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أنا مقيمة بفرنسا فكرت مع مجموعة من الأخوات في عقد لقاء للمسلمات العازبات وشباب مسلمين عزاب في حفل نقيمه بغرض تيسير اللقاء بينهما وخلق فرص الزواج في مكان كبير ومفتوح والعدد هو 30 شخصا، مع العلم بأنهم جادون بالزواج فكما تعلمون البحث عن زوج صعب خصوصا أننا نقيم في بلاد غربية ومدينة صغيرة شيئاً ما، فما رأيكم في هذه الفكرة وما هي التوجيهات التي يمكنكم تقديمها لنا، علما بأن هذا الحفل التزمنا فيه باختيار من نثق في أخلاقهم ودينهم، والبرنامج الذي اقترحناه هو مناقشة مجموعة من المواضيع كأسس تأسيس أسرة ناجحة والاختلافات النفسية بين المرأة والرجل وطرق تفكيرهما وبعض الأنشطة كالطبخ وألعاب ثقافية، في انتظار جوابكم لكم منا أصدق الدعاء بالتوفيق والنجاح في مساعيكم الطيبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق مراراً أن ذكرنا أن ضابط الاختلاط المحرم هو اجتماع الرجال والنساء في مكان واحد مع عدم التزام الآداب الإسلامية والأحكام الشرعية، أما إذا حدث اجتماع بين النساء والرجال في مكان واحد بل وحتى تحت سقف واحد مع مراعاة الآداب الشرعية من ترك الخلوة والخضوع بالقول والتبرج وغض البصر عما لا يجوز النظر إليه، فهذا لا حرج فيه خصوصاً إذا دعت الحاجة لذلك، ولكنا مع هذا لا نرى جواز هذه الصورة التي تذكرين وذلك لسببين:
الأول: أن اجتماع الشباب والفتيات في مثل هذا الحفل يحدث بعضهم بعضاً، وينظر بعضهم إلى بعض، مظنة افتتان بعضهم ببعض، وما أبيح في الشريعة إنما هو نظر الرجل لمن يريد الزواج منها لا أن يقلب الرجل نظره في جمع من النساء ويقضي معهن الأوقات في المسامرة والمحادثة بحجة الزواج، فإن هذا مظنة الفتنة ولا شك.
الثاني: أنه لا توجد حاجة لذلك، وما تذكرين من توفير فرص الزواج أمر حسن ومصلحة معتبرة، ولكنه يتحقق بدون ذلك من الوسائل وذلك بأن توفروا مثلاً عناوين الفتيات وبعض بياناتهن الشخصية، وتعطوها للراغب في الزواج ويتقدم هو بدوره إلى بيت أوليائها ليراها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1430(13/2961)
من مفاسد المحادثات بين الجنسين عبر النت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أريد أن أتوب إلى الله، وقد كنت على الانترنت منحرفة حيث:
1) أنا غير متأكدة أني نشرت صورة لفتاة غير متحجبة لشباب ومواقع إلكترونية.
2) كنت أكشف عورتي لشاب أو أكثر ولا أدري هل تم التقاط صور لي ونشرها حتى أن هناك شابا كان يهددني بنشر صورة لي أو أكثر.
فماذا أفعل؟ أرجو الإجابة بأسرع وقت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أخطر وسائل وسبل الفساد ما يحدث بين بعض الفتيان والفتيات من محادثات عبر الإنترنت، وكثيرا ما نبه على هذا العلماء والدعاة إلى الله، وما حدث منك خير دليل على خطورة هذا الأمر وأنه يجب الحذر منه.
وإذا لم تكوني متأكدة من أنك نشرت صورا لبعض النساء المتبرجات فالأصل أنك لم تفعلي حتى يثبت العكس، وأما ما قمت به من كشف عورتك لشاب أو أكثر فلا شك أن هذا منكر عظيم يجب عليك التوبة منه. ونوصيك بالإكثار من الصالحات، والحرص على مصاحبة الفتيات الخيرات، واحرصي على قطع كل علاقة بهؤلاء الشباب والعمل على إزالة بريدهم الإلكتروني، وإن تطلب الأمر تغيير بريدك الخاص فافعلي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1430(13/2962)
التهاون في الخلوة بالأجنبية يفضي إلى الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بإفريقيا عملا خاصا بي ومتزوج ورزقني الله بأولاد وزوجتي وأولادي معي أيضا - وأحرص على الطاعات وأديت فريضة الحج ولكن كلما أتوب من الزنا إذا خلوت بامرأة سمراء أزني بها لأنهم لا يعتبرون الزنا حراما ولكني أعلم وأتوب يوميا ولكن لا أستطيع مقاومة نفسي والشيطان أكثر من 100 واقعة زنا خلال 3 سنوات وأشهد الله أني أريد التوبة ماذا أفعل، وهل تقبل لي توبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزنا من الكبائر التي تجلب غضب الله، كما أنه جريمة خطيرة لها آثارها السيئة على الفرد والمجتمع، قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا {لإسراء:32} .
وتحريم الزنا لا يخفى على مسلم، كما أن تحريمه تؤيده الفطر السليمة والأخلاق الكريمة.
وإذا وقع الزنا من رجل قد منَّ الله عليه بالزواج، فهو أقبح وأشنع، واستبدال للخبيث بالطيب، وقد توعد الله فاعله بالعذاب والخزي في الدنيا والآخرة، وجعل حده الرجم.
لكن من سعة رحمة الله وعظيم كرمه أنه من تاب توبة صادقة فإن الله يقبل توبته ويعفو عنه، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53} .
فالله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر، ويحب التوابين ويفرح بتوبتهم.
وشروط التوبة الصادقة الإقلاع عن الذنب والندم والعزم على عدم العود، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 5091، والفتوى رقم: 5450.
وننبه السائل إلى أنه ما وقع في ذلك إلا لتهاونه في التزام أوامر الله، وتعديه لحدوده، فإن الشرع قد حرم كل ما يفضي إلى الزنا ويدعو إليه، فالخلوة بالمرأة الأجنبية حرام، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ متفق عليه.
وكذلك لا يجوز لمس بدنها، بل ولا الحديث معها لمجرد الاستمتاع والتشهي وإنما يجب أن يتقيد ذلك بقيود الكلام مع الأجنبية فلا يكون إلا للحاجة والمصلحة المعتبرة شرعاً في حدود الاحتشام والجدية والبعد عن كل ما يثير الفتنة من الخلاعة والليونة وإزالة الكلفة.
وكذلك حرم إطلاق البصر إلى النساء، قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30} .
فإذا كنت صادقاً في إرادة التوبة فعليك بالتزام أوامر الله والوقوف عند حدوده، واستعن بالله واعتصم به وتوكل عليه، فإنه لا قوة لك إلا به، قال تعالى عن نبيه يوسف عليه السلام: قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ {يوسف: 33} .
وعليك بالحرص على مصاحبة الصالحين وحضور مجالس العلم والذكر، والبعد عن رفقة السوء ومجتمعات المعاصي.
واعلم أنك إذا لم تستطع تجنب الوقوع في المعاصي في البلد الذي تقيم فيه فإنه يكون من الواجب عليك أن تهاجر إلى بلد تأمن فيها الوقوع في الفتن.
وعليك بالستر على نفسك، فلا تخبر أحداً بذلك، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ. رواه مالك في الموطأ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1430(13/2963)
حول انفراد المرأة مع السائق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة قمت بتسجيل في حلقة تحفيظ في الحرم، واتفقت مع الوالدعلى أن يقوم هو بإيصالي إلى الحرم، وبعد أن تمت المقابلة وتم قبولي رفض أبي أن يوصلني وشدد علي، فهل إذ ذهبت مع سائق أكون آثمة. وأرجو منكم الدعاء لي لأني أمر بحالة لا يعلمها إلا الله بسبب هذا الموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في فتاوى سابقة أن انفراد المرأة مع السائق وحدهما من الخلوة المحرمة شرعا، وبناء عليه فلا يجوز لك الذهاب مع السائق وحده، لكن إن وجدت من تنتفي به الخلوة ولو كان امرأة أخرى في غير ريبة جاز. والأولى هو أن تسعي في محاولة إقناع أبيك وتوسيط من له وجاهة عنده ليستجيب ويعينك على الخير وتعلم العلم النافع، فإن استجاب فبها ونعمت، وإلا فلا يجوز لك الذهاب مع السائق وحده إلا أن تجدي من يرافقك معه ممن تنتفي به الخلوة.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاى ذات الأرقام التالية: 18288، 1079، 63065.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1430(13/2964)
حكم خلوة الزوجة بأجنبي ومباشرته وأخذ الأجرة على ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المرأة التي تجلس مع رجل غريب وتظهر جميع مفاتنها له من لباس فاضح وتسمح له بضمها وتقبيلها هل تعتبر زانية أم لا إذ أنها مقتنعة وتقول لي بأنها لم تزن بحجة أنه لم يعاشرها معاشرة الزوج لزوجته مع العلم أنه يقضي شهوته بها ولكن من الخارج، وهل المال الذي يأتيها منه حلال أم حرام، وهي أيضا متزوجة وأم لأطفال وزوجها ليس لديه أي علم بذلك وأيضا هي تلجأ لأعمال قراءة الفنجان والسحر وغيرها من المحرمات فهل طريقها سليم أم لا؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعلاقة بين المرأة والرجل الأجنبي قد وضع الشرع لها حدوداً وآداباًُ تحفظ كرامة المرأة وتصون عرضها وتحمي المجتمع من الفساد الأخلاقي، وتحافظ على طهارته، فلم يجعل الله طريقاً للاستمتاع بالمرأة الحرة إلا الزواج، وحرم كل طريق غيره، قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا {الإسراء 32}
والزنا الموجب للحد هو إيلاج فرج الرجل في فرج المرأة التي لا تحل له، ولكن ذلك لا يعني أن ما دون ذلك من الاستمتاع المحرم، أمر هين، بل هو إثم، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم زنا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه. رواه البخاري ومسلم.
وإذا كان الشرع قد حرم مجرد الخلوة بالأجنبية بل حرّم النظر إليها بشهوة، فكيف بمن تفعل تلك الأعمال الفاضحة والمنكرات الشنيعة، وهل تقدم على ذلك إلا من رق دينها وانعدم حياؤها واستهانت بنظر الله إليها؟، كما أنها خانت أمانة زوجها الذي ائتمنها على عرضه، وجمعت إلى ذنبها ذنباً أعظم وهو الاستخفاف بالذنب، فإن الذنب وإن كان صغيراً فإنه يكبر عند الله إذا استصغره العبد، كما أنها وقعت في خطأ آخر وهو المجاهرة بالذنب، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه. متفق عليه.
أما عن المال الذي يأتيها من ذلك فهو حرام بلا شك، فعنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِىِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ. متفق عليه.
والبغي: الزانية
وأما اللجوء إلى قراءة الفنجان وأعمال السحر، فذلك من أكبر الكبائر، وقد عده رسول الله صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات، وحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الذهاب للسحرة، فقال صلى الله عليه وسلم: ليس منا من تطير، أو تطير له، أو تكهن، أو تكهن له، أو سحر، أو سحر له، ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم. قال المنذري: إسناده جيد. الترغيب والترهيب 4/88، وراجعي الفتوى رقم: 104322.
فعليك بنصح هذه المرأة وحثها على التوبة من تلك الكبائر، فإن تابت، وإلا فعليك هجرها وترك مصاحبتها، فعن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لَا تُصَاحِبْ إلَّا مُؤْمِنًا وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَك إلَّا تَقِيٌّ. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1430(13/2965)
العلاقة الغرامية وحد الكفاءة المعتبرة في النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مصري 28 عاما أريد أن أتزوج فتاة أمريكية من أصل مصري (الأب والأم) مسلمة 23 عاما تعرفت عليها منذ خمس سنوات تقريباً منذ ذلك الوقت بدأت علاقة غرامية لدرجة الحب الآن ونحن على تفاهم وحب شديد وراغبان بالزواج، ولكن لما تعرفت عليها منذ خمس سنوات كانت لا تعرف كثيراً عن الإسلام والدين، ولا ترتدي الحجاب ولا الزي الاسلامي، وكانت تشرب الخمر، ومنذ أن تعرفت عليها بعون الله سبحانه وتعالى بدأت أتكلم معها عن الدين والإسلام والحرام والحلال وخلاف ذلك لأن الأبوين غير مداومين على الصلاة أو الشعائر الإسلامية، أو بالأصح تكاد تكون معدومة من البيت، ولا كان أحد يعرفها ما الإسلام أو أي شيء في هذا الدين العظيم , وأخواتها أيضا نفس الحالة من الفساد الاخلاقى , والآن والحمد لله تغيرت تماما، وذلك عن طريق كلامي معها وهدى من الله وحده سبحانه، بدأت بترك المعاصي وبدأت بالصلاة والصوم وارتداء زي إسلامي والحجاب الاسلامى والحمد لله. هي تدرس الطب البشرى بالجامعة في أمريكا، وأنا حاصل على دبلوم وأعمل بالقطاع العام المشكلة هي أن الأب عرف عن طريق أخته التي تعيش في مصر وهي جارة لي أنى أريد أن أتزوج ابنته، ثم عرف أننى على علاقة بابنته من قبل وعرف أيضا أننى حاصل على دبلوم وهو يعرفني جيداً ويعرف أنني من عائلة محترمة وأنني أخلاقيا شاب جيد لأنهم كانوا جيران لنا منذ 30 عاما. المشكلة أنه منذ أن عرف أننى أعرف ابنته منذ فترة بدون علمه وبعلم أخته (عمتها) لأنها كانت تعلم كل شيء عن العلاقة بيننا , عاشت البنت حياة صعبة جداً من الأب، وكل يوم مشاكل في البيت قال لها لابد أن تبعدي عنه لأنه غير مناسب لك، وهي قالت له لا أنا أحبه وأريد أن أتزوجه ثم قال لها أنا غير موافق عليه. وعرفت بعد ذلك سبب الرفض أنه كان يريد شابا معه شهادة جامعية لأن الفارق واضح في التعليم، ثم بدأت العام الحالي التقدم إلى الجامعة ودرست بكلية التجارة لأنني أحبها وأريد أن أتزوجها. ثم الآن عرف الأب أننا ذهبنا في شتاء 2006 إلى الاسكندرية بمصاحبة أخته (عمتها) فغضب واشتد جنونه لأنه بغير علمه وقال لأمها لأنه لا يتحدث مع ابنته إطلاقا طول ما أنا حي لا أوافق على الزواج.
الآن قررت الابنة الزواج مني بدون موافقة الأب فقلت لها لا أريد أن أتزوج بهذه الطريقة لأنها حرام، ثم قالت هذه هي الطريقة الوحيدة … فما الحل في هذه المشكلة.
معلومات عن أسرة الفتاة
الأب: لا ينفق على ابنته ولا يوجد معاملة إطلاقا معها – كثير السب – أخلاق سيئة – يربى كلابا بالمنزل
الأم: طيبة لكن متبرجة – تخشى من زوجها على حساب ابنتها.
الإخوة: أخلاق فاسدة
عائلة الفتاة من الأب: متفككة – لا يعرفون عن الإسلام شيئا – حياتهم حياة أمريكية لأنهم مقيمون فيها عدا أخت لهم تعيش وحدها في مصر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان منك من تواصل مع هذه الفتاة وعلاقة تصفها بالغرامية، وكذا سفرك معها ومع عمتها دون محرم لهما أمر لا يجوز وهو حرام لا شك في حرمته، بل هو -والعياذ بالله- طريق للوقوع في الفواحش والمنكرات، ولا يبرر هذا كونك تعلمها الإسلام وتدعوها للقيام بواجباته، كل هذا لا يبرر هذه العلاقة، وقد كان من الممكن أن تدلها على مركز إسلامي أو بعض الجمعيات أو المساجد التي تقوم بالدعوة إلى الله سبحانه ثم تتركها وشأنها، فالواجب عليك هو أن تصدق في التوبة إلى مولاك مما كان منك من هذه المعاصي، ثم تقطع علاقتك بها فوراً، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 114354.
وأما بالنسبة للكفاءة في النكاح فإن الراجح أنها معتبرة بالدين والخلق فقط، وعلى ذلك فلو تقدم للفتاة شاب صاحب دين وخلق وكانت راغبة في الزواج منه، فعلى وليها أن يزوجها منه وليس له أن يمتنع بحجة أنها أغنى أو أرفع منه اجتماعياً أو علمياً، فالأفضلية عند الله سبحانه بالتقوى، قال سبحانه: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ {الحجرات:13} ، وعلى ذلك فلا مانع من زواجك من هذه الفتاة طالما أنها راضية بك زوجاً لها، ولا يجوز لأبيها أن يرفض زواجها منك، فإن رفض فإنه يجوز لها أن ترفع أمرها للمحكمة في بلدها المسلم ليجبر القاضي أباها على تزويجها، أو يتولى هو تزويجها بنفسه لأن الأب في هذه الحالة يعتبر عاضلاً، والعاضل تسقط ولايته على المرأة. أما أن تتزوجها أنت دون وليها ودون القاضي فهذا حرام، ويقع الزواج في هذه الحالة باطلاً على ما هو مبين في الفتوى رقم: 57642.
ولكنا مع هذا ننصحك بألا تتزوج من هذه الفتاة حتى تطمئن أنها قد تابت وغيرت من سلوكها، وهذا من باب النصيحة لا من باب الحكم الشرعي، وذلك أن نشأة هذه الفتاة في بلاد الكفر وتشربها بالثقافة الغربية والفوارق الاجتماعية بينكما، كل ذلك إن لم يكن قد تابت توبة نصوحا، وغيرت من سلوكها وطباعها وعاداتها المحرمة سيكون ولا شك عائقاً كبيراً أمام استقرار الأسرة مستقبلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1430(13/2966)
تريد ألا تتم دراستها دون علم والديها لكثرة الفتن والاختلاط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة جامعية في سنة التخرج، لا يخفى عليكم وضع الاختلاط في الجامعات، أردت عدة مرات الانقطاع عن الدراسة ولكن والداي يرفضان بشدة.
أنا الآن أتممت السداسي الأول وما بقي من العام فيه اختلاط أكثر من السابق، لا يمكن تجنبه (ركوب للمواصلات في ساعات الذروة –العمل مع طلبة ذكور) ولكن كذلك ما بقي –من ناحية علمية- مرهق وصعب ويأخذ مني وقتا كبيرا وما يقلقني أني لا أستطيع التوفيق بين العمل والعبادة، عانيت من عدم التوفيق هذا من قبل وأخشي أن يكون أشد الآن.
كما تعلمون ذكر الله يطمئن القلوب وأنا في حاجة ماسة إلى ذلك خصوصا أنه هناك اضطرابات عائلية في أسرتي التي بالإضافة إلى ضغط الدراسة وقلق الاختلاط وعدم توفر الوقت للذكر أخشى أن تسبب لي انهيارا.
سؤالي هل بر الوالدين يستلزم مني أن أمضي في هذا الطريق؟
أعانني الله كثيرا في تجاوز صعوبات من هذا القبيل في ما مضى وهو على كل شئ قدير، ولكن حيث إن الظروف ازدادت صعوبة ما أخشاه أن أكون ألقي بنفسي إلى التهلكة والله قد يسر لي سبيلا آخر.
من ناحية أخرى في هذا الصيف إن شاء الله سوف أتزوج، خطيبي سافر إلى البلد المجاور للعمل لضيق سبل الرزق في بلادنا والحمد لله تيسرت كل الأمور المادية، كذلك هذا البلد من وجهة نظري دينية أفضل بكثير من بلدنا لذلك نريد الاستقرار هناك بعد الزواج إن شاء الله وهذا ميسر بحمد الله.
لكن هذا البلد من وجهة نظر أسرتي متخلف وغير متحرر لذلك اشترطوا على خطيبي أن يجد لي العمل الموافق لتخصصي (هندسة كهربائية) أنا أيضا إذا أراد أن نبقى هناك بعد الزواج.
أنا لا أريد أن أعمل في تخصصي بسبب الاختلاط، ولكن خطيبي اضطر أن يعدهم بما يريدون حتى يتركوه يذهب وحتى لا يعرقلوا زواجنا، وهو لا ينوي أن يبحث لي عن العمل، وبعد الزواج أستطيع أن أعمل شيئا آخر كي لا أكذب عليهم أو أتحجج بأي حجة.
أعود الآن إلى موضوعي، في هذا الصيف إن شاء الله سوف أتزوج، ولا يمكن أن أتزوج قبل ذلك.
ما أفكر فيه هو أن أنقطع عن الدراسة ولا أخبر أحدا سوى خطيبي بطبيعة الحال ومع بقية الناس أستعمل المعاريض أو الكذب، أعتقد أن الأمر سيكون ميسرا بإذن الله للأسباب التالية:
بإتمام هذا السداسي وبعد أن تعلن النتائج-الإيجابية ان شاء الله- أكون قد أتممت دراستي بنجاح، وما بقي هو تحضير لرسالة التخرج، وتدريب عملي لذلك، فأحسب أني لن أكون كاذبة إذا قلت إني نجحت.
عمليا بإمكاني أن لا أغير شيئا في حياتي اليومية ينبئ أني منقطعة عن الدراسة.
الأوراق الرسمية التي تثبت تخرجي التي أتحصل عليها في حال إتمامي للدراسة في أغلب الأحوال سوف أحصل عليها بعد موعد الزواج؛ لذلك الأمور ستبدو طبيعية إذا قلت إن زميلتي سوف تتسلمها عوضا عني، حيث إني لست في بلدي وقت إصدارها وسوف تأتيني بها إلى البلد المجاور بحكم أنها تقطن هناك وبالفعل فإن زميلتي ستقطن هي الأخرى في البلد المجاور بعد أن تتزوج في هذا الربيع.
في ما يخص بطاقة الهوية التي تسجل فيها المهنة فإنهم في بلدي –إذا كان الشخص يعمل في بلد آخر- يكتفون بكتابة (عامل بالخارج) يعني أنه في كل الأحوال لن تكتب مهنتي (مهندسة) ؟
هل انقطاعي عن الدراسة في هذه الأحوال جائز أم أنه ينبغي أن أصبر، مع العلم أن موقف والدي لا يحتمل تغييرا أو مراعاة للوضع بأي حال من الأحوال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك الثبات على طريق الهداية والصواب. واعلمي أن حفاظ المرء على دينه غاية ما بعدها غاية، فإذا ما عارضها شيء من أمور الدنيا الزائلة فينبغي أن يضرب به عرض الحائط، بل لا يلتفت إليه أصلا، وإتمام الدراسة لا شك مصلحة، فإن أمكنك أن تتمي الدراسة بطريق لا تتعرضين فيه لهذه الفتن، وذلك كأن تذاكري من البيت مثلا – إذا كان ذلك متاحا – وتستقلي في تنقلك - عند الحاجة - وسيلة مواصلات خاصة تدفع عنك شرور الاختلاط بالرجال ومزاحمتهم، فإن الأولى هو أن تتمي الدراسة، وخصوصا وأنه قد بقي لك منها شيء يسير، بالإضافة إلى ما في ذلك من إسعاد والديك وإدخال السرور عليهما، وأيضا فإنك تعولين في موقفك من عدم إتمامها على تفهم خطيبك لموقفك وموافقته على ذلك، ولكن قد يحدث – لا قدر الله – ما لا يتوقع، فلا يتم عقد الزواج بهذا الرجل، وتصبحين في موقف حرج أمام أهلك. نسأل الله أن يعافيك من هذا كله.
أما إذا تعسر ذلك وكان إتمام الدراسة سيوقعك في الفتن التي لا تقدرين على اتقائها، وسيترتب على ذلك فساد دينك، فلا شك أنه يتعين عليك ترك هذه الدراسة، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
ويمكنك والحالة هذه كما ذكرت استعمال المعاريض في إجابة الناس ووالديك إن هم سألوك عن هذا الأمر، بل ويجوز لك الكذب أيضا إن لم تسعفك المعاريض. قال الإمام النووي: اعلم أن الكذب وإن كان أصله محرما فيجوز في بعض الأحوال بشروط قد أوضحتها في كتاب الأذكار، ومختصر ذلك أن الكلام وسيلة إلى المقاصد، فكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه، وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب، ثم إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحا كان الكذب مباحا، وإن كان واجبا كان الكذب واجبا....إلى آخر كلامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1430(13/2967)
حكم تدريس المدرس مجموعة فتيات أو فتاة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم إعطاء المدرس درسا لمجموعة فتيات وماذا لو كان درسا خاصا بمعنى المدرس يعطي الدرس لفتاة وحدها علما بأن عمر الفتاة مثلا في المرحلة الإعدادية أو الثانوية مع مراعاة الآتي: الدرس يكون فى بيت البنت بحضور أهلها الجالسين بالقرب من ابنتهم والمدرس أثناء الدرس بحيث يراقبون ويسمعون كل كلامهم، كلام المدرس والبنت في حدود الدرس فقط والبنت تخبر والدتها وأهلها بأي شيء أو تصرف حدث في الدرس
البنت تلتزم بالحجاب ولكن تكشف عن الوجه (من الممكن لصغر سنها) ، أعلم أن الأفضل أن تعطي البنت الدرس مدرسة مثلها إذا تيسر ذلك وأيضا فمعظم المدرسات من الصعب أن تاتي إلى بيت أحد وهذا من حقها ومن حق أهلها منعها من الذهاب للبيوت، فهل ما ذكرته أفضل أم تذهب البنت لتأخذ دروسا فى مجموعة خارج المنزل مع وجود الاختلاط وفي الغالب سيكون المدرس رجلا، وأيضا خروج البنت من بيتها كثيراً لحضور الدروس وركوبها المواصلات ونحو ذلك مما تتعرض له الفتاة خارج المنزل، ف نرجو توجيهات حضراتكم والحكم الشرعي في هذه المسألة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن يقوم النساء بالتدريس للفتيات، أما إذا لم يتيسر ذلك فيجوز أن يقوم الرجل بذلك مع مراعاة الضوابط الشرعية.
أما عن سؤالك فيجوز للرجل أن يدرس لمجموعة من الفتيات، إذا أمنت الفتنة وروعيت الضوابط الشرعية، كما هو مبين في الفتوى رقم: 56317.
كما أن تدريس الرجل لفتاة واحدة مع وجود محرم يعتبر جائزاً بالضوابط المبينة في الفتوى رقم: 54191.. وهو في حالتكم أولى من ذهاب الفتاة للدرس في مجموعة مختلطة لما يشتمل عليه ذلك الاختلاط، وركوب المواصلات في الغالب من الأمور المحرمة والتعرض للفتن، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 75848.
وننبه السائل إلى أن قوله إن الفتاة تكشف وجهها، لصغر سنها ليس صحيحاً، فإن من تكون في المرحلة الإعدادية أو الثانوية غالباً تكون بالغة، فلا تكون صغيرة، بل إنها في هذه السن أولى بالستر والبعد عن الفتن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1430(13/2968)
النظر إلى الراقصات
[السُّؤَالُ]
ـ[أود سؤال فضيلتكم: زوجي دائما ينظر إلى الرقص الخليع بالانترنت، كيف أبعده عن النظر إلى مثل هذه الأشياء؟ علما بأنني قلت له إنني سأتعلم الرقص لأجل أن أرقص له فرفض، وهو لا ينظر للرقص بوجودي مع الأسف هو ينظر إليهن عندما أذهب لبيت أهلي، فيقعد على النت وينظر للراقصات الخليعات، ماذا أفعل علما بأنه حج هذه السنة، وأملت أنه سيبتعد عن النظر للحرام لكن مع الأسف لم يتغير شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يفعله زوجك من مشاهدة الراقصات، أمر محرم وفعل منكر وسلوك منحرف، يؤدي إلى البعد عن الله، وفساد القلب وقسوته، أما رقصك له في البيت، فهو جائز إذا كنتما منفردين وخلا عن المخالفات الشرعية، كالموسيقى ونحوها. والذي نوصيك به هو أن تنصحيه وتذكريه باطلاع الله عليه، وهو يشاهد تلك المنكرات وتخوفيه من سخط الله عليه، بسبب ذلك، وتشجعيه على حضور مجالس العلم، ومصاحبة الصالحين، واستماع الأشرطة النافعة للدعاة المصلحين.
مع التنبيه على أنه لا يجوز لك التقصير في حق الزوج، فإن حقه في الشرع عظيم، لا سيما في حق الفراش، كما أن حسن التبعل له مما يعين على قبوله لنصحك، ورده إلى الصواب. وعليك أن تستعيني بالله وتكثري من الدعاء فإن الله قريب مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1430(13/2969)
رغبة هذا الشاب في زواجك لا يبرر اقتراف الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحب شابا وهو يحبني كثيراً، ولكن الوضع لا يسمح لنا بالزواج الآن، وأنا متأكدة أنه يريد أن يتزوجني ولكن للأسف قمنا بالمعاشرة أكثر من مرة، ولكني مازلت بنتا، وكل هذا من الخارج، ولكني لا أعرف ما هو حكم هذا الفعل، وكل مرة نقول هذا لن نفعله مرة أخرى، ولكن للأسف يتكرر حتى ولو بعد فترة كبيرة، ولكني لا أعرف أن أبعد عنه، ونفسي نبعد عن الموضوع هذا، وآخذ أيضاً ثوابا أني أبعده عنه، لكني لا أريد أن أبعد وأتركه يفعل أي شيء غلط؛ لأنه تغير كثيراً وهو معي، ولكنه يريد حجة ويقول ما هو الحكم في ذلك لكي أساعد نفسي وأساعده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم ما يعرف بعلاقة الحب قبل الزواج بين الشباب والفتيات، وأن ذلك أمر محرم ومناف لأخلاق الإسلام، وانظري لذلك الفتوى رقم: 60926.
أما عن سؤالك.. فإن رغبة هذا الشاب في زواجك لا يبرر لك ما وقعت فيه من الحرام، فإن ما ذكرته، وإن كان لم يصل إلى الزنا الذي يوجب الحد، لكنه إثم كبير وفعل قبيح وتعد لحدود الله ... ونحن ننصح السائلة بالتوبة إلى الله مما اقترفت، وذلك بالإقلاع عن الذنب واستشعار الندم على الوقوع فيه، والإحساس بالحياء من الله الذي سترك بحلمه فلم يفضحك في الدنيا، وأتاح لك فرصة التوبة قبل أن يفجأك الموت، ثم بالعزم الصادق على عدم العودة لهذا الذنب، فعليك أن تبتعدي عن هذا الشاب تماماً، وتقطعي كل علاقة به، ولا يغرنك الشيطان بأنك تريدين أن تأخذي بيده وتعينيه على البعد عن المعاصي.. فذلك من مداخل الشيطان، وإنما عليك النجاة بنفسك بالتوبة الصادقة مع الحرص على التزام الحجاب والتخلق بالحياء وتجنب رفيقات السوء، مع الاستعانة بالله والتوكل عليه، والإكثار من الأعمال الصالحة والحرص على تعلم أمور الدين اللازمة، وتقوية الصلة بالله مع سترك على نفسك.
فلا ينبغي أن تذكري هذا الذنب لأحد، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1430(13/2970)
خطورة العشق وخطواته وكيفية علاجه
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أعرف أن عشيقتي تكذب علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعشق الأجنبية حرام وهو -والعياذ بالله- باب عظيم لفساد القلب وصده عن ذكر الله وعن الصلاة، بل إن قلوب العشاق هي أبعد القلوب من الله جل وعلا.
قال ابن القيم رحمه الله: فأبعد القلوب من الله قلوب عشاق الصور، وإذا بعد القلب من الله طرقته الآفات من كل ناحية فإن الشيطان يتولاه ومن تولاه عدوه واستولى عليه لم يأله وبالاً ولم يدع أذى يمكنه إيصاله إليه إلا أوصله. انتهى.
ولا يقتصر ضرر العشق على إفساد الدين بل إذا تمادى فإنه يغتال العقل ويضيع الذهن ويفسد سائر مصالح الدنيا.
قال ابن القيم: فليس شيء أضيع لمصالح الدين والدنيا من عشق الصور، أما مصالح الدين فإنها منوطة بلم شعث القلب وإقباله على الله وعشق الصور أعظم شيئاً تشعيثاً وتشتيتاً له، وأما مصالح الدنيا فهي تابعة في الحقيقة لمصالح الدين فمن انفرطت عليه مصالح دينه وضاعت عليه فمصالح دنياه أضيع وأضيع. انتهى.
وقال أيضاً: أنه إذا تمكن من القلب واستحكم وقوي سلطانه أفسد الذهن وأحدث الوساوس وربما التحق صاحبه بالمجانين الذين فسدت عقولهم فلا ينتفعون بها وأخبار العشاق في ذلك موجودة في مواضعها بل بعضها يشاهد بالعيان وأشرف ما في الإنسان عقله وبه يتميز عن سائر الحيوانات فإذا عدم عقله التحق بالبهائم بل ربما كان حال الحيوان أصلح من حاله وهل أذهب عقل مجنون ليلى وأضرابه إلا العشق وربما زاد جنونه على جنون غيره. انتهى.
ولا يزال الشيطان بالعاشق يغويه ويغريه ويزين له الشر حتى يوقعه في الشرك بالله جل وعلا، وهذا نوع خفي من أنواع الشرك قد لا يتفطن له كثير من الناس وقد حذر العلماء رحمهم الله من هذا النوع من الشرك.
قال ابن القيم رحمه الله في الجواب الكافي: وهو -أي العشق- تارة يكون كفراً لمن اتخذ معشوقه ندا يحبه كما يحب الله فكيف إذا كانت محبته أعظم من محبة الله في قلبه فهذا عشق لا يغفر لصاحبه، فإنه من أعظم الشرك والله لا يغفر أن يشرك به وإنما يغفر بالتوبة الماحية ما دون ذلك، وعلامة هذا العشق الشركي الكفري أن يقدم العاشق رضاء معشوقه على رضاء ربه وإذا تعارض عنده حق معشوقه وحقه وحق ربه وطاعته قدم حق معشوقه على حق ربه وآثر رضاه على رضاه وبذل لمعشوقه أنفس ما يقدر عليه وبذل لربه إن بذل أردى ما عنده واستفرغ وسعه في مرضات معشوقه وطاعته والتقرب إليه وجعل لربه إن أطاعه الفضلة التي تفضل عن معشوقه من ساعاته فتأمل حال أكثر عشاق الصور هل تجدها مطابقة لذلك ثم ضع حالهم في كفة وتوحيدهم في كفة وإيمانهم في كفة ثم زن وزناً يرضي الله ورسوله ويطابق العدل وربما صرح العاشق منهم بأن وصل معشوقه أحب إليه من توحيد ربه. انتهى.
فسارع رحمك الله بالخروج من هذا المستنقع الآسن وأقبل على مولاك سبحانه، وسله أن يشفيك ويعافيك من هذا الداء العضال، واستعن على ذلك بكثرة الصلاة والذكر فإنهما حرز للمرء أيما حرز من مقارفة الفواحش والمنكرات، قال سبحانه: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ {العنكبوت:45} .
جاء في تفسير البغوي: وقال عطاء في قوله: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر. قال: ولذكر الله أكبر من أن تبقى معه معصية. انتهى.
وجاء في الحديث أن يحيى بن زكريا قال لبني إسرائيل: وآمركم بذكر الله كثيراً ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعاً في أثره فأتى حصنا حصيناً فأحرز نفسه فيه وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
أما بخصوص ما تسأل عليه من كذب عشيقتك فلا تشغل نفسك به ولا عليك إن كانت صادقة أو كاذبة، فإنك ما أرسلت عليها حفيظاً ولا وكيلاً، ولا كلفك ربك بذلك وإنما كلفك بترك المعاصي ومنها الخلوة بالأجنبية والتعلق بها والنظر إليها.. نسأل الله أن يجمع قلبك وعقلك على طاعته ومرضاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1430(13/2971)
حكم الاتصال بالخطيبة فترة الخطوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله.. أطلب من سيادتكم الإيضاح وبالتفصيل فى هذه المسألة ولكم الأجر ... أنا خاطب وأعاني مشاكل كثيرة ومنها كيفية التعامل مع خطيبتي، الأسرة عندي لا تحدد هدفا وهو التعجيل في زواجي بسب أني أصغر إخوتي والإخوة غير معترضين على هذا والله أعلم، وأهم مسألة كيفية التعامل مع خطيبتي، وأنها تتوهم أن المكالمات التليفونية هي التي تصبرها على مدة الخطوبة وهي للأسف 3سنوات لأسباب الجيش ولأنني عاطل لأني منتظر الجيش لأنني كنت فى كلية التربية، والأسرة عندها لا مبالاة وأنا جاد في هذه المسألة وأريد الحلال الطيب واسألكم الدعاء لي ولعامة المسلمين ومتأسف للإطالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فالخاطب أجنبي عن مخطوبته، فلا يحل له النظر إليها ولا الخلوة بها، ولا أن تحدثه بالهاتف بمفردها دون حاجة ولا ما وراء ذلك، بل هو كغيره من الرجال الأجانب حتى يتم عقد النكاح، وإنما أباح الشارع له أن ينظر إلى من يريد خطبتها أول الأمر ليكون ذلك مرغباً له في نكاحها ومعرفاً له بصفاتها، وهذا إنما يكون مرة واحدة أو مرتين عند الحاجة..
فالواجب عليك أيها السائل بعد أن حصل الركون من كليكما لصاحبه أن تقطع كل اتصالاتك بخطيبتك هذه تماماً إلى أن يتم عقد النكاح إلا أن يكون هناك حاجة للكلام فلا بأس بالحديث حينئذ مع مراعاة الضوابط الشرعية، ثم إن كنت تحتاج للنكاح وتخشى على نفسك وتقدر مع ذلك على تكاليف الزواج فأعلم أهلك بذلك فإن استجابوا لك وإلا فأتممه دونهم لأنه حينئذ يكون فرضاً متحتماً عليك.
قال ابن قدامة في المغني: والناس في النكاح على ثلاثة أضرب، منهم من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح، فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء، لأنه يلزمه إعفاف نفسه، وصونها عن الحرام، وطريقة النكاح. انتهى.
ولا يضرك في هذه الحال كونك لا تعمل أو ليس لك مصدر رزق في المستقبل، كل ما عليك هو أن تأخذ بأسباب الرزق والله هو الرزاق ذو القوة المتين.
جاء في المغني: وظاهر كلام أحمد أنه لا فرق بين القادر على الإنفاق والعاجز عنه، قال: ينبغي للرجل أن يتزوج، فإن كان عنده ما ينفق أنفق، وإن لم يكن عنده صبر، ولو تزوج بشر كان قد تم أمره. واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبح وما عندهم شيء، ويمسي وما عندهم شيء. وأن النبي صلى الله عليه وسلم زوج رجلاً لم يقدر على خاتم حديد، ولا وجد إلا إزاره ولم يكن له رداء. أخرجه البخاري قال أحمد في رجل قليل الكسب، يضعف قلبه عن العيال: الله يرزقهم، التزويج أحصن له، ربما أتى عليه وقت لا يملك قلبه. وهذا في حق من يمكنه التزويج، فأما من لا يمكنه، فقد قال الله تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ. انتهى.
أما إن كنت لا تقدر على تكاليف الزواج فعليك بالصبر حتى يغنيك الله من فضله، فإذا حصلت تكاليفه فبادر إليه، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 60902، والفتوى رقم: 67262.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1430(13/2972)
حكم حديث الرجل مع المرأة بغير حاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أنا أدخل غرفة صوتية إسلامية، وهناك كثير من الإخوان والأخوات.. وممنوع الاسترسال بين الجنسين.. لكن في أوقات الصباح تأتي أخت وأخ وهم من المشرفين للأسف يتكلمون في مواضيع عادية عن الأهل وكذا طبعا الغرفة تكون فيها زوار، لكن في حالة غير موجود. هل هذا حرام؟ أو يجب علي نصحهم؟ علماً بأنهم يكرهونني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم المحادثة بين الرجال والنساء الأجانب في غرف الدردشة، وضوابط ذلك في الفتاوى أرقام: 115112، 30548، 45827.
أما عن سؤالك.. فحديث هذا الرجل مع المرأة بغير حاجة غير جائز، ويجب عليك أن تنصحهم بالمعروف إذا لم يترتب على ذلك مفسدة.
أما قولك إنهم يكرهونك، فإن كان ذلك بسبب منك كغلظة في الكلام أو نحو ذلك، فينبغي أن تتجنب ذلك وتتحلى بحسن الخلق. وأما إن كانت كراهيتهم لك لغير مسوغ شرعي أو لأنك تنهى عن المنكر، فإن ذلك لا يسقط عنك هذا الفرض، وعليك أن تنتهج النهج السديد وتتخذ الأسلوب المناسب لذلك، ولن يضرك كرههم لك شيئا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1430(13/2973)
حكم الاطلاع على صور لأوضاع الجماع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مشاهدة صور لأوضاع الجماع (للاطلاع عليها في مواقع الكترونية دون طباعتها) وتكون مرسومة سواء باليد أو بالكمبيوتر، ولا تكون موضحة لتفاصيل المرسومين فيها وقراءة ما يصاحبها من وصف لبعض طرق التعامل في هذا المجال بين الزوجين (وذلك على العموم وليس وصفا لحالة أشخاص معينين حتى لا تكون من باب إفشاء الأسرار الزوجية) علما بأني متزوج، ولا أريد من وراء ذلك إلا إدخال التجديد والبهجة وزيادة الإعفاف على حياتي الزوجية فقط أنا وزوجتي مع الاحتراز من وصولها لأيدي الآخرين ممن لم يتزوجوا (برجاء التوضيح فقد قلتم فضيلتكم من قبل إنها من دواعي الفتنه فهل ذلك للكل الأعزب والمتزوج على حد سواء) وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز النظر إلى صور الجماع، ويستوي في ذلك المتزوج وغير المتزوج، لأن الأصل حرمة النظر إلى العورات، قال الله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30} .
ولا يباح ذلك إلا عند الضرورة أو الحاجة المعتبرة، وليس فيما ذكرت من الرغبة في تعلم بعض فنون المعاشرة الزوجية ضرورة أو حاجة معتبرة، لأن تعلم تلك الفنون ممكن بطرق أخرى مشروعة، كقراءة الكتب والأبحاث التي تتناول هذه الأمور في إطار الضوابط الشرعية. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 36917 والفتوى رقم: 44216.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1430(13/2974)
صديق زوجها يحاول إفساد حياتها بعد امتناعها عن مكالمته
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ...
مشكلتي أن هناك صديقأ لزوجي كان يحاول التكلم معي ولكني رفضت ثم دخل من مدخل أنه يريد مني أن أساعده من أجل نجاح حياته الزوجية، وللعلم نحن في الغربة وأنه يريد أن تتحسن عبادته، فقلت له اسأل زوجي يمكن أن يساعدك قال لي لا أقدر، ورأيت فيك الأخت الصالحة فسألت شيخا فقال لي يمكن في حدود الأدب ولكن لم يلتزم بأدبه فلم أعد أتكلم معه فهددني أنه سوف يحاول تخريب حياتي وأنه يستطيع تركيب أحاديث، والآن هو يبعث برسائل لزوجي وأصدقائه بكلام وسخ عني واستطاع أن يسرق ايميل زوجي وطبعا زوجي على علم أنه حاول التكلم معي ولكن لا يعرف أنني في بادئ الأمر تكلمت معه ولكن تكلمت لكي يبعد عني وهو يقول إن لديه تسجيلا لمكالمات تثبت أنني على علاقة معه وهو يقول إنه سوف يدفعني الثمن غاليا وكل الرسائل يرسلها باسم مزيف فهل يجوز أن أحلف أنني لم أتكلم معه أبدا ومع العلم أن زوجي معي ولكن إذا حاول أن يبعث المكالمات المسجلة المزيفة أنجدني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإنسان في مثل هذه المواقف ليزداد يقينا بعظمة الشريعة المطهرة وقدسية أحكامها التي شددت في أمر التعامل بين الرجال والنساء الأجنبيات، وهذا من أكبر الأدلة وأعظم البراهين على أنها من لدن الحكيم الخبير جل في علاه، فما كنت –أيتها السائلة - لتتعرضي لمثل هذا الموقف لو أنك قطعت العلاقة من بدايتها مع هذا الإنسان الفاجر الذي لا يخشى ربه ولا يرعى حدوده وحرماته، ولو كنت فعلت ذلك لانحسم الشر وكبت الشيطان ورجع مذموما مخذولا.
ونحن لا نعرف المفتي الذي أفتاك بالجواز في حدود الأدب ولا ظروف الفتوى ولكن الذي نعلمه يقينا أنه لا يجوز لك أن تقدمي على ما فعلت بدون إذن زوجك وعلمه، فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تكلم النساء إلا بإذن أزواجهن. أخرجه الطبراني وصححه الألباني.
جاء في فيض القدير: نهى أن تكلم النساء إلا بإذن أزواجهن. لأنه مظنة الوقوع في الفاحشة بتسويل الشيطان ومفهومه الجواز بإذنه وحمله الولي العراقي على ما إذا انتفت مع ذلك الخلوة المحرمة والكلام في رجال غير محارم. انتهى.
ولكن أما وقد حدث ما حدث فعليك أن تقطعي كل علاقة لك بهذا الرجل، ومهما هددك فأعرضي عنه ولا تردي عليه في هاتف ولا غيره بل الأفضل أن تغيري أرقام هواتفك وعناوينك الإلكترونية حتى لا يجد إليك سبيلا, واعتصمي بالله وتوبي إليه مما حدث منك فإنه سبحانه يدافع عن المؤمنين ويدفع عنهم غوائل الفجار وشرورهم.
أما بخصوص ما سألت عنه فيما إذا واجهك زوجك بهذا ولم يكن هناك مخرج إلا بالحلف على أنك لم تتحدثي معه فإنه لا حرج عليك حينئذ في الحلف إن شاء الله، طالما تعين طريقا لنجاتك وحفظ أسرتك من التشتت والأذى، وعليك أن تستعملي المعاريض في الحلف كأن تحلفي مثلا أنك لم تحدثيه أبدا وقصدك أنك لم تحدثيه هذه الساعة أو هذه اللحظة ونحو ذلك، مع الأخذ في الاعتبار أن مثل هذا الفعل وهو الحلف كذبا لا يجوز إلا عند الضرورة أو الحاجة الشديدة.
لكننا نرى أن الحلف قد لا يكون مجديا في ظل هذه الظروف ذلك أن الشخص إذا أرسل لزوجك هذه المكالمات حتى ولو كانت مزيفة فإنها ستثبت بقدر ما أنك قد تحدثت معه فيصير لا معنى للحلف هنا بل إن الحلف قد يزيد الزوج شكا وريبة حينئذ لذا فقد يكون من الأفضل أن تصارحي زوجك ببعض ما كان منك من حديث مع هذا الرجل ثم تعلميه أنه حينما لم يلتزم الأدب قطعت علاقتك به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1430(13/2975)
مقدمات الزنا من أكبر الدواعي للوقوع فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق تقدم لابنة عمه وكان الجميع يعرفهم بأنهم على قصة حب طاهرة، وتقدم لابنة عمه إلا أن هنالك بعض المشاكل بين الأسرتين مما أدى إلى رفض طلبه، ولذلك سافر إلى دولة خليجية وهو غارق في التفكير في بنت عمه، وما سببه ذلك الأمر من آلام، فتعرف على إحدى الفتيات التي تعمل معه وأصبح ينام معها نعم ينام معها والعياذ بالله دون أي عقد أو شيء، وأخبرني صراحة أنهم يتبادلون القبل والأحضان، لكن بدون أن يزني بها، فنصحته أن يترك ذلك، وذكرته بمراقبة الله له وما إلى ذلك من نصح، ولكنه قال لي يعلم أنه مخطئ وطلب مني أن أسأل الله له الهداية، ماذا أستطيع أن أفعل له فهو صديقي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يعرف بعلاقة الحب بين الشباب والفتيات هو أمر لا يقره الشرع، ولا ترضاه أخلاق الإسلام، والمشروع في الإسلام أن الرجل إذا تعلق قلبه بامرأة، يخطبها من وليها الشرعي ليتزوجها، وتظل أجنبية عنه حتى يعقد عليها.
وما يفعله هذا الشاب هو إثم كبير وفعل قبيح، واعتداء على حرمات الله، كما إن إخباره لك بذلك هو إثم آخر، لأنه مجاهرة بالذنب، والواجب على المسلم إذا وقع في ذنب أن يستر على نفسه ولا يجاهر به، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه.
والواجب عليك أن تنصحه بالتوبة إلى الله، وذلك بالإقلاع عن الذنب، والندم على الوقوع فيه، والعزم الصادق على عدم العودة لهذا الذنب، وذلك بالبعد التام عن مقدماته ودواعيه، وعدم مجاراة الشيطان في خطواته، وتوصيه بالحرص على تعلم أمور الدين، واختيار الرفقة الصالحة التي تعين على الخير، والمبادرة بالزواج عند الاستطاعة، فإن أصر على ارتكاب المعاصي، فينبغي أن تترك صحبته، فعن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1430(13/2976)
حكم اتصال الفتى بأجنبية عنه للاطمئنان عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب بالفرقة الرابعة بكلية التجارة أعجبت بفتاة وصارحتني بإعجابها بي فتكلمنا بالهاتف فقط ولم نتكلم وجها لوجه وتعلقت بها وتعلقت بي أحببتها في الله كنت أدعوها للدعاء والصلاة وغيرها وهي أيضا لكني في يوم لم يعجبني الأمر أحسست بأنا كالسارقين نسرق لحظات لنتكلم وأدركت ان هذا لا يرضي الله فقررت البعد فكلمتها وقررنا البعد مرضاة لله وفعلنا وقد مرت أيام عصيبة ولكنها مرت ورجعنا لله والبعد، بسبب الظروف عندي لن أقدر علي الارتباط بها إلا بعد سنوات الله أعلم بها حيث إني أنا الصغير 20 عاما وأخي الكبير 24والأكبر 26 وكلاهما لم يرتبط بعد بسبب تأخر العمل، السؤال أعرف أن هذا صواب وهذا طريق الله فهل لي أن أطمئن عليها لأننا في الامتحانات وهذا سيريحنا نسبيا وكلمتني أختها وقالت اطمئن عليها ولو بعد الامتحانات فقط لتستريح فهل لي ذلك؟ ماذا أفعل؟ أنا لم أتكلم مع بنات قط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت وفقك الله في قطع علاقتك بتلك الفتاة، فإن إقامة علاقة مع فتاة أجنبية سواء كانت مواجهة أو عبر الهاتف، أمر لا يقبله الشرع، ولا يبرر تلك العلاقة كونها من الحب في الله أو الدعوة إلى الله، فذلك تلبيس ومدخل من مداخل الشيطان، وإنما المشروع في الإسلام أن الرجل إذا تعلق قلبه بامرأة، يخطبها من وليها الشرعي، ثم تظل أجنبية عنه حتى يعقد عليها، ولا شك أن الكلام بين الشاب والفتاة الأجنبية لغير حاجة معتبرة شرعاً من أبواب الفتنة، وليس من الحاجة المعتبرة شرعاً أن تتصل بها للاطمئنان عليها، وهي أجنبية لا تربطك بها علاقة شرعية، وعليك أن تجاهد نفسك، ولا تتبع خطوات الشيطان، وعليك بالانشغال بما ينفعك في دينك ودنياك، حتى إذا كنت قادراً على الزواج، تتقدم لخطبة تلك الفتاة إن كانت على دين وخلق، وإلا ففي اختيار ذات الدين سعادة الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1430(13/2977)
أدب المرأة حين تظهر إمام إخوة زوجها وحين تحادثهم
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي بعض الأسئلة أود من فضيلتكم الإجابة عليها، السؤال الأول: أنا امرأة متزوجة، وأعيش مع أهل زوجي ولديه إخوة كبار، ولكن ليسوا متزوجين، فلقد حصل خلاف بيني وبين إحدى إخوانه وهو الآن لا يكلمني، مع العلم أنني لم أخطئ بحقه، وهو مع الأسف لا يحترم أحداً في البيت حتى والديه، سؤالي هل علي إثم لأنني لا أكلمه، فأنا مرتاحة ونحن متخاصمان لأنني الآن لا أجد ما يزعجني منه، وأريد من فضيلتكم أن توضحوا كيف يجب أن يكون اللباس أمام إخوة زوجي؟ وهل هو حرام إن وضعت زينة على وجهي ورأوني، فأرجو من فضيلتكم أن توضحوا لي وأيضا تنصحونني، وجزاكم الله خير الجزاء، وسامحوني فلقد أطلت عليكم، بحثت ولم أجد الإجابه بالمواقع التي وضعت للبحث، فأرجو أن تجيبوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة ينبغي أن تكون على غاية الحيطة والحذر في علاقتها بإخوة زوجها وبأقاربه الذكور عموماً، فقد قال الصادق المصدوق والناصح الأمين صلى الله عليه وسلم: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. متفق عليه.
قال النووي: المراد في الحديث أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه، لأنهم محارم للزوجة يجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت. قال: وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابن العم وابن الأخت ونحوهم مما يحل لها تزويجه لو لم تكن متزوجة، وجرت العادة بالتساهل فيه فيخلو الأخ بامرأة أخيه فشبهه بالموت وهو أولى بالمنع من الأجنبي. انتهى.
وبهذا يتبين أنه لا يجوز لك أن تظهري أمام إخوة زوجك إلا وأنت في كامل حجابك الشرعي الذي تقابلين به الأجانب، فهم أجانب بالنسبة لك، لا يجوز لك الخلوة بأحد منهم، ولا السفر معه، ولا الحديث معه بدون حاجة، فإذا وجدت حاجة للحديث فلا بأس بشرط أن يكون بقدر ما تنقضي به الحاجة، وأن تراعي فيه الآداب الشرعية من عدم الخلوة والخضوع بالقول، ولا بد في ذلك كله من التزام الحجاب الشرعي.
وأما بخصوص هجرك لأخي زوجك، فإن كان هذا الشخص معروفاً ببغيه وعدوانه وعدم احترام أهل البيت كما ذكرت، وتكررت منه الإهانات، وكان هجرانه أسلم لك في دينك ودنياك، فلا حرج عليك حينئذ في مقاطعته، ولتجعلي هذه المقاطعة لله وفي الله، جزاء لإيذائه للمسلمين، واجترائه على أرحامه وإساءة الأدب معهم، قال ابن عبد البر رحمه الله: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه. فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 57649، 61859، 3819.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1430(13/2978)
الحب بين الجنسين في الشرع واللجوء للتورية عند الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مصري أبلغ من العمر 20 عاما, طالب بكلية الهندسة في السنة الثالثة, وسأتخرج بإذن الله بعد سنتين، عندما كنت طالبا في المرحلة الثانوية كانت مدرستي مختلطة وكان فصلي مختلطا.. مال قلبي إلى إحدى الفتيات فقررت أن أتقدم إليها.. كانت هذه الفتاة معي في الفصل فتمنيتها زوجة لي، لمحت لها في السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية بأني سوف أتقدم لخطبتها إن شاء الله مضت إجازة الصيف وبدأ أول عام جامعي في حياتي وقررت أن أتصل بها وأذهب إلى كليتها (فهى في كلية الصيدلة) وبدأت أوضح لها ما أنوي فعله بإذن الله بمجرد انتهاء هذه السنة سوف أتقدم لخطبتها، تناقشت مع أهلى طويلاً جداً لأنهم كانوا يرون أني مازلت صغيراً وأنه يبقى الكثير من الوقت لكي أتخرج وأحصل على وظيفة، فأنا مازلت في أول سنة جامعية.. وكانو يرون أن نستمر مع بعض هكذا وأتقدم لخطبتها بعد سنتين.. ولكن بعد إصرار شديد مني وافقوا والحمد لله.. جاء الموعد وانتهت السنة الدراسية وجاءت إجازة الصيف وبعد ظهور النتيجة مباشرة طلبت منها أن تقول لوالدها أني سوف آتي لخطبتها.. وقلت لها أن توضح له ظروفي بأني مازلت طالبا ولكن لدي شقة والدي أعطاها لي لكي أتزوج فيها بمجرد الانتهاء من دراستي, وأني عجلت بهذا الأمر لكي تكون علاقتنا صحيحة فما دمت ناويا الخير فما المانع أن أتقدم الآن.. قابلت والدها فلم يراع أي شيء حتى لم يراع صغر سني ولم يراع أني لم أصبر لكي أتخرج وأتقدم لها.. فأنا كنت أريد أن أفعل الصواب (فهو فهم من ذلك أني لم أتقدم لها لأني أريدها ولكني تقدمت إليها لأني استحرمت أن أكون عرفتها وتركتها ولم أخطبها) ، فبداية اللقاء غضب لأني كنت أذهب إلي كليتها وأتكلم معها, وما توصل إليه من شروط لكي يوافق على خطوبتنا وزواجنا الآتي: أن آتي بشبكة تليق بمهندس ودكتورة (ولا أعلم كم يبلغ ثمنها فقد تكون 10000 أو 15000 ولكن لا أملك هذا المبلغ) ، وأن تكون الشقة التي جعلها والدي لي بعقد موثق لي (حتى لا تصبح ميراثا إذا توفى أبي) ، فهو لا يثق أن والدي أعطاها لي مع أن والدي بنفسه قال له أنا أعطيتها لابني, والشرط الثالث هو: أن الخطوبة لا تكون هذه السنة ولكن بعد سنة وعلي أن لا أتصل بها أو أذهب إليها في الكلية.
فقلت لوالدي ما قاله فقال لي إن هذا المبلغ كبير وهو ليس لديه دافع لكي يخطب لابنه الآن فهو ما زال صغيراً, ظل الوضع هكذا عندما بدأ العام الثاني لم أستطع أن لا أذهب إليها في كليتها وأفاتحها في ما قاله والدها, وهل هي ستنتظرني كل هذه السنين لكي أحصل على هذا المال أم أنها ستوافق على أحد غيري فأقسمت أنها تريديني وأنها لا تريد أحداً غيري وأنها غير مقتنعة بما قاله والدها.. ومرت الأيام وكنت على اتصال بها وجاءت إجازة الصيف ومرض والدي مرضا شديداً جعله يذهب للمستشفي وظل بها تقريبا شهرا أو أكثر, ولم أستطع أن أفاتحه في موضوع خطوبتي وأنه جاء الموعد الذي حدده لنا والدها، وفي بداية العام الثالث لم أستطع أن أتحمل وكان لا بد أن أجد حلاً لهذا الموضوع فتكلمت مع والدي مرة ثانية في موضوع الشبكة والشقة والحمد لله وافق أن يعطيني ثمن الشبكة ويكتب الشقة باسمي، وها أنا الآن مستعد أن أذهب إلى والدها لأني قمت بتحقيق ما طلبه ولكن يبقى شرط لم أنفذه وهو أني ذهبت إليها الكلية وكنت على اتصال بها، أقسم لك يا شيخ أني أرى في تلك الفتاة كل المواصفات التي حث عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم, فهى والحمد لله ملتزمة في كلامها وملابسها فحجابها الحجاب الشرعي والحمد لله حافظة لكتاب الله فهي حافظة لعشرة أجزاء ومستمرة في الحفظ وتنوي أنه بمجرد انتهائها من دراستها أن تكون أتمت حفظه وقامت بتحفيظه للآخرين وهي من أسرة طيبة.. فهل يعاب الإنسان المسلم إذا أراد أن يحصل على خير متاع الدنيا كما وصفة صلى الله عليه وسلم عندما قال: الدٌنيَا مَتَاع وَخَيرٌ مَتَاعٌهَا الزَوجَةُ الصَالِحَة. وقال أيضا: تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ. فأنا أريدها بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى زوجة لذلك سعيت بكل الطرق أن تكون لي وحدي، إن علم والدها أني ذهبت إلى كليتها أو اتصلت بها فسوف لا يوافق على هذا الزواج أبداً مهما حدث، فالذي يؤلمني ماذا أفعل لو سألني هل ذهبت إليها أو اتصلت بها, فهل يجوز لي أن أكذب ولو اضطرني للحلف فهل أحلف كذبا أم أني سأقع في اليمين الغموس، وإن كان يجوز لي أن أكذب عليه، فهل يكون زاوجنا صحيحا أم لا لأنه وافق على أساس أني لم أرها أو أتصل بها, وإن اضطرني للحلف فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يعرف بعلاقة الحب بين الشباب والفتيات هو أمر لا يقره الشرع، ولا ترضاه أخلاق الإسلام، وإنما المشروع في الإسلام أن الرجل إذا تعلق قلبه بامرأة، يخطبها من وليها الشرعي، ثم تظل أجنبية عنه حتى يعقد عليها، أما عن سؤالك فإنك قد أخطأت بذهابك لتلك الفتاة وكلامك معها، فالكلام مع الأجنبية إنما يجوز عند الحاجة المعتبرة شرعاً، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 21582.
وأما عن الكذب على والدها في ذلك فلا شك أن الكذب حرام وهو من أقبح الأخلاق ولا يجوز إلا في أحوال معينة فراجع في ذلك الفتوى رقم: 39152.
ويمكنك عند الحاجة استعمال التورية والتعريض دون الكذب الصريح، بأن تقول كلاماً يحتمل أكثر من معنى ويفهم منه الوالد أنك لم تكلمها، كما لو قلت له: لم أكلمها وتنوي أنك لم تكلمها بالأمس، أو في وقت لم تكلمها فيه..
وأما عن صحة الزواج فلا أثر للكذب في هذا الأمر وإنما يصح الزواج بمجرد تحقق شروطه وأركانه المبينة في الفتوى رقم: 5962.
وننبه السائل إلى أن الخاطب حكمه حكم الأجنبي عن المرأة التي يعقد عليها، ولمعرفة حدود تعامل الخاطب مع المخطوبة يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 15127.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1430(13/2979)
ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 25 سنة سأنهي دراستي الجامعية خلال عام ملتزم دينيا وأصلي وأصوم وأقرأ القرآن وأستمع إليه وأحب جدا الثقافة في كل شيء والتثقف، والعلم أكثر ما يستهويني على الرغم من قلة الدين في بلدي وكنت مدمنا على مشاهدة الأفلام الجنسية وبعد فترة من الثبات وتكرار الدعاء وصلت إلى التحكم والسيطرة على نفسي حيث أصبحت أستطيع التحكم بغريزتي وأكبحها
ولكن ما حدث ويحدث معي هو أني فقير ومستحيل أن أتزوج قبل التخرج وخدمة العلم والعمل لتأمين المال، لم أقم بعلاقة مطلقا لا عاطفية ولا حب ولا جنس مع أنها استهوتني جدا منذ مراهقتي وحتى فترة دراستي الجامعية..الذي حدث معي متأخرا أن أحسست بإحباط ذكورتي وقتلها في نفسي وأصبح الشباب والبنات وحتى عائلتي تشك في ذكورتي لأني غير منجذب جدا للحرام بمطلقه وهو من امتنان الله علي الحمد له مع أني أملك ذكورة قوية جدا وهذا ما دعاني مؤخرا بسبب ما يحدث معي إلى مشاهدة الأفلام الإباحية والتحرش بالنساء لأثبت للجميع بأني سليم ولا أشكو من أي نقض بذكورتي مع أني أصلي وملتزم جدا، وأعلم أنه حرام وأستطيع كبح جماع نفسي ولكن لأثبت ذكورتي للآخرين حتى نظرات البنات في الجامعة معي يحسبوني أني شاذ لأني لا أقيم أي علاقات ونظراتهم تقتلني وأنا مسلم أنا مسلم أنا مسلم....أخاف الله ودائما أبكي خشية منه ... وأعلم علم اليقين أن الحياة رحلة مسيرة ونحن فيها مخيرون ... وأعلم أن الشيطان يستهوي ابن آدم، وأعلم أن الله يحبني وأنا أحبه، وأعلم أني شاب ولكن ماذا أفعل حتى صرت أسرح في خيالي بأن سافر وألتزم بالدين وأترك الحياة ... قرأت كتاب الله وعلمت ما فيه من حلال وحرام فكيف أقوم بالحرام لأثبت ذكورتي أم أحبس نفسي في غرفتي إلى متى، أرجو أن تصل فكرتي تماما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد من الله عليك بالاستقامة والتوبة من مشاهدة ما يغضب الله، فما كان لك أن تلتفت إلى نظرات المفسدين ووساوس الشياطين، وإنما ينبغي للمؤمن أن يكون مستمسكاً بدينه معتزاً به، حذِراً من مداخل الشيطان ومتابعة المسرفين، قال تعالى: وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ {الشعراء: 151} .
فينبغي أن تكون همتك خشية الله، وغايتك مرضاته، وليس ذلك بأن تترك الحياة كما ذكرت، وإنما ذلك بقوة الإيمان واعتزال مجالس الغفلة ومجتمعات المعاصي.
والواجب عليك أن تتوب مما فعلت من مشاهدة ما حرّم الله والتحرش بالنساء، وذلك بالإقلاع عن ذلك والندم على الوقوع فيه والعزم الصادق على عدم العود، وإلى أن يتيسر لك الزواج فإن عليك أن تصبر وتسلك طريق العفة والاستقامة، قال تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ {النور:33} .
ومما يعينك على ذلك ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الصوم، مع الحرص على غض البصر وسد أبواب الفتنة والبعد عن كل ما يثير الشهوة، مع الاعتصام بالله، والحرص على تقوية الصلة به، وصحبة الصالحين، وحضور مجالس العلم والذكر، وشغل الفراغ بالأعمال النافعة، وممارسة بعض الرياضة، ولمعرفة المزيد مما يعينك على التغلب على الشهوة وغض البصر نوصيك بمراجعة الفتاوى رقم: 36423، والفتوى رقم: 23231.
ويمكنك مراجعة قسم الاستشارات النفسية بالموقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1430(13/2980)
حدود علاقة الرجل بمطلقته التي انتهت عدتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مطلقة من سنة تقريبا وأحب زوجي، وله ثلاثة أيام يتصل بي ويسمعني كلاما جميلا أعرف أنه حرام بس ما أدري ما يحدث لي أرد عليه وأحس أني مالي غيره، وظروف الطلاق بسبب زوجته لا تريدني موجودة معه، والأيام التي كنت موجودة عنده فيها ما كان يهتم بي، كل تفكيره فيها وأولاده يشغلونه عني وهو يحبني لكن أنا ما أقدر أدخل في ذمتي شيء من أنواع السحر لكن هو في يوم من الأيام جاءني بمنديل فيه من مكياجه والسائل الذي يخرج منه. وهذا الذي يجعلني أشك فيه وأنا أتمني قربه ولا أبغي أبعد عنه. أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن طلق زوجته وانقضت عدتها فهي كسائر الأجنبيات عنه، ولا حرج في أن يحسن إليها بمال ونحوه مقابل ما كان بينه وبينها من عشرة، إذا لم يكن ذلك سبباً في وقوعهما في محذور شرعي، أما أن يتحدث معها فيما لا يجوز فهذا من المنكرات، وهو ذريعة للوقوع في الشرور والآثام، وقد نص الفقهاء على حرمة الحديث مع المرأة الأجنبية لغير حاجة خصوصا الشابة، فقال العلامة الخادمي رحمه الله في كتابه: بريقة محمودية وهو حنفي قال: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة لأنه مظنة الفتنة. انتهى. وقال صاحب كشاف القناع من الحنابلة: وإن سلم الرجل عليها ـ أي على الشابة ـ لم ترده دفعا للمفسدة انتهى.
ونشير إلى أنه إن كان هذا الطلاق بائنا بينونة صغرى بمعنى أنه طلق طلقة أو طلقتين فإنه يجوز له في هذه الحالة أن يتزوجك بعقد ومهر جديدين، أما إذا كان بائنا بينونة كبرى بأن طلق ثلاث تطليقات فلا يحل له الزواج منك حتى تنكحي زوجا غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقك بعد الدخول.
أما قولك إنه في يوم من الأيام أتى لك بالمنديل المذكور، فإنا لا ندري ماذا تقصدين بذلك، ومتى كان هذا؟ هل قبل الطلاق أم بعده، وعلى العموم لم يتضح لنا مقصودك.
وللفائدة تراجع الفتاوى بالأرقام التالية: 33897، 93887، 15406.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1430(13/2981)
حكم نوم البنت مع أبيها في فراش واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل تخطيت الواحد والخمسين عاما ومريض بسرطان الدماغ والتهاب خلوي وجلطة فى القدم بالإضافة إلى سقوط العين اليمنى بعد استئصال عظمة الوجنة وأخرى تحت العين وعندي بنتان الكبيرة فى الصف الأول الإعدادى والثانية فى الصف الخامس الابتدائي، فهل إذا نامت معي على السرير إحداهما حرام على أساس كل واحدة ليلة لمساعدتي في تناول الأدوية والقطرة فى العين كل نصف ساعة والمراهم وباقى الأدوية؟ أفيدوني فهل نومهم معي على سرير واحد عريض حرام شرعاً؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى ألا تنام معك ابنتك في نفس السرير، إذ لا حاجة لذلك، وما ذكرته من حاجتك فإنه يتحقق بنومها معك في نفس الغرفة، ولكن على فراش مستقل، ذلك أن وقت النوم وقت راحة واسترخاء، والإنسان عادة إذا أوى إلى فراش وثير مريح، فإن ذلك يثير شهواته وغرائزه مع ما في النوم من مظنة تكشف العورة وغير ذلك.. ولكن إن وجدت حاجة لنومها معك في نفس الفراش فإنه جائز بشروط هي:
1- أن لا يكون هناك تلاصق بينكما.
2- أن تشد الثياب على الجسد بحيث يؤمن انكشاف العورة أثناء النوم.
3- أن تؤمن الفتنة.
4- أن يكون لكل واحد غطاء مستقل فلا تشتركان في الغطاء، فقد روى أبو داود في سننه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. قال الألباني حسن صحيح. قال في روض الطالب: ويجب التفريق بين ابن عشر وأبويه وإخوته في المضجع. انتهى.
والتفريق هنا له معنيان: قال الشوبري في حاشيته على أسنى المطالب: قيل التفريق في المضاجع يصدق بطريقين: أن يكون لكل منهما فراش، وأن يكون في فراش واحد ولكن متفرقين غير متلاصقين. انتهى. فإن تحققت هذه الشروط فلا حرج في ذلك، وللفائدة في الموضوع تراجع الفتوى رقم: 23210.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1430(13/2982)
الخاطب كسائر الأجانب حتى يتم عقد النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش بالخليج وقد خطبت والحمد لله إنسانة مسلمة لديها مواصفات الإنسانة التي أحتسبها بها عند الله صالحة،
الخلاصة أنني خطبتها في مصر قبل عودتي للكويت بثلاثة أيام وتعرفت عليها عن طريق الأهل فقد كلمت أمي أن تبحث لي عن عروس وبعد أن استقر رأيي على اختياري وعقد الخطبة سافرت بعدها بخمسة أيام وحاليا أنا لا أعرفها جيداً من كل النواحي لذا أكلمها حاليا عن طريق الإنترنت لزيادة التعارف بيننا كشخصين مقبلين على الزواج مستقبلا بإذن الله حتى يعرف بعضنا بعضا بشكل أفضل لأنه على أساس معرفة أحدنا الآخر بشكل سليم سيساعد استكمال المراحل المقبلة من عقد القران أو الرجوع لو اكتشف أحدنا بالآخر شيئا لم يكن يعرفة من خصال يكرهها الآخر ليس لي فقط، لكن لها أيضا فكل ما أريده من وراء ذلك زيادة التعارف بيننا حتى لا ينخدع أحدنا بالآخر لأن الانطباع الأول ليس شرطا أن يكون هو الأساس فالحكم على الآخر بالذات وأنا لم أقض فترة كافية معها للتعارف فأرجو أن يكون مقصدي وصلكم، ماذا أفعل لأزيد مساحة التعارف بيننا بشكل يرضي الله وليس فيه ذنب لأني لا أعلم متى سأستطيع العودة في الإجازة القادمة نظراً لأمور كثيرة متعلقة بالعمل والإقامة هنا؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخاطب أجنبي عن مخطوبته، فلا يحل له النظر إليها ولا الخلوة بها، ولا أن تحدثه على النت بمفردها، ولا ما وراء ذلك، بل هو كسائر الناس حتى يتم عقد النكاح، وإنما أباح الشارع له أن ينظر إلى من يريد خطبتها أول الأمر ليكون ذلك مرغباً له في نكاحها ومعرفاً له بصفاتها، وهذا إنما يكون مرة واحدة أو مرتين عند الحاجة.. فالواجب عليك أيها السائل بعد أن حصل الركون من كليكما لصاحبه أن تقطع كل اتصالاتك بخطيبتك هذه تماماً إلى أن يتم عقد النكاح إلا أن يكون هناك حاجة للكلام فلا بأس بالحديث حينئذ مع مراعاة الضوابط الشرعية.
واعلم أن الأولى لك أن تعجل عقد النكاح فإن الفصل بين الخطبة والعقد بفترة بقصد التعارف أو غيره ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا من هدي صحابته الكرام، فإن الناظر في سير الصحابة رضي الله عنهم يلحظ التعجيل في أمر الزواج، حيث يبدأ الأمر بنظر الرجل إلى المرأة، فإن أعجبته خطبها، وإلا تركها، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل، قال جابر: فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها. رواه أحمد وأبو داود.
فالذي يفهم من حديث جابر إتمام الأمر بلا تأخير، خصوصاً أن التأخير قد تترتب عليه نتائج غير محمودة قد تتضرر منها الفتاة أو أهلها، أما إن أردت أن تزيد معرفتك بأحوالها فلا بأس أن تطلب من بعض أرحامك أو أقاربك أن يستفسروا لك عن أحوالها وأخلاقها من جيرانها وأصدقائها ونحو ذلك، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 100953.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1430(13/2983)