الهجر لسبب شرعي جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك خلاف بين أخي وأبى بسبب أن أخي يريد الزواج من فتاة سيئة السمعة والسيرة وأبى يرفض هذا الزواج انتهي هذا الخلاف بطرد أبى لأخي من المنزل وأمرنا أنا وأخوتي بعدم رؤيته أو الحديث معه وحرم أمي على نفسه إن رأت أخي أو تحدثت إليه فماذا نفعل هل نقطع رحم أخي في سبيل رضا الأب (خصوصا أن الكثير نهاني عن ذلك بحجة أنه حرام قطع رحم أخي) أم أكلمه وأخالف أبي وكذلك ما حكم أمي في ذلك ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على أخيك ترك الزواج من هذه الفتاة إن كانت كما قلت - سيئة السمعة- ويجب عليه أن يطيع أباه وأن يبره، ويبحث عن فتاة ذات دين وخلق وسمعة طيبة، ويجب عليكم جميعاً أن تنصحوه بذلك، فإن أبى قبول النصيحة فلوالدكم أن يهجره ويأمركم بهجره -إذا رأى أن المصلحة في ذلك- فلعله يرتدع وينزجر، وينبغي لكم أن تطيعوا أباكم في ذلك إذا رأيتم أن ذلك يزجر أخاكم عما أراد، ونعود لنقول: كل ذلك إذا كان الأمر كما ذكرتم من أن هذه الفتاة سيئة السمعة والسيرة فعلاً وليس ذلك مجرد إشاعات، وهذا لا يعتبر من باب القطعية، بل هو من باب الهجر. وأما تحريم أبيك لأمك إن هي كلمت أخاك فالراجح فيه هو أنه ظهار وراجع الجواب رقم 7438
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1422(13/301)
ادفع بالتي هي أحسن
[السُّؤَالُ]
ـ[1-انا امرأة متزوجة من ابن خالتى منذ 3 سنوات وزوجى هذا كان متزوجاً من قبل من ابنه خالتنا وأنجبت طفلا وتوفيت أثناء الولادة وبعد الوفاة تقدم لى زوجها فاستخرت الله مرات كثيرة واضعة فى اعتبارى الامر الاساسى وهو رعاية الطفل اليتيم الذى كانت امه حبيبة إلي جدا ومنذ اعلان خطبتنا بدأت مشكلتى وهى عدم موافقة والداته على هذا الزواج وبدأت تعاملنى بصورة سيئه جدا حتى بعد الزواج ورغم اننى فى كل مرة اذهب لزيارتها لأحسن العلاقة ولكن لا فائدة من تحسن معاملتها لى وبدأت تجعل مشاكل بينى وبين زوجى الذى يحبنى ولكنه لا يسمع او يصدق كلام احد غير امه 0
فقررت أن أقطعها تفاديا لزيادة المشاكل والسؤال ماذا افعل هل حراماً ان اقاطعها وإن كان حراماً فما هو الحل فى معاملة هذه الام؟
آسف للاطالة والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال يا رسول الله: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: "لئن كنت كما تقول فكأنما تسفهم المل، ولا يزال من الله ظهير ما دمت على ذلك" والمل: الرماد الحار، وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها"
فعليك أن تصلي خالتك ولو أساءت إليك، وليس لك قطعها، وليس في ذلك مذلة ولا إهانة، بل ستزدادين بذلك رفعة إن شاء الله، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما ازداد عبد بعفو إلا عزاً" وإذا استمررت في دفع إساءة خالتك إليك بالإحسان إليها وصلتها فعسى أن يشرح الله صدرها فتترك مقاطعتك قال تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) [فصلت: 34] وعليك أن تبيني لها بحكمة أن القطعية حرام، واذكري لها ما ورد في من القرآن والسنة، ثم اعلمي بعد كل هذا أن هذه ليست خالتك فقط، بل هي خالتك وأم زوجك، ومصير سعادة زوجك معك مرهون بمستوى علاقتك بها، فلا تسمحي لهذه العلاقة أبداً بأن تصل إلى مستوى القطعية. نسأل الله أن يصلح خالتك، وأن يصلح ذات بينكما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1422(13/302)
إنكار المنكر على الوالدين لا يخل بالبر
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ما حكم من يرى أحد والديه يزني أو يسرق أو أي معصية أخرى هل يعامله الابن معاملة طيبة ويبرهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على من رأى أحد والديه أو غيرهما يرتكب منكراً أن يغير ذلك المنكر بيده أو لسانه أو قلبه حسب استطاعته. ففي صحيح مسلم "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"
وعليه فنقول للسائل: إذا لم تستطع الحيلولة بين والدك والمعصية وتخليصه منها بالطرق المتاحة لديك والتي لا تخل ببره، فلا أقل من أن تنكرها عليه، وتظهر له عدم الرضا بمعصيته، وتذكره بما أعد الله للعصاة، وترهبه بالآيات الواردة في شأن الذين يخالفون أمر الله عز وجل، ويكون التذكير بالقول اللين والموعظة الحسنة، لعله ينتفع به ويقلع عن معصيته، ومع هذا فلا بد من بره، ومصاحبته بالمعروف، وطاعته في غير معصية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1422(13/303)
العقوق يحصل بمخالفة الأمر اليسير إذا كان مستطاعا
[السُّؤَالُ]
ـ[1-السلام عليكم
فضيلة الشيخ سؤالي هو عن المعنى لمفهوم عقوق الوالدين؟ وهل إذا أنا رفضت فعل شيء ولو كان بسيطا طلبته مني أمي يسمى بعقوق الوالدين؟
أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على الابن هو بر الوالدين، والإحسان إليهما، والقيام بحقوقهما، وطاعتهما في المعروف، أما إذا أمرا أو أحدهما بمعصية، فلا طاعة حينئذ، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الطاعة في المعروف" رواه البخاري. ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" رواه أحمد، وكذلك إذا أمراه أو أحدهما بما يفوق قدرته واستطاعته فلا يجب عليه الامتثال، لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، لكن عليه أن يعتذر بلطف وأدب، ومن هنا فإننا نقول للسائل الكريم: لا يجوز لك عصيان والدتك، ومخالفة أمرها، ولو كان الأمر يتعلق بشيء بسيط إذا كنت تقدر على تلبيته، ولا يلحقك ضرر من ورائه، مع العلم بأن العقوق درجات، فاحرص على تجنب كل تلك الدرجات، وإذا حصل منك عصيان فاحرص على إرضائها واستسماحها، حتى لا يغضبا عليك، ولاحظ قول الرسول صلى الله عليه وسلم في شأن الأم: "الزم قدميها، فإن تحت قدميها الجنة" رواه مسلم. أما العقوق فهو من الكبائر، وأصله من العق وهو الشق والقطع، يقال: عق والده يعقه عقوقاً إذا آذاه وعصاه وخرج عليه، وقد أمر الله بالإحسان إلى الوالدين، وحذر من عصيانهما وإيذائهما بالقول أو الفعل، كبر أو صغر، قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) [الإسراء:23] ومعنى (قضى) : وصى وأمر. ومعنى (فلا تقل لهما أف) : فلا تؤفف من شيء تراه من أحدهما أو منهما مما يتأذى به الناس، ولكن اصبر على ذلك منهما، واحتسب في الأجر صبرك عليه منهما، كما صبرا عليك في صغرك. قاله ابن جرير الطبري. ومعنى (ولا تنهرهما) : لا تزجرهما.
قال الإمام الرازي: المراد من قوله (فلا تقل لهما أف) : المنع من إظهار الضجر بالقليل أو الكثير، والمراد من قوله: (ولا تنهرهما) : المنع من إظهار المخالفة في القول على سبيل الرد عليه والتكذيب له… (وقل لهما قولاً كريماً) واعلم أنه تعالى لما منع الإنسان بالآية المتقدمة عن ذكر القول المؤذي الموحش، أردفه بأن أمره بالقول الحسن، والكلام الطيب، فقال: (وقل لهما قولاً كريماً) ، والمراد منه أن يخاطبه بالكلام المقرون بأمارات التعظيم والاحترام) التفسير الكبير (7/326) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1422(13/304)
الذهاب مع الوالد لصلاة التراويح ثماني ركعات أولى
[السُّؤَالُ]
ـ[1- إنني أصلي في مسجد صلاة التراويح عشرين ركعة
وأبي يمنعني من الذهاب إلى ذلك المسجد لأذهب معه إلى مسجد آخر لأصلي ثماني ركعات فإذا قمت
بمخالفته فما حكم ذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد دلت السنة على جواز أن يصلي المرء ما شاء من الركعات في قيام الليل، دون التقيد بعدد معين، وأن الأفضل فعل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بالكيفية التي واظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم من طول القراءة، والركوع والسجود.
وانظر في ذلك الفتوى رقم: 2497.
وعليه، فيلزمك البر بأبيك وطاعته والذهاب معه حيث يريد، لكونه إنما يدعوك لطاعة ولبر وسنة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الطاعة في المعروف" رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1422(13/305)
الإحسان إلى الوالدين مطلوب في كل الأحوال
[السُّؤَالُ]
ـ[أهل زوجتي بعيدون كل البعد عن الله ولهم تقاليد الغرب فأخوات زوجتي غير محجبات ويلبسون اللبس الضيق ويرقصون ويهللون في الأفراح ولا يصلون أبداً.. حاولت زوجتي أن تغيرهم وتهدهم إلى الخير فلم تستطع ويقولون أنها متخلفة فكرهوها، وكان هي تصرف على البيت، ويأخذون كل أموالها استغلالا ولما أرادات أن تتحجب رفضوا كل الرفض، وقالوا لها: لما تتزوجي لأن الحجاب يقلل فرص الزواج وخطبت زوجتي وحجبتها، ولقينا بغضاً منهم وكرها فكرهتهم وكرهتهم هي لمعاملتهم الجافة ووالدها لا يعجبه العجب ويلومها على أي شيء.
وهي الآن بعد أن تزوجتني قطعت العلاقة بهم ولا تسأل عنهم لأنها تعرف أنها لو اتصلت بهم سيجلبوا لها المشاكل التي تنغص عنا حياتنا الزوجية وهي الآن تحلم بكوابيس بهم لخوفها، وكرهها لهم.
فهل ذلك يندرج تحت عق الوالدين وماذا تفعل وفي قلبها غل لهم ولا تقدر على مجازاتهم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنحمد الله تعالى أن هدى زوجتك للحق، ووفقك لأخذ ذات الدين، ونسأل الله لكما التوفيق والثبات.
ولا يخفى عليكم ما أوجبه الله تعالى من البر بالوالدين والإحسان إليهما، ولو كانا كافرين يجاهدان أبناءهما على الشرك، فكيف بالوالدين المسلمين.
قال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) [لقمان:14-15] .
ولهذا نقول: لا يجوز لزوجتك مقاطعة أهلها، بل الواجب عليها صلتهم وبرهم، وزيارتهم، والسؤال عنهم، والتقرب إلى الله تعالى بذلك، ولتصبر على ما ينالها من أذى، فعسى أن يجعل الله بعد عسر يسرا، قال الله تعالى: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [فصلت:34-35] .
ولتعلم أن صدور الإساءة من الأقارب لا تسقط حقهم في الصلة، كما روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني! وأحسن إليهم، ويسيئون إلي! وأحلم عنهم ويجهلون علي! فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك" رواه مسلم.
والمل هو: الرماد الحار.
وينبغي أن تعين أنت أيها الزوج زوجتك على هذا البر وأن تشجعها على الاستمرار فيه، وقاية لها من النار، وتعاونا معها على الطاعة، ونسأل الله لكما التوفيق والرشاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1422(13/306)
الصدقة عن الميت جائزة بأي شكل كانت
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل أستطيع إخراج إفطار صائم من مالي الخاص عن والدي المتوفي؟
هل يجوز إخراج الصدقة عموما عن الوالد المتوفي من مالنا الخاص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التصدق على الوالدين المتوفيين جائز لا حرج فيه، سواء كان في شكل إفطار صائم، أو صدقة من الصدقات العامة، والدليل على ذلك هو ما جاء في صحيح البخاري عن سعد بن عبادة أنه أستأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يتصدق عن أمه فأذن له، وفي الصحيحين أن رجلا قال: "يا رسول الله، إن أمي افتلتت نفسها -أي ماتت بغتة- وأظنها لو تكلمت لتصدقت، فهل أتصدق عنها؟ قال: نعم".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1422(13/307)
صلة الرحم ليس لها حد معلوم
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت زوجي لا تحبني ودائما تخطئ فى معاملتي وحتى لو اتصلت هاتفيا لا تسأل عليه ولها مواقف سخيفة معي فأنا غير قادرة على قطع رحمها وزياراتى لها قليلة كل 20 يوما وحماتى تسكن معها فى نفس الشقة وأنا مقلة بالسؤال عن حماتى بسبب أخت زوجي فهل الزيارات البسيطة تعتبر كافية لصلة الرحم أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أخت زوجك ليست من المحارم الذين يجب عليك صلتهم لمجرد كونها أخت زوجك، ما لم تكن ثمة رحم نسب تربطك بها، كأن تكون ابنة عمك أو عمتك أو خالك أو خالتك، أو نحو ذلك.
ولكن عليك إحسان معاملتها لأن ذلك من حسن الخلق وكمال الإيمان، وتمام محبتك لزوجك، فإن من علامات محبته الإحسان إلى أقاربه خصوصاً إخوانه وأخواته.
ولا ينبغي أن يدفعك سوء خلقها إلى المعاملة بالمثل، أو حث زوجك على قطع رحمه، فإن الرحم شأنها عظيم، وقد بيّنا ذلك في الفتوى رقم: 5443، ورقم: 4417.
والصلة تكون بالزيارة والصدقة، وليس لذلك حد في الشرع معلوم يكون متجاوزه قاطعاً للرحم، بل إن الأمر راجع للعرف، وما تقومين به من الزيارة كاف، وحثي زوجك على طاعة أمه، والإكثار من زيارتها، والاطمئنان على حالها، فإن لك بذلك الأجر العظيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1422(13/308)
ماهية الرحم الواجب صلتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على الفتاة الغير متزوجة أن تصل رحمها وإلى أي مدى تصل هذه الصلة؟ هل تصل إلى الخال والخالة والعم والعمة فقط أم هناك غيرهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على الفتاة -متزوجة كانت أو غير متزوجة- صلة أرحامها، لأن الأدلة الموجبة لصلة الرحم تشملها، ولا يوجد دليل يخرجها من العموم، وقد اختلف العلماء في تحديد الرحم التي يجب صلتها على قولين الأول: كل رحم محرم، وهو قول للحنفية، وقول للمالكية، وقول أبي الخطاب من الحنابلة وغيرهم، قالوا: لأن هذا هو الذي ينضبط، ولو قيل: كل رحم، للزم صلة جميع بني آدم، ورجح هذا القول القرافي في الفروق فقال: (قال الشيخ الطرطوشي: قال بعض العلماء: إنما تجب صلة الرحم إذا كان هناك محرمية، وهما: كل شخصين لو كان أحدهما ذكراً والآخر أنثى لم يتناكحا كالآباء والأمهات، والإخوة والأخوات والأجداد والجدات وإن علوا، والأولاد وأولادهم وإن سفلوا، والأعمام والعمات والأخوال والخالات، فأما أولاد هؤلاء فليست الصلة بينهم واجبة لجواز المناكحة بينهم، ويدل على صحة هذا القول تحريم الجمع بين الأختين، والمرأة وعمتها، وخالتها، لما فيه من قطيعة الرحم، وترك الحرام واجب، وبرهما وترك أذيتهما واجبة، ويجوز الجمع بين بنتي العم وبنتي الخال وإن كن يتضايرن، ويتقاطعن، وما ذاك إلا أن صلة الرحم بينهما ليست واجبة، وقد لاحظ أبو حنيفة، هذا المعنى في التراجع فقال: يحرم التراجع في الهبة بين كل ذي رحم محرم.)
الثاني: كل رحم محرم وغير محرم، وهذا المشهور عند المالكية، ونص عليه أحمد، قالوا: لأن هؤلاء أرحام وقد أمر الله بصلة الأرحام، ولم يرد ما يخصها بالرحم المحرم، بل جاء ما يؤيد وجوب عموم الصلة، ورجح هذا النووي في شرحه على مسلم فقال: (واختلفوا في حد الرحم التي تجب صلتها، فقيل: هو كل رحم محرم بحيث لو كان أحدهما ذكراً والآخر أنثى حرمت منا كحتمها، فعلى هذا لا يدخل أولاد الأعمام، ولا أولاد الأخوال، واحتج هذا القائل بتحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح ونحوه، وجواز ذلك في بنات الأعمام والأخوال، وقيل هو عام في كل رحم من ذوي الأرحام في الميراث، يستوي المحرم وغيره، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: "ثم أدناك أدناك" هذا كلام القاضي، وهذا القول الثاني هو الصواب، ومما يدل عليه الحديث السابق في أهل مصر "فإن لهم ذمة ورحماً" وحديث "إن أبر البر أن يصل أهل ود أبيه" مع أنه لا محرمية، والله أعلم) .
والذي نراه راجحا في هذه المسألة هو القول الأول، ويحمل الأمر فيما استدل به أصحاب القول الثاني على أنه أمر ندب، واستحباب، وليس أمر حتم وإيجاب، وعلى ما رجحناه، فالحاصل أن الرحم على قسمين: رحم يجب أن توصل، ويحرم أن تقطع، وهي كل رحم محرم، كالعمات، والخالات، والأعمام، والأخوال، ورحم يكره أن تقطع، ويندب أن توصل، وهي كل رحم غير محرم كأبناء الأعمام وأبناء الأخوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1422(13/309)
وصف الوالد بالجهل عقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.. لدي 6 إخوة أخي الأكبر مني لا يتكلم مع أبي ولا يشاوره فى أي شيء وعندما يسأله أبي عن سبب عدم مشاورته يكون جوابه: أنت لا تعرف ... وما زال معه في المنزل. فما الحكم فى ذلك؟
وجزكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلقد أوجب الله تعالى بر الوالدين واحترامهما وتوقيرهما، وخفض الجناح لهما، ومعاملتهما ومخاطبتهما بما يقتضي ذلك، وحرم تحريماً غليظاً كل ما يقتضي خلاف ذلك، قال الله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً) [النساء:36] .
وقال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) [الإسراء:23-24] .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والديوث، والرجلة من النساء" رواه الحاكم في مستدركه عن عمر.
ومن العقوق ما يبديه الولد لأبويه من ملل وضجر وغضب وانتفاخ أوداجه واستطالته عليهما، وقد أُُمر أن يقابلهما بالحسنى واللين والمودة والقول الموصوف بالكرامة السالم من كل عيب، ويكفي في حق العصاة هذا التهديد الشديد من الذي لا ينطق عن الهوى، حيث قال: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً. قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئاً، فقال: ألا وقول الزور. قال: فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت" رواه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي بكرة وأنس بن مالك رضي الله عنهما، وقال عروة بن الزبير: ما برَّ والده من أحدَّ النظر إليه، فكيف بمن يوبخ والده بعدم الفهم، فحسبنا الله ونعم الوكيل، وفي الأثر: كل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين، فإن الله يعجله لصاحبه في الحياة قبل الممات.
وعاق والديه قد تصيبه دعوتهما، فيشقى بها في الدنيا والآخرة.
وينبغي لكم نصح أخيكم وتذكيره بالله، وإهداء الأشرطة النافعة له، والتي تتحدث عن بر الوالدين، ودلالته على الرفقة الصالح، وحث بعض الصالحين على مجالسته ونصحه، ولعل هذه الوسائل يكون لها تأثير في أخلاقه، وأما بقاؤه في المنزل، فهو أفضل من خروجه إلى أماكن الشر وأصحاب السوء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1422(13/310)
حكم السكن مع الوالد الزاني
[السُّؤَالُ]
ـ[أسكن مع أبي في منزل واحد لوحدنا وعمري 25 سنة، ويريد أن يحضر بعض النساء للزنى ولا أستصيع أن أمنعه فماذا أفعل، هل أتركه ليسكن لوحده مع أنه مريض ولا يستطيع البقاء لوحده حيث عمره تجاوز ال 55 سنة أم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقول الله تعالى (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ*وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [لقمان:14،15] وحق طاعة الأبوين وبرهما وصحبتهما بالمعروف لا يسقط بالشرك، فضلاً عن أن يسقط بكبيرة دون الشرك، كالزنا وشرب الخمر.
ولكن الأمر الذي لا شك فيه عند المسلم هو أن طاعة الله الذي خلق ورزق ويحي ويميت أعظم من كل شيء، فإذا جاء أمر الله بطل كل أمر لغيره.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:" لا طاعة لمن لم يطع الله" رواه أحمد عن أنس.
فأحسن إلى أبيك دون أن تساكنه، لأن في مساكنتك له خطرا عظيما عليك في دينك، لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ومن رعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه، وعليك أن تذكره بالله وسريع انتقامه. وإن علمت شخصاً يمكنه التأثير عليه فيمكنك إبلاغه، ولا تيأس من نصحه بشتى الطرق والوسائل، واسع له في الزواج بامرأة ذات خلق ودين تعفه وتعينه على الإقلاع عن ارتكاب الفاحشة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1422(13/311)
طلاق والدتك لا يبرر عقوق والدك
[السُّؤَالُ]
ـ[حدث الطلاق بين أبي وأمي منذ أن كان عمري شهراً واحداً وأنا اليوم أبلغ من العمر 35 سنة وأنا الآن لا أتكلم مع أبي ما حكم ذلك؟ وهل أعود إليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن نصوص الكتاب والسنة متضافرة على أمر الله سبحانه، لعباده ببر الوالدين، وأكد رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ذلك، وطلاق أبيك لأمك لا يستلزم ولا يبررعصيانك وهجرك له هذه المدة كلها، وهذا من أعظم العقوق، فعليك بالذهاب إليه وطلب السماح منه، والسعي لإرضائه، وكون أبيك ظالماً لأمك من وجهة نظرك أو نظر أمك لا يبرر ذلك، فلا يكن برك بأمك على حساب برك بأبيك، فلكل منهما حقوق عليك يجب أن تؤديها بتوازن بينهما، وانظر جواب رقم: 4296، ورقم: 10436.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1422(13/312)
ما ينبغي فعله للوالدين بعد وفاتهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أفعل بعد وفاة والدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه ينبغي على من توفي والده أن يسعى في الإحسان إليه، والبر به بعد وفاته قدر استطاعته، وذلك اعترافاً بفضله وحقه، وشكراً لإحسانه السابق.
ومما يدخل في هذا الباب:
1/ الدعاء له، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
2/ صلة أحبابه وأصحابه، ففي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي".
3/ قضاء الحقوق التي عليه، سواء كانت حقوقاً لله من: زكاة أو صوم أو غيرها، أو كانت حقوقاً للآدميين، كالديون والودائع ونحوها.
ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل - وفي رواية امرأة - إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله: إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟ قال: "نعم، فدين الله أحق أن يقضى".
4/ ما جاء في الحديث الذي رواه ابن ماجه وأبو داود عن أبي أسيد الساعدي قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟، قال: "نعم، الصلاة (أي: الدعاء) عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما".
5/ الصدقة لهما بقدر ما تستطيع، وخاصة الصدقة الجارية وهي الوقف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1422(13/313)
الإصلاح بين الأب وابنه هو الحل
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أب لا يصلي ولا يعبد الله ولديه خلاف مع أخي الكبير الذي لا أملك غيره في دولة الكويت حيث أنا موجود الآن، وأنا الأن أقيم مع أبي حيث أخي اضطر لترك البيت من كثرة الخلاف مع أبي من كثرة تدخل أبي بحياة أخي الشخصية مع زوجته، وأبي لا يطيق ذهابي إلى أخي نهائياَ وقال إنه قد يخيرني بينه وبين أخي علما أن أخي أيضا لا يصلي، وأبي يهددنني بأني إن لم أسمع كلامه بالمستقبل سوف يسفرني من الكويت، حيث إن إقامتي عليه، وأنا محتار مع أني طلبت منه أن لا يخيرني بينه وبين أخي لأنهم الاثنان من لحمي ودمي.
فمن أرضي: أبي المخطيء أم أخي الذي لا أملك غيره الآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليك أولاً أن تجتهد في نصح والدك وأخيك بالصلاة، فإن شأنها عظيم، ولا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة، وينبغي لك أن تهدي لهما الكتب والأشرطة التي تتحدث عن الصلاة، وأن تعظهما وتذكرهما بالله واليوم الآخر.
ويجب عليك أيضاً أن تنصح أخاك ببر والدك، وتخبره أن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، وأن ما بينه وبين أبيك لا يسوغ له العقوق والقطيعة، ويجب عليك أيضاً أن تنصح والدك بأن يصل أخاك، ولا يقطعه لأن قطيعة الأرحام من الكبائر أيضاً، وحاول أن تكون الوسيط في الصلح بينهما، وتذكر قول الله تعالى: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) [النساء:114] .
فإن لم يستجيبا لك، فحاول أن توسط غيرك ممن له تأثير عليهما، فإن لم ينفع ذلك، فيجب عليك بر والدك وطاعته في غير معصية، ومواصلة نصحه والدعاء له، ولا يعني هذا أن تقطع أخاك، لأن القطيعة معصية، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولكن لك أن تهجره زجراً لا قطيعة إذا رأيت أن ذلك أنفع في رده للصواب، نسأل الله أن يصلح أخاك ووالدك، وأن يصلح ذات بينهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1422(13/314)
هل للزوج أن يمنع زوجته من استقبال من لا يصلي من أقاربها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوج أن يمنع زوجته من استقبال والدها وأخيها ببيتها لأنهما لايصليان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشخص له أن يمنع أي أحد من دخول بيته سواء كان أباً لزوجته أو أخاً أو غيرهما، وسواء منعهم بحجة ترك الصلاة أو بغير ذلك، ولا يحق لأحد أن يدخل بيت شخص إلا بإذنه.
لكن إذا دخل أبو المرأة أو أخوها عليها بيتها بإذن أو بغير إذن، أو التقت بهما في أي مكان فلا يحق لزوجها أن يمنعها من السلام عليهما وصلتهما، لما في ترك استقبالهما والسلام عليهما من قطع رحمهما، وقطع الرحم من الأمور المحرمة. ويجب التنبه إلى أن حق الوالد في البر لا يسقط ولو كفر، قال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [العنكبوت:8]
ومن أولى المعروف أن تستقبله إن جاءها زائراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1422(13/315)
رضا الوالدين الحقيقي يمحو مغبة العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله: سؤالي هو إذا كان الولد عاقا لوالديه ثم أصبح بارا بهما فهل يحصل ذلك من أولاده في المستقبل أي يفعلون مثله ثم يبرونه؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العقوق من أكبر الكبائر، كما في حديث أبي بكرة رضي الله عنه عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: "ثلاثاً: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين ... الحديث" أخرجه البخاري ومسلم.
وقد روي أن كل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة، إلا عقوق الوالدين، فإن الله يعجله لصاحبه في الحياة قبل الممات. والحق أن الله تعالى لم يعين للعاق نوعاً خاصاً من أنواع العذاب في الدنيا جزاء عقوقه، فقد يكون جزاؤه من جنس عمله، بأن يسلط الله عليه أولاده، فيعاملونه كمعاملته هو لأبويه، وهذه المسألة كثيرة الوقوع، وقد يعاقبه الله بما شاء من العقاب غير ذلك، وقد يعفو عنه إن شاء.
أما إذا بر أبويه وتاب إلى الله تعالى مما صدر منه واستسمحهما، وسمحا له بالفعل، فإن الله تعالى يتوب عليه، والتوبة تَجُبُّ ما قبلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1422(13/316)
لايجوز للأهل تحريض الابن على طلاق زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[1-أهلي يلحوا ويضغطوا علي أن اطلق زوجتي الثانية بعد أن علموا بزواجي علما أنها ملتزمة وعلى خلق. وتم زواجي بعلم زوجتي الأولى.
2- وماذا لو طلقتها تحت هذا الضغط هل على إثم أو أكون قد ظلمتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أما بعد:
1-فإنه لا يحل لأهلك أن يطالبوك بطلاق زوجتك الثانية، كما لا يحل لزوجتك الأولى أن تطالب بذلك، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحل لامرأة تسأل طلاق أختها لتستفرغ صحفتها، فإن لها ما قدر لها".
فإن فعلوا ذلك عصوا ربهم، وتدخلوا فيما لا يعنيهم، وظلموا هذه المرأة، نسأل الله أن يتوب علينا وعليهم.
وليس عليك أن تطيعهم، ولا أن ترضخ لضغوطهم، وخاصة حيث ذكرت أنها ملتزمة وعلى خلق.
وعليك أن تعظ أهلك، وتبين لهم الحكم الشرعي، وتخوفهم الله تعالى.
2 - وإن طلقت زوجتك هذه نتيجة لهذا الضغط، فنرجو أن لا تكون آثماً ولا ظالماً بفعلك ذلك. وخاصة إذا قصدت بذلك لمَّ شملك مع أهلك، وعدم إثارة المشاكل بينك وبينهم. ولكن الذي ننصح به، ونلح عليه، ونرغب فيه، هو: عدم طلاق هذه المرأة.
وراجع الجواب رقم: 3651
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1422(13/317)
صلة الرحم مطلوبة من الجميع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:-
الموضوع يتعلق بصلة الرحم وهم أقاربي من جهة والدي بيننا وبينهم مشاكل قديمة جداً ونحن نعرف أنهم يكرهوننا وهذا ما نتأكد به من بعضهم ووالدي يعرف بأنهم يكرهوننا وعندما نزورهم يتلفظون علينا أحيانا بكلام محرج وأحيانا يسبون والدتي وحصل أمام أخي الكبير أن سبت إحدى عماتي أمي السؤال هو:
هل يجوز لنا أن نقطعهم ونحن نعرف أن الإسلام يحث على صلة الرحم، مع العلم بأننا نفقد كرامتنا أمامهم وهذا أعتقد أنه لا يرضي ديننا الإسلامي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلة الرحم أمر مرغب فيه شرعاً، فقد حث عليه الدين الحنيف، ونهى عن كل ما من شأنه أن يؤدي إلى قطع الرحم، والقرآن الكريم والسنة المطهرة مملوءان بالأوامر والنواهي التي ترشد إلى صلة الرحم، وتنهى عن قطعها، ويكفي في التحذير من قطع الرحم أن الله تعالى قرن قطعها بالفساد في الأرض، فقال جل من قائل: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) [محمد:22] .
وبهذا يتبين أن صلة الرحم ليست أمراً اختيارياً إذا وافق الهوى امتثل وإلا ترك، كما أنها أيضا ليست من باب المكافأة ولا المعاملة بالمثل، بل هي أمر مطلوب شرعاً من كل الأفراد الذين بينهم رحم، ومن قطع منهم فعليه إثمه، ولا يسقط بذلك حقه في أن يوصل، وقد ذكرنا موضوع صلة رحم القريب القاطع في الجواب رقم: 4417، فليرجع إليه ففيه الكفاية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1422(13/318)
هل يشترط موافقة الأم لصحة النكاح؟
[السُّؤَالُ]
ـ[الزواج دون موافقة أمي هل يعتبر عقوقاً للوالدين
رغم أن المرأة صالحة ومن عائلة شريفة
أفيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن موافقة الأم ليست شرطاً في صحة النكاح، ولا أثر لعدمها شرعاً في صحة النكاح. فالشارع أعطى للرجل الرشيد الاستقلال الكامل بتصرفاته في زواجه، وبيعه، وسائر معاملاته، فإذا استقل بشيء من ذلك دون موافقة أمه أو أبيه فإنه لا يعد عاقاً، لأنه فعل ما أذن له فيه شرعاً، مع أن الأفضل والأولى أن يستشير الشخص والدته في زواجه، استطابة لنفسها، وإشراكاً لها في هذا الشأن العائلي، حرصا منه على ما يرضيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1422(13/319)
نصح الآباء بأدب لا يدخل في باب العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم:
يوجد لدينا مسكن للعائلة وأراد أبي أن يرهن البيت إلى البنك ولقد أوقفت الرهن عن طريق البنك مع العلم أن البنك يتعامل بالفائدة هل التصرف الذي فعلته صحيح والآن علاقتي بوالدي جيدة جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا العمل الذي فعلته مشروع، بل أنت مأجور عليه إن شاء الله، لأنك أبطلت عقدا حراماً، وأنقذت والدك من ربا صريح بإجماع أهل العلم، خصوصاً وأن ذلك تم بأسلوب لم يغير من علاقتك بأبيك، ولم يجرح من خاطره، ونصح الآباء بالرفق، وتنبيههم على أخطائهم لايعد عقوقاً، بل هو من باب تغيير المنكر، وإنقاذ الأهل من النار، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً) [التحريم:6] .
قال قتادة: تأمرهم بطاعة الله وتنهاهم عن معصيته، وأن تقوم عليهم بأمر الله وتأمرهم به، وتساعدهم عليه…
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1422(13/320)
يتأكد حق الوالدة حال كبرها وضعفها
[السُّؤَالُ]
ـ[1- لدي جدة أمي في إمارة غير إمارتنا وهي دائما تؤذينا وتسبب لنا الكثير من المشاكل وساخطة علينا علما بأن لديها ابنة وحيدة وهي جدتي في دولة ثانية وتسكن لوحدها مع الخادمة وأحياناً تبقى لوحدها بدون الخادمة وهي غضبى بسبب بعد ابنتها عنها على الرغم من مرور فترة طويلة وابنتها لها أبناء وأحفاد ومسقرة في تلك البلدة وهذا جعلها في حالة نفسية صعبة وقد طردت ابنتها في آخر زيارة وهددتنا بعدم الاتصال فيها وعدم زيارتها ونحن نحاول أن نوصلها لكن المشكلة اشتدت ولا نعرف ماذا نفعل معها وهي ترفض أن تسكن مع أي منا أفيدونا، وهل نأثم إذا قللنا زيارتها مؤخراً..وما جزاء ابنتها، وهي قد سافرت بدون أن تتصالح معها جزاكم الله خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر أن هذه المرأة الكبيرة وصلت سن الهرم، والضعف البدني والعقلي، وهي المرحلة التي يتأكد فيها الإحسان إلى من بلغها من الوالدين، فهي مرحلة احتياجهما وضعفهما عن القيام بأنفسهما، يقول الله تعالى: (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قو لا كريما…..) [23-24:الإسراء] لهذا فالواجب اتجاه هذه المرأة هو زيارتها الدائمة، وعدم إهمالها إذا امتنعت أن تسكن مع أحد عيالها، والرفق بها وعدم التضجر منها، والغض عما يصدر منها من الأذى، ولا شك أن قطع زيارتها وإهمالها فيه الإثم الكبير، ويتأكد هذا في حق ابنتها المباشرة إذ هي الأولى بها والأقرب لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1422(13/321)
هل يعتبر نهي الوالد عن المنكر عقوقا
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي يعاديني ويكرهني ويزوج أخواتي لمن هم ليسوا صالحين دون مشورتي.
فكيف أتعامل مع والدي وهل أكون عاقا إذا نهيته عن المنكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن الواجب عليك أن تعامل والدك بما أوصاك الله به وأوجبه عليك في محكم كتابه، قال تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير* وإن جاهداك على أن تشرك تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا) . [لقمان: 14-15] والآيات والأحاديث المصرحة بالأمر ببر الوالدين وطاعتهما كثيرة، وبذلك تعلم أن الواجب عليك هو طاعة والدك في غير معصية، ومصاحبته بالمعروف، والإحسان إليه وإن أساء إليك، مع العلم بأن الوالد لا يلزمه مشاورة الولد ولا غيره في شأن بناته، لأنه له حق الولاية عليهن، وتزويجهن بمن شاء من أكفائهن، ولا كلام لأحد معه مادام سليم التصرف، وإن كان من مكارم الأخلاق مشاورة الرشداء من أبنائه وأهل بيته وذويه، والأخذ برأيهم حفاظا على الوحدة واجتماع الكلمة، ولكن عليه أن يتقي الله تعالى في بناته ولا يزوجهن إلا ممن هو مرضي الدين والخلق، وأما نهيه عن المنكر فلا يعد عقوقا، بل هو من البر، لقوله صلى الله عليه وسلم:"انصر أخاك ظالما أو مظلوما، قالوا: يا رسول الله هذا المظلوم فكيف ننصر الظالم؟ قال: تمنعه من الظلم" متفق عليه. والوقوع في المنكر وارتكابه من أشد الظلم لأنه ظلم للنفس، يقول تعالى: (وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) .
لكن يكون نهيه عن المنكر باللطف وبالكلام اللين، وبتسليط الصالحين عليه ممن يرجى أن يتأثر بهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1422(13/322)
منع الرجل زوجته من الاتصال على أقاربها من الشباب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منعت زوجتى من الاتصال بأحد أقاربها من الشباب وذلك لأنه كان يريد الزواج منها قبلى.
وهى والحمد لله متدينة ولا تمانع في ما فعلته ولكنها تخشى أن يكون ذلك قطيعة للرحم.
فما حكم الدين في هدا الأمر وأيضاً حكم الاتصال بأى شاب من العائلة؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لك الحق أن تمنع زوجتك من الاتصال بمن كان يريد الزواج منها، بل عليك أن تمنعها من ذلك، وجزاها الله خيراً حيث أنها لم تعص أمرك، واتصالها بالقريب الموصوف بأنه كان يريد أن يتزوج منها، أو بغيره ممن ليس محرماً لها لا يجوز، ولا يترتب على عدمه قطع رحم، وذلك لما قد ينشأ عن هذا الاتصال من الفتنة، والوقوع فيما لا تحمد عقباه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1422(13/323)
برك بأبيك يضاعف الأجر ولو فاتك شيء من الصلاة مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ... ... ...
أما بعد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي كالآتي: أبي كبر في عمره فأصبح لايعقل الصلاة. لكنني أحرج دائما مع نفسي وأهلي في أن أصطحبه معي إلى الصلاة مع العلم أني قد يفوتني من الصلاة أولها وكذا لا أستطيع أن أصلي السنة بعد الفريضة وذلك لأني أنشغل بأبي ورعايته، ماذا علي أن أفعل حيال ذلك وهل هناك أمور يجب القيام بها تجاه أبي وما يفوته من الصلاة. أفتونا مأجورين وجازاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يجزيك خيراً على برك بأبيك، واهتمامك به ورعايته.
وإذا كان الأب لا يعقل الصلاة، ولا يضبط أفعاله فيها، فالصلاة لا تجب عليه، لكن ينبغي تحقيق رغبته في الذهاب إلى المسجد، وتذكيره بالصلاة، وقبول ما يأتي به منها دون إنكار عليه.
وفي ذهابه إلى المسجد خير كثير، من متابعة الإمام، ورؤية المصلين، وما فاتك من السنن يمكنك فعله في المنزل، وهو أفضل.
وكونك لا تدرك تكبيرة الإحرام، أو يفوتك الصف الأول لأجل اصطحاب والدك، فيرجى لك فيه من الثواب أكثر مما كنت تحصله لو لم تصحبه وأدركت تكبيرة الإحرام، والصف والأول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1422(13/324)
الأجداد والجدات كالآباء والأمهات في وجوب البر والصلة
[السُّؤَالُ]
ـ[جدي لأمي لا يبرها وأخواتها ويؤذيها نفسيا ومن النوع المادي حيث أنه كثير الاستدانة ثم يطلب من أبنائه وبناته سداد هذه الديون علما بأنه ليس فقيرا ماديا، كما أنه يحض الإخوة على بعضهم ويضر هذا بالعلاقات بينهم، ورغم أن أمى دائمة الدعاء له وتحثني وأخوتي على حسن المعاملة فإنى لا أحبه لأنى أشعر بأنه لا يعاملنا كجد أبدا، فما حكم الإسلام في معاملتي لجدي ومعاملة أمي له؟ والله الموفق لخيرالأمور.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المعلوم بالضرورة وجوب بر الوالدين، بمعنى طاعتهما وصلتهما، وعدم عقوقهما والإحسان إليهما مع إرضائهما بفعل ما يريدانه ما لم يكن إثما، قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) [الإسراء:23] .
فيجب على الولد أن لا يغضب والده ولا يعقه، لأن حقه عظيم، وإذا حصل من الإنسان مع والده شيء، فعليه أن يتحمل، وأن يستسمح والده، ويطلب منه العفو، لأن لكل من الوالد والولد حقاً على الآخر، فإذا قصر الوالد في حق الولد، فإن ذلك لا يسقط حقه عليه، لأن المسلم مطلوب منه أن يحسن إلى من أساء إليه، ولو كان غير والده، قال تعالى: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [فصلت:34] .
وإذا كان المسلم مطالباً بأن يقابل الإساءة بالإحسان مع كافة الناس، فكيف مع والده.
فأنت وأمك وإخوانك كلكم مطالبون بالبر والإحسان إلى هذا الوالد، وإن صدر منه ما صدر، ولا فرق بينكم في لزوم ذلك وتأكيده، لأن لفظ الوالد يشمل الأجداد والجدات قال ابن المنذر: والأجداد آباء، والجدات أمهات، فلا يغزو المرء إلا بإذنهم، ولا أعلم دلالة توجب ذلك لغيرهم من الإخوة وسائر القرابات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1422(13/325)
أداء النوافل.. أم بر الوالدين.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
منذ مدة ليست طويلة، تعودت أن أصوم يومي الاثنين والخميس صيام تطوع إيمانا بالله واحتسابا، ولكن والدتي كانت في كل مرة تحاول أن تقنعني أن الصيام يضر بي وخاصة في فصل الصيف مع العلم أني أتمتع بصحة جيدة والحمد لله ولكنه عطف الأم وخوفها علي جعلها تظن أن جسدي لا يتحمل الجوع والعطش حتى أصبحت تلح علي أن أتخلى عن هذه العادة على الأقل في الأيام الحارة. وكان يبدو عليها القلق والخوف في كل يوم أصوم فيه. ووجدت نفسي بين أمرين، فأنا أحب الصوم وأبتغي به عند الله الأجر والثواب. فهل ثباتي على هذه العادة التي دأبت عليها يعتبر عقوقا طالما أن أمي لا توافقني على ذلك؟
أرجو إفادتي ولكم الشكر سلفا
والسلام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اهتم الإسلام بالوالدين اهتماماً بالغاً، وجعل طاعتهما والبر بهما من أفضل القربات، فقد أخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل؟ قال: "الصلاة على وقتها" قال: ثم أي؟. قال: "بر الوالدين" قال: ثم أي؟. قال: "الجهاد في سبيل الله".
فأخبر صلى الله عليه وسلم أن بر الوالدين أفضل الأعمال بعد الصلاة التي هي أعظم دعائم الإسلام، وقدم في الحديث بر الوالدين على الجهاد، لأن برهما فرض عين بخلاف الجهاد، فإن منه ما هو فرض كفاية، ومنه ما هو فرض عين، وإذا كان بر الوالدين مقدماً على الجهاد إذا كان فرض كفاية، فتقديمه على غير الفرض كالنوافل أولى وأحرى.
وعليه، فإذا تعارض صوم التطوع مع بر الوالدين قُُدِّمَ برهما، لأنه فرض عين، خصوصاً عند شفقتهما على الابن وتضررهما بمعاناته، وقال بعض أهل العلم: إنه لا طاعة لهما في ترك السنن الراتبة، كترك ركعتي الفجر والوتر، ونحو ذلك، إذا سألاه ترك ذلك على الدوام.
ولعل الصواب هو التفريق بين ما كان الحامل لهما على منع الابن منه هو مجرد المشقة كالصوم، وبين مالا مشقة فيه كصلاة النوافل الراتبة، فيطاعان في الأول دون الثاني، ومن هنا فقد يكون في ترك الصوم تطوعاً في الحرِّ - بِرِّاً وشفقة بهما - حصول الأجرين معاً: أجر الصوم، وأجر البر.
أما أجر الصيام، فلعقده العزم عليه لولا وجود المانع، وأما أجر البر، فلامتثال أمرهما.
ومما يجدر التنبه له أن الابن إذا استطاع الجمع بين الحسنيين: المداومة على ما اعتاد من صيام، وحصول رضى الوالدين، كان ذلك أولى، ولذلك طريقتان:
الأولى: بذل الجهد في إقناعهما بأن الصوم لا يعود على البدن بالضرر غالباً، بل ربما كان - في أحيان كثيرة - من أفضل وسائل جلب الصحة، والمحافظة عليها، فقد ثبت ذلك طبياً حتى عند غير المسلمين.
الطريقة الثانية: أن يكتم عنهما أنه صائم بأن لا يقيل عندهما يوم الصوم إذا لم يكن في ذلك تفويت لأمر يحتاجانه منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1422(13/326)
منع الأم من الفساد.. ليس من العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[تحية إسلا مية
أم زوجت جميع أبنا ئها وكانت تعيش مع أحدهم وفجأة قررت العودة إلى بيتها لتعيش وحيدة، فأكرموها ولم يبخلوا عليها بشيء لكنها عادت لتعيش وحيدة لتستفرد بنفسها وتقوم بما حرم الله (الفساد) رغم سنها الكبير،
حاول معها أبناؤها الرجوع إلى الله فلم تهتد، فاضطروا لمقاطعتها، وهم الآن يفكرون في بيع البيت الذي تقيم فيه، أي بيت الورثة% لكي يفرضوا عليها الرجوع للعيش مع أحدهم، ولكن يخافون أن يقوموا بشىء يخالف شرع الله، خصوصا وأنها أمهم، فما هو رأىالدين في هذه القضية، أفتونا جزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من حقوق هذه الأم على أبنائها أن ينصحوها غاية النصح، ويخوفوها الله تعالى وعقابه العاجل والآجل، وليستعينوا بأهل الصلاح والنصح، وعليهم أن يسكن أحد منهم معها، أو يبيعوا البيت الذي تسكن فيه لتضطر إلى السكن معهم ليراقبوها ويمنعوا أن يدخل عليها من لا يحل له أن يدخل عليها. وليس ذلك من عقوقها، بل من أولى حقوقها، ومن البر بها، وإن سعوا في تزويجها من رجل صالح يعفها ويحفظها كان ذلك أولى وأنفع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1422(13/327)
اصبري على الضيم وأدي العمرة
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله لقد أنعم الله علي بالعمرة العام الماضى مع زوجي ووالدته ولكن مع الأسف فقد لاقيت منها معاملة سيئة للغاية حتى بشهادة زوجي وحسبي الله وحده وهذا العام يريد زوجي أداء العمرة مرة أخرى وترغب فيها والدته كذلك وأنا فى حيرة هل أحرم نفسي من هذا الفضل العظيم أم أسافر معهم وأتوكل على الله أفيدونى يرحمكم الله وبرجاء السرعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تحرمي نفسك من طاعة الله بسبب سوء معاملة أحد لك، وامتثلي قوله تعالى: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) [المؤمنون:96] .
وقوله: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [فصلت: 34- 35] .
فعامليها بالحسنى، وإن أساءت إليك ابتغاء مرضات الله، ومراعاة لحق زوجك عليك، وصلة لما قد يكون بينك وبينها من رحم، وقد جاء رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عليهم، ويجهلون علي، فقال: "لئن كنت كما تقول، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك" رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1422(13/328)
الحلف على عدم زيارة الوالدين عقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أخبرت أمي بموضوع وحلفت لها إن هي أخبرت أبي أني لن أزورهم ثلاثة أشهر واشترطت عدم التكفير إن هي أخبرته ومع ذلك أخبرته واتصل بي أبي وأعلمني، ماهو الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أن تزور والديك وتكفر عن يمينك، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه" رواه مسلم.
وامتناعك عن زيارة والديك ثلاثة أشهر عقوق محرم.
وأما قولك: واشترطت عدم التكفير، فإن أردت تغليظ الأمر، وإلزام نفسك بعدم الحنث، فلا عبرة بهذا، ويلزمك الحنث كما سبق.
وإن كنت حلفت ألا تكفر، فيلزمك كفارتان:
كفارة الحنث الأول: وتجب لحصول الزيارة.
وكفارة الحنث الثاني: وتجب لعدم بر اليمين الأولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1422(13/329)
ترك الهجر أدنى درجات صلة الأرحام
[السُّؤَالُ]
ـ[لي خال (أخ لأمي) سيئ المزاج وقد بدأ هو بخلق مشكلة بيني وبينه من لا شئ حتى تفاقمت إلى درجة أن معاملته تغيرت مع الكل وقد حاولت بتدخلات من أعمامي أن أتقرب منه أو حتى أن أبدأ بالسلام ولكنه كان يتعمد إهانتي حتى أنه تجاهل يدي قاصدا إهانتي وأنا أمدها له أمام مرأى من الرجال في مجلس، وكثير من المواقف الكريهة حتى أنه يصعب علي بأي حال من الأحوال أن أحاول التقرب منه فقد أحسست مرارا بأنه جرح رجولتي بسبب تفاهة عقله، سؤالي هو: هل حديث الرسول عليه الصلاة والسلام (لا يدخل الجنة قاطع رحم) ينطبق علي برغم أنني على يقين أن لا أمل فيه؟ أفيدوني أفادكم الله وأنا كلي إيمانا بالله وأملا بأن لا يكون في ديننا الحنيف ما هو مذل ومهين للبشر ولي كرجل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلتك لخالك، فيما تقدر عليه واجب عليك، فلا يجوز لك قطع رحمك، للحديث الذي ذكرته في سؤالك، وقد رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث مطعم رضي الله عنه، ولفظه: "لا يدخل الجنة قاطع"، ولأحاديث أخر كثيرة، وقد جاء في شرح الحديث في صحيح البخاري [رقم 5638] أي: قاطع رحم، والمراد به هنا من استحل القطيعة، أو أي قاطع، والمراد: لا يدخلها قبل أن يحاسب ويعاقب على قطيعته. وقطع الرحم هو: ترك الصلة والإحسان والبر بالأقارب.
وقد روى أحمد والبخاري في الأدب من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "إن أعمال بني آدم تعرض على الله عشية كل خميس ليلة الجمعة، فلا يقبل عمل قاطع رحم" حسنه السيوطي.
وقال تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) [محمد: 22-23] .
فلا تقطع خالك بإساءة أو بهجر مهما فعل معك، وأنت تقدر على تحمل ذلك، واعلم أن صلة الأرحام درجات، فمن أتى بما يقدر عليه، فقد أدى الواجب، ومن زاد فقد أحسن.
قال القاضي عياض: وصلة الأرحام درجات بعضها أفضل من بعض، وأدناها ترك المهاجرة، وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة، فمنها واجب، ومنها مستحب، فلو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لم يسم قاطعاً، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له، لم يسم واصلاً.
وقال القرطبي: تزيد بالنفقة على القريب، وتفقد حاله، والتغافل عن زلته.
وقال ابن أبي جمرة: إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1422(13/330)
زواج الفتاة بدون ولي وإساءتها للأسرة لا يبررالقطعية
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة هربت من أهلها وتزوجت من شاب رفضه أهلها وتزوجت بدون ولي وحجتها أن ذلك هو مذهب الإمام أبي حنيفة
هل ذلك يصح أم لا؟ وهل هذه الفتاة تستحق أن يصلها أرحامها، خاصة أن زوجها أهان والدها ووالدتها وإخوتها.. وكان أحد أسباب مرض والدها ووفاته بعد ذلك؟ هل إخوتها مطالبون بعد ذلك بصلة رحمها وإن لم يقدروا على ذلك نفسيا؟ ماذا يفعلون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زواج المرأة بدون ولي باطل، ولمعرفة التفاصيل راجع الفتوى: رقم 4832، 3395 3395 وعليكم أن تعلموا أن حصول هذا التصرف من الفتاة لا يسقط حقها في أن توصل، فلا يجوز أن يكون مسوغاً لقطع العلاقة معها، والواجب هو إبقاء حبل العلاقة موصولاً، وإسداء النصح لها، وبذل ما أمكن من جهود في ذلك السبيل، فإن الله جل وعلا قرن قطع الرحم بالإفساد في الأرض، وذلك حيث يقول: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) [محمد: 22-23]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1422(13/331)
مصاحبة الأهل بالمعروف ... ومجانبتهم في بدعة الاجتماع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فقد سبق لي أن سألتكم حول موضوع الاجتماع وختم القرآن ورقم السؤال هو (9726) وبعد أن وصلتني الإجابة أخبرت أهلي أن أسلوب القراءة الجماعية بدعة وحذرتهم منها ولكنهم أجابوا أن هذه الطريقة مشهورة فى المذهب الأباضي ولم يقتنعوا بما أخبرتهم به بل فرضوا علي أن أشاركهم فيها، فهل أكون مذنبا إذا شاركتهم إرضاء لهم من دون أن أقر هذا الأمر فى نفسي أم أنه يتوجب علي أن أنكر هذا الأمر علناً وأن أعصي والدي؟ فهل يستحق هذا الأمر أن أعصي والدي؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي ننصحك به - أيها الأخ الكريم - أن تستمر في إرشاد أهلك، ووعظهم، وبيان الحق لهم بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يكون ذلك برفق ولين، فإن أثرت فيهم النصيحة، ورجعوا إلى الحق، وتركوا تلك البدعة، فهذا هو المطلوب والحمد لله على هدايتهم، وإن استمروا فيما هم عليه، فجانبهم في بدعتهم تلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الطاعة في المعروف" متفق عليه، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" رواه أحمد.
مع مداومة النصح لهم وتحري المواطن التي قد يستجيبون لك فيها، لاسيما وأن الذي يحملهم على ذلك هو قصد التقرب إلى الله تعالى، فتبين لهم أن التقرب إلى الله تعالى مطلوب من العبد، ولا يكون التقرب إلا بما شرع الله جل وعلا في كتابه، أو بما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [الملك:2] .
قال الفضيل بن عياض: (أَحْسَنُ عَمَلاً) أخلصه وأصوبه.
وقال: العمل لا يقبل حتى يكون خالصاً صواباً، والخالص إذا كان لله، والصواب إذا كان على السنة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1422(13/332)
لا ينبغي مصارحة والدتك بشأن خسارتك
[السُّؤَالُ]
ـ[امي أعطت لي مبلغ 5000جنيه في عيد ميلادي ال21
وأنا صرفت 2000في الخير وشراء ملابس، وعندما علمت انزعجت وقالت إني مسرف
وتبقي 3000 دخلت بهم مشروعا ولكن خسرت كل المال، السوال هل من حق أمي أن تعرف أني خسرت المال؟ وهل من الممكن أن أخفي عليها الموضوع حتي لا تغضب؟ مع العلم أني الآن بلغت السن القانوني للتصرف في ما أملك؟ أرجو سرعة الرد بسبب أن أمي تسألني ماذا فعلت بالمال؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما أعطته أمك - من مال - هو من قبيل الهبة التي تلزم بقبضها، وما دمت قد قبضتها فقد دخلت في ملكك، ويصح تصرفك فيها ما دمت بالغاً عاقلاً رشيداً. والرشد: هو إصلاح المال وصونه عما لا فائدة فيه، لقول ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (فإن آنستم منهم رشداً) [النساء:6] قال: صلاحاً في أموالهم.
وما أنفقته في الخير وشراء الملابس، إن كان لا يخرج عن عادتكم وعرفكم فلا شيء في ذلك، ولا يخرج إلى حد السرف المذموم، وإن لم تجر العادة لديكم بإنفاق مثل هذا المبلغ في تلك الجهة فهو سرف ولا شك، وعليك أن لا تعود إلى ذلك مرة أخرى، وأن تستسمح أمك في ذلك.
وأما خسارتك في التجارة، فهو أمر معرض إليه كل أحد، لا سيما لمن لم يكن له سابق تجربة بها. والذي ينبغي عليك هو أن تجتهد في تحصيل هذا المبلغ قدر استطاعتك، حتى لا تتسبب في مزيد من الإزعاج لوالدتك بعلمها بخسارتك، فإن سألتك عن المال بعد توفيرك له، فلك أن تقول لها: إنه موجود، دون أن تخبرها بحقيقة ما كان. ولا شك أن من البر بها أن لا تدخل عليها شيئاً من الأحزان والهموم.
وننبه الأخ السائل الكريم إلى عدم مشروعية الاحتفال بأعياد الميلاد وقد سبق حكم ذلك برقم 1319 3930
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1422(13/333)
سبيل التوفيق بين زيارة الزوجة لأهلها ومعارضة الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم زيارة الفتاة لبيت أهلها بعد الزواج؟
علماً أن زوجها لا يرغب في زيارتها لأهلها بسبب مشاكل أسرية قديمة، كما يحلو لها؟ إنها تخاف أن لا يكون والداها راضيين عنها حيث إنها لم تزرهم منذ سنة. ووالداها لم يعودا يرغبان في وجود أية علاقة بينهما معها بسبب هذه الظروف، فمن يجب على الزوجة طاعته زوجها أم والداها؟ إن زوجها لا يمانع في اتصالها بوالديها عن طريق الهاتف أو الرسائل، إن هذه الفتاة تحاول التوفيق بين مرضاة زوجها وأهله من جهة ومرضاة والديها من جهة أخرى، إلا أنها لم تفلح في ذلك وقد سبب لها ذلك نوعا من الإحباط حيث أنها تحس بأنها هي اليد في كل ما حصل وتريد أن تعرف كيف تتصرف في مثل هذه الحالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى هذه الفتاة أن تتعامل مع مشكلتها بصبر وحكمة، وأن تسعى لإصلاح ما بين زوجها وبين أهلها، وأن تطلب من الله تعالى العون على ذلك، وأن يؤلف بين قلوبهم على الحق.
وعليها أن ترغب الجميع في صلة ما بينهما من رحم، وتحذرهم من قطيعتها، أو ما يؤدي إلى قطيعتها، ولتستعن بصالح أهلهما.
ولتخص زوجها بمزيد من النصح والتذكير، بأن من يمنعها من زيارتهم هما والداها اللذان أوجب الله عليها برهما وصلتهما، وقرن حقهما بحقه سبحانه وتعالى في آيات كثيرة من كتابه، كما قال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً) [النساء: 36] ، وقال تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير) [لقمان: 14] .
كما حرم سبحانه وتعالى عقوقهما ومن أشنع عقوقهما قطع الصلة بهما، ولتبين له أن العلماء نصوا على أنه ليس له أن يمنعها من زيارتهما إذا كانا لا يخشى منهما إفسادا لها في دينها وخلقها.
فإذا فعلت الفتاة هذا الذي وصفناه لها فنرجو أن تنحل مشاكلها، وتصلح أحوالها، وأحوال زوجها وأهلها وتستقر حياتها بإذن الله تعالى.
أما إذا أصر الزوج على منعها من زيارة والديها، فليس لها أن تخرج إلى زيارتهما إلا بإذنه، لأن خروجها بغير إذنه قد يتسبب في مفاسد كثيرة، وقد يلحقها بسببه ضرر أكبر.
ثم إن لم يكن لمنع الزوج لها من زيارتهما مسوغ شرعي، فهو آثم لأنه تسبب في عقوقها لهما، وقطع رحمها.
أما إن كان هنالك مسوغ شرعي كأن كانا فاسدين، ويخشى على زوجته أن يفسداها، فإن منعها من زيارتهما صوابٌ، ويجب عليها طاعته في ذلك. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1422(13/334)
برك بأبيك واجب.. ولو كانت معاملته قاسية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتزم دينياً ولي أب ظالم جدا دائما يتهمني اتهامات لا وجود لها ويتهم كل من حوله ولا يفتح مجالاً للنقاش ولا للدفاع. أرجو الإجابة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك بر أبيك والإحسان إليه، وطاعته في المعروف، ومصاحبته بالمعروف - أيضاً- حتى ولو كان ظالماً جداً - كما تقول- لقوله تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً) [الأحقاف:15] ، وقال: (ووصينا الإنسان بوالديه حسناً) [العنكبوت:8] وقال: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن أشكر لي ولوالديك إلي المصير* وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً) [لقمان: 14] وقال تعالى: (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً) [الإسراء: 23،24] فلا تضجر من اتهامات أبيك لك، وعليك بالصبر، وصاحبه بالمعروف ولو أساء إليك لعظم حقه عليك، ولما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله: "من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال "أمك" قال ثم من؟ قال: "أمك" قال ثم من؟ قال "أمك" قال ثم من؟ قال: " أبوك" رواه البخاري ومسلم.
ولعلك إذا أحسنت إليه رضي عنك، وإذا رضي عنك فأنت على خير عظيم لأن الله سيرضى عنك. ونذكرك بقوله صلى الله عليه وسلم" رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف، قيل من؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخلا الجنة، رواه مسلم وعند الترمذي: " ولم يدخل الجنة".
وعلى أية حال لو وسطت بينك وبين أبيك بعض الخيرين أو بعض الصالحين لإزالة ما بينك وبينه وإصلاح العلاقة التي ساءت فإنه يرجى أن يحصل الوفاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(13/335)
وفاء الوالد يقتضي أن لاينسى جهود ومعروف ابنه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الابن الذي اجتهد لوالده 12 عاما لإثبات حقوق وأملاك والده بدون راتب أوحتى مصاريف انتقال أوعقد، وقد وفقه الله وأثبت لوالده ما كان في حكم المفقود تماما ما يقدر بسبعين مليون ريال وبعد أن انتهى هذا الابن خسر رأس ماله وتجارته وأصبح مديونا لانشغاله بالقضايا والمراجعات وفقد تجارته فهل من حق هذا الابن 10% مما أثبته شرعا أفيدونى جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حالة هذا الابن مع أبيه لا تعدوا أن تكون واحدة من ثلاث:
الأولى: أن يكون سعيه في استخلاصه حق أبيه قد تم على أساس اتفاق بينهما على أجر محدد، فهما على ما اشترطا.
والثانية: أن يكون الابن قد دخل في الأمر على أساس أنه سيأخذ مقابلاً عليه، ولكن منعه الحياء من مشارطة أبيه،
فيرجع هنا للعرف وأهل الخبرة، فإن جرى العرف بأن له أن يأخذ أجراً على ما قام به قدر أهل الخبرة قيمة المجهود ودفع للابن.
الثالثة: أن يكون قام بالعمل تبرعاً وبراً بأبيه، والواجب في هذه الحالة هو بر كل منهما الآخر حتى يتصلا إلى حل يليق بمكانتيهما. وينبغي للوالد أن لا يهمل جهد ابنه الذي عمل له اثنتي عشرة سنة، وضحى بكل مصالحه من أجل أن يأخذ له حقه، وعلماً بأن هذه النوع من التضحية والجهد المتواصل مدة مديدة ما كان ليقوم به غير الابن، فينبغي لوالده أن يعرف له ذلك، كما ينبغي للابن أن يعرف أن حصوله على رضى أبيه خير له من كل مال، لقوله صلى الله عليه وسلم: " رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف، قيل: من؟ يا رسول الله! قال: من درك أبويه عند الكبر: أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة". رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1422(13/336)
بر الوالدين لا ينقطع ولو بعد موتهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو المطلوب مني تجاه والدي بعد وفاته وماذا يستحب من أعمال يستفيد منها والدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى أبو داود في سننه عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله: هل بقي علي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: "نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما".
فالذي تقوم به تجاه والدك المتوفى هو الدعاء له، والاستغفار له. قال تعالى: (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً) [الإسراء: 24] .
وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: وذكر منها: ولد صالح يدعو له" رواه مسلم.
وإن أوصى بشيء أو عهد عهداً، فعليك بتنفيذ وصيته، والوفاء بعهده، وأن تصل رحمك لا سيما من جهته، وإن كان له أصدقاء فتكرمهم.
قال صلى الله عليه وسلم: "إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل وُدِّ أبيه بعد أن يولي" رواه مسلم، وتتصدق بنية أن ثواب هذه الصدقة له، فكل ذلك يصل إليه من غير خلاف بين أهل العلم.
وأما غير ذلك من الطاعات كقراءة القرآن، ونحو ذلك فقد وقع فيه الخلاف بين أهل العلم: هل يصل ثوابه إلى المتوفى أم لا؟ والتحقيق أن من عمل عملاً ملك ثوابه، ومن ملك شيئاً فله أن يهبه ما لم يقم بالموهوب مانع، ولا مانع إلا الكفر. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1422(13/337)
لا بأس بتقبيل والدة الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لوالدتي السلام وتقبيل زوج ابنتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن تزوج امرأة حرمت عليه أمها وإن علت، وحرمت عليه أم أبيها وإن علت، لأن اسم الأم شامل لكل أنثى لها عليها ولادة، فيدخل في ذلك الأم القريبة وأمهاتها وجداتها، وأم الأب وجداته وإن علون.
قال تعالى: (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم ... ) [النساء: 23] .
وإذا كانت محرمة عليه على التأييد جاز له السلام عليها، ومصافحتها، والسفر معها، وله أن يقبلها وتقبله، وليكن التقبيل على الرأس أو اليد، لكونه أليق بالبر والاحترام، وليتجنب التقبيل على الوجه لأنه مظنة الشهوة، وهو من شيم الأعاجم، ثم إن جواز كل ما تقدم مقيد بما إذا لم يأنس أحدهما من نفسه ميلاً غير طبيعي إلى الآخر، فإن أنسه فإن عليه أن يلزم جانب الحيطة والحذر، وخصوصاً في هذا الزمن الذي نحن فيه، فقد دب الفساد في كثير من النفوس، وغلب على الناس ضعف الوازع الديني والخلقي، والسلامة لا يعادلها شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1422(13/338)
المرجع في صلة الرحم إلى عرف المجتمع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عندما أتصل كل أسبوع بالتليفون بأحد أفراد عائلتي أكون واصلاً للرحم خاصة أنه إذا ذهبت لكل فرد سيكون في ذلك مشقة لي، سواء لبعد المكان أو أسباب أخري.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلة الرحم من الأمور التي حث عليها الدين الحنيف ورغب فيها، وحذر من قطعها، بل قرن الله تعالى قطع الأرحام بالفساد في الأرض الذي هو من أكبر الكبائر، فقال: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) [محمد: 22] .
وبما أن الشارع لم يبين مقدار صلة الرحم ولا جنسها، فالرجوع فيها إلى العرف، فما تعارف الناس عليه أنه صلة فهو الصلة، وما تعارفوا عليه أنه قطيعة فهو القطيعة.
وعلى المسلم أن يحرص على صلة الرحم قدر الإمكان فتارة باللقيا، وتارة بالتليفون، وتارة بالرسالة، وتارة بالإنفاق على الفقير من ذوي الرحم، وتارة بالهدايا للبعض في المناسبات والأعياد.
هذا بالنسبة للرحم عامة. أما الوالدان فصلتهما أوجب وكلما حرصت على صلتهما بكل الوسائل المتاحة كان أحسن وأكمل.
وفقك الله لطاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1422(13/339)
خبرة وتجارب الآباء تجعلهم أكثر تقديرا للأمور من الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد أنا شاب مستقيم ولي أب وجد لا يقبلان مني شيئا حتى لو كان صحيحا وهما دائما يحتقراني ويحتقرا جيلي ولا أعرف لماذا هل للفرق بين جيلي وجيلهم مع أنهما دائما يمدحان جيلهما ولا أعرف ما الأسباب ولا العلاج لهذه المشكلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن منزلة الأباء منزلة عظيمة، يجب على من تفضل الله عليه وكرمه بإداركهم -أحياء- أن يغتنم هذه الفرصة سبيلاً إلى الجنة.
فقد قرن الله عز وجل الأمر بتوحيده بالأمر بالإحسان إلى الوالدين. قال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً) [النساء:36] والنصوص في هذا المعنى كثيرة جداً.
والواجب عليك أن تقوم بما أمرك الله به من الإحسان إليهما وبرهما وطاعتهما والسعي فيما يرضيهما -من غير معصية- والتقرب إليهما بإظهار الود لهما والاحترام، وتقبيل أيديهما، والإنصات لحديثهما.
وقيامك بما أمرك الله به -على هذا النحو- يجعلك محلاً لثقتهم ومصدراً لمعرفتهم، ويهيئهم لقبول قولك.
ورد بعض الآباء لما يقوله أبناؤهم - في بعض الأحيان- قد يكون مرجعه إلى الأسلوب الذي يُتبع في عرض الأمر، فيتعدى بذلك حدوده في الحوار والأسلوب معهما.
وقد يكون الخطأ فيما وصل إليه الابن ذاته، فقد يعتقد صواباً ما ليس بصواب، ويكون الحق في جانب الآباء بما لهم من خبرة وتجارب في الحياة وسعة اطلاع ومعرفة مما لم يدركه الولد بحكم تقادم العهد بهم، وهذا من إحسان الظن بهم.
وقد يكون الشيء الذي جئت به صواباً وحقا، ولكن ليس عليك حملهم على ذلك، وإنما عليك أن تعرضه عليهم كما يعرض العبد على سيده أمرا من الأمور، وهكذا جاء القرآن الكريم مبيناً أدب الأبناء في دعوة آبائهم. فهذا إبراهيم عليه السلام يرى أباه يعبد الأصنام التي يصنعها فيدعوه إلى التوحيد مراعياً مقام الأبوة وجلالها.
قال تعالى: (واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقاً نبياً* إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً* يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطاً سوياً) إلى قوله تعالى: (قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً)
[مريم:41،47]
فانظر يارعاك الله إلى إبراهيم عليه السلام لما أمره أبوه بهجره وهدده برجمه ماذا قال؟ قال: (سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً) واختلاف الأجيال وتقادم الأزمان قد يكون سبباً في عدم تفهم ما تقوله والقبول به، لأنهم نشأوا على أمر خالف ما تقوله واعتادوا عليه. وفي هذا المقام عليك أن تكون حكيماً في عرض ما لديك، واختيار الأسلوب المناسب الذي يوافقهم ويؤدي الغرض المرجو من ورائه، فإن مالا يأتي بالحوار والإقناع لا يأتي بالمواجهة والتسفيه. ومع ذلك فستبقى أمور كثيرة محل خلاف بينك وبينهما، لذات الأسباب السابق ذكرها.
ولعل أمثل طريقة ليقبل منك ما تقوله أن تريهم هذا الشي بفعلك قبل مقالك، فإن أكثر الناس لا يستوعب المقال بقدر ما تصنعه الأفعال.
وقد جاءت السنة الكريمة مبينة لذلك الأمر، فقد كان يأتي الرجل الرسول صلى الله عليه وسلم يسأله عن أمر من الأمور فيجيبه بلسانه، لما يعلم النبي صلى الله عليه وسلم من حاله أن الكلام يقع منه الموقع الملائم، وقد يأتي رجل آخر لا يجيبه بمقاله وإنما بحاله ورؤيته للفعل الذي يجب عليه أن يلتزمه، لأن هذا الرجل قد لا يستوعب الكلام بقدر مايستوعب الفعل ذاته، ويراه بعينه مطبقا.
روى مسلم في صحيحه عن سليمان بن بريده عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً سأله عن وقت الصلاة؟ فقال له صل معنا هذين (يعني اليومين) ... فلما صلى الرجل مع النبي صلى الله عليه وسلم يومين قال صلى الله عليه وسلم: " أين السائل عن وقت الصلاة؟ " فقال الرجل: أنا يا رسول الله، قال: " وقت صلاتكم بين ما رأيت"
فمراعاة الأحوال والمقامات وفوارق السن والأفهام أمر اعتني به الشارع الحكيم.
ثم إن عليك ألا تصادم مشاعرهما أو تفند آراءهما بحجة أنها قديمة، أو أن الواقع قد تغير. واحذر أن تصفهما بعدم المعرفة، حتى ولو ثبت لديك خطأ ما قالا أو فعلا. فإن ذلك كما أنه مخل بحقوقهما، فهو سبب في تسفيه آرائك واحتقار جيلك بحق أو بغير حق. وتكون أنت المتسبب في ذلك.
فعليك أن تعلم مقام الأبوة، وأن تتسلح بسلاح العلم والعمل معاً سالكاً في ذلك السبيل الأمثل.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1422(13/340)
للوالد أخذ ما يحتاجه من مال ابنه ما لم يلحق الضرر به
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله وبركاته فضيله الشينخ نحن نعمل مع أبينا ونحن أربعة أبناء كبار لأم مرحومة وأبونا له اثنا عشر ولدا صغيرا من أم أخرى ونعمل ونقوم بالتطوير في مشاريع أبينا
ونقوم أيضا بالصرف عليه وعلى أبنائه ومقابل ذلك لايعطينا شيئاً من إنتاج أعمالنا بل يقوم بأخذ هذا الإنتاج إلى جيبه وإلى أولاده الجدد مع العلم أن أولادنا أكبر من أولاده، أما إذا جاء إلى أبينا أحد يطلب الأموال أو له ديون عليه يبعثه لنا لنعطيه أمواله لكن إذا جاء أحد يدفع لنا الأموال ياخذها هو فماذا نفعل؟
وهل يجوز أن يقسم تركته التي نحن مشاركون في إنتاجها على جميع الورثه مع العلم أن أولادي أكبر من أولاده وإنني مثل أخيه تقريبا من ناحية التركة التي جمعناها نحن وإياه أفيدونا جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أولاً أن حق الوالدين هو أعظم الحقوق وآكدها بعد حق الله تعالى، فهما اللذان ربيا المرء صغيراً وعطفا عليه ضعيفاً في وقت هو في أمس الحاجة إلى الرفق والحنان. ولذلك قرن الله تعالى حقهما بحقه في عدة آيات من كتابه العزيز. قال تعالى: (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحساناً) [البقرة: 83] وقال تعالى (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً) [النساء: 36] .
وقال تعالى (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً* إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً) [الإسراء: 23-24]
وقال تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهنٍ وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير* وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي) [لقمان:14-15]
وهذه الآية من أعظم الآيات في هذا الباب، فإن الله تعالى أمر فيها بمصاحبة الوالدين غير المسلمين الداعيين إلى تضيع حق الله تعالى والإشراك به، مصاحبة بالمعروف. فلم يسقط حقهما في حين يجاهدان لإسقاط حقه سبحانه وتعالى.
ثم إن الولد يجب عليه مواساة أبيه من ماله، والقيام بالإنفاق عليه إذا احتاج لذلك. وللأب أن يأخذ من مال ابنه ما يحتاج إليه، ويتصرف فيه من غير سرف ولا إضرار بالولد، وذلك لما في المسند عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن أعرابياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي يريد أن يجتاح مالي فقال: "أنت ومالك لوالدك، إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أموال أولادكم من كسبكم فكلوه هنيئا"
وفي سنن ابن ماجه عن جابر رضي الله تعالى عنه أن رجلاً قال يا رسول الله إن لي مالاً وولداً، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي، فقال: "أنت ومالك لأبيك"
وأما إذا كان الوالد سينفق ما يأخذه من الابن في السرف، أو كان ما يأخذه يلحق الضرر بالابن، فإنه ليس للابن تمكين الأب من الأخذ من ماله لئلا يعينه على باطل، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا ضرر ولا ضرار" أخرجه الإمام مالك وغيره.
إذا علمت هذا فيجب عليك بر أبيك، وأن تحفظ له حقه عليك، وأن لا تقف منه موقف المنادِّ والمضادِّ، وأن تتعامل مع مشكلتك هذه بشيء من الحكمة والتلطف إلى أبيك، والمفاوضة معه بهدوء، وتبين له أن عليك وعلى إخوتك واجبات ومسؤوليات أنتم بحاجة إلى أن يعينكم على أدائها والقيام بحقها، ونحو هذا من الكلام الطيب الذي يحرك مشاعر الوالد، ويهز عواطفه تجاهكم.
فإذا فعلتم ذلك مع إصلاح ما بينكم وبين ربكم والالتجاء إليه أن يصلح ما بينكم وبين أبيكم ستنحل المشكلة من جذورها بإذن الله تعالى.
أما ما يتعلق بقسمة التركة في المستقبل إن كنتم تقومون بما تقومون به مساعدة لوالدكم وعوناً له فقط، فليس لكم الحق في المطالبة بشيء عند قسمة التركة، وإنما لكم نصيبكم فقط، أما إذا كنتم تعملون على أساس المشاركة، فإنه يجب عليكم أن تبينوا ذلك الآن وتعرفوا حصتكم من المال لئلا يؤدي ذلك إلى خصومات بعد وفاة والدكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1422(13/341)
هل للزوج أن يمنع زوجته من زيارة والديها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في زوج يمنع زوجته من زيارة والدتها المريضة ويمنعها من الاهتمام بها
حيث إنها محتاجة للخدمة ومحتاجة إلي من يعولها؟
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل هو قرار المرأة في بيتها، وطاعتها لزوجها، كما قال تعالى: (وقرن في بيوتكن) [الأحزاب:33] وقوله صلى الله عليه وسلم: " لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها كله، حتى لو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه". رواه أحمد وابن ماجه بسند حسن وهو عند الترمذي إلى قوله: " أن تسجد لزوجها" إلى غير ذلك من النصوص.
واتفق الفقهاء على جواز خروجها بلا إذن زوجها عند الضرورة والحاجة التي لا بد منها، كخوف هدم وعدو وحريق وللاستفتاء في مسألة تحتاجها إذا لم يغنها الزوج في ذلك.
واختلف الفقهاء في خروجها لزيارة أهلها وعيادتهم، فذهب الحنابلة إلى أن للزوج أن يمنعها من ذلك، وأن عليها أن تطيعه حينئذ. قال أحمد في امرأة لها زوج وأم مريضة: طاعة زوجها أوجب عليها من أمها إلا أن يأذن لها.
إلا أنهم قالوا: يستحب للزوج أن يأذن لها في الخروج لما في ذلك من صلة الرحم، ولما في منعها من قطيعة رحم، وربما حملها عدم إذنه على مخالفته.
وعندهم: لا يملك الزوج منعها من كلامهما، ولا يملك منعهما من زيارتهما لها، إلا مع ظن حصول ضرر بسبب زيارتهما فله أن يمنع دفعاً للضرر.
واستدلوا بما رواه ابن بطة في أحكام النساء عن أنس: أن رجلاً سافر ومنع زوجته الخروج، فمرض أبوها فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حضور جنازته فقال لها: اتقي الله، ولا تخالفي زوجك، فأوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم أني قد غفرت لها بطاعة زوجها".
وذهب الحنفية والمالكية إلى أنه ليس للزوج أن يمنعها من زيارة والديها، قال الزيلعي في تبين الحقائق: قيل لا يمنعها من الخروج إلى الوالدين إلخ. قال الكمال: ولو كان أبوها زمنا (مريضاً) مثلاً، وهو يحتاج إلى خدمتها، والزوج يمنعها من تعاهده فعليها أن تعصيه، مسلماً كان الأب أو كافراً.
وقيد بعض الحنفية بما إذا لم يقدر الأبوان على إتيانها.
وعند المالكية: لو حلف أن لا تزور والديها حنث، وقضي لها بالزيارة إن كان والداها في نفس البلد.
بشرط أن تكون مأمونة، والأصل حملها على الأمانة حتى يظهر خلافها.
واختلف في المدة التي تزور الزوجة فيها أبويها:
فقال المالكية: يقضى لها في الجمعة مرة.
وإلى هذا ذهب جماعة من الحنفية، لكن قال ابن الهمام (ينبغي أن يأذن لها في زيارتهما في الحين بعد الحين على قدر متعارف، أما في كل جمعة فهو بعيد، فإنه في كثرة الخروج فتح باب الفتنة، خصوصاً إذا كانت شابة والزوج من ذوي الهيئات) انتهى.
والحاصل أنه ليس للزوج أن يمنع زوجته من زيارة والديها مطلقاً في قول جماعة من أهل العلم إلا أن يكون في ذهابها إليهما ضرر ومفسدة.
وعلى الزوج أن يعلم أن في سعادة زوجته واطمئنان بالها وخاطرها على والديها سعادة له ولأبنائه. وأنه ينبغي له أن يعين زوجته على الطاعة، ومنها: برها بوالديها، والقيام على رعايتهما عند الحاجة.
وفي زيارة الزوج والزوجة وأبنائهما لهؤلاء الأرحام تقوية للأواصر، ودعم للألفة والمحبة، وتنشئة للأبناء على البر والإحسان، وغير ذلك من الفوائد التي يُحْرَم منها الزوج وأبناؤه بسبب القطيعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(13/342)
هل للزوج منع زوجته من زيارة أهلها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إدا منع الرجل زوجتة من الدخول إلى أهلها فهل تطيعه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمنع الزوجة من زيارة أهلها ـ أعني والديها أو أحدهما ـ أمر لا ينبغي، وقد نص أهل العلم على كراهته، انظر: المجموع ج 18- ص: 97.
والظاهر ـ والله تعالى أعلم ـ أنه إذا منعها لغير عذر شرعي يقتضي ذلك، وكانا محتاجين لزيارتها، فليس لها أن تطيعه في هذه الحالة، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لكن عليها أن تستأذنه حتى لا يكون خروجها بغير إذنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1421(13/343)
هل تجب طاعة الأب إذا أمر بشراء شقة معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[أبى يطلب مني شراء شقتين مما يملكه لضائقة مالية كما ذكر لي وإنني لا أرغب فى ذلك لعدم رغبة أولادي الاثنين للمشاكل بين زوجات إخوتى حيث إن المنزل عائلي وأبي لا يرغب أيضا في أن يمتلكهما أي شخص غريب وأبي يملك العقار وأعطى كل ابن شقة والباقى أربعة وفي حالة شرائى للشقتين سوف يؤثر ذلك على وضعي المادى نسبيا برجاء الإفادة ماذا افعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فطاعة الوالدين واجبة ما لم يأمرا بمعصية، فإذا أمرا بمعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولم أر في ما أمرك به والدك معصية تبيح لك مخالفته، لكن بإمكانك أن تنصحه بعدم رغبتك في الشراء، أو تعينه في ضائقته، وبذلك تكون قد جمعت بين بره، وطاعته، وعدم شرائك شققه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1421(13/344)
نصائح ثمينة لتمتين العلاقات الأسرية ورأب الصدع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أنا متزوجة من ثماني سنوات وتقريبا من البديات
وأنا فى صدام مع أخوات زوجي والآن خلال هذا الشهر قطعت العلاقه معهم والله يعلم كم حاولت الاستمرار ولكن لم أستطع مع العلم أن أم زوجي متوفاة وعلاقتي مع أبي زوجي ممتازة والحمد لله وبالنسبة لزوجي وأولادى فهم دائما معهم والرجاء تقدير معانتي وهل أخوات الزوج من الأرحام بالنسبة لي زوجة الاخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحد الرحم التي يجب صلتها ويحرم قطعها: هم القرابات من جهة أصل الإنسان، كأبيه وجده وإن علا، وفرعه كأبنائه وبناته، وإن نزلوا، وما يتصل بهم من حواشٍ كالأخوة والأخوات، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات، وما يتصل بهم من أولادهم برحم جامعةٍ، وعليه فلا تكون أخوات زوجك من الأرحام التي تجب صلتها، وإن كان الأولى والأحسن أن لا تقطعي صلتك،فهن وإن كن لسن رحما لك إلا أنهن أرحام لزوجك وأولادك، فسددي وقاربي، واحرصي أن لا يكون من طرفك تقصير في حقهن تكوني أنت سبباً فيه، وعليك أختي التحلي بالصبر مما تلقينه من أذى أو إعراض، فالصبر ثوابه عظيم قال تعالى: (إنما يوفى الصابرون بغير حساب) [الزمر: 10] . وأن تتخلقي بالأخلاق الفاضلة، وأن تشعريهم بأنهم أخوات لك، وأنت أخت لهم، وأن تبادليهم المحبة والاحترام، والكلمة الطيبة الجميلة، والابتسامة اللطيفة في وجوههم لها أثر كبير. قال تعالى: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) [فصلت: 34، 35] وحبذا لو استعنت على هذا الأمر بزوجك فهو ولا شك حريص على أن تكون علاقتك بأخواته طيبة، وحضيه على الإصلاح بينكم، فإنه إذا اقتنع بحرصك على ذلك، يكون له الأثر الأكبر.
ولا تيئسي من الإصلاح، فالنية الطيبة تؤتي أكلها ولو بعد حين، فكم من قلوب نافرة قد تغيرت، وكم من عداوات تحولت إلى صداقات حميمة، فالقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، كما ورد في الحديث الشريف.
والدعاء من أنجع الأدوية، فعليك بسهام الليل، والضراعة في الأسحار، واعملي أن الله لا يخيب من لجأ إليه بصدق، والله يوفقك ويعينك. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1421(13/345)
طاعة الأب التارك للصلاة وبره يكون بالمعروف وفي غير المعصية
[السُّؤَالُ]
ـ[أب لا يصلي ولا يقرأ القرآن ولا يقول إلا الكلام البذيء، فهل تجب طاعته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك ببر والدك، والإحسان إليه، والسعي المتواصل من أجل صرفه عن هذه الأخلاق الذميمة، وإنقاذه من الكفر، حيث إن ترك الصلاة ولو من غير جحود ـ على الراجح من أقوال أهل العلم ـ كفر مخرج من الملة، وعليك أن تسعى في ذلك برفق وتودد وحسن خطاب.
وحتى لو أصر على حاله، فيلزمك الإحسان إليه، وطاعته إلا في المعصية، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لأن الله سبحانه قال: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إليّ) [لقمان: 15] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1421(13/346)
هل يحق للأبناء أن يطالبوا والدهم بمعرفة ما يتعلق بأمواله
[السُّؤَالُ]
ـ[1-أبي يكنز الأموال في مكان غير معروف ولا يرينا شيئا من هذه الأموال فما حكمه؟
2- ما صحه الحديث الذي يقول اختلاف أمتي رحمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يلزم الأب شرعاً أن يخبر أبناءه عن ماله، أو محل اكتنازه، والأمر في ذلك راجع إليه حسب ما يراه مناسباً لمصلحته.
ولا ينبغي لأولاده الإلحاح عليه في ذلك، وإنما الذي يلزمه أن ينفق على أولاده بالمعروف، ما داموا ممن يستحقون النفقة، ويلزمه أيضاً أن يحرر وصية يبين فيها مكان ماله، وما له عند الآخرين، وما عليه، حتى إذا قدر الله عليه الموت اهتدى ورثته إلى ماله، وعرفوا ما لهم وما عليهم.
والله أعلم.
وأما حديث: "اختلاف أمتي رحمة"، فهو حديث موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الألباني في السلسلة الضعيفة في حديث رقم 57: لا أصل له وقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند، فلم يوفقوا حتى قال السيوطي في الجامع الصغير: ولعله خرّج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا. وهذا بعيد عندي إذ يلزم منه أنه ضاع على الأمة بعض أحاديثه صلى الله عليه وسلم، وهذا مما لا يليق بمسلم اعتقاده.
ونقل المناوي عن السبكي أنه قال: "ليس بمعروف عند المحدثين، ولم أقف له على سند صحيح، ولا ضعيف، ولا موضوع.
وأقره الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه على تفسير البيضاوي. انتهى.
وقال فيه ابن حزم: باطل مكذوب.
وهذه العبارة قد أوردها كثير من العلماء والأئمة في كلامهم عن الاختلاف، وقد يشكل معناها خصوصاً مع تضافر نصوص الكتاب والسنة على ذم الاختلاف، وقد وفق بين ذلك ابن حزم في (الإحكام في أصول الأحكام) ، فقال بعد ذكر هذه العبارة: وهذا من أفسد قول يكون، لأنه لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطاً، وهذا مما لا يقوله مسلم، لأنه ليس إلا اتفاق أو اختلاف، وليس إلا رحمة أو سخط.. إلى أن قال بعد سرد الأدلة على ذم الاختلاف، فإن قيل: إن الصحابة قد اختلفوا وهم أفاضل الناس ـ أفيلحقهم الذم المذكور؟.
قيل: كلا، ما يلحق أولئك شيء من هذا، لأن كل امرئٍ منهم تحرى سبيل الله، ووجهته الحق، فالمخطئ منهم مأجور أجراً واحداً لنيته الجميلة في إرادة الخير، وقد رفع عنهم الإثم في خطئهم، لأنهم لم يتعمدوه، ولا قصدوه، ولا استهانوا بطلبهم، والمصيب منهم مأجور أجرين، وهكذا كل مسلم إلى يوم القيامة فيما خفي عليه من الدين ولم يبلغه، وإنما الذم المذكور، والوعيد المنصوص لمن ترك التعلق بحبل الله: وهو القرآن، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم بعد بلوغ النص إليه، وقيام الحجة عليه، وتعلق بفلان بفلان مقلداً عامداً للاختلاف، داعياً إلى عصبية، وحمية الجاهلية، قاصداً للفرقة، متحريا في دعواه برد القرآن والسنة إليها، فإن وافقها النص أخذ به، وإن خالفها تعلق بجاهلية، وترك القرآن وكلام النبي صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء هم المختلفون المذمومون. وطبقة أخرى وهم قوم بلغت بهم رقة الدين وقلة التقوى إلى طلب ما وافق أهواءهم في قولة كل قائل، فهم يأخذون ما كان رخصة في قول كل عامل، مقلدين له غير طالبين ما أوجبه النص عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1421(13/347)
الحقوق الواجبة على المسلم تجاه أقاربه وأرحامه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي حقوق الزوجة والأولاد والإخوان والأخوات والوالدين على الشخص، إذا كانوا كلهم على قيد الحياة، وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحق المسلم على المسلم عشرة: أن يسلم عليه إذا لقيه، ويعوده إذا مرض، ويجيبه إذا دعاه، ويشمته إذا عطس، ويشهد جنازته إذا مات، ويبرَّ قسمه إذا أقسم، وينصح له إذا استنصحه، ويحب له من الخير ما يحب لنفسه، ويكف عنه شره ما استطاع، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، ويبذل له من خيره ما استطاع في دينه ودنياه، فإن لم يقدر على شيء فكلمة طيبة. فإن كان من القرابة فيزيد على ذلك حق الرحم بالإحسان والزيارة وحسن الكلام واحتمال الجفاء، وأما إن كان أحد الوالدين فيزيد على هذا ما أشار الله إليه في قوله تعالى (وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍّ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً) [الإسراء:23-24] ، وقد حكى ابن العربي اتفاق العلماء على أن صلة الرحم واجبة وأن قطيعتها محرمة، قال تعالى: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) [محمد: 22] ، فهذه بعض النصوص التي تدل على أن صلة الرحم واجبة، وأن قطيعتها محرمة، إلا أنها درجات بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك الهجر، والصلة بالسلام والكلام. وتختلف هذه الدرجات باختلاف القدرة والحاجة، فمنها الواجب ومنها المستحب، إلا أنه لو وصل بعض الصلةِ ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعاً، ولو قصّر عما يقدر عليه وينبغي له لا يكون واصلاً.
أما حدّ الرحم التي تجب صلتها ويحرم قطيعها: فهو القرابات من جهة أهل الإنسان كأبيه وجده وإن علا، وفروعه كأبنائه وبناته وإن نزلوا، وما يتصل بهم من حواشي كالإخوه والأخوات، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات، وما يتصل بهم من أولادهم برحم جامعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1421(13/348)
لا يحق للوالد أن يأخذ مال ولده بحجة أنه أنفق عليه إلا إذا كان مضطرا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم أنا إنسان لدي منجرة أخشاب وعملت بها ثلاث سنوات ودخلها ممتاز ولله الحمد ووالدي يأخذ الدخل ولا يعطني منه شيئا وقمت بالبحث عن وظيفة وحصلت عليها ودخلها2500 ريالا ووالدي يأخذه مني علمًا أن راتبه بعد التقاعد يصل إلى عشرة آلاف ريال وقد وصله مني عشرة آلاف وعندما طلبته في سيارة لي رفض ذلك وقال لن آتي بها لك وأنت تعمل في هذه الشركة علما بأنه يطالبني بدين وهي مصاريفي أثناء الدراسة وكذالك يطالب إخوتي بنفس الشيء الذي يطالبني به ويطالبهم بدين في السيارات التي أخذها لهم وهو ولله الحمد عنده الخير من العمارة التي في جدة وكذالك المنجرة وكذالك العمارة التي يشارك إخوته فيها؟ أفيدوني جزاكم الله كل خير هل له الحق في أخذ راتبي مني علما بأنني في أمس الحاجة إليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما ينفقه الأب على ابنه في حال صغره وفقره، وما يصرفه عليه زمن دراسته لا ينبغي أن يعتبره دينا على الولد، ويحاسبه به بأخذه من راتبه، وذلك لأن وجوب نفقته عليه، ومقتضى مسؤليته عنه، واسترعائه إياه يجعل تعليمه حقاً واجباً عليه له. يضاف إلى ذلك أن رجوع الآباء على الأبناء بمثل هذا ليس مألوفاً، ولم تجر به عادة، وعليه فإنا نقول: لا يحق للوالد الغني أن يأخذ راتب ابنه المحتاج بحجة أنه تحمل عنه مصاريف الدراسة في فترة صغره وفقره، لأن تعليمه إياه إذ ذاك أمر مطلوب منه شرعاً. أما إذا كان الأب محتاجاً وكان الابن له مال، فإنه يجوز للأب أن يأخذ من مال ابنه ويتصرف فيه دون سرف، سواء أذن الولد أو لم يأذن، لما أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي وحسنه من قوله صلى الله عليه وسلم: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وولده من كسبه"، ولما أخرجه ابن ماجه أيضا من قوله عليه الصلاة والسلام: "أنت ومالك لأبيك"، واللام في لأبيك: لام الإباحة، لا لام التمليك. كما قال العلماء. بدليل أن مال الولد يتصرف فيه وعليه زكاته، ويورث عنه.
وخلاصة القول: إنه لا يحق لأبيك أن يأخذ راتبك، ما دمت محتاجاً إليه، لما في أخذه له من الإضرار بك، وقد ثبت مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا ضرر ولا ضرار" أخرجه الإمام أحمد والدارقطني. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1421(13/349)
سكن الابن في بيت مستقل لمبرر شرعي لا يعتبر عقوقا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسكن في بيت مستقل غير الذي يسكن فيه والدي وأعلم أن والدي غير راض بذلك ولكنني اضطررت لذلك لأن زوجتي تجد حرجاً في التجول في البيت بسبب وجود إخوتي الذكور في نفس البيت وتجد نفسها مضطرة للبقاء في غرفة النوم طول الوقت أو في المطبخ مع العلم أني أقوم بجميع مسؤلياتي تجاه أهلي وأزورهم ثلاث مرات على الاقل في الأسبوع مع قضاء الخميس والجمعه معهم.
ووالدي لم يصرح بعدم رضاه بذلك ولكني أحس ذلك في كلامه وتصرفاته. والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك في سكناك في هذا البيت المستقل، لما ذكرت من الأسباب، ونسأل الله أن يأجرك على تمسكك بدينك، وصيانتك لأهلك.
وننصحك بالتلطف مع والدك في إعلامه بصحة موقفك، والحرص على بره، وزيارته والإحسان إليه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1421(13/350)
وجوب مخاطبة الوالدين باحترام.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ أود الاستفسار عن أمر شغل بالي منذ فترة وهو أن أحد الأصدقاء قال لي مرة أن مناداة الوالد بأي لقب مثل (الحاج) أو مناداة الجد مثلا بمثل هذا اللقب فيه نوع من العقوق فهل هذا الأمر صحيح وإذا كان صحيحا فهل علي إثم في ماسبق وأن اطلب السماح من أبي.
أفيدونا أفادكم الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلقد أوجب الله تعالى بر الوالدين واحترامهما وتوقيرهما وخفض الجناح لهما ومعاملتهما ومخاطبتهما بما يقتضي ذلك. وحرم تحريماً غليظاً كل ما يقتضي خلاف ذلك. قال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً) [النساء: 36] .
وقال تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً) [الإسراء: 23-24] .
وعلى هذا فإذا كانت مناداة الوالدين بهذا اللقب أو نحوه بعدم التوقير والاحترام حسب عرف بعض الناس مثلاً. توحي
أو كانت تجرح شعور الوالد فيجب اجتنابها والابتعاد عنها والتوبة إلى الله تعالى مما سبق وطلب العفو والصفح من الوالد.
وليس عليك إثم فيما سبق لأنك معذور فيه بالجهل.
وأما إذا لم يشتمل على ما يؤذن بعدم التوقير والاحترام فلا حرج فيه إن شاء الله.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/351)
الزيارات والتصرف الحسن تقطع على الشيطان الطريق وتزيد الألفة.
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... أما بعد..جزاكم الله خيرا على نشر المعروف والإسلام ... وأرجو منكم التكرم والإجابة على سؤالي لأني على عجلة في معرفة الرد بأسرع وقت ممكن ... والمشكلة كما يأتي: نحن ثلاث أخوات..أختي الكبرى متزوجة من رجل غريب بمعنى أنه ليس من أقاربنا..وتكبرني بخمس سنوات.. وأنا وأختي الصغرى متزوجتان من أبناء عمومتنا ... بمعنى أن أبي شقيق أبي زوجي ووالد زوجي متوفى منذ خمس سنوات وقد تخللت حياتنا الكثير من المشاكل بين أهلي وزوجي وزوج أختي خصوصا بعد وفاة عمي رحمه الله ... مع العلم أن أبناء عمي الكل يشهد لهم بالرجولة والأخلاق حتى زوجة عمي لم أر امرأة تخاف الله مثلها وهي بمثابة الأم الثانية لي مع العلم أن والدتي كانت تحذرني منها قبل الزواج ومنذ الصغر كنا نسمعهم يقولون كلاما وجدته بعد زواجي زورا وبهتانا ... ووالله إن أبناء عمي لم يقصروا معهم في شيء وكانوا يحضرون لهم الهدايا الثمينة مقابل لا شيء من زوج أختي الكبرى ومع ذلك نرى كل الترحيب والحب والاحترام من نصيب أختي وزوجها إلا أن زوجها كما تقول أختي يقبل رأس أمي ويطيع أوامرها وكالخاتم في إصبع أهلي جميعا مع العلم أنه طالب علم كما يقول ... وقد تعاتب أزواجنا مع أبي قبل ذلك على خلاف كان بينهم بحضور عمي الكبير واعتذروا له وقبلوا رأسه ومع ذلك لم يقبل والدي اعتذارهم حتى يعتذروا لأمي ولكنهم لم يرضوا لأنهم لم يفعلوا لها شيئا وبسبب ذلك ظل الخلاف قائما بينهم وقد صرح أبي لهم أنه لم يكن يريدهم بل أمي التي كانت تريدهم وأن شعرة من جسد زوج ابنته الكبرى تساويهم الاثنين معا وبعد كل ذلك دخل المستشفى بسبب الانفعال وقال هو وأمي إن أزواجنا جاءوا ليفعلوا به ذلك ليس من أجل المعاتبة والصفح..كل ذلك بحضور عمي الكبير وهو مع زوجي وزوج أختي وليس مع أبي لأنهم على حق ... ومرت الأيام..وجاء زواج أخي وقدم زوجي وأخوه كل مالديهم وأبدوا رغبتهم في المساعدة حتى جاء يوم العرس وعندما قاموا ليضعوا أيديهم في تحضير العشاء لم يسمح لهم المسؤول وقال إن هذه هي التعليمات وجاء أبي يصرخ ويقول لهم اجلسوا ولا تفعلوا شيئا فقط عندما نضع العشاء تجلسون للأكل فصدم زوجي من كلام أبي ولم يغضبه بل جلس قليلا على العشاء ولم يضع شيئا في فمه وقام ولكن بعد ذلك اتضح أمام الجميع أن أبي لايحب أبناء أخيه وأغلب من في الزواج شاهد ذلك بعينه ... ورأى زوجي أباه في المنام يربت على كتفه كي لا يحزن ... ماذا عساي أن أفعل تجاه هذا الظلم والحديث لم يعد ينفع معهم لأنهم يقولون إننا نسمع من أزواجنا وهم الذين يفسدون بيننا ... ولكن يعلم الله أنهم يخافون ربهم في تصرفاتهم ولهم مكانة مرموقة في العمل ... ومع ذلك يقول أهلي إنهم لا يعرفون كيف يتعاملون معهم يريدونهم مثل زوج أختي، مع العلم أن مستوى المعيشة لدينا أفضل بكثير من مستوى أختي وزوجها، وأهل زوجي جميعهم قلوبهم بيضاء ويخافون الله ... لا يوجد أسلوب إلا واستخدمناه معهم ... فهل أكون عاقة إذا لم أحضر لهم إلا كل شهر مرة ... لأنهم غير راضين عن هذا الوضع ويريدوننا كل أسبوع مثل أختي الكبرى ... علما أن أمي الآن غير راضية علي لأنها أجرت عملية وزرتها في المستشفى ولكن لم أذهب لها بعد خروجها مع أن زوجي قدم لها هدية في المستشفى كل من جاء لزيارتها أبهره منظرها ... بالمقابل أختي كانت تنام عندهم وكانت تقول إن زوجها يسمح لها بذلك وكانت دائما تقول لي بأن زوجها أفضل من زوجي ... والله على ما أقول شهيد ... وأرجو منكم السماح على الإطالة ... لأني في وضع يرثى له وعجزت عن التفكير ولا أعلم ماذا أفعل ووالله لم أقصر مع أهلي حتى إنني كل يوم أحدثهم عن طريق الهاتف ولكن أمي تكلمني باقتضاب لأني لم أذهب لها في المنزل وكبرياؤها يمنعها من الحديث ولا تصدق ما نقول حتى لو حلفنا لها على المصحف ... ولن تصدقوا إذا قلت إنها امتنعت عن زيارة أختي في منزلها بعد ولادتها لأنها لم تذهب لديها في المنزل لترعاها وكانت طريقة زوجها في الحديث كما تقول غير لبقة وكان هذا الموضوع بعد دخول أبي الستشفى بفترة ليست بعيدة،كبرياؤهم يمنعهم من عمل أي شيء، وأنا أرى والدة زوجي تعامل زوج ابنتها معاملة هو يخجل منها وكم تمنيت أن تتعلم أمي وأبي كيف يتعاملون مع أزواج بناتهم حتى لا يخسرونا ... بعد أن خسروا أزواجنا ... فأنا بين نارين بين طاعة زوجي والبر بأهلي علما أنني ولله الحمد على وفاق مع زوجي ونعيش على بركة الله منذ سبع سنوات ولله الحمد ... وعذرا مرة أخرى على الإطالة ... سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله الا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشيطان حريص على أن يدخل الهم والحزن إلى قلب المسلم، وأن يوجد العداوة والبغضاء بين المؤمنين.
ولهذا نوصيك بمراغمة الشيطان وقطع الطريق عليه، وذلك بأن تبذلي ما تستطيعينه من الصلة والإحسان إلى أهلك، فإن أمكنك زيارتهم كل أسبوع فافعلي ذلك، بل حاولي ذلك ابتغاء مرضاة الله، فإن حق الوالدين عظيم، وإحسانهما سابق، وما يصدر منهما من خطأ ينبغي أن يغمر في بحر حسناتها.
ولا ينبغي أن تعقد المرأة مقارنة بين زوجها وزوج أختها، فإن هذا مما يوغر الصدور، ويورث الحسد والبغض، بل عليك أن تستفيدي من إيجابيات الآخرين، وتسابقيهم في الخيرات، ولا تتصرفي تصرفاً يفهم منه الغيرة. ووصيتنا لزوجك وزوج أختك أن يحتسبا ما يقدمانه لوجه الله، وأن يدركا أن مقابلة الإحسان بالنكران أو بعدم التقدير نوع من الابتلاء، وأن هذا لا ينبغي أن يكون سبباً في تغيرهما للمعاملة، أو مقابلتهما الإساءة بالمثل، فإن إكرامهما لأبيك وأمك إكرام لكما ولأولادكما. وهي محنة دواؤها: الحكمة في التصرف، وعدم العجلة في اتخاذ مواقف هي عبارة عن ردود أفعال، ومواصلة الإحسان وإكثار الزيارة، والصمت عند المواجهات الكلامية، ونسأل الله أن يصلح أحوالكم وأن يذهب عنكم كيد الشيطان. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/352)
حكم صلة من يرتكب المعاصي والأكل من طعامه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.. لي أقارب يرتكبون المعاصي مجاهرة..أقل شي أنهم يشربون ويتاجرون في المسكرات.. فهل من الواجب علي صلة الرحم تجاههم؟ وهل يجوز لي أن آكل من طعامهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الشارع الحكيم أمر بصلة الرحم وحث عليها ووعد عليها الجزاء الحسن، قال تعالى: (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) [النساء: 1] .
وقال تعالى: (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل) [الرعد: 21] .
وإذا كان أقاربك عصاة ويجاهرون بالمعاصي فلا يمنع ذلك من صلتهم بل قد يتعين ذلك عليك لواجب النصح، قال صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة".
فعليك أن تقوم بصلة هؤلاء الأقارب وأن تنصحهم وتبين لهم أن الذي هم عليه يغضب الله ويجلب سخطه ومقته، وأن كل أمة محمد صلى الله عليه وسلم معافى إلا المجاهرين.
والدليل على أنه يجوز صلة القريب العاصي قول أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها: "قدمت عليّ أمي وهي مشركة في عهد قريش، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله قدمت عليّ أمي وهي مشركة راغبة أفأصل أمي؟ قال: نعم صلي أمك" رواه مسلم.
وليس هناك ذنب أعظم من الشرك ومع ذلك لم يمنعها من صلة أمها، فلعل ذلك يكون سبباً في هدايتها.
وأما طعامهم فإنه لا يحل الأكل منه، إذا لم يكن لهم دخل من غير التجارة في المحرم، فإن كان لهم مصدر دخل آخر جاز لك الأكل من طعامهم لأنه حينئذ مال مختلط، والنبي صلى الله عليه وسلم أضافه يهودي وأضافته امرأة يهودية على شاة مسمومة مع كون اليهود يتعاملون بالربا في بيوعهم وتجارتهم، وهذه الصلة يجب أن تقتصر على الواجب، دون الانبساط إليهم أو التوسع في إجابة دعوتهم، كما يجب الإعلان بكراهية ما هم عليه، وعدم مجالستهم أثناء غشيانهم المنكر، فإن ذلك كله محرم. كما أن هجرهم إذا كان ذلك ممكنا بغير مفسدة أكبر، فإنه علاج يستخدم إذا كان نافعاً، ولا يعد من قطيعة الرحم إذا كان بهذه النية. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/353)
أحسن إلى أختك وإن أساءت إليك
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت تكبرني سنًا تسيء إلي وأنا أحسن إليها دائمًا تظن في ظن السوء وتتفوه علي بكلام ينبيء عن حقد دفين ولا أجد لذلك مبرراً وأنا حريص على صلة الرحم بكل ما أستطيع إلا أنها وعندما يتم الاتصال بها هاتفيًا تغلق السماعة في وجهي بعدما تسمعني كلاماً بذيئا يسم البدن ويتواصل مني الاتصال ويتواصل منها القطع رغم أنه لا مبرر لذلك فما ترشدونني إليه أثابكم الله؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فصلة الرحم من القضايا التي حثنا عليها ديننا الحنيف، والقرآن الكريم والسنة مملوءان بالآيات والأحاديث التي ترشد إلى ذلك. فالله جل وعلا قد قرن قطع الأرحام بالفساد في الأرض. قال الله تعالى: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) [محمد: 22] . فيا أخي الكريم إن كانت المعاملة السيئة التي تلقاها من أختك بسبب أمرٍ ديني كأن تكون أمرتها بمعروف أو نهيتها عن منكر وهي بدورها لم تتقبل منك، فاصبر واحتسب الأجر عند الله وأشفق على أختك وتمن لها الخير والهداية، وليكن لك في رسول الله أسوة حسنة.
وإن كانت المعاملة السيئة سببها أمر دنيوي أو مشاكل عائلية، فلا تقابل الإساءة بالإساءة، ولكن قابل ما تجده من أذى بالإحسان وبالصبر الجميل ولتكن هذه الآية أمامك وهي قوله تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) [فصلت: 34، 35] .
ونذكرك أيضا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل يشكو إليه سوء معاملة أقاربه له قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويُسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون عليّ فقال: "لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل (الرماد الحار) ولا يزال معك من الله ظهير عليهم مادمت على ذلك" [رواه مسلم وأحمد وأبو داود] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(13/354)
احرص على بر والدك بالمعروف
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أساء لي والدي إساءات عديدة وفي مرات متتالية الكثير الكثير بعد زواجي وخاصة إلى زوجتي وكان آخرها عدم تعزيتها بوفاة والدها وهو أغلى ما كان لديها وتلاها عدم مباركتهم لها ولي بمولودنا الأول والجديد وأجبر والدي أمي وجميع إخوتي باتباع موقفه. كل ذلك لأنني لا أطيعه فيما يطلب مني ولا أنصاع لأوامره حيث يريدني أن أترك عملي وأنا مرتاح فيه فقط لأني أعمل مع نسيبي وأن أبحث لنفسي عن أي عمل آخر وأن أسافر الى بلد آخر وأترك زوجتي وبنتي هنا وأسافر إلى فلسطين لأن أقاربي هناك وأبحث لنفسي عن عمل جديد وكان آخر شروطه أن أترك زوجتي أو حتى أطلقها إذا لزم الأمر وهو سيزوجني غيرها ولم يترك مناسبة إلا وكان سباقا لشتمها بأسوأ الشتائم أمامي ولا يحق لي أن أعترض وشتم والدتها أمامها العديد من المرات وعندما رفضت شرطه وحاولت أن أقنعه بأنني أبحث عن عمل آخر مسايرة مني له رفض وقال اترك عملك فورا والله يرزق. سافر ودبر حالك. كل ما سبق طبعا سببه عداء قديم وغيرة بينه وبين والدها الذي توفي نسيبه عندما وافق على زواجي منها وعاد ليظهر كل شيء فجأة، ما هو حكمي يمنعني من الذهاب الى البيت لأرى أمي المريضة، لأرى أخواتي وأخي الذين فرض عليهم عدم مخالطتي ماذا أفعل لم أترك واسطة خير إلا وأدخلتها ولا فائدة ولا زلت أحاول حتى هذا اليوم وقد مضى سنة تقريبا وهو لا يتنازل عن موقفه، وصلني خبر أن أمي مريضة اليوم ماذا أفعل وما حكم زوجتي فهي لا تستطيع الذهاب اليهم بعد كل ما فعلوه معها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على المسلمين أن يتعاطوا كل الأسباب التي تقوي رابطة الأخوة الإيمانية بينهم وتنميتها وأن يتجنبوا كل ما من شأنه أن يضعفها أو يقطعها، حتى يتحقق فيهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " الحديث رواه مسلم.
فعلى المسلم أن يقوم بحق أخيه المسلم وأن يتجنب ظلمه والإساءة إليه امتثالا لأمر الشارع الرحيم بذلك فإنه صلى الله عليه وسلم نهى عن التقاطع والتدابر وكل وسيلة تؤدي إلى ذلك، وأمر بصلة الرحم والتعاون وكل ما من شأنه أن يلم شمل المسلمين ويجمع كلمتهم، ولا شك أن هذا يتأكد أولاً وقبل شيء في الآباء وأبنائهم وذوي القرابات بعضهم مع بعض والجيران فيما بينهم.
ولهذا فإننا نرى أن الواجب على هذا الوالد المسؤول عنه أن يعامل ابنه وزوجته معاملة حسنة، وأن يتجنب الإساءة إليهما بأي وجه من وجوه الإساءة امتثالاً لأمر الشارع وتجنباً للفرقة والتقاطع والتدابر. ومع ذلك فإن ما صدر من والدك لا يسقط وجوب بره ولا يبرر مخالفة أوامره بالمعروف. فالوالد يجب بره حتى ولو كان كافراً، فطاعة الوالدين من أوجب الواجبات التي أمر الله بها، قال تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) [الإسراء: 23] ولكن هذه الطاعة مقيدة بالمعروف لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الطاعة في المعروف" جزء من حديث متفق عليه.
وما دام هذا الوالد يأمر بمباح وهو تركك العمل مع من لا يحب أن تعمل معه والبحث عن عمل آخر فعليك أن تستجيب لأوامره حيث لا يترتب على ذلك ضرر كبير عليك ولا على أهلك، لا سيما وأن عدم انصياعك لأمره في هذا الجانب هو سبب توتر العلاقة بينكما، فقد قال العلماء: إن طاعة الوالدين في الأمور المباحة واجبة، وأحرى إذا أدى الامتناع منها إلى ما ذكرت من التقاطع والتدابر وقطع الرحم المنهي عنه كما علمت.
ولا شك أن الاستجابة لأمره المتقدم حتى ولو أدى ذلك إلى تركك عملاً كنت مرتاحاً فيه، والسفر عن زوجتك وابنتك سفراً عادياً لا يلحقهما ضرر به أسهل من أمر غير واجب يؤدي إلى قطعك من أبيك وأمك وسائر إخوانك. وأما ما هو حكمك عندما يمنعك وزوجتك من زيارة أمك المريضة أو الصحيحة أو إخوانك فهنا لا تجب عليك طاعته، بل عليك أن تزور أمك المريضة وإخوانك إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما أن طاعته في أمرك أن تطلق زوجتك، لسبب كونها بنت فلان غير واجبة عليك. ونرى أن تأخذ إجازة من عملك الذي أنت فيه، لتجرب إن كان هذا يكفي إزالة ما بنفسه. فإن أصر على منعك زيارة والدتك وإخوانك وأصر على أن تطلق زوجتك، فأطعه في ترك العمل، ولست آثماً في مخالفة أمره فيما سوى ذلك، وننصحك بالصبر والحكمة في معالجة الأمر فإن الفرج مع الكرب. والله المستعان.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/355)
النصح والتربية والتأديب لمن يعق والديه
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الصغير يعصي أوامر الوالدين، بل يخالفهم دائما، كما أن له رفقاء سوء، عمره 16 سنة، والوالدان لا يستطيعان ضربه للتأديب. فما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب بر الوالدين، دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع، ومن ذلك قوله تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) [الإسراء:23] ، ولما سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: " أمك" ثلاثاً، ثم قال: " أبوك " رواه البخاري ومسلم. وفي صحيح مسلم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حق الأم: " الزم قدميها فإن تحت قدميها الجنة".
والبر لفظ عام يدخل فيه المعاملة بالحسنى، والتودد والتلطف، وتقبيل الرأس أو اليدين على سبيل الإكرام، وقد عّد النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين وعصيانهما من أكبر الكبائر حين قال: " ألا أخبركم بأكبر الكبائر:الإشراك بالله، وعقوق الوالدين ... الخ) رواه البخاري ومسلم. ولاشك أن هذا الابن قد أخطأ خطاً عظيماً في حق والديه لأنه يجب عليه طاعتهما وبرهما والإحسان إليهما، ومصاحبتهما في الدنيا معروفاً إلا إذا أمرا بمعصية فلا طاعة حينئذ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " إنما الطاعة في المعروف " رواه البخاري ومسلم.
ولعّل من أهم الطرق في العلاج إبعاد هذا الابن عن رفقاء السوء، والبحث له عن رفقة صالحة تعينه على الخير والطاعة، لأن المرء على دين خليله، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل أومن يصاحب " كما ينبغي نصح هذا الابن بالرفق واللين ودعوته بالحكمة، ومحاولة تحبيبه إلى والديه، وتحبيب والديه إليه مع مراعاة صغر سنه، كما نرى أنه لاضرورة للضرب في هذه المرحلة، والأحسن من ذلك ترغيبه في طلب العلم الشرعي النافع، والمحافظة على الصلوات في أوقاتها، وتعليق قلبه بالمساجد، ولا بأس بعرض الموضوع على أحد المشايخ الفضلاء ممن يوثق بعلمه وفضله لمقابلة الشاب، ونصحه وتأدبيه إن لزم ذلك، نسأل الله التوفيق للجميع. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1421(13/356)
عتاب الأقارب الناشيء عن الهوى لا يؤثر ما دامت الصلة قائمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحاول أن أصل أهلي في كل المناسبات تقريبا سواء بالزيارة أو بالهاتف على الرغم من كثرة الأقارب والأهل وعلى الرغم من أني متزوجة وأدرس وعندي مسؤولياتي لكن دائما يعاتبونني ويبدون عدم الرضا فهل الواجب تحقيق رضاهم أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلة الرحم من الأمور التي حث عليها الدين الحنيف ورغب فيها، وحذر ونهى عن قطعها، بل إن الله عز وجل قد قرن قطع الأرحام بالفساد في الأرض الذي هو من أكبر الكبائر فقال: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) [محمد: 22] .
وبما أن الشارع لم يبين صلة الرحم ولا جنسها ولا مقدارها فالرجوع فيها إلى العرف، فما تعارف الناس عليه أنه صلة فهو الصلة، وما تعارف عندهم أنه قطيعة فهو القطيعة، وعلى الإنسان أن يتجنب قطيعة الرحم حسب الإمكان ولكن بشرط أن لا يكون ذلك على حساب ما نيط بالإنسان من الحقوق الخاصة ومن المسؤولية التي هي أهم وآكد. فقد جاء في الصحيحين " والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم" وهذا الحديث يشير إلى أن الأصل، في حق المرأة القرار في بيتها، والخروج منه خلاف ذلك الأصل ويباح عند الحاجة بقدرها. فإذا انتهت الحاجة رجعت إلى ما هو الأصل في حقها وهو القرار في البيت، وقد أمر الله تبارك وتعالى نساء النبي صلى الله عليه وسلم بالقرار في بيوتهن، وجعل ذلك وسيلة من وسائل تطهيرهن من الذنوب والمعاصي فقال جل من قائل: (وقرن في بيوتكن) [الأحزاب: 33] .
لهذا فإنا نرى أن الواجب عليك أولاً وقبل كل شيء القيام بما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنك راعيته ومسؤولة عنه أمام الله عز وجل، وهو ما تقدم في الحديث المتفق عليه من رعاية البيت والأولاد وما يتعلق بهم.
ثم بعد ذلك ِصلي رهطك بما هو متعارف، وبما لا يشق عليك ولا يكلفك ما لا تطيقينه، ولا يشغلك عما هو أهم وأوجب، وإذا لم يرض الأقارب منك إلا أن تقصري في مسئوليتك أو تضيعي الحقوق المنوطة بك من أجل صلتهم فلا تصغي لهم ولا تسمعي لقولهم، "إذ لا طاعة لأحد في معصية الله إنما الطاعة في المعروف" الحديث متفق عليه، ويمكن أن تصليهم بالسؤال عن أحوالهم بالهاتف، إذا كان ذلك ممكنا، وأن تحرصي على شهود مناسباتهم التي تجمع بينهم عادة، وهذا كله في صلة الأقارب غير الوالدين، أما الولدان فصلتهما من الواجبات والحقوق المؤكدة. ثم إن الإنسان إذ قام بحق الله تعالى وحق عباده طبقاً للضوابط الشرعية، فإنه لا يضره بعد ذلك عدم رضى الناس عنه ولا عتابهم الناشيء عن الهوى والعواطف. والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/357)
الأفضل أن تصل رحمك وإن قطعوك
[السُّؤَالُ]
ـ[قال صلى الله عليه وسلم (لايدخل الجنة قاطع رحم) إن لدي عما وهو أيضاً جاري أزوره دائماً وهو يسيئ معاملتي ولا يرد لي الزيارة وفي الآونة الأخيرة أصبح يطردني من بيته وإن رآني في مكان عام فٌٌإنه يتهرب مني ولا يلقي علي السلام وإن بدأته به فهو لايرد كل ذلك بسبب تافه لايستحق الذكر فهل عليّّ أن أزوره بالرغم من طرده لي وإهانة كرامتي أمامه؟ أفتونا في ذلك جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: "لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك". والمل والملة: الرماد الحار.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها".
فهذان الحديثان يدلان على أن الأفضل أن تستمر في مواصلة عمك هذا وإن قطعك وأن لك بذلك أجراً عند الله تعالى. وليس في ذلك مذلة لك ولا إهانة لكرامتك، بل إنك إن فعلت ذلك تواضعاً لله تعالى وابتغاء للمثوبة عنده، فسيكون ذلك رفعاً لقدرك عنده وعند الناس، فقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه ". ولعلك إن استمررت في دفع إساءة عمك إليك بالإحسان إليه وصلة رحمه يشرح الله صدره للحق، فيترك مقاطعتك، ويتحول فجأة من عدو لدود إلى صديق ودود. فقد قال الله تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم* وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) [فصلت: 34-35] وعليك أن تبين له بحكمة خطورة قطيعة الرحم وما ورد في ذلك من القرآن والسنة، ومنه الحديث الذي أشرت إليه في السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/358)
لا تمتنع الزوجة الصالحة من زيارة أهل زوجها إن طلب منها ذلك.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام فى امتناع الزوجة عن زيارة أهل زوجها وما هو حق أب وأم الزوج على الزوجة؟ جزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على الزوجة طاعة زوجها فيما ليست فيه معصية لله تعالى، وقد حث الشارع الزوجة على طاعة زوجها حثاً شديداً، وحذرها من الامتناع عن طاعته فيما أمكنت الطاعة فيه.
ففي المسند وصحيح ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت".
وفي المسند وصحيح ابن حبان والمستدرك والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، ولا تؤدي المرأة حق الله عز وجل عليها كله حتى تؤدي حق زوجها عليها كله.
وفي الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح".
وفي هذه الأحاديث - وغيرها كثير - دلالة صريحة على وجوب طاعة الزوج وتعظيم حقه على زوجته.
وبناءً على ذلك، إذا دعاها إلى زيارة أهله، وجب عليها أن تطيعه في ذلك، وليس لها أن تمتنع، إلاّ إذا كانت تخاف أن يلحقها منهم أذىً في دينها أو عرضها.
وحسن علاقة الزوجة مع أهل زوجها هو من العشرة بالمعروف التي يطالب كل من الزوجين بتحقيقها.
ومما يزيد حظوة الزوجة عند زوجها أن تكون برةً بأبويه، قوية الصلة بهما، وجيدة علاقتها بهما، وكل ذلك مطلوب شرعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(13/359)
لا يجوز لزوجك أن يأمرك بقطع الرحم إلا لعذر شرعي مبيح لذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للمرأة طاعة الزوج في قطع الرحم مع أخت الزوج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقطع الرحم كبيرة من الكبائر وقد عطفه الله جل وعلا على الفساد في الأرض قال تعالى: (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض ويتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) [محمد: 22، 23] . ولا يجوز لأحد أن يأمر غيره بمعصية فإن استطعت أن تناصحي زوجك وتنبهي على أن هذا لا يجوز فأفعلي وإلا فإن خفت من أن ينالك منه سوء إن لم تستجيبي لطلبه فقاطعيها، وإن لم تخافي فلا تقاطعيها ما لم يبين لك وجهاً شرعياً يبيح المقاطعة كأن تكون ممن يتظاهر بالفساد أو ارتكاب المعاصي. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/360)
صلة العمة واجبة وتجنب الاختلاط ببناتها ما استطعت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب علي صلة عمتي وزيارتها علماً بأنني قد اضطر للجلوس المختلط أثناء الزيارة؟ كذلك ما حكم الجلوس مع عمي في حال وجود زوجته علماً بأنها تحافظ على الحجاب.. وأن العرف العام في الأردن هو أن تجلس المرأة مع زوجها في الزيارات وهي متحجبة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن العمة تجب صلتها لأنها من ذوي الأرحام الذين أمرنا الله بصلتهم، قال تعالى: (وآت ذا القربى حقه) [الإسراء: 26] وقال: (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) [النساء: 1] . وقال: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى) [النساء: 36] . والصلة تقع منك بما يتعارف الناس عليه في بلدك أنه صلة من زيارة وإحسان وبذل للمعروف وإعانة للمحتاج منهم ونحو ذلك.
أما الجلوس المختلط، فإن كان من يجلس معك من النساء من غير المحارم كبنات عمتك، وكنَّ يلتزمن بالحجاب والستر، فلا حرج في ذلك إن لم تكن هناك ريبة وخلوة.
وإن لم يكن فعليك النصح في ذلك وبيان حكم الشرع في عدم جواز الاختلاط الذي لا تلتزم فيه حدود الشرع حتى ينتهي أقاربك عن ذلك. وأما الجلوس مع عمك في حال وجود زوجته مع حجابها الكامل، فهذا لا حرج فيه بالضوابط السابقة التي ذكرناها، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/361)
طاعة الوالدين مقدمة على الزواج من فتاة معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وبعد أطرح مشكلتي على فضيلتكم لتفتوني بما يرضي الله بعد أن أصبحت في قلق وحيرة دائمين وجزاكم الله كل الخير وأطال عمركم في الخير والبركة. أنا شاب من المغرب العربي أدرس بالمرحلة الثالثة أحمد الله وأشكره على نعمة الإيمان وأسأله الثبات والهداية إلى ما يحبه ويرضاه. مشكلتي بدأت منذ سنتين ونصف تقريبا عندما تقدمت لخطبة إحدى قريباتي ـ تقربني من بعيد ـ عندما أخبروني بعد 3 أشهر تقريبا بأن العائلة على المذهب البهائي الأب والأم اعتنقا هذا المذهب والأبناء ولدوا على ذلك- لم أكن أفهم بادئ الأمر خفايا هذا الدين الزائف إذ كنت أتعرض إليه لأول مرة، حاولت أن أعرف حقيقة الأمر وأحمد الله أن أقدرني أن أدرك خفايا ودسائس هذا المذهب الضال، أخفيت الأمر على عائلتي لعلي أستطيع أن أردهم عن خطئهم الفادح، عملت جاهدا أن أبين لهم التأويلات الخاطئة لمعاني الآيات القرآنية التي يعتمدها هذا المذهب للإضلال بها، وأن أبين لهم التناقض العميق بين الإسلام وهذا المذهب الضال ـ إذ يقرون أنها امتداد للإسلام وهذا ما يطمئنهم بعض الشيء ـ وكيف أنها تخل بثوابت الإيمان وتوصل إلى الضلالة والكفر. كتبت لهم الكثير عن هذا التناقض وذلك بالاستشهاد بآيات القرآن الكريم ـ اعتمدت الكتابة والحوار معا لكي تبقى لهم كتابات يرجعون لهاـ. الذي توصلت إليه هو أن خطيبتي رجعت إلى الدين الإسلامي وأصبحت تطبق التكاليف الإسلامية من صلاة وصوم ولعل الأسباب التي ساعدت على ذلك هي: - أنها أدركت في الأول بعض التأويلات الخاطئة للقرآن الكريم، مما جعلها تشك في هذا الدين. - كما أني أحسست أنها لا تريد أن تفقدني وأنها حسب قولها أنها تريد أن تكون مثلي في جميع الأمور الدينية-أي أن تطبق مثلي الشريعة الإسلامية- فحتىعندما اصوم تطوعا فهي تحرص كل الحرص على أن تصوم معي.- وأيضا إنها من قبل تدرك أن الجانب الديني يمثل جزءا هاما في الحياة وتذكر هي أيضا وأن سبب رجوعها هي أنها أدركت التناقضات حين سمعت مني –إذ أنها كانت لها أول فرصة لسماع الرأي الإسلامي دون طعن في مذهبها وكفى ـ وعلى حد قولها لما لامست في من صدق في القول ولثقتها بي. الحاصل، وأنها أصبحت تقوم بالواجبات الإسلامية من صلاة وصوم منذ ما يقرب 8 أشهر. من جهتي فأنا أولا أسأل الله أن يكون قد يسر لها الهداية كما وأني ألتمس الصدق كثيرا في أقوالها وأفعالها وأرى الاستعداد التام منها في الحرص على الصلاةوحفظ القرآن. الآن، ومنذ مدة علمت عائلتي بالأمر وأصبح أمر القطيعة واردا، فوالدي لا ينهيانني عن الزواج منها ولكن أرى عدم رضاهم وإن كنت لا أعيب البنت فأنا سأقطع هذه العلاقة إن كانت لا ترضي الله لعدم رغبة والدي وأخاف إن فعلت ذلك أن أكون قد أخذت قرارا خاطئاً. أرجو أن تدلني سيدي إلى ما يجب أن أفعله علما وأني أعيش حالة نفسية صعبة جدا. أخاف إن قطعت علاقتي أن أكون قد ظلمتها وظلمت نفسي وإن أقدمت أخاف أن ألقى عذاب الله أرجو من فضيلتكم أن تمدوني بما يرضي الله في مشكلتي وما حكم الشرع في ذلك هل يجيز لي مواصلة العلاقة أم هو من الحلال الغير مرغوب فيه أو يأمرني بقطع هذه العلاقة ومتى لا يجوز الزواج بمن أسلم. أرجو أن تمدوني برد مفصل عما يجب أن أفعله في أقرب وقت ممكن- اليوم إن أمكن -.أخيرا، أسأل الله أن يعطيكم القدرة على المزيد من العطاء وأن يوفقكم في أداء رسالتكم السامية ولما فيه من الخير والسداد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت البنت ـ الآن ـ على المواصفات التي ذكرتها من الالتزام بالدين والابتعاد عن المنهج الضال الذي كانت عليه فسيكون ملخص السؤال هو: هل يجوز للرجل أن يتزوج من امرأة ذات خلق ودين إلا أن أبويه لا يرغبان في زواجه منها؟ فالجواب هو: إن على الابن أن يحاول إقناع أبويه بزواجه من هذه البنت وأن يحاول تبديد مخاوفهما من ماضي هذه البنت مع الطائفة السابقة، فإذا نجح في تبديد هذه المخاوف فليتزوج البنت على بركة الله، وإن لم ينجح في ذلك فطاعة والديه أولى، وعقوقهما من أعظم الذنوب بل عد ـ في الحديث الصحيح المتفق عليه ـ من الموبقات السبع، وإذا ترك الزواج من هذه ابتغاء مرضات أبويه التي أمر الله بها فإن الله سيعوضه خيراً منها، أما أن تكون قد ظلمتها فلا، لأنك تركت الزواج منها لوجه شرعي معتبر وهو طاعة أبويك. ... والعلم عند الله.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/362)
من حق الوالدين أن يعطيهما ابنهما ما يطلبانه بالمعروف.
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم أشكر معدي هذه الصفحة لما فيها من فائدة تعم الجميع السؤال:
أم زوجي دائما تطلب من زوجي مبالغ كبيرة مثلاً إذا أعطاها 500 درهم تطلب ألفاً وإذا أعطاها ألفاً تطلب ألفين وكل شهر تطلب المزيد، أنا أعرف حقوق الوالدين ولكن هي دائماً تطلب المال علماً أنها لديها كثير من الأولاد والبنات وكلهم ولا تحتاج لكثرة هذه الأموال الرجاء إعطائي الرد الشرعي حتى لا نكون محاسبين أنا وزوجي شرعاً لأني أخاف الله كثيرا. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا لم تكن هذه الأم تصرف هذه المبالغ في وجه غير شرعي، فعلى زوجك أن يعطيها ما تطلب منه، ما دام ذلك في حدود المعروف، فإن ذلك من برها الذي أوصاه الله به وحثه عليه غاية الحث في كتابه العزيز والسنة المطهرة، وإليك مثالاً من ذلك. ففي الصحيحين عن أبى هريرة رضي الله عنه أنه جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أمك". قال: ثم من؟. قال: "أمك". قال: ثم من؟. قال: "ثم أمك". قال: ثم من؟. قال: "ثم أبوك".
وليس لك الحق أن تعترضي على ذلك ما دام زوجك قائماً بما يجب عليه من نفقتك ونفقة أولادك. فإن أخل بذلك فلك أن تطالبي بما يجب لك.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/363)
لا تتزوج فتاة لا يرتضيها أهلك لك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أكون عاقا إذا تزوجت بدون رضا الوالدين حيث اني تعرفت على فتاه منذ 8 سنوات وتقدمت لخطبتها بعد ذلك ورفض اهلى الزواج بحجة ان والدها من السود وألححت عليهم بالموافقة وبعد ذلك وافقوا على مضض وبعد الخطبة بأسبوع قام والد الفتاة باستقراض مبلغ من المال من والدي واعطاه والدي المبلغ ولكن عندما جاء وقت السداد اخذ الاب يعتذر ويماطل وبعدها عرفت انه ايضا اخذ مالا آخر من عند اخي الاكبر وعرف اهلي ذلك ورفضوا اتمام الزواج بحجة انهم غير محتاجين والاب يشتغل بمنصب محترم فلماذا يأخذ هذه المبالغ وتركت البنت لمده 6 شهور ثم تقدمت لخطبتهم من دون علمهم وها انا ذا اسالكم اذا تزوجتها بدون رضاهم هل اعتبر عاقا وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فأيها الأخ الكريم ننصحك بالإعراض عن هذا المشروع نهائياً، والتفكير في خطبة فتاة أخرى تتشاور في أمر خطبتها مع والديك قبل أن تخطبها، لتتفادى مثل هذه المشاكل.
ونحن نصحناك بالتخلي عن خطبة هذه الفتاة وعدم المضي قدماً في الزواج منها لأمور:
منها: أن والديك لا يرضيان بزواجك منها، ومعنى ذلك أنك إن تزوجتها فستعيش معها ووالداك غير راضيين عنك، وفي ذلك مالا يخفى عليك.
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن عمر أن يطلق زوجته التي يحبها لأن أباه عمر بن الخطاب رضي الله لا يرضاها زوجة له وكان يأمره بطلاقها، فمن باب أولى أن ننصحك نحن بالتخلي عن هذه الفتاة التي ليست لك زوجة بعد، والبحث عن أخرى.
والحديث الذي أشرت لك إليه هو في السنن، ولفظه أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كانت تحتي امرأة أحبها وكان أبي يكرهها، فأمرني أن أطلقها فأبيت، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: " يا عبد الله طلق امرأتك". والحديث صحيح.
ومنها: أنه قد حصلت بالفعل مشاكل بين أهلك وبين أهل هذه الفتاة، والمتوقع أن تكثر مثل هذه المشاكل وتتعدد وتتنوع إذا حصلت بينكما علاقة زوجية، ولا شك أن ذلك سينغص عليك حياتك الزوجية ويحرمك من كمال السعادة فيها، وقد يفضي ذلك إلى الطلاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(13/364)
لا تلزم طاعة الوالدين في طلاق الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تطليق الزوجة بناء على رغبة أم الزوج حلال أم حرام علما بأن الزوجين علي وفاق وحب وبينهما أولاد لكن أم الزوج امرأة غيورة وتحب التدخل في حياة زوجة ابنه وإملاء شروطها على تصرفات الزوجة والزوجة مستواها العلمي والاجتماعي يرفضان هذا الأسلوب مما أدى إلى وقوع الزوج في مأزق فأمه تلح عليه أن يطلق زوجته وإلا فهي غاضبة عليه حتى تلقى ربها وزوجته وأهلها لا يكفان عن القول بأنني إن فعلت ما تريده أمي فقد ظلمت زوجتي وأسرتي والحقيقةأنني حاولت إقناع زوجتي بأن تطيع أوامر أمي لكنها تقول إنها كلما حاولت ذلك تشعر بالضغط النفسي والعصبي وأنها تعيش بشخصية أخرى غير شخصيتها وتفكر بعقل غير عقلها وتقول لي دائما إنها تزوجتني أنا ولم تتزوج أمي. ماذا أفعل؟ أخشى أن أظلم نفسي وأظلم أبنائي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فقد أمر الله جل وعلا ببر الوالدين، قال تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين احسانا) .
وجاء رجل للرسول صلى الله عليه وسلم فقال من أحق الناس بحسن صحابتي قال أمك قال ثم من؟ قال أمك قال ثم من؟ قال أمك قال ثم من؟ قال أبوك. [متفق عليه] . ومع ذلك اختلف الفقهاء فيما إذا أمره أبوه أو أمه بطلاق امرأته هل تلزمه الطاعة لهما أم لا؟ فإن كان لمجرد التشهي أو لعداوة وقعت بينهما لم ترتكز على أمر ديني فلا يلزم الابن طاعتها في طلاق امرأته لانه أمر بما لا يتفق مع الشرع، ونص أحمد رحمه الله: لا يعجبني طلاقه إذا أمرته أمه، ومنعه الشيخ تقي الدين ابن تيمية، ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم أبغض الحلال عند الله الطلاق. [رواه أبو داود والحاكم وصححه السيوطي وضعفه الألباني] . وعليك أخي السائل أن تحاول الصلح بين أمك وزوجتك وأن تقارب وجهات النظر وإن لم يتيسر ذلك فننصحك بأخذ بيت مستقل مع مراعاة مصالح أمك.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1424(13/365)
معاملة الوالدين بالحسنى واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب التزمت مؤخرا بشرع الله والحمد لله وأنا أدرس فى كلية الطب غير أنه تواجهنى مشكلة أنا فى حيرة بسببها وهى والداي فعلى الرغم من أنهما لا يمنعانى من الصلاة فى المسجد ولا من قراءة القرءان فى المسجد إلا أنهما يمنعانى من الاختلاط بإخوانى فى المسجد أو الحديث اليهم أو زيارتهم أو حتى استعارة كتابا أو شريطا مسموعا ونحو ذلك من الأمور التى قد تساعدنى فى ارتقاءى الايمانى مما جعلنى معزولا كل العزلة فهل أنا إن خالفتهم أكون قد وقعت فى العقوق علما بأنى أؤكد لهما أن أهل المسجد أناس طيبون وليسوا كما يظنان ولكن لخوفهم الشديد على يرفضان كل محاولاتى أفيدونى جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أن تعامل أبويك بشيء من الحكمة واللطف وأن تعلم أن لهما حقاً عليك لا يسقط ولو كانا مشركين نعيذهما بالله من ذلك قال تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن أشكرلي ولوالديك إلي المصير وإن جاهداك على أن تشرك ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي) [لقمان: 14-15]
وفي هذه الآية حل لمشكلتك فصاحب والديك بالمعروف واتبع سبيل من أناب وتاب إلى الله تعالى وادع الله أن يشرح صدر والديك للحق وقبوله وحب أهله وحاول بين الحين والآخر أن تقنعهم بصحة مسلكك ومسلك إخوانك الصالحين الذين تجتمع بهم وأقنعهما بأن مجالستك لهم سبب بإذن الله تعالى في صلاحك واستقامتك على الدين الذي يرضي الله تعالى.
وأخبرهم بما يترتب على صلاحك من خير كثير لهما في الدنيا والآخرة فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مات الإنسان انقطع عمله من الدنيا إلا من ثلاث إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" والحديث في صحيح مسلم وصحيح ابن خزيمة والمسند والسنن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/366)
أعط أمك حقها وأعط زوجتك حقها.
[السُّؤَالُ]
ـ[انا متزوج وامي دائما تخطاء في حقي وحق زوجتي وتسب زوجتي وزوجتي تتحمل امي كثيرا / هل انا اظلم زوجتي بهذا الاسلوب وما الحل مع امي هل اقاطعها فترة ام ان هذا محرم وفي حالة خطئها في حق زوجتي كيف اوقفها عنه اذا حدثت مناوشة كلامية بينهم، جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم عليك أن تقاطع أمك وأن تقول لها كلاماً نابياً أو أن ترفع عليها صوتك ويجب عليك أن تبرها وتطيعها فيما لم تكن معصية لله تعالى وتحفظ لها وصية الله تعالى ووصية نبيه صلى الله عليه وسلم بها قال الله تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرهاً) [الأحقاف:15] .
قال تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً) [الإسراء: 23-24] .
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال من أحق الناس بحسن صحابتي قال: "أمك" قال ثم من قال: "أمك" قال ثم من قال: "ثم أمك" قال ثم من قال: "ثم أبوك". والحديث في الصحيحين عن أبي هريرة.
إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الكثيرة التي فيها الحض على بر الوالدين جميعاً وبر الأم خاصة.
ثم إن عليك -إن كان واقع الأمر كما ذكرت- أن تنصحها وتعظها بلطف وحكمة وتنبهها إلى أن عليها أن تتقي الله تعالى في زوجتك ولا تظلمها وعليك أن تبين لها عواقب ذلك عليها في الدنيا والآخرة
أوص زوجك بالتحلي بالصبر وضبط النفس والإحسان إلى أمك لكسب ودها كما قال الله تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عدواة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) [فصلت: 34-35] .
فإذا انحلت المشكلة بهذا الأسلوب -وذلك المرجو إن شاء الله تعالى- فذلك المطلوب والحمد لله رب العالمين.
وإن بقيت المشكلة على حالها فعليك أن تحاول أن لا تحتك زوجتك بأمك ولو أن تسكنها بيتاً غير البيت الذي تسكن فيه أمك - إن رضيت بذلك أمك- وإن حدث شيء من ذلك وأنت حاضر فهدئهما واصرفهما عن ذلك الموضوع إلى موضوع آخر.
ثم بعد هذا كله لا يخفى عليك أن من الزوجات من تتظاهر لزوجها في ثوب المظلوم وهي في واقع الأمر ظالمة لتحمله بذلك على عقوق أمه أو أبيه ولا يخفى أن هذا هو عين الهلاك بالنسبة لزوجها المسكين فالله جل وعلا قرن الأمر بالإحسان إلى الوالدين بالنهي عن الشرك به قال تعالى: (ألا تشرك بي شياً وبالوالدين إحساناً) فحق في هذه المرتبة يجب أن يحافظ عليه ولا يضاع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/367)
من حق الوالد أن يحسن إليه ولده وإن أساء هو
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم علمائنا الأفاضل أرجو إفادتي بشأن هذا الموضوع: أنا امرأة متدينة والحمدالله وأخاف الله وأخشاه ومتزوجة، مشكلتي في والدي فهو كبير في السن وغير ملتزم بشكل تام بفروض الصلاة المشكلة تكمن في أنه يحب المال كثيراً ولا يرى الا المال لقد تزوجت وأخذ مهري دون أن يسألني عما إذا كنت أحتاج شيئاً بالإضافة إلى أنه عندما كنت عزباء كان يأخذ راتبي ويعطيني أقل من الربع ولكنني لست معترضة على هذا كله اعتراضي أنه يريد أن أعطيه الآن مالاً وأنا متزوجة وأساعد زوجي في مصروفات المنزل وقد أعطيته نسبة قليله من المال لا بأس بها ولكنه كان يتذمر علي ويقول هل أنا سائق لتعطيني هذا المبلغ ودائما يصرخ ويلعن في المنزل وجميع إخوتي لا يحبونه من تصرفاته غير اللائقة، ودائماً أطلب من الله عزوجل أن يهديه إلى طريق الصواب ويصلح حاله وسؤالي الآن أنني منذ سنتين تقريباً لا أكلمه أبداً وهو لا يعرف أبنائي الذين أنجبتهم وعندما رآهم مرة لم يسلم عليهم ولم يحضنهم على -الأقل- هذا لأنني لا أعطيه المال الذي يرغب فأرجو إفادتي عما إذا لا سمح الله حدث له مكروه هل يغضب علي الله لأنني لا أكلمه وما التصرف السليم في مثل حالتي؟ علماً بأنني خاصمته أكثر من مرة وأرجع وأصالحه لكن لا فائدة فيه، آسفة على طول رسالتي وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) .
وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:"جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال:" أمك "، قال: ثم من؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال:"أمك"، قال: ثم من؟ قال: "أبوك".والأحاديث في حق الوالدين كثيرة،
والذي ننصحك به أن تصلحي الحال بينك وبين والدك قبل أن يموت، لئلا تكوني من قاطعي الرحم، ولا يكون المال وأمور الدنيا سبباً لك في البعد عن الله كما فعل أبوك حسب قولك بأنه قد استحوذ عليه حب المال ويأخذ المال منك ومن غيرك ويسيء العشرة مع الأولاد، ولكن إذا أساء الوالد فهل من حق الولد أن يسيئ إلى الوالد؟ لا، بل يبادر بالإحسان إليه بدل ما أساء هو، والله يوفقك لعمل الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1422(13/368)
استحباب الصبر على أذى الأهل والإخوان
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بارك الله جهودكم العظيمة لإنجاح هذا الموقع والذي كلما فتحته اكتشفت فيه شيئاً جديداً وسؤالي يتعلق بأحوالنا الشخصية والعامة هذه الايام , ما الذي جرى لمجتمع الإسلام بل وأين الإسلام من كثير من التصرفات اللا إنسانية في البيوت وخارجها , وكيف يجد الإنسان الوقت مع كل ما يعتريه من مشاكل أساسها أن من حوله لا يرغبون برؤيته أسعد منهم كيف يجد الوقت لكي يتأمل أو حتى يتعبد الله بروح طيبة ورضى عميق , ربما أكون أقدر من غيري على سرد مشكلة ربما تكون أكثر شيوعاً مما أتخيل. ومشكلتي مع أهلي فانا عمري 27 سبعة وعشرون عاماً إلا أنني غير متزوجة لأن أهلي الأفاضل وبالأحرى أمي وأختي الكبرى يتصرفون في البيت ومن في البيت كيفما تشاءان وخاصة أن أبي لا يتكلم ولا يعرف أن يردع أمي ولا يستطيع أن يتصرف أمامها إلا بماتمليه عليه والأدهى أنه مؤذن ولكنه لا يراعي الله فينا ولا حتى في أهله. وقد عملت واجبي نحو أمي وأكثر بكثير ولكنها لا تتقبل المعاملة الحسنة مني أنا بالذات لانني دون إخوتي الوحيدة التي أراعي الله في تصرفاتي وأبرها مهما فعلت ولكنها للاسف لا ترتدع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نملك إلا أن نقول لك: اصبري وأيقني بالفرج، فإن الله مع الصابرين، وإن الله لا يضيع أجر المحسنين، وما دام الإنسان يشعر بمراقبة الله له في تصرفاته فلا يتصرف الا بما يرضي الله فهو على خير عظيم، وما يحصل له من الشدة والبلاء إنما هو لرفع درجته وتكفير سيئاته فلا يحزن ولا ييأس. ومن قابل السيئة بالإحسان يوشك أن يصير العدو له صديقاً، والمبغض له محباً، كما قال الله تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم* وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) [فصلت 34،35] فاثبتي على ما أنت فيه من الخير وقومي بما أوجب الله عليك من البر والإحسان لوالديك، وتلطفي في دعوتهما ودعوة أسرتك إلى الخير، فإن الأسلوب الحسن له أثره في نفوس الآخرين، ثم ننبهك إلى أن قولك: وقد عملت واجبي نحو أمي … إلى آخر الكلام قول غير مناسب لأن واجب المرء نحو والديه من الصعب عليه أن يفي به فضلاً عن أن يزيد عليه، يبين ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يجزي ولد والداً إلا أن يجده مملوكاً فيشريه فيعتقه رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/369)
زيارة الأقارب وبرهم بر بوالديك صلة لرحمك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سؤالي هو لي خالة كنت ازورها باستمرار وبعذ ذلك فقدت ذاكرتها وصارت مقعدة على الفراش لاتتكلم ولا تعرف من يزورها وتسكن عند بنتها الأرملة والآن أنا لاأزورها. فهل تجب علي زيارتها؟ أفتوني جزكم الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فعليك أيها السائل أن تزور خالتك لا سيما وهي مريضة وتحتاج إلى رعاية ومساعدة، ولا يعفي من ذلك أنها لا تعرف زوارها ولا تتكلم فإنها وإن كانت كذلك فإنك تعرفها وتستطيع أن تقدم لها المساعدة. ثم إن زيارتك لخالتك بر بأمك وصلة لرحمك وعيادة للمريض، ولا يخفى عليك ما في هذا من الأجر والثواب العظيم. ويكفي في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه. متفق عليه. هذا والله ولي التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/370)
طاعة الوالدين من أهم أمور الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي في الله: ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد: ... الرجاء إعطائي مرئياتكم حول موضوعي هذا. ... أفيدكم أنني أسكن في منزل والدي من 5 سنوات بدون إيجار حسب إفادة والدي لي بشرط أن لا أخبر ... إخواني الباقين واستمريت على هذا الحال حتى جاء هذا العام الحالي 1420هـ حيث أبلغني والدي ... بأن علي مبلغاً قدره 50000 خمسون ألف ريال سعودي مقابل إيجار 5 سنين مضت وأجبرني بأن أكتب ... وثيقة علي بأن ألتزم بدفع المبلغ تقسيطا أو يحسم من حصتي في الإرث.. وهذا العمل قد ضر بي ... وبأسرتي البالغ عددهم 7 أفراد منهم زوجتي شديد الضرر حيث لم أفكر بأن أرفع مبلغا لهذا ... الأمر وأصبحت في حيرة دائمة مستمرة مع العلم أن باستطاعتي أن أنتقل ألى شقة مستقلة خارج منزل ... والدي إلا أنني أخاف من غضبه علي وسخطه وهذا مالا أرضاه على نفسي من سخط الله والوالدين. ... وأنا الآن حائر ماذا أفعل. ... - هل أبقى على ما أنا عليه وأفوض أمري إلى له وألحق الضرر بأهل بيتي؟ ... - هل أستقل بأسرتي خارج منزل والدي وأنتظر ماسوف يجيء منه؟ ... .. الرجاء إفادتي حول هذا الموضوع الذي أقلقني الليل والنهار. ماذا أفعل؟. ... وفقكم الله وأعانكم على مصائب الدهر. ... ... ... asb1 naseej.com]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فلا شك أن طاعة الوالد من أهم أمور الدين، إذ قرن الله حقه في الشكر بحقه والأمر بالإحسان إليه بالنهي عن الشرك، قال تعالى: (أن أشكر لي ولوالديك * إليَ المصير) . [لقمان:14] . وقال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً) . [النساء: 36] . وقال تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً) . [الأحقاف: 15) .والوالد سبب لوجود ولده وله حق عظيم عليه، فهو الذي كان ينفق عليه صغيراً، ويسهر عليه حين يمرض، وجاد في سبيل ولده بالنفس والنفيس. وإن كان الوالد على غير الإسلام فلا يمنع ذلك من طاعته في غير معصية الله، قال تعالى: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما * وصاحبهما في الدنيا معروفاً) . [لقمان: 15] . فما بالك إذا كان الأب مسلماً والحمد لله. ولا شك أن ما فعله والدك مجانب للصواب وهو مخالفته لما وعدك به وليس عليك إلا أن تمتثل لما يريده منك الوالد إن كان في وسعك والضرر الواقع عليك محتملاً، واحتسب عند الله تعالى ما تقوم به لقوله صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك". واعلم أن الله تعالى سيعقبك خيراً ويخلف عليك: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب) . [الطلاق: 2-3] . وإذا كان انتقالك لمسكن آخر سيكلف نفقة الإيجار فأولى أن يكون ذلك لأبيك فتكون بذلك قد بررت أباك وانتفعت بالمسكن من نفقتك الخالصة، وننصحك أن تلاطف والدك وأن تبين له عدم قدرتك على دفع هذا المبلغ. وأنك إن تحاملت والتزمت بدفعه فسيلحق ذلك بك ضرراً ومشقة. واذكر له نحو هذا الكلام مما يستثير ما جبل الله عليه الوالدين من العطف والشفقة وحب المصلحة للولد. وحاول أن تزيد من بره بشيء من تقديم بعض الهدايا إليه وكثرة مجالسته والتودد إليه. وإن كنت قد أخللت بالشرط الذي اشترطه عليك من عدم إخبار إخوانك بما كان أعفاك منه من أجر الشقة فعليك أن تعتذر له عن ذلك. ... وأملنا كبير أنك إذا عاملته بهذا الأسلوب أنه ستحل المشكلة بما فيه بر الوالد وجمع والرفق بك، والله نسأل أن يبارك فيك وأن يزيدك برا ويخلف عليك في نفقتك، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/371)
أنت ومالك لأبيك
[السُّؤَالُ]
ـ[س أفيدونا أفادكم الله شخص قام ببناء مسكن فوق مسكن أبيه بماله الخاص وبعد فترة طلب منه والده الخروج من المنزل علما أنه ليس لديه منزل؟ أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فاعلم أولا أنه ينبغي للولد إذا طلب منه أبوه ماله أن يبذله طيبة نفسه ورداً لبعض جميل معروف أبيه عنده فهو الذي رباه وعطف عليه لما كان في أمس الحاجة إلى ذلك ولذلك لما جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له يا رسول الله إن لي مالا ووالداً وإن أبي يريد أن يجتاح مالي فقال: " أنت ومالك لأبيك" كما في سنن ابن ماجه عن جابر وفي رواية له عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال إن أبي اجتاح مالي فقال" أنت ومالك لأبيك إن أولادكم من طيب كسبكم فكلوا من أموالكم " وهذه الرواية أخرجها الإمام أحمد وأبو داود. ولكن لا بأس أن يتلطف هذا الولد بأبيه ويبين له حاجته إلى السكن في هذا البيت مع الإقرار له أنه لا يمكنه أن يمنعه مما أراد أن يأخذ من ماله فإذا فعل فالأب مجبول على العطف على الولد. وخاصة إذا رأى منه براً ولطافة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/372)
لا يحق للأم أن تمنع ابنها من زيارة زوجة أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إن أبي قد تزوج زوجة أخرى ولم يخبرنا إلا بعد أن سافر وعقد على المرأة وبعد ذلك تفاجأت أمي بهذا الخبر وحزنت مع أن هذا هو شرع الله ولكن أبي لم يتزوج إلا بعد أن حدثت مشاكل بينه وبين أمي أدت إلى هذا الزواج ومالبث أن ندم على فعلته بعد أن هدأت المشاكل فأخبر أمي بأن تطلب ماتريده لكي يرضيها فاشترطت عليه بأن لايأخذ إخوتي إلى زوجته الثانية إلا برضاهم وأن لايأمرنا بالذهاب بالقوة فوافق على ذلك. ولكن بعد أن مر أسبوع تقريبا على زواجه أخذ يقول لي لماذا لاتذهب وترى عمتك أي (زوجته الجديدة) فقلت لاأريد لأنني لاأحب أن أفضل أمرأة أخرى على أمي ولأن أمي قالت لي بأنني اذا ذهبت ستغضب علي مع أن أبي قد وافق في البداية وهاهو يعارض الآن وهذا يعتبر من نقض العهود؟ أفتونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فعليك أن تعلم أن الله فرض عليك بر أبيك كما فرض عليك بر أمك، قال تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه) [ ... ] فعليك أن توازن بينهما وأن تعطي لكل واحد منهما حقه من البر فإن حاول أحدهما أن يعتدي على حق الآخر فيك فنبهه على أن الله لم يأذن في ذلك. وعلى هذا فلا يحق لأمك أن تمنعك من زيارة زوجة أبيك بدافع غيرتها من زواجه بها، وإن أطعتها في ذلك فقد أطعتها في معصية الله، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وعليك أن تعلم أن الشرط الذي أخذته على أبيك يعتبر شرطاً باطلاً مما يترتب عليه من المفاسد فهب أن هذه المرأة أتت بولد من أبيك أليس أخاً لك؟ فقطيعته محرمة، ثم هب أن أباك غضب من هجرانك بيته الثاني، أليس في ذلك معصية لله تعالى وقد أمرك أن تطيعه في المعروف وهذا من المعروف. فحاول أن تجعل أمك أمام الأمر الواقع وأن تفهمها أن أباك لم يظلمها بزاوجه من امرأة أخرى أذن الله في الزواج منها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/373)
الإحسان إلى الوالدين واجب ولا تطعهما في معصية الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي حقوق الوالدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
أما حقوق الوالدين فإن الله تعالى يقول: "وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا" والإحسان بابه واسع سواء كان في الأقوال أو الأفعال فكل ما هو معروف عند الناس أنه من الإحسان فالوالدان أولى به. ما لم يؤد إلى المعصية.
ومن الإحسان إليهما: الإنفاق عليهما إن كانا فقيرين وإسكانهما وكسوتهما بالمعروف وعلى الولد أيضا أن ينفذ وصية الله في بره بوالديه كما قال الحق سبحانه: "ووصيانا الإنسان بوالديه إحساناً".
وقد ثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام (أنه جاءه رجل يبايعه علي الهجرة والجهاد مبتغياً الآجر في ذلك عند الله فقال له: فهل لك من والديك أحد حي؟ قال نعم بل كلاهما قال وتبتغي الآجر من الله؟ قال: نعم. قال: فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما) متفق عليه. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(13/374)
استعن بالله واعترف بالخطأ واسع لإرضاء والدك
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين أما بعد: فسؤالي يتلخص في الآتي: أيهما أحق بالرعايه الأب أم الأم , فأنا شاب أبلغ من العمر (32) عاما قد امتحنني الله بأن يفترق والدي ووالدتي بعد حياه دامت (33) عاما, أنالا أريد أن أكون متحاملا على والدي ولكن الجميع ممن كان يرى طريقة معاملة والدي لوالدتي يكبر على أمي تحملها وصبرها. باختصار يوم طلاق أمي من أبي والذي كان الطلاق الثالث وكنت خارج المنزل , فإذا والدي يتصل بي ويقول لي احضر حالا. دون أن أعلم أي شيء فإذا والدتي مطلقه (دون سبب) نعم دون سبب , فهناك أمور اختلقها والدي كأننا أعداء له وأننا لانريد له الخير فهناك قضايا كثيرة لا محل لها أن تذكر. المهم الذي حصل في ذلك اليوم أنني فقدت السيطرة على نفسي فتكلمت بكلام لايليق بابن أن يقوله لأبيه لا أعني أنني تكلمت بكلام بذيء ولكنني كنت معاتبا له عتابا شديدا. إلى أن قلت له إنه حرام عليك وعلى والدتي بعد أن طلقتهاأن تبقيان في بيت واحد, حينها قال لي: اخرج أنت وأمك من البيت, مع العلم أن البيت هو بيتي وأنا من يدفع الإيجار ويصرف على البيت , مع أن والدي يتقاض ما أتقاضاه من دخل. فأخذتني العزة بالإثم فقلت له أنت من يخرج من البيت لا أمي. حينها زاد الشرخ بيننا. وخرجت أنا وأمي من المنزل بعد يوم من التفكير وتأنيب الضمير بأنني قد أخطأت مع والدي. حاولت أن أصلح ما أفسدته بفعلي الأحمق ولكن دون ما جدوى. الآن مر أكثر من 8 أشهر , حاولت فيها أن أتصل وأرى والدي وأستسمحه ولكن دون جدوى , الكلمة الوحيدة التي أسمعها منه هي (أنا لن أرضى عليك في حياتي أو بعد مماتي) . فما هو الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فيجب عليكم جميعا أن تتوبوا إلى الله وأن تصلحوا ذات بينكم كما أمركم الله تعالى حيث يقول: (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين) [الأنفال:1] . ويجب عليك أنت خاصة أن تسعى إلى إرضاء والدك بكل الوسائل وأن تظهر له التنصل من ذنبك والاعتراف بخطئك وأن تشفع له بمن له شفاعة عنده فإن سخط الوالد يعني سخط الله تعالى ولا تمل من تلك المحاولات واستعن عليها بالالتجاء إلى الله تعالى أن يصلحكم ويصلح ذات بينكم. ثم إن عليك أن تعلم أن الله عز وجل قرن حق الوالدين بحقه هو فقال: (أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير) [لقمان: 14] وقرن الأمر ببر الوالد بالنهي عن الشرك بالله فقال (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسان) [النساء: 36] إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على وصية الإنسان بالإ حسان إلى أبويه ثم اعلم أيضا أن كون والدك أساء من وجهة نظرك أو نظر غيرك إلى أمك لا يعد مسوغا لك في الإساءة إليه هو فيجب عليك أن تقوم بموازنة ترضي عليك كلا أبويك فلا يكن برك بأمك على حساب برك بأبيك وإن حاولت هي أن تحملك على ذلك ففهمها أن هذا الرجل أبوك له عليك من الحقوق مثل ما لها وهذا الحق لا يسقطه طلاقه لها ولا زواجه بالمرأة أخري وهذه النقطة يحب تنبهك لها فإن المرأة إذا طلقها الرجل وتزوج بأخرى حاولت أن تحمل أبناءه على عقوقه كما ستحاول الزوجة الجديدة في الغالب أن تحمل الرجل على التشهير بأبنائه وعدم التغاضي لهم عن أي شيء وسيكون الخاسر الأكبر في هذا الصراع بين الزوجتين على الأب هم أبناؤه فعلى الأبناء أن يكونوا يقظين وألا يسمحوا لأحد بأن يدخل بينهم وبين أبيهم وأن يحاولوا أن يستميلوا زوجته الجديدة بالمودة والهدايا والكلام الطيب ونحو ذلك. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/375)
بر الوالدين طاعتهما فيما يرضي الله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم سبق وأن طلبت إحدى الفتيات للزواج بعد أن جمعتنا قصة حب ولكن وقف أبي عائقا متسببا بالتقاليد والفروق الاجتماعية, وأطعته بعد طول انتظار أن يغير رأيه, والآن تتكرر نفس المشكلة ويرفض فتاة أخرى وبدون أي مبرر سوى أنها فلسطينية علما بأنها تعيش في مصر منذ ميلادها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإذا كانت هذه الفتاة مرضية دينا وخلقا فعليك أن تستمر في محاولة إقناع والدك بها حتى يوافق على زواجك منها، وتستعين بمن لهم تأثير عليه من أقاربكم، وتبين له أن أهم أساس تختار عليه الزوجة هو الدين فإذا وجد وجد كل شيء وإذا فقد فقدت السعادة التي هي أساس مقومات الحياة الزوجية ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:" تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك " كما في الصحيحين وغيرهما، إلى غير ذلك من الحجج ووسائل الإقناع فإذا فعلت ذلك مستعينا بالله تعالى فسيوافق أبوك - إن شاء الله تعالى على ما تريد، وإن لم يوافق فعليك أن تطيعه في الكف عنها وتبحث عن أخرى فإن النساء كثر ولست في أزمة في الحصول على امرأة فإذا فاتتك هذه فمن السهل أن تحصل على أخرى وإذا فاتك رضى أبيك فمات وهو غير راض عنك فقد فاتتك فرصة لن تعوضها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة" رواه الترمذي وهو حديث صحيح، نسأل الله أن يوفقك وأن يرزقك بر أبويك.
وأنبهك على كلمة قلتها في بداية سؤالك وهي أنه جمعتك مع الفتاة الأولى قصة حب، فهذه الكلمة قد تشم منها رائحة ما لا يرضي الله تعالى فحذار حذار من ذلك فإن فيه سخط الله تعالى والتعرض لعقابه في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(13/376)
صل أرحامك وإن آذوك
[السُّؤَالُ]
ـ[لي جد متزوج من غير جدتي المتوفاه، وله من زوجته الجديدة أولاد يفضلهم على أبنائه من زوجته القديمة، ويحرص على زيارة أبنائه من الجديدة وتفقد أحوالهم، مع العلم أننا نساعده ونزوره بشكل دوري ولكنهم ـ جدي وأبناءه الجدد والزوجة ـ لا يرغبون بهذه الصلة ويتضايقون منها، وغالباً ما يلمحون بذلك للناس أنّ هذه الزيارة تكلفهم الطعام والشراب، وجدي لا يعمل. مع العلم أننا نزورهم في الأسبوع مرة ولا نأكل مع العلم أن الأبناء من القديمة يتناوبون على إحضار طعامهم معهم في غالب الأحيان، أما الأبناء من الجديدة فهم في زيارة يومية لبيته ويأكلون ويشربون وهم متزوجون ولا يأتون بشيء ومع ذلك لا يقولان جدي وزوجته عنهم أيّ شيء، ولقد قطعناهم بسبب كلامهم عنا، ولكننا سرعان ما نعود لهم خوفاً من قطيعة الرحم، ولكن الحال لم يتغير بل زاد سوءاً، حيث طرد جدي أمي من بيته حين قالت له أنها تسلم عليه في الشارع ولن تدخل معه للبيت، لأنها ترى من إخوتها وأمهم سوء الاستقبال والمعاملة، وأحياناً لا يخرجون لمقابلتها والسلام عليها، فقال جدي: لا أريد أحداً منكم يزورني ما لم يدخل بيتي، مع العلم أنه لا يجلس كثيراً مع أبنائه لكبر سنه، وأنا أخاف من عذاب الله بسبب قطيعة الرحم لأننا لأكثر من سنة لم نزرهم ولم يسألوا عنا، فما الحكم في ذلك؟. وجزالكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
اجتهدوا قدر استطاعتكم على صلة أرحامكم، وإن وجدتم منهم جفاءً وغلظةً فاحتسبوا الأجر عند الله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال يا رسول الله إن لي قرابةً أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلم عنهم ويجهلون عليّ، فقال عليه السلام: "لئن كنت كما قلت فكأنما تّسُفهم المَلَّ ولا يزال معك من الله ظهيرٌ عليهم ما دمت على ذلك". ومعنى (تسفهم المل) تطعمهم الرماد الحار وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم، كما يلحقهم الألم في الرماد الحار، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/377)
أحسن إلى أهلك مهما بدر منهم
[السُّؤَالُ]
ـ[يتقول علي بعض أهلي بالباطل بما يمس سمعتي مما تسبب أن فقدت خطيبتي بسبب ما أشاعوا عن أخلاقي لا أعرف كيف أتصرف معهم هل أواصل الصبر على أذاهم أم أدافع عن نفسي ويحدث ما يحدث؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه..... وبعد:
فعليك أن تجتهد في دفع السوء عنك وتفنيد الشائعات؛ فإن الإنسان لا طاقة له بهذا الأمر. وأن تكون في دفع هذا السوء متحلياً بالصبر وتفويض الأمر لله تعالى. ولنا أسوة حسنة في رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث إن المنافقين قد آذوه صلى الله عليه وسلم في أهله وفي أحب الناس إليه عائشة أم المؤمنين الطاهرة المطهرة. قال تعالى: إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل زينب بنت جحش رضي الله عنها عن أمر عائشة فقال: (يا زينب ماذا علمت أو رأيت؟. فقالت: يا رسول الله أُصِمُّ سمعي وبصري، والله ما علمت إلا خيراً) . وقد صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: (يا معشر المسلمين: من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي، والله ما علمت على أهلي إلا خيراً) . رواه البخاري. وننصحك أن تكثر من ذكر الله وبخاصة الاستغفار ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والله ولي التوفيق.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/378)
ينبغي هجران شارب الخمر مع استمرار النصح له
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي هو: أنا ر جل أبلغ من العمر 20 سنة وعندي مشكلة تحيرني وهي: لي أخ يشرب الخمر، وهو رجل متزوج وعنده ثلاثة أطفال. وقد نصحته مرارا، تكرارا دون فائدة، فهو لا يستمع لي، إلى غير ذلك من المشاكل الناتجة عنه مثل الضرب والصراخ وتضييع الإرث المستحق لي ولإخوني الستة الذين أنا أصغر شخص فيهم، ولقد عجزنا عن هدايته، وبعد ذلك تخلينا عنه وهجرناه وقسمنا الأموال التي ورثناها بعد وفاة الوالدين ونحن الآن لا نعوده ولا نبارك له في الأعياد ولا في رمضان وهذا الحال منذ أربع سنوات، والسؤال: هل العمل الذي قمنا به تجاه أخينا صحيح أم لا؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فقد ذكر أهل العلم أنه ينبغي هجران الفاسق والعاصي ليرتدع عن ذلك واستدلوا لذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن لا يكلموا الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك والحديث صحيح وعلى هذا فعليكم أن تستمروا في نصح هذا الأخ والدعاء له بالهداية لعل الله يشرح صدره لها ويتوب إلى الله تعالى ويصلح حاله. وعليكم أن تهجروه فيما سوى ذلك ليكون هجرانكم له وسيلة ضغط عليه.والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/379)
عاشري أمك بالمعروف واصبري على أذاها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة أنا فتاه عمري 20 عاما اصلي واصوم وافعل وما يأمرنا به ديننا الحنيف مشكلتي يا شيخنا الفاضل هي انني دائمة المشاكل مع والدتي علي اتفه الاسباب وهي دائمة الدعاء علي في السراء والضراء سواء كنت مع خلاف معها ام لا بالرغم من انني احبها كثيرا جدا انا واخوتي ولكن اذا افعل حتي ارضيها او بمعني اصح ابعد كل مايثيراها مني حاولت اكثر من مره عدم التحدث اليها ولكني ليس لي ايه اصدقاء واعمل في مكتب سكرتيره وليس فيه احد اخر واكون وحدي فية انا وجدران المكتب وعندما احاول التحدث الي والدتي علي اي شئ سواء كان سرا ام عادي فأنها عندما يحدث خلاف ما بين وبينها تفشي سري وتعايرني بما قلتة لها ودائما تقول لي " انتي هتتعبي في حياتك " المهم هو انني اعرف جيدا انني عندما اغضبها اكون بذلك قد عقتها سواء كنت مخطئه ام لا ولكتي احبها كثيرا ولكن بي عيب يمكن يكون هو السبب في هذه المشاكل هو انني عصبية جدا جدا وعندما احاول ان امسك نفسي عن ايه كلمة تثيرني بها احاول البعد ولكنها تزيد رغم انها تعرف انني حساسة وممكن ان تجرحني كلمة واحده في حقي دون سبب وكل مارجوه منك ان اعرف ماذا افعل حتي لا يغضب الله مني هل اخاصمها ولا اتكلم معها طوال الوقت ام احاول الصلح ومره اخري بين وبينها رغم ان المحاوله تفشل في كل مره انني اعرف انني اطلت عليك هذه الرساله ولكني لم اجد احد اشكي له همر غيرك وجدران المكتب الكبير الذي اعمل فية. وهل اكون بذلك عاقة فعلا يستحق الله ان يغضب مني والله الموفق]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
فعلى الأخت السائلة أن تعلم أن حق الوالدين عظيم عند الله تعالى، فقد قرن الباري جل وعلا الأمر بعبادته وحده لا شريك له بالإحسان إليها، قال تعالى: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً" (سورة النساء) ، وقال تعالى: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلاّ إيّاه وبالوالدين إحسانا، إمّا يبلغنّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما اُفٍّ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً ". وحق الأم أكدٌ في البر والإحسان، قال تعالى: "حملته أمه وهناً على وهن" وقال تعالى: "حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً ".
وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: من أحق الناس بحسن صحبتي، قال: أمك، قال ثم من، قال: أمك، قال ثم من، قال: أمك، قال ثم من: قال أبوك. فعليك أيتها السائلة الكريمة أن تبتعدي عن العصبية التي قد تكون هي السبب الرئيس في هذا كله وحاولي قدر استطاعتك أن تكوني بارة بأمك هينة معها لينة الجانب في التعامل، فإن فعلت ذلك وابتعدت عن أي مثير قد يثيرها فلا يضرك شيء، ولا تكونين بذلك عاقة لأمك حيث إن من الأمهات من تغضب من غير سبب يغضبها، فأحسني أنت من جانبك، والله نسأل أن يوفقك لما يرضيه عنك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1424(13/380)
إحسانك لزوجة أبيك يعتبر برا به
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله أنا لدي أب متزوج من أخرى غير أمي توفيت أمي منذ 6سنوات فأتى أبي بزوجته بعد وفاتها بأربع شهور وكنا رافضين هذا الأمر والآن هدأت الأوضاع وسؤالي هو كيف بإمكاني بر أبي وهو ليس لديه وقت للجلوس معنا؟ "وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: عفا الله عنك يا أخي الكريم على تصرفك هذا الذي فعلته أنت وأخوك مع والدك من الرفض لغير سبب وجيه فإن هذه المرأة هي بمقام والدتك وأبناؤها إخوانك. فيجب عليك برها وودها وعدم جرح مشاعرها بكلام أو فعل سيء واحرص بارك الله فيك على تلبية طلباتها والدعاء لها، فإن هذا من برك بأبيك إن كنت تريد بره حقيقة. وأما والدك فإياك أن تسيء إليه بأي نوع من أنواع الإساءة فهو سبب وجودك وهو الذي قام بتربيتك والاعتناء بك والنفقة عليك، فاحفظ له هذا الأمر، واعلم أنك مهما قدمت له لن توفيه حقه، وادع الله له في صلاتك وكذا لوالدتك رحمها الله. واستغفر الله وتب إليه من فعلك الماضي مع والدك وأخبر إخوانك بهذا، وأنه يحرم عليهم أن يؤذوا أباهم أو عمتهم أو إخوانهم من أبيهم لأن هذا لا يجوز شرعاً، لأنه من قطع الرحم التي أمر المسلم بوصلها، قال تعالى: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) . [محمد: 22-23] . ولا تنس وصية الله: (وبالوالدين إحساناً) . [الإسراء: 23] . واجتهدوا أن تجدوا شخصاً مناسباً من أقاربكم أو من أصدقاء والدكم يناصحه بطريقة طيبة وبأسلوب حسن وأن يتقي الله فيكم وأن لا يحرمكم من عطفه وشفقته وسؤاله عنكم وتفقد أحوالكم، ولتدركوا أن هذا الجفاء الحاصل من والدكم هو بسبب ما حدث منكم تجاهه، فلعله إذا رأى منكم تغيراً إلى الأحسن في المعاملة أن يقابلكم بالحسنى إن شاء الله. والله أعلم وهو الموفق للصواب.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/381)
لا يأخذ الأب من مال ابنه إلا بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[عملت بالكويت لمدة 4 سنوات كرست كل فلوسي لأهلي أشتري لهم هدايا وأعطيهم أموالاً وبنيت بيت العائلة وكلفني ذلك مبالغ كبيرة وبنيت لنفسي شقة في الدور العلوي من نفس المنزل والآن يطردني أبي من المنزل وتشجعه أمي والسبب هو أنهم يريدون شقتي لأخي الأصغر المتزوج معهم في نفس المنزل بحجة أنني قادر على شراء أرض وبناء منزل. ويعلم الله أنني لا املك مالاً كافياً لذلك. ثم أنني أعاني من الغربة الرهيبة بعيداً عن زوجتي وأولادي الصغار. فماذا أفعل تجاه أهلي؟ أخاف أغلظ عليهم في القول أو الفعل فأكون عاقاً وأخاف أسكت فيضيع حقي. وأنا الأن هنا بعيداً عنهم ولا أعرف ماذا يدبرون. أفيدوني يرحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فالمتقرر عند أهل العلم أن للأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء عند حاجته وقيل: وعند غناه أيضاً، بشرطين. أحدهما: ألا يجحف بالابن، وألا يأخذ ما تعلقت به حاجته، كأن يكون المال داراً يحتاجها الابن في السكن ونحو ذلك. الثاني: أن لا يأخذ من أحد ولديه ويعطيه للآخر. فليس من حق أبيك أن يكرهك على التنازل عما تملك إلى أخيك، وامتناعك من تلبية رغبته هذه لا يعد عقوقاً، لكن عليك أن تتلطف في أخذ حقك، وإقناعهم ونصحهم وتذكيرهم بالله تعالى، وإظهار تصميمك على عدم التنازل عن حقك، ونسأل الله أن يجعل لك مخرجاً، وأن يهيئ لك من أمرك رشدا. والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/382)
لا حرج في تقبيل أم الزوجة بين عينيها أو على رأسها أو كفها
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا إذا كانت الفترة طويلة ولم أر حماتي، أسلم عليها وأقبلها (مثل الوالدة) وهي كبيرة في السن، وأيضا زوجتي تقبل والدي، هل هذا الفعل جائز شرعا؟. وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: اعلم وفقك الله أن أم زوجتك محرمة عليك على التأبيد وعليه فلا حرج عليك إذا قبلتها إلا إذا طرأ طارئ ما كمثل ميلان أو إحساس غير طبيعي فههنا يمنع وكذا الحال بالنسبة لزوجتك مع والدك بالشرط المذكوروننبه إلى أنه ينبغي أن يجتنب التقبيل على الفم في هذه الأحوال وليكن على الرأس وبين العينين أو على اليد. والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/383)
خير ما تقومين به بعد تقوى الله بر الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السادة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو التكرم بإفادتي في مسألة طالما أقضت مضجعي، سمعت كثيراً وتعلمت في المدارس بر الوالدين وطاعتهما والتحريض والحث على ذلك ولكن في ما أمر الله، فإذا كانت هذه الأم تصلي وتصوم وتأمر بما يخالف الدين وهي ترى نفسها على صواب وتغضب إذا خالفتها الرأي، تقول لي أشياء أعجب لسماعها وبعد فترة تنكر كل ماقالته وتدعي أنها لا تقول هذه الأشياء حتى بت أشك في نفسي، قبل زواجي كانت تقف بجانب الإخوة الذكور وتميزهم وتقول إنها على حق دوماً وبعد زواجي لاتزال تعطي نفسها الحق في التدخل في كل صغيرة وكبيرة لقد انقلب إخوتي علي، أخاف أن اخسر حياتي الآن. أفتوني في معاملة والدتي رعاكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
الأخت السائلة إن خير ما نوصيك به بعد تقوى الله برك بأمك واحتساب الأجر عند الله مما يصيبك منها والصبر على الأذى الذي تلقينه منها ـ وإياك أن تقابلي الإساءة بالإساءة ولكن قابليها بالإحسان واعلمي أن لك الأجر الجزيل عند الله ببرك بوالدتك، فإن حق الأم عظيم ونوصيك بالدعاء لوالدتك بالهداية والمغفرة فإن القلوب بيد الله سبحانه وثقي أنّ معاملتك الحسنة لوالدتك سوف تغيِّر منها وتجعلها تنظر إليك بتوقير واحترام وعلى أقل الأحوال فإنها سوف تكف عنك وأخيراً فإننا نذكرك بقول الله تعالى: "وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا". وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك) متفق عليه. أما إذا أمرت بما يخالف الدين والشرع فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق كائنا من كان.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1422(13/384)
حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج، ولدى أربعة أطفال، كنت أدعو أبي للنوم عندي، ولقد أخبرتني زوجتي بعد فترة بأن والدي يتحرش بها جنسيا عند ذهابي للعمل، علما بأن والدي يسكن مع أخي الأكبر، وقبل مجيئي من العمل يذهب والدي إلى بيته، علما بأن الوالدة على قيد الحياة والحمد لله بصحة جيدة. وزوجتي صالحة. علماً بأن زوجتي في يوم من الأيام أخذها الحديث مع زوجة أخي، فتبين أنه يفعل أيضا بزوجة أخي مثل ما يفعل بزوجتي، فقط تحرشات ولم يحصل والحمد لله أي شيء. وبالتالي لم أستطع بعد هذه الفترة أن أدعو أبي للنوم لدي خشية هذا الأمر، ولكن أيضا بعض الفترات التي أغفل عنها للذهاب لإحضار خبز أو أي شيء آخر ويكون في البيت يتحرش بها. السؤال: 1 - هل علي ذنب في عدم دعوتي لأبي للنوم عندي؟ . 2 - كيف يمكنني التصرف حيال هذا الأمر الخطير؟ . ... جزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد: إذا كان الأمر كما ذكرت فليس عليك ذنب في عدم دعوته للنوم عندك، بل عليك أن تحول دون خلوته بزوجتك قدر الاستطاعة ونرى أن نتبع معه هذه الوسائل. أولاً: الدعاء له بالهداية والصلاح. ثانياً: تجنب مواجهته بالنصيحة. ثالثاً: أن تقوم الزوجة بالإنكار عليه والإغلاظ له، وتهديده بإخبارك. رابعاً: من الوسائل أيضا: أن يتم إبلاغ خطيب الجامع الذي يصلي فيه الوالد، ليتناول هذه القضية بالتلميح والإشارة والتحذير البليغ، إن أمكن ذلك. خامساً: تنبيه الزوجة إلى عدم مباسطته والاقتراب منه بحيث يشعر بنوع جفاء. سادساً: ترغيب الأب في الزواج أو إقناعه بالاستقلال ببيت آخر إن أمكن ذلك. وقانا الله وإياكم كل مكروه.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/385)
حث ابنتك على مفارقة زوجها النصراني ومحاولة دعوته إلى الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الموضوع: لقد شاء القدر وأن أتيت إلى السويد منذ أكثر من 35عاماً من بلاد الشام، وفى السنوات الأولى من وجودي في هذا البلد رزقني الله بفتاة من سيدة سويدية، ولظروف عدة تم الانفصال بيننا وقد عاشت البنت طول طفولتها وشبابها عند والدتها وكان بيني وبين الأم خلاف مستمر مما ترك الكثير من السلبيات حيث أنني لم أتمكن من تقديم الكثير للبنت من الناحية الدينية، والأخلاقية والأدبية لقد التقت بنتي بشاب أيضاً من بلاد الشام وهو شاب مستقيم من الناحية الأدبية والأخلاقية، ولكنه ينتمي إلى المسيحية. ولقد حاولت بقدر ما أستطيع من أجل أن يقوم هذا الشاب بإعلان إسلامه دون جدوى. وأخيراً تركت الأمر لهم حيث أن كلاهما في العشرينات من عمره وقد تم الزواج بينهما. لقد قاطعتهم منذ ذلك الوقت وقد قامت بنتي بعدة محاولات للاتصال بي من أجل الحديث معي أو القدوم لزيارتنا في البيت، ولكن كنت معارضا، ولم أرض على هذا العمل. ... فالسؤال: ما الممكن عمله من الناحية الدينية والأدبية والأخلاقية؟ ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... جازاكم الله خيراً وشكراً، / صبري رجائي ألاجابة بواسطة البريد الإلكتروني على العنوان التالي: ... sabri.al telia.com]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: لا يجوز للمسلمة أن تتزوج من كافر، نصرانيا كان أم يهودياً أم غير ذلك. لقوله تعالى: (ولا تُنكحوا المشركين حتى يؤمنوا) [البقرة: 221] . وقوله: (لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن) [الممتحنة: 10] . وقوله: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً) [النساء: 141] . وهذا محل إجماع بين أهل العلم. وعليك أن تكرر نصحها وتذكيرها بترك هذا المنكر العظيم، فإن هذا ليس زواجاً شرعياً، وإنما يعد علاقة محرمة آثمة، والواجب عليها مفارقة صاحبها، ثم محاولة دعوته إلى الإسلام، وليكن كلامك معها منحصراً في هذه القضية، عسى أن يعود إليها رشدها. ولا شك أن ما حدث لك هو ثمرة من ثمار المعيشة في بلاد الغرب التي يفقد المرء فيها القوامة والسيطرة على أبنائه، ولذا ننصح جميع المسلمين بترك الإقامة في هذه البلاد ما لم تدع حاجة ماسة إلى ذلك كالإقامة للدعوة إلى الله أو طلب العلم النافع أو للعلاج ونحو ذلك مع ضرورة الاهتمام بالأبناء وتعليمهم الإسلام، ومنعهم من العلاقات المحرمة. وقد جاء في سؤالك قولك: لقد شاء القدر. وهذا التعبير لا يجوز استعماله، فالقدر أمر معنوي ولا مشيئة له، وإنما المشيئة لمن هو قادر ومقدر وهو الله سبحانه، ولا يصح أن يقال أيضا: وشاءت قدرة الله كما أفتى بذلك الشيخ محمد بن صالح العثيمين. حفظه الله. وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/386)
حاول إقناع أبيك بزواجك من ذات الدين.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أريد الزواج من فتاة اختيرت من طرف أخواتي, والكل يشهد لها بالاخلاق والدين والالتزام , بالاضافه الى انني صليت صلاة الاستخارة, فاطمئن قلبي لها, ولكن هناك عائق يقف في وجهي, الا وهو ابي فهو يريدني ان اتزوج من فتاة من جماعته ولكني لا اطيق هذه الفتاة, وكل عائلتي رافضين لهذه الفكره, ويقفون بجانبي, ولكنني مصمم من الزواج من الفتاه التي اريدها, فماذا افعل؟ جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فعليك السلام ورحمة الله وبركاته،
وإذا كانت هذه الفتاة فعلاً ذات دين وخلق والتزام فحاول أن تقنع أباك بزواجك منها، وتذكر له قول النبي صلى الله عليه وسلم " تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك ". والحديث في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، وبين له أن زواجك من امرأة لا تحبها ليس في صالحك ولا لصالحها هي، واستعن في إقناعه بمن له تأثير عليه من قراباتكم. وداوم على أن تسأل الله تعالى أن يلهمك رشدك ويختار لك ما فيه الخير، فإن تعذر عليك إقناعه، فالذي ننصحك به هو امتثال أمره وسيكون في ذلك خير إن شاء الله.
أما أن تتزوج هذه المرأة وهو كاره لذلك، فهذا أمر نخشى أن ينتهي بالعلاقة بينك وبينه إلى مالا تحمد عقباه، فتفرط في حقه فتهلك، ولا يخفى عليك أن حق الوالد عظيم، فقد قرن الله جل وعلا الأمر بالإحسان إليه بالنهي عن الشرك بالله فقال: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) كما قرن الأمر بشكره تعالى بالأمر بشكر الوالد، قال تعالى: (أن أشكر لي ولوالديك، إلي المصير) . فحق في هذه المنزلة يعتبر التفريط فيه بمثابة الهلاك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(13/387)
مدح الوالدة لا شيء فيه بل هو من البر بها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل أن يتغزل بوالدته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم..... وبعد: إن كنت تقصد بالتغزل ذكر محاسن المرأة ومفاتنها فهذا لا يجوز بالوالدة ولا بغيرها. لما فيه من إشاعة الفاحشة وإثارة العواطف إلى ما حرم الله تعالى والجهر بالقول السوء. قال الله تعالى: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب اليم في الدنيا والآخرة) . [النور: 19] . وقال تعال: (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم) . [النساء: 148] . وفي الصحيحين من حديث أبي مسعود رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تباشر المرأة فتصفها لزوجها كأنه ينظر إليها". فهذا الحديث يدل على أنه لا يجوز وصف محاسن المرأة للرجل. وإن كنت تقصد بالتغزل مدحها وذكر بعض أخلاقها الحميدة كالكرم والورع والزهد والصبر ونحو ذلك فهذا جائز بل قد يكون محموداً إن كان فيه مرضاتها وإدخال السرور عليها، مع أن عبارتك بعيدة منه أشد البعد. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/388)
الإحسان إلى الأم والاجتهاد في إقناعها أولى
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم لقد اشتريت قطعة أرض ولكن والدتي رفضت مكان الأرض وأنا مصر عليها فهل أكون عاق لها وذلك لأننى إذا بعتها سأخسر ثمنها، وإمكاناتي المادية لا تسمح أن أشتري فى المكان الذي تريده والدتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ... فإن كان الأمر كما يقول السائل فليس واجباً عليه موافقة الوالدة في هذا الأمر لأمور ثلاثة: 1. تلحقه خسارة مادية لا يتحملها والقاعدة " لا ضرر ولا ضرار". 2. لا يستطيع أن يشتري قطعة أرض في المكان الذي تريد الوالدة، والله تعالى يقول: (لا يكلف الله نفساً إلاّ وسعها) . [البقرة: 286] . ... 3. هو أعلم بأمور التجارة وما يحقق المصلحة عادة خارج البيت وليس للوالدة الحق أن تكلف الابن البار بها مثل الأمور هذه، ولكن إن أراد الرجل الطريق الأفضل، فعليه أن يتبع ما يلي: سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس أحق بحسن صحابتي فقال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أبوك". متفق عليه، فأحسن صحبة والدتك واجتهد أن تقنعها بوجهة نظرك وأرسل إليها من تثق به وتأخذ عنه من رجل أو امرأة. فإن الوالد قد لا يأخذ عن ولده ما يأخذ عن صديقه. وأحسن إليها وادع الله أن يوفقك لبرها. وسيجعل الله لك مما أنت فيه فرجاً ومخرجاً. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/389)
طاعة الوالدين في المعروف واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم طاعة الوالدين في طلب طلاق الزوجة ولديها أبناء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: ...
فإن طاعة الوالدين من أوجب الواجبات التي أمر بها الله تعالى، قال تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) . [الإسراء: 23] . ولكن هذه الطاعة مقيدة بالمعروف لقوله صلى الله عليه وسلم: " إنما الطاعة في المعروف "، فإن كانت الزوجة مستقيمة الأحوال وذات دين وله منها ابن أو أبناء، وإنما أمراه أو أحدهما بذلك لهوى في نفسه أو لغرض شخصي، فلا يلزمه طلاق امرأته، ولا يجب عليه طاعة والديه عندئذ وبهذا قال الإمام أحمد وغيره، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن رجل متزوج ووالدته تكره الزوجة وتشير عليه بطلاقها هل يجوز له طلاقها؟ فأجاب:
"لا يحل له أن يطلقها لقول أمه بل عليه أن يبر أمه وليس تطليق زوجته من بر أمه" انتهى.
فعليه أن يبر والديه ويصلهما ويتلطف معهما ويرضيهما بما يقدر عليه سوى طلاق امرأته، والله المستعان والموفق لكل خير، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1422(13/390)
لا يجوز للوالد أن يفاضل بين أولاده في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بشراء بيت أنا ووالدي. له ثلاث أرباع وأنا لي الربع من مالي الخاص فبعد شراء البيت ووالدى يخلق لي المشاكل دائماً فى البيت ومصمم على كتابة باقي البيت الخاص به لأخي الأصغر مع العلم أننى متزوج وأعول ثلاث أطفال وأعول والدي المريض ووالدتي المريضة وأخى لايدفع مليماً واحداً فى مصاريف البيت وهو المميز حتى فى السكن أخذ شقة فى الدور الثانى ثلاث غرف وأنا أسكن فى غرفتين فقط فى الدور الأرضى ومع ذلك والدي يفضله علي فى كل شىء مع العلم أنني لم أغضب والدي ولا والدتي حتى الآن فأفيدوني بالله عليكم إذا منعت أبي من كتابة البيت ومنعت منه العقد حرام أم حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
... إن كان الأمر كما يقول السائل، فليس من حق الوالد أن يفعل ذلك، ولا يجوز أن يسجل البيت باسم أحد الأبناء ويترك الآخر. وهو عمل محرم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن النعمان بن بشير رضى الله عنهما أن أباه بشيراً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذه معه. وقال: يا رسول الله إني نحلت ابني هذا نحلة، قال: "هل نحلت لأولادك كلهم مثله؟ " قال: لا، قال:" فرده". وفي رواية:" فاستشهد غيري عليها، فإني لا أشهد علي جور".
وبناء على هذا فلا يجوز لهذا الوالد أن يشعل نار الحرب والبغضاء بين أولاده. فننصح الأخ السائل أن يحاول منع أبيه بأحسن أسلوب حتى لا يغضبه، ويقنعه بالامتناع عن هذه الكتابة. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/391)
الواجب أن ينصح القريب المقارف للحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الواجب عمله تجاه نسيبي الذي يعمل بعمل حرام. هل يجوز أن أتعامل معه وأتودد له وما موقف زوجتي منه. تجاه الزيارات المتبادلة والأكل والشرب من بيته. هل هذا يجوز. إجمالاً ماحدود العلاقة بيني وبينه وبين زوجتي وبينه (أخ الزوجة) . وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد: الواجب عليك نصحه وإرشاده للخير، فإن أصر على عمله المحرم لزمك الاحتياط في تناول طعامه فما كان من طعامه وشرابه من مال حرام فلا تأكل منه، وما كان من ماله الحلال جاز أكله كأن يكون له دخل آخر. ويجوز لك ولزوجك زيارة نسيبك وإستضافته مع تخوله بالنصيحة بين الحين والآخر. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/392)
ينبغي صلة الوالد بالمال إن أحب ذلك وإن لم يكن ذلك واجبا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم: أود أن أسأل هل يجب علي أن أعطي والدي مبلغا شهريا ثابتا حيث أن حالته ميسورة ولكنه داخليا يحب أن أعطيه مع العلم بأنني متزوج وقد كنت في ضائقة ولم يساعدني أحد، أما الآن فحالتي جيدة والحمدلله. بالنسبة إلي أحب أن أعطي والدي لكن زوجتي تمانع وهذا سبب لي بعض المشاكل معها، حيث أنها تستند إلى أن أبي لم يساعدنا ونحن في ضائقة وهو الآن ليس بحاجةإلى المال؟ . ... والسلام عليكم ورحمة الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
... إذا كان والدك غير محتاج فالأصح أنه لا يجب عليك أن تدفع له جزءاً من مالك، ولكن الله أمرك ببر أبيك، وقد قرن حق الوالدين بحقه فقال: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير) [لقمان:14] .
... وقرن شكره جل وعلا في هذه الآية بشكر الوالد، كما قرن النهي عن عبادة غيره جل وعلا بالأمر بالإحسان إلى الوالد، وهذا حيث يقول: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) [الإسراء:23] . مما يدل على أن أمر الوالدين عظيم عند الله جل وعلا. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل:" أنت ومالك لأبيك"، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:" رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة"، فعليك أن تسعى في مرضاة أبيك حتى يدخلك الله به الجنة، ولو كانت مرضاته لا تنال إلا بأن تدفع إليه بعض مالك فبادر إلى ذلك، وعليك أن تحذر من الالتفات إلى هذه الزوجة من هذا الجانب، وإذا أصرت على موقفها فاعلم أنها لا تريد لك خير الدنيا والآخرة، فالله جل وعلا يقول: (يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم) [التغابن:14] .
واعلم أن أباك رباك صغيرا وأنفق عليك من ماله إنفاقاً كثيراً، وضحى تضحية عظيمة من أجلك،وهذه المرأة التي تأمرك أن تحرمه لم تعرفك إلا وأنت رجل قد بلغت أشدك. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/393)
من عق والديه عقه أولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
كما نعلم فان الله قد توعد من يعق أبويه بأن يجعل أولاده يعقونه.. وبما أن الله أراد من هؤلاء الأولاد أن يعقوا آبائهم كما توعدهم فهل عليهم إثم (أي على أولاد الذي كان يعق أبويه) إذا ما عقوه؟ والشيء نفسه بالنسبة لتوعد الله للمسلمين الذين يطغون ويعصون، وعدهم أن يبلوهم بحاكم طاغ فهل على هذا الحاكم إثم، وهو أداة الله لعقابهم إن صح هذا التعبير؟ وجزاكم الله خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
وعد الله الذي يطيع والديه ويبرهما بالجنة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة. ومن لم يقم بحقهما ولم يخدمهما فقد تعرض لسخط الله وعقابه والله تعالى لم يعين نوعا من العذاب في الدنيا فربما يأتي له أولاد يؤذونه، ولا يطيعونه ويكون ذلك بسبب عمله وإهماله وتسليط الشيطان عليه، حتى أدى بهم أن تسلط عليهم الشيطان من ورائه.
ولم يأمر الله أولاده أن يؤذوه وما رضي الله ذلك لهم بل أمرهم بالبر فهم مأمورون بأمر الله، وامتثال أمره، فلو كان رجل عنده أبوه، وقد آذى أبوه والده، فليس له أن يعمل كما عمل وإلا فيعذب، كما عذب هو. ومثل ذلك من تسلط على قوم يعصون الله وهو لا يريد ردهم ولا تأديبهم، وإنما يريد إشباع غرائزه الشيطانية والتسلط عليهم بما يملي عليه عقله وفكره وشهوته. فهو ظالم خارج عن دين الله والله يعاقبه. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/394)
هجر الأولاد بغير سبب من قطيعة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ما رأي الاسلام في شخص هجر ابنته من أمها المطلقة على مدة تزيد عن ثماني سنوات، ولم يرها أبدا في حياته مع أنه لم يؤد حق النفقة لا لأمها ولا لابنتها ما حكم من فعل ذلك وماذا تنصحنا ان نعمل؟ جزاكم الله كل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: ... للأبناء حق مؤكد على الآباء، رعاية ونفقة وتوجيها وإصلاحا، ولا شك أن عمل الأب الوارد في السؤال مخالف لتعاليم الإسلام وأحكامه. قال صلى الله عليه وسلم الله: " كلكم راع وكلم مسئول عن رعيته، فالأب راع في بيته ومسئول عن رعيته". [الحديث متفق عليه] . وقال صلى الله عليه وسلم: " كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت" [رواه احمد وابوداود وصححه السيوطي والنووي وحسنه الألباني] . وننصحكم بالاتصال به وتذكيره بالله، والسعي في بره، فالمؤمن لا يقابل الإساءة بالإساءة، وإنما بالإحسان والمعروف. وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/395)
إذا تاب أهلك من تعريضك للفساد فلا مانع من زيارتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة متزوجة أخطأ أهلها بتعريضها للدعارة عندما كانت فتاة، ولكن بفضل الله وحفظه تمكنت من الحفاظ على نفسها من ذلك بصدهم، وعندما علم زوجها بذلك منعها من زيارة بيت أهلها علما بأن ذلك حدث من زمن بعيد وزوجها يعرف بأنها امراة عفيفة تخاف الله فما حكم من منع زوجته من زيارة أهلها؟ وهل يجب أن تطيعه؟ أرجو إفادتي بذلك وجزاكم الله خيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم أما بعد: ...
إذا كان أهلك ما زالوا يتمادون فيما هم فيه من الغي فموقف زوجك موقف سليم، وطاعته في هذا واجبة لأنه مسؤول عنك، فهو الذي يقوم على رعاية مصالحك، وهذا جزء من القوامة المنوطة به، لقول الله تعالى: (الرجال قوامون على النساء) . [النساء: 34] . فلا يحق لك أن تخالفيه وتذهبي إليهم، ويجب أن تقدري دوافعه. أما إذا كانوا قد تابوا من ذلك وصلحت حالهم، فالأولى ألا يمنعك من زيارتهم، خصوصاً إذا كان والداك حيين أو أحدهما، وحاولي من جهتك أن تفهميه أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وأن الله جل وعلا يقول: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم) . [الزمر: 53] ، ونسأل الله أن يقبل توبتك ويجزيك خيرا على ثباتك على الحق وتجنبك لما حرم الله. وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه. والعلم عند الله.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/396)
نصحك لوالدتك بالرفق لا يعتبر عقوقا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أعتبر عاصية وعاقة لوالدتي في حالة توجيهها إلى الطريق الصحيح حيث إنها متزوجة بالسر، وهذا يسبب لي ولإخوتي الكثير من المشاكل التي تتعلق بالسمعة، حيث إنها لا تستمع للنصح أو التوجيه، فهل مقاطعتي لها يعتبر عقوقاً ومعصية؟ أفيدوني جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم أما بعد: ...
فإن الله تعالى أمر عباده ببر الوالدين قال تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) . [الإسراء: 23] . وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال:" أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال:" أبوك" متفق عليه. فالأم حقها عظيم حتى وإن كانت على دين الكفر، فقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة قالت: يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء وثديي له سقاء وحجري له حواء، وإن أباه طلقني وأراد أن ينتزعه مني، فقال: " أنت أحق به ما لم تنكحي". رواه أبو داود وحسنه الألباني.
فعلى السائلة أن توجه النصح لأمها برفق ولين وأدب ولا ترفع صوتها على أمها ما دام هذا الزواج زواجاً شرعياً قد استوفى كل الشروط والأركان من الولي والشهود ورضا الزوجين وغير ذلك.
... ... ... ... ... ... ... والله نسأل أن يوفقنا إلى مرضاته وأن يلهمنا الرشد والصواب
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/397)
الزواج لا يسقط واجب البنت تجاه أبويها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المرأة المتزوجة مسؤولة عن أبويها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فيجب على المرأة أن تبر أبويها قبل زواجها وبعده، وأن تحسن إليهما، وأن تحذر من عقوقهما، وهذا البر يكون بزيارتهما والحديث إليهما عبر الهاتف وغيره، وتفقد أحوالهما والدعاء لهما، وإكرامهما عند حضورهما إليها، وإن احتاجا إلى نفقة وكانت البنت ذات مال وجب عليها الإنفاق عليهما، سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة.
روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: قلت: يا رسول الله من أبرّ؟ قال "أمك" قال: قلت: ثم من؟ قال "أمك" قال: ثم من؟ قال "أبوك، ثم الأقرب فأقرب" والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/398)
للمرأة أن تغسل والدها المسن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تغسل والدها المسن علماً بأنه يستطيع الحركة (ما حكم ذلك) . وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم..... وبعد: للمرأة أن تغسل والدها المسن إذا كان الوالد ساتراً لما بين سرته وركبته ولا يجوز لها أن تمس ما بين سرته وركبته لأن هذه عورة الرجل فكما أنه لا يجوز النظر إليها فمن باب أولى لا يجوز لها مسها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/399)
لا حقوق شرعية بين الأب وابنه من الزنى
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: هل يحق للمولود من زنا أن يحصل على كل حقوقه الشرعية من أبيه بعد زواجه من أمه وهو في الأشهر الأولى من الحمل؟ ... ... ...
هذا وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ...
فالمولود من الزنى لا علاقة بينه وبين أبيه لأن المعدوم شرعاً كالمعدوم حساً، وما دامت الأبوة الشرعية معدومة فكل ما يترتب عليها معدوم فلا حق شرعياً بين هذا الأب وابنه من الزنى فلا أخوات الأب عمات له ولا أمه جدة له ولا أبوه جد له ولا أخوه عم له ولا حق له في ماله إن مات بل لا يحق لأبيه أن يستلحقه به شرعاً ما دام قد ولد لمدة أقل من ستة أشهر قمرية من حين دخوله الشرعي بأمه. وهنالك نقطة يجب التنبه لها وهي أن هذا الرجل - إن تاب توبة صادقة - لا يصح زواجه من هذه المرأة ما دامت حاملاً وإن كانت حاملاً من زناه بها فزواجه منها ـ والحالة هذه ـ باطل، والواجب عليه أن ينتظر حتى تضع حملها ثم يتزوجها إن شاء، بعد أن تظهر توبتها ظهورا واضحا، والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1424(13/400)
القضاء الشرعي يفرض للأولاد النفقة
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد: كنت قد سألتك سابقا عن زواجي من رجل لا يصلي وكان الرد بوجوب تركه، والآن أريد أن أسأل عن أطفالي وما سوف يلحق بهم من جراء هذا الطلاق وتوابعه. أرجو أن ترشدني ماذا أفعل؟ مع العلم بأني لا أعمل، ولي والحمد لله طفل عمره 10 سنوات، وطفلة عمرها 4 سنوات ونصف، وشكرا لكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: الصحيح من أقوال أهل العلم أن تارك الصلاة كافر، لدلالة النصوص الصحيحة على ذلك، ومن ثبت تركه للصلاة ولم يتب لم يجز للمرأة المسلمة البقاء تحته، لأنه لا يحل نكاح كافر لمسلمة. وأما الأولاد فإن القضاء الشرعي يفرض لهم نفقة من مال أبيهم لكفايتهم، وعليك أن تتقي الله تعالى وأن تلجئي إليه سبحانه وتعالى، فإن الله تعالى يقول: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه) . [الطلاق: 2-3] . وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/401)
ما يجب على الزوج تجاه أهل زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ما حقوق أهل الزوجة على الزوج]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه محمد وآله وصحبه ومن والاه: وبعد. يجب على الزوج تمكين الزوجة من الكلام والحديث إلى أهلها، وألا يمنع أهلها من زيارتها، ما لم يكونوا أهل فساد يدعون إليه أو إلى عدم طاعة زوجها. وينبغي له أن يتعامل معهم بالبر والإحسان والمعروف، وأن يمكن زوجته في زيارة أهلها والاطمئنان عليهم، لتصل رحمها وتؤدي حق الوالدين عليها.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/402)
يأخذ الوالدان من مال الولد ما يحتاجان إليه دون إضرار به
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل ولدي دخل وأعيش مع والدي ولم أتزوج بعد والمشكلة هي أن أمي تطلب مني دائما مبالغ من راتبي وللعلم إنني أعطيها مصروفاً شهرياً بالإضافة إلى أنني أعطيتها من قبل مبلغاً حتى تشتري به شيئاً ثميناً ولم يتبق لدي سوى مبلغ بسيط والآن تطلب مني هذا المبلغ , السؤال هو هل يحق للأم أن تأخذ من بنتها كل ما تريده سواء كان ضرورياً أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: يجوز للوالدين الأخذ من مال أولادهما، مما يحتاجان إليه، ولا يضر بالأولاد. وحيث ذكرت السائلة، أن الأم ليست بحاجة إلى هذا المال، فلا يلزمها دفعه إلى أمها. وعليها أن تسعى في برها وإرضائها، وإقناعها، بأهمية الاحتفاظ بشيء من المال، وبخطورة الإسراف والتبذير. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/403)
مهمة تربية الأولاد مستمرة حتى بعد بلوغ سن الرشد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن الولد إذا بلغ سن الرشد تنتهي مهمة الوالدين في التربية؟ وإذا كان صحيحا، فماهو الدليل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تنتهي مهمة الوالدين في التربية عند بلوغ الأولاد سن الرشد, بل عليهم أن يواصلوا دورهم في إرشاد أولادهم ونصحهم ولو وصل الأولاد إلى سن الكهولة , فإن التربية أساسها النصح والإرشاد وهذا حق مبذول لكل مسلم فأولى بذله للأولاد, بل بالغ بعض الفقهاء فصرح بجواز تأديب الوالد لولده الكبير, قال ابن مفلح في الفروع: وظاهر كلامهم يؤدب الولد ولو كان كبيرا مزوجا منفردا في بيت. انتهى.
ولكن على الآباء أن يراعوا اختلاف المراحل العمرية لأبنائهم، فلا يكون تعامل الأب مع ابنه قبل البلوغ كتعامله معه بعد البلوغ، ولا يكون تعامله معه وهو ملازم له في البيت يعوله كتعامله معه بعد زواجه واستقلاله عنه, لأن عدم التفطن لذلك قد يؤدي إلى مفاسد عظيمة, جاء في أدب الدنيا والدين للماوردي: قال بعض الحكماء: ابنك ريحانك سبعا، وخادمك سبعا، ووزيرك سبعا، ثم هو صديق أوعدو. انتهى.
وتراجع الفتويين رقم: 69590 , 117360 , ففيهما نصائح هامة لتربية الأولاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(13/404)
الابن بحاجة لأمه وأبيه معا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الآن في بلد عربي وزوجتي وابني في بلد أوروبي وأنا مقبل على الالتحاق بهما ان شاء الله. غير أنني أعاني مشاكل مع زوجتي فهي لا تقدر مدى حزني على بعد ابني وزوجتي عني وقد تهمل مدى ضرورة أن يكبر الابن في كنف الوالدين معا وقد ترى أن وجود الأب مع ابنه ليس ضروريا بمكان. فأرجو منكم النصيحة لها ولي وتبيان التوجيه الديني وأقوال العلماء في هذه المسألة وأن الابن يحتاج الى أبيه مثلما يحتاج الى أمه. هذا وبالله التوفيق
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن الابن بحاجة لكل من أبيه وأمه فلكل منهما دوره، وهذا أمر واضح لا يحتاج إلى برهان وراجع الفتوى رقم: 52681، وينبغي أن يقيم الزوجان معا فإن هذا أبعد لهما عن أسباب الفتنة وأدعى للعناية بأولادهما.
وإن مما نستغرب من سياق سؤالك أن تكون زوجتك هي التي تحدد إن كان وجود الابن مع أبيه ضروريا أم لا، فإن هذا يتنافى مع ما جاء به الشرع من جعل القوامة للرجل على أهل بيته لا أن تكون القوامة للمرأة، وراجع الفتويين: 9623، 5705.
ولا ندري ما الذي يجعل زوجتك تقيم في بلد غير الذي تقيم فيه أنت وقد يبدو من خلال السؤال أن إقامتها هنالك من غير رضى منك.
فالذي ننصحك به هو الجزم وعدم التخلي عن القوامة، وننصح زوجتك بأن تتقي الله وتعرف لزوجها حقه، وانظر الفتوى رقم: 20946.
ولا يخفى أن الإقامة في بلاد الكفر يترتب عليها كثير من المخاطر على دين المرء وخلقه ولاسيما الأبناء فإن لم تكن بكم ضرورة أو حاجة للإقامة هنالك فننصحكم بالإقامة في بلد من بلاد المسلمين سواء بلدكم أم غيره، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(13/405)
تعليم الأولاد وتوجيههم إلى تجنب المنكرات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتزم منذ نعومة أظافري، كنت متشددا ولا أساوم في ديني مهما كلفني ذلك خاصة حين كنت تلميذا في المدرسة، كنت لا أحضر حصة الموسيقى وكنت أنال علامة الصفر في كشف نقاط الامتحانات ولا أبالي بذلك لأنني كنت متفوقا وكنت أعوض تلك الخسائر وقد أنهيت دراستي وأنا اليوم مهندس دولة في الرياضيات والحمد لله رب العالمين، ولكني اليوم أب لثلاثة أطفال ولا أكاد أرتاح من الهمّ الذي أحمله تجاه ما يجب أن أفعله معهم فيما يتعارض مع الشرع، أسألكم بالله ماذا أفعل مع أولادي ونحن نعيش في بلد عربي لا يعرف لله حقا إلا ما تعارفوا عليه من أجدادهم، فهم يجبرون كل تلميذ على القيام لتحية العلم كل يوم مرتين ويجبرونهم على حضور حصص تعلم الموسيقى ويلزمون الفتيات بالاختلاط وممارسة الرياضة وغيرها مما لا يرضاه رب العالمين، فأرجو أن لا تهملونا وأن تفيدونا فإنا أصبحنا ضالين لا يهتم بنا أحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الأمور مما عمت به البلوى وطمت، ولا عاصم من أمر الله إلا من رحم، فنوصيك أولاً بكثرة الدعاء بأن يحسن الله تعالى تنشئة هؤلاء الأبناء على الخير، وعليك بالاجتهاد من خلال البيت بتعليمهم أمور دينهم وحسن توجيههم وأن تكون قدوة حسنة لهم في الخير.. وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 21752، 23500، 57690.
وأما بخصوص دراسة هؤلاء الأولاد في هذه المدارس فهنالك عدة خيارات يمكنك فعلها وهي إيجاد سبيل لتعليمهم في مدارس تخلو من مثل هذه المنكرات، أو الدراسة بالانتساب أي الدراسة المنزلية ثم الجلوس فقط للاختبارات مع الطلاب أو الاكتفاء بإلحاقهم بحلقات تحفيظ القرآن وتعليم العلم الشرعي، وتدريبهم على مهن تكون وسيلة لكسب لقمة عيشهم في مستقبل الزمان، وإن لم يمكن فعل شيء من ذلك كله وكنت في حاجة إلى دراستهم بهذه المدارس فلا حرج عليك -إن شاء الله تعالى- في إلحاقهم بها، ومتى ما أمكنهم أن يفعلوا مثل ما فعلت من الغياب عن حضور مثل هذه المنكرات من غير ضرر يلحقهم من ذلك فليفعلوا..
ونؤكد على ما ذكرناه أولاً من أهمية تعليمك لهم وحسن توجيهك إياهم وبيان كون هذه الأمور من المنكرات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1429(13/406)
العمر الذي يتوقف فيه الوالد عن ضرب ولده إذا امتنع عن الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف ما هو العمر الذي يتوقف فيه الوالد عن ضرب ابنه إذا لم يصلِِي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أرسخ دعائم الإسلام، وكل من قدر على تغيير المنكر بوجه لا يترتب عليه مفسدة أعظم منه لزمه، ففي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. وترك الصلاة من أنكر المنكرات وأعظمها شناعة وقبحاً، والواجب على كل والد أن يحمل ولده على فعلها، وأن يضربه على تركها منذ بلوغه عشر سنين، لما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما وصححه الألباني.
وليس لذلك سن معين ينتهي إليه، فللأب تأديب ولده وإن كان كبيراً ولو بالضرب، إذا كان ذلك مجدياً معه ويؤثر في إصلاحه، وفي حديث عائشة الطويل في سبب نزول آية التيمم حين ضاعت قلادة عائشة وذكرت عائشة القصة بطولها وهي ثابتة في الصحيح، قالت في أثناء حديثها رضي الله عنها: فعاتبني أبو بكر، وقال ما شاء الله أن يقول وجعل يطعنني بيده في خاصرتي فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي. قال الحافظ في شرح هذه العبارة: وفيه تأديب الرجل ابنته ولو كانت مزوجة كبيرة خارجة عن بيته، ويلحق بذلك تأديب من له تأديبه ولو لم يأذن له الإمام.
وقال العراقي في طرح التثريب: فيه تأديب الرجل ولده بالقول والفعل والضرب وإن كان بالغاً أو امرأة كبيرة متزوجة. انتهى.
وقيد بعض الفقهاء وجوب الضرب على الأب لترك الابن الصلاة بعدم بلوغه رشيداً، فإذا بلغ رشيداً لم يجب على الأب ضربه لذلك، ذكر هذا فقهاء الشافعية.
ويتعين على الأدب استخدام ما أمكن من الوسائل في إقناع الولد بإقامة الصلاة فليحرضه على إقامتها بما ثبت في نصوص الوحي من الترغيب فيها والترهيب من تركها، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 52998، 4307، 62008.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1429(13/407)
حكم نوم البنات البالغات 11 أو 10 أو 9 سنوات مع الوالدين في غرفة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في الإسلام لو البنات حوالي 11، 10، 9 سنوات ينمن في نفس الغرفة مع الأب والأم؛ لأنهن يخفن أن ينمن في غرفتهن بسبب دخول المجرمين أو اللصوص، كما وقع في بيت جارهن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أنه لا حرج في مبيت البنات مع الوالدين في غرفة واحدة مع مراعاة الضوابط الشرعية في التستر، ويدل لذلك ما في الصحيحين من مبيت ابن عباس رضي الله عنهما مع خالته ميمونة في إحدى الليالي التي بات عندها الرسول صلى الله عليه وسلم، قال ابن دقيق العيد في شرح العمدة: ومبيته عندها فيه دليل على جواز مثل ذلك من المبيت عند المحارم مع الزوج.... انتهى.
ويتعين على الزوجين عند المعاشرة الزوجية أن يكونا في مكان ليس فيه معهما غيرهما، فقد ذكر ابن الحاج في المدخل: أن من كانت له حاجة إلى أهله فالسنة أن لا يكون معه أحد في البيت، وقد كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا كانت له حاجة إلى أهله أخرج الرضيع من البيت.. انتهى.
وقد ذكر ابن عبد البر في الكافي: أنه يكره للرجل أن يطأ حليلته بحيث يراه أحد صغيراً أو كبيراً ... انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1429(13/408)
بنت أختها تمشي في طريق الانحراف متعللة برضا أبيها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أختي وتركت ثلاث بنات وصبيا وأنا خالتهم قررنا أن يعيشوا معنا بناء على رغبتهم وحتى لا يتعذبوا لأنهم لا يحبون أن يعيشوا مع أبيهم، لكن البنت الكبيرة ومن أول يوم سجلناها بالمعهد من أجل البكالوريا تعرفت على صديقات اكتشفت بعدها أنها أكثر الأوقات غير موجودة بالمعهد مع صديقاتها بالمطاعم تتناول الأركيلة والدخان كلها اكتشفتها وتعرفت على ناس مدعومين تتعاون معهم بإخفاء أمورهم عن أمهم مثل موبايلاتهم أصدقائهم هي تتولى المراسلة بينهم وإذا كان شخص يريد تخصيص شقة أو إجازة بناء وتأخذ عمولة وإذا أرادت صديقاتها شراء موبايل تتولى الأمر بأن تشتري لهم بسعر وتبيعه لهم بسعر وكذا المكالمات مع صديقاتها إلى ما بعد الساعة الثالثة فجراً وكنت دائمة النصح لها، لكن بدون فائدة والآن وقعت بأيدي أخيها ورقة بأنها تطلع مع شباب فقال لها فقالت إن أباها مسامح لها، اتصل بأبيها فصار يماطل وأنه بعد سأتصل وأتفاهم معك والآن جاءت بفكرة السفر إلى فرنسا من أجل الاطلاع على معمل ورق لأنه وعدوها إدارة معمل حكت لخالها لم يوافق وقالت إن أباها موافق وهي عمرها 19 سنة وأبوها لأنه لا يوفر لهم المعيشة الكاملة ليس لديه مانع أن يشتغل بناته كلهن في سبيل ألا يصرف عليهن، يحب المادة كثيراً، فانا قررت أن أتصل به وأخبره عن كل شيء لأن أشياء كثيرة لا يعرفها، وأنه إذا لم تنضبط بنته تذهب وتعيش معه، أنا بداخلي أتعذب لهذا القرار لكن خائفة من التمادي أكثر، فأرجوك نور لي طريقي؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فضمك لأبناء أختك وتربيتك لهم من الإحسان والبر، وأما تصرف البنت فهو خاطئ وواجبك نحوها هو النصح والوعظ، وتعللها بسماح أبيها لها بالمعصية أو الانحراف لا يبيح لها ذلك، فاجتهدي في نصحها ووعظها ومنعها من الوقوع فيما لا يرضي الله عز وجل بما تستطيعين، فإن فعلت فلا حرج عليك، وتهديد الأب تسليم الأولاد إليه لا ينبغي إن كان فيه تعريضهم للضياع فليس كل الآباء لهم من الشفقة والحنان ما يحملهم على مراعاة الصغار وتربيتهم وتعاهدهم.
ونصيحتنا لك هي الإبقاء على أولئك الصبية والإحسان إليهم وتعاهدهم بالتربية والرعاية والنصح والتوجيه، مع مطالبة الأب بالنفقة عليهم، وأما البنت المذكورة فافعلي معها ما بينا سابقاً من النصح والتوجيه فحسب، وللمزيد انظري الفائدة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 25339، 56653، 69103، 3152.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1429(13/409)
ملامح تربوية إذا ابتلي الولد بسرقة بعض الأشياء
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني في الله لدي مشكلة تؤرقني كثيراً وهي أني في يوم وجدت اختفاء خاتم ذهب وكان أخواتي وأولادهم في زيارة عندي ولكني لم أشك أبداً في أي شخص منهم لا من قريب ولا من بعيد وأوهمت نفسي أنه وقع مني سوف أجده في أي ركن من البيت وقلبت البيت رأسا علي عقب ولم أجده وأيضا لم أشك ولو ذرة في أحد وربنا يعلم أن تربيتنا جميعا وتربية أولادنا صالحة وبعد شهر تقريبا اختفى موبايلي وأيضا قلبت البيت رأسا علي عقب ولم أجده ومن هنا شككت في الحاضرين لأن أخواتي وأولادهم كانوا موجودين في بيتي ولكني كنت سأجن من حرجي أمام زوجي ولأني لا أملك القدرة أني أتهم أي شخص منهم لأني أعرف تربية الأولاد جيداً تقريبا نفس تربيتي وتربية أولادي لدرجة أن أخواتي أدركوا ذلك فسألوا أولادهم وحلفوهم علي كتاب الله وبعد اختفاء التليفون بأسبوعين وجدت تليفون من أختي التي تكبرني وتريد مقابلتي ضروري خارج البيت فشككت وكنت خائفة جداً من أن أصدم بأحد من أولادها وفعلا حدث الذي كنت خائفة منه وهو أنها بعد اختفاء الموبايل بفترة رأت موبايلي مع ابنها فقالت له هذا تليفون خالتك في الأول أنكر وقال لها أنا لقيته في الميكروباص لما اشتدت عليه الخناق والضرب وقالت لوالده وكاد أن يطرده من البيت وكانوا في حالة ثورة مما حدث اعترف وقال أنا وجدته في شنطتي ولم يدرك من وضعه وقال في نفسه أخاف أظهره لكل العائلة تظنه سارقه فقال يخفيه ويظهره للأصدقاء فقط بالرغم أنه عنده موبايل، لكن أقل في الإمكانيات ولكن والدته كانت منهارة جداً، وعندما قابلتني وأعطتني الموبايل كانت في قمة انهيارها وأنا صعقت مما حدث ولكن كان رد فعلي هادئا جداً حرصا على أختي وحالتها وقلت لها ولا يهمك كأن شيئا لم يكن وأنا سأتصرف وكأني لقيته في أي مكان في المنزل وفعلا أظهرته بصورة طبيعية جداً وأيضا علاقتي بابن أختي لم أظهر فيها أي شيء لدرجة أنني لم أكلمه نصف كلمة على الموضوع وطريقتي في المعاملة لم تتغير له أبداً، المشكله أن هذا الولد من أقرب أبناء أخواتي لي ولقلبي هو سنه 14 سنه في الإعدادية وأنا قلت ممكن أكلمه بعد الانتهاء من الامتحانات خوفا علي أن كلامي يؤثر علي نفسيته في الامتحانات، ولكن الشك دخل قلبي بأنه هو الذي أخذ الخاتم الذهب ولكني لا أعرف بأي طريق أدخل له وأسأله عن الخاتم بالله عليكم قولوا لي ماذا أفعل وماذا أقول له عن اختفاء الخاتم وأيضا عن الموبايل الذي كان معه أنا فعلا حزينة جداً لأن هذا الولد مهذب جداً وتربيته تربيه صالحة ووالداه ملتزمان وربوه على الالتزام الديني والأخلاقي ومستواهم الاجتماعي جيد جداً، وأنا أريد أن أظل أحبه وأريد أن أنهي الموضوع معه بطريقة لا تجرحه ولا تجعله يكرهني، سؤال آخر: أختي عندما اختفي الخاتم وبعدها الموبايل ربطت الموضوعين بوجودها وأولادها بالاختفاء وقامت حلفت أولادها على المصحف ومن ضمنهم هذا الولد فما حكم ذلك، هي منهارة جداً بسبب ذلك وسألته وقالت له أنت حلفت على أنك لم تأخذ شيأ من عند خالتك كان رده أنا لم آخذه أنا وجدته في شنطتي وهي خائفة أن يكون كذابا وسارقا فماذا تفعل لتصلح سلوك هذا الولد الذي لا يظهر عليه أي شيء وهي خائفه جداً ليكون سلوكه في الخارج غير لائق به ولا بالأسرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في التريث في الموضوع وعدم توجيه الاتهام لأحد بدون بينة، وفي الحرص على إحسان المعاملة لأخواتك وأولادهم.. وننصحك بإكثار الدعاء وسؤال الله العافية في النفس والأهل والمال والاسترجاع على ما فقدت والصبر لعل الله يعوضك خيراً منه، وأما ما حصل من وجود الهاتف عند هذا الولد فإذا كان هو الذي أخذه فإن هذا خطأ بين يجب على والديه السعي في علاجه قبل أن يعظم فعليهم أن يحرصوا على تربيته على الصدق والعفة والقناعة وعدم التعلق بما عند الأخرين.
وننصحك أنت ألا تكلميه في موضوع الخاتم، وإنما تتركين الموضوع لأمه للتحاور معه في الموضوع وانصحيها بالتعامل معه بالحوار وألا تجعل أول خطأ يكتشف منه سبباً لطرده من البيت ومعاملته بالقسوة، فإن ذلك إنما يعني تسليمه لأصحاب الفساد والسوء، ومن ثم يضيع ضياعاً كلياً إن لم تتداركه رحمة الله، وعليهم أن ينظروا في نفقاته هل عنده إدمان على شيء ما يحتاج فيه لتحصيل مال ينفقه فيه، ولينظروا كذلك في صحبته فإن كانوا فاسدين فليحجب عنهم، ويتعين الحرص أولاً وآخراً على التربية العقدية والتعبدية، فهي التي تربي في الناس الوازع الديني الذي يجعلهم يستشعرون مراقبة الله ويراعون حقوق الجيران والأقارب ويبتعدون عن الاعتداء والإثم، وعليك أنت أن تحفظي أموالك وألا تعرضيها للضياع أو السرقة فقد قيل في بعض الأمثال الشعبية (احفظ مالك ولا تتهم جارك) ، وراجعي في حكم من حلف على القرآن كاذباً في الفتوى رقم: 29925.. وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية للاطلاع على بعض الأمور المهمة في تربية الأولاد: 80890، 18336، 21752، 64312، 67272، 107700.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1429(13/410)
هل تحاسب الأم إذا غضبت ولامت ولدها على أخطائه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي طفلة تبلغ من العمر 8 سنوات ولكنها كانت مريضة بنقص في النمو مع ضمور في الدماغ ولكنها تفهم علي كأي طفل طبيعي قبل شهر توفاها الله أريد أن أسأل هل أحاسب على غضبي منها أحيانا وتوبيخي لها، علما بأنها كانت تحس بالغضب لذلك، وهل ستسامحني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الغضب على الولد لقيامه ببعض الأخطاء ولومه وتوبيخه على ذلك لا يحاسب به الوالد، وإن كان الأولى به أن يكون رفيقاً بالأبناء ولا سيما من كان منهم مريضاً، ويدل لجواز هذا الأمر ما في الصحيحين أن أبا بكر رضي الله عنه سب ولده عبد الرحمن لما اتهمه بالتقصير في إكرام ضيوفه، وبناء عليه فنرجو أن لا تكون هناك مؤاخذة فيما سبق، ونسأل الله أن يحسن عزاءك فيها، وأن يجعلها فرطا لك ويشفعها فيك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1429(13/411)
كيفية التعامل مع الفتى المدمن للكذب
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ عمره 15 سنة متأخر في الدراسة فهو لا يزال في الصف الأول الإعدادي ازداد عليه الكذب في الفترة الأخيرة لدرجة أني لم أستطع السيطرة عليه أصبح يجعل الكذب مخرجا له من كل مأزق فيكذب على الجميع فلا أستطيع أن أحصر لك كم مرة يكذب فيها في اليوم وفي كل مرة ينكشف أمره ويعتذر مني كي لا أخبر أبي خوفا من عقابه ويعدني أنها ستكون آخر مرة لكنه لايتوب ويعاود الكذب مرة أخرى حتى على الأشياء التافهة وآخرها حين رسب في امتحان القرآن وعلل ذلك أنه لا يوجد مدرس وأنهم لم يدرسوا سوى الجزء الأول منها والآن أكتشف أنهم درسوا الأجزاء الثلاثة وأخذو جزءا بسيط مما بعده فغضبت منه وصرخت عليه وحبسته في غرفة لا يخرج منها حتى يكمل الحفظ المشكلة أن الامتحان غدا وهذا ما أثار غضبي منه وأنا الآن أعامله بكل قسوة وطلبت منه أن لا يكلمني ولن أقبل منه أي عذر
أرشدوني جزاكم الله خيرا ماذا أفعل معه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تربية النشء على الطاعة واجتناب المحرمات واجب شرعي، فجزاك الله خيرا على حرصك على ذلك، ولكن عليك أن تعاملي الولد باللين بعض المرات، وتحاوريه وتوضحي له خطورة الكذب وتحريمه شرعا، وتذكريه بفضائل الصدق، وأن المؤمن لا يطبع على الكذب، وأن الكذب يهدي إلى الفجور وأن الفجور يهدي إلى النار، وأنه لا يزال الرجل يكذب حتى يكتب عندالله كذابا.
واحرصي كذلك أن تربيه على استشعار مراقبة الله تعالى وأن تكثري الدعاء له، وشجعيه ببعض الجوائز عندما ينجح في امتحان ما أو يواظب على الصدق في بعض الأيام.
علما بأن حبسه في حجرة ونحو ذلك لا يجوز إلا لمن له عليه ولاية التأديب وبحيث لا يتضرر بالحبس وإلا حرم، كما ننبه إلى أنه لا يجوز حبسه عن صلاة الجماعة في المسجد.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 41016، 32451، 17078، 52077، 80890، 43802.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1429(13/412)
اللعبة الناطقة بالفاتحة وفي آخرها آمين ثم صدق الله العظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت لأولادي لعبة تنطق بالفاتحة لكنها تقول في النهاية بعد آمين ثم تقول صدق الله العظيم وإني أخاف أن يحفظها اولادي على هذا النحو فهل هذا خطأ؟ شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لفظة آمين ليست من الفاتحة بل هي تأمين على الدعاء الذي تتضمنه السورة، وهذا التأمين مستحب.
وأما ما اعتاده القراء في هذا العصر من قولهم عند نهاية القراءة: صدق الله العظيم. فليس مطلوبا كما بينا في الفتوى رقم: 61299.
ومع هذا فلا حرج على السائلة في شراء اللعبة المذكورة لكن عليها أن تنبه أطفالها على نهاية الفاتحة، وأن ما بعد ذلك ليس منها، ولو حفظوا تلك العبارات فإنهم عندما يكبرون سيميزون الفاتحة عن غيرها من خلال التعليم أو النظر في المصحف أو غير ذلك.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 51541.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1429(13/413)
يخشى على ابنته من تأثير أمها الكتابية عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم العيش مع امرأة مسيحية للعلم أنها تشك بنبوءة النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، علما بأن لي منها بنتا صغيرة ولا أريد أن تكون كأمها مسيحية وأنا الآن لست مستقرا في العيش بين بلادي وبلادها ولم تلب طلبي بالعيش في بلدي المسلم، فأفتوني أفادكم الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فإن كان الأمر مجرد علاقة خارجة عن نطاق الزوجية فيجب عليك قطع هذه العلاقة وتكون هذه البنت بنت زنى تنسب إلى أمها، وهي مسؤولة عنها، وأما إن كانت علاقة زواج فهي زوجتك ويلزمها طاعتك والانتقال معك إلى بلدك ما لم تكن قد اشترطت خلاف ذلك، وإن خشيت تأثيرها على ابنتك فيجب عليك أن تتخذ من الإجراءات ما يمنع من ذلك ولو بطلاقها وإخراج البنت من تلك البيئة إن استطعت.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تقصد العيش معها بغير زواج فهذا لا يجوز على كل حال، والواجب عليك التوبة وقطع هذه العلاقة، وإن كانت هذه البنت نتيجة لهذه العلاقة غير الشرعية فهي ابنة زنى، فلا تنسب إليك ولا علاقة لك بها أصلاً وإنما تنسب إلى أمها وهي المسؤولة عنها.
وأما إن كانت هذه العلاقة في إطار الزواج الصحيح الذي استوفى شروط الصحة ومنها وجود الولي والشهود فهي زوجتك، فإن الله تعالى أباح نكاح الكتابية مع علمه سبحانه بأنها لا تؤمن بنبوة نبيناً صلى الله عليه وسلم، ويلزم زوجتك طاعتك والانتقال للعيش معك في بلدك المسلم ما لم تكن قد اشترطت عليك الإقامة في بلدها، وإن كنت تخشى على ابنتك منها فلا تخل بينها وبينها ولتسع في تخليص البنت من تلك البيئة الفاسدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1429(13/414)
تعليم الأطفال العادات الإسلامية وعدم تقليد الغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نساعد الأطفال على التمسك بعاداتهم وعدم تقليد الغرب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أعظم ما يساعد على هذا أن يتمسك الأبوان بالدين ويكونا قدوة حسنة للولد، ومنها أن يعلم أهمية الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويعلم شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم وأخلاقه وأخلاق السلف الصالح الصحابة ومن تبعهم بإحسان.. وينبه إلى أنهم أكرمهم الله بالعز والرفعة بسبب طاعتهم له وتمسكهم بشرعه، ولا صلاح إلا بما صلح به أولئك.
ويبين له أيضاً ما ثبت من النصوص في النهي عن التشبه بالكفار والاقتداء بهم، ويضاف لهذا حمايتهم من الاطلاع على عادات أهل الفجور حسب المستطاع، وأن تبين لهم سلبياتها إذا أطلعوا عليها، وأن يشجع المستقيم منهم على الخير ويمدح ويثنى عليه ويعاقب المنحرف عقاباً تدريجياً بعد بيان الخطأ له. وليستعن العبد بربه دائماً، ويكثر الدعاء بصلاح الولد، ويتذكر أنه مكلف بوقايته من النار. وراجع للفائدة في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 21907، 35308، 34846، 57690، 73465، 41016، 76368.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1429(13/415)
تربية الطفل الصغير الذي هجرته أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد بجوارنا أرملة وأبناؤها أصحابي ذات مرة جاءتها امراة ومعها رضيع قالت لها خذي هذا الطفل لأيام فأنا متزوجة زواجا سريا ولا يعلم أحد من أهلي به والمرأة لطيبتها أخذت الطفل وبعد أيام حاولت إرجاع الطفل إلى أمه فرفضت الأم وما كان من المرأة إلا ورجعت بالولد وربته في بيتها حتى صار عنده ثلاث سنوات والأولاد لا يريدون الام بالبيت وذلك منعا للقيل والقال كذلك الغلام لابد له من مصاريف ودخول للحضانه ثم المدرسة والحالة صعبة ماذا يفعل الأولاد تجاه أمهم فهي ترفض إرجاع الغلام وتريد إبقاءه بالبيت وما تريد أن تدل على أمه حتى يتسنى للأولاد إرجاع الولد ولابد له أيضا من نسب كي يدخل المدرسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا صح النكاح أو كان له شبهة تدرأ الحد فإن الولد فيه ينسب إلى أبيه، وإن لم يتوفر شيء من ذلك فإنه ينسب إلى أمه. وليس للأولاد منع أمهم من تربيته، وهي مأجورة بها، مع وجوب مراعاة قواعد الشرع في ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجدر الإشارة إلى عدة أمور هي:
1. أن النكاح إنما يوصف بأنه نكاح سر إذا لم يستوف شروط الصحة، وأما المستوفي لها فلا يسمى نكاح سرعلى الصحيح من كلام أهل العلم. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 13671.
2. أن نكاح المرأة المذكورة إذا كان صحيحا أو له شبهة تدرأ الحد كان الولد فيه منسوبا إلى أبيه؛ فمن القواعد أن كل نكاح قام على شبهة تدرأ الحد، لحق الولد الناشئ منه بأبيه. وأما إذا كان محض زنا فإن الولد فيه يلحق بأمه.
3. أنه لا يجوز تبني الأولاد، وأما تربيتهم دون تبن فإنها مستحبة وقد تجب، وفيها أجر كثير. ولكن يجب التقيد فيها بقواعد الشرع، ومراعاة المحرمية.
4. أنه ليس للأولاد الحق في منع أمهم من هذا الخير إذا كانت تريده، طالما أنها لا تصرف على الولد المذكور شيئا من أموالهم.
5. أنه على الأم أن تنسب الولد إلى من هو له شرعا من أب أو أم، وأن يكون ذلك في أوراقه الرسمية إذا أريد له دخول المدرسة أو غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1429(13/416)
موقف الأب من اعتداء ابن أخيه الصغير على ولده
[السُّؤَالُ]
ـ[ابني في الثالثة من عمره طبيعي الطبع كباقي من في عمره هادئ ومطيع ولكن لدي ابن أخي في عمرة عنيف ومدلل جدا من والديه وكثير التواجد معنا بطبيعة القرابة والجيرة المشكلة يعتدي دائما علي ابني بالضرب ويهدد حياته الهادئة في وجوده معنا وحساسية العلاقة تمنعني من التصرف في صالح ابني وأنانية ابن أخي تحرمني من العدل بينهما، الرجاء الإفادة؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من دأب الأطفال في مثل هذه السن أن يعتدي بعضهم على البعض، ويمكن تفادي ذلك بتربية المعتدي منهم على الفضائل وحب الآخرين، وتعويد المعتدى عليه على الدفاع عن نفسه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المرحلة من العمر التي فيها ابنك وابن أخيك تعتبر مرحلة مبكرة من طفولتهما، وهي مرحلة تتميز بالصفاء والمرونة والفطرية، ومن خصائصها أن الطفل فيها يحب المدح والثناء، ويسعى لإرضاء الكبار كي ينال منهم المدح والثناء.. وهذه الصفة تجعل الصبي في هذه المرحلة لينا في يد المربي، غير معاند في الغالب، بل ينفذ ما يؤمر به بجد واهتمام، فيمكنك أن تغرس في نفسية ابن أخيك حب العدالة وعدم الاعتداء على الآخرين، وتنمي فيه حب إخوته وأصحابه ومن حوله من الناس، وتلفت انتباه والديه إلى هذا الجانب من تربيته ... كما يمكنك أن تربي ابنك على مثل هذه الأخلاق، لكن مع تعويده على الدفاع عن نفسه وأن لا يستسلم للظلم، وعلى أية حال فالذي ننصحك به هو أن لا تقلق كثيراً مما يحصل لابنك من الاعتداءات من ابن أخيك، فإن هذا هو دأب الأطفال في سنهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1429(13/417)
هل ينافي العدل السفر للغرب دون بعض الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[هنالك امرأة عندما أرادت هي وزوجها السفر إلى الغرب والعيش فيه أخدوا معهم كل أولادهم الذين يسمح لهم قانون البلاد المتوجهين إليها إلا واحدا لأنه في سن الثامنة عشر، وعندما وصلت هذه المرأة إلى أوروبا طلبت لزوجها بفعل شيء ودفع المال من أجل أن يلتحق بهم الابن الذي بقي رغم أن لديه كل شيء للعيش في رخاء ولكن هو أيضا لا يريد البقاء في بلده ويقول لأمه إنها اخدت فقط الأبناء الذين تحبهم مما جعل الأم تشعر بأنها ربما لم تعدل بين أولادها لأن في الإسلام الأب والأم عليهما العدل بين الأبناء يعني حتى إن قبل الأب واحدا منهم فعليه تقبيل الآخرين، فماذا عن هده القضية التي طرحتها عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب العدل بين الأولاد في كل شيء، ومنه اصطحاب الولد المذكور إلى محل إقامة أبويه إذا كان ذلك ممكنا ولم يكن في بقائه مصلحة لا يوجد مثلها في اصطحابه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى حكم الإقامة في تلك البلاد للعمل أو الدراسة أو غيرهما ... ولك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 53139.
وفيما يخص موضوع سؤالك، فإن العدل من صفات الإسلام البارزة وقد أمر الله به في كل شيء، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ {النحل: 90} ، وحتى مع الأعداء قال تعالى: وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى {المائدة: 8} ، كما حرم الجور والظلم، وأولى الناس بالعدل هم الأبناء والأقربون، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
والعدل بين الأولاد يكون في الهبات وعدم التمييز بينهم في التربية والتعليم والرعاية وفي كل شيء ...
وكان السلف- رحمهم الله- يعدلون بين الأولاد في القُبل؛ يعني إذا قبل الولد الصغير وأخوه عنده، قبل الولد الثاني لئلا يجور.
وبناء على ما ذكر، فإذا كانت الإقامة في البلد المذكور لا تخشى معها فتنة، ويمكن معها إقامة شعائر الإسلام، فعلى الأسرة أن تسعى في اصطحاب ذلك الولد معها إذا كان اصطحابه ممكنا. اللهم إلا إذا كان تركه يتضمن مصلحة لا يوجد مثلها في اصطحابه، فتبين له هذه المصلحة برفق ويسعى له في كل ما من شأنه أن يخفف ما يجد من معاناة فراق الأهل، فيساعد على الزواج إن كان يرغب فيه، ويساعد في إيجاد السكن اللائق به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1429(13/418)
حكم إعطاء المرأة أحد توأميها لأمها ليتربى عندها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة لي ابن وأنا الآن حامل بتوأمين.. وأمي تعيش بمفردها وتعاني من الوحدة وتريد مني أن أعطيها بعد الولادة إن شاء الله أحد التوأمين لتربيته والعيش معها على أن يبقى يحمل اسم أبيه.. هل يجوز ذلك أم لا؟ وإن كان يجوز متى يكون ذلك أي هل يجوز ذلك مباشرة بعد الولادة أم لا بد أن يكون بعد الفطام؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا مانع من مساعدة أمك بترك بعض أبنائك عندها إذا رضي أبوهم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن مساعدة أمك وبرها والإحسان إليها واجب شرعي فرضه الله عليك في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم كماهو معلوم من الدين بالضرورة عند كل مسلم.
وأما إعطاء أحد الأولاد لها ليعيش معها ويكثرها.. فلا مانع منه شرعا إذا كان بإذن أبيه؛ بل هو من المعروف والإحسان إليها المطلوب شرعا وخاصة إذا كانت امرأة رشيدة صالحة، فكم من أناس تربوا عند أجدادهم وجداتهم تربية صالحة وتعلموا منهم خيرا كثيرا..
ولا حرج أن يكون ذلك قبل مدة الفطام أو بعدها فكل ذلك واسع إذا رضي به الوالدان ولم يترتب عليه ضرر على الولد.
قال أهل التفسير: فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور، غير مسيئين في ظلم أنفسهما ولا إلى صبيهما دون الحولين فلا جناح عليهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1429(13/419)
تربية المولود على الأخلاق الفاضلة
[السُّؤَالُ]
ـ[حماتي تمشي بالنميمة عن زوجها وأختها ووالديها وحتى عن أولادها.. أنا حامل وأخاف أن يحمل ابني هذه الصفة.. فما الحل، أنا لم أسمع والدتي يوما ما تتكلم سلبيا عن أحد ولا حتى والدي.. لذلك أستغرب جداً من تصرف حماتي وكلامها السلبي عن الآخرين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النميمة من كبائر الذنوب، وينبغي لك نصح المرأة المذكورة وإخبارها بعظم الإثم الذي ترتكبه.
وأما خوفك من انتقال هذه الصفة إلى ولدك فيعالج بتربيته إن وجد تربية إسلامية على الأخلاق الفاضلة، وتبيين الأخلاق السيئة، فإن كل مولود يولد على الفطرة، وإنما يكتسب الصفات السيئة كالنميمة من البيئة ومن التربية الخاطئة، ويمكنك الاطلاع على الفتوى رقم: 60922، والفتوى رقم: 38782.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1429(13/420)
تفريط الأهل في الأمر بالعبادة لا يعفي المرء من المسؤولية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل عمري 42عاما الحمد لله أصلي وأخاف الله، ولكني لا أصلي فهل السبب أهلي - وهل هم من يحاسبون لأنهم لم يجعلوني أصلي وأنا صغير لأتعود على الصلاة- أم أنا لأني إذا أردت أن أصلي لا أصلي إلا يمكن فريضة أو فريضتين حسب مزاجي أنا ويوم الجمعه نادراً ما أذهب إلى الصلاة؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك الآن مسؤول عن نفسك، فأنت قد بلغت عاقلاً، فتضييعك الصلاة جرم عظيم وخطره جسيم في الدنيا والآخرة، فعليك أن تحمل نفسك على المواظبة على الصلاة، ولا سيما صلاة الجمعة، وراجع في شدة خطورة التفريط فيها قبل أن يطبع على قلبك أو يبغتك الموت الفتوى رقم: 62008، والفتوى رقم: 74342.
وأما أهلك فهم يتحملون بعض المسؤولية إن كانوا فرطوا في تعليمك وأمرك بها، وذلك لخلافهم أمر الشارع بأمر الأولاد بالصلاة، فقد قال الله تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا {طه:132} ، وفي الحديث: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم وهم أبناء عشر. رواه أبو داود.
ولكن ما يدريك أنهم فرطوا في ذلك، وحتى لو فرطوا فذلك لا ينفعك أنت الآن، ولا يعفيك من المسؤولية. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 55875، والفتوى رقم: 80949.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1428(13/421)
تعويد الابن على التيامن في غسل أعضاء الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[ابني البالغ من العمر ست سنوات حين يتوضأ للصلاة يبدأ باليد اليسرى قبل اليمني وكذلك الأرجل لأنه يسراوي، فهل أمنعه أم أتركه حتى لو كبر على هذه الطريقة في الوضوء؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من فضائل الوضوء تقديمُ العضو الأيمن على الأيسر، وإذا كان الصبي يخل بهذه الفضيلة فينبغي نصحه وتعويده عليها في صغره حتى ينشأ عليها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتقديم العضو الأيمن على الأيسر في الوضوء من الفضائل المستحبة، قال الحطاب في مواهب الجليل المالكي: يعني أن من فضائل الوضوء التيمن في الأعضاء، وهو أن يبدأ بغسل اليمين من اليدين والرجلين. قال في الذخيرة: لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا توضأ أحدكم فليبدأ بيمينه. رواه ابن وهب وأدخله سحنون في الكتاب ولأنه متفق عليه. انتهى.
وقال الشيخ زروق في شرح الرسالة: خرج أصحاب السنن من حديث أبي هريرة، قال عليه الصلاة والسلام: إذا توضأتم فابدءوا بميامنكم. وصححه ابن خزيمة وقال ابن بشير: وأما البداءة بالميامن فهي من نوافل الخير ولا يختص ذلك بالوضوء بل يستحب الابتداء باليمين في كل أفعال الخير. انتهى.
وفي مطالب أولي النهى ممزوجاً بغاية المنتهى الحنبلي: (ومن السنن) في الوضوء (أيضاً التيامن) –أي: البداءة بالأيمن- (بين غسل يدين ورجلين حتى لقائم من نوم ليل) ، فيغسل يده اليمنى قبل اليسرى، (وبين الأذنين، قاله الزركشي وقيل: يمسحهما) ، أي: أذنيه (معاً) قاله الأزجي. انتهى.
وعليه فقومي بتنبيه ابنك على هذه الفضيلة وعوديه عليها في صغره إذا كان مميزاً يعقل ذلك حتى لا ينشأ على مخالفتها، وفقك الله لكل خير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1428(13/422)
مطلقته الأوروبية حولت ولديه إلى النصرانية
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي أنني تزوجت من سيدة ألمانية مسلمة أنجبت منها ولدين وبعد ذلك اكتشفت أنها لا تمت بأي صلة لهذا الدين حاولت أن أصلحها بما لدي من معرفة ولكنها بدأت تسحب من البنك وتديننى وبدأت أحوالي تسوء بسبب الأولاد فقررت أن أطلقها وأحارب من أجل أولادي ولكني اكتشفت أنها ذهبت بهما إلى الكنيسة بدون أن أعرف وتوجه الأولاد إلى المسيحية وأسمتهم بأسماء مسيحية وعندما جاء وقت الطلاق وجدت القاضي غير معترض على هذا الفعل وحكم بأن الأولاد يتغير اسمهم من محمد إلى هانز وعبد الرحمن إلى ميخائيل وأعطانا الحضانة بالمناصفة وتغيير ديانتهم إلى المسيحية ماذا تنصحني سيدي أن أعمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به فيما ذكرت هو مضاعفة الجهد في تربية الأبناء وتعليمهم أحكام الإسلام، وعدم إقرار الأم على فعلها من تغيير أسمائهم وتنصيرهم فليس لها ذلك شرعا، والحكم به باطل وانظر الفتويين: 69072، 73721.
وإن استطعت التحايل على الحكم بما لا يعرضك للأذى والخروج بهم إلى بلاد إسلامية تستطيع تربيتهم فيها على الإسلام فهو أولى، وإلا فمضاعفة الجهد في تربيتهم وتحبيب الإسلام إليهم وتعليمهم أحكامه وكتاب الله سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وحاول أن تتفادى شر أمهم بالإحسان إليها فلعل ذلك يغير شيئا منها، فتترك لك المجال الأكبر لتربيتهم، وانظر الفتوى رقم: 96483.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1428(13/423)
التعامل الأمثل مع الطفلة الصغيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنة صديقتي عمرها سنة ونصف ولكنها منذ ثلاثة أشهر لاحظت عليها تحريك حوضها بطريقة جنسية مع شد وتهيج وخاصة عندما تكون مجبرة على القعود في كرسي السيارة أو كرسي الطعام مما يسبب لها الإحراج أمام صديقاتها ولا تعلم كيفية التعامل معها وعندما تمنعها من عمل ذلك تبدأ بالبكاء وتظهر مضايقتها، فنرجو منكم إفادتنا بأنسب طريقة لمعالجة هذه المشكلة ولجعلها تترك هذه العادة، مع العلم بأن أمها شديدة الحرص على ستر العورات وإخفاء الجنس عن الأطفال ولديها الخوف بأن تتعلق الفتاة بهذه العادة إن كبرت قليلا ولا تستطيع نسيانها؟ جزاكم الله خيراً وأفاد بكم المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نخشى أن يكون هنالك نوع من المبالغة في تفسير مثل هذا التصرف بحمله على شيء من الدوافع الجنسية، خاصة وأن البنت في سن لا يتصور منها حصول شيء من هذه الدوافع، فقد يحصل مثل هذا الأمر لمجرد ألم تحس به ونحو ذلك، فنرجو أولاً عدم تهويل الأمر، والسعي في البحث عن السبب الحقيقي وعرض هذه الطفلة على بعض أهل الاختصاص إن اقتضى الأمر ذلك.
وننبه إلى أن كثرة التحدث مع هذه البنت بخصوص ما تفعل وخاصة إذا كانت تدرك ما يقال عنها ربما كان له آثار نفسية سيئة عليها، فلا ينبغي إكثار الكلام معها بهذا الخصوص، وإن تطلب الأمر الحديث معها فليكن من قبل أمها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1428(13/424)
حكم منع الابنة من حفظ القرآن في دار للحفظ
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأب الذي يمنع بنته من حفظ القرآن في دار الحفظ مع العلم أنه يسمح لي بالذهاب إلى أماكن أخرى لحفظ القرآن عند أقرباء لي ويمانع لأسباب أخرى من الحفظ في دار الحفظ خوفا علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الموضوع لا يخرج عن أربعة احتمالات هي:
· أن تكون دار الحفظ أو الطريق إليها تسبب احتمال سوء أو فتنة وأن يكون محل الأقرباء لا يسبب مثل ذلك.
· أن يكون العكس.
· أن يستوي المحلان، ويكون كل منهما يجلب سوءا أو فتنة.
· أن يستوي المحلان، ولا يكون في أي منهما سوء ولا فتنة.
فإذا كان الاحتمال الأول فإن الأب في منع البنت يكون على صواب؛ لما قد تلاقيه في الطريق أو في محل الحفظ من شياطين الإنس وشياطين الجن.
ولو كان الاحتمال الثاني، فإنه يكون مخطئا في فعله، وليس لها أن تطيعه في الذهاب إلى ذلك المكان الفاسد لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. كما في الحديث الذي رواه أحمد وصححه السيوطي والهيتمي والألباني.
وفي الاحتمال الثالث فإن تجنب كل من المحلين هو المتعين. ولكن الرفض لما يريده الأب يلزم أن يكون بطريقة كيسة لبقة، تناسب ما يجب له من البر والاحترام.
وأما في الاحتمال الرابع، فإنه –رغم استواء المحلين- قد يكون يرى في محل الأهل من المصلحة ما ليس مثله في المحل الآخر. وعلى أية حال، فإنه في هذه الحال تجب طاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1428(13/425)
تعليم الابن المراهق ما يتعلق بالبلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت فتوى وسؤالا لأحد الإخوة عن ابنه الذي لم يبلغ الحلم وأنتم كتبتم عن بعض العلامات للبلوغ سواء كانت الجسدية أو النفسية وكيف يجب أن يتعامل مع ابنه في كل مرحلة، أنا عندي ابن وحيد وأنا مطلقة وأرغب أن أنتبه لولدي وأتابع مراحل بلوغه بحيث أحميه من الانحراف وأي مشكلة تخص انتقاله من مرحلة الطفولة إلى المراهقة أو البلوغ فكيف أفعل ذلك، ابني الآن في الحادية عشرة من عمره فكيف أراقب نمو أعضائه وكيف أعرف قربه من البلوغ، وهل يصح لي أنا أن أكون البديل عن والده كون أبيه مشغولا دائماً وابني بحكم الطلاق ليس مرتبطا بوالده لدرجة أن يكون هو محط أسراره وأول الذين سيلجأ إليهم ابني إذا احتاج إلى الإجابة على أسئلة قد تحيره، فكيف أقوم بذلك الدور في حين أني لا أعرف شيئا عن ما يخص الرجل من تلك الأشياء فأنا لا أملك الفضول للبحث عن تلك المعلومات منذ صغري، لكن الآن أنا لدي ولد وقد تفاجأت أنه يجب أن أتابع وأهتم وحتى مراقبة جسده من الداخل أشعر بأن ذلك قد يؤذي ولدي أو يحرجه، ساعدوني في قيامي بذلك على أكمل وجه لكي لا يكون ولدي أقل من الآخرين في شيء، ولكي لا يلجأ لغيري في أهم مرحلة من حياته وقد يكون ذلك الغير من يسحبه إلى الانحراف أو الضياع، أنتظر إرشاداتكم وأرجو أن لا تكتفوا ببضع كلمات قد تكون مختصرة بحيث لا أستفيد، فأنا كما قلت لا أعرف شيئا عن هذه السن إذا تعرفون موقعا إسلاميا قد يفيدني أرجوكم دلوني أثابكم الله كل الخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا علامات البلوغ وسنه المعتبرة في ذلك، وكيفية تعليم المراهق ما يتعلق بذلك في الفتوى رقم: 32980 وما أحيل إليه من فتاوى خلالها.
وننبهك إلى أنه لا حرج عليك في شرح بعض تلك العلامات له واستفساره عنها مباشرة أو من خلال ما بيناه من طرق في الفتوى المحال إليها، لكن لا يجوز لك النظر إلى عورته وقد بلغ سن المراهقة والتمييز، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 71501.
واعلمي أن أبلغ ما يؤثر في سلوك الأبناء هو ما يتخذونه من الأصدقاء، فإن كانوا صالحين صلحوا، وإن كانوا فاسدين فسدوا وانحرفوا معهم فيما هم فيه، ولذا ننصحك بملاحظة أصدقاء ابنك وزملائه واختيار الصحبة الصالحة التي تنفعه في الجد والاجتهاد في دراسته وكذا في خلقه والتزامه. وانظري لذلك الفتوى رقم: 16541 وللمزيد يمكنك التواصل مع قسم الاستشارات بالموقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1428(13/426)
تربية الأولاد واجب مشترك بين الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن أن أرد على من يرى أن تربية الأولاد مهمة الأم فقط والأب عليه الإنفاق والكسب، وبماذا أحاججهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تربية الأبناء واجبة على الأب، دل على ذلك القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، كما دلت النصوص على وجوب التربية على الأم كذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأب كما يجب عليه الإنفاق على أولاده فيجب عليه كذلك أن يربيهم على أخلاق الإسلام وآدابه، دل على ذلك عموم قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ... {التحريم:6} ، وقوله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه البخاري ومسلم عن معقل بن يسار المزني واللفظ لمسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته؛ الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهومسؤول عن رعيته ... الحديث. متفق عليه من حديث عبد الله بن عمر.
وقد سبق بيان ذلك في فتاوى كثيرة فراجعي منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23697، 34846، 52681.
وفي تتمة حديث ابن عمر السابق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها.. وفيه إشارة إلى دور المرأة كذلك، فالتربية واجب مشترك بين الأبوين، وراجعي الفتوى رقم: 98724.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1428(13/427)
عاقبة تخلي الرجل عن القوامة وإهمال تربية الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المرأة التي تشك في زوجها رغم أنه حلف لها على القرآن الكريم، وما حكم الشرع في المرأة التي تشجع بناتها للخروج مع غير المسلمين ومرافقتهم إلى المراقص، وما حكم الشرع في البنت التي تبزق على أبيها وتسبه ولها 22 سنة، وما حكم الشرع في المرأة التي تتهم زوجها باللواط وممارسة الجنس مع الرجال وهذا أمام بناتها الثلاث (22- 19 - 11 سنة) ، هل يجوز العيش مع هذه الزوجة وهي بذيئة اللسان، وما حكم الشريعة الإسلامية في الزوجة التي تخرج بدون علم من زوجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا ينبغي للمسلم أن يسيء الظن بأخيه المسلم وخاصة إذا كان زوجاً فالأصل البراءة وحمل ما يصدر من الشخص على أحسن المحامل وهذا من حيث العموم، وبخصوص هذه المرأة فإن عليها أن تتقي الله تعالى وتلزم حدودها وتصدق زوجها وخاصة أنه حلف لها على القرآن الكريم، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 50933.
وأما تشجيع المرأة بناتها على الخروج فإنه منكر لا يجوز ويكون أشد حرمة إذا كان مع الكفار وإلى المراقص، فعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله تعالى وتتحمل مسؤوليتها تجاه بناتها وتقوم بواجبها الديني والأخلاقي والتربوي، فتوجه بناتها إلى ما هو خير لهن وفيه نفع لها ولهن في الدنيا والآخرة، وإذا لم تفعل فإنها ستندم حين لا ينفع الندم في الدنيا قبل الآخرة.
وأما ما تفعله هذه البنت بأبيها فإنه من أعظم الكبائر وأشد الذنوب تستحق به إنزال العقوبة من الله في الدنيا قبل ما ينتظرها في الآخرة، إذا لم تبادر بالتوبة إلى الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قال: يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه. رواه البخاري ومسلم.
فهذا في حق من تسبب في سب والديه أو أحدهما، فكيف بمن باشر سبهما والعياذ بالله، ولذلك استغرب الصحابة ممن يسب والديه لأن هذا أمر عظيم لا يتصوره عاقل سوي الفطرة، فبر الوالدين والإحسان إليهما أمر معلوم من الدين بالضرورة عند كل مسلم، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على إهمال الأبوين للأبناء وعدم تربيتهم على دين الله وأخلاقه الفاضلة ... وهو عقوبة معجلة لمن ضيع الأمانة وفرط فيها، فعلى هذا الأب أن يتدارك أبناءه قبل فوات الأوان ويعلم أن الله تعالى جعل القوامة بيده على زوجته وأولاده واسترعاه فيهم فليأخذ على أيديهم وليأطرهم على الحق أطراً فسيسأله الله عنهم غداً، كما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ...
وأما اتهام المرأة لزوجها أو لغيرها بارتكاب الفاحشة، فإنه لا يجوز ويعتبر قذفاً لمن قيل له وتستحق به هذه المرأة حد القذف إذا لم تثبته بالبينة الشرعية أو يعفو عنها المقذوف، ويكون الأمر أشد والذنب أعظم إذا كان أمام البنات لما في ذلك من إفسادهن ... وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 56914.
وأما الزوجة البذيئة فينبغي نصحها وعلاجها، فإذا لم ينفع فيها ذلك فلا خير في العيش معها، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 46779.
وأما خروج الزوجة بغير إذن زوجها لغير ضرورة فإنه لا يجوز ويعتبر نشوزاً تستحق بموجبه التأديب إذا لم ينفع فيها النصح والتوجيه قبل ذلك، وقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 30463.
وننبه السائل الكريم إلى أن كل ما حصل في هذه الأسرة هو بسبب إهمال الرجل وتضييع أمانته ومسؤولياته التي أناطها به الشرع، فبتضييع شرع الله تعالى ضاعت الرجولة والشهامة والمروءة والكرامة ... وهو مسؤول عن ذلك كله أمام الله وأمام الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1428(13/428)
هل تمنع ابنة زوجها من الزيارة دفعا للضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[من فضلكم ابعثوا لي بحل وفتوى شرعية لمشكلتي هذه لأنني أخاف الله مشكلتي تتمثل فى أنني زوجة ثانية ولدي طفلة عمرها تسع سنوات من زوجي وهو لديه أبناء من زوجته الأولى التي لا تزال في عصمته، مشكلتي أن زوجي يفرق في المعاملة بين ابنتي وابنته من زوجته الأولى التي تكبر ابنتي بسنه فهو يحبها جداً جداً ومتسامح معها لأقصى حد على الرغم من أنها تخطئ وعلى النقيض تماما دائما يعنف ابنتي لكل صغيرة وكبيرة ويضربها ضربا مبرحا مما أدى إلى تحول سلوك ابنتي لسلوك سيئ وبدأت ابنتي تفعل أفعالا غليظة ومشينة جدا تتمثل في الكذب دائما وسرقه قريناتها في المدرسة وطريقة كلامها معي تتمثل في عدم احترامها لي وللآخرين وبدأت صديقاتي وجيراني وقريباتي بمنعن أولادهن من اللعب والاختلاط بابنتي، وتحدثت كثيراً مع متخصصين نفسيين وأجمعوا كلهم على أن ما وصلت إليه ابنتي هو تحصيل حاصل لأفعال والدها معها لافتقادها الحنان والحب من الأسرة ونصحوني بأن ابنتي لن يصلح حالها إلا إذا غيرنا معاملتنا لها وأن ننعمها بالحب والحنان وبدأت فعلا في تغيير طريقتي معها حتى أعوضها عن ما فقدته ومشكلتي هي أن زوجي يأتي بابنته إلى مسكني يوما أو يومين في الأسبوع تقضيه في اللعب مع ابنتي بالرغم من عدم سماح زوجي لابنتي بأن تذهب لأختها في المسكن الآخر وهذا في حد ذاته تفريق في المعاملة، وأنا أريد أن أمنع ابنته من مجيئها عندي في بيتي لأن وجودها يؤثر كثيراً على ابنتي وأنا أريد أن أصلح من ابنتي وأخاف من أي تأثير خارجي ناهيك عن أنني لا أريد أن تشعر ابنتي بالتفريق في المعاملة من جانب والدها في حالة تواجد أختها لأنني بدأت فعلا في تغيير أشياء كثيرة بمعنى أصح لا أريد أن ينهدم ما أفعله مع ابنتي لأن ذلك سيحدث بمجيء أختها إلينا، ومشكلتي هل حرام علي أن أمنع أختها من دخول المنزل لأنني أخاف الله، مع العلم بأن ابنتي ترى أختها في المدرسه يوميا أي أنني لن أحرمها منها لن أفعل ذلك أو أتحدث مع زوجى إلا إذا بعثتم إلى بفتوى هل هذا حرام علي، ويعلم الله أنني حاولت أن أشرح الموضوع كاملا بكل أمانة حتى تكونوا مطلعين معي وتفيدوني بفتوى شرعية، لأنني يئست من الحالة التي وصلت إليها ابنتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للزوجة منع سكن قريب الزوج في بيتها الخاص، أما الزيارة فليس لها منعه منها، كما سبق في الفتوى رقم: 79961.
هذا عن الزيارة التي ليس فيها ضرر على الزوجة وعلى ابنتها، أما في حال وجود ضرر فإن لها منعها، وعلى الزوج أن لا يتسبب في ذلك الضرر، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. وجاء في معين الحكام في شرح حديث لا ضرر ولا ضرار: فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعمد أحدهما الإضرار بصاحبه وعن أن يقصدا ذلك جميعاً. وقال الغزالي في إحياء علوم الدين وهو يتكلم عن العدل في المعاملة فقال: والضابط الكلي فيه أن لا يحب لأخيه إلا ما يحب لنفسه، فكل ما لو عومل به شق عليه وثقل على قلبه فينبغي أن لا يعامل به غيره. انتهى. ونسأل الله أن يصلح ابنتك، ونرشدك لقسم استشارات الحالات النفسية لدى الأطفال بركن استشارات الشبكة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1428(13/429)
شتم الأولاد وإهانتهم أمام الغير
[السُّؤَالُ]
ـ[أبنائي يكرهون والدهم لأنه كثير الشتم والسب وهو يهينهم أمام الجميع دون مراعاة الأماكن التي يكون فيها في الشارع أو السوق أو أمام أعمامهم وأخوالهم وحتى أصدقائهم وأحيانا بدون سبب كأن يسأل أحدهم سؤالا أو يطلب شيئا أو يتباطأ في رد، لهذا أصبح أولادي مثله فماذا أفعل حتى أحميهم من سوء الخلق، علما بأني أذكرهم بمخافة الله وبالصلاة وأحثهم على طاعته دون تذمر، لكن لا فائدة فيقولون لي هو يعاملنا هكذا ونحن سنكون مثله، أولادي أعمارهم: 20 , 18 ,14, 9 وأسوأهم أصغر اثنين، فأرجوكم أفيدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعاملة الوالد لأولاده بالطريقة المذكورة لا تجوز شرعاً، لما لها من أثر نفسي سيء على الأبناء ويمكن الاطلاع على استشارات الشبكة المتعلقة بالنواحي النفسية، وأول ثمار هذه المعاملة كراهيتهم للوالد، وهل يرجو براً وإحساناً ممن يعامله على تلك الطريقة، كما أن الأولاد يحاكون والدهم في تصرفاته، ويقتدون به، فربما تأثروا بسوء خلقه، فننصح الأم لكي تحمي أبناءها من الناحيتين المذكورتين بما يلي:
- نصح الوالد وتحذيره من عاقبة تصرفاته، وأن هذا يعود بالضرر عليه هو أولاً؛ لأنه سيجني العقوق منهم مستقبلاً.
- نصح الأولاد وتوجيههم إلى الخير، وإلى عدم التأثر بما يسمعون من والدهم.
- محاولة ربطهم برفقة طيبة، والحرص على إلحاقهم بمركز تحفيظ القرآن الكريم إن وجدت.
- لا تستعجلي الثمرة المرجوة من النصيحة والصبر فالعاقبة للتقوى: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَال َ {الرعد:17} .
- نرجو أن تقرئي كثيراً في باب الاستشارات عن موضوع التربية ومشاكل الشباب وكيفية التعامل مع المراهقين منهم.
- لا تنسي وصيتهم بوالدهم خيراً وتذكيرهم بقوله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} .
- عليك بكثرة اللجوء إلى الله بأن يصلحهم ويجعلهم قرة عين لك ولوالدهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1428(13/430)
قراءة القرآن للأطفال عند النوم وتفسيره لهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا والحمد لله مسلمة دائما أقرأ لأولادي كل ما أحفظة من جزء عم من الآيات القرآنية بالليل قبل النوم ويسألوني بعض الأسئلة وتفسير الآيات فأجيب والحمد لله بما أستطيع، ولكن بين فترة والأخرى وبشكل
مفاجئ من أين أتى الله، فأريد أن أجيبهم بجواب يناسب عقولهم وعمرهم، علما أن أعمارهم ثمانية وسبعة؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تقومين به من إقرائك الأولاد بعض سور القرآن الكريم طاعة لله تعالى فضلها عظيم وثواب جزيل، وبخصوص إجابتهم على الأسئلة المتعلقة بتفسير بعض معاني القرآن فلا مانع من ذلك إذا كنت معتمدة في ذلك على بعض كتب التفسير الموثوق بها أو أخذت تلك المعاني من ثقات أهل العلم بالتفسير.
أما إن كنت تفسرين لهم المعاني والكلمات حسب رأيك واجتهادك فهذا أمر خطير ولا يجوز الإقدام عليه، لما فيه من القول على الله بغير علم وتفسير القرآن بالرأي المجرد عن الدليل، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 21250، والفتوى رقم: 80948.
وإذا كنت تمتلكين الإجابة الصحيحة عن سؤالهم عن الله تعالى وتجيبينهم بأجوبة تناسب عقولهم فهذا أمر طيب ومطلوب وسبق تفصيل هذه المسألة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 52377، 22279، 1360.
وينبغي أيضاً أن تعلميهم أذكار النوم حتى يتعودوا عليها وهذه الأذكار تقدم بيانها في الفتوى رقم: 4514.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1428(13/431)
حكم ترك تدريس القرآن للانشغال بتربية الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل في تدريس القرآن للنساء وتركت ذلك بسبب انشغالي في أمور أطفالي فهل علي إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا إثم عليك في توقفك عن تحفيظ القرآن بسبب الانشغال بأطفالك؛ لأن تربية الأولاد والقيام بما يصلحهم مما يتعين على الوالدين وتعليم القرآن من فروض الكفاية إذا قام به البعض سقط فرضه عن الباقين، ويصير في حقهم نفلاً مع أنه لو أمكن الجمع بين الأمرين فلا شك أن ذلك أفضل وأكثر أجراً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: خيركم من تعلم القرآن وعلمه. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1428(13/432)
حكم المرأة المصابة في ذهنها وأجر رعاية أمها لها
[السُّؤَالُ]
ـ[خالتي لديها بنت في الثلاثين من عمرها، وعندها نقص ذهني، قال لها الأطباء إن عقلها لا ينمو بصفة عادية لكنها تفهم كل شيء بدون الكلام، فهل هي مرفوع عنها القلم ومن المبشرين بالجنة، وهل صحيح أنها تدخل معها الجنة وما أجر أمها مع العلم بأن أباها متوفى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مناط التكليف هو العقل ومن فضل الله على عباده أنه إذا سلب ما وهب (العقل) أسقط ما أوجب، فإن كانت هذه البنت لا تعقل أو لا تعي ما يقال لها، فإن القلم يكون قد رفع عنها، لما رواه أصحاب السنن وغيرهم من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق. وفي رواية: وعن المعتوه حتى يعقل.
وأما كونها من المبشرين بالجنة فيتوقف على وجود نص يدل عليه من نصوص الوحي، ولكنه من فضل الله تعالى وعظيم رحمته بعباده أنه لم يعذب أحداً منهم حتى تبلغه الدعوة وتقوم عليه الحجة، ففي صحيح ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أربعة يحتجون يوم القيامة، رجل أصم ورجل أحمق ورجل هرم ورجل مات في الفترة، فأما الأصم فيقول يا رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئاً، وأما الأحمق فيقول رب قد جاء الإسلام والصبيان يحذفونني بالبعر، وأما الهرم فيقول رب لقد جاء الإسلام وما أعقل، وأما الذي مات في الفترة فيقول رب ما أتاني لك رسول فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه فيرسل إليهم رسولاً أن ادخلوا النار، قال فو الذي نفسي بيده لو دخلوها كانت عليهم برداً وسلاما.
وأما والدتها فلها الخير الكثير والثواب الجزيل عند الله تعالى إذا صبرت عليها وأحسنت إليها ... فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من يلي من هذه البنات شيئاً فأحسن إليهن كن له ستراً من النار. رواه البخاري وغيره، وهذا في البنات عموماً فما بالك بمن يلي اليتيمة أو المعوقة فلا شك أن أجره عظيم، أما إذا كان للبنت عقل تفهم به كل شيء والذي ينقصها هو مجرد الكلام فإن على والدتها أن تعلمها كيفية الطهارة والصلاة بالإشارة وبالعمل وتنبهها على أوقات الصلاة حتى تتعود عليها، وبذلك تنال هذه الأم الخير الكثير والثواب الجزيل عند الله تعالى، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 34897، 46264، 50687، 52394.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1428(13/433)
حكم اللجوء إلى ضرب الأولاد عند تقصيرهم
[السُّؤَالُ]
ـ[لي إخوة صغار، كانوا من الطلاب المجتهدين جدا في الدراسة، ولكن بعد أن توفي أبي أهملوا دراستهم, وحلفت أن أعاقبهم جسديا إذا قلت علاماتهم عن 90% ولكن وللأسف قلت علاماتهم عن ذلك، وأنا لا أستطيع أن أضربهم، فكيف أكفر عن يميني؟ وكيف أساعدهم على الرجوع إلى مستواهم، مع العلم أنني أعيش في مدينة أخرى ولا أراهم إلا كل أسبوعين على الأقل؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكفارة اليمين تقدم بيانها في الفتوى رقم: 2053، وشحذ همم هؤلاء الإخوة - بتشجيعهم على التحصيل ماديا ومعنويا، ونصحهم بأهمية طلب العلم وخطورة الجهل، وضرورة حفظ الأوقات وتوظيفها فيما يفيد، وعدم تضييعها في مشاهدة بعض القنوات التي تحث على الشر وتدعو إليه، مع الابتعاد عن رفقاء السوء - يفيدهم أكثر من الضرب والتعنيف ونحو ذلك، وإن استطعت أن تراقبي أمورهم عن كثب بالاتصال بواسطة الهاتف أو عن طريق تكليف بعض أقاربهم بمتابعة أمورهم فافعلي ذلك.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 13767، والفتوى رقم: 21752.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1428(13/434)
بلوغ البنات لا يسوغ عدم منعهن من المنكرات
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله تعالى كل خير.
عندي بنات منهن من بلغت ومنهن من لم تبلغ بعد، ولهن جدة تذهب لحفلات الأعراس وهي تصر على أخذهم لمرافقتها حتى لا تذهب بمفردها كوني أرفض الذهاب لهذه الحفلات، ودائما يحدث نقاش هادئ بيني وبينها حيث أرفض ذهابهن للحفلات الغنائية فتقول لي لا إثم عليك لمن ذهبت دون سن البلوغ، ومن ذهبت منهن وهي بالغة فاثمها عليها وليس عليك أنا أمها، فأقول: لست مقتنعة فهن من مسؤؤليتي فما هو الحق بين الرأيين؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة المذكورة أن تذهب بنفسها ولا بغيرها إلى المنكرات، وعليك منع بناتك من ذلك، وبلوغهن لا يسقط منعهن من ارتكاب المنكر بل يتأكد؛ لأنهن قد أصبحن مكلفات ومجزيات على أفعالهن، إن خيرا فخيرا، وإن شرا فشرا، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التَّحريم:6} وقد قال صلى الله عليه وسلم: والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. متفق عليه
وقال: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان رواه مسلم.
فلتمنعيهن من الذهاب إلى الأعراس والحفلات التي تشتمل على المنكرات كالغناء والاختلاط وغيره. ولاتسكتي على ذلك وترضي به، فإنك إن سكت ورضيت بخروجهن إلى المنكرات وأنت تستطيعين منعهن شاركتهن في الإثم. كما يجب وعظ جدتهن ونصحها بعدم الذهاب لتلك المنكرات. فإنها لاتدري متى يفجؤها الموت. وتقف بين يدي ربها فيسألها عن عمرها فيم أفنته وعن شبابها فيم أبلته.؟
وننصحك أن تحولي بينها وبينهن في مثل هذه الأحوال لئلا تفسدهن. واحرصي على اختيار الصحبة الصالحة لهن والبعد عن صديقات السوء، فالقرين بالمقارن يقتدي، والصاحب ساحب، وقد قال تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا {الكهف:28}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1428(13/435)
هل يأثم الآباء إذا أخطأ الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في نقاش وكان محور النقاش مع أحد أصدقائي يتضمن "انحراف الأولاد ومسئوولية الأبوين" كما في موقعكم ولكن تجادلنا بالحسني في سؤال وهو: هل يتحمل الوالدان ذنوب أبنائهما وهم دون البلوغ كارتكابهم للكذب أحيانا أو لأبشع صور الرذيلة من الفواحش وخلافه، فما هو ردكم على هذا السؤال أم أن الذنب على التقصير فقط تأسيسا بقول المصطفي: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا إثم على الوالدين في أخطاء الابن بمجرد حصول الخطأ منه، لأن الصبي مرفوع عنه القلم فيما يتعلق بحق الله، لما في الحديث: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم.. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي والألباني.
ولكنه يقع الإثم على الوالد أن كان قصر في مسؤولية الله عليه تجاه ولده والقيام بتربيته على الشرع والأخلاق الفاضلة، فقد كلف الله العباد برعاية ما استرعاهم من الأبناء والسعي في وقايتهم من النار وتعليمهم وتأديبهم، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم:6} ، قال علي رضي الله عنه في تفسيرها: علموهم وأدبوهم. وقال مجاهد: علموهم ما ينجون به من النار. وفي حديث الصحيحين: والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته. وفي صحيح مسلم: ما من راع يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. وراجع للمزيد من الفائدة في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 34846، 57690، 70105، 73465، 71658، 73552، 67114، 58740، 55875، 7525.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1428(13/436)
حكم ضرب الطفل الصغير غير المميز
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي طفل عمره سنتان ونصف وهو مشاغب جدا جدا إلى درجة أنني أضربه وأحيانا بقسوة وزوجي قال لي إنك إذا ضربته بعصبية وهو يقصد أن أضربه بقوة فأنا لن أسامحك وغير راض عنك وأنا أولا عصبية وعندما أضربه أجد أنني ضربته بقسوة وأندم بعدها ولكن هو شقي جدا ولا أعلم أن هذا حرام علي أو ماذا فأنا لا أستطيع التحكم في نفسي وأقول لنفسي لن أضربه ولكن أعود لنفس الشيء وأخاف من أن يكون زوجي غير راض عني ولقد وضحت له أكثر من مرة أنني أتعصب وأنسى وأضربه فيرد علي لن أسامحك مما يزيد في إثارة غضبي بشكل كبير ولا يريد أن يفهمني علما بأن زوجي حتى هو أحيانا قليلة جدا يضربه بعصبية حتي يترك له علامة في جسمه وعندما أقول له حتى أنت يقول لي أنا لست مثلك....فما الحل؟
جزاكم الله خيرا والله إنني أندم وأدعو لربي ولكن لم أستطع تغيير حالي....ادعوا لي بارك الله فيكم..
عذرا على الاطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإسلام قد أمر الآباء بتربية أبنائهم تربية صحيحة بما في ذلك تربيتهم على الدين والأخلاق الفاضلة الحميدة، وإن استدعى الأمر ضربهم في بعض الأحيان، لكن بشرط أن يصل الطفل إلى سن التمييز، لأن الضرب قبل ذلك لا يفيد. والأصل في التأديب حديث أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر. ويفهم من الحديث أن الضرب لا يكون إلا لمن بلغ عشر سنين فما فوق وهو ما نص عليه صاحب مواهب الجليل بقوله:.... وأما العقوبة فبعد العشر. اهـ.
وعليه، فضربك لهذا الطفل الذي ذكرت أنه ابن سنتين ونصف غير مشروع؛ لأنه يضر به ولا ينفعه، ولأن الطفل مازال في سن لا يعقل فيها ولا يدرك أي شيء.
علما أنه لو بلغ السن التي يباح فيها ضربه فإنه ليس من الحكمة أن يربى بالضرب والقسوة والعصبية والعنف، فقد قال الحكماء من أهل التربية: إن التهذيب باللطف واللين خير من التهذيب بالشدة والقسوة.
فأنت فيما ذكرته قد خالفت أمر الله في الطريقة التي التي تعاملين بها ولدك، وخالفت زوجك أيضا.
ولا يبرر فعلك هذا أن زوجك أحيانا يضرب الطفل بعصبية حتي يترك عليه علامة في جسمه؛ فإن الخطأ لا يبرر الخطأ.
فتوبي إلى الله مما اقترفته، وليتب زوجك أيضا من ذلك، ولا تتعللي بأنك عصبية أو أنك لا تستطيعين التحكم في نفسك؛ فإن أيا من ذلك لا ينفعك عند الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1428(13/437)
غرس القيم الإسلامية في نفوس الأطفال
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهى القيمة؟ أنواع القيم؟ كيف نغرس القيم فى أطفالنا؟ دروس فى القيم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القيم هي الأخلاق الفاضلة ذات المكانة في المجتمع، والتي تجعل للمتصف بها قيمة عند الناس، وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم ما كان عند العرب من مكارم الأخلاق ودعاهم لإتمام ما نقص عندهم منها.
فقال: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. رواه مالك والبيهقي وصححه الألباني.
ولا شك أن تربية الأطفال على القيم الإسلامية مطلب مهم جدا.
وأما كيفية غرسها في نفوسهم وإعطاء دروس في الموضوع فيحتاج لبحث طويل فيمكنك الاستفادة في شأنه عند تصفح الفتاوى الموجودة بموضوع تربية الأولاد في شجرة الموضوعات.
وطالع كتاب "تربية الأولاد في الإسلام" لعبد الله ناصح علوان، وكتاب منهج التربية النبوية للطفل لمحمد نور سويد.
ومن المواقع الإسلامية المهمة في هذا المجال موقع إسلام أون لاين وموقع المربي على الإنترنت الذي يشرف عليه الشيخ محمد عبد الله الدويش.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1427(13/438)
إيصال الخير إلى قلب الطفل منذ نشأته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا حامل في الشهرالثاني والسؤال هو: كيف أربي الجنين على القيم الإسلامية وأعوده على سماع القرآن الكريم بداية من هذه الفترة المبكرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر السائلة الكريمة على اهتمامها بدينها واستعدادها لتربية أبنائها على القيم الإسلامية، فمن أهم ما يسعى إليه المسلم أن يربي أبناءه على طريق الاستقامة ويجنبهم الانزلاق في مهاوي الردى، فالأبناء الذين تربوا على الأخلاق الفاضلة يكونون بركة وأجرا لوالديهم في الدنيا والآخرة وذخرا لمجتمعهم ولأمتهم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. رواه مسلم.
وأهم ما يعين على تربية الأبناء على الأخلاق الفاضلة والقيم الإسلامية هو القدوة الصالحة وخاصة من الأبوين، ولذلك فإن عليك أن تكوني قدوة لمن تريدين تربيته فلسان الحال أصدق وأبلغ أثرا من لسان المقال، وإذا استطاع الطفل التكلم فيبقى أن يعود النطق السليم ويلقى الكلمات والجمل المفيدة وخاصة كلمة التوحيد والشهادتين، وما استطاع من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، ومن الآيات القرآنية من قصار السور، فقد قال أحد أعلام هذه الأمة ومربيها الكبار ابن أبي زيد القيرواني المالكي: واعلم أن خير القلوب أوعاها للخير، وأرجى القلوب للخير ما لم يسبق الشر إليه، وأولى ما عني به الناصحون ورغب في أجره الراغبون إيصال الخير لقلوب أولاد المؤمنين ليرسخ الخير فيها. اهـ فالصبي في بداية حياته يكون صفحة بيضاء لا يجوز أن يكتب فيها إلا ما هو صالح، وللمزيد نرجو أن تطلعي على الفتويين: 21752، 57690، وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1427(13/439)
كيفية تأديب الغلام اليتيم
[السُّؤَالُ]
ـ[أخو امرأتي طفل عمره 13 عاما لديه الكثير من العادات السيئة مثل السرقة والسب والتأخر في الشارع حتى الفجر ومصاحبه من هم يتعاطون المخدرات كما أنه لا يرغب في التعليم ورسب هذا العام ووالدته تخاف عليه جدا حتى إنها لا تسمح لأحد ب التدخل أو معاقبته فهي تكره الضرب وتقول إنه يتيم وأنها سألت بعض الشيوخ وقالوا لها لا تسمحي لأحد بضربه أو معاقبته وأن تعامله برفق مع العلم أنها تعامله برفق منذ أكثر من عامين والحال كما هو بل تمادى هذا الطفل حتى انه اصبح يغيب عن البيت أكثر من 24 ساعه متصلة وأصبح حاله لا يسر أحدا حتى إنني أصبحت أخشى على امرأتي من الذهاب إلى بيت والدتها حتى لا تصطدم بأصدقائه الذين يتعاطون مخدرات.
فماذا أفعل؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الإسلام الوالدين بتربية أبنائهم تربية صحيحة، بأن يدربوهم على الدين والأخلاق الفاضلة الحميدة، وإن استدعى الأمر ضربهم في بعض الأحيان لذلك فلا مانع منه.
وبالنسبة لليتيم فإنه يؤدب كما يؤدب غيره. ذكر عبد الرزاق في المصنف أن عائشة سئلت عن أدب اليتيم؟ فقالت: إني لأضرب أحدهم حتى ينبسط. وسأل رجل سعيد بن المسيب مم يضرب الرجل يتيمه؟ قال: مم يضرب الرجل ولده.
فكان على أم ذلك الولد أن تربيه تربية صحيحة، وأن تؤدبه بالطريقة اللائقة به، وإن دعت الحاجة إلى ضربه فلا مانع من ذلك ولو كان يتيما.
وفيما يتعلق بموضوع ذهاب زوجتك إلى بيت والدتها، فإنه إن كان لغرض شرعي، كصلة رحم، أو عيادة مريض، أو مواساة، أو غير ذلك مما ندب إليه الشرع، فإنه لا حرج فيه، ولا يكون وجود مثل هذا الولد وأصدقائه عائقا عن القيام به.
ولكن من واجبها أن لا تكون بحيث تصلها أعين أصدقاء أخيها، وعليك أنت في موقف كهذا أن تنصح أم هذا الولد، وتشعرها بأن سكوتها على مثل هذا السلوك يضر بمستقبل ولدها وتقصير في مسؤوليتها تجاهه.
وإذا كان يترتب على ذهاب زوجتك إلى بيت أمها فسادها أو كنت تخشى عليها الفتنة، فلك منعها من الذهاب، وعليها حينئذ السمع والطاعة، لأن الشرع يلزمها بطاعة زوجها ما دام يأمر بمعروف، ولأن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم:6} . ويقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1427(13/440)
تعويد الأبناء الصغار على عوائد المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[في خلاف مع زوجتي على حق ابنتي التي عمرها 3 سنوات أن تلبس البنطلون والقميص عندما تخرج معنا إلى المول للعب واللهو. بينما تلزمها الأم بلبس العباءة السوداء والخمار كاملا حتى خارج البيت وتقول إن لبس البنت غير ذلك هو ملابس الكفار وحرام، أفيدونا بالدليل؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا شك أن تعويد الأبناء من صغرهم على عوائد المسلمين والتخلق بأخلاقهم أمر محمود وله الأثر الحسن في مستقبل الولد، لكن البنت ما دامت في السن المذكورة لا داعي لإلزامها بعباءة سوداء أو التخمر، وليس كل ما يلبسه الكفار من بنطلون أو غيره يكون محرما علينا، بل لا يحرم علينا إلا ما هو خاص بهم لكونه علما عليهم ورمزا لهم، ونحن ننصح بالتفاهم في لبس البنت المذكورة، وأن لا يجعل منه سببا لخلاف قد يجر إلى ما هو أعظم منه، فالأمر في شأنها واسع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1427(13/441)
حث الصبيان على صلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[وفقكم الله لكل خير ... عندي إضافة على سؤالي السابق برقم (2121667) وهي في كيفية التطبيق العملي لمرحلة التعليم (لسبع) ، وخصوصاً في صلاة مثل صلاة الفجر؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما لا شك فيه أن صلاة الفجر عظيمة شاقة إلا على المتقين، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا.
فصلاة الفجر من أكثر الصلوات مشقة على النفس لقطعها لذة النوم وهدوء الليل ولين الفراش، ولكن ذلك كله يهون إذا وزن بعظيم الأجر الذي رتبه الشارع على حضورها والمحافظة عليها، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 2444.
وإذا كانت عظيمة ثقيلة على المكلفين البالغين فكيف بالصبيان أبناء السبع والثمان، لا شك أنها ستكون أثقل عليهم وفي حضورها والمحافظة عليها منهم مشقة بالغة، إلا أنها تهون إذا كان أولياؤهم ذوي حكمة في التعامل معهم وترغيبهم فيها فيسلكون معهم كل السبل وأنواع الأساليب دون الترويع والتخويف، لأن ذلك مما يبغضها إليهم ولو فعلوها لذلك رهبة فإنهم سرعان ما يتركونها إن وجدوا إلى ذلك سبيلاً.
ولا يمكننا هنا أن نصف لك سبيلاً معيناً تسلكه أو يسلكه غيرك مع الأطفال في ذلك إلا أن مسالة الترغيب لها أثرها الطيب في استجابة الطفل، والجامع لذلك كله قوله تعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ {النحل:125} ، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 8691.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1427(13/442)
هل يترك ابنته مع جدتها الكافرة
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب مسلم متزوج من بلجيكية اعتنقت الإسلام بفضل الله رزقنا الله بابنة. كما تعرفون منذ اعتناقها للإسلام شنت الحرب البسكولجية من طرف أهلها يستهزئون بهذا الدين وبنا وما تخفي قلوبهم أعظم. لا يأتون لزيارة أختهم أنا بالنسبة لهم ساحر مجنون سبحان الله وأما الأم فهي لها صديق وليس بزوج وكل مرة تريد أخذ البنت معها ومعها هذا الرجل وأنا وزوجتي نرفض ذلك لأنهم لا ندري أين يذهبون بها ربما للأماكن التي توجد بها الكحول والمحرمات وأنا لا أثق بهذه المرأة خفيفة العقل لا أدري كيف أصفها مع العلم عندما تأتي هنا أطعمها وأتركها مع ابنتي في منزلي.السؤال هل أتركها تأخذ البنت للذهاب لهذه الأماكن المحرمة ومع هذا الرجل؟ أنا وزوجتي نعارض ذلك. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا بأس بالإحسان إلى أم زوجتك الكافرة، لقول الله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ {الممتحنة:8} ، قال الإمام ابن كثير في تفسيره: أي لا ينهاكم الله عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلونكم في الدين كالنساء والضعفة منهم، أن تبروهم أي تحسنوا إليهم، وتقسطوا إليهم أي تعدلوا، إن الله يحب المقسطين. انتهى.
ومع هذا فإنه ينبغي الحذر من تأثيرها على ابنتكم أو تعلق البنت بها، ويجب عدم السماح لها بأخذ البنت إلى أماكن المنكر حتى لا تعتاد عليها وتألفها.
وأما غيرها من الأماكن المباحة فلا حرج في ذهاب البنت معها إن أمن تأثيرها عليها كما قدمنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1427(13/443)
تخطيط الوالدين حياة الأبناء دون رأيهم
[السُّؤَالُ]
ـ[من فضلكم: ما حكم الوالدين اللذين يحبان التحكم في أولادهم حتى وهم كبار 25 سنة ويخططان لمستقبلهم عوضا عنهم؟
وهل مواجهتهم بالحقيقة فيها عصيان لهم؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المختصين بالتربية ينصحون الآباء بزرع الثقة في نفوس الأبناء، وبتعويدهم على الاعتماد على أنفسهم منذ الصغر وعدم القيام بواجباتهم عوضا عنهم، كما في الاستشارة رقم: 247078، وهذا في الصغار فما بالك بالكبار.
وعليه، فلا بأس بمواجهة الوالدين برغبة الابن ورأيه في الأمر وإن كان بخلاف رغبة الوالدين، وليس في ذلك عصيان لهما إذا كانت الطريقة صحيحة وتوخى فيها جانب الأدب وحسن الكلام، كما قال الله تعالى: وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً {الإسراء: 23}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1427(13/444)
عدم العدل بين الأولاد يورث الحقد والكره بينهم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أعاني من مشكلة عويصة منذ سنوات عديدة وهي التفرقة بين البنت والولد من قبل الأبوين. فأنا البنت الوحيدة بين ثلاثة إخوة من الذكور. منذ طفولتي وأنا متفوقة في دراستي ولم يكن إخوتي كذلك. كما أنني اجتهدت منذ الصغر لكي أكون ملتزمة دينيا أمام ربي وارتديت الحجاب وأنا في الثانية عشر من عمري قبل أن ترتديه أمي. كنت أعتقد بأن مكانة الإنسان تكتسب بعمله ولكني فوجئت بأنني ضئيلة الشأن في نظر أمي وأبي لأنني أنثى يفترض فيها الضعف والحاجة مهما فعلت أو حققت من نجاحات أو أثبت من قدرات بينما حظي إخوتي بعظم الشأن لمجرد أنهم ذكور. وكانت أمي تمنعني من الخروج من البيت في الإجازات الدراسية وتفرض علي القيام بالأعباء المنزلية بينما توفر كل الأسباب لإخوتي حتى يستمتعوا بأوقاتهم ويقضوا إجازاتهم بالشكل الأمثل. فكنت أشعر بالقهر والكبت ولكنني كنت أجتهد في الدراسة بكل ما في وسعي حتى تخرجت من الكلية بتقدير امتياز في السنة الأخيرة. وتخرج اثنان من إخوتي بتقدير مقبول والثالث بتقدير جيد. وأصبح تفضيلهما لإخوتي ظاهرا في أمور شتى. فإذا تعامل معي إخوتي بأسلوب فظ أو عدائي فهم لا يبالون بل وكثيرا ما يؤيدون، وإذا حاولت الدفاع عن نفسي لاموني وبذلوا كل جهدهم حتى يسكتوا صوتي. ومعظم كلامهم معي (افعلي كذا) (أنت مقصرة في أعمال المنزل) (إياك وأن تعتقدي أن ما تفعلينه هذا يعد شيئا) (لا نحن ولا إخوتك راضون عنك في جهدك في المنزل) . وقد ناقشتهم مرارا في هذا الأمر وقلت لهم أنه لا بد من المشاركة ومن وضع نظام عادل في تحمل الأعباء وأن الدين هو العدل وأن الله لم يخلق نوعا من الناس حتى يكون خادما لنوع أخر. وكان جواب أبي (يكفيك شرفا وفخرا بأن لك إخوة رجالا قادرين على أن يقفوا مواقف لا تقدرين أنت عليها، فعليك خدمتهم وهذا من واجبك وأعمال المنزل هي من اختصاصك) . وأصبح دائما يقلل من شأني ومن شأن أي عمل أقوم به مهما كان، ويعظم من شأن إخوتي ومن شأن أي عمل يقومون به ولو كان بسيطا أو منقطعا. هذا بالإضافة إلى الصياح المستمر في وجهي المصحوب بالشتائم لعدم رضاه عني وعن قناعاتي. وقلت له كثيرا (ينبغي أن تكون عادلا بيني وبين إخوتي، في التكاليف وفي العطاء) ولكن دون جدوى. وإذا أراد أي من إخوتي أن يقوم بمشروع أو عمل خاص ولو لم يكن قادرا على تحمل أعبائه وقف أبي بجواره وشد من أزره وأعانه. وإذا أردت أنا أن أقوم بمشروع أو عمل خاص مع تحملي كافة الأعباء وعدم طلبي لأي مساعدة من أي نوع حاول أبي أن يثبطني ويثنيني عنه قائلا (لن تستطيعي) (أنت لا تقدرين) ، وإذا لم يفلح تثبيطه وشرعت أنا في العمل بالفعل منعني بالقوة عنه قائلا (أتريدين أن تعملي لنفسك؟ إن أعمال البيت أحق بعملك وجهدك) . عانيت كثيرا من الظلم والكبت. وأسوأ ما فيه أنه صادر من الأم والأب. وأنا الآن أبلغ من العمر 33 عاما وقد تسببوا في إيذائي في جوانب متعددة صحية ونفسية ومادية أشعر بمرارة شديدة نحوهما وبدأت أعبر عن هذه المرارة بقولي لهما (لقد تسببتما لي في ضرر وأذى كبير) ، فاتهماني بأني جاحدة وأن الله قد أوصى الأبناء بالوالدين وأنني لست من المحسنين ولكن الله لم يوص الآباء بأبنائهم لأنهم ليسوا في حاجة إلى ذلك، وأن ما أصابني من أضرار فهو قدر الله ولو أراد الله بي غير هذا لكان، أرجو الفتوى والنصيحة والدعاء لي بالنسبة لكل ما ذكرت؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على الآباء أن يعدلوا بين أبنائهم في المعاملة والهبات، فإن الحيف والظلم وتفضيل بعضهم على بعض يقذف الحقد والحسد بينهم، وقد بينا تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 67068
وأما خدمة البنت لأبيها وأمها في المنزل فذلك من الطاعة والبر الذي يجب على البنت تجاه والديها، ولا يسقط هذا الحق بتفضيلهم الذكور على الإناث أو قسوتهم في التعامل، ونذكرك أيتها الأخت الكريمة بأن تستشعري عند القيام بطاعة والديك وخدمتهما واكتساب رضاهما أنك تمتثلين أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم وفي ذلك نجاتك وفلاحك، وانظري الفتوى رقم: 73417.
وننصح الأبوين الكريمين أن يعدلا بين أولادهم وأن يكونا عونا لبنتهم على الخير، وعلى تطوير نفسها، ونذكرهم بما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير لما جاءه ليشهده على موهبة وهبها لابنه النعمان، قال له: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، فقال: فلا تشهدني إذا فإني لا أشهد على جور. وفي رواية قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. وانظري الفتوى رقم: 64828.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1427(13/445)
هل تمنع ابنها الصغير من الرحلة خشية تركه الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مشكلة مع ابني البالغ من العمر تسع سنين، فنحن هنا في الغربة نلاقي تحديات كبيرة خاصة في مدارس أولادنا، ابني يطلب مني أن أسمح له بالذهاب في رحلة مدرسية يذهبون فيها إلى منطقة بعيدة لمدة ثلاثة أيام لا يسمح لهم بالاتصال بذويهم ويرافقهم أستاذ كافر بالطبع وآخر محسوب على الإسلام لكنه لا يصلي ويدخن، وهذا الأستاذ يقول إنه سوف يحثهم على الصلاة. ابني يلح عليَّ بأن أتركه يذهب، وذلك منذ ثلاثة أسابيع، فهل ينبغي أن أسمح له بالذهاب؟
أجيبوني بسرعة بارك الله فيكم ,]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن خشيت على ولدك في أخلاقه أو عرضه فلا يجوز لك السماح له بالذهاب، فإن ذلك تفريط في الأمانة التي كلفك الله بها، وإن أمنت عليه في هذا الجانب وخشيت من تركه الصلاة خلال تلك الأيام فلك أن تأذني له لأنه غير مكلف مع حثك له قبل ذهابه بالمحافظة على الصلاة والقيام بها في وقتها، ولك أن تمنعيه وهو الأولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1427(13/446)
توجيهات للناشئة في مواجهة الفتن والشهوات
[السُّؤَالُ]
ـ[تركت ولدي البالغ من العمر ال 17 سنة يبحر في الأنترنت على الحاسوب الموجود بالبيت قصد الحصول على معلومات
تفيده في دراسته , وبعد الانتهاء فتحت الحاسوب واطلعت عما كان يزور من مواقع فوجدت من بين المواقع ما هو إباحي وصور لنساء عاريات. لم أشعر ابني بما رأيت وقمت بطرح السؤال على مختصين في التربية لعلي أجد من يرشدني ويقول لي ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تربية الأبناء من أهم الواجبات، والله سائل أولياء أمورهم هل حفظوا ما اؤتمنوا عليه أم ضيعوا؟ فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم6} .
ومرحلة المراهقة هي أخطر مرحلة يمر بها الإنسان حيث إن للإنسان فيها تغيرات جسمية وعقلية وعاطفية وجنسية، والشيطان حريص على إغوائه في هذه المرحلة.
فنقول: قد أحسن الأخ السائل حين سأل قبل أن يقدم على أي تصرف مع الولد، (فإنما شفاء العي السؤال) ومن خلال اطلاعنا على ما قاله المختصون في التربية في هذا الجانب وجدناهم ينصحون بما يلي:
-الحرص على ربط الفتى بصحبة صالحة، فإن صحبة الصالحين تغري بالصلاح، والصاحب ساحب، وكما قيل: عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي، فابحث له عن الشباب المستقيم المتمسك بالدين لينخرط فيهم، ويعبد الله معهم، ويشهد معهم صلاة الجماعة، ويطلب معهم العلم النافع،
-الحرص على شغل وقته بالنافع والمفيد من أمور الدين والدنيا، ولا يترك فارغا فإنه من أعظم المفسدات في هذه المرحلة، كإشراكه في أي نشاط جماعيٍ هادفٍ حولكم، حيث يستُفيد ويفيد،
- المبادرة والإسراع بتزويجه فقد قال صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء. رواه البخاري ومسلم.
- كثرة الدعاء له بالخير والتوفيق والسداد
- حثه على فعل الطاعات من: واجبات ومستحبات، والبعد عن المحرمات والمشتبهات والمكروهات.
- عدم تمكينه من استخدام الانترنت وغيره من الوسائل بطريقة غير صحيحة، وإبعاده عنها إلا في ما لابد منه، ولا يسمح له بتصفح الانترنت إلا ومعه غيره والوسيلة في ذلك أن يوضع الجهاز في مكان عام في البيت بحيث لا ينفرد الولد بمشاهدة ما لا يحسن مشاهدته.
هذه بعض التوجيهات المفيدة في هذا الجانب، ويمكن تصفح موقع: المربي على الإنترنت، ويشرف عليه الشيخ محمد عبد الله الدويش، وهو من أفضل المواقع العربية المختصة بتربية الناشئة.
كما ننصحه بالاستماع إلى الأشرطة الإسلامية ومنها: (توبة صادقة) للشيخ سعد البريك، (واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله) للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي، ومحاضرة (على الطريق) للشيخ علي القرني، وتجد هذه الأشرطة على موقع طريق الإسلام islamway. com على الإنترنت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1427(13/447)
تربية الناشئة على عقيدة وأخلاق الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا علي ردودكم الرائعة أنا مشرف ناشئة في لجنة الصحبة الصالحة سؤالي هو: كيف أستطيع أن أبدع في عمل البرامج والرحلات التربوية أو في أي جانب من الجوانب كيف أحدث ثروة في الإبداع والتغيير وخاصة الرحلات وأرجو طرح مقترحات للرحلات والبرامج المبدعة وذكر كتب عنها؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الاهتمام بالناشئة والعمل على تربيتهم على عقيدة وأخلاق الإسلام وتعليمهم أمور دينهم من أعظم القربات، وخاصة في زماننا هذا الذي نشط فيه أهل الضلال وتعددت وسائلهم، وإن من أهم ما نرشدك إليه مما يضمن به بإذن الله نجاح مساعيكم هو إخلاص النية لله تعالى، فإنه من أفضل ما يدفعكم إلى الإبداع، قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت: 69} وينبغي أن تستحضروا أن هؤلاء الأولاد أمانة في أعناقكم، وحق الأمانة أداؤها على أكمل وجه وإلا فربما كانت وبالاً على صاحبها، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال: 27}
وبخصوص الكتب والمواقع التي اهتمت بجانب التربية فنحيلك على الفتوى رقم: 69590، فقد ذكرنا بها بعض الكتب والمواقع.
وأما البرامج والوسائل فينبغي أن يٌراعى فيها التنويع كالقيام برحلات ترفيهية أحيانا، ورحلات علمية أحيانا، وعمل معسكرات تربوية حسب الإمكان، على أن يراعى من ذلك ما يتناسب وسن الأطفال، وينبغي التنبه إلى أمر مهم وهو الاستعانة بالله تعالى وسؤاله التوفيق، واستشارة ذوي الخبرة ممن لهم سبق في العمل في هذا المجال التربوي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1427(13/448)
الخروج بالأطفال في رحلة إلى الكنيسة
[السُّؤَالُ]
ـ[حضانة ابنتي تقيم رحلة علمية إلى مسجد عمرو بن العاص والكنيسة المعلقة فهل هناك حرمانية في دخول الكنيسة علما بأن الدخول ليس للعبادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمجرد دخول الكنيسة لا مانع منه ما لم يكن حال وجود منكر فيها كاحتفالهم بأعيادهم أو كان فيها صور. قال الشيخ عميرة في حاشيته: فرع: لا يجوز لنا دخولها أي الكنيسة إلا بإذنهم وإن كان فيها تصوير حرم مطلقا وكذا كل بيت فيه صورة مع وجود الصورة. وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 37925.
وأما الذهاب بالأطفال رحلة إلى الكنائس فإنه وإن كان لا بأس به إلا أنه ينبغي للقائمين على الرحلة أن يغرسوا في أذهان النائشة الموقف الشرعي من الكنائس وما يجري فيها من ممارسات للباطل ليرتسم ذلك في ذهن الناشئ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1427(13/449)
تربية الأولاد في بلاد الغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أم لثلاثة أطفال وأقيم بفرنسا وأتمنى أن أجد فى موقعكم الكريم مواضيع تخص مشاكل المسلمين المقيمين فى الغرب مع أطفالهم فى ازدواجية الثقافة والعادات مثلا ابني الكبير عنده 5سنوات يسألنى لماذا تمنعينني من أكل اللحم فى المدرسة أو في محلات الأكل مع أن زميلي فى الفصل اسمه محمد مثلي لكنه يأكل كل شيء وأمه لا تقول له حرام أرجوكم نحن المسلمين المحافظين على ديننا وهويتنا نحتاج للدعم الثقافي منكم.
وشكرا جزيلا لمجهودكم الكريم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحن لا نشجع المسلمين على العيش في تلك البلاد إلا في حالات استثنائية، ولبيان حكم الإقامة في دول الكفر تراجع الفتوى رقم: 20391، ومن كان من أهل تلك الحالات الاستثنائية نقول لهم: حافظوا على دينكم وهويتكم الإسلامية، وربوا في نفوس أبنائكم الاعتزاز بالدين، والتميز، وربوهم على أن يكون لهم هدف في الحياة، وأن المسلم له هدف من وجوده وغاية خلق لها، وهي عبادة الله سبحانه في الأرض، وإقامة دينه وشرعه، وأنه لم يخلق ليأكل ويشرب، ويتمتع فقط، فالمسلم يتلقى الأوامر والنواهي من الله الخالق، الذي كرمه بهذا، ليسعده في دنياه وأخراه، ويدخله الجنة، أما هؤلاء الذين يأكلون ويتمتعون كما يشاؤون وليس عندهم حلال ولا حرام، فإنهم يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم، وما لهم في الآخرة من خلاق (نصيب) اغرسوا في نفوس أبنائكم هذه المعاني بأسلوب شيق مؤثر، وبالتالي سيعرفون سبب كون المسلم يجب عليه فعل أشياء، ويحرم عليه إتيان أشياء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1426(13/450)
حكم تربية المرأة بنت أخت زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: إني امرأة متزوجة ولم أرزق ببنات ولي ولد فقط وإني أحب أن تكون لي بنت إلا أن ذلك قد أصبح مستحيلا مع تقدم في السن غير أني قد وجدت حلاّ ألا وهو أنّ أخت زوجي قد منّ الله عليها ببنت وقد عرضت عليها أن آخذها وأربّيها عندي وقد وافقت وزوجها إلا أنّه قد واجهتنا إشكالية تتمثّل في كيف التّعامل بين ابني والبنت عند الكبر مع العلم أني لا أستطيع إرضاعها حتى تكون أخته من الرّضاعة نظرا لتقدمي في السن مع العلم والله يشهد على ذلك أنّي متعلّقة بهذه البنت تعلّقا شديدا الّتي تبلغ من العمر4أشهر وانّ كلّ ذلك سيتم تحت نطاق شرع الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن تقومي بتربية بنت أخت زوجك، ولكن مع مراعاة ما يلي:
أولاً: المحافظة على النسب الصحيح لهذه البنت، فلا يجوز أن تنسب إلى غير نسبها الصحيح.
ثانياً: المحافظة على أحكام الميراث وفق النسب الصحيح.
ثالثاً: هذه البنت تعتبر أجنبية عن أولادك فلا يجوز أن تخلو بهم إذا بلغت حدا تشتهى فيه عادة عند أصحاب الطباع السليمة والأخلاق القويمة، ولا يجوز لهم النظر إليها، وانظري الفتوى رقم: 63990، والذي ننصح به أن ترضوا بما قسم الله لكم، وأن تبقى البنت عند أبويها وهذا هو الأفضل، ويمكن أن تبقى عندكم حال صغرها، ثم تعاد إلى أبويها، وننصح بمطالعة الفتاوى التالية بشأن التبني رقم: 26978، ورقم: 27994، ورقم 48874.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1426(13/451)
رعاية الأطفال في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تتم رعاية الأطفال في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كرم الله تعالى الإنسان فخلقه في أحسن تقويم، وشرع له من الآداب والأحكام ما يكفل له حياة كريمة يستطيع فيها القيام بما خلق من أجله وهو عبادة ربه سبحانه وتعالى.
وقد شمل اهتمام الإسلام بالإنسان جميع مراحل عمره فأوصى به طفلاً صغيراً وشاباً فتياً، وشيخاً فانياً، بل وامتد ذلك إلى الإنسان وهو جنين في بطن أمه بل وقبل أن يخلق أصلاً، وقد كانت الطفولة من أكثر هذه المراحل اهتماماً، لأنها تأسيس للإنسان روحياً وجسدياً.
وتتمثل مظاهر هذا الاهتمام في جوانب عديدة ذكرنا بعضا منها بالفتوى رقم: 47466، والفتوى رقم: 23307 فلتراجعا.
ويمكنك معرفة المزيد في هذا الموضوع بالرجوع إلى بعض الكتب المختصة في هذا الباب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1426(13/452)
كتب متخصصة في تربية الأطفال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكنكم أن ترسلوا لي الحديث النبوي الذي يتكلم عن تربية الأولاد من ولادتهم إلى أن يصبحوا كبارا؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هناك حديث نبوي يتكلم عن تربية الأطفال من ولادتهم حتى يصيروا كباراً، لكن وردت أحاديث متفرقة تتكلم عن هذا الموضوع، لا يسع المقام لذكرها، ولكن نحيلك على كتب متخصصة في هذا المجال، ومنها: كتاب مسؤولية الأب المسلم مرحلة الطفولة. تأليف: عدنان حسن باحارث، طبع في دار المجتمع بجدة، وهو أهم كتاب في الموضوع، وكتاب: منهج التربية النبوية للطفل. تأليف محمد نور سويد.
وكتاب: تربية الأولاد في الإسلام. لعبد الله ناصح علوان. ويمكن تصفح موقع: المربي على الإنترنت، ويشرف عليه الشيخ محمد عبد الله الدويش، وهو من أفضل المواقع العربية المختصة بتربية الناشئة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1426(13/453)
فضل تربية الولد تربية صالحة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعلم أن تربية البنت تربية صالحة تدخل أمها الجنة، هل يا ترى ينطبق هذا على الولد أيضا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصحيح أنه قد ورد في فضل تربية البنات أحاديث صحيحة، منها ما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له سترا من النار. وما رواه مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو -وضم أصابعه-. وفي رواية الترمذي: دخلت أنا وهو الجنة كهاتين، وأشار بأصبعيه.
ومع ذلك فإن الله تعالى قد حمل الآباء أمانة تربية الأبناء وتأديبهم وتعليمهم ما أوجبه الله عليهم وتهيئتهم للغاية التي خلقهم الله لأجلها، دون تمييز بين الذكر والأنثى، فقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم:6} ، وقال تعالى أيضاً: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا {طه:132} .
وقال صلى الله عليه وسلم: ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم ... . الحديث رواه البخاري ومسلم.
ولقد حذرنا نبينا من تضييع هذه الأمانة، فقال صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه البخاري ومسلم، ولفظ البخاري: ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة.
فبان من هذا العموم أن تربية الأولاد وتنشئتهم على الفضيلة والاستقامة مسؤولية أنيطت بالآباء والأمهات يثابون بفعلها ويعاقبون بتركها، وإنما خصت البنت بالذكر في الأحاديث السابقة، لما تتميز به من الضعف والاحتياج إلى الصيانة والرعاية أكثر من الولد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1426(13/454)
واجب الأهل تجاه المراهق الذي يصاحب الأجنبيات
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخ عمره 14 سنة دخل في مرحلة المراهقة من جديد وأصبح يصاحب البنات وما شابه ذلك.
وأنا أحاول أن أشده إلى الصلاة في بعض الأحيان وأحدثه بالدين دون أن يعلم بأني أعرف كل شيء عنه ولكن دون جدوى. وأنا وعائلتي نسكن في دولة أوروبية وأخاف أن أضغط عليه كثيرأ فينفر من الدين بشكل كامل ويزداد سوءا.
أرجوكم أفيدوني ماذا أفعل لأساعد أخي قبل أن يسقط في الكبائر والعياذ بالله.
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نبه العلماء والمربون إلى أنه ينبغي للوالدين أن يحرصا على تربية الطفل وغرس مبادئ الخير فيه مبكراً كما قال ابن أبي زيد القيرواني في رسالته: ليسبق إلى قلوبهم من فهم دين الله وشرائعه ما ترجى لهم بركته وتحمد لهم عاقبته، وقد قيل: التعليم في الصغر كالنقش في الحجر، والطفل في صباه كالغصن الرطيب توجهه وتميله أينما شئت، فأما إذا شب عن الطوق ودخل سن المراهقة سيما في تلك البلاد التي يقل فيها الجليس الصالح ويكثر جليس السوء فمن الصعوبة بمكان تطويعه، وقد ملأ عينيه وأذنيه بالملهيات والمغريات فيحتاج إلى صبر ومجاهدة وحرص. والدعاء فدعوة الوالدين لا ترد. ومداومة النصح والتعليم وإيجاد صحبة صالحة له تعينه على الالتزام وتسلك به طريق الرشاد والابتعاد به عن أصدقاء السوء فإنهم قاصمة الظهر وتأثيرهم على سلوكه وأخلاقه مثل النار في هشيم اليبس، وقد قيل
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... ... ... فكل قرين بالمقارن يقتدي
وقيل:
واختر صديقك واصطفيه تفاخراً ... ... ... ... إن القرين إلى المقارن ينسب
واحذر مصاحبة اللئيم فإنه ... ... ... ... ... يعدي كما يعدي الصحيح الأجرب.
وقد بينا واجب الأهل تجاه المراهق المعرض عن الصلاة وكيفية نصحه وإرشاده وذلك في الفتوى رقم: 57750، فنرجو مراجعتها. نسأل الله تعالى أن يهديه ويشرح صدره للإيمان ويوفقه لما يحبه ويرضاه إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1426(13/455)
تربية البنات على الخوف من الله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[أختكم في الله مهاجرة في أوروبا لي بنتان عمرهما الأولى 14 سنة والثانية 12 سنة مشكلتي كيف أقنعهما بالخوف من الله؟ إنهما تخافان مني ولا تخافان من الله مثلاً لما أكون موجودة بالبيت تصليان ولما لم أكن لا تصليان وتكذبان تقولان إنهما صليتا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد في فضل تربية البنات كثير من الأحاديث، نذكر هنا منها ما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من ابتلي من هذه البنات بشيء كنَّ له سترا من النار. وما رواه مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو ـ وضم أصابعه. وفي رواية الترمذي: دخلت أنا وهو الجنة كهاتين ـ وأشار بأصبعيه.
وإذا كانت بناتك يتامى فإن أجرك على تربيتهن يتضاعف، وانظري الفتوى رقم: 13607.
وأما ما ذكرته من كونهما لا تخافان الله تعالى ولا تتقيانه فعلاجه أن تكثري أمامهما من ذكر الله تعالى وأسمائه وصفاته وتبيني لهما حاجتنا إليه واستغناءه عنا، وأن تكثري من ذكر الآخرة ومشاهد يوم القيامة كما صورها القرآن. واستعيني بتفسير مختصر لجزء (عم يتساءلون) وليكن (تيسير الكريم الرحمن) للشيخ ابن سعدي أو تفسير ابن كثير.
وكذلك ليكن لك مجالس معهما في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، وأحضري لهما أشرطة إسلامية تهتم بترقيق القلوب، وانظري بعض النصائح التربوية لتحلي الأبناء بالصدق والانتهاء عن الكذب في الفتوى رقم: 35308. وبيني لهما حكم تارك الصلاة، وانظري الفتويين: 6061 // 6840. وحذريهما من الكذب، واستفيدي من الفتويين: 32451، 26391.
وأكثري من الدعاء لهما بذل وإلحاح أن يرزقهما الله الهداية والاستقامة، وانظري الفتوى رقم: 8331. واصبري عليهما وتحببي إليهما وأظهري لهما الشفقة والخوف على مصيرهما إن أصرتا على التفريط في جنب الله تعالى، فذلك أرجى لقبول وعظك ونصحك. وتجنبي الصياح والمشاجرة معهما بقدر المستطاع، وكافئيهما إن أحسنتا.
وللفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 55386، 62870، 67272. وانظري حكم الإقامة في بلاد الكفار في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 37470، 10043، 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1426(13/456)
تربية الصغار على الأخلاق الفاضلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ابن خالتي عنده أربع سنوات وأصبح كلما يراني يريد أن يقبلني وليست قبلة عادية بل طويلة ومن الفم ولكني أرفع صوتي عليه وأضربه على فمه حتى لا يكرر ذلك وعندما سألته من عمل ذلك أمامك كان يقول العريس والعروسة في التليفزيون وأصبح يقول أنا لن أفعل ذلك مرة أخرى أبدا وذلك عند تهديدي له بأنني سأقول لوالده والسؤال أنني أخشى أن يصاب بعقدة نفسية عند الكبر تجاه هذا الموضوع أرجو من سيادتكم معرفة ماذا افعل علما بأنني طالبة بكلية التربية قسم علم النفس؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السعي في تربية الصغار على الأخلاق الفاضلة والالتزام بالشرع ومنعهم من التعود على الأعمال المحرمة أمر ضروري ولو لم يكلفوا، وستكون عاقبته محمودة بالنسبة للأولاد، وإنما يكمن الخطر الديني والنفسي في ترك الأولاد يتفرجون على المناظر الخليعة والأفلام الهابطة المثيرة للغرائز، فالواجب على من يملك جهاز تلفزيون أو فيديو أن يستخدمه فيما ينفع ويغلقه عما لا ينفع، كما يتعين على القائمين على وسائل الإعلام أن لا ينشروا فيها إلا ما يفيد.
وعلى الوالدين تربية أولادهم على الدين والأخلاق وتحذيرهم من العمل بما يشاهد في الوسائل من أعمال الفحش والتلصص وغيرها مما يفسد عقولهم ودينهم ودراستهم ويجعل منهم ناشئة شريرة تفسد المجتمع، واعلمي أنه يحرم عليك تقبيله أو تمكينه إن كان ذلك يثير عندك الشهوة كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 24392، والفتوى رقم: 28750، والفتوى رقم: 23392.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1426(13/457)
نصائح لتقويم سلوك الأطفال
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي طفل كثير الكذب وحتى لو نصحته لا يبالي كيف أتعامل معه حتى لا يتعود على الكذب، مع العلم بأن عمره 9 سنوات، لدي بنت كثيرة الضرب لإخوتها وحتى إن عاقبتها لا تخف مني، ماذا أفعل لها حتى تحب إخوتها حبا صادقاً وعمرها 11 سنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تربية الأبناء وتقويم سلوكياتهم موضوع طويل، ولا يكفي فيه رد سريع من مركز الفتاوى، فسنكتفي بكتابة بعض النصائح العامة:
أولاً: استعيني بالله رب العالمين في تربية أبنائك، فاسأليه بذل وإلحاح أن يصلح أحوالهم وأن يشرح صدورهم ويلهمهم رشدهم ويكفيهم الشرور كلها، وتحري في دعواتك أوقات الإجابة الفاضلة كثلث الليل الآخر وقت النزول الإلهي، وأثناء السجود، وآخر ساعة بعد العصر يوم الجمعة، وعند الفطر في اليوم الذي تصومين فيه ونحو ذلك.
ثانياً: اغمري أبناءك بالحب والحنان والرحمة، واقضي معهم أوقاتاً كافية في اللعب، وشاركيهم أنشطتهم بقدر المستطاع.
ثالثاً: قللي من عقابك على أخطائهم، ولا تكثري من ذمهم ونهرهم خاصة أمام الناس.
رابعاً: جنبيهم أي مؤثرات خارجية قد تشجعهم على الانحراف السلوكي كالتلفاز والفيديو ونحوهما.
هذا، ونوصيك بقراءة بعض الكتب المختصة بتربية الأبناء، ومن أهمها: كتاب (مسؤولية الأب المسلم) لعدنان حسن باحارث، وكتاب (منهج التربية النبوية للطفل) لمحمد نور سويد، وكتاب (منهج التربية الإسلامية) لمحمد قطب، واستمعي لسلسلة محاضرات بعنوان (محو الأمية التربوية) للشيخ محمد إسماعيل المقدم، وتجدينها على موقع www.islamway.com
وبإمكانك التواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا (الشبكة الإسلامية) فإنهم أكثر اختصاصاً منا بمعالجة الأمور النفسية وتقويم الأطفال وتحفيزهم لبعض الأنشطة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1426(13/458)
مسؤولية الآباء نحو حفظ أولادهم من الانحراف
[السُّؤَالُ]
ـ[لو أن عائلة لم تستطع أن تربي أبناءها جيدا مثل لا يعود الابن إلى البيت، أو أن صغيرا لا يتجاوز من العمر13 لم يرب، مثلا لا يصلي، ماذا افعل في هذه الحالة إذا كنت أبا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الجواب رقم 64312 مدى مسؤولية الآباء نحو تربية أبنائهم وعوامل حفظهم من الانحراف، ونضيف هنا القول بأن الأولاد هم زينة الحياة الدنيا، كما وصفهم الله عز وجل بقوله تعالى: الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا {الكهف: 46} .
ولهذا كان من دعوات النبي الصالحات لمن يحب: الإكثار من المال والولد؛ فقد روى أنس رضي الله عنه أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه أمه وخالته، صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم دعا لهم بكل خير. فقالت أم أنس: يا رسول الله، خويدمك، ادع الله له، فدعا له بكل خير، وقال في آخر دعائه: "اللهم أكثر ماله وولده، وبارك له " رواه البخاري ومسلم.
والمسلم الحق الواعي يدرك مسؤوليته الكبرى إزاء أولاده الذين هم عقبه ونسله في هذه الحياة، إذ يسمع القرآن يهتف به:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم: 6} . ويسمع الرسول صلى الله عليه وسلم يضعه أمام مسؤوليته الكبرى في الحياة:
كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، فكلكم راع ومسؤول عن رعيته " (متفق عليه) .
فمهمة الآباء مع الأبناء في الصغر هي حسن التنشئة والتربية، وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أهمية نصيحة الطفل وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، حتى وهو في سن مبكرة.. من ذلك نصيحته لعبد الله بن عباس رضي الله عنهما: يا غلام احفظ الله يحفظك ... "، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: سم الله وكل بيمينك، وكل مما يليك.. . ومن ذلك أمره عليه الصلاة والسلام: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع..
فيجب على الآباء أن يحسنوا تربية أبنائهم، وأن يقوموا بواجبهم حيال ذلك.
وننصح هنا بالرجوع إلى كتاب "تربية الأولاد في الإسلام" للشيخ عبد الله علوان رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1426(13/459)
كيف ينشأ الطفل على حب القرآن؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أزرع حب القرآن الكريم في ابنتي علماً بأنها لم تبلغ أكثر من عام،
وجزاك الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزى الله الأخ السائل خيراً على اهتمامه بتربية ولده في هذا السن المبكر، ونسأل الله أن يبارك له فيه وبخصوص ما سأل عنه فقد ألفت بعض الكتب في بيان الطرق المفيدة في زرع حب القرآن في قلوب الأبناء، من ذلك كتاب نشر على موقع صيد الفوائد عنوانه (كيف نعين أطفالنا على حب القرآن) قالت مؤلفته في بيان الهدف من تأليف الكتاب (إن الهدف المرجو من هذا الكتيب هو مساعدة الطفل على حب القرآن الكريم، من أجل أن يسهل عليه حفظه، وفهمه، ومن ثم تطبيقه) ثم قالت بعد أن تكلمت عن مرحلة الأجنة: (مرحلة ما بعد الولادة حتى نهاية العام الأول: تبدأ هذه المرحلة بخروج الجنين إلى الدنيا حيث أول محيط اجتماعي يحيط به، لذا فإنها تعد الأساس في البناء الجسدي والعقلي والاجتماعي للطفل، ولها تأثيرها الحاسم في تكوين التوازن الانفعالي والنضوج العاطفي، فلا عجب إذن أن يركز المنهج الإسلامي على إبداء عناية خاصة بالطفل في هذه المرحلة. ومما ذكرته عن هذه المرحلة وهي العام الأول من عمر المولود: وفي عصرنا الحالي، نرى علماء النفس على اختلاف مشاربهم يولون هذه المرحلة أهمية قصوى باعتبارها الهيكل الذي تبنى الشخصية على أساسه، فنراهم يجرون دراسات حول ما يسمى بذكاء الرضيع، ثم يقومون بمحاولات تربوية لاستغلال هذه الفترة في تنشئة أطفال عباقرة. ومن ثم، فإن التي ترضع طفلها على صوت ندي يتلو القرآن الكريم، فإن الراحة والسكينة والاطمئنان والحنان الذين يشعر بهم الطفل وهو بين أحضان أمه سيرتبطون في عقله اللاواعي بالقرآن الكريم.. ومن ثم يصبح القرآن بالنسبة للطفل فيما بعد مصدراً للأمن والاطمئنان والسعادة، ونوعا آخر من الزاد الذي يشبع قلبه وروحه، كما كانت الرضاعة تشبع بطنه وتسعد قلبه، فإذا كانت الأم هي التي تتلو القرآن مجوداً، فإن ذلك يكون أقرب لو جدان الطفل وأشد تأثيراً فيه، وأهنأ له ولأمه. ثم قالت عن المرحلة الثالثة: في العام الثاني من حياة الطفل: تلعب القدوة في هذه المرحلة دوراً هاما ورئيسا في توجيه سلوك الطفل، لذا فإنه إذا شعر بحب والديه للقرآن من خلال تصرفاتهما فإن هذا الشعور سوف ينتقل إليه تلقائياً، ودون جهد منهما، فإذا سمع أباه يتلو القرآن وهو يصلي جماعة مع والدته. أو رأى والديه ـ أو من يقوم مقامهما في تربيته يتلوان القرآن بعد الصلاة، أو في أثناء انتظار الصلاة، أو اعتاد أن يراهما يجتمعان لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة في جو عائلي هادئ.. فإنه سيتولد لديه شعور بالارتياح نحو هذا القرآن. وإذا لاحظ أن والديه يفرحان بظهور شيخ يتلو القرآن وهما يقلبان القنوات والمحطات، فيجلسان للاستماع إليه باهتمام وإنصات، فإنه سيتعلم الاهتمام به وعدم تفضيل أشياء أخرى عليه. وإذا رآهما يختاران أفضل الأماكن وأعلاها لوضع المصحف، فلا يضعان فوقه شيئا، ولا يضعانه في مكان لا يليق به، بل ويمسكانه باحترام وحب.. فإن ذلك سيتسلل إلى عقله اللاواعي.. فيدرك مع مرور الزمن أن هذا المصحف شيء عظيم، جليل، كريم، يجب احترامه، وحبه وتقديسه. ثم ذكرت المؤلفة المراحلة العمرية التي تلي ذلك، وذكرت فيها طرق وأساليب قيمة في تحبيب القرآن الكريم للأطفال. وعلى كل حال فإننا نحيلك على الكتاب الذي نشره الموقع النافع الموسوم بصيد الفوائد على الرابط التالي: http;//saaid.net/tarbiah/120.htm. وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى التالية: 40537، 13767، 16372، 21752، 24573.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1426(13/460)
الصبر والاحتساب في تربية الأولاد ورعاية البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[أعصابي تعبانة من شغل البيت والأولاد, أعطي الجميع ولا آخذ شيئا, فمن يرعاني أنا, والكل له مطالب فأين من يسمع مطالبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فطر الله -عز وجل- الناس على حب أولادهم، قال الله تعالى: الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا {الكهف:46} ، ومن سنة الله في خلقه أن يبذل الأبوان الغالي والنفيس من أجل تربية أبنائهم وتنشئتهم وتعليمهم.
ومسؤولية الوالدين في ذلك كبيرة، فالأبناء أمانة في عنق والديهم، وتربية الأم بالذات في السنوات الأول، وثوابها على حسن التربية عظيم، ومن أجل ذلك أوصى الله تعالى الأولاد بالإحسان إلى الأم وقدم الإحسان إليها على الإحسان إلى الأب، اعترافاً بجميلها وتقديراً لعنائها، كما أن لها الثواب عند الله تعالى إن أخلصت ذلك لوجه الله، فسيجعل الله تعالى ولدها قرة عين لها، كما ستنتفع بدعائه وبره بعد موتها.
وانطلاقاً من هذه المعطيات نوصيك أيتها الأخت الكريمة بأن تصبري على تربية أولادك، وتحتسبي الأجر الكثير في ذلك، واعلمي أنهم إذا صلحوا فسيكونون قرة عين لك، وسيعطونك ويرعونك ويسمعون مطالبك، وستسعدين بهم في الدنيا والآخرة، وإذا فسدوا فسيكون الحال بعكس ذلك، فلا تتضجري مما تعانينه منهم، واستمري في تنشئتهم على الفضيلة وستجنين ثمرة كل ذلك إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1426(13/461)
العدل بين الأبناء واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الوالد إذا لم يكن عادلا بين أبنائه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعدل بين الأبناء واجب كما رجحه كثير من أهل العلم وتركه حرام، فالوالد غير العادل بين أبنائه مرتكب لذنب وفاعل لمعصية، والدليل على ذلك ما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير لما جاءه ليشهده على موهبة وهبها لابنه النعمان، قال له: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، فقال: فلا تشهدني إذا فإني لا أشهد على جور.
فسمى عدم العدل بين الأبناء جورا، والجور حرام، وفي رواية قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. فأمر بالعدل والأمر للوجوب، ومن أهل العلم من يرى استحباب العدل لا وجوبه.
فعلى القول بالوجوب فإن على الأب الذي كان غير عادل بين أبنائه أن يتوب إلى الله من هذه المعصية، وأن يحسن فيما بقي، وأن يستسمح من ظلمه من أولاده، والله يتوب على من تاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1426(13/462)
لا عورة للطفل قبل السابعة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي طفله تبلغ من العمر شهرا ونصفا وعندما تريد أمها أن تخلع لها ملابسها كاملة وقت الاستحمام أمنع وقوف ابن خالتها الذي يبلغ من العمر ثلاثه أعوام حتي لا يعلق في ذهنه هذا المشهد حين يكبر الاثنان وحتى لا يعتاد علي رؤيه العورات وكذلك أمنع كل الاطفال الذكور وقد قال لي بعض الأقارب إن هذا الأمر مخالف لأصول التربيه وليس له علاقة بالشرع فهل هذا الكلام صحيح؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأطفال في السن المذكور لا يدركون هذه الأمور، والطفل قبل السابعة لا عورة له فهون على نفسك، ولا تشطط في تصرفك، وفقك الله لمرضاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1426(13/463)
منع الابن من الطعام حفاظا على صحته
[السُّؤَالُ]
ـ[ابننا الذي يبلغ من العمر 4 سنوات وزنه زائد عن العادي, وطبيبته دائما متحيرة من هذا الجانب وتنصح بأن يقلل من أكله, وخاصة أنها تخاف عليه من الأمراض مثل القلب وارتفاع الضغط, وخاصة أن أباه عنده ارتفاع الضغط وجده وجدته من جهة أبيه عندهم نفس المرض إلى جانب مرض القلب، سؤالي هو: هل أرتكب ذنبا عندما يطلب مني أحيانا أن أزيده في الأكل ولا أفعل أو لا أعطيه بعض المأكولات التي تسبب زيادة الوزن؟ أحس أحيانا أنني أرتكب ذنبا عندما أمنعه من أكل نوع ما من المأكولات أو أحدد له الكمية المناسبة, وخاصة عندما يبدأ في البكاء, ولكن هذا من أجل مصلحته وصحته، أفيدوني من فضلكم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا إثم عليك في ذلك، بل هو الأفضل والأحسن فإن كثرة الطعام سبب الأمراض، وحبذا لو كان ذلك وفق توجيه الطبيب أو الطبيبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1426(13/464)
عزل الأبناء المعاقين لكي لا يراهم الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في والد لديه من بين أبنائه اتنان معاقان عزلهما في غرفة ولا يريد أن يراهما أحد ولا يخرجان نهائياً من البيت وبعض الجيران لا يعلمون حتى أن لديه أبناء معاقين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المانع له من إظهار أولاده والخروج بهم هو أنفة النفس من نسبة المعاقين إليه فلا شك أن في هذا نوع اعتراض على ما قدره الله وقضاه، والمسلم لا يكمل إيمانه إلا بالرضا بقدر الله تعالى.
ولذا، فعليه أن يحاسب نفسه ويرجع إلى رشده، وفق الله الجميع لمرضاته، وجزى الله هذا الأب بصبره على أولاده المعاقين أجراً، ونسأل الله لهم العافية.
وأن كان الحامل عليه غير ذلك كالمبالغة في حضانة هؤلاء، والحال أن يقوم عليهم بما يحتاجونه في عزلتهم، ولا حاجة لهم ولا فائدة تعود عليهم من اختلاطهم بالناس فلا حرج عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1426(13/465)
حفظ الأبناء من الأولاد المفسدين
[السُّؤَالُ]
ـ[هذه قصة مؤلمة:
اعتدى جنسياً ابن أختي الكبرى (حوالي 16 عاماً) على اثنين من أبنائي (8 سنين وبنت 3سنين) . وقد ذكر لي ابني الأكبر هذا الاعتداء بمناسبة أنني قمت بمصارحة أولادي للاحتراس من أولاد السوء في المدارس. وبمناسبة هذه المصارحة أخبرني أبنائي بهذه الكارثة وذلك بمناسبة الحديث عن الحيطة تنفيذاً لما طلبه مني أستاذ التربية الإسلامية في المدرسة. هنا أخبروني أن ابن أختي اعتدى عليهم جنسياً من فترة إلى أخرى. ووصفوا لي الكيفية بالتفصيل.
لم أستطع التصرف فهذه أختي وهذا ولدها وأعلم أخلاق زوجها فهو إنسان صعب. المهم تم إخبارهم بطريقة بذلك. وقامت الدنيا ولم تقعد واتهموني أنني قد ملأت رأسهم بهذا الكلام الفارغ، ومرة أن هذا الموضوع من تأليف أولادي. وقاطعتني أختي وزوجها وبالطبع ابنها مع أن أولادي هم المعتدى عليهم من قبل هذا المجرم فقد تركته لله تعالى فهو الذي سوف يجازيه باذنه تعالى علما بان أحد اولادى الذي أتحدث عنه هي بنت وكانت في السنة الثالثة من عمرها
فهل يؤثر هذا الشيء على وضعية ابني من كل الجوانب خاصة النفسية والجسدية؟ وابني كان فى الصف الثالث الابتدائي عندما اعتدى عليه هذا الوحش الكافر. فماذا أعمل دلوني يرحمكم الله فأنا في دوامة لا يعلمها إلا الله. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك الأخذ بالحيطة والحذر على أبنائك في المستقبل وعدم تركهم مع أولاد سيئي التربية لا سيما ممن هم في سن المراهقة.
ونسأل الله أن لا يكون لهذا الحادث تأثير جسدي أو نفسي على ابنك.
ويمكنك استشارة قسم الاستشارات الطبية والنفسية بالشكبة الإسلامية فهم أهل الاختصاص في هذا.
والله نسأل أن يحفظ أبناء المسلمين من كل مكروه.
وننبه إلى أنه لا يجوز إطلاق وصف الكافر على المسلم وإن كان مرتكبا لكبائر الذنوب، ويرجى الاطلاع على الفتوى رقم 32695
والله الموفق.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1426(13/466)
أدعية وأذكار ووسائل لحفظ الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي طفل اسمه محمد الأمين لمحبتي لرسول الله صلى الله عليه وسلم عمره 11 شهرا وأتمنى من الله عز وجل كثيرا أن يكون من الصالحين الحافظين لكتاب الله عز وجل أتمنى أن تزودوني بأدعية ترقيه وتحفظه علما بأنني أفتح في المنزل أقراص القرآن الكريم حتى يستمع لها وتتعود أذنه على سماع القرآن الكريم في البيت وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يثيبك على هذه النية الطيبة، وأن يجعل ذلك الابن قرة عين لك، وأن يعيذه وذريته من الشيطان الرجيم، كما أعاذ مريم بنت عمران إنه سميع مجيب.
وأما ما سألت عنه من الأدعية والأذكار التي تحفظه إن شاء الله، فنقول إن من أهم أسباب الحفظ والوقاية ما يلي:
1- التوكل على الله والاحتساب، فهو أعظم ما تدفع به الآفات وأنفع ما تحصل به المطالب، فمن توكل على الله كفاه أمره كله. قال تعالى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 3}
2- امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه، فمن حفظ الله في أمره ونهيه حفظه الله في دينه ودنياه وأهله وماله، كما في الحديث الصحيح: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. أخرجه الترمذي وصححه الألباني رحمه الله.
3- كثرة ذكر الله من تلاوة القرآن والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا من أنفع ما يحفظ به العبد نفسه وأهله وولده. فقد روى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات: أن يعمل بها ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، فذكر منها: وأمركم أن تذكروا الله تعالى، فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعا حتى إذا أتى على حصن حصين فأحرزه نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه وولده من الشيطان إلا بذكر الله. وصححه الشيخ الألباني. ومن الأسباب كذلك تلاوة القرآن، ولاسيما سورة البقرة، فإن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة.
ومن الأذكار التي تنبغي المداومة عليها لحفظ النفس والولد قراءة آية الكرسي عند النوم، ففي الحديث الصحيح أن من قرأها لا يزال عليه من الله حافظ.
وكذلك قراءة خواتيم سورة البقرة، فمن قرأها في ليلة كفتاه. متفق عليه. وكذلك تعويذ الصبي كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين، فيقول: أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة. أخرجه البخاري في صحيحه.
ومن الأسباب أيضا حفظ الصبي من الحركة ساعة الغروب. فقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا كان جنح الليل وأمسيتم فكفوا صبيانكم، فإن الشياطين تنتشر حينئذ، فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم. متفق عليه.
ومن الأسباب التي تحفظ الإنسان وأهله وولده أن يطهر بيته من الصلبان والتماثيل المحرمة وصور ذوات الأرواح والكلاب. لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم قال: إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه تلك الأشياء. متفق عليه. بمعناه ولفظه كما عند مسلم: لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة. وعند البخاري: ولا تصاوير.
ومما يرجى بركته للولد أن يعلم العلم النافع إذا بلغ سن التعلم فيحفظ كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
قال ابن أبي زيد القيرواني في مقدمة رسالته: فينبغي أن يعلموا ما فرض الله على العباد من قول وعمل قبل بلوغهم ليأتي عليهم البلوغ وقد تمكن ذلك من قلوبهم، وسكنت إليه أنفسهم، وأنست بما يعملون به من ذلك جوارحهم.. ليسبق إلى قلوبهم فهم دين الله وشرائعه ما ترجى لهم بركته وتحمد لهم عاقبته. اهـ
هذا، ونوصيك باتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم فهي أصدق دليل على محبته وعلى محبة الله عز وجل كما قال: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ {آل عمرا: 31}
والتزمي ذلك حتى تلقي ربك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله أحد الصحابة عن الساعة قال: ما أعددت لها؟ قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فقال: أنت مع من أحببت. قال: فما فرحنا بشيء فرحنا بقوله: أنت مع من أحببت. متفق عليه واللفظ للبخاري.
نسأل الله سبحانه وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد، وأن يهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، وأن يجعلنا للمتقين إماما، إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1426(13/467)
السعي في هداية الولد الذي بلغ الحلم
[السُّؤَالُ]
ـ[عندى ابن عمره 16عاما، المشكلة باختصار أنه بعيد كل البعد عن الإسلام بسبب أصدقاء السوء ومتعلق بكل شيء سلبي من الغرب من التقليد لملابسهم وموسيقاهم وعادة التدخين وعمل علاقات بالنت حتى أصبح شرس المراس، وأنا فى جدال يومي معه وانقطع عن الدراسة في مستوى الصف الأول ثانوي حاولت جميع المحاولات من شدة ولين لا فائدة، سؤالى هو: هل يوجد مراكز في الوطن الإسلامي على شكل مدرسة داخلية فيها ضبط وربط والتزام بالدين، أرجو تزويدي بكل العناوين الممكنة مع أرقام الهواتف؟ جزاكم الله خيراً، وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نفيدك أن الولد إذا بلغ الحلم تعين السعي في هدايته وحضه على الاستقامة، وليستعن في ذلك بالوسائل المساعدة وأهمها إكثار الدعاء له فإن دعوة الوالد لولده مستجابة، كما في الحديث: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة الوالد، ودعوة المسافر. رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني والأرناؤوط.
ومنها حضه على توظيف وقته وطاقته بحفظ القرآن ومطالعة كتب الترغيب والسيرة وقصص الأنبياء وأعلام السلف لعله يسلو بها عما لا ينفع، ومنها حضه على صحبة الأصدقاء الملتزمين، والبعد عن صحبة الأشرار، وحضه على الحفاظ على الصلاة في الجماعة، فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والرجل على دين خليله، كما في حديث الترمذي.
وما أحسن لو أمكنك أن تسعى في التعاون مع الجيران على وضع برنامج لأولادكم لتحفظوهم القرآن، وتدرسوهم العلم الشرعي، وتحيوا بينهم روح التنافس في ذلك عن طريق المسابقات وتشجيع الفائزين، ومن ذلك أيضاً السعي في تزويجه في وقت مبكر بامرأة صالحة فإن الزواج يعين على حفظ الفرج وغض البصر، بل يعين على حماية نصف الدين، ورغبه في صوم النفل قبل حصول الزواج، ففي حديث الصحيحين: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. وفي الحديث: من تزوج فقد استكمل نصف الإيمان فليتق الله في النصف الباقي. رواه الطبراني وحسنه الألباني.
وفي الحديث: من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الثاني. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
وحاول ترغيبه في مواصلة الدراسة بما تيسر من وسائل التحفيز المعنوي والمادي فبين له أهمية التعلم وما فيه من خيري الدنيا والآخرة، وحدثه عن تفاوت الناس في المناصب الدنيوية وأن من أسباب ذلك تفاوتهم في مراتب الشهادات وفي المهارات، وحاول أن تشجعه كلما نجح في مستوى معين بجائزة قيمة.
هذا، وننبهك إلى أن هذا الولد أصبح مكلفاً يتحمل مسؤولية نفسه، وإنما يتعين عليك السعي في هدايته بالوسائل المتقدمة وما شابهها، وعليك بالتوبة الصادقة إن كان قد حصل منك تقصير في تربيته أيام الصبا وإهماله، وعليك أن تحرص على تربية صغار ولدك تربية صالحة.
وأما عن المراكز العلمية فإنه يوجد في السعودية بعض المؤسسات الطيبة منها دار الحديث بمكة والمعهد العلمي بالرياض، كما يوجد معاهد ومؤسسات شرعية في أنحاء من المملكة، وتوجد مدارس قرآنية بدولة باكستان، فيمكنك الاطلاع على عناوينها عن طريق البحث في الإنترنت أو سؤال الناس عنها، وراجع في أهمية التوبة الصادقة والبعد عن الفواحش والإنترنت والتدخين وفي فضل العلم الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 1671، 53731، 5091، 33860، 59157، 6617، 34932، 18640، 44674.
وحاول إفادته من الإنترنت بالاستفادة بما فيه من وسائل العلم، فهناك محاضرات كثيرة مهمة في موقع الشبكة وفي موقع islamway.com، وفي موقع (الإسلام اليوم) . وهناك مواقع تسعى في تعليم القرآن والعلوم الشرعية عن بعد منها موقع (الأكاديمية الإسلامية المفتوحة) ، و (أكاديمية حفاظ الوحيين العالمية) ويوجد عنوانهما بموقع جوجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1426(13/468)
منع المطلقة أبناءها من أبيهم لفسقه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة مطلقه وأم لثلاثة أبناء أعمل جاهدة على أن لا أمنع أطفالي من والدهم ولكن نتيجة لأنه يتعامل بأسلوب يخلو من الأدب أمام أبنائي بدأت أحاول تقليل خروجهم معه تمهيدا لمنعهم، وأسلوبه يتلخص في أنه يحادث النساء بكلام خليع أمام أطفالي ويصطحبهم معه في شقته ويقوم بتشغيل الأفلام الخليعة أمامهم ويحادث الساقطات على الإنترنت ويتبادل معهم القبلات أعزكم الله وغيرها من أمور كثيره على شاشة الكمبيوتر، سؤالي هل علي إثم من منع أبنائي عن والدهم، مع العلم أخبرت عم أبنائي بكل ما هو جار وفضل أن لا أمنعهم عن والدهم وأنه سوف يهديه الله، ولكن أنا أخاف عليهم فهم في طور النمو والتربية شيء غير هين وبسيط؟ أرجو الرد، وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على حرصك على تربية أبنائك تربية صالحة وإبعادهم عن كل ما يمكن أن يفسدهم، وأما بشأن منع الوالد من الأبناء فنقول: إن كان الأب على ما وصفت من الفسق فإنه يخشى منه على أخلاق الأولاد أن يفسدها، فإن الصغير يقلد الكبار ولا سيما الأب حيث يرى أن ما يفعله أبوه هو الصواب.
ولذا لا حرج عليك في منعه من اصطحابهم إلى كل مكان تعلمين أو يغلب على ظنك أنه يمارس فيه تلك الأعمال المذكورة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه وحسنه السيوطي وصححه الألباني.
أما منعه مطلقا من أبنائه فلا يجوز، لأن هذا قطع للرحم، وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 39533.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1426(13/469)
التعامل مع الابن العاق المصر على الفسق
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ابن عمره 14سنة لا أستطيع السيطرة عليه أبدا فهو غير مؤدب معي ولا مع أمه, وضعني في مشاكل كثيرة, أدخلني مراكز الشرطة عدة مرات بسبب كثرة مشاكله مع الآخرين وتعديه عليهم, أنقله من مدرسة إلى أخرى لكثرة مشاكله مع الهيئة التدريسية, ليس له احترام للبالغين, خلق مشاكل في مدارس أخواته وإخوانه وهو ليس ينتمي إلى تلك المدارس, أدخلني في صراع مع السلطات هنا في النرويج ووصلت القضية إلى اعتدائه على المسؤولين, حتى أنه أثر على عطائنا إلى بقية إخوانه وأخواته ننام على مشكلة ونصحو على أخرى وهو سيئ الأخلاق والتعامل مع والدته, وأخيرا حمل أغراضه وهرب من البيت كلمته قبل هروبه وحاورته ولكنه هرب , يريد أن يضع سلسلة في رقبته وسواراً وحلقاً بأذنه. خلاصة الكلام أنه ينتقل من سيئ إلى أسوأ والسؤال إلى أي عمرشرعا أنا مسؤول عنه. علما بأني ليس لدي أي حيلة ولا أرحب بدخوله البيت خشية أن يفسد أخاه وأخواته الثلاث، أنتظر الإجابة وأنا أقف على الجمر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الأب رعاية ولده وتربيته والإنفاق عليه إلى البلوغ، وأما بعد البلوغ فأكثر أهل العلم على أنه لا يلزمه الإنفاق عليه بعد البلوغ إلا أن يكون عاجزا عن الكسب كالمجنون مثلا. وانظر الفتوى رقم: 25339، وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 10024، علامات البلوغ، وعلى كل حال فإذا كنت بذلت جهدك في إصلاح هذا الولد وقمت بواجبك التربوي نحوه فلا مؤاخذة عليك بعد ذلك في إصراره على فسقه وسوء خلقه، وتبقى مسألة طرده من البيت وهجره خاضعة للنظر في أخف المفسدتين المترتبتين على طرده من البيت، والمفسدة المتوقعة منه لإخوانه. ونسأل الله لولدك الهداية والرشد، وإن استطعت أن تحتضنه وتربيه التربية الصحيحة فهذا من حقه عليك، وفقك الله لمرضاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1426(13/470)
خطأ الآباء في حق الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي بدأت منذ سنين حيث تعرضت أنا وأختي في سن 5و 6 في بيت جدي لاعتداءات جنسية من خالنا حيث فقدت أختي بكارتها في سن الخامسة من عمرها ,المشكلة أننا لم نكن نعلم ماذا يفعل بنا حيث كان يقول لنا أنا خالكم وأحبكم وللأسف كان والداي في الغربة مع إخوتي ونحن كنا لمدة عامين في بلد عربي عندهم وكلما كنا نريد إخبار العائلة بشيء كانوا يضربوننا بشكل وحشي ويقومون بسجننا في الحمام ونحن مربوطتا الأيدي والأرجل. المهم عدنا عند أهلنا إلى أوروبا, فحاولنا مباشرة إخبار والدي بكل شيء لكن والدتي سامحها الله كانت وما زالت لا تطيق أن تسمع كلمة واحدة عنهم فأخذت تهددنا بالضرب وملأت رأس والدنا علينا فبات لا يطيق لنا كلمة. كنت صغيرة وخفت منهم فاضطررت لبلع لساني ومحاولة نسيان كل شيء وعشت إلى سن السابعة عشرة وأنا أظن أن خالي أفقدني عذريتي أنا أيضا! لكن أختي المسكينة لم تستطع أن تنسى وبدأت دائما تحاول إخبارهم بما حدث فأخدوا يضربونها وبدأت والدتي بكرهها لأنه إن تأكد والدي مما حدث لطلق أمي, ولشدة كرهي لما حدث لنا أردت أن أنسى وأن أعيش عيشة طبيعية هذا ما جعلني أن أنكر كل شيء ليحبوني أهلي فأخذوا يميزون بيننا في التربية إلى أن كرهتني أختي وكرهت أهلي. المهم كبرت أنا وكنت أكره الغلط والحرام فرباني والدي على الصراحة معه فكان يقول لي تزوجي من شئت في المستقبل على أن يكون مسلما وتفوقت في دراستي عكس أختي فكان مستواها في كل شيء غير جيد فبدأت تنحرف لعدم اهتمام أهلي بها فما أن لاحظ والدي أرجعها لبيت جدي وزوجها ابن عمي غصبا فعاشت معه أتعس أيام عمرها إلى أن حملت منه فجاءت عندنا لتلد, فأخبرتنا بمعاملته الحقيرة لها فأبينا جميعا أن تعود له فأخذت تترجى والدي أن يطلقها منه فلم يفعل إلى أن علقها ستة سنوات لا هي متزوجة ولا مطلقة وكلما كانت تطلب من والدي تزويجها كان يضربها بشكل هستيري ويحبسها لوحدها أياما وليالي إلى أن هربت من البيت مع ابنتها ولم نعلم لأكثر من سنة أين هي! لقد كرهت أهلي جدا لأنهم دمروها للمرة الثالثة فندم والدي أشد الندم وأخذ يبحث عنها مع والدتي لكنهم لم يجدوها..أنا لم أستطع تحمل هذا الوضع في البيت فجاءني قبول لدراسة في الجامعة في منطقة بعيدة فسمح لي والدي فذهبت. كنت أرفض أن أتحدث كلمة واحدة إلى الشباب وكنت أولا بأول أخبر والداي بكل شيء فكانت تعجبهم صراحتي. ولكني في تلك الفترة كان عمري19عاما بدأ الماضي يستيقظ رويدا رويدا في داخلي بدأت ليليا أشعر بالآلام في جسدي كله أشعر بأن أحدا يضربني ليلا وكان القرآن لا يفيدني ولا شيء فأخذت يوميا أقع في الشارع ولا أستطيع التنفس فأصبحت أرى الماضي أمام عيني فتأخر مستواي في الدراسة لكني لم أخبر أحدا وفي يوم فتحت الانترنت فتعرفت على شاب عربي مسلم من غير بلدي كان محترما جدا كنا نكتب فقط ولم أخبره بهويتي فلشدة آلامي وأحزاني أخذت أخبره بكل ما جرى لي ولأختي وأخبرني بكل شيء عنه ولكني كنت أعلم أنه مؤكدا سيكون مختلفا في الواقع لأنه الشات دائما هكذا فلذلك رفضت
مقابلته ولم أعطه أية معلومة عني وأخبرته أني سمينة وبشعة جدا لكنه رغم ذلك كان يسمعني وأسمعه وأخبرته بكل شيء لأني كنت أعلم وكنت أقولها له أنه مستحيل لقاؤنا. وكنت أخبر أهلي بكل شيء ومن بعد قلت علاقتي به لأنه لم يكن يعني لي شيئا وكنت أريد الرحيل مجددا لمكان أبعد إلا أن شاء الله فقبلتني الجامعة التي يدرس بها هو.. لكني لم أردها لأني أردت البعد عن من أعرفهم لكن والدي طلب مني الالتحاق بتلك الجامعة بالذات لقربها منهم فسبحان الله ربي بأقل من أسبوع كنت قد رحلت ووجدت بيتا وأنا مصدومة بنصيبي لكني لم أخبر الشاب بشيئ- كنت رأيت صورته مرة فما أن ذهبت لجامعتي الجديدة إلا أن رأيته أمامي لكنه لم يرني وإن رآني فلن يعرفني أبدا فأخبرت والدي فاستعجبا من ذلك النصيب وقلت لهما مؤكدا أنه ليس
بتلك الأخلاق فطالما أنه لا يعرفني ولا يعلم اسمي ولا يعلم بوجودي فسأسل عنه وعلى عكس ما توقعنا تبين أنه صادق كان محبوبا بين الناس وسمعته وأخلاقه جيدة فاستمرت علاقتنا بالشات على أني بعيدة وكان يحلف بالله دائما إن رآني يوما فسيعرفني فورا مع أنه لم ير صورتي وذات يوم كنت جالسة في قهوة الجامعة مع أختي وسمعت صوتا في رأسي قال لي إنه الآن سيدخل وما أن نظرت حتى دخل حقا فجلس وأخذ يحدق بي فدهشنا حقا فقمنا وذهبنا وخلال حديثي معه في الشات أخبرني أنه اليوم رأى فتاة وأحس إلى حد اليقين أنها أنا فأخذ يستحلفني بالله أن أقول الحقيقة فأخبرته فقال لي إنه سمع هاتفا يناجيه وأخبره بأنني أنا هي- فسبحان الله ربي-أخبرت أهلي برغبته بمقابلتي مرة واحدة فوافقوا فرأيته وأحسسنا أننا نعرف بعضنا منذ وقت طويل فأخبرني مباشرة برغبته بالزواج بي وأنه يريد أن يتقدم لخطبتي فورا, فرحت كثيرا لكني خفت بنفس الوقت لأنني أخبرته بقصتنا مع خالي وأهلي وأخبرته أن أختي بعدما رفض والدي تطليقها بعد6سنوات من هجر زوجها لها قد هربت وأنجبت طفلا بالحرام ومن بعد زوجها والدي من والد طفلها. المهم أخبرت والدي برغبة الشاب بالزواج مني فكانت الصاعقة الكبرى أنه رفض بحجة أني لا أعرفه فأخبرته أننا لا نرغب سوى بالتعارف عنده بالبيت لأنني لا أنا ولا الشاب نريد فعل الحرام فرفض استقباله وبعد 3أشهر من معرفتي بالشاب قرر أن يتقدم لي بصورة شرعية وأخبر أهله , ما إن أخبرت والدي فانهال والدي علي هو وأمي بالسب والشتم وقالا لي: اعتقدنا أنها مجرد علاقة أو نزوة عابرة ولكن أن تنقلب العلاقة الى زواج فلن نقبل لأنه ليس من بلدك.ياالله هل هذا يعقل! هم من شجعوني وكانوا على دراية بأدق التفاصيل فأصبحت العلاقة حلالا والزواج حراما! فاستمرا بالرفض إلى أن وقعنا للأسف في مقدمات الزناـ واتهم والدي الشاب أنه سحر لي فأخذ يتعامل مع الدجالين لتفريقنا- بعد سنتين من العذاب عقد والدي قراننا في ليلة القدر- لقد جرحنا أهلي جرحا كبيرا ودفعونا للحرام! سؤالي هو: هل أنا وأختي نعتبر قد أذنبنا بحق أهلنا؟ لإعلامي زوجي بكل شيء ورغم حبي له أفكر بالانفصال عنه قبل العرس لأني أخاف المستقبل! ماذا أفعل فهو لا يستحق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحسب ما قرأنا في رسالة الأخت وجوابا على سؤالها هل هي وأختها قد أذنبتا في حق والديهما نقول إن المذنب أولًا هما الوالدان وليس الفتاتين وذلك أن الوالدين قد ارتكبا أخطاء كثيرة في حق ابنتيهما قصدا ذلك أو لم يقصدا أول هذه الأخطاء: السفر وترك طفلتين صغيرتين خمس وست سنوات خلفهما، في حين أن الطفل في هذه السن لا يستغني عن أبويه أو أحدهما، الثاني: ترك الطفلتين عند هذه العائلة - وإن كانوا أقارب – التي يظهر أنها بعيدة كل البعد عن الدين والأخلاق، يتجلى ذلك في معاملتهم للطفلتين تلك المعاملة الوحشية التي وصفت السائلة، وفي وجود شخص بينهم (الخال) شاذ منتكس الفطرة فاسق فاجر، حيث ارتكب جريمته الشنيعة في حق الطفلتين البريئتين، مما ترك فيهما أبلغ الأثر، وجرحهما جرحا غائرا، الثالث: حين اجتمع شمل الأسرة أخطأت الأم خطأ آخر فبدلا من أن تسمع لشكوى الطفلتين وتخفف عنهما، رفضت السماع لهما وكبتت مشاعرهما، مما زاد الجرح غورا وأثرا في مستقبل حياتهما، الرابع: ثم بعد ذلك أخطأ الوالدان خطأ فادحا حين فضلا إحدى البنتين على الأخرى مما سبب للأخرى عقدا نفسية، ومشاعر كراهية وتمرد على أهلها، الخامس: أخطأ الوالد حين زوج الفتاة ممن لا ترغب فيه وأكرهها عليه دون نظر إلى مشاعرها وعواطفها ودون نظر للزوج في دينه وخلقه، مما جعلها تعيش حياة تعيسة مع زوج لا يقيم لها قدرا ويهينها ويحتقرها،السادس: ضرب الوالد ابنته وحبسها حين كانت تطلب منه أن يطلقها من زوجها بقسوة مما أدى إلى ما لا يحمد عقباه، وحتى وقع الفأس في الرأس بهرب الفتاة وانحرافها، السابع: تشجيعهما ورضاهما عن إقامة ابنتهم (السائلة) علاقة مع شاب خارج نطاق الزواج وهذا شيء غريب والأشد غرابة كما قالت السائلة أنها حينما أرادت أن تكون هذه العلاقة بما أحل الله وهو الزواج رفضا بشدة وبذلك سدا على الفتاة الطريق الحلال ودفعا بها إلى الحرام وإلى مقاربة الوقوع فيما وقعت فيه أختها وقد وقعت في مقدماته، لولا أن الله سبحانه حفظها منه إنه لمن المؤسف جدا أن يصل الحال ببعض الآباء إلى هذا الحد من سوء التربية فبدلا من أن يأخذا بأيدي أبنائهم إلى بر الفضيلة والعفة ويحرسا أولادهم وبناتهم من مستنقعات الفساد وأوحال الرذيلة نرى العكس من هذين الوالدين، وهذا ينم عن جهل بعظم المسؤلية الملقاة على عاتق الآباء وأنهم مسؤلون أمام الله عما استرعاهم الله عليه من هؤلاء الأبناء كما ينم عن جهل بأدنى قدرمن أصول التربية، وينم كذلك وللأسف عن قلة دين الأبوين وعن تأثرهما بعادات وأخلاق ذلك المجتمع الغربي الذي يعيشون فيه الذي لا يقيم للأخلاق والقيم وزنا. نسأل الله أن يتوب عليهما وأن يهديهما إلى الحق، وبهذا يتبين للأخت أن والديها هما من أذنب وأخطأ أولا ولا يعني قولنا أنهما أخطئا أنه ليس لهما فضل ولا حق، بل لهما حق كبير وبرهما من أفضل الطاعات ويجب الإحسان إليهما وخفض الجناح لهما وإكرامهما بالقول والفعل قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً {الاسراء: 23ـ24} . أما الأخت السائلة فننصحها بالتوبة إلى الله عز وجل وأن تحث زوجها على التوبة مما بدر منهما قبل الزواج، قال تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {النور: 31} . وأن لا تجعل من الخوف من المستقبل أو معرفة الزوج بكل شيء عن حياتها سببا للانفصال عن زوجها الذي تحبه ولا يستحق الانفصال عنه كما قالت. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1426(13/471)
كف الصبيان وإغلاق الأبواب
[السُّؤَالُ]
ـ[يا فضيلة الشيخ كنت سمعت في شريط مع زوجي فيما معناه أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم أمر بإدخال الأطفال تقريبا وعلى حسب فهمي قرب صلاة المغرب وغلق باب المنزل وقد كنا متفقين علي ذلك وبعدها بفترة قرر زوجي بأنه يجب غلق حتى أبواب الغرف بناء علي الحديث النبوي الصراحة أنها أثارت ظنوني إلا أني تغلبت عليه وقد كنت تذكرت بأنه إذا ظن الإنسان ظن سوء لا يحقق وقد كنت نسيت غلق باب من الأبواب عند دخول المغرب فقالي لي (إيه ده) أنت تتحديني فعندما قال لي ذلك تأكدت الشكوك وهي أنه لا يريدني أن أتصرف في منزلي كيف أشاء ولكن يجب استشارته في كل شيء حتى طريقة تقصيف شعر صغيرتي إن قمت بتقصيفه بطريقة غير التي قالها تكون النتيجة غير طيبة قد تبدأ بسب وتف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصح السائلة الكريمة بالابتعاد عن الظنون والشكوك في زوجها، لأن ذلك مما يعكر صفو الحياة الزوجية ويعرض الأسرة إلى التفكيك، والذي سمعته في الشريط مع زوجك ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح البخاري ومسلم وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان جنح الليل أو أمسيتم فكفوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذ، فإذا ذهبت ساعة الليل فخلوهم، وأغلقوا الأبواب، واذكروا اسم الله، فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا. ومعنى جنح الليل: ظلامه، وقيل أول ما يظلم. ومعنى: فكفوا صبيانكم: أي ضموهم وامنعوهم من الانتشار.
وقد ذكر ابن الجوزي أن الحكمة في تخصيص الصبيان بهذا أن النجاسة التي تلوذ بها الشياطين موجودة معهم غالبا، والذكر الذي يحرز منهم مفقود من الصبيان غالبا، فلذلك خيف عليهم في تلك الساعة.
وعليه، فزوجك على صواب فيما أراده من حفظ الأولاد وتطبيق تعليمات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبعدي عنك الظنون والأوهام، وعلى زوجك هو الآخر أن يتصرف معك بلباقة ويحترم مشاعرك، ويعطيك المشاركة في تدبير أمور البيت، وينأى عن التأفيف والسب لتعم السعادة وتطيب العشرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1426(13/472)
سمات صاحب الشخصية القيادية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو معرفه كيف يربي الأهل الطفل ليصبح صاحب شخصية قيادية في المستقبل، مع ذكر أمثلة من الصحابة والسلف.
أرجو أن يتم الرد خلال يوم أو 2 على الأكثر لأني أحتاج الرد بسرعة جدا.
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصاحب الشخصية القيادية من تتوفر فيه صفات منها:
العلم والجسم، فقد ذكر القرطبي وابن كثير أن أهلية القيادة تحصل بهذين الأمرين أخذا من قوله تعالى في وصف طالوت: إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ {البقرة:247} . راجع الفتوى رقم 49250
ومن صفات القيادة قوة الشخصية والحزم والحكمة والشجاعة والصبر وغيرها من الصفات، فينبغي تربية الطفل على هذه الصفات لكي يكون صاحب شخصية قيادية، وإن مما يعين على ذلك قراءة سير القادة، والتعرف على حياتهم، للتأثر بهم، والسير على منوالهم، فإن لم يجد القادة الأحياء ليقتدي بهم، فلا أقل من أن يصحب القادة الأموات، فإن الأخلاق كالأفكار لا تموت بموت أصحابها.
فهذه القراءة لون من الصحبة والمعايشة، ولكنها صحبة فكرية ونفسية، ومعايشة روحية وإيمانية.
ومن فضل الله تبارك وتعالى: أن في تراثنا كثيرًا من النماذج القيادية التي لا يملك من قرأها إلا أن يتأثر بها.
وأول هذه النماذج وخيرها وأفضلها نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ثم خلفاؤه الراشدون أبوبكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم والقادة الآخرون من الصحابة كخالد بن الوليد وعمرو بن العاص
ومن التابعين محمد بن القاسم وقتيبة بن مسلم ومحمد الفاتح وصلاح الدين الأيوبي والكثير الكثير
فقد حفل التاريخ الإسلامي بروائع البطولات، ووقائع القادة الذين كانوا قدوة يحتذى بها ونبراسا يستضاء به
كما أنه من المهم تربية الولد على معالي الأمور وترك سفاسفها، كما يمكن أن يوكل إليه بعض الأمور يتولى تدبيرها ويسير أمرها.
ومن المهم قراءة الكتب المهتمة بهذا الأمر وسؤال المتخصصين في موضوع التربية
ونحيل في موضوع التربية على الفتويين التاليتين: 17078 و 21752.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1426(13/473)
الكذب على الأطفال كالكذب على غيرهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من كان يلاعب أطفاله الصغار وقال لهم الآن إن أمسكت بأحدكم سوف آكله وأمسك أحدهم ولم يأكله هل هذا يعد كذبا ونأثم على ذلك. حيث إنه لم يقصد المعنى الحرفي للكلمة. وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكذب لا يجوز على الأطفال كما أنه لا يجوز على غيرهم، وربما يكون الكذب على الأطفال أشد ضررا وأكثر سلبا على تربيتهم وتكوينهم. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قال لصبي: تعال هاك:.. ثم لم يعطه شيئا فهي كذبة. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط. وفي صحيح مسلم عن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها قالت: ... ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها. وعلى هذا، فالكذب على الأطفال كالكذب على غيرهم، فعلى المسلم أن يتجنبه، وفي المعاريض مندوحة عن الكذب. ومن المعلوم أن الأب لا يريد بما ذكر المعنى الحرفي، ولكن في ذلك تعويد وتربية للأطفال على الكذب. وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 36684.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1426(13/474)
مسؤولية الأبوين عن فساد ابنتهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أسرة مقيمة بالمغرب لها ابنان مقيمان ببلجيكا، الأول يعمل مُدرِّساً، والثاني أخته طالبة في السلك العالي مقيمة معه في داره، وهي تتابع دراستها هناك منذ ثلاث سنوات وبقي لها سنتان لإتمام دراستها العليا وتحقق نتائج دراسية جيدة جدا، لكن أخاها بدأ يطالب بعودة أخته إلى كنف أسرتها بالمغرب بحجة أنه لا يستطيع تحمل عبء مراقبتها والاطمئنان على حسن سلوكها، هذا مع الإشارة إلى أنه لم يضبطها في يوم من الأيام متلبسة بتهمة صريحة ولكنه مجرد شك لا غير، السؤال هو: بماذا تنصحون هذه الأسرة بشقيها (الأبوان في المغرب والابنان في بلجيكا) ببقاء البنت مع أخيها حتى تستكمل دراستها أم بعودتها إلى كنف أسرتها بحجة الاطمئنان على حسن سلوكها كشابة مسلمة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه البنت المقيمة في بلجيكا تسكن مع أخيها ولم تكن معرضة للفساد في دراستها ولا ممنوعة من إقامة شعائر دينها، فلا حرج في بقائها هناك لإكمال دراستها.
أما إن كانت معرضة للفساد بأن كانت تدخل أماكن الريبة وتخرج دون علم أخيها ولم يستطع هو كفها عن ذلك فيجب على والديها بحكم مسؤوليتهما عنها أن يعيداها إلى كنفهم لتعيش في حضانتهم وليمنعاها عما يشين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(13/475)
السن التي يمكن ضرب الطفل فيها إذا بلغها
[السُّؤَالُ]
ـ[ضغطات من زوجي وأهله أني لا أعرف أربي والسبب في نظرهم أني لا أضرب لأنه يجب الضرب في أي مرحلة وأنا أعارضهم لأنه في نظري لا يجب الضرب إلا بعد 7 سنوات فهل هذا صحيح وماهو العقاب الجائز قبل 7 سنوات
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للوالدين تأديب أبنائهما بما تقتضيه المصلحة ويكون ذلك بالوعيد أو التهديد أوالضرب حسبما تقتضيه الحالة، قال في الموسوعة الفقهية: يؤدب الصبي بالأمر بأداء الفرائض والنهي عن المنكرات بالقول ثم الوعيد ثم التعنيف ثم الضرب إن لم تجد الطرق المذكورة قبله. والأصل في التأديب حديث أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر. ويفهم من الحديث أن الضرب لايكون إلا لمن بلغ عشر سنين فما فوق وهو ما نص عليه صاحب مواهب الجليل بقوله:.... وأما العقوبة فبعد العشر.اهـ. أما الأنواع الأخرى فلا مانع منها لأنها ليس فيها ضرر على جسم الطفل ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 14123، والفتوى رقم: 33524.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1426(13/476)
التفرغ لتربية الأولاد أعلى كسبا من أي كسب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة في شركة ولمدة 19 سنة وأريد أن أتقاعد عن العمل، ولأن شركتنا فيها اختلاط وأريد أن أتفرغ لزوجي وأمي وأبنائي إلا أن الخوف من المستقبل وأن المعاش التقاعدي بمبلغ 150 دينار بحريني علماً بأنني أستلم معاشاً مقداره: 430 ديناراً وهذا يمنعني أو يحد من الإقدام على التقاعد، علماً بأنني على يقين بأن المرأة لتربية الأجيال المحمدية ولكن أريد منكم الحافز التشجيعي والدعاء لي بالتيسير، الله الله في الدعاء.
هذا ولكم جزيل الشكر والتقدير وجزكم الله خيراً على ذلك ويجمعنا الله في جنات الفردوس، اللهم آمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تربية الأولاد مهمة عظيمة وشرف كبير لمن تولاها بصدق وإخلاص ونية، وإذا قارن المرء بين أي كسب دنيوي وبين تربية الأولاد لوجد أن التفرغ لتربية الأولاد أعظم شأنا وأعلى كسبا من أي كسب كائنا ما كان.
فإذا ترجح لديك أيتها الأخت السائلة أن النفع المترتب على التفرغ لتربية الأولاد أعظم من النفع المترتب على العمل في الوظيفة ولم يؤثر ترك الوظيفة على سد الضروريات التي لا يستغنى عنها كالطعام والشراب والمسكن واللباس، فنصيحتنا لك هي التفرغ لتربية الأولاد، لا سيما مع ما ذكرت من حصول الاختلاط الذي يفضي في الغالب إلى الوقوع في مخالفات شرعية تغضب الله، كالخلوة والنظر ونحوهما، وراجعي الفتوى رقم: 19233، والفتوى رقم: 3859.
مع دعواتنا لك بأن يشرح الله صدرك ويهدي قلبك وييسر أمرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1426(13/477)
واجب الأسرة نحو المراهق المعرض عن الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام
أما بعد،،،،،
فضيلة الشيخ أرجو من الله ثم من فضيلتكم إفتائي في أمر يؤرقني كثيرا:
فضيلة الشيخ: إن لي أخا أصغر مني سنا في مرحلة عمرية حرجة (15 سنة) يتيم الأب مشكلته أنه لا يصلي إلا غصبا وان صلى فلإرضاء أمي لا أكثر رغم أنه لا يهتم لكلامها كثيرا فهو يرى انه أصبح رجلا وليس من حق أحد أن يملي عليه ما يفعله أو يقول له إن هذا صواب وهذه خطأ وليس لديه من يوجه من الرجال فليس له أخ أكبر منه وبعيد جدا عن أخواله وأعمامه فنحن نقيم في الخليج سؤالي الآن هل نحن آثمون ومسؤولون عن صلاته علما باننا نوجهه تارة ونغصب عليه تارة وما هو الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشاب في هذه المرحلة من عمره يتطلب توجيهه معاملة خاصة من الأهل، فننصحك بمطالعة موقع المربي وموقع صيد الفوائد وموقع طريق التوبة للتعرف على الطرق المناسبة في التعامل مع الأبناء في تلك المرحلة، وسوف تجدين إن شاء الله برامج خاصة في هذا الشأن.
أما واجبكم نحو أخيكم فهو مداومة نصحه وتوجيهه، فإن المداومة على النصح لها أعظم الأثر ولو بعد حين. قال تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا {طه: 132} . وينبغي ترغيبه في الصلاة، راجعي الفتوى رقم: 47422، وترهيبه من تركها وما يترتب عليه من أحكام، وقد سبق ذلك في الفتوى رقم: 6061، ومن المعين له والمفيد إبعاده كل البعد عن رفقاء السوء وربطه بالصالحين ليعينوه على الخير والاستقامة، فإن الإنسان يتأثر بجليسه وصاحبه، كما يجب إبعاده عن وسائل الإعلام الضارة والفضائيات، فإنها شر كبير، وللاستزادة راجعي الفتوى رقم: 13767، ويمكنك الاستعانة بأهل الخير والصلاح من دعاة وأئمة مساجد وجيران على نصحه.
أما إن أصر على ما هو عليه بعد المحاولات الكثيرة فيمكنكم أن تستخدموا معه وسائل أخرى مثل عدم مباسطته وقطع المساعدات المالية وهجره بعض الوقت وغير ذلك من الوسائل التي يمكن أن تجدي معه.
واعلمي أن عدم استجابته لكم بعد كل هذه المحاولات لا قدر الله لا تقتضي مشاركتكم في الإثم، ولا مسؤولية عليكم أكثر من ذلك. قال الله تعالى: إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ {الشورى: 48} . وقال تعالى: فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ {الغاشية: 21-22} . وقال تعالى: لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ {البقرة: 272} . والله نسأل أن يهديه ويشرح صدره للإيمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1425(13/478)
أنجع طرق تنشئة الأولاد على القيم الإسلامية
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي ابنة عندها سنة واحدة وأريد بارك الله فيكم أن تدلوني كيف أربيها تربية إسلامية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى حمل الأبوين مسؤولية تربية الأبناء على الدين ووقايتهم من النار. فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً {التحريم: 6} .قال علي في تفسيرها: علموهم وأدبوهم. وقال تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ {طه: 132} . وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين. رواه مسلم والترمذي واللفظ للترمذي. قال النووي في شرح عال: قام بالمؤنة والتربية.
وبناء عليه؛ فاحرصي على أن تلفتي نظرها للآيات الكونية والنعم المرئية، ولقنيها الأذكار عندما تتلكم، وعلميها التهجي والنطق الصحيح للقرآن عندما تعقل الخطاب، وبادري بتحفيظها القرآن وما تيسر من أحاديث الرقائق والأخلاق والأحكام والآداب قبل أن تنشغل، وامنعيها من الجلوس في أماكن الفساد وسماع الموسيقى ونظر المحرمات، وعلميها الصلاة وتطبيقها عمليا عندما تصل السابعة، وعوديها على سؤال الله حاجتها في الصلاة وأوقات الإجابة.
ومن أنفع ما يساعد على التربية الإسلامية أن تتعاوني مع صديقات طيبات على جمع بناتكن في مجالس ترفيهية يجدن فيها ما يسلي، ويجعل فيها مسابقات في الحفظ وتشجع الفائزات في الحفظ والأخلاق. وإذا قاربت البلوغ فابحثي لها عن زوج صالح يساعدك على استقامتها في تلك الفترة الحرجة. فقد كان من هدي السلف عرض البنات على الصالحين ليتزوجوهن، ثم علميها حقوق الزوج، وحمليها مسؤولية تربية الأبناء على الدين. وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 9990، 13767، 18336، 19635، 20767. وراجعي الاستشارة رقم:16497 والاستشارة رقم: 22735، من استشارات الشبكة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1425(13/479)
مشاركة الأطفال في أعياد النصارى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في السويد ولدي ثلاث أطفال أضعهم في روضة أطفال القائمون عليها سويديون وفي أعيادهم يذهب زوجي بأولادي إلى تلك الاحتفالات ويقومون هم بتلبيس أولادي زي الاحتفال (مثل أبوهم نويل) فهل يجوز ذلك بناء على أنهم أطفال دون الرابعة من عمرهم ولا يدركون الفرق بين الاسلام والنصرانية؟ افيدوني جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تم الإجابة على هذا السؤال في الفتاوى التالية أرقامها: 18150، 8080، 4586، 26883، 30220، 18562.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1425(13/480)
هل تأثم الأم إذا أمرت أبناءها بالصلاة ولم يستجيبوا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في أم تصلى وتقرأ القرآن وقائمة بواجبها تجاه ربها ولكن عندها 4 أبناء ذكور سنهم ما بين 10 إلى 20 سنة لا يؤدون فريضة الصلاة ورغم كل محاولاتها فإنها كانت فاشلة لذا بما تنصحونها وأتمني أن أتلقى الرد في أسرع وقت ممكن؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجب الصلاة على الصبي، لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث، وذكر منهم: الصبي حتى يحتلم. رواه أصحاب السنن.
إلا أن الآباء والأمهات مخاطبون بأمر أبنائهم بالصلاة إذا بلغوا سبع سنين وضربهم عليها لعشر، لقوله صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أبو داود وغيره.
وقد اختلف العلماء، هل أمر الشارع الحكيم للآباء بأمر أبنائهم بإقامة الصلاة، هل هو على سبيل الوجوب أو الاستحباب؟
فذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى الوجوب، وذهب المالكية في المشهور إلى الندب.
قال العدوي المالكي في حاشيته: والأمر في الحديث محمول على الندب على المشهور، فإن لم يفعل الولي ذلك فلا شيء عليه، لأنه إنما ترك مستحباً. انتهى
وإذا قام الأب والأم بواجبهم في التربية، ولكن الولد لم يستجب لهما فقد سقط الإثم عنهما على القول بالوجوب، وكذا إذا بلغ الولد سن الرشد فلا إثم على والديه، وإنما الإثم عليه لأنه أصبح مكلفاً، وإنما يؤاخذ الوالدان على التقصير في تربيته، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم: 6} .
ولقوله عليه الصلاة والسلام: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. متفق عليه.
وفي صحيح مسلم يقول صلى الله عليه وسلم: ما من راع يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة.
والذي ننصح به هذه الأم هو الاستمرار في نصح أولادها جميعاً بقدر استطاعتها، وضرب الصغار منهم إذا تركوا الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1425(13/481)
لا حرج في رعاية الخالة بنت أختها بموافقة أبيها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ترك رجل بنتا من أولاده منذ ولادتها (لقريب له وزوجته خالة لأولاده) لتربيتها لأنه ليس لديه أولاد وتوفى هذا الرجل ويريد الأب استرجاع البنت مع أنها تعيش أحسن عيشة بحجة أنها تحتاج لرجل وهي مرتبطه بخالتها وتناديها بماما وتعيش معها منذ 16 سنة، فما رأي سيادتكم، وماذا يستوجب فعله من هذا الشخص أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت هذه البنت معروفة بنسبتها إلى أبيها وأن علاقتها بخالتها إنما هو مجرد رعاية وتربية لا أكثر فلا مانع من ترك هذه البنت عند خالتها إذا كانت هذه الخالة مأمونة على البنت بحيث لا يخشى من أن تؤثر على أخلاقها بما يخالف الشرع أو تتركها فتضيع، وإلا فإن الأب مأمور شرعاً بأخذ بنته وصونها عن الفساد، لأن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم: 6} ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته.... متفق عليه.
أما من حيث نفقتها، فإنها تبقى على الأب في كل الأحوال إذا كان مستطيعاً وكانت البنت فقيرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1425(13/482)
نصائح وكتب ومواقع مهمة عن تربية الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد السؤال عن كيفية التعامل مع طفلة لم تتجاوز السنتين وهل هنالك أحاديث أو آيات قرآنية توضح ذلك كما أنني أتمني أن تزودوني بأسماء مواقع إنترنت أو كتب (تتحدث في نفس الموضوع ما قبل السنتين) ؟
وشكراً لكم وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت السائلة تسأل عن الأحكام المتعلقة بمن هذه سنه، فإن هناك أحكاماً تتعلق بالصغار، منها مسألة عدم انتقاض الوضوء من مس فروجهم أنثاء تنظيفهم ونحوه، وانظري الفتويين: 9012، 17440.
ومن المسائل المتعلقة بالصغار أيضاً مسألة النظر إلى البنات ولمسهن وتقبيلهن للأجنبي عنهن، وانظري تفصيلها في الفتويين: 26186، 24392.
أما إن كان مقصود السائلة كيف تربية الأولاد الصغار، فإن الله قد حملنا أمانة تربيتهم وتأديبهم وتعليمهم ما أوجبه الله عليهم وتهيئتهم للغاية التي خلقهم الله لأجلها، فقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم: 6} . وقال أيضاً: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا {طه: 132} .
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية في بيت بعلها وولده، وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. رواه البخاري ومسلم.
ولقد حذرنا نبينا من تضييع هذه الأمانة، فقال صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه البخاري ومسلم، ولفظ البخاري: ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة.
ولقد خص الإسلام البنات بمزيد من العناية والرعاية، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من ابتلي من البنات بشيء، فأحسن إليهن - كن له ستراً من النار. رواه البخاري ومسلم، وقال أيضاً: من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه. رواه مسلم.
هذا، وإن علماء النفس والتربية يقولون إن شخصية الطفل تتكون في السنوات الخمس الأولى، وعلى هذا فينبغي لأولياء أمور الأبناء أن يولوا هذه المرحلة العمرية جل اعتنائهم واهتمامهم، ونحيلك على كتب متخصصة في هذا المجال، كتبها مسلمون مرضيون وهي: مسؤولية الأب المسلم مرحلة الطفولة. تأليف: عدنان حسن باحارث طبع في دار المجتمع بجدة، وهو أهم كتاب في الموضوع.
وكتاب: منهج التربية النبوية للطفل. تأليف محمد نور سويد.
وكتاب: تربية الأولاد في الإسلام. لعبد الله ناصح علوان.
وكتاب: عودة الحجاب. لمحمد بن أحمد بن إسماعيل المقدم، خاصة الجزء الثاني وموضوعه: المرأة بين تكريم الإسلام وإهانة الجاهلية.
ويمكن تصفح موقع: المربي على الإنترنت، ويشرف عليه الشيخ محمد عبد الله الدويش، وهو من أفضل المواقع العربية المختصة بتربية الناشئة.
وكذلك ننصحك بسماع بعض محاضرات المربي الفاضل/ عبد الكريم البكار، ومن أهمها: آباء يربون، بناء الأجيال، هكذا فلتكن الأمهات، وهناك سلسلة محاضرات بعنوان: نحو محو الأمية التربوية. للشيخ/ محمد بن أحمد بن إسماعيل، تجدينها على موقع طريق الإسلام islamway.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1425(13/483)
ولداه على ديانة أمهما المسيحية ويريد أن ينقذهما من الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في رجل مسلم كان متزوجا من امرأة أجنبية (مسيحية) وله منها ولدان تتراوح أعمارهما بين 16 سنة و13 سنة وهما على ديانة والدتهما مع العلم أنهما مقيمان مع والدتهما ويزوران والدهما مع نهاية كل أسبوع.
وماذا عليه أن يفعل ليهديهما إلى الإ سلام؟ وماذا عليه أن يفعل ليغفر الله له؟
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولاد إذا كان أبوهم مسلماً، فإنه يحكم بإسلامهم تبعاً لإسلام أبيهم، وفائدة الحكم بإسلامهم أنهم يرثون أباهم المسلم، ويجبرون على الإسلام إذا كبروا حتى أن أهل العلم اختلفوا فيما إذا كانوا يجبرون بالقتل أولا يقتلون لأنهم لم ينطقوا بالإسلام حال بلوغهم، وراجع في هذا فتوانا رقم: 50846.
ولقد أخطأ هذا الأب في ترك ولديه يعيشان مع الكفار، وفي رعايتهم حتى أخذا عنهم الديانة، وتربيا على الكفر، ونسي قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم: 6} .
فعليه أن يتوب إلى الله من ذلك، ويجتهد في إنقاذ ولديه من الكفر، وذلك بتوصيلهما إلى بلاد الإسلام إن أمكن ذلك، وبتعليمهما فضائل الدين وأحكام الشرع وتاريخ الحضارة الإسلامية، ويبين لهما خطورة البقاء على الكفر، ونحو ذلك مما يكون سبباً في انتشالهم.
ونرجو أن تغفر ذنونه إذا تاب توبة خالصة، وسعى قدر استطاعته إلى هداية ولديه هذين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1425(13/484)
حكم ضرب الأطفال للتأديب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز ضرب طفل غير طبيعي {مغولي} عندما يخطئ أم لا. أفيدونا أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ضرب الأطفال للتأديب جائز إذا كانوا يعقلون ويفهمون معنى الضرب ويفيد في أدبهم. ولكن الأولى أن لا يلجأ للضرب إلا بعد استنفاد جميع الوسائل الأخرى. كما يتعين أن لا يتجاوز عشر ضربات. وإن أمكن الاستغناء بأقل فعليه أن لا يتجاوز قدر الحاجة. وراجع الفتوى رقم: 14123، والفتوى رقم: 18842 والفتوى رقم: 24777، والفتوى رقم: 37291، والفتوى رقم: 52188.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1425(13/485)
حكم ضرب الطفل المعاق ذهنيا
[السُّؤَالُ]
ـ[طفل غير طبيعي (منغولي) ضربه حلال أم حرام، وهل هناك حالات يجوز فيها الضرب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 53765.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1425(13/486)
الآثار الضارة المترتبة على غياب دور الأب والأم في التربية
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي المحترم إني لأحتار كيف لي أن أبدأ رسالتي هذه..ولكني مضطرة فمشكلتي لم يجد حتى الكبار لها حلا..
أنا فتاة في العشرين من العمر لي ابنة خالة في نفس عمري وهي صاحبة المشكلة الأساسية وهنا سأتحدث بلسانها
سيدتي \\\" ابنة خالتي هي من تتحدث \\\"
لي أخت تكبرني بخمس سنوات ومنذ عرفت نفسي وهي تتسبب لي بالمشاكل منذ أن بلغت سن المراهقة وهي تحدث لنا كعائلة من العار والفضائح ما قد كفاني..
تقول أنها لم تعط أحدا أكثر من ساعات متعة ولم تتخل عن عذريتها أبدا \\\"اعذرني إن كانت كلماتي تفتقد الأدب المطلوب خاصة أن هذه هي أول مرة أكتب لك \\\"
حين كانت في الثالثة عشر من عمرها كنت أنا طفلة وكنت أراها وهي تستقبل أصدقاءها في المنزل، أمي امرأة قد فعلت بها الأيام الكثير وهي لا تعلم الكثير من القصص لأنني حين كنت صغيرة كنت أخاف منها والآن أصبحت أخاف أن أفقد أمي أو أبي من جراء ما تفعل في المرة الأخيرة فعلت فعلتها مع الشخص الذي كان على وشك
خطبتي وتخليصي من جحيم جعلته هي سمة لحياتي وبالطبع تخلى عن الفكرة بمجرد أن عرف أن أختي على ذلك النمط..
وأخذت الكثير من الوقت قبل أن أتمكن من نسيان ما حدث وقد تناسيته مؤخرا خاصة أنني وجدتها قد أصلحت نفسها كثيرا فقد تحجبت أتعلم معنى أنها تحجبت حتى من زوج خالتي الذي رباها ورباني وعاد الجميع ليحترمها من جديد وتغيرت صورتها أخيرا وما عدنا نفكر بها تلك الأفكار السوداء التي كانت تراودنا كلما جاء ذكرها..
ومنذ فترة سافرت أمنا إلى مسقط رأسها بلدها فنحن مغتربين في المملكة العربية السعودية في مدينة صغيرة تنتشر فيها الأخبار والأقاويل بسرعة البرق وكان أبي بالمستشفى يصارع جلطة ألمت بقلبه أي أنه اقترب كثيرا من الموت وكنا نحن في بيت خالتي الذي لايبعد عنا الكثير وخرج أبي من المستشفى وقد عافاه الله وعدنا إلى بيتنا منذ يومين تقريبا ويومها نمنا أنا وإخوتي الصغار نوما غريبا ليس في موعد نومنا ليس ناتجا عن تعب أو إرهاق ولو لم يكن بعض الظن إثم لجزمت أنها قد وضعت لنا المنوم في الأكل أو في العصير واستيقظت بعد فترة أظنها فترة انتهاء مفعول الدواء لأجد سريرها مرتبا كما كان قبل أن أنام وبحثت عنها في البيت ووجدتها في أقصاه وقد أغلقت الباب بالمفتاح أثار الوضع شكي وريبتي وبعد \\\" \\\" سيناريو \\\" طويل أظنك تفهمه فتحت لي الباب وهي في غاية الارتباك ووجدتها قد خبأته.. رجل غريب في بيتنا وهي في وضع مخزي تلبس ما لا يجوز لها لبسه سوى لزوجها..
أتتخيل ياسيدي موقفي وأنا أرى أختي التي تكبرني وهي في هذا الوضع وأختي الثانية التي تصغرني وتصغرها تخرج ذلك الرجل وفي عيناها آلاف الأسئلة كيف ستمسح الصورة من عينيها أو من عيني لا أدري..
ولم أجد سوى خالتي لأستنجد بها وجاءت خالتي ومعها زوجها وبما أن أبي كان في عمله فقد كان ذلك في صالحه وصالحها وصالحنا فإن أخبرناه ثق أنه سيموت دون أدنى شك لن يحتمل أن يعرف ذلك عن ابنته..
سيدي قد خرجت عن الملة أمام أعيننا جميعا قالت \\\" لا أؤمن بالرب أو بمحمد \\\"
قالتها سيدي ثم تأتي وتقول لنا لم أكن بوعيي.. تكفر وهي ليست بوعيها.. تخطئ وهي ليست بوعيها.. تكره الجميع وهي ليست بوعيها..أيعقل ذلك.. لا أظن..
سيدي..
لا أعرف كيف أتصرف ماعدت أرى شيئا في الحياة سوى ما أرتني إياه أختي..
اؤمن بالله وأعلم أنه القدر ولكنني قد كنت رمزا للعفة وها هي تغير حتى صورتي في أمام المجتمع..
سيدي..أريد حلا سريعا.. سيدي.. كان ذلك بوح ابنة خالتي بعثته إليك علنا نجد الحل فيما ترد به علينا
سيدي..قد فوضنا أمرنا لله..واتكلنا عليه..ولكننا أردنا أن نأخذ بمشورتك.. في انتظار ردك..
دمت بخير وسعادة
تقبل تحياتي..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قول الفتاة: لا أومن بالرب أو بمحمد صلى الله عليه وسلم، هو عين الردة والكفر الصريح المخرج من الملة.
وأما قولها: إنها لم تكن بوعيها لما تلفظت بهذه الكلمات، فإننا لا نعلم صدقه من كذبه، وإن الواجب عليها التوبة إلى الله تعالى من هذا القول، والندم على تفريطها في جنبه، وعقد العزم على عدم العودة لذلك أبدا، فإنها لا تدري متى يحين أجلها، ولربما قبضت روحها على إثر ردتها دون إمهال للتوبة، نسأل الله حسن العاقبة، وراجعي الفتوى رقم: 17875، والفتوى رقم: 16362.
وأما خلوتها مع الرجل الأجنبي وكشف عورتها أمامه فإنه لا يدل وحده على أنها ارتكبت جريمة الزنا الموجب للحد، فإن الزنا لا يثبت إلا بأمور انظريها في الفتوى رقم: 7940.
وبالنسبة لقول الفتاة: إنها لم تتخل عن عذريتها أبدا، فإنه استخفاف بحق الله تعالى وجهل فاضح بشرعه، فكأنها تعتقد أن ما حرمه الله فقط هو حقيقة الزنا الذي هو الوطء في الفرج، وكأن أي عمل دون ذلك مباح.
وإن الله تعالى عندما حرم الزنا حرم أيضا مقدماته، وما يؤدي إليه، فحرم الخلوة والاختلاط، وحرم المصافحة والنظر والكلام بدون حاجة بين الجنسين، وأمر المرأة بالحجاب وبالقرار في البيت، وشرع غير ذلك من التدابير الواقية من الزنا، وراجعي الفتوى رقم: 11038.
هذا؛ وإن العجب لا ينقضي من غياب دور الأب والأم في تربية وتقويم ابنتهما، فإن الله قد ولاهما أمرها واسترعاهما إياها ووعد على تربية البنات الأجر الكثير، فقال صلى الله عليه وسلم: من عال ثلاث بنات فأدبهن ورحمهن وأحسن إليهن فله الجنة. رواه أحمد بإسناد صحيح. وقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: إنما سموا الأبرار لأنهم بروا الآباء والأبناء، كما أن لوالديك عليك حقا، كذلك لولدك عليك حق. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل في أهله راع ومسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسئولة عن رعيتها.... متفق عليه. وقال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6} .
ولقد حذر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من تضييع الأمانة التي وكلها الله للآباء فقال: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه مسلم.
وإن والدي الفتاة ـ كما يظهر من السؤال ـ قد ضيعا الأمانة وغشا رعيتهما، دل على ذلك سماحهما لابنتهما أن تستقبل زملاءها من الشباب في البيت وهي في سن الثالثة عشرة، وكذلك تأخرها في لبس الحجاب، ولم يظهر دورهما عندما تحرشت بخطيب أختها حتى ترك الخطبة.
وعلى هذا؛ فإن الواجب عليهما أن يتوبا إلى الله تعالى من تضييعهما للأمانة الملقاة على كاهلهما، والعمل على استدراك ما فاتهما في تربية الأبناء فيأمران البنات بالحجاب، وبكل واجب، وينهيانهن عن كل محرم. وعليك أن تخبري والد الفتاة بالخبر الذي ذكرتيه في سؤالك، ولك أن تترفقي به خوفا على صحته، لأنه هو المسئول الأول عن ابنته، وعنده من الصلاحيات التي أعطاها الله له ما يمكنه من تربية أبنائه على الوجه المطلوب.
ومما ينبغي التنبه له أن زوج الخالة ليس من المحارم، وعلى ذلك فالواجب الاحتجاب منه حتى ولو كان مشاركا في تربية بنات أخت زوجته، فإنه أجنبي عنهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1425(13/487)
حكم الكذب لحل مشكلة الغيرة عند الطفل
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض النساء حتى تخلص طفلها من حب التملك والأنانية والغيرة من الطفل الجديد تحضر حلوى أو أي شيء وتضعه تحت رأس الطفل الجديد وعندما يأتي الطفل الآخر ليرى أخاه تأخذ هذه الحلوى وتقول له هذا من أخيك فخذها لك حتى يتعلم أن هذا الشيء ملك لأخيه ورغم هذا أعطاه له, سؤالي هو: هل هذا من الكذب على الطفل وبهذا يتعلم سلوك خاطئا أم ماذا على الأم أن تصنع لمعالجة هذا الأمر وفي نفس الوقت لا تكذب على طفلها؟ أفيدونا وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكذب عموماً لا يجوز، سواء كان على الكبار أو كان على الصغار، وهذا شيء مُسلَّم به عند كل مسلم كما أشارت السائلة الكريمة إليه، ولكن أهل العلم بناء على أحاديث صحيحة ومقاصد شرعية رخصوا للمسلم إذا اضطر إلى الكذب أو دعته مصلحة لذلك أو دفع مضرة أن يستخدم التورية أو المعاريض، كما قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى: باب: المعاريض مندوحة عن الكذب، وقالت أم سليم لزوجها أبي طلحة عند ما سألها عن ابن لهما كان مريضاً وقد توفي، قالت: هدأ وأرجو أن يكون قد استراح، فظن أبو طلحة أن الولد قد تعافى أو شفي.
وعلى هذا، فبإمكان المرأة أن تستخدم هذا النوع من الكلام إذا كان في ذلك مصلحة تريد تحقيقها أو مضرة تريد دفعها، حتى لا تكذب على ابنها الكذب المحرم، والذي تترتب عليه عواقب وخيمة بالنسبة لتربية الطفل.
وبإمكانها إذا ثبت لديها أن هذه وسيلة ناجعة لحل مشكلة الغيرة عند الطفل أن تقول له هذه الهدية من عند أخيك تعني أنها أخذتها من عنده، لأنها كانت موجودة عنده أو تحت رأسه مثلاً، ولا تقول هذا أعطاها لك أخوك، لأن هذا صريح في الكذب لأن أخاه المولود لا يستطيع العطاء، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 36684.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1425(13/488)
تسكن فوق أهل زوجها غير الملتزمين وتخشى على ابنتها
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن زوجان ملتزمان والحمدلله ولنا طفلةعمرها أربعة شهور ونسكن فوق أهل زوجي وهم غير ملتزمين يسمعون الغناء ويحضرون التلفاز وأنا أخاف على مصير ابنتي في المستقبل ولا أريد أن أقطع علاقتي معهم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به هو ألا تقطعي علاقتك معهم وعليك أن تدعيهم بالحكمة والموعظة الحسنة إلى ترك هذه المنكرات والابتعاد عنها وأن تعلميهم بحرمة ذلك لأن بعض الناس يرى جواز الاستماع إلى الغناء والموسيقى ومشاهدة الأفلام والمسلسلات وعليك أن تخوفيهم بعذاب الله وعقابه فلعل الله يجعلك سبباً في هدايتهم وحاولي أن تهديهم بعض الأشرطة والرسائل الدعوية التي تتحدث عن هذا الموضوع، ولا تنسي ثواب الله فيما إذا اهتدى رجل أو امرأة على يديك كما جاء في الحديث الصحيح: لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم.
وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 25926.
وأما بالنسبة لابنتك فعليك أن تربيها تربية صالحة وتبيني لها ما يجوز وما لا يجوز وأن تركزي لها على تلك المنكرات التي ترين أهل زوجك يمارسونها، ولا تتركيها معهم بمفردها حتى لا يؤثروا عليها، وهذا عندما تصل إلى مرحلة من عمرها تميز فيها بين ما يجوز وما لايجوز وما يترتب على كل منهما.
وراجعي الفتوى رقم: 18911.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1425(13/489)
يؤخذ الطفل بالصدق منذ الصغر
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي طفلة عمرها 8 سنوات وهي كثيرة الحركة والكلام وخصوصا الخيال الواسع وذلك بالكذب كان تنسب شخصيات معروفة بأنهم من أقاربها خرافات لا تصدق وهي ممتازة في المدرسة رغم أن مدرستها تشتكي من كثرة حركتها وعدم التركيز بسبب اللعب وهي جدا بريئة والكل يحبها في المدرسة؟ وأنا أعمل ما بوسعي من اهتمام وعدم توبيخ إذا كذبت وأقول لها هذا يمكن حلم أو خيال ولا أقول كذب؟ سؤالي إلى أي سن يفضل الخيال الواسع بالكذب وكيفية علاجه وكيف أتعامل معها أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكذب محرم بالكتاب والسنة والإجماع، ولا يكون من صفات المؤمن، ففي الموطأ: أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أيكون المؤمن جبانا؟ فقال: نعم، فقيل له: أيكون المؤمن بخيلا؟ فقال: نعم، فقيل له: أيكون المؤمن كذابا؟ فقال: لا، وراجع معنى الكذب وأقسامه وحكمه في الفتوى رقم: 26391.
وليس للكذب سن يفضل أن يستمر فيها الطفل في الكذب، بل الواجب أن يؤخذ بالصدق ويدرب عليه منذ الصغر، يقول المختصون بعلم النفس: إن الطفل أبو الراشد، ومعنى العبارة أن الصفات التي يتربى عليها الطفل منذ صغره هي التي تظهر فيه وتغلب على شخصيته عند ما يكون في سن الرشد، والإنسان ابن بيئته، يتأثر بها وتنطبع مكوناتها فيه، وقد أشار الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى ذلك في قوله: ما من مولود إلا ويولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء. رواه الشيخان من حديث أبي هريرة.
ولا بأس بتجنب تكذيبها الصريح، لأن التهذيب باللطف واللين خير من التهذيب بالشدة والقسوة، لكن الواجب أن تربى على الصدق ويبين لها محاسن ذلك ومساوئ الكذب، مع إمتاعها ببعض القصص التي تظهر حسن عواقب الصدق وسوء مصير الكذابين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1425(13/490)
حكم اطلاع الأب على الرسائل الخاصة بأبنائه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لأب أن يفتح رسائل أبنائه بدون موافقتهم وهل يعتبر هذا التطلع على رسائل الأبناء تجسساً عليهم؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز للمسلم أن يطلع أو يتطلع على خصوصيات الآخرين أو يتجسس عليهم أو يظن بهم السوء، وذلك داخل في قول الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا [الحجرات:12] ، وقال صلى الله عليه وسلم: يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان إلى قلبه! لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من تتبع عورات المسلمين تتبع الله عورته حتى يفضحه في بيته. رواه البيهقي في الشعب، وأبو يعلى في مسنده.
وروى أبو داود وابن حبان عن معاوبة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى لله عليه وسلم يقول: إنك إن اتبعت عورات المسلمين أفسدتهم أو كِدتَّ تفسدهم. هذا من حيث العموم.
أما إذا علم أن لأبنائه علاقات محرمة أو ما أشبه ذلك فله بحكم الولاية عليهم التحقيق في ذلك وفي حدود المصلحة بما يردعهم عن المنكر، فلا يقل حال الأب هنا عن حال المحتسب الذي جوز له العلماء البحث والكشف على مرتكب المعصية؛ فقد جاء في الموسوعة الفقهية: وللمحتسب أن يكشف على مرتكبي المعاصي لأن قاعدة ولاية الحسبة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(13/491)
الأبوان هما القدوة الأولى لأبنائهما
[السُّؤَالُ]
ـ[لي 5 أولاد والحمد لله وأحاول بكل جهد أن أربيهم تربية إسلامية والحمد لله أنهم يسمعون لي ما أقول لهم وأحاول أن أعلمهم الدين كذلك للآن في المنطقة التي أسكن فيها لا يوجد مسجد عربي بل إلا مساجد الأتراك.
وأنا كل مرة اعمل معهم برنامجا لتحفيظ القرآن فإنهم يتمسكون بالبرنامج مدة قصيرة ثم يملون والله لا أدري ماذا أعمل معهم؟
ومشكلتي الثانية أن أبا عمر يدخن وأنا أحاول أن لا يدخن وأبنائي وأنهم كذلك يعلمون أنه حرام وفي أكثر المرات لما يسألونني أبنائي لماذا والدنا يدخن \"والمشكلة أن أبا عمر يدخن في السر ويظن أنني والأولاد لا نعلم \"
والجواب الذي دائما أقوله لهم أن كل واحد يحاسب على نفسه.
والأود سنهم 16. 13. 10. 8. 1.
وعندي ابني محمد الأمين عمره 13 سنة والمشكلة معه أنه يكذب وحاولت معه بكل الطرق ولكن بدون جدوى حتى إنه ذا كان صادقا مرة والله لا أعرف هل هو أصادق أم يكذب.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
والله أنا محتاجة إلى أحد يساعدني وينصحني على الطريقة التي أتعامل معهم وخاصة ونحن في بلد غير إسلامي.
أختكم أم عمر من ألمانيا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن التربية السليمة للأبناء من أهم ما يسعى إليه الآباء والأمهات، ومن أهم ما يعين على ذلك استقامة الأبوين، لأنهما القدوة الأولى لأبنائهما، وكذلك البيئة التي ينشأون فيها لا بد أن تؤثر عليهم سلبا أو إيجابا، ولهذا حذر أهل العلم من الإقامة ببلاد تنتشر فيها المنكرات لغير ضرورة أو حاجة ملحة ...
والذي ننصح به السائلة الكريمة أن تواصل مع أبنائها حتى تربيهم التربية الإسلامية الصحيحة حتى تسعد بهم في الدنيا والآخرة.
ومما يعينك على تجديد نشاطهم ورفع الملل عنهم بعث التنافس بينهم في الحفظ والعلم وعمل مسابقة لهم وتقديم بعض الحوافر والهدايا الرمزية لمن يتفوق ولو بكلمة طيبة وثناء حسن.
ولا يزهدك في برنامج تحفيظ القرآن كون القائمين عليه غير عرب، فربما كان بعض العجم أجود حفظا وأكثر استقامة وأنفع للطلبة، فالمهم أن يحفظوا القرآن حتى يحفظوا دينهم ولغتهم..
وبخصوص الكذب وعلاجه عند الأبناء، فإنه يكون بعدم الاهتمام بحديث الولد ظاهرا وعدم التدقيق فيما يخبر به، فإذا تبين كذبه أخبر بذلك بطريقة غير مباشرة.
هذا مع التنويه بأعماله الصالحة وإبرازها والثناء عليه عند عملها وخاصة إذا صدق في حديث تعلمين أنه صادق فيه.
وأما تدخين الأب، فإنه مشكلة كبرى، وعليه أن يعلم أن التدخين حرام، لما له من ضرر على النفس والمال، وعليك أن تنصحي زوجك بهدوء ورفق، ولين، ولتتحري الأوقات المناسبة والأسلوب المناسب المؤثر، ولتستعيني عليه بأصدقائه وأقاربه لعله يسمع نصيحتهم، وقبل ذلك وبعده الدعاء له في أوقات الإجابة,
نسأل الله تعالى أن يعينك ويتقبل صالح عملك.
ولمزيد من الفائدة، نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 17078، 35679، 35308.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1425(13/492)
لا يضرب الولد في الأماكن المنهي عن ضربها
[السُّؤَالُ]
ـ[سماحة الشيخ أود أن أسألك عن أمر فإني امرأة مسلمة وعرفت بأن ضرب الصغار على فروجهم حرام وأنا أقوم بضرب صغاري وهم بنت وولد على فرجهم وذلك بالعصي دون ملابس ما حكم ما أفعل وهل هناك كفارة؟ مع العلم بأني أقوم بذلك كثيرا جدا لما أخطا أحدهم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للأب ولا للأم ضرب أولادهما في الأماكن المنهي عن ضربها كالوجه، وكذا الأماكن التي يضر الضرب فيها عادة كذكر الصبي وفرج الفتاة، ولما في ضربهم في هذه الأماكن من أثر سيئ في المستقبل ومخالفة الأدب ونحو ذلك.
وعليه، فننصح الأخت السائلة بتأديب أولادها إذا احتاجت إلى ذلك، بضربهم في الأماكن التي يشعرون فيها بالألم دون حدوث ضرر، كاليد والرجل أو الظهر ونحو ذلك، وأما ما مضى، فلا كفارة له سوى التوبة منه والاستغفار.
وأخيرا، نلفت نظر الأخت السائلة إلى أن هناك آدابا لا بد من مراعاتها عند تأديب الأولاد بالضرب، وقد ذكرناها في الفتوى رقم: 14123.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1425(13/493)
التسوية بين الأولاد في الأمور الظاهرة واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنجبت بنتا قبل 6 سنوات وعند الحمل والولادة عانيت كثيرا من ذلك والآن دائما أنهرها وأحاول كبتها وعدم السماح لها بالتحدث وأنتقصها أمام أختها التي أصغر منها فهل عليّ ذنب في ذلك؟ وماذا أفعل جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب التسوية بين الأولاد في الأمور الظاهرة، لحديث النعمان بن بشير: اعدلوا بين أبنائكم في النحل كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف.
قال الترمذي بعد أن ساق أصل الحديث: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم يستحبون التسوية بين الولد، حتى قال بعضهم يسوى بين ولده حتى في القبلة. هـ
ومن هذا تعلمين أنك قد تصرفت مع هذه البنت تصرفاً فيه مخالفة للشرع، ومعاقبتها على أمر لا دخل لها فيه، فاتقي الله عز وجل وعاملي هذه البنت بما ينبغي أن تعامل به كسائر أبنائك، ولا تعاقبيها على أمر قدره الله عز وجل عليك لو احتسبته لكان فيه تكفير لسيئاتك ورفعة لدرجاتك.
ثم إننا ننبهك إلى أن عملاً كهذا له عواقب خطيرة على البنت من حيث صحتها بدنيا وعقلياً، هذا إلى جانب كونه قد يؤدي إلى عقوقها لك وكراهيتها لأولادها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(13/494)
الأب مطالب بمنع ولده عن المعاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[. السؤال الثاني: هل في مخالفة أحد الأبناء البالغين سن الرشد وبعد نصيحة والده وقد استمر على هذه المخالفة هل الإثم على الابن فقط؟ نرجو سرعة الرد وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الوالد أن يربي أبناءه على طاعة الله وترك ما نهى الله عنه، ويكون قدوة لهم في ذلك. ولا يجوز له أن يرى أحدهم يرتكب معصية ثم يتركه عليها، يل يجب عليه أن ينصحه ويمنعه من تلك المعصية، فإذا فعل الوالد ما عليه من النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلا شيء عليه بعد ذلك، والإثم على الابن إن استمر على تلك المعصية. قال تعالى: [وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى] (الأنعام: 164) .
والله أعلم. ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1425(13/495)
إلحاق الأولاد بالمدارس الإسلامية خير لهم
[السُّؤَالُ]
ـ[لى الان ابنتان واحدة منهن اصبحت على وشك دخول المدرسة
فيوجد مدرستان - اولها الجيل المسلم والثانية مدرسة مسيحية تسمى نوتردام هنا فى طنطا
وكل واحدة بها عيوب ومميزات
فعيوب الاولى ان المستوى الاجتماعى بها اقل والمميزات طبعا انهم سوف يحفظونها القران وآداب الإسلام وغيرها
(اام الثانية فالعيوب انها كما ذكرت انها مسيحية ولكنهم يربون الأطفال جيدا (حيثإاننى انا وزوجتى كنا بها
والمميزات أيضا اللغات والمستوى الاجتماعى بها أعلى
فما رأيكم فى ذلك
أرجو سرعة الرد علي لأننى فى حيرة من هذه الثلاث امور ولكم جذيل الشكر
مهندس \\\\ ماجد محمد غباشى]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ف أما عن إلحاق البنات بأي المدرستين، فلا مجال للمقارنة بين الإسلام والكفر، ويكفي للمدرسة الأولى من المزية أنها ستعلم طلابها القرآن والآداب الإسلامية، ولا معنى لقلة المستوى الاجتماعي بعد هاتين الخصلتين، ويكفي للتنفير من المدرسة الثانية أنها ستنأى بطلابها عن الإسلام وآدابه، وستدربهم على الطقوس والشعائر المسيحية، فلا معنى بعد ذلك لعلو المستوى الاجتماعي بها.
فمن المحتم -إذاً- أن نبعد الأولاد عن المدرسة المسيحية كل البعد، والأصوب من ذلك كله أن يهتم المسلمون بشأن مدرستهم ويطوروا مستواها الاجتماعي، ويحسنوا أداءها، وغير ذلك مما يكون جبرا لهذا النقص الموجود فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(13/496)
تربية الأبناء تحتاج إلى كثير من الحكمة
[السُّؤَالُ]
ـ[غضبت على ابني بسبب عصيانه الشديد لي رغم أنني أحبه جدا بعد ذلك أصبح متعثرا في دراسته، وهذا يقلقني ويسبب لي أمراضا فماذا أفعل، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن تربية الأبناء تحتاج إلى كثير من الحكمة والتروي واتباع الأسلوب الأمثل حتى تؤتي هذه التربية ثمارها الطيبة، وإلا فسوف تترتب على ذلك كثير من السلبيات التي يصعب علاجها، وينبغي للوالد استغلال ما يقع فيه الولد من أخطاء لتوجيهه إلى الصواب بدلاً من الانفعال والغضب الذي لا يؤدي إلا إلى نتائج سلبية، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، روى مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين، فما أعلمه قال لي قط: لم فعلت كذا وكذا، ولا عاب علي شيئاً قط. وقد يكون ما حدث لهذا الولد من آثار سلبية في مجال الدراسة واحداً من نتائج القسوة في المعاملة، فنصيحتنا لك أن تتلطف به كثيراً وأن تحاول معالجة أخطائه بحكمة، وأن تكثر من الدعاء له، فإن دعوة الوالد لولده مستجابة.
وننصحك بالكتابة لقسم الاستشارات بالشبكة الإسلامية فلعلهم يفيدونك أكثر في هذا الجانب، وراجع لمزيد من الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 21752 / 8691 / 17919.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1424(13/497)
لا ينبغي للأب أن يجبر ولده على دراسة تخصص لا يحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أواجه مشكلة مع والدي , حيث إنه يجبرني على تخصص معيّن وأنا لا أريده , بل أريد تخصصا آخر يتماشى وطموحاتي وقدراتي ورغبتي. فهو يرى أني لا أستطيع الاختيار وأنه الأدرى بمصلحتي.
فماهوالحل؟ وما هو الحكم في اختياري التخصص الذي أريد ومخالفتي لرأي أبي مما سيؤدي إلى غضبه وعدم رضاه؟!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من مصلحة الوالد أن يحمل ولده على تخصص لا يحبه ولا يرغب فيه، بل في قسره عليه إفساد لمواهبه وتحطيم لقدراته، فإن الله تعالى خلق الناس على طباع شتى وميول مختلفة، وجعل كل واحد ميسراً لما خلق له كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: اعملوا فكل واحد ميسر لما خلق له.
وينبغي للآباء مراعة الفروق الذهنية والخلقية والاستعدادات الفطرية عند أبنائهم، فإن ذالك سبب رئيس في نجاحهم وتفوقهم في ما يستقبلون من حياتهم، ورحم الله الإمام بن القيم إذ قال كلاماً جيداً بهذا الخصوص، قال: ومما ينبغي أن يعتمد حال الصبي وما هو مستعد له من الأعمال ومهيؤ له منها فيعلم أنه مخلوق له فلا يحمله على غيره ما كان مأذوناً فيه شرعاً، فإنه إن حمل على غير ما هو مستعد له لم يفلح فيه، وفاته ما هو مهيؤ له، فإذا رآه حسن الفهم صحيح الإدراك جيد الحفظ واعياً فهذه علامات قبوله وتهيؤه للعلم ... وغن رآه بخلاف ذلك من كل وجه وهو مستعد للفروسية وأسبابها.. وأن لا نفاذ له في العلم ولم يخلق له مكنه من أسباب الفروسية والتمرن عليها، فإنه أنفع له وللمسلمين، وإن رآه بخلاف ذلك وأنه لم يخلق لذلك ورأى عينه مفتوحة إلى صنعة من الصنائع مستعداً لها وهي صناعة مباحة، نافعة للبشر، فليمكنه منها هذا كله بعد تعليمه له ما يحتاج له من دينه.. ا. هـ
فالمقصود أن يعد تعليم الأب لابنه ما لا بد له من العلوم الدينية والدنيوية عليه أن يمكنه من التخصص في ما يرغب فيه، ويحبه إن كان مباحاً ناقعاً، ولا يقف عائقاً أمام ولده.
ونرجو من الأخ الكريم أن يعرض هذه الفتوى على والده، ويتلطف معه غاية التلطف، ونرجو أن يوفقه الله تعالى إلى ما هو خير له في دينه ودنياه، هذا وإن أصر والدك على أن تدرس علماً معيناً لا ترغب فيه فلا يلزمك طاعته هنا، ولا يكون ذلك عقوقاً منك كما لو أن أمرك أن تأكل ما تشتهي أو تتزوج بامرأة معينة لا تريدها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ليس للأبوين إلزام الولد بنكاح من لا يريد، فلا يكون عاقاً كأكل ما لا يريد، أي أكله. انتهى.
فإذا كان يلزمه طاعتهما في أكل ما لا يريد وهو مرارة ساعة، فكيف بمرارة سنوات من علم لا يحبه ولا يرغب فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(13/498)
حد الطفولة ومراحلها
[السُّؤَالُ]
ـ[مفهوم الطفولة في الإسلام من حيث السن (الحد الأقصى لسن الطفل) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مرحلة الطفولة تبدأ من انفصال الجنين عن أمه حياً، وتنتهي بالبلوغ، قال تعالى: وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (النور:59) ، وتقسم مرحلة الطفولة إلى ثلاثة أقسام:
أولها: ما قبل سن التمييز، وسن التمييز عند جمهور العلماء تبدأ من بلوغ الطفل سبع سنين.
ثانيها: ما بعد سن التمييز إلى العاشرة.
ثالثها: ما بعد العاشرة إلى البلوغ، والبلوغ يعرف بعلامات تظهر على الذكر والأنثى وعلامات تختص بالنساء، وقد بينا ذلك وغيره في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8359 / 30212 / 18947.
علماً بأن كل مرحلة من المراحل التي ذكرناها تختلف فيها أهلية الطفل ويعامل فيها بما يناسب حاله، فيؤمر بالصلاة في المرحلة الثانية ويضرب عليها في المرحلة الثالثة، ولا يؤمر بها ولا تصح منه قبل التمييز.
ولمزيد من الفائدة في موضوع الطفولة تراجع الفتوى رقم: 12966.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(13/499)
حكم ممارسة الضغط على الأولاد لحفظ القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي حدود ممارسة ضغط على الأولاد لحفظ القرآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأساليب الضغط على الأولاد ليحفظوا القرآن كثيرة، ولكن ينبغي اتخاذ أساليب الترغيب والرفق واللين قبل أساليب الضغط، وقد تقدم الكلام عن الأساليب والجائز منها والممنوع وحدود ذلك، في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 40537، 13767، 14123، 16372، 17919، 24777.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1424(13/500)
يثاب الآباء على توجيههم أولادهم لحفظ القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حفظ الأولاد القرآن يجازى الآباء عنه حتى لو لم يستمر الأولاد على نفس السلوك بعد التكليف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا قام الآباء بتحفيظ أولادهم القرآن فإن الله يثيبهم على ذلك، سواء دام حفظهم للقرآن بعد بلوغهم أو لم يدم، وسواء صلح الأولاد أو لم يصلحوا.
وإذا لم يقوموا بتحفيظ أولادهم القرآن فإنهم لا يجازون على حفظ أولادهم القرآن، إلا إذا استمر أولادهم على حفظ القرآن وعملوا به حتى يموتوا على ذلك، سواء ماتوا قبل البلوغ أو بعده، كما هو ظاهر الحديث الذي رواه أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب، فيقول له: هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك.. فيقول أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك في الهواجر، وأسهرت ليلك. وإن كل تاجر من وراء تجارته، وإنك اليوم من وراء كل تجارة، فيعطى الملك بيمينه والخلد بشماله ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسى والداه حلتين لا تقوم لهما الدنيا، فيقولان: بما كسينا هذه؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن، ثم يقال له: اقرأ واصعد في درجة الجنة وغرفها، فهو في صعود ما دام يقرأ هذا كان أو ترتيلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(13/501)
التربية الصحيحة لا بنتها التي تبلغ أربعة أشهر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من نصيحة لى لكي أربي ابنتي التي تبلغ 4 أشهر على الطريقة الإسلامية والسنة النبوية.. وكيف أحصنها بالقرآن؟ لأنها كثيراً ما تفزع وأخذتها عند دكتور شيخ متدين فقال لي إنها مصابة بالعين ويجب تحصينها وقرأ عليها، وإذا يوجد كتاب بالأردن ينفعني بالتربية والدعاء لها بالسنة أرجو أن تذكروه لي لأننى لم أجد إلا ما يخص الأطفال في سن 6 سنوات وما فوق.. أفادكم الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجزيك خيراً على حرصك على تربية ابنتك على هدي الإسلام وقيم هذا الدين الحنيف، ونسأله سبحانه أن يوفقك في ذلك، وأن يجعل ابنتك قرة عين لك في الدنيا والآخرة، وأما الكتب التي اهتمت بهذا الجانب فإن من أهمها وأشملها -فيما نعلم- كتاب تربية الأولاد في الإسلام للشيخ عبد الله ناصح علوان، فقد تكلم فيه عن تربية الطفل حتى قبل ولادته، فاحرصي على اقتنائه فإنه مفيد جداً.
وبخصوص ما يصيب ابنتك من فزع فإنه قد يرجع إلى أسباب عادية، أو أمراض عضوية، فراجعي في ذلك أهل الاختصاص من الأطباء، وقد تكون مصابة بشيء من العين أو نحوها فلا حرج إن شاء الله في أن ترقيها بالرقية الشرعية، أو أن يرقيها غيرك ممن علم بالاستقامة في العقيدة والعمل، ولا تنسي أن تكثري من الدعاء لها، وتحري في ذلك الأوقات والأحوال المناسبة للدعاء، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12505، 35739، 29821.
وننبهك في ختام هذا الجواب إلى الحذر من اتهام أحد من الناس بإصابة ابنتك بالعين أو عمل السحر لها بدون بينة، وإنما ذكرنا هذا التحذير لأن هذا الأمر قد يقع من كثير من الناس، ونرجو أن لا تكوني من هذا الصنف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1424(13/502)
تعلم الأولاد الثقافة الجنسية
[السُّؤَالُ]
ـ[معرفة البنات بموضوعات الجنس والقراءة عن الجنس وسماع محاضرات في التلفزيون عن الجنس، أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما يقال من ضرورة تعلم الأولاد بنين وبنات الثقافة الجنسية هكذا بإطلاق كلام خطر، وله آثار سلبيه على الأولاد والمجتمع، ولكن إن احتيج إلى هذه الثقافة في أحوال معينة وبضوابط شرعية فلا بأس، كأن يكون الأولاد مقبلين على الزواج، فهنا تكون الحاجة إلى هذه الثقافة حتى يتعرف هؤلاء على هذه الحياة الجديدة، ويتعرفوا على وسائل استمرارها وأسباب بقائها، أو تكون هذه الثقافة جزءاً من الإجابة على بعض الأسئلة، كتلك الأسئلة المتعلقة بالجنابة أو الاحتلام أو النفاس والحيض ونحو ذلك، على أن يتولى هذا التعلم أهل الدين والصدق إن عجز عنه الأبوان، وإلا فهما أولى وأنفع، وبهذا تعلم أن إطلاق العنان لهذه الثقافة تشاع في الصحف والقنوات ويتحدث فيها البر والفاجر، مما ينبغي أن يمنع لما له من آثار سيئة أقلها إثارة الأولاد وتطلعهم لممارسة هذا الفن الذي يتلقونه عملياً، وهذا ما يشكو منه العالم الغربي من أن الحدث عندما ينتهي من حصة الثقافة الجنسية يقوم بالاعتداء على زميلته أو زميله، فليتق الله من ينادي بذلك بإطلاقه في بلاد المسلمين وليعتبروا بغيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1424(13/503)
التربية الصحيحة للطفل الذي يسرق من بيت أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي لها ابن صغير عمره 12 سنة تربي فيه دائماً الحرص على الصلاة والخوف من الله، ولكن هناك مشكلة وهى أنه يكثر من السرقة داخل المنزل تضربه فيه وعاقبته بجميع الوسائل حتى لم تتكلم معه لمدة يومين، ولكن لم تجد معه، فأرجو المساعدة والإرشاد إلى الطريق؟ جزاك الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فنرجو لولد أختك هذا الهداية وأن يصرف الله عنه كل شيء، ثم اعلمي أن ممارسة الطفل للسرقة في بيت أهله ربما كان سببها حرمان الطفل من بعض الحاجات التي يود الحصول عليها مباشرة من أهله، فلما تعذر ذلك عليه لجأ إلى طريق السرقة لتحقيق رغبته في ذلك الشيء. كما أن هذا ربما يعود إلى تأثير رفقة سيئة تمارس هذا النوع من الأعمال، وعلى كل فالطريق إلى معالجة هذه الظاهرة هي مصارحة الطفل، ومعرفة رغباته وتحقيق ما أمكن منها، مما لا يتعارض مع التربية الصحيحة، ثم محاولة نصحه وإرشاده عن طريق جلب قصص تمجد الفضائل ومعالي الأمور، وتحط من شأن الرذائل بما في ذلك السرقة، ولا مانع من معاقبته بما يزجره. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(13/504)
ولده يخاف الظلام والرياح والوحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي طفل يبلغ من العمرالآن 8 سنوات ونصفاً، وكل سنة أحاول أن يلتحق بالدراسة ولكن لم أستطع، فهو يخاف الظلام والرياح والوحدة، وأخبروني بوجود مس من الجن وأرجو إعطائي عنوان أحد المشايخ ومساعدتي؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس من اختصاصنا علاج المس الجني، لذا نعتذر عن تلبية طلبك، ولعلك إذا تصفحت الإنترنت تصل إلى بعض المواقع التي تعنى بهذا الأمر، ولتعلم أخي الكريم أنه ليس من الضرورة أن يكون ولدك مصاباً بمس جني فقد تكون حالة نفسية، لذا ننصح بمراجعة طبيب نفسي متخصص، والله نسأل أن يشفي لك ولدك وأن تقر به عينك في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1424(13/505)
معصية الرحمن من أسباب حضور الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ابني عمره 15 شهراً عند سماعه موسيقى أو طبل أو أي تلفاز أو راديو يفرح كثيراً ويجلس أمامه ساعات أما حين سماع القرآن أو أذان الجامع يجهش فى البكاء (الأم غير مصلية) ؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الولد أو الإنسان كله من الطبيعي أن يألف ويستأنس بما عود عل يه وألفه فينشرح له صدره ويفرح به.
ويشمئز ويشعر بالوحشة عندما يسمع صوتاً أو يرى أمراً غريباً عليه، وهذا أمر معروف وقد قيل في هذا المعنى:
وينشأ ناشئ الفتيان فينا ... على ما كان عوده أبوه.
فلعل هذا الصبي الذي أمه لا تصلي يعيش في بيئة فاسدة تغلب عليها الأغاني والموسيقى، فإذا سمع ما تعود على سماعه أنس وفرح، وإذا سمع صوت المؤذن أو القارئ نفر وبكى، لأن هذا الصوت غريب عليه.
لذا فيجب عليكم وعلى كل من أنعم الله عليه بالولد أن يربيه تربية صالحة تفيد الولد وتفيد الوالد في دنياه وأخراه، لذا فإنا ننصح أبا هذا الولد أن ي بعده عن الموسيقى وسائر المحرمات حتى لا يكبر عليها ويتعود عليها، وأن يأمره بالصلا ة إذا أكمل سبع سنين، كما يجب عليه قبل كل شيء أن يأمر زوجته بالصلاة وأن يذكرها بأ هميتها وخطورة تركها، وإذا امتنعت أدبها حتى تصلي ولو بالضرب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1424(13/506)
حكم إلحاق الأولاد بمدرسة يقوم عليها راهبات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش بدولة عربية وأريد أن أسجل ابني في المدرسة والمشكلة أن المدرسة المتميزة والمناسبة من ناحية التعليم والأقساط إدارتها راهبات ولكن أغلبية المدرسات مسلمات وملتزمات، والجميع يثني على المدرسة من كل النواحي والمدارس المماثلة لها من الناحية المادية التعليم فيها ليس بنفس الكفاءة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى حمل الآباء والأمهات مسؤولية رعاية أبنائهم وتربي تهم التربية الصحيحة الخالية من كل شائبة تشوب الدين، وذلك لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأ َهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ. [التحريم:6] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.... الحديث. متفق عليه من حديث ابن عمر.
وعلى هذا فما دام القائمون على هذه المدرسة نصارى فإنه لا يجوز لك أن تدخل أحداً من أبنائك في هذه المدرسة، لأنه لا يؤمَن أن يلبسوا على أطفالك في دينهم وعقيدتهم ويؤثروا على أخلاقهم، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 8080
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1424(13/507)
احتمالات قد تكون سببا لتدني المستوى الدراسي
[السُّؤَالُ]
ـ[لي طفل يبلغ من العمر 11 عاما يدرس في الصف السادس الابتدائي وألاحظ عليه اختلافا مستمرا في سلوكه اليومي فمرة يكون من المتفوقين جدا ومرة يكون في منتهى البلاهة أثناء الدراسة وفي نفس المادة الدراسية مع العلم بأنه كان من قبل أي في الصف الخامس أفضل تلميذ بالفصل.. ولم أغير من سلوكي معه ولم يتغير شيء من الظروف المحيطة به عن العام الماضي.. وقد بدأ سلوكه يتسم أيضا بالعدوانيه مع أخته الأصغر منه سنا.. والسؤال هو هل يمكن أن يكون ذلك حسدا أم ماذا وبماذا تنصحون؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الطفل -ولدا كان أو بنتاً- يحتاج في هذه المرحلة التي ذكرت إلى رعاية لأنه دخل أو قارب سن المراهقة، ولأن مستوى الدروس عليه قد ارتفع، وعليك أن تبحث عن السبب الذي جعل مستوى ابنك يتدنى، فإذا عرفت السبب فقد عرفت علاجه.
وقد ذكرت أنه كان متفوقاً في دراسته فلعلك أعجبت به فأعطيته من المديح والإطراء أكثر من الحاجة فأعجب بنفسه وأصابه الغرور، أو لعلك قصرت أو أهملت مذاكرته وتقويم سلوكه اتكالا على أنه أصبح قائماً بنفسه فنتج عن ذلك التكاسل والإهمال، ولاننس كثرة الاستغراق أمام التلفاز والكمبيوتر والإنترنت وأصدقاء السوء، كل هذه أوغيرها احتمالات يمكن أن تكون هي السبب بالإضافة إلى ما أشرت إليه وهو سن المراهقة.
وعلى كل حال فعليك أن تقترب منه وتشعره بالأهمية، واحرص في الوقت نفسه على مذاكرة دروسه وضع له برنامجاً محددا يسير عليه بحيث لايطغى وقت اللعب أو النوم على وقت الدراسة، ولا تحرمه من للعب والاستجمام، ولا تستبعد الاحتمال الذي أشرت إليه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن العين لتدخل الرجل القبر، والجمل القدر. رواه أبو نعيم في الحلية من حديث جابر.
وقد أخرج الإمام مالك في الموطأ: أن رجلا أصاب سهل بن حنيف رضي الله عنه بالعين، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغتسل له.
وعن ابن عباس في تفسير قوله تعالى حكاية عن يعقوب وأبنائه عليهم السلام: وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِد [يوسف] أنه خشي عليهم العين/القرطبي.
وكان صلى الله عليه وسلم يتعوذ منها بقوله: أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة. /القرطبي.
والخلاصة أن عليك -أخي الكريم- أن تبحث عن السبب الذي جعل الولد يتخلف فإذا عرفته فالعلاج سهل إن شاء الله تعالى، ونسأل الله لنا ولك التوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1423(13/508)
أربع وصفات تعين على التربية الإسلامية الشاملة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نربي أولادنا تربية إسلامية بعيدا عن العبثية والشدة في التعامل وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلكي نربي أولادنا على التربية الإسلامية الشاملة العميقة الأثر البعيدة المدى نحتاج إلى أربعة أنواع من التربية:
1- التربية الإيمانية: ويقصد بها ربط الولد منذ تعقله بأصول الإيمان، وتعويده منُذ تفهمه على الإتيان بأركان الإسلام، وتعليمه من حين تمييزه مبادئ الشريعة.
2- التربية الخُلقية والمقصود بها مجموعة المبادئ الخُلقية والفضائل السلوكية التي يجب على ولي الطفل أن يعلمه إياها ويوجهه إليها ليعتاد عليها منذ تمييزه، وهذه الأخلاق مثل: الصدق والأمانة والإيثار والرجولة والشهامة واحترام الكبير ... الخ، وصيانته عما يُدنّس أخلاقه من السب والكذب والميوعة.
3- التربية الجسمية: ويقصد بها أن ينشأ الأولاد على قوة الجسم وسلامة البدن ومظاهر الصحة والحيوية.
4- التربية العقلية العلمية: وهي تكوين فكر الطفل وتثقيفه بكل ما هو نافع من العلوم الشرعية، والثقافية العلمية العصرية.
فهذه الأنواع الأربعة إذا أحسن الأب أو الوليُّ عموماً تربية الطفل عليها شيئاً فشيئاً متدرجاً متلطفاً متفهماً لحاجات واحتياجات الطفل في كل مرحلة من مراحل طفولته ومراهقته، فهي كفيلة بعد توفيق الله وهدايته أن تصنع شاباً صالحاً يخشى الله، ويسعى لإعلاء كلمته ونصرة أمته.
وينصح بتعلم فن التربية والاستفادة من تجارب الآخرين الناجحين فيها، وقراءة الكتب المتخصصة في التربية، مثل كتاب "تربية الأولاد في الإسلام" لعبد الله ناصح علوان والذي نقلنا في الجواب بعضاً مما جاء فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1423(13/509)
الأم الراعية لأولادها اليتامى تؤتى أجرها مرتين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تؤجر الأم إن ربت أولادها بعد وفاة زوجها كأجر كافل اليتيم؟؟
- وإن أرادت أن تتزوج الأم بعد ست سنوات من وفاة زوجها زواجاً شبه مسيار ظاهريا ليس زواج مسيار لكن جوهريا يعتبر كذلك، وذلك حرصا على تربية الأولاد من دون أن يتدخل أحد في تربيتهم أو أن يتفضل أحد عليهم بشيء، هل يحتسب للأم أجر كفالة اليتيم بالرغم من زواجها أم أنه يسقط عنها أجر كفالة اليتيم على الرغم أنها تستطيع أن تتزوج زواجاً عادياً، لكن لأجل أولادها ولأجل أن تعف نفسها أرادت أن تقدم على زواج من هذا النوع، والرجل الذي وقع عليه الاختيار من بيت علم ودين، لكني محتارة في ذلك الأمر فهل لكم أن تتفضلوا علينا بالنصح والتوجيه الصحيح ...
ممتنين لكم جهودكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمرأة إذا أحسنت تربية أولادها اليتامى، وقامت برعايتهم تؤجر من ناحيتين:
الأولى: أنها تؤجر أجر كافل اليتيم.
والثانية: أنها تؤجر أجر من ابتلي بشيء من البنين، فصبر عليهم، وأحسن تربيتهم، وبيان ذلك كالآتي:
أما الأجر الأول: فلما رواه مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة، وأشار مالك بالسبابة والوسطى" قال سليمان الباجي في المنتقى شرح الموطأ: قوله عليه الصلاة والسلام: "له أو لغيره" يحتمل - والله أعلم - أن يكون الكافل امرأة فتكفل اليتيم وهو ابنها، ويحتمل أن يريد الرجل يكفل يتيماً من أقاربه، لأن اليتيم من بني آدم بموت الأب دون الأم. ا. هـ.
والصحيح أن عموم الحديث يشمل الأم وغيرها على السواء، وروى أبو يعلى بسند حسنه ابن حجر الهيثمي في الزواجر عن اقتراف الكبائر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا أول من يفتح باب الجنة، إلا أني أرى امرأة تبادرني، فأقول مالك ومن أنت؟ تقول: امرأة قعدت على أيتام لي" ولمزيد من الفائدة تراجعين الفتوى رقم: 12913.
وأما الأجر الثاني: فلما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءتني امرأة ومعها ابنتان لها، فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة واحدة، فأعطيتها إياها، فأخذتها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها شيئاً، ثم قامت فخرجت وابنتاها، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثته حديثها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ابتلي من البنات بشيء، فأحسن إليهن، كن له ستراً من النار".
والمراد بالإحسان إليهن صيانتهن، والقيام بما يصلحهن من نفقة وكسوة، وتعليم، وتأديب، ونحو ذلك.
ومما ينبغي التنبيه عليه هنا: أن بعض كفلاء الأيتام ووالدي الأبناء يظن أن الإحسان بهم هو أن لا يضربهم ولا يزجرهم عما لا يليق مطلقاً، وهذا خطأ نشأ بسببه بعض الصبيان على سوء الأدب والميوعة، ونحو ذلك.
فالإحسان بهم يكون بالترغيب، والضرب حسبما يقتضيه الحال، فليتنبه لهذا.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "من ابتلي بشيء ... " يصدق على القليل والكثير، فيتناول الواحدة، وكلما زدن زاد الأجر بإذن الله.
وخص البنات لضعف قوتهن، وقلة حيلتهن، وزيادة كلفتهن والاستثقال الذي يحصل بهن عند بعض الناس، ونحو ذلك، وإلا فالحكم يشمل الذكور على القول الراجح، وما ورد في هذا الحديث إنما هو واقعة مخصوصة، فلا يكون لها مفهوم، ويدل لهذا ما ورد في كافل اليتيم والإحسان إليه، ولم تخص بذلك الأنثى، قد روى الطبراني في معجمه الكبير ومعجمه الصغير بسند فيه ضعف يسير عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها ابناها، فسألته فأعطاها ثلاث تمرات لكل واحد منهم تمرة، فأعطت كل واحد منهما تمرة، فأكلا، ثم نظرا إلى أمهما فشقت التمرة نصفين، وأعطت كل واحد منهما نصف تمرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قد رحمها الله برحمة ابنيها"
وزاوج المسيار جائز لا حرج فيه، كما في الفتوى رقم: 3329.
خصوصاً إذا قصدت المرأة من ورائه تربية أبنائها، والإنفاق عليهم من مالها، وعدم تدخل الزوج أو غيره فيهم، ولا يمنع الزواج الأجر الذي تحصل عليه المرأة - إن شاء الله - وقد سبق بيانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/510)
الأثر المدمر الناتج عن إهمال تربية الأبوين لأولادهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أرشدوني بارك الله فيكم فأنا أريد أن أستفتي عن: كيف أتصرف مع أبنائي من الناحية الشرعية؟ فهما يضيعان الصلاة ويسمعان الأغاني ويقللان الأدب مع الجميع، وخاصة عندما لا نستجيب لدلالهما الزائد حتى وصل الأمر إلى أن يسب أحدهم الله ـ والعياذ بالله ـ أخرجناهما لغرفة خارجية حتى نسلم من أذاهما، غير أنهما أخذا معهما تلفازا وراديو حتى - يتمتعا-, وأنا أخاف أن أمنعهما من التلفاز والراديو فيبطشا بي.
وجزاكم الله خيراً على إفادتكم ونسألكم الدعاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعلك أدركت أيتها السائلة أنه قد كان لك ولمن كان قائماً معك على تربية هؤلاء الأولاد من زوج أوغيره دور كبير فيما آل إليه أمرهما من الفساد والشر، وقد اعترفت بذلك ضمنا عند حديثك عن دلالهما الزائد، وهذه نتيجة حتما لمن يفرط في تربية أولاده ويطلق لهم الحبل على الغارب في شهواتهم وأهوائهم حتى إذا كبروا وشبوا على هذه الحياة المنحرفة أخذ الآباء يندمون ويتحسرون ـ ولات حين مندم ـ فعليكم بالتوبة إلى الله سبحانه مما كان منكم من تفريط في تربية أولادكم وتضييع وصية الله سبحانه لكم فيهم، فقد قال سبحانه: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ. {النساء:11} .
قال السعدي ـ رحمه الله: أي: أولادكم - يا معشر الوالدين- عندكم ودائع قد وصاكم الله عليهم، لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية، فتعلمونهم وتؤدبونهم وتكفونهم عن المفاسد وتأمرونهم بطاعة الله وملازمة التقوى على الدوام، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ. فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها فيستحقوا بذلك الوعيد والعقاب. انتهى.
أما ما يحدث منهما من هذا الفجور الذي وصل إلى حد الكفر والخروج من دين المسلمين بسب الله سبحانه وتعالى وجل في علاه، فهذا لا يجوز السكوت عليه مطلقاً، بل عليكم أولاً أن تنصحوا لهما وتعظوهما وتعلموهما بقبح هذا الذي يصنعون وتعلموا هذا الساب بحكم السب وأنه انسلاخ من دين المسلمين وكفر برب العالمين بلا خلاف، وعليكم ـ مع ذلك ـ أن تدلوا عليهم بعض أهل الخير من أصحاب العلم والدعوة إلى الله سبحانه، فإن الصحبة الطيبة لها أثر عظيم في نقل العبد من بيئة الغفلة والمعصية إلى بيئة الطاعة والذكر، فإن أصر هذا الساب على هذا الفعل الشنيع فعليكم أن تتبرأوا منه فلم يعد بينكم وبينه رحم ولا ولاية، وما دمت أيتها السائلة تخشين على نفسك من عدوانهم عليك إن أنت منعتهم من أدوات المعصية هذه من تلفاز ونحوه، فلا حرج عليك أن تكتفي بالإنكار باللسان والقلب ويتضمن ذلك هجرهم وإظهار البغض لهم ولأفعالهم، وفي النهاية نوصيك بكثرة الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه أن يهديهم ويوفقهم للتوبة ويصرف عنهم كيد شياطين الجن والإنس، مع التوبة والاستغفار من الذنوب والحرص على الكسب الحلال، فإن مثل هذه المآسي إنما تكون غالباً بسبب البعد عن منهج الله وانتهاك حرماته وتعدي حدوده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1430(13/511)
ضوابط التأديب بالضرب
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا خادمة عمرها 14 عاماً، وكلني أبيها عليها وعندما تغلط تعاقب بالضرب، لكني سمعت أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وكيف السبيل إلى تربيتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، أما بعد:
فإن كان والد البنت أعطاكم وكالة شرعية تشمل الأذن في التأديب فلا إثم عليكم في الضرب إذا احتيج إليه.. وتعين وسيلة إلى الاصلاح والتزم فيه بالضوابط الشرعية للتأديب ومن أهمها: ألا يؤدب المؤدب حال غضب، وألا يكون الباعث هو الانتقام، وألا يكون الضرب مبرحاً، ويتعين أن تستخدم وسائل النصح والحوار والإقناع قبل ذلك.. ويتعين الحرص على تربية البنت على أمور الدين التعبدية والأخلاقية والعقدية ووسيلة ذلك تعليمها ما تحتاج إليه من أمور الإيمان والتوحيد والصلاة والأخلاق الفاضلة، وحمايتها من مخالطة الرجال الأجانب، وحضها على الاحتجاب منهم، وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 41016، 67401، 68992، 73902.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1430(13/512)
وضع المصحف عند الطفل حديث الولادة وعدم ترك وحده
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك قول أو حديث حول عدم ترك الطفل حديث الولادة وحيدا في غرفة، أو وضع مصحف بالقرب منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على أصل في الشرع يفيد وضع المصحف أو غيره عند الطفل حديث الولادة إذا ترك وحده، ولعل هذا من عادات بعض الشعوب، وفي بعض البيئات لا يتركون المرأة حديثة الولادة أو مولودها وحدهما إلا إذا كان معها سكين أو سلاح أو بجانبها مصحف، وسبب ذلك هو الخوف من الجن والشياطين، والوقاية من هذه الأمور تكون بالاعتماد على الله تعالى والتوكل عليه، والتعوذ به من شرهم، وبالأدعية والأذكار المأثورة.
هذا وننبه إلى أن ترك الطفل الصغير وحده لا ينبغي لما في ذلك من التفريط فيه وخشية الضررعليه من التقلب والاختناق أو غير ذلك، وخاصة في أوقات النوم، أو إذا كان حديث الولادة، وانظر الفتوى رقم: 10632.
ووضع المصحف في غرفة أو مكان فيه مولود أو امرأة حديثة الولادة لا حرج فيه بشرط أن يكون في مكان محترم طاهر غير ممتهن، ولا يخشى عليه السقوط منه أو العبث به، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 25207.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1430(13/513)
دور الجدة في تربية أولاد ابنها،
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حدود الأم الشرعية فى البيت بعد زواج الابن، وزوجة الابن فى تربية الأبناء وأمي فى نفس البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي فهمناه أن سؤالك عن دور الجدة في تربية أولاد ابنها، وعليه فإنا نقول:
حضانة الولد والقيام على أمور تربيته وتعليمه, إنما هي على والديه ما دامت عقدة النكاح بينهما قائمة, وعلى ذلك فإن الرجل وزوجته أولى بأولادهما حضانة، وتربية، وتعليما، من غيرهما ولو كان الجد أو الجدة.
ولكن ينبغي التنبيه أن الأم إذا كانت مقيمة مع ابنها في بيته وأرادت المشاركة في تربية أولاده، أو القيام ببعض مصالحهم وما يعود عليهم بالنفع، فينبغي ألا يمنعها من ذلك, لما في منعها من كسر قلبها, وإلحاق الأذى بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1430(13/514)
حكم تأديب الولد إذا سرق بحرق يده
[السُّؤَالُ]
ـ[سرق أخي مبلغا ما من جدتي فسخنت شوكة على النار وحرقت له يده لكي لا يفعلها مرة أخرى. فما حكم هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التأديب بالنار لا يجوز لما في الحديث: لا يعذب بالنار إلا رب النار. رواه أحمد وصححه الألباني.
ولا شك أن الحرص على تهذيب أخلاق الولد أمر مهم جدا، ولكن ينبغي أن يعالج الأمر من جوانب عدة، فيتعين غرس القيم فيه والمبادئ والأخلاق، والتحذير من الأخلاق الذميمة، وينبغي كذلك أن توفر له حاجاته الضرورية حتى لا تتطلع نفسه إلى أخذ حاجته عن طريق الاختلاس، فإن الحاجة قد تدفع الولد للاختلاس على أهله وأخطر من ذلك الاختلاس من عند الآخرين، وصحبة الرفقة السيئة الإجرامية، ثم إذا تعهد الأهل ابنهم بالنصح ووسائل الإقناع والترغيب في الأخلاق الفاضلة، والترهيب من ضدها، ولم يجد ذلك نفعا، ولم يترك أثرا، فلا بأس باستخدام التأديب الجسدي بقدر الحاجة إن كان مجديا، أما إحراقه بالنار فلا يجوز للحديث الذي ذكرنا سابقا، وقد يكون سببا في أن يتربى على العنف وحب الانتقام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1430(13/515)
التربية الصحيحة للطفل الرضيع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في تكليم الطفل الرضيع عن أمور الدين أو إسماعه للقرآن أو الأحاديث. هل يستفيد من ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زمن الرضاعة يختلف مستوى الوعي والإدراك فيه عند الأطفال، ومن الملاحظ أن كثيراً من الأطفال في هذه الفترة يتابعون ما حولهم، فيتابعون حركات الوالدين وكلامهم، ويفرقون بين من يداعبهم ويبتسم لهم، وبين من ينتهرهم ويسيء إليهم. فآكد ما تنبغي العنابة به في هذه الفترة هو التربية بالقدوة، وتحصين الولد بالتعاويذ المأثورة.
وأما تفصيل أمور الدين فغالب الأولاد في هذه الفترة لا يستوعب ما يقال له، ولكن تعويده على ما يستطيع من الأعمال يكون له نفع وأثر طيب على مستقبل حياته، فتعويده على الأكل باليمين، والتسمية، والنوم على الشق الأيمن، وعدم الظلم والاعتداء على الآخرين أمر مهم، وإسماعه أصوات القراء المجيدين ترتاح له نفس الولد، كما أن اطلاعه على أفلام الفجور له أثر سلبي عليه أيضاً، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 65786.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1430(13/516)
حكم منع الولد من الخروج من البيت كعقاب
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ابنة تبلغ من العمر15عاما، طيبة القلب ولكنها لا تستجيب لتوجيهاتنا لها أنا وأبوها، حيث تقع في بعض المخالفات الشرعية وقد قمنا بنصحها عدة مرات، ولكن لا تستجيب وقد هددناها بأنها ستحبس بالبيت ولن تخرج إذا أتت بهذه الأعمال مرة أخرى، وبالفعل بعد إعطائها عدة فرص قرر والدها عدم خروجها من البيت، فهل ما نفعله صواب؟ وهل للوالدين أن يوقعوا مثل هذه العقوبات على أبنائهم لعدم استجابتهم لأمور الدين أم فقط يرشدوا ويعلموا ويتركوا الأبناء على راحتهم يستجيبوا أو لا يستجيبوا وهم في مثل هذا السن؟
وجزيتم خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن يكون العقاب هو نهاية المطاف وآخر الدواء بعد استفراغ الجهد في النصح والتعليم بالرفق واللين، وما دمتم قد بذلتم لابنتكم -هداها الله- ما يجب من النصح والتوجيه وهي لا تستجيب فلا حرج عليكم فيما اتخذتموه من قرار بمنعها من الخروج من البيت كعقوبة لها، فإن ولاية التأديب تثبت للأب على ولده، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: أن ولاية التأديب تثبت للولي بالولاية الخاصة، أبا كان أو جداً أو وصياً، أو قيماً من قبل القاضي لحديث: مروا أولادكم بالصلاة. انتهى.
بل الواجب عليكم هو أن تمنعوها وتحولو بينها وبين معصية الله سبحانه بما تستطيعون باليد واللسان وهذا من تمام النصح لها والرحمة بها، وقد قال الله سبحانه: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ. {النساء:11} .
قال السعدي رحمه الله: أي: أولادكم -يا معشر الوالدين- عندكم ودائع قد وصاكم الله عليهم، لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية، فتعلمونهم وتؤدبونهم وتكفونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله وملازمة التقوى على الدوام، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ. فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها فيستحقوا بذلك الوعيد والعقاب. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1430(13/517)
اقترف الفاحشة قبل البلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن ولد أقام علاقة جنسية في 8 من عمره، هل هذا حرام؟ وهل هناك شيء يفعله ليكفر عن ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام هذا الطفل لم يبلغ فليس عليه إثم، ولا يلزمه شيء بهذا الفعل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. رواه أبو داود وصححه الألباني.
لكن الواجب على ولي هذا الصبي أن يحسن تربيته، ويجنبه المعاصي، ويخوفه منها ويرغبه في الخير، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ. {التحريم: 6} .
وإذا فرّط الولي في ذلك فهو مسؤول أمام الله، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ........ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ ... متفق عليه.
وللفائدة عن كيفية تربية الطفل على الفضائل يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 100972، والفتوى رقم ... 21752.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1430(13/518)
هل يأثم الوالدان إذا ارتكب أبناؤهم المعاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري سبع عشرة سنة عندي سؤال: لو مثلا فعلت شيئا محرما هل يأثم الوالدان (الأم والأب) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في الشرع أن لا يحمل أحد ذنب أحد، قال تعالى: وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164}
وعن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: ألا لا يجني جان إلا على نفسه، لا يجني والد على ولده، ولا مولود على والده. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
لكن الواجب على الوالدين أن يحسنوا تربية أولادهم، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ. {التحريم:6}
فإن قصَّروا في التربية فهم مسؤولون، لقوله صلى الله عليه وسلم: كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْأَمِيرُ رَاعٍ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. متفق عليه.
كما أن الوالدين يأثمان إذا أعانا ولدهما على المعصية أو يسَّرا له أسبابها أو أقرَّاه عليها.
وننبه السائل إلى خطر التهاون في ارتكاب المعاصي ووجوب اجتناب المحرمات، ونوصيه بالحرص على مرضاة ربه حتى ينشأ في طاعة الله، فيكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ. متفق عليه.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 55875.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1430(13/519)
حكم توجيه التلاميذ إلى تخيل أنفسهم كأنهم ملائكة
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء الإفادة ... تفاجأت أم وهي تراجع مع ابنها درس الملائكة في الصف الثاني الأساسي بورود هذا السؤال
ونصه: تخيل نفسك ملاكاً، ماذا سترى، ماذا ستسمع، وبماذا ستشعر؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن مثل هذا السؤال مما لا ينبغي طرحه أياً كان الغرض من ورائه، ولا يليق بعاقل فضلاً عن مسلم أن يتعمد تخيل ذلك.. مما لا ينفعه ولا يمكن تحقيقه، وكان الأولى السؤال المباشر عن صفات الملائكة وأعمالهم ... ولا شك كذلك أن تربية الأطفال على الواقعية والتفكير العملي المثمر أجدى وأنفع.
هذا مع ما يمكن أن يحصل من تطلع الطفل إلى ما هو فوقه مما لا يمكن أن يكون، وهذا قد يعقبه تسخط على الواقع أو عدم رضا به، أو ازدراء لنعمة الله.. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1430(13/520)
إيصال الخير لقلوب الأولاد وتربيتهم على الفضيلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحدث أولادي عن الحبيب المصطفى لأزرع في نفوسهم حبه منذ الصغر، وكلما فعلوا شيئا خطأ من كلام لا يليق أو ما شابه أقول لهم -الله لا يحب ذلك والنبي قال هذا غير صحيح- وأذكر لهم آية أو حديثا ثم أشرحه بما يقاربه من كلام يناسب سنهم الصغيرة، فمثلا حين يسألون عن حساب الأطفال أقول لهم إن الله يحب الأطفال وأعطاهم العديد من الفرص قبل أن يسجل عليهم السيئات، ولكن عندما يكبرون الحساب يكون مختلفا وأصعب، وحين أحفظهم القرآن أستخدم كلمات مشابهة لألفاظ بعض الآيات لأسهل لهم التذكر (مثلا ابنتي تجد صعوبة في حفظ بعض كلمات سورة القدر فأقول لها تمر عندما تخطئ في كلمة أمر فتتذكرها بسرعة مما أدى لحفظها للسورة، وكذلك الحال بالنسبة للسنة المطهرة، فهل ما أفعله يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر السائلة الكريمة ونسأل الله تعالى أن يثيبها ويعينها على أداء هذا الواجب العظيم والمهمة النبيلة التي أهملها كثير من الآباء في هذا العصر، فرسالة الإسلام تفرض على الأبوين تربية أبنائهما على الفضيلة وغرس محبة الله تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين في قلوبهم النظيفة قبل أن تتلوث فطرتهم أو تجتالهم شياطين الإنس والجن، وستحصدين ثمرة ما بذرت في حياتك براً وإحساناً، وبعد مماتك دعاء وثواباً إن شاء الله تعالى..
قال ابن أبي زيد المالكي في رسالته: وأولى ما عني به الناصحون ورغب في أجره الراغبون إيصال الخير إلى قلوب أولاد المؤمنين ليرسخ فيها وتنبيههم على معالم الديانة وحدود الشريعة ليراضوا عليها وما عليهم أن تعتقده من الدين قلوبهم وتعمل به جوارحهم فإنه روي أن تعليم الصغار لكتاب الله يطفئ غضب الله وأن تعليم شيء في الصغر كالنقش على الحجر.
وليس من شك في أن الطريقة التي تستخدمينها لا تخلو من المزايا التربوية.. ولكننا ننبهك إلى أن كلمات القرآن الكريم لا يجوز بحال من الأحوال استبدالها بكلمة أخرى ولو كانت مرادفة لها في المعنى وأحرى إذا كانت مخالفة لها، وسبق أن بينا حكم نقل القرآن بالمعنى وذلك في الفتوى رقم: 116386.
وإن كان ما تفعلينه ليس من هذا الباب فيما فهمنا من السؤال، لكنه لا يخلو من إشكال فيتعين اجتناب هذا الأسلوب في تلقين القرآن والحديث، ولكن لا مانع من استخدام الإشارة إلى المعنى والنطق بحرف من الكلمة للتذكير أو ما أشبه ذلك من الوسائل التي يكتشفها المربي بشرط ألا يكون فيها تبديل للفظ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1430(13/521)
أصول تراعى عند تحفيظ الصغار القرآن الكريم
[السُّؤَالُ]
ـ[دلوني على طريقة حفظ القرآن الكريم للأطفال عمرهم 4 سنوات ونصف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تعليم الصغار وتحفيظهم القرآن من أجل المهام، وأشرف الوظائف، وصاحب هذه المهمة على ثغر عظيم، وحسبه شرفاً وفضلا قول النبي صلى الله عليه وسلم: خيركم من تعلم القرآن وعلمه. رواه البخاري.
فتعليم الأطفال في هذه السن ينبغي أن يكون مصحوبا بالاحتساب والإخلاص، وسؤال الله المعونة، فإنه إن لم يعن العبد لم يستطع إنجاز ما يريد، وها هنا أصول كلية ينبغي مراعاتها عند تعليم الصغار ننبهك عليها عسى أن ينفعك الله بها:
أولاً: الرفق، فإنه ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، فلقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه. وإذا كان الرفق مأموراً به في الأحوال كلها فهو مع هؤلاء الصغار آكد وأولى أن يعتنى به.
ثانياً: لا بد من إيجاد جسر من التواصل بينك وبين هؤلاء الصغار، فيحبونكِ ويتقبلون منكِ ما تلزمينهم به، وذلك يكون بتشجيع المثيب منهم، والعفو والصفح عن المخطئ، إن لم يتكرر منه الخطأ، فإن حب الصغير لمن يعلمه أكبر حافز له على البذل والإنجاز.
ثالثاً: البدء بقصار السور التي يسهل على الصغار تلقنها في هذا السن، وعدم الإثقال عليهم وتحميلهم ما لا يطيقون، ومداومة تشجيعهم كلما أحسنوا أو حفظوا جديداً.
رابعاً: كثرة التكرار فإنه مما تثبت به الآيات في الذهن وتستقر به في القلب.
خامساً: إيجاد بعض المسابقات، وإعطاء جوائز للمتفوقين الذين يظهرون تقدماً في الحفظ، فإن ذلك يشجع أقرانهم على الاقتداء بهم.
سادساً: عدم إملالهم وإضجارهم، بل يعطون مساحة للعب واللهو المباح لمن هم في مثل سنهم.
سابعا: وهو أصل الأصول وبه قدمنا الاستعانة بالله عز وجل والتوكل عليه والإخلاص له والاحتساب في التعليم، والعلم أن معلم القرآن على ثغر عظيم وله من المثوبة ما لا يخفى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1430(13/522)
تربية الطفل من صغره على الأخلاق الفاضلة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن أن أربي ابني (سنتان) على الإخلاص منذ السنوات الأولى له؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الاهتمام بتربية الأولاد وتنشئتهم على منهج النبوة من أعظم مهام الوالدين، وذلك مما ينفع في دينهما ودنياهما، أما عن سؤالك فالأصل أن تعليم الأولاد العبادات يبدأ بعد سن التمييز، كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتعليمهم الصلاة لسبع سنين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أبو داود وصححه الألباني.
ولكن يحسن أن يتربى الولد من صغره على الأخلاق الفاضلة والعادات الحسنة، وأهم ما ينبغي أن يتربى عليه الطفل في صغره، الصدق فهو مفتاح كل خير، وتربية الطفل على الصدق تكون بتحري الوالدين للصدق مع الطفل، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 52077.
وعلى العموم فإن تربية الطفل وخصوصاً في صغره تكون بإظهار القدوة الحسنة والأخلاق الفاضلة في محيطه، فقد قال أهل التربية إن التهذيب بالأعمال خير من التهذيب بالأقوال. ولمعرفة المزيد عن كيفية تربية الطفل على الفضائل يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 100972، والفتوى رقم: 21752.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1430(13/523)
تربية الأطفال بأسلوب غضبي لا يهذب أخلاقهم
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي هي الصراخ أعلم أنه ليس للمرأة أن ترفع صوتها ولو بذكر الله، وكل مرة أقول مع نفسي لن أعيدها لكن مع أطفالي يأتي ظرف وأصرخ دون شعور حتى أن زوجي لا يحبذ هذا الأمر.
أولا: أرجو النصح فإني أخشى أن يؤثر هذا على أطفالي، وثانيا: هل تصرفي يجعلني مذنبة? وجزاكم الله عنا كل خير ورحم الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم أينما كانت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي للمرأة أن ترفع صوتها لغير حاجة فإن هذا يتنافى مع كمال الأدب الذي ينبغي أن تكون عليه، ويتأكد خفضها من صوتها إن كان زوجها يكره رفعها له، واعلمي أن العصبية في مواجهة تصرفات الأطفال قد تضر أكثر مما تصلح بل قد تؤدي بالطفل مستقبلا إلى عدم المبالاة بغضب أمه وعودته إلى تكرار الخطأ مرة أخرى، بل وربما كرهها وكره سماع كلام أو توجيه منها.
وانظري إلى هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواجهة أخطاء الأطفال، روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين والله ما قال لي أف قط، ولا قال لي لشيء لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا. وهذا من سر النجاح في تربية الأولاد، وبدلا من العصبية ينبغي استغلال الموقف في التوجيه إلى الصواب فهذا أدعى لاستقرار التوجيه في النفس واستفادة الطفل منه، وقلما ينجح من هو عصبي في تربية أبنائه التربية الحسنة.
ومجرد رفع الصوت لا يلحقك منه إثم بإذن الله تعالى، وراجعي بعض الأفكار في تربية الأطفال بالفتوى رقم: 13767.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1430(13/524)
كيف تقسم الأم الوظائف المنزلية على البنين والبنات
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلدنا في الشمال الإفريقي تشيع التفرقة بين الذكر والأنثى، فنجد البنات يقضين النهار في تنظيف البيت ومساعدة الأم (بالإضافة لمشاغل الدراسة) والعكس تماما للأولاد فهم يقضون الوقت بين الترفيه والأصحاب وما شابه. أنا الآن أم لبنات وأولاد وأريد أن أعدل بينهم. فهل لو طلبت من بناتي دون الأولاد أن يساعدنني بشكل دوري (تنظيف المطبخ ودورات المياه وغرف النوم والغسيل) أكون دخلت في مظنة الظلم. وهل يجوز أن تأمر الوالدة بناتها وعليهن الطاعة دون سؤال؟ أفيدوني بالرأي الشرعي في تنظيم أمور البيت بين جميع أفراده ومن يجب عليه أمور التنظيف والطبخ وغيره بحسب ما حدد الشرع. أريد أن يقوم بيتي على العدل والبركة. أفادكم الله ولا أريد أن يقع ظلم على أي منهم خصوصا البنات لأنه شاع ظلمهن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطلبك من بناتك دون أبنائك أن يساعدنك في تنظيم البيت وشؤونه ليس من الظلم لهن في شيء، ذلك أن البنات عما قليل سيصبحن زوجات يناط بهن خدمة بيوتهن والقيام على شؤونها، لأن النبي جعل على المرأة الخدمة الباطنة داخل البيت، وجعل الخدمة الظاهرة خارجه على الرجل، قال ابن حبيب في "الواضحة": حكم النبي صلى الله عليه وسلم بين على بن أبى طالب رضي الله عنه، وبين زوجته فاطمة رضي الله عنها حين اشتكيا إليه الخدمة، فحكم على فاطمة بالخدمة الباطنة، خدمة البيت، وحكم على علي بالخدمة الظاهرة، ثم قال ابن حبيب: والخدمة الباطنة: العجين، والطبخ، والفرش، وكنس البيت، واستقاء الماء، وعمل البيت كله. انتهى.
وإذا ثبت أن هذا واجب عليها عندما تصير زوجة، فينبغي إذاً تدريبها على ذلك قبل زواجها؛ لأنها إذا تزوجت ولم تحصل الخبرة المطلوبة في ذلك، فإن ذلك سيعرضها لمشكلات عريضة، وقد رأينا كثيراً من البيوت ينفرط عقدها ويتفرق اجتماعها ويتشتت شملها بسبب ضعف خبرة المرأة في القيام بشؤون بيتها.
ولقد عهد في أحكام الشريعة المباركة أن الشرع يعتبر المآلات ويسد الذرائع، ولا شك أن زواج المرأة دون تمرسها في أمور إدارة بيتها ذريعة قوية للفساد والشقاق، فينبغي سدها حينئذ وذلك بتدريبها على ذلك وهي في بيت أبيها، كذلك عهد في أحكام الشريعة المباركة تدريب الصبيان على العبادة قبل حضور أوان التكليف بها وهو البلوغ، والحكمة من ذلك أنه إذا ما بلغ الصبي واشتغلت ذمته بالتكاليف كان مستعدا لها آخذا بأسباب الاستجابة، فقد روى أبو داود في سننه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. وقال الألباني: حسن صحيح.
وكذلك تعويدهم الصيام فعن الربيع بنت معوذ في حديث صوم يوم عاشوراء ... وفيه: ونصوم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار.
قال ابن حجر معلقًا على حديث الربيع: وفي الحديث حجة على مشروعية تمرين الصبيان على الصيام، كما تقدم لأن من كان في مثل السن الذي ذكر في الحديث فهو غير مكلف. انتهى
وقال النووي: وفي هذا الحديث تمرين الصبيان على الطاعات وتعويدهم على العبادات لكنهم ليسوا مكلفين. انتهى.
ومن هذا الباب تعويد الفتاة وهي في بيت أبيها على أمور الخدمة حتى إذا ما تزوجت مارست واجباتها بيسر وحذق.
ويجب على البنت أن تطيع أمها عندما تأمرها بذلك؛ لأن طاعة الوالدين واجبة في المعروف، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين، وهو ظاهر إطلاق أحمد، وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر، فإن شق عليه ولم يضره وجب وإلا فلا. انتهى.
وقال ابن الصلاح في فتاويه: وربما قيل طاعة الوالدين واجبة في كل ما ليس بمعصية، ومخالفة أمرهما في كل ذلك عقوق، وقد أوجب كثير من العلماء طاعتهما في الشبهات.
أما بالنسبة للأبناء فيمكن للوالدين استخدامهم في الخدمة التي تتعلق بخارج البيت من إحضار الحاجات وشرائها، وكذا مشاركة الأب فيما لو كان له عمل يحتاج فيه لمساعدة، كأمور التجارة ونحو ذلك، وكذا يمكن تدريبهم على تعلم بعض الأعمال والصناعات والعلوم التي تعينهم على القيام بأعمالهم ومسؤولياتهم مستقبلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1430(13/525)
السنة النبوية تحوي منهجا متكاملا في تربية الأطفال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في تربية الطفل، سمعت فيما معناه دللوهم لسبع وأدبوهم لسبع وعلموهم لسبع ... فهل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فإن السنة النبوية مليئة بالأحاديث التي تحث على تربية الأطفال وتعليمهم ... وتبين كيفية ذلك، فمن ذلك ما رواه أبو داود وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع.
ومنها قوله لطفل يعلمه آداب الطعام: ... سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك. رواه مسلم وغيره. ومنها قوله لآخر: ... يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك ... الحديث رواه الترمذي وغيره.
وأما الكلام الذي أشار إليه السائل الكريم فلم نقف عليه في شيء من كتب السنة، وإنما هو من الحكم التي رويت عن السلف ونسبها بعضهم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه بلفظ: لاعب ابنك سبعاً، وأدبه سبعاً، وآخه سبعاً، ثم ألق حبله على غاربه. وفي صحة نسبته إليه نظر كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 16862.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1429(13/526)
حكم نوم الرضيع بين أبويه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الحرام أن ينام الرضيع بين الأب والأم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل جواز نوم الرضيع بين أبويه، ولا حرج في ذلك إن شاء الله إلا إذا كان يترتب عيه مانع خارج كالخوف عليه من أذية أحدهما بتقلب أو غيره وقت النوم، وقد كره بعض أهل العلم نوم الأطفال مع الزوجين وقت الجماع ولو كانوا رضعا، وسبق ذلك في الفتوى: 111569.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1429(13/527)
آثار إهمال الأب الأسرته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من حديث نبوي أو آيات قرانية تعطي الحق للوالد بقهر الابن وعدم الاهتمام بمطالب الأسرة، هل المعاملة بالمثل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم آية أو حديثا يدل على أن الأب يحق له إذلال ابنه وقهره، بل ينبغي للأب معاملة ابنه معاملة حسنة ويعينه على البرور، ولا يتصرف بما يؤدي إلى عقوق الابن بوالده.
وإذا كان عدم اهتمام الأب بالأسرة بمعنى تضييعه لحقوق واجبة عليه كالإنفاق على زوجته وأولاده قبل سقوط نفقتهم ونحو ذلك من الواجبات، فهذه معصية شنيعة، وعلى الأب أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى ويقوم بما يلزمه من حقوق تجاه أسرته وعياله، ويتأكد نصحه وتذكيره بخطورة ما أقدم عليه. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 80914.
وإن كان المقصود بالمعاملة بالمثل معاملة الابن أباه بالقهر وتضييع الحقوق كما يفعل الأب، فالجواب أن ذلك لا يجوز، بل الواجب على الابن برور أبيه وحسن صحبته والإحسان إليه، ويحرم عليه أن يعامله بما يؤذيه من قول أو فعل، فعقوق الوالدين من كبائرالذنوب؛ كما تقدم فى الفتوى رقم: 99048.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1429(13/528)
ضرب التأديب مقيد بوصف السلامة
[السُّؤَالُ]
ـ[سادتي الأفاضل بارك الله فيكم أرجو أن يتسع صدركم لي (أختي تضرب بنتيها ضربا مبرحا شديداً جداً لأتفه الأسباب عمرهما 8 و6 سنوات، وأن إحداهما كسرت شيء مثلا قامت الدنيا ولا تقعد وقد يكون شيئا تافها مع الدعاء عليهن بأبشع الميتات أضف إلى ذلك السب والشتم وكم نصحتها بالترفق والتلطف ولكن بدون فائدة وأنا لدي ولدان تقريبا في نفس السن لا أشتم أحداً منهم وإن فعل أحدهما شيئاً أو كسره أقول له قدر الله وما شاء فعل وأهدئ من روعه وأحاول أن أعاملهم بالحسنى والرحمة واللين ولا أشد عليهما إلا نادراً) ، فهل لي من أجر على ذلك؟ شكراً جزيلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أهل العلم يقولون بجواز ضرب الأب أو الأم أولادهما للتأديب، ولهم على ذلك أدلة منها: قوله صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أبو داود. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بضربهم لترك الصلاة، وفي هذا الضرب تأديب لهم، ولكن أهل العلم يقولون: إن ضرب التأديب مقيد بوصف السلامة، فلا يجوز الضرب الذي يؤدي للضرر والتلف.
وينبغي للأب أو الأم عند ضرب الأولاد مراعاة الأمور الآتية:
أولاً: أن لا يضرب الوجه، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، ولا يقل: قبح الله وجهك. رواه أحمد، وهو في الصحيحين بألفاظ أخرى.
ثانياً: أن لا يضرب في مكان مهلك أو متلف كالرأس والمذاكير، والبطن، أو ما شابه ذلك.
ثالثاً: أن لا يؤدب وهو غضبان، لأن الغضب قد يخرج صاحبه عن السيطرة على نفسه، فمن ضرب أولاده لتأديبهم ملتزماً بالضوابط المذكورة، فلا إثم عليه.
فتبين بهذا أن ما تفعله أختك من ضرب مبرح لأولادها غير جائز شرعا، مع ما يسببه ذلك للأولاد من أذى نفسي ومعنوي قد يطول أثره، فهذا يؤثر بلا شك على شخصياتهم واتزانهم النفسي، وما تفعله أختك من دعاء على أولادها الصغار بأبشع الميتات ونحو ذلك فهو حرام لا يجوز، فقد أخرج مسلم وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم.
وأما ما تفعله أنت من رحمة بأطفالك وشفقة عليهم، فأنت مأجور عليه إن شاء الله، فهذه هي أخلاق الإسلام وهذا هو هدي الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الصغار، ففي الحديث المتفق عليه عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء أعرابي إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: تقبلون الصبيان فما نقبلهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة.
ولكن ينبغي أن تراعي التوازن في الأمور فلا تغلب جانب الحزم على اللين، ولا جانب اللين على الحزم، مع المحافظة على أن يكون الأصل في التعامل هو الرحمة واللين.
وليعلم الآباء والأمهات أن الأبناء أمانة في أعناقهم، وأنهم مسئولون عن هذه الأمانة أمام الله سبحانه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ألا كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم.... الحديث رواه البخاري ومسلم. ولقد حذرنا نبينا من تضييع هذه الأمانة، فقال صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه البخاري ومسلم، وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 98417، 53765، 17078، 68992.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(13/529)
حكم محاباة الأب لأحد أولاده في العطية والعطف والحنان
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أربع إخوة متزوجون جميعا ماعدا أخي الأصغر بعد أن خرج أبي على المعاش أنفق تقريبا معظم أمواله التي قبضها من المعاش وهي مبلغ كبير في تزويج أخي الأصغر من شراء شقة تمليك له وأثاث وشبكة وكل شيء تقريبا وهو لم يفعل مثل هذه معنا أنا وإخواني بالإضافة أنه يصرف عليه ببذخ ولا يؤخر له أي مطلب خصوصا في الفترات التي يكون عاطلا فيها عن العمل ولا يدفعه أن يبحث بجدية عن عمل وذلك بتوفير كل سبل الحياة والرفاهية له وهو لا يعمل. وإظهار حبهم واهتمامهم الزائد له ولأولاده دوننا أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتسوية بين الأولاد في العطية واجب على الآباء والأمهات؛ لحديث: فاتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري.
فإن وجد مسوغ شرعي للمفاضلة في العطية فلا مانع منها؛ كأن يكون الولد فقيراً أو محتاجاً أو يكون في غيره فسوق، وإلى هذا ذهب طائفة من أهل العلم، جاء في الإنصاف: إن أعطاه لمعنى فيه من حاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عائلة، أو منع بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يعصي الله بما يأخذه ونحوه جاز التخصيص. انتهى.
فإذا احتاج أحدهم إلى نفقة خاصة مثلا ودفعها الأب إليه، فليس عليه أن يعوض بقية أبنائه ما زاد على نفقات بعضهم نظراً لحاجة من أنفق عليه. لما في ذلك من الحرج ولأنه ليس المقصود أصلاً تفضيل بعضهم على بعض. ولعل من ذلك ما ساعد به الأب ابنه الصغير في زواجه، لكن عليه أن يدع تفضيله إياه ومحاباته له في العطف والحنان؛ لأن ذلك يؤثر على باقي أبنائه فيحسدون أخاهم، كما حدث لأخوة يوسف معه لما رأوا أنه أحب إلى أبيهم منهم.
وعليه أن يعطي باقي أبنائه كما يعطي لأخيهم إلا لمسوغ معتبر كما ذكرنا، فينبغي تنبيهه إلى ذلك، وأنه يحرم عليه أن يفاضل بين أبنائه في العطية كما يمكن تسليط بعض الدعاة وطلبة العلم وذوي الصلاح عليه ليبينوا له ذلك ويأمروه بالمعروف وينهوه عن المنكر.
وللمزيد من التفصيل والوقوف على أقوال أهلم العلم في ذلك نرجو الاطلاع على الفتويين رقم: 6242، 23307.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1429(13/530)
منع الأولاد من الحرية.. رؤية واقعية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أب حرم أبناءه من الحرية، فأفيدوني بالنصائح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمفهوم الحرية الذي تقصده غير واضح لنا، ويتوقف الجواب على فهم المراد من هذا المصطلح, فإن كثيراً من الناس يطلق هذا المصطلح ويقصد به الانطلاق في إجابة داعي الهوى وتلبية رغبات النفس الأمارة, وتحصيل شهواتها سالكا في ذلك كل طريق, لا يبالي أوافق هذا الحق أم خالفه, أأرضى الله أم أسخطه، فكل همه هو تلبية شهوات نفسه وأهوائها في الميل مع الشهوات المحرمة كالزنا وشرب الخمر والقمار والاحتكار والتبرج ومجالسة أصدقاء السوء ونحو ذلك، وهذا هو اتباع الهوى المذموم في كتاب الله وعلى لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- قال سبحانه: فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى {النساء:135} , وقال سبحانه: وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ {ص:26} , فإن كان السائل يقصد أن الأب منع أولاده من مثل هذه الحرية، فنعم ما فعل وهو مأجور عند الله سبحانه, وهو ممن حفظ أمانة الله ولم يضيعها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذى على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم. رواه البخاري ومسلم.
وأما إن كان قصد السائل من الحرية هو حرمان الأولاد من حقوقهم وما أوجبه الله لهم, فهذا نوع من التقصير وهو مسؤول عنه أمام الله لأن للأولاد حقوقا عظيمة على آبائهم.
ومن هذه الحقوق: أن يُحسِن تربيتهم، ويتعاهدهم، وأن يحرص على وقايتهم مِن أسباب الهلاك والعَطَب في الدنيا والآخِرة, ومنها: أن ينفق على الصغير الفقير من الذكور وعلى الإناث حتى يتزوجن بالمعروف من غير إسراف ولا تقصير، لأن ذلك من حق أولاده عليه، وهو من شكر نعمة الله عليه بما أعطاه من المال، وكيف يمنعهم المال في حياته ويبخل عليهم به ليجمعه لهم فيأخذونه قهراً بعد مماته, ويدخل في أمر النفقة: أن يُطعِمه ويكسوه مثل ما يُكسَى من هو مثله , وأن يُوفِّر له المسكن حسب القدرة وجريان العرف.
فعلى الأب أن يتقي الله سبحانه في أولاده وأن يتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أبو داود وغيره وحسنه الألباني.
ومما ينصح به الآباء في هذا المقام أن يشاوروا أبناءهم لأن الشورى خلق قرآني عظيم، قال سبحانه لسيد البشر صلى الله عليه وسلم: وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْر ِ {آل عمران:159} ، وقال سبحانه في صفات المؤمنين: وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ {الشورى:38} ، ويتأكد أمر الشورى فيما يخص الأمور الكبيرة في حياة الأولاد والتي تكون من أسباب استقرار حياتهم في المستقبل, كأمور الزواج مثلاً, فليس للأب أن يجبر ابنه على الزواج من فتاة لا يريدها, وليس للأب أن يجبر ابنته على الزواج من رجل لا ترضاه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر يستأذنها أبوها في نفسها وإذنها صماتها. رواه مسلم وغيره.
وفي النهاية ننبه على أن تقصير الآباء لا يبرر عقوق الأبناء لهم بأي حال من الأحوال، وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 15008، 96071، 78616.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1429(13/531)
اغتسال البنين مع البنات.. ضوابط أخلاقية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب في أن أعرف ما الحكم في الأم التي يكون عندها أطفال، ولد عنده 4 سنوات ونصف، وبنت 3 سنوات وتجلس في البيت على راحتها معهم في ثيابها بمعني أن ترتدي القمصان المكشوفة من الصدر. فلا تدري هل فيه حرج من الناحية التربوية بالنسبة للأطفال ومتى يكون مسموحا أو غير مسموح؟
وهل يجوز أن يستحم الولد والبنت معا في بعض الأوقات عندما تكون الأم ليس لديها الوقت لأن تغسل الأم لكل واحد بمفرده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيختلف حكم التكشف أمام أولادك حسب حصول التمييز والإدراك أو عدمه؛ فمن كان دون سن التمييز وكان لا يعقل معنى العورات، فإنه لا شيء على الأم في ظهور بعض جسدها أمامه، لأنه لا تكليف عليه. قال القرطبي: (وهو الصحيح) وقال بعض العلماء: لا يجوز، وهو أحوط، ليعتاد الطفل على عدم رؤية العورات. وراجع الفتوى رقم: 12966.
ومن كان مميزا ولا شهوة له، فالعورة معه ما بين السرة والركبة، ومن كان مميزاً يعرف النساء وله شهوة، فلا تبدي أمامه غير الوجه والرقبة واليد والقدم والرأس والساق ونحو ذلك مما يبدو عادة من المرأة في بيتها أمام محارمها، وهذا من باب تأديب الصغار بالآداب الشرعية التي تغرس في نفس الطفل الأخلاق الكريمة والسلوك القويم، ولاشك في أن إهمال ذلك له آثاره السيئة في التربية بالنسبة للأطفال؛ وراجعي الفتوى رقم: 18585، والفتوى رقم: 599، والفتوى رقم 19146.
وأما اغتسال البنين مع البنات وهم في مثل هذا السن فهو جائز لأنهم لا عورة لهم، لكن ينبغي مع مقاربة سن السبع سنوات تعويدهم على الأدب وعلى استقلال كل جنس في هذه الأمور، إذ أن الشرع قد ورد بالأمر بالتفريق بينهم في المضاجع عند بلوغ السبع سنين، كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عمر، مرفوعا: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع، فمن باب أولى أن يفرق بينهم في حال الغسل لأن التكشف فيه حاصل قطعا، بينما المنهي عنه إنما هو لأجل أن الاجتماع في المضجع مظنة التكشف.
وهذه التفرقة المذكورة تشمل الجنس الواحد كالابن مع جنسه من البنين، أو البنت مع جنسها من البنات، أما بشأن البنت مع الذكور فمن باب أولى.
قال في مواهب الجليل في شرح هذا الحديث: وَأَرَى أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا جُمْلَةً وَسَوَاءٌ كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا فَإِنْ عَمِلَ بِذَلِكَ لِسَبْعٍ حَسُنَ، وَإِنْ أَخَّرَ لِعَشْرٍ فَوَاسِعٌ. اهـ
والواجب على الوالدين أن يبعدا أبناءهما عن كل ما يفسد أخلاقهم ويقلب فطرتهم، لا سيما في هذا الزمن الذي انتشرت فيه الرذيلة والفساد، وأن يحرصا كل الحرص على تربية الأولاد وتعليمهم من الصغر على تطبيق تعاليمه السمحة، فالتعليم في الصغر كالنقش في الحجر، وصرف الوقت في ذلك ربما يكون أهم وأولى من صرفه في غيره من كثير من الأمور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1429(13/532)
الأولاد يربون على حب وبر أبويهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طلقت من زوجي عندما شعرت أنني لا أطيق أن أتحمل تصرفاته وتنازلت عن كل حقوقي وأنا لدي بنت منه وهو لديه ولدان من زوجة أخرى، كثير من الناس يلومونني لأنه من محافظة أخرى يقولون إن البنت سوف لن تعرف أباها ولا إخوانها، وأنا لا أستطيع العيش معه لأنه إنسان حاد الطباع وليس لسبب آخر، وأنا لم أمنعه من رؤية ابنته فماذا أفعل وكيف أستطيع أن أقرب البنت من أبيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك هو تربية البنت تربية صحيحة وتعليمها أحكام دينها وتنشئتها على البر وحب الوالدين وصلة الرحم الواجبة، وعدم منعها من زيارة والدها إن استطاعت ذلك بلا ضرر عليها.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقارم التالية: 65595، 1307، 71641.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1429(13/533)
مدى مسؤولية الأب عن تصرفات أولاده المنكرة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي ترددت كثيرا قبل أن أستشيركم لكي لا أخرج من طابور الصابرين.
أنا متزوجة منذ ما يزيد عن 13 سنة أحمد الله أن رزقني بالزوج الصالح ولزوجي ابنان، عندما التحقت بزوجي إلى إيطاليا منذ 10 سنوات قررت أنا وزوجي أن أستقدمهم لبيتنا كان عمر الأول 14 عاما والثاني 8 سنوات ونصف..
سيدي ما قمت به خالص لوجه الله ويشهد الله أني ما عنفتهم إلا على الدراسة والنظافة مع التربية على الصلاة....
اليوم الأكبر خرج من المنزل بعد أن استنفذ معه زوجي كل الطرق ليعود عما هو فيه من ضلالة من تعاطي المحرمات و ... سجن 3مرات
الثاني كلما وجد مصدرا للرزق خرج من المنزل لشهور وعندما يفلس يعود على أنهم ما أعانوا أباهم قط بل بالعكس هم يأخذون منه سيدي سابقا ما كنت أتدخل لكن اليوم أصبح أبنائي يلاحظون ويتأثرون وهم في سن 12 و7 عاما وحوالي سنتين، سيدي درءا لمصالح أبنائي التربوية ولأنه كلنا راع وكلنا مسؤول عن رعيته اتخذت بعض الإجراءات في منزلي كتشفير الكمبيوتر والتلفاز ومنع التفرج على الأفلام.... ثم الابن 19 عاما جعلت له وقتا محددا لدخول المنزل الساعة 9 مساء وكذلك أشرت على زوجي بأن لا يعطيهم النقود لأنهم يستعملونها في المنكرات ونحن لا نريد أن نأثم بذلك أمام الله.
السؤال هل تصرفي صحيح شرعا أم أني أخطات.....
سيدي أرسلت هذا السؤال لعدة مواقع ولم أتوصل بجواب. الآن حتى الابن الثاني سار في طريق أخيه الأكبر وهم لا يبالون بالمصيبة التي هم فيها وزوجي أصبح لا ينام يخاف على الصغار ويخاف أن يسأل أمام الله عن الكبار، السؤال هل شرعا يجوز لي أن أمنعه من السكن معنا وبالنسبة لزوجي هل هو مؤاخذ على أعمالهم أقسم أنه لو لم يكن لدي أبناء أخاف عليهم لصبرت واحتسبت لكن الخوف من أن يعايش أبنائي هذا الواقع وتصبح عندهم هذه المصائب عادية ويسيروا على نهجهم والعياذ بالله، أفتوني جزاكم الله خيرا.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يهدي هؤلاء الأولاد وأن يردهم إلى صوابهم، وقد أحسنت بما قمت به من تشفير الكمبيوتر والتلفاز ومنع هؤلاء الأولاد من التفرج على الأفلام، ولا يجوز لأبيهم أن يعطيهم شيئا من المال إن كانوا يستعينون به على فعل المنكرات.
وينبغي لزوجك الحزم معهم مع شيء من اللين حسب ما تقتضيه الحاجة والمصلحة، ويجب عليه أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، فإن قام بذلك كما يجب فهو غير مؤاخذ بعد ذلك على أعمالهم، ولكن لا يجوز له أن يسمح لهم بفعل شيء من المنكر في بيته خاصة، وأن ذلك قد يؤثر على أخلاق هؤلاء الصغار.
ولا يلزمك شرعا الموافقة على سكن هذين الولدين في بيتك، وننبه إلى أن الغالب أن يكون للإقامة في بلاد الكفر أثر على دين الأولاد وأخلاقهم، فننصح بالعودة بهم إلى بلاد المسلمين والإقامة فيها فهذا من خير ما يعين في إصلاحهم وتربيتهم على الخير، ولمزيد الفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1429(13/534)
وسائل نافعة في تربية الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أم لولد وبنتين أتمنى وكم تمنيت أن يكون ولدي صالحاً وأن يكون له شأن عظيم في نصرة الإسلام والمسلمين وأن يكون عالماً جليلا إن شاء الله يا رب ادعوا لنا بالتوفيق فأرجو أن تفيدوني بخطة أو برنامج أتبعها لتربية أولادي تربية صالحة فالحة ناجحة وكذلك التربية النفسية؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الموضوع موضوع مهم، ونشكرك على الاهتمام به، فتربية الأبناء على هذا مسؤولية على الأبوين يتعين البحث عن وسائلها الناجحة، وقد سبق لنا في ذلك عدة فتاوى، فانظري منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17078، 21752، 55386، 59910، 71778.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1429(13/535)
خطط مقترحة لتحبيب الأولاد في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف حلا لمشكلة ترك الصلاة من طفل في الصف السادس الابتدائي لأني حاولت إقناعه بشتى الطرق ولكني ما استطعت. وهو يسمع كلام أبيه وأمه عندما يكونا متواجدين، لكن عندما يذهبان يتكاسل عن الصلاة.
هل من الممكن أن تدلوني على طريقة لإقناعه بها لكي يحب الصلاة ولا يتركها نهائيا؟ وشكراً.. وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الولد قد بلغ السن التي يؤمر فيها الصبي بالصلاة، بل والضرب عليها إن تركها، فعلى وليه أن يأمره بالصلاة ليتعود عليها ويرغبه فيها بمختلف أنواع الترغيب، لأن الصبي إذا لم يعتد على الصلاة قبل البلوغ فإنه يُخشى من تكاسله عنها عندما يبلغ ويكون مكلفاً، والذي ننصح به لمعالجة عزوف الطفل عن الصلاة هو استعمال الرفق معه وتحبيب الصلاة إليه، وذكر فضلها ومكانتها وذلك بمدحه والثناء عليه إذا صلى واصطحابه إليها، ومحاولة ربطه بالصلاة في مواعيده وأعماله اليومية في الإسلام، فإن لم يفد معه ذلك فليضرب ضرباً غير مبرح فيما يتعلق بصلاة الفرض، وهذا الضرب -كما ذكر الفقهاء- مشروع إذا كانت له فائدة لأن من الصبيان من لا ينفع معه الضرب ومنهم من يفيد معه، فإن لم يفد لم يشرع، وهذا كله فيما إذا كان هذا الصبي لم يبلغ، أما إذا بلغ فالصلاة واجبة عليه وتركها من أعظم الكبائر فيحرص على نهيه عن هذا المنكر، ولمعرفة علامات البلوغ تراجع الفتوى رقم: 10024.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 105909، 102666، 13767.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1429(13/536)
من وسائل تربية من أصبح في سن المراهقة
[السُّؤَالُ]
ـ[في البداية, أطلب من الله تعالى أن يجزيكم خير الجزاء على هذا الموقع الذي تعلمنا معه الكثير ... أنا أم لثلاثة أبناء ونعيش كلنا في فرنسا مشكلتي مع ابنتي الكبرى 13سنة أنا كنت أثق فيها ثقة كبيرة, كل الذي كان يزعجني هو أنها كانت تتهاون بعض الشيء مع الدراسةَ "نتائجها لا بأس بها, إلا أنها كان بإمكانها أن تحصل على نتائج أفضل وبشهادة معلميها"، لكن هذا العام "وهي في السنة الثانية إعدادي" ابنتي أصبحت غريبة عني, رغم أني كنت أعتقد أننا قريبتان من بعضنا البعض, فنتائجها المدرسية تدهورت كثيرا, واكتشفت أنها أخفت عني النتائج الرديئة بل وقامت بإمضائها مكاني "اكتشفت هذا بالصدفة" بدأت أفقد الثقة فيها وبدأت أبحث في أوراقها الخصوصية وفي غرفتها, وجدت أنها مغرمة بالممثلين والممثلات الغربيات وتتمنى لو كانت إحداهن!!! ولاحظت أيضا أنها تسرقني!! نقود قليلة لكنها سرقة مع أني أعطيها مصروفا شهريا!! وأيضا أصبحت تتمرد كل مرة للذهاب لتعلم اللغة العربية رغم أنها كانت الأولى في القسم في السنوات الماضية, تقول إن هذا شيء ممل وأصبحت لا تصلي إلا لأني آمرها أو أبوها بذلك رغم أنها بالغة, وقالت لي مرارا أنه ليس لها عشيق فقط لأنها تخاف مني!! عندما أكلمها عن الجنة والنار تخاف, لكن سرعان ما تعود إلى البنت التي تعيش في الأحلام وليس لها علاقة مع الواقع, أحس أنها تتمنى أن كانت غير مسلمة لتقوم بكل ما هو محظور هي التي كانت جد مفتخرة بدينها وكانت تقول لي إن أمنيتها هي ارتداء الحجاب والآن لا تفهم وتغضب لأني لا أريدها أن تلبس الملابس الخليعة!!! وزوجي لا يساعدني كثيراً في الأمر, فهو رغم لطفه الشديد تارة إلا أنه لا يتمالك أعصابه إن أخطأت خطأ ولو بسيطا وربما يضربها ضربا مبرحا, وفي الأمور التي في اعتقادي توجب التأنيب "لأني ضد الضرب" يقول لي اتركيها فهي لا زالت صغيرة!!! ماذا أفعل، فهل أخطأت في ثقتي بها أنا حائرة أخاف عليها منها وأريد منكم أيضا نصيحة لزوجي لتحسين معاملته معها؟ جزاكم الله عنا خير الجزاء وآسفة على الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فلا شك في صعوبة التعامل مع من هو في هذه السن، نتيجة لما من يشهده من تغيرات جسمية ونفسية، ولذلك اهتم الباحثون والمختصون في مجال التربية بهذه الفئة العمرية، واعتبروها أهم وأخطر مراحل العمر، فلذلك ننصح الأخت بالتواصل مع أهل الاختصاص في التربية ومشاكل الشباب، ويوجد لدينا في الشبكة قسم لاستشارات الشباب ومشاكلهم، كما ننصحها بتوخي الحكمة والمرونة في التعامل مع ابنتها، فلا تغلب جانب الشدة ولا تسرف في الليونة، فللشدة مواضع وللرفق واللين مواضع، وكل نافع في موضعه، ودليل ذلك أنها قالت بأنها لم تتخذ عشيقاً خوفاً من الأم، فالشدة في مثل هذا مطلوبة، وما كان من الأمور السهلة يمكن أن يتساهل معها فيها، وتنصح برفق، وعلى كل حال لا ينبغي أن يصل إلى الضرب، فالضرب لا يفيد في هذا السن بل هو مضر ... وننصح الأم بالتقرب من ابنتها ومشاركتها همومها وكذلك الحال مع الأب وأن يشعراها بالحنان والأمان حتى لا تبحث عنه عند غيرهما، وإن أمكنكما الهجرة من تلك البلاد الموبوءة المضرة حقاً بدين المرء فافعلا، وفق الله أختنا وأعانها على تربية أبنائها تربية صالحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1429(13/537)
الطفل المسلم وغير المسلم.. أسس الالتقاء والافتراق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين شخصية الطفل المسلم وغير المسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا فرق بين الطفل المسلم وغيره من حيث هما طفلان؛ فكلاهما يولد على الفطرة ومرفوع عنه القلم، ومن حيث التربية فكلاهما ينشأ على ما عوده أبواه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا فرق بين الطفل المسلم وغيره من حيث المبدأ فكلاهما يولد على الفطرة، وإنما يختلفان بعد ذلك باختلاف التربية والتنشئة والبيئة..
ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء. ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه: فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ.
والطفل من حيث هو مرفوع عنه القلم، فقد روى الإمام أحمد وغيره أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الطفل حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يبرأ أو يعقل.
أما من حيث التكوين والتربية والتوجيه.. فهناك فرق كبير بين الطفل المسلم وغيره وخاصة إذا أصبح يعقل القربة ويميز بين الأشياء.
فالطفل المسلم يتربى منذ بداية أمره على أخلاق الإسلام وعباداته ويتأدب بآدابه ويتعود الألفاظ الطيبة المقبولة شرعا، ويبتعد عن غيرها حتى يكون ذلك سجية وطبيعة له كما قيل: العلم في الصغر كالنقش في الحجر، أو كما قيل:
وينشأ ناشئ الفتيان منا * على ما كان عوده أبوه.
وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعود الأبناء ونربيهم على العبادة.. فقال: مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.
وأما الطفل الذي يولد لأبوين غير مسلمين فإن شخصيته تتكون حسب تربية أبويه يتربى على الشرك واقتراف المعاصي.
فهذا من الفروق الأساسية بين الطفل المسلم وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1429(13/538)
رعاية البنات وعدم اتهامهن بغير بينة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أتصرف مع أختي، عندي شك بأنها فاجرة.. إن تأكدت من ذلك فكيف أتصرف، مع العلم بأني مسلم لكن لا أقوم بواجباتي الدينية، علما أن أبي موجود لكن ليس مهتماً، بعبارة أخرى له مشاغل أخرى.. تزوج بعد وفاة والدتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على أولياء أمور البنات حضانتهن ورعايتهن وحمايتهن مما يخدش دينهن وأعراضهن وإبعادهن عن السوء والفساد، والوسيلة المثلى لتحقيق ذلك هي السعي في وقايتهن من النار بتعليمهن شرع الله وتربيتهن على التمسك به والتخلق بأخلاقه الطاهرة وعلى البعد عن الرذيلة وأسبابها، فلا بد أن يمنعن من مجالس السوء ومن دخول الأجانب عليهن ومن أسباب الفجور، ولكن لا يسوغ اتهامهن والشك فيهن دون استناد إلى بينة، وكلما ضعفت التربية العقدية والتعبدية والأخلاقية أتت الخواطر السيئة فتهاجم القلوب حتى تفسدها ثم يحصل ما لا تحمد عقباه.
وبناء عليه فننصحك بوضع برنامج تربوى في بيتك مع المراقبة الحذرة ولا تكلمها بما يفيد اتهامك إياها ولكن واصل فيما يزيد إيمانها ويرغبها في الخير وينشطها له ويرهبها من الشر ويثبطها عنه، وأهم ذلك الترغيب والترهيب بنصوص الوحيين، كما ننبهك إلى الخطر الأكبر وهو عدم قيامك أنت بواجباتك فأنت القدوة، فتفريطك في الطاعة خطر عظيم فعالج نفسك أولاً، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 41016، 71340، 26333، 66781، 60222، 6061، 74342.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1429(13/539)
الرد على سؤال الولد حول التفريق في المضاجع
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف سأوضح لأبنائي بأسلوب واضح ويتناسب مع أعمارهم بالنسبة للتفريق بينهم في المضاجع خاصة وأن ابني سألني عن الموضوع وهو في العاشرة من عمره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم للرد على سؤال ابنك التصريح بالجواب وإنما تبيني له أن ذلك من آداب الإسلام وتعاليم النبي الذي نتلقى عنه شرع ربنا وعلينا التسليم بكل ما أتى به لآن فيه الخير لنا والصلاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(13/540)
الأصل كون الأولاد تحت رعاية أبيهم أو من هو مؤهل لإصلاحهم.
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي توفيت ووصتنا بأولادها وعملنا المستحيل حتى يبقوا يعيشوا معنا وأبوهم فقط يرسل لهم مصروف 8000 ل. س وهم أربعة كبار لكنهم يريدون ان يتصرفوا على هواهم وأنه لازم أثق بهم وإنهم ما يعملون شيئا غلطا
وتحكي مع شباب وتلتقي مع صاحب الشغل بالمطعم وأنها جلسة عمل وأشياء ثانية وإذا حكيت اعتبر متخلفة وأنا حريصة عليهم وأعمل بوصية أمها وإذا حكيت شيئا يقولون أمهم تلك كانت تثق فيهم أرجو منكم أن تقولوا لي كيف أتعامل وأنفذ وصيه أمهم أنا أريد لهم الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الواجب في حق الأولاد إذا بلغوا السن التي يخشى عليهم فيها من الفساد أن يكونوا تحت رعاية أبيهم أو من هو مؤهل لإصلاحهم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجدر الإشارة هنا إلى عدة أمور هي:
1. أنه لا اعتبار لوصية أم الأولاد؛ لأنه إذا كان المقصود أنها أوصتكم بالولاية عليهم فإن ذلك ليس من حقها، بل هو للأب. وإن كان المقصود حضانتهم فإنك إذا توفرت فيك شروط الحضانة، ولم يكن ثمت من هو أقرب منك رتبة فإن الحضانة تكون لك، ولا تحتاج إلى وصية. وإن اختل شيء من ذلك لم تكن الحضانة لك ولو أوصت بها الأم.
2. أن الأولاد إذا بلغوا السن التي يخشى عليهم فيها من الفساد، كان الأولى بحضانتهم الأب أو من هو قادر على وقايتهم من الفساد. ويتأكد هذا في حق البنات.
3. أن ما يدعيه أولاد أختك من استحقاقهم الثقة بهم، وأنهم لن يعملوا شيئا غلطا ... ينافي ما ذكرته عنهم أو عن بعضهم من اختلاط البنت بالشباب والحديث معهم، وربما تخلل ذلك ما هو أشنع ...
4. أن الذي نراه لك في موضوع أولاد أختك هو أن تنظري في أمرهم بعناية، فإن كنت قادرة على إصلاحهم وتربيتهم تربية رشيدة فاستعدي لذلك وخذيهم به، ولا تنظري إلى ما يقولونه؛ لأنهم لا يعرفون مصلحتهم. وإن لم تكوني قادرة على ذلك فأعطيهم لأبيهم إذا كان مؤهلا لذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(13/541)
حكم ضرب الصغير على ترك صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للأب أن يضرب الأولاد فوق العشر سنين على ترك صلاة الجماعة أم أن الضرب يكون فقط لتارك الصلاة، وماذا يفعل الأب إذا كان الولد مصرا على الصلاة في البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع أن يضرب الأب ولده الصغير تأديباً ضرباً غير مبرح -إذا بلغ العشر- على ترك صلاة الجماعة كما جاز له ضربه على أدائها، حتى لا يتعود الطفل ترك صلاة الجماعة، وقد استدل الفقهاء بحديث: علموا أولادكم الصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر ... على أنه يؤمر بها في جماعة، كما قال الشيزري الشافعي في نهاية الرتبة: ... ومن كان عمره فوق سبع سنين أمره المؤدب بالصلاة في جماعة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: علموا صبيانكم الصلاة ... إلخ، انتهى. كما نص الفقهاء أيضاً على أنه: يجوز للأب والأم ضرب الصغير والمجنون زجراً لهما عن سيء الأخلاق وإصلاحاً لهما ... كما في الموسوعة الفقهية.
ولا شك أن تعويده الصلاة في الجماعة من أعظم الإصلاح للولد، ولكن ينبغي أن لا يكون الضرب مبرحاً بل ضرباً خفيفاً يؤدي المقصود، وليكن الضرب آخر علاج يلجأ إليه الأب، وليسلك قبله أسلوب الترغيب والترهيب بغير الضرب، وليكثر الوالد من الدعاء لولده بالهداية فإن دعاء الوالد مستجاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(13/542)
لا حرج في تربية الجد لحفيده ومناداة الجد بالأب
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: هل يمكن إعطاء ابني وهو صغير إلى بيت جده ليربوه عندهم لأن جده من أمه ليس له أولاد، عنده بنتان تزوجتا، وهل يمكن أن ينادي جده بأبي فأفيدونا أفادكم الله، وهل في ذلك أجر في إعطاء ابني إلى جده وجدته ليملأ عليهم حياتهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإعطاء الطفل لمن يربيه ويكفله أو لمن يستأنس به لا حرج فيه، بل لعله يكون من الإحسان في بعض الأحوال كما في حالتكم هذه، ويكون لكما أجر البر إن شاء الله، ومع ذلك فلا ينبغي أن يهمل والداه متابعة أموره وتعهده بين الحين والآخر، وينبغي أن يحرصا على تنشئته تنشئة صالحة، وأن يصنع على أعينهما، وأن لا يحرم من حنانهما بالكلية، ولا حرج في أن يدعو جده بأبي لأن الجد أب، كما في قوله تعالى: قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ {البقرة:133} ، ومعلوم أن إبراهيم جد يعقوب عليهما السلام.
وقوله صلى الله عليه وسلم عن الحسن بن علي وفاطمة رضي الله عنهم: إ ن ابني هذا سيد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1429(13/543)
كيف تعلم أولادك خلق التصرف مع الجنس الآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي طفل عمره 5 سنوات تركته عند صديقتي ولها بنت وعندما وضعت كلا منهما في سرير ذهب ابني الى البنت وأخد يخلع ملابسها وهي نائمة، كيف أتصرف معه؟ مع العلم أنني أعيش في بلد أوروبي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتصرف الطفل المشار إليه قد يكون فعلا عفويا، وقد يكون فعل ذلك محاكاة لشيء رآه من والديه أو من وسائل الإعلام ونحو ذلك وعلق بذهنه.
ولذا ينبغي للوالدين أن يحترزا من فعل شيء من أمور الجماع أمام الطفل ولو كان دون سن التمييز لأنه قد يعلق بذهنه ثم يحاول محاكاته، وكذا عليهما أن يحفظا بصره عن النظر إلى ما يخل بالأدب في وسائل الإعلام، والتعامل الصحيح مع الطفل المشار إليه يكون بتعليمه بالطريقة التي تناسب سنه أن هذا السلوك غير صحيح، وأنه من العيب أن ينزع ثياب الآخرين.
وانظري إلى الفتاوى ذات الأرقام التالية: 45909، 71052، 75904.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1429(13/544)
السن الذي تنتهي فيه مسؤولية الأبوين عن أبنائهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حق الزوجة على زوجها، وهل المسؤول في البيت وعن أولاده هو فقط الأب يعني الزوج وهل الأم مسؤولة عن أولادها أيضا، والوالدان هل يكونان مسؤولان عن أبنائهما حتى وإن كانوا في سن البلوغ يعني 18سنة ولكن ما زالوا يسكنون عند والديهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حقوق الزوجة على زوجها قد سبق بيانها في الفتوى رقم: 20999، والفتوى رقم: 65518.
وأما عن مسؤولية الأبوين عن أبنائهم فهي مسؤولية مشتركة؛ كما جاء بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته ... والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ... متفق عليه. وانظر تفصيله في الفتوى رقم: 73552.
وأما عن السن الذي تنتهي فيه مسؤولية الأبوين عن أبنائهم فسبق أنها إلى البلوغ، أما بعد البلوغ فالمسؤولية تقع عليهم، ولا يبقى على الوالدين إلا النصح والتوجيه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، شأنهما في ذلك مع أولادهما شأن المسلم مع أخيه المسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1428(13/545)
العواقب المريرة للتمييز بين الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لي أخت توأم هى مشكلة حياتى من يوم ولادتى أهلى فرقوا فى المعاملة بيننا منذ ولادتنا لأنها أجمل مني لذلك كانوا يخافون عليها بشكل كبير وعاملين عليها حصارا أما معي فالعكس لكن للأسف الضحايا أنا وأختى كرهنا بعضنا جدا وأصبحنا بعيدين جدا عن بعض ولا نتكلم إلا كل فترة كبيرة والمشاكل دائما وأيضا هي أحست أن سبب بعدي أنا وأخواتى عنها ماما وبابا أصبحت المشاكل بينهم كبيرة جدا والآن أصبحتت حالتها صعبة على طول أعصابها تعبانة وصوتها عال وتعامل أباها وأمها أسوأ معاملة أنا خائفة عليهم هم الثلاثة ولا أعرف ماذا أعمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعل والداك من تمييز بينكم وبين أختك في الرعاية والتربية أمر خاطئ لا يجوز شرعا، ولعله هو سبب فيما ذكرت. وانظري الفتوى رقم: 19505، والفتوى رقم: 17002
وبناء عليه فننصحك بعرض تلك الفتاوى عليهما. وكذا نصح أختك بطاعتهما وبرهما وعدم رفع الصوت عليهما فذلك من العقوق المحرم. كما أن تقصيرهما في حقك أو في حق أي من أولادهما لا يبيح عقوقهما ومعاملتهما بسوء. وانظري في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19361، 19409، 20332، 21916.
ونوصيك بالحكمة والرفق وتوجيه أختك ونصحها، وكذا نصح والديك، فلا ترفعي صوتك عليهما ولا تجادليهما ولكن بيني لهما ما يجب عليهما من عدل بين الأولاد في كل شيء، وأن التمييز بينهم يؤدي نفور بعضهم من بعض، وعاقبته سيئة حتى على من ميزوه وفضلوه، ولذا حرمه الشرع المطهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1428(13/546)
خطوات بناء الجيل المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي خطوات بناء حياة إسلامية صحيحة للمسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الموضوع موضوع عظيم، ويتعين على المسلمين مدارسته والسعي في أن يحيوه حياة حقيقية، ويمكن أن تؤلف فيه عدة كتب لأن له عدة جوانب لا بد من مراعاتها، ولا يمكن أن تفي به فتوى مختصرة، ولكنا نشير إشارات وعلى السائل أن يواصل البحث في المراجع المتوسعة.
فمن أهم ما نشير إليه أن يربى الطفل من صغره بالحلال تربية جسمية وعقلية، فإذا عقل الخطاب ربي تربية تعبدية فحدث عن الله وعن رسوله وعن الإسلام، وعود على الأذكار والتعوذات والأدعية المأثورة وعلى الأخلاق الفاضلة، وبدئ بتعليمه القرآن والسنة وما يحتاج له من أمور الدين، فإذا وصل السابعة أمر بالصلاة ورغب فيها وضرب عليها عند العاشرة، ثم إنه لا بد من تعليمه ما يحتاج له من علوم الوسائل المساعدة على فهم نصوص الوحي، ويتعين النظر في سلامة بيئته وصحبته من الشرور فلا يسمح له بصحبة الأشرار ولا بالذهاب لأوكار الفساد؛ بل يعوض عن ذلك بصحبة من يساعده على مهمته فيربط بالمسجد وطلاب العلم ومجالس الخير، ثم يزوج إذا بلغ بذات الدين التي تعينه على أمر دينه وآخرته، ثم يعلم ويعان على طريقة كسب حلال يعف ويعول بها نفسه وأهله وعلى خدمة مجتمعه بما ينفع من أمر الدين والدنيا، وليستعن في ذلك بمدارسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
وأهم ما يتعين التنبه له فيها أن يسعى العبد في هداية نفسه وحملها على الاستقامة على أمر الله حتى الموت، ويسعى في هداية أسرته ومحيطه الخاص عشيرته وأصدقائه وأهل قريته وما جاورها، ثم يسعى قدر استطاعته أن يعمل ما أمكنه من هداية الخلق عموما، ويدل لهذه الخطوات قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6} وقوله: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ {الشعراء:214} وقوله: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ {سبأ:28}
وراجع للتوسع في الموضوع كتب التربية وكتب التفسير والسيرة.. والموضوع -كما ذكرنا- يمكن أن تؤلف فيه كتب ويدخل فيه تحقيق الدين الكامل في جميع شعب الحياة في جميع فصائل المجتمع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1428(13/547)
كيف نستفيد من طاقات الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[ابني بداخله طاقة غير عادية كيف أتعامل معه؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
احرصوا على الاستفادة من طاقة الولد واستخدامها فيما يفيد، وهذبوا أخلاقه، وامنعوه من استخدام طاقته في الإضرار بنفسه أو بالناس.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وجود الطاقات القوية عند الأبناء نعمة من الله تعالى، ويتعين الاستفادة من تلك الطاقة فيستخدم ذكاء الولد في تعلم العلوم الشرعية والعلوم النافعة حتى يتقوى إيمانه وعلاقته بربه ويخدم نفسه ويخدم المجتمع، ففي الحديث: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير. رواه مسلم.
وإن كانت عنده طاقة عضلية تعين الاستفادة منها بتعويده وتعليمه خدمة المسلمين ونفعهم، فمن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، كما في حديث البخاري، وفي الحديث: أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس. رواه الطبراني وحسنه الألباني.
وإن كان عند الولد طاقة يستخدمها في العدوان على الآخرين وإيذائهم تعين تهذيب أخلاقه والمداومة على نصحه وترغيبه وترهيبه، ويشرع ضربه إذا استدعى الحال ذلك ولم يفد فيه النصح والتوجيه، وعليكم بالدعاء له، ففي حديث الترمذي: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن.. ودعوة الوالد لولده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1428(13/548)
تمييز الأبوين في معاملة الأولاد مما لا ينبغي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عمري13 سنة, أقطن في المغرب, مستواي الدراسي الأول إعدادي, الحمد لله أصلي وأصوم ... إلخ, لدي أخي أصغر مني بسنة, والمشكلة أن أمي تميز بيني وبين أخي, يعني تحبه أكثر مني, وأنا لا أريد هذا التمييز فماذا أفعل, فأرجوك يا أخي انصحني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نشكر السائلة الكريمة على اهتمامها بدينها ... ونسأل الله أن يحفظها ويبارك فيها، وننصحها بتقوى الله تعالى وبر أمها وطاعتها بالمعروف والإحسان إليها، واعلمي أن الولد قد يخيل إليه أن أبويه يفضلان عليه غيره من أبنائهما في المحبة أو غيرها، وتكون حقيقة الأمر على خلاف ذلك، ولو فرض أنه حصل تمييز بينك وبين أخيك فينبغي أن تبحثي عن سبب ذلك، وعلى كل فبالإمكان أن تصارحي أمك وتبيني لها ما تشعرين به بأدب وحكمة، فإن كانت مخطئة فإن ذلك سوف يردها إلى الصواب إن شاء الله تعالى، ولتعلمي أن خطأ الأم وتمييزها للابن لا يبرر الخطأ في حقها ولا يسقط ما فرض الله لها.
ولتعلمي أن الإسلام دين العدل والتسامح ... فرض العدل على أتباعه في كل شيء ومع كل أحد حتى مع الأعداء والخصوم، فقال تعالى: وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون َ {المائدة:8} ، وفرض على الأبوين -بالأحرى- التسوية بين أبنائهما والعدل بينهم في كل شيء حتى قال بعض أهل العلم: تجب التسوية بين الأبناء حتى في القبلات. وقال صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي من طريقه، وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن.
فاستعيني بهذه الفتوى أو بغيرها وأطلعي أمك عليها نصيحة لها -والدين النصيحة- حتى ترجع إلى صوابها وتعدل بين أبنائها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1428(13/549)
حكم ميل الآباء لولد دون غيره من إخوته
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي وأبي منذ صغري يهتمان بأختي التوأم أكثر مني، وبقيت أغار منها حتى بعد أن كبرنا ولا زلت أغار منها، وأعمل مشاكل بسبب اهتمام والدى بها وأرجع نادمة لأني أحس أن الله سيغضب علي بسبب إغضابي لوالدي، أريد أمورا تحببني في أختي وتنسيني ما فات، أرجوكم أنا عمري 21 سنة وليس تفكيري غير هذا الموضوع، أرجوكم ساعدوني كي أهدئ نفسي، هذا مجمل مشكلتي دون الدخول في التفاصيل.
أرجو الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما يعينك على محبة أختك ورفض شعور الحسد والبغض اتجاهها أن تعلمي أنه لا تزر وازرة وزر أخرى، فلا علاقة لها بميل أبويها، وكان الأولى والأجدر بك أن تحاولي استمالتهما بالتحبب إليهما وبرهما دون معاندة أختك أو إظهار أي سلوك خاطئ نحوها.
وما كان لهما أن يُقرِّباها أكثر منك ويظهرا لها من الود والعطف أكثر مما يوليانه لك لأن عاقبة ذلك سيئة، وما تشعرين به هو من نتائجها، ولذا أمر صلى الله عليه وسلم بالعدل بين الأبناء في العطية وقال: أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ وانظري الفتوى رقم: 893.
علما بأن ميلهما إليها لا يسوغ عقوقهما ولا القيام بما يغضبهما لأن برهما واجب سواء قاما بما يجب عليهما أو قصرا فيه، وتراجع الفتوى رقم: 22134.
وننصحك بقراءة سورة يوسف وتأملها وتدبرها لتعلمي كيف أن إخوة يوسف حسدوه فكادوا له لما توهموا وجود عاطفة من أبيه له دونهم، فمكَّن الله له بعد ذلك وآثره عليهم فندموا وتابوا، ففي قصتهم عظة وعبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
ولمزيد من الفائدة انظري الفتويين: 32149، 26960.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1428(13/550)
الحوار الهادئ والمباسطة بين الزوجين في أمر تربية الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة منذ 20 سنة ولي أربعة أبناء أكبرهم في 19 سنة وأصغرهم يبلغ 10 سنوات وسني يتجاوز 39سنة قليلا, المشكلة التي تؤرقني دائما هي تعلق أولادي بي ونفورهم من أبيهم حتى أنهم لا يجدون ما يقولون له, ولا يرغبون مناقشته في أي موضوع ولو كانوا في أمس الحاجة إليه وبخاصة الكبار, وهذا ما يثير حفيظته دائما ويغضبب عليهم فيشبعهم كلاما جارحا ويقاطعهم لأيام طويلة, فتولد لديهم نوع من التمرد وأصبحوا أكثر ابتعادا, فهم يصرحون لي دائما أنهم يكونون أكثر راحة عندما يكون غائبا, وحتى في الأوقات التي يكون أبوهم في أحسن حال أجدهم يحذرون منه ويتوجسون انقلاب الأمور في أية لحظة, فغلظته في القول والفعل من دون سابق إنذار جعل الكل يحتاط منه اتقاء المشاكل التي غالبا ما تكون لأسباب جد تافهة وسخيفة, مع العلم أن زوجي قد شارف على 53 من عمره إلا أنه يتصرف بحماقة وبتهور شديد في أغلب الأحيان, إذ أنه ذو شخصية نرجسية للغاية , زيادة على ذلك فهولا يعترف بذنب أو خطأ يرتكبه مهما كان فادحا ويحتقر الكل ويستهزئ بآراء الآخرين ولو كانت صائبة, هذه الحالة جعلتني أعيش في قلق مستمر أثر على صحتي وحالتي النفسية, فأصبحت أعيش بين المطرقة والسندان, زوجي الذي أحس بمرارة كبيرة في التأقلم مع نزواته التي لا تنتهي وبين أبنائي الفارين من أبيهم ومن سخافاته المربكة, أرشدوني أرجوكم يا سادة قبل أن أفقد توازني وأرتكب حماقة في حق أسرتي التي ضحيت من أجلها بشبابي ومستقبلي.
وبارك الله فيكم أجمعين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بالسعي في علاج المشكلة باللجوء إلى الله تعالى مفرج الكروب، وأن تتلطفي بأبنائك وتعلميهم ما يلزمهم من الأحكام، وأخبريهم أن بر الأب واجب مهما كان حاله ففي رضاه رضى الله تعالى، وفي سخطه سخط الله تعالى، كما في الحديث الذي رواه الترمذي والبخاري في الأدب المفرد، وحاولي قدر جهدك أن تسعي في إصلاح زوجك وحمله على الاستقامة على ما يرضي الله وإعانته على أمر دينه وآخرته، فقد سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم فقالو: لو علمنا أي المال خير فنتخذه؟ فقال: أفضله لسان ذاكر، وقلب شاكر، وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه. رواه الترمذي وأحمد وصححه الألباني.
واعلمي أن طاعة الزوج في المعروف واجبة مهما كان حاله، ولكن السعي في الحوار معه بهدوء ولطف وقت راحته ومباسطته أمر مهم لعله يغير من معاملته لبنيه، وقد بينا تفصيل القول في هذه الأمور في عدة فتاوى فراجعي منها الفتاوى التالية أرقامها: 54913، 55514، 34460، 43802، 72206، 67272، 64312، 52188، 45948، 35308، 35306. ...
ويمكنك مراجعة قسم الاستشارات بالشبكة ليفيدوك في الموضوع أكثر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1428(13/551)
لا حرج في رعاية الأم لطفلها المريض بشكل زائد عن باقي إخوته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أم لطفل في الرابعة من عمره وبصحة جيدة والحمد لله وطفلة عمرها سنتان ونصف تعاني إلى حد ما من نقص الكالسيوم لدرجة حدوث انحناء في إحدى أضلاع قفصها الصدري، سؤالي هو: إذا حاولت التركيز في غذائها على مصادر الكالسيوم وأعطيتها أكثر من أخيها وأحيانا أعطيها من نصيبه وأشاغله بأي شيء حتى لا ينتبه ويشعر أني أفضلها عليه فهل أكون بذلك قد فرقت بينهما في المعاملة وجانبت العدل، فأفتوني يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 6242 أن التسوية بين الأبناء واجبة -على الراجح من أقوال أهل العلم- إلا إذا وجد مسوغ يدعو للتفرقة والتفاوت بينهم فيجوز حينئذ التفريق كما اتفق على ذلك الجميع، ومن المسوغات التي تبيح التفريق: المرض وطلب العلم ... ولذلك فإن عليك أن تعالجي ابنتك -أو المريض من أبنائك- ولو أدى ذلك إلى الغبن أو عدم التسوية مع غيرها، ويكون ذلك بطريقة لا تشعرهم بالتمييز حتى لا يتسبب ذلك في الكراهية والبغضاء بينهم. وانظري للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 21953.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1428(13/552)
حقوق الأطفال على ولاة أمور المسلمين والمجتمع المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب من جنوب أهل السنة إيران. أريد أن أکتب في موضوع الأطفال ولدي سؤال:
ما حقوق الأطفال في الإسلام غير تعليم وتربية؟ وما حقوق الأطفال علي المجتمع وعلي الحکام نحو ذلك؟ وملخص الکلام علي من في الاجتماع حق ثابت للأطفال وما هو؟
أرشدوني بالتفصيل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اهتم الإسلام بحقوق الإنسان وكرامته بصفة عامة. قال تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا {الإسراء:70} ولكنه أولى الأطفال عناية خاصة وتبدأ قبل ولادتهم.. فتحريم الزنا واختيار الزوجة وتحريم الإجهاض.. وكل تشريعات الإسلام تصب في تكريم الإنسان والمحافظة على حقوق النشء.
وقد شرع الإسلام حضانة الأطفال ورعايتهم والنفقة عليهم، والمحافظة على أجسامهم وعقولهم وتنميتها بالعلم والثقافة.. وبالألعاب البدنية والذهنية التي تهيئهم وتعدهم لأن يكونوا مواطنين صالحين فاعلين في هذه الحياة ومنتجين لما ينفعهم ويرفع أمتهم.
ومن حقوقهم على ولاة أمور المسلمين والمجتمع المسلم بصفة عامة أن يهيئوا الأجواء والوسائل والمؤسسات التي من خلالها يتربى الأطفال ويتعلموا وينشئوا النشأة الصحيحة، ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ... الحديث.
وبإمكانك أن تطلع على المزيد في الفتوى: 47466.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1428(13/553)
فتاوى في تقويم اعوجاج الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي طفل لديه 14عاما كان يقوم بسرقة أموال من أخواته، وتكرر هذا الموضوع أكثر من مرة، وقمت بتنبيهه عليه ونصحه أكثر من مرة، وقمت بضربه أكثر من مرة وبحرمانه من المصروف وبحبسه في المنزل، وكل مرة يعد بعدم التكرار ولكنه يكرر هذا الموضوع، الآن لم يعد يسرق ولكنه تعرف على أصدقاء سوء فمنهم اللص وتاجر المخدرات والصايع كما أنه كثير السهر خارج المنزل حتى ساعات متأخرة، فأحيانا يدخل المنزل عند الفجر وحاولنا معه وبكل الوسائل أن يبتعد عن أصدقاء السوء ويلتزم ولكنه لم يفعل، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت لنا عدة فتاوى في كيفية تربية الأولاد انظر منها على سبيل المثال الفتوى رقم: 76735، والفتوى رقم: 21752، والفتوى رقم: 38893، والفتوى رقم: 66709.
وننصح بالكتابة إلى قسم الاستشارات وستجد عندهم إن شاء الله تعالى خيراً كثيراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1428(13/554)
من أساليب تربية المراهق
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أربي المراهق بعمر 20 عاماً، طموح جداً لحد الأنانية والغرور وإعجابه بذاته كبير وعدواني وشرس الطباع وغير متعاون بصمته ويفرض أو يحاول أن يفرض رأيه ويأخذ ما يريد بصوته ولؤمه في وجه أهله والدين لديه في أسوء صورة بسبب الشيوخ الذين يراهم في محيطه بأسوء صورة وتصرفات وطرق التعامل والتصرف في الجامعات فلا أدري كيف أصلح ما أصابه من اهتزاز صورة الدين من خلال الشيوخ وتمرده على والديه والفرض عليهم بتلبية رغباته عنوة بقدرة أو بغير قدرة؟ مع الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشباب في مستوى العمر الذي ذكرت قابل للتأثر والتقويم، فاحرصي على الدعاء له واستعطافه عن طريق الترغيب بنصوص الوحي، وإقناعه عن طريق الحوار والجدل بالتي هي أحسن، فحرضيه على سماع القرآن وتلاوته، وعلى المطالعة في كتب الترغيب والترهيب، وكتب السيرة وتاريخ الإسلام، وحدثيه عن الآخرة وعن مصير الناس، وأن أهل الإسلام مآلهم النعيم المقيم، وأن أهل الانحراف مصيرهم عذاب الجحيم، وحدثيه عن أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم وشمائله وهديه في جميع شعب الحياة، وعن هدي خلفائه الراشدين وتعاملهم الحسن مع الناس، وحدثيه عن بر الوالدين وأن في رضاهما رضى الله، وأن في إسخاطهما سخط الله، وأن دعاءهما مستجاب إذا دعوا للولد أو دعوا عليه.
واحرصي على أن تكون له صحبة من أهل الخير يساعدونه على سلوك طريق الحق، ويدلونه عليها ويحرضونه على التمسك بها، وركزي له على الوعود الصادقة لمن تمسك بالطاعة، وقد بينا هذا الموضوع بأوضح من هذا وأكثر إسهاباً في كثير من الفتاوى، فراجعي منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 41016، 72546، 76425، 31768، 69967، 72037، 74500، 43675.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1428(13/555)
استشارة المختصين للتربية السليمة للأطفال
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الشيخ أنا أم لولد في التاسعة وستة أشهر من عمره مطلقة، الله يعلم أني منذ أول يوم في عمره أسعى ليكون هذا الولد صالحاً وممن سيكون بيده رفعة هذه الأمة، الآن أجد صعوبة في التعامل معه فهو عصبي المزاج وأناني بعض الشيء قد يكون ذلك بسبب تربيتي له مع أني حازمة معه، وكذلك إخواني وأبي بالرغم أن هناك قصورا بحكم بعد عائلتي عن الالتزام من سماع الأغاني وتفويت صلاة الفجر وهكذا، وأيضاً بسبب أن عائلتي والتعامل فيما بيننا مشحون وعصبي رغم أن كل واحد منا يحب الآخر وهذا أيضاً بسبب نشئتنا مع أمي العصبية كثيراً وبسبب أميتها وتربيتها مع خالتها زوجة أبيها والظلم الذي تعرضت له في طفولتها.. الحياة بيننا مترابطة بالماضي وبأحداثه لذلك نجد أنفسنا نعيد الماضي حتى أني أجد نفسي أكرر بعض أخطاء في التربية مع ولدي لأعود أدعو الله أن يساعدني، سيدي الشيخ نحن أسرة محافظة نحب بعضنا غير أننا لا نري بعضنا ذلك إلا ما ندر وابني يعيش معي في هذا الجو المهم في الموضوع: كيف أربي ابني التربية الإسلامية (مع العلم بأني أعمل فترتين 8 ساعات) ، فكيف أحببه في صلاة الفجر حيث إنه كان يقوم الفجر يصلي أربع مرات ثم أصبح يتأفف ويتعصب ويرفض القيام قد أغريته بالهدايا وبالكلام الناعم والهادئ وبحديث مستمر عن الرسول والصحابه ولم ينفع فتوقفت عن الضغط عليه حتى تدلوني كي لا أخطئ وأكره ابني في الصلاة، وكيف أفعل كي أوقف عصبيته وطريقته الأنانية وقلة الأدب في التعامل معي وممن هم أكبر منه، أخشى كل ما أخشاه أن تركي الارتباط بأي رجل آخر لأجل ابني في نهاية الأمر أجده ولد عاقا أو عصبيا أو أن يتركني وحيدة كما يفعل الكثيرون؟ أطلت عليكم لكن ذلك من الرجاء والحاجة وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما وصفته الأخت من إشكال يحتاج إلى رأي المتخصصين في التعامل مع الأطفال وكيفية تربيتهم، وما كان من هذا النوع فإن الجهة المناسبة له هي قسم الاستشارات، فهناك قسم خاص بالاستشارات على موقعنا ينبغي للأخت أن تراسلهم وستجد إن شاء الله بغيتها، ونحيل على سبيل المثال على الاستشارة رقم: 248578.
وقد سبقت لنا فتاوى عن وسائل وطرق تربية الأبناء، فتراجع وهي ذات الأرقام التالية: 18336، 19635، 20767، 13767.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1428(13/556)
خطوات تنشئة الأولاد على الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي كيفية النجاح في تكوين أبناء مسلمين في حالة الزواج من مسيحية؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا جواز نكاح الكتابيات العفيفات، وذكرنا أن الزواج بهن لا يسلم غالباً من جملة من المحاذير والمفاسد ولذا كرهه بعض أهل العلم درءاً لتلك المفاسد وتجنبا لتلك المحاذير، كما في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 36381، 58237، 69078.
ومن المفاسد التي تخشى عند الزواج منهن فساد الأولاد وعدم تربيتهم تربية إيمانية صحيحة، وذلك لمكانة أمهم وما قد تبذله من الجهد في تربيتهم على عقيدتها وسلوكها، فإذا كان للرجل قوامة وكلمة في بيته واستطاع أن يؤثر على الأم كي تسلم فبها ونعمت، وإلا فلا بد من الحذر كل الحذر من تنشئتها لأبنائها كما تريد، بل يسهر الأب على تربيتهم وتعليمهم العلم النافع والعمل الصالح، ولذلك خطوات ينبغي اتباعها:
أولها: مراقبة الأبناء وقضاء جل الوقت معهم ليروا سلوك الأب فيقتدوا به، وليكن سلوكه سلوكاً إسلامياً، ويحاول ربطهم بتعاليم الإسلام، فإذا أمر أحدهم بالأكل بيمينه -مثلا- فإنه يذكر له توجيه النبي صلى الله عليه وسلم لربيبه عمر بن سلمة: يا غلام! سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك. وهكذا في جميع الآداب سواء أكانت في الطعام أو اللباس أو اليقظة أو النوم أو الولوج أو الخروج أو في التعامل مع الناس سيما الوالدين والأقارب.... إلخ.
الخطوة الثانية: إذا بلغوا سن الدراسة أن يبدأهم بتعليم كتاب الله تعالى وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ليسبق إلى قلوبهم من فهم دين الله وشرائعه ما ترجى لهم بركته وتحمد لهم عاقبته، كما قال ابن أبي زيد في خطبة رسالته.
والخطوة الثالثة: أن تختار لهم من المدارس العصرية ما تعلمهم أحكام دينهم ولغة كتابهم العظيم مع ما تمدهم به من المعارف التي تفيدهم في أمور دنياهم.
والخطوة الرابعة: أن يسهر هو بنفسه عليهم فيراقب جميع خطواتهم ويغمرهم بفيض حنانه ليحبوه ويألفوه، ولا يكل أمرهم إلى غيره، ويختار لهم من الأصدقاء والخلان أصحاب السيما الحسنة والأخلاق الكريمة، فالصاحب ساحب، والقرين بالمقارن يقتدي، إلى غير ذلك مما يفيد في تقويم السلوك ويساعد على التربية الحسنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1427(13/557)
الترغيب في الإحسان إلى اليتامى
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي خادمة صغيرة السن (11 عاما) أتت إلي بها واحدة ممن يقومون بتشغيل الفتيات الريفيات كخادمات، ولم يسأل عنها أحد منذ أتت من ستة أشهر لا أم ولا أب ولا أخ، ومن الواضح أن هذه الفتاة قد تربت في بيئة فاسدة للغاية فهي تسرق الطعام وتغلظ الأيمان دائما أنها لم تفعل، المهم وجدت أنها في حاجة إلي تقويم وإعادة تربية ولكنها دائما ما ترجع إلى عاداتها البذيئة من سرقة وتفوه بألفاظ سيئة مع العلم أني والله شهيد علي ما أقول دائما أضع لها أحسن الطعام وأطيبه وأشتري لها الملابس والهدايا وأتعامل معها على أنها يتيمة ولكنها لا تقابل الإحسان بالإحسان، ولكن وللعجب وبالرغم من صغر سنها إلا أنها تتمتع بقدر كبير من الكذب ولكن حدث أنها قامت بسرقة طعام من الثلاجة وأنا دائما ما أتغاضى عن هذا وأقول إنها صغيرة وتشتهي الطعام ولكن لاستمرار هذا التصرف قمت مؤخرا بضربها وأنذرتها إن هي لم تتراجع وتطلب مني ما تشاء دون أن تمد يدها وتسرق فسأعود لتأديبها ولكنها كررت هذا فقمت هذا المساء بتصرف أخرق وأنا نادمة عليه أشد الندم وهو ما أسأل عليه فقد قمت بإعطائها ملعقة من الشطة كي لا تعاود القسم بالله كذبا وهو أكثر شيء يضايقني وقد أنذرتها أن تقول الحقيقة وأن لا أفعل لها شيئا ولكنها ظلت تقسم بالله وبكتابه الكريم أنها لم تفعل وعندما وضعت لها الشطة قالت إنها فعلتها وأنها خافت أن أفعل بها شيئا أو لا أصدقها القول بأني لن أفعل لها شيئا إن هي قالت الحقيقة، لقد عرفنا أن عقوبة السارق في الإسلام هي قطع اليد وأنا في المقابل أحاول تقويم هذه الفتاة السيئة ولكن لا فائدة وفي نفس الوقت لا أجد لها أحدا يأتي ليأخذها وإني والله أريد لها أن تصبح فتاة صالحة وأحاول تقويمها باللين والشدة كما أفعل مع أولادي، فهل ما فعلته ذنب كبير؟ وهل ما أفعله معها خطأ؟ إني خائفة من الله عز وجل وخائفة من عقابه إذ أكون قد عاقبت هذه الفتاة بما ليس لي أن أفعله ولكن ماذا أفعل وهي تحيا معي في مكان واحد ولا يوجد من يقومها ويصلحها غيري؟
وأستغفر الله العلي العظيم ولله الأمر من قبل ومن بعد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إحسانك إلى هذه البنت واعتبارك إياها يتيمة وسعيك في إصلاح أخلاقها أمر محمود شرعا، فقد رغب الله في الإحسان إلى اليتامى وأبناء السبيل، فقال: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ {البقرة: 83} ويلحق باليتامى وابن السبيل في أهمية العطف عليهم اللقطاء ومن لا يعرف أهله، وعليك أن ترحميها وتشفقي عليها ولا تهينيها، فالراحمون يرحمهم الرحمن؛ كما في حديث الترمذي، وعليك أن تحاولي إقناعها أولا بالأخلاق الحميدة، فحضيها على الصدق والعفة والأمانة والوفاء، ورهبيها وانهيها برفق عن أخلاق السوء كالكذب والحلف كذبا والسرقة والخيانة، وهذا لا يتم إلا إذا علمتيها ما تيسر من أمور الدين، وليس لك أن تعاقبيها بحد السرقة لأن حد السرقة لا يقيمة إلا سلطان المسلمين أو نائبه، فلا يقيمة الوالد على ابنه ولا على من أجره، ولك أن تؤدبيها بالضرب بعد استنفاد الوسائل الأخرى بقدر ما تضربين ولدك، فقد أفتت عائشة وسعيد بن المسيب بجواز ضرب اليتيم للأدب، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 24777، 37091، 34860، 53765، 61344، 22128، 15991.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1427(13/558)
السن التي يشرع فيها تأديب الطفل بالضرب
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: علموهم على سبع واضربوهم على عشر. انطلاقا من هذا الحديث، هل يجب تعليم الأطفال ابتداء من السن السابعة أمور دينهم ودنياهم، لأن هناك مقولة أخرى تقول (لاعبه سبعا وعلمه سبعا وصاحبه سبعا) ، فهل هي حديث أم مقولة لأحد الصحابة أو التابعين، وهل ملاعبة الطفل سبعا وأخذاً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم علموهم على سبع وجب علينا عدم محاسبة الطفل على أخطائه عندما يكون في السن ما قبل السابعة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول في هذا المعنى: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع. أخرجه أحمد وأبو داود.
ومحاسبة الطفل على أخطائه تجوز بغير الضرب في أي سن يمكن أن يدرك فيها المعنى الذي يراد منه، وأما الضرب فلا ينبغي أن يكون إلا بعد بلوغه سن العاشرة، جاء في الموسوعة الفقهية: يؤدب الصبي بالأمر بأداء الفرائض والنهي عن المنكرات بالقول ثم الوعيد ثم التعنيف ثم الضرب إن لم تجد الطرق المذكورة قبله، والأصل في التأديب حديث أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر. ويفهم من الحديث أن الضرب لا يكون إلا لمن بلغ عشر سنين فما فوق، وهو ما نص عليه صاحب مواهب الجليل بقوله:.. وأما العقوبة فبعد العشر. انتهى، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 16862.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1427(13/559)
اهتمام الآباء بتربية بناتهن حتى لا يقعن في الانحراف
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديق يعمل في محل للمواد الغذائية وهذا المحل يوجد بالقرب منه عيادة صحية للعلاج وقد أخبرني صديقي بأنه هناك رجل كبير في السن يأتي بفتاة وعلى حسب ظن صديقي بأنها ابنة الرجل المسن وقد أخبرني صديقي بأن الفتاة عندما تدخل إلى العيادة يبقى أبوها في السيارة ولا ينزل معها ثم يأتي شاب في سيارة أخرى وتخرج الفتاة خلسة من أبيها وتركب مع هذا الشاب وتذهب لمدة ساعتين تقريبا ثم تعود وتدخل العيادة بدون أن ينظر إليها أبوها ثم تخرج منها وكأنها كانت فيها وتركب مع أبيها وتذهب معه وهذا يحدث تقريبا كل أسبوع، سألني صديق هل أخبر أباها بما يحدث أم لا، علما بأن الرجل مسن وقد يحدث له شيء من مرض أو غيره إذا أخبره، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على صديقك أن يأتي للشاب ويكلمه ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر ويهدده بأنه إن لم يترك الفتاة فسيخبر أباها وسيعطيه رقم السيارة، وعليه أن يحضه على التوبة والبعد عن المعاصي، ولا بأس أن يكلم أبا الفتاة تعريضاً ويحضه على الاهتمام بحضانة بنته، وأنه يلزم الدخول معها للعيادة ويدخل معها على الطبيب إن كان ذكراً لئلا تحصل خلوة للطبيب الذكر بها أو أن يأتي بأمها معها، ويمكن أن تخبره أنه لا يؤمَن على البنت أن يلتقي بها بعض أهل الفساد، فعليه أن يراقبها حتى لا تخرج من العيادة وهو لا يعلم، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23240، 56196، 8580.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1427(13/560)
لا حرج في ترك الطفل يقلد أبويه في حركات الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أخذ الطفل معي إلى المسجد وطبعا هو طفل وليس طاهراً، وما الحكم إذا تركت الطفل يقلدني في الصلاة سواء في المسجد أو في البيت، علما بأنه يتصنع قراءة القرآن ويخلط بين ألفاظه ويكسره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق التفصيل في حكم اصطحاب الأطفال إلى المساجد في الفتوى رقم: 2750 فالرجاء مراجعتها.
وعليه؛ فإذا كان طفلك من النوع الذي يجوز اصطحابه إلى المسجد جاز لك أخذه إلى المسجد، بل إن ذلك أولى ليتعود على الذهاب إلى المساجد، لكن ينبغي أن يكون طاهراً، مع أنه لا يمنع دخوله المسجد ولو كان غير طاهر إذا أمن تلوث المسجد، ولا حرج عليك في تركه يقلدك في الصلاة أو القراءة لأنه غير مخاطب شرعاً بما يصدر منه من التخليط في القرآن وغيره، وإن فعل ذلك عندك فحاول أن تصلح له، وللفائدة في الموضوع انظر الفتوى رقم: 28789.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1427(13/561)
البديل النافع لتحصين الأولاد من القبائح
[السُّؤَالُ]
ـ[أود طرح سؤالي التالي: لي بنت عمرها تقريباً ست سنوات، ويقلقني أنها تحفظ الأغاني التي تذاع وترقص رقصاً مثيرا وتنقل كل ما يمر أمامها من حركات المغنيين والراقصين، هذا مع أن ليس لدي صحن للقنوات، فقط الإذاعات المحلية، ولكن تسمع ذلك من عند الجيران أو صديقات تردد أغاني رديئة، في الحقيقة هذا يقلقني وأخاف عليها كثيراً، هذا كما أحرص على أن تحفظ بعض السور من القرآن وأعلمها الصلاة وبعض الآداب، وأحذرها من مثل هذه الأغاني الساقطة، وأود لو تفيدوني بطريقة لتربيتها بطريقة سليمة؟ وجزاكم الله خير الجزاء.. وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاهتمام بتربية الأبناء على الالتزام بالدين والأخلاق والبعد عن المعاصي والرذائل من آكد الأمور الشرعية، ولا بد لتحقيق ذلك من حماية الأولاد وتحصينهم من الفساد, وحضهم على الفضيلة والأخلاق الحسنة، وقد بينا تفصيل القول في التلفزيون والصحون والغناء المحرم في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1886، 36084، 54316، 66001.
وأعظم وسيلة لمنع البنت مما تلاحظينه توفير وسائل ترفيه ممتعة مفيدة مشروعة, وعندنا في ركن الطفل في الشبكة الإسلامية بعض وسائل الترفيه المفيدة للأطفال يمكن الاستفادة منها. ومن الوسائل المساعدة في ذلك أيضاً شغلها بحفظ القرآن. وحاولوا أن تفتحوا لها بعض القنوات المفيدة في ذلك وبعض الشرائط أو الأقراص المساعدة في الموضوع كالمصحف المعلم وكقناة المجد للأطفال. وأكثروا لها الدعاء وترفقوا بها واحرصوا على أن لا تخالط من يؤثر على أخلاقها أثراً سيئاً، وراجعوا في بعض التوجيهات التربوية للأطفال وإبعادهم عن الانحرافات في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 21752، 21907، 29770، 34846، 35308، 64312، 67272.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1427(13/562)
التمييز بين الأبناء - ثوابا أو عقابا -
[السُّؤَالُ]
ـ[لي سؤال يؤرقني ما حكم الشريعة في التمييز بين الأبناء حيث إن لي أربعة بنات وكل واحدة منهن متفاوتة في الدراسة إذ إن الصغريات ينجحن كل سنة وبنتائج جيدة غير أن الكبرى رسبت السنة الماضية علما أنها في المرحلة الأولى من الدراسة الجامعية هذا جعلني أغير من تصرفي معها على غير إخوتها وإن جرحت شعورها فهو لأدفعها إلى الأمام حتى تثابر وتنجح كباقي إخوتها أوعلي إتباع طريقة أخرى لهذا؟.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوالد مطالب شرعاً بالعدل بين أبنائه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري ومسلم.
هذا هو الأصل.. إلا أن للأب أن يخص بعض أبنائه بأمر ما - ثوابا كان أو عقابا - لسبب يقتضي تخصيصه، وسبق في الفتوى رقم: 66606، أقوال أهل العلم في ذلك، فإذا كان تعاملك القاسي والشديد مع إحدى بناتك لحاجة ولظروف معينة، فلا بأس بذلك، فليس على الأب أن يعامل جميع أبنائه المحسن منهم والمسيء سواء، غير أننا نحذرك من النقد السلبي الهدام، وننصحك بالرفق في الأمر كله، ونشير عليك بإرسال سؤالك إلى قسم استشارات الشبكة، وستجد عندهم توجيهات نافعة في طريقة التعامل مع ابنتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1427(13/563)
الحض على بر الوالدين ثوابه كبير
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنتي الوحيدة بلغت 3 سنوات ذكية جداً الحمد لله رأت والدها 5 مرات وذلك بسبب انفصالنا وإقامتي بعيداً عن بلدي الأصلي طوال هذه المدة، حاولت قدر المستطاع تذكير ابنتي بوالدها ووضعت صورته بغرفتها، وأذكرها بأجمل الصفات وأنه يحبها، وكانت كثيراً ما تسر لذكره، أخذتها لرؤيته باعتبار أنه يقيم ببلدي الأصلي، وكان اللقاء الأول جيداً وكانت سعيدة ولا تكف عن ذكره، عند بلوغها 3 سنوات طلبت مني السفر لرؤيته لبيت طلبها خاصة أني أرغب بتوطيد علاقتها به، لكن خاب أملي لأنها كانت أكثر حذراً وخوفاً منه بدون سبب يذكر، إضافة إلى أنه كان أكثر بروداً معها وغير مهتم لها، وكانت ترفض البقاء معه، وطلبت مني العودة لبلد الإقامة، وبعد مرور 5 أشهر كلما ذكرته تصرخ بعصبية وتقول إنها لا تريده ولا تحب ذكره، أريد أن أشير أنها تعلقت بأخي الأكبر وتناديه بابا، وهو يحبها بجنون أخبروني كيف أتصرف مع ابنتي هل أتركها على حالها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على سعيك في ربط ابنتك بوالدها، وتربيتها على حبه وصلته، فصلة الرحم من أوجب الواجبات، والوالد يأتي في مقدمة من يجب صلته، ونرجو أن تكوني من الذين قال الله فيهم: وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ {الرعد:21} .
فاعملي قدر استطاعتك على تحبيب والد ابنتك لديها حتى تستطيع بره في المستقبل، ولكي لا تقع في عقوقه، وسيكون ذلك في ميزان حسناتك إن شاء الله، واختاري الأسلوب الأمثل لذلك، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، كما يجب على الوالد صلة ابنته والإنفاق عليها، وينبغي له أن يفعل ما يحببه لديها بالهدية والزيارة والحنو ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1427(13/564)
ضرب الآباء أولادهم أمام الأقارب مما لا ينبغي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للأم أو للأب أن يضرب ابنه ويشتمه ويلعنه أمام الناس أو الأقارب بدون سبب؟ وهل يجوز للولد أن يسأل أبويه لماذا يعاملانه بهذه الطريقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للأب والأم فعل ذلك، أما الضرب فإنما يباح للتأديب والإصلاح فقط، فللوالد أن يضرب ولده على أداء الفرائض وللنهي عن المنكرات، ولا يكون إلا بعد الأمر بالقول ثم الوعيد، ثم التعنيف، ثم الضرب، إن لم تجد الطرق المذكورة قبله، ولا يضرب الصبي لترك الصلاة إلا إذا بلغ عشر سنين، ولا يجاوز ثلاثا عند الحنفية والمالكية والحنابلة، وهي أيضا على الترتيب، فلا يرقى إلى مرتبة إذا كان ما قبلها يفي بالغرض وهو الإصلاح، من الموسوعة الفقهية باختصار وتصرف يسير، وتراجع الفتوى رقم: 14123.
وأما الشتم واللعن فإنه حرام، فقد نهى الشرع عن سب وأذية المسلم عموما، فقال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب: 58} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. متفق عليه.
قال النووي: فسب المسلم بغير حق حرام بإجماع الأمة، وفاعله فاسق، كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى
فعلى الوالدين أن يتوبا إلى الله من هذا الذنب، ومن حق الولد سؤال والديه عن سبب ضربهما وإيذائهما له، ويمكن أن يستعين بأحد الأخيار أن ينصحهما ويذكرهما بحرمة هذا العمل، وينبغي له أن يصبر ويعفو، ويقابل السيئة بالحسنة، ولا يجوز له أن يحمل في قلبه حقدا أو كراهية لوالديه، وفي الأخير ننصح هذا الولد ببر والديه وطاعتهما وعدم إغضابهما والدعاء لهما بالمغفرة والهداية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1427(13/565)
ضرب الطفل للتأديب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ضرب أختي الصغيرة حيث إنها تضايقني كثيرا\" وتغلط علي وبيني وبينها 12 سنة ولا تحترمني إلا بالحيلة ووالدي ينهيانها عن ذلك ولكن قليلا\" جدا\"ويدللانها حتى تتمادى علينا نحن الكبار، وأنا أتضايق لأني أضربها، دلوني أرجوكم كيف أتعامل معها ومع أهلي الذين يسكتون عن الموضوع أكثر الأوقات]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن خلق الإسلام في هذا هو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه. رواه أحمد
فينبغي أن يكون تعاملك مع أختك الصغيرة بالرحمة واللين، والكلمة الطيبة، لتتعلم من أخلاقك وحسن تصرفك، وبيني لها أهمية الأخلاق، واحترام الكبير ونحو ذلك. والضرب في الغالب لا يعود بفائدة، وإن حدث فينبغي أن يكون بإذن أبويك ويكون الضرب في أقل نطاق، وفي الحاجة القصوى، ويكون ضربا خفيفاً لا يشين جارحة ولا يجرح ولا يكسر، لأن الهدف منه التأديب، لا التنكيل.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1427(13/566)
دور الرقية الشرعية في علاج الشغب عند الأطفال
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنة عمي لديها طفل مشاغب جداً جداً عمره حوالي أربعة سنين ويقوم بتصرفات يشعر أهله بأنها غير شعورية , فمثلا يقوم بإشعال النار في المنزل والعبث بكل شيء وأمور كثيرة ... مع أنه طبيعي ولكنه مشاغب جداً جداً, فهل هناك أذكار وأدعية مأثورة لكي يقرأها أهله عليه؟
وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليهم أن يكثروا من الدعاء له بالهداية والصلاح، وأن يسعوا في إصلاحه بالتربية المناسبة لمن في سنه، ونوصي بتلاوة الفاتحة, وآية الكرسي, والإخلاص, والمعوذتين مع النفث عليه, فإن في ذلك بركة ستظهر بإذن الله تعالى على أخلاق الولد وتصرفاته، ونوصي بالصبر عليه فإن هذا السن عند الأولاد هو سن النشاط وكثرة الحركة، فيؤدب بالرفق واللين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1426(13/567)
مدى مسئولية الأب عما يحدث بين أولاده من جنايات
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً وزادكم من فضله.. أما بعد: أحد الآباء له ولدان -5 و 7 سنوات عمر كل منهما- أثناء لعبهما وانشغال الأسرة قص الطفل الأصغر (بمقص ورق صغير) أذن أخيه الخارجية فجرحها جرحا كاد لولا فضل الله يؤدي إلى انفصال الأذن الخارجية ولقد تطلب حوالي الـ 10 غرز لإعادة الأذن لمكانها، والسؤال هو: هل هذا الأب عليه أي شيء شرعا من كفارة أو ما شابه، هل يتوب ويستغفر فقط، أم لا يوجد عليه أي شيء وأن ما حدث لا يعدو كونه لعب عيال وأننا لسنا مؤاخذين به! ......... المؤسف حقا أن كثير من الأدوات أو لعب الأطفال الحالية العادية ممكن أن تؤدي إلى إصابات شتى بسيطة وبليغة فما هى حدود مسؤولية الأب من الناحية الشرعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسؤولية الأبوين معاً في تربية الأولاد وتنشئتهم تنشئة إسلامية صحيحة، وخاصة الأب باعتباره المسؤول الأول في الأسرة مسؤولية كبيرة جداً، فلا بد أن يغرس فيهم مبادئ الإسلام العظيمة، ويربيهم على التخلق بالأخلاق الحميدة، ولا بد أن يرعاهم ويرقب تصرفاتهم، ولا بد أن يسعى في تحبيب كل منهم إلى الآخر، ولا بد أن يجنبهم كل السبل المؤدية بهم إلى كافة أنواع الخطر.... إلى غير ذلك من الأمور التي تدخل في تربيتهم وحفظهم.
وأما ما يحدث بينهم من الجنايات وغيرها، فليس للأب مسؤولية عنه، طالما أنه لم يكن متسبباً فيه، ولم يتمكن من الحيلولة دونه، ولم يفرط في الحفظ، فلا كفارة عليه في شيء من ذلك ولا دية، وأما التوبة والاستغفار فهما مطلوبان من المسلم في كل حال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1426(13/568)
تأديب الأطفال بالضرب.. نظرة تربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[لي طفل صغير عمره 3 سنوات لكنه عصبى جداً فى بعض الأحيان يضرب أمه أثناء غضبه. فهل عقاب هذا الطفل الضرب أم الإسلام يحرم ضرب الأطفال. ويفضل إرشادى لطريق التربية الإسلامية مع العلم أن هذا الطفل يتيم وأنا زوج والدته فهل ضرب الطفل اليتيم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الإسلام الآباء بتربية أبنائهم تربية صحيحة، بأن يدربوهم على الدين والأخلاق الفاضلة الحميدة، وإن استدعى الأمر ضربهم في بعض الأحيان لذلك فلا مانع منه، لكن بشرط أن يصل الطفل إلى سن التمييز، لأن الضرب قبل ذلك لا يفيد.
ولا شك أن ضرب الطفل الصغير ابن ثلاث سنين ونحوها غير مشروع لأنه يضر الطفل أكثر مما ينفعه، ولأنه ما زال في سن لا يعقل فيها معاني الزجر. وبالنسبة لليتيم فإنه يؤدب كما يؤدب غيره، ولكن بشرط أن يصل إلى سن يعقل معها معنى العقوبة، ويدرك المعنى الذي يراد منه الوصول إليه. ذكر عبد الرزاق في المصنف أن عائشة سئلت عن أدب اليتيم؟ فقالت: إني لأضرب أحدهم حتى ينبسط. وسأل رجل سعيد بن المسيب مم يضرب الرجل يتيمه؟ قال: مم يضرب الرجل ولده.
فضرب اليتيم جائز، ولكن بشرط استحقاقه الضرب ومنفعته له. وبالنسبة لما سألت عنه من الإرشاد إلى طريق التربية الإسلامية، فملخص ما نقول لك فيه هو أن القدوة في المراحل الأولى من حياة الطفل تلعب دورا هاما ورئيسا في توجيه سلوكه. فهو إذا شعر بحب والديه للقرآن والحرص على تطبيق أوامر الشرع من خلال تصرفاتهما، فإن هذا الشعور سوف ينتقل إليه تلقائيا، ودون جهد منهما. وسيتولد لديه شعور بالارتياح نحو الدين، وسيتعلم الاهتمام به وعدم تفضيل أشياء أخرى عليه. ويدرك مع مرور الزمن أن هذا الدين شيء عظيم، جليل، كريم، يجب احترامه، وحبه وتقديسه.
وأخطر شيء على تربية الطفل هو أن ينهاه والده عن الشيء مع ممارسة الوالد لما ينهى عنه. فحينئذ سيفقد الطفل الثقة بجدوائية أوامر الوالد، ويعتقد أنه إنما ينهى عما ينهى عنه ليختص به نفسه. يقول بعض المربين: إن التهذيب بالأعمال خير من التهذيب بالأقوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1426(13/569)
لا بأس بضرب الأطفال على سبيل التأديب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أم أخاف على أطفالي من نفسي وهناك شعور داخلي لا أستطيع السيطرة عليه ويجعلني أفكر في ضرب أبنائي خاصة عندما يثيرون غضبي وأنا لم أضرب أحدا منهم بعد ولكن التفكير بحد ذاته يخيفني أحاول أن أتغاضى عن التفكير بالاستيعاذ من الشيطان أو قراءة بعض سور القرآن القصيرة وسؤالي هل أنا طبيعية أم لا في تفكيري هذا وأحيانا يتبادر إلى ذهني صور أو مشاهد من أفلام عن أطفال عذبوا أو تم إيذاءهم وهذا يخيفني كثيرا وحتى أنني أحيانا لا أحب أن أبقى معهم وحدي في البيت، وأرجوكم مساعدتي وأنا أحب أولادي كثيرا وأخاف عليهم من نفسي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه أوهام لا حقيقة لها ولا تلتفتي إليها، واشغلي نفسك بأذكار الصباح والمساء ومطالعة النافع والمفيد ككتب السيرة النبوية، وكتب سير الصالحين ككتاب صفة الصفوة، وحضور دروس العلم إن تيسر لك ذلك، وفقك الله لمرضاته.
والأطفال إن صدر منهم ما يستدعي تأديبهم ولو بضرب غير مبرح فلا حرج في ضربهم وإن لم يصدر منهم سبب للتأديب فلا يجوز ضربهم، وتراجع الفتوى رقم: 24777، والفتوى رقم: 53765.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1426(13/570)
الهدي الإسلامي في تربية المراهقين والمراهقات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الطريقة الإسلامية لإبعاد الفتاه المراهقة عن الانحراف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التربية الإسلامية تبدأ في مرحلة مبكرة من حياة الإنسان، بل تبدأ قبل ولادته بحسن اختيار أمه.
هذا، وإن الكلام في تربية المراهقين يطول ويحتاج إلى مختصين ولكننا نكتفي هنا ببعض الجمل:
أولا: ينبغي التعامل مع الفتاة المراهقة بأسلوب يختلف عن الأسلوب الذي يتعامل به مع الأطفال، فلا يحتقر شخصها ولا تسفه آراؤها؛ وإنما يحل النقاش الهادئ للأفكار الخاطئة محل الزجر والنهر.
ثانيا: ينبغي أن يوفر لها مساحة أوسع من وقت والديها وتعطى فرصة أكبر للتعبير عما بداخلها، وعلى الوالدين أن يكون استماعهم لها أكثر من حديثهم إليها.
ثالثا: ينبغي أن تشعر هذه الفتاة بأن أهلها يحبونها ويرحمونها وذلك لأنها إذا تشبعت في بيتها بالحنان والرحمة فلن يكون في قلبها فراغ عاطفي تحتاج لأن يملأه الأشخاص غير المرغوب فيهم كالشباب الذين يعاكسون الفتيات ويسمعونهن من كلمات الحب والحنان ما افتقدته الفتاة في بيتها.
رابعا: يجب على والديها أن يقطعوا عنها وسائل الانحراف فلا يمكنوها من مشاهدة الفضائيات ولا تصفح الإنترنت إلا برقابتهم وتحت إشرافهم، ولا يملكوها جهاز هاتف جوال، ولا يمكنوها من الخلوة مع المدرس أو السائق أو الطالب ونحوهم، ولكن ينبغي أن تكون طريقتهم في ذلك كله حكيمة.
خامسا: ينبغي أن توفر مكتبة متنوعة تحتوي كثيرا من المواد النافعة وليكن انتقاؤها بإشراف بعض طلاب العلم.
ولمزيد تفصيل حول التعامل مع المراهقين يمكنكم الاستماع إلى محاضرة بعنوان كيف نفهم المراهقين للشيخ محمد إسماعيل المقدم، وهي على صفحة الشيخ في موقع طريق الإسلام www.islaway.com وكذلك محاضرة للدكتور عبد الكريم البكار بعنوان: آباء يربون، وانظروا كتاب منهج الترية الإسلامية للشيخ محمد قطب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1426(13/571)
ضرب الأطفال في غير محله يعود بالضرر عليهم
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى الشيخ الفاضل
أنا أم لولد وبنت أرسل لك هذه الرساله لأنني تعبت من نفسي لأنني أضرب أولادي كثيراً لعدم سماع الكلام، والمشكله أنني أعرف أن هذا غلط وأنا الآن أبكي وأرسل لك هذه الرساله لأنني ضربت ابنتي وأنا أعرف أن السبب تافه جداً, وأتعب كثيراً بعدها, ولا أعرف لماذا مع أنني أقرأ كثيراً عن تربية الأطفال وأقرأ في الأحاديث كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل مع الأطفال وأعرف أن الله سبحانه وتعالى يراقبني ولذلك أنا أخاف وأقول في نفسي أنا هكذا لأن الله ليس براضٍ عني، والمشكله الأكبر أنني أتغير عندما أخرج من باب المنزل مع أنني لا أريد أن أكون من المرائين ودائما أسأل الله أن يعلمني كيف أربي أولادي، وأنا أعلم أن هناك طرقا أخرى لعقاب الأطفال، ولكن عندما أراهم يفعلون ما يغضبني أضربهم وأكثر الأحيان على رأسهم من الخلف وعلى مؤخرتهم، وعمر ابنتي ثماني سنوات وابني أربع سنين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلاج ذلك أيتها الأخت الكريمة بأن تلزمي نفسك الصبر والتحمل وكظم الغيظ، فإن ما يفعله أكثر الآباء من الضرب غير المتزن لا يعود إلا بنتائج سلبية في التربية، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16372، 24777، 37091.
ويمكنك مراجعة قسم الاستشارات في موقعنا فهم أكثر اختصاصاً في هذا الموضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1426(13/572)
مدى مسئولية الأب عن ولده المنحرف والذي يتلفظ بألفاظ كفرية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الوالد الذي يترك ابنه يسب الجلالة -وليس الدين- الله أكبر- ويقوم بإزعاج الجيران ويتعاطون الحشيش والمسكرات، هل صحيح أن الملائكة تلعنه وحتى لو كان تقيا في الدنيا والآخرة، وإذا قالوا له رب أولادك فيقول لا أستيطع الأولاد لن يسمعوا كلامي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما حكم سب الله تعالى فقد أجمع أهل العلم أنه كفر، وتراجع الفتوى رقم: 767، وتقدم حكم تناول المخدرات والمسكرات في الفتوى رقم: 1994، والفتوى رقم: 2750.
وأما بخصوص مسؤولية والد هذا الابن الذي يقوم بهذه الأمور، فلا شك أن الوالد مسؤول عن تربية أبنائه التربية الصالحة، وتنشئتهم على الأخلاق الفاضلة، وإبعادهم عن مواطن الشر والفساد، وهذا واجب عليه بصفته وليهم، وبتقصيره فيه يأثم، لحديث: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.. .
فإذا بلغ الابن فلا ولاية للأب عليه إلا في حالة أن يكون مفسداً فللأب تأديبه حينئذ، قال الفقهاء: وتنتهي ولاية الأب على الغلام إذا بلغ وعقل واستغنى برأيه، إلا إذا لم يكن مأمونا على نفسه، بأن يكون مفسداً مخوفاً عليه، فللأب ولاية ضمه إليه لدفع فتنة أو عار، وتأديبه إذا وقع منه شيء. انتهى من الموسوعة.
فإذا كان الأب غير قادر على تأديبه ولا منعه من هذه التصرفات، فعليه أن ينكر عليه بحسب قدرته باليد إن استطاع، وإلا باللسان والقلب، وليس مسؤولاً أمام الله عن تصرفاته بعد أن يبذل الجهد في نصحه، لقول الله تعالى: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164} ، وأما بشأن هل الملائكة تلعنه وإن كان تقياً؟ فلا نعرف فيه شيئاً من نصوص الوحيين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1426(13/573)
عوامل حفظ الأبناء من الانحراف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسؤولة عن عيال أخواتي بعضهم مسافر وبعضهم متوفى والمشكلة أنني ألاحظ منهم بعض سلوكيات تشير إلى الانحراف رغم التربية والتوعية المستمرة، ومما يزيد مشكلتي هو أنه لا يوجد أي رجل في البيت يساعدنا على مرافقتهم في الخارج، فماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تربية الأبناء من أهم الواجبات على المكلفين، والله سائل أولياء أمورهم هل حفظوا ما اؤتمنوا عليه أم ضيعوا؟ فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم6} .
وقال صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه مسلم.
وإن أولى الناس برعاية هؤلاء الأبناء هم آباؤهم الأحياء، ولا ينبغي أن يمنعهم سفرهم عن القيام بما أوجبه الله تعالى عليهم من تربية أبنائهم إلا إذا اضطروا لذلك السفر وتعذر عليهم اصطحاب أبنائهم، إذ ما الفائدة في جمع المال مع تعريض دين الأبناء وأخلاقهم للخطر؟
وأما الأبناء الذين تقومين على رعايتهم، فعليك أولاً أن تعملي على تقوية إيمانهم بالله وربط قلوبهم به، وجعلهم يراقبونه في الخلوة والجلوة، فإن من علم يقيناً أن الله يراه ويسمع كلامه فسيستحي منه ويتقيه.
ثم عليك أن ترصدي تلك السلوكيات المنحرفة التي انتبهت لها وتناقشيها معهم وتخوفيهم بالله وتحذريهم من عواقبها.
وإذا كانوا صغاراً فامنعيهم عن أصدقاء السوء، ولا تسمحي لهم بالخروج من البيت إلا إلى جهة معلومة لديك، وراقبي صدقهم بقدر المستطاع، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
ولا تمكنيهم من استخدام وسائل قد تفسدهم مثل الفضائيات والهواتف الجوالة، ولا تعينيهم على الفساد أبداً بإعطائهم مالاً فوق ضرورتهم.
وحاولي أن توفري لهم صحبة صالحة، فإن صحبة الصالحين تغري بالصلاح، وإن الصاحب ساحب، واستعيني على ذلك بإمام المسجد أو مدير المركز الإسلامي القريب منكم، ولو رأيت أنك عاجزة عن القيام برعايتهم فأخبري آباءهم أو من هم أقدر على رعايتهم من أوليائهم قبل فوات الأوان، ولا تتركي الدعاء أبداً، فإن الله لا يعجزه شيء، وراجعي للأهمية كتاب: مسؤولية الأب المسلم. للشيخ عدنان حسن باحارث، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 52681، 34320، 57690.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1426(13/574)
من وسائل تقويم الولد المنحرف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري 15 سنة أريد حلا لهذه المشكلة عندي أخت الآن سنها 19 سنة تدرس في الثانية من الثانوي منذ كان سنها 16 سنة وهي بدأت في المعاصي مثلا أحيانا لا تنام في المنزل دون علمنا، كان أبي وإخواني ينصحونها وينهونها عن كل ما تفعله ولكن لم ينفع معها أي شيء اضطروا أن يضربوها مع أن أبي يخاف أن تمو ت في يد أحدهم ولكن حتى الضرب لم ينفع معها قط، نصحناها أكثر من 30 مرة ولكن لا فائدة ولا نتيجة بعد ذلك اقترح أخي الأكبر أن نحبسها في البيت وقمنا بإغلاق باب المنزل بالمفتاح لكن بعد يومين سرقت سلسلة ذهب من المنزل وقفزت من النافذة للطابق الثاني من المنزل وهربت هل إذا رجعت نحبسها في غرفة مع إعطائها الأكل والشرب؟
أفيدونا بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنصيحتنا أولاً لهذه الفتاة أن تتوب إلى الله سبحانه وتعالى من هذه المعاصي، ومن مخالفة والديها اللذين يجب عليها طاعتهما، ولتعلم أن ما تفعله سيكون وبالاً عليها في الدنيا والآخرة، وإن كانت تنقم من أهلها شيئاً أو تتضايق من شيء من تصرفات أهلها، فعليها أن تصارح أبويها بما تعانيه أو بما تحس به، وعلى والديها أن يحسنوا معاملتها، وأن يهتموا بها، ويلبوا مطالبها المشروعة.
وعلى هذه الفتاة أن تتقي الله في والديها اللذين أحسنا إليها وربياها صغيرة، وأن تطيعهما وتكف عن عصيانهما، وهل جزاء الإحسان إلى الإحسان.
ونذكر الآباء بمسؤوليتهم الكبيرة نحو أبنائهم، وما يجب عليهم من توجيه الأبناء وتربيتهم على الأخلاق والآداب الإسلامية وتجنيبهم كل ما يؤدي إلى سلوك هذه المسالك المنحرفة وربطهم بالمساجد وأهل الخير، وإبعاد كل الوسائل التي تشجعهم على هذا السلوك.
أما بشأن حبس الفتاة في غرفة، فنرى أن لا يلجأ إلى هذه الوسيلة إلا عند الضرورة القصوى، وعند استنفاد كل الوسائل الأخرى، وذلك أن الحبس ربما أدى إلى نتائج عكسية من حقد الفتاة وتمردها أكثر، وربما فعلت بنفسها مكروهاً لا سمح الله، والبديل هو أن لا يسمح لها بالخروج إلا مع العائلة أو أحد الأقارب، ونرى أن يبادر والدها إلى تزويجها متى تقدم لها الرجل المناسب، ولعل هذا يكون علاجاً لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1426(13/575)
وسائل إيضاح الأمور الدينية للأطفال
[السُّؤَالُ]
ـ[لى ابنة تبلغ من العمر 11 شهرا، فمتى أبدأ معها الحديث عن أن الله هو الذي خلقها وكل الأشياء الدينية، كما أريد أن أعرف كيف أشرح لها بطريقة دينية بسيطة تناسب عقلها كيف جاءت إلى الحياة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتبدئين الكلام مع ابنتك عن الأمور الدينية بمجرد أن تميز وتعقل، ولمعرفة وسائل إيضاح الأمور الدينية للأطفال، طالعي الكتب التالية:
1- مسؤولية الأب المسلم (مرحلة الطفولة) تأليف عدنان حسن با حارث.
2- منهج التربية النبوية للطفل.. تأليف محمد نور سويد.
3- منهج التربية الإسلامية (النظرية والتطبيق) تأليف محمد قطب.
واستمعي لمحاضرة بعنوان (آباء يربون) للدكتور عبد الكريم بكار، وكذلك مجموعة أشرطة بعنوان (نحو محو الأمية التربوية) للشيخ محمد إسماعيل المقدم وتجدينها على موقع طريق الإسلام www.islamway.com
وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 57690، 21752، 17078 وكذلك الفتاوى والاستشارات المتفرعة عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1426(13/576)
معنى التفرقة بين الأولاد في المضاجع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المقصود من أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتفرقة بين الأبناء في المضاجع عند بلوغهم العاشرة التفرقة بين البنات والأولاد أو التفرقة بين الولد والولد وبين البنت والبنت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من محاسن الإسلام الجليلة حرصه على العفة والطهارة وغرس ذلك في الناشئة من أتباعه، ومن ذلك أمره بالتفرقة بين الأولاد في المضاجع، أخرج أبو داود في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. والعلة من التفريق نص عليها صاحب عون المعبود عند شرحه لهذا الحديث نقلا عن المناوي حيث قال: فرقوا بين أولادكم في مضاجعهم التي ينامون فيها إذا بلغوا عشرا حذرا من غوائل الشهوة وإن كن أخوات. اهـ.
وهذا التفريق شامل للجنسين معا، وأدنى مراتبه أن يحال بينهم باللباس، قال صاحب مواهب الجليل: معنى التفرقة في المضاجع قال المواق: قال اللخمي: أن يجعل لكل واحد منهم فراش على حدته. وقيل: أن يجعل بينهم ثوب حائل ولو كان على فراش واحد ـ ثم نقل عن ابن حبيب قوله: وأرى أن يفرق بينهما جملة وسواء كانوا ذكورا، أوإناثا، أو ذكورا وإناثا. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1426(13/577)
فتاوى في تربية الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[قامت زوجتي بشق ثوبها نتيجة لشقاوة الأبناء الشديدة وامتناعهم عن تناول الطعام مع الوضع في الاعتبار أننا رزقنا الله بتوأم (بنات) وكل منهما تقلد الأخرى في كل شيء مما جعل زوجتي تخرج عن شعورها.
حكم الدين في ذلك
وجزاكم الله كل خير عن جميعا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الفتاوى التالية أرقامها: 16148، 19635، 13767، 17078، 21752، 34320، 35306، 57690،
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1426(13/578)
الأب مكلف شرعا بتربية عياله على الدين والفضيلة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا شخص في العائلة متدين وحج.... ولكن بناته غير محجبات ويتبرجن يخرجن إلى الأسواق ويقطعن الصلاة ويسمعن الأغاني.. ألخ، وقلت قبل أمس لقريبي أنه ليس مؤمنا 100% ولديه أخطاء كثيرة وهي أن هناك حديث: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) وهو لم يحجب بناته ولا يجبرهن على الصلاة ويتركهن يفعلن ما يريدن (من الناحية الدينية) ، فجأة انقلبت علي كل العائلة كأني شيطان أو كأني كفرت وقالوا إن الحجاب ليس من أركان الإسلام وإنه في زماننا هذا لا يستطيع الرجل أن يسيطر على بيته مثل ذاك الوقت فقلت لهم إن الذي لا يستطيع أن يسيطر على بيته ليس برجل، فهل أنا على صواب أم على خطأ، وهل آخذ إثما لأنهن من عرضي باعتبار أن أباهن موافق على بقائهن هكذا..... وهل أبوهم على صواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التناصح بين المسلمين وتواصيهم بالحق والصبر من آكد الواجبات الشرعية، ولكنه يتعين أن يكون ذلك بحكمة ورفق وعدم تعنيف على من ليس تحت سلطتك، فقد قال الله تعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ {النحل:125} ، وقال لموسى وهارون في شأن فرعون: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى {طه:44} .
ولا شك أن الأب مكلف شرعا بتربية عياله على الدين والفضيلة وأنه مسؤول عنهم، ولكن الأولى في خطابك له أن تحرص على ما يزيد إيمانه ويرغبه في قيامه بمسؤوليته تجاه عياله.
وأما حكمك بنقص إيمانه فليس مما يزيد إيمانه بل يثير غضبه وتحصل ردة الفعل باتهام الأسرة بالكفر، وقد يكونون على علم بتكفير من كفر المسلم فظنوا أنك كفرته فأصبحت كافراً بسبب ذلك، ففي الحديث: أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما.
ثم إن الحجاب ليس من أركان الإسلام المبينة في حديث الصحيحين: بني الإسلام على خمس ... . ولكنه من آكد الواجبات المتحتمة على النساء، فعليك أن تحرص على رأب الصدع بينكم، وبين لهم بحكمة أن الإيمان يزيد وينقص، وأنه يسوغ شرعاً وصف غير المستقيم 100 بنقص إيمانه، كما في حديث الصحيحين: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن..
وأنك لم ترد تكفيره وإنما أردت تنبيهه على الخطر المحدق به، ثم بين له بحكمة ما يجب عليه في الموضوع، وراجع في ذلك وفي ترك الحجاب لمجاراة العصر، وفي زيد الإيمان ونقصه الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9044، 53230، 11344، 41016، 37729، 22101.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1426(13/579)
جواز تقبيل الأطفال مودة وشفقة
[السُّؤَالُ]
ـ[طفلتي تبلغ من العمر 6 أشهر فهل لو قبلت يديها وأرجلها حرام؟
أرجو الرد بسند.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في ذلك، فإن الأصل هو جواز تقبيل الأطفال مودة وشفقة ورحمة، وتقبيل الأطفال ثابت بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نص بعض الفقهاء على استحبابه، ودليل استحبابه ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الأقرع بن حابس أبصر النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الحسن فقال: إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحداً منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه من لا يرحم لا يرحم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1425(13/580)
هل يلقن الولد الشهادتين عند البلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[ (1) إذا ولد المولود مسلما لأبوين مسلمين هل على الأبوين أن يقولا له الشهادتين عندما يبلغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
فالولد تابع للمسلم من أبويه، فإن كانا مسلمين أو أحدهما حكم بإسلامه، ولا يحتاج إلى أمره بالشهادة عند البلوغ، وإن كانا كافرين احتيج إلى ذلك.
قال النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم: كل مولود يولد متهيئا للإسلام، فمن كان أبواه أو أحدهما مسلماً استمر على الإسلام في أحكام الآخرة، وإن كان أبواه كافرين جرى عليه حكمهما من أحكام الدنيا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1425(13/581)
الطفل في صغره يحتاج إلى الحب والشفقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج منذ أكثر من 10 سنوات لي طفلة واحدة عمرها الآن 8 سنوات، زوجتي كانت تعامل ابنتنا بطريقة لا أتحملها فكانت تضربها وعمرها لا يزال أشهراً واستمرت بذلك رغم رفضي وإرشادي إلى أن أتى يوم كان فيه عمر ابنتنا السنتين، قامت زوجتي بسحب ابنتنا من يدها بشدة لأنها فعلت خطأ، مما اضطرنا للذهاب إلى المستشفى وعمل الأشعة وظلت الطفلة لمدة أسبوعين لا تستخدم يدها من الألم الوالدة كفت عن الضرب بعد هذه الحادثة إلا أنها لا تتوانى في تعنيف الطفلة يومياً لأتفه الأسباب وبالصوت العالي والتهديد والوعيد، وهي لا ترى ما تفعله خطأ بل تقول هكذا تفعل كل الأمهات، ومن النادر أن أرى زوجتي تقبل ابنتي بل من الصعوبة أن تشتركا في أي نشاط والسبب هو رفض زوجتي أن تلاعب الطفلة أو أن تسايرها في عمرها، زوجتي الآن تريد طفلاً وأنا حائر بين الشرع الذي حسب ما لدي من معلومات لا يؤيدني في رفض طلبها، وبين إحساسي بل ويقيني أن طفلنا لن يكون سعيداً بسبب ما سيتحمله من والدته من قسوة وسوء معاملة، بالإضافة إلى الأيام العصيبة التي ستمر علي طيلة السنين القادمة حيث ستتكرر نفس الحياة القاسية التي مررت بها عند تربية طفلتي الأولى، خاصة وأن طبيعة عملي لا تترك لي وقتا كافيا لأعوض أولادي عن الحنان والرعاية المفقودة في البيت، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أباح الشرع تأديب الطفل الذي في سن يعي فيها الغرض من التأديب، ومن تأديبه أن يضرب إذا لم يفد فيه غير الضرب، واستدل القائلون بهذا بحديث: مرو أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أبو داود. وراجع في كيفية الضرب وضوابطه الفتوى رقم: 14123.
وعليه، فقد أخطأت هذه الأم في ضرب ابنتها في سن لا تعي فيها أي شيء، وفي الشدة عليها والغلظة، وفي مجافاتها وعدم ملاعبتها وحرمانها من العطف والحنان، فإن الطفل في صغره يحتاج إلى الحب والشفقة، وأن يلاعب ويدرب على الأخلاق الفاضلة والحرف النافعة، ويؤخذ بالفضائل ويبتعد عن الرذائل، وكل ذلك في جو من المرح والسكينة، بعيداً عن التدليل والإهمال والشدة والعنف.
ومع هذا، فإن للأم الحق في الإنجاب وفي استكمال لذتها من الجماع، فلا تفكر في قطع ذلك عنها، فقد يطرأ لها من الرشد والتجربة ما يجعلها تحسن تربية أولادها في المستقبل، وعليك بنصحها وتبيين الطرق الصحيحة للتربية لها، ولا بأس بأن توفر لها الكتيبات والصحف التي تتحدث في هذا المجال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1425(13/582)
علاج الكذب عند الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أم لفتاة عمرها 15 سنة، فعلت خطأ فظيعاً وضايقتني بالفعل، وهي تعلم أنني أحبها للغاية وأعطف عليها جداً، ولكنني في هذه المرة لم أستطع أن أسامحها وبخاصة أنها تصرّ على الكذب دائماً وتدعي أنها تقول الحقيقة، ثم تعترف بعد ذلك أنها كانت تكذب، لقد قلت لها في لحظة انفعال ذات مرة (أدعو الله أن يأخذك) إذ لم أتحمل ما فعلته وقتها ولا ما قالته لأن ذلك يؤثر على كل الأسرة، لقد ندمت على ذلك ولكن لا أدري ما أفعل، إنني أدعو الله عادة أن يحميها وأن يقيها شر كل سوء، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أوجب الله على الوالدين مسؤولية تجاه أبنائهم بتنشئتهم على الإيمان والتقوى والأخلاق الفاضلة والصدق وتجنب الكذب، فقال سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم:6} ، وأمرنا بالصبر عليهم والمجاهدة فيهم، فقال سبحانه: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا {طه:132} ، وينبغي أن لا يهمل جانب القدوة الحسنة، وجانب الدعاء الذي يهمله الكثير من الناس، وكذلك الأعمال الصالحة، فإنها تحفظ الأبناء.
قال ابن سيرين: أي بني، إني أطيل في الصلاة رجاء أن أحفظ فيك، وتلا قوله تعالى: وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا.
واعلمي –رحمك الله- أن علاج الكذب بالقسوة أو التعنيف لا يفيد في هذا السن، فيجب معرفة دوافع الكذب والتغلب عليها، وزجر الأبناء بنصوص الشرع الواردة في ذم الكذب، مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار.
وأنه من خصال المنافقين، وترغيبهم في الصدق، وأنه أساس الحسنات وجماعها، قال صلى الله عليه وسلم: عليكم بالصدق، فإنه يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة.
قال ابن القيم: الإيمان أساسه الصدق، والنفاق أساسه الكذب، فلا يجتمع كذب وإيمان إلا وأحدهما يحارب الآخر. انتهى.
وننصحك بالابتعاد عن الدعاء على ابنتك، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا ساعة يسأل فيها عطاء فيستجاب لكم. رواه مسلم.
وعليك بالدعاء لها بالصلاح والثبات بدل الدعاء عليها، وكان الأولى العفو عنها عند زلتها وعدم مؤاخذتها بها، قال الله تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:22} ، وذلك مع توجيهها ونصحها كما قدمنا، وأما وقد دعوت عليها في حالة غضب، فنرجو ألا يلحقك بذلك إثم ولا يلحقها ضرر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1425(13/583)
مسائل أسرية وتربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم التكرم بأن ترسلو رسالة خاصه لزوجي لأنه:
* يصرخ على الأولاد حتى ولو كان مجرد كلام فلا يتكلم إلا بالصراخ.
* لا يعدل بين الأولاد ... يفضل الصغير على الكبير مما نتج عنه الوجه الحزين للكبير.
* لا يتكلم كلام حلو فهو جاف نوعا ما.
* لا يتجمل لي حتى أحب معاشرته.
* يضرب الأولاد بأي سبب كان.
* يتدخل في أموري الخاصة بحجة أنه المسؤول عني ولا يخاف أنه هو السبب إذا ضعت عن جادة الصواب بسبب إهماله وتصرفاته هذه.
* لا يحبني أن أسمي الأولاد سبحان الله أتعب هذا التعب كله وفي الأخير هو يسمي علماً بأنني أموت في اسم لينة ونهى إذا أنجبت بنتا ولكنه غير راض ويقول لي ليس لك ذلك يريد تسميتها عائشة حتى تطلع مثل عائشة عليها السلام (أرأيتم العقلية كيف) !!
* لا يعاشرني بالمعروف ككل الأزواج كخروج إلى الحدائق أو الذهاب إلى أي مكان فأنا بصراحة كرهت الروتين
* أخاف على عيالي لا يطلعون مثله.
* يتهمني دائما بسلاطة اللسان.. علماً بأنني ولا شيء أمام زوجات إخوانه (الذين هم كخاتم في أصابع زوجاتهم) وفوق ذلك هم يمدحون زوجاتهم
* أهله وخالاته يتدخلون في حياتنا فيطلعون عيوباً فيّ أمام زوجي وهو لا يدافع عني لأنه يخاف من المشاكل تخيلوا بالله المأساة التي أعيشها معاهم
* علماً أنه ملتزم والحمد لله ولديه مميزات ولكنني أريد حلا لتصرفاته التي ذكرتها آنفاً..... وجزاكم الله عنا وعن جميع المسلمين خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن تربية الأبناء تربية إسلامية صحيحة هي مسؤولية الأبوين معاً وخاصة الأب باعتباره المسؤول الأول في الأسرة، ومن هنا فإنه لا بد أن يكون المربي على قدر كبير من الحكمة، بحيث يعرف كيف يغرس في الأولاد مبادئ الإسلام العظيمة ويربيهم على التخلق بالأخلاق الحميدة، ولا يتم هذا إلا باتخاذ المربي كل الطرق المشروعة وينوعها، فتارة يكون ذلك بالكلمة الطيبة، وتارة باستغلال المناسبات وهكذا، أما الضرب والتوبيخ فلا يلجأ إليهما إلا في نهاية الأمر عندما تفشل كل الطرق الأخرى، وانظري الفتوى رقم: 14123، والفتوى رقم: 24777.
ولا شك أن مما يؤثر على تربية الأبناء سلبا هو التفريق بينهم في المعاملة بما في ذلك تخصيص بعضهم بالعطايا د ون البعض، ولهذا ورد النهي عن ذلك في حديث النعمان بن بشير المتفق عليه قال: نحلني أبي نحلاً، ثم أتى بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشهده، فقال أَكُلَّ ولدك أعطيته هذا؟ قال: لا، قال: أليس تريد منهم البر مثل ما تريد من ذا؟ قال: بلى، قال: فإني لا أشهد. وفي رواية لأحمد: فإني لا أشهد على جور. وراجعي الفتوى رقم: 19505، والفتوى رقم: 6242.
ومن الأمور التي لها علاقة بالتربية اختيار الاسم الطيب للولد أو البنت كعبد الله وعبد الرحمن ومحمد وأحمد وعائشة وفاطمة ونحو ذلك، وأولى بالأبوين باختيار الأسماء هو الأب، قال ابن القيم في تحفة المولود: التسمية حق للأب لا للأم إذا تنازعا في تسمية الولد، والأحاديث تدل على هذا. انتهى، ومع ذلك فينبغي التشاور بين الأبوين، وأن لا يتعسف الأب في ممارسة هذا الحق وانتزاعه من الأم، فهي لها حق وإن كان حق الأب مقدماً عن التنازع.
أما بخصوص المعاشرة بالمعروف فهي حق ثابت لكل من الزوجين على الآخر وقد مضى الكلام فيه في الفتوى رقم: 9560، والفتوى رقم: 15669.
وعلى كلٍ؛ فإننا ننصح بأتخاذ أسلوب الحوار والتفاهم بما يضمن بقاء الود ويجنب الطرفين الخصام والخلاف، وهذا يستدعي من الزوجين احترام بعضهما بعضا بعيدا عن التشدد في الرأي، ولا شك أن المرأة العاقلة الفطنة هي التي تحاول التقرب من زوجها وإشراكه في أمور حياتها فلا ترى لنفسها خصوصية دونه، وهذا مما يزيدها عند الله قدراً وعند زوجها مكانة، كما أن أحسن الرجال وأفضلهم هو ذلك الذي يعامل أهله بالحنان والتسامح والرفق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي.
ومما يدخل في هذا الترفيه عن الزوجة والأولاد بالطرق المشروعة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يداعب الحسن والحسين؛ بل يداعب أطفال أصحابه، ففي الصحيحين من حديث أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ يقال له أبو عمير قال أحسبه فطيم، وكان إذا جاء قال: يا أبا عمير ما فعل النغير كان يلعب به. قال الحافظ ابن حجر فيه: جواز الممازحة وتكرير المزح وأنها إباحة سنة لا رخصة.
وإذا كان هذا في حق الغير فمن باب أولى أولاد المرء نفسه؛ بل أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل عدم تقبيل الأولاد نوعاً من انتزاع الرحمة من قبل الإنسان، روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أتقبلون الصبيان!! فما نقبلهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك.
وفي شأن ملاعبة الزوجة والترفيه عنها تقول عائشة رضي الله عنها: سابقني النبي صلى الله عليه وسلم فسبقته، فلبثنا حتى إذا رهقني اللحم سابقني فسبقني، فقال: هذه بتلك. رواه أحمد في المسند وصححه الأرناؤوط.
وفي الصحيحين واللفظ لمسلم عن عائشة رضي الله عنها: أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تغنيان وتضربان، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى بثوبه، فانتهرهما أبو بكر، فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه، وقال: دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد، وقالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون وأنا جارية، فاقدروا قدر الجارية العربة الحديثة السن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1425(13/584)
المدرسة ومجالس العلم مكان عام بالنسبة للطلاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا معلم وفي أحيان كثيرة يتأخر بعض الأولاد في الحضور إلى المدرسة فيظن زملاؤهم أنهم غائبون هذا اليوم فيقوم طالب بالجلوس مكان زميله الغائب وخصوصاً إذا كان زميله يجلس في مكان متقدم في الصف وفي بعض الأحيان يحضر هذا الطالب المتأخر في منتصف الحصة الأولى مثلاً ويطالب زميله الذي جلس مكانه أن يقوم ليجلس هو في مكانه المعتاد فأنا عندها آمره بالجلوس في أي مكان فارغ حتى نهاية الحصة وأستدل بشيئين أولهما معاقبة المتأخر بأن لا يجلس في مكانه هذه الحصة، وثانياً بحديث \"لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس مكانه\" متفق عليه من حديث ابن عمر، فهل ما أفعله صواب أم خطأ حتى يتسنى الرجوع إلى الحق؟ وجزاكم الله خيراً، ونفعنا وإياكم بالعلم النافع والعمل به.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلت هو الصواب –إن شاء الله تعالى- لأن منع الطالب مما يرغب من مكان أو غيره فيه تأديب وتعزير له على تأخيره، وعدم التزامه بالوقت، وخاصة إذا كان هذا المنع أمام زملائه، فيحمله ذلك على الالتزام دون اتخاذ الوسائل الأخرى من التأديب والتوبيخ.
وزيادة على ذلك، فهو يقلل من اضطراب الفصل عند دخول شخص جديد بعد استقرار كل طالب في مكانه، ومن آداب مجالس العلم أن يجلس الطالب حيث ينتهي به المجلس ولا يقيم غيره أو يضايقه.
وهو ما دل عليه الحديث الذي أشرت إليه وفيه: ولكن تفسحوا وتوسعوا وكان ابن عمر يكره أن يقوم الرجل من مجلسه ثم يجلس مكانه.
فينبغي للمعلم أن يعود طلبته على الآداب الشرعية عملياً حتى لا تبقى المعلومات التي يتلقونها مجرد نظريات لا يطبقونها في واقع حياتهم، وحتى يعلموا أن المدرسة ومجالس العلم مكان عام بالنسبة للطلاب يستوون فيه، وأن من تعود على الجلوس في مكان لا يجعله ذلك ملكاً خاصاً به، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 18842.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1425(13/585)
قول الأب لأبنائه إنهم أبناء حرام.. رؤية أدبية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما عقوبة الأب الذي يقول لأولاده أنهم أولاد الحرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للمسلم أن يعود لسانه على القول الطيب، لقول الحق سبحانه وتعالى: وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً [البقرة: 83] ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت. متفق عليه.
وخاصة إذا كان المتكلم أباً، لأن الأبناء في الغالب ينظرون إلى آبائهم على أنهم المثل الحسن من حيث القدوة والاتباع مما يحتم عليهم الحرص على الالتزام بالشرع والأخلاق الحميدة، والبعد عن الألفاظ البذيئة والمشينة حتى لا يتربى أبناؤهم على ما لا ينبغي قوله أو فعله، فيتسببوا في انحراف أبنائهم عن الدين والخلق الرفيع، فيكونوا بذلك قد فرطوا في المسؤولية التي أوكل الله إليهم في تربية أبنائهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته. رواه البخاري.
ولا شك أن من الألفاظ القبيحة المحرمة قول الأب لأبنائه إنهم أبناء حرام، وذلك أن هذا اللفظ كناية، فإن قصد صاحبه القذف كان قذفاً، ولا يخفى ما في القذف من التحريم، وإن قصد به الشتم والسب فقط لا يعتبر قذفاً لأن ألفاظ القذف تابعة للاستعمالات العرفية والقرائن الحالية.
قال القرافي في الذخيرة: وضابط هذا الباب الاشتهارات العرفية والقرائن الحالية، فمتى فقدا حُلِّفَ أنه لم يرد القذف ولا يحد، ومتى وجد أحدهما حد، وإن انتقل العرف وبطل بطل الحد. كما لو قال له: يا ندل، فإنه في الأصل زوج الزانية، والآن اشتهر في عدم الكرم أو عدم الشجاعة فلا حد به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1425(13/586)
أهم مظاهر عطف الآباء على أبنائهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في احترام الأبناء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائل الكريم يقصد احترام الأبناء للآباء، فإن كان الأمر كذلك فإن احترام الأبناء للآباء فريضة فرضها الله تعالى في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي مما علم من الدين بالضرورة،
قال الله تعالى: [وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً] (الإسراء:24)
وأما إذا كان القصد احترام الآباء للأبناء: فإن الله سبحانه وتعالى جبل الآباء على العطف والحب لأولادهم بما يستوجب المودة والاحترام لهم، وربما أعطوهم فوق حقهم ورفعوهم فوق منزلتهم، ولهذا لا نجد القرآن الكريم يوصي الآباء على الأبناء كما أوصى الأبناء على الآباء.
وأهم مظاهر احترام الآباء لأبنائهم وأنفعها لهم في الدنيا والآخرة أن يحسنوا تربيتهم ويعلموهم مبادئ دينهم ويعودوهم على طاعة الله تعالى، وعمل كل خير، كما قال صلى الله عليه وسلم: مروا أبناء كم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أبو داود
ومن حسن معاملتهم واحترامهم العدل بينهم كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: اتقو الله واعدلوا بين أبنائكم. متفق عليه
أما أن يطلقوا لهم العنان ويهملوا تربيتهم ويوفروا لهم ما يشتهون ثم بعد ذلك يسقطون فريسة الأهواء والشهوات فهذا ليس من الاحترام، وإنما هو تضيع للأمانة.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1425(13/587)
يجب على الأهل حصانة الأولاد وصيانتهم من الفساد
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخت في ال23 من العمر. في غايه العقوق لوالديها. لا تسمع لهم كلام ولا تكن لهم أي احترام. لقد وصلت ِِبها الوقاحه إلى سب أمها. نحن نعيش في بلد أجنبي وقد استنفذوا كل السبل لمحاولة تربيتها وإصلاحها لكن بدون جدوى. يسألونكم ما حكم طرد ابنتهم من المنزل أو هل يوجد حد إسلامي لهذه المشكلة؟
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يهدي هذه البنت لبر أمها، ولانتهاج الطريق المستقيم، واعلم أن طردها وهي على الصفة التي بينت لا يجوز، لأنه لا شك سيؤدي بها إلى ارتكاب المخالفات الشنيعة وإلى الشذوذ بكافة أنواعه، وهي تستحق على أهلها الحصانة والصيانة من الفساد، ولا بد أن تبقى في رعايتهم محمية من كل سوء حتى تتزوج ويدخل بها الزوج، ففي المدونة: والجارية حتى متى تكون الأم أولى بها إذا فارقها زوجها أو مات عنها؟ قال: قال مالك: حتى تبلغ النكاح ويخاف عليها، فإذا بلغت النكاح وخيف عليها نظر، فإن كانت أمها في حرز ومنعة وتحصين كانت أحق بها أبدا حتى تنكح، وإن بلغت ابنتها ثلاثين سنة أو أربعين سنة ما كانت بكرا فأمها أحق بها ما لم تنكح الأم أو يخف عليها في موضعها، فإن خيف على البنت في موضع الأم ولم تكن الأم في تحصين ولا منعة أو تكون الأم لعلها ليست بمرضية في حالها ضم الجارية أبوها أو أولياؤها إذا كان في الموضع التي تصير إليه كفالة وحرز ...
وإذا كان أهل العلم قد اختلفوا في السن التي تبقى فيها الجارية في حضانة أمها، فإنهم لم يختلفوا في أنها لا تكون حيث يخشى عليها الفساد، فالصواب أن لا تملوا من موعظة هذه البنت ومحاولة إصلاحها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1425(13/588)
من طرق نصح الابن الكبير
[السُّؤَالُ]
ـ[أب نصح ابنه البالغ من العمر 26 عاماً بترك بعض المنكرات (الصغائر) وكرر هذا الطلب مرات ولكنه لم يستجب، هل يعتبر أنه قد أدى ما عليه أمام الله أم سوف يحاسبه الله على أفعال هذا الولد، مع العلم بأنه يربيه على ما يرضي الله منذ صغره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن تربية الأولاد مهمة عظيمة ومسؤولية جسيمة تحتاج إلى كثير من العلم والحكمة، والتروي وعدم العجلة، واتخاذ أحسن الأساليب التي تعين في الوصول إلى هذا الهدف السامي، ولا شك أن قيام الأب بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قيام بواجب يثاب عليه، ويرفع عنه الإثم والحرج من هذه الجهة، ولكن ينبغي أن لا يقف عند هذا الحد، بل عليه مداراة ابنه في مثل هذه السن، وأن يظهر له من التودد والتطلف وحسن المعاملة ما يستطيع به أن يقوده إلى بر الأمان وإلى سبيل الهداية، وفي المقابل أن يبتعد عن أسلوب العنف والتجريح والإحراج.
ثم إنه ينبغي أن لا ينسى أن دعوة الوالد لولده مستجابة، روى أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث دعوات مستجابات، لا شك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم.
وننبه إلى أن على الوالد أن لا يفوت الفرصة الطيبة التي تثمر ثماراً طيبة ألا وهي مرحلة الصغر، في النصح والتوجيه، بل وقبل ذلك تنبغي محاولة إصلاح الأم حتى تكون عوناً للأب في هذا الأمر فهي الألصق بالأولاد الصغار، وأكثر وجوداً معهم في البيت، وللمزيد من الفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 34320، والفتوى رقم: 18336.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(13/589)
آداب تأديب الأولاد وزجرهم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا لدي أبناء صغار، وأحياناً كثيرة، أنهرهم وأصرخ عليهم إذا أخطأوا وطبعاً يرتفع صوتي ويكون هذا في بيتي، فهل حرام علي هذا، يعني إن سمع أحد صوتي، وهل حرام علي أن أرفع صوتي على أبنائي وزوجي في البيت وهو لا يحب أن ينهرهم لأن هذه هي وظيفتي، أناً أقصد طبعاً تربية الأبناء، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المرأة في نهر ولدها عند الخطأ وزجره عنه، ويكون ذلك بحكمة مما يجعل الولد يحس بأن أمه ما رفعت صوتها عليه إلا لوقوع خطأ منه، لأن كثيراً من الأمهات تنهر ولدها وتردعه عن كل شيء، مما يجعل هذا النهر ورفع الصوت عنده من قبل أمه أمراً طبيعياً عادياً، وفي هذه الحالة لو سمعها رجل أجنبي فلا شيء عليها، لأنها نهيت عن الخضوع بالقول للأجنبي كما قال تعالى: لا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً (الأحزاب: من الآية32) .
وننبه المرأة إلى أن المسلم في الأصل لا يرفع صوته لأن رفع الصوت أمر مستنكر ومزعج، فإذا كان زوجها ينزعج ويتأذى بذلك فلا تفعل ذلك بحضرته، ولتستعمل أسلوباً آخر للتأديب في هذه الحالة، كما ننبه الأخت الفاضلة وزوجها الكريم إلى أن تربية الأولاد مسؤوليتهما معاً وليست من وظيفة المرأة فقط، فهي راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والزوج راع في بيته ومسؤول عن رعيته، وفق الله الجميع لما في صلاح الدين والدنيا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1425(13/590)
حول تربية الأطفال وحضانتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[انا سيده توفي زوجي قبل مدة قصيرة وأخشى من المجتمع من حولي أن يحولوا بيني وبين تربية أطفالي أرشدوني إلى طريقي جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعظم لك الأجر وأن يخلف عليك بخير وأن يصلح لك ذريتك، ولا نعلم كيف يحول المجتمع بينك وبين تربية أطفالك إلا إن كنت تقصدين فساد المجتمع، وقد تقدمت لنا فتاوى كثيرة في تربية الأولاد، فراجعي مثلاً الفتاوى التالية: 13767 / 16372 / 16834 / 17078 / 13607 / 39384.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1424(13/591)
قوا أنفسكم وأهليكم نارا
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ولد في الثانية عشرة من عمره دخلت عليه ذات يوم فإذا هو يلوط بابن خالته فهل عليه شيء؟؟
علما بأنه لم يبلغ بعد ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت لنا عدة فتاوى في حكم الصغير إذا ارتكب كبيرة من الكبائر توجب حدا، فراجع منها الفتوى رقم: 12330، والفتوى رقم: 37005.
ونزيد هنا فنقول: إن الأبناء أمانة في عنق الآباء، فالواجب على الأب أن يحرص على تنشئة أبنائه تنشئة صحيحة، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم: 6] .
ولقوله صلى الله عليه وسلم: والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها. رواه البخاري.
فينبغي عليك أن تبحث عن الأسباب التي أدت بولدك لفعل هذا المنكر وطرق علاجها، فإنك مسؤول أمام الله عز وجل عن أبنائك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(13/592)
هل نلبي جميع رغبات الطفل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعارض زوجتي في شراء مانيكير (طلاء أظافر) لطفلتناالبالغة من العمر عامين ونصف عام، فما الحيلة ونحن في زمن عزت فيه التربية السلوكية السليمة للبنين والبنات مع مستحدثات العصر، فهل نلبي لكل طفل رغباته ونقول حتى لا يكون عنده كبت حين يكبر، أفتونا مأجورين ورجاء توجيه رسالة للأمهات اللاتي يعتقدن أنهن أعلم بفنون التربية السليمة وجزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت معارضتك لزوجتك في شراء الطلاء المذكور لطفلتكم الصغيرة هو لكونك تعتقده محرما، ولا تريد أن تنشئ بنتك على ما ينافي الشرع، فلا شك أن معارضتك هذه تبنى على توجه حسن.
لكنا نخبرك أن هذا الطلاء إذا كان خاليا من ضرر يجلبه لمستعمله وليس معدا من مواد نجسة، فلا مانع من استعماله، وقد مضت لنا فتاوى في ذلك، فراجع منها الفتوى رقم: 664
وعما إذا كان ينبغي أن نلبي لكل طفل رغباته، فهذا أمر في غاية الإجمال، والصحيح عند أهل التربية أن الطفل ينبغي أن يساق إلى مصلحته من حيث لا يشعر أنه مكبوت، فنربيه على العقيدة الإسلامية والأخلاق الفاضلة والمثل العليا، ونهتم به بدنيا وروحيا، فننمي عواطفه وأحاسيسه، ونسعى لشحذ عبقريته وفتح قابلياته، ونراعي صحته.
والأم مسؤوليتها في كل هذا كبيرة جدا، فيلزم أن يمتلئ قلبها أولاً بالإيمان، ثم أن تتقي الله فيما أودعت من إعداد لأجيال المستقبل.
ثم تحذر هذه الفتن التي ماجت وراجت في أسواق المسلمين.
فهي كما قال الشاعر:
الأم مدرسة إذا أعددتها ... أعددت شعبا طيب الأعراق
والأم نبت إن تعاهده الحيا ... بالري أورق أيما إيراق
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1424(13/593)
حتى لا تقع الفاحشة بين الإخوة والأخوات
[السُّؤَالُ]
ـ[من داعب أخته مداعبة الزنا وهو في سن 14 سنة وهي في العشر سنوات دون حصول أي نوع من الوطء، ما حكم الشرع فيه خصوصا أن الاثنين كانا لا يدركان الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله عز وجل حرم الزنا وحرم ما يوصل إليه فقال: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30] ، وقال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
ويزداد الإثم جرماً والأمر خطورة إذا كان الزنا أو مقدماته مع إحدى المحارم، فالواجب على هذين التوبة إلى الله عز وجل من هذا الفعل القبيح الذي يدل على انتكاس الفطرة، إن كانا قد بلغا، ولا إثم عليهما إذا كانا في ذلك الوقت لم يبلغا.
ويجب على الوالدين أن يفرقا بين الإخوة والإخوات في المضاجع، إذا بلغوا سن العاشرة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أحمد وأبو داود.
وعلى الوالدين أيضاً أن يبعدا أبناءهما عن كل ما يفسد أخلاقهم ويقلب فطرتهم، لا سيما في هذا الزمن الذي انتشرت فيه الرذيلة والفساد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(13/594)
كيفية تقوية الشخصية والثقة بالنفس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسان أعاني من ضعف في الشخصية، وأنا أعمل مدرسا وتلاميذي يسخرون مني، وعندما أغضب عليهم يقولون عني إني سريع الغضب، فماذا أفعل كي أكون مدرسا محترما من قبل التلاميذ وذا شخصية مؤثرة وقوية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فخير ما يعين على علاج ضعف الشخصية هو تقوية الإيمان والثقة بالله، وترك الوساوس والخيالات الفاسدة، والمحافظة على الفرائض والإكثار من الأعمال الصالحة، ولا سيما الصدقة وقيام الليل والدعاء والذكر.
وقد بينا بعض الوسائل التي تساعد المعلم على القيام بوظيفته خير قيام في الفتوى رقم: 26405.
ويوجد في قسم استشارات الشبكة كثير من النصائح النافعة في كيفية تقوية الشخصية وتقوية الثقة بالنفس، تجدها في الاستشارة رقم: 2836، والاستشارات المحال عليها.
وننصحك بالكتابة إليهم فهم أكثر اختصاصاً بحالتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1424(13/595)
ضرب الأطفال حكمه وضوابطه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز عقاب الأطفال في سن مبكرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود بالسؤال: العقاب بالضرب فهو جائز في الجملة، إذا كان الطفل مميزا، وكان الضرب غير مبرح وبقدر الحاجة.
وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 14123، 18842، 24777، 33524.
وإذا كان المقصود العقاب بالتهديد والتأنيب ونحو ذلك، فهو مشروع ما دام الطفل مميزا، ولم يخرج عن الحد المشروع.
ومن أمثلة الخروج عن الحد المشروع تهديد الطفل بالقتل أو الحرق أو الذبح، ونحو ذلك مما يتضرر به الطفل ضرراً بالغاً وينعكس على شخصيته في المستقبل، وراجع للفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16372، 34342، 30322.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1424(13/596)
لا يمكن أن يستوعب معاني صفات الله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[طفلي 4 سنوات عند تحفيظه سورة الفيل سأل والدته عمن هم أصحاب الفيل، فأجابت، ثم عن الطير الأبابيل، ثم لماذا يترك الله بيته حتى يتم هدمه، ولماذا لا يجلس فيه ليدافع عنه، وأخيراً ماذا يلبس الله من ملابس (سبحان الله) ، ماذا نقول له، أعينونا؟ يجزيكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طفلاً بهذا المستوى من العمر لا يمكن أن يستوعب معاني صفات الله تعالى، وعليه فيكتفى بصرف نظره إلى العموميات، وأن الله تعالى لا يمكن قياسه بخلقه، لأنه ليس كمثله شيء، فلا يتصور له لباس، ولا يمكن جلوسه في بيت، لأنه أكبر من كل شيء ومحيط بكل شيء وقادر على كل شيء، وأمره نافذ إذا أراد شيئاً يقول له كن فيكون، وهو قادر على إماتة سائر المخلوقات في لحظة وإحيائهم في لحظة، ثم نحاول كفه وصرفه عن مثل هذه الأسئلة، بتزويده بمعلومات مبسطة عن قصص الأنبياء وحياة الصحابة، ونحو ذلك مما لا يتعذر عليه فهمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1424(13/597)
دور الشاب في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو دور الشاب في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكل فرد من المسلمين له دور يجب عليه أن يقوم به شابًّا كان أو شيخًا، رجلاً كان أو امرأة، غنيًّا كان أو فقيرًا؛ وذلك لأن الإسلام يحث على العمل ويدعو إليه. قال تعالى: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [التوبة:105] . وقال صلى الله عليه وسلم: اعملوا فكل مُيسَّر لما خُلق له ... رواه البخاري وغيره.
لكن الإسلام قد أحاط الشباب بمزيد عناية لما لهم من تأثير في الحياة؛ إذ هم أداة الإنتاج، وحماة الأمة، وحُمَّال العلم، وجذوة نشاط الأمم. ومن أهم الجوانب التي اهتم الإسلام برعاية الشباب فيها:
1- حمايتهم من الآفات، ليحفظ عليهم دينهم، وينمي فيهم الولاء لله ولدينه، ولذلك أمرهم بغض البصر وحفظ الفرج، وحثهم على الزواج لأجل ذلك.
2- ترغيبهم في الفضائل ومحاسن الأخلاق، وبيان فضيلة ذلك وأثره، ففي الحديث: "إن الله يحب معالي الأخلاق ويكره سَفْسَافها. رواه البيهقي وصححه الألباني.
ولكي يتأهل الشباب للقيام بدوره المنوط به يجب عليه أن يسعى لاستكمال آلة العلم النافع، وأن يشفع ذلك بالعمل الصادق الخالص، وألا يتوانى في سبيل خدمة دينه ومجتمعه، وأن يحذر من الانحراف في تيارات الفتن والأهواء التي تقودها كثير من وسائل الإعلام المختلفة في كثير من البلاد، بإيعاز من أهل الشر والفساد، الذين قال الله عنهم: وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً [النساء:27] .
فالشباب الذين يريدون نفع أمتهم هم الذين يتأسون بالذين قال الله عنهم: يُرِيدُونَ وَجْهَهُ [الأنعام:52] ، وقال عنهم: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ [النور:36، 37] .
ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 11465، 17670، 16541، 23391، 14258.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1424(13/598)
تنظيم أمور التربية مما ينبغي التوافق فيه بين الأبوين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
أنا وزوجي نختلف في تربية ابننا في الأمور الدنيوية كالأكل واللباس و ... فما أراه صوابا يراه غير صالح فهل لزوجي أن يتدخل في هذه الأمور التي تعتني بها الأمهات أصلا وليس الآباء؟ وإذا خالفته هل أنا آثمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الخلاف الذي يجري بينك وبين زوجك في تربية ولدكما إنما هو في مأكله وملبسه ونحوهما، فالأمر سهل والحمد لله، وليكن الحكم بينكما في هذا هو المرجع إلى الدليل الشرعي وسؤال أهل العلم في ذلك، إذا كان الخلاف في حِلِّ المأكل والملبس أو حرمتهما. وإذا كان الخلاف في أنواع ذلك كلون الملبس - مثلاً - فالمرجع في ذلك إلى العرف السائد في لباس أبناء البلد ممن هم في سن ولدكما. وفي حالة إصرار الزوج على شيء معين فالقول قوله وعليك طاعته؛ لأنه الراعي والقائم على البيت كله.
وينبغي لك أن تسعي برفق وحكمة في إقناع زوجك بما ترينه هو الأليق والأنسب.
وعلى كل من الزوجين أن يعلم أن تسيير الأمور في البيت مما ينبغي أن يتنازل الواحد منهما للآخر فيه، ما دام الأمر في حدود المشروع، وبذلك تدوم المودة وتصلح الأحوال، وأما مع المشاحة وإمضاء الرأي من طرف كل واحد في كل شيء، فقد يعكر ذلك ويسبب سوء تربية الأبناء، لما يرونه من الشقاق بين أبويهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1424(13/599)
نصائح تربوية لتحلي الأولاد بالصدق والانتهاء عن ضده
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم،،
عندي ابنة في الـ18 من عمرها وتدرس بكلية التربية وأعاني معها من فترة طويلة جداً من كثرة كذبها علي في أمور كثيرة وقد تكون غير ذات أهمية وأخرى في منتهى الأهمية وتعبت معها استخدمت الحوار والإقناع بأن الكذب لا يؤدي إلا إلى ضررها والضرب والآن لا أعرف ماذا أعمل معها؟ مع العلم بأنها ملتزمة دينيا ومنقبة وهي تعرف جيداً أن الكذب حرام فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننصحك بالنصائح التالية:
1) الإكثار من الدعاء لها بالصلاح والاستقامة والصدق، خاصة في السجود، والثلث الأخير من الليل.
2) بناء جسر من المودة والتفاهم بينك وبينها، إذ عليه يمر العلاج، وبه يُسمع النصح والتوجيه، ويكون ذلك بوجوه البرّ والإحسان إليها، وقد حثَّنا النبي صلى الله عليه وسلم على الإحسان إلى البنات خاصة فقال: من عال ثلاث بنات فأدبهنَّ ورحمهنَّ وأحسن إليهنَّ فله الجنة. رواه أحمد بإسناد صحيح. وقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: إنما سموا الأبرار؛ لأنهم بروا الآباء والأبناء، كما أن لوالديك عليك حقًا، كذلك لولدك عليك حق. رواه ابن أبي الدنيا في كتاب العيال.
3) الابتعاد عن مبدأ العقاب بالضرب، لا سيما أن ابنتك الآن قد جاوزت مرحلة الطفولة، كما أن الضرب ليس وسيلة تربية في أغلب الأحوال، بل قد يكون سببًا لتعثر العلاقة بينك وبينها، ويزيد المشكلة المراد حلّها، وفي ذلك يقول ابن خلدون في مقدمته: من كان مرباه بالعسف والقهر من المتعلمين أو المماليك أو الخدم سطا به القهر، وضيق على النفس في انبساطها، وذهب بنشاطها، ودعاه إلى الكسل، وحمله على الكذب والخبث، وهو التظاهر بغير ما في ضميره، خوفاً من انبساط الأيدي بالقهر عليه، وعلّمه المكر والخديعة لذلك، وصارت له هذه عادة وخلقًا.
4) المحافظة على أن تكون قدوة في الصدق، وبما تأمر به من فضائل الأخلاق؛ إذ قد يكون المربي قدوة السوء من حيث لا يشعر؛ فكم من الآباء مثلاً يوصي ولده بأن يقول لمن يطلبه في الهاتف أنه غير موجود! أو يسمعه يعتذر لأحدٍ بأعذار غير صادقة، فيتعلم الولد الكذب، وبكل أسف في المنزل، وممن؟ ممن كان الأولى به أن يكون القدوة الحسنة، وفي ذلك يقول الشاعر:
وينشأ ناشئ الفتيان فينا ... على ما كان عوّده أبوه
5) اتباع الرفق في طريقة العلاج، وذلك بالتغاضي وترك التدقيق في كل ما تقوله، والمناقشة والحوار الهادئ، والإثارة والتلميح أحيانًا أخرى فيما يتبين فيه كذبها. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه. رواه ابن حبان.
وهذه الطريقة تحتاج إلى الصبر، واتساع الصدر.
وأخيرًا: إنصافها بعدم التقليل أو التهوين من صالح أعمالها، كالصلاة والحجاب وغير ذلك، بل تُشجّع ويثنى على محافظتها عليها، مقابل التنبيه على أخطائها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1424(13/600)
واجب الأخ تجاه إخوانه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الأخ الثاني في عائلتي التي تتكون من 3أولاد وبنتين وأب وأم هل لي الحق في التدخل في تربية إخوتي، وإذا كان فما الطريقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن واجب الأخ تجاه إخوانه هو نصحهم وتوجيههم ودلالتهم على الخير، فاحرص على تذكيرهم بالله تعالى، وأداء العبادات من صلاة وغيرها، وتودد إليهم بالكلمة الطيبة، والابتسامة الصادقة، والهدية المستطاعة، وتجنب الشدة والغلظة، وإذا رأيت منكرًا فبادر بإنكاره بلسانك، وأبلغ والدك ليقوم بإزالته. هكذا ينبغي أن تسير في دعوتك بالحكمة والموعظة الحسنة، دون أن تغضب والدك أو تنفر إخوتك. وبهذا تسهم في تربية إخوانك وإصلاحهم، واستعن في ذلك بالأشرطة النافعة والكتب المبسطة، وآداب في البر بوالديك، فإن هذا سيسهل لك مهمتك، مع كونه أمرًا مفروضًا عليك.
ونسأل الله أن يوفقك ويسددك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1424(13/601)
الولد الكبير العاصي كيف يقومه أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[ابني شاب عمره 19 سنة يقع في المعصية بين المرة والأخرى، يصلي بتهاون، أدعو له دائما وأتصدق عنه يوميا عسى أن يتقبله ربي. هل تجوز عنه الصدقة؟ فهو لا يزال يأخذ مصروفه من والده؟ وكيف أعينه على الهداية؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما عليك إلا أن تنصحي هذا الولد وتبيني له خطورة التهاون بالصلاة والإصرار على المعاصي، فإن استجاب فالحمد لله، وإلا فلا أقل من أن تنكري ما هو عليه بقلبك.
وتوجهي إلى الله عز وجل بالدعاء والتضرع في هدايته وتوفيقه للتوبة. واعلمي أن دعوة الوالد لولده لا ترد؛ فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهنَّ: دعوة الوالد لولده، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم. رواه أبو داود وغيره.
وأما بالنسبة للصدقة فقد سبق الجواب في الفتوى رقم: 28462 في حكمها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(13/602)
الأسلوب الأمثل في تحذير الأبناء من السلوك الخاطئ
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتقدون أن من الواجب على الآباء تعليم أبناءهم السلوكيات الخاطئة وكيفيتها وتطبيقاتها ثم تشجيعهم على تركها وتجنبها؟ أم ضرورة تعليمهم الدين وأوامره ونواهيه وأحكامه والتركيز عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على الآباء تجاه أبنائهم أن يعلموهم ما فرض الله عليهم من التوحيد والإيمان والعبادة، وأن يغرسوا في قلوبهم حب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يحذروهم من الانحراف الأكبر المتمثل في الشرك بالله تعالى، ثم في كل انحراف يخشى عليهم منه، وذلك حماية لدينهم وإيمانهم، ووقاية لهم من النار، كما قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6] .
وأداء الواجب والمسؤولية الملقاة عليهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها. متفق عليه.
وليس من الصواب أن يعلم الأبناء السلوكيات الخاطئة بهدف التحذير منها، فإن الولد ربما يتعلق قلبه بهذا السلوك الخاطئ إذا مارسه أو شُرح له شرحًا مفصلاً، وإنما ينبغي أن يحذر الأبناء وينفروا تنفيرًا بليغًا مستمرًا من الانحرافات، دون السماح لهم بفعلها أو إغرائهم بتطبيقها.
فمثلاً: ينفر الولد من الكذب والغش والسخرية بالآخرين، ومشاهدة الأفلام الهابطة والمسلسلات الماجنة، وسماع الموسيقى، وغير ذلك من المحرمات، دون أن يسمح له بفعلها، فإن فعله لها منكر لا يجوز إقراره، ولا دعوته إليه ابتداء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1424(13/603)
اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم
[السُّؤَالُ]
ـ[أشعر بأن والدي يفضل أخي عليّ ورغم أنني أعمل مع والدي في المصنع الذي نملكه وهو لا يعمل لأنه صغير إلى حد ما وسبب هذا التفضيل هو أنه ولد وأنا بنت أنا أكره هاتين الكلمتين فأنا والحمد لله ذكية ومتفوقة هل موقف أبي صحيح رغم أن ذلك يؤثر على حياتي النفسية؟ وهل يحق لي المجادلة مع أبي في هذا الموضوع؟
أرجو الإفادة ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على الوالد أن يتقي الله تعالى ويعدل بين أبنائه، ولا يفضل بعضهم على بعض، فإن ذلك يورث البغضاء والشحناء بين الأبناء، ويسبب عدم الرضا على الوالد، وربما كان سببًا في فتنة الأبناء وعقوقهم. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم رواه البخاري.
ولكن عدم العدل بين الأبناء وتفضيل بعضهم على بعض لا يبرر عدم طاعة الوالدين ووجوب برورهم، فعليك بالصبر على والدك، فقد أوصى الله بالوالدين وبرهما وطاعتهما على كل حال، ولا شك أن موقف أبيك غير صحيح.
وعليك أن تستخدمي ذكاءك في استمالة أبيك إلى العدل بتوجيهه إلى ذلك برفق ولين، حتى يتبين له طريق الحق، أو توجهي إليه زوجته، أو من يثق فيه من الأقارب ليرشده، ولا ننصحك بالدخول معه في الجدال والمهاترة، فربما يؤدي ذلك إلى الجفاء والتمادي في الخطأ من طرفه.
وبإمكانك أن تطلعي على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 26960.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1424(13/604)
يبدأ تعليم الطفل من سن التمييز
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أريد أن أعلم ابنتى الدين الإسلامي على حق وهي لديها 3 سنوات، فهل أستطيع أن أجلب لها شيخا؟ وكيف يتم ذلك؟ أم ما زالت صغيرة؟ وما هو الوقت المناسب؟ أرجو الإفادة السريعة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالوقت المناسب لتعليم الأولاد هو إذا ميزوا وأدركوا ما يقال لهم، وليس لذلك سن محددة، بل يختلف الحال باختلاف الأولاد، وعليه فإذا أحسست من ابنتك قبولاً وفهماً لما يلقى إليها فلا بأس من تعليمها بنفسك أو بجلب معلم لها، وينبغي أن تسلك في تعليمها الطريقة الصحيحة وهي تعليمها ما يتناسب معها، ولا تلقي إليها ما يصعب عليها وينفرها من العلم، وقد قال الله تعالى: وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيينَ [آل عمران:] وذكر البخاري في صحيحه: أن الرباني هو الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1424(13/605)
الصبر، الصبر، تبلغا القصد
[السُّؤَالُ]
ـ[ابني عمره 18 سنة في الثانوية العامة منذ فترة ليست بالقليلة نهج أسلوب عدم الطاعة وعدم الانصياع للنصيحة بل أكثر وقته خارج المنزل مع أصحابه، وهم في الغالب أناس سيئون، لأنه يكذب إذا حدث، وتمتد يده إلى أي نقود لا تخصه، ويخلف كل وعد وعد به، والأكثر من ذلك اعتداؤه على والدته بالقول والفعل، وكثيرا ما قمت بنصيحته ونتيجة المستقبل الغير المبشر نتيجة عدم مذاكرته وعدم أدائه للصلاة ولا أنفي أنني كنت أعنفه كثيرا مع ضربه أحيانا. أرجو إسداء النصح له ولي جزاكم الله الخير كله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تربية الأبناء مسؤولية عظيمة ومهمة جسيمة تقع على عاتق الوالدين، فهي تحتاج إلى كثير من التروي والحكمة، واستغلال ما يحدث من الأبناء من أخطاء للقيام بالنصح والتوجيه، وإن من أهم ما يكون عونًا للوالدين على النجاح في ذلك هو استغلال مرحلة الصغر. نقل ابن الحاج في المدخل عن ابن العربي قوله: اعلم أن الصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية عن كل نقش وصورته، وهو قابل لكل نقش وقابل لكل ما يمال به إليه، فإن عُوِّد الخير وعُلِّمه نشأ عليه، وسعد في الدنيا والآخرة. اهـ
فالمقصود أن النشأة الصالحة يصبح كل كلام بعدها عند البلوغ مؤثرًا، وإذا فاتت صعب العلاج، ولكن ليس العلاج عندها بمستحيل، وإنما يحتاج إلى كثير من الصبر والتروي وعدم التسرع.
لذا فإننا ننصح والد هذا الصبي الذي بلغ هذه السن بالرفق به، وأن يعامله معاملة الكبير، وأن يبذل إليه النصح من السبيل الذي يرجى أن يكون مؤثرًا عليه من صديق أو قريب أو عالم، وأن توصل إليه النصيحة بإسماعه المواعظ من طريق غير مباشر كجهاز التسجيل مثلاً، وأن تستغل الأحداث المؤثرة عليه من موت قريب أو صاحب. والمقصود مما ذكرنا الحكمة في علاجه، لأن التسرع والعصبية مع أمثاله قد تؤدي إلى أمور لا تحمد عقباها. ونقول لوالديه: الصبر، الصبر، تبلغا القصد، ودعاء الوالد للولد مستجاب بإذن الله. هذا فيما يتعلق بالوالدين.
وأما هذا الصبي فننصحه بأن يتقي الله تعالى وأن يقف عند حدوده وأن يتذكر أنه لهذه الدنيا مفارق، ولربه ملاق، وعلى أعماله صغيرها وكبيرها محاسب، وهنالك إما شقاء وإما سعادة، إما جنة وإما نار.
وليعلم أن ما هو عليه من أفعال هي من كبائر الذنوب، لا سيما ترك الصلاة فإنه كفر، فكيف يكون حاله إذا لقي ربه على ذلك؟! ثم ليعلم أن أعظم حق عليه بعد حق الله تعالى هو حق والديه، فقد قرن الله تعالى بينهما في كتابه فقال: وَقَضَى رَبُّكَ ألاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إيِّاه وَبِالوَالدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء:23] ، فهما السبب في وجوده وتعبا وسهرا من أجل تربيته، فإن لم يقابل هذا الفضل بالإحسان فلا يقابله بالإساءة إليهما وعقوقهما، وإذا كان الرب تبارك وتعالى قد حرم كلمة أُفٍّ عندهما، فكيف يتجرأ على السب أو الضرب، فإنه بهذا على خطر عظيم إن لم يتب إلى الله تعالى. وليعلم أن رحمة الله واسعة وأنه يقبل توبة من تاب وأناب إليه، بل قد يتفضل عليه فيبدل السيئات إلى حسنات. قال تعالى: إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئَكَ يُبَدُّل اللهُ سَيْئَاتِهمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:70] .
ثم ليعلم بعد هذا كله أن والديه لا شك حريصان على مصلحته، فكل ما قد يصدر منهما من تعنيف وكلام لا يرضى عنه فهو في سبيل تحقيق هذه المصلحة، فليلزم والديه وليطلب منهما المسامحة وليختر الصحبة الصالحة التي تذكره إذا نسي، وتعينه إذا ذكر.
رزقنا الله جميعاً الهداية والثبات على طريق الخير حتى نلقاه.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 14123، والفتوى رقم: 5327، والفتوى رقم: 1145.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1424(13/606)
تعلم العربية في سلم الأولويات
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء الإفادة حول تعليم الأبناء في مدارس باكستانية حيث إمكانية تعلم اللغة الإنجليزية من الصغر، مع العلم بأن المدارس العربية المحيطة بي ليست على المستوى المطلوب في اللغة العربية، فأفكر في إرسال الأبناء إلى المدارس الباكستانية لتعلم الإنجليزية، وأتابع أنا في البيت تعليم اللغة العربية بجانب منهج المدرسة المتواضع، علما بأننا في بلد عربي خليجي مسلم يجيد استخدام اللغة العربية العامية طبعا؟ مع الشكر لكم.
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على المسلم أن يبذل وسعه في تربية أبنائه تربية إسلامية صحيحة ويختار لهم البيئة المناسبة لذلك، وعليه أن ينظر في تقدير المصالح والمفاسد بنظرة واسعة وليس من منظار واحد.
فعلى ذلك فلينظر في هاتين المدرستين العربية والباكستانية أيهما أنفع لابنائه من الناحية التربوية والعلمية؟ وينبغي أن لا يقدم تعليم اللغة الإنجليزية على تعليم العربية التي هي لغة القرآن والسنة، ولا يقدمها أيضاً على الناحية التربوية إذا كانت في المدرسة العربية أفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1424(13/607)
التعامل مع الأخ الذي يتعاطى المخدرات
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نحن عائلة مسلمة ويوجد لي أخ صغير يتعاطى المخدرات وعندما أريد أن أضربه تقول لي أمي اتركه من شدة ما أضربه ما حكم الشرع هنا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم حكم المخدرات في الفتوى رقم:
1994، وتقدم الكلام عن أضرارها في الفتوى رقم:
8001.
وتقدم الكلام عن كيفية التعامل مع من يتعاطى المخدرات وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18336، 26500، 30686، 17114.
وتقدم الكلام عن العقاب البدني في الفتوى رقم: 18842.
والذي ننصحك به هو الاستمرار في نصح هذا الأخ ومنعه من جلساء السوء والدعاء له بالهداية ... إلخ ما ذكرناه في الفتاوى المشار إليها.
أما عن الضرب فإن كان من قبل الوالدين فلا بأس به على أن يكون ضرب تأديب لا ضرب تَشَفٍّ، أما إذا كان من قبل الأخ فالأصل المنع منه، إلا إذا تُحقق من أن هذا الضرب يمنعه من المخدرات، ولكن الغالب أن هذا يزيد الأمر سوءاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1424(13/608)
ضرب الطفل قبل سن التمييز يضره ولا ينفعه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زوجي شديد المعاملة مع ابني وعنيف ويتعمد أن يستفزه سواء فى الجد "يضربه" أو المداعبة، مع العلم بأن ابنى يبلغ من العمر سنة وشهرين، وهذا منذ شهرين ويقول إن هذا هو الأسلوب الصحيح ويريد أن يجعله قوياً ما رأي الدين فى ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أمر الإسلام الآباء بتربية ابنائهم تربية صحيحة بما في ذلك تربيتهم على الدين والأخلاق الفاضلة الحميدة، وإن استدعى الأمر ضربهم في بعض الأحيان، لذلك فلا مانع لكن بشرط أن يصل الطفل إلى سن التمييز، لأن الضرب قبل ذلك لا يفيد.
ولا شك أن ضرب الطفل الصغير ابن سنتين ونحوهما غير مشروع لأنه يضر الطفل أكثر مما ينفعه، لأنه مازال في سن لا يعقل فيها ولا يدرك أي شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1424(13/609)
الأطفال ... وصلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[ابني يبلغ من العمر 10 ونصف سنة وعندما أوقظه لصلاة الفجر يصلي وهو نائم وخاصة في السجود فهل علي شيء أو والده وبماذا تنصحونا جزاكم الله عني وعن جميع المسلمين الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أمر الشرع الحكيم الآباء بتربية أبنائهم تربية إسلامية صحيحة بما في ذلك تعويدهم على إقامة الصلاة عندما يكونون في سن السابعة من أعمارهم فما فوق، لما روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع.
وعلى هذا.. فليعلم أولياء هذا الطفل أن أمرهم له بالصلاة متأكد حتى يعتاد عليها؛ لأنه قارب البلوغ، وإذا لم يعتد على الصلاة وهو في هذه السن من العمر فإنه يخشى من تكاسله عنها عندما يبلغ ويكون مكلفاً، وهذه مسألة في غاية الخطورة.
والذي ننصح به لمعالجة هذا الأمر أمور منها: تحبيب الصلاة إلى الطفل، وذكر فضلها ومكانتها في الإسلام، ثم تعويده على النوم مبكراً حتى يأخذ حاجته من النوم قبل الصلاة، وإذا لم ينفع هذا معه فلا بأس بضربه ضرباً غير مبرح.
فإذا أفادت هذه الجهود بإقامة الطفل للصلاة فالأمر واضح؛ وإلا فعلى الأبوين تكرير المحاولات، وذلك لعظم المسؤولية الملقاة على عواتقهما، ولا إثم عليهما بعد ذلك عند من يعتبر خطاب الأولياء لأطفالهم بالصلاة أمراً واجباً للحديث السابق. أما من حمل الأمر في الحديث على الاستحباب فالإثم منتفٍ أصلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/610)
تصرف هذا الزوج لا يقره الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أتصرف مع زوجي وأبي أولادي الذي يكرههم ويؤذيهم بالضرب بدون سبب والجديد أنه الآن يهددهم بالحرق بالمكواة أو صب مياه مغلية عليهم وهم نائمون أو تعذيبهم بالكهرباء رغم أنه مهندس متعلم ويصلى فى المسجد ولا يستطيع تبرير ما يدفعه لهذه التصرفات، الأطفال بنت وولدان أعمارهم 12 و9 و 7، لا توجد لدينا أى مشاكل مادية والحمد لله، فقط هو لا يعجبه مستواهم الدراسي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في الأب هو حرصه على مصلحة أولاده وسعيه فيما يحقق لهم الخير، ورغبته في نشأتهم على أفضل الأدب وأحسن السبل، ولا شك أنه يجوز له في سبيل تأديب أبنائه استخدام أسلوب التأديب من ضرب غير مبرح ونحوه، إلا أن ذلك لا يكون إلا وفقاً لضوابط الشرع التي قد سبق بيانها في الفتوى رقم: 14123، والفتوى رقم: 18842.
إذا تقرر هذا فإن ما يصدر من هذا الزوج لا يقره الشرع ويأباه العقل، ولا يصدر مثل ذلك إلا من أحد رجلين، إما من رجل معذور غير مكلف، فإذا كان الأمر كذلك فيجب إبعاده عنهم صيانة لهؤلاء الأولاد من الأذى والضرر، وإما من رجل قد نزعت الرحمة من قلبه، وفي هذه الحالة ينبغي أن ينصح، ويحذر من خطورة الإقدام على مثل هذا الفعل، فإن ارتدع فالحمد لله وإلا يرفع أمره للسلطات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1424(13/611)
تعليم الأولاد الآداب الإسلامية من واجبات الأبوين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المفروض على الأم أن تنبه ابنتها (بعد بلوغها) إلى ضرورة إزالة الشعر سواء شعر الأبط أو العانة أم هذا غير مفروض إلا على المرأة المتزوجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على الوالدين أن يهتما بتعليم أولادهما العقيدة الصحيحة والأحكام الشرعية والآداب الإسلامية التي يحتاجونها لينشأوا نشأة إسلامية، ومن ذلك أن ينبهوا إلى أن إزالة شعر الإبط والعانة ونحو ذلك من سنن الفطرة التي أرشدنا إليها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، ونتف الإبط، وقلم الأظفار، وقص الشارب. متفق عليه.
ولا يختص ذلك بالمرأة المتزوجة، إنما هو مشروع لكل مسلم، والسنة أن تكون إزالة الشعر من العانة والإبط وقص الشارب وتقليم الأظفار كلما تهيأ الشعر والأظفار لذلك، ولا ينبغي أن يؤخر ذلك من أربعين يومًا، فقد ثبت عن أنس رضي الله عنه قال: وُقِّت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الأبط وحلق العانة ألا نترك أكثر من أربعين ليلة. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(13/612)
بعض الوسائل النافعة لتجنيب الأولاد خطر الأغاني والمسلسلات.
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي بنت عمرها 13 عاماً وأريد أن أجعلها ملتزمه دينيا ولديها الرغبة.. ولكنها ترغب في سماع الأغاني ومتابعة المسلسلات هل أمنعها نهائياً أو لا ضرر في ذلك..لأنني أخاف عليها أن تنفر من الدين عند الضغط عليها ... أرجو أن تدلوني على الطريقة التي أتعامل بها معها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الأغاني والمسلسلات التي تعرض في وسائل الإعلام اليوم لها ضرر أعظم على أبناء المسلمين وبناتهم، ولهذا فإن واجب الآباء منع أبنائهم وبناتهم من مشاهدتها أو الاستماع إليها، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6] .
وينبغي أن يكون هذا المنع بحكمة ورفق خشية أن يؤدي إلى نتائج عكسية، فمعلوم أن شرط إزالة المنكر أن لا يؤدي إلى منكر أعظم منه، والنفور من الدين أعظم بلا ريب من سماع الأغاني ومشاهدة المسلسلات.
فالذي ننصح به هذه الأم هو ان تنصح ابنتها وتبين لها مفاسد الأغاني والمسلسلات، ثم تسعى إلى إيجاد البديل الحلال كالأناشيد المباحة، ولتحرص على ربط بنتها ببنات صالحات في مثل عمرها، وملء فراغها بالهوايات النافعة الجائزة، وتشجعها بالكلام الطيب والهدايا كلما تقدمت في هذه الأعمال، وهكذا لن تجد البنت وقتاً لسماع الأغاني أو مشاهدة المسلسلات، ويمكن للأخت السائلة الرجوع إلى بعض الفتاوى المتقدمة في تربية الأولاد منها الفتوى رقم:
13767، والفتوى رقم: 17078، والفتوى رقم: 17114.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1424(13/613)
تأديب وعتاب لكن بالرفق مع المحبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم مخاصمة الأب لابنته بسبب عدم حصولها على نسبة الدخول للجامعة أو غيرها من الأماكن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنظراً لمحبة الآباء لأبنائهم ورغبتهم في نجاحهم وتفوقهم ربما يلجأون إلى كثرة اللوم والعتاب.. وهذا من حقهم في الجملة، فمن حق الوالد أن يؤدب ولده إذا قصر في أداء الواجب، ولكن ينبغي أن يكون ذلك برفق ولين.
فعليك أن تصبري على عتاب والدك فهو لا يريد بذلك إلا حثك على طلب العلم والتفوق.... وهذا كله في مصلحتك.
ولتعلمي أن بر الوالدين واجب فحقهما يأتي بعد حق الله تعالى مباشرة، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] .
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 1841.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1423(13/614)
رعاية أولاد الزوج من القربات العظيمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلمة تزوجت مسلماً وله ستة أولاد، أنا أقوم برعاية هؤلاء الأولاد وأحبهم، فما هو موقف الإسلام من هذا العمل؟ أسكن في السويد وأريد الإجابة بالعربية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال الله تعالى: وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة:195] .
وعملك هذا من الإحسان ولك فيه أعظم الأجر، ولاسيما أنه إحسان إلى الضعفاء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئراً فنزل فيها فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي بلغ بي، فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه ثم رقي فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له، قالوا يا رسول الله: وإن لنا في البهائم أجراً، قال: في كل كبد رطبة أجر. متفق عليه
فإذا كان هذا الرجل بإحسانه لحيوان ضعيف، قد شكر الله له عمله وغفر له فما الظن بمن يحسن إلى هؤلاء الأولاد الضعاف. ونحن نوصيك بتربيتهم تربية إسلامية، فإن من أبر البر والإحسان أن تهتمي بذلك، مثل: أن تعليمهم التوحيد، ومعنى "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، والتحذير مما يضاد ذلك، ومثل أن تعرفيهم باليوم الآخر، والجنة، والنار، والخوف من الله، ومحبته، وكذلك تصحيح المفاهيم في القضايا التي شوهها أعداء الإسلام، وطرح المفاهيم الغائبة التي يحتاج إليها المسلم.
إلى آخر ما يحتاجه الطفل المسلم لينشأ نشأة إيمانية.. ولك من الله العظيم الأجر والثواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1423(13/615)
كيف تجيب على أسئلة أطفالك الدينية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة ولدي طفلة عمرها ثلاث سنوات ودائما أذكر لها الله وأنه يرانا ويراقب أعمالنا حتى لا تفعل أي خطأ مثل الكذب مثلا لكنها دائما تسألني ما هو الله وهل هو رجل وأجيبها لا إنه هو الذي خلقنا فتقول لي كيف يرانا وكيف يسمعنا ولا أعرف كيف أجيب على أسئلتها لذلك أرجو مساعدتكم لي في الإجابة على أسئلتها بما يتناسب مع عمرها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن تأسيس العقيدة السليمة منذ الصغر أمر بالغ الأهمية في منهج التربية الإسلامية، ولذلك اهتم الإسلام بتربية الأطفال على عقيدة التوحيد منذ نعومة أظفارهم، ومن هنا جاء استحباب التأذين في أذن المولود، فمن أسرار هذا التأذين وحِكَمِه أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته المتضمنة لكبرياء الرب وعظمته وتوحيده.
والإجابة السليمة الواعية على تساؤلات الأطفال الدينية، بما يتناسب مع سنهم ومستوى إدراكهم وفهمهم أمر هام في إطار التربية الإسلامية، ومن الخطأ إهمال هذا الجانب بحجة أنهم صغار لا يفهمون، فهذا رسولنا الكريم قد تعهد أصحابه، حتى الأطفال منهم فغرس في نفوسهم أسس العقيدة، قال معلماً لابن عباس رضي الله عنه: يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. رواه الترمذي، فإذا سألتك طفلتك من هو الله؟ فأجيبي: الذي أعطانا الرأس والعينين والأذنين واللسان والشفتين والطعام والشراب ونحو ذلك، وإذا سألتك كيف يرانا الله ويسمعنا؟ فأجيبي الله يسمعنا ويرانا، ولكن لا نعرف كيف؟ لأننا لم نره، وإذا سألتك أين الله؟ فقولي: في السماء، وأنصحك بقراءة كتاب تربية الأولاد في الإسلام للشيخ/ عبد الله ناصح علوان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1423(13/616)
واجب الأب تعليم أولاده الصلاة وما يتعلق بها من أحكام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في 11 من عمري وقد أجبرت على الصلاة عندما كنت في 9 من عمري لكنني حتى الآن لا أعرف كيف أصلي ولكنني أمثل أنني أصلي فماذا أفعل فقد توفيت أمي منذ شهرين وأبي دائما يسألني هل صليت أو لا لكنني أقول له نعم أنني صليت ولكنني لا أحب أن أكذب على أبي لكنني خائفة من أن يعلم الحقيقة أنني أكذب عليه دائما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على أبيك أن يعلمك كيفية الصلاة كما أنه حريص على أن تؤدي الصلاة، وللصلاة شروط وأركان وواجبات وسنن وهيآت لا يمكن حصرها في هذا الجواب المختصر، ولكننا نحيلك على الفتوى رقم: 25763، وما فيها من الإحالات.
ولا يجوز أن يمنعك الحياء أو الخوف من تعلم فرئض الإسلام ومبانيه العظام، وعلى رأس ذلك أحكام الطهارة والصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1423(13/617)
تهديد الأولاد بالسلاح حرام ووسيلة العاجز
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
زوجتي أرادت معاقبة ابني وتخويفه لجرم شديد فعله فهددته بسكين ورفعتها في وجهه فهل عليها كفارة مع العلم أنها فعلت ذلك لمجرد التخويف فقط؟ وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لمسلم أن يشير بالسلاح إلى أخيه سواء كان جاداً أو هازلاً وسواء كان والداً إلى ابنه أو أخاً إلى أخيه، وذلك لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يشير أحدكم إلى أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار.
وفي رواية لمسلم قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: من أشار إلى أخيه بحديده فإن الملائكة تلعنه حتى ينزع وإن كان أخاه لأبيه وأمه.
فهذا حكم إشهار السلاح من كبير إلى مثله.. فكيف إذا كان من كبير إلى ولد صغير يتضاعف خوفه ويزداد؟! ولربما كان له آثار سيئة على حياة هذا الطفل ونفسيته، ومهما بلغ جرم الولد فلا يجوز تهديده بالسلاح.. بل على أمه اتخاذ الوسائل التأديبية المشروعة مثل الضرب غير المبرح والتهديد به ونحو ذلك من وسائل التأديب، ويجب عليها الآن الاستغفار والتوبة مما فعلته ولا كفارة لها إلا ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1423(13/618)
سلامة الفطرة خير من التعلم على يد من يهدم الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي العزيز أريد السؤال عن وضع أخي فهو أصم وقد أكمل دراسة الصف السادس ولا توجد له مدرسة الآن إلا في مدرسة مديرها ونصف معلميها من النصارى ليكمل دراسته فيها من الصف السابع إلى الثاني الثانوي فماذا نفعل به أندخله في المدرسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يشك عاقل في أن الناشيء يتأثر بمدرسه الذي يتلقى منه تعليمه تأثراً بالغاً؛ بل إن ما يغرسه المعلم من قيم في الطفل تنازع مايغرسه فيه أبواه، بل يفوقه في كثير من الأحيان.
والمدرس النصراني لن يغرس في نفس الطفل إلا القيم التي هو يؤمن ويدين بها، وستجد الطفل بعد ذلك يقلد ويحاكي مدرسه في كثير من الأشياء.
ولا ريب أن مفسدة ضياع وذهاب الدين والقيم والأخلاق لا تساويها مفسدة ترك الولد من غير تعليم مدرسي.
فعليك أن لا تذهب بهذا الولد إلا إذا علمت أن الذين سيقومون على تعليمه مسلمون، وأن المنهج الذي سيتلقاه يرسخ عنده مفاهيم الإسلام ولا يتعارض معها.
فإن لم تجد ذلك فبقاؤه في البيت سليم الفطرة خير له ولوالديه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1423(13/619)
المطلوب تربية الأولاد على الاستئذان وغض البصر والحياء.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يرى جسد أمه وعمره 18 عاما وهل هذا حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز للابن أن يرى من جسد أمه إلا ما يراه المحارم من الأطراف؛ كالرأس واليدين والقدمين والساقين..
ويحرم عليه أن ينظر إلى ما عدا ذلك، ويجب عليها هي أن تستر عن ولدها وسائر محارمها ما لا يحل النظر إليه من جسدها، وإذا خافت الفتنة فعليها أن تستر جميع بدنها.
ولعل سبب نظر هذا الولد الذي وصل إلى هذه المرحلة من العمر إلى جسد أمه هو: إهمال التربية الصحيحة التي أرشدنا إليها ديننا الحنيف، فينبغي أن يتربى الأولاد على الاستئذان وغض البصر والحياء.
قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ) (النور: من الآية58) وقال تعالى (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) (النور: من الآية59)
والولد الذي ينظر إلى أمه أو المحرم الذي ينظر إلى محارمه نظرة الريبة والحرام يعتبر فاسد الأخلاق فاقد المروءة لا حظ له من التربية والحياء، وعلى أمه وإخوانه أن ينصحوه، وعلى أبيه قبل ذلك أن يؤدبه ويوقفه عند حده.. ويراجع الجواب رقم:
19886
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/620)
مقترحات للمعلم ليقوم بمهمته خير قيام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا معلم للمرحلة الابتدائية كيف أتعامل مع التلاميذ بشكل يحيي روح الإسلام ويجعل من قصص الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم قدوة لهم " للتلاميذ"؟ وجزاكم الله كل خير....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللمعلم دوره ومكانته العظيمة إن قام بعمله ودعوته وإرشاده للناس خير قيام، فهو بذلك يحمل راية النبي صلى الله عليه وسلم، ويقوم بوظيفته، قال الله تعالى: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةََ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [آل عمران:164] .
وأخرج الدارمي وابن ماجه من حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما بعثت معلماً.
وفي الترمذي وابن ماجه والطبراني من حديث أبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير.
وليستشعر المعلم والمدرس أن الناس قد وضعوا بين يديه فلذات أكبادهم ليصوغ عقولهم ويقوِّم اعوجاجهم، وأنهم قد أوكلوا إليه مهمة من أعظم المهمات حيث إنه قادر بإذن الله تعالى أن يزرع الطهر والعفاف والشجاعة وحب الدين وأهله.. وفي المقابل قد يزرع الخسة والجبن والغدر والانحراف والعياذ بالله، ومما يعين المعلم على القيام بمهمته ما يلي:
1- صدق النية وصلاح الطوية.
2- أن يكثر من الدعاء بأن يوفقه الله وأن يجعله سبباً لهداية الناس.
3- المطالعة المستمرة في شتى كتب الفقه والسيرة والتراجم وغير ذلك.
4- حسن التحضير وجودة الإلقاء.
5- أن يكون قدوة صالحة؛ فإن أثر الفعل على الناس أقوى من أثر القول.
6- أن يكون ذا صلة بأولياء أمور الطلاب.
7- أن يكون حكيماً في تصرفاته؛ فيقسو عندما يتطلب الأمر ذلك ويلين عندما يتطلب الأمر ذلك.
8- ربط الطلاب دائماً بالقدوة المثلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته.
والله نسأل أن يوفقك لكل خير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1423(13/621)
العلاقة بين الآباء والأولاد علاقة متبادلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي العلاقة بين الأهل والأولاد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العلاقة بين الولد وأبويه علاقة محبة وعطف وحنان ورعاية جبلا عليها، فهو فلذة كبدهما وجزء من كيانهما.. يقومان بتربيته، ويقدمان له كل ما يحتاجه من حين يرى النور إلى أن يصل إلى درجة النضج الجسمي والعقلي، كلٌ في إطار اختصاصه.
فالأم تحمله في أحشائها أولاً ثم في حضنها تغذيه بلبنها وتحرسه بعناية، فإن هو فارق حجرها أتبعته بصرها تقفوا أثره وتشد أزره.
والأب جالب وكاسب ومدافع. ولا تعرف هذه التربية الثنائية توقفاً أو فتوراً، ولا يعتري عطفهما ذبول أو ضمور، حتى يبلغ الذكر الحلم عاقلاً قادراً على الكسب، وتتزوج الأنثى، ويدخل بها الزوج، فحينئذ تصل مسؤولية الأبوين إلى نهايتها، وتبدأ مرحلة رد الجميل لهما من جانب الأبناء حيث كانا يحتاجان لعون مادي أو غيره.
وقد وردت في الحث على هذه المعاملة من الطرفين نصوص متضافرة، قال تعالى في حق الولد على الآباء: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ..... [البقرة:233] .
وقال: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:233] .
وقال في حق الوالدين على أولادهما: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا [الإسراء:23] .
وقال: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً [الأحقاف:15] .
ولا يجنى الآباء ثمرة تربيتهما ولا الأبناء ثمرة إعادة الجميل لآبائهم إلا إذا وعى الطرفان واجبيهما، وراعيا فيه ما طلب منهما، والله الموفق للصواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1423(13/622)
تنالين بتربية أولاد زوجك ثواب الدنيا والآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا أخت متزوجة من رجل لديه أطفال من زوجة سابقة، وأقوم برعايتهم، فهل لي أجر على رعايتهم خصوصا ونحن نقيم في بلدة غير مسلمة، وجزاكم الله كل خير.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هؤلاء الأطفال أصبحوا أمانة في يدك يجب عليك حفظهم ورعايتهم وتربيتهم التربية السليمة وتنشئتهم على الإسلام.
ولا شك أنك إذا قمت بهذا الواجب الكبير وأديت هذه الأمانة العظيمة أنك ستنالين على ذلك الخير الكثير والثواب الجزيل من عند الله تعالى الذي لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
وهؤلاء الأولاد سيكونون لك ذخرًا، وربما يكونون بجانبك في وقت تكونين فيه في أمس الحاجة إليهم؛ لأنهم لن ينسوا إحسانك إليهم في صغرهم.
أما الأجر الأعظم والثواب الأكبر فهو عند الله تعالى القائل في محكم كتاب: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون:8 - 11] .
وإذا كان الإسلام قد جعل في كل كبدٍ رطبةٍ أجر، فلا شك أن الأجر يكون أعظم إذا كان الإحسان على الإنسان المسلم الصغير صاحب الرحم المحتاج، ويعظم الأجر إذا تمت تربية هؤلاء الأولاد على الإسلام، وخاصة أنهم ناشئون في بلد غير مسلم، ومجتمع غير مسلم.
نسأل الله تعالى لنا ولك العون والتوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1423(13/623)
نصائح للأم لتتعاهد أولادها بالتربية الحسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي غير متعلمة وتخالفني دائما وأنا أصبر على ذلك ولي 5 سنوات متزوج ولي وليدان وهي لا تحسن تربية الأطفال وأنا لا يوجد لدي وقت كافٍ لتربيتهم، وفي الفترة الأخيرة اشتد الخلاف بيننا ولا أدري أطلقها أم أصبر؟ وما حل مشكلة تربية الأولاد؟ ملاحظة هي تقرأ.. ماذا أفعل؟ هل من نصائح تسدى لها ولي؟ ... الرجاء الرد السريع. لأنني في مشلكة صعبة جداً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزواج ميثاق غليظ أخذه الله تعالى على الزوجين، وأمرهما بالوفاء بمقتضياته وحذرهما من خيانته ونقضه، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] .
وقال صلى الله عليه وسلم: إن أحق الشروط أن توفوا به، ما استحللتم به الفروج. متفق عليه.
ولعلم الله تعالى بأن الحياة الزوجية يعتريها في بعض الأحيان نوع من الضعف والخلل، فقد وضع لذلك الحلول الشرعية لإصلاحها والحفاظ عليها قائمة باقية، والواجب على كل مسلم الأخذ بهذه الحلول بالترتيب الرباني، والهدي الإلهي، وقد سبق بيان ذلك وافيّاً في الفتوى رقم:
5291 - والفتوى رقم:
2589.
ومع هذا فإننا نلخص لك ما يمكن به أن تُحل مشكلتك في الآتي:
1- عليك أولاً بأن تفرغ شيئاً من وقتك لتربية أولادك والإشراف على تطعيمهم بالأخلاق والآداب، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6] .
2- عليك أن تُعلم زوجتك الطريقة المثلى لتربية الأولاد والحفاظ على دينهم، وذلك موفور لك ولها في كتب التربية التي تبنت المنهج الإسلامي، ومنها كتاب تربية الأولاد في الإسلام للدكتور عبد الله ناصح علوان، وستجد القابلية من زوجتك إن شاء الله تعالى ما دامت تحسن القراءة.
3- نوصيك بالصبر على زوجتك والإحسان إليها، فإن حل المشكلة ليس في طلاقها، بل الحل في العفو والتسامح اللذين تقوم عليهما الحياة الأسرية، وفي الحديث الشريف: لا يفرك مؤمنٌ مؤمنة، إن كره منها خلقاً، رضي منها غيره. رواه مسلم.
ولا شك أن كل فرد يشتمل على الحسن والسيئ، فمن غلب حسنُه سوءَه، قبل على ما فيه؛ لأن كل بني آدم خطَّاء وخير الخطّائين التوابون، وهذا في حق جميع المسلمين، فكيف بالزوج مع زوجته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1423(13/624)
حكم ضرب الأطفال
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أحاديث تنهى عن ضرب الأطفال؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم أحاديث تنهي عن ضرب الطفل؛ بل ورد ما يدل على جواز ضربه إذا كان مستحقاً للضرب، كما روى أبو داود " مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر " وذكر عبد الرزاق في المصنف أن عائشة سئلت عن أدب اليتيم؟ فقالت: إني لأضرب أحدهم حتى ينبسط. وسئل الإمام أحمد عما يجوز فيه ضرب الولد؟ قال: يضرب على الأدب. وقال أيضاً: اليتيم يؤدب، والصغير يضرب ضرباً خفيفاً. وسئل عن ضرب المعلم الصبيان؟ فقال: على قدر ذنوبهم، ويتوقى بجهده الضرب، وإن كان صغيراً لا يعقل فلا يضربه.
وذكر ابن الجوزي أن الولد إذا احتيج إلى الضرب ضرب ضرباً غير مبرح.
وسأل رجل سعيد بن المسيب مم يضرب الرجل يتيمه؟ قال: مم يضرب الرجل ولده.
فالمقصود أن ضرب الطفل جائز بشرط استحقاقه الضرب ومنفعته له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1423(13/625)
تكوين الأسرة الإسلامية
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن أن نكون أسرة عربية ذات ثقافة إسلامية عالية جدا ذات طابع إسلامي تربوي أخلاقي لأني أرغب في تكوين ذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الكلام عن هذا الموضوع طويل، ولكن نحيلك على بعض الفتاوى التي تتعلق بالموضوع، فراجع مثلاً الفتاوى التالية:
13767 19635 21752 21753
كما يمكنك الدخول على محور: الأسرة السعيدة من الصفحة الرئيسية للشبكة الإسلامية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1423(13/626)
الوالدان لهما المثوبة على تربية الأبناء والخطأ مغتفر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم إذا كانت الأم مصدرالقلق للأولاد والبنات على حد سواء وتظن أنها تحسن تربيتهم مع أنهم يدعون البراءة أمامها ومن وراءها هم غارقون في فساد الأخلاق وسوء التعامل ما الحل إذا كنا لا نقدر أن نصارحها بالأمر لأنها تعتبر ذلك قلة تربية وعدم حياء هو الدافع لكي نقول هذا عنها أرجوكم فأنا مريضة نفسية والسبب هذا المنزل الكل يفرح إذا غادر إلى منزله وأنا أبكي طوال ليلي أندب حظي وأختي تقول إن الزواج هو الحل وانا أقول إن الزواج بداية النهاية لأنني مريضة نفسية ولا أملك القدرة على تربية الأبناء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على الوالدين أن ينتقيا من الأساليب التربوية والطرق التهذيبية ما يتناسب مع طبيعة من ولاهم الله أمرهم، وأن يستحضروا دائماً قول النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته..... رواه البخاري ومسلم وهذا لفظ البخاري.
فإذا بذل الوالدن جهدهما في ذلك، ولم يوفقا للصواب فلا إثم عليهما، بل لهما الأجر على اجتهادهما في إصلاح الأبناء بقدر طاقتهما، ويجب على الأبناء في هذه الحالة أن يستقبلوا هذا الخطأ بنفس هادئة وقلب مطمئن، وعليهم أن يسعوا لإصلاح هذا الخطأ، وسد هذا الخلل، بالنصح للأبوين مع كمال التأدب معهما، والدعاء لهما بأن يوفقا للصواب، وتوسيط أهل الخير في سبيل ذلك، ولمزيد من الفوائد راجعي الفتوى رقم:
22407.
أما بالنسبة للمرض النفسي الذي تعانين منه، فالعلاج منه مطلوب لأن الله ما خلق داء إلا وخلق له دواء علمه من علمه وجهله من جهله، واليأس من العلاج مخالفة صريحة للسنة، وتعارض واضح مع العقل والواقع اللذين أثبتا إمكانية العلاج من الأمراض النفسية وغيرها، وقد سبق بيان كيفية العلاج من الأمراض النفسية في الفتوى رقم:
20623، والفتوى رقم:
16213.
ونسأل الله تعالى أن يرفع عنك البلاء ويصرف عنك الهم والغم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1423(13/627)
نحو تربية إسلامية صحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نحصن ابناءنا في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن، خصوصا وسائل الاعلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت إجابات عن وسائل وطرق تربية الأبناء، فتراجع وهي بالأرقام التالية: 18336 19635 20767
13767
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1423(13/628)
العمل الكشفي ... بين التقرب إلى الله، والبعد عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لكم علم بالعمل الكشفي ومساعدته في المجال التربوي لتنشئة النشئ على العقيدة والأخلاق الإسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العمل الكشفي وسيلة من وسائل التربية المؤثرة، فإن كان القائمون عليه أصحاب عقيدة صحيحة، ومبادئ سليمة، وأخلاق فاضلة، وأقاموه على هذه الأسس، وقصدوا بذلك ترسيخ العقيدة الصحيحة، وتربية الشباب على مبادئ الإسلام.... فلا شك أن هذا من أفضل الأعمال التي يتقرب بها إلى الله تبارك وتعالى، وفيه خير كثير وأجر عظيم.
وقد أخرج السيوطي في الجامع الصغير عن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير الناس أنفعهم للناس.
وقال ابن أبي زيد القيرواني في رسالته عن أهمية تربية شباب المسلمين وتنشئتهم على دين الله قال: واعلم بأن أوعى القلوب للخير ما لم يسبق الشر إليه، وأولى ما عني به الناصحون، ورغب في أجره الراغبون، إيصال الخير لقلوب أولاد المؤمنين ليرسخ الخير فيها، وتنبيههم على معالم الديانة، وحدود الشريعة ليراضوا عليها، وما عليهم أن تعتقده من الدين قلوبهم، وتعمل به جوارحهم.... فإن التعليم في الصغر كالنقش في الحجر.....
أما إذا كان العمل الكشفي يشتمل على المخالفات الشرعية، أو يدرب الشباب على الموسيقى والأشياء المحرمة فهذا لا يجوز، ولا يجوز للمسلم أن يشترك فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1423(13/629)
أسس التعامل مع مربية الأطفال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة عاملة وأتاخر عن المنزل ولي طفلان اضطررت أن اجلب خادمة اجنبية (سيريلانكية) وأن اتركها بالمنزل مع الأطفال حتى الخامسة ... كيف هي الطريقة التي يمكن أن أوفق بها بينها وبين الاطفال أي الطريقة التي أعاملها بها كي تحسن التعامل مع أبنائي ولا تؤذيهم في غيابي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يخفى عليك أنه يشترط في الحاضنة أن تكون مسلمة، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم:
1962، والفتوى رقم:
16673.
فإن كانت مسلمة -ولا بد أن تكون كذلك- فالتعامل معها بخلق الإسلام والإحسان إليها، وتعليمها من خلال الشريط والكتاب كفيل بأن يجعلها تحسن إلى أولادك وتربيهم التربية الصالحة، والمرء كما قيل: أسير الإحسان. ومع ذلك فلا بد من الإشراف المباشر على الأولاد، والاهتمام بهم منك ومن والدهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1423(13/630)
أسلوب خاطئ مضاد للشرع في تربية الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عيكم ورحمة الله وبركاته وبعد
أعرف سيدة كبيرة تأخذ أحفادهاالصغار إلى بعض أماكن اللهو التي تنتشر فيها فرق تعرض عروضاً فيها عري واضح ومجون وعند اعتراضي على كلامها بألا تأخذهم لهذه الأماكن يكون ردها كالتالي دعهم يرون ويتعلمون الآن لأنهم إذا كبروا تكون لديهم حصانة من هذه الأمور فما رأيكم في هذه السيدة وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاك الله خيراً على هذه النصيحة النافعة، وزادك الله حرصاً على الإسلام والمسلمين، ولاشك أن فعلك هذا من الأمور الواجبة على كل مسلم إن وجد إليها سبيلاً. قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه) (آل عمران: من الآية110) وقال صلى الله عليه وسلم " الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " رواه مسلم.
ولمعرفة معنى هذا الحديث بالتفصيل راجع الفتوى رقم: 3058، وإن مما عمت به البلوى في عصرنا هذا، ما ساد في عقول الناس من أفكار تربوية خاطئة، ينبذها الكتاب والسنة والعقل السليم، حيث يظن بعضهم أن اعتياد الأطفال والشباب على رؤية المعاصي والاختلاط بأهلها يحصنهم في المستقبل من شرورها!!!!
وكان من الواجب عليهم أولاً أن يسألوا أهل الذكر عن هذا الأمر الخطير قبل الوقوع في شباكه، والتردي في مهاويه، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)) (الأنبياء:7) وعلينا في مثل هذه الأمور أن نعود إلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم -وصحابته- رضي الله عنهم أجمعين- وسنجد أنهم كانوا يعودون الصبيان والبنات على الطاعة من صغرهم حتى يألفوها، ويحولون بينهم وبين المعاصي حتى لا يألفوها، ففي صحيح البخاري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أخذ الحسن بن علي - رضي الله عنهما - تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " كخ كخ ليطرحها، ثم قال: أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة " وفي رواية أحمد: " فانتزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلعابها فألقاها في التمر. " وصححه الأرناؤوط
وعن الربيع بنت معوذ - رضي الله عنهما قالت: " أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار، من أصبح مفطراً فليتم بقية يومه، ومن أصبح صائماً فليصم، قالت: فكنا نصومه بعد، ونُصَوِّم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العهن- القطن- فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذلك حتى يكون عند الإفطار " رواه البخاري.
وإننا لنقول لكل من يترك هذا الهدي القويم والأدب العالي: أي حصانة تبحث عنها تحت لهيب المعاصي ورماد الأخلاق السيئة، وما أحسن ما قال الشاعر:
وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه
ويقول تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب:21) .
وقال تعالى: (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (النور: من الآية54)
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1423(13/631)
الفصل بين الضرائر في السكن لا يعني الهجر وعدم التزاور
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل يجوز للرجل المتزوج من امرأتين التفريق بين أبنائه بأن يجعل لكل منهم بيتا خاصا بحيث أبناء الأولى لا يرون أبناء الثانية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك في التفريق بين أبنائك وزوجاتك في السكن إذا رأيت أن في ذلك مصلحة. فقد نص أهل العلم على أن الأصل عدم جواز الجمع بين الزوجتين أو الزوجات في سكن واحد إلا برضاهن بذلك.
قال ابن قدامة في المغني: وليس للرجل أن يجمع بين زوجتيه في مسكن واحد بغير رضاهما -صغيراً كان أو كبيراً- لأن عليهما ضررا، لما بينهما من العداوة والغيرة، واجتماعهما يثير المخاصمة والمقاتلة.
ولكن لا يعني هذا الهجر وعدم التزاور بينهن، بل الذي ينبغي هو أن يربي الرجل أبناءه على التواد والتراحم والتعارف، وأن يأمر زوجاته بالتزاور والتواصل، وأن يبين لكل أفراد أسرته الحقوق المترتبة عليه اتجاه الأخرين. ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1423(13/632)
كيف نربي أبناءنا على القيم الفاضلة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن تنصحوني يا إخواني في طريقة للتعامل مع ابني البالغ من العمر ثمانية سنين هو ولد طيب في التعامل معي كوالدة.. وفي التعامل كذلك مع أصدقائه في المدرسة، الشيء الذي لا أستطيع معالجته في ابني ولا أستطيع أن أجد له حلاً هو الإلحاح الكثير في أمور لا أستطيع مادياً توفيرها له مع علمه الشديد رغم صغر سنه أنني لا أستطيع توفير كل ما يطلب، أو يتمنى، رغم هذا أجده عنيداً فيما يريده، لا أعرف هو لماذا يتخذ هذا الأسلوب معي كما أنه كثير الحركة وكثير الكلام، أفيدوني في أمري أفادكم الله ولكم مني جزيل الشكر والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فموضوع تربية الأبناء ومعالجة سلوكياتهم طويل، ولا يتسع المقام للتفصيل فيه، لكن نبين أن أهم أسباب الضعف السلوكي أو الأخلاقي عند الأبناء هو التقصير في تربيتهم التربية الصالحة الحسنة، ولذا فإنا نذكر ضوابط عامة في التربية على الآباء والأمهات اتباعها، وبإذن الله ستؤتي ثمارها، فالتربية ينبغي أن تشمل جميع الجوانب حتى تكون تربية متوازنة.
ولكي نربي أولادنا على التربية الإسلامية الشاملة العميقة الأثر البعيدة المدى نحتاج إلى أربعة أنواع من التربية:
1- التربية الإيمانية: ويقصد بها ربط الولد منذ تعقله بأصول الإيمان، وتعويده منذ تفهمه على الإتيان بأركان الإسلام، وتعليمه من حين تمييزه مبادئ الشريعة، وبعد ذلك إلزامه بأحكام وآداب الشرع.
2- التربية الخُلقية: والمقصود بها مجموعة المبادئ الخُلقية والفضائل السلوكية التي يجب على ولي الطفل أن يعلمه إياها ويوجهه إليها ليعتاد عليها منذ تمييزه، وهذه الأخلاق مثل: الصدق والأمانة والإيثار والرجولة والشهامة واحترام الكبير ... الخ، وصيانته عما يُدنّس أخلاقه من السب والكذب والميوعة.
3- التربية الجسمية: ويقصد بها أن ينشأ الأولاد على قوة الجسم وسلامة البدن ومظاهر الصحة والحيوية.
4- التربية العقلية العلمية: وهي تكوين فكر الطفل وتثقيفه بكل ما هو نافع من العلوم الشرعية، والثقافية العلمية العصرية.
فهذه الأنواع الأربعة إذا أحسن الأب أو الوليُّ عموماً تربية الطفل عليها شيئاً فشيئاً متدرجاً متلطفاً متفهماً لحاجات واحتياجات الطفل في كل مرحلة من مراحل طفولته ومراهقته، فهي كفيلة بعد توفيق الله وهدايته أن تصنع شاباً صالحاً يخشى الله، قائماً بواجباته متخلقاً بفضائل الأخلاق.
وينصح بتعلم فن التربية والاستفادة من تجارب الآخرين الناجحين فيها، وقراءة الكتب المتخصصة في التربية، مثل كتاب "تربية الأولاد في الإسلام" لعبد الله ناصح علوان والذي نقلنا في الجواب بعضاً مما جاء فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1423(13/633)
رقائق للحفاظ على التزام الدين والحجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو من الإخوة الكرام حفظهم الله إرشادي بكيفية نصحي لابنتي التي تبلغ من العمر الثانية عشرة من عمرها وذلك بعد أن ارتدت الحجاب قبل أسبوع تقريبا طبعا بعد ترغيبها فيه وللعلم هي تصلي وتصوم منذ أن كانت صغيره جدا ونحن للعلم أيضا نعيش في ألمانيا؟ وشكرا لجهودكم الطيبة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزى الله الأخت السائلة خيراً على قيامها بهذا الواجب وهو تربيتها لابنتها التربية الإسلامية الصحيحة. ونسأل الله أن يثبتها وبنتها على التزام هذا الدين حتى الممات.
وأما عما ينبغي أن تفعله مع البنت بعد التزامها بالحجاب فيمكن أن يلخص ذلك في الأمور الآتية:
الأول: تثبيتها على ذلك وتشجيعها عليه، وذلك بذكر ثواب الله عز وجل للطائعين، وما أعده لهم من جزيل العطاء في جنات النعيم، والقرآن والسنة مملوءان بهذا.
الثاني: ربطها بسير الصحابيات والسابقات من المؤمنات وقراءة أخبار النساء الصالحات حتى تصبح هذه النساء محل قدوتها وأسوتها.
الثالث: صونها عن رفيقات السوء أو المثبطات عن الالتزام بأحكام الله عز وجل.
الرابع: الابتعاد بها عن مواطن الفتنة، ومن ذلك الإقامة في بلاد الكفار فذلك لا يجوز لكم جميعاً إلا في حالات سبق أن بيناها في فتاوى سابقة فلتراجع منها الفتاوى التالية:
5045
714
18462.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1423(13/634)
أولويات التربية اصطحاب الأولاد إلى المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إنني أحد المقيمين بأوروبا ولنا أبناء نحاول إبعادهم عن مواطن السوء باستقدامهم إلى المساجد ولكننا نجد أصواتا قوية تمنع أبناءنا من دخول المساجد بحجة تطبيق السنة لقوله صلى الله عليه وسلم جنبوا صبيانكم ومجانينكم المساجد. ونحن لا نملك مدارس إسلامية ولا دور أطفال أو غير ذلك مما يمكن أن نجمع فيه أبناءنا , كما أننا لو تركناهم لنهلوا من الشوارع ما لا نقدر على محوه بعد ذلك. لهذا نسأل عن موقف الشرع من الأطفال في المساجد والحدود المفروضة في لباسهم وبما أن الجواب سوف يعلن للجالية نرجو التوضيح الوافي.والسلام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تربية الأولاد وتنشئتهم على الأخلاق الحميدة والسلوك المستقيم من مسؤولية الآباء وواجباتهم تجاه أولادهم.
ولا شك أن تعويدهم على ارتياد المساجد وإحضارهم لجماعات المسلمين وحلقات القرآن يأتي في مقدمة التربية الصحيحة، بالإضافة إلى ما في ذلك من شغلهم عن الملهيات المعاصرة والمغريات المنتشرة وصدهم عن سبيل قرناء السوء ورفقاء الشر.
لذا فإنا نرى أن استصحابكم لأولادكم إلى المساجد والدورات العلمية والدينية من أولويات تربيتهم التي أنتم مسؤولون عنها ومسترعون عليها.
وما استدل به من يعارضكم في هذا الموضوع حديث ضعيف لا تقوم به حجة، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم:
2750، مع التفصيل الذي ذكره العلماء في شأن الأولاد.
وأما بالنسبة للبس والزي الذي ينبغي أن يأتوا به إلى المسجد، فإنه غير محدد ولكن يجب أن يكون خاليًا من التشبه بأولاد الكفار ومن صور ذوات الأروح، وينبغي أن يكون ساترا مع أن العلماء اختلفوا في تحديد عورة الصبي، وإليك مذهب الحنابلة في ذلك، حيث قالوا: لا عورة للصبي الذي لم يبلغ سبع سنين، ومن سبع سنين إلى عشر عورته الفرجان فقط، ومن عشر فما فوق مثل عورة الكبير، وإنما اقتصرنا لك على مذهب الحنابلة هنَّا؛ لأنه أقرب المذاهب إلى الصواب في هذه المسألة، ونسأل الله عز وجل للجميع التوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1423(13/635)
وصية الأم لابنتها عند الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الوصايا العشر التي وصت بها الأم بنتها يوم زواجها؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فممن ذكر هذه الوصايا السيد سابق رحمه الله في كتابه فقه السنة (2/272) قال رحمه الله: وصية الأم لابنتها عند الزواج: خطب عمرو بن حجر ملك كندة أم إياس بنت عوف بن علم الشيباني، ولما حان زفافها إليه، خلت بها أمها بنت الحارث، فأوصتها وصية تبين فيها أسس الحياة الزوجية السعيدة، وما يجب عليها لزوجها، فقالت: أي بنية إن الوصية لو تركت لفضل أدب لتركت ذلك لك، ولكنها تذكرة للغافل، ومعونة للعاقل، ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها، وشدة حاجتهما إليها كنت أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خلقن، ولهن خلق الرجال.
أي بنية: إنك فارقت الجو الذي منه خرجت، وخلَّفت العش الذي فيه درجت إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك رقيباً ومليكاً، فكوني له أمَةً يكن لك عبداً وشيكاً، واحفظي له خصالاً عشرا يكن لك ذخراً:
أما الأولى والثانية: فالخشوع له بالقناعة، وحسن السمع والطاعة.
أما الثالثة والرابعة: فالتفقد لمواضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على القبيح، ولا يشم منك إلا أطيب الريح.
وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت منامه وطعامه، فإن غرائز الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
أما السابعة والثامنة: فالاحتراس بماله، والإرعاء (الرعاية) على حشمه (خدمه) وعياله، وملاك الأمر في المال: حسن التقدير، وفي العيال: حسن التدبير.
وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصين له أمراً، ولا تفشين له سراً، فإنك إن خالفت أمره أو أوغرت صدره وإن أفشيت سره لم تأمني غدره، ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مهتماً، والكآبة بين يديه إن كان فرحاً. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(13/636)
تأديب وتربية الابن ... لا قتله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من حق الأب قتل ابنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس من حق الأب قتل ابنه، لأن القتل من كبائر الذنوب، قال تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) [الأنعام:151] . وقال سبحانه: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) [النساء:93] .
وثبت في مسند أحمد وصحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال العبد في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً". فلم تفرق هذه النصوص بين قتل وقتل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1423(13/637)
توجيهات لتنشئة الأولاد على الولاء للإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد إن الله تبارك وتعالى رزقني بثلاث بنات 9 و8 و5 سنوات وإني أريد أن أحافظ على هذه النعمة بطاعته بتربية هذا الرزق العظيم بتربية إسلامية ولكني لا أعرف الطريقة والمشكلة عندي الزوجة لا تعرف القراءة ولا الكتابة وأرجو منكم أن تردوا علي في العنوان md6 ajeeb.com.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمما لا شك فيه أن تربية الأولاد وتنشئتهم على آداب وأحكام دينهم أمر واجب، ومسئولية أمام رب العالمين، فهنالك توجيهات لا بد منها:
أولاً: غرس حب الله، وحب رسوله، وحب الصحابة والصالحين من المؤمنين في قلوبهم من خلال القصص، ولفت الأنظار إلى بديع صنع الله.
ثانياً: القدوة الصالحة من كل من الأبوين بمراعاة الشرع في كل التصرفات.
ثالثاً: مراقبة تصرفات الأولاد، والثناء على التصرف الحسن، وبيان خطورة التصرف السيئ.
رابعاً: حث الأولاد على الاهتمام بالعبادات من صلاة وتلاوة قرآن وغيرها.
خامساً: اختيار الصحبة الصالحة لهؤلاء الأولاد، أو توجيههم في ذلك.
سادساً: وجماع ذلك كله هو دعاء الله والاستعانة به، فهو الموفق، وتلك هي الأسباب، ومنه العون.
أما زوجتك فلا تؤثر عدم معرفتها للقراءة والكتابة، خاصة بعد وجود وسائل التكنولوجيا الحديثة من أشرطة تتناول جانب التربية، وراجع الفتوى رقم: 17078.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1423(13/638)
العدل بين الأبناء في كل شيء واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
هل يحق لأب أن لا يتعامل مع أبنائه بنفس الطريقة مثال: يقوم اثنان من أبنائه بعمل شيء فيضرب أحدهم ويهينه أمام إخوته الصغار ويسامح الآخر لأنه أكبر منه بعام واحد فقط) فماذا على المظلوم أن يفعل؟
الرجاء الإسراع في الإجابة.
وشكرا جزيلا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أوجب الإسلام على الآباء التسوية بين الأبناء في الهبات والرعاية والتربية، وذلك لأنه أدعى إلى بر الأبناء بآبائهم، وأرفع للشحناء والبغضاء بينهم، لحديث النعمان بن بشير قال: تصدق عليَّ أبي ببعض ماله، فقالت أمي: عمرة لا أرضى حتى تشهد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ " قال: لا. قال: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" متفق عليه.
وفي لفظ لمسلم: ثم قال: "أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ " قال: بلى، قال: "فلا إذن".
وفي قوله: "أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ " تعليل واضح من النبي صلى الله عليه وسلم لوجوب العدل والمساواة بين الأولاد.
وعليه، فإن ما يقوم به هذا الأب من التمييز بين أبنائه هو أمر منهي عنه شرعاً، وتفرقة في غير محلها.
نعم يجوز للأب تأديب أبنائه بالتوجيه والكلام الطيب وحتى الضرب إن وصل الولد إلى عشر فما فوق، على أن يكون الضرب غير مبرح، ولا يؤخذ به إلا في حالات نادرة جداً، لما له من آثار نفسية على الطفل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1423(13/639)
العقاب البدني..أدلة جوازه..وحدود استعماله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل استخدام العقاب البدني في التربية في المنزل والمدرسة أمر مباح دينياً؟ وهل منع العقاب البدني في المدارس يتعارض مع التعاليم الدينية؟ علماً بأنه لم يعرف عن الرسول صلى الله عليه وسلم ضربه لبناته!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاستخدام العقاب البدني في التربية في المنزل أو المدرسة لا يطلق عليه أنه مباح مطلقاً أو أنه ممنوع مطلقاً، إذ أن الأصل أن تستخدم أساليب النصح والتوجيه، أو التقريع والتوبيخ، ولكل حالة من هذه الحالات مقتضياتها.
فالأصل الرفق، ومن هنا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في حديث عائشة رضي الله عنها: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه" رواه أحمد ومسلم.
وما ذكره أنس رضي الله عنه حين قال: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي لشيء فعلته لم فعلت كذا؟ ولا لشيء لم أفعله لم لم تفعل كذا؟.
ولكن قد يأتي الضرب في مرحلة من المراحل عندما تستنفذ الوسائل الرادعة، لكن ضرب تأديب لا ضرب تشف من الغيظ، والدليل على جواز الضرب قول الله تعالى في شأن المرأة الناشز الخارجة عن طاعة الزوج: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) [النساء:34] .
وقال عليه الصلاة والسلام: "مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر" رواه أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما بإسناد صحيح.
إذن فهو ليس أصلاً في التربية، لكنه من باب: آخر الدواء الكي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1423(13/640)
المعلم الكافر أقبح قرناء السوء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
أقيم في إحدى الدول الأوربية ولدي أطفال سيذهبون إلى المدرسة وهذه المدرسة تتقاضى مبلغاً من المال شهرياً وهذا المبلغ يذهب إلى الكنيسة مع العلم أن المنهج خالٍ من الكفر ولاتوجد مدرسة أخرى قريبة فهل يجوز لي أن أرسل أطفالي إلى هذه المدرسة أم لا مع ذكر الدليل. وبارك الله فيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس الأهم في هذا الموضوع أين يذهب المال؟ أيذهب إلى الكنيسة؟ أم إلى غيرها؟ ولكن الأهم من ذلك هو سوق الأبناء إلى هذه المدرسة التي قد تجرهم إلى الكفر جراً، وذلك خيانة للأمانة التي ائتمن الله الوالد عليها.
قال القاضي أبو بكر بن العربي -رحمه الله-: إن الصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل نقش وقابل لكل ما يُمَال به إليه، فإن عُوِّد الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة يشاركه في ثوابه أبواه وكل معلم له ومؤدب، وإن عُوِّد الشر وأهمل شقي وهلك وكان الوزر في رقبة القيِّم به والوالي عليه. ومهما كان الأب يصون ولده من نار الدنيا فينبغي أن يصونه من نار الآخرة وهو أولى، وصيانته بأن يؤدبه ويهديه ويعلمه محاسن الأخلاق ويحفظه من قرناء السوء. انتهى كلامه رحمه الله.
وأي قرناء سوء أعظم من المعلم الكافر الذي يتولى تعليم الطفل فيغرس فيه ما يشاء؟!!.. ومن ذلك محبة الكفار وما هم عليه من كفر وانحلال في الأخلاق وعدم اكتراث بالقيم، وكفى بذلك بلية!!.
فعلى هذا الأب أن يتقي الله عز وجل ويجنب أولاده سبب الهلاك فإن الله عز وجل يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6] .
وما يتعرض له الأخ السائل إنما هو ثمرة من ثمار الإقامة في بلاد الكفار، وقد سبق بيان حكم ذلك في جواب سابق برقم:
714 فليراجع.
والخلاصة أنه لا يجوز سوق الأبناء إلى مثل هذه المدارس لما في ذلك من محظورات وإن سلم -وهو غير مُسَلَّم- أن المنهج خال من الكفر، فإن المعلم قادر على أن يغرس في نفوس الأطفال الكفر وغيره وإن لم يكن من مفردات المنهج الدراسي المقرر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(13/641)
يخاطب ويعلم الطفل بما يعقل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الرد على تساؤلات الطفل عن أشراط الساعة؟ وماذا نقول لمن يخبرهم بها؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيرد عليه بما هو مقرر ومعروف من أشراط الساعة، لكن بأسلوب يقرب المعنى إلى ذهنه، إلا إن كان عقله لا يستوعب مثل ذلك فيصرف عنه. وينصح محدثه في مثل ذلك بالكف حتى يعقل ويدرك ما يُقال له. فلا يخاطب إنسان إلا بما يفهمه.
فقد أخرج البخاري عن علي رضي الله عنه أنه قال: حدثوا الناس بما يعرفون. أتحبون أن يكذب الله ورسوله.
قال ابن حجر "بما يعرفون" أي بما يفهمون.
وأخرج مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: ما أنت محدثاً قوماً حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1423(13/642)
وسائل تربية المراهق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم. لي ابن يبلغ من العمر 19 سنة كنت حرصاً كل الحرص على تربيته تربية إسلامية. لكن بعد بلوغ سن السادسة عشر من عمره انقلب علي انقلابا بحيت أصبح يتعاطى المخدرات - الغياب من المدرسة - رغم أن مهنتي مفتش مادة الرياضيات بالتعليم الثانوي المغربي. في هذه الأيام ما طلبت منه شيئا ورغبته تكون فيه مصلحته إلا وقابله بالرفض والتصرفات كأني لست والده لا يريد إلا النقود لشراء السجائر والمخدرات ... . إنني في حيرة من أمري أرجو أن تشيروا علي حتى ألقى الله وهو راض عني وأخبركم أن جميع عائلتي من المحافظين الذين يشهد لهم بحسن السلوك والاستقامة لكن ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لولدك الهداية وأن لا يخيب آمالك في ولدك وننصحك بالآتي:
أولاً: اللجوء إلى الله بالدعاء لإصلاح ولدك، فإن القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] .
ثانياً: استعن بالمختصين في التربية، ويمكنك قراءة بعض كتب علم النفس التربوي، خاصة ما يتعلق بمرحلة المراهقة. وهنالك مجلة مختصة في هذا الشأن اسمها (ولدي) وهي مجلة كويتية يمكنك استشارة القائمين عليها ولهم أعداد تعالج مثل هذه الحالات.
ثالثاً: حاول ربطه بطريق غير مباشر بشباب صالحين وإبعاده عن أصدقاء السوء.
رابعاً: أوجد له ما تستطيع من وسائل الترفيه المباحة، واربطه ما أمكن بمواقع إسلامية في الشبكة الدولية.
أما إعطاؤه المال وهو يصرفه في السجائر والمخدرات فيحرم عليك ذلك، ولعل ذلك من أهم ما يجعله يستمر في هذا الطريق لأنه يجد إعانة مالية منك، فالواجب قطع هذا الدعم عنه لأنه لا تجوز الإعانة على الحرام لقوله تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1423(13/643)
أساليب تربوية لتقويم عوج الأطفال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الطريقة المثلى لمعاملة الأطفال المشاغبين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأطفال المشاغبون غالباً ما يفعلون ذلك لافتقادهم للحب والحنان الكافيين، فهم عندما يشاغبون يحاولون أن يوجهوا أنظار والديهم إليهم ليشعروهم بالحب والحنان، ولهذا فإن أولى خطوات العلاج تتمثل في الرعاية والاهتمام والحب مع قضاء أوقات كافية معهم في اللعب والحرص علىالتنبيه الدائم لهم، وعلى الوالدين أن يتجنبا وصف الطفل بالمشاغب حتى لا يطبع ذلك في ذاكرته مع تجنيب الطفل المؤثرات الخارجية التي قد تشجعه على ذلك مثل الفيديو والتليفزيون من خلال الأفلام الكرتونية.
وعلى الأبوين أن ينوعا التوجيه للأولاد حسب الأنسب لهم ولسنهم، على أن يكون التوجيه بالإشارة حيناً، وبالتوجيه حينا، وبالملاحظة حينا، وبالتوبيخ حيناً آخر.
وليكن العقاب آخر خطوة يخطوانها، وله طرق تذكرها أستاذة فاضلة في التربية وهي كالآتي:
1- أسلوب الإهمال وعدم الاهتمام بهم لفترة.
2- الحرمان من مصروف أو نزهة أو أي شيء يحبونه.
3- الهجر والخصام لبعض الوقت.
4- التهديد بشرط أن ينفذ إن تهاونوا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1423(13/644)
ما تؤدب منه ولدك فأدب منه يتيمك
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ استشهد في الغزو العراقي فقررت يومها أن أتزوج من زوجة أخي، ولها من الأبناء أربعه، والآن كبروا بعد زواج دام عشرة سنين ولكن بصفتي ولي الأمر وبمنزلة أبيهم كما ينادونني بأبي السؤال هو: ((أحياناً)) أغضب لسبب من بعض تصرف أحدهم أو أضطر لاستخدام العقوبة مثلا الضرب أو الحرمان من رؤية التلفاز أو من الخروج من البيت ولكني أخاف أن تنطبق الآية الكريمة علي وهي ((فأما اليتيم فلا تقهر)) أفيدوني أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى لما أذن في مخالطة الأيتام مع قصد الإصلاح بالنظر في شؤنهم كان ذلك دليلاً على جواز التصرف مع الأيتام كما يتصرف مع الأبناء. قال الله تعالى: وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِح [البقرة:220] .
وقد قال العلماء: إن على الولي أن يعلم اليتيم أمر الدنيا والآخرة. وقالوا: ما كنت تؤدب منه ولدك فأدب منه يتيمك، فدل هذا على أنما كان على وجه الإصلاح لا بأس به ولو أدى إلى الضرب، أما ما كان على وجه الانتقام وشفاء لنفس فلا يجوز: وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِح [البقرة:220] .
وننبهك إلى أنه لا ينبغي لك أن تخلي بين أبنائك أو أبناء أخيك وبين ما في أجهزة التلفزيون، فلا توجد قناة -فيما نعلم- سالمة من مآخذ شرعية. وراجع الفتوى رقم:
1886.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(13/645)
اعدلوا بين أبنائكم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو جزاء التفرقة بين الأولاد في المعاملة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على الوالد العدل والإنصاف بين أولاده في معاملته لهم، لقوله سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل:90] ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اعدلوا بين أبنائكم" رواه مسلم وأبو داود والنسائي وأحمد.
ولما قد يترتب على التمييز بينهم من عواقب وخيمة، منها الشحناء بينهم وكيد بعضهم بعض، فإن يوسف عليه السلام ما كاد إخوته له إلا عندما ظنوا أن أباهم يفضله عليهم.
أما ما يجده الأب من محبة زائدة في قلبه لأحد بنيه فلا حرج عليه فيه، لأنه لا يملكه، وهذا ما لم يُظْهر الأب علامات محبة الابن، وكذلك إذا أراد أن يميز أحدهم في عطية أو هبة لمقصود شرعي فلا حرج في ذلك.
وانظر الفتوى رقم: 6242، والفتوى رقم: 14254.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1423(13/646)
لا بد من تنويع أسلوب النصيحة ومراعاة الخطاب حسب العمر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أنا سيدة من المغرب ولدي أربعة أولاد وأنا أعيش معهم لوحدي ربيتهم لوحدى أبوهم موجود ولكن لايعيش معنا هجرني مدة أربع عشرة سنة وهو يصرف علينا ويهتم بي وبأولاده من كسوة وتمريض وما يحتاجه البيت وهو متزوج بأخرى وأنا والحمد لله راضية على ما أنا فيه ارتديت الحجاب مند سبع سنين لم أكن حين ذاك أعرف أي شيء والآن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر باختصار معظم أولادي لا يحترمونني أنبههم على مايرضي الله يصلون ويقطعون فأنا لم أعد أهتم لا بالمسلسلات ولا الافلام أحب سماع الدين والقرآن وأطلب من الله أن يهديهم ولكن أحد أولادى يحب سماع الموسيقى الأجنبية يثور علي فلم يبق له إلا أن ياخذ العصا لضربي ماذا أفعل معه جزاكم الله خيرا أفيدوني والسلام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أول ما ننصح به السائلة الكريمة هو أن تكثر من الدعاء لأولادها بالهداية وصلاح الحال، والدعاء سبب عظيم من أسباب حصول الخير، وعلاج نافع بإذن الله لمن هو مثل حالكم، والله تعالى يقول: (وقال ربكم ادعوني استجب لكم) [غافر:60] ويقول أيضاً: (قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم) [الفرقان:77] ورحم الله من قال:
أتهزأ بالدعاء وتزدريه وما تدري بما صنع الدعاء
سهام الليل لا تخطي ولكن لها أجل وللأجل انقضاء
كما ننصح الأخت السائلة -أيضاً- أن تحرص كل الحرص على أن تكون أقوالها موافقة لأفعالها، فذلك أنجع في النصحية، ونقول لها: عليك أن تتعهدي أولادك بالنصح بين الحين والحين منوعة أسلوب النصيحة مترفقة بهم مراعية أعمارهم، فما يصلح للطفل الصغير لا يصلح للفتى المراهق، فعليك أن تنصحي كل ولد بحسبه. والله المسؤول أن يهدي لك أولادك وأن يجعلهم قرة عين لك في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(13/647)
التدرج في تربية الطفل خطوة خطوة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الأساتذة الأفاضل: نحن عائلة جديدة مكونة من زوجين وطفل ذكر واحد يبلغ من العمر 20 شهرا ملتزمون شرعيا والحمد لله في كافة أمور حياتنا الزوجية والتربوية. وصلنا الآن إلى مرحلة تنظيف الطفل (من الفوط) ولا أعلم ما هي النصائح الشرعية لذلك فقد قرأت في كتاب تربية الأطفال في رحاب الإسلام ولم أستفد ولا أرغب باتباع أسلوب الأهل من الضرب والتهديد لما لهذا من آثار سلبية على سلوكياته النفسية أفيدونا بذلك جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتربية الأولاد من أهم ما يجب على الوالدين، وأول خطوة ينبغي عليهما الالتزام بها لتربية ولدهما التربية الصحيحة ألا يختلفا في تربيته ويستعمل كل منهما معه ضد ما يستعمله الآخر، لأن الولد في هذه الحالة يحار ولا يدري أيهما أصلح، ويرتسم في ذهنه اضطراب أبويه واختلافهما، وحينها لا ينتفع من واحد منهما.
والخطوة الثانية: أن يكونا محل القدوة الصالحة والأسوة الحسنة، فلا يكذبان عليه ولا يخدعانه ولا يخلفان الوعد ونحو ذلك.
والخطوة الثالثة: أن يعالجا خطأه بالرفق والحكمة والترغيب تارة وبالتأنيب والتهديد تارة وبالضرب اللائق به تارة أخرى كآخر حل، وهذه الخطوات خطوات المعالجة لا يصار إلى واحدة منها إلا بعد بذل واستنفاد الجهد في التي قبلها، فيجب أن يعطى لكل خطوة فرصة زمنية حتى توتي ثمرتها، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم:
13767
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1423(13/648)
ضرب التأديب مقيد بوصف السلامة
[السُّؤَالُ]
ـ[- هل تأثم الأم عندما تضرب أولادها ضربا مبرحا على أخطاء ارتكبوها وهي عصبية ولا تستطيع التحكم في نفسها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أهل العلم يقولون بجواز ضرب الأب أو الأم أولادهما للتأديب، ولهم على ذلك أدلة منها: قوله صلى الله عليه وسلم: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع" رواه أبو داود.
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بضربهم لترك الصلاة، وفي هذا الضرب تأديب لهم، ولكن أهل العلم يقولون: إن ضرب التأديب مقيد بوصف السلامة، ومحله في الضرب المعتاد كماً وكيفاً ومحلاً.
فينبغي للأب أو الأم عند ضرب الأولاد مراعاة الأمور الآتية:
أولاً: لا ينبغي الزيادة على عشر ضربات، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يجلد فوق عشر جلدات، إلاَّ في حدٍ من حدود الله" رواه البخاري ومسلم وغيرهما، واللفظ للبخاري.
ثانياً: لا يضرب الوجه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا ضرب أحدكم، فليجتنب الوجه، ولا يقل قبح الله وجهك" رواه أحمد، وهو في الصحيحين بألفاظ أخرى.
ثالثاً: لا يضرب في مكان مؤلم أو متلف: المذاكير، أو البطن، أو ما شابه ذلك.
رابعاً: أن لا يؤدب وهو غضبان، لأن الغضب قد يخرج صاحبه عن السيطرة على نفسه، فمن ضرب أولاده لتأديبهم ملتزماً بالضوابط المذكورة، فلا إثم عليه.
وأما تعدي الحدود في ضرب الأولاد، فلا يجوز، وعلى الوالد أن يتجنب أسباب الغضب، وأن يستعيذ بالله من الشيطان وقت الغضب، كما أرشد إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1422(13/649)
أفكار هامة لتربية الأطفال
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكننا تربية الأطفال تربية إسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن موضوع تربية الأطفال طويل، ولا يتسع المقام للتفصيل فيه، إلا أننا نذكر فيه أفكاراً عامة وضوابط مهمة:
- فمنها: اختيار الزوجة الصالحة التي ستتولى تربية الأطفال فيما بعد، وهذا أمر مهم جداً، لأنه أول لبنة توضع في أساس هذا البناء، بل هو حجر الأساس فيه.
- ومنها: الإتيان بالذِّكْرِ المشروع عند إتيان الزوجة.
- ومنها: الأذان في أذن المولود اليمنى، والإقامة في اليسرى.
- ومنها: العقيقة عنه، وتسميته التسمية الحسنة.
- ومنها: تعليمه القيم والأخلاق في الخمس السنوات الأولى، في أول وقت يستطيع فيه أن يفهم ذلك، فإن التربويين يقولون: إن القيم التي تغرس في الخمس السنوات الأولى من عمر الطفل هي التي تحدد مسيرته في الحياة فيما بعد.
- ومنها: تعليمه الصلاة لسبع سنين، وضربه عليها لعشر.
- ومنها: إلحاقه بحلقات التحفيظ من صغره.
- ومنها: توفير البرامج الثقافية المتطورة، كالفيديو، والكمبيوتر، ونحوها. بشرط أن تكون منضبطة بضوابط الشرع.
- ومنها: اختيار الرفقة الصالحة له، فلا يلهو ولا يرتبط إلا بأبناء أسر معروفة بالالتزام والحرص على تربية أبنائها تربية صالحة.
- ومنها: إشغاله في وقت المراهقة بالنافع، لأن الفراغ في هذه المرحلة مدمر للأخلاق.
- ومنها: إشعاره في هذه المرحلة بأنه قد صار رجلاً يعتمد عليه، لأنه يحس ذلك من نفسه، فإذا لم يجد في البيت من يشبع له ذلك الإحساس، طلبه في جلساء السوء.
ومنها: تزويجه إذا بلغ وكان عند الوالد إمكانية لذلك.
والأفكار في ذلك كثيرة، ومن أراد الاستزادة، فليراجع الكتب المتخصصة في ذلك، ومنها: كتاب التربية الإسلامية لمحمد قطب، وكتاب تربية الأولاد لعبد الله ناصح علوان، وكتاب التربية الإسلامية للطفل لسويد، وغيرها كثير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/650)
حكم ترك الرضيع في غرفة وحده
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي 4 أطفال وقرأت في كتاب طبي أن الطفل يمكن أن ينام بمفرده في غرفة إذا بلغ أربعة أشهر وأنا أعمل هكذا مع أطفالي ولكن طفلتي الرابعة وجدتها ميتة في الصباح علما أني غطيتها جيدا وأظن السبب هو أن الغرفة كانت باردة وتقيأت واختنقت فهل علي دية علما أن اأاها سامحني في الدية فماذا يلزمني وجزيتم خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ترك الطفل البالغ من العمر أربعة أشهر ينام في غرفة وحده تفريط، وقد نص العلماء على أن المفرط ضامن، سواءً كان مباشراً للإتلاف أو الإهلاك، أو متسبباً فيه، قال ابن قدامة في المغني: (ويجب الضمان بالسبب كما يجب بالمباشرة…) ووجه التفريط هنا: أن هذا الطفل أو أمثاله يحتاجون القرب منهم والرعاية لهم بين الحين والآخر، وأيضاً لا يستطيعون القيام والمشي لإعلام غيرهم بما قد يحصل لهم من برودة واختناق ونحوه، وفي الغالب يكون إعلامهم بالصياح أو البكاء، وتركهم في غرفة وحدهم بعيدة أو مغلقة يحجب السماع.
والواجب عليك الآن هو كفارة لهذا التفريط، وهي عتق رقبة، فإن لم تجدي فصيام شهرين متتابعين، لقوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) (النساء:92)
وأما بالنسبة للدية فهي على العاقلة، وهم العصبة من الأقارب، ولكن ما دام الوارث قد عفا فلا دية عليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1422(13/651)
من طرق تعليم الابن أحكام البلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[الشيوخ الافاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا الآن عندي ولد في يوم وليله ممكن أن يبلغ، فما هي الطريقة الصحيحة التي يمكن أن أتحدث معه بها بخصوص البلوغ، حيث إنني محرج من ذلك.
وجزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الطريقة الصحيحة التي من الممكن أن تتحدث معه بها هي أنك تعلمه أن الإنسان يمر بمراحل مختلفة من عمره منها مرحلة يصير بها العبد مكلفاً فيجب عليه أداء الفرائض واجتناب النواهي لأنه يحاسب على التقصير ويكافأ على الإحسان. ولا حرج أن تذكر له انه بالاحتلام يصير بالغاً مكلفاً.
ولو رأيت أن تسمعه شريطاً في ذلك أو تعطيه كتابا يقرؤه فهو أجدر بالفائدة إن شاء الله.
والله نسأل أن يبارك لك في ولدك.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/652)
ينبغي الإعداد لتربية الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[تربية الأطفال في الإسلام تكون من الصغر بل ذهب بعضهم إلى أنها تكون من قبل الولادة، من تغذية الأم من مطعم حلال وكسوتها بالحلال،إذ أن ذلك ينعكس على الطفل..فهل هناك أمور أخرى قصد بها الشارع تربية الطفل من قبل ميلاده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه محمد وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
... نعم هنالك اختيار الزوجة الصالحة ذات الدين والخلق فإن التربية الصحيحة إنما تكون على يدي من كان صالحا في نفسه ففاقد الشيء لا يعطيه، وهنالك ذكر الله عند الاتصال بالأهل فقد ثبت في الحديث الصحيح أنه إذا قدر ولد من الوطء لا يضره الشيطان، ومن سلم من مضرة الشيطان فقد سلم من شر عظيم، وسهلت تربيته في المستقبل وصار أقرب إلى قبول التوجيه والنصح الإرشاد.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/653)
وجوب المتابعة عند أمر الأهل والأولاد بالصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي في رجل يأمر زوجه وأولاده بالصلاة فيصلون يوماً وينقطعون يوماً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه محمد وآله وصحبه ومن والاه: وبعد. يقول الله جل وعلى: (وأمُرْ أهلك بالصلاة واصطبر عليها) . ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:"مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع " رواه أبو داود والإمام أحمد.
فعلى هذا الرجل أن يتابع أبناءه وزوجته متابعة تامة حتى يتأكد من أنهم أصبحوا يواظبون على الصلاة، فهؤلاء رعيته والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته " متفق عليه. أما إذا أمرهم وأغفل المتابعة فقد فرط في ما استرعاه الله.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/654)
يدعو أولاده للصلاة ولا يستجيبون فهل يتركهم
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أولاد ألزمهم معي بالصلاة في المسجد منذ صغرهم، ولكنهم لا يطيعونني وأحيانا آخذهم جبراً أو باستخدام الضرب وعند غيبتي عنهم لا يذهبون إلى الصلاة في المسجد، كما تخبرني بذلك زوجتي وأغلب الأوقات أعطيهم الدروس والنصائح، ولكن ـ سبحان الله ـ لم يأخذوا بها ولم تنفعهم، والآن كبروا وأصغرهم حالياً عمره 16 سنة ولكن دون التزام بالصلاة وقد تعبت معهم من كثرة ما أذكرهم بضرورة المحافظة على الصلاة والعبادة، ولكن أحيانا أسمع عنهم أنهم لا يصلون حتى في البيت وهذا ما يغضبني عليهم وأضطر أحيانا لضربهم على ترك الصلاة، والسؤال: ما ذاعلي أن أفعله في هذا الوقت معهم؟ وهل علي ذنب في تركهم، لكوني تعبت ومهموم من ذلك؟.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنوصيك بالصبر على دعوتهم، ولك أسوة حسنة في نوح عليه السلام الذي ظل يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً دون كلل أو ملل: قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا* فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا* وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا* ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا* ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا {نوح} .
وقد سبق في الفتويين رقم: 21708، ورقم: 109137، بيان ما تفعله مع أمثال هؤلاء الأبناء.
وعليك الاستمرار في نصحهم، ولا يرفع الوجوب عنك أنك دعوتهم ولم يستجيبوا، قال النووي عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ثم إنه قد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو، أو لا يتمكن من إزالته إلا هو، وكمن يرى زوجته أو ولده أو غلامه على منكر أو تقصير في المعروف، قال العلماء ـ رضي الله عنهم: ولا يسقط عن المكلف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكونه لا يفيد في ظنه، بل يجب عليه فعله، فإن الذكرى تنفع المؤمنين وقد قدمنا أن الذي عليه الأمر والنهي لا القبول. شرح صحيح مسلم.
واعلم أن استمرارك على مناصحتهم ـ ولو لم يستجيبوا ـ فيه أجر عظيم، ثم ما يدريك لعلهم يتقون، فإن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1430(13/655)
موقف الأب ابنته إذا كانت تصر على إقامة علاقة مع كافر
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة حكم فتاة مسلمة تعيش مع والدها وأعلنت له أن لها صديقا كافرا تريده غير مكترثة بأهلها أو دينها؟ مع العلم أنها تبلغ من العمر 29س وأنها تحظى بعمل جيد، فهل يجوز طردها من البيت وحرمانها من الميراث؟ علما أنه تم تحذيرها قبل ذلك، كما أنها ضاجعت يهوديا وغيره لمدة عامين ـ ثبتني الله وإياكم جميعا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على هذا الأب أن يأخذ على يد ابنته هذه ويمنعها من الفجور ما أمكنه ويعلمها شرائع الدين خصوصا أمور العقيدة، فإن الناس لا يجترئون على هذه الفواحش المنكرة إلا بعد أن يضعف في قلوبهم وازع الدين وتغطي على أفئدتهم سحب الشهوات والشبهات.
وأما طردها من البيت فقد يعرضها للفساد من أوسع أبوابه ويفتح لها أبواب الفتن على مصراعيها فإن لم تستجب له ابنته فعليه أن يمنعها من ذلك ولو بالقوة ما لم يعد ذلك عليه بالضرر.
أما منعها من الميراث فلا يجوز، لأن الميراث حق ثابت من الله سبحانه للورثة إلا إذا ثبتت ردة البنت وخروجها عن الإسلام، فحينئذ لا حق لها في الميراث، لأن اختلاف الدين من موانع الإرث، كما بيناه في الفتوى رقم: 1184، ومع ما تقدم فإنه يجوز للأب أن يتصرف في ماله في حال حياته وصحته بالهبة والصدقة والوقف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1430(13/656)
هل هناك دعاء خاص بتربية الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك من دعاء محدد يساعدني في تربية أولادي (صبيان مراهقان) وأدعو فيه لنفسي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم دعاء معينا تواظب عليه المرأة خاصا بتربية الأولاد، لكن ينبغي لك الإكثار من الدعاء لك ولهم بصلاح الحال والاستقامة والهداية والحفظ من كل مكروه وغير ذلك من خيري الدنيا والآخرة، خصوصا في الأوقات التي يظن فيها استجابة الدعاء كوقت السَّحَر أو أثناء السجود أو بين الأذان والإقامة، والأفضل الاقتصار على الأدعية الجامعة المأثورة في السنة الصحيحة. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 70356، والفتوى رقم: 51531.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1430(13/657)
لا يحق للأب أن يأخذ مال ولده ليعطيه لولد آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل له خمسة أولاد ميراث كل واحد فدانا أرض زراعية، وكل ابن منهم متزوج وله أولاد وفي مسكن لوحده، والأب أعطى لكل واحد نصيبه يزرعه بمعرفته، وكل منهم يعطيه كل عام إيجار هذه الأرض لمصاريفه هو وأمهم، والأخ الأكبر يعمل فى بنك التنمية الزراعية بالمنطقة وقد حصل على قروض من البنك بأسماء إخوته وبدون علمهم، وكذلك آخرون، وباسم أبيه بدون علمه أى عن طريق التزوير، ولما انكشف أمره قالوا نحن الذين أخذنا وهذه تواقيعنا وسددوا المبالغ، وكذلك مبالغ الآخرين التي وصلت إلى حوالي ثلاثمائة ألف جنيه.
الرجل في حيرة ماذا يفعل:
1- هل يقاسم الأولاد أخاهم في المبالغ مع أنهم رافضون لذلك، أم يبيعون جزءا من الأرض مقابل سداد دين أخيهم، أم يباع جزء من أرض الأخ الأكبر المتسبب في الدين، ومن نصيبه الشرعي، أفيدونا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحل الشرعي أن يؤاخذ الأخ الأكبر بما اقترفت يداه، ويتحمل سداد الديون التي استدانها باسم إ خوانه بطريق الغش والتزوير، ولا يجوز للأب إ لزام بقية إخوانه بسداد ديون أخيهم، هذا لما تقرر أنه ليس للأب أن يأخذ مال ولده ليعطيه آخر.
وأما كيف يسدد الأخ الأكبر هذه الديون فهذا راجع إليه، فإما أن يبيع ما وهبه والده له أو جزءا منه، أو يسدد بمال آخر يملكه.
وما دام قاردا على إلزام ولده بسداد هذه الديون وتخليص إخوانه وغيرهم من التزوير الذي قام به هذا الولد فيلزمه فعل ذلك دون اللجوء إلى القضاء.
علما بأن هذه الأرض لا تزال على ملك الوالد لأن هبتها لم تتم ما دام يأخذ أجرتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1430(13/658)
مشاكل أسرية وحلولها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة مسلمة متدينة، وأخاف أن أعصي الله في قطع صلة الرحم، وذلك لأن ما يحدث في منزل أبي من أغرب الأشياء وهو أن أبي يعرف ويرى أن أختي التي تبلغ من العمر 22 عاما وهي أصغر مني بـ 4 سنوات مخطوبة ولكنها تعرف كثيرا من الشباب وتخرج معهم وتخرج مع ابن عمها بدون علم من خطيبها ثم لما عرفت وقلت لأبي في المنزل هذا الكلام ثار في البداية هو وإخوتي ثم بعد ذلك خيروها بين خطيبها وابن عمها بالخصوص عن باقي الأشخاص التي تعرفهم، وكانت هناك دلائل بصور وجوابات تم عرضهم ورآها إخوتنا الذكور فقالت أنا أريد خطيبي فقط فقالوا لها بعد الضرب اقطعي العلاقة بابن عمك خصوصاً لأنها تخرج معه وتذهب معه إلى بيت عمه الذى هو بيته، وهناك لا يأبهون بمراعاة عدم الاختلاط والخلوة، كانت تجلس معه في شقة بمفردهما وأمه فوق وأخته تقف لهم على السلالم وتم تأكيد الكلام ذلك لإخوتي الذكور وتم ضربها مرة أخرى ثم قالت أنا أريد خطيبي وخطيبها ذلك ابن خالتي، وعرف كل ذلك من أصحابها ومن غير ذلك ورآها معه أكثر من مرة، وحذرها ورغم كل ذلك متمسك بها وهو متدين جيدا، ولا يفوته فرض صلاة، ويعرف ربنا. أما ابن عمي ذلك فلا يعرف الله، وهو كذاب ولا يصلى وكل الناس يعرفون ذلك، وأيضا يعرف عنه أنه لا يحمل المسئولية ويقوم بضرب أمه كي تستلف له فلوسا ويعطيها لها، وأيضا يعرف عنه أنه حرامي. أما هي فتصلى ولكنها لا تعمل بها ثم بعد فترة تم فسخ خطوبتها من ابن خالتي وعادت الكرة مرة أخرى مع ابن عمي وأبي يراها تعمل كل الأخطاء ولا يتكلم معها، بل يتكلم من ورائها ويقول عليها إنها غير مرباة وأنها وأنها وعندما تكون أمامه لا يتكلم بل يدافع عنها أمام إخوتي عندما يمنعونها من الخروج يقوم بالخناق معنا نحن ويتركها هي على هذا الخط لدرجه أن سمعتنا بين الناس أصبحت سيئة جدا وأبي وإذا رآها على نفس السلوك لا يتكلم وإذا أحد تكلم يقول عنا أننا كذابون مع أنه عارف ومتأكد في نفسه أننا على صواب وبيتنا أصبح مثل بيت الدعارة أخي الكبير لما وجد أباه هكذا أصبح عندما يراها مع ابن عمها وحدهما في بيت عمي في شقة لا يتدخل ويقول لا دخل لي بهما، أما أخي الثاني يقول لماذا نتعب أنفسنا أبونا يعرف كل شيء ويقول لا شأن لكم بها، نسيت أقول إن أمنا متوفاة من 15سنة وأبي متزوج، وأهم شيء عنده امرأته وبنته التى هي أختنا طبعا من أبينا، أما نحن فلا يهتم بنا رغم أنه حج بيت الله أكثر من مرة ومدير عام في التربية والتعليم سابقا باقي أمر صعب هو يبلغ 62 عاما أصبح يكذب دائما وعارف أنه يكذب ويرمي المحصنات بالباطل، وعندما يخاصم أحدا حتى لو منا نحن يتهمنا ويفتري علينا لدرجه أنني لا أستطيع أنظر إليه لأن هذا أصبح طبعا فيه وقلت له كذا مرة انت لماذا تعمل هكذا؟ هذا حرام ولكن لا حياة لمن تنادى يعنى أختي الصغيرة لاحظت فيه هذا وأنه لا يصلى فالمنزل أصبح شيئا كئيبا أنا وأختي في خصام بسبب تصرفاتها وأنها ترفض النصيحة وفي آخر الأمر غلطت في خطيبي وأنا لا أكلمها كنت أتحدث معها في التليفون فشتمته كي تغيظني أنا فأنا حرمتها أن تحضر فرحي أو تدخل لي منزلا بعد الذي عملته وأنها تعامل أهل خطيبي أمه وأخواته بمنتهي قلة الذوق، فأنا أعتزم مقاطعتها مدى الدهر وسوف لا ادخل منزل أبي بمجرد ما أتزوج. لأن كل ما يحدث لا يرضي الله وأنا أخاف من قطع صلة الرحم فما أعمل في هذا الوضع أنا لا أستطيع أن أذهب وكل ما يحدث أبي يعرف أن أخي ممكن يكون قاعدا مع بنت عمى في الدور الثاني في الشقة لوحدهم والباب مقفول ولا يتكلم فأنا لا أستطيع أن أرى مثل كل هذه الأشياء وآخذ ذنب ما يحدث فماذا أعمل؟ وكذلك خطيبي قال لي أختك لا تدخل منزلي وأنا موافقة لأنها سوف تسبب لي مشاكل فأنا تعبت وهناك كثير ولكن لا أستطيع التحدث عنه كي لا تقول عني إني مبالغة فلا أعرف ماذا أفعل وأنا حفل زفافي اقترب بعد شهر نصف وتعبانة من كل ما يحدث ومن البيت وغير ناوية أدخل البيت ثانية، فإني أخاف من معصية الله وقطع صلة الرحم أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنلخص لك الجواب حول مشكلتك فيما يلي:
1- اجعلي همك الآن هو إتمام زواجك ولو أمكن أن تعجليه أكثر من هذا فهو خير لك، لأن بيتكم -كما تقولين- قد صار موطن فتنة، والمؤمن عليه أن يغادر أماكن الفتن ويفر منها، ولا قدرة لك على ذلك إلا بالزواج، فاجتهدي قدر وسعك وطاقتك أن تتمي الزواج في أسرع وقت.
2- ذكرت في حديثك أنك تكلمين خطيبك في الهاتف، فننبهك إلى أن الخاطب أجنبي عن المخطوبة حتى يتم عقد الزواج بينهما، فطالما أنه قد تمت الخطبة وتم التوافق فلا داعي حينئذ للكلام إلا إذا دعت لذلك حاجة، فيكون الكلام حينئذ بقدر الحاجة مع مراعاة الآداب الشرعية من ترك الانبساط في الحديث والخضوع بالقول ونحو ذلك، أما ما وراء ذلك من الخلوة والخروج سويا دون محرم فهو حرام بلا شك.
3- أما ما كان من شأن أختك هذه – هداها الله – فننصحك أن تحاولي أن تتألفيها، وأن تحدثيها حديث المشفق عليها الطامع في إصلاحها وهدايتها فتبيني لها قبح ما تصنعه وأن عاقبة هذا هو الفضيحة والخزي والعار في الدنيا ولعذاب الآخرة أشد وأخزى، ثم حاولي أن تربطيها ببعض الأخوات الصالحات اللاتي لهن دور في الدعوة إلى الله ودينه، فلربما كانت أسمع لكلامهن منك، ولربما كان تأثيرهن عليها أكبر. فإن أبت فعليك أن تخبري إخوتك بكل ما تصنعه، وأن تحرضيهم على أن يأخذوا منها موقفا حازما بمنعها من الخروج من البيت تماما، فإن خرجت لحاجة فعلى أحدهم أن يصحبها في خروجها حتى رجوعها ولا يتركوها بمفردها، لكن ينبغي أن يتم هذا في جو من الهدوء وضبط الأعصاب، وأن يتجنبوا الضرب والعنف؛ لأنه غالبا ما يأتي بعكس المقصود، ولو سعوا مع ذلك إلى سرعة تزويجها من بعض أهل الخير والصلاح ممن يحفظ عليها دينها ودنياها فهو خير ولا شك. ولو أردت منعها من دخول بيتك بعد الزواج فهذا جائز لا حرج فيه طالما أنها مقيمة على معصيتها ولم تتب من ذنبها.
4- أما ما كان من والدك وتركه للصلاة ورميه للمحصنات المؤمنات فسبيل إصلاحه النصيحة بالحكمة والرفق والموعظة الحسنة، وأن يبين له أن هذا مما نهى الله عنه وحرمه، وأنه لا يرضى لأحد من الناس أن يخوض في عرضه بهذه الطريقة التي يخوض بها في أعراض الناس، مع ملاحظة أنه لا يجوز لكم تعنيفه ولا إيذاؤه مهما كان منه، لكن إن اشتدت الأمور وزاد أذاه فيمكنكم حينئذ أن تتجنبوه بالقدر الذي يدفع أذاه عنكم مع دوام مصاحبته في الدنيا معروفا.
5- أما ما كان من أختك الأخرى التي شتمت خطيبك وسبته وأهانت أهله، فسبيل هذا العفو عنها والتغاضي عن أذاها، فما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، فهذه هي الأخلاق التي ندب الله عباده إليها قال سبحانه: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى: 43} ، وما اتخذته من قرار بعدم دعوتها لحضور زفافك لا يجوز ما لم يكن بقصد ردعها عن إصرارها على المعصية؛ لأنه من قطيعة الرحم وهي محرمة.
ونذكرك عموما بالعفو وبذل الندى وكف الأذى ومحاولة القيام بواجب الصلة لأرحامك بقدر ما تستطيعين، إلا إذا دخل عليك من بعض أرحامك ضرر في دنياك أو فتنة في دينك، فإنه يشرع لك حينئذ هجره دفعا للمفسدة وتحقيقا للسلامة والمصلحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1430(13/659)
طرد الولد العاق من البيت.. رؤية تربوية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق للمسلم أن يطرد ابنه صاحب العشرين سنة من المنزل إذا كان لا يطيعه ويتعمد مخالفة أوامر والده والتي تصب أساسا في مصلحة الشاب؟
أفيدونا بأكثر تفصيل ممكن أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور العلماء ذهبوا إلى أن الابن البالغ لا تجب نفقته على أبيه، إلا أن يكون عاجزاً كالمريض والمجنون، وذهب الحنابلة إلى وجوب نفقة الابن على أبيه ما دام الابن لا يجد ما ينفق به على نفسه ولو كان صحيحاً قوياً.
قال ابن قدامة في المغني: ولا يشترط في وجوب نفقة الوالدين والمولودين نقص الخلقة ولا نقص الأحكام في ظاهر المذهب.
وقال المرداوي في الإنصاف: شمل قوله (وأولاده وإن سفلوا) الأولاد الكبار الأصحاء الأقوياء إذا كانوا فقراء وهو صحيح، وهو من مفردات المذهب.
وفي خصوص موضوع السؤال في طرد الولد من البيت لا يجوز إذا كان فيه إضرار بالولد وتعريض له للفساد، وإنما يجوز في بعض الحالات إذا اقتضت المصلحة ذلك لكون المفسدة في طرده أقل من مفسدة بقائه في البيت، وانظر الفتوى رقم: 62512.
وننصح الوالد بتوجيه ولده وإعانته على التمسك بالشرع والتقرب من الله، فذلك مفتاح كل خير.
وننبه إلى أن الولد في هذه السن يحتاج إلى التعامل بحكمة، فهو يحب أن يشعر بشيء من الاستقلالية، فينبغي للوالد أن يعين ولده على بره، فلا يثقل عليه بالأوامر التي يظن أنه سيخالفها، ويعطيه حقه في الاختيار واتخاذ القرار، ما دام الأمر لا يتعلق بفعل واجب شرعي أو ترك محرم، وإنما هو في أمور المعاش التي تختلف فيها وجهات النظر.
ونوصي الوالد بكثرة الدعاء لولده بالهداية، فإن دعوة الوالدين لولدهما من الدعوات التي لا ترد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن، دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد لولده. رواه ابن ماجة، وحسنه الألباني.
كما نوصية بالتواصل مع قسم الاستشارات في موقعنا ((إسلام ويب)) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1430(13/660)
تفريق الأهل بين الإخوة في المعاملة والتقتير في النفقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي وأبي منفصلان منذ كان عمري 10 سنوات وانفصلا سابقا منذ كان عمري 2 حتى وصلت ل6سنوات المهم أنهما الآن في بلد مختلفة وأمي لم تتزوج وربتني أنا وأخي بعكس أبي الذي تزوج وأنجب أختا لي مع العلم أنه كان ومازال مقترا ماديا، ويرسل المال بأقل مما نستحق لدرجة أنني حاولت لتغيير صورته أمام أخي أرسلت لأبي مبلغا ماليا ليرسله لأخي كأن أبي هو من أرسله وقلت عسى أن يحرك ذلك فيه روح الأب ويفعل شيئا وجدته أرسل مضافا عليه 20جنيه فقط علما بأنه كان يعمل بالخارج ولديه أملاك، لكن غير متأكد من درجة يسره، لكن أشك بشكل كبير وفي نفس الوقت لا أريد ظلمه، المهم حاليا قد سافرت وأعمل بالخارج وعند الحضور لمصر بإجازة أقع في موقف محرج أمامهما وأمام الله، أولا حيث إني يجب أن أزور أبي لكن أشعر بغيرة أمي من هذا بل في آخر مرة ذهبت إليه فعلا فانقلبت الإجازة في النهاية إلى جحيم لم أستطع الاستمتاع بأي شيء فيها حتى رجوعي مرة أخرى، ماذا أفعل معهما لا أريد أن أغضب الله فطاعة الوالدين من طاعة الله علما بأن أمي لها أناس تعرفهم جيرانا لأبي وستعرف أني ذهبت إليه دون أن تعرف لو حاولت أن أقوم بهذا الشيء، أيها السادة لا أعرف ماذا أفعل في هذا الأمر.
لدي سؤال آخر أمي أشعر بأن معاملتها معي مختلفة عن أخي، ففي حياتي أحاول أن أكون لينا معها لا أشق في شيء عليها، فكانت تستغل هذا وعند خطئي كان توبيخي أشد عندما أخطئ بشيء أجد رد فعلها مختلفا عن أخي الذي يكاد يكون طباعه حادة صارمة لا أعرف ماذا أفعل فهذا بشكل عام يؤلمني ولا أعرف ماذا أتصرف معها فماذا سأفعل لو فكرت بالزواج فالأمر سيكون أشد معي ومع زوجتي فمن شدتها معي أصبحت ردود فعلي مع الأشخاص أصحاب النفوذ في حياتي خوفا لا احتراما، وأبي مقتر وحتى مشاعره جافة مع أخي وأحيانا كثيرة معي فعندما جئت له بالكويت عاملني بطريقة كانت بشكل لا يصدق، فالتعامل المادي، هذه عيوبهما لكن أحبهما ولا أعرف ماذا أفعل معهما لأرضيهما، فهذا شيء مؤلم، فإن أرضيت أحدهما غضب الثاني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن ما ذكرته عن أبيك من التقتير عليكم في الإنفاق يعتبر خطأ إذا كان له مال وكانت نفقتكم لم تزل واجبة عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول. رواه الحاكم وغيره.
كما أن أمك تعتبر مخطئة فيما نسبته لها من التفريق بينك وبين أخيك في المعاملة، ومن سعيها في قطعك للصلة مع أبيك.
وعلى أية حال فإنك مأمور ببرهما مهما كانا، ولا يعذر المرء بمقاطعة أو إساءة معاملة الوالدين حتى في حال شركهما، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23) . وقال تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان51} .
فواجب عليك برهما ولا يجوز أن تطيع أمك في قطعية أبيك فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق كما في الحديث الشريف، وليس معنى ذلك أن تغيظ أمك بالذهاب إلى أبيك جهارا، وإنما يمكنك أن تتحين لذلك أوقاتا لا يظهر فيها الجيران في الطرقات أو الشرفات، أو تتصل به بالهاتف وتقابله في مكان آخر.
وبالنسبة لزواجك فيمكنك أن تدرس الموضوع مع والدتك وتطلب مساعدتها في اختيار زوجة تسعدك، وتذكر لها حرصك على أن أي شيء من ذلك لن يكون إلا برضاها، فلعل هذا يرضيها بزواجك ولا تتسبب لك في مشاكل جديدة، وجاهد في طلب رضاها وأظهر لها انكسارك وسوء حالك بدون ذلك، وأنك وزوجتك ستكونان رهن إشارتها، وعليك بكثرة الدعاء فإن قلوب العباد بين أصبعي الرحمن يقلبها كيف يشاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1429(13/661)
ضغط الأهل لتزويج بنتهم من مدينتهم لا غير
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحبة السؤال عدد 2192439 وأريد أن أعرف في حالتي هذه هل يعتبر وليي عاضلا لي فإن عائلتي لا تشترط شيئا في موافقتهم بزواجي إلا أن يكون من مدينتنا، ولكن أنا أريد أن أتزوج من الشاب الذي أحبه والذي هو على دين وخلق ولا يهمني سوى ذلك، ولقد تعرضت مرات عديدة للضرب والإهانة من أجل تشبثي به وقد أجبروني مرتين في السابق لخطبتي على شابين بالغصب ولكن الله جعل أسبابا وباءت الخطبتان بالفشل وتعرضت كذلك للضرب والإهانة بسبب ذلك، ولكن إن ثبت عضلهما لي حسب فتواكم لا أستطيع أن أشكوهما إلى القاضي حيائي يمنعني من فعل ذلك فهم في الأخير والدي ولا أستطيع فعل ذلك فيهما.
ومشكلتي الثانية وهي رفع الصوت على والدي فهذا الشيء يؤلمني كثيرا ولكنه شيء خارج عن إرادتي دون أن أشعر أحاول التحكم في أعصابي ولكن دون فائدة فالضغط علي كثير ومشاكلي معهم أكثر شيء تخص الدين والزواج، فأنا أحاول جاهدة الإصلاح من نفسي والتقرب إلى الله والبحث عن الطريق إلي الله ولكنهم يعارضونني في كثير من الأمور بدعوى أنه علي الآن طاعتهم وفعل ما يريدونه من تبرج وفتن إلي غير ذلك حتى تتم خطبتي ممن يحبونه ويرضونه، وبعد أن أتزوج ويتخلصون مني أستطيع أن أفعل ما أريد وأحاول إقناعهم لكن دون جدوى مما يؤدي إلى تفلت أعصابي ورفع الصوت إلى جانب أنه شيء وراثي في العائلة إلى جانب أنني عصبية وخاصة لأنهم يريدون التشبث بعادات وتقاليد خاطئة منافية للدين، وقد تعبت كثيرا من هذا الوضع لذلك أريد أن أتزوج بسرعة ممن أرضاه دينا وخلقا كي أبتعد عن والدي وضغطهما مما يؤدي بي إلي رفع الصوت مما يؤدي بي إلى عقوقهما مما لا أحبه لأن الله لا يحبه.
أرجو منكم إرشادي ماذا أفعل فأنا لا أريد أن أقع في عمل يغضب الله وأعتذر على الإزعاج وأرجو منكم الدعاء لي بأن يحفف الله كربي وهمي ويسهل زواجي ممن أحبه وأرضاه.
وجزاكم الله خيرا وجعلها في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالولي يكون عاضلا لمن في ولايته إذا امتنع من تزويجه من كفء ولم يكن له في امتناعه عذر مقبول، وليس من العذر كون الخاطب من غير مدينة المخطوبة، وإذا لم يكن لأهلك من العذر في الامتناع عن تزويجك غير ما ذكر فإنه يعتبر عاضلا لك، فندعو الله أن يقرب بينك وبين والديك , وأن يهديهم للتمسك بأهداب الدين الحنيف وأن يثبتك على برك لهما, ويجعل في قلبيهما الحب والعطف عليك.
واعلمي أنك في اختبار صعب ولا نجاح فيه إلا بالاستعانة بالله والتوكل عليه والتزام الدعاء والتضرع والبكاء بين يديه, والحل العملي (الشكوى للقاضي) لمشكلتك ترفضينه برا بوالديك فجزاك الله خيرا.
فحاولي أن تستعيني ببعض أقاربك أو أصدقاء والديك ليتركانك تتقربين إلى الله وهما أول المستفيدين من بركة ذلك, واعلمي أنك في زمان القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر, وسيجعل الله لك فرجا ومخرجا, ولا تنزوي بل تعاوني مع بعض صديقاتك في الله في عمل الخير، وحاولي جذب أخواتك وأمك معك عسى أن يرق قلبها ويزين الله فيه الإيمان ويكون في ذلك فرج لك وسعادة وسط أهلك.
ثم ما ذكرته من العصبية وأن رفع الصوت أمر وراثي في العائلة ليس حجة لك في رفع الصوت على أبويك، وإن المرء مطالب بتعديل أخلاقه وتكييفيها مع شرع الله.
واعلمي أنه لا يجوز لك أن تطيعي والديك في التبرج أو في أي شيء آخر مناف للدين فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؛ كما في الحديث الشريف.
ونسأل الله أن يعينك على بلوغ غايتك ويرزقك ما تقر به عينك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1429(13/662)
بذلت وسعها ليكف ولدها عن العادة السرية فلم تنجح
[السُّؤَالُ]
ـ[أخت في الله تسأل عن طريقة التعامل مع ابنها المراهق والذي يدمن على العادة السرية بعد أن نفد كل ما عندها من وعظ وإرشاد وتخويف من النتائج وتخويف من عاقبة هذا الذنب وابنها لا يرتدع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنصيحتنا لهذه الأخت أولا أن تجتهد له في الدعاء بأن يطهر الله قلبه ويحصن فرجه فلعل الله تعالى أن يستجيب لها، فإن دعاء الوالد لولده مستجاب كما دلت عليه السنة، ثم إن كان بالإمكان تزويجه وعلم من حاله شيء من الرزانة والتعقل فلتزوجه، وهذا خير علاج. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج.
وإن لم يمكن تزويجه لعدم استطاعته أو خفة عقله ونحو ذلك فلا مناص من الاستمرار في النصح والإرشاد مع الدعاء، فلعله أن يستجيب يوما ما، ولتحرصوا على ربطه برفقة صالحة من الشباب تعينه على الخير وتبعده عن الشر، وكذا حثه على إلإكثار من الصيام، فإنه يضعف الشهوة ويضيق مجاري الشيطان من ابن آدم، ولا بأس بعرضه على بعض الأطباء الثقات لوصف علاج مناسب لتخفيف الشهوة، ولتراجع الفتوة رقم: 10048.
ونحن نسأل الله أن يطهر قلوب شباب المسلمين، ويهديهم لما يحبه ويرضاه، ويوفقهم لمعالي الأمور، ويبعدهم عن سفسافها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1429(13/663)
موقف الأب من ابنه العاق والمصر على المعاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في ابن عاص ينتهك الكبائر لا يطيعك ولا يردعه شيء ولا تستطيع أن تفعل معه شيئا أو تقيم عليه حدا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
على الأب أن ينصح ولده البالغ، ولا يحق له أن يقيم عليه الحد لأن ذلك من اختصاص ولي الأمر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يعين من ابتلي بهذا النوع من الأبناء، والذي ننصح به في مثل وجود هذه الحالة -إذا كان الولد بالغاً- هو الدعاء له من الجميع وخاصة من الأبوين وفي أوقات الإجابة ... والنصيحة الدائمة له المباشرة وغير المباشرة واتخاذ كل الوسائل التي يراها مناسبة لردعه عن عصيانه.. لعل الله تعالى يهدي قلبه ويصلح حاله، ويمكن أن يستعان عليه بمن هم في سنه من الشباب الصالحين، فإذا لم ينفع فيه ذلك يهدد بقطع المساعدة عنه وبتسليمه للسلطة.
فإذا لم ينفع فيه ذلك فلا يقطع عنه الدعاء والنصيحة ... وله أن يطرده من البيت إذا كان عاقلاً وقادراً على التكسب، إذا كان يرى في ذلك مصلحة أو كان لا يستطيع تحمله، ولكن لا يحق له أن يقيم عليه الحد بنفسه لأن إقامة الحد من اختصاص ولي أمر المسلمين دون آحادهم، وللمزيد انظر في ذلك الفتوى رقم: 62512.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1429(13/664)
حائرة بين البقاء في بلاد الكفر لرعاية أولادها أم اللحاق بزوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مشكلة هي غياب زوجي للعمل في بلد آخر ونراه لمدة 40 يوماً في السنة، أي حوالي 20 يوما كل 4 شهور، أو أكثر، عندي 3 بنات وولد منهم في سن المراهقة ونحن خارج الوطن في بلد أجنبي للتعليم، مشكلتي الأخرى بناتي لسن ملتزمات بالصلاة ولا لبس الحجاب، مع أني تكلمت معهن كثيرا فيقلن الناس هنا تنظر لنا على أننا إرهابيون أو عقولنا غيرهم، وأنا أريد العيش مع زوجي وهم لن يذهبوا معي إلى البلد الذي يعمل فيه أبوهم وأنا بين نارين، نار تركهم بمفردهم أي 2 كبار وهما بنتان في الجامعة 2 آخرين سوف يذهبن معي وهما تحت سن 12 سنة، فماذا أفعل أترك زوجي أم أترك أولادي أنا في حيرة شديدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أهم ما ينبغي أن يكون محل اهتمام المسلم المحافظة على دينه ودين أهله وعياله فلا يشغله عن ذلك شيء من متاع هذه الدنيا الزائل، وبداية نقول لك: إن كنتم تقيمون في بلد غير مسلم فيغلب على الظن أن تكون الإقامة هي السبب الأساسي في هذا الحال الذي وصل إليه هؤلاء البنات من رقة في دينهن بترك الصلاة وعدم الالتزام بالحجاب، وخير دليل على ما ذكرناه خشيتهن من أن يوصفن بالإرهاب.
وعليه؛ فأول ما ينبغي التفكير فيه هو الهجرة إلى بلد مسلم والإقامة فيه، وإن كانت هنالك حاجة للتعليم ونحو ذلك ففي بلاد المسلمين من هذه المجالات الخير الكثير، وأي فائدة في تعليم يفقد معه المسلم دين وأخلاق أبنائه، فالبدار إلى الهجرة قبل أن يكون الندم.
فإن كانت هنالك ضرورة ملجئة -وهي المعتبرة شرعاً- تضطركم للإقامة في ذلك البلد، فينبغي البحث عن سبيل لأن يجتمع شمل الأسرة مع الوالد في مكان واحد، فإن غياب الوالد له أثر سلبي كبير على الأولاد، ولا ينبغي التفكير أبداً في ترك هؤلاء الأولاد بعيداً عن الأسرة لأن هذا يعني الضياع والدمار، وإن كان لا بد من إقامتكم في ذلك البلد، ولم يكن من سبيل من أن يقيم زوجك بينكم أو أن تنتقلوا جميعاً للإقامة معه، وأمكنك الصبر في العيش بعيداً عن زوجك فافعلي، واجتهدي في الحفاظ على أولادك والحزم معهم في أمر الصلاة والتزام البنات البالغات بالحجاب، وما ذكرن من أمر الوصف بالإرهاب ونحو ذلك لا يسوغ لهن التفريط في شيء من دينهن، فينبغي تذكيرهن بأسلوب طيب بأهمية المحافظة على الصلاة ولبس الحجاب وخطورة التفريط في شيء من ذلك.
وراجعي الفتوى رقم: 55875، والفتوى رقم: 68252.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1428(13/665)
على الوالدين أن يتعاونا على تربية الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة ولدي طفلان توأم ذكور يبلغان من العمر ثلاث سنوات وشهر لا أخفيك فإن أطفالي أشقياء ولا ينصاعان لأي توجيه مني أصرخ عليهما أحيانا وأضربهما أحيانا أخرى، ولكنه ليس بالضرب المبرح، أما والدهما فيقوم بضربهما ضرباً مبرحاً وإذا وقفت في وجهه لمنع إيذاء الطفل قام بضربي أيضا لا أعرف ماذا أصنع، علما بأنني ووالدهم تحدثنا بالموضوع مراراً وهو يضع اللوم على سوء تربيتي ومنذ أن كان عمرهما عاما واحدا كنت على وشك الطلاق منه بسبب الضرب، هو إنسان جيد لكنه عندما يفقد أعصابه لا يعرف أين يضرب أو كيف أو من يضرب أيضا هو يفقد أعصابه لأصغر سبب فأصبحت أعود إلى المنزل من عملي لأجد وضعه النفسي سيئا فآخذ الأولاد وأخرج من المنزل حتى يحين موعد نومهم أعود إلى المنزل لم أعد أستطيع تحمل وضع كهذا، رجاء أفيدوني لأنني أفكر في الطلاق كحل وحيد كي أربي أبنائي دون أي ضرر نفسي من جهة أبيهم وطرحت الموضوع عليه ولم يبد أي ممانعة بل أحسست بأنه أثنى على خياري.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي نراه هو أن الأمر أهون من أن يصل إلى هذه الدرجة، فمن جهة هذين الطفلين فهما ما زالا في سن لا يمكن أن يوصفا فيها بسوء تربية أو شيء من ذلك، إضافة إلى أن الطفل في مثل هذه السن غالباً ما تصدر عنه بعض التصرفات، والتي من الطبيعي أن تصدر عن مثله غالباً بحكم صغر سنه فيستنكرها الوالد أو الوالدة بحكم كبر السن، ولو أن الواحد منهما وضع نفسه مكان هذا الطفل لعذره، هذا بالإضافة إلى أنه قد توجد بعض العوامل التي تجعل الطفل في نوع من العصبية كغياب والده ووالدته عنه فترة طويلة بسبب العمل ونحو ذلك.
والمقصود أن الأمر هين إن شاء الله، ولا يجوز ضرب الطفل ضرباً مؤذياً، وإن كان لا بد من اللجوء إلى الضرب فليكن ضرب تأديب غير مبرح لا ضرب تشف وغيظ، وللمزيد من الفائدة حول ضرب الطفل نرجو مراجعة الفتوى رقم: 24777.
وهذا من جهة هذين الطفلين، وأما من جهتكما كوالدين فينبغي البحث في الأمر بنوع من التروي، والاجتهاد في التماس سبل للحل، ولا ينبغي التفكير في أمر الطلاق، فهو وإن كان قد يبدو أنه الحل في أول وهلة، ولكنه قد يكون سبباً لضياع هذين الطفلين، فإن الفراق بين الأبوين له آثاره السلبية على الأولاد في الغالب.
هذا، واعلمي أن الحق في حضانة هذين الطفلين لا يلزم أن يكون لك بالضرورة عند الفراق، فانتبهي لذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو الحجة 1428(13/666)
حكم الصبي غير البالغ إذا انتحر
[السُّؤَالُ]
ـ[طفل انتحر شنقاً بعد تأنيبه من طرف عمه، مع العلم بأنه لم يبلغ سن البلوغ بعد، فهل يكون عليه العقاب الإلهي كقاتل النفس أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
هذا الطفل لا عقاب عليه -إن شاء الله- لأن الله عز وجل رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس على الصبي عقاب لأنه غير مكلف، فالله تعالى رفع القلم عن الصبي كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. رواه أحمد وغيره، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 57895.
وينبغي أن ننبه هنا إلى أنه على ولي أمر الصبي أن يعلمه ما يجب عليه وما يحرم، وما ينبغي أن يتخلق به من الآداب والأخلاق الشرعية، كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أحمد وأبو داود.
فعدم تربية الصبي وتعليمه وتوجيهه يؤدي به إلى ما لا تحمد عقباه، ونسأل الله تعالى أن يحفظ أبناء المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1428(13/667)
دوام النصح والدعاء له أثر في تربية الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي ابن يبلغ 21 عاما زوجته لأعصمه من الحرام وأعطيته ما يكفيه لمعيشته كل شهر واشتريت له سيارة ولكن للأسف لا يتقي الله فى زوجته ويعرف عليها أخرى عن طريق التليفون وغيرت له أكثر من 5 خطوط تليفون وله شلة أصحاب سوء ولا أدري ماذا أفعل حتى يفيق هذا االابن من غفوته، ويرجع إلى الله ويقلع عن الكذب والتدخين، مع العلم بأنني ربيته على عدم الاختلاط وتحري الحلال، ولكن مجرد عودتنا لمصر انقلب حاله؟ أب مغلوب على أمره.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله لك ما قمت به من مجهود طيب في سبيل صلاح ابنك واستقامته وبُعده عن المعاصي والمنكرات، وهذه الجهود تثاب عليها إن شاء الله تعالى ولن تضيع، فاجتهد في نصح ولدك بحكمة ورفق، واصبر على ذلك مع المواظبة على الدعاء له خصوصاً في الأوقات التي يظن فيها استجابة الدعاء كأثناء السجود وفي الثلث الأخير من الليل مع البحث له عن رفقة صالحة ينتفع بمجالستهم ويستفيد منهم الأخلاق الفاضلة والعلم النافع ويبعدونه عن رفقاء السوء، ولا تيأس من صلاحه ولا تكف عن علاج انحرافه، ونسأل الله تعالى له الاستقامة على الحق والثبات عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1428(13/668)
كيفية توجيه الابن إذا سرق وحلف بالله كاذبا
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي الكرام أنا من عائلة والحمد لله وضعها المادي جيد اكتشفنا في الفترة الأخيرة أن الوضع المادي يتراجع دون أن نشك بأن أحدا يمد يده على أموال البيت ففي تلك اللحظة لا حظنا أن أخي الصغير وهو في الصف الثامن أنه يمد يده على خزنة الوالد ويعطي أصدقاءه رغم أنه ذكي وبريء جدا وقطعته قليلة ويعمل ويشارك في البيت نشيط جدا ولكنه يكذب كثيرا بأساليب ذكية ويحلف إذا سئل عن تلك السرقات واستخدمنا معه كل الأساليب ولكن دون جدوى بالرغم من أننا عائلة لا نحرم من شيء والحمد لله طبعا ضمن الأصول ومع الرغم من ذلك اكتشف الوالد أنه سحب من خزنته حوالي50ألف فحققنا معه وقررنا أصدقاءه فوجدنا أنه أعطى كل واحد 7أو 8 آلاف دون مقابل نسأله لماذا فعلت ذلك لا يجيبنا نسأله من مقصر معه من شيء أيضا لا يرد ونحن محتارون في أمره فهو بريء بشكل طفولي جدا والله حرام أن يكون هكذا أرجوكم أفيدونا في ذلك والله لقد شل تفكيرنا على فعل ذلك ونخاف أن يعود إلى ذلك مرة أخرى الرجاء الإفادة بذلك وجزاكم الله كل خير عنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته عن أخيك الصغير من الكذب والحلف عليه والسرقة، هي –في الحقيقة- أخطاء كبيرة جدا، ولا يجوز أن يتربى عليها المسلم؛ لأن المرء إذا مارس الخصلة الذميمة المرة والمرتين استمرأها واستحلاها واعتادها، حتى تصير له خلقا لا يستطيع التخلص منه إلا بجهد جهيد.
والكذب يجر صاحبه -والعياذ بالله- إلى النار، كما في الحديث المتفق عليه: إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا ".
والحلف بالله تعالى كذبا من أعظم المحرمات وهي اليمين الغموس التي ورد فيها قول النبي صلى الله عليه وسلم: الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس. رواه البخاري من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
والسرقة إذا وقعت والابن دون البلوغ فلا إثم عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث، فذكر منهم: "الصبي حتى يشب ". أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
ولكن يجب رد المال الذي أخذه ولا حد عليه؛ وينبغي أن يعاقب بما يكفه عن ذلك، مع اختيار الأسلوب المناسب لإشعاره بفداحة ما فعل، حتى ينشأ نشأة إسلامية صحيحة.
وينبغي أن يبادر قبل أن تترسخ عنده هذه العادات السيئة، وليكن ذلك بالرفق والحكمة والموعظة الحسنة، وترغيبه في طلب العلم الشرعي النافع، ولا بأس بعرض الموضوع على أحد المشايخ الفضلاء ممن يوثق بعلمه وفضله لمقابلة الشاب ونصحه وتأدبيه إن لزم ذلك.
ولا تنسوا أن تدعوا له في أوقات الاستجابة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1428(13/669)
سفر الأم بإحدى بناتها دون الأخريات
[السُّؤَالُ]
ـ[أقيم مع زوجي وبناتي الثلاثة, أعمارهن: 14,13,9 ,هل ينافي العدل بينهن إذا أخذت الصغيره معي وسافرت إلى بلد آخر حيث يدرس أولادي في الجامعة للاطمئنان عليهم؟ علما بأنهما متسلطتان عليها ولديهما غيرة منها مع أني أحاول جهدي العدل وهي لا تطمئن إلا بوجودي معها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التسوية بين الأولاد أمر مرغب فيه شرعاً، وهو أدعى لبر الأبناء لآبائهم وتحقيق الألفة بينهم ورفع الشحناء والبغضاء بينهم، فمهما أمكن الوالد أو الوالدة التسوية بين الأولاد في الأمور الظاهرة فهو أمر حسن، ومن هنا فإن أمكنك اصطحابهن جميعاً معك في هذا السفر فافعلي، وإلا فلا حرج عليك إن شاء الله في اصطحاب الصغيرة فقط، وخاصة مع وجود ما ذكرت من وجود بعض المعاني التي تقتضي اصطحابها كخشيتك الضرر عليها ونحو ذلك.
وننبه إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع زوج أو ذي محرم إلا لضرورة، وراجعي الفتوى رقم: 6219.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو الحجة 1426(13/670)
لا ضرر أكبر من ضياع الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[اضطررت لترك ابنتي فى بلدى مصر مع والدىّ لتكمل تعليمها الجامعى وأقيم أنا ووالدها وإخوتها فى بلد عربى، نحن أسرة متدينه ونراعي الله فى تصرفاتنا وأعمالنا وابنتي محجبة ولديها من المبادئ الدينية التى يحسدها عليها غيرها المشكله أن ابنتى فتنت فى الجو المحيط بها وقل دينها وتأثر حجابها وأصبحت تقلل منه تدريجيا أصبحت تكذب وهي المشهور عنها الصدق أصبحت وباختصار بوجهين أمامي أنا ووالدها فهي البنت المثالية الملتزمة وإذا أصبحت وحدها فهى بلا رقيب تفعل ماتشاء تحب وتضع مكياجا وتنسى لبس الواسع.... أموت قهرا وحسرة عليها أنا ووالدها فكرنا في أن نخرجها من كليتها وهي إحدى كليات القمة ونأتي بها لتعيش معنا لنحافظ على دينها وندخلها هنا في هذا البلد العربي أي تعليم نظرى لأنه غير متاحة كليتها هنا وكان هذا شبه قرار فالمهم عندنا أن ننقذ دينها الذى بدأت تنساه وتتخلى عنه في هذه الكليه وأن التعليم لايهم إذا ضاع الدين هذا من وجهة نظرنا ولكن وبعد تفكير وتأن فكرنا لو أننا اتخذنا هذا القرار فسوف نجبرها على ترك كليتها والتي تحبها جدا والتي هي أيضا متفوقه فيها وبسبب ماذا؟؟ الدين، فقد تكره الدين عنادا من داخلها لأنه بسببه قضينا على مستقبلها وسببنا لها حسرة فى نفسها إذا سوف يأتي القرار برد فعل عكسي ولن ننقذ دينها كما أردنا نعيش فى حيرة وننتظر رأيكم؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يثلج صدرك بصلاح أولادك جميعاً، وأن يزيدك حرصاً على الالتزام بتعاليم الإسلام وحدود الشريعة، وأن يمدك بمدد من عنده، وأن يعينك على ما نويت من الخير بما في خزائنه من الهداية والرشاد، وخزائن الله ملأى لا تنفد، ونسأل الله أن يشرح صدر ابنتك المذكورة، وأن يهدي قلبها، وأن يلهمها رشدها.
وننبهها إلى أن الدنيا زائلة، وأن متاعها قليل، والآخرة خير وأبقى، وأنه يجب عليها أن تسارع بالعودة إلى الله تعالى من قبل أن يفجأها هادم اللذات ومفرق الجماعات (الموت) فقد قال تعالى: وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {لقمان: 34} والمرء يموت على ما عاش عليه، ويبعث على ما مات عليه، فأي لقاء لله يرجوه من عصاه، وأي حياة بعد الموت يحياها من خرج عن طاعته، وقد قال سبحانه: فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا {الكهف: 110}
وإن من أهم ما يجب على المرأة الالتزام به هو الحجاب الشرعي الذي يجمع شروطه: ألا يصف ولا يشف، ولمعرفة ذلك فلتراجع الأجوبة التالية أرقامها: 31312 // 20177 // 6745 // 15791، ولمعرفة حكم وضع المكياج تنظر الفتاوى رقم: 28552 // 19191 // 32094.
وإننا لنحذر ابنتكم -هداها الله- من الاختلاط بالرجال في الجامعة وغيرها، وكذا محادثتهم عن طريق الهاتف أو النت أو بصورة مباشرة، فإن ذلك شر في ذاته ويؤدي إلى كثير من الشرور التي لا يقدر قدرها إلا الله، والخوف على ابنتكم ليس من هذه الافعال فحسب بل الخشية كل الخشية أن يقبضها الله عليها فتلقاه على حال لا يرضاها، ولمزيد من المعلومات حول هذا تراجع الفتاوى التالية أرقامها: 20415 // 1932 // 46569، هذه هي نصيحتنا لابنتكم حفظها الله وهداها.
أما ما نشير به عليكم، والمستشار مؤتمن فهو أن المحافظة على الدين تقدم على غيره من الضروريات كما هو معلوم في شرع الإسلام، فإذا تعارضت مصلحة المال مع الدين قدم الدين، وكذا مصلحة التعليم ونحو ذلك من المصالح التي لم يهملها الإسلام، وإنما رتبها وجعل بعضها أولى من بعض، والقاعدة أن الضرر الأصغر يتحمل لتفادي الضرر الأكبر، ولا ضرر أكبر من ضياع الدين، ولو أنكم أخذتم ابنتكم بالحزم -كما ذكرتم- فقد يؤدي ذلك إلى خسارة أكبر من الخسارة الحاصلة، أما إذا تعاملتم معها بالتلطف والحيلة فقد يكون ذلك أدعى لقبول نصحكم وطاعة أمركم، ولا يتأتى ذلك إلا بالتقرب منها وعدم البعد عنها، فكلما وجدتم فرصة لزيارتها في البلد الذي تقيم فيه حالياً فعلتم، وكذا إحضارها إلى البلد الذي تقيمون فيه حالياً أثناء أيام العطلات والإجازات، ولا شك أن ذلك سيزيل كثيراً مما تكون لديها من أفكار، كما أنه يمكنكم أن تبحثوا لها عن صحبة صالحة تحيط بها في مجتمعها الجامعي، وذلك ليس بالأمر العسير، ولا شيء أنفع للولد في الإصلاح من دعاء والديه له فإن دعاء الوالدين لأولادهما مستجاب، واللجوء الصادق إلى الله أنفع وسيلة لجلب الخير ودفع الشر، وإننا لننصحكم كذلك بأن تراسلوا قسم الاستشارات بالشبكة الإسلامية فإن عندهم من الأخصائيين من يستطيع أن يرشدكم أكثر في هذا المجال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1426(13/671)
إصلاح الولد الذي نبت في منبت سوء
[السُّؤَالُ]
ـ[لي زوجة وأولاد والحمد لله وتزوجت بأخرى منذ حوالي عشرة أعوام وقد قدر لهذه الزيجة ألا تستمر وانفصلنا وكانت حاملا ووضعت ولدا ظل في حضانتها حتى بلغ الثامنة في بلدتها بمصر ثم ضممته إلي وأتيت به لهذه البلاد معي ليعيش مع باقي أبنائي ولكنني صدمت بأخلاقه وتربيته (إن كان يصح إطلاق ذلك عليها) الذي استقاها من إخوانه من مطلقتي.. وبيئتها.. والتلفاز.. والنت..حتى وصل في هذا السن إلى نضج عقلي كالمراهقين وبدرت منه أسوء الأفعال وأنا أجاهد في تقويمه وأرى أنه يستجيب لحد كبير.... وذلك في وجودي فقط..!! حسب ما يبلغني عنه، وإذا تركت له مجالا بشكل ما أجده وكأن ما أصلحنا من شيء،له الآن ما يناهز نصف عام وسط إخوانه البنات والأولاد من زوجتي والذي أرى أنه ربما يشكل التفاحة المعطوبة في السلة وقد حاول إفسادا من قبل ووجه بشدة،،أرى إن تركته لأمه والتي تزوجت منذ ثلاثة سنوات وفي بيئتها سوف يضيع (وهذا أيضا ما يراه إخوان ملتزمون لي على معرفة جيدة بي وقرب مني) زوجتي تخاف وترى أن أمره قد لا يتغير بل قد يسوء.أرجو منكم الرأي والتوجيه نحو برنامج ترونه فعالا مع مثل تلك الحالة التي ترك فيها معول التلفاز والنت والبيئة الفاسدة أثره لحد ما. كما أرجو النصيحة لي بما يعفيني من التقصير يوم القيامة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالهداية بيد الله أولا وآخرا، ولذا فلا تغفل عن الدعاء الدائم لولدك بأن يصلحه الله تعالى، وإن في الدعاء أنجع وأنفع علاج.
ثانيا: اجتهد في أن تشغل وقته بأمر ينفعه، كأن تدرسه في مدرسة تحفيظ، وتلزمه بمطالعة بعض القصص النافعة، وحفظ بعض الأمور العلمية التي تناسب مستواه العمري.
ثالثا: اجتهد في أن توجد له مناخا مناسبا وصحبة جيدة من أبناء إخوانك الصالحين.
ثالثا: الطفل بحاجة إلى مخاطبة عاطفته أكثر من مخاطبة عقله فسرعان ما تطغى العاطفة عند الطفل على العقل.
رابعا: ليكن لك جلسات مع أبنائك تبين لهم فيها بعض الأخلاق القبيحة والتي ينبغي أن يحذروها إن رأوها في مجتمعهم أو فيما بينهم.
خامسا: جنب أولادك البيئة الفاسدة من زملاء السكن أو المدرسة.
سادسا: على زوجتك أن تكون عونا لك على تربيته، ونذكرها بعظيم الأجر الذي لها عند الله، فلا تظهر أمامه ميلا إلى بقية إخوانه دونه، أو ما يشعره بالقسوة عليه فإن ذلك يزيد الأمر سوءا، والله نسأل أن يصلح لك ولدك وأن يأخذ بناصيته إلى البر والتقوى. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1426(13/672)
تحليف الابن المخطئ على المصحف قد ينزع هيبته من قلبه
[السُّؤَالُ]
ـ[أخوتي في الإسلام تحية طيبة
مشكلتي أن ابن أختي تعلم التدخين من رفقاء السوء وعمره 18 سنة وعندما علمت به أمه ضربته ضرباً شديداًً واعطته المصحف الشريف وقالت له احلف على المصحف أنك ستترك التدخين وحلف لها وهي تقوم بضربه وبعد شهر ونصف رجع للتدخين وقامت بضربه مرة أخرى بالله عليكم ما حكم الإسلام في وضع الإنسان يده على المصحف والحلف به؟ أفيدوني بكل الخطوات التي يمكن أن يغفر الله لابن أختي ويرجع للصواب علماً بأن أسرته من عائلة محافظة وتحاول دائما أن يكون أبناؤها من ذوي الأخلاق العالية؟ وهل الخطأ من أختي أو من ابنها؟ وهل هذه المرحلة التي يعيش فيها تعتبر مرحلة مراهقة؟
بالله عليكم أرجو الرد بسرعة وأمانة إليكم لا تنسوه بالدعاء،.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التدخين مظهر من مظاهر الانحراف نتيجة للإهمال وعدم الاهتمام بتربية الطفل وتوجيهه في المراحل الأولى من حياته، وهو كذلك من نتائج الصحبة السيئة وقرناء السوء.
وعلاجه في هذه المرحلة الخطيرة من عمر الولد يكون بالنصح والترغيب والترهيب من عواقبه وبيان حرمته شرعاً وخطورته على حياة المدخن، وأنه سبب للسرطان والجلطة الدماغية.
كما أن إشعار الولد في هذه المرحلة أنه أصبح رجلاً يعتمد عليه ويوثق به يجعله يثق بنفسه ويتحمل المسؤولية فيما تعهد به.
وأما الحلف على المصحف فلاشك أنه أكثر توكيداً لليمين وأغلظ في الحنث، ولهذا فمن حلف على المصحف أو غيره وحنث لزمته الكفارة المذكورة في قول الله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ [سورة المائدة: 89] .
ولا ننصح هذه الأم بعلاج انحراف ابنها بهذه الطريقة وهو في هذه المرحلة من عمره، فلعل تحليفه على المصحف ينزع هيبته من قلبه أو يقلل من شأنه عنده، ثم إنه ليس من المناسب ضرب الولد وقد صار في مثل هذه السن، وعليها أن تنصحه وتوجهه بأسلوب مباشر أو غير مباشر إلى الصحبة الصالحة والاهتمام بمعالي الأمور، وتحاول أن تسد الفراغ لديه بما يشغله من الأعمال النافعة وتشعره أنه أصبح رجلاً يتحمل المسؤولية وعليه أن يفي بوعده.
نسأل الله تعالى أن يصلح حال الجميع، ولمزيد من الفائدة نرجو الإطلاع على الأجوبة التالية: 17114، 9163، 10951، 13767.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1425(13/673)
علاج فتاة سلوكها شائن
[السُّؤَالُ]
ـ[أخواتي وإخواني بمركز الفتوى أرجو إرشادي بما يجب لي أن أفعله حسب تعليمات ديننا الإسلامي
لي أخت في السنة الثالثة من الجامعة نحن في الحقيقة أربع بنات وأخ ربتنا أمنا وأبونا بعمرهم كله وشقاهم علينا عرفونا من الدين ما استطاعوا ولكن ليس الالتزام الديني الصحيح آسفة لإطالتي ولكني أريد أن نعرف واجبنا الحقيقي كما تقول أمي فهي التي تسأل هذه الأخت تملك من العند ما يكفي أمة بأكملها بعد دخولها الجامعة بدأت تتعرف على شباب وحاولنا وأحمد الله أن نبعدها عن هذا الشخص الذي هربت بسببه من البيت وحاولت الانتحار بسببه ويعلم الله كم عانى أبواي بسببها ولا زالوا عرضناها على الأطباء ذهبنا بها لشيوخ ليقرأوا لها قرآن وينصحوها حاولنا إرشادها إلى التمسك بدين الله وخاصة أن أمي الحمد لله ملتزمة ونحن نتقرب إلى الله لعله يغفر لنا إهمالنا وهفوتنا السابقة وطلبت هي أن ترتبط بشخص آخر ووافق والدي وكان هذا الشخص لا يختلف كثيرا عنها وبعد مدة ومما سمعنا عنه حاولنا إقناعها ولكنها هربت له ولأهله ولحسن الحظ أهله من أصل طيب وعند رجوعها البيت رفضته ولم توافق أن ترجع له وخاصة أن أهله التزموا بتوجيهه وبعد مدة من الهدوء تقدم لها إنسان مكافح يخاف الله وكانت سعيدة معه ولكن لأنه من القاهرة ونحن من الإسكندرية ولبعد المسافة ولصعوبة حياتنا والتزامه أمام والدي لم يظهر له ما تبغيه من عطف وحب حسب قولها ولكن ويعلم الله أنه إنسان ونظرا لإحساسها هذا أسند أبي لها ادارة إحدى محلاتة ليشغلها وقتها بدل من الخروج الدائم التي كانت تبغيه وكانت الطامة فقد استفت من جميع الناس وأساءت الأمانة التي أعطاها والدي لها وصممت على الانفصال من هذا الإنسان وهربت عند اكتشاف والدي كل هذا وكانت الوسيلة أي التليفون المحمول الخاص بها لنطمئن عليها ونحاول إقناعها عما فعلت ولكن لا جدوى وبعد فترة رجعت بدون مقدمات وبشهادة الناس قالوا إنها خرجت من سيارة لا ندري عن صاحبها شيئا حاول معها بالنصح الديني بالذهاب للأطباء لعلها مصابة بمرض نفسي لشيوخ لعلها ملبوسة ولكن تذهب مرة لكلا ولا تكررها حاولت كان حالها غريب لا ندري ما نفعل معها وفجأة هربت عندما ضغط عليها والداي بالنصح وكل مبرراتها للهرب أن أمي ليست أمها وأنها تسيء معاملتها لأنها زوجة أبيها مع أن هذا غير صحيح وكل ما فيه أنها تقومها وتنصحها كما ربتنا جميعا والجميع يحمد الله على الأم التي أنارت لنا الطريق دائما في الحياة وندعو لها دائما وبعد هروبها هذا انقطعت الأخبار وكالعادة بحثنا عنها ولما نعثر عليها وفجأة جاءت إخبار أنها تعمل ممثلة وأنها تعيش في شقة وعثرنا على رقم التليفون حاولنا نكلمها لا جدوى لا ترد وترسل لنا لواحد جاء لي حانتحر أو أموتة كلمتها أنا بذاتي ردعلي شخص يسكن معها حسب كلامه والله أعلم طبيعة العلاقة بينهم كل ما فهمته أنه ليس زوجها وعند عثورنا على العنوان كررت ما قالته مع العلم أن والدي وأمي مرضى لا يتحملون الموقف وخاصة أنها حاولت الانتحار أكثر من مرة ونحن على يقين أنها إذا عرفت أن أحد من أهلها لن تفتح له الباب احتمال كبير هروبها منه بأي وسيلة هذه هي الحكاية نأسف على الإطالة ولكن نرجو أن تفيدنا هل علينا عقاب من الله وخاصة أننا حاولنا معها بكل الوسائل هل هناك من صلاة أو دعاء لهدايتها لرجوعها لحضن أهلها هل علي والداي اي عقاب من الله وما تكفيره
وختاما نشكركم على سعة قلبكم لسماعنا
والدة الهاربة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى أن منَّ الله على البعض بإنجاب الذرية في الوقت الذي حرم آخرين منها، وإن الواجب على من رزق بأبناء أن يتقي الله فيهم، فيقوم بما أوجبه الله من تربيتهم وفق المنهج الإسلامي، فيعلمهم الواجبات ليأتوا منها ما استطاعوا، ويعلمهم المحرمات لينتهوا عنها، وراجعي لزاما الفتوى رقم: 49000 فإنها وثيقة الصلة بسؤالك.
وإن هذا السلوك الشائن من هذه الفتاة العاقة لهو إحدى الثمرات المرة الناتجة من غياب التربية الإسلامية الصحيحة والتنشئة على التزام أوامر الله من الحجاب الشرعي والعفة والقرار في البيت، والبعد عن مواطن الاختلاط وغض البصر عن ما حرم الله.
ولذلك، فإن الواجب على والدي الفتاة أن يتوبا إلى الله من تفريطهما في تربية بنتهما، وأن يكثرا من الاستغفار وفعل الصالحات، فإن الحسنات يذهبن السيئات.
وكذلك عليهما أن لا يتركا نصيحة ابنتهما وتخويفها بالله وتحذيرها من جريمة العقوق، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟ الإشراك بالله، وعقوق الوالدين. رواه مسلم.
وعليهما كذلك أن يخوفاها من جريمة الزنا وحرمة بقائها على رجل أجنبي عنها، وأن الله يسخط على من يعصيه، ولهما أن يستعينا بالفتوى رقم: 26237 فإن فيها عقوبة الزاني الدنيوية والأخروية.
كما يجب عليهما أن يحذراها من جريمة الانتحار فتلقى الله وهو عليها غاضب، فإن الانتحار بقتل النفس من كبائر الذنوب التي حرمها الله وتوعد فاعلها بالمكث الطويل في النار، وفي الفتوى رقم: 8012 بيان ذلك.
فإن استمرت الفتاة في تهديدها لأبويها إذا جاؤوا إليها أن تنتحر، فيجب عليهما أن لا يأتوها، وأن يكتفوا بالاتصال بها عبر الهاتف.
كما على والديها أن لا يتركا الدعاء لابنتهما أن يهديها الله، فإن الله على كل شيء قدير، والقلوب بين إصبعين من أصابعه سبحانه، ولقد هدى الله من هي أقسى قلبا وأظلم فؤادا منها.
هذا، ولا نعلم دعاء معينا يقال في مثل ذلك، ولكن ينبغي لمن دعا الله أن يلتزم آداب الدعاء من استقبال القبلة، والطهارة، ورفع اليدين، والثناء على الله في أوله، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في آخره، والإلحاح في الدعاء مع التذلل وإظهار الفقر إلى الله، وتحيُّن الأوقات الشريفة الفاضلة مثل جوف الليل، وأثناء السجود، وبعد الأذان، ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1425(13/674)
رعاية البنات على وجه الخصوص محل عناية الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي أن أبي يكره البنات ويفضل الأولاد الذين لم يحصل عليهم، لم يهتم بنا وما كنت أشعر بأن لي والدا لأنه كان في الغربة ثم أحضرنا إلى هنا ولم أر منه إلا الويل فهو لا يتركني أدرس ولا أنام لأنه يلعب على الإنترنيت أو يتفرج على التلفاز لوقت متأخر في الليل وفي الصباح الباكر لا أجد راحتي في هذه الشقة المتكونة من غرفتين وعندما أطلب منه شيئا لا يجيبني ولا أجد حلا إلا البكاء وقد أثر ذلك على نتائجي الدراسية، أرجوكم ساعدوني؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الأب أن يرعى أبناءه وبناته رعاية شرعية بتعليمهم ما يلزم من أحكام الشرع، وأن يكون قدوة صالحة لهم في ذلك، وأن يرعاهم رعاية بدنية بالإنفاق عليهم من حيث المطعم والملبس والمسكن، وقد حث الشرع على رعاية البنات على وجه الخصوص في أحاديث كثيرة، ومن ذلك ما أخرجه البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت امرأة معها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها، ثم قامت فخرجت فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا فأخبرته، فقال: من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له ستراً من النار.
وكذا ما أخرجه مسلم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه. وكم بنت هي أبر لوالديها من الذكور، وانظري الفتوى رقم: 13607، وأطلعي أباك عليها، وليعلم أن كره البنات خلق جاهلي لا يقره شرع ولا عقل، قال الله تعالى: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ* يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ [النحل:58-59] ، والولد أيا كان نعمة من الله تعالى وتفضل محض، فعلى المرء أن يقابلها بالشكر لا بالتسخط والكفر.
ومن كان راغبا فيما عند الله فليتقه فيما آتاه وليرض بما قسم له، فما عند الله لا ينال بمعصية.
وأما بشأن قضاء الأوقات في الإنترنت وأمام شاشات التلفاز فأمر مؤسف، ويترتب عليه مفاسد شرعية كسماع المحرم أو مشاهدة المحرم، وقد يترتب عليه تضييع بعض الواجبات أو التفريط في بعض الحقوق كما حدث من هذا الأب تجاه أولاده، حسب زعمك، ويمكن إطلاع الوالد على هذه الفتوى مع الفتوى رقم: 1791، والفتوى رقم: 20264.
وأما أنت فينبغي أن تصبري وأن تحسني إلى أبيك فإن حقه عليك عظيم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه من حديث أبي الدرداء، واشغلي وقتك بالنافع كحفظ القرآن وطلب العلم وذكر الله تعالى، وحاولي نصح أبيك برفق بالوسائل المتنوعة، وراجعي الفتوى رقم: 21916، والفتوى رقم: 27848.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(13/675)
مشكلة أسرية.. نصائح وحلول وتوصيات
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب مسلم وأسرة مسلمة عريقة تواجه مشكلة خطيرة يرجون منكم إرشاداتكم القيمة لمساعدتهم للخروج من المأزق الذي وقعوا فيه.. وإليكم تفاصيل المشكلة:
شاب مسلم بلغ من العمر 26 عامًا، عضو نشط في الحركة الإسلامية للشباب، بل هو رئيس فرع القرية، وهو معروف بتلاوته العطرة، فيؤم الناس أحيانًا في المسجد، ووالده عضو في الحركة الإسلامية ومسؤول عن عدد من المؤسسات التعليمية الإسلامية. أما جده المتوفى - رحمه الله - فكان عالمًا معروفًا، ترأس الحركة الإسلامية لفترة طويلة، وله مؤلفات دينية، وهو مؤسس عدد من المؤسسات الدينية والتعليمية، جميع أعضاء هذه الأسرة يشاركون في العمل الإسلامي، كلٌ حسب إمكاناته وظروفه.
قبل سنة تقريبًا كتب الشاب المذكور رسالة إلى والده يطالب فيها تزويجه بفتاة كانت تعمل خادمة في بيت جدته لمدة سنتين، وذلك أثناء دراستها التمريض في مستشفى قريبة من بيت الجدة. دهش الوالد من مضمون الرسالة؛ لأنه لم يتوقع من ولده هذا التصرف، كما رأى أن هذه الفتاة لا تليق لولده زوجًا، لأسباب عديدة، ومع ذلك استدعى ولده واستفسر منه حقيقة الأمر وتفاصيله، فعلم أنه بدأ يحبها منذ سنة، وكان يلتقي بها في ستر الليل في الغرفة الخلفية التي كانت تبيت فيها في بيت الجدة. كما علم أنه كان يزورها في بيتها ويبيت معها بإذن والديها، وكان والدها يوصلها إلى المكان الذي يطلبه. يقول الولد بأنه وقع في أخطاء، ولكنه لم يباشرها. فحاول الوالد إقناعه بأن فتاة وأسرة في هذا المستوى الدنيء من الثقافة، لا تليق لإقامة علاقة زوجية معه ومع أسرته. سأله الوالد، كما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تسمح بهذا لأختك أو لأمك؟ فقال: لا. فقال الوالد: هذا هو الفرق بيننا وبينهم، يمكن أن يقع منك ومنها الخطأ، ولكن كان من الواجب على والديها منعكما من الاختلاط والخلوة؛ إنهم لا يهتمون بهذا، لأن مثل هذا الأمر يحدث أحيانًا بين هؤلاء العمال الذين يعملون في المزارع، وخاصة في منطقتهم، حيث هرب عدد من الفتيات مع شبان مسلمين وغير مسلمين. يقول الولد: إن أهلها متدينون نسبيًّا، عندما نقارنهم بأهالي المنطقة، واثنين من إخوانها يدرسون في دروس المساجد.
قال له الوالد: إذا كانت رغبتك في زواج بنت فقيرة أو يتيمة فلا مانع من ذلك، بشرط: أن تكون متدينة، مثقفة، متعلمة، بغض النظر عن حالتها الاقتصادية. لم يقتنع الولد بقول الوالد، فأصرَّ على موقفه وقال: إنه قد أحبها ولابد من الزواج منها.
حاول الوالد معرفة السبب الذي حث الولد على هذا التصرف فأجاب بأنه تعرض في صغره لضربات والده، وأنه أسكنه في القسم الداخلي أثناء دراسته الثانوية، وبالتالي لم يحس الحب من والده ووالدته، فلما وجد من الفتاة حبًّا وقع فيها فأحبها. فأجابه الوالد: بأن الضرب كان إجراءً تأديبيًّا يتخذه كل الآباء، وكان إسكانه في القسم الداخلي لمصلحته والتربية الإسلامية التي نالها، كانت من القسم الداخلي، وبداية علاقته بالحركة الطلابية أيضًا كانت من القسم الداخلي. يقول الولد: أنه تعلم النفاق أيضًا من هذا المكان. وأوضح الوالد أيضًا: أنه ووالدته كانا يعتنيان به عناية خاصة، طيلة قبل إلحاقه بالقسم، وبَعْدَه لبعض الأمراض التي كانت تلاحقه، حتى أنهما تركا البلدة وسكنا بجوار القسم الداخلي لمدة ستة أشهر للعناية به. يقول الولد: إن الوالدين لم يكونا يردان على رسالته ولم يزوراه باستمرار. فقال الوالد: وإذا سلمنا فرضًا أننا أخطأنا، أهكذا تكون مقابلته؟ لم يجب الولد شيئًا، وكأنه يَكِنُّ في نفسه بغضًا شديدًا نحو الوالد والوالدة.
درس الوالد عن أسرة الفتاة أكثر فأكثر، فعلم أن شقيقة أمها امرأة خبيثة، تبيع جسدها (يقر الولد بهذا) ، وأخت الفتاة حاولت أن تهرب مع رجل أجنبي، ووالدتها فصلت من المزرعة التي كانت تعمل فيها لسوء لسانها.. وإلخ.
فعرض الوالد هذه الأمور على الولد، فرد الولد: أليس من واجبنا محاولة إصلاح الفتاة؟ أليست لها توبة إذا كانت مخطئة في الماضي؟ وإذا تابت ألا نقبلها؟ وقال خالي يقال عنه أيضًا: أنه يعمل الخبائث، أليست عائلتنا إذن مثل عائلتهم؟
قال الوالد: نعم لها توبة، ويجب إصلاحها، ولكن مع ذلك لا تصلح لك زوجًا، ولا تليق لأسرتنا؛ لأن البغاء مشهور عن شقيقة أمها. أما ما تقول عن خالك فإن كان صحيحًا فإنه شيء فردي يعمل في السر، وليس البغاء العلني كذلك، ولا مقارنة المستوى الديني لعائلتنا وعائلتها. إضافة إلى أن الجدة وأسرتنا حاولوا كثيرًا في إصلاحها أثناء مكوثها معهم، وكانوا يطلبون منها الصلاة معهم، ولكنها لم تكن تطيعهم، كما رفضت أن تلبس الحجاب بصورة تغطي جميع شعرها، بل كانت تبدي غضبها عند النصح، إضافة إلى أن آثار البيئة السيئة التي عاشت فيها ستؤثر سلبًا في تربية الأولاد وعلاقتها مع أفراد أسرتنا.
يقول الولد: إن رفضها للصلاة ربما يكون بسبب أنها خرافية، وأهلنا إصلاحيون. أما الحجاب فإن أسلوب نصح الجدة والخالة كان شديدًا، وهي الآن قبلت نصيحتي.
لما فشلت هذه المحاولات، أخبر الوالد زوجته عن موضوع ابنهما، فلم تتحمل الخبر، فوقعت مغميًّا عليها، في حضور الولد، وأثَّر ذلك في نفسها، وأخذناها إلى المستشفى، فتراجع عن نية الزواج من الفتاة، وقال أيضًا: إنه لن ينكح أية فتاة أخرى.
وبعد شهرين رجع إلى موقفه الأول، فمرة أخرى وقعت الأم مغميًّا عليها، وأصبح حالها لا يستقيم إلا على الأدوية النفسية، واستمر ذلك لمدة 9 أشهر، وقالت للولد: إنه لن يراها باقية على قيد الحياة لو استمر هكذا.
خلال هذه الفترة دار الحديث معه مرات لإقناعه، فقال مرة: إنه سيحاول إصلاحها. وقال أحيانًا إنه سيوقف العلاقة معها. ولكن للأسف بدأ يتصل بها من فترة إلى أخرى. هنا تدخل عمه وعمته، وتحدثا معه بأسلوب شديد، فخرج من البيت غاضبًا، وسافر إلى بلدة الفتاة، وتزوجها، وأقام في بيتها يومين. يقول الولد: إنه لم يباشرها في هذه الفترة أيضًا.
فاستدعاه أمير الجماعة الإسلامية، وتحدث معه كما تحدث معه أعضاء أسرته الكبار، وحاول إقناعه بالنتائج السيئة التي يمكن أن تترتب على هذا الزواج، فقيل له: كيف تأمن على نفسها ووالديها أنهم لا يسمحون إذا جاءها أجنبي أجمل منك وأغنى منك أن تبيت معه كما سمحوا لك؟! كيف تحاسبها على تصرف خاطئ في المستقبل - لا سمح الله - وأنت قد أخطأت معها بهذا التصرف؟ وإذا رزقت منها بذرية وأخطأوا - لا سمح الله - كيف تحاسبهم؟ ألا تخاف أنهم سيحتجون بتصرفاتك الخاطئة؟ فيسألونك: ألا يمكن إصلاحها؟
وأثناء الحديث قال له أحد المحدثين: بأن الزواج بدون إذن الوالدين خطأ، فإذا أصررت على هذا الزواج فمباشرتك معها تعتبر زنًا، أتحب أن تكون معها في نار جهنم؟ وذكروا له مطالبة عمر رضي الله عن ابنه عبد الله بطلاق زوجته. وتحدثتْ معه الجدة والخالة، فأثَّر ذلك في نفس الولد، وقال: إنه سيطلقها، ولا يريد أن يقع في النار، وتاب من الأخطاء التي وقعت منه، وكتب الطلاق بيده. إلاَّ أنه بدأ يشك في عدم صحة النكاح، واستفسر عنه بدون عرض موضوعه بتفاصيله، وحالة الفتاة وأسرتها، والأخطاء التي وقع فيها. فعرف أن الزواج بدون رضا الوالدين لا يكون باطلاً، بل هو نكاح صحيح. فبدأ يتراجع عن موقف الطلاق، كما بدأ يتصل بها مرة أخرى، ويقول: إنه لا يمكن أن يعيش بدونها.
وفي هذه الحالة تفكر الأسرة في مقاطعته في حالة إصراره وزواجه منها، وذلك تأديبًا له، ولاعتبارات عديدة، وهي:
- كانت علاقتها مع الجدة والأولاد الصغار علاقة خشنة أثناء مكوثها خادمة في بيت الجدة، ولم تسمع لنصحهم. ستكون لهذا الأمر آثاره السلبية في العلاقات والحياة الزوجية المستقبلية، علمًا بأن الجدة قد بلغت سن الخامسة والسبعين، ولا تريد الأسرة أن تكون هناك مشاكل نفسية للجدة.
- هناك حوالي 25 شابًا في الأسرة، كلهم في نفس عمر - هذا الولد - تقريبًا. فإذا أقرت الأسرة بهذا الزواج الذي لا شك أن مقدماته كلها خاطئة شرعًا، سيكون في ذلك أسوة سيئة لهؤلاء الشباب والصغار الذين يأتون بعدهم.
- كثير من العلاقات الزوجية التي تأسست على العلاقات الغرامية انتهت بالفشل، وفي القرية نفسها أمثلة لذلك، وتخاف الأسرة أن هذه النتيجة قد تلحق بهذه العلاقة الزوجية أيضًا. وخاصة أنها قد بدأت تصرفاتها الخشنة معه عندما علمت بنية طلاقه، حيث هددت بأنها لن تبقى على قيد الحياة وأنها ستحرق شهاداته الدراسية التي أودعها في حوزتها. ولهذا ترى الأسرة أن هذه الفتاة ليست كفئًا له، لا في الدين، ولا في العلم، ولا في الثقافة، ولا أي شيء، فاحتمالات الفشل أكبر بكثير من احتمالات النجاح.
في هذه الظروف نرجو منكم الإجابة على الأسئلة التالية، وإيضاح الموقف الصحيح الذي ينبغي اتخاذه:
(1) هل نكاحه صحيح بعد معرفته الجيدة عن الحالة السيئة للفتاة وأسرتها، واعترافه بالأخطاء التي ارتكبها قبل النكاح، والمخاطر المحتملة أمام حياتهما الزوجية، ومع علمه برفض والديه لهذه العلاقة لأسباب شرعية؟
(2) ما الموقف المطلوب من الولد في الوقت الحاضر؟ هل يواصل العلاقة التي لا يرضى بها والداه وجدته وأعضاء أسرته الآخرون وكثير من أصدقائه وأقاربه ومعارفه الصالحين؟ ماذا يعمل إذا قال إنه سيصلح حالها.
(3) أي العلاقتين أولى: علاقته بوالديه وبرهما، أم علاقة الحب؟ علمًا بأن الجدة تقول: إنها لن ترضى عنه إلاَّ إذا تركها وأصلح حاله. وأن أمه أوقفت تناول الأدوية بعد قراره طلاق الفتاة، وهي لم تعلم حتى الآن أنه تراجع عن هذا القرار، وإذا علمت سترجع حالتها الصحية إلى ما كانت عليه؟
(4) وإذا طلقها هل يكون عليه وزر بسبب الوعود التي وعدها قبل النكاح بأنه سيتزوجها ولو رفضت الأسرة؟
(5) في حالة إصراره على مواصلة العلاقة معها هل يكون هناك وزر على الأسرة في حالة مقاطعتها له؟ وما حدود هذه المقاطعة؟
(6) ما الموقف الشرعي السليم للخروج من هذا المأزق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يوفق الجميع لطاعته ومرضاته، وأن يجمع شمل هذه الأسرة الكريمة، وأن يصرف عنها السوء.
وننبه إلى أننا نجيب السائل على قدر سؤاله، وبناء على المعطيات التي يذكرها، ولا يمكننا غير ذلك، وإن فرض أنه دلّس أو كتم شيئًا يلزمه ذكره، فضرر ذلك راجع إليه هو.
وأما ما سألتم عنه فجوابه كالتالي:
أولاً: لا يشترط إذن الوالدين لصحة النكاح، فمن نكح امرأة في حضور وليها وشاهدي عدل من المسلمين صحَّ نكاحه، ولو رفض أبواه أو أحدهما.
إلا أن قولكم عن الفتاة إنها لم تطع من نصحها في شأن الصلاة، وقول الولد: إن رفضها للصلاة ربما يكون بسبب أنها خرافية، يترتب عليه فساد عقد النكاح عند من يرى كفر تارك الصلاة، وهو القول المأثور عن جماعة من الصحابة والأئمة، وبه أفتى عدد من علماء العصر، كالشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، والشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله.
وعليه فيجب فسخ هذا النكاح، ولا مانع من تجديد العقد في حال توبتها وأدائها للصلاة.
ثانيًا: إذا كان الابن قد كتب الطلاق بيده أو تلفظ به بلسانه، كقوله: هي طالق أو طلقتها، فقد وقع الطلاق، إلا أن يكون أدى ذلك بلفظ المستقبل، نحو: سأطلقها، فهذا وعد بالطلاق وليس طلاقًا.
ثالثًا: إذا كان الطلاق قد وقع، ولم تحصل رجعة، أو كان العقد فاسدًا لتركها الصلاة، فإنه يتأكد في حق الابن أن يترك هذه الفتاة، استجابة لرغبة والديه وأهله، ومراعاة لما ذكر من الصفات السيئة الذميمة في المرأة وأهلها، فإن قومًا يسمحون لرجل أجنبي أن يبيت مع ابنتهم في بيتهم، هم قوم سوء، لا يرجى من مصاهرتهم إلا العار والشنار، وإن الفتاة التي تسمح بذلك وترضى به، لا تؤتمن على عرضها، وليس ذلك إغلاقًا لباب الصلاح والتوبة، لكن المقدم على الزواج لا ينبغي له أن يخاطر بالزواج من فتاة هذا حالها، وما يدريه فربما تكون سبقت لها علاقة مشابهة مع غيره، يضاف إلى ذلك سوء البيئة التي نشأت فيها، وتركها للصلاة وخلعها للحجاب. وبالجملة ليس في هذه الفتاة ما يدعو إلى نكاحها، لا نسب ولا دين ولا مال، فلم يبق إلا الجمال - إن وجد - ومآل الجمال إلى تغير أو زوال، وربما كان إعجاب الابن بها نزوة عارضة وشهوة جامحة، مع تزيين الشيطان له ذلك، كما قال سبحانه: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ [فاطر:8] .
وإن من تمام توبته أن يقلع عن هذه الفتاة التي شاركته في الإثم والمعصية طوال هذه المدة. وقد دلت التجارب المعيشة على أن زواجًا كهذا مصيره الفشل، لا سيما مع كراهة الأسرة والأصدقاء له، فإن الرجل إذا قضى وطره، وتبدت له الحقائق، وظهر له ما كان مستورًا من عيوب المرأة، ونظر في حال أسرتها وسوئهم، ورأى كراهية والديه وإخوانه لامرأته، عاد ذلك عليه بالهم والضيق ونكد العيش، ودعاه ذلك لمفارقة المرأة، ولا شك أن مفارقته لها الآن قبل الدخول خير له ولها، فربما علقت منه بولد فكان ذلك مزيد شقاء وتعاسة للجميع.
ولينظر الابن إلى ما سببه عمله من مرض أمه وحزنها وألمها، وليعلم أن حق الأم عظيم، وأنه مهما قدم من برها فلن يفي بما تستحقه، ولو بدر منها نحو ابنها ما بدر مما يراه تقصيرًا وتفريطاً، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن أراد الجهاد والخروج في جيش المسلمين: هل لك أم؟ قال: نعم. قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجلها. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه، وفي رواية: ويحك الزم رجلها فَثَمَّ الجنة.
فيكف يرضى عاقل بفراقها وإغضابها؟! أم كيف يهنأ مع تسببه في مرضها واعتلالها؟
روى أحمد والترمذي وابن ماجه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الجَنّةِ، فإِن شِئْتَ فأَضِعْ ذلكَ البابَ أو احْفَظْهُ.
ولهذا فقد أفتى ابن عباس رضي الله عنهما، بطلاق الزوجة إرضاءً للوالدين، كما روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن أبي طلحة الأسدي قال: كنت جالسًا عند ابن عباس، فأتاه أعرابيان، فاكتنفاه، فقال أحدهما: إني كنت أبغي إبلاً لي، فنزلت بقوم فأعجبتني فتاة لهم فتزوجتها، فحلف أبواي أن لا يضماها أبدًا، وحلف الفتى فقال: عليه ألف محرر وألف هدية وألف بدنة إن طلقها. فقال ابن عباس: ما أنا بالذي آمرك أن تطلق امرأتك ولا أن تعق والديك. قال: فما أصنع بهذه المرأة؟ قال: ابرر والديك.
وقد اختلف الفقهاء في وجوب طاعة الوالدين في تطليق الزوجة، فروي عن أحمد وجوب ذلك إذا أمره أبوه.
ويدل عليه ما روى أحمد وأبو داود والترمذي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كانت تحتي امرأة أحبها، وكان أبي يكرهها، فأمرني أن أطلقها فأبيت، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فأرسل إليَّ فقال: يا عبد الله طلق امرأتك. فطلقتها.
قال الشوكاني رحمه الله: (طلق امرأتك) هذا دليل صريح يقتضي أنه يجب على الرجل إذا أمره أبوه بطلاق زوجته أن يطلقها؛ وإن كان يحبها، فليس ذلك عذرًا في الإمساك، ويلحق بالأب الأم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بين أن لها من الحق على الولد ما يزيد على حق الأب، كما في حديث: (من أبر يا رسول الله؟ فقال: أمك. ثم سأله فقال: أمك. ثم سأله فقال: أمك وأباك) ، وحديث: (الجنة تحت أقدام الأمهات) ، وغير ذلك. اهـ
والمعتمد في مذهب أحمد والشافعي أنه لا يجب على الابن طاعة أبويه في تطليق امرأته، وصرح الشافعية بأنه يستحب له ذلك.
ولا شك أن الاستحباب مؤكد هنا، لوجود المفاسد الكبيرة المترتبة على استمرار هذا النكاح، ولا يبعد أن يقال بالوجوب لظاهر الحديث.
رابعًا: إن كان النكاح لا يزال قائمًا، لكون الابن لم يكتب الطلاق أو ارتجع زوجته بعد الطلاق، وكانت الفتاة قد تابت من ترك الصلاة قبل العقد، أو ترجح للابن عدم كفر تارك الصلاة كسلاً، فإننا ندعوه كذلك إلى مفارقة هذه الزوجة لما سبق من حالها وحال أهلها، ولما يترتب على استمراره في نكاحها من أذىً لوالديه وأسرته، ولا وزر عليه في هذا الطلاق لو كان قد وعدها بالزواج مهما كان موقف أهله، فإن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها ما أمكن.
خامسًا: إذا أصر الابن على موقفه فإننا ننصح الأهل بعدم مقاطعته، إذ المقاطعة لا تشرع إلا عند رجاء حصول النفع بها، والمقاطعة هنا قد تزيد الابن إصرارًا وتمسكًا بزوجته، وقد ينجرف معها ومع أهلها في ما لا يرضي الله. ثم المقاطعة لا تكون إلا لمن أصر على الحرام وتمادى فيه. والابن إن كان قد عقد نكاحاً صحيحًا، فقد سلم من ذلك، وبقيت إساءته لوالديه، ومعلوم أن الإساءة لا تقابل بالإساءة، بل ينبغي حينئذ الدعاء له بصلاح الحال، واستقامته واستقامة أمره. وتذكيره بحق الوالدين في البر والصلة، ولا يلتفت إلى ما ذكر من احتمال اقتداء شباب العائلة به، فإن هذا أمر مظنون، والإنسان على نفسه بصيرة، ومن رضي بعقوق والديه وإغضابهما وإيلامهما، وفرط في أوسط أبواب الجنة، فما عساه ينفعه الهجر أو الزجر.
نسأل الله أن يصلح أحوالنا جميعًا، وأن يوفقنا لطاعته ومرضاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1424(13/676)
القضاء على أسباب انحراف الشبان والشابات فالعلاج
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كيف أتصرف مع ابنتي التي تبلغ من العمر 14 سنه إن اكتشفت أنها على علاقة مع شاب لا أعرفه، وعرفت هذا من بعض حركاتها واستخدامها للتلفون، أرجو منك إرشادي بطريقة لمواجهتها وكيفية التصرف معها، مع الشكر الجزيل..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم وفقك الله أن هذه العلاقة بين ابنتك وهذا الشاب حرام، سواء عرفت هذا الشاب أم لم تعرفه، وهذه العلاقة لها أسباب، والوقوف على هذه الأسباب وعلاجها كفيل برد البنت إلى الجادة، فقد يكون من الأسباب أن ابنتك تمر بمرحلة المراهقة ولم تجد في هذه المرحلة التوجيه المناسب الذي يبين لها حرمة هذه العلاقات وخطورتها، وقد يكون من هذه الأسباب السماح للبنت بالاختلاط بالشباب، فمع الاختلاط لا بد أن تُتوقع مثل هذه العلاقات، وقد يكون منها توفير وسائل الفساد في البيت من أفلام هابطة أو قنوات خليعة أو أغاني ماجنة أو نحو ذلك مما له أعظم الأثر في إفساد الشباب والفتيات، فلا بد من القضاء على هذه الأسباب أولا لتتمكن من العلاج، فإنه لا يمكن علاج المرض وأسبابه قائمة متوفرة، ثم عليك بوعظ البنت وتخويفها بالله وتوفير بيئة إيمانية داخل المنزل وخارجه ومنعها من العلاقة بهذا الشاب بكل طريقة ممكنة، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 16878، والفتوى رقم: 1753.
وننصح بأن تطلع ابنتك عليهما.
ونسأل الله أن يشرح صدرها وأن يهديها، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1424(13/677)
بالقدوة والتربية والدعاء.. .يرجى صلاح الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أم لي أبناء لا يحترمونني ولا يسمعون نصحي بأداء الصلاة والتقوى، وأن يحترموني، لكنهم لا ينقطعون عن التفوه بالفحشاء والكلام البذي، وإذا ما أمرتهم بالصالحات والكف عن السوء يقولون لي: هذا ليس شغلك، مع أني أدعو لهم بالهداية والصلاح، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي عليك فعله أن تستمري بنصحهم وتوجيههم، والدعاء لهم فإن دعاء الوالدة مستجاب، فقد روى البيهقي من حديث أنس رضي الله عنه أنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: " ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر" ورواه الطيالسي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وأن يجدوا منك قدوة صالحة، لا تقولي إلا خيراً، ولا تعملي إلا خيراً، واحذري أن تدعي عليهم فيستجاب لك، فيزداد سوءهم ويشقون، وليجدوا فيك الرحمة والحنان، وكوني لهم ملاذ الخائف، ومأوى الهارب، والله لا يضيع عمل عامل مؤمن، قال تعالى: (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر وأنثى بعضكم
من بعض…) [آل عمرآن: 195] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1422(13/678)
آثار الطلاق الضارة على تربية الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما أثر الطلاق على الأطفال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
... فقد جعل الله الطلاق بيد الرجل لقوامته ولأنه أضبط لتصرفاته وانفعالاته من المرأة فعلى الزوج أن لا يتسرع في إلقاء هذا الحكم على زوجته إلا إذا ساءت العشرة واستحال الاستمرار مع زوجته. وعليه قبل أن يوقع الطلاق أن ينظر إلى الآثار المترتبة عليه من عدم الاستقرار النفسي وتشتت الأولاد إن وجدوا، وكذلك النظرة التي ينظر بها الناس إلى زوجته المطلقة، ولعلها قد لا تقبل كزوجة أو أنها والعياذ بالله قد تقع في الحرام إذا لم تجد الحلال.
فعلى الرجل الذي بيده هذا الحكم أن يتقي الله ولا يتعجل أما ما يتعلق بالأولاد فإنه وفي الغالب: قلما يجد الأبناء من يحسن تربيتهم بعد الفراق الحاصل بين الزوجين، لأن كلاً من الزوجين يلقي بالمسؤولية على الآخر ولربما تزوج الرجل بأخرى وتزوجت المرأة بآخر، والزوجة الثانية لا تقبل بأولاده والزوج الجديد يرفض أن يبقى أولادها معها، مما يكون سبباً في تشرد الأولاد وعدم استقرارهم مما يعود الآثار السيئة على الأولاد سواء على مستواهم التعليمي أو التربوي أو الأخلاقي. فعلى الزوج قبل أن يطلق زوجته أن يفكر في هذا وكذلك على المرأة قبل أن تطلب طلاقها أن تفكر في هذا الأمر.
... ... ... ... ... ... ... ونسأل الله للجميع التوفيق والسداد.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/679)
ماتت أختها المعاقة وكانت تقسو عليها وتضربها فماذا عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي أخت توفيت، ولكنها كانت معاقة، وكنت معها قاسية وأضربها ليس كرها ولكن لأشياء تفعلها. يا شيخ ماذا علي أن أفعل؟ أتصدق؟ أتوب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنذكرك أيتها السائلة أن القسوة والعنف كلاهما مذموم في الأصل, وما ذكرت القسوة في القرآن إلا على سبيل الذم, وقد قال تعالى ممتنا على نبيه: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ. {آل عمران: 159} .
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أعطي أهل بيت الرفق إلا نفعهم. رواه الطبراني وصححه الألباني.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يكون الرفق في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه.
وتعامل الإخوة مع بعضهم ينبغي أن يختص بمزيد من الرفق والرحمة، فإن الأخ إما أن يكون كبيرا فحقه التوقير والاحترام، وإما أن يكون صغيرا فحقه الرحمة والحنان, وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه. رواه أحمد وغيره، وحسنه الألباني.
أما بخصوص أختك هذه، فينبغي النظر في حالها، فإن كانت صغيرة لم تبلغ حد التكليف فما كان منك من ضرب لها غير جائز، لأن ضرب الصغير هو من قبيل التأديب، وتأديب الصغير لا يكون إلا للولي من أب، أو جد، أو وصي، سواء من تلقاء أنفسهم أو بأمر القاضي لهم وكذا الأم.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: أن ولاية تأديب الصغير تثبت للولي بالولاية الخاصة، أبا كان أو جدا أو وصيا، أو قيما من قبل القاضي لحديث: مروا أولادكم بالصلاة. انتهى.
وفيها أيضا: يجوز للأب والأم ضرب الصغير والمجنون زجرا لهما عن سيئ الأخلاق وإصلاحا لهما. انتهى.
وجاء في حاشية ابن عابدين: ونقل الشارح عن الناظم أنه قال: ينبغي أن يستثني من الأحرار القاضي فإنه لو أمره بضرب ابنه جاز له أن يضربه، بل لا يجوز له أن لا يقبل. اهـ. وقيد الشرنبلالي بكون القاضي عادلا وبمشاهدة الحجة الملزمة، قال: ولا يعتمد على مجرد أمر القاضي الآن. انتهى.
وبشرط أن يكون الضرب غير مبرح، بل قد قيده بعض الفقهاء بكونه باليد لا بآلة، وألا يزيد على ثلاث ضربات. جاء في حاشية ابن عابدين: يضرب الصغير باليد لا بالخشبة، ولا يزيد على ثلاث ضربات.
وليس لغير هؤلاء المذكورين ولاية التأديب.
جاء في الموسوعة الكويتية: وليس لغير هؤلاء ولاية التأديب عند جمهور الفقهاء. انتهى.
ولذا فإن ضربك لأختك في هذه الحال من قبيل التعدي، لأنك لست من أصحاب ولاية التأديب.
أما إذا كانت أختك هذه كبيرة بالغة وكان ضربك لها أثناء فعلها لمنكر, ولا سبيل لتغيير المنكر إلا بهذا، وأمنت مع ذلك ترتب فتنة كبيرة على هذا الضرب، فإن ضربك لها حينئذ جائز بقدر ما يندفع به المنكر، أما بعد الفراغ من المعصية فليس لك ضربها، لأن ضربك لها حينئذ من باب العقوبة والتعزير، وليس لك في ذلك حق البتة كما سبق بيانه.
جاء في الموسوعة الكويتية: وليس لغير هؤلاء ولاية التأديب عند جمهور الفقهاء، غير أن الحنفية قالوا: يقيم التأديب إذا كان حقا لله كل مسلم في حال مباشرة المعصية لأنه من باب إزالة المنكر، والشارع ولي كل مسلم، ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فلغيره بيده. أما بعد الفراغ من المعصية فليس بنهي، لأن النهي عما مضى لا يتصور فيتمحض تعزيرا وذلك إلى الإمام. انتهى.
وعلى ضوء ما سبق ينبغي لك تقييم حالك، فإن كان ضربك لها في محله فلا حرج عليك، وإن كان في غير محله فاستغفري لذنبك وأكثري من الدعاء لها بالرحمة والغفران، ثم الصدقة عنها، فإن هذا مما تنتفع به إن شاء الله ولعله يكون كفارة لما كان منك من تجاوز في حقها.
وأما التوبة فهي مطلوبة منك على كل حال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1430(13/680)
واجب الأم تجاه أبنائها إذا لقنهم أبوهم عقيدة باطلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم سكوت المرأة السنيّة المتزوجة من غير سني إذا علّم أولادها معتقدات تخالف معتقد أهل السنة عندهم من صلاة وصوم وحج وو ... إلخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 1449. حكم زواج المرأة من المخالف لها من الاعتقاد فتراجع.
وأما عن واجب هذه المرأة تجاه أبنائها إذا لقنهم والدهم عقائده الباطلة فهو تغيير المنكر. ولا ريب أن تعليم أولادها العقائد الباطلة والبدع المضللة من أعظم المنكرات، فعليها أن تبذل جهدها وطاقتها عن صون أولادها عن هذا الباطل. وتسلك من ذلك كل سبيل يمكنها، وليس لها أن تسكت إلا أن تخاف ضررا بالغا يلحقه بها هذا الزوج المبتدع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1430(13/681)
هل يأثم الأب إذا أرسل ابنه للدراسة فوقع في الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يأثم الرجل إذا أخرج ابنه للدراسة في تركيا وإذا وقع الابن في الحرام لا سمح الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الأب أن يحسن تربية ابنه ويجنبه المعاصي والفتن، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم (6} .
وإذا فرّط الأب في ذلك فهو مسؤول أمام الله، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ........ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ ... متفق عليه.
أما عن سؤالك، فقد سبق أن الدراسة في الجامعات المختلطة التي يتعرض الشباب فيها للفتن، لا تجوز إلا لضرورة أو حاجة شديدة، كما بينا في الفتوى رقم: 2523.
فإذا كان الرجل قد أرسل ابنه للدراسة في جامعة مختلطة وكان يغلب على ظنه وقوعه في المعاصي لما يحيط به من فتن، فهو آثم، لأنه أعانه على المعصية، قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة: 2} .
وأما إذا لم يفرّط في تربية ولده، وكانت الدراسة التي أرسله إليها لا تشتمل على فتن ومنكرات، فلا إثم عليه ولو وقع الولد في المعاصي، لأن الأصل أن أحداً لا يحمل ذنب غيره، قال تعالى: وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164} ، وراجع الفتوى رقم: 45811.
وإننا ننصح هذا الرجل بأن يوجه ابنه إلى الدراسة في جامعة لا تشتمل على الفتن والمنكرات، وإذا كان مضطراً للدراسة في الجامعات المختلطة فعليه نصحه أن يجتنب الفتن ما استطاع، ويحرص على صحبة صالحة تعينه على الخير، مع الاستعانة بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1430(13/682)
حكم وضع الأبناء في رياض للأطفال يقوم عليها كفار
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في فرنسا ولقد علمنا أنه لا يجوز العيش في بلاد الكفر ونحن الآن لدينا نية الهجرة ولكن لا نعلم متى وأنا لدي طفلان ولد وفتاة عمر الولد4 سنوات وهنا لديهم رياض للأطفال فهل يجوز أن آخذ ابني إليهم علما أنهم لا يعلمونهم أي شيء عن دينهم سوي أنهم يلعبون مع الأطفال ويعلمونهم الحساب والحروف ولكنهم أحيانا يسمعونهم الموسيقى وأنا أريد لابني التفتح وأن يتعلم فما هو حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن ييسر لكم أمر هجرتكم، وأن يحفظ عليكم دينكم، ثم نحذر الأم السائلة من مغبة وضع أبنائها في رياض للأطفال يقوم عليها الكفار، فلا شك أن الطفل يتأثر بالبيئة التي يتربى فيها، ويأخذ من سلوكيات من يقوم على رعايته، وفي هذا خطر شديد إن تولاه عاص أو فاجر فضلا عن ملحد أو كافر. وكيف يسوغ لأم أن تأتمن على أولادها من هذه صفته.
ولا شك أن الأم هي المنوطة بتلك المهمة، فعليها أن تتولى تربية أبنائها وتعليمهم، أو تبحث لهم من المسلمين الأكفاء عمن يقوم بذلك، حفاظا على دين أبنائها وهويتهم الإسلامية. وراجعي للأهمية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 71052، 8080، 30220.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1430(13/683)
هل يضرب الأبناء إذا ناموا عن صلاة لفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة تسأل وتقول:أبنائي يصلون، ولكنهم يتأخرون عن صلاة الفجر حتى تطلع الشمس، عندما يريدون الذهاب إلى المدرسة يقومون فيصلون، وأحيانا في أوقات متأخرة للغاية، مع أنني أستعمل معهم جميع الوسائل أحيانا الماء، وأحيانا التعزير، وهل يحق لي ضربهم على هذا حسب الحديث (واضربوهم) لتأخرهم على صلاة الفجر؟ مع العلم أنهم تجاوزوا العشر سنوات عدا واحدا في الثامنة ودخل في التاسعة. وهل آثم لتركهم أحيانا نائمين عندما يرفضون القيام حالا؟
وبارك الله فيكم وآسفة لكثرة الأسئلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تنشئة الصغار على العبادة والطاعة لله عز وجل مقصد مهم من مقاصد الشريعة، إذ هم دعامة الأمة وبناة المستقبل، فما لم ينشؤوا صالحين ويشبوا طائعين نتج عن ذلك من الفساد ما يصعب تداركه. ومن ههنا حث الشارع الحكيم على أمر الصغار بالصلاة إذا بلغوا سبعا، وضربهم عليها إذا بلغوا عشرا. فعليك أيتها الأخت الفاضلة أن تعملي بوصيته صلى الله عليه وسلم، فتحثي من هو دون العشر على الصلاة من غير ضرب ولا زجر.
وأما البالغون منهم عشرا، فعليك أن تجتهدي في تعليمهم وتفهيمهم، وأن تبيني لهم أن ترك صلاة الفجر من علامات المنافقين، وتذكري لهم فضائل الحفاظ عليها من كون من حافظ عليها فهو في ذمة الله، وأن من صلى البردين وهما الصبح والعصر دخل الجنة، وأن من حافظ على الصلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كوفئ يوم القيامة بالنظر إلى وجه الله عز وجل إلى غير ذلك من الفضائل الثابتة لصلاة الصبح، والتي صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عليك ترغيبهم بمكافأة من قام منهم وإثابته وتشجيعه. واجعلي آخر الدواء الكي، فاضربي من نام منهم عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: واضربوهم عليها لعشر. رواه أبو داود وغيره.
واحرصي على أن يكون ضربك إياهم غير مبرح، فإذا فعلت هذا فقد زالت عنك التبعة، وارتفع عنك الإثم بإذن الله. وللمزيد راجعي الفتوى رقم: 28577.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1430(13/684)
مدى مسئولية الوالدين عن الأولاد الكبار
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أم أقع فى حيرة وقلق وذلك للآتي: ابنتي تبلغ من العمر 40 عاماً وتزوجت منذ 15 عاماً ولديها ابن يبلغ من العمر 14 عاماً ولم تكن علاقتها مع زوجها على ما يرام وتعرفت على شاب (يعمل بالنجارة) أثناء تواجده فى شغل لديها ثم تطورت المعرفة إلى حب واتفاق على الزواج وقد طلبت الطلاق من الزوج وفعلاً تم الطلاق منذ عام وهي الآن تعيش معي هي وابنها.. وكل ما حدث كنت دائما أعترض عليه وأقف ضدها كثيراً وتصل إلى الشجار بيننا حتى توصلت لإقناعها أن تذهب إلى دكتور نفساني حتى يعالجها من هذا الوضع وبعد أن زارت الطبيب عدة زيارات توقفت وهي الآن ما زالت تتكلم مع هذا الشاب بالتليفون حيث إنه فى محافظة غير التي نحن بها.. ويعلم الله إذا كانت تراه أم لا وهذا الوضع لا أرضى عنه نهائياً ولا أوافق لا أنا ولا أخواتها على الزواج من هذا الشاب حيث إنه لا يملك ما يوفر لها مسكنا ولكن وصل إلى سمعي أنها ستظل تكافح حتى تصل إلى غرضها.. والآن فهل يقع علي أو على أخيها وزر بالرغم من تحذيرنا لها أن لا تتصل به أو تراه، ولكن لا حيلة لنا حيث إن لديها شالية بالساحل الشمالي تمكث به ثلاثة أشهر الصيف وبالنسبة للتليفون لا نستطيع مراقبته.. وهل يعتبر تحذيرنا لها كافيا أمام الله.. (أم أن حديث الرسول الذي يقول كل راع مسؤول عن رعيته.. يؤخذ فى الاعتبار) ، وهل نحن مسؤولون عنها بالرغم من بلوغها هذا السن.. أرجو إفادتي عن الحل حيث إنني فى حالة من الخوف تقلقني ولا أستطيع أن أسيطر عليها؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبنت المذكورة آثمة بطلب الطلاق من زوجها إذا كان ذلك بغير مسوغ شرعي، كما في الفتوى رقم: 1114.
كما أنها قد ظلمت نفسها وأغضبت ربها بإقامة علاقة محرمة مع رجل أجنبي منها وهي مؤاخذة على تصرفاتها وأفعالها، وإذا قمت أنت وإخوتها بما تستطيعون من إنكار لهذا المنكر ونصيحتها وتأنيبها وبيان العواقب الوخيمة لفعلها ومنعها من الذهاب للمكان الذي يغلب على الظن أن تحصل فيه الخلوة بذلك الشاب حسب جهدكم فقد قمتم بما عليكم ولا إثم عليكم وهي وحدها المؤاخذة بذنبها ما دامت بالغة عاقلة، فقد قال الله تعالى: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164}
وإذا كان الشاب المذكور على مستوى مقبول من الخلق والدين فلا مانع من زواجها به، فقد يوسع الله تعالى عليه ويرزقه من فضله، فالنكاح سبب من أسباب الرزق، فقد قال تعالى: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:32} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1429(13/685)
موقف الأب إذا علم أن ابنته تحب شخصا وتتصل به
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو التصرف المناسب من ولي الأمر أو الأخ في الحالات التالية:
1/ اكتشاف ولي الأمر أن ابنته تحب شخصا وهي على اتصال به؟ هل يضربونها أم يعظونها أم ما هو التصرف الأفضل؟
2/ الملاحظة على الفتاة بأنها تحب شخصا ما (حب واقع في قلبها) ؟
3/ إخبار الفتاة لأهلها بأنها تحب شخصا ما (وهي على علاقة به)
4/ إخبار الفتاة أهلها بأنها تحب شخصا ما (حبا واقعا في قلبها دون مراسلات)
أفيدوني بارك الله بكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرجل راع في بيته ومسؤول عن رعيته، وولي أمر البنت كأبيها أو أخيها أو نحوهما ممن له سلطة عليها يجب عليه حفظها ورعايتها، وإن حدث منها شيء مما ذكر في السؤال من نحو اتصال بذلك الرجل أو مراسلة، فالتصرف المناسب للولي هو منعها من ذلك بما يستطيع، وليسلك معها الأهون فالأهون، ويتدرج في ذلك فيعطيها وينصحها، فإن لم يجد ذلك منعها بالقوة إن استطاع، ولم يترتب على ذلك ضرر أكبر منه.
وكون البنت على علاقة محرمة بأجنبي عنها ليس مثل أن يلحظ عليها مجرد ميول وحب له دون لقائه أو مراسلته، فتنصح في ذلك كله، ويبين لها خطورة وحرمة ذلك لتكف عنه، وكما يعين في علاج ذلك أن تربط بصحبة صالحة، ويبحث لها عن زوج صالح يعفها عن الحرام، كما كان السلف يفعلون مع بناتهم وأخواتهم، وإن كان من أحبته صالحا للزواج بها راغبا في ذلك فينبغي تزويجها منه فذاك خير علاج. وعلى كل فينبغي تعاهدها بالنصح والتربية الحسنة على الأخلاق الفاضلة.
وللفائدة انظر الفتاوى رقم: 5707، 9360، 11739، 6675.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1429(13/686)
رفع الصوت على الأبوين لا يجوز ولو بغير قصد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة منذ أربعة أشهر ونصف أحب زوجي كثيرا وقد زاد حبي له في مدة خطوبتنا لما رأيته في معاملته لأمه من سعيه لإرضائها وحبه لها لكن وبعد الزواج وبحكم أنني أصبحت دائما معه وخاصة عند زيارة أمه أنه عندما يغضب لا يتمالك نفسه ويصرخ عليها أحيانا وعندما أعاتبه يقول لي إنه لم يقصد أن يصرخ عليها وأنها لا تغضب منه وتعرف أنه سريع الانفعال وعندما أحاور أمه وأقول لها كيف تسمحين له أن يتحدث معك بهذه الطريقة تقول لي أنا لا أبالي ولست غاضبة عليه. وفي بعض الأحيان يمازحها ببعض الكلمات التي في نظري لا يجب أن تقال خاصة للأم كأن يقول لها أنت سارقة وهي في المقابل تضحك ولا تبالي.
أرجوكم إفادتي لأني حائرة وعندما أراه يتصرف بهذه الطريقة مع أمه لا أحتمل ولا أعود أنظر إليه بالمكانة التي كان عليها قبل زواجنا وهذا يؤثر على تعاملي معه بالرغم من أنني أعرف يقينا أنه يحب أمه حبا جما وأنها هي أيضا راضية عليه.
فهل يأثم هو لمثل هذه المعاملة؟ وهل تعتبر من عقوق الوالدين، وما موقفي ودوري في كل هذا.
وأخيرا أرجو منكم كلمة طيبة له تحثه على كظم الغيظ وعدم الغضب سواء كان هذا مع أمه أو غيرها لأنه سريع الغضب بالرغم من أنه يخفي وراء ذلك قلبا عطوفا وطيبا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان حقا زوجك يرفع صوته على أمه فهذا منه منكر عظيم وعقوق لها، وكونه لم يقصد ذلك أو أنها لا تغضب منه لا يسوغ له ذلك، خاصة وأن الأم قد تتظاهر بالرضا شفقة منها على ابنها وحرصا على أن لا تدخل عليه شيئا من الغم ونحو ذلك، ولا يجوز له أيضا ممازحتها بمثل ما ذكر من قوله لها أنت سارقة، وضحكها معه لا يسوغ له ذلك، وينبغي مراعاة الأدب في المزاح مع الوالدين أو أحدهما؛ كما بينا في الفتوى رقم: 33726.
وعليك بمناصحة زوجك بهذا الخصوص بأسلوب طيب مع الحرص على أن لا يكون سببا في سوء العشرة بينك وبينه، ولا ينبغي أن تحرضي أمه عليه.
ونوصي زوجك بالحذر من الغضب فهو أصل لكثير من الشر، ونذكره بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه بقوله: لا تغضب. كررها مرارا في الحديث الذي رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه. وعليه باتباع أساليب علاج الغضب وهي مبينة في الفتوى رقم: 8038.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1428(13/687)
كيفية الرد على أسئلة الأطفال حول وجود الله تعالى ورؤيته
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نرد على الولد الذي يسأل عن وجود الله تعالى وزمان وجوده وإلخ ... من الأسئلة المحرجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أن تخبري الولد أن الله موجود، وبيني له دلائل وجوده من خلال تحديثه عن الآيات الكونية، فهو الذي خلقنا وأعطانا السمع والبصر، وخلق السماء والشمس والأرض والجبال وأنبت الثمار، وذكريه بما عنده هو من النعم، واجلسي معه جلسات تأمل في هذا الكون الفسيح، وبيني له أنه من المستحيل أن توجد هذه المخلوقات بغير مؤجدٍ، ولا يستطيع إيجادها إلا الله تعالى فالله إذاً موجود.
فإذا أصر على رؤية الله فأخبريه أن الله لا يرى في الدنيا، وإنما يرى في الجنة، واصرفي ذهنه عن التفكير في ذات الله، وحضيه على التفكر في آياته الكونية، وفي نعمه التي أسبغها علينا ظاهرة وباطنة، ففي الحديث: تفكروا في آلاء الله، ولا تفكروا في الله. أخرجه أبو الشيخ والطبراني وحسنه الألباني. وفي رواية لأبي نعيم حسنها الألباني: تفكروا في خلق الله، ولا تفكروا في الله.
وأما عن زمان وجوده فأخبريه أن الله هو الأول وليس قبله شيء كما في حديث مسلم، وليس لأوليته ابتداء. كما قال ابن أبي زيد القيرواني، فهو خالق الزمان والمكان.
وراجعي للمزيد من الفائدة في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 62615، 17066، 62995، 39560.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1428(13/688)
الطفل يتبع خير الأبوين دينا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل مسلم والحمد لله, وتزوجت بامرأة كانت على الدين المسيحي وقبل الزواج أسلمت وأنجبت منها طفلة, ولكن حصل لي ظرف أدى بي إلى ترك البلد الذي كنت أقيم فيه (الهند) , ولم يكتب لي العودة حتى الآن. علماً بأن مدة غيابي أصبحت طويلة جداً جداً (8 سنوات) وكبرت ابنتي والآن أمها أرادت الطلاق بحجة أنها تريد أن تعود للدين النصراني وأنها حصلت على عقد عمل في دولة آسيوية (ماليزيا) . تم الطلاق بيننا بعد أن طلبت منها التفكير ملياً في هذا الخصوص ولكن أصرت على الطلاق. تعلقت ابنتي بأمها ولا تريد السفر إلى المكان الذي أقيم فيه وأرادت الذهاب مع أمها. والجدير بالذكر أن حالتنا المادية سيئة للغاية. وأنا أفتقر للمال لكي أذهب وأرى ابنتي أو حتى جلبهم حيث أعيش. والآن طلبت مني مطلقتي خطاب تنازل بالوصاية مني لكي تقوم هي بالوصاية على ابنتي. وعلمت أن البنت لا تريد أن تكون على ملتي. نظراً إلى سوء سمعة المسلمين في البلاد التي تعيش فيه وأنها تعلمت بمدرسة أمريكية نظراً إلى عدم تمكننا من تدريسها في مدارس حكومية.
حاولت التحدث إلى ابنتي عن الإسلام وقد أرسلت لها عن طريق النت عنوان الشبكة الإسلامية لكي تعرف عن الدين الإسلامي.
ولكن للأسف بدأت ابنتي بتفادي مكالمتي على النت والتهرب مني.
ما هي نظرة الشرع في هذه العلاقة. وما هي نصيحتكم لي.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز لك أن تتنازل عن الوصاية على ابنتك، وكذلك لا يجوز تركها في حضانة أمها الكافرة، والبنت إذا لم تكن قد بلغت فهي مسلمة لكونها تبعا لك في الدين، وعليك أن تحرص كل الحرص على هدايتها وتعليمها آداب الإسلام وأحكامه بكافة الطرق المتاحة لديك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أخي السائل أن تتنازل عن الوصاية على ابنتك، بل لا يجوز لك أخي السائل أن تترك ابنتك في حضانة تلك المرأة الكافرة، ففي المغني لابن قدامة قال رحمه الله: ولنا أنها ولاية فلا تثبت لكافر على مسلم كولاية النكاح والمال، ولأنها إذا لم تثبت للفاسق فالكافر أولى، فإن ضرره أكثر فإنه يفتنه عن دينه ويخرجه عن الإسلام بتعليمه الكفر وتزيينه له وتربيته عليه، وهذا أعظم الضرر، والحضانة إنما تثبت لحظ الولد فلا تشرع على وجه يكون فيه هلاكه وهلاك دينه. انتهى.
وهذا الذي ذكره الإمام ابن قدامة رحمه الله هو عين ما أصابك كما ذكرت في سؤالك، وعليه فيجب عليك أن تبذل وسعك في انتزاع ابنتك من تلك المرأة، واعلم أن ابنتك إذا كانت لم تبلغ فهي مسلمة لأن الولد يتبع خير الأبوين دينا كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 97794، وعليه فإنه يجب عليك وجوبا مؤكدا أن تحرص على هداية ابنتك، وان تبعد عنها شبح التنصير الذي تحرص أمها كل الحرص على إلصاقه بها، وعليك أن تستنفذ كافة الطرق المتاحة لديك ولا تمل أبدا، ومن أهم الطرق أن تسعى في إبعادها عن تلك البيئة الموبوءة التي تعيش فيها فإن البيئة لها أثر عظيم في هداية الإنسان بإذن الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1428(13/689)
إلباس الطفل ملابس البنات قد يؤثر عليه سلبيا
[السُّؤَالُ]
ـ[لي آلة خياطة في المنزل وأحياناً أضطر لأن أقيس فساتين بعض البنات على ابني البالغ من العمر أربع سنوات، فهل يجوز أم لا، علماً بأن أباه منزعج من ذلك؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر والله أعلم أن مثل هذا الفعل قد يكون له أثر سلبي على نفس الطفل، فلربما أوجد في نفسه نوعاً من الميولة الأنثوية، وهذا ليس بمستبعد، ومن هنا فقد يكون انزعاج أبيه مبرراً، فالأولى اجتناب هذا الفعل، حذراً من ذلك المحذور وسداً لباب قد يؤدي إلى النزاع بينك وبين زوجك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1428(13/690)
تربية الأولاد أمر مشترك بين الزوجين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إنجاب الأطفال لآباء مهملين في الرعاية وعدم تربيتهم التربية الإسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز للمرأة أن تمنع زوجها من حقه في الإنجاب بحجة إهماله لأولاده وعدم تربيته لهم تربية إسلامية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإهمال الزوج لأولاده وعدم تربيتهم تربية إسلامية لا يسوغ للمرأة أن تمتنع عن الإنجاب خصوصاً إذا كان الزوج يريد الولد لأن ذلك حق له، ولا يجوز للمرأة أن تمنعه منه بغير إذنه، وعليها والحالة هذه أن تذكره بواجباته تجاه أولاده بنحو قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6} ، وقوله صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته ... الحديث وهو متفق عليه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
واعلمي أيتها الأخت السائلة أن تربية الأولاد حق مشترك بين الزوجين، فليس خاصاً بالرجل وحده بل إن الأم واقعياً دورها في التربية أكبر من الرجل، ومن المتعارف عليه أن الأم هي صانعة الأجيال، وهي كما قال القائل:
الأم مدرسة إذا أعددتها * أعددت شعباً طيب الأعراق.
ولهذا فالواجب عليك أن تضطلعي بدورك في تربية أبنائك، وأن تحاولي إصلاح ما أفسد زوجك -إن كان قد فعل- ولا تتخلي أبداً عن هذا الواجب؛ وإلا فقد قال القائل ولله دره:
ليس اليتيم من انتهى أبواه من * هم الحياه وخلفاه ذليلاً
إن اليتيم هو الذي تلقى له * أماً تخلت أو أباً مشغولا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1428(13/691)
ضوابط جواز ضرب الأطفال للتأديب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي أربعة أطفال، أكبر واحد عنده عشر سنوات كلهم مشاغبون لا يسمعون الكلام وأنا أضرب فيهم كثيراً من كثرة الشغب، ولكني مجبرة على ذلك وهم بدأو يكرهونني وأنا تعبت معهم من كثرة ممارساتهم المتعبة، ولا أعرف ماذا أعمل لكي يصبحوا صالحين؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تأديب الطفل بالضرب جائز بضوابط وهي أن يكون الطفل مميزاً، وألا يزيد الضرب على عشر، وألا يكون على الوجه، ولا في مكان يؤدي للتلف، وليس في وقت غضب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للأب أو الأم ضرب الطفل بقصد تأديبه، لكن هذا الجواز مقيد بكون الضرب معتاداً ولا يترتب عليه ضرر مع مراعاة ما يلي:
- ألا يزيد على عشر ضربات.
- أن لا يكون على الوجه.
- ألا يكون في مكان يؤدي للتلف كالبطن ونحوه.
- لا يكون الضرب في وقت الغضب الذي قد يؤدي بالشخص إلى ارتكاب ضرب محرم.
فإذا توفرت هذه الضوابط جاز التأديب بالضرب، وراجعي لذلك الفتوى رقم: 14123، والفتوى رقم: 24777.
وننصحك باستخدام أسلوب الإقناع معهم والتهديد أحياناً، ولا تكثري من الضرب حتى لا يعتادوا عليه ويصبح جزءاً من حياتهم، وبالتالي فلا يردعهم عما يرتكبونه من مخالفات، مع الابتعاد عن ضرب الصغير الذي لم يصل إلى مرحلة التمييز، فإن الضرب يضره أكثر مما ينفعه، كما تقدم ذلك في الفتوى رقم: 80504.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1428(13/692)
إدخال السرور على المسلم من أفضل الأعمال خاصة الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[أطلب منكم مساعدتي في حديث الخاص بالمفاجآت السارة للأسرة وخصوصا الأبناء.]ـ
[الفَتْوَى]
خلا صة الفتوى:
إدخال السرور على كل مؤمن من أفضل الأعمال، والأبناء وسائر الأسرة أولى بذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لم نطلع على حديث بخصوص المفاجآت السارة للأسرة، لكن إدخال السرور على المؤمن بصفة عامة من أفضل الأعمال وأعظم القربات إلى الله تعالى، فما بالك به في حق الأسرة والأبناء لأنهم أولى من غيرهم بالبر والإحسان وإدخال السرور والمعاملة الطيبة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن، تقضي له دينا، تقضي له حاجة، تنفس له كربة ... ذكره الألباني في السلسلة الصحيحة، وروي عن عمر رضي الله عنه مرفوعا: أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن؛ كسوت عورته، وأشبعت جوعته، أو قضيت له حاجة. رواه الطبراني وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1428(13/693)
دور العلماء فى التربية الإسلامية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو دور العلماء فى التربية الإسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دور العلماء في هذا المجال يتمثل في نشر العلم الصحيح وتعليمه والتوجيه والإرشاد، كما يتمثل في محاربة البدع وتنقية العلوم الإسلامية مما شابها من أفكار دخيلة وأحاديث ضعيفة وموضوعة وتقديمها للمسلمين في ثوب جديد يجمع بين الأصالة والتجديد ونعني بالتجديد هنا تقريب العلوم للمسلمين بطريقة مبتكرة مبسطة يمكن للجميع فهمها واستيعابها، كما يدخل في دور العلماء كذلك في التربية مجابهة أصحاب البدع ومصارعتهم بالحجة والذب عن الكتاب والسنة من خلال الرد على المضللين والمشككين من المستشرقين والمتعربين وغيرهم، إلى غير ذلك مما يطول ذكره، والحمد لله فإن الله تعالى يقيض لهذه الأمة في كل عصر ووقت من يقوم بواجب التربية والدعوة إلى الله تعالى من العلماء والمصلحين والدعاة الذين يقدرون عظم الأمانة المنوطة بهم ويقومون بواجبهم خير قيام ويهتدي على أيديهم بفضل الله تعالى ما الله به عليم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1428(13/694)
وضوء الأم وصلاتها وهي حائض لتعليم الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[لي طفلان 4 سنوات و2.5 سنة أحاول أن أجعلهم يعتادون علينا (أمهم وأنا) نصلي، فهل يجوز لزوجتي وهي حائض ادعاء الوضوء والصلاة أمامهم حتى لا يفقدوا هذا التعود، مع ملاحظة استفسارهم الدائم لها لعدم أدائها للصلاة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا داعي للتظاهر بالوضوء والصلاة لأجل الغرض المذكور ولا غيره، وذلك لأن الحائض ممنوعة من الصلاة فرضاً كانت أو نفلاً، كما أنها ممنوعة من الطهارة على وجه التعبد وهذه ليست حالة اضطرار حيث يغتفر فعل ما لا يشرع فعله، والذي ننصح به زوجتك هنا هو أن تنشغل بشيء آخر عند وقت الصلاة ما دامت في الدورة تجنباً لإحراج أسئلة الأطفال وتتركك أنت تقوم بما تحب أن تقوم به من الصلاة مع الأولاد ليتعودوا عليها بانتظام، مع أننا لم نجد نصاً يمنع مجرد القيام والركوع بلا نية ولا قراءة ولا على وجه التعبد، كما أنه لا مانع أيضاً من مجرد غسل أعضاء الوضوء بلا نية.
قال النووي في المجموع: أما الوضوء فلا يصح عندنا وعند الجمهور، بل تأثم به إن قصدت العادة كما سبق. انتهى.
وننبه هنا إلى أن هذا ليس مطلوباً منكما شرعاً ما دام الأولاد لم يبلغوا سبع سنين، فإن من المعلوم أن الصبي يؤمر بالصلاة إذا بلغ سبع سنين كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقد روى أبو داود وأحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. وما دام الصبي لم يبلغ سبع سنين فلا يؤمر وليه بأمره بالصلاة ومع ذلك فلا مانع من تعويده عليها وترغيبه فيها من خلال اصطحابه إلى المسجد إذا كان ينضبط ويكف إذا نهي بالإضافة إلى جعله بجانب والده في الصلاة في البيت أيضاً.
والأولى في هذه السن أن يحفظ الأذكار اليومية وأذكار الأكل والشرب والنوم والاستيقاظ، وأن يعلم الأخلاق الفاضلة كالصدق والكرم ونحو ذلك، وللمزيد من الفائدة في هذا المعنى يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24106، 13159، 70105.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1428(13/695)
التربية الجنسية للأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[ابني عمره خمس سنوات وقد بدأ يسألني بعض الأسئلة حول أعضائه التناسلية مثل: ماهي؟ وما فائدتها؟ وأسئلة من هذه النوعية وكذلك بدأ يسأل عن العلاقة بين والده ووالدته ولماذا ينامون في نفس الفراش وأنا لا أعرف كيف أجيبه على هذه الأسئلة كما لا أعرف ماهي المعلومات التى يجب أن أعطيها له في هذا السن وما لا يجب خاصة في ظل الحياة المفتوحة التي نعيشها جميعا في هذا العالم حاليا.لذلك أرجو الإفادة , كما أرجو منكم أن ترشدوني إلى أسماء بعض الكتب الموثوق بها والتي تتناول موضوع التربية الجنسية للأطفال من وجهة النظر الإسلامية؟
ولكم كل الشكر والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحوار مع الأولاد والتجاوب معهم فيما يسألون عنه وخطابهم بما يفهمون أمر مهم جدا، وعلى المربي الحكيم أن يسمع سؤال الولد فإن كان الجواب عما سأل عنه أمرا مهما ومفيدا له أجابه طبقا للسؤال، وإن كان غير مهم بالنسبة له فلا بأس أن يجيبه بما يفيده وينفعه وهذا هو الأسلوب المسمى بالأسلوب الحكيم، وبمثل هذا الأسلوب جاء الجواب الرباني لمن سألوا عن الأهلة، وبناء عليه فيحسن أن تحدثيه عن أعضائه وتفيديه أنها نعمة من الله تعالى حيث تخرج منها الفضلات بغير ألم ولا مشقة، كما يستخدم الفم في إدخال الغذاء، وأنه يتعين الاعتناء بها وسترها وحفظها من كثرة حكها واللعب بها، وأن ذلك قد يؤدي لبعض الأمراض التي تضر بحياته المستقبلية، ولا ينبغي التهرب من أسئلة الولد الحرجة لئلا يلجأ إلى مصادر أخرى تعطيه جوابا غير مناسب، وإذا علمت أن عنده معلومات خاطئة مسبقا فصححي له الخطأ، وإذا قارب البلوغ ينبغي أن يعلم بأسلوب مؤدب أحكام الطهارة من الجنابة وأسبابها، وتعلم البنات زيادة على هذا أحكام الحيض وعلامته وما يترتب عليه.
وأما العلاقة بين الأبوين فيمكن أن تجيبيه فيها بالإجمال فبيني له أنهما زوجان يتعاونان على تربية الأبناء والسعي فيما يسعدهم في الدنيا والآخرة، وأن نومهما على فراش واحد أمر طبيعي وهو ما يعمله كل الناس، ولكنه يتعين التحفظ من أن يرى الولد منظرا يريبه أو يستغربه فاحرصي أن لا يقع أمام عينيه أي شيء من الأمور الخاصة التي تقع بين الزوجين، وحاولي تعويده تدريجيا على أحكام الاستئذان وعلى غض البصر وستر العورة والبعد عن الاختلاط، وحاولي أن تعلمي الولد في هذا السن الأذكار اليومية والآداب النبوية بقدر ما يمكن أن يستوعبه، وابدئي في تعليمه القرآن، فإذا وصل السنة السابعة فعلميه أعمال الطهارة والصلاة وحرضية على القيام بها، ويحسن أن يصطحبه الوالد إلى المسجد، ويعلمه الآداب التي ينبغي القيام بها لمن دخل المسجد.
وأما الحديث معه عن موضوع التربية الجنسية فإن أهم ما ينبغي هو تهذيب الغريزة وتقويم السلوك، ولهذا منهج متبع تجدينه موضحا في كتب التربية الإسلامية التي سنذكرها لك بعد قليل.
وأما الحياة المفتوحة فإن الولد لم يفتحها على نفسه فإن لم نفتح له جهازا خبيثا في البيت أو نتركه يمشي لبعض الأسر التي تفتح الأشياء الخبيثة في بيوتها، ولم نكثر به للخروج للأسواق، ولم ندخله أماكن الفساد التي يرى أو يسمع بها الشر، وشغلنا طاقته وفراغه بما يفيد من حفظ القرآن، والحديث معه عن السير وبعض أمور الآخرة، وفتح المجال له للترفيه المفيد المباح وبعض الألعاب الرياضية فنرجو أن يسلمه الله من شر فساد الحياة المفتوحة.
وأما الكتب المفيدة في هذا المجال الذي تسألين عنه فمن أهمها تربية الأولاد في الإسلام لعبد الله ناصح علوان، ومنهج التربية النبوية للطفل لمحمد نور سويد، ومسؤولية الأب المسلم مرحلة الطفولة لعدنان حسن با حارث، وطفلك وأسلته الحرجة، وكتاب المراهق المسلم، وقد كتب في هذا الموضوع عدة كتابات لو بحثت في الانترنت تجدين كثيرا منها في موقع (اسلام أون لا ين) وموقع (المربي) وغيرهما من المواقع، وحاولي إدخال كلمة التربية الجنسية عند البحث في جوجل فستجدين الموضوع بُحِث كثيرا. وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 66709، 70105، 50234، 34984، 27999، 55632.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1427(13/696)
اقتناء البنت هاتفا جوالا هل يستدعي القسوة معها
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنتي عمرها 19 عاما في الجامعة ومتفوقة، لكنها تغيرت في هذه الفترة وأصبحت تغلق على نفسها بالساعات وقد وجدت في غرفتها هاتفا جوالا بدون كرت، وإلى الآن لم أتكلم معها لأنها سوف تنكر وأنا متأكد من أن الجوال يخصها، فهل استخدم أسلوب الضرب معها، في الحقيقه لا أعرف ماذا أفعل ليس من جهل، ولكن توقف التفكير عندي، أرجوكم أريد حلا سريعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرفق واللين في تربية الأبناء أمر مطلوب قبل أن ينتقل الإنسان إلى استخدام القسوة والشدة، وعليك أن تغرس فيها الخوف من الله تعالى ومراقبته، وأن الله مطلع على السر والنجوى، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وحذرها من العلاقات التي يقوم بها الذئاب البشرية، والمخططات التي يدبرونها لصيد فريستهم، وأخبرها بأن عاقبة السير في هذا الطريق، أعني طريق العلاقات بين الرجال والنساء، تنتهي غالباً بضياع السمعة والشرف، وسخط الله قبل ذلك، ولمعرفة بعض وسائل التعامل مع الأبناء انظر الفتوى رقم: 35308.
وننصحك بعدم التعجل في الحكم على ابنتك ما لم يكن عندك أمر قاطع، فقد يكون الهاتف لزميلتها، ثم إن كان لها وقد اشترته من مالها فإن مجرد امتلاكها للهاتف لا يستدعي التعنيف والزجر والضرب، فيكفي أن تبين لها أن الهاتف سلاح ذو حدين، وتبين لها خطر استخدامه في ما يعود بالضرر، ولك أن تمنعها منه إن رأيت المصلحة في ذلك، وينبغي أن تحوطها بمراقبتك ورعايتك وتحرص على ربطها بصاحبات خيرات، وينبغي أن تشرك أمها في متابعتها ونصحها، كما ننصحك بمراسلة قسم الاستشارات في الشبكة فإنهم سيفيدونك إن شاء الله تعالى في وسائل التربية وعلاج مثل هذه الظاهرة، وفقك الله لمرضاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1427(13/697)
واجبات الزوجين لبناء الأسرة الإسلامية السعيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[في غالب الأحيان عندما أقرأ عن دور الزوجين، أجد إخوتنا المسلمين يحملون المرأة سبب نجاح أو فشل الأسرة، حتى أن بعض الإخوة يقصرون دور الرجل على النفقة ويرون أن على الزوجة الاهتمام بالباقي، الزوجة وحدها هي التي يجب أن تسعى لحسن تربية الأبناء وراحة الزوج والأبناء، ما قد يغيب عن ذهن البعض هو أن تعلق الولد بأمه يقابله تعلق البنت بوالدها، أيضا الأولاد الذكور في أغلب الأحيان هم في حاجة إلى رجل لردعهم عن الخطأ، وكما الرجل في حاجة إلى حنان زوجته وهو بين أهله فما بالك بالمرأة وهي بعيدة عن أهلها، وفي مقابل هذه المسؤولية التي يسعى الجميع إلى أن يحملها إياها نجد إخوتنا يقولون إن على المرأة أن تسلم أمرها لزوجها، وقد سمعت مؤخراً إحدى الأخوات من هذا الرأي تقول إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قال: لو كنت آمرا أحداً بالسجود لغير الله لأمرت المرأة بالسجود لزوجها. فهل هذا الحديث صحيح أم ضعيف، وهل أن الحديث القائل بأن معظم سكان النار هم نساء مع ما نفعله من تقرب النساء من الله الذي يفوق تقرب الرجال في العديد من البلدان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مهمة الرجل والمرأة في هذه الحياة واحدة ووظيفتهما مشتركة، وكل منهما يقوم بواجبه حسب تكوينه الجسمي والعقلي والعاطفي.... وما فطره الله تعالى عليه وما وهبه من خصائص، فمهمة المرأة داخلية أكثر منها في الخارج، ومهمة الرجل خارجية أكثر منها في الداخل، وبذلك يتم بناء الأسرة على أكمل وجه وأحسن حال.
فالزوجة تتحمل المسؤولية الكبرى في رعاية البيت وتربية الأبناء وخاصة في المرحلة الأولى من أعمار الأبناء، وبقيامها بواجباتها الدينية والاجتماعية تجاه بيتها وأولادها وزوجها تنال رضا الله تعالى ورضا الناس ودخول الجنة، وعلى الزوج أن يوفر لزوجته ولأسرته ما تحتاج له مادياً ومعنوياً.
وعليه أن يقوم بواجبه في تربية الأبناء وتعليمهم، وبقيامه بتلك الواجبات يستحق نفس الجزاء الذي تستحقه المرأة، ولذلك فإن كلا الزوجين مكمل لصاحبه، واختلافهما اختلاف تنوع وتكامل وليس اختلاف تضاد وتناقض، وما يوجد من الصراع والجدل حول وظيفة المرأة ووظيفة الرجل في الثقافات الأخرى مرفوض في ثقافة الإسلام، فالمسؤولية العامة تقع على عاتق كل منهما، والمسؤولية الخاصة تختلف باختلاف تكوين كل منهما الفطري.... قال الله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {النحل:97} ، وقال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ {البقرة:228} ، وبذلك تكون الإدارة العامة في الأسرة للزوج، وهو ما يفسر لنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمراً أحداً..... الحديث. وهو حديث صححه كثير من أهل العلم، والحديث يفيد وجوب طاعة الزوجة لزوجها بالمعروف واحترامها له إذا كان يقوم بواجباته، وبذلك تستقر الأسرة ويسعد أفرادها، وللمزيد من الفائدة والتفصيل عن هذا الموضوع نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 54957، 48461، 60819، 67212.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1427(13/698)
العاقل يتخذ من الخطأ سلما للنجاح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مشكلتي أنني لا أثق بالآخرين وتوسعت هذه المشكلة حتى أصبحت لا أثق بنفسي، لا أثق أني سأنجح في الدراسه الجامعية ولا أن أتحسن في اللغة الإنجليزية، أحس أني إنسان فاشل في كل شيء، ماعندي جرأة لأواجه المستقبل، عايش في قلق وخوف دائم. إلى متى سأظل ضعيفا وخائفا وقلقا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن تعلم أيها الأخ الكريم أنه لا مشكلة لديك في الواقع، وإنما هي أوهام يبعثها الشيطان في نفسك فيوسوس لك بها فيعدك الفقر والجهل والكسل والخمول، فلا تطعه فيما يعدك به من ذلك، قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا {النساء: 119 ـ 120} والمسلم ينبغي أن يكون قوي العزيمة، ماضي الإرادة، مستعينا في كل أموره بالله سبحانه وتعالى. ولتعلم أنه ما من أحد يبذل جهده ويجد في عمله أو دارسته إلا وجد النتيجة، هذه سنة الله تعالى في هذا الكون، فالله تعالى ربط الأسباب بالمسببات، ولهذا قالوا: من جد وجد، ومن زرع حصد. وإذا فشل المرء في عمل ما فلا يعني ذلك فشله فيه دائما أو فشله في غيره، بل ينبغي أن يعتبره نجاحا لأنه قد عرف طريقا خاطئا سيتجنبه فيما بعد، وهكذا يفعل الناجحون في عملهم ولا يحسبون الشر ضربة لا زب.
ولتعلم أن الرسوب في الامتحان يجب أن يكون حافزا قويا يدفعك للجد والاجتهاد، فالحياة تجربة، وقد أخذت تجربة من السنة الماضية وعلمت السبب في رسوبك فعليك أن تتجنبه، وهكذا في كل عمل أو علاقة أو قول أو غيره، والتفاؤل الحسن خير، ففي سنن ابن ماجه ومسند الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن، ويكره الطيرة، وفي رواية: يحب الفأل الحسن.
قال الحافظ ابن حجر: وإنما كان صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل لأن التشاؤم سوء ظن بالله تعالى بغير سبب محقق، والتفاؤل حسن ظن به، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله على كل حال.
وقد رغبنا الشارع في الأخذ بأسباب القوة فقال صلى الله عليه وسلم: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان. رواه مسلم
والحاصل أن الرسوب والفشل والخطأ يحصل لكثير من الناس، ولكنهم ينهضون ويستفيدون من تجربتهم السابقة.
وتعميم الأحكام على كل الناس أو كل الأعمال خطأ فادح وتهور قادح، فإذا خانك شخص أو أكثر فلا يعني ذلك أن كل الناس خونة، وهنالك ميزات ينبغي للمرء أن يضعها نصب عينه عند اختيار صديقه ومعامله، ومنها دينه وتقواه وورعه وصلاح حاله ونجاحه في عمله ودراسته وهكذا.
فاستعن بالله تعالى، وأحسن الظن به، واسأله التوفيق والسداد، وابذل السبب، ولن يكون إلا ما تتمناه بإذن الله، ولا بأس أن تزور طبيبا نفسيا يعطيك بعض النصائح ويرشدك إلى بعض الحلول، مع يقيننا الجازم أنك إذا فعلت ما ذكرناه سيزول عنك ما تتوهمه وتخشاه بإذن الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1427(13/699)
الحل المثالي للمشاكل والعقبات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني من ضيق نفسي بسبب إحساسي بكره عائلتي لي، أنا حاولت بكل الطرق لإرضائهم لكن فشلت، هم ينظرون لي بمنظور واحد لا يتغير مهما عملت، أنا سئمت من حياتي هكذا لا أستطيع تحمل اتهامتهم لي بأني سبب كل المشاكل في المنزل حتى سوء أخلاق أختي الصغيرة 13 سنه يحملوني مسؤوليته ... أنا سأترك لهم البيت وأحاول المعيشه وحيداً هل هذا سيحل مشكلتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكره المذكور من عائلتك لا بد أن يكون له سبب، فليس هناك من يكره ابنه دون سبب، واتهامك بأنك سبب للمشاكل في المنزل، قد يدل على ذلك، وليس الحل هو الهروب، فالهروب من المشكلة لا يحلها بل لا بد من مواجهتها وحلها، لذا عليك أن تغير الخلق الذي كرهك أهلك من أجله وتتوب من الفعل الذي أبغضوك بسببه، وتترك السبيل الذي مقتوك في شأنه، وفي الجملة انظر إلى سبب كرههم لك واعمل على تغييره وإزالته والعمل بما يرضيهم عنك في طاعة الله.
وجماع ذلك طاعة الله والالتزام بدينه وكسب حبه سبحانه ورضاه، ففي صحيح البخاري: إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل، فينادي في أهل السماء إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض. وفي رواية الترمذي: فذلك قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا. وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1426(13/700)
تأخير الإنجاب لسوء معاملة الأب لأطفاله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة ولدي طفلان، وزوجي لا يحسن التعامل مع أطفالي ويضربهم، لذلك أنا الآن مؤجلة موضوع الخلفة حتى يحسن معاملتهم هل يلحقني حرام علما بأن أعمارهم 5 و3 سنين. وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الزوج راضيا بتأجيل الحمل فلا بأس، وتقدم بيانه في الفتوى رقم: 18375، وأما إذا لم يكن راضيا فلا يجوز لأن له حقا في الولد كحق الزوجة، وتقدم في الفتوى رقم: 30163، وحجة الزوجة في تأخير الحمل بسوء معاملة الزوج وضربه للأولاد لا تسوغ منع وحرمان الزوج من حقه في الولد، وننصح الزوج بأن يحسن معاملة أبنائه وأن يرفق بهم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى رفيق يحب الرفق، ويعطى عليه ما لا يعطي على العنف. وإذا ضرب فليضرب للتأديب لا لغيره، وليلتزم ضوابط الضرب، وسبق بيانها في الفتوى رقم: 14123، وننبه إلى أن ضرب الأطفال قبل سن التمييز لا ينفعهم بل يضرهم، وتراجع الفتوى رقم: 33524.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1426(13/701)
علاج كثرة كلام المراهقات في التليفون
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي أن لدي ابنة تبلغ من العمر 14لكنها تنشغل بالهاتف أكثر عن اللازم ... إنني على يقين بأنها لا تعمل شيئا غلطا لأن كل الذين تهاتفهم هم من بنات خالتها وخالها وخالتها وبنات عماتها ولكن المزعج في الموضوع أنها تطيل مكالماتها، ربما السبب هو الفراغ ربما حبها الكبير لهؤلاء الذين تهاتفهم أريد أن أعلمها أنه من العيب أن تطيل الفتاة المحادثات في الهاتف ولكن بأسلوب تربوي تعلمي دون أسلوب الأوامر أسلوب يرتقي بها لتفكر فيه قبل أن تنفذه..... أفيدوني أفادكم الله.... ولكم مني جزيل الشكر ... مع العلم أنني زوجة أبيها ولست أمها الحقيقية لأن أمها قد ذكرها الله برحمته ولكني والله يعلم أحبها هي وأخواتها مثل أمهم وأكثر.
أرجو إرسال الردعلى الإيميل الخاص وشكرا
... ... ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على تربية ابنة زوجك تربية صحيحة، واعلمي رحمك الله أن هذه الفتاة قد تجاوزت مرحلة الطفولة ودخلت في مرحلة المراهقة، وهذه المرحلة العمرية تحتاج إلى مزيد عناية من القائمين على تربية من يمر بها. فاستعيني بالله تعالى وسليه التوفيق في تربيتها، وتجنبي الأساليب التقريرية في تقويمها إلا عند الضرورة، واجعلي نصائحك لها يغلفها الإشفاق والرحمة حتى تعلم أن الحامل على نصحك لها هو حرصك عليها. ومن النصائح التي تقدميها لها إعلامها بأن العمر هو رأس مال الإنسان وهو أثمن ما يملك وأن ما مضى منه لا يعود، والأعظم من ذلك أن الإنسان سيسأل عن كل لحظة من عمره فيم قضاها وخاصة مرحلة الشباب، قال صلى الله عليه وسلم: لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع، عن شبابه فيم أبلاه، وعن عمره فيم أفناه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. وأعلميها أن الكلام مع القريبات وإن كان مباحاً، فإنه يشغل عن الخير والطاعة، وإن أهل الجنة لا يندمون إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله تعالى فيها وذلك لتفاوت الدرجات في الجنة بحسب ما حصله العبد في الدنيا من الحسنات. ولا يستوي من أضاع عمره في شهوة الكلام مع من يحب ومن أنفق عمره في طاعة الله وذكره، وفي سنن الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي. وأعلميها أن الإعراض عن اللغو من صفات المؤمنين الحميدة، قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ*الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ {المؤمنون:1ـ3} . واللغو المذكور في الآية يشمل من جملة ما يشمل: ما لا فائدة منه من الأقوال والأفعال، كما قال تعالى: َ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاما {الفرقان: 72} . ثم أعلميها أن العبد سيسأل يوم القيامة عن كل ما تلفظ به، وأن الإكثار من الكلام المباح قد يجر إلى سقط الكلام الذي فيه الوزر والإثم، قال تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد {قّ:18} . وقد قال صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت. رواه البخاري ومسلم. قال الإمام النووي: فهذا الحديث المتفق على صحته نص صريح في أنه لا ينبغي أن يتكلم إلا إذا كان الكلام خيراً وهو الذي ظهرت له مصلحة، ومتى شك في ظهور المصلحة فلا يتكلم. اهـ. ومن الأساليب التربوية بخلاف النصيحة والوعظ أسلوب القدوة، فأحضري لها بعض الكتب التي فيها قصص الصالحين من علماء الأمة الذين كانوا حريصين على استغلال أوقاتهم، ومن أجود الكتب التي اعتنت بذكر ذلك كتاب " قيمة الزمن عند العلماء" للشيخ عبد الفتاح أبو غدة. وبإمكانك التواصل مع قسم " الاستشارات " بموقع " الشبكة الإسلامية" فإنهم أكثر اختصاصا منا بالأساليب التربوية وتحفيز الإنسان وتوجيهه لعمل معين. وكذلك ننصحك بمطالعة الكتب التالية: مسؤلية الأب المسلم " للشيخ عدنان حسن با حارث " 2ـ منهج التربوية النبوية للطفل" للشيخ محمد نور سويد "
3ـ منهج التربية الإسلامية " لمحمد قطب ". واستعمي لمحاضرة" كيف نفهم المراهقين" وسلسلة " محو الأمية التربوية" وكلاهما للشيخ محمد بن إسماعيل المقدم، وتجدينهما على موقع طريق الإسلام. www. Islamway.com.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1426(13/702)
غربة المسلم..الحب.. الفراغ.. الحيرة.. مشكلات لها حلول
[السُّؤَالُ]
ـ[لن اطيل المقدمات
في غمرة مشاغل ولهوات هذه الحياة نحن جيل الشباب نجد بعض الصعوية في الثبات على الصحيح بما أن الصحيح بين والغلط بين الفراغ غير المسيطر عليه نوعا ما كفيل بأن يقود إلى أشياء عدة وأنا برأيي أن الحب أحدها لكن أريد أن أعرف رأي الدين في هذه المسألة لاشك أن له حكما شرعيا فيها خير من آراء ووجهات نظر العوام وخاصة الشباب وأبناء الجيل الحالي والأفكار والمباديء التي يؤمن بها، لذا أرجو توضيح وجهة نظر ديننا الحنيف في مثل هذه القضية التي لابد لكل فرد منا أن تراوده ولو لبرهة (طبعا مع اختلاف القناعات والمباديء التي يملكها كل منا) .
سؤال آخر: عندما يكون المرء في حالة من تخبط الأفكار والحيرة القاتلة بين أمور مختلفة وتراوده الأفكار والشكوك في كل شيء من حوله يصبح في حالة من الكراهية لكل شيء وعدم الرغبة في عمل أي شيء لمساعدة نفسه للخروج من هذه الحالة لأنه مدرك بأنه هو فقط من يستطيع أن يساعد نفسه ومع ذلك لا يبدي حراكا ولا يقوم بأي مبادرة لحل الأمور ماذا يفعل؟ أنا فعلا بحاجة إلى حل من ديننا لأنه هو الملاذ الوحيد لأن الله سبحانه وتعالى لا ينسى أحدا لكن أريد الحل الناجع لمثل هذه الحالة المعقدة أرجو أن أتلقى رداً يخرجني من هذه الحالة.
ولكم جزيل الشكر وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن المسلم في آخر الزمان يجد من الصعوبة في التمسك بالدين وفي الاستقامة على أمر الله ما لم يجده المسلمون في وقت علو الدين أيام الصحابة، ولذلك وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم المتمسكين بالدين في آخر الزمان بأنهم غرباء وبشرهم بالأجر العظيم، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 58011، 63743، 19738، 55038.
وأما الفراغ، فله سلبيات كثيرة ولا ينبغي للمؤمن أن يشكو الفراغ، فإنه في شغل دائم.. إما فيما يصلح دينه، وإما فيما يصلح دنياه، أما حياة اللهو والعبث فليست للمؤمن، لأنه يعلم يقيناً أنه سيسأل عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وانظري الفتوى رقم: 57084.
وأما مسألة الحب بين الجنسين قبل الزواج وحكمه، فقد بحثناها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 29766، 44940، 5707.
وأما الحيرة الشكوك التي تصيب الإنسان، فإن سببها الأعظم هو الجهل والذنوب، فإن صاحب الذنب المصر عليه تعمى بصيرته، وكذلك الجاهل فإنه لا يرى الحق حقاً، وللوصول إلى اليقين وطمأنينة القلب على المرء أن يحذر ذنوبه ويتوب منها توبة نصوحاً، ويتعلم العلم النافع الذي يُعرِّفه بمولاه وأسمائه وصفاته وأفعاله وحقه على عباده، وما أعد لعباده إن هم أطاعوه وما توعدهم به إن هم عصوه.
وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 59868، 59729، 61074.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1426(13/703)
التأثير السلبي لمشاكل الزوجين على الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم، سؤالي حول المشاكل المستمرة بين والدي ومنذ مدة طويلة جدا بحيث تولد الكره بينهما واستمرار هذه الحياة بينهما وأصبحت الحياة بينهما بدون احترام للمشاعر الإنسانية وفي كل مرة تحصل مشكلة بينهما أقع تحت ضغط نفسي كبير ولا أستطيع الاستمرار بحياتي بشكل طبيعي حتى أني لا أستطيع التدخل لحل المشكلة بينهما لأنهما يعودان لمناقشة أمور حدثت بالماضي بينهما كما أنني أشعر بمرض نفسي وحالة ضعف مردها هذه الخلافات المستمرة فبماذا تنصحوني هل أبتعد عنهما هربا أو أن أعمل على تلبية مطالبهما للانفصال على الرغم من عدم قدرتي على ذلك مع العلم بأني متزوج ولدي ثلاثة أبناء وعمري 30 عاما وأعيش بمنزل مستقل ولكن لدي أختان مازالتا تعيشان مع والدي وأخشى كلام الناس عن والدي بطلاقهما وفي هذا العمر أفيدوني؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بالحرص على بر والديك، فإن حقهما في برهما والإحسان إليهما وصلتهما واجب مهما كان أمرهما، ولا يسقط ذلك بخلافهما ولا بفسقهما ولا كفرهما، ثم اعلم أن الخلاف بين الزوجين مسألة طبيعية فلا تقلق بسببها، وقد كان الأولى بهما أن لا يبحثا مشاكلهما أمام الأولاد لأن ذلك يؤثر على الأولاد وإذا بحثا خلافاتهما بحضرتك وأمكنك الإصلاح فلا تتوان فيه عملاً بقول الله تعالى: لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ {النساء: 114} . وحاول أن تبين بحكمة لكل منهما ماله وما عليه من الحقوق حتى يؤدي ما عليه ولا يطلب ما ليس له، ثم إنه إذا تفاقمت المشاكل بينهما وتعذر استمرار الحياة الزوجية، فإن من محاسن الإسلام في هذه الحالة إباحة الطلاق، وقد يرزق الله كلا منهما خيرا من صاحبه، قال الله تعالى: وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ {النساء:130} .
وإذا رفض الزوج الطلاق وكانت الأم راغبة في الانفصال فإن الله تعالى أباح لها طلب الخلع، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 49153، 16844، 34602، 35313، 27662.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1425(13/704)
تأديب العم ابن أخيه مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا تعدى عم على ولد ليس ابنه وهو ولد أخيه عمره 13 سنة، وتضارب معه، والولد لا حول ولا قوة إلا بالله، فهل هو على حق أم باطل، وهل يرضى الله عنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العم يتعين عليه الحرص على تهذيب أخلاق ولد أخيه، والأولى أن يستعمل في ذلك النصح برفق وحكمة ومحاولة الإقناع العاطفي والعقلي، ويتأكد هذا في المراهق والبالغ.
ولا يلجأ إلى الضرب إلا عند عدم جدوائية غيره من الوسائل، فإذا كان أبو الولد حياً، فإن الأولى بتأديبه هو أبوه، وأما إذا كان أبوه متوفى أو عاجزاً عن التأديب، فإن العم يتنزل منزلة الأب، كما في الحديث: العم أب إذا لم يكن دونه أب. رواه ابن المبارك في البر والصلة عن الزهري مرفوعاً، وقال محققه الدكتور محمد سعيد نجاري مرسل رجال اسناده ثقات، وفي رواية أخرى حسنها الألباني: العم والد.
وبناء على هذا فإنه إذا كان العم قصد تأديب ولد أخيه بالضرب بعد أن استخدم وسائل النصح بالحكمة والرفق والإقناع العقلي والعاطفي والترغيب والترهيب فإنه لا يعتبر ظالماً ما لم يتجاوز حد التأديب، وإن كان العم ضرب ابن أخيه لغير ذلك فإنه ليس محقا إذ لا يحق لمسلم أن يظلم أخاه، كما في الحديث: المسلم أخو المسلم لا يظلمه. رواه البخاري ومسلم.
وفي الحديث عن عائشة قالت: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط بيده ولا امرأة ولا خادماً إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل. رواه مسلم.
ثم إن للولد إذا كان مظلوماً أن يدافع عن نفسه، ولكن صبره على عمه أفضل وأولى، ويدل لذلك قول الله تعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ* وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ {الشورى:40-41} ، وراجع في تأديب الأولاد بالضرب الفتوى رقم: 18842، والفتوى رقم: 14123.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1425(13/705)
فضل تربية البنات والإحسان إليهن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل أخاف الله والحمد لله، أحدد النسل رزقت ببنتين وحمدت ربنا على ذلك، ثم رزقني الله ببنت ثالثة مع أني محدد النسل بالوسائل المتبعة، حمدت ربنا أيضاً على البنت الثالثة ورضيت بما رزقني الله به، وفوجئت أن زوجتي حامل للمرة الرابعة مع أنني مازلت محدداً النسل، ولكن واضح أن إرادة الله فوق كل إرادة، وكانت الصدمة التي هزتني أن زوجتي حامل ببنت رابعة، لا أدري ماذا أفعل، لا أستطيع أن أغضب الله ولا أفكر في ذلك، ولكني منهار يا سيدي ... لقد رزقت بأربع بنات ولا أدري ماذا أفعل، فإني أبكي ليلاً ونهاراً ... أخشى أن أكون أعصي الله ببكائي هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن كل شيء في هذا الوجود إنما يقع بتقدير الله تعالى، وله في ذلك الحكمة البالغة، وما قضى الله لك من رزق بهؤلاء البنات، فلعلك تعطى به الخير الكثير، روى أحمد في مسنده عن أنس رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: عجبت للمؤمن، إن الله لم يقض قضاء إلا كان خيراً له.
وقد ورد في فضل البنات كثير من الأحاديث، نذكر هنا منها ما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له ستراً من النار. وما رواه مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو -وضم أصابعه -. وفي رواية الترمذي: دخلت أنا وهو الجنة كهاتين - وأشار بأصبعيه.
فإن كنت قد حزنت على أن رزقك الله بالبنات، فهذا هو فضلهن، بل الواجب على المسلم الحذر من التسخط على ذلك لأنه من أخلاق أهل الجاهلية، فقد قال الله تعالى عنهم: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ [النحل:58] ، وكم من بنت رزق بها الوالد كانت أبر به من أولاده الذكور.
وإن كنت قد حزنت لوقوع خلاف ما أردت من تحديد النسل، فلعل الله تعالى قد جعل لك الخير في زيادة الإنجاب، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على تكثير النسل حيث قال: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم. رواه أبو داود.
بل إن تحديد النسل لا يجوز كما صدر بذلك قرار المجمع الفقهي ما لم تكن هنالك ضرورة محققة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 636.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(13/706)
أفعال الأطفال في مثل هذه السن لا تعلل
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي طفلان أحدهما عمره سنتان و6 شهور والآخر شهران وأسبوعان.
أحيانا يبكيان فجأة ويعودان للنوم وأيضا يبتسمان
فما هو السبب في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس فيما ذكرت عن ولديك أمر يدعو إلى الارتياب أو يسبب القلق,
فالأولاد في السن التي فيها ولداك ليس لهم شيء منضبط، وأفعالهم ليست هادفة في الغالب، فأما الولد الأكبر فمعالم شخصيته لم تتحدد بعد، وعواطفه وميوله ووجدانه ترتبط أساسا بأمه، وأكثر ما يثيرها حاجته إلى الطعام والشراب والأمن ونحو ذلك، وأما الثاني، فليس له شيء متميز إطلاقا، فالضحك والابتسام والبكاء وغيرها من الأفعال النفسية والحركات البدنية كلها تأتي عفوية من غير أن تكون استجابة لمثيرات، أو ناتجة عن دوافع ملموسة، فإدراكه للأصوات ضعيف، وإحساسه بالمرئيات أضعف، ومخيلته الفكرية فارغة تماما، فسبحان الذي يودع فيه كل ذلك متفاوتا، وصدق الله العظيم إذ يقول: [وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ] (النحل: 78)
وإذا كنت لا تطمئنين على ما هما فيه، فيمكن أن تستشيري بعض المختصين بعلم النفس التربوي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1425(13/707)
التضييق على الدروس الخصوصية.. لماذا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في الدروس الخصوصية للطالب الذي يذهب إلي مدرسه دون أي ضغوط؟ وهل عائدها حلال أم حرام؟ ولماذا تحاربها بعض الحكومات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 25901 حكم إقامة الدروس الخصوصية وشروط ذلك.
وأما قولك "ولماذا تحاربها بعض الحكومات" فلعله لما سببته هذه الدروس من محاذير شرعية كمحاباة بعض المدرسين للذين يقيمون لهم الدروس الخاصة ومنحهم ما لا يستحقونه من الدرجات، أو إعلامهم بما سيأتي في الاختبار، ونحو ذلك مما ذكر في الفتوى المحال عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424(13/708)
الجامعات تتبع نظام المراسلة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
الإخوة الكرام، الرجاء إرشادي إلى جامعة أستطيع من خلالها تحصيل العلم الشرعي بالمراسلة. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن الجامعات التي تتبع نظام المراسلة: الجامعة الأمريكية المفتوحة، ولها فرع في القاهرة، وهي ذات توجه علمي تأصيلي منضبط، ويمكنك التعرف على نظام الجامعة من خلال موقعها على الإنترنت: www.open-university.edu.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1424(13/709)
حكم إلحاق الأولاد بالمدارس الأجنبية ورياضها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أناأعيش في الخارج في بلد أوربي، وعندي بنت سوف تدخل إلى الروضة في أغسطس، والمشكلة أن في الروضة سوف يعطونها لحما غير حلال، لكنه ليس لحم خنزير أو شيئا آخر لا نأكله نحن المسلمين ولا يمكن أن
نعطيهم اللحم، والمشكلة أن بنتي تحب اللحم كثيرا، وأخاف لو طلبت عدم إعطائها لحما ورأته بنتي سوف تقيم مشكلة وتبكي ويعطونها أي نوع من اللحم، مع العلم أن بنتي عمرها 3سنوات، وإني علمتها آداب الإسلام في الأكل، مثل البسملة في بداية الأكل، وحمد الله وشكره بعد الانتهاء.
جزاكم الله خيرا أفيدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأبناء نعمة من نعم الله تعالى وأمانة في أعناق الأبوين لا يحل التفريط فيها أو إهمالها أو وضعها في يد غير أمينة.
وبهذا ننصح السائلة الكريمة بعدم وضع ابنتها وفلذة كبدها في مدارس الأجانب لأن في ذلك من الإفساد لابنتها ما لا يعلمه إلا الله تعالى، وأقل ما فيه أنهم يطعمونها الحرام، وكل لحم نبت من الحرام فالنار أولى به، كما أنهم سيفسدون عليها تربيتها وأخلاقها التي تعلمتها من أمها.
فالأبناء مثل العجينة الجاهزة للتشكيل أو الإناء الفارغ.. فإذا سلمتِ ابنك في هذه المرحلة لمدارس الأجانب ورياضهم فإنهم سيشكلونها كما يشاءون ويملؤون عقلها بما يريدون.
فعليك أن تبحثي لها عن مدرسة إسلامية، فإذا لم تجديها فعليك أن ترحلي بها إلى بلاد المسلمين إذا استطعت إلى ذلك سبيلا.
ونحيلك إلى الفتوى رقم:
30220.
وننبه السائلة الكريمة إلى أن المقام بأرض الكفار لا يجوز إلا لضرورة لا يمكن دفعها إلا بذلك.
ولمزيد من التفصيل والفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1424(13/710)
من طرق تعليم المراهق فيما يتعلق بالبلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يتم إخبار الابن حينما يبلغ عن موضوع الاحتلام حتى يقوم بالاغتسال، والعادة السرية حتى يتجنبها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأب الذي له علاقة جيدة بأولاده من الصغر يسهل عليه أن يحدثهم عن المراهقة والبلوغ مما يتعلق بالاحتلام والبلوغ والاستمناء، لكن إذا كان الأب يستحي من طرح مثل هذه المواضيع بطريقة مباشرة فليجعلها عبر درس في الفقه أو الآداب مثلاً، فإذا لم تكن عنده المقدرة على ذلك فليأت لابنه بكتاب أو شريط يتحدث عن الموضوع، أو يوعز إلى داعية أو شيخ أو طالب علم أن يعلم ابنه هذه الأشياء، أو يتحدث عنها في محاضرة أو درس أو خطبة أو خاطرة أو....
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
2668، والفتوى رقم: 10024، والفتوى رقم: 13767.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(13/711)
الأثر الواضح على الجزيرة العربية قبل وبعد الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف عن أثر دعوة الرسول (صلى الله عليه وسلم) على شبه الجزيرة العربية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أراد أن يعرف أثر دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم على الجزيرة العربية ينبغي له أن يعرف حالها قبل ذلك، فقد كانت الحالة الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية قد تردّت إلى أبعد الحدود إلا في بعض الجوانب الأخلاقية وخاصة ما له علاقة بالفخر والخيلاء؛ مثل الشجاعة والمروءة والنجدة، وحب الحرية وإباء الضيم والذل، والوفاء بالعهد، وقرى الضيف، والصبر.
أما الناحية الدينية فقد كان أهل الجزيرة في تخلف ديني شديد، ومعتقدات وثنية سخيفة.
ومن الناحية السياسية كانوا في فوضى قبلية لا تحكمهم دولة ولا يجمعهم نظام حتى في الممالك والدول التي كانت في أطراف الجزيرة فهي تابعة في أكثر الأحيان للفرس أو الرومان أو الحبشة.
وأما من الناحية الاجتماعية فقد نزلوا إلى حد سحيق، حيث ساد الجهل والأمية والفخر بالأحساب، والاعتزاز بالقبيلة، واضطهاد المرأة، بل ووأدها بنتاً في بعض الأحيان.
وأما من الناحية الأخلاقية فإنهم قد ساءت أخلاقهم إلى حد بعيد، حيث اشتغل كثير منهم بالغارات وقطع الطريق وسفك الدماء، وسادت بينهم العصبية والظلم والأخذ بالثأر، واغتصاب الأموال والتعامل بالربا وأكل مال اليتيم والسرقة والزنا، فكانت تلك الفترة التي بعث فيها النبي صلى الله عليه وسلم شر فترة بعث فيها نبي من الأنبياء، روى الإمام أحمد عن المقداد بن الأسود أنه قال: والله لقد بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم على أشد حال بعث عليها نبي من الأنبياء في فترة جاهلية ما يرون أن ديناً أفضل من عبادة الأوثان، فجاء بفرقان فرق به بين الحق والباطل.
وفي هذا الجو المظلم والمجتمع الفاسد ظهرت دعوة محمد صلى الله عليه وسلم كالفجر الساطع يبدد الظلام المتلبد وينشر النور ويهدي إلى الطريق المستقيم ويفرق بفرقان القرآن بين الحق والباطل، وصدق الله العظيم حيث يقول: الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [إبراهيم:1] .
لقد فتحت دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم الأعين العمي والآذان الصم والقلوب الغلف، فارتقت بعقول الناس وأخلاقهم من الحضيض السافل إلى القمة السامقة، فتوحدوا بعد الشتات والتمزق والتفرق، وتحولوا من رعاة المواشي إلى قادة البشرية وسادتها ومعلميها.
فكان الأثر الواضح والبون الشاسع على أهل الجزيرة قبل ظهور الدعوة الإسلامية وبعدها، وصدق أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه حيث صور ذلك في عبارة وجيزة بليغة فقال: كنا أذل أمة فأعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله.
وننصح الأخ السائل بقراءة كتاب: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(13/712)
من قضايا المراهقين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا في المرحلة الثانوية (السنة الأولى) ودائما أحس أني أفعل أشياء لا أريد فعلها وعندما أحاول التحرر لا أستطيع أن أفعل الشيء وفي الوقت نفسه في داخلي أحاول التحرر ولكن لا أستطيع حتى أني أصبحت أخاف من نفسي ولا أريد القول لأحد ولكن ساعدوني؟؟
هل يمكنني معرفة من الذي يجاوبني على سؤالي؟..
ولكم مني جزيل الشكر..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأغلب الظن أن ما تعانيه هو من آثار المراهقة، وفي هذه المرحلة الحرجة من عمر الإنسان فإن المراهق يريد أن يكون ذا شخصية استقلالية، وأن تكون قراراته نابعة منه، وليس لأحد أن يملي عليه شيئاً حتى ولو كانا والديه اللذين أمره الله ببرهما، واللذين هما أحرص الناس على مصلحة ولدهما، ولكن المراهق في هذه السن يغفل عن ذلك، وكثيراً ما يعرض عن توجيهات والديه، ويفعل ما يراه هو ولو تيقن من داخله أن ما يفعله خطأ، ولكنها النفس وما تهوى، وقد قال تعالى (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) (يوسف:53) ، وهذا ما يحدث لك فإن نفسك تقودك إلى فعل ما لا تريده، وما تعلم أنه خطأ وربما يكون محرماً.
ونصيحتنا لك ألا تستجيب لداعي الهوى الذي يهتف بك من داخل نفسك، وأن تحرص دائماً على فعل كل ما هو حق وصواب، وأن تتحرى دائماً الحلال، وأن تبحث عن كل ما فيه رضا الله سبحانه وتعالى، وألا تغفل نصائح الآخرين، وإن خالفت رأيك لا سيما إن صدرت تلك النصائح من أقرب الناس إليك كوالديك وأقربائك أو أصدقائك الصالحين ممن خبروا الحياة وعرفوا دوربها، وعليك أن تصارح والديك أو من تثق به بما تشعر به، ولا تتفرد بنفسك، وتستسر بجراحك وآلامك لأن ذلك له انعكاسات سلبية على النفس.
ولمزيد فائدة نوصيك بمراجعة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 16541 16878 8663 2668
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1423(13/713)
تستطيع أن تفعل الكثير
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري 15 سنه وأشعر بأنني فاشل لأنني قليل التفوق فماذا عساي أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك التوفيق والحرص على ما يفيد، ثم نقول لك: لست بفاشل إن شاء الله تعالى، فأنت ما زلت في أول مراحل الشباب، والخير كله في الشباب، فبادر باغتنام وقتك وشبابك، واحرص على ما يفيدك، وابدأ بتعلم العلم النافع في الدنيا والآخرة، وزاحم العلماء وطلبة العلم، فإن مجالسة العلماء والصالحين تعلي الهمم، وتشد العزائم نحو الأعلى والأصلح.
وإياك ثم إياك وقرناء السوء الذين يثبطونك ويضيعون وقتك، ونرجو الله تعالى أن يعينك، وأن يحقق آمالك، وفي الأخير لا يسعنا إلا أن نشكرك على هذا الشعور النبيل، والمتمثل في كون الشباب المسلم ينبغي له أن يسعى في الحصول على المقومات النافعة التي تميزه عن السفلة وضعاف الهمم الذين يرضون أن يعيشوا عيشة البهائم التي لا هم لها إلا ما تجعل في بطونها، أو يشبع غرائزها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1423(13/714)
الانحراف ... أسبابه ومظاهره وعلاجه
[السُّؤَالُ]
ـ[الانحراف ومشكلاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الانحراف له أسباب وله مظاهر فمن أسبابه ما يلي:
1- الفقر الذي يخيم على بعض البيوت.
2- التفكك الأسري وما ينشأ عن ذلك من كثرة النزاعات والطلاق..إلخ.
3- الخلطة الفاسدة ورفقاء السوء.
4- سوء معاملة الأبوين.
5- مشاهدة أفلام الجريمة والجنس ومسلسلات الحب في الفيديو والتلفزيون والسينما.
6- شيوع البطالة في المجتمع.
7- غلاء المهور.
8- الصحف والمجلات اليومية والأسبوعية والتي تشتمل على صور النساء وعروض الأزياء.
أما مظاهر الانحراف فكثيرة ومنها ما يلي:
1- الفشل في الدراسة.
2- السرقات والاختلاسات.
3- الإعراض عن الدين.
4- النفور من الصالحين، ومصاحبة الطالحين من رفقاء السوء.
5- تعاطي المخدرات.
6- شرب الخمر.
7- تعاطي الزنا.
8- تعاطي الأفكار المنحرفة.
ومما لا شك فيه أن من يتولى كبر إشاعة الانحراف في أوساط الشباب المسلم هم: اليهود والمنظمات المنضوية تحت راياتهم ماسونية وشيوعية، أو الملاقية لهم في الهدف كالمنظمات الصليبية، فالجميع جندوا طاقاتهم للنيل من شبابنا من خلال البث المباشر والإنترنت وغيرهما من القنوات التي ابتدعوها لنشر سمومهم، وما من شك أن علاج الانحراف بكافة صوره يكمن في شيء واحد، يكمن في التمسك بالإسلام ذلك الدين القويم الذي جاء ليربي أفراده تربية كاملة جسداً وعقلاً وأخلاقاً وسلوكاً، فإنما ينشأ الانحراف دائماً من البعد عن الإسلام وعن التربية الإسلامية، فإذا أهملت تربية الأولاد كان ذلك سبباً رئيساً في انحرافهم وما أحسن ما قال الإمام ابن القيم رحمه الله: فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى، فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم لفرائض الدين وسننه فأضاعوهم صغاراً، فلم ينتفعوا هم بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كباراً.
والله المسؤول أن يصلح شباب المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1423(13/715)
تعليم المراهق أحكام البلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي ولد كيف أشرح له عن البلوغ وعن سن المراهقة. علما بأنه يبلغ من العمر 15 سنه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أن تشرح لابنك - بارك الله لك فيه- علامات البلوغ، وأحكام الطهارة، وغير ذلك مما يحتاجه، من أمور دينه، شرحاً مبسطاً وافياً، مع التزام الحياء، والحشمة الشرعيين،
وعليك أن تدرسه كتاباً مختصراً في الفقه إن كنت تستطيع ذلك بنفسك، وإلا فاذهب به إلى من يدرسه ذلك ممن تثق به من أهل العلم.
وعوده على أن يسألك عن كل أمر أشكل عليه في ذلك وأن الحياء في مثل ذلك مذموم وليس من الحياء المحمود شرعاً.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/716)
الجواب الكافي على أسئلة تتعلق بأمور تحدث في كثير من الأعراس
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت مؤخرا وعندي بعض الإستفسارات التي تخص صحة عقد النكاح، أهل الزوجة أصروا أن يحضروا فرقة أناشيد إلى جلسة عقد النكاح، وهذه الفرقة تزعم أنها تضرب الدف وتتحرى أن لا يكون في الأناشيد مخالفات شرعية, فحاولت إلغاء حضور هذه الفرقة لما قرأت عن بعض أهل العلم في عدم جواز ضرب الدف للرجال إضافة إلى المخالفات المرتكبة في كلمات الأناشيد، لم أفلح في إلغاء حضور هذه الفرقة فأتت وقدموا ما عندهم.
سؤالي الآن يتلخص في هذه النقاط:
أولا: عند رفضي لهذه الفرقة قلت لخطيبتي إمّا أنا أو الفرقة وأظنني قد أقسمت على عدم حضورها لكنها حضرت وتم العقد.
ثانيا: عند مراجعتي لكلمات بعض الأناشيد مع خطيبتي وجدنا نشيدا فيه نداء للنبي صلى الله عليه وسلم بحيث يكرر في النشيد يا نبي يا نبي وبعد قراءة هذا النشيد نادتني خطيبتي مخطئة بيا نبيّ فلمّا فطنت بخطئها أعادت اللفظة ضاحكة من خطئها فاستعذت بالله من ذلك فاستغفرت هي الله سبحانه فما حكم ذلك بالنسبة لها؟
ثالثا: ذكرت أن الفرقة قد قدمت وقدّمت عرضها بما فيه من مخالفات إلا أني أوقفتها في أحد أناشيدها لما لاحظت ما في ذلك من الشرك.
رابعا: في صيغة عقد النكاح قال الولي: بسم الله وعلى بركة الله وعلى سنة رسول الله: زوجتك إبنتي فلانة ثم استفتحت أنا بمثل ما استفتح به, فهل في تخصيص الإيجاب والقبول بهذه الصيغة بدعة؟
خامسا: نسيت أن أنبه عدل الإشهاد الذي يدون العقد من عدم ختم كلمته بالفاتحة فختم بها الجلسة وأعلم أنه كان عليّ إيقافه حين ذاك لكنني لم أفعل.
سادسا: كان المهر مصوغا ومن بينه خاتم وقمت بإلباسها ذلك المصوغ بعد العقد فهل في ذلك تشبه؟ وهل التشبه يصل إلى حد الكفر؟ حيث إنه من تشبه بقوم فهو منهم.
سابعا: اتفقت مع الولي قبل جلسة العقد على المهر ثم لم نسمه في الإيجاب والقبول فهل في ذلك إشكال؟
ثامنا: تحدثني نفسي بأن الفتاة التي تزوجتها تكون زوجتي فعلا بعد زوال هذه التساؤلات التي ذكرتها فما حكم ذلك؟ وأخيراً أود أن أعرف هل يؤثر شيء ممّا ذكرت على صحة عقد الزواج، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على غيرتك على دينك ومنعك أو محاولتك المنع لما شاهدته وسمعته من مظاهر الشرك, ونسأل الله أن يثبتنا وإياك ...
وقولك لخطيبتك قبل العقد "إمّا أنا أو الفرقة" فهذا لا يترتب عليه حكم شرعي لأنها بالخطوبة لا تصير زوجة لك وإنما بالعقد, ولكن إن كنت قد أقسمت بالله على ذلك فعليك كفارة يمين حيث إنك قد حنثت في يمينك.
والدف يكره للرجال استعماله عند بعض أهل العلم، وقال بحرمته آخرون لعموم الأدلة الدالة على تحريم اتخاذ آلة اللهو واستعمالها.
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في المغني: وأمَّا الضرب به –أي بالدُّف – للرجال فمكروهٌ على كلِّ حال, إنما يضرب به النساء والْمُخنَّثون والْمُتشبِّهون بهنَّ, ففي ضرب الرجال به تشبُّهٌ بالنساء, وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلَّم الْمُتشبِّهين من الرجال بالنساء.
أما بالنسبة للنساء فالضرب بالدُّف مُباحٌ لهن في النكاح باتفاق الفقهاء, جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء: يجوز ضرب الدُّف لإعلان النكاح بين النساء خاصة.
واختلف الفقهاء في إباحة الدُّف للنساء في غير النكاح على أقوال لكن رأي جمهور العلماء من الحنفية, والمالكية, والشافعية, والحنابلة جواز ضرب الدُّف للنساء في كلِّ حادث سرور كالختان, وعند قدوم الغائب, والعيد ونحو ذلك، وذلك لحديث الجاريتين وغنائهما في بيت النبي صلى الله عليه وسلم ومعهما الدف, كما في مسلم وغيره.
وأما ما كان من زوجتك في قولها لك على سبيل الخطأ يا نبي, فالخطأ معفو عنه لا يؤاخذ به صاحبه, لكنها –عفا الله عنها– أخطأت في إعادة هذا النداء؛ فمناداة أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم بالنبوة منكر عظيم ولو على سبيل الدعابة والمزاح, فعلى زوجتك أن تستغفر الله من ذلك وتتوب ولا تعود لمثله.
وأما قول الولي في عقد النكاح: "بسم الله وعلى بركة الله وعلى سنة رسول الله" فهذا خلاف السنة لأن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في عقد الزواج هي خطبة الحاجة، وكذلك ختم الجلسة بالفاتحة خلاف السنة؛لأن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ختم المجلس هي قوله الشريف: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك. رواه أبو داود , وقال الألباني: حسن صحيح.
وما كان منك من إلباسك المصوغات لزوجتك بعد عقد الزواج فهذا لا حرج فيه إن شاء الله ولا يعد من التشبه المنهي عنه؛ لأنه ليس من خصوصيات الكفار, وحيث إنك قد اتفقت مع ولي الزوجة على المهر قبل العقد فلا حرج من عدم التسمية في الإيجاب والقبول؛ وذلك لأن المهر ليس شرطا في عقد الزواج، ولا ركنا عند جمهور الفقهاء، وإنما هو أثر من آثاره المترتبة عليه، فحتى لو تم العقد بدون ذكر مهر صح باتفاق الجمهور ولها مهر المثل, وكل ما ذكرته من أمور لا يؤثر في صحة عقد النكاح فالعقد صحيح وقد صارت المرأة زوجا لك بمجرد العقد ...
وللفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 43309، 14616، 14411، 80278.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1429(13/717)
الأفضل للمرأة ألا تحجم عن الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم المرأة التي تحجم عن الزواج وهي لا تخشى على نفسها من الوقوع في الزنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على من لم يرغب في النكاح ذكراً كان أو أنثى في تركه مع القدرة عليه، وإن كان الأفضل له النكاح، لما في ذلك من تكثير النسل المسلم الذي يعمر الأرض بعبادة الله وطاعته، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 20304.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1424(13/718)
حكم من أقسم لامرأة ألا يتزوج غيرها ثم أراد أن يعود
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في الـ16 من عمري كانت لي علاقة بفتاة من جيلي (كان فيها الكثير من المعاصي) فوجدت نفسي أني قد أقسمت لها بالقرآن أن لا أتزوج غيرها وبعد فترة، تبت إلى الله توبة نصوحاً وانا لا أجد في تلك الفتاة المرأة المثالية من الجهة الإسلامية، فهل أنا مقيّد بأن أتزوجها أم أن الله غفر لي سرعان ما تبت إليه؟ الموضوع جدًّا محيّرني وأرجو الاجابة بأسرع وقت ممكن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه الفتاة قد تابت إلى الله تعالى توبة نصوحاً فلا مانع من الزواج منها، وخاصة إذا كنت قد أعطيتها لفظك بذلك، وحلفت لها عليه، فهذا من باب الوفاء بالعهد، وعدم نقض الأيمان بعد التوكيد.
وهو مأمور به شرعاً، ومحمود طبعاً، وإخلاف العهد منهي عنه شرعاً، وهو من صفات المنافقين، لكن الشرع لا يلزمك بالزواج منها، وخاصة إذا كنت تشك فيها، وإذا لم تتزوجها، فإن عليك كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإذا لم تجد فعليك صيام ثلاثة أيام.
أما إذا كانت لم تتب توبة صادقة، فلا ينبغي لك أن تتزوج بها، ولتعلم أن التوبة الصادقة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وعليه، فلا مانع شرعاً من زواجك بها إذا تبتما إلى الله تعالى، بل هو الأفضل إن شاء الله وفاءاً بالعهد وبراً للقسم، لكنه غير لازم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1424(13/719)
الأولى استطابة نفس الأم حتى ترضى بزوج ابنتها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله
أنا شاب أرغب في الزواج من فتاة من العائلة ولكن والدتها رفضت الزواج بسبب أنها تريد أن تزوجها غصباً من شخص غيري مع العلم أنها ترغب في الزواج مني والحمد الله فهي فتاة مستقيمة فهل يمكن أن أتزوج منها بطريقة شرعية أي عن طريق القانون وعلى سنة الله ورسوله؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت كفئاً لهذه البنت ورضيت بك فلا يحل لوليها أن يعضلها عن الزواج بك، ولمعرفة الكفاءة انظر الفتوى رقم: 988.
وليس لموافقة أمها أثر في صحة عقد النكاح، ولكن الأولى استطابة نفسها حتى ترضى، فإذا أصرت الأم على منعها من الزواج منك وأطاعها الولي في ذلك، فللبنت أن ترفع الأمر إلى المحكمة الشرعية ليزوجها القاضي، ويقوم القاضي مقام الولي في ذلك، لأن الولي سقطعت ولايته بعضله.
علماً بأن النكاح لا يصح إلا بولي، لقوله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل ثلاثاً، ولها مهرها بما أصاب منها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له" رواه أحمد.
ولمزيد من الفائدة يراجع الجواب رقم: 20489.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(13/720)
لعل الله أن يجعل في زواجه منها خيرا
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أب كبير في العمر 72 عامًا ويريد الزواج بعد ما ماتت زوجته - وهو مطلق والدتي منذ أكثر من 30 عامًا - من امرأة صغيرة ومطلقة من زوجين وسيرتها ليست طيبة والوالد ليس لديه من يعوله سوانا وهو مصر على الزواج منها ويطالبني أن أعطيه مهرها فإن أنا لم أعطه هل عليَّ شيء؟ أرجو الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص الفقهاء على أن الوالدين إن كانا فقيرين غير قادرين على الكسب أن نفقتهما تجب على ولدهما، وبما أن والد السائل محتاج فنفقته واجبة عليه، لا سيما وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نصَّ على أن للأب حقًّا في مال الولد.
روى أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي اجتاح مالي، فقال: أنت ومالك لأبيك. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من أموالهم.
قال الكاساني في بدائع الصنائع: وقوله عز وجل: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان:15] وهذا في الوالدين الكافرين، فالمسلمان أولى، والإنفاق عليهما عند الحاجة من أعرف المعروف. انتهى.
ولا شك أن الزواج حاجة، فعلى السائل أن يبر أباه بتيسير هذا الأمر له، وأما كون المرأة صغيرة أو مطلقة فليس هنالك في الشرع ما يمنع زواجه منها ما لم تكن معروفة بالفاحشة، وما ذكر في السؤال من كونها ليست حسنة السمعة، فلعل الله أن يجعل صلاحها وعفتها بزواجها من هذا الرجل.
ولمزيد من الفائدة نحيل السائل على الفتوى رقم:
1569، والفتوى رقم: 1249.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(13/721)
حكم الزواج من امرأة كان على علاقة بها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما هو حكم من كان يأتي لفتاة وكان يلمسها بعض الشيء وهي ليست محرماً له وقد تاب من ذلك كله وقد تزوجت من غيره ثم طلقها وهي مازلت تحبني هل ممكن أن أتزوجها أم لا وأنا مازلت أحبها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك أن تتزوج بها بعد انتهاء عدتها إن صلح حالكما وتبتما إلى الله عز وجل، وانظر الفتوى رقم: 11947، والفتوى رقم: 21908.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(13/722)
النية الصحيحة عند الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي النية السليمة في الزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
النية السليمة والمقصد الحسن في الزواج هو أن يقصد به التعفف عن الحرام وابتغاء ما كتب الله من الولد وغيره، وتكثير سواد الأمة ببناء بيت صالح وتنشئة جيل مسلم واتباع سنة الأنبياء والاستمتاع بما أحل الله تعالى، وأن يعف مسلمة ويكفيها ويستر عليها ونحو ذلك من المقاصد الحسنة النبيلة.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26587، 35573، 57340، 8003، 38431.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1429(13/723)
حكم إشراك الزوجة في الملكية عند عقد النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في تونس عند عقد القران إمكانية إشراك الزوجة في الملكية وهذا بموافقة الطرفين. المشكلة أن هذا النوع من العقد المدني بدأ ينتشر وأصبح دليل محبة للزوجة المقبلة ودليل حسن نية. سؤالي: هل هناك علة شرعية في هذا النوع من العقود وهل من الواجب الاعتراض عليه ولو أدى الأمر إلى إبطال الزواج؟
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلم يتضح لنا السؤال كما ينبغي حتى يتسنى لنا الجواب بإجابة وافية، ولكن نقول إن كان المقصود بالسؤال أن الرجل عند عقد النكاح يجعل زوجته شريكة له في كل ما هو في ملكه عند عقد النكاح فلهذا الاحتمال صورتان:
الصورة الأولى: أن يكون تمليكه لها نصف ما يملك هو مهرها وكان ذلك معلوما فإنها تستحقه بالدخول أو بموت الزوج قبل الدخول، وتستحق نصفه إن طلقها قبل الدخول.
الصورة الثانية: أن يكون هبة منه لها بدون مقابل فإنها تملك ذلك بقبضه؛ لأن الهبة لا تملك إلا بالقبض، والقبض في كل شيء بحسبه، فإن كانت لم تقبض شيئا فإنها لا تستحق بمجرد كتابة الهبة شيئا، وإن كان المقصود غير ما ذكرنا فعلى السائل أن يوضح الأمر بجميع ملابساته ليتسنى لنا الجواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1427(13/724)
المبالغة في المهور وإرهاق الزوج بالمطالب القاسية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم الإجابة على أسئلتي جزاكم الله خيرا ...
لقد تم عقد قراني والحمد لله قبل ثلاث سنوات على شاب طيب وخلوق وكان الشرط الوحيد بين أبي وزوجي أن نكمل نحن الاثنان دراستنا الجامعية ولم يحدد معه أية مهر أو مؤخر صداق قام زوجي بتحضير الشقة بجميع لوازمها والحمد لله، كان والدي يؤجل كل مرة الحديث عن عرسنا رغم تضرري أنا وزوجي نفسيا ومعنويا ولكننا واصلنا كفاحنا وصبرنا فأنهى زوجي دراسته وأنا سأنهيها بعد أشهر قليلة بإذن الله وهذا كله بفضل ربنا علينا ولأننا دائما نقول يا رضا الله ويا رضا الوالدين. جاء زوجي أول أمس لتحديد موعد الزفاف فاتفقا على اليوم وأن والدي بارك الله في عمره سيساعدنا في تكاليف العرس لأن والدي يعلم بظروف زوجي ولكن في المقابل على زوجي دفع أربعة أوخمسة آلاف يورو ذهب كما قال والدي حرفيا من أجل التباهي أمام الناس بالذهب بالإضافة لتكاليف العرس الباهظة والمشكلة الأكبر التي أغضبت زوجي بشدة هي أن والدي طلب منه على حسب العرف الجاري في بلاد الشام التوقيع على مؤخر صداق بقيمة خمسة وعشرين ألف يورو في حالة وقوع طلاق لاسمح الله، زوجي أصابته الصدمة لعدم وجود هذاالعرف في بلاد المغرب وظنا منه أن والدي يريد أن يضمنه من خلال ذلك مع أن الضامن هو الله
أسئلتي هي:
1- ما حكم الدين في تصرف والدي مع أن أبي متدين جدا وقال إنه لن يتراجع؟
2- هل المهر المقدم والمؤخر بهذه القيمة موجود في الإسلام؟
3- ماذا أفعل أنا إذا رفض زوجي التوقيع وأصبح ذلك سببا للنزاع والطلاق بينهما؟
4- ماذا يمكننا أن نفعل اتجاه هذا الظلم مع حرصناالشديد على برهما؟
5- بيني وبين الله رضيت بألفين وخمس مائة مهرا, هل يجوز لي شرعا أن أعطي ألف وخمس مائة من مالي لزوجي مع رضا أمي بذلك من غير علم أبي لكي يقدم مهري لأبي تفاديا للمشاكل؟
6- ماذا أفعل إذا رفض زوجي المؤخرالكبير وطلب والدي لا سمح الله منه تطليقي بعد كل هذا الصبر والسنين؟ من أختار؟
7- منذ ذلك اليوم وزوجي يكلمني بجفاء وأخذ يشك بحبي الكبير له ولا يريد أن يقتنع أن هذه عادات شكلية وتجري عند أغلب الفلسطينين وليست معه هو بالتحديد من أجل الضمان، وأنا لا أستطيع إغضاب والداي أرجوكم وجهوا لزوجي وأبي كلمة بأسرع وقت، وانصحوني كيف أتصرف معهما؟
والحمد لله رب العالمين.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي المبالغة في المهور، وليس هذا الفعل من التدين، بل هو مخالف للهدي النبوي، ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة. رواه أحمد، وننصح بمطالعة الفتوى رقم: 61385.
والمهر حق للمرأة فلها التنازل عما تشاء للزوج، ونرى أن توسطي بعض أقاربك لتوضيح الأمر لوالدك، وننصح بإعطائه الفتوى السابقة، فإن أصر الوالد على موقفه وأمكنك مساعدة زوجك بمال دون علم والدك فذلك أمر حسن تؤجرين عليه، وليس من حق والدك أن يفوت عليك زوجك بمطالبه القاسية، ومن حقك أن ترفعي أمرك للقضاء في حال إصراره على موقفه، أو أن تعدي زوجك بالتنازل عن جميع المؤخر أو بعضه بعد الزفاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1427(13/725)
الأمور المستحدثة في ليلة الزفاف
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أرجو دعمي بالحجة والدليل الواضحين فيما يتعلق بالأمور التي استحدثها الناس في ليلة الزفاف أعني: المسكة (الباقة التي تمسكها العروسة) وتجهيز الكوشة بطريقة مميزة على الرغم من وجودها بشكل جيد في القاعة والزفات المتنوعة (كزفة الشاي والعصير وغير ذلك) ورش الورد على العروسة حين زفافها، علما بأني لا أشجع كل هذه الأمور التي سمعت أنها من البدع أو من عادات الكفرة، ولكني أريد أن أوضح لزوجي وأهله ذلك لأني أريد أن أبني حياتي على الطاعه لله من أول لحظة، أفيدونا مأجورين بإذن الله تعالى؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الأمور ليس عليها دليل ولم تكن معروفة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهي على الإباحة والجواز، ما لم يكن فيها مخالفة للشرع، ولا تفويت لمصلحة ولا جلب لمفسدة.
وأما كون فيها تشبه بالكفار، فإن التشبه بالكفار الذي ورد النهي عنه هو التشبه بهم في ما اختصوا به، وأما ما كان مشتركاً بينهم وبين غيرهم، وصار من العادات الغالبة في بلاد المسلمين فليس من التشبه المنهي عنه، ما لم يمنع منه مانع آخر، غير أن هذه الأمور لا تخلو غالباً من مفاسد مع ما فيها من إسراف وتبذير، وتعقيد لأمر الزواج الذي ينبغي تيسيره وتسهيله على الشباب حتى لا يعزفوا عنه لعدم القدرة على مثل هذه الأمور المكلفة، وتراجع الفتوى رقم: 51127.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1426(13/726)
قطع العروسين كعكة العرس هل هو من التشبه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة الكرام: أنا وخطيبتي ملتزمان بديننا والحمد لله، وراغبان تحري الحلال في ما يتعلق بحفلة زفافنا، الآن قمنا بحجز قاعة إفراح، وإدارة هذه القاعة تضع رسوم القاعة لتشمل تقديم الضيافة للمدعوين وتتمثل في كعكة (جاتوه) يقوم العريسان بقطعها بالسيف، الآن خطيبتي تقول إن هذه العادة عادة غربية، وتخشى أن تقع في باب تقليد من هم ليسوا على ديننا، أرجو إفادتنا؟ أعزكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ضابط التشبه بالكفار، والذي قد ورد النهي عنه هو أن يكون التشبه بهم في ماً قد اختصوا به، وأما ما كان مشتركاً بينهم وبين غيرهم، وصار من العادات الغالبة في بلاد المسلمين فلا حرج في فعله إن شاء الله تعالى ما لم يمنع لأمر آخر، وتراجع الفتوى رقم: 19106.
وبقي ههنا أمر وهو عدم الإسراف في مثل هذه الأمور، أو تكلف المرء ما لا يستطيعه، نسأل الله تعالى أن يجزيكما خيراً على حرصكما على معرفة أحكام الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1425(13/727)
يريد الزواج لكنه لا يطيق تكاليف العرس
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً: شكر الله لكم حرصكم على منفعة الأمة لما فيه مصلحتها دنيا ودين وبعد: فمشكلتي: أنني خطبت قبل 10 أشهر وقد حسبت تكاليف العرس الذي أريد إقامته في الشتاء، لكن تبين لي أنني إن أقدمت على هذا الزواج سأحمل نفسي ما لا أطيق، مع العلم أن المرأة التي اخترتها ذات دين وجمال، لكن أباها لا يمكنه تزويجها إلا بمهر كبير، وأريد الآن الزواج ولا حيلة لي.
أرجو من الله ثم منكم أن تدلوني على المخرج من هذا المأزق، والله أسأل أن يعينكم لما يحب ويرضى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا ندعو الله عز وجل أن ييسر لأخينا السائل أموره، ويعينه على الزواج، ويكفيه بالحلال عن الحرام.
وإنا لننصحك أن تكثر من الدعاء والتضرع إلى الله جل وعلا أن ييسر لك الأمور ويقضي لك الحاجات, ثم ننصحك ـ بعد ذلك ـ بالصبر والاستعفاف حتى تتمكن من جمع تكاليف هذا الزواج، ولا مانع من أن تنصح لوالد هذه المرأة وتبين له أن المغالاة في المهور أمر مكروه شرعا، لما يترتب عليه من المفاسد، وقد ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 3074 , فإن لم يستجب لك فعليك بالصبر حتى يفتح الله لك أبواب رزقه، فإن ضاق عليك الأمر وخشيت على نفسك الوقوع في الحرام، فلا حرج عليك حينئذ أن تفسخ خطوبتك لها, وتبحث عن غيرها ممن يسهل الزواج بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(13/728)
عقد نكاحه ثم جدد العقد مرة ثانية على أن العصمة بيد الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مغترب عن بلدي، نزلت منذ فترة إلى بلدي، وعقدت قراني على فتاة، ولكن بعد عقد القران وترديد الألفاظ الواجبة مثل زوجتك ابنتي وأنا قبلت بعد الانتهاء طلب والد الفتاة بإعادة عقد القران؛ لأنه لم يورد فيه أن العصمة بيد البنت لأني مسافر، فوافقت ووافق الشيخ، وقمنا بإعادة العبارات مرة أخرى السؤال هو أي العقدين الصحيح الأول أم الثاني، مع العلم أني لم أقم بتطليقها بعد عقد العقد الأول؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان العقد الأول مكتمل الأركان بحيث حضره ولي المرأة مع شاهدي عدل ومهر وصيغة دالة على العقد، فإن النكاح يكون قد انعقد وترتبت آثاره، ولا عبرة بإعادته بعد ذلك، قال علي الحيدري في درر الحكام شرح مجلة الأحكام على الفقه الحنفي: القاعدة الأصلية أن العقد إذا جدد وأعيد فالثاني باطل. فالبيع بعد البيع والصلح بعد الصلح والنكاح بعد النكاح والحوالة بعد الحوالة كل ذلك باطل. انتهى.
لكن العقد الثاني قد اشتمل على شرط كون العصمة بيد الزوجة، وإذا كنت قد وافقت عليه فإنك بذلك تكون قد جعلت أمرها بيدها على وجه الإطلاق، ويكون بيدها أبداً إن شاءت طلقت نفسها، وهذا قول بعض أهل العلم ورجحه ابن قدامة في المغني.
وقال بعض أهل العلم تملك عصمتها في ذلك المجلس فقط، ولا طلاق لها بعد ذلك، قال ابن قدامة في المغني: ومتى جعل أمر امرأته بيدها، فهو بيدها أبداً، لا يتقيد ذلك بالمجلس.. روي ذلك عن علي رضي الله عنه، وبه قال الحكم وأبو ثور وابن المنذر، وقال مالك والشافعي وأصحاب الرأي: هو مقصور على المجلس، ولا طلاق لها بعد مفارقته لأنه تخيير لها، فكان مقصوراً على المجلس كقوله: اختاري. ولنا قول علي رضي الله عنه في رجل جعل أمر امرأته بيدها، قال: هو لها حتى تنكل، ولا نعرف له في الصحابة مخالفاً فيكون إجماعاً ولأنه نوع توكيل في الطلاق، فكان على التراخي، كما لو جعله لأجنبي. وراجع المزيد من الفائدة الفتوى رقم: 9050.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/729)
زوجها أبوها بابن عمها وهما صغيران فهل النكاح صحيح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عندي 23 سنة، أوضح لي أبي مرة في الماضي أنه اتفق مع عمي علي تزويجي لابنه وأنا وابن عمي كنا صغارا، وكانت صيغة الاتفاق بالضبط (قال عمي لأبي زوجت أحمد -وهو ابنه- إلى أمل فقال أبي وأنا قبلت) ، ولم يذكر لي أبي إذا كان هناك أشخاص موجودين أم لا، ولم يتم فتح الموضوع من بعدها مطلقا حتى الآن حتى أن عمي مات ولم يتم فتح هذا الموضوع، فهل أنا هكذا في حكم الزواج أم أستطيع اختيار من أريد، وهل إذا تم فتح هذا الموضوع مستقبلا هل يوجد علي حكم طاعة الزوج أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الصيغة التي دارت بين أبيك وعمك ينعقد بها النكاح عند جمهور أهل العلم لوجود الإيجاب والقبول فيها، قال في رد المحتار حنفي: (وينعقد) متلبساً (بإيجاب) من أحدهما (وقبول) من الآخر. اهـ
وقال في شرح الهداية: وركنه الإيجاب والقبول كما في سائر العقود، والإيجاب هو المتلفظ به أولاً من أي جانب كان والقبول جوابه. اهـ.
وقال النووي الشافعي: ويصح تقدم لفظ الزوج على الولي. المنهاج للنووي.
وقال ابن قدامة: إذا تقدم القبول على الإيجاب لم يصح رواية واحدة، وسواء كان اللفظ الماضي مثل أن يقول تزوجت ابنتك فيقول زوجتك أو بلفظ الطلب كقوله زوجني ابنتك فيقول زوجتكما، وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي يصح فيهما جميعاً لأنه قد وجد الإيجاب والقبول فيصح كما لو تقدم الإيجاب. المغني.
لكن الجمهور يشترطون لصحة النكاح الإشهاد على العقد، فإذا كان أبوك لم يُشهد على هذا العقد فهو غير صحيح عند الجمهور، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 50058، أما إذا كان قد أشهد على العقد فأنت زوجة لابن عمك، إلا أن بعض العلماء ذهب إلى أن الصغيرة إذا زوجت ثم بلغت قبل أن يدخل بها الزوج فإنها تخير ولها فسخ النكاح، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 50900 وما دام الأمر هكذا، فالذي ننصحكم به هو الرجوع للمحكمة الشرعية للفصل في الأمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1430(13/730)
حكم ترك الإنجاب من الكتابية خوفا على دين الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أبلغ من العمر 33عاما، والحمد لله الذي هدانا وما كنا لنهتدي، كان لقاء بفتاة إسبانية في أواخر عام 2001هو بداية علاقة غير شرعية، حيث كانت تتردد على زيارتي عند كل 4 أشهر لمدة أسبوع، حتى تزوجت بها في أواخر عام 2003.
إني أعترف أني استعملت جميع الحيل (لا حيلة مع الله) حتى تغرم بي ثم لتصحبني معها إلى إسبانية، ثم حصولي على الإقامة والجنسية، ثم الطلاق منها، فوطئت الديار الإسبانية في 2004 وحصلت على الإقامة ثم الجنسية الإسبانية، في الحقيقة إنها زوجة مثالية، ولا زالت حتى اليوم 2009، إني حاولت ولازالت أحاول معها للدخول إلى الإسلام، لكن أجد نفسي عاجزا عن ذلك الأمر، وعزوفي عن أن أصبح أبا لتخوفي من المستقبل فالعديد لديهم أبناء لا يصومون ولا يصلون، والخوف من أن تطلب الطلاق بعد أن تصبح أم أبناء، فهي تعتقد أن الأبناء هم من يعتنقون الدين المناسب لهم. ويأكلون ما يريدون، إني أتخبط يوميا في عذاب ضمير لخداع هذه الزوجة، لأن نيتي لم تكن صادقة، ولكن كانت من أجل أوراق الإقامة، والهروب من المشاكل العائلية والحياة كما يحلو لي، لكن كنت خاطئا، فبنيت أوهامي على فتاة بريئة، إن عائلتها يعاملونني كما لو كنت ابنا أو فردا من الأسرة، أقول وأدعو الله لو دخلت زوجتي إلى الإسلام لكنت سعيدا، واعترفت لها بخطيئتي تجاهها، وخلفت منها إن شاء الله أبناء صالحين. فهي ترفض حديثي عن دخولها إلى الإسلام، أو الحديث عن الإسلام، ترفض التخلي عن شرب السجائر وأكل الخنزير وشرب الخمر مرتين في السنة، ومع كل هذا فهي تحترم الإسلام والطقوس والعادات الإسلامية؛ أعياد رمضان، صلاتي، أكل الحلال واللحوم المذبوحة بطريقة إسلامية - جد الاحترام، درست اللغة العربية لمدة 3 سنوات، إنها تحب كل ما يأتي من العالم العربي، خصوصا المغرب، تحب أسرتي جدا وهم أيضا. ماذا أفعل أطلقها أم لا؟ علما أني كما أتيت لا زلت فقيرا لم أكسب من ورائها سوى أن أصبحت إسبانيا مجنسا. أريد حلا لأني قد تعبت من إخفاء الحقيقة، وأريد أن يغفر لي الله خطيئتي، وأطلب صفح هده السيدة، ربما تسامحني.
شكرا لكم، وزاد الله من علمكم لما هو خير لصالح الأمة الإسلامية.
هل أطلق أو ماذا أفعل أو أنجب منها أبناء أو ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أعظم البلاء الذي حل بكثير من شباب المسلمين تهافتهم على التجنس بجنسية بلاد الكفر، وقد سبق أن بينا أن هذا لا يجوز إلا لضرورة، فراجع الفتوى رقم: 51281.
وانظر كيف جرك سعيك في هذا السبيل إلى إقامة علاقة غير شرعية مع هذه الفتاة، فالواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى.
واعلم أن الزواج له شروط إن توفرت فيه كان زواجا صحيحا، فراجع هذه الشروط بالفتوى رقم: 1766، والكتابية في ذلك كالمسلمة، وانظر الفتوى رقم: 51167.
فإذا كان هذا الزواج توفرت فيه شروط الزواج الشرعي المذكورة في الفتوى المحال عليها فهو صحيح، وأما إذا اختل فيه شرط من هذه الشروط فيكون باطلا، وعليك أن تفارق هذه المرأة، ولا تفكر في الزواج منها، فإن الزواج من الكتابية فيه كثير من المخاطر، وقد نبهنا على بعضها بالفتوى رقم: 5315.
وأما إن توفرت في هذا الزواج تلك الشروط فهو زواج صحيح، والطلاق مباح فلك إمساكها، ولك طلاقها، فالزواج بنية الطلاق لا حرج فيه، سواء كانت المرأة مسلمة أم كتابية، فلا تعتبر ظالما لها حين تزوجتها بهذه النية، فلا تخبرها بما كنت تنوي حين تزوجتها، وما دمت تخشى على أولادك إن أنجبت منها أولادا، فالأولى أن تطلقها، وإن أمسكتها ولم تطلقها فالأفضل أن لا تنجب منها.
فقد ذكر الفقهاء في الأعذار التي تسوغ عدم الإنجاب الخوف على دين الأولاد، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: والعذر في العزل يتحقق في الأمور التالية:
1 - إذا كانت الموطوءة في دار الحرب وتخشى على الولد الكفر.
2 - إذا كانت أمة ويخشى الرق على ولده.
3 - إذا كانت المرأة يمرضها الحمل أو يزيد في مرضها.
4 - إذا خشي على الرضيع من الضعف.
5 - إذا فسد الزمان وخشي فساد ذريته. اهـ.
وأما بخصوص منع الزوج زوجته الكتابية من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير فراجع الفتوى رقم: 65920.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(13/731)
هل يتزوج من ابنة عمه مع زعم أمه أنها أرضعتها كثيرا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أريد الزواج من بنت عمتي، لكن أمي تقول إنها أرضعتها، وعندما سألت عمتي قالت إن أمي أرضعت ابنتها مرة أو مرتين فقط، ولكن أمي قالت لي لا لقد أرضعتها مرات كثيرة، مع العلم بأن أمي طلقت إثر خلاف مع والدي وهي تكره كل عائلة أبي وأنا لا أشك في كلام عمتي، لأنها ملتزمة جداً ـ وللأسف ـ أمي كثيرة الكذب فماذا أفعل؟ ومن أصدق؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عن السؤال نريد أن نلفت انتباهك إلى أن وصف الأم بأنها كثيرة الكذب ينافي الاحترام الواجب في حق الوالدين، فإذا كانت أمك غير ملتزمة فعليك بنصحها برفق وأن لا تتحدث عنها على نحو ما ذكرته في السؤال، وبخصوص جواب ما سألت عنه: فجمهور أهل العلم على أن الرضاع لا يثبت بشهادة امرأة واحدة، وعند الحنابلة يثبت بقولها إذا كانت ثقة، قال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أن شهادة المرأة الواحدة مقبولة في الرضاع، إذا كانت مرضية. انتهى.
وبناء على ذلك، فإذا كانت والدتك كثيرة الكذب فلا يثبت بها الرضاع حتى عند الحنابلة القائلين بصحة شهادة المرأة الواحدة في الرضاع، وبالتالي فلك الزواج من ابنة عمتك، إذا لم يكن ثمت شهود على الرضاع المذكور غير أمك وعمتك ولم يوجد سبب آخر للمحرمية، وينبغي التلطف بأمك ومحاولة إقناعها بأمر زواجك ممن لا ترغب فيه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 28816.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(13/732)
حكم رفض المرأة الزواج لترعى أمها المريضة المسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[1- أنا فتاة في21 وفي عمر الزواج، ولكنني أرفض كل من يتقدم لي للزواج وذلك بحجة الدراسة، ولكن في الحقيقة من أجل أمي، لأنها كبيرة في السن ومريضة ولا يوجد من يرعاها سواي، فهل هذا من البر؟ أم آثم عليه؟ وهل الإثم عظيم؟.
2- قبلت ـ ولله الحمد ـ في الجامعة، ولكن المسافة بعيدة جدا وصوت الأذان لا يسمع والطريق إلى هناك يستغرق ساعة وربعا، أو ساعة ونصف الساعة، وفي بعض الأحيان وفي العودة ساعة ونصف ثابتة، فهل آثم على تأخير الصلاة؟.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان في رفضك للزواج تعريض لنفسك للوقوع في الحرام فرفضك للزواج حرام، قال البهوتي الحنبلي: وَيَجِبُ النِّكَاحُ بِنَذْرٍ وَعَلَى مَنْ يَخَافُ بِتَرْكِهِ زِنًا وَقَدَرَ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ وَلَوْ كَانَ خَوْفُهُ ذَلِكَ ظَنًّا، مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إعْفَافُ نَفْسِهِ وَصَرْفِهَا عَنْ الْحَرَامِ، وَطَرِيقُهُ النِّكَاحِ. شرح منتهى الإرادات. 2ـ622.
وقال المرداوي عند الكلام على أقسام النكاح: حيث قلنا بالوجوب، فإن المرأة كالرجل في ذلك. الإنصاف. 8 ـ12.
وأمّا إذا كنت تأمنين على نفسك من الفتنة فلا حرج عليك في تأجيل الزواج، وإن كان الأولى تعجيله، ولا سيما أنّ تكرار رفضك للخطّاب قد يتسبب في إضاعة فرص زواجك تماماً، وقد سبق أن بينّا في الفتوى رقم: 58153، أنّ إكمال الدراسة ليس مسوّغاً لتأخير الزواج.
وأمّا برّك بأمّك وحرصك على رعايتها فلا شكّ أنّه من أعظم الواجبات وأفضل القربات، لكن يمكنك الزواج مع تحقيق هذا المقصود، إما بإخبار من يريد الزواج بك بحقيقة الحال، وإن لم يمكن فلا حرج في أن تتزوجي مع استئجار من تقوم بخدمة أمك لاسيما مع رضاها بذلك ورغبتها في زواجك، مع مداومتك لبرّها ورعايتها بما يتيسر لك، أما إن لم يتيسر شيء من ذلك، فإنه يتعين عليك القيام بخدمة أمك ولك في هذا الأجر العظيم وسيعوضك الله خيرا مما تركت.
أمّا عن سؤالك عن تأخير الصلاة، فإن كان ذلك التأخير حتى خروج وقت الصلاة، فذلك لا يجوز، وليس في ذهابك للجامعة عذر لذلك، وكونك لا تسمعين الأذان ليس بعذر، لأنّه يمكنك معرفة أوقات الصلاة بالآلات الحديثة التي يعرف بها الوقت كالساعة، ويمكنك الصلاة في الجامعة أو غيرها من الأماكن التي تدركك الصلاة فيها، وانظري الفتوى رقم: 13041.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1430(13/733)
الزواج استكمال لنصف الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل هل الزواج هو تكملة نصف الدين؟ وهل الذي لا يستطيع الزواج بسبب قلة المال لديه وعدم وجود عمل ثابت هل يعذر بذلك السبب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن تزوج فقد استكمل نصف دينه، ومعناه أن ذلك سبب لعفافه وبُعده عن ارتكاب الفاحشة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين فليتق الله فيما بقي. صححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة
وقال القرطبي في تفسيره: وقال: من تزوج فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في النصف الثاني. ومعنى ذلك أن النكاح يعف عن الزنى، والعفاف أحد الخصلتين اللتين ضمن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما الجنة فقال: من وقاه الله شر اثنتين ولج الجنة ما بين لحييه وما بين رجليه. خرجه مالك في الموطأ وغيره. انتهى.
ومن لا يستطيع الزواج لعجزه عن لوازمه وما يترتب عليه من نفقة ومؤنة فهو معذور، وعليه أن يحمل نفسه على العفة والصبر وليكثر من الصيام دفعا للشهوة، وتفاديا للوقوع في الإثم وامتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه.
وليجتهد في الكسب الحلال مع الدعاء والتضرع إلى الله تعالى لييسر له كل الأمور الأخروية والدنيوية.
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 109084.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1430(13/734)
حكم الزواج من أوروبية رجاء إسلامها وهدايتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج وتعرفت على فتاة أوروبية وأقنعتها بالإسلام فقالت لي إن تزوجتني سأدخل في الإسلام وأضع الحجاب وأصلي، ف هل أذهب إليها وأتزوجها شرعا بدون وثائق وبدون علم زوجتي؟ لأنني لا أريد تطليق زوجتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أنّ التعارف بين الشباب والفتيات أمرغير جائزـ ولو كان بغرض الزواج ـ لما يجر إليه من الفتن وما يترتب عليه من المفاسد، وانظر الفتوى رقم: 1769.
أمّا عن زواجك بتلك المرأة، فإن أسلمت أوكانت كتابية عفيفة وكنت تقدرعلى مؤنة الزواج مع مراعاة العدل بين زوجتيك فذلك جائز، بل إنّك إذا رجوت بزواجك بها إسلامها فذلك مستحب، قال الشربيني: وقد يقال باستحباب نكاحهاـ الكتابية ـ إذا رجي إسلامها. مغني المحتاج. 3 ـ187.
ولا يشترط لزواجك بها علم زوجتك، كما لا يشترط توثيق الزواج ـ وإن كان ذلك مطلوبا لحفظ الحقوق ـ لكن يشترط في حال زواجك بها وهي كتابية أن يكون الزواج عن طريق وليّها وهو أبوها ثمّ جدّها ثمّ أخوها ثمّ عمّها، وانظر الفتوى رقم: 6564.
وأمّا إذا كان الزواج بعد إسلامها فالذي يتولى العقد هو القاضي المسلم، إن لم يكن لها ولي قريب مسلم، فإن الكافر لا ولاية له على المسلمة، وانظر الفتوى رقم: 56534.
وعلى كل حال، فما دام لدى هذه الفتاة استعداد للدخول في الإسلام فينبغي الاجتهاد في دعوتها وتعريفها بالإسلام عن طريق بعض المسلمات، ففي ذلك أجرعظيم، فعن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1430(13/735)
حكم امتناع العقيم عن الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل امتناع العقيم ورفضه الزواج وبقاؤه عازبا إلى أن يموت فيه إثم؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الرجل المذكورعقيما لا يرجو نسلا ولا يخشى على نفسه الزنا فالنكاح فى حقه غير واجب، وبالتالي فلا يأثم إذا عاش أعزب ولم يتزوج طول حياته، قال ابن قدامة فى المغني: وأجمع المسلمون على أن النكاح مشروع، واختلف أصحابنا في وجوبه، فالمشهور في المذهب أنه ليس بواجب إلا أن يخاف أحد على نفسه الوقوع في محظور بتركه, فيلزمه إعفاف نفسه، وهذا قول عامة الفقهاء. انتهى.
وإن رغب فى النكاح بحيث خشي الزنا إن لم يتزوج وجب عليه، قال المرداوي فى الإنصاف: من خاف العنت فالنكاح في حق هذا واجب قولا واحدا إلا أن ابن عقيل ذكر رواية: أنه غير واجب. انتهى.
جاء في حاشية العدوي على شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: فالراغب إن خشي العنت وجب عليه, ولو مع إنفاق عليها من حرام، أومع وجود مقتضى التحريم غير ذلك. انتهى.
وفى حال وجوب النكاح عليه، فإنه يأثم بتركه على كل حال، ولا يجب عليه إخبارالمرأة بأنه عقيم لكونه ليس من العيوب التى يثبت بها الخيار، وإن كان الأولى أن يخبرها به لأنها غالبا ستكون راغبة في الولد، ففى الموسوعة الفقهية: اتفق جمهورالفقهاء على أن العقم ليس عيبا يثبت به خيار طلب فسخ عقد النكاح إذا وجده أحد الزوجين في الآخر, قال ابن قدامة: لا نعلم في هذا بين أهل العلم خلافا, إلا أن الحسن قال: إذا وجد أحد الزوجين الآخر عقيما يخير, وأحب أحمد تبيين أمره وقال: عسى امرأته تريد الولد, وهذا في ابتداء النكاح، فأما الفسخ فلا يثبت به ولو ثبت به لثبت بالآيسة، ولأن العقم لا يعلم, فإن رجالا لا يولد لأحدهم وهو شاب ثم يولد له وهو شيخ, ولكن يستحب لمن فيه العقم أن يعلم الآخر قبل العقد, ولا يجب عليه ذلك. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1430(13/736)
الزواج تسري عليه الأحكام الخمسة على حسب حالة الشخص
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة لا تريد الزواج لعدة ظروف، ولكن بها شهوة -الله يعزكم- جداً قوية، ولكنها تقول بأنها مبتلاة بها منذ صغرها، فقد كانت تفعل العادة السرية في سن 4 أو 5 سنين تقريبا، وفي هذا السن لا يوجد أي شهوة للطفل، فممكن أن يكون هذا ابتلاء كما يبتلى الإنسان منذ الصغر بعاهة أو فقر -عافانا الله تعالى وإياكم من كل سوء- وقد تركتها عندما علمت أن ما تفعله محرم، وذلك في المرحلة المتوسطة والثانوية تقريبا وهي الآن جامعية، وهي تحب أن تجاهد شهوتها ولا تريد الزواج. فهل ما هي فيه من صغرها -من عمل للعادة وربما إحساس بالشهوة- هو ابتلاء من الله تعالى؟ وهل عليها شيء في ردها للخطاب ومجاهدة نفسها ابتغاء للثواب والصبر على الابتلاء؟ وإذا عملت العادة قليلا ثم تابت هل يذهب صبرها كله؟ وإذا جاهدت هل تعتبر مجاهدة صابرة؟ وإذا أصيبت بمصيبة أخرى فهل هذا يكون ابتلاء أم عقابا بسبب عمل العادة ولو قليلا؟ وجزاكم الله خيراً. ونعتذر للإطالة، ولكننا مضطرين لاتصال الأمور ببعضها وللحاجة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الزواج مندوب إليه في الشرع ومرغب فيه، فلا ينبغي لهذه الفتاة ترك الزواج لغير مسوغ، ولا سيما وقد ذكرت أن لها شهوة قوية، فلا شك أن أحسن سبيل وأقوم طريق لتحصين الفرج وطمأنينة النفس هو الزواج، وإذا كان في تركها الزواج تعريض لنفسها للوقوع في الحرام فرفضها للزواج حرام، وليس ذلك من المجاهدة المشروعة، وإنما هو من تعنيت النفس وتعريضها للفتن.
قال البهوتي الحنبلي: ويجب النكاح بنذر، وعلى من يخاف بتركه زنا وقدر على نكاح حرة ولو كان خوفه ذلك ظنا، من رجل وامرأة، لأنه يلزمه إعفاف نفسه وصرفها عن الحرام وطريقه النكاح. اهـ من شرح منتهى الإرادات.
وقال المرداوي في الإنصاف -عند الكلام على أقسام النكاح-: حيث قلنا بالوجوب فإن المرأة كالرجل في ذلك. اهـ
وقد سبق بيان تحريم العادة السرية وكيفية التخلص منها في الفتويين: 5524، 7170.
ولا شك أن كل ما يصيب العبد إنما هو بقدر الله، وقد تكون بعض المصائب عقوبة على المعاصي، لكن ننبه إلى أن الاحتجاج بالقدر على الوقوع في المعاصي مسلك خاطئ مخالف للشرع والعقل، وهو حيلة نفسية لتبرير الوقوع في المعاصي، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 107019.
واعلمي أن التوبة الصادقة تمحو ما قبلها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1430(13/737)
حكم زواج الرجل بعدة أخوات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الإسلام في رجل تزوج من أخوات؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الأمور المجمع على تحريمها في الإسلام الجمع بين أختين فأكثر من نسب أو رضاع، لقول الله تعالى: وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا {النساء:23} .
وسواء كان هذا الجمع في عقد واحد أو كان مترتباً، بحيث عقد على إحداهما بعد الأخرى، فإن جمع بينهما في عقد واحد فسخ نكاحهما معاً، وإن عقد على إحداهما بعد الأخرى فسد نكاح الثانية فقط ويترتب المهر للمدخول بها، وإليك بعض كلام أهل العلم في تفصيل أحكام هذه المسألة، قال الباجي المالكي في المنتقي: إذا ثبت ذلك فإن الجمع بينهما بالنكاح يكون على ضربين: أحدهما: أن يجمع بينهما في عقد واحد، والثاني: أن ينكح إحداهما بعد الأخرى، فإن جمع بينهما في عقد واحد فقد قال مالك في المدونة: إن كل امرأتين يجوز له أن ينكح إحداهما بعد الأخرى لا يجوز له أن يجمع بينهما، فإن جمع بينهما في عقد واحد فإنه يفسخ نكاحه لهما جميعاً وليس له أن يحبس واحدة منهما بنى بهما أو بواحدة منهما أو لم يبن، ووجه ذلك أنه قد منع أن يجمع بينهما في عقد النكاح، فإذا انعقد نكاحهما على الوجه الممنوع به فسخ نكاحه لهما قبل البناء وبعده، لأن الفساد في العقد.
فإن أفرد كل واحدة منهما بعقد ثبت نكاح الأولى وفسخ نكاح الثانية دخل بهما أو بإحداهما كانت الأولى أو الأخرى قاله مالك في المدونة، ووجه ذلك ما احتج به من أن عقد الأولى صحيح، لأنه عري عن الفساد بالجمع بينهما، ونكاح الأخرى فاسد لما تعلق به من الجمع بين الأختين فلما اختص الفساد بنكاح الثانية وجب أن يفرد بالفسخ. انتهى.
وفي أنسى المطالب ممزوجاً بروض الطالب لزكريا الأنصاري: وحيث حرم الجمع بين امرأتين، فإن نكحهما معاً بطلتا، أي المرأتان أي نكاحهما إذ ليس تخصيص إحداهما بالبطلان أولى من الأخرى، وإلا بأن نكحهما مرتباً بطلت الثانية، أي نكاحها، لأن الجمع بها حصل، نعم إن لم يعلم عين السابق بطلا، وإن علم ثم أشتبه وجب التوقف كما في إنكاح الوليين من اثنين، فإن وطئها أي الثانية جاهلاً بالحكم استحب أن لا يطأ الأولى حتى تنقضي عدة الموطوءة. انتهى.
وقال الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع: ولو تزوج الأختين معاً فسد نكاحهما، لأن نكاحهما حصل جمعاً بينهما في النكاح وليست إحداهما بفساد النكاح بأولى من الأخرى فيفرق بينه وبينهما، ثم إن كان قبل الدخول فلا مهر لهما ولا عدة عليهما، لأن النكاح الفاسد لا حكم له قبل الدخول، وإن كان قد دخل بهما فلكل واحدة منهما العقرـ مهر المثل ـ وعليهما العدة، لأن هذا حكم الدخول في النكاح الفاسد على ما نذكره -إن شاء الله تعالى- في موضعه، وإن تزوج إحداهما بعد الأخرى جاز نكاح الأولى، وفسد نكاح الثانية ولا يفسد نكاح الأولى لفساد نكاح الثانية، لأن الجمع حصل بنكاح الثانية فاقتصر الفساد عليه ويفرق بينه وبين الثانية، فإن كان لم يدخل بها فلا مهر ولا عدة، وإن كان دخل بها فلها المهر وعليها العدة لما بينا، ولا يجوز له أن يطأ الأولى ما لم تنقض عدة الثانية. انتهى.
هذا كله على تقدير أن المقصود هو تزوج إحدى الأخوات قبل بينونة الأخرى، وأما إذا كان المقصود السؤال عن حكم من تزوج امرأة كانت أختها زوجة له، ولكنه لم يتزوج الثانية إلا بعد تطليقه للأولى وانقضاء عدتها منه فإن ذلك لا حرج فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1430(13/738)
واجب من لا يستطيع الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب لا يستطيع الزواج. ما رأي الإسلام؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشاب الذي لا يستطيع الزواج لعجزه عن لوازمه وما يترتب عليه من نفقة ومؤنة عليه أن يحمل نفسه على العفة والصبر ويكثر من الصيام دفعاً للشهوة وتفادياً للوقوع في الحرام امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه.
وليجتهد في الكسب الحلال، مع الإكثار من دعاء الله تعالى والتضرع إلى الله لكي ييسر له ما يصبو إليه من خيري الدنيا والآخرة، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 93689.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1430(13/739)
حكم الزواج بمال مكتسب من الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في الولايات المتحدة الآمريكية في حانوت يبيع البيرة، أو ما يسمى: المشروب الروحي، وأنا مقبل على زواج، فما الحكم في ما يتعلق بدفع المهر وتأسيس منزل من إيرادات هذا الحانوت؟ وما صحة المقولة: العقد الفاسد في البلاد الفاسدة ليس حراما ـ وهل يعتبر الزواج صحيحا في هذه الحالة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت البيرة أو ما سميته المشروب الروحي لا يشتمل على كحول، فالاتجارفيه مباح ويجوزالانتفاع بثمنه وإن اشتمل على مسكر، فلا يجوز العمل فيه وثمنه كسب خبيث، وقد ثبت الوعيد الشديد في المتاجرة في الخمر والإعانة على شربها بأي وسيلة كانت.
فعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعنت الخمرعلى عشرة أوجه بعينها وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومبتاعها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها وشاربها وساقيها. رواه ابن ماجه وغيره وصححه الشيخ الألباني.
فالواجب التوبة من ذلك والابتعاد عنه، والمال الحاصل من الكسب الحرام لا يجوز لك الانتفاع به في بناء بيت أو نفقة أو نحوهما، بل يجب صرفه ـ بنية التخلص منه لابنية الصدقة به ـ فى بعض مصالح المسلمين العامة كبناء المساجد أو كفالة الأيتام ونحوها، لكن إن كنت فقيرا جاز الأخذ منه بقدر حاجتك ولو ببناء بيت أوالزواج عند الحاجة إليهما.
قال الإمام النووي فى المجموع متحدثا عمن لديه مال حرام يريد التخلص منه: وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيرا, لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم, بل هم أولى من يتصدق عليه, وله هو أن يأخذ منه قدر حاجته لأنه أيضا فقير. انتهي.
وقد أفتى بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية أيضا، كما تقدم في الفتوى رقم: 69047.
وسواء كنت ممن يباح لك الانتفاع بهذا المال أو لم تكن، فإنك إذا تزوجت فنكاحك صحيح إذا استوفى في شروط الصحة ولو دفعت المهر من كسبك المذكور، ولكنك في الحال التي لا يجوز لك الانتفاع به يجب أن تصرف مثله في مصالح المسلمين، والمقولة التي ذكرت لم نقف على ما يدل لصحتها، والعقد الذي ثبت الدليل الشرعي على بطلانه وفساده يعتبر فاسدا في كل زمان وفي كل مكان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(13/740)
طلق زوجته فتزوجت ثم طلقت ويريد إعادتها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت مسافرا، وزوجتي رآها أهلي وهي تخرج ليلا وتعود متأخرة فطلقتها، ثم تزوجت من رجل آخر، ولكنها عادت إلي رشدها وندمت وتنقبت وأقبلت علي قراءة القرآن، وطلقت من الرجل الآخر، مع العلم بأن معي 6 أولاد منها، فما موقف الدين والمجتمع إذا رددتها؟ فأرجوالإفادة، لأنني في حيرة من أمري من نظرة المجتمع ومن تنشئة الأولاد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان لك أن تسارع في تطليق زوجتك بمجرد إخبار أهلك لك بخروجها من البيت، بل كان عليك أن تتيقن من ذلك أولا، فربما كان ما بلغك من كلام غير صحيح، وربما كان صحيحا ولكن لها عذر حملها على الخروج لبعض الحاجات الضرورية التي لا غنى لها عنها، كل هذه احتمالات مطروحة، فلم المسارعة في ظن السوء دون حجة ولا بينة؟ وأما عن زواجك بهذه المرأة مرة أخرى فهذا لا حرج فيه، بل هو الخير -إن شاء الله - لما فيه من الجمع بينها وبين أولادها، خصوصاً مع ما ذكرت من تحسن أحوالها وإقبالها على ربها، حتى ولو افترضنا جدلاً أنه قد حدث منها سوء من قبل، فإنها قد تابت وندمت كما ذكرت، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
فاستخر الله سبحانه وأتمم زواجك منها ولا تلتفت لكلام الناس ولا نظراتهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(13/741)
الأفضل الزواج بأخرى أن كانت الزوجة الأولى عقيما
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا تأكد عقم الزوجة. هل يجوز للزوج أن لا يتزوج من باب الوفاء لزوجته أم إن هذا يعد مخالفة لسنة الله في التناسل؟ وكيف إذا كان العكس هو الصحيح أي أن الزوج هو العقيم. فهل لها أن تعيش معه من باب الوفاء أم تطلب الطلاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للرجل إذا تأكد من عقم زوجته أن يرضى بمقامه معها ويدع الزواج عليها، ويجوز له أيضا أن يتزوج عليها ابتغاء للنسل وطلبا للولد الصالح الذي يكون ذخرا له في حياته وبعد مماته، وهذا هو الأولى، لعموم الأدلة التي تحثّ على ذلك، كقوله عز وجل: وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ. {البقرة: 187} .
قال القرطبي: قال ابن عباس، ومجاهد، والحكم بن عيينة، وعكرمة، والحسن، والسدي، والربيع، والضحاك: معناه: وابتغوا الولد.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة. رواه سعيد بن منصور وصحّحه الألباني.
وهكذا الحال بالنسبة للمرأة إذا تحققت من عقم زوجها فيجوز لها أن ترضى بالبقاء معه وتصبر على قدر الله، ويجوز لها أن تطلب الطلاق منه لتضرّرها بعقمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1430(13/742)
منافع النكاح الكثيرة تطرد هواجس الخوف منه
[السُّؤَالُ]
ـ[أدعو دائما الله في كل صلاة أن لا أتزوج أبدا، وأعلم أنه غير محبذ هذه الدعوات، من قبل كنت أدعو بما فيه الخير يقدمه الله لي ولكن كل يوم تزداد ظروفي مشاكل جعلتني أخاف من الارتباط، خوفا من ازدياد الحياة مشاكل لما أراها ومن كثرة رؤيتي لإخوتي الصبيان كثرة مشاهدتهم لفيديوهات جنسية رأيتهم يشاهدونها خلسة مما جعلني أكره الزواج أكثر ربما خوفا أن يكون الزواج من الرجال منتهاه فقط هذه المتعة، وأنه ستمر الأيام وتبدأ المشاكل كما أرى عادة، وأنه لا يوجد ما يسمى الحب كما أسمع، ولكني أعلم كثيرا في أن هذا التفكير والدعوات غير محبذ، وأن عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم. ولكني لا أعلم مجرد التفكير أني لا أدعو هذه الدعوات قلبي يخشى أن يأتي يوم وأتزوج وهذا أصبح أكثر شيء أخشاه.
لا أعلم، أردت أن أكتب هذا الموقف لأني قسما بربي لا أريد شيئا سوى رضاه، ودائما أخاف على حديثي وكلماتي لمجرد أن تكون في غضبه، أنا لا أعترض على قضائه ولكني حتى أصبحت أشعر بالخوف أن أقول ما فيه الخير ربنا يقدمه خوفا من أن يكون المقدر لي فعلا أني أرتبط، لا أعلم كيف أطرد هذا الخوف من قلبي وكيف اأعد عن معصيته بهذه الدعوات وهذا التفكير؟
أرجو منكم الرد الذي ينفعني ويطرد هذه المخاوف من قلبي؟ وهل فعلا حرام أن أدعو هذا الدعاء يا رب لا أحد يتقدم لي ولا أتزوج أبدا أم ماذا؟
اشكركم وعذرا كثيرا على الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في الزواج الندب وهو من سنن النبيين والمرسلين، قال تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً. {الرعد: 38} . وفي الحديث المتفق عليه: لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس منى. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج.
جاء في فتح الباري: قال عياض: هو مندوب في حق كل من يرجى منه النسل ولو لم يكن له في الوطء شهوة لقوله صلى الله عليه وسلم: فإني مكاثر بكم الأمم، ولظواهر الحض على النكاح والأمر به. انتهى.
وقد يعتري الشخص من غلبة الشهوة وخوف الفتنة ما يجعل الزواج واجبا عليه. قال ابن قدامة في المغني: والناس في النكاح على ثلاثة أضرب: منهم من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء لأنه يلزمه إعفاف نفسه وصونها عن الحارم وطريقه النكاح. انتهى.
ولا يخفى ما في الزواج من تحصين الفرج وغض البصر وراحة النفس، ثم من أعظم ثمراته الولد الصالح الذي يكون ذخرا للمرء في حياته فيقوم عليه إذا كبر ويتعهده إذا مرض، وهو أيضا ذخر له بعد مماته، فأمر اجتمعت فيه هذه المصالح جميعا كيف يزهد فيه الإنسان ويرغب عنه فضلا عن أن يدعو بصرفه عنه.
وما تخافين منه من مشكلات الزواج وخصوماته فهذا غير مسوغ لتركه جملة واحدة لأنه ما من شيء في هذه الحياة الدنيا يأخذه الإنسان صافيا خالصا بل لا بد فيه من تنغيص، فلو ترك كل شيء لأجل هذا لما سلم للإنسان أمر واحد ولأعرض عن الحياة كلها ولفسدت عليه أحواله ومصالحه.
فالواجب على المسلم أن يستعين بالله سبحانه وأن يحسن الظن به، وأن يطلب منه العون والسداد على مصاعب الحياة ومشقاتها.
ثم ننبهك إلى أن ما يفعله إخوتك من مشاهدة هذه الأفلام الخليعة حرام، ولا يجوز لك أن تسترقي النظر خلسة إلى هذه الفواحش بل الواجب عليك أن تنهيهم عن ذلك، فإن لم تستطيعي فابلغي بذلك من يملك كفهم عن هذا الغي من والد أو أخ أكبر ونحوهما إن لم تخشي أن يترتب على الإبلاغ منكر أكبر من منكر النظر، أو يقع عليك أنت ضرر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1430(13/743)
المحتاج للزواج يجب عليه القيام به بأقل التكاليف
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدوني: أنا أدرس، وخطيبي غير مؤهل ماديا لإتمام الزواج حاليا، ولكن تطور الأمر إلى أشياء لا تحل لنا. فهل كتب الكتاب هو الحل أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأولى في كل الأحوال هو المبادرة إلى الزواج لأنه أغض للبصر وأحصن للفرج. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. والدراسة ليست مانعا من إتمام الزواج بل إن الأقرب إلى مقصود الشارع تقديم الزواج على إكمال الدراسة، ويتأكد هذا في ظل هذه الأزمان التي تموج فيها الفتن كموج البحر، وقد بينا ذلك كله في الفتوى رقم: 18626.
وأما بالنسبة لأحوال زوجك المادية فإن كان قادرا على الزواج ولو بأقل التكاليف، فالواجب عليه أن يبادر إليه ما دامت قد ظهرت حاجته إليه بوقوعه في هذه المخالفات، أما إذا لم تكن له قدرة عليه فإن عليه أن يصبر وأن يكف شهوته ويلجمها بالصوم الذي أرشد إليه رسول الله الشباب في قوله: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء.
قال النووي: والمراد هنا أن الصوم يقطع الشهوة ويقطع شر المني كما يفعله الوجاء. انتهى.
وجاء في فتح الباري: لأن شهوة النكاح تابعة لشهوة الأكل تقوى بقوته وتضعف بضعفه. انتهى.
والواجب على كليكما أن يتقي الله سبحانه، ويقطع علاقته المحرمة بصاحبه، لأن الخطيبة أجنبية عن خاطبها وهو أجنبي عنها حتى يتم عقد الزواج الشرعي.
أما بخصوص ما كان بينكما، فإن كان الأمر قد وصل إلى الزنا والعياذ بالله، فهنا لا يجوز لكما إتمام عقد الزواج إلا بعد التوبة الكاملة من كليكما، ثم الاستبراء ويكفي فيه حيضة واحدة - على الراجح - كما بيناه في الفتوى رقم: 1677.
أما إذا كان الأمر لم يصل إلى حد الزنا فقد بينا ما يجب فعله في الفتوى رقم: 6796.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1430(13/744)
قد يكون الزواج حراما
[السُّؤَالُ]
ـ[في البداية سامحوني على السؤال ولكني أريد فتوى شرعية ولا أعلم من أسأل.
أنا شاب في عمر الزواج ومشكلتي أني لا أشتهي النساء، فأنا لا أريد الزواج، بداية هل عدم زواجي فيه حرمة؟ وثانيا بالنسبة لأمي، فهي تريدني أن أتزوج وأنا لا أستطيع إخبارها بمشكلتي لا هي ولا غيرها، لو بقيت تلح علي وأنا بقيت أرفض ستحزن وسيصبح بيننا مشكلة أنا لا أريدها. فهل هذا أيضا حرام؟ هل أستمر بالرفض ولا أهتم لشعور والدتي؟ أنا لا أريد هذا ولكني لا أعرف ماذا أفعل ولو تزوجت فهذا سيضر بزوجتي، أنا مشكلتي نفسية وأستطيع الذهاب إلى الطبيب النفسي للعلاج ولكن العلاج ليس مضمونا، كما أنني لا أستطيع الذهاب الآن لأني لا أستطيع تحمل تكاليف العلاج، بالله عليكم هل ما أفعله حرام؟ أمي حزينة الآن وأنا لا أريد لها ذلك وأخاف أن تكبر المشكلة، أنا أعيش في بلد آخر ولم أعد أطيق أن أكلم أهلي، وتمر فترات طويلة دون أن أكلمهم حتى يكلموني هم، لأنهم دائما ما يسألوني متى ستأتي لكي تتزوج، فأنا أصبحت لا أحب التحدث معهم بسبب هذا لأني لا أريد أن أصرخ بوجههم دون قصد، ولا أريد أن أقول لهم دائما لا، حتى لا يحزنوا، كيف علي التصرف من ناحية شرعية بحيث لا أقع في الحرام من ناحية الزواج ومن ناحية الأهل؟ مع العلم أني سأضر زوجتي لو تزوجت وسأغضب أهلي لو لم أفعل، أما أنا فأستطيع العيش طيلة عمري دون زواج.
وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنكاح تجري عليه الأحكام التكليفية الخمسة، فيكون واجبا أو مستحبا أو مباحا أو مكروها أو حراما، وذلك بحسب حال الشخص. والسائل الكريم ينبغي له أن يحرر حكم النكاح بالنسبة له، فإن كان حراما فليس له أن يطيع أمه ويتزوج، وإن كان مكروها فما فوق ذلك من الأحكام فتلزمه طاعة أمه عندئذ، وقد سبق أن بينا ضوابط طاعة الوالدين وحكم طاعتهما في المشتبهات، في الفتويين: 76303، 108354.
ويبقى أن نذكر متى يكون الزواج حراما؟ فإنه يحرم على من لا يخاف العنت -الوقوع في الزنا- وكان يضر بالمرأة لعدم قدرته على الوطء أو على النفقة. أو بعبارة أخرى: يحرم في حق من يخل بحق الزوجة في الوطء أو الإنفاق، مع عدم قدرته عليه وعدم توقان نفسه إليه، إلا إذا علمت الزوجة بذلك ورضيت به، كما سبق بيانه في الفتويين: 3011، 26587.
ومن نصوص المذاهب في ذلك، قول الحنفية: يكون النكاح حراما إن تيقن الجور.
وقول المالكية: يحرم عليه النكاح إذا لم يخش الزنا، وكان نكاحه يضر بالمرأة لعدم قدرته على الوطء أو لعدم النفقة، أو التكسب من حرام، أو تأخير الصلاة عن أوقاتها لاشتغاله بتحصيل نفقتها.
والخلاصة أن السائل الكريم لو كان عنده قدرة على الوطء والنفقة بحيث لا يضر بزوجته ضررا بالغا، فيلزمه الزواج طاعة لأمه من ناحية، وامتثالا لأمر الشرع من ناحية، وراجع الفتوى رقم: 16681.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1430(13/745)
لا حرج في طلب الولد من والده أن يزوجه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 18 عاما، وقد نصحني الكثيرون بالزواج، وقد اقتنعت بالأمر، لكن ليس لدي القدرة حاليا على الزواج، فهل أنتظر حتى أستطيع تزويج نفسي؟ أم أطلب من أبي أن يزوجني، مع العلم أنه لن يمانع ولديه القدرة على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشارع قد حض على البدار بالزواج، وحض المجتمع المسلم على تزويج عزابه، ففي حديث الصحيحين: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج.
وقال تعالى: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:32}
فإذا كنت تعلم من والدك القدرة على تزويجك والاستجابة لذلك إذا طلبته، فالأولى أن تطلبه ولا تؤخر الزواج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1430(13/746)
الزواج بدون رغبة الأم ليس من العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[خطبت فتاة منذ عام تقريبا، وأريد أن أعقد عليها لأعف نفسي، وأكون متقيا لله، لكن أمي ترفض هذا الأمر لأن في عرفنا ليس هناك من يتزوج دون توثيق، وأنا أريد أن أعقد عليها حتى تتحسن ظروفي المادية، لأنه ليست لي الإمكانيات الآن لتوفير مقتنيات الزواج، لا أريد أن أفعل شيئا وأمي ليست راضية علي،مع أن هذا الأمر ليست فيه معصية لله، بل أريد أن أعف نفسي وأعف خطيبتي. لذلك أرجو منكم نصيحتي في هذا الأمر وكيف أجعل أمي توافق وتكون راضية تمام الرضى علي؟
هل العقد الشرعي يخول لي الخلوة وتقبيل ولمس المعقود عليها، وهل لا يمكن لي الاستمتاع بها إلا بدفع المهر؟
هل يجوز لي مصافحة خطيبتي وأم خطيبتي؟
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشترط التوثيق في عقد الزواج، ولا يقدح عدمه في صحة العقد، بل إذا وقع العقد مستوفيا شروطه وأركانه المبينة في الفتوى رقم: 1766. فقد وقع صحيحا.
ويترتب عليه حل المرأة لزوجها، فله أن يخلو بها وأن يستمتع بها ما شاء في حدود ما شرع الله، إلا أنه لا ينبغي له مجامعتها قبل الزفاف مراعاة للأعراف والعادات، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 6263.
وأيضا فإن عقد الزواج يبيح للرجل أن يصافح أم زوجته لأنها قد صارت محرمة عليه على التأبيد بمجرد العقد على ابنتها.
ولا يتوقف جواز الاستمتاع بالزوجة على دفع المهر بل يجوز ذلك ولو لم يدفع المهر، غاية الأمر أنه يجوز لها الامتناع عنه حتى يدفع لها المهر المعجل، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 21814.
أما قبل العقد الشرعي فلا يجوز لك أن تصافح خطيبتك ولا أمها، ولا أن تتحدث مع واحدة منهما إلا في حدود الحاجة ومع التزام الضوابط الشرعية، وقد بينا طرفا من ذلك في الفتوى رقم: 1151.
أما بخصوص موقف أمك الرافض لذلك، فعليك أن تحاول إقناعها بكل لطف ولين، فإن أبت فعليك أن توسط بينك وبينها من يملك التأثير عليها من إخوتها أو بعض أرحامها، فإن أبت وخفت على نفسك الفتنة فلا حرج عليك في إتمام الزواج ولو لم توافقك عليه، ولا يعد هذا من عقوقها أو الإساءة إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1430(13/747)
تخاف إن تزوجت أن تشقى أمها لبقائها وحيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري 24 عاما ومخطوبة لشاب تقي، توفي والدي وأنا عمري 10 سنوات، وتركني أنا وأختي لأمنا التي اعتنت بنا، وأصبحنا شغلها الشاغل، وكل مرادها من الحياة. في الآونة الأخيرة وخاصة بعد الخطوبة وزواج أختي بدأت تراودني فكرة العدول عن الزيجة لأبقى مع أمى خوفا من أن تصبح وحيدة بعد زواجي، وبدأت أشعر بالقلق عليها منذ الآن خاصة، وأنها ضحت بكل شيء من أجل إسعادي أنا وأختي ومن أجل تجهيزنا وتعليمنا وراحة بالنا. لذلك فإني أسأل هل هو غير مستحب أن أتزوج وأترك أمي لحالها وحيدة خاصة أن زوج أختي ليس بالشخص الذي يهتم، وسيشجعها على عدم الاهتمام بأمي. كما أني أخشى مستقبلا من أن يصبح خطيبي مثله ويمنعني عن زيارة أمي أو مساعدتها في شئونها. لأن في فترة الخطوبة الخطيب يريد أن يريح ويستريح، فيسمع المرأة ما تريد، لكن بعد الزواج أخشى أن يتغير كل ذلك. أنا أحب أمى جدا، ولا أريد أن أراها منكسرة أو ضعيفة خاصة بعد تعلقها بي الذي زاد بعد زواج أختي. أفيدوني بالله عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج سنة من سنن النبيين والمرسلين، قال تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً {الرعد:38} ، وفي الحديث المتفق عليه: لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني.
والنكاح تعتريه جميع أحكام الشرع حسب الحالة التي يكون فيها الشخص، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 3011
وعليه، فإذا كنت تخشين على نفسك الوقوع فيما حرم الله إن لم تتزوجي فحينئذ يصبح الزواج فرضا متحتما عليك لا يسعك تركه. قال ابن قدامة في المغني: والناس في النكاح على ثلاثة أضرب؛ منهم من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح، فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء؛ لأنه يلزمه إعفاف نفسه، وصونها عن الحرام، وطريقه النكاح. انتهى.
وأما إن كنت لا تخشين من مثل هذا، ولكن تجدين من نفسك الشوق إلى النكاح فهو مستحب حينئذ. أما إن كنت في حالة مستقرة بحيث انتفت فيها الدواعي للنكاح أصلا، فهنا حصل خلاف بين العلماء في هذا، فمنهم من ذهب إلى استحبابه، ومنهم من ذهب إلى إباحته. والقول بالاستحباب هو الراجح. جاء في فتح الباري: قال عياض هو مندوب في حق كل من يرجى منه النسل ولو لم يكن له في الوطء شهوة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: فإني مكاثر بكم. ولظواهر الحض على النكاح والأمر به. انتهى.
فالذي ننصحك به هو المبادرة إلى الزواج، وإن لم يكن لديك الدواعي إليه نظرا لانتشار الفتن وعموم الفساد في هذا الزمان. ولست تدرين ما يعرض لك مستقبلا إن أنت عزفت عن الزواج وفاتك قطاره. فلربما انتقلت أمك إلى الدار الآخرة، ووجدت نفسك هكذا وحيدة فريدة لا أنيس ولا جليس، وهذا فيه من الضر والبلاء ما فيه.
وأما بخصوص ما تذكرين من حال أمك فإنه يمكنك أن تجمعي بين الحسنيين؛ فتبادري إلى الزواج مع مراعاة أمك والقيام ببرها ومصالحها قدر الوسع والطاقة، ومما يعينك على هذا أن تختاري زوجا صاحب خلق ودين، فهذا سيكون – بمشيئة الله – من أكبر العون لك على ما تريدين من البر بأمك والقيام بحقها.
وفي النهاية ننبهك على أنه لا يجوز للزوج أن يمنع زوجته من زيارة والديها ما لم يخش عليها ضررا من ذلك. وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 117262.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1430(13/748)
هل يوجد تلازم بين النكاح والغنى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 26 عاما، موظف بوضع جيد بحمد الله، ولكن تنقصني الزوجة الصالحة، وهنا مشكلتي: أهلي عليهم ديون مثقلة-أسأل الله السداد- وأنا ملتزم مع أهلي في تسديد هذه الديون، ولكن في نفس الوقت أخشى على نفسي من الانحراف وخصوصا لما تلبسه الفتاة هذه الأيام من ملابس ضيقة ومغرية كما يعلم الجميع. فما هو فقه الأولويات أسد الديون عن أهلي وأؤجل زواجي مع أني لم أعد قادرا على التحمل؟ فبماذا تنصحوني؟ واستفسار آخر: هل نصح الرسول صلى الله عليه وسلم شخصا يشكو الفقر بالزواج؟ وإن كان صحيحا هل يعتبر الدين فقرا وتنطبق حالته علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب عليك سداد دين أهلك سواء كان الدين على الوالدين أو كان على غيرهما، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 81076. ولكن يستحب لك ذلك.
وعلى ذلك، فإن الواجب عليك أن تبادر إلى الزواج فإنه فرض عليك ما دمت تخشى الوقوع في المحظور.
قال ابن قدامة: والناس في النكاح على ثلاثة أضرب: منهم من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح، فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء؛ لأنه يلزمه إعفاف نفسه، وصونها عن الحرام، وطريقه النكاح. انتهى.
ولا شك أن الفرض يجب تقديمه على غيره من الندب أو المستحب.
أما بخصوص الشق الثاني من السؤال, فلا علم لنا بحديث صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى, ولكن جاء في هذا حديث ضعيف رواه الحاكم والبزار موصولاً عن عائشة رضي الله عنها، ورواه أبو داود في مراسيله، وابن أبي شيبة مرسلاً عن عروة بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تزوجوا النساء فإنهن يأتين بالمال. وهو حديث ضعيف، نص على ذلك الألباني في ضعيف الجامع.
وجاءت آثار عن صحابة رسول الله في هذا المعنى منها: ما جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: التمسوا الغنى في النكاح.
وذكر ابن كثير في تفسيره: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ما وعدكم به من الغنى، قال تعالى: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله. انتهى.
وهناك آثار أخر سبق الحديث عنها في الفتويين رقم: 7863 , 120028.
أما بخصوص ما إذا كان الدين فقرا، فالجواب فيه تفصيل: فليس كل دين يصدق عليه أنه فقر, فمن كان غنيا موسرا وعليه دين يسير لا يعجزه سداده فليس بفقير, أما من كان عليه دين ولا يجد له سدادا، أو دين يذهب بجميع ماله أو لا يبقى له منه إلا القليل، فلا شك أنه فقير، ولذا جاز له أن يأخذ من الصدقات لسداد دينه.
جاء في الشرح الكبير لابن قدامة: والمدين محتاج إلى قضاء دينه كحاجة الفقير أو أشد. انتهى.
أما بخصوص حالتك هذه، فلا يعد الدين في حقك فقرا لأنك لست بمدين أصلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1430(13/749)
زنا بنصرانية ثم ندمت وأرادت أن تسلم فهل يتزوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سافرت إلى بلاد الغرب، وأعجبت بفتاة وزنيت بها، وأنا الآن نادم على ذلك وتائب، وهي نصرانية، والآن أنا أريد الزواج منها، وهي أيضا وهي تريد أن تدخل إلى الإسلام، وهي أيضا نادمة، والآن هي تريد أن تدخل الإسلام وأتزوجها؟ فهل أستطيع أن أتزوجها مع أنها تائبة أيضا وتريد دخول الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أنك قد وقعت في ذنب كبير، وهذا في الغالب هو ثمرة سكن بلاد الكفر، فالواجب أن تخلص في توبتك، وتقطع الصلة بتلك الفتاة قبل أن تحل لك. وفي خصوص ما سألت عنه فجوابه أن هذه الفتاة إن دخلت في الإسلام والتزمت العفاف والصيانة، وأقلعت عن هذه الفواحش، فيجوز لك الزواج منها، وكذا يجوز لك الزواج منها إذا تابت من الزنا، وأقلعت عنه، ولو لم تدخل في الإسلام. وقد بينا هذا كله في الفتويين رقم: 18155، 109801.
أما الزواج منها قبل دخولها في الإسلام وقبل توبتها من الزنا فلا يجوز، بل لا يجوز نكاح الزانية ولو كانت مسلمة إلا بعد التوبة كما بيناه في الفتوى رقم: 112777.
والأفضل أن تترك الزواج منها حال رفضها الدخول في الإسلام حتى ولو ظهر منها الإقلاع عن الزنا، فإن هؤلاء الكتابيات سريعات التقلب، فما ايسر أن تعود لفعل الفاحشة عند أدنى إغراء أو فتنة، وذلك لعدم وجود الوازع من دين أو خوف من الله سبحانه. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 5315.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1430(13/750)
هل الأولى تقديم الزواج أم عمرة التطوع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري23 ولست متزوجا، ولقد ذهبت إلى العمرة فى رمضان فى السنة السابقة بأموال أبي، ولقد أعجبت كثيرا بالطاعات والعبادات، ووجدت فى نفسي راحة وتقربا إلى الله، وأريد أن أذهب في رمضان هذه السنة إن شاء الله بأموالي الخاصة، ولكن هناك من قال لي بأن لا أذهب وأتزوج أفضل لي. فما هو رأيكم؟ علما أني لا أخاف على نفسي من الوقوع فى الزنا إن شاء الله ولدي شهوة لأن ذلك من الفطرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد أديت عمرة الإسلام، فالذي نرى لك أن تشتغل بتحصيل الزواج، فإنه أولى من نوافل العبادات في حق من يقدر عليه ولا يخشى العنت على الراجح من قولي العلماء، وذلك لما يشتملُ عليه النكاح من المصالح العظيمة، كإعفاف النفس وتحصين الفرج، وتكثير نسل المسلمين إلى غير ذلك من المقاصد، ثم إن في اشتغالك بالنكاح،والحالُ ما ذُكر خروجاً من خلاف من أوجبه من أهل العلم على من قدر عليه وإن لم يخش العنت، وإن كان الصحيح أنه متأكد الاستحباب في هذه الحال.
قال ابن قدامة في المغني: الثاني – أي من أقسام الناس في النكاح - من يستحب له: وهو من له شهوة يأمن معها الوقوع في المحظور، فهذا الاشتغال به أولى من التخلي لنوافل العبادة وهو قول أصحاب الرأي، وهو ظاهر قول الصحابة رضي الله عنهم وفعلهم، قال ابن مسعود: لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام وأعلم أني أموت في آخرها يوما ولي طول النكاح فيهن لتزوجت مخافة الفتنة، وقال ابن عباس لسعيد بن جبير: تزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء. وقال إبراهيم بن ميسرة: قال لي طاوس: لتنكحن أو لأقولن لك ما قال عمر لأبي الزوائد: ما يمنعك من النكاح إلا عجز أو فجور. قال أحمد في رواية المروذي: ليست العزبة من أمر الإسلام في شيء. وقال: من دعاك إلى غير التزويج فقد دعاك إلى غير الإسلام ولو تزوج بشر كان قد تم أمره انتهى.
وقال ابن الهمام في فتح القدير مُشيراً إلى بعض الحكم التي تقتضي تفضيل النكاح على التخلي لنوافل العبادات: وَمَنْ تَأَمَّلَ مَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ النِّكَاحُ مِنْ تَهْذِيبِ الْأَخْلَاقِ، وَتَوْسِعَةِ الْبَاطِنِ بِالتَّحَمُّلِ فِي مُعَاشَرَةِ أَبْنَاءِ النَّوْعِ، وَتَرْبِيَةِ الْوَلَدِ، وَالْقِيَامِ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِ الْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ بِهَا، وَالنَّفَقَةِ عَلَى الْأَقَارِبِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ، وَإِعْفَافِ الْحُرْمِ وَنَفْسِهِ، وَدَفْعِ الْفِتْنَةِ عَنْهُ وَعَنْهُنَّ، وَدَفْعِ التَّقْتِيرِ عَنْهُنَّ بِحَبْسِهِنَّ لِكِفَايَتِهِنَّ مَئُونَةِ سَبَبِ الْخُرُوجِ، ثُمَّ الِاشْتِغَالِ بِتَأْدِيبِ نَفْسِهِ وَتَأْهِيلِهِ لِلْعُبُودِيَّةِ وَلِتَكُونَ هِيَ أَيْضًا سَبَبًا لِتَأْهِيلِ غَيْرِهَا وَأَمْرِهَا بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْفَرَائِضَ كَثِيرَةٌ لَمْ يَكَدْ يَقِفْ عَنْ الْجَزْمِ بِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ التَّخَلِّي. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 58601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1430(13/751)
زواج الأخ من أرملة أخيه بقصد رعايتها هي وأطفالها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرملة أخي (32سنة) وأولاده (6 و 5 سنوات) بعد عام من وفاته يعيشون حياة مادية طيبة، حيث ترك لهم بيتا قرب بيت جدهم وهو حي يرزق وعمهم وأولاده. وأرملة أخي تتقاضى معاشا شهريا يكفيها لسد كل حاجاتها وحاجات أطفالها وزيادة. وتقضي يومين من كل أسبوع مع أهلها حيث يلتقي الأطفال بجدهم وجدتهم وأخوالهم. أخي الأعزب الذي يقطن في أميركا يريد الزواج منها قصد رعايتها وأطفالها. لكن أنا وبعض من إخوتي اعترضنا كون مدخوله المادي لا يسمح له بذلك ولا يوازي معاشهم الحالي الذي ستفقده عند زواجها من جهة إذا أخذهم إلى أميركا سيبعدهم عن كل أهلهم، وقد يفشل في حمايتهم من البيئة في أميركا. ومن جهة إذا ترك المهجر وأتى هنا ليتزوج منها فالمشكلة تبقى ذاتها فهو غير قادر على توفير ما يوازي معاشها ولن تحظى هي ولا أولادها بمستوى المعيشة المتوفرة لها الان. فهل يجوز لأخي المبادرة بهذا الزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لأخيكم هذا أن يتزوج من أرملة أخيكم، وليس لكم أن تعترضوا عليه في هذا؛ لأنكم لستم أولياء عليه، ولا على المرأة، فإن وافقت هي على الزواج منه فعلى وليها أن يزوجها منه إن كان كفؤا.
واعلم أيها السائل أن المال ليس هو معيار السعادة لا في حق الرجال ولا النساء، ووجود المرأة في بيت مستقر وتحت رعاية زوج يتقي الله، ويقوم بمصالحها الدينية والدنيوية خير لها من كنوز الأرض بالإضافة إلى أن زواجها من أخيكم هذا سيحقق لها مصلحةعظيمة بجانب مصلحة الزواج ألا وهي بقاء أولادها تحت حضانتها لما تقرر في الشرع أن المرأة إذا تزوجت بقريب للمحضون فلا يسقط حقها في الحضانة.
قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: مفهوم قوله مزوجة لأجنبي أنها لو كانت مزوجة لغير أجنبي أن لها الحضانة وهو صحيح وهو المذهب. انتهى
وهذا فيه ما فيه من المصلحة لها ولهؤلاء الأيتام، يبقى بعد ذلك النظر في سفره بهم لأمريكا، وهذا الأصل فيه المنع؛ لأن الإقامة بين ظهراني الكفار وتحت طائلة أحكامهم وقوانينهم يكتنفها جملة من الأخطار في دين المرء وخلقه. وقد بينا حكم ذلك وشروط جواز الإقامة في هذه البلاد في الفتاوى رقم: 114297، 7930، 2007.
فإن لم تكن هناك حاجة معتبرة شرعا من هذا السفر، وخاف على نفسه أو على زوجه وأولادها الفتنة، فإنه يحرم عليه السفر بهم، وليكن دوركم في هذا هو النصح له أن يتقي الله سبحانه، ولا يعرض نفسه وزوجه وأولاد أخيه للفتنة بالإقامة في بلاد الكفر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1430(13/752)
لا يجوز للأب منع بنته من الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي لا يريدني أن أتزوج الآن، يقول حتى أعمل لكونه يخاف كثيرا من أن نطلق أو يموت الزوج فيقول من سيعولكم، مع العلم أن الرزاق هو الله، فهل إن واجهته وقلت له لا، أريد أن أتزوج، مع العلم أن أمي مريضة فهل يعتبر هذا عقوقا؟ فأنا أعاني كثيرا من الفتنة لأن جامعتنا مختلطة وأنا ملتزمة والحمد لله فهذا يؤثر على استقامتي وعلى غض بصري؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لوالدك أن يمنعك من الزواج بل ولا أن يطلب منك تركه ما دمت في حاجة إليه، وما يعتذر به في ذلك من خوف الفقر والحاجة عند حصول الطلاق ونحوه لا يصلح عذرا، فإن الرزق بيد الله وحده وهو سبحانه الرزاق ذو القوة المتين.
فالواجب عليك ما دمت على ما ذكرت من حاجتك للزواج وخوف الفتنة أن تصارحي أباك بحاجتك إلى الزواج، ولا يعد هذا من العقوق في شيء بشرط أن يكون الكلام بأسلوب رفيق رقيق يراعى فيه حق الأب ومنزلته.
ومرض أمك – عجل الله عافيتها – لا يغير من الأمر شيئا، ولا يلزمك ترك الزواج والبقاء لرعايتها، بل يمكنك أن تجمعي بين الخيرين فتقدمي على الزواج ولا تقصري في حقوق أمك ورعايتها.
مع التنبيه على أن الدراسة في الأماكن المختلطة لها شروط وضوابط سبق بيانها في الفتويين رقم: 5310، 2523.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1430(13/753)
زواج المصاب بالوسوسة في العقيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كيف سأضمن أن علاقتي مع من سأتزوجها هي حلال مع العلم بأنني مريض بالوسواس القهري في الأشياء الكفرية، وأنا الآن لا أستطيع التمييز بين أنني قد كفرت أم لا، أصبح كل شيء عندي بمثابة كفر، وتأتيني أفكار كيف سأضمن أن زواجي حلال، وعلاقتي حلال، وأيضا عند مرض الشك في العقيدة، فهل أتزوج وأنا في هذا الحال، وهل زواجي صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك، ويرزقك زوجة صالحة، ثم اعلم أيها السائل الكريم أن مجرد الوسوسة لا يخرج من الملة ما لم يصدر من صاحبها أفعال أو أقوال كفرية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست أو حدثت به أنفسها، ما لم تعمل به أو تكلم. رواه البخاري ومسلم.
والمصاب بالوسواس القهري إذا وصل به المرض إلى حد لا يستطيع معه التحكم في تصرفاته، فلا يكفر بما قد يصدر عنه في هذه الحال، وعقد زواجه صحيح لا شيء فيه، فعليك أخي الكريم بالإقبال على الزواج مستعيناً بالله ومتوكلاً عليه، والإعراض عن هذه الوساوس الشيطانية واشغل نفسك عنها بذكر الله تعالى وتلاوة القرآن والاشتغال بما ينفعك في أمر دينك ودنياك، لئلا تفسح المجال للشيطان، والهج بالدعاء والذكر ليكشف الله عنك البلاء، كما يمكنك أن تراجع بعض الأطباء المختصين.. وللمزيد من الفائدة عن الوسواس القهري وعلاجه يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3086، 55678، 102447، 111084، 116946، 117004.. وراجع في مسألة زواج الموسوس الفتوى رقم: 117394، والفتوى رقم: 102760.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(13/754)
حكم زواج المجنون
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح زواج المجنون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنكاح المجنون صحيح بإذن وليه إن كان جنونه مطبقا بحيث لا يفيق، فلوليه جبره على النكاح بدون رضاه، بل قد يجب عليه ذلك إن احتاج المجنون للزواج. أما إن كان غير مطبق، فإن كان يفيق فلا بد من رضاه بالنكاح على القول الراجح، كما تقدم في الفتوى رقم: 36861.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1430(13/755)
حكم زواج المسلمة ممن أسلم بغرض الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم من أشهر إسلامه بغرض الزواج ولم يلاحظ عليه سمة إسلام، وما حكم من تزوجت به على العلم أنها مسلمة وما هي الديانة لأبنائهم؟؟؟
شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الرجل قد نطق بالشهادتين وعمل بمقتضاهما والتزم بأركان الإسلام ولم يتعاط ما يناقض إسلامه من الشرك والكفر فنكاحه صحيح.
وإن كان قد نطق بالشهادتين ولم يعمل بمقتضاهما من ترك ما كان عليه من أعمال الشرك والكفر ولم يلتزم بشعائر الإسلام الظاهرة من صلاة وصيام وغيرها بل كان إسلامه لغرض الزواج من تلك المسلمة ـ وهذا كثير في هذه الأزمنة ـ فإسلامه كالعدم ويعتبر باقيا على كفره، والواجب على تلك المرأة المسلمة الابتعاد عنه وقطع العلاقة به فورا فهو أجنبي منها.
ومن المجمع عليه حرمة زواج المسلمة من كافر، وما حصل من أولاد فهم لاحقون بهذا الزوج، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 113989، 15412، 17897.
والولد يحكم بإسلامه إذا كان أبواه مسلمين أو أحدهما، وعليه فالأولاد مسلمون لإسلام أمهم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 26645.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(13/756)
حكم تزويج الشخص المصاب بمرض في عقله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم زواج رجل غير قادر على إعالة أسرة بدنيا وعقلياً، علما بأنه ليس له من يعوله بعد وفاة أمه المسنة، ولا يرجى الخير في من هو في رعايتهم، وهدف الزواج أن نجد من يعوله بعد أمه، والحالة المادية له تسمح بالزواج، لأنه من أصحاب الأطيان، ولكن العجز فى الصحة والعقل، وما الحل إذا شفي من المرض الجسدي دون العقلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لوليه أو وصيه أن يزوجه إن كان محتاجاً إلى الزواج، حتى ولو لم يشف من أي مرض مما به، أو شفي من بعضها ولم يشف من البعض الآخر، إن كان في زواجه حاجة لإعفافه أو حفظه ورعايته، فإن كان مرضه العقلي مطبقاً بحيث لا يفيق منه فليزوجه وليه، وإن كان يفيق من مرضه العقلي في بعض الأوقات فلا يزوج إلا في حال إفاقته وإذنه، مع ضرورة إعلام الزوجة بذلك قبل العقد، وإلا فلها الحق في فسخ الزواج إن لم تعلم قبل العقد، أو علمت بعد العقد ولم توافق على ذلك. وللاستزادة حول هذا الحكم ومعرفة أقوال العلماء في جواز ذلك، فراجع فيه الفتوى رقم: 36861، ونسأل الله له المعافاة والشفاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(13/757)
حكم الزواج إذا قالت الكتابية إنها ليست نصرانية ولا مسلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل مسلم غير ملتزم تزوج من امرأة كافرة زواجا قانونيا وليش شرعيا في بلاد الكفر، ورزق منها ولدا وبنتا. وبعد 13 سنة التزم الرجل وبدأ بالصلاة والعقيدة السليمة، وعند محاولتي عقد النكاح له مع هذه المرأة على أساس أنها نصرانية قالت: أنا أؤمن بأن المسيح نبي والله واحد، وأن محمدا نبي، وأن القرآن كتاب الله. ولكني لست نصرانية ولا مسلمة. هكذا كان نص جوابها فتوقفوا عن عقد النكاح، هذا لأني لم أعرف كيف أقرأ حالة المرأة هل هي كتابية أم لا؟ واعتزلها الرجل منذ شهرين وإلى حد الآن. المشكلة أنه في حالة انفصال هذين الزوجين فإن الأولاد سيبقون مع أمهم وسيكونون كفارا على دين أمهم، وكذلك القانون يمنح حق البيت وجميع الأثاث للمرأة، فسوف يخرج الرجل صفر اليدين من المال والولد، والمرأة ستستفيد من المال والولد والبيت. بماذا تنصحوننا بارك الله فيكم؟ علما أن هذه الحالة مضى عليها شهران والرجل يسكن في غرفة أخرى في المنزل والولد عمره 5 سنوات، والبنت 13 سنة. هل يصح عقد النكاح وتعود العائلة لحالتها الطبيعية مع استمرار دعوة الرجل لزوجته للالتزام أم يجب عليه الانفصال وتحمل كل العواقب وأن الاولاد سينشأون على الكفر؟ أفيدونا أفادكم الله؟
وجزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يسمى بالزواج المدني إذا وقع مستوفيا شروط النكاح وأركانه الشرعية المبينة في الفتوى رقم: 1766، فهو صحيح ولا داعي لتجديده حينئذ، أما إذا اختل شيء من هذه الشروط فإنه باطل كما بيانه في الفتاوى التالية أرقامها: 47231، 28783، 14236.
ولا فرق في ذلك بين أن تكون المنكوحة مسلمة أو كتابية، فلا بد من توفر شروط النكاح الصحيح في كل منهما كما بينا في الفتويين: 591، 1766.
أما بخصوص ما قالته هذه المرأة عندما أراد هذا الرجل أن يعقد عليها عقدا شرعيا، فإن الذي نراه في هذه الحالة هو أن تعرف هذه المرأة حقيقة الإسلام وأن من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإنه بذلك يدخل الإسلام ويبقى عليه التزام أحكامه، فإن رفضت التزام أحكام الإسلام وأصرت على قولها فيستفسر منها عن ماذا أرادت بقولها إنها ليست مسيحية، فإن أقرت بخروجها عن دين النصارى فهي حينئذ كافرة غير كتابية فلا يجوز له الزواج منها ابتداء ولا دواما بل عليه مفارقتها فورا لقوله تعالى: وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ. {الممتحنة:10}
وقد بينا في الفتوى رقم: 2779. بطلان الزواج بالمرأة الكافرة غير الكتابية.
أما إن فسرت قولها بغير ذلك وظهر أنها ما زالت على دين النصارى فإنه يجوز له الزواج منها، وما ذكرت مما سيترتب على فراقه لها من مفاسد لا يسوغ له زواجه منها، فإن نكاح المشركة غير الكتابية باطل باتفاق العلماء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1430(13/758)
ترفض الزواج خشية تعرض أولاها للتحرش الجنسي
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف لي أن أحب الأمومة والأطفال وأنا أعلم تماما أنه توجد حالات ليست بالقليلة حتى من داخل عائلتي لأمهات يتحرش بهن أطفالهن وأيضا أبناؤهن المراهقون وحتى الراشدون تحرشا جنسيا وبشكل متكرر, مما يشعرني بالقرف والحقد على أبنائي الذين لم يولدوا بعد خوفا من أن يكافئوني يوما على حسن رعايتي لهم والتضحية بالكثير الكثير لأجلهم, بأن يتحرشوا بي جنسيا, قد تقولون لي أن لا أعمم ولكني أخبركم بأن هذا لا يمكنني لأني شخصيا تعرضت للتحرش الجنسي عدة مرات من قبل جدي, وبالتأكيد لا أرغب بأن تتكرر يوما من قبل أولاد بطني الذين تعبت لأجلهم, وقد تقولون لربما لم تحسن أولئك الأمهات تربية أبنائهن لذلك حدث ما حدث, فأقول بأنكم إن فكرتم بذلك تكونون ظلمتموهن ظلما كبيرا, فلم أر أمهات بمثل أمومتهن وتربيتهن الحسنة لأولادهن, وهذا ما يزيد القرف في نفسي, إذ كيف لولد لم تقصر أمه بحقه أن يكافئها بعد أن يشتد عوده بهذه الطريقة, وقد تقولون إنني أستعجل الأمور قبل أوانها, فأقول لقد تعلمت مما حدث بالماضي أن الوقاية خير من العلاج, وإن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين, بالإضافة إلى أني كنت أحسن الظن (بعد حادثة التحرش) ببقية أقاربي, ولكن للأسف اكتشفت من خلال أفواه الضحايا أن أولئك الذين لم يتحرشوا بي قد تحرشوا بغيري, وأنهم لم يكونوا يستحقون حسن الظن بهم, بل الحذر منهم, وتكرر الموضوع مع رجال آخرين ليسوا من المحارم, أي أن أكثر من كنت أكن لهم الاحترام من أباء وأقارب لصديقاتي وزميلاتي لم يكونوا يستحقون هذا الاحترام, لأنهم بدورهم اعتدوا على صديقاتي, بالنسبة لي أنا أعرف بشكل مؤكد أن التحرش بالمحارم الإناث لم يعد ظاهرة صغيرة بل امتد ليشمل العالم كله, ولكني هنا بصدد كرهي للأمومة لخوفي من أن يتحرش بي أبنائي, لأني أقسم إن حدث لي ذلك يوما فقد أقتل نفسي فورا, وذلك لأني لم أشف بالرغم من مرور سنين طويلة من حادثة التحرش الجنسي من قبل الجد الكريم, ولا أعتقد أني سأشفى يوما, وأيضا أشعر بعدم الأمان من أن أنجب أطفالا ذكورا من صلبي وأسكن معهم في نفس البيت وإذا فعلوا بي شيئا مكروها فإني بالتأكيد سألوم نفسي لأني سأشعر بأني أنا من أخرج هؤلاء إلى الحياة, ولا تقولوا لي بأن الله سيحفظني من ذلك, فهو لم يحفظني بالماضي ولم يحفظ غيري من النساء من ذلك, لذلك ليس عندي ضمان للمستقبل بطبيعة الحال, مما يشعرني بعدم الأمان تجاه الأمومة بشكل خاص وتجاه الحياة بشكل عام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التفكير بهذه الطريقة وما تشتمل عليه من المبالغة الشديدة الخارجة عن الواقع والمنطق إنما هو ردة فعل تجاه ما حدث لك من تحرش من قبل بعض أرحامك، وإنا لنلتمس لك العذر في ذلك، ولكن النتيجة التي وصلت إليها خطأ كبير ومخالفة صريحة للحقيقة والواقع.
ونحن لا ننكر أن التحرش بالمحارم قد زاد عن ذي قبل لكننا ننكر هذا التهويل والتوصيف التي ذكرته السائلة فإنه مخالف للواقع ومجاف للحقيقة، والأمر دون ذلك بكثير.
ومما يوضح المبالغة الكبيرة في حديثك قولك إن العديد من أقاربك يتحرش بهن أطفالهن، وهذا الكلام غير صواب لأن الطفل غير مكلف ولا يعي ما يصدر منه فكيف ينسب إليه جرم شنيع كهذا، حتى ولو فعل مع أمه أو محارمه كهيئة التحرش فإنه تصرف بريء لا يصح نسبته فيه إلى السوء والشر.
ثم ما تذكرين من كونك قد أحسنت الظن بباقي أقاربك ثم ندمت على ذلك لاحقا بعد ما تبين لك أنهم قد وقع منهم هذا التصرف الأثيم في حق أرحامهم، وأنك قد علمت ذلك من أفواه الضحايا، فهذا أيضا انزلاق آخر منك في مهاوي الخطأ والبعد عن الصواب، فليس كل كلام يصدق وليس كل دعوى تقبل، وإنما البينة على المدعي، فكون بعض قريباتك أو صديقاتك قد اتهمن أرحامهن بالتحرش بهن لا يعني صدقهن، فقد يكن كاذبات في ذلك، أو مخطئات بأن ظنن هذه التصرفات من قبيل التحرش وهي في واقع الأمر ليست كذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه. رواه مسلم.
أما تلميحك بعدم ثقتك في حفظ الله لك كما لم يحفظ غيرك فهذا الكلام قبيح جدا وفيه ما فيه من سوء الأدب مع الكبير المتعال جل جلاله وسوء الظن به، وهو الرحمن الرحيم العليم الحكيم الذي وسعت رحمته وحكمته كل شيء، وله الحمد على كل حال سواء حال الشدة والبلاء أو العافية والرخاء.
فبادري إلى التوبة إلى الله تعالى منه، واحذري من إطلاق الكلام هكذا دون تدبر في معانيه ولوازمه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم. رواه النسائي.
وما ابتليت به أنت وغيرك من هذا البلاء وغيره كل ذلك بتقدير الله، وله سبحانه فيه أعظم الحكم وأجلها، ولعل من بعضها أن تنتبهي لذلك مستقبلا فتربي أولادك على الفضيلة والعفاف، وتلزمي بناتك الحجاب وتجنبيهن السفور والاختلاط مع الأجانب، وأن تتوخي جانب الحيطة والحذر في تعاملهن حتى مع أرحامهن، إلى غير ذلك من الحكم التي لا يحصيها إلا الله جل وعلا، والله يعلم وأنتم لا تعلمون.
فالزمي عتبة العبودية وباب التقوى فقد قال الله جل وعلا: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق: 2- 3} .
ثم ننصحك بأن تجاهدي نفسك للتخلص من الآثار السيئة التي خلفتها لك هذه الحادثة السابقة، ويمكنك أن تستعيني في ذلك بطبيبة نفسية مسلمة متدينة، أو تراسلي قسم الاستشارات النفسية بموقعنا.
نسأل الله لك الهداية والتوفيق، وأن يصرف عنك كيد الشيطان ووساوسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(13/759)
حكم نكاح المعتدة وهل تصبح محرمة عليه أبدا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من عقد على امرأة لم تنته من عدتها؟ وهل يحرم على الرجل أن يتزوج هذه المرأة إلى الأبد؛ لأنه رجل تعجل ما لا ينبغي له؟ ومن يقول بهذا الرأي من الصحابة الكرام والفقهاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقد على المرأة المعتدة محرم بإجماع أهل العلم.
قال ابن قدامة في المغنى: وجملة الأمر أن المعتدة لا يجوز لها أن تنكح في عدتها إجماعا أي عدة كانت؛ لقول الله تعالى: {ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله} . ولأن العدة إنما اعتبرت لمعرفة براءة الرحم لئلا يفضي إلى اختلاط المياه، وامتزاج الأنساب. وإن تزوجت فالنكاح باطل، لأنها ممنوعة من النكاح لحق الزوج الأول، فكان نكاحا باطلا، كما لو تزوجت وهي في نكاحه، ويجب أن يفرق بينه وبينها. انتهى.
وإذا كان العقد قد حصل من غير دخول فيتأبد تحريمها على العاقد في رواية عن الإمام مالك، قال الباجى فى المنتقى: وقوله ثم كان خاطبا من الخطاب يريد أن مجرد العقد لا يتأبد به التحريم قال القاضي أبو محمد عن مالك في ذلك روايتان إحداهما مثل قول عمر بن الخطاب والثانية أن التحريم يتأبد بمجرد العقد. انتهى
وإن حصل العقد والدخول معا فلأهل العلم في ذلك مذهبان:
أحدهما: يتأبد عليه تحريمها وهو قول مالك والشافعي في القديم وأحمد فى رواية، وهو المروي عن عمر وقيل رجع عنه لقول علي بعدم تأبيد التحريم.
المذهب الثاني: أنه لا يتأبد تحريمها عليه، وهو قول الحنفية والشافعي في الجديد، ورواية عن الإمام أحمد وهي المعتمدة في المذهب، وهو القول الراجح كما تقدم فى الفتوى رقم: 36089.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(13/760)
حكم الزواج بلا ولي من نصرانية زنا بها
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني في الله, أريد أن أستشيركم في موضوع صحة زواجي:
أنا شاب مسلم سافرت إلى بلد أوروبي، وهناك وبعد فترة طويلة نسبيا التقيت بفتاة نصرانية, وللأسف وقعت في الزنا معها عدة مرات, تبت إلى الله عز وجل, ولكن كي أحفظ نفسي قررت الزواج منها ولما لمست منها من حب للإسلام, وعقدت عليها بعد أن تبت إلى الله، وبعد حوالي أسبوع من آخر مرة زنيت معها مع العلم بأنه لم يحدث حمل حينها, ولم يكن أبوها حاضراً عند العقد, مع العلم أن أبويها موافقان على زواجنا, وتم العقد بوجود شاهدين وقام إمام المسجد الذي عقد لنا بدور ولي لها، علما بأنه أصر بأن يحضر والدها, ولكن أخبرته أن ذلك صعب، وبعد عدة أشهر أسلمت والحمد لله وحسن إسلامها، وتركنا ذلك البلد ونعيش الآن في بلدي المسلم والحمد لله, علما بأننا لم نرزق بولد حتى الآن. فأفتوني في صحة زواجي بارك الله فيكم؟ وماذا علي أن أفعل؟ إني أعيش الآن في خوف بعد أن قرأت بعض الفتاوى في موقعكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولاً إلى أنك قد وقعت في جريمة شنيعة وكبيرة من كبائر الذنوب ألا وهي جريمة الزنا التي صرحت بارتكابها مراراً، فقد ظلمت نفسك وأسخطت ربك، فبادر بالتوبة إلى الله تعالى وأكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإذا كانت تلك الفتاة غير كتابية-يهودية أو نصرانية- فلا يجوز الزواج منها أصلاً، وعلى افتراض كونها كتابية فلا بد من كونها عفيفة بعيدة عن ارتكاب الفاحشة وهذا يخالف ما ذكرته من وقوعها في الزنا معك قبل أسبوع من العقد عليها، إضافة إلى غياب وليها إن كانت قد تابت بعد الزنا، فهذا كله يؤكد على فساد عقد النكاح المتقدم.
فالواجب عليك الآن الابتعاد فوراً عن تلك المرأة فهي أجنبية منك قبل تجديد عقد النكاح بحضور ولي المرأة إن كان لها ولي مسلم، فإن لم يوجد زوجها قاض شرعي إضافة إلى بقية أركان النكاح من حضور شاهدي عدل، مع مهر، وصيغة دالة على عقد النكاح، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5315، 37333، 49837.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1430(13/761)
أهم مقاصد النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال الأول: أنا شاب عمري 24 عاماً، موظف، ولدي المهر للزواج، ولكن والدتي ترفض أن أتزوج لأسباب تافهة، كقولها إني صغير السن أي أني صغير في العمر والشكل، لأن خلقتي توحي بأني 18 عاماً وليس 24 عاماً، بسبب ملامح وجهي الصغيرة وصغر جسمي، أو أن البنت نسبها لا يصلح لنسبك، أو أن البنت فيها بعض الأشياء مثلا أنفها ليس بجميل، والكثير الكثير من الأعذار التافهة والتي تدل على أنها ليست متحمسة لزواجي، وتتعمد في تأخير زواجي بخلق الأعذار التي سبق ذكرها، بعكس بعض الأمهات التي تفعل المستحيل في السعي لزواج ابنها، والمشكله الأكبر أن إخوتي المتزوجين والأكبر مني عمراً رأيهم نفس رأي والدتي، فليس لدي وسيط غير الله في إقناعهم لزواجي. وأنا أحتاج هذا الزواج حتى أعف نفسي من الوقوع في الحرام. وأنا منعت نفسي وصبرت كثيرا خوفاً من الله حتى لا أقع في الزنى، ولكني متوكل على الله إلى أن يكتب الله لي نصيبا في الزواج. فهل ماتفعله معي والدتي في اختلاق الأعذار التافهة وسد باب الزواج في وجهي حرام وتأثم عليه؟ السؤال الثاني: كما قلت في ما سبق أني لست متزوجا، ولكن أسأل هذا السؤال لزيادة المعرفة، وحتى لا أظلم نفسي وزوجتي في المستقبل، ولله الحمد عندي خلفية في أمور الزواج والمعاشرة الزوجيه التي حثنا عليها الدين الإسلامي. ولكن هناك سؤال مازال يحيرني لاختلاف الأجوبه عليه ألا وهو: (القذف في فرج الزوجة) أولاً: المعروف أن القذف في الفرج يؤدي إلى الحمل، وأنا لا أريد القذف في فرج زوجتي بحكم أني متزوج حديثاً، وأريد الاستمتاع بزواجي إلى أن نقرر أنا وزوجتي الإنجاب على حسب رغبتنا. ولكن يقال أن القذف خارج الفرج بالنسبة للرجل قد يؤدي إلى: ضعف الذاكرة، ويرهق الأعصاب، ويحط من القوى الجسدية، ويحد من نشاطه الجنسي، ويصيبه بالارتخاء والعنة وسرعة الإنزال، ثم إنه لا يؤدي إلى اللذة الجنسية الحقيقية. أما بالنسبه للمرأة فإنه يؤدي إلى تهيج محلي واحتقان مزمن متوال في الحوض، مما يسبب لها أعراضا كالنزف الدموي أثناء الميعاد، وتضخم الرحم، والاضطرابات العصبية، والانفعال السريع والتلهف والقلق، كما أن العزل مع مرور الزمن يولد لدى المرأة برودا جنسيا لعدم بلوغها الرعشة الجنسية ونشوة الاستمتاع (العزل عن المرأة دراسة شرعية طبية، د. طارق بن محمد الطواري) . هل الكلام الذي سبق صحيح..؟ وهل العزل الدائم يؤدي إلى عدم بلوغها الرعشة الجنسية ونشوة الاستمتاع لدى الزوجة..؟ وهل العزل خارج فرج الزوجة حرام ومكروه حتى لو كان برضى الزوجة..؟ وأنا لا أريد استعمال الواقي الذكري لأنه يفقد اللذة لكلا الطرفين، ولا أريد أيضاً اللجوء لحبوب منع الحمل بسبب ما لها من مضار للزوجة، علماً أنني أريد القذف بفرج زوجتي لأجل أن يشعر كلانا باللذة ولكن الذي يمنعنا أننا لانريد الإنجاب بحكم أننا متزوجان حديثاً، وأيضاً قد يضر بصحتي وصحتها إذا صح الكلام الذي سبق ل د. طارق بن محمد الطواري، فماذا أفعل أفيدوني..؟ ثانياً: 1. هل استمتاع الزوجه بلذة القذف في فرجها نفس الرجل؟ أم الزوجة استمتاعها بذلك أكثر من الرجل بلذة القذف في فرجها؟ 2. إذا وصلت الزوجه إلى الرعشة الجنسية (وهما لا يريدان الإنجاب) ثم قذف زوجها خارج فرجها فهل هذا أنها لم تستمتع؟ أم أنها استمتعت ولا داعي للقذف في فرجها لأن القذف مكمل للاستمتاع لدى الزوجه؟ 3. أيهما في المرتبة الأولى لدى الزوجة، أن تصل الزوجة إلى الرعشة الجنسية أو القذف في فرجها؟ وهل يكفيها أن تصل للرعشة الجنسية أو يجب القذف في فرجها بعد رعشتها الجنسية؟ 4. إذا أرادت زوجتي أن أقذف في فرجها بحكم الاستمتاع وأنا أرفض بحكم أنني متزوج حديثاً ولا أريد الإنجاب وهي تصر على أن أقذف في فرجها لأجل الاستمتاع باللحظة فقط وليس للإنجاب، فهل رفضي لها بعدم القذف في فرجها حرام؟ وماذا أفعل في هذه الحالة أفيدوني؟ أجيبوني بأجوبه واضحة ومفصلة حتى لا أرجع إلى إعادة أسئلتي. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولاً إلى أنه لا ينبغي القول بأن الله واسطة بيني وبين فلان، لأن الله سبحانه هو مالك الملك وملك الملوك فكيف يقال بعد ذلك إنه واسطة بين العبيد المملوكين؟! وهو سبحانه يملكهم وما يملكون..
أما ما ذكرت من موقف أمك ومنعها لك من الزواج مع خوفك من الوقوع في الحرام فإنه محرم لا يجوز، وهي بهذا -عفا الله عنها- تعرضك للفتنة من حيث لا تشعر.
وعليه، فإنا ننصحك بأن تحاول معها مرة أخرى، وأن توسط بينك وبينها بعض أرحامك ممن لهم وجاهة وقبول عندها، ليقنعوها بذلك فإن استجابت وإلا فيحق لك الزواج دون إذنها، ولا عبرة حينئذ بمخالفتها ولا بمخالفة إخوتك لك، ولا يعد هذا من العقوق ولا من قطيعة الرحم، وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم: 34758.
أما ما تسأل عنه من الأسئلة الخاصة بالعلاقة الجنسية بين الزوجين فنرى ألا تشغل نفسك بهذا حالياً، لأنه لم يحن وقت هذه الأسئلة بعد، والانشغال بمثل هذا مضيعة للوقت وفتح لأبواب الشيطان، فإن هذه الخواطر يستغلها الشيطان أسوأ استغلال لإفساد دين المرء ودنياه.. وما تريده من تأخير الإنجاب لأجل الاستمتاع لا نوافقك عليه، فإن الإنجاب هو أهم مقاصد النكاح، والأولاد هم قرة عيون الوالدين وهم المتعة الحقيقية، كما قال تعالى: الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا {الكهف:46} ، وهذا لا يعني أن العزل محرم بل إن العزل جائز على الراجح من أقوال العلماء بشرط أن يكون بإذن الزوجة، فلو رفضته فإنه حينئذ لا يجوز سواء كان رفضها لرغبتها في الإنجاب أو الاستمتاع.. وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم: 1803.
أما بخصوص مضار العزل فإنه يرجع فيها لأهل الطب الثقات المتخصصين، وسائر ما ذكرت من استفسارات يمكنك مراجعتها في قسم الاستشارات بالموقع أو بمطالعة الكتب التي تهتم بالعلاقة بين الزوجين ومن أنفعها كتاب تحفة العروس أو الزواج الإسلامي السعيد للشيخ محمود مهدي الاستامبولي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1430(13/762)
حكم زواج المعمول له سحر لكي لا يتزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المسحور له بعدم الزواج يمكن أن يتزوج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسحور يجوز له شرعا أن يتزوج إذا أخبر خطيبته بذلك، ولكن الأولى أن يعالج نفسه أولا لئلا يلحق الضرر بزوجته، وراجع الفتاوى التالية للأطلاع على البسط في الموضوع ولمعرفة العلاج للأمر:
60924، 10981، 8343، 116895، 80694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(13/763)
حكم تأخير الزواج مع القدرة عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تأخيرالزواج مع وجود مقوماته الضرورية من سكن في البلد التي أعمل بها وغيره لوجود مصلحة مادية عائدة علي أنا وزوجتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان تأخير الزواج لا يترتب عليه فتنة أو وقوع في محرم، فلا حرج في تأخيره للمصلحة. أما إذا كان تأخيره يؤدي إلى الوقوع في محرم فلا يجوز، قال ابن قدامة في المغني: والناس في النكاح على ثلاثة أضرب: منهم من يخاف على نفسه الوقوع في المحظور إن ترك النكاح فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء لأنه يلزمه إعفاف نفسه وصونها عن الحرام وطريقة النكاح.
وننبه إلى أن تعجيل الزواج يحقق مصالح عظيمة ويدفع مصائب كثيرة، لا سيما مع كثرة الفتن في هذا الزمان، ومصلحة الدين مقدمة على مصالح الدنيا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1430(13/764)
من يريد الزواج ولا يملك مؤنة النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يتزوج المراهق الذي لا يملك مرتبا؟
ابن أختي يريد أن أقنع والديه أن يتزوج، وهو طالب بالثانوية، ولا يرغب في أي شيء سوى الزواج.
والغريب أنه اقترح أن يتزوج بما يسمى بالمسيار حتى من دون إذن الأحوال المدنية. ويحتج علي بأن الأنظمة لا تساعده على الزواج.
ابن أختي يتكلم معي بدون خجل ويقول لي بأنه سيستخدم عازلا طبيا حتى لا يحدث حمل, فقلت له سيحدث حمل فقال لي: لا مشكلة سوف أصرف عليه حتى لو عملت سباكاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن المراهق هو من قارب البلوغ ولم يبلغ بعد، والظاهر من حال ابن أختك هذا أنه قد بلغ سن التكليف بدليل ما ذكر من أمر استخدام العازل، وراجع علامات البلوغ بالفتوى رقم: 10024.
وليس من شرط الإقدام على الزواج أن يكون الشخص له راتب، بل يكفي أن يكون مالكا ما يجب من مؤنة النكاح، وقادرا على تحصيل ما يجب من النفقة والمسكن، وينبغي أن يعان مثل هذا لإعفاف نفسه، ومجرد كونه طالبا لا يعني أنه لا يشرع في حقه الزواج، وأما إن كان لا يملك ما ينفق على الزوجة أو يكسوها به فلا يسن في حقه الزواج إلا ممن هي غنية بمالها، وراجع الفتوى رقم: 66879.
وأما زواج المسيار فإذا توفرت فيه شروط الزواج الصحيح كان زواجا صحيحا كما بينا بالفتوى رقم: 3329، وقد تكون للمرأة مصلحة في الزواج فترضى بالقليل من النفقة، أو تتنازل عن بعض حقوقها، وعلى كل فإننا ننصح بإعانة هذا الشاب على الزواج خاصة فهو يريد إعفاف نفسه والفتن منتشرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1430(13/765)
حكم نكاح امرأة ولدت لزوجين تزوجا بلا ولي
[السُّؤَالُ]
ـ[المرأة السائبة ذهبت من بيت أخيها وتزوجت زوجا من غير إذن وليها كالأخ والأب والأم وغير ذلك من أهل البيت. فهل يصح نكاححها أم لا؟
ثانياً: بنت هذه المرأة التي ولدت من الزوجة التي تزوجت من غير إذن الولي، هل بنت المرأة يجوز نكاحها الشرعي أم لا؟
بارك الله في عمر كم وجزاكم الله في الدنيا والآخرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح، وقد فهمنا منه أن السائل يسأل عن حكم زواج المرأة بدون ولي، وعن حكم الزواج بمن ولدت من نكاح لا ولي فيه. والجواب أن جمهور أهل العلم على اشتراط الولي في صحة النكاح. وعليه فتلك المرأة التي ذكرت حالتها نكاحها باطل عند الجمهور، صحيح عند أبي حنيفة، كما يصح أيضا عند الجمهور إذا حكم بصحته قاض شرعي.
وبخصوص البنت الناشئة عن هذا النكاح فهي لاحقة بذلك الزوج وبنت شرعية له، ويباح نكاحها، بل ويباح نكاح البنت من الزنا، وراجع الفتويين رقم: 115238، 117892.
والأحق بتزويج المرأة هو الأب ثم من يليه في الاستحقاق على الترتيب الذي تقدم في الفتوى رقم: 52874.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1430(13/766)
غاب زوجها سنة فتزوجت ثم عاد زوجها الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة غاب عنها زوجها أكثر من سنة ولم يظهر له خبر، بعد ذلك تزوجت الزوجة من آخر، ثم رجع زوجها الأول. هل تطلق من الأول وترجع إلى الثاني، ما حكم الشرع في ذلك؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحق لتلك الزوجة أن تتزوج بمجرد غيبة زوجها المذكور بل عليها أن ترفع الأمر للقاضي الشرعي للنظر في أمرها، وما دامت قد تزوجت فزواجها باطل يجب فسخه وتعود لزوجها الأول، وتفصيل المسألة في الفتوى رقم: 2671.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1430(13/767)
لا مسوغ للقلق من مستقبل الزواج بعد الأخذ بالأسباب المشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة مخطوبة، وتم تحديد موعد العرس في شهر 7 القادم وبصراحة كلما قرب موعد العرس كلما زاد خوفي وارتباكي لا أعرف لماذا، ولكن ربما من مسألة الزواج في حد ذاتها.
خطيبي رجل ملتزم ويخاف الله ويقيم صلاته في وقتها، ولكن لا أعلم هل سأرتاح معه بعد الزواج أم لا، وهذا الخوف ينتابني منذ فترة قبل حتى فترة الخطوبة لأنني لا أريد أن أتزوج من شخص لا يعامل المرأة باحترام، وأنا أجد الاحترام عند خطيبي، ولكن لا أدري هل سيظل على هذا الحال أم سيتغير، وكما تعرفون بأن فترة الخطوبة تختلف تماما عن الفترة التي بعد الزواج، فهناك أمور تكون واضحة بعد الزواج، أنا لا أريد أن أتسرع في الحكم على خطيبي، لقد فكرت بأن لا أنجب أولادا منه لفترة سنة على الأقل لكي أتعرف عليه أكثر؛ لأنني بصراحة لا أعرفه وسؤالي هو: هل حبوب منع الحمل بدون علم زوجي في المستقبل حرام أم لا؟ لأنني بصراحة لا أرغب في الإنجاب من أول سنة زواج على الأقل. أرجوكم انظروا إلى هذه المسألة من جميع النواحي مع العلم أن الدافع الأساسي هو أنني لا أريد أن أنجب طفلا سيكون هو الضحية، وخصوصا أنني لا أضمن الاستمرار مع زوجي في المستقبل، هذا فقط من خوفي على دخول حياة جديدة لا أعرف ماذا ينتظرني فيها، ربما سأكون أسعد زوجة، ويذهب هذا القلق والخوف من الزوج والزواج في نفس الوقت، وربما لن أكون سعيدة مع زوجي أقرر حينها الفراق أي (الطلاق) وهذا سيكون الحل الأخير والله الوحيد عالم الغيب، وأنا راضية بالقسمة والنصيب: وقل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا. أرجوكم أريد الفتوى التي ترضي ضميري وترضي الله سبحانه وتعالى، ولكن أقول وأكرر لا أريد إنجاب طفل سيكون ضحية زواج فاشل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان خاطبك صاحب دين وخلق، وكنت قد استخرت الله في قبوله، فلا مسوّغ لهذا القلق، فإن الإنسان إذا أخذ بالأسباب المشروعة التي في وسعه، فعليه أن يتوكل على الله ويحسن الظن به، ولا يلتفت لوساوس الشيطان، قال تعالى: وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق:3}
أما عن سؤالك، فإن الإنجاب من أعظم مقاصد الزواج، وهو مطلب فطري للرجل والمرأة، وحق مشترك للزوجين، لا يجوز لأحدهما أن يمنع الآخر منه، فلا يجوز لك تعاطي ما يمنع الحمل دون إذن زوجك، ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31369، 15099، 18487، 18375.
وننصحك بالحرص على تحصيل أسباب تقوية صلتك بربك كالصلاة والذكر والدعاء، وحضور مجالس العلم والذكر ومصاحبة الصالحات، مع البعد عن المعاصي الظاهرة والباطنة، لعل الله يرفع عنك هذا القلق وينزل السكينة على قلبك، ويمكنك التواصل مع قسم الاستشارات بالشبكة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1430(13/768)
الحل في تعجيل الزواج ممن أحببتها
[السُّؤَالُ]
ـ[سافرت إلى باكستان لزيارة أقاربي وأبناء أعمامي وخالاتي من الإمارات، بقيت هناك لمدة سنة ونصف السنة ولأول مرة وعمري 17 سنة، وتعرفت على أقاربي جميعا ومع الأيام لاحظت في نفسي كلما رأيت بنت عمي الأصغر البالغة من العمر 15 سنة شيء يشدني إليها كلما رأيتها أنسى كل همومي، أحب أن أجلس معها وأمازحها وأتكلم معها، ولا أقصد الشهوة، ولكن أشعر في حب تجاهها.
ومن جهة أخرى لدي بنت خالة من نفس عمرها كنت أزورهم في البيت كل يومين أو ثلاث، وفي يوم من الأيام زرت أختي في بيتها فقالت لي إن بنت خالتك أتت إلي فكانت تتكلم عنك، فشعرت كأنها تحبك وتميل إليك، وبعد عدة أيام زرت خالتي، وخالتي لم تكن في البيت، فرأيت تلك الفتاة، فقالت لي أريدك في موضوع مهم. فقالت لي بكل صراحة ودون خجل وهي تبكي: أنا أحبك بشكل جنوني، أرجوك لا تتركني أو تنسني، خرجت من البيت دون أن أقول لها شيئا.
والآن أنا رجعت وهي كل أسبوع تتصل بي وتسأل عني وعن حالي
فسؤالي: هل يجوز أن أكلمها في الهاتف؟ وما علي فعله تجاه البنتين الأولى أحبها والثانية تحبني؟
أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك محادثة واحدة منهما عبر الهاتف أو غيره؛ لأنهما أجنبيتان عنك، والحديث مع الأجنبية ذريعة للفتنة والفساد، وباب كبير من أبواب الشيطان لإفساد دين المرء. وقد بينا هذا في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7965، 41966، 1072.
وما ننصحك به في هذا المقام هو أن تتقدم لخطبة من ترغب في نكاحها منهما، ثم تعجل بالزواج، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1430(13/769)
الزواج بنية أن يطلق إذا وجد صعوبة في الاستمرار
[السُّؤَالُ]
ـ[أردت أن أتزوج امرأة سراً عن زوجتي, وأولادي، وكل عائلتي، وإنما بنية الطلاق في حالة وجدت صعوبة في الاستمرار معها، قرأت كثيرا في المواقع الإسلامية عن الزواج بنية الطلاق، وما استطعت أن أجد الجواب الذي تكون فيه راحة ضميري الديني، وأردت أن أغير هذه النية وأصبحت سجينا لها، أي أقول لنفسي ليس علي أن أتحايل مع الله, لا أعرف إن كنت على صواب أو ما هو إلا الوسواس؟ ولا أعرف إن كان هذا الزواج بنية الطلاق زنا عند الذين قالوا لا يجوز, وأصبح هناك خلط في مخي عن كل الفتاوى التي قرأتها في مواقع أهل السنة وأنا سني, حتى الشك في الفقه أو الفقهاء داخل نفسي. لا أريد أن أفعل شيئا يغضب الله, أفتوني أيها العلماء والشيوخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فابتداء ننبهك إلى أن ما تريده من الزواج وأنت تنوي الطلاق إذا لم توافقك زوجتك، ولم تستقم لك أحوالها مباح ولا حرج فيه، وليس هذا من الزواج بنية الطلاق, جاء في الإنصاف وهو يمثل للأنكحة المباحة: كما لو نوى إن وافقته وإلا طلقها. انتهى.
أما ما أصابك من تشتت واضطراب بسبب ما قرأت من فتاوى في شأن الزواج بنية الطلاق، فإنا نلخص لك مذاهب العلماء مع الترجيح فنقول: الزواج بينة الطلاق محل خلاف بين أهل العلم وخلاصة المذاهب فيه ثلاثة:
الأول: الجواز وإليه ذهب الجمهور.
الثاني: المنع فإذا وقع العقد كان فاسدا وهو المشهور عند الحنابلة, وقد أخذت بذلك اللجنة الدائمة وبالغت فعدته من زواج المتعة المتفق على تحريمه, جاء في فتاوى اللجنة:
الزواج بنية الطلاق زواج مؤقت، والزواج المؤقت زواج باطل؛ لأنه متعة، والمتعة محرمة بالإجماع، والزواج الصحيح: أن يتزوج بنية بقاء الزوجية والاستمرار فيها، فإن صلحت له الزوجة وناسبت له وإلا طلقها، قال تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} . انتهى.
الثالث: المنع وإذا وقع العقد كان صحيحا مع الإثم, وهذا هو الرأي الوسط المفتى به عندنا كما في الفتوى رقم: 55939.
ووجه ذلك:أنه لما اشتمل على الغش والخداع للمرأة وأوليائها كان محرما, ولما وقع العقد مستوفيا للأركان والشروط كان صحيحا، ومجرد النية لا تؤثر في ذلك.
أما سؤالك عن كونه زنا عند المانعين له فنقول: من عدّه باطلا فإنه لا يحل به الاستمتاع، ولكن لا يعد زنى يوجب الحد لما فيه من الشبهة، لأن النكاح لم ينعقد أصلا فصارت علاقة الرجل بالمرأة محرمة.
أما من حكم بصحته مع الإثم فلا يكون هذا من الزنا لأن العقد قد وقع صحيحا، وترتب عليه آثار العقد الصحيح من جواز الاستمتاع وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1430(13/770)
تزوجت قبل حكم المحكمة بطلاقها من زوجها الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[مسلمة عقد قرانها ولم يتم لا عرس ولا دخلة، ثم طلبت الطلاق لأن الزوج كان قد تزوج منها لغرض مادى، وللحصول على رخصة الإقامة فى بلد أوروبي، ولم يخبرها بذلك إلا بعد عقد القران، الزوج لم يرغب في التطليق، وقدمت هي دعوى طلاق إلى المحكمة، وبعد 4 سنوات من الانتظار دون الحصول على الطلاق تزوجت من رجل آخر. فهل الزواج الثاني حلال وجائز أم لا، فأرجو الإجابة في أقرب وقت؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان عقد النكاح المذكور قد حصل بأركانه من حضور ولي المرأة وشاهدي عدل ومهر، فهو صحيح نافذ، تترتب عليه آثار النكاح الصحيح، وعدم حصول إشهار النكاح أو الدخول لا يؤثر على صحته، فإشهار النكاح مستحب فقط، كما لا يفسد النكاح كون الزوج قاصداً الحصول على رخصة الإقامة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 10720، والفتوى رقم: 23845.
وبناء على ذلك فإذا كان طلب الزوجة الطلاق للسبب الذي ذكرت فقط، فهذا لا يجوز. والأسباب المبيحة للطلاق قد تقدم تفصيلها في الفتوى رقم: 116133، ولكن إذا سلمت نفسها للزوج فيجب عليه أن يؤدي لها جميع حقوقها من نفقة وكسوة وصداق حال وغير ذلك، فإن امتنع فلها طلب الطلاق.
أما النكاح الثاني فهو باطل يجب فسخه فوراً؛ لأن الزوجة باقية في عصمة الزوج الأول لم يطلقها، كما هو الظاهر. ومن شروط صحة النكاح خلو الزوجة من نكاح، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 54221.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1430(13/771)
تزويج الفتاة مقدم على إكمال دراستها
[السُّؤَالُ]
ـ[راسلتكم أكثر من مرَّتين دائما في موضوع، أنا والفتاة التي رفض الأبوين -كلا الطرفين- الزواج لصغر السِّن، فقد أقنعت الفتاةُ أمَّها بضرورة الزواج وأنا كذلك أقنعتُ والديَّ إلَّا أنَّ أمَّها اشترطت عليها أن تواصل دراستها الجامعية وهي الآن في السنة الأولى جامعية ومازال لإتمامها الدٍّراسة أربع سنوات، وألقت عليها شبهة فقالت: إن ماتَ زوجُك بعد زواجك فمن أين مصدرُ رزقك بدون أسبابٍِ إن لم تكن لديكِ شهادة تؤهِّلك للعمل بعد ذلك؟!.- هل تُعتبر هذه حجَّة؟
وإن واصلت الدِّراسة كيف أفعل- هل أخطبها وأعقد عليها العقد الشرعي وننتظر خمس سنوات للزواج وتعلمون ما يُخشى منه في فترة ما بين العقد الشرعي والزواج الصَّعبة جدًّا، والزمن يتقدَّم بنا ونحن الآن في 23/21 عام،؟ - والله أنا في حيرة ساعدوني برأيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعجيل الزواج إذا تيسر للشاب والفتاة مطلوب شرعاً، وهو مصلحة تفوق مصلحة إكمال الدراسة للفتاة، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 58153، والفتوى رقم: 57922.
وما ذكرته أمها ليس بحجة لتأخير الزواج، فمصلحة الدين مقدمة على مصالح الدنيا.
فعليكم بنصح هذه الأم وبيان أهمية تعجيل الزواج وأضرار تأجيله، وقد سبق بيان أن الذي يقوم بتزويج الفتاة ليس الأم وإنما هو وليها الشرعي، فإذا رفض وليها الشرعي زواجها بحجة الدراسة، ولم يمكن إقناعه بذلك ولم ترض البنت بموقف والدها، فإن الولاية تنتقل لغيره من الأولياء ليزوجها، فإذا رفض فيمكنها رفع أمرها للقاضي الشرعي ليزوجها، فإن الشرع قد جعل الولاية تنتقل إلى الولي الأبعد إذا عضلها الولي الأقرب، ومعنى عضلها: أي منع تزويجها من كفئها الذي ترغب في الزواج منه، فإذا عضل الأبعد زوجها القاضي، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن تشاجروا؛ فالسلطان وَلِي من لا وَلِي له رواه أحمد وأصحاب السنن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1430(13/772)
الترغيب في النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد خطبت فتاة واتفقت مع والدها أن نتم العرس بعد الدراسة, وذلك لأنني أعمل بدولة عربية, ووالدها يريدها أن تتم دراستها, ولكن الذي تأكدت منه أنني لو وجدت عملا ببلدي فلن يكون هناك مانع من الزواج, ولكني متردد بين العقل والعاطفة, أي بين مرتبي في البلد العربي الذي لن أحصل عليه في بلدي, وبين أن أتزوج وأعف نفسي وأكون أيضا بجانب أهلي, مع العلم أن لي 13 سنة مغترب ما بين دراسة وعمل، وعمري الآن 27 ولكني أنزل إجازات, وضقت ذرعا شديدا بالغربة وأحاول أن أستمر في العمل ولكني تعبان نفسيا, فأشيروا علي بالله عليكم، وما خاب من استشار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ننصحك به هو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ودعا إليه في قوله: يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه.
ففي الزواج بركة وتعفف عن الحرام واستقرار نفسي، قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. {الروم:21} .
وهو كذلك من أسباب الغنى وحصول الرزق، قال تعالى: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ. {النور: 32} .
وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه قال: أمر الله سبحانه بالنكاح ورغبهم فيه، وأمرهم أن يزوجوا أحرارهم وعبيدهم، ووعدهم في ذلك الغنى، فقال: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله. انتهى.
وأخرج أيضا بسنده عن ابن مسعود أنه قال: التمسوا الغنى في النكاح، يقول الله: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله. انتهى.
وذكر ابن كثير في تفسيره: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ما وعدكم به من الغنى، قال تعالى: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله. انتهى.
وأخرج عبد الرزاق، وذكره القرطبي في تفسيره: أن عمر رضي الله عنه قال: عجبي ممن لا يطلب الغنى في النكاح، وقد قال الله تعالى: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله. انتهى.
وكل ذلك معلق بمشئية الله تعالى كما قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. {التوبة:28} ، فليس كل من تزوج اغتنى بالضرورة.
فبادر أيها الأخ الكريم إلى الزواج ما دمت تستطيعه، ولا تكن الغربة عائقا لك دون ذلك، وما تجده من راتب في بلدك إن كان أقل من غيره في الغربة فإن البركة والاستقرار النفسي والتعفف عن الحرام ونحوها مما تكسبه في الزواج يعوضك ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1430(13/773)
هل الأولى أن يدخر المال ليتزوج أم ليعتمر
[السُّؤَالُ]
ـ[في الحقيقة قبل أن أشتغل كنت أقول لو اشتغلت النقود التي سآخدها سأتصدق منها، وأكفل يتيما، وأستخدمها في الخير.
لكن لقيت أن معظم نقودي ذهبت للأكل والشرب الذي آخذه لنفسي.
هل أوفرلأتزوج؟ أو أوفر لكي لا أكون مبذرا؟ أو أوفر للذهاب للعمرة؟
ما رأيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن ما قلت أنك ستفعله بالفلوس إذا اشتغلت، إنما هو وعد وليس نذرا، لأن النذر التزام، وليس فيما ذكرته التزام، وبالتالي فإن بإمكانك أن تفعل بفلوسك ما تراه من المصلحة.
واعلم وفقك الله أن إنفاقك على نفسك في حاجاتها الأساسية من مطعم ومشرب هو صدقة منك عليها، فإن فضل شيء عن كفايتك شرعت لك الصدقة به على الأولى فالأولى، ففي صحيح مسلم من حديث جابر-رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل شيء عن أهلك فلذي قرابتك، فإن فضل شيء عن ذي قرابتك فهكذا وهكذا.
وبه تعلم أنه لا حرج عليك في الإنفاق على نفسك في مطعم ومشرب، ما لم يخرج ذلك بك إلى حد الإسراف لقوله تعالى: وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ. {الأعراف:31} .
واعلم أنه لا يجب عليك أن تدخر المال لعمل عمرة، لأن تحصيل شرط الوجوب -وهو الاستطاعة- غير واجب، وإن كان للعمرة فضل عظيم وأثر في تحصيل البركة والسعة في الرزق, والذي ننصحك به إن كنت محتاجا إلى الزواج أن تبادر بتحصيل أسبابه, إذ الزواج فضلا عن كونه قربة من القربات ففيه صيانة للنفس، وكف لها عن المحظور، وسد لباب الفتنة, فهو أولى ما ادخرت المال لأجله وبخاصة في هذا الزمن الذي كثرت فيه أسباب الفتنة والفساد, وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب, من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1430(13/774)
الحزن على فراق الزوجة والعزوف عن الزواج بغيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[أما بعد بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي لكم هو:
توفيت زوجتي منذ سنة ولم أتزوج إلى الآن، فقد كنا متعلقين ببعضنا كثيرا، فقد كانت نعم الزوجة ولم أستطع نسيانها إلى حد الآن، فقد كانت مدة زواجنا اثنى عشر سنة، ولى أربعة أطفال منها، وأنا إنسان مؤمن -والحمد الله- وأقسم بالله أن ما أصابني قد زادني إيمانا والحمد لله.
فهل عصيت الله لأنني لم أتزوج إلى الآن، فأنا أعرف أنه لابد من الزواج، وهذه سنة الحياة، لكنني لا أستطيع في هذه الفترة على الأقل، لأنني لم أستطع نسيانها، فإنني مازلت أتذكرها وعيني تدمع إلى حد الآن، فأنا كما نوهت في السابق أن ما أصابني قد زادني تقربا إلى الله بالتزامي بالعبادات التي كنت مقصرا فيها كثيرا والحمد الله.
ولكن أريد أن أعرف هل أنا أعصي الله لأنني لم أنس زوجتي إلى حد الآن، فأنا لا أخفيكم أني أحبها ومتعلق بها كثيرا وكانت هي كذلك أيضا، فأريد النصيحة وهل أغضب الله بهذا التصرف علما بأنني أحاول كثيرا أن أتجاوز هذا ولم أفلح إلى حد الآن، فعندما أتذكرها فإنني أتألم كثيرا فأتجه إلى سماع القرآن لكي أستريح.
افتوني وانصحوني؟
وبارك الله فيكم. ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يرحم زوجتك رحمة واسعة، وأن يغفر لها ذنوبها ويتجاوز عن سيئاتها برضاك عنها.
واعلم أيها السائل أن مجرد الحزن والبكاء على فقدان الحبيب أو القريب مباح ولا حرج فيه طالما التزم صاحبه الصبر والرضا، إلا أنه – مع ذلك - لا ينبغي المبالغة ولا الإفراط فيه، فإنه يعطل صاحبه عن القيام بمصالح الدين والدنيا، ويشغل القلب عما ينفعه.
فجاهد نفسك أن تتخطى هذه المرحلة، وأن تتجاوز هذه المحنة، وسل الله سبحانه أن يفرغ عليك صبرا، وأن يلهمك السلوان على بلواك, واستعن على ذلك بكثرة ذكر الله سبحانه والصلاة فقد قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ. {البقرة: 153} .
أما بخصوص حكم عزوفك عن الزواج فلا حرج عليك في ذلك ما دمت في حالة من الاستقرار النفسي ولا يزعجك أمر الزواج، ولا تخشى على نفسك فتنة النساء وغوائل الشهوة، فإن الزواج في هذه الحالة من جنس المباحات, والمباح مما يسع المكلف تركه بلا حرج. ولكن لا يستحب تركه أبدا فإن الزواج من سنن المرسلين وهدي النبيين كما قال سبحانه: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً. {الرعد: 38} .
أما إن خشيت على نفسك الفتنة أو الوقوع فيما حرمه الله فعند ذلك ينبغي المسارعة إلى الزواج ولا يسعك تركه لأنه يصير حينئذ واجبا.
وراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 62986، 3011، 21742.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1430(13/775)
هل يذم من جاوز الثلاثين ولم يتزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[قال أحد الأئمة في خطبة جمعة:من لم يتزوج وسنه ثلاثون فما فوق فهو وحش.
أغضب المعنيين بالأمر وحاولوا إزاحته من منصبه.
ما تفسيركم لهذا القول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن الزواج من سنن المرسلين، وقد حث النبي –صلى الله عليه وسلم- الشباب من هذه الأمة على الزواج كما ثبت في الصحيحين من حديث ابن مسعود –رضي الله عنه-: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج.
وقد ذهب طائفة من أهل العلم إلى وجوب الزواج على المستطيع مطلقا لظاهر الأمر، وهو قول الظاهرية، وذهب بعض العلماء إلى وجوبه على من يخشى العنت.
ومنزلة الزواج في الإسلام عظيمة بلا شك، ولكن هذا الخطيب لم يصب حين ضبط ذلك بالثلاثين فما فوقها, فلا دليل نعلمه على اعتبار سن الثلاثين حدا يذم من لم يتزوج إذا بلغه، بل كل من استطاع الباءة فهو مأمور بالزواج بلغ الثلاثين أو لم يبلغها, وأخطأ هذا الخطيب أيضا في إطلاقه ذم من لم يتزوج بعد بلوغ الثلاثين، فإن كثيرا من الناس ممن فيهم خير وصلاح لا يتزوجون بعد مجاوزة هذا السن لأسباب كثيرة، ربما يكون منها عجزهم عن الباءة، أو اشتغالهم بما يرونه أفضل من النكاح, وكثير من أهل العلم الفضلاء الذين أثروا في الأمة أثرا عظيما مات ولم يتزوج كالنووي وشيخ الإسلام ابن تيمية. فإطلاق ذم من لم يتزوج بعد بلوغ الثلاثين خطأ ومجازفة بلا شك.
ونرى أن من حاولوا إزاحته عن منصبه قد أخطأوا كذلك، فكان الأولى بهم أن يناصحوه ويبينوا له خطأه، ويطلبوا منه أن يجتهد في إعداد خطبته، وأن يصدر فيها عن كلام أهل العلم، وألا يتكلم إلا بما قام عليه الدليل من الكتاب والسنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1430(13/776)
حكم الشرع فيمن تزوجت قبل انتهاء عدة طلاقها وأنجبت طفلا
[السُّؤَالُ]
ـ[وقع شقاق بين زوجين، وذهبت الزوجة إلى بيت أبيها ومكثت فيه مدة عامين كاملين، ثم طلقها بعد ذلك، فعقد عليها رجل آخر، ودخل بها قبل أن تنتهي عدتها بعشرين يوماً، وقد أنجب منها طفلاً، فما حكم الشرع في ذلك؟ وإن كان الشرع يفرق بينهما، فهل يجوز أن يعقد عليها ذلك الزوج من جديد، أم أنها تحرم عليه حرمة أبدية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزواج في العدة يعد باطلاً بإجماع الفقهاء، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وجملة الأمر أن المعتدة لا يجوز لها أن تنكح في عدتها إجماعًا ... وإن تزوجت فالنكاح باطل؛ لأنها ممنوعة من النكاح لِحقِّ الزوج الأول، فكان نكاحًا باطلاً، كما لو تزوجت وهي في نكاحه، ويجب أن يفرق بينه وبينها. اهـ
وإن كان ذلك عن جهل منهما بحرمته، فإنه نكاح شبهة لا إثم عليهما فيه، والولد يلحق بالواطئ، إن كان ولد لستة أشهر فأكثر من حين دخوله بها.
جاء في المدونة: وبلغني أن مالكا قال: فإن تزوجها بعد حيضة أو حيضتين ودخل بها، كان الولد للآخر، إذا وضعت لتمام ستة أشهر لحق الولد بالآخر.
أما إن حصل ذلك عن علم بحرمته من الزوج أو منهما معا، فإنه زنا -والعياذ بالله- ولا يلحق الأولاد بأبيهم، بل ينسبون إلى أمهم.
وقد بينا حكم العدة في هذه الحال، وهل لمن تزوجها في العدة أن يعقد عليها بعد التفريق بينهما وانقضاء عدتها من الأول؟، وذكرنا أن الراجح جواز ذلك فأنظره في الفتويين رقم: 36579، 26696.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1430(13/777)
قد يكون الزواج عونا على الدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي تبدأ حكايتي عندما انتقلت للعيش في بيت خالي لفترة لظروف معينة، وكانت ابنة خالي تصغرني بـ 10 سنوات، وكان إخوتها يعاملونها معاملة سيئة، ومن طبيعتي أكره هذه المعاملة، فبدأ دفاعي عنها ومحاولتي الأخذ بيها إلى سبيل الرشاد، ومع الأيام - نسأل الله المغفرة - حصلت بيننا بعض التجاوزات - نتيجة لوجودنا في بيت واحد وقربي وقربها مني، وعلم أخوتها بذلك، ورفض إخوتها بقائي في المنزل، ولكني كنت أشعر فعلا أني قريب منها، فأخبرتهم أني أريدها زوجة، فرفضوا بحجة السن، على الرغم من موافقة أمها لي ورغبتها الجامحة في ارتباطي بابنتها، تركت المنزل على إثر هذا الخلاف على وعد من أمها بمخاطبة خالي المسافر في إحدى البلاد العربية حين عودته، حاولت استمالة إخوتها طوال الفترة السابقة، ولكن كنت دائما أقابل بالرفض، بل بالسب أحيانا مما اضطرني في مرة إلى مخاطبة خالي في التليفون وطلب يد ابنته، فأخبرني بإرجاء الموضوع لحين عوته، وها قد حان وقت عودته، وبالتأكيد هو ينتظر لقائي، مشكلتي في أني أخشى أن أكون قد تسرعت في اتخاذ القرار خصوصا أنها لا يزال أمامها دراسة طويلة، ولم تتضح معالم مستقبلها بعد، فأخشى أن لا يحدث التوافق المطلوب فيما بعد، ومن ناحية أخرى فلست بمن يعطي وعدا ثم يخلفه أو يتنصل من مسئولية ألقاها على عاتقه القدر، لا أزعم أني جيد، ولكن أعلم أن خطئي وأيضا خطأها كان نتاجا لظروف معينة لا لثبات الخطأ في نفس كل منا ـ معذرة لأني أطلت عليكم، ولكن هذا الموضوع يؤرقني وأحتاج إلى بصيرة نافذة تنير لي الطريق، أفتوني في أمري ما كنت قاطعا أمرا حتى تشهدون- جزاكم الله عني وعن كل المسلمين خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم توضح لنا ماهية هذا الخطأ الذي كان منك مع هذه الفتاة، فإن كان ما حدث من جنس مقدمات الفاحشة دون الوقوع فيها فيجب عليك التوبة إلى الله سبحانه، ثم لا حرج عليك إن أنت أقدمت على الزواج من هذه الفتاة إن أردت ذلك، وإلا فإنه لا يلزمك الزواج منها.
أما إن كان هذا الخطأ قد وصل إلى الفاحشة – والعياذ بالله – فإنه لا يجوز لك أن تتزوج بها إلا بعد أن تتوبا إلى الله توبة صادقة، فإنه لا يجوز زواج الزاني بمن زنا بها إلا بعد توبتهما؛ كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 38866.
وأما ما تذكره من تخوفك من بعض الأمور التي قد تكون سببا في عدم التوافق، فالأمر في هذا يرجع إليك وإلى تقديرك، لكنا على أية حال لا نرى أن الدراسة عائقا أمام الزواج، بل قد يكون الزواج عونا عليها، أما ما تتوجس منه من معالم المستقبل فلا تشغل نفسك به، فالمستقبل بيد الله سبحانه وحده.
وأما أمر إخلاف الوعد فلم تذكر في حديثك أنك وعدت بالزواج، وحتى إن كان قد حصل منك وعد ثم أردت الرجوع لسبب ما فلا حرج عليك في الرجوع، بل إنه يجوز لك الرجوع دون أسباب؛ ولكن مع الكراهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1430(13/778)
يعمل في بلد عربي براتب جيد فهل يتركه ليتزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله على المواضيع التي تطرحونها والتي تفيد الجميع.. سؤالي: أنا أعمل في بلد عربي وإن شاء الله سأتزوج بعد أشهر في بلدي ونحن من أسرة والحمد لله ملتزمة بالدين.. ولكن عندما سأتزوج لا أستطيع إحضار زوجتي لتقيم معي في مكان إقامتي وذلك لأن الراتب ضعيف، وأنا لا أريد أن أتركها لوحدها في بلدي لأني تزوجت للعفة والستر، وهذا مراد أي شاب مسلم، فأنا أفكر بأن أترك العمل وأعيش في بلدي مع زوجتي وأعمل بأي شيء حتى لو كانت المعيشة صعبة جداً في بلدي، سؤالي هو: أيهما أفضل العمل أم الزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تخشى على نفسك الفتنة والوقوع في الحرام فإنه يجب عليك أن تسارع إلى الزواج فوراً، ولا يجوز تأخيره بحال ما دمت تملك تكاليفه، حتى ولو أدى ذلك إلى رجوعك لبلدك وترك ما أنت فيه من عمل وسعة إلى ما دون ذلك.
قال ابن قدامة في المغني: من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح، فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء لأنه يلزمه إعفاف نفسه، وصونها عن الحرام، وطريقه النكاح. انتهى.
أما إذا لم يكن الأمر كذلك وكنت تقدر على الصبر دون الوقوع في محرم ولا محظور فإنه يجوز لك الاستمرار في العمل لفترة من الزمان تحصل فيها من الرزق ما تستعين به على أسرتك وشؤونك ... وإن كنا ننصحك بالمبادرة إلى الزواج -على كل حال- فإن الفتن في هذا الزمان قد عمت وطمت.. والسلامة لا يعدلها شيء، ثم نوصيك بالاستخارة في كل ما تقدم عليه من أمورك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1430(13/779)
اختلفت مع زوجها فزوجها أبوها من رجل آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي غريب، أريد حكمه في الدين.. أنا أمي كانت متزوجة من أبي وعندما ذهبت إلى بيت أبيها لمدة أسبوع جاء ليأخذها، فوجد أنها متزوجة من رجل آخر وبالطبع دون رغبة زوجته، يعني بسبب والدها؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح نكاح المرأة وتزويجها ما دامت في عصمة زوجها، قال النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر المحرمات من النساء: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللهِ عَلَيْكُمْ.. {النساء:24} ، أي ذوات الأزواج، قال ابن قدامة في المغني: فأما الأنكحة الباطلة كنكاح المرأة المتزوجة أو المعتدة أو شبهه، فإذا علما الحل والتحريم فهما زانيان وعليهما الحد ولا يلحق النسب به.
فهذا هو حكم ما ذكرت وينبغي رفع الحال إلى المحاكم الشرعية لعمل ما يلزم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1430(13/780)
رغبته بالزواج شديدة ولا يجد لذلك سبيلا
[السُّؤَالُ]
ـ[فأنا شاب أبلغ من العمر 29 عاما كل مشكلتي في الحياة أن حياتي متعسرة في كل شيء في الدراسة وفي العمل وفي حياتي المادية ولا أعرف سببا لكل هذا أنا مثلي مثل أي إنسان لي ذنوبي أنا لست ملكا ولكن أجد من هم أكثر مني ذنوبا منعمين، أخي أنا مشكلتي أني أكتب لك وأنا قبل ما أكتب قد قرأت الكثير من الكتب سواء الديني أو العلمي وأكاد أستطيع أن أرد على نفسي ولكن ما أؤتيتم من العلم إلا قليلا، أنا لا أجد حلا لحياتي لا أعرف ماذا أفعل حتى يتحسن حالي، أنا أرجو من الله أن أتزوج بامرأة صالحة ولكن شديد الفقر على الرغم أني أجد أن علاقاتي بالله سوف تزداد بعد الزواج فأنا لم أعد أحتمل نار الشهوة وقد جربت الصوم وجربت كل شيء الجوع وكل شيء ولكن دائما ما تكون الشهوة أقوى منى دائما كانت تدفعني لأن أمارس العادة السرية القبيحة وأتمنى أن أتركها فأنا أشعر بالندم الشديد بعد ممارستها ولكن
أعود لأصب سخطي على حظي ولأبرر ذنبي لنفسي وأني مضطر وأني لو كان أعطاني الله من فضله ما فعلت على الرغم من علمي الشديد بأن الإنسان على نفسه بصيره ولو ألقى معاذيره وعلى الرغم من علمي بأن الله ليس بظلام للعبيد أنا أشعر بأن داخلي شخصان شخص يعلم بالحلال ويريده، وشخص آخر يحاول أن يتملص من الحلال ويدفعني إلى كل ما يغضب الله، أنا أصلي وأحاول أن أكون أفضل أنا أحافظ على صلاتي بقدر المستطاع ولكن ومع الأسف أعلم بأن صلاتتي بلا روح وأشعر بضيق شديد وأنا أصلي وأشعر بضيق شديد وأنا أتوضأ وكأني أتوضأ من جهنم ومع ذلك أحاول وأذهب ألى الصلاة ولكن وأنا في الصلاة أجد من يحدثني ويقول لي أنت لماذا تصلي وتصلي لماذا فأنت ستظل في كرب وفقر طوال عمرك وأجد كان شيء خرج منى وتركني وكان هناك ظل يخرج من جسدي وقت الصلاة ويمشى أمامى وأشعر كأني أنا الذي خرجت من الصلاة أن ما يحدث معي عجيب وغريب ولا أجد له حلا وقد قمت بدعاء الله والحمد لله أن الدعاء حقق معي نتائج رائعة ولكن وأصبحت أحب الدعاء ولكن أشعر برغم اليقين بأن الدعاء نافع مانع لكل شيء إلا أني أصبحت أشعر باليأس من استجابة الدعاء بأني أتزوج لأني لا أملك أي أدوات لبناء أي حياة فأبدأ أشعر باليأس من حياتي وأتمنى الموت حتى أني أجد نفسي في بعض الأحيان أفكر بالانتحار ولكن هناك شيء ما دائما يمنعني أني أشعر أن هناك شخصا آخر بداخلي يتحكم بي وأنا لست هذا الشخص حتى أني عندما أذهب إلى الصلاة لا أعرف لماذا ذهبت ولكن أجد نفسي داخل المسجد بغير إرادتي وعلى الرغم من وجودي بالمسجد إلا أني أشعر بأن هناك يأس يعتريني من أي انفراج لحالتي وأشعر بأني أريد أن أسرع إلى الخارج ولكن أذهب لأتوضأ وأدخل للصلاة ولا أشعر براحة إلا بعد انتهاء الصلاة أنا لا أعرف كيف أقترب إلى الله وكيف أهزم ما بداخلي، وهل أنا أعاني من سحر أو مس، لقد قرأت في أحد مواقع المعالجين بالقرآن عن نوع من السحر يدعى سحر الفقر واليأس والفشل وأجد أن تقريبا 99 في المائة من أعراض هذا السحر تنطبق علي، أنا أتمنى أن يرزقني الله من فضله ويعطيني مالا كثيرا حتى أتمكن من الزواج وحتى أتمكن أن أكون أفضل مع الله، إن الفقر والضيق والذنوب يجعلاني كشخص مكسور وأشعر دائما أن ظهري مكسور وأشعر دائما عندما يضيق الحال بى بأني أريد أن أحلق شعري كالأصلع وأصبح بلا شعر كالاصلع لا أعرف ماذا أقول أنا أشعر أني أطلت كثيرا ولكن أرجوكم دلوني على الحل أسالكم بالله ساعدوني فانا أتخبط ولا أعرف ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله لك وجزاك الله خيراً على تواصلك مع موقعنا، واعلم أخي الكريم أن الإيمان بقدر الله من ركائز التوحيد، ومن أعظم أسباب التقرب إلى الله، وصلاح القلب وطمأنينة النفس وانشراح الصدر، ومما يدفع إلى الاجتهاد في طاعة الله، ويقوي النفس على تحمل المشاق والصبر على المكاره.
وأعظم أسباب تحصيل الرضا عن الله، هو التعرف على الله، بمعرفة أسمائه وصفاته، من خلال تدبر القرآن والتفكر في نعم الله وآلائه، ومعرفة الإنسان بنفسه وما فيها من الجهل والضعف والقصور، ومعرفة حقيقة الدنيا وكونها دار عمل وابتلاء وليست دار جزاء، وليس تنعم الإنسان في الدنيا دليل رضا الله عنه، كما أن حرمانه من بعض نعمها ليس دليلاً على سخط الله، قال تعالى: فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ {الفجر: 15،16، 17} .
ومن أسبابه أيضاً الإيمان بالدار الآخرة وما فيها، فإذا رسخ هذا الإيمان في القلب، لم يعرف اليأس طريقاً إليه، فالمؤمن لا ييأس أبداً من رحمة الله، ولا يقدم أبداً على الانتحار مهما أصابه، لأن الانتحار من أكبر الكبائر، كما أنه لا يتمنى الموت لذلك، فعَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ مُتَمَنِّيًا فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِى مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِى. متفق عليه.
أما ما يتعلق برغبتك في الزواج مع عدم قدرتك عليه وكيفية التغلب على الشهوة, فليس طريق ذلك ما زينه لك الشيطان من ممارسة تلك العادة القبيحة، وإنما طريقه الصوم الذي يحفظ الإنسان فيه سمعه وبصره، مع الاستعانة بالله والاعتصام به وإظهار الافتقار إليه والحاجة إلى معونته وحفظه، وقد سبق بيان كيفية التخلص من هذه العادة في الفتوى رقم: 5524، والفتوى رقم: 7170، ولمعرفة المزيد مما يعينك على التغلب على الشهوة وغض البصر نوصيك بمراجعة الفتوى رقم: 36423، والفتوى رقم: 23231.
وأما ما يتعلق بما يصيبك في الصلاة فقد يكون ذلك مجرد أوهام تتوهمها ثم تتخيل أنك تعاني من شيء، وقد يكون ذلك بسبب شيء من السحر أو مس الجن وعلاج ذلك يسير بإذن الله تعالى، وذلك بالرقى المشروعة، ولمعرفة كيفيتها تراجع الفتوى رقم: 2244، والفتوى رقم: 10981.
ولتحذر من المبالغة في هذا الأمر ونسبة كل ما يصيبك إليه، فذلك باب شر عظيم، مع التنبيه على أن أهم أسباب علاج المس والسحر هو التوكل على الله والمحافظة على الأذكار والدعاء مع حسن الظن بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1430(13/781)
أسلمت ويرفض زوجها الكافر طلاقها فهل يحل لها الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة متزوجة من غير مسلم (كافر, نصراني, يهودي) ثم أسلمت وتريد الزواج من رجل مسلم وزوجها الأول يرفض تطليقها لهذا السبب، فهل يجوز للقاضي الشرعي أن يقرر بأن كونها أسلمت وبقي زوجها على دينه أنه يحل الرابطة الزوجية بينهما، ويسمح لها الزواج بمن تشاء من المسلمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أسلمت المرأة وهي تحت كافر وجب عليها فراقه وانفسخ نكاحها، ولا سبيل له عليها، لكن إن أسلم قبل انقضاء عدتها بقيت معه على النكاح الأول كما بينا في الفتوى رقم: 74023.
وأما إذا انقضت عدتها فلها أن تتزوج من تشاء من المسلمين.
وبناء عليه فإذا كانت قد انقضت عدة المرأة المذكورة فلها أن تتزوج من تشاء من المسلمين، وإن لم يكن لها ولي مسلم فيزوجها القاضي أو جماعة المسلمين وأولي الحل والعقد حيث لا توجد محاكم إسلامية، وإن أبى زوجها الكافر وحدث خصام رفعت أمرها للقاضي ليحكم لها.
وللمزيد انظر الفتوى رقم: 116499.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1430(13/782)
زواج الزاني من الزانية وعلاقته بولد الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص متزوج، من خلال العمل تعرفت علي زميلتي وفعلت الفاحشه معها وحملت وأنا ندمان جداً علي ذلك، أريد أن أصلح الوضع بالزواج منها وهي أصلها مسلم متبناة من عائلة مسيحية، فهل يصح زواجي بها أم أتركها وما حكم تسمية الابن بي، فأفيدوني جزاكم الله خيراً فلم تر عيني طعم النوم منذ عصيت ربي.. وحسبي الله ونعم الوكيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى من هذه الفاحشة العظيمة، فإصلاح الوضع يبدأ بإصلاح العلاقة مع الله بالتوبة الصادقة إليه والبعد دائماً عما يسخطه، والالتزام بما يرضيه.
وأما زواج الزاني بمن زنى بها فلا يلزمه، ولكنه يجوز إذا تابا توبة صادقة، ويجب عند كثير من أهل العلم أن يكون ذلك بعد الاستبراء ووضع المرأة إن كانت حاملاً، وأما الابن فلا علاقة لك به لما في حديث الصحيحين: الولد للفراش وللعاهر الحجر. فلا يجوز لك أن تتبناه عند الجمهور، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى جواز ذلك.. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 36807، 43682، 70122، 38866، 111813، 115069.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1430(13/783)
يطلب الزواج محتاجا إليه ولا يجده.. الأسباب والحلول
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو النصيحة: أنا محتاج إلى الزواج وأسعى وأبحث ولم يقدر لي حتى الآن حتى بلغت 40 عاما بعد وفاة الأب أصبحت أبا لأخواتي حتى تم تزويج أختي وأعيش مع أمي المريضة أخدمها في علاجها ولا أدري التأخير بتقصير مني أم لا وأصبحت ضيق الصدر مع أني قد حججت وأعتمر في آخر رمضان كل عام..
أرجو إرشادي بتفصيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما قمت به من رعاية لأمك وإخوتك عمل صالح عظيم نسأل الله سبحانه أن يثيبك عليه وأن يجعله في ميزان حسناتك يوم تلقاه, ولكن ما كان ينبغي لك أن تؤخر الزواج بسبب هذا خصوصا مع ما ذكرت من أنك تحتاج إليه, فما كان الزواج ليعوقك عن القيام بهذه القربات؛ بل إن الزواج بصاحبة الدين والخلق هو من أكبر العون للإنسان على أمور دينه ودنياه.
ولم يتضح لنا على الحقيقة سبب مادي يمنعك من الزواج, فطالما أنك تحتاجه وتسعى إليه, وأحوالك المادية مستقرة ميسورة حيث إنك تعتمر كل عام فما المانع إذا؟
فإن كان المانع خارجا عن إرادتك وكنت تشكو تعسيرا في أمورك, وضياعا لآمالك فيما كنت ترجو وتؤمل, فإنا نوصيك بتفقد أعمالك وعلاقتك بربك, فقد قال بعض السلف: إن الصالحين إذا فقدوا آمالهم تفقدوا أعمالهم. ذلك أن تعسير الأمور وسد الأبواب إنما هو من ثمرات المعاصي والتقصير في جنب الله سبحانه.
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الجواب الكافي: ومنها (ثمرات المعاصي) تعسير أموره عليه فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقا دونه أو متعسراً عليه, وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا, فمن عطل التقوى جعل الله له من أمره عسرا, ويالله العجب كيف يجد العبد أبواب الخير والمصالح مسدودة عنه متعسرة عليه وهو لا يعلم من أين أتي. انتهى.
فعلى العبد أن يعلم أن ما أصابه من حرمان وضيق وعسر إنما هو بسبب ذنوبه ومعاصيه, قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ. {الشورى: 30} .
فعليك أخي بتقوى الله سبحانه والاستغفار لذنوبك فما استجلبت مصالح الدارين بمثلهما, قال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق: 2 - 3} .
قال ابن تيمية رحمه الله: ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا، قد روي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لو أخذ الناس كلهم بهذه الآية لكفتهم. وقوله: (مخرجا) عن بعض السلف: أي من كل ما ضاق على الناس. انتهى.
وقال سبحانه: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا. {نوح: 10 - 12} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1430(13/784)
هل الزواج الشرعي يعد كفارة للعلاقة المحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرفت على فتاة بالصدفة قبل خمس سنوات تقريباً وأحببنا بعضنا كثيراً لأننا نويتا أن تكون خطوتنا المستقبلية هي الارتباط وتوطدت علاقتنا كثيراً، ووقعنا ضحية أنفسنا وصرنا نرتكب الأشياء المحرمة من مكالمات، لقاءات، قبل، لمس، خلوات فيها من كل المحرمات إلا الجماع كالزوجين.
وزادت الأمور سوءً عندما واجهتنا مشكلة اعتراض الأهل على ارتباطنا ولفترة طويلة ونحن مستمرون بعلاقتنا
فلجأت إلى الله تعالى واستخرت وتضرعت لله في هذا الموضوع حتى هان الأمر علينا وارتبطنا بعقد قران رسمي مثبت في المحكمة الشرعية وصرنا بحكم الدين والقانون زوجين على سنة الله ورسوله..
علماً أننا حاولنا كثيراً الامتناع والتوبة عن أفعالنا لمعرفتنا بأننا نُغضب الله ولكن وسوسة الشيطان كانت تغلبنا والعياذ بالله!!
أريد أن أعرف هل ارتباطنا الشرعي كفارة لنا مع دوام الاستغفار، وإن كان لا فما هي كفارة ذنبنا؟؟
أرجو أن يكون الجواب شافياً لأننا في حيرةٍ كبيرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وضع الله حدوداً للعلاقة بين الرجل والمرأة، تضمن طهارة المجتمع وصيانة الأعراض، فلم يجعل الله طريقاً للاستمتاع بالمرأة الحرة إلا الزواج الشرعي، وما يعرف بعلاقة الحب بين الشباب والفتيات هو أمر لا يقره الشرع، ولا ترضاه أخلاق الإسلام، وإنما هو دخيل على المسلمين من عادات الكفار وثقافات الانحلال.
أما عن سؤالك، فإنكما قد أخطأتما وتعديتما حدود الله، فما فعلتما وإن لم يصل إلى الزنا الذي يوجب الحد إلا أنه إثم كبير وفعل قبيح.
لكن من رحمة الله وسعة كرمه أنه فتح باب التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها، بل هو سبحانه يفرح بتوبة العبد ويحب التوابين، بل ويبدل سيئاتهم حسنات.
وليس زواجكم الشرعي كفارة لما فعلتما، وإنما ذلك يكون بالتوبة الصادقة، وهي تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على الوقوع فيه، والعزم الصادق على عدم العودة لهذا الذنب، مع الإكثار من الأعمال الصالحة والحسنات الماحية، كالصلاة والصدقة والصوم وبر الوالدين وصلة الأرحام والذكر والدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1430(13/785)
الزواج بدون علم الوالدين من فتاة يرفضانها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أتزوج من كانت خطيبتي لكن أهلي يرفضون رفضا تاما وذلك بسبب أنها ليست من نفس بلدي وأن أحد أصدقاء أخي وشى لهم بأنها ليست مرضية، وبعثت لها رسالة على الجوال تقول لها من رابع المستحيلات أن تتزوجي ابني وأنا أحبها كثيرا جدا ولا أستطيع العيش بدونها ولا هي أيضا صار لنا الآن سنة ولم نتزوج ونريد أن نستقر في حياتنا، هل يجوز أن نتزوج ونجعل أهلنا أمام الأمر الواقع، ونقول لهم بعد أن نتزوج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في فتاوى عديدة أن طاعة الوالدين مقدمة على الزواج من امرأة معينة وذلك لأن طاعة الوالدين فرض والزواج من المرأة المعينة ليس بفرض هذا هو الأصل، ولكن إن تعلق قلب الرجل بالفتاة وكانت ذات دين وخلق وخشي أن يقع معها في الفتنة جاز له أن يتزوج منها ولو لم يرض بذلك والده، ولكن ينبغي قبل الإقدام على الزواج أن يحاول إقناع والديه، وأن يبذل كل وسيلة قد تعينه على إقناعهما لأن اقتناعهما أدعى لنجاح الزواج واستقرار الحياة الزوجية، وراجع الفتوى رقم: 93194.
وننبه إلى أنه لا يجوز للرجل أن يتزوج من المرأة دون إذن وليها وحضور الشهود وإلا كان الزواج باطلا وانظر الفتوى رقم: 1766.
وننبه أيضا إلى أن مجرد كون الفتاة من بلد آخر غير بلد الرجل ليس مسوغا شرعيا لرفض زواجه منها، وقولك إنك لا تستطيع العيش بدون هذه الفتاة قد يكون من تسويل الشيطان وفيه تحكيم للعاطفة فينبغي ان تحكم عقلك وتنظر في الأمر من منطلق المصلحة، والواجب الحذر من أن يؤدي بك هذا الحب إلى الوقوع معها فيما لا يرضي الله تعالى.
وراجع في الحب قبل الزواج الفتوى رقم: 4220، وراجع في علاج العشق الفتوى رقم: 9360.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1430(13/786)
الزواج من امرأة زنى بها في غير موضع الحرث
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب خطبت فتاة قبل سنة وعملت معها علاقة قبل الزواج من دبرها، فهل يجوز لي الزواج بها، وما حكم هذا السؤال؟ شكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أنه قد حصل إيلاج في الدبر فهذا هو الزنا الذي هو من أكبر الكبائر وأقبح الفواحش، قال ابن قدامة في المغني: ولا خلاف بين أهل العلم في أن من وطئ امرأة من قبلها حراماً ولا شبهة له في وطئها أنه زان يجب عليه حد الزنا إذا كملت شروطه، والوطء في الدبر مثله في كونه زنا، لأنه وطء في فرج امرأة لا ملك له فيها ولا شبهة ملك، فكان زنا كالوطء في القبل، لأن الله تعالى قال: وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً. ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والوطء في الدبر فاحشة بقوله تعالى في قوم لوط: أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ. يعني: الوطء في أدبار الرجال، ويقال: أول ما بدأ قوم لوط بوطء النساء في أدبارهن، ثم صاروا إلى ذلك في الرجال. انتهى.
فالوجب عليكما أن تسارعا إلى التوبة إلى الله جل وعلا من هذه الجريمة القبيحة، أما بالنسبة للزواج من هذه الفتاة فإنه لا يجوز إتمام الزواج إلا بعد التوبة الصادقة من كليكما لأن الله سبحانه قد حرم الزواج من الزاني أو الزانية إلا بعد التوبة، قال تعالى: الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ {النور:3} .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: فأما تحريم الزانية فقد تكلم عنه الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم، وفيه آثار عن السلف، وإن كان الفقهاء قد تنازعوا فيه وليس مع من أباحه ما يعتمد عليه. انتهى.
وقال العلامة ابن القيم رحمة الله عليه: وأما نكاح الزانية فقد صرح الله بتحريمه في سورة النور، وأخبر أن من ينكحها إما زان أو مشرك، فإنه إما أن يلتزم حكمه سبحانه ويعتقد وجوبه عليه أو لا، فإن لم يلتزمه ولم يعتقده فهو مشرك، وإن التزمه واعتقد وجوبه وخالفه فهو زان، ثم صرح بتحريمه، فقال تعالى: وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. انتهى.
أما إذا كان الأمر مجرد تلامس دون إيلاج فهذا ليس من الزنا الموجب للحد بل هذا من مقدمات الزنا، فعليكما بالتوبة إلى الله سبحانه من هذا، ثم لا مانع من إتمام الزواج، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 58166، والفتوى رقم: 37894.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1430(13/787)
حكم الزوجة التي تتبع طائفة مبتدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ عندي مشكلة تقلقني كثيراً وأرجو مساعدتي بأسرع وقت ممكن وبوضوح تام قدر الإمكان، تزوجت من فتاة من طائفة بدعية، عندها كنت لا أعلم الفارق الكبير بين أهل السنة وبين هذه الطائفة، ولكن بعد أن فهمت الفوارق أصبح لدي الشجاعة بأن أطلب من زوجتي اعتماد مذهب أهل السنة والجماعة، لكنها ترفض تماماً اعتماد المذهب السني، وخيرتني بين أن توقف الصلاة تماماً أو تصلي كما تشاء وتتبع في صلاتها من تشاء، ولكن لا تريد أن تتبع أهل السنة والجماعة، لقد أنجبت ثلاثة أولاد وأنا الآن آخاف على أولادي من اتباعهم هذه الطائفة، وخاصة بحكم عملي لا أتواجد مع أولادي باستمرار فما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه المرأة تعتقد شيئاً من العقائد المكفرة كاعتقاد النفع في أهل القبور والاستغاثة بهم، أو اعتقاد كفر الصحابة وتحريف القرآن ونحو ذلك وأصرت على ذلك بعد بيان الحجة لها، فلا تحل لك، بل يجب عليك مفارقتها فوراً والأولاد منسوبون إليك لجهلك بهذه المسألة، ولا حق لها في حضانة هؤلاء الأولاد ما دامت على هذا الحال.
وأما إن لم تكن تعتقد شيئاً من العقائد المكفرة فلا ينفسخ نكحاها ولا حرج عليك في إبقائها في عصمتك، وينبغي أن ترفق بها وتجتهد في تعليمها الحق، وراجع الفتوى رقم: 1449.
وينبغي أن تحرص على كل حال على أن يكون تربية هؤلاء الأولاد وتوجيههم إليك وحدك دونها حتى لا تؤثر عليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1430(13/788)
حكم زواج الكبير العاجز جسديا وجنسيا
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل عمره سبعون عاما ويرغب في الزواج من امرأه تعينه وتساعده بحكم أنه عاجز جسديا وجنسيا
هل هذا الرجل يكون آثما. أفيدونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت المرأة على بينة من حال الرجل من العجز ورضيت بذلك، فلا إثم عليه في زواجها، جاء في شرح المهذب: فأما من لا نسل له ولا إرب له في النساء ولا في الاستمتاع فهذا مباح في حقه إذا علمت المرأة بذلك ورضيت.
بل قد يكون مستحباً، قال ابن قدامة في أقسام الناس في الزواج: القسم الثالث: من لا شهوة له إما لأنه لم يخلق له شهوة كالعنين أو كانت له شهوة فذهبت بكبر أو مرض ونحوه ففيه وجهان أحدهما: يستحب له النكاح لعموم ما ذكرنا، والثاني: التخلي له أفضل. وللمزيد تراجع الفتاوى أرقام: 98352، 70856، 50755.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1430(13/789)
زواج الزانيين بعد توبتهما
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب مسلم تعرف على بنت بكر مسلمة وللأسف لم تعد البنت بكرا بعد أن فعل في غفلة ما يغضب الله ولكن الشاب تاب إلى الله، أما عائلة البنت فلا ترغب في هذا الزواج ... هل يستطيعا الزواج أمام القاضي. ويكون الزواج مشهورا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزنا من الكبائر التي تجلب غضب الله، كما أنه جريمة خطيرة لها آثارها السيئة على الفرد والمجتمع قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا {الإسراء:32} .
والتوبة من الزنا، تكون بالإقلاع عنه والندم على فعله، والعزم الصادق على عدم العود.
أما عن سؤالك، فإن كان هذا الشاب قد تاب توبة صادقة، وكانت تلك الفتاة قد تابت أيضا فإنه يجوز له أن يتزوجها، والزواج الشرعي له شروط مبينة في الفتوى رقم: 964، ومنها اشتراط الولي، فجمهور العلماء على أن المرأة إذا تزوجت بدون ولي فالزواج باطل، ف عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّما امرأةٍ نَكَحَتْ بغير إذن مواليها؛ فنكاحها باطل ثلاث مرات، فإن دخل بها؛ فالمهر لها بما أصاب منها، فإن تشاجروا فالسلطان وَلِي من لا وَلِي له. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة، وصححه الألباني في الإرواء.
وعلى ذلك فلا يصح زواجه منها عند القاضي بدون وليها الشرعي، إلا إذا رفض جميع أوليائها تزويجها دون مبرر، عضلاً لها، فيجوز للقاضي أن يزوجها حينئذ.
ونوصي هذا الشاب بالإكثار من الأعمال الصالحة، والتزام ما أمر الله به من اجتناب الاختلاط المحرم بالنساء والبعد عن مداخل الشيطان وأبواب الفتنة.
وعليه أن يستر على نفسه، ولا يخبر أحداً بما فعل، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ رواه مالك في الموطأ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1430(13/790)
الزواج من زوجة الصديق المتوفى
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة متوفى عنها وأريد أن أتزوجها بنكاح صحيح لكن زوجها الذي توفي عنها كان صديقا لي والمشكل أنه في عادتنا بيننا أنه من القبائح عند بعض الناس الزواج بمثلها: السؤال هل يجوز لي أن أعقد معها في مسجد حتى لا يعلم اللائمون؟ علما أننا نسكن بعيدا عن بلدنا منذ سنين والثاني أنه ليس لها ولي إلا الأب وقد توفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت المرأة المتوفى عنها زوجها قد انقضت عدتها فلك الزواج منها ولو كان هذا الأمر مستقبحا عادة عند بعض الناس.
لكن الزواج منها لا يجوز بدون إذن وليها، فإن كان أبوها قد توفي انتقلت الولاية إلى من بعده من الأولياء فإن غاب الولي غيبة منقطعة أو تعذر الاتصال به أو جهل مكانه انتقلت الولاية إلى من بعده من الأولياء على الترتيب المتقدم في الفتوى رقم: 37333. وراجع الفتوى رقم: 115155.
فإن لم يوجد أحد من أوليائها زوجها قاض شرعي، فإن لم يوجد فلا مانع من أن يزوجها رجل عدل من المسلمين سواء كان إمام مسجد أو غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1430(13/791)
تزوجت عرفيا بدون علم أهلها وتريد إصلاح ما فات
[السُّؤَالُ]
ـ[عمرى 38 سنة تزوجت عرفيا بدون علم أهلي قبل سنتين وقد تبت الآن وأريد إصلاح ما فات والعودة إلى الله فقد قيل لي إن ما كان بيني وبين زوجي زنا وحرام وزواجي السري منه جاء بسبب رفض أبي المطلق لزواجي بأي شخص، أريد حقاً أن أنتهي من هذا الزواج وأعود إلى الله وأتوب قبل أن يحين أجلى وأريد الطلاق منه ولكن قيل لي إنه لكي يطلقني يجب أن يتزوجني بشكل شرعي ليصبح ما مضى حلالا ثم يطلقني فهل هذا صحيح، ألا يحدث طلاقي منه لمجرد أن يقول أنت طالق كما حدث أن تزوجنا بكلمة بيننا، فأرجو الرد سريعا فأنا لا أعرف النوم والراحة وأخاف أن أموت قبل أن أصحح ما أخطأت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أن النكاح لا يجوز بدون ولي، وعليه فزواجك بدون إذن أهلك باطل عند الجمهور خلافاً لأبي حنيفة، والراجح المفتى به هو مذهب الجمهور، وبناء على ذلك فالنكاح باطل يجب فسخه فوراً، وعليك المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى والابتعاد فوراً عن هذا الزوج، ولم نقف على قول لأهل العلم بكون فسخ هذا النكاح مشروطاً بزواج صحيح ثم طلاق بعد ذلك.
وعليه فيكفي مفارقة هذا الزوج فوراً وبطلاق من الزوج أو فسخ من القاضي، وما حصل من أولاد فهم لاحقون به، ولك الزواج به من جديد مع توفر أركان النكاح من ولي وشاهدي عدل ومهر، مع التنبيه على أن زواجك الذي سألت عنه يمضي ولا يفسخ إذا حكم بصحته قاض شرعي من قضاة المسلمين، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 48058، والفتوى رقم: 108525.
وإذا أردت الزواج من الرجل المذكور أو غيره وكان كفئاً شرعياً وامتنع الأب من تزويجك فلك رفع الأمر إلى القاضي الشرعي ليزوجك أو يأمر من يزوجك من أوليائك، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 106705.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1429(13/792)
الزواج من امرأة وقعت في الزنا سترا عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 25 سنة عقد قراني مع فتاة من أحد الأقارب وهي تبلغ من السن 30 من عمرها وزوجها لها كان تسترا لأنها وقعت بها مشكلة وهي في غنى عنها وهي الآن على وشك ولادة إلا أنه تم الاتفاق قبل العقد بتكاليف الزواج وعدم شرط من قبلها ومن قبل والديها قبلوا بجميع شروطنا ومنها زواج عائلي ومهر بسيط وتبين بعد العقد بفترة بسيطة من كلامها أنها تريد أن تحيي زواجها باستراحة أفراح وأن آتي بمغنية وهكذا وأنا لم أوافق على شروطها وهي مصرةعلى قولها فقلت لها لما لم تكتبا شرطكما قبل أن نكتب العقد فسكتت وقالت لم يأت ببالي والآن تريد أن تحيي زواجها أو تريد الطلاق إذا لم يتم شرطها وأنا مصر على كلامي بالعقد زواج عائلي حسب الاتفاق والآن هي تريد الطلاق وأنا إنسان جئت لأستر عليها وأعمل خيرا، وللأسف لم أجد، فما رأي سعادتكم مع العلم بأني لم أدخل عليها إلى الآن ولم أنظر إليها فقط أتحدث معها بالتلفون.
وأشكر فضيلتكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم توضح لنا – أيها السائل - ما هي هذه الظروف التي وقعت بهذه المرأة هل هي زنا برضا منها أم غير ذلك, كأن تكون قد أكرهت على الزنا بغير رضا منها ولا اختيار, فإن كانت قد وقع منها الزنا برضاها، فلا يجوز الزواج بها ما لم تتب وتضع حملها من الزنا؛ لأن نكاح الزانية نكاح باطل إذا وقع قبل توبتها من الزنا, لقوله سبحانه: وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ {النور:3} .
وقد قال الرسول الله – صلى الله عليه وسلم: لا توطأ حامل حتى تضع. رواه أبو داود والحاكم وصححه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: فأما تحريم الزانية، فقد تكلم عنه الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم، وفيه آثار عن السلف، وإن كان الفقهاء قد تنازعوا فيه، وليس مع من أباحه ما يعتمد عليه. انتهى.
وقال العلامة ابن القيم رحمة الله عليه: وأما نكاح الزانية فقد صرح الله بتحريمه في سورة النور، وأخبر أن من ينكحها إما زان أو مشرك، فإنه إما أن يلتزم حكمه سبحانه ويعتقد وجوبه عليه أو لا، فإن لم يلتزمه ولم يعتقده فهو مشرك، وإن التزمه واعتقد وجوبه وخالفه فهو زان، ثم صرح بتحريمه، فقال تعالى: وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. انتهى.
فإن كنت قد عقدت عليها قبل توبتها فهذا نكاح باطل لا بد من فسخه, أما إذا كانت قد تابت أو كان الزنا قد وقع عليها وهي مكرهة فالعقد عليها – مع حملها - صحيح على مذهب الشافعية والحنفية إلا أنه لا يجوز لك وطؤها حتى تضع حملها لما سبق من قول الرسول الله – صلى الله عليه وسلم –: لا توطأ حامل حتى تضع.
وذهب المالكية والحنابلة إلى عدم صحة هذا العقد لأن العدة واجبة على الزانية كغير الزانية، وعدة الحامل وضع الحمل, وعليه فلا يجوز العقد على الزانية قبل تمام العدة من الزنا.
ولا مانع من الأخذ بمذهب الشافعية والأحناف خصوصا إذا كان هناك حرج من فسخ العقد وإعادته مرة أخرى.
وأما ما تذكر من كونها تصر على إقامة الفرح في صالة أفراح وأن تأتي بمغنية, فهذا لا يجوز لها لأن فيه مخالفة لما تم اشتراطه في العقد من الاقتصار على احتفال عائلي, هذا إذا كان أمر المغنية سيتم في إطار الضوابط الشرعية من عدم سماع الرجال لصوتها وكون كلمات الغناء مباحة لا فحش فيها , وأن لا يكون هناك آلات غناء محرمة إلى غير ذلك من ضوابط الشرع.
أما إذا اختلت هذه الضوابط أو بعضها فإن الأمر يكون ممنوعا من وجهين لمخالفته لأحكام الشرع من ناحية, ومخالفته للشرط من ناحية أخرى.
للفائدة تراجع الفتويين: 7877 , 24204.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(13/793)
وجوب موافقة الأهل على زواج الفتاة إذا تقدم إليها ذو دين وخلق
[السُّؤَالُ]
ـ[أحييكم على هذه الصفحة التي أتاحت لنا الفرصة للسؤال والاستفسار عما يحير بالنا.. سؤالى أو مشكلتي هي أني فتاة أبلغ من العمر 27 عاما.. كلما تقدم لي شاب يرفضه أهلي بدون أن يسألوا عن دينه أو أخلاقه.. وسبب الرفض هو أنه من القرى المجاورة لمدينتنا.. وأصبح وضعي صعبا جداً جداً.. أصبح لا أحد يتقدم لي.. وأنا بحاجة ماسة إلى رجل ذي خلق ودين.. وفي الوقت الحاضر لا أحد يتقدم لي.. فأصبح عمري على مشارف الثلاثين وأنا نفسيتي تعبت جداً.. وأنا الحمد لله فتاة ذو خلق ودين ومتعلمة ولا ينقصني شيء بفضل الله.. وأدعو دائما بالزوج الصالح.. وأن يغنيني الله بالحلال.. فماذا يا ترى أفعل.. أهلي رافضون تماما تزويجي وأنا مسني الضر.. فأرجو من حضرتكم يا شيخي الكريم أن توجه كلمة لأهلي وكلمة لي تخلصني من العذاب الذي يلازمني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما فعله أهلك من منع زواجك ممن يتقدم لك لمجرد كونه من القرى المجاورة لكم ظلم بين، وتعنت واضح ومخالفة لأوامر الشرع فيجب على الأهل أن يوافقوا على زواج الفتاة إذا تقدم إليها ذو دين وخلق ورضيت به، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه الألباني.
فإذا تقدم إليك ذو خلق ودين فلا تترددي أن تعلني لوالدك رغبتك في تعجيل الزواج، وتوسطين من أقاربك من يبين له وجوب تعجيل زواجك وحرمة تأخيره، وأن ذلك من العضل الذي نهى الله الأولياء عنه، والذي يؤدي إلى الفتنة والفساد في الأرض، فإذا رفض فيمكن لمن بعده من أوليائك أن يزوجك، فإن رفضوا فيمكنك رفع أمرك للقاضي الشرعي ليزوجك.
فإن الشرع قد جعل الولاية تنتقل إلى الولي الأبعد إذا عضلها الولي الأقرب، ومعنى عضلها: أي منع تزويجها من كفئها الذي ترغب في الزواج منه، فإذا عضل الأبعد زوجها القاضي، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له.
وننبه السائلة إلى أن ظلم والديها لها لا يبيح لها عقوقهم أو التقصير في برهم والإحسان إليهم، ونوصيك بالصبر والثبات على الطاعة، والإلحاح في الدعاء وعدم تعجل النتيجة، مع إحسان الظن بالله واليقين بأنه تعالى أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا وأنفسنا، وأنه لا ممسك لرحمته، وأنه لا يضيع من استقام على طاعته ورضي بقدره، قال تعالى: إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف:90} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1429(13/794)
زنا بامرأة فهل له أن يتزوج بابنتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من زنا بامرأة وأراد الزواج من ابنتها، ولو انفصل عقد القران تحل له بعد الزنا وهي على ذمة رجل آخر؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزنا معصية شنيعة وكبيرة من كبائر الذنوب، ومن ابتلي به فعليه المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى والإكثار من الأستغفار والأعمال الصاحة لعل الله تعالى يمن عليه بالتوبة والقبول.
ومن زنا بامرأة فقد اختلف أهل العلم هل تحرم عليه ابنتها أم لا؟ والراجح أنها لا تحرم عليه وله الزواج بها، كما تقدم في الفتوى رقم: 50722، والفتوى رقم: 44378.
لكنه هذا الرجل الزاني بالأم إذا تزوج ابنتها حرمت عليه الأم بمجرد عقد النكاح على ابنتها، ولا تحل له بعد ذلك مطلقاً إذا فارق ابنتها هذا مذهب جمهور أهل العلم، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 18532.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1429(13/795)
زنا بكتابية متزوجة فهل يتزوجها إذا طلقت أو أسلمت
[السُّؤَالُ]
ـ[زنيت بامرأة متزوجة وغير مسلمة. زوجها لم يدخل بها. تبت إلى الله وقطعت علاقتي بها. وصلني خبر أنها حامل وتنوي الدخول في الإسلام وقد اتفقت هي وزوجها على الطلاق. الجنين الذي معها هو مني. لا أدري ماذا أفعل. هل يحل لي الزواج بها؟ هل ينسب الطفل لي؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزنا ذنب عظيم وكبيرة من كبائر الذنوب، وتشتد الحرمة بحصوله مع امرأة ذات زوج، فالواجب عليك التوبة النصوح، وانظر في شروط التوبة الفتوى رقم: 5450.
واعلم أن ولد الزنا لا يلحق بالزاني، فلا يلحق هذا الولد بك، وأما زواجك من هذه المرأة فإن فارقت هذه المرأة زوجها بطلاق مثلا أو بإسلامها وبقاء زوجها على الكفر، ولم يسلم زوجها حتى انقضت عدتها جاز لك الزواج منها، بشرط أن تكون قد تابت من الزنا، وراجع الفتويين: 56460، 35670.
وننبه إلى أن زواج المسلم من المرأة الكتابية جائز في أصله إلا أننا لا نرى إقدام المسلم على ذلك في هذه الظروف، لما قد يترتب على زواجه منها من مخاطر سبق ذكرها بالفتوى رقم: 5315.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1429(13/796)
الحل الأمثل هو المبادرة إلى الزواج مع مواصلة الدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة تونسية ملتزمة بالحجاب مع كشف الوجه والكفين منذ 5 سنوات , أدرس الهندسة-السنة الخامسة والأخيرة - في جامعة مختلطة، فكرت عدة مرات في الانقطاع عن الدراسة وما يمنعني هو بر الوالدين وإليكم بعض التفصيل:
-بعد نهاية السنة الثالثة أردت أن أنتقل إلى جامعة أخرى فيها اختلاط أقل ولكن أبوي رفضا بشدة –صراخ تهديد من جانب الأب, بكاء من جانب الأم- بحجة أن مستواها أقل وأخسر عامين من دراستي, فرضخت لطلبهما.
-أعلم علم اليقين أني فتنت الكثيرين في حياتي بدرجات متفاوتة بعضها خطير, حتى بعد الحجاب وابتعادي عن الخلوة والمصافحة ولبسي الجلباب والخمار الكبيرين، منذ سنتين دخلت التجارب وورش العمل ضمن الدراسة, كنت أختار فريقي من الفتيات حتى أتجنب الاختلاط, هذا العام عدد الفتيات 5 مقابل 21 ذكور, أحيانا تتغيب كل الفتيات وأضطر للبقاء في قاعة الدرس مع الذكور والأستاذ-تقريبا كل الأساتذة رجال- بالنسبة لفرق العمل فريقي يضم فتاة واثنان من الذكور, لا بد أن أنجز معهم أعمالا وأن أراهم باستمرار في الدرس وخارجه, الفتاة صديقة أحدهما وهما يضايقانني بتصرفاتهما المحرجة, صديقها يقولها جهارا أنه يحب كل الفتيات وأنا أخشى منه. هذا لا يعني أنني ضعيفة فالجميع يرى أنني شديدة وأؤذي من يفكر في الاقتراب مني ولكن أحيانا بسبب الإجهاد - 7إلى9 ساعات دراسة-أفقد الشدة التي أصطنعها وأقترب من حقيقتي.
-الدراسة تستوجب 3 تدريبات لدى الشركات المختصة.
في التدريب الأول, مديري في العمل, المنضبط في العادة, افتتن بي.
في التدريب الثاني كان هناك خلوة لمدة طويلة مع المدير الشاب فتركت التدريب قبل إتمامه وأخفيت الأمر عن أبوي. للعلم أنه لا بد أن أعيد هذا التدريب كي أحصل على الشهادة.
التدريب الثالث في الشطر الأول من عام 2009 ويدوم 4 أشهر لا شهر كما سبق. على الأغلب كل الشركات يكثر فيها الرجال وإمكانية الحصول على تدريب نظري في الجامعة مع أستاذة ضئيل جدا.
-الصيف المنصرم خطبني شاب ملتزم ووافقت, ولكن أمي ترفض الزواج بعد عام حتى أؤكد لها أنني سأتم المرحلة الثالثة بعد التخرج هذا العام ففعلت حتى أيسر الزواج وألطف الأجواء.
-الاختلاط أرهقني نفسيا وبدنيا, لم اعد أقدر على الدراسة كما ينبغي ,عانيت من انخفاض شديد في الوزن وأشياء أخرى.
أمام هذا الوضع وأمام رفض أبوي الحازم فكرت في الانقطاع عن الدراسة والادعاء بأنني أدرس وفي آخر العام أدعي أنني تخرجت وحصلت على الشهادة-إذا ادعيت أني رسبت فسيغضبان كثيرا ويمنعاني من الزواج.
إن شاء الله آخذ بالأسباب ولن يتفطنا بستر الله, السؤال ,هل يجوز أن أكذب عليهما وعلى كل الناس؟ –إلا من أثق به-وهل يجوز أن أزور شهادة يعني أنسخ شهادة إحدى زميلاتي وأبدل اسمها باسمي؟ بالطبع لن أستخدم هذه الشهادة وتزويرها لن يخفى على السلطات ولكنه يخفى بإذن الله على والدي.
مع العلم أنه بعد أن تنقضي مدة المرحلة الثالثة لن أعمل وسأواجه الجميع بقراري وستكون طاعة الزوج أولى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يثيبك في حرصك على الحفاظ على دينك وعرضك، ونسأله أن يقيك شر الفتن، والواجب عليك التوبة مما قد وقع منك من تفريط ومعاص في الماضي.
ولا شك أن الاختلاط شأنه خطير وأنه من أعظم أسباب الفتنة فالواجب عليك الحذر قدر الإمكان من الوقوع في الاختلاط المحرم أو تمكين أحد من الخلوة بك، ونحسب أنك لست في حاجة إلى الوقوع في شيء من التزوير فإننا نرجو أن يكون في الزواج حل لمشكلتك، فالذي ننصحك به هو المبادرة إلى الزواج مع مواصلة الدراسة، فإن الزواج يعينك كثيرا على تجنب أسباب الفتنة، وإذا اقتنع والداك بأمر الزواج فبها، وإلا كان لك الحق في الزواج ولو من غير رضاهما فإن طاعة الوالدين إنما تكون في المعروف، وليس من المعروف منع الوالدين ولدهما مما قد يلحق الولد ضرر بتركه، ونعني هنا الزواج، وإذا رفض والدك تزويجك فارفعي الأمر إلى القاضي الشرعي أو من يقوم مقامه عند عدم وجوده، ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 113574.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1429(13/797)
هل يشترط لقبول توبة الزاني زواجه ممن زنى بها
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل متزوج منذ 23 سنة أرتبط بعلاقة غير شرعية لمدة 4 سنوات مع فتاة تصغره ب15 سنة وهي لم تكن بكر بل إنه يعلم أنها كانت لها علاقات برجال قبله وهي تعلم أنه متزوج.
هل يجب عليه للتوبة أن يتزوجها؟ علما بأنه على يقين من أن زوجته الأولى لن تقبل أن يتزوج عليها وستصر على طلب الطلاق.
فهل يطلق زوجته ويتزوج الأخرى أم أن زواجه منها ليس شرطا لقبول التوبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشترط لقبول توبته أن يتزوجها بل لا يجوز له أن يتزوجها حتى يتوب كل منهما إلى الله، وعليه أن يستتر بستر الله عليه ولا يحدث بما كان منه، والتوبة الصادقة تكفر الزنا بإذن الله، ولا تنصحه بالزواج من تلك الفتاة لأنها غير مؤتمنة على عرضه لما ذكر عنها بل يقطع علاقته بها ويقبل على الله عز وجل بالأعمال الصالحة والندم على تفريطه في جنبه وارتكابه لسيئة من أعظم الفواحش.
قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً {الإسراء:32} فليصدق في توبته مع الله عز وجل، ومن تاب تاب الله عليه، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 296، 5091، 1677، 101539.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1429(13/798)
خفاء تحريم المتعة على بعض الصحابة الكرام
[السُّؤَالُ]
ـ[في الفتوى رقم (24142) وبتاريخ 17 شعبان 1423هـ. تفضلتم من ضمن الإجابة على السؤال المطروح بالآتي: أما من فعل المتعة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي خلافة أبي بكر الصديق، وفترة من خلافة عمر بن الخطاب، فذلك محمول على عدم علمهم بنسخ المتعة كيف يكون ذلك مع أن من ذكرتهم أول خليفتين للمسلمين؟ فهل يكونون بعيدين عن تشريع مهم كهذا, ولم يسمعوا به حتى؟ ولم يسألوا عنه قبل العمل به؟ ألا يعطي هذا التصور ببعض الإشكال في المسائل المختلف عليها والصادرة من قبل الخليفتين بمسائل شرعية غير ما طرح من مسألة المتعة؟ نرجو إيضاح ذلك أكثر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الجملة المشار إليها من فعل المتعة من المسلمين وعامة الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بعد نسخ إباحتها أو في زمن خلافة أبي بكر رضي الله عنه وشطر من خلافة عمر رضي الله عنه، وليس المقصود أن أبا بكر رضي الله عنه لم يطلع عليها أو عمر، وإنما المقصود من فعلها في عهدهم من المسلمين فهو كمن فعلها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بعد نسخ إباحتها ولم يعمل بذلك سيما وأن المتعة مما تكرر فيه الحكم بالإباحة والتحريم، فقد أبيحت ثم حرمت ثم أبيحت ثم حرمت إلى يوم القيامة، فمن لم يطلع على الحكم الأخير وهو نسخ الإباحة أبدا عمل بما كان لديه من إباحتها ولا غرابة في ذلك، فقد تفرق الصحابة في الأمصار وذهب كل منهم بما سمع وعمل به، وعمر رضي الله عنه قد روي عنه أنه لما ولي خطب فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لنا في المتعة ثلاثا ثم حرمها. أخرجه ابن ماجه من طريق أبي بكر بن حفص، مما يدل على علم عمر بالتحريم، هذا مع أنه قد خفي عليه رضي الله عنه كثير مما علمه غيره من الصحابة كحكم الاستئذان ودية الجنين وميراث المرأة من دية زوجها، وخفي على أبي بكر ميراث الجدة وغير ذلك، فلا غرابة أن يخفى على غيرهم من أجلاء الصحابة بعض الأحكام التي تكلم بها النبي صلى الله عليه وسلم وحدث بها في غيبتهم والشرع محفوظ بعلم كل الأمة ومجموعها لا بعلم فرد أو أفراد من أفرادها.
وننصحك بقراءة سيرة الخلفاء الراشدين وتراجم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وتنهل من ذلك المعين لتعلم كيف كانوا يحكمون ويعملون.
ولمزيد من الفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 6906، 24142، 51124، 33412.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1429(13/799)
حكم الزواج العرفي وزواج المسيار مع توفر شروط النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب أن أستفتي سعادتكم، نفع الله بكم وبعلمكم في الفتوى التالية:
لي شقيقة تبلغ من العمر (46 عاما) توفي عنها زوجها قبل أربع سنوات تاركاً لها ميراثا شرعيا أرض زراعية + منزل من دور واحد قابل للبناء +نقود حوالي 50000 جنيها مصريا+ ومعاشا شهريا لها ولأبنائهم عن عمله في إحدي الشركات المرموقة علماً بأنه في خلال الأربع سنوات الماضية بعد وفاته بلغ منهم ولدان وبنت سن الرشد ومازال الابن الرابع قاصرا عمره14 عاما.
والسؤال هو:
هل يجوز لها الزواج العرفي أو زواج المسيار مع توافر الشروط الخمسة لصحة النكاح حسب علمنا تعيين الزوجين، الولي، الإيجاب والقبول شاهدي العدل، خلو الزوجين من موانع النكاح.
وذلك رغبة منها في الحفاظ على المعاش والسكن الإداري الذي يسكنون فيه جميعاً ومصلحة أبنائها بما فيهم القاصر وأي نوع من الزواج هو المناسب وما هي الصيغة الشرعية والقانونية لمثل عقود الزواج هذه. وجزاكم الله عنا وعن المسلمين كل خير، علماً بأن:
1- جميع أبنائها يعلمون برغبتها في الزواج وليس لديهم مانع في ذلك وأبدى ابنها البالغ الأكبر "26 عاما " رغبته في أن يكون ولي أمه في الزواج وكل من بنتها المتزوجة "25 عام" وابنها الثالث البالغ أيضاً "22عام "ليس لديهم مانع من زواجها".
2- هي لا تطلب من زوجها الجديد سكنا أو نفقه أو منقولات وترغب في قيامه بالزواج منها في شقتها أو في أي سكن يمكنها تدبيره بنفسها.
3-عانى زوجها السابق من مرض عضال منعه من إعطائها حقوقها الشرعية الجسدية لمده تزيد عن خمس سنوات قبل وفاته رحمه الله.
4-هي ترغب في إبقاء هذا الزواج سراً أمام غالبية أهلها ولكن بعلم أبنائها وشقيقها البالغ" كاتب هذه الرسالة" والمتزوج وشقيقتها البالغة والمتزوجة علماً بان والدنا ووالدتنا متوفيان رحمهما الله منذ أكثر من 18 عاما.
5- أنا شقيقها الأصغر وأسكن في بلدة أخرى غير التي تقيم فيها شقيقتي وأخشى عليها من الوقوع في الحرام لا قدر الله وفي نفس الوقت أعلم رغبتها وحاجتها في الزواج ولكن وضع الأسرة على المستوى العام لا يسمح لنا بإعلان مثل هذا الزواج خاصة وأن الزوج الجديد متزوج ولديه أبناء وأصغر منها في السن وأفل من حيث المستوى التعليمي والثقافي والاجتماعي ولدية نفس الرغبة في إبقاء هذا الزواج شرعياً ولكن في الحدود السابق ذكرها فقط وغير معلن للجميع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الزواج ستتوفر فيه شروط الزواج الصحيح كان زواجا صحيحا سواء سمي زواج مسيار أو زواجا عرفيا أو غير ذلك، ولا يؤثر على صحة هذا الزواج عدم إعلانه، ولا بأس بأن تتنازل الزوجة عن شيء من حقوقها، ومتى ما أمكن إعلان هذا الزواج فهو أولى لئلا يظن بالمرأة سوء بدخول هذا الرجل في بيتها، فمن يجهل الأمر قد يظن أنه أجنبي عها، وراجع الفتويين: 95573، 99878.
وليس لمثل هذا النكاح صيغة خاصة وإنما يشترط أن يكون فيه إيجاب وقبول، وننبه إلى أهمية توثيق عقد النكاح فإن ذلك أدعى لحفظ الحقوق.
ويتولى الابن عقد نكاح أمه إذا لم يوجد الأب أو الجد، وقد ذكرنا ترتيب الأولياء في النكاح بالفتوى رقم: 52874، فراجعها.
وننبه إلى أنه لا عبرة بفارق السن أو المستوى التعليمي أو الاجتماعي أو نحوهما، فإن الكفاءة المعتبرة هي الكفاءة في الدين والخلق كما بينا بالفتاوى ذات الأرقم التالية: 20348، 51803، 10008.
وننبه أيضا إلى أنه لا يجوز لها التحايل لأخذ ما لا تستحقه سواء كان هذا التحايل بإخفاء الزواج أم بغير ذلك، ويجب التقيد بما تجعله الدولة من شروط لاستحقاق السكن أو المال، ويدخل في هذا المعاش إن كان عبارة عن منحة من الدولة، وأما إن كان عبارة عن تعويض عما كان يستقطع من راتب المتوفى فهو حق للورثة لا يجوز لأحد منعه منهم،فإذا منعه منهم فلهم بذل الحيلة لاستخلاصه، وراجعي الفتوى رقم: 9285.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1429(13/800)
استحباب إشهار النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز زواج السنة مع الإشهار وهل هو حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا معنى زواج السنة الذي تقصد، فالنكاح الصحيح الموافق للسنة هو الذي توفرت شروطه وأركانه بحضور ولي المرأة وشاهدي عدل ومهر، كما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 7704، والفتوى رقم: 58250.
فإذا توفرت شروط النكاح وأركانه فهو صحيح ولو لم يتم إشهاره إلا أنه من المستحب إشهار النكاح بضرب الدف ونحوه من كل مباح بشرط البعد عن المحرمات التي قد تحصل في مثل هذه المناسبة كالاختلاط بين الرجال والنساء والغناء والمحرم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 27294، والفتوى رقم: 63277.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1429(13/801)
الزواج المبني على الكذب هل يعتبر غير صحيح
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب مغربي ملتزم تعرفت على فتاة عبر موقع إسلامي بغرض الزواج. والمشكلة تكمن في أنها لا تستطيع أن تقول لأهلها أنها تعارفت على شاب عبر الانترنت وهى تكذب عليهم.فهل هي آثمة، وما حكم هذا الزواج المبني على الكذب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيبدو أنك تسأل إذا كانت هذه الفتاة ستأثم إن كذبت على أهلها، وعن حكم هذا الزواج إذا كان مبينا على الكذب. فإذا كان الأمر كذلك فالجواب أنه لا يجوز لهذه الفتاة أن تكذب على أهلها، وإلا كانت آثمة، ولا يلزمها أن تذكر لهم حقيقة الأمر، ولكنها يمكنها أن تستخدم معاريض الكلام وراجع الفتوى رقم: 58850.
وأما الزواج فيشترط له شروط من أهمها وجود الولي والشهود، فإذا توفرت فيه هذه الشروط كان زواجا صحيحا، ولا يؤثر على صحته كونه كان مبنيا على الكذب، وراجع هذه الشروط بالفتوى رقم: 1766.
وننبه إلى أنه ينبغي لمن أراد أن يتزوج من امرأة أن لا يعتمد على مجرد معرفته بها من خلال الانترنت بل عليه أن يسأل من يعرفونها، ويتأكد من دينها وخلقها، ثم يستخير الله تعالى في الزواج وسيقدر الله له ما فيه الخير بإذنه سبحانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1429(13/802)
حكم الزواج المؤقت بهدف عمل المرأة في محافظتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة متخرجة من كلية التربية وفي هذه الكلية الدولة ملتزمة بتعييننا ولكن المشكلة أن تعييننا سيكون على الغالب خارج محافظتنا أي في محافظات بعيدة عن مكان إقامتي أي ما يقارب 6 ساعات أو أكثر ولا يوجد هناك من حل إلا أن أتزوج حتى يسمحوا لي أن أنتقل إلى محافظتي أي مكان إقامة زوجي.
ولذلك بعض البنات الأخريات يقمن بكتب كتابهم مؤقتا على أي رجل من حواليهم فقط لتنتقل إلى محافظتها ثم بعد ذلك يفكوا كتابهم.
فهل هذا يجوز شرعا؟
أرجو المساعدة جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الإقدام على هذه الصورة من الزواج؛ لأنها من اللعب والاستخفاف بآيات الله تعالى، قال سبحانه: وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا {البقرة: 231} هذا إذا تم الزواج مستوفيا شروط الزواج الصحيح من وجود الولي وحضور الشهود فهو زواج صحيح، وعدم وجود نية الزواج لا تأثير له على صحته لأن النكاح جده جد وهزله جد كما في الحديث، ولكن إن تم الاتفاق على كونه مؤقتا بوقت محدد تنحل عقدته بحلوله فهو نكاح متعة وهو باطل بالإجماع.
وبدلا من هذا كله فما المانع من أن تختار المرأة أحد الصالحين الأخيار فيتزوجها الزواج الشرعي لتكون مقيمة معه فيزول الإشكال. وراجعي الفتوى رقم: 78729.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1429(13/803)
جواب شبهة حول كون الزواج سبيلا للغنى
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال أعرف إجابته لكن أجب لكي يرتاح قلبي هل الزواج ذنب لكي تهل علي المصائب بعد أن عقدت القران وأين التيسير الذي كنتم تقولون يأتي عند أمر الزواج مللت وأنا أصبر وأقول تكفير ذنوب والخير سيأتي كيف أخبروني لقد جننت؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج آية من آيات الله، ونعمة من نعمه، ونظام شرعه الله، وكل شرعه حكمة ورحمة، وسبيل دلنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يشك مسلم أنه صلى الله عليه وسلم ما دلنا إلا على ما فيه فلاحنا وسعادتنا في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى {طه:123} ، وإذا لم يستشعر الإنسان نعمة الله في شرعه، فذلك لخلل في هذا الإنسان، فإنه لا يمكن أن ينسب الخلل إلى شرع الله سبحانه وتعالى عن ذلك، قال الله تعالى: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ {الشورى:30}
فربما قابل الإنسان النعمة بالكفران فتنقلب هذه النعمة عذاباً، قال الله تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ {إبراهيم:7} ، أما عن وعد الله المتزوجين بالغنى، في قوله تعالى: إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:32} ، فهذا الوعد لمن أراد بزواجه رضا الله والبعد عن المعاصي، كما قال صلى الله عليه وسلم: ثلاثة كلهم حق على الله عونه: المجاهد في سبيل الله، والناكح يريد العفاف، والمكاتب يريد الأداء. أخرجه ابن ماجه في سننه. وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وقد قيل في تفسير الآية أن ذلك موقوف على المشيئة، قال القرطبي: [وقيل: المعنى يغنهم الله من فضله إن شاء، كقوله تعالى: فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء. وقال الله تعالى: ِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء] . الجامع لأحكام القرآن. والله سبحانه يعلم ما يصلح العبد وما يفسده، ويدبر أمور العباد بحكمة عالية، قال تعالى: وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ {الشورى:27} ، فعليك بتجديد التوبة والتقرب إلى الله والتعرف على أسمائه وصفاته، ليتمكن من قلبك اليقين والثقة بما عند الله، ونوصيك بالتقوى والتوكل على الله، قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق:2-3} .. وننصح بأن تكتب إلى قسم الاستشارات بالشبكة وستجد -إن شاء الله تعالى- عندهم خيراً كثيراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(13/804)
رفض المطلقة للزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة المطلقة أن ترفض الزواج ليس لأنها تعارض بل لكونها لم تعد تثق بأي رجل بسبب تجربتها الأولى وهل تكون آثمة إذا فعلت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حكم الزواج للمطلقة ولغيرها تعتريه الأحكام الخمسة وهي الوجوب والاستحباب والتحريم والكراهة والإباحة بحسب ما هو مفصل في الفتوى رقم: 3011، وهذا بالنظر إلى حال المكلف، أما الزواج من حيث هو فهو سنة ومستحب.
وعليه؛ فإن السنة والمشروع لها أن تبادر بالزواج إذا تقدم لها صاحب دين وخلق، ويكره لها كراهة شديدة رفض الزواج لمخالفته للسنة وقد يصل إلى التحريم إن خشيت على نفسها الوقوع في الفاحشة.
وكونها فشلت في تجربتها الأولى مع الرجل الأول فليس بالضرورة أن تفشل في التجربة الثانية، وليس الرجال سواء حتى تحكم عليهم بأنهم مثل زوجها الأول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1429(13/805)
الزواج بنية المتعة الجنسية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل أعمال عربي عمري 35 سنة أعيش في روسيا منذ 15 سنة ومتزوج وعندي طفلة، فهل يجوز أن أتزوج بنية الحصول على المتعة الجنسية -أنا سني المذهب- أريد الزواج ولكن بالسر, وبدون أن يترتب على زواجي هذا حقوق للزوجة مثل العدل بالمعاشرة والميراث إذا كانت الزوجة قابلة بهذا الشرط هنا الحياة مليئة بالفتن وأتعرض لمواقف كثيرة من فتيات جميلات هنا يعرضن أنفسهن للزواج، فماذا أفعل في هذه الحالة ما هو الحل حتى لا يقع الإنسان في الفتن، تعددت الفتاوى بالنسبة لهذا الأمر منهم من يقول هذا زواج المسيار وإلخ ... الرجاء الفتوى والإرشاد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج بنية المتعة الجنسية أو التعفف عن الحرام لا حرج فيه، بل ذلك من أسمى مقاصده وأنبل غاياته، وللمرء في ذلك أجر حيث يعف نفسه عن الحرام ويحميها من الفتن، وإن أسقطت المرأة حقها في العدل فلا حرج أسوة بسودة أم المؤمنين رضي الله عنها إذ أسقطت ليلتها لعائشة.
وأما تنازل المرأة عن حقها في التركة فلا يصح لأنها لا تملكها قبل موت الزوج، فلا يمكنها أن تتنازل إلا عما تملكه، ولو فعلت فلا اعتبار ذلك وحقها باق في التركة إذا مات زوجها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1429(13/806)
حكم التمسك بالزوجة الكتابية المصرة على دينها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاه أبلغ من العمر25 أدرس الماجستير وأعمل في وظيفة محترمة في اليمن وتعرفت على شاب عن طريق الأهل متزوج من أجنبية لا أعرف أصل ديانتها ولديه طفلان منها واتفقنا أنا والشاب على الزواج لرغبته في الزواج من مسلمة عربية، وأريد أن يطلقها ولكن خاف منها لأنها ستأخذ أطفاله، وأنا نصحته أن يحدثها في الدين ولكن ردت وقالت ليس لديها وقت ولقد هددته بان تأخذ أولادها معها إذا رغب في الزواج، وأنا لم أحب أن أدمر بيتها فانسحبت.
سؤالي هل يجوز أن يظل معها وهي رفضت الإسلام وهو رجل مسلم وهل أعتبر أنا ظلمتها إذا تزوجنا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننبه السائلة إلى أن الإسلام لا يقر علاقة بين الرجل والمرأة قبل الزواج، ولو كانت بهدف الزواج، وإنما الطريق الذي يقره الشرع في ذلك أن يخطب الرجل المرأة من وليها الشرعي، وتظل العلاقة بينهما كالعلاقة بين الأجانب حتى يعقد عليها، فتصير زوجة له.
أما عن سؤالك عن حكم بقاء هذا الرجل مع زوجته التي رفضت الدخول في الإسلام، فإن كانت هذه المرأة من أهل الكتاب (اليهود والنصارى) ، وكانت عفيفة، فلا مانع أصلاً من زواجها، فضلاً عن البقاء معها، قال تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {المائدة:5} أما إذا لم تكن كتابية (كالوثنية والشيوعية) ، فلا يحل له البقاء معها، لقوله تعالى: وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ {الممتحنة: 10} .
وأما عن زواجك به فإنه في ذاته لا يعد ظلماً لها، فمن حق الزوج أن يتزوج على امرأته، ما دام قادراً على الزواج، لكن عليه العدل بين زوجاته فيما أمره الله فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1429(13/807)
الزواج بامرأة مطلقة في عدتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم زواج الرجل بامرأة مطلقة أثناء فترة عدتها، وما حكم الشرع في هذا الزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للرجل أن يتزوج بالمرأة في عدتها، وإن فعل ذلك فهو نكاح باطل، قال ابن قدامة في المغني: وجملة الأمر أن المعتدة لا يجوز لها أن تنكح في عدتها إجماعاً.. وأن تزوجت فالنكاح باطل.. ويجب أن يفرق بينه وبينها. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 49197، والفتوى رقم: 65904.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1429(13/808)
وسائل استجلاب دوام الحياة الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي جزاكم الله خيراً هو أنا زوجة لأخ لا أحبه وأحاول الصبر على هذا لله تعالى ولكن رغما عنّي ينفر منه قلبي ولا أقدر التّزين له لعدم وجود الحب فهل عليّ شيء الّله أعلم لأنّني أرجو من الله الأجر لو صبرت وأن يرزقني برحمته زوجاً في الجنّة أحبُّه ويحبُّني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على صبرك على زوجك هذا، ونسأل الله تعالى أن يعمر قلبك بحبك له، وأن يؤلف بينك وبينه.
وإنك بإذن الله تؤجرين على صبرك على البقاء مع زوجك، وليس على الحب وحده تبنى البيوت، فهنالك الكثير من المصالح غير الحب يمكن أن تدوم بها الحياة الزوجية، ثم إن الحب يمكن تحصيله بعد أن لم يكن، فنوصيك بكثرة الدعاء، وإن كان ثمة أمور يمكن لزوجك فعلها وترجين أن يوجد بسببها الحب فيمكن مصارحته بذلك، وانظري الفتاوى: 107749، 77887، 64810.
ولا يجوز لك بأي حال منع زوجك شيئا من حقه عليك، وعدم حبك له لا يسوغ لك منعه شيئا من ذلك، وراجعي الفتوى رقم: 1780.
وإن وصل بك كرهك له إلى حد لا تستطيعين فيه البقاء معه إلا مع التقصير في حقوقه، فيمكنك أن تطلبي منه الطلاق ولو بمخالعته مقابل عوض تدفعينه إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1429(13/809)
حكم النكاح لأجل غرض ينتهي الزواج بحصوله
[السُّؤَالُ]
ـ[أبلغ من العمر 52 سنة متزوج لي طفلة (4 سنوات) تدرس وتحتاج إلى دواء والمشكلة أنني كنت في إحدى البلدان العربية أشتغل بين ليلة وضحاها أوقفونا وعدت إلى بلدي وبسبب عمري لا أجد عملاً ففكرت في أن أتزوج بفتاة قصد الذهاب إلى أوربا وأطلقها بعد ذلك على أن تعلم زوجتي بذلك وكذلك الفتاة وفي عقد الزواج لا نشترط شيئاً كي يكون العقد شرعياً فهل من مشكلة في ذلك حتى أنني أعيش الآن مع أختي وزوجتي عند أهلها لعدم قدرتي على توفير بيت لنا واضطرت زوجتي للعمل عند إحدى طبيبات الأسنان قصد تسديد مصاريف الدواء للطفلة ومصاريف المدرسة أيضا؟ وجزاكم الله خيراً كثيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج بنية الطلاق إن أضمر الزوج تلك النية في نفسه ولم يذكرها في العقد جائز على الراجح، إذ يمكنه تغيير نيته؛ ولأن العقد يكون مستوفياً لجميع أركانه وشروطه غير محدد بزمن معين، وأما إن اتفق مع المرأة على زمن معين أو غرض ينتهي الزواج بحصول فلا يجوز ذلك وهو من نكاح المتعة المحرم، وإن لم يذكر ذلك في العقد لأن العبرة باتفاق الزوجين، فالعقد وإن صح قضاء فإنه لا يصح ديانة، وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
وكل شرط مفسد للعقد * يذكره يفسده بالقصد
لكن من يجهل قصد صاحبه * فالعقد غير فاسد من جانبه
لأنه لا يعلم الذي أسر * فأجري العقد على ما قد ظهر
والزوجان هنا كل واحد منهما يعلم قصد صاحبه ونيته في توقيت الزواج فهو فاسد منهما، ولذلك فإن الزواج المذكور لا يصح، وعليك أن تتزوج زواجاً صحيحاً مستوفياً لشروط النكاح وأركانه دون اتفاق مع الزوجة على وقت أو غرض معين ينتهي العقد بحصوله، لكنك لو أضمرت تلك النية في نفسك فالزواج صحيح على القول الراجح. وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 96241، 96508، 1123.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1429(13/810)
هل يتزوج من يخشى العنت أم يرد الدين والمال المسروق
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي العزيز إذا كان الشاب مضطرا للزواج أي أنه بلغت به الشهوة إلى درجة عالية فأيهما أولى الزواج أم أن يعيد أموال كان قد اختلسها أو سرقها، وأيهما أولى أيضا في هذه الحالة الزواج أو سداد دين عليه وجزاكم الله خيراً قد أتعبتكم معي بأسئلة كثيرة ولكن استحملوا جهلنا فإن شاء الله لكم أجر بهذا كله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الأموال التي كان قد اختلسها أو سرقها من أصحابها فعليه المبادرة بردها إليهم ولا يؤجل ذلك لأنه من شروط صحة توبته، والتوبة لا تؤخر جاء في الفروع لابن مفلح: والواجب في المال الحرام التوبة وإخراجه فوراً ...
لكن له أن يطلب منهم استدانتها أو تأخير سدادها ونحو ذلك ليتمكن من الزواج وإعفاف نفسه، وإذا علم الله صدق نيته فسييسر له أمر الزواج ويعينه عليه كما قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ {التوبة:28} ، وأما تأخير سداد الدين أو تعجيل الزواج إذا اضطر إليه وخشي على نفسه الفتنة فلا شك أن تعجيل الزواج أولى وللوقوف على تفصيل القول في ذلك، انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 52148، 63974، 104582، 18616، 72489.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(13/811)
حكم نكاح المطلقة قبل استصدار شهادة الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة طلقها زوجها لفظاً وأمضى أوراق الطلاق وقدمها للمحكمة وهذا الطلاق يسمى طلاقا وديا فهي منفصلة عنه منذ ما يقرب السنة، تعيش في بيتها وهو في بيته، علما أنه في القانون الكندي الزوجان المنفصلان منذ ما يزيد عن السنة يتفقان على الطلاق الودي أي لا حاجة لك عندي ولا حاجة له عندها والتقدم بالطلاق ودفع الوثائق بإمضاء من الطرفين، فالطلاق مقبول ولا حاجة للطرفين للحضور، علما بأنه لا يصلي يصاحب الفاسقات يدخن ويشرب الخمر وكل الموبقات والعياذ بالله ... ف هل يمكن أن تتزوج بطريقة شرعية بحضور شاهدين والاتفاق على الصداق لحين تصلها ورقة الطلاق. وشكراً..
وما حكم الزواج بها إن حصل؟ وجزاكم الله عني كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن الرجل قد طلق زوجته ونطق بذلك وأمضى عليه منذ ما يقرب من السنة، فإن كان الأمر كذلك فلا حرج على المرأة أن تتزوج غيره إذا انتهت عدتها قبل حصولها على وثيقة الطلاق، لأن المعتبر هو نطق الزوج وإقراره به، لا صدور الوثيقة من المحكمة، بشرط توفر أركان وشروط صحة النكاح من وجود الولي والشاهدين ... إلخ.
وننبه إلى أنه ما كان لها أن تبقى مع زوجها الأول وهو على ما ذكر من ترك الصلاة وارتكاب تلك الموبقات، فأي امرأة يكون حال زوجها كذلك فيجب عليها نصحه ووعظه ليتوب، فإن لم يجد معه النصح والوعظ وجب عليها مفارقته بطلب الطلاق منه أو الخلع لتنفك من شره وتنجو من ضرره.
وللمزيد نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23847، 41365، 68083.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(13/812)
البركة ترجى للزواج ما دام موافقا للشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً أود أن أشكر جميع العاملين في هذا الموقع على هذا المجهود سائلاً الله تعالى عز وجل لكم ولي الهداية والتوفيق.. أنا شاب قد تخرجت من الجامعة العام الحالي أبي وأمي لم يتفقا وحدثت خلافات بينهم ومحاكم وتم الانفصال هذا انتهى من حوالي عشر سنين ولم يعد شيء الآن وكنت أعيش مع أبي منذ الصغر وقبل دخول الجامعة انتقلت إلى أمي للعيش معها على طول وأنا طبعا أود أبي بأستمرار المشكلة هنا أنا أريد أن أتزوج ببنت خالتي نحن في نفس المرحلة العمرية ولكنها تكبرني بسبعة أشهر وأخبرت أمي أن تكلمها لتسألها إذا كانت موافقة على الارتباط بي وللعلم فهي ذات خلق ودين وأنا كذلك أيضا والحمد لله وافقت على الارتباط ثم ذهبت إلى خالتي لتصدمني وتقول لي بسبب أبيك لن أوافق واصرف نظر عن الموضوع لأنه كان قد حدث مشاكل فى الماضي بين أبى وبينها منذ عشر سنين قلت لها لقد انتهت الخلافات منذ زمن حتى أمي التي كانت زوجته نسيت هذه الخلافات إلا خالتي لم تنسها وذكرتنى بها لأنها لا تحب أبى وقالت لما أبوك يتوفى وذكرت لي أيضا إنها تكبرك فى السن، مع العلم بأن ابنتها قادرة على إقناعها بالموافقة على الزواج لكن أمها من داخلها ستكون غير راضية فهل فى هذه الحالة يكون الارتباط يرضي الله ويبارك فيه أم لا ويشهد الله أن لا توجد في نيتي إلا كل خير؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت ابنة خالتك تستطيع إقناع أمها بالموافقة فذلك المطلوب شرعاً، وما قد يبقى في نفس الأم سيزول -بإذن الله تعالى- إذا عاملتها معاملة حسنة تنسيها ما كان من أبيك في الماضي، وإذا تم هذه الزواج وفقاً لما هو مطلوب شرعاً فذلك مما يرضاه الله وترجى له البركة.. ونسأل الله لكم التوفيق والهداية والسداد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1429(13/813)
تعجيل الزواج يحقق مصالح عظيمة ويدفع مصائب كثيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[خطبني شاب ذو مستوى عال من الخلق والدين وأنا أحبه كثيرا ولظروف صعبة مر هو بها ولظروفي أنا الصعبة طالت فترة خطبتنا وبعد الفترة الطويلة الآن أهلي يرفضون ويخوفوني من هذا الزواج بأنه سيكون فاشلا بسبب ظروفنا الصعبة التي لا تتلاءم مع ظروفه الصعبة، ونحن على هذا الحال أنا والشاب منذ سنة كل يوم نحاول أن نحل مشكلة جديدة فقط من أجل أن نتزوج، والآن وصلنا لمرحله قد تعبنا نحن الاثنان ونفكر في أن يترك كل منا الآخر لأن الشاب محتاج لزوجة ولا يستطيع الانتظار أكثر وفي نفس الوقت أنا أكبر وفرص الزواج بالنسبة لي ستصبح صعبة ولأني وأمي نحتاج لرجل يساندنا في هذه الحياة الصعبة، أنا الآن أحاول محاولات أخيرة مع أهلي للحصول على الموافقة لكي لا أعلق الشاب أكثر لأجل أن يستطيع الشاب أن يكمل حياته وأنا وأمي نكمل حياتنا. مشكلتي الكبيرة التي أعاني منها الآن هو الإحساس الكبير بالذنب والظلم لهذا الشاب لأسباب عديدة منها أنه انتظرني كثيرا وأضاع سنة من عمره من أجلي وهو في أشد الحاجة للزواج، والمشكلة الأكبر أن طول المدة في هذه السنة ارتكبنا فيها معاصي كثيرة من كلام في الهاتف أو عبر النت وكأننا كنا متزوجين فقد كنا نحلم ونحلم ونحلم وننتظر موافقة الأهل وكل يوم أسوأ من قبله، وأنا الآن حملته ذنوبا كثيرة أنا الآن أستغفر له كثيرا وأخاف عليه من العذاب أكثر من نفسي، فأرشدوني بالله عليكم كيف أرتاح، كيف تذهب الذنوب التي ارتكبها الشاب بسببي. لا أريده أن يتأذى أبدا فو الله أخاف عليه أكثر من نفسي وأتمنى له السعادة، وأستحلفكم بالله أن لا تنسوني وإياه من دعائكم بطلب المغفرة من الله سبحانه وتعالى، ونحن الآن مقبلون على شهر رمضان، أرجوكم ادعوا لنا وأرشدوني هل هناك دعاء خاص أدعو به لهذا الشاب لتمحى عنه الذنوب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أنه ينبغي على الأولياء تعجيل الزواج، متى أمكن ذلك، حرصاً على العفة والاستقامة، ودفعاً للفتنة والفساد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ. ابن ماجة الترمذي، وحسنه الألباني في الإرواء.
فالذي ننصح به أولياءك، تعجيل هذا الزواج، بالتغاضي عن الأمور التي يمكن التغاضي عنها، فإن كثيراً من الناس يؤجلون الزواج لأمور يعتبرونها من الضروريات لإتمام الزواج، ولكنها في الحقيقة مجرد أمور جرى بها العرف، ويمكن الاستغناء عنها وتستقيم الحياة بدونها، فينبغي ألا تقف هذه الأمور أمام تعجيل الزواج الذي يحقق المصالح العظيمة ويدفع المصائب الكثيرة، لا سيما مع كثرة الفتن في هذا الزمان.
ولا شك أن التنازل عن بعض أمور الدنيا ومخالفة العرف أهون عند المؤمن من التنازل عن عفته ومخالفة ربه، ويجب أن نثق بوعد الله في كتابه حيث قال تعالى: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:32}
أما إذا تعذر تعجيل الزواج لعدم توفر الأمور التي لا تستقيم الحياة بدونها، فعليك بالصبر حتى يرزق الله من فضله، قال تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فضله {النور:33} .
وإن رأيت بعد الاستخارة ومشاورة العقلاء من أهلك أن المصلحة في فسخ الخطبة فلك ذلك، فإن الخطبة مجرد وعد بالزواج، وليست عقدا ملزما، والعدول عنها حق من حقوق كلا الخاطبين.
والخاطب قبل العقد حكمه حكم الأجنبي، لا يحل له شيء من المخطوبة، حتى يعقد عليها، فعليك وعليه بالتوبة، أما ما يتعلق بتوبتك وتوبة خطيبك من الأمور التي حدثت بينكما عبر الهاتف أو الانترنت، فإن شروط التوبة الصادقة: الإقلاع عن الذنب، والندم على الوقوع فيه، والعزم الصادق على عدم العودة لهذا الذنب، والله سبحانه وتعالى يقبل التوبة ويعفو عن كثير، وهو يحب التوابين.
وعليكما بالاستغفار والدعاء عموماً، وخصوصاً بالأدعية الواردة في القرآن والسنة.
وننبه السائلة إلى أن خوفها على خطيبها من عذاب الله أكثر من خوفها على نفسها، هو أمر لا يقره الشرع، وإنما يجب على الإنسان أن يخشى على نفسه أولاً، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}
وقال تعالى: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ* وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ* وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ. {عبس:34، 35، 36}
نسأل الله أن يغفر لنا ولكم وأن ييسر لكم أمركم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1429(13/814)
الحكم البالغة في جعل الأزواج والذرية للمرسلين
[السُّؤَالُ]
ـ[تابع للسؤال رقم2194535
السؤال الثاني: • كيف كان يعدل محمداً بين هذا العدد الهائل من النساء؟ وفي هذا تقول عائشة عبد الرحمن ـ الشهيرة ببنت الشاطئ ـ في كتابها نساء النبي، وبناء على أحاديث البخاري وتفسيراً لسورة الأحزاب والآيات من 50 إلى 53: أن النبي وهو بشر كيف له أن يقصر عواطفه على غير ما تهوى، أو يخضعها بإرادته لموازين العدل وضوابط القسمة!!! • وهذا جعل الكاتبة تسأل: كيف وهو النبي لا يستطيع أن يضبط نفسه؟ ولماذا يطالب عامة الناس بفعل ما لم يستطع هو نفسه أن يفعله؟؟؟؟؟؟!!! السؤال الثالث: • لماذا كانت عائشة المراهقة الحسناء ذات الجمال والدلال أحب زوجات الرسول؟ • وتسأل الكاتبة: كيف يعقل أن يتزوج رجل في الخمسينات من طفلة في الثامنة أو التاسعة من عمرها؟ • وأية قوانين في العالم ـ المتحضرـ تسمح لرجل كهل في هذا السن أن يكون قدوة حسنة لخير أمة أخرجت للعالمين في اغتصابه لطفلة في مثل هذا السن؟ • إن القوانين الوضعية الحالية تُعطي الحق للقاضي أن يؤدب الرجل الذي يزوج ابنته الطفلة بالسجن والجلد وإسقاط الولاية الشرعية منه. السؤال الرابع: • أين هنا قمع الرسول لشهواته وجسده؟ وكيف يكون لنا في رسول الله أسوة حسنة؟؟؟؟؟؟؟ • تحكي الكاتبة نقلاً عن عائشة عبد الرحمن في كتابها نساء النبي: كيف كانت السيدة عائشة زوجة الرسول الطفلة تصنع المؤامرات على النبي لأنها كانت "تغار" من بقية زوجاته وقصتها الشهيرة في التآمر ضد أسماء بنت النعمان عند زواجها من النبي، الذي جعل النبي يردد: إن كيدهن عظيم بدون رجوعه عن قراره بعد علمه بالمؤامرة. رابعاً: مقارنة جنسية بين محمد والسيد المسيح. إن الكاتبة تنقل سؤال مقارنة ـ وربما هذا سبب آخر لأسباب الإرهاب الفكري للأزهر والبرلمان المصري والقنوات الفضائية الإسلامية ـ حين تسأل: أين سيرة نبي الإسلام من سيرة السيد المسيح الذي عاش يوصل رسالة المحبة والقداسة والطهارة؟ بل أين ذلك من حياة بولس رسول المسيح الذي قال: تمثلوا بي كما أنا بالمسيح. وقال: أُقمع جسدي وأستعبده؟؟؟ أين هذا من قول بنت الشاطئ عن نبي الإسلام ـ قدوة المسلمين ـ في كتابها: "بخصوص عواطف النبي، كيف له وهو بشر أن يقسرها على غير ما تهوى!! أو يخضعها بإرادته لموازين العدل وضوابط القسمة!!! وتُضيف الكاتبة في صفحة 63 قائلة: "هل أدعوك يا أخي.. لكي تقرأ عن شخص السيد المسيح ومبادئه الفائقة ونعمته الغنية التي يعطيها لنا بمجرد طلبنا منه هذه النعمة. أتمنى أن نبحث عن خلاص نفوسنا، قبل أن نقف أمام الله ولا تشفع أية حجة واهية. فها نحن نسمع صوت الله المُحب كرسالة شخصية لكل واحد منا. هل تستجيب؟؟ " تلك كانت نظرة حول لماذا منع الأزهر الحب والجنس في حياة النبي. وما هي دواعي الإرهاب الفكري الذي يمارسه ضد أي كاتب يفضح الفضائح التي تملأ الصفائح. هذا هو الإرهاب الفكري المتبع ضد أي شعاع نور للقطيع السائر على غير الطريق المستقيم. خالص تحياتي للأستاذ نادر نبيل المصري المحترم لمراجعته هذا المقال. هذا المقال تحت مسئوليتي وحدي. أيمن رمزي نخلة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما عن سؤال السائل عن عدل النبي صلى الله عليه وسلم بين زوجاته فنقول: لا يختلف في عدل النبي بين زوجاته ولا يشكك فيه إلا من ختم الله على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة وعمي عن نور الوحي، وأول من أقر بهذا العدل هن زوجاته، ولو حدث أي اختلال في هذا لكنّ أول المنكرين له المحدثين به لأن أمور الضرائر مبنية على المشاحة، قالت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها. رواه البخاري ومسلم.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أهدت بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إليه طعاما في قصعة، فضربت عائشة القصعة بيدها فألقت ما فيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: طعام بطعام، وإناء بإناء. رواه الترمذي، وأصله في البخاري.
وأمر عدل النبي بين أزواجه في المبيت والطعام والشراب والكسوة وسائر وجوه النفقة مشهور معلوم، وأما العدل في الحب والمشاعر والميل القلبي فهذا لا يطالب به النبي ولا غيره لأن القلوب أمرها بيد الله سبحانه لا يملكها سواه، وطالما وجد العدل في الأمور الظاهرة ووجدت المعاشرة بالمعروف والمعاملة بالإحسان، فلا يؤاخذ الإنسان بعد هذا بما مال إليه قلبه طالما لم يخرجه هذا الميل عن الحق والعدل.
أما الذين يدعوننا إلى المقارنة بين النبي محمد والسيد المسيح عليه السلام: فنقول لهم: إن عقيدتنا نحن المسلمين ألا نفرق بين أحد من رسل الله، ولا نفضل بينهم تفضيلا ينتقص قدر واحد منهم، فكلهم لهم الغاية القصوى من الإجلال والتوقير والتعظيم، قال سبحانه: وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ {النساء:152} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تخيروا بين الأنبياء. متفق عليه، وفي رواية للبخاري: لا تخيروني من بين الأنبياء. وهذا محمول على التفضيل الذي يقتضي انتقاص قدر نبي من الأنبياء، أو محمول على التواضع منه صلى الله عليه وسلم، وإلا فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم هو أفضل الأنبياء وإمام المرسلين ورسالته أكمل الرسائل وشريعته أتم الشرائع.
وأما بخصوص ترك نبي الله عيسى للزواج فنقول: لا يوجد في ديننا ما يثبت ولا ما ينفي زواج المسيح، ولكننا لو تنزلنا على كلام النصارى في ذلك فلا شك أن من تزوج أكمل ممن لم يتزوج وأعبد لله، بدليل أن الزواج كان سنة المرسلين قال سبحانه: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً {الرعد:38} ، ومن المعلوم أن عامة الناس لابد لهم من الزواج فلا تستقيم الحياة إذا اجتمع الناس على ترك الزواج واعتبر في ذلك بحال القساوسة والرهبان الذين تركوا الزواج كيف انتهى أمرهم إلى ارتكاب الفواحش وممارسة اللواط وسائر أنواع الشذوذ الجنسي والفضائح في ذلك أكثر من أن تحصى ويعرفها العامة والخاصة وتزخر بها الصحف والمجلات العالمية.
فإذا كان لا بد للإنسان من الزواج فلا بد إذن من قدوة عملية نقتدي بها، يقتدي بها الزوج في معاملته لزوجته، والزوجة في تعاملها مع زوجها، يقتدي بها الأب في معاملة أبنائه، نعرف منه عمليا آداب النكاح والمعاشرة والجماع والحيض والنفاس والنفقة والعدل بين الزوجات والطلاق وتربية الأولاد والعدل بينهم، وتلك هي الحياة التي عاشها صاحب الرسالة المحمدية صلى الله عليه وسلم داخل أسرته المباركة ليعطي لنا المثل والقدوة بشكل عملي واضح ومباشر، ولا شك أن تأثر الناس برؤية التطبيق العملي أكثر من تأثرهم بمجرد سماعهم للأقوال مهما كان أصحابها مخلصين وصادقين، وفي النهاية لا بد من لفت الأنظار إلى أن هذه الحياة الزوجية الأسرية التي عاشها النبي محمد لم تؤثر لحظة على عبادته ولا صلاته ولا جهاده ولا قيامه على أصحابه خاصة بالنصح والإرشاد، وعلى الناس عامة بالدعوة إلى الله، فصلوات الله وسلامه عليه.
وتراجع تتميما للفائدة الفتاوى ذات الأرقام: 75653، 1570، 77809، 27986.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1429(13/815)
من العدل بين الأولاد أن يزوجك والدك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أود الزواج والاستعفاف وكانت أمنيتي أن أتزوج قبل ثلاث سنين من الآن ولكن لم أستطع، السبب في ذلك هو والدي سامحه الله، حيث إن الله سبحانه وتعالى قد منّ علينا بالنعم الكثيرة ووالدي لديه الاستطاعة أن يزوجني ولله الحمد، ولكن لا يريد لأنه يريدني أن لا أعتمد عليه في كل شيء وأنا حقيقة لا أريد الاعتماد عليه في النفقات لأنني موظف في إحدى الشركات، ولكن راتبي لا يكفي بتغطية نفقات الزواج ولقد شرحت لوالدي ذلك وقلت له بأن يساعدني في هذا الموضوع وأنا سأتكفل بحياتي بعد الزواج لأن في الزواج بركة بإذن الله وأنني متيقن بأن الله سوف ييسر الأمور بعد ذلك، ولكنه لا يقتنع بما أقوله له، حاولت أن أدخل بعضا من أصدقائه المقربين لكي يتوسطوا في الموضوع ولكن دون جدوى، لقد تعبت كثيراً والله ولطالما حلمت دوما بأن أكون أبا ولدي أطفال أحضنهم وأقبلهم وأبني حياة زوجية جميلة ملؤها الحب والسعادة والتقدير، ولكن أنى يكون ذلك وأبي يحب المال كثيراً وعندما ينفق بعض من المال ينتابه أحياننا بعض الهم لأنه اشترى دواء لنفسه أو ما شابه ذلك بكذا من المال مع أن الله سبحانه وتعالى فتح علينا من نعمه ولله الحمد والمنة وقد زوج أبي إخواني الأكبر مني ثم قال بعد ذلك أي شخص آخر منكم يريد الزواج عليه الاعتماد على نفسه ولن أساعده في شيء، أحد أصدقائي أشار علي بما يسمى بزواج المسيار ورغم أن بعض أهل العلم قد أجازوه إلا أنني والله لم أقتنع به بتاتا لأنه أولاً الهدف منه إشباع الرغبة الجنسية فقط ولا يقوم على تأسيس البيت الإسلامي الجميل المبني على الحياة الاجتماعية الجميلة، أشيروا علي ماذا أفعل وهل والدي يأثم على ذلك، وهل زواج المسيار تظنونه حلا مؤقتا رغم أنني لا أقتنع به البتة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يجعل لك من كل ضيق مخرجاً، ومن كل هم فرجاً، وعليك أخي السائل أن تصبر حتى يغنيك الله، قال الله تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ {النور:33} ، وعليك بالإكثار من الصيام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء. وكان الواجب على أبيك أن يزوجك إن كان يستطيع ذلك، ولأنه قد زوج أخويك، فكان الواجب عليه من باب العدل بين الأبناء أن يسعى في تزويجك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم.
ويضاف إلى ذلك أن بعض أهل العلم يوجب على الأب تزويج ولده المحتاج لذلك، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 73499 ...
وعليه؛ فيكون الوالد غفر الله له آثماً بسبب جوره في حقك على قول الجمهور، وآثماً لتركه لتزويجك مع قدرته عليه على قول من يقول بوجوبه.
أما زواج المسيار فلا يحقق كل المقاصد المرجوة من الزواج عن بناء أسرة وتكوين أولاد إلى آخر مقاصد النكاح مع أنه يحقق جانب الإعفاف وهو جانب مهم، وعليه فهو حل لمن كان يريد الإعفاف فحسب.
وننبه إلى أنه يجب أن يتوفر في زواج المسيار جميع الأركان والشروط المطلوبة في عقد النكاح، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 3329.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1429(13/816)
المصالح المترتبة على الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي أخ أكبر مني ولم يتزوج ويحدث لي ولأهل بيتي مشاكل عديدة ووالدي وأمي يريدان مني أن أتزوج ولكن أنا خائف على الإنسانة التي يمكن أن أرتبط بها من السمعة التي يمكن أن تتسبب لها بسبب أخي وأنا كذلك خائف من أن أرتبط، وبعدها لا قدر الله أطلق وفي نفس الوقت أنا نفسي أتزوج ولا أجد حلا، فهل أترك أبي وأمي وإخوتي الإثنين والبنات لأخي وللزمن وأنفصل بحياتي المستقلة أم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج من سنن الأنبياء والمرسلين، قال سبحانه: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً {الرعد:38} ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني. رواه البخاري وغيره. وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم. رواه أبو داود وقال الألباني: حسن صحيح.
وإنا ننصحك أيها السائل أن تبادر إلى سنة سيد المرسلين، وتقدم على الزواج وتحتسب فيه النيات الصالحة من تكثير نسل المسلمين، وإعفاف نفسك وزوجك عن الوقوع في المحرمات خصوصاً في هذه الأزمان التي عم فيها البلاء وطم، واحتسب أيضاً نية الاستجابة لرغبة والديك فإن من إقرار أعينهما أن يسعدوا بزواجك وبرؤية أولادك..
وأما ما تخشاه من تلطخ سمعة زوجك بسبب سيرة أخيك فإنا نقول لك: هذه -لو فرض أنها مفسدة- فإنها لا تقارن بحجم المصالح المترتبة على الزواج، فكيف وهي ليست مفسدة أصلاً، لأنك إذا قمت بواجبك تجاه أخيك من النصح والإرشاد والتذكير بالله سبحانه ولم يستجب لك فقد فعلت ما يجب، ولا لوم عليك بعد ذلك، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ {المائدة:105} ، وقال عز وجل: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164} .
وأما ما أهمك من أمر رعاية والديك وإخوتك فإن عليك رعايتهم وعدم التقصير في حقهم وليس من ضرورة ذلك أن تقيم معهم، فمن الممكن أن تختار لنفسك مسكناً بجوارهم لكي يتهيأ لك سهولة برهم وصلتهم ومتابعة أحوالهم.
وفقك الله لكل خير وجعل ذلك في ميزان حسناتك، وفي النهاية فإنا نوصيك بأن تذكر أخاك هذا في دعائك وأن توصي والديك وإخوتك بالدعاء له، فالقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، ولعل دعوة صالحة تفتح لها أبواب الإجابة يغير الله بها حال أخيك إلى أحسن حال، وللفائدة في ذلك راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 43537، 16681، 3011.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1429(13/817)
علاج من استحكمت فيه الشهوة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل العادة السرية إذا كان الشاب لم يتزوج ووصل لحالة من الذروة في الاحتياج الجنسي حلال أم حرام حيث إن الحالة النفسية في هذه الأثناء تكون ذات أثر شديد رغم كونه يصلي ويقوم بأداء الفرائض ولكنه لا يستطيع أن يمسك بلجام نفسه حينها لحاجته الشديدة لممارسة الجنس، وفي نفس الوقت لا يستطيع الباءة ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكم العادة السرية أنها حرام لقوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ {المؤمنون:5-7} .
وإذا كنت -أخي الحبيب-لا تستطيع الباءة فعليك بكثرة الصيام، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الرجال من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء.
أسأل الله عز وجل أن يحصن فرجك، وأن يعفك وأن يعينك على أعباء الزواج لتتمكن من ذلك، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1429(13/818)
لا حرج على الرجل أن يتزوج بعد وفاة زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[أمى متوفاة ومازلت أحزن عليها حزنا شديدا ولا أستطيع امتلاك نفسي في أي لحظة من البكاء لدرجة أننى أراها كثيرا في منامى وأبكي عليها في منامي بكاءا شديدا، والدي تزوج من أخرى بعد وفاتها وكانت أمي تجمعنا أنا وإخوتي كل يوم جمعة, ومنذ تزوج والدي لا أستطيع أن أدخل هذا البيت بسبب هذه السيدة التي دخلته مع علمها اعتراضنا الشديد لذلك، والدى يريد أن يجمعنا كما كنا مع أمنا ونحن لا نستطيع بل والغداء معه مع العلم أن هذه السيدة لاتجيد العمل في المنزل نهائيا من نظافة أو طهي طعام , ولاأقول ذلك افتراء عليها والله أعلم ويشهد علي، والدي يفرض علينا ذلك، وكلما تهرب أحد منا دعا عليه بضيق الرزق وعدم دخول الجنة وأكثر من ذلك, ولايراعي مشاعرنا بل يريدها أن تكون معنا في كل مكان, بل ويقوم بشكوانا للناس جميعا ولا ستطيع أحد منا أو أي حد أن يكلمه وإن كلمه أحد يثور عليه ويقول أنا ير راض عنهم جميعا , بل إنه قد أخذ من ذهب والدتي وأعطاه لها، ولما قلنا له: لا, قال هذا حقي , وأنى أرى فى نفسى ضيقا من والدي ونفسي غير راضيه عما يفعله معنا , وأنه دائما يقول إن الله أمرك أن لا تعصيني أبدا , وأنا أعلم ذلك لكني لا أستطيع أن أفعل ما يريده مني أنا وإخوتي، مع العلم أن أمي توفيت منذ 3 سنوات كما أنني لا أشاركه في أي أمر لي بسبب أنه يقوله أمام أي شخص من أقاربنا وهذا يضايقنى جداً. .. كما أن لي بعضا من أقاربى لا أتحدث معهم بسبب أنهم أهانوا أمي وتطاولوا عليها وذلك بعد وفاتها وقبل أن تخرج من البيت لتدفن بعد، وعرفت بعد ذلك فلم أكلمهم لانهم تطاولوا عليها بل وكانوا يضحكون بصوت عال جدا في عزائها وأمي وحيدة ليس لها أحد سوانا أنا وإخوتي والحمد لله نقوم بعمل الخير كثيرا لها ... وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ف نسأل الله أن يرحم أمك رحمة واسعة, وأن يغفر لها ويسكنها جنات النعيم, وأن يجزيها عنك وعن إخوتك خير الجزاء، واعلموا أن حقها عليكم باق حتى بعد موتها وذلك بالدعاء والاستغفار لها، ففي الحديث: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، وذكر منها: ولد صالح يدعو له. فلا تبخلوا عليها بالدعاء.
ووجود والدكم بينكم نعمة تستوجب الشكر، وفرصة تغتنم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه الترمذي , وصححه الألباني.
وقال عليه الصلاة والسلام: رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وقد أمر الله بالإحسان إليه لا سيما وقت الكبر بقوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا. {الإسراء: 22-24} .
وينبغي لكم التماس العذر له في الزواج، بل وإعانته عليه، فالعزوبة أمر عسير خصوصا على من كان متزوجاً، وتورث الكآبة، وليست من الإسلام في شيء، والرجل – خصوصا إذا تقدمت به السن – يكون في حاجة إلى امرأة ترعاه وتقوم على خدمته، فهو ضائع بدون زوجة تخدمه.
واعلم أخي أنه ينبغي لك إكرام زوجة أبيك والاحسان إليها لأن إكرامها من إكرام أبيك، وتوقيرها من توقيره، وإياك أن تظن أنه بإمكانك أن تفرّق بين أبيك وبين زوجته؛ فتكرم أباك وتبغض زوجته لغير مسوغ شرعي، هذا مما لا يجوز في دين الله لأنها قد صارت منكم بمنزلة الوالدة، وأنت لم تذكر في السؤال ما يوجب بغضها أو يجعلكم تكرهونها.
وإنا لننصحك أن تستجيب لرغبة أبيك في اجتماعكم في بيته كما كان الحال مع والدتكم - رحمها الله - وأن تدعو أنت سائر إخوتك إلى ذلك, واعلم أن رغبة الوالد في اجتماع الأسرة رغبة طيبة وليس فيها أي تجاهل لمشاعركم, بل هذا مما يوسوس به الشيطان ليفسد ذات بينكم، وليشتت شملكم ويوقعكم في العقوق والقطيعة والبغضاء , وننصحك أيضا بالصبر على والدك حتى وإن أساء إليك، ثم إن عدم إتقان زوجة والدك للطهي أو للخدمة لا يسوغ لكم بغضها، وإذا أمركم بإعداد الطعام له ولزوجته فيجب عليكم طاعته ولا سيما إذا كانت عاجزة عن ذلك.
أما ما أخذه والدكم من "ذهب" الوالدة وأعطاه لزوجته؛ فإن كانت أموال الوالدة قد قسمت حسب القسمة الشرعية وكان هذا الذهب من نصيب الوالد فهو فعلا حقه لا ينبغي أن ينازَع فيه , أما إذا كانت التركة لم تقسّم بعد فينبغي السعي في تقسيمها حسب القواعد الشرعية.
وأما مقاطعتك أقاربك بسبب أنهم أهانوا أمك وتطاولوا عليها بعد وفاتها فهذا لا ينبغي أن يكون، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري ومسلم , واللفظ للبخاري.
بل عليك أخي أن تتغاضى عن إساءاتهم وتردها بالإحسان، واعلم أن الجميع موقوفون بين يدي الله سبحانه يوم القيامة للحساب ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى..
وللفائدة تراجع الفتاوى رقم: 16632 , 6719 , 23257 , 28965.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1429(13/819)
هل تطاع الأم في رفضها تزويج ابنها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 23 سنة أريد الزواج وأمي ترفض ذلك بدعوى أنني ليس لدي دخل كاف لتكوين أسرة وهي تشجعني على إقامة علاقات غير شرعية لئلا أتزوج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تستطيع الزواج وتملك الباءة وتخشى من الوقوع في الحرام فيجب عليك الزواج، ولا طاعة لأمك في رفضها لزواجك، وإن كان الأولى هو محاولة إقناعها بذلك، وأما تشجيعها لك على الحرام فلا يجوز لها ولا يجوز لك طاعتها فيه، وعليك نصحها ووعظها وبيان حرمة ذلك لها، وإن كنت لا تستطيع الزواج فعليك بالصوم فإنه لك وجاء، كما قال صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء ... متفق عليه.
وللمزيد انظر الفتاوى التالية أرقامها: 9668، 43214، 32869، 3659، 9062.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1429(13/820)
التفكير في الزواج يسيطر على فكره
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الأفاضل أنا شاب أبلغ من العمر 26 عاما منذ فترة ليست بالقليلة وأنا أفكر بموضوع الزواج ومتى سأتزوج وممن سأتزوج , حتى بات الموضوع يوميا يشغل بالي بطريقة تزعجني حيث إنني أعد نفسي للزواج ولكن باقي بعض الأشياء التي لم أحضرها بعد أي تقريبا باقي حوالي سنة، وأنا اعمل بالخارج في دولة عربية، فماذا افعل حتى لا أفكر يوميا بهذا الموضوع، وللعلم لا يشغل بالى كثيرا الجانب الجنسي، أكثر ما يشغلني الاستقرار والمودة والزوجة التي أسكن إليها. أفيدوني أفادكم الله....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتفكير في الزواج بمعنى السعي في الحصول على وسائل تحقيقه أمر طيب لأنه من الأمور المندوب إليها خاصة في زمن الفتن، والزواج عفة للمرء عن الزلل، وقد ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك قائلا: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. رواه البخاري ومسلم.
فالسعي من أجل تحصيل الزواج لإعفاف النفس بالحلال ضرب من ضروب الجهاد في سبيل الله تعالى، ولكن دعك من كثرة التفكير التي قد تؤثر بالسلب على حياتك. ومما يساعد على ذلك التوكل على الله والثقة في قضائه وقدره، وعلمك أنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فأكثر من ذكر الله تعالى والاستعانة به، واعلم أنه لو اجتمع أهل السماء والأرض على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، جفت الصحف ورفعت الأقلام بما هو كائن، كما ورد بذلك الحديث الصحيح في سنن الترمذي وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1429(13/821)
لا مانع شرعا من أن يتزوج الأخ قبل أخته
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي لا يقبل الزواج إلا حين أتزوج وأنا وخطيبي لدينا ظروف تؤخرنا عن الزواج لبعض الوقت فهل يوجد حكم في الدين بعدم زواج الأخ لحين زواج أخته وهل أنا علي إثم بتأخيره هذا خصوصا وأن ما يمنع زواجي من خطيبي هو بعض الظروف الصعبة التي تحتاج لوقت وهذا يؤثر على تأخير زواج أخي. جزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هنالك ما يمنع شرعا من أن يتزوج الشاب وإن تأخر زواج أخته، وكذا العكس، إذ لا ارتباط بين الأمرين، فيجوز أن يقدم على الزواج بل قد يكون واجبا في حقه إن قدر على مؤونته وخاف على نفسه الفتنة، وفي هذه الحالة لا يجوز لأحد أن يطلب منه تأخيره، ولمزيد الفائدة راجعي الفتويين: 30878، 58893.
وعلى كل فلا تأثم الأخت إذا أخر أخوها زواجه لحين زواجها هي إلا في الحالة التي تجب عليه المبادرة بالتزويج إن طلبت منه التأخير.
وإن كان المانع من إتمام زواجك شيء من ضيق ذات اليد من الناحية المادية فننصح بالعمل على تيسير المؤونة وإتمام الزواج ما أمكن، فإن تيسير النكاح من أسباب بركته، وراجعي الفتوى رقم: 44235.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1429(13/822)
الزواج من الكتابية التي سبق لها الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عربي مسلم عمري 24 عاما أعيش في مصر تعرفت على فتاة أوروبية تعيش حاليا في رومانيا أريد الزواج بها مع العلم أنها مسيحية وصارحتني بكل شيء عن ماضيها وعاداتها وللأسف ماضيها لا يسمح لي الزواج بها حيث كانت على علاقة مع شاب آخر ومارست معه الرذيلة ولكنها تركته وندمت على ما فعلته وبعد أن عرفت ذلك منها تركتها وقلت لها إنني لا أستطيع الزواج بها مما أدى إلى أنها حاولت الانتحار وأرسلت لي صورا تثبت ذلك مما اضطرني إلى أن أعود إليها مرة اخرى، هي تحبني بدرجة كبيرة وعلى استعداد أن تفعل أي شيء لكي لا أتركها وبالفعل تخلت عن عادات سيئة من أجلي لأنني لا أرضى بها حيث امتنعت عن شرب الخمر وعادت إلى التمسك بدينها وأصبحت على استعداد أن تفعل أي شيء من أجلي ومستعدة أن تعيش معي هنا في مصر وأن تترك أهلها وبيتها هناك ونادمة كثيرا على ماضيها.
السؤال: هل يجوز لي الزواج من هذه الفتاة لأنني أعلم أنني لا يجوز لي الزواج من غير المحصنات ولكنني أسأل هل هذا يعني أنه لا يوجد أي طريقة لهذه الفتاة لكي تكفر عن ماضيها ويمكنني الزواج بها أم أنه لا يجوز لي إطلاقا الزواج بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء يجب عليك قطع علاقتك بتلك المرأة فورا لأن أي علاقة عاطفية بين الرجل والمرأة الأجنبيين خارج إطار الزواج هي علاقة محرمة كما هو معلوم، ولست مطالبا شرعا بإبقاء علاقتك معها كي لا تنتحر، ولو انتحرت فليس عليك شيء من إثمها هذا أولا.
وأما نكاحك لها فمن المعلوم أنه لا يجوز للمسلم نكاح الكافرة لقول الله تعالى: وَلَا تَنْكِحُوا المُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ {البقرة:221} ، ويستثنى من ذلك نساء أهل الكتاب فإنه يجوز نكاحهن بشرط العفة عن الزنا، وأن تكون حرة لقول الله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ {المائدة: 5} فإذا كانت الكتابية زانية لم يجز نكاحها فإن تابت فالمفتى به عندنا جواز نكاحها بعد التوبة وانقضاء عدتها كما في الفتوى رقم: 18155.
وللعلماء قولان في كيفية معرفة توبة الزانية، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: توبة الزانية أن تراود على الزنا فتمتنع على الصحيح من المذهب. نص عليه وقيل توبتها كتوبة غيرها من الندم والاستغفار والعزم على أن لا تعود واختاره المصنف وقدمه في الفروع.. انتهى. والذي ننصح به أخانا السائل هو البعد عن نكاح تلك المرأة وأن لا يغتر بحبها له فإنهن سريعات التقلب، ولا يأمن أن تعود إلى ماضيها السيئ فتفسد عليه فراشه وحياته، وقد علم من الواقع أن الزواج من ذلك الصنف من النساء زواج فاشل ومصيره الفشل والندم والحسرة وضياع الذرية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1429(13/823)
حكم الزواج إذا زنت المرأة ودخلت قبل استبراء رحمها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله،
أفتونا، جزاكم الله خيرا، في فتاة مطلقة خطبت لرجل [س] وحدّد تاريخ زواجها يوم السّبت 24 من شهر مايو/أيّار 2008، ولكنّها ظلت على علاقة برجل آخر [م] يطؤها مرّة كل أسبوع تقريبا، وذلك منذ حوالي أربعة أشهر أو أكثر بقليل، لأنه كان يريد هو الآخر الزواج منها وقد اتفق معها على ذلك وأكدت له أنها لن تتزوّج غيره، وهو يجهل أنها مخطوبة لغيره. كانت آخر مرّة وطئها هذا الأخير [م] فيها يوم الخميس 22 من شهر مايو/أيّار 2008 على الساعة الواحدة صباحا [الساعة الواحدة بعد منتصف ليل الأربعاء 21 مايو/أيّار] ضمن علاقة جنسيّة كاملة ولا نعلم إن كانت قد استعملت وقتها حبوب منع الحمل أم لا. ثمّ تزوّجت الفتاة فعلا بخطيبها الأول [س] في الموعد المقرّر [السّبت 24 مايو/أيّار] ، أي قبل يومين، ودخل بها زوجها.
سؤالنا هو: هل كان عليها من عدّة تعتدّها قبل الزّواج؟ وهل زواجها هذا صحيح أم باطل، حلال أم حرام؟ وهل يجب إخبار زوجها الحاليّ [س] بذلك علما أن هذه المعلومات دقيقة 100/100 وبالأدلة وليست قذفا.
أرشدونا بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزانية يجب استبراء رحمها قبل الدخول بها على الراجح من أقوال أهل العلم لئلا يختلط ماء الزنى بغيره، لكن ما دام الزواج قد حصل والزوج لا علم له بما كان منها وهي لم تخبره ولا سبيل إلى إثبات ذلك عليها إلا بشهادة أربعة شهود فإن الزواج يمضي ويحكم بصحته مراعاة لمن يقول بذلك من أهل العلم، فإن جاء ولد ينظر إن وضعته قبل كمال ستة أشهر فإنه لا ينسب إلى الزوج لأن تلك المدة هي أقل مدة الحمل، وأما إن ولدته لستة أشهر فأكثر فإنه ينسب إليه لأنه ولد على فراشه في مدة يمكن أن يلحق به فيها، وعلى المرأة أن تتوب إلى الله عز وجل.
وأما إخبار الزوج بذلك فلا ينبغي بل يستر عليها سيما واتهامها بالزنا دون أربعة شهود أو إقرار منها قذف يترتب عليه عقوبة وحد شرعي والحكم بفسق صاحبه وعدم قبول شهادته، والأولى هو الستر ولو كانت هنالك بينة.
وللمزيد انظر الفتاوى التالية أرقامها: 11426، 46808، 14725، 7424، 17640.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1429(13/824)
حكم زواج السر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف عمري 28 سنة غير متزوج ولدي في المكتب امرأة أرملة عمرها 39 عاما تكبرني بعشر سنوات، ولديها ولدان وزوجها متوفى منذ 14 سنة وهي مازالت جميلة أحبتني لدرجة الجنون لدرجة أنها تبكي بمجرد أن أقول لها إنني سأنتقل من المديرية وتحاول أن ترضيني بأي شكل؟
وأنا بالمقابل تعودت عليها وأصبح هناك توافق وانسجام حيث إننا نخرج معا وأصبحنا لا نتمالك أنفسنا، فأصبحنا نقبل بعضنا وأداعب جسمها وحاولنا أكثر من مرة أن نمتنع عن ذلك لكن لم نستطع وصرح كل منا برغبته في ممارسة الجنس، لكننا نمتنع لأنه حرام، فقررنا أن نتزوج لكن بكتاب خارجي عند شيخ وشهود - زواج بالسر- وان نلتقي مع بعض في أوقات النهار لأنها لا تستطيع أن تبقى معي ليلا بسبب ولديها هل هذا الزواج حلال؟ وما رأيكم كل ذلك منذ حوالي شهر ونصف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وقعتما في أخطاء عظيمة وأوزار جسيمة فعليكما أن تبادرا إلى التوبة النصوح، ومن شروطها الإقلاع والكف عن المعصية والندم عليها.
فالخلوة بالأجنبية وتقبيلها ونحو ذلك مما هو محرم في الشرع، فكفا عن بعض، واقطعا تلك العلاقة المحرمة قبل أن تؤدي بكما إلا ما لا تحمدان عاقبته في الدنيا والآخرة.
وأما زواج السر فلا حرج فيه إن كان مستوفيا للشروط والأركان من وجود ولي للمرأة وشهود عند العقد، فإن تم ذلك فبها ونعمت وإلا فعليك أن تكف عن لقائها والخلوة بها والحديث إليها وغير ذلك مما هو محرم شرعا، ولا يكن أمر الله ونهيه أهون عليك من هواك وغواية الشيطان الرجيم.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3395، 5779، 5556، 5707.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1429(13/825)
زواج المسافة في منظار الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا زواج يسمى (زواج المسافة) وهو نوعان:
الأول: يسافر الرجل مع المرأة إلى قرية مسافتها100كم فيأتيان أحد علماء تلك القرية فتوكله المرأة وتجعله حاكمها فيزوجها فيرجع ويدخل بها ثم يأتي أهل الر جل إلى أهلها ويقولون إن بنتكم مع ابننا ويعطونهم هدايا فيقبلون فما حكم هذا الزواج؟
الثاني: هو إذا غاب الولي مسافة 100كم يأتي الرجل والمرأة إلى أحد علماء القرية فتوكله عقدها وتجعله حاكمها فيزوجها ويدخل بها ثم يأتي أهل الرجل إلى أهلها ويقولون إن بنتكم مع ابننا ويعطونهم هدايا فيقبلون فما حكم هذا الزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فهذان النوعان من زواج المسافة لا يصحان على ما ذكر في السؤال إلا عند من لا يشترط الولاية في النكاح، وإن كان النوع الثاني هو الذي غاب فيه الولي يصح لو ولت المرأة أمرها لقاضي بلدها عند غيبة وليها الغيبة المذكورة لا أي عالم أو شيخ وإنما قاضي بلدها أو من ينوب عنه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فغيبة الولي مسافة قصر فأكثر تبيح للمرأة أن ترفع أمرها للحاكم أو من يقوم مقامه ليزوجها نيابة عنه لدى بعض أهل العلم كالشافعية، قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب على روضة الطالب: وإن غاب الولي مسافة القصر لا دونها زوجها قاضي بلدها، لا الأبعد ولا قاضي غير بلدها.
وعلى هذا القول يمكن تصحيح الصورة الثانية من نوعي زواج المسافة إذا كان من توليه أمرها هو قاضي بلدها لا مجرد أي شيخ أو عالم من علماء القرية كما ذكر في السؤال.
وأما الصورة الأولى وهي سفر المرأة وخطيبها مسافة قصر تحايلا على حق الولي فلا يصح ذلك لأن الغيبة التي تسقط حقه في الولاية هي غيبته بنفسه أو تغيبه بحق من الحاكم ونحوه فيسقط حقه اعتبارا لحق المرأة لئلا يفوتها الكفء ويلحقها الضرر، وأما سفرها هي عنه لإسقاط حقه فلا يصح لها ما لم يكن منعها من كفء وعندئذ فليست بحاجة إلى السفر بل ترفع أمرها للقضاء لتثبت عضله إياها.
وخلاصة القول على ما يظهر لنا هي أن الصورة المذكورة من زواج المسافة لا تصح إلا عند تحقق عضل الولي أو غيبة وليها مسافة قصر فأكثرإذا ولت القاضي أمرها لينوب عنها إن لم يكن لوليها وكيل حاضر فيزوجها قاضي بلدها أو يأذن لوليها الأبعد في تزويجها، وأما سفر المرأة وخطيبها تحايلا على حق الولي فلا يصح مع ما يترتب عليه من مفاسد ومحرمات إن لم يكن مع المرأة محرم، كما أن فعل ذلك يؤدي غالبا إلى نشوب الحروب وإيقاظ الفتن بين أهلها وأهل الرجل.
لكن إن حكم قاض شرعي بصحة ذلك النكاح اعتبارا لمن يقول به من أهل العلم كمن لا يرى اشتراط الولاية في النكاح ونحو ذلك فحكمه صحيح رافع للخلاف.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 95229، والفتوى رقم: 1766.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1429(13/826)
حكم الزواج بفتاة تعمل في قرية بعيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تعرفت بفتاة مهنتها معلمة من أسرة محترمة أريدها زوجة ولكن عملها في قرية تبعد عن مدينتي حوالي ساعتين ونصف هو المشكل والالتحاق بالزوج يمكن أن يستغرق 3 أو 4 سنوات أو أكثر وحتى إذا حدث الانتقال لن يعطوها المدينة التي أقطن وأشتغل فيها التي تعرف ازدحاما كبيراً برجال التعليم، بعد مرور سنوات يمكن أن يأتوا بها إلى منطقة قريبة من مدينتي وهذا ما سيضطرني إلى الذهاب للسكن معها وأقطع يوميا كيلو مترات للذهاب إلى عملي وهذا ليس سهلا، وهناك مشكلة أخرى عندما نرزق إن شاء الله بالأطفال كيف سنعتني بهم وهناك لن نجد لا أهلنا ولا الوقت الكافي للاعتناء بالأطفال، خلاصة القول قلبي يريدها وعقلي مع هذه المشاكل لا يريدها، إنني حائر أفتوني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولاً أن أساس الاختيار في الزواج هو الدين والخلق، فإذا كانت هذه المرأة على دين وخلق فننصحك بالزواج منها، وأما عملها فيمكنك أن تشترط عليها تركه، ويجب عليها الوفاء بهذا الشرط إذا وافقت عليه، وراجع الفتوى رقم: 1357. ولا تنس أن تستخير الله تعالى قبل الإقدام على الزواج منها، وانظر الفتوى رقم: 19333.
وعلى تقدير أنها لم توافق على هذا الشرط، ولم يكن بالإمكان أن تقيم معك حيث تقيم بعد زواجك منها إلا مع شيء من المشقة والحرج فقد يكون الأولى ترك الزواج منها والبحث عن غيرها، فالنساء غيرها كثير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1429(13/827)
يريد الزواج ممن زنى بها وأهله لا يوافقون
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة.. أما بعد: فقد وقعت في فاحشة الزنا مع فتاة أحببتها وأحبتني وقد كنا نتواعد أمام الله على أننا زوجان شهد عليهما الله.. لقد علم أهلي بذلك وقلت لهم إنها زوجتي بعقد عرفي وبالفعل أنا لم أكتب معها أي عقد والآن وقد تبت إلى الله عن هذه الفاحشة ولا أنوي أن أرجع لطريق المعاصي مرة أخرى بعد أن هداني الله عز وجل إلى الطريق السليم ... والآن فهذه الفتاه تطلب مني أن أصلح علاقتي بأهلي وأتزوج أنا وهي على يد مأذون شرعي حتى نصحح ما حدث بيننا، وهذا بدون علم أهلها أو أهلى مع العلم بأن أهلي لن يتقبلوها حاضراً أو مستقبلا وأخاف من عذاب الضمير أني كنت السبب في أي ضرر حدث لها ... فأفتوني أفادكم الله لأني لا أريد أن أعصي الله ولا أريد أن أعصي أهلي وأكون عاقا لهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت بالتوبة إلى الله تعالى من فعل الفاحشة، والواجب عليك الحذر من كل وسيلة قد تقودك للوقوع فيها مستقبلاً، ولا يصح الزواج إلا بولي وشاهدي عدل، وعلى هذا فلا يصح ما سبق مما أسميته بالزواج العرفي، ولا يجوز لك الزواج من هذه الفتاة مستقبلاً من غير إذن وليها، وراجع الفتوى رقم: 1766.
وإذا كانت هذه الفتاة قد تابت من الزنا فيمكنك أن تحاول إقناع والديك بالموافقة على زواجك منها، فإن وافقا فالحمد لله، وإلا فيجب عليك طاعتهما، فإن طاعة الوالدين مقدمة على الزواج من امرأة معينة ما لم تكن تخشى الوقوع في الفواحش معها، كما سبق بيانه الفتوى رقم: 6563.
وإذا كانت هذه الفتاة قد أجابتك إلى فعل الفاحشة طواعية -كما هو الظاهر- فهي التي جئت على نفسها فلا تلحقك أي مسؤولية تجاهها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1429(13/828)
حكم نكاح الصغيرة التي لم تبلغ سن المحيض
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوكم أفيدوني في تفسير قول الله تعالى: واللائي لم يحضن سورة الطلاق آية 4 أنا أعلم أن المقصود بها الصغيرة التي لم تحض بعد أي تكون عدتها ثلاثة أشهر ولكن السؤال هل يجوز نكاح أو زواج الصغيرة التي لم تحض ليكون لها عدة؟. أرجوكم أفيدوني..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود في الآية هي الصغيرة التي لم تحض كما قال أهل العلم، وفي الآية إشارة إلى صحة نكاحها وطلاقها قبل تزول الحيض.
وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة صغيرة وهي بنت ست سنين ودخل بها وهي بنت تسع مما يدل على جواز نكاح الصغيرة شرعا، ولكن لا يجوز للزوج أن يطأها إلا إذا كانت مطيقة للوطء فإن لم تكن مطيقة له وجب عليه إمهالها حتى تطيقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1429(13/829)
لا ينبغي العدول عن النكاح سنة المرسلين
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي أني أريد الزواج ببنت عمي التي هي على قدر لا بأس به من الالتزام. ولكن أمي عارضت هذا الزواج بحجة أن أبي قد أوصى قبل وفاته بأن لا يتزوج أحد ببنات أخيه لخلاف عائلي قديم. وكذلك لأن أمي تدّعي أن أمّ الفتاة التي أريد الزواج بها قد سحرت إخوتي حتى لا يتزوجن (وهن كذلك) . وقد هددتني أمي بعدم الرضا عني إذا تزوجت هذه الفتاة. فقبلت على مضض ولكن قلت لها لن أتزوج أبدا.
الرجاء نصحي في هذا الأمر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطاعة الأم مقدمة على الزواج بهذه الفتاة؛ كما سبق في الفتوى رقم: 3846. والفتوى رقم: 17763.
ولكن لا يجوز اتهام أمك تلك الفتاة بالسحر من غير بينة قاطعة، فننصح الأخ بأن يطيع والدته، وعليه أن يحرص على رضاها، وسيعوضك الله خيرا من هذه الفتاة، فمن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، ولا ينبغي لك ترك الزواج مع حاجتك إليه وقدرتك عليه. وانظر الفتوى رقم: 3011.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1429(13/830)
زواج الرجل بأخت من زنى بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أردت أن أتزوج بفتاة ما, لها أخت كُبرى قامت بإغرائي وإغوائي فوقعت عليها (زنا) وإني والله ندمتُ على ذلك وتُبتُ إلى الله عسى أن يغفر لي ,وكان ذلك من دون علم إنسان, فأردت أن أتزوج بالبنت الصُغرى فهل تحلُ لي؟؟؟
مع العلم أني أعرف أنه لايحلُ الجمع بين فرجين أي الشقيقتين أو الأم وابنتها ولكن ما حدث كان دون عقد زواج ...
الرجاء إفتائي لأني والله العظيم في حيرة من أمري.
جزاكم الله خيرا والله المستعان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الزنا من أكبر الكبائر والفواحش المنكرة إلا أن الله تعالى واسع المغفرة لمن تاب وصدق في توبته وكف وندم وأقلع..
أما عن سؤالك في الزواج بأخت من زنيت بها فإنه يجوز لك أن تتزوج بأخت من زنيت بها لأن المحرم هو الجمع بينهما في نكاح.
وإذا كان النكاح الصحيح لإحداهما لا يحرم الثانية في حال فراق الأولى بأي سبب من طلاق أو موت، فكذلك لا يحرم الزنا بإحداهما أن تتزوج بالأخرى وهذا بنفاق أهل العلم.
قال الشافعي في الأم: لو كانت تحته امرأة فزنى بأختها لم يجتنب امرأته ولم يكن جامعا بين الأختين.
ولمزيد من الفائدة يراجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 78730، 5826، 10112.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1429(13/831)
التعفف من أسمى مقاصد النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسافر في بلد غير بلدي وعقدت منذ سنة وحتى أعمل توفير لشراء البيت الجديد مضطر أن أبقي زوجتي في بلدي الأصلي وأعود لها كل شهرين مرة وبعد عشرة شهور أجلس معها شهرين كاملين إ نها تقدر جميع ظروفي لكن تأبى أن تبقى متزوجة وزوجها غائب وتقول كأنها لا متزوجة ولا مطلقة علما بأن عمر خطيبتي 16 وبقي لها سنتان لإكمال الثانوية العامة. وهي مصرة على رأيها بشدة وترفض أن تتزوج وتدرس في مدرستها ولي رغبة شديدة بالزواج الآن. كيف أقنع خطيبتي بالزواج وتركها في بلدي وأعود لها 5 مرات في العام كل شهرين وفي الصيف 60 يوما أبقى معها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في ذلك، لكن ينبغي محاولة إقناعها بالحسنى، ويمكن توسيط أهلها لإقناعها بذلك ما لم يكن فيه ضرر عليها كخشيتها من الوقوع في الفتنة والحرام؛ لأن بعض النساء قد لا تستطيع الصبر عن زوجها سيما مع كثرة المغريات والفتن، وعند نزول الضرر بها يجوز لها رفعه بطلب الطلاق أو الخلع ونحوه مما يرفع عنها الضرر؛ لأن التعفف من أسمى مقاصد النكاح.
وخلاصة القول أننا ننصحك بمحاولة إقناعها، أو إجابتها إن سألت الخلع والفداء لرفع الضرر عنها إن كانت متضررة.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9035، 13182.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1429(13/832)
ومضات إرشادية هادية لمن تطلب الزواج ولا تجده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا آنسة ـ 33 سنةـ كنت مرتبطة بزميل لي في العمل ولم نتمكن بسبب الظروف الاقتصادية من الزواج وتركت العمل لمدة أربع سنوات ورجعت لنفس العمل مرة أخرة لأجده متزوجا ولديه طفلتان وشعرت بالانجذاب إليه مرة أخرى فصارحته بأني أوافق أن أكون له زوجة ثانية فرفض وقال انه يعاملنى بمودة الزميلة والأخت العزيزة فقط ومر عامان على ذلك ورجعت أشعر تجاهه بالرغبة في الزواج منه وأن معاملته لى تتعدى معاملة الزملاء وقد كنت حصلت في خلال السنتين على شقة صغيرة ملكاً لى فأعطانى هذا الجرأة على التحدث إليه ثانية باني سأساعده في النفقات ولن أكلفه فوق طاقته ففؤجئت به يقول لي إن شعوره نحوي مجرد مودة مع العلم أن كثيرا من الزملاء لاحظوا أنه يعاملني بطريقة تفوق المودة والزمالة وقال لي إن زوجته ليس من ذنبها أنه كان مرتبطا قبل ذلك وأنه بمجرد ظهوري في حياته ثانية معناه أنه يتزوجني عليها وهذا جرح لمشاعرها وأخذ حقها على العلم أنه رجل متدين جداً وأثير موضوع التعدد بيننا في العمل عدة مرات وكان رأيه من المؤيديين للتعدد دائماً وكان هذا من ضمن ما شجعني على الحديث معه في هذا الموضوع إلى جانب أنني أبلغ من العمر 33 سنة وعملت لمدة 9 سنوات وعلى خبرة تكفيني لأعلم معاملة من حولى ما هو هدفها فلست مراهقة أدعي عليه أن في معاملته شيء زائد عن الطبيعي ومع العلم بأني الحمد لله متدينة ومحجبة ومقيمة لفروضي كلها بما أتمنى أن يرضى بها الله عني إن شاء الله ـ ويعلم الله بأني لا أريد أي ضرر لزوجته وأولاده بل على العكس إن نيتى مساعدته في تربيتهم مع أولادي منه إذا قدر الله لي الإنجاب ــ وعندما تحدثت معه بصراحة بأني لن أكون صديقة أو مجرد زميلة وقت العمل وعليه أن يختار بأن يرتبط بي رسمياً وأساعده في نفقات الزواج مني حتى يفتح الله عليه بإذن الله أو يكون التعامل بيننا فى أضيق الحدود التي يحتاجها العمل كان رده ان دماغه لفت ويفكر وبعد ذلك قال لي إن هذا الارتباط الأمل فيه ضعيف جداً والأحسن أنه يكون في ألم حاليا أحسن من التعلق بهذا الأمل الضعيف ـــ وأنا الآن في حيرة من أمر هذا الرجل هل هو فعلاً لا يريدني زوجة له لمجرد الحفاظ على مشاعر زوجته الأولى وأنه لا يعيش في الدنيا لوحده على حد قوله أم أنه لا يريدنى زوجة له مطلقاً وأن هذ االشعور الذي شعرت به منه من وحي خيالي المريض وشيطاني المسلط علي بالتعلق به كل هذه المدة مع العلم أني استخرت الله في كل شيء قبل أن أفاتحه بالكلام وهذه الأستخارة كنت أقوم بها كل يوم تقريباً حتى أصبحت وكأنها سنة من سنن العشاء ـ وسؤالى الآن لفضيلتكم هو أنه رغماً عني سيتم التعامل بيننا بأي حال من الأحوال طالما أننا في عمل واحد وأنا من داخلي أتمنى هذا الرجل زوجاً لي فهل أترك العمل وأبحث عن عمل آخر مع العلم أني محتاجة لراتبي جداً ولكني على استعداد بأن أقوم بهذه الخطوة في حالة إصراره على رأيه بأننا مجرد زملاء وإخوة فقط لأني أخشى أن أغضب الله في استمراري بالتواجد أمامه وضعف نفسى التي أحبته وتعلقت به وليس لي في ذلك شيء فهو رغماً عني فالحديث دائم بيننا بحكم التواجد والعمل معاً وبالتالي فيزداد تعلقى به وأنا واثقة بأني لو تركت العمل سوف يعوضني الله خيراً عن العمل وعن الرجل الذى رفضني وأنا أبغيه في حلال الله وبدون أذى لأحد من أهل بيته أليس لى الحق أنا الأخرى في أن أتزوج وأنجب وأعيش حياه طبيعية ولماذا هذا الحق تستأثر به زوجته الأولى وهو شرع الله الذي شرعه لعباده فلمجرد عدم جرح مشاعرها وأذيتها نفسياً أظل أنا بدون زوج وأولاد ومتأذية نفسياً وعاطفياً أنا الأخرى على الرغم أني على استعداد تام للمساعدة المادية والتنازل عن كثير من النفقات والمشاركة في تربية الأولاد فإني نشأت على التدين وحب الأطفال والاستقرار والتعاون والعطاء ولا أزكي نفسي فقط أوضح بعض الأشياء التي يجب أن تعلموها ليكون ردكم على سؤالي صحيح وواضح في هذا الرجل هل هو ضعف أم جبن؟ وهل أترك عملي أم لا ــ وشكراً لحسن استماعكم لي وأرجو عدم التأخر علي في الإجابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يهيئ لك الزوج الصالح الذي تقر به عينك، وعليك أن تُعرضي عن هذا الرجل، وتتخذي الوسائل التي تساعدك على الزواج بغيره مثل عرض نفسك بواسطة أحد محارمك أو إحدى الزميلات الملتزمات على من ترتضين دينه وخلقه، فالرجال سواه كثير، فما دمت قد استخرت الله في شأنه مرات ولم يوافق على زواجك فاتركيه، فلعل الخير في غيره، لا سيما أن مثلك ممن هي موظفة وعندها سكن ملك لها تكثر رغبة الرجال فيها.
واعلمي أن عرض المرأة نفسها على الرجل وتعريفه رغبتها فيه لصلاحه، أو فضله أو علمه أو غير ذلك من الأغراض المحمودة جائز شرعا ولا غضاضة فيه. فقد أخرج البخاري من حديث ثابت البناني قال: كنت عند أنس رضي الله عنه وعنده ابنة له، قال أنس: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تعرض عليه نفسها، قالت: يا رسول الله ألك بي حاجة؟ فقالت بنت أنس: ما أقل حياءها واسوأتاه، قال: هي خير منك، رغبت في النبي صلى الله عليه وسلم فعرضت عليه نفسها. وقد أخرج البخاري من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن عمر بن الخطاب عرض ابنته حفصة على عثمان بن عفان رضي الله عنه، ثم عرضها بعده على أبي بكر رضي الله عنه، وذلك حين تأيمت من خنيس بن حذافة السهمي رضي الله عنه. وقد عرض الرجل الصالح إحدى ابنتيه على موسى عليه الصلاة والسلام؛ كما في قوله تعالى: قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ. {القصص: 27} .
ولا يمنعنك من زواج من ترتضين أخلاقه فقره، فإن الله تعهد بالعون والغنى للمتزوج طلبا للعفة وامتثالا لأمر الشرع، فقد قال الله تعالى: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ. {النور:32} . وقال أبو بكر رضي الله عنه: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم به من الغنى، قال تعالى: إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ. {النور:32} .
وقال ابن مسعود: التمسوا الغنى في النكاح، يقول الله: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله. وقد نقل ابن كثير الأثرين السابقين عنهما. وفي الحديث: ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف. رواه أحمد وحسنه الألباني.
واعلمي أنه ليس للمرأة أن تستديم ما تفعله بنفسها من التعلق بالرجل الأجنبي عنها، فالواجب المبادرة بقطع كل وسيلة تؤدي إلى تمكن محبته في قلبك مع الإعراض عن الشعور والميل تجاهه، فجاهدي نفسك في سبيل التخلص من هذا الشعور بإشعار النفس باليأس من الشخص المحبوب، وبتذكر العواقب الوخيمة والمفاسد الخطيرة المترتبة على الاسترسال في هذه المحبة، وبتذكر قبائح المحبوب وما يدعو للنفرة منه.
فقد قال ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد: إشعار نفسه اليأس منه -أي من المحبوب- فإن النفس متى يئست من الشيء استراحت منه ولم تلتفت إليه، فإن لم يزُل مرض العشق مع اليأس فقد انحرف الطبع انحرافاً شديداً فينتقل إلى علاج آخر، وهو علاج عقله بأن يعلم بأن تعلق القلب بما لا مطمع في حصوله نوع من الجنون، وصاحبه بمنزلة من يعشق الشمس، وروحه متعلقة بالصعود إليها، والدوران معها في فلكها، وهذا معدود عند جميع العقلاء في زمرة المجانين ... فإن لم تقبل نفسه هذا الدواء، ولم تطاوعه لهذه المعالجة، فلينظر ما تجلب عليه هذه الشهوة من مفاسد عاجلته، وما تمنعه من مصالحها. فإنها أجلب شيء لمفاسد الدنيا، وأعظم شيء تعطيلا لمصالحها، فإنها تحول بين العبد وبين رشده الذي هو ملاك أمره، وقوام مصالحه، فإن لم تقبل نفسه هذا الدواء، فليتذكر قبائح المحبوب، وما يدعوه إلى النفرة عنه، فإنه إن طلبها وتأملها، وجدها أضعاف محاسنه التي تدعو إلى حبه، وليسأل جيرانه عما خفي عليه منها، فإن المحاسن كما هي داعية الحب والإرادة، فالمساوئ داعية البغض والنفرة، فليوازن بين الداعيين، وليجب أسبقهما وأقربهما منه بابا، ولا يكن ممن غره لون جمال على جسم أبرص مجذوم، وليجاوز بصره حسن الصورة إلى قبح الفعل، وليعبر من حسن المنظر والجسم إلى قبح المخبر والقلب، وأخيراً كما يقول ابن القيم رحمه الله: فإن عجزت عنه هذه الأدوية كلها لم يبق له إلا صدق اللجأ إلى من يجيب المضطر إذا دعاه، وليطرح نفسه بين يديه وعلى بابه، مستغيثاً به، متضرعا متذللاً، مستكيناً، فمتى وفق لذلك، فقد قرع باب التوفيق فليعف وليكتم، ولا يشبب بذكر المحبوب، ولا يفضحه بين الناس ويعرضه للأذى، فإنه يكون ظالماً متعدياً.اهـ
وأنجح وسيلة لحل مشكلتك هي الإكثار من الدعاء والالتجاء إلى الله تعالى. فأكثري سؤال الله أن يعينك على العفة ويطهر قلبك ويحصن فرجك، فهو القائل: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} ، وقال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186} ،
واحرصي على الاستفادة من الدعاء آخر الليل فهو مظنة للإجابة؛ لما في حديث مسلم: ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يسألني فأعطيه. وإذا دعا المسلم ربه فعليه أن يكون عالي الهمة في الدعاء، فالرجال الخيرون كثير، فعلى المسلمة أن تسأل الله أن يرزقها زوجا صالحا يعينها على صلاح دينها ودنياها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا سأل أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربه. رواه ابن حبان وصححه الألباني، فواصلي الدعاء بأن يحقق الله لك الزواج بمن يرتضى خلقه ودينه ولا تملي، وأيقني أن الله لا يضيع دعاءك، ففي صحيح مسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله؛ ما الاستعجال؟ قال يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي، فيستحسر ويدع الدعاء.
وفي المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا إذن نكثر، قال: الله أكثر. والحديث قال فيه الألباني في صحيح الترغيب: حسن صحيح، فلا تيأسي من رحمة الله وعونه، فربما يختار لك من هو أصلح من هذا الرجل.
وأكثري من الصيام، فإن له تأثيرا بالغا في استجابة الدعاء وفي كسر حدة الشهوة وكبح جماحها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب؛ من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه.
وقال النووي في "المجموع": يستحب للصائم أن يدعو في حال صومه بمهمات الآخرة والدنيا، له ولمن يحب، وللمسلمين، لحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث لا ترد دعوتهم: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، والمظلوم. رواه الترمذي وابن ماجه. قال الترمذي: حديث حسن.
هذا.. وندعوك إلى الرضى بقدر الله تعالى فمن يدري، فقد يكون الله تعالى أراد بك خيراً وصرف عنك شرا بما حصل، فهوني على نفسك هذا الأمر، واعلمي أن المؤمن لا يصيبه إلا ما هو خير له، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له. رواه مسلم.
واعلمي أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولعل ما حصل فيه لك خير كثير، قال الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ {البقرة:216} ، وقال تعالى: فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19} ،
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1429(13/833)
زواج من زنيا بعد خطبتهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا على وشك الارتباط أي أنا مقبلة على الزواج بخطيبي وكان قد مارس معي الجنس ودخل بي عدة مرات، فهل من عمل علينا القيام به قبل الزواج وسيكون زواجنا حلالا؟
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلتماه قبل الزواج هو زنى محرم بقواطع الكتاب والسنة،وعليكما التوبة النصوح والاستغفار وكثرة الطاعات، أما الزواج ببعضكما فجائز بعد توبتكما عند الأئمة الأربعة، إلا أن الإمام أحمد ومالكا يشترطان أن تستبرأ المرأة إذا لم تكن حاملا، وأن تضع حملها إن كانت حاملا.
وقد جاء عن عمر رضي الله عنه أنه ضرب رجلا وامرأة في الزنى وحرص أن يجمع بينهما.
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 11426.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1429(13/834)
هل يأثم من امتنع عن الزواج لأجل رعاية أسرته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 35 سنة وغير متزوج لأنني متكفل بالإنفاق على أسرتي فهل علي إثم في امتناعي عن الزواج لهذا السبب.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان تركك للزواج لا يوقعك في الحرام لتعففك عنه بالصوم أو عدم الرغبة أو غير ذلك فلا حرج عليك؛ سيما إذا كان تركك له لأجل القيام على أسرتك ورعايتها، وإن كان الأولى والذي ننصحك به أن تحاول الجمع بين الأمرين متى ما استطعت لتجمع بين الحسنيين، والله سبحانه هو الرزاق الجواد الكريم، وقد وعد بالعون من تزوج يبتغي العفاف، وللمزيد انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3011، 13553، 23985.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1429(13/835)
الزواج السري بامرأة أجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: بنت فرنسية أقامت علاقة مع رجل مسلم وقال لها سيكون زواجا سريا ليكون حلالاً وليس زنى، بالنسبة لها لا يهم الأمر ثم أسلمت وبقيت على علاقتها به وكانت تطلب منه أن يكون علنيا أمام الناس ثم اكتشفت أنه متزوج وله ولد وأنه لا يقدر أن يجاهر بعلاقته بها، لم أكن أعرف أي شيء عن هذا واتصلت بها لأقدم لها شابا مسلما فحكت لي قصتها وأنهما أخيراً قررا الفراق وهي الآن في حكم المطلقة وعليها العدة، فهل هذا الزواج حلال أم حرام، إذا كان القانون الفرنسي لا يجيز تعدد الزوجات فهل اللجوء إلى الزواج السري غير الموثق يعتبر حلالاً في هذه الحالة، بم تنصحون هذه الفتاة فهل عليها توبة، فأرجو الإجابة بالتفصيل؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فإن كان المقصود اعتبار هذه العلاقة زواجاً هكذا من غير أن يكون زواجا حقيقيا فهذا في الحقيقة زنى، فيجب قطع هذه العلاقة والتوبة إلى الله تعالى، وإذا كانت هذه الفتاة كتابية وكان الحاصل أنه تزوجها من غير ولي ولا شهود، فالنكاح باطل يجب فسخه، ويلحق فيه الأولاد بأبيهم للشبهة، وأما إذا كان هذا الزواج بولي وشهود ولكن لم يعلن فهو نكاح صحيح.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم أولاً أنه لا يجوز إقامة علاقة بين رجل وامرأة أجنبية عنه، وإن كان مقصود هذا الرجل اعتبار هذه العلاقة زواجاً هكذا من غير أن يكون زواجاً حقيقياً فهذا زنى، ولا يجوز الاستمرار في هذه العلاقة، وتجب عليهما التوبة وإن وجد بينهما ولد فهو ولد زنى.
وإذا كانت هذه الفتاة كتابية وتزوجها من غير ولي ولا شهود فالنكاح باطل يجب فسخه ويلحق فيه الأولاد بأبيهم للشبهة، وراجعي الفتوى رقم: 98521.
وأما إذا كان هذا الزواج بولي وشهود ولكن لم يعلن فهو نكاح صحيح، فإعلان النكاح مستحب وليس بواجب كما هو مبين في الفتوى رقم: 22402.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1429(13/836)
تزوجت للحصول على الإقامة فمات زوجها فهل ترثه
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت شخصا يسكن في بلد أجنبي زواجا شكليا من أجل الحصول على الإقامة في ذلك البلد مقابل مبلغ مالي وتمت كتابة العقد وتسمية المهر دون أخذه لكن مات ذلك الزوج بعد مدة قصيرة من الزواج. سؤالي هو كالتالي: هل أنا مذنبة مما فعلت وهل لي من توبة وهل يحق لي الميراث رغم أني لا أريده. أرجوكم ساعدوني أنا حائرة ولا أدري ما أفعل. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم مثل هذا الزواج الذي يكون الغرض منه الحصول على أوراق ونحو ذلك، كما في الفتوى رقم 11173.
وقلنا بأن النكاح إذا استوفى شروطه كان صحيحا ولو وقع من غير جاد إذ لا هزل في النكاح، ففي الحديث (ثلاث هزلهن جد) وذكر منها النكاح، وعلى ذلك، فيترتب على هذا النكاح آثاره، ومنها التوارث بين الزوجين، فترث الزوجة حصتها بموت الزوج والعكس، وكون المرأة لا تريد أخذ حصتها فهذا شأنها، لكنه دخل في ملكها بوفاة الزوج ولو لم ترض به، ومن حقها أخذه.
وحيث قلنا بعدم جواز هذا الزواج، لأنه من باب اللعب والاستخفاف بهذا الأمر المعظم شرعاً -وهو النكاح- ووضعه في غير موضعه، وقد قال الله تعالى: وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً {البقرة:231}
فتكون الأخت آثمة بالإقدام عليه ويجب عليها التوبة، والتوبة تجب ما قبلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1429(13/837)
حكم الزواج عن طريق الهاتف
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الزواج من فتاة أجنبية مسلمة ولكني لم أستطع ذلك لصعوبة إجراءات الزواج في البلد الموجود فيها حالياً، السؤال: هل يصح الزواج عن طريق الهاتف بمعنى آخر أن يكون الشيخ في بلد وأنا والفتاة في بلد آخر مع شروط توفر عقد الزواج.
الرجاء أفيدوني وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج لا يشترط له شيخ، وإنما يكفي الإيجاب من الولي أو من يقوم مقامه كوكيل ويقبل الزوج، بأن يقول الولي أنكحتك ابنتي فيقول الزوج قبلت ونحو ذلك، وإذا كان الولي في مكان آخر فيمكنه توكيل غيره ليتولى عقد النكاح، وأما إيجابه بالهاتف فلا يصح بل لا بد من حضوره أو حضور وكيله لكن له التوكيل بالهاتف، وإذا كانت المرأة ليس لها ولي من أقربائها فلها أن توكل بتولي عقد نكاحها فمن يصلح لذلك من المسلمين، ولكن لا يصح ذلك عبر الهاتف، وللمزيد انظر الفتاوى رقم: 46189، 62316، 54868، 56665، 57956، والفتوى رقم: 44241.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1429(13/838)
زواج العنين ومن به عيب في أعضائه التناسلية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الزواج للعنين، وما حكم الزواج بالنسبة لشخص عنده شهوة لكن فيه عيب خلقي في أعضائه، فهل يترك الزواج أم يباح، أم ماذا ... وخاصة إذا كان يستحيي أن يخبر بهذا الأمر.. وهل إذا ترك الزواج يكون عاقا لأمه التي تبكي من أجل أن يتزوج وهو محرج أن يقول لها الأمر؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
العنين هو العاجز عن الوطء في القبل لعدم انتشار الآلة، ومن كان كذلك وجب عليه البيان عند زواجه، فإن رضيت به الزوجة جاز، أما إن لم يبين ذلك حتى بنى على زوجته فيحق للزوجة فراقه ويرى جمهور العلماء أن المرأة إذا ادعت أن زوجها عنين لا يصل إليها وثبتت عنته أنه يؤجل سنة كاملة خلافاً للشافعية.
وقد أجل عمر العنين سنة، فإن لم يفد ذلك فرق بينهما بطلب المرأة، أما من فيه عيب خلقي في أعضائه التناسلية فإن كان هذا العيب يؤثر في الجماع تأثيراً يضر بالزوجة ككونه لا ينتشر أو لا يتأتى منه الجماع لصغر آلته، فعليه حينئذ إعلام من يريد الزواج بها فإن كان يستطيع الجماع فلا يلزمه أن يعلمها، وما ذكره السائل من قضية والدته وإصرارها على زواجه مع ما ذكر من عيب نقول ينبغي عليك إعلام أمك بذلك دفعاً لما قد تظنه عقوقاً من ولدها فإن حصل بتلميح أو إجمال فهو حسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1429(13/839)
ترفض الزواج لتتزوج في الآخرة من يوسف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أرفض الزواج بالدنيا وأتمنى أن يكون زوجي يوسف عليه السلام في الآخرة فهل هذا حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
رفضك للزواج إن كان لعذر شرعي فلا حرج عليك، وإلا فهو مكروه كراهة شديدة لمخالفته للسنة، وقد يصل إلى التحريم إن خشيت على نفسك الوقوع في الفاحشة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمشروع للمسلم والمسلمة هو التزوج، لما فيه من إحصان الفرج وغض البصر وتكثير النسل وتكثير الأمة، وقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ.
وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» متفق عليه.
وفي مسند أحمد عن أنس أن النبي- صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بالباءة، وينهى عن التبتل نهيا شديدا، ويقول: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة.
والجلوس بدون زواج فيه خطر عظيم فلا يليق بالشاب وهو قادر أن يتأخر في الزواج، ولا يليق بالفتاة التأخر عن الزواج إذا خطبها الشخص المناسب صاحب الخلق والدين. لكن إذا كان لها عذر في رفض الزواج لا تحب أن تبديه للناس فهي أعلم بنفسها، بأن كان لا شهوة لها، أو كان بها عيب يمنع الزواج من سدد في الفرج أو كان لها عذر شرعي لا ترغب معه في الزواج ولا تريده فهي أعلم بنفسها، فإن لم يكن بها مانع فإن السنة والمشروع لها أن تبادر بالزواج إذا كان الخاطب صاحب دين وخلق، وإلا فهي معذورة، فإذا خطبها الأشرار المعروفون بالفساد وترك الصلوات أو السكر أو بغير هذا من المعاصي فهؤلاء لا يرغب فيهم.
والحاصل أن رفضك للزواج إن كان لعذر شرعي فلا حرج عليك، وإلا فهو مكروه كراهة شديدة لمخالفته للسنة، وقد يصل إلى التحريم إن خشيت على نفسك الوقوع في الفاحشة.
وأما تمنيك أن يكون زوجك في الآخرة يوسف - عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام- فلا نعلم ما يمنع منه. وراجعي الفتوى رقم: 54476.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1429(13/840)
وجود عيوب في الزوج لا يدل على عدم الخير في الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي لا تصلي ولكن عند تقدم شخص للزواج بها ولحيرة أمرها صلت صلاة الاستخارة وتم الزواج لكن اكتشفت بعض العيوب بزوجها هل صلاة الاستخارة غير مقبولة؟ وبالتالي زواجها ليس فيه خير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا لا يدل على عدم قبول الصلاة، فالدعاء قد يستجاب من الفجار، وقد تقبل منه الاستخارة. وأما وجود بعض العيوب فلا يدل على عدم وجود الخير في الزواج، ولا على عدم وجود بعض الأخلاق الفاضلة في الزوج. فالكمال ليس موجودا في البشر، فما دام الزواج حصل فعلا، فلتصبر الزوجة إن لم تتضرر تضررا بينا من الزواج، ولتسع في إصلاح عيوب زوجها بالمناصحة والدعاء له، ولتعلم أن الأخطر من هذا كله ترك الصلاة التي هي صلة بين العبد وربه وسبب للعون على أموره.
فراجعي في خطورة تركها وفي وسائل إصلاح الزوج الفتاوى ذات الأرقام التالية: 62008، 73902، 34460، 106831.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1429(13/841)
النهي عن ترك النكاح رغبة عنه أو تبتلا
[السُّؤَالُ]
ـ[ابن عمي لا يريد أن يتزوج أبدا.
رغم التزامه الديني بأركان الاسلام وحسن خلقه ومحبة الناس له, حتى أنك لا تستطيع أن تعيبه في شيْ. لكنه ومع بلوغه الواحد والثلاثين يرفض التحدث بهذا الموضوع ويقول إنه لا يأبه حتى لو مات على هذا فظروف الأمه تختلف عنها في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم. أي أن قصده أن الناس امتهنت شرف الزواج الرفيع وأدخلت الماديات في كل شيء ويقول إنه لو كان يعيش الرسول بيننا لتزوج مرة واثنتين وثلاثة وحتى أربعة ولكنه غير مكترث الآن. فما العمل؟
علما بأننا حاولنا معه شتى الطرق والوسائل وهو يفقه الكثير في الدين ويعلم خيرات الزواج وفضله ولكن يبدو أنه يعاني من مشاكل تعرض لها في طفولته نتيجة فقدان والدته في سن الأربع سنوات وتعذيب زوجات الأب له!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن تركه راغبا عنه أو مترهبا فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ما جاء في الصحيحين: عن أنس رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال: <جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يسألون عن عبادة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فلما أخبروا كأنهم تقالوها وقالوا: أين نحن من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبداً. وقال الآخر: وأنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال الآخر: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً. فجاء رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إليهم فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني.
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التبتل، وهو الانقطاع للعبادة والإعراض عن النكاح ولم يأذن بالاختصاء وقطع شهوة النكاح به.
فلذلك ننصح بتذكير هذا الأخ بما سبق وترغيبه في الزواج وإزالة العائق النفسي بالحكمة واللين والترغيب في محاسن النكاح.
هذا كله إن كان يعلم أن هذا الأخ لديه القدرة البدنية على النكاح إما إن لم يكن كذلك فلا حرج عليه في ذلك.
وراجع للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 3011، 72253، 75037.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1429(13/842)
الزواج عند الحاجة إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الزواج من فتاة موظفة وأنا حالياً ما زلت أدرس وأبلغ من العمر 32 ولا أستطيع الانتظار فهل يجوز أن أتزوجها وسأعمل من حين لآخر في أوقات الفراغ من الدراسة, ادعو الله لي بأن يسهل أمري في الزواج والعمل معاً؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج مستحب لمن احتاج إليه، ووجد القدرة المادية عليه، فإن كان لا يجد القدرة عليه فلا يستحب له وليكسر شهوته بالصوم، قال النووي في المنهاج: هو مستحب لمحتاج إليه يجد أهبته، فإن فقدها استحب تركه، ويكسر شهوته بالصوم. انتهى.
وفي الحديث: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. فننصح الأخ السائل بالزواج في حال قدرته على أهبة الزواج ومؤنه، أو في حال تنازل الفتاة المذكورة عن بعض الحقوق، وتسامحها في ما يجب لها من نفقة ونحوها، ومن تزوج بقصد الإعفاف كان الله في عونه كما ورد في الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1429(13/843)
الزواج بنية الطلاق وكيف تفعل من مات وليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي شغالة في المنزل وأنا متزوج ولدي أطفال، وأريد أن أتزوجها بمهر وهي موافقة ولكن وليها متوفى وليس لها ولي سوى أخ صغير عمره 9 سنوات هل يجوز أن يعقد لي شخص عليها حيث إن قوانين البلاد التي نعيش فيها تمنع مثل هذا الزواج، وتضع شروطاً صعبة، ولكي آمن على نفسي من الفتنة وإذا أرادت السفر إلى أهلها طلقتها أفيدونا مشكورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كانت هذه المرأة مسلمة أو كتابية عفيفة فلا حرج عليك في الزواج منها، والأولى عدم الزواج منها إن كانت كتابية. والجمهور على جواز النكاح بنية الطلاق بشرط عدم ذكره في العقد. والولي شرط لصحة النكاح فإذا لم يكن للمرأة ولي زوجها السلطان، ولا يجوز للمرأة أن تفوض إلى رجل عقد نكاحها إلا إذا عدم الولي والسلطان.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء إذا كانت هذه المرأة مسلمة أو كتابية عفيفة فلا حرج عليك في الزواج منها، والأولى عدم الزواج منها إن كانت كتابية لما في مثل هذا الزواج من مخاطر ذكرناها بالفتوى رقم: 5315، هذا أولا.
وثانيا: إن نيتك تطليقها إذا أرادت السفر إلى بلدها يجعل هذا الزواج بنية الطلاق، وقد اختلف العلماء في حكمه وجمهورهم على جوازه وهو الراجح، بشرط أن لا يكون مشروطا في العقد، وراجع الفتوى رقم: 50707.
ثالثا: الولي شرط لصحة النكاح، فإذا لم يكن للمرأة ولي زوجها السلطان. وعليه فينبغي التأكد أولا فقد يكون لهذه المرأة ولي في بلدها كالعم ونحوه، فإن وجد فهو الذي يعقد لك عليها، فإن لم يوجد تولى نكاحها القاضي، ولا يجوز للمرأة أن تفوض إلى رجل عقد نكاحها إلا إذا عدم الولي والسلطان، وإذا كانت المرأة كتابية ولم يكن لها ولي زوجها أساقفتهم في قول بعض أهل العلم، ومن العلماء من قال يزوجها السلطان المسلم أو السلطان من أهل دينها، وانظر الفتويين: 23155، 23317.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1429(13/844)
ساعد ابنك على الزواج ما دمت أديت العمرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما أولى مساعدة ولدي المقبل على الزواج بمبلغ من المال أم أن أذهب بهذا المبلغ إلى العمرة علما بأني إذا ذهبت إلى العمرة لن أستطيع أن أساعد ولدي على الزواج وقد ذهبت إلى العمرة عدة مرات قبل هذه المرة؟
وجزاكم لله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد أديت العمرة من قبل فالأفضل أن تساعد ولدك على الزواج؛ لما في ذلك من النفع المتعدي وصيانته هو والتي يريد الزواج منها عن الوقوع فيما حرم الله.
والقاعدة التي عليها أهل العلم في المفاضلة بين الأعمال بصفة عامة أن العبادة التي فيها نفع متعد أفضل من العبادة التي فيها نفع قاصر على النفس، كالعمرة ونحوها؛ إلا إذا كان النفع القاصر من مهمات الإسلام وواجبات الإيمان.
ومحل ما تقدم من الأفضلية والأولوية هو ما إذا كان الولد قادرا على الزواج ولكن يحتاج لبعض المساعدة، أما إذا كان عاجزا عن الزواج وهو محتاج إلى الزواج والإعفاف والأب قادر على تزويجه فإنه يجب على الأب أن يزوجه. وقد تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 50915.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(13/845)
توجيه كون الزواج نصف الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الزواج نصف الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الزواج نصف الدين ورد به حديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ومعناه أن النكاح يحصن فرج المرء، وفساد الدين إنما يأتي من الفرج واللسان أو البطن، وبهذا يكون من تزوج قد استكمل نصف دينه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الباقي. رواه الطبراني في الأوسط والحاكم ومن طريقه للبيهقي وقال الحاكم صحيح الإسناد، وفي رواية البيهقي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في النصف الباقي. حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
قال القرطبي في التفسير: من تزوج فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في النصف الثاني. ومعنى ذلك أن النكاح يعف عن الزنى، والعفاف أحد الخصلتين اللتين ضمن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما الجنة فقال: من وقاه الله شر اثنتين ولج الجنة ما بين لحييه وما بين رجليه. خرجه الموطأ وغيره. انتهى.
وقال الغزالي في إحياء علوم الدين: وقال صلى الله عليه وسلم من تزوج فقد أحرز شطر دينه فليتق الله في الشطر الثاني وهذا أيضاً إشارة إلى أن فضيلته لأجل التحرز من المخالفة تحصناً من الفساد فكأن المفسد لدين المرء في الأغلب فرجه وبطنه وقد كفى بالتزويج أحدهما. انتهى. فتبين مما ذكر أن الزواج نصف الدين بهذا المعنى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(13/846)
تزويج البكر بغير رضاها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوج ابنته بدون رضاها ثم عاد واتفق مع الزوج على طلاقها إلا أن الزوج غدر بهما واختطف الزوجة واغتصبها بدون رضاها ما الحكم في هذه الحالة]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما كان للأب أن يزوج ابنته بدون رضاها، ولكنه إن فعل كان الزواج نافذا عند جمهور أهل العلم. ولها الحق في طلب الطلاق إن كانت متضررة من هذا الزواج.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى أن لا تجبر المرأة على الزواج من رجل لا ترغب فيه لما في ذلك من مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ولما ينشأ عنه من مشاكل وعدم استقرار في الحياة الزوجية. وقد جاء في صحيح مسلم والمسند والسنن عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الأيم أحق بنفسها من وليها. والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها".
وفي الصحيحين والمسند عن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر. ولا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا يا رسول الله وكيف إذنها قال أن تسكت".
ومن أهل العلم من أجاز جبر الأب أو وصيه للبكر خاصة.
وعلى أية حال، فالأب إذا زوج ابنته دون استئذانها فإن النكاح يعتبر نافذا عند جمهور أهل العلم. جاء في المغني لابن قدامة: وإذا زوج الرجل ابنته البكر، فوضعها في كفاءة فالنكاح ثابت وإن كرهت, كبيرة كانت أو صغيرة. أما البكر الصغيرة فلا خلاف فيها. قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن نكاح الأب ابنته البكر الصغيرة جائز إذا زوجها من كفء. ويجوز له تزويجها مع كراهيتها وامتناعها. اهـ
وخالف الحنفية في البكر البالغ فرأوا أنها إذا زوجت بدون رضاها كان لها الخيار في فسخ النكاح وإمضائه مستدلين بما في سنن أبي داود وابن ماجه عن ابن عباس أن جارية بكرا أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم.
فتحصل من هذا أن النكاح صحيح عند الجميع، وأنه نافذ بالاتفاق إن كانت الزوجة صغيرة، وأنها إن كانت كبيرة فهو نافذ أيضا عند جمهور أهل العلم، ومتوقف على رضاها عند الحنفية.
وإذا كانت الزوجة متضررة من هذا الزواج فمن حقها أن ترفع أمرها إلى القضاء الشرعي لتحصل على الطلاق.
واتفاق أبي البنت وزوجها على الطلاق لا يعد طلاقا، وإنما هو وعد بالطلاق، ولا يلزم الوفاء به.
وعليه، فلا شيء على الزوج فيما ذكرت أنه فعله من اختطاف الزوجة واغتصابها؛ لأنها تعتبر زوجة له ما لم يطلِّقها أو تطلَّق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(13/847)