حصول السليم على تخفيض لا يصرف إلا لذوي الاحتياجات الخاصة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب في أداء العمرة مع زوجتي وابني بإذن الله تعالى، وأريد أن أشتري تذاكر السفر، أحد أصدقائي العاملين في مجال حجوزات الطيران أخبرني أنه يستطيع أن يدخل رقماً سرياً فتتحول التذكرة باسم ذوي الاحتياجات الخاصة وتقبل بسعر مخفض، باختصار يمكن أن يضع رقماً سرياً على الحاسوب ويصدر التذكرة بمبلغ 1750 بدلاً من 2000 مثلاً، فهل هذا جائز أم لا؟
وسؤال آخر: أنني أنوي العمرة كما أنوي زيارة أخي في مدينة جدة والمبيت عنده لمدة 9 أيام، فهل تعتبر نية العمرة خالصة أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان تخفيض التذاكر خاصاً بأصحاب الاحتياجات الخاصة كما هو المتعارف، وكان السائل لا تنطبق عليه تلك الصفة، فلا يجوز له أخذ تلك التذاكر المخفضة لاشتمال ذلك على أكل أموال الناس بالباطل، قال تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188} ، ولا يجوز لغيره مساعدته على ذلك لأن هذا من التعاون على معصية الله، قال الله تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2} ، وإذا نويت السفر لأداء العمرة ثم زيارة أخيك فهذا لا يجعل نيتك غير خالصة لله تعالى، بل تكون قد جمعت بين العمرة وصلة الرحم، وهذا فيه مزيد أجر ومثوبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1428(12/13981)
حكم الانتفاع بما لا يعرف صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطاني أحد موظفي إحدى مستشفيات السعودية عدد من الساعات التي أخذت من مراجعي الأسعاف والمتوفيين الذين لم يسأل أحد عنها بعد مضي أكثر من عشر سنوات وقمت بتوزيع جزء منها لبعض المحتاجين واحتفظت ببعضها لي، علما بأنها تعتبر لديهم ليست ذات قيمة (منخفضة) ، فهل يجوز لي أخذها، علما بأنني إذا أردت بيعها الآن لا يوجد من يشتريها لقدم بعضها أو يتم بيعها بمبالغ زهيده،
فأفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الساعات التي قلت إنها لم يسأل أحد عنها منذ أكثر من عشر سنوات ... تعتبر في حكم المال الذي تعذرت معرفة أصحابه، والمال إذا انقطع الأمل من معرفة أصحابه فلحائزه أن يتصدق به عن مالكه، وإن جاء صاحبه يوما من الدهر، كان له الخيار في إمضاء الصدقة، أو أخذ مثلها إن كان لها مثل، وقيمتها إن لم يكن لها مثل، ويكون أجر الصدقة للمتصدق.
وعليه فلا مانع لك من أن تحتفظ ببعض هذه الساعات إن كنت من أهل الصدقة، مع العلم بأن هذه الساعات إذا كانت في درجة من التفاهة لا يتصور معها أن أصحابها سيبحثون عنها، كان للملتقط أن ينتفع بها دون تعريف، يقول الشيخ الدردير: لا إن كان تافها لا تلتفت إليه النفوس كل الالتفات، وهو ما دون الدرهم الشرعي أو ما لا تلتفت النفس إليه، وتسمح غالباً بتركه، كعصا وسط وشيء من تمر أو زبيب، فلا يعرف وله أكله إذا لم يعلم ربه وإلا ضمن. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1428(12/13982)
ما يفعل الطالب بالمكافأة التي صرفت إليه بعد انتهاء دراسته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب كلية درست سنة 1428 من شهر شعبان إلى شهر ذي القعدة واستلمت مكافأتي للشهور التي درستها بالكامل ثم انقطعت عن الدراسة، اعتذار سؤالي: تم صرف مكافأة لي في بطاقتي لشهر ذي الحجة ومحرم وأنا لم أدرس فصرفت المبلغ وهو معي الآن هل أستحقه، وماذا أفعل به؟ جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك فعله هو أن تخبر الكلية بأنك انقطعت عن الدراسة منذ اليوم الذي انقطعت فيه عنها، وأنك قد استملت المكافأة المخصصة لذلك، ثم بعد ذلك جاءتك مكافآت لأشهر لم تدرس خلالها، وأنك تسألهم عما إذا عليك أن تفعله بتلك المكافآت، فإن أجابوك بأنك مستحق لها بسبب كونها قد حسبت لك في ميزانية السنة الجامعية التي ابتدأتها معهم، فبها ونعمت، وإن بينوا لك أنها كانت قد حولت إليك على سبيل الخطأ، وأنك لست مستحقاً لها، فبادر إلى ردها لهم.
وهذا على تقدير أنهم سيردونها إلى الميزانية العامة للكلية، أو إلى ميزانية الدولة، أما إن كان يغلب على ظنك أنهم سيضعونها في غير موضعها، أو يأخذونها لأنفسهم بغير حق، فالواجب حينئذ أن لا تردها، بل تصرفها في مصارف الأموال العامة، لأنها في الأصل مال عام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1428(12/13983)
حكم التهرب من دفع الجمارك
[السُّؤَالُ]
ـ[فقد قمنا بتصدير منتجات لبلد ما، وهذه المنتجات تم دفع جمارك عليها، وقد كان من الممكن بإذن الله تفادي ذلك بتجهيز مستندات معينة، فما العمل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الجمارك تؤخذ منكم بغير حق فلا حرج عليكم في تفادي دفعها بما أمكنكم من الوسائل. وراجع للتفصيل في ذلك الفتوى رقم: 8097، والفتوى رقم: 34818.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1428(12/13984)
حكم توحيد السعر ليرسو العطاء على المتقدمين
[السُّؤَالُ]
ـ[في إطار مناقصة وطنية وبعد عملية الفرز الأولى (الفرز الفني) لم يبق من المترشحين لتقديم العرض المالي سوى أنا وتاجر آخر وفي هذا الإطار سيسعى كل منا بتقديم عرض مالي (مع العلم أن المناقصة تكون من نصيب التاجر الذي قدم أقل سعر)
ولكي لا أخسر هذه المناقصة تم التفاهم أنا والتاجر الآخر على أن نتقدم بنفس العرض المالي أمام المناقصة وبالتالي تكون المناقصة من نصيبنا نحن الاثنين
ولضمان هذا الاتفاق وضع كل منا مبلغا ماليا لدى شخص محل ثقة وبهذا يضمن كل منا المناقصة مع العلم بأن الذي ينقض العهد يخسر القيمة المالية التي وضعها عند هذا الشخص الأمين وتكون من نصيب التاجر الأخر.
السؤال
--هل هذا الاتفاق به شبهة شرعية؟
--إن خان أحد منا العهد هل تكون الأرباح التي ستتأتى من هذه المناقصة حرام أم حلال؟
وجزاكم الله عني ألف شكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقواعد الشريعة العامة تقضي بأن لا ضرر ولا ضرار، وليس من شك في أن الضرر في مثل الصورة المسؤول عنها شديد الاحتمال؛ لأن التفاهم الذي قلت إنه قد تم بينك وبين التاجر الآخر على أن تتقدما بنفس العرض المالي أمام المناقصة، يجعل الجهة التي ستتعاقدان معها ملزمة بقبول السعر الذي يتقدم به كل منكما، ولا شك أنه سيكون أغلى مما لو جاء كل منكما بسعر على انفراد. وفي هذا من الضرر عليها ما لا يخفى.
كما أن المبلغ الذي قلت إن كلا منكما قد أودعه عند شخص محل ثقة، وأن الذي يخل بالاتفاق منكما سيخسره ويكون من نصيب الثاني الذي لم يخل بالاتفاق، هو أيضا مبلغ مأخوذ بغير حق، وهو أكل للمال بالباطل، وقد قال تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة: 188} .
وبناء على هذا، فهذا الاتفاق فيه أكثر من شبهة شرعية –كما علمت-، وبالتالي فلا نرى إباحته.
وإذا تقرر ذلك فإن الأرباح التي تأتي منه لا تكون هي الأخرى مباحة أيضا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1428(12/13985)
كيفية التصرف في الأموال التي يجهل أصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل بإحدى الشركات كأمين خزينة أستلم المبالغ من مناديب تعمل لدى نفس الشركة التي أعمل بها وعند عمل الميزان اليومي أجد أن هناك زيادة أو عجزا في هذه المبالغ ولا أعرف لمن هي السؤال هو ماذا أفعل في هذه المبالغ الزائدة هل أسدد بها العجز أو ماذا أفعل بها علما بأنني لا أخلط بين فلوس الشركة ونقودي الخاصة فهل يجوز لي أن أدخر المبالغ الزائدة لأسدد بها أي عجز عندي وماذا أفعل عند حدوث عجز علما بأنني أتحرى جيدا عن صاحب المبالغ الزائدة ولكن لا أعلم لها صاحبا. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن يعلم الأخ السائل أنه لا يوجد في الشريعة مال لا مالك له، وهذه الأموال التي تجدها زائدة عندك بعد عمل الميزانية يجب أن ترد إلى أصحابها إن عرفوا، وفي حال ما إذا لم تتمكن من معرفتهم فإنه يتصدق بها بنية أصحابها، ولا يصح أن تأخذها لتسدد بها العجز. فالعجز إن وجد فمن مسؤوليتك أنت في حال حصل تفريط من قبلك، وإذا لم يوجد منك تفريط فلا تؤاخذ بها شرعا، وفي كل الأحوال لا سلطان لك على تلك الاموال المجهولة التي جهل أصحابها إلا سلطان صرفها إلى الفقراء والمساكين ووجوه الخير.
قال العلامة عبد الرحمن بن قاسم الحنبلي في حاشيته على الروض المربع: الرهون والودائع ونحوهما من سائر الأمانات والأموال المحرمة كالسرقة والنهب إذا جهل أربابها دفعها للحاكم أو تصدق بها عن ربها بشرط ضمانها له لأنه في الصدقة بها عنه جمعا بين مصلحة القابض بتبرئة ذمته ومصلحة المالك بتحصيل الثواب له. اهـ
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: مسألة في الأموال التي يجهل مستحقها مطلقا أو مبهما فإن هذه عامة النفع والواجب على من حصلت بيده ردها إلى مستحقها فإذا تعذر ذلك فالمجهول كالمعدوم وقد دل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في اللقطة: فإن وجدت صاحبها فارددها إليه وإلا فهي مال الله يؤتيه من يشاء. إلى أن قال: وهذا النوع إنما حرم لتعلق حق الغير فإذا كان الغير معدوما أو مجهولا بالكلية أو معجوزا عنه الكلية يسقط حق تعلق به مطلقا.. فإنه لو عدم المالك انتقل الملك عنه بالاتفاق فكذلك إذا عدم العلم به إعداما مستقرا وإذا عجز عن الإيصال إليه إعجازا مستقرا فالإعدام ظاهر والإعجاز مثل الأموال التي قبضها الملوك كالمكوس وغيرها من أصحابها من الجهاد عنهم أولى من إبقائها بأيدي الظلمة يأكلونها وإذا أنفقت كانت لمن يأخذها بالحق مباحة كما أنها على من يأكلها بالباطل محرمة وأما حبسها دائما أبدا إلى غير غاية منتظرة بل مع العلم أنه لا يرجى معرفة صاحبها ولا القدرة على إيصالها إليه فهذا مثل إتلافها.. فإذا كان إتلافها حراما وحبسها أشد من إتلافها تعين إنفاقها وليس لها مصرف معين فتصرف في جميع جهات البر والقرب التي يتقرب بها إلى الله. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1428(12/13986)
حكم التحايل لدفع الظلم المتحقق
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تم تخصيص الخدمات والمرافق فى بلادنا (مثل الكهرباء والمياه والغاز وغيرها) وبيعها لبعض المستثمرين (حق امتياز واحتكار) ومع ذلك فهم مازالوا يفرقون بين الاستهلاك المنزلي والتجاري فيصل قيمة الاستهلاك التجاري في بعض الشرائح إلى أضعاف أضعاف المنزلي
فهل يجوز التحايل عليهم وتسديد رسوم استهلاك هذه الخدمات على أنها منزلية بدلاً من كونها تجارية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان احتكار هؤلاء المستثمرين لهذه الخدمات الأساسية التي لا يستغني عنها الناس سببا لظلمهم أو ظلم فئة منهم كالتجار مثلا برفع أسعار هذه الخدمات عليهم رفعا مبالغا فيه يضر بهم ويعتمد على استغلال حاجتهم، فيجب على الدولة أن تسعر هذه الخدمات بالقدر الذي يندفع به الظلم عن الناس، وإذا لم يحدث هذا ولم يمكن دفع هذا الظلم إلا بشيء من التحايل فلا بأس بذلك، فإن الحيلة إذا تعينت طريقا للوصول إلى الحق لا بأس بها، ولذا أقر الله تعالى ما فعله يوسف من الحيلة ليرفع عن أخيه ما كان يعانيه من ظلم إخوته له، فقال عز من قائل: كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ {يوسف: من الآية76} قال السيوطي في تفسير الجلالين: " علّمناه الاحتيال في أخذ أخيه " وقال الجصاص عند تفسير هذه الآية: " فيه دلالة على إجازة الحيلة في التوصل إلى المباح واستخراج الحقوق " وراجع لمزيد من التفصيل الفتوى رقم: 51962، والفتوى رقم: 74667.
أما إذا كان احتكار هذه الخدمات ليس سببا لظلم الناس برفع أسعار هذه الخدمات عليهم، بأن كانت تقدم بسعر مناسب ليس مبالغا فيه، فلا يجوز التحايل على دفع تكاليف استخدام هذه الخدمات لما في ذلك من الإخلال بالعقد الذي تعاقدوا عليه مع هؤلاء المستثمرين، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة:1} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1428(12/13987)
من وعد بعدم أخذ ربح ثم عاد فأخذه فهل عليه إثم
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتركت مع أحد أقربائي في شراء منزل. لم نكمل المبلغ لظروف مادية تسببت في انهيار شريكي مادياً وأدخل السجن من قبل مجموعة من الدائنين. تدخل عمي ليكمل بقية المبلغ للمالك ويشتري البيت مني ومن شريكي بهدف إنقاذ شريكي من السجن. أثناء عرض الأمر على عمي قلت للحضور إن اشترى عمي البيت فأنا لا أريد فائدة، فقط أريد ما دفعته وذلك من أجل أن أساهم في إنقاذ شريكي من ورطته. لم تتم عملية الشراء إلا بعد فترة طالت نسبياً. وخلال تلك الفترة ساءت العلاقة بين وبين قريبي"شريكي". عندما تمت عملية البيع وتم تقسيم القيمة بواسطة مجموعة من الأهل وأعطوني نصيبي متضمناً الفائدة وحينها لم أذكرهم بأني كنت قد وعدت بالتنازل عن تلك الفائدة. وأخذت المبلغ كاملاً. هل علي ذنب؟ وهل تلك الفائدة يجب أن أعيدها إلى شريكي؟ أم كيف أتصرف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن قول الأخ السائل أنه لا يريد فائدة من وراء بيع نصيبه كان مجرد وعد منه ترغيبا في الشراء، وبالتالي لا يلزمه الوفاء بذلك إذا بدا له أنه ليس في مصلحته الوفاء به، سواء كان يقصد من قوله ذلك أنه سيترك فائدته لشريكه أو أنه سيضعها لعمه عند البيع. ونحن إن قلنا إنه لا يلزمه ذلك وجوبا فإننا ننبهه إلى أنه يندب في حق من وعد أن يفي بوعده. وراجع في تفصيل مسألة الوفاء بالوعد الفتوى رقم: 12729.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1428(12/13988)
ما يتوجب على من تصرف في حوالة نقدية يجهل مصدرها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما كنت طالبا كنت أتلقى حوالات مالية للعديد من الطلاب زملائي على حسابي وفي إحدى المرات طلب مني أحد الزملاء أن يحول نقودا عبر حسابي وعندما حول له أهله النقود راجعت معه البنك لمدة أكثر من ستة أشهر والبنك كان يقول لنا لا يوجد حوالة كان يتصل بأهله ويقولون حولنا سئمنا من ذلك وبعد فترة طويلة بخمسة أو ستة أشهر دخل على حسابي مبلغ 500 دولار ولم يكن المصدر محددا من أين الحوالة، والمبلغ الذي انتظره زميلي هو 1500 قالوا له أهله أنهم حولوا ثلاثة حوالات بـ 500 دولار، سحبت المبلغ وانتظرت مدة أكثر من أربعة أشهر ولم أتصرف به وطلبت من زميلي بالقدوم والاستفسار من أهله عن الحوالات خاصة إلا أنه لم يفعل شيئا وأنا بعد فترة انفقت النقود هذه إلا أنني راجعت البنك عدة مرات لمعرفة المصدر لم يتسنى لي معرفة المصدر وعرضت على زميلي وكالة خاصة لمتابعة الحوالات الضائعة إلا أنه رفض وأنا لا أعرف مدى حلال هذا المبلغ وإن كنت ملزما بدفع هذا المبلغ لشخص ما وهذا الأمر مر عليه أكثر من 12 سنة والضمير يذكرني بذلك بشكل مستمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيما يخص جواب هذا السؤال فإنك ذكرت أنه قد دخل حسابك مبلغ 500 دولار، لا تعرف الجهة المصدرة لها، وأن المبلغ الذي قال زميلك إنه قد حول له هو 1500 دولار، قال أهله إنهم حولوها في ثلاث حوالات بـ 500 دولار لكل حوالة، فهذا يدل بوضوح على أن المبلغ الذي وجدته هو من الحوالات المرسلة إلى زميلك، ما لم توجد قرينة خارجة عما ذكرته تبعد هذا الاحتمال، أو تتحقق أنه قد حول إليك من جهة أخرى، وعلى أية حال فإن الأمر تُمكِن متابعته بسهولة، ابتداء من الجهة التي أودع عندها أهل زميلك ما كانوا قد أرسلوه إليه، إلى أن تعرف الوجهة التي سلكتها تلك الحوالات إن كانت -حقاً- قد أرسلت إليه، وإذا تحققت في نهاية الأمر أنها ليست لزميلك -قطعاً- فلا حرج عليك في تصرفك فيها، على أنك إذا لقيت صاحبها يوما من الدهر كان مفروضاً عليك أن تسلمها له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1428(12/13989)
كذب الموظف على الشركة بخصوص السكن الذي يسكن فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل بالنسبة للفتوى رقم 80896 بخصوص سؤالي رقم 2139472 أود أن أفيدكم علماً بأن الشركة لا تتكلف أي شيء وما ستدفعة لي في بيت قريبي هو نفس الذي ستدفعه لي في بيت الورثة دون أي زيادة أو نقصان وأنا الذي سيستقطع من راتبي بدل السكن، ولكن كون إلا أن بيت الورثة هو هبة من الحكومة فأن الشركة تفضل أن يكون سكن موظفيها في بيت غير بيوت الهبة لأن بيوت الهبة أصغر حجماً وأنني سمعت بأن هنالك من سكن وتمت الموافقة له لكن أنا كان سؤالي أنه هل يصح شرعاً بأن أستأجر بيتا وأسكن في بيت آخر، علماً بأن المالك هو صاحب البيتين أي أنه شريك مع الورثة في البيت الذي أنا سأسكن فيه وهو وصيهم ولديه وكالة عامة وشرعية في التصرف، لذا أرجو من الله ثم منكم إفادتي؟ ولكم جزيل الشكر والعرفان وبارك الله فيكم وجعلكم ذخراً للإسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز إخبار الشركة أنك تسكن في سكن معين بينما أنت تسكن في غيره، لما في ذلك من الكذب من غير مسوغ شرعي، وقد قال صلى الله عليه وسلم: وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً. رواه مسلم.
ويتأكد ذلك إذا كانت الشركة تشترط للحصول على بدل السكن أن يسكن الموظف في سكن له مواصفات خاصة، ففي هذه الحالة يضاف إلى إثم الكذب إثم الغش، الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: من غش فليس مني. رواه مسلم. ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1428(12/13990)
حكم الشركات التي تحفظ حسابات العملاء في صورة معادن
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك شركة على الإنترنت تفتح حسابا بالمعادن الثمينة ذهب فضة بلاتنيوم بلاديوم ورصيدك هو الوزن من تلك المعادن فقط (وتقول الشركة إنها لا تقوم بأي عملية مبادلة بين العملات وبين المعادن الثمينة فقط حسابك هو وزن المعدن الثمين، وذلك للأمان وللهروب من مخاطر العملات والصرف، السؤال هو: هل يجوز فتح مثل هذه الحسابات علما بأن الشركة تقول إنها ليست بنكا وهي تأخذ عمولة سنوية بنسبة مئوية معينة على كمية المعدن في رصيدك وإذا أردت سحب مبلغ معين من رصيدك أو إضافة تلجأ إلى شركة وساطة أخرى عن طريق الإنترنت لإجراء بيع وشراء المعدن من الشركة التي فيها حسابك ومن حسابك بالذات بسعر البورصة وتحويل رصيدك من المعدن إلى العملة التي تختارها ومن ثم تقوم شركة الوساطة بتحويل المال إلى أي حساب بنكي أنت تحدده مع أخذ عمولة (مع العلم بأن شركات الوساطة تلك تدلك عليها الشركة الأولى التي تحتفظ برصيدك من المعادن وتقول لك إنها مستقلة عنها) ، كما تستفيد من هذه العمليات بتحويل أي مبلغ إلى أي مكان بالعالم وبالعملة التي تناسبك وبتجارة الإنترنت وتستطيع استخدام الفيزا كارد (وكل العمليات تتم على الإنترنت) ، فأفيدونا عن كل ما يحيط بهذه القضية والأحكام الشرعية فيها؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الشركة المذكورة لا تمارس أنشطة ربوية، وإنما تأخذ عمولة سنوية، هي بمثابة أجرة أو مصاريف إدارية، فلا نرى حرجاً في فتح حساب عندها، وإيداع النقود فيه للحفظ، وكون أجرة الحفظ هذه نسبة مئوية تتناسب مع كمية المعدن الذي هو في رصيد المودع لا يخل بما ذكرناه من إباحة تلك الأجرة، لأن الرصيد معلوم قدره، والنسبة إذا كانت من مبلغ معلوم كانت معلومة.
كما أن كون صاحب الحساب إذا أراد سحب مبلغ من رصيده أو إضافة مبلغ، تلجأ الشركة إلى شركة وساطة أخرى لإجراء بيع أو شراء المعدن، وتحويل الرصيد من المعدن إلى العملة التي يختارها العميل، ثم بتحويل المال إلى الحساب الذي يحدده صاحبه مع أخذ عمولة على ذلك.. أقول: إذا كان الأمر لا يزيد على ما ذكرته في السؤال، ولم يكن ثمت سبب آخر للتحريم فلا نرى حرجاً في الموضوع، ثم إننا ننبه إلى أن هذا النوع من الشركات قلما يسلم المتعامل معه من الوقوع في المحرمات، كما أنه قد لا يسلم من نوع تحايل والمرء مطالب بحفظ ماله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1428(12/13991)
موقف صاحب المحل من السارق إن كان فقيرا أو غير ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[أدعو الله أن يوفقكم ويزيدكم علما وهدى وأرجو أن يتسع وقتكم للإجابة عن الحالة الآتية:
يملك شخص متجرا كبيرا على غرار أسواق بن داود في مكة.فللحريف أن يختار ما يريد شراءه ثم يقوم بدفع قيمة المشتريات عند باب الخروج. وقد قام صاحب المتجر بتركيز كاميرات للمراقبة فهاله ما كشفت هذه الكاميرات من سرقات واختلاسات يومية.
ألقى علي بعض الأسئلة وإليكموها عسى أن تساعدونا في إيجاد حكم شرعي لهذه الظاهرة.
1- يوجد أشخاص (خاصة من النسوة) يقومون بسرقة مأكولات (بسكويت ... ) وربما يكونون في حاجة إلى تلك المأكولات لظروف اجتماعية (مطلقة..) فهل يطالبهم بدفع قيمة المنهوبات؟ حتى وإن تكرر الفعل من نفس الشخص؟
2- بالمقابل هناك أصناف من الناس يأتون دوريا بل ربما يوميا لسرقة ما ليس بضروري (مثل العطورات والشامبو أو اللوز ... ) .
كيف التعامل مع هذا الصنف؟ هل يطالبهم بقيمة المسروقات المضبوطة فقط ثم يخلي سبيلهم؟ هل يجوز له أن يرغم السارق على دفع قيمة المسروقات المضبوطة ولكن مضاعفا إلى 2 أو5 مرات مثلا نظرا لتعود هؤلاء على السرقة؟ إذ ضبط شخص يسرق يوميا اللوز ولما طالبه البائع بدفع ما يقارب 20 مرة قيمة ما وقع ضبطه معه دفع بكل بساطة ولم يبد أي علامة ندم أو إحراج. بل حين طالبه صاحب المتجر بالتوقيع على التزام بعدم زيارة المتجر مستقبلا احتج واستنكر الالتزام.
هل يسلم هؤلاء للسلطة التي لا تحكم بشرع الله؟ وربما يدخل السارق السجن فيخرج منه أكثر نقمة وأكثر خبرة في فن السرقات؟
وهل يجوز لصاحب المتجر الرفع في قيمة المعروضات تعويضا عما يخسره جراء ما يقوم به بعض الزائرين من نهب واختلاس؟ وبذلك يتحمل الجميع ما يرتكبه البعض؟
أرجو الإفادة – نفع الله بكم وألهمكم الرشد والسداد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن علم من هؤلاء أنه فقير معدم لا يجد ما يشترى به ما يأكل أو يشرب أو يلبس ونحو ذلك من الضرورات له ولمن يعول ولم يجد من يوفر له ذلك، واضطر إلى السرقة ليدفع عن نفسه أو عائلته الجوع والهلاك فإن معاقبته على هذه السرقة لا تجوز لأنه في مثل هذه الحالة يجب بذل الطعام ونحوه له، إلا إذا كان من يملك ذلك مضطرا إليه أيضا فإنه في هذه الحالة أحق به من غيره ففي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أطعموا الجائع. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: المضطر إلى طعام الغير إن كان فقيرا فلا يلزمه عوض إذ إطعام الجائع وكسوة العاري فرض كفاية، ويصيران فرض عين على المعين إذا لم يقم به غيره. وقال الإمام ابن قدامة في المغني: قال أحمد: لا قطع في المجاعة يعني أن المحتاج إذا سرق ما يأكله فلا قطع عليه لأنه كالمضطر. وهذا محمول على من لا يجد ما يشتريه أو لا يجد ما يشتري به.. اهـ
وأما من لم يعلم أنه فقير معدم على حسب ما وصفنا أو كان يسرق الكماليات أو يسرق مع كونه يجد ما يشتري به فالمشروع في هذه الحالة استرداد المسروق منه إذا كان باقيا على حاله، أو تغريمه قيمة ما سرق دون زيادة على ذلك إذا كان المسروق قد تغير، وهذا لعموم قوله تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ {النحل:126} مع نصيحته والستر عليه، اللهم إلا أن يتكرر منه ذلك فيرفع أمره إلى من يأخذ على يديه ويكفه عن السرقة.
ولا بأس برفع أسعار المعروضات تعويضا عما يتعرض له المحل من سرقات، وإن كنا لا ننصح بذلك لما في ذلك من تنفير الناس عن هذا المحل.
ولعل من المناسب أن نختم الفتوى بهذا الحديث الذي فيه الحض على إطعام الفقراء والمساكين والرأفة بهم، ففي سنن أبي داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أيما مسلم أطعم مسلما على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، أيما مسلم سقى مسلما على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم.
تنبيه: هذا الحديث وإن تكلم في سنده فإنه يسوغ الاستئناس به في هذا الباب: (باب فضائل الأعمال) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1428(12/13992)
ما تفعل الجارة إذا ضاع دفتر عداد الكهرباء المشترك مع جارتها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي جارة أشترك معها بساعة الكهرباء ولي عداد أحسب عليه كم عليها وكم علي ومن ثلاثة أشهر أتلف الدفتر الذي كنت أسجل عليه أرقام عدادنا ولم يعد بيدي حيلة على معرفة ما كان مسجلا فأفترضت افتراضا كم عليها وأنا بحيرة ماذا أفعل، هل أخبرها بذلك وأخاف أن تظن أني أخربط معها بالحساب من زمان وأنا لست كذلك وهي طيبة لا تظن السوء، ولكني أخاف عليها من الظن السيء أم ماذا أفعل، أفتوني؟ وسامحونا على الطمع بخدماتكم الكريمة جعلها الله تعالى في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يصح أن تفترض الأخت السائلة مبلغاً ما وتطالب به جارتها كنصيبها من فاتورة الكهرباء؛ لأنها لا تدري قدر استعمال جارتها للكهرباء في تلك الفترة المنصرمة. وبالتالي تأخذ منها ما لا يلزمها دفعه، والتصرف الصحيح أن تخبرها بضياع الدفتر ومن ثمّ يصطلحان على دفع هذه الفاتورة.
وأما خشية أن تظن بها ظن السوء إذا أخبرتها بضياع الدفتر، فهذه وإن كانت مفسدة لكنها مفسدة موهومة، وإن تحققت فهي أدنى من مفسدة أخذ مال الغير بدون وجه حق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1428(12/13993)
حكم أخذ المدرس الحلويات من التلاميذ وانتفاعه بها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر أخذ الأطعمة مثل الشيبسي والشوكلاتة من السرقة علما بأنني مدرسة في رياض الأطفال ولا يسمح لهم بتناولها فأقوم بأخذها وتخبئتها عنهم فهل يعتبر سرقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم أن يتحرى الحلال في مطعمه ومشربه وملبسه ومسكنه، فكل لحم نبت من سحت فالنار أولى به، كما في المستدرك وغيره وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة جسد غذي بالحرام. رواه البيهقي وصححه الألباني.
وبناء عليه فإذا كانت هذه الأشياء مما خصصته الروضة لإطعام الأطفال فلا يحل أخذها بدون إذن من الجهة المخولة بالإذن في ذلك صراحة أو ضمنا، وإن كانت هذه الأشياء مما يرمى ويتلف فلا مانع من أخذها والانتفاع بها بعلم الإدارة أو بدون علمها لأنه لا معنى لرميها إلا أنها أباحت لمن شاء الانتفاع بها، جاء في الإنصاف: ومن سبق إلى مباح وما ينتبذه الناس رغبة عنه فهو أحق به. اهـ.
وينبغي أن يعلم أن الموظف أمين على ما تحت يده من الأمور، فلا يجوز له التصرف فيها إلا فيما أذن له من التصرف، وإن لم يكن مأذونا فيه فالتصرف غير جائز، وهو من الخيانة للأمانة التي أؤتمن عليها ومن أكل المال بالباطل، وكل هذا محرم لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال: 27} ولقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {النساء: 29} ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. أخرجه الدارقطني وأحمد والبيهقي وغيرهم وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1428(12/13994)
هاتف الشركة وسيارتها يستعملان حسب شروط العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حق حمده وما كل نعمة إلا من عنده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد
أسأل الله العلي القدير أن يجعل ما تقومون به من خدمة للإسلام والمسلمين في موازين حسناتكم وأن يجزيكم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء
السؤال:- 1- أعمل في إحدى كبريات الشركات، وبحكم منصبي وطبيعة عملي التي تأخذ جل وقتي (9~11 ساعة يوميا) فقد تم تخصيص سيارة (شاملة الوقود والصيانة) وهاتف محمول (بسقف مكالمات محدد أتكفل شخصيا بما جاوزه من تكاليف) لإنجاز بعض الأعمال أثناء وخارج أوقات الدوام الرسمي، فهل يجوز لي استخدام هذه التسهيلات في شؤوني الخاصة وذلك بعلم مدير الشركة والمسؤولين فيها، خاصة وأني لا أملك سيارة كما أحتاج من وقت لآخر للاتصال بزوجتي وأفراد عائلتي للاطمئنان عليهم خلال فترة غيابي عن البيت وما صحة القول الشائع (من شغلته أمور المسلمين عن القيام بشؤونه الخاصة يعين له خادم من بيت مال المسلمين) وهل يمكن حمل السيارة والهاتف على هذا المحمل؟
أفيدوني أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العبارة الواردة في آخر السؤال وهي: من شغلته أمور المسلمين عن القيام بشؤونه ... الخ معناها صحيح ولكنها محمولة على من اشتغل بشؤون ولاية من ولايات المسلمين العامة كإمام المسلمين، ومن يعينه الإمام كالولاة والقادة والوزراء ونحو ذلك من الوظائف العامة التي يتعدى نفعها إلى جميع المسلمين كالقضاء والفتيا والأذان والإمامة وتعليم القرآن وأيضا دفع رواتب الجيش ... إلخ. وفي الحديث الذي رواه أبو داود من حديث المستورد بن شداد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كان لنا عاملا فليكتسب زوجة، فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادما، فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنا. قال الخطابي: هذا يتأول على وجهين أحدهما أنه إنما أباح اكتساب الخادم والمسكن من عمالته التي هي أجرة مثله، وليس له أن يرتفق بشيء سواها، والوجه الآخر أن للعامل السكنى والخدمة فإن لم يكن له مسكن ولا خادم استؤجر له من يخدمه فيكفيه مهنة مثله ويكتري له مسكنا يسكنه مدة. اهـ
أما عملك في الشركة فليس داخلا في ذلك فأنت فيها أجير خاص لجهة خاصة، وتتقاضى أجرة معلومة محددة مقابل عمل معلوم تقوم به، ويجب عليك الوفاء بالعقد المبرم بينك وبين الشركة لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة:1} وفي الحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أحمد.
وعليه فيجب أن يكون استعمالك لهاتف الشركة وسيارتها حسب شروط عقد العمل فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1428(12/13995)
ما يفعل الموظف إذا لم تف الشركة بالراتب المتفق عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سوري محاسب بشركة سورية طلب مني أن أعمل معهم في فرعهم بالسودان وتم الاتفاق على الراتب بالدولار ولكن بعد مضي شهر من وجودي بالسودان بدأ الدولار بالهبوط مقارنة مع العملة المحلية الدينار فتم الاتفاق مع المدير هنا على أن يتم تعديل الرواتب لتصبح باليورو وتم التوقيع على ذلك على أن يدفع المبلغ باليورو أو ما يعادله بالدينار حسب القيمة الثابتة عند الاتفاق الأول وبعد مضي 3 أشهر سافرت لسوريا لأجل عمل بنفس الشركة وبقيت في سوريا لمدة 4 أشهر ثم عدت للسودان فأفاجأ بأن المدير هنا تراجع وأبقى الراتب على الدولار أول الاتفاق القديم مع العلم أن قيمته انخفضت أكثر وما يزال ينخفض وعند سؤاله لماذا لم تبقه كما كان قال سوف ننظر بالأمر مجددا وبعد فترة أسبوعين تم معاودة السؤال وقال نفس الجواب حيث تبلغ الخسارة حاليا لكل 10$ ما يعادل 1.4$ السؤال هو:
هل يجوز سحب فرق المبلغ من الشركة دون علم الإدارة؟
ولكم جزيل الشكر وأعانكم الله على خدمة الإسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عمل الأخ السائل في هذه الشركة يعد من الإجارة، وللإجارة أحكام شرعية ينبغي أن تعلم. ومن هذه الأحكام أن الإجارة عقد لازم من قبل الطرفين فلا يحق لأي واحد منهما فسخه إلا بالتراضي أو التقابل أو اشتراط الخيار لأحدهما أو لهما معا، وإذا كان عقد الإجارة كذلك فيجب الوفاء به على صفته من اللزوم لقوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1}
وعليه، فإذا حصل اتفاق بين الموظف وشركته على أن يعمل عندها لمدة كذا بأجر كذا فالعقد لازم له حتى تنقضي المدة، سواء انخفض سعر الدولار أو ارتفع.
فإن أقاله صاحب الشركة بأن عقد معه اتفاقا جديدا يزيد فيه أجرته فإذا حصل ذلك فالأجرة الجديدة لازمة للشركة كما يلزم الموظف العمل.
وفي حال لم يوف صاحب الشركة بالعقد الجديد وجحد العامل حقه المتفق عليه فيجوز للعامل أن يأخذ ما جحده صاحب الشركة بدون علمه إذا لم يجد طريقا معلنا يستوفي به حقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1428(12/13996)
هل يستوفى الحق من غير الظالم
[السُّؤَالُ]
ـ[أصحاب الفضيلة: أخذت فتوى شرعية من موقعكم باسترداد حقي من محل عمل الكفيل وبعد استرداد جزء منه علمت أن المحل أصبح لأخيه فطلبت نقل كفالتي فرفض الكفيل وأجبرني على العمل في محل أخيه فهل يجوز لي استكمال باقي حقي أم أتوقف؟
وجزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تستوفي حقك من غير من ظلمك، فإن هذا ظلم له بغير حق وقد قال تعالى: وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام: 164} فلا يتحمل الأخ تبعة عمل أخيه ولا يؤاخذ به، ولك أن ترفع أمرك إلى المحكمة أو إلى من يستطيع أن ينصفك من كفيلك ويأخذ لك حقك منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1428(12/13997)
إذا تم البيع بعملة والتسديد بغيرها فمن يستحق الفرق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مدير الحسابات ومدير المبيعات في الشركة الأهلية. أحيانا يبيع المواد بالدينار العراقي وفي تحويل بالدينار يحدث فرق بالزيادة والنقص وإذا كان النقص فيجب أخذ النقص علي لحسابي وأحيانا توجد زيادة فهل هذه الزيادة لي؟
شكرا على إجابتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تأخذ شيئا من هذه الزيادة لنفسك لأن الأصل أن مالكها قد تركها للشركة التي تعمل بها، وأنت وكيل عنها اللهم إلا إذا كان مقدار النقص الذي يؤخذ منك بغير حق ولم تجد وسيلة لاسترداده من الشركة إلا أن تأخذ من هذه الزيادة بقدر حقك فقط. وهذا ما يعرف عند العلماء بمسألة الظفر، وراجع فيها الفتوى رقم: 28871. وننبه إلى أنه لا يجوز أن تباع السلع آجلا بالدينار ويشترط التسديد بعملة أخرى، لكن إذا تم البيع بالدينار وعند السداد أخذ قيمته بعملة أخرى دون اشتراط عند العقد فلا حرج في ذلك، وراجع الفتوى رقم: 44084
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1428(12/13998)
حكم أخذ الأشياء التالفة من الشركات بدون إذن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أخذ أشياء متلفة ,مثال كتب قديمة من الإدارة التي يعمل بها دون علم المدير علما وأنه دفع المال كمقابل لها. وذلك بأن يتنازل عن المنح التي تعطيها له الإدارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الأشياء مما يرمى ويتلف فلا مانع من أخذها والانتفاع بها بعلم المدير أو بدون علمه؛ لأنه لا معنى لرميها إلا أن الشركة استغنت عنها وأباحت لمن شاء الانتفاع بها.
جاء في الإنصاف: ومن سبق إلى مباح وما ينتبذه الناس رغبة عنه فهو أحق به. اهـ
أما إن كان الأمر على خلاف ذلك فيلزم لأخذ هذه الأشياء إذن صريح من مخول بالإذن في هذه الإدارة، ثم إذا كانت هذه الأشياء تباع فيجب دفع ثمنها المعلوم إلى الجهة المعنية بالبيع، ولا يصح أن يكون الثمن هو التنازل عن المنح التي تعطيها الإدارة للموظف ما لم يحصل اتفاق وتراض بين الموظف والإدارة على أن هذه المنح المعلومة مقابل الأشياء المراد شراؤها؛ لقوله تعالى: لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء: 29}
ولا يكون تراضي إلا إذ عرف الثمن والمثمن ورضي كل من طرفي العقد (المشتري والبائع) بالبدل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1427(12/13999)
هل يأخذ الموظف حقه المسلوب مما صرف له بالخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[فقد تغيبت عن عملي لمدة 6 أيام الشهر الماضي وحين قبضت راتبي وجدته كاملا بطريق الخطأ أي لم تقطع منه 6 أيام، وسابقا كانت الشركة قد قطعت مني مبلغا كنت مستحقا له حيث إني كنت مريضا وقدمت ما يثبت ذلك لكن تحايلوا على ذلك، فهل أخبر الشركة بهذا الخطا أم أحصل على المبلغ تعويضا عما قطع مني سابقا؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحق للأخ السائل استيفاء هذا المال الذي صرف له على وجه الخطأ إلا بشرطين:
الأول: أن يكون مستحقا فعلا لمبلغ الإجازة المرضية، ولا يكون مستحقا إلا إذا كان عقد العمل المبرم بينه وبين الجهة التي يعمل عندها يمنحه هذه الإجازة المرضية براتب، فجحدت تلك الجهة هذا الحق المقرر نصا أو عرفا.
الثاني: أن لا يتمكن من التوصل إلى حقه إلا بالاستيلاء على هذا المال بدون علم الشركة، أما إذا كان يمكنه أخذ حقه بالطرق المعروفة الواضحة بدون أن يناله أذى في نفسه أو في مصدر رزقه فلا يلجأ إلى هذه الطريقة، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 57897.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1427(12/14000)
تغيب الإمام عن المسجد لحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إمام رسمي وبراتب في أحد المساجد، في بعض الأحيان يكون عندي ارتباطات أو أكون أنا وأولادي في نزهة وعندها أوكل أحد الأشخاص ليصلي بالناس بدلا عني هذه الفروض ما الحكم الشرعي في ذلك؟؟ ولو خصمت من الراتب المبلغ المستحق لتأدية هذه الفروض وتصدقت به هل هذه الطريقة شرعية أرجو التفصيل في هذا الموضوع لأنه بالنسبة لي مهم جدا.
وجزيتم خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تتغيب بسبب أمر ضروري أو حاجة مما هو معروف عند الناس وجرى فيه التسامح عادة فلا حرج عليك في التخلف بعد إنابة من يقوم مقامك لأن هذا مما لا بد منه، وفي هذه الحالة لا تطالب بخصم ما يقابل هذه الأوقات من راتبك، ولا يخفى أنك لو فعلت ذلك كان لك أجر الصدقة، ولا يجوز أن تتخلف في غير ما ذكرنا، وانظر الفتوى رقم: 25176.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1427(12/14001)
ما يفعل من عجز عن سداد تكاليف الجراحة للمستشفى
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله أجريت لي عملية جراحية لشفط نزيف بالرأس ولا أمتلك مصاريف العملية البالغ قدرها 40000 ألف ريال وتم سداد جزء من المبلغ 20000 ألف ريال من فاعلي الخير وكان المبلغ في زيادة مستمرة مما دفعني إلى مغادرة المستشفي دون إذن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تكاليف العملية التي أجريت للأخ السائل تعتبر دينا في ذمته يجب عليه سداده عند القدرة على ذلك، وإذا تبرع أحد بسداده فقد برئت ذمته.
أما مغادرته المستشفى بدون إذن تهربا من دفع الأجرة فذلك غير جائز وكان عليه أن يخبر إدارة المستشفى بعدم قدرته على الدفع حتى ينظروا في أمره لا أن يغادر قبل أن يدفع أو يطلب إعفاء أو إنظارا.
أما وقد فعل فعليه سداد ما بقي من الأجرة عند الاستطاعة ويبقى ذلك دينا في ذمته كسائر الديون التي لا تسقط إلا بالعجز أو الإبراء من قبل الدائن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1427(12/14002)
حكم أخذ الصرف الباقي من أموال العملاء بغير استئذانهم
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال / إنني أقوم بمخالصة عمال وعند مخالصتهم في حال الدفع المبلغ المالي لهم هناك بعض السنتيمات تبقى. مثلا
2068.00 دج ادفع للعامل منها 2060.00 وسنتيمات كـ 800 سنتيم مثلا لا أدفعها بسبب عدم وجود الصرف والمبلغ في حد ذاته العامل لا يطمع في أخذه وعلى هدا الغرض أنا أسأل هل حرام علي أن آخذ هذا المبلغ أم حلا ل؟
السؤال الثاني /
أنها ازدادت إلي بنت سميتها -على بركة الله - آية، هل أنا مصيب أم خاطئ في اختيار اسم (آية) ؟
وفقكم الله في عملكم هذا وأفيدوني رحمكم الله.
شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأكل أموال المسلمين بغير وجه شرعي لا يجوز، وسواء كان ذلك المال قليلا أم كثيرا، لقوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة:188} وقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام " وقوله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه ... " رواه أحمد وغيره، وصححه الأرناؤوط.
وفي صحيح ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحل لامرئ أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفس منه. "وصححه الألباني في صحيح الترغيب وغاية المرام، قال ابن حبان بعد هذا الحديث: (قال ذلك: لشدة ما حرم الله من مال المسلم على المسلم) . انتهى.
وعليه، فلا يجوز احتفاظك بهذا القدر الذي قلت إنك لا تدفعه بسبب عدم وجود الصرف، وإنما الواجب أن تخبر صاحبه به، فربما يكون عنده الصرف أو يجده عند غيره، أو يقترح عليك إشراكه مع آخر ليبحثا معا عن الصرف أو يتنازل عنه أحدهما للآخر. وإذا أعلن لك أنه لا يريد ذلك القدر، فلا حرج عليك حينئذ في استبقائه.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك الثاني، فقد أجبنا عنه من قبل، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 9196.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1427(12/14003)
حكم توزيع بعض أمول الدولة على الموظفين المجتهدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل كرئيس قسم في مصلحة عامة وأتقاضى منها مرتبا شهريا ولكن هذه المصلحة في الفترة الأخيرة تسند لها أعمال بالتعاقد مع الجهة العليا المشرفة عليها من قبل الدولة ومصلحتنا تتعاقد على تنفيذ الأعمال المسندة إليها مع منفذين آخرين وبأسعار أقل من الأسعار المتعاقدة بها مع الجهة العليا وبعد استلام المبالغ المالية من الجهة العليا يتم سداد مستحقات المنفذين ويتم توزيع المبالغ المتبقية على مجموعة من المسؤولين بهذه المصلحة بما في ذلك مدير هذه المصلحة وأشخاص آخرون من الجهة العليا وهم الذين قاموا بإسناد هذا العمل إلى المصلحة وعندما اعترضت على ذلك وقلت إن هذا لا يجوز لأن المال حق للمصلحة وليس للعاملين احتج على زملائي بما فى ذلك مدير المصلحة وقيل لي إن المصلحة نفذت العمل المطلوب منها وهذا المبلغ يوزع على الذين يعملون بجد والمخلصين في عملهم دون غيرهم علما بأنه يعمل تبع هذه المصلحة أشخاص آخرون ويتقاضون مرتباتهم الشهرية ولا يحضرون إلى العمل ومنهم من يحضر أحيانا لا توزع عليهم هذه المبالغ الزائدة بحجة أنهم لا يقدمون أي خدمة للمصلحة بخلاف غيرهم من الموظفين الذين يحضرون بصفة مستمرة وهم روساء أقسام ويشرفون على تنفيذ العمل فهل هذا الإجراء صحيح؟ وهل ما يوزع علينا من مال حق لنا؟ أرجو الإجابة على السؤال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المال المتبقي بعد سداد مستحقات المنفذين للمشاريع هو ملك للدولة يجب رده عليها، ولا يجوز التصرف فيه على النحو المذكور، إلا إذا كان القانون الحكومي المنظم لسير مثل هذه المصالح يسمح بذلك، والأصل في ذلك أن هذه المصلحة العامة مملوكة للدولة في الحقيقة فأي مال يتحصل فيها هو باق على ملك الدولة لا يجوز للموظفين أخذ شيء منه، وإلا كان ذلك من قبيل سرقة المال العام وخيانة الأمانة، كما أن هؤلاء الموظفين هم وكلاء عن الدولة في تنفيذ هذه المشاريع، والوكيل لا يجوز له أن يتصرف في مال موكله إلا بما أذن له فيه قال ابن قدامة في المغني:
ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله من جهة النطق أو من جهة العرف لأن تصرفه بالإذن فاختص بما أذن فيه. اهـ
والذي ننصحك به هو أن تبين للمدير وللموظفين في الجهات العليا أن ذلك لا يجوز، فإن استجابوا فالحمد لله وإلا فارفع الأمر إلى من يرأسونهم ليأخذوا على أيديهم، وما حصل في يدك سابقا من هذا المال فإن استطعت أن ترجعه إلى خزينة الدولة وإلا فأنفقه في مصالح المسلمين كإعانة الفقراء والمساكين ونحو ذلك. وراجع الفتوى رقم: 50478.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1427(12/14004)
حكم الانتفاع بالراتب زمن التفرغ بسبب المرض
[السُّؤَالُ]
ـ[أسألكم بالله أن تجيبوني على سؤالي على بريدي الالكتروني هذا.
أنا فتاة أعمل في صيدلية عامة من قطاعات الدولة وأخذت تفرغا من عملي في الصيدلية إلى النقابة لفترة معينة وذلك لأنني أصبت بمرض نفسي عضوي منعني من ممارسة حياتي وعملي بشكل طبيعي وابتعدت عن أهلي وصديقاتي بسبب هذا المرض.
وفترة هذا التفرغ بقيت في البيت لأنني كنت أتعالج من هذا المرض ولم أذهب إلى النقابة مع العلم بأن النقابة سمحت لي بذلك. والآن الحمد لله تحسنت حالتي وسأرجع إلى عملي بإذن الله.
سؤالى: هل مرتبي في تلك الفترة حرام أم حلال؟
من فضلكم أجيبوني على سؤالي هذا وذلك لأهميته عندى.
وبارك الله فيكم وزودكم من علمه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحاكم على تصرفات الموظف إنما هو العقد المبرم بينه وبين الجهة التي يعمل لها، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة:1} ، وفي الحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود والترمذي.
فإذا كان أصحاب القرار في النقابة المذكورة قد سمحوا لك بالتخلف عن العمل زمن المرض فلا حرج عليك في الاستفادة من المرتبات التي كنت تتقاضينها خلال مرضك.
ويبقى فقط أن نشير إلى أن العمل النقابي يجب أن يكون مبناه على إقامة الحق ودفع الظلم ونحو ذلك، وأما إن كان يؤدي إلى الدفاع عن الباطل فإن الخدمة فيه لا تجوز؛ لأن ما بني علي باطل أو كان من أجل تحقيق الباطل فهو باطل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1427(12/14005)
حكم بطاقات التخفيض المجانية
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الشيخ أثابكم الله وجعلكم الله نبراسا نستنير به أيها الشيخ أرجو أن يتسع صدركم لطول رسالتي وما أطلت إلا قصورا مني حتى تتضح لكم أسئلتي: شيخنا الموقر لدينا مؤسسة لبيع المواد الغذائية بالجملة تسمى (بروموقرو) تمنح من يرغب من (حرفاها) بطاقة مجانية تسمى بطاقة الحريف المخلص والذي يميز هذه البطاقة أن صاحبها يتمتع بتخفيض في بعض المشتريات التي تضبطها الشركة بعد أن يتحصل المشتري على عدد من النقاط لا يقل على خمس مائة نقطة (500) والتي تمثل خمسة دنانير كقيمة مشتريات فما حكم المشرع في هذه البطاقة فإن قلتم بعدم جوازها هل لكم أن توضحوا لنا علة ذلك؟
في انتظار ردكم لكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه البطاقة فعلا مجانية بمعنى أن المشتري لا يبذل مقابلها مالا، وقيمة المشتريات التي تشترط للحصول على هذه البطاقة هي القيمة الحقيقية الفعلية لهذه المشتريات كما تبيعها الشركة لمن لم يرد الحصول على هذه البطاقات فلا حرج فيها، وهي داخلة في الحوافز التجارية المشروعة، وأما إذا كانت قيمة هذه المشتريات قد لوحظ فيها احتساب قيمة للبطاقة بحيث تكون هذه البطاقة في الحقيقة ليست مجانية فلا تجوز لما فيها من الغرر والجهالة. جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي برابطة العالم الاسلامي في دورته الثامنة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في موضوع بطاقات التخفيض:
بعد الاستماع إلى الأبحاث المقدمة في الموضوع والمناقشات المستفيضة قرر:
أولا: عدم جواز إصدار بطاقات التخفيض المذكورة أو شرائها إذا كانت مقابل ثمن مقطوع أو اشتراك سنوي لما فيها من الغرر، فإن مشتري البطاقة يدفع مالا ولا يعرف ما سيحصل عليه مقابل ذلك فالغرم فيها متحقق يقابله غنم محتمل، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر كما في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه.
ثانيا: إذا كانت بطاقات التخفيض تصدر بالمجان من غير مقابل فإن إصدارها وقبولها جائز شرعا لأنه من باب الوعد بالتبرع أو الهبة، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 78860.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1427(12/14006)
الانتفاع بالضمان الاجتماعي ممن له راتب آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي عمره فوق الأربعين والحمد لله يشتغل في الجيش الكويتي وهو قريب من التقاعد وراتبه يقدر بحوالي 250 دينار كويتي منها خمسون دينارا يؤخذ كإيجار للحكومة على البيت ويبقى 200 دينار كويتي لنا، ولكن أبي يستلم من الضمان الاجتماعي السعودي راتبا شهريا يقدر بـ 2300 ريال سعودي، فهل كون الشخص المستفيد يستلم الراتب من الكويت لا يجوز له أخذ راتب الضمان الاجتماعي، للمعلومية نحن منا من هو في الكويت والآخر في السعودية أبي واثنان من إخواني أحدهما يشتغل والثاني يدرس ويقيمون في الكويت، وأربع إخوة وبنتان والأم وواحد منهم يشتغل وواحد عاطل واثنان يدرسان والبنتان تدرسان وتقيمان في السعودية من أجل الدراسة، أيضا المبلغ من الضمان الاجتماعي يزداد على حسب عدد الأولاد والبنات، الرجاء توضيح النقاط على قدر المستطاع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل حكم الاستفادة من الضمان الاجتماعي التابع لبعض مؤسسات الدولة، ولك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 25244.
وأما سؤالك عما إذا كان الشخص الذي يستلم راتباً من جهة معينة له أن يستفيد من راتب الضمان الاجتماعي أم لا، فإن الجواب عليه يرجع إلى الشروط التي حددتها الجهة المانحة للضمان الاجتماعي، فإن كانت تلك الجهة لا تشترط شيئاً في الاستفادة من هذا الضمان فلا حرج على أبيكم في أن يستفيد منه.
وإن كانت تشترط في منحتها أن لا يكون للشخص راتب آخر فلا يحل لأبيكم أن يستفيد من منحة الضمان الاجتماعي، طالما أن له الراتب الذي ذكرت، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود وصححه السيوطي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1427(12/14007)
حكم تملك ما صودر من صاحبه بغير حق شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[تحصل أبي علي ميراث من أخيه وهو محل في أحد الأسواق في طرابلس وورثه عن عمي الذي لم يشإ القدر ويرزق بولد، المهم المحل (العقار) إلى عمي واسمه (بشير) نسأل الله المغفرة والرحمة، وكان شريكه عمي (محمد) نسأل الله المغفرة والرحمة برأس المال في شراء البضاعة للمحل توفي عمي محمد قبل عمي بشير وكان إلى عمي (محمد) أولاد وبنات وبعد وفاة عمي بشير ومن المعروف إن الذي يورث هو أبي (علي) وبعد فترة زمنية قصيرة من غلق المحل قام أولاد عمي بفتح المحل لمدة تزيد عن شهرين وبعد ذلك قامت بنت عمي بشير الوحيدة بإجراءات الأزمة ومن المعروف باسم الفريضة من المفروض أن يكون فيها أسماء الوارثين هما، أبي (علي) ، بنت عمي، زوجة عمي فزورا هذه الفريضة وتم إلغاء اسم أبي، وبعد ذلك تم إيقاف هذه الأوراق من طرف محام تابع لهم كان يعرف أنه يوجد أخ لبشير وتم استدعاء أبي من قبل بنت عمي (بشير) وأولاد عمي (محمد) يريدون أن يوقع علي تنازل، وسبب هذا الاستدعاء هو أن رخصة المحل غير صالحة، فذهبت أنا وأبي إلى أولاد عمي لنقوم بالتفاهم معهم حول المحل، والله على ما أقوله شهيد، قال أبي لابن عمي اعتبر المحل كأنه لم يحدث فيه أي تغيير مثل ما كان عمك أنا في جميع التعاملات منها قسمت الربح إلخ ... أي أبي لا يريدهم أن يغادروا المحل وكذلك أنا وعائلتي، وأقسم بالله آني حاولت مع ابن عمي الأكبر وهو الأعقل أن لا يترك المحل ويتقاسم العمل مع أبي وبنت عمي وزوجة عمي، لكنه قال أريد أن أفتح المحل بمفردي وبعد ذلك فمن هنا بدأت المشاكل، لا يريدون أبي حسب ما قالوا شريكا لهم، وتبين أن المحل يوجد عليه دين يقدر 63000 دينار ليبي والبضاعة الموجودة فيه قدرها 68000، وهي بضاعة غير حية بل ميتة لا يريد أي تاجر جملة شراءها بأي ثمن وقد قدرها تاجر معروف في السوق ثمن هذه البضاعة بـ 20000، أي الذي على المحل 20000-63000=43000، تم قفل المحل من قبل أبناء عمي وتمسكوا بالمفاتيح لمدة سنة ولا يريدون التفاهم مع أبي، وبعد هذه السنة بعد العديد من أحداث منها توجد لدينا لجنة تسمي باللجنة الشعبية تقوم بفض النزاع في مثل هذه المشاكل قبل الذهاب إلى المحكمة، ومنها قد تم استلام أبي المحل بعد عدة شروط منها إذا جاء أي شخص إلي المحل ويوجد لديه مبلغ يريده من المحل يرجع إليه هذا المبلغ
قال أحد أبناء عمي بأنة قد دفع مبلغ وقدر30000 إلى مجموعة من التجار، ويريد ردهم من المحل فقررت اللجنة أن من الضروري أن يأتي بهذه الفواتير وأصحابها لتأكد من صحة القول وإذا كان هذا صحيحا يتم دفع هذا المال إلي ابن عمي، يوجد دين على المحل من الضرائب 9000 دينار ومنهم السنة التي تم قفل فيها المحل من قبل أبناء عمي، وهنا الطعنة الكبري حسب ما أعتقد (أن هذا المحل هو يرجع ملكية في الأصل إلي أحد الأشخاص وقد تم الاستحواذ عليه من قبل الدولة) وتم تعويض عمي بهذا المحل بسبب ثم أخذ من عمي محل لا أذكر التفاصيل، لماذا أخذوا من عمي المحل أو تم هدم المحل والآن يعتبر المحل ملك إلي الدولة وكان عمي يستنفع منة ويدفع إيجار إلي الدولة، وشخص معروف لدى أعمامي وأبي حتى الآن، ولكنه لا يستطع رده من الدولة، ومنذ فترة زمنية لا تزيد عن 9 أشهر تم فتح المحل من قبل أبي وابنة عمي، ولكن لم يتحصل أبناء عمي على رزق منه بسبب الديون وسبب هذا بأنهم قد أخلوا المحل بعد وفاة عمي عندما فتحوا المحل وتسببوا بالدين، وأنا الآن في حيرة من أمري لا أعرف ما حكم هذا الرزق وأبي قد فتح هذا المحل وهو رجل كبير في السن لا يستطيع تسيير هذا المحل وخائف من التجار الذين يهلون عليه بالبضاعة (بالدين أي فاتورة بعد البيع تسدد قيمة الفاتورة) وهو لا يعرف عنها شيئا وخائف من الدين الذي سوف أتحمل المسؤولية مع أبي بالطبع والآن أنا لا أشتغل في هذا المحل أبي وأخي المنحرف والدكان في حالة يرثى لها ويوجد عندي أصدقاء يقولون لي إن أخي سوف يأتي إلينا بالهم لأنه يصرف في العديد من المنكرات وسوف يأتي إلينا الناس بعد فترة قصيرة ويطالبون بالمال ونحن عائلة متوسطة الدخل لا يوجد لدينا من المبلغ 1000 فأرجو منكم إرشادي بشأنه، السؤال: هل يعتبر المحل رزقا حراما بسبب وجود صاحبه الذي أخذت الدولة المحل منه وأبناء عمي، متأسف إذا كان فيها العديد من الأخطاء الإملائية؟ وبارك الله فيكم، وأرجو الرد في أقرب وقت ممكن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما فعله والدك من تحمل الدين المجهول مقابل أخذه للمحل يعتبر خطأ، ولا يجوز لما فيه من الجهالة والغرر ... وكان الأولى له والأفضل إذا لم يحصل على نصيبه الشرعي من تركة أخيه وهو ما فضل بعد فرض البنت الذي هو النصف وفرض الزوجة وهو الثمن، أن يتنازل عنه ويتركه لما يترتب على الدخول فيما ذكرت من أمر المحل من المخاطر والمفاسد التي ينبغي للمسلم الابتعاد عنها.
ثم إنه إذا كانت ملكية المحل ترجع إلى شخص آخر، وقد استحوذت عليه الدولة أو صادرته بغير حق شرعي، فإنه لا يجوز لأبيك ولا لغيره تملكه ولا شراؤه ... ويجب عليهم أن يردوه إلى مالكه الأصلي، ولا يبيحه طول الزمن وتعاقب الأيدي عليه.
ولعل ما وقع في هذا المحل من مشاكل وما يمكن أن يترتب عليها من تورط لأبيك وأخيك أو للجميع سببه الحرمة والاستلاء على حقوق الناس وممتلكاتهم بغير حق شرعي. وقد سبق بيان حكم تملك المغصوب وحكم مصادرة الدولة للمتلكات الخاصة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9660، 10621، 15190، 49868، 60033 نرجو أن تطلع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1427(12/14008)
حكم استخدام الإنترنت في العمل للأغراض الشخصية
[السُّؤَالُ]
ـ[جزيل الشكر لكم على تقديم ما ينفع أبناء الإسلام في دينهم ودنياهم, وفقكم الله, أما بعد:
هل يجوز أن أستخدم الانترنت في عملي لاستخراج أبحاث وتقارير وبيعها للطلبة علماً بأنني أملك طابعة لي وحبرها مني, ويسمح لنا في العمل باستخدام الانترنت بدون ضوابط لأن تكلفة الانترنت على عملي ثابتة سواء زاد الاستخدام أو قل فقط ما أقوم به هو تخزين المعلومات على قرص ومن ثم طباعتها عندي؟
أفيدوني أفادكم الله وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك هو أنك تعمل موظفا في مؤسسة معينة، وأن لك جهاز كومبيوتر مملوكا للمؤسسة التي تخدم عندها، وأن شبكة الأنترنت مفتوحة عند المؤسسة بدون انقطاع، وأنك تسأل عما إذا كان يباح لك استخراج أبحاث وتقارير من الإنترنت، مستخدِما فيها جهاز المؤسسة ومشاركتها في الإنترنت، ثم تخزن تلك الأبحاث والتقارير لتطبعها على طابعتك الخاصة بك، ثم تبيع للطلبة.
فإذا كان هذا هو ما تعنيه بسؤالك، فإن استخدام جهاز المؤسسة في غير عملها الرسمي، واستغلال مشاركتها في الإنترنت لا يجوز شيء منهما إلا برضا المؤسسة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه. أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح.
وإذا كان الوقت الذي تستغله في استخراج تلك التقارير والبحوث هو من وقتك الرسمي في عمل المؤسسة، فإنه لا يجوز لك أيضا صرفه في غير عملها إلا برضا منها.
وليس يلزم أن يكون إذنها في أي شيء من هذه الأمور إذنا صريحا، وإنما يكفي فيه أن تعلم أنها تسمح بمثل هذه الأمور لعمالها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1427(12/14009)
التزام الموظفين بالشروط التي وضعتها الإدارة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت موظفاً في إحدى دوائر الدولة وقامت هذه الدائرة بفتح دورة تعليم الكومبيوتر لمجموعة من الموظفين وأنا كنت منهم وقامت الدائرة بصرف المبلغ المقرر للدورة لكل موظف كي يقوم بنفسه بأخذ الدورة في أي مركز للكومبيوتر يشاء، ولظروف خاصة لم أستطع إكمال الدورة وبقي المبلغ معي ثم انتقلت لدائرة أخرى، فهل أستطيع إكمال الدورة وأنا لست في الدائرة السابقة؟ مع شكري.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الحديث الذي رواه أبو داود وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم. قال شراح الحديث معناه: أي ثابتون عليها واقفون عندها لا يرجعون عنها.
وعليه فينظر في الشروط التي وضعتها الإدارة المعنية بمنح موظفيها هذه المبالغ ويعمل بها، فإن كان من شرطها أن هذه الدورة خاصة بمن يعمل بها دون غيرها فيجب إرجاع المبلغ إلى الإدارة التي انتقلت منها، وإن لم يكن ذلك من شرطها وإنما تشترط في صرف المبلغ حضور الدورة سواء بقيت فيها أم انتقلت إلى غيرها، فلا مانع من حضور الدورة وأنت في إدارتك الجديدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1427(12/14010)
هل ينتفع بالنعل الذي تركه من سرق نعله
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ، لي سؤال قد يبدو تافها للبعض لكنه يجعلني في ريبة من أمري, فها أنا أسرد عليكم ما جرى: بعد أدائي صلاة الجمعة, مكثت في المسجد بعض الشيء ولما أردت أن أنصرف فإذا بي لا أجد نعلي, فأعلمت أحد القائمين على المسجد بذلك وطلبت منه إن كان هناك حل يسمح لي بالرجوع إلى بيتي بدون مشقة كأن أستعير نعالا من المسجد؛ رد علي أن هذا يحدث أحيانا فالبعض قد يأخذون نعال غيرهم خطأ وذلك كان حسن ظني بمن أخذ نعلي؛ ثم قال لي أن انظر من النعال الباقية في المسجد التي قد تشبه نعالي, وجدت حينها نعالين ثم سألت كل من كان لا يزال بالمسجد إن كانت إحدى النعلتين لواحد منهم, فبقي بعد ذلك نعل واحدة بلا صاحب فأخذتها بعد استشارة أحد القائمين على المسجد، سؤالي: هل يجوز لي أن أبقي النعل التي أخذت بحوزتي، علما بأنها لا تشبه تماما إلا في اللون لكن الشكل مختلف بعض الشيء ونعلي الأصلية أجود منها فيما يبدو لي أم علي بإرجاعها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبما أنك قد سألت كل من بقي في المسجد عن النعال الباقية فيه، وعرف كل واحد نعليه، ولم يبق بدون صاحب إلا النعل الذي أخذته، فالذي يُعتقد أن صاحبه هو الذي أخذ نعليك، وإذا كان هذا هو الغالب على ظنك وظن القائم على المسجد فلك أخذ النعلين والاحتفاظ بهما إلى أن تجد نعليك أو يتغير اعتقادك وظنك.
وقد ذكر أهل العلم أن صاحب الحق إذا لم يظفر بعين حقه، وظفر بما قدر عليه من مال غاصبه فله أخذه واستيفاء حقه منه، قال البخاري رحمه الله: باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه، وقال ابن سيرين: يقاصه: وقرأ: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ.
قال الحافظ ابن حجر: أي هل يأخذ منه بقدر الذي له ولو بغير حكم حاكم؟ وهي المسألة المعروفة بمسألة الظفر، وقد جنح المصنف إلى اختياره، ولهذا أورد أثر ابن سيرين على عادته في الترجيح بالآثار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1427(12/14011)
هل يرد المال لمن دفعه لقصد معين ثم طالب برده
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أخذ المال من أجنبي غير عربي إعانة حلال أو حرام، خاصة وأنه طالبني به بعد أن بعث لي المال كإعانة وأراد الضغط علي بأن أتزوجه أو أرد له المال، وحين رفضت الزواج -رفع علي قضية مدنية- وهو يعلم جيداً أني قد تصرفت بهذا المال وليس لي المبلغ لأسدده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الرجل الذي دفع المال إما أن يكون دفعه على قصد مشروع كمن دفع مالاً إلى امرأة لتتزوجه، فإذا لم يتحقق مقصوده فله أن يرجع عليها بما دفعه وحكمه حكم من وهب شيئاً ليعوض عليه فإذا لم يعوض رُدّ إليه ماله.
ومما ذكره الفقهاء قريباً من هذه الصورة ما جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير في المرأة تهب الرجل شيئاً من مهرها أو مال لها غير المهر على قصد دوام العشرة، فإذا لم يحصل مقصودها كأن طلقها أو فسخ النكاح فإنها ترجع بما وهبته عليه ويرده لها.
جاء في المصدر المذكور: ... إلا أن تهبه شيئاً من صداقها قبل البناء أو بعده على قصد دوام العشرة معها فطلقها أو فسخ النكاح لفساده قبل حصول مقصودها فلا يكون الموهوب كالعدم بل يرده لها كعطيته -مصدر مضاف لمفعوله- أي أن الزوجة إذا أعطت زوجها مالاً غير الصداق لذلك أي دوام العشرة ففسخ النكاح لفساده جبراً عليه فترجع بما أعطته له وأحرى لو طلق اختياراً، هذا إذا فارق بالقُرب، وأما بالبعد بحيث يرى أنه حصل غرضها فلا ترجع وفيما بين ذلك ترجع بقدره. انتهى.
وإما أن يكون الرجل المذكور دفع المال على قصد غير مشروع كعلاقة محرمة ونحو ذلك فلا حق له في المطالبة بما دفع، ولا يحل للمرأة كذلك تملكه لأنه مال مبذول في سبيل منفعة محرمه فلا يطيب لها ولا يرد إلى صاحبه إن كان حصل غرضه المحرم حتى لا يجمع له بين العوض والمعوض، كما جاء في فتاوى ابن تيمية: ... بل يؤخذ هذا المال فيصرف في مصالح المسلمين كما قيل في مهر البغي وحلوان الكاهن وأمثال ذلك مما هو عوض عن عين أو منفعه محرمة إذا كان المعاوض قد استوفى العوض. انتهى.
وإذا كانت المرأة استهلكت هذا المال فإن كانت غنية أخرجت مثله فصرفته في مصالح المسلمين وإن كانت فقيره فلا شيء عليها مع وجوب التوبة إلى الله عز وجل من تلك العلاقة المحرمة والعزم على عدم العود لمثلها، وقطع الأسباب من جهتها الموصلة إلى مثل هذه العلاقة الآثمه.
وننبه إلى أنه لا فرق فيما تقدم بين أن يكون الرجل عربياً وأن يكون غير عربي كما جاء الإشارة إلى ذلك في صدر السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1427(12/14012)
وضع راكب الحافلة العامة أقل من الأجرة المقررة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يضع أجرة أقل من الأجرة المقررة بوسائل النقل العام مع أنها محددة بتعريفة واحدة ومشروطة بكلمة مهما كانت المسافة توضع الأجرة كاملة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لأحد أن يضع أقل من الأجرة المقررة بوسائل النقل العام لما في ذلك من مخالفة شرط استعمالها وأكل المال العام بغير حق، وقد روى الطبراني عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: المسلون عند شروطهم فيما أحل. وروى البخاري عنه صلى الله عليه وسلم: إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 23007، والفتوى رقم: 53129.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1427(12/14013)
حكم التوقيع على راتب أعلى مما يؤخذ في الحقيقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بإحدى المدارس الخاصة وأتقاضى راتباً شهريا (1500) ولكن صاحب المدرسة يجعلنا نوقع على أوراق تثبت أننا نتقاضى (2000) لأن المنطقة التعليمية تفرض عليه أن لا يقل الراتب عن (2000) وعلى حد علمي تفعل ذلك معظم المدارس. فهل أنا آثمة بذلك؟ علما بأني لا أجيد غير التدريس..
لا تنسانا من دعائكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن توقيعك على أوراق تثبت أنك تتقاضين مرتبا قدره كذا والواقع على خلاف ذلك يعد كذبا وتضليلا للجهات الرسمية التي تنظم العملية التعليمية وتحاول فيما يظهر إعطاء المعلم حقه ومرتبه اللائق به.
ولتعلمي أن الأصل في الكذب أنه محرم، وفي الحديث: إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور. رواه مسلم.
لكن قد تعرض لهذا الأصل أشياء تجعله مباحا كمن خشي على نفسه أو ماله ضررا ولم يجد بدا من الكذب لدفع ذلك الضرر.
يقول الإمام النووي رحمه الله: الكلام وسيلة إلى المقاصد فكل مقصود محمود يمكن تحصليه بغير الكذب يحرم الكذب فيه، وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب.
فإذا كنت تخشين من أن يلحقك ضرر ما لو امتنعت عن كتابة ما يريده صاحب المدرسة بخصوص الراتب بحيث تفصلين من عملك ولا تجدين عملا مناسبا غيره فلا مانع من فعل ذلك دفعا للضرر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1427(12/14014)
الموبايل المستخدم في العمل هل يدفع ثمنه من حساب الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من كوردستان العراق وخريج جامعة قسم المحاسبة, أنا أعمل كمدير للحاسبات في شركة تجارية. وتقريبا 9 ساعات أعمل ولا أعمل أي شيء آخر, وفي أثناء العمل في الشركة عندنا الحوالات، ويجب أن أتصل بالشركة الحوالة في تركيا. هل يجوز شراء وحدة الموبايل على الشركة، علما أن أغلب الوحدات صرفت من أجل الشركة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوحدات الهاتف التي تستهلك في مصلحة الشركة تحسب من مال الشركة لا من مال الموظف، وعليه فلا حرج عليك في شراء هذه الوحدات من مال الشركة على أن تستخدمها في مصلحة العمل فقط، وما زاد على ذلك فتحسبه من مالك، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 76895.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1427(12/14015)
المشاركة في مشروع إفطار صائم عن طريق الهاتف
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السادة/ أعضاء الشبكة الاسلامية
أحب أن أعرف رأيكم في الخدمة التي طرحتها كيوتل قبل عدة أيام بشأن إرسال رسالة إلى رقم معين وقيمتها 10 ريالات وتعتبر كمشاركة في مشروع إفطار الصائم، أنا متشكك في الخدمة، فما رأيكم أشارك مباشرة أو عن طريق الرسائل لأن أغلب وقتي في الدوام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تمت الإجابة على مثل هذا السؤال في الفتوى رقم: 39490، فالرجاء مراجعتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1427(12/14016)
الانتفاع بالأرباح المستفادة من صندوق الادخار
[السُّؤَالُ]
ـ[أدناه تفاصيل الأرباح المتحققة من صندوق الادخار في الشركة التي أعمل فيها "الاتصالات الأردنية " بالنسب المئوية ... والمساهمة في هذا الصندوق إجبارية، والسؤال: ما مجموع النسب المئوية الحلال في هذا التوزيع، وهل يجوز التبرع بالجزء الحرام لبناء مرافق صحية لمسجد،
* إيرادات غير مستحقة لموظفين انتهت خدماتهم في الشركة 0.65%
* أرباح متحققة من الإستثمار في أسهم شركة الاتصالات 3.26%
* أرباح متحققة من بيع أسهم شركة الاتصالات 26.00%
* أرباح إعادة تقييم أسهم شركة الاتصالات 20.78%
* فوائد بنكية 3.06%
* أرباح متحققة من الاستثمار في محافظ مالية مضمونة رأس المال 34.72%
* أرباح إعادة تقييم محافظ مالية مضمونة رأس المال 11.12%
* فوائد إسناد قرض 0.41%
* المجموع 100%؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبعض العناصر الواردة في السؤال يكتنفها الغموض ولا يمكن الحكم عليها، إلا بتوضيح حقيقتها، فإن الحكم على الشيء فرع عن تصوره كما هو معروف، وذلك مثل الإيرادات غير المستحقة لموظفين انتهت خدماتهم في الشركة فإنك لم توضح سبب عدم استحقاقهم، وكذلك أرباح إعادة تقييم الأسهم، والمحافظ المالية، فلم تبين ما المقصود بإعادة التقييم، فنرجو منك -وفقك الله- أن تعطي تصوراً واضحاً ودقيقاً حول هذه العناصر حتى يتسنى الحكم عليها.
أما الأرباح المتحققة من الاستثمار في أسهم شركة الاتصالات، وكذلك الأرباح المتحققة من بيع أسهم شركة الاتصالات، فإذا توفر فيها الضوابط الشرعية اللازمة لجواز ذلك فهي حلال وإلا حرمت، ولمعرفة هذه الضوابط راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1214، 3099، 10779.
وأما الأرباح المتحققة من الاستثمار في محافظ مالية مضمونة رأس المال، فإذا كنت تقصد أن رأس مال هذه المحافظ مضمون فهذه الأرباح حرام، لأن ضمان رأس المال يفسد عمل هذه المحافظ ويجعلها محافظ ربوية كما هو الشأن في الصناديق الادخارية وصناديق البنوك التي تقدمت فيها عدة فتاوى انظر منها على سبيل المثال الفتاوى ذات الأرقام التالية: 61467، 66381، 7163، وقد يكون هناك دواعي أخرى للتحريم متعلقة بطبيعة الاستثمار في هذه المحافظ والصناديق، ويعرف ذلك بمراجعة الضوابط المذكورة في الفتاوى المحال عليها، وأما الفوائد البنكية وفوائد إسناد القرض فهي حرام لأنها ربا، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 52912.
وما كان محرماً من الفوائد المذكورة فيجب صرفه في مصالح المسلمين كإعانة الفقراء والمساكين ونحو ذلك، فإن كان أهلك ممن لا تلزمك نفقتهم أو كانوا منهم ولكن ليس لك ما تنفقه عليهم وهم فقراء فيجوز أن تعطيهم هذا الجزء المحرم من العوائد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1427(12/14017)
تمديد المبتعث إقامته يخضع للوائح المنظمة
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة في الشبكة الإسلامية:
في البدايه أود أن أخبركم بأني أحبكم في الله, إخوتي في الله أود استشارتكم في الموضوع الآتي:
أنا طالب موفد للدراسة بالخارج على نفقة الدولة ومدة الإيفاد ثلاث سنوات, ويحق للطالب "في حالة الضرورة القصوى أن يطلب تمديدا على ألا يزيد عن ستة أشهر". هذه الفقرة واردة في لائحة الإيفاد, وأنا قد أنهيت دراستي وأنتظر إعلان النتائج والذي سيكون في نهاية هذا الشهر, إن شاء الله, والذي هو الشهر الأخير من مدتي الأصلية, ولي الحق في شهر مكافأة, وهذه المدة كافية لإتمام الإجراءات اللازمة للعودة إلى أرض الوطن, ألمشكله هي أن الشهادة قد يتأخر إصدارها إلى غاية شهر ديسمبر المقبل, فهل يجوز لي طلب التمديد وما ينجر عنه من منفعة مادية؟
علما بأنه يمكن لي أن أنيب شخصا عني من زملائي الذين لا يزالون يدرسون هنا لإتمام الإجراءات واستلام الشهادة ومن ثم إرسالها لي. وأود أن أحيطكم علما أيضا بأن إقامتي الرسمية هنا تنتهي بنهاية شهر اكتوبر.
أفتوني في مشكلتي هذه بارك الله فيكم ونفع بكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلتعلم أنه إذا كان من حق الطالب أن يمدد فترة إقامته بعد انتهاء مدة الدراسة لإكمال إجراءاته اللازمة واستلام شهادته أو ما أشبه ذلك مما يتعلق بمهمته الدراسية، فإذا كان الأمر كذلك فيجوز لك بشرط أن يتم ذلك بطريقة صحيحة دون رشوة أو غش أو مخالفة لشروط الجهات المانحة.
ولا يلزم الطالب في هذه الحالة أن يوكل من يقوم عنه بإتمام الإجراءات مادامت النظم المعمول بها تسمح له بذلك.
وأما إن كان التمديد مشروطا بحالات معينة غير ما ذكر فلا يجوز لك أن تمدد إقامتك هنالك على حساب الجهة المانحة.
وللمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو أن تطلع على الفتويين: 59099، 48714، وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1427(12/14018)
الوساطة في الغش والربا
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في أحد مكاتب الطباعة في إمارة دبي، وإن إشكالي هو: أنه طبقا لقانون دولة الإمارات العربية المتحدة يودع مبلغ وقدره -/300،000 (ثلاثمائة ألف درهم) في البنك لتأسيس شركة ذات مسئولية محدودة كرأس مالها، وبعد إصدار الشهادة بإيداع المبلغ من البنك يمكن لنا سحبه في نفس اليوم. وبعض زبائننا الذين يريدون تأسيس " شركة ذات مسئولية محدودة " ولم يكن عندهم هذا المبلغ الطائل، فهم يذهبون إلى بعض الوكالات الذين يكون معهم هذا المبلغ ويقومون بنقله من حسابهم إلى حساب المحتاجين وبعد إصدار الشهادة بإيداع رأس المال (-/300،000) من البنك تقوم هذه الوكالات بسحبه إلى حساب أنفسهم وهذا بمقابل -/5000 درهم، (وفي الحقيقة أن الذي يحتاج تأسيس " شركة ذات مسئولية محدودة " يحصل هذا المبلغ (-/300،000) مقابل دفع مبلغ -/5000 درهم) والجدير بالذكر هنا أن هذه الوكالات يقومون بنقل المبلغ من حسابهم إلى حساب من يريد تأسيس الشركة، ولا يعطونه باليد، والسؤال: هنا أن عمل هذه الوكالات هل يجوز شرعا؟ وهل يكون هذا قرضَ المال بالمال مع الزيادة؟ وهل يدخل في حد الربا الذي حذر القرآن والإسلام بأشد تحذير؟ وهل يجوز لي أن أكون وسيطا بين هذين الطرفين؟
وأنا في غاية من الانتظار لجوابكم حتى أمارس بهذه الأعمال لكونها تجلب لي المنفعة كأتعاب وساطة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن عمل هذه الوكلات داخل في الربا المحرم؛ لأن ما تضعه في حساب من يريد تأسيس شركة من هذه الشركات هو قرض له، ومعلوم أن كل زيادة على القرض مثل الخمسة آلاف المذكورة هي ربا محرم قال ابن عبد البر: أجمع المسلمون نقلا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف ربا ولو كان قبضة من علف، كما قال ابن مسعود أو حبة واحدة. هذا بالإضافة إلى ما في هذه العملية من غش واحتيال وقد قال صلى الله عليه وسلم: من غش فليس منا. رواه مسلم.
وعليه، فلا يجوز لك أن تكون وسيطا في هذه المعاملة لعموم قوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} ونسأل الله أن يغنيك بحلاله عن حرامه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1427(12/14019)
أخذ مال الابن بغير علمه حفظا له من التبذير
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي مسرف لدرجة كبيرة وكل من حوله يطمعون فيه ولا يحافظ على أي نقود لكي يتزوج والدتي تريده أن يعتمد على نفسه في زواجه ولذلك فان والدتي بدأت تحتفظ ببعض نقوده بدون علمه لحين زواجه تعطيها له فوالدتي بإذن الله احتمال أن تطلع عمرة فهل تصارحه بهذه النقود قبل سفرها أم تبقى محتفظة بها لمصلحته لأنه عند علمه بهذه النقود سوف يأخذها ويصرفها وهل والدتي بذلك ارتكبت ذنبا أم لا؟ فهي تخاف الله وتريد أن تعرف هل تصارحه أم لا؟ وهل هي ارتكبت ذنبا أم لا؟ وجزاكم الله خيرا وفي انتظار الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أخوك مسرفا حقا كما ذكرت ويضع أمواله في غير ما أذن الشارع فيه فالظاهر - والله تعالى أعلم - أن أخذ والدته لبعض أمواله لغرض الإصلاح عليه ومنعه من تبذيرها أو صرفها في محرم يدخل في باب تغيير المنكر ونفع المسلم ونصحه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل. رواه مسلم وغيره، لكن يجب عليها أن تتخذ من الإجراءات ما يحفظها له من الضياع عليه، كتوثيق ذلك ووضعها تحت يد أمينة؛ أو كتابة وصية لئلا تتعرض للضياع بموتها هي مثلا ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1427(12/14020)
هل للأب أن يستولي على جميع ممتلكات ابنته
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أنا فتاة توفيت أمي رحمها الله وكانت تعمل فأخذت مكافأة من عملها أنا وإخوتي وأبي وكان قبل أن تتوفى فاتحة لكل منا دفتر توفير وكان أبي واصيا علينا فيه فعندما توفيت أخذت مكافأتي لأني بالغة راشدة أما إخوتي فأموالهم في المجلس الحسبي حتى يتم السن القانوني ويأخذوا أموالهم أما أنا فأخذها أبي مع فلوسه ووضعها في دفتره بحجة أن دفتري ليس معه كان بالنسبة لي ما في مشكلة لأن أبي ما حرمنا من شيء قبل أن يتزوج ولما صرف لي معاش كان هو الذي يأخذه لنفسه لا أدري ماذا فعل فكان هو الذي يقبضه وعندما تزوجت وقلت له أين ميراثي من أمي قال لي إنه جهزني به مع أنه جعل زوجي يحضر كل حاجة ومع أن حالة أبي المادية ميسورة جدا فإنه لا يحتاج إلي ميراثي حتى يزوجني به حتى المبلغ الذي كان في الدفتر قال لي خلص على جهازك مع أنه مدخلني بأشياء بسيطة الأجهزة الضرورية فقط يعني عندما أحسبها أجد أنه لم يصرف كل هذه الأموال كما يقال لي حتى عندما كتبت كتابي طلعت مكافاة على القسيمة أخذها لنفسه وعندما سألته عليها تضايق وقال لي إنها من حقه كل هذه الأشياء قلت الحمد لله ربنا يخلي لي زوجي ولا يحوجني لأحد وأخيرا كنت متفقة أنا وزوجي أن نعتمر فقلت أدفع أنا جزءا من معي وزوجي يكمل مما معه فكان أبي أخذ قبل أن أتزوج أخذ ذهبي وقال لي إنه داخل في تجارة ويريد أموالا لأنه لا يريد أن يسحب من البنك علشان الفائدة فاعطيته ذهبي وكان يريد أن يبيع ذهب أمي ولكن أنا وأختي رفضنا قلنا ينفعنا عندما نحتاج إليه فذهبت منذ فترة وسألته عليه قالي لي ما شانك به قلت ذهب أمي وأريده فقال لي إنه باعه وعمل مشكلة كبيرة وتعصب وقال إنه من حقه أنا الذي اشتريته لها مع أن أمي رحمها الله كانت موظفة وكان هو الذي يقبض مرتبها ويعمل به وكانت لا تطلب منه أي شيء لأنها كانت طيبة جدا وتقول كله في الأول والآخر لكم فقلت له حتى لو كان ضمن الميراث فعلى الأقل يثمن ويقسم علينا قسمة العدل فتدخلت زوجته ورفعت صوتها علي وقالت ألفاظا سيئة لدرجة أنهم عايروني بأني قاعدة عندهم لأنهم كانوا يعملون عمرة وقعدت مع أخواتي هذه هي المسألة بكل حقيقة دون تزييف فيها فهل هذا يجوز أن يأخذ الأب ميراث ابنته من أمها بحجة أنه زوجها به مع أنه لا يحتاج إليه وأن يأخذ كل مستحقاتها حتى ذهب والدتها
بحجة أن كل شيء ملكه ومن حقه أريد أن أعرف هل هذا حرام أم حلال، وأن أعرف ما الذي من حقه وما الذي ليس من حقه في كل هذه الأشياء؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن وضع المال في ما يسمى بدفتر التوفير حرام، لأن ذلك يعد من قبيل الربا المحرم. ولك أن تراجعي فيه فتوانا رقم: 5942.
ثم اعلمي أن الله سبحانه وتعالى قد جعل بر الوالدين والإحسان إليهما مقرونا بتوحيده وعبادته سبحانه وتعالى، فقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23} . وقال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36} .
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن لوالدك الحق في الأخذ من مالك ما يحتاج إليه وبدون إذنك، فقد قال صلى الله عليه وسلم لرجل شكى إليه أخذ أبيه لماله، قال له: أنت ومالك لأبيك. رواه أبو داود عن جابر، وابن ماجه. وقال صلى الله عليه وسلم: إن أولادكم من أطيب كسبكم فكلوا من أموالهم. رواه أحمد وابن ماجه عن عمرو بن شعيب.
ولكن هذا الحق الذي ذكرنا أنه للأب في مال ابنه ليس مطلقا، وإنما هو مقيد بقيود كثيرة، يمكنك أن تراجعي فيها فتوانا رقم: 46692.
ثم إن الأب لا يجب عليه تجهيز بنته من ماله الخاص ولو كان ميسور الحال، وإنما يجهزها بمهرها إن وجد، فإن لم يوجد فمن مالها الخاص. قال ميارة المالكي في الإتقان والأحكام شرح تحفة الحكام: إذا زوج ابنته البكر وكان متسع الحال فإنه لا يلزمه تجهيز ابنته من ماله، - يعني - وإنما يجهزها من صداقها خاصة، ويأتي أنه ينبغي تجهيزها بمالها من غير الصداق. اهـ.
وخلاصة القول، أنه ليس من حق أبيك ما فعله من الاستيلاء على جميع ممتلكاتك، وأنه ليس ملزما بأن يجهزك من ماله الخاص ولو كان ميسور الحال، وأن من حقه الأخذ من مالكِ بشرط أن يكون محتاجا إليه وأن لا يكون عليك في أخذه ضرر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1427(12/14021)
عمولة المبيعات إذا لم ينص عليها في العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بقسم المبيعات لإحدى الشركات الكبرى منذ ثلاثة أعوام ونصف، وبناءً على طبيعة عمل المسؤولين عن البيع في الشركات فمن المفترض أنني أستحق عمولة على المبيعات التي أحققها.
وقد طالبت الشركة أكثر من مرة بتقدير قيمة العمولة ألتي أتقاضاها فكانت الإجابة دائماً بوعد بتقدير العمولة بعد وضع نظام عام لكل البائعين بالشركة، وقد تقدمت باستقالتي من الشركة قبل وضع هذا النظام، فطالبت بعمولة عن ما حققته من مبيعات. ولكن الشركة رفضت إعطائي أي عمولات بمبرر أنه لا يوجد مستندات أو أوراق بيني وبين الشركة تفيد بأحقيتي في الحصول على عمولة فضلا عن أنني قد تركت الشركة قبل وضع نظام للعمولة.
والسؤال الآن:
1- هل أنا شرعا أستحق عمولة، وإن كانت الإجابة بنعم فكيف يتم حسابها؟
2- وما الموقف الشرعي إذا وضعت الشركة نظاما، بناءً على استقالتي لا يسمح بأحقيتي في عمولة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي يفصل في مسألة استحقاقك لهذه العمولة من عدمه هو العقد المبرم بينك وبين الشركة، فإذا كان ينص على عمولة فإنك تستحق هذه العمولة، وإذا لم يكن نص في عقد العمل فإنك لا تستحق شيئا ما لم يكن هناك عرف جار في مثل هذا الشركات باستحقاق أمثالك من الموظفين عمولة، فالمعروف عرفا كالمشروط شرطا، وفي حال استحقاقك للعمولة فبحسب ما تم الاتفاق عليه أو جرى به العرف إذا كان ذلك على مبلغ مقطوع، أما إن كان بنسبة من ثمن المبيعات فمحل خلاف عند أهل العلم هل يجوز أن تكون أجرة الأجير أو السمسار ونحوه نسبة مئوية من عمله أم لا، وقد تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 50615، فراجعها، وفي كل الأحوال لن تخلو من استحقاق إما أجرة المثل أو النسبة المئوية المتفق عليها مع الشركة على مذهب من يجيز ذلك، وإذا أصدرت الشركة نظاما يمنع أمثالك من العمولة فلا يسقط حقك السابق له لأنه حق ترتب في ذمة الشركة فيلزمها دفعه إلى صاحبه، وإنما يعمل بهذا النظام فيما يستقبل إذا تراضى عليه الطرفان "الشركة والموظف" أما الحقوق فلا تسقط بأثر رجعي إلا أن يسمح بها صاحب الحق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1427(12/14022)
المماطلة في الخروج من السكن المملوك للغير
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك شخص ساكن في سكن ليس ملكاً له ولا يدفع أي إيجار لصاحبه، وهو حالياً يبني في بيت آخر، مع العلم بأن حالته المادية تسمح له بأن يبني البيت بسرعة وهو لا يسرع في بناء البيت، على الرغم بأن أصحاب البيت يطالبون ببيتهم مراراً وتكراراً ... وهو الآن يريد أن يذهب مع أسرته إلى العمرة، فهل هذا جائز شرعاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نعلم على أي صفة يسكن هذا الشخص في منزل هؤلاء حتى يتسنى لنا الحكم على هذه القضية، وعلى كل فإذا كان يسكن في البيت على وجه الغصب والاستيلاء بغير حق فلا ريب أن ذلك حرام بل من الكبائر، وأنه يجب عليه التوبة إلى الله عز وجل وإخلاء البيت فوراً مع ضمان منافع البيت لأهله في زمن الغصب. وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 48561.
وإن كان يسكن في هذا البيت على وجه الإذن فيه أولاً فلا يجوز له الاستمرار بالسكن فيه مع مطالبة أهله بإخلاء البيت، ولا يجوز له أن يحرجهم ويبقي في بيتهم بسيف الحياء. وراجع في هذا الفتوى رقم: 71220.
هذا وكما يطلب من هذا الشخص الكف عن أموال الناس بغير حق، يطلب منه كذلك أداء ما هو واجب عليه من حج وعمرة ونحو ذلك من الواجبات التي هي حق لله تعالى، كما أن تلك حق لعباد الله عز وجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1427(12/14023)
حكم الأكل من طعام متبرجة تعمل في مكان مختلط
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة متبرجة تعمل مهندسة في الغرب في مكان فيه اختلاط هل مالها حرام؟
وهل الأكل من مالها حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التبرج والاختلاط المحرم من كبائر الذنوب التي جاءت النصوص الشرعية بتحريمها والنكير على أهلها، وقد تقدم بيان شيء من ذلك في الفتوى رقم: 26387.
أما عمل المرأة كمهندسة فهو من حيث الأصل مباح بضوابط أشرنا إليها في الفتوى رقم: 5807
وعليه، فالمال الذي تأخذه المهندسة مقابل عملها هذا مباح، فإذا تبرجت أو اختلطت بالأجانب على وجه محرم فقد ارتكبت إثما بتبرجها واختلاطها، ويبقى أصل عملها جائزا وما تأخذه مقابله جائز أيضا فهي لا تتقاضى أجرا مقابل التبرج والاختلاط حتى يقال إن هذا الراتب حرام لأنه مقابل منفعة محرمة، وإنما تأخذ أجرا مقابل عملها كمهندسة، وبالتالي لا حرج في الأكل من مرتبها ومالها المكتسب عن طريق عملها هذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1427(12/14024)
وضع الزيت لتعجيل نضج الفاكهة
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً: أتوجه إليكم بالشكر الجزيل على إجاباتكم على أسئلتي السابقة، لقد وصلتني جميعاً فبارك الله فيكم، سؤالي هو: أنا مزارع أمتلك عدداً كبيراً من أشجار التين أقوم بوضع نقاط من الزيت على حبات التين غير الناضجة لتنضج بعد أسبوع وبهذا أكون قد تحكمت بعملية النضوج، وهذا العمل لأمر تنظيمي ذلك، لأنني لو تركت الثمار لتنضج وحدها لصعب على قطفها مما يؤدي إلى فسادها، فما حكم هذا الفعل، وهل هذا يندرج تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم: أنتم أدرى بأمور دنياكم في قصة تلقيح النخيل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في أن معالجة الفواكه لتعجيل نضجها وتنظيم عملية قطف الثمار، الأصل في ذلك الإباحة ما لم يتعلق بها أمر يتنافى مع الصحة، أو يترتب عليها غش لمن يريد اشتراء تلك الفواكه.
وبناء على هذا الأصل، فإذا كان ما تقوم به من وضع نقاط من الزيت على حبات التين لا يسبب أية أضرار كما ذكرت، ولا يجعل الفاكهة في وضع تبدو به جيدة في عين الرائي وهي بخلاف ذلك في الواقع فلا نرى به بأساً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1427(12/14025)
تحايل السليم لينتفع بالتخفيض الممنوح للمعاق
[السُّؤَالُ]
ـ[في مصر تقوم الدولة بإعطاء المعاقين سيارات لهم بقسط قليل، فهل يجوز للسليم أن يعطي أحد المعاقين ثمن السيارة ليشتريها المعاق ثم يمتلكها السليم بمقابل إعطاء المعاق عمولة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الدولة قصرت الحق في تخفيض القسط على المعاق فقط، فإنه لا يجوز للسليم أن يحتال على ذلك بأن يدفع للمعاق ثمن السيارة ليشتريها المعاق باسمه ثم ينقل ملكيتها إلى السليم مقابل عمولة أو بدون مقابل، لأن في هذه الحيلة محذورين:
الأول: أن فيها غشاً للدولة، فالسليم والمعاق مشتركان في هذا الغش، والعمولة التي يأخذها المعاق مقابل ذلك مال محرم لأنه مقابل منفعة محرمة، فإنه دفع له ليقوم بالغش والتزوير، وفي الحديث: من غشنا فليس منا. رواه مسلم.
الثاني: أن السليم بهذه الحيلة يأخذ ما ليس بحق له حسب شروط الدولة، فهذا الحق محصور في المعاق سواء كان المقصود بالتخفيض من القسط التحفيض من ثمن السيارة أو التخفيض في القسط الشهري، فبدلاً من أن يدفع ألف جنيه شهرياً مثلاً يدفع خمسمائة، وفي الحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود وغيره، وفي ضوء ما تقدم فإنه لا يجوز للسليم أن يقدم على مثل هذا التصرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1427(12/14026)
المكافآت التي لا تصرف إلا بالكذب على جهة الصرف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف أحصل بالإضافة إلى راتبي على مكافآت كل ثلاثة أشهر بالإضافة إلى مكافأة كل نهاية السنة.
هذه المكافآت ولكي تصادق وزارة المالية على صرفها لي توضع لها الحجة على أنها مقابل التنقل في حين أنني لا أتنقل فما حكم الشرع في أخذ هذه المكافآت هل هي حلال أم حرام، إذا كانت حراما فهل يجوز لي أخذها وإعطاؤها للفقراء حتى لا أدخل في متاهات مع المسؤولين بسبب رفضي للتوقيع على المكافآت مقابل تنقلاتي التي لا أقوم بها أصلا، أريدكم أن لا تحيلوني على أجوبة لأسئلة سابقة؟
وجزاكم الله خيرا ورحم والديكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من المكافآت كل ثلاثة أشهر ومكافأة نهاية السنة إذا كنت مستحقا له بموجب العقد الذي وقعت عليه مع الجهة التي تعمل عندها، ولم تجد وسيلة لنيله إلا إذا جعل في الكشف الذي يبعث إلى وزارة المالية أنه في مقابل التنقل فلا حرج عليك في تملكه بتلك الوسيلة، فإن الكذب يجوز إذا كان المرء لا يتوصل إلى حقه إلا به، قال ابن القيم رحمه الله: يجوز كذب الإنسان على نفسه وغيره إذا لم يتضمن ضرر ذلك الغير، إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقه. انتهى.
وأما إذا لم يكن العقد مع جهة العمل يتضمن تلك المكافآت فإنه لا يجوز لك أخذها ولو كنت تريد صرفها إلى الفقراء لما في أخذها من الكذب والاستيلاء على المال العام بغير حق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1427(12/14027)
حكم التعامل مع البورصة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التعامل مع البورصة حرام أم حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل الشروط الشرعية للتعامل بالبورصة، ولك أن تراجعي فيها فتوانا رقم: 3099، وفتوانا رقم: 1241.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1427(12/14028)
الحذر من الوقوع في شباك المحتالين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
كثيرا ما تصلني رسائل عبر الإيميل من أشخاص من إفريقيا يدعون فيها أن لديهم بعض الأموال ولا يمكنهم سحبها وبحاجة إلى شخص لكي يحولوها له لكي يقوم بسحبها مقابل عمولة يتفقون معه عليها ونحن نخشى أن تكون الأموال من نتائج بيع المخدرات أو غسيل الأموال، ماهو حكم هذا النوع من العروض وإليكم مثال
Dear One,
I am Miss Justine Mantoro., the first duarther of late Mr, Oliver Mantoro the former rebelle suponsour leader in bouake west cost of cote d i'voire.I discoverd that my father deposited the sum of the sum of (5.500 000) Five million five hundred Thansand Million USA dollar in a security firm here in Abidjan ,and now i am in hiding in one of the city in Abidjan called Yopougoun.
Due to infertility nature of my country politicaly,
I wish to invest this money In your country. I also plead you help me on the investment part of the business, You have a free hand of operation.
I will like you to send to me your telephone so that i will discuss with you in person so that i will send the name of the security firm to open contact with them for withdrawl of the consignment to move it to your country for investment
will like you to send to me your telephone so that i will discuss with you in person so that i will send the name of the security firm to open contact with them for withdrawl of the consignment to move it to your country for investment..
The money is in the position of a security company as a family tresure. A legal process will take place to ensure mutual transfer. .
All effort made to the successful of this transaction will highly be appreciated. I hope to get a favourable reply in due curse.
We can negotiate on the terms of assistance.
I wait for your reply
أرجو الجواب باللغة العربية، وشكرا حتى أستفيد ويستفيد غيري، وجزاكم الله ألف خير، والهدف عندي فقط هو الحصول على الأجر لأن هناك الكثير من الأشخاص المستعدين للتعاون معهم وأنصحهم بالتريث، لذا أرجو الإجابة بسرعة؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المؤمن ينبغي أن يكون فطنا ذكيا لا تنطلي عليه حيل المحتالين ولا خداع المخادعين، وفي الحديث: إن الله يلوم على العجز ولكن عليك بالكيس، فإذا غلبك أمر فقل حسبي الله. رواه أبو داود.
قال في عون المعبود: العجز: أي التقصير والتهاون في الأمر.
الكيس: الاحتياط والحزم في الأسباب والتفطن في الأمور والابتداء إلى التدبير والمصلحة بالنظر إلى الأسباب واستعمال الفكر في العاقبة، ومعنى يلوم على العجز: أي لا يرضى بالتقصير ولكن يحمد على التيقظ. اهـ.
ولا يخفى على السائل الكريم أن قيام شخص لا يعرفه ولم تسبق بينهما علاقة تدعوه إلى أن يرسل باسمه أموالا لكي يقوم بسحبها أن هذا دليل على أن المسألة وراءها ما وراءها، وأنها حيلة من الحيل الكثيرة لتحقيق غرض من الأغراض المشبوهة، هذا وقد وقع كثير من البسطاء في حيل هؤلاء ولم ينتبهوا إلا وقد أخذت أموالهم، فالحذر من مثل هذه المسالك ولا يكونن المسلم غرضا لهؤلاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1427(12/14029)
استيفاء الحق المأخوذ ظلما بغير إذن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة منذ 15 سنة تقريباً، وقد قامت الشركة بتعديل قانون مستحقات نهاية الخدمة للعاملين فيها دون أن تتم تسوية مستحقات العاملين القدامى فيها وأنا من ضمنهم، فهل يجوز لي أن أسترد المبلغ الذي حرمتني منه الشركة بتعديل القانون دون علمهم، علماً بأنني أشرف على عهدة مالية لا يعلم مبلغها إلا الله ولا تعلم الشركة مبالغها بالضبط ولا يمكنهم إثبات أي حالة نقص في الأموال التي أشرف عليها، كما أنوه إلى أنني لا زلت على رأس عملي، وقد تم تعديل القانون بنظام (شئت أم أبيت) ، فأفيدونا أفادكم الله؟ وسدد على طريق الحق خطاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الشركة إن كانت خصوصية، أي مملوكة من طرف شخص أو أشخاص معينين، فمن حق ملاكها أن يتصرفوا فيها كما يشاءون، وليسوا ملزمين شرعاً بأن يساووا بين العمال في الرواتب والمكافأت، ومن لا يرضى بما قسموه له فله أن يترك العمل معهم.
وإن كانت تابعة للقطاع العام، فواجب القائمين على إدارتها وتسييرها أن يساووا بين العمال في الحقوق والواجبات، وليس لهم أن يؤثروا البعض على البعض إلا بحسب ما يتفاوتون فيه من الكفاءات والمؤهلات والامتيازات، وبناء على ما ذكر، فإن كانت الشركة من النوع الأول فليس من حقك أن تسترد المبلغ الذي حُرِمت منه بموجب تعديل قانون مستحقات نهاية الخدمة، طالما أن الشركة لم تمنعك حقاً كانت قد تعاقدت معك عليه.
واعلم أنك أمين على أموال الشركة، والأمانة تقتضي أن لا تأخذ من مال الشركة شيئاً إلا بإذن صاحبها، ففي الحديث: أد الأمانة إلى من أئتمنك. رواه أحمد وغيره.
وإن كانت الشركة من النوع الثاني، وما فعلته من تعديل قانون مستحقات نهاية الخدمة قد منعتك بموجبه حقاً هو لك حسب القانون العام المعمول به في الدولة، فإنها بذلك تكون قد ظلمتك، ومن حقك حينئذ إذا قدرت على استيفاء حقك منها بوسيلة لا يترتب عليها ضرر يلحق بك أو بغيرك أن تستوفيه منها، قال خليل بن إسحاق: وإن قدر على شيئه فله أخذه إن يكن غير عقوبة وأمن فتنة ورذيلة. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 33710.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1427(12/14030)
التسجيل في القسم الداخلي ممن لا ينطبق عليه الشروط المتبعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد من حضراتكم فتوى في أمري هذا وهو أني أريد التسجيل في القسم الداخلي للبنات نظراً لظروف بيتنا فهي غير مواتية للدراسة في كثير من الأحيان، وأنا من سكان المدينة وقانوناً لا يجوز التسجيل في القسم الداخلي إلا للطالبات القادمات من المناطق الداخلية، ولكن أعرف إحدى المشرفات في القسم ووافقت على تسجيلي، وأيضاً تعطى منحة شهرية لكل الطالبات، فالسؤال هو: هل يجوز لي التسجيل والإقامة في بعض الأيام وهل يجوز لي أن آخذ المنحة، مع العلم بأني من الناس متوسطي الحال، فأرجو منكم الفتوى بشيء من التفصيل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت المؤسسة التي تدرسين بها تشترط للتسجيل في القسم الداخلي أن تكون الطالبات قادمات من المناطق الداخلية -كما ذكرت- فلا يجوز لك أن تستفيدي من هذا الحق طالما أنك لست متصفة بالصفة التي يستحق بها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. كما في السنن.
وفي الموطأ أن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهم وهو من الفقهاء الأجلاء قال: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا. ويعني الناس الصحابة وكبار التابعين الذين عاصرهم.
ولا يبيح لك هذا التسجيل كون إحدى المشرفات قد وافقت عليه، لأنها لا تملك الموافقة أصلاً، إذا كانت النصوص المعمول بها لا تعطيها هذه الصلاحية، فارضي بما هو مقسوم لك من الحقوق، وعسى الله أن يجعل لك فيه خيراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1427(12/14031)
أخذ الأجرة في مقابل استغلال جاهه في تسيير المعاملات
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي حول الرشوة، قام أخي بمساعدة زوج أختي في الحصول على معاملة من حقه وساعد أخي في ذلك صديقه الذي أخبر قريبه بالموضوع وقام ذلك الرجل بتوصيل المعاملة إلى المدير المختص وقام المدير بتوقيع المعاملة دون أي مقابل فهي من اختصاصه، ولكن صديق أخي طلب من أخي أن يقول لزوج أختي إنه يريد مبلغا من المال إذا اكتملت المعاملة لأن عليه دينا ويريد من زوج أختي أن يدفع نصف الدين فهل إذا أعطاه زوج أختي المبلغ المطلوب يعتبر رشوة أم لا، أرجو الإجابة على سؤالي بسرعة لو سمحتم ومن غير أن تحيلوني على فتاوي سابقة لأني قرأتها كلها ولم أجد ما يجيب على سؤالي؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العمل الذي قام به الشخص المذكور يدخل فيما يعرف عند الفقهاء بثمن الجاه، ويمكن تعريفه بأنه: بذل شخص جاهه أو نفوذه أو علاقاته في سبيل حصول آخر على ما هو حقه لولا عروض بعض العوارض دونه.
وقد اختلف الفقهاء في أخذ عوض على هذا السعي بين قائل بالتحريم مطلقاً وقائل بالجواز مطلقاً، ومن يفصل فيه فيقول: إذا كان ذو الجاه احتاج في عمله هذا إلى تعب ونفقة ونحو ذلك، جاز له أن يأخذ أجرة المثل وإلا فلا، هذا وإذا جاز له الأخذ فإما أن يتفق معه على أجرة معلومة فهي أجرته؛ لأن ثمن الجاه داخل في الإجارة ويشترط أن تكون الأجرة فيها معلومة، وإما أن يدخل في هذه المعاملة على المسامحة بحيث يرضى ذو الجاه بما يدفع له. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 71533.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1427(12/14032)
هل يقيم في سكن الدولة الممنوح لأبيه ولو تقاعد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسكن مع والدي في بيت تملكه الدولة، والآن تقاعد والدي عن العمل واستلم العمل نيابة عنه أخي الأكبر فهل يحق لي البقاء فيه؟ رغم أن أخي الأكبر يقيم خارج البيت وأنا الحمد لله أحوالي جيدة ولا بأس بها، فهل أخرج وأترك البيت لكون والدي تقاعد عن العمل؟ أم أستمر على ما كان سابقا؟
والله يحفظكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحن لا نعلم شروط الدولة التي تشترطها في عقد تسليم بيوتها للموظفين حتى نحكم هل يجوز لك أن تنتفع به أنت أيضا بالسكن فيه أم لا، وعلى كل: فالمسلمون على شروطهم. كما في الحديث الذي رواه أحمد في مسنده، فإذا كانت الدولة تأذن لموظفها أن يسكن من يشاء في البيت التابع لها فالأمر ظاهر الجواز، أما إن كانت تشترط عليه أن لا يسكن فيه إلا أشخاصا محددين كالأبناء والأبوين والزوجة مثلا فيجب التزام هذه الشروط، وبالتالي إذا آل البيت إلى أخيك ولم تكن أنت داخلا في الأشخاص المأذون لهم بالسكن في البيت فعليك الخروج منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1427(12/14033)
حكم المشاركة في الضمان الاجتماعي التجاري
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتعلق بزوجتي.
1- عملت زوجتي معلمة حيث يقتطع من راتبها 5 % لمؤسسة الضمان الاجتماعي مقابل 10 % تدفعه المدرسة.
بعد مضي 4 سنوات استقالت من المدرسة وحصلت من مؤسسة الضمان الاجتماعي على نسبة أل 5% التي كانت تقتطع من راتبها وعادلت 500 دينار.
ثم عادت إلى المدرسة مرة أخرى. حسب قانون مؤسسة الضمان الاجتماعي هناك بديلان فقط لحصولها على راتب ضمان عند التقاعد (لا زالت على رأس عملها)
هما: أن تعيد 500 دينار ولا تحسب أل 4 سنوات في خدمتها.
أو تعيد 500 دينار مضافا إليها نسبة فائدة مقدارها 5% سنويا وبهذه الحالة يتم حساب مدة أل 4 سنوات في خدمتها للتقاعد.
سؤالي ما البديل الذي تختاره؟ مع جزيل شكري.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالضمان الاجتماعي يجوز بشروط:
الشرط الأول: أن يكون ذلك برضى صاحب المال.
الشرط الثاني: أن يكون ذلك على سبيل التعاون والإرفاق لا على سبيل التجارة أي أن يكون ضمانا تعاونيا لا تجاريا.
الشرط الثالث: ألا تستثمر أموال الضمان في الحرام كالربا وغيره من المحرمات، وقد تقدم تفصيل ذلك فراجع فيه الفتويين التاليتين: 10664 / 29228.
فإذا توفرت شروط الإباحة جازت المشاركة في الضمان الاجتماعي, وإذا انتفى شيء منها لم تجز، والذي يتبادر من السؤال هو أن هذا الضمان الذي شاركت فيه زوجتك ضمان تجاري, وذلك لأن النسب التي تدفع يريد منها أصحابها أن يجنوا منها مبالغ عند التقاعد أكثر مما دفعوه. وعليه فلا تجوز المشاركة اختيارا في مثل هذا الضمان أصلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1427(12/14034)
احتجاز الكفيل جميع مرتب سائقه لتسديد ما استحق عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[الاستفتاء ...
أنا سائق عند كفيلي. مرة كنت أسوق السيارة وصدفة وقعت الحادثة بسيارتي. ولكن الحمد لله لم يصب أي ضربة بسيارتي. وصيرت سيارة أخرى مضروبة. ووصلت المعاملة في المرور. وطلب رجال الشرطة الكفيل, لم يحضر الكفيل, أو ابن الكفيل أو أي شخص من طرف كفيلي. وأنا لم أستطع أن أوضح ماذا في صدري. أنا الجديد في الدوحة نزلت على أرض الدوحة قبل 8 شهور فقط. ومعاشي 500 خمس مئة ريال شهرياً فقط. وعندي 4 أولاد صغار, أمي وزوجتي لم أرسل لهم فلوسا من شهرين. حجز الكفيل مرتبي من إبريل 2006. هو يقول آخذ مرتبك حتى ان يمُل خسراني. ومقدار الخسران 4000 ريال. وكيف أشتغل 8 شهور بدون مرتب؟ وماذا تأكل اسرتي؟ وما الأمر لي في ضوء القرآن والسنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أننا قد بينا من قبل الحالات التي يتحمل فيها السائق مسؤولية الحادث والحالات التي لا يتحمل فيها المسؤولية، وذلك حسبما قرره مجمع الفقه الإسلامي في مؤتمره الثامن المنعقد في (بروناي دار السلام) سنة 1414هـ الموافق 1993م. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 15533.
فإذا لم تكن مسؤولا عما حدث، حسب التفصيل الذي بيناه فلا يجوز لكفيلك ولا لغيره أن يحملك المسؤولية.
وإن كنت ضامنا فواجبك أن لا تتأخر في سداد ما استُحق عليك إلا بقدر ما يؤخر إليه المعسر. فقد قال الله تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ {البقرة:280} .
ولك حينئذ أن تستبقي لنفسك من مرتبك ما تنفق به على عيالك، لأنك في حكم المفلس، وفيه يقول خليل: وترك له قوته والنفقة الواجبة عليه لظن يسرته وكسوتهم كل دستا معتادا.اهـ
وقد تبين لك مما ذكرنا أن احتجاز كفيلك لجميع مرتبك ليس من حقه، سواء كان ضمان الحادث واقعا عليك أم لا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1427(12/14035)
زيادة الرصيد عند تعبئة بطاقة الهاتف الجوال
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في مؤسسة الاتصالات عرض دائم بشأن رصيد الموبايل بحيث إذا حولت من رصيدي في البنك أو ذهبت للبريد ووضعت فلوسا بالموبايل فيزيد الرصيد 10بالمائة يعني إذا وضعت 100 درهم فينزل الرصيد في الموبايل 110درهم. فهل هذه الزياذة التي هي 10 درهم حلال لي أم تعتبر غير شرعية؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على هذا السؤال, وذلك في الفتوى رقم: 74820.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1427(12/14036)
المال المدفوع قبل العقد وحكم التعاقد عن طريق الإنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد الأمين....
أنا شاب مسلم أعيش في المهجر وأزاول مهنة التجارة أقوم بشراء قطع غيار السيارات من آسيا حيث أقطن وأصدرها لأروبا مع العلم أني اشتغل لوحدي بمساعدة زوجتي كمؤسسة تصدير لقطع غيار السيارات ...
سؤالي جازاكم الله خيرا هو ما هي شروط الوساطة التجارية مع العلم أني أقوم بشراء البضاعة وبيعها بعد إضافة الأرباح ولا أشتغل كسمسار بعمولة.....
ثانيا أشترط على المشترين دفع عربون قبل أن أصدر البضاعة ودفع باقي الثمن بعد التصدير فهل يحق لي أخد الثمن كله قبل أن يتسلموا البضاعة مع العلم أنهم وافقوا على شروطي لأنني لم ولن أغشهم بإذن الله وإنما أتخوف من أن إذا سلمتهم البضاعة لن يدفعوا ثمنها......
ثالثا: أنا أتاجر مع نفس الزبائن لسنين ولم أقابلهم من قبل لأني أعيش في آسيا وهم في أوربا وفقط نراسل بعضنا البعض برسائل الانترنيت. فهل يجوز ذلك......
رابعا: هل يحق لي أن أستغل ثمن العربون الذي يدفعونه لأدفع منه أنا الآخر عربونا للمصنع الذي أشتري منه البضاعة مع العلم أن رأس مالي لا يسمح لي بان أشتري البضاعة كلها......
خامسا هل يجوز لي أن أشتري البضاعة فقط بعد أن أتسلم العربون أو لا......
أفيدوني رحمكم الله، فكل همي الآن أن يكون مالي ومال أولادي حلال، وأن أنصاع لأوامر الله ورسوله مع العلم أني أعيش في بلاد كافرة ويصعب علي التأكد من هذه المسائل، وبارك الله فيكم وصلى الله على نبينا محمد وسلم تسليما]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يصدق على الأخ السائل أنه سمسار وبالتالي، لا تجري عليه أحكام السمسرة، ولكن يصدق عليه أنه تاجر يشتري قطع الغيار في آسيا ويبيعها لزبائنه في أوربا، وبخصوص المسائل التي يسأل عنها نقول:
في مسألة العربون وهو أن يتم الاتفاق على السلعة وثمنها وبتراضي البائع والمشتري على ذلك، ثم يقوم المشتري بدفع بعض الثمن على أنه إن مضى البيع عده من الثمن وإلا فهو للبائع.
هذا العربون اختلف العلماء في جوازه فمذهب الأكثر أنه غير جائز، وذهب الإمام أحمد إلى جوازه، هذا وينبغي التفريق بين دفع العربون بعد عقد البيع وبين دفعه قبل العقد، فالمدفوع قبل العقد ليس عربونا ويحق للبائع أخذه بإذن المشتري إذا لم يتم البيع من قبل المشتري، وللمشتري استرداده.
كما جاء في كشاف القناع من كتب الحنابلة الذين يجوزون العربون قال: وإن دفع من يريد الشراء إلى رب السعلة الدرهم ونحوه قبل عقد البيع وقال: لا تبع هذه السلعة لغيري (وصورته الآن الحجز للسلعة) أو إن لم أشترها فالدراهم لك ثم اشتراها وحسب الدراهم من الثمن صح ذلك، وإن لم يشترها فلصاحب الدرهم الرجوع فيه لأن رب السلعة لو أخذه لأخذه بغير عوض ولا يجوز جعله عوضا عن إنظاره. اهـ.
هذا وقول السائل إن رأس مالي لا يسمح لي بأن أشتري البضاعة كلها يفيد أنه قد يبيع البضاعة قبل شرائها وتملكها فإذا كان كذلك فإن هذا غير جائز لأنه بيع ما لا يملك وهذا البيع غير جائز بعربون أو بدون عربون، والمخرج من هذا أن يكون هناك مواعدة من البائع والمشتري وللبائع فيها أن يأخذ مبلغا من المشتري يدل على جديته ولا يحسب هذا عربونا، فإذا تراجع المشتري عن البيع وكان البائع تكلف شيئا في سبيل إتمام إجراءات البيع بناء على ذلك الوعد بالشراء فله أن يأخذ من المبلغ قدر تكلفته الفعلية فقط، ولا يحل له أن يتعدى التكلفة الفعلية، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 15898.
أما مسألة تسلم البائع الثمن قبل أن يستلم المشتري السلعة أو قبل أن تصل إليه السلعة فلا مانع منه، فإنه يجوز للبائع تعجيل المبيع كما يجوز للمشتري تعجيل الثمن، ومسألة إجراء عقود التجارة بآلات الاتصال وبدون حضور البائع والمشتري في مكان واحد قد سبق القول فيها في الفتوى رقم: 56745.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1427(12/14037)
هل يأخذ أرباحا في مقابل حبس ثمن الشقة وعدم تسليمها
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت شقة دون حوائط أعمدة خرسانية فقط بمبلغ 230 ألف جنية مصرى وبعد عام حدث نزاع بين الشركاء لم أتمكن من استلام الشقة لتشطيبها ومعروض علي أخذ أي استرداد المبلغ المدفوع أو الانتظار حتى تنتهي القضية، ف هل لي المطالبة بأرباح للمبلغ علما بأن صاحب العقار تاجر أدوية وبالطبع كانت فلوسي تعمل في التجارة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت سلمت ثمن هذه الشقة للبائع منتظرا الانتهاء من بنائها حسب المواصفات المتفق عليها وفي الوقت المحدد بينكما سلفا، فإن هذا يعتبر عقد سلم وقد سبق تعريف هذا النوع من العقد في الفتوى رقم: 11368.
ويجب على صاحب العقار أن يلتزم بتسليم الشقة في الوقت المحدد، فإن تعذر التسليم فيه فليس للمشتري إلا أن يأخذ رأس ماله فقط أو ينتظر إلى أن يتمكن من استلام الشقة، وليس له أن يطالب بما يسميه أرباح رأس ماله لأنه لم يدفعه مضاربة إلى صاحب العقار، ولأن المبلغ دين على صاحب العقار فأخذ زيادة عليه يعتبر ربا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1427(12/14038)
استيفاء الحق المأخوذ ظلما
[السُّؤَالُ]
ـ[نسال فضيلتكم أنا رجل مقاول فى المعمار وعملت في شركة وأنجزت العمل كما هو مطلوب وقبل انتهاء مرحلة العمل فتحوا لي مرحلة أخرى فى مكان آخر فأنا أعمل هنا وهناك وبعد ذلك حاول المهندس المصرى بأن يتفنن فى ضياع حقي ولا أرى لماذا انتهيت من مرحلة العمل الأولى ظللت أطالب بها حتى مرت سنة كاملة والمبلغ هو 12000 ريال وأنا الآن أعمل لهم فى مكان آخر وعملت محاولات ولكن دون جدوى الفاضل المصرى مسيطر على الموقف بالنسبة للفلوس التي عنده لي ولا أدرى والله لماذا هو شيء فى نفسه ولا أعلمه علما بأنني أعمل لهم في مكان آخر كما قلت وفيه أغراض تحت يدي حتى لو آخذ منها ما كفت حقي الذي عندهم وأنا خائف آخذ من هذه الأشياء أكون أذنبت في حق نفسي علما فضيلتكم أنا دفعت هذا المبلغ للعمال من معي ولا تقول يمكن الشغل غلط ولا شيء لا لأنه استلمه مني منذ أكثر من سنة ولما أصررت على المطالبة قال إن الشغل خربان والعيوب التي طلعها في الشغل لو خصمها المبلغ الذي عنده ما كفى هذه الخصومات وحاولت أذكره بالله والآ خرة والظلم وعاقبة الظالمين وهو لا يسمع لأحد وكأنه طاغية في الأرض المهم يا شيخ هذا الرجل يريد أن يضيع علي هذا المبلغ وصاحب الشركة لا يسمع إلا له فقط وحاولت أرسل له ناسا ولكن دون جدوى فأنا أقول يا شيخ لو آخذ من الأغراض التي عندهم بدون علمهم أكون أذنبت أو أستعوض هذا المبلغ عند الله عما بأنني دفعت هذا المبلغ للعمال وصرفت عليهم فوق هذا المبلغ علما يا شيخ بأن هذا المهندس بعيد كل البعد عن الله والحمد لله الذي يرسل لك هذا السؤال إنسان الحمد لله ربنا مان علي بالالتزام وهذا من فضل الله فأفيدوني أفادكم الله في هذا الموضوع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكثير من العبارات الواردة في السؤال غير واضحة تماما ولكن على أية حال إذا كنت متيقنا من ظلم الشركة لك ومنعها لك حقوقك بغير حق, فلك أن تحصل على حقك منها دون أن تتجاوز القدر الذي لك, وذلك بالطريقة التي تراها مناسبة, وهذا مايسمى عند العلماء بـ (الظفر بالحق) وكنا قد بينا من قبل أقوال أهل العلم فيه. ولك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 28871. وعليه فإذا كان قد وقع تحت يدك شيء من الأغراض لتلك الشركة فلا مانع من أن تستوفي منها حقك دون زيادة, وبشرط أن تأمن على نفسك لحوق الضرر بك في ذلك. وننصحك بأن تترك العمل مع هذه الشركة التي ذكرت من أمرها ما ذكرت, وتبحث عن فرصة عمل أخرى؛ لكي لا تبقى جهودك ضائعة مدى الدهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1427(12/14039)
استعمال رئيس العمل أموال الدولة بغير استئذان
[السُّؤَالُ]
ـ[الرئيس المباشر هل يجوز له أن يستأذن عند استعماله الأدوات الخاصة بالدولة، ومن يستأذن إذا كان الأمر كذلك، أفيدوني أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأدوات الخاصة بالدولة تعتبر ملكاً عمومياً، ولا يجوز استعمالها إلا طبقاً للنظام المعمول به عند تلك الدولة، ولا فرق في هذا بين الرئيس والمرؤوس، واستعمال تلك الأدوات خارج النظم المعمول بها يعتبر غلولا، وعقوبة الغال جاءت مبينة في الكتاب والسنة، قال الله تعالى: وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ {آل عمران:161} .
ووصف النبي صلى الله عليه وسلم حالة الغال يوم القيامة، حيث يأتي حاملا على رقبته كل شيء حازه من الغلول، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره، قال: لا ألفين أحدكم يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء، وعلى رقبته فرس لها حمحمة، يقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك من الله شيئاً، قد أبلغتك، وعلى رقبته بعير له رغاء، يقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك من الله شيئاً، قد أبلغتك، وعلى رقبته صامت، فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول لا أملك لك من الله شيئاً، قد أبلغتك، وعلى رقبته رقاع تخفق، فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك من الله شيئاً، قد أبلغتك.
ولا شك أن ما ورد في الآية الكريمة والحديث الشريف كاف للردع والابتعاد عن المال العام، وأن ليس للرئيس ولا للمرؤوس أن يأخذ منه بغير حق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1427(12/14040)
ما يرجع إليه عند الاختلاف في المقادير والمساحات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد قاعدة شرعية أو فقهية عن تحديد الأطوال والحدود في بيع الأراضي والخلاف على مساحتها ونصها (الحدود أبلغ من الأطوال) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخلاف في المقادير والأوزان والمقايس والمساحات وما أشبهها يرجع فيه إلى عرف أهل البلد وعاداتهم، فإن العرف محكم في مثل هذه الأمور ما لم يخالف الشرع، وهي من القواعد الفقهية المتفق عليها، قال العلامة أحمد بن أبي قفه الولاتي الشنقيطي في أصوله:
وكلما العادة فيه تدخل * من الأمور فهي فيه تعمل
قال شارحه: يعني أن كل ما تدخل فيه العادة أي عادة العوام القولية والفعلية من الأحكام الشرعية فهي عاملة فيه أي محكمة فيه، تخصيصه إن كان عاماً، وتقييده إن كان مطلقاً وتبيينه إن كان مجملاً.
والأصل في الرجوع في هذه الأمور إلى عادات الناس وأعرافهم، قول الله تعالى: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ {الأعراف:199} ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لهند رضي الله عنها: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه.
ولمعرفة وحدات المقادير في الطول والعرض والوزن والكيل والمساحات.... عند الفقهاء في بعض الأماكن، نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 26675، وبخصوص القاعدة المذكورة في السؤال فإننا لم نطلع عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1427(12/14041)
حصول المرء على مشروع بحكم صداقته للمدير
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ لقد اختلط علينا الحلال بالحرام في بلادنا خاصة في ميدان المال والأعمال، ومن هنا يأتي سؤالي هل الحصول على مشروع مثلا بحكم الصداقة مع المدير دون دفع أي رشوة جائز أم لا، وهل الأموال التي يحصل عليها من هذا المشروع تعتبر حلالا أم حراما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحرام بين والحلال بين وبينهما أمور مشتبهات لا يدري كثير من الناس أمن الحلال هي أم من الحرام، وموقف المسلم من المشتبهات الورع والاجتناب، لأن من أدمن الوقوع في المشتبهات وقع في الحرام ولابد. أما مسألة حصول الشخص على مشروع بحكم صداقته للمدير المسؤول فاعلم أن الأصل في المشاريع التي تعرض في صورة مناقصة أو نحو ذلك أن تكون من نصيب الأفضل جودة وسعرا، فإذا حابى المدير صديقه على حساب هذا المعيار فقد خان في عمله ومسؤوليته ولو لم يأخذ رشوة، وبالتالي لا يجوز لصديقه قبول هذا العرض المجاني منه لأنه ليس أهلا لذلك العمل. أما حكم الأموال التي يحصل عليها الشخص ما لو تم له ذلك فينبني على أدائه وقيامه بتنفيذ العقد المبرم والتزامه بالمواصفات المشترطة، فإن وفى بالشروط والمواصفات فكسبه حلال وإن أخل بشيء من ذلك نقص من حقه بحسب ذلك وكان ما يأخذه في غير مقابل عمل أو جودة مشترطة حرام شرعا يجب رده إلى الشركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1427(12/14042)
كتابة فواتير وهمية بقيمة ضريبة المبيعات
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الكريم أعمل فى شركة بترول مصرية أمريكية في إدارة تشرف على صيانة المبنى ولنا سلفة مالية يتم من خلالها شراء بعض المستلزمات والمهمات المستعجلة ثم يتم تصفيتها وتسويتها بتقديم فواتير بقيمة المبالغ المنصرفة ولكن في بعض الأحيان تكون الفواتير مضاف عليها ضريبة مبيعات ويرفض البائع خصم الضريبة وتقوم الإدارة المالية بمحاسبتنا دون اعتبار قيمة الضرائب وبالتالى يكون هناك عجز عندنا في التسوية والحل الذى يتبع عندنا في الإدارة أنهم يقومون بإصدار إيصال وهمي بقيمة الفارق في الضرائب ليتم تسويته مع السلفة لسداد العجز، فهل هذا كذب وهل هذا يجوز أرجو الإفادة؟ مع العلم بأن هذا هو الحل المتوفر وعدم القيام به يتسبب في أن يدفع أحدنا الفارق أو يتعطل العمل؟
كما أرجو معرفة الحكم الشرعى عندما يقوم المدير العام بإعطاء عامل ما من عمالة المقاول أصيب بمرض أو أي عارض مثل إنجاب أو وفاة أحد الوالدين مبلغا من السلفة وعمل إيصال وهمي بهذا المبلغ لتغطية هذا المبلغ عند تسوية السلفة مع العلم أن هذا العامل ليس له ما للعاملين من حقوق ورعاية طبية وخلافه، فهل للمدير الحق في هذا التصرف وإذا كنت أقوم بالتوقيع باعتبارى مشرف الصيانة فهل علي وزر، أرجو الإفادة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن تكون العلاقة بين الإدارة المالية وبقية الإدارات قائمة على الوضوح والصدق في البيانات والنفقات ونحو ذلك، وبالنسبة لموضوع السلفة المالية التي تدفع لإدارتك لكي تقوم بصيانة المبنى فيجب أن تصرف في الوجه الذي رصدت له، وإذا كانت الإدارة المالية لا تعتمد ضريبة المبيعات هذه مع أنه لا بد منها في عملكم فلا مانع أن تكتب إيصالات بهذه الضريبة تحت مسميات تندرج تحتها كنثريات مثلا، لأن السلف تدفع أصلا لهذا الغرض والضريبة داخلة فيه.
أما عن سؤالك الثاني: فإنه لايحل للمدير ولا لغيره أن يتصرف في السلفة في غير ما وضعت له لا لعامل فقير ولا لمريض ولا لغير ذلك، لأنها ليست ملكا له حتى يتصرف فيها حيث شاء، فإن فعل فهو ضامن، لحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1427(12/14043)
من وضع رصيد بطاقة هاتف غيره خطأ ولم يجده
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يعمل بمحل تجاري لبيع المنتجات ويقوم ببيعها بأعلى من السعر الذى حدده صاحب هذا المحل، وهل يحق له أن يحصل على هذه الزيادة لأن صاحب المحل اكتفى بالسعر الذي حدده وكان يطلب أقل منه، وأيضا أعزكم الله عندما قمت بشحن كارت تعبئة رصيد لتليفون محمول لأحد العملاء وكنت أعتقد أن الكارت قد تم تعبئته وأنه استنفذ الرصيد، ولكن راودني الشك من أن يكون لم يشحن بعد وكان العميل قد ذهب وكنت أجربه من باب التأكد على تليفون آخر فتم الشحن دون قصد أو تعمد والله أعلم، فما حكم هذا الرصيد، مع العلم بأن هذا العميل من خارج البلاد ولم يعد مرة أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أجبنا على السؤال الأول في الفتوى رقم: 56105.
أما بالنسبة للسؤال الثاني، فإذا أمكن الوصول إلى مالك كرت الشحن فيجب إعطاؤه كرتا آخر من نفس فئة الكرت السابق أو رد قيمة هذا الكرت عليه إلا أن يعفو عن حقه، أما إذا لم يمكن الوصول إليه، فأنت مخير بين أن تحتفظ له بقيمة الكرت، وبين أن تتصدق بها عنه على أنك إذا وجدته بعد ذلك تخيره بين ما فعلت ويكون الأجر له، وبين أن ترد عليه هذه القيمة ويكون الأجر لك، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 14393، والفتوى رقم: 57202، والفتوى رقم: 71774.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1427(12/14044)
دفع المال هربا من الفضيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[في إحدى الليالي أتيت منكرا عظيما وعلمه أحد الأشخاص وطلب مني مالا لكي يسترني إلا أنني ليس لي مال لأعطيه وهو الآن يهدد بفضحي وإذا افتضحت ليس من حل أمامي سوى الانتحار كل ما أقوم به الآن هو الذكر وطلب الله عز وجل أن يسترني علما بأنني تبت لله فهو الذي يقبل التوبة من عباده أفيدوني جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك أن تفتدي منه بمال كيلا يفضحك, ولكن من يضمن لك أنه لا يستفزك بعد ذلك أيضا فيطلب منك مالا آخر أو غيره, بل قد يطلب أمرا محرما إذا وجد منك ضعفا وتنزلا عند رغباته فينبغي ملاحظة ذلك والنظر فيما هو أولى.
وعلى افتراض أنه أذاع أمرك وافتضحت أمام الناس كما تزعم فهذا لا يبيح لك الانتحار فتفتضح بين يدي الواحد القهار. فقتل النفس حرام حرمة عظيمة وجزاؤه جهنم والعياذ بالله كما بينا ذلك مفصلا في الفتويين: 10397، 5671، فانظر يارعاك الله أيهما أخف أن تفتضح أمام الناس وقد لا يكون لذلك كبير أثر أو عظيم ضرر أو تفتضح أمام رب العزة والجلال فتتعدى حدوده وتنتهك حرماته وتزهق تلك النفس التي أودعها إياك فيفضحك يوم القيامة ويعذبك عذابا نكرا.
فأزل من خاطرك هذا التفكير السيء, واسأل الله تعالى أن يسترك بستره ويلبسك ثوب عافيته قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق:3} وانظر الفتوى رقم: 23867.
وإن رأيت من المصلحة كف شر ذلك الشخص ومداراته بمال فلا حرج في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(12/14045)
الدخول إلى الإنترنت بكلمة مرور الغير بإذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي الدخول إلى الانترنيت باستخدام كلمة مرور المعني بالأمر علما أنه هو من أذن لي بذلك
أنا لدي هاتف وموديم وكذلك صديقي لديه هاتف وموديم ولكن هو من يؤدي الواجب الشهري.
فما قولكم في هذه القضية
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في استخدامك لكلمة مرور صديقك عند دخولك إلى الإنترنت إذا كان صديقك يدفع ما يلزمك من رسوم استخدام ويعتبر هذا الإذن مع تسديد الرسوم هبة من صديقك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(12/14046)
الاستثمار في السوق المالي عن طريق مستثمر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب أريد أن أستثمر في السوق المالي عن طريق شخص مستثمر الرجاء أريد الرد أو الفتوى من هذا الموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يبين لنا الأخ السائل ما هو نوع الاستثمار الذي يريد أن يعمل فيه، وما هي صيغة الاتفاق بينه وبين الشخص المستثمر حتى نحكم على معاملته جوازا أو منعا.
وعلى كل فإذا كنت تريد أن تأخذ من آخر مالا لتضارب به في السوق المالي، فالمضاربة جائزة إذا انضبطت بالضوابط الشرعية، وراجع ضوابط المضاربة الشرعية في الفتوى رقم: 19406.
وإذا كنت تريد أن تعمل كسمسار في السوق المالي فالسمسرة كذلك جائزة بشروط أيضا راجعها في الفتوى رقم: 26289.
وإن كان غير ذلك فبين لنا حقيقة استثمارك حتى نتمكن من الرد عليك فإن الحكم على الشيء فرع عن تصوره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1427(12/14047)
التكسب من الهواتف العمومية
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال: ما حكم إنشاء هاتف عمومي وهو محل به عدة هواتف يستعملها الشخص مقابل مبلغ يدفعه، وعادة يكون داخل غرف صغيرة بحيث لا يسمع كلامه مع من اتصل به، وقد يتصل بفتاة على أساس علاقة غير شرعية، ولكن في الغالب لا يمكننا التفريق بينهم، فهل امتلاك هاتف عمومي جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن مثل هذا السؤال في الفتوى رقم: 64938.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1427(12/14048)
الوفاء بالشروط الجائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قدمت شركة ما بالمجان تحديثا لجزء من نظام تشغيل الحاسب الذي تبيعه ولكنها تشترط لتركيب ذلك التحديث أن يُرَكِّب المستخدم برنامجا (أو تحديثا) آخر تنتجه هي أيضا وتقدمه أيضا بالمجان قبل أن يُرَكِّب التحديث الأول على جهازه فهل ذلك الشرط يجب الوفاء به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسلمون على شروطهم كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: المسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما. رواه الترمذي.
فهذا الحديث عام في الشروط الجائزة دون الشروط الفاسدة.
قال في تحفة الأحوذي: المسلمون على شروطهم أي ثابتون عليها لا يرجعون عنها وعليه، فاشتراط الشركة على المشتري الذي يريد الاستفادة من النظام الحديث الذي تهبه الشركة أن يركب الإصدار القديم من كل ذلك بالمجان اشتراط جائز يجب الوفاء به ما لم يكن هذا النظام مشتملا على محرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1427(12/14049)
إنجاز المعاملات المتأخرة بعد الدوام بأجر بالاتفاق مع المراجعين
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل موظفا بالتوثيق العقاري ويتقدم المواطن إلينا عن طريق مكاتب محرري العقود للتوثيق ولقلة عدد الموظفين يتأخر إنهاء طلبات المواطنين عندنا وقد عرضت علي مبالغ مالية للعمل بعد وقت الدوام الرسمي من محرري العقود لكي تنتهي الطلبات بسرعة فهل يجوز أخذ هذا المال مقابل العمل الزائد علما بأنني لن أتوانى في وقت العمل الرسمي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الموظف في مؤسسة حكومية أو خاصة يعتبر أجيرا خاصا عند هذه المؤسسة وهي وحدها التي تملك منافعه في زمن التعاقد وهو وقت الدوام الرسمي هذا من جهة المؤسسة، أما من جهة الموظف فإنه أمين على ما تحت يده من أعمال المؤسسة ولا يحق له التصرف فيها إلا حسب ما يكلف به ويسمح به العقد المبرم قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} وعليه فلا يحق لك أن تتفق مع المراجعين على أن تنجز لهم أعمالهم المتأخرة خارج الدوام الرسمي لأن ذلك ليس من حقك ولا يدخل تحت صلاحياتك إلا بإذن فالأجير أمين ووكيل ولا يملك التصرف إلا فيما أذن له فيه. جاء في المغني: ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله من جهة النطق أو من جهة العرف لأن تصرفه بالإذن فاختص بما أذن فيه. أهـ
وعليه فإذا أذنت لك المؤسسة أو الجهة التي تعمل بها في هذا فلا مانع، ولك في هذه الحالة أن تأخذ أجرا مقابل عملك الإضافي، ثم بعد الإذن أنت حسيب نفسك فاحذر أن تفرط في عملك الرسمي من أجل العمل الإضافي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1427(12/14050)
الراتب المستفاد من صندوق الضمان الاجتماعي
[السُّؤَالُ]
ـ[أشتغل بشركة تركية بليبيا ويخصم من راتبى الشهري جزء إلى الضمان الاجتماعى وأريد أن أتقاعد أي يحق لي أن أتقاعد اختياريا بعد مرور عشرين سنة على استمرارية الشغل وسوف يعطى لي نصف الراتب الذي أتقاضاه من الضمان الاجتماعى ولكن سوف أستمر بالعمل مع الشركة على أن لا يخصم من راتبي جزء للضمان الاجتماعى هل هذا يجوز شرعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حكم صناديق الضمان الاجتماعي يختلف باختلاف النظام الذي تقوم عليه هذه الصناديق، فأحيانا يكون نظاما تعاونيا مضبوطا بضوابط الشرع وهذا جائز، وأحيانا يكون نظاما غير تعاوني أو غير مضبوط بضوابط الشرع وهذا محرم، وقد تقدمت لنا فتاوى في شروط الاشتراك في هذه الصناديق منها الفتوى رقم: 9531،
وفي حال توفر الشرطين السابقين فيجوز لك الاشتراك كما يجوز لك أخذ ما تستحقه من هذا الصندوق راتبا كان أو غيره، أما في حال عدم توفرهما فليس لك منه إلا ما اقتطع من راتبك فقط، وراجع لزاما الفتوى رقم: 29228.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1427(12/14051)
ماذا يفعل إذا لم يعطه رب العمل ما اتفقا عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تخرّجت من الجامعة وصادف أن وجدت عملا لكنّ صاحب العمل استغلّ الأوضاع الاقتصاديّة من بطالة وغيرها ليِؤجّرني عنده بمبلغ زهيد وبدون أيّة ضمانات تضمن حقّ العامل من مؤجّره على أن يحسّن وضعيّتي المادية والقانونيّة بعد مضيّ 3 أشهر من بداية العمل ولكنّه مضى الآن قرابة العام على بداية العمل والحال لم يتغيّر، ف هل يجوز لي أن آخذ من ماله مستحقاتي من دون علمه؟ وهل يجوز لي أن أنسخ ورقة تثبت أنّني زاولت العمل معه بالمدّة المقضّاة وذلك حتّى أستطيع مزاولة العمل في مكان آخر مع العلم أنّي سألتجئ إلى الإمضاء مكانه, ألا يعتبر ذلك تزويرا؟
وشكرا جزيلا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على رب العمل أن يؤدي إلى العامل حقه كاملاً غير منقوص عملا بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} ولكن ينبغي معرفة ما هو حق العامل أولاً؟
فحق العامل هو ما حصل الاتفاق عليه بينه وبين رب العمل، فإذا لم يدفع رب العمل للعامل ما اتفقا عليه وجحده فله أن يأخذه بأي طريقة أمكنت، وراجع للمزيد في هذا الفتوى رقم: 33594.
أما إذا كان الموظف يجد حقه المتفق عليه كاملاً، ولكنه يرى أنه أقل مما يستحق لاعتبارات عنده فهنا لا يجوز له أخذ شيء زائد على ما اتفقا عليه وإلا اعتبر غاصبا خائنا.
وبخصوص سؤالك عن تزوير توقيع صاحب العمل فإن هذا لا يحل لك وهو غش حرام، وفي الحديث: من غشنا فليس منا. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1427(12/14052)
الوفاء بالعقود والشروط المرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الكريم أعمل في شركة بها نظام علاجي يسمح لى بتغيير عدسات النظارة كل عام في حدود مبلغ لا يزيد عن 150 جنيه وتغيير النظارة كاملة كل سنتين فى حدود مبلغ 550 جنيه وذلك بناء عن تقديم فاتورة بالسعر إلى الإدارة الطبية وحقيقة أن مبلغ 150 جنيه غير كاف لتركيب زجاج جيد فهل يجوز لي عند استحقاقي لتغيير النظارة كاملة أن أقوم بتغيير العدسات فقط من نوع جيد بقيمة تساوى ثمن النظارة أو أقل وتقديم فاتورة بالمبلغ الحقيقي المدفوع ولكن يكتب في الفاتورة نظارة كاملة بدلا من كتابة عدسات حتى أستطيع أن أحصل على المبلغ المدفوع كاملا؟
أرجو الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن المسلمين على شروطهم، وأنه يجب عليك الوفاء بالعقود والشروط المرعية. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1}
وعليه، ينظر في هذا الحق الذي تمنحك إياه الشركة، فإن كان مبلغا مقطوعا تفعل فيه ما تشاء فلا مانع من صرفه في تغيير نظارتك كاملة أو تغيير عدساتها فقط، أما إذا كان يصرف لشيء محدد كأن يقال إن احتجت إلى تغيير نظارتك صرف لك وإلا لم يصرف فلا يصلح أن تتصرف فيه إلا حسب ما صرف من أجله، ولا يحق لك أن تكتب في فاتورة البيع أنك غيرت تظارتك وأنت لم تفعل ذلك في الواقع، وراجع الفتوى رقم: 71743.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1427(12/14053)
هل يتحمل المسؤولية إذا نبه سائقا فاصطدم بغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم على هذا الموقع الرائع وأتمنى من كل قلبي لكم المزيد من التطور والرقي بإذن الله تعالى، سؤالي وبكل صراحة يسبب لي أرقا وتأنيب ضمير، وأرجو أن أجد لديكم الجواب الكافي والشافي، سؤالي هو: كنت خارجاً من العمل وذاهباً إلى البيت وفي الطريق وأنا أقود السيارة قام شخص بتغيير مساره في الطريق مما اضطرني إلى أن أضرب له بوري (بوق السيارة) للتنبيه، ولكن لضعف السياقة لدى هذا الشخص قام بالحذف بطريقة قوية بالجهة المعاكسة مما أدى إلى اصطدامه بالخرسانة ومن ثم اصطدامه بسيارات أخرى، مما أدى إلى وجود حادث كبير في التلفيات وإصابته وجرحه، وسؤالي هو: هل أتحمل شيئا من هذا أو جزء من هذا وما هو المطلوب مني عمله، إذا كنت مشتركا أو أتحمل شيئا، أرجوكم الرد على استفساري بشكل سريع، لأني أعاني من تأنيب الضمير وضيق في الصدر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت، فلا نرى أنك تتحمل شيئاً مما نتج عن هذا الحادث، وذلك لسببين:
الأول: أن الاصطدام لم يحصل منك، وإنما حصل من الطرف الآخر، وأنت لم تزد على تنبيهه كما ذكرت، فهو الذي يتحمل المسؤولية لما ذكرت أنه قام به من الحذف بطريقة قوية إلى الجهة المعاكسة، وأن ذلك أدى إلى اصطدامه بالخرسانة ومن ثم اصطدم بسيارات أخرى.
الثاني: أنك لست مباشراً للإصابات والجروح التي حصلت، وإنما أنت متسبب، والمباشر هو السائق الذي انحرف عن طريقه، والقاعدة الفقهية تقول: إذا اجتمع المباشر والمتسبب أضيف الحكم إلى المباشر. ذكرها ابن نجيم في الأشباه والنظائر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1427(12/14054)
هل له نصيب في الشقة المستأجرة التي تملكتها أختاه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن خمسة إخوة توفي والدانا، نعيش في شقة بالإيجار، وتزوج ثلاثة وبقيت أنا الصغرى وأختي الكبيرة وأنا أعمل في دولة عربية وأقوم بمساعدة الجميع والصرف على أختي الكبرى وقمنا بالحج السنة الماضية والحمد لله وقام صاحب البيت بهدمه وأعطانا الشقة تمليكا بدلا من إيجار مع حسبي الله ونعم الوكيل وجزاكم الله، وللعلم فإن في القانون المصرى شقة الإيجار من حق المقيمين بها وفوجئت بأحد إخواني يطالب بحقه في الشقة مع العلم أننى لم آخد فلوسا بل أخدت شقة بدل شقة وهو يعيش في شقة كلنا ساعدناه في شرائها ولا يقوم بالصرف على أختي ولا يشارك في أى من مهام الرجال مع العلم أنه موظف ويعمل في وظيفتين ولكنه لا يحسن أداء عملة ويحب المكسب السريع ولذلك لا توجد بركة في ماله ولقد أصبت بصدمة كبيرة لطلبه هذا أنا أعطيته وساعدته بمبالغ كبيرة أكبر من نصيبه المزعوم هذا، فبالله عليك هل الإسلام حقوق فقط لا توجد واجبات هذا إذا كان له حق في طلبه هذا ومن المطلوب مني أن أعطي شقائي وتعبي من فلوس غربتي وكسر ظهري في شغلي؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نشكرك على إحسانك لإخوانك وإعانتك لهم، واعلمي أن ذلك من أسباب الزيادة في الرزق والبركة في العمر لقوله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه. رواه البخاري ومسلم
وأما سؤالك فالذي فهمناه منه أن صاحب البيت قد تفضل عليكم بتمليككم شقة بعد هدم البيت الذي كنتم تستأجرون، وأن أخاكم لم يكن مستأجرا معكم، بل إنكم أنتم الذين أعنتموه على شراء بيته، فإذا كان الأمر كذلك، فلا حق لأخيكم في هذا البيت، لأن صاحبه ملكه للمستأجرين وأخوك ليس منهم.
إلا أننا ننصحكم بألا تجعلوا هذا الخلاف سببا في التقاطع بينكم، لأن الله تعالى حرم قطع الرحم، فقال سبحانه: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد: 22} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الرحم شجنة من الرحمن، فقال الله: من وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1427(12/14055)
التصرف في المال الذي لا يعرف مكان صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[استلمت نقودا لزميل لي في العمل وهو لا يعلم عنها شيئا، مع العلم أنني لم أستلم المبلغ بنفسي من الشركة ولكن زميل آخر قام بهذا ولا أعلم مكانه الآن ولا رقم هاتفه، أرجو الإفادة، ما مصير هذه النقود؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك هو أن تجتهد في البحث عن صاحب تلك النقود حتى توصلها إليه. فإنها قد أصبحت أمانة في عنقك، يجب أن تسعى لأدائها ما استطعت إلى ذلك سبيلا.
وإذا بذلت ما تستطيعه من جهد في الوصول إليه ولم تجده، فإنك تكون مخيرا فيها بين أمرين:
الأول: أن تحفظها له إلى حين تجده ولو طال الزمن. وليس عليك في هذه الحالة ضمانها إذا لم تفرط فيها، أو يحصل لها تلف بسببك.
والثاني: أن تتصدق عنه بها، فإذا وجدته بعد ذلك، أخبرته بذلك، فإن أمضاه فقد برئت ذمتك، وإلا أديتها إليه، ويبقى أجر الصدقة لك إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1427(12/14056)
هل ينتفع بالبدل الكامل الذي لا يستحق إلا ربعه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مديرية حكومية في الجزائر عندما يتم إرسالنا في سفر لمهمة فيؤمر لنا بتعويض مالي حسب المقاييس التي وضعها المراقب المالي وهو هيئة حكومية أخرى هذه المقاييس تتمثل في تعويضنا بمبلغ معين عوض الغداء والعشاء والمبيت في أثناء هذه المهمة إذا كانت هذه المصاريف من جيبنا الخاص يتم تعويضنا بالمبلغ كاملا أما إذا تم التكفل بنا من ناحية الغذاء والعشاء والمبيت فيتم تعويضنا بربع المبلغ هذا حسب المقاييس التي وضعها المراقب المالي للهيئة الحكومية الأخرى ’ أما في مديريتنا فإن المسؤولين يأمرون لنا دائما بالتعويض بالمبلغ كاملا في جميع الأحوال وهذا لإعانتنا أي حتى إذا تم التكفل بنا في الغداء والعشاء والمبيت فالتعويض يكون كاملا فما حكم هذا المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الجهة التي تعمل بها مخولة بما ذكرت من صرف التعويض (البدل) كاملا ولو تكلفت الجهة الرئيسية بدفع قيمة المبيت والطعام والشراب فلا نرى مانعا من أخذه والانتفاع به، أما إذا كانت الجهة غير مخولة بهذا، وكان صرف هذه المبالغ دون مسوغ يقتضيه العقد المبرم بينك وبين جهة العمل فلا حق لك في أخذه، ولا حق لأحد في منحك إياه لما فيه من التعدي على المال العام وقد قال تعالى: وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {البقرة: 190}
وراجع للأهمية الفتوى رقم: 37682، والفتوى رقم: 14984.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1427(12/14057)
بيع الأخ دار إخوته الأيتام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل أسكن في مدينة تمنراست الجزائرية ولي إخوة لأمي توفي أبوهم سنة 94 وكنت أسكن معهم ثم في السنة الموالية اشتريت دارا فانتقلت للسكن فيها، ثم بعد ذلك تحولت أمي للسكن معي بعد شيء وقع بينها وبين بعض الجيران الذين هم في نفس الوقت أقارب لإخوتي من جهة أبيهم فلما وقع ما وقع بينهم وبين أمي أخذت أبناءها وسكنت بهم معي فتعرضت دارهم لتخريب بسبب الهجران فطلبت مني أمي بيعها فبعتها بناء على رغبتها بمبلغ خمسين ألف دينار دفع لي المشتري بعضه في الحين وكان هذا البعض متمثلا في عروض ولا تزال هذه العروض موجودة عندهم إلى حد الآن فبعد هذه المدة هم الآن يطالبونني بأن اشتري لهم داراً كعوض عن دارهم التي بعتها بأمر من أمهم بل بلغ بهم الأمر إلى حد مطالبتي بأن أعطيهم داري التي أسكن فيها أنا وهم وأمنا طيلة هذه المدة أي عشر سنوات، فهل لهم علي من حق والحالة هذه والله على ما أقول شهيد، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز أن تُقرب أموال الأيتام إلا بما فيه مصلحتهم، كما قال الله تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ {الإسراء:34} ، والتي هي أحسن هي الأكثر نفعاً لليتيم، كما قال أهل التفسير وذلك بكل وجه تكون فيه المنفعة لليتيم، وفي الحديث الشريف: اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة. رواه ابن ماجه.
وقد نص أهل العلم على أن الذي يجوز له التصرف في مال اليتيم، وخصوصاً بيع عقاره ولو كان خربا هو الوصي عليه، وإذا لم يكن أبوه أوصى فالقاضي الشرعي هو الذي يتولى ذلك، قال خليل بن إسحاق المالكي: والولي الأب وله البيع مطلقاً، وإن لم يذكر سببه، ثم وصيه، وإن بعد ... ثم الحاكم ... اهـ
وذكر البعض منهم أن حاضن الأيتام إذا جرى العرف بتصرفه في ممتلكاتهم يصير مثل الوصي.
ففي منح الجليل عند قول خليل: لا حاضن كجد ... قال: فلا يبيع متاع محضونه مطلقاً، ولا يقاسم عنه إلا لشرط على أبيه أنه لا يحضنه إلا إذا جعله وصياً عليه أو عرف به، كعادة أهل البادية بترك أحدهم الوصية على أولاده اتكالا على قيام جدهم أو عمهم أو أخيهم الرشيد بشأنهم، فهو كإيصاء الأب من ذكر، نقله الطخيخي عن أبي محمد صالح، وبه أفتى أبو الحسن في آخر مسألة من نوازله، فقال: شأن أهل البادية تصرف الأكابر على الأصاغر يتركون الإيصاء اتكالا منهم بأنهم يفعلون بغير إيصاء، فالأخ الكبير مع الأصاغر في البادية يتنزل منزلة الوصي بهذا العرف على هذا درجوا. ثم نقل رواية ابن غانم عن مالك رضي الله تعالى عنهما بأن الكافل بمنزلة الوصي بدون هذا العرف، وذكر قول أبي محمد صالح هذه الرواية جيدة لأهل البوادي لأنهم يهملون الإيصاء. ابن هلال وبه أقول وأتقلد الفتيا به في بلدنا لأنها كالبادية. ويلخص هذه المسألة قول الناظم:
وكافل اليتيم عرفا كالوصي * نصا لأن العرف كالمنصص
وبناء على ما ذكر، نقول إن بيعك للدار التي ذكرت أنها تعرضت للخراب بسبب الهجران، إذا ثبت أنه هو المصلحة، فليس عليك فيه من إثم، وبالتالي فليس لهم عليك حق، غير أنه كان مما ينبغي لك قبل ما فعلته من التصرف في الدار المذكورة أن تعرض أمرها على المحكمة الشرعية في بلدك، ليكون ذلك أبرأ لذمتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1427(12/14058)
النسبة الممنوحة في مقابل تصفح المواقع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا اشتركت في موقع يعمل على الآتي
تضع به مبلغا وليكن 100 ريال ويكون لك اشتراك به يفرض عليك أن تتصفح المواقع المشتركة لديه وليكن 20 موقعا في اليوم ويعطيك نسبه 12% يوميا على أن تتصفح تلك المواقع وإذا لم تتصفحها فلن يحسب لك النسبة
السؤال هنا
1-هل هذا يعتبر ربا لأن النسبة ثابتة؟
2-ممكن أن أتصفح المواقع وأضعها بأسفل المتصفح فهل هذا يعتبر غشا لهذا الموقع؟
3- أنا أبيع منتجا يقوم بعمل مواقع مشابهة لعمل هذا الموقع فهل تعتبر فلوسه التي بعتها به حراما؟
4-لدى موقع استضافه عليه بعض من هذه المواقع فهل لى وزر في ذلك وما المفروض عمله؟
واسأل الله التوفيق لي ولكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتعامل مع هذه الشركة لا يجوز، وذلك لاعتبارات عديدة:
أن الشركة تشترط مجرد الدخول على هذه المواقع لإيهام من يتعامل معها أن مواقعها يكثر تصفحها والدخول عليها تشجيعا لهم على الدعاية لمنتجاتهم من خلال هذه المواقع، وهذا تدليس واضح وغش محرم.
أن المبلغ المدفوع قرض مضمون الرد مع زيادة محددة مشروطة بالدخول على المواقع التي تحددها الشركة وهذا هو الربا بعينه إذ لو كان ثمنا للأسهم لكان له حق بيعها أو إبقائها، وقد ذكرت أنه يأخذ ما دفع في نهاية المدة مع النسبة المحددة المشروطة بالدخول على المواقع الإعلانية وهذه هي حقيقة القرض التي عرفه بها العلماء. قال في أسنى المطالب وهو شافعي: القرض هو تمليك الشيء على أن يرد بدله. انتهى.
هذا إذا كان قرضا حسنا فإذا اشترطت فيه الزيادة كان قرضا ربويا.
أننا لو اعتبرنا هذا العمل إجارة لكانت إجارة فاسدة لأن الأجرة لم تكن محددة وإنما هي نسبة من مبلغ قد يقل أو يكثر حسب اختيار المشارك ولا يبعد أن يدخل مثل هذا في باب بيعتين في بيعة وفي الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة. رواه الترمذي والنسائي من حديث أبي هريرة مرفوعا.
ثم إنها تكون إجارة بشرط القرض والإجارة بشرط القرض إجارة فاسدة كابيع لأن الإجارة بيع المنافع والبيع بيع الأعيان.
قال في تبيين الحقائق وهو حنفي: يفسد الإجارة الشروط لأنها بمنزلة البيع، ألا ترى أنها تقال وتفسخ فتفسدها الشروط التي لا يقتضيها العقد كالبيع وهذا لأن المنافع بالعقد يكون لها قيمة وتصير به مالا فتعبر الإجارة بالمعاوضة المالية دون ما سواها من النكاح والخلع والصلح عن دم العمد وأشباهها. انتهى.
هذا فضلا عن أن المنفعة المتعاقد عليها هنا ليست منفعة معتبرة شرعا.
بعد الاطلاع على الموقع المذكور تبين أنه يشتمل على محاذير شرعية، وبناء على هذا فلا يجوز لك العمل ضمن نظام هذه الشركة كما لا يجوز لك الترويج لها سواء كان بوضعها على موقع استضافتك أو بالدعاية لها أو بيع البرامج التي تشبهها، وما حصلته من مال من جراء هذا العمل يجب عليك التخلص منه بإنفاقه في مصالح المسلمين لأنه كسب محرم لا يجوز لك تملكه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1427(12/14059)
حكم استثمار المال مقابل تصفح إعلانات شركة ما
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله على إجابتكم على سؤالي وإحالته للفتوى رقم 64265 لكن اعذروني ثم اعذروني على تكراري لنفس الموضوع لأني اختلطت علي الأمور بإحالاتكم سؤالي لجواب سؤال ثان مع اختلاف بعض التفاصيل في كلا السؤالين
وتبين لي جزاكم الله خيرا أنكم ذكرتم أن بعض تفاصيل السؤال ليست واضحة فعدت هنا لأوضح لكم بعض النقاط من السؤال والسؤال هو: شركات تعمل في الإعلانات هذه الشركات توفر نسبة للذين يشتركون فيها ويشترون أسهما يعني أجد الشركه مثلا فأدخل فيها فأجد على مدخلها هذا الإعلان استثمر مبلغ مثلا 4 دولار للسهم لمدة عشرين يوما بنسبه مقدارها 2 بالمائة من الأربعة دولار أي السهم بشرط وهو أن أتصفح إعلاناتها حتى أستطيع أخذ النسبة وبدون ذلك فلا نسبة لي وبعد انتهاء المدة أستطيع أخذ مبلغي مضافا إليه النسبة، هذا كل شيء وهذا توضيح شديد ليزول الغموض قليلا لأن كلمة في السؤال غلط تغير طريقه الفتوى؟ وأيضا هل بالضرورة أعرف بماذا تستثمر هذه الشركات أموالها وإذا لم أستطع أن أعرف بأي طريقه تستثمرها فما هو الحكم؟
أشكركم وجزاكم الله خيرا وأثابكم الله عنا كل خير وجزاكم الله على تحملنا وجلعه في موازين حسناتكم اللهم آمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتعامل مع هذه الشركات لا يجوز وذلك لاعتبارات عديدة:
1 ـ أن الشركة تشترط مجرد الدخول على هذه المواقع لإيهام من يتعامل معهم أن مواقعهم يكثر تصفحها والدخول عليها تشجيعا لهم على الدعاية لمنتجاتهم من خلال هذه المواقع، وهذا تدليس واضح وغش محرم.
2 ـ أن المبلغ المدفوع ثمنا لأسهم أو غيرها، وإنما هو قرض مضمون الرد مع زيادة محددة مشروطة بالدخول على المواقع التي تحددها الشركة وهذا هو الربا بعينه، إذ لو كان ثمنا للأسهم لكان له حق بيعها أو إبقائها، وقد ذكرت أنه يأخذ ما دفع في نهاية المدة مع النسبة المحددة المشروطة بالدخول على المواقع الإعلانية وهذه هي حقيقة القرض التي عرفه بها العلماء، قال في أسنى المطالب ـ وهو شافعي ـ: القرض هو: تمليك الشيء على أن يرد بدله. انتهى
هذا إذا كان قرضا حسنا، فإذا اشترطت فيه الزيادة كان قرضا ربويا.
3 ـ أننا لو اعتبرنا هذا العمل إجارة لكانت إجارة فاسدة لأن الأجرة لم تكن محددة، وإنما هي نسبة من مبلغ قد يقل أو يكثر حسب اختيار المشارك، ولا يبعد أن يدخل مثل هذا في باب بيعتين في بيعة، وفي الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن بيعتين في بيعة. رواه الترمذي والنسائي من حديث أبي هريرة مرفوعا.
ثم إنها تكون إجارة بشرط القرض، والإجارة بشرط القرض إجارة فاسدة كالبيع، لأن الإجارة بيع المنافع، والبيع بيع الأعيان، قال في تبيين الحقائق ــ وهو حنفي ــ (يفسد الإجارة الشروط) لأنها بمنزلة البيع، ألا ترى أنها تقال وتفسخ فتفسدها الشروط التي لا يقتضيها العقد كالبيع، وهذا لأن المنافع بالعقد يكون لها قيمة وتصير به مالا فتعتبر الإجارة بالمعاوضة المالية دون ما سواها من النكاح والخلع والصلح عن دم العمد وأشباهها. اهـ
هذا فضلا عن أن المنفعة المتعاقد عليها هنا ليست منفعة شرعية معتبرة.
4 ـ بعد الاطلاع على الموقع المذكور تبين أنه يشتمل على محاذير شرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1427(12/14060)
جمع رواتب المدرسين من الطلبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة منذ سنتين أدرس ولم أتحصل على مرتب وهذه السنة قامت المدرسة بتجميع مبالغ من الطلبة لي فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من جمع رواتب بعض الموظفين من الطلبة الذين يدرسون في المدرسة بشروط:
الأول: أن تسمح الجهات المختصة بذلك، وأن يتم حساب هذه الأموال بطريقة محاسبية دقيقة.
الثاني: أن يكون الطالب بالغا راشدا جائز التصرفات المالية، فإن لم يكن الطالب كذلك فلا يجوز الأخذ من ماله إلا بإذن وليه، ولا يجوز لوليه أن يأذن في ماله إلا بما فيه مصلحته، لكن إذا كان هذا المال تبرعا من أبيه أو من غيره فلا نرى مانعا من ذلك، ولو كان الطالب هو الذي يسلمه لإدارة المدرسة نيابة عمن تبرع به.
الثالث: أن تكون هذه الأجرة التي يتم جمعها من الطلبة نظير تدريس مواد مباحة شرعا.
وما ذكرناه هنا مبني على القول بجواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن والعلم، وهو أحد أقوال أهل العلم في المسألة وهو المعمول به في الشبكة الإسلامية، لأنه استئجار على عمل معلوم بعوض معلوم.
ويدل لهذا المذهب ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مروا بماء فيه لديغ، أو سليم، فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راق؟ إن في الماء رجلا لديغا أو سليما، فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء فبرأ، فجاء بالشاء إلى أصحابه، فكرهوا ذلك وقالوا: أخذت على كتاب الله أجرا، حتى قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول الله أخذ على كتاب الله أجرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله. والحديث وإن كان سببه هو الرقية، إلا أن اللفظ هنا عام، وقد نص العلماء على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9252، 24295، 26251، 39937.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1427(12/14061)
هل يدفع ثمن الغاز الذي لم يحصه العداد
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أستهلك الغاز ولم أكن أنتبه إلي الفاتورة وذات يوم قمت بمراجعة الفاتورة بغرض عفوي هنا شد انتباهي أن حساب الغاز قيمته أدنى بكثير مما استهلكته، فذهبت لفحص العداد فوجدته مسدودا، حينها توجهت إلى مؤسسة الغاز وطرحت لهم المشكل كي يقوموا بإصلاح العداد لأنه من صلاحيتهم وممنوع علينا إصلاحه، جاء بعد ذالك فريق الإصلاح وقالوا لي بأن العداد ليس به شيء، لكن المشكلة لم تحل بعد وبقيت لحد الآن أستهلك الغاز وذلك بعد إلحاحي على مصالحهم مرات عديدة.
أفتونا أحسن الله إليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المستهلك المتعاقد مع شركة الغاز أن يدفع لها الكلفة الحقيقية للغاز الذي استهلكه حسبما ينص عليه العقد وذلك لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} ولا يجوز للمستهلك أن يمنع هذا الحق بنفسه أو بخطأ الشركة في حساب ما عليه إلا إذا تنازلت له عنه صراحة أو ضمنا وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه منه. أخرجه الدارقطني وأحمد والبيهقي وغيرهم وصححه الألباني.
ولأن خطأ أحد العاقدين المؤدي إلى ضياع بعض حقه لا يبيح للآخر أخذ ماله بلا مسوغ شرعي، وقد نص الفقهاء على أنه يجب على المشتري أن يرد الزيادة التي يجدها في السلعة إذا كانت لا تزال قائمة، فإن استهلكت أو تلفت أو تعذر ردها وجب عليه رد القيمة.
قال الباجي في المنتقى شرح الموطأ وهو مالكي: روى ابن المواز عن أشهب من اشترى صبرة على أن فيها كيلا سماه فوجدها تزيد فليرد الزيادة، ويلزمه البيع في الباقي، ووجه ذلك أنه لما اشتراها على كيل معلوم كان النقص والزيادة للبائع فكما أنه لو نقصت رجع على البائع، كذلك إذا زادت رد عليه الزيادة. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: وإن وجد في ظرف السمن ربا (انحناء في الإناء يجعل الإناء رابيا إلى الداخل فيضيق حجمه) فقال ابن المنذر: قال أحمد وإسحاق: إن كان سمانا وعنده سمن أعطاه بوزنه سمنا، وإن لم يكن عنده سمن أعطاه بقدر الرب من الثمن، وألزمه شريح بقدر الرب سمنا بكل حال. وقال الثوري: إن شاء أخذ الذي وجده لا يكلف أن يعطيه بقدر الرب سمنا ولنا أنه وجد المبيع المكيل ناقصا فأشبه ما لو اشترى صبرة فوجد تحتها ربوة أو اشتراها على أنها عشرة أقفزة فبانت تسعة، وقد بينا أنه يأخذ الموجود بقسطه من الثمن كذا ها هنا فعلى هذا إنما يأخذ الموجود من السمن بقسطه من الثمن، ولا يلزم البائع أن يعطيه سمنا سواء كان موجودا عنده أو لم يكن فإن تراضيا على إعطائه سمنا جاز. والله أعلم. انتهى.
ولذا فإننا نرى أنه من الواجب عليك أن تسدد قيمة ثمن الغاز الذي استهلكته ولم يقم العداد بحسابه، وذلك بصورة منضبطة صحيحة، فإن تعذر عليك حسابه بصورة منضبطة كان عليك أن تقدره بصورة تقريبية بحيث لا تجور على حق نفسك أو حق الشركة، فإذا لم تقبله الشركة ولم يمكنك وضعه في حسابها البنكي أو إنفاقه في مصالحها تصدقت به في مصالح المسلمين ومنافعهم هذا إذا كنت متيقنا مما ذكرت أما إذا كان الأمر مجرد شك أو وهم فلا داعي لكل ذلك، والأمر في هذا موكول على أهل الخبرة بشأن عدادات الغاز ونحوها، وليس لمجرد ظن أو تخمين من ليس من أهل الخبرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1427(12/14062)
ادخار المال لسداد الفواتير
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أردنا أن ندخر مبلغاً لكي يتم دفعه مقابل فواتير تستحق السداد كل ثلاثة شهور هل يجوز هذا، خاصة أنه يجب أن نتوكل على الله وهذا أكيد في كل الأحوال، وذلك من مبدأ أن لا يصبح عندنا تراكم في الفلوس ونحتاج إلى أن نستدين حتى يتم سدادها، هل هذا جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان قصدك بتخبئة المال الاحتفاظ به وعدم إنفاقه، فالجواب أنه لا حرج في ذلك، سواء كان القصد منه سداد الفواتير المذكورة أو غيرها، بشرط أن تؤدي منه الحقوق الواجبة، كالزكاة والإنفاق على من تجب النفقة لهم من زوجة وأولاد وأبوين ونحو ذلك.
ولا يجوز أن يكون الاحتفاظ بهذا المال في بنك ربوي، لما في ذلك من المشاركة في إحياء الربا الذي هو من أكبر الكبائر عند الله تعالى، ومن باب أولى لا يجوز أخذ الفائدة على هذا المال المدخر، لكن إن كان الاحتفاظ بهذا المال في بنك إسلامي ملتزم بشروط الاستثمار الشرعية فلا بأس بذلك، ولمعرفة حقيقة التوكل والثقة بالله تعالى تنظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 21491، 18784، 20441.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1427(12/14063)
استهلاك البضائع الدنماركية التي سبق شراؤها
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف التخلص من المنتجات الدنماركية الموجوده في البيوت؟ ضروري في الوقت الحاضر الله يسلمكم
وأسعد الله جميع أوقاتكم بالخير والمسرات.
فضيلة الشيخ وفقه الله للخير: بعد أن قامت حملة مقاطعة المنتجات الدنماركية كيف التخلص من الموجودات في البيوت من جبن وحليب وغيره هل نرمي بها في الزبالة أكرمكم الله أم نستخدمها ولا نشتري غيرها؟ يسر الله أمركم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشرع الحنيف قد حرم إتلاف المال، لما فيه من الضرر على أصحابه، روى البخاري ومسلم عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ومنعا وهات، ووأود البنات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال.
وعليه فالمنتجات الدنماركية الموجودة في البيوت لا يجوز أن ترمى في الزبالة، وإنما تستهلك في الأغراض التي اشتريت لها، ويتجنب شراء مثلها في المستقبل، وذلك لأن منتجي هذه المواد قد استفادوا من الأثمان التي اشتريت بها، ولا يضرهم ما يفعل بها بعد ذلك، بل الذي يضرهم هو عدم شرائها في المستقبل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1427(12/14064)
تكاليف البناء هل تدفع بقيمتها زمن البناء أم بسعر اليوم
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ عشر سنوات ساهمت مع أخي في بناء بيت ثم انقطعت فترة فأكمله أخي وعندما عدت طلبت من أخي أن أدفع له ما صرفه على البناء وأكمل ما بدأت به، فقال لا بد أن تدفع على الثمن الحديث وليس القديم لأن سعر الدينار تغير، فهل من حقه ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسواء كان هذا البيت ملكا لك أو كان مشتركا بينك وبين أخيك، وكان أخوك قد بنى ما بناه حال غيابك بخالص ماله بناء على أمرك له بذلك، فإن التكاليف التي أنفقت على البناء تكون كلها ديناً في ذمتك إن كان البناء ملكا لك، وبقدر نصيبك إن كان البناء مشتركا بينك وبين أخيك، والدين يرد بمثله فلا يحق لأخيك أن يطالبك بأكثر مما أنفق، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 34725، والفتوى رقم: 728.
وكذلك الحكم إذا كان البناء قد تم دون أمر منك لكنه قصد به مصلحتك ونوى الرجوع عليك بالكلفة، فقد صرح علماء المالكية في أكثر من موضع بأن للقائم عن الغير بواجب قدر ما أنفق، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: مذهب مالك وأحمد بن حنبل المشهور عنه وغيرهما أن كل من أدى عن غيره واجباً فله أن يرجع به عليه إذا لم يكن متبرعاً بذلك وإن أداه بغير إذنه مثل من قضى دين غيره بغير إذنه سواء كان قد ضمنه بغير إذنه وأداه بغير إذنه أو أداه عنه بلا ضمان. انتهى.
أما إذا كان بناؤه في ملكك لنفسه فهو غصب، سواء كانت تملك البعض أو الكل، فقد اختلف العلماء فيما إذا بنى الشخص أو غرس في أرض مغصوبة هل يهدم البناء ويقلع الغرس أم لا؟ فقال الشافعية والحنابلة: يهدم ويقلع وعليه أجرة المثل وأرش النقص.
وقال المالكية: إن شاء المالك طلب الهدم وعلى الغاصب الهدم والتسوية، وإن شاء دفع للغاصب قيمة البناء والغراس منقوضا لا قائماً. وقال الحنفية: إن كانت قيمة الأرض أكثر من قيمة البناء أو الغراس فيهدم، وإن كان العكس فلا يهدم ويأخذ القيمة.
وقال بعض الحنفية: بل يأخذ المالك القيمة بكل حال، وهذا ما نرجحه ما لم يكن في بقاء البناء ضرر على المالك، لما فيه من المحافظة على الأموال من التلف مع الوفاء بحق المالك، والقيمة هنا هي القيمة الفعلية للبناء وقت البناء؛ لأن المال الذي أنفقه المتعدي يثبت دينا في ذمة المالك من وقت البناء لتعديه، ولا مجال للمعاوضة مع التعدي.
قال ابن قدامة في المغني: والحكم فيما إذا بنى في الأرض، كالحكم فيما إذا غرس فيها في هذا التفصيل جمعيه، إلا أنه يتخرج أنه إذا بذل مالك الأرض القيمة لصاحب البناء أجبر على قبولها، إذا لم يكن في النقض غرض صحيح، لأن النقض سفه. انتهى.
وقد نقل السرخسي في المبسوط عن ابن أبي ليلى ما يؤيد هذا الترجيح إجمالاً قال: وقال ابن أبي ليلى: البناء للمعير، ويضمن قيمتها مبنية لصاحبها، لأن دفع الضرر من الجانبين واجب، وإنما يندفع الضرر بهذا، وشبه هذا بثوب إنسان إذا انصبغ بصبغ غيره فأراد صاحب الثوب أن يأخذه، فإنه يضمن للصباغ قيمة صبغه. انتهى، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 57819، 65439، 7296.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1427(12/14065)
يجوز الدخول في السحب إذا لم يدفع مال مقابل الدخول
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا تم سحب اسمي في مسابقة بمحض الصدفة من طرف شركة توزيع كتب وتم السحب عشوائيا لأسماء مقيمة في المكان الذي أقيم فيه عبر عناوين المنازل ودون أن أسعى لذلك ويطلبون منك أن تشارك في السحب وهناك إمكانيتان:
1- أن تشارك مع إمكانية أن تربح أيضا تخفيض ب50 في المئة من الاشتراك السنوي لشراء الكتب
2- أن تشارك في السحب مع اختيارك عدم الانتفاع بالتخفيض.
فأي الإمكانيتين يجوز لي أخذ المال فيها عندما أفوز في السحب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا النوع من السحب جائز، لأن المشارك في السحب لا يدفع أي مال مقابل الدخول في السحب، وعلى ذلك فلا يعتبر قماراً، ويجوز لك الدخول في السحب بأي من الطريقتين اللتين ذكرتهما في سؤالك، لأنك في كلا الحالتين إما أن تغنم وإلا فلن تكون غارماً، وهذا ليس من القمار في شيء، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 69903، والفتوى رقم: 10636.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1426(12/14066)
من الورع أن يترك المسلم ما فيه شبهة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخاف دائماً من أن أعيش في الحرام أو أن اكتسب مالاً حراماً، ولكن في أيامنا هذه تداخل الحلال والحرام، أعمل بالدولة وأصرف مبالغ بصورة قانونية من حيث الإجراءات المالية، إلا أنني أخشى أن تكون غير شرعية، علماً بأن المرتب الأساسي لا يغطي كل النفقات الخاصة بي أو بغيري لدرجة أنني فكرت في الاستقالة والعودة عاطلاً عن العمل، وهناك الكثير من الالتزامات من زواج وغيره من مشاكل المعيشة، الرجاء إفادتي وإراحتي بالرد المفصل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في خوفك من الحرام ومن اكتساب المال الحرام، فإن من الورع أن يترك المسلم ما فيه شبهة، امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. رواه الإمام أحمد والنسائي والترمذي. من حديث الحسين بن علي رضي الله عنهما، وقوله صلى الله عليه وسلم: فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ... الحديث. متفق عليه.
ولكنك لم تبين لنا مصدر ولا نوعية تلك الأموال التي قلت إنك تصرفها، وإنها قانونية من حيث الإجراءات، ولكنك لا تدري ما إذا كانت شرعية أم لا، فالرجاء أن توضح لنا كل ذلك توضيحاً، ليتسنى لنا الجواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1426(12/14067)
حكم الضمان الاجتماعي وضوابط الاشتراك فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في نظام الضمان الاجتماعي المتبع على مستوى الدولة وما حكم ما يتم تقاضيه بعد التقاعد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم الضمان الإجتماعي وضوابطه الشرعية في عدة فتاوى، انظر منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9531 // 9532 // 10664 // 29228 // 15460.
وذكرنا هناك أنه إذا انضبط بالضوابط الشرعية فلا حرج في الاشتراك فيه وتقاضي راتب منه، أما إذا لم ينضبط بهذه الضوابط فلا يجوز الاشتراك فيه، وإن أجبر عليه الإنسان فلا يجوز له الانتفاع منه راتباً كان أو مكافأة أو غير ذلك إلا بقدر ما فيه من الحلال وما بقي فعليه أن يتخلص منه، سواء كان راتباً شهرياً أو مبلغاً مقطوعاً عند التقاعد، وللفائدة راجع الفتويين رقم: 29228 // 32194.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1426(12/14068)
الوفاء بالعقود واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في بلد غير مسلم تقدمت لإبرام عقد مع الدولة وتم عرقلته وطلب مني مبلغ كبير للموافقة عليه وبعد أن دفعت ظهرت ضرائب لم تكن موجودة عند إبرام العقد وأضطر لدفع مبلغ لتحصيل نقودي كما يتم التأخير مدة أشهر للتسديد والبلد غير مستقر أمنيا ويحتمل بأي وقت أن أخسر مالي بذمتهم.
والسؤال هل يجوز أن أضيف مبلغا زيادة على الفاتورة التي أقدمها لهم زيادة عن الأسعار الموجودة بالعقد علما أني بحاجة ماسة وما سافرت من بلدي إلا لتسديد دين بذمتي أفيدوني جزاكم الله خيرا بجواب واضح لأنه إن كانت إجابتكم غير كلمة حرام فسأقوم بذلك لحاجتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيقول تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {الأنبياء: 7} وثمرة السؤال العمل والوقوف عند حدود الله عز وجل.
وبخصوص السؤال لم نفهم المراد منه بالضبط ولكن نقول الأصل أن المسلمين على شروطهم وأن الوفاء بالعقد واجب قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} فكيف يجوز لك أن تزيد في الأسعار أو تتلاعب بها على خلاف العقد المبرم، على كل نرجو التوضيح وذكر تفاصيل أكثر حتى نتمكن من إجابتك إجابة كاملة تفي بالمقصود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1426(12/14069)
حكم الانتفاع بالجوائز المكتسبة من دور النشر
[السُّؤَالُ]
ـ[قامت إحدى دور النشر المتخصصة في نشر وطباعة بعض المجلات والجرائد المعروفة بقرعة نلت منها جائزة نقدية.
ـ ما حكم هذا المال؟
ـ علي ديون ربوية أخذتها من بنك هنا بفرنسا. هل يمكنني رد جزء منها من هذا المال؟
بارك الله فيكم ودمتم في نشر نور الإسلام خدمة المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الجائزة النقدية غير مرتبطة بدفع مبلغ إلا ثمن الجريدة وكان الغرض من شرائها أن تقرأها وتستفيد منها ثم تشترك في المسابقة أو القرعة، وليس الغرض مجرد الاشتراك في المسابقة أو القرعة فلا حرج فيها وإلا فإنها لا تجوز لأنها حينئذ من الميسر المحرم، وراجع للتفصيل الفتوى رقم: 1243.
وإذا تقرر هذا فحيث كانت هذه الجائزة مباحة فلا حرج في صرفها في سداد ما عليك من ديون علما بأنه لا يجوز لك دفع ما ترتب على هذه الديون من فوائد ربوية وأنت تستطيع الامتناع من دفعها دون أن يلحقك ضرر معتبر شرعا.
أما إذا كانت الجائزة غير مباحة فلا يجوز لك أخذ شيء منها والواجب صرفها في مصالح المسلمين كإعانة الفقراء والمساكين وإنشاء المدارس ونحو ذلك، إلا أن تكون مضطرا ضرورة شرعية بحيث إذا لم تأخذ منها هلكت أو قاربت الهلاك أو تعرضت للسجن الطويل فإذا كنت مضطرا على هذا النحو جاز لك الأخذ منها بالقدر الذي تندفع به الضرورة وما بقي فإنه يصرف في مصالح المسلمين كما تقدم وراجع الفتوى رقم: 47611.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1426(12/14070)
أخذ الموظف عمولة دلالة من الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت مع شركة للعمل لديهم شهر 6الماضى على أن أبدأ العمل فورا في أوقات فراغي حيث كنت أعمل في مكتب آخر. وطلب مني إيجاد شركة مقاولات متخصصة من معارفي، ووجدتها وعرض علي صاحبها عمولة لأنني عرفته عليهم ولكني رفضت وقلت له إنني أعمل لديهم وبذلك يعتبر هذا من ضمن مهام وظيفتي وبالتالي يعتبر حراما.
وفعلا انتقلت للعمل الدائم لديهم من منتصف شهر 8 وطالبتهم بالساعات التي عملتها لديهم من شهر 6 ولكنهم رفضوا ولم يعطوني أي مقابل.
سؤالي هنا هل نتيجة لموقفهم الرافض أصبح سبب التحريم هنا منتفيا حيث بناء على الواقع الجديد لم أكن أعمل لديهم عندما تم الاتفاق مع شركة المقاولات (الشركة لم توقع بعد الاتفاق ولكنها على وشك التوقيع) هل هناك حرمه في أخذي السمسرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قمت بالدلالة المذكورة في زمن عملك مع الشركة فإنه لا يجوز لك أخذ عمولة مقابل ذلك، لأن ما قمت به من ضمن عملك الواجب كما تقول، وعليك إرجاع المبلغ إلى من دفعه إليك. وراجع للمزيد الفتوى رقم: 60670، وما ترتب من حق لك على الشركة التي كنت تعمل بها تطالبهم وتقاضيهم عليه، ولا تعلق لهذا بالعمولة المشار إليها لأنها ليست مال الشركة حتى يقال يمكن أن تأخذ منها أجرتك وتعيد لها الباقي، وإنما هي مال من أخذت منه بغير وجه شرعي فترد إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1426(12/14071)
زيادة المدير المكافأة المستحقة للموظف
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة وقد صدر قرار من أصحابها بتوزيع مكأفاة لمن تم تعيينه قبل تاريخ معين وبنسبة عدد الشهور التي قضاها قبل هذا التاريخ، إذا كان أقل من سنة وتم توزيع المكافأة وأخبرني المدير (وليس بصاحبها) ، بأنه تم معاملتي كمن قضى سنة (وإن كنت أقل) نظراً لمجهودي وآخرين أيضا، ولست وحدي في ذلك، فهل علي أن أحسب نسبة ما قضيته وإخراج الباقي (لأنى لا أعلم ما مدى موافقة أصحاب الشركة على ذلك ولكن من جهة أخرى فهم قد وافقوا على مبلغ اجمالي كصرفه للعاملين والمدير لا يستطع الزيادة من نفسه وأنا لا أدرى، هل هم موافقون على ذلك أم تم إعطاء المدير حرية التصرف، مع العلم بأنه قد تم إبلاغي بالرقم وعند تذكره تذكرت رقما آخر وعند استلامي الشيك أيضا حسبته نفس الرقم الآخر وعند حسابي النسبة بعد ذلك بأيام وجدت أن الناتج هو ذلك الرقم المعلق بذهني تقريبا مثلا تم إعطائي 960 وكل ما استرجعه فى ذهني640، فهل أتخلص من الفرق أم آخذ المبلغ كاملا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المدير المذكور مخولا من قبل أصحاب الشركة في إدخال من يرى من الموظفين في المنحة أو المكافأة التي قررتها الشركة فلا حرج من أخذك لها كاملة، ولو لم تكن أنهيت سنة في عملك.
أما إذا لم يكن المدير مخولاً وإنما حاباك وجاملك فلا يحق لك أخذ ما زاد على ما تستحق من المكافأة، ويجب عليك رد الزيادة إلى أصحابها وهم أصحاب الشركة وليس لك صرفها على الفقراء، لأن أصحابها معروفون فيجب إرجاعها إليهم، وراجع الفتوى رقم: 17110.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1426(12/14072)
ادعاء السفر كذبا للحصول على قيمة التذاكر
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في دائرة حكومية ومن ميزات العمل تذاكر سفر بالطائرة سنوية يمكن تحويلها لدفع قيمة رحلات سياحية ومنها الحج والعمرة أو خدمات أخرى تابعة لشركات الطيران والسؤال أنني أحتاج لمبلغ هذه التذاكر نقدا فهل يجوز الادعاء بالسفر للحج للحصول علي قيمة التذاكر والاستفادة منها نقدا مع العلم أن هذه التذاكر تسقط في حالة عدم السفر وتقل قيمتها بعد مدة سنتين من إصدارها دون استخدام وهذه التذاكر تصدر لسفر الأسرة فقط ولا يمكن تحويلها لأي شخص آخر غير الأسرة وهناك فئات أخرى من الموظفين لهم الصلاحية بتحويلها لأنهم مواطنو البلد التي أنا بها وهناك دوائر حكومية أخرى تسمح باستبدالها نقدا.
فهل يجوز الادعاء بالسفر للحج للحصول علي قيمة التذاكر والاستفادة منها بدل الاقتراض؟
وهل هناك وزر على حملة الحج التي تساعدني في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الدائرة التي تعمل فيها تشترط للحصول على هذه التذاكر أن يسافر الموظف بحيث إذا لم يسافر لا يستحقها فلا يجوز لك الادعاء كذباً أنك سافرت لتحصل على هذه التذاكر وذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني. وقوله صلى الله عليه وسلم: إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار. متفق عليه.
ولا يجوز لحملة الحج أو غيرها أن تعين على ذلك لعموم قوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1426(12/14073)
الكذب للحصول على المكافأة المستحقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف في دائرة حكومية وأكلف بأعمال أخرى كالمشاركة في المهرجانات والندوات داخل مدينتي التي أعمل بها وفي نهاية هذه المشاركة يصرف لي انتداب (بدل عمل خارج مدينتي) ، حيث أقوم بالتوقيع على أني سافرت لمدينة معينة, بحجة أنه لا يوجد بدل خاص بالندوات والمهرجانات، هل أقبل هذا البدل, علما بأنه يلحقني ضرر عند عدم قبولي بهذه الأعمال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان من حقك الحصول على بدل لحضور المهرجانات والندوات، ولم تجد طريقاً للحصول على هذا الحق إلا بالتوقيع على الانتداب المذكور، فلا حرج في ذلك، وإن كان فيه كذب فإن الكذب إذا تعين طريقا للحصول على الحق لا بأس به.
قال ابن القيم في زاد المعاد: يجوز كذب الإنسان على نفسه وغيره إذا لم يتضمن ضرر ذلك الغير، إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقه.
قال ابن الجوزي: كل مقصد محمود لا يمكن التوصل إليه إلا بالكذب، فهو مباح إن كان المقصود مباحاً، وإن كان واجباً، فهو واجب. وراجع للتفصيل والفائدة الفتوى رقم: 27641، والفتوى رقم: 25629.
وننبه إلى أن هذه المهرجانات والندوات إذا كانت مشتملة على منكر فلا يجوز حضورها إلا لضرورة أو لمن أراد إنكار المنكر، وراجع للتفصيل والفائدة الفتوى رقم: 50293، والفتوى رقم: 52251.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1426(12/14074)
التحايل لاستمرار الحوافز غير المستحقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة حكومية ومنتدبة إلى مكان آخر أتقاضى من جهة عملى الأصلية المرتب والحوافز وأتقاضى من الجهة المنتدبة إليها حوافز وبسبب ظروف عائلية أتغيب يوما أسبوعيا وأقوم بتقديم إجازة عن هذه الأيام إلى جهة العمل الأصلية تخصم من إجازاتى السنوية.ولكن الجهة المنتدبة إليها تسمح بعدد محدد من أيام الإجازة شهريا ولو زاد عنها تخصم الحوافز (جهة المنتدب اليها) كلها أفتونى ماذا أفعل لو زادت أيام الإجازة عن العدد المسموح وحتى لا أحرم من الحوافز كلها مع العلم بأنى أعمل عدد ساعات أكثر من الساعات المقررة يوميا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أن تخبري هذه الجهة التي انتدبت إليها بظروفك العائلية، فإن وافقت على الاستمرار في منحك هذه الحوافز وإن زادت أيام إجازتك عن الحد المسموح به فالحمد لله، وإلا فلا يجوز التحايل على ذلك بما يحقق استمرار هذه الحوافز مع عدم استحقاقك لها، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: من غش فليس منا. رواه مسلم. وقوله: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني، ولك أن تطالبي بأجر عن الساعات الإضافية التي تعملينها. وراجعي لزاماً الفتويين رقم: 3859، ورقم: 51334.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1426(12/14075)
التصرف في المال الذي صرف على وجه الخطأ والسهو
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مدرسة وسافرت مع زوجي ليكمل دراسته وفي فترة سفري أخذ لي أبي إجازة سنوية تبين أنني مسافرة مع زوجي للدراسة ... وعندما رجعت وجدت في رصيدي (1000) دينار..وكان أبي عليه دين في تلك الفترة وهو محتاج فسلمته المبلغ ليسد دينه....علما بأنني لم أشتغل سنة كاملة في فترة صرف المبلغ لي ولكن سبق وأن في سنوات مضت كانت لدي أختان اشتغلتا في مهنة التدريس لمدة سنتين ولم تقبضا مرتباتهن في تلك السنتين ... فهل المبلغ الذي صرف لي يعتبر لنا حتى وإن كنت لم أشتغل في تلك الفترة عوضاً عن أخواتي ما حكم الشرع أتمني أن تكون أسئلتي واضحة؟
وبارك الله فيكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينظر على أي أساس صرف لك ذلك المبلغ، فإذا كان صرف لك على وجه تستحقينه فتصرفك فيه يُعد تصرف المالك في ملكه. أما إن كان صرف لك على وجه الخطأ والسهو فيجب عليك إرجاع المبلغ إلى جهة صرفه لأنك تصرفت فيما ليس لك، وفي الحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد. وفي هذه الحالة لا يجوز لك دفع هذا المبلغ إلى أختيك إلا إذا كان لهما حق على جهة التدريس وجُحد هذا الحق ممن هو عنده وتمكنتِ من أخذ هذا الحق بدون علم جاحده، وهي مسألة الظفر التي بسطنا القول فيها في الفتوى رقم: 8780.
المهم أن يثبت لهما حق فإذا ثبت جاز أن تدفعي لهما المبلغ الذي وجدتيه في حسابك إذا كانت الجهة التي عملت لديها أختاك هي نفسها الجهة التي أنزلت المبلغ وهي نفسها الجهة التي جحدت حقهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1426(12/14076)
هل تصرف مكافأة حسن الأداء للموظف المستقيل
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو التكرم بإبداء رأيكم حول الموضوع المبين أدناه مع العلم أن هذا الموضوع لا يمسني كشخص بعينه وأنما يمس أشخاصا عدة تنطبق عليهم نفس الحالة، أعمل فى شركة قطاع خاص تعمل فى مجال تقنية المعلومات، وقد أقرت إدارة الشركة مكافأة سنوية للموظفين بمقدار متغير للموظف حسب أداءه خلال السنة وعوامل أخرى للتقييم، وخلال القرار الإداري الخاص بإقرار المكافأة تم التصريح بأنه يتم صرف المكافأة فى شهر يناير من العام التالي للعام الذى تصرف عنه المكافأة أي أن مكافأة عام 2004 يتم صرفها فى يناير 2005، ونتيجة حدوث تغييرفى إدارة الشركة وبعض المعوقات المادية تم إرجاء صرف هذه المكافأة أكثر من مرة بداعي عدم توفر السيولة المادية لها، ولكن مع التأكيد على صرفها وعدم إلغائها، وإلى الآن لم يتم صرف هذه المكافأة، وقد قام بعض الموظفين منذ شهور بتقديم استقالاتهم من العمل بالشركة وحين طالبوا بالمكافأة كان رد الشركة كما فى البيان التالى: تعليقا على ما يثار بخصوص المكافأة السنوية لمن يترك الشركة، فكما تعلمون فإن المعروف عرفا كالمشروط شرطا وهي قاعدة فقهية معروفة، وما جرى عليه العرف في الشركة وفي الشركات المثيلة بالسوق المصري أن من يترك الشركة برغبته قبل صرف المكافأة فإنه لا يستحق المكافأة والتي لا تصرف في المعتاد إلا للحفاظ على انتماء وولاء الموظف للشركة، ولكن حيث إن المكافأة كانت تتضمن التعويض عن ساعات العمل الإضافية، فإن الشركة ستقوم بصرف بدل نقدي عن هذه الساعات التي عملها الموظف الذي يترك الشركة وذلك عن العام الذي كان يستحق عليه المكافأة وأدعو من يرى أن له حقا خلاف ذلك أن يقابلني ليبين لي مبرره لهذا الحق\"
وبعد ذلك حصلت على فرصة عمل فى شركة أخرى وقبلتها وعليه قمت بتقديم استقالتي، وعند تسوية مستحقاتي أوضحت الإدارة أنني لا أستحق هذه المكافأة على أساس أن المكافاة يتم صرفها للموظفين المستقرين فى الشركة ولا يستحقها المستقيلون حيث إنها حافز للموظف على البقاء فى العمل، وعليه فإن هذا الحافز ينتفي عند المستقيلين وأوضحت الإدارة أن هذا هو العرف السائد فى أغلب الشركات التي تعمل فى هذا المجال كما بالرد السابق. ورأى الموظفين المستقيلين أنه ما دامت المكافأة قد تم إقرارها واعتمادها وتأخر الصرف نظراً للمعوقات المادية فهي أصبحت فى حكم الدين الذي يجب الوفاء به حين زوال العسرة، كما أن الموظفين عملوا فى الشركة بضعة شهور فى العام التالي، والعرف يعتد به ما لم يتعارض مع الشرع، ورأى الشركة أن العبرة بالعرف السائد فى السوق والذى ينظر إلى المكافاة كأداة لتحسين أداء الموظف الذى سيظل بالشركة، ونرجو استطلاع رأيكم الفقهي بخصوص هذه المسألة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 67554.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1426(12/14077)
تصرفات المدير في مكافأة نهاية الخدمة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند صرف مكافأة نهاية العام يتم إعطاء كل مدير إدارة المبلغ الخاص بالإدارة وغالبا يكون المبلغ عبارة عن عدد من الشهور في مرتب كل شخص وهنا يقوم مدير الإدارة على حسب رغبته بوضع ضوابط معينة لصرف المكافأة مثل (من تأخر عن العمل أكثر من أربع مرات يخصم 1% - من أخذ إجازة مرضية أكثر من ثمانية أيام يخصم 2% وهكذا وفي النهاية يقوم مدير الإدارة بتوزيع هذة المبالغ التى تم خصمها طبقا لتلك الضوابط على من يراه حسب هواه وأنا موظف في شؤون العاملين وهذه المؤثرات تطلب مني وقد طلب مني رئيسى المباشر أن أعدل في بيانات العاملين التي في شؤون العاملين فقط لأنه يرى أن هذه الضوابط غير عادلة وأنه يأخذ أموالنا ويعطيها على حسب هواه وبالتالى يتم الخصم من جميع العاملين في الإدارة ماعدا شؤون العاملين لأنني لا أستطيع أن أعدل بيانات جميع العاملين والوضع بالنسبة لي أنه كان من المفروض أن يخصم مني 230 جنيه وقد أعطاني زيادة 100 جنيه وأنا نويت أن أي زيادة لن آخذها لي شخصيا فهل هذا التصرف خطأ وإن كان خطأ فما هو الحل السليم وخصوصا أننا صرفنا المكافأه بالفعل (مع العلم أن باقي زملائي في شؤون العاملين لهم نفس المشكلة) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المدير العام هو الشخص المخول بتوزيع هذه المكافأة وفق ضوابط وشروط محددة، فيجب عليه الالتزام بهذه الضوابط والشروط، فإن جار وظلم وحابى واتبع هواه في التوزيع فلا مانع من قيام الأخ السائل بفعل ما يستطيع لمنع هذا الظلم أو التخفيف منه عن نفسه وعن من يقدر من زملائه. وفي الحديث: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً رواه البخاري
أما إذا كان المدير ينفذ ما هو محدد له وفق شروط متعارف عليها وافق عليها العاملون في هذه الجهة فلا يجوز لك التلاعب بالبيانات، ويجب رد ما أخذته من مال بهذه الطريقة إلى المدير وهو الشخص المخول، ليصرفه على مستحقه من الموظفين، فإن خشيت ضرراً من رد هذا المال فأنفقه على من يستحقه من الموظفين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1426(12/14078)
أخذ مكافأة الكلية بعد الانسحاب منها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
صديقتي انسحبت من الكلية ولم تخبر الكلية بذلك، ولها مكافأة في البنك لم تسحبها واستمرت الكلية بإنزال المكافأة فهل يجوز لها أخذ المكافأة التي بعد تاريخ انسحابها خصوصا أنها لا تعرف ما نزل قبل انسحابها وما نزل بعده ويصعب معرفة ذلك، وماذا تفعل بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت صديقتك لم تتخذ إجراء قانونياً يتحقق به انسحابها من الكلية فهي لا تزال -من الناحية النظامية- طالبة فيها، ولا حرج عليها في تملك هذه المكافأة التي تعطى للطالبات إلا إذا كانت اللوائح تنص على أنها لا يجوز لها أخذها ما دامت قد قررت ترك الكلية أو كان العرف جاريا بذلك، وحيث قلنا إنها حق لها فإن لها أن تتصرف فيها كما تتصرف في غيرها من أموالها، أما إذا كانت قد اتخذت إجراء قانونياً يتحقق به انسحابها من الكلية، أوكانت اللوائح أو العرف ينصان على أنها في معنى من هو مستقيل، فلا يجوز لها أخذ المكافأة التي تعطى للطالبات بعد تاريخ الانسحاب، وعليها أن تقوم بردها إلى إدارة الكلية، ويمكن معرفة المكافأة التي نزلت بعد انسحابها من مراجعة كشف حساب البنك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1426(12/14079)
مسائل حول الراتب التقاعدي وإخراج زكاته
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أرٍجو من فضيلتكم التكرم بالإجابة على أسئلتي التالية ولكم جزيل الشكر
- هل يجوز أخذ راتب تقاعدي من مؤسسة الضمان الاجتماعي الحكومية؟
علما أن الاقتطاع الشهري إجباري، يدفع الموظف نسبة من راتبه وتدفع الشركة التي يعمل فيها ضعفي نسبته.
- استثمارات مؤسسة الضمان الاجتماعي ليست بالضرورة شرعية.
- يمكن الخروج للتقاعد مبكرا بشروط / عمر 45 عاما وخدمة لاتقل عن 18 عاما أو عند الشيخوخة ثم
يحتسب الراتب التقاعدي حسسب معادلة تعتمد على سنوات الخدمة ومعدل راتب آخر ثلاث سنوات
- أستطيع - وحسب نظام الضمان الاجتماعي – أن آخذ عند الخروج من الضمان إلى التقاعد مبلغا من
... ... المال ولمرة واحدة يعدل ما نسبته 75 % من مجموع ما دفعته أنا وشركتي طيلة سنوات الخدمة؟
فهل يجب علي دفع زكاة عن هذا المال المدفوع للضمان طيلة سنوات الخدمة ومتى؟ أم لا يجب؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم الضمان الاجتماعي وضوابطه الشرعية في عدة فتاوى، انظر منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9531، 9532، 10664، 29228.
وذكرنا هناك أنه إذا انضبط بالضوابط الشرعية فلا حرج في الاشتراك فيه وتقاضي راتب منه.
أما إذا لم ينضبط بهذه الضوابط فلا يجوز الاشتراك فيه، وإن أجبر عليه الإنسان فلا يجوز له الانتفاع منه راتباً كان أو مكافأة أو غير ذلك إلا بقدر ما فيه من الحلال وما بقي فعليه أن يتخلص منه.
وإذا تقرر هذا، فهذا الضمان كما هو واضح من السؤال غير منضبط بالضوابط الشرعية إذ أنه إجباري واستثماراته غير شرعية، وليس الغرض منه التكافل إذ التكافل لا يتحقق مع الإجبار، وإنما الغرض منه المعاوضة، وما يأخذه الإنسان قد يكون أكثر أو أقل مما يستحق، وعليه فلا يجوز الانتفاع من راتب التقاعد عند الشيخوخة أو راتب التقاعد المبكر إلا بقدر ما فيه من الحلال، الحلال في هذا الضمان يتكون مما اقتطع شهرياً من راتب الموظف وما تهبه له شركته التي يعمل فيها إضافة إلى أرباح استثمار هذه الأموال في الأمور المباحة شرعاً وما عدا ذلك فهو حرام.
وأما ما ذكرت من إمكانية الحصول في حالة خروجك للتقاعد على مبلغ واحد مرة واحدة بدلاً من الراتب يساوي 75 من مجموع ما دفعته أنت وشركتك طيلة سنوات الخدمة، فلا ريب أن هذا ظلم، إذ أن لك الحق فيه كاملاً ولكن إذا شئت أن تتحمل هذا الظلم لتحصل على شيء من حقك فلا بأس.
وأما حكم زكاة المال المتجمع طيلة سنوات الخدمة، فما لم يحل عليه الحول من هذا المال فلا تجب فيه زكاة، أما ما حال عليه الحول منه فالقول في وجوب الزكاة فيه كالقول في زكاة المال المغصوب والمسروق والغائب، وقد لخص ابن قدامة مذاهب أهل العلم في ذلك فقال: " والحكم في المغصوب والمسروق والمحجوب والضال واحد في جميعه روايتان: إحداهما لا زكاة فيه، نقلها الأثرم والميموني،ومتى عاد صار كالمستفاد يستقبل به حولا، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي في قديم قوليه لأنه مال خرج عن يده وتصرفه وصار ممنوعاً منه، فلم يلزمه زكاته كمال المكاتب.
والثانية: عليه زكاته لأن ملكه عليه تام فتلزمه زكاته كما لو نسي عند من أودعه أو كما لو أسر أو حبس وحيل بينه وبين ماله، وعلى كلتا الروايتين لا يلزمه إخراج زكاته قبل قبضه.
وقال مالك: إذا قبضه زكاه لحول واحد، لأنه كان في ابتداء الحول في يده ثم حصل بعد ذلك في يده فوجب أن لا تسقط الزكاة عن حول واحد وليس بصحيح لأن المانع من وجوب الزكاة إذا وجد في بعض الحول يمنع كنقص النصاب " انتهى، وراجع الفتوى رقم: 29749.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1426(12/14080)
زيادة حجم الإيميل بدون إذن الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من متصفحات المنتديات, وقبل بضعة أعوام, وجدت موضوعا يقول: \"كيف تجعل حجم إيميلك في الهوت ميل 250 Mg \" قرأته وطبقته, فأصبح حجم إيميلي كما قال، ولكن لفت نظر والدي أن ذلك قد يكون بالغش, فطريقة عمل تلك الحيلة هي تغيير بعض البيانات ووضع أرقام معينة (قد تكون أرقام كروت visa أو credit) التي قد تكون لمستخدم الهوت ميل plus يدفع من كرته ليكسب خاصية زيادة حجم الإيميل!!! فهل هذه سرقة، أو خدعة، أنا لست خبيرة في هذه الأمور, فأرجو المساعدة, أعانكم الله!؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الشركة التي توفر خدمة الإيميل لا تسمح بزيادة حجم الإيميل بهذه الطريقة، فلا يجوز أن تستخدم تلك الطريقة في زيادته، واستخدامها مع العلم بمنع الشركة من ذلك غش ومخالفة للشرط، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من غش فليس مني. رواه مسلم، وقال أيضاً: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني.
فعليك التوبة إلى الله من ذلك، أما هل زيادة حجم الإيميل بهذه الطريقة سرقة أم لا، فليس لدينا علم بذلك فعليك بسؤال أهل الخبرة، وإذا تبين أن في الأمر سرقة فإن أمكن إيصال الحق لأصحابه وجب ذلك وإلا فلتنفقيه في مصالح المسلمين كإعانة الفقراء والمساكين ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1426(12/14081)
لا مانع من الانتفاع بشيء استغنى عنه مالكه
[السُّؤَالُ]
ـ[الفتوى رقم 67125 أنا التي أرسلت سؤالها،
أنا لم أفهم الإجابة فأرجو منكم التوضيح، حيث إن القطع التي يتم تبديلها على حساب الضمان يتم تكسيرها وإتلافها من قبلنا وأنا مكلف بإعدامها ولكن الحقيقة هناك بعض القطع ما زالت تستخدم، أي ما زالت في حالة جيدة، على سبيل المثال هناك أجهزة نقال لا تعمل عند تركيبها على السيارة ولكن تعمل كاستخدام عادي, أي لا تعمل على منظومة السيارة وهذا عطل ولكنه جزئي، ففي هذه الحالة يتم إعدام هذه الأشياء؟
افيدونا يرحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الشركة تكلفك بإعدام وإهلاك هذه الأجهزة فإن ذلك يعني أنها مستغنية عنها فلا مانع من انتفاعك مما يمكن الانتفاع به منها، وقد نص بعض أهل العلم على أن ما تركه صاحبه معرضاً عنه من ممتلكاته، جاز لواجده الانتفاع به، وراجع الفتوى رقم: 58953.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1426(12/14082)
الاعتماد المستندي عن طريق البنك الربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[أدعو الله لكم بالتوفيق والسداد, سؤالي حول الحكم الشرعي للاعتمادات المستندية الجارية اليوم في التعاملات التجارية الكبرى من بيع وشراء للسلع بين الدول، وما الحكم الشرعي إذا كان التعامل بها جائزا أن تكون عن طريق بنك ربوي يشترط البائع للسلعة (خصوصا أنه أجنبي وغير مسلم) ، في عقد البيع على المشتري أن يتعامل معه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق تفصيل القول في ما يسمى بالاعتمادات المستندية في الفتوى رقم: 63191.
فنرجو مراجعتها لتقف على حقيقة الاعتماد المستندي ونوعيه وحكم كل نوع، وعليه فإذا كان الاعتماد من النوع الجائز فإنه لا مانع أن يكون الوكيل بنكاً ربوياً إذا لم يوجد بنك إسلامي واقتضت الحاجة التعامل مع البنك الربوي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1426(12/14083)
استخدام طابعة العمل عوضا عن الراتب المخصوم ظلما
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعمل في أحد القطاعات الخاصة وبشكل ما امتنعوا عن إعطائه 600 ريال من راتبه وهو والحمد لله يستحقه ولم يخصم لخطأ في عمله لكن لتعمد خطأ في الحسابات من الإدارة كما تبين من ردهم علي طلبه للمبلغ الذي لم يحسب في الراتب وهو راتب العمل الإضافي لهذا الشهر فهل من الممكن أن يستخدم الطابعة الخاصة بالعمل لطباعة بعض الأوراق مع العلم بأن هذا لا يساوي إطلاقا المخصوم من الأجر برجاء الإيضاح لأن زوجي متحير من جهة بعض الأوراق التي قام بطباعتها بالفعل من طابعة العمل وإن كان حراما فماذا نفعل لأننا نخاف الحرام ولله الحمد وعدد الأوراق 20 ورقة؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا المبلغ مستحقاً لزوجك استحقاقاً ثابتاً لا شبهة فيه، ولم يجد طريقاً للحصول عليه أو على بعضه إلا أن يستخدم الطابعة الخاصة بالعمل لطباعة بعض الأوراق فلا حرج في ذلك ما لم يؤد ذلك إلى لحوق ضرر بكم وهذا هو الراجح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، وهي المعروفة عند أهل العلم بمسألة الظفر بالحق، ولا يجوز أن تأخذوا أكثر من حقكم، وراجعي الفتوى رقم: 36045، والفتوى رقم: 38796، والفتوى رقم: 57897.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1426(12/14084)
المكافآت التي لم يقبضها الموظف هل يستحقها إذا استقال
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل فى شركة قطاع خاص، وقد أقرت إدارة الشركة مكافأة سنوية للموظفين بمقدار متغير للموظف حسب أدائه خلال السنة والذي يتم قياسه طبقاً لعدة عوامل للتقييم، ونص القرار الإداري الخاص بإقرار المكافأة بأنه يتم صرف المكافأة في شهر يناير من العام التالي للعام الذي تصرف عنه المكافأة أي أن مكافأة عام 2004 يتم صرفها في يناير 2005. وقد تم إرجاء صرف هذه المكافأة أكثر من مرة بسبب عدم توفر السيولة المالية اللازمة للصرف ولكن مع التأكيد على صرفها وعدم إلغائها، وإلى الآن لم يتم صرف هذه المكافأة، وقد قام بعض الموظفين منذ شهور بتقديم استقالاتهم من العمل بالشركة وحين طالبوا بالمكافأة كان رد الشركة كما في البيان التالي:
“تعليقاً على ما يثار بخصوص المكافأة السنوية لمن يترك الشركة، فكما تعلمون فإن المعروف عرفا كالمشروط شرطاً وهي قاعدة فقهية معروفة، وما جرى عليه العرف في الشركة وفي الشركات المثيلة بالسوق المصري أن من يترك الشركة برغبته قبل صرف المكافأة فإنه لا يستحق المكافأة والتي لا تصرف في المعتاد إلا للحفاظ على انتماء وولاء الموظف للشركة، ولكن حيث إن المكافأة كانت تتضمن التعويض عن ساعات العمل الإضافية، فإن الشركة ستقوم بصرف بدل نقدي عن هذه الساعات التي عملها الموظف الذي يترك الشركة وذلك عن العام الذي كان يستحق عليه المكافأة.
وأدعو من يرى أن له حقاً خلاف ذلك أن يقابلني ليبين لي مبرره لهذا الحق”
وبعد صدور هذا البيان حصلت على فرصة عمل في شركة أخرى وقبلتها، وعليه قمت بتقديم استقالتي، وعند تسوية مستحقاتي أوضحت الإدارة أنني لا أستحق هذه المكافأة حيث إنه قد تم إعلام الجميع بالبيان السابق أن المكافأة يتم صرفها للموظفين المستقرين في الشركة ولا يستحقها المستقيلون حيث إنها حافز للموظف على البقاء في العمل، ويرى الموظفون المستقيلون أنه ما دامت المكافأة قد تم إقرارها ولكن الصرف تأخر نظراً للمعوقات المادية فهي أصبحت في حكم الدين الذي يجب الوفاء به حين زوال العسرة وأن العرف يعتد به ما لم يتعارض مع الشرع، ورأي الشركة أن هذا العرف لا يتعارض مع الشرع وأن العبرة بالعرف السائد في السوق والذي تم إعلانه في البيان السابق والذي ينظر إلى المكأفاة كأداة لزيادة انتماء الموظف لكي يظل بالشركة.
والسؤال هو: هل يستحق الموظف المكافأة باعتبارها دينا على الشركة واجب السداد عند توفر السيولة المالية، أم هو لا يستحق مكافأة باعتبار ما هو متعارف عليه في أنها لا تصرف إلا للموظف الذي يستمر بالشركة؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المكافأة إما أن تكون مشروطة في العقد مع الشركة، وإما أن تكون هبة تهبها الشركة لمن أرادت أن تهبها له.
فإذا كانت هذه المكافأة مشروطة عند العقد كجزء من الراتب وكان تحديدها يخضع لموازين محددة واعتبارات منضبطة، فالواجب على الشركة الوفاء بها لعموم الأدلة الدالة على وجوب الوفاء بالعقود، ومنها قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ [المائدة:1]
أما إذا كانت معايير وموازين تحديد هذه المكافأة غير منضبطة فإنها لا تعتبر جزءاً من الراتب لعدم انضباطها مما يؤدي إلى جهالتها، والأجرة لا تصح مجهولة، ولا يكون للموظف في هذه الحالة إلا أجر مثله.
وما ذكرناه هنا ينطبق على جميع الموظفين، سواء كان قبل صدور قرار ربط المكافأة بالعرف أم بعده، وإذا لم تكن هذه المكافأة مشروطة، يكون ما تعطيه الشركة للموظف هبة، والهبة لا تملك إلا بالقبض في القول الراجح وهو قول جماهير العلماء، فيكون مرجع تمليكها إلى الشركة بالصورة التي تراها مناسبة، ومما رأته الشركة أن تكون هذه المكافأة لمن يستمر في العمل معها دون من يترك العمل، وهذا حق لها في صورة كون المكافأة ليست جزءاً من الراتب، وراجع الفتوى رقم: 59906.
وأخيراً ننصح بمراجعة أهل العلم في البلد فقد يكونون أدرى منا بحقائق ما يجري في عقود الشركات هناك نصاً أو عرفاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1426(12/14085)
حكم الاستفادة من البئر التي لايشرب ماؤها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا بئر حفرت من أجل الشرب قبل عشرات السنين والآن تم الاستغناء عنها من أجل الشرب لتوفر مياه الشرب والحمد الله ونحتاج لها فى غرض آخر وهو أن نعملها سايفون، ولكن البعض أدلوا بأنها حرام لأنها أصلا حفرت من أجل الشرب، فأتمنى أن أعرف رأي الدين في ذلك؟ وجزاكم الله ألف خير، والرجاء الرد من خلال الإيميل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت البئر المذكورة ملكاً خاصاً لشخص أو جماعة فيجوز لهم استعمالها في أي شيء بعد الاستغناء عنها وحصول الشرب بغيرها، ولا يمنع من ذلك أنها كانت معدة للشرب أصلاً، فالمالك له حق التصرف في ملكه كيفما شاء ما لم يكن في ذلك محرم أو فيما فيه ضرر ...
أما إذا كانت البئر وقفاً وتم الاستغناء بما هو أيسر ولم تعد تستخدم فيما وقفت له أصلاً فيجوز بيعها لمن أراد استخدامها في مصالحه وصرف ثمنها في وقف آخر مثلها ينتفع به الناس، ولو كان يحفر بثمنها بئرا في مكان آخر لا تتوفر فيه المياه، وكذلك يجوز للموقوف عليه الانتفاع بالبئر إذا تعطل الانتفاع بها بأي وجه من وجوه الانتفاع الأخرى غير الشرب، ولو كان ذلك في استخدامه في سايفون أو غيره لأن مقصود الواقف المنفعة، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم وأدلتهم في الفتوى رقم: 28743 نرجو الاطلاع عليها للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1426(12/14086)
المبلغ المقطوع مقابل السحب على المكشوف
[السُّؤَالُ]
ـ[بنك إسلامي لديه ما يسمى بالسحب على المكشوف وصورته (يعطي الراتب أو جزءاً منه مقدماً أي قبل انتهاء الشهر وبالمقابل يخصم ما أعطاه للمتعامل مضافاً إليه مبلغ سبعين درهماً زاعماً أنه بدل أجور للعمال لأنهم يعملون في إنجاز المعاملات ويقول البنك إن ذلك كله يسمى قرض تيسير لمساعدة الناس الذين يحتاجون مرتبهم قبل موعده) أفتونا بارك الله فيكم ما حكم هذه العملية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسحب الذي يقوم به العميل من دون رصيد والمسمى السحب على المكشوف هو في حقيقته قرض لصاحب الحساب فيكون أخذ نسبة مئوية عليه ربا ولا شك.
أما إن كان البنك يأخذ مبلغاً مقطوعاً بغض النظر عن قدر القرض قليلاً كان أو كثيراً، فينظر في هذا المبلغ فإن كان مبلغاً معقولاً مساوياً للعمل الذي يقوم به البنك فيمكن أن يقال إن هذا المبلغ أجور ومصاريف إدارية وبالتالي يجوز دفعه، أما إن كان مبلغاً كبيراً فهو حيلة على الربا، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 63989.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1426(12/14087)
تدارك الخطأ الذي ترتب عليه أخذ مال بغير حق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علي سيد الخلق سيدنا محمد أما بعد:
أنا شاب أعمل محاسبا لدى شركة وفي نهاية السنة المالية وأثناء مراجعة الحسابات وإعداد الميزانية والمصادقات مع الموردين والعملاء كان يوجد اختلاف في الحسابات بيننا وبين مورد فكان رصيد الحساب لدينا أقل من الرصيد الذي لديه بمعني أنه يطلبنا بمبلغ أكبر من المسجل لدينا فقمت بمراجعة الحساب بعدما أرسلوا إلينا بيانا بالفواتير المرسلة والشيكات المستلمة منا فاكتشفت أنه توجد فاتورة غير مسجلة في حساب المورد ولكنه قد تم دفع جزء من هذة الفاتورة وهذا الدفع لم يكن مسجلا في حساب المورد وإنما في حساب آخر اسمه أوراق الدفع وبعد عملية مراجعة غير دقيقة جدا ونظرا لضغط العمل تمت الموافقة على سداد باقي هذه الفاتورة حيث إنها كانت تمثل مبلغ الفرق في الحساب بيننا وبين المورد ولكنني بعد فترة اكتشفت أن الجزء الذي كان غير مدفوع من هذه الفاتورة كان مسددا ومسجلا في حساب آخر اسمه أوراق دفع وذلك بعد سداد باقي قيمة الفاتورة للمورد كل ذلك بسبب عدم دقة الحسابات وعدم مراجعة الحساب بيننا وبين المورد لمدة أكثر من 4 سنوات (لم أكن موجودا بالشركة في كل تلك المدة، حيث إنني استلمت العمل منذ 5 شهور) وكانت عملية الشراء والسداد كثيرة وبعض الفواتير لم تكن مسجلة على حساب المورد ومحملة على التكلفة ومنذ ذلك الحين شعرت بالصدمة إذ كيف أخبر رئيسي ومديري بذلك؟
وخفت أن أخبر أحدا بذلك الأمر وبعد ذلك بفترة تركت العمل وانتقلت إلى عمل آخر وكلما أتذكر ذلك أشعر بالذنب والمعصية والندم أرجو منكم أن تقولوا لي ماذا أفعل لكي أكفر عن ذلك الذنب مع العلم بأن ذلك المبلغ كان كبيرا وهل توجد أدعية للتكفير عن ذلك الذنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن المحاسب أمين على أموال الشركة التي يعمل بها، ومن واجب الأمانة دقة المحاسبة وبيان الخطأ إذا اكتشفه وتداركه، وهذا الخطأ المشار إليه ترتب عليه أخذ مال الناس بغير حق، فيجب عليك إخبار المدير المعني بهذا، والإثم يلحقك إن سكت بعد علمك بالخطأ، ومن أهل العلم من يقول بأن من امتنع من تخليص مال مستهلك فإنه يضمنه لصاحبه، قال خليل في معرض الضمان: كترك تخليص مستهلك من نفس أو مال بيده أو شهادته.
وأما قبل علمك فلا إثم عليك لأن الخطأ والإكراه والنسيان مرفوع، ففي الحديث: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه.
هذا، ولتعلم أن الذنب إذا ترتب عليه حق لآدمي لا يكفي فيه التوبة والاستغفار بل لابد من رد الحقوق إلى أهلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1426(12/14088)
استثمار مال القاصر في صندوق الرائد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وصي على أخي القاصر وقد ورث بعض المال من أبي رحمه الله، وأريد أن أدخل أمواله في أحد صناديق الاستثمار (وهو صندوق الرائد لدى بنك سامبا) إلى أن يكبر ويأخذ أمواله مع الربح فما هو حكمكم في ذلك؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم الاشتراك في صندوق الرائد في الفتوى رقم: 66381، والفتوى رقم: 61467 وراجع للفائدة الفتوى رقم: 18834.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1426(12/14089)
العقد الذي تم توقيعه بالإكراه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت أعمل بشركة لمدة 8 سنوات والحمد لله وإنني بتوفيق من الله نجحت بالفرع الذي عملت فيه مسؤولا لهذا الفرع بعدما كان أصحاب الشركة عندهم مشكله لدى الفرع سيغلقونه وأتيت أنا بحمد الله وبتوفيق من الله تم نجاح هذا الفرع من دخل محدود إلى كسب بالملايين ودائما أصحاب الشركة يدعون الخسارة ودائما يتم محاربتي نفسيا وجسديا يعتبرون أنفسهم مالكين لي لا إجازة ولا زيادة في الرواتب ويجبرونني على الدخول في الحرام بالشغل والغش وأكل حق العامل بالطرق غير المشروعة وأنا في إحدى المشاكل معهم في إحدى السنوات قدمت استقالتي وتحت ضغوط وقعت لهم ورقة في إحدى المحاكم تنص على أني لا أعمل في نفس مجال الشغل بعد ترك الشركة لمدة 3 سنوات وأنا حاليا فتحت شركة مع شريك ليست في نفس المجال الرئيسي الخاص بالشركة القديمة لكن في إحدى البنود لكن لا يؤثر عليهم بشيء هل هذا يعتبر نقضا للعهد وللعلم أنني وقعت تحت الإكراه وأنني حاليا من مدة ثلاثة شهور قمت بتقديم استقالتي وتم توقيفي عن العمل وأصحاب الشركة يتقدمون كل يوم بشكاوى للشرطة والقضاء، أطلب من حضرتكم هل أنا ناقض للعهد أرجو الرد ليطمئن قلبي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شغلك بعمل يشمل عدة مجالات منها العمل في المجال الذي تعهدت بعدم الشغل فيه يعتبر مخالفة لما تعهدت به سابقا.
ثم إن الوفاء بالعهد مندوب عند جمهور أهل العلم وذهب بعضهم لوجوبه، وقد بينا تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 12729.
واعلم أن ما وقع من العقود تحت الإكراه والضغوط لا عبرة به لأن الرضا شرط في صحة العقود والتبرعات كما بينا في الفتوى رقم: 59494.
وراجع الفتوى رقم: 58694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1426(12/14090)
هل يستغل خطأ شركة الهاتف ويتكلم بدون مقابل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم موجود في بلد إفريقي نصراني توجد شركة اتصالات خلوية سعر الدقيقة لبلدي نصف دولار أي بعشر دولار أحكي تقريبا عشرين دقيقه وفي بعض الأحيان تنتهي البطاقه أي لا يبقى فيها فلوس ويبقى الخط مفتوحا أي بإمكاني أحكي ساعات بدل المقدار المسموح لي به وهو عشرون دقيقه بعشر دولار، ما حكم الزياده، هل هي حرام، مع العلم بأن المشكلة من الشركة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان استمرار انفتاح الخط ليس برضا الشركة وإنما هو بسبب خطأ فني فيها فلا يجوز لك استغلال امتداد المكالمات لما فيه من الاعتداء على حقوق الغير بلا مسوغ شرعي، وفي الحديث: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه منه. رواه أحمد وأبو داود.
ولأن استغلال مثل هذا من أكل أموال الناس بالباطل وقد نهانا الله عنه عموماً كما في قوله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188} ، أما إذا كانت الشركة تسامح في مثل هذا، فلا بأس على من استغله لعدم المانع منه، وحرمة المال لا فرق فيها بين مال المسلم ومال الكافر غير الحربي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1426(12/14091)
أخذ المال من المحامين مقابل إسناد قضايا لهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل مستشارا قانونيا في مجمع لنزل سياحية بتونس وبحكم طبيعة وظيفتي تعرضت لحالات ومواقف متعددة احترت كيف أتصرف فيها وفقا للشرع الحنيف نظرا لغموضها والشبهة التي تحوم حولها من ذلك مثلا:
اقتراح بعض المحامين تمكيني من نصيب من المال في صورة تكليفه نيابة عنا في قضية ما، فهل المال المقترح حلال أم حرام؟ وهل ينتفي الحرام إذا ما اشتركت أنا والمحامي لإيجاد حل لتلك القضية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن المحامين الذين يقترحون إعطاءك المبالغ إنما يريدون من ورائها أن تسعى لهم في الحصول على قضايا من المجمع الذي تعمل فيه، فهم إذا يريدون منك السمسرة لعملهم، وإذا كان تمكين المحامي من تولي هذه القضايا ليس من نطاق عملك في المجمع الذي تعمل فيه، فلا مانع من أخذ أجرة من المحامي في مقابل ذلك، وراجع في هذا الفتوى رقم: 51386، والفتوى رقم: 32779، والفتوى رقم: 50130.
لكن يشترط أن لا يكون في ذلك إضرار بالمجمع من أجل حصولك على المال، وأن تكون القضايا التي تسعى في تكليف المحامي بها مما يجوز السعي فيها والقيام بأمرها.
أما إذا كانت الشركة قد وكلتك في تكليف المحامين بهذه القضايا، فلا يجوز لك أن تتقاضى من المحامين الذين توكلهم عن المجمع في قضاياه شيئاً، لأن ذلك من صميم عملك.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 1028، والفتوى رقم: 37783.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1426(12/14092)
الربح المضمون بين المنع والجواز
[السُّؤَالُ]
ـ[2- هل الربح المضمون في التجارة 100% يعد كسباً حراماً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصد بالربح المضمون أن بعض عمال القراض (المضاربة) يدعون أن الربح مضمون في بعض أنواع التجارة بنسبة مائة في المائة بمعنى استبعاد احتمال الخسارة محاولة منهم لإقناع أرباب الأموال بالتجارة في تلك الأنواع فلا حرج في ذلك بشرط أن تكون هذه التجارة منضبطة بالضوابط الشرعية من كونها في مباح وخالية من الربا والغرر ونحو ذلك، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 18066.
وأما إن كنت تقصد أنك تعطي مالك لمن يتاجر به على أن يضمن لك رأس المال مع ربح محدد معلوم مثل 10 ونحو ذلك فهذا لا يجوز، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 48088.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1426(12/14093)
الاعتماد على الراتب وحده هل ينافي كمال التوكل
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو التكرم من علمائنا الأجلاء تفصيل المسألة التالية وبسطها بذكر أقوال السلف إن وجد بقدر الإمكان:
وهي هل الراتب الذي يتقاضاه الموظف نظير عمله ويعتمد علية الموظف وحده دون مصدر آخر للكسب أو الرزق أو التجارة ينافي كمال التوكل على الله.والسعي في الأرض المأمور به.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في فتاوى سابقة معنى التوكل على الله، ولك أن تراجع فتوانا رقم: 18784، فإذا حصل للعبد ما يكفيه هو ومن يعول ممن تجب عليه نفقته كالزوجة والآباء والأولاد جاز له ترك العمل لأن طلب الكسب لا يجب عليه إلا لسد حاجته وحاجة من يعول ممن تجب نفقته وقضاء ديونه إن كان عليه دين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط.
وروى البخاري عن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يبيع نخل بني النضير ويحبس لأهله قوت سنتهم.
والجمهور من العلماء على أن الكسب الذي لا يقصد به التكاثر مما يزيد على حاجة المرء ومن يعول أفضل من التفرغ للعبادة إذا قصد به العبد التوسل إلى طاعة الله من صلة الإخوان والتعفف عن وجوه الناس وإعانة الفقراء والمعوزين، وهذا من باب الاستحباب لا الوجوب، وقد علل الجمهور ذلك بأن المتعبد ينفع نفسه فقط والمتكسب ينفع غيره بما يعينه به من المال وينفع نفسه بنيل الأجر والثواب على ذلك، وذلك هو خير الناس كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس. رواه الطبراني في المعجم الصغير وصححه الألباني في الصحيحة.
وبناء على ذلك فإنه لا مانع من اعتماد المرء على الراتب الذي يتقاضاه دون امتهان عمل آخر مادام الذي يأتيه كافيا لسد حاجته وحاجة من تلزمه نفقته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1426(12/14094)
حكم أخذ زيادة عن قيمة السكن المدفوعة من الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة وقد بعثت إلي مأمورية لفرع بالخارج وقد أسكنوني في فندق مكلف جداً على حساب الشركة ولكني بعد فترة استكثرت هذا المبلغ علي وعلى الشركة وفكرت في السكن خارج الفندق بسعر أقل والاستفادة من جزء من الفرق وبالفعل اقترحت على أصحاب الشركة أن أسكن مع أصحابي بسعر أقل وهذا أريح لي من الفندق ووافقوا وشكروني على تخفيف التكلفة عليهم ولكني أخذت مبلغاً أكثر من المبلغ الذي استأجرت به بالرغم من أنه أقل بكثير من تكلفة الفندق وأخذت الباقي لأني سكنت بعيدا قليلاً وكنت أتكبد مشاق المواصلات والقيام باكرا لألحق بالدوام هل المال الذي أخذته بعد توفير جزء من المال للشركة جائز أم حرام؟
علماً بأنهم طلبوا مني في المرة الثانية أن أسكن بنفس الطريقة
الرجاء الرد بالبريد الإلكتروني وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقود التي تكون بين طرفين في مجال العمل وغيره بنودها ملزمة لكل واحد من الطرفين ما دامت هذه البنود لم تخرج عن النطاق الشرعي، والأصل في الوفاء بها قوله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم، إلا شرطاً أحل حراماً، أو حرم حلالاً. رواه أبو داود وابن حبان والحاكم بإسناد صحيح عن عائشة.
وهذا يدل دلالة واضحة على أنه لا يجوز لك أن تأخذ من الشركة مالاً أكثر مما دفعت في مقابل السكن، والشركة لا تعلم بذلك ولا تقره، وقد حصل ذلك بالاتفاق بينكما فكان من الواجب عليك الوفاء به كما ذكرنا.
بل ما فعلته يعد من الكذب المحرم الذي يجب عليك أن تتوب إلى الله منه، روى البخاري ومسلم من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا.
ولا تتم توبتك إلا بالندم على ما فعلت، والعزم على عدم العودة إليه أبداً، مع رد المال الزائد للشركة بالطريقة التي لا يترتب عليك منها ضرر، وذلك حسبما يتيسر لك.
أما عن الفرق الحاصل في أجرة المواصلات بسبب بعد المسكن الذي اخترته عن محل العمل، فله حالتان:
الأولى: أن تكون الشركة هي التي تتحمل المواصلات التي يتكبدها الموظفون لديها، فيجوز لك مطالبة الشركة بهذه الزيادة كالأصل، فإذا أبت الشركة إعطاءها لك، جاز لك خصمها مما في يدك من المال الزائد على قيمة الإيجار، وترد إليهم بقيته.
الثانية: أن تكون تكلفة المواصلات على الموظفين، فلا يجوز لك أخذ شيء من هذا المال ولا مطالبة الشركة بشيء، لأن الانتقال من السكن كان برضاك، ولم تطلب من الشركة تعويضا عنه عند الاتفاق، وراجع الفتويين رقم: 18187، 26143.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1426(12/14095)
حكم أخذ فارق الأجرة بغير علم صاحب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل في محل في بلد غربي وكان صاحب المحل عربيا وكانت الأجرة التي يعطيني أقل من السوق لأنني مقيم غير شرعي فقررت أن أقوم بأخذ فارق الأجرة دون علم المالك لأنني كنت أعتقد أنه حق لي ولكن عندما شعرت بالذنب تركت العمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذ كنت قد اتفقت مع هذا الرجل على أجر معين، فلا يجوز لك أن تأخذ أكثر منه دون علمه ورضاه، لأن هذا من أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة:188} . وقد نص أهل العلم على تحريم ذلك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في فتاويه: كمن يستعمل على عمل بجعل (أجر) يفرض له، ويكون جعل مثله أكثر من ذلك الجعل، فيغل بعض مال مستعمله على أنه يأخذ تمام حقه، فإن هذا حرام. انتهى. وعليه فعليك بالتوبة إلى الله وإرجاع ما أخذت إلى هذا الرجل ولو بطريقة غير مباشرة وراجع الفتوى رقم: 13348، والفتوى رقم: 23322.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1426(12/14096)
حكم شراء وتسويق برنامج حماية الدخل (ALICO)
[السُّؤَالُ]
ـ[الحكم الشرعي في برنامج حماية الدخل والذي تبيعه الشركه الأمريكيه للتأمين (ALICO)
وحكم العمل في تسويق هذا البرنامج وخاصة لنا في فلسطين مراعاة لظروف البلد وقلة فرص العمل وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الشركة كما يتضح من موقعها على الإنترنت هي شركة تأمين تجاري، وقد سبق أن أوضحنا أن التأمين التجاري بمختلف أنواعه محرم لما فيه من الميسر والغرر. وعليه فلا يجوز الاشتراك في هذا البرنامج أو شرائه أو العمل في تسويقه، إذا كان داخلا في أنواع التأمين التجاري، لما في ذلك من ارتكاب المحرم والمعاونة عليه، علما بأننا لم نستطع التعرف على حقيقة هذا البرنامج من خلال موقع الشركة. والذي ننصح به أن تحاولوا الاستعاضة عن ذلك بإنشاء الصناديق التعاونية أو شركات التأمين التعاوني، التي تقوم على التكافل والتعاون المشروع، وراجع للأهمية الفتاوى التالية أرقامها: 472، 25959، 2593، 1182. ونسأل الله أن يوسع رزقكم وأن يفرج همكم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1426(12/14097)
أخذ الأجرة في مقابل تحويل المريض إلى مشفى خاص
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل طبيبا (موظف حكومي) في إحدى المطارات ومن مهام عملي الكشف على المرضى الأجانب في حال مرضهم داخل المطار ولا أتقاضى أجرا منهم حيث إنه بالمجان (من مهام العمل التي أتقاضى أجري الحكومي عليها) ، في بعض الأحيان يستدعي مرض المسافر نقله إلى المشفى كحالات الالتهاب الزائدة وعندها أقوم بتحويل المريض إلى المشفى (المفروض أن يتم تحويله إلى المشفى العام ولكن المريض الأجنبي يرفض ويطلب أن يحول إلى مشفى خاص ليلقى الرعاية الطبية الفائقة) وعند تحويل المريض إلى المشفى الخاص وبعد تحسن صحته يقوم مدير المشفى بإعطائي مبلغا ماليا (10% من المجموع الكلي للحساب) ، علما بأن المريض لا يدفع المبلغ إنما تقوم شركه تأمين طبية خاصة به في وطنه الأم بدفع الحساب للمشفى، ما حكم المال الذي أحصل عليه من مدير المشفى، أانا متزوج ولي طفل لا أريد أن أطعمه هو وزوجتي وأنا من حرام، أفيدونا أفادكم الله وجزاكم عنا خيراً، في حال الرغبة في معرفه تفاصيل أكثر قد تفيد في الحكم أرجو تزويدي برقم تليفون وسوف أقوم بالاتصال بك مباشرة حيث إن الموضوع مهم لي جدا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المبلغ الذي يعطيكه مدير المستشفى إما أن يكون على سبيل الهبة أو يكون عن اتفاق بينك وبينه، فإن كان على سبيل الهبة فلا حرج عليك في قبوله، وإن كان عن اتفاق سابق فله حالتان:
الأولى: أن يكون مستشفى صاحبك هو أفضل مستشفى فلا حرج عليك في إحالة المريض عليه وأخذ العمولة على ذلك، وكون المريض يتقاضى نفقات العلاج من شركة تأمين غير مؤثر في الحكم هنا.
والثانية: أن يكون هناك ما هو أفضل منه فلا يحل لك إحالته على مستشفى صاحبك مع وجود ما هو أفضل منه لأن في ذلك غشا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: من غش فليس منا. رواه مسلم.
ونريد أن ننبهك أخي الكريم في الختام إلى أن الأجرة لا بد أن تكون معلومة مقطوعة فلا يصلح أن تكون نسبة متغيرة لأن في ذلك جهالة وغرراً، وذلك هو مذهب الجمهور، وذهب بعض أهل العلم إلى جواز أن تكون الأجرة نسبة متغيرة، وراجع التفاصيل في الفتوى رقم: 50615.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1426(12/14098)
رد المرتب الزائد بالخطأ إلى الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد بدأت عملي مع شركة أجنبية في مجال النفط منذ بضعة شهور وأول راتب شهري تقاضيته منهم تبين لي أن المبلغ الذي أعطوني إياه زائد، فقد أخطأ المحاسب فبدلا من أن يحسب مرتبي على أساس أنني اشتغلت 9 أيام في الشهر و21 يوم راحة فقد قام بالعكس وحسب علي أنني اشتغلت 21 يوم و 9 أيام راحة، فكانت الزيادة حوالي 700 دينار.. ولقد ذهبت للمحاسب وأعلمته بالأمر ولكنه قال لي لا بأس في ذلك خذ المبلغ فالشركة أرادت ذلك ولا يمكنني أخذ المبلغ منك، (وقد كان المحاسب من نفس بلدي) فأخذت المبلغ، فهل آثم على ذلك, أم هو من حقي وإلا فماذا أفعل بالمبلغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبحسب ما نعلمه من واقع الشركات أن المحاسب ليس هو الشخص الذي يحق له أن يعفيك من رد هذا المبلغ إلى الشركة، ولعله أراد أن يستر خطأه فقال لك هذا الكلام، وكان واجب الأمانة أن يأخذ منك المبلغ ويرده إلى خزينة الشركة، وعليه فالواجب عليك رد هذا المبلغ إلى الشركة، لحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي.
أي يجب على الإنسان رد ما أخذه من مال أو غيره إلى مالكه، فإن عفى عنك في هذا المال شخص مخول بالعفو فلك حينئذ تملك هذا المال وإلا وجب رده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1426(12/14099)
حكم الاشتراك في صندوق التغطية الاجتماعية
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال حول قضية التغطية الاجتماعية الجاري بها العمل في بلدنا تونس تتمثل في كون الشخص الذي يريد الانخراط بهذا النظام يقوم بالدفع للصندوق المكلف بذلك قيمة من المال بصفة شهرية إلى حين بلوغ سن الستين من العمر [مثلا 50 دينارا شهريا على مدى 30 سنة يساوي 18000 دينار] مقابل إسداء خدمات مثل:
- التخفيض في كلفة العلاج للمنخرط وأفراد عائلته
-التعويض عن الحوادث
- صرف جرايات عند التقاعد عن العمل [بعد 60 سنة من العمر]
-منح للمواليد الجدد
[لو افترضنا أن المنخرط عاش 90 سنة وأسند له جراية تقاعد ب200 دينارا شهريا يعني ذلك 200*12*30 يساوي 72000 دينار] وبالتالي يكون المنخرط قد أخذ أكثر مما دفع مع العلم أن أنشطة الصندوق غير معلومة وللاطلاع على أنشطته يرجى زيارة موقعه www.cnss.nat.tn.
الرجاء من فضيلتكم الإجابة عن سؤالي هذا عبر بريدي الالكتروني إن أمكن وجزاكم الله خيرا
والسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على هذا السؤال، وذلك في الفتوى رقم: 9531
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1426(12/14100)
أجرة الطباعة إذا ضيع الطابع صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا وأخى نشتغل بالطباعة وجاءنا مدرس لطباعة أوراق فظل أخى يطبع الورق ولم يصل العصر فى جماعة لانشغاله في الطباعة، أخرها حوالي ساعة، ثم صلى المغرب جماعة ولم يصل العشاء جماعة أما بالنسبة للمدرس فلا أعلم إن كان صلى أو لا، وكان أجر الطباعة حوالي 125 جنيها مصريا، فما حكم هذا المال أهو حرام أم جزء منه، هل أتخلص من جزء منه، ماذا أفعل فيه مع العلم بأنني طالب وأحاول من هذا المشروع توفير مصاريفي، ونحن والحمد لله حالتنا المادية متوسطة ولكني لا أريد أن أرهق والدي بمصاريف أخرى،
فما حكم هذا المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أخذتموه من أجرة مقابل طباعتكم يعد حلالا لكم ولا علاقة لترك صلاة الجماعة في ذلك، بل لو فرض أن أخاك ترك الصلاة بسبب ذلك لما كانت الأجرة حراماً، نعم يكون آثماً إذا ترك الصلاة أو أخرجها عن وقتها.
أما إذا صلاها في الوقت ولكن في غير جماعة فإن المسألة محل خلاف بين أهل العلم هل يأثم أم لا؟ والذي عليه الفتوى عندنا أنه يأثم، وراجع الخلاف في حكم صلاة الجماعة في الفتوى رقم: 31578.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1426(12/14101)
بدل البطالة إذا كان الزوج يعمل باسم امرأته
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني في دولة أوربية وعندي أطفال وليس عندي وقت لكي أتعلم لغتهم وزوجي يعمل وأنا ليس لي دخل وعرفت أنه يمكن- وهذا مسموح به- أن زوجي يشتغل فترة باسمي وأنا آخذ الراتب ... ... ...
والسؤال هو هل ينفع بعدها (أني أعمل بدل باطلة) يعنى الحكومة تعطني راتبا شهريا على العمل الذي اشتغله زوجي باسمي هل هذا من الجانب الديني حرام أم حلال، وأحب الإجابة واضحة لأني لا أريد أي شيء حرام؟ ... ... ... ... ... ... ...
وأشكركم على هذا الموقع وربنا يبارك فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتقدمك إلى الجهات المعنية بطلب بدل بطالة مع أن زوجك يأخذ راتبا شهريا باسمك ينبني على اللوائح والقوانين المنظمة لهذا الأمر، ونحن لا علم لنا بتلك القوانين، وعلى كل حال فالمسلم مطلوب منه شرعا أن يلتزم بالشروط التي لا تخالف الشريعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود.
وعليه، فإذا كانت شروط استحقاق هذا البدل لا تنطبق عليك لم يجز لك أخذه أو الاحتيال لأخذه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1426(12/14102)
خطاب الضمان والكفالة البنكية
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الشيخ حفظه الله
سؤالي: هناك مشتر يريد أن يشتري بضاعة، ولكن هذا المشتري لا يدفع إلا كفالة بنكية صالحة وقابلة للدفع بعد سنة ويوم، وعلى البائع أخذ موافقة بنكية لقبول هذه الكفالة ليقوم هذا البنك بدفع قيمة البضاعة مقابل عمولة أي نسبة لأنه سيستلم المبلغ بعد سنة ويوم، فهل يجوز التعامل في هذا الضمان وخاصة البائع موجود في أوروبا ولا يوجد بنك إسلامي، مع العلم بأن عمولة البنك ستضاف على البيع أي على قيمة البضاعة، وهل هذا الحكم كذلك يطبق على رسالة الاعتماد تستحق بعد شهر أو شهرين أو أكثر؟ ولكم مني جزيل الشكر والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الكفالة البنكية إما أن تكون خطاب ضمان، وإما أن تكون اعتماداً مستندياً، حسب ما هو متعارف عليه في هذا المجال، وبالنسبة لخطاب الضمان فقد تقدم حكمه بالتفصيل في الفتوى رقم: 54388.
وأما الاعتماد المستندي فتعريفه كما جاء في معجم المصطلحات التجارية هو (التسهيل المالي الذي تمنحه المصارف لعملائها المستوردين حيث يمكنهم من فتح اعتمادات لحساب المصدرين في الخارج) . انتهى.
وأما التكييف الفقهي للاعتماد المستندي فهو إما وكالة وإما قرض، ويكون وكالة في حالة أن يكون الاعتماد ممولاً تمويلاً ذاتياً من قبل العميل ويكون دور البنك هنا كوكيل بأجر، ويجب أن تكون الأجرة معلومة محددة.
وفي حالة أن لا يكون العميل مالكاً لقيمة الاعتماد أو عنده أقل من المبلغ المطلوب فإن الاعتماد يكون قرضاً من البنك بفائدة ربوية، ولا ريب أن الفائدة من الربا المحرم، وليعلم أن إثم القرض يتعلق بذمة المقترض لا بعين المال، وإذا كان الأمر كذلك فإنه لا حرج على غيره في تملك هذا المال أو معاملته فيه ببيع وشراء وهبة ونحو ذلك، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 60135.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1426(12/14103)
حكم أخذ زيادة مقابل مماطلة شركة العقار
[السُّؤَالُ]
ـ[1- دفعت مبلغ 150 دينارا مند سنة 1996 وذلك عند التقديم للحصول على شقة وفي حال تم إدراج اسمك بالكشف تقوم بتكملة المبلغ بالكامل وذلك قبل الحصول على الشقة؟ ولكن هذه الشركة التي أخدت المبلغ لم تف بوعدها منذ ذلك الحين والآن يوجد محامي رفع قضية على الشركة وربحها ويقوم هذا المحامي بترجيع مبلغ 6000 دينار ستة آلاف دينار للشخص وخمسمائة 500 دينار يأخدها مقابل أتعابه فما حكم أن آخذ مبلغ 6000 دينار؟ علما بأنني أنتظر الحصول على شقة منذ سنة 1996.
نحن في انتظارالرد جزاكم الله عن الإسلام خيرا،،،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمبلغ المدفوع من قبلك (150 دينارا) له احتمالات:
الاحتمال الأول: أن يكون على سبيل العربون فتكون قد اشتريت الشقة، والمبلغ المذكور عبارة عن دفعة أولى من الثمن، وفي هذه الحالة إما أن تكون الشقة جاهزة عند العقد أو تكون غير جاهزة:
- فإن كانت جاهزة فهي بعد العقد ملكك، لكن عليك أن تدفع للشركة باقي المبلغ في الوقت المتفق عليه.
ولك أن تبيع لهم الشقة بما تشاء، ولك أن تستعيض عنها ما تشاء، وفي هذه الحالة لك أن تأخذ المبلغ المذكور الذي تحكم به المحكمة، ويكون عبارة عن فارق بين ما تبقى لهم عليك، وما تريد أن تبيع به لهم.
- أما إذا كانت الشقة غير جاهزة حين العقد فالعقد عقد استصناع وهو عقد سلم في مذهب الجمهور فيشترط فيه أن يسلم الثمن كاملاً في مجلس العقد، وإذا لم يسلم الثمن كاملاً في مجلس العقد، فالعقد باطل وتعتبر الشقة لهم والمبلغ المدفوع لك، ولا يجوز أن تأخذ أكثر منه بسبب مماطلتهم، وهذا مذهب الجمهور.
أما على مذهب الحنفية، فعقد الاستصناع عندهم ليس بسلم، بل عقد مستقل ولا يشترطون فيه تسليم الثمن في مجلس العقد، فيكون البيع على مذهبهم صحيحاً، ويأخذ الأحكام السابقة في حالة بيع الشقة جاهزة.
والاحتمال الثاني:
أن تكون الشركة المذكورة عبارة عن وكيل عنك في شراء أو استصناع الشقة، وفي هذه الحالة لا يجوز لك أن تأخذ بسبب مماطلتهم زيادة على المبلغ المأخوذ منك.
والاحتمال الثالث:
أن يكون المبلغ المذكور قد أعطي للشركة من غير عقد على أمل أن يكون العقد لاحقاً، فالمبلغ حيئنذ دين، ولا يجوز لك أن تأخذ زيادة عليه بسبب المماطلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1426(12/14104)
أخذ تعويض من صندوق الضمان الاجتماعي
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت مريضة وذهبت إلى طبيب وأعطتني رخصة راحة 8 أيام، ولكن ذهبت للشغل ثم قمت بطلب مبلغ تعويض عن أيام الرخصة لصندوق الضمان الاجتماعي لتعويضي ماليا عن تلك الأيام رغم أني اشتغلتها، وسوف آخذ أجري كاملا من الشركة أي أني أقتضي أجر 8 أيام مرتين، سؤالي هو: هل ما فعلته حلال أم حرام وفي هذه الحالة ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب هذا السؤال في نقطتين:
الأولى: حكم الاشتراك أصلاً في صندوق الضمان الاجتماعي، وهذا يراجع بشأنه الفتوى رقم: 29228.
الثانية: على فرض أن الصندوق المذكور مما يجوز الاشتراك فيه فإنه ينظر في شروط استحقاق المشترك لهذا المال في مثل هذه الحالة، فإذا كانت شروط الصندوق تمنع الموظف من أخذ المبلغ فلا يجوز له، وعليه رد ما أخذ إلى الصندوق.
وإن كانت الشروط تجيز له ذلك فلا مانع، وفي الحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1426(12/14105)
هل يأخذ أجرة ما دفعه من إصلاحات في ملك أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[عملت في منزل والدي رحمه الله بعض الإصلاحات على أمل أن أستفيد من هذه الإصلاحات في عمل تجاري ثم لم يسعفني الوقت والمال الذي أملكه في أن أستمر
هل يجوز لي أن استرد المال الذي دفعته من مالي الخاص في هذه الإصلاحات من دخل الورثة أو جزء منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قمت به من إصلاحات في منزل والدك له حالات:
الحالة الأولى:
أن تكون قد اتفقت مع والدك - إذا كان ذلك في حياته - أو مع الورثة -إذا كان ذلك بعد وفاته - على أن هذه الإصلاحات هي مقابل الاستفادة من ذلك في عمل تجاري، ففي هذه الحالة من حقك أن تستفيد من البيت بحسب الاتفاق، لكن يشترط لذلك أن تحدد المدة التي ستستفيد خلالها، وأن يحدد المبلغ الذي ستنفقه في الإصلاحات، لأن العقد هو عقد إجارة، ويشترط فيه العلم بالأجرة والعلم بالمدة.
وإذا عجزت عن إتمام الإصلاحات لقلة الإمكانيات فالأمر بعد ذلك راجع إلى اتفاقك مع الوالد أو الورثة على كيفية الخروج من العقد السابق، لكن عند المشاحة أنت ملزم بإتمام العقد.
والحالة الثانية:
أن تكون قد اتفقت مع الوالد أو الورثة على أن ذلك منك على سبيل الهبة وأنك ستستفيد من ذلك بناء على السماحة الموجودة بين الأطراف، وفي هذه الحالة ليس لك الحق في أن تأخذ مقابل هذه الإصلاحات ولا أن تستفيد منها إلا برضا من له الحق.
والحالة الثالثة:
ألا يكون هناك اتفاق على شيء لا على أن ذلك هبة ولا على أنه مقابل شيء، ففي هذه الحالة تعد متبرعا بذلك وليس لك أن تأخذ من الورثة شيئا إلا برضاهم.
هذا ما لم يكن قد عرف عنك انتصابك لفعل مثل ذلك بالأجرة، فإن كان قد عرف عنك انتصابك لفعل مثل ذلك بالأجرة، فمذهب الجمهور أن لك أجرة المثل ومذهب الشافعية أنك متبرع ولا شيء لك.
قال ابن القيم في إعلام الموقعين:
لو دفع ثوبه إلى من يعرف أنه يغسل أو يخيط بالأجرة، أو عجينه لمن يخبزه، أو لحما لمن يطبخه، أو حبا لمن يطحنه، أو متاعا لمن يحمله، ونحو ذلك ممن نصب نفسه للأجرة على ذلك وجب له أجرة مثله, وإن لم يشترط معه ذلك لفظا عند جمهور أهل العلم حتى عند المنكرين لذلك، فإنهم ينكرونه بألسنتهم ولا يمكنهم العمل إلا به. انتهى.
وفي الفتاوى الهندية، وهو من كتب الحنفية:
وإن استأجر ليعمل له كذا ولم يذكر الأجر، أو استأجر على دم أو ميتة لزم أجر المثل بالغا ما بلغ.انتهى.
وفي حاشية الدسوقي، وهو من كتب المالكية: من فروع المسألة ما يقع كثيرا: يخدم الشخص عند آخر والآخر يطعمه، فيرجع عليه بأجرة مثله، ويرجع الآخر عليه بما أنفقه عليه.انتهى.
وفي المغني لابن قدامة الحنبلي:
إذا دفع ثوبه إلى خياط أو قصار, ليخيطه أو يقصره, من غير عقد ولا شرط, ولا تعويض بأجر, مثل أن يقول: خذ هذا فاعمله, وأنا أعلم أنك إنما تعمل بأجر. وكان الخياط والقصار منتصبين لذلك, ففعلا ذلك فلهما الأجر. وقال أصحاب الشافعي: لا أجر لهما; لأنهما فعلا ذلك من غير عوض جعل لهما, فأشبه ما لو تبرعا بعمله. ولنا أن العرف الجاري بذلك يقوم مقام القول, فصار كنقد البلد, وكما لو دخل حماما, أو جلس في سفينة مع ملاح, ولأن شاهد الحال يقتضيه, فصار كالتعويض. فأما إن لم يكونا منتصبين لذلك, لم يستحقا أجرا إلا بعقد أو شرط العوض, أو تعويض به; لأنه لم يجر عرف يقوم مقام العقد, فصار كما لو تبرع به, أو عمله بغير إذن مالكه.انتهى.
وفي نهاية المحتاج للرملي الشافعي:
(ولو) عمل لغيره عملا بإذنه كأن (دفع ثوبا إلى قصار ليقصره أو) إلى (خياط ليخيطه ففعل ولم يذكر) أحدهما (أجرة) ولا ما يفهمها (فلا أجرة له) لتبرعه ... (وقيل له) أجرة مثله لاستهلاكه منفعته (وقيل إن كان معروفا بذلك العمل) بالأجرة (فله) أجرة مثله (وإلا فلا, وقد يستحسن) ترجيحه لوضوح مدركه, إذ هو العرف وهو يقوم مقام اللفظ كثيرا, ونقل عن الأكثرين والمعتمد الأول, فإن ذكر أجرة استحقها قطعا إن صح العقد وإلا فأجرة المثل, وأما إذا عرض بها كأرضيك أو لا أخيبك أو ترى ما تحبه, أو يسرك أو أطعمك فتجب أجرة المثل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1426(12/14106)
الوساطة في التعيين في الوظائف العامة
[السُّؤَالُ]
ـ[وهذا يا شيخ تكملة سؤالي رقم 271076وأرجو من حضرتك أن تجاوب عليه بنفسك ولا تحيلني لأسئلة مشابهة موظفة والشركة في غني عنها أقول لنفسي أنا اعتبر عينت لأسهل علي أخي عمله إذا المفروض أن آخذ من أخي نقودا وليس من الشركة ولقد سالت شيخا سلفيا من قبل وقال لي لو الشركة قطاع عأم إذا مالك في هذه الحالة يعتبر حلالا لأن الدولة المفروض أن توفر لأبنائها عملا فهل هذا الكلأم صحيح فعلا يا شيخ وهل المفروض فعلا من الدولة أن توفر عملا للأفراد هل هذا صحيح فعلا يا شيخ ولكني سمعت من شيخ سلفي آخر أن الدولة المفروض أن تصرف علي الضعفاء والمساكين والنساء وتصرف في حدود الكفاية فخفت وقلت لنفسي إن الدولة الآن تعطي لأبي أجرا وهو معاشه من العمل والمفروض أن يصرف أبي هو علينا لأننا مكلفون من أبي إذا المفروض أن لا تصرف الدولة علي أنا لأنها تعطي لأبي فلوس معاش وهو مسئول عنا وأكيد الدولة تعطي أبي من ضمن فلوس المعاش جزء لي وهذا جعلني لا اقتنع برد الشيخ عندما قال لي لو قطاع عأم لا يهم وأقول لنفسي لو كان يري أن مالي حلال كان من البداية قال لي إنها حلال ولكنه سكت وقال لي لو الشركة قطاع عأم إذا مالك حلال وسكوته هذا في الرد علي سؤالي جعلني أخاف هل مالي فعلا حلال يا شيخ أم لا لأنني فعلا خائفة جدا ومش قادرة اتركه لأنني لو تركته سوف يزعل مني أبي وأمي ويوبخوني كثيرا لدرجة أن أمي قالت لي لو تركتي عملك سوف أمرض وأبوك ممكن يموت فيها وأن الناس لا تجد عمل وأنتي في يديك عمل وتتركيه هذا أكيد جنون وأنا فعلا يا شيخ لو اتثبت إن شاء الله سوف احصل علي مرتب كبير هل يا شيخ لو أخي فعلا والمديرة تحايلوا فعلا لكي اعمل هل يكون مالي أنا حلال حتى لو عرفت أنهم فعلا تحايلوا خائفة لأنني سمعت مثلا يا شيخ لو الشخص اشتري سلعه مسروقة وهو يعلم أنها مسروقة فهو يشترك في الوزر مع السارق هل أكون أنا كذلك لو تبين لي أنهم فعلا تحايلوا وأنا علمت هذا هل اشترك معهم في الوزر ويجب علي أن اترك هذا العمل فورا يعني يا شيخ لو تأكدت فعلا أن أخي والمديرة تحايلوا بالكلمات الغير صحيحة لكي أعمل لان العمل لم يكن بحاجه لي لأن أخي أعطي لي جزء من عمله ومجيئي للعمل ليس بسبب انقطاع احد الأفراد عن العمل مثلما أخبرت حضرتك المديرة اصلا طيبه يا شيخ بس أنا خائفة وبقول لنفسي إن المديرة مش هي اللي بتدفع لي النقود من جيبها ولكنها كدة جعلت وكلفت الشركة أن تدفع فلوس لموظفه والشركة في غني عن هذه الموظفة أنا فعلا يا شيخ اعمل ولكنه عمل بسيط جدا وتوجد أيأم لا أعمل فيها إلا دقائق معدودة ولكني فعلا اذهب لعملي يوميا واحتبس في فترة العمل وهكذا فهل مالي كدة يعتبر حلال مرتبي كله بالحوافز وأي مكافآت خلال الشهر وأي بدلات مالي كله وما احصل عليه يعتبر حلال مثل أي موظف عادي في الشركة أم لا أم اخذ فقط ما يكفيني والباقي أتصدق به أحيانا بقول لنفسي أنا كدة أعتبر أساعد أخي في عمله وأخذت جزء من شغله إذا المفروض أن أخي يعطي لي جزء من مرتبه هو وليس من الشركة لأنه المفروض أن يقدم للشركة عمل وأنا ساعدته في إنجاز هذا العمل لأنني كدة أنا بساعد أخي في عمله بدلا من أن يقوم به وحدة أخذت منه جزء وعملته له يبقي المفروض أن يعطيني أخي جزء من مرتبه نظير مساعدتي له
المديرة أحيانا يا شيخ تعمل أشياء وممكن أنها لم تقصد إنها خطا ممكن تكون بتعملها بنيه طيبه مثلا يا شيخ أنا أعمل بعقد مثلما قلت لحضرتك يعني مرتبي يحسب باليوم يعني لو تغيبت عن العمل يوم يخصم مني مرتب ذلك اليوم ومرتبي الآن صغير وإجازتنا أصلا يوم الجمعة والسبت والمديرة عندما وجدت أن مرتبي صغير بدأت تحسب لي يوم السبت كأنني حضرنه يوم إضافي مع انني لم أذهب للعمل ذلك اليوم أصلا وتكتب المديرة أنني ذهبت ذلك اليوم وترسله للمسئولين عن المرتبات لكي يحسبوا لي ذلك اليوم هذا الأمر جعلني اشك في أنها ممكن تكون كتبت صيغه الطلب بنيه طيبه مع أنها لم تحتاج لي لأنها بتعمل حاجات لم تقصد إنها حرام ولكنها في الأصل مش صحيحة هل أترك عملي هذا يا شيخ ياسر والمفروض ال يهمني قول أمي بأنها ممكن تمرض ولا يهمني زعلها لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ولا يهمني قولها بان أبي سوف يمرض وهكذا اتن حاسة إنني مش قادرة أترك هذا العمل من شدة خوفي من أهلي وهذا الشعور يؤلمني جدا جدا لو اشتريت طعام أو أي شيء بنقودي أكون مرعوبة واشعر أنني أكل طعام حرأم من شدة خوفي من أن اترك العمل من شدة خوفي من أهلي يعني بأشعر أنني بأكل حرام ومش قادرة اتركه من خوفي من أهلي وفعلا يا شيخ باحس هذا الإحساس هل هذا يعتبر شرك ساعات اقعد اقنع نفسي أنني مش بأخاف من احد ولو عايزة اعمل حاجه حاعملها ولو أردت ترك العمل مش حيهمني احد من أهلي ولكنني ارجع واجد نفسي فعلا فعلا مش قادرة اعمل شيء فعلا من شدة خوفي منهم ساعات اعند نفسي في الشغل واكل عادي من فلوسي وأقول]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على هذا السؤال، وذلك في الفتوى رقم: 62880
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1426(12/14107)
دفع الفواتير عن طريق الإنترنت والبنوك والهيئات
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً عما تقدمونه من خير ونشر للعلم النافع للمسلمين، أود الاستفسار عن الحكم الشرعي في المعاملات التالية:
1) شركة اتصالات ترغب في تسهيل عملية دفع فاتورة الهاتف على العملاء، فقامت بتصميم وتنفيذ برنامج خدمة دفع الفواتير فورياً عبر الإنترنت.
2) ثم قامت هذه الشركة بإتاحة هذه الخدمة للعديد من البنوك والهيئات، بحيث تقوم هذه البنوك والهيئات بتحصيل الفواتير من العملاء نيابة عن شركة الاتصالات.
3) تقوم البنوك والهيئات بتحويل النقود إلى حساب شركة الاتصالات في اليوم التالي مباشرة، وتأخذ من شركة الاتصالات مبلغاً ثابتاً عن كل فاتورة.
4) وهذا يؤدي إلى التيسير على العملاء، فبدلاً من الذهاب إلى مقر شركة الاتصالات لدفع الفاتورة، أصبح من الممكن دفعها من أي من هذه البنوك أو الهيئات المنتشرة في جميع أنحاء البلاد، سؤالي هو كالتالي: ما هو حكم المشاركة في تصميم وتنفيذ برنامج خدمة دفع الفواتير هذا الذي قد يستخدم من قبل هذه البنوك أو الهيئات، علماً بأن البنوك منها الربوية ومنها الإسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في تصميم وتنفيذ هذا البرنامج الذي يسهل على المشتركين دفع فواتيرهم سواء عن طريق الإنترنت أو عن طريق البنوك والهيئات.
فالبنوك في هذه الحالة ربوية كانت أو إسلامية هي مجرد وكيل لشركة الاتصالات،عمل هذا الوكيل استيفاء فواتير المشتركين، وأولى لهذه الشركة أن لا تستأجر البنوك الربوية وألا تتعاون معها من قريب أو بعيد، أما المشارك في تصميم البرنامج فلا حرج في عمله هذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1426(12/14108)
الرواتب المنصوصة في قانون العمل عند فصل العامل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق لي أخذ راتب 6 أشهر وفق قانون العمل دون علم صاحب العمل نتيجة لفصله لي من العمل تعسفيا دون سبب]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لم نطلع على قانون العمل المذكور ولا على العقد المبرم بينك وبين صاحب العمل، وعليه فلا نستطيع أن نحكم على المسألة حتى نطلع على ذلك
ولكن لا بأس في أن نورد لك بعض الاحتمالات:
الاحتمال الأول:
أن يكون العقد المبرم ينص على أن صاحب العمل لا بد أن يمهل الموظف ستة أشهر قبل فصله، ففي هذه الحالة من حقك أن تطالب بتنفيذ هذا البند، فإن رفض طلبك، فلك أن تأخذ حقك بقوة القانون أو بالخفية.
والاحتمال الثاني:
أن يكون العقد المبرم لا ينص على ذلك لكن قانون العمل يلزم الشركات بذلك، فيكون كالعرف المعلوم سابقا فحكمه كالسابق لأن المعروف عرفا كالمشروط شرطا.
والاحتمال الثالث:
أن لا يكون منصوصا عليه في العقد ولا هو متعارف عليه فلا يحق لك أن تأخذ مال الرجل بغير رضاه وله فصلك من العمل ما لم تكن مدة العقد محددة ولم يشرط لنفسه الفصل متى شاء.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1426(12/14109)
الموظف أمين على المواد التي يستخدمها في العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[يا فضيلة الشيخ
أنا موظف بشركة عامة وبعد كل شهرين تصرف لنا قرطاسية من قبل الشركة وهناك أشياء لا نستخدمها في مجال العمل على سبيل المثال أقلام الرصاص ... الخ ومعنا موظفون يأخذون هذه الأشياء غير المستخدمة وحجتهم أنها لا تستهلك في العمل وهم أحوج إليها في الاستعمال هم وأولادهم أو يقدمونها إلي أشخاص آخرين على سبيل الهدايا يقولون هم أحوج إليها في مجال عملهم مع العلم أن هؤلاء الأشخاص يعملون في مؤسسات أو شركات أخرى.
وللعلم يأخذون هذه الأشياء خلسة وبدون علم المدير وعندما تقول لهم استأذنوا من المدير يقولون لك سيقول لك لا تأخذها وسيأخذها هو أما أنا فقد قلت لهم رأيي صراحة بأن هذا الشيء سرقة والسرقة حرام.
للعلم أن هؤلاء الأشخاص لا يفوتهم أي وقت من أوقات الصلاة.
أريد جوابا على هذا السؤال ولا تحلني على فتوى مشابهة لأطلعهم عليها عسى الله أن يهتدوا ويميزوا بين الحلال والحرام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالموظف عند الدولة أو عند شركة عامة أو خاصة يعتبر أجيرا خاصا وهو أمين على ما وكل إليه من أعمال وما يلزم ذلك من أدوات تستخدم لمصلحة العمل، ولا يجوز للعامل أن يستخدم أدوات العمل في منافعه الخاصة فضلا عن أن يأخذها ليعطيها أولاده أو أصدقاءه ونحوهم، لأن ذلك يعد اعتداء على ما ليس له وخيانة للأمانة التي اؤتمن عليها.
قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء: 58} ويجب على من أخذ ما ليس له أن يتوب إلى الله عز وجل وأن يرجع المأخوذ إلى أهله. فهؤلاء الموظفون يلزمهم إرجاع الأدوات التي أخذوها من جهة العمل إليها، ومحل ذلك ما لم تأذن لهم جهة العمل في أخذ تلك الأدوات والانتفاع بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1426(12/14110)
المال الممنوح من الشركة المبتعث إليها الموظفون
[السُّؤَالُ]
ـ[خلال الشهر الماضي قامت المؤسسة التي أعمل بها بإرسالي ضمن فريق عمل إلى الصين في إطار دورة تكوينية لدى إحدى الشركات التي تطمح إلى دخول السوق المحلية ببلدنا، وقد قامت هذه الشركة بتحمل مصاريف نقلنا وإقامتنا وطعامنا طيلة إقامتنا بالصين وفي أحسن الظروف، زيادة على ذلك دفعت لنا تلك الشركة مقدار 1000 دولار أمريكي كمصروف جيب وهو مبلغ لسنا في حاجة إليه أثناء تلك المهمة نظرا لتوفر كل المرافق الحياتية التي نحتاجها، ما هو حكم هذه النقود، هل يجور لي الاحتفاظ بتلك النقود؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه النقود قد أُعطيت لكم بناء على اتفاق بين المؤسسة التي تعمل بها وبين الشركة المانحة لها، فلا نرى مانعاً من ذلك لأنها داخلة ضمن تكاليف سفرك وابتعاثك للمكان المذكور.
أما إذا كانت الشركة المانحة قد أعطتها لكم دون اتفاق سابق عليها، فلا يخلو ذلك من حالتين:
الأولى: أن تكون الشركة قد وهبتكم هذا المبلغ مراعاة لظروفكم أو إكراماً لكم، فلا شيء فيه حينئذ بشرط ألا يؤثر ذلك عليكم في تقييمها أو إبداء الرأي فيها.
الثانية: أن يكون ذلك رشوة صريحة مقابل شيء ما ليس للشركة حق فيه، فهذا لا يجوز للنصوص الكثيرة الواردة بشأن تحريم الرشوة، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 37434، 60670، 2487، 52006.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1426(12/14111)
بين السمسرة والتسويق الشجري
[السُّؤَالُ]
ـ[فى موقع اسمة مدرار دوت كم به التسويق الشجري هل هذا مباح، أرجو التفضل بزيارة الموقع حتى يتسنى لكم الحكم عليه www.medrar.com
فى فتوى للشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق عن السمسرة أفتى بما يلى:
السمسرة كما يعرفها الناس، وهي التوسُّط بين البائع والمُشتري لتسهيل البيع، وهي شيء مقصود للناس في حياتهم، وكثيرًا ما يحتاجون إليه، فكمْ من أُناس لا يعرفون طُرق المساومة في البيع والشراء، ولا يعرفون طرق الوصول إلى شراء أو بيْعِ ما يُريدون شراءه أو بيْعه، وكم من أُناس لا تسمح مراكزهم بالنزول إلى الأسواق، والاتصال بالبائعينَ والمشترين، ولا يجدون مَن يقوم لهم بالبيع والشراء حِسْبَةً لوجه الله. ومن هنا كانت السمسرة عملًا شَرْعِيًّا نافعًا للبائع وللمشتري وللسمسار، يُحتاج إليه ككل عملٍ آخرَ يحتاج إليه الناس وينفعهم، وليس فيه ما يُوجب التحريم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السمسرة وهي التوسط بين البائع والمشتري لا بأس فيها إذا التزم فيها بالضوابط الشرعية من معلومية الأجرة والعمل، وإباحة السلعة المراد السمسرة عليها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 5172، والفتوى رقم: 24498.
وأما حكم التسويق الشجري بالموقع المذكور فلا يمكننا الحكم عليها بدون الاطلاع على حقيقته، ونعتذر للسائل الكريم عن الدخول على هذا الموقع، وإذا أمكنه أن يرسل لنا بحقيقة هذا التسويق أجبنا على سؤاله إن شاء الله تعالى، ويراجع بشأن التسويق الشبكي الهرمي الفتوى رقم: 35492.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1426(12/14112)
أخذ الصيدلي أجرة مقابل فتح صيدلية بترخيصه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل في مهنة الصيدلة منذ مدة ولكنني تركت العمل لظروف خاصة بي. فطلب مني قريب لي لا يحمل شهادة صيدلة ولكنه يملك محلا أن يفتح صيدلية بشهادتي وترخيصي ومنه رأس المال على أن يعمل بالصيدلية صيدلي آخر مقابل راتب شهري واتفقت أنا وهو على تقسيم صافي الأرباح بيني وبينه مناصفة. أي أني آخذ كل عام مبلغا من المال مقابل ترخيصي دون أن أعمل بالصيدلية ويأخذ هو مبلغا مقابل رأس المال والمحل. فهل ما آخذه يعتبر مالا حراما لأني لا أعمل به مع العلم أني لا أستطيع أن أعمل في أي مكان آخر لأن ترخيصي في هذه الصيدلية. وإذا تغير الاتفاق بحيث يصبح ما يعرف بالتضمين أي أن يستلم الصيدلي الذي يعمل بها المحل خاليا من البضاعة ويشتري البضاعة أي الأدوية منه وتكون الأرباح له ومصاريف الصيدلية عليه ولكن تستمر الصيدلية بالعمل بترخيصي مقابل مبلغ مقطوع يعطينا إياه كل عام. فهل في هذه الحالة يكون ما آخذه أنا وقريبي حرام؟ وإذا كان ما كنت آخذه أوما آخذه الآن من مال حراما فهل يجب علي أن أتخلص منه وأن لا آخذ بعد الآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه قد سبق في الفتوى رقم: 28919. القول بأن هذه المعاملة المذكورة داخلة في ما يعرف عند الفقهاء بثمن الجاه. وهم يختلفون في أخذ هذا الثمن، فمن قائل بالتحريم، وقائل بالكراهة، ومفصل فيه، وأن الراجح هو التفصيل، وهو إن كان ذو الجاه ـ صاحب الترخيص ـ يبذل عملاً وجهداً فله أجرة المثل وإلا فلا، ولذا فإن البديل الشرعي أن يقوم صاحب الترخيص بعمل ما في المحل ويأخذ في مقابل ذلك أجرة معلومة. وما تقدم يحكم به فيما بينك وبين قريبك الذي افتتح الصيدلية بترخيصك، وكذلك يحكم به فيما بينك وبين قريبك من جهة وبين الصديلي من جهة أخرى إذا كان هذا الشخص يدفع المبلغ المقطوع مقابل الترخيص، أما إن دفعه مقابل المحل المملوك لقريبك كأجرة فلا بأس ويستحقه القريب دونك لأنه صاحب المحل. وبالنسبة للمبالغ التي سبق أخذها من قريبك مقابل الترخيص، فراجعي بشأن ذلك الفتوى رقم: 28919. والتي قد سبقت الإحالة عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1426(12/14113)
توظيف الأقارب وإعطاؤهم راتب بغير عمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل فى شركة ويقوم مدير هذه الشركة بتوظيف بعض أقاربه وأصدقائه فى هذه الشركة، مع العلم بأن هؤلاء الأشخاص لا يأتون إلى العمل مطلقا وهذا بعلم المدير ويأخذون رواتبهم نهاية كل شهر وأحيانا تطلب منا بعض الإدارات التي تتبعها هذه الشركة كشوفات بأسماء الموظفين العاملين فى الشركة فنقوم نحن كموظفين في الشؤون الإدارية بإعداد هذه الكشوفات ونذكر فيها أسماء هؤلاء الأشخاص الذين لا يأتون إلى العمل، فهل نعتبر نحن آثمين بهذا العمل أم يعتبر المدير هو الآثم، لأننا لا نستطيع فعل أي شيء وإذا قمنا بالتحدث فى هذا الموضوع فسوف نتعرض إلى الطرد من العمل وأنا فى حيرة من أمري، مع العلم بأني أقوم بعملي على أكمل وجه، أفتوني في هذا؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا صح ما ذكر عن هذا المدير فإن عمله هذا يعد خيانة للأمانة التي أؤتمن عليها، واعتداء على أموال الشركة، وإيكال الناس المال بالباطل، وكل ذلك مما حرمه الشرع ومنعه، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27} ، وقال تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188} .
وإذا تقرر أن هذا العمل حرام ومنكر فإن تغييره وإنكاره واجب شرعاً، ما لم يخش الناهي ضرراً في ماله أونفسه، جاء في تحفة الحبيب على شرح الخطيب: من شروط النهي عن المنكر (وذكر منها) : أن يأمن (الناهي) الضرر على نفسه أو ماله. انتهى.
وعليه فإذا أمكنكم أن تغيروا هذا المنكر بدون أن يلحقكم ضرر فإنه يجب عليكم فعل ذلك، وإن عجزتم عن تغييره فلا يجوز لكم كتابة كشوفات تعلمون يقيناً أنها غش وتزوير وسبب لأكل المال الحرام، قال الله تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1426(12/14114)
دفع قيمة الكهرباء حسب الاستعمال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تفريق قيمة الكهرباء حسب استعمالها، وهل يجوز تسعير ما دون خمسة كيلوات مثلا قيمة متساوية اعتبارا للإيجار، نرجوا إجابتكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع أن يقتسم المنتفعون بالكهرباء ثمنها كل حسب استهلاكه لها، كما لا مانع من أن يتفقوا على تسعيرة معينة لعدد ما من الكليوات الكهربائية، كل ذلك جائز إذا كان بالتراضي، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ {النساء:29} ، وفي الحديث: لا يحل مال امرأئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه الدارقطني.
وما تقدم من الجواز شريطة أن لا يكون في ذلك خروج على شروط مؤسسة الكهرباء لإن المسلمين على شروطهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1426(12/14115)
استقطاع المال المأخوذ ظلما بغير علم الآخذ
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن 3 شركاء في شركة، وشريكنا الثالث المساهم الأكبر في الشركة تبين لنا أنه يضيف مصاريف وهمية على المعاملات التي يتكفل بها ويحملها للشركة، وهنا نتحمل نحن الشريكان مصاريف كاذبة ليس لها أساس، علما أن حسابات الشركاء مجتمعة بيد أحد الشريكبن، فهل يجوز أن نقتطع المبالغ التي يقوم الشريك الثالث بإضافتها علينا من دون علمه؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الشريك الثالث يفعل ما ذكرت، فعليك وعلى شريكك أن تمنعاه من ذلك وتطلبا منه أن يتحمل تلك المصروفات الوهمية، وذكراه بالحديث القدسي الذي رواه أبو داود والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما. قال الشوكاني: المراد أن الله جل جلاله يضع البركة للشريكين في مالهما مع عدم الخيانة ويمدهما بالرعاية والمعونة ويتولى الحفظ لمالهما. اهـ.
فإن أبى ولم يمكنكما استخلاص حقكما منه عن طريق القضاء ففي استقطاعكما للمبالغ المذكورة دون علمه خلاف بين العلماء، وهذه المسألة تعرف في الفقه بمسألة الظفر، وقد فصلنا الكلام فيها مع بيان الراجح في الفتوى رقم: 28871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1426(12/14116)
لا يشترط في الوصول إلى الحق رضا مانعه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل كمبرمج كمبيوتر لدى أحدى الشركات التي تمتلك قاعدة البيانات والبرنامج الذي يعمل عليها وقد قامت الشركة ببيع هذا البرنامج ملحقا به قاعدة البيانات لأحد العملاء وبالتالي أصبح من حق هذا العميل أن تقوم شركتنا بعمل الصيانة الدورية لهذا البرنامج وقاعدة البيانات وفعلا تقوم شركتنا بذلك ولكن هذا العميل لا يساعدنا في هذا الموضوع وذلك أنه يرفض تسليمنا قاعدة البيانات الخاصة به لإجراء التعديلات المطلوبة عليها قائلا إنه من المفروض أن تكون شركتنا على دراية كافية بما قد وصلت إليه قاعدة البيانات عنده من تعديلات فطلبنا منه إعطاءنا الهيكل الأساسي لقاعدة البيانات دون أن يعطينا البيانات فرفض ذلك أيضا علما بأن هذا الهيكل الأساسي لقاعدة البيانات ملك لشركتنا لا يجوز لهذا العميل ولا لغيره التعديل فيه لانه يشترى حق الانتفاع به ولا يشتري حق ملكيته فهل يجوز لنا أن نأخذ هذا الهيكل الأساسي لقاعدة البيانات دون إخبار العميل بذلك وذلك حتى يتسنى لنا إجراء التعديلات اللازمة له لمواكبة التطور في البرنامج أم لا يجوز ذلك، أرجو الإفادة السريعة ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان التعديل في قاعدة البيانات حقاً خالصاً لكم فلا مانع من الوصول إليه بالسبل التي ترونها مناسبة دون الإضرار بأحد، لقوله صلى الله عليه وسلم: لاضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه. ولا يشترط في الوصول إلى الحق رضا مانعه، فحابس الحق عن أصحابه ظالم، ولصاحب الحق أن يظفر بحقه منه كيف كان بالشرط الذي ذكرناه، وراجع الفتوى رقم: 18260.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1426(12/14117)
التعامل مع مكتب تخليص البضائع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تاجر أستورد الملابس وأتعامل مع الجمارك عن طريق مكتب يأخذ على البضاعة سعراً محدداً وأستلم منه ذلك في المخزن حتى أتفادى دفع الرشوة في الجمارك والذي هو بؤرة فساد ولا أستطيع التعامل معهم، فهل علي إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من التعامل مع مكتب لتخليص البضائع المباحة من الجمارك نظير أجرة محددة على عمل معلوم، لأن ذلك من باب الإجارة المباحة، أو الوكالة بأجرة، وهي جائزة في الجملة، ولمعرفة المزيد من التفاصيل حول الجمارك وما ينبغي على المسلم نحوها، راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 54824، 45609، 8097.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1426(12/14118)
الجمع بين الراتب والنسبة من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصري أعمل مهندسا بالسعودية وكنت قبل نزولي أجازتي الأخيرة لمصر أعمل بالراتب وقد كنت أنوى السفر نهائيا فلما علم مديرى ذلك أخبرني أنه سيفتح مؤسسة خاصة به وأنني أستطيع أن أرجع من مصر وأعمل معه في المؤسسة الجديدة بنظام النسبة لتكون مجزية لي واتفقنا على نسبة 25 % وعندما عدت من مصر لم تكن هناك مشاريع في الوقت الحالي فقال لي صاحب المؤسسة إنه يرى أن الأفضل لي أن أعمل حاليا بالنظام الآتي أن أعمل براتب تقريبا نفس الراتب القديم على أن نرى بعد مدة سنة مثلا الميزانية ونحسب لك 20% فإن كانت هذه النسبة أكبر من مجموع الرواتب التي قبضتها خلال الفترة الماضية أعطيناك الفرق وإن كانت أقل فلن تأخذ شيئا وتكتفي بالراتب وقد علل هذا بأن المؤسسة في الفترة الأولى ربما تكون مشاريعها قليلة فيكون فيه ضرر علي بسبب ضآلة قيمة الأرباح وقد وافقت على ذلك. فقرأت في موقعكم هذا أنه لايجوز الجمع بين العمل بالنسبة والراتب فأنا لا أفهم أليس العقد شريعة المتعاقدين فما المانع إذا كان كلا الطرفين موافقين أرجو إيضاح هذه النقطة. وإذا كان الجمع بين الراتب والنسبة حرام فما هي الطريقة الصحيحة للعقد خاصة وأن معظم عقود مندوبين التوزيع هنا بالمملكة تعطى راتبا قليلا ونسبة من الدخل مع العلم بأنني لا أشترك مع صاحب العمل بأي رأس مال إنما بالمجهود فقط. نرجو الإجابة بالتفصيل وجزاكم الله خيرا.
وأرجو ألا تحيلوني على فتوى سابقة لأنني بحثت ولم أجد إلا فتوى واحدة قريبة منها وليست بنفس الصيغة بالضبط.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقد الذي تم بينك وبين صاحب المؤسسة إما أن يكون عقد إجارة وأما أن يكون عقد مضاربة، فإن كان عقد إجارة فإن من شروط الإجارة أن تكون الأجرة معلومة مثل أن تكون الأجرة مبلغاً مقطوعاً كما هو مذهب الجمهور، أو تكون نسبة من الربح كما ذهب إلى هذا بعض أهل العلم، وجاء في رواية عن أحمد جواز الجمع بين مبلغ مقطوع مع نسبة من الربح، وكل ذلك مفصل في الفتوى رقم: 58979، أما الاتفاق على أن لك نسبة كذا في حال دون حال فهذه هي الجهالة بعينها. وهو عقد باطل يصحح حسب ما تقدم من الفتوى المشار إليها وما مضى من العمل بهذا العقد يكون لك فيه أجرة المثل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1426(12/14119)
هل تستحق أجرة لكون ترخيص المشروع باسمها
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي في الله
أنا متزوج بابنة عمي وهى خريجة كلية الصيدلة قمت بمشاركة شخص على فتح صيدلية بشهادة زوجتي على أساس أن منه رأس المال ومني الشهادة الصيدلية وبعد مرور عدة سنوات مع العلم بأن الإيراد يصرف على البيت ولكن الآن نحن في مشكلة تقسيم الإيراد في نهاية السنة
هل يجوز أن أحدد لها نسبة من الإيراد في نهاية السنة
مع العلم بأني أعمل في هذه الصيدلية (الحسابات) وهي لا تعمل فيها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 28919 والفتوى رقم: 45192 إجابة على مثل هذه المسألة، وقلنا هناك إن صاحب الترخيص أو الشخص المسجل باسمه المشروع ليس له مقابل ذلك أن يطالب بأجرة إلا في حالة ما إذا كان يعمل بالمشروع عملا ما.
وبناء على ذلك فليس لزوجة السائل شيء من إيرادات الصيدلية لأنها لم تعمل فيها.
وأما موضوع الإتفاق على البيت من إيراد الصيدلية فلا تعلق له بالمسألة لأن الإتفاق واجب على الزوج ولو كانت زوجته غنية وليس له أن ينفق على زوجته من مالها إن كان لها مال بدون رضاها.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1426(12/14120)
أخذ الموظف حقه من رب الشركة بغير علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يعمل في شركة ويقبض مرتبا منها، وبعد فترة ابتدأ صاحب الشركة بتأخير المرتبات حتى وصلت إلى فترات طويلة والشخص كان مسؤولا عن استلام أموال للشركة من العملاء وأخذ منها ليصرف منه ويعد فترة ترك العمل في الشركة لاضطرارها للإغلاق ولم يأخذ ما كان له من رواتب متأخرة ولا مستحقات حتى الآن ومجموع ما سحبه من الشركة مع مرور الوقت يتراوح بين 5000 د. أإلى 6000 د. أومجموع مستحقاته يعادل حوالي 8000 د. أفما العمل والشخص أعلن توبة نصوحا لله ... كيف يتطهر من هذا المال الحرام الذي أخذه دون علم صاحبه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أن الموظف في شركة أو مؤسسة ونحو ذلك أمين على أموال الشركة، وأن الأمانة تقتضي أن لا يأخذ من مال الشركة شيئاً إلا بإذن صاحب الشركة وفي الحديث: أد الأمانة إلى من أئتمنك. رواه أحمد وغيره.
وبهذا يُعلم أن تصرف الموظف المذكور مناف للأمانة التي أؤتمن عليها، وأنه ما كان يجوز له فعل ذلك، أما وقد فعل فالواجب عليه التوبة إلى الله عز وجل، وبخصوص المال فإنه لا يطالب برده إلى صاحب الشركة ما دام قد مطله بما هو أكثر منه، جاء في البحر الرائق: رب الدين إذا ظفر من جنس حقه من مال المديون على صفته فله أخذه بغير رضاه.
تنبيه: ما تقدم من وصف عمل الموظف بالخيانة إنما هو في حالة عدم جحود صاحب الشركة لحقه أو مماطلته مع قدرته على دفعه إليه، أما في حالة الجحود والمماطلة من موسر فأخذه حقه منه سراً لا يعد خيانة، وراجع لزاماً الفتوى رقم: 28871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(12/14121)
طلب زيادة الراتب فوق ما تعاقد عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[ارجوا الإفادة حول موضوع يشغلني وأخاف أن أكون واقعا في الإثم.
أنا محاسب بإحدى الشركات الخاصة وتم التعاقد معي على أجر معين وارتضيت بهذا، على أمل تحسن المرتب بعد تجربتي، واتضح لي بعد ذلك قيام الشركة بمنح رواتب أعلى من الراتب المتعاقد عليه لأفراد أقل مني خبرة وأحدث تخرجا وأقل في الشهادة بالرغم من كوننا جميعا أجانب \\\"غير أهل البلد \\\" ومن ثم اعترضت على هذا الوضع وأبلغت الإدارة باعتراضي فهل أنا بذلك آثم شرعا لاعتراضي على أمر قد يكون من الرزق المقدر من الله أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا.
مع ملاحظة أني لا أستطيع إنهاء التعاقد قبل مضي مدة العقد لأن ذلك يترتب عليه عدم حصولي على حقوق نهاية الخدمة.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد تعاقدت مع هذه الشركة على العمل لفترة معينة وبأجرة محدد، فيجب عليك أن توفي بذلك العقد لعموم قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ. ولكن لا حرج في أن تطلب زيادة راتبك أسوة بزملائك الآخرين، وليس في ذلك اعتراض على القضاء والقدر، بل هو من الأسباب المباحة لطلب الرزق، فإن أجابتك الشركة إلى ما طلبت من الزيادة فالحمد لله، وإن لم تجبك فيجب عليك الالتزام بالعقد حتى ينتهي، وراجع الفتوى رقم: 42127.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(12/14122)
انتفاع الوالد بمشروع باسم ابنه
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدمنا إلى الصندوق العقاري أنا والوالد باسمي ومنه الأرض وبعض المبالغ وتم الانتهاء من الإعمار وتسديد كامل مستحقات الصندوق والآن الوالد يطالبني بإفراغ العمارة كاملة له ولن يعطيني أي شيء، فهل يجوز لي المطالبة أن يعطيني نسبة (15ـ 20) % من مبلغ القرض مقابل منفعة استخدام اسمي والأتعاب التي قمت بها خاصة وأن له أولادا كثيرين أشقاء وغيرهم وزوجات غير والدتي ثم إنه وفقه الله شديد ومقتر ومضيق على نفسه وعلى من حوله مع أنه غني جدا، أفتونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد انتفاع والدك باسمك في هذا المشروع لا يملكك منه شيئاً، لأن غاية ما فعلته أن بذلت جاهك ليحصل والدك على منفعة ما، فهل يجوز لك أخذ ثمن لهذه الجاه؟ الجواب: لا، ما لم يكلفك ذلك مالاً أو جهداً فعلياً فلك عند ذلك أخذ أجرة مثلك؛ ما لم تكن قمت بذلك على وجه التبرع، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 9559.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(12/14123)
مسألة حول أجرة السمسار
[السُّؤَالُ]
ـ[عرض رجل عقارا على مشتر، فقال أحد الحاضرين هذا العقار عندي مباشرة بدون وسطاء، يعني يقصي هذا الذي عرض على المشتري أو يقصي السعاة الآخرين، فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هناك اتفاق بين صاحب العقار وبين هذا الرجل الوسيط على أن يبيع له عقاره مقابل مبلغ محدد، وفسخ هذا الاتفاق بعد شروع هذا الرجل في العمل، فإن هذا الرجل يستحق أجرة مثله، أما إذا لم يكن هناك اتفاق فلا يستحق هذا الرجل شيئاً، ولا حرج على صاحب العقار فيما فعل، وراجع لتفصيل ذلك الفتوى رقم: 59247.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1426(12/14124)
مسألة حول السمسرة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
كنت قبل فترة أبحث عن منزل لشرائه وقد وقفت علي منزل بالصدفة وسألت الحارس بعض الأسئلة عن المنزل ولم أدخله، بعد عدة شهور دلني أحد مكاتب العقارات على نفس المنزل وأخبرته أنني قد مررت به سايقا بمعرفتي، ولكن لم أدخله والآن دخلته معه، أخبرني صاحب المكتب بالسعر المطلوب من صاحب العقار فأجبته أنني سأشتريه بمبلغ يقل عن السعر بمائة ألف ريال، فأجابني بأن المالك رفض ولكن احضر إلى المكتب ونطلب حضور صاحب العقار وتتفاهم معه، أخبرت صاحب المكتب العقاري أن هذه مهمته وعليه أن يقوم هو بذلك طالما أنه سيحصل على سمسرة، ولكنه لم يكلمني ثانية، أخذت أهلي بعد أيام إلى المنزل فوافقوا عليه وطلبت من الحارس والذي هو يعمل مع المالك مباشرة هاتفه (المالك) وتكلمت معه مباشرة وقد وافق على المبلغ الذي عرضته عليه والذي يقل بمائة ألف عن ما طلبه صاحب المكتب العقاري وعلمت أيضا أن المالك لم يعرض أساسا البيت لدى أي جهة، ولقد اشتريت المنزل الآن مباشرة من المالك ولله الحمد، سؤالي هو: هل يتوجب علي دفع مبلغ سمسرة للمكتب العقاري بناء على المعطيات التي ذكرتها أعلاه؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت من أنك وصلت إلى البيت أول مرة من غير أن يدلك عليه المكتب العقاري، ومن أن صاحب البيت أخبرك بأنه لم يعرض البيت للبيع عند هذا المكتب العقاري، ومن أن صاحب المكتب لم يجبك إلى طلبك باستدعاء صاحب البيت للتفاوض معه، إذا كان الأمر كذلك فليس لصاحب المكتب العقاري حق في أخذ سمسرة على شرائك للبيت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1426(12/14125)
التفرغ إذا كان مشروطا بالعودة لنفس العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب كنت أعمل مدرسا في مدرسة في مدينة بليبيا وبعد ثلاث سنوات انتقلت لمدينة أخرى لأكمل دراستي وتوقفت عن العمل، ولكن هنا من قوانين البلاد أنه من يتوقف عن العمل لكي يكمل دراسته الجامعية دراسات عليا يأخذ تفرغا من العمل بحيث راتبه يبقى كما هو كأنه يعمل، وهذا القانون يسري على أبناء هذا البلد ليبيا وأيضا لأننا فلسطينيون فأنه يسري أيضا علينا *معاملة بالمثل* فهل يجوز لي أن آخذ هذا المرتب، مع العلم بأنني عندما أكمل دراسات عليا *الماجستير* أنني من المحتمل أنني لن أعود إلى نفس هذا العمل وهو التدريس بالمدرسة بل سأنتقل إلى عمل آخر باذن الله؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان استمرار الراتب في حالة التفرغ للدراسة مشروطاً بالعودة للعمل الذي كان يعمل فيه الشخص قبل تفرغه للدراسة، وكنت متأكداً من عدم العودة للعمل فيه فلا يجوز لك تقاضي هذا الراتب، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني، وإلا فلا حرج عليك في قبوله، وعليك أن توفي بالشرط إن كان هناك شرط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1426(12/14126)
التهرب من دفع فواتير الكهرباء والماء
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء الرد علي وبالدليل على هذا الاستفسار العاجل: لقد تم نقاش بيني وزميل على حديث لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ضمن هذا الموضوع وأرجو بأن تركزوا معي (الحكاية هي أن قريب زميل معي وصل خط كهرباء من الخط الرئيسي لتغذية بيته وتقليل تكاليف دفع الفواتير!!! علي اعتبار بأنه غير مقتنع بدفع الزيادة في قيمة الكهرباء وقال كما يفعلوا أفعل (وبأنهم ظلمة) واستند إلى هجرة الرسول الكريم للمدينة سرا وبعد أن استقر بها, مرت قافلة لأبي سفيان وقال لي بأن الرسول قال لهم ها هي قافلة محملة بمال يخصكم ومن حقكم فإذا شئتم فخذوه -يعني هو بهذا حلل فعلته- ولكنني لم أقتنع وأستغفر الله بأن يأمرنا رسولنا الكريم بأن نأخذ ما ليس لنا حق فيه حتى ولو كان فيه ظلم لنا -بمعني أنه لا يحق لي بأن أسرق من سرقني وإلا اختلطت الأمور وأصبحت سلطة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ - أتمني بأن أكون قد وضحت لكم الفكرة، وبصراحة أريد أن أرد عليه؟ في انتظار ردكم بفارغ الصبر وأرجو بالدليل وشكراً.
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز التهرب من دفع فاتورة الكهرباء أو الماء، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 8936.
وما دام هذا الشخص قد اتفق مع شركة الكهرباء على أن تمده بالكهرباء التي يحتاجها مقابل تكلفة معينة، فلا يجوز له مخالفة هذا الاتفاق لعموم قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} ، وقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني، وراجع الفتوى رقم: 51962.
وأما استدلاله بقصة بدر فهو استدلال غير صحيح، لأن الله أحل للمسلمين ما يغنمون من أموال الكفار في القتال، فأين هذا من عدم الوفاء بالعقود، وكون السائل يعيش في مجتمع مسلم ويتعامل مع شركة أصحابها مسلمون، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 28871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1426(12/14127)
من قدم بيانات غير صحيحة لحاجته الماسة للمال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب ومن حق أي طالب أن يأخذ منحة من الكلية ولكنني أعطيت بيانات غير صحيحة عن حالة الأسرة، لكن الأسرة في حاجة إلى هذه الأموال في أقرب وقت لكي أشتري الكتب الدراسية لأن مبالغها باهظة ما الحكم في هذه الأموال علما بأنني أحتاجها احتياجا ضروريا جداً أرجو الرد سريعا.
وجزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه المنحة مشروطة بشروط محددة، فلا يجوز التحايل على هذه الشروط بكذب أو غيره، لعموم قوله ـ صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. روا الطبراني في الكبير وصححه الألباني ـ هذا من حيث الأصل ـ ولكن إذا فرض أنك أو أسرتك قد بلغتم حد الضرورة بحيث إذا لم تأخذوا هذه المنحة لم تجدوا ما تقتاتون أو تسكنون أو نحو ذلك من الضروريات، ولم تجدوا ما تدفعون به هذه الضرورة إلا أخذ هذه المنحة، جاز لكم أخذها، لأن إزالة ضرورتكم حينئذ من واجبات بيت مال المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1426(12/14128)
حكم المال المكتسب من العمل وقت الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن من اشتغل بعمله وقت الصلاة وفاته الوقت بسبب العمل يكون المال الذي جمعه في وقت الصلاة حراما]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبيع والشراء يحرم على من تجب عليه الخمس المكتوبات لو تضايق وقت المكتوبة، وكذا بعد النداء الثاني لصلاة الجمعة، وعلى القول بوجوب الجماعة وهو الراجح يحرم أيضا البيع المؤدي إلى ترك الجماعة.
جاء في كشاف القناع للبهوتي: وكذا يحرم البيع والشراء على من تجب عليه الخمس المكتوبات لو تضايق وقت المكتوبة. . اهـ.
وجاء في الإنصاف: إذا لم يتضايق الوقت فالصحيح من المذهب أن لا يحرم وإذا تضايق حرم البيع.. ففي صحته وجهان أحدهما لا يصح.
والوجه الثاني: يصح مع التحريم. قال في الرعاية الصغرى وهو أشهر
وإذا تقرر ذلك فالمال المكتسب في هذه الأوقات المحرم التكسب فيها هل هو حلال لمكتسبه أم لا؟ الذي نرجحه أنه لا يحرم لأن النهي عن البيع في هذه الأوقات ليس نهيا عن عقد البيع في ذاته، وإنما لمعنى خارجي وهو ما بينه العز بن عبد السلام بقوله: النهي عن البيع وقت النداء مع توفر أركانه وشرائطه ليس نهيا عنه في نفسه وإنما هو نهي عن التقاعد والتشاغل عن الجمعة.اهـ.
ولهذا يقول الشافعية كما جاء في مغني المحتاج: ويحرم على ذي الجمعة التشاغل بالبيع وغيره بعد الشروع في الأذان بين يدي الخطيب فإن باع صح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1426(12/14129)
مسائل حول المعاملات المالية وقبول الهدية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة في الشبكة الإسلامية جزاكم الله خيرا
سؤالي هو عن كيفية الاحتراز من المال الحرام وحيث إن أكثر المسلمين في أموالهم شبهة في هذه الأيام بقصد أو بجهالة إلا من رحم الله، حيث إن هناك من ماله حلال ويشوبه شبهة قليلة كصاحب البقالة الذي يبيع السجائر هل يحل أخذ هديته وغيرها من الأمثلة مثل أن يغادر الموظف مكان عمله قبل ساعة من الدوام، بشكل عام من كان ماله حلالا واختلط بحرام، كيفية البيع والشراء، هل البيع صحيح إذا استوفى شروطه
وكان مال الذي أبيع له فيه شبهة أو الذي أشتري منه يكون المال الذي أخذته حراما أي بمعنى هل المال الحرام حرام بذاته أم أنه محرم للشخص الذي كسبه،حلال على من أخذه منه بطريقة مشروعة كالهدية أو البيع الصحيح كالذين يبيعون ويتعاملون مع مسلمين وكافرين ولا يعلمون من أين جاء هذا الكافر بماله حيث إني وجدت في فتاوى علماء
حديثا للرسول صلى الله عليه وسلم:-
((أنه أهدي له طعام من امرأة فقالوا له إن هذا الطعام من الصدقة (أي تُصدق على المرأة به) فقال: لها صدقة ولنا هدية)) أطلب منكم التوضيح والتفصيل في هذا الأمر والنصيحة في كيفية التعامل مع مثل هذه المواقف في حال كانت الإجابة بالحرمة بحيث لا يؤدي رفضي أخذ هديته أو ماله إلى القطيعة بيني وبينه أي كيف تكون الحكمة في هذه المواقف أو غيرها من المواقف، في هذه المواقف كيف أوفق بين الحرص على الكسب الحلال وعدم التنطع والحرص على الحق وعدم التنطع]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأسئلة التي يسأل عنها السائل الكريم كلها سبق الجواب عليها، ففي حكم معاملة من اختلط ماله الحلال بالحرام تراجع الفتوى رقم: 6880 والفتوى رقم: 59045
وفي حكم معاملة الكفار في البيع والشراء تراجع الفتوى رقم: 32526.
وفي حكم قبول الهدية منهم تراجع الفتوى رقم: 48885 والفتوى رقم: 18995.
وأما الحديث المشار إليه وهو ما رواه أنس قال: أهدت بريرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لحما تصدق به عليها فقال هو لها صدقة ولنا هدية. متفق عليه.
فقد قال الشوكاني: في حديث أنس دليل على أن الصدقة إذا قبضها من يحل له أخذها ثم تصدق منها زال عنها حكم الصدقة، وجاز لمن حرمت عليه الصدقة أن يتناول منها إذا أهديت له أو بيعت اهـ.
وقال ابن دقيق العيد: وفيه دليل على أن الفقير إذا ملك شيئا على وجه الصدقة لم يمتنع على غيره ممن لا تحل له الصدقة أكله إذا وجد سبب شرعي من جهة الفقير يبيحه له.
وبهذا نعلم أن الحديث ليس له مدخل في مسألة معاملة حائز المال الحرام، ذلك أن الفقيرة المذكور في الحديث حلت لها الصدقة فجاز لها التصرف فيها بالإهداء أو غيره.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1426(12/14130)
تصرف الموظف في ممتلكات الشركة التي تحت يده
[السُّؤَالُ]
ـ[اعمل بإحدى الشركات وتأخرت المرتبات علينا لمدة أربعة أشهر علما بأننا لا نعلم على وجه اليقين متى سنتقاضى هذه الرواتب المتأخرة فهل لي أن أتصرف في أشياء تحت يدي لسد جزء من هذه المرتبات تعادل الشهر أو الشهر ونصف، علما بأن ما أتصرف فيه لن يضر بحركة سير العمل بالشركة فهذه الأشياء شبه مهملة ولكنها لها قيمة مادية وستباع بالقيمة الفعلية لها في السوق. وفى حالة انتظام المرتبات مرة أخرى سأمتنع عن أخذ ما ليس لي حق فيه وهو أجر الشهر أو الشهر ونصف الذي تم أخذه سلفا هذا بالطبع دون علم صاحب الشركة. وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحل لك التصرف في ممتلكات الشركة التي تحت يدك إلا بإذن وعلم صاحب الشركة، لأن يدك عليها يد أمانة والتصرف بدون إذن من مالكها خيانة للأمانة، وإنما يجوز لك أن تأخذ منها بقدر حقك فيما إذا جحدك إياه صاحب الشركة أو مطلك وهو مليء قادر، وأما تأخر دفع المرتبات لعارض أو لعجز فلا يجيز لك التصرف في الأمانة المرعية، ثم إن ما تحت يدك مختلف عما هو حق لك عند الشركة، والخلاف فيه أضيق عند العلماء مما لو كان تحت يدك من جنس مالك عند من جحدك، وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 28871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1426(12/14131)
أخذ دور الغير في الجمعية دون علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت مع مجموعة من الأصدقاء على تكوين جمعية على أن يدفع كل واحد مبلغ 200جنيه ويقبضها واحد مرة كل شهر- مبلغ 2000 جنيه- وأخبرت أحدهم أن دوره في الجمعية سيكون التاسع ولكن مع باقي الأعضاء قمت بتعديل دوره ليكون السادس وكان ذلك دون أن يعلم هو بتعديل دوره فهل يجوز لي أن أنتفع بهذا المبلغ على أن أعطيه له في الموعد الذي سبق أن اتفقت معه عليه وهو الدور التاسع أم أن في الأمر شبهة شرعية.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أخذ هذا المال دون علم صديقك، لأن هذا المال ـ بعد تعديل ـ دوره، قد صار ملكا له، وكونه لا يعلم بذلك التعديل، لا يخول لك التصرف فيه دون إذنه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه. رواه الدارقطني، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 1959.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1426(12/14132)
العمل المباح الناشئ عن عقد مشترى بمال حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. أما بعد:
أنا شاب مغربي مقيم في بلجيكا منذ ستة أعوام، المشكلة أني عندما كنت في المغرب كنت ألعب القمار كثيراً، مرة ربحت عشرة ملايين سنتيم مغربية أي ما تعادل عشرة آلاف يورو، اشتريت عقد عمل لمدة سنتين في الفلاحة هنا في بلجيكا بخمسة ملايين، ووضعت خمسة الملايين الباقية في البنك لحد الآن لم أخرج منها ولو سنتيم، ولله الحمد التقيت هنا في بلجيكا بإخوة فلسطينين فهداني الله على أيديهم وتزوجت بلجيكية أسلمت على يدي ولله الحمد، سؤالي جزاكم الله خيراً: لقد اشتريت عقد عمل بالمال الحرام، هل مال هذا العمل حرام، وماذا أفعل بالخمسة ملايين الباقية في البنك، أنا في حيرة من نفسي، لأن الله سبحانه وتعالى سوف يسألني يوم القيامة عن المال من أين اكتسبته، أرجو من الله أن تكون الإجابة سريعة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نهنئك على التوبة، ونسأل الله أن يتقبلها منك وأن يوفقك إلى ما يحبه ويرضاه، وإذا كان العمل الذي تعمله في ذاته مباحاً، فالمال الناشيء منه حلال، ولا يؤثر في ذلك كونك قد تحصلت على عقد هذا العمل بمال حرام، لأن هذا المال ناشئ عن عمل مباح، وليس مقابل شراء العقد، وهذا ما يسميه بعض أهل العلم بانفكاك الجهتين، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 31690.
وما أنفقت من المال المحرم الناشئ عن الميسر، فنسأل الله أن يعفو عنك، وأما ما بقى منه في يدك فقد اختلف فيه أنظار العلماء، وقد بسطنا تفصيل ذلك مع بيان الراجح في الفتوى رقم: 57390.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1426(12/14133)
حكم تقاضي أجرة العمل الحلال ممن يعمل بالشعوذة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في صباغة المنازل ومرة عملت عند مشعوذ أوعراف تتردد عليه النساء ومنهن المتبرجات.فهل يجوز لي أخذ أجرة عملي عند هذا المشعوذ.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 38776 تفصيل مسالة استيفاء الحق المالي من حائز المال الحرام كالغاصب والكاهن والمرابي. وقلنا هناك إنه لا بأس أن يقتضي الشخص دينه ومثله أجرته من حائز المال الحرام الذي اكتسبه من مالك غير معين كالمال المأخوذ بالفائدة الربوية أو بالقمار أو بالكهانة والشعوذة. لأن الأموال التي حازها الشخص بطريق الحرام ولم يعرف لها مالك معين تثبت المطالبة بها في ذمة من حازها لا في ذات المال. وعليه فلا مانع من استيفاء أجرتك من الشخص المذكور، وراجع الفتوى المشار إليها للوقوف على تفاصيل المسألة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1426(12/14134)
شركات الوساطة المالية
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد درج في الآونه الأخيره شركات وساطه ماليه تتصل بشكل مباشر
بالبنوك
>العالميه لأجل التداول بالبورصه العالميه وذلك بشراء وبيع العملات
الأجنبيه
>الرئيسيه (اليورو , الين , الجنيه الإسترليني , والفرنك السويسري)
وتكون
>طريقة العمل كالتالي:
>
> ... يقوم العميل بفتح حساب لدى الشركه والتي بدورها تقوم بفتح الحساب
لدى
>البنك الأجنبي باسم العميل نفسه , ومن ثم يقوم الوسطاء الماليين
والمحللين
>الإقتصاديين الذين يعملون لدى الشركه المحليه بدراسة وتحليل تاريخ أسعار
>العمله وبالتالي يتوقعون السعر الذي سوف تصل اليه العمله في ذلك اليوم ,
>وبناءاً على هذا القرار يقوم العميل بالشراء أو البيع على سعر معين دوليا
على
>شاشات الكمبيوتر الظاهره أمام العميل أو من يوكله.
>
> ... يقوم العميل بطلب الشراء لعمله معينه بناءاً على السعر العالمي
بمقدار (
>100000 يورو) مثلاً , فيقوم البنك بشراء ال (100000 يورو) فعلياًعلى
نفس
>السعر الذي طلبه العميل وذلك مقابل حجز مبلغ تأمين من حساب العميل (
1000
>دولار) على أن تيحمل العميل الربح أو الخساره كامله التي تطرأ على تغير
سعر
>اليورو عالمياً ولكن في حالة حدوث خساره فإن الكمبيوتر يخرج العميل
تلقائياً
>من الصفقه في حالة أن الخساره كانت مساويه لمبلغ التأمين الموجود في
الحساب
>تماماً وبالتالي لا يستطيع العميل أن يخسر أكثر من المبلغ الموجود في
حسابه ,
>ومن ناحيه أخرى فإن البنك يأخذ عموله كمبلغ مقطوع وقدره (50 دولار) على
كل
>عمليه تتم إضافةً إلا فرق سعر البيع والشراء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 33719.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1426(12/14135)
تخصيص بعض الموظفين بزيادة في الراتب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا مهندس أشتغل مع رجل أعمال له شركه خاصة به وأتقاضى منه راتبا شهريا بالريال. وبعد حوالي سنة أو سنتين من بداية شغلي معه طلبت منه زيادة في الراتب فتم الاتفاق بيننا على أن يدفع لي مبلغا معينا بالدولار شهريا بالإضافة إلى الراتب الشهري بالريال وطلب مني أن لا يعرف أي أحد من الموظفين بهده الزيادة خاصة أخوه وهو موظف معنا في نفس الشركة. وبعد عدة سنوات من عملي معه تم الاتفاق معه أن يكون للمهندسين في قسم التركيب والصيانة (وأنا أحدهم بل رئيسهم) نسبة 10% من قيمة عقود الصيانة المبرمة مع العملاء حيث ونحن فريق نقوم بتركيب المعدات وصيانتها بعد تركيبها.
الرجاء أن تفتوني فيما أوضحت لكم سلفاً.
وجزاكم الله كل خير على عملكم هذا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمادام صاحب الشركة قد وافق على ما يدفعه سواء منه ما كان خاصا بك وما كان شاملا لمن معك من المهندسين فلا حرج في ذلك، لأن الحق له، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 11360.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1426(12/14136)
الوفاء بالشرط الذي يعود بالمصلحة على المشترط
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بإدارة التسويق بشركة كبري عرفت من خلالها التجار والمشترين للسلعة التي ننتجها قمت بتكوين شركة صغيرة، شريكي يقوم بعملية البيع حتي لا أظهر بالسوق ويصيبني الشك وأقوم أنا بتوفير السلعة مدفوعة الثمن من التجار، وأخاف أن أغضب الله فيما أفعل، علما بأنني لا أخلط وظيفتي بشركتي التي كونتها، مع العلم بأن لائحة الشركة تمنع إقامة علاقات تجارية أو نقدية للموظفين، أفتوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان العقد المبرم بينك وبين الشركة التي تعمل بها ينص على عدم قيامك بعمل تجاري كهذه الشركة التي أنشأتها، فيجب الوفاء بهذا الشرط لحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود.
وهذا الشرط الذي اشترطته الشركة عليك يعود عليها بالمصلحة، وبالتالي فهو شرط صحيح يجب التزامه، ذلك أن الشروط في العقد إذا كانت من مصلحة العقد أي تتعلق بها مصلحه تعود على المشترط من المتعاقدين صح الشرط، ولزم الوفاء به للحديث المتقدم.
جاء في كشاف القناع: النوع الثاني من الشروط الصحيحة شرط من مصلحة العقد أي مصلحة تعود على المشترط. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1426(12/14137)
الكذب في الفواتير وتأجير السجل التجاري
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أيها الأفاضل: الرجاء إفادتنا في أقرب الآجال بحكم المسألة التي سنطرحها لأهميتها البالغة، المسألة: كما لا يخفى عليكم أن هناك نظاما للضرائب المختلفة في أي بلد من البلدان، ولا بد للتجار أيا كان نوع التجارة من التصريح الشهري والسنوي بمستوى المشتريات والمبيعات والفوائد ويسددون على ذلك رسوما، ويشترط في كثير منهم وخاصة أصحاب السجلات التجارية للبيع بالجملة أو الاستيراد والتصدير البيع عن طريق الكشوف (الفواتير) ، وفي أغلب الأحيان لا يستطيع التاجر التقيد بهذا القيد لصعوبته من جهة ولعدم وجود من يشتري بالكشف، فيلجأ في نهاية السنة إلى وضع كشف على شخص في حاجة إلى مصاريف لتغطية النفقات تجاه الضرائب رغم كونه لم يشتر فعلا منه بضاعة ويأخذ نظير ذلك نسبة مئوية.
والسؤال 1- هل يجوز لصاحب المتجر أن يخرج الكشف على من لم يشتر من عنده مع أخذ نسبة مئوية، علما بأن في هذه العملية منفعة متبادلة بين الطرفين وليس فيها مضرة لأحدهما؟
والسؤال2 - هناك من يقوم باستخراج سجل تجاري في أي نشاط من الأنشطة ولكنه لا يباشر العمل بذلك السجل ويقوم بتأجيره لتاجر آخر ليخرج السلع بدلا عنه وباسمه ـأي باسم صاحب السجل ـ ويأخذ صاحب السجل نسبة مئوية معينة، لكن تترتب عليه ضرائب أكبر من النسبة التي يأخذها، فهل هذه المعاملة جائزة؟
السؤال 3 - هناك من يقوم باستخراج سجل تجاري في أي نشاط من الأنشطة (التجارة، النقل، ... ) ولا يباشر العمل بذلك السجل فعليا ـ أي لا يقوم بفتح دكان، أو شراء سلع، أو شراء وسائل النقل ونحو ذلك ـ ثم يقوم بإنجاز كشوف لمن يستحقها مع أخذ نسبة معينة، علما بأن ما جاء في الكشوف كذب وافتراء، مثال: يقوم بإنجاز كشف فحواه أن (س) قام بكراء شاحنة لـ (ص) من مدينة كذا إلى مدينة كذا بقيمة كذا لنقل حمولات رمل، وهو في الواقع لا يمتلك شاحنة وإنما يمتلك سجلا تجاريا فقط، ومنهم من يقوم بالتصريح للضرائب بحقيقة ما يفعل ويسدد الرسوم المترتبة عليه، ومنهم من لا يصرح على الإطلاق ولا يسدد االرسوم المترتبة عليه، فما حكم هذه المعاملة في الحالتين؟ أفيدونا برأي سديد، وجزاكم الله خيراً، ودمتم في خدمة الإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الضرائب على نوعين مشروعه وغير مشروعه فما كان منها مشروعاً لم يجز إسقاطه ولا التحايل عليها، وما كان منها غير مشروع فلا حرج في التحايل على إسقاطه أو التخفيف منه، وانظر للمزيد في هذا الموضوع الفتوى رقم: 43251.
وفي حال كون الضرائب غير مشروعة فالإعانة على إسقاطها أو التخفيف منها مشروعة لما فيها من رفع الظلم ودفع الضرر، لكن المعين على ذلك ليس له أن يأخذ أجراً مقابل إعانته هذه، ما دام لم يقم بعمل فعلي يكلفه جهداً أو مالاً، جاء في كشاف القناع: فإن أهدى لمن يشفع له عند السلطان ونحوه من أرباب الولايات لم يجز للشافع أخذها ليشفع له أن يرفع عنه مظلمة، أو يوصل إليه حقه، أو يوليه ولاية يستحقها، أو يستخدمه في الجند المقاتلة وهو مستحق لذلك، ويجوز للمهدي أن يبذل في ذلك ما يتوصل به إلى أخذ حقه أو دفع الظلم عنه، وهو المنقول عن السلف الأئمة الكبار. انتهى.
وبهذا تعلم أنه لا يحق لمن تسجل الفواتير باسمه أن يأخذ نسبة مئوية أو مبلغاً مقطوعاً، ويجوز للمحاسب الذي يقوم بكتابة هذه الفواتير أخذ أجرة مقابل كتابته وعمله فيها، وأما تأجير السجل التجاري فغير جائز وإذا كان غير جائز فالوساطة فيه والدلالة غير جائزة، وراجع في حكم تأجير السجل التجاري والرخص ونحوها، الفتوى رقم: 9559.
ولا شك أن الشخص الذي يكذب في الفواتير مع قيامه بتأجير سجله التجاري قد ارتكب خطأين، فالواجب عليه ترك ذلك والتوبة إلى الله عز وجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1426(12/14138)
أخذ نسبة مئوية مقابل الوساطة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
استدراك للسؤال السابق:
السؤال 4 - هل يجوز للوسيط بين التاجر وصاحب السجل التجاري وفي أغلب الأحيان يكون المحاسب أن يأخذ نسبة مئوية في الوساطة ونظير الخدمة التي قدمها لكل من التاجر الذي هو في أمس الحاجة لمن يخرج عنه عن طريق الكشف (الفوترة) ، ولمن يحتاج إلى المصاريف لتغطية مداخيله، وكذا قيامه بإنجاز الكشوف (الفواتير) ؟
قد عرضت من قبل 3 أسئلة وهي تمثل صور هذه المعاملة.
والسؤال: في أي الصور السابقة يجوز للوسيط أو المحاسب أخذ نسبة مئوية؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على هذا السؤال، وذلك في الفتوى رقم: 59664
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1426(12/14139)
حكم جعل السمسرة نسبة من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد: شخص يملك آلات للأشغال العمومية، جاءه شخص آخر وقال له أنا آتيك بالمشاريع من الشركات وتعطيني نسبة من الربح، السؤال: هل يجوز أن أعمل معه، علما بأنني لا أدري كيف يأتي بهذه المشاريع وأغلب ظني أنه يأتي بها عن طريق الرشوة؟ جزاكم الله خيراً. ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور:
الأمر الأول: حكم جعل أجرة السمسرة نسبة من الربح، وقد تقدم الكلام عن ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 51386 والفتوى رقم: 52244.
والأمر الثاني: حكم عملك مع صاحب الشركة التي يتعامل صاحبها مع الشخص المذكور إذا كنت لا تعلم من أين يأتي هذا الشخص بهذه المشاريع ويغلب على ظنك أنه يأتي بها عن طريق الرشوة.
والجواب: أن عملك في هذه الشركة جائز إذا كان عملك في أمر مباح، ولا علاقة لك بما يعمله ذلك الشخص من الرشوة خصوصا إذا كان الأمر مجرد ظن،على أن الرشوة ليست محرمة بإطلاق، فما كان منها يدفع ليستخرج الشخص حقه ولم يضر بأحد فإنه لا حرج فيه، وراجع الفتوى رقم: 1713.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1426(12/14140)
حكم شراء تأشيرة دخول لبلد ما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أشتري تأشيرة بقيمة 15مليون لأذهب إلى فرنسا هل تعتبر هذه رشوة وما رأي الدين في هذا الموضوع ... علما بأن الدولة لن تعطيك هذه التأشيرة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكم شراء التأشيرة راجع إلى حكم الذهاب إلى تلك البلاد، فإذا كانت الحالة من الحالات التي يجوز فيها الذهاب فالشراء جائز، وإذا كانت مما لا يجوز فالشراء لا يجوز.
وإذا كان المراد بالشراء هو دفع رشوة لأجل الحصول على التأشيرة فحيث جاز لك الذهاب فإن ذلك يجوز إذا تعين دفع الرشوة وسيلة إلى الحصول على التأشيرة، ويكون الوعيد في الرشوة متجها إلى الآخذ دون الدافع.
وراجع تفصيل هذه المسألة في الفتوى رقم: 52351.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(12/14141)
دفع المصروف للأخ الذي يشتري القات
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أخ يأخذ مني مصروفه ويروح يشتري القات ليخزن هل أنا مشارك معه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 13241 أن أهل العلم قد اختلفوا في حكم القات ما بين محرم ومبيح، وأن أقل أحواله أن يكون من المشتبهات، وأن الذي عليه الفتوى في الشبكة هو القول بالتحريم.
وعليه، فإذا كنت تعلم أن أخاك سيشتري القات بما تعطيه من مال فلا يحل لك أن تعطيه المال، لأن ذلك من الإعانة على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} .
وبإمكانك أن تعطيه مصروفه عندما يحتاج إلى الأشياء المباحة أولا بأول، أو تعطي أحداً من أهلك مصروفه ليدفعه له عند الحاجة أولاً بأول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1426(12/14142)
أجرة السمسار إذا لم يتفق معه على شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قال لي أحد الأشخاص هذه الأرض سمعت أنها للبيع وهي من أملاك عائلة كذا. وطلبت منه معلومات إضافية مثل السعر أو أن يوصلك بصاحب الأرض فلم يعطك أي معلومة إلا ما ذكر. وقمت أنا بالبحث عن صاحبها وباقي المعلومات فهل له سعي على الأرض عن شرائها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك هو:
أن شخصا أخبرك أن هناك أرضا للبيع عند العائلة الفلانية ولم يعطك معلومات أكثر من ذلك ثم ذهبت أنت واشتريت هذه الأرض منهم، وسؤالك هو هل يستحق الشخص المذكور أجرة السعي (السمسرة) مقابل إخبارك بما سبق؟
والجواب هو:
أن هذا الشخص لا يستحق أجرة السعي مقابل ما قال لك بل لو أنه أخبرك بالسعر وأوصلك إلى صاحب الأرض لما استحق شيئا إلا أن تتفق معه على أجرة مقابل ذلك. لكن إذا كان هذا الشخص سمسارا يعمل بأجرة وبذل لك ما يستحق به الأجرة في عرف السماسرة فله أجرة المثل عند الجمهور خلافا للشافعية الذين يقولون لا أجرة له ما لم يتم الاتفاق على شيء
وراجع الفتوى رقم 51776 والفتوى رقم 51654
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1426(12/14143)
من المسائل المالية المعاصرة
[السُّؤَالُ]
ـ[1- إعطاء شخص مالا على عمل قام به\\\"استشارة أو مساعدة في الإنجاز\" ضمن مناقصة \"عطاء\" وغير مرتبط بأخذ حق الآخرين، علما بأن الدفع غير مرتبط بأخذ الإحالة\"المناقصة \".
2- استحق علي إيجار ولم أجد ما أدفعه، ولجأت إلى البنك لاقترض وأسد حاجتي؟ هل هذا جائز]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أن هذا الرجل الذي تريد إعطاءه مالا يعمل في الجهة التي طرحت هذه المناقصة، فإذا كان الأمر كذلك، فإن كان العمل الذي بذله مقابل هذا المال ليس مكلفا به من قبل وظيفته التي يتقاضى عليها أجرا، وغير مرتبط بأخذ المناقصة، وكان بذل هذا المال باختيارك فلا حرج في ذلك، وإلا كان رشوة محرمة، وراجع الفتوى رقم: 52923.
هذا فيما يتعلق بالسؤال الأول، أما السؤال الثاني: فإذا كنت لم تجد ما تدفع به الإيجار إلا الاقتراض الربوي من البنك، ولم يكن لك أو لمن تعول مسكن آخر فلا حرج في ذلك لأن ذلك ضرورة تبيح فعل المحرم، وقد قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119} . وراجع الفتوى رقم: 6501.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1426(12/14144)
حكم تقاضي زيادة من الأهالي فوق راتب الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة العلماء الأفاضل أنا شاب أعمل في مجال تدريس القرآن الكريم وأتقاضى راتبا من الدولة قدره 156 دينارا ولكنه يعتبر مرتبا ضئيلا فقال لي أهالي الطلبة نقوم بجمع مبلغ وقدره 50 دينارا على الأقل هو مصاريف الوقود علماً بأن المكان يبعد مني حوالي 15 إلى 20 كيلو مترا علماً بأني كنت أتقاضى من الأهالي مبلغا وقدره 100 دينار قبل أن تعطيني الدولة معاشا أما الآن والحمد لله تم تعييني مدرسا للقرآن من قبل الدولة براتب 156 دينار مع علم فضيلتكم أن الأهالي هم الذين عرضوا علي بأن يعطوني الخمسين ديناراً أفتونا مأجورين رحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على سؤالك بالفتوى رقم: 43690.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1426(12/14145)
تمديد مدة الدراسة.. والمنحة
[السُّؤَالُ]
ـ[مسألتي كي لا أطيل على فضيلتك تتلخص في أني قد أنهيت دراسة الدكتوراة هنا في إيطاليا في علم الإحصاء ولله الحمد والمنة وقد تلقيت تمديدا لمدة الدراسة ستة أشهر إضافية علما بأن المنح التي أتلقاها للدراسة هي عبارة عن تحويل لراتبي الشهري الذي أتلقاه من الجامعة التي أعمل فيها في بلدي؛ سؤالي هو: هل يحق لي الاستمرار في تقاضي مبالغ التمديد إذا ما قمت بعمل دراسة إضافية تطبيقية تتناول موضوع البحث الذي قمت به من أجل توسيع استخدامه في بلدي.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان تمديد مدة الدراسة قد تم بطريقة صحيحة دون غش أو رشوة، وكانت نظم الجامعة التي تعمل بها لا تنص على عدم جواز التمديد، فلا مانع مما فعلت، والراتب الذي تقبضه خلال هذه المدة يباح لك الانتفاع به، وراجع في هذا الفتوى رقم: 48714.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1426(12/14146)
حكم أخذ الموظف عمولة من العميل بعلم الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في مكان لتخليص المعاملات ونتقاضي مبلغا أكثر من المدفوع فعليا بعلم الإدارة وبدون علم العميل على اعتبار هذه الزيادة كعمولة لي شخصيا بالرغم أنني أصلا أتقاضى راتبا لآداء هذا العمل فهل في هذا التصرف حرمة وهل هذا المبلغ يعتبر دخلا حراما وهل إذا نويت الحج من توفيري منه تقبل حجتي، أفيدوني من فضلكم سريعا حيث إنني أنوي الحج هذا العام اللهم تقبل منا.
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشترط لجواز أخذ العمولة المذكورة إذن إدارة الشركة المخولة بذلك مع كون هذه العمولة ليست من أصل الراتب المتفق عليه عند العقد لأن ذلك يفضي إلى جهالة الراتب، ولا يشترط علم العميل بأن هذه العمولة لك خاصة دون الشركة ما دام على علم بأن ما يدفعه إجمالاً هو نظير ما يقدم له من خدمة تقوم بها شركتك. أما إذا كنت تزيد في الأجرة على العميل دون علم منه بهذه الزياة، فلا يجوز لك أخذها، أذنت الشركة في ذلك أو لم تأذن، بل إن ذلك من الغش المحرم والخيانة التي نص الله عليها في قوله: لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {لأنفال: 27} . فإذا أردت أن تحج من المال المتحصل بهذه الصورة الأخيرة لم يجز لك ذلك، لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، والواجب عليك هو رد المال إلى أهله إن استطعت، فإن لم تستطع حتى تعذر عليك ذلك فلتتصدق به عنهم كما بيناه في الفتوى رقم: 45996. فإن لم تفعل ذلك وحججت منه عالماً بحرمته، فالأصح من قولي العلماء أن حجك صحيح مجزئ مع الإثم، وراجع في هذا الفتوى رقم: 41599، والفتوى رقم: 21142.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1426(12/14147)
الانتفاع بالمعدات المنتهية صلاحيتها بدون إذن
[السُّؤَالُ]
ـ[أما بعد فضيلة الشيخ,
أنا أعمل في شركة حكومية تابعة للدولة وتستخدم هذه الشركة بعض المعدات وعند انتهاء صلاحية هذه المعدات تقوم الشركة بتجميعها في مكان وردمها. سؤالي هل يجوز لي أخذ هذه المعدات والاستفادة منها دون علم الشركة؟
أرجو الإجابة على سؤالي. وجزاكم الله عنا كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمادام الانتفاع بهذه المعدات ممكنا فلا مانع أن يقوم الأخ السائل أو غيره بأخذها والانتفاع بها شريطة أن يكون ذلك بعد استغناء الشركة عنها وصدور الإذن منها بردمها أو إتلافها، فحينئذ يمكن الاستفادة منها بدون علم أو إذن من الشركة لأنها خرجت عن ملكيتها بصدور الإذن، هذا، ما لم يكن في هذه المعدات المنتهية صلاحيتها ضرر بالناس أو بالبيئة، فإنه قد تقرر في الشرع أنه لا ضرر ولا ضرار.
وراجع للمزيد الفتوى رقم: 46570.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1426(12/14148)
الكفالات المصرفية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل أعمل في مجال المقاولات وعندنا مصارف تعطي تسهيلات (كفالات) مصرفية مقابل نسبة محددة من قيمة هذه الكفالات ولمدة محدودة، وسؤالي: هل استعمال هذه الكفالات بهذه الشروط فيه حرمة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تبين لنا أخي الكريم صفة هذه التسهيلات (الكفالات) فهل هي قروض بفوائد مخفضة؟ وإذا كان الأمر كذلك فقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتوى رقم: 42970.
أم هي ضمان بمقابل مالي؟ وإذا كان الأمر كذلك، فقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتوى رقم: 53565.
أم هي غير ذلك؟ فنرجو من الأخ الكريم أن يبين لنا صفة هذه الكفالات بكل وضوح حتى تتسنى لنا الإجابة عن سؤاله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1426(12/14149)
اتجار الموظف مع شركته من خلال مكتبه الخاص
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة في مركز الفتوى نرسل إليكم سلامي وتحياتي وجعلكم ذخرا لتصحيح الخطأ والمسار للمسلمين، أحيطكم علما بأنني أعمل في مؤسسة مالية. ولدى عمل خاص في مجال الخدمات المالية ودراسات الجدوى والمعلومات المتعلقة بالخدمات المالية والمصرفية والتأمينية. وتكمن الإشكالية. في أنني حديث عهد بالوظيفة في المؤسسة المعنية. ومكتبي يقوم بالترويج لمثل هذه المؤسسات ومكتبي سابق لعملي في المؤسسة. ونظير الترويج لمثل هذه المؤسسات نتقاضى عمولة نظير الخدمة. والمشكلة الحقيقة ماذا لو أتى عميل أو عمل معين من مكتبي إلى المؤسسة التي أعمل فيها. أخشى أن يحسب ذلك استغلالا للموقع. ولكنني حتى الآن أعمل عبر المؤسسات الأخرى. ولكن هنالك مشاريع تكون ناجحة فأولى بها مؤسستي.. وهنالك أمر أحيانا تطلب المؤسسة وثيقة تأمين إسلامية من العملاء ومكتبي يعمل في مثل هذه الخدمات. ماذا لو وجهت العملاء للتعامل مع مكتبي دون أن يكون لذلك تأثير على عملهم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على أمرين:
الأمر الأول: ما هو المدى الممسوح به في تعاملك مع مكتبك وأنت وكيل عن طرف آخر، والجواب: أن ذلك راجع إلى مسألة بيع وشراء الوكيل من نفسه، وقد ذهب الشافعية والحنابلة إلى المنع من ذلك ولو بإذن الموكل، وذهب الحنفية والمالكية إلى جواز ذلك إذا كان بإذن الموكل، وقد تقدم تفصيل الكلام عن ذلك في الفتوى رقم: 51388.
وعليه، فإذا لم يأذن لك أصحاب الشركة بذلك فلا خلاف بين أهل المذاهب الأربعة في عدم جوازه، وإن أذنوا لك فذلك جائز على مذهب الحنفية والمالكية.
والأمر الثاني: حكم توجيهك بعض العملاء إلى مكتبك للقيام بالتأمين الإسلامي فيه عند طلب الشركة ذلك من العميل والجواب: أن ذلك جائز بشرط أن لا يكون على شركتك من ذلك ضرر.
ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 50535 والفتوى رقم: 51386.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1425(12/14150)
هل تأخذ حقها من مال أبيها الذي تحت يدها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة سعودية متزوجة، تزوجت وأنا صغيرة في السن حيث كان عمري 15 سنة وقدم لي زوجي طقم ألماس وهذا ما يعرف لدينا باللغة العامية (الصبحة) وبعد زواجي بفترة أراد أخي أن أن يتزوج وأراد أهلي أن يقدمو للعروسة طقماً ولم يكن لديهم القدرة المالية الكافية فأستأذنوا مني ومن زوجي أن يأخذوا طقم الألماس الذي قدمه لي (الصبحة) ، وقد كنت صغيرة في السن فوافقت وجعلت زوجي يوافق على أنهم قالوا إنهم سيعطوني المبلغ لأنه حق لي فوافقت وبعد مرور الأيام حصلت مشاكل عائلية ومرت السنين وأنا لم أطالب بهذا المال وتوفيت والدتي وكبر أبي في السن، ولكني الآن بعد أن أصبحت في الثلاثينات احتجت إلى مال وتذكرت أن عند أهلي حق لي أريد أن آخذه لأني محتاجة له أفضل لي من أن أستدين من الناس، مع العلم بأنه قبل وفاة والدتي قد طلبت منهم المبلغ الذي يكافئ الطقم، ولكنهم رفضوا وقالوا إنه لا داعي والموضوع انتهى منذ سنين ونظراً لكبر سن والدي فإنه دائماً ما يجعل ماله عندي لكي أحتفظ به، وعندما يحتاج أعطيه ما يريده فهل يصح لي أن آخذ من هذا المال المبلغ الذي أحتاجه والذي يكافئ ويعادل الطقم والذي أعتبره حقا لي؟
سؤال آخر: هل يصح أن أطالب به وأتمسك بحقي ولا أتنازل عنه، أنا في حيرة من أمري أفيدوني مما علمتم أفادكم الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان والدك قد ضمن سداد ثمن الألماس الذي تم بيعه، فلا مانع من الظفر بحقك من ماله الذي يودعه عندك ولو بدون إعلام أحد بما أخذت حتى الوالد نفسه، فالظفر بالحق مشروع لمن قدر عليه ما لم يؤد ذلك إلى مفسدة كبيرة كقطيعة الرحم ونحو ذلك.
أما إذا لم يكن والدك قد ضمن سداد الثمن فلا يجوز لك أخذ شيء من ماله، إذ لا حق لك لديه، وإنما يحق لك مطالبة من التزم بذلك، وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 36045.
وننبه السائلة إلى أنه لا يجوز لها أن تتجاوز حدود مالها من حق في ذمة والدها إن ثبت لها ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1425(12/14151)
مسألة حول التقصير في العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة التقصير في أداء العمل الذي آخذ عليه أجرا، ولكني أقوم بالتطوع لأداء بعض الأعمال الخاصة بالعمل في نفس مكان العمل، فهل بذلك أكون قد حللت الأجر الذي آخذه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 58405.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1425(12/14152)
طلب الحق غير ممنوع
[السُّؤَالُ]
ـ[كان يعمل والدي في شركة سعودية وتوفي أثناء العمل في حادث مروري مع سائق الشركة وقررت الشركة دفع دية 40 ألف يمني قبل 30 عاماً وقطعت الراتب علما بأن الموظفين المتقاعدين يستلمون رواتبهم إلى الآن وأنا كنت طفلا صغيرا فهل يحق لي الآن بعد ما بلغت سن الرشد المطالبة بحقوق والدي؟ علما بأنه دفن ولا أدري بأي مكان في المملكة العربية السعودية ولا أعرف أوراقه وجواز سفره وكم كان موفرا من المال.
بارك الله فيكم أرجو تنوير طريقي بإفادتكم فأنا يتيم مديون.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان لك حق على الجهة المذكورة أو غيرها من قبل أبيك أو غيره، فلا مانع شرعاً من المطالبة بحقك، ولن يضيع حق وراءه طالب.
ولكن السؤال: هل لك حق على الشركة المذكورة أم أن نظام التعاقد عندها يقتضي الاكتفاء بدفع دية المتوفى دون راتب التقاعد، ويشترطون ذلك على عمالهم، فإن كان الأمر كذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً. رواه أصحاب السنن.
وعلى ذلك فما دامت الشركة دفعت لكم الدية فلا حق لكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1425(12/14153)
حكم أخذ عوض عن الإعفاء الضريبي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الله في اتفاق بين شخصين على شراء الأول لفترة الإعفاء الضريبي الخاصة بالشخص الثاني مقابل مبلغ ثابت من المال. تفصيل:- تمنح الدولة أصحاب المهن الحرة في بداية عملهم الخاص فترة ثلاث سنوات معفاة من الضرائب (ضريبة المهن الحرة) مثل المحامي والمحاسب والطبيب والمهندس إلى آخره.- بحبث يقوم الشخص صاحب الحق القانوني في فترة الإعفاء بالتقدم للجهات المختصة على أنه صاحب عمل كمكتب أو عيادة أو ما شابه ذلك. وبناء عليه يستخرج بطاقة ضريبية معفاه لمدة ثلاث سنوات باسم المكتب أو المكان المزمع تأسيسه في حين أن هذا المكان ملك للشخص الآخر وهو الذي يمارس هذا العمل فعلا ويدير هذا المكان وهو المستفيد الوحيد من هذه البطاقة الضريبية وهذا الإعفاء.- ويكون ذلك مقابل مبلغ من المال ثابت شهريا للشخص صاحب الحق الأصلي (القانوني) في هذا الإعفاء. - وبذلك يستفيد الطرف صاحب حق الإعفاء من المبلغ المالي خلال هذه الفترة ويستفيد الطرف الثاني كصاحب عمل من الإعفاء الضريبي.* فهل يحق لمن له حق الإعفاء أن يستفيد منه بهذه الطريقة علي أساس أنها خاصة به وله الحق فى التصرف بها كيف يشاء؟ ما هو رأي الشرع في ذلك مع توضيح الأسباب، خاصة أنها ظاهرة إنتشرت هذه الأيام.
جزاكم الله خيرا وهدانا جميعا الصراط المستقيم. يرجى إرسال الرد علي البريد الإليكتروني التالي
وتفضلوا بقبول فائق الإحترام ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدمت لنا فتاوى في حكم الضرائب تراجع هذه الفتاوى تحت رقم: 20261. وقلنا هناك بعدم جوازها إلا في حالات نادرة، وعليه فنقول في جواب الأخ السائل إن التعامل في حق الإعفاء وأخذ العوض عليه لا يجوز وذلك لأنه لا يخلو من واحد من أمرين، الأمر الأول: أن تكون ضريبة المهن الحرة مشروعة للدولة لكونها تأخذها لمصلحة عامة وخدمات تقدمها لصاحب المهنة حينئذ لا يجوز التحايل عليها ولا المساعدة على إسقاطها عمن استحقت عليه وهو هنا صاحب العمل. الأمر الثاني: أن تكون هذه الضريبة باطلة شرعاً وحينئذ لا يجوز للدولة فرضها على الناس أصلاً ولا لمن أعفته من ظلمها أن يظلم هو الآخرين فيأخذ منهم عوضاً مقابل حق هو وغيره سواء فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1425(12/14154)
العجز عن تسليم الأجرة لمستحقها
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل نحو 15 سنة كنت أدرس في إحدى الدول العربية وكنت أسكن مع زميل لي وكانت هناك خادمة وسافرت ولم أعطها إيجار آخر شهر خدمت فيه عندنا وعندما عدت بحثت عنها فلم أجدها فماذا أفعل، وأنا الآن في دولة أخرى وأخشى أن تكون توفيت حيث كانت امرأة كبيرة في السن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا عجزت عن إيصال هذه الأجرة إلى صاحبتها أو إلى ورثتها إن كانت قد توفيت، فإنه يجوز لك أن تتصدق بها عنها، فإذا جاءت يوماً من الدهر أو استطعت أن تصل إليها أو إلى ورثتها، فإن أجازوا الصدقة وإلا دفعت إليهم الأجرة، وكان أجر الصدقة لك.
جاء في كشاف القناع ما معناه: أن الرهون والودائع ونحوها من سائر الأمانات والأموال إذا جهل أربابها (والمعدوم أو المعجوز عن الوصول إليه كالمجهول) أنه يتصدق بها عن ربها بشرط ضمانها له، لأن في الصدقة بها عنه جمعاً بين مصلحة القابض بتبرئة ذمته ومصلحة المالك بتحصيل الثواب له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1425(12/14155)
مصرف المال الباقي من منحة الدفن
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي توفي قبل 3 سنين وبعد وفاته كانت له منحة من الحكومة وهذه المنحة تعطى لأهل الميت من مؤسسة التأمين الوطني وهي عباره عن تكاليف الدفن وما شابه ومقدارها 3500 دولار فأنفقت على روح أبي1000 دولار صدقة جارية لمشفى إسلامي و1000 دولار أعطيتها لأمي و1500 دولار وفرتها ونيتي أن أحج لأبي لأنه لم يحج ولكن ما أريد أن أسأل عنه هو أن أبي كان للأسف تاركا للصلاة وبالإجمال تاركا لأوامر الله عز وجل ونواهيه فهل تنفعه هذه الحجة التي أنوي أن أحجها له؟ وإذا لا فبماذا تنصحوني أن أتصرف بالمبلغ المتبقي؟ أما أنا والحمد لله فإني ملتزم بالدين.
وجزاكم الله خيرا
ودمتم ذخرا للإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يعطى لأهل الميت إعانة لهم على تكاليف دفنه وما شابه ذلك يتصرف فيما بقي منه بعد التكاليف المذكورة حسبما تحدده الجهة المانحة، فإن لم تحدد شيئاً عمل به بمقتضى ما جرت به العادة وما تعورف عليه.
المهم أنه ليس خاصاً بأحد من أهل الميت يتصرف فيه بما يريد من الصدقة ولو للميت نفسه أو الهبة لأي أحد أو عمل حج منه للميت، لذا فإنا نقول للسائل لا يحق لك التصرف بمفردك في ذلك المال المتبقي، لأنه إن لم تعين مصارفه من الجهة المانحة ولم يكن هناك عرف يعتبر هبة مشتركة بين أهل الميت، والسائل كفرد منهم لا يحق له التصرف إلا فيما يخصه بعد القسم.
أما بالنسبة لأداء الحج أو القيام بأي عمل صالح غيره عن تارك الصلاة، فقد سبق حكمه في الفتوى رقم: 6679.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1425(12/14156)
تشغيل الشاحنة مقابل نسبة من الأرباح
[السُّؤَالُ]
ـ[عندى شاحنة وعرض عليّ شخص أن يشغلها لي في جهة معينة وهو لا يعمل بها وطلب مني عمولة (نسبة معينة من الأرباح التي أجنيها) فما حكم الشرع في هذا؟ وماذا لو طلب مني مبلغاً معيناً بدون أي نسبة مقابل هذا العمل؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أخذ أجرة مقطوعة معلومة نظير البحث عن مجال لعمل الشاحنة، بشرط ألا يؤدي ذلك إلى الاعتداء على حق الغير في هذا العمل، وأن تكون الشاحنة كفؤاً لهذا العمل، وألا يتوصل إلى ذلك برشوة محرمة.
أما جعل مقابل ذلك ذلك نسبة من ريع الشاحنة فلا يجوز للجهالة الفاحشة المقارنة للعقد، وراجع الفتوى رقم: 42922.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1425(12/14157)
حكم الانتفاع برسوم دورة تدريبية لم يحضرها
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي موظف في شركة نفطية تم إيفاده لحضور دورة تدريبية في مجال تخصصه. باشر سفره إلى بلد التدريب ولكنه لم يحضر الدورة التدريبية ونتيجة لعلاقته الجيدة بمدير مركز تدريب الجهة الموفد إليها تم منحه المبلغ المخصص لرسوم التدريب. ما حكم هذه المعاملة وما الواجب فعله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه كان الواجب على أخيك وقد قبل حضور هذه الدورة أن يلتزم بحضورها، فإن الشركة لم تفرغه من عمله ولم تتحمل نفقات سفره وإقامته في البلد المبعث إليه إلا بشرط حضور تلك الدورة. وفي الحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أبو دواد. وعليه فلا يجوز له تملك هذا المبلغ لعدم استحقاقه وعليه إخبار الشركة بحقيقة الأمر ثم الشركة عند ذلك بالخيار ان شاءت سحبت منه المبلغ وإن شاءت تركته له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1425(12/14158)
استخدام الحيل للحصول على الحق
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديق اشترى منزلاً قبل 3 سنوات بمبلغ معين بالتراضي من الطرفين عن طريق الموثق مع العلم أن المنزل لم يستخرج العقد بعد أي أنه مازال في ذمة البائع أي أن عملية البيع كانت بواسطة وكالة من طرف البائع للمشتري يفوض له باجراء جميع العمليات من بيع وكراء وهبة ... الخ من أعمال أخرى مذكورة في هذه الوكالة من جميع التصرفات مع الالتزام بدين بالمبلغ المباع به المنزل يتعهد به البائع للمشتري. حيث إن البائع ونظرا لارتفاع مبلغ المنزل في السوق بضعفي مبلغ البيع قرر هذا الأخير بنزع الوكالة للمشتري بعد 3 سنوات من عملية البيع عند موثق آخر لأن المنزل كبر في عينه , حيث نحن في زمان تغلبت فيه المادة على الناس, فقرر صديقي تحرير عقد بيع لشخص آخر دون البيع حقيقة أي وثيقة فقط في البلدية مع الشاهدين الشاهد الأول هو السائل فما رأيكم في هذا البائع شرعا وهذه العملية التي يقوم بها صديقي لاسترجاع حقه المسلوب منه وشهادتي على هذا العقد، بارك الله لنا فيكم ودمتم في خدمة الإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن المشتري وكيل للبائع، وشراء الوكيل لنفسه محل خلاف بين أهل العلم، وقد بيناه في الفتوى رقم: 51388. والراجح ـ والله أعلم ـ أن البيع يصح إذا أذن به الموكل صراحة أو شهد له العرف وكان البيع بثمن المثل أو أكثر لتنتفي تهمة الاسترخاص، وبناء على هذا يكون البيع الذي تم صحيحاً إذا وقع وافي الأركان، وعدم توثيق البيع لا دخل له بالصحة أو البطلان، لأن مبنى صحة العقد على الإيجاب والقبول وتسليم العوضين ونحو ذلك من أركان البيع وشروطه. ولا يجوز لأحد طرفي العقد الرجوع فيه لأنه لا خيار للبائع بعد التفرق كما ورد بذلك النص الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أراد أحد الطرفين أن يغدر نظراً لعدم توثيق البيع، جاز للطرف الآخر استخدام الحيل للحصول على حقه، قال ابن القيم في زاد المعاد: يجوز كذب الإنسان على نفسه وغيره إذا لم يتضمن ضرر ذلك الغير، إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقه. اهـ. وراجع الفتوى رقم: 25629. وإذا جاز للشخص فعل الحيلة للحصول على حقه جاز لمن يعاونه على ذلك كذلك لأنه من باب الإعانة على تحصيل حق وهذا أمر مشروع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1425(12/14159)
حكم راتب المستشفى الزائد عن راتب الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[بالرجوع إلى الفتوى رقم 255249 لزيادة التوضيح، أن العمل هو نفسه وكذلك التدريب ولايؤثر بتاتاً على المهمة المبتعث من أجلها إلا أن المستشفى في بريطانيا يعطي اجراً على هذا العمل والتدريب فالنظام هنا كذلك وعلي أن أقبل الأجر أو التنازل عنه (فهل يحق لي أخذ هذا الأجر، مع أني أستلم راتبا من دولتي) ،وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام المشفى الذي تتدرب فيه يعطي كل متدرب أجراً بغض النظر عن كون المتدرب يتعاطى مرتباً من دولته أم لا، فلا حرج في أخذك لذلك الأجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1425(12/14160)
حكم أخذ الأموال في مقابل التوظيف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام؟،الموضوع يتكون من ثلاثة أطراف: الطرف الأول: يقوم بتعيين بعض الأفراد الذين يبحثون عن فرصة عمل، يقوم بتعيينهم فى شركات قطاع الأعمال والتي تمتلك الحكومة نسبة 51 في المائة والقطاع الخاص نسبة 49 في المائة - وذلك مقابل مبلغ من المال وليكن ألف جنيه مثلا، الطرف الثاني: وكيلا عن الطرف الأول، وضامنا لحق الطرف الثالث (وسيط) ويأخذ نظير ذلك مبلغا من المال وليكن ألف جنيه مثلا الطرف الثالث: باحثا عن فرصة عمل، ودفع للطرف الثاني مبلغ (2000) ألفى جنيه مقابل تعيينه في إحدى شركات قطاع الأعمال. وتتم بالطريقة الآتية يقول الطرف الثانى (الضامن والوسيط) للطرف الثالث: أعطني (2000) ألفى جنيه وسوف أقوم بتعيينك في إحدى شركات قطاع الأعمال ثم يقوم الطرف الثاني بأخذ المبلغ من الطرف الثالث ويقوم بدفع مبلغ (1000) ألف جنيه للطرف الأول (وهذا المبلغ متفق عليه بينهما سابقا) ويأخذ هو لنفسه (1000) ألف جنيه فما حكم المبلغ الذي يأخذه الطرف الأول والطرف الثانى؟ وماحكم هذا الموضوع شرعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن يأخذ الوسيط مقابلاً، لإيجاد فرصة عمل لشخص ما بشرط أن يكون الشخص كفؤاً لهذا العمل، وألا يؤدي ذلك إلى الاستيلاء على حق الغير، هذا بالنسبة للوسيط (الطرف الثاني) . أما الموظف (الطرف الأول) الذي يباشر تعيين الشخص في وظيفة ما، فإنه لا يجوز له أخذ شيء، إذا كان هذا الأمر من أصل عمله، أو كان فيه اعتداء على حق الغير، وأما الباحث عن العمل فله أن يدفع المبلغ في حالة واحدة وهي ما إذا كان مستحقا لهذا العمل، ومؤهلا له، وتأكد من أنه ليس في المتقدمين للعمل من هو أحق به منه لكفاءته وتوفر الشروط فيه. وقد بينا أحكام هذه الصور في الفتوى رقم: 14208. والفتوى رقم: 19073، والفتوى رقم: 11046، والفتوى رقم: 20978، والفتوى رقم: 23373.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1425(12/14161)
تحويل السكن الحكومي الخاص بالأب باسم ابنته
[السُّؤَالُ]
ـ[كان والدي رحمه الله يعمل في إحدى الوزارات الحكومية في مصر وكنا نسكن في منزل حكومي تابع لتلك الوزارة ولي أخت معها بكالوريوس طب وطبقا لنظام وزارة الصحة فهي مكلفة إجباريا بسنتين تقضيهما فى أحد المصالح الحكومية فعندما سأل والدي رأي الدكتور المشرف على الرعاية الصحية في تلك الوزارة نصحة بأن تجعل تكليفها على تلك الوزارة وعندما تكلفت أختي في تلك الوزارة فعلاً وجدت درجة شاغرة فتم تثبيتها للعمل في تلك الوزارة فهل يمكن أن نسعى إلى نقل السكن باسمها علماً بأن هناك من قيادات تلك الوزارة من يسعون أيضا للسكن في تلك المساكن الحكومية علما بأن عملها قد يضطرها إلى الكشف على الرجال أحيانا في تلك الوزارة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان النظام الإداري لتلك المساكن لا يمنع من تحويل المسكن باسم أختكم الطبيبة، فلا نرى مانعاً من ذلك، لكن بشرط ألا يؤدي ذلك إلى الاعتداء على حق الغير برشوة كان أم بدون رشوة، فإذا صاحب ذلك الرشوة المحرمة كانت الحرمة آكد وأشد، أما عن عمل أختكم كطبيبة للرجال، فقد بينا حكم ذلك في الفتوى رقم: 522، والفتوى رقم: 8182.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1425(12/14162)
عمولة المرشد السياحي
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تمت الإجابة من قبل عما إذا كانت العمولة التي يتقاضاها المرشد حلالاً أم حراماً، وقد رددتم بأنها حلال حتى وإن بلغت ثلاثين أو أكثر، ولكن هل يشترط إبلاغ السائح بأن المرشد يقتضي هذه العمولة أم لا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي حكم عمل المرشد السياحي والعمولة التي يتقاضاها تفصيل، بيناه في عدة فتاوى انظر منها على سبيل المثال الفتوى رقم: 6554، والفتوى رقم: 27251.
وحيث جاز ذلك، فلا يشترط إعلام السائح بقدر العمولة، إلا إذا كان يتم التعاقد معه عليها بصورة مستقلة عما يشتريه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1425(12/14163)
مصرف المال المتبقي في الهواتف العمومية
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: اشترى رجل هاتفا عموميا يعمل بالنقود الحديدية بمختلفة الفئات وهذا الهاتف لا يقوم بإرجاع المبلغ المتبقي؟ فمثلا أدخل رجل قطعة نقود من فئة عشرة وتكلم بمبلغ خمسة فما حكم الخمسة الباقية والتي تنزل في صندوق المال التابع للهاتف؟.
أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن من ترك الخمسة الباقية أو نحوها من المال، إنما تركها عجزاً عنها، ولو بذلت له لأخذها، وعليه فهذا المبلغ الباقي لا يزال على ملك صاحبه، والأصل في مثل هذا أن يعطى لصاحبه، لكن لما كان صاحبه مجهولاً تتعذر معرفته كان الواجب التصدق به عنه، وصرفه في مصالح المسلمين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لو حصل بيده أثمان من غصوب وعواري وودائع لا يعرف أصحابها، فإنه يتصدق بها عنهم، لأن المجهول كالمعدوم في الشريعة، والمعجوز عنه كالمعدوم ...
وفي هذه المسألة آثار معروفة مثل حديث عبد الله بن مسعود لما اشترى جارية ثم خرج ليوفي البائع الثمن فلم يجده، فجعل يطوف على المساكين ويقول: اللهم هذه عن صاحب الجارية، فإن رضي، فقد برئت ذمتي، وإن لم يرض فهو عني، وله علي مثلها يوم القيامة.
وحديث الرجل الذي غل من الغنيمة في غزوة قبرص، وجاء إلى معاوية يرد إليه المغلول، فلم يأخذه، فاستفتى بعض التابعين فأفتاه بأن يتصدق بذلك عن الجيش، ورجع إلى معاوية فأخبره فاستحسن ذلك، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16} .
والمال الذي لا نعرف مالكه يسقط عنا وجوب رده إليه، فيصرف في مصالح المسلمين، والصدقة من أعظم مصالح المسلمين، وهذا أصل عام في كل مال جهل مالكه بحيث يتعذر رده إليه كالمغصوب والعواري والودائع تصرف في مصالح المسلمين على مذهب مالك وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1425(12/14164)
الرشوة والكذب في البيع والمعاملات
[السُّؤَالُ]
ـ[أشتغل في شركة والشركة كلفتني بالبحث عن مقر لها في منطقة معينة وقد قام المدير بتوصية أشخاص آخرين من خارج الشركة للبحث ولقد وردني أنه قام هذا الشخص المكلف من خارج الشركة بإيجاد موقع ولكن بمبلغ 500 دينار وأنا كنت مازلت أبحث في حينها فوجدت شخصا وتعرفت عليه وقام بالبحث معي ولقد دلني على موقع وقمت بالذهاب إليه وفعلا اتفقت معه على مبلغ قدره 150 دينارا وقمت بإبلاغ مدير الشركة ولكن أبلغته بأن المبلغ 250 دينارا وأنه سوف يتدخل شخص ما ويجعل المبلغ مئه وخمسين دينارا مقابل أن يأخد مبلغ 600 دينار كعمولة تدخل ووافق المدير. فهل هذا يحق لي علما بأني قمت بالبحث حتى في أوقات ما بعد الدوام؟
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... السؤال الثاني: هو أن هناك شخصا مكلفا من الشركة العامة للبريد بتزويد معلومات عن وجود إمكانيات فنية في منطقة ما، وعدد المجالات المتوفرة ونحن كشركة كنا نحتاج إلى 50 قناة أو (مجال) أو أربعين فعندما سئل هذا الفني المكلف من مديره قال إنه لاتوجد إلا 15 قناة فقط فعندما عرضنا عليه بعض المال لحاجتنا الماسة للخمسين كاملة أو أربعين على الأقل قال سوف أحاول لتجريب كل الخطوط حتى أوفرها لكم فهل هذا العمل يجوز لنا أم لا يجوز؟
السؤال الثالث: هل الإنسان عندما يسأل عن شيء وقال إنه كذا مع أنه غير ذلك يحاسب....مثلا أنا أبيع وأشتري في الأجهزة الإلكترونية فعنما يريد أحد بيع جهاز يسألني كم سعرها حاليا في السوق فأنا أقول مثلا 500 دينار مع أنها كانت تكلف حوالي 600 دينار وهذا لكي أشتريها منه بهذا السعر وأنا أبيعها بمعرفتي هل هذا حرام أم حلال؟ وبارك الله فيكم للأمة الإسلامية وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان من ضمن عملك بالشركة البحث عن موقع لها أو أن الشركة فرغتك لهذا العمل فليس لك أن تأخذ مقابل ذلك أجرة، ولو عملت خارج الدوام ما دمت فرغت لهذا العمل وقبلت به. أما إذا لم يكن من عملك وفعلت ذلك على أجرة زائدة عن أجرتك الشهرية فينظر في الأمر؛ فإن كنت اتفقت مع المدير على مبلغ محدد فليس لك أن تزيد عليه شيئاً، ويحرم عليك الكذب والاحتيال لأخذ هذه الزيادة. وإن لم تكن اتفقت معه على مبلغ محدد، فعملك هذا إجارة فاسدة للجهل بقدر الأجرة، وفي الإجارة الفاسدة يفرض أجرة المثل فقط، وفي كل الأحوال لا يحل لك الكذب على مديرك توصلاً إلى أخذ المال. وأما جواب السؤال الثاني، فينظر فيه فإن كنتم تستحقون هذا العدد من القنوات، ويقوم الموظف بالمماطلة في تمكينكم من هذا الحق، فلكم حينئذ دفع مبلغ من المال لكي تصلوا إلى حقكم ويكون الإثم على ذلك الموظف. وراجع في هذا الفتوى رقم: 8045. وأما عن جواب السؤال الثالث: فاعلم أن الكذب حرام وهو في البيع حرام أيضاً وما حق للبركة ونوع من الغش، وفي الحديث: البيعان بالخيار مالم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محق بركت بيعهما. رواه البخاري. ولا ريب أن ما تجيب به البائع كذب صريح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1425(12/14165)
حكم بواقي المال اليسيرة التي يتركها الزبائن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا اعمل في مقهى ولي أجري الشهري. صاحب المقهى يحاسبني بأن أعطيه مثلا5000 دينار فأعطيه إياها ولكن هناك ما يزيد على 5000 دينار وراتبي وهده الزيادة ناتجة عن تراكم الفكة من الزبائن فهل آخذ هذه الزيادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولا إلى أن هذا المقهى إذا كان يقدم المحرمات كالشيشة والدخان والخمور ونحو ذلك فلا يجوز العمل فيه، لعموم قوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} .
أما بالنسبة لحكم ما تركه الزبائن من الفكة فلا حرج عليك في تملكها، لأن الظاهر أن أصحابها قد تركوها زهدا فيها، وراجع لمزيد من التفصيل الفتوى رقم: 14958.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1425(12/14166)
الانتفاع بالجوائز المستفادة من المحلات التجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[هذا نموذج للمسابقات المثيرة للجدل والتي تنظمها بعض الشركات: [ ... شاركوا في القرعة، للفوز يكفي أن تبعثوا بقسيمة المشاركة الموجودة داخل العلبة مع اسمكم وعنوانكم، هناك العديد من الجوائز للفائزين: سيارة, تلفاز, حاسوب, شقة رائعة.... ضاعفوا حظوظكم بالمشاركة عدة مرات...... حظ سعيد للجميع.. سيتم إجراء القرعة يوم ... ] ، فما حكم الشرع في المشاركة في مثل هذه المسابقات (لا أريد أن تحيلوني إلى أسئلة سابقة لأنني أريد جوابا خاصا بسؤالي هذا حيث إن هذا الموضوع حساس والناس لا يعلمون أن المشاركة في القرعة والكسب عن طريق الحظ غير جائز في الشريعة الإسلامية والشركات تستغل الفقر والجهل المنتشرين في المجتمع لزيادة أرباحها) ، وهل أذنب إن استعملت جائزة (تلفاز أو سيارة أو غيرها) فاز بها أخي في إحدى هذه المسابقات لأن هذا التلفاز أو السيارة مثلا من مال حرام، وبالتالي يجب ألا أستعملها أم أن الأمر ليس كذلك لأن الله تعالى قال: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت القسيمة يتم الحصول عليها مع شراء بضاعة ما، فالراجح من أقوال أهل العلم أنه لا مانع من الدخول في هذه السحوبات بشرط ألا يشتري المشتري السلعة لأجل المسابقة فقط دون حاجة إليها، وأن يشتريها بمثل ثمنها في السوق دون زيادة عليه.
وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد بالدوحة سنة 1423هـ- 2003م ما نصه: لا مانع من استفادة مقدمي الجوائز من ترويج سلعهم فقط -دون الاستفادة المالية- عن طريق المسابقات، شريطة ألا تكون قيمة الجوائز أو جزء منها من المتسابقين، وألا يكون في الترويج غش أو خداع أو خيانة للمستهلكين. انتهى.
وبناء على هذا فلا حرج إن شاء الله في الاستفادة من جوائز هذه المسابقات إذا حصلها المشترك، وكانت منضبطة بالضوابط السابقة، أما إذا اكتنفها المحاذير التي أشرنا إليها فلا يجوز الاشتراك فيها ولا الاستفادة منها، وراجع في هذا الفتوى رقم: 26156، والفتوى رقم: 18368.
وننبه السائل إلى أن الحكم بالحل أو الحرمة على أمر ما ليس هيناً إذ لا بد من أن يكون المرء أهلا لذلك قبل أن يتصدى له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1425(12/14167)
حكم الادخار بالدولار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم من ادخر بالدولار وليس بالعملة المحلية أو عملة أي دولة مسلمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدولار مال كبقية الأموال التي يجوز ادخارها والتعامل بها، ولقد ظل المسلمون يتعاملون بالدينار الروماني والدرهم الفارسي قبل وبعد ضرب الدينار الإسلامي في زمن عبد الملك بن مروان إلى يومنا هذا دون نكير مع وجود حروب وعداوات بين المسلمين وأصحاب تلك العملات، فدل ذلك على الجواز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1425(12/14168)
حكم استخدام ما يمنح للموظف من بدل قيمة مشروبات في البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة قطاع عام تصرف لكل موظف بها شهرياً دفتر بونات بواسطته يدفع قيمة مشروباته (عصائر، مياه غازية، شاي، قهوة.. إلخ) قيمة الدفتر 70 جنيهاً بعض الموظفين يقومون باستخدام 50 جنيها مثلا من الدفتر طوال الشهر وباقي الدفتر المبلغ 20 جنيها يشترون به عصائر ومياه غازية ويأخذونها إلى منازلهم ليستخدمها ذويهم وأنجالهم، هل هذا التصرف حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعول عليه لمعرفة حكم ذلك هو الرجوع إلى شرط الشركة المانحة لهذا الدفتر، فإن كانت تمنحه للموظفين ليشتروا به مشروبات لأنفسهم أو لضيوفهم وقت الدوام فقط، فلا يجوز الاستفادة منه في خارج وقت الدوام، ولا لغير من يحق لهم الاستفادة منه.
أما إذا كانت تمنحه للموظفين ليستفيدوا منه كما شاءوا، سواء كانت تلك الاستفادة في وقت الدوام أو في خارجه، لأنفسهم أو لمن أحبوا، فلا حرج في استخدامهم له في شراء بعض المشروبات والمياه، وأخذها للبيت ليستفيد منها ذووهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1425(12/14169)
حكم الاعتداء على مال الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أخذ شيء من مال الكافر بغير حق، كأن أغالطه في الحساب مثلا أو أزيد عليه السعر العادي كأن أبيع له شيئاً ما ضعف ما يباع به هذا الشيء، أما السؤال الثاني فهو أنني أعمل في مقهى إنترنت ودائماً أكون مشغولاً في أوقات صلاة الظهر والعصر والمغرب لكثرة الزبائن، فهل أنا معفو من الذهاب إلى المسجد في هذه الحالة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أنه يحرم الاعتداء على مال الكافر غير المحارب وأخذه بغير حق، وقد سبق بيان ذلك جلياً في الفتوى رقم: 20632.
وعليه، فمغالطته والاحتيال عليه في الحساب حرام شرعاً.
أما رفع سعر السلعة عليه أو على غيره في بيع المساومة، فلا مانع منه ما دام ذلك يتم بالتراضي وبدون كذب واحتيال، وراجع الفتوى رقم: 3629.
وأما جواب السؤال الثاني، فاعلم أن عملك في هذا المقهى لا يسوغ لك ترك الصلاة في جماعة، لأنها واجبة عليك، وراجع لزاماً الفتوى رقم: 45543.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1425(12/14170)
على اليد ما أخذت حتى تؤديه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أخذت من أحد زملائي في العمل جهاز قياس عاطل بنية إصلاحه ولكن دون علمه وقد أخد الجهاز أحد أقربائي بنية إصلاحه أيضا ولكنه لم يفعل فماذا علي تجاه زميلي علما بأني أستحي أن أخبره فهل أتصدق عنه بقيمته علما بأن الجهاز عاطل ومن النوع الرخيص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك هو رد هذا الجهاز إلى مالكه بالطريقة التي تناسبك ولو كان بدون علمه، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد وغيره.
وقوله: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال: حسن صحيح.
وراجع افتوى رقم: 23322.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1425(12/14171)
استخدام الهاتف والإنترنت بغير إذن الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ياشيخ موظف في شركة.. ولدي في المكتب هاتف خاص أستعمله في مكالماتي الشخصية.. وأيضا أستعمل خط الإنترنت وأطبع أوراقا خاصة بي..وأعرف أن هذا لا يجوز إذ أنه لا يجوز أن أستعمل الهاتف أو أي شيء إلا بإذن من أصحاب الشركة.. ولكني في بعض الأحيان أقدم في إجازة لمدة أسبوع مثلا ولكن أداوم في العمل.. أو أداوم في يوم ما وأعمل ولكن لا أثبت حضور هذا اليوم (لا أوقع في سجل الحضور والانصراف فيتم إثبات غيابي) . وأفعل ما أفعله ظنا مني أن هذا بطريقة غير مباشرة أوازن المعادلة ... أي في مقابل استعمالي للهاتف أو أي شيء لأغراضي الشخصية أخصم من مرتبي يوم غياب أو أكثر وأنا حاضر أو آخذ إجازة على ورق لينقص رصيد الإجازة الذي يعتبر من مستحقاتي ويمثل مالاً عند استقالتي مثلاً.. وسؤالي هنا يا شيخي الفاضل هو ... هل أنا بهذا التصرف أتجنب الحرام الذي يرتكبه الموظف في حق المال العام أوالخاص لأصحاب الشركة؟
أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 4140 والفتوى رقم: 23562، حرمة استخدام الهاتف ونحوه بغير إذن الشركة أو الدائرة الحكومية التي يعمل فيها الموظف. والطريقة التي تستعملها لا ترفع عنك حرمة الإقدام على استعمال تلك الأدوات بغير إذن لأن إقدامك على استعمالها بغير إذن اعتداء وظلم وتحمل للحقوق، وكونك تنوي تعويضها لا يبرر لك الإقدام، وأيضا في حالة القيام بالتعويض قد يكون أقل مما عليك، وعليه فإننا نحذرك من التمادي في هذا الأمر ونرشدك إلى الطريق الصحيح وهو أن تستأذن المسؤول عن العمل فإن أذن لك وكان مخولا بالإذن فاستخدمها وإلا فلا. وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1425(12/14172)
فرغته جهة عمله للدراسة فهل ينتفع بالراتب أم لا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي هو أنه: أنا طالب في المرحلة الثانوية في آخر سنة واستطعت أن أتعين في إحدى الجهات العامة كغيري من الشباب وأخذت رسالة تفريغ من هذه الجهة للدراسة. والمرتب ينزل مع العلم أنني محتاج إلى المرتب على الغالب في المرحلة الجامعية لأنني سوف أدرس في بلد آخر غير الذي نعيش فيه مع عائلتي فما حكم هذه النقود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت حصلت على تفرغ من جهة عملك فإن مرتبك الذي تتقاضاه منها حلال مادام هذا التفرغ صادرا عمن هو أهل لإصداره وبدون احتيال أو غش من قبل المفرغ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1425(12/14173)
هبة حق التعلية والصك الذي يفيد ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت ببناء شقة كاملة بمنزل أهل زوجتي دون المساس بأي حق لهم بالتعلية حيث كان على وشك صدور قانون يمنع التعلية في مثل هذه الأحياء ببلدنا، وتم البناء من مالي كاملا متضمنا دفع نصيبنا في المرافق الأساسية أيضاً من ماء ومجاري وسلم، سؤالي ألا يحق لي أخذ عقد تمليك لهذه الشقة منهم مع كتابة ما يفيد ملكية الشقة فقط دون المشاركة معهم بحصة في الأرض؟ أفيدونا جزاكم الله عنا خيراً ونفع بكم أمة الإسلام وأصلح بكم المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تبين لنا أخي السائل ما هو الذي تم الاتفاق عليه بينك وبين أهل زوجتك عندما تم البناء المذكور، فهل تم الاتفاق بينكم على أنهم يهبونك حق التعلية بدون مقابل؟ أم على أن يبيعوك حق التعلية بمقابل مبلغ معين، أم على أن يؤجروك ذلك مدة محددة فقط؟ أم على أنك تبني متبرعاً لهم بالبناء؟ أم على أن تبني مقابل سكن مدة معلومة؟
وعلى العموم، فالذي يظهر من سؤالك هو أن أهل زوجتك قد أباحوا لك حق التعلية بدون مقابل، وعليه فأنت مالك لما بنيته، ومن حقك أن تتحصل على صك يثبت لك ذلك، ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 52138.
ونريد التنبيه إلى أن قرب صدور قانون يمنع من التعلية لا يعني أن صاحب الحق قد سقط حقه بالتعلية لإمكان أن يعلي قبل صدور القانون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1425(12/14174)
أخبرته الجامعة بالخطأ أنه أتم دفع ما عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب في السنة الأخيرة من الدراسات العليا في روسيا، وقد حصل معي في الآونة الأخيرة مسألة احترت في حلها، فقد كان الاتفاق مع الجامعة أن أدفع في خلال الثلاث سنوات دراسة عليا 4500 دولار أي 1500 كل سنة، وقد كنت قد ذهبت إلى قسم المحاسبة للسؤال عن المبلغ المتبقي لي لكي أدفعه، فقالوا لي بأنني قد دفعت المبلغ كله مع علمي الأكيد بأنه قد بقي علي 1500 دولار لم أدفعها، وسألت من أثق بهم هنا فقالوا لي إنه يتوجب علي دفع المبلغ.. لكن المشكلة ليست هنا فقط، فقد طلب مني مجموعة من الأساتذة الذين يراجعون البحوث التي أكتبها، وقالوا لي بأنهم لن يراجعوا لي إلا إذا دفعت لهم مبالغ على هذا العمل نظرا إلى أن الجامعة لا تعطيهم شيئا من المخصص لهم من المبالغ التي أدفعها، ونظرا إلى وضعي المادي ليس بالجيد في الفترة الحالية فقد فكرت أن لا أدفع للجامعة وأدفع للأساتذة على أساس أن هذا حقهم وبذلك أحل مشكلتي معهم نظرا إلى أنني جالس منذ أكثر من شهرين لا أفعل شيئا لأنني لم أدفع لهم ورفضوا أن يسلموني البحث مراجعا. فماذا أفعل في مثل هذه الحالة والجميع يطلب الدفع وأنا واقع بينهما.. هذا حق والآخر يجادلني في حقه ويطالبني أن أدفع له؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يلزمك دفعه للجامعة يجب عليك تسديده، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} .
وأما هؤلاء الأساتذة، فلا تدفع لهم شيئاً إلا أن تضطر إلى ذلك لأخذ ما هو حق لك، فيجوز في هذه الحالة أن تدفع لهم شيئاً كرشوة جائزة في حق المعطي، وحرام في حق المُعطى له، وراجع الفتوى رقم: 2487.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(12/14175)
ماذا يعمل إذا يئس من العثور على أصحاب الحقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الأخ صاحب الفتوى رقم: 55637 وأريد من حضرتكم التفضل بإجابتي على أني قمت بحساب الخسائر وتقديرها والباقي المتبقي علي هو حوالي 100 دينار ليبي وأنا الآن في مشكلة وهي أني لم أجد الأشخاص الذين اشتغلوا معي، فأرجو منكم إعطائي فتوى أبرئ بها ذمتي، مع العلم بأن الأفارقة تقوم الدولة بترحيلهم إلى بلادهم فكيف أفعل؟ وبارك الله فيكم، وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا بحثت عنهم واستنفذت وسعك في ذلك فلم تجدهم، ويئست من العثور على أحد منهم، فتصدق بهذا المبلغ عنهم، فإذا وجدت أحداً منهم بعد ذلك، فخيره بين الإبقاء على هذه الصدقة والأجر له، أو إعطائه المال الذي له، وراجع الفتوى رقم: 8315.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(12/14176)
هل يقبل التخفيض الذي يعطيه له العامل في المحل
[السُّؤَالُ]
ـ[ْأشترى من سوبر ماركت أشياء ويقوم العامل بعمل تخفيض لي بدون علم صاحب العمل أيقع علي إثم مع العلم أنهم يعملون تخفيضات للجميع ولكن إذا اشتريت من صاحب العمل يبيع لي دون تخفيض وماذا أفعل في ما أخذته إن كان علي إثم؟ وجزيتم خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في ذلك، لأن الظاهر أن هذا العامل مفوض بذلك من قبل صاحب المحل، بدليل أنه لا يخصك بذلك، بل يمنح هذا الخصم لكل العملاء، لكن إن تبين أنه يعطي هذا التخفيض بدون تفويض من صاحب المحل فلا يجوز حينئذ قبوله إلا بإذن صاحب المحل. قال ابن قدامة في المغني: ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله من جهة النطق أو من جهة العرف، لأن تصرفه بالإذن فاختص بما أذن فيه. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1425(12/14177)
بين الإجارة والوكالة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أقوم بعمل ما لشخص أعرفه بمبلغ من المال وأقوم بمحاسبته بقيمة أعلي من القيمة الفعلية التي تكلفتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقيامك بهذا العمل يحتمل أمرين، الأول أن يكون من باب الإجارة ولك أن تطلب الأجرة التي تريدها فإذا رضي هذا الشخص بها فلا مانع من العمل له، المهم أن تتفقا على قدر الأجرة قلت أو كثرت وتعقدا الإجارة عليها.
أما إذا تم العمل بدون تحديد الأجرة فالإجارة فاسدة وليس لك إلا أجرة المثل.
وراجع الفتوى رقم 52619.
والاحتمال الثاني أن يكون الشخص وكلك على عمل تقوم به، فإما أن تفعل ذلك تبرعاً منك، وإما أن تفعله بأجر، وإذا كان بأجر لزم تحديد الأجر، وإرجاع الزائد من المال إلى صاحبه قال في الكفاف:
وإن يزد فالزيد للموكل لا لوكيله الذي لم يعدل.
فإن لم يحدد الأجر عند عقد الوكالة فالإجارة فاسدة ولك أجرة المثل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1425(12/14178)
حكم أخذ عمولة مقابل دلالة المرضى على عيادة الطبيب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيب متخصص، لي عيادتي الخاصة، لا أعمل إلا في اختصاصي وعملي هذا يتطلب أن يحّول لّي زملائي الأطباء (الممارسين العامين) المرضى، ومن المفروض أن تكون نسبة هؤلاء المرضى حوالي 70 % من عملي، لكن الواقع أقل من ذلك بكثير!!! وعندما فتشت عن السبب وجدتهم وبصراحة يطلبون تقاضي عمولة لقاء إحالة المرضى!! فهل يجوز عمل ذلك، وإذا لم يحمّل المريض هذه العمولة فهل يجوز؟ مثلا! ذا كانت قيمة المعالجة 10000 وأردت أن أدفع، عمولة 1000 فتبقى قيمة المعالجة 10000 وينقص ذلك من دخلي الصافي ليصبح 9000 فقط؟ وجزاكم الله عن المسلمين خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قيام زملائك بدلالة المرضى على عيادتك أمر جائز إذا نصحوا لهم ولم يغشوهم كأن يعلموا أن غيرك أفضل منك وأحذق في هذا المجال، ولكن لأنك تدفع لهم أو تدفع لهم أكثر من غيرك، يدلونهم عليك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم، والنصيحة للعامة إرشادهم إلى مصالحهم في آخرتهم ودنياهم، فإذا سلمت الدلالة من هذا المحذور (محذور الغش) ، وحددت العمولة التي تدفعها للأطباء عند قيامهم بذلك فلا مانع، ويعتبر ذلك من باب السمسرة، وهي جائزة والدليل على جوازها قول الله جل وعلا: وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ {يوسف:72} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1425(12/14179)
الاستفادة من إعانات منظمة تخالف الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله
أنا طالب أدرس في الجامعة وزارة التعليم العالي هنا توفر للطلبة عدة خدمات وهي: منحة دورية بقيمة 150 دينارا في 3 أشهر وغداء وعشاء بثمن رمزي (0.2 دينار) لا يصل إلى ثمنه الحقيقي (1.5 دينار) والأمر الذي يريبني هو أن هذه الأموال وأثمان الطعام هي إعانات من اليونيسيف التابعة للامم المتحدة وأنا لا أرى هذه الإعانات إلا رشوة كي نطيعهم فهل يجوز لي الأخذ منها حينما أحتاج لها يرحمكم الله فإن الكثير لا يعيرون لهذا الأمر اهتماما.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان قبول هذه الإعانات لا يستلزم خضوعك لهذه المنظمة فيما هو مخالف للإسلام كفعل المحرمات، أو ترك الواجبات، فلا بأس بقبولها، وراجع الفتوى رقم: 7680.
أما إذا كان يستلزم ذلك، فلا يجوز ولو كنت محتاجاً، مضطراً لأن حفظ الدين مقدم على حفظ النفس عند التعارض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1425(12/14180)
حكم توصيل البث الفضائي بغير إذن الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: كثير من العرب في أمريكا مشتركون في الدش (الستالايت) العربي وكثير منهم يطلبون خط آخر لنفس البيت بتكلفة قليلة يعني للغرف المجاورة المهم في البيت نفسه وكثير منهم يستغلون هذه الميزة لأخذ هذا الخط لبيت آخر مثل أقارب أو جيران ويتقاسمون دفع الفاتورة وتصبح أرخص من الثمن المترتب عليهم، مع العلم بأن الشركة لا توافق على هذا الأمر، فهل هذه الأفعال محرمة وتعد سرقة، حيث إنهم يقنعون أنفسهم بمشروعية هذا الأمر للتوفير المادي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور:
الأمر الأول: الإقامة في بلاد غير المسلمين وقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتوى رقم: 2007.
الأمر الثاني: استخدام جهاز البث الفضائي المسمى بالستلايت أو ما يقوم مقامه من الكيبلات، وقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتوى رقم: 36084.
والأمر الثالث: حكم اشتراك أكثر من شخص في هذا البث مع أن الشركة الموصلة تمنع ذلك، وقبل الإجابة عن ذلك لا بد من العلم بأن مشاهدة القنوات المحرمة لا تجوز سواء أذنت الشركة الموصلة أم لا، أما في حالة كون القنوات مباحة ولم تأذن الشركة بالتوصيل للآخرين فلذلك حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون ما تقوم به الشركة هو توصيل الكيبل لبث القنوات -وهذا هو الظاهر من السؤال لقول السائل (ويتقاسمون دفع الفاتورة) - ففي هذه الحالة لا يجوز لأحد أن يوصل الكيبل إلا بإذن الشركة لأن مثل ذلك كمثل الكهرباء، ولا يجوز تبرير ذلك بالتوفير المادي ولا بأن الشركة لكفار لأن من دخل دار الحرب بأمان حرم عليه التعرض لأموال أهلها ودمائهم.
الحالة الثانية: أن يكون ما تقوم به الشركة هو بيع وتركيب طبق الاستقبال وهذا قد يفهم من قول السائل (مشتركون في الدش) وفي هذه الحالة لا حرج على مشتري الطبق أن يوصل لمن شاء وليس من حق الشركة منعه لأن المبيع إذا انتقل إلى المشتري فله التصرف فيه كما يشاء، هذا ما لم يشترط في عقد البيع ألا يتصرف المشتري بسلعته كيفما شاء لأن هذا الشرط ينافي مقتضى البيع، وقد تقدم في الفتوى رقم: 49776 حكم البيع مع مثل هذا الشرط، وهذا كله إذا كان ما سيشاهد في هذا البث هو من المباح، أما إذا كان محرما فهو حرام مطلقا كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1425(12/14181)
حكم الانتفاع بالأشياء التي لا يعرف أصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسكن في عمارة إيجار/لكل ساكن غرفة في البدرووم خاصة به يضع عليها قفلا ورقمها عند البواب في ملف كل ساكن/وجدت غرفه مفتوحة من 7 شهور والأشياء التي بداخلها واقعة فتصورت أن أصحابها نسوها مفتوحة وقفلتها ثم عدت بعد فترة لأجد ثاني الحاجات مبعثرة ومفتوحة هذا أمر عجيب حيث إن المفروض أن الغرف كلها مغلقة بأقفال من أصحابها إلا أن يكون أصحابها تركوا العمارة وتركوا الأشياء المستعملة وسألت البواب هل ممكن أخذ هذه الغرفة فقال لي إذا كانت مفتوحة آخذها وأضع اسمي عليها فهل لي الحق أن آخذ الأشياء المستعملة التي بداخلها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سألت عنه له حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون أصحاب هذه الأشياء معروفين فلا يجوز أخذها ولا الاستفادة منها إلا بإذنهم، إلا أن يعلم أنهم قد تركوها لمن يريد أن يأخذها.
والحالة الثانية: أن يكونوا غير معروفين فتأخذ هذه الأشياء حكم اللقطة، فإذا كانت مما لا يؤبه له ومما لا تتبعه نفس صاحبها فلا حرج في أخذها والاستفادة منها، وإذا كانت مما يؤبه له ومما تتبعه نفس صاحبه فلا يجوز الاستفادة منها إلا بعد تعريفها.
ولمزيد فائدة راجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 50557، 26139، 5663.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(12/14182)
تأجير البيوت مدى الحياة..نظرة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإجابة على هذا السؤال: نحن عائلة تتكون من خمسة أشخاص (الأب والأم وثلاثة بنات) قمنا ببناء بيت ملاصق لبيتنا وقمنا بتأجيره قبل ما يقارب 15 سنة وأكثر واتفق أبي مع المؤجر على مبلغ التأجير ولكن بدون كتابة عقد ومع تفاقم الوضع الاقتصادي (كان وضعنا المادي سيئا) كنا نطالب بين فترة وأخرى بزيادة مبلغ الإيجار إلى أن وصل قبل الحرب الأخيرة علينا إلى 10 آلاف دينار في الشهر وكان الدولار يساوي تقريبا 2000 دينار مع العلم أن القانون لم يكن يسمح بإخراج المؤجر مهما كان مبلغ الإيجار إلا في حالة وجود أبناء لصاحب الدار لا يملكون عقاراً باسمهم ويرغبون بالزواج فيسمح لهذا الابن سواء كان ولداً أم بنتاً بإظهار عقد الزواج وإخراج المستأجر والسكن في الدار وبعد انتهاء الحرب الأخيرة علينا ومع تحسن رواتب الموظفين طلب والدي من المستأجر زيادة الإيجار وما يتناسب مع الوضع الراهن إلا أن المستأجر رفض وقال أنه لن يدفع سوى 25 ألف دينار والبيت إيجاره يساوي تقريبا 150-200 ألف دينار شهريا وقام بإعطاء الإيجار لدى كاتب العدل ولكن أبي لم يستلمه منذ تلك الفترة وقد سألنا أهل الشرع فقالوا أنه بما أن صاحب الملك غير راض على الإيجار فيعتبر هذا حرام على المستأجر الوضع الآن أنه تمت خطبتي وتم عقد قراني والآن أبي يطلب مني إعطاءه عقد الزواج كي يخرج هذا المستأجر ولكني غير موافقة لأني أظن أن هذا يحرم شرعا أن أقوم بتشريد عائلة مع العلم أنه حصلت مشادات بين العائلتين ولكن مع هذا فأنا مؤمنة أن الله سبحانه هو الذي يحاسب وليس نحن مع العلم أننا غير محتاجين مادياً حالياً ولا تتوقف معيشتنا على إيجار هذا البيت أفيدوني رجاءا هل أنا على صواب؟ هل شرعا يحق أن نخرجهم من بيتنا باستخدام عقد الزواج؟ ألا يعتبر هذا شؤماً علي وعلى عائلتي؟ ألن يقوموا بالدعاء علينا؟ هل يعتبرون مظلومين وأنا الظالمة؟ وهل في عصياني لوالدي إثم علي لأني لا أقبل بطاعته في هذا الأمر؟ ألا يهدد هذا الأمر حياتي المقبلة؟ أنا لن أكون مرتاحة وأنا اعلم أني السبب انا خائفة من أن والدي يأخذ العقد ويرفع دعوى في المحكمة على هذا المستأجر وإذا فعل هذا هل اعتبر شريكة في هذا الأمر حتى مع عدم موافقتي؟
أرجو الإجابة بالسرعة الممكنة وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تفعله بعض الدول من إلزام ملاك البيوت بتأجيرها مدى الحياة بأجرة زهيدة لا يجوز، ولا يجوز للمستأجر الاستمرار في ذلك استناداً إلى القوانين الوضعية التي تقره، بل عليه أن يرجع العين المؤجرة إلى مالكها إن كان حياً، أو إلى ورثته إن كان ميتاً، أو يبرم معه عقداً شرعياً تحدد فيه المدة، وتحدد فيه الأجرة باتفاق الطرفين وبرضاهما، وراجعي للتفصيل الفتويين رقم: 44764، ورقم: 43972.
وإذا تقرر ها، فلا حرج في أن تعطي والدك وثيقة عقد قرانك لكي يتمكن من إخراج هذا المستأجر من البيت، بل يجب عليك ذلك لوجهين:
الأول: إن ذلك طاعة لوالدك في المعروف، وطاعة الوالدين من أوجب الواجبات التي أمر الله بها، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء: 23} .
الثاني: أن ذلك نصرة لأبيك من هذا المستأجر الذي يظلمه، وقد روى البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع، فذكر منها: ... ونصر المظلوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(12/14183)
جعل السمسار مباح
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الجليل أني أحبك في الله وأسأل الله العزيز القدير أن يجمعنا معا يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، أود سؤالكم في هذه المسألة، عندي صديق أراد شراء سيارة بمواصفات معينة على أن يكون سعرها خمسة آلاف دينار فقمت بالبحث حتى وجدت له سيارة بسعر 4آلاف دينار، فقلت للبائع إن هناك شخصاً يريد أن يشتري سيارة بخمسة آلاف وهو سيشتري سيارتك على أن تعطيني الألف الزائد فوافق البائع وتمت الصفقة مع أن المشتري لم يعلم بهذه القصة والسعر الأصلي وهو سعيد بهذه الصفقة، أنا اشتريت بهذا الألف هاتفاً نقالاً فما حكم البيعة وإذا كانت باطلة فماذا أفعل بالجهاز الذي اشتريته، أرجو منكم فتوى واضحة وعدم إحالتي إلى أي فتوى مشابهة لكي لا أرتاب في الأمر؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قمت به من البحث عن سيارة لصديقك والاتفاق مع البائع على إحضار مشتر لسيارته مقابل أجر معلوم يسمى سمسرة، والسمسرة هي الوساطة بين طرفي العقد لإتمام العقد أو الدلالة عليه وهي جائزة، إذا لم تتضمن إعانة على بيع محرم، أو الدلالة على ما يحرم بيعه، أو التعامل فيه.
والسمسرة معدودة عند الفقهاء من باب الجعل، ففي المدونة: في جعل السمسار: قلت: أرأيت هل يجوز أجر السمسار في قول مالك؟ قال: نعم سألت مالكا عن البزاز يدفع إليه الرجل المال يشتري له به بزا ويجعل له في كل مائة يشتري له بها بزا ثلاثة دنانير؟ فقال: لا بأس بذلك، فقلت: أمن الجعل هذا أم من الإجارة؟ قال: هذا من الجعل. انتهى.
وعليه فلا حرج عليك في أخذ المبلغ المذكور لأنه عبارة عن جعل من البائع مقابل توفير مشتري لسيارته، ولا يضر كونه كان مستعدا لبيعها بمبلغ أقل من الذي باع به بعد ذلك لأنه له أن يبيع بما يشاء، وقد حصل البيع مع المشتري عن تراض والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ {النساء:29} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1425(12/14184)
متى يباح التسعير ومتى يحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم زيادة أسعار السلع والخدمات في موسم اشتداد الطلب عليها مثل رفع أسعار الفنادق والخدمات في مكة المكرمة في رمضان وخاصه الأيام الأخيرة منه وأيام الحج حتى تصل إلى ثلاثة أضعاف قيمتها الحقيقية في الأيام العادية رغم عدم وجود زيادة في التكاليف ومما يؤدي إلى تعجيز المسلمين والتضييق عليهم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الزيادة في أسعار السلع والخدمات عن ثمن المثل، نتيجة قلة العرض وزيادة الطلب، فهذه الزيادة جائزة، لا حرج فيها، فقد روى الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال: غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الناس، يا رسول الله غلا السعر فسعر لنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطلبني في دم ولا مال. رواه الخمسة إلا النسائي. وصححه ابن حبان وقال أبو عيسى الترمذي: حديث حسن صحيح. ... ... ... ... ... ... أما إذا كانت نتيجة تواطؤ أو استغلال من أصحاب السلع والخدمات لحاجة الناس، فيجب على ولي الأمر أن يسعر هذه السلع والخدمات بالقدر الذي يحقق المصلحة ويدفع الظلم، كما هو مذهب جماعة من أهل العلم، وحملوا الحديث السابق المانع من التسعير على الأحوال العادية التي يبيع فيها الناس سلعهم على الوجه المعروف من غير ظلم منهم، وقد ارتفع السعر ـ إما لقلة الشيء وإما لكثرة الخلق ـ أما الأحوال التي يمتنع فيها أرباب السلع من بيعها ـ مع ضرورة الناس إليهاـ إلا بزيادة على القيمة المعروفة فذهبوا إلى أن الحديث لم يتناولها. قال ابن العربي المالكي في عارضة الأحوذي بعد ذكره حديث أنس: والتسعير على الناس إذا خيف على أهل السوق أن يفسدوا أموال المسلمين ... وما قاله النبي صلى الله عليه وسلم حق، وما فعله حكم، لكن على قوم صح ثباتهم واستسلموا إلى ربهم. وأما قوم قصدوا أكل أموال الناس والتضيق عليهم فباب الله أوسع وحكمه أمضى. وقال ابن القيم: ... وأما التسعير، فمنه ما هو محرم ومنه ما هو عدل جائز، فإذا تضمن ظلم الناس، وإكراههم بغير حق على البيع بثمن لا يرضونه، أو منعهم مما أباح الله لهم فهو حرام، وإذا تضمن العدل بين الناس مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل، ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ الزيادة على عوض المثل فهو جائز، بل واجب. وراجع لمزيد من الفائدة والتفصيل الفتوى رقم: 26530، والفتوى رقم: 48391، والفتوى رقم: 48165.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1425(12/14185)
حكم إجبار المواطن على دفع غرامة التأخير إن لم يكن هو المتسبب فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ملتزم بقوانين المرور دائماً وأقوم بتجديد الملكية والرخصه لكن في وقت انتهت استمارات التجديد وكلما اتصلت عليهم قالوا لاتوجد استمارات والملكية لها 9أشهر منذ انتهائها وذلك لعدم وجود استمارات لديهم وفي وقت لا أعلم صدرت استمارات التجديد وعند علمي بها نزلت لكي أجدد قالو عليك غرامة لمدة 9أشهر وشرحت لهم ماسبق لكن تجاهلوا ذلك وغرمونا مبلغا من المال.ماهو الحكم في ذلك هل هذا ظلم وماذا أفعل هل أدعو عليهم بسوء؟ 2.في فترة عدم تجديد الملكية قام أحد رجال المرور بايقافي في الطريق وقال عليك غرامة ادفعها الآن وإلا نذهب إدارة المرور شرحت له الظروف لم يقدر ذلك وأنا مستعجل في تلك اللحظة ودفعت له مبلغا من المال لكي أتخلص من المأزق وقلت له إن هذا المال لك هنيئا ومسامح عليه وأعطاني ملكيتي وسلمنى إياها.سؤالي هو هل المال الذي أعطيته له يعتبر حراما عليه علما أني في قلبي لم أهنيه له ولن أسامحه بل مبالغة أمامه لكي أخرج من المأزق؟ وهل علي إثم عندما أعطيته هذا المال؟ وهل يعتبر المال كرشوه مني له؟ وهل يحق لي أن أدعو عليه بمكروه؟ أجيبونا عن هذه الأسئلة وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فظاهر الحال أن إلزامك بغرامة التأخير بدون سبب منك ظلم وأخذ لمالك بالباطل، ولا مانع في هذه الحالة من التظلم والدعاء على الظلمة، لقوله تعالى: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ {النساء: 148} . قال ابن عباس: إلا أن يدعو على ظالمه. ولما ثبت في الصحيح أن سعد بن أبي وقاص دعا على من ظلمه؟ ولكن ترك الدعاء على الظالم أفضل، لقوله تعالى: وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ {النحل: 126} .أما مو ضوع دفع الرشوة وما يحرم منها وما يحل، فراجع الفتوى رقم: 43624.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1425(12/14186)
حكم احتفاظ العامل بالباقي الموهوب له من الزبون
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف في مقهى الإنترنت وهناك زبائن يعطونني المبلغ المستحق ويقولون لي احتفظ بالباقي، فهل يجوز لي أخذ الباقي دون علم صاحب المحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان عقد العمل مع صاحب المقهى يشترط عدم أخذ مثل هذه الأموال فلا يجوز لك ذلك، فالمسلمون عند شروطهم.
أما إذا لم يشترط عليك صاحب المقهى أي شرط بالنسبة لهذه الأموال، أو كان العرف قد جرى بكونها لك، أو أعطاك إذناً صريحاً أو ضمنياً بتملكها، فلا مانع لك من أخذها، وراجع الفتوى رقم: 12640.
ولمعرفة حكم العمل في مقهى إنترنت بالتفصيل راجع الفتوى رقم: 10836.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1425(12/14187)
حكم العمولات التي يتلقاها المدير من العملاء
[السُّؤَالُ]
ـ[عطفا على سؤالى رقم243165 فإني أحب أن أوضح لكم بأن هذا المال يأتي لرئيسي من الشركات على هيئة عمولة من الشركات التي نتعامل معها لا أعرف تحديدا مقدار هذه العمولة ولا من أي جهة تحديدا يأتيه هذا المال لأنى لست مشتركاً معهم ولكنى أوكد لكم حسب ماعلمت منه أن هذا المال يأتى بصفة عمولة بنسبة لم يحددهاهو لي، وهو أيضا لا يريد أن يذكر لي أي تفاصيل عن هذا الموضوع كل ما هناك أنه يعطينى هذا المال في أوقات متفرقة فقط.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه العمولة التي تعطى لمدير الشركة لها ثلاث حالات: الحالة الأولى: أن تكون قد أعطيت له شخصيا وليست للشركة، فهي من حقه ولا حرج عليه في التصرف في هذه الأموال كيفما يشاء، لكن بشرط ألا تكون هذه العمولة سببا في الإخلال بعمله أو مجاملة العملاء على حساب الشركة. الحالة الثانية: أن تكون هذه العمولات قد أعطيت لهذا المدير على أنها لشركته لا له، وفي هذه الحالة لا يجوز له أن يتصرف في هذه الأموال إلا بإذن الشركة أو يكون من صلاحياته فعل ذلك. والحالة الثالثة: أن تكون هذه العمولات قد أعطيت لهذا المدير على أنها للموظفين يوزعها بحسب نظره، ومن ذلك تعلم قبولكم عطايا هذا المدير: ففي الحالة الأولى يجوز لكم ذلك ما لم تكن تلك العطايا سببا في الإخلال بعمله أو مجاملة العملاء على حساب الشركة، وفي الحالة الثانية يجوز لكم ذلك إذا أذنت له الشركة أو كان من صلاحياته ذلك. وفي الحالة الثالثة: يجوز لكم ذلك، والأمر في هذه الحالة واضح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1425(12/14188)
هل على من يتعامل مع مكاتب الكمبيوتر السؤال عن برامجهم أصلية أم منسوخة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا ذهبت إلى أحد مكاتب الكومبيوتر وأردت أن أستفيد من خدمة من الخدمات مثل الطباعة وغيرها ولأن الناس في الغالب يستخدمون برامج منسوخة فهل يجب علي أن أسأله هل يستخدم نظام تشغيل أصلي وبرامج أصلية أم لا يجب ذلك؟ وهل أذهب إلى المكاتب الكبيرة التي أعتقد أنهم يستخدمون برامج أصلية لأنها معرضة للتفتيش بحكم كونها كبيرة أم لا يجب ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على أمرين:
الأمر الأول: مسألة حقوق النسخ: فقد اختلف أهل العلم المعاصرون في مسألة حقوق النسخ والطبع للكتاب والأشرطة وأقراص الليزر ونحوها، ولهم في ذلك ثلاثة أقوال:
القول الأول: التحريم مطلقاً، سواء كان ذلك للاتجار أو للاستعمال الشخصي، ما لم يكن صاحب الحق كافراً حربياً، وعلى ذلك أكثر المجامع الفقهية، وعليه الفتوى في الشبكة الإسلامية.
القول الثاني: الجواز مطلقاً، لأن ذلك من كتم العلم والحد من انتشاره والاستفادة منه.
والقول الثالث: الجواز في الاستعمال الشخصي دون التجاري، لأن في الاتجار تعديا على حقوق المصدرين لهذا البرنامج، وراجع تفاصيل ما سبق في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3248، 17339، 6080، 6421، 33715.
الأمر الثاني: قولك: فهل يجب علي أن أسأله هل يستخدم نظام تشغيل أصلي....؟ والجواب: أنه لا يلزمك سؤال صاحب المحل عن برامجه ولا الذهاب إلى المحلات الكبيرة الخاضعة للرقابة إلا إذا علمت أن شخصا بعينه يستخدم برامج منسوخة على وجه غير مشروع، وإلا فلا يجب التفتيش عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1425(12/14189)
بيع ما لا يملك باطل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
اشتريت أرضاً من أحد الأشخاص وقد أراني قطعة الأرض وحدد لي موقعها، ودفعت له مبلغاً من المال على أن يسدد باقي المبلغ عند الاستلام، ومات الرجل فرجعت إلى ورثته فاعترفوا بالعقد الابتدائي وأضافو توقيعهم على العقد، وقد أفادوا في وقته أن هناك مشاكل مع الجمعية المالكة للأرض وأنهم يحاولون حلها، وبعد فترة زمنية من مراجعتهم أفادوا أن الجمعية قد نصبت عليهم وأن الأب لم يستلم الأرض (علما أننا اشترينا الأرض من الأب وليس من الجمعية) فكيف يبيع أرضاً ليست ملكاً له وأفادوا أنهم على استعداد لرد أصل المبلغ متجاهلين القيمة الحالية للأرض، حيث أفاد الورثة أنهم حسب استفسارهم أنه حرام أن نأخذ أكثر من المبلغ المدفوع، أن المبلغ المدفوع للأب ليس من حقنا لأنه لم يستلم الأرض وأنه نُصب عليه، نرجو إفادتنا: هل يحق لنا استرداد المبلغ المدفوع مع مراعاة القيمة الحالية للأرض، أم يعتبر المبلغ استثمر معهم ويسترد مع الأرباح مدة عشرين عاماً، أم نسترد المبلغ المدفوع فقط، وحرام أن نأخذ أكثر من المبلغ المدفوع رغم مرور عشرين عاماً؟ وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أنكم اشتريتم الأرض من هذا الشخص ودفعتم بعض المبلغ وأخرتم الباقي إلى وقت التسليم، ثم إن هذا الشخص مات قبل التسليم وتبين بعدها أنه لم يكن مالكاً للأرض عندما باعها لكم بل ما زالت باقية في ملك الجمعية التي كان يريد أن يشتري الأرض منها.
فإذا كان الأمر كذلك فإن البيع الذي تم بينكم وبين هذا الشخص يعد باطلاً لأنه باع ما لم يملك، وبيع ما لا يملك باطل، وراجع الفتوى رقم: 23159.
وعليه فالأرض مازالت في ملك الجمعية ويجب على ورثة الشخص المذكور أن يعيدوا لكم المبلغ الذي دفعتموه لمورثهم، ولا يلزمهم أن يعطوكم أكثر من ذلك المبلغ بحجة أن سعر الأرض قد ارتفع لأن الأرض ليست لهم ولا لكم، فلا علاقة للأرض بالمبلغ، كما لا يلزمهم أن يعطوكم أكثر من المبلغ بحجة أنهم قد استثمروه خلال فترة بقائه معهم، لأن المبلغ كان معهم برضاكم، وقد كان خلال هذه الفترة في ضمانهم والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: الخراج بالضمان. رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه ابن القطان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1425(12/14190)
حكم التعامل التجاري مع من يشتغل بالسحر والشعوذة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي هو: أتعامل مع شخص لغرض تجاري، مع العلم بأن الناس يقولون أنه عشاب أو أنه يفك السحر أو ما شابه ذلك، ما حكم هذا التعامل، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الرجل يبيع الأعشاب أو يفك السحر بالطرق الشرعية الخالية من الشعوذة والدجل والتعامل مع الجن وفك السحر بمثله فلا حرج في التعامل معه في المال الذي اكتسبه عن طريق فك السحر، وراجع الفتوى رقم: 10981، والفتوى رقم: 6125.
أما إذا كان يفك السحر، بالشعوذة والدجل والمعاملة مع الجن وفك السحر بمثله، ونحو ذلك من الطرق المحرمة، ففي التعامل معه تفصيل:
إن كان له مال آخر غير المال الذي اكتسبه بفك السحر، جازت معاملته مع الكراهة، ما لم يتيقن أن الذي يتعامل به هو عين المال الحرام، وإن لم يكن له مال غير الذي اكتسبه عن طريق فك السحر فلا تجوز معاملته لأن المال المكتسب عن طريق فك السحر مال محرم، وراجع للتفصيل الفتوى رقم: 7707.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1425(12/14191)
كيف يتصرف الموظف فيما صرف له بدون وجه حق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مدرس بأحد المعاهد وبقيت 8 أشهر من العمل بدون مرتب وأنا الآن أريد أن أتزوج فقدمت طلب إجازة بدون مرتب لمدة سنة من هذا المعهد لكي أبحث عن عمل جيد ومرتب أفضل والحمدلله تحصلت على عمل ولكن براتب أقل من العمل الأول واليوم يتم نزول مرتب تسعة أشهر مع أني عملت في المعهد ثمانية أشهر فكيف أتصرف في هذا المبلغ وهو مرتب شهر زائد وقيمته (180) دينارا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن هذا المبلغ الزائد بدل حق من حقوقك كبدل إجازة أو بدل مواصلات أو بدل نهاية خدمة أو ... إلى غير ذلك من الحقوق ـ إذا لم يكن هذا المال شيئا من ذلك ـ فإنه يجب عليك أن تبرئ ذمتك برد ما أخذته من أموال إلى مصدرها وهو بيت مال الدولة، وذلك إذا كان القائمون عليه يعدلون فيه، وإلا لم يجز إرجاعه إليهم، بل تصرفه في وجوه الخير ومصالح المسلمين العامة، كالقناطر والمساجد ومصالح الطريق ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه، وإلا فتصدق به على فقير أو فقراء ولو كانوا من أقاربك بشرط أن يكونوا ممن لا تجب عليك نفقتهم، وينبغي أن يتولى ذلك القاضي أو أي رجل من أهل البلد دين عالم، فإن عجزت عن ذلك توليت الأمر بنفسك، فإن المقصود هو الصرف إلى هذه الجهة. وراجع الفتويين التاليتين: 53026، 51383.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1425(12/14192)
نصائح غالية لمن تخسر صفقاته التجارية غير الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أستحلفكم بالله أن تقرأ رسالتي ولو كانت طويلة فأنا بحاجة لمن يقول لي ما الصواب وما الخطأ. أخذت من أحد الأشخاص مبلغا لأعمل به واتفقت معه بأن أعطيه نسبة من الأرباح واتفقنا أن يأخذ مني كل فترة مبلغا وفي النهاية يتم الحساب وكتبت له شيكات لضمان المبلغ وبعد عدة شهور خسرت في تجارتي وكان قد أخذ مني مبلغاً لا بأس به لكنه لم يتعرف على خسارتي وضغط علي بالشيكات وأنا أخاف من السجن والبهدلة استدنت من السوق وسددته وبدأت بالانهيار إذ بدأت بشراء بضاعة لأجل وأبيعها وأسد الدين وهكذا كلما أستحق ثمن بضاعة أشتري غيرها. وأخذت مالا من شخص أخر لأعمل به ولكني سددت به جزءا من الدين وصرت أقول لهذا الشخص إننا نعمل وكل وقت اعطيه مبلغا على أساس أنه ربح وغرقت في دين لا طاقة لي برده وتضاعف المبلغ الأساسي مرتين أو ثلاثا وكلما دخلت في صفقة لأعوض اخسر من جديد وهكذا. أنا لا أقطع فرض صلاة ولا أرد سائلا أبدا وأنفق في الخير كثيرا قبل هذه القصة وبعدها وأساعد كل من يطلب المساعدة ابتغاء وجه الله ولا أكف عن الدعاء لا بالليل ولا بالنهار أنا وزوجتي ونتقرب إلى الله بكل ما نستطيع والوالدان راضيان عنا ولا نريد أكل الحرام وكل همنا أعادة أموال الناس ونعمل كل مابوسعنا وتراني أسافر من بلد إلى بلد سعيا وراء هذا ولكن كلها خسارة فوق خسارتي وكلما أغلق باب في وجهي فتح أخر ولكني أخسر والله ساترني بفضله إذ إلى الآن لا أحد يعلم بي ولا يعرف وضعي وكلما استحقت علي دفعة يتيسر لي سدادها مع العلم أنه يفترض بي أن أكون بالسجن. سؤالي جزاكم الله خيرا، هل المبلغ الذي أعطيه للشخص الثاني كل فترة على أنه أرباح يعتبر ربا ويعتبر أكلي وشربي من مال حرام. وأعتبر من العاملين بالربا هل الله لا يستجيب مني لأني أقوم بذلك_ تطبيقا لقول النبي عليه الصلاة والسلام_ ويمدني في طغياني ويعاقبني أم أن الله يستجيب مني ويمتحنني ويمتحن صبري ويساعدني على الصبر والفرج آت. عرض علي شخص أن يعطيني ضمانا بنكيا ويأخذ مني مبلغا مقطوعا مقابل هذا الضمان وأسدد البنك على سنوات. أعلم أن هذا ربا لكن ماذا أفعل إذ أنه كل يوم يزيد المبلغ الذي علي في السوق وإذا علم الناس في السوق وضعي فإني لن أسلم منهم وربما قضيت عمري الباقي في السجن ناهيك عن زوجتي وأبني الصغير الذين لاذنب لهم ووالدي الذي إن علم حجم المبلغ مات فورا من الصدمة
ساعدني بالإجابة أرجوك أرجوك قل لي ماذا أفعل أخذ الضمان أم أبقى على حالي لحين الفرج. أنا أخاف من توعد الله لآكلي الربا ولم أقبل العرض ولكن00000000 ثقتي بالله كبيرة وكل يوم يخال لي أنه يوم فرج بعد ليلة أقضيها في الدعاء وأكون متفائلا فإنني لم أضر أحد وكل ماأفعله كي لاأضر الناس الذين وثقوا بي وأعيد لكل ذي حق حقه لكني أخاف أن يكون الله غاضبا مني على هذه التصرفات وحالي من سيء إلى أسوأ ولا أعترض على قضاء الله ولا أستطيع التراجع ولا أستطيع أن أفضح نفسي وأرمي بنفسي في التهلكة وقد يسر الله أن أستر نفسي هذا إن كان راضيا عني ولا يعاقبني ويدعني أتورط أكثر فأكثر.إني خائف وضائع لذلك راسلتكم لتفتوني. للعلم كل يوم يزيد المبلغ من 300$_ 500$.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يفرج همك وأن يشرح صدرك وأن يجبر خسارتك وأن يوفقك إلى ما يحبه ويرضاه، واعلم أن ما أصابك إنما هو بشؤم تعدي حدود الله، كما في صحيح ابن حبان وغيره عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. ويظهر هذا التعدي من خلال عدة أمور: الأول: ما تعهدت به للشخص الأول من ضمان رأس ماله، ومعلوم أن ضمان رأس المال في المضاربة أو الشركة بشيكات أو غيرها يفسدها ويجعلها معاملة ربوية محرمة كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 5160. الثاني: أخذك جزءا من مال الشخص الثاني الذي تعمل فيه، لتسدد به دينك، وهذا لا يجوز لأنك أمين على هذا المال ولا يجوز لك أن تتصرف فيه بمنفعة تخصك إلا بإذن صاحبه. الثالث: إخبارك الشخص الثاني بأنك تربح وإعطاؤك إياه أرباحا وهمية حتى لا يطالبك برأس المال، وهذا لايجوز لأنه كذب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا. متفق عليه، كما أنه ربا، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 10601. ولا يلزم من دفعك لهذا الربا أن مأكلك ومشربك حرام، لأنك مؤكل للربا ولست آكلا له، ولا ريب أن هذه المعاصي التي أشرنا إليها قد تمنع قبول الدعاء، وقد تقدمت الإشارة إلى هذا في الفتوى رقم: 9554. وما جرى لك من الخسارة وكثرة الدين، ابتلاء من الله تعالى لعلك أن تراجع أمر الله وتعجل بالأوبة إليه. والذي ننصحك به عدة أمور: الأول: التوبة إلى الله، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، ومن اتقى الله جعل له من كل هم فرجا ومن كل ضيقا مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2ـ3} الثاني: لا مانع من أخذ هذا الضمان الذي هو عبارة عن قرض ربوي، لتفادي الوقوع في السجن، إذا لم تجد وسيلة غير ذلك لأن مثل هذا ضرورة، والضرورات تبيح المحظورات، وراجع الفتوى رقم: 48727. الثالث: الإلحاح على مجيب دعوة المضطرين، وفارج كربة المكروبين، ولاسيما آخر الليل، قال الله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ {البقرة:45} ، وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له. وعليك بالأدعية المأثورة في قضاء الدين، ففي الحديث عن علي رضي الله عنه: أن مكاتبا جاءه، فقال: إني قد عجزت عن كتابتي فأعني، فقال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل ثبير دينا أداه الله عنك، قال: قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك. رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه الحاكم، وحسنه الألباني، وراجع الفتوى رقم: 18784. الرابع: الكف عن شراء بضاعة بالأجل ثم بيعها نقدا بأقل من سعرها لأن ذلك من شأنه أن يضاعف عليك الخسارة والدين. الخامس: البحث عن أسباب الخسارة ومعرفة كيفية تلافيها وعدم الإقدام على أي مشروع إلا بعد دراسة وتمحيص، وراجع الفتوى رقم: 7768. ونسأل الله أن يسترك بفضله وأن يغنيك بحلاله عن حرامه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1425(12/14193)
حكم الدروس الخصوصية في الجامعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشرعي لأخذ الدروس الخصوصية في الكلية؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم الدروس الخصوصية في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 25901، 35850، 42516.
فإذا استوفت الدروس الخصوصية الشروط المذكورة في الفتاوى السابقة جازت، وإلا لم تجز، فإذا كانت جائزة على حسب ما ذكرنا فهل يجوز القيام بها داخل الكلية أو المدرسة؟
والجواب: يجوز إذا حصل المدرس على إذن صريح أو ضمني من المسؤولين عن ذلك في إدارة الكلية، فإن أذنوا له جاز له القيام بها عندهم، وإن لم يأذنوا له لم يجز له ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1425(12/14194)
هل تصرف التبرعات في غير مراد المتبرع ومن أحق بزكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل، سؤالي الأول هو: نحن جماعة من المسلمين نعيش في بلاد الغرب ولدينا مسجد ولكن في هذه الآونة الأخيرة اشترينا مسجداً بجوار مسجدنا المذكور، وليس بينهما إلا أن نهدم الحائط الذي بين المسجد القديم والمسجد الجديد فيصبح مسجداً واحداً وسبب الشراء هو الضيق الذي نعانيه في الجمعة والأعياد ورمضان ثم لتوسعة المسجد لمكان الصلاة للرجال والنساء والشباب ومكان التعليم، والسؤال المطروح هو: قبل الشراء اتفقنا مع بعض الأشخاص من الجماعة بفرض قدر من المال قدره 500 يورو أوروبي على كل شخص من الجماعة المنخرطة معنا بهذا المسجد وهذا المبلغ يدفع كليا أو مقسما (تقسيطاً) لكل شهر حسب استطاعة الشخص وما يقدر عليه أن يدفعه كل مرة، كما اتفقنا مع الآباء وأولياء التلاميذ الذين يدرسون بمسجدنا أن يشاركونا في هذا الخير أعني أن يوافقوا ويدفعوا هذا المبلغ المذكور أعلاه 500يورو، وذكرنا بضرورة المشاركة في هذا المبلغ حتى لا يقع النزاع بين المؤدي وغير المؤدي، لأن هناك من يقول أنا ليس عندي أولاد وأديت المبلغ وذاك له أبناء ولم يؤد شيئاً مستحيل، وهذا المكان اشتريناه 150.000 يورو زائد 16.000 يورو لوثائق المسجد و5000 يورو للبائع إعانة للضريبة، ثم بعدها ثمن المهندس المعماري والإصلاح هذا لم نصله بعد إلا أننا قد دفعنا 100.000 و50.000 قسمت على 24 شهراً ابتداء من شهر يوليو 2004 نؤدي 2084 شهرياً لصاحب المحل مع زيادة مصاريف المسجد بما في ذلك الإمام والضوء والماء والشوفاج وما يلزم المسجد تقريبا يصل العدد إلى 4000 شهرياً ونحن نرى أن المداخيل قليلة فلهذا نفرض على الجماعة هذا العدد وعلى الآباء لتحقق هذا المشروع الذي سيعود علينا وعلى مستقبل أبنائنا بالمنفعة ولجميع المسلمين بهذه الديار، ولكم الشكر الجزيل.
ملاحظة: هناك بعض الآباء يقولون نحن لسنا راضين لأداء هذا المبلغ لتوسعة المسجد ولكننا راضون لأداء هذا المبلغ 500 يورو لإصلاح أماكن التعليم (أعني الأقسام) وزيادة الأقسام وتنظيفها وشراء مقاعد جدد وما يلزم القسم؟
السؤال الثاني: إن سمحتم وهذا لمصلحة المسلمين وخوفا من الإثم والمعصية زكاة الفطر، كل عام يحدث نزاع مع المسجلين لزكاة الفطر في العشر الأواخر من رمضان من كل عام نفتح التسجيل لزكاة الفطر ولكن يأتي الكثير للتسجيل مع جميع الأنحاء ومن جميع المدن ونحن نرى أن هذا كثير، كم يأخذ كل شخص، وهناك من يسجل في كثير من الأماكن أعني المساجد وهناك من لا يسجل سوى في المكان الذي يصلي فيه ثم هناك من نعرفهم لا يأتي للتسجيل ينتظرنا لنسجله وحينما نغلق التسجيل يأتي بعدها من يخاصمنا على أن زكاة الفطر التي نجمعها ليست لنا هي من الجماعة، لأننا نرفض بعض الأشخاص غير المعروفين ويقع النزاع، وهذه المرة اقترحنا على بعض المساجد المجاورة على أن نفتح التسجيل في مرة واحدة ونغلق في مرة واحدة، كما اتفقنا على أن نعين عددا محددا لكل مسجد ونسجل أولاً الفقراء والمساكين والطلبة الذين يصلون معنا في المسجد ثم نكمل العدد بالآتين من الأماكن الأخرى وقبل العيد نجتمع فيما بيننا لمراقبة أسماء المسجلين في مساجدنا وعند اكتشاف شخص مسجل في مسجدين أو ثلاثة مساجد نترك اسما واحدا ونلغي باقي الأسماء المكررة، أفيدونا؟ وجزاكم الله خيراً عن الإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن على المسلمين المقيمن في بلاد الغرب أن يتعاونوا على أن يحيوا حياة إسلامية في تلك البيئات الغربية، وأول ما يجب أن يفعلوه هو بناء المساجد والمراكز التي تجمعهم خمس مرات في اليوم على البر والتقوى، يؤدون فيها فرائض الله جل وعلا، ويدرسون ويُدرِّسون فيها أبناءهم كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وهذا الأمر لا يتم إلا بدفع كل شخص ما يستطيع من مال لبناء المسجد والمدرسة والمركز، فالإنفاق في هذا الباب من أفضل وجوه الإنفاق لما ينتج عنه من حفاظ المسلمين على دينهم وقيامهم بواجباته وأركانه، وهو لون من ألوان الجهاد في سبيل الله تعالى، وبناء المساجد فرض كفاية في الأمصار والقرى والمحال ونحوها حسب الحاجة، جاء في كشاف القناع: يجب بناء المساجد في الأمصار والقرى والمحال ونحوها حسب الحاجة فهو فرض كفاية. انتهى.
ومعنى فرض كفاية: أنه إذا قام واحد أو مجموعة ببناء المسجد فقد سقط الإثم عن الآخرين، وإن تركوها جميعاً أثموا جميعاً؛ فالمقصود أن الناس إذا احتاجوا إلى مسجد أو توسعته وجب عليهم جميعاً فعل ذلك فإذا قام به من فيه كفاية أجزأ عنهم، ويسقط الطلب الجازم والإثم بفعل من يكفي، وعليه فإذا لم تتم توسعة المسجد إلا بفرض مبالغ على أهل المنطقة فهو متعين لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وأن أمكن توسعته بالبعض لم يجب على الباقي وبقي الأمر على الاستحباب في حقهم.
ولا بأس أن يُفرض مبلغ من المال على أولياء أمور الطلاب الذين يدرسون في الفصول التابعة لهذا المسجد، ويكون ذلك أجرة مفروضة عليهم مقابل تدريس أولادهم.
وننبه إلى أن هذه الأموال إن دفعت لا على أنها لتوسعة المسجد وإنما لغرض خاص في المركز كإصلاح أماكن التعليم ونحو ذلكه فلا تصرف في غير ما دفعت له، وانظر الفتوى رقم: 9488.
أما بخصوص السؤال الثاني فإن من مصارف زكاة الفطر الفقراء والمساكين، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 12597.
والأصل أنها تدفع لمستحقيها من أهل البلد الذي وجبت فيه، وعليه فأهل منطقتكم ومسجدكم مقدمون على غيرهم في الأحوال العادية، لكن إن كان بغيرهم حاجة شديدة أو فاقة ونحو ذلك؛ فلا بأس بدفع الزكاة إليهم، ويدل على ذلك أن معاذاً رضي الله عنه كان يبعث بزكاة اليمن إلى الفقراء بالمدينة المنورة، للغرض المتقدم، كما أن الفقير يعطى منها بقدر حاجته ولو تكرر إعطاؤه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فلا يجوز أن تكون التسوية بين الأصناف واجبة ولا مستحبه بل العطاء بحسب الحاجة والمنفعة. انتهى.
ولا مانع من تشكيل لجنة مشتركة تقوم بتوزيع الزكاة ومعرفة المستحقين والمحتاجين ووضع الآليات ووسائل تعين على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1425(12/14195)
خطابات الضمان وبطاقات الائتمان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التعامل مع البنوك من أجل خطابات ضمان غير مغطاة100% أي أنني أودع في البنك 25% من قيمة خطاب الضمان والبنك يضمنني في الباقي، وكذلك التسهيلات الائتمانية حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على أمرين:
الأمر الأول: ما يتعلق بخطابات الضمان، وقد تقدم الكلام عن ذلك مفصلا في الفتوى رقم: 26561، والفتوى رقم: 53087.
والأمر الثاني: قولك: وكذا التسهيلات الائتمانية. فلم نفهم المراد منه على وجه التحديد، ولعلك تقصد بذلك البطاقات الائتمانية، فإذا كان ذلك هو قصدك فقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتوى رقم: 2834، والفتوى رقم: 6275.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1425(12/14196)
الحكم على المعاملة يتوقف على معرفة بنود العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[استفتاء حول مسألة في البيوع وهي أن في بلدنا الجزائر يقوم بنك التوفير والاحتياط بشراء سيارات من أحد المستثمرين الخواص على أن يقوم ببيعها للناس مع حساب أرباحهم وهو يقلد في ذلك بنك البركة الإسلامي وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يمكن لنا الحكم على هذه المعاملة بدون الوقوف على بنود عقد البيع المبرم بين البنك المذكور والمشتري، ولكن نحيل السائل على فتوى سابقة مفصلة في عقد بيع يصدر عن بنك البركة المشار إليه في السؤال، وسيجد فيها إن شاء الله جواب ما يسأل عنه، والفتوى تحت رقم: 49085.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1425(12/14197)
أخذ أجرة مقابل الكفالة وتأجير السجل التجاري
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي تعيين مبلغ شهري أوأخذ جزء من المكاسب00ممن يكون على كفالتي ويشتغل سواء عندي أوعند غيري0 أويكون يستخدم محلاً تجارياً باسمي أويستفيد من شهادتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على أمرين: الأمر الأول: أخذ مبلغ شهري أو سنوي مقابل كفالة العمال في البلدان التي تشترط الكفالة، وقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتويين التاليتين: 5264، 30367، أما عن أخذ جزء من الربح مقابل الكفالة ففيه ـ إضافة إلى ما ذكر في الفتاوى المشار إليها ـ غرر وجهالة لأن الربح غير معلوم فقد يكون كثيرا وقد يكون قليلا وقد لا يكون هناك ربح أصلا. والأمر الثاني: تأجيرالسجل التجاري ونحوه مقابل مبلغ معين سنوي أو شهري، وقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتويين التاليتين: 51382، 53391.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1425(12/14198)
حكم الاستفادة من فارق المبلغ بين الشحن البحري والجوي
[السُّؤَالُ]
ـ[عند العودة يمنح لكل طالب قيمة مالية للشحن ولكنهم يطلبون منه أن يأتيهم بفاتورة من إحدى الخطوط الجوية بوزن زائد محدد80 لكل طالب أي مايعادل 1500دولار، ولكني عندي وزن أكثر من الوزن المحدد ولا أريد شحنه جوياُ بل بحريا حيث إن الشحن البحري أرخص، فهل يحق لي استرجاع ثمن الفاتورة من الخطوط الجوية، لغرض الاستفادة من فارق الثمن في الشحن، أفتوني مأجورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المبلغ الذي يعطاه الطالب مبلغا مقطوعا يتملكه الطالب من قبل جهة العمل بغض النظر عن وزن المتاع المراد شحنه قلَّ أو كثر، ففي هذه الصورة لا مانع أن يقوم الطالب بشحن أمتعته بحريا وله أن يستفيد من الفارق.
وأما إن كان يعطى المبلغ على أساس قيمة الوزن الفعلي للأمتعة فإنه لا يستحق في هذه الحالة إلا قيمة الشحن البحري، ويلزمه رد المبلغ المتبقي إلى جهة العمل، إذ هو في هذه الصورة وكيل عن جهة العمل التي وكلته في تسديد قيمة الشحن، والوكيل يتصرف فيما وكل به فقط، وكل زيادة ترجع إلى الموكل. وراجع الفتوى رقم: 48852.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(12/14199)
غسيل المال الحرام يتنافى مع الشرع وأحكامه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو موقف الإسلام من جرائم غسل الأموال؟ ما هو الموقف الشرعي من المال الحرام بعد تبيضه أو غسله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المصطلحات الشائعة ذات الصلة بموضوع المال الحرام والمال المكتسب بطريق غير مشروع مصطلح: تبييض المال الحرام. أو غسل المال الحرام. وقد يُطلق عليه غسيل المال القذر. فكأن هذا المال الآتي من مصدر غير مشروع إذا أدخل في عمل يُقره القانون ويأذن به تحول من مال حرام قذر إلى مال نظيف، كالثوب المتسخ الذي يحمل القذر إذا وضع في الماء النظيف أصبح نظيفاً وزال عنه القذر، ومعلوم أن غسيل المال الحرام بهذا المعنى يتنافى مع الشرع وأحكامه ولا يتفق مع قواعده وأصوله، ذلك أن الإسلام يحرم كل كسب بطريق محرم، والأموال التي تخضع لعمليات الغسل والتبييض أموال تنشأ عن الجرائم، وعن التزوير، والسرقة، والدعارة، والسلب، والاعتداء على ممتلكات الآخرين بالسطو أو النهب، إلى غير ذلك من الوسائل المحرمة التي لا يجيزها الإسلام. وحكم هذه الأموال المحرمة بعد غسلها كحكمها قبل غسلها، ما اكتسب منها عن طريق السرقة والغصب وما شابه ذلك، فيجب رده إلى أصحابه أو إلى ورثتهم إن كان أصحابه قد ماتوا، ولو بطريق غير مباشر فإن لم يعرف أصحابه أو ورثتهم تصدق به عنهم، هذا إن كان أصحاب هذه الأموال مسلمين، فإن كانوا كفارا، فإن عرفوا أو عرف ورثتهم إن كانوا قد ماتوا وجب إيصال هذا المال إليهم، وإن لم يعرف أحد منهم كان هذا المال فيئا ينفق في مصالح المسلمين، ولا يتصدق به عنهم، لعدم صحة الصدقة عنهم لأنهم كفار وراجع لتفصيل ذلك الفتوى رقم: 3051، والفتوى رقم: 10486 والفتوى رقم: 47618.
وإن كان قد اكتسب برضا صاحبه، عوضاً عن منفعة محرمة كالزنا أو بيع الخمر أو الغناء أو نحو ذلك، فيجب أن ينفق في مصالح المسلمين كإعانة الفقراء والمساكين ورصف الطرق وإنشاء الجسور وبناء المدارس ودور الأيتام، ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1425(12/14200)
حكم أخذ الأجرة على ضمان الغير
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل هل يجوز لي أخذ منفعة عن ثمن أوراق شيكات بنكية غير إسلامية كان يأخذها شخص مني كنت أصحبه لفترة وكان يعطي هذه الشيكات إلى الشركات لأخذ أدوية ويتم السداد بعد فترة حسب الاتفاق بينه وبين الشركة ومن الله علي بالهداية وكان ثمت تعامل بيننا وجدته مغلظاً علي في التعامل وفضلت الابتعاد عنه، هل لي أخذ منفعة من هذه الشيكات لأنه كان ينتفع بها ويكسب من ثمن البضائع المؤجلة بسبب هذه الشيكات, ولولا إعطائي لهذه الشيكات لوقف حاله، علما بأنني مدين وأحتاج لسداد ثمن بضائع اشتريتها عن طريقه والآن ليس لي به علاقة وأود الاستفادة منه ماديا لإعطائي هذه الشيكات، هل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو: أن الأخ السائل عنده شيكات بنكية مستحقة على أشخاص إلى أجل، فيقوم الأخ السائل بدفع هذه الشيكات إلى صديقه هذا ليرهنها بدوره عند شركات أدوية أو غيرها كضمان مقابل قيام تلك الشركات ببيعه بضاعة إلى أجل.
فحقيقة الأمر إذاً أن السائل ضامن لصديقه أمام هذه الشركات فهل يجوز له أخذ أجر على الضمان؟ الجواب: لا يجوز له ذلك لأنه يؤول إلى صورة قرض جر نفعاً، كما قال في الفروع: ولو جعل جعلا على اقتراضه له بجاهه صح لأنه في مقابلة ما بذله من جاهة فقط لا كفالته عنه، نص عليهما لأنه ضامن فيكون قرضا جر نفعاً. انتهى.
وقال في الإنصاف: ولو جعل له جعلا على ضمان له لم يجز نص عليهما لأنه ضامن فيكون قرضا جر منفعة. انتهى، هذا وإذا كان ما فهمناه من السؤال غير مطابق لما يريده السائل منه فنرجو منه، بيان المراد بشكل واضح وصريح حتى يتسنى لنا إجابته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1425(12/14201)
حكم الراتب المتحصل من عمل بشهادة مزورة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله كل خير على هذه الصفحة الخيرة راجيا لكم فيها الأجر والثواب، السؤال: أنا موظف حكومي أحمل شهادة البكالوريوس في الكمبيوتر ولدي خبرة في هذا المجال زادت عن 12سنة، هناك العديد من الجامعات الأجنبية التي تعطي شهادة الماجستير بناءا على الخبرة العملية في هذا المجال ولكنها غير معتمدة في بلدي لكي أصادق عليها من وزارة التعليم العالي ولأعمل بها بالتالي، قبل فترة أرشدني صديق لي إلى شخص يعطيني شهادة الماجستير في الكمبيوتر (بالتزوير) وتظهر وكأنها أصلية تماما ويمكن المصادقة عليها بالتالي من وزارة التعليم العالي في بلدي، سؤالي: إذا حصلت على فرصة عمل مغرية بأحد دول الخليج العربي من خلال هذه الشهادة، فهل الراتب الذي آخذه في هذه الحالة حلال أم حرام، راجيا أن تضعوا بالحسبان قبل الإجابة أن الراتب الذي أتقاضاه بهذه الحالة نتيجة جهدي وعرقي ونتيجة لعلمي وخبرتي ومعرفتي في هذا المجال، وكذلك ما هو الحل بالنسبة لي لأسد ديني الذي تراكم علي شهرا بعد شهر نتيجة راتبي الذي لا يكفي لسداد التزاماتي الشهرية وعندي ثلاث بنات وولدان وبصعوبة أقدر أكفيهم الطعام كل شهر، أرجو تقدير وضعي الذي دفعني لهذه الطريقة في تحسين وضعي، منتظرا إجابتكم؟ وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الحصول على الشهادة بغير حق، لما في ذلك من الكذب والغش والتزوير والخداع، فقد قال الله تعالى: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ {الحج:30} ، وفي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم عَدّ شهادة الزور وقول الزور من أكبر الكبائر، وفي صحيح ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من غشنا فليس منا، والمكر والخداع في النار. وعلى هذا، فتزوير الشهادة لا يجوز.
وأما الراتب الذي يأخذه الشخص المزور على عمل، فإن كان العمل الذي يقوم به مباحاً من أصله ويقوم به على أكمل وجه، فإن ما يأخذه من الأجر على ذلك مقابل عمله مباح، وأما إن كان العمل حراماً كتصميم المواقع المحرمة أو المعينة على الحرام، أو كان لا يقوم بعمله على الوجه المطلوب فراتبه حرام، لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان والمكر والخداع ...
ولهذا ننصح السائل الكريم في السعي للحصول على شهادة حقيقية أو البحث عن عمل لا يتطلب ما ليس عنده، وأن يتقي الله ويصبر حتى يجعل الله له مخرجاً، كما قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله، فإن الله لا يدرك ما عنده إلا بطاعته. والحديث صححه الألباني، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 25414، 34759، 15764.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1425(12/14202)
حكم قبول راتب غير مستحق
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ عام ونصف التحقت للعمل بإحدى الهيئات الحكومية بتوسط أحد أصدقاء والدي لدى رئيس الهيئة والذي لا يستطيع أي شخص العمل بها إلا إذا كان لديه معرفة أو واسطة لدى هذا الرئيس. وتم قبولي في هذا المكان بعقد مؤقت يقل فيه راتبي عن من هم على نفس درجتي العلمية بل ومن يصغرونني سناً بحوالي الثلث وذلك على اعتبار أن هذا الوضع مؤقت إلى أن يتم تعييني بشكل ثابت وذلك كما قيل لي وقتها في خلال عدة أشهر. ومع مرور الوقت وعدم حدوث تغيير في وضعي الوظيفي طلب والدي من صديقه التدخل لدى رئيس الهيئة للإسراع بتعييني.
وجاء الرد بأن الأوضاع الوظيفية للمتعاقدين سوف تحل جميعها في خلال وقت قريب وأما بالنسبة لي فقد قام رئيس الهيئة بتخصيص مبلغ شهري تحت مسمى \"بدل انتقال\" يضاف على راتبي الشهري وتبلغ قيمته مرة ونصف مثل الراتب علماً بأني أسكن على بعد 45 دقيقة فقط بالسيارة من مكان عملي. وأنا أرى أن هذا المبلغ ليس من حقي لأنه جاء بالوساطة لي خصيصاً أما والدي ووالدتي فيقولان أنني كنت مظلومة لأنني أتقاضى راتب يقل عن من يصغرونني بعدة سنوات.
أرجو أن تخبروني ماذا أفعل وجزاكم الله عني خيراً ورجاء أن تجيبوني سريعاً حتى أستطيع أن تصرف بالشكل الذي يرضي الله فأنا لا أريد أن آخذ ما لا يحل لي. ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا لحرصك على تحري الحلال والبعد عن مواطن الشبه والريب فنسأل الله أن يخلف علينا وعليك بخير وأن يفتح علينا وعليك أبواب فضله ورزقه.
أما عن السؤال فقد اشتمل على أمرين:
الأمر الأول:
ما حصل من توسط لأجل توظيفك وقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتوى رقم 34837
وخلاصة ما فيها أن ذلك جائز بشرطين:
الأول: أن تكوني أهلا لهذا العمل.
والثاني: ألا تضري غيرك ممن هو أحق بذلك منك.
والأمر الثاني:
ما يتعلق بتخصيص رئيس الهيئة لك مبلغا شهريا تحت مسمى بدل التنقل: والحكم في ذلك أنه راجع إلى استحقاقك لهذا المبلغ وفقا للوائح وأنظمة الهيئة والذي فهمناه من قولك علما بأني أسكن على بعد 45 دقيقة فقط ... أن هذا المبلغ لا يصرف لمن كان هذا حاله، فإذا كنت غير مستحقه لهذا المبلغ وفقا للوائح وأنظمة الهيئة وإنما خصصه لك رئيس الهيئة بسبب الوساطة فإنه لا يجوز لك أخذه، وأما كون من هو في نفس مستواك العلمي يستلم راتبا أعلى من راتبك فلا يبرر لك أخذ ما لا تستحقينه خصوصا أن إجراءات التعيين مستمرة، وأما كون من هو أصغر منك سنا يستلم راتبا أعلى من راتبك فهذا أمر لا علاقة له بالموضوع إذ لا تلازم بين الراتب والسن فقد يوجد من هو أصغر سنا ولديه مؤهل أعلى ممن هو أكبر منه ويعمل أكثر من عمله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1425(12/14203)
ماذا يصنع إذا لم يدفع تذكرة القطار؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ركبت القطار ولم يأت إلى الكمسري ليقطع تذكرة فهل أتصدق بثمنها؟ \\]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب دفع ثمن هذه التذكرة إلى الجهة المسؤولة عن القطار ولا يجزئ التصدق بثمنها إلا إذا تعذر دفعه إلى هذه الجهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1425(12/14204)
حكم المتاجرة بأموال الشركة بغير إذنها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة قطاع خاص ونحن نمثل فرعا لها ونقوم بتحصيل مبالغ كبيرة من العملاء حيث إننا نعتمد على البيع الآجل ويقوم بعض الأفراد في الفرع بتشغيل هذه النقود وتحقيق ربح عن طريقها ثم تعود النقود الأصلية إلى الشركة ما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أن هذه الشركة تبيع بالأجل، ثم إن لها موظفين يقومون بتحصيل هذه الديون، وبعض هؤلاء الموظفين يأخذون هذه الأموال ممن هي عليه ولا يسلمونها للشركة إلا بعدما يتاجرون بها ويربحون.
والجواب عن ذلك يكون من جهتين:
الجهة الأولى: ما يقوم به هؤلاء الموظفون من المتاجرة بأموال الشركة بغير إذنها والحكم في ذلك أنه حرام، وراجع الفتوى رقم: 37178.
وعليه، فيجب على هؤلاء الموظفين أن يتوبوا إلى الله من هذا العمل، وأن لا يعودوا إليه أبدا.
والجهة الثانية: الأرباح التي استفادوها من هذه المتاجرة هل هي لهم أم هي للشركة؟ والجواب: أن الأمر راجع إلى مسألة هل الربح تابع للجهد أم تابع لرأس المال؟ ولأهل العلم في ذلك قولان:
الأول: أن الربح تابع للجهد، وهو قول المالكية والشافعية.
والثاني: أن الربح تابع لرأس المال، وهو قول الحنفية والحنابلة، والذي رجحناه في الفتوى رقم: 45267، والفتوى رقم: 50478، هو أن الربح تابع للجهد، وعليه، فهذه الأرباح تكون لهؤلاء الموظفين، مع التنبه إلى التوبة إلى الله من ذلك وعدم العودة إلى مثله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1425(12/14205)
حكم انتفاع الأم بمال ولدها المعاق
[السُّؤَالُ]
ـ[تدفع الحكومة مبلغاً من المال شهرياً لطفل غير طبيعي (مغولي) ، هل يجوز للأم التصرف بهذا المبلغ، مثلا أن تشتري منزلا لها ولهذا الطفل على أن يبقى المنزل له من بعدها، أو أن تستعمل المبلغ في الذهاب إلى الحج؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرتب الذي تخصصه الدولة للأطفال المعاقين يعتبر ملكاً لهم، لأن الأطفال لهم حق التملك، وعليه فلا يجوز لولي الطفل (أبا أو أما أو غيرهما) التصرف في هذا المرتب في غير مصلحة الطفل، وإذا كان من مصلحته أن تشتري له بيتاً فلا مانع ويكون هذا البيت ملكاً للطفل صاحب المرتب، ولا مانع إن تأخذ الأم من مال ولدها المعاق من غير إسراف ولا إضرار به إذا كانت محتاجة إلى ذلك، لأن للوالدين الحق في الأخذ من مال الولد بالمعروف، لحديث: أنت ومالك لأبيك. رواه أبو داود، والحديث وإن ورد في الأب إلا أن الأم تدخل في الحكم لأنها أحد الأبوين.
ف الراجح أنها كالأب في مدلول الحديث، بل لو قيل إنها أولى لكان متجهاً لأنها أعظم حقاً على ولدها من الأب، فالحاصل أن لهذه الأم الأخذ من مال ولدها بقدر حاجتها وبدون إجحاف بالولد، ولها أن تأخذ من ماله لتحج إن لم تتعلق حاجة الولد به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1425(12/14206)
تقديم مستندات علاج غير صحيحة داخل في الكذب الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم الفتوى الشرعية حول سؤالي، وجزاكم الله عن المسلمين كل خير:
أخذت من الوزارة التي أعمل فيها مساعدة علاج وهي مكفولة لكل موظف يعمل لدى هذه الوزارة ولكن بشرط أن يقدم إسنادا للمبالغ التي دفعها في علاجه والله يشهد أنني قد خسرت في علاج زوجتي مايزيد عن مائة ألف ريال إلا أنني قدمت لجهة العمل إسنادا مغايرا لما كنت أعالج به زوجتي أي أجور عمليات برغم أنني لم أجر لزوجتي أي عملية والحمد لله، واستلمت من جهة العمل التي أعمل فيها المبلغ المقرر في الإسناد برغم أنه والله لم يصل حتى نصف غرامتي مع ذلك أخشى أنني قد وقعت في إثم التزوير وأن المبلغ الذي استلمته حرام مع العلم بأنني أدعو الله ان يزكي لي هذا المبلغ وأخشى أن أدخله في أي مشروع فأدخل في شبهة الحرام. فأرجو منكم الفتوى الشرعية وجزاكم الله كل خير وسامحوني للإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الوزارة التي تعمل بها لا تتحمل إلا تكاليف علاج الموظف ولا تتحمل تكاليف علاج زوجته، فما فعلته لا يجوز وهو تزوير وغش محرم، وقد ورد في ذلك من الوعيد: قوله صلى الله عليه وسلم: من غش فليس مني. رواه مسلم. وقوله: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً " فذكر منهن" شهادة الزور أو قول الزور. متفق عليه
أما إذا كانت تتحمل أيضاً تكاليف علاج زوجة الموظف فما حصلت عليه من هذه التكاليف، فهو مال حلال، ولكن لا يجوز أن تقدم مستندات غير صحيحة لتفاصيل العلاج مثل أن تقدم مستندات لإجراء عمليات لزوجتك وهي لم تجر تلك العمليات، لأن هذا داخل في الكذب المحرم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار. متفق عليه. وننبه إلى أن محل ما قدمنا من جواز المال الذي حصلت عليه من تكاليف علاج زوجتك هو أن لا تشترط الوزارة تحمل تكاليف العمليات دون غيرها، وإلا كان ما حصلت عليه من مال حراما لا يجوز، وهو داخل فيما تقدم التنبيه عليه من الغش.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1425(12/14207)
حكم الانتفاع بالنقاط الموهوبة من الشركات
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش مؤقتا في كندا ولدي سؤالان 1- أستخدم بطاقة الفيزا وبحمد الله أسدد مستحقاتها كاملة فلا تحسب علي أي فوائد ولكن من مميزاتها أن يحصل الشخص على كل دولار ينفقه نقطة واحدة وعندما تبلغ النقاط عددا معينا بامكانه استبدال النقاط بهدايا عينية أو استخدامها للسفراو استئجار فندق وهكذا ولكن قد يحتاج مثلا إلى 15 ألف نقطة للحصول على مقابل قد يكلفه في الواقع حوالي 500 دولار فسؤالي هل يجوز استخدام هذه النقاط أم لا - اسافر بشكل منتظم على احدى الخطوط وهي أيضا تحسب عدد نقاط مقابل الأميال التي يقطعها الفرد على طائراتها وعندما تبلغ النقاط عدداً معيناً بإمكانك استخدامها للسفر على نفس الخطوط والسؤال هنا هل يجوز استخدام هذه النقاط علما بأنه أحيانا قد اضطر إلى دفع مبلغ بسيط إضافة إلى النقاط المستخدمة
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على أمرين: الأمر الأول: استخدام بطاقة الفيزا كارد: وقد تقدم الكلام عن ذلك مفصلا في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 42789، 2834، 6275. والأمر الثاني: الهبات والهدايا التي تقدمها بعض الشركات لمن يشتري منها بمبلغ محدد أو غير محدد. والحكم في ذلك أنه لا بأس به في الجملة، وقد تقدم تفصيل الكلام عن ذلك في الفتاوى التالية: 45550، 3817، 3587. لكن إذا كانت هذه الهدايا أو النقاط مبنية على معاملة محرمة فهي حرام، ومن ذلك ما إذا كانت بطاقة الفيزا غير منضبطة بالضوابط الشرعية وراجعي الفتوى رقم: 912
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1425(12/14208)
حكم من طلب زيادة عما تم التعاقد عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت مع شخص ما لعمل جواز سفر لي في بلاد الغرب بمبلغ 1000ج مع العلم بأنها تقضى بمبلغ 150ج ووافقت على هذا المبلغ لظروف طارئه، وعندما دفعت مقدماً من المبلغ 600 ج فوجئت أنه يطلب مني مبلغ 1500ج فقبلت فأعطاني الجواز وأعطيته 400 ج وقلت له يبقى لك 500ج، فهل علي سدادها، مع العلم أني أعطيته المبلغ المتفق عليه أولاً وهذه زيادة، أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه بداية إلى أن الأصل هو تحريم التزوير لدخوله في شهادة الزور التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور أو قول الزور. متفق عليه.
ولا يستثنى من ذلك الأصل إلا ما دعت إليه ضرورة ملجئة، وبناءً على ذلك فإذا كان هذا الجواز مزوراً ولم تكن مضطراً إليه، فلا يجوز لك الحصول عليه ولا يصح التعاقد عليه، وفي هذه الحالة إن استطعت أن تسترد مالك من هذا الشخص وتعطيه الجواز فافعل، وإلا فلا يجوز لك أن تستعمل هذا الجواز المزور.
أما إذا لم يكن هذا الجواز مزوراً، أو كنت مضطراً إليه ففي لزوم دفعك للزيادة التي طلبها هذا الشخص تفصيل: فإن كنت قد أقلته من العقد الأول، وعقدت معه عقداً آخر على أن يعمل لك الجواز مقابل 1500 جنيه، فيلزمك دفع هذه الزيادة، وإن لم تكن قد أقلته من العقد الأول، وإنما قبلت بالزيادة في الظاهر لتحصل على الجواز، فلا يلزمك دفع هذه الزيادة.
والأصل في ذلك، قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} ، وقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1425(12/14209)
حكم تهريب البضائع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف بإحدى شركات القطاع الخاص وتعمل في مجال الملابس الجاهزة وتصديرها إلى أوروبا وأمريكا ويوجد من ضمن الشركة مصنع خاضع للمناطق الحرة ومن ضمن الحوافز لتشجيع التصدير للخارج عدم دفع أي مبالغ للجمارك للبضائع سواء المستوردة أو المصدرة وعلى الرغم من ذلك يوجد تهريب من هذا المصنع ليس بغرض البيع في السوق المحلي فقط، ولكن أيضاً للتصدير، ولكن يتم ذلك بسبب الروتين، وأنا مشترك في هذا الموضوع وذلك بحكم عملي وأنا مضطر لذلك بسبب عملي هل هذا حرام، هل علي من وزر، أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أن هذا المصنع معفي من الجمارك والضرائب، لأنه خاضع للمناطق الحرة، لكن لصعوبة الروتين المتعلق بالإعفاء من الضرائب والجمارك يقدم القائمون عليه على تهريب بضائعهم.
والسؤال المطروح هو ما حكم هذا التهريب؟
فإذا كان الأمر أخي السائل هو ما فهمناه، فقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتاوى التالية: 15981، 13164، 9955، 16517.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1425(12/14210)
هل تأخذ راتبا من عملها فوق راتب الدولة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة تشتغل في مستشفى في قسم التحاليل وهي معينة من قبل الدولة وهذا المستشفى ينقسم إلى قسمين قسم عام وقسم خاص عينت في العام ثم حولوها في الخاص أي يقدم الخدمات بمقابل مادي، لكن العام مجاني من الدولة، وبدأت تعمل معهم، الشغل كله عليها هي وبنت أخرى من الساعة 8 إلى الساعة 2 وهي تأخذ معاشاً شهرياً من الدولة والآن بعد مرور ثلاثة أشهر قال لها أصحاب القسم الخاص ابتداء من الشهر الثالث سنعطيك راتباً وبذلك يكون لها راتبان لأنها تأخذ راتباً من الدولة، فما حكم الشرع في هذا، وهل يجوز لها أخذ الجميع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك هو أن هذه الفتاة لما عملت لدى القسم الخاص من المستشفى أخبروها بأنهم سيعطونها راتباً من الشهر الثالث من عملها وهي مع ذلك تستلم راتبا من الدولة فهي تسأل عن حكم الجمع بين الراتبين، وهل تأخذ الراتب الذي عرضه عليها المسؤولون عن القسم الخاص في المستشفى؟
وللجواب عن ذلك نقول: إن لذلك حالتين:
الحالة الأولى: أن تكون اللوائح والأنظمة لا تمنع من ذلك بمعنى أن الدولة لا تمنع من أن تأخذ هذه الفتاة راتبين (أحدهما من الدولة والآخر من القسم الخاص في المستشفى) ففي هذه الحالة لا حرج على هذه الفتاة في أخذ الراتبين والاستفادة منهما كيفما تشاء.
والحالة الثانية: أن تكون اللوائح والأنظمة تمنع من ذلك، ولكن قد يكون المسؤولون على القسم الخاص في المستشفى لا يعلمون بالراتب الآخر أو يعلمون ولكنهم يخالفون الأنظمة واللوائح، ففي هذه الحالة لا يجوز لهذه الفتاة أن تأخذ إلا الراتب الذي تعطيه إياها الدولة، إلا إذا أنهت عقدها مع الدولة وتعاقدت مع القسم الخاص في المستشفى على راتب جديد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1425(12/14211)
إذا أسقط صاحب الحق حقه سقط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إحدى طالبات كلية التربية بالطائف استلمت مكافأه قدرها10.000ومن أنظمة الكلية توحيد الزي ومن تخالف ذلك يخصم من المكافأة 50ريالا مع العلم يوجد مشرفات على الزي ولا تطبق الطالبات النظام ولا تهتم المشرفات بذلك إلا في النادر ولم يخصم من المكافأة شيء وعند حسابي لما سأدفعه للكلية فاق 20.000ريال ولم يطلب مني شيء، هل المكافأة حلال أم حرام؟ ... أغلب الطالبات لا يطبقن النظام.
ما الواجب علي فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت إدارة الكلية تعلم بمخالفة أغلب الطالبات للزي الموُحد، وهذا أمر -كما هو معلوم- لا يخفى على الإدارة، وقد سامحت الطالبات المخالفات وسلمت لهن المكافأة كاملة دون خصم، فلا يلزمك في هذه الحالة دفع شيء وهذه المكافأة حلال، لأن الحق في الخصم إنما هو للإدارة، فإذا أسقطته سقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1425(12/14212)
إخلال الشركة بالعقد مع الموظف يسوغ فسخه
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أرجو من سيادتكم الإجابة على سؤالي: كنت أعمل بشركة وصاحب العمل اتفق معي في بداية التعاقد على أشياء لم يف بها وكانت المديرة تعاملني معاملة مختلفة عن زملائي وبصراحة نفسي تعبت من الشركة ولا أستطيع الاستمرار فيها فعقدت العزم على ترك الشركة ولكن بعد أن تمر ظروف خاصة بحياتي بعد ذلك قامت الشركة بإرسالي إلى شركة في السعودية مقابل أموال تأخذها هذه الشركة من الشركة الأخرى وكانت تعطيني مقابلاً صغير مقابل ما تحصل عليه من الشركة الأخرى بعد ذلك قدمت الشركة التي في السعودية عرضاً مالياً مقبولا فقمت بتقديم استقالتي وقلت إني سوف أعمل بعمل قريب من سكني ولكني علمت بعد ذلك أنهم على يقين أني ذاهب إلى هذه الشركة فقالوا خلص الأعمال التي وراءك وإمض على ورقة بمائة ألف جنيه أن لا تعمل في الشركة التي في السعودية ففعلا قمت بالانتهاء من الأعمال ولكني رفضت أن أمضي على الورقة رفضوا أن يعطوني أوراقي لديهم وقاموا برفع قضية فتركت الشركة وذهبت إلى الشركة الأخرى التي في السعودية، مع العلم أنه كان هناك عقد بيني وبينهم ينتهي في 1/3/2005 محدد، هل فسخي لهذا العقد مع العلم بأن صاحب العمل أخل بالكلام المتفق عليه عند توقيع العقد وإني غير مستريح في هذا العمل يجعل الأموال التي أخذها من الشركة في السعودية حرام لأن الشيطان يوسوس لي بذلك حتى تعبت جداً جداً، أفيدوني أثابكم الله، أنا الآن أعمل فيها هل في ذلك أي حرمة، وهل في كذبي عليهم ذنب كبير مع العلم لو قلت لهم إني سوف أعمل في الشركة التي في السعودية سيرفضون ويضعون العراقيل أمامها أرجو الرد لأن ما يقلقني ويتعبني هو الحرام والعياذ بالله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان صاحب الشركة قد خالف ما تعاقد عليه معك، فلا حرج في أن تفسخ العقد الذي بينك وبينه، أما إذا لم يكن قد خالف العقد الذي بينك وبينه، فلا يجوز لك أن تفسخ العقد وتترك العمل في الشركة لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} ، والواجب عليك في هذه الحالة التوبة إلى الله واسترضاء صاحب الشركة.
وسواء جاز لك فسخ العقد أولاً، فالأجرة التي تتقاضاها من الشركة التي انتقلت إليها حلال، إذا كانت مقابل عمل مباح، لأن هذه الأجرة في مقابل هذا العمل وليست في مقابل فسخ العقد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1425(12/14213)
مسائل في شراء التأشيرات إلى بلاد الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[بسبب الوضع المزري الذي تعيشه الجزائر إذ أنها لم تستطع أن توفر مناصب شغل للشباب فأنا مضطر للهجرة إلى فرنسا ويلزمني لهذا تأشيرة سفر، وهذا هو الموضوع الذي أريد المناقشة فيه، فمن الصعب جداً الحصول على التأشيرة، ويوجد هناك صديق له عدة منافذ في القنصلية وقد طلب مني أن أساعده في جلب بعض الأشخاص الذين يريدون الحصول على تأشيرة وهذا بمبلغ يقدر بحوالي 2000 دولار للتأشيرة وجزائي هو الحصول على تأشيرة مجاناً، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور:
الأمر الأول: العيش في بلاد الكفار، وذلك حرام إذا كان الشخص لا يستطيع أن يقيم شعائر دينه، ولا يأمن على نفسه من الفتنة في دينه، أما إذا كان يستطيع أن يقيم شعائر الدين ويأمن على نفسه من الفتنة في الدين، فإن العيش فيها مكروه، والذي ننصح به هو عدم الذهاب إلا لحاجة كتعلم علم أو دعوة إلى الله أو معالجة مرض ونحو ذلك، وراجع التفاصيل في الفتوى رقم: 25755، والفتوى رقم: 12829.
والأمر الثاني: ما يتعلق بشراء التأشيرة، وذلك راجع إلى حكم الذهاب إلى تلك البلاد، فإذا كانت الحالة مما يجوز فيها الذهاب، فالشراء جائز، وإذا كانت مما لا يجوز فالشراء لا يجوز، وإذا كان الحصول على التأشيرة لا يتم إلا بدفع رشوة فحيث جاز الذهاب فإن ذلك يجوز ما لم يحصل إضرار بالغير ممن هو أولى.
والأمر الثالث: ما يتعلق بما طلبه منك صديقك من جلب أشخاص يشترون منه التأشيرات مقابل أن يعطيك التأشيرة مجاناً، وذلك أيضاً راجع إلى ما سبق فحيث جاز الذهاب إلى تلك البلاد فذلك جائز، وحيث لم يجز فذلك حرام.
والأمر الرابع: ما يتعلق بما يقوم به صديقك من أخذ التأشيرات من السفارة بوجاهته ومعرفته وبيعها للآخرين، وذلك أيضاً راجع إلى ما سبق من تفصيل في حكم الذهاب إلى تلك البلاد، وراجع أيضاً إلى مسألة ثمن الجاه، وقد اختلف أهل العلم في حكم ثمن الجاه، فذهب الشافعية والحنابلة إلى جوازه، وذهب المالكية إلى أنه إن كان ذو الجاه يحتاج إلى نفقة وتعب، فأخذ أجر مثله فذلك جائز، وإلا حرم، وهذا هو المفتى به عندنا في الشبكة، كما في الفتوى رقم: 46427، وهناك قول عند المالكية بالكراهة مطلقاً وقول آخر بالتحريم مطلقاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1425(12/14214)
حكم العمل بنية تركه إن وجد فرصة أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[الآن أنا أبحث عن عمل ووجدت عملا ولكنه ليس كما أريد، سألت بعض الناس والكل أفاد أن أعمل في هذا العمل مؤقتا حتى أجد عملا أفضل منه فهل هذا جائز أن أعمل وأنا في نيتي إذا وجدت عملا غيره أتركه وقد يكون صاحب العمل معتمدا أنني سوف أستمر معه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإجارة هي من العقود اللازمة، ولا يجوز لواحد من الطرفين نقضها قبل انقضاء المدة المتفق عليها إلا بموافقة الطرف الآخر. قال ابن قدامة في "المغني": والإجارة عقد لازم من الطرفين، ليس لواحد منهم فسخها، وبهذا قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي.
وهذا إذا كان الطرفان اتفقا على مدة من الزمن محددة، وهو ما يسميه الفقهاء وجيبة. وأما ما يسمى بالمشاهرة وهو أن يؤاجره على أن كل شهر مثلا بكذا من غير تحديد مدة تنتهي إليها الإجارة فهذا النوع من العقود صحيح عند المالكية والحنفية وبعض الحنابلة وأبي ثور، ورآه الشافعية غير صحيح لعدم تحديد مدة الإجارة، وعلى القول بصحته فإن لكل واحد من المتعاقدين فسخه متى شاء، قال الدردير: وجاز الكراء مشاهرة، وهو عبارة عندهم عما عبر فيه بكل نحو كل شهر بكذا أو كل يوم أو كل جمعة أو كل سنة بكذا، ولم يلزم الكراء لهما، فلكل من المتكاريين حله عن نفسه متى شاء ...
وعليه، فلا مانع من العمل بنية تركه متى أراد العامل إذا كان مشاهرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1425(12/14215)
مسألة حول تجارة الأبناء مع أبيهم
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى الإخوة في مركز الفتوى
أنا ابن لعائلة قد أنعم الله عليها بيسر الحال لله الحمد والشكر
حيث إننانعمل في التجارة
نحن عائلة مكونة من ستة أبناء وثلاث بنات بالإضافة إلى أبي وأمي
أما الأخ الأكبر (البكر) فإنه يعمل طبيبا بعد أن اختار طريق العلم ولم يكن معنا في تجارتنا ولكنه حصل على كافة الدعم المعنوي والمادي كإقامة بيت حتى أصبح مستقلا
أما الأخ رقم2 فإنه يعمل مع أبي في التجاره ويمكن القول بأنه عامود البيت وهو الذي يتولى إدارة المشروع سوية مع أبي
أما أنا (رقم 3) فإنني أيضا أعمل مع إخوتي الباقين مع أبي
الأخ رقم4 وهو يصغرني سنا فإنه قد اختار أن يكون مستقلا عنا فحصل على ما يريد من دعم ومساعدة في تعليمه وتكاليف زواجه وإقامة بيت وهناك أيضا أخوان اثنان (رقم 5و6) بعد أن أنهيا دراستهما للمرحلة الثانويه انضما إلينا في عملنا حدث وأن لي صديقا كان قد اقترح علي أن أشاركه في متجر لبيع البذور فقمت بعرض ذلك على أبي وإخوتى فلاقيت منهم التشجيع وذلك لأن ذلك في مجال عملنا ولكن هذا المشروع لم يكتب له التوفيق وبعد ما يقارب السنة ونصف السنة قمت أنا وشريكي بإغلاق ذلك المشروع وأردت بعد ذلك العودة إلى ما كنت عليه وأعمل مع أبي إلا أنني فوجئت بالرفض القاطع من قبل أبي وأخي معللين ذلك بأنني قد تركتهم مدة طويلة ولا يحق لي العودة للعمل معهم إلا بصفة عامل أتقاضى أجرا وليس كباقي إخوتي وهكذا وجدت نفسي أعمل أجيرا عندهم وهكذا ضاعت حقوق 20 عاما كنا نعمل فيها سوية متساوي الحقوق واتضح لي أخيرا أن أخي الذي يكبرني سنا هو وراء كل ذلك بعد أن هدد بترك العمل مع أبي إذا أنا عدت للعمل معهم بصفة شريك وهو يعلم أن أبي يعتمد عليه كثيرا ولا يستطيع أحد ملأ الفراغ الذي سيحدثه لو نفذ تهديده فما كان من أبي لكي يريح ضميره أنه أخذ يقترح علي أن أبادر بمشروع وهو بدوره سيدعمني أو أن آخذ مبلغا زهيدا من المال وأتركهم وشأنهم ولكنني رفضت ذلك العرض على ما فيه من إجحاف في حقي
ويجدر القول أن المشروع كله يدار باسم أبي وهو بدوره سيبلغ سن التقاعد قريبا أرجوكم أن تفتونني ما هو حكم الشرع في ذلك وما الذي يجب على أبي وإخوتي فعله؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن عملك مع أبيك في التجارة لا يخرج عن ثلاثة احتمالات، فإما أن تكون شريكا له أو أجيرا عنده أو متبرعا بالعمل لديه.
والذي يعين أحد هذه الاحتمالات هو العقد، فإذا لم يكن بينك وبينه عقد فالعرف هوالمحكم، فينظر في العرف المطرد عندكم وما يقرره في عمل الأبناء في تجارة أبيهم، فإن كان يعتبرهم شركاء فأنت شريك لك من الحقوق ما للشريك من مال الشركة، وإن كان يعتبرهم العرف أجراء فلك أجر الأجير، وإن كان يعتبرهم العرف متبرعين فليس لك شيء.
وقد سبق أن فصلنا هذه المسألة في الفتوى رقم: 32659، فتراجع، وعندها ستعلم مالك وما عليك في هذه المسألة، وفي كل الأحوال فإنه لا يجب على والدك وجوبا محتما أن يقبلك مرة ثانية للعمل معه، والذي يجب عليه هو العدل بين أولاده في العطية مع جواز تفضيل بعضهم لمسوغ شرعي، ولا شك أن مساعدة الأب في التجارة والسعي معه أمر يستحق الولد بسببه أن يعطى ويؤثر على غيره، وراجع في مسألة العدل في العطية بين الأولاد ومتى تجوز المفاضلة الفتوى رقم: 6242.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1425(12/14216)
لصاحب الحق أن يحلف ويوري في يمينه
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي المفتي:
سبق وأن أجرت منزلا لشخص ما وطلبت منه دفع الإجار مباشرة. بناء على الاتفاق الذي بيننا وسكن المنزل وبدأ يعدني اليوم وغدا ومضت الشهور. وانقضت السنة كاملة ولم يدفع سوى جزء بسيط كدفعة أولى عندما سلمته مفتاح المنزل وكنت قد كتبت عليه سند أمانة لأحفظ حقي بذلك وانتهت مدة الإجار ولم يدفع وكنت أذهب إليه مرارا. وكانت تخرج إلي زوجته وتحاول أن تغريني أستغفر الله وأعود دون فائده وأخرجته من المنزل بالقوة والقانون ورفعت عليه سند الأمانة التي ذكرت لكي أحصل حقي وطلبني القاضي لحلف اليمين لأنه أنكر وقال للقاضي إنه لم يؤمن عندي أي مال بناء على سند الأمانة الذي كتبته عليه لأحفظ حقي سيدي إذا حلفت على سند الأمانة أخذت حقي ولكن بالحقيقة سند الأمانة كتبته مقابل الإجار لحفظ الحق وإن ذكرت للقاضي أن سند الأمانة مقابل حق الإجار.. هنا أكون قد خسرت حقي وهو يقول لي إنه لن يدفع لي ويقول لي كلاما بذيئا احترت ياسيدى المفتى ماذا أفعل أرجوك ساعدني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يرد عليك حقك وأن يبارك لك في مالك.
أما عن السؤال فإنه لا حرج عليك في أن تحلف على أن لك في ذمة المستأجر مبلغا معينا (هو مقدار مالك عليه) أو تحلف على أن عنده أمانة لك بمقدار هذا المبلغ، لأنه فعلا عنده أمانة لك وهي الإيجار المتفق عليه، وهذا يعتبر من باب التورية، وهي التحدث بحديث يفهم منه السامع شيئا والمتحدث يعني شيئا آخر.
فأنت هنا تعني بالأمانة ما في ذمته من الإيجار والقاضي يفهم أنها أمانة غير الإيجار، قال النووي رحمه الله تعالى. والكذب واجب إن كان المقصود واجبا، فإذا اختفى مسلم من ظالم وسأل عنه وجب الكذب بإخفائه، وكذا ... إلى أن قال: ولو استحلفه عليها لزمه أن يحلف ويوري في يمينه فإن حلف ولم يور حنث على الأصل، وقيل لا يحنث. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1425(12/14217)
حكم التهرب من دفع قيمة الكهرباء بسبب الفقر
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي باختصار هو أنه في مدينتي أصبح شائعا بين السكان أن أجهزة التكييف توصل بالكابل الكهربائي دون المرور بعداد الكهرباء أي يكون بدون مقابل وذلك لأن أجهزة التكييف تستهلك الكثير من الطاقة الكهربائية وبالتالي الكثير من المال ومتوسط دخل الفرد لا يستطيع تسديد هذه الفواتير وشركة الكهرباء لم تتخذ أي إجراء حيال هذا الموضوع مع علم حضراتك أن هذا الأمر له أكثر من عشرين عاماً على هذه الحال وأنا أسكن مع أبي في بيتنا حاولت مناقشة أهلي في هذا الموضوع لكنهم لم يتفهموا حقيقته وقلت إنها قد تكون سرقة فلا أعلم ماذا أفعل حيال هذا وإن استمروا على عدم قطع التكييف بهذه الطريقة هل تنصحني بعدم البقاء في مكان مكيف بمثل هذه الطريقة؟ وماذا أفعل حين الضرورة؟
أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز التهرب من دفع ثمن الكهرباء التي توفرها الدولة، والتي يستهلكها الشخص، سواء كان ذلك بعدم توصيل خط الكهرباء بالعداد أو بإيقاف العداد أو نحو ذلك، لأن هذا من أكل المال العام بغير حق، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 49720.
ولكن إذا فرض أن بعض الناس مضطرون ضرورة حقيقية لاستخدام هذه الكهرباء، بحيث يترتب على عدم استخدامها هلاك للنفس أو مشقة شديدة، وحرج كبير في معايشهم، ولا يستطيعون دفع ثمنها، فلهم أن يستخدموها، ولا يجب عليهم بذلك ثمنها ما داموا عاجزين عن دفع الثمن، ويلزم الدولة في هذه الحالة أن توفر لهم تلك الكهرباء مجاناً - إن كانت تستطيع - وإلا ألزمت الموسرين أن يقوموا بهؤلاء المضطرين، فقد ذكر الفقهاء أن من فروض الكفاية على الأغنياء دفع ضرر المسلم، ككسوة العاري، وإطعام الجائع، وفك الأسير، وذلك إذا لم يندفع الضرر بزكاة ولا بيت مال ونحوهما.
قال الشربيني الخطيب: دفع ضرر المسلمين فرض كفاية على الموسرين، ككسوة عار وإطعام جائع.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: المضطر إلى طعام الغير إن كان فقيراً فلا يلزمه عوض إذ إطعام الجائع وكسوة العاري فرض كفاية ويصيران فرض عين على المعين إذا لم يقم به غيره.
وإذا تقرر هذا، فإذا كان أهلك غير مضطرين لاستعمال هذه المكيفات ضرورة حقيقية، فلا يجوز لهم التهرب من دفع ثمن الكهرباء التي تستهلكها هذه المكيفات، وعليك بنصحهم، واستعن على ذلك بالله ثم ببعض أهل الخير والصلاح، فإن قبلوا فالحمد لله، وإن لم يقبلوا فلا يلزمك مغادرة المكان الذي يقومون بتكييفه دون أن يدفعوا ثمن الكهرباء، لأن لك حقاً في البقاء في المكان، وتكييفهم له بطريقة محرمة لا يسقط حقك بالبقاء فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1425(12/14218)
الأصل براءة الذمة من الحقوق المالية حتى يثبت خلاف ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
بعد السلام أرجو من القائم على تلقي الأسئلة بسرعة الرد بأقصى سرعة.
ويتلخص موضوعي في:
لدى والدي محل بقالة وهو عبارة عن شراكة بينه وبين عمتي بنسبة (5-1) حيث إن عمتي لها الخمس
بدأت أجلس في المحل وشيئا وشيئا بدأت يدي تمتد على بضاعة المحل (حلويات - أطعمه) وأيضا مال المحل لفترة طويلة
حتى من الله علي بالهداية وكان لزاما علي أن أتوب مما فعلت ولكن كيف وليس لي القدرة المالية ولا أستطيع أن أصارح
أبي ولا حتى عمتي، ولكني بعد تردد كبير صارحت أبي وسألني عن مقدار ما أخذت فقدرت ما أخذت في حدود الألف (1000 ج) علي أساس أن رأس مال المحل 1400ج , حيث لا أعلم مقدار ما أخذت , وقام والدي بتحديد الجزء الذي يخص عمتي وهو خمس آلالف (200 ج) وأضافها علي أرباحها بدون علمها، وسامحني فيما يخصه.
وظننت أني قد ارتحت, ولكن بعد فتره ساورتني شكوك في مقدار ما أخذت وأنه أكثر مما قدرت, وقدرته في حدود الألفين
بدلا من الألف, ولكن خفت أن أصارح والدي , فقمت بوضع ما يخص عمتي من الألف الثانية (200) في منزلها بدون علمها
ولكني لم أسترح وذلك لي:
فلك أن تعلم يا سيدي أنها تسكن مع ابنها الوحيد في منزل واحد وليس لها أي مورد من المال يخصها , حيث يقوم ابنها
بالإنفاق عليها وهو متزوج والذي أخافني أن لا يصل ما وضعته من مال إليها وأن يأخذه ابنها حيث هو الوحيد الذي له مصدر المال فلما خفت صارحت والدي فأنبني لما فعلت خشية أن لا يصل المال إليها وأخبرني أنه سيعطيها حقها مرة أخرى ولكن بعد فترة مرة أخري راودني الشك في مقدار ما أخذت وهو أن ما أخذت أكثر من ذلك فصارحت والدي وأخبرته أنه من الممكن أن يكون ما أخذت في حدود (3000ج) فثار وقال لي إيه أخرتها وأخبرني بأنه سيتصرف وطلب مني أن لا أفاتحه في ذلك الموضوع مرة أخرى ولكن يا سيدي بعد هذه القصة الطويلة أجد أنني خائف ومتشكك فيما أخذت وأعلم يا سيدي أن عمتي غير متعلمة وأخاف أن أصارحها فلا تستر علي أي (لا يبقي في فمها كلمة) والآن ماذا تشير علي يا سيدي في ذلك وفي أمر الشكوك وجزاك الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل براءة الذمة من الحقوق المالية حتى يثبت خلاف ذلك، فإذا تيقن المرء من انشغال ذمته بشيء إلا أنه يجهل مقداره فالواجب عليه الاحتياط في تقديره عند سداده، والظاهر أن ذلك قد حصل منك في بداية الأمر، وما جرى لك بعد ذلك إنما هوسلسلة من الشكوك التي تدخل في باب الوسوسة، والذي نراه هو أن ذمتك قد برئت وزيادة بما حصل من السداد وما يطرأ على ذمتك بعد ذلك إنما هي وساوس يجب طردها والتخلص منها، وراجع الفتويين: 28159، 21859.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1425(12/14219)
حكم المال الذي دفعته الزوجة في بناء بيت الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[بدأ أبي حياته من الصفر هو ووالدتي التي كانت تعمل مع أبي في نفس المصنع وكان العمل الذي تؤديه معه كان شاقاً، واستطاعا عمل منزل لهما ولأن أبي لم ينجب من والدتي إلا أنا فتزوج غيرها ثلاث زوجات وأنجب منهن الكثير، والآن توفيت أمي، وأنا أجلس في شقة في هذا المنزل وقبل وفاة أمي كنت أستخدم حجرة من شقة والدتي وبعد الوفاة يريد أخ من الإخوة أن يتزوج في شقة أمي وبذلك لن أستطيع استخدام الحجرة التي كانت موجودة بشقة أمي فطلبت من أبي وقلت له يا أبي أريد القسمة العادلة لأن هذا المكان تم عمله بمجهودك أنت وأمي فقط، قبل قدوم كل هؤلاء فأنا بحق الله من المفروض أن يكون لي نصف هذا البيت عن أمي، والسؤال هو هنا: ما الواجب عمله من قبل أبي لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت والدتك قد ساعدت في بناء هذا البيت، فالأصل أن ما دفعته فيه يكون ملكاً لها بنسبة ما دفعت إلا إذا نوت بذلك التبرع لزوجها به، وبناء على ذلك فإذا ادعى الأب أنها تبرعت به له كان عليه إثبات ذلك بالبينة، فإن لم يثبته فالأصل أنها تملكه، والواجب هو قسمته على ورثتها قسمة الميراث الشرعي للزوج الربع لوجود الفرع الوارث، وللابن باقي التركة، هذا إذا لم يوجد غيرهما من الورثة كالأب والأم، وراجع الفتوى رقم: 18381.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1425(12/14220)
الزيادة في الفاتورة بخلاف الواقع كذب وحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[صيدلي يقوم بإضافة بعض الأصناف التي لم يقم ببيعها إلى فواتير يطلبها المشترون بناء على على طلبهم بحجج مختلفة، وعلمنا من فتواكم رقم/ 1356 أن فيها من الإثم، فهل عليه كفارة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزيادة أصناف غير موجوده واقعاً في الفاتورة لا تجوز لأنها من الغش والكذب والخيانة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ومن غشنا فليس منا. رواه مسلم، وتفصيل ذلك في الفتوى التي أشار إليها السائل.
أما عن كفارة ذلك فهي التوبة إلى الله تعالى والندم والاستغفار، كما ينبغي الإكثار من العمل الصالح، قال الله تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114} ، وقال صلى الله عليه وسلم: وأتبع السيئة الحسنة تمحها. رواه الترمذي.
ولا كفارة لذلك غير ما سبق، إلا أنه إذا حصل أن أكل هذا الصيدلي مالاً حراماً بسبب ذلك فإنه يجب عليه أن يرده لصاحبه إن كان معروفاً فإن كان غير معروف تصدق بذلك في وجوه الخير ومصالح المسلمين، وراجع لمزيد فائدة الفتوى رقم: 45011.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1425(12/14221)
حكم أخذ نسبة مقابل التوسط بين طرفي العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أولاً استسمحكم عذراً في الاستشارة لموضوعين أريد الحصول على فتوى شرعية فيها:
1- أنا شاب أقطن إحدى الدول العربية المسلمة وأعمل بشركة وطنية مملوكة للقطاع العام وظيفتي بهذه الشركة مترجم وأعد الاتصالات بالشركات التي تزود هذه الشركة بالمواد الخام ومواد التغليف وما إلى ذلك، وحيث إن الشركة التي أعمل بها تتأخر في سداد المرتبات إلى فترة تتجاوز 6 أشهر فأنا أقدم في إجازة وأعمل بمجال التوفيق بين شركات عالمية (بين الشاري والبائع) ، مقابل الحصول على نسبة بسيطة من المال يدفعها لي البائع نظير خدماتي له في تسويق منتجه داخل بلادي، وقد حصل أن علمت من أحد الزملاء بالشركة التي أعمل بها بأن الشركة قاربت على التوقف بسبب نقص كبير في المواد الخام وأنهم يبحثون عن مصادر لتزودهم بالمواد العديدة، عندما قمت بالاتصال بالعديد بالشركات المتخصصة في المواد المطلوبة وقد نسقت معها على اساس أن تقدم نفسها كمزود للمواد الخام للشركة مقابل هامش ربح يتم إرساله لي عند التسوية على عروضها، قد تم هذا الأمر وتم دخول هذه الشركات إلى قائمة المزودين وأيضاً تم طلب العديد من المواد من تلك الشركات، سؤالي هو: هل يحق لي شرعاً بأن آخذ هذه النسبة من المال نظير خدماتي لها (إنني زودتها بعنوان هذه الشركة وأنها تحتاج إلى تلك المواد) ، ما حكم الشرع بهذه النسبة التي سأخذها، مع العلم بأنه ونظراً لظروف الشركة التي أعمل بها مالياً فإن العديد من المزودين السابقين يرفضون إرسال عروضهم بسبب العلم بأحوالها المالية الصعبة، في الحقيقة تم سؤالي لأكثر من شيخ هنا ببلدي ولكن لم يتم إعطائي جواباً شافياً حيث (نقطة أنني أعمل أصلاً بهذه الشركة) ، كانت محيرة جداً، قيل لي بأنها شبهة وقد اقترح علي أحدهم بأن أقبل بتحويل هذه النسبة المالية حتى لا تتوقف أحوال الشركة ومن ثم توزيعها على فقراء المسلمين، مع العلم بأني لو استشرت مدير شركتي في أن أجلب شركة للتزويد وأن آخذ منها نسبة مالية سيرفض قطعاً، أفيدونا أفادكم الله بهذه المسألة.
لي صديق يعمل بالتجارة وهو يسأل عن مسألة تخص الضرائب والجمارك وهي ما الحكم الشرعي في التحايل والتلاعب على الضرائب والجمارك، مع العلم بأن الجمارك والضرائب لا تعتد إلا بالفواتير الحقيقية للبضائع وتقوم بضرب القيمة بالفاتورة إلى الضعف، أو تقدر قيمة البضاعة تقديراً عشوائياً مما يضر بمستورد البضاعة مالياً مما يضطره إلى التغيير في قيمة الفاتورة الأصلية إلى أقل من النصف (بالتنسيق مع الشركة المصدرة) ، أرجو تكرمك بالرد السريع أفادكم الله على البريد الإلكتروني الآتي:]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور:
الأمر الأول: ما يتعلق بالنسبة التي تأخذها مقابل التوسط بين طرفي العقد، فما تقوم به من الوساطة بين الشركات يسمى في الفقه بالسمسرة، والسمسار هو الذي يتوسط بين المتعاقدين، ويسهل مهمة العقد مقابل مبلغ يأخذه منهما أو من أحدهما، والفقهاء يعدون السمسرة من باب الجعالة، قال البخاري: باب أجرة السمسرة، ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأساً. انتهى.
والأجرة التي يحصل عليها السمسار مقابل ذلك تسمى جعالة ويشترط فيها أن تكون معلومة فلا يجوز أن تكون نسبة من الربح لأنها حينئذ جعالة بمجهول.
وقد أخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره، وفي رواية للنسائي: إذا استأجرت أجيراً فأعلمه أجره. هذا هو الراجح وهو مذهب الجمهور وذهب بعض أهل العلم إلى جواز كون الأجرة نسبة من الربح.
قال في كشاف القناع: ولو دفع عبده، أو دفع دابته إلى من يعمل بها بجزء من الأجرة جاز، أو دفع ثوباً إلى من يخيطه أو دفع غزلا إلى من ينسجه بجزء من ربحه، قال في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصانا ليبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز نص عليه في رواية حرب وإن دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوبا بثلث ثمنه أو ربعه جاز نص عليه أو دفع ثوبا إلى من يخيطه أو غزلا إلى من ينسجه بجزء منه مشاع معلوم جاز. انتهى.
وقال ابن سيرين: إذا قال بعه بكذا، فما كان من ربح فهو لك، أو بيني وبينك فلا بأس به.
الأمر الثاني: ما يتعلق بأخذك أجرة السمسرة على التوسط بين شركتك وشركة أخرى ولذلك حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون ذلك خارج وقت الدوام فلا حرج عليك في ذلك لأن ما كان خارجاً عن وقت الدوام فهو ملك لك تتصرف فيه كما تشاء، ومن ذلك ما إذا قمت بهذا العمل في إجازتك لكن بشرط ألا يؤدي ذلك إلى الإخلال بالعمل خلال وقت الدوام وألا يحصل هناك تحايل بحيث تترك هذا الأمر وقت الدوام مع إمكانه حتى تعمل ذلك خارج وقت الدوام.
الحالة الثانية: أن يكون ذلك خلال وقت الدوام في الشركة وهذا لا يجوز لك إلا بإذن الشركة، وبما أنك تفعل ذلك بغير إذنهم فلا يجوز لك ذلك لأنك أجير خاص لا يجوز لك العمل خلال مدة الإجارة لغير المستأجر إلا بإذنه، وفي هذه الحالة لا تستحق شيئاً من الأجرة بل هي للشركة التي تعمل فيها لأنه كان في وقتهم، إلا أن يهبوا لك ذلك.
والأمر الثالث: ما يتعلق بالضرائب والجمارك والتهرب منها والتحايل عليها وقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 39412، 37158، 23759.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1425(12/14222)
حكم أخذ الضمانات على مندوبي المبيعات
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الشركات تقوم بأخذ ضمانات على مندوبين شيكات وإيصالات أمانة وفي حالة تبديد المندوب للبضائع وعدم سداد القيمة تقوم الشركه برفع دعوى بالضمان لاسترداد حقها المسلوب علما بأنه إذا كانت قيمة الضمان أعلى من قيمة الدين الفعلى لا تأخذ الشركة سوى حقها فقط وتتنازل عن الباقي في حالة التصالح والسداد والسؤال هو هناك بعض المندوبين الذين يتحايلون على ذلك ويثبتون بطرق مضللة أن الضمانات هي من مسوغات التعيين فهل الشهادة بأن هذه الضمانات هي دين فعلي تسلمه المدين من الشركة ولم يسدده تعتبر شهادة باطلة وجور علما بأن هناك فئة من المندوبين تستفيد من الحكم لصالحها مما يضيع على الشركة مبالغ طائلة وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهؤلاء المندوبون لا يخرجون عن حالين:
الأول: أن يكونوا وكلاء عن الشركة في بيع هذه البضائع، ففي هذه الحالة لا يضمنون هذه البضاعة إلا بالتفريط والتعدي، لأن الوكيل أمين من جملة الأمناء الذين لا ضمان عليهم فيما ائتمنوا عليه إلا بتعد أو تقصير، وعلى هذا لا يجوز أخذ شيكات منهم بقيمة هذه البضاعة فضلا عن أن تكون بأكثر منها، لأنه ليس عليهم دين يوثق بهذه الشيكات، والمشروع للشركة إذا أرادت أن تحفظ حقها أن تجعل هؤلاء المندوبين يوقعون على استلام هذه البضاعة بما يثبت حق الشركة في مقاضاتهم عند التقصير والتعدي.
الثاني: أن يشتري هؤلاء المندوبون البضاعة من الشركة دون أن ينقدوا ثمنها ثم يبيعوها لغيرهم بسعر أكثر مما اشتروا به، ويوفوا الشركة حقها عند قبضهم لثمن هذه البضاعة، ففي هذه الحال لا بأس أن تأخذ عليهم شيكات أو وثائق بثمن هذه البضاعة لا بأكثر منها، لأن توثيق الدين بالشيكات أو ما في معناها أمر مشروع.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي ما يلي:
الأوراق التجارية (الشيكات) من أنواع التوثيق المشروع للدين بالكتابة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1425(12/14223)
تستلم راتبين وتعمل عملا واحدا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أخت مسلمة تتحصل على منحة من الدولة لسنوات عديدة وكافحت ودرست وتحصلت على عمل.
وأصبحت تستلم مرتبين. الأول: من الدولة. والثاني: من جهة عملها الجديد. وهو تبع الدولة أيضا. وهي من ذوي الاحتياجات الخاصة وراتبها القديم جمدته في حسابها ريثما تتحصل على إجابة من سيادتكم. هل تستمركما كانت؟ ام ماذا تعمل؟
ولكم جزيل الشكر.
أخوكم في الإسلام/ أبو محمد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سألت عنه له حالتان:
الحالة الأولى: أن تكون الأنظمة واللوائح المنظمة لهذه الأمور تنص على أنه لا مانع من عمل الشخص الذي تحصل على المنحة في أي مكان شاء مع بقاء الراتب الآخر جاريا عليه، فلا حرج على هذه الأخت حينئذ في الاستفادة من الراتب فيما تشاء، لأنه عبارة عن هبة من الدولة لها.
والحالة الثانية: أن تكون الأنظمة واللوائح تنص على أنها لا تستحق الراتب إذا عملت في مكان آخر، وإنما تريد هذه الأخت أن تتحايل لأخذ الراتب بأي وسيلة كالرشوة أو الكذب أو التواطؤ مع مسؤول العمل أو غير ذلك من الوسائل، فلا يجوز لها حينئذ أن تأخذ شيئا من هذا الراتب إلا إذا كانت مضطرة بحيث لو لم تأخذ هذا الراتب لهلكت أو قاربت على الهلاك، لأن الضرورات تبيح المحظورات، ولأنه يجب على الدولة رفع الضرر عن المتضررين. وراجع أيضا الفتويين التاليتين: 47031 و 48714.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1425(12/14224)
حكم أخذ العلاج المجاني بغير علم المستشفى
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال الثاني: أقيم في مدينة يوجد بها مستشفي حكومي لعلاج الأسنان بالمجان ولكن المسئولين عن هذا المستشفى لا يخرجون المواد الطبية لعلاج المواطنين ليجبروا الناس على العلاج في العيادات الخاصة بمبالغ باهظة وتظل المواد الطبية المخصصة للمستشفى مكدسة في المخازن إلى أن تنتهي صلاحيتها ويتم إعدامها وعندي قريب لي يعمل فني أسنان في مستشفى حكومي ((قطاع عام)) في مدينة أخرى تبعد 300 كم وهذا المستشفى يسمح بعلاج المواطنين مجانا فطلبت منه أن يحضر لي (حشوة) من المستشفى لكي أعالج في مدينتي فقال لي بعضهم إن هذا حرام لأن هذه المواد مخصصة للعلاج داخل المستشفى وأنا أريد أن أعالج في مدينتي نظرا لبعد هذه المدينة عني.فهل هذا حرام أم حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سؤالك قد اشتمل على أمور:
الأمر الأول: ما يقوم به المسؤولون عن المستشفى من تكديس الأدوية حتى تفسد ليجبروا الناس على العلاج في المستشفيات الخاصة ولا شك أن هذا العمل حرام وغش وخيانة وتضييع للأمامة.
ويجب على من علم بذلك أن ينصحهم ويذكرهم بالله واليوم الآخر وينهاهم عن هذا المنكر ويبلغ الجهات المختصة عن هذا العبث والخيانة.
والأمر الثاني: حكم أخذ قريبك الحشوة من المستشفى الموجود في المدينة الأخرى لتتعالج بها في مدينتك، والجواب على هذا أن ذلك راجع إلى أنظمة المستشفى ولوائحه المعتبرة شرعا، فإذا كانت نظم المستشفى لا تسمح بذلك وكان من وراء ذلك غرض صحيح فلا يجوز لقريبك فعل ذلك، أما إذا كانت نظم المستشفى تسمح بذلك أو كان عدم سماحه بذلك ناتجا عن غرض غير صحيح بل تعنتا فلا حرج على قريبك في فعل ذلك ولا حرج عليك في الاستفادة من ذلك أيضا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1425(12/14225)
لم يسدد أبوه المتوفى جزء من قطعة أرض اشتراها من قديم
[السُّؤَالُ]
ـ[اشترى والدي قطعة أرض منذ30سنة تقريبا ًولم يسَّدد جزء بسيطا من المبلغ في حينها والآن بعد أن توفي والدي والشخص الذي اشترى منه، أريد أن أسدد المبلغ فكيف أسدده نفس المبلغ المطلوب أم على تقدير اليوم. علماً أنه إذا كان نفس المبلغ فهو لايساوي شيئا أبدا ولاينتفع به الورثة وأما إذا قدرناه بسعر الأرض اليوم فيكون كبيراً جدا ولا أستطيع سداده علما بأن أحدا لم يطالبني بالمبلغ لأن الشخص متوفى والورثة لايعلمون بذلك. وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي قرره أهل العلم هو أن الدين إنما يلزم في قضائه ما ثبت في ذمة المدين وقت التحمل، ولا اعتبار لما بلغته قيمته وقت الأداء، فإذا كانت العملة التي تحدد بها الدين أصلا مازالت موجودة ومتعاملا بها فالأمر ظاهر، وإن انعدمت وتعومل بعملة أخرى بدلها، فالواجب قيمة الدين بالعملة الجديدة وقت اجتماع استحقاقه وانعدام العملة، قال خليل ابن اسحاق: وإن بطلت فلوس فالمثل أو عدمت فالقيمة وقت اجتماع الاستحقاق والعدم.
وفي كلا الحالتين لا يرجع إلى تقويم الأرض.
وبناء عليه فواجبك هو أن تعطي ورثة بائع الأرض لأبيك ما بقي من الدين بالغا ما بلغ، فإن كانت العملة
التي تقرربها قدره أصلا، قد انعدمت وصار التعامل بغيرها، فالواجب إعطاء قيمته من العملة الجديدة.
وعليك أن تستسمح منهم فيما وقع من التأخير إن كانت فيه مماطلة.
ونرجو الله أن يتقبل منك حرصك على أداء الحقوق.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 6460.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1425(12/14226)
تأخر أخوه في السداد فارتفع الثمن فهل يطالبه بزيادة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ: حفظه الله
أرجو من الله ثم منكم التكرم بالإجابة عن السؤال التالي:
أملك أرضا سكنية تقرب من أرض لأخي. فمنذ سنتين سألني أخي أن أبيعه إياها وذلك لعلمه بعدم رغبتي فيها وذلك لبعدها عن منزل والدنا. فاتفقنا على أن أبيعه إياها بمبلغ 130000ريال قطري. وأشتري أنا بالثمن نفسه أرضا بالقرب من والدنا. ولكنه دفع إلي مبلغ 70000 ولم يدفع لي الباقي من الثمن إلي اليوم. الأمر الذي لم يسمح لي بشراء أرض منذ سنتين، حيث إني قمت بحجز أرض في ذلك الوقت ولم أتمكن من شرائها لعدم استلامي المبلغ كاملا من قبل أخي. بعدها مباشرة ومنذ سنتين سافرت للدراسة في الخارج ولم أزل بعيدا عن بلدي ولقد تضاعفت أسعار الأراضي إلى حوالي ثلاثة أضعاف خلال تلك السنتين.
ولا أعلم ماذا أفعل الآن فأنا لا أريد أن أظلم أخي أو هو يظلمني.
ولم أقم بتسجيل الأرض إلى اليوم باسم أخي وذلك لأنه لم يدفع المبلغ كاملا
أجيبوني مأجورين
وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء
أخوكم/ محمد يوسف راشد السليطي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في عقد البيع الصحيح النفاذ، ما دام المتبايعان قد افترقا من محلهما الذي تبايعا فيه، فلا يملك أحدهما حق الفسخ إلا لمسوغ شرعي. ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، أو قال: حتى يفترقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما. متفق عليه.
وعلى هذا؛ فالبيع لازم لك، فلا تستحق إلا باقي ثمن القطعة الأصلي، ولو تغير الثمن، وإن وقع من أخيك شيء من المماطلة فإنه يأثم به، إلا أن ذلك لا يسوغ لك طلب الفسخ أو أخذ زيادة على ما اتفق عليه. وراجع في هذا الفتوى رقم: 7110.
والذي ننصحك به هو التفاوض مع أخيك في هذا الأمر بشيء من الود وفي حالة من الصفاء، فلعله يدفع إليك زيادة من المال إعانة لك برضى وطيب نفس منه، واجعلا المحافظة على الرحم وصلتها هدفكما الأسمى، ومن معالي الأمور التي تضمحل بجانبها سفاسف الأمور، وهذا المتاع الزائل.
وننبهك إلى أن عدم تسجيل الأرض باسم أخيك لا تأثير له على صحة البيع ونفاذه.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1425(12/14227)
السلعة المعيبة ترد بثمنها يوم شرائها
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل سنتين ونصف اشتريت أرضا من شخص ما وعند الاستلام اتضح أن الأرض بها مشكلة طلبت إرجاع مبلغي هل أقبل الزيادة أم نفس المبلغ علما بأن الوقت طال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا وجد المشتري بما اشتراه عيبا يجهله فله أن يرد المبيع على البائع بنمائه المتصل مثل الزرع والحب والثمر على الشجر ونحو ذلك، ويرجع بالثمن الذي دفعه للبائع يوم اشترى منه ولو تغيرت قيمة العملة التي اشترى بها من زمن الشراء إلى زمن الرد، لأن هذا الثمن هو الذي استقر في ذمة البائع إذا فسخ البيع، قال الدردير في الشرح الصغير مع بلغة السالك: وإن بطلت معاملة من دنانير أو دراهم أو فلوس ترتبت لشخص على غيره من قرض أو بيع أو تغير التعامل بها بزيادة أو نقص (فالمثل) أي فالواجب قضاء المثل على من ترتبت في ذمته، قال الصاوي في شرحه لقول الدردير: قوله: أي فالواجب قضاء المثل: اي ولو كان مائة بدرهم ثم صارت ألفا بدرهم أو بالعكس، وكذا لو كان الريال حين العقد بتسعين ثم صار بمائة وسبعين وبالعكس.
وبهذا يعلم السائل أنه لا يحق له أن يسترد إلا نفس المبلغ الذي دفع بدون زيادة ولو طال زمن مكثه عند الطرف الآخر أو هبطت قيمته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1425(12/14228)
حكم تقاضي المكاتب الاستشارية أتعاب المناقصة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: أتعاب مناقصة بناء المساكن
أرجو توضيح الحكم الشرعي في المعاملة التالية جزاكم الله خيرا:
عندنا مكتب استشارات هندسية في الإمارات ونقوم فيه بتصميم المساكن والمباني والإشراف على بنائها والذي يقوم به المقاولون (شركات البناء) ، ونتقاضى نظير ذلك أتعاب التصميم والإشراف وعادة تكون بنسبة 4% من قيمة عقد المقاولة (كلفة بناء المبنى) منها 2% أتعاب التصميم و2% أتعاب الإشراف، وتكون هذه النسبة مدونة في اتفاقية التصميم والإشراف بين مالك الأرض التي سيتم البناء عليها وبين المكتب الاستشاري، ويوقع المالك أيضا ورقة تفويض تخول الاستشاري مراجعة الجهات الحكومية لإنهاء كل الإجراءات الرسمية التي يتطلبها البناء نيابة عن المالك.
وبعد ذلك يتم دعوة عدة مقاولين لتقديم أسعارهم (فيما يسمى بالمناقصة) ، وعند ترسية عقد البناء على أحد المقاولين، يقوم هذا المقاول بدفع مبلغ يسمى أتعاب مناقصة إلى الاستشاري ويتراوح هذا المبلغ ما بين 25 ألف درهم وأكثر، ويقول أصحاب المكاتب الاستشارية والذين جميعهم وعلى حد علمي يتقاضون أتعاب المناقصة هذه أن هذا عرف متعارف عليه ويأخذونه نظير جهودهم في التحضير للمناقصة من مخططات ومذكرات، لكن هذا الجهد الذي يذكرونه مندرج تحت نسبة أتعاب التصميم 2%، علما بأن أتعاب المناقصة هذه غير مدونة في أي أوراق رسمية والمالك غالبا لا يعلم بها وأحيانا إذا علم فإنه مجبر لأن كل المكاتب تأخذ ذلك، وطبعا المقاول يضيف هذا المبلغ إلى كلفة المقاولة الإجمالية.
السؤال: هل يحل للمكتب الاستشاري أخذ هذا المبلغ (أتعاب المناقصة) من المقاول بعلم أو بدون علم مالك الأرض؟
...
راشد خليفه الكعبي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على هذا السؤال، وذلك في الفتوى رقم: 46188.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1425(12/14229)
حكم جلب الزبائن لشركة صرافة مقابل نسبة من الأرباح
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف الحكم للحالة الآتية: شركة نقل أموال تأخذ رسوم 3% من إجمالي ما تنقله أي إن أردت أنا أن أرسل لكم 200 ريال أدفع لهم 206 فيأخذوا هم 6 ريالات لهم ويعطوكم الـ200 ويعرضون علي أن أقوم بجلب الزبائن لهم مقابل 5% مما يجمعون أي إن جلبت لهم عدة زبائن وقاموا بإرسال أمول لجهات مختلفة بحيث يكون إجمالي المرسل مليون ريال كانت مجمل الرسوم التي جمعتها الشركة3% أي 30 ألف ريال فآخذ أنا 1500 ريال من الـ 30 ألف هل يحل لي ذلك المال؟ علماً بأنه ليس من قروض وليس ربوياً لكن الشبهة التي أخاف منها هو أنه مبلغ كبير يأتيني كل شهر دون عمل شهري أو مهنة ثابتة وإنما نظير جلبي هؤلاء العملاء كما إنه ليس له قيمة ثابتة وإنما يعتمد على حركة نقل الأموال. فما الحكم؟ وهل أقبل العرض أم أرفضه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن السؤال مسألتين هما:
- النسبة التي تأخذها شركة نقل الأموال.
- وما تتقاضاه أنت من هذه الشركة مقابل ما تقوم به من خدمة.
فأما المسألة الأولى: فلا حرج فيها، لأنها لم تعد أن تكون إجارة على إيصال مبلغ معين بأجرة محددة، ولا خلاف في جواز الإجارة إذا لم تتضمن جهالة أو غرراً أو شيئاً آخر من المنهيات، وكون الأجرة هنا نسبة ثابتة هي ثلاثة في المائة لا يضر، لأن القدر الذي تؤخذ منه معلوم، فتكون بذلك هي معلومة عند كل من يريد إرسال مبلغ.
وأما المسألة الثانية: فهي المسماة عند الفقهاء بالسمسرة، وهي مباحة في الأصل: ولكن كونها وقعت هنا بنسبة من المحصول وليست بأجرة محددة يجعلها من الجعالة الفاسدة عند أكثر العلماء، مع أن بعضاً منهم يجيز ذلك، وراجع فيه الفتوى رقم: 46071.
فالصواب إذا أن تحدد مع هؤلاء جعلاً معروفاً أو أجرة لتخرج من الخلاف في المسألة. وأما كثرة ما يأتيك كل شهر من المال مقابل عملك فلا حرج فيه إذا صحت المعاملة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(12/14230)
أوفد إلى مؤتمر من قبل الجامعة فأهدي هدية فلمن تكون؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت إلى مؤتمر علمي لنشر بحث علمي باسم الجامعة التي أدرس فيها وقد دفعت الجامعة كل المصاريف من مصاريف التسجيل للمؤتمر والسفر والإقامة وخلافه، وقد أعطى المؤتمر لكل باحث شنطة عليها شعار المؤتمر كهدية، فهل تعتبر هذه الشنطة من الناحية الشرعية ملكاً شخصياً لي أم ملكاً للجامعة، علما بأن الجامعة لا تطالب بها والمتعارف عليه هنا أن هذه الأشياء تكون للباحث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا في الفتوى رقم: 50642.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1425(12/14231)
من صور أكل المال العام بغير حق
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل بشركة قطاع خاص وكان أجري كبيرا وكان مقر الشركة في مبنى حكومي وبعلاقتي الطيبة مع العاملين بهذا القطاع الحكومي حصلت على كرنيه يفيد بأني أعمل في هذا القطاع وكان الهدف من هذا الكرنيه هو حمايتي من سخافات رجال الشرطة الموجودين على الطريق الموصل إلى محافظتى لأني كنت أعمل بالقاهرة وأنا من المنيا.
ولكن بعد أعوام انتقلت إلى عمل آخر أقل أجرا وبدأ حالي يتغير ولكن ليس ضيق المعيشة هو الذي جعلني أفكر في استخدام هذا الكرنيه في قطع نصف تذكرة في القطار بدلا من تذكرة كاملة لا والله العظيم بل إنني وجدت أن من المفروض أن يكون لي حق على الدولة مثل الآخرين ممن يعملون بالحكومة ودخلهم يكاد أن يكون أكثر مني بكثير ومع ذلك فهم وحدهم الذين يملكون ركوب القطار بنصف الثمن وأيضا مؤخرا وكما نقول فى مصر الذي زاد الطين بلة أنهم رفعوا الدرجة الثالثة ووضعوا مكانها الدرجة الثانية وهي والله لم تزد شيئا يساوى هذا الفارق فى الأجر من أجل ذلك استعملت هذا الكرنيه.
فدلوني بالله عليكم أأستخدمه أم أصبر أم ماذا وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت الدولة لا تسمح بقطع نصف تذكرة إلا لفئة معينة، فيجب التقيد بذلك ويحرم التحايل عليه، لأن التحايل على ذلك من أكل المال العام بغير حق.
وتبرير هذا التحايل بأنه توصل إلى حق لأن على الدولة كما سمحت لهذه الفئة بنصف تذكرة أن تسمح لغيرها، تبرير غير صحيح، لأن للدولة أن تخص طائفة معينة بما لا تخص به غيرها لتحقيق مصلحة معتبرة. وراجع للأهمية الفتوى رقم: 23007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1425(12/14232)
أجرة السمسار لا يصح أن تكون نسبة من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يقول لي لي مشروع لإحدى الشركات يهمك, لأنني أعمل كمهندس كمبيوتر فيقول لي إن شئت جعلت لك اتصالا مع الشركة ولكن تعطيني نسبة من الربح. علما بأنه لا يعمل في هذه الشركة, إنما يدلني عليها فقط.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يقوم به صاحبك هذا من الوساطة بينك وبين الشركات يسمى في الفقه بالسمسرة، والسمسار هو الذي يتوسط بين المتعاقدين، ويسهل مهمة العقد مقابل مبلغ يأخذه منهما او من أحدهما، والفقهاء يعدون السمسرة من باب الجعالة.
قال البخاري: باب أجر السمسرة، ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأسا. اهـ.
والأجرة التي يحصل عليها السمسار مقابل ذلك تسمى جعالة، ويشترط فيها أن تكون معلومة، فلا يجوز أن تكون نسبة من الربح لأنها حينئذ جعالة بمجهول.
وقد أخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره.
وفي رواية للنسائي: إذا استأجرت أجيرا فأعلمه أجره.
هذا هو مذهب الجمهور، وذهب بعض أهل العلم إلى جواز كون الأجرة نسبة من الربح.
قال في كشاف القناع: (ولو دفع عبده أو) دفع (دابته إلى من يعمل بها بجزء من الأجرة) جاز (أو) دفع (ثوبا) إلى من (يخيطه، أو) دفع (غزلا) إلى من (ينسجه بجزء من ربحه) قال في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصانا ليبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز، نص عليه في رواية حرب وإن دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوبا بثلث ثمنه أو ربعه جاز، نص عليه (أو) دفع ثوبا إلى من يخيطه أو غزلا إلى من ينسجه (بجزء منه) مشاع معلوم (جاز) اهـ.
وقال ابن سيرين: إذا قال بعه بكذا فما كان من ربح فهو لك أو بينى وبينك فلا بأس به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1425(12/14233)
يشارك زميله في قرض من البنك باسم زميله
[السُّؤَالُ]
ـ[اتففت أنا وأحد زملاء على أخذ قرض عن طريق أحد البنوك بنظام التورق الإسلامي وكانت هناك فتوى تحل هذا العمل، القرض الممنوح سوف يكون باسم زميلي وأنا سوف أشترك معه في قيمة القرض وقيمة السداد لكن الاتفاق هذا بيني وبين زميلي، البنك سوف يتعامل مع زميلي لأن القرض باسمه السؤال: هل يجوز لي أن أشترك مع زميلي في قيمة القرض وقيمة السداد؟ وأشكركم على حسن تعاونكم معنا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك قد اشتمل على أمرين:
الأمر الأول:
ما يتعلق بحكم التورق وهو جائز إذا انضبط بالضوابط الشرعية عند جماهير العلماء وعليه المذاهب الأربعة وذهب بعض أهل العلم إلى كراهته وبعضهم إلى تحريمه وقد تقدم تفصيل الكلام عن ذلك في الفتاوى التالية:
2819، 32966، 46179.
والأمر الثاني:
حكم اشتراكك مع زميلك في الدين وسداده مع أن البنك إنما يتعامل ظاهرا مع زميلك ولا حرج في ذلك، لكن
لا بد أن تعلم أن في هذا الأمر معاملتين.
الأولى: بين البنك وزميلك
والثانية: بينك وبين زميلك بمعنى أن البنك لا علاقة له بك لأن العقد حصل بينه وبين زميلك
وعلى ذلك تبنى الأحكام الشرعية المترتبة على الدين فالدين الذي على زميلك هو للبنك وهو الناتح عن عقد المرابحة والدين الذي عليك هو لزميلك وهو الناتج عن مشاركتك له في السلعة التي اشتراها من البنك وتنازله لك عن نصفها بنفس الثمن الذي اشتراها به وبنفس الطريقة في الأداء ثم قمتما ببيعها سوية واقتسمتما المبلغ ولكي تكون هذه المعاملة صحيحة لابد أن يتم التنازل بعد شرائه للسيارة من البنك وقبل أن يقوم ببيعها وأخذ الثمن لأن التنازل إذا حصل قبل شرائه للسيارة من البنك فقد باع لك مالا يملك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لحكيم بن حزام لا تبع ما ليس عندك. رواه أحمد والنسائي والترمذي وأبو داود وابن ماجه وصححه الألباني وغيره.
أما إذا حصل التنازل بعد بيع زميلك للسيارة فإن حقيقة المسألة هو أنه أقرضك بفائدة وهذا هو عين الربا فيجب التنبة لهذا وقل من ينتبهون له.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1425(12/14234)
حكم تناول الراتب خلال الإجازة الدراسية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف في إحدى المؤسسات الحكومية، وقد سافرت إلى الخارج لأكمل دراستي، وقد أخذت إجازة من المؤسسة، فهل يحق لي استلام الراتب خلال مدة الإجازة أم لا، أفيدونا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلما سألت عنه حالتان:
الحالة الأولى: أن تكون الأنظمة واللوائح تنص على أنك خلال إجازتك هذه تستحق الراتب، فلا حرج عليك حينئذ في الاستفادة من الراتب فيما تشاء.
والحالة الثانية: أن تكون الأنظمة واللوائح تنص على أنك لا تستحق الراتب خلال إجازتك، وإنما تريد أن تتحايل بأي وسيلة لأخذ الراتب كالرشوة أو الكذب أو التواطؤ مع مسؤول العمل، فلا يجوز لك حينئذ أن تأخذ شيئاً من هذا الراتب، وراجع تفاصيل ذلك في الفتويين التاليتين: 47031، 48714.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1425(12/14235)
حكم النقص والزيادة لدى أمين الخزينة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل أمين خزينة في إحدى الشركات وكعادة أي خزينة في أي عمل يحدث عجز أو زيادة، والحمد لله أنا أخاف الله كثيراً وأقوم بسداد العجز من جيبي الخاص حتى لا أتعرض لأي مساءلة، ولكن الأهم هو الزيادة ماذا أفعل بها، هل آخذها لجيبي الخاص على أساس أنني أسسد العجز فتصبح الزيادة لي أم أقوم بإدخالها كإيراد زائد لحساب الشركة أم أودعها في مسجد كصدقة أم ماذا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الزيادة التي توجد في الخزينة لا تخرج عن ثلاث صور:
الأولى: أن تكون تلك الزيادة نتيجة ترك بعض المتعاملين مع الخزينة بعض ما يستحق خطأ أو لعدم وجود صرف، ففي هذه الحالة، فالزيادة باقية على ملك صاحبها لا يجوز تملكها، فإذا لم يعرف صاحبها أخذت أحكام اللقطة، وقد بينا أحكامها في الفتوى رقم: 11132.
الثانية: أن يقول من لهم هذه الزيادة لأمين الخزينة: خذها، فهذا تمليك منهم لأمين الخزينة نفسه، فله حق التصرف فيها مثل غيرها من أملاكه.
الثالثة: أن تكون تلك الزيادة ليست نتيجة خطأ أو عدم وجود صرف، إنما تركها أصحابها باختيارهم وعلمهم، ودون أن يملكوها لأمين الخزينة، ففي هذه الحالة هي ملك للشركة، لأن أمين الخزينة إنما هو وكيل عن الشركة في صرف الأموال واستيفائها، فإذا ترك بعض العملاء بعض ما يستحق كان ذلك ملكاً للشركة التي وكلته.
وننبهك إلى أن يد أمين الخزينة يد أمانة وليست يد ضمان، ولهذا فإن النقص الذي يوجد في أحد الحسابات لا يلزمك تعويضه ما لم يحصل منك تفريط أو تقصير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1425(12/14236)
ضوابط صندوق الادخار المخصص لإقراض الموظفين
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوه الأعزاء وجزاكم الله كل خير
نحن موسسة يتعدى عدد أفرادها الألف وهناك صندوق لحساب هولاء العاملين يسمى صندوق الادخار وتم عمل نظام سلف من هذا الصندوق على النحو التالي
إن المبلغ المسموح به للقرض يعتمد على درجة الموظف ومدة القرض من سنة إلى ثلاث ويخصم من القرض عند الاستلام مبلغ خمسة بالمائة حسب النظام بدل طوابع بغض النظر عن مدة السداد سواء ثلاث سنوات أو سنة
فما حكم هذا التعامل من الناحية الشرعية
ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور:
الأمر الأول: حكم إنشاء صندوق الادخار لأجل إقراض المشاركين في الصندوق من حيث الأصل، ولهذا الصندوق حالتان:
الحالة الأولى:
أن يكون ما دفعه المشاركون لهذا الصندوق هو عبارة عن تبرع لصالح الصندوق لأجل استفادة المشاركين منه بالاقتراض، ولا حرج في ذلك، بل هو من عمل الخير، ومن التعاون على البر والتقوى، وراجع الفتوى رقم: 49854.
والحالة الثانية:
أن يكون ما دفعه المشاركون عبارة عن قرض لصالح الصندوق، يرجع إلى أصحابه عند فض هذا الصندوق أو عند حلول دور المشارك، وهذه المسألة راجعة إلى ما يسمى عند الفقهاء بمسألة (أسلفني أسلفك) وهي أن يشترط في عقد القرض قرض آخر من المقترض في مقابل القرض الأول، وقد اختلف أهل العلم في حكمها:
فقد نص الحنابلة على عدم جواز ذلك وعلى فساد هذا الشرط مع بقاء العقد صحيحا، والذي يستفاد من كلام المالكية حول هذه الصورة هو كراهة القرض مع ذلك الشرط.
ونص الحنفية على حرمة الشروط في القرض، قال ابن عابدين: وفي الخلاصة القرض بالشرط حرام، والشرط لغو
والذي عليه الفتوى في الشبكة الإسلامية هو أن ذلك جائز كما تقدم في الفتوى رقم: 1959، والفتوى رقم: 5457.
والأمر الثاني: تفاوت نسبة الدين المسموح به ومدة سداده بحسب درجة الموظف، ولهذه المسألة حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون ما يدفعه الموظفون يختلف باختلاف درجاتهم الوظيفية بما يناسب ما ياخذه الموظف من قرض من الصندوق، فلا حرج في ذلك.
والحالة الثانية:
أن يكون ما يدفعه الموظفون متساويا وما يأخذونه غير متساو، فإذا كان ذلك برضي بقية المشاركين فلا حرج في ذلك، لأن نفوسهم قد طابت بذلك.
والأمر الثالث:
النسبة التي يأخذها الصندوق ويسميها بدل طوابع، وهذه النسبة لا تجوز، لأنها داخلة في قاعدة (كل قرض جر نفعا فهو ربا) .
فإن قيل إن هذه النسبة عبارة عن التكاليف الإدارية للمعاملة فالجواب أنه لا حرج في أخذ تكاليف إدارية بشرط أن تكون أجرة مقطوعة لا نسبة تختلف بحسب قدر الدين كما يشترط أن تكون بقدر الاحتياجات الإدارية، لأنها في حالة الزيادة على ذلك ستدخل في قاعدة (أيما قرض جر نفعا فهو ربا) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1425(12/14237)
يطلب أجرة في مقابل الوساطة بينه وبين أصحاب الأعمال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب مؤسسة مقاولات معمارية وقد قابلت أحد الأشخاص ومعه بعض المخططات القابلة للتنفيذ وعرض علي المخططات وقال لي أن أضع سعراً للتنفيذ وهو بدوره يوصل السعر إلى صاحب العمل وإذا حصل توافق في السعر فإنه يقابل بيني وبين صاحب العمل وإذا صار اتفاق وكتبنا العقد فإن الوسيط يريد مني مبلغاً مقابل أتعابه وسعيه وحيث إن الوسيط يقول إذا تريد عملاً فأنا أوفر لك ذلك وأنا علمت أنه يأخذ المخططات من مكاتب هندسية أو معارف له وأحياناً إذا قابله شخص بالصدفة ومعه مخطط يريد أن ينفذه فإنه يذهب به إلي، السؤال: ما حكم المبلغ الذي أدفعه إليه، ما حكم الأعمال التي آخذها عن طريقه، ملاحظة: أنا إلى حد الآن لم آخذ أي عمل من قبله، أرجو أن يكون الرد سريعاً، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يقوم به هذا الشخص يسمى سمسرة، والسمسرة هي الوساطة بين طرفي العقد لإتمام العقد أو الدلالة عليه وهي جائزة، إذا لم تتضمن إعانة على بيع محرم، أو الدلالة على ما يحرم بيعه، أو التعامل فيه.
والسمسرة معدودة عند الفقهاء من باب الجعل، ففي المدونة: في جعل السمسار: قلت: أرأيت هل يجوز أجر السمسار في قول مالك؟ قال: نعم سألت مالكاً عن البزاز يدفع إليه الرجل المال يشتري له به بزا ويجعل له في كل مائة يشتري له بها بزا ثلاثة دنانير؟ فقال: لا بأس بذلك، فقلت: أمن الجعل هذا أم من الإجارة؟ قال: هذا من الجعل. انتهى.
وعليه فيشترط في السمسرة ما يشترط في الجعالة ومن ذلك أن تكون الأجرة معلومة لا نسبة من الأرباح لأن في ذلك جهالة وغرراً وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر كما في صحيح مسلم، ولا يشترط في الجعالة العلم بالعمل فلا حرج في الجهالة به، وعليه فلا حرج على هذا الوسيط في أخذ ما تعطيه مقابل توسطه بينك وبين الآخرين ولا حرج عليك في العقود التي تتعاطاها عن طريقه بالشروط السابقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1425(12/14238)
وسائل الوصول إلى الحق منها الحلال ومنها الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[الحصول على الحق بأي وسيلة يعد حراماً، أرجو الإجابة خصوصاً إذا لم يكن هناك طريق آخر للحصول على ذلك الحق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول السائل الحصول على الحق بأي وسيلة يعد حراماً كلام غير صحيح، لأن وسائل الوصول إلى الحق منها ما هو حلال ومنها ما هو حرام.
ولكن لعل السائل يريد الوصول إلى الحق بوسيلة معينة يعتقد أنها حرام، ونحن لا نستطيع الحكم على أي وسيلة حتى نعلم ما هي، لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره.
فنرجو من السائل أن يعطينا تصوراً واضحاً عن ماهية الحق الذي له، وعن ماهية الوسيلة التي يريد أن يتوصل بها إلى هذا الحق حتى تتسنى لنا الإجابة على سؤاله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1425(12/14239)
يستلم راتبا ولا يعمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 29 سنة ومقبل على الزواج إن شاء الله، تم تعييني بعد فترة من تخرجي في وظيفة باللجنة المحلية في المنطقة التي أسكن فيها ولم أداوم في العمل لآن التعيين يتم فقط لصرف مرتب (بطالة مقنعة) ولا توجد وظيفة مناسبة وهذا هو أغلب حال المعينين، وبعد فترة سافرت إلى إحدى المدن الكبرى في بلدي (ليبيا) وبدأت العمل في شركة للاستيراد والتصدير يملكها قريبي (قطاع خاص) وأتقاضى مرتبا جيدا ولا يزال المرتب الذي يصرف من الدولة ينزل في حسابي شهرياً كالعادة، مع العلم بأن اللجنة المحلية تعلم أني أعمل في عمل آخر، ولكن لم يتم إيقاف مرتبي ولكني غير مرتاح لهذا المال الذي أتحصل عليه بدون جهد أبذله وبعض الإخوة يقولون هذا نصيبك من النفط الليبي ولا تبال ولكني أود عدم استمرار هذا الوضع، وسؤالي هو: هل يجوز لي شرعاً التصرف في هذا المال وفي حالة عدم رغبتي في أخذه، هل يجوز لي إعطاؤه لأسرتي التي هي في حاجة إليه، وهل يجوز أن أحول هذا المرتب لحساب مسجد يتم إنشاؤه في منطقتنا أو هل يجوز لي أن أخذ إجازة بدون مرتب لحين وضوح الرؤية لأن القطاع الخاص لا يشتمل على درجة وظيفية وغير مضمون الاستمرارية، أفيدوني أفادكم الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سألت عنه له ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يكون هذا الوضع قانونياً أي أن الدولة تتكفل برواتب الخريجين حتى توجد لهم الوظائف المناسبة وتبيح لهم هذه الرواتب وفي هذه الحالة فإن ما ينزل في حسابك كل شهر حلال لك لأنه هبة من الدولة لك فسواء أنفقته على نفسك أو أهلك أو تبرعت به لجهة عامة من مدارس ومساجد، أو تصدقت به على الفقراء أو أعطيته غيرك، فليس في ذلك من بأس، لأنه بعض مالك، ولك أن تفعل به ما تشاء.
والحالة الثانية: أن يكون هذا الوضع غير قانوني أي إن قوانين الدولة لا تسمح بإعطاء الراتب المذكور لمن تحصل على وظيفة أخرى بل هو وضع فيه تحايل على القانون ولو على مستويات عليا بواسطة المسؤولين الكبار وفي هذه الحالة لا يحل لك المرتب الذي تتقاضاه.
الحالة الثالثة: أن تكون قد كلفت بعمل معين ثم تركته للعمل الخاص وفي هذه الحالة لا يحل لك المرتب الذي تتقاضاه أيضاً -ولو كانت اللجنة المحلية على علم بذلك- حتى تقوم بالعمل الذي كلفت به من قبل الدولة، لأن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ [المائدة:1] ، وبينك وبين الدولة عقد على عمل بموجبه تستحق المرتب، وترك العمل إخلال بالعقد وخيانة للأمانة التي أمر الله أن تؤدى بقوله سبحانه: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58] ، وهو أيضا أكل للمال بالباطل، والله تعالى يقول: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ [البقرة:188] .
فالواجب عليك القيام بعملك حتى تبرأ ذمتك ويطيب كسبك، فإن كنت غير قادر على القيام بالعمل أو قادراً ولكنك لا تريد القيام بالعمل فلتستقل منه أو لتطلب إجازة بدون مرتب حتى تتضح الرؤية كما ذكرت في سؤالك.
وفي حالة عدم جواز الأخذ فما أخذته من أموال عليك بإرجاعه إلى بيت مال الدولة إذا كان القائمون عليه يعدلون فيه، وإلا لم يجز إرجاعه إليهم، بل يصرف في مصالح المسلمين العامة، كالقناطر والمساجد ومصالح الطريق ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه، وإلا فتصدق به على فقير أو فقراء ولو كانوا من أقاربك بشرط أن يكونوا ممن لا تجب عليك نفقتهم، وينبغي أن يتولى ذلك القاضي إن كان عفيفا، فإن لم يكن عفيفا لم يجز التسليم إليه، بل ينبغي أن يحكم رجل من أهل البلد دين عالم، فإن عجزت عن ذلك توليت الأمر بنفسك فإن المقصود هو الصرف إلى هذه الجهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1425(12/14240)
كلفته الشركة بأعمال إضافية ولا يعطونه أجرا مقابلها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل لدى شركة كبرى وطلب مني أن أقدم لهم عرض أسعار فى عمل خارج نطاق عملي وبالفعل قمت
بالاتصالات اللازمة لعمل دراسة الجدوى مع من سيقوم بالعمل ولكن العمل سيتطلب منى مجهوداً إضافياً وزائد عن ساعات العمل الرسمية، فهل يجوز أن أقوم باستقطاع جزء من المبلغ نظير الجهد والوقت الإضافى الذي هو غير مدفوع الأجر من الشركة التي أعمل بها، أفيدونا أفادكم الله؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تستطيع أن ترفض أداء هذا العمل الذي هو خارج نطاق عملك، وخارج ما اتفقت عليه مع هذه الشركة فلا يجوز لك أن تستقطع جزءً من المال نظير هذا العمل، لأنك تباشره في هذه الحالة بإرادتك واختيارك مع علمك بأن الشركة لا تدفع أجراً عليه.
أما إذا كنت مجبراً على هذا العمل، وإذا امتنعت عنه لحقك الضرر الذي لا تستطيع تحمله عادة، ففي جواز استقطاعك جزءً من المال بمقدار عملك خلاف بين العلماء، وهذه المسألة تعرف في الفقه بمسألة الظفر، وقد فصلنا الكلام فيها مع بيان الراجح في الفتوى رقم: 28871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1425(12/14241)
يد المحاسب على أموال المؤسسة يد أمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله لكم وفيكم في هذا الجهد العظيم أعمل محاسبا ويصبح عندي بعض الزيادات في الصندوق وهذه الزيادات اكتشفت أنها من جراء ظلم أصحاب العمل للموظفين فتراكمت الزيادات من قبل أن أستلم العمل فوضعتها إلى جنب بعيدا عن نقود العمل وقد استعملتها في شراء بعض الحاجيات التي أستخدمها في عملي مثل جهاز الخلوي وبعد تمكني من العمل توقفت عن مثل تراكم هذه الزيادات وتصحيح الوضع إلا أن هناك زيادات عاديه من جراء خطا مع أحد العملاء كما أنه يكون هناك بعض العجز فاستخدم هذه الزيادات لتغطية العجز أحيانا دون الرجوع إلى أصحاب العمل أو أستخدمها بامور مثل أجرة تكسي غالبا علما بأنه لن يرحم أصحاب العمل أي انسان من أي عجز كان فهل هذا العمل حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمحاسب في مؤسسة ما يعتبر أجيراً خاصاً عند أصحاب هذه المؤسسة، ويده على أموال المؤسسة يد أمانة.
وكل زيادة في الصندوق الأصل أنها لأصحاب العمل، وبالتالي يجب عليه إرجاع الزيادة إليهم ولا يجوز له التصرف فيها إلا بإذن منهم
قال الله تعالى: [إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا] (النساء: 58)
وفي الحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وغيره
وأما ما ذكره الأخ السائل من ظلم أصحاب العمل وشدتهم على العمال فغير مسوغ له ليتسلط على أموالهم، وليس هو الشخص الذي يخول إليه الحكم عليهم بالظلم.
ولو أعطي الناس بدعواهم لادعى أقوام أموال وأعراض آخرين.
وكان الواجب عليه هو أن يقوم بنصح هؤلاء إن تبين له منهم ظلم أو شدة في غير محلها وفي الحديث: الدين النصيحة. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1425(12/14242)
مسائل حول المضاربة في البورصة عن طريق الإنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[الدخول في معاملات بيع وشراء العملات العالمية عن طريق البورصة العالمية وذلك عن طريق الانترنت من خلال شركة أجنبية أفتح فيها حسابا وأودع في حسابها البنكي خارج السعودية مبلغ 30000 دولار أمريكي وأفوضها بالدخول في البورصة والبيع والشراء في العملات نيابة عني بمبلغ 2500000 دولار على أساس الإقراض وبعد عملية شراء العملات وانتظار ارتفاعها ومن ثم بيعها واحتساب الفرق لصالحي مع أخذ الشركة الاجنبية مبلغ 60 دولارا عن كل عملية (عقد) شراء وبيع سواء خرجت بربح أو بخسارة وسواء تم البيع والشراء خلال دقائق أو أيام حيث فائدتها في عدد عمليات الدخول (العقود) التي أفوضهم في الدخول فيها
نفع الله بكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك قد اشتمل على عدة أمور:
الأمر الأول: بيع وشراء العملات عبر البورصة:
ولا حرج في ذلك إذا انضبط الأمر بالضوبط الشرعية وخلاصة هذه الضوابط:
أنه عند بيع عملة بجنسها فلا بد من التقابض والتماثل
وعند بيع عملة بأخرى غير جنسها فلا بد من التقابض ولا يشترط التماثل
وقد تقدمت لنا تفاصيل أكثر عن ذلك في الفتاوى التالية:
3708، 8440، 17351، 47324.
والأمر الثاني: توكيلك شركة ما في البورصة بأن تتاجر عنك بالعملات بيعاً وشراءاً على أن يأخذوا مبلغ ستين دولاراً عن كل صفقة. ولا حرج في ذلك أيضاً إذا انضبط الأمر بالضوبط الشرعية السابقة وما يأخذونه مقابل كل عملية يعد من الجعالة والسمسرة.
الأمر الثالث: القرض الذي يعطيكه البنك على أن يكون لديهم ليستثمروة لك في بيع وشراء العملات وهذا الأمر لا يجوز لأنه إذا شرط في عقد القرض أن يبيعه المقرض شيئا، أو يشتري منه، أويؤجره، أو يستأجره منه، ونحو ذلك، فقد نص المالكية والشافعية والحنابلة على عدم جواز هذا الاشتراط، واستدلوا على ذلك: بما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل سلف وبيع. رواه الترمذي، قال ابن القيم: وحرم الجمع بين السلف والبيع، لما فيه من الذريعة إلى الربح في السلف بأخذ أكثر مما أعطى، والتوسل إلى ذلك بالبيع أو الإجارة كما هو الواقع، وقال أيضا: وأما السلف والبيع، فلأنه إذا أقرضه مائة إلى سنة، ثم باعه ما يساوي خمسين بمائة، فقد جعل هذا البيع ذريعة إلى الزيادة في القرض الذي موجبه رد المثل، ولولا هذا البيع لما أقرضه، ولولا عقد القرض لما اشترى ذلك منه، ثم قال: وهذا هو معنى الربا. ولأنهما جعلا رفق القرض ثمنا، والشرط لغو فيسقط بسقوطه بعض الثمن، ويصير الباقي مجهولا وقال الخطابي: وذلك فاسد، لأنه إنما يقرضه على أن يحابيه في الثمن، فيدخل الثمن في حد الجهالة. ولأنه شرط عقدا في عقد فلم يجز، كمالو باعه داره بشرط أن يبيعه الآخر داره، وإن شرط أن يؤجره داره بأقل من أجرتها، أو على أن يستأجر دار المقرض بأكثر من أجرتها كان أبلغ في التحريم، ولأن القرض ليس من عقود المعاوضة، وإنما هو من عقود البر والمكارمة، فلا يصح أن يكون له عوض، فإن قارن القرض عقد معاوضة كان له حصة من العوض، فخرج عن مقتضاه، فبطل ما قارنه من عقود المعاوضة.أهـ
ولا حرج في أن يكون في عقدين لا في عقد واحد بمعنى أن يكون عقد القرض ليس من شروطه عقد التوكيل بالاستثمار أي أن من حق المقترض ألا يعطي الشركة أموال القرض وله أن يعطيها لغيرهم أو يعمل بها ما يشاء لكن من المعلوم أن هذا لن تقبل به الشركة المقرضة
وما سبق إنما هو مالم يكن قد اشترط على العميل سداد القرض بأكثر منه أما إذا حصل ذلك فهو عين الربا.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 7668
والفتوى رقم: 10779.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1425(12/14243)
مسألة حول التعامل في البورصة
[السُّؤَالُ]
ـ[في مجال البورصة بعض البنوك تأخذ مبلغا ماليا\"بسيطا\" يستقطع من رأس المال أو تضيف مبلغا ماليا بسيطا لرأس المال من أجل أن يتمكن العميل من تبييت العمليات الخسرانة\" بغرض إمكانية الربح\" أو الرابحة بغرض \"زيادة الربح\"، السؤال هل يجوز ذلك أم لا وخاصة إذا كان التبييت دفعا لضرر شدة الخسارة أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
سبق الجواب عليه برقم: 3099
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1425(12/14244)
شروط صحة الضمان الاجتماعي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف مستقيل وأمارس نشاطا تجاريا حرا ولما كنت موظفا كان قانون الدولة يخصم من مرتبي أقساطا للضمان الاجتماعي الذي بدوره يمنحني مرتبا ضمانيا عند بلوغي سن التقاعد وهي خمس وستون سنة والآن لا أحد يجبرني على دفع الأقساط وكذلك يجب علي دفعها في حالة رغبتي في الحصول على مرتب ضماني بعد وصولي لسن التقاعد.
السؤال هل يجوز لي الدفع في هذه الحالة وما حكم هذا المرتب أساسا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالضمان الاجتماعي يجوز بشروط:
الشرط الأول: أن يكون ذلك برضى صاحب المال.
الشرط الثاني: أن يكون ذلك على سبيل التعاون والإرفاق لا على سبيل التجارة أي أن يكون ضماناً تعاونياً لا تجارياً
الشرط الثالث: ألا تستثمر أموال الضمان في الحرام كالربا وغيره من المحرمات،
وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتاوي التالية:
10664، 9532، 25244، 29228.
وفي حالة استثمار الأموال في الحرام فإنه لا يجوز للشخص أن يشارك في الضمان الاجتماعي، لكن إذا كان إجباريا من قبل الدولة فإن الإثم يرتفع عن الشخص إن شاء الله ولكن لا يجوز للشخص بعد ذلك أن يتملك إلا ماتم أخذه منه أما ما زاد عليه فإنه يصرفه في وجوه الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(12/14245)
مسألة حول أخذ الأجرة على السمسرة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم سؤالي كالآتي مهنة (سمسار) وهو الوسيط بين المالك والمشتري أو المكتري.مثلا يذهب معك لترى المنزل اللذي تريد اكتراءه ويطلب منك أن تعطيه مبلغا من المال سواء اكتريت المنزل أو لم تكتر. المرجو منكم فتوى والدليل من الكتاب والسنة وشكرا لك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في أخذ الأجر على السمسرة، سواء تم العقد أو لم يتم، وقد تقدم تفصيل الكلام عن ذلك في الفتاوى التالية: 46769، 5172، 24498.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(12/14246)
حكم تملك الأرض المستخدمة من الغير بغير وثائق قانونية
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل رأي حول المسألة التالية والمتعلقة في:
هناك قبو تابع لأملاك الدولة الشاغرة كان يستغل من قبل طرفين (شخصين ولكن لا يملكان عليه الوثائق الرسمية والقانونية (عقد الاستفادة) وتمكنت أنا من التحصل عليه وأصبحت لدي وثائق رسمية حوله كما أني أدفع الكراء بإستمرار.
وإني أرسل بهذا الاستفتاء لمعرفة رأي الدين في هذه المسألة، فهل يعتبر ما قمت به ظلما أو تعديا على أملاك الغير؟ وهل ماقمت به جائز شرعا؟
شكرا
رقم الفاكس الذي تراسلونني عليه هو: 213.38.77.53.16]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
لقد سبق الجواب على هذا السؤال في الفتوى رقم: 45318
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(12/14247)
دعا صديقه على مشروب فطلب خمرا فأقره ونقد البائع الثمن
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في مصر قبل سنة تقريباً للاستجمام وقابلت أحد أصدقاء أخي وعزمت عليه في سهرة مع بعض، ولكنه للأسف طلب مشروباً كحولياً بينما أنا طلبت عصيراً طبيعياً وللأسف خجلت منه ودفعت عنه الحساب ولم أكن أعلم في حينه أن علي ذنباً كبيراً، ولكن علمت مؤخراً أن علي لعناً أو ما شابه ذلك، فماذا علي فعله الآن؟ أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صح من حديث الترمذي وابن ماجه عن أنس بن مالك قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له.
وفي رواية للترمذي وأحمد والدارمي عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر. فهذه النصوص صريحة في تأثيمك بما فعلت لأنك قعدت على مائدة يدار عليها الخمر، ولأنك دفعت عن صديق أخيك ثمن الخمر، والذي عليك فعله الآن هو التوبة، فقد قال الله تعالى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً [النساء:17] ، وقال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82] .
وشروط التوبة هي الإقلاع عن المعصية والندم على ما مضى من فعلها والعزم أن لا تعود إليها، وعليك بنصح أخيك بتجنب أصدقاء السوء فإنه لا خير فيهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(12/14248)
حكم أخذ الأجرة مقابل استصدار تأشيرات للعمال الوافدين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حلال أن أقبل مالاً من أحد الأصدقاء وهو بنغالي الجنسيه نظير أن أقوم بتوظيف 7 عمال واستخراج فيز لهم للعمل لدينا بالشركة، مع العلم بأننا بحاجه للعمال، وأنا من طلب منه إيجاد عمال وأفاد بأنه حلال ولا يغصبهم على دفع المال فهم يدفعون عن طيب خاطر؟ هذا وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسألة استقدام عمال من الخارج واستصدار فيز عمل لهم قد تقدم لنا كلام فيها وقلنا هناك أن ما يأخذه كفيلهم يعتبر ثمناً للجاه، ومعناه بذل شخص جاهه أو نفوذه أو صلاحية تختص به وبمن هو مثله في سبيل حصول آخر على ما هو حقه لولا عروض بعض العوارض دونه بشرط أن لا تستند هذه العوارض إلى سبب شرعي ملزم.
واختلف العلماء في جواز أخذ أجر على هذا العمل، بين قائل بالتحريم مطلقاً وقائل بالكراهة وقائل بالتفصيل، وراجع الفتوى رقم: 4714.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1425(12/14249)
حكم أخذ نقود التعويضات عن حرب الخليج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل نقود التعويضات حلال؟ \" التعويضات هي الأموال التي اخذت تعويضا للناس بعد حرب الخليج \"
وهل الفوائد التي سوف تدفع فيما بعد حلال؟
وشكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما سألت عنه من التعويضات التي تدفع للناس بعد حرب الخليج فإنها إذا لم تكن مأخوذة بعقد محرم كالربا ونحوه ولم يأخذ المرء منها فوق حقه فلا حرج فيها، وراجع فيها الفتوى رقم: 827.
وأما الفوائد التي ذكرت أنها سوف تدفع فيما بعد، فإن كنت تعني بها فوائد الأموال التي فقدها أصحابها إبان غزو الكويت أي فوائد عن الفترة الزمنية التي قضاها الملاك قبل أن يعوض لهم ما خسروا فإنها تعتبر ربا ولا تجوز، وراجع في حكمها الفتوى رقم: 1215، إلا أنه يستثنى للمرء من ذلك ما إذا كان أنفق نفقات وصرف مصروفات من أجل التوصل إلى حقوقه تلك فله أن يأخذ من الفوائد بقدر ما كان قد صرفه في سبيل الوصول إلى حقه من أجرة محام ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1425(12/14250)
حكم أخذ قيمة زائدة عن ثمن التذكرة التي تفرضها له جهة العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب العمل يعطونني بدل تذاكر وأنا أكون قد اشتريتها بمبلغ ألف وثمانمائة درهم وأخبرهم بأنها ألفان فهل هذا جائز أم لا، وهل يدخل ضمن الاختلاس أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جهة العمل إذا كانت تقرض لموظفيها مبلغاً محدداً مقابل تذاكر السفر وتقتطعه لهم على جهة التمليك بغض النظر عن كيفية أو تكلفه سفرهم، فإن هذا المبلغ يعتبر ملكاً للموظف وحقاً ثابتاً له، وله أن يأخذه كاملاً سواء اشترى به تذكرة أو لم يشتر.
أما إن كانت جهة العمل تدفع لهم هذا المبلغ بقدر قيمة التذاكر فعلاً، أو توكلهم على شرائها فإنه لا يجوز للموظف الاحتيال وأخذ الزائد على القيمة، فإن فعل ذلك كان آثماً بأكله أموال الناس بالباطل، وقد حرم الله تعالى ذلك في قوله: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:188] ، ويجب عليه التوبة إلى الله عز وجل ورد هذه الزيادة إلى جهة عمله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1425(12/14251)
مؤسسة تتفق مع الدولة على أن أجرة العامل (250) وتعطيه (200)
[السُّؤَالُ]
ـ[مؤسسة حكومية طلبت من مؤسسة خاصة توظيف عمال عاطلين عن العمل لمدة 6 شهور على أن تكون الأجرة الشهرية لكل عامل 250 دينار يقبضونها من البنك كل شهر، فاتفقت المؤسسة الخاصة مع العمال على أن يعملوا لديها مدة 6 شهور بمبلغ 200 دينار شهرياً، فيذهب العامل آخر الشهر ويقبض 250 دينار ويدفع للمؤسسة الخاصة50 دينار، فهل ما فعلته المؤسسة الخاصة جائز شرعا، حيث أنها تحتج بأنها تستخدم الفرق في المبلغ للمصلحة العامة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمؤسسة الخاصة إما أن تكون وكيلاً عن المؤسسة الحكومية في ذلك، وإما أن تكون أجيرة، فإن كانت وكيلة فلا يجوز لها أن تدفع للعمال مبلغ (200) شهرياً مع أن الموكل قد طلب أن تدفع للعمال مبلغ (250) شهرياً، ويستوي في ذلك أن تستخدم الفارق في المصالح العامة أو في المصالح الشخصية، لأن في ذلك أخذاً لأموال الناس بغير رضاهم في الحالتين، وراجع الفتوى رقم: 41544.
وإذا كانت هذه المؤسسة أجيرة للمؤسسة الحكومية فلها أن تتفق مع العمال على ما تشاء من الأجر، ولا يحق للمؤسسة الحكومية أن تقيدها بأجرة معينة للعمال لأن ذلك داخل في بيع وشرط، لكن إذا كان هذا التقييد من الدولة لمصلحة رأتها فلا بأس بذلك ويدخل ذلك في مسألة تقييد الدولة للمباح وهو جائز إذا كان لمصلحة شرعية معتبرة، وراجع الفتوى رقم: 7560.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1425(12/14252)
عقد المقاولة وأحكامه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم الفتوى رقم 8515 لدى شعور بعدم خصوصيتها في سؤالي أريد فتوى على حالة مثل حالتي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالرجوع إلى أسئلة الأخ الكريم السابقة وجدناه يسأل عن الحلال والحرام في المقاولات وهذا سؤال عام، والجواب عنه يحتاج إلى تفصيل طويل لا يناسب الفتوى، بل هو أليق بالبجث المطول منه بالفتوى، ولكن تقديرا لحرص الأخ وسؤاله المتكرر فسنذكر له بعضا من أحكام المقاولات مختصرة من بحث قدمه أعضاء في مجمع الفقه الإسلامي وهم: د. وهبة الزحيلي، ود. قطب مصطفى. ود. عجيل النشمي، وآخرون.
أولا: تعريف عقد المقاولة: هو عقد يلتزم بمقتضاه أحد الطرفين أن يؤدي عملا أو يصنع شيئا للطرف الآخر مقابل عوض دون أن يكون تابعا أو نائبا له أما تكييف هذا العقد من الناحية الشرعية فهو عقد استصناع أو عقد إجارة (أجير مشترك) أو هو عقد مستقل يخضع لاتفاق الطرفين بما لا يخالف حكما شرعيا، وإليك بعض أحكام هذا العقد منها:
1 ما يسمى بالمقاولة من الباطن، وهي جائزة بشرط أن لا يشترط رب المال على المقاول الأصلي مباشرة العمل بنفسه، وألا تكون شخصية المقاول الأصلي محل اعتبار عند رب المال.
2 صور تحديد الثمن في عقد المقاولة:
الصورة الأولى: تحديد الثمن بمبلغ إجمالي محدد بناء على المواصفات المتفق عليها في العقد وهذه الصورة جائزة
الصورة الثانية: تحديد الثمن على أساس وحدة قياسية بالمتر المسطح أو المربع وهي جائزة أيضا لأن جملة المبيع معلومة وجملة الثمن يمكن الوصول إليها.
3 تحديد الدفعات على مراحل الإنجاز أمر جائز وأساسه التراضي الذي لا يتصادم مع مقتضى العقد.
4 الشرط الجزائي: والصحيح أنه جائز في عقد المقاولة وله شروط ذكرناها في الفتوى رقم: 34491.
5 تحديد ضمان العيوب لمدة معينة والبراءة بعدها، وقد اتفق الباحثون على جواز ذلك في عقد المقاولة.
تنبيه: الشرط الجزائي في المقاولات هو ما كان مقررا لعدم تنفيذ الأعمال على الوجه المتفق عليه أو تأخيرها عن الوقت المحدد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1425(12/14253)
ما أخذ من الموظف يرد إليه بالطريقة التي ترضيه
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت الدولة تخصم قيمة مالية من مرتب الموظفين منذ سنة 1986 إلى سنة 2003 وقد طلبنا منهم إعادة المبلغ ماليا فرفضوا ذلك وأجبرونا على أن يدفعوا هم القيمة لأي شركة يختارها الموظف فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما تأخذه الدولة من راتب الموظف على أنه قرض أو أمانة تعطى للموظف وقت الحاجة أو عند التقاعد فإنه يجب عليها رده والسعي في إيصاله لصاحبه بالطريقة التي ترضيه، ويتعين أن يكون ذلك برضى الموظف قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا [النساء:58] ، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقترض من الناس ويقضيهم ويزيدهم على حقهم ويقول إن خيركم أحسنكم قضاء، فعن أبي رافع رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استلف من رجل بكرا فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره فرجع إليه فقال لم أجد فيها إلا خيارا رباعياً فقال أعطه إياه إن خيار الناس أحسنهم قضاء. رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل يتقاضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيراً فقال أعطوه سنا فوق سنه وقال خيركم أحسنكم قضاء. رواه البخاري ومسلم.
وإن كانت أخذت من رواتب الموظفين نسبة بسبب حاجتها إلى ذلك طلبا للمساعدة في بعض الخدمات التي تقدمها للمجتمع، فإنه قد سبق بيان جواز ذلك لها بشروط في الفتوى رقم: 592.
وإن كانت أخذت من الرواتب بغير حق فإنه يجب على من فعل ذلك أو شارك فيه بأي وجه رد ذلك عملاً بالحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
فإذا أرادت إرجاع ما أخذت في كل الصور عن طريق إحالتهم أو توكيل أمرهم إلى شركات فإن كانت الشركات ملية موثوقاً بمعاملاتها فالأولى للموظفين أن يقبلوا الحوالة لتلك الشركات، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم فإذا اتبع أحدكم على ملي فليتبع. رواه البخاري ومسلم.
وقد حمل الظاهرية وكثير من الحنابلة وأبو ثور وابن جرير الأمر في هذا الحديث على الوجوب، وحمله الجمهور على الندب، علماً بأن السؤال يحتاج لزيادة توضيح فإن لم يكن ما فهمناه هو المراد فيمكن أن تراجعنا مرة أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1425(12/14254)
وهب منحة تزيد على مدة دراسته
[السُّؤَالُ]
ـ[حصلت على منحة دراسية من بلد أوروبي وقد جددت المنحة لي أول هذه السنة ولكني ناقشت رسالتي قبل شهر وبقي أن أستلم شهادتي والتي تتأخر في الصدور وبقي لي من المنحة راتب 5 شهور وبعض الأموال المستحقة الأخرى، فهل يجوز لي إكمال هذه المنحة حتى أنهي جميع أموري هنا، علما بأن الجهة المسؤولة لا تجدد المنح أو تراجعها إلا كل أول سنة أو عندما تذهب إليهم وتطلب إيقاف المنحة، علما بأني الآن محتاج لهذا المال حتى أنهي كل شيء وأعود لبلدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبما أنك قد جددت المنحة بطريقة سليمة ليس فيها غش أو تزوير أو تحايل فإن لك الاستفادة من هذه المنحة حتى نهايتها ولو كنت قد أنهيت دراستك قبل انتهائها خصوصاً مع ما ذكرت من احتياجك لبقية هذه المنحة في إنهاء معاملاتك وعودتك إلى بلدك.
هذا ما لم يكن قد نص المسؤولون أو اللوائح المنظمة لذلك على أن المنحة تنتهي بنهاية الدراسة وأن الزائد على ذلك لا يستحقه الشخص، فإذا كان الأمر كذلك فلا بد من إعادة الباقي إلى الجهات المسؤولة عنه إن أمكن ذلك فإن لم يكن فتصدق به، وراجع الفتوى رقم: 12466، والفتوى رقم: 39471.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1425(12/14255)
حكم التعاقد على توفير أعمال مقابل نسبة من الأرباح
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال يحتاج إلى نوع من التفصيل بعض الشيء، الكثير من الشركات الأجنبية لا تستطيع الحصول على أعمال في البلاد فعليه هل من الجائز السعي والتوسط لهذه الشركات لأجل الحصول على أعمال مقابل نسبة من قيمة الأعمال أو العطاء، علما بأني وسيط فقط، ولا أعمل في شركات الطرف الثاني ولكن عن طريق الصداقات والسعي بالطرق المشروعة من الترويج والدعاية واستخدام الأصدقاء ذوي النفوذ لأتمام الموضوع، على أن نتقاسم النسبة المحددة، علماً بأن جميع الشركات تعطي عمولة لمثل هذه المواضيع، والسؤال هو: هل هذا المال حلال أم حرام، وإن كان حراماً هل أتركه لهم أم آخذه وأصرفه فيما يعين المسلمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من الأصول المقررة في المعاملات أن بيوع الغرر والجهالة ممنوعة وغير صحيحة، والأصل في ذلك هو حديث: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر. رواه مسلم.
وعليه فإن اتفاقك مع شركة ما على أن توفر لهم أعمالاً في بلدك مقابل نسبة من أرباح هذه الشركة أمر لا يجوز، وعقد لا يصح لما في ذلك من الجهالة بالأجرة، ولتصحيح هذه المعاملة لا بد من أن تكون الأجرة معلومة مقطوعة وليست نسبة متغيرة، ولا حرج في أن تكون الأجرة مقسطة شهرياً أو سنوياً بحسب الاتفاق.
وذلك إنما هو فيما إذا كان نشاط الشركة وعملها مباحاً في نفسه، أما إذا كان محرماً فلا يجوز لك ذلك أبداً لأن في ذلك إعانة على الإثم والعدوان والله تعالى يقول: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة: 2] ، وفي حالة الحكم على المعاملة بالبطلان لكون الأجرة مجهولة فإن لك أجرة المثل ولا يجوز لك أخذ زيادة على ذلك، ولو لتنفقها في وجوه الخير لأن ذلك مالهم وأخذه بغير حق لا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1425(12/14256)
حكم استلام المرأة الراتب التقاعدي لأبيها المتوفى بعد عقد نكاحها
[السُّؤَالُ]
ـ[أناوالحمدلله عقدت نكاحي على واحدة أبوها متوفى رحمة الله عليه وكان موظفا حكوميا وهي تستلم راتبا من معاش تقاعده والحين نحن في فترة الملكة يعني ما تم العرس وهي عند أهلها السؤال؟
هل يجوز لها أن تستلم راتب التقاعد الذي يأتيها أو تبطل بمجرد ما تم عقد النكاح البعض يقول تستلم إلا أن تذهب لبيت زوجها وعلما بأنها تجهز نفسها الآن والمبلغ ليس بقليل أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المعاش لا يخلو من إحدى حالتين:
أن يكون مستقطعا من راتب المتوفى.
أن يكون منحة من الدولة.
فإن كان مستقطعا من راتب المتوفى حال حياته فهو حق للورثة.. ولها أن تأخذ هذا الراتب أو نصيبها منه إن كان معها ورثة، تزوجت أم لم تتزوج ...
وإن كان منحة من الدولة وتعطيه الدولة بشروط كعدم العائل أو عدم بلوغ الأولاد فلا يجوز والحالة هذه الأخذ منه إلا بهذه الشروط، ونفقة المرأة في هذه الفترة وهي ما بعد العقد وقبل الدخول فيها تفصيل وهو:
الحالة الأولى: أن تبذل التمكين التام من نفسها لزوجها وتطلب النفقة من الزوج، فيجب على الزوج نفقتها حينئذ، وبالتالي لا يجوز لها الأخذ من هذا الراتب.
الحالة الثانية: أن تمنع نفسها أو يمنعها أولياؤها، أو يتساكتا بعد العقد فلا تبذل ولا يطلب، فلا نفقة لها حينئذ، وعليه، فلها الأخذ من راتب أبيها.
قال في "بدائع الصنائع": إذا تزوج بالغة حرة صحيحة سليمة ونقلها إلى بيته فلها النفقة لوجود سبب الوجوب وشرطه، وكذلك إذا لم ينقلها وهي بحيث لا تمنع نفسها وطلبت النفقة ولم يطالبها بالنقلة فلها النفقة لأنه وجد سبب الوجوب وهو استحقاق الحبس وشرطه وهو التسليم على التفسير الذي ذكرنا، فالزواج بترك النقلة ترك حق نفسه مع إمكان الاستيفاء فلا يبطل حقها في النفقة. اهـ.
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني": وإذا تزوج بامرأة مثلها يوطأ فلم تمنعه نفسها ولا منعه أولياؤها لزمته النفقة وجملة ذلك أن المرأة تستحق النفقة على زوجها بشرطين: أحدهما أن تكون كبيرة يمكن وطؤها، فإن كانت صغيرة لا تحتمل الوطء، فلا نفقة لها.
الشرط الثاني: أن تبذل التمكين التام من نفسها لزوجها، فأما إن منعت نفسها أو منعها أولياؤها أو تساكتا بعد العقد فلم تبذل ولم يطلب فلا نفقة لها، وإن أقاما زمنا فإن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة ودخلت عليه بعد سنتين ولم ينفق إلا بعد دخوله، ولم يلتزم نفقتها لما مضى، ولأن النفقة تجب في مقابلة التمكين المستحق بعقد النكاح، فإذا وجد استحقت، وإذا فقد لم تستحق شيئا. اهـ.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 32118، والفتوى رقم: 9285.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1425(12/14257)
خرج من الدوام بغير إذن وكذب على مديره بشأن ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[فى أثناء وقت العمل قمت بالذهاب لقضاء مصلحة شخصية، وعند الرجوع وجدت المدير أمام الباب فسألنى أين كنت فكذبت وقلت فى المسجد بالرغم من أنه لم يكن وقت صلاة والآن لا أدرى ماذا أفعل، هل أذهب وأعترف بالحقيقة، وأتحمل النتائج أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان عقد العمل الذي تمارسه يقتضي منك أن لا تذهب إلى مصالحك الشخصية وقت العمل، فليس لك أن تذهب في أوقات الدوام إلا بإذن من رب العمل لأن الوفاء بالعقود واجب، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ [المائدة:1] ، ولأن مثل هذا الفعل الذي فعلته غش، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في حديث أخرجه الإمام مسلم: من غش فليس مني. وفي رواية أخرى لمسلم: ومن غشنا فليس منا.
هذا من جهة ومن جهة ثانية فإنك قلت إنك كذبت لما سألك المدير، والكذب معصية، وراجع فيه الفتاوى ذات الأرقام التالية: 25914، 26391، 46051.
فعليك -إذاً- أن تتوب إلى الله مما ارتكبت بأن تقلع عنه وتندم على ما مضى من فعله وتعزم أن لا تعود إليه في المستقبل، وأما اعترافك بالحقيقة أمام المدير، فليس يلزم إذا كنت تخشى من ورائه عزلاً عن العمل أو عقوبة أخرى تشق عليك، ولكن من تمام توبتك أن ترد إلى المؤسسة التي تعمل بها مبلغاً يناسب قدر غيابك هذا عن العمل أو قدر غياباتك جميعاً إن كانت ثمت غيابات أخرى غير مرخص فيها.
ولك أن ترد هذا المبلغ بالطريقة التي تراها مناسبة، وهذا إذا كانت المؤسسة خصوصية، وأما إذا كانت عمومية فعليك أن تصرف ذلك المبلغ في المصالح العامة للمسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1425(12/14258)
نقص السمسار الأجر المتفق عليه فهل يعد أكلا للمال بالباطل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت ارضا لبناء منزل عن طريق أحد الأشخاص (سمسار) واتفقت معه أن أعطيه مبلغا من المال وقدره 1200 دينار عند إتمام عقد البيع. ولكني تراجعت بعد ذلك وقبل كتابة عقد البيع لأن المبلغ الذي سأعطيه للسمسار مشط. فقلت له لا أستطيع ان اعطيك المبلغ الذي اتفقنا عليه ولكني ساعطيك 800 دينارا فقط. فغضب السمسار وقال لي ليس لك الحق أن ترجع في كلامك. فقلت له إذا أردت أن تبيع الأرض لشخص آخر غيري فلك ذلك. فقال لي لا يجوز لي ذلك الآن لأني أعطيتك عنوان صاحب الارض وقد تذهب إليه وتكتب العقد دون أن أعلم وبالتالي لا لن أربح شيئا. ووافق على أخذ مبلغ 800 دينارا.
سؤالي هو: هل يعد ما فعلته من قبيل أكل اموال الناس بالباطل؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على مثل سؤالك في الفتوى رقم: 46988
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(12/14259)
حكم سن الدولة قوانين تحدد أجور العمال
[السُّؤَالُ]
ـ[هاشم من فلسطين السؤال.أنا عندى مصنع خياطه السلطة وضعت قانون العمل وبناءاعليه قالوا من حق العامل أتعاب آخر كل سنة هل هذا حرام أم حلال أفيدونا رحمكم الله ... ... ... هاشم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لايجوز سن قانون يحدد أجور العمال، أو يلزم أصحاب المصانع أن يدفعوا للعمال شيئا في نهاية السنة فوق ما يستحقون من رواتبهم، ولكن إذا نزلت بالناس حاجة عامة تدعو لسن هذا القانون مثل أن يستغل أصحاب المصانع ضرورة العمال وحاجتهم للعمل في ظروف الحصار والإغلاق الذي تعيشه المدن الفلسطينية فيبخسون العمال حقوقهم ويعطونهم دون أجر المثل الذي لولا هذه الظروف ما رضوا به، جاز لولي الأمر حينئذ أن يسن مثل هذا القانون بالقدر الذي يحقق المصلحة ويدفع الظلم، وهذا داخل في التسعير الواجب الذي قال به الحنفية وغيرهم واختاره عدد من أهل العلم كشيخ الإسلام في مجموع الفتاوى:".. والمقصود هنا أن هذه الأعمال التي هي فرض على الكفاية متى لم يقم بها غير الإنسان صارت فرض عين عليه لاسيما إن كان غيره عاجزا عنها، فاذا كان الناس محتاجين إلى فلاحة قوم أو نساجتهم أو بنائهم صار هذا العمل واجبا يجبرهم ولي الأمر عليه اذا امتنعوا عنه بعوض المثل، ولا يمكنهم من مطالبة الناس بزيادة عن عوض المثل، ولا يمكن الناس من ظلمهم بأن يعطوهم دون حقهم "
وقال ابن القيم في الطرق الحكيمة:
". .فالمقصود أن الناس إذا حتاجوا إلى أرباب الصناعات كالفلاحين وغيرهم ـ أجبروا على ذلك بإجارة المثل. وهذا من التسعير الواجب، فهذا تسعير في الأعمال " وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:تحت عنوان احتياج الناس إلى صناعة طائفة:" وهذا ما يقال له التسعير في الأعمال: وهو أن يحتاج الناس إلى صناعة طائفة كالفلاحة والنساجة والبناء وغير ذالك، فلولي الأمر أن يلزمهم بذلك بأجرة المثل إذا امتنعوا عنه، ولا يمكنهم من مطالبة الناس بزيادة عن عوض المثل، ولايمكن الناس من ظلمهم بأن يعطوهم دون حقهم، وخلاصة رأي ابن تيمية وابن القيم أنه إذا لم تتم مصلحة إلا بالتسعير عليهم سعر عليهم السلطان تسعير عدل بلا وكس ولا شطط، وإذا اندفعت حاجتهم، وقامت مصلحتهم بدونه لم يفعل. وهذا يدل على أن الحالات المذكورة ليست حصرأ للحالات التي يجب فيها التسعير، بل كلما كانت حاجة الناس لا تند فع إلا بتسعير، ولاتتحقق مصلحتهم إلا به كان واجبا على الحاكم حقا للعامة، مثل وجوب التسعير، على الوالي عام الغلاء كما قال به مالك، وهو وجه للشافعية أيضاً" وبناء على هذا فإذا كانت هناك حاجة عامة لسن هذا القانون جاز ذلك وإلا فلا يجوز.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1425(12/14260)
حكم عدم الإبلاغ عن السرقة لمن شاهدها
[السُّؤَالُ]
ـ[من شاهد أحدا يسرق شيئاً ما ولم يبلغ عن السرقة ما حكمه؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حث شرعنا الحنيف على الستر على الناس وعدم إفشاء القبيح من فعلهم، روى الشيخان من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة.
وعليه فإن أمكن تخليص الشيء المسروق من السارق دون فضحه فذاك أولى وأجمل، وإلا كان عليه أن يبلغ رب المال أو من يقوم مقامه بالموضوع، فإن لم يفعل أثم بتفريطه في تخليص هذا المال، وعليه ضمان الشيء المسروق عند من يرون أن الترك فعل، قال الخرشي:.... والمعنى أن من قدر على خلاص شيء مستهلك من نفس أو مال لغيره بيده كمن محارب أو سارق أو نحوهما أو شهادته.... وكتم الشهادة أو إعلام ربه بما يعلم من ذلك حتى تعذر الوصول إلى المال بكل وجه ضمن دية الحر وقيمة العبد ... 3/21.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1425(12/14261)
استيفاء الحق الثابت من أبناء المتوفى لا يعد أكلا لمال اليتيم
[السُّؤَالُ]
ـ[ظلمني أخي أنا عملت معه في شركته على أساس أنه في حالة نجاحي معه سوف يدخلني معه شريكا بالربع وهذا بمجهودي معه وفعلا نجحنا وبعد ما أشركني معه وحينما طلبت أن أتزوج وأردت أرباحي في الشركة الموجودة في الدفاتر الرسمية وليست الحقيقية رفض إعطائي أي شيء وتدخلت العائلة وأبي طلب منه إعطائي حقي فرفض أيضا وتركته وسافرت للخارج وبعد سنوات مرض أخي بالقدم السكري فطلب مني أن أساعده في علاجه بعد ما ضيع نسبة كبيرة من ثروته فطلبت منه أن يعمل إلي توكيلا عاما وبعد ما عمله بعت لنفسي شقة كانت خاصة بالعمل نظير حقي الذي رفض إعطاءه لي من قبل وقلت لنفسي بعد ما يشفى ويرجع لشغله ثانية سأقول له ماذا فعلت، وأنني أريد حقي بالضبط لا أكثر ولا أقل وأرجع له بعد ذلك هذه الشقة.
ملحوظة هامة: كانت له أملاك غير هذه الشقة ولكني لا أريد لنفسي غير الشقة فقط حتى أضمن حقي اللذي أخذه مني من قبل ولكن فوجئت ولا راد لقضاء الله، توفي بعد شهر ونصف من إجرائه لعملية بتر جزء من رجله بسبب القدم السكري وكانت صدمة كبيرة وبعد ذلك أيضا طليقته الأولى أقاموا دعوى أو أبلغوا المجلس الحسبي بأملاكه فحضرت وأثبت أن الشقة خارجة عن التركة لأنها مباعة لي بالتوكيل الرسمي الذي حرره لي وهذا ما تم مني والآن وبعد مرور ثلاثة أعوام من وفاته وأنا لم أتصرف في الشقة لأنها أكبر من حقي الذي كان لي عنده طلبت من ورثته أولاده وزوجته أن يعطوني حقي فقط وأنا أتنازل عن الشقة لهم، ولكن رفضوا ورفعوا القضية وخسروها أيضا، وحتى هذه اللحظة لم أتصرف في هذه الشقة، وكل فترة أرسل لهم رسالتي بأنهم يعطوني حقي فقط وهو تقريبا في حالة بيعي لهذه العين يساوي نصف ثمنها، وأنا أرفض أن أبيعها حتى لا أكون آكل مال اليتيم، فماذا أفعل؟ لأني تعبان، وهل الذي عملته مع أخي حرام شرعا؟ وهو الذي طمع في حقي من قبل –الله يرحمه- وهل أكون الآن آكل مال اليتيم أو أرجع إليهم الشقة وأستعوض الله في مالي الذي نهب من قبل مع العلم بأني في حاجة ماسة لهذا المال. ملحوظة أيضا هامة جدا: حين ما طلبته بحقي منه زور توقيع أبي في عقد التخارج وأبي رحمه الله أنذره بأن الذي عمله حرام، وأنه يجب أن يعطيني حقي حتى يرضى عنه، ولكنه رفض أيضا، فأفدني بارك الله فيكم ماذا أفعل وهل أنا الآن آكل مال اليتيم؟ ولكم جزيل الشكر. ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت من أن أخاك أخل بما اتفق عليه معك ومنعك حقك ولا تستطيع الوصول إليه إلا بالطريقة المذكورة ففي جواز استيفائه بتلك الطريقة خلاف بين العلماء، والراجح لدينا جواز ذلك، وقد بسطنا مذاهب العلماء في ذلك في الفتوى رقم: 28871، فإذا لم تطب نفسك بمسامحة أخيك ورد هذه الشقة إلى ورثته –وهذا لا شك من البر والإحسان به- فعليك أن تبادر ببيع هذه الشقة واستيفاء حقك من ثمنها مع مراعاة الدقة الشديدة في ذلك، وليس ذلك أكلا لمال اليتيم، بل هو استيفاء حق وإبراء لذمة أخيك، وما بقي من ثمن الشقة فادفعه إلى ورثة أخيك بالطريقة التي تراها مناسبة، وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 24933، والفتوى رقم: 36045، والفتوى رقم: 38796.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1425(12/14262)
معاملات المسلم مبنية على الصدق في القول والوفاء بالشرط
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك شقق للسكن ولكن بالحجز ولكن بشرط من لم يقض خمس سنوات في الزواج وأنا لا أستطيع دفع مقدم الشقة ولي زميل متزوج منذ عشرة سنوات عرض علي دفع مبلغ 500 جنيه لكي أحجز شقة ولكن هو الذي يدفع المقدم والأقساطـ، فهل هذا المبلغ حلال أم حرام في حين أنه هو الذي عرض علي، وأنا لم أعرض عليه شيئاً وفي حين أيضا أنني لا أريد الشقة لأنني فقير، أفيدوني جزاكم الله خيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن معاملات المسلم يجب أن تبنى على الصدق في القول والوفاء بالشرط، وفي الحديث: المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً. رواه الترمذي.
فإذا كان شرط استحقاق السكن في هذه الشقق لا يتوفر في صاحبك فلا يحق لك القيام بتسجيلها باسمك بدلاً عنه لكي يأخذ ما ليس له، وإذا كان هذا العمل غير جائز كان أخذ الأجرة عليه غير جائز من باب أولى، سواء طلبته أنت أم عرضه عليك صاحبك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1425(12/14263)
حكم الإعدام الدفتري للمستحقات القديمة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن شركة مقاولات تعمل بدولة الكويت وعند حصول الغزو العراقي للكويت تم إقفال الحسابات للشركة حتى 2/8/1990 ومن ضمنها مستحقات الموظفين وبعد تحرير الكويت وحتى تاريخه تم صرف بعض هذه المستحقات عند مطالبة مستحقيها بها ولكن بعضها الآخر لا يزال لم يصرف، فسؤالنا: هل يتم الاحتفاظ بهذه المستحقات بعد مضي أكثر من 14 عاما عليها أم يتم إعدامها دفتريا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليكم رد هذه الأموال إلى أصحابها أو ورثة أصحابها إن كان أصحابها قد ماتوا، فإن هذا من أداء الأمانة التي أمر الله بأدائها لأصحابها، كما قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58] .
فإن يئستم من العثور على أحد منهم أو على ورثته فأنتم بالخيار بين أمرين، إما أن تحتفظوا بما له حتى يتم العثور عليه، وإما أن تتصدقوا بهذا المال عنه، فإن عثر عليه بعد ذلك أو على وارثه خير بين إمضاء الصدقة ويكون الثواب له وبين استرجاع ماله ويكون الثواب لكم.
علماً بأنه لا يجوز لكم تملك هذه الأموال التي للموظفين ولا إعدام ما يثبت حق أصحابها فيها، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 7153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(12/14264)
حكم غرامة تأخير سداد فاتورة الكهرباء
[السُّؤَالُ]
ـ[شركة الكهرباء عندنا تخصم 10 في المائة على من يسدد الفاتورة خلال أسبوعين من تاريخها، وتفرض غرامة مقدارها 10 في المائة على من يتأخر عن السداد لعدة أشهر وذلك بسبب فرض شركة الكهرباء الإسرائيلية هذه الغرامة على شركة الكهرباء المحلية بسبب التأخير , حيث إن مصدر الكهرباء من إسرائيل، فهل فرض مثل هذه الغرامة على الناس من قبل الشركة المحلية جائز أم هو ربا ... ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الغرامة على تأخير سداد قيمة الفاتورة ربا –ولا ريب- كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 18326 وهل تتحمل الشركة الإسرائيلية إثم ذلك أم تتحمله الشركة المحلية؟
الجواب، فيه تفصيل:
فإن كانت الشركة المحلية مجرد وكيل عن المواطنين –ولو بأجر- لتوفر لهم الكهرباء التي يحتاجونها، ولا طريقة للحصول عليها غيرهذا، فإن إثم الربا يقع على الشركة الإسرائيلية التي فرضت هذه الغرامة.
وأما إذا كانت هذه الشركة المحلية شركة تجارية تبيع الكهرباء للمواطنين، فإن الإثم عليها لأنه لا يجوز لها فرض غرامة على من تأخر عن السداد، ولو كانت الشركة الإسرائيلية تفرض عليها غرامة إذا تأخرت في السداد، لأن ظلمها من قبل تلك الشركة الإسرائيلية بفرض هذه الغرامة الربوية لا يبرر لها ظلم عملائها والتعامل بالربا، ويمكنها أن تستوثق من سداد عملائها الفاتورة وقتها باشتراط كفيل مليء أو أكثر ونحو ذلك من طرق التوثق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(12/14265)
الدال على المنزل له أجره في مقابل دلالته
[السُّؤَالُ]
ـ[إنى أبحث عن منزل وذهبت إلى وكالة حتى تسهل علي البحث عن منزل وقال لي عندي منزل في شارع ما وأنا أعرف هذا الشارع والمنزل وصاحب المنزل أعرفه جيدا
علما بأنه لم يقدم إلي أي مساعدة من الناحية تنزيل في القيمة النهائية وأنا أنهيت مع صاحب العقار بدون أن أعطيه العمولة هل هذا حلال أو حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أن تدفع الأجرة المتعارف عليها، لمن دلك على هذا المنزل مقابل دلالته، وراجع الفتوى رقم: 43689.
نسأل الله لنا ولك التوفيق إلى ما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1425(12/14266)
حكم أخذ العوض في مقابل بذل الجاه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أخذ الأجرة على الشفاعة لاسيما إذا لم تكن مشروطة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مجرد بذل الإنسان جاهه لتحقيق مصلحة لشخص آخر لا يعد مبرراً شرعياً لأخذ العوض في مقابل ذلك، إلا إذا بذل صاحب الجاه خدمة يستحق عليها التعويض، وانظر الفتوى رقم: 9559، والفتوى رقم:
12446، ومحل التحريم في هذا إذا اشترطت الأجرة عند العقد. أما إن تبرع صاحب المصلحة لصاحب الجاه بشيء، فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1424(12/14267)
حكم أخذ شيء خاص بجهة العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن آخذ فرع زرع موجود عندي بمكتبي خاص بعملي لبيتي لأزرعه؟ أم هذا يعتبر حراما.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز أخذ شيء مما هو خاص بالجهة التي تعملين عندها، بما في ذلك فرع الزرع الذي ذكرت، لأن ذلك تعدٍّ على أموال الناس بغير وجه حق، ويشتد الإثم إن كان هذا الزرع يدخل ضمن دائرة مسؤوليتك، لأن ذلك خيانة للأمانة التي أمر الله تعالى بحفظها.
ومحل هذا إذا لم تحصلي على إذن من جهة العمل. أما إذا حصلت على إذن لك بذلك، فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1424(12/14268)
لا يلزمك الوفاء به.
[السُّؤَالُ]
ـ[وعدت قريبا لي بتركيب خط تليفون له في شقته بدلاً مما كان يستعمله في شقتي التي كان يسكن بها وهي باسم أمي، وليست له إطلاقا، وقد أخذ من أمي مبلغاً من المال نظير رحيله من الشقة، وقد وعدته وأنا في اعتقادي أنه هو من أدخل التليفون سابقاً، وتبين لي غير ذلك، وعند ما طالبني به الآن رفضت، فما حكم الشرع في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الوعد لا يلزمك الوفاء به ما دام معلقاً على ما ذكرت من استحقاقه تعويضاً، والحال أنه قد تبين عدم استحقاقه ذلك، فلا يلزمك الوفاء به، إلا إذا كان ذلك منك على سبيل التبرع، ولاشك أن هذا أولى إن كنت موسراً، لما فيه من تحقيق الألفة والمودة، ومن حسم لما يمكن أن ينشأ من شقاق، لا سيما أنه قريبك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1424(12/14269)
حصل على مكافأة بالخطأ من الدولة فماذا يصنع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد حصلت على دورة تدريبية في الجامعة وبعد الانتهاء منها فوجئت بإدراج اسمى ضمن الحاصلين على أجر شهري طوال فترة التدريب مع العلم بأن هذا الأجر محدد مسبقا لغير العاملين وذلك بالرغم من أنني قد ذكرت عند تقديم أوراقي أنني أعمل بإحدى شركات القطاع الخاص وقد علمت أنه من المستحيل إرجاع المبلغ إلى الوزارة السؤال: هل يجوز التبرع بهذا المبلغ لأحد أوجه الخير كبناء مسجد أو مساعدة محتاج؟ أم يجب إرجاع هذا المبلغ للدولة في أحد مشروعاتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان القائمون على خزانة الدولة يعدلون في صرف أموالها، فإنه يجب عليك أن ترد هذا المبلغ إلى الخزانة العامة للدولة بأي طريقة أمكنتك؛ لأنه جزء منها، وإن لم يكونوا عادلين، أو كانوا عادلين ولكن استحال عليك الرد، فإن الواجب هو أن تصرفه في مصالح المسلمين العامة، كبناء المساجد ومساعدة المحتاجين وغير ذلك.
وانظر الفتوى رقم: 23007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(12/14270)
دراسة المعاقين في الجمعيات التنصيرية.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ما حكم الأهل الذين لديهم ابن معاق جسديا وبحثوا في بعض الجمعيات الخيرية لتدريب المعاقين فوجدوا أنها تتقاضى أجراً (ليس كبيراً) ولكنهم وجدوا جمعية خيرية مسيحية مجانية فأدخلوه فيها ليتدرب ويلقى العناية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالغالب في هذه الجمعيات أنها مراكز للتنصير وإخراج المسلمين عن دينهم بأساليب ماكرة، فالواجب على هؤلاء أن يخرجوا ابنهم من هذه الجمعية ويحولوه على جمعية إسلامية، ولو كانوا يتقاضون على ذلك أجرًا، فخسارة شيء من المال خير من خسارة الدين.
ولمزيد فائدة راجع الفتاوى التالية:
26599، 8080، 30220.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(12/14271)
حكم شراء ضمان كمبيوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشتريت كمبيوتر ويعطي المحل للمشتري ضمانا له لمدة ثلاث سنوات إذا دفع المشتري 250 دولاراً إضافيه وهذا الضمان يضمن كل شيء في الكمبيوتر على أنه إذا حدث شيئاً فيه أن يصلحه المحل أو يبدله لي علماً بأن هذا النوع فيه أشياء كثيره غالباً لا تبقى سليمة لثلاث سنوات كالبطارية مثلاً وعند تلفها سيبدلها لي المحل فهل يجوز شراء هذا الضمان؟
أرجو الرد في أقرب فرصة حيث يجب أن أحدد إن كنت سأشتريه أم لا في خلال 13 يوم.
جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز شراء هذا الضمان لما فيه من الغرر، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر. وحقيقة الغرر: هو ما كان مستور العاقبة، وهذا متحقق في هذه المعاملة، لأن قطع الكومبيوتر التي هي محل الضمان قد تتلف وقد لا تتلف، وإذا تلفت فقد تكون قيمتها مع أجرة تركيبها أقل أو أكثر من قيمة المبلغ المدفوع.
فكما هو معلوم، فإن هذه القطع قيمتها تساوي أضعاف قيمة المبلغ المدفوع وبعضها دونه.
كما أنه من المعلوم: أن كثيرًا من هذه القطع تتأثر بالاستعمال والناس يتفاوتون في ذلك، فبعضهم يستعمل الجهاز لفترات طويلة، وبعضهم يستعمله لفترات قصيرة، مما يجعل مقدار ما يحصل عليه كل شخص نظير ما دفع غير منضبط، فلهذه الاعتبارات التي تدل على تحقق الضرر، سواء بالنسبة للبائع أو المشتري نرى عدم جواز تلك المعاملة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(12/14272)
حكم دفع الجمارك من الفوائد الربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الجمارك وليس الضرائب التي تفرض عل السلع التي يشتريها الشخص لنفسه لا لتجارة ملزمة شرعا، وماذا عن مرجعها فى السنة وخلافة التابعين أليس قوم سيدنا شعيب كانوا يفرضون الجمارك على القوافل مع العلم بأنها بنسبة 10% وليست 200% ومع ذلك كان ذلك حراما كما، وهل يجوز دفعها من فوائد البنوك افتني لتهدني وجزاك الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل في الجمارك والضرائب الحرمة، لأنها من أكل أموال الناس بالباطل، لكنها تجوز في بعض الحالات، وقد تقدمت لنا عدة فتاوى في هذا، فراجع مثلا الفتاوى التالية: 592 / 5107 / 5458
وما ذكرناه يشمل ما يشتريه الشخص لنفسه أو للتجارة، وسواء كانت الضرائب قليلة أو كثيرة.
أما عن دفعها من الفوائد الربوية، فإنه لا يجوز، لأن الدافع يفتدي بذلك ماله وحقه، والشرط في التخلص من الفائدة ألا ينتفع هو بها.
وراجع الفتوى رقم: 1983
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1424(12/14273)
"المسلمون عند شروطهم"
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في أحد المستشفيات بوظيفة فني أشعة عملي يبدأ من الساعة الثالثة عصراً إلى الحادية عشر ليلاً أي ثماني ساعات وفي هذه الفترة ملزمون بالعمل شخصين (أنا ومعي أحد الزملاء) فهل يجوز أن نتقاسم العمل لكل منا أربع ساعات بالرغم من أن نظام العمل 8 ساعات فأحيانا يجاملنا المدير المناوب في الفترة المسائية ويسمح بتقاسم الفترة من أربع ساعات لكن مدير المستشفى المباشر لا يسمح بذلك بالرغم من أن فني واحد يستطيع تغطية فترة العمل وحده وعند الحاجة إلى الفني الآخر يتصل عليه مباشرة؟
أعتذر للإطالة ولكن أنا الآن والحمد لله تائب أسأل الله أن يتقبل توبتي ويبدل سيئاتي حسنات وأعاني من هذه المشكلة في عملي فأرجو الإفادة والنصح وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان العقد الذي بينك وبين المستشفى يُلزمك بالعمل 8 ساعات يوميًّا، وكان مدير المستشفى المباشر لا يسمح بأقل من ذلك، فالواجب عليك المحافظة على هذا الاتفاق وعدم الإخلال به، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] .
وقال صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم. رواه الحاكم وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه وهو صحيح.
ومجاملة المدير المناوب لكم في التساهل بذلك لا تجعلكم في حِلٍّ من أمركم، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 11774، والفتوى رقم: 33688.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(12/14274)
حكم استرداد فرق الراتب بدون علم الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل مهندسا بإحدى شركات المقاولات بمصر منذ عام تقريبا، قامت الشركة بتأخير الرواتب شهراً واثنين حتى وصل التأخير إلي أربعة شهور وفي الشهر الخامس قامت الشركة بتعديل الرواتب بالخصم، فقد كان راتبي 1200 جم ووصل بعد التعديل الي 800 جم وبدون أي سبب، وكذلك بدون علمي، ويتم الخصم بأثر رجعي على الشهور الخمسة السابقة، ولم يتم الصرف حتى الآن، فتوجد فرصة لدي لأن أسترد فارق المرتب بدون علم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإذا كان عملك لهذه الأشهر جاريا على العقد السابق بالراتب المرتفع، فإن لك الحق في أخذ حقك ولو من غير علمهم، وهذه المسألة تسمى عند الفقهاء بمسألة الظفر، وقد تقدم الكلام عنها في الفتوى رقم: 28871، والفتوى رقم: 6022. . وإن كان عملك في هذه الأشهر بعقد جديد بالراتب المنخفض الجديد، فإنه لا يجوز لك ذلك. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1424(12/14275)
لا يجوز الأخذ مقابل الجاه
[السُّؤَالُ]
ـ[أود استثمار مبلغ فى إنشاء صيدلية ولا بد من طبيب لاستخراج الرخصة التجارية لها ووضع اسمه عليها وذلك مقابل مبلغ شهري ثابت هل هذا جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن دفع مبلغ لهذا الطبيب مقابل تسجيل اسمه من أجل الحصول على رخصة إنشاء صيدلية لا يجوز لأنه من الأخذ مقابل الجاه، وهذا مفصل في الفتوى رقم: 4714.
لكن إذا كنت تستأجر الطبيب على العمل في هذه الصيدلية مع تسجيل اسمه فيكون هذا المبلغ أجرة له ولا يكون عوضاً عن استخدام اسمه فقط، فهذا يكون جائزاً إن شاء الله تعالى.
لكن من باب الورع والاحتياط ينبغي الابتعاد عن كل أمر مشتبه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1424(12/14276)
هل يأخذ من محل أبيه بغير إذنه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لي استفساران الأول هو: أنه عندنا محل تباع فيه كروت تليفون للكبائن التي توجد بالشارع وكنت إذا أحببت أن آخذ كرتاً منه أستأذن والدي أو والدتي فيسمحان لي ولكن عندما احتجت إلى هذه الكروت كثيراً أي تقريبا بصفه يومية أو كل يومين كنت آخذ من المحل وبعلم العامل فى المحل، ولكن كنت لا أخبر والدي أو والدتي لأنى كنت أحس أنهما لن يوافقا ولكن شعرت بمدى خطئي ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز أخذ شيء غير ما أذن لك فيه، فإن فعلت فقد عصيت وعليك أن تتو ب إلى الله من ذلك، وأن ترد ما أخذت أو تطلب العفو وا لسماح، وراجع لزاما الفتاوى ذات الأرقامالتالية:
27073
31157
30148
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1424(12/14277)
لا يحل لك أن تطبعي لأختك ما لم يؤذن لك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة في الجامعة ومسموح لي بأن أستخدم آلة الطباعة دون ثمن ولكنني قمت باستخدام هذه الآلة في طباعة أوراق لأختي فهل هذا يعتبر حراما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الإذن خاصاً بك في طبع ما تحتاجينه فلا يحل لك أن تطبعي لأختك، لأنه غير مأذون لك في ذلك، وننصحك بمراجعة الفتوى رقم: 26746، وما فيها من الفتاوى المحال عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1424(12/14278)
هذه المساهمات من باب التعاون على البر والتقوى
[السُّؤَالُ]
ـ[وديعة الحج ذات العائد التكافلي هي وديعة استثمارية لأجل أن يتم استثمارها وفقا للمنهج الإسلامي في مشروعات تنموية تخدم المجتمعات المساهمة فيها ويوقف المساهمون نصف ريعها لتمكين المساهمين أو من في كفالتهم من أداء شعيرة الحج ويوزّع الباقي على المساهمين كعائد على ودائعهم والمصرف على إدارته للمشروع فما رأي الشرع في هذا التعامل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دامت هذه المساهمات مضبوطة بالضوابط الشرعية في أخذها وجمعها واستثمارها وصرفها، فلا مانع منها شرعاً.
بل هي من باب التعاون على البر والتقوى الذي أمر الله تعالى به في محكم كتابه، فقال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2] .
وتخصيص النصف أو أي نسبة يتفق عليها المشاركون للحج أو غيره من أعمال البر، والباقي يوزع على رأس المال أو المصارف الإدارية حسب ما يتفق عليه، لا مانع منه إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1424(12/14279)
كتب ومقالات حول شؤون الأسرة المسلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[في الوقت الذي أتوجه إلى الله العلي القدير أن يوفقكم لخدمة الإسلام وأبنائه البررة أرجو لكم التوفيق من الله تعالى..أنا هنا لا أبحث عن فتوى بقدر ما أبحث عما تجود به مكتبتكم من مقالات أو ترشدوني إلى بعض المواقع التي أستطيع أن أتحصل منها على مقالات في المواضيع التالية والتي أريد أن أطلع زوجتيً وأبنائي عليها للفائدة والتوجيه:1- بر الوالدين 2 - طاعة المرأة لزوجها فيما يرضي الله،3- الحياء بالنسبة للبنات والأولاد على حد سواء،4- اللباس الشرعي للمرأة المسلمة وماذا ترتدي المرأة من لباس أمام محارمها، 5- توقير الكبير والعطف على الصغير
أرجو من الله أن يوفقكم.. وأنا في انتظار أن أستلم منكم ردا في القريب إن شاء الله..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا ونسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنك.. ولتعلم أن المكتبة الإسلامية مليئة بالحديث عن المواضيع التي أشرت إليها، وأولها كتاب الله تعالى وكتب السن وكتب الآداب الشرعية والكتب الفقهية. فلا تكاد تطالع فهرس كتاب من هذه الكتب إلا وجدت عناوين للمواضيع المذكورة بهذا اللفظ أو قريبا منه. وقد تضمن موقعنا كما تضمن غيره من المواقع الإسلامية أبحاثا قيمة في هذه المواضيع، ولهذا ننصحك بتصفح موقعنا على الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنت) فستجد أبحاثا قيمة وفتاوى محررة.. عن الأسرة وأحكامها..وبر الوالدين..وطاعة الزوجة ... وما عليك إلا أن تكتب كلمة أو جملة من الموضوع الذي تريد البحث عنه من مكان بحث وستجد النتيجة أمامك. كما نرشدك لاقتناء بعض الكتب المفيدة التي تفيدك في هذه المواضيع وغيرها، ومن هذه الكتب كتاب رياض الصالحين للإمام النووي، وكتاب الترغيب والترهيب للحافظ المنذري، وكتاب المتجر الرابح للحافظ الدمياطي وغيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1426(13/1)
الاستخدام السيء للقنوات الفضائية ومسؤولية الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي جهاز دش، ولقد قمت بتشفير معظم القنوات فيه ما عدا بعض القنوات الإخبارية والأخرى التي يغلب عليها الطابع الديني واحتفظت لنفسي فقط بكود إزالة التشفير، المشكلة أن زوجتي رغم أنها على قدر طيب من التدين إلا أنها ترى أن في ذلك إنتقاصا من كرامتها وحريتها وأن المفروض أن أزيل تشفير القنوات أو اعلمها بالكود بحجة أن كل إنسان مكلف وهو مسؤول عن أفعاله، رغم أنني قمت بذلك بسبب أنها تتابع أحياناً المسلسلات وربما الأفلام، وخوفي من الله وكذا من منطلق \" كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته\" هو الذي جعلني أقوم بهذا التشفير، الرجاء إفادتي وبخاصة إذا أدى هذا الموضوع إلى شقاق بيني وبين زوجتي، مع العلم بأن والدتها ستقوم بزيارتنا قريباً وقد تمكث عندنا فترة وهي من هواة مشاهدة المسلسلات بكثرة، وهل يكون علي إثم بسبب مشاهدة الأخرين للمسلسلات والأفلام في بيتي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا كيف يستفاد من القنوات الفضائية، وواجب أرباب الأسر إزاء هذه القنوات، وراجع فتوانا رقم: 14366.
وقد بين الله مسؤولية الزوج عن زوجته وأولاده. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم:6} ، وفي الحديث الشريف: كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته. متفق عليه.
وعليه، فلا يجوز لك أن تزيل تشفير القنوات أو تعلم زوجتك الكود، طالما أنك تعلم أنها ستستخدمها فيما لا يحل، وقدوم والدة الزوجة لا يحل محرماً، وعليك أن ترضي زوجتك ووالدتها بالأشياء المباحة، وتعتذر لهما عن استعمال الجهاز في المسلسلات والأفلام التي لا يجوز مشاهدتها، وتقنعهما بأن مراعاة حدود الله أولى لكل منهما.
وإذا مكنتهما مما تريدان، فاعلم أنك آثم من جهة أن الجهاز جهازك وأنت المتسبب في مجيئه للبيت، ومن جهة أن البيت بيتك وأن الأهل أهلك، ولم تحل بينهم وبين الحرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1425(13/2)
الحياة الزوجية مبنية على الاستقلال والخصوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من طاعة الزوج لأهله أنه كلما اتخذنا قراراً في حياتنا ولم يعجبهم أن يغيره تبعا لأهوائهم ولو على حساب راحتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحياة الزوجية مبنية على الاستقلال والخصوصية نظراً لما فيها من طبيعة خاصة، فليس لأي أحد من أهل الزوج أو الزوجة أن ينصب نفسه وصياً على الزوجين -طالما كانا بالغين راشدين- فإن هذا أوسع الأبواب للفساد، وأقصر الطرق لتفكك الأسر وذهابها، وهذا معلوم بالتجربة والمشاهدة.
والإسلام قد أعطى كل علاقة ما يميزها عن غيرها، فعلاقة الرحم غير علاقة الزوجية، ولكل علاقة حقوقها وواجباتها، فعلى الزوج أن يوازن بين العلاقتين بما يحقق التقوى، فلا يحابي زوجته على حساب أهله، ولا يميل لأهله على حساب زوجته وأولاده.. وليعلم أن الزوجة لها حق في الحياة المستقلة الخاصة بها وبأولادها بعيداً عن أهل زوجها، فلها الحق في السكن المستقل، ولها الحق في المحافظة على أسرار بيتها وخصوصياته وعدم اطلاع أحد عليها، وينبغي لزوجها أن يشاورها فيما يخص أمر الأسرة من أمور خصوصاً تلك الأمور التي يترتب عليها شؤون عظيمة كتزويج الأولاد ونحو ذلك، فمبدأ الشورى خلق إسلامي أصيل وقد أوصى به الله فيما يخص أمر الأسرة وذلك في أمر الرضاع، قال سبحانه: فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا {البقرة:233} ، ولا دخل للأقارب في الأمور التي تخص الزوجين، اللهم إلا إذا أشركهم الزوجان في ذلك، وإلا ما كان منهم على سبيل بذل النصح والتواصي بالحق.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 106997، 74731، 52604.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1429(13/3)
أحاديث حول الأسرة في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد حديثاً عن نظام الأسرة في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأحاديث التي تنظم أمر الأسرة كثيرة، منها ما ينظم علاقة الأب بأولاده، وعلاقة الأولاد بأبيهم، وعلاقة الزوجة بزوجها والعكس، وعلاقة القريب بقريبه، وقد ألفت كتب في نظام الأسرة في الإسلام فتراجع، ومن الأحاديث التي تتحدث عن أمر الأسرة في الإسلام ما يلي: ما رواه الإمام الترمذي وغيره عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله, وأنا خيركم لأهلي.
وما رواه مسلم وغيره عن النعمان بن بشير أنه قال: إن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكلَّ ولدك نحلته مثل هذا، فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأرجعه.
وما رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة, إن كره منها خلقاً رضي منها آخر, أو قال غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1427(13/4)
موقف الشرع من العادات والتقاليد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته.
سؤالي أيها الإخوة: إني أعيش في أسرة من عاداتها ومنذ زمن الأجداد، أن لا يجتمع الابن بأبيه رفقة زوجته (الابن) يقولون إن ذلك احترام للأب، فتناقشت بشأن هذا مع زوجتي التي لم أدخل بها بعد، فرفضت هذه المعاملة فقلت لها أني سأفعل هذا ما دام لم يرد فيه نص شرعي ينبذه، فما رأيكم في هذه العادة، وهل يمكنني احترامها مادامت لا تعارض نصا شرعياً أفيدوني بجواب شاف كاف؟ جزاكم الله عنا كل خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأعراف والعادات في مفهوم الشرع لا تخلو من أمور ثلاثة:
1- أن يقوم الدليل الشرعي على اعتبارها كمراعاة الكفاءة في النكاح مثلا فهذه يجب اعتبارها والأخذ بها،
2- أن يقوم الدليل الشرعي على نفيها كعادة أهل الجاهلية في التبرج وما شابهها من المحرمات فهذه الأعراف والتقاليد لا تعتبر لمخالفتها للشرع،
3- إلا يقوم دليل شرعي على اعتبارها أو نفيها بمعنى أن الشرع سكت عنها فهذه تنبغي مراعاتها لقول الله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ [الطلاق:7] ، ولقوله سبحانه: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [الأعراف:199] ، ولقوله صلى الله عليه وسلم لهند: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه،
وبناء على هذا فلا حرج على السائل في اعتبار هذه العادة واحترامها لأنه من المعلوم من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يوافق عادة العرب في كثير من أمور حياته ما لم تخالف الشرع،
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(13/5)
عامل جميع أطراف أسرتك بالحسنى والمعروف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج منذ عام ـ تقريبا ـ وقد رزقني الله بطفل ـ والحمد لله ـ ومشكلتي هي: أن زواج أختي في الشهر المقبل ـ بإذن الله ـ وقد قامت والدتي بالاتصال بزوجتي لحضور تجهيز شقة أختي، مع العلم أنه من بداية تجهيز شقة أختي ووالدتي وأختي لم تطلبا من زوجتي الحضور، واتصلت أختي على زوجتي وأخذت في الصراخ وعتابها على عدم حضورها وأخذت بالبكاء في حين أن زوجتي لم تقل غير أنها عرضت من قبل أن تأتي للمساعدة وتمت معاملتها معاملة الأغراب، فما كان من والدتي ـ عندما سمعت أختي تبكي ـ غير أنها أخذت سماعة التليفون وقالت لزوجتي شكرا وأغلقت التليفون في وجها، فكان رد زوجتي أنها قامت بالذهاب لبيت والدتي بعد أقل من ساعة وسألتها: لماذا تغلقين التليفون في وجهي وأنا لم أفعل شيئا لابنتك؟ فأخذت والدتي وأختي تصرخان عليها وتجرحان كرامتها، فما كان من زوجتي إلا أن غادرت بيت أهلي واتصلت بي واشتكت لي وحلفتني على أن لا أتدخل حتى لا أخسر أمي وأختي وأنه يكفيها أن أعرف أنا الحقيقة فقط، وأنا الآن في حيرة لأنني خلال أسبوع سوف أسافر إلى بلدي ولا أعرف كيف أتصرف مع أمي وأختي وزوجتي؟ ولا كيف أتصرف؟ في حين أنني أعلم ظلم أمي لزوجتي، وكيف أعامل زوجتي وأجعلها تحس بالأمان؟ فأنا في حيرة من أمري.
أرجو الرد سريعا، وهل أقاطع أمي وأختي؟ أو ماذا أفعل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهوِّن عليك الأمر ـ أيها السائل ـ فمثل هذه الخلافات والهنات لا تكاد تخلو منها أسرة من الأسر, ولا نرى فيما ذكرت كبير إشكال، بل الأمر كله ينحصر في مجرد اختلاف بسيط بين أمك وأختك وزوجك، فالأولى بك أن تعرض عن هذا كله وأن تأمر زوجتك أيضا بالإعراض عن هذا ونسيانه بعد أن تهون الأمر عليها وتطيِّب خاطرها ثم إذا يسر الله لك الرجوع إلى أهلك فعامل جميع الأطراف بالحسنى والمعروف وكأن شيئا لم يحدث.
مع التنبيه على أن حق أمك عليك عظيم، بل هو أعظم الحقوق عليك ـ بعد حق الله سبحانه وتعالى ـ ولا يجوز لك أن تقاطعها ولا أن تهجرها ـ حتى وإن ظلمتك وآذتك ـ فكيف وهي لم يكن منها إلا مجرد خلاف بسيط مع زوجتك؟ فاتق الله سبحانه واعرف لأمك حقها وقدرها, فإنها وصية الله ورسوله، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا {الأحقاف: 15} .
وفي الصحيحين أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
وراجع الفتوى رقم: 72209.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(13/6)
أدلة استحباب إحسان الزوجة لأهل زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل توجد أدلة في القرآن والسنة على حسن معاملة زوجة الابن أوالبنت لأهل الزوج ـ الأم والأب والأخت؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا توجد أدلة خاصة تدل على ما تسأل عنه ولسنا بحاجة في ذلك إلى مثل هذه الأدلة الخاصة التي تحث المرأة على أن تعامل أهل زوجها معاملة حسنة كريمة، لأن الإسلام قد أمر بالإحسان إلى عموم الناس، قال سبحانه: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً {البقرة: 83} . وقال تعالى: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ {الإسراء:53} .
بل قد أمر بالإحسان إلى البهائم العجماء، وذلك فيما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سأله بعض الصحابة، فقالوا: يا رسول الله: وإن لنا في البهائم لأجرا؟ فقال: في كل ذات كبد رطبة أجر. متفق عليه.
ولا شك أن أهل الزوج لهم على المرأة حق زائد على مجرد كونهم من عموم المسلمين، وذلك لعلاقة المصاهرة بينهم, وقد أمرالنبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى من ربطته بهم مصاهرة، فقال فيما رواه مسلم وغيره: إنكم ستفتحون أرض مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط، فإذا فتحتموها فاستوصوا بأهلها خيرا، فإن لهم ذمة ورحما، أو قال: ذمة وصهراً.
فدل هذا على أن الإحسان إلى الأصهار مطلوب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1430(13/7)
مدى وجوب صلة الزوجة لأهل زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أهل زوجي يعاملونني كأني خادمة، وأشتغل كثيرا وصحتي ضعيفة، ودائما ينكرون شغلي وينتقدونني ويضحكون من شكلي ويتدخلون في حياتي، ولا يريدونني أن ألبس النقاب أمام أخي زوجي وأبناء أخته وكلهم شباب، ومرة تسببوا لي في انهيار عصبي وأنا الآن أتعالج بسبب الظلم والحقد الموجود عندهم، ومسائل كثيرة سببوها لي. هل لهم علي صلة رحم أو الصلة لابني وزوجي فقط لكي أبعد عنهم دمروا حياتي وصحتي؟ وسلوكهم ليس جيدا وأسلوبهم في الكلام وألفاظهم بذيئة وكل الناس يكرهونهم ويقاطعونهم لكن زوجي لاحول له ولا قوة في هذه الحالة. أرجو الاجابة لكي أكمل حياتي وحياة ابني بشكل صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأهل زوجك إذا لم يكن بينك وبينهم قرابة ليسوا من أرحامك فلا تجب عليك صلتهم، ولا تلزمك خدمتهم على كل حال، ولا حقّ لهم في التدخلّ في شؤونك إلّا بالنصح والمشورة بالمعروف، ولا طاعة لهم أو لغيرهم في خلع النقاب أمام أقارب زوجك، وإذا كنت تتضررين من زيارتهم فلا حرج عليك في الامتناع من زيارتهم، أما زوجك فعليه أن يبرّ والديه ويصل رحمه وإن أساءوا، وينبغي لك أن تعينيه على ذلك بما تقدرين عليه مّما لا يعود عليك بالضرر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1430(13/8)
هل تؤاخذ الزوجة بالمشاعر النفسية السلبية تجاه أم الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب زوجي كثيرا جدا، وهو أيضا يحبني ويحرص علي إرضائي، وأيضا أحب أمي جدا، وأتمني أن أخدمها عرفانا بجميلها، وأتمنى أن تأتي لتعيش في بيتي كي أسهر على راحتها، لكنها ترفض حتى لا تترك إخوتي الصغار.
المشكله أني لا أحب أم زوجي، وفي نفس الوقت لا أكرهها، فهي بالنسبه لي شخص عادي. وأشعر أنه كنوع من العرفان بالجميل لأمي ألا أحب أحدا مثل حبي لها، ولا أقول لغيرها أمي. أحسبها كالتالي (لا أحب أحدا مثل زوجي وأقول له زوجي، كذلك الأمر لا أحب أحدا مثل أمي وأقول لها أمي)
ولكني في نفس الوقت أحض زوجي علي أن يرضيها ويودها دائما ويسهر على راحتها، وقد صارحته بما في داخلي تجاه أمه، وطلبت منه أن لا تؤثر مشاعري السلبية تجاه أمه عليه، وألا يهمل فيها، لأنها أهم مني، وهي سبب دخوله الجنة.
هل أنا مخطئة في مشاعري، وهل سيعاقبني الله لعدم بري لأم زوجي، مع العلم أني حسنة اللسان معها، وعندما تدخل بيتي أكرمها بكل ما أقدر عليه ونذهب أسبوعيا لزيارتها.
هي الآن تعيش مع ابنتها المطلقة، وسوف تتزوج خلال شهور
هل واجب على زوجي أن يحضر أمه لتعيش معنا. علما بأني أشعر بالذنب تجاه أمي بإحساسي أنني سأخدم أحدا غيرها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حدود علاقة الزوجة بأم زوجها وأبيه، وما يجب عليها تجاههما، وما لا يجب. فراجعي ذلك في الفتوى رقم: 123692.
وأما ما تجدين تجاه أم زوجك من مشاعر سلبية، فلا حرج عليك فيه ولا تؤاخذين بذلك - إن شاء الله - ما دمت محسنة إليها في الظاهر، ولم تخرج هذه المشاعر من نطاق القلب إلى أفعال الجوارح بإيذائها بقول أو فعل، فإن الله سبحانه قد تجاوز لهذه الأمة عن حديث النفس ما لم تتكلم أو تعمل. روى البخاري في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم.
ولكنك أخطأت عندما صرحت بهذه المشاعر لزوجك، وكان الواجب عليك أن تخفيها عنه حفاظا على مشاعره، وتجنبا لما قد يحصل منه من سوء ظن بك، إذا رأى منك تصرفا غير مقصود تجاه أمه.
أما ما بنيت عليه عدم جواز دعائك لغير أمك بأمي من أنك ما دمت لا يمكنك أن تقولي لغير زوجك زوجي فلا يمكنك أن تقولي لغير أمك أمي فغير صحيح.
فإنه لا يجوز للمرأة قطعا أن تنادي غير زوجها بـ زوجي، لكن يجوز لها أن تنادي أم زوجها وغيرها بـ أمي. بقصد الاحترام والتوقير، بل قد يستحب ذلك إذا كان فيه استئلاف للقلوب. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 43568.
أما إسكان زوجك لأمه معه فهذا غير واجب عليه، بل الواجب عليه هو برها والإحسان إليها، ولم تتعين المساكنة طريقا للبر، علما بأن من حقوق الزوجة على زوجها أن يوفر لها مسكنا مستقلا، لا يشاركها فيه أحد من أقاربه أو غيرهم، كما بيناه في الفتوى رقم: 112772.
ولكن الأولى لك أن تقبلي سكنها معك، وأن تحسني صحبتها وتصبري عليها، فإن هذا من الإحسان للزوج وحسن التبعل له. وقد بينا ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 28543، 27019، 54669، 35242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1430(13/9)
مذاهب العلماء في أخذ الأب من مال ولده
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا ابنة عمرها 4 سنوات، فقدت عينها اليمنى بسبب الإهمال الطبي فتقدّمنا بشكوى إلى المحكمة، فحكمت المحكمة لصالح ابنتنا بمبلغ من المال. السؤال هو: هل لي ولوالدها الحج من هذه النقود؟ وان كانت الاجابة لا، فهل يجوز أخذ ثمن الحج منهم على سبيل السلف، ثم نقوم بإرجاع المبلغ في ما بعد.
جزاكم الله عنّا كلّ خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام التقرير قد أثبت خطأ الطبيب وحصول التفريط وتلف عين البنت بسبب ذلك فلا حرج عليكم في أخذ ديتها. كما بينا في الفتوى رقم: 55184، والفتوى رقم: 95692.
وأما حج الأب من مال ابنته إن كان لا يضر بها فلا حرج فيه عند من يجيز للأب أن يأخذ من مال ولده ما احتاج إليه وما لم يحتج إليه.
قال البهوتي الحنبلي: ولأب حر محتاج وغيره تملك ما شاء من مال ولده بعلمه أو بغير علمه صغيرا كان الولد أو كبيرا ذكرا أو أنثى راضيا أو ساخطا.
وقال ابن قدامة في المغني مبينا شرطي جواز أخذ الأب من مال ابنه: أحدهما: أن لا يجحف بالابن، ولا يضر به، ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته. الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر.
وذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية إلى أن أخذ الأب من مال ولده مشروط بالحاجة. جاء في المغني: قال أبو حنيفة , ومالك , والشافعي: ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام , كحرمة يومكم هذا , في شهركم هذا. متفق عليه.
وعلى هذا القول ليس للأب أن يحج من مال ابنته لعدم الحاجة إلى ذلك، كما لا يجوز له أن يتصدق منه أو يهبه، وإنما يتصرف فيه وفق المصلحة وما فيه حظ لها.
وما دامت المسألة موضع خلاف فالأولى ألا يحج الأب من مال ابنته، وإنما يحج من ماله إن كان له مال، ولا يأخذ من مالها إلا ما احتاج إليه. وللمزيد انظر الفتويين رقم: 31108، 7490.
علما بأنه إذا لم يكن له من المال ما يستطيع به الحج فإنه لا يجب عليه.
وفي خصوص تسلف الأب من مال البنت للحج فإنه أحرى بالإباحة عند أصحاب القول الأول، كما أنه يجوز عند أصحاب القول الثاني إن كان فيه مصلحة، وأما إذا لم يكن فيه مصلحة فالأولى تجنبه كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1430(13/10)
الطريق إلى قلوب الأقارب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة وعندي طفلة وزوجي من أقاربي المقربين، الحمد لله العلاقة مع زوجي طيبة ولكن لا تخلو من المشاكل أحيانا، وأعلم أن هذا طبيعي.
مشكلتي تكمن في أهل زوجي فهم لا يحبوني أبداً ولا أحس بمودة من جهتهم، ولا يسألون حتى عن حفيدتهم إلا أمام ابنهم فقط. وبسبب حبي لزوجي أحاول أن لا أقول شيئا ولا أشتكي، أسكن في بيت منعزل وأحاول أن لا أحتك بهم كثيراً إلا في الواجب والمناسبات، لأني عندما أزورهم لا أحس قبولا منهم ولا يتكلمون معي إلا قليلا، وهذا ينطبق على كبيرهم وصغيرهم.. مع أني قبل كنت أزورهم وأتصل بهم دائما، ولكن للأسف عندما أحسست هذا البرود في تعاملهم وعدم السؤال عن ابنة ابنهم لم أطق هذا التصرف منهم، مع العلم بأن ابنهم بار بهم ولا يقصر عليهم في شيء ولله الحمد، ودائم السؤال عنهم وعن إخوانه، وأنا لم أحاول يوما منعه عنهم لأني أخاف الله وأعرف أن عقوق الوالدين دين يحاسب الإنسان عليه في الدنيا قبل الآخرة، وقد كنت أعلم قبل زواجي أن هناك بعض المشاكل بين العائلتين والظاهر أن هذا الشيء قد انتقل إلى تعاملهم معي. لا أعلم ماذا أفعل لأن كثيراً من المشاكل حدثت بيني وزوجي بسبب عائلته، وصراحة لا أرغب بقطع الرحم وفي نفس الوقت أحس بالإهانة في تصرفاتهم معي فماذا أفعل؟ وأرى أمامي التفرقة في المعاملة بين ابنتي وأحفادهم الآخرين، أريد أن أعرف ما هي الواجبات والحقوق اتجاه عائلة زوجي واتجاه زوجة ابنهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نوصيك في هذا المقام بوصية الله سبحانه لعباده بالصبر وأخذ العفو ودفع السيئة بالحسنة، قال سبحانه: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. {فصلت:34} .
واعلمي أيتها السائلة أن من الوفاء للزوج الوفاء لأهله، وحدوث المشاكل بين أهل الزوج والزوجة أمر وارد، والمطلوب هنا الحكمة والأناة في معالجة الأمور، ثم حاولي أن تسلكي معهم سبيل الإحسان بالكلمة الطيبة والابتسامة والإهداء إليهم وقضاء ما أمكنك من شؤونهم فهذا هو الطريق إلى القلوب، وبذا يتحول الأعداء إلى أصدقاء؛ لقوله تعالى: فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. {فصلت:34} .
فإن بذلت هذا ولم تجدي تغيراً في معاملاتهم وأحوالهم فقد أديت ما عليك، واحتسبي ما لك عند الله سبحانه، فإن ضاق صدرك بعد هذا من معاملتهم ولم تستطيعي صبراً على أذاهم فيمكنك حينئذ أن تقتصري على الحد الأدنى في معاملتهم، وليكن بالسؤال عليهم في المناسبات والأعياد ونحو ذلك مما جرت عادة الناس بالتواصل فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1430(13/11)
الصلة بين أقارب الزوجين من مكارم الأخلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي سيدة متزوجة، زوجها مسافر لها بنتان، تحافظ دائما على صلة أهل زوجها على اعتبار أنه واجب عليها، وتزور أخواته وتصلهن، ولكن أخوات زوجها لا يزورنها ولا يصلنها على اعتبار أنهن لهن حق الصلة على أخيهن، وأن الواجب ينتقل من أخيهن إلى زوجته كونه مسافرا، فلا يحاولن حتى السؤال عن بنات أخيهن القاصرات الأطفال من باب أنه ليس عليهن أي واجب تجاه بنات أخيهن.
ما حقوق الزوجة عند أهل الزوج وخاصة في حال غياب الزوج، وما حقوق أهل الزوج عند الزوجة بوجود الزوج أو غيابه، هل واجب صلة الرحم على الأخ فقط تجاه الأخت، ولا يوجد حقوق صلة الرحم على الأخت تجاه الأخ، إذا كان أبناء الأخ صغار فهل لهم حق صلة الرحم من العمات والأعمام؟ أم عليهم واجب صلة الرحم تجاه العمات، وهل بصغر الأولاد ينتقل واجب صلة الرحم منهم إلى أمهم تجاه أهل زوجها؟ وهم أليس لهم حق عند أهل أبيهم بالصلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة لا تجب عليها صلة أهل زوجها ولا أخواته، سواء كان ذلك في غياب الزوج أو في حضوره، كما لا يجب على أهل الزوج من أخوات أو غيرهن صلة زوجته، وإن كانت المواصلة بين الطرفين من مكارم الأخلاق لما يترتب عليها من دوام الألفة والمحبة بينهما، وليس لأي من الطرفين حقوق واجبة تجاه الآخر. ولا إثم في عدم تبادل الزيارات بينهما دائماً، إلا أنه يحرم الهجران بينهما أكثر من ثلاث ليال، كما هو الشأن بين كل مسلم وأخيه المسلم.
أما صلة الرحم بين الأخ وأخواته فواجبة على كل منهما تجاه الآخر، ولا ينتقل وجوب صلة الرحم من الزوج تجاه أهله إلى زوجته في حال غيابه، ويجب على أخوات الزوج وإخوانه صلة رحم بنات الأخ خصوصاً في غيابه، ويأثم من قصر في تلك الصلة الواجبة، وصلة الرحم تحصل بما يسمى في عرف الناس صلة.. وراجع في ذلك التفصيل في الفتوى رقم: 11449، وراجع أيضاً للفائدة الفتوى رقم: 112137.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(13/12)
الموالاة على أساس الإيمان
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني الكرام أريد أن أشارككم تبيين معنى الكلمة التي وردت في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:ألا إن آل أبي -يعني فلانا- ليسوا لي بأولياء، إنما وليي الله والمؤمنين، ولكن لهم رحما أبلها ببلالها.
أبلها ببلالها يعني أربى هذه الرحمة وهي رحمة المؤمنين بأعمالهم لأن المؤمن لا يصير ولي الله إلا بأعمال تقرب بها إلى الله، إذا الولي يصبح وليا بالأعمال، والمؤمن يصبح مؤمنا بأن يعلم وجود الله ويؤدي الفرئض، قال سبحانه: ألا إن أولياء الله المؤمنين. يعني إن علمت وآمنت وتبعتها بالعمل وأكثرت فقد صار العبد ولي الله، والولي له منزلة وكرامة عظيمة عند الله، وفي حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لأولياء الله كراسي من نور تغار منهم الأنبياء والرسل. وأقول قولي هذا وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر للمرسل الكريم حرصه على نشر الخير وبذل النصح، وإن كنا ننبهه على أن غير هذا المكان أولى بجهده هذا، فنحن هنا معنيون بأمر آخر، وهو بيان أحكام الشريعة وإجابة فتاوى المستفتين.
وأما الحديث الذي ذكره الأخ الكريم فرواه البخاري بلفظ: إن آل أبي ـ يعني فلانا ـ ليسوا بأوليائي، إنما وليي الله وصالح المؤمنين، ولكن لهم رحم أبلها ببلاها. يعني أصلها بصلتها. رواه البخاري.
وعن أبي هريرة قال: لما أنزلت هذه الآية: وأنذر عشيرتك الأقربين. دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فاجتمعوا فعم وخص فقال: يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار؛ فإني لا أملك لكم من الله شيئا، غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
قال ابن حجر: ظاهر الحديث أن من كان غير صالح في أعمال الدين دخل في النفي أيضا لتقييده الولاية بقوله: وصالح المؤمنين. وقد وقع في شرح المشكاة: المعنى أني لا أوالي أحدا بالقرابة، وإنما أحب الله تعالى لما له من الحق الواجب على العباد، وأحب صالح المؤمنين لوجه الله تعالى، وأوالي من أوالي بالإيمان والصلاح، سواء كان من ذوي رحم أو لا، ولكن أرعى لذوي الرحم حقهم لصلة الرحم. وهو كلام منقح. اهـ.
وأما الحديث الذي ختمت به الرسالة فلم نجده باللفظ المذكور، وقد روى أبو مالك الأشعري -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أيها الناس اسمعوا واعقلوا، واعلموا أن لله عز وجل عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء على منازلهم وقربهم من الله. فجثا رجل من الأعراب من قاصية الناس وألوى بيده إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ناس من الناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله! انعتهم لنا، جلِّهم لنا. فسر وجه النبي صلى الله عليه وسلم بسؤال الأعرابي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هم ناس من أفناء الناس ونوازع القبائل، لم تصل بينهم أرحام متقاربة، تحابوا في الله وتصافوا، يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسون عليها، فيجعل وجوههم نورا، وثيابهم نورا، يفزع الناس يوم القيامة ولا يفزعون، وهم أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. قال المنذري: رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد حسن والحاكم وقال: صحيح الإسناد انتهى. وصححه الألباني لغيره.
وقد سبق لنا بيان االمفهوم الشرعي لكلمة -ولي الله- وطريق تحصيل هذه الولاية، وبيان الفرق بين الولي ومدعي الولاية، والمفاهيم الباطلة حول الولاية، وذلك في الفتوى رقم: 4445.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(13/13)
الترهيب من إيذاء زوجة الابن المحسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أفعل مع أبي يعامل زوجتي معاملة سيئة جدا، ووالدتي متوفاة، وزوجتي تقوم بخدمة أبي وإخوتي، ولكنه يقوم بمحاسبتها على كل كبيرة وصغيرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أن تنصح والدك برفق ولين أن ما يقوم به من التعنت مع زوجتك ومعاملتها بهذه الطريقة غير المرضية أمر لا يجوز، فإن الله سبحانه قد أمر بالإحسان إلى عموم الناس في القول والفعل، فمن باب أولى من تجمعهم بالشخص علاقة رحم أو مصاهرة، فإن حقهم في البر والصلة يزيد ويتأكد، فإذا انضاف إلى هذا كونها متبرعة بما تقوم به من خدمة والدك وإخوتك - لأن الزوجة لا يجب عليها إلا خدمة زوجها وحده دون أهله - فهنا يتأكد الإحسان أكثر وأكثر، وقد قال الله جل وعلا: هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ {الرحمن: 60} يعني: ما جزاء الإحسان إلا الإحسان.
حتى ولو حدث منها نوع من التقصير أو التفريط في الخدمة فينبغي ألا تلام عليه لا من قبل الزوج ولا من قبل أهله؛ لأن المتبرع المحسن يرتفع عنه اللوم والعتاب كما قال سبحانه: مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ. {التوبة: 91} ، قال القرطبي: وهذه الآية أصل في رفع العقاب عن كل محسن. انتهى، وقال البيضاوي: ما على المحسنين من سبيل. أي ليس عليهم جناح ولا إلى معاتبتهم سبيل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1430(13/14)
تحديد العلاقة مع بعض أهل الزوجة لدفع الضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج منذ عام وعلاقة أهلي بأهل زوجتي مقطوعة لبعض الخلافات قبل الزواج، كما توجد بعض المناوشات بيني وبين أهل زوجتي، ولكني أحترم والد ووالدة زوجتي وأحثها على السؤال عليهم تليفونياً والاطمئنان عليهم، ولكن علاقتى بأخي زوجتي سيئة، فهو دائماً ما يضايقني وكان في بداية زواجنا يكلم زوجتي (أخته) عن أخطاء زوجها فالعلاقة بيني وبينه الآن هامشية، فهل لي أن أحد من علاقته بزوجتي (أخته) كي لا يستغل وده معها ليضايقني، وأن أطلب منها أن تسأل عنه فقط وتكون جادة معه بدون ود زائد! أم أن هذا يعتبر قطع رحم، وما هي حدود تدخلي فيما بين زوجتي وأخيها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في ذلك ما دمت تخشى الضرر منه سيما وأنك لا تريد مقاطعتها إياه تماماً بل تريد ضبطها فحسب لئلا يؤثر بسلوكه وما يذكره عنك على علاقتك بزوجتك، وننصحك بمحاولة الصلح معه والتغاضي عما كان من هفوات وزلات، ولعلك إذا أحسنت إليه يتبدل بغضه لك حباً وبعده منك قرباً، لقول الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:35} .
وللفائدة انظر الفتوى رقم: 51409، والفتوى رقم: 66827.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1430(13/15)
صل أباك بدون علم أمك
[السُّؤَالُ]
ـ[قام والدي بتطليق أمي بعد42سنة من الزواج وطردنا من البيت واتهمني بهتانا عند الشرطة بالتعدي عليه ونحن عانينا الشتات وإخوتي، فقد ظلمنا بأشد ظلم، لذا أرجو أن ترشدوني كيف أعامله خاصة وأن أمي أخذت علينا ميثاقا أن لا نأتيه أو نكلمه، فالرجاء تبيين الأمر بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن ما نسبته لأبيك من طردكم واتهامكم بما لم يكن منكم وتشتيت أمركم يعتبر خطأ كبيرا منه، ولكن يجب العلم أن الأب مهما كان عليه من سوء الخلق والظلم، فإن ذلك لا يسقط حقه في البر ولا يبيح مقاطعته أو الإساءة إليه، فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالد المشرك الذي يأمر ولده بالشرك، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:14} .
وحق الأم أعظم وآكد في البر والإحسان، لكن لا تجوز طاعتها في المعصية، فإن الطاعة إنما تكون في المعروف، وأمرها لكم بمقاطعة أبيكم أمر بمعصية، فلا طاعة لها في ذلك، ولكن ينبغي أن يكون ذلك بحكمة، فيمكنك أن تصل أباك بدون علم أمك، حتى لا تغضبها، واعلم أن بر الوالدين من أعظم أسباب رضا الله وتوفيقه للعبد، كما أن عقوقهما من أعظم أسباب سخط الله وخذلانه للعبد.
وللفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التاية: 8173، 21247، 18584.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1430(13/16)
أخذ الوالد مال ولده لغير حاجة حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[بعدما عملت في الخارج أرسلت كل أموالي إلى أبي ليستثمرها، وهذا لمدة عشر سنوات، وعند رجوعي وجدت أن كل أموالي وضعت على اسم أبي، وقال لي إن هذه الأموال له، وسترثني مع إخوانك. فهل يجوز لأبي التصرف في أموالي كما يشاء، مع العلم أني حريص على إرضاء أبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعله أبوك لا يجوز وهو حرام شرعا، إذ هو من أكل أموال الناس بالباطل، وقد يتعلق بعض الآباء في مثل هذا العدوان بما رواه ابن ماجه وصححه الألباني من قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: أنت ومالُك لأبيك.
والجواب أنه لا متعلق لهم بهذا الحديث وذلك لأن اللام في الحديث: ليست للملك بل للإباحة.
قال ابن القيم في إعلام الموقعين: واللام في الحديث ليست للملك قطعاً، ومن يقول هي للإباحة أسعد بالحديث وإلا تعطلت فائدته ودلالته. انتهى.
ومما يدل على أنها ليست للملك أن الابن يرثه أولاده وزوجته وأمه، فلو كان ماله ملكاً لوالده لم يأخذ المال غير الأب.
وليست الإباحة أيضا على إطلاقها، بل هي بشروط بيناها بالتفصيل في الفتوى رقم: 25339.
ولذا فإن كان أبوك محتاجا لمال فإنه يجب عليك أن تعطيه على قدر حاجته، فإن نفقته حال عسره وفاقته واجبة عليك.
أما أن يضم مالك إلى ماله دون حاجة ودون رضى منك فهذا لا يجوز، وعليه فلو أنك أخذت منه هذا المال فلا يعتبر هذا عقوقا منك، ولكنا ننصحك باللطف والرفق في التعامل معه فحقه عليك عظيم، قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة، فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه من حديث أبي الدرداء.
وراجع الفتويين رقم: 7490، 6630.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1430(13/17)
هجر جميل خير من مخالطة مؤذية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بأن تقل العشرة مع أهل الزوج في حين أنهم لا يعاملونني جيدا بسبب شقيقة زوجي لمرضها، ولا تحب حضور أحد في المنزل. ووالدة زوجي دائما تطردنا من البيت أنا وزوجة أخي زوجي، ودائما يتدخلون في خصوصيتنا، ولم أعد أطيقهم، وأنا لا تسمح لي أحيانا كرامتي، ولم أعد أطيق المعاملة معهم ما حكم الشرع في ذلك، وبارك الله لكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز في مثل الحالات التي تكثر فيها المشكلات بين الزوجة وأهل زوجها، ويحدث بسبب هذا أذى يلحق الأطراف أو بعضهم في دين أو دنيا، أن يقللوا المخالطة واللقاء حتى يتجنب حدوث مثل هذه المشاحنات فإن الصلة لا تتعين فيها كثرة اللقاء والمخالطة، بل يمكن تحقيقها بما هو دون ذلك من اتصال هاتفي ونحوه، ولعل هذا يكون سببا في صفاء النفوس ونقاء القلوب، فتستعيد عافيتها، ويحدث الله بعد ذلك من أمره ما يجمع به بين المتفرقين ويقرب بين المتباعدين.
وقد قال ابن عبد البر رحمه الله: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كنت مكالمته تجلب نقصا على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1430(13/18)
حكم وضع الابن أباه في دار المسنين
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أب بلغ السبعين ويحتاج لرعاية شديدة لا أستطيع توفيرها له وذلك بسبب عملي ولا أستطيع أن أجعله يقيم معي في نفس الشقة لأنها ملك أمي المطلقة منه ومتزوجة بغيره وهو له دخل (معاش) فهل أدخله دارا للمسنين أم أكون عاصيا.
ولا أعلم ماذا أفعل يا إخوان فبالله عليكم أشيروا على.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحق الوالد عليك عظيم، وبره والإحسان إليه خصوصا بعد بلوغه هذه السن من أعظم الواجبات وأجل القربات التي توصلك لرضوان رب العالمين، والأصل أن أحد الوالدين أو كلاهما إذا بلغا هذه السن فإنهما يكونان في رعاية أولادهما وكنفهما لا أن يتخلصوا منهما ومن حقوقهما بوضعهما في دار للمسنين ونحو ذلك، ولذا قال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23، 24} فتأمل في قوله سبحانه: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا تعلم أن من البر أن يكون أبوك عندك في بيتك لا في دار المسنين.
قال البيضاوي في تفسيره: ومعنى عندك أن يكونا في كنفك وكفالتك. انتهى
وعليه فإن لم تستطع أن تأتي بأبيك لتسكنه معك في الشقة لكونها ملكا لأمك، ولم يكن هناك إخوة لك يستطيعون رعايته في مكانه، فانتقل أنت للإقامة معه إن كان له مكان يقيم فيه، وإلا فمن لأبيك إذا مرض فجأة أو نزلت به نازلة.
فإن تعسر هذا عليك فيمكنك حينئذ أن تستأجر له من يقوم على رعايته وهو مكانه في بيته فهذا أولى من دار المسنين، لأنه لا يخفى عليك أن أحدا لا يحب أن يضعه أبناؤه في دار للمسنين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إليه. رواه مسلم.
قال النووي: قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاس الَّذِي يَجِب أَنْ يُؤْتَى إِلَيْه هَذَا مِنْ جَوَامِع كَلِمِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَدِيع حِكَمه، وَهَذِهِ قَاعِدَة مُهِمَّة فَيَنْبَغِي الِاعْتِنَاء بِهَا، وَأَنَّ الْإِنْسَان يَلْزَم أَلَّا يَفْعَل مَعَ النَّاس إِلَّا مَا يُحِبّ أَنْ يَفْعَلُوهُ مَعَهُ. اهـ
ولكن إذا وافق أبوك على الإقامة في دار المسنين وكان هذا بمحض إرادته لا بسبب إهماله وتضييعه من قبل أبنائه، فلا بأس حينئذ بذلك مع دوام المتابعة والرعاية المادية والمعنوية له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1430(13/19)
لا يحق لأقارب الزوجين التدخل في حياتهما الخاصة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال إلى أي مدى يحق لوالد زوجي التدخل في حياتي وهل يجوز أن يتدخل في أمور أنا وزوجي نراها مناسبة لنا لكن هو ولاختلاف الأجيال يرى أنها غير مناسبة مثل أني أريد شراء كنب لأني متزوجة جديدا وأثاثا لمنزلي ولكن من وجهة نظر أبيه يجب أن لا أشتري كنب وأكتفي بفرش أرضي بسيط جدا من باب التوفير مع أن زوجي مقتدر وهو أيضا يعارض خروجنا من المنزل لأنه لا يحب أن يخرج من المنزل ويعارض أمورا كثيرة تتعلق بي أنا مثل أن أشترى هدايا لأهلي إخواني وأخواتي مع أنه يجبر ابنه أن يشتري هدايا لإخوان زوجي وإخواني، أريد جوابا شافيا عن حدود الأب والأم مع زوجة الابن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن للزوجين حياة مستقلة لا يحق لأحد أن يتدخل فيها إلا بنصح أو مشورة بالمعروف، والمرأة مأمورة بطاعة زوجها في المعروف، وليست مأمورة بطاعة والديه، أو غيرهما من أقاربه، لكن من حسن عشرة المرأة لزوجها أن تحسن إلى أهله وأن تعينه على بر والديه وصلة رحمه.
كما أن من حسن عشرة الزوج لزوجته أن يوفر لها حياة مستقلة.
أما ما يتعلق بسؤالك.. فليس من حق والد زوجك أن يتدخل في شؤونكما، وليس له منعك من شراء هدايا لأهلك، ما دام ذلك من مالك الخاص، فإن الراجح أن للمرأة أن تتصرف في مالها بغير حاجة إلى إذن زوجها، وتراجع الفتوى رقم: 94840.
أما إذا كان ذلك من مال زوجك فلا يجوز أن تفعليه إلا بإذن الزوج صاحب المال، ولا ينبغي لأبيه منعه منه، وأما إجباره لزوجك على شراء هدايا لإخوته، فليس من حقه ذلك، فإن من شروط جواز أخذ الوالد من مال ولده ألا يأخذ ليعطي لإخوته، وتراجع الفتوى رقم: 25339، والفتوى رقم: 51310.
ولكن إذا استجاب لأبيه في طلبه لذلك فإن ذلك أمر حسن يثاب عليه.
والذي نوصي به هذا الزوج أن يتعامل بالحكمة مع أبيه فلا يقصر في بره وطاعته في المعروف، ولا يظلم زوجته ويضيق عليها، ويمكنه في ذلك استعمال التعريض في الكلام، والحيل المشروعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1430(13/20)
من أدب الولد مع أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما تقولون في مناداة الابن لأبيه باسمه والأب لا يغضب من ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحق الوالد على ولده أن يجله وأن يكرمه، وأن يتجنب إهانته أو إيذاءه مهما قلّ، فبهذا أمر الله سبحانه وأمر رسوله – صلى الله عليه وسلم – قال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا. {الإسراء:23، 24}
وإن من أدب الولد مع أبيه ألا يمشي أمامه، ولا يجلس قبله، ولا يدعوه باسمه، ولا يستسبّ له، أي لا يتسبب لأبيه في السباب عن طريق العمل السيّئ.
جاء في الأدب المفرد عن عروة - أو غيره -: أن أبا هريرة أبصر رجلين. فقال لأحدهما: ما هذا منك؟ فقال: أبي. فقال: لا تسمه باسمه، ولا تمش أمامه، ولا تجلس قبله. قال الألباني: صحيح الإسناد.
قال صاحب عيون الأخبار قيل لعمر بن زيد: كيف برُّ ابنك بك؟ قال: ما مشيت نهاراً قط إلا وهو خلفي، ولا مشيت ليلاً إلا مشى أمامي، ولا رقى سقفاً وأنا تحته.
فالذي يظهر من هذا كله أنه لا ينبغي للابن أن ينادي أباه باسمه، ولو رضي بذلك الأب لأن هذا يسقط من قلب الولد هيبة أبيه واحترامه، فيوشك مع هذا أن يجترئ عليه، ومعلوم أن الشريعة قد جاءت بسد الذرائع الموصلة للشرور والانحراف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1429(13/21)
لا حرج في الاقتصار على زيارتكم لأم زوجك إن لم تترك (الشمة)
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة وأم لثلاثة أطفال أحب زوجي وبيتي ملتزمة والحمد لله -متحجبة أحافظ على صلاتي ما استطعت- لدي مشكلة مع أم زوجي- أحبها كثيراً لأنها طيبة وتحترمني- ولكنها وللأسف مدمنة على نوع من أنواع التبغ تدعي -النفة- وهي بودرة تستنشقها من أنفها، هي كانت تزورنا من حين لآخر وكنت أعاني كثيراً وهي لا تكترث، أيضا لا تنتبه حيث إن المكان الذي تجلس فيه وتنام يكون وسخاً والرائحة كريهة وهي ترمي بالمناديل المستعملة من دون حذر ولدي ابن صغير أقل من 3 سنوات لا يميز وقد يلعب بهذه المناديل، أنا حريصة جداً على نظافة بيتي لدرجة التعصب أحيانا، نصحناها ولكن دون جدوى من باب الحرمة والعفة.. حماتي الآن مريضة ولا تزورنا إلا إذا نحن أحضرناها بأنفسنا، فهل أكون آثمة إذا شرطت على زوجي أن يحرمها من التبغ مدة إقامتها عندنا وإلا غضبت، علما بأني أعاني من أمراض عديدة وقد تعرضت إلى نوبات عصبية نتيجة ضغوطات نفسية سابقا، هذا المشكلة أتعبتني وأنا أخاف أن أغضب الله أو زوجي، فهل أكون قاطعة رحم علما بأن علاقتي بحماتي طيبة للغاية أهاتفها ونزورها من حين لآخر فهي تسكن عند ابنها الكبير في بلدة أخرى، زوجي أيضا علاقته بها طيبة فهو الذي يأخذها للطبيب ويصرف عليها ... فأفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الكلام مفصلا عن حكم استعمال التبغ، سواء بالشم أو بالتدخين في الفتويين رقم: 1671، والفتوى رقم: 20252 وبينا هنالك أن هذه الشمة فيها من الأضرار الصحية والاجتماعية ما لا يوجد في شرب الدخان، فهي بهذا أسوأ منه حالاً وأخطر منه مآلا، وما تفعله أم زوجك من استنشاق هذه المادة الخبيثة لا يجوز ويزداد الحظر والإثم عندما يبلغك أنت وأولادك الأذى والضرر جراء فعلها ذلك, وقد نهى الرسول الكريم عن الإضرار بالناس وذلك فيما رواه ابن ماجة عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قضى أن لا ضرر ولا ضرار. صححه الألباني. ومن القواعد الفقهية المتفق عليها أن الضرر يزال.
ولكن يبقى أن لهذه السيدة حقا عظيما على ابنها الذي هو زوجك, فقد أوصى الله ورسوله بالوالدين خصوصا الأم, وجاءت النصوص متواترة متعاضدة في الأمر بإكرامها غاية الإكرام, والنهي عن إيذائها ولو بكلمة, وهذا الحكم يشمل جميع الأمهات حتى وإن كن فاسقات، بل الظاهر أن هذا الحكم ينسحب كذلك على الأمهات المشركات، لأن الله سبحانه قال في محكم التنزيل: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} ، قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: وفهم من ذكر (وصاحبهما في الدنيا معروفاً) أَثَر قوله (وإن جاهداك على أن تشرك بي..) أن الأمر بمعاشرتهما بالمعروف شامل لحالة كون الأبوين مشركين، فإن على الابن معاشرتهما بالمعروف، كالإحسان إليهما وصلتهما. انتهى.
وبناء على ما سبق فإن الذي نراه في مثل هذه الحالة هو أن يحاول زوجك أولاً أن يثني أمه عن هذه العادة السيئة القبيحة, وأن يبين لها حرمتها في الشرع, وقبحها في العادة والعرف, وأن يعدد لها مضارها الصحية والاجتماعية, فإن استجابت لذلك وإلا فليذكر لها -برفق وتودد- أن زوجته وأولاده الصغار يتأذون بهذه الرائحة الكريهة المنبعثة منها, وأن يطلب منها أن تتجنب شم هذه المادة مدة بقائها عندكم مراعاة للأولاد ومحافظة على صحتهم , وغالب الظن أنها ستستجيب لذلك؛ فقد جبلت النفوس على حب الأطفال الصغار, والحرص على ما ينفعهم والفرار مما يؤذيهم ويضرهم, خصوصا من آبائهم وأجدادهم، فإن لم تستجب فلا مانع حينئذ أن تقتصروا على زيارتكم لها, خاصة وأنها -كما ذكرت- لا تقوى على زيارتكم, وعليكم أن توصلوا لها ما تستطيعون من البر والإحسان وهي بعيدة عنكم. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 24850.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(13/22)
هذه البنت يجب عليها أن تصل أمها ويحرم عليها قطيعتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من لا تصل الرحم مع والدتها التي طلقت وابنتها لا زالت في عمرها ثلاثة أشهر, وتكلف بتربيتها عمها وزوجة عمها، والآن والدتها تأتي إليها، أما ابنتها فلا تزورها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبر الوالدين من أعظم الطاعات وأجل القربات خصوصاً الأم فقد ثبت التأكيد على الإحسان إليها وبرها أكثر من الأب، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي، قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك. انتهى.
وبناء على ذلك فهذه البنت التي قطعت الصلة بأمها قد ظلمت نفسها وعصت ربها وقطعت رحمها ووقعت في كبيرة من كبائر الذنوب، ولا يسوغ ترك أمها لها وهي صغيرة بل ولا إهمالها وتقصيرها في واجباتها نحوها قطع رحمها، وهي على خطر عظيم إذا لم يمن الله تعالى عليها بالتوبة والهداية، فالواجب نصحها وتذكيرها بخطورة ما هي عليه من ذنب عظيم وإثم كبير، وتنبيهها على ضرورة المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى وزيارة أمها وإكرامها وإحسان صحبتها دائماً، فقد ثبت الترغيب في بر الوالدين والإحسان إليهما، والترهيب من قطيعة الرحم والعقوق.. وللمزيد من الفائدة راجعي في ذلك الفتوى رقم: 75249.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(13/23)
نصح الأب تارك الصلاة ومرتكب الفواحش مطلوب
[السُّؤَالُ]
ـ[فليس أمر ولا أنكى من أن يشتكي الولد أباه ولكن هي الحياة تأبى إلا أن ترينا العجائب وتنزل علينا المصائب وإلى الله المشتكى، يشهد الله يا شيخ أنني لم أعق والديّ ولم أقل لهما حتى أف ولم أنهرهما ونظرا لحالتنا المادية المتواضعة فقد حرصت على عدم إثقال كاهلهما بالمصاريف واكتفيت بالقليل وقنعت بما هو موجود إرضاء لهما وحرصا على أن أكون ولدا صالحا يسعى لخير والديه قبل خير نفسه، من أجل ذلك حرمت نفسي من عديد المباهج والأشياء وحرصت على التفوق دراسيا وهو ما تم بإذن الله وحمده. ومضت بنا الأيام على هذا النحو إلى أن نهضت ذات يوم على كابوس أسقط أحلامي في الماء وجعلني أكره الحياة وأحتقر جميع الناس فقد اكتشفت ذات يوم تورط والدي في علاقات مشبوهة مع امرأة, خيانة حقيرة ودنيئة زادتها نذالة أنني اكتشفت تعدد النساء التي يقيم معهن علاقات مشبوهة وهنا تهاوت صورة الأبوة من أمامي وتهشمت على نار الخيانة فقد قابل والدي تضحياتي بنكران الجميل وبخله علي وعلى أمي وإخوتي بالمال بإنفاقه على النساء العاهرات وغير ذلك من المخازي التي إن تبد لكم تسؤكم. ولأنه من كان في الضلالة فسيمدد له الرحمان مدا ويزيد من الله بعدا فقد انقطع هذا الرجل الذي أستنكف أن أسميه أبي عن الصلاة وتدهورت أموره المادية فاضطررت للانقطاع عن الدراسة ولم أكمل الماجستير ودخلت ميدان العمل لأنفق على أمي إن احتاجت، أريد أن أسأل فضيلتكم هل مقاطعتي لهذا الرجل عقوق؟ أو ليس ما أتاه هو هو العقوق عينه؟ كيف أتعامل معه وفي نفسي احتقار له وكره شديد وكل من خان هان وذلك جزاء الظالمين؟ ألم يأمرنا الله بالإعراض عن من تولى عن ذكره ولو كان ذا قربى أو إخواننا أو عشيرتنا؟ نبئوني بعلم يا شيخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
لقد أمرنا الله بالإحسان إلى الوالدين، وجعل ذلك من أعظم الفرائض بعد الإيمان بالله، ومن أقرب السبل الموصلة إلى رضاه، فجزاك الله خير الجزاء على حرصك على بر والديك، وإحسانك إليهما، والإنفاق عليهما، وإيثار ذلك على حظوظ نفسك، فأبشر ببركة هذا العمل في الدنيا والآخرة، إن كنت قصدت به وجه الله، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين، أما عن والدك –نسأل الله أن يهديه- فما ذكرته عنه من اقتراف الفاحشة إن كنت متيقناً من ذلك فهو منكر كبير وسلوك مشين، وأكبر منه تركه للصلاة، فإن الصلاة أعظم الفرائض بعد الإيمان بالله، وقد عدّ بعض العلماء تركها كفراً أكبر مخرجاً من الملة، لكن هذا لا يبيح لك مقاطعة والدك أو التقصير في بره، فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالد المشرك الذي يأمر ولده بالشرك. قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:14}
فبرك بأبيك ليس مرهوناً بصلاحه، أو عرفانه بجميلك، وإنما هو استجابة لأمر الله ورجاء ثوابه بشرط أن يكون ذلك خالصاً لوجهه تعالى، واعلم أنه مهما عظم ذنب العبد وكثرت ذنوبه، فإنه إذا تاب توبة صادقة، تاب الله عليه، وينبغي للمؤمن أن ينظر إلى أصحاب المعاصي نظرة شفقة، ويستشعر نعمة الله عليه في معافاته من الوقوع في مثل ذلك، فإن عصمة العبد من الوقوع في المعاصي محض فضل من الله تعالى.
قال تعالى: وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى&1648; مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَ&1648;كِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ &1751; وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21} وقال تعالى: وَلَ&1648;كِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ &1754; أُولَ&1648;ئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً &1754; وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {الحجرات:8،7}
فينبغي للمؤمن أن يتسع قلبه رحمة ورأفة للعصاة، ويرجو لهم الهداية والتوبة، ولا ينافي ذلك إنكاره للمنكر، وبغضه للمعصية، فإنه لا يكره العاصي لذاته، وإنما يكرهه لما تلبس به من المعصية.
قال ابن القيم في طريق الهجرتين في مشاهد الناس في المعاصي: أن يقيم معاذير الخلائق وتتسع رحمته لهم، مع إقامة أمر الله فيهم، فيقيم أمر الله فيهم رحمة لهم، لا قسوة وفظاظة عليهم. انتهى.
فإذا كان ذلك مع عامة الناس فهو بلا شك مع الوالد أولى، فعليك أن تنصحه بالرفق، وتستعين بمن ينصحه ممن يقبل نصحه، ولا تدخر وسعاً في كل ما يذكره بالله ويخوفه العاقبة ويأخذ بيده إلى طريق الطاعة والهداية، وعليك أن تجتهد في الدعاء له بالهداية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1429(13/24)
أخو زوجها رهن أرضه في قرض وامتنع عن سداده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحبة الفتوى رقم 2197315 في البداية جزاكم الله ألف خير على الفتوى وأريد توضيح بعض الأمور أولها أن أخا زوجي قام بالتنازل عن الأرض السابق ذكرها لأخيه الأصغر ليتسنى له الحصول على قرض آخر على أرض أخرى هي ملك له وهو الآن يرفض تسديد القرض الذي أخذه على أرضنا ويقول إن البنك لم يطالبه بالتسديد ويقول إننا لا نستطيع إرغامه على ذلك لأن الأرض الآن ليست ملكا له ولا حتى بالقانون على العموم أنا لا أدعو إلى قطيعة الرحم بل أحاول استرجاع حقي وحق أطفالي في المنزل لأنه حتى في حالة حدوث الطلاق بيني وبين زوجي فالبيت من حقي وحق أولادي وثق أنه لو كان بحوزة زوجي بيت أخر لن أطالب بشيء لأن لزوجي الحق بالتنازل لأخيه عن الأرض إن زوجي لا يملك والمنزل المبنى على الأرض المرهونة وأحب أن أوضح أن زوجي تنازل لأخيه عن الأرض ليأخذ عليها القرض وليس هبة بالله عليكم كيف أتصرف مع أخي زوجي هل أسكت على حقي وحق أطفالي حتى لا تحدث قطيعة الرحم أم ماذا أفعل حاولت اللجوء إلى أهل زوجي ولكن رغم تدخلهم إلا أن أخا زوجي يرفض أن يقوم بتسديد القرض حتى بالتقسيط وشكرا لكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ما دام زوجك حيا فإنه صاحب الأمر والمالك للأرض المذكورة، فلا تملكين إلا نصحه بتخليص أرضه من أخيه، وإذا طلقك فإنه يجب عليه إسكان أبنائه لكن لا يتعين إسكانهم في نفس الأرض، فله أن يشتري لهم منزلا آخر أو يستأجره، وأما إذا مات فإن لك الحق في مطالبة أخيه بتخليص الأرض من الرهن لأنها صارت تركة وذلك بسداد الدين المرهونة فيه، ويمكن أن تلجئي إذا امتنع للمحاكم الشرعية من أجل إنصافك وإنصاف أبنائك باعتباركم أصحاب حق الإرث منه.
والنصيحة أن تثقي بأن الله لن يضيعك أنت ولا أولادك، وأن تعلمي أن إلحاحك في أمر هذه الأرض قد يؤدي من زوجك أن يتصرف مع أخيه تصرفا لا يليق بين ذوي الأرحام، فاحذري أن تكوني سببا لقطع الرحم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1429(13/25)
يستحب صلة أهل الزوج ولا يجب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي سؤال عن صلة الرحم فهل أهل الزوج من الواجب علي أن أصل رحمهم، وإذا كان واجبا علي ذلك كيف أصلهم لأن التعامل معهم يسبب لي مشاكل لا تعد ولا تحصى، وبصراحة النفس غير صافيه لهم؟ وشكراً لتعاونكم معنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأهل الزوج ليسوا من ذوي الرحم الواجب صلتها لكن يستحب لك ذلك تقوية لأواصر المودة بينك وبينهم وإكراماً لزوجك وإحساناً لعشرته ...
وننصحك بالتعامل معهم بالحسنى وإن أساؤوا، فقد قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:34-35} .
وسأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ إن لي قرابة. أصلهم ويقطعوني. وأحسن إليهم ويسيئون إلي. وأحلم عنهم ويجهلون علي. فقال "لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل. ولا يزال معك من الله ظهير عليهم، ما دمت على ذلك". رواه مسلم.
فقابلي إساءتهم بالإحسان وخطأهم بالعفو والغفران واحتسبي أجر ذلك عند الكريم المنان، وإن كان الإكثار من زيارتهم أو مخالطتهم يؤدي إلى مشاكل وأضرار فلا تكثري منها وتجنبي مخالطتهم، والصلة بابها أوسع من ذلك فتتحقق بالهدية والسلام والاتصال والزيارة أحياناً وكف الأذى ونحو ذلك مما يجلب المودة ويقوي أواصر المحبة في النفوس.
وللفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 53598، 113315، 30325.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(13/26)
وصية الآباء بالأبناء والإحسان إلى الأصهار
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة وأذهب كثيرا لأمي وأبي، أبي دائما يكره زوجي وكان زوجي يتحمل هذا في أول الزواج لكن بعد مرور فترة من الزمن لم يعد يحتمل وبدأ يغضب ويثور.. أنا أيضا أنزعج من أبي ولا أشعر بحبه لي وخصوصا أنه كان مسافرا للعمل بالخارج وتقاعد فأنا أفعل له ما يريد ولكن من داخلي أشعر بضيق فظيع على الرغم من حبه لابني ولكن هو يقول لا أحب أحدا مثله وفعلا وهو عصبي جدا عكس زمان عندما كان يأتي من السفر في الإجازات كان جيدا جدا في معاملته لي ولأخواتي ومعاملته ساءت لي أكثر لما تزوجت ولما تقاعد من السفر هل شعوري بالضيق الذى لا أظهره ولكن لا أقدر دائما من تصرفاته وعصبيته مع أني أنفذ ما يريد. هل يغضب ربنا مني؟ وماذا أفعل معه ومع زوجي الذي بدا بينه وبين أبي عداوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بر الوالد والإحسان إليه واجب؛ لقوله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً. {النساء:36} ، والإساءة إليه من العقوق. وعقوق الوالدين من الكبائر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئاً فقال: ألا وقول الزور. أخرجه البخاري ومسلم.
فعليك أيتها السائلة أن تبري أباك وأن تحسني إليه بقدر ما تستطيعين، وعليك أن تتحملي إساءاته وأن تقابليها بالعفو والصفح والتغاضي فحق الوالد عظيم، قال صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه الترمذي , وصححه الألباني، وقال عليه الصلاة والسلام: رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة. رواه الترمذي وصححه الألباني.
ولكن هذا لا يبرر عدوان الأب ولا إساءاته، لأن الله سبحانه كما وصى الأبناء بآبائهم فإنه سبحانه وصى الآباء بأبنائهم فقال سبحانه: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ {النساء: 11} ، قال السعدي – رحمه الله – أي: أولادكم - يا معشر الوالِدِين- عندكم ودائع قد وصاكم الله عليهم، لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية، فتعلمونهم وتؤدبونهم وتكفونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله وملازمة التقوى على الدوام كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ. فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها فيستحقوا بذلك الوعيد والعقاب. انتهى.
فيجب على الأب أن يتقي الله وأن يتجنب الإساءة إلى ابنته وإلى زوجها، وأن يحسن صحبتهما، وأن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم وصى بأصهاره، فقال فيما رواه مسلم وغيره: إنكم ستفتحون أرض مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط، فإذا فتحتموها فاستوصوا بأهلها خيرا، فإن لهم ذمة ورحما. أو قال: ذمة وصهراً. فدل هذا على أن الإحسان إلى الأصهار مطلوب.
أما ما تجدينه من ضيق في صدرك تجاه أبيك بسبب إساءته، فهذا لا لوم عليك فيه إن شاء الله ما لم يترتب عليه عقوق أو إساءة، فإن الله سبحانه قد تجاوز لهذه الأمة ما حدثت به نفسها؛ كما جاء في الحديث الصحيح: إن الله تعالى تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل به. متفق عليه، بل وقد يكون هذا سببا في الأجر والثواب إن أنت جاهدت نفسك وكظمت غيظك تجاه تصرفات أبيك.
أما الواجب عليك تجاه ما بين أبيك وزوجك من مشاحنة فإنا نوصيك بما يلي:
1- حاولي ما استطعت الإصلاح بينهما وتذكيرهما بفضيلة إصلاح ذات البين وحرمة التقاطع والتدابر.
2- احذري أن تنقلي ما يكون من أحدهما من حديث يتضمن جرحا أو طعنا في الآخر، فإن هذا من النميمة المحرمة.
3- احرصي على أن تنقلي لكل منهما ما من شأنه أن يلطف الأجواء ويزيل الشحناء، ولو لم يحدث كأن تخبري أباك بحب زوجك له وثنائه عليه وحرصه على مودته وقربه، ولو كان هذا خلاف الحقيقة، ولا يعد هذا من الكذب المحرم ففي صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، فينمي خيرا، أو يقول خيرا. جاء في فتح الباري: قال الطبري: ذهبت طائفة إلى جواز الكذب لقصد الإصلاح وقالوا: إن الثلاث المذكورة كالمثال، وقالوا: الكذب المذموم إنما هو فيما فيه مضرة، أو ما ليس فيه مصلحة. انتهى.
للفائدة تراجع الفتاوى رقم: 43891، 49481، 51926.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1429(13/27)
من شق على أولاده فقد ضيع وصية الله فيهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 31 عاما مهندس كهرباء وكنت أعمل بإحدى دول الخليج ولكني الآن مستقر في مصر في نفس شركتي التي في الخليج في فرعها بمصر متزوج ولدي بنتان 2 سنة و10 شهور دخلي ولله الحمد ممتاز ولكني لا أمتلك شقة ولا سيارة أعيش في إيجار جديد ولكني حاليا أدفع قسطا لشقة تمليك سوف أستلمها إن شاء الرحمن بعد 4 سنوات وقسطها مع مصاريف حياتي العائلية يلتهم 90% من دخلي ويتبقي جزء أوفره في معظم الأحوال لإعانتي في المستقبل على مصاريف المدارس لأولادي ولكني أواجه مشكلة مع عائلتي حيث إنني الأخ الأكبر لبنت متزوجة ومعها ولد وبنت و3 أخوات أولاد طبيب و2 بالجامعة , والدي يعمل بالحكومة ووالدتي بالمعاش دخلهما جيد لمصاريفهم , وأنا أساعد في المصاريف الأساسية لإخوتي دائما ولكن في أيدي إخوتي ولكن المشكلة هي أن أهلي دائما ما يطلبون مني دفع مصاريف كثيرة أخرى ليست بالأساسية مثل مساعدتهم لشراء شقة تمليك لإخوتي ليتزوجوا بها ودفع مصاريف الحج لأبي مع العلم بأنني قد توليت حج أمي عندما كنت في السعودية وقبل الزواج ومصاريف أخرى كلها لأمور ليست أساسية في الحياة ودائما ما يسيئون معاملتي وإهانتي أنا وزوجتي إذا لم ألتزم بها ووصفي بالعاق وتذكيري "بأني ومالي ملك لأبي" فيا ويلي إذا قمت بزيارتهم ولم أشتر فاكهة أو أي شيء آخر وسيارة الشركة التي أستعملها هي دائما تاكسي العاصمة لحاجاتهم بالرغم من بعد سكني عن منزلهم حتى عندما يقررون زيارتي في منزلي فلابد أن أذهب لأحضرهم ثم أوصلهم بعد انتهاء الزيارة
مع العلم بأن أهلي لم يعلموني حتى الصلاة ولم يحاسبوني عليها بل دائما ما كان الضرب المبرح هو الروتين اليومي لأي شيء آخر ودائما ما اتهموني بالفشل وأني لن أنجح أبدا.
حياتي لا تطاق وأكثر ما أكره هو الآن وجودي في بلد واحدة معهم برجاء الإفادة!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أيها السائل الكريم أن بر الوالدين في المعروف من آكد الحقوق والواجبات وأعظم القربات، قال الله تعالى وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا {الأحقاف:15} وقال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوكِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا. {الإسراء: 23} . وعلى هذا فإنا نوصيك ببذل الجهد قدر المستطاع في البر بوالديك، واعلم أن رضا مولاك عنك في رضا والديك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخطه. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
ولكنا نؤكد على أنه لا يجوز للوالدين أن يتعسفا في استعمال هذه الحقوق بما يعنت الأولاد ويسبب لهم الضرر والمشقة، بحجة البر والإحسان إليهما فهذا غير جائز, بل هذا مما نهى عنه الشرع؛ لأن الله سبحانه كما وصى الأبناء بالآباء، كذلك وصى الآباء بالأبناء، قال سبحانه: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ. {النساء:11} ، قال السعدي رحمه الله: فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها فيستحقوا بذلك الوعيد والعقاب. انتهى. ولا شك أن من أعنت ولده وشق عليه فقد ضيع وصية الله فيه.
أما بخصوص الأمور المادية فإذا كان الوالدان بحاجة إلى المال وكان الولد غنيا، فإنه يجب عليه الإنفاق عليهما بالمعروف، ولكن أما وقد ذكرت أن والديك لديهما من المال ما يكفيهما، فلا يجب عليك حينئذ نفقتهما، ولكن إن أعطيتهما مع غناهما من المال ما يطيب خاطرهما فهو الأفضل، ولك –إن شاء الله - الأجر الجزيل والمثوبة العظيمة من الله جل وعلا، ولكن يبقى أن هذا على سبيل الندب والاستحباب لا على سبيل الحتم والإلزام، وأما ما تتطلع إليه نفوسهما من هدية بسيطة تدخل بها عليهما عند زيارتك لهما فينبغي لك أن تلبي رغبتهما في ذلك بالقدر الذي لا يعود عليك وعلى أولادك بالضرر.
أما نفقة من ذكرت من إخوتك البالغين فلا تجب عليك قطعا، ولا يجوز لوالديك أن يكرهاك على ذلك، إذ ليس هذا من حقوقهما، فإن الشرع قد حفظ الأموال لأصحابها، وجعلها معصومة مصونة لا تحل إلا برضا صاحبها وطيب نفسه، فقد قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وقد يتعلق بعض الآباء في مثل هذا التصرف بما رواه ابن ماجة وصححه الألباني من قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: أنت ومالُك لأبيك.
فالجواب أنه لا متعلَّق لهم بهذا الحديث وذلك لأن اللام في الحديث: ليست للملك بل للإباحة.
قال ابن القيم في"إعلام الموقعين": واللام في الحديث ليست للملك قطعاً، ومن يقول هي للإباحة أسعد بالحديث، وإلا تعطلت فائدته ودلالته. انتهى.
ومما يدل على أنها ليست للملك أن الابن يرثه أولاده وزوجته وأمه، فلو كان ماله ملكاً لوالده لم يأخذ المال غير الأب.
وليست الإباحة أيضا على إطلاقها، بل هي بشروط بيناها بالتفصيل في الفتوى رقم: 25339. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 54694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1429(13/28)
هل للأم حق في مال ابنتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنت ومالك لأبيك فما نصيب الأم من مال الابنة المتزوجة. هل من حقها إذا الأب متوفى. وما نصيبها الشرعي هل هو الربع كما للأب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث المشار إليه حديث صحيح عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كما قال أهل العلم؛ فقد رواه أبو داود وغيره وصححه غير واحد، وهو شامل للأبوين (الأم والأب) - كما قال العلماء- ووروده بلفظ الأب إنما هو من باب التغليب، وهو أسلوب معروف في اللغة، ولو قيل إن الأم لضعفها والوصية بها أولى من الأب لم يستبعد ذلك.
وكون مال الابن لأبويه ليس معناه أنه ملك لهما، ولكن معناه أنه مباح لهما عند الحاجة إليه؛ فاللام فيه للإباحة لا للتمليك؛لأن مال الولد له، وزكاته عليه، وهو موروث عنه. وراجعي فتوانا رقم: 110463.
وأما عن نصيب الأم من مال ابنتها فإن كنت تسألين عن نصيبها من تركة ابنتها بعد وفاتها فإنه يختلف باختلاف الورثة، فإذا لم يكن للبنت فرع وارث أو عدد من الإخوة اثنان فأكثر فإن نصيب الأم من تركتها الثلث، وإذا كان لها فرع أو عدد من الإخوة؛ فإن نصيبها السدس.
وإن كنت تسألين عن نصيبها من مال ابنتها في حياة الابنة فإنه غير محدد فهو بحسب حاجة الأم وبشرط أن لا يضر ذلك بالبنت.
وننبه إلى أن الربع ليس نصيبا لأحد من الأبوين على أي من التقديرين إلا في إحدى الغراوين وهي أن يموت المرء عن زوجة وأبوين فإن الأم في هذه الحالة يكون نصيبها ثلث ما يبقى بعد أخذ الزوجة نصيبها وهذا الثلث هو ربع التركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1429(13/29)
وسائل دفع أذية أم الزوج لكنتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة من 4 سنوات ولدي طفلان وأعيش مع زوجي في ألمانيا, وليس لدي أهل أو أقارب أو حتى أصدقاء هنا, منذ حوالي سنتين طلقت أم زوجي من زوجها, (وهو غير والد زوجي) وهي تسكن في ألمانيا أيضا ولكن في منطقة أخرى, وأتت وسكنت عندنا حوالي 5 أشهر, ثم انتقلت إلى منزل قريب منا (منزلنا صغير جداً والقوانين لا تسمح لها بالسكن معنا) ، وبعد ذلك بدأت بمضايقتي يوميا لدرجة أنها أصبحت تجرحني يوميا ببعض عيوبي الخلقية, حتى وصل بها الأمر أنها في يوم شتمتني بكلمات نابية يخجل الإنسان أن يذكرها واتهمت والدتي وجدتي المتوفاة بالسحر وهي لم تر أمي سوى 3 أو 4 مرات وحتى لا تعرف جدتي وعلى مسمع ومرأى من زوجي, ورفعت يدها لكي تضربني ولكن لم تستطع, مع العلم بأنني كنت حاملا في شهري التاسع (ولي سنتان ونصف لم أر أحدا من أهلي) , وبعد ولادتي لم تزرني أو تسأل عني, وهي الآن تطالب بدخول منزلي، فهل لها الحق أن تدخل منزلي قسراً وغصبا عني، مع العلم بأنها تؤذيني دائما وأن زوجي وابني الكبير يذهبان إليها باستمرار.. وأذكر أن زوجي شاهد على ما فعلت أمه بي وهو يؤكد ويعترف بغلطها, فأرجو إفادتي بالحكم الشرعي؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حقك على زوجك أن يوفر لك مسكناً مستقلاً خاصاً بك سيما إذا كنت تتأذين من وجود أمه أو غيرها معك، لكن لا يجوز لك منع أم زوجك من زيارة ابنها دون سكناها وإقامتها معك، وننصحك بالتغاضي عن هفواتها وزلاتها ومجازاة إساءتها إليك بالإحسان إكراماً لزوجك، ولعلها إذا رأت منك ذلك الخلق يتبدل بغضها لك حباً وجفاؤها لك قرباً، كما قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. {فصلت:34} .
ويمكنك مناقشة الأمر مع زوجك ليزورها هو حيث تقيم وينصحها بالكف عن أذيتك دون حق ويتولى بنفسه علاج المشكلة.
وللفائدة ننصحك بمراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 105259، 45000، 28543.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1429(13/30)
ادفع بالتي هي أحسن السيئة
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يبلغ من العمر 61 عاما قد أحيل على المعاش وكان منذ فترة يقف بجانب عمي الذي يعمل تاجرا وأبي وقف معه في ضائقة كثيرا وساعده بالمال وكان جزاء أبي أنه عندما أحيل على المعاش عمي أراد أن يحصل على كل شيء مع العلم أن عمي لم يسدد مبلغ 15000 جنيه وعندما أراد لم يطاوعه أخذ عمي يحرق دم أبي ويسبه ويرسل له جوابات عن طريق السكان ويحرق طبعا دم والدي وفي الخطابات كان يقول إن أبي سرقه وأنه..... فماذا يعمل والدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعله والدك من الوقوف إلى جانب عمك في ضائقته، لهو من صلة الرحم التي أمر الله بها، ومن عون المسلم وتنفيس كربته الذي ندب إليه الشرع، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ.... رواه مسلم في صحيحه.
وما ذكرتيه عن عمك ينافي ما ينبغي أن يكون المسلم عليه مع غيره، فضلاً عن كون ذلك مع أخيه الذي أحسن إليه، بل ينافي مقتضى الفطرة والطباع السليمة من مقابلة الإحسان بالإحسان، لكن ذلك لا يبرر مقاطعته، فلا يزال له حق القرابة، وفي صلته أجر كبير.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيؤونَ إِلَيَّ وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ فَقَالَ لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنْ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ. رواه مسلم.
أما ما يتعلق بما دفعه والدك إلى عمك من المال، فإن كان دفعه على سبيل التبرع والهبة، فإنه لا يحق له أن يطالبه به، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِي عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلاَّ الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ. . رواه الخمسة، وصححه الألباني في الإرواء.
أما إن كان دفعه إليه على سبيل القرض، فإنه يجب على عمك رده، إلا أن يكون معسراً فيجب إنظاره حتى يتيسر له الأداء، وأما إن كان دفعه على سبيل الشركة، فهو شريك له في التجارة بما اتفقا عليه.
وعلى كل حال فننصحكم بأن توسطوا بينهما بعض العقلاء، ليصلحوا بينهما، ويحكموا بما يتراضيا عليه من المال مع بعض التسامح والعفو.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1429(13/31)
حكم تفضيل البنات على الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأب الذي يميز في تعامله بين الذكور والإناث وذلك لمصلحة الإناث مادياً ومعنوياً وهذا نادر جداً - وذلك من حيث الزيارات - دعوات ولائم وعزائم - مساعدات مادية الخ. وهو يمن كثيراً على أبنائه الذكور بأنه قد رباهم ودرسهم وزوجهم مع العلم أنهم يعملون معه في أرضه ويجنون له ثمار التين ويساعدوه في جميع أعماله في ذلك الوقت وهو لا يمن على الإناث بذلك مع أنه رباهم ودرسهم ووظفهم وهو لا يستفيد من راتبهم بشيء وهو دائماً يعتبر بأن له من الحقوق ما لا يعد ولا يحصى على أبنائه الذكور وينسى حقوق أبنائه الذكور عليه ولديه مقولة بأن الابن عندما يصبح بعمر /18/ سنة ليس له أي حق على أبيه وهو يحترم أصهاره لدرجة تفضيلهم على أبنائه الذكور بحجة أن عرضه عندهم وأن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كان يقوم لأصهاره لمصافحتهم كما أن هذا الأب لا يقدم أي مساعدة لأبنائه الذكور في حال احتاجوا إلى تلك المساعدة مع أن أحواله المادية جيدة جداً أرجو منكم الإجابة وعدم إحالتي إلى فتاوى سابقة لا تمكن من نصح هذا الأب المستهتر بحقوق أبنائه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما لا شك فيه أن للوالد حقا عظيما على الولد، ولذا أوجب الشرع على الولد بر والده والإحسان إليه والحذر من عقوقه، ومهما حدث من الوالد من تقصير في حق ولده فلا يجوز لولده أن يسيء إليه أو يصفه بشيء من الأوصاف السيئة، فإن هذا من العقوق. قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23} . وفي المقابل ينبغي أن يعلم أنه لا يجوز للوالد استغلال ما منحه الله من حق على أولاده في ظلمهم أو التقصير في شيء من حقهم، ومن العدل بين الأولاد التسوية بينهم في العطية على الراجح من أقوال العلماء، فلا يجوز له تفضيل بعضهم على بعض لغير مسوغ شرعي. وينبغي أيضا أن يعدل بينهم في كل شيء حتى في الأمور المعنوية، فإن عدم التسوية بينهم قد يؤدي إلى وقوع التباغض بينهم، وربما كان مثل هذا التصرف دافعا للأولاد للوقوع في شيء من العقوق، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لبشير والد النعمان عندما أراد أن يفضله بينهم في العطية: أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذاً.
فالذي نرشدكم إليه هو الصبر على أبيكم ومناصحته في ضوء ما ذكرنا، ويمكنكم أن تستعينوا عليه ببعض من لهم وجاهة عنده.
وتحقيق هذا العدل المطلوب لا يتعارض مع كون الأب قد يحنو أكثر على الضعيف من أولاده، ومن ذلك حنوه على بناته لضعفهن فالتمسوا لأبيكم العذر في ذلك.
وبخصوص المساعدة للأبناء عند الحاجة فينبغي للوالد أن يساعدهم وهذا هو المعهود من الآباء عادة، وأما حكم النفقة على الكبار البالغين منهم القادرين على الكسب ففي هذه المسألة خلاف بين العلماء، وأكثرهم على عدم وجوب الإنفاق عليهم كما سبق بيانه بالفتوى رقم: 66857.
وينبغي لهؤلاء الأبناء أن يسعوا في طلب الرزق بدلا من البقاء عالة على أبيهم، وأما عمل الأبناء مع أبيهم فالأصل أنه تبرع ومساعدة منهم له، فلا يجوز لهم مطالبته بدفع الأجرة إلا إذا جرى الاتفاق على ذلك أو جرى العرف بذلك، فالمعروف عرفا كالمشروط شرطا. وعلى كل فإن أراد الأبناء مساعدة من أبيهم فينبغي أن يطلبوا منه ذلك بالحسنى.
وأما إكرام الرجل أصهاره فأمر حسن وفيه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شك أنه قد يكون أدعى لحصول العشرة بين الزوج وزوجته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1429(13/32)
كيف يجبر التقصير لمن كان له حق الصلة بعد موته
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت لي ابنة عم مريضة لمدة 3 إلى 4 سنوات, في البداية كنت أسأل عنها بالهاتف لأنها في مدينة بعيدة وكانت تحبني ثم في كل مرة كنت أتصل كنت أحس بأنها تكلمني بجفاء لا أدري لماذا فأتأخر في اتصالي القادم وهكذا حتى انقطعت الاتصالات, ثم أخبرت أن أمها أبعدتها عني. اليوم توفيت ولي تقريبا سنة لم أعدها, كيف أكفر عن ذنبي, حتى أني لا أستطيع الذهاب للجنازة لأنني في بلد آخر.
أرجوكم أفيدوني, والله أحبها وطالما دعوت لها ولكني أخاف من غضب ربي لعدم عيادتها ولا حتى بالهاتف وعدم مخاطبتي لعمي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله ورسوله بصلة الأرحام فقال تعالى: وَاتقوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ {النساء:1} .، وقال سبحانه: وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ {الرعد:21} ، وفي الحديث: من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه. رواه البخاري ومسلم.
وحذر سبحانه من قطيعة الرحم بقوله: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد: 22-23}
وأولاد الأعمام من الأرحام التي اختلف العلماء في حكم صلتها، وأقل أحوالها الندب والاستحباب المتأكد، أما العم فهو من الأرحام التي يجب صلتها ويحرم قطعها باتفاق العلماء، فكان عليك أيتها السائلة أن تحافظي على صلتك لعمك وأولاده، مهما وجدت منهم من جفاء أو إعراض، فقد قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري وغيره.
ولعل ما ظهر من ابنة عمك من جفاء وإعراض إنما كان سببه ما ذكرت من مرضها المتواصل، فإن المرض يقلق النفوس ويضيق الصدور، فكان عليك أن تلتمسي لها الأعذار وتواظبي على السؤال عنها ومواساتها في مرضها ولو بالهاتف، فقد ورد في السنة الأجر العظيم لمن يعود المرضى، ففي صحيح مسلم: من عاد مريضا لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع. وروى الترمذي وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد: أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا. حسنه الألباني. بل إن عيادة المريض تعتبر حقا للمسلم ينبغي أن يوفى له، ففي الحديث المتفق عليه: حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس.
أما ما تسألين عنه من كيفية التكفير عن هذه السيئات، فإنما يكون بالتوبة والاستغفار، ثم بالقيام بحق الأرحام من صلة وإحسان، ويكفي في ذلك السؤال عنهم بالهاتف والرسائل ونحوها طالما أنهم مسافرون.
أما بخصوص ابنة عمك – رحمها الله – فيستحب لك أن تكثري من الاستغفار لها والدعاء لها بالعفو والصفح عن الزلات، والتجاوز عن الهفوات، ولو أمكنك أن تتصدقي عنها فإن ذلك مما ينفعها بإذن الله، بل إنها تفرح بهذا في قبرها، وسيكون ذلك بإذن الله من أسباب تكفير سيئاتها ورفع درجاتها، فقد أجمع أهل العلم على أن الصدقة والدعاء يصل إلى الميت نفعهما، وقد ذكر مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن المبارك أنه قال: ليس في الصدقة خلاف.
فإن فعلت فعسى أن يكون هذا جبرا لما كان منك من تقصير في حقها حال الحياة.
للفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية:: 30325، 13685، 8246.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1429(13/33)
حرمة العقوق لأجل المفاضلة في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم أن توضحوا لي حكم الشرع والدين والأخلاق في السؤال التالي: والد زوجي باع أرضاً بمبلغ جيد جداً ولم يعدل بعطيته لأولاده أعطى واحداً منهم حوالي الثمانية آلاف ليكمل بناء منزله وقرر أن يعطي البقية من 200 دينار، مع العلم بأن زوجي الذي هو ابنه وهو الأكبر وضعه المادي على قدر الحال ولم نستطيع إلى الآن شراء منزل أو بناء منزل حتى، بحجة أنه علمه في الجامعة وصرف عليه ولكن حتى الآن لم يعمل بشهادته والتي مننه بها طوال سنوات طويلة وأن إخوته لم يكملوا التعليم وهذا كان برغبة إخوته بعدم تكميل تعليمهم، مع العلم أيضا أنه ساعد أحد إخوة زوجي في بناء منزل أثناءها كنا نسكن معهم وهذا منذ فترة طويلة ولكننا الآن نسكن وحدنا منذ زمن وندفع الإيجارات منذ 10 سنوات ولم ينظر لنا، علما أن والده لديه الكثير من الأراضي، وبهذا التصرف لحماي وضع الحقد والخصام في قلب زوجي ولم يعد يريد التحدث مع والده أو حتى إخوته الذين رضوا بهذه التفرقة، فما هو الحل لهذه المشكلة وما حكم الشرع والدين والأخلاق التي تترتب على والد زوجي من تلك التفرقة وعدم العدل، وللعلم زوجي جداً طيب وكريم جداً ويحب كل أهله والناس ولم يقصر أبداً بأهله رغم وضعه المادي العادي والحمد لله، فأنا في حيرة من أمري فماذا أفعل لحل هذه المشكلة والتفرقة بين زوجي وأهله وأنا منذ تكل المشكلة لم أتكلم معهم لأنني متفاجئه من تصرف حماي. فأرجو الإفادة وتوضيح رأي الدين والشرع والأخلاق؟ وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم.. وقد اختلف العلماء في حكم التسوية بين الأولاد في العطية، فذهب جمهور العلماء إلى استحباب التسوية، فإن فضل بعضاً كان مكروهاً، وذهب الحنابلة إلى وجوب التسوية إذا لم يختص أحدهم بمعنى يبيح التفضيل كمرض، أو الانشغال بطلب العلم دون غيره أو كثرة عياله أو نحو ذلك، وإذا فضل أحداً بدون سبب فإن ذلك حرام ويجب عليه الرجوع أو العدل للآخرين، وقد ثبت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى المفاضلة جوراً، قال ابن قدامة: وهو دليل على التحريم لأنه سماه جوراً، وأمر برده وامتنع من الشهادة عليه، والجور حرام، والأمر يقتضي الوجوب لأن تفضيل بعضهم يورث بينهم العداوة والبغضاء وقطيعة الرحم.
وأما أنه أنفق على أحدهم للتعليم، فهذا لا يستدعي المفاضلة في الهبة لما قدمناه ولا يستلزم ذلك المساواة، فقد يحتاج أحدهم في النفقة أكثر من الآخر، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 111358، 107734، 106428، 104031.
ولكن إذا فاضل الأب بين الأولاد فلا يكون ذلك سبباً للولد لعقوق أبيه وترك مكالمته، بل الواجب عليه البر لوالده، والإحسان إليه ومحاولة التماس العذر له، وغالباً ما يفعل الأب ذلك جهلاً منه بالحكم الشرعي، والأب له على ابنه عظيم الفضل مهما أساء إليه، وإن كان الأب قد فضل بعض بنيه على بعضٍ من غير مسوغ شرعاً فينبغي أن يبين له الحكم الشرعي بحكمة ورفق، فإن استجاب لذلك فهو خير، وإن لم يستجب فلا تجوز للابن مقاطعته، بل يجب الإحسان إليه والبر به، قال الله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} ، فإذا كان بذل المعروف إليهما مطلوباً شرعاً مع شركهما ودعوتهما للشرك فمن باب أولى مصاحبة المسلم المقصر بالمعروف، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 50959.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1429(13/34)
الحد الأدنى للصلة بين الأقارب
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق لديه مشكلة تتعلق بصلة رحمه حيث إن العلاقة بين زوجته وأخته وأبيه سيئة مع العلم أن الأخت محبوبة من الجميع بينما الزوجة غير مرغوب فيها من كثيرين , وقد رفضت الزوجة الذهاب لعرس أخته خوفا من أن تهمش أو يساء إلى كرامتها من الجميع ,فما هو دور الرجل اتجاه زوجته مراعاة لحقها ومراعاة لصلة رحمه. هذا ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله سبحانه بصلة الأرحام فقال سبحانه: وَاتقوا اللهَ الذِي تَسَاءَلونَ بِهِ وَالأرحَامَ {النساء: 1} ، وقال سبحانه: وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ {الرعد:21} ، وفي الحديث: من سره أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره، فليصل رحمه. رواه البخاري ومسلم.
وبما أن الشارع لم يبين مقدار صلة الرحم ولا جنسها، فالرجوع فيها إلى العرف، فما تعارف الناس عليه أنه صلة فهو الصلة، وما تعارفوا عليه أنه قطيعة فهو القطيعة.، قال ابن تيمية رحمه الله: فما له حد في الشرع أو اللغة رجع في ذلك إليهما، وما ليس له حد فيهما رجع فيه إلى العرف. انتهى من الفتاوى الكبرى.
فعلى صديقك أن يقوم بصلة أهله ويبذل ما وسعه في تحقيق ذلك.
وأما بالنسبة لما ذكرت من مشاحنات وخلافات بين زوجته وأهله، فالواجب عليه أن يقوم بالقسط في المعاملة بينهم، فيأمر زوجته بصلة أرحامه والتواصل معهم في حدود الضوابط الشرعية، وكذلك يرغب أهله في الإحسان إلى زوجته ويكف أذاهم عنها إن وجد.
وعليه أن يكون حكيما في ذلك بصيرا بأسباب المشكلات، فلو كانت الخلطة الزائدة من أسباب المشكلات فعليه مراعاة ذلك بأن يقلل تلك الخلطة، فيجعل الخلطة بالقدر الذي يحقق الصلة والبر من ناحية، ويمنع المشكلات من ناحية أخرى، ولو كان الجفاء والعزلة هما سبب المشكلات فعليه أن يعمل على زيادة التواصل والتزاور حتى يزول ما في النفوس.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 44581، 47400، 99222، 66237.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1429(13/35)
شروط جواز أخذ الأب من مال الابن
[السُّؤَالُ]
ـ[أبلغ من العمر30 عاما متزوج وعندي طفل وأعمل في إحدى دول الخليج منذ ثلاث سنوات، هل المال الذي أحصل عليه ملك لأبي (أنت ومالك لأبيك) أم لإخوتي؟ وهل إذا أردت أن تكون لي حياة مستقلة يكون هذا منافيا لتعاليم الإسلام؟ وأريد أن أعلم ما علي من واجبات تجاه والدي ووالدتي وإخوتي مع العلم أنهم ميسوروا الحال وما زالوا شبابا ومتزوجون وعددهم اثنان أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تحصل عليه من مال من عملك أو غيره هو ملك لك لا لأبيك ولا لإخوتك، ولك التصرف فيه في أوجه الحلال كما تشاء، وللأب أن يأخذ من مال ابنه ما كان محتاجا إليه كنفقه ونحوها، وأما الأخوان فليس لهما من مال أخيهم إلا ما أعطاهم إياه عن طيب نفس منه.
وأما الحديث المشار إليه وهو قوله صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك.
فقد رواه ابن ماجه قال في الزوائد إسناد صحيح ورجاله ثقات على شرط البخاري وله طرق وشواهد يصح بها.
واللام فيه ليست للملك بل للإباحة كما قال ابن القيم، ومما يدل على أنها ليست للملك أن الابن يرثه أولاده وزوجته وأمه، فلو كان ماله ملكا لوالده لم يأخذ المال غير الأب وليست الإباحة على إطلاقها بل هي بشروط أربعة:
ألا يكون في أخذه ضرر على الابن،
وألا تتعلق بما يأخذه حاجة الابن،
وألا يأخذ من مال ابنه ليعطي غيره من أولاده،
وألا يأخذ من مال ابنه إلا ما كان بحاجة إليه.
وأما واجبك تجاه والديك فهو البر بهما وهذا شامل لكل أنواع الإحسان من النفقة وغيرها،
وأما إخوانك فحق عليك صلتهم بما جرى به العرف أنه صلة، وينبغي أن تحسن إليهم ما استطعت.
ولمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1569، 25339، 1841، 58374.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1429(13/36)
الموازنة بين حقوق الزوجة والأولاد وحقوق الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا اقترضت الأم من ابنها مبلغا ماليا كبيرا على أساس أنه دين سوف ترده, ووافقت زوجة الابن على ذلك ولكنها اشترطت رد الأموال بعد فترة، علما بأن الزوجة تعمل وتترك كل مرتبها للبيت، وعلما بأن القرض كان لشراء سيارة فخمة وكان ممكنا شراء سيارة عادية بدون أخذ القرض، هل يجوز للزوج أن يتنازل لوالدته عن هذا المبلغ الكبير؟ وأين حق الزوجة والأولاد فى هذا المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحق للزوجة منع زوجها من إقراض أمه من ماله الخاص، ما لم يضر هذا القرض بها أو بأولادها فيما هو واجب على الزوج تجاههم، وأما بالنسبة لمطالبة الولد أمه بسداد هذا الدين، فيجوز له ذلك إذا كانت الوالدة موسرة، والأفضل له ترك المطالبة، بل إن أسقط الدين بالكلية فهذا من البر المطلوب شرعاً ما لم يضر ذلك بزوجته وأولاده، فإن من حق الوالدين على ولدهما أن يبرهما ويبالغ في الاهتمام بهما، غير أن هذا الاهتمام يجب أن لا يؤدي إلى التفريط في حق آخر أوجبه الله عليه كحق الزوجة والأبناء، بل الواجب عليه أن يعطي كل ذي حق حقه، فللوالدين حقهم في البر والإحسان، وللزوجة حقها في العشرة والنفقة بالمعروف، ولا يجوز ظلم أحد الطرفين على حساب الآخر، وإنما يؤدي إلى كل ذي حق حقه، ويوازن بين الحقوق والواجبات، وإن كان حق الأم مقدما على حق الزوجة عند التعارض، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24375، 32022، 108725، 68537.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1429(13/37)
الأب الذي يريد أن يأخذ مال ابنه الذي أعده للزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أريد خطبة فتاة أحسبها عند الله ذات خلق ودين وأبي لا يوافق لأسبابه الشخصية ويتوعدني بأنه سيخرب علي لأني لم أعطه المال الذي سأخطب به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت الفتاة ذات خلق ودين فلا يجوز لأبيك أن يمنعك منها لمجرد أنك لم تعطه المال الذي تريد أن تتزوج به وإن منعك لهذا ونحوه مما لا يعتبر مسوغاً للمنع، فلا تجب عليك طاعته، ولكن ينبغي أن تسعى في إقناعه ولا تتجاسر على أمر يغضبه ما لم يترتب عليك ضرر في ترك هذه المرأة.
وتراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 105484، 1249، 7490، 25879، 93194.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1429(13/38)
حكم تحديد العلاقة مع الوالد لغرض منع الضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي تركنا أنا وأختي عندما كنا 4سنوات مع أمي وسافر خارجا ولم نره مدة 15عاما, حتى لم يبعث أي مساعدة مادية, أو حتى سؤال كل هذه الفترة كان مشغولا بأعماله والنساء والزنا بهن (العياذ بالله) تزوجت الآن برجل أجنبي أسلم منذ 10سنوات وعندنا طفل الآن (الحمدلله) وأنا في ذات البلد مع أبي, لا يتصل إلا إذا كان يريد مالا! وإذا جلسنا سويا, حديثه كله عن الجنس وعلاقاته العاطفية والجنسية وأشياء سيئة جدا مع العلم أن لديه عشيقة أجنبية وهم سويا منذ وقت ويرفض تركها, ليس عنده أي حدود في الحديث معي أو مع زوجي! وأنا لا أريد مشاكل فاولله لقد سبب لي مشاكل وصلت أن دخلت المستشفى بسببه, فقد حدث لي انهيار عصبي بسببه, أنا الآن خائفة أن يؤثر على زواجي وعلى طفلي الذي لم يتجاوز السنة! أدعو له بالهداية دائما ولكن لم أعد أستطيع احتماله, فأنا لا أشعر أنه أبي أبدا, وأنا فعلا خائفة على ابني وزوجي منه! ماذا أفعل وهل يعاقبني الله إذا قطعت علاقتي به نهائيا. وهل يجوز أن ينكح أمي, فهو يحاول كثيرا معها, ليس لأنه يحبها, بل لأنه مجنون جنسيا! وهو هجر أمي منذ17عاما, فهل يجوز أن ينكحها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يهدي والدك وأن يأخذ بناصيته إلى طريق الهدى والرشاد, وأن يقيه شر نفسه وشيطانه.
واعلمي أيتها السائلة أن البر بأبيك - مع ما ذكرت من حاله- واجب عليك, فإن حقوق الوالدين عظيمة، فقد قرنها الله تبارك وتعالى بعبادته، فقال جل وعلا: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً. {النساء: من الآية36} .
وأمر الله بالإحسان إليهما ومصاحبتهما بالمعروف حتى ولو كانا كافرين يدعوان ولدهما إلى الشرك بالله والكفر به، فقال سبحانه: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:15} .
وقال صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه الترمذي , وصححه الألباني.
وقال عليه الصلاة والسلام: رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة. رواه الترمذي وصححه الألباني.
فلا يجوز لك بحال من الأحوال أن تهجريه أو تقاطعيه بل حقه عليك هو المصاحبة بالمعروف في كل الأحوال، ولا شك أن الوالد أوقع نفسه في جملة من المحظورات والمحرمات – حسبما ذكرت – وأول هذه المحظورات هو تضييع أولاده وإهدار حقوقهم وترك الإنفاق عليهم, وكفى بهذا إثما ومعصية. جاء في سنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. وحسنه الألباني.
ثم ما ذكرت من إسرافه على نفسه وتضييعه لحقوق الله, وتعديه لحدوده خصوصا في أمر الأعراض وفعل الفواحش, وما دام قد سبب لك ما سبب من أذى ومرض, وما دمت تخافين على نفسك وأسرتك من شره, فلا مانع من أن تقتصري في علاقتك معه على القدر الذي لا يسبب لك الضرر في دينك أو دنياك, وذلك كأن تتواصلي معه بالهاتف مثلا أو تقابليه في وجود زوجك في مكان بعيد عن البيت والأولاد مقابلة سريعة وتعتذري بأنك ستذهبين لرؤية الأولاد ونحو ذلك من الأعذار.
وحتى تخرجي نفسك من الحرج فمن الممكن أن يتولى زوجك هذا القرار. وقد نص الشافعية والحنابلة على أن الزوج له أن يمنع زوجته من زيارة والديها، ويلزمها طاعته، فلا تخرج إليهما إلا بإذنه، لكن ليس له أن يمنعها من كلامهما ولا من زيارتهما لها، إلا أن يخشى ضررا بزيارتهما، فيمنعهما دفعا للضرر.
أما بالنسبة لمعاشرته لأمك فطالما أن عقد النكاح ما زال قائما فحقه في المعاشرة قائم, ولا يجوز منعه منه، ومجرد الانفصال عن الزوجة وهجرها ولو طال لا يعتبر طلاقا ولكن لها الحق في طلب الطلاق منه نظرا للضرر الواقع عليها من البقاء معه, ولا سيما إذا كان لا يصلي، فقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى كفره في هذه الحالة وأنه لا يحل للمرأة البقاء معه، فإن لم يرض بالطلاق فلها أن ترفع أمرها إلى أحد المراكز الإسلامية ليمكنها من التخلص منه ويرفع عنها الضرر، فإن لم تجد ذلك فلها تفتدي منه بالمال وهو ما يعرف بالخلع.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2674 , 104492 , 101140.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1429(13/39)
قابل جفاء والديك بالصبر والإحسان إليهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا يا سيدي الفاضل ابن بار بوالديه ومع ذلك أقابل من طرفهم بكل جحود، فمثلا أمس دخلت إلى المستشفى لعمل عملية خطيرة وأعلمتهم بها قبل دخولي المستشفى مباشرة, ومع ذلك لم يأتيا حتى لزيارتي مع العلم بتمتعهم بكامل الصحة, وأيضا يجاملون كل الناس في جميع المناسبات. فماذا أفعل في وضعي المحرج أمام زوجتي وأبنائي على الأقل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على برك بوالديك، وثبتك على هذه الطاعة وجعلها في ميزان حسناتك يوم تلقاه.
وفي الحقيقة أنه قد كثر الكلام واستفاض – بحمد الله – على حقوق الآباء على أبنائهم، وهي حقوق عظيمة، جدير أن يكثر التذكير بها، ولكن لا يفوتنا في ذات الوقت أن نذكر بحقوق الأبناء على آبائهم، فكما أن للآباء حقوقا كذلك لأبنائهم حقوق عليهم، وإن كنا لا ننازع في أن حقوق الآباء أعظم وآكد، وحقوق الأبناء تبدأ من وقت زواج الأب فيجب عليه أن يتزوج بامرأة صالحة تعينه على أمر دينه وعلى تربية أولاده تربية مستقيمة، ثم بعد ولادة الطفل فحقه أن يسميه أبوه تسمية حسنة، ثم له حق النفقة من طعام وشراب وكسوة ودواء وغير ذلك وهو حق متأكد ليس للوالد أن يضيعه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لهند لما اشتكت إليه بخل أبي سفيان: خذى ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه.
جاء في منح الجليل شرح مختصر خليل: ويحبس الأب إذا امتنع من النفقة على ولده الصغير لأنه يضرهم ويقتلهم.
ثم الإحسان إلى الأولاد في المعاملة، والعدل بينهم في العطية، وتربيتهم وتعليمهم أمور دينهم، ووقايتهم من عذاب الله، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم:6} .
هذه بعض الحقوق ومنها يتبين أن الذي يفعله والداك – سامحهم الله – معك إنما هو تقصير وقطع لما أمر الله به أن يوصل وتفريط في الحقوق والواجبات عليهم، وهم لا شك مسئولون أمام الله سبحانه عن ارتكاب هذه المحظورات الشرعية من قطع للرحم وتضييع لحق الولد والأحفاد.
ولكن هذا لا يبرر لك هجرهم أو مقاطعتهم أو محاولة المعاملة بالمثل لأن حق الوالدين – خصوصا الأم – عظيم، فينبغي أن تؤدي ماعليك من حقوقهم، وتحتسب عند الله حقوقك، ولن يضيع الله صبرك وإحسانك.
فصل والديك وواصل برهما والإحسان إليهما، وأعلم أولادك وزوجتك بأهمية القيام بحق الوالدين على كل حال، وأن برهما لا يسقط ولو قصرا في حق الولد.
للفائدة راجع الفتاوى رقم: 27021، 30170، 15008.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1429(13/40)
حاول إقناع والديك بالموافقة على الزواج من الفتاة التي تميل إليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 27 سنة ذو خلق ودين, وقد تعرفت على فتاة ذات خلق ودين ومنذ 3 سنوات أحببتها, وكانت نيتي الزواج منها من البداية بالرغم من علمي بمعارضة أهلنا بسبب اختلاف العادات والتقاليد والمستوى الاجتماعي بين العائلتين فهي من مستوى أرفع، ولكن حبنا في الله وشدة تفاهمنا حال دون أن يفرق بيننا على أمل أن يغير الله الأحوال ويهدي أهلنا للموافقة على زواجنا, وقد تقدمت لخطبتها من أخيها منذ أشهر بالرغم من رفض والدي، ولكن رفضني أهلها بطريقة مهينة بعض الشيء فقمت وقتها بخطبة فتاة أخرى ذات خلق ودين من العائلة إرضاء لوالدي وغضبا مني من رد فعل عائلة الفتاة التي أريدها ويأساً من موافقتهم يوما, وحاولت إقناع نفسي بالرضا بالأمر الواقع وأنه قدر الله وأوهمت نفسي بأنني سوف أحبها مع الوقت، ولكنني فشلت في ذلك بعد أشهر اكتشفت أنني أكذب على نفسي, فأنا لا أريد سوى الأخرى فعندما أجلس مع خطيبتي أتخيل الأخرى وندمت على تهوري بخطبة فتاة أخرى، والآن أنا حائر لا أعرف كيف أتصرف أريد فسخ الخطوبة, ولكن هذا سوف ينجر عنه مشاكل في العائلة وغضب علي من طرف والدي وخاصة والدي؛ ويهددني بأني إن فعلت ذلك بأن يقطعني ويحرمني من الميراث ولن يقف معي في خطبة الفتاة الأخرى؛ بدعوى إن تزوجت منها سوف أسكن بعيداً عنهم في مدينة أخرى أي التي تقطن فيها تلك الفتاة التي أريدها، مع العلم بأنني أقيم وأعمل في تلك المدينة منذ 5 سنوات والتي تبعد عن منطقتنا ساعة زمن بالسيارة ولن أستطيع أن أعود للعيش في منطقتنا، فهل يعتبر هذا عقوقا للوالدين إن تشبثت برأيي وقمت بفسخ الخطوبة وتحدي أهلي وتقدمي ثانية لخطبة تلك الفتاة التي أريدها دون موافقتهم؟ مع العلم بأنني غير ضامن موافقة أهلها في هذه المرة أيضا, ولكنها وعدتني بأن تحاول جاهدة إقناعهما بزواجنا فأنا حائر وأخاف أن أخسر أهلي والفتاة التي أريدها بإصرار أهلها على عدم الموافقة وأن أكون ظالما كذلك لخطيبتي الحالية التي تعمل جاهدة على إرضائي بتركها دون سبب، فأرجو منكم إرشادي بما يحبه الله ورسوله والدعاء لي بتيسير أمور زواجي بالفتاة التي أريدها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوجود والديك على قيد الحياة نعمة تستوجب الشكر وفرصة تغتنم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو أحفظه. رواه الترمذي. وصححه الألباني، وقال عليه الصلاة والسلام: رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وقد أمر الله بالإحسان إليه لا سيما وقت الكبر بقوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} .
وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك ثم الأقرب فالأقرب. حنسه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
فحاول أخي أن تقنع والديك بالموافقة على هذه الفتاة الملتزمة نظراً لتحريض الرسول صلى الله عليه وسلم على الزواج بذات الدين، وتقديم معيار الدين على جميع المعايير الأخرى، كما في حديث الصحيحين: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك.
فإن لم يقتنعا فلا شك أن إرضاءهما أولى وآكد.
وإن كان لنا من نصيحة في هذا المقام فإنا ننصحك بالنزول على رغبة والدك وترك هذه الفتاة وذلك لما يلي:
أولاً: أنك ذكرت أن هناك فوارق اجتماعية بينكما وهذه الفوارق تعرض الاستقرار الأسري غالباً للانهيار.، ونظراً لضعف الدين في هذه الأزمان فإنه ينصح الرجل ألا يتزوج بمن هي أعلى منه في أمور الدنيا، لأن ذلك ربما أدى في المستقبل إلى تعاليها أو تعالي أهلها عليه وانتقاصهم له فلا تستقيم الحياة الزوجية حينئذ.
ثانياً: أنه قد سبق لك التقدم إلى أهلها وقابلوك بالرفض وأنت لست على يقين هذه المرة أنهم غيروا أراءهم فلا داعي للمغامرة بعلاقتك بأهلك من أجل أمر مظنون..
أما بالنسبة للفتاة التي خطبتها ولا تستريح نفسك لها كما تقول: فإن الأمر أمامك واسع فأمر الخطوبة ليس ملزماً ويمكن فسخه دون حرج طالما وجدت الأسباب، فإن ضاقت نفسك بها وخفت أن تظلمها ولا توفيها حقها فلك أن تتركها من الآن وأن تبحث عن امرأة تستريح لها، يسر الله تعالى أمرك وشرح صدرك.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 37886، والفتوى رقم: 18399.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1429(13/41)
حكم وضع الوالدين في دور المسنين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم وضع الوالدين في دور المسنين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز وضع الوالدين أو أحدهما في دور المسنين إلا إذا كان هذا برضاه وإذنه ورغبته، وبشرط أن لا يكون هذا الإذن بسبب الاضطرار من سوء معاملة الابن مثلا، فإن إذنه عندئذ لا يجدي شيئا. ولكن يكون ذلك بعذر يقبله الوالد كأن يكون الابن مضطرا للسفر، ولا يستطيع أن يترك والديه أو أحدهما بلا راع ولا من يقوم بشئونه، وهو يعلم أن والده لا يغضب لذلك، فيستأذنه فيأذن له، مع التأكد من أن الدار التي ستستضيفه ستقوم بخدمته ورعايته على وجه لائق.
فقد عظَّم الإسلام حق الوالدين، وقرنه بأعظم الحقوق: حق الله تعالى، ولم يرض لهما دون مقام الإحسان.
قال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36}
وقال: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الأنعام:151} .
وقد أمر الله تعالى بالتواضع والذل للوالدين، ونهى عن أدنى درجات الإيذاء لهما ولو بقول أف، لا سيما حين يكبران ويحتاجان لرعاية أبنائهما، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23، 24} .
وأمر سبحانه بشكرهما وصحبتهما بالمعروف حتى ولو كفرا بالله تعالى.
قال عز وجل: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:14،15}
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم برهما من أفضل الأعمال، حتى قدمه على الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا. قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ. قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله. رواه البخاري، ومسلم.
وأَقْبَلَ رَجُلٌ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ أَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنْ اللَّهِ. قَالَ: فَهَلْ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ بَلْ كِلَاهُمَا. قَالَ: فَتَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنْ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا. رواه البخاري، ومسلم. واللفظ له.
وقرن بين الكبيرة المخلدة لصاحبها في النار ـ الشرك بالله ـ وبين عقوق الوالدين، فقال صلى الله عليه وسلم: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ. رواه البخاري، ومسلم.
وإن كان الحامل على وضعهما في دار للمسنين هو سوء معاملتهما لأبنائهما، فإنه لا يجوز أيضا إذ هذا لا يسوغ عقوقهما، ولا يضيع حقوقهما، كيف وقد أمر الله بصحبتهما بالمعروف وإن كفرا واجتهدا في إيقاع الأبناء في الشرك بالله تعالى، كما قال عز وجل: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}
وعَنْ مُعَاذٍ قَالَ: أَوْصَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشْرِ كَلِمَاتٍ قَالَ: لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُتِلْتَ وَحُرِّقْتَ، وَلَا تَعُقَّنَّ وَالِدَيْكَ وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ" الحديث. رواه أحمد، وحسنه الألباني.
ومما لا يخفى أن أحدا لا يحب أن يضعه أبناؤه في دار للمسنين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى. رواه مسلم.
قال النووي: قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاس الَّذِي يَجِب أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ) هَذَا مِنْ جَوَامِع كَلِمِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَدِيع حِكَمه، وَهَذِهِ قَاعِدَة مُهِمَّة فَيَنْبَغِي الِاعْتِنَاء بِهَا، وَأَنَّ الْإِنْسَان يَلْزَم أَلَّا يَفْعَل مَعَ النَّاس إِلَّا مَا يُحِبّ أَنْ يَفْعَلُوهُ مَعَهُ. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1429(13/42)
حكم تدخل الأب في شئون أولاده الخاصة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج وعمري 37 عاما وأبي يريد أن يتدخل في شؤوني أنا وزوجتي بالشكل الذي يظهرني ضعيفا أمام زوجتي، وغالبا ما يسب أبي أصهاري أمام زوجتي ويريدني أن أخبره بكل صغيرة وكبيرة تحدث في حياتي مع العلم أنني وزوجتي نقيم في دولة غير التي يقيم فيها والدي، وأنا أرفض بشكل قاطع أن يتدخل أي شخص في حياتي أو قراراتي مع العلم أنني أحب أبي كثيرا ولكنني أرفض تدخله الجارح في حياتي فهل أنا عاق له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحق للوالد أن يتدخل في شؤون ولده المتعلقة بحياته الخاصة التي لا علاقة لها بالأب؛ إلا على سبيل النصح والتوجيه إن وجد منه تقصيرا أو خللا.
وما يفعله هذا الوالد من سب أصهار ولده أمام زوجته بل وفي غيبتها لا يجوز، كما لا يحق للأب أن يطلب من ابنه أن يخبره عن كل صغيرة وكبيرة في حياته، وإذا امتنع من ذلك فلا يعتبر عاقا، لكن ينبغي أن يترفق به ويتحاشى ما يغضبه.
والذي ننصح به السائل الكريم أن يُعرِّض في الكلام إذا سأله أبوه، وإن استطاع أن لا يجعل هناك مجالا للسؤال في بعض المواقف فذلك حسن وخير، وقد ثبت في الحديث: إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب.
وليس في كتمان أمر بيتك عن والدك عقوق.
كما ننصحه أن يذكر والده بحرمة أعراض المسلمين وخطورة أذيتهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1429(13/43)
لا تتدخوا في الأمر إلا بإذن والدكم
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص مدين لأبي بمبلغ من المال ورفض سداده وطلب منا الوالد عدم التدخل, فوالدي رجل مسالم ويتقى الله واحتسب هذا المال عند الله فهل يجوز لي ولإخوتي استعادة هذا المال بأية طريقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لكم اتخاذ قرار في هذا الشأن إلا بموافقة والدكم؛ لأنه أعلم بالموقف؛ ولأن هذا الدين ماله هو, وهو رشيد عاقل يتصرف بما يرى فيه الخير، وقد يحتسب المبلغ في ميزان حسناته أو لا يطلبه حياء، والحياء شعبة من الإيمان. فدعوا والدكم أو استأذنوه فيما تريدون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1429(13/44)
حكم كره البنت لأبيها مع طاعتها له
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت بنت كويسة وطيبة وأخلاقي عالية وعلاقتي بربنا ممتازة, بدأت أعمل ذنبا وكنت أعمله غصبا عني, بدأت أكره نفسي وأغضب منها وواحدة واحدة أخلاقي بقيت في نظري سيئة, والسبب الرئيس فيما أنا فيه هو أهلي, وأصبحت دائما أراهم سيئين جدا وغير قادرة على التعامل معهم نهائيا, الأول: أبي أصبحت أكرهه جدا ولا أطيق رؤيته, لأنه دائما يقول: لا أريدكم لا أحبكم ويهيننا ويذلنا لأنه يعطينا الفلوس ويشعرنا أنه متحكم فينا لو أحد تكلم سيغادر البيت ويتركنا ولن نجد ما نأكله, وبخيل معنا يعطينا الفلوس لكن بالتحايل وبالخناق, ونحس أننا نشحذ منه ... والثاني: أمي طبعا عصبية جدا من العيشة وتتحامل علينا جدا وخصوصا أنا؛ لأني مطيعة وما كنت أقول لا في أي حاجة, والآن أنا لا أطيقهم وأكرههم جدا ولا أرغب في العيش معهم بالرغم أني مخطوبة وأحب خطيبي, ولكن بسبب ما أراه أصبحت لا أريده, وخائفة منه رغم أني أعيش هكذا من زمان لكن شعوري هذا زاد الآن وأصبحت لا أتحمل ... والذي يزيد من تعبي أني خائفة من ربنا أن أخرج من الدنيا وعلي تبعات بعد كل هذا الذل الذي أعيشه وأن أدخل النار بسبب أمي وأبي ... أنا الآن أنفعل ولا أقدر على التحكم في نفسي وخائفة أن يغضبوا علي في الآخر وأعيش تعبانة في الدنيا والآخرة, وأنا أصلا من الناس الذين ابتلاهم ربنا بالمرض دائما فلا أستطيع عمل الكثير يعنى ضعيفة وفي حالي,
أنا تعبانة جدا وحالتى النفسية سيئة جدا وأفكر في الموت كثيرا وخائفة من حدوث أي شيء مني يغضب الله,
أنا أحب ربنا جدا وخائفة منه جدا لكني غير قادرة على الفهم والتصرف وكيف أصبحت أكرههم؟
أنا أعتذر للشيخ الذي سيقرأ الرسالة لكني محتاجة أحدا عنده علم أتكلم معه؛ لأني حتى ليس عندي صديقات ولا أي أحد أتكلم معه.
أرجوك لا تنزعج من رسالتي وقل لي: حرام أني أكون أكرههم لكن أسمع كلامهم قدر استطاعتي وصحتي أم لا؟
وشكرا لسعة صدركم وجزاكم الله عني خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر لك حرصك على طاعة ربك وخوفك منه وحذرك من الوقوع فيما يغضبه.
وإذا لم يتعد الأمر كرهك بقلبك لما قد يصدر من والديك من تصرفات غير حميدة فلا حرج عليك في ذلك، ولكن لا يجوز أن يتعدى الأمر إلى إظهار شيء من السخط عليهما ولو بالتأفيف أو تقطيب الوجه، فإن هذا يعد نوعا من العقوق. وراجعي الفتوى رقم: 26911، وعليك بالصبر على ما قد يصدر من والديك من تصرفات خاطئة فإن هذا قد يكسبهما حبك والعطف عليك.
واعلمي أن حق الولدين في برهما والإحسان إليهما يظل باقيا على الولد ولو وقعت منهما الإساءة إليه، فإن ذلك لا يسقط عنه برهما كما بينا بالفتوى رقم: 3459.
ونوصيك بأن تهوني على نفسك وتكثري من ذكر الله تعالى ودعائه بأن يصلح والديك، فهذا خير من الوقوع في شيء من التسخط، فإن ذلك لا يحقق لك مطلوبا ولا يدفع عنك مرهوبا، وينبغي أن تحرصي على مصاحبة بعض الأخوات المستقيمات فإن ذلك قد يعينك على مواجهة مصاعب الحياة ويخفف عنك متاعبها، وإن كان أبوك مقصرا في النفقة بمعنى أنه لا يقوم بالواجب منها في المأكل والملبس فلكم الأخذ بقدرها من ماله بالمعروف ولو من غير علمه، وأما ما زاد على الواجب فلا يجوز لكم أخذه، وإن احتجت لشيء من ذلك فينبغي التلطف في طلبه منه، ولا بأس بالتوسط إليه عن طريق أحد أقربائك ونحو ذلك ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 25339
وأما بخصوص خطيبك فينبغي أن لا تخافي منه وأن تعامليه بالحسنى, وأن تحثيه على التعجيل بأمر الزواج فلعله يخلصك من كثير من المعاناة التي تجدينها في بيت أبيك واحرصا على تكوين بيت مسلم وأسرة مسلمة طائعة لله وستجدين السعادة بإذن الله, وليس الحل هو فسخ الخطبة لكونك تعانين من بعض المشاكل مع أهلك, حيث لا ذنب له وليس كل الرجال سواء,
وأما ما ذكرت من التفكير في الموت فإن كنت تعنين به تمني الموت فإن ذلك لا يجوز إلا لمسوغ شرعي كما بينا بالفتوى رقم: 31781، وإن كان المقصود التفكير في الانتحار فهذا أعظم خطرا لأن الانتحار كبيرة من كبائر الذنوب وتعظم به المصيبة. وانظري الفتوى رقم: 10397.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1429(13/45)
ابتغي بصلة أهل زوجك رضى الله
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت منذ أشهر قليلة وسافر زوجي بعد الزواج بشهرين، وعندما ذهب إلى عمله وجد الكفيل قد استغنى عن خدماته واضطر إلى البحث عن شغل آخر، وفي هذه الفترة كانت ظروفنا المادية صعبة جداً، ومع ذلك لم يحاول أحد من أهله السؤال عني ولو تليفونيا أو عرض أي مساعدة مادية فى ظل هذه الظروف، مع العلم بأن أقوم بزيارتهم والسؤال عنهم وأنا الآن محتارة، هل أستمر في السؤال عنهم أم لا، وهل آخذ وزرا على عدم سؤالي عنهم، مع العلم سيدى أن كل مواقفهم معي سيئة منذ أيام الخطوبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلاقة بين الزوجين تقوم على المودة وحسن العشرة والتعاون على البر والتقوى، ومن ذلك أن يعين كل من الزوجين الآخر على صلة رحمه، فقد نهى الله عن قطع الرحم وأمر بصلتها، فعن جبير بن مطعم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يدخل الجنة قاطع ... رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الرحم شجنة من الرحمن،فقال الله: من وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته. رواه البخاري ومسلم.
وقد أمرنا الله بصلة الرحم حتى لمن يقطعنا، فعن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري.
وعن أبي هريرة أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيؤون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم. تسفهم المل: تطعمهم الرماد الحار.
فلا تترددي في صلة أبوي زوجك وإخوانه بما لا يضر بك طلباً لمرضاة الله وإحساناً لزوجك، وإن كانوا يسيؤون إليك -علماً بأن ذلك غير واجب عليك، وأبشري ببركة هذه الصلة في الدنيا والآخرة إن كانت خالصة لله، واعلمي أن صلتك لهؤلاء هي أنفع علاج لما تعانينه من سوء معاملتهم لك، قال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34} ، وراجعي للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 45476، والفتوى رقم: 15900.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1429(13/46)
من يتحمل سكنى الأم ونفقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك إثم على تناوب الأبناء في استضافة الوالدة، شهر عند كل واحد منهم مع العلم بأن الوالدة ترغب بالبقاء عند أقلهم أبناء ولكن هذا الابن منزله مكون من غرفتين، وفي هذه الحالة ما هو واجب بناتها تجاه والدتهم وهل يجب على زوجات الأبناء اصطحاب أم زوجها معهن في زيارتهن الخاصة بأهاليهن وصديقاتهن علما بأن الوالدة ترغب بالذهاب معهن ... ]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
سكنى الأم ونفقتها.. يكون على جميع أبنائها حسب وسعهم، وهي التي تختار من يلائمها أو ترغب في السكنى معه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سكنى الوالدين ونفقتهما.. يكون على جميع أبنائهما ...
وقد اختلف أهل العلم في كيفية توزيع ذلك عليهم هل يكون حسب الإرث، أو حسب اليسار، أو هو على الرؤوس؟ ولعل الراجح هو: قول من قال بأنه حسب اليسار، لقول الله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِه. وسبق بيان ذلك بتفصيل أكثر في الفتوى: 20338.
وبناء على ذلك فإن سكنى الأم المذكورة يكون على جميع أبنائها وبناتها حسب يسر حالهم وسعة سكنهم.. وهي التي تختار من يلائمها السكنى معه، أو رغبت في السكنى عند بعضهم دون بعض فينبغي النزول عند رغبتها وطاعتها في ذلك لأنه من الطاعة في المعروف طبعا، ومن الإحسان إليها المفروض شرعا، ويحق لمن سكنت عنده أن يطالب بقية إخوته بسداد ما يجب عليهم من النفقة والكسوة والسكن.
قال مالك في المدونة: الأمر عندنا أن الوالد يحاسب ولده بما أنفق عليه من يوم يكون للولد مال، فإذا كان من حق الوالد محاسبة ابنه بما أنفق عليه فمن باب أحرى أن يحاسب الأخ إخوانه بما أنفق عنهم على والدتهم. ومن القواعد الفقهية عند السادة الأحناف: من دفع شيئا ليس واجبا عليه فله استرداده إلا إذا دفعه على وجه الهبة..
أما الخروج بها إذا رغبت في التفسح أو في زيارة من تحب زيارته إذا كان ذلك بالمعروف فإنه واجب على أبنائها دون غيرهم، وإذا قامت به زوجات الأبناء تفضلا منهن فإن ذلك من باب المكارمة والإحسان الذي يؤجرن عليه ويشكرن..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1429(13/47)
حكم تصرف الوالد لنفسه ولأبنائه في معونة الدولة لولده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رب أسرة مكونة من ثلاثة أطفال وزوجة عندي طفلة معاقة بشلل دماغي شديد مع ضمور عمرها سبع سنين ليس لها أي اتصال مع المحيط الذي تعيشه سمعيا وبصريا وحسيا وأكثر من ذلك فهي مقعدة وفيها تشوهات خلقية في الأطراف والظهر لها راتب من الدولة 3000 ليره سوريه فهل يحق لي التصرف بهذا المال للنفقة على الأسرة، وإذا خرجت أنا وأسرتي للنزهة أو لزيارة الأقارب وبقيت هي في البيت هل يعد ذلك من باب التفرقة بين الأولاد مع العلم بأن خروجها يلفت الأنظار بشكل كبير نظرات مزعجة ومجرحة للقلوب.
وشكرا لكم وجزاكم الله كل خير.........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للوالد أن يتصرف في مال ولده سواء كان الولد صغيرا أو كبيرا إذا كان الوالد فقيرا أو محتاجا لهذا المال، ففي الحديث عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن من أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه. رواه أبو داود والنسائي.
وقال ابن المنذر رحمه الله: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد.
وقال ابن قدامة رحمه الله: لا يشترط البلوغ ولا العقل فيمن تجب النفقة عليه؛ بل يجب على الصبي والمجنون نفقة قريبهما إذا كانا موسرين.
وراجع في معرفة ما ذكر أهل العلم من ضوابط أخذ الوالد من مال ولده الفتوى رقم: 46692، ومنها تعلم أنه يجوز أن تنفق من مال البنت المذكورة عليك وعلى أمها إذا كنتما محتاجين ولا يضر ذلك بالبنت، ولا يجوز أن تنفق على بقية الأولاد منه لعدم وجوب نفقتهم على البنت لأنها لا ترثهم لوجود الأب، ومن شروط وجوب نفقة الأخ أن يكون المنفق وارثا للمنفق عليه.
وبخصوص خروجك وخروج الأسرة للنزهة أو لزيارة الأقارب وترك هذه البنت في البيت فالذي يتضح لنا أنه لا حرج فيه لأن تخصيص غيرها بالخروج لمعنى لأنهم يحتاجون إلى النزهة وإلى الزيارة للأقارب ليتربوا على تكوين العلاقة مع المجتمع، وهو أمر لا يتوفر فيها هي، هذا بالإضافة إلى ما تعانونه من حرج نفسي من نظر الناس إليها إذا خرجتم بها.
لكن عليكم أن تحتاطوا لرعياتها إذا خرجتم من البيت بأن تبعدوا عنها كل ما يضر، وألا تقضوا عنها وقتا كبيرا قد تحتاج فيه إلى الغذاء أو التنظيف أو غير ذلك مما قد تحتاج إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1429(13/48)
كيفية التعامل مع الحماة الصعبة المراس
[السُّؤَالُ]
ـ[لا أعرف ماذا أقول. أستغفر الله. الأمر عن أم زوجي. ولا هي ولا أغتابها لقد حيرتني وعذبتني ولا أعرف ما هي أفضل طريقة للتعامل معها. إنها باختصار تدفعني للانفعال. يعنى أسئلتها ليست واضحة تدعني أنا استنتج السؤال تتعمد مضايقتي لكنها تعمل أنها لم تقصد.وإن طلب منها أن تخبرني بشي لا تفعل إلا نادرا وإن طلب منها سؤالي عن أمر لا تفعل إلا نادرا وإن حصل فإنها توصله بطريقة أخرى. أتمنى لو أنني امسك عليها شيئا لكن لا أستطيع. المشكلة أنني أعيش فى نفس البيت. ولا هي لقد تعبت أعصابي وحتى علاقتي مع زوجي وحياتي نفسها لأنني أكون قد بدأت يومي والحمد الله طيب تأتي هي بكل برود وتشحن قلبي بالكراهية. أستغفر الله. ساعدونى جزاكم الله بخير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أفضل طريقة هي الصبر: وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا {المزمل:10}
وننصحك بعد أخذ الأمور بحساسية، ولا مانع أن تصارحي أم زوجك بهذه الأمور وتتفقان على الصراحة والتعاون على البر والتقوى.
وعليك الدوام على الطاعات ودعاء الله أن يصلح أحوالكم.
وراجعي الفتوى رقم: 51373.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1429(13/49)
ليس من حق الأبوين الاطلاع على أمور ابنهما الخاصة مع زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أتساءل إذا كان زوجى يأخد رأي أبيه في كل أمر من أمور حياتنا، وأنا غالبا أكون لا أحب ذلك الشيء، فهل لو طلبت منه بأسلوب مهذب أننا تكون لدينا حياتنا الخاصة وقراراتنا الخاصة، وأننا نحن الذين نفكر فيها ونتخذها (انا مش بقول نبعد عنهم او لا نشركهم) ولكن أقول ليس كل شيء حتى لو مجرد التفكير ليس لنا فيه قرار بل لا بد أن نبلغهم به قبل، المشكلة أنهم من النوع الذي يتكلم كثيرا جدا وفاضين ليس وراءهم حاجة ويحسون أن ابنهم وحياته ملكهم (بالنسبة لبناتهم كذلك معتبرين ان بنتهم وزوجها ملكهم) يعني الطرف الآخر لا يكون له دور في الحياة، فهل لما أعاملهم بالحسنى وأتقي الله فيهم وعندهم حاجات كثيرة تضايقني ولا يمكنني أن أتكلم فيها فأحتسبها لله وأسكت، (وانا مش بحب كتر الخلطة فلو اختلط بيهم فى حدود ومش بحب اعيش معهم في مكان واحد ده يبقى حرام عليا) ؟ وهل هذا يعتبر من البر بأهله، ولو عمل غير هذا يكون غير بار بهم؟ وهل إذا سافر لا بد أن يأتي لأبيه بسيارة 2008 ويأتي لأمه كل حاجة رفاهيات لمجرد أن عينها وقعت عليها وتريد أن تعيش؟ هل أكون أنا ليس لي طلبات وليس عندي أولاد تبقى حياتنا ملكا لهم؟ هل لأبيه أن يعرف كل ما نملك من مال؟ هل لوأحببت أن أباه لا يعرف عني شيئا وأعتبر ذلك خصوصيات يكون حراما؟ هل لو أنا أشتغل في الغربة يكون لي مالي الخاص؟ وهل لى أن أتصرف فيه بحريتى أم لا بد أن زوجى يوافق على الذي سأعمل به؟ هل لو والدي متوفى ولي أختان غير متزوجتين وأريد أن أقف بجوار أمي وأساعدها في زواج إخوتي حتى لو سآتي لهم بأحسن حاجة في الدنيا مثل ما أمي أتتني بأحسن حاجة من غير ما أطلب من زوجى حاجة هل أكون بذلك ظالمة لزوجي؟ وهل الولد هو هو الذي عليه أن يساعد أهله حتى لو في الرفاهيات؟ وهل لو أمي تريد مني مبلغا من المال وكلنا بنات وليس لدينا أولاد والمبلغ بالنسبة لمستوانا قليل على زواج أخواتي نكون بذلك نغالي حتى لو أمي حاملة لهم زواجهم، وأنا نفسي أراها سعيدة ومبسوطة إذا أتيتهم بمثل ما أمي كانت تفعل، وهل أكون ظالمة لزوجي بهذا السبب.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب على الابن أن يبر بأبويه ويوفر لهما ما يحتاجانه من ماله، وليس عليه أن يطلعهما على أموره الخاصة مع زوجته. وللزوجة الحق في التصرف في مالها دون إذن الزوج، وليس له منعها من ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن حق الوالدين هو أعظم الحقوق وآكدها بعد حق الله تعالى، فهما اللذان ربيا المرء صغيرا وعطفا عليه ضعيفا في وقت هو في أمس الحاجة إلى الرفق والحنان. ولذلك قرن الله تعالى حقهما بحقه في عدة آيات من كتابه العزيز، قال تعالى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {البقرة: 83} ، وقال تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء: 36} . وقال تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا* إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا. {الإسراء: 23-24} . وقال تعالى: ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير* وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي. {لقمان: 14-15} .
فالولد يجب عليه مواساة أبيه من ماله، والقيام بالإنفاق عليه إذا احتاج لذلك. وللأب أن يأخذ من مال ابنه ما يحتاج إليه، ويتصرف فيه من غير سرف ولا إضرار بالولد، وذلك لما في المسند عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي يريد أن يجتاح مالي فقال: أنت ومالك لوالدك، إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أموال أولادكم من كسبكم فكلوه هنيئا.
وفي سنن ابن ماجه عن جابر رضي الله تعالى عنه: أن رجلا قال يا رسول الله إن لي مالا وولدا، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي، فقال: أنت ومالك لأبيك.
وأما إذا كان الوالد سينفق ما يأخذه من الابن في السرف، أو كان ما يأخذه يلحق الضرر بالابن، فإنه ليس للابن تمكين الأب من الأخذ من ماله لئلا يعينه على باطل، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. أخرجه الإمام مالك وغيره.
ومع كل هذه الحقوق فإن من حق الولد أن تكون له أموره الخاصة التي لا يأخذ فيها رأي والديه ولا يُعْلمهما بها، وليس في ذلك من عقوق لهما، وخصوصا إذا كانت تلك الأمور تتأذى زوجته من إفشائها بين الأبوين.
ولا يلزم أن تكون حياة الزوجين ملكا لأبوي الزوج، سواء كان للزوجة أولاد أم لا.
وليس من حق الأب أن يعرف ما تملكه زوجة ابنه.
ومن حق الزوجة إذا كان لها مال أن تتصرف فيه بحرية، وليس للزوج أن يمنعها من ذلك.
ولها أن تساعد أمها، بل ويجب عليها ذلك إذا احتاجت الأم لمساعدتها، وليس في شيء من ذلك ظلم للزوج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1429(13/50)
حقوق الزوجة وأهلها والأخت التي ليس لها زوج ولا والدان
[السُّؤَالُ]
ـ[من أولى بالحقوق الزوجة وأهلها، أم الأخت التي ليس لها والدان ولا زوج، مع دليل من القرآن والسنة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا تعارض بين أداء الحقوق لكل من الزوجة وأهلها والأخت.. لأن حقوقهم تختلف باختلافهم، فيجب إعطاء كل ذي حق حقه، دون أن يكون ذلك على حساب غيره.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لكل من الزوجة وأهلها حقوقاً على الزوج، وللأخت كذلك حقوق على أخيها، فللزوجة على زوجها مثل ما له عليها من حسن المعاملة والمعاشرة بالمعروف، قال الله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ {البقرة:228} ، وأما أهلها فمن حقهم الاحترام وحسن المعاملة والإحسان إليهم حسب الوسع والاستطاعة، فقد كان صلى الله عليه وسلم يكرم أصهاره وصدائق زوجته أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، كما في صحيح البخاري وغيره، وأما الأخت فإن من حقوقها على أخيها صلة رحمها والإحسان إليها ووجوب النفقة عليها إذا احتاجت، فيجب على المسلم أن يؤدي كل حق إلى صاحبه دون أن يكون ذلك على حساب غيره. وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى: 20999، 6719، 44020.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1429(13/51)
لا ينبغي التفريط في حق الأخت اليتيمة والإنفاق عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ
أنا يتيمة الأبوين ولدي أخوان وأخت جميعهم متزوجون وأمورهم الاجتماعية والمادية الحمد لله ميسرة جدا
أعيش لوحدي رغم حبي لإخواني وحبهم لي. أريد معرفة الآتي:
1-ما واجبهم ناحيتي بصفتي عازبة؟ مع أدلة من القران أو الأحاديث.
2-ما حكم خوف بعض إخوتي من زوجاتهن حيث لا يقومن معي بالواجب (المادي أو المعنوي) .
3-من أولى بالحقوق الزوجة وأهلها. أم الأخت التي ليس لها والدان.؟ مع دليل من القران أو السنة.
4-هل يعاقب المرء على ذلك التقصير؟ كمثل تقصيره مع والديه مثلا؟ أو أقل؟ ما هو عقاب ذلك؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تجب صلة الأخت وتحرم قطيعتها، وعلى إخوتها أن ينفقوا عليها إن كان لهم يسار، وأن يضموها إذا كانت تتأذى من السكن وحدها. ومن فرط في واجبه منهم كان مستحقا للعقاب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن واجب الإخوة أن يصلوا أختهم وأن لا يقطعوها، لقول الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد: 22-23} .
وإذا لم يكن للأخت مال أو نفد ما تملكه من المال، ولم يكن لها مجال مباح للكسب فإن نفقتها تلزم إخوتها؛ لأن الراجح عندنا أن النفقة تلزم لكل قريب وارث، كما هو مبين بالفتوى رقم: 44020.
ومحل وجوب إنفاقهم عليها إذا بقي لهم من المال ما ينفقونه عليها بعد استيفاء الإنفاق على أنفسهم وزوجاتهم ...
وعليهم أن يضموها إلى سكنهم إذا كانت تتضرر بالسكن وحدها، ولا يلزم الزوجات قبول سكنها معهن، ولكنه من الحسن لهن أن يعنَّ أزواجهن على صلة قرابتهم وقبول الأخت تسكن في بيت أخيها. وإن أبين ذلك كان من حق الزوج أن يخصص لأخته غرفة مستقلة المدخل والمخرج والمنافع؛ ليتمكن من الإشراف عليها وبرها والمكث عندها ...
ومن قصر فيما وجب عليه من الحقوق فإنه يكون آثما ومستحقا للعقاب من الله، ولكنه في المشيئة قد يعاقب وقد يتجاوز الله عنه ولا يعاقبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1429(13/52)
الواجب السعي في الإصلاح بين الأقارب وحل أسباب الخلاف
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي على خلاف مع أهلي، والقصة بدأت عندما تقدم زوجي لخطبتي وبدأت المشاكل من والدي الذي لم يكن يحبه أو يغار منه كما كان يقول الناس لي، علما بأني وزوجي تعارفنا في العمل وحدث إعجاب وتقدم فوراً لخطبتي، ولكن أبي كان متشددا لا يسمح لنا بالخروج حتى لزيارة أي من أقاربه وبعد الخطوبة بستة أشهر تم كتب الكتاب بموافقة والدي التامة وبحضوره العقد, ومع هذا كان والدي يزيد في تشدده ورفضه الخروج مع خطيبي بالإضافة إلى اختلاق العديد من المشاكل لفسخ الخطوبة بالإضافة إلى أن أهله لم يكونوا يحبونني رغبة منهم في تزويجه لابنة عمه كما فعلوا مع أخيه الأكبر، المهم أن المشاكل تفاقمت إلى حد لا يمكن الرجوع فيه والبغيضة انغرست في قلوب الطرفين وكاد الزواج أن يفشل لولا أن زوجي خيرني بين البقاء مع أهلي أو إتمام الزفاف وقمت بطلب من والدي الموافقة والحضور وكان كل ساعة برأي مختلف إلى أن تم الزفاف دون حضور والدي والذي منع أمي أيضا وإخوتي الصغار من حضور الزفاف إلا أن إخوتي الكبار جاؤوا وحضروا رغما عن أبي، الآن زوجي يكره أبي جدا ولا يتعامل مع والدتي التي يعلم تماما بأنها مظلومة وتحبه كثيرا ولكنه يقول بأنه لا يستطيع التعامل مع أي من أهلي علما بأن علاقته كانت جميلة جدا مع أختي الكبرى وإخوتي الآخرين ولكنه مع الوقت يبتعد عنهم ولا يرغب في رؤيتهم في المنزل لزيارتي وهذا أيضا من كلام والدته التي تكره أمي وإخوتي ولا تحب أن يزوروني بدون أية أسباب فهي تكرهنا جميعا من قبل حدوث أية مشاكل وتغار من أمي، الآن زوجي في بعض الأحيان يمنعني من زيارة أهلي ويتحجج بأنه لا يحب والدي أن يرى ابنتنا وأمي مظلومة جدا في هذا الموضوع، مما سبب جرح مشاعرها وإحساسها بالظلم وحرمانها من حفيدتها الأولى في العائلة حيث إنني أنا المتزوجة الوحيدة حتى الآن من عائلتي، هل يحق لزوجي حرمان أهلي وتحديدا أمي من رؤيتي ورؤية حفيدتها وهل لا يحق لأمي زيارتي في بيتي مع العلم بأنني أسكن مع والدي زوجي في نفس البيت وهو سبب أن أمه لا ترغب في رؤية والدتي التي لا ذنب لها في كل هذه المشاكل، أنا في حيرة من أمري ف أرجو نصحي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فلا يجوز التقاطع بين المسلمين، ويتأكد ذلك في حق القرابة، وينبغي الاستعانة بأهل الخير للإصلاح بين الأقارب المتقاطعين، وينبغي للزوج إعانة زوجته على صلة والديها والسماح لها بزيارتهم، ولا يجوز له منعهم من زيارتها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز التقاطع والتباغض والتهاجر بين المسلمين، قال صلى الله عليه وسلم: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. متفق عليه..
ويتأكد ذلك في حق القرابة الذين تجب صلتهم، ويحرم قطيعتهم، قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:22-23} ، ولذلك ينبغي السعي في الإصلاح بين هاتين العائلتين، وحل أسباب الخلاف والشقاق بينهم.
فلذلك ننصح الأخت بأن تسعى في إصلاح ما فسد بين عائلتها وبين زوجها وعائلتها وتقريب وجهات النظر بينهم وتستعين بمن له وجاهة عند أهلها وأهل زوجها إن أمكن.
أما عن منع الزوجة من زيارة أهلها، ففي المسألة خلاف بين أهل العلم سبق بيانه في الفتوى رقم: 7260.
وأما عن منع أهلها من زيارتها فلا يحق له ذلك على الراجح من كلام أهل العلم ما لم يخش ضرراً من زيارتهم لها، كما في الفتوى رقم: 20950..
وينبغي للزوج أن يكون عوناً لزوجته على بر والديها وصلة أهلها، كما ينبغي لأهلها أن يكونوا عوناً لها على طاعة زوجها، وننصح الأخت بالصبر ودعاء الله عز وجل بأن يصلح الحال، ويلم الشمل ويذهب ما في الصدور ... ونسأل الله ذلك.. ووفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1429(13/53)
كيف تتعاملين مع حماتك وحماك وأولادهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا.. أود أن أشكركم جميعا على إجابتكم لأسئلتي اقسم بالله أنى أُكنُ لكم جزيل الشكر والتقدير ... سامحوني إذا طال الحديث لكن الله وحده يعلم أنه مهم جدا بالنسبة لي
الموضوع هو أنى الحمد لله منتقية وأرتدي على حق ليس للزينة والله شاهدُ ُ على ذلك , أنا مخطوبة لأخ الحمد لله ملتزم نعم ليس بالالتزام الكبير لكن الحمد لله نستطيع أن نعين بعضنا على طاعة الله والحمد لله على قدر استطاعتنا حتى في ذنوبنا نساعد بعضا على التوبة والحمد لله والله المستعان.
المهم أن أهله ناس عاديون جدا بمعنى أن الحياة من وجهة نظرهم " الأعمال بالنيات" فقط ... على سبيل المثال طلبت منهم تغيير اتجاه قاعدة الحمام في شقتي لأنهم جعلوها عندهم للأسف في اتجاه القبلة وذلك لان خطيبي مسافر وأحد أخواته كان يعمل له شغل في شقته التي المفروض شقتنا وطبعا خطيبي مقتنع بما أقوله وإن شاء الله هو ناو ينزل يغيرها في إجازته, ومثال آخر أنهم جاءوا بكلب في البيت وكانوا ناوين أن يربوه ومهما أقول عن أن الكلاب تمنع الملائكة كأن الكلام يخبط في سد وكنت دائما أقول لهم شغلوا القرءان في شقتنا علشحتى لا تكون مهجورة فوجئت بأن أخا خطيبي الصغير يقول: مش لما تشغلوا في شقتنا الأول, ومثال أخير زوجة خال خطيبى كانت دعتنا أنا ووالدي طبعا ووالدتي في خطوبة ابنها وقالوا إنها في كفر الزيات طبعا فهمنا أنها عائلي وحضرتك يا شيخنا تعلم أفراح الفلاحين بتكون بطبيعتها منفصلة فعلا رحنا معاهم وكانت المفاجأة الكبرى اقٌسم بالله يا شيخ مكناش نعرف غير واحنا فى بيت العروسة فوجئنا أنهم بيقولوا ان الفرح في قاعه في ميت غمر باغانى وطبل وزمر" اللهم اعفو عنا واغفر لنا " علما بأنهم شافوا شكل فرحنا والحمد لله كنا فى المسجد طبعا فى حضور بعض الشيوخ عندنا وكذلك الحمد لله بلغت خطيبي أن يبلغهم عن أنى مش باحضر أفراح كده وهوه مقتنع بذلك الحمد لله
ومعلومه: حماتى للأسف من محبي عبد الحليم حافظ جدا "اللهم اعفو عنا واغفر لنا " وطبعا الأب عادى وكمان الأخوات يمكن خطيبى والله مش مدح فيه من غير سبب بس والله هوه الوحيد تقريبا اللى بيحاول يسير معي على نفس الطريق والحمد لله متفاهمين فى معظم الأمور
المشكلة هي أن شقتي في بيت واحد معاهم ده اولا وثانيا خطيبى له 3 اخوات ذكور أصغرهم في الثانوية العامة ومفيش حد منهم متزوج يعنى مقيمين فى شقة حماتي أسفل منى
السؤال ... كيف أعامل حماتي وحماى واخوة زوجي؟ وكيف أكون فى عيشه واحده فى نفس البيت؟ " علما أنى منتقيه كما ذكرت " بشرط أن لا أكون خادمه لهم وفى نفس الوقت أقوم بما يرضى الله عنى حتى أجد ذلك في أولادي إن شاء الله
ومن ضمن الموضوع حماتي مهمله جدا في بيتها اقسم بالله جدا جدا وأنا خائفة أن تضع فوقى أكثر من طاقتي حيث أنها دائما تلمح بالكلام عن ما سوف أقوم به معها وذلك طبعا لأنها مش فاهمه يعنى ايه نقاب ولتأكيد كلامي يا شيخنا والله في الخطوبة كان في صديقاتي وكنا بنتصور بالموبايل علشان يبعتوها لى على النت منهم كان بنات خال العريس صورونى علما بانى حذرتهم ان الصور لا يراها اى رجل للاسف يا شيخ فوجئت انهم نزلوها على الجهاز عندهم وكانوا ينادون خطيبى ليراها غضب منهم غضبا شديدا وسبحان الله بمجرد انهم كانوا يحاولون ان يصالحونه اقسم لى خطيبى انهم عادوا ولم يجدوا اثر للصور على الجهاز الحمد لله
أنا باعتذار جدا لإطالتي بس والله يا شيخنا انا فى هم كبير من داخلى ولا استطيع الحديث مع احد حتى لا أُدخل الكرب على اى مسلمه ودايما باشعر ان الوضع حولى كثير الاخطاء انا مقصدش انى معصومه لا والله أنا أعلم أننا كلنا مش معصومين من الخطأ وكلنا ذنوب وكما قال شيخى محمد حسان " لو كانت الذنوب لها رائحه لكانت رائحتى كريهه " اعذكم الله بس انا حاسه انى ماشيه فى طريق كله عقبات وباحاول اطلع من واحده واحده بس للاسف حاسه ان العقبات مش بتنتهى حاسه ان دايما فى جديد وحاسه ان فى غموض منتظرنى لما نتزوج مش بس الغموض من اهل خطيبى بس هوه كمان حاسه بنفس الغموض مثلا انا متعوده ارنله الفجر بتاعنا علشان اشوفه بيصحى امتى فوجئت بعد ما كان مواضب على القيام بدرى انه اصبح بيقوم بعد ساعتين تقريبا من الشروق بالرغم انه بينام بدرى جدا ولما اتفقت على اننا نعين بعض على طاعة الله فوجئت انه بيرد عليا ويقولى لما نتزوج أكيد هابقى أفضل وهاتغير انما دلوقتى أنا مش هاينفع اغير نفسى للحفاظ على صلاة الفجر أو الصلاة ف المسجد اصلا اقتنع بكلامي اه بس يومين وبعدها رجع زي الأول]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر لك حرصك على امتثال أوامر الله واجتناب معاصيه وتعظيم محارمه، ومحاولة إصلاح نفسك وخطيبك، وننبهك إلى انه كان من الواجب عليكم عدم حضور العرس بعدما وجدتم أن فيه منكرات.
قال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ.. فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم ... فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها، فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية. انتهى.
وأما عن حماتك وحماك وأصهارك فأنت لست في معيشة واحدة معهم كما تصفين؛ بل أنت في شقة وهم في شقة ولذلك فالأمر سهل بحمد الله، وعليك أن تعامليهم بالحسنى وبما يرضي الله ويسعد زوجك، واستوصي بحماتك خيرا واعتبريها كأمك وتحملي ما قد يصدر منها من هفوات وزلات، ولا تتكلمي عنها بما يسوؤها إذا علمته كأن تصفيها بالإهمال دون داع فذلك من الغيبة المحرمة.
ووقري حماك وأطيعيه في المعروف، واحذري من الاختلاط بإخوة زوجك الذكور ومن الخلوة مع أحد منهم، ولا تشاركي أهل زوجك في منكر.
واعلمي أن خدمتك إياهم ليست واجبة شرعا فإن فعلت ذلك احتسابا للأجر والثواب ولرضا زوجك فخير؛ فقومي بما تستطيعين القيام به من خدمتهم - إن طلبوا - في غير ذلة أو استذلال.
وحاولي بقدر الإمكان تقليل النزول إليهم إلا لمصلحة، لتتفادي ما قد ينشأ من مفاسد الاختلاط بهم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: زر غبا تزدد حبا. رواه الطبراني وقال الألباني: صحيح لغيره.
وأما ما ذكرتيه من إحساس بغموض تجاه خطيبك فننصحك بصلاة الاستخارة قبل أن يتم العقد وعليك بالتأكد من دينه وخلقه وحرصه على الصلاة وعدم التعجل في الحكم عليه وألا تؤثر عليك العواطف وحدها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1429(13/54)
الزوج طبيب بين زوجته وأهله
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من سيادتكم إفادتي في المشكلة التالية: بسبب سفري للعمل بالخارج تركت زوجتي وهي في فترة الحمل عند أهلها حتى يحين موعد الولادة ولم يهتم والدي ووالدتي بالسؤال عن زوجتي والاطمئنان عليها والذهاب إلى زيارتها وبعد الولادة لم يهتم والدي ايضاً بالسؤال عن ابنتي أو زوجتي بحجة أنهم لا يحبون أن يقابلوا أم زوجتي وأبيها ولا يسألون عنها إلا خلال وجودي بمصر ومع ذلك أبي وأمي لا يفعلون ذلك مع أخي الصغير وزوجته وابنه حيث إنهم يهتمون بهم ولا يستطيعون فعل هذه الأمور مع زوجة أخي لخوفهم من أمها بسبب لسانها السليط. ومن هنا ترفض زوجتي معاملة أهلي وترفض التحدث إليهم وزيارتهم والعلاقه شبه مقطوعه تماماً بينهم ولا أدرى ماذا أفعل مع والدي ووالدتي حيث إننى لا أريد أن يصدر مني أي تصرف يغضبهم. أرجو الإفادة وأرجو من سيادتكم بيان حدود العلاقة بين الزوجة وأهل الزوج؟.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فإذا لم يكن بين الزوجة وأهل الزوج رحم خاص فليس بينهما من الحقوق الواجبة إلا ما يجب للمسلم تجاه أخيه المسلم. وينبغي للأصهار أن تكون العلاقة بينهم على أحسن حال، وينبغي للزوج أن يتوخى الحكمة عند وقوع مثل هذه المشاكل فيسعى للصلح وتقليل حدة الخلاف، كما أن عليه يعطي كل ذي حق حقه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المقاصد الشرعية العظيمة أن يكون المسلمون على أحسن حال من المحبة والوئام، ويتأكد الأمر في حق الأصهار ونحوهم، وإن لم توجد المحبة والوئام فعلى الأقل أن لا تكون هنالك قطيعة وتهاجر، فإن التهاجر بين المسلمين لا يجوز إلا لمسوغ شرعي.
وإذا لم يكن بين الزوجة وأهل الزوج رحم فليس بينهما من الحقوق الواجبة إلا ما يجب للمسلم تجاه المسلم. وراجع الفتوى رقم: 80279.
واعلم أن حصول مثل هذه المشاكل بين الأصهار ليس بالأمر المستبعد، ولكن ينبغي أن يكون الزوج حكيما فيجتهد في تقليل حدة الخلاف، والإصلاح بين الطرفين قدر الإمكان، كما أن على الزوج أن يقوم بما يجب عليه تجاه كل من زوجته وأهله فيعطي كل ذي حق حقه.
ولمزيد الفائدة راجع الفتويين: 72027، 57441.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1429(13/55)
علاج إساءة الحماة لكنتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة ولدي ابن عمره سنة واحدة مشكلتي تكمن في كيفية التعامل مع عائلة زوجي الذين يعاملونني معاملة سيئة جدا جدا بالرغم أنني أسكن بعيدا عنهم لدرجة لم أكن أتصورها وبالأخص أم زوجي التي تكرهني وتسيء لي دائما بالرغم أنني أعاملها هي وابنها بما يرضي الله وأوظف راتبي المحترم في النفقة على عائلتي وأتحمل مصاريف منزلي وزوجي وابني كلها نظرا لأن زوجي لا يستطيع أن يوفر سوى إيجار المنزل.
على سبيل المثال: لم أتنقل إلى عائلة زوجي عيد الأضحى الماضي بسبب مرض ابني الشديد وقد اشترى زوجي الأضحية وقام بذبحها في منزل أمه فلم تترك لي هذه الأخيرة شيئا من الأضحية وقامت باستهلاك كمية اللحم كلها بحيث لم أستطع حتى أن أتصدق من أضحيتي
على سبيل المثال: لما كنت حاملا كلفت أم زوجي بشراء حاجيات المولود الجديد وأعطيتها المبلغ اللازم من مالي الخاص لكنها لم تحضر لي سوى أغراض بأقل من ربع المبلغ مع العلم أنني في أتم الحاجة المادية وتعتبر هي ميسورة الحال والكثير من الأمثلة من هذا المنوال كما أنها كثيرا ما تحرض ابنها على ليسيء معاملتي
كما أن زوجي لا ينصفني في كل أمر مع عائلته رغم ظلمهم لي وأنا الآن حائرة جدا لأنني مهمومة جدا وأفكر أحيانا في الطلاق ثم إنني لشدة ما أقاسيه وباعتباري امرأة حساسة وسريعة التأثر بدأت أفقد طعم الحياة والتركيز في عملي الذي هو مورد رزق عائلتي.
فكيف أتعامل مع وضعيتي هذه بما يرضي الله ورسوله علما أن زوجي يعاني من برود جنسي رغم محاولاتي لإثارته بحيث يتم الجماع بيننا مرة كل فصل تقريبا غير أنه يعاملني معاملة جيدة في الأمور التي لا تتعلق بعائلته التي غالبا ما يظلمني فيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لأم زوجتك ولا غيرها إساءة معاملتك أو ظلمك في نفسك أو مالك، وعلى زوجك أن ينهى أمه ولا يعينها عليه، لكن ينبغي أن تستمري على ما أنت عليه تجاهها من الإحسان والبر لأن ذلك من إكرام الزوج وحسن عشرته، ولك الأجر والمثوبة من الله عز وجل. وأما الطلاق فليس حلا، ولا ينبغي لك التفكير فيه، وما ذكرت لا يستدعيه ولا يلجئ إليه، فأحسني معاملة زوجك وأمه واحتسبي الأجر عند الله. ويمكنك معالجة زوجك من البرود الجنسي إما بحسن التبعل والتجمل له لإثارته، أو بعرضه على الأطباء المختصين. وللمزيد انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 60078، 66063، 77371.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(13/56)
حق الأخ فيما بناه إخوته على أرضه
[السُّؤَالُ]
ـ[بنينا عمارة من أرضيتين أرضية مسجلة باسمي وأرضية باسم اثنين من إخواني، مع العلم بأني لم أدفع نقودا لبنائها وإخواني هم من دفعوا. فهل لي نصيب من هذه العمارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الأرض ملكاً لك، وكان إخوانك قد بنوا ما بنوه على الأرض على أنه هبة لك فهي هبة صحيحة، ويصير البناء الذي عليها ملكاً لك، وأما إن كانوا قد فعلوا ذلك لا على سبيل الهبة فينظر في الأمر، فإن بنوا العمارة في أرضك بإذن منك فأنتم شركاء فيها، وإن بنوا بغير إذن منك ولكن بنية أن تكون العمارة لك والرجوع عليك بالقيمة وكانوا هم القائمين على شؤونك، فإن العمارة لك وقيمتها دين لهم عليك في ذمتك، وإن بنوا في أرضك بغير إذنك وبنية أن البناء لهم فهذا غصب، وقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 28270، والفتوى رقم: 71323 أقوال الفقهاء فيمن بنى في أرض غيره غصباً، فنحيلك لتلك الفتاوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1429(13/57)
علاج الجفاء بين أهل الخطيبين
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أود أن أسأل فضيلتك في أمر يكاد يتعلق بحياتي فأنا مخطوبة لشاب في نفس سني وتمت الخطبة يا فضيلة الشيخ بأنه جاء لي فى يوم من الأيام الجامعة والحمد لله معروف عني حسن السمعة والأخلاق جاء لي الكلية وقال لي إنه يحبني فجاوبت عليه بأن الذي يحب أي بنت يتقدم لخطبتها خلاف ذلك لا أعرف وبالفعل يا فضيلة الشيخ تقدم لي وكنت أنا موافقة عليه ولكن يا فضيلة الشيخ أبي كان رافضا من حيث أولا أنه في سني وثانيا أنه في مستوى اجتماعي يكاد يكون اقل منى يعني لن يعيشني في نفس مستوايا لكن أنا وافقت لأنه هو طموح ومهذب وضغط على أبي للموافقة على الموضوع وبالفعل وافق أبي لكي يسعدني.
ولكن المفاجأة فضيلتك أولا لما أهل خطيبي هذا جاءوا لقراءة الفاتحة لم يححدو أي ميعاد مع والدي وجاءوا بأقاربهم ولم نكن مستعدين لهذا اليوم من لم الأقارب والأصحاب.
ثانيا: علاقتهم بي فضيلتك تقتصر على أن خطيبي فقط هو الذي يسأل علي ووالدته لم تحدثني حتى في التليفون ووالده لم يحدث والدي أبدا العلاقة تقتصر على علاقة خطيبي بي بأنه يجيء لبيتنا يطمئن علي ويمشي
حدث شيء يا فضيلة الشيخ قبل قراءة الفاتحة وهو أن والد خطيبي كان يمر من قدام بيتنا فناداه خالي فلما ناداه خالي أنا ذهبت داخل البيت ولم أظهر له لكن عرف أني أنا التي دخلت وأنا قد دخلت فضيلتك لخجلي أولا ولحيائي هو أخذها أنى متكبرة وأنى لم أرحب به وأخذ هذا الموقف عني خطيبى يريد مني أن أذهب لأبيه الشغل كي أصالحه على موقفي هذا الذي آخذه مني
ثالثا: فضيلتك أن أباه ووالدته لم يقوموا بزيارتنا قط هذا أدى إلى أنى غير حاسة بالنسب هذا وبالمودة ولا بأي شيء يفرحني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أولا أن الخطبة مجرد وعد بالزواج لا تبيح أمرا محرما، كالخلوة أو اللمس أو غير ذلك مما كان محرما شرعا قبلها بين المرأة والرجل الأجنبي عنها، وإنما جاز النظر إلى المخطوبة أو الحديث معها بقدر الحاجة فحسب.
وأما ذكرت من جفاء بينك وبين أهل خطيبك فيمكن معالجته بمعرفة أسبابه ودواعيه، فإن كانت منك اعتذرت، وإن كانت منهم فلا لوم عليك في ذلك، وإن رجوت صلاح الحال واستقامة الأمر بعد الزواج فاستمري على ما أنت عليه وحاولي التغلب على تلك المشاكل ما استطعت. وأما تصرفك مع والد خطيبك فهو صحيح لكونه أجنبيا عنك ولا علاقة بينك وبينه، وكذا أم خطيبك لا يلزمك الاتصال بها ولا يلزمها هي أن تتصل بك، وإن كان في العادة ما يقتضي ذلك ويدعو إليه فهو الأولى. ولك أن تتصلي بها لتعرفي سبب الجفوة والقطيعة، إذ قد يكون سببها سوء فهم ونحوه. وعلى كل فيمكن علاج ذلك بالحكمة والتفاهم وعدم التعصب للرأي ومعرفة المخطئ من المصيب، فلا مصيب في القطيعة والهجران.
ولمزيد انظري الفتاوى التالية أرقامها: 35987، 41216، 22388، 71940.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1429(13/58)
مسؤولية الأخ المسافرعن أخته المقيمة وحدها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي مسؤوليتي الدينية اتجاه أختي التي تقيم بمصر لوحدها وأنا وأخي الأكبر مقيمان في السعودية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسؤوليتك تجاه أختك سواء كانت معك أو في مكان آخر هي حفظها ورعايتها حسب الاستطاعة، ولا شك أن في إقامتها وحدها كثيراً من المخاطر عليها لغلبة الفساد في هذا الزمان وأهله، ولذا ننصحك بالإقامة معها حيث تقيم هي أو حيث تقيم أنت إن استطعت ذلك، وإلا فتعاهدها بالنصح والتذكير، وبادر إلى تزويجها إن لم تكن متزوجة أسوة بالسلف الصالح فقد كانوا يخطبون لبناتهم وأخواتهم من يتوسمون فيه الخير والصلاح، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 62969.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1429(13/59)
أنفق على زواج إخوته بأمر أبيه.. هل له الرجوع في ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي كبير أرجو أن تستحملوني
أنا أعمل بالخارج وزوجت أختي وكملت تعليم أخي وسوف أزوجه أيضا وأبي موجود وغير ميسور الحال وقمت ببناء البيت الذي يسكن فيه أبي والأسرة أبي يقول إن حقك محفوظ في زواج أخواتك وفي بناء البيت هو الآن يريد أن يبيع البيت ويعطيني حقي في زواج أخي وتعليمه وزواج أختي ويوزع الباقي علينا -الأخت مثل الأخ هل يجوز هذا؟ ولو قمت أنا بشراء المنزل وأعطيته المبلغ الباقي بعد ما يطلع لي حقي في زواج أخواتي هل هذا حلال وعلى فكرة هو الذي يريد ذلك وليس أنا هو لا يريدنا ندخل في مشاكل مع أزواج أخواتنا البنات بعد عمر مديد له إن شاء الله أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
ملخص الفتوى:
للأخ إذا لم تلزمه نفقة إخوانه أن يرجع عليهم بما أنفق، أو على والدهم إن كان ضمن له ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأخ السائل بنى البيت المذكور تبرعا منه لوالده فالبيت صار بهذا ملكا للوالد، وبالتالي، إذا أراد الوالد بيع البيت لمصلحة يراها فله ذلك، ويجوز للأخ السائل أن يشتريه منه بالثمن المتراضى عليه، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء:29} وما دفعه السائل من مال في زواج أخته وتعليم أخيه إذا لم يدفعه متبرعا فإنه يرجع به على من دفع إليه المال، فإن لم يك لهما مال وكان السائل فعل ذلك بأمر والده على أنه يضمن له ما دفع فإن الوالد ضامن لهذا المال.
يقول الشافعي: وإذا ضمن رجل عن رجل حقا فللمضمون له أن يأخذ أيهما شاء. اهـ، فإذا خصم ذلك المال المضمون من ثمن البيت فقد أدى ما عليه لولده، وإنما قلنا إن الوالد ملزم بدفع ذلك لولده لأنه لا يحق للوالد أخذ مال ولده ليعطيه ولدا آخر. وراجع في هذا الفتوى رقم: 46692.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1429(13/60)
لا بأس بزيارة الزوجة لأهلها ما لم يتضرر الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي تريد زيارة أهلها باستمرار أرفض أحيانا وأقبل أحيانا، مع العلم بأنني متفق معها على أن لها يوما كل أسبوع من الساعة الرابعة عصراً حتى الحادية عشر مساء، ولها إخوة يأتون كل فترة من محافظة أخرى تريد أن تجلس معهم أكثر من مرتين وهم يأتون خمسة أيام، وللعلم عندما تذهب للعمل وترجع تجلس معهم خمسة عشر دقيقة وليس في كل الأيام، فهل أكون ظالما لها في حالة منعها من زيارة أهلها؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا حرج عليك في منعك زوجتك من زيارة أهلها في الحالة المذكورة بالسؤال، ولا تعتبر بذلك ظالماً لها، ومهما أمكنك أن تأذن لها من غير ضرر يترتب على ذهابها فافعل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في منعك زوجتك من زيارة أهلها في الحالة المذكورة في السؤال، ولا تعتبر بذلك ظالماً لها ما دمت تسمح لها بزيارتهم مرة كل أسبوع، وهذا مما يشير إلى كريم خلقك، ولا يجوز لها أن تذهب إليهم من غير إذن منك ولو كان ذهابها لفترة قصيرة أو كان ذهابها بسبب مجيء إخوتها ونحو ذلك، ومهما أمكنك أن تأذن لها من غير ضرر يترتب على ذهابها فافعل، فإن هذا مما يجلب المودة بين الزوجين وتحسن به العشرة بين الأصهار، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 43014.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1428(13/61)
لا تحملكم معصية أبيكم على التقصير في حقه ودعوته بالموعظة الحسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في 14 من العمر أعاني من مشكلة أسرية وهي أن أبي يبلغ من العمر 42 عاما وهو له علاقات محرمة مع كثير من النساء منذ سنوات ويسافر من مكان إلى مكان مع العلم بأنه يصلي ويصوم وأنا أعاني من الخيانات التي يرتكبها في حق أمي والعلاقه بينهما متفككة ونحن الأطفال حائرون وهل الطلاق بينهم يكون خيرا لنا ولهم لأن أمي ترغب في ذلك أرجو الإجابة على حيرتي بسرعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن علاقة الرجل بالنساء الأجنبيات أمر محرم ولا يقره الشرع، وهو ذريعة إلى الزنا الذي هو من الفواحش وأكبر المعاصي، ومرتكبه على خطر عظيم ما لم يتداركه الله عز وجل بالتوفيق إلى التوبة قبل الممات، فنسأل الله أن يتوب على والدكم، ويلهمه رشده ويقيه شر نفسه، ولا تيأسوا من هدايته وتوبه الله عليه، فإن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، فالجؤوا إليه سبحانه وسلوه صلاح والدكم، واتخذوا الأسباب الموصلة إلى ذلك، فقد جعل الله لكل شيء سببا، فاحرصوا على دعوته بالكلمة الطيبة والنصيحة الصادقة، واسعوا في إسماعه بعض المواعظ، وجره إلى أماكن الخير، والصحبة الطيبة، ولا يحملنكم معصيته على التقصير في حقه فإن له حقا عليكم وقد أوصاكم الله به: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا ً. {البقرة:83} . وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا. {لقمان:15} . ونوصيكم والوالدة على وجه الخصوص بالصبر وأداء ما يجب عليها تجاهه، ولا نرى الطلاق حلا ولا مخلصا، أما والدكم فإنه ربما زاد في ما هو عليه إذا خلا بنفسه وصار أعزب، وأما أنتم فستحرمون من جو الأسرة الدافئ إذا تفرق الوالدان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1428(13/62)
لا تقطع الصلة بأختك وزوجها ما أمكن ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب الاستشارة رقم 275380 في شبكتكم المباركة، يا شيخ للمرة الرابعة حاولت الصلح مع أختي بإرسال مسج على جوال زوجها (والذي هو أيضا مخاصمني بدون سبب) لأنه لا فرق بينهم قلت لهم فيها (أدعو الله الكريم رب العرش العظيم أن يغفر لنا زلتنا وخطيئتنا بسبب ما حصل بيننا من قطيعة وأن يتقبل منا ومنكم سائر الأعمال ويتقبل منكم حجتكم ويعيدكم سالمين غانمين آمين، قبل كل صلاة ينادي الإمام مخاطبا المصلين تقاربوا سدوا فرج الشيطان لا تدعو للشيطان مكانا بينكم, وأنا أقول إن الشيطان غلبنا جميعا وجعلنا بهذا الشكل المخزي متخاصمين بعد أن كنا إخوة متحابين لذا وبغض النظر عن الأسباب والمسببات أمد يدي مصافحا إياكم فأنتم إخوتي وسنبقى كذلك فكما فرقتنا المسجات" مسجات نقد وعتب" فلتكن هذه المسج سببا في إعادة اللحمة وطرد الشيطان من بيننا عسى الله أن يغفر للجميع) .
للتوضيح يا سيادة الشيخ الفاضل أنا ما كان بيني وبين أختي إلا كل خير كنا مرات نتخاصم لنعود بعدها نتصالح ثاني يوم علاقه طبيعية بين الأخوة، لكن هذه المرة تفاجأت بتدخل سلبي إلى أقصى حد من زوجها والذي للأسف فاجأني بتصرفه هذا بسبب علاقتنا المتميزة والتي لم تشبها أي شائبة من يوم تزوج أختي قبل 23 سنة لدرجة أن أختي شادة ظهرها في زوجها ضد أخيها، الشيء الذي لم أكن أتصوره أن يحدث بيني وبين واحدة من أخواتي, يعني عندما بعثت المسج أعلاه على جواله توقعت أن يلعن الشيطان لأن المشكلة أتفه من أن تسبب القطيعة بيننا وبهذا الشكل وأن يقوم على الفور بالاتصال بي وزيارتنا وإنهاء المشكلة, لكن وللأسف حدث العكس ليقول لأختي (وصلتني مسج من أخوكي مستغرب ليش باعثها لي شو في بيني وبينه كان لازم بعثلك إياها!) صدقني يا شيخ هو كان أساس المشكلة من الأساس حيث بعث لي مسجات استفزتني ظننت أنها من أختي رديت عليها بالمثل "ساعة غضب" لأكتشف بعد ذلك أن المسجات كانت منه هو وليست من أختي!! يعني بالفعل مشكلة تافهة وسهل حلها لكن لماذ هذا، التزمت من قبل أختي المسكينة، مع أني أعرف المشكلة أنهم ذاهبون للحج هذه السنة والله لا أعرف هل تجوز لهم الحجة! يا رب اهدهم، يا شيخ أرجو من سيادتكم أن تقولوا لي هل علي أي شيء بعد كل هذه المحاولات! وهل أأثم! أرجوكم وأفيدونا؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن ننبهك إلى أن من واجبك إنصاف أختك فيما قلته عنها من أنها شادة ظهرها في زوجها ... فلا شك أن الأولى بها هو محاولة الجمع بين طاعة زوجها وإرضائك أنت، ولكنه إذا استحال الجمع بين ذلك فإن من واجبها طاعة زوجها في المعروف، لأن طاعة الزوجة لزوجها من أعظم الأعمال التي تقربها من الله والفوز برضوانه، قال صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. أخرجه الترمذي بإسناد حسن. وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة. أخرجه الترمذي وحسنه.
وفيما يخص موضوع سؤالك، فإذا كان الحال على ما ذكرته من محاولات الصلح مع أختك، ومن الدعاء لها ولزوجها قبل الصلوات بالهداية، وبقبول الحج وبأن يعيدهم سالمين غانمين إلخ.. ولم تدخر جهداً في ذلك، فنرجو أن لا يكون عليك إثم إذا لم تستجب هي وزوجها لما تريده منهما، وعليك أن تستمر في الدعاء لهما، وأن تصلهما متى ما أمكنك ذلك، فإن أجرك بذلك سيتضاعف عند الله، ونسأل الله أن يعيدكم إلى ما كنتم فيه من الألفة والمحبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1428(13/63)
هل يجب طاعة الأم التي تحاول عدم إتمام زواج ابنها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مكتوب كتابي على إنسان جيد جدا بس أهله كانوا رافضين لي وبعدها أهلي كتبوا كتابي عليه وهو كان يريد الموضوع يتم، لكن المشكلة أن والدته لا تكلمني وأنا أحاول أقترب منها وأقرب وبينها وبين أهلى أيضا، لكن هي رافضة فكرة الصلح وطلعت عليّ كلاما غير طيب، رغم هذا كله قلت أصالحها أنا من أجل زوجي، أرجو منكم الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا في حرصك على الصلح مع أم زوجك، ونسأل الله تعالى أن يتم هذا الزواج على خير وأن يقر عينك بزوجك. ونوصيك بالمزيد من الصبر على أم زوجك، وبرك بها من برك بزوجك، وتنالين به حبه ومودته، وينبغي أن تحرصي على أن لا يصدر أي نوع من التقصير من قبلك تجاهها. وإن كانت أمه تحول بينه وبين إتمام هذا الزواج وتريد منه طلاقك فلا يلزمه طاعتها في ذلك ما دام العقد قد تم؛ إلا أن يكون له وجهة نظر معتبرة شرعا. وينبغي أن يجتهد في محاولة إقناعها وأن يشفع إليها بمن لهم تأثير عليها من الفضلاء، فإتمام الزواج مع رضاها أفضل وأكمل. ولمزيد الفائدة راجعي الفتويين رقم: 61640، 75696.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1428(13/64)
حكم قضاء الزوجة مصالح والد زوجها خارج البيت بدون إذن زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من حق أبي زوجي أن يأمرني بالخروج من المنزل بدون إذن زوجي وهذا بأمر منه لقضاء مصلحة لأحد أفراد أسرته، مع العلم بأن زوجي موجود, فقط يخرج لعمله صباحا ويعود ظهراً أو عصراً، وأن زوجي يتذمر من هذه الفعلة لكنه لكي لا يغضب والده يسكت!! وهل من أدلة شرعيه يقدمها لوالده ببساطة كي يقتنع ويكف عن ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسن زوجك في حرصه على تجنب إغضاب والده، فإن الشرع الحنيف قد حث كثيراً على بر الوالدين والسعي في إرضائهما واحترامهما، والزوجة الصالحة هي التي تعين زوجها على بر والديه، وعلى أمر الآخرة، فقد سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: لو علمنا أي المال خير فنتخذه؟ فقال: أفضله لسان ذاكر، وقلب شاكر، وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه. رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني. وفي رواية: ليتخذ أحدكم قلباً شاكراً، ولسانا ذاكراً، وزوجة مؤمنة تعينه على أمر الآخرة. رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني.
وفيما يخص موضوع السؤال فقد سبق أن بينا أنه ليس لوالد الزوج سلطان على زوجة ابنه، فلا تلزمها طاعته، وراجعي في هذا الفتوى رقم: 59860، والفتوى رقم: 48933.
ولكننا ننصحك بأن لا ترفضي ما يريده منك أبو زوجك إذا لم يكن عليك فيه ضرر، وكان الزوج يأذن في ذلك عوناً لزوجك على بر أبيه، فذلك خير لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1428(13/65)
الأم أحق برعاية أولادها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي ولدان الأكبر 4 سنوات والأصغر 11 شهرا، وبنت 3 سنوات ... وأهل زوجي عند خروجهم من البيت يأخذونهم معهم من غير علمي أو إخباري ... وإذا اتصلت بهم لا يردون على الهاتف، وإذا أخبرت زوجي لا يهتم بهذه الأمور.... فأنا أم ومن حقي أخاف على أبنائي وأعرف أين هم وأرى من حقي أن يستأذنوا مني قبل أخذهم، فما رأيكم أنتم، وهل إذا لم أوافق على خروجهم معهم بعض الأحيان أكون أخطأت، فأرجو إفادتي؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن من حقك المحافظة على أبنائك والمراقبة عليهم ومعرفة مداخلهم ومخارجهم وكيف يعملون ومن يصحبون في حال غيابهم عنك فأنت المسؤولة الأولى عن تربيتهم وتوجيههم، وخاصة في هذه المرحلة من أعمارهم، ولذلك لا يحق لأهل زوجك أخذهم بدون علمك والذهاب بهم كيف شاءوا.
ومع ذلك فلا يحق لك أن تمنعي أبناءك من صلة أهل أبيهم ورحمهم، وعليك أن تكوني متسامحة مع أهل زوجك فإن ذلك أدوم لحسن العشرة بينكما. فعليك أن تخبري زوجك بذلك بصورة خاصة وطريقة ودية حتى يتفهم وجه حرصك على عدم غياب الأبناء عنك، ويسعى هو في بقائهم معك دون إشعار أهله بعدم الثقة فيهم، أو أنهم ليسوا أهلاً لرعاية وتربية الأبناء، وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 39533، والفتوى رقم: 95763.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1428(13/66)
حكم طلب الأم من زوجة ابنها السكن معها لخدمتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في العاصمة صنعاء وأريد أن أسكن أنا وزوجتي في صنعاء، حيث إن زوجتي في الريف تسكن مع الوالده وتقوم بخدمة الوالدة والأرض في الريف، وعندما أريد أن آخذ زوجتي من الريف إلى المدينة لتسكن معي تعترض الوالدة بحجة أنها محتاجة إلى خدمتها, علما بأن الوالدة ما تزال في الأربعينات من العمر وقادرة على خدمة نفسها في الأعمال المنزلية ألا أنها تعترض بسبب وجود الأرض والوالد ما يزال موجودا ويقوم بتقديم كافة النفقات، فهل أعتبر عاقا إذا أخذت زوجتي وأمي غير راضيه، فأفتونا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت أمك محتاجة إلى خدمة زوجتك فعلا ورضيت زوجتك بخدمتها والبقاء عندها وأنت لم تخش على نفسك من الوقوع في الحرام في حال سكناك في المدينة بلا زوجة فتجب عليك طاعة أمك في هذا لأنه من المعروف الذي لا يترتب عليه محرم شرعي.
وأما إن رفضت زوجتك خدمتها وطلبت أن تكون معك أو في بيت مستقل، أو امتنعت من الخدمة وهي معها في البيت فلا شيء عليها لأنه لا يجب على الزوجة خدمة أم الزوج، وحينها لا حرج عليك في أخذها، كما لا حرج عليك أيضاً في أخذها معك إذا كنت محتاجاً لها معك صيانة لنفسك عن الحرام، ويمكنك أن تعين والدتك بشيء من المال لتستعين بغيرها في قضاء بعض الحوائج التي تعجز عنها، وبذلك تكون قد جمعت بين حفظ نفسك وإعانة أمك وبرها والقيام بحقوق زوجتك، فانظر في الموضوع من جميع جوانبه وقدر ما هو الأصلح لك ولأمك ولزوجتك، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 33290، والفتوى رقم: 76303.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1428(13/67)
لا خير فيمن يريد أن يفرق بين الشخص وبين أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بدولة الإمارات العربية المتحدة، الموضوع هو أنني مقبل على الزواج من بنت خالتي في الصيف المقبل لكن المشكلة أن أمي تريد أن أعيش معها في شقة لوحدي فى نفس البيت المقيمة فيه، ولكن زوج خالتي يريد أن أسكن فى أي منطقة بعيده عن بيت أمي تجنبا للمشاكل فقط، فماذا أفعل، علما بأن أبي منفصل عن أمي منذ صغري وأعيش مع زوج أمي وإخوتي منذ الصغر، وزوج أمي يعمل فى الأمارات، ولكن يريد أن يستقيل من العمل بسبب الإجهاد ويريد أن يطلق أمي، وأمي موافقة على ذلك لأن الحياة بينهم أصبحت مستحيلة بسبب خلافات دائمة سابقة، وأبي لا أعلم عنه شيئا إلا أنه كل اتصالاته لي يريد مني مالا فقط ولا يسأل عني, والآن أريد أن أعرض عن هذا الزواج لكي أعول أمي وإخوتي وأيضا بسبب الخلاف الموجود بين أمي وزوج خالتي بسبب الشقة، فماذا أفعل بالله عليكم، فهل أعرض عن هذا الزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي لك تأجيل الزواج ولا الإعراض عنه لما ذكرت ما دمت قادراً عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. وقد بينا في الفتوى رقم: 16681 أن النكاح تعتريه أحكام الشرع الخمسة.. فقد يكون واجباً أو مندوباً أو محرماً أو مكروهاً أو مباحاً، وذلك بحسب حال الشخص، كما بينا في الفتوى رقم: 66879 حكم من لا يجد مؤونة النكاح.
وأما إذا كانت أمك فقيرة ولا عائل لها غيرك وأنت لا تستطيع الجمع بين الزواج والنفقة عليها فالنفقة عليها أولى إذا كنت لا تخشى على نفسك العنت والوقوع في الحرام، وانظر الفتوى رقم: 23985، والفتوى رقم: 32112.
وأما شرط ولي أمر خطيبتك وطلبه لإسكان ابنته بعيداً عن أمك فليس له ذلك، ولا ينبغي أن تستجيب له لحاجة أمك إليك وإلى رعايتك وتعاهدك، واسمع إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم وقد جاءه رجل فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
فأمك هي أولى الناس بحسن صحبتك ورعايتك وتعاهدك فلا تدع ذلك لأجل زوجة أو غيرها، لكن إن كانت المرأة ذات دين وخلق، فينبغي أن تحرص عليها وتحاول إقناع أبيها بعدم الضرر عليها في سكناها قريبة من أمك، وأنك ستوفر لها السكن اللائق بها والمعاملة الحسنة المأمور بها لها، وهكذا فإن استجاب فبها ونعمت وإلا فدعها لأن من يريد أن يفرق بينك وبين أمك لا خير فيه، والنساء غيرها كثير، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، وقد ورد في الفتوى رقم: 80076 حالة شبيهة بحالتك فانظرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1428(13/68)
معاملة أهل الزوج بالمعروف أجره عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة وأعاني منذ سنوات من علاقتي مع أهل زوجي فكلما أجتمع معهم يبدأ التعليق اللفظي والغمز واللمز وخاصة أنه يوجد عدد لا بأس به من بنات الحماة، وقد علمت مؤخراً ان حماتي تعمل السحر لي ولزوجي وأنا منذ أكثر من أربع سنوات اعاني من آلام الظهر غير المبررة، المهم قد حدث خلاف كبير بيني وبينهم وقرر بعدها زوجي أن لا أزورهم خوفا من زيادة الأمر سوءا، والآن هو يحاول أن يعيد علاقتي معهم ويقول لي إنه لا بد أن أعترف بأن معظم الحق علي وأنا الذي سببت هذا كله وهذا موضوعه طويل منذ بدأ زواجي كنت أحب أن تكون علاقتي معهم رسمية قائمة على الاحترام والمحبة الحقة وليس كما هم معتادون عليه بأن الكنة للخدمة فقط فهو يلومني على هذا المبدأ..... المشكلة أنني أجد نفسي غير قادرة على تحمل إهاناتهم ولا تدخلاتهم في حياتي وحياة أولادي وأخاف على نفسي من الفتنة ولا أستطيع أن ألبي مطلب زوجي خاصة أنني أعرف أنه أي تعليق صغير لن أتحمله بعد الآن ولن أضغط على أعصابي أكثر من هذا وخاصة أنني أعاني من الأعصاب وأولادي قد كبروا ولا أستطيع أن أتحمل رؤيتهم لي أتعرض للتعليق والمسخرة التي يعيث فيها أهل زوجي وخاصة أن زوجي لا يدافع عني ولا عن أولاده، وهل يجوز هذا شرعا حيث اختلط عليه حق الوالدين وبرهم بحقي وحق أولاده عليه كراع وحام لبيته، فأنا لا ألمس منه المسؤولية الكافية اتجاهنا المهم عنده أهله، ف أفيدوني بما أفكر، وجزاكم الله ألف خير، إن كان فيه حرمة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا ما يجب على الزوج فيما يحصل بين زوجه وأهله، وما ينبغي أن يكون عليه في ذلك من إعطاء كل ذي حق حقه دون ميل إلى طرف، أو حيف على طرف، فانظري ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 26050، والفتوى رقم: 49762.
كما بينا في الفتوى رقم: 33290 أنه لا يجب على الزوجة خدمة أهل زوجها شرعاً، ولكن ينبغي ذلك إحساناً إلى الزوج وتطييباً لخاطره، فإكرام أهله والسعي في رضاهم إكرام للزوج، فننصحك بذلك ما لم يترتب عليه ضرر أو يلحقك به أذى أو مشقة، وإن كان فقول معروف ومغفرة وصفح عن زلاتهم ومجازات سيئاتهم إحساناً وصلتهم ما أمكن ذلك، واعلمي أنه قلما يخلو بيت من المشاكل والخلافات الزوجية، ولكن إذا عولجت بحكمة وتم التغاضي بين الزوجين عما يمكن التغاضي عنه من الهفوات والزلات فإنها تزول وتتلاشى ويعقبها الحب والألفة، وهذا ما ننصحكما به، وللوقوف على المزيد في ذلك انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4180، 50547، 93858، 53593، 58597.
وأما اتهامك لهم بعمل السحر لك فلا يجوز ما لم تكن عندك بينة وبرهان، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12} ، وراجعي لمعرفة المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 21406.
وخلاصة القول أن على زوجك أن ينصفك ويؤدي إليك حقك كما تجب عليه طاعة والديه والبر بهما والسعي في مرضاتهما ولا تعارض بين ذلك كما بينا، وإننا ننصح بمعالجة هذا الموضوع بحكمة وعدم استعجال وبالنزول عند رغبة الزوج فيما ليس بواجب عليك من زيارة أهله والاعتراف لهم بحقهم إذا لم يكن في هذا ضرر عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1428(13/69)
لا بأس بمعاملة الشخص أولاد أخيه كمعاملته لأولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[في البداية أعتذر لكم وأرجو أن يتسع صدركم لهذا السؤال الطويل ولكنه هام بالنسبة لي جدا ... زوجي له بنات أخيه (هو عمهم) ولكن تربين في بيت عائلته وبالرغم من أن فرق السن بينهم ليس صغيرا (13عاما) إلا أنهن يعاملنه كصديق ومنهن من تناديه باسمه او باسم دلع وأحيانا أشعر أن أسلوب الكلام فيه تعدٍ في الألفاظ على سبيل المزاح بينهم وهذا يزعجني ويضايقني كثيرا كما أنها تغضب إذا عرفت أنه يخفي عنها أشياء وهذه الأشياء تعتبر أسرارنا الأسرية كالماديات مثلا فأطلب منه أن يغير من أسلوبه معها حتى تصبح العلاقة في الإطار الصحيح كأي عم وابنة أخيه. فهل أنا مخطئة؟ وهل هذا التعدي في العلاقة بينهم مباح؟ كما أنه يقول إنه كان يجلس معها منفردين وأمه تقول له هذا لا يجوز فهل الخلوة بينهم في غرفه تجوز؟ وهي تقص له معظم مشاكلها حتى الأسرية بينها وبين والديها فهل هذا جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يجري بين الزوجين مما هو خاص بهما من أمور الفراش، وكذلك ما ائتمنت الزوجة عليه زوجها من أسرارها لا يجوز له إفشاؤها، وأما ما لم يكن خاصا بها فلا حرج عليه في ذكره لغيرها سيما إذا كان مما يتطلب مشورة ونحوها، كالمصاريف وتدبير بعض الأمور العائلية، مما لا خصوصية فيه. ومهما يكن من أمر فلا حرج على الزوجة في مطالبة الزوج بكتم جميع أمورهم التي لا يتعلق بكتمها حق للغير، وينبغي أن يستجيب لطلبها، فلا يشرك طرفا ثالثا أيا كان في أموره العائلية إلا عند الحاجة إلى ذلك، وليكن ذلك برضى الطرفين فإنه أدعى للألفة.
وأما معاملته لبنات أخيه بما ذكرت فلا حرج فيه، ولا ينبغي أن يقلقك إلا إذا كانت هنالك ريبة منه أو منهن، وليس فيما ذكرت من منادتهن له باسمه ونحو ذلك ما يدعو إلى الريبة، فهن كبناته يمرحن معه، ولا يلزم أن يكون هنالك حاجز بينهن وبينه، وهو مَحْرَم لهن، تجوز له الخلوة معهن وغيرها إلا إذا كانت هنالك ريبة فلا، ولا يجوز لك اتهامه واتهامهن بذلك دون بينة، فلا تحملك الغيرة المفرطة أن تغاري من بنات أخي زوجك دون ما يدعو إلى ذلك. وللفائدة انظري الفتاوى التالية أرقامها: 27683، 1995، 71340.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1428(13/70)
الترغيب في قبول اعتذار الأهل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مذبذبة في علاقتي بأهلي بسبب حدوث مشاكل منذ فترة وهم اعتذروا لي عن خطئهم ولكن هذا التغيير من ناحيتهم متأخر فبالتالي لم يؤثر في، أريد أن أنسى ما فات وأتعامل معهم من جديد ولكني لا أستطيع.
أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي -أيتها الأخت الكريمة- أن الشيطان عدو للإنسان يسعى بشتى الوسائل للإيقاع بين المؤمنين، ففي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم.
والواجب على المسلمين هو السعي إلى الصلح؛ لأن الصلح خير كما قال الله تعالى، فإذا كان أهلك قد أخطأوا في حقك، وتقدموا إليك بالاعتذار فالواجب أن تقبلي ذلك ولا تطيعي الشيطان. ففي الصحيحين من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. واللفظ للبخاري.
وهذا إذا كنت تعنين بالأهل الإخوة ومن في درجتهم أو أبعد في القرابة، وأما إذا كنت تعنين الأبوين أو أحدهما، فإنك تكونين مخطئة خطأ كبيرا في ما ذكرته من تذبذب في علاقتك بهم.
فالوالد أوسط أبواب الجنة كما جاء في الخبر الصحيح، وفي رضاه رضا الرب تعالى. روى الترمذي من حديث أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. وروى الترمذي أيضا من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1428(13/71)
لا يحق للولد هجر أبيه مهما كانت حالته
[السُّؤَالُ]
ـ[أيها الأفاضل وجزاكم الله ألف خير قبل كل شيء وبصراحة الموقع به معرفة جهورية.
أما سؤالي فإنه عن أبي: أبي من النوع الذي يزعل ولا يسأل عنا أنا وإخوتي ولو بلغ الأمر مهما بلغ، وكنت أتحمل كل هذا منه طوال تلك الفترة الماضية وحاول أن يتعرض لمصالحي في أمور عديده والله يعلم أنني لم أسئ له في شيء من حقوقة بل إنه كان سببا في فراق أمي منه وعشت مع أمي من وأنا كان سني الخامسة وأنا الآن أبلغ السادسة العشرين، ومنذ أكثر من شهرين لاحظت منه حتى امتنع عن الكلام معي، وأنا بصراحة تركته وأتمنى من ربي لو يرجع يوما ما، ولكنه هو على هذه الحالة ولم يسأل عني، السؤال هو: هل أعتبر هنا أنا الغلطان وعاقا لأبي وسوف يجازيني ربي عليه؟ أم ماذا علي أن أفعل، فأرجو الإفادة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأعلم أنه ليس للولد الحق في أن يهجر أباه مهما كانت حالة الأب وسوء معاملته للابن، بل الواجب أن يتقرب إليه، ويترضاه ويعتذر له عما أغضبه عليه، فإن بر الأب ومصاحبته بالمعروف من آكد الواجبات، كيفما كانت قسوته في معاملته لأبنائه، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:14-15} ، وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} .
وأخرج الإمام مسلم وأحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة.
وعليه؛ فما كنت تتحمله من أبيك منذ بداية طفولتك، وما قلت إنه يحاوله من التعرض لمصالحك، وما لا حظته الآن من أنه امتنع عن الكلام معك ... كل هذا لا يبيح لك أن تتركه ولو تركك ولم يسأل عنك.
واعلم أنك إذا عاملت أباك بمثل ما عاملك به من القطيعة أو غيرها ستعتبر دائماً أنت العاق، وإن لم يغفر لك الله ذلك فسوف تجزى بما تستحق، فبادر إلى ترضية أبيك والقرب منه، وقابل قطيعته لك بالاقتراب والاعتذار، واخفض له الجناح مهما كانت قسوته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1428(13/72)
هل تأثم من تركت زيارة أهل زوجها بسبب إهاناتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: هل مقاطعة أهل الزوج نظراً لتسلطهم وإيذائهم وإصرارهم على التقليل من شأني واستغلال طيبتي فيه إثم، علماً بأني منذ 6 سنوات كنت أخشى هذه القطيعة فتجدني أتنازل عن حقي مما يزيدهم استضعافاً لي مما اضطرني إلى الابتعاد عنهم صوناً لكرامتي ويقوم زوجي بزيارتهم مع أبنائي بدون أن أذهب معهم، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ترتب على زيارتك لهم أذية أو إهانة فليس عليك إثم في ترك زيارتهم، ولكن عليك أن تبيني هذا لزوجك، وتحثيه على صلة والديه وأهله، حتى يشعر منك أنك لم تمتنعي عن زيارة أهله بغضاً ولا كراهية، وإنما بسبب ما تتضررين به عند زيارتهم. وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 4180، والفتوى رقم: 60257.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1428(13/73)
الحفاظ على المحارم والأقرباء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الآن في سن29 وقد كنت في صغري أتحرش ببنات أختي واستمرت هذه العادة معي حتى وصلت إلى أولى جامعة وكبرت بنات أختي وامتنعن عني فتبت عن ذلك الفعل والتزمت وواظبت على الصلوات الخمس في المسجد، ولقد علمت أن من شروط التوبة أن ترد المظالم إلى أهلها وإذا ظلمت أحدا أن تستسمحه، وسؤالي هو كيف أرد المظالم في مثل حالتي هل أصارح أخواتي وأطلب منهن السماح، علما بأنني الوحيد الملتزم في بيتنا ويعتبرونني الآن قدوة لهم وضابطا لدفع المنكر والأمر بالمعروف باستثناء بنات أخواتي اللائي تحرشت بهن أفيدوني أكرمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزنا كبيرة من الكبائر التي حرمها الله تعالى على عباده، بل وحرم القرب منها والوقوع في دواعيها ومقدماتها، فقال الله تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {الإسراء:32} ، وإذا كان الزنا ودواعية من الأمور المحرمة بين عموم الناس، فإن حرمته أشد إذا وقع على المحارم، لأن المحرم مطلوب منه الحفاظ على عرض محارمه والذود عنه، لا أن يكون هو أول الهاتكين له المضيعين لأركانه، والواجب على من وقع في هذه الفاحشة العظيمة أن يتوب إلى الله تعالى، بترك الذنب، والندم عليه، والعزم على عدم العودة إليه، مع التزام صحبة أهل الخير والصلاح.
ثم الواجب عليك أن تستر نفسك ولا تفضحها، فقد روى مالك في الموطأ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله. كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كل أمتي معافى إلا المجاهرين. رواه البخاري ومسلم.
وأما ما ذكرته من اشتراط رد المظالم إلى أهلها في التوبة فإنه صحيح، ولكن مسألتك ليست فيها مظلمة لأحد حتى تُلزم بردها، لأن الظاهر من سؤالك أنك لم تكره بنات أخواتك على هذا الفعل، بدليل أنك ذكرت أنك تبت منه بمجرد امتناعهن منه لما كبرن.
ولو كنت أكرهتهن عليه لكان الواجب طلب المسامحة منهن، لا من أمهاتن، ثم إننا نوصيك بالسعي في إنقاذ أسرتك مما ذكرته عنها من عدم الالتزام، ففي الصحيحين عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1428(13/74)
تراعى حقوق أهل الزوج التي وجبت لهم بالإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله تعالى كل خير، سؤالي هو أنني امرأة وعندي أطفال أهتم بهم ووقتي محصور لهم حتى أني لا أخالط الناس لأنهم يأخذون كل وقتي وحيرتي تكمن في أني أسكن قرب بيت حماتي وهم يتهمونني بأنني لا أزورهم كثيرا وأنني مقصرة بحقهم فهم دائما في عتب دائم علي يريدون أن أساعدهم في أعمال بيتهم رغم أني شرحت لهم وقتي كيف يذهب مع العلم أن زوجي غائب وأنا من تحضر كل شيء للبيت ولا يبقى عندي أي مجهود لغير بيتي وهم كثر ولا يريدون خدمة أنفسهم لأنهم يعتقدون أن الكنة ملزمة بمساعدة بيت حماتها وهذا يوقعني بحيرة هل أنا قاطعة للرحم أم لا إثم علي، يعني هل يجب أن أترك أولادي وأذهب لمساعدتهم حتى يرضوا قليلا عني مع العلم أنه في أي مناسبة عطلة مدرسية لا أوفر جهدا في مساعدتهم.
وشكرا وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يعتقده أهل زوجك من كونك ملزمة شرعا بمساعدتهم أو خدمتهم في أعمال البيت ونحوها، ليس صحيحا، فلا يجب عليك ذلك ولا إثم عليك في تركه، ولا تعدين بذلك قاطعة رحم، وانظري ما سبق بيانه في الفتاوى التالية: 77681، 59860، 33290.
لكن ينبغي لك مراعاة حقوقهم التي وجبت لهم بالإسلام، وبالجوار، ومن حقوق الجوار ما ذكره الغزالي في قوله: ليس حق الجوار كف الأذى فقط، بل احتمال الأذى،.. ولا يكفي احتمال الأذى؛ بل لا بد من الرفق، وإسداء الخير والمعروف.. ومنها: أن يبدأ جاره بالسلام، ويعوده في المرض، ويعزيه عند المصيبة، ويهنئه عند الفرح، ويشاركه السرور بالنعمة، ويتجاوز عن زلاته، ويغض بصره عن محارمه، ويحفظ عليه داره إن غاب، ويتلطف بولده، ويرشده إلى ما يجهله من أمر دينه ودنياه.. هذا إلى جملة الحقوق الثابتة لعامة المسلمين. انتهى
فينبغي لك الحرص على مشاعرهم ومحاولة كسب رضاهم قدر الإمكان، ولكن لا يكون ذلك على حساب واجبك تجاه أولادك وبيتك.
وفقك الله لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1427(13/75)
محاولة الإصلاح والتغاضي عن الهفوات أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في حيرة كبيرة وأرجو أن أجد في موقعكم والذي والله وصل صداه الطيب إلى الكثير من الناس هنا في تونس.
سيدي، لي أخ تزوج منذ ثلاث سنوات من امرأة لم يخترها ولم نخترها نحن بل بإلحاح وإقناع من أمها ولم نكن أبدا راضين عن هذا الزواج لعدم توافر أي شروط محبوبة في المرأة وخاصة لأن أخي مثقف وجامعي وهي أمية. ولكن لأنه قد تم اقتنعنا بالأمر الواقع وحاولنا جهدنا أن نحسن إليها ولم نسئ لها يوما أما هي فأخلاقها الفاسدة كانت تظهر يوما بعد يوم. وما راعنا إلا وأن نفتقد في كل مرة أغراضا لنا. شككنا فيها مباشرة ولكننا سكتنا. ووصل بها الأمر إلى سرقة الذهب من أختي وسرقت عطرا جيدا لي وهو هدية زواجي منذ أشهر. هي أقسمت على المصحف الكريم بطلب من أخي الذي لم يصدقنا ولامنا وقاطعنا ثم عاد وطلب منا أن نعتذر لها واعتذرنا فقط لإرضائه رغم اقتناعنا التام بأنها الفاعلة. وانكشفت كل الأدلة ضدها واعترفت هي له ولكن ما راعنا أنه أصبح يمعن أكثر في حبها ومراضاتها وتدليلها، لم يلمها حتى مجرد اللوم، لم يعد يقوم بواجبه تجاه أمه الأرملة وكل همه زوجته. وهي لا تحسن لأمي ولا تتفوه بأي كلام جيد في حقها و.....و ...
أخي هذا قبل أن يتزوجها كان مثلا يحتذى به في المبادئ العليا وسمو الأخلاق والخوف من الله وإعطاء كل ذي حق حقه، ومنذ زواجه بها انقلب بصفة كلية وصار يسيء لنا إذا اشتكينا منها أما أنا فقد قاطعني نهائيا تقريبا ولا يسأل عني رغم أنني متزوجة حديثا ولا يفكر بي بتاتا وذلك لأنني اتهمت زوجته بالسرقة بعد أن وجدنا آثار المسروقات لديها.
سيدي نحن نشك بأن أخي مسحور من قبلها خاصة وأن أمها ممن لا يؤتمن جانبها. فهل يمكن أن يحدث هذا علما وأن أخي يصلي؟
وهل إذا سحروه يمكن أن نعالجه دون أن يعلم بتلاوة القرآن وخاصة السور الخاصة بذلك من قبلي أنا؟
أخي لا يمكن الحديث معه والنقاش فكيف يمكننا إرجاعه إلى الطريق الصواب وهو الإحسان إلى عائلته وتعديل سلوك زوجته.
أفيدوني جازاكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى ألا يزيغ قلب أخيك بعد أن هداه، وأن يهيئ له من أمره رشدا، ويوفقه لما يحبه ويرضاه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وأما سؤالك فقد تضمن أمرين:
أولها: إهمال أخيك لأمه وعدم قيامه بواجبه تجاهها، وهنا نقول: إن العقوق من أكبر الكبائر وأشدها إثما وأكبرها ضررا على فاعله عاجلا وآجلا، ففي حديث أبي بكرة رضي الله عنه عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين. .. الحديث أخرجه البخاري ومسلم. وأخرج النسائي وغيره من حديث سالم بن عبد الله عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث. وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والمدمن على الخمر، والمنان بما أعطى. قال الشيخ الألباني: حسن صحيح. وللمزيد تراجع الفتوى رقم: 32022.
فعليه أن يتقي الله تعالى في أمه ويحسن صحبتها، فهي أحق الناس بذلك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله السائل: أي الناس أحق بحسن صحابتي فقال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أبوك". متفق عليه
وعليه أن لا يقبل من زوجته الإساءة إلى أمه، فلا خير في زوجة تسيء إلى أم الرجل أو أبيه، وعلى زوجته أن تعلم أن خير الزوجات من أحسنت إلى أهل زوجها وجمعت بينهم؛ لأن ذلك من الإحسان إلى الزوج وهو أدعى للألفة واستمرار الزوجية. وانظري الفتوى رقم: 17008.
كما ننصحكم بالتلطف معها والتغاضي عما أمكن من هفواتها وعدم اتهامها إلا عن بينة ويقين. كما ينبغي الستر عليها إن تابت من ذنبها. وإذا لم يُجدِ إخبار الزوج بفعلها ولم ترعو هي عما تفعل من سرقات ولم تعد ما أخذته من ذهب وغيره ولا تريدون مسامحتها في ذلك، فينبغي رفع أمرها إلى الجهات المسؤولة لتأخذ الحق منها وتعيدها إلى رشدها وتأخذ على يدها؛ لتكفها عن عادتها القبيحة كما ذكر في السؤال. وإن كان الأولى والذي ننصح به هو حل تلك الأمور كلها داخل البيت وفي مجلس الأسرة، وعدم إذاعته ونشره بين الناس ما أمكن ذلك.
والأمر الثاني مما تضمنه سؤالك هو هل يمكن أن يكون أخوك مسحورا وهو يقيم الصلاة؟ والجواب نعم إذا بدت أعراض السحر عليه، وما ذكرت من تغير حاله قد يدل على ذلك. والسحر يمكن علاجه بالرقى الشرعية. وقد بينا أعراض السحر وكيفية علاجه وحقيقته في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 13199، 27789، 502، 2244، 21406، 21812.
ولا حرج عليك أن تقومي برقيته بنفسك أو تذهبي إلى بعض المشايخ الموثوق بهم دينا والتزاما ليقوموا بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1427(13/76)
الإحسان إلى الأقرباء يؤدي للألفة والمحبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا حماتي أتت لبيتي واعتدت علي بالكلام الجارح والإهانة وحاولت ضربي دون أن أخطئ في حقها وقامت بطردي من بيتي وقالت لي نحن لا نريدك اذهبي لأهلك ولا ترجعي، وقالت لي كلاما يمس الشرف والحياء وقالت لزوجي لا تحضرها لبيتنا وذلك كله دون أي ذنب مني فقط لأنها تكرهني ولأني كنت مسافرة عند أهلي وهي تعتقد أني أخذت نقود السفر من زوجي بينما أنا لي راتب وأنفقت مصاريف السفر من راتبي وهي تريد نقودا من زوجي وتظن أنه يعطيني ولا يعطيها ... وبعد ما فعلته أنا رجعت لأن زوجي يريدني ولا أستطيع أن أعصيه ولكني لم أكلم حماتي ولم أذهب لبيتها (وهي طلبت من زوجي أن لا يحضرني إلى بيتها) والآن مضى 4 شهور على هذا الحال.. أنا خائفة وقلقة جدا أن لا يرفع الله أعمالي لأن بيني وبين حماتي قطيعة وكرامتي لا تهون علي بأن أذهب وأصالحها.... فهل أنا آثمة من القطيعة مع العلم أنها هي السبب وهي التي قالت نحن لا نريدك ... فماذا أفعل؟ نحن في شهر رمضان والعيد قريب وأنا أكثرت من أعمال الخير في شهر رمضان فهل يعقل أن لا ترفع أعمالي وأنا لم أذنب وأنا المظلومة.؟؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا، فهذا المر يقلق منامي ويؤرقني..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لحماتك أن تطردك من بيتك، ولا ينبغي أن تستجيبي لها إن أرادت ذلك، ولا حرج عليك أن تدافعي عن نفسك، وعلى ولدها أن يمنعها من الظلم والتسلط عليك، وإن كان الأولى والذي ننصحك به هو مسامحتها والتجاوز عن هفوتها، فقد قال الله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت: 34 ـ 35} وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن قرابته الذين يصلهم ويقطعونه ويحسن إليهم ويسيؤون إليه ويحلم عليهم ويجهلون عليه، قال له: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. ومعنى (تسفهم المل) تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم كما يلحقهم الألم في الرماد الحار، ولله در القائل:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم *لطالما ملك الإنسان إحسان.
فينبغي أن تعصي الشيطان وتذهبي إلى حماتك في بيتها وتسلمي عليها وتعتذري لها، فربما بلغها عنك ما تكره، وبذلك تميتين الخلاف، وترضين زوجك وتعينيه على طاعة وجلب رضا والديه فتكونين زوجة صالحة، وللفائدة انظري الفتوى رقم: 68088، وإذا فعلت ما عليك بأن سلمت عليها متى ما لقيتيها وزرتها فقد فعلت ما عليك، فإن استجابت هي فبها ونعمت، وإلا فإنها تبوء بالإثم وحدها؛ كما بينا في الفتوى رقم: 25074.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1427(13/77)
لا يجب على الزوجة القبول بسكن أقارب الزوج معها
[السُّؤَالُ]
ـ[أم زوجي متسلطة تريد ترك ابنتها في منزلي وهي مصابة بانفصام الشخصية (مجنونة) وأنا غير راضية عن ذلك لأنني أغلب وقتنا أنا وزوجي في العمل من الصباح حتى المساء فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق الزوجة الاستقلال ببيت خاص لا تتضرر فيه، ولا يجب عليها القبول بأن يسكن معها أحد من أقارب الزوج أو غيرهم، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 62280، وعليه فلا حرج عليك في عدم قبول سكن هذه الأخت لا سيما مع خشيتك الضرر منها، ونرى أن تبيني لزوجك أولا الحكم الشرعي لكي يتفهم موقفك، ثم فكري معه في الطريقة المناسبة للاعتذار عن قبول الأمر المذكور محاولين تجنب غضب الوالدة وحنقها عليكما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1427(13/78)
تقديم الاعتذار لأجل الصلح خير
[السُّؤَالُ]
ـ[حدثت مشادة بين زوجة أخي الكبير وزوجة أخي الصغير في يوم وفاة والدتي، فصممت أنا وأختي على طرد الاثنين من منزلنا مطرودين، وبعد ليلة المأتم قلت لأخي الكبير لا تحزن وأنا مستعد للتصالح مع زوجتك إلا أنه رفض وقال لي لا مجال للتصالح إلا بعد إن تأتي لمنزلي وتعتذر لزوجتي وحدثت أختي بما حدث وصممت ألا تذهب إلى بيت أخي الكبير - والآن أخي الكبير غاضب منا بالرغم من أن زوجة أخي الصغير ليست غاضبة منا والعلاقة بيني وبينها وأخي الصغير جيدة جدا‘ وللعلم أني اتصلت هاتفيا للتصالح مع زوجة أخي الكبير فرفض أخي وأصر على الذهاب للمنزل للاعتذار فهل أنا وأختي مخطئان أم ماذا، أرجوك الرد سريعا مع العلم بأن زوجة أخي الكبير كانت متعنتة ومتكبرة على أمنا وأخي الكبير يسمع كلامها على طول الخط.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الله تعالى: إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ {الحجرات:10} ، وقرر النبي صلى الله عليه وسلم أن المؤمنين كالجسد الواحد، أو كالبنيان يشد بعضه بعضا، ولذا نهى عن كل ما يفسد هذه الإخوة، أو يزعزع هذا البنيان، فنهى عن التباغض والتشاحن والتدابر والتقاطع وكل ما يسبب هذه الأمور، روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث.
فهذا في حق عموم المسلمين فما بالك بمن يجمعك به بالإضافة إلى هذه الرابطة رابطة الرحم التي أوجب الله صلتها وحرم قطعها، قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22}
فيجب إزالة كل ما من شأنه أن يورث التشاحن والتدابر والتقاطع بينك وبين أخيك، وذلك بتوسيط أهل الخير للإصلاح بينكما، وبالاعتذار عما بدر منك تجاه زوجة أخيك، ولا يتعين الذهاب إلى البيت للاعتذار، وإن ذهبت واحتسبت الأجر فهو خير لك، قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصِّلت:34}
وننبه إلى أن زوجة الأخ أجنبية عن أخيه فعليه أن يعاملها كغيرها فلا ينظر إليها ولا يتكلم معها إلا بمراعاة الضوابط الشرعية من الحاجة إلى ذلك وأمن الفتنة.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1427(13/79)
لا يسوغ هجر الأقارب بسبب امتناعهم عن تزويجك بنتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدمت لخطبة فتاة من أقاربي، لما عرفته عنها من دين وخلق، عمرها 18 عاما، وما عرفته من سلوك أمها الداعية التي ربتها. وحصلت موافقة الأم والبنت ولكن والدها ماطل بحجة صغر سنها ولم يعطني الجواب بنعم أو لا مما جعل الموضوع عرضة للقيل والقال، فقررت الانسحاب لشدة الظلم النفسي الذي وقع علي وخصوصا أني كنت بحاجة إلى الزواج على وجه السرعة خشية على نفسي من الكبت والحرمان والوقوع في الحرام ولو لنظرة لعلها ترديني عن السبيل القويم. وتركتهم والدمع يجري على عيني وتقدمت لخطبة فتاة ذات دين وخلق ويسر الله لي الزواج وذهب ما كان بي من هم وكرب إلا التفكير بما كان من الحب بالأولى وهو اليوم يشاطرني التفكير في غالب وقتي فماذا أفعل وأنا الذي قد هجر أهلها وهم أقاربي منذ أكثر من عام لأجل الموضوع وهل لي أن أتقدم اليوم لخطبتها وأنا أب لطفلة والناس تنظر للزواج من متزوج مثل نظرها لمن أتى معصية الخيانة وما هو موقفي من زوجتي التي لا تعلم ما في صدري وأنا أحبها كل الحب وأحترمها كل الاحترام، أرشدونا يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تهجر ذوي رحمك لهذا السبب ونحوه، فهذا أمر قدره الله تعالى وعسى أن يكون أراد بك خيرا، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216} وهجرالمسلم لإخوانه من المسلمين فوق ثلاث محرم شرعا، سيما إن كانوا من أقاربه وأرحامه، كما بينا في الفتويين: 25074 / 22082.
فعد إلى أقاربك وصل رحمهم، وإذا كان بإمكانك أن تعدد فقد أباح لك الشارع ذلك بشروطه المعروفة، وإذا كنت تعلم من عادة القوم امتناع حصول ذلك كما ذكرت فاصرف نفسك عن التعلق بتلك الفتاة، فلا سبيل إليها ودع عنك وساوس الشيطان وإغراءاته، فلن يدعك حتى يفسد بينك وبين زوجك أو يوقعك في الحرام، إلا أن تغلبه بامتثال أمر الله واجتناب نهيه وترك الهوى، فتكون من عباد الله المخلصين الذين ليس له عليهم سلطان ولا له إليهم سبيل، وقد بينا حكم العشق وطرق علاجه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9360 / 20078 / 22003 / 5707، فنرجو مراجعتها والاطلاع عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1427(13/80)
عاملي أم زوجك بالحسنى وانصحيها ولا تخالطيها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التعامل مع أم الزوج بطريقة رسمية جداً، وذلك حتى أبتعد عن المشاكل ولا أستخدم أسلوب العناد في الرد على أساليبها السيئة، وأقصد رسمية أي لا أتصل بالتليفون إلا في العيد ولا أتحدث معها إلا عندما تسألني، مع العلم بأنني حاولت أن أرضيها عدة مرات، ولكن تفاجأت بأنها امرأة تحب الكذب والنميمة والغيبة والنفاق وحتى محاولاتي لها بالنصح باءت بالفشل؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أهم ما جاء به هذا الدين الحنيف مكارم الأخلاق، قال صلى الله عليه وسلم: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. رواه مالك في الموطأ.
وإن من مكارم الأخلاق التي جاء بها هذا الدين إكرام كبار السن، والإحسان إلى الأقارب والأرحام حتى في حال إساءتهم، فأم الزوج ينبغي إكرامها لكبر سنها ولمكانها من الزوج، وإذا كانت سيئة فيتعامل معها بحكمة وبشيء من الصبر، والمرأة العاقلة تكسب حب زوجها ووده بإكرام أمه والصبر على أذاها، وإذا كانت كما ذكرت فلا تنبغي مخالطتها لئلا تؤثر عليك وتفسد سلوكك بما ذكرت من الصفات الذميمة، ولكن عامليها معاملة حسنة ولا تألي جهداً في نصحها، ولا تقنطي إذا لم تجدي أثر دعوتك الآن فقد تجدينه غداً أو بعد غد، وعلى كل حال فأنت مأجورة على ذلك إن أخلصت قصدك وأصلحت نيتك.
وخلاصة القول هنا والذي ننصحك به أن تعامليها معاملة حسنة، وأن تتحري الحكمة في كل ما تقومين به تجاهها، هذا ما ننصحك به، وأما ما يلزمك الشرع به أن تفعليه معها فهو كف أذاك عنها وصلتها بالمعروف إن كانت من أرحامك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1427(13/81)
من كريم خلق المرأة حسن معاشرتها أهل زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[بداية أود أن أشكر كافة القائمين على هذا الموقع حيث إنه من أفضل ما يمكن اللجوء إليه للسؤال عن كل صغيرة وكبيرة تعرضنا أو نتعرض لها، فلكم مرة أخرى جزيل الشكر سؤالي حول علاقتي بوالدة زوجي، فأنا متزوجة منذ خمس سنوات تقريبا ولدي أبناء ولكني ومنذ بداية زواجي ولغاية الآن أعاني كثيرا من والدة زوجي (حماتي) حيث إنها تسكن بالقرب منا وتتدخل بكل صغيرة وكبيرة في حياتنا، لدرجة أنها تراقب نوافذ منزلنا لتتأكد من وجودنا فيه أو لا، وتسأل حارس العمارة عنا وعن الأوقات التي نخرج فيها وإني والله أستحي أن أقول إنها تتجسس علينا حتى من الجيران، حيث أقامت علاقات كثيرة مع جيراننا لتعرف كل ما يمكن أن يقولوه عنا، كما أنها تتعامل مع زوجي كأنه زوجها مع العلم بأن والد زوجي ما زال على قيد الحياة، لكنها تجبره على أن يشتري لها في كل مرة يشتري فيها شيئا لي، وتجبره على أن يعطيها راتبا شهريا، على الرغم من أن الأوضاع المادية لأهل زوجي ممتازة والحمد لله ولكنها تقول دائما: عليه أن يتعود على تحمل مسؤوليتي، زوجي يرى كل ذلك ولكن لا يقول لها شيئا ولا حتى بطريقة حسنة، وقد قلت له أكثر من مرة أن ينبهها بطريقة مؤدبة إلى أنها تتدخل في حياتنا وتسبب لي دائما مشاكل لا تنتهي مع زوجي، ولكنه يرفض دائما. لا أدري ماذا أفعل؟ هل أنا ملزمة بزيارتها في كل مرة يذهب فيها زوجي؟ هل أنا ملزمة بالسؤال عنها يوميا؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأمر على ما ذكرت من كون والدة زوجك تصدر عنها تجاهك بعض التصرفات التي قد تسبب لك شيئا من الضيق والحرج فهي مسيئة بذلك، وأولى ما نوصيك به الصبر عليها وعون زوجك على بره بها، ولا بأس بأن تشيري على زوجك بمناصحة أمه برفق ولين في مثل هذه التصرفات.
واعلمي أن من كريم خلق المرأة حسن معاشرتها أصهارها؛ فإنها بذلك تكسب ود زوجها، وتكون لها عنده قدر ومنزلة، فما أمكنك الإتيان به من زيارتها أو السؤال عنها فافعلي واحتسبي الأجر عند الله تعالى، وإن كان ذلك -أي الزيارة والسؤال عنها- ليس بلازم عليك شرعا ولو طلب منك زوجك ذلك؛ لأن حدود طاعة المرأة زوجها في النكاح وتوابعه كما سبق أن بينا بالفتوى رقم: 64287، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 2589.
وننبه إلى أن الأصل في المسلم السلامة فلا يجوز الإقدام على اتهامه بشيء مشين إلا عن بينة. وراجعي الفتوى رقم: 25647
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1427(13/82)
المبالغة في بر الوالدين إذا أدى إلى التقصير في حق آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي يبالغ في اهتمامه بوالديه أكثر منا (إخوتي وأمي) فهو لا يعدل بيننا ويرى أن جداي أولى بهذا الاهتمام منا. وأنا ما يؤلمني أكثر خصوصا وأني الأخت الكبرى والكل يشتكي إلي من هذا السلوك خاصة أمي, هو هذا التعارض والتناقض بين اعتقاد أبي وتصرفاته ومستواه الثقافي والمعرفي مع العلم أنه أستاذ متقاعد في الدراسات الإسلامية, وهذا ما يجعل الهوة بيننا أكبر والتواصل معه أصعب خاصة مع أمي ناهيك عن عصبيته ومزاجه المتقلب. فعلا أحس بالمسؤولية إزاء الوضع وإني لأخاف وإخوتي أن نسقط في عقوق الوالدين، فانصحوني أهل العلم يجزيكم الله خيرا, كيف أتعامل مع الوضع وما موقف الشرع والسنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق الوالدين على ولدهما أن يبرهما ويبالغ في الاهتمام بهما، غير أن هذا الاهتمام يجب أن لا يؤدي إلى التفريط في حق آخر أوجبه الله عليه كحق الزوجة والأبناء، بل الواجب عليه أن يعطي كل ذي حق حقه.
فلا بأس من تذكير الوالد بهذه المسألة، والذكرى تنفع المؤمنين.
أما إذا كان هذا الاهتمام لا يؤدي إلى تقصير أو تضييع لحق من الحقوق، للزوجة والأبناء، فليس لكم الاعتراض على مبالغته في الاهتمام بوالديه، لما ورد في وجوب وفضل ذلك من النصوص، كقوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء:23}
وقوله صلى الله عليه وسلم: رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة. رواه الترمذي
وربما كان حلا لمشكلتكم: أن تكفوا والدكم بعض هذا الأمر، أي تقومون برعاية جديكم، والقيام بشؤونهما، فإن ذلك سيريح والدكم، وسيرضيه عنكم، وسيصرف إليكم بعض الجهد والعناية التي كان يصرفها لوالديه.
وننصحكم ببر والدكم والاقتداء به في بر والديه، ونحذركم من العقوق، فإنه من أكبر الكبائر، وعقوبته تلحق العاق في الدنيا قبل الآخرة.
وراجعي الفتوى رقم: 32022.
نسأل الله تعالى أن يصلح حالكم، وأن يعينكم على بر والدكم، ويعصمكم من العقوق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1427(13/83)
حقوق زوجة الأب على أبنائه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال أرجو الإجابة عليه: هل زوجة الأب تأخذ مكان الأم المتوفاة من ناحية البر والطاعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزوجة الأب ليس لها مثل ما للأم من الحقوق, ولكن ينبغي البر بها والإحسان إليها. وقد بينا حقوق زوجة الأب على أبنائه في الفتويين: 47316، 23675، فنرجو مراجعتها والاطلاع عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1427(13/84)
لا حرج في الكلام مع الأخت ولو لم يأذن الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة منذ عامين وأعيش في بلد بعيد عن أهلي، ولكن أكلمهم عبر الإنترنت حدث وأن منَ الله علي بالحمل، ولكن زوجي طلب مني أن لا أخبر أحداً وعندما كنت في الشهر السادس من الحمل حصلت بيني وبين أهلي وزوجي مشكلة عبر الهاتف وأنا وزوجي نرى أن الحق معنا وأهلي أو بالأصح أمي ترى الحق معها، وكان سبب المشكلة أنني لا أسأل عن أختي الأكبر مني والمتزوجة، علما بأني كنت أسأل عنها وأكتب لها عبر الإنترنت ولا ترد علي، المهم أنني رزقت بطفل والحمد لله، لكن حدثت معي مضاعفات وبقيت في المستشفى 10 أيام وحدي حيث إنه ليس لدي علاقات هنا أو أقارب أو صديقات فقط زوجي، ثم تعافيت والحمد لله، بعدها زوجي أخبر أهله بأننا رزقنا بمولود ففرحوا كثيرا وعاتبوه قليلاً لأنه لم يخبرهم وبعدها بأسبوعين أو أكثر أهل زوجي أخبروا أهلي فاتصلوا بي وانتهت القطيعة والحمد لله إلا أن أختي لم تكلمني ولم تبارك لي ولم تطمئن علي بعد ما علمت ما عانيته من مضاعفات بحجة أننا لم نخبرها رغم أنها علمت من أهلي والآن هي رزقت بمولود، ولكن زوجي لا يريدني أن أكلمها لأنها لم تفعل، فهل يجوز لي أن أكلمها دون علمه رغم أنني لا أرضى لنفسي أن أفعل شيئا من وراء زوجي وهو لم يقصر معي بشيء ولأنه كثيراً ما يقول لي أنه يبقى طوال أيام الأسبوع مبسوط إلا اليوم الذي أتكلم فيه مع أهلي حيث إنه ولا بد أن يسمع شيئا يزعجه ولكن خوفه من الله وحزنه علي يحول بينه وبين منعي من الاتصال بهم وأنا أيضا لا أريد أن أهينه أمام أهلي ويعلم الجميع أني أكلم أختي من ورائه، ولكن إن كان هذا رأي الدين فسأفعل إن شاء الله، فأنا محتارة حيث إن طاعتي لزوجي واجبة وأنا أحبه كثيراً وأرى أن أهلي تعدوا عليه في كثير من المرات وقرأت مرة أن للزوج أن يمنع زوجته من أهلها إذا كانت زيارتها لهم تؤذيه وطاعته واجبة، ولكني قرأت أيضا لا تجب طاعته في معصية، فأرجو منكم أن ترشدوني، ثم هل صحيح أن ما فعلته من إخفاء الحمل رغم أني بعيدة والقول فقط بعد الولادة هو حرام لأن أمي تقول أن كل صديقاتها يقلن أن ما فعلته ذكر في القرآن أنه حرام، ولكني أعلم أن الآية في القرآن تحرم على الزوجة أن تخفي أمر الحمل على زوجها عندما تكون بينهم مشاكل؟ وشكراً جزيلا.. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجزيك خيراً على حرصك على طاعة زوجك في المعروف، وحرصك على صلة رحمك، ونسأل الله سبحانه أن يديم العشرة بينك وبين زوجك، ولا شك أنه إذا تعارض حق الزوج وحق الغير فإن حق الزوج مقدم، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 19419.
ولا يجوز للزوج منع زوجته من صلة رحمها، بل ينبغي أن يكون عوناً لها في ذلك إن لم يوجد مانع شرعي، وإذا منع الزوج زوجته من زيارة والديها أو أقاربها وجبت عليها طاعته، كما سبق بيان ذلك في الفتوى المذكورة سابقاً، ولكن لا يجوز له منعها من محادثة أحد منهم، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 61969.
وعلى هذا فلا حرج عليك -إن شاء الله- في الكلام مع أختك ولو لم يأذن لك زوجك، وليكن من غير علمه، لتتحقق المصلحتان، مصلحة صلتك أختك ومصلحة حفظ الود مع زوجك، ولو قدر اطلاع زوجك على أمر اتصالك بها، فينبغي أن تتحري الحكمة في معالجة الأمر، ويمكنك إطلاعه على بعض الفتاوى التي ذكرنا وغيرها, إضافة إلى الفتاوى التي تحث على الصلة ولو وقعت القطيعة من الطرف الآخر. ومن ذلك الفتوى رقم: 13685، والفتوى رقم: 17813.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1427(13/85)
هل يلزم الولد شرعا أن يشتري لأمه سكنا لا تحتاج إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[مقدما أرجو المعذرة للإطالة نسبيا ... إن لدي مشكلة أرجو من الله عز وجل أن أجد حلها لديكم.
باختصار أنا متزوج ولي طفلان. وأمي (حوالي 60 سنة) أرملة تعيش بمفردها في شقة والدي حيث إن لي أخوين يعيشان في أمريكا منذ سنوات، وأنا أصل أمي وأزورها وآخذ معي بعض المأكولات لها كلما أتيت إليها على الرغم من أنها تحصل على معاشها ومعاش أبي اللذين يصلان إلى حوالي ألف جنيه مصري شهريا وأنا أعلم إنها ميسورة الحال وغالبا ما يرسل إليها أخواي النقود وكذلك يستضيفونها لديهم عدة شهور كل سنة متكفلين بكافة نفقاتها من تذاكر طيران وانتقالات ونفقات وخلافه طيلة فترة إقامتها لديهم، ومن جانبي أنا فقد قمت بتحمل نفقات عمرة رمضان قبل الماضي لها مع العلم بأنها قد قامت بأداء فريضة الحج من قبل مع أبي رحمه الله، والآن أمي ترغب في أن تترك شقتها (إيجار قديم) لأنها في الدور الأرضي وهي كما تقول ترغب في السكن في دور مرتفع لأنها تريد "بلكونة" في الشقة، خاصة وإن صاحب العقار الذي تسكن فيه أمي عرض عليها مبلغ مائة ألف جنيه مقابل إخلاء الشقة، وفي نفس الوقت توجد شقة في العقار المجاور بها "بلكونة" ثمنها مائة وخمسة وعشرون ألف جنيه.
أمي عرضت علي الفكرة وقالت لي هذا الفرق المتمثل في الخمسة وعشرون ألف جنيه ستدبره عن طريق بيع ذهب لها أو أن تطلب من أخوي في أمريكا إرسال المبلغ (للعلم أخي الأصغر هو الذي سوف يأخذ الشقة إن شاء الله في المستقبل حسب الاتفاق بيننا) ، فكان ردي عليها هو: افعلي ما يحلو لكي يا أمي ولكن كنت أريد أن أرى عندك الرضا، فشقتك جميلة وغيرنا الكثير ممن حولنا لا يملك مثلها، إلا إنك صاحبة القرار، وماترينه صوابا فافعليه وعليك بصلاة الاستخارة (للعلم أمي تحفظ كتاب الله تعالى) ... وسكت ثم قبلتها وانصرفت.
في اليوم التالي اتصلت بها هاتفيا لأطمئن عليها كالعادة فوجدت في صوتها نبرة غضب، فسألتها ما الخبر، فردت علي بأنها كانت تنتظر مني أن أقول لها بالأمس لا عليكي يا أمي فأنا سأسلفك المبلغ. فهل أنا أخطأت وكنت عاقا لها بهذا الأمر؟
هل من بر الوالدين أن أجيب لهما أي طلبات مهما كانت غير ضرورية ونحن في زمن تربية الأولاد تحتاج لثقلهم نقودا حتى يكبروا؟ مع العلم بأنني إذا رأيتها تحتاج لأي شيء هام لا أتردد في أن أحضره لها على الفور، ومثالا لذلك كانت أمي لا تذهب لرِؤية أمها المسنة إلا عندما تكون خالتي ذاهبة إليها حتى تأخذها معها في سيارتها، فعندما علمت من أمي بهذا الأمر قلت لها يا أمي لا تنتظري أحد ولو كانت أختك لتري أمك، واعطيتها خمسمائة جنيه فئة الخمسة جنيهات كي تأخذ تاكسي كلما أرادت أن تذهب إلى والدتها.
ومثال آخر عندما مرض أبي رحمه الله تعالى أمي قررت أن تعالجه في التأمين الصحي المجاني فرفضت وأخرجته منه ونقلته إلى مستشفي خاص وتوليت أنا وأخواي نفقات علاجه بالكامل على أعلى المستويات لمدة تزيد على السنتين دون أن نكل أو نمل أنا وأخواي إلى أن وافته المنية. أذكر ذلك لا لشيء سوى إظهار مدى حرصي على راحة والدي في الأمور الضرورية وخوفي من الله تبارك وتعالى أن أكون عاقا لوالدي، فهل أنا مخطئ؟
جزاكم الله خير، وعذرا مرة أخرى للإطالة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن بر الوالدين والاحسان إليهما أعظم حق بعد عبادة الله تعالى؛ كما قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء: 23} وقال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء: 36} فالواجب على الولد أن ينفق على الوالدين إذا احتاجا إلى ذلك, ويحسن إليهما وخاصة الأم، وحسبما فهمنا من السؤال فإن هذه الأم لا تحتاج إلى النفقة ولا السكن، ولذلك فلا يلزم الولد شرعا أن يعطيها مبلغا لشراء سكن لا تحتاج إليه وسيؤول لغيره، وإن كان الأولى أن يرضي أمه بإعطائها ما لا يشق عليه من المال وغير ذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: رضى الرب في رضى الوالدين وسخطه في سخطهما. رواه الطبراني. وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 32112.
وننبه السائل الكريم إلى أن الشقق لا تملك بالايجار القديم, وإنما تبقى ملكا لصاحبها الأصلي, ولذلك لا يجوز للمستأجر بيعها، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 73752، نرجو أن تطلع عليه وعلى ما أحيل عليه فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1427(13/86)
هل يأثم الأولاد إذا امتنعوا عن إعطاء أبيهم من مالهم
[السُّؤَالُ]
ـ[المشكلة ليست مشكلتي ولكن مشكلة أخواتي، أبي دائما يطلب منهن المال، مع العلم بأنهم لا يملكون سوى راتبهم وهو ليس بكثير بعد خصم ديون البنك ومصاريف سيارتهم، مع العلم بأنهن متزوجات ولديهن أطفال وإذا لم يعطوه يقاطعهم ويسمعهم كلاما جارحا، والحل الوحيد هو أن يقدمن على سلفيات للبنك حتى يعطوه بصفة مستمرة، وذلك بسبب الديون التي عليه ولا نعرف سبب هذه الديون فقط نكتشف كل يوم رجلا يأتي ويسأل عن دينه وأبي رجل ملتزم لا يدخن ولا يشرب الخمر والحمد لله، ويقوم بجميع فرائضه، ولكن منذ فترة قرر الدخول في مجال التجارة الحرة وقام بالذهاب إلى زنجبار للتجارة يأتي ببعض الحبوب والقهوة ويبيعها في عمان، ولكن لم نر أي مدخول من هذه التجارة بالعكس نرى الديون تتزايد كل يوم وسفرياته إلى زنجبار تتزايد تقريبا في الشهر مرتين ويجلس لمدة شهر ويتصل يطلب المال منا ولا نعرف ما نفعل هل نعطيه المال ونقع في الديون أم ماذا، أرجو إرشادنا وهو لا يتحدث معي عن المال لأنه يعرف أني غير راضية عما يفعل، فهل أنا على خطأ أم علي أن أفعل مثل أخواتي، مع العلم بأني متزوجة ولدي أطفال راتبي هو أقل من راتب أخواتي لهذا السبب أيضا هو لا يسألني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فغني عن الذكر ما للوالد من الحق على ولده، وما في طاعته وبره من الأجر العظيم والثواب الجزيل، وما له من الحق في مال ولده، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 7490، إلا أن هذا الحق مشروط بشروط منها عدم الإضرار بالولد، والإجحاف في حقه، وتراجع بقية الشروط في الفتوى رقم: 46692.
فإذا كان في طلب والدك إجحاف بأخواتك وضرر بهن، فلا يجب عليهن إعطاؤه ما طلب، ولا إثم عليهن إذا امتنعن من إعطائه، وفي هذه الحالة لا تكون الأخت السائلة على خطأ ولا تأثم بالامتناع المذكور، ومع هذا فإنا نوصي الأخوات الفاضلات بالصبر على والدهن، والوقوف إلى جانبه وتقديم ما يستطعن لقضاء دينه.
كما نوصي الوالد الكريم بأن يخفف عن بناته ويرأف بهن ولا يضطرهن للاستدانة من أجل مساعدته، وأن لا يأخذ من مالهن إلا ما احتاج إليه، أوطابت به أنفسهن، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه الدارقطني وأحمد، وصححه الألباني. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1427(13/87)
كيف تصل قريبك الذي تخشى من ضرر زوجته الساحرة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في العائلة امرأة خبيثة، وهي زوجة عم أبي، وهي تعمل لنا أعمال السحر وتكيد لنا، ونحن لم نكن نصدق ما يقال عنها إلا بعد أن أصابنا ما أصابنا من مشاكل بسببها ونحن عندنا أدلة على انها هي التي كانت تصنع لنا السحر بطريق ساحر وتدسه لنا في الشراب أو ترشه على أبواب البيوت، من الأدلة أنها كانت تأتي إلينا بشكل كثير وغيرطبيعي وتسأل عن كل واحد منا بطريقة غير طبيعية والأدهى من ذلك والأمر أنها كانت تدخل غرف النوم والغرف الخاصة بدون إذن دائما بحجة أنها تريد أن تتفرج على البيت! واكتشفنا أنها كانت تأخذ شعرات من المشط! هذا كله معروف لصنع السحر ...
الآن المشكلة أننا نقاطعها ونقاطع زوجها مع العلم أن الزوج لا يعلم بما تصنع أو أنه مسحور ولا يريد أن يدري كلما حاولنا أن نكلمه في الموضوع. ويغضب بشكل غير طبيعي إذا ذكر أن زوجته ساحرة، بدون ان يفهم الأمور ويبحث عن الحقيقه.
الزوج هو عم أبي وهو أخو جدي والزوجة قريبة لأمي، ونحن الآن أكثر العائلة مقاطعين لهم ولا نزورهم أيام العيد لأننا نعلم علم اليقين أننا لو زرناهم لحل بنا الضرر الكبير بسبب ما تعمله من سحر والعياذ بالله، لكن أنا قلبي غير مطمئن وغير مرتاح من هذا الأمر، وأريد أن نصطلح وللأسف لا ينفع مع هذه الزوجه الصلح أبدا!!
سمعنا عنها أشياء سيئة في حياتها أنها كانت تضرب أمها وأنها كانت عاقة لوالديها، فما العمل الآن؟
وما حكم الدين في هذا الأمر؟ مع التأكيد مرة أخرى أننا لو زرناهم لحل بنا الضرر.
والله المستعان ولا حول ولا قوة الا بالله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان في زيارتكم لهم ضرر يلحقكم فلا حرج عليكم في ترك زيارتهم، ويمكنكم صلة زوج هذه الساحرة الذي هو قريبكم بالهاتف وبعث الهدية أو دعوته إليكم ونحو ذلك من وسائل الصلة التي تقيكم الضرر ويتحقق بها مقصود الصلة؛ لأن قطع الرحم لغير مبرر لا يجوز، وقد جاء رجل يشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم سوء معاملة أقاربه له فقال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال له النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل (الرماد الحار) ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم وأحمد وأبو داود.
وإذا أمكنكم نصح هذه المرأة وتذكيرها بالله تعالى وبخطر السحر وإثمه فافعلوا، ويمكنكم الاستعانة بالفتوى رقم: 11104 والفتوى رقم: 24767.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1427(13/88)
شفقة الآباء على أولادهم هي الأصل
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي الحبيب رجل عنيد جداًمما يضطرني إلى أن أعصب أمامه برفع الصوت ولا يتحدث مع بناته لأسباب غير مقنعة أنهم لم يسمعوا كلامه في كذا وكذا، ولا يقبل الاعتذار أبداً أبداً حيث إنني قمت بالاعتذار منه أكثر من مرة وأطلب رضاه مع بكائي أمامه، وأنا أطلب رضاه لكنه رفض أن يقول لي كلمة تريح قلبي وعندما طلبت منه الزواج قال لي تزوج خارج البيت أي اخرج من بيتي عندما تتزوج، فما هو العمل مع هذا الأب وكيف أنال رضاه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في الوالد الشفقة على الولد، وأنه إنما يريد الخير لولده، فإذا غضب عليه فإنما ذلك بسبب يقتضي ذلك -في الغالب- ويبرره، فننصحك بأن تطيع أباك، ومهما بلغ والدك من القساوة أو العناد فإنه يجب عليك طاعته إلا في معصية الله، وفيما فيه ضرر عليك.
وأما الزواج فلا يلزم الوالد أن يزوج ولده على قول جمهور العلماء، وذهب الحنابلة إلى وجوب ذلك عليه إذا كانت تلزمه نفقته، والسكن تابع للنفقة فإذا وجبت عليه وجب عليه السكن له ولزوجته، ولكن الراجح عدم الوجوب وهو مذهب جمهور العلماء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1427(13/89)
يستحب الإحسان إلى رحم الزوج وصلتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الخروج ببدلة العروس يوم العرس في الليل وإن كانت المرأة متنقبة ولكن البدلة لونها فاتح.
جدي تزوج من امرأة بعد وفاة امرأته التي تكون جدتي. وسوف أتزوج أنا قريبا، وزوجي يريد أن نذهب إلى الأردن كي يعرفني على عائلته، وبعد ذللك سنذهب إلى لبنان كي يتعرف على عائلتي، فهل يجوز لزوجة جدي أن تخلع الحجاب أمامه أم لا؟
وهل يجوز لخالاتي وعماتي وجدتي أن يخلعن الحجاب أمام زوجي؟
هل يجب علي أن أصل رحم زوجي، أم فقط يجب علي أن أصل رحمي من دون زوجي؟ أفيدونا جزاكم ألله خيرا.
يوجد لدينا مشكلة في هذا الأمر، يعني بالنسبة للاختلاط. هل يجوز أن أخلع الحجاب أمام جد زوجي وعمه وخاله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب أن يكون اللباس الذي تخرج به المسلمة أمام الرجال الأجانب في يوم عرسها وفي غيره ساترًا لجميع بدنها، وأن يكون مما يصون الأنظار عنها لا مما يجلب الأنظار إليها. كما سبق في الفتوى رقم 6745 والفتوى رقم 37986.
وعليه.. فإن كانت هذه البدلة ساترة غير فاتنة، فلا مانع من لبسها.
ولا يجوز لزوجة جدك ولا عماتك ولا خالاتك أن يضعن حجابهنَّ أمام زوجك؛ لأنه ليس محرمًا لهنَّ، بخلاف جدتك لأنها تحرم عليه أبدًا بمجرد العقد عليك وإن لم يدخل بك.
والواجب عليك هو صلة رحمك أنت لا رحم زوجك، ولكن يستحب أن تحسني إلى رحم زوجك؛ فإن ذلك مما يجلب محبة الزوج ورضاه، وخاصة والدي زوجك وأخواته، مع التنبيه إلى عدم جواز ظهورك غير متسترة أمام إخوة زوجك وأخواله وأعمامه؛ لأن هؤلاء جميعًا أجانب بالنسبة لك، أما أبوه وجده فإنهم محارم بالنسبة لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1426(13/90)
سداد دين الوالد على سبيل البر والإحسان لا الوجوب
[السُّؤَالُ]
ـ[أسال الله أن يجزي كل من يعمل في هذا الموقع خير الجزاء، وأن يعينكم على حمل هذه الأمانة، أمانة التوقيع عن الله.
أعرض عليكم مشكلة أصبحت أدعو بالموت إن كان في الموت خير لشدة ما أعانيه فيها من حيرة وتخبط وقد لجأت إلى صفحتكم كي ألتمس على نورها الطريق راجيا الله أن يكشف ما بي من ضيق فأنا شاب تلقيت تعليمي الجامعي في الغرب على نفقة والدي، وبعد أن تخرجت كشف لي أنه استعمل أثناء الإنفاق على تعليمي أموالا كان قد تسلمها كأمانات (صدقات وزكاة) لإيصالها إلى مستحقيها من أسر وأيتام وغير ذلك في فلسطين، حيث وصل المبلغ المفرّط به لما يزيد عن الخمسين ألف دولار الآن والدي لا يستطيع وحده إعادة هذا المال لضعف دخله، وطلب مني أن أسدده عنه كون هذا المبلغ قد صرف في معظمه على تعليمي أنا وإخوتي وبما أنه لا توجد في بلدي فرص عمل جيدة تدر ما يكفي علي لسداد حاجاتي فضلا عن ديون أبي من الأمانات، فإنني أعتزم السفر إلى الغرب، حيث يمكنني العمل هناك لأعيل أولادي وأسدد دين أبي لكن المشكلة تكمن في والدتي إذ إنها لم تعد تحتمل المزيد من الفراق فقد صبرت على بعدي عشر سنوات إلى أن أتممت دراستي وهي برغم إدراكها للأوضاع الاقتصادية المتدهورة الذي تمر بها البلد وعلمها بقصة الأمانات المفرّط بها، تعارض بقوة أن أغترب من جديد، علما أنها لا تحتاج أحدا للقيام عليها، فهي ليست عاجزة وأختي التي تعيش معها تقوم على رعايتها. والآن وبعدما قررت السفر باتت تعيش في هم وحزن شديد جعلني أخشى حتى على حياتها إذ إنها تعاني من السكري وبعض الأمراض المزمنة، فهي لا تكف عن البكاء والشكوى، وجعلتني أتردد كثيرا فيما نويته خوفا من أن أبوء بغضبها إن خرجت وهي على هذه الحال سؤالي: هنا ماذا يجب أن أفعل؟ هل أسافر لأسدد أموال الصدقات والأيتام التي استعملت في الإنفاق علي وعلى إخوتي رغم ما قد يعنيه ذلك من غضب سيلحق بي من جانب والدتي المكسورة القلب أم أترك والدي بديونه وأجلس عند أمي علما أنه لن يرضى عني كذلك لو فعلت هذا، فليس عنده مصدر آخر ليسدد منه دينه (سوى أراض لا يستطيع التصرف بها لإشكالات قانونية) ، وما يعنيه ذلك من الإثم والعذاب الذي قد يلحق به إن مات وهذا المال لا يزال معلقا برقبته، فهو في أواخر الستينيات من العمر كما أنه ليس عندي هنا عمل جيد أستطيع أن أعيش من ورائه أنا وأولادي حياة كريمة أفتونا بهذا جزاكم الله خيرا، وإن أمكن أن يطلع على سؤالي عدد من العلماء الأجلاء فإن مصيري كله متعلق بإجابتكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ارتكبه والدك من أكل أموال اليتامى والمساكين إثم كبير وجرم عظيم. قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا {النساء: 10} وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من المهلكات الموبقات في الحديث الثابت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الإشراك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات. فعليه التوبة إلى الله من ذلك، وشرط صحة التوبة أن يرد كل ما أخذ من أموال الأيتام والمساكين، أو طلب السماح منهم فإنه لا تبرأ ذمته إلا بذلك، فإن تاب توبة نصوحاً وبذل جهده في التخلص من هذه الحقوق وبدأ يدفع لمستحقيها ما وجد فنرجو أن يتقبل الله توبته ويعينه على إكمال أداء تلك الحقوق، وليس عليك إثم فيما فعله والدك ما دمت لا تعلم بأمر هذه الأموال، فلا تزر وازرة وزر أخرى.
وينبغي لك أن تسعى في سداد دين والدك براً وإحساناً منك به لا وجوباً، بقدر سعتك واستطاعتك، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ويلزمك طاعة والدتك في ما أمرتك به من عدم السفر إلا بإذنها ورضاها، وننصحك بالصبر على شظف العيش، من أجل رضا والدتك، واعلم أن طاعتها مقدمة على طاعة الوالد عند التعارض، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 33419، كما أن أمرها أرشد من أمر الوالد في هذه المسألة وذلك أن السفر إلى الغرب فيه ضرر على دينك ودين أبنائك، وراجع الفتوى رقم: 2007، وفقك الله وأعانك على طاعته وعلى قضاء دين والدك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1426(13/91)
الحوار برفق ولين واحترام كفيل بحل المشكلات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا اشترك مع أخي في منزل من شقتين, هو يسكن في السفلي وأنا أسكن في العلوي، ولكن هذا المنزل مكتوب على اسمه فقط , وأنا طلبته عدة مرات ليكتب اسمي معه، وهو يرفض فماذا أفعل؟ وهل يجوز لي أولاً أنا أن أذهب إلى الحج أم اشتري شقة لأهلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي لذوي الرحم والقرابة أن يحرصوا على أن يكونوا على أحسن حال من الوفاق والوئام، حرصاً على وشيجة الرحم أن توصل، وحذراً من أن تقطع، ولمعرفة أهمية الرحم تراجع فيه الفتوى رقم: 28677.
وينبغي عند طروء شيء من الخلاف أن يتحرى أسلوب الحوار برفق ولين واحترام كل طرف للآخر، والتزام الصدق والأمانة، ولا بأس بأن يستعان بالفضلاء وأهل الخير والصلاح من القائمين على المراكز الإسلامية وغيرهم، فإن تم الصلح فالحمد لله، وأما إن تعينت المحاكم المدنية سبيلاً لحل هذا الخلاف فلا بأس برفع الأمر إليها، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 16466، والفتوى رقم: 20489.
وينبغي التنبه إلى أن حكم القاضي لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً، فلا يجوز لأحد أخذ شيء ليس له ولو حكم له القاضي بذلك، وهذا فيما يتعلق بالشق الأول من السؤال.
أما الشق الثاني من السؤال والمتعلق بالحج وشراء منزل أيهما يقدم؟ ففي جوابه تفصيل قد سبق بيانه في الفتوى رقم: 10470 فراجعه هناك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1426(13/92)
من إكرام الزوجة الإحسان إلى أهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ 8 أشهر وزوجي يعاملني معاملة حسنة ولكنه يمنعني أحيانا عن واجباتي تجاه أهلي مع العلم أننا نعيش في دولة أوروبية وأهلي بحاجة لي في تخليص المعاملات المهمة نظرا لصعوبة اللغة عليهم وكما أنه يكرههم ويبين لهم هذا خلال كلامه معهم وتعامله معهم فهو لا يضحك معهم ولا يبدي لهم أي اهتمام مع أن أهلي يحاولون التقرب إليه بكل الطرق فقط من أجلي ونحن في دولة أجنبية وليس لي أقارب هنا سواهم، أعترف بأنه حدثت بعض المشاكل خلال فترة الخطبة ولكننا قد تخطيناها وقررنا أن نبدأ حياة جديدة ولكن زوجي ما زال على موقفه، مع أن المشاكل بسيطة جدا ولا تمس كرامة أحد وأهلي ما زالوا يحاولون التقرب منه مع أنه يجرح شعورهم دائما لدرجة أن والدي ووالدتي يكادان يبكيان أحيانا ولكنهم يحاولون من أجلي أرجو الرد على سؤالي هل هذا يغضب الله أن زوجي إنسان مؤمن وأنا متأكدة أنه إذا علم أن ما يفعله لا يرضي الله يمكن أن يغير أسلوبه مع أهلي هنا في ألمانيا لا يوجد أحد نثق به كمفتي مثلا نلجأ إليه نسأله ونستشيره في هذه المسألة لذلك أرجو المساعدة لأنني في حيرة لا أريد أن أغضب ربي علي ولا زوجي ولا أهلي وكل منهم له حقوق علي أرجو المساعدة والرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من كريم خلق الزوج إكرامه أهل زوجته وإحسانه إليهم، وذلك من إكرامه لزوجته وإحسانه إليها، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي وابن ماجه والنسائي، وتراجع الفتوى رقم: 64686.
ولو قدر أن وقع شيء من التقصير من قبل هؤلاء الأصهار تجاه الزوج فينبغي أن يعفو ويصفح، فإن العفو والصلح من أعظم القربات، وتراجع الفتوى رقم: 5338، وإذا كانت هذه منزلة العفو من المسلم مع عامة المسلمين فهو في حق الأصهار أعلى مقاما وأعظم درجة، فقد جعل الله تعالى بينه وبينهم من الرابطة ما ينبغي الحرص على الحفاظ عليها، والحذر من تعريضها لأسباب الوهن لتتحقق بذلك السعادة الدنيوية فضلا عن سعادة الدار الآخرة.
ثم إنه ينبغي أن يسود التفاهم بين الزوجين في الأمور التي تتعلق بحياتهما الزوجية، وأن يكون كل منهما عونا للآخر في الإحسان إلى أهله، ولاسيما الوالدين. وينبغي أن تعلم الزوجة أن حق زوجها مقدم على حق والديها، فالواجب عليها طاعة زوجها في المعروف فلا تخرج من البيت إلا بإذنه، وتراجع الفتوى رقم: 34489.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1426(13/93)
حكم تجهيز الطعام للأب الذي يفطر في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان والدك يفطر في رمضان هل يجوز تحضير الطعام له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصوم رمضان له مكانة عظيمة في الإسلام فهو الركن الرابع من أركان الإسلام بعد الشهادتين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة.
ومن أنكر وجوبه فهو كافر بإجماع أهل العلم، ومن تركه عمداً من غير عذر شرعي فقد ارتكب معصية شنيعة وهو على خطر عظيم إن لم يمن الله تعالى عليه بالتوفيق إلى التوبة الصادقة.
وعليه، فإذا كان الوالد المذكور مقراً بوجوب صوم رمضان لكنه يفطر فيه عمداً من غير عذر فقد وقع في إثم مبين، وعليك نصحه دائماً والدعاء له بالتوفيق إلى الاستقامة على الحق مع الاستعانة بمن له تأثير عليه كإمام مسجد حيه أو بعض أصدقائه المقربين.
والفطر في رمضان إذا كان بجماع عمداً وجبت على مرتكبه الكفارة الكبرى، وإذا كان الفطر بغير جماع كالأكل والشرب فأكثر أهل العلم على لزوم القضاء فقط، وينبغي الرجوع إلى الفتوى رقم: 43185.
وعلى كل فإذا كان الوالد المذكور يفطر في رمضان عمداً من غير عذر فلا تجوز إعانته بأي وسيلة كانت سواء بتحضير طعام أو شراب أو غيرهما؛ لأن هذا من الإعانة على المعصية وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} وراجع الفتوى رقم: 68499.
نسأل الله تعالى للجميع الهداية والتوفيق لما يحبه الله تعالى ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1426(13/94)
مال الولد ملك خاص به
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الكرام في الشبكة الإسلامية جزاكم الله عنا كل خير
أرجو منكم توضيح المسألة التالية:
بعد أن توفيت زوجتي لم تترك إرثا سوى ما يجب لها من مهر مؤجل إضافة إلى مبلغ من المال كنت قد أخذته منها، ولأني كنت معسرا عند وفاتها طلبت من أخيها أن يسأل والديه (الورثة هم والداها وأنا وبنتي الوحيدة وعمرها 4 سنوات) إن كانا يريدان حقهما أو يضعاه عني، فجاءتني إجابة الشاب في اليوم التالي بأن والديه يقولان إنهما سامحاني في الدنيا والآخرة، وبعد فترة بسيطة قابلت والد المرحومة الذي أفادني بأنه ما سامحني ولا يريد نصيبه ونصيب زوجته لأنفسهما إنما يتنازلان عنه لابنتي، وطلب مني أن نذهب إلى البنك لفتح حساب للبنت، لكنني امتنعت عن ذلك لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول \"أنت ومالك لأبيك\" وما داما قد تنازلا عن نصيبهما لابنتي وأنا الولي الشرعي لها فمالها أصبح مالي –هذا من وجهة نظري– فما رأيكم، جزاكم الله كل خير وبماذا تنصحوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تنازل أبوي زوجتك عن نصيبهما من تركة بنتهما لصالح ابنتها يعتبر تنازلاً صحيحاً إذا كانا أهلا للتصرف، وبموجب هذا التنازل تملك ابنتك نصيبهما من تركة أمها بالإضافة إلى نصيبها، وليس معنى ذلك أنك أصبحت تملك ما تنازلا عنه أو غير ذلك من ممتلكات البنت، والحديث الذي أشرت إليه رواه أبو داود وغيره وصححه بعض أهل العلم بمجموع طرقه، ومعناه -كما قال أهل العلم- أنه يجوز للوالد أن يأكل من مال ولده بالمعروف ويتصرف فيه عند الحاجة ولو كان ذلك بغير إذن الولد، وليس معناه أن الوالد يملك كل ما يملكه ولده فملك الولد لممتلكاته يبقى كما هو.
ولذلك فإن الراجح من أقوالهم أن اللام في قوله صلى الله عليه وسلم (لأبيك) ليست للتمليك وإنما هي للإباحة عند الحاجة، ولو بغير إذن الولد -لأن مال الولد موروث عنه بعد وفاته وتجب عليه زكاته ... وعلى ذلك فإن مال بنتك يعتبر ملكا خاصا بها، ويجوز لك أن تتصرف فيه وتأكل منه عند الحاجة بناء على الحديث المشار إليه، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24285، 54114، 1569، 12789، 46692.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1426(13/95)
لا يسقط حق الوالد بعدم إنفاقه على ولده ووقوعه في المعاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أب لم يعش معنا في البيت منذ أن كنت طفلا صغيراً أنا وأختي, وقد طلق أمي وتزوج من امرأة أخرى, وبعد سنين خلف خلالها 4 أولاد وبنات ضاقت به الدنيا, من الناحية المالية وقد شعرت بالشفقة على زوجته لما سمعت وشاهدت فكان يسكر ويضربها فكنت أمدها بالمال لتشتري الدواء, وبعد عدة سنين توفيت من الأمراض فتزوج مرة ثالثة, وامرأته الجديدة تعاني نفس المشاكل والضرب والإهانات وعدم مدها بالمال فيفضل أن يشتري به الخمر ويسكر ويكفر بوجود الله ونعمه علينا, باقي أشقائي لا يساعدوه ماليا مع أنهم عاشوا معه في بيت واحد ولا هم من فئة المصلين, أنا حائر.. فإني رجل مؤمن وأخاف معصية الله، هل في مثل هذه الظروف له حق علي، هل أمده بالمودة بعد أن جفاني وهجرني منذ أن كنت ابن شهرين، هل أمده بالمال مع أنه لم يصرف علينا قط حتى لم يدفع نفقة، أخاف الله ومعصيته فما حكم الشرع هنا، أفيدوني أفادكم الله؟ وكل رمضان وأنتم بخير وعظم الله أجركم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يسقط حق أبيك بإساءته إليك وعدم إنفاقه عليك ووقوعه في المعاصي، بل عليك البر به والطاعة له في غير معصية الله، والإحسان إليه ونصحه وتذكيره بالله تعالى، والإنفاق عليه إن كان فقيراً محتاجاً غير مرتد، فإن ارتد عن الإسلام بسب الله أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم أو فعل فعلا يخرجه عن الإسلام فلا تجب نفقته، وليس فعل المعاصي مما يكفر به المسلم، ويمكنك أن تشتري نفقات البيت أنت إن كنت تخشى أن يصرف والدك المال الذي تعطيه في شراء الخمور وفعل المعاصي، وانظر الفتوى رقم: 23716، والفتوى رقم: 63359.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1426(13/96)
لعن الأم والأقارب إساءة ومنكر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلمة أن تخاصم أخاها لأنه شتمها وشتم أمه قائلاً الله يلعنكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لها أن تخاصمه وأن تعنفه إن كان ذلك يؤثر فيه، وجزاء سيئة سيئة مثلها؛ كما قال تعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40} فتجوز مجازاة السيئة بمثلها، والعفو والصفح أولى، فقد مدح الله تعالى العافين عن الناس والكاظمين الغيظ فقال: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران: 134} لا سيما إذا كان المسيء أخاً أو قريباً؛ لما بيناه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 41208، 13685، 59021.
ولقوله صلى الله عليه وسلم للذي سأله: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك. رواه مسلم
وأما ما تفوه به أخوك من اللعن فهو إثم وكبيرة من الكبائر؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: إن من الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل: يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه. متفق عليه. هذا فيمن تسبب في لعنها، فكيف بمن يلعنها بنفسه! لا شك أن إثمه عظيم ووزره كبير، وعليه أن يبادر بالتوبة والاستغفار، ويعتذر إلى أمه عما صدر منه من إساءة ومنكر في القول. وقد بينا حكم اللعن والأحاديث النبوية الزاجرة عنه في الفتوى رقم: 8334. والفتوى رقم: 29649.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1426(13/97)
حقوق الوالدين أعظم بكثير من حقوق الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج منذ ثلاث سنوات وأعيش عيشة كريمة كمستأجر وبما أن الله أكرم الأكرمين؛ فقد بدأت ببناء بيت خاص بنا على أساس أن يضمنا أنا وزوجتي وأمي العجوز.
علما أن أمي كانت مطلقة حين كان عمري ست سنوات، وتزوجت من آخر، وتوفي زوجها، أبي مازال على قيد الحياة والبيت الذي أعمرّه قريب جدا من بيت أبي غير المتزوج، زوجتي ترفض تسكين أمي معها في نفس البيت لأسباب خاصة بها. أريد معرفة الحكم الشرعي بهذه القضية. وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أمشا بعد:
فإن بر أمك والإحسان إليها لا سيما وهي في هذا السن من الواجب المحتم عليك. قال تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23، 24} .
وفي الحديث: رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف. قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم.
فعليك أن تحرص جاهدًا على إرضاء والدتك، فإن رضى الله في رضاها، وسخطه في سخطها.
هذا وإذا أمكن أن تسكن أمُّك مع زوجتك في بيت واحد مع الإحسان إليها والبدء بها فشيء حسن، وإن أصرت زوجتك على سكن مستقل لها دون أمك فمن حقها لكنها سدت على نفسها بابًا عظيمًا من الأجر.
وبالنسبة لك فيجب عليك أن تهيئ مسكنًا مناسبًا لأمك وتكون معها أو قريبًا منها؛ بحيث تقوم على خدمتها وتلبية طلباتها وقضاء حوائجها حسب استطاعتك، وإذا استطعت أن تجمع والدك بوالدتك في عقد زواج جديد فهذا أفضل وأحسن.
المهم أن تحذر من تضييع حقوق والديك، واعلم أن حقهما أعظم بكثير من حق زوجتك، ومع هذا فإن عليك أن تعطي كل ذي حق حقه. وراجع للمزيد الفتوى رقم: 26050.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1426(13/98)
حكم مقاطعة الأقرباء لتجنب أذاهم
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال الذي أود الاستفسار عنه، هو أنني امرأة متزوجة وأخت زوجي تسبب لي مشاكل كثيرة في البيت وحتى عندما حاولت تجنبها وعدم الاحتكاك بها بدأت بتجاوز حدودها معي إلى درجة أنها بدأت بسبي بطريقة ملتوية وذلك عن طريق سب العائلة التي أنتسب إليها ولأنني أريد تجنبها لم أكن أرد عليها ولكن في النهاية طفح الكيل عندما بدأت بالغلط على أمي وعندها صارت مشكلة كبيرة في البيت وعلى إثرها أمرني زوجي بعدم التعامل معها بأي شكل من الأشكال وعدم الذهاب إلى بيتها ولم يكفها ما فعلته بل استمرت بعمل المشاكل إلى درجة أن زوجي لا يريد التعامل معها بسبب ما تفعله من المشاكل وباستمرار، السؤال هو: هل المقاطعة في هذه الحالة حرام فنحن لا نقصد المقاطعة ولكن لتجنب المشاكل، الرجاء الرد بأسرع وقت، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن أذية المسلم من الأمور المحرمة، والتي يجب الابتعاد عنها، وكان الواجب على أخت زوجك أن تتقي الله فيك وأن تكف عنك شرها، والذي ننصحك به أن تصبري على ما يكون منها براً بزوجك وقياماً بحقه وحفاظاً على سعادتك الزوجية، وانظري ثواب الصبر وكيفية اكتساب صفة الصبر في الفتويين: 8601، 32180.
وإن غلب على ظنك أن استمرار العلاقة مع أخت زوجك ستجلب عليك البلاء، فلك أن تتخففي منها، لكن لا يجوز لزوجك أن يقطع رحمه ولا تعينيه أنت على ذلك، فإن ذلك من أعظم الكبائر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع رحم. رواه البخاري ومسلم.
وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5443، 6719، 16668، 7683.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1426(13/99)
اطلب المسامحة ممن أسأت إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[رفعت صوتي على خالتي, علما أن معاملتي الحسنة لها جعلتها لم تغضب إلا أنني أخاف أن يكون بقي في قلبها شيء, هل أطلب المسامحة شفويا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشارع حض على معاشرة الأرحام معاشرة حسنة وعلى توقير الصغير للكبير واحترامه، واعتبر الخالة بمنزلة الأم كما في حديث البخاري: الخالة بمنزلة الأم.
وفي الحديث: ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا. رواه الترمذي والبخاري في الأدب وصححه الألباني
وينبغي للمسلم دائما أن يحرص على البعد عن التساهل في احترام الآخرين، فإن الخطأ في حقهم يشوش ويعكر صفو الود ولو اعتذر المخطئ إليهم، وفي الحديث: إياك وما يعتذر منه. رواه الطبراني وصححه الألباني.
وبناء عليه، فننصحك بالاتصال بخالتك والإحسان إليها والاعتذار إليها عما حصل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1426(13/100)
حقوق الوالد في مال أولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متدين والحمد لله وبعيد عن والدي في المسكن والعمل ومتزوج ولدي أطفال ووالدي متزوج من أخرى بعد وفاة والدتي رحمها الله وزوجته بعد أن أنجبت أطفالا من والدي فكرت أن تستولي على كل ما يملك والدي بوجه حق أم غيره تفكيرا منها لما بعد مماته (أقصد بغير وجه الحق أن تتعامل مع السحرة لخدمتها في الوصول لغايتها) أنا أملك بيتا مقاما على أرض والدي تركته مقسما لإخواني أشقائي الصغار ووالدي مع زوجته لكن زوجة والدي تريد البيت كله وتسعى لذلك بخلق الفتن بيننا مع والدنا وآخر مرة قام والدي بطردنا من البيت إرضاء لها وهو دخله فوق المتوسط ولا ينفق على أي من إخواني الأشقاء رغم أن منهم الطالب ومنهم البنت غير المتزوجة وأنا حلا للمشكلة وافقت أن أصرف على إخواني وألتزم بكل ما يحتاجونه في حدود مقدرتي ومع ذلك أنا أساعد والدي من وقت لآخر لكن هذا لم يرضه بل طالب أن أرهن كل أموالي تحت تصرفه وأنا موظف ميسور الحال والحمد لله لكن لدي التزامات أخرى تجاه أبنائي الصغار أريد أن أجمع من الفلوس لأشتري بيتا وأرتاح من بيت الإيجار والدي دائما يربط عدم طاعته في كل الأمور بعدم العفو، السؤال ما هي حدود بر الوالدين وهل أنت ومالك لأبيك تنطبق على وضعنا هذا رغم أننا لو وضعنا كل ما نملك عند والدي لم نرض زوجة أبي لأنها تنظر بعين الحسد والطمع ووالدي لا يقول لها أنت أخطأت ولو لمرة واحدة وهي امرأة غير متعلمة حتى تعرف ما يطلبه منها الشرع ولا تعرف الحلال من الحرام؟
نحن في حيرة من أمرنا نرجو منكم المساعدة كيف نرضي والدي في حدود الشرع وكذلك نؤمن لإخواني حق السكن والمصروف اليومي من غيره أرجو الاحتفاظ بالبيانات الخاصة في السرية التامة وإن طلبتم استيضاحا أكثر تجدوني في سعادة للتواصل معكم عبر البريد الإلكتروني.
حفظكم الله ورعاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله قد أوجب بر الوالدين واحترامهما وتوقيرهما وخفض الجناح لهما ومعاملتهما ومخاطبتهما بما يقتضي ذلك، وحرم تحريماً غليظاً كل ما يقتضي خلاف ذلك، قال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء: 36} .
وقد قرن حق الوالدين بحقه فقال: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان: 14} .
وقرن شكره جل وعلا في هذه الآية بشكر الوالد، كما قرن النهي عن عبادة غيره جل وعلا بالأمر بالإحسان إلى الوالد، وهذا حيث يقول: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء: 23} .
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة.
فعليك أن تسعى في مرضاة أبيك حتى يدخلك الله به الجنة، ولو كانت مرضاته لا تنال إلا بأن تدفع إليه بعض مالك فبادر إلى ذلك، ولكن إذا كان والدك غير محتاج فالأصح أنه لا يجب عليك أن تدفع له جزءاً من مالك، وأما حديث: أنت ومالك لأبيك. فهو يعني إباحة مال الولد لأبيه لا تمليكه له، كما قال الشوكاني وغيره.
وقد ذكر الشوكاني في هذا الحديث طرقاً، ثم قال: وبمجموع هذه الطرق ينتهض للاحتجاج. ثم قال: فيدل على أن الرجل مشارك لولده في ماله، فيجوز له الأكل منه، سواء أذن الولد أو لم يأذن، ويجوز له أيضاً أن يتصرف به كما يتصرف بماله ما دام محتاجاً، ولم يكن ذلك على وجه السرف والسفه. ونقل الشوكاني القول عن العلماء أن اللام في الحديث، لام الإباحة لا لام التمليك، فإن مال الولد له، وزكاته عليه، وهو موروث عنه.
ثم اعلم أن الأرض التي بنيت بها منزلك إذا لم يثبت بالبينة أو الوثائق الشرعية أن الوالد وهبها لك لا تملكها بمجرد البناء عليها، وإنما تعتبر عارية وبالتالي فإن لك بعد انقضاء أمد الإعارة قيمة بنائك منقوضاً.
ففي الدردير عند قول خليل في الهبة: لا بابن مع قوله داره ... قال: أي لا تكون الهبة بقوله لولده ابن هذه العرصة دارا مع قوله أي الوالد: داره، أي دار ولدي، وكذا قوله: اركب الدابة مع قوله دابته لجريان العرف بذلك للأبناء مع عدم إرادة التمليك، وكذا المرأة تقول ذلك لزوجها، بخلاف الأجبني ... ثم للولد الباني قيمة بنائه منقوضا.
وبناء عليه، فإن الأب إذا غضب عليك وأراد استرجاع عريته وهي الأرض التي بنيت عليها، فإنك لا تملك إلا قيمة البناء منقوضاً، وعليه فالأولى بك ترضيته والإحسان إليه واستعطافه على أولاده الآخرين، فإن نفقة الوالد على بنيه واجبة شرعاً، فحاولوا أن تقنعوه بذلك برفق، وحافظوا على الأذكار والرقى الشرعية لتسلموا من شر كل ذي شر، وإياكم والاتهام بالسحر بغير بينة، فإن الاتهام به مثل الاتهام بالكفر على قول العلماء المكفرين للساحر ومنهم الإمامان: مالك وأحمد.
وراجع للمزيد في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها: 3108، 6630، 7490، 46692، 57870، 32044، 42994، 54694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1426(13/101)
الإنفاق على الأبوين الفقيرين واجب على أولاده ذكورا وإناثا
[السُّؤَالُ]
ـ[من المسؤول شرعا عن مصروفات الأم التي ليس لها دخل وزوجها متوفى؟ هل أبناؤها كلهم أم الذكور فقط؟ علما بأن بناتها كلهن متزوجات ولهن دخل. وهل يستوى في ذلك المقتدر مع ذي الدخل اليسير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النفقة على الوالدين الفقيرين واجبة بالإجماع. قال ابن قدامة في المغني: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. انتهى. وهذا الواجب يستوي فيه الذكور والإناث على حد سواء، قال في المدونة قال مالك: تلزم الولد المليء نفقة أبويه الفقيرين ولو كانا كافرين والولد صغير أو كبير، ذكر أو أنثى، كانت البنت متزوجة أم لا، وإن كره زوج الابنة. انتهى. ويكون حصة كل واحد منهم على حسب يساره وحالته المادية على القول الراجح، وراجعي الفتوى رقم: 20338.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1426(13/102)
الهدية والكلمة الطيبة خير من تقليل زيارة الأقارب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أنا آثمه إن قللت زياراتي وقيامي بالواجب تجاه أهل زوجي وأقصد أخته الوحيدة حيث إنني منذ أن تزوجت منذ 12 عاما وأنا أشاركها وأزورها في مناسباتها وأشاركها أفراحها وأحزانها ولكن في المقابل لا تأتي إلا إذا كان لها حاجة عند أخيها ولا تسأل عني وعن أبنائي عكس بقية زوجات إخوانها لا أعلم هل لأني لا أعاتبها أم أنها لا تريدني إن أنا وصلتها لإرضاء زوجي ولأنها عمة أبنائي وأخشى إن قاطعتها يقاطعها أبنائي فهل أنا آثمة إن فعلت؟ هل آثم إن أردت حفظ كرامتي (علما بأن زوجي دائما يمنعني من زيارتها لأنه يقول أختي وأعرفها) .
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نرشدك إلى حسن التعامل مع هذه المرأة فهي فضلاً عن كونها مسلمة لها حق العشرة الطيبة فهي أخت زوجك وعمة أبنائك، فالأولى الصبر على أخلاقها والإحسان إليها ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.
ولا شك أنك إن دمت على ذلك وقدمت لها بعض الهدايا الخفيفة في المناسبات سترعوي وتنتبه إلى قبيح خلقها.
ونذكرك بقول الله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت: 34} .
ومع هذا كله فلا تأثمين إن أنت أقللت من زيارتها أو عاملتِها بمثل معاملتها لك ما لم يصل الأمر إلى الهجران والمقاطعة.
ولكنا نوصي مرة أخرى بالإحسان إلى هذه المرأة وعدم معاملتها بالمثل، لما قد ينشأ عن ذلك من تقاطع وتدابر، وقد يسري ذلك إلى الأسرة بالكامل، نسأل الله عز وجل أن يصلح أحوال المسلمين وأن يؤلف بين قلوبهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1426(13/103)
لا يأخذ الأب غير المحتاح من مال ولده بحجة إنفاقه عليه في صغره
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوجة أرافق زوجي حيث يعمل خارج البلاد واشتغلت فى بعض المدارس، طلب مني والدي شراء شقة جدتي من أمي بعد وفاتها واشتريتها إرضاء لوالدي لكي يعيش في مكان أوسع هو وإخوتي وكان هدفي أن الشقة لوالدي طوال حياتهم وطلبت أن تكتب باسمي حتى لا تصبح إرثا لإخوتي، لكن والدي كتبها باسم أمى لعدم حدوث مشاكل مع الورثة فدفعت ثمن الشقة بما فيها نصيب أمي، لكن نظراً لعدم تواجدي علمت من إخوتي أنه أخذ مني أكثر من السعر الحقيقي بخمسة آلاف دون أن يخبرني، ومع ذلك سامحتة طلب مني تشطيب الشقة أرسلت له مبلغا وأخبرته ألا يضع ريالا واحد من جيبه في هذه الشقة وإن احتاج مبلغا آخر يعلمني حيث إنني لا أريد أن تصبح الشقة إرثا لإخوتي أو يحدث مشاكل بيني وبين إخوتي، لكي أرسل له علمت بعد ذلك أنه دفع مبلغ ستة آلاف أخرى من عنده لتشطيب الشقة بعد ذلك عند نزولي إجازة رغبت فى الجلوس فى هذه الشقة حيث إنه لا يعيش فيها، ونظرا لأن شقة زوجي كانت مؤجرة فرفض والدي وطلب مني أن أدفع له عشرين ألف ثمن تشطيبه للشقة هذا غير المبلغ الذى أرسلته له لتشطيب الشقة لكي يكتبها باسمي حاولت التفاهم معه لكنه وضعني بين خيارين إما أدفع له 15 ألف مقابل التشطيب ويكتب الشقة باسمي وفي هذه الحالة أكون تكلفت 51 ألف في شقة عندما أعرضها للبيع لا تستحق 25 ألف حتى تشطيب الشقة عندما رأيتها لا تستحق من حيث التكلفة أكثر من 10 آلاف، أما الخيار الآخر هو أن يشترى مني الشقة 20 ألف وبالتقسيط ونظراً لظروفي والمشاكل بيني وبين زوجي، فأنا أتوقع الطلاق بين لحظة وأخرى ففضلت أن أدفع 15 ألف حتى تكتب باسمي وزوجي كل مرة يعايرني بأن والدي سرقني وأرد على كلامه أني أعتبرها مساعدة لهم فى كبرهم لكن أنا حزينة فعلا أن والدي يعمل معي هكذا، ولو كان طلب أي مساعدة لم أكن لأترد بالرغم أني أساعده بإرسال مبلغ بسيط للأسرة كل فترة وبالرغم أنه لا يعاني حاليا من أي ضائقة مالية، وليس عليه ديون، بالعكس هو يجمع المال بالرغم أني أعاني أنا وأختي من ظلمه وكان دائما يردد أنا أكره البنات بالرغم أن الأبناء فاشلين في مستوى دراستهم وأقل مكانه علمية وأقل مستوى في العمل وفي مقابل ذلك أنا وأختي مستوى تعليمنا جيد وعملنا بمستوى جيد ولم نلق من والدنا سوى التقليل منا حتى أنه يفكر في شراء شقة ويكتبها باسم إخوتي الذكور ويتركها لهم فى حين أن أختي مريضة، ومع ذلك لم يفكر أن يساعدها كما يفكر فى الذكور، أستحلفكم بالله ما حكم الدين فى هذا لأنه أخذ المال مني بدون رضا نفس أم ذلك من حق والدي على حد قوله مقابل تربيتي وتعليمي، ما حكم الدين في أب يساعد الذكور، وكذلك المتزوج في حين لا يرغب فى مساعدة البنات وحتى أنه رفض مساعدتي فى المستلزمات التي علي للزواج ومقولته الشهيرة أن على كل بنت أنها تجهز نفسها كفاية أني علمت وربيت وتتحمل هي أي مستلزمات، ولكن أنا ظروفي أني تزوجت وسافرت لزوجي بإحدى دول الخليج، قبل تجهيز شقة الزوجية ومر على زواجي حتى الآن أكثر من 8 سنوات، ولم أجهز شقتي وكنت أثناء عملي أشتري بعض مستلزمات شقة الزوجية، ولكن أنا حاليا لا أعمل، ومع ذلك لم يرحمني والدي وطالب بالمبلغ ويعتبر نفسه أنه تنازل عن خمسة آلاف فبدلا من 20 ألف تنازل إلى 15 ألف، ما حكم الضمير والدين فى هذا فأنا أعاني الأمرين زوج ضعيف الشخصية وأب مستبد؟ برجاء الرد علي، وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حق الوالدين عظيم ويجب على الولد المحافظة عليه لأنه آكد الحقوق بعد حق الله تعالى، فقد قال سبحانه وتعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23} ، وقال تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36} ، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وقد ألزم الله تعالى الوالد بنفقة أبنائه ورعايتهم وتربيتهم وما يترتب على ذلك كما ألزمه بالعدل بينهم.
ولهذا فإن عليك احترام والدك والإحسان إليه وبره والنفقة عليه ورعايته إذا احتاج، ولكن لا يحق له أن يأخذ من مالك إلا ما كان محتاجاً إليه بالفعل ولا يترتب عليه ضرر بالنسبة لك ولو كان ذلك بحجة أنه كان يصرف عليك في الصغر فهو ملزم بذلك شرعاً ولا يحق الرجوع فيه.
وعليه أن يعدل بين أبنائه جميعاً ولا يؤثر البنين على البنات، فهذا من عادات أهل الجاهلية التي قضى عليها الإسلام، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. رواه الطبراني في الكبير والبيهقي في السنن وغيرهما.
ولهذا فإننا ننصح هذا الوالد بتقوى الله تعالى والنصح لأبنائه والعدل بينهم، وعدم أخذ أموالهم بدون حق شرعي، وللمزيد من التفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7490، 6630، 15504، 6242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1426(13/104)
حكم بقاء أخي الزوج في البيت حال غياب الزوجين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ 5 سنوات وأعاني من عادات أهل زوجي وهي أن الأخ يجلس عند أخيه 5 أيام أو أكثر حسب ظروفه هو وبدون مراعته لظروف أخيه الذي هو صاحب البيت أو مراعاة الزوجة وحريتها وحرمة المنزل، السؤال هو: هل الشرع يسمح لأخ الزوج أو ابن خالته وهم عزاب بالاقامة عدة أيام في وجود الزوج، والسوال الثانى: لو أني وزوجى عندنا مشوار، هل أترك منزلي لأهل زوجي إخوانه أو أي أحد من أهله لحين روجوعي من المشوار، ماذا أفعل، وماذا يقول زوجي لأهله، أرجو الرد على سؤالي؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الجواب عن الجزء الأول من السؤال في الفتوى رقم: 64629.
وأما بقاؤهم في البيت حال غيابك فلا حرج فيه إن لم يكن لديك ما تكرهين اطلاعهم عليه، والأولى أنه إذا أمكن تمييزهم ببيت مستقل في مرافقة وطريقه، فذلك أسلم وإلا فليبين لهم الزوج ما يشرع لهم وما لا يشرع وحدود معاملتهم لك، أو يطلب من إمام المسجد أن يتحدث عن ذلك وهم حاضرون، وليسلك معهم من الأساليب الكيسة ما يبين الحق ولا يثير القطيعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1426(13/105)
حكم منع الزوج زوجته من مقابلة زوج بنتها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوج أختي الكبرى منعه والدي من الدخول إلى البيت ومقابلة والدتي -التي تعتبر حماته ومحرمة عليه تحريما أبديا- حيث إن والدي شك فيه مجرد شك أنه همس لوالدتي فطعنه في عرضه ومنعه الالتقاء أو الكلام مع والدتي وبالرغم من كل أساليب الصلح التي اتخذناها ألا أنه لم يستجب للإصلاح، اشتاق زوج أختي إلى رؤية حماته وكذلك والدتي فحدث عليها ولا حرج حيث إنها عندما تتذكره تجهش بالبكاء، هل باستطاعتنا سيدي الكريم أن نرتب لهم لقاء خفية عن والدي أو هل نستطيع أن نصلهما ببعض عن طريق الهاتف خفية على والدنا، أجبنا جزاك الله خيراً على هذا الابتلاء الذي نعيشه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكما ذكرت السائلة فإن الأم محرمة على زوج ابنتها، كما قال الله تعالى في الآية التي فيها ذكر المحرمات: وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ {النساء:23} ، وهذا التحريم على التأبيد، فهي إذاً من المحارم بالنسبة له، فله النظر إليها ومصافحتها إلى غير ذلك مما يجوز مع المحارم، فلا ينبغي منعه من مقابلتها لغير مسوغ لذلك، فإذا كان منع الأب زوجته من مقابلة زوج ابنتها لمجرد شك وسوء ظن فهذا لا ينبغي لأن الأصل في المسلم السلامة فلا يؤاخذ بالظن.
وأما إذا كان هناك ريبة ثبت وجودها عند الأب عن يقين لا عن شك فله منع زوجته من الشخص المذكور وإن كان من المحارم من باب سد الذريعة، وعلى كل حال فيجب على المرأة طاعة زوجها وعدم مقابلة هذا الرجل إلا بإذنه، ولا يجوز لها مقابلته ولا تكليمه سراً من وراء زوجها مهما كانت النية سليمة، ولا يجوز لكم مساعدتها على ذلك أو نصحها به، لأن فيه مخالفة ونشوزاً على الزوج ولأن عملاً كهذا سيؤدي إلى تعاظم الشك في قلبه وتصديق ظنونه.
فالرأي السليم هو امتثال أمر الأب، ومحاولة إقناعه بالتراجع عن هذا القرار، وتحلي كل من الأم وزوج البنت بالصبر والبعد عن كل ما يثير شك الأب فيهما، وهذان الأمران كفيلان إن شاء الله بإذهاب ما في قلب الأب من الشك، وسيرجع عن قراره وتعود المياه إلى مجاريها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1426(13/106)
حق الأم وحق الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[كثر الحديث عن دور المسنين، ولكن هناك قصة أن رجلا أتى أحد الصالحين (لا أذكر إن كان صحابيا أم تابعيا) فاشتكى له خلافا بين أمه وزوجته؛ فرد عليه: أني لا أقول لك أن تظلم زوجتك أو تعق أمك فقال له: أما أني أشهدك أني طلقتها، فاذا كان هذا أيام التابعين فكيف بأيامنا فما المخرج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمخرج أخي الكريم أن تعطي كل ذي حق حقه، فإن لأمك عليك حقاً ولزوجتك عليك حقاً، والمسألة سهلة لا تحتاج إلى تعقيد، ومتى حدثت المشكلات فيمكن أن ينظر في أسبابها، فيكون علاج كل حالة بما يناسبها، وراجع الفتويين التاليتين: 32507، 24375.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1426(13/107)
على الزوجة توقير أم زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تفتوا لي في هذه السؤال وتزيلوا عني حيرتي إن شاء الله. أنا امرأة في 58 من عمري, منذ صغري وأنا أخاف الله لم تكن لدي أية مشكلة مع أحد, الكل يشهد على ذلك، جيراني أهلي, أبنائي، أبتعد عن المشتبهات. ربيت أبنائي والحمد لله, أحبهم وأضحي من أجلهم هم كل ما لدي في هذه الدنيا, وهم أيضا يحبونني. زوجت ابني الأكبر وعشنا معا في نفس البيت مدة 10 سنوات وعلاقتي مع زوجة ابني وطيدة والحمد لله لم تكن بيننا أية خلافات وبعد ال 10 سنوات, شاء القدر أن نفترق لأن ابني الثاني سافر إلى أوربا لأسباب, فجئت معه ووالده و2 من إخوته, جئت لأسباب صحية, وأولادي يواصلون دراستهم الحمد لله. زوجة ابني هذا الثاني, منذ البداية, كلما نصحت زوجته أو أمرتها بشيء لا تكترث, لم تكن تعرف أي شيء عن أمورالبيت, حاولت أن أعلمها كل شيء لتؤدي واجباتها بأحسن صورة لكنها لا تهتم أبدا حتى في مرضي لا تسأل عن حالي. وكلما حاولت أن أناقش معها الموضوع بطلب من ابني عاملتني بقساوة وبرودة دون أن أعرف السبب. كقولها لي مع وجود زوجها:\" إذا لم أعجبكم فأرجعوني إلى أهلي\" لكنها تعرف بأن ذلك لن يحدث لأن لديها ابنا ولن نرضى أن يكبر يتيما. دعوت عليها في غضب بأن يفعل الله بها في زوجات أبنائها ما فعلته بي وأن لا توفق إلى ما تصبو إليه أبدا? دعوة ندمت عليها, لأني أخاف عقاب الله فحاسبت نفسي بصيام 3 أيام لتكفير خطيئتي واستغفرت الله لذنبي. فما الحكم في دعوتي عليها وفي صيامي خلال3 سنوات لم أر منها إلا سوءا, أثر على طبيعتي أصبحت أنفعل وأغضب بسرعة, وكلما غضبت منها أردت أن أدعو عليها لكني من مخافة الله لا أفعل! وألجأ إلى ابني (زوجها) وأطلب منه أن يتدخل لكنه لا يجدي نفعا ولا يعرف ما العمل لأنه يخاف أن يجرح مشاعرها كما يقول لكني كل ما أطلبه منه هو أن يتشدد قليلا معها وتحترمني إذا ما أحضرت الغداء وأنا مريضة تنادي كل من في الحجرة إلا أنا, وكم جرحني ذلك, تكرر ذلك مرارا فقررت ألا آكل من يدها, هل لي ذنب في فعل ذلك? ضاق بنا الحال والهموم تزداد يوما بعد يوم الحل الوحيد هو أن لا نعيش معها تحت سقف واحد رغم أني أتالم لفراق ابني, اشترينا أنا وزوجي بيتا آخر بسيطا بقرض من البنك هنا في أوربا لأنه ليس لدينا المال الكافي, زوجي يقول بأنه إذا ما قدر الله ومتنا فان ابننا هذا لن يرضى بوجود إخوته في البيت الذي نسكنه حاليا لأن البيت مكتوب على اسمه لذا اشترينا بيتا في محيانا ليجده أبنائي الصغار إن شاء الله. نعلم أن الربا حرام لكن ما العمل? هل كان حراما شراء البيت? إذا كان الجواب نعم فهل نبيعه أم ماذا? ثم ما الحل لمشكلتي الأولى مع زوجة ابني. أعتذر عن الإطالة. أريد الجواب في أسرع وقت إن أمكن, وجزاكم الله خيرا إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجعل لكم من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا، وينبغي لزوجة ابنك أن تحترمك وتعاملك معاملة البنت لأمها لمكانتك من زوجها ولفارق السن، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا. وفي رواية: ويعرف شرف كبيرنا. رواه أحمد والترمذي. وينبغي للولد حث زوجته على الإحسان إلى أمه وتوقيرها. وعليك أن تساعدي زوجة ابنك على برورها بك والإحسان إليكم جميعا، وذلك باحترامها والإحسان إليها ... فقد قال الله عز وجل: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:34ـ35} .
وبخصوص دعائك عليها، فإن كان ذلك بسبب ظلم صادر منها فلا شيء عليك في ذلك، فقد قال الله تعالى: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ {النساء: 148} . قال ابن عباس لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد إلا أن يكون مظلوما، فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه. وإذا لم يكن ذلك عن ظلم منها فإن عليك أن تطلبي منها السماح وتستغفري الله تعالى على ما صدر منك بغير حق شرعي، وما فعلت من الندامة والصيام فهو خير. وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 2968.
وفيما يخص شراء البيت بقروض ربوية من البنك فإنه لا يجوز الإقدام عليه ـ كما أشرت ـ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ {البقرة:278} . وما دمتم قد اشتريتم بالربا فإن عليكم المبادرة إلى التوبة النصوح وعقد العزم على عدم التعامل بالربا فيما بقي من أعماركم، ولا يلزم من ذلك بيع المنزل ما دمتم محتاجين إليه، وللمزيد من التفصيل والفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى: 3495، 1215، 7688.
وننبهك إلى أن قولك: " شاء القدر" لا يجوز وانظري الفتوى رقم: 26137.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1426(13/108)
أذية الكنة بهتان وإثم مبين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تسلط الحماة على كنتها التي يصل بها الأمر إلى درجة الكيد لغاية تنغيص حياتها، علما بأنها لا تتحرج من أن تتهمها بأي تهمة زورا وبهتانا دون أن يكون للكنة ذنب سوى أن الحماة تريد أن تتفرد بحب الابن، وما موقف الابن إذا ما دعته أمه إلى عقاب زوجته مع علمه ببراءتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن أذية المسلمين من أقبح الأفعال وأشدها حرمة في الإسلام، وقد تظافرت نصوص الكتاب والسنة على النهي عن ذلك، وشددت الوعيد على فاعل ذلك، ففي القرآن يقول الحق سبحانه: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {الأحزاب:58} ، وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. رواه مسلم.
وأخرج مسلم كذلك من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ها هنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه.
وعلى هذا.. فإن كان ما نسبت إلى أم زوجك صحيحاً فالواجب عليها أن تتوب إلى الله تعالى من هذا السلوك معك، ولا تسبب شقاقا بينك وبين زوجك فتجلب على نفسها ذنباً آخر وهو التخبيب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها، أو عبداً على سيده. رواه أبو داود.
وعلى العموم فإننا ننصحك بالصبر والخلق الحميد نحو هذه المرأة، ومقابلة مضايقاتها لك بالإحسان والصفح، ولا شك في أنك إن دمت على ذلك فترة، فإن طبيعتها ستتغير نحوك إلى الأحسن.
وعلى زوجك أن يسعى للصلح بينك وبين أمه، وحل تلك المشاكل، ولا يجوز له أن يطيع أمه إن أمرته بفعل شيء تجاهك فيه مخالفة للشرع، سواء كان ذلك فعلاً أو قولاً، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه.
هذا.. وننبه إلى أنه إذا كان في سكناك في بيت مستقل عن هذه المرأة حل لهذه المشكلة فالأولى أن تسعي أنت وزوجك لذلك، تفادياً لتكرر الاضطرابات مع أم الزوج، وراجعي الفتوى رقم: 4370.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1426(13/109)
لا يحق للآباء منع أولادهم من استثمار أموالهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الابن الوحيد والأكبر لأسرتي ولدي أختان أصغر مني ظللت لفترة خمس سنوات أدعم أسرتي بكامل دخلي من عملي وكان معظم ما أدفعه يستخدمه والدي في مشاريع خاصة بهما وهي مشاريع فاشلة أو أقلها غير مربحة يعني الدخل يساوي المصروف تخصص دراستي ومجال خبرتي هو الإدراة ومع هذا لا يسمحان لي بالتدخل أو النصح كي تنجح هذه المشاريع فقررت أن أستثمر لنفسي مباشرة حتى أتمكن من سد احتياجات الأسرة وكذلك احتياجاتي الخاصة حيث إنني لم أتزوج بعد ولكن المشكلة هي أن والداي لا يريدان لي الاستقلال بعملي الخاص وهما فقط يريدان أن أستمر في الانفاق على مشاريعهما وتغطية خسارتها وأن أدفع كل ما أحصل عليه لصالح هذه المشاريع مع أنني يعلم الله أن نيتي خير، أريد أن أعمل مشاريع منفصلة رابحة أديرها بطريقتي حتى أتمكن من النهوض بمسؤلياتي تجاههما وتجاه نفسي فهل علي إثم إذا ما أصررت على أن أنفرد بمشاريعي الخاصة وأتوقف عن دعم مشاريعهم الخاسرة والتي دعمتها لمدة 5 سنوات سابقة.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا إثم عليك في ذلك، والذي يلزم الولد تجاه والديه أن ينفق عليهما بقدر الحاجة إن كان مستطيعا موسرا وكانا معسرين، وليس عليه أن يدعم مشاريعهما ولا أن ينفق أمواله كلها ويبقى فارغ اليدين، فهذا لم يأمر به كتاب ولا سنة، ولذا فلا مانع أخي الكريم من فتح مشاريع تجارية خاصة بك، ولا يليق بالآباء أن يكلفوا أولادهم بما يشق عليهم، وأن يحرموهم من القيام على مشاريعهم وتنمية أموالهم فيوقعوا أبناءهم في العنت والمشقة أو العقوق والجفوة، وراجع الفتوى رقم: 46692، والفتوى رقم: 50146.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1426(13/110)
التقليل من زيارة الأقارب الذين خشى منهم الشر
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الكريم أنا سيدة متزوجة وأقطن خارج بلدي الأصلي أي أعيش بأوروبا وزوجي إنسان طيب وخلوق ويخاف ربه ويعاملني أحسن معاملة كي لايحسسني بالغربة. ولكن المشكلة في أخيه الذي لايبعد منزله أمتارا عنا فهو متزوج هو الآخر..وعندما تزوجت زوجي هذا اتخذت سلفتي (زوجة أخيه) كأخت لي أحكي لها عن أسراري حتى نقاشاتي مع أهل زوجي عندما زارونا كنت أقول لها ولكنها كانت تحكي كل شيء لزوجها ومرات تزيد عليها فأصبح سلفي يكرهني وكل ما أفعله في عينه خطأ..وهو يريدنا أن نعيش أنا وزوجي على مزاجه أي إذا خرجوا ليتنزهوا يقولوا لنا هيا معنا وإذا خرجنا نحن يقول من الواجب أن تقولوا لنا هيا نخرج معكم ولكني جاملت مرة واثنتين فقلت لزوجي أريد أن أبقى معك أنت فقط ... وعندما نرفض الخروج معهم يعتبر هذا تحكما مني في زوجي..وإذا زرت جارة لي من دون أن أخبر سلفتي يأتي ويقول لزوجي لماذا لم تخبر زوجتي للذهاب معها، للعلم أني أصبحت أبتعد عنها لأنها تنقل الكلام..وكم من مرة جاء وأهانني لأسباب تافهة مثلا إنك رفضتِ الذهاب معنا لماذا؟ أو إنك تذهبين لكثير من الجارات ولا تأتين إلينا إلا بعد فترة....وأصبحت معاملته فيها الإهانة لي..وآخر مرة قد تطاول علي في أمر لايستحق الكلام..ولكن هذه المرة اتصلت بأهله وقلت لهم ما يفعله ابنهم بي وقلت لعمي (أبيه) إذا لم يتوقف عن مضايقتي والتحكم في حياتي سأضطر وأخبر أهلى ليجدوا حلا معه حتى لو اضطررت ورجعت إلى أهلي ... وزوجي في موقف محرج على أن يتعارك هو وأخوه أو يرضيني يقول لي نحن في غربة وأعرف أنه مخطئ من رأسه حتى قدميه ولكن لا أريد أن أخسر أخي ونحن مغتربين..ولكني حلفت على دخولي بيته إلا للشديد وعدم مخاطبته لي أو مخاطبتي له إلا في حالة السلام عليكم فقط ... أهل زوجي يقولون إن هذا كله من صنيع زوجته..فهذا لا يهمني ... ولكن سؤالي هل أكون قد أجرمت فى حق الله إذا يعتبر من قطع الأرحام ولكن ماعساي أن أفعل إن طباع زوجته لايمكن أن تتغير من نقل الكلام وملء لرأس لزوجها حيث أحيانا أحسها أنها تشعر بالغيرة مني وهو نظرته لي من الكره هي لاتتغير وأظن أن هذا أسلم حل عندي وعند زوجي
أرجوك أن ترد علي في أقرب فرصة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأخو الزوج أجنبي وليس قطع الصلة به من قطع الأرحام، بل إن كان اللقاء به فيه محذور شرعي كخلوة أو اطلاع على عورة فيحرم اللقاء به، وإن كان في اللقاء بزوجته فساد لحياتك الزوجية فلا شك أن اجتنابها والتقليل من زيارتها هو المطلوب، وعموما فالذي ننصحك به ما يلي:
1ـ شجعي زوجك على أن يحسن الصلة بأخيه وأن يبادله الود والمحبة والنصيحة.
2ـ إن تمكنت من التزاور مع زوجة أخيك مع الشغل وقت جلوسكم بأمر نافع كمطالعة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسير الصحابة أو كتب العلم أو القصص النافعة أو غير ذلك من الأمور المفيدة فحسن، وسد الباب الذي يجلب عليكم الضرر والتنازع.
3ـ لا تتعجلي في اتخاذ قرار يهدم علاقتك بزوجك. وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1426(13/111)
الزوجة التي تتضرر من زيارة والدي زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد أرسلت إليكم مسبقا أشكو من سوء كلام وتصرفات والد زوجي معي بحجة المزح وعدم قصد الإيذاء، وقد نصحتموني بالصبر، ولكني الآن أشعر بحزن عميق من إصراري على برهما ثم مقابلة إحساني لهم بإصرارهم على عدم مراعاة شعوري مطلقاً في مواقف متكررة! وأشعر بتعب شديد وضرر عند كل موقف وأصبحت أطلب من زوجي أن ينقذني من هذا الضغط، لكنه لا يشعر بي وبأهمية ما أشكو منه بحجة أنهم كبار في السن وإذا كلمهم قالوا إنهم لا يقصدون مضايقتي ويظل يرغمني على زيارتهم حتى أكون زوجة بارة، ولكني أتألم كل مرة وأنا أعلم أنهم يستطيعون التمييز بين طيب القول وخبيثه مهما صغر أو كبر ولا يقبلونه لأنفسهم وأصبحت لا أحب الذهاب إليهم خوفاً على علاقتي بزوجي التي بدأت تتأثر وتهتز، فهل يجوز أن يرحمني زوجي من هذه الزيارة التي لا أعود منها إلا متعبة في أغلب الأحوال ويذهب وحده بدوني، وذلك لأن ما يفعلونه يشعرني بالظلم والضرر في حين أني أريد أن أعيش حياة هادئة! أم أن علي ذنب إذا توقفت عن زيارتهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نعيد عليك النصيحة بالصبر ومقابلة الإساءة بالإحسان في التعامل مع والدي زوجك، وإن كان ذلك لا يجب عليك أصلاً لأنه ليس لهم من الحقوق عليك إلا لما للمسلم على أخيه المسلم من الحقوق، وقد بينا طرفا منها في الفتوى رقم: 6719.
إلا إذا كان زوجك يأمرك بشيء نحو والديه فيجب عليك طاعته فيه بالمعروف، وراجعي الفتوى رقم: 4180.
لكن إن وجدت ما لا صبر لك عليه وخفت أن يحصل منك بسبب ذلك ردة فعل تسيء إلى زوجك أو إلى أهله فلا مانع من أن تقنعي زوجك بحقيقة الأمر، فإما أن يطلب من أبويه الكف عن أذيتهما لك، أو يعفيك من زيارتهم بشكل مستمر، ويحسن أن يكون هذا الأمر سراً بينكما بحيث لا يطلع عليه والدا زوجك فيغضبا لذلك فيزداد الأمر تعقيداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1426(13/112)
لا يحق للأب أن يأخذ من مال أولاده زائدا على النفقة عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للوالد حق في مال بناته إذا كن يتكفلن بكل مصاريف البيت وحاجياته ولكنه يجبرنا دائما على إعطائه المال وإذا لم نستجب له دعا علينا وأسمعنا كلاما غير لائق فهو سريع الانفعال ومن خوفنا الشديد نستجيب له فلا يحسن استعماله رغم حاجتنا الأكيدة إليه، نظرا لظروفنا الاجتماعية (بنتان معاقتان عضويا تعملان وتشاركان بقسط كبير في المصاريف وأخ مريض نفسانيا ولا يكفيه راتبه الشهري) ، الرجاء نصحي ومساعدتي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم أخذ الأب من مال بنيه في الفتوى رقم: 25879.
وليس لهذا الأب أن يأخذ شيئاً من مالكم زائداً على النفقة عليه، إذا كان محتاجاً وغير قادر على الكسب.
لكن مع ذلك فالذي ننصحكما به تجاه هذا الأب أن تبذلا الجهد في بره بالمعروف وإرضاء خاطره ببعض المال، إذا لم يكن في ذلك إجحاف عليكما، بحيث يؤدي ذلك إلى التقصير في أموركما الواجبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1426(13/113)
وجوب نفقة الأم الفقيرة ولو متزوجة على الولد الموسر
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت والدتي من رجل آخر بعد طلاقها من والدي وذلك قبل 20 سنة، والآن زوجها لا يقدر على توفير مسكن لها ولا مصاريف أخرى وهو الآن في سن 60 سنة، فهل يحق لنا نحن أولادها أن نطلب منها أن تخلع هذا الرجل طالما لا ينفق عليها، وهل علينا أي حقوق وواجبات لأمنا أو لهذا الرجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطلب المرأة الخلع لعدم إنفاق زوجها عليها حق من حقوقها، فإذا أعسر الزوج بالنفقة ورضيت هي بالبقاء معه على ذلك الحال وتنازلت عن حقها فليس من البر أن تضطروها إلى طلب الخلع، وأما حقها عليكم فطاعتها والبر بها وسد حاجاتها، لقول الله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً. والزواج بهذا الرجل الفقير لا يسقط أي حق من حقوقها لا نفقة ولا غيرها، ما دام هو عاجز عن الإنفاق عليها، قال خليل في مختصره في معرض كلامه على وجوب نفقة الأم الفقيرة على الولد الموسر: ولا يسقطها تزويجها بفقير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1426(13/114)
من شروط الإنفاق على الأبوين
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل لا يعمل ولديه 7 من الأولاد لا يعملون و2 هم الذين يعملون 1 منهم مقيم بالبيت والأخ الآخر في منزل مستقل بإيجار، المشكلة أن الأب حرم أن يأخذ أي مبلغ من راتب الابن الأكبر وقال إنه حرام عليه، ولكن للأسف الشديد تقدم بشكوى لدى المحكمة يطالب الابن بمصروف له وللأولاد الذين لا يعملون وحكمت المحكمة لصالحه، ولكن هو يأخذ المال ولا يعطيهم شيئاً، وسؤالي هو: هل المبلغ حلال أم غير ذلك، وهل الابن غير المقيم بالبيت مجبر على أن يصرف على إخوانه الصغار، علماً بأن الأب قادر على العمل، وماذا يجب الابن عمله تجاه والده الذي أثقل كاهله بالديون، وهل يجبر الابن على إعطاء والده مبلغاً مخصصاً شهرياً إذا كان عليه ديون والمبلغ المتبقي لا يكفي لإعالته هو وأسرته، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على وجوب نفقة الوالدين الفقيرين ولو كانا كافرين على أولادهما، لا فرق في ذلك بين الذكر منهم والأنثى، واختلفوا في وجوب نفقة الأخ على أخيه، ومحل وجوب النفقة في الكل كون المنفَق عليهم فقراء ولا يستطيعون الكسب، وانظر تفصيل ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 21080، 20338، 44020.
وعلى هذا.. فإن كان أبوك وإخوتك هؤلاء محتاجين إلى النفقة فهي واجبة عليك وعلى أخيك الذي يعمل بالسوية سواء كان الأب أو الإخوة يسكنون معكم في بيت واحد أو في بيت آخر منفصل، وهذه النفقة مشروطة بما إذا فضل عنك وعن أخيك شيء بعد النفقة على النفس والزوجة والأولاد وإلا فلا تجب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1425(13/115)
هل يجوز حرمان الابن العاق من الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخ أصغر مني ولكنه لا يتقي الله في والديه ويسرق بعض الأشياء من المنزل ويبيعها ويقوم بتهديد أبي بأنه قد يحدث بي أي شيء، مع العلم بأنه لا يصلي ولا يصوم وأنا غير متزوجة وقد قامت أمي بكتابة عقد الشقة باسمي واسم شقيقتي الكبرى المتزوجة، أرجو إفادتي بالتصرف معه وكيف أرجعه عن هذا الطريق فقد وصل به الحال إلى ضرب والدي وضربي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أخاك مرتكب لجملة من الكبائر أعظمها ترك الصلاة وعقوق الوالدين، والواجب عليه التوبة فوراً من قبل أن يفجأه الموت فيندم وقت لا ينفع الندم، ولك أن تستعيني عليه بمن يقدرهم ويخشاهم من أسرتك كأحد الأعمام أو الأخوال، فقد يكون لأحدهم تأثير عليه فينتصح ويهتدي.
وحاولي أن تجالسيه وتخاطبي قلبه وعقله وتخوفيه بالله وتذكريه بحقوقكم عليه، وأنكم مازلتم تحبونه، فقد يرعوي من مثل هذه الأفعال، فإن لم يجد ذلك كله معه، فلا حرج في رفع أمره إلى أي جهة رسمية قادرة على الأخذ على يديه ومنعه من الاعتداء، ولا تتركي الدعاء له أبداً أن يهديه الله ويكفه عن غيه، وليس ذلك على الله بعزيز، إذ القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن.
وأما بالنسبة لما قامت به أمك من كتابة عقد الشقة التي تملكها لك ولشقيقتك وحرمانها ذلك الولد من نصيبه فيها، فانظري في مشروعية هذا العمل الفتوى رقم: 50662، وما تفرع عنها من الفتاوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1425(13/116)
الإثم على من أصر على القطيعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تخصيص الأهل والأقارب المحتاجين ضمن المستفيدين من زكاة المال؟ وأحاول جاهداً إعادة العلاقة الأخوية فيما بيني وإخوتي لإعادة أواصر صلة الرحم رغم القطيعة من البعض هل دعائي ونيتي الخالصة بالتمني لعودة الصله تشفع لي في حال استمرت القطيعة؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في تخصيص الأهل والأقارب المحتاجين بزكاة المال، ما لم يكونوا ممن تجب نفقتهم على المزكي، بل إن ذلك مرغب فيه.
ففي صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي طلحة رضي الله عنه في صدقته: أرى أن تجعلها في الأقربين.
وفي مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي والنسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي القرابة اثنتان: صدقة وصلة.
واعلم أن الرحم أمرها عظيم في الإسلام، ونصوص الشرع متضافرة على وجوب صلتها وتحريم قطعها، ويكفي في ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع. متفق عليه.
والمراد بالصلة أن يصل الإنسان رحمه وإن قطعوه، فليست الصلة من باب المكافأة أو المعاملة بالمثل، بل هي حق واجب للمسلم على أخيه المسلم. روى البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.
وإذا وصلت قرابتك وحاولت جاهداً إعادة العلاقة معهم ودعوت لهم بإخلاص نية، فلا شك أن القطيعة تنحل من جهتك أنت، وأنك تؤجر إن شاء الله تعالى على ذلك، ويبقى الإثم على من أصر على القطيعة منهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1425(13/117)
قابل أذى قرابتك بالإحسان وبالصبر الجميل
[السُّؤَالُ]
ـ[حدثت مشكلة بيني وبين أهلي (أمي وأخي وأختي الصغرى وخالي وابنته وزوجته) وكان سبب المشكلة من طرفهم وعندما واجهتهم بما يفعلوه معي تمادوا في الخطأ ووجدتهم بدون سبب يسبون زوجتي ويرمونها بما لا يليق بها كزوجتي وكإنسانة محترمة وملتزمة وسبوها في عرضها وكان ذلك أمامي وأمام كل الجيران وتطور الموضوع جدا ووقفت أدافع عن زوجتى لعلمي بعدم وجود ذلك بها وعندما علم أخي الأكبر بما فعلت قاطعني هو الآخر وأصبحت سيرتي وسيرة زوجتي على كل لسان في منطقة سكني حيث إنني أسكن في نفس الشارع الذي فيه أهلي وهم لا يتركون أحدا أعرفه إلا وتكلموا معه في أدق خصوصياتي وأغلبها كذب طبعا وهذا أثر على نفسيتي كثيرا لدرجة أنني لا أطيق رؤية أحد منهم وقد وصل الأمر أني كنت مقبلا على طلاق زوجتى من كثرة هذا الكلام الذي يجرحها كثيرا وأخيرا فإنني قصرت العلاقة فقط على أمي أذهب لها كل شهر فقط لأعطيها المبلغ الشهري المخصص لها مني وقد أقسمت على ألا أشرب أو آكل شيئا في هذ البيت مع العلم أن مصدر هذا الكلام ابن خالي وخالي وزوجته وأمي وأختي الصغرى تشجعهم على ذلك كما أني اتصلت بأخي الأكبر هذا قبل رمضان ولكنه كلمني بجفاء شديد مما أحرجني جدا. وقد طلبت أخيرا من المؤسسة التي أعمل بها أن أنتقل لأي فرع لها خارج مصر. هذه هي المشكلة التي أنا بها أرجو أن تشير علي بماذا أفعل تجاههم فهم حولوا حياتي إلى جحيم ومشاكل لا تنتهي في بيتي، البيت الذي طالما نعمت فيه بالهدوء مع زوجتي وابنتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ندري ما الدافع لقرابتك على معاداتك ورمي زوجتك، ومع ذلك نقول: إن كنت أنت وزوجتك مظلومين فأبشرا بمعية الله ونصره، ما دمت تصلهم وتبرهم وتتصل بهم وتزورهم في حين أنهم قد قطعوا صلتك ولم يرعوا حق قرابتك وحق رحمك ورموا زوجتك بما رموها به بغير حق، ونذكرك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل يشكو إليه سوء معاملة أقاربه له، قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي! فقال: لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم وأحمد وأبو داود. معنى " تسفهم المل" تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم، كما يلحقهم الألم في الرماد الحار. فننصحك بالتحمل والصبر وعدم مقابلة الإساءة بالإساءة، ولكن قابل ما تجده من أذى بالإحسان وبالصبر الجميل، ولعلك إن استمررت في دفع إساءتهم إليك بالإحسان إليهم وصلة رحمهم يشرح الله صدورهم للحق، فيتركون مقاطعتك، وتتحول عداوتهم إلى موالاة ومحبة، قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ *وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:34ـ35} . أما هؤلاء الذين يسبون زوجتك ويرمونها بما لا يليق فقد ارتكبوا أمرا محرما، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: سباب المسلم فسوق. متفق عليه. ويقول الله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النور:23} . فعليهم أن يتوبوا إلى الله تعالى مما هم فيه، وأن يستسمحوا من سبوه ورموه.
وعلى كل حال فلا يسوِّغ لك ارتكاب هؤلاء لما ارتكبوه في حقك وفي حق زوجتك أن تعق أمك أو أن تقلل من شأنها، فشأن الأمهات عظيم، وعقوقهن خطير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1425(13/118)
حكم تصدق الأم بثياب أولادها دون علمهم
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي تقوم بإخراج جزء من ملابسي وملابس إخوتي التي لا تعجبها للصدقة دون أن تستأذننا فهل لها أجر الصدقة أم ان هذا يعد شكلا من أشكال السرقة؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأم المذكورة إذا كان تصدقها ببعض ثياب أولادها عالمة بكونهم راضين بذلك، ولم يكن هناك ضرر بهم يترتب على التصرف المذكور، فإنها تثاب على تلك الصدقة، كما أن الأولاد أيضاً يثابون عليها لمشاركتهم فيها، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا أنفقت المرأة من طعام بيت زوجها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما كسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئاً. متفق عليه.
أما إذا علمت بعدم رضاهم بذلك، فلا ينبغي لها التصرف المذكور، لكن الغالب أن تصرف الأبوين في مال الأولاد محمول على المصلحة ما لم يتبين خلاف ذلك، وينبغي للأولاد أن تطيب أنفسهم بما تأخذ أمهم، لأن ذلك من البر بها والإحسان إليها.
ولا يدخل التصرف المذكور في تعريف السرقة شرعاً الذي هو أخذ الشيء من حرزه في الخفاء.
وراجع الفتوى رقم: 15504.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1425(13/119)
لا حرج في زيارة أم الزوجة دون علم الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[حدث صدام بين أمي وأم زوجتي (حماتي) وقد أخطأت أم زوجتي في حق أمي. وقد غضبت لهذا وقررت عدم الذهاب لبيت أم زوجتي. ثم هل رمضان واتصلت أم زوجتي لتدعوني للإفطار عندها وأعلم أن هذا سيغضب أمي. فماذا أفعل؟ هل أستمر في مقاطعتها أم أذهب دون علم أمي؟
جزاك الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز أن تستمر في قطع وهجر أم زوجتك لغير أمر شرعي يستلزم ذلك، ولذا فإننا نرى أن تذهب إليها وإن تمكنت من الإصلاح بينها وبين أمك فخير تقوم به، وإن لم تتمكن من ذلك وخشيت غضب أمك بزيارة أم زوجتك فيمكنك أن تلبي دعوتها دون علم أمك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1425(13/120)
موقف الأبناء من أبيهم الذي لا يصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي لا يصوم شهر رمضان أبداً (ومع ذلك هو لا يقطع الصلاة) وهو كثير التدخين ونحن نعرف أن هذا ليس عذراً له، ولكن ماذا نفعل عندما ننصحه لا يعجبه كلامنا فيصرخ في وجهنا ويقول أنا من سيحاسبني ربي وليس أنتم، وفي بعض الأحيان يخاصمنا بسبب ذلك.
مع العلم أنه يعمل لنفسه الشاي في الصباح في رمضان ويشرب أمامنا ويدخن السجائر ونحن صائمون حتى إننا نستحي مما يفعله.
1) فإننا نريد أن نعرف هل نحن مشتركون معه في عدم صيامه؟
2) هل يجوز لنا أن نأكل من الأطعمة التي يُحضِرُها لنا في رمضان؟
أفيدونا أفادكم الله، ونريد منكم إجابة كافية تزيل عنا الحيرة والقلق لأننا لا نعرف ما المفروض علينا فعله مع أبينا في هذا الشهر الفضيل.
وجزاكم الله خيراً ووفقكم في العلم والإيمان]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أفطر في نهار رمضان من غير عذر مبيح للفطر فقد أثم إثما عظيما، وتجب عليه التوبة النصوح وقضاء ما عليه من الأيام التي أفطرها، أما أنتم فعليكم نصحه بالحكمة والموعظة الحسنة، فهذا من البر والإحسان، وفي قصة إبراهيم عليه السلام شاهد على ذلك. حيث يقول لأبيه: يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا {مريم: 45} . كما ينبغي مراعاة لزوم الأدب الرفيع والألفاظ المناسبة والبعد عن التعنيف لما في ذلك من العقوق، وليكن الغرض الأسمى هداية الأب مع الدعاء له بالهداية، والتحلي بالصبر. قال تعالى: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {لقمان: 17} . وبهذا تبرأ ذمتكم من الإثم إن شاء الله. قال تعالى: فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ {الغاشية: 22} . وقال تعالى: إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ {الشورى: 48} . وقال صلى الله عليه وسلم: فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع. رواه مسلم عن أم سلمة. أي الإثم والعقوبة على من رضي وتابع. ذكره النووي، فما دمتم منكرين عليه ولو بقلوبكم فلا يلحقكم إثم من جراء أخطائه. قال تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الزمر: 7} . أما الأكل من الأطعمة التي يحضرها لكم فلا شيء فيه مادام ماله حلالا.
والله نسأل أن يشرح صدر أبيكم للتوبة والهداية، وأن يتوب علينا وعليه وعلى جميع المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1425(13/121)
هل للأخت أن تمنع أختها- التي تقيم عندها- من صلاة التراويح في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة تسأل: هي تعيش مع أختها الأكبر منها وتساعدها في عملها خارج البيت وبحلول شهر رمضان منعتها من الذهاب لصلاة التراويح في أيام الأسبوع!! ماذا تفعل؟ هل تساعد أختها؟ أم تذهب للصلاة؟
أرشدوها وجزاكم الله كل خير..
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في الأفضل في صلاة التراويح: هل هو أداؤها في الجماعة أو الانفراد بها.
فذهب المالكية إلى أن الانفراد أفضل إن لم يؤد إلى تعطل المساجد. قال الشيخ خليل بن إسحاق: وانفراد بها إن لم تعطل المساجد.
ومذهب جمهور العلماء أن أداء التراويح في الجماعة أفضل من الانفراد بها، وراجع في هذا فتوانا رقم: 25991.
وعليه، فالصواب أن لا تمنع الأخت أختها من الذهاب إلى صلاة التراويح، وليس ذلك من حقها فلعلها أن تستفيد من الدروس والمواعظ التي قد تلقى في المساجد.
وإذا انتهت التراويح عادت إلى مساعدة أختها فيما كانت تساعدها فيه، إن شاءت، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن منع النساء من الصلاة في المساجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1425(13/122)
أم الزوج لها حقوق كثيرة على زوجة ابنها
[السُّؤَالُ]
ـ[-ما هو حق المرأة على زوجة ابنها من جهة الشرع
2- إذا كانت الزوجة تعصي زوجها عند طلبه شيئاً يتعلق بأمه مثل مساعدتها في إعداد الطعام في المناسبات وتقول الزوجة أنا معزومة ولا تريد حتى أن تساعد في رفع مكان أكلي أنا وهي فماذا عليها من إثم?
3- هل إن قاطعت أهلها من أجل ذلك هل يكون علي إثم؟
جزاكم الله عنا خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لأم الزوج حقوقاً كثيرة على زوجة ابنها قد بينا طرفاً منها في الفتوى رقم 4180. والفتوى رقم 17008.، ولا شك أن مساعدة المرأة لأم زوجها في أمور الطبخ وما شابهه عنوان على فضلها وحرصها على الخير لأنه أمر محمود بين جميع الناس لقول النبي صلى الله عليه وسلم والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه رواه مسلم، وفي مسلم كذلك من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل ولا شك أن أم الزوج هي من أولى الناس بهذا العون.
هذا إلى جانب أن في ذلك طاعة للزوج وكسباً لوده، أما إن رفضت الزوجة ذلك فليس على الزوج جبرها على ذلك كما سبق بيانه في الفتوى رقم 35683.
ولا ينبغي للزوج أن يقاطع أهلها لهذا السبب إذ ليس من شيم أهل الفضل والخلق الحسن أن يفعلوا هذا، بل إن من طبعهم الإحسان إلى أصهارهم بما في ذلك صلة أرحامهم وزيارتهم وترك ابنتهم تزورهم وتصلهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1425(13/123)
أحسنت في عدم رفع خلافك مع أخيك للمحكمة حفاظا على الود
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أسكن بمنزل في ملك أخي ولضيق ظروفي المادية لم أكن أدفع أجر الكراء، طلب مني أخي أن أفرغ المنزل في الحال وأخذ أمتعتي إلى مكان سكني الجديد بمدينة تبعد بـ 200 كلم حيث محل سكني الجديد، لكن ظروفي لا تسمح الآن لأن زوجتي على وشك أن تلد، طلبت منه أن يصبر علي لكنه لم يرد وهددني أن يخرج أمتعتي بنفسه مما سيضطر أهل زوجتي إلى الذهاب معه إلى الشرطة والمحاكم وأنا لا أريد أن أفعل هذا معه، حتى وإن أرادوا ذلك فقررت أن أفرغ المنزل فقمت بذلك مع أمها وأبيها وأخيها مما جعل كل عائلة زوجتي ضدي حتى أنني أخرجت من منزلي الجديد في المدينة الأخرى ولم أحضر وقت ولادة زوجتي، زوجتي تقول إنني لم أفكر فيها وفي مولودتنا بل فكرت في عائلتي وفي أنني لا أريد الدخول مع أخي في المحاكم وأنني ضحيت بها وبمولودتي على بعد يومين من ولادتها والله يعلم أنني تصرفت كذلك حتى لا تصطدم عائلتي وعائلتها في المحاكم ووجدت أن عائلتها قد تدخلت بشكل كبير في حياتنا الشخصية حيث طلب مني والدها أن أطالب إخوتي بميراثي وأن أبيع منزلاً صغيراً باسمي فأشتري لها منزلاً كبيراً غير الذي اشتريناه أنا وهي في المدينة الأخرى حيث أعمل الآن أو أن أكتب لها البيت باسمها، وتحملت إهانتهم لي في سبيل أن لا تعيش بنيتي بغير أب إلى جنبها وحتى لا أطلق زوجتي، وهي الآن تطلب الطلاق، بعض الناس يقولون لي إنني تصرفت كما يجب والبعض يقولون كان علي أن أذهب مع أخي للمحكمة وأبقى إلى جنب زوجتي رغم حسرت أمي العجوز، لا أدري هل تصرفت كما يجب أم لا، إذ أن الخلاف كما قلت لزوجتي هو بين أهلي وبيني لكن ترفض أن يمس حاجتها أحد غيرها، لكنها تقول إن المقصود في كل هذا هي وأن عائلتي تريد كسر أنفتها وأنا أظن أنها يجب أن تتبعني في قولي لأنني لأريد عض اليد التي كثيرا ما أحسنت إلي ولا أريد قتل أمي بحسرتها رغم أن زواجي داخل في عامه الثالث، وهذا هو مولودي الأول، فما حكم الشرع فيما وقع وهل أطلقها وهل تصرفت تصرفا غير معقول؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت صنعاً في عدم ذهابك مع أخيك إلى المحكمة، فكونه أخطأ في حقك لا يجعلك تنسى فضله السابق عليك، والحر من راعى وداد لحظة، كما قال الإمام الشافعي، وكونه أخطأ في حقك لا يسوغ لك أن تخطئ في حقه وتقطع الرحم التي أمر الله بوصلها وعظم شأنها واشتق لها اسماً من اسمه وجعل حقها تابعاً لحقه، قال تعالى: وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ {النساء:1} ، يعني: اتقوا الله واتقوا الأرحام، خاصة وأن في رفع أمرك مع أخيك إلى المحكمة إغضاب لأمك العجوز فتعين عليك فعل ما فعلت.
هذا، وليس من حق أهل زوجتك التدخل في علاقتك بأمك وأخيك، وليس لهم التدخل في أمورك الشخصية كشراء أو بيع أو غير ذلك، وليس لزوجتك عليك إلا توفير المسكن اللائق بها ملكاً كان أو إيجاراً.
فانصحهم بالمعروف أن يخلوا بينك وبين زوجتك، وحاول شرح حقيقة الأمر لزوجتك، وأن الحامل على طاعة أخيك وعدم رفع أمركما إلى المحكمة ليس لهوانها عليك، وإنما مراعاة لمصالح أعظم وهي عدم مقابلة الإساءة بمثلها وعدم قطيعة الأرحام وعقوق أمك العجوز، واجتهد في رفع الخلاف بين عائلتك وعائلة زوجتك بشتى الطرق والوسائل المتاحة، واستعن في ذلك بالله تعالى، فهو وحده القادر على التأليف بين القلوب، وبالنسبة لطلب زوجتك الطلاق فلا نرى له مسوغاً، ولتفصيل حكم ذلك انظر الفتوى رقم: 14779.
ولمعرفة حال زوجتك، وهل هي ناشز أم لا، انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1103، 9944، 6895.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1425(13/124)
الصبر على أذى الأقارب خير للصابر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة وأهل زوجي كثيرو الكلام عليّ بأكاذيب حتى يثبتوا للناس أنهم على حق فيما يفعلونه والله أعلم أن ما أقوله صحيح وأنا الآن مقاطعة لهم نهائيا ولا أحب أن أحداً منهم يدخل بيتي أو أن تذهب بنتي إليهم فهل عليّ إثم أو ذنب؟
مع خالص التقدير لسيادتكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الكذب وأذية المسلم من الأمور المحرمة التي يجب الابتعاد عنها، ففي الكذب يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً. متفق عليه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
وفي شأن أذية المسلم واحتقاره، ورد قوله صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. رواه الشيخان.
وقد عدَّ القرآن هذا من أشد أنواع البهتان والإثم، فقال سبحانه وتعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {الأحزاب: 58} .
وعلى هذا، فالواجب على أهل زوجك أن يتقوا الله تعالى فيك ويكفوا عن هذه الأكاذيب والإساءة، لأنها تخالف الدين والخلق الكريم تجاه زوجة ابنهم وأم أولادهم.
أما أنت أيتها الأخت فعليك بالصبر على ما يصدر من أقارب زوجك، وإياك أن تقابلي إساءتهم بالمثل، بل قابلي ذلك بالتي هي أحسن طلبا للأجر من الله تعالى ثم إرضاء لزوجك ثم حفاظاً على أسرتك من التصدع.
ومن هنا ندعوك إلى فتح صفحة جديدة معهم، فبدل التقاطع افتحي باب التواصل معهم بالزيارات، وخاصة في مناسبات الأفراح والأتراح، وإن استطعت أن تجمعي مع ذلك تقديم بعض الهدايا فذلك حسن وخير، وذلك لأن الهدايا تفتح القلوب، وتذيب الحقد والضغائن، لما روى البخاري في الأدب المفرد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تهادوا تحابوا.
وإن وجدت أن الأمر كله لا يجدي، فعليك مسايرتهم قدر المستطاع، وإياك أن تمنعي ابنتك من زيارة أهلها، فتكوني سبباً في قطع هذه البنت لرحمها، ولا يخفى ما في قطع الرحم من الإثم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(13/125)
أقوال العلماء في وجوب إعفاف الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي موظف متقاعد منذ أكثر من 30 سنة, بلغ من العمر عتيا, عمره الآن 80 سنة, به بعض أمراض الكبر مثل الضغط وضعف في عضلة القلب, وضعف السمع والتركيز من خلال الحديث مع الآخرين وهويأخذ أكثر من علاج في اليوم (حبوب) , توفيت والدتي رحمة الله عليها منذ شهرين ونيف, الآن أصبح والدي يقيم بالمنزل مع الشغالة, والدي مقيم في نفس المدينة التي يقيم بها ثمانية من أولاده 4 ذكور و 4 إناث , أقرب بيت من بيوت أبنائه يبعد عن بيت والدي 7 كم , والدي يؤدي جميع فروض الصلاة ويقوم الليل ويقرأ القرآن يومياً. والدي طلب الزواج ويقول شراركم عزابكم, بالنسبة لنا نحن أبناؤه لا يمكن أن نترك والدنا طلبنا منه أن يقيم في أحد بيوت أبنائه الذكور بشكل دائم أو يقيم لمدة يومين أو ثلاثة أو اكثر في كل بيت من بيوت أبنائه الذكور, وهويتهرب وهل لنا أن يذهب كل ولد من أبنائه الذكور ليقم عنده في بيته ليلاً فقط وبشكل دوري على الأبناء. نرجو منكم توضيح الأمر بالنسبة لنا لكي لا نغضب الله ولكي يبقى والدنا بعيدا عن الخطايا والآثام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على وجوب إعفاف الآباء على الأبناء إن احتاج الآباء لذلك. قال الدردير وهو مالكي: ويجب على الولد الموسر إعفافه أي الأب بزوجة واحدة لا أكثر، إن أعفته الواحدة. وقال الدسوقي: فإن لم تعفه الواحدة زيد عليها من يحصل به العفاف. وقال الرحيباني في مطالب أولي النهي وهو حنبلي: ويجب إعفاف من تجب له النفقة. قال الجلال المحلي في شرحه على المنهاج، وهو شافعي: يلزم الولد ذكرا كان أو أنثى إعفاف الأب والأجداد من جهة الأب أو الأم على المشهور لأنه من وجوه حاجاتهم المهمة كالنفقة والكسوة، والثاني: لا. وفي درر الحكام وهو من كتب الحنفية: وقال في الجوهرة: وإن احتاج الأب إلى زوجة والابن موسر وجب عليه أن يزوجه أو يشتري له جارية.
وعليه؛ فالواجب عليكم أن تزوجوا والدكم، لأنه طلب ذلك منكم، ولأنه فيما يبدو محتاج إليه. ولا يجوز أن يبقى منفردا في البيت مع الشغالة إن كانت أجنبيه عليه. وفي انتظار تزويجه إن كان سيحصل فعليكم أن تعطوه بعض عيالكم ليسكنوا معه ويرفقوا به، أو تتناوبوا أنتم على السكن معه إلى أن يتزوج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1425(13/126)
لا يجوز للأم موافقة ولدها في قطع رحمها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني الأعزاء أرجو الرد على السؤال التالي:
يوجد عمة ولديها ابن يمنع أخاها وأولاد أخيها من زيارتها وهي مقيمة في منزل الابن وإذا ذهبوا لزيارتها يمنعهم من ذلك أفيدونا أفادكم الله وجعلكم ذخرا للإسلام والمسلمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة العمة والأخت واجب، فيجب عليها وعلى أخيها وولد أخيها أن يسعوا قدر المستطاع في زيارتها والتواصل معها، وأن ينظروا في سبب تصرفات ولدها ويعالجوا القضية معه بالتي هي أحسن، ويمكنهم أن يبينوا له الحكم الشرعي ويحاولوا إقناعه به ويستعينوا بمن يمكنه التأثير عليه، فإذا أصر على منعهم دخول منزله فليس لهم الحق في الدخول بغير إذنه، ولكن يمكنهم استدعاء أمه أمام المنزل ليسلموا عليها، كما يمكنهم استضافتها عندهم في بيتهم بعضا من الوقت، لأن الأم لا تجب عليها طاعة ولدها، ولا يجوز لها موافقته في قطع رحمها.
وراجع الفتوى رقم: 47724، والفتوى رقم: 47693، والفتوى رقم: 20950.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1425(13/127)
هل يجب على البنت المتوفى عنها زوجها طاعة أبيها في السكن ببيته
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي توفي زوجها قبل شهرين وبعد انتهاء العدة أمرها أبي بالعودة إلى منزلنا حيث ليس عندها من زوجها ولد فرفضت وأثرت البقاء في بيت زوجها حتى يأتي الله بأمر من عنده فغضب أبي وحلف أن يجبرها على العودة إلى بيتنا بحق الشرع.
س-هل سيحكم الشرع لأبي بإجبار أختي على ترك بيت زوجها والسكن معنا؟
وجزاكم الله ألف خير على هذا الموقع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على هذه المرأة أن تطيع أباها في الانتقال إليه إذا لم يكن عليها ضرر من ذلك، لأن في بقائها وحدها مفاسد، منها: الخوف عليها من أهل الفساد، ومنها: ما قد يدور بين الناس من كلام فيها واتهام لها.
وأما أدلة وجوب طاعة الأب في المعروف، فكثيرة معلومة سبق بيانها في الفتوى رقم: 1549 والفتوى رقم: 17754.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1425(13/128)
إخفاء سبب عدم الإنجاب عن الوالدين لا حرج فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج منذ سنتين من إحدى قريباتي ولم أرزق بالأبناء إلى حد الآن بسبب ضعف في حركة الحيوانات المنوية لدي. ونحن نحاول العلاج ولكن في كنف السرية التامة. سؤالي فضيلة الشيخ هو: هل إخفاء سبب عدم إنجابنا إلى حد الآن وإخفاء ما نتعرض له من متاعب بسبب العلاج على كل من والدي ووالدي زوجتي هو أمر جائز شرعا, مع العلم أننا نقصد من وراء كتمان الأمر الاستعانة على قضاء حوائجنا بالكتمان كما أمرنا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك عدم التسبب في إزعاجهم وبث الحزن في نفوسهم (أقصد عائلاتنا) خصوصا وأن العلاج مازال متواصلا والأمل قائم إن شاء الله.
أفيدونا أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إخفاء سبب عدم الإنجاب عن الوالدين لا حرج فيه ولا سيما إذا ترتب عليه عدم التسبب في إزعاجهم ولم يترتب على إعلامهم بالموضوع أي فائدة.
هذا ونوصيك أنت وزوجك بالدعاء والاستعانة بالصلاة عملا بقول الله تعالى: [وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ] (البقرة: 45) . وبقوله تعالى: [وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ] (غافر: 60) .
وراجع للمزيد في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها: 19900، 15268، 49953.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1425(13/129)
الصلة مع الصبر والدفع بالتي هي أحسن أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعاقب الإنسان على عدم التواصل مع من يسبب له الأذى النفسي والضيق ويحرض الآخرين عليه خاصة إذا كان من الأهل كزوجة الأب الحاقدة على أبناء زوجها وتتمنى لهم الفشل والدمار، هل يجوز مقاطعتها والابتعاد عنها نهائياً خاصة بعد التأكد من نواياها مدة 15 عاماً، مع ما سببته من دمار بالزوج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولاً إلى أن زوجة الأب ليست من الرحم التي يجب صلتها.
وعليه، فِإن كان الحال كما ذكر وكان في الابتعاد عنها إراحة للنفس ودفع للأذى وتقليل لما يثير الشحناء كان الابتعاد أفضل.
وإن قدرت على الصبر وواصلت صلتها فهو الأفضل، لأن ذلك من دفع السيئة بالحسنة، والله تعالى يقول: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [فصلت:34] .
وفي الحديث عن أبي هريرة أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم.
ولأن في صلتها إرضاء للأب، هذا إن كان التواصل معها لا يورث ضرراً بك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1425(13/130)
بر الوالدين واجب ولو بعد وفاتهما
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يكون البر بالوالدين؟ وما هو حق والدي المتوفى
وكيف لي أن أعرف إن كان هو راضيا عني أم لا حيث لم يكن بيننا غير التليفون لأ نني في بلد بعيد عنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حق الوالدين على الإنسان يلي حق الله جل وتعالى، حيث قال: [وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً] (الإسراء: 23)
فبعد أن أمرنا سبحانه بتوحيده وعدم الإشراك به، ثنى بالأمر بالإحسان إلى الوالدين، وما ذلك إلا لعظيم حقهما.
وبرهما يكون بصلتهما، وطاعتهما في المعروف، والإحسان إليهما، والتأدب عند مخاطبتهما، والتذلل بين يديهما، وعدم التضجر والتأفف منهما، وكل ما يتنافى مع ذلك فهو عقوق.
وبر الوالدين يستمر ولو بعد وفاتهما، ولمعرفة كيفية برهما بعد وفاتهما راجعي الفتوى رقم: 7893، ورقم: 10602.
وكونك اقتصرت في صلتك لأبيك على الهاتف، فإن كنت مضطرة لذلك لتعذر زيارتك له في بلده فلا شيء عليك، أما إن كنت قادرة على أكثر من ذلك ولم تفعلي وهو يريد ذلك منك أو محتاجا إليه، فأنت لا شك آثمة، والواجب عليك التوبة والندم والاستغفار والإكثار من الأعمال الصالحة.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1425(13/131)
من آداب نصيحة القريب الذي لا يصلي ولا يغتسل
[السُّؤَالُ]
ـ[والد زوج أختي لا يصلي وأيضا لا يغتسل ولا يبدل ثيابه إلا بعد أشهر وعندما تتسخ جداً يعني وضعيته مزرية جدا حتى أن أختي تتقيأ عندما تشم رائحته ولقد حاول زوجها وإ خوته مراراً وتكراراً التأثير عليه لكي يغتسل ويصلي ولكنه في كل مرة يغضب بشدة ويقول لهم: لا تتدخلوا في شؤوني.
السؤال هو: أن أختي رفضت استضافته على حالته تلك وهي تخشى الله وتخاف أن تكون بذلك سببا في عقوق زوجها لأبيه مع العلم أن الزوج هو أيضا يقرف من حالة أبيه ويخشى الله ويخاف أن يكون بذلك عاقا لوالده فما رأي الشرع في ما سلف ذكره؟ وكيف نتعامل مع هذه الوضعية دون الوقوع في معصية الله بعقوق الوالد؟
جزاكم الله عن الاسلام كل خير وجمعني وإياكم في جنات الخلود آمين وصل اللهم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإحسان إلى الوالد واجب على بنيه، سواء كان طائعاً أم عاصياً مسلماً أو كافراً ما دام ذلك في حدود طاعة الله، ويدل لذلك عموم قوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا. [الأحقاف:15]
ومثل ذلك الإحسان إلى الجيران، وآكد الجيران وأعظمهم حقاً بالنسبة للمرأة والد زوجها.
قال الله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ. [النساء:36]
وعلى الأبناء والجيران أن يحرصوا على هداية الوالدين والجيران، وأن ينصحوهم بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يكثروا الدعاء لهم، ويسألوا الدعاء لهم ممن ترجى استجابة دعائه، وأن يصبروا على ذلك ولا يملوا. ويمكنهم الاستعانة بغيرهم ممن يؤثر كلامه من المعاصرين أو أئمة المساجد أو غيرهم من العلماء، والاستعانة بما تيسر من الوسائل كالشريط الإسلامي والكتب النافعة.
فإن بعض الناس قد يأبى قبول كلام أحد استصغارا له، ولكنه يقبل من معاصريه، وقد يتأثر إذا سمع الحق في شريط وهو منفرد، وكذا إذا قرأ كتاباً في الموضوع الذي تحصل منه بعض الأخطاء فيتوب بسبب ذلك، ويمكن عند عدم سماعه الكلام أن يواظب أبناؤه على إقامة درس يومي في المنزل يقرؤون فيه بحضرة الأب من أحاديث الترغيب في الصلاة والطهارة، والترهيب من تركهما، ومن أحسن الكتب في ذلك: رياض الصالحين، وصحيح الترغيب والترهيب، والمتجر الرابح في ثواب العمل الصالح.
هذا، وليعلم أن زوجة الولد ليس من الضروري جلوسها مع أبي زوجها، وإنما تكرمه بما تيسر من إطعام وإيواء، وتحرض زوجها على بره والإحسان إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1425(13/132)
من حقوق الوالدين والأقارب والجيران
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي حقوق التالية:
1) الأخ والأخت
2) الأب والأم
3) العم والعمة والخال والخالة
4) المسلم
5) الابن والبنت
6) الجار المسلم والجار غير المسلم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
- فلا تعارض بين حقوق من سألت عنهم إلا أن حقوق البعض منهم آكد من حقوق البعض، فبالنسبة لمن هم ذوو قرابة ورحم فتجب صلتهم حسبما يعد صلة في عرف المجتمع، وقد وردت نصوص كثيرة تحث على صلة الرحم، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1] ، وقال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ [محمد:22] .
- وللأبوين زيادة على غيرهما وهي وجوب برهما وطاعتهما بالمعروف، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 5327، وراجع حقهما في أخذ ما يحتاجانه من أموال ابنهما في الفتوى رقم: 7490.
- ومن حقوق الابن والبنت زيادة على النفقة تربيتهما تربية صالحة، ينجوان بها من النار ويعيشان سعيدين في الدنيا، وراجع في تربيتهما الفتوى رقم: 46732، والفتوى رقم: 17078.
- وللمسلم كيفما كان حقوق على أخيه المسلم كثيرة، ويمكنك أن تراجع فيها الفتوى رقم: 30752.
- وللجار على جاره حقوق كثيرة أيضاً ولو كان كافراً، وكنا قد أجبنا عنها من قبل، فراجع فيها الفتوى رقم: 46583.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1425(13/133)
هل تخرج الزوجة لزيارة أرحام زوجها بدون إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يمنعني من زيارة أسرة معينة من أقاربه هي (أسرة إحدى خالاته) لا لسبب واضح سوى أنه يعتقد أن بهم نوعا من الغرور وذلك مخالف للواقع خاصة لمن يعرفهم عن قرب، بينما علاقة والدة زوجي وشقيقاته هي علاقة ممتازة مع تلك الأسرة ويقومون بتبادل الزيارات معهم وتلبية دعواتهم، والمشكلة أن تلك الأسرة لا تعلم سبب عدم تلبية دعواتهم وزيارتهم ويعتقدون أن ذلك بسببي مما يسبب لي كثيرا من الإحراج وأحيانا تقوم والدة زوجي وشقيقاته باختلاق الأعذار لي أمام تلك الأسرة.
وسؤالي هو: هل يجوز لزوجي منعي من زيارتهم؟
وهو يجوز لي تلبية دعواتهم في مناسباتهم المختلفة برفقة والدة زوجي وشقيقاته بدون علم زوجي على الرغم من أني قد لا أتجرأ للقيام بذلك خوفا من غضب زوجي لو علم بالموضوع؟
... ... ... ... ... جزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس للمرأة أن تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه، فإن أذن لها خرجت وإلا فيحرم عليها الخروج، قال أحمد في امرأة لها زوج وأم مريضة: طاعة زوجها أوجب عليها من أمها إلا أن يأذن لها، قال ابن قدامة: وقد روى ابن بطة في أحكام النساء عن أنس أن رجلاً سافر ومنع زوجته من الخروج، فمرض أبوها فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيادة أبيها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقي الله ولا تخالفي زوجك. فأوحى الله إليه: إني قد غفرت لها بطاعة زوجها.
على أنه ينبغي للزوج أن يصل أرحامه وأن يعين على وصل الأرحام من تحت مسئوليته كالزوجة والأبناء، لا أن يكون حجر عثرة في سبيله مما يؤدي إلى الشحناء والبغضاء بين الأقارب.
فإن صلة الأرحام أكد الله عليها وحذر من قطعها، قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (محمد:22) وقال صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: أنا الرحمن خلقت الرحم، وشققت لها من اسمي اسماً، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها بتته. رواه البخاري وأحمد واللفظ لأحمد.
وينبغي للأخت السائلة أن تسعى للإصلاح بين زوجها وخالته، وبإمكانها أن تعرض للخالة بدعوة الزوج مباشرة ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1425(13/134)
يريد الاستقلال ببيت ليزوج وعائلته تمانع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم عمري 31 عاماً أعيش مع أخواتي، كنت فيما مضى آتي المحرمات خاصة الزنا فتبت إلى ربي، أنا الآن أحافظ على الصلاة وأفكر في الزواج لأن فكرة الزنا تراودني، لكنني لا أريد أن أعصي ربي، المشكلة أنني أريد أن أستقل يعني يكون لي بيتاً خاصاً وعائلتي تمنعني، أريد حلاً؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مرادك بالعائلة التي تمنعك والديك أو أحدهما فإنه يتعين عليك برهما وطاعتهما والإحسان إليهما في حدود طاعة الله، ففي إرضائهما إرضاء الله تعالى كما في الحديث: رضى الرب في رضى الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين. رواه الترمذي والحاكم وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي والألباني.
ولهذا فعليك أن تحاول إقناعهما بفكرتك بالاستقلال ببيت، فإن لم يرضيا فاحرص على برهما، واعلم أن الزواج لا يشترط فيه الاستقلال بالسكن، بل يمكن السكن مع الوالدين في شقة مجاورة لشقتهم، أو في شقة واحدة معهم؛ إذا كان ذلك لا يؤدي لمخالطة زوجتك لإخوانك الذين هم أجانب عنها.
أما إذا كان يؤدي سكنك معهم لمخالطة زوجتك للأجانب؛ فهنا يتعين عليك لفت نظرهم للموضوع وإعلامهم بحتمية الانفصال حتى تعصم زوجتك من الأجانب، وهذا –أعني طاعة الوالدين– محل وجوبها هو فيما إذا كانا لا يريدان استقلالك وانفصالك عنهما، أما إذا كانا لا يرضيان بزواجك أصلاً وأنت كما تقول تخشى العنت إن لم تتزوج؛ فيجب عليك المبادرة بالزواج تفاديًا للحرام، ولا تطع والديك في أي أمر يؤدي إلى معصية الله تعالى.
وإن كان مرادك بالعائلة إخوتك؛ فالأولى بك أن تحرص على ما يرضيهم ولكنه لا يجب عليك، فحاول الحوار معهم حتى تقنعهم بالموضوع أو التنازل لهم عن فكرتك، فإذا كان عندك أخوات -مثلاً- وكان انفصالك عنهنَّ يؤدي لضياعهنَّ؛ فالأولى أن تحرص على السكن معهنَّ، وإذا كانوا ذكورًا وإناثًا ومعهنَّ من الإخوة من يقوم برعايتهنَّ؛ فلا يلزمك أن تستجيب لهم في البقاء معهم، بل يجوز أن تستقل بسكنك، بل يتعين إذا كان بقاؤك مع الإخوة يؤدي لمخالطة الأجانب؛ ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والدخول على النساء. قالوا: يا رسول الله! أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت.
هذا ونؤكد عليك أن تواصل طريقك في التوبة والبعد عن الفاحشة، والحرص على الزواج بسرعة، وراجع للمزيد في الموضوع الفتوى رقم: 30425، والفتوى رقم: 34932.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(13/135)
تصرف الأب في مال ولده مباح بشرطين
[السُّؤَالُ]
ـ[عملت بالخارج عدة سنوات، وكذلك أبي وكان راتبي يحصل عليه أبي، وفي خلال مدة عملي بالخارج اشترى أبي بعض الأملاك مع العلم بأن لي إخوة وأخوات، وأردت أن يكتب لي شيئاً من أملاكه رفض، وقال لي \"أنت ومالك لأبيك\" فأنت لم تعطني كما أعطيتك، ويريد أن يقسم أمواله حسب الشرع بعد وفاته دون أن يعطيني ما يعوضني، مع العلم بأني لم أتزوج إلى الآن وسيتطلب زواجي فترة عمل أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الحديث الذي استدل به أبوك -هداه الله- فهو حديث يرتقي إلى درجة الصحة، كما في الفتوى رقم: 1569.
ولكن اللام في قوله صلى الله عليه وسلم " لأبيك " للإباحة وليس للملك، فيباح للأب أن يأخذ من مال والده ما يحتاج إليه، وأما المال فهو ملك للابن وعليه زكاته، قال ابن رسلان: اللام للإباحة لا للتمليك، فإن مال الولد له وزكاته عليه وهو موروث عنه. انتهى.
ثم إن تصرف الأب في مال ولده مباح بشرطين، قال ابن قدامة في المغني 6/320: أحدهما: أن لا يجحف بالابن ولا يضر به ولا يأخذ شيئاً تعلقت به حاجته، الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه لآخر، نص عليه أحمد في رواية إسماعيل بن سعيد.
وذلك أنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه، فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال ولده لآخر أولى. انتهى.
وقال أيضاً: وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام ... انتهى.
فما قام به أبوك من أخذ راتبك وحرمانك من مالك ظلم، وليس له مسوغ شرعي كما زعم، ونسأل الله أن يهديه ويصلحه، ونحن ننصحك ببذل النصيحة له بالتي هي أحسن، وذكر أقوال أهل العلم له في فهم الحديث، وينبغي أن تعرض عليه هذه الفتوى وأمثالها، فلعله أن يؤوب ويرجع ويعطيك حقك الذي حرمك منه، وقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في بيان حكم أخذ الأب من مال ولده، وهي برقم: 6630.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(13/136)
الآباء والأبناء كل مسؤول عما أوجبه الله تجاه بعضهم من حقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
شيخي الفاضل المفتي لي بهذه الفتوى والدي طلق أمي منذ 18 سنة ونحن تسعة أشخاص أكبرنا عمره حينها 20 سنة ولم ينفق علينا وإنما أوكل نفقتنا الشبه كاملة إلى أخي الأكبر ولم يتعهد برعايتنا وبقيت أمي المربية لنا وقد كان قاسيا علينا مما أدى إلى أننا فقدنا طاعته بسبب معاملته لنا ودائما كان يسب أمي وينهرنا أمامنا والآن كبرنا وأصبحنا ولله الحمد أصغرنا عمره 19 سنة وأصبح لدى إخوتي دخل من المال ولكنهم يتعهدون أمي بالمال، أما أبي فلا، وإن أعطوه أعطوه من باب سقط الفرض للطاعة وأعطوه على مضض وأبي قد يبس عوده ولي من خالتي أي 5 إخوة من أبي وهم ما زالوا صغارا غير قادرين على العمل إخوتي لا يحبون أبي وأريد أن أقربهم لحبه وطاعته فلا أبي يقبل ولا إخوتي وبعض إخوتي يتكلمون عليه ويغلظون في الرد عليه وهو يدعو عليهم فأرجو منكم التفضل بفتوى لي ولإخوتي وما العمل فإني أخاف أن تصيبهم من الله المصائب لعدم طاعتهم مع أن أبي مقصر في حقهم ولا يريد أن يعمل لنا شيئا إلا مبقابل من المال وهمه الكبير في هذه الحياة المال.
أنتظر منكم الفتوى قريبا وجزاكم الله ألف خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما قام به أبوكم من التقصير في حقكم وعدم الإنفاق عليكم وسب أمكم وإهانتها لا شك أن ذلك كله مخالف لشرع الله عز وجل، ونحن ندعوه إلى التوبة إلى الله عز وجل، وأن يعلم أنه سيقف بين يديه حافيا عاريا لا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا، ومع ذلك، فإن عليكم أن تعلموا أن تقصير الوالد في حقكم لا يسقط حقه عليكم من البر لأن بر الوالدين من أوجب الواجبات التي لا يسقطها شيء حتى الكفر.
قال تعالى في حق الأبوين الكافرين: [وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً] (لقمان: 15) .
فأمر بمصاحبتهما بالمعروف مع أنهما كافران.
وكما أن الوالد مسؤول أمام الله عز وجل عن تقصيره في حق أولاده، فالأولاد كذلك مسؤولون أمام الله عز وجل عن تقصيرهم في حق أبيهم، فكل سيسأل عما أوجبه الله عليه.
وما يفعله إخوتك من غيبة أبيهم وإغلاظ القول له أمر محرم، ومن كبائر الذنوب، فالواجب عليهم التوبة من ذلك، قال تعالى: [فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ (الإسراء: 23-24) .
وكذلك ما يفعله أبوك من الدعاء عليهم أمر محرم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم. رواه مسلم.
وأما الإنفاق على أبيكم فإنه إن كان فقيرا وكان أبناؤه موسرين وجب عليهم أن ينفقوا عليه وعلى زوجته وعياله الصغار، وانظر الفتاوى رقم: 20338، و 8441، و 21080.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1425(13/137)
أنت ومالك لأبيك، ليس على إطلاقه
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي مطلقة جمعت مالا وأعطته لوالدي واشترى لها بيتاً وأعطاها إيجاره لمدة ثلاثة أشهر ثم استمر 13 سنة لا يعطيها وأخذت تطالبه لكنه رفض وأخيرا باع البيت وعندما توفي كتب وصية وشاركها في بيت له صغير جدا فطلبت من إخواني ترك النصف الباقي من البيت لها مقابل قيمة إيجار 13 سنة كانت تطالب ولم يعطها وذلك راحة لها وإبراء لذمة الوالد؟ نرجو الفتوى الشرعية ولكم الشكر..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للأب أن يتملك شيئاً من مال ولده ويتصرف فيه ببيع ونحوه إلا بشروط:
الشرط الأول: ألا يكون في أخذه ضرر على الولد، فإن كان في أخذه ضرر كما لو أخذ غطاءه الذي يتغطى به من البرد، أو أخذ طعامه الذي يدفع به جوعه، فإن ذلك لا يجوز للأب، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار.
الشرط الثاني: أن لا تتعلق به حاجة الابن، فلو كان عند الابن بيت يحتاج إليه لسكنه أو تأجيره للنفقة فليس له أن يتملكه ويتصرف فيه بأي حال.
الشرط الثالث: أن لا يأخذ المال من أحد أبنائه ليعطيه لابن آخر، لأن ذلك إلقاء للعداوة بين الأبناء، ولأن فيه تفضيلاً لبعض الأبناء على بعض.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: ولأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء، ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما أخذه ومع عدمها، صغيراً كان الولد أو كبيراً، بشرطين: أحدهما: أن لا يجحف بالابن، ولا يضرَّ به، ولا يأخذ شيئاً تعلقت به حاجته.
الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر، نص عليه أحمد، وذلك لأنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه، فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال ولده الآخر أولى.
الشرط الرابع: أن تكون عند الأب حاجة للمال الذي يأخذه من ولده على الراجح من أقوال أهل العلم، وقد جاء مصرحاً بهذا الشرط في بعض الأحاديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أولادكم هبة الله لكم، يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَي َهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (الشورى: من الآية49) ، فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها. رواه الحاكم والبيهقي.
والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم: 2564، وقال: وفي الحديث فائدة فقهية هامة وهي أنه يبين أن الحديث المشهور أنت ومالك لأبيك، ليس على إطلاقه، بحيث إن الأب يأخذ من مال ابنه ما يشاء، كلا وإنما يأخذ ما هو بحاجة إليه. والله أعلم.
وعليه؛ فإن كانت أختك المطلقة محتاجة إلى بيتها لتسكنه أو لتؤجره للاستفادة من أجرته ومنعها أبوها من ذلك فقد ظلمها، والواجب على الورثة قبل تقسيم الميراث إعطاءها حقها، وهو المبلغ الذي استلمه من إيجار البيت، ومنعها إياه وثمن البيت الذي بيع به، ولا حق لأحد من الورثة في تركة هذا الرجل، إلا بعد أن تستوفي البنت جميع حقوقها التي غصبها إياها في حياته.
والله أعلم..
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1425(13/138)
من أخفى ما يملكه من مال عن والديه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي إخفاء جزء من دخلي عن أبي وأمي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نفقة الوالدين واجبة على أولادهما إذا كانا معسرين، فقد قررت شريعة الإسلام أن نفقة الأصول واجبة على الفروع والعكس، وذلك حال الإعسار عند طرف مع استطاعة الطرف الآخر، وطاعة الوالدين في غير معصية الله أو ما يضر بالأولاد واجبة، وليس من معصية الوالدين إخفاء الولد لماله عنهما إذا لم يمنعهما نفقة واجبة عليه، خاصة إذا كان يخشى من سيطرة الوالدين عليه، مع عدم حاجتهما إليه، أو كان ذلك هو نفقة زوجته الضرورية، وليس عنده غيره، لأن نفقة الزوجة مقدمة على نفقة الوالدين، فما ثبت بالعقد مقدم على ما ثبت بالشرع، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7490 / 15504 / 40383 / 15710.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1425(13/139)
الرسوب لا يبرر فعل مثل هذه المخالفات الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنتي تبلغ من العمر 22 سنة انقطعت عن دراستها عندما رسبت فأحست أن أخاها الذي يكبرها أحسن منها فلا تطيقه وتتهمني أنني دائما في صفه إلى حد أنها لا تكلمني منذ أكثر من شهرين، السؤال: هل أكلمها أولاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه البنت المذكورة على خطر عظيم لارتكابها جملة من المنكرات وهي:
1- العقوق لأمها التي من الواجب عليها أن تبرها وتحسن صحبتها، فقد قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا، وقال تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا، وفي الصحيحين أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك.
2- هجرها المستمر لأمها وربما لأخيها أيضاً، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه.
3- الحسد لأخيها لكونه متفوقاً عليها في دراسته، وقد قال الله تعالى في شأن اليهود: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا [النساء:54] ، ثم إنه من الأفضل لك والأكثر ثواباً عند الله تعالى أن تبدئيها بالكلام لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.
كما ينبغي لك تعاهدها بالنصح والإرشاد حتى تستطيع التغلب على أخطائها وتحاولين إقناعها بالعودة إلى دراستها، وأن الرسوب مسألة عابرة قد تكون نتيجة للتقصير والإهمال، ومن الممكن التغلب عليها بالاستعانة بالله تعالى ثم بالمثابرة والاجتهاد.
كما ينبغي لك الحرص على التسوية في المعاملة بين الأولاد وعدم إظهار الميل لبعضهم على حساب الآخر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه، كما ينبغي لأخيها نصحها وإرشادها والتخفيف من أحزانها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1425(13/140)
هل تطلب الطلاق لتصل رحمها
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك أخت تريد أن تذهب إلى أختها لتصل الرحم، لكن الأخت الأخرى تطردها من بيتها، وتقول لها لا تأتيني مرة أخرى، وحاولت الأخت مرات أن تأتيها ولكن لا جدوى، وتقول لها إن تأتني مرة أخرى، أصب عليك الصوديوم وإن أردت أن تأتيني فعليك أن تطلقي من زوجك، علما بأن زوجها صالح ومسلم. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أحكام صلة الرحم، وذكرنا أن المرء لا يقتصر فيها على من يتبادل معه الصلات، فتلك مكافأة، وأما الواصل فهو من إذا قطعت رحمه وصلها، كما في الحديث الشريف، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 13685، ورقم: 18350.
فعلى هذه الأخت أن تصبر على أذى أختها لتنال تلك الأجور الكثيرة، وليس يلزم أن تأتي بيتها طالما أنها لا تقبل منها ذلك، ولكن يمكن أن تتصل بها عبر الهاتف أو الكتابة ونحو ذلك، وأن ترسل إليها الهدايا إن تيسر لها ذلك، وأما أن تطلب الطلاق من زوجها فذاك مما لا يجوز، روى الترمذي وأبو داود وابن ماجه من حديث ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. وخاصة أن زوجها صالح، كما ذكرت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(13/141)
هل الفتاة ملزمة بالمصروف على أهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الفتاه غير المتزوجة أو المتزوجة ملزمة بالالتزام بالمصروف على أهلها حتى لو كان الأب له راتب شهري ممتاز أو يملك أرصدة؟ أو يجوز لها أن تصرف بإعطاء والدتها شهريا أو حتى على المنزل بمزاجها؟؟
يرجى التوضيح؟!
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجب على الفتاة المذكورة نفقة أبيها أو أمها إذا كان كل منهما له ما يقوم بنفقته وحاجاته الضرورية، فإن تطوعت بإعطائهما أو أحدهما بعض المال فهذا عمل طيب تثاب عليه إن شاء الله، وتحصل على رضا ومحبة والديها، وقد قال تعالى: وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (البقرة: من الآية215) ، وقال صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. رواه البخاري في الأدب المفرد، وحسنه الألباني، وللمزيد من التفصيل عن هذا الموضوع راجعي الفتوى رقم: 15710
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(13/142)
حضور الأخ زواج أخيه من صلة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم، هل الشرع يجبر الشخص على المشاركة في مراسم زواج أخيه أم أن هذه المشاركة تدخل ضمن الأمور المباحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حضور الأخ زواج أخيه يعتبر من صلة الرحم، والله تعالى يقول واصفاً عباده الصالحين:
وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ (الرعد: من الآية21) ، وفي الحديث: من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه. رواه البخاري ومسلم.
هذا؛ وإذا كان تغيب الأخ عن حضور زواج أخيه يعد قطعاً للرحم في عرف الناس فيكون تغيبه بلا عذر سائغ مما لا يجوز، وراجع الفتوى رقم: 7683، والفتوى رقم: 12848.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(13/143)
حكم قطع صلة الجد المرتد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أمنع زوجتي من زيارة جدها لأمها، علماً بأنه تكلم بكلام كفر بحق الله عز وجل (والعياذ بالله) ، كما أنه تلفظ بما لا يليق عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يتب هذا الشخص مما قال، فإنه يشرع لك منع زوجتك من زيارته حتى يرتدع ويرجع إلى الله، وهذا الأمر مشروع لكل من علم حاله، أعني هجره حتى يرتدع ويعود إلى الله، ولكن قبل هجره يجب أن يستتاب ويذكر بالله واليوم الآخر، فإن تاب فذاك، وإن أصر هجر.
ونشير إلى أن للزوج منع زوجته من ذلك، ولو لم يكن الجد على الحال المذكور في السؤال، لكن لا يمنع هو من زيارتها، كما هو مبين في الفتوى رقم: 29930، والفتوى رقم: 20950.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(13/144)
خطورة قطيعة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد وفاة أبي وقع خلاف بيني وبين اثنين من إخوتي حول الميراث فاتهموني بكثير من الأشياء وحاول بعض الناس أن يسووا خلافنا لكنهما يرفضان كل محاولاتي إلى أن وصل الحال إلى القطيعة بيننا وإحالة ملف الإرث إلى المحكمة مع العلم بأنهما كانا يتصرفان مع أبي بنفس الطريقة أي إذا لم يوافقهما الرأي قاطعوه لعدة سنوات
هل أنا آثم في هذا الحال؟ مع العلم بأني غير راض على القطيعة وأنهما يتصرفان مع جميع أعضاء العائلة بالقطيعة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن قطيعة الرحم من كبائر الذنوب التي يجب على المسلم الحذر منها، وخاصة إن كانت مع أقرب الأقارب كالآباء والإخوة ونحوهم، لقول الحق سبحانه بشأن الرحم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (محمد:22) .
وقال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع رحم. متفق عليه.
من هذا تتبين لك خطورة قطيعة الرحم، وما ذكرته من أمور عن أخويك لا يعتبر مسوغا شرعيا لقطيعتهما، بل عليك أن تصلهما وتحسن إليهما حتى وإن قابلاك بضد ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 13685، والفتوى رقم: 13912.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(13/145)
زيارة الزوجة لأهلها يرجع إلى العرف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحد الأدنى لزيارة الزوجة لأهلها والذي لا إثم بعده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لذلك حد أدنى ولا حد أعلى، والأمر في ذلك راجع إلى العرف، وإذا كانت العلاقات بين الأُسر مبنية على المحبة والتسامح، فلن يكون هناك خلاف في حد أدنى ولا حد أعلى.
ولمزيد فائدة راجع الفتاوى التالية: 7218 / 7260 / 28847.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1424(13/146)
الصدقة على القريب.. أم بناء منارة مسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد لدينا بقريتي مسجد ولكن بدون منارة ويوجد عندي خالي أخو والدتي قام ببناء منزل ولكن لم يتمكن من إكماله: سؤالي؟
هل أقوم بالتبرع لخالي لإكمال بناء منزله أم أقوم بالتبرع لبناء منارة للمسجد؟ أفيدوني جزاكم الله ألف خير....... علماً بانني عربي اقيم بدولة قطر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تقديمك لإعانة الخال أفضل لأن منارة المسجد ليست أمرا متأكدا، وإنما استحسنها بعض العلماء، لأنها تساعد على إبلاغ الصوت وإسماع الناس.
وأما إعانة الأقارب والتصدق عليهم، فإنه اجتمعت فيه صلة الرحم والصدقة، ويدل لذلك ما في الحديث: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان، صدقة وصلة. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والحاكم وصححه الأرناؤوط والألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1424(13/147)
الأحسان إلى من يرتبط برابطة المصاهرة مطلوب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الحقوق الشرعية لوالدة ووالد زوجتي علي
وكذلك حقوق والدي عليها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس لوالدي الزوجة حق خاص على الزوج يلزمه القيام به، وكذلك ليس لوالدي الزوج حق خاص على زوجته، ولكن المعاملة الحسنة والإحسان من كل إلى الآخر مطلوبان، لأن هناك رابطة ربطت بين الجميع، وهي المصاهرة، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى من ربطته بهم مصاهرة فقال: إنكم ستفتحون أرض مصر، وهي أرض يسمى فيها القيراط، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها، فإن لهم ذمة ورحمها أو قال: ذمة وصهرا.
فالإحسان إلى من تربط الشخص بهم رابطة المصاهرة مطلوب، والإحسان يشمل الإحسان بالقول أو بالعمل أو بالمال، أو بغير ذلك مما يجلب الألفة والمودة بين الجميع، وينبغي أن يصلح كل ما قد يكون من نقص أو عيب في الآخر بالنصيحة والموعظة الحسنة والتغاضي عن بعض الزلات والمجاوزات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(13/148)
لا يجوز للأب منع الأولاد من زيارة أرحامهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في منع الأب أولاده من زيارة أهل الأم لظروف شخصية بينه وبين أهل الأم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأهل الزوجة هم: جد الأولاد وجدتهم وأخوالهم وخالاتهم، ومنع الأولاد من زيارة هؤلاء أمر بالمنكر وهو قطيعة الرحم، وقطيعة الرحم محرمة بالكتاب والسنة والإجماع، وراجع الفتاوى التالية: 13912، 33683، 23737، 25281.
لكن هناك حالة يجوز فيها المنع وهي ما إذا كان الممنوع بنتا بلغت سنا تشتهى فيه، وكان الغرض من المنع هو صيانة البنت عن الخروج، وليس الغرض هو القطيعة، وفي حالة الجواز، فإنه لا يجوز منع أهل الزوجة من التواصل مع البنت، لما تقدم من القطيعة.
وينبغي على الزوج وأهل الزوجة أن يصلحوا ذات بينهم ويعفوا ويصفحوا، ولو كان الخطأ من الطرف الآخر.
قال تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت:34] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1424(13/149)
الأخوة العامة والأخوة الخاصة
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول الله تعالى (إنما المؤمنون إخوة)
وقرأت في بعض المقالات بأن هناك أخوة عامة بين جميع المؤمنين، وهناك أخوة خاصة.
فأرجو منك تبيان حقوق الأخوة العامة
وحقوق الأخوة الخاصة وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأخوة العامة هي أخوة الإيمان، فكل شخص أقر بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا فهو أخ لجميع المؤمنين، له ما لهم وعليه ما عليهم، وله حق النصرة والنصيحة والدعاء له ومحبته والتعاون معه والسلام عليه، واتباع جنازته إذا مات، وغير ذلك من الحقوق الواجبة لعموم المؤمنين، وتتأكد هذه الحقوق لوجود سبب آخر كرحم وقرابة أو جوار وزمالة في عمل ما، فهؤلاء تتأكد في حقهم الحقوق التي سبق شيء منها، وإذا تزاحمت الحقوق بدئ بهم، ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة. رواه الترمذي وحسنه.
وقوله لأبي طلحة في صدقته: أرى أن تجعلها في الأقربين. رواه البخاري والأخوة الخاصة هي أخوة النسب بجانب الأخوة الإيمانية، وتترتب على هذه الأخوة إلى جانب الحقوق العامة حقوق أخرى كالميراث بشروطه، والنفقة على رأي بعض العلماء بشرطها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(13/150)
هل تصل الأخت أختها المتزوجة من كافر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أخت تقطن في فرنسا ومتزوجة من فرنسي كافر، لقد أغضبت أمي وليست راضية عنها، ولكننا نحن كأخوات لم نقطع الصلة بها، وهي تكلمنا وأمي تعلم ذلك.
هل يجوز لنا أن نقبل هداياها؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحرمة نكاح المسلمة لغير المسلم محل إجماع لورود النص القطعي بها، قال تعالى: وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا [البقرة: 221] .
ومن فعلت ذلك عالمة بحرمته مستحلة له، فقد ارتدت عن دين الإسلام، والواجب على من وقعت في ذلك أن تبادر بمفارقة زوجها فورا، لأن نكاحها له غير صحيح، بل هو الزنا بعينه، ويجب عليها بعد فراقه أن تتوب إلى الله تعالى بالندم على ما صنعت والعزم على عدم العودة إليه أبدا، فإن أسلم زوجها، فهو أحق بها ما دامت في العدة، على الراجح من قولي العلماء.
أما عن علاقتكم بها مع إصرارها على هذا المنكر العظيم، فإنه خاضع للمصلحة، فإذا وجدتم المصلحة في صلتها وقبول هديتها، وتبادل الزيارات معها، كان ذلك هو الصواب، وإن كانت المصلحة في هجرها ومقاطعتها، كان هجرها هو الصواب، ولتراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20203، 16957، 13526، 1800.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/151)
مخاطر مقاطعة الأخ
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قاطع أخاه ورفض الصلح عدة مرات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قطيعة الأرحام من كبائر الذنوب ومن موجبات اللعنة وغضب الله عز وجل، كما قال الله عز وجل: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:23] .
والآيات والأحاديث في وجوب صلة الأرحام وحرمة قطعها كثيرة جدا، تجدها في الفتاوى التالية: 23737، 13912، 18350، 4417.
فالواجب على هذا الرجل أن يتقي الله سبحانه وتعالى، وليتذكر وقوفه بين يديه يوم القيامة حافيا عاريا لا يملك إلا ما قدم من الحسنات، فماذا عساه يقول إن سأله ربه عز وجل عن قطيعته لأخيه؟!
كما ينبغي لمن له صلة بهذا الرجل أن يبذل له النصيحة والتذكير فإن الأمر جد خطير، وليكرروا له النصح والتذكير، ولا يملوا من ذلك لعل الله يشرح صدره لصلة رحمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1424(13/152)
سداد دين الزوج أولى أم الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[استدان زوجي في فترة عثرة لسداد نفقاتنا، وعلمت أن أمي أيضا عليها دين وأنا يتوفر معي ما يقرب من نصف راتبي الشخصي بعد مشاركة زوجي في نفقات المنزل؟ فمن أولى بأن أسدد عنه دينه زوجي أم أمي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنشكر الزوجة أولاً على حرصها على مساعدة أمها وزوجها في تسديد ديونهما، وهذا من البر والمعروف، وقد قال تعالى: وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً [المزمل:20] . وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ [يوسف: 88] .
ونسأل الله سبحانه أن يجعل هذا في ميزان حسناتها.
وأما من الأولى بأن تسددي دينه: فهذا يختلف باختلاف الحال.
فمن كان منهما قد حلَّ دينه، وكان غرماؤه يطالبونه بالتسديد، كان الأولى تقديمه، وإن كان كل منهما لم يَحِلَّ دينه بعد، وكان أحدهما غير قادر على الكسب، قُدِّم هذا على القادر على الكسب، وهكذا، حاولي أن تجتهدي في فعل الأصلح والأنسب.
وأولى الناس ببرك وإحسانك: أمك، والأصل أن الزوجة لا يجب عليها الإنفاق على زوجها، بل العكس هو الواجب.
وكل ذلك على تقدير أن الأم غنية لا تحتاج إلى أن ينفق عليها، وأما لو كانت فقيرة، لا كسب لها ولا مال، فإن نفقتها واجبة على أبنائها وبناتها، وقد ذكر ابن المنذر الإجماع على ذلك.
وراجعي الفتوى رقم: 17901، فإن لها صلة بالموضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1424(13/153)
هل للأم المطلقة منع أولادها من زيارة أبيهم الفاسق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لي الحق في أن أمنع أولادي من قضاء وقت طويل مع والدهم؟ (أنا مطلقة) والدهم لا يصلي ولا يصوم ويشرب الخمر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن حضانة الأبناء وتربيتهم التربية الصحيحة مسؤولية عظيمة منوطة بكل من الأبوين، ما داما مجتمعين، فإن افترقا، كانت الأم أحق بالحضانة ما لم تتزوج، أو يكن بها مانع شرعي، من جنون أو نحوه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 10233، وليس معنى هذا قطع العلاقة بين الأب وأبنائه، كلا، إذ لا بد أن تكون هذه العلاقة موصولة دائما، بحيث يزورون أباهم من حين لآخر، ولا حرج في أن تستغرق هذه الزيارة أسبوعا أو أكثر، إلا أنه إن كان هذا الأب غير مستقيم، كحال أبي هذه السائلة، فإنه يقتصر في الزيارة على القدر الواجب في صلة الرحم، لأنه يخشى من تأثير هذا الأب على أخلاق الأولاد وانحرافهم عن الدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1424(13/154)
نفقة أمك واجبة على أبيك القادر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج ولي طفل، ولا أصرف على زوجتي وطفلي لأنها تعمل براتب أقل من راتبي، وأعطي مالي لأمي، مع أن أبي راتبه أكبر من راتبي، فما الحكم في ذلك؟ وهل يجوز أن آمر زوجتي تصرف علي وعلى البيت؟ وكيف أتصرف مع أمي وهي تأخذ كل راتبي؟ أرجوكم دلوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إنفاق الزوج على زوجته وأولاده بالمعروف واجب بالكتاب والسنة والإجماع، وراجع لذلك الفتوى رقم: 19452، والفتوى رقم: 31615.
فيجب عليك النفقة على زوجتك وأولادك، وحَسنٌ أن تسهم زوجتك في مصروفات البيت، لا على سبيل الوجوب، أما أمك: فنفقتها واجبة على أبيك ما دام قادرا على ذلك، كما هو ظاهر سؤالك، وأخذها لراتبك كاملا لا ينبغي لها، ولا يجب عليك إعطاؤها إياه، ولكن ينبغي إقناعها بالحسنى بأنك تحتاجه لتصرف على نفسك وعلى عيالك، واجتهد في برها والإحسان إليها ما استطعت، لعموم الأدلة في ذلك، ومنها: قوله تعالى وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14] .
ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: يد المعطي العليا، وابدأ بمن تعول: أمك، وأباك، وأختك، وأخاك، ثم أدناك. رواه الإمام أحمد وغيره بإسناد صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1424(13/155)
حق الوالدين مقدم أم حق الزوجة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
زوجتي تكن العداء الكثير لأسرتي وتزداد هذه الكراهية يوما بعد يوم، وبرا بالوالدين أخاف أن أتخذ قراراً يكون صعبا علي ولا تحمد عقباه خوفا على أطفالي، هل بر الوالدين أهم من الأطفال؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننصحك بأن تبر والديك وتحسن إلى زوجتك وتصلح ما أفسده الشيطان بينهم، وراجع لزاماً الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20715، 26159، 26935، 29286، 31159.
وإذا فرض أنه لا يمكن الجمع بين بر الوالدين والإحسان إلى الزوجة، فإن حق الوالدين مقدم على حق الزوجة قطعاً، ولو أدى ذلك إلى تشتت الأولاد بين أبيهم وأمهم ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1424(13/156)
الأم منزلتها سامية في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مفهوم الأم في عقيدتنا وما هو دورها في الأسرة والمجتمع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأم هي والدة الإنسان التي ولدته، ودورها عظيم في الأسرة والمجتمع، فهي مربية الأجيال وحاضنتهم، فإذا قامت بدورها في التربية العقدية والتعبدية والأخلاقية والجسمية صح الأبناء، وبتعاون الأمهات كلهن على تربية أبناء المجتمع يصلح المجتمع، ولذا قال الشاعر:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق
الأم روض إن تعهده الحيا بالري أورق أيما إيراق
ومن نظر في تاريخ علماء السلف وجد أن كثيراً منهم كانت وراءهم أمهات طيبات صالحات، كان لهن أكبر الأثر في تعليمهم.
ومن أمثلة ذلك أمهات ربيعة ومالك والشافعي وسفيان وغيرهم، رحم الله الجميع.
ونظراً لمكانة الأم في الدين الإسلامي، فقد حض الشرع على برها وقدَّمها على الأب، كما في حديث الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بصحابتي؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
نسأل الله عز وجل أن يرزقنا البر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1424(13/157)
لا تجوز طاعة الأم في ما فيه إساءة للأب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مناصرة الأم في حالة ظلم الأب؟
مثلا الزواج من امرأة غير سوية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله قد أمر بالإحسان إلى الوالدين وصحبتهما بالمعروف، حيث قال تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً) [الأحقاف:15] .
وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " رُغِمَ أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه، قيل من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أو أحدهما فلم يدخل الجنة".
وعليه؛ فإنه يجب الإحسان إلى أبويك وصحبتهما بالمعروف.
وإن كنت تقصد بظلم الأب لأمك محاولة زواجه من أخرى، فهذا فعل مباح له لقوله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) (النساء:3) .
لكن عليك أن تجتهد في نصحه أو ينصحه غيرك ممن يثق به نيابة عنك، حيث يرشده إلى ضرورة اختيار ذات الخلق والدين، امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها وجمالها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك " متفق عليه.
هذا إذا كنت تقصد بعبارة غير سوية زواجه من امرأة غير مستقيمة الأخلاق والدين.
ولا شك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكد على حق الأم أكثر، كما في الحديث المتفق عليه أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
لكن لا تجوز طاعة الأم في ما تترتب عليه إساءة للأب، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وحاصله أنه يجب عليك الإحسان إلى أبويك ومحاولة الإصلاح بينهما، ولا تجوز طاعة أحدهما في ما فيه عقوق وإساءة للآخر.
وراجع الفتوى رقم: 21247 والفتوى رقم: 3080
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1424(13/158)
الأرحام الواجب صلتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أم الزوج وأبوه وإخوته من الأرحام بالنسبة للزوجة وليس للأبناء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فذوو الأرحام في الشرع هم القرابات من جهة أبي الإنسان وأمه، وقد مضى بيان ذلك مفصلا في الفتوى رقم:
7156
وإذا علمت هذا تبين لك أن أم الزوج وإخوته ليسوا من أهل الإرحام الذين أوجب الله لهم الصلة، لكن يستحب إحسان المرأة إلى قرابات زوجها وصلتها لهم لأن ذلك يؤدي إلى زيادة الألفة والمحبة بين الزوجين وهذا أمر محمود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1424(13/159)
المتزوجة هل يلزمها خدمة أبيها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل خدمة أبي فرض رغم أني متزوجة وهو يعيش بعيدا عن أمي وأختي الشابة وهو قادر ماليا وصحيا على الزواج، علما بأن أمي مازالت على ذمته وينفق عليها هي وأختي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبر الوالدين من أعظم القربات، وعقوقهما من أعظم المنكرات، وخدمة الوالد من البر به، وتجب إذا احتاج لها أو أمر بها في المعروف، لأن الأصل في طاعة أوامر الوالدين الوجوب.
قال ابن مفلح في الآداب: ومن حقوقهما خدمتهما إذا احتاجا أو أحدهما إلى خدمة، وإجابة دعوتهما وامتثال أمرهما ما لم يكن معصية. انتهى.
ولكن إذا كانت الأخت السائلة متزوجة، فإن زوجها أولى بالطاعة من والدها، فيجب عليها أن تستأذنه في ذلك، فإن أذن فذاك، وإن أبى، فيجب أن تطيعه، وأختها التي لم تتزوج أولى منها بخدمة أبيها، لأنها خليّة.
ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 689.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1424(13/160)
خال الأب من المحارم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل خال الأب من المحارم؟ هل زوجة جد الزوجة من المحارم؟ إذ أنها بمكان الجدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فخال الأب بمنزلة الخال فهو من المحارم، أما زوجة جد الزوجة فهي بمنزلة زوجة أبي الزوجة، وليست من المحارم ما لم تكن أم الزوجة، وكونها بمكانة الجدة لا يجعلها من المحارم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1424(13/161)
يجوز تصرف المرء بما يملكه على الوجه المشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أدخر جزءاً من دخلي بدون علم الأسرة؟ علماً بأني أعيش مع الأسرة في معيشة واحدة وأني الأكثر دخلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دمت تؤدي ما يجب عليك تجاه أسرتك، فلا مانع من أن تدخر في مالك ما شئت، فمن ملك شيئاً من الوجه المشروع جاز له أن يتصرف فيه بأنواع التصرفات من هبة وادخار وتجارة وصدقة، ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1424(13/162)
حكم طاعة الأم بعدم إنفاق الولد على أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[انا أشتغل مع خالي وأنا الوحيد الذي أشتغل في العائلة وأنا أعطي لأمي بعض المبلغ وأعطي لأبي أيضاً وأمي قالت لي لا تعط لوالدك الفلوس هل أسمع كلام أمي أم أعطيه المبلغ الذي يريد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أمر الوالدة لولدها بعدم إعطاء والده ما يجب له من النفقة والبر أمر بمعصية لما فيه من قطيعة الوالد وترك الواجب، وما كان كذلك فلا تحل طاعة الأم فيه، لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " إنما الطاعة في المعروف " متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1424(13/163)
من هم أهل الرجل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول الله سبحانه وتعالى لا يدخل الجنة الرجل الديوث الذي لا يغار على أهله فمن هم أهله بالتحديد الذي سوف يحاسب عليهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على المسلم إصلاح أهله وتوجيههم إلى الاستقامة بقدر طاقته، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6] .
وروى النسائي وأحمد عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث ... الحديث.
وفي رواية: ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق، والديوث الذي يقر في أهله الخبث.
ولفظ الأهل الوارد في الآية والحديث يعم كل قرابته، قال في لسان العرب: أهل الرجل عشيرته وذوو قرباه. والجمع أهلون وآهال وأهال.. (11/28) .
ولكن الأمر يتأكد في الزوجة والبنات والأخوات، وانظر الفتوى رقم: 9044.
ثم اعلم أن تغيير المنكر لا يقتصر على الأهل، بل واجب المسلم أن يغيره حسب طاقته أينما رآه، روى الإمام مسلم والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجه وأحمد من حديث أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1424(13/164)
لا يطاع الوالد في طلبه إحضار الشيشة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت جالسًا مع أبي وبعض أقاربي وطلب أحد الأقارب مني أن أحضر له الشيشة، فهل إذا نفذت طلبه أرتكب وزراً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التدخين محرم لاشتماله على كثير من المفاسد، وقد سبق أن بيَّنَّا ذلك في الفتوى رقم: 1819.
وإذا ثبت القول بتحريمه، فتحرم الإعانة عليه، ومن أعان غيره عليه فلا شك في وقوعه في الإثم.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 7136.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(13/165)
إحسان معاملة الأقارب المسيئين ينيل الأجر من الله
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تعامل زوجة الابن أهل زوجها الذين يسيئون معاملتها في غياب الابن معاملة إسلامية حقة حتى يرضى عنها المولى عز وجل؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المعاملة التي يريدها الإسلام في هذا المقام هي دفع السيئة بالحسنة، بحيث تحسنين معاملة أهل زوجك بدل إساءتهم إليك، فإن هذا العفو عن المسيء منزلة رفيعة لا يحصل عليها إلا الصابرون. قال تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فصلت:34، 35] ، وقال تعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [الشورى:40] .
وفي صحيح مسلم وغيره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عِزًّا، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله.
وفي صحيح مسلم أيضًا، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلم عنهم ويجهلون عليَّ. فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم مادمت على ذلك.
فإذا امتثلت هذه الأوامر الشرعية، فإن الله تعالى سيعينك وستحصلين على رضاه إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1424(13/166)
قابلي كل إساءة بصبر وإحسان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة وأهل زوجي يسيؤون معاملتي رغم أني أعاملهم بكل أدب واحترام ولا أسيئ إليهم فهم إذا مرضت لا يسألون عني وإذا أنجبت طفلاً لا يباركونه لي ويتجاهلونني في المناسبات العائلية بينما يهتمون جداً بزوجات أبنائهم الأخريات والسبب أن زوجي تزوجني رغماً عنهم ولم أكن أعلم بهذا وقد ضقت ذرعاً بهذه المعاملة التي تؤثر في نفسيتي كثيراً وخاصة أنني بطبعي سريعة التأثر ولا أدري ماذا يريدون فأنا أعاملهم أفضل من الأخريات حسب ما يأمرني به ديني فهل لو تجاهلتهم أنا أيضا أكون مذنبة؟ وهل على ابنهم أن يطيعهم في ما يريدون من التفريق بيننا أم يقوم بواجبه في الصرف عليهم فقط والسؤال عنهم؟ وللعلم أنا والحمد لله متدينة ومتحجبة وهم لا يحبون هذا النوع من النساء.
أرجوكم أفيدوني فعشر سنوات من عمري وأنا أعاني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي ننصحك به أن تستمري في إحسانك إلى أهل زوجك ولتحتسبي في ذلك عند الله عز وجل، ولا يثنيك عن ذلك ما تلقينه منهم من الجفاء وسوء المعاملة وعدم التقدير، ولتبقي صابرة محتسبة، ولتحذري أن تعامليهم بالمثل، بل ينبغي أن تقابلي كل إساءة بصبر وإحسان، امتثالاً لقول الله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فصلت:34، 35] .
ونذكرك بحديث أبي هريرة رضي الله عنه الوارد في صحيح مسلم: أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلم عنهم ويجهلون عليَّ. فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم مادمت على ذلك.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 7068، والفتوى رقم: 34018.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1424(13/167)
هل من حق الوالد إجبار ولده أن يشارك أخاه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا مواطن جزائري وأب لخمسة أطفال, ولدي من المشاريع والمحلات ما يضمن لهم بعد الله مستقبلهم.
أخي شارف على الإفلاس، فأراد والدي أن يجعله شريكا (الأخ) لي، ولما رفضت أراد أبي الضغط علي محتجاً في ذلك بقول الرسول عليه الصلاة والسلام"أنت ومالك لأبيك".
-هل لوالدي الصلاحيات الكاملة في التصرف بأموالي ولو على حساب مستقبل أولادي؟
-وهل يستطيع أن يفرض علي شريكا أنا غير موافق عليه؟
وهل مخالفة أبي من عقوق الوالدين في هذه الحالة؟
مع العلم بأنني اقترحت مرتباً شهرياً له لكنهما بقيا متمسكين بقرارهما.
دلوني على سواء السبيل، شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللوالد أن يأخذ من مال ابنه ما يحتاج إليه بشرطين:
الأول: ألا يأخذ ما يضر بالابن.
الثاني: ألا يأخذ من مال أحد ولديه فيعطيه الآخر.
وقد سبق تفصيل ذلك ضمن الفتوى رقم: 25339
وبهذا يتبين أنه لا يجوز للوالد أن يفرض عليك أن يشاركك أخوك في مالك؛ لأن ذلك في معنى أن يأخذ من مال أحد ولديه ويعطي الآخر، وقد علل أهل العلم المنع من ذلك بأن الوالد ممنوع من تفضيل أحد ولديه على الآخر، فمع تخصيص الآخر بالأخذ منه أولى بعدم الجواز.
وليست مخالفتك لأمر أبيك في هذه الحالة من عقوق الوالدين، ولكن عليك أن تترفق بهما وتجتهد في إقناعهما، ولو بأن توسط بينك وبينهما أحدًا من أهل الدين والصلاح يبين لهما حكم الله تعالى، ويدعوهما لامتثاله، ولعل في ما تطيب نفسك ببذله لأخيك من راتب مجزٍ، أو مساعدة مالية ما يساعد على ذلك، وبهذا تفوز برضا الله وبر والديك وصلة أخيك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1424(13/168)
إكرام أم الزوج من حسن التبعل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في مقاطعتي لحماتي؟ مع العلم بأنها هي التي بدأت في ذلك وهل يجوز لي الحج ونحن على هذا الحال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة مأمورة بإحسان العشرة لزوجها، ومن ذلك إكرام أمه واحترامها وعدم الإساءة إليها، وكذلك ينبغي للرجل أن يكرم أم زوجته ويحترمها ولا يسيء إليها، وبذلك تزداد الألفة والمحبة بين الزوجين، وتصبح الروابط الأسرية أكثر تماسكًا وانسجامًا وتوافقًا.
وهجر المسلم لأخيه المسلم، والمسلمة لأختها المسلمة منهي عنه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه.
وجاء في التنفير من القطيعة قوله صلى الله عليه وسلم: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا. رواه مسلم.
وروى ابن ماجه بسند حسن عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن.
فبادري بصلة "حماتك" وكوني البادئة بالسلام والخير، ولا تدعي مجالاً لتدخل الشياطين بينكما، واعلمي أن من عفا وأصلح فأجره على الله، لا سيما وأنت مُقْدِمَة على حج بيت الله الحرام، فهي فرصة للمصالحة والمراجعة، والتحلل من الآثام كلها، والحج جائز ولو كان الإنسان متلبسًا بمعصية من المعاصي، لكن الحج بعد التوبة وإصلاح الحال أكمل وأفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1424(13/169)
تراعى المصلحة في زيارة الأصهار العصاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
لا أزور أصهاري كثيرا بسبب كثرة المنكرات في بيتهم كالاختلاط والتبرج والموسيقى والصور،
ما حكم الشرع في ذلك؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت زيارتك لأصهارك تترتب عليها مصالح شرعية كتقديم النصح لهم، أو ألفة قلوبهم لتكون هذه الألفة عونًا لك على ردهم إلى الحق، فإن زيارتهم أفضل في هذه الحالة، وإن كانت المصلحة الشرعية في ترك زيارتهم دفعًا للضرر الذي قد يلحق دينك بسبب زيارتهم، أو هجرًا لهم على ما هم فيه من المعاصي، بحيث ترجو أن يكون هذا الهجر زاجرًا لهم عن الوقوع فيها، فحينئذ يكون ترك الزيارة أولى.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 5640، والفتوى رقم: 27688.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1424(13/170)
العقوق من أشد الذنوب وأقبحها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أبي لم يعمل لي شيئاً في حياتي سواء من ناحية العاطفة الأبوية أو مصاريف الحياة أو مصاريف الدراسة لم أحصل منه على شيء بالرغم أنه مقتدر الآن أريد الزواج لم يقدم لي أي مساعدة عمري تجاوز 35 سنة
ما حكم معاداته والدخول معه في شجار أنا الآن أمر بأزمة مالية كبيرة.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بر الوالدين والإحسان إليهما أمر أوجبه الشرع، وقد مضى بيان ذلك في الفتوى رقم: 15586.
وعلى هذا فالذي ننصحك به أن تحسن إلى أبيك ولا تنظر إلى معاملته القاسية في حقك، فهو وإن كان قد فعل ما لا ينبغي له فعله تجاهك يظل أباك،يجب بره وتحرم معاملته بمثل ذلك أو أقل؛ لأن ذلك يدخل في باب العقوق وهو من أشد الذنوب وأمقتها عند الله عز وجل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين ... الحديث رواه البخاري من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 8173.
كما أننا ننصح هذا الأب بأن يعامل ابنه معاملة طيبة ويساعده على أمور الحياة، فإن من وراء ذلك أجرًا عظيماً، وعليه أن يستسمحه من تقصيره في حقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(13/171)
من طرق الإحسان للوالدين بعد موتهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي توفيت بماذا أدعو لها لكي أدخلها الجنة إن لم تدخلها وأرجو من الله أن يدخلها الجنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى قد أمر بإكرام الوالدين وحث على الدعاء لهما.
قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا
فعلى المسلم الإحسان إليهما بعد الوفاة بالإكثار من الاستغفار لهما، وقضاء ديونهما سواء كانت من حق الله تعالى أو حق آدمي، وكذلك التصدق عنهما، ففي الحديث عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أمي افتُلِتت نفسُها وإني أظنها لو تكلمت تصدقت، فلي أجر أن أتصدق عنها؟ قال: نعم.
وعن سعد بن عبادة رضي الله عنه أن أمه افتلتت نفسها: فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أمي ماتت أفأتصدق عنها؟ قال: نعم، قال: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء، قال: فتلك سقاية آل سعد بالمدينة. أخرجه الإمام أحمد في المسند وابن خزيمة في صحيحه، ولمزيد من التفصيل يمكن مراجعة الفتوى رقم:
10602.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1424(13/172)
حكم منع الزوجة من زيارة خالاتها خشية الضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
منعت زوجتي من زيارة خالاتها وعدم الاختلاط بهن نظراً لكثرة المشاكل التي كنت أواجهها مع زوجتي في السابق وحفاظاً على زوجتي من أن تغرق معهن في بحور النميمة، فهل أنا قاطع رحم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق حكم منع الزوج زوجته من زيارة والدتها في الفتوى رقم: 7260.
وذكرنا هنالك اختلاف العلماء في المسألة، وخلصنا إلى أن له أن يمنعها من زيارة والدتها إذا كان يخشى عليها من زيارتها ضرراً ومفسدة، فيمنعها حينئذ دفعا للضرر المتوقع، وإذا كان هذا في حق الأم فما بالك بالخالات اللاتي يخشى عليها من زيارتهن الفساد والضرر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1424(13/173)
عامل زوجة بحكمة لاستمالة قلبها تجاه والدتك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو واجب الزوج أمام زوجته حينما يكتشف أن هذه الأخيرة لا تولي اهتاما لأمه؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى قد أوجب على الأبناء أن يحسنوا إلى الأبوين وأن يبجلوهم ويكرموهم، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً (الاسراء: من الآية23) وثبت في الصحيحين أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد، فقال: أحيٌّ والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد. متفق عليه.
وفي سنن أبي داود والبيهقي أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك، فقال: هل لك من أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها فإن الجنة عند رجليها.
فعليك أيها السائل أن تحرص على ما يرضي والدتك ما دام لا يخالف شرع الله تعالى، وأن تعامل زوجتك بحكمة، وتقنعها بضرورة الإحسان إلى أمك واحترامها، وأن ذلك من تعظيم الله تعالى، فقد أخرج أبو داود والبيهقي في السنن من حديث أبي موسى الأشعري قال صلى الله عليه وسلم: إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط.
ولتعلم أن رضا الله تعالى كله في رضا الأم، وأن حقها في البر أشد تأكيداً من غيرها، فحاول ما أمكن أن تصلح بين الأم والزوجة حتى تصبحا في أتم وفاق، ولتستعن بالله تعالى عن طريق الدعاء والاستغاثة بأن يصلح لك أمور آخرتك ودنياك، ويكفيك كل ما أهمك في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1424(13/174)
الأسلم للأرملة الإقامة مع أهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة متزوجة وقد توفي زوجي منذ حوالي 3 أشهر مع العلم بأني أبلغ من العمر 24 سنة وقد قررت الرحيل إلى عمان للعيش مع حماتي مع العلم أن لديها أبناء جميعهم في الخارج ماعدا واحد وهو متزوج ويوجد معها في المنزل وأبناؤها يأتون لزيارتها كل عام وقد أعطوني حلاً وهو أن أعيش في منزل أنا وحدي وأبنائي ولكن مؤقتاً أن أعيش معها هي وابنها في المنزل فهل هذا جائز؟
أرجو من فضيلتكم الرد عليّ لأني في حيرة لأن حماتي تعتبر إقامتي هنا في الكويت إلى جانب أهلي فيه حرمان لها من أولاد ابنها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأولى بك هو الإقامة في الكويت مع أهلك ومحارمك، ولا يجب عليك الانتقال للعيش مع حماتك في عمان، خاصة والحالة أنك ستبقين مؤقتاً في بيت حماتك الذي يسكن معها فيه ابنها، وقد لا تؤمن الفتنة منه أو من غيره، ولا يعتبر بقاؤك مع أهلك حرماناً لجدة أبنائك من أبناء ولدها، ويمكن صلة الرحم بالزيارات والمراسلات والاتصالات ونحوها، فمدار ذلك على الاستطاعة، كما قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] .
أما إن تعين عليك الانتقال للسكنى في عمان لأسباب مشروعة يراها أهل زوجك فلا بأس بذلك، بشرط أمن الفتنة بك وعليك، مع أن الأفضل لك والأسلم الإقامة مع أهلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1424(13/175)
مراعاة الأصلح في معاملة الأقارب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل زوج العمة يعتبر من صلة الأرحام إن وصلته ومن قطيعة الأرحام إن قطعته؟ مع العلم أنه يلعن الميت وبيننا وبينه مشاكل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعمتك من الأرحام، وأما زوجها فليس من أرحامك الذين أمر الله بصلتهم وحرم قطيعتهم، ولكن لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه المسلم وإن بَعُدَ، إلا إذا كان يستحق الهجر، وكانت في هجره مصلحة كما في الفتوى رقم: 14139.
ولذا ننصحك بمراعاة الأصلح في معاملة زوج عمتك، ونصحه وإرشاده إلى ترك سب الأموات غير الكفار والفساق، لما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا الأموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح قوله: "أفضوا": أي وصلوا إلى ما عملوا من خير أو شر، واستدل به على منع سب الأموات مطلقاً، وقد تقدم أن عمومه مخصوص، وأصح ما قيل في ذلك أن أموات الكفار والفساق يجوز ذكر مساويهم للتحذير منهم والتنفير عنهم، وقد أجمع العلماء على جواز جرح المجروحين من الرواة أحياءً وأمواتاً. انتهى.
وينبغي لك أن تسعى للصلح في ما بينكم من مشاكل، لأن الله تبارك وتعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ [الأنفال:1] ، ويقول: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الحجرات:10] .
وروى الترمذي وأبو داود وأحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين هي الحالقة.
وفي رواية: هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين.
وننصحك بالصفح والعفو والتنازل عن بعض الأمور، لقول الله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [الشورى:40] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1424(13/176)
حاول اصلاح شأنك وأسرتك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أما بعد:
فأريد منكم أن تبينوا لي ماذا أفعل تجاه والدي الذي يكره خالتي إلى درجة لا توصف وبدون سبب منطقي لأن صوتها عال وتكذب هي من الأمورالتي يحاسب عليها الله تعالى وهذه المشكلة تجعل أمي في حال لا تحسد عليها ونقمت على أبي ومرض وما إلى ذلك وقد حاولت وأخواتي وأشخاص من العائلة بإقناعه ولكن دون جدوى وقال وهو الشخص المصلي إنني مستعد لأن أوضع في جهنم ولا تأت هذه المرأة منزلي فأرجوكم ساعدوني وهو الآن لا يتكلم معي لأنني أخبرته بأنني أشك بتدينه وبصلاته وهو يمنع دخول خالتي منزلنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنا ننصحك بأن تبر والدك وتتحمل أذاه، وتقبل عليه بوجه آخر غير الوجه الذي أبغضه عليك، وتترفق في خطابه، فإخبارك إياه بأنك تشك في دينه وصلاته ليس من القول الكريم الذي أمر الله به في قوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [الإسراء:23-24] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم.
ثم لتعلم أن لأبيك الحق في أن يخرج عن منزله أي شخص لا يرغب في دخوله، وخاصة إذا كان امرأة صوتها عالٍ وتكذب، فلتحاول اصلاح شأنك وأسرتك، وإذا لم يصح التوفيق بين كل ذلك فاسع إلى أن تبر والدك، ولتنظر في الفتوى رقم: 5339.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(13/177)
الأولى إحضار شقيقتك لتقيم معك حيث تعمل
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وأنا الآن أعمل في المملكة ولي شقيقة في السودان فهل ينبغي تركها في السودان وتحملها لبعض المشاكل والأعباء الأخرى ما هو الأصح فى رأي الدين أن تكون معي أم مع أخواتي في السودان حيث أنا المسؤول المباشر عنها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أنه إذا أمكنك إحضار شقيقتك للإقامة معك لرعايتها والقيام بمسؤولياتها فهذا هو الأولى والأحسن، وقد يكون واجباً إن خشيت عليها ولم يكن في بلدك من محارمها من يقوم مقامك.
أما إن كان بقاؤها مع أخواتها غير الشقيقات بالسودان لا يعرضها للفتنة برجال أجانب عليها، وأمكنها العيش هناك ولو بمشقة عادية، فلا يجب عليك إحضارها للسعودية معك، ولكن كما أسلفنا القول الأولى أن تقيم معك حيث تقيم أنت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1424(13/178)
يستحب للزوج أن يحسن إلى أقرباء زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من سيادتكم توضيح ما هو حق أهل الزوجة على زوجها والعكس، وما هو قول الإسلام في زوج لم يدخل بيت أهل زوجته بعد زواجه منها (من أكثر من 3 سنوات) رغم زواجه وإنجابه لطفلين، مع العلم بأنه تمت محاولات من أشقاء الزوجة ولكنه لم يستجب حتى عند إنجابها لآخر مولود حاول أشقاء الزوجة زيارتها، ولكن زوجها حرص علي أن يظهر لهم أنه موجود ولا يرغب في مضايفتهم (حتى السلام لم يقم به) وما الواجب فعله تجاه هذا الزوج من أهل زوجته أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحق المتبادل بين الزوج وأهل زوجته هو حق الإسلام، وللمسلم على المسلم حقوق بيناها في الفتوى رقم:
6719.
ثم إنه يستحب لكلا الطرفين صلة الآخر والإحسان إليه، لما في ذلك من تقوية روابط المودة، وزيادة أواصر المحبة، وقد دل على ذلك عموم أوامر الشرع بالتواصل والتراحم بين المسلمين، ففي مسند أحمد عن ابن عمر كان يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: أفشوا السلام، واطعموا الطعام، وكونوا إخواناً كما أمركم الله –عز وجل-. رواه الإمام أحمد وحسنه الأرناؤوط.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم.
وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك -رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام. ورواه مسلم.
قال النووي في شرح مسلم: (التدابر: المعاداة وقيل القطيعة، لأن كل واحد يولي صاحبه دبره) . انتهى.
وفي صحيح البخاري ومسلم وهذا لفظ البخاري عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا، ويُعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم، على إكرام الضيف والإحسان إليه، فقال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه. رواه البخاري ومسلم.
فلا يليق بالزوج المذكور ولا غيره أن يتجاهل ضيفه مهما كان الأمر بل عليه أن يستقبله ويكرمه، فإن ذلك من مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات.
وننبه هنا إلى أن الزوج إذا كان له نظر شرعي في هذه القطيعة، فلا نستطيع لومه، كأن يكون أهل الزوجة مجاهرين بالفسق، أو مظهرين للبدع ونحو ذلك مما يُشرع له هجر المسلم، لكن على الزوج مراعاة الأصلح في كل الأحول، والأصلح هو ما يعود على المسلمين بالحب والوئام وسلامة الصدر، ونقاء السريرة، والاقتراب من المدعويين مهما أخطأوا لنصحههم وتوجيههم، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية:
3698، 22026.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(13/179)
تحمل أم الزوج من إرضاء الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لأم زوجي حقوق علي كحقوق أمي وخاصة أنها تثير المشاكل الجمة معنا وتريد أن تستأثر بزوجي وتبدي لي كل العداء ومهما فعلت يقول زوجي يجب أن نتحمل أى شيء منها براً بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زوجك على حق فيما قاله، وبرِك لأمه هو بر له، واحترامك لها احترام له، ولا شك أن المرأة التي تسعى لإرضاء أم زوجها هي في نفس الوقت تسعى لإرضاء زوجها. وراجعي الفتوى رقم:
3829 - والفتوى رقم: 7068.
وعليك أيتها السائلة الكريمة أن تراجعي نفسك وأسلوبك في التعامل مع هذه المرأة التي هي بمنزلة أمك، وكيف لهذه العلاقة أن تتحول إلى عداء ظاهر من قبلها! فلا شك أن هناك خطأ من أحد الطرفين، فاتهمي نفسك بالتقصير وابحثي عن جوانب هذا التقصير وعالجيها واضعة أمام عينك إرضاء الله تعالى أولاً، ثم إرضاء زوجك ثانياً، ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا وأن يطهر قلوبنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1423(13/180)
التجاوز عن الزلات مذهبة للعداوات
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما الحكم في عدم زيارتي لأهل زوجي على الإطلاق وهذا لوجود مشاكل بيننا ومعاملتهم السيئة لي وإهانتي بالكلام البذيء والشتم فلهذا لا أكن لهم أي احترام ولا أي مودة لأن المآسي لا تنسى؟ مع العلم أن زوجي يزورهم باستمرار وأولادي كذلك حيث أن زوجي غير معترض على هذا الوضع القائم.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي لك الحرص على إصلاح ما بينك وبين أهل زوجك لأنك أصبحت جزءاً من هذه العائلة فأولادك أولادهم.
وعليه؛ فلا بد من معالجة هذه المشاكل بالصبر ثم بإزالة الأسباب المؤدية إلى القطيعة والجفاء بينكم، ومن جملة ما يساعد على ذلك الإحسان والتودد إليهم والتجاوز عن زلاتهم.
ولا شك أنك إذا دمت على هذا فترة فإنك سترين أحوالهم تغيرت تجاهك إلى الأحسن، وانظري الفتوى رقم: 18911.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(13/181)
التصرف الأقوم تجاه الأقارب العصاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز مقاطعة الأقارب الخارجين عن الإسلام حيث أنه يوجد لي أقارب من الدرجة الأولى (أعمام وأبناء عم) لا يصلون ولا يصومون ويتعاملون بالربا ولا يقبلون النصيحة وهل يجوز أن نعطيهم من أموال الزكاة أو نتصدق عليهم أو ندعوهم إلى الأكل معنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عليك أن تبذل قصارى جهدك في دعوة هؤلاء وتستعين بكل ما يمكن في سبيل ذلك، فتذكرهم بالله وتسمعهم بعض التسجيلات، وتحضر لهم بعض المطويات التي تحث على الصلاة والصيام، وتحذر من الربا، ويكون ذلك بالحكمة واللين، كما قال جل وعلا: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125] .
ولا تقاطعهم إلا إذا كنت ترى في ذلك وسيلة للضغط عليهم حتى يقلعوا عما هم فيه من غي، وإلا فالأفضل أن نبني جسور التواصل معهم لعل الله يهديهم على يديك، ولا مانع أن يحضروا طعامك، وتبذل لهم بعض المال إذا كان في ذلك تأليف لهم، وإلا فلا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فأطعموا طعامكم الأتقياء، وأولوا معروفكم المؤمنين. أخرجه أحمد.
أما الزكاة فلا تدفع إليهم، ولا تبرأ الذمة بدفعها إليهم وهم على حالهم من ترك فرائض الصلاة والصيام، وانتهاك الحرمات، وراجع الفتوى رقم:
8468.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1423(13/182)
تقصير الأب لا يبرر عقوق وتقصير الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم وجزاكم الله خيراً..
أريد أن أعرف حقوق الأبناء على الآباء وهل يلام الأبناء في شيء إذا قصر الآباء في حقوقهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حقوق الوالدين على أبنائهم وحقوق الأبناء على والديهم وذلك في الفتوى رقم:
15008.
وإذا قصر الوالد في الحقوق التي عليه لأولاده فإن الملام حينئذ الأب، ولا يعني ذلك أن للأبناء أن يقصروا في حقوق الوالدين، بل البر بالوالدين واجب في كل حال ويجب مصاحبتهما بالمعروف، ولو كانا كافرين، قال الله تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [لقمان:15] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1423(13/183)
الإحسان إلى أم الزوج من تمام الإحسان إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الواجب على الزوجة السؤال عن أم زوجها مع علمها بكرهها الشديد لها ولأبنائها لدرجة حرمانها لابنها من حقه من ميراث أبيه وإعطائه لبقية إخوته كرها لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليست أم زوجك رحماً لك، ولذا لا تجب عليك صلتها من هذا الباب، لكن الإحسان إليها من تمام الإحسان إلى زوجك. ولهذا ننصحك بالسؤال عنها، والتلطف معها، والاجتهاد في الإحسان إليها، والدعاء لها بصلاح القلب والبال، وذلك هو السبيل الأقوم -إن شاء الله- حتى يذهب الكره الذي تكنه لك، وحتى تعيد حق ولدها من إرث أبيه إليه، فقد قال الله تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت:34] .
وقال الشاعر الحكيم:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ... فلطالما استعبد الإنسان إحسان
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1423(13/184)
فتاوى حول حقوق الآباء وبرهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أكبر إخوتي وكثيراً ما أشعر بتمييز بيني وبين أخي الأصغر من قبل والدتي ولا أدري السبب ولا أعلم ما الحل خاصة أن هناك ربط من قبل والدي ووالدتي بين بر الوالدين كواجب ديني مقدس وبين الطاعة المطلقة لآرائهم.
برجاء النصيحة لوجه الله تعالى وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على الآباء العدل بين أولادهم، وإحسان تربيتهم، والقيام بحقوقهم، كما يجب على الأبناء طاعة آبائهم وإن جاروا في العطية، ولم يعاملوهم بالسوية، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 11287 11649 15586 23307 19505
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1423(13/185)
لا تعالج الخطأ بخطأ مثله.
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
زوجتي لا تزورأمي ولا تسأل عنها، وأمي لا تسأل عن زوجتي أيضا، وأنا أصل أمي وهي راضية عني،
هل أعاملها بالمثل ولا أصل أمها حيث هي لا تسمع كلامي لزيارة أمي أرشدوني جزاكم الله كل خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ريب أنك قد أحسنت صنعاً في صلتك لأمك وكسبك لرضاها، وفي هذا قيام بالواجب الذي فرضه الله عليك من صلة الرحم والإحسان إلى الوالدين، كما أن ما وقع بين زوجتك وأمك من قطيعة أمر مذموم شرعاً ومضاد لما هو مطلوب من الود والصلة بين المسلمين، لاسيما إذا كانوا أصهاراً.
ولا يجوز لك أن تقابل ما وقع من زوجتك تجاه أمك بالمعاملة بالمثل، إذ إن هذا من معالجة الخطأ بخطأ مثله.
فنصيحتنا لك أن تكون حكيماً في معالجة مثل هذه الأمور لأنه كثيراً ما تكون هنالك مشاكل بين المرأة وزوجة ابنها، فقد تكون زوجتك أصابها من الأذى والإساءة ما لا تستطيع تحمله، أو أن تكون أمك هي التي وجدت ذلك من زوجتك، فلا بد أن تقوم بدور المصلح، والصلح خير، وقد أباح الشرع الكذب في مثل هذه الأمور، روى مسلم في صحيحه عن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ويقول خيراً وينمي خيراً.
والمقصود بذلك أن تنقل لكل واحدة عن الأخرى كلاماً جميلاً يطيب قلبها، عسى الله تعالى أن يجعل بينهما المودة والمحبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1423(13/186)
من تمام طاعة الزوجة لزوجها أن تحسن إلى والديه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أمي توفيت وهي غاضبة من زوجتي ولا أريد الشرح بالتفصيل من منهم مقصر بحق الآخر لأن زوجتي أيضاً لها دور كبير في الغضب الذي صب عليها من أمي ولكني أحيانا أقول أن زوجتي معذورة وبالذات أن جنسية الاثنتين مختلفة وتوفيت أمي وتشعر زوجتي بالندم الرهيب الفظيع وهي تدعو الله ليلاً ونهاراً للمغفرة وتدعو لأمي كثيراً أرجوكم هي تريد أن ترتاح هل غضب أمي عليها هو يعتبر من العقوق عقوق الابن لأمه أم لا؟
أرجوكم أفيدونا فهي في حيرة مع العلم أن زوجتي حاولت التقرب من أمي بالفترة الأخيرة لكن كان هناك صدود منها. وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على الولد أن يبر والديه، ويحرم عليه أن يعقهما لقول الله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا [النساء:36] .
وقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا [الإسراء:23] .
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أخبركم بأكبر الكبائر، الإشراك بالله وعقوق والوالدين وجلس وكان متكئاً قال: ألا وقول الزور. فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت.
وقد نهى الله تعالى أن يقال للوالد: أف - وهي كلمة تضجر وانزعاج فقال: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً [الإسراء:23] .
فإذا كان النهي عن التأفف فمن باب أولى ما هو أشد منه، وإن من تمام طاعة الزوجة لزوجها أن تحسن إلى والديه، وأن تبرهما، وألا تسيء إليهما وأن تتحمل ما يصدر منهما إرضاءً لزوجها لتنال بذلك الثواب والأجر من الله، فإن كانت الأم غضبت على زوجتك لسبب صادر من الزوجة، فكان ينبغي أن تطلب العفو والمسامحة منها قبل موتها لتموت راضية عنها، وإذا كانت قد ماتت ولم تفعل الزوجة ذلك، فإن عليها أن تكثر من الدعاء لها بالمغفرة، وكذا الابن عليه أن يكثر من الدعاء لوالديه كانا حيين أو كانا ميتين، لقول الله تعالى: وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [الإسراء:24] .
وأما سؤاله هل يعتبر ذلك من عقوق الابن لأمه؟ فإن كانت الزوجة تتعرض لوالدته بالأذى ولم ينهها ويزجرها ويؤدبها على فعلها، فإن ذلك من العقوق، فعليه الندم وكثرة الاستغفار وكثرة الأعمال الصالحات، فإن الله تعالى كريم تواب رحيم، إذا علم من عبده صدق التوبة يقبل توبته. قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1423(13/187)
هل تمنع الزوجة من زيارة أهلها لمعصية أحدهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أزور أسرة زوجتي؟ علما بأن أحد أفراد تلك الأسرة يشرب الخمر ورب الأسرة لا ينكر هذا الفعل.
وهل يجوز أن أمنع زوجتي وأولادي عن زيارتهم؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم:
فإن زيارة أسرة زوجتك إن كانت لغرض شرعي، كصلة رحم، أو عيادة مريض، أو مواساة، أو غير ذلك مما ندب إليه الشرع، فإنه لا حرج فيها، ولا يكون وجود مثل هذا الشخص العاصي عائقاً عن القيام بها، وعليك في موقف كهذا أن تنصح صاحب هذه المعصية وتعظه، وعليك مثل ذلك لرب الأسرة، وتشعره بأن سكوته على مثل هذا في نطاق أسرته وداخل حدود مسؤوليته يجعله شريكاً في الإثم، فالله تعالى يقول في شأن بني إسرائيل: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ [الأعراف:165] .
وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم الدين النصحية....
أما منع الزوجة من زيارة والديها وأقاربها وكذلك الأبناء فلك منعهم من ذلك إذا كان يترتب عليه فسادهم أو كنت تخشى عليها الفتنة، وعليها حينئذ السمع والطاعة، لأن الشرع يلزمها بطاعة زوجها ما دام يأمر بمعروف، ولأن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6] .
ويقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1423(13/188)
حكم مطالبة الآباء بمعرفة ما يمتلكه الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق للأباء أن يطالبوا الأبناء بمعرفة ما يتعلق بأموالهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللوالدين الحق في أن يأخذا من مال ولدهما إن كانا محتاجين للنفقة شريطة أن يكون ذلك الأخذ بالمعروف، فلا يجوز لهما أن يبذرا في مال ولدهما، وللولد الحق أن يمنعهما من ذلك، ولا يجب شرعاً على الولد أن يخبر والديه عن مقدار ما معه من المال إلا إن علم أنه لا يلحقه بذلك ضرر، وكان إخبارهما مستدعياً رضاهما فلا يحق له عندئذ الرفض لأنه مخالفة لطلبهما بلا مبرر مقبول، وخاصة إن كان الباعث لهما على السؤال هو الحرص على مصلحته وإرشاده إلى الخير.
وأما ما يفعله بعض الآباء من التسلط على مال الأبناء احتجاجاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك.
فهو احتجاج غير صحيح لأن اللام في لفظ "لأبيك" لام الإباحة لا لام التمليك، يدل على ذلك أن الولد لو مات وله ابن لم يكن للوالد إلا السدس، ولو كانت اللام للتمليك فإن الولد لو مات وله أبناء وبنات وأم وزوجات وكان والده حياً كان المال كله لوالده، وهذا باطل بنصوص الكتاب والسنة وإجماع الأمة، فتعين أن اللام للإباحة.
والحديث رواه أحمد وابن ماجه وأبو يعلى والبيهقي والبزار والطبراني في مسند الشاميين والمعجم الكبير.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح 5/211: قال ابن القطان إسناده صحيح، وقال المنذري رجاله ثقات. انتهى
وذكر له طرقاً ثم قال: فمجموع طرقه لا تحطه عن القوة وجواز الاحتجاج به. انتهى
وانظر الفتاوى التالية أرقامها:
7490 -
6630 -
22356.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1423(13/189)
منع المرأة ابنها من زيارة جدته يدخل في قطيعة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد خلافات بين زوجتي وأمي وأنني جعلت كلا منهما تبتعد عن الأخرى لعدم إمكانية الإصلاح
علاقتي بأمي على خير مايرام والحمد لله، ولكني لي ولد هو أصغر أولادي وترفض زوجتي بشدة تصل إلى الغباء وتفتعل الشجار عندما أريد أن آخذ ولدي لتراه أمي وخاصة أنه لم يبلغ بعد 3 سنوات ونصف فما هو حكم الشرع في هذه الزوجة؟ وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:23] .
وقال عز وجل: وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [الرعد:25] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع، قال سفيان في روايته: يعني قاطع رحم. متفق عليه
ولا شك أن منع زوجتك ابنك من جدته داخل في قطيعة الرحم، والواجب عليك وعظها ومنعها من ذلك، وأن تعلمها أنها آثمة بذلك، ومعرضة لعقوبة الله تعالى، والوعيد المذكور في الآيات السابقة، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم. رواه أحمد عن أبي بكرة.
ولا يجوز لك أن تستجيب لمنعها فخذ ولدك واحمله إلى أمك متى ما شئت، ولا تلتفت إلى الزوجة في هذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1423(13/190)
لا تقطعي والدة زوجك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة من مدة قصيرة وحماتي ظلمتني في موضوع وطردتني من منزلها ولا تريد أن تراني وزوجي وأخواته يعلمون أنها كاذبة والآن وقد مر وقت على ذلك رضيت عن ابنها وأنا لا رغم أنني مظلومة فبهذه الحالة ماذا علي أن أفعل؟ وأنا لكم شاكرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك بالصبر والاحتساب، وعدم هجر أم زوجك ومقاطعتها، لأن ذلك محرم، وتتحقق صلتك لها بالسلام، وإذا قطعتك هي فإثمها عليها.
ونحثك على الإحسان إليها، ومعاملتها بالرفق والحكمة ما أمكن ولو أسأت إليك، لأن ذلك من أعظم أسباب الصلح بينكما، وبناء الألفة والمودة من جديد، قال الله تعالى: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [فصلت:34]
وينبغي لك حث زوجك وإخوانه ومن له تأثير على أم زوجك في أن يسعوا للصلح بينكما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1423(13/191)
تقدم حقوق الأم على حقوق الزوجة عند التعارض
[السُّؤَالُ]
ـ[حقوق الأم أولاً أم الزوجة أني أعرف جيداً أنها الأم ولكن كيف أوفق بين الاثنتين؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فطاعة الوالدين واجبة إلا في المعصية، وعقوق الوالدين من أعظم الذنوب، كما هو مبين في الفتوى رقم: 17754.
وحق الأم عظيم ومقدم على حق الوالد فضلاً عن حق الزوجة، ولا يعني ذلك أن تظلم الزوجة من أجل إرضاء الأم، وعلى الزوج أن يقوم بحقوق أمه على أكمل وجه، وبحقوق زوجته كذلك.
كما عليه أن يقدم حقوق أمه ورغبتها عند تعارضها مع حقوق زوجته ورغبتها، ويعلم زوجته بمكانة أمه منه، ويوصيها بها ويفهمها أن الشرع يأمره بتقديم حق أمه على حقها هي عند تعارضهما. هذا مع حثه لزوجته على الصبر والإحسان إلى الأم.
وليحذر الزوج من أن تحمله زوجته على عقوق أبيه أو أمه، فإن ذلك يعني بالنسبة له الهلاك المحقق في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1423(13/192)
هل للأب أخذ مال أولاده لينفقها على أولاده من الأخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك أب لعدد من الأولاد، تزوج من امرأة أخرى بعد أن طلق أمهم، وقد أصبح له أولاد من الزوجه الجديدة، بينما ترك الأولاد من الزوجة القديمة دون إعالة بحيث أصبحوا يعتمدون على أنفسهم حتى كبرو ووفقهم الله إلى أن أصبحو أصحاب أموال، والسؤال هو هل للأب أن يطالبهم بما يملكونه لتوزيعه على أخوتهم من المرأة الأخرى؟ مع العلم بأن حالته شخصياً ميسورة وهم لايقصرون معه فيما لو طلب لنفسه ما يحتاجه، ذلك من باب البر بالوالدين بالرغم من إهماله لهم بعد زواجه من المرأة الأخرى؟ بارك الله فيكم.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس لأبيكم أن يأخذ أموالكم لنفسه، وإن كان أنفق عليكم في صغركم، فكيف وهو يريد قسمتها بينكم وبين إخوتكم؟! فهذا لا يجوز له، ولا يلزمكم طاعته فيه، ولا تلزمكم نفقته ما دام ميسوراً؛ لكن عليكم بالإحسان إليه، والبر به، والرفق في التعامل معه، وراجعوا الفتاوى التالية أرقامها:
1249
3990
8173
21602.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1423(13/193)
الإنفاق على الوالد ... أم الإقدام على الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت أريد الزواج وأنا شاب لتوي توظفت كيف أوفق بين والدي في المصروف والاستعداد للزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنفقة على الوالد الفقير واجبة، والزواج للقادر عليه الذي لا يخاف الوقوع في الزنا مستحب، وما دمت لا تقدر على التوفيق بين النفقة على والدك، وبين الزواج، فالواجب عليك تقديم النفقة على والدك على الزواج.
وينبغي لك أن تحاول ما استطعت تحسين دخلك، وترشيد النفقة لتدخر ما استطعت من المال الأجل تكاليف الزواج، وبهذا تكون قد جمعت بين الأمرين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1423(13/194)
تلبية نداء الأبوين..أم الاستمرار في الصلاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم..
إذا كنت أصلي وسمعت أبي أو أمي ينادون علي فهل أترك الصلاة لتلبية ندائهم؟ جزاكم الله عنا خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن دعاه أبوه أو أمه وهو يصلي فلا يخلو الأمر من حالتين:
الأولى: أن يكون في فرض.
فالجماهير من العلماء على أنه لا يجوز له أن يقطع الصلاة إلا إذا كان الوالد مستغيثاً وكان الابن قادراً على إغاثته، وفي هذا الحالة يستوي الوالد وغيره.
وهذا هو المعتمد عند الشافعية، وهناك وجه عند الشافعية بجواز قطع الفريضة لتلبية نداء الوالد، ووجه بجواز ذلك ما لم يضق الوقت.
الثانية: أن يكون في نفل:
فذهب الحنفية إلى أنه إن علم الأب أو الأم أن الابن في صلاة فإنه لا يجيب، وإن لم يعلم الأب أو الأم بذلك فإنه يجيب.
وذهب المالكية إلى أن إجابة الوالد في النافلة أفضل من التمادي فيها، وحكى القاضي أبو الوليد بن رشد أن ذلك يختص بالأم دون الأب، وقال به من السلف مكحول.
وذهب الشافعية إلى أنه إن علم تأذي الوالد بعدم الإجابة وجبت الإجابة وإلا فلا.
وهذا هو الأقرب. والله أعلم.
وراجع شرح الحافظ ابن حجر على البخاري وشرح النووي على مسلم عند قصة جريج الراهب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1423(13/195)
الرعاية والدعوة تتأكد في حق الأخوات والأهل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتزم وعندي أختان غير مطيعتان لي هل يجوز لي تركهم وهجرهم وأسافر لأفر بديني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على المسلم أن يرعى أهله، ومن ولاه الله تعالى عليهم، قال تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6] .
وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راعٍ وهو مسؤولٌ عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده..ألا فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته.
وعلى هذا فأنت المسؤول الأول بعد أبويك، وعليك أن تحرص على هداية أختيك، ووقايتهما من النار.
وعليك أن تأخذهما بأسلوب اللين والرفق والمحبة والمودة بالكلمة الطيبة والهدية، فما كان الرفق في شيءٍ إلا زانه، وما نزع الرفق من شيءٍ إلا شانه.
فأنت مطالب بدعوة الناس عمومًا بالتي هي أحسن ولكن ذلك آكد مع أهلك وأخواتك.
وأما ترك أهلك وهجرانهم بدعوى الفرار بالدين، فهذا هزيمة وضعف لا نرضاه لك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز ... رواه مسلم.
وقد روى أصحاب السنن عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم.
وتأكد أنك إذا صبرت وبذلت جهدًا في دعوتهنَّ برفقٍ ولين أن النتيجة ستكون فوق ما تتوقع، ولمن تترك أخواتك؟ أتتركهنَّ للفساد والفضيحة؟!
نسأل الله تعالى أن يعينك، وأن يجزيك الخير على حرصك على أهلك، وما ينفعهم في دينهم ودنياهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1423(13/196)
موقف الشرع من تعسف الأب في استعمال حق بر ولده له
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للأب أن يتدخل ليفرض على الابن ألا يترك زوجته تذهب إلى زيارة أهلها علما أنها تذهب مرة كل عام وإذا فعلت ذلك فتحرم عليها العودة إلى البيت علماً بأن الخلاف يوجد بين زوجتي وأختي...... جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يحق لأبي الزوج أن يمنع زوجة ابنه من زيارة أهلها، ولا طاعة له عليها في ذلك، أما إذا منعها زوجها من ذلك، فطاعته واجبة عند جمهور أهل العلم، قال الإمام أحمد في امرأة لها زوج وأم مريضة: طاعة زوجها أوجب عليها من أمها. انتهى
لأن حق الزوج آكد من حق الأبوين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب. انتهى
لكن يستحب للزوج أن لا يمنعها من ذلك إلا إذا ظهر له ما يوجب المنع كخشية الفساد عليها ونحوه.
وقد مضى بيان ذلك مفصلاً بضوابطه في الفتاوى التالية أرقامها:
20950
7260
19419
8454
1047
18729
9218.
وتحريم الوالد عودة زوجة ابنه إلى بيت زوجها ليس بشيء لأنه لا سلطان له عليها.
وإننا لننصح الزوج بمراعاة حق والده بما لا يتعارض مع حق زوجته، لأن العدل لا يتم إلا بإعطاء كل ذي حق حقه، وننصح الوالد بعدم التعسف في استعمال حق بر ولده له، كما ننصح الزوجة بطاعة زوجها حماية لبيتها من الانهدام، وحفظاً لأسرتها من التفكك، والله يوفق الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1423(13/197)
لا يلزمك تلبية طلب والدك بقضاء دين إخوانك
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فأنني رجل متقاعد وأعول عائلة كبيرة وحيث أن والدي حفظه الله يطلب منا طلبات فوق طاقتنا وهي تسديد ديون أولاده المساجين في ديون سيارات وبنوك حيث طلب مني مبلغ خمسة الآف ريال فقلت له أنا رجل متقاعد وأعول عائلة كبيرة وقلت له أعطيك الفين وهو الآن مصر على أن ادفع خمسة الآلف لإخراج أحد أبنائه من السجن من زوجة أخرى فهل علي ذنب لو لم أنفذ طلبه هذا؟ علماً بأن عندي عيالاً كباراً بحاجة إلى هذا المبلغ في زواجهم. وفقكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللوالد أن يأخذ من مال ابنه لنفسه ما يحتاجه من غير ضرر ولا إسراف، وليس له أن يأخذ من مال ابنه ليعطيه أبناءه الآخرين، ولا يلزم الابن أن يلبي طلب الأب إذا طلب منه ذلك.
وليكن اعتذارك للوالد عن ذلك برفق ولين ولطف، وراجع التفاصيل في الفتوى رقم:
7490، والفتوى رقم:
6630.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1423(13/198)
أجوبة حول صلة الأرحام
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة عمري 17 عاماً ولي أخت عمرها 15عاماً وقد قاطعونا أعمامنا بعد أن خربوا بيتنا وهم يعيشون في الخارج فهل سنحاسب أنا وأختي على صلة رحمهم نرجو النصيحة وجزاكم الله كل خير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلة الرحم من أعظم القربات وقطعها من أعظم السيئات، وليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها، وقد تقدمت التفاصيل في الفتاوى التالية:
4417
13685
17813.
وعليه فلا يجوز لكما قطع رحم أعمامكما لأجل إساءتهم إليكما، وحاولا نصح أهلكما، والنظر في سبب المشكلة حتى يتم حلها، أما بالنسبة لكيفية الصلة فهو راجع إلى الاستطاعة والعرف. وراجعا الفتوى رقم:
7683.
نسأل الله أن يصلح لكما الوالد والأعمام وأن يصلح أحوال الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1423(13/199)
هل الجد كالأب في وجوب البر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو منكم أن تساعدوني في موضوع مهم أولاً أنا فتاة عمري 14 سنة وجدي دائما يتدخل في لباسي وحجابي مع العلم أني ألبس لباسا ساتراً للغاية وأهلي راضون عني والحمد لله وكذلك يتدخل في شغل أبي ويخرب عليه وأبي مع ذلك يسكت لكي لا يزعج والده ولا يعطي الراحة لأمي منذ تزوجت وهي كالخادمة عنده فماذا أفعل؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أن تبري جدك وتحسني إليه كما تحسني إلى أبيك وأمك، واعلمي أن هذا واجب عليك شرعاً، وسبب في حصولك على الثواب الجزيل من الله عز وجل.
وينبغي أن تكوني أسعد الناس لما ذكرته من الصفات الرفيعة لأبيك وهي: حرصه على بره لأبيه، وقيام أمك بواجبها تجاه زوجها وعائلته.. كل هذه العوامل ينبغي أن تجعل البيت سعيداً ولولا صبر أبيك على والده وتحمله، وصبر أمك على متاعب البيت ومشاقه لما تحققت هذه السعادة.
ولا شك أن الصبر والتحمل هما من الأمور التي تصعب المحافظة عليها، إلا أن عواقبهما طيبة في الدنيا والآخرة.
أما بخصوص لبس الحجاب، وتشديد جدك عليك فيه، فما نراه فعل ذلك إلا حرصاً منه على عرضك ودينك.
ولضرورة الحجاب وأهميته في حق المسلمة راجعي الفتوى رقم:
3350.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1423(13/200)
أولى الناس بالبر بعد الأبوين؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الدين في من يسيء معاملة جدته..؟ وهل هناك من الحديث أو غيره ما يحث على حسن معاملة الأجداد أو هناك ما فيه بيان لحقوقهم ... ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجدة لها حق عظيم على حفيدها، وهي من أولى الناس بالبر بعد الوالدين، وذهب كثير من أهل العلم إلى فرضية بر الجد؛ بل نقل ابن حزم في كتاب الإجماع: الإجماع على فرضية بر الجد.. فقال: اتفقوا على أن بر الوالدين فرض، واتفقوا على أن بر الجد فرض.
ونوزع في هذا الإجماع كما في الآداب الشرعية لابن مفلح إلا أن أكثر أهل العلم على هذا الرأي وعلى كل حال، فأقل ما يمكن أن يقال عن الجدة: إنها من الأرحام الذين أمر الله بصلتهم والإحسان إليهم وحرم قطيعتهم، فقال: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُم* أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23] .
وليعلم أن الإساءة في المعاملة لا تجوز مطلقاً سواء كانت مع الجدة أو كانت مع غيرها، إلا أنها مع الجدة وذوي القرابة أشد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1423(13/201)
أصهار الزوجة ليسوا من المحارم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله ... السلام عليكم
أراد الله أن أكون الوصية على أولادي منذ خمس سنوات بنتين وصبي الطفل يبلغ من العمر ست سنين ونصف ولكن وللأسف أهلهم لا يسألون عنهم ... نادرا ما يتحدثون معنا بالهاتف بالرغم من أني أسكن بسكن مستقل بجوار أهلي ولم أتزوج إلى الآن.... بالرغم من ذلك لم ألق لذلك اهتماما وأصبحت أزورهم برفقة الأولاد بين الحين والآخر وذلك لأن الكبرى الآن عمرها 11 سنه وأكثر إخوان زوجي رحمه الله من الشباب 9 ... ولعدم وجود مرافق ثقة أضطر للذهاب برفقتهم للسلام فقط.
لكني الآن أصبحت لا أرتاح نفسيا عند ذهابي إليهم فهل يلحقني إثم بعدم زيارتهم بالرغم من أني لا أمنع أحد من زيارتنا أو التحدث إلينا عن طريق الهاتف أرجوا إفادتي بذلك؟
(إنقطاعي عنهم يعني إنقطاع الأولاد عن أهلهم) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاك الله خيراً لحرصك على فعل الخير وصلة الأرحام، ولحرصك على تحري الحكم الشرعي في ذلك.
ثم اعلمي أن صلة رحم أهل أولادك ليست واجبة عليك أصلاً، لأن الأصهار ليسوا ممن تجب صلة أرحامهم كما سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم:
11449.
ولكنها بلا شك من الأمور الجالبة للود بينك وبين أصهارك وأهل أولادك، لذا فإذا أمكنتك بدون مشقة، ولا ارتكاب محظور من دخول على أجنبي أو خلوة معه أو نحو ذلك فأنت -إن شاء الله تعالى- مأجورة بها من الله عز وجل لما فيها من كسب الود والتزاور المأمور به شرعاً، وأما إذا ترتب عليها محظور أو كانت فيها مشقة عليك فكفي عنها واقتصري على الصلة بالهاتف والهدية ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1423(13/202)
استئذان الوالد في التصرف بالمال من باب الأدب
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري16 عاما ولي مال أعطيته هدية من بعض أقاربي ولم أكن أعلم أنه يجب علي استئذان أبي لكي أتصدق وتصدقت منه بمال كثير دون استئذان فماذا يجب علي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم أحداً من أهل العلم أوجب على الولد أن يستأذن والده في أن يتصرف في ماله هبة أو صدقة أو بيعاً وشراء أو نحو ذلك من أوجه التصرف إن كان الولد بالغاً رشيداً عاقلاً، وإن استأذن والده أدبياً فهو الأفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1423(13/203)
النصح المستمر للأب الوالغ في المعصية مع الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[تغير والدي كثيرا فهو يخرج من الصباح ويعود في الليل, ويقول شخص من أهلي إنه رأى والدي في سيارته معه نساء لا نعرف من هن, ويقوم والدي بالتزوير والسرقة والرشوة ولا نعلم ماذا أيضاً المشكلة أنني لا أستطيع أن أخبره أن مايفعله حرام لكن المشكلة وقعت على والدتي وأيضا لا يتغدى معنا في البيت فهو مع أصدقائه أصدقاء السوء, والمشكلة أن أعمامي وأخوالي يعلمون بذلك, ولقد تسربت هذه المعلومات إلى أهلي في أمريكا وبريطانيا وكندا ومصر وايطاليا. ولقد أخبرت أمي ابن عمي وهو شخص متدين بأن يخبره بأن هذا العمل الذي يقوم به لا يجوز ولكنها لم تنفع. والدي لا يقوم بواجباته تجاه أمي وأبنائه. والله ياشيخ إنني كنت أقوم بلصق أوراق على الباب تتحدث عن القبر وعن الآخرة وعن العذاب. أخاف على والدي أن يدخل النار, ماذا أفعل, أنا حائرة.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاك الله خيراً على اهتمامك بأمر والدك، والسعي في انقاذه مما هو فيه من أسباب المهالك والشرور، والقيام بواجب الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [آل عمران:110] .
وقال صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم.
ولم يفرق الشرع في ذلك بين أحد، فكل من يستطيع أن يقوم بهذا الواجب فهو مطالب به، ومسؤول عنه، وأب هذا حاله حري بأن يشفق عليه من يعرفه، ويحزن لحاله أقرباؤه وذووه، فقد وقع في صحبة الأشرار، التي هي طريق النار، وهذا الإقبال على صحبة الأشرار وما تستلزمه يتطلب منه كثيراً من الأموال، التي لا يستطيع الحصول عليها بطرق مشروعة فوقع في التزوير والسرقة والرشوة، والواجب عليكم الآن أن تسلكوا السبل التي تساعدكم على إنقاذه، وأهمها النصح الدائم، بالحكمة والموعظة الحسنة، وتوسيط أهل الخير في إرشاده وتوجيهه، والتوجه إلى الله تعالى بالدعاء له بصلاح حاله، وإننا لننصح هذا الأب بترك ما هو عليه قبل أن يفجأه الموت، فلا يجد عملاً صالحاً ينجيه من عذاب الله وأليم عقابه، قال تعالى: وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ* وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الزمر:54-55] .
وليعلم أن الله تعالى يقبل توبة عبده إذا تاب إليه، ولو بلغت ذنوبه عنان السماء، فرحمة الله أوسع من ذنوب العالمين، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] .
ولمعرفة التوبة بشروطها، وما يعين عليها راجعي الفتاوى التالية أرقامها:
5450
19812
17998.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1423(13/204)
لا حرج عليك بعد بذل الوسع
[السُّؤَالُ]
ـ[أبو زوجتي يمنعني وزوجتي من زيارته ووصله بسبب مشكلة عائلية هو المخطئ فيها , مالحكم وماهو المطلوب مني تجاهه؟ جزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أن تحسن إليه وإن أساء إليك، وابذل له المعروف، ووسط في الأمر من ترى له كلمة مسموعة عند عمك، فإن فعلت كل ذلك ولم يُجْدِ فلا عليك بعد ذلك ولا يلحقك حرج شرعي ولا عرفي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1423(13/205)
طاعة الوالد بالمنع من زيارة الأم غير واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أب يمنعني من زيارة أمي علما بأنهما افترقا عندما كنت صغيرا.. والآن والدي يهددني بطردي من البيت إذا زرتها.. فما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زيارة الأم من البر بها، وبر الوالدين من أعظم الواجبات، وقطع الأم من العقوق، وعقوق الوالدين من أعظم الموبقات، فلا يجوز للأب منع ابنه من زيارة أمه، وليتق الله في ذلك.
أما بالنسبة للابن فإنه لا يجوز له أن يطيع أباه في ذلك لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وأما بالنسبة لتهديد أبيه له بالطرد من البيت إذا زار أمه، فليحاول التلطف في إقناع والده بأنه لا يجوز قطع الأم، وأن ذلك من عظائم الذنوب، فإن اقتنع فذاك، وإن لم يقتنع، وأمكن للابن أن يزور أمه سراً فعل، فإن لم يستطيع وأمكن، أن يجد بيتاً غير بيت أبيه فليزر أمه، فإن حقها مقدم على حق الأب، فإذا لم يكن ذلك، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وإثم ذلك على أبيه.
نسأل الله أن يهدي هذا الوالد، وأن يصلح أحوال الجميع، وراجع الفتوى رقم:
18584.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1423(13/206)
الذكر والأنثى يجب عليهما النفقة على الوالدين الفقيرين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل النفقة على الوالدين واجبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على الولد نفقة والديه المعسرين بما فضل عن قوته وقوت زوجته أو زوجاته، سواء أكان الوالدان مسلمين أو كافرين، وسواء أكان الولد ذكراً أم أنثى.
قال ابن المنذر: أجمع العلماء على وجوب نفقة الوالدين اللذين لا كسب لهما ولا مال، سواء أكان الوالدان مسلمين أو كافرين، وسواء كان الفرع ذكراً أو أنثى، لقوله تعالى: (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) [لقمان:15] .
وقد ثبت في مسند أحمد، وسنن أبي داود والنسائي عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وولده من كسبه".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1423(13/207)
زوج أختك ليس من محارمك
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم:
زوج أختي رباني منذُ الصغر وهو بمثابه أخ وأب لي وعندما أسافر إلى بلد بعيدة أقبله مثل أخي أو أبي هل هذا يجوز أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زوج الأخت رجل أجنبي لا يجوز لك تقبيله ولا مصافحته ولو كنت قادمة من السفر أو من أي مناسبة غير ذلك.
لقوله صلى الله عليه وسلم: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. رواه البيهقي والطبراني عن معقل بن يسار رضي الله عنه، قال المنذري رجاله ثقات.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط (لا تحل له) غير أنه يبايعهن بالكلام ... رواه البخاري ومسلم.
والإسلام يسد كل الطرق والمنافذ التي تؤدي إلى الحرام من النظر والخلوة واللمس ...
أما أن تجعلي زوج الأخت مثل الأخ أو الأب، فهذا غير صحيح، فالأب والأخ من المحارم، وتجوز مصافحتهما بل من السنة، ويجوز تقبيلهما عند القدوم بشرط أمن الفتنة، وقد كان صلى الله عليه وسلم يقبل فاطمة وتقبله إذا قدم من سفر أو غزوة، وكذلك الصحابة مع بناتهم وأخواتهم.
فقد روى الترمذي وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يقبل فاطمة وتقبله إذا دخل عليها. ولكن لا يجوز أن نسوي بين هذا وذاك.
والحاصل أن على السائلة الكريمة أن تتخلص من هذه العادة السيئة المخالفة لشرع الله، والتي ابتلي بها كثير من المسلمين جهلاً منهم بدينهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1423(13/208)
الرجل الحكيم رفيق بزوجته وأبويه وأولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم،
أريد أن أسأل إذا كان الأب عاقا جداً ويتصرف مع الأم بنصب وفضائح ولا يعنيه أن يفضح ابنته أمام زوجها مثلا بأن يتهم أمها بالسرقة، (من أفعاله أيضا إغضابه لأمة لدرجة أنها كانت تدعو الله أن يأخذه) ماحكم الدين على هذا الأب أن صح وصفه بأب وما حكم الدين على بنت في داخلها غاضبة جدا من أبيها وضميرها يعذبها من هذا الغضب ولكن صدقوني لم يترك حراما إلا وفعلة من نصب وزنى وإفضاح سرية زوجته في معاشرتها وضياع أموال أبنائه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشرع الحكيم قد حدد آداباً للتعامل في الحياة بين الزوجين، وحث على المعاشرة بالمعروف، قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] .
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فقد كان جميل المعاشرة لنسائه.
هذا هو أدب الإسلام عند الوفاق، فعلى هذا الرجل أن يتقي الله في زوجته، فإنها إن كانت مطيعة له، وآذاها بكل هذه التصرفات فهو آثم إثماً عظيماً، فليعلم أن الله تعالى قادر على الانتقام لها منه، قال تعالى: فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً [النساء:34] .
وإن كانت هذه الزوجة ناشزاً، فقد وجه الإسلام إلى سبل العلاج فقال: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً [النساء:34] .
وللإسلام أدب عند عدم الوفاق: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229] . فعلى هذا الزوج أن يتقي الله في زوجته وفي أبنائه وأن يتوب إلى الله تعالى.
وأما إغضابه لأمه، فهو الأدهى والأمر، إذا أن عقوق الوالدين من كبائر الذنوب، فليكن على حذر من دعوة الوالدة عليه، فقد روى أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده.
أما الابنة فلا حرج عليها فيما في داخلها من غضب على تصرفات أبيها، لكن يحرم عليها التصرف بأي قول أو فعل يسيء إليه ولو بالتأفيف أو العبوس في وجهه، والواجب عليها الإحسان إليه وبره، ولتجعل هذا الإحسان وسيلة للتقرب إليه والتأثير عليه، فلربما يؤدي ذلك إلى إصلاح حاله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1423(13/209)
سدد وقارب بين ابنتك وأقربائها بالمعروف
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنتي لديها مشاكل مع أهل زوجها وحفاظاً على بيتها لم أقف معها وهي لم ترض بذلك هل أكون أذنبت في حقها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاك الله خيراً لحرصك على استقرار بيت ابنتك وعلى رفضك للتدخل في المشاكل العائلية بهذه النية.
أخي الكريم: اعلم أن الإصلاح بين الناس من أعظم القربات، فكيف إذا كان هذا الإصلاح بين الأقارب! قال تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً [النساء:114] .
فحاول أن تكون المصلح بينهم فيما هم فيه من المشاكل، ولكن بالحكمة وعدم الانحياز إلى طرف، أما بالنسبة لابنتك فإن كانت هي المخطئة فلا بد من نصحها وإرشادها وأمرها بحسن العشرة مع زوجها وأهله، وإن كانت هي المظلومة فحثها على الصبر، والدفع بالتي هي أحسن، وحاول رفع الظلم عنها بالحكمة وبالتي هي أحسن.
ونسأل الله أن يصلح حال الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1423(13/210)
الجمع بين رعاية حق الجد مع الحفاظ على الدعوة للدين
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: ياشيخ جزاكم الله خيرا أفيدونا
إننا هنافي موريتانيا عندنا دعاة يقال لهم دعاة الدعوة والتبليغ وأنا أريدأن أخرج معهم لكن جدي منعني من دالك مع العلم أنني عندما أجالسهم أقضي فترة وأنا ملتزم وأبتعد عن الكثير من
المحرمات فأنا أريد أن أخرج معهم ولا أريدأن اعق جدىي فما هوالحل أفيدونا جزاكم الله خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك -إن شاء الله في الخروج للدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، ولو كان ذلك بدون رضى جدك، بشرط ألا يؤدي ذلك إلى التقصير في حقه أو التفريط في القيام بشؤونه، وراجع في ذلك الفتوى رقم 17559
لكننا نوصي الأخ الكريم بجده خيراً، ونقول له: لو أنك استطعت أن تحصل الالتزام بالدين والدعوة إليه دون الخروج الذي يغضب جدك، فالأولى تحصيله بهذا الطريق، للجمع بين رعاية حق جدك، والحفاظ على دينك والقيام بواجب الدعوة، ولمعرفة حكم جماعة التبليغ راجع الفتوى رقم 9565 والفتوى رقم
18145 ولمعرفة حكم تحديد أيام بعينها للخروج راجع الفتوى رقم 17978
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1423(13/211)
وازن بين حقوق زوجتك والإحسان والبر بوالديك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم يكن لي ولد ذهبنا إلى الأطباء وعلمنا أن زوجتي غير قادرة على الإنجاب فتزوجت مرة ثانية عام 1997 م بعد زواجي الأول سنة 1983م ثم طلقت زوجتي الثانية لبعض الأسباب بعد سنة
أعيش الآن مع زوجتي الأولى ولكن زوجتي لا تتكلم مع أمي وأبي وإخواتي وذلك لأن أبي هو الذي زوجني من الثانية ولا تقبل بهم في بيتي رغم محاولتي أن أقنعها أن أبي وأمي كبيران في السن وأنا أريد أن أنال دعاءهما بالخير ماذا سأفعل يا أستاذي في هذه الحالة المزعجة وما الحكم الشرعي لهذا الحال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإحسان بالقول والفعل إلى جميع الناس مما ندب الله تعالى إليه عباده، فقال: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) [البقرة:83] .
وأولى الناس بإحسان المرء هم الأقربون، كما قال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ) [النساء:36] .
ولا شك أن أبوي الزوج من أولى الناس بالإحسان والإعانة من قبل الزوجة، لمكان الزوج، ولما صار بينها وبينهما من المصاهرة، ولكن يظل هذا مندوباً لا واجباً عليها.
وليس من حقها أن تمنعهما من دخول بيتك، وإن كان لا يلزمها أن تسكن معهما في دار واحدة، لأن لها الحق في الانفراد بمسكن لا تتضرر فيه، وليس لأحد جبرها على ذلك.
وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة.
وإذا اشترط الزوج على زوجته السكنى مع الأبوين، فسكنت ثم طلبت الانفراد بمسكن، فليس لها ذلك إلا إذا أثبتت الضرر من السكن معهما، كما يقول فقهاء المالكية.
ويقول الحنابلة: إن كان عاجزاً لا يلزمه إجابة طلبها، وإن كان قادراً فيلزمه.
وعليه، فننصحك -أخي الكريم- بأن تؤدي لزوجتك حقها من مسكن يليق بها وبحالك، وغير ذلك من حقوقها.
كما ننصحك ونؤكد عليك بالإحسان إلى والديك، والرفق بهما، وبأن لا تحملك حالة الزوجة المذكورة على تركهما يضيعان، لا سيما وأنهما بلغا السن الذي أكد القرآن الكريم على رعايتهما فيها، والقيام بمصالحهما، والرفق واللين معهما، كما قال تعالى: (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) [الإسراء:23-24] .
نرجو الله لنا ولك العون والتوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1423(13/212)
النفقة والإحسان للوالدين، والطاعة للزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة وتزوجت من فترة وعلينا ديون مالية كثيرة مما يصعب التوفيق بين زوجي ووالدي مع العلم بأن ظروف والدي المادية أيضا صعبة، فرجاء أريد أن أعرف من الأحق بالمساعدة والدي أم زوجي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الوالد إذا كان فقيراً فإنه يجب على ولده النفقة عليه، وإذا لم يكن فقيراً فيجب الإحسان إليه.
فحقه مقدم من هذه الناحية، أما من ناحية الطاعة فالمقدم فيها هو الزوج فقد قرن الله تعالى حق الوالدين والوصية بهما والإحسان إليهما بحقه سبحانه وتعالى، فقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا [الإسراء:23] .
وقال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا [النساء36] . وقال: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14] .
وهذا يدل على أن أمر الوالدين عند الله عظيم، والإحسان إليهما من آكد الواجبات.
وذكر القرطبي في تفسير قوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا [الإسراء:23] . ذكر بسنده قصة طويلة عن والدٍ وولده، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم فيها: أنت ومالك لوالدك. رواه أحمد وأبو داود.
وقال صلى الله عليه وسلم: رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف، قيل من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم.
ولا شك أن الوالد قد بذل الكثير من أجل ولده، ولا شك أن حق الزوج عظيم ولكن النفقة لا تجب له على زوجته بحال من الأحوال، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. رواه الترمذي وحسنه.
فطاعتها لزوجها مقدمة هنا. أما الإحسان بالمال والنفقة فالمقدم فيها الأب، ولاسيما إذا كان محتاجاً.
وننصح السائلة الكريمة بأن توازن بين حقوق أبيها ومتطلبات ورضا زوجها، فلا تضيع والدها، ولتساعد قدر استطاعتها زوجها على ظروفه وأحواله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1423(13/213)
الإنفاق على الوالدين الفقيرين مسؤولية من؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المرأة مكلفة شرعاً بالنفقة على أبيها إذا كان يعمل وله أولاد ذكور يعملون أو كان لا يعمل وأولاده لا يعملون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال تجب نفقتهما في مال الولد، وقد ذكر ابن المنذر الإجماع على ذلك، كما في مواهب الجليل، وقد استدل ابن قدامة على وجوب نفقة الوالدين على الأولاد بقوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) [الإسراء:23] .
قال: ومن الإحسان الإنفاق عليهما عند حاجتهما.
ولذا، فمن كان أبواه فقيرين أو أحدهما، فإنه تجب عليه نفقته، سواء كان هو ذكراً أو أنثى.
وإذا كان من بين أولاد الأب المعسر ذكور وإناث موسرون، فقد اختلف أهل العلم في توزيع النفقة عليهم هل هي حسب الإرث، أو حسب اليسار، أو هي على الرؤوس؟ ولعل قول من قال بأنها حسب اليسار هو أرجح الأقوال، لقوله تعالى: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِه) ِ [الطلاق:7] .
لهذا، فإنا نقول للسائلة: إذا كان أبوك يحتاج للنفقة، وأنت موسرة، فيجب عليك نفقته، سواء كان يعمل أو لا يعمل، وإذا كان أولاده لا يعملون فوجودهم كالعدم، وكذلك إذا كانوا يعملون ولكنهم لا ينفقون عليه بخلاً منهم وحرصاً، لأن تركهم لواجبهم لا يسوغ لك أنت أن تتركي واجبك، وتتركي والدك للضياع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1423(13/214)
واجب الأبناء سد حاجة أمهم وإكرامها
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي طلق أمي منذ أن كنت طفلاً وأمي تنازلت عنا أنا وإخواني الثلاثة مقابل خمسين ديناراً وعندما كبرنا
بعد أن ربانا أبي وبدأنا نعمل بدأت تطالبنا بالمال مع أننا محتاجون لهذا المال فهل لها الحق أم لا؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب عليكم أن تبروا أمكم، وتحسنوا إليها مهما بدر منها من تقصير في حقكم، فإن رضاها من رضا الله تعالى، ومهما قدم الابن لأمه، فإنه لا يستطيع أن يفي بحقها، ولا بزفرة من زفراتها، كما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وإن احتاجت الأم إلى المال، وجب على أبنائها أن ينفقوا عليها، ويسدوا حاجتها.
قال ابن المنذر -رحمه الله-: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1423(13/215)
النفقة تجب في الضروريات بقدر الوسع لقوام الحياة
[السُّؤَالُ]
ـ[الظروف جعلت مني العائل الوحيد لأسرتي - أمي وإخوتي الذكور (40-50 عاماً ولكن لا يعملون) 0 طلبات أمي الكثيرة ورفضها أي تغيير في نوع الحياة التي تعودت عليها ترهقني0 أنا مثقلة بالديون واقتربت من حافة الهاوية0 أي محاولة للحل تصدم برفض أمي وكلمة (لا) تجعلها تصب علي الدعاء وتمرض0 ماهي واجباتي الشرعية تجاه أمي؟ هل يمكن أن أعدل الوضع المعيشي للأسرة متجاهلة ردود أفعالها0 هل رضا الله في أن أدمر نفسي وأقترب خطوة خطوة نحو الإفلاس والدمار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل الأصيل في هذا الدين أن الله تعالى قد رفع الحرج عن الناس، فقال تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا [الطلاق:7] . وقال: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] .
ولا شك أن رضا الله تعالى في الالتزام بشرعه، وعدم الإسراف والتبذير، وسلوك سبيل القصد في الإنفاق، كما قال سبحانه: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً [الإسراء:29] .
فنصيحتنا لك أن تتحري الحكمة في معالجة هذا الأمر، بحيث تتمكنين من الموازنة بين برك لأمك، وعدم إثقال كاهلك، وتكليف نفسك مالا تستطيعين، فإن يسر الله أمرك فذلك المطلوب والمرجو منه سبحانه.
وإلا فإنه لا يلزمك من النفقة إلا ما لا غنى عنه من مأكول ومشروب وملبس ومسكن، بما في وسعك.
فقد نقل ابن المنذر الإجماع على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد، ومعلوم أن النفقة إنما تجب في الأشياء الضرورية التي لا بد منها لقوام الحياة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1423(13/216)
الحجاب فريضة الله ولا يطاع أحد في التخلي عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في الـ17 من عمري أبي يغصب علي أن أدرس في كلية مختلطة وأنا أكره الاختلاط وبكل صراحة أتاثر به أحياناً كثيرة أقول إني لا أقدر على فتنة الرجال بالنساء فأحيانا أنظر إليه وأحيانا يجروني للحديث وأنا أمتنع وأحيانا أجد من ينظرون لي نظرات لا أريدها وأشعر أن كل ذلك يمس ديني ماذا أفعل؟؟؟ وأنا على فكرة أبي يمنعني من لبس غطاء الوجه أيضا وقد فكرت فيه كحل ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم تغطية الوجه في الفتاوى ذات الأرقام التالية:
42
1111
4470.
ومن هذه الفتاوى تعلم السائلة حكم تغطية الوجه، وأنه لابد منه في هذا العصر لفساد الناس وقلة الوازع الديني، وإذا تقرر هذا، فلا عليك من عدم رضى الوالدين بذلك لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف.
وقد سبق بيان حكم الدراسة في الجامعات والمدارس المختلطة، وضوابطها في الفتوى رقم:
5310 والفتوى رقم:
8221 والفتوى رقم:
9855 والفتوى رقم:
15566 والفتوى رقم: 15892 والفتوى رقم: 18352 والفتوى رقم: 13456 والفتوى رقم: 4030.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(13/217)
رفع الصوت على الأم ينافي البر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا في بعض المرات أناقش والداتي بصوت عال وعندما أتدكر ذلك أندم فهل علي إثم؟
وجزاكم الله عنا خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن رفع صوتك على أمك عند مناقشتها لا يجوز، لأنه ينافي البر والإحسان والتواضع ولين الكلام الذي أمر به الله تعالى في قوله: (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) . [الإسراء:23] .
فالواجب عليك بر أمك والإحسان إليها وخفض الصوت عندها، فإنها طريقك إلى الجنة، واطلب منها العفو والمسامحة، وتب إلى ربك من هذا الفعل، فهو عقوق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1423(13/218)
يأخذ الوالد من مال ولده قواما
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم بتقسيم راتبي على ثلاثة أجزاء جزء أصرفه على أهلي وجزء على بيتي وجزء ادخار لمستقبلي ومستقبل أهلي الآن يقوم والدي بطلب كثير من النقود لكي يتم صرفه علينا جميعا بدون حساب فبهذه الطريقة لن أستطيع أن أدخر أي شيء هل أطيع والدي أم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن بر الوالدين من أعظم القربات وأوجب الواجبات، واعلم أن للوالد أن يأخذ من مال ولده ما يحتاجه من غير إسراف ولا إضرار، والذي ننصحك به أن تحاول إرضاء والدك ما استطعت، وإذا كان طلبه للمال الزائد من غير حاجة، وفيه إجحاف بك فتلطف في إقناعه بأنك بحاجة لهذا المال أو وسط من يقنعه بذلك، ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7490، 14010، 1249، 15504.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(13/219)
خير الناس أنفعهم للناس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة وأعيش مع زوجي في الخارج بعيدا عن أهلنا لكن أم زوجي تحاول بكل الطرق أن تأخذ منا أكبر قدر ممكن من النقود التي نجنيها هنا مع أنها غير محتاجة ولكنها تكذب على ابنها بقولها: أنهم محتاجون وأصرف على أخوك الذي يدرس لأن أباك لا يستطيع العمل. علما أن أخا زوجي يدرس وهو فاسد أخلاقياً وأخاه الثاني غني وغير متزوج لكنه يأبى أن يصرف على أخيه.
فهل حرام أم حلال منعي إياه أن يبعث إلى أهله؟ علماً أن أخاه الذي يدرس شاب قوي ويستطيع العمل لكنه كسول.
أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبناءاً على ما ذكرت السائلة الكريمة، فإن عليها أن تسدد وتقارب، فلا يجوز لها أن تقطع الصلة والنفع بين زوجها وأبويه، وخاصة إذا كان أبوه لا يشتغل فلا يجوز له أن يضيعه، ولا يعفيه في ذلك أن أولاده الآخرين أغنياء، فالمسئولية مشتركة، وعليهم جميعاً أن يبروا أباهم وأمهم، وأهم ما يبر به الآباء هو النفقة عليهم.
وإذا حدث أن ضيع إخوان زوجك أبويهم وأهملوا حقوقهما، فينبغي لك أن تكوني عوناً لزوجك على طاعة الله وأداء الأمانة التي حملها، وهي هنا: بر والديه المتمثل في إعطائهما ما يطلب منه ولو كان تكاليف دراسة ولدهما.
ولا يجوز لك أن تكوني عقبة في وجهه تحولين بينه وبين والديه وصلة أرحامه، وكون أحد الأخوين فاسداً أخلاقياً، والثاني لا يساعد الوالدين.. لا يبرر لك أن تمنعي زوجك من أن يبعث إلى والديه أو أخيه ما يطلبون منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(13/220)
رأب الصدع بين الأقارب ما أمكن فضيلة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الابتعاد ببناتي عن أهل زوجي ولو بزيارة مرة في الشهر فقط وذلك للأذى الذي يلحقهم من تنكيرهم على أهلي لدرجة أنهم يكرهون أمي بشكل غريب وكذلك لتعليمهم أشياء لا تعجبني من الأنا وحب الذات وقلة الأدب مع الدلع؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن الوفاء للزوج الوفاء لأهله، وحدوث المشاكل بين أهل الزوج وأهل الزوجة أمر وارد، والمطلوب هنا الحكمة والأناة وعدم الاستعجال، فالمطلوب:
أولاً: محاولة إزالة كل ما قد يكون سبباً في سوء الظن بين الطرفين.
ثانياً: عدم إقحام البنات في مثل هذه المشاكل، لأن بناتك بنات لهم، وذلك قد يؤدي إلى قطيعة الرحم بين الأقارب.
ثالثاً: إذا أمكنك الصبر على أذاهم ومقابلة الإساءة بالإحسان فذلك أفضل، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلم عنهم ويجهلون عليّ، فقال: "لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المَلّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك".
رابعاً: إن لم تستطيعي الصبر على أذاهم، فلا تذهبي إليهم ولكن لا تحرمي بناتك من صلة أرحامهن، إلا إذا كان هنالك خوف من فتنة في الدين ففي هذه الحالة يمكنك منعهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1423(13/221)
طاعة الأم بمقاطعة الوالد لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوج والد صديقي فأمرته والدته بمقاطعة والده وإلا فهي لن ترضى عنه. ماذا يفعل يرضي والدته ويعق والده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فطاعة الأم واجبة في المعروف ما لم تأمر بمعصية، وأمرها لولدها بقطعية أبيه معصية لا يجوز لها طاعتها فيه، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وإنما الطاعة في المعروف، وانظر الفتوى رقم:
3080.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1423(13/222)
الأحوال الجائزة والممنوعة في التفريق بين الأب والابن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الذي يسعى إلى التفريق بين الابن والأب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يسعى إلى التفريق بين الابن والأب، لا يخلو أمره من ثلاثة أحوال:
1- أن يكونا مختلفين في الدين كأن يكون الابن على ملة الإسلام والأب على ملة النصرانية أو اليهودية، أوالعكس. ويخشى على المسلم منهما الارتداد عن ملة الإسلام، فالتفريق هنا واجب مع حسن صحبة الأب من الابن.
2- أن يكون أحدهما يدعو إلى بدعة في الدين أو صاحب مذهب غير صحيح، فالتفريق هنا أيضاً واجب، مع حسن صحبة الأب من الابن.
3- أن يكون الاثنان (الابن والأب) على خير وصلاحٍ وتوفيق، وهذا التفريق من أجل عرض من أعراض الدنيا الزائلة، فهذا الذي يسعى إلى التفريق بينهما على خطر عظيم، لدخوله في قول الله تعالى: وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ [البقرة:191] . وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة فتان. وفي رواية: لا يدخل الجنة نمام. فهذه هي النميمة بعينها وهي كبيرة من الكبائر، نسأل الله السلامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1423(13/223)
الرحم الواجب صلتها والرحم المندوب صلتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلة الرحم واجبة لجميع الأقارب؟ وإن كانوا سامحونا على عدم الإرسال لهم أو الاتصال بهم ولكننا في الإجازة نذهب إلى بلدهم ونكلمهم ونزورهم أو يزوروننا فهل يجب علينا صلتهم في غير الإجازة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاختلف أهل العلم في الرحم الواجب صلتها، فذهب الحنفية والمالكية في قول إلى أنها كل رحم محرم، وقالوا: هذا الذي ينضبط. ولو قيل كل رحم للزم صلة جميع بني آدم، ورجح هذا القول القرافي في الفروق.
وذهب المالكية في المشهور عنهم، ونص عليه أحمد: إلى أن الرحم التي يجب وصلها هي كل رحم محرم وغير محرم، لأن الله أمر بصلة الأرحام، ولم يرد ما يخصها بالرحم المحرم. ورجحَّ هذا القول النووي في شرحه على مسلم.
ويمكن الجمع بين القولين بأن الرحم المحرمية يجب أن توصل، ويحرم أن تقطع، والرحم غير المحرمية يكره أن تقطع ويندب أن توصل.
وتحصل صلة الرحم بفعل ما يُعد به الإنسان واصلاً كالزيارة والمعاونة وقضاء الحوائج والسلام وبالكتابة إن كان غائبًا، وإذا كان للشخص الغني رحم فقيرة، فلا تحصل صلته بالزيارة إذا كان قادرًا على بذل المال.
ويحصل القطع بترك الإحسان مع القدرة، فترك المكلف ما أَلِفه قريبه منه من سابق الصلة والإحسان، لغير عذر شرعي يصدق عليه أنه قطع للرحم.
وراجع لذلك الفتوى رقم: 11449.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1423(13/224)
هل يتزوج الرجل إن منعه والده
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا رجل لم أتزوج تلبية لطلب أبي فهل أعصيه وأتزوج دون علمه بذلك الأمر؟ حيث أني أبلغ من العمر 30 سنة فماذا عليّ أن أفعل؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً.
والسلام عليكم ورحمة وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان أبوك يمنعك من الزواج مطلقًا، فإنه لا تجب عليك طاعته في هذا إذا خشيت على نفسك الوقوع في الحرام، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما نطق بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه مسلم وغيره.
وأما إن كان يمنعك من الزواج بامرأة معينة، ويختار لك غيرها، فينبغي لك التأمل جيدًا في الأمر قبل الإقدام على مخالفة أمر الوالد، فإن اختار لك امرأة ذات دين وخلق ولا تأباها نفسك، فننصحك بطاعته.
وإن كنت قد اخترت امرأة ذات دين وخلق ويمنعك الوالد من الزواج بها، فطاعته غير واجبة في ذلك.
ولكن البر به والإحسان إليه مطلوب لا يجوز لك التفريط فيه، فإن استطعت أن تتزوج دون أن يعلم بذلك حتى تمهد للأمر وتسترضيه، فلا بأس بذلك وهو الأفضل.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1423(13/225)
أدنى درجات صلة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ / حفظه الله تعالى
أود أن أشكركم على هذا الموقع المتميز. وباختصار عندي سؤال مهم جداًجداً جداً
ألا وهو: أن لي بعض القرابة هنا بالمملكة وهم قريبون مني جداً، ولكن: عند زيارتي لهم يوقعون بيني وبين أبي أياً كانت نوع الزيارة فلابد أن يجعلوا منها بعد فترة على الأقل مشكلة وهم أهل مشاكل؟ فهل يغني عن زيارتهم السؤال عنهم بالتليفون تجنباً لمشاكلهم الكثيرة والتي لا تنتهي أبداً؟ أفتوني في أمري جزاكم الله خيراً؟؟ علماً بأنني أبرئ ذمتي إلى الله في اتباع الفتوى الصادرة من فضيلتكم وعندما يسألني الله عن ذلك أقول الشيخ قال لي ذلك. أرجو سرعة الرد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالرحم أمرها عظيم في الإسلام ونصوص الشرع متضافرة على وجوب صلتها وتحريم قطعها، ويكفي في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة قاطع. رواه البخاري ومسلم من حديث مطعم رضي الله عنه. والمراد بالقاطع قاطع الرحم، فلا تقطع صلتك بأقاربك، ولو كانت معاملتهم لك سيئة، فالله يقول: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ*وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فصلت:34-35] .
وقد جاء رجل يشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم سوء معاملة أقاربه له فقال: يا رسول الله، إن لي قرابه أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير مادمت على ذلك. رواه مسلم وأحمد وأبو داود والمل هو الرماد الحار.
وأعلم أنك إذا اتقيت الله فيهم وصبرت على أذاهم فإنه لن يضرك كيدهم، فالله جل وعلا يقول: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً [آل عمران: 120] .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فمن اتقى الله من هؤلاء وغيرهم بصدق وعدل ولم يتعد حدود الله وصبر على أذى الآخر وظلمه لم يضره كيد الآخر؛ بل ينصره الله عليه. انتهى
فإذا خشيت على نفسك وأردت اجتناب مشاكلهم فقم بالواجب من صلتهم وعدم قطعهم وهو أن لا تهجرهم، فيكفيك في ذلك أن تتصل بهم بالهاتف والسؤال عنهم والسلام عليهم ولا حرج عليك بعد ذلك.
قال القاضي عياض: وصلة الأرحام درجات بعضها أفضل من بعض، وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة، فمنها واجب ومنها مستحب فلو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لم يسم قاطعاً، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له لم يُسَمَّ واصلا. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1423(13/226)
هل تصل من فعلن معها ما ينافي الأخلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة ملتزمة والحمد لله , ولكني حينما كنت صغيرة (10 سنوات) كانت 4 من بنات خالتي يعملن معي أشياء (جنسية) لم أكن أفهمها وقتها _ سامحهمن الله_ والآن أنا كبرت وفهمت هذه الأفعال التي كن يعملنها معي ولقد قطعت علاقتي بهن لأني كلما رأيتهن أتذكر وتصيبني حالة من القيء اللاإرادي ولا أستطيع أن أنظر إليهن وأظل في حالة بكاء وقلق , ولكني الآن لا أذهب إلى خالتي لأنهن مازلن لم يتزوجن ويقمن مع والدتهن , وأنا أخاف أن يكون هذا من قطع صلة الرحم ,فماذا أفعل وأنا لا أستطيع النظر إليهن.هل يكفيني أن أسأل على خالتي بالهاتف؟ أفتوني مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن فعلن ما ذكرت وهن بالغات مكلفات فقد وقعن في معصية وارتكبن إثماً يجب عليهن التوبة والاستغفار منه والندم على فعله، ويلزمك نصحهن وتذكيرهن بالله والتوبة مما فعلن، فإن صدقت توبتهن فلا يجوز لك هجرهن فإن الله يقبل التوبة عن عباده، فكيف لا نقبل من قبله الله؟!! ويكون هجرك لهن في هذه الحالة من قطيعة الرحم.
وكونك تبغضين الفعل المذكور وتتقززين منه فهذا من فضل الله عليك، لكن لا يلزم من ذلك بغض مرتكبه إن أقلع عنه وتاب إلى الله منه.
أما إذا عرفت من حالهن عدم التوبة أو خشيت منهن تكرار الفعل فعليك بهجرهن، دون خالتك فيلزمك صلتها وتتوخين الوقت المناسب لذلك، وأقل الصلة عدم الهجر، كما هو مبين في الجواب رقم:
8744.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1423(13/227)
أخوال الأبوين هم أخوال لأولادهما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أخوال الزوج والزوجة محارم لبناتهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أخوال الأبوين (الزوجين) يعتبرون أخوالاً لذريتهما وإن نزلت تلك الذرية، وعلى ذلك فهؤلاء الأخوال محارم لأولئك البنات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1423(13/228)
يوعظ الوالد ما لم يغضب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في العشرين من عمري أرى بعض التصرفات الخاطئة من أمي وأقوم بإخبارها لكنها تنهرني وتغضب مني وأنا خائفة من أن يكون هذا عقوقاً لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالوالدان من جملة من أمر الله بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، ووجوب برهما وطاعتهما لا يمنع من ذلك، لكن ينبغي أن يكون أمرهما ونهيهما على جانب كبير من الأدب والحذر خشية أن يقع الولد فيما نهى الله عنه، يقول الله تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً [الإسراء:23] . وقال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا [لقمان:15] .
وعلى الولد أن يسلك مع أبويه أحسن الطرق وأرقَّ الأساليب عندما يأمرهما بمعروف أو ينهاهما عن منكر، سئل الحسن عن الولد يحتسب على الوالد؟ قال: يعظه ما لم يغضب، فإن غضب سكت عنه.
ونقل ابن عابدين عن العلماء قولهم: إن الولد ينهى أبويه إذا رآهما يرتكبان المنكر مرة واحدة، فإن انتهيا.. وإلا فيسكت إن ساءهما ذلك، ويسأل الله عز وجل أن يهديهما ويغفر ذنبهما. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكرصـ195.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1423(13/229)
فساد الناس يحتم لبس النقاب، ولا أثر لاعتراض الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[والدى يمنعاني من ارتداء الحجاب الشرعي (أي النقاب) بقولهم إنه ليس فرضاً علماً أنهما غير ملتزمين وأنا ملتزمة والحمدلله وأنا حريصة على إرضائهم وأخشى أن يكون ذلك من العقوق فهما لم يمنعاني من شيء سوى النقاب أرجو أن ترشدني إلى طريقة تساعدني على إقناعهم بالحجاب الشرعي ألا وهو النقاب وتغطية الوجهه وسائر البدن؟
جزاك الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على النقاب تحت الأرقام التالية: 42، 1111، 4470.
ومنها تعلم السائلة حكم النقاب، وأنه لابد منه في هذا العصر لفساد الناس، وقلة الوازع الديني.
وعليه، فإذا تقرر هذا فلا عليك مما يقوله الوالدان، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإنما طاعتهما في معروف، قال الله تعالى: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) [لقمان:15] .
وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم: "لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1423(13/230)
احتفظ بزوجتك ولا تطلقها وحافظ على نفسك وزوجك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أرجو منكم مساعدتي في هذا الموضوع أنا شاب أدرس في دولة غربية وهناك تعرفت بفتاة من هذا البلد كان لها علاقات غير شرعية في الماضي كما هو المعتاد في أوروبا وقمت بعلاقة معها لفترة طويلة ثم تزوجت بها وهداني الله وإياها فأنا شاب ملتزم ملتح الآن وزوجتي اعتنقت الإسلام وهي الآن مداومة على الصلاة في وقتها والفرائض الأخرى ولكن والدي معترضان على هذا الزواج وأخاف من أن أطلقها خوفا على إسلامها وهي زوجة صالحة الآن وليس لها أحد غيري في هذه البلاد أرجو منكم إرشادي ماذا أفعل وهل في زواجي هذا خطأ علماً بأني تزوجت منها بعد وقوعنا فيما حرم الله ولم أرتح أبداً في هذه العلاقه المحرمة إلا بعد أن تزوجنا شرعا وتبت إلى الله وتابت هي والآن أغلب ما نتحدث فيه فيما بيننا في ما قال الله وقال الرسول.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الأمر كما تقول من أنك تبت إلى الله تعالى من العلاقة غير الشرعية والزوجة كذلك، وكانت توبتكما توبة نصوحاً، فاحتفظ بزوجتك وحافظ على نفسك وزوجك، ولا يلزمك طلاقها لأمر الوالدين به، وراجع الفتوى رقم: 1549.
أمّا الوالدان فاجتهد في إرضائهما، وحاول أن تبرهن لهما عن مدى تمسك زوجتك الآن بإسلامها، وأنها فعلت الذي فعلته حال كفرها؛ وإنما عن جهل وضلال، والآن قد تاب الله عليها وأسلمت، وأنت تخاف عليها الارتداد مرة أخرى، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الإسلام يَجُبُّ ما كان قبله" رواه أحمد من حديث عمرو بن العاص.
ولا تمل من كثرة استرضائهما، وادعُ الله عز وجل أنْ يميل قلب أمك وأبيك نحو زوجتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1423(13/231)
الاعتدال في إعطاء الزوج والأم حقهما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الأجر أن تهتم الزوجة بأمها الكبيرة في السن والمريضة وبصورة مبالغ بها تؤدي إلى عدم الاكتراث والضر بزوجها الغير مقصر بواجباته الكاملة إزاءها، علماً أن لأمها حوالي ثمانية من الأبناء والبنات في الخارج والداخل وما قول ديننا الحنيف بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن واجب المسلم البر بالوالدين وطاعتهما والإحسان إليهما لا لكونهما سبب وجوده فحسب، بل لأن الله عز وجل أوجب ذلك عليه، قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) [الإسراء:23] .
وأخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك".
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن البر بالوالدين من أفضل القربات والأعمال، بل إنه سماه جهاداً، وذلك في جوابه للذي جاء يستأذن في الجهاد، فقال: "أحي والداك؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد".
وبهذا يتبين للأخت أن ما تقوم به من الخدمة والرعاية تجاه والدتها هو عمل واجب تؤجر عليه، ولكن ينبغي أن لا يكون ذلك على حساب طاعة زوجها، والقيام بواجباتها تجاهه هو وأولاده.
ثم إن على زوجها أيضاً أن يعينها على بر أمها قاصداً بذلك وجه الله والدار الآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1423(13/232)
التزوج من امرأة معينة بغير رضا أحد الوالدين لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أريد من شخص أن يتزوجني لكن أمه رافضة ماذا أفعل- إنهم من عائله متدينه جدا.
شكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تمني الزوج المتدين لتدينه نعمة تستوجب شكر الله عليها، وهو دليل على سلامة الفطرة، وقوة الإيمان، وصدق اليقين، لكن ينبغي أن لا يكون ذلك مصحوباً بما يُغضب الله تعالى، من العلاقات المحرمة.
وعلى هذا الشخص الذي يريد الزواج منك أن يقنع والدته بالمعروف، وذلك عن طريق التودد إليها، وحسن التعامل معها، واللين لها في القول. وعليك أنت كذلك اللجوء إلى الله تعالى، فإنه يجيب المضطر إذا دعاه. وليُعلم أن زواج الرجل من امرأة معينة مع رفض والديه أو أحدهما لا يجوز، لأن الزواج بامرأة معينة غير واجب، وطاعة الوالدين واجبة. والواجب مقدم على غير الواجب، ولعل الله تعالى أن يعوضك ويعوضه خيراً، ثواباً لكما على طاعة الوالدين، والالتزام بالآداب الشرعية معهما.
وراجعي الفتوى رقم:
6563 والفتوى رقم: 1109 والفتوى رقم: 4220.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1423(13/233)
أعلى مراتب عقوق الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم هجران البنت لأمها بسبب رفضها مقاطعة بقية أخواتها لخلاف بينهما على الرغم من غلطها في حقهم. وكيف ينظر الشرع لأذيتها لأمها بتصرفاتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حق الوالدين هو آكد الحقوق بعد حق الله تعالى، وحقهما يكون في البر والطاعة والاحترام والإكرام والإنفاق عليهما إن احتاجا ورعايتهما والقيام بشأنهما، وإنما كان حقهما بعد حق الله مباشرة، لأنهما السبب في الوجود بعد الله عز وجل، ولأنهما بذلا في سبيل تربية الولد من الجهد ولقيا في ذلك من المشقة مالا يعلمه إلا الله، فلهذا قال جلا وعلا: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا [النساء:36] . وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا [الإسراء:23] .
وهذا حق تنادي به الفطرة ويوجبه العرفان بالجميل، ويتأكد ذلك في حق الأم فهي التي قاست من آلام الحمل والوضع والإرضاع والتربية ... ما قاست، ولهذا قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً [الأحقاف:15] .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين من أكبر الكبائر بل جعل مرتبته بعد الشرك بالله تعالى، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثا، قالوا: بلى يارسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس - فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، فمازال يكررها حتى قلنا: ليته سكت.، ولا شك أن هجر الأم ومقاطعتها يمثل أعلى مراتب العقوق، لذلك فهو أمر محرم تحريماً مغلظاً، وكذلك لا يجوز لهذه البنت أيضاً أن تقاطع أخواتها وتهجرهم، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلا ث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه.
بل تجب عليها صلتهن كما يجب عليهن ذلك لها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنّ اللهَ خَلَقَ الْخَلْقَ. حَتّىَ إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرّحِمُ فَقَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ. قَالَ: نَعَمْ. أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَىَ. قَالَ: فَذَاكِ لَكِ".
ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اقْرَأُوا إِنْ شِئْتُمْ: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطّعُوا أَرْحَامَكُمْ. أُولَئِكَ الّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمّهُمْ وَأَعْمَىَ أَبْصَارَهُمْ. أَفَلاَ يَتَدَبّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلىَ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:32-33] . متفق عليه
والخلاصة: أنه لا يجوز لهذه البنت مقاطعة أمها بحال من الأحوال، فهذا من العقوق الذي حرمه الله تعالى، كما يجب عليها أن تصل أخواتها، ونصيحتنا لها هي أن تتقي الله تعالى وتبادر بالتوبة والتواصل مع أمها وأخواتها وتكون هي البادئة حتى تنال الخيرية "وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1423(13/234)
معرفة صلة الرحم من قطعها مرجعها العرف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لي أقارب من أهل الأم والأب توجد بيننا وبينهم بعض المشاكل ولكنني عندما أقابلهم في الأعياد والمناسبات أسلم عليهم وأتكلم معهم أحيانا ولكنني لا أسأل عليهم بالتليفون ولكن أمي وأبي يكلمونهم فهل يجب علي أنا كذلك أن أكلمهم مع العلم أنني لا أسأل عليهم جميعا بالتليفون حتى على الذين ليس بيننا وبينهم مشاكل لأنني غير متزوجه ففي عائلتنا المتزوج هو الذي يسأل عن خالته وخاله وعمه وعمته، وأريد أن أضيف أن ظروف عمل والدي لا تتيح فرص رؤية بعضهم إلا في المناسبات والأعياد فماذا يجب علي؟ وهل أعتبر قاطعة رحم؟
وبماذا تنصحوني جزاكم الله خيرا وعذرا على الإطالة عليكم وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقول الله سبحانه وتعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن:16] ، ويقول سبحانه وتعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) [البقرة:286] .
فعليك صلة أرحامك بقدر استطاعتك، ويستحسن الاتصال بهم بالهاتف ما لم يكن في ذلك محذور شرعي، كأن يكون من تتصلين به رجلاً غير محرم لك، فالأولى ترك الاتصال سداً للذريعة.
ولا تعتبرين قاطعة لرحمك إن شاء الله، وهذه المسألة راجعة للعرف عندكم، ولظروف عمل والدك، ونحو ذلك.
والله الموفق لما فيه الخير والسداد، وراجعي الفتوى رقم: 1764، والفتوى رقم: 4417، والفتوى رقم: 5443، والفتوى رقم: 16726.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1423(13/235)
الزيارة القصيرة وشغلها بالكلام الطيب بدل القطيعة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ المفتي بالشبكة الإسلامية:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
* نأمل منكم إفادتي بحكم الشرع في مقاطعة الأقارب عندما تكون معاشرتهم ومواصلتهم سبباً في المشاكل والفتن. وبالأخص أنهم لا يكنون لنا الود ودائما ينقلون لنا أقوال الغير ودائما يؤلموننا بأقوالهم وهم من أقرب الأقارب (عماتي) . وعندما ابتعدنا عنهم وجدنا الراحة والسكينة. أرجو منكم الإفادة. وفقكم الله ولكم جزيل الشكر. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تجوز لك مقاطعة أرحامك بحجة إساءتهم وسوء خلقهم ووقوع المشاكل عند صلتهم، بل الواجب عليك صلتهم وتقديم النصيحة لهم والصبر على أذاهم والحلم عن خطئهم وزللهم. وإذا كان كثرة الجلوس معهم والمخالطة تجعل النفرة والخصام والشقاق بينكم فلتكن صلتك لهم بالسلام والمصافحة والجلسة القصيرة والاتصال بالهاتف ونحو ذلك.
وحاولي أن تنتهزي فرصة اللقاء فتشغلي الوقت بالحديث في الأمور النافعة والكلام الطيب الجالب لنفع الدنيا والآخرة والمثمر للمحبة والود بينكم. نسأل الله تعالى أن يصلح الجميع ويوفقه لما يحبه ويرضاه. ولمزيد الفائدة ننصحك بمراجعة الفتوى رقم:
4417 والفتوى رقم:
13686.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1423(13/236)
لافرق في وجوب البر بين الوالد المسلم والوالد الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي من بلد عربي وتدين بالديانة النصرانية ولها عادات تختلف عن عاداتنا لهذا رفضت العيش معها في بلدها وأكتفي بالزيارة لها في العطلات الرسمية والاتصال بها من وقت لآخر وهي كانت تهددني بأنها سوف تتبرأ مني. وبالفعل فقد فعلت ذلك وكنت كلما أتصل عليها لا تريد التحدث معي , وبعد أيام قلائل اقدمت والدتي على الانتحار. وسؤالي ماحكم مافعلته وهل علي ذنب في ذلك؟ وماحكم الانتحار ومامصير صاحبه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طاعة الوالدة وبرها في غير معصية أمر واجب على الولد بالقرآن الكريم والسنة الثابتة، ولافرق في وجوب الطاعة بين الوالد المسلم وغير المسلم.
لهذا فنقول للسائلة: كان عليك أن تراعي حق أمك وتبريها وتتجنبي كل ما من شأنه أن يغضبها ما لم يكن في تجنبه تعطيل لواجب، وتفعلي ما تأمرك به مما ليس فيه معصية لله عز وجل ولامشقة زائدة عليك.
وعليه، فإذا كان سبب سخطها عليك هو عدم طاعتك إياها في أمر مباح وهو من المعروف فقد خالفت أمر الله عز وجل، ولم تتمثلي وصيته بالإحسان إلى الوالدين، وعليك أن تستغفري الله تعالى وتتوبي إليه وتكثري من الحسنات لعل الله يتجاوز عنك. وأما إذا كان سبب غضبها عليك هو عدم طاعتك إياها في أمر محرم عليك أو في أمر مباح ولكن طاعتك لها فيه غير داخلة في المعروف فلا شيء عليك؛ بل أنت مأجورة إن شاء الله تعالى في ترك المعصية. إذ، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وأما الانتحار ومصير أهله فقد سبقت الإجابة عنه في الفتوى رقم:
10397 12658 فليراجع.
ولكن الحكم الوارد في الجوابين خاص بمن كان مسلماً، أما من مات كافراً فهو من أهل النار ولو لم ينتحر. قال تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1423(13/237)
من تمام طاعة الزوج الإحسان إلى أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أعرف ما هي حدود علاقتي بأم زوجي أيجب عليّ خدمتها حيث أن الصحن الذي تأكل فيه تبقيه في مكانه وهي بصحة جيدة لكنها تنظر لي بأنه يجب عليّ خدمتها وأنا ليس لي أولاد بعد ولكن أشعر بأن لدي 10 أطفال بوجودها لأنها دائمة الطلبات فأنا لا أهدأ أبداً وهي تتدخل في كل كبيرة وصغيرة. أرجوكم أريد أن أعرف ما هي حقوقي وواجباتي؟
أرجو الرد على سؤالي وكل احترامي وتقدير لجهودكم
السلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لأم زوجك حقوقاً كثيرة عليك، أولها: حق الإسلام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس". رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وفي سنن الترمذي من حديث عمرو بن الأحوص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ألا إن المسلم أخو المسلم، فليس يحل لمسلم من أخيه شيء إلا ما أحل من نفسه".
ومن حق المسلم ستره، ففي مسند أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ستر أخاه المسلم ستر الله عليه يوم القيامة".
ثانيها: حق توقير الكبير، ففي سنن الترمذي من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا".
وفي مسند أحمد من حديث ابن مسعود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "حُرِّم على النار كل هين لين سهل قريب من الناس".
ثالثها: إحسان المعاملة واللين في القول وبشاشة الوجه، ففي مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تحقرن من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق".
واعلمي أيتها الأخت الكريمة أن من تمام طاعتك لزوجك الإحسان إلى أمه، والسعي إلى إرضائها بكل الوسائل الممكنة، فإن عجزت عن ذلك فلك الحق أن تطالبي ببيت منفرد.
وقد ذكرنا حقوق الزوجة على زوجها في الفتوى رقم: 3698، والفتوى رقم: 6418، وراجعي الفتوى رقم: 15865.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1423(13/238)
البدار البدار لإرضاء أبويك
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أخطأ الإنسان في حق والده فماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الوالد أوسط أبواب الجنة". رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: أوسط أبواب الجنة: أنه خير أبوابها.
وظني بك -أيها السائل الكريم- أنك قد ندمت على ما اقترفت في حق أبيك، وكأني بك تريد أن تحفظ ذلك الباب وألا تضيعه، ولذلك فنصيحتنا أن تبادر إلى أبيك، ولتنظر: فإن كنت قد أحزنته فأفرحه، وإن كنت قد أبكيته فأضحكه وقبل رأسه ويديه، ولا تخرج من داره إلا وهو عنك راضٍ، وعليك فيما يستقبل من أمرك أن تجتهد طاقتك في بره والإحسان إليه بالمعروف. وراجع الفتوى رقم: 7490، والفتوى رقم: 12437.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1423(13/239)
المعاملة بالحسنة تورث المحبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل زوجة الأخ من أولي الأرحام الذين تحرم مقاطعتهم لأن زوجة أخي تسببت لنا بمشاكل فرفضت أم الزوج وأخواته أن يلتقوا بهذه الزوجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مجرد كون هذه المرأة زوجة لأخ السائل لا يجعلها من الأرحام الواجب صلتهم، والمنهي عن قطعهم، ولكن يجب لها من الحقوق مثل ما للمسلمين، بل هي أقرب من غيرها لكونها زوجة للأخ، وقد تكون أماً لأبناء هذا الأخ، ويصعب أن تكون علاقة العمة بأبناء أخيها طبيعية في وقت هي تقاطع فيه أمهم. وما حصل بين هذه المرأة وبين الوالدة وأخوات الزوج فعليكم بالسعي لإصلاحه، وإصلاح ذات البين، والنظر في أسباب الأمر، وعلاج ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة.
ولمزيد الفائدة في حكم صلة الرحم وتفصيلها تراجع الفتوى رقم:
7156 11449.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1423(13/240)
حقيقة صلة الرحم هي وصلها إذا قطعت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة كنت في ظروف خاصة, فلم أتواصل مع أي أحد لمدة سنة تقريبا وبعد أن منّ الله علي برضاه زرت قريبة بعيدة لي فاذا بها تقول لي ماذا أريد منها ولماذا جئت اليها (مع العلم أنها لم تسأل عني ولا مرة) فقلت لها لو كنت أنا المخطئه مع أنها لا تعلم ظروفي ها أنا هنا فعاملتني أسوأ معاملة وقالت لي إنها لا تريد أن تكلمني مرة أخرى ولا أن ترى وجهي وبناتها يقولون عني أشياء سيئة جدا..
فهل أنا مخطئة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلة الرحم من أعظم القربات وأهم الواجبات، وقطيعتها من القبائح والمهلكات.
وأدنى الصلة يكون بالسلام والكلام، وأعلاها بالزيارة وهبة المال ونحو ذلك مما يدخل البهجة والبشر والسرور على الموصول من الأرحام، ولذلك كان ينبغي عليك -إن لم تستطيعي صلة أرحامك بالزيارة- أن تصليهم بالرسالة والكلام عبر الهاتف ونحوه، وتعلميهم أن تأخرك عن زيارتهم إنما هو لعذر.
أما الآن -وقد حصل ما حصل- فإن عليك أن تبذلي الوسع في صلة أرحامك والإحسان إليهم وإن أساؤوا إليك وجفوك، لأن حقيقة صلة الرحم هي وصلها إذا قطعت. ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم:
4417 1764.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1423(13/241)
حسن العهد من الإيمان
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما حكم من لا تتصل بصديقاتها وتمتنع عن مقابلتهن ليس للقطيعة ولكن لكثرة الأشغال؟ هل يعتبر قطعا لصلة الرحم؟ مع أنها إذا سمحت لها الفرصة تتصل عليهن وتسأل عنهن]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت هؤلاء الصديقات من الأرحام التي تجب صلتها فإنه لايجوز قطع الرحم، والواجب الصلة، ولكن الصلة راجعة إلى العرف. وقد سبق بيان الأرحام الذين يجب على المسلم صلتهم في فتوى سابقة برقم:،
11449 7683 وأما إن كانت هؤلاء الصديقات من غير الأرحام فلا يجب عليك صلتهن، وإن كان الأولى الدوام معهن على حسن العهد، فإن حسن العهد من الإيمان، كما ورد بذلك الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1423(13/242)
يمكن تقليل الزيارات دون قطيعة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت متزوجاً وقد طلقت زوجتي طلقة واحدة وأرغب في أن أعيدها ولكن أهلها هم سبب الطلاق في الأول لأنهم صنعوا أمامي المشاكل؟ فهل يجوز لي أن أشترط على أهلها أن يبتعدوا عنها ولا يكون بينها وبينهم أي اتصال حتى تسير حياتنا طبيعية؟ خاصة أن أمها هي المسيطرة على كل شي والأب لاحول له ولا قوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك -أخي الكريم- أن تشترط عليهم ذلك لأنه شرط مخالف لكتاب الله ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقطيعة الرحم من أقبح الأمور وأشنعها، وقد قرنها الله جل وعلا بالإفساد في الأرض فقال: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ*أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22] .
وفي البخاري من حديث جبير بن مطعم أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا يدخل الجنة قاطع، وانظر الفتوى رقم:
4149 8454.
ونرى أن من العلاج أن تسعى في تربية زوجتك على تعاليم الإسلام، وأن يكون لها شخصيتها المستقلة التي لا تتأثر بما يملى عليها تجاهك، ويمكنك أيضاً أن تقلل الزيارات دون قطيعة، وأن تربط زوجتك بالفتيات المتدينات اللاتي يدفعنها للخير وحسن التعامل مع الزوج وحل المشكلات. والله يرعاك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1423(13/243)
تقصير الأب في حق أبنائه لا يسقط حقه في برهم له
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا في حيرة من أمري، والدى منفصل عن والدتي منذ 10 سنوات ويتصل بنا لفترات متباعدة جدا وهو متزوج من أخرى وعندما نقوم أنا وإخوتي للاتصال لمجرد صلة الرحم تظن زوجته أننا نتصل للمال رغم علمها أنه لا يرسل أي أموال لنا ولكن رغم ذلك تحثة على إثارة المشاكل معنا والتهديد بالطرد من الشقة حتى نبعد وآخر مرة تم الاتصال بنا كان فى شهر (8) العام الماضي ولم يتصل بعدها فهل عدم اتصالنا به يعتبر قطع صلة رحم نحاسب أنا وإخوتي عليها، أرجو الإفادة وعذرا على الشرح الطويل، ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا نوصي والد هؤلاء الأبناء بأن يعتني بهم، وأن يسأل عنهم، لأنهم رعيته التي سيسأله الله عنها يوم القيامة، ففي الحديث المتفق عليه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "الرجل راع في أهله، وهو مسؤول عن رعيته" لكن على الأبناء أن يعلموا أن تقصير الوالد في حقهم لا يسقط حقه في برهم له، لأن بر الوالدين من أوجب الواجبات التي لا تسقط بشيء ولو بكفر الوالد -والعياذ بالله- فقد قال تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) [الإسراء: 23] ، وقال تعالى (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) [لقمان:15] ، فلم يسقط الله جل وعلا حق الوالدين في الوقت الذي يبذلان فيه قصارى جهدهما لإسقاط حقه، وإذا قصر الوالد في حق أبنائه، فهو مسؤول عن تقصيره، كما أن الأبناء إذا قصروا في حق آبائهم مسؤلون عن تقصيرهم، ولتراجع الأجوبة رقم:
5339
ورقم: 6719
ورقم: 13685.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1423(13/244)
واجب الأبناء تزويج والدهم ولو كبيرا
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي عمره 73 عاماً طلب الزواج قبل عامين ففعلت ولكن عند اقتراب موعد الزواج طلب مني إلغاء الموضوع لعدة أسباب منها عدم قدرته الجسدية. والآن عاد يطلب مني الزواج مرة أخرى ولكني أجد صعوبة في إيجاد المرأة المناسبة لسنه مع العلم أنني مطيع له ولي رغبة أكيدة في تحقيق مطلبه. كما أنني في نفس الوقت متخوف من السبب الذي جعله يرفض الزواج في المرة الأولى في حال وجود زوجة. ما رأيكم حيث إنني في حيرة وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم -رحمهم الله تعالى- أن إنكاح الوالد العاجز عن المهر المحتاج إلى الإعفاف حق من حقوقه الواجبة على أولاده الموسرين.
وعليه، فيجب عليك تلبية طلب والدك في إنكاحه، ورفضه الزواج في المرة الأولى لا يسوغ لك رفض طلبه له مرة أخرى، إذ قد يكون لديه في المرة الأولى سبب للرفض من مرض أو عدم رغبة عارضة أو نحو ذلك، ثم زال ذلك عنه في هذه المرة، ثم إن تقدم والدك في العمر لا يقطع عنه الرغبة الجنسية، فقد أثبت الطب والتجربة قديماً وحديثاً أن الرجل لا يزال قادراً على أمور النكاح والمعاشرة؛ ولو وصل إلى ما بعد المائة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1423(13/245)
الإسلام يأمر بالتآلف والتراحم والصلة وينهى عن ضد ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو هل للزوجة واجب ناحية أهلها أنا أسمح لها بزيارة أمها ولكن هل يجب علي السماح لها بزيارة إخوانها الرجال مع العلم أني على خلاف خطير معهم وكذلك هم يسكنون في مدينة أخرى بعيدة عنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا ينبغي للزوج أن يمنع زوجته من صلة رحمها من والديها وإخوتها ونحوهم، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 7260، والفتوى رقم: 10532، والفتوى رقم: 7218.
أما بالنسبة للخلاف الذي بينك وبين إخوة زوجتك، فاعلم أن الإسلام يأمرنا بالتآلف والتحاب والتراحم والتعاون والتباذل ونحو ذلك من المعاني السامية، وينهى عن ضد ذلك من التقاطع والتدابر والتهاجر والتحاسد ونحو ذلك من المعاني الدنيئة، فالواجب عليكم أن تصلحوا ذات بينكم، قال تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ) [الأنفال:1] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1423(13/246)
التوبة الصادقة تمحق سيئة العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله
أرجو الإجابة على السؤال التالي إجابة واضحة:
إذا أراد شخص التوبة والعودة إلى الطريق المستقيم وأبوه وأمه ماتا وهما غاضبان عليه فهل تقبل توبته رغم غضب أمه وأبيه عليه قبل موتهما؟
ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أخي الكريم وفقنا الله وإياك للتوبة النصوح أن موت الوالدين وهما غير راضيين عنك لا يحول دون قبول التوبة الصادقة، وعلى هذا دلت نصوص الكتاب والسنة، قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) [النساء:48] ، وقال تعالى (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً*إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الفرقان:69-70] .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" رواه ابن ماجه.
وانظر الفتاوى التالية أرقامها:
1208 5548 5668
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1423(13/247)
كره الوالد لتركه الجماعة ليس من الإحسان
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي لا يحب الصلاة في جماعة وقد حاولت معه مراراً أنا لا أعرف كيف أتصرف معه ونفسي أصبحت تكره التلاطف معه؟
أنقذوني جازاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الجماعة مختلف في وجوبها بين أهل العلم، والراجح وجوبها، ولذا ينبغي عليك مواصلة النصح برفق وحكمة لوالدك حتى يقوم بما أوجب الله تعالى عليه.
ولا تيأس منه، أو تمل من دعوته، أو تعقه وتقاطعه، أو تسيء التصرف معه، ونحو ذلك، لأن الله تعالى أمر بالإحسان إلى الوالدين وطاعتهما في المعروف، ولو كانا كافرين أو مخطئين أو مقصرين في شيء في دينهما.
ولذا ننصحك -أخي الكريم- أن توسع صدرك في معاملة الناس عموماً، ومن له حق عليك خصوصاً كوالديك وإياك أن تسيء إلى والديك أو أحدهما.
نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد.
وأطلع والدك على الجواب رقم: 1195، والجواب رقم: 1798.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1423(13/248)
يستوي في بر وطاعة الوالدين: المسلم والكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل يعتبر الإنسان عاقا لوالده بهجره إذا كان الأب لا يصلي ويأكل الربا وكثيرا ما يذكر الله بسوء لانزعاجه من أي شيء ولأتفه الأسباب وهو على خلاف مع والدتي فإذا جلسنا معه فإنه يتعمد أن يذكرها بسوء مع العلم أنني أقوم برعايته في حال غيابه عن البيت من تجهيز الطعام وتنظيف غرفته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بر الأب وطاعته في المعروف أمران واجبان وجوباً مؤكداً، ويستوي فيهما الأب المسلم والأب الكافر، فلا ارتباط لهما باستقامة الأب من عدمها. فالله عز وجل في محكم كتابه أمر الولد وأوصاه بمصاحبة الوالدين بمعروف ولو كانا مشركين.
لذا فنقول للسائل: إن هجرك أباك لا يجوز بحال من الأحوال، وهو من العقوق، ولكن عليك بإرشاده ونصحه بحكمة ورفق، وأن تذكره بخطورة الممارسات التي ذكرتها عنه، ومنها ما يصل إلى حد الارتداد عن الدين- والعياذ بالله.
هذا عن حكم علاقة أولاد هذا الرجل به. أما عن حكم علاقته بزوجته فيراجع الجواب رقم:
1358
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1423(13/249)
هل يسوغ للمريض النفسي الابتعاد عن أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من مرض نفسي جعلني أبتعد عن أهلي لسنين طويلة ثم عدت لهم وعانيت كثيراً خلال تلك الفترة التي استمرت لثلاث سنوات ثم تركتهم مجددا وأعاني كثيرا عندما أفكر في العودة لهم خوفا من المعاناة بينهم فهل يجوز لي الابتعاد عنهم لأني أحس بالراحة عندما أكون بعيدا مع العلم بأن أمي وأبي على قيد الحياة ولكنهم ينظرون لي ويعاملونني كمريض وهذا يزيد مرضي عندما أكون بينهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك الشفاء من كل داء. وما أصابك فقد يكون مرضاً نفسياً وقد يكون سحرا، أو وسواساً، وفي كل الحالات فعليك باللجوء إلى الله سبحانه بالدعاء مع دوام المواظبة على الطاعات والابتعاد عن المعاصي، مع الإكثار من قراءة القرآن والمحافظة على أذكار الصباح والمساء والأحوال. فاستعن بالله على البقاء عند والديك وأهلك وصبِّر نفسك على ذلك وإن عاملوك على أنك مريض. إذ لايجوز لك هجرهم بهذه الصورة مادمت تقدر على المكث عندهم. ومع الأيام تستطيع أن تتجاوز آثار المرض، وستتغير نظرة أهلك لك إلى الأحسن -إن شاء الله تعالى- هذا مع الأخذ بأسباب العلاج من الرقية الشرعية بنفسك أو عند آخر من أهل الخير والصلاح، وبالرجوع إلى أهل الطب الماهرين في علاج الأمراض النفسية، وأهم شيء هو ألا تيأس من روح الله تعالى، فإنه ما من داء إلا والله جل وعلا قادر على شفائه، وقد جعل لكل داء دواء، علمه من علمه وجهله من جهله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1423(13/250)
تتأكد أهمية التواصل والتراحم بين الأقارب
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي متزوج من امرأتين الأولى لا تريد أن ترى الثانية فإذاجاءت أي مناسبة دعونا الأولى فقط. ماحكم الشرع في موقف الأولى وموقفنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى كل واحدة من المرأتين أن تعلم أن الله عز وجل أمر المسلمين بكل ما من شأنه أن يقوي الصلة بينهم ويشيع روح المودة والتراحم والتعاطف، وأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التقاطع والتدابر، وأخبر بأن هجر المسلم فوق ثلاث ليال لا يجوز.
وتتأكد أهمية التواصل والتراحم بين الجيران والأقارب، هذا بالنسبة لزوجتي الأخ.
أما بالنسبة لكم أنتم فعليكم أن تنصحوهما وتصلحوا بينهما وتزيلوا العقبات التي من شأنها أن تكدر الصفو بينهما. ولا شك أن دعوة إحداهما دون الأخرى من الإيثار الذي يولد الضغائن والأحقاد، ولذا فالذي ينبغي لكم هو تصفية الأجواء بينهما ومعالجة الموقف بما هو الأصلح، وإذا دعوتموهما فادعوهما جميعاً أو اتركوهما جميعاً، أو ادعوا هذه في مناسبة، وتلك في المناسبة التالية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1423(13/251)
الحكيم من يوائم بين رغبته وإرضاء أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الزواج من فتاة وأهلي لا يوافقون عليها وأكثر من ذلك يرفضون غيرها من البعيدات ويصرون على الزواج من القريبات والقريبات غير موجودات وقد توصلت إلى قناعة تقول إما أن تتزوج على رغبة الأهل وتتخلى عن رغبتك وإما أن تتزوج على رغبتك وسوف تخسر أهلك وفي هذا الخضم توصلت للآتي:
يجب التخلي عن الزواج لأن الأهل مصرون على الزواج ممن لا تريد وأنا مصر على الزواج بمن أريد وبناء على رفضهم لكل من أريد قررت أن لا أتزوج نهائياً تفادياً للوقوع في عقوق الوالدين هل أنا صائب فيما قررت أم أنني مخطئ وذلك لأني فشلت وهذه حقيقة في إقناعي أهلي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصواب هو أن تمتثل لقول النبي صلى الله عليه وسلم "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج إلى آخره ... " فالزواج مأمور به، وربما يكون في بعض الحالات واجباً. وراجع الجواب رقم: 2063.
وممانعة الأهل من الزواج بغير القريبات لا تسوغ رفض الزواج والتبتل، بل عليك أن تعالج الموضوع بحكمة ولين فتنزل على رغبة أهلك أو تقنعهم بالزواج بمن تحب. أما أن تبقى غير متزوج فلا، وننبه إلى أنه لا ينبغي لعاقل أن يقارن بر والديه بشيء. وراجع الجواب رقم: 1249 والجواب رقم: 3990 والجواب رقم: 3846
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1423(13/252)
أقارب زوج الأخت غير أرحام
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي متزوجة تسكن مع أهل زوجها سبق وأن اختلفت معهم وأنا اليوم لا أزورهم علما أن أختي تزورنا
في البيت مع زوجها وأستقبلهما دون أي مشكل
سؤالي كالتالي=
هل أهل زوج أختي يدخلون في إطار الرحم ويجب علي زيارتهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أقارب زوج الأخت لا يدخلون في مسمى الرحم إذا لم تكن هناك قرابة أخرى، وعليه فلا يجب عليك زيارتهم، وإن كان الأولى أن تزورهم وتصبر على أذاهم إن آذوك مراعاة للمصاهرة، وقد سبق أن بينا الرحم الواجب صلتها في جواب سابق برقم:
11449
فليراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1423(13/253)
واجب الزوجة تجاه أقرباء زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الالتزامات الواجبة على الزوجة تجاه أهل زوجها إذا كانوا يعيشون في بيت واحد وأهل الزوج قد بلغوا من الكبر عتيا ومرضى وفي حال أن الأهل في صحة جيدة وليسوا كباراً بالعمر كثيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أولى من تحسن إليه المرأة وتطيعه هو زوجها وحقه مقدم على حق غيره، ثم بعده حق والديها وأقاربها وأرحامها من جهة النسب، أما والدا الزوج فلا يلزم تجاههم من الحقوق إلا ما يلزم اتجاه غيرهم من الأقارب أو الجيران إن كانوا أقرباء لها أو جيرانا، وهذا ما لم يأمر الزوج في شأنهم بشيء فتجب عندئذ طاعته بقدر المستطاع وبالمعروف، وراجع الفتوى رقم: 4180.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(13/254)
البر بوالد الزوج أمر حسن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بر والدي زوجي- وهل أؤجر عليه كبري بوالدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن برك بوالد زوجك أمر حسن تؤجرين عليه، ولتكن نيتك هي الإحسان إلى الزوج وعمل ما يسره، لأنك تؤجرين على برك بزوجك والإحسان إليه أكثر من الإحسان إلى والده، أما أنك تؤجرين على ذلك كبرك أبيك فلا، ولكن إن فعلته بقصد برك بزوجك وطاعته والإحسان إليه فيرجى أن يكون أجرك فيه مثل أجر برك بوالدكِ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(13/255)
لا يشترط للزواج شهادة جامعية ووظيفة وكبر سن، ولكن ...
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا تقول في شخص قرر أن يتزوج سراً مع علمه بأن هذا سيسبب غضب والديه عليه غضباً شديداَ وقد كان استشارهما من قبل والأسباب لرفضهما هذا الزواج كالتالي:
1/ عمره 20 سنة.
2/ لم يحصل على شهادة.
3/ المرأة التي أراد الزواج بها معروفة بخلقها السيئ وارتكبت أشياء قريبة من الحرام.
4/ لا توجد لديه وظيفة ولا مال لكنه قرر خداع الوالدين فتزوج في السر، عندما عرف أن الوالدين سيرفضون هذا الزواج.
أيحق للوالدين رفض هذا الزواج للأسباب المذكورة، وهل ما فعلته يعتبر معصية كبيرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على الولد أن يطيع والديه في مثل هذا الأمر، وإلا كان آثماً، لأن زواجه من هذه المرأة بعينها ليس بواجب، وطاعة والديه واجبة، لأن طاعتهما نوع من البر، وبر الدين واجب.
ويتأكد ذلك عندما يقدم الوالدان سبباً مقنعاً لترك الزواج بها، كالسبب المذكور في السؤال، لكن لابد أن يُعلم أنه لا يجوز للوالدين أن يوجها هذه التهمة لزوجة ابنهما ولا غيرها دون دليل من مشاهدة أو سماع مباشرين، أو شهود عدول يشهدون بذلك، لأن الاتهام بمثل هذه الأمور يؤثر على من اتهموا بها تأثيراً بالغاً، ولذلك راعى فيها الشرع الاحتياط أكثر من غيرها، وليُعلم أن الحصول على الشهادة، وكبر السن لا يشترط للزواج، المهم أن يكون الزوج قادراً على إعفاف زوجته والنفقة عليها، ونحن ننصح الأخ المذكور بأن يطيع والديه، والله تعالى يبدله خيراً مما يترك ما دام قد فعل ذلك ابتغاء وجه الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1423(13/256)
الإنفاق على الوالدين حق من الحقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أم وإخوة والأخ الأكبر متزوج ويعول وأمي كانت منذ فترة قد ابتدأت في أخذ إعانة من أقربائها لضيق ذات اليد والآن أخي الأكبر طبيب ودخله مرتفع ولا يريد أن يساعد أمه بحجة أن الدخل الذي تحصل عليه يكفيها مع العلم أنه إعانة وأمي الآن غاضبة منه لأنه لا يبرها وخصوصا أن زوجته تكره أمي جدا وهو منحاز إليها بشكل أعمى فدلني ماذا أفعل ولك جزيل الشكر من الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....
أما بعد:
فينبغي لك أن تنصح أخاك أن يبر أمه ويجتهد في إكرامها وتوفير حاجاتها وأن يحذر من عقوقها، وإن من عقوقها إيثار الزوجة والأبناء عليها.
وينبغي أن يعلم أنه يجب على الابن القادر أن ينفق على والديه في حال فقرهما بإجماع العلماء.
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: " ويجبر الرجل على نفقة والديه، وولده، الذكور والإناث، إذا كانوا فقراء وكان له ما ينفق عليهم ".
والأصل في وجوب نفقة الوالدين والمولودين الكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب فقوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) (الاسراء: من الآية23) ومن الإحسان الإنفاق عليهما عند حاجتهما.
وروت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه " رواه أبو داود.
وأما الإجماع فحكى ابن المنذر قال: " أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما، ولا مال، واجبه في مال الولد " انتهى من المغني.
وكيف يرضى الابن الموسر أن تبقى أمه عالة على أقربائها مع قدرته على الإنفاق عليها، لا سيما مع علمه بغضب أمه لذلك، وحق لها أن تغضب.
ونحذر هذا الأخ من أن يلقى الله تعالى وأمه غضبى عليه، فإن الجنة تحت أقدام الأمهات، فقد روى النسائي من حديث معاوية بن جاهمة السلمي: أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك، فقال: هل لك من أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجلها " والأحاديث في شأن بر الوالدين والتحذير من عقوقهما مشهورة معلومة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1423(13/257)
السعي في منع الوالدة من الزنا بر بها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد الصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد
سيدي/......؟؟
أنا في مشكلة كبيرة جدا غير أن الحل تائه عني أرجو منكم مساعدتي في التوصل إليه
أبلغ من العمر:25 سنة والنصف
مشكلتي في البيت مع أمي الموضوع يخص الكرامة
يعني آخر مشاكلي معها تكمن في أنها على علاقة قد تكون مشينة مع ابن عمتي
نعم مع ابن عمتي
وعلى فكرة هذه ليست أول مرة من سنتين كانت على علاقة مع أعز أصدقائي
أبي عايش ولكنه مسافر بصفة مستمرة
فماذا أفعل؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت فإنه يجب عليك أن تعمل كل ما تستطيعه لمنعها من ذلك، وليس ذلك من العقوق بل إن ذلك من أعظم البر بها وبأبيك التي هي زوجته. ومن الوسائل التي يمكن أن تتخذها لمنعها:
1) أن تذكرها بالله واليوم الآخر وما أعده الله للزناة، والعياذ بالله.
2) أن تذكرها بالتوبة والرجوع إلى الله وأن الله يتوب على من تاب مهما كانت ذنوبه، وتذكرها بما أعده الله للتائبين.
3) أن تذكرها بأن هذا خزي وعار في الدنيا قبل الآخرة.
4) أن تراقبها وتمنعها من الاختلاط بهؤلاء الذين ذكرتهم.
5) بل لو أدى الأمر إلى أن تمنعها من الخروج إذا علمت أنها تخرج لأجل ذلك فافعل.
6) أن تهددها بأنها إذا لم تنته فإنك ستجد نفسك مضطراً إلى إطلاع أبيك على حقيقة ما يجري، أو إطلاع أبيها هي أو إخوانها على ذلك.
نسأل الله أن يهديها وأن يصلحها وأن يرزقها التوبة. وراجع الإجوبة التالية أرقامها:
9134 13092 11152
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1423(13/258)
الأولى بالاعتبار قول الطبيب أم طلب الوالدة المريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الوالدة عندي توفيت والدتها وسألتني أن أسأل شيخاً أنه قبل أن تموت والدتها سألتها أنها تريد ماء، فلم تعطها الوالدة (أمي) وأيضا طلبت منها أن تغير ملابسها، فلم تغير ملابسها الوالدة مع العلم أن الممرضة هي التي طلبت من الوالدة أن لا تسقيها الماء وأن لا تغير ملابسها فهل شيخنا العزيز على الوالدة حرج؟ وإذا كان ذلك فما كفارتها؟
أفيدونني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا طلب المريض في مرض موته من أحد من أقاربه أو غيرهم شيئاً كشرب الماء أو الطعام أو نحو هذا، ونصح الطبيب أن لا يعطى المريض هذا، فإنه يؤخذ بقول الطبيب في ذلك، وليس على من أخذ برأي الطبيب حرج ولا إثم ولا كفارة، فإن الطبيب أعلم بمصلحة المريض من المريض نفسه فضلاً عمن سواه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1423(13/259)
حبائل الشيطان تجر للعقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عصبية وأبى عصبي جدا وأحيانا أضطر للرد عليه وأحاول جاهدة أن أصمت ولكن الشيطان يدفعني للرد عليه بطريقة غير لائقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....أما بعد:
فبر الوالدين بالإحسان إليهما قولاً وفعلاً واجب كما أمر الله عز وجل في كتابه فقال: (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً) [الإسراء:23] .
فنهى الله عز وجل عن قول (أفٍّ) لهما، ولو كانت هناك كلمة أقل منها لنهى عنها، فالواجب إكرام الوالد وطاعته في غير معصية الله، وعلى الإنسان أن يحذر عقوبة الله عز وجل أن تباغته فلا ينفع حينها الندم، وإذا كان السائل يعلم من نفسه حدة في الأخلاق فعليه أن يجتنب المواطن التي تغضبه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً حتى لا يقع فيما لا يحمد، فإن حصل شيء من ذلك فليستعذ بالله من الشيطان، كما أرشد إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم. فإن ذلك يذهب غضبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1423(13/260)
شروط جواز تصرف الوالد في مال ولده
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل يجوز للوالد التصرف بالمكافأه التي تصرف للطالبة من قبل مدرسة تحفيظ القرآن الكريم؟
وجزاكم الله خيرا0]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للوالد أن يتصرف في مال ولده سواء كان الولد صغيراً أو كبيراً، إذا كان الوالد فقيراً أو محتاجاً لهذا المال. ففي الحديث عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن من أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه " رواه أبو داود والنسائي. وقال ابن المنذر رحمه الله: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. وقال ابن قدامة رحمه الله: لا يشترط البلوغ ولا العقل فيمن تجب النفقة عليه. بل يجب على الصبي والمجنون نفقة قريبهما إذا كانا موسرين. وقد ذكر ابن قدامة -رحمه الله- ثلاثة شروط تبيح للوالد أخذ مال ولده والتصرف فيه وهي:
أولا: أن يكون فقيراً لا مال له ولا كسب يستغني به. فإن كان موسراً بمال أو كسب يستغني به فلا نفقة له لأنها تجب على سبيل المواساة، والموسر مستغن عن المواساة.
ثانياً: أن يكون لمن تجب عليه النفقة مال فاضل عن نفقة نفسه وعياله، لحديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ابدأ بنفسك ثم بمن تعول " قال ابن قدامة: حديث صحيح.
ثالثاً: أن يكون المنفق وارثاً. فلا تجب على من لا يرث الميت إذا مات. والمقصود أن الأب له أن يتصرف بمال ولده الصغير إذا كان الأب محتاجاً لهذا المال، وكان الولد مكتفياً بنفقة والده عليه، وليس بحاجة للمال. هذا إذا كان التصرف المذكور على وجه إتلاف مال الولد بإنفاقه أو نحوه، أما تصرف الوالد في مال ولده بما يراه مصلحة للولد فإنه من مسئولية الوالد التي أنيطت به، وعليه القيام به بدون شرط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1423(13/261)
قضاء الدين ... أم إرسال الأبوين للعمرة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرغب في أن أبعث أبي وأمي للعمرة في رمضان وأنا شخص علي دين ماحكم الشرع
أفيدونا جزاكم الله عنا كل خير ووفقكم لخدمة الإسلام والمسلمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.... أما بعد:
إذا كان في ذمة المسلم دين وأراد أن يرسل والديه إلى العمرة فإن قضاءه للدين أولى. لأن قضاء الدين واجب، وإرسال الوالدين إلى العمرة من المستحب، فإذا تعارضا قدم الواجب على المستحب. لكن إذا كان قضاء الدين لا يتعارض مع إرسالهما إلى العمرة، ولا يؤثر على قدرتك المادية، بحيث يمكنك الجمع بين الأمرين فلا حرج في إرسال والديك إلى العمرة حينئذ، لأن هذا من برهما في حياتهما، وهو من أسباب البركة في الرزق والفوز في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1423(13/262)
الصبر ومقابلة الأذى بالإحسان يستجلب المحبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 27 عاماً، أبي شديد الانزعاج مني لأني التزمت و (لله الحمد) ودائما ما يخبرني بأني مازلت صغيرا وأنه ينبغي لي أن استمتع بما يستمتع به من هم في مثل سني؟ وأنا دائما ما أحاول تجنب الاحتكاك به في هذه الأمور فهو كثير الصراخ وكثير العصبية وأخشى أن يقول كلمة يأثم بها.
وفي الأيام الأخيرة أصبح شديد الانزعاج من شكلي وخاصة تربيتي للحيتي؟ وأخيرا خيرني إما بتخفيفها "كثيرا" أو أنه سوف يخاصمني (أن أترك المنزل أو يغضب علي) .
أنا قادر على العيش بمفردي (أناغير متزوج) ، ولكني أخشي أن أترك المنزل فتصبح قطيعة وعقوق ومايترتب عليها من عدم رفع للأعمال وغيره. أنا في غاية الحيرة، ومستعد لعمل أي شيء يرضي ربي إن شاء الله.
الرجاء الإجابة على عجل فكلما زاد الوقت زاد غضبه مني
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الملتزم بدينه في زمننا هذا كالقابض على الجمر، وذلك لأن أكثر الناس يسيرون سيراً لا يوافق هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يتصل بأصول الإيمان، حتى صار الدين بينهم غريباً كما بدأ غريباً، وقد وعد الرسول صلى الله عليه وسلم المتمسك بالدين في وقت الفتن بأعظم الأجور، فقد روى الترمذي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يأتي على الناس زمان الصابر فيه على دينه كالقابض على الجمر ". وروى مسلم في صحيحه عن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " العبادة في الهرج كهجرة إلي " والمقصود بالهرج: وقت الفتن واختلاف الأمور، ولأن ترك المعاصي والذنوب أحد أنواع الهجرة، شبهها النبي صلى الله عليه وسلم بها في الأجر، إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في فضل التعبد في وقت الفتن، والواجب على الملتزم أن يتأدب إذا حاوره الناس أو ناقشوه ليكون مثالاً حسناً للالتزام، كما قال تعالى (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) ((النحل:125)
وأولى الناس بذلك هم الأقارب الأدنون كالأب والأم والأخ والأخت، لأن الشدة معهم في التعامل تؤدي إلى نفورهم، واللين يؤدي إلى استجلاب محبتهم، وإكرامهم يؤدي إلى تألفهم، وهجرهم يؤدي إلى بعدهم، فإذا أقبلت على بر والديك والإحسان إليهما، في غير معصية فسيذهب الله ما في قلوب الجميع من جفاء لك وبغض، ومصداق هذا قوله جل وعلا: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (فصلت:34،35] ونحن ننصحك بلزوم البيت، لما في ذلك من الحفاظ على نفسك من الانحراف ومن القيام بحق الوالدين، كما ننصحك بالتحمل والصبر على ما لا بد أن تلاقيه من أذى ومشقة لأن هذا هو شأن الدعوة إلى الله تعالى، كمال قال عز وجل: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) ((لقمان:17)
وراجع الفتوى رقم 1454
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1423(13/263)
الإثم على الممتنع من الصلة بعد بذل المستطاع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا هجرت الذي كان أخي فى الله لأنه كان لا يريد من ابنة أخته أن تتزوج لتعلقه بها، وعندما تزوجتها جن جنونه وعمل المستحيل لإفشال هذا الزواج. حاولت معه كثيراً أن يكف عنا وأن يحاول إسعادها وطلبت من بعض أصحابه أن يكلموه ولكنه رفض فما كان مني إلا أن منعته من رؤية زوجتي ومن محادثتها وقد قطعت الاتصال به نهائيا وأصبحت أتمنى موته لأنني ذهبت إلى بيته لننهي كل شيء بعد أربع سنوات من الزواج ولكنه طردني من بيته. فهل عليّ إثم في هجره ومنعه من رؤية زوجتي لأنه يهدد حياتنا وكثيرا ما سبب لنا المشاكل التي كادت أن تنتهي لولا تدخل الأهل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرجل الذي تتكلم عنه محرم مؤبد على زوجتك لأنه خالها، فيحق له أن يرى منها ما يراه المحرم، ومن ناحية أخرى يجب عليه وعليها صلة الرحم التي بينهما، وما ذكرناه مشروط بأمن الفتنة، لأن المحرم إذا غلب على الظن أنه سيحصل بسبب خلوته أو رؤيته لمحرمه فتنة، فإنه يُعامل معاملة الأجنبي عنها، وهذا لا يعني أن تُقطع الرحم التي بينهما، لأنه يمكن وصل الرحم بطرق أخرى غير الرؤية والخلوة، وذلك عن طريق الهاتف، أو الكلام من وراء حجاب في حضور الزوج، وذلك أيضاً إذا أمُنت الفتنة.
وعليك أيها الأخ السائل أن تسعى في إعادة وصل الرحم قدر جهدك، والله تعالى يعينك على ذلك، فإن رفض الطرف الآخر، فلا شيء عليك، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 9417.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1423(13/264)
خاطب والديك بالمعروف لإقناعهم بهذا الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شابة عمري 21 أحب شاباً بصدق وهو يحبني، ومع حبنا القوي نوينا أن نقطع علاقتنا بنية خالصة لله لنتوفق بالزواج إلى أن يكمل دراسته. المشكلة أن أهله صعب إقناعهم فهم لا يريدون أن يتزوج إلا من أهلهم وبيئتهم كيف يقنعهم؟ هل يجوز لو كلمته بالهاتف لمناقشة موضوع مهم، فهو يقول إنه لا يجوز للملتزم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الرجل أجنبي عنك، لا يجوز لك ربط علاقة معه ولا محادثته لا مباشرة ولا بالهاتف، وانظري الأجوبة التالية أرقامها: 1769، 7396، 7965.
وإذا كان حريصاً على الزواج منك، فليقنع أهله إما بنفسه، وإما أن يرجع الأمر إلى بعض أهل الخير والصلاح، ليقنعوا أهله.
ثم يتقدم لخطبتك من أهلك والزواج بك، فإن تعذر ذلك فاصرفي النظر عنه، والله يقدر لك الخير في غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1423(13/265)
معارضة الأهل ورغبة الابن في نكاح بنت الزنا ... قدم أفضل الأمرين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أريد الزواج من فتاة وأهلي اعترضوا على الفتاة التي أنا أريدها لأنها بنت حرام وأبوها غير معروف أما الأم فهي أمها مع أن البنت تتصف بالسمعة الجيدة والدين والأخلاق وأنا أريدها فماذا أفعل؟ وما حكم الدين في ذلك؟ وهل بنت الحرام تكون منبوذة في المجتمع ومظلومة ولا تتزوج ويحكم عليها بالإعدام؟ فأنا بحاجة لمن ينصحني هل أبتعد عنها أو لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع شرعاً من الزواج ببنت الزنا، إن كانت ذات خلق ودين، وإن كان الأولى نكاح ذات النسب، كما هو مبين في الجواب رقم: 7765.
وما دام والداك وبقية أهلك معترضين على هذا الزواج، فحاول إقناعهم بأن بنت الزنا لا ذنب لها في ذلك ولا إثم عليها، بل إنها ولدت على الفطرة كغيرها من الناس، وسيحاسبها الله على ما عملت لا على ما عمل أبواها من الزنا، لقوله تعالى: (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) [الأنعام: 164] .
وما دامت صاحبة دين وخلق، فإنها قد تكون أفضل في الدنيا والآخرة من كثير من بنات الأحساب والأنساب، فالله تعالى يقول: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [الحجرات:13] .
والإسلام لم يفرق في الحقوق والفرائض والأحكام بين الناس بمعيار النسب، بل جميع البشر متساوون في ميزان الإسلام، لا يرجحون ولا يفضلون إلا بالتقوى.
واستعن على إقناعهم بمن يؤثر عليهم من أقربائك أو من أهل الخير والصلاح، فإن أصر الوالدان على رفضهما، فيلزمك برهما وطاعتها في ذلك، لعل الله ييسر لك الخير في غيرها، وييسر لها الخير في غيرك.
هذا مع العلم أن الذي يقوم بتزويج بنت الزنا هو السلطان، أو من يقوم مقامه، لأنه ليس لها ولي من عصبتها، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "فالسلطان ولي من لا ولي له" أخرجه الترمذي وابن ماجه.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1423(13/266)
سوء التفاهم لا يبرر القطيعة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد خلاف بيني وبين زوجة أخي زوجي ولا يحدث بيننا وفاق دائما وهذا يسبب لي مشاكل مع زوجي وأهل زوجي مع العلم أني طلبت كثيرا مناقشة الموضوع لحل الخلاف لكن حماتي رفضت بحجة أن فتح المواضيع والحديث سوف تسبب مشاكل وللأسف المشاكل تزيد وللعلم أنها تسكن في بيت حماي وأضطر إلى أن أراها كلما أذهب لزيارة حماي فما الحلول الإسلامية في هذا الموضوع وهل هذا يعد قطع صلة رحم ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زوجة أخي الزوج لها عدة حقوق من أهمها: حق الإسلام، وحق الجوار؛ إن كان ثمة جوار، ولا يجوز هجرها فوق ثلاث ليال، ككل مسلم.
كما أن سوء التفاهم معها لا يبرر قطع رحمها.
وعليه، فننصحك بالصبر والتحمل والتغلب على المشاكل التي تعكر أجواء الأقرباء، وبالسلام على هذه المرأة كلما التقيت بها أو رد سلامها كلما سلمت عليك، ونذكرك بقول الله تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) [فصلت:34] وبقوله سبحانه: (فمن عفا وأصلح فأجره على الله) [الشورى:40] وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ما ازداد عبد بعفو إلا عزاً " رواه مسلم وراجعي إجابتنا السابقة برقم:
12835
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1423(13/267)
حكم طاعة الفتاة والدها في العمل إذا كانت ليست بحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاه تخرجت حديثا من إحدى الكليات العملية التي أرغمني أبي على الدخول فيها, حيث إنني كنت أتمنى أن التحق بإحدى الكليات النظرية, والآن أبي يريد مني أن اعمل بشهادتي وأنا لا أريد..لعده أسباب 1: أنا لست في حاجة للعمل من الناحية المادية 2 الاختلاط في مكان العمل موجود لا محالة وطبيعة العمل مناسبة أكثر للرجال, ومن الممكن أن تجد رجلاً وامرأة في مكتب واحد 3:أنا أفضل أن امكث في البيت حيث إنني ممن لا يفضلون الخروج من البيت بلا داع ملح وأنا افضل وأحب أن أجلس للعبادة قدر ما أستطيع من وقت
فهل من الطبيعي أن نشجع الفتيات على العمل ولكن حين نجد فتاة متعتها أن تتعبد وتصلي ننهرها ونعيب عليها. بالله عليكم ماذا افعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل في المرأة المسلمة أن تقر في بيتها وتلزمه وألا تخرج منه إلا لحاجة ملحة، كما كان هدي نساء السلف رضي الله عنهم أجمعين. وكثرة خروج المرأة من المنزل هي سبب كل فساد على نفسها ومجتمعها، كما هو حاصل في ديار الكفر. فإن فساد الخلق وفساد الفطرة والقيم عندهم من أعظم أسبابه خروج النساء وتبرجهن وقيامهن بأعمال الرجال. بل إن فتنة النساء في تلك الديار من أعظم أسباب صدهم عن الصراط المستقيم، فهم مرضى القلوب، ومرض القلب ينقسم إلى قسمين: مرض شبهة، ومرض شهوة. وغالب الكفار في دارهم مرضهم من النوع الثاني أعني -مرض الشهوة- فقد انفتحت عليهم جميع أبواب الشهوات، ورأس هذه الشهوات شهوة النساء، ولأجل هذا المعنى أشار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى هذا في كتابه اقتضاء الصراط المستيقم. فقال: (إنما فسدت الملل والملوك والدول عندما خرجت النساء) أو كلاماً نحو هذا. هذا مع أن النساء في تلك الأزمان لم يكن فيهن من التبرج والاختلاط ما في نساء هذه العصور.
ومن المعلوم أن الشريعة الإسلامية لا تمنع المرأة أن تتعلم أي علم مشروع، ولكن بشرط أن لا يكون هذا على حساب دينها وطهرها. وليس لها أن تطيع أحداً في معصية الله عز وجل سواء كان أباها أو أمها أو زوجها أو غير هؤلاء.
وقرار المرأة في بيتها وإقبالها على العبادة هو الأصل، وهو الذي ينبغي أن تشجع عليه. وعزها وشرفها فيه، لا سيما إذا كانت في غنى عن العمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1423(13/268)
حكم الزواج دون موافقة الولي
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الزواج للرجل بدون موافقة الوالدين مع العلم أن المراد هو التحصين وأن الزوجة ماشاء الله في ملتزمة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي للرجل أن يتزوج بفتاة لا يرغب فيها والداه أو أحدهما، كما لا ينبغي لهما أيضاً أن يلزماه بالزواج من فتاة لا يرغب هو فيها. ولذا ينبغي عليكم أن تسعوا جميعاً في اختيار فتاة صالحة ذات خلق ودين يرضى بها الجميع ولا يحق للوالدين أن يمنعا ولدهما من الزواج مطلقاً، فإن فعلا فلا طاعة لهما، خصوصاً إذا خشي على نفسه الوقوع في الزنى. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم 3788 والفتوى رقم 6563
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1423(13/269)
الخالة تظهر أمام أبناء أختها كغيرهم من المحارم
[السُّؤَالُ]
ـ[1-أنا متزوج من امرأة جميلة ومطيعة هل يجوز لي أن آمر زوجتى بأن تخرج أمام أبناء أختها بالحجاب وبدون مكياج مع العلم أن أبناء أختها في مثل سنها والكلفة مرفوعة بينهم وجزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالله سبحانه وتعالى يقول: (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم..) [النساء:23] فالخالة تحرم على أبناء أختها تحريماً مؤبداً، كما نصت عليه الآية الكريمة.
ويجوز لهم ما يجوز لغيرهم من المحارم من النظر إليها والجلوس معها والخلوة بها، بل حتى تقبيلها إذا أمنت الفتنة، قال ابن منصور لـ أبي عبد الله أحمد بن حنبل يقبل الرجل ذات محرم منه؟ قال: إذا قدم من سفر ولم يخف على نفسه، وذكر حديث خالد بن الوليد حين قبَّل أخته، قال إسحاق بن راهويه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم من الغزو وقبل فاطمة، أي كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لكن لا يقبلها مع ضم أبداً، أو في موطن ريبة كفمها -مثلاً- وإنما يقبلها على الجبهة أو على الرأس، ولها أن تبدي زينتها أمامهم، لقوله سبحانه: (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو بناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن) [النور:31]
فلا تمنع زوجتك من الجلوس أو إبداء الزينة أمام أبناء أختها إلا إذا وجدت ريبة بهم، أو خشية افتتانهم بها، أو افتتانها بهم، فلك ذلك. وعلى الزوجة أن تعاشر زوجها بالمعروف، وأن تتجنب ما يؤذيه ولو كان مباحاً، وعلى الزوج أن يراعي ذلك مع زوجته أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1423(13/270)
ليس من العقوق رفض البنت من لا ترغبه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم..
أنا فتاة في العشرين من عمري أحب شابا ملتزما يخاف الله وهو يحبني ويرغب في الزواج مني مع أنني مخطوبة من شخص قريبي وهو ابن عمي وبيننا صلة نسب وقد تمت الخطبة بدون وعي مني وأنا نادمة ولا أريد الزواج منه لكن أبي وأهلي يمانعون فكرة فسخ الخطوبة ويقولون إن هذا عار المهم إني أرغب في الزواج من الشاب الملتزم وقد فاتحت أختي الكبرى بالموضوع لكنها مانعت بشدة وقالت أنه قد يحدث مكروه لأبي إذا علم بالأمر وقد أرقني هذا كثيراً فأرجوكم أن تفتوني في أمري فأنا لا أريد الشخص الذي خطبني مع العلم بأنه يكبرني بخمسة عشر سنة تقريبا وليس بيني وبينه أي إنسجام ولا توافق في التفكير وأنا من قرية في ليبيا لا تزوج بناتها إلا من أبناء عمومتهن وغير ذلك يعتبر عارا.
راجعت الفتاوى: 998/22867 وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحل هو أن تصبري وتقبلي بالزواج من ابن عمك، وعسى الله أن يجعل بينك وبينه بعد الزواج من الحب والمودة ما لا تتوقعينه الآن، لأن الله تعالى يقول: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم:21] .
ويقول سبحانه: (فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) [النساء:19] .
وقبولك له مشروط بأن يكون مرضيا في دينه وخلقه، وأما إن كان بخلاف ذلك فلا تقبليه، ولا تطيعي والدك في الزواج به، ولا يحق له إرغامك على الزواج به على القول الراجح من أقوال العلماء، لما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن جارية بكراً أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم.
فدل هذا الحديث على أنه ليس للأب إجبار ابنته على نكاح من لا ترغب فيه، ودل على أن رفض البنت لذلك لا يعد عقوقاً لوالدها.
فينبغي لك النظر في الأوفق والأصلح لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1423(13/271)
الرجوع إلى الزوج أثناء العدة لو رفض الأهل ليس عقوقا
[السُّؤَالُ]
ـ[1- أنا امرأة متزوجة وعندي أولاد واختلفت أنا وزوجي وتطور الخلاف حتى الطلاق ثم أراد زوجي إرجاعي وكنت موافقة وأهلي يرفضون ذلك وبعد جدال كبير أراد أبي فسخ الزواج وكنت أرفض الفكرة لأن عندي أولادا كنت أفكر بهم وبعد أن أرسل لي زوجي ورقة إرجاع رفض إخواني ووالدي إرجاعي فذهبت مع زوجي بدون موافقتهم هل علي إثم وهل أنا عاصية لوالدي؟
أفتوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالرجعة أثناء العدة من حقوق الزوج، ولا تحتاج إلى رضى المرأة وقبولها، فضلاً عن رضى أهلها، وحيث أنك ذهبت مع زوجك فقد فعلت ما هو المطلوب منك شرعاً، فلا حرج عليك في ذلك، ولا تعتبرين عاقة لوالديك، لكن عليك بالرفق بهما والإحسان إليهما وزيارتهما دائماً؛ وإن غضبا عليك. فحقهما عظيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1423(13/272)
تحصيل العلم مقدم على طاعة الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا مسلم من جمهورية أوسيتنيا الشمالية القفقازية في روسيا الاتحادية.
أسكن في هذه البلد التي لا يوجد فيها علماء إسلام. أعيش مع والدتي
المطلقة من أبي وأنا ابنها الوحيد.
هل يجوز لي أن أسافر لطلب العلم وأترك والدتي إذا كانت هي لا تمانع
مع العلم بأن والدي والدتي أحياء وأن لها أخاً يعيش مع عائلته في نفس
البلد ?
وجزاكم الله خيراّ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لنا ولكم الثبات على دينه، وجزاك الله خيراً على برك بأمك، وعلى حرصك على العلم الشرعي، وحيث إنك لا تخشى على أمك الضيعة أثناء سفرك لوجود من يقوم على شؤونها، وكذلك الحال بالنسبة لأبيك، وهما لا يمانعان من سفرك لطلب العلم، فإنه يجب عليك السفر لذلك متى ما قدرت عليه، لأن الأمر أصبح متعيناً عليك، إذ لا يوجد في بلدك من أهل العلم أحد كما قلت.
بل نص بعض أهل العلم أن طلب العلم وإن كان كفائياً -ولم يمكن تحصيله في نفس البلد- فإنه لا طاعة للوالدين في ذلك ما لم يخش عليهما الضيعة، قال الطرطوشي رحمه الله: (لو منعه أبواه من الخروج للفقه والكتاب والسنة ومعرفة الإجماع والخلاف ومراتبه ومراتب القياس، فإن كان ذلك موجوداً في بلده لم يخرج إلا بإذنهما، وإلا خرج ولا طاعة لهما في منعه، لأن تحصيل درجات المجتهدين فرض كفاية) انتهى. وننصحك بالسير في طلب العلم بخطواته المبينة في الجواب رقم:
4131
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1423(13/273)
وازن بين فضيلة رضى الوالد والرغبة بالزواج بثانية
[السُّؤَالُ]
ـ[1-السلام عليكم
أنا رجل متزوج ولي من الأبناء ستة أرغب بالزواج من فتاة وهي ولله الحمد متدينة ولا يوجد لديها أي مانع وهي تعلم أنني متزوج ولدي أطفال سؤالي هو أنني عندما أبلغت والدي ووالدتي برغبتي رفضوا وخصوصا والدي الذي قال لي وكرر لي هذه الكلمه " إنني غير راض عن زواجك من امرأة أخرى" ثلاث مرات وحاولت إقناعهم ولكن رفضوا وربطوا موافقتهم برضى زوجتي وهي بكل تاكيد رفضت وأيضا قررت وطلبت الطلاق إن تزوجت فما الحكم في ذلك وأنا أريد أن أعف نفسي فهل على إثم إن أقدمت على الزواج دون رضى الوالدين وزوجتي مع أني أبلغ من العمر 36 سنة والفتاة بنفس السن 36 ولم يسبق لها الزواج]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بر الوالدين من أعظم القربات وأوجب الواجبات، والزواج بالثانية ليس فرضاً ولا واجباً، فالذي ننصحك به أن تقدم طاعة والديك على الزواج بالثانية، وسيخلف الله عليك ما هو خير لك في دينك ودنياك -إن شاء الله- أو تحاول أن تقنع والديك بالتي هي أحسن، وتتلطف معهما في القول، وتخبرهما أن الزواج بالثانية مما أمر الله به وحث عليه، لما فيه من المصالح العظيمة للرجال والنساء والمجتمعات.
هذا كله إذا كانت زوجتك الأولى تكفيك وتعفك جنسياً، أما إذا كانت لا تكفيك وخفت على نفسك الوقوع في الحرام، فإنه "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" وراجع الفتوى رقم 1737 والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1422(13/274)
يشرع هجر المجاهر بالمعاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[س: هل يجوز أن يقطع الرجل أحد محارمه (العمةأو الخالة, مثلا) , لكونها زانية وتمارس الفاحشة, على أساس ما ورد عن المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام:" من رأى منكم منكرا فليغيره,............, وإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان." صدق رسول الله.
فغلب أساس الشطر الأخير من الحديث الشريف, في حال عدم تمكن الرجل من استخدام اليد أو اللسان ليردعها عن ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهجر المجاهرين بالمعاصي مشروع، سواء كانوا من ذوي الأرحام أو من غيرهم، إذا غلب على الظن أن هجرهم يؤثر فيهم ويحملهم على التوبة والرجوع إلى الحق، أو كان الشخص لا يقدر على إنكار باطلهم لا بيده ولا بلسانه، كما هو الحال في سؤال الأخ السائل.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم:
7119
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1422(13/275)
حد طاعة الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ما هو حد الرضى من الوالدين، وهل عدم غضبهما منك كاف لأن تنال رضاهما أم يجب التفاني في الخدمة والطاعة حتى تكون أحب شخص إليهما لتنال مرتبة الرضى منهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حد الرضى الذي يبدأ به أو ينتهي إليه لم أطلع على من بينه، ولكنه درجات متفاوتة كما هو معلوم، ولا شك أن الولد كلما كان أرضى لوالديه وأسعى للحصول على برهما كان أجره أكبر، وبره أكمل. والواجب على الولد هو طاعة والديه بالمعروف، وعدم مخالفة أوامرها المشروعة، والإحسان إليهما، ومجانبة كل ما من شأنه أن يغضبهما، فإذا فعل ذلك واجتهد قدر طاقته في إرضائهما كان باراً، ولو لم يرضيا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1422(13/276)
البر بقدر الاستطاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[1-والدي فرض علي مبلغ ألفي ريال شهريا بينما استطاعتي على 500 ريال وليس في كل الأشهر،
فماذا أفعل جزاكم الله ألف خير؟
وهل علي ذنب إذا خالفته وأرسلت له 500 ريال فقط حتى وإن لم يرغب بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليك أن تبر والدك قدر استطاعتك، فإن بره من أوجب الواجبات، وحقه من آكد الحقوق. وما عجزت عنه من بره فالله سبحانه وتعالى لا يكلفك به، ولا يؤاخذك على عدم فعله.
وراجع الأجوبة التالية أرقامها:
2125 1249 6630 7490
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1422(13/277)
لا تبخل على أمك بشيء من مالك
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... ... ... بسم الله الرحمن الرحيم
إذا طلبت الوالدة مني بعض المال لتشتري بعض الذهب وأنا محتاج للمال هل أعطيها أم أدخره لاحتياجي للمال
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي أن تحرص على بر أمك وإرضائها، وتلبية حاحبتها، ولو أدى ذلك إلى تفويت بعض مصالحك، لما لها من الحق العظيم عليك، وقد جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه رأى في طوافه رجلاً يطوف حاملاً أمه وهو يقول:
إني لها بعيرها المذلل. إن ذعرت ركابها لم أذعر. أحملها وما حملتني أكثر.
أو قال: أطول. أتراني جزيتها يا ابن عمر؟ فقال: لا، ولا زفرة واحدة.
فلا تبخل على أمك بشيء من مالك، ولعلك تدخل عليها السرور يوماً فتدعو لك دعوة يكتب لك بها الفلاح والنجاح حتى تلقى ربك. فإن أدى ذلك إلى وقوعك في الحرج والضيق فتلطف في إقناعها، وإرضائها ببعض ما أرادت.
واعلم أن ما أنفقه الإنسان على أهله أو إخوانه يثاب ويؤجر عليه، وهذا هو الادخار الحقيقي، ادخار الحسنات والقربات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1422(13/278)
التزوج ببنت زنا أم طاعة الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الزواج بفتاة ولدت من الزنا؟ وإذا لم ترض عائلتي بهذا الزواج فماذا أفعل؟ وللعلم فهي فتاة ذات خلق وأمها ربتها على حسن الخلق وإني أحبها فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بنت الزنا لا حرج في الزواج منها إذا كانت من ذوات الخلق الحسن، والعفة، والالتزام بالدين، وإن كان الأولى نكاح النسيبة الحسيبة، وراجع الإجابة رقم: 7765.
وننصح السائل الكريم ببر والديه وطاعتهما والإحسان إليهما، فإن ذلك فرض واجب قد قرنه تعالى في كتابه بالأمر بتوحيده وعبادته، قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) [الإسراء:23] .
وطاعتهما في عدم الزواج من هذه المرأة أمر حسن، وهو من البر بهما، فعن أبي عبد الرحمن السلمي أن رجلاً أمرته أمه أن يتزوج امرأة، ثم أمرته بطلاقها، فسأل أبا الدرداء رضي الله عنه؟ فقال: لا آمرك بطلاق امرأتك، ولا آمرك أن تعق أمك.
وقال: أبو الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فاحفظ، وإن شئت فضيع. قال: لا بل أحفظ، فطلقها" رواه أحمد والترمذي وصححه، والبيهقي وهذا لفظه.
وقوله: أوسط أبواب الجنة. قال البيضاوي فيه: كما في تحفة الأحوذي: أي خير الأبواب وأعلاها.
والمعنى: إن أحسن ما يتوسل به إلى دخول الجنة، ويتوصل به إلى وصول درجتها العالية مطاوعة الوالد ورعاية جانبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1422(13/279)
قطيعة الرحم توجب قطيعة الله
[السُّؤَالُ]
ـ[حدث بيني وبين زوج أختي شجار فسبني سبا شديدا فقطعت علاقتي به وبأختي وأمرت أمي وأبي وإخوتي وزوجتي بقطع علاقتهم بها وإذا صادف وأن رأيتها في أي مكان أسلم عليها فقط دون التحدث معها حتى في الهاتف فما حكم ذلك وهل لي الحق في عدم التحدث معها؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يحل لك مقاطعة أختك، ولا أمر أبيها وأمها وإخوانها بمقاطعتها بسبب أن زوجها أساء إليك وسبك، لأن الله تعالى يقول: (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) [الأنعام:164] .
أي: لا تتحمل نفس خطأ وتبعات خطأ نفس أخرى، فما ذنب أختك حتى تقاطعها وتهجرها.
فاتق الله أخي الكريم، وبادر بصلة رحمك حتى يصلك الله، وإياك والاستمرار على قطيعتها، فإنها توجب قطيعة الله لك.
ففي الصحيحين، واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلق الله الخلق، فلما فرغ منه قامت الرحم، فأخذت بحقو الرحمن، فقال لها: مه. قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة. قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك. قالت: بلى يا رب. قال: فذاك". قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) . وكفى بهذا زاجراً عن القطيعة، وحقيقة صلة الرحم أن تصلها إذا قطعت، كما في صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها".
وقد كان الواجب على أبويك وإخوانك أن لا يطاوعوك فيما دعوتهم إليه، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، بل الواجب عليهم هو: أن يحملوك أنت على عدم المقاطعة.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(13/280)
هل يلزم الأبناء طاعة أمهم في تنازلهم عن ميراثهم
[السُّؤَالُ]
ـ[تطلب أم من أبنائها التنازل عن حقهم في إرث والدهم لمصالحة أختهم الصغرى حتى ينالوا رضاها فهم في حيرة من أمرهم بين إرضاء أمهم والحق الشرعي في تقسيم الوصية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يلزم هؤلاء الأبناء طاعة أمهم في ذلك، إلا أنه يجب عليهم أن يبروها، وأن يتلطفوا معها في القول، وليحاولوا أن يقنعوها بالتي هي أحسن، أو يوسطوا لها من يقنعها.
وإن طابت أنفسهم بالتنازل لأختهم طاعة لوالدتهم، وطلباً لرضاها، فلا شك أن ذلك هو الأفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1422(13/281)
طاعة الزوج مقدمة على صلة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[وقع منذ ما يقرب من سنتين مشادة كلامية بيني وبين عمي الذي سب زوجي وأساء إليه في غيابه مما أدى إلى قطع صلتنا أنا وزوجي به، وذلك لكف الشر وبعداً عن المشالكل التي طالما حدثت بيني وزوجي بسببه وحياتي مع زوجي مستقرة سؤالي هو:
ما الحكم في حالتنا هل هي قطع صلة الأرحام؟ وهل يحل لزوجي أن يأمرني بذلك (قطع الرحم) وإذا تعلق الأمر بزواجنا (طلاقي منه إن زرت عمي) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلة الرحم في الجملة واجبة وقطعها محرم، ولذا فلا يجوز لزوجك أن يمنعك من صلة رحم عمك، لأن صلة العم ومن في حكمه واجبة اتفاقاً، لكن إذا أمر الزوج بقطعها وكان في صلتك إهدار حق يتعلق بالزوج مثل: الخروج من بيته أو نحو ذلك، أو كانت تسبب قطع العلاقة الزوجية، فإنها يقدم عليها حينئذ أمر الزوج وطاعته، ارتكاباً لأخف الضررين.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/282)
الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أريد أن أسالكم في حكم علاقتي بأختي التي جرحتني كثيرا بأقوالها وأفعالها وأعلم علم اليقين أنها لا تحبني
وفي مقابل هذا فأنا أصلها ولكن لا أكن لها أية مودة أو حب؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلة الرحم واجبة لقوله سبحانه: (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ) [النساء:1] .
أي واتقوا الأرحام أن تقطعوها، والأحاديث في الوصية بصلة الرحم كثيرة، وليس المراد بالصلة أن تصلهم إن وصلوك فهذا مكافأة، بل المراد أن تصلهم وإن قطعوك، فقد روى البخاري وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها".
وعلى المسلم أن يحتسب الأجر في وصل من قطعه، وأن يعلم أن الله عز وجل معينه وناصره، فقد روى مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي. فقال: "لئن كنت كما قلت: فكأنما تُسِفُّهُمْ المل، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك" أي: فكأنما تطعمهم الرماد الحار.
وأما المحبة، فإن الله عز وجل لم يكلف أحداً أن يحب من يسيء إليه، ولكن هناك جزء من المحبة يجب أن يبقى في القلب، وهو المحبة في الله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله" رواه البزار.
فلا يبغض مطلقاً إلاَّ الكافر، وأمَّا المسلم فيجب علينا أن نحبه بقدر ما معه من الدين، ونبغضه بقدر ما هو عليه من المعاصي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/283)
لا تقاطع أخاك ... فمن عفا وأصلح فأجره على الله
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ أكبر مني سرقني كثيرا حيث كان مسئولا عن إدارة أملاكنا التي ورثناها لزمن طويل نظرا لانشغالي في أعمال بعيدة، وعندما أطالبه بما استولى عليه من أملاكي يتعذر بحجج واهية وأعذار غير مقنعة كأن يدعي مثلا دخولها في حسابات أخرى، أو عدم وجودها أصلا، ويخفي عني الكثير مما يتعلق بممتلكاتي حتى لا يستطيع أحد محاسبته أو الحصول على دليل يؤكد سرقاته، مما دعاني إلى فصل أملاكي عنه، والآن لم يعد بيننا أي ممتلكات مشتركة.
والسؤال هو: هل يحق لي مقاطعة أخي وأولاده نظراً لأنني لا أستطيع أن أسامح فيما سرق مني، أم أنني بذلك آثم كقاطع رحم، علما بأنه يحاول أن يصلني ولا يقاطعني لكن سرقاته السابقة تجعلني لا أستطيع التجاوب معه. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلة الأرحام من أعظم الواجبات، وقطعها من أعظم المحرمات، وليس الواصل الذي يصل من وصله، ويحسن إلى من أحسن إليه فحسب، وإنما الواصل الذي يصل من قطعه، ويحسن إلى من أساء إليه، وراجع لذلك لزاماً الفتوى رقم: 4417، والفتوى رقم: 8744.
وعليه، فإننا ننصحك بأن تصل أخاك ولا تقطعه وإن أساء إليك.
أما بالنسبة للأموال التي أخذها منك، فإن كنت متأكدا من ذلك وعندك ما يثبته، وليس مجرد أوهام أو شكوك، فيمكنك أن توسط من له عليه كلمة من أصدقائه وأقاربه أو غيرهم ليقنعوه برد الحقوق إلى أهلها، فإن أبى فنذكرك بقول الله تعالى: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) [الشورى:40] .
وقوله سبحانه: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) [المؤمنون:96] .
فإن أبيت، فلا بأس في أن ترفع أمره إلى القضاء ليأخذ لك حقك منه، وإن كنا لا نحب لك اللجوء إلى هذا، لما قد يترتب عليه من قطيعة رحم قد أمر الله أن توصل ولا تقطع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/284)
واجب الأبناء نصح والدهم بضرر الخاطب الفاسق
[السُّؤَالُ]
ـ[-لي أخت يريد والدي أن يزوجها من ابن عمتي، علما أنه (المتقدم) لا يصلي ويسمع للموسيقى ويتلفظ أحيانا ببعض الألفاظ الغير لائقة بالشاب المسلم. ولقد طلب أبي مشورتنا (أنا وإخوتي) فكان جوابي وجواب أخي الكبير الرفض
، وباقي إخوتي وأمي التعاطف مع أبي!
علما أن أختي ترتدي النقاب وهي فتاة ملتزمة أسأل الله أن يثبتها، (كان جوابها أن تشترط عليه في العقد
1- التزام الصلاة
2- ترك الموسيقى
3- إبقاء النقاب وتكملة الدراسة في الجامعة
هل أأثم (أنا وأخي الكبير) لأننا خالفنا والدي؟ وهل نعمل على إبطال الزواج لكونه تاركاً للصلاة؟
أفيدوني يرحمكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام ابن العمة المذكور تاركاً للصلاة معلناً بفسوقه، فلا يجوز للأب أن يزوجه من ابنته الملتزمة إذ الفاسق ليس كفؤاً لغير الفاسقة، ولها هي الحق في الامتناع منه ما دام مصراً على فسوقه، ولكن المسؤول عن البنت هنا هو أبوها، فهو الذي يتحمل التبعات المترتبة على زواجها من غير كفئها، وأما أنتما -أخواها- فليس لكما شيء من الأمر ما دام الأب موجوداً، وإنما غاية ما يمكن أن تقوما به في هذا الشأن هو نصح الوالد وبيان الأضرار التي ستلحق بابنته إذا زوجها من فاسق، فإن استجاب فلله الحمد، وإلا فهو المسئول وحده، ولعل ما أجابت به البنت من اشتراط الالتزام على الخاطب هو الحل الأمثل لهذه القضية.
نسأل الله عز وجل أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/285)
خال الزوج ليس محرما لزوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل خالي محرم لزوجتي -- وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أما بعد:
فخال الرجل ليس محرما لزوجته.
والله سبحانه قد بين محارم المرأة بقول سبحانه:
(وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ) [النور:31] .
هؤلاء هم محارم المرأة من النسب، ويحرم عليها أيضا مثلهم من الرضاعة، لقوله صلى الله عليه وسلم: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/286)
زوجات الجد محارم للحفدة
[السُّؤَالُ]
ـ[1- هل يجوز التعامل مع زوجات جدي كما أعامل جدتي تماما؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الجد أب، وزوجاته محارم كزوجات الأب، فيتعامل معهن حفدته كما يتعاملون مع بقية المحارم، فيجوز الخلوة بهن، والسفر معهن، والنظر إليهن، ومصافحتهن، ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/287)
الدليل على جواز تقبيل الزوج لزوجته الميتة
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ما هو حكم وداع الزوج لزوجته بعد وفاتها مثل الضم والتقبيل وأيضا العكس, وأرجو إرفاق الدليل.
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تقبيل أحد الزوجين للآخر بعد موته توديعاً له وشفقة عليه لا حرج فيه. فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل عثمان بن مظعون بعد موته، وصح أن أبا بكر رضي الله عنه قبل النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته. رواهما الترمذي، ولا شك أن في هذا العمل دليلاً على جواز تقبيل المسلم بعد الموت، ممن يباح له ذلك في حال حياته، ومن المعلوم أن لكل واحد من الزوجين أن يلمس الآخر في الحياة، بل يجوز لهما من ذلك ما لا يجوز لغيرهما، فانسحب عليهما حكم التقبيل بعد الموت بالأولى، ومن المعلوم -أيضاً- أن لكل واحد من الزوجين أن يغسل الآخر، لما روته عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ضركِ لو متِ قبلي فقمت عليك فغسلتك، وكفنتك، وصليت عليك، ودفنتك"رواه الإمام أحمد وابن ماجه.
ولا شك أن الغاسل يحتاج إلى ملامسة المغسول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1422(13/288)
الهدية للوالدين بر وصلة
[السُّؤَالُ]
ـ[1-بيتي لا ينقصه شيء والحمد لله
جاءت لي هدية من عملي عبارة عن علبة (بسكوت)
فدخلت بها علي زوجتي وقلت لها سوف نعطيها لوالدي ووالدتي عند زيارة العيد "مع العلم أنهم ميسورون ولكنهم كبار السن، والبسكوت يعتبر كماليات "فقالت لي إنها سوف تصبح عادة
ورفضت ذلك ما هو الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تهادوا تحابوا" أخرجه البخاري في الأدب المفرد، والبيهقي من حديث أبي هريرة بسند جيد، كما قال العراقي في تخريج الإحياء.
ولا شك أن هدية الابن لوالديه، ولو كانا غير محتاجين إلى هدية نوع من البر والصلة، والواجب على الزوجة أن تشجع زوجها، وتعينه على بر والديه، لا أن تصرفه عن ذلك بحجة (أنها سوف تصبح عادة) ! ولذلك فإننا ننصح هذا الزوج بالحرص على بر والديه، والإهداء إليهما بمناسبة وغير مناسبة، لما لهما عليه من الحق العظيم، كما نوصي الزوجة بإعانة زوجها على بر والديه ما أمكن.
ونسأل الله لكما التوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1422(13/289)
حكم تقبيل والد الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تقبيل والد زوجي على وجنتيه، علما بأنه جاوز السبعين من العمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن والد الزوج من المحارم على التأييد، وبالتالي فهو كالأب، وتقبيله في هذه السن على وجنته لا حرج فيه، إذا أمنت الفتنة.
وقد سبقت الإجابة على حكم تقبيل الأب لابنته في الجواب رقم: 4657.
ولله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1422(13/290)
حكم إيثار الابن بالطعام دون الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[لي جدة تبلغ من العمر 80 عاما ولديها مشكلة تؤرقها وتتعبها وهي أنها كانت في يوم من الأيام تحتفظ لولدها بحفنة من الطحين حيث كانوا لايملكون لقمة العيش ومرت عليها والدتها في ذلك اليوم وكانت جائعة وسألتها ما إذا كانت تمتلك طعاماً فأجابتها بلا حيث كانت لاتملك إلا تلك اللقمة التي تحتفظ بها لولدها وكانت لا تكفيهما معاً فهي من ذلك اليوم في قلق من ذلك الأمر وتعتقد أنه كان لابد أن تقدم أمها على ولدها فهل عليها شيء من ذلك؟
أفيدونا جزاكم الله خيراً عنا وعن جميع المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الأمر كما ذكرت، فإنه لا حرج على جدتك في إيثارها ابنها بالطعام دون أمها، لأنها قدمت من هو أشد ضعفاً وحاجة وهو الصغير، بخلاف الكبير القادر على تحمل الجوع، والبحث عن طعام.
لكنها آثمة بكذبها، وكان الواجب عليها أن تصدق أمها وتخبرها بأنه لا يوجد معها إلا لقمة ولدها.
لكن نرجو الله أن يغفر لها ذلك، لما أظهرته من ندم وحزن، وهذا من التوبة، فقد أخرج ابن ماجه والحاكم وأحمد عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الندم توبة".
وأخرج البيهقي في الشعب عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: "إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله، فإن التوبة من الذنب: الندم والاستغفار".
فلتستغفر جدتك، ولتكثر من الدعاء لأمها، فإن هذا من البر بها، بل هي بعد موتها أحوج إلى ذلك من حاجتها في الدنيا إلى الطعام والشراب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1422(13/291)
هل تجب طاعة الوالدة في المساهمة بحفل فيه منكرات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب علي أن أعطي والدتي مالا لتقيم به حفل زواج أختي مع العلم أن أهلي لا يلتزمون بالضوابط الشرعية في أفراحهم فالفرح يكون مختلطا والنساء يرقصن متكشفات كما أن أختي لن تلتزم فيه الحجاب.
ومع العلم بأنني قررت أن أساهم مع أختي في تأسيس بيتها لأضع مالي فيما يرضي الله ويكون في ذلك مساهمة أنفع لها في زواجها لكن أمي لا يعجبها ذلك وهي تريدني أن أساهم بمالي لإقامة حفلتها فهل إن لم أرضخ لأمي أكون عاقا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام حفل الزواج الذي تريد أمك إقامته يشتمل على منكرات من الاختلاط ونحوه، فلا يلزمك؛ بل يحرم عليك أن تدفع فيه مالك، ولو طلبت ذلك، لما في دفع المال حينئذ من التعاون على الإثم والعدوان، وهو منهي عنه بقوله تعالى: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة:2] .
ولا يعد هذا من العقوق، لأن طاعة الوالدين مشروطة بأن لا تصطدم بمحظور شرعي، وإلا فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وما قررته أنت من مساعدة أختك في بناء بيتها هو الأحسن إن شاء الله تعالى، وعليك أن تنصح الوالدة والأخت ومن على شاكلتهما، وتبين لهم خطورة المحظورات التي يرتكبونها، والتي من جملتها الاختلاط، وترك الحجاب.
ولتكن دعوتك إياهن بالرفق واللين، لعل الله ينفعهن بنصحك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1422(13/292)
الأرفق بالابن أن لا يلزمه الوالدان بالزواج من فتاة معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أعتبر عاقا لوالدي إذا لم أطعه في الزواج من التي يختارها لي زوجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت المرأة التي اختارها لك الوالدان مرضية ديناً وخَلْقاً وخُلُقاً، فإننا ننصحك بأن تستخير الله عز وجل، وتقدم على زواجها، ولعل الله عز وجل أن يجعل في ذلك خيراً كثيراً.
وإذا كنت لا ترضى هذه الفتاة زوجةً لك لأي سبب كان، فليس للوالدين إلزامك بزواجها، ولا تكون عاقاً بذلك.
أفتى بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وآخرون، ولكن عليك مع ذلك التلطف بالوالدين قدر الإمكان، لقوله سبحانه وتعالى: (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) [لقمان:15] .
وقوله سبحانه وتعالى: (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً) [العنكبوت:8] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1422(13/293)
طاعة الوالدين في ضبط قنوات الدش
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز طاعة الوالدين في (ضبط قنوات الدش العربية التي يوجد بها أفلام عربية الغير محترمة) مع العلم أني إذا لم أفعل ذلك سيغضبوا مني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا أمر الوالدان أو أحدهما بشيء مما فيه طاعة لله فإنه يجب على الولد طاعتهما في ذلك، فقد أوجب النبي صلى الله عليه وسلم طاعتهما في ترك نوافل الأعمال كالجهاد غير المتعين، وغيره، وإذا كانت طاعتهما في هذا واجبة فما بالك إذا أمرا بترك ما هو محرم قد أمر الله جل وعلا بتركه، قبل أن يأمرا هما بذلك، والحاصل أن ترك هذا المحرم وجب من وجهين فصار بمثابة واجبين، فلا يبعد أن يكون مرتكبه بعد ذلك مرتكباً إثمين، هذا إذا كان الوالدان يأمران بضبط القنوات، واجتناب المحرم منها، وهو ما فهمناه من السؤال، وأما إن كان الحال بالعكس، أي بأن كان الوالدان يمنعان من ضبط القنوات، ويريدان فتحها، وإلقاء الحبل على الغارب، فلا طاعة لهما في ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف" رواه البخاري ومسلم.
وننبه الأخ السائل إلى أنه كما لا يجوز طاعتهما في المنكر، فإن معاملتها بالإحسان واجبة على كل حال، فإن الله عز وجل يقول: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً) [لقمان:15]
وراجع الجواب رقم:
3109
والجواب رقم: 2657
والجواب رقم: 3575
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1422(13/294)
الرحم العامة والرحم الخاصة
[السُّؤَالُ]
ـ[صلة الرحم واجبة
هل الرحم من الرضاع
كالاخ من الرضاع أو العم أو الخال....
واجبة الصلة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأهل العلم مختلفون في تحديد الرحم التي تجب صلتها ويحرم قطعها، فقيل: هو كل رحم محرم بحيث لو كان أحدهما ذكراً والآخر أنثى حرمت مناكحتهما.
واحتج القائلون بهذا بالنهي عن الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها في النكاح.
ومنع الجمع بينهما لما يفضي إليه من قطع الأرحام، لما يقع عادة بين الضرتين من تباغض، وقيل: هو عام في كل ذي رحم من ذوي الأرحام في الميراث، يستوي المحرم وغيره، وعليه فلا يدخل غير الورثة، وقيل غير ذلك.
وأحسن الأقوال وأجودها ما قاله الإمام القرطبي في تفسيره حيث قال: الرحم على وجهين: عامة وخاصة، فالعامة: رحم الدين، ويجب مواصلتها بملازمة الإيمان، والمحبة لأهله ونصرتهم، والنصيحة، وترك مضادتهم، والعدل بينهم، والنصفة في معاملتهم، والقيام بحقوقهم الواجبة كتمريض المرضى، وحقوق الموتى من: غسلهم، والصلاة عليهم، ودفنهم وغير ذلك من الحقوق المترتبة لهم.
وأما الرحم الخاصة فهي: رحم القرابة من طرفي الرجل أبيه وأمه، فتجب لهم الحقوق الخاصة وزيادة كالنفقة، وتفقد أحوالهم وترك التغافل عن تعاهدهم في أوقات ضروراتهم، وتتأكد في حقهم حقوق الرحم العامة، حتى إذا تزاحمت الحقوق بدئ بالأقرب فالأقرب. انتهى كلامه رحمه الله.
وعلى هذا فنقول: إن كل مسلم تجمعك به الرحم العامة، وهي أخوة الدين التي قال فيها سبحانه: (إنما المؤمنون إخوة) [الحجرات: 10] فلهم حقوق بعضها واجب، وبعضها مستحب فإذا وجد نوع قرابة بينك وبين هذا المسلم تأكد حقه عليك، وإن لم يكن من الأرحام بالمعنى الخاص، ويدل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم: "إنكم ستفتحون مصر، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحماً" رواه مسلم.
وكان صلى الله عليه وسلم قد ملك جارية من مصر هي (مارية القبطية) ودخل بها، وأنجبت له ولده إبراهيم، فأوصى بالإحسان إلى أهل مصر، وقال بأن لهم رحماً لمجرد تلك الوشيجة بينه وبينهم.
والمحارم من الرضاعة من هذا الباب تتأكد حقوقهم، ويقدمون على غيرهم، ويخصون بنوع إكرام وإحسان، وإن لم تجب لهم الحقوق الواجبة للرحم بالمعنى الخاص، وهم قرابات الرجل من طرفيه: أبيه وأمه، وما اتصل بهما.
ويدل على هذا ما رواه أهل السير كابن هشام في السيرة النبوية، وابن القيم في زاد المعاد أنه لما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وفد هوازن كان من جملة من قدم أخته من الرضاعة الشيماء وهي بنت حليمة السعدية، ففرش لها النبي صلى الله عليه وسلم رداءه إكراماً لها، وكان من جملة من قدم أيضاً عمه من الرضاعة، وسأله أن يعطيه وقومه ما كان قد سبي منهم من النساء والذرية، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وشفع إلى الناس أن يردوا إليهم ما سبي منهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1422(13/295)
ادفع بالتي هي أحسن
[السُّؤَالُ]
ـ[إنسانة تصوم وتصلي دائما ولكنها فجأة امتنعت عن التحدث مع زوجات أخيها بدون سبب يذكر وتبتعد دائما عنهن وهن والله ما فعلن شيئاً يسيء إليها بل يحاولن التكلم معها وهي لا ترضى بل تبتعد وتغلق الباب وهذا الوضع يضايقهن جداً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الأمر المفاجئ الذي ليس له سبب ظاهر قد يكون ناشئاً عن حالة نفسية تلبست بها هذه الأخت، وقد يكون سببه غير ذلك.
المهم أن الواجب على جارات هذه الأخت زوجات أخيها أو غيرهن، واللاتي تصرفت معهن هذا التصرف أن يحسنَّ إليها، وأن لا يقطعنها نتيجة لتصرفها، لأن صلة الرحم والإحسان إلى الجيران مطلوبان من كل أحد، وليسا من باب المكافأة ولا المعاملة بالمثل، ففي الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها" الحديث أخرجه الترمذي.
قال الطيبي: معناه ليس حقيقة الواصل، ومن يعتد بصلته من يكافئ صاحبه بمثل فعله، ولكنه من يتفضل على صاحبه. وبهذا يتبين للأخت السائلة أو الأخوات أن أعلى درجات صلة الرحم والإحسان إلى الجار هو ما كان في غير مقابل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1422(13/296)
أنت ومالك لأبيك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام بالنسبة إذا تصرف الوالد في العيدية المعطاة للأولاد بأن صرفها أو استخدمها في أي شيء دون موافقتهم؟
وما صلة الأب بكل ما يمتلك الأبناء مع العلم أنهم لم يبلغوا سن الرشد حتى سن 21 سنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن اشتكى إليه أخذ أبيه لماله: "أنت ومالك لأبيك" رواه أبو داود وغيره، وقد اختلف أهل العلم في اللام الداخلة على قوله لأبيك هل هي للتمليك، وعليه فيجوز للأب أن يتملك مال ولده، أم للإباحة فيجوز له أن يأخذ من مال ولده ما يحتاج إليه.
وعلى كلا القولين فإن الأب إن كان محتاجاً للنفقة على نفسه أو على من تلزمه نفقته، فإن له أن يأخذ من مال ولده ما يحتاجه، ولو لم يوافق الولد على ذلك.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1422(13/297)
الخالة ومن في حكمها تجب صلتها
[السُّؤَالُ]
ـ[1- هل زوجة أبي (خالتي) التي هي أم لإخواني من أبي , هل تعتبر من الرحم الواجب علي صلتها وجوباً شرعياً؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الخالة (أخت الأم) ممن تجب صلة رحمهم باتفاق.
وراجع الفتوى برقم:
11449 ففيها حكم صلة الرحم وذكر اختلاف العلماء في تحديدها، وأنهم متفقون على أن الخالة ومن في حكمها تجب صلة رحمهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1422(13/298)
حكم الابتعاد عن الوالدين المسنين لضرورة العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[1-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أعمل في السعودية وليس لي إخوة ذكور في بلدي ليقوموا برعاية والدي اللذين تجاوزا سن الخامسة والستين.
هل يجب علي العودة لرعايتهما علما أن حالتي المادية ما زالت متوسطة ومن الصعب علي إيجاد عمل جيد في بلدي الأصلي
جزاكم الله عنا كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الوالدين حقهما عظيم، والأجر في رعايتهما كبير، وعلى المرء أن يحرص على برهما، والإحسان إليهما، وترضيتهما بكل الوسائل، وقد وصانا الله سبحانه بهما فقال: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) [الاسراء:23-24]
(وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) [الاحقاف: 15] وأوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم بهما أيضاً، وقد سأله رجل: من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول الله؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "أبوك" رواه البخاري ومسلم. وقال صلى الله عليه وسلم في حق الأم: "الزم قدميها، فإن تحت قدميها الجنة" رواه النسائي من حديث واجمة الأسلمي رضي الله عنه.. إلى غير ذلك.
وعلى هذا فإن طلب والداك أو أحدهما منك الرجوع، أو علمت من حالهما أو حال أحدهما أنهما بحاجة إلى وجودك معهما، فإنه يتوجب عليك ذلك، أما إذا لم يطلبا منك الرجوع، ولم يحتاجاك في الواقع، وكان بقاؤك بعيداً عنهما من أجل العمل وبرضاهما فلا يجب عليك الرجوع، خاصة إذا غلب على ظنك صعوبة الحصول على عمل مناسب بالقرب منهما، على أن لا تطول فترة غيابك عنهما، كما يجب عليك تفقد أحوالهما، والسؤال عنهما، والنفقة عليهما إن كانا محتاجين لها، وعليك أن توكل من تثق به على القيام بترتيب ما يحتاجانه، ولو بأن تؤجره على ذلك.
هذا إذا كانا لا يستطيعان القيام بمهامهما بأنفسهما.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1422(13/299)
لا يؤخر الزواج لأجل خوف عقوق الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[من الأسباب التي تجعلني أؤخر الزواج والدي، وكم أنا محتاج له والله عليم..
إني لا أجد مودة الأبناء لأبي مطلقا، وأحب أمي حباً الله أعلم به ... لأنها أحبتنا أجنة وآوتنا صغاراً وأكرمتنا كباراً. لم نر منها أبدا ثم أبدا غلظة، ربتنا وهي لا تعبأ بأنها إنسانة وقاست هموم الدنيا، حتى أنها أصيبت بمرض نفسي ... شفاها الله وسائر أمهات المسلمين.
وكان أبي في زواجه بالأولى والثانية ... وقليل من صلاته، لأن الناس شنعوه أو عنفوه، فأصبح مكانه خالياً.
فإني أخاف أن يكون فى قلوب ابنائي فراقا كما في قلبي لأبي إن قدر الله لي ابنا، حيث أن هذه المشاعر لا أستطيع منعها.
أفيدونا أفادكم الله تعالى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيظهر من سؤالك أنك تجد في نفسك نفرة من والدك لا تستطيع دفعها، والسبب هو شعورك أنه قصر في تربيتك وتربية إخوانك، وكان قليل الصلة لكم ولأمكم، حتى أن الناس شنعوا عليه وعنفوه لذلك.
وأنك تريد تأخير الزواج خشية أن يقع بينك، وبين أولادك نفرة كما وقع بينك وبين أبيك.
والحل لما أنت فيه أن تعلم أن حق والدك عليك عظيم، فيجب عليك طاعته، وحبه كما تحب نفسك، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، وإذا كان هذا في عامة المسلمين، فكيف بالوالد.
ويجب عليك وجوباً مؤكداً الإحسان إليه بالقول والعمل، يقول الله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) [الإسراء:23-24] .
وعليك أن تجاهد نفسك بقدر ما تستطيع لدفع ما تجده في نفسك من نفرة تجاه والدك.
وعليك أن تسأل الله عز وجل بصدق وإخلاص أن يؤلف بينك وبين والدك، لأن حقيقة التأليف بين القلوب منة من الله، يقول الله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [لأنفال:62-63] .
والله تعالى أمر بالعفو والصفح عمن أخطأ، فكيف إذا كان الخطأ من الوالد.
وإذا رأيت خطأ في المستقبل فحاول أن تنصح والدك وترشده برفق وحكمة، وحاول أن تكون أداة إصلاح بين والدك ووالدتك وإخوانك، فإذا فعلت ذلك، فحينئذ يزول ما بينك وبين والدك إن شاء الله، ولا ينبغي لك تأخير الزواج - ما دمت محتاجاً إليه وقادراً عليه - خوفاً من وقوع نفرة بينك وبين أولادك، لأن هذا ربما كان كيدا من الشيطان، ليصرفك عن المباح ويوقعك في الحرام.
نسأل الله عز وجل أن يؤلف بين قلوبكم ويصلح ذات بينكم إنه على كل شيء قدير.
وراجع الجواب رقم: 3459، 1249، 1894، 2124، 2195، 3990، 2890.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1422(13/300)