حكم تحمل الوكيل الخسارة
[السُّؤَالُ]
ـ[استلمت مبلغا من المال من أختي لأشتري به ذهبا من السعودية وأرسله لها بعد عام لأنها تريد أن تحافظ على مالها واشتريت لها ما تريد ثم انخفض سعر الذهب كثيرا وما زال الذهب معي فقلت في نفسي إذا انقضى العام ولم يرتفع سعر الذهب سأرد لها المال وأتحمل أنا خسارة الذهب وإذا ارتفع السعر سأعطيها الذهب عن نفس راضية مني فهل في هذا أي شبهة ربا أو حرام لي أو لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذهب الذي اشترته السائلة لأختها يعد أمانة عندها ولا يصح أن تتصرف فيه إلا بإذن منها لأنها هي المالكة للذهب، والسائلة وكيله عنها في الشراء والوكيل يتصرف في حدود ما وكل به فقط، وإذا تصرف حسب ما وكل فيه فخسر المال أو تلف لم يضمن.
وعليه؛ فلا ضمان على السائلة في هذه الخسارة الحاصلة بسبب انخفاض سعر الذهب، وإن أرادت أن تشتري الذهب من أختها فيلزم أن تتراضى معها على الثمن ويمكن أن تزيدها في الثمن بما يعوض الخسارة ويصح أن توكلها في القبض عنها فتقبض ل نفسها من نفسها وعن وكليها بإذنه، فكما يصح توكيلها في البيع والشراء من نفسها يصح أن توكلها في القبض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1429(12/7678)
لا يجوز بيع الوكيل لنفسه عند من يجيزه إذا كان متهما في البيع
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي في الإسلام..
أنا شاب وأبي متزوج من امرأتين وأسكن في فلسطين، وفي يوم زوجة أبي الثانية كلفتني بأن أبيع أرضا تملكها لأن أولادها أي إخواني من أبي وضعهم المادي سيئ فأردات مساعدة أولادها, وهم أيضا لا يستطيعون العودة إلى فلسطين بسبب الاحتلال وعندما ذهبت وشاهدت الأرض وجدت أن هذه الأرض لا يصلها الماء إلا بعمل تمديدات معينة ففكرت فقلت لم لا أشتري أنا الأرض وأقوم بعمل هذه التمديدات ومن ثم بيعها, وفعلا قمت بشراء الأرض من زوجة أبي بمبلغ 6 آلاف دينار ومن ثم عملت التمديدات اللازمة وكلفتني حوالي ألف دينار ثم بعتها ب 17 ألف دينار, مع العلم أنه عند شرائي للأرض لم أقم بإبلاغ أحد من إخوتي من أبي أو زوجة أبي المقعدة أصلا بأنها قريبة من خط ماء وفيما لو مد هذا الخط للأرض فسوف يتضاعف سعرها وأخفيت هذا الأمر عنهم لأني أردت الربح منها, فهل ما فعلته يكون حراما أو استغلالا للوضع، فما حكم ذلك مع العلم أن إخواني من أبي علموا بالأمر وغضبوا مني واعتبروه غير شرعي فما رأي الإسلام بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعاملة المذكورة تحتمل صورتين:
الأولى: أن يكون السائل أخبر البائعة أنه هو من سيشتري الأرض وهنا ينظر إن كانت البائعة جاهلة بقيمة الأرض ولا تحسن المبايعة، ولا تعرف الغبن فيكون ما قام به السائل محرم شرعا، ويعد خيانة لأن زوجة أبيه استأمنته واستنصحته بلسان حالها إن لم يكن بلسان مقالها.
وحكم هذا البيع أن يثبت به الخيار للمشتري، وراجع الفتوى رقم: 63265.
الصورة الثانية: أن تكون البائعة وكلته بالبيع فاشترى لنفسه فهنا لا يجوز له أن يبيع لنفسه حتى على قول من يجيز للوكيل أن يبيع لنفسه، لأن التهمة التي منع من أجلها أن يبيع الوكيل لنفسه متحققة ظاهرة في المعاملة المذكورة، وراجع الفتوى رقم: 71848.
وعليه، فيجب على السائل إرجاع الأرض لمن يملكها إن كان ذلك لا يزال ممكنا، أو الصلح معه على ما يرضيه أو رد قيمتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1429(12/7679)
نص للوكالة الشرعية للزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو المساعدة أنا أبحث عن نص للوكالة الشرعية للزواج أريدها في أسرع وقت ممكن فأنا في عجلة من أمري.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوكالة في النكاح لا تشترط لها صيغة معينة بل تحصل بكل ما يدل عليها، وبالتالي فإذا كنت تريد الزواج وترغب في توكيل من ينوب عنك فبإمكانك أن تقول أو تكتب وكلت فلانا في عقد نكاحي أو جعلته نائبا عني ... أو ما في معنى ذلك، وإن كنت تريد التوكيل في شأن تزويج ابنتك أو من كنت ولي نكاحها فبإمكانك قولُ أو كتابةُ وكلت فلانا في تزويج فلانة أو جعلته نائبا عني في هذا أو نحو ذلك مما يفيد هذا المعنى، وينبغي توثيق ذلك كله قطعا للنزاع فيما بعد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1429(12/7680)
يعطي الزبائن الذين جلبهم سعرا زائدا ويأخذ الفرق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في المطبعة مصمم جرافيك -لست مندوب مبيعات هذا التوضيح مهم- أجلب عملا للمطبعة (مطبوعات) أعطي الزبون سعرا أعلى من السعر الذي تحدده المطبعة وآخذ الفرق بين السعرين، فما حكم ذلك؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تأخذ هذه الأعمال نيابة عن أصحابها لتتعامل مع المطبعة فأنت وكيل عن أرباب تلك الأعمال المجلوبة إلى المطبعة, والوكالة أمانة بمقتضاها يجب عليك البحث عن الأحظ لموكلك, ولا شك أنه كلما كان سعر تكلفة الطباعة أرخص كان ذلك أحظ له.
جاء في منهاج الطالبين: الوكيل بالبيع مطلقاً ليس له البيع بغير نقد البلد ولا بنسيئة ولا بغبن فاحش وهو ما لا يحتمل غالباً، فلو باع على أحد هذه الأنواع وسَلَّم المبيع ضمن.
وبناء على هذا فما تقوم به من زيادة على ما تحدده المطبعة وأخذ تلك الزيادة لا يجوز إلا بإذن أصحاب هذه المطبوعات, وراجع في ذلك الفتوى رقم: 60788.
فعليك أن تتوب إلى الله من ذلك, ومن مقتضيات التوبة منه أن تعيد تلك الزيادة إلى موكلك, وإن خفت حرجا من ردها إليك مباشرة أمكن أن تردها إليه بالحيلة، ولك أن تتفق مع موكلك على أجرة مقابل وكالتك, فالوكالة يجوز أن تكون بأجر وبدونه، وأما إن كنت تقوم بالاتفاق معهم على سعر معين ثم تذهب إلى أصحاب المطبعة فتتفق معهم على سعر أخفض لتأخذ الفرق -وهذا برضى جهة عملك وإذنها- فلا نرى حرجا في ذلك، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 97002، والفتوى رقم: 80662.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1429(12/7681)
حكم بيع الوكيل لنفسه بغير إذن موكله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة حيث إن صاحب الشركة التي أعمل فيها يشتغل في شركة أخرى حيث إن مكسب شركته يعتمد على الشركة التي يعمل فيها الأولى لكي يرفع الأسعار على الشركة التي يعمل فيها ليكسب شركته وطبعا صاحب الشركة التي يعمل فيها مديري ما يعرف أن عنده شركة لأنه لو عرف سيعمل حاجات كثيرة مع العلم لو اشتغل فرد آخر غير مديري في الشركة التي يعمل فيها من الصعب أن يحصل الأسعار الرخيصة مثله ولكن ليس مستحيلا ومع العلم أن الشركة التي يعمل فيها مديري تكسب أيضا السؤال هل يقع علي وزر حيث أني أعرف مصدر المال ولو تبين أن الشغل حرام أتركه مباشرةأم أنتظر حتى أجد عملا غيره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر لنا أن صاحب الشركة التي تعمل بها يعتبر وكيلاً للشركة الأخرى، ولا يجوز للوكيل في الشراء أو البيع أن يشتري أو يبيع من نفسه، وذلك لأنه يتهم في ذلك، وقد أجاز بعض الفقهاء للموكل أن يشتري من نفسه بشرط أن يأذن الموكل، وهذا الإذن منتفٍ هنا، بل الظاهر من كلامك أن الشركة التي يعمل بها مديرك لن تقبل إذا علمت حقيقة الأمر، ولا يغير من الحكم كون الشركة التي يعمل بها مديرك تحصل على مكاسب أيضاً أو غير ذلك مما ذكرته في سؤالك.
قال ابن قدامة في المغني: وإذا أذن للوكيل أن يشتري من نفسه , جاز له ذلك. وقال أصحاب الشافعي في أحد الوجهين: لا يجوز؛ لأنه يجتمع له في عقده غرضان: الاسترخاص لنفسه، والاستقصاء للموكل وهما متضادان فتمانعا. وقال: ولأن علة المنع هي من المشتري لنفسه في محل لاتفاق التهمة لدلالتها على عدم رضى الموكل بهذا التصرف، وإخراج هذا التصرف عن عموم لفظه وإذنه، وقد صرح هاهنا بالإذن فيها، فلا تبقى دلالة الحال مع نصه بلفظه على خلافه. انتهى.
فالواجب عليك أن تنصح صاحب الشركة التي تعمل بها، وتبين له الحكم الشرعي، فإن لم يستجب فتبين الأمر لأصحاب الشركة الأخرى، فإن لم يستجب لك فالأولى أن تترك العمل عنده وتبحث عن عمل آخر يخلو من المخالفات الشرعية.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 34600، 74058، 80662، 96394.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1429(12/7682)
أمانة الوكيل وإعطاؤه كل ذي حق حقه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة ورثة، ولنا أموال يقوم بإدارتها وكيلنا وهو أحد الورثة، ويأتينا رواتب شهرية..
ولكن إذا أراد أحد من الورثة مبلغا مقطوعا طلب من الوكيل فيعطيه..
المشكلة أن هناك من الورثة من توفاهم الله وبعضهم لم يطلب من الوكيل سوى ما يأخذه من راتب.. وما يؤرقني هو هل سنتحاسب يوم القيامة، فكلما كلمنا الوكيل، قال الحسابات في الدفاتر ونحن لا نطلع على الدفاتر.. فماذا علينا؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتبين لنا المقصود من السؤال بشكل واضح، ولكننا نقول على سبيل العموم يجب على الوكيل أن يكون أمينا فيعطي كل ذي حق حقه، ولا يعطي أحدا أكثر من حقه إلا برضا جميع الورثة، فإن قصر في الأمانة فحسابه على الله يوم القيامة، وحساب الأمانة شأنه عسير حتى قال صلى الله عليه وسلم: القتل في سبيل الله يكفر كل ذنب إلا الأمانة.. رواه البيهقي. ومن أخذ حق غيره وتبين له ذلك وجب رد الحق إلى صاحبه أو يستحله، ومن مات قبل أن يرد الحق إلى صاحبه فسيؤديه يوم القيامة، وقد أقسم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك فقال: لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء.. رواه مسلم والترمذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1429(12/7683)
الوكيل يلتزم بإنفاق المال حسب رغبة موكله
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: هو يا شيخ قد أطلب بعض المساعدة لأناس معسرين أي صاحب ديون من بعض الأغنياء التجار وقد يستوفي المبلغ حقه للمعسر من قضاء دينه فأعطي باقي المبلغ لأحد الفقراء دون أن أخبر التاجر لأن ذلك يتعذر علي أي وأجد حرجا من التاجر فقد يتوهم أن هناك تلاعبا فأعطي المبلغ لفقير آخر هل علي شيء لأن هذا يحصل مني كثيرا.
أرجو سرعة الإجابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكمك حكم الوكيل فيما تأخذه من أموال من هؤلاء التجار لإعطائه للمعسرين، فيجب عليك أن تلتزم بإنفاق هذا المال فيما وكلوك في إنفاقه، فإن وكلوك في إعطائه لشخص معين أو لصنف معين من الناس وجب عليك الالتزام بذلك، فإن لم تجد له مستحقاً وجب عليك رده إليهم، ولا نرى حرجاً في بيان ذلك للتجار، بل الحرج في مخالفتك لهم لأن ذلك من خيانة الأمانة، ومن خالف موكله فيما وكله فيه من توزيع الصدقة فإنه يأثم بذلك ويلزمه ضمان المال، وإن أطلق التجار لك التصرف في التصدق به جاز أن تتصدق به في جميع وجوه الصدقة.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 9488، 15522، 25663، 33488، 94354.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1429(12/7684)
حكم توريد أقساط الموظفين للشركة مقابل نسبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الحكم في شراء أثاث منزلي بالتقسيط حيث نحن موظفون وليس لدينا القدرة على الشراء نقداً، وكذلك ما حكم أن أقوم بجمع أقساط الموظفين وتوريدها إلى الشركة المقسطة وبالمقابل أحصل على نسبة من التوريد، هل هذا حلال؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشراء بالأقساط تقدم حكمه في الفتوى رقم: 4243، والفتوى رقم: 106040.
وأما عن حكم قيامك بجمع أقساط الموظفين وتوريدها إلى شركة التقسيط فهذا ينظر فيه إلى المعاملة نفسها فإن كانت جائزة حسب الشروط الشرعية المذكورة في الفتويين المحال عليهما فلا مانع من قيامك بذلك، أما إن لم تكن جائزة فلا يجوز لك فعل هذا لأنه يدخل في الدلالة على الإثم.
وفي حال كان الشراء بالأقساط جائزاً وأردت الحصول على عمولة من الشركة نظير هذا العمل فلا مانع وهو نوع من السمسرة، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 72048.
وإن كان المقصود الحصول على نسبة من الموظفين فهذا لا بد فيه من الاتفاق معهم على أجرة معلومة أو نسبة ... ويعتبر هذا العمل وكالة بأجرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(12/7685)
لا تستحق أخذ سوى العمولة المتفق عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[تعاقدتُ مع شركة - بِالمدينةِ المنوّرةِ – لجلبِ (عَشْرةِ) أجهزةِ حاسبِ (كمبيوتر) ، حيثُ ميزانية كلّ جهاز تتراوحُ ما بين (2000- 3500) ريالٍ. ولي من ذلك مَبلغ (عُمولةٌ) على كلّ جهاز من (200) إلى (300) ريالٍ. والحديثُ لا يزال للسّائل: أنا قلت: العب لعبتك، ورينا شطارتك؛ كذا ما راح اطلع بمكسب طيّب، فالمعروف بالسّوق في الأجهزة تقدر تشتري القطع وتركبها بنفسك؛ يعني مثلاً أنا نزلت السّوق وأشتري جهازا خاصا فلقيت سعر الجهاز بِ (3000) ريال مجمع وجاهز، قلت: لماذا أشتريه مُجمّعا، أشتريه قطعا وأركبّه بنفسي.
وتكلفة القطع كلها 1850 ريالٍ؛ أصبح الفرق 1150 ريالٍ، وبنفس المُواصفات الذي سأشتريه بـ 3000 ريالٍ! أنا مُهمّتي للشّركة أن أُحضر أجهزة مُجمّعة بمُواصفات أجهزة قيمتها 3500 ريال.
وتكلفة تجميع قطع الجهاز الواحد 2500 ريالٍ.
وهم أعطوني ميزانية لكل جهاز لا تقل عن 2000 ريالٍ، ولا يزيد عن 3500 آلاف ريال.
أنا سآخذها كلها بمواصفات 3500 ريالٍ.
وسأبيعها لهم لكل جهاز 3500 ريال، مكسبي للجهاز الواحد 1000 ريال،
ومع (عُمولتي) على كل جهاز 300 ريال أو 200 ريال تصير 1300ريال.
أنا إن شاء الله سأجعل (العُمولة) 300 إذا نزلت السوق واشتريت ال 10 أجهزة بقيمة 3500 ريال؛
ستكون التكلفة 35000، لكن إذا أخذتها تجميعا ستكون كذا 25000 ريال، وأبيعها للشركة؛ بحيث الجهاز الواحد بسعر السوق 3500 ريال، مكسبي سيكون (10000) ؛ بدون ال 300 ريال التي سآخذها (عمولة) ؛ على كُلّ جهاز.
السؤالُ: هل هذا يعدّ من قَبيل النّصب) ؟
أنتظر الرد ... وجزاكم الله عنا كل خير وسدد خطاكم ربنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الاتفاق بينك وبين الشركة على أن تحضر لهم هذه الأجهزة على سبيل الوكالة بأجر -وهذا هو المتبادر- فلا يجوز إلا أن تشتري لهم أجهزة جاهزة حسب المواصفات المتفق عليها، ولا يجوز لك أن تأخذ إلا العمولة المتفق عليها، فهذا هو مقتضى الأمانة التي هي أساس الوكالة.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 97649، والفتوى رقم: 105285.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1429(12/7686)
حكم شراء الوكيل من نفسه لموكله
[السُّؤَالُ]
ـ[فجزاكم الله خيراً على ما تقدموه للمسلمين من نصح وإرشاد.. قامت زوجتى بشراء قطعة من الملابس بـ 7.5 جنيهات وقالت لبنت عمتها هل تريدين مثلها ... إذا كنت تريدين مثلها أعطيني 15 جنيه لأشتريها لك، وعندما أخبرت زوجتي أنه لا يجوز أخذ هذا المبلغ الزائد عن أصل القيمة قالت لي إنها تجارة وإنها اشترت القطعة أولاً بنقودها ثم باعتها ولم تشترها بنقود بنت عمتها، فأرجو الإفاده هل يجوز هذا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ظاهر السؤال يفيد أن زوجة السائل وكيلة لابنة عمتها في شراء القطعة المذكورة، وعليه لا يصح للوكيل في الشراء أن يشتري من نفسه لموكله لا سيما ودلالة الحال والعُرف أن الموكل وكله في الشراء من غير نفسه فكما لو صرح بذلك.
جاء في دقائق أولي النهى: ولا يصح بيع وكيل لنفسه، ولا يصح شراؤه منها أي نفسه لموكله.. لأنه خلاف العرف في ذلك وكما لو صرح فقال له بعه أو اشتره من غيرك وللحوق التهمة له في ذلك. انتهى.
وكل هذه المعاني متوفرة في صورة المعاملة موضوع السؤال، وبالتالي يلزم زوجة السائل ردّ المبلغ الزائد على الثمن الحقيقي إلى ابنة عمتها، ولا يصح قولها إنها تجارة بينها وبين موكلتها، كما لا عبرة بدفع ثمن السلعة من نقود الوكيلة في هذه الصورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1429(12/7687)
الوكيل إذا اشترى لموكله بأكثر من ثمن المثل
[السُّؤَالُ]
ـ[رغبت في شراء جهاز كمبيوتر وكان زوج إحدى صديقاتي يعمل في هذا المجال فكلفته بهذا الأمر واتفقنا على مواصفات الجهاز الذي أرغب في الحصول عليه وأخبرني بالمبلغ المستحق وقال لي إنه يعمل هذا خدمة لي ولا يكسب فيه أي ربح.
المهم أنني أعطيت هذا الشخص عربونا أكثر من نصف المبلغ واتفقنا على ميعاد ومكان التسليم وقبل الميعاد المحدد عرفت ممن أحسن الظن بهم أن الجهاز بهذه المواصفات دون المبلغ المطلوب وأخبرني بالمبلغ المستحق للجهاز.
فذهبت للشخص في الميعاد والمكان المحدد وأخبرته بذلك فأنكر فطلبت منه الفواتير التي اشترى بها الجهاز فماطل في ذلك فأخبرته أن يعطيني الجهاز بالمبلغ الذي عرفته مؤخرا أو أنا لا أريد الجهاز وأريد نقودي فاخبرني أنه مضطر لإعطائي الجهاز لأن هذا قد يوقعه في الخسارة ولم يدعم كلامه بأي مستندات فأخذت منه الجهاز وأعطيته باقي المبلغ كما علمت أنه كذلك في السوق وكما أخبرني بعض معارفي الذين أحسن الظن بهم.
فهل علي إثم في ذلك وقد مضى على هذا الأمر حوالي ثلاثة أعوام فان كان علي إثم فكيف تبرأ ذمتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ظهر لنا والله أعلم أن السائلة وكلت ذلك الرجل في شراء جهاز عنها لخبرته في الأجهزة.
وعليه، فهو وكيل ويجب عليه النصح لموكله، ولا يجوز له أن يشتري له بأكثر من ثمن المثل، فإن فعل مختاراعالما كان خائنا وغاشا، تجب عليه التوبة من ذلك الغش وخيانته للأمانة، ثم إنه يلزمه رد ما زاد على ثمن المثل. جاء في كشف القناع وهو أحد كتب الحنابلة: وإن وكله في الشراء فاشترى الوكيل باكثر من ثمن المثل مما لا يتغابن فيه عادة إذا لم يقدر له ثمن صح (يعني البيع) ..
وهنا الوكيل الزائد عن ثمن المثل أو المقدر.
وبهذا تعلم السائلة أنه إذا صح أن الرجل قد اشترى الجهاز بأكثر من ثمن مثله لا يلزمها إلا ثمن المثل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1429(12/7688)
حكم زيادة الوكيل في ثمن السلعة الموكل بشرائها
[السُّؤَالُ]
ـ[إني موظف في إحدى محطات وزارة الكهرباء, في العام الماضي رشحتني الدائرة رئيس لجنة المشتريات وافقت بغير كامل الإرادة؛ لأن الأوضاع في بلدي كانت مأساوية بسب المحتل, وكنت أذهب للأسواق لجلب المواد المطلوبة بنقودي ومن ثم يتم صرفها من قبل الدائرة إذا كانت مطابقة. علما أن الدائرة أبلغتني بأنها غير ملزمه بالنقود إذا ذهبت بسب السرقة أو ما شابه أو المواد التي يتم جلبها, علما أن المادة يتم جلب أكثرها من غير المحافظة التي أعمل بها والدائرة خصصت لي مبلغا ضئيلا لا يتوافق مع أي مادة جيدة.
السؤال: هل لي الحق في إضافة أسعار على المواد التي أجلبها من الأسواق على الدائرة؟ علما أني طرحت السؤال على بعض العلماء الموجودين وأجازوا لي في ذلك فقط أن يكون المال المضاف يكون ضمن المنطق؛ لأن المواد يكون شرائها من نقودي وليس من الدائرة لأن الدائرة لا تصرف المال إلا بعد جلب المادة والكشف عليها من قبل لجنة الاستلام. ومن ثم يسمح بتمشية معامل بها. أفتوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أنك وكيل عن هذه الإدارة تطلب منك إحضار بعض المواد وأنك متطوع بشرائها بنقودك لتأخذ نقودك لاحقا من الإدارة.
وعلى هذا، فإنك مؤتمن والمؤتمن لا ضمان عليه إلا إذا فرط أو تعدى، فلا نرى وجها لتضمينك فيما عدا التفريط أو التعدي ففي فقه السنة: ومتى تمت الوكالة كان الوكيل أمينا فيما وكل فيه فلا يضمن إلا بالتعدي والتفريط. اهـ
وليس من حق الوكيل أن يضيف أسعارا على المواد التي وكل على شرائها لما في ذلك من التعدي على موكله ولما فيه من خيانة للأمانة، فقد حذر الله تعالى من خيانتها بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {لأنفال:27} والبديل أن تخصص لك الإدارة مبالغ كافية لتغطية التكاليف أو تطلب منك شراء المواد وتعدك بشرائها منك على وجه المرابحة وعدا غير ملزم. وللمزيد تراجع الفتاوى رقم: 46600، 70339، 107348، 67307.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1429(12/7689)
مسائل تتعلق بالوكالة وتصرف الوكيل
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو عندي أقارب سكنوا في إحدى دول الغرب وأنا ساكن في العراق وقد كلفني أن أشتري له دارا للسكن في العراق وأن أكتب هذا الدار باسمي في دوائر العقاري؛ لأنه لا يستطيع أن يكتب البيت باسمه حسب القانون العراقي في وقتها، أنا في البداية رفضت لأنه سيكون عليه أرشيف في الضريبة، وبعد اتفاق معه أن يتحمل هو التكاليف الخاصة في بيته فقط وأن يشتري لي سيارة كهدية أو كأتعاب لي وكان الاتفاق على السيارة ونوعها وثمنها في ذلك الوقت بالتحديد سنة 2001 ونوعها تويوتا صالون موديل 1980 وقيمتها التقريببه تساوي 2800دولار في وقتها, اشتريت له البيت وسجلته باسمي حسب الاتفاق ولكنه ظل يماطل في تسديد ما عليه من اتفاق وكنت أذكره عدة مرات ويتحجج ويؤجل الأمر وهو شراء السيارة استمر هذا الأمر إلى سنة 2003 بعد التغيير الذي حدث في العراق فقدرت في رأسي أن أبيع البيت وأشتري له دارا في منطقه زراعية.
وفعلت هكذا للأسباب التالية:
- 1--حتى أتمكن من الحصول على حقي من الاتفاق.
2--كي يكون لي فرصه أن أستفيد ماديا من عملية دلالية البيع والشراء ومتابعة بناء البيت الجديد والحصول على أجور الإشراف والمتابعة.
3 - فائدة له أيضا حيث سيكون له بيت أكبر حجما ومساحة ويكون كذلك في منطقه أجمل, بعت البيت واشتريت له الأرض أخبرته استغرب بالبداية لكن فرح بعدها كثيرا وطلب مني أن أصور المنطقة الجديدة له وبعد أن صورتها له فرح أكثر وقال: هذا ما كنت أحلم به أنا وأطفالي وكلفني بمهمة ثانية وهي بناء بيت له في هذه الأرض الجديدة, فقلت له: أريدعليها أتعابا وأنت لم تدفع لي إلى الآن أجور الاتفاق القديم، فأجابني أنه حقك وأول ما يأتي للعراق أو يزيد عنده مال فسوف يعطيني أتعابي، ولم يتم الاتفاق بالضبط كم هي أتعابي بهذه الخطوة وهي بناء البيت وإدارة هذه الأرض الزراعية لأني كما ذكرت أنه من أقاربي فلم أكن حادا جدا معه بسبب الحياء, قمت بتكليف أحد المهندسين قام ببناء البيت وقمت أنا بالإشراف العام على العمل ومتابعة العملية وكان هناك أجور نقل وغيرها كثير من المصاريف في عام 2006 رجع إلى العراق وقمنا بتصفية الحسابات وتسليمه الأمانة وهي البيت بناء على طلب مني كوني مشغولا بمهنتي وهي الطب في وقتها, وقدمت له قائمة بالحساب وما تم صرفه على البيت من أول ما بعت البيت القديم إلى يومها وكان من ضمن الحسابات في هذه القائمة بند ينص على أجور إشراف ومتابعة وبند آخر دلالة بيع وآخر دلالة شراء وهذه الأموال كانت لي؛ لأني أنا من قمت بعملية البيع والشراء وكذلك أنا من قمت بالإشراف ولكن من غير أن أكتب أنه إلي أو أقول له إني أنا من أشرف على البناء وغيرها, حيث قلت في نفسي أفضل من أن أستخدم رجلا غريبا يشرف على العمل وكذلك خصمت من الدلال وأعطيته جزءا وأخذت الباقي لي كل هذا مبين في الورق كما قلت، نظر إليها قريبي واقتنع بها وانتهت المسألة بتنازلي عن الدار وتحويلها باسمه وكتب لي هو ورقه أنه استلم الأمانة كاملة مني وأنه ليس بذمتي أي شيء، وكان هذا الاتفاق واللقاء بحضور شهود، وقلت له إني الآن أطالبك فقط مبلغ السيارة وعليك أن تأخذ بنظر الاعتبار تغير الموديلات ونوعياتها وأسعارها وبسببك لأنك أخرت تسديد المبلغ من2001 إلى الآن ونحن في 2006 فقال: إني أول ما أرجع لبلدي سوف أحاول أن آخذ قرضا من البنك أو أدبرالمبلغ ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور نوضحها لك في النقاط التالية:
1- العقد الذي تم بينك وبين قريبك كما فهمنا من سؤالك هو عقد وكالة بأجر، وهو من العقود الجائزة، وعلى الوكيل أن يفعل ما فيه مصلحة موكله، وعلى هذا فما اتفقتما عليه من أجر فواجب على قريبك أن يسلمك إياه.
2- ما قام به قريبك من مماطلة في تسديد ما عليه، فإن كان معسراً فالواجب عليك إنظاره إلى حين ميسرة، وإن كان موسراً فلا يجوز له المماطلة لما في الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مطل الغني ظلم. والمطل منع قضاء ما استحق أداؤه.
3- لا يجوز لك أن تبيع البيت بغير إذنه عوضا عما لك في ذمته من الدين، إلا إذا ثبتت مماطلته في وفاء الدين، وذلك من باب الظفر بالحق، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 42472،. والفتوى رقم 55480.
وما قمت به من شراء الأرض تصرف فيما لم يأذن لك فيه موكلك، فيكون موقوفا على إجازة الموكل أو رده. ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 41571، والفتوى رقم: 55574، وما دام موكلك قد رضي بهذا التصرف فقد صارت هذه الأرض ملكاً له.
4- ما كلفك به من عمل في بناء البيت فهذه وكالة أيضاً، وقد أخطأتما بعدم الاتفاق على أجر، ولا يصلح الحياء أن يكون سبباً لعدم الاتفاق فإن في تحديد الأجر حفظ الحقوق وقطع النزاع، ويجب لك أجر المثل في هذه الحالة، وننبهك إلى أن الواجب عليك أن تبين لموكلك ما قمت به من أعمال وما أنفقته من مال ولا يجوز لك أن تضيف أجور ما قمت به مما تسميه أنت دلالية بيع وشراء على أن من قام بهذا غيرك فإن في ذلك كذب وخداع.
5- أما مطالبتك بمبلغ السيارة كأجرة الوكالة الأولى ففي ذلك تفصيل، إذا كان الاتفاق على سيارة محددة المواصفات فالواجب عليه هو هذه السيارة، فإن تعذر الحصول عليها فلك قيمتها، أما إذا كان الاتفاق على مبلغ محدد كثمن لهذه السيارة فلا تستحق إلا هذا المبلغ بغض النظر عن ارتفاع أسعار الموديلات؛ لأن هذا المبلغ هو دين في ذمة قريبك، واشتراط الزيادة في الدين ربا، لكن إن رضي قريبك من غير شرط ولا مواطأة أن يعطيك ما هو خير من الدين الثابت لك جاز له ذلك، لأن هذا من حسن القضاء، وفي البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن خياركم أحسنكم قضاء، ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 96169.
وكما يجب عليك أن تبين له أن المبلغ الذي أنفق للإشراف والمتابعة والدلالية قد أخذته لك مقابل القيام بهذه الأعمال فإن رضي جاز لك أخذ هذه الأجور وإن لم يرض وجب لك أجر المثل.
وينبغي أن يعلم أن مسائل النزاع لا يرفعها إلا قضاء القاضي الشرعي أو بالتحكيم الشرعي إن لم توجد ببلدكم محاكم شرعية. ونوصيك أنت وقريبك بصلة الرحم فيما بينكما ونذكركما بحقارة الدنيا وأنها لا ينبغي أن تكون سبباً لقطع الأرحام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1429(12/7690)
وكل سفيها على المال وهو يعلم حاله فضاع المال فمن يضمنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أرفع إلى سيادتكم مشكلتي حتى تفيدونا بما يترتب من حكم فقهي تجاه هذه المشكلة. وها هي بإيجاز: لي صديق في (دبي) يعمل في الصرافة وكان له في حلب وسيط يحول له المال الذي يريده إلى الجهة التي يريدها لقاء أجر. لكنهما انفصلا بالتراضي. فبحث عن البديل فلم يجد. وكان صديقنا هذا يعرف ولدنا ظاهرا. فقد أبرم مع ولدنا اتفاقا في التعامل المصرفي, لقاء أجر زهيد..دون أن يعلمنا بذلك, ودون إذن مني. وأنا وليّه. ويعيش معي وأدير شؤونه لأنه مبتلى بالإسراف والتبذير منذ نشأته، ولمّا يشفى بعد. واستمر صاحبنا يغريه حتى هوى ابننا الأمر وصار من الصعوبة بمكان أن نثنيه عنه، ولم بمض على هذا الاتفاق سوى بضعة أبام حتى أخبرني ولدي بهذا الاتفاق، فلما علمت بذلك أخبرت صديقي: بأن ولدنا ليس أهلا لهذا العمل، فأرجو أن تتوقف، فلم يذعن إلى رجائي. وكانت إجازته قد اقتربت فحضر إلى حلب فأحضرته إلى مكتبي بحضور شهود هو يعرفهم وقلت له: إن ولدي لا يصلح لهذا الأمر, فهو مسرف مبذر. ومعروف لدى كثير من الناس ونحن أعرف به من أي أحد. وإنه يعيش في كنفي وعلى مائدتي وهو يحمل الشهادة الابتدائية فقط. وإنه إذا وضعت في يده مبلغا من المال فخرج فلن يعود حتى لا يبقي منه شيء. ف هو لا يعرف قيمة المال، فأرجوك أن تكف عن التعامل معه لأنك ستؤذيه، فأنا أبوه وأدرى به. فأجابني: دعنا نجربه ونفتح له طريقا للنجاح، قلت له: لقد جربته كثيرا فلم أجد منه رشدا, فأنا أعلم به منك. ومنذ عشر سنين يعمل أجيرا لعدة مهن. ولم يدخر ليرة واحدة. فأرجوك ألا تستمر معه, حفاظا عليه من الفساد والضياع، وحفاظا على مالك فلم يقبل وأصر على ما يريد.وأنا غير راض. وقال: دعه نجربه. فقلت له: إذا ضيع ولدي أو أتلف شيئا من المال فمن يتحمل ذلك؟ ومن هو المسؤول.؟؟ فأجابني: أنا المسؤول وأنا أتحمل ذلك. فتدخل الأخوان (لؤي وخلوق) وقالا له: انتبه يا فلان. فالولد غير كفء لهذا العمل. لأن هذا العمل يتطلب رجلا ذا حكمة ودراية بالحسابات وتحويل المبالغ الكبيرة التي قد تبلغ في بعض الحالات مليون ليرة تحويلة واحدة. فهو لا يحافظ على ماله. فكيف سيحافظ على مالك؟ فإذا ضيع أو أتلف شيئا من المال فمن يتحمل ذلك؟ ومن هو المسؤول؟ فأجابهما: أنا المسؤول. وأنا أتحمل ذلك. (كفيل) وهذا تأكيد صريح منه على إسقاط حق المطالبة لولدنا لو أذهب شيئا من المال. فهو الكفيل لذلك. وبشهادة الشهود. كل هذا التحذير وصديقنا لا يصغي إلى نصائحنا, وأصر على عمله. وبدا له من الأسابيع الأولى: أنه كذلك. ثم أقر واعترف ودون في رسالته إلينا بأن ولدنا فيه هذه الأوصاف التالية. حيث قال: الذي حصل حقيقة أنني حُذّرت منه, أنه يخطئ, ينس , يهمل" وقال: هي أمور تحصل أثناء التعامل من خطأ أو نسيان أو طيش أو قلة تدبير وحكمة. فأنا أعلم يقينا أن له من طيش الشباب وأنه قد لا يحسن التصرف في بعض الأمور وقد يخفق باجتهاداته. . . وجميعها عن حسن نية." وقال: صحيح قيل: ولد مستهتر فيه طيش الشباب يسيء التصرف أحيانا قليل المسؤولية وشيء من هذه الكلمات ضمن هذا المعنى" فكيف تاجر مثله يقدم على هذه المغامرة؟ فهذا عمل تجاري فيه ربح وضمان وليس لعبا. ومن يعامل من تكون هذه صفاته فإنه يتلف ماله بيده. ثم مضى زمن آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن توكيل السفيه على المال لا يجوز لما في ذلك من تعريض المال للضياع, والمال أحد الضروريات الخمس التي يجب الحفاظ عليها, فقد قال تعالى: وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا. {النساء: 5} .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع فتاواه: وَقَدْ قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ هَذَا مِثْلُ تَوْكِيلِ السَّفِيهِ وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ الرَّجُلُ مَالَهُ إلَى وَلَدِهِ السَّفِيهِ أَوْ امْرَأَتِهِ السَّفِيهَةِ فَيُنْفِقَانِ عَلَيْهِ وَيَكُونُ تَحْتَ أَمْرِهِمَا. وَقَالَ آخَرُونَ: ذَلِكَ أَنْ يُسَلِّمَ إلَى السَّفِيهِ مَالَ نَفْسِهِ فَإِنَّ اللَّهَ نَهَى عَنْ تَسْلِيمِ مَالِ نَفْسِهِ إلَيْهِ إلَّا إذَا أُونِسَ مِنْهُ الرَّشَدُ. وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى النَّوْعَيْنِ كِلَيْهِمَا.
وقد أحسنتم – أحسن الله إليكم – حين نصحتم الرجل بأن لا يتعامل مع ابنكم لما يتصف به من سفه, فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ. رواه البخاري ومسلم.
أما بخصوص سؤالك المبني على أن ابنكم سفيه وأن موكله عالم بذلك فلا ضمان على ابنكم.
جاء في حاشية البجيرمي: ((وَلَا يَضْمَنُ (يعني السفيه) مَا قَبَضَهُ مِنْ رَشِيدٍ بِإِذْنِهِ) أَوْ بِإِقْبَاضِهِ الْمَفْهُوم بِالْأَوْلَى (وَتَلف) وَلَوْ بِإِتْلَافِهِ لَهُ فِي غَيْرِ أَمَانَةٍ (قَبْلَ طَلَبِ) ... بِخِلَافِ مَا لَوْ قَبَضَهُ مِنْ غَيْرِ رَشِيدٍ أَوْ مِنْ رَشِيدٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِقْبَاضهُ، أَوْ تَلِفَ بَعْدَ طَلَبِهِ وَالِامْتِنَاع مِنْ رَدِّهِ أَوْ أَتْلَفَهُ فِي أَمَانَةٍ كَوَدِيعَةٍ.
وجاء في المغني لابن قدامة: فإذا حجر عليه فباع واشترى كان ذلك فاسدا واسترجع الحاكم ما باع من ماله ورد الثمن إن كان باقيا وإن أتلفه السفيه أو تلف في يده فهو من ضمان المشتري ولا شيء على السفيه وكذلك ما أخذ من أموال الناس برضا أصحابها كالذي يأخذه بقرض أو شراء أو غير ذلك رده الحاكم إن كان باقيا وإن كان تالفا فهو من ضمان صاحبه علم بالحجر عليه أو لم يعلم لأنه إن علم فقد فرط بدفع ماله إلى من حجر عليه وإن لم يعلم فهو مفرط إذ كان في مظنة الشهرة هذا إذا كان صاحبه قد سلطه عليه فأما إن حصل في يده باختيار صاحبه من غير تسليط كالوديعة والعارية فاختار القاضي أنه يلزمه الضمان إن أتلفه أو تلف بتفريطه لأنه أتلفه بغير اختيار صاحبه فأشبه ما لو كان القبض بغير اختياره.
وللأهمية راجع الفتاوى: 70372، 98351، 105611.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1429(12/7691)
الزيادة التي يكسبها الوكيل ترجع إلى موكله
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل فى شركة سياحة تحديدا فى مجال حجز تذاكر الطيران أقوم بإصدار تذاكر طيران بسعر محدد وهو السعر الطبيعى للتذكرة وفيه تكون الشركة لها ربحها الطبيعى ولكن فى بعض الأحيان نقوم بعمل بعض الحجوزات التى لا تؤثر في السعر من ناحية ربح الشركة حيث إنها أيضا يدخل لها ربحها بالكامل ولكن نحصل على سعر أعلى من السعر الطبيعى فهل من الصواب أن أدخل للشركة ربحها الطبيعى المتعارف عليه والمطلوب والباقى آخذه أنا أم أدخل الشركة الربح بالكامل المفروض والزائد. شكرا أفيدونى أفادكم الله لأهمية هذه المواضيع بالنسبة لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تأخذ هذا المبلغ لنفسك، بل الواجب عليك أن تدفع ثمن التذكرة بالكامل للشركة؛ لأن حكمك حكم الوكيل. وقد نص العلماء على أن الزيادة التي يكسبها الوكيل ترجع إلى موكله؛ لأن الوكيل مؤتمن على ما تحت يده، ولا بد أن يتصرف بما فيه مصلحة الموكل، فأخذ هذه الزيادة خيانة وأكل لأموال الناس بالباطل.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 49948، 46286، 56257.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1429(12/7692)
وكلته بشراء سيارة ويؤجرها بكذا وما زاد فهو له
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ابن خال عنده مشروع شركة تأجير للسيارات طلبت منه أن يساعدني في المحافظة على بعض الأموال لدينا واستثمارها فوافق على الآتي:
1 - يأخذ مني مبلغ 45 ألف جنيه مقابل أنه سوف يشتري بها سيارة وسوف يؤجرها هو من خلال شركته لشركة أخرى بعقد شهري وأنه سوف يعطيني مبلغ 1500 شهرياً والباقي له وليس لي أن أعرف العقد بكم لأن هذا علمه.
2-بعد فترة علمت من زوجي أن ابن خالي قد باع السيارة وأنه ملتزم بدفع المبلغ الشهري المتفق عليه الـ1500 بدون السؤال عن تفصيل الاستثمار.
3- ظل الحال هكذا لمدة سنوات.
4- فى يوم صارحت زوجي أنه من الأفضل سحب أموالنا حيث إنني سمعت بتدهور الشركة، فقال لي زوجي إنه ليس له علاقة وأن الأفضل أن يكون الموضوع بيني وبين ابن خالي.
5- ذهبت فأخبرني ابن خالي أن مبلغ الـ 45 ألف قد أصبحوا 30 ألف فقط ولما سألته لماذا قال أنا قد أخبرت زوجك أنه سوف يخصم 15 ألف استهلاك للسيارة (على الرغم أنه لم يخبرني أنه اشترى سيارة حيث كان طلبه عدم السؤال عن طريقة شغلة- كما أنني متأكدة أنه لم يبع لي سيارة وأعرف هي خسرت أو كسبت كم بالضبط) . 6- ثم طلب مني الانتظار قليلا على باقي فلوسي لأنة متعثر وقد مر 3 سنوات حتى الآن وأنا لم آخذ منه شيئا، أود أن أعرف أنا كم لي من الحق عند هذا الرجل، وكيف أطلب الفلوس منه وهو يعلم أنني أنا كذلك في أشد الحاجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي كلام السائلة اضطراب وعدم وضوح، فمرة تقول إنها دفعت المال إلى ابن خالها ليشتري سيارة يؤجرها ومرة تقول إنه لم يخبرها بشراء السيارة، وعلى كل لا يخلو الحال من احتمالين:
الأول: أن تكون السائلة دفعت المال ليقوم المذكور بشراء السيارة وتشغيلها مقابل أن يعطيها مبلغاً شهرياً قدره كذا، والباقي له.. فهذا يمكن القول بجوازه باعتبار أنها وكلته على أن يشتري لها سيارة ويؤجرها بكذا وما زاد فهو له، ويجب على هذا الشخص تسليم أجرة السيارة إلى صاحبتها..
وعلى هذا الاحتمال فعند فض العقد يجب على المذكور أن يرد السيارة المشتراة بحالها، ولا يجوز له التصرف فيها بالبيع إلا بإذن وإلا كان ضامناً لتعديه حد الوكالة، وإذا حصل الإذن وجب دفع الثمن كاملاً إلى صاحبة السيارة لأنه مالها، وإنما كان هذا الشخص مجرد وكيل اشترى لموكلته، ولا يحل له الامتناع عن دفع الثمن إلى المالك.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه إن صح ما علمت به من أن ابن خالك قد باع السيارة فإنه لا يصح بعد ذلك أن يظل ملتزماً بدفع المبلغ المتفق عليه شهرياً، بل الواجب عليه في هذه الحالة أن يسلمك قيمتها أو ثمنها فوراً.
والاحتمال الثاني: وهو أن تكون السائلة دفعت المال إلى ابن خالها ليستثمره في شركته.. وعلى هذا الاحتمال فاشتراط مبلغ محدد يدفعه للسائلة أمر محرم، والواجب في مثل هذه الصورة أن يكون ربح كل من الطرفين نسبة شائعة من الربح وليس مبلغاً محدداً.. وعليه؛ فالمعاملة محرمة ويجب فسخها ورد رأس المال إن سَلِم من الخسارة إلى صاحبته ويحق لابن خالك أن يأخذ أجرة أمثاله في هذا العمل، وأما دعوى أنه يخصم 15 ألف استهلاك سيارة فكلام باطل وأكل للمال بدون وجه حق، وعليه المبادرة إلى رد الحقوق إلى أصحابها قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1429(12/7693)
تخفيض السعر للموكل لا للوكيل
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهب أحمد ليشتري لصديقه محمود شيئا من محل تجاري، وكان المحل لصديق أحمد فسامحه في ثمن البضاعة ظنا منه أنها له، أو أنقص من قيمتها فهل يجوز لأحمد أن يأخذ ثمن السلعة من صديقه محمود في هذه الحالة، أم أنه مؤتمن فلا يجوز له.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أحمد وكيل عن صديقه في الشراء، فما حصل عليه من تخفيض وهدية سببها الشراء فهو لصديقه المشتري
قال ابن قدامة في المغني: قال أحمد في رواية مهنا: إذا دفع إلى رجل ثوبا ليبيعه ففعل فوهب له المشتري منديلا فالمنديل لصاحب الثوب. إنما قال ذلك لأن هبة المنديل سببها البيع، فكان المنديل زيادة في الثمن والزيادة في مجلس العقد تلحق به.. وللمزيد راجع الفتوى رقم: 248.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1429(12/7694)
وكله مديره بشراء أغراض فأعطاه البائع هدية
[السُّؤَالُ]
ـ[أودُّ أن أسأل حضرتكم: بعثني مديري لأجلب بعض الأشياء (غالية الثمن نوعا ما) للمدير الأعلى، وسألت البائع مجرد سؤال إذا كنتم توزعون الهدايا قال لي نعم وبدأ بتنظيم الفواتير وذهبت فكرة الهدية من رأسي ولكن عندما هممت بحمل هذه الأشياء أعطاني البائع هدية عادية وقال لي هذه لك طبعا ثمن هذه الأشياء ليست مني ... هل هذه الهدية تحلُّ لي.....أفيدوني بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالهدية التي أعطاها البائع للسائل سببها الشراء للمدير، وبالتالي فالذي يستحقها هو المشتري المدير وليس الوكيل بالشراء السائل إلا أن تطيب نفس الموكل بها لوكيله.
ولعلنا هنا نستدل بما جاء في هبة الوكيل من المغني عن الإمام أحمد: قال أحمد من رواية مهنا: إذا دفع إلى رجل ثوبا ليبيعه ففعل فوهب له المشتري منديلا فالمنديل لصاحب الثوب، إنما قال ذلك لأن هبة المنديل سببها البيع فكان المنديل زيادة في الثمن والزيادة في مجلس العقد تلحق به. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1429(12/7695)
تأجير الوكيل نفسه ومن يتهم فيهم كأولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أعطاني مالاً علي أن أقوم ببناء بيت له واستئجار العمال وخلافه. وبدلاً من استئجار العمال كنت أعمل أنا وأولادي ونأخذ الأجرة المعتادة. فهل في هذا شئ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
من وكل في بيع أو إجارة لا يجوز أن يبيع لنفسه ولا أن يؤجر نفسه أو شخصا أخر يتهم فيه كولده ووالده.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن وكل آخر ليبيع شيئا أو يستأجر شيئا فلا يصح أن يقوم هذا الوكيل بالبيع لنفسه أو باستئجار نفسه وكذا ولده ونحوه ممن يهتم فيه ما لم يأذن الموكل نصا أو عرفا سواء كانت الأجرة هي أجرة المثل أو لا.
جاء في كشاف القناع: ولا يصح بيع وكيل لنفسه إلا بإذنه.. ويصح بيعه أي الوكيل في البيع لإخوته وأقاربه.. وحيث حصل تهمة في ذلك لا يصح لا بيعه لولده ووالده ومكاتبه ونحوهم..لأنه متهم في حقهم ويميل إلى ترك الاستقصاء عليهم في الثمن..والإجارة كالبيع فيما سبق لأنها نوع منه.
وجاء في الأم للشافعي: وإذا وكل الرجل الرجل بأن يصرف له شيئا أو يبيعه فباعه من نفسه بأكثر مما وجد أو مثله أو أقل منه فلا يجوز. اهـ
كما يشترط هنا أن لا يكون العمل الذي يعمله الوكيل من ضمن الأعمال التي وقع عقد الوكالة على أن يقوم بها بنفسه فهذا يجب بعمله بموجب العقد ابتداء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1429(12/7696)
الوكيل لا يضمن ما لم يتعد أو يفرط
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ابن قام بجمع أموال من أصدقائه وأعطاها لأحد الأشخاص ليتجر بها ويستثمرها، وكان هذا الرجل يؤدي كل مدة الأرباح إليَّ وأنا أوزعها على أصحاب المال واستمر الأمر لمدة.. ثم تغير حال هذا المستثمر وقام بعملية نصب كبيرة، وأخذ كل الأموال وجحدها.. فهل يضمن ابني هذه الأموال التي سرقت في عملية النصب هذه، مع العلم بأن الجماعة الذين أعطوا لابني المال كانوا يعلمون أنه يعطيها لهذا المستثمر، وعلى علم تام بالمسألة، كذلك كان هذا الرجل المستثمر يعطيني مالاً من عنده هو، كلما كنت أجمع له أفراداً يشغلون أموالهم معه، وكان يعطيني هذا المال مع أرباح هؤلاء الأفراد لتوزيعها عليهم، علماً بأن المال الذي كنت آخذه منه هو ولا تأثير له على نسبة أرباحهم ولم يكن يخصم من حسابهم، فأرجو الرد بسرعة وبالتفصيل؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من أن الجماعة الذين أعطوا لابنك المال كانوا يعلمون أنه سيعطيه لهذا المستثمر، وأنهم على علم تام بالمسألة ... يفيد أن ابنك كان مجرد وكيل عنهم في تولي دفع المال إلى الشخص المذكور، والوكيل أمين من جملة الأمناء الذين لا ضمان عليهم فيما ائتمنوا عليه إلا بتعد أو تفريط ... وعليه فلا ضمان على ابنك فيما حصل إذا كان حال المسألة هو على النحو الذي بينته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1429(12/7697)
وكل بشراء سلعة فحصل عليها مجانا فهل يأخذ المال
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطاني شخص مبلغا من المال لأشتري له بعض الكتب والمجلات، ولكن لمعرفتي ببعض الأماكن وعلاقتي ببعض الأشخاص استطعت الحصول على هذه المطبوعات مجانا، فهل أستطيع أن أحتفظ بهذا المبلغ، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من وكل في شراء شيء فحصله مجاناً فالواجب عليه رد المال إلى الموكل، ولا يحل له أخذه إلا أن تطيب نفس صاحبه به.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم الأخ السائل أن الوكالة بأجر أو بدون أجر مبناها على الأمانة والصدق والعمل لمصلحة الموكِّل، وإذا كان الوكيل أمينا فإن الواجب عليه أن يحفظ الأمانة ويردها إلى صاحبها، كما قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58} ، وعليه، فهذا المال الذي دفعه الشخص المذكور إلى الأخ السائل يعد أمانة في يده وصاحبه أخرجه ليشتري به الوكيل شيئاً محددا، فإذا لم يصرفه في هذا الغرض فإنه يجب رده إليه كما هو مقتضى الأمانة والوكالة، ولا حق له في الاحتفاظ به لنفسه إلا بطيب نفس من صاحبه، لحديث: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد.
وإن كان السائل استطاع أن يأخذ هذه المطبوعات لنفسه دون موكله وأراد أن يبيعها له فليعقد معه عقد بيع فيخبره بأن هذه المطبوعات ملكه، وإذا أراد أن يشتريها منه بثمن متراض عليه بينهما فلا حرج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1429(12/7698)
فوارق السعر هل هو من حق الوكيل
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري 30 سنة أعمل وكيلا لشركة أجنبية بشركة خاصة محلية ولهذه الشركة الأجنبية طلبات أقوم أنا بشرائها لهم وتوفيرها وأنا أجتهد وأتعب لكي أحصل عليها بأقل ثمن ممكن، وكنت في السابق أعطي هذه العائدات لصاحب الشركة المحلية وكان يشكرني على ذلك، سؤالي هو: هل يمكنني أن آخذ أنا هذه العائدات أم أن هذا لا يجوز لأني في ظروف مادية صعبة؟ وجزاكم الله عنا ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب على الوكيل العمل لمصلحة موكله والزيادة التي يحصل عليها من فوارق الأسعار ترد إلى الموكل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يبذله الأخ السائل من جهد وتعب لكي يحصل على الثمن المناسب للشيء الذي وكل على شرائه، هو الواجب عليه والذي يتقاضى مقابله أجراً، فالوكيل يعمل لمصلحة موكله ويجتهد أن يحصل على أحسن السلع وأرخص الأثمان، فهذا هو مقتضى الأمانة التي هي أساس الوكالة، وأما عن حكم أخذ الزيادة الناتجة عن فوارق الأسعار فليست من حق الوكيل، فالمال في يده أمانة والأمانة إذا لم تصرف في ما وكل فيه ردت إلى صاحبها وهي الشركة الموكلة هنا، ولا عبرة بالظروف المادية الصعبة التي يمر بها السائل، فمال الغير لا يستباح بذلك، ولا خيار أمامه إلا أن يستأذن من الشخص المخول في الشركة بالأخذ أو برد المال، وراجع الفتوى رقم: 56257.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1429(12/7699)
حكم الوكالة بأجرة مجهولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل عند رجل ترك لي العمل أفعل فيه ما أريد وحددت الشركة التابع لها العمل سعر كل منتج وأنا أبيع بأكثر من هذا السعر وصاحب العمل يرضى بذلك وأتصرف ببعض المكسب للسمسرة وآخذ بعض المال لي وهو يعلم بذلك ويقول لي كله بيعمل كده علما بأنه يكسب بذلك كثيرا لأني أبيع للزبون بأكثر من سعر الذي توصي به الشركة والشركة تعلم ذلك أيضا وتشجع على ذلك الأمر أريد الإفادة وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي جواب هذا السؤال ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: أن صاحب العمل وكل الأخ السائل ليبيع ويعمل في التجارة برأيه وهذا جائز، ويعمل بهذه الوكالة ما بدا له من أمور التجارة.
الثانية: إذا كانت الشركة هي مالكة المنتج وصاحب العمل مجرد موزع فعليه أن يلتزم بالأسعار التي حددتها الشركة لبيع منتجاتها، وعلى العامل عند صاحب العمل الالتزام بذلك.
الثالثة: يجب في الوكالة إن كانت بأجر أن تكون الأجرة معلومة فيها ويستحق الوكيل الأجر كأجير إذا عمل ما استؤجر عليه.
جاء في المغني: وإن وكل في بيع أو شراء استحق الأجر إذا عمله وإلا تكون الأجرة معلومة إلا إذا جعل الموكل للوكيل مبلغا معلوما أو يعطيه من الألف شيئا معلوما، لكن إذا قال له بع هذه السلعة ولك من ثمنها كذا بدون تقدير ثمنها كانت هذا جهالة في الأجرة.
جاء في الفروع: ويجوز التوكيل بجعل معلوم أياما معلومة ويعطيه من الألف شيئا معلوما لا من كل ثوب كذا لم يصفه ولم يقدر ثمنه، وإن قال له الموكل بعه بكذا فما زاد فلك صحيح. اهـ
وعليه، فيجب على السائل أن يتفق مع صاحب العمل على أجرة معلومة في عمله هذا، فيتفق معه على مبلغ مقطوع أو راتب معلوم أو يقوم صاحب العمل بتقدير ثمن السلع ويجعل لوكيله جزءا معلوما من أثمانها فما زاد على ذلك رده لموكله، ثم إن شاء الموكل أذن له فيه أو أخذ منه.
ومن قال كانت الأجرة مجهولة يجب فسخ الوكالة ولم يستحق الوكيل منها إلا إجرة أمثاله.
جاء في الإنصاف: لا يصح التوكيل بجعل مجهول ويستحق أجرة المثل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1429(12/7700)
الوكيل يتصرف في حدود ما وكل فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي هي أننا قررنا في المدرسة إقامة حفلة، فاجتمع كافة التلاميذ والإدارة وكلفونا أنا وصديقة لي بجمع مصاريف الحفلة من الطلبة وشراء كل ما يلزم، يعني نحن كلفنا بترتيب وتنظيم الحفلة وشراء الأكل اللازم للحفلة.
يا شيخ المشكلة هي أنني أنا وصديقتي لما ذهبنا لشراء الحلويات أخذنا لأنفسنا كيلو من الحلويات وقسمناها بيننا، قلنا إنه ربما لا يبقى لنا شيء يوم الحفلة لأننا من المنظمين للحفلة وسنكون منشغلين بالحفلة ولن يبقى لنا نصيب، لذلك أخذنا نصيبنا قبل الحفلة، علما أننا لم نخبر بذلك أحدا لا الإدارة ولا التلاميذ.
سيدي الشيخ والله إنني خائفة أن يكون هذا الذي فعلناه حرام لأنني في الحقيقة أظنه حراما.
وإذا كان كذلك فماذا علي أن أفعل لأكفر عن هذا الذنب. أفتوني في أمري لأنني حائرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السائلة وصديقتها في هذه الصورة المسؤول عنها تعتبران وكيلتين عن المدرسة في تجهيز وإعداد الحفلة، والوكيل يتصرف في حدود ما وكل فيه، فإذا تصرف في غير ما وكل فيه فتصرفه باطل.
وعليه فالذي يظهر أن المدرسة وكلت الأخت السائلة وصديقتها في شراء ما يلزم لإقامة الحفلة ولم توكلها في التصرف فيما يشتريانه في غير ذلك.
وبالتالي فأخذهما جزءا من هذه الحلويات قبل توزيعها في الحفلة غير صحيح، ويلزمهما رد ما أخذاه إلى جملة الأشياء المشتراة أو رد قيمته إلى الإدارة أو الاستئذان منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1428(12/7701)
الوكالة بأجر وأثر الغرر في صحة الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أعمل في مجال الفيديو ولدي خبرة في الكاميرات وأنواعها
تعرفت على شخص خلال عملي يعمل في إنتاج البرامج التلفزيونية وقد استشارني بداية في نوع الكاميرا التي يريد شراءها لعمل برنامج مع المؤسسة التي أعمل بها فنصحته بنوع معين لقناعتي به أنه نوع جيد للتصوير وبحسب خبرتي وقام هو من طرفه باستشارة غيري فأكدوا له نفس المعلومة بعد أخذ ورد.
رغب هذا الشخص بشراء الكاميرا وقدروا له ثمنها ب/5000/ دولار أمريكي
ثم كان لدي رحلة إلى الولايات المتحدة وأخبرته بذلك وأني أستطيع أن أجلبها له بسعر أقل من ذلك ب/4000/ وذلك لأني وجدتها في موقع الكتروني ب/2500/ دولار أي بمربح شخصي 1500 دولار فأوصاني بجلبها له وأعطاني /5000/ دولار وذلك زيادة لكي أشتري بطارية طويلة الأمد إضافية.
المهم أني هناك لم أستطع الحصول عليها من الموقع الإلكتروني الذي عرضها بالمبلغ الذي كان يعرضها بالسعر الرخيص لعدة أسباب منها أنه غير موثوق لتغييره المواصفات ولذلك قمت بالبحث من جديد عن موقع آخر واستشرت العديد من الأشخاص هناك بالإضافة لإجراء العديد جدا ً من الاتصالات بالشركات هناك وذلك لضمان ألا يحصل نفس الشيء بل بأن أحصل على سعر مناسب لكي أربح ولكي لا أضيع النقود في صفقة فيها مواصفات مختلفة للكاميرا. وقد استهلك الأمر مني وقتا ً كبيرا ً وجهوداً لكن المهم أني لم أجد بسعر أقل من 4700 دولار شيء مضمون.
فقمت بإرسال رسالة اعتذار للرجل أني لن أستطيع جلب الكاميرا لغلاء الثمن المهم أنه أخبرني أن السعر الذي عرضوه عليه ليس في بلده الذي هو فيه ولكن في الإمارات (أي سيترتب عليه مبالغ إضافية عن الخمسة آلاف بالإضافة لكون مواصفاتها
حسب رسائله مشابهة لتلك التي ب /2500/ دولار في أمريكا) فقمت بعرض سعر جديد عليه وهو 5650 دولار مع أجور شحنها إلى شيكاغو حيث كنت.
والمهم أنه أرسل لي أنه موافق على السعر ضمن المواصفات المطلوبة.
فقمت بالشراء والحمد لله أتاني بطارية إضافية مع الكاميرا وحقيبة وغيرها من الإضافات قمت ببيعه البطارية الإضافية بمبلغ 350 دولار إضافي فأصبح المجموع 6000 دولار وحملت الكاميرا معي وعدت لبلدي وأدخلت الكاميرا مع ما فيه من خطورة أن تعتبر
تهريبا ً في بلدي في المطار ولكن الحمد لله دخلت البلد ولم أتعرض للتفتيش وأعطيته الكاميرا
وبينت له أني قد ربحت فيها مبلغا لم أحدده وانتهت العملية.
المشكلة ظهرت فيما بعد حيث سألت زوجتي من تثق برأيها دون توضيح كافة التفاصيل لها
فقالت لها أن هذا البيع حرام إذ أنني يجب أن أخبره عن مربحي فيها وأنه وصاني بالشراء حسب رأيها توصية.
والمعلوم بالعرف أن شخصا ً يوصي الآخر على شيء عادي ليس على كاميرا تحتاج إلى مراسلات ومباحثات وبذل جهد ووقت وخبرة في الشراء لأجل عدم حصول غش وهو ماكان سيحدث معي في بداية الأمر ناهيك عن دخول المطار بها ومخاطرة التهريب.
السؤال: هل هذا البيع حرام أو لا يجوز. أفتوني جزاكم الله خيرا ً مع التوضيح إن أمكن
ولكم جزيل الشكر. مع العلم بأني مستعد لإعادة النقود للرجل إن لم يكن البيع حلالاً.
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أوصاك به هذا الرجل من شراء الكاميرا هو عبارة عن عقد وكالة، وهذه الوكالة ما لم تتفقا فيها مسبقا على أجر أو كان العرف جاريا بأن مثل هذا النوع من الوكالات لا يتم إلا بأجر فالأصل فيها أنها تبرع لا يجوز لك أن تأخذ مقابلها شيئا إلا أن يعطيك الرجل شيئا من نفسه على سبيل الهبة.
وفي هذه الحالة -أي حالة الهبة- إذا كنت قد بينت للرجل أنك قد ربحت فيها ووافق على ذلك فهل يعتبر مقدار هذا الربح الذي لم تحدده له هبة منه ولا يؤثر على صحتها جهله به؟
في ذلك خلاف بين الفقهاء حيث اختلفوا في تأثير الغرر أي جهل مقدار الهبة وهل يمكن أن تحصل أم لا، على عقد الهبة، فذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن الغرر يمنع صحة عقد الهبة، كما يمنع صحة البيع، يدل لذلك أنهم اشترطوا في الموهوب ما اشترطوه في المبيع.
وذهب المالكية إلى أن الغرر لا تأثير له في صحة عقد الهبة، قال ابن رشد: "ولا خلاف في المذهب في جواز هبة المجهول والمعدوم المتوقع الوجود، وبالجملة كل ما لا يصح بيعه في الشرع من جهة الغرر".
وقد علل لذلك الإمام القرافي فقال: فإن هذه التصرفات لا يقصد بها تنمية المال، بل إن فاتت على من أحسن إليه بها لا ضرر عليه، فإنه لم يبذل شيئا، بخلاف القسم الأول إذا فات بالغرر والجهالات ضاع المال المبذول في مقابلته، فاقتضت حكمة الشرع منع الجهالة فيه، أما الإحسان الصرف فلا ضرر فيه، فاقتضت حكمة الشرع وحثه على الإحسان التوسعة فيه بكل طريق بالمعلوم والمجهول، فإن ذلك أيسر لكثرة وقوعه قطعا، وفي المنع من ذلك وسيلة إلى تقليله.
والراجح لدينا هو مذهب المالكية لقوة مأخذه.
وفي حالة كون العرف جاريا بأن هذه الوكالة بأجر فلابد من تحديد الأجر مسبقا وإذا لم يتم تحديده كان لك أجر المثل كما هو الشأن في كل الإجارات الفاسدة.
وفي هذه الحالة إذا تبين بعد عرض الأمر على أهل الخبرة أن ما أخذت زائدا على الثمن الفعلي للكاميرا هو أجر المثل فلا حرج فيما أخذت ولا يلزمك رد شيء منه وإن تبين أنه أكثر فعليك أن ترد الزائد وإن كان أقل فلك أن تطالب بالزيادة.
وننبهك إلى أن البطارية الإضافية أو الحقيبة ونحوها من الإضافات إذا كانت هدية مع الكاميرا فإنه لا يحق لك أن تبيعها للرجل وعليك أن ترد ثمنها إليه لأنها تابعة للكاميرا التي اشتريت بماله وأنت مجرد وكيل عنه وراجع في حكم تهريب الكاميرا وإدخال الكاميرا إلى بلدك خفية الفتوى رقم: 72612.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1428(12/7702)
الوكيل أمين على أعمال موكله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة خاصة وعملي هو وضع كمية حمولة السيارة من المادة المنقولة إلى هذه الشركة، ولكن غير مصرح لي بوضع الزيادة ومعظم السائقين يأتون معهم بزيادة، السؤال هو: هل عدم وضع الزيادة فيه حرام أم لا مع التعليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز للوكيل التصرف إلا في حدود وكالته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الموظف المذكور في السؤال يعد وكيلاً عن الشركة في العمل المكلف به، وبالتالي فالواجب عليه التزام الأمانة والعمل بمقتضى الوكالة فحسب، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27} ، وحيث ذكرت أنه غير مصرح لك بوضع الزيادة التي يأتي بها السائقون، فلا يجوز لك مخالفة الأمر الصريح من موكلك في ذلك.
جاء في المحلى لابن حزم: ولا يحل للوكيل تعديّ ما أمره به موكله، فإن فعل لم ينفذ فعله. انتهى.
وجاء في المغني لابن قدامة: ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله من جهة النطق أو من جهة العرف لأن تصرفه بالإذن فاختص بما أذن فيه. انتهى.
هذا على فرض أن هذه الزيادة مباحة للشركة، فكيف إذا كانت غير مباحة كأن يكون هؤلاء السائقون يأخذونها من صاحبها بدون وجه حق يزيدون بها الحمولة فلا شك أن ذلك آكد في المنع وأبلغ في الإثم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1428(12/7703)
العامل مؤتمن لا يضمن إلا بالتفريط أو التعدي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت أعمل لدى شركة خاصة بتغذية مكائن الصراف الآلي قبل ثلاث سنوات وفي إحدى المرات كنت أقوم بعملي المعتاد ومعي أحد المتدربين والسائق وعند جرد المبالغ اكتشف فقدان مبلغ 60000 ريال طلبت من الشركه التحقيق وطلبت الكاميرات لكنهم لم يلبوا طلبي وأودعت التوقيف بعد فقدان المبلغ بشهرين وعند القاضي بينت له كل ما حصل وتكررت الجلسات ومضى عليها أكثر من سنتين وأنا في حالة نفسية سيئة، مع العلم بأن إدانتهم لي فقط بتوقيعي على الأوراق وهي في الأصل أوراق دائما توقع بشكل يومي إضافة إلى توقيع المدير معي فما هو وجهة نظركم؟ والله يرعاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأنت أجير خاص مع هذه الشركة على إيصال المال إلى الصراف الآلي والعامل مؤتمن لا يضمن إلا بالتفريط أو بالتعدي إذا ثبت عليه ذلك، أما إذا لم يثبت عليه فلا يضمن ولا شيء عليه عند الله تعالى ما دام يعلم من نفسه البراءة، وعلى كل حال فما دام الأمر قد وصل إلى القضاء الشرعي، فالكلمة الفصل في ذلك له هو وحده، ونرجو أن يوفق للحكم الصحيح إن شاء الله تعالى، وللمزيد من الفائدة في الموضوع تراجع الفتوى رقم: 59017.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1428(12/7704)
الوكيل مؤتمن ما لم يفرط أو يتعد
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهب أحد أفراد مجلس إدارة مسجد إلى مصلحة حكومية كي يقوم بإدخال المياه للمسجد وليس له أي مشوار خاص آخر وهو في الطريق سرق منه 750 جنيها من فلوس المسجد فهل يجب عليه دفعها أم يتحملها المسجد. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يحصل من الشخص المذكور تفريط ولا تعد فإنه لا يضمن هذا المال لأنه وكيل والوكيل مؤتمن ما لم يفرط. قال ابن قدامة في المغني: وإذا باع الوكيل ثم ادعى تلف الثمن من غير تعد فلا ضمان عليه، فإن اتهم حلف.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 48313.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1428(12/7705)
حكم قيام الموكل بالشراء من محل بالشراكة مع صاحب المحل
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يعمل مع شركة مقاولات للبناء لمتابعة المشاريع والعمالة وشراء ما ينقص من مستلزمات لهذه الشركة، والسؤال هو: أن هذا الشخص عندما يقوم بشراء البضاعة المستحقة من المحلات والمعتاد شراؤها بطريقة الدين يكون هو الضامن لهذه الشركة لتسديد هذا الدين وهذا عندما يكون الدين إلى حد مبلغ معين أما إذا زاد عن هذا الحد فلا يمكن له ضمان هذه الشركة ولكن عرض على هذا الشخص مشاركة صاحب المحل في رأس المال في كل ما يتم شراؤه من بضاعة من قبل هذه الشركة من المحل يريد هذا الشخص معرفة الحكم الشرعي لهذه المشاركة؟ والله أعلم. شيخنا الفاضل نرجو الإفادة وبارك الله فيك ونفعنا الله بعلمكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الشخص وكيل عن الشركة في شراء ما تحتاجه في عملها وهو ضامن لما يشتريه وهذا لا شيء فيه، وأما دخوله شريكاً مع صاحب المحل بحيث يقومان ببيع البضاعة اللازمة على الشركة التي هو وكيل عنها، فلا يصح إلا إذا كان مأذوناً له من قبل الشركة أن يشتري من نفسه، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وإذا أذن للوكيل أن يشتري من نفسه، جاز له ذلك، وقال أصحاب الشافعي في أحد الوجهين، لا يجوز، لأنه يجتمع له في عقده غرضان، الاسترخاص لنفسه، والاستقصاء للموكل، وهما متضادان، فتمانعا. ولنا أنه وكل في التصرف لنفسه فجاز كما لو وكل المرأة في طلاق نفسها، ولأن علة المنع هي من المشتري لنفسه في محل لاتفاق التهمة، لدلالتها على عدم رضى الموكل بهذا التصرف، وإخراج هذا التصرف عن عموم لفظه وإذنه، وقد صرح هاهنا بالإذن فيها، فلا تبقى دلالة الحال مع نصه بلفظه على خلافه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1428(12/7706)
لا يأخذ الوكيل شيئا بدون علم موكله
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة البيع عن بعد هناك مشتر يعيش في منطقة ما ويريد أن يشتري بضاعة من منطقة أخرى ولا يستطيع هو أن يصل الى هذه المنطقة فكلف شخصا على أن يشتري له البضاعة المطلوبة، ولكن الوسيط رفع سعر البضاعة وباعه البضاعة بسعر غير سعرها الأصلي ليربح بعض النقود من المشتري (دون علم المشتري بالأسعار) فما حكم هذا المال الذي يأخذه الوسيط؟ هل هذا المبلغ يعتبر حراما. أفتوني جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوكيل أمين فيما وكل عليه، فلا يجوز له أن يخون الأمانة ويكذب في سعر البضاعة ويأخذها بسعر فوق سعرها الحقيقي، ولكنه يمكن أن يقول لمن وكله: إنه سيسعى له في إحضار البضاعة ويريد منه مبلغاً ما مقابل أتعابه، أو أن يتعامل مع موكله على أنه سمسار ويريد أجرة السمسرة وقدرها كذا، فإذا اتفق مع موكله على شيء من هذا فلا حرج عليه في أخذ ما اتفقا عليه، أما مع عدم الاتفاق فلا يجوز له أن يأخذ شيئا إلا بعلمه وإذنه، وراجع للمزيد في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها: 35980، 18025، 47645، 50862، 63770، 63770، 73888، 34505، 37120.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1428(12/7707)
مذاهب العلماء فيمن يقرض نفسه من مال الجمعية التي يعمل بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل أمينا لجمعية تجارية وأريد الاقتراض من الجمعية فهل يجوز لي تنفيذ القرض لنفسي كوني القائم بأعمال هذه الجمعية؟ وهل يجوز لي توكيل شخص آخر لتنفيذ القرض لي أو لمقترض غيري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقرض عقد لا يتم فيه الملك إلا بالقبض، وقد اختلف الفقهاء في حكم تولي الشخص الواحد طرفي العقد فيقبض من نفسه لنفسه، وهذا مثل أن يكون -كما في المسألة المطروحة- وكيلا لجهة ما في التصرف، فيقرض نفسه من مالها, وذلك على قولين:
الأول: الجواز وإليه ذهب الحنابلة، قال المرداوي في تصحيح الفروع: وإن دفع نقدا لغريمه وقال: اشتر لك مثل ما لك علي صح. ثم إن قال: اقبضه لنفسك، لم يصح لنفسه، وله روايتان، انتهى. (أحدهما) يصح قبضه لموكله، وهو الصواب، قال في الرعاية الكبرى: وإن قال: اشتر لي بهذه الدراهم قدر حقك واقبضه لي ثم اقبضه لنفسك، صار للأمر، وفي قبضه من نفسه الوجهان، والنص أنه يصح قبض الوكيل من نفسه لنفسه، وهو أشهر وأظهر، انتهى.
الثاني: المنع وإليه ذهب الشافعية، قال السيوطي في الأشباه والنظائر: اتحاد القابض والمقبض ممنوع لأنه إذا كان قابضا لنفسه احتاط لها، وإذا كان مقبضا وجب عليه وفاء الحق من غير زيادة، فلما تخالف الغرضان والطباع لا تنضبط امتنع الجمع.
والراجح هو مذهب الشافعية لقوة ما ذكروه من التعليل، فإن هذا عقد واحد يجتمع فيه غرضان متضادان وهو كون المرء طالبا ومطلوبا في نفس الوقت، مما قد يحمله على الإنكار وعدم التوثق، أو يحمله على المماطلة وتأخير السداد عن وقته ونحو ذلك مما تقتضيه التهمة وتحمل عليه الطباع، فوجب المنع من ذلك سدا للذريعة.
وعليه؛ فلا بد أن يكون هناك طرف آخر يكون وكيلا عن الجمعية يقوم بإقراضك. ويشترط أن يكون هذا الشخص مفوضا بإقراضك ممن يملك هذا التفويض من ملاك الجمعية أو القائمين عليها، أما أنت فلا يجوز لك أن توكل شخصا ليقرضك، وأما توكيله ليقرض غيرك؟ فإن كنت أنت مخولا بالإقراض للغير، فالظاهر أن لك أن تنيب غيرك ليقوم بذلك ما لم يكن هناك شرط من جهة العمل يمنع ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1428(12/7708)
لا يجوز للوكيل أن يأخذ فارق السعر لنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أمين خزينة بإدارة عمومية اقترح عليه موظف آخر مسؤول بمصلحة الوسائل العامة على أن يقوم هذا الأخير عند اقتناء بضائع التجهيز (المكاتب – أجهزة الإعلام الآلي.......
بشرط أن يقوم المسؤول عن المشتريات بشراء هذه اللوازم بأمواله الخاصة من أسواق الجملة بأثمان منخفضة، ولكن هذه الأسواق لا تحرر فواتير أي قائمات المبيعات.
بعدها يتجه هذا العون إلى بائع تجهيزات آخر ليحرر له فواتير شكلية بنفس المبالغ التي يبيعها هذا البائع المرسم والمعترف به قانونيا أي الذي تتعامل معه المؤسسة.
مربط الفرس هل يجوز لي أن آخذ هذا المبلغ الذي كنت قد أنقصته من أسواق الجملة.
بورك في مجهوداتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه المعاملة محرمة شرعا لاشتمالها على أخذ مال المؤسسة بالباطل والحيل الكاذبة.
وبيان ذلك أن مسؤول المشتريات وكيل عن المؤسسة، فالواجب عليه أن يعمل أولاً لمصلحة موكله فيشتري بأفضل الأسعار، وإذا اشترى بسعر أقل فيجب رد الفارق إلى خزينة المؤسسة، ولا يحل له أو لغيره أخذ الفارق لنفسه، لقوله تعالى، وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة: 188}
كما أن في فعل مسؤول المشتريات هذا خيانة للأمانة التي اؤتمن عليها والتي من الواجب عليه حفظها ورعايتها، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27}
فالواجب عليه التوبة إلى الله عز وجل ورد المال إلى المؤسسة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1428(12/7709)
المرافعة عن البنك الربوي حرب على الله ورسوله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل بمكتب محاماة والمكتب يطلب فتوى عن بنك يتعامل معنا كموكل ويطلب منا رفع دعاوى قضائية ضد عملائه ويطالب العميل بأصل الدين وفائدته القانونية أو الاتفاقية، فما حكم الشرع فى ممارسه العمل المطلوب منا، وهل نرفض علما بأنه يوجد عقد سنوى مع موكلنا لمباشرة كافه الدعاوى الخاصه به، نرجو الإفادة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن العمل في المحاماة مباح لأنه نوع من الوكالة، والوكالة جائزة بالكتاب والسنة والإجماع، كما يقول ابن قدامة في كتاب الوكالة: هي جائزة بالكتاب والسنة والإجماع. لكن يشترط في هذا العمل أن لا يتوكل المحامي في باطل، ولا شك أن الفوائد الربوية من أبطل الباطل، لأنها ربا محرم، فكيف يحل للمسلم أن يخاصم فيها، وأن يباشر إجراءات الدعاوى ليحمل المدين على دفعها، وهل هذا إلا مضادة لأمر الله تعالى ومشاقة لكتابه وسنة رسوله اللذين حرما الربا وشددا على المتعاملين به.
وعليه؛ فوجود عقد يلزم المكتب بالمرافعة عن البنك الربوي في كل قضاياه لا يجيز للمكتب أن يترافع في مثل هذه القضايا الربوية، فالعقود التي يجب على المسلم الوفاء بها هي العقود التي لا تخالف شرع الله، فإن خالفته فهي باطلة، وننبه إلى أنه لا يصلح للمكتب أن يتعاقد مع البنك الربوي مطلقاً لما في ذلك من إعانته على عمله المحرم شرعاً، والله تعالى يقول: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1428(12/7710)
بيع الوكيل لنفسه من نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق يعمل في بيع السيارات نقداً وتقسيطا في صالة لبيع السيارات وهو وكيل مفوض بالبيع لعدة تجار موردين حيث إنه يسدد قيمة السيارة نقداً للتجار فور البيع (إن كان البيع نقداً أو تقسيطا) بعد أن يكون باعها بربح وحيث إن التجار يريدون قيمة السيارة نقداً فور البيع إن كان نقداً أو تقسيطا فعندما يأتي زبون يريد شراء السيارة تقسيطا يتفق صديقي مع المشتري على سعر السيارة بالتقسيط ويأخذ منه عربونا ثم يسدد قيمة السيارة نقداً للمورد ويقسط السيارة للزبون فيكون هو الذي باع السيارة بالتقسيط للزبون لحسابه الخاص (بعلم المورد طبعا) ، فهل يجوز لصديقي بيع التقسيط لحسابه بهذه الطريقة، وهل يجوز أن تكون هناك شراكة بيني وبين صديقي على أساس أنه عندما يأتي زبون يريد شراء سيارة بالتقسيط يتفق هو مع الزبون على الشراء ويأخذ منه عربونا ثم يتصل بي فآتي وأدفع ثمن السيارة نقداً للمورد وأكون في هذه الحالة قد بعت السيارة بالتقسيط لحسابي الخاص (أي كما يفعل هو في حالة بيع التقسيط) فيكون في هذه الحالة هو استفاد حيث إنه قد باع سيارة من سيارات المورد وأنا استفدت حيث إني بعت سيارة بالتقسيط، مع العلم بأن صديقي مفوض من الموردين للقيام بكل هذه الأمور، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوكيل في البيع يجوز له أن يبيع لنفسه من نفسه بشرط إذن الموكل له بذلك، كما جاء في دقائق أولي النهى: ولا يصح بيع وكيل لنفسه بأن يشتري ما وكل في بيعه من نفسه لنفسه ... إلا بأن أذن موكل لوكيله في بيعه لنفسه.. فيصح إذا تولى طرفي العقد فيهما ...
ففي الصورة المعروضة يجوز لهذا الوكيل المفوض بهذا الأمر أن يبيع السيارة لنفسه من نفسه بالثمن المتفق عليه مع الموكل نقداً ثم بعد ذلك يجوز أن يبيعها لغيره أقساطاً، لكن لا يصح أن يبيعها لغيره لحسابه الخاص إلا بعد أن يبيعها لنفسه أولاً لأنه لا يجوز للشخص أن يبيع ما لا يملك.
وبالنسبة للأخ السائل لا مانع أن يطلب من صديقه الوكيل أن يتفق مع الزبون على ثمن السيارة بالأقساط ويحصل منهما مواعدة على البيع فقط وله أن يأخذ منه عربوناً ثم يأتي الأخ السائل ليشتري السيارة من الوكيل ثم يقوم بإجراء عقد بيع مع الزبون، أما أن يبيع الوكيل سيارة بالتقسيط نيابة عن صديقه قبل أن يتملك هذا الصديق السيارة فهذا غير جائز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1428(12/7711)
حكم بيع المندوب بالأجل بدون إذن الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي يعمل مندوب مبيعات لشركة تحدد أسعار السلعة وتلزمه بها، وتمنعه من البيع بالأجل إلا على مسؤليته الشخصية, ويعلم المسؤلون أن بعض الزملاء يبيعون بالأجل على مسؤليتهم ويجعلون لأنفسهم هامش ربح بسيط نظير هذه المخاطرة، فهل يجوز لهم ذلك، مع العلم بأن الشركة مستفيدة وتشجع على ذلك بالإيحاء فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مندوب المبيعات في شركة ما يعتبر وكيلاً عن الشركة وعليه أن يلتزم بأمر موكله ولا يتعدى حدود وكالته فإن تعدى فهو ضامن، وكون الشركة أخبرت المندوبين بإن لا يبيعوا بالأجل فإن فعلوا فعلى مسؤوليتهم فهذا من الشركة تحصيل حاصل وتأكيد لضمان الوكيل في مثل هذه الحالة، جاء في المغني لابن قدامة في تصرفات المضارب وغيره من الشركاء:.... فلم يجز له البيع نسيئة (بالأجل) بغير إذن صريح كالوكيل.
وجاء في درر الحكام في شرح مجلة الأحكام: ... لو قال الموكل بع هذا المال نقداً هذا مثال للوكالة بالبيع بالنقد صراحة أو قال بع مالي هذا وأدّ ديني فهذا مثال على البيع بالنقد دلالة فليس للوكيل أن يبيع المال بالنسيئه فإن باع المال وسلمه كان ضامناً.
وأما قول السائل إن المندوبين يجعلون لأنفسهم هامشاً من الربح نظير هذه المخاطرة فنقول إن كان ذلك بإذن صريح من الشركة فلا مانع، فكأن الشركة قالت للوكيل بع بكذا فما زاد فهو لك، أما إذا لم يك هناك إذن صريح أو دلاله تقوم مقام الصريح فلا يجوز وعلى الوكيل رد الزيادة إلى الشركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1428(12/7712)
حكم إجراء وكالة لتارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك إجماع على كفر تارك الصلاة؟ وإذا كان والدي الذي ولد مسلماً ونشأ مسلماً ممّن ترك الصلاة، فكيف يجب أن أعامله (علماً أنني مغترب ولا أراه إلا أثناء الإجازة الصيفية) ، وهل يجب أن أسحب وكالتي له بالتصرّف بالنيابة عنّي بممتلكاتي حتى إن كان هو بطبيعته إنساناً أميناً طيباً ونزيهاً؟ أسألكم بالله أن توافوني بجواب كافٍ وافٍ فأخشى أن أتسرّع فأؤذي من حولي وأنفّرهم من الدين وقد حصل هذا جزئياً عندما قررت الالتزام بإطلاق لحيتي (ليست طويلة، لكنها ليست جميلة) . وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتارك الصلاة إذا كان منكرا لوجوبها فهو كافر خارج عن الملة باتفاق المسلمين. وإن كان غير منكر لوجوبها فجمهور أهل العلم على أنه ليس كافرا، والذي نميل إلى رجحانه من أقوالهم هو أنه إذا تركها بالكلية كان كافرا وإلا فلا. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 17277.
وفيما يخص معاملته فالواجب بره والإحسان إليه، والسعي المتواصل من أجل صرفه عن هذا الضلال المبين.
وإذا بقي مصرا على حاله، فيلزم الإحسان إليه، وطاعته إلا في المعصية، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؛ لأن الله سبحانه قال: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ {لقمان: 15} .
ومن هذا يتبين لك أنه لا يجب أن تسحب وكالتك له بالتصرّف بالنيابة عنك في ممتلكاتك إلا إذا علمت أنه سيصرفها في الحرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1428(12/7713)
توكيل المستورق للبائع ببيع السلعة.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمستورق توكيل البائع ليبع له البضاعة بعد أن يكتب العقد ويستلم البضاعة بحجة أنه ليس لديه خبرة أو لأنه لا يعرف التجار وهل يجوز لإحدى المكاتب أن تكون واسطة بين البائع والمستورق للتقريب بينهم لإتمام البيع ثم بعد ذلك يقوم المستورق بترك البضاعة للمكتب ليبعها له لتاجر ثالث وأحيانا يكون المكتب وكيلا للبائع الأول ولكنه لا يبيع عليه بل يبعها لتاجر آخر ويكون المكتب والبائع على علم بأنه يريد الورق لذلك يترك المستورق البضاعة للمكتب ليبعها له علما بأنه لديه مطلق الحرية بأخذ البضاعة ليبعها هو بنفسه لأي شخص وإذا كان هذا لا يجوز فهل عملي في المكتب وكتابة العقد حرام علما أن للمكتب نشاطا آخر لأنه مكتب عقار وخدمات عامة وما مصير راتبي حرام أم حلال لمجرد كتابتي للعقد علما بأني لا أكتب العقد إلا والبضاعة حاضرة وأقوم بتسلمها للمستورق لأنها عبارة عن بطاقات شحن الجوال سوا ولكنه بعد ذلك يتركها ليبعها له المكتب طوعا وباختياره علما بأنه في الحالتين يتم بيع حقيقي وليس على ورق كما يحدث في البنوك؟ ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن توكيل المستورق للمكتب أو المعرض أو البنك الذي تمت العملية عن طريقه في بيع السلعة أمر جائز بشروط، منها: أن لا يتم ذلك عن طريق الإلزام والاشتراط في عقد التورق ببيع السلعة، أو ترتيب مشتر لها، كما جاء في قرار المجمع: التزام البائع من عقد التورق بالوكالة في بيع السلعة لمشتر آخر أو ترتيب من يشتريها يجعلها شبيهة بالعينة الممنوعة شرعا، سواء أكان الالتزام مشروطا صراحة أم بحكم العرف والعادة المتبعة. اهـ. فإذا لم لك يك هناك التزام فلا بأس بتوكيل المكتب ببيع السلعة.
ويشترط أيضا أن لا يكون اتفاق أو تواطؤ برجوع السلعة إلى بائعها الأول. وفي هذا يقول ابن تيمية: وكذلك إذا اتفقا على المعاملات الربوية، ثم أتيا إلى صاحب حانوت يطلبان منه متاعا بقدر المال فاشتراه المعطي ثم باعه الآخذ إلى أجل ثم أعاده إلى صاحب الحانوت بأقل من ذلك فيكون صاحب الحانوت واسطة بينهما بجعل، فهذا أيضا من الربا الذي لا ريب فيه. اهـ
وعليه، فإذا كان عمل الأخ السائل يتم حسب ما يقوم من الشروط والضوابط الشرعية فهو مباح إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1428(12/7714)
حكم تسديد الدين إلى الوكيل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صديقي بالمدرسة يعمل في محل عمل أبيه وأنا ذهبت لأشتري ولم يكن معي نقود وأخذت الأغراض من صديقي بالدين، فهل يجوز أن أرجعها لصديقي ونحن في المدرسة أم يجب أن أرجعها لأبيه أي إذا خفت من أن لا تصل إلى المحل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تكن هناك أمارة على خيانة صديقك أو غلبة ظن بذلك فلا حرج عليك أن تسدد الدين إليه في المدرسة أو في غيرها؛ لأن الظاهر أنه وكيل عن أبيه بالبيع وتحصيل الثمن، أما إذا كان هناك أمارة أو غلبة ظن بخيانته وأنه سوف يأخذ هذا الدين لنفسه ولن يوصله إلى أبيه فيجب عليك أن تسدده إلى أبيه؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1428(12/7715)
أجرة الوكيل في شراء كمبيوترات
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مجال الكمبيوترات ولدي أصحاب يطلبون مني كمبيوترات من قبل العمل وإلى الحين
فأشتري لهم الكمبيوترات وآخذ المبلغ لي (عمل خارجي) وهم يعلمون بهذا. فما حكم هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح تماما، ولكن إن كان هؤلاء الأصدقاء يطلبون منك أن تشتري لهم كمبيوترات بحكم خبرتك في هذا المجال فإنك في هذا العمل تعد وكيلا عنهم، فإما أن تفعل ذلك تبرعا أو مقابل مال فإن فعلت ذلك مقابل مال فيجب أن تكون أجرتك معلومة محددة، وما زاد على هذه الأجرة يجب رده إلى من وكلك في الشراء، كما يقول صاحب الكفاف من علماء المالكية: وإن يزد فالزيد للموكل لا لوكيله الذي لم يعدل. ويراجع للمزيد الفتوى رقم: 80660.
وإن كان مقصود السؤال شيء آخر فنرجو التوضيح حتى نتمكن من الجواب المطابق للسؤال، فإن الحكم على الشيء فرع عن تصوره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(12/7716)
حكم أخذ الموظف فارق سعر الصرف لنفسه دون الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني موظفة في مؤسسة سياحية وأتعامل مع الحرفاء الأجانب بالعملة الصعبة فهل يجوز لي أن آخذ الفوائد من هذه العملة؟ هل هذا حلال أم حرام؟ مع الشكر سلفا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال غير واضح تماما، ولكن إن كان المقصود أن الموظفة تقوم بالتعامل مع الزبائن بالعملة الصعبة ثم تصرفها بالعملة المحلية وتأخذ الفارق لنفسها ولا تدفعه إلى المؤسسة التي تعمل فها فهذا تصرف محرم لأنها أخذت ما لا يحق لها أخذه، فإن فارق السعر يرد إلى المؤسسة ولا يأخذه الموظف إلا أن تأذن به المؤسسة، وإن كان المقصود بالسؤال شيئا آخر فنرجو توضيحه حتى يمكننا أن نحكم عليه بالمنع أو الجواز فإن الحكم على الشيء فرع عن تصوره.
وراجعي في حكم العمل في المؤسسات السياحية الفتوى رقم: 9743، والفتوى رقم: 42053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1428(12/7717)
الوسيط بين الكفلاء والأيتام هل يخلط أمواله بأموال الأيتام
[السُّؤَالُ]
ـ[قد تختلط أموالي مع أموال كفالة اليتيم ولكن في النهاية تصل إليهم فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أنك وسيط بين الأيتام وكفلائهم تستلم الأموال من الكفيل وتصرفها على اليتيم، وعليك في هذه الحالة أن لا تخلطها بمالك وتتصرف فيها بل عليك حفظها لوحدها وصرفها عليهم حسب الحاجة؛ لأنها ليست ملكا لك. فالوكيل لا يملك التصرف فيما وكل في إيصاله إلى الآخرين، وكونك توصلها إليهم في الوقت المحدد لا يبيح لك خلطها بمالك والتصرف فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1428(12/7718)
هل يحق لمندوب المشتريات أخذ ما يعطيه له البائع
[السُّؤَالُ]
ـ[80762 جواب على الفتوى السابقة إذا أعطي المال من صاحب الشركة وهو يقول محلل وموهوب إليك فما هو الجواب والحل
وإذا أخذت مالا فكيف الحل والتخلص من هذا المال؟ وإذا صرفت كيف الحل؟ ولا يمكن إرجاع المال إلى الوزارة؟ آجركم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الموظف الذي يوكل إليه شراء أثاث أو غيره لوزارته يعتبر وكيلا عنها في هذا العمل مقابل أجرة معلومة يأخذها من جهة عمله.
وعليه، فما أعطي من مال من قبل البائع لا يجوز له أخذه إلا بإذن الوزارة، وإن أذن له البائع فالإذن المعتبر هنا هو إذن الوزارة لأنه أجير عندها، والبائع ما كان ليدفع له شيئا لو لم يكن كذلك، وفي حديث عبد الله بن اللتبية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا جلس في بيت أبيه فينظر أيهدى إليه أم لا.
وعبد الله بن اللتبية هذا استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على جمع الصدقة، فلما جاء قال هذا لكم وهذا أهدي إلي.
فإذا تقرر هذا، فإن عليك استئذان الوزارة في أخذ المال المذكور فإن أذنت فلا بأس، وإن لم تأذن دفعته إليها، وإن تعذر الدفع أو كان سيأخذه من لا يستحق صرفته على الفقراء والمساكين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1428(12/7719)
الوكيل يفعل ما فيه المصلحة لموكله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في تشطيبات المنازل وسباكة وكهرباء وبلاط و....... عندي أخت دكتورة عندما تريد أن تعمل أي حاجة في شقتها الأولى والثانية والعيادة تتصل بي وبعد ذلك آخذ النقود مقابل هذا حتى لو أنا استدعيت أفرادا آخرين يقومون بالعمل، السؤال حاليا: تقوم بإنشاء عمارة وطلبت مني أن أقوم بالإشراف عليها مقابل 10000 جنيه مصري, الأسعار التي في سوق العمل أرقام معروفه عند كل الناس وعندها هي (أختي) ، أنا عندي القدرة أنا أحصل على أسعار أرخص لأنني أعرف ناسا كثيرة وخبرة في السوق, فهل يمكن أخذ فرق الأسعار ويكون حلالا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان شراء مواد البناء داخلاً في الإشراف على هذه العمارة فلا يجوز لك أن تأخذ فرق الأسعار لنفسك، لأنك وكيل عن أختك، وفعل الوكيل إنما يقع عن موكله لا نفسه، ولهذا قرر العلماء أن أي زيادة يحصلها الوكيل فإنها لموكله، كما أن الخسارة -إذا لم يفرط- تعود على موكله أيضاً، ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ {البقرة:196} ، وقوله تعالى: مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ {الفتح:27} ، فنسب فعل الحلق إلى المحلوقة رؤوسهم مع أن الحالق غيرهم، وهذا لأنه إنما حلق نيابة عنهم.
ولهذا المعنى وجب على الوكيل أن يعمل لمصلحة موكله، كما نص على ذلك أهل العلم، قال الدردير في أقرب المسالك: فعل الوكيل المصلحة وجوباً، أي يتعين عليه أن يفعل ما فيه المصلحة لموكله. اهـ
وأما إذا لم يكن شراء مواد البناء داخلاً في الإشراف على هذه العمارة فلك أن تتفق مع أختك أو مع المقاول على أن تشتري مواد البناء بسعر معين، وإن استطعت أن تشتري بسعر أقل فالفرق لك، كما قال ابن عباس: لا بأس أن يقول: بع هذا الثوب فما زاد على كذا وكذا فهو لك. رواه البخاري تعليقاً ووصله غيره.
كما لك أن تتفق على أن تأخذ مالاً مقابل دلالتهم على من يبيع بأسعار أقل من أسعار السوق، وهذا ما يعرف في الفقه الإسلامي بالسمسرة، ويشترط فيها أن تكون معلومة وباتفاق مسبق بين الطرفين، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 56514، والفتوى رقم: 56105.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1428(12/7720)
العرض التابع للشراء هل هو من حق الموكل أم الوكيل
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي أنا مصري أعمل بالخليج، أحد الأصدقاء بمصر أوصانى بشراء موبايل نوكيا له بعد أن أرسلت له سعره بدقة وقد اتفقنا على أن أرسل له الموبايل مع أحد الأصدقاء وسداد ثمنه، لحسن الحظ بعد شراء الموبايل من مالي الخاص حيث إن صديقي سيسدد ثمنه لاحقا عند استلام الموبايل قدمت فاتورته للمحل ففزت بكوبون مشتريات يعادل نفس قيمة الموبيل، هل هذا المكسب حق لي أم لصديقي، وخاصة أن هذه الجائزة عبارة عن مشتريات وليست نقداً ولها فترة صلاحية للاستخدام مما يعنى أن يمكن أن أشترى بكامل قيمة الكوبون أو جزء منه أو لا أجد شيئا ولا أستغل الكوبون مطلقا، صديقى لا يعلم أن هناك عروضا ترويجية بالمحل الذي اشتريت منه ووافق على سعره مسبقا، وكان يمكن أن أشتري من محل آخر بدون عروض للفوز، ماذا أفعل؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الصورة المعروضة في السؤال نجد الأخ السائل اشترى الهاتف النقال المحدد لصديقه الآمر بالشراء فهو بذلك يعتبر وكيلاً عن صديقه، وإن كان نقد الثمن من ماله ليرجع به بعد ذلك على صديقه (موكله) فهذا لا يؤثر في أنه اشترى الهاتف لموكله، وبالتالي فحقوق العقد متعلقة بالموكل، جاء في الإنصاف: حقوق العقد متعلقة بالموكّل ... وينقل الملك إلى الموكّل ويطالب بالثمن ويرد بالعيب ويضمن العهد وغير ذلك. انتهى.
وبالتالي فالعرض التابع للشراء من حق الموكّل لا من حق الوكيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1428(12/7721)
لا يجوز للوكيل أن يتجاوز حدود الوكالة
[السُّؤَالُ]
ـ[علي مديونية في الاتصالات السعودية لم أسدد لهم المبلغ المستحق وفصل هاتف المنزل والجوال قمت بطلب هاتف ثابث باسم والدتي دون علمها لوجود وكالة عامة منها لي مسبقا وكانت حالتها الصحية متردية واستمر الحال على ذلك حتى سبقني على إخبارها الأجل المحتوم، علماً بأنها لا تمانع لو علمت لظروفي المادية وقتها، وللعلم أنني لم أتأخر في السداد لحظة من ساعة دخول الهاتف.. سؤالي هل علي ذنب في هذا التصرف الذي أشعر من وقتها بذنب وضيق في صدري، وعدم الارتياح، ماذا علي فعله الآن، أرجو إفادتي عاجلاً؟ ولكم جل الاحترام وفائق امتناني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على الوكيل أن لا يتعدى حدود ما وكل فيه، لأن مبنى الوكالة على الأمانة، فمجاوزته حدود وكالته يعد تعدياً وخيانة للأمانة، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27} ، وإذا تقرر ذلك فإنه ينظر في نوع الوكالة العامة التي وكلَّ فيها السائل، فإذا كان من مقتضياتها طلب تليفون باسم الموكل فلا حرج على الأخ فيما فعل.
أما إن كانت وكالة عامه ليس من مقتضياتها أو لا يدخل فيها ذلك، فإن السائل ارتكب خطأ لأنه تعدى ما وكل فيه، والواجب عليه التوبة إلى الله عز وجل، وتسديد ما على خط الهاتف من رسوم، وتحويل عقد التليفون إلى اسمه هو، وبهذا يكون قد فعل ما هو مطلوب منه. ونسأل الله أن يعفو عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1428(12/7722)
بيع الوكيل لنفسه وشراؤه منها
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة بالشبكة الإسلامية: مشكورين على الرد ونسأل الله لكم التوفيق لكن لي نقطات لا بد أن أوضحها لكم هي: أنا لست وكيلا للشخص يعني هنالك من جهة تسمى لجنة المشتريات هي المسؤولة عن الشراء إنما هو حضر لي باعتبار أني أعرف جودة الأجهزة وأتعامل مع غيره عن شركات ومؤسسات أخرى في السوق، قمت بشراء الأجهزة بفلوس أخرى غير فلوس الشراء والتي استلمتها من صاحبها بعد التسليم حتى أخرج من بيع مالا أملك حتى أنه إذا قال لي لا أريدها لأي سبب أصبحت ملكي أنا وأبيعها بطريقتي، أرجو الرد بعد هذا التوضيح، وآسف جدا للإطالة ومشكورين على الاهتمام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ذكرناه لك في الفتوى السابقة من أن تكليف المدير لك باشتراء الأجهزة يعتبر توكيلا منه لك بالقيام بتلك المهمة، ليس معناه أن وظيفتك في المؤسسة تحولت إلى وكالة عنها في اشتراء حاجاتها، وإنما معناه أن تكليفه إياك بتلك المهمة صيرك وكيلا عنه في المهمة التي أسند إليك.
ثم ما أضفته من أنك قمت بشراء الأجهزة بفلوس أخرى غير فلوس الشراء التي استلمتها من صاحبها بعد التسليم، ثم أردت بعد ذلك بيعها للمؤسسة التي وكلتك، هو أيضا عمل غير صحيح؛ لأن أهل العلم لا يجيزون للوكيل أن يبيع من نفسه لموكله ولا أن يشتري منها له، بل ومنهم من منع له أن يبيع أو يشتري ممن لا تقبل شهادته له. قال في نصب الراية -وهو من كتب الحنفية-: (والوكيل بالبيع والشراء لا يجوز له أن يعقد مع أبيه وجده ومن لا تقبل شهادته له عند أبي حنيفة رحمه الله وقال: يجوز بيعه منهم بمثل القيمة إلا من عبده أو مكاتبه) لأن التوكيل مطلق ولا تهمة إذ الأملاك متباينة والمنافع منقطعة بخلاف العبد; لأنه بيع من نفسه لأن ما في يد العبد للمولى ...
وفي الدسوقي –وهو من كتب المالكية- عند قول خليل: (ولم يقبض من نفسه) قال: كما إذا وكل على شراء طعام فاشتراه وصار بيده, أو على بيعه فقبضه من الموكل ليبيعه فباعه لأجنبي فيمتنع في الصورتين أن يبيعه لنفسه ولو أذن له موكله ويمتنع أن يقبضه لنفسه أيضا في دين له على موكله ولو بإذنه; لأنه في كلا وجهي بيعه لنفسه وقبضه في دينه يقبض من نفسه لنفسه وليس ممن يتولى الطرفين فقبضه كلا قبض ...
وقال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب شرح روض الطالب –وهو شافعي-: (ولا يجوز) بيعه ولا شراؤه (من نفسه وطفله) ونحوه من محاجيره (ولو أذن) له فيه لتضاد غرضي الاسترخاص لهم والاستقصاء للموكل ولأن الأصل عدم جواز اتحاد الموجب والقابل وإن انتفت التهمة، ولأنه لو وكله ليهب من نفسه لم يصح وإن انتفت التهمة لاتحاد الموجب والقابل ...
وفي الإقناع- وهو من كتب الحنابلة- جاء ما يلي: ولا يصح بيع وكيل لنفسه ولا شراؤه منها لموكله إلا بإذنه. قال البهوتي في شرحه للإقناع لهذه اللفظة: بأن أذن له في البيع من نفسه أو الشراء منها فيجوز لانتفاء التهمة، فيصح تولي طرفي عقد فيهما.
فقد علمت من هذا العرض لأقوال أهل العلم أن القائل منهم بالجواز لا يقول به إلا عند الإذن، وأن جمهورهم على المنع ولو مع الإذن.
وعليه، فلا نرى أن لك تملك فارق السعر المذكور، وما قمت به أنت من دفع الثمن قبل أن تستلمه من المدير هو إقراض منك له لذلك المبلغ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1428(12/7723)
الوكيل مؤتمن على ما في يديه
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة بمركز الفتوى الإسلامية أبعث إليكم بهذا السؤال راجيا الإجابة العاجلة عليه والسؤال هو: أن أحد مدراء الوحدات بالجهة التي أعمل فيها طلب مني إحضار عرض أسعار لشراء أجهزة فأتيته بالفواتير فاختار أقلها سعرا، ولما كانت هذه الأجهزة خارج بلدنا سعرها أقل فقد طلبتها من هناك وبعتها لجهة عملي بنفس سعر الفاتورة التي اختاروها وأخذت الربح لصالحي، فهل هذا التصرف جائز وما أخذته حلال؟ أرجو إجابة عاجلة بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من أن أحد مديري الوحدات في الجهة التي تعمل عندها كلفك به من شراء الأجهزة يعتبر توكيلا منه لك بالقيام بتلك المهمة، والوكيل مؤتمن على ما في يديه مما يخص الوكالة، والواجب عليه أن يعمل لمصلحة موكله.
وإذا اشترى الوكيل الشيء المطلوب بأقل مما سماه موكله فإن الباقي من الفلوس يكون للموكل لا للوكيل.
والعمل بخلاف ذلك يعتبر خيانة للأمانة التي أكد الشرع على أدائها. قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58} ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك. رواه أبو داود والترمذي والحاكم. وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم خيانة الأمانة علامة من علامات النفاق، فقال: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب, وإذا وعد أخلف, وإذا ائتمن خان. رواه البخاري ومسلم.
ولم نجد من أهل العلم من يقول بأن باقي الفلوس في مثل الحالة المسؤول عنها يكون للوكيل.
قال صاحب الكفاف -وهو من علماء المالكية-:
وإن يزد فالزيد للموكل * لا لوكيله الذي لم يعدل
وهذا –وإن كان في موضوع من باع بأقل مما حدده الموكل- فإنه لا فرق بين الزيادة في البيع وبين النقص في الشراء.
والذي هو محل بحث بين أهل العلم هو ما إذا كان اشتراء الوكيل بأقل مما حدده الموكل يعتبر تعديا يستحق بموجبه الموكل تضمين الوكيل أم أنه لا يعتبر تعديا، لما فيه من جلب المصلحة للموكل، والصحيح أنه ليس تعديا.
ففي المغني لابن قدامة: وإن وكله في شراء عبد بعينه بمائة فاشتراه بخمسين أو بما دون المائة صح ولزم الموكل; لأنه مأذون فيه من جهة العرف.
وفيه أيضا: وإن وكله في شراء عبد موصوف بمائة، فاشتراه على الصفة بدونها جاز ...
وقال الشيخ خليل بن إسحاق –رحمه الله تعالى-: لا إن زاد في بيع أو نقص في اشتراء ... أو شاة بدينار فاشترى به اثنتين لم يمكن إفرادهما وإلا خير في الثانية, أو أخذ في سلمك حميلا أو رهنا, وضمنه قبل علمك به ورضاك ...
وعليه، فالواجب عليك أن تتوب إلى الله مما فعلته، ومن تمام توبتك أن ترد المال إلى موكلك بالكيفية التي تناسبك. وليس من شروط التوبة أن تبين له أنك كنت قد خنته في أمانته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1428(12/7724)
لا يحل للوكيل أخذ زيادة على فاتورة البيع
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله عنا خيرا: أنا أعمل في شركة كمبيوتر أتعامل مع شركة المسؤل فيها عن الكمبيوتر له عمله الخاص به خارج الشركه التي يعمل بها. هو يبيع لشركات خاصه به يتعامل هو معها ببعض المنتجات فيطلب مني سعرها بنية أن يبعها للعملاء الخاصين به. بعد أن يوافق هو على سعري أنا يقول لي أضف على المبلغ مبلغا معينا وأرسل البضاعة للعميل الخاص به (أو يأخذها هو ويرسلها) أو بعد أن أقبض الثمن أعطيه القيمه المضافه من جهته كربح له وآخذ أنا ربحي (الفاتورة المستخرجه للمشتري النهائي من الشركه التي أعمل بها) ما مدى شرعية هذا الأمر برجاء سرعة الرد؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر من السؤال أن العمل الذي يقوم به الأخ السائل والشخص الآخر لا يجوز شرعاً، وذلك من جهتين:
الأولى: أنه لا يجوز لهما في وقت دوامهما الرسمي أن يقوما بعمل خاص بهما؛ لأن منافعهما في هذا الوقت ملك للمستأجر (الشركة التي يعملان بها) فإذا قاما بعمل خاص بهما خارج عما هو متعارف عليه فقد ارتكبا إثماً وفرطاً في الأمانة ولم يستحقا من الأجرة إلا بقدر ما عملا فيه لمصلحة الشركة.
الجهة الثانية: هي أن الأخ السائل إذا كان عمله في الشركة هو بيع أجهزة الكمبيوتر وما يتعلق به فإن أي زيادة على فاتورة البيع الرسمية يجب ردها إلى شركته، ولا يحل له أن يأخذها لنفسه، ولا أن يدفع جزءا منها للمسؤول المذكور؛ لأنه وكيل عن شركته في بيع هذه الأجهزة، فالزيادة للموكل لا للوكيل الذي يأخذ مقابل عمله أجراً معلوماً وراتباً محدداً، فبأي وجه يحل له أخذ الزائد؟.
فالمقصود أنه إن كان السائل تورط في مثل هذا العمل فيجب عليه التوبة إلى الله عز وجل، والعزم على عدم العود لمثله، كما يجب عليه رد المبالغ التي أخذها بهذه الطريقة إلى شركته، وعليه كذلك نصح الشخص الآخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1427(12/7725)
الوكالة وربح ما لم يضمن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل مندوب مبيعات لدى شركة لبيع العطور، أحيانا يطلب مني أحد زبائني تأمين عطر معين من غير الأصناف التي أبيعها إياها, فأجلبها له بسعر غير الذي حصلت عليه, على سبيل المثال إذا حصلت عليه بـ 100 ريال أضيف عليه 15 وأخبره بأنه بـ 115 فإذا وافق جلبته له، السؤال: هل هذه الزيادة من حقي, علما بأنني لم أشترها, أم من حق الشركة, أم لا هذا ولا ذاك، فأفيدونا؟ جزاكم الله كل خير عني وعن المسلمين جميعا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب هذا السؤال يحتاج إلى شيء من التفصيل: فإذا كان بعض الناس يوكلونك في شراء بعض العطور، فتذهب وتحضره من الشركة المنتجة له كوكيل عنهم في البيع ثم تبيعه لهؤلاء الناس بسعر أكثر من السعر الذي تبيعه به الشركة المنتجة له وتأخذ الفرق لك، فهذا لا يجوز لأنك في هذه الحالة وكيل عن هؤلاء الناس في الشراء ووكيل عن الشركة في البيع، والوكيل مؤتمن من قبل من وكلوه، فلا يجوز له أن يكذب عليهم أو أن يخونهم في السعر، والواجب في هذه الحالة، مع التوبة إلى الله تعالى مما حصل منك، أن ترد فرق السعر إلى من أخذته منه، ولو بطريقة غير مباشرة، علماً بأن لك أن تشترط على هؤلاء الناس وهذه الشركة أجرة معلومة نظير إحضار وبيع هذا الصنف، ولكن بشرط ألا يكون هذا العمل داخل ساعات عملك في شركتك الأصلية.
أما إذا كان هؤلاء الناس يطلبون منك عطوراً معينة يشترونها منك فتحضر هذه العطور من الشركة المنتجة لها دون أن تشتريها ثم تبيعها على هؤلاء الناس بسعر أكثر من السعر الذي تبيعه به الشركة المنتجة ثم تذهب فتشتريه من الشركة وتأخذ الفرق لنفسك فهذا أيضاً لا يجوز، لما رواه الإمام أحمد وغيره عن حكيم بن حزام رضي الله عنه أنه قال: قلت يا رسول الله: إني أشتري بيوعاً فما يحل لي منها وما يحرم؟ قال: إذا اشتريت شيئاً فلا تبعه حتى تقبضه. ولما أخرجه أبو داود وغيره عن ابن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك. وعليك في هذه الحالة أن تتصدق بالربح لنهيه صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم عن ربح ما لم يضمن أي ما لم يدخل في ضمانك بشرائه وقبضه، وراجع للأهمية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 50862، 25117، 21724، 28775، 26136.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1427(12/7726)
مخالفة الوكيل ما وكله فيه الموكل
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وترك لنا مبلغا من المال تقاسمناه بالطريقة الشرعية، ما عدا جدتي (أم أبي المتوفى) حيث أرسلت لي توكيلاً لاستلام نصيبها الشرعي من الميراث نظراً إلى أنها تعيش في بلد آخر. وقد قمت بالفعل باستلام نصيبها ثم اتصلت بها هاتفياً لأسألها عن كيفية إرسال المال إليها، فقالت لي أنا لا أريد المال بل أعطه لأمك لكي تنفق منه على أخيك الصغير (17 سنة) خلال دراسته في الجامعة.
السؤال هو: هل يجوز أن أنفق المال على نفسي طالما أنني أملك توكيلا عاما من جدتي؟
والسؤال الثاني هو: هل يجوز أن أنفق المال وأن أعطي أخي الصغير نصيبه حينما يبلغ سن الرشد؟
والسؤال الثالث والأخير هو: هل يحق لي أن أمسك بالمبلغ بحجة التوكيل من جدتي وبحجة أن أخي لم يبلغ سن الرشد وأن أمي تنفق الكثير من المال بسبب أو بغير سبب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنه لا يجوز للوكيل مخالفة أمر موكله فيما وكله فيه، كما سبق أن بيناه في عدة فتاوى؛ منها على سبيل المثال الفتوى رقم: 55574، وأي مخالفة فهي خيانة للأمانة وقدح في الديانة، وقد ورد في ذلك من الوعيد ما هو معلوم، وإذا تقرر هذا فجدتك لم توكلك توكيلا مطلقا كما تقول، إنما وكلتك في أمر محدود وهو استلام نصيبها وإعطاؤه لأمك لكي تنفق منه على أخيك الأصغر، وعليه فلا يجوز لك فعل شيء من الأمور التي ذكرتها اعتمادا على ما معك من مستند التوكيل العام، والواجب عليك أن تدفع هذا المال لأمك لكي تنفق منه على أخيك. وراجع الفتوى رقم: 65936، والفتوى رقم: 33965، والفتوى رقم: 37701.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1427(12/7727)
لا حرج في توقيت الوكالة
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم، هل للتوكيل أمد محدد، أم أنه سار بلا تحديد للوقت، أقصد التوكيل بجميع أنواعه، ومن الناحية القانونية والشرعية؟ لو تكرمتم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن التوكيل شرعاً ليس له أمد محدد ينتهي بانتهائه، لكن إذا تضمن عقد الوكالة النص على توقيته بمدة محددة، أو كان التوكيل للقيام بعمل محدد فينتهي التوكيل بانتهاء هذا العمل. وراجع للفائدة في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2479، 35737، 53343.
ونعتذر عن بيان الناحية القانونية لانتهاء التوكيل لبعد ذلك عن تخصصنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1427(12/7728)
الحكم يدور بين الوكالة أو الطلب
[السُّؤَالُ]
ـ[كان بعض من الأصدقاء والناس يستشيروني في شراء سلعة وكنت أضع عليها هامش ربح يتراوح من 10-40 % وأشك في أنهم يعرفون هذا الموضوع وكان هذا الموضوع منذ سنوات ولكني الآن أشعر بندم شديد فماذا أفعل وهل هذا هو جائز شرعا أم لا وفي حالة عدم جواز هذا المال شرعا فما هو الحل لإرجاعه مع العلم أني لم أعد متذكرا لهذه المبالغ التي تم أخذها منهم وأيضا أنا أجد حرجا في فتح هذا الموضوع لا أعرف ماذا أعمل لأني أريد ضميري أن يرتاح أمام المولى عز وجل خاصة أنني الآن أصبحت ملتزما والحمد لله، لكني خائف لأن هذه حقوق ناس، بالله عليكم أريد إجابة خاصه لأنني أشعر بندم شديد شديد، فهل هذا الربح حلال أم هو حرام؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصد أن بعض الأصدقاء أو بعض الناس كانوا يوكلونك في شراء بعض السلع كأن يقولوا -مثلا- اشتر لنا كذا، فتذهب وتشتريه ولكن تخبرهم بسعر أكثر من السعر الذي اشتريت به وتأخذ الفرق لك، فهذا لا يجوز لأنك في هذه الحالة وكيل عنهم في الشراء، والوكيل مؤتمن من قبل من وكلوه فلا يجوز له أن يكذب عليهم أو أن يخونهم، فالواجب عليك مع التوبة إلى الله تعالى مما حصل منك أن تجتهد في تقدير هذه الأموال بحيث يغلب على ظنك أنه ليس لهم في ذمتك أكثر منها وتردها إليهم ولو بطريقة غير مباشر.
أما إذا كنت تقصد أن هؤلاء الأصدقاء أو الناس كانوا يطلبون منك سلعا معينة فتشتريها وتبيعها لهم بسعر أعلى من السعر الذي اشتريت به فهذا لا حرج فيه ولو لم يعلموا بمقدار ربحك أو أنك تربح من وراء ذلك، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 50862، والفتوى رقم: 25117.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1427(12/7729)
ما يفعل من وكله أبوه بقضاء دينه فلم يفعل حتى مات أبوه والدائن
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في عمر 22 سنة أعطاني والدي مبالغا ماليا يعتبر بسيطا وذلك لأسلمه لشخص كان والدي قد استلفه منه، ولكنني تصرفت بهذا المبلغ وعلم الشخص بأن المبلغ لم يصله حيث سألني في يوم عن المبلغ، والدي رحمهمم الله تعالى توفيا الاثنان، صاحب المبلغ له أبناء منفصلون عن بعضهم جميعا، السؤال: كيف يمكنني التخلص من هذا الدين الذي أصبح يؤرقني كلما تذكرت ذلك هل أسلمه لأحد أبنائه أم كيف، أفيدوني؟ جزاكم الله تعالى خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك مع التوبة إلى الله أن تسلم هذا المبلغ إلى ورثة هذا الرجل ولو بطريقة غير مباشرة، إلا إذا كان والدك قد قضاه، فيجب في هذه الحالة أن يعطى لورثة أبيك ما يخصهم منه، إلا إذا كان والدك قد سامحك فيه في وقت لا تزال فيه تصرفاته ماضية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1427(12/7730)
حكم تصرف الوكيل بما لم يأمره به موكله
[السُّؤَالُ]
ـ[سألني جاري أن أشتري له سيارة من السوق وهو يعلم بأنني أحيانا أتاجر بالبيع والشراء فأخذ مني ذلك وقتا تجاوز الأسبوعين حتى وجدت له ما يريد فاشتريت السيارة بمبلغ قدره خمسة آلاف دينار 5000، علما بأنني قد دفعت المبلغ من حسابي الخاص فأجريت عليها بعض الصيانة بمائة دينار تقريبا فعندما كانت جاهزة ذهبت بها إليه فوافق ورضى بها عن طيب خاطر فسألني بكم السيارة فقلت له 5200 دينار، وسؤالي هو هل تحل لي المائتي دينار من أعمال الصيانة والمشقة في البحث عنها أم لا، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قول جارك لك: اشتر لي سيارة، وقبولك ذلك ظاهر في الوكالة، فإذا اشتريت ما وكلك بشرائه بمال نفسك فإنك تعود بثمن السيارة على موكلك.
وأما المبلغ الذي دفعته في مقابل صيانة السيارة فهو من باب تصرف الفضولي إن أجازة الموكل؛ وإلا كنت متسرعاً به، لأنه إنما وكلك في شراء سيارة ولم يوكلك في إصلاحها، والوكيل إذا تجاوز حدود ما وكل عليه انقلب فضولياً، جاء في الموسوعة الفقهية: والوكيل إذا باع أو اشترى أو تصرف مخالفاً لما أمره به موكله فهو أيضاً يعتبر بهذه المخالفة فضولياً لأنه تجاوز الحدود التي قيده بها موكله. انتهى.
وبخصوص المبلغ الذي زدته على ثمن السلعة وصيانتها فإنه لا حق لك فيه، إلا أن تتفق مع موكلك على أنه أجرتك على الوكالة، فالمقصود أن تخبر جارك بثمن السيارة الحقيقي وما أنفقته عليها، وتتراضيان على أجرة محدودة إن لم تكن قمت بهذا العمل متبرعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1427(12/7731)
الوكالة في شراء تأشيرات العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة محاسبا ومسؤولا عن شؤون الموظفين، شركتي تطلب موظفين من الخارج على فيزا عمل تقوم بشرائها من إحدى الشركات بسبب حاجتها الى عدد كبير من الموظفين أكبر من العدد المصرح لها، وتكلفها شراء الفيزا 1,600.00 ريال قطري
سؤالي: أنا لدي صديق يقوم بالعمل بهذه الفيز وقال لي أنا أبيعها بسعر اقل وهو 500 ريال فقط، فهل يجوز لي أن أقول لشركتي إني حصلت لكم على شركة تبيع الفيز بسعر أقل على سبيل المثال 1,000.00 ريال وأن آخذ فرق الفيزا ال500 ريال لحسابي الخاص، وأكون قد وفرت على شركتي مبلغ 600 ريال وكسبت 500 ريال، أم أن ذلك لا يجوز]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 46427، ورقم: 4714، حكم بيع وشراء الفيز فراجعها، وحيث جاز التعامل في الفيز فالوكالة فيها جائزة، لكن قيامك بشراء الفيز لشركتك بسعر أقل وأخذ الفارق لحسابك الخاص غير جائز لأنك وكيل عن الشركة، فالزيادة المذكورة أو الفارق المذكور ملك لشركتك لا لك، وراجع تفصيل المسألة في الفتوى رقم: 74125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1427(12/7732)
الزيادة في الثمن هل هي حق للموكل أم الوكيل
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص اشترى محلا تجاريا وحاول بيعه بمبلغ 30000 ريال فلم يتمكن وظل مدة ستة أشهر يحاول ولم ينجح، وهذا الشخص أعطاني المحل وقال لي بعه وهو يعلم أنه لا يساوي 20000 ريال، وبحكم علاقاتي أتيت بزبون اشتراه بـ 60000 ريال وعندما رجع من السفر أعطيته 30000 ريال ففرح وتعجب مني كيف استطعت أن أبيعه بهذا المبلغ، وهو لا يعلم أني بعته بضعف المبلغ حيث أعطيته 30000 ريال وهو لايعلم أن معي 30000 ريال أخرى فما حكم هذا العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الشخص صاحب المحل قد وكلك في بيعه بثمن أو لم يحدد لك ثمنا، فلا يجوز لك أن تكذب عليه في السعر الذي بعت به؛ لأن هذا من الغش للموكل صاحب المحل وأكل ماله بالباطل، فهذه الثلاثون ألفا التي معك هي له إلا أن تطيب نفسه لك بشيء منها، قال صاحب الكفاف من علماء المالكية: وإن يزد فالزيد للموكل لا لوكيله الذي لم يعدل وعلى هذا عامة أهل العلم.
وراجع لمزيد من التفصيل حول هذه النقطة الفتوى رقم: 49948.
أما إذا كان قد قال لك بعه بكذا فما زاد فهو لك فإن هذا جائز. وهذه الزيادة لك فعن ابن عباس قال: لا بأس أن يقول بع هذا الثوب فما زاد على كذا وكذا فهو لك. رواه البخاري تعليقا ووصله غيره، ولا يعلم لابن عباس مخالف من الصحابة كما قال ذلك ابن حزم وابن قدامة وغيرهما. وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 14008.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1427(12/7733)
هل يعتبر فسخ الوكالة من العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي مشكلة مع والدي وباختصار شديد قام والدي وكتب البيت باسم والدتي وتوفيت والدتي أسال الله أن يرحمها بعد ذلك طلب أبي منا التنازل عن البيت وعمل وكالة شرعية له، وبالفعل عملنا وكالة شرعية بالتصرف بالبيت وقمت بإقناع إخوتي بذلك، بعد مضي فترة قام بالزواج من امرأة أخرى وقد أنجب منها أولادا، بعدها
وإلى الآن لم يفعل شيئا في البيت فهو ما زال باسم والدتي وأنا أرغب بإلغاء الوكالة فهل أعتبر عاقا لوالدي؟ هو في وجهة نظره أن البيت له وليس لنا حق به.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والدك قد وهب لوالدتك رحمها الله هذا البيت وحازته الحوز الشرعي المعتبر بحيث رفع يده عنه ومكنها من التصرف فيه كما هو موضح في الفتوى رقم: 58686، فقد ملكته بذلك وأصبح من جملة ميراثها الذي يقسم حسب التقسيم الشرعي للميراث، فإن قمتم بالتنازل عن نصيبكم فيه لوالدكم وحازه أيضا الحوز الشرعي فقد أصبح ملكا له، وله أن يتصرف فيه كما يشاء، أما إذا لم تقوموا بالتنازل عنه فإنه لا يزال باقيا على ملككم، ولكم أن تفسخوا الوكالة التي لأبيكم ولا يعتبر ذلك عقوقا؛ كما هو موضح في الفتوى رقم: 43641.
أما إذا لم يكن قد وهبها هذا البيت وإنما كتبه باسمها على أنها تستحقه بعد وفاته -كما يفعل ذلك كثير من الناس- فهذا وصية وليس هبة، وقد بطلت بموت الموصى لها، والبيت باق على ملك والدكم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 36133.
وعلى كل حال، فالذي ننصحكم به أن تحاولوا استرضاء والدكم وبره بكل طريق ممكنة، ولا بأس في ذلك بتوسيط أحد الخيرين من الأهل والأصحاب، فقد قال صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني.
وننبه إلى أنه لا يجوز التحايل لأجل حرمان إخوتك غير الأشقاء من ميراثهم من والدهم فإن هذا التحايل من المحرمات بل من الكبائر، وراجع الفتوى رقم: 27901.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1427(12/7734)
الموثق والكاتب أمينان على ما تحت أيديهما
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السوأل: أنا أمتلك محلا بمبلغ 300 ألف جنيه، وفي وقت قررت تأجيره وذهبت عند المحامى لكتابة العقد واتفاقنا على إيجار يدفع سنويا بمبلغ 14 ألف جنيها في السنة الواحدة والعقد سار لمدة عشر سنوات مع الزيادة في الخمس سنوات الأولى 2.5 %، وعند كتابة العقد وقع من المحامى خطأ كتابي فكتب العقد 14 ألف جنيه في الخمس سنوات، فأصبح بدل من أن آخذ 14 ألف جنيه في السنة آخذها في الخمس سنوات، وعند اكتشاف الخطا في الست الأشهر الأولى قام معي المحامى برفع قضية على المستأجر لإعطاء الحقوق إلى أهلها واستمرت القضية 3 سنوات حتى أخذت حكما بفسخ العقد ولكن إلى الآن لم آخذ الإيجار الذى اتفقنا عليه وهو 14 ألف جنيه سنويا والذي أريد أن أعرفه في سؤالي هذا هو أن المحامى عند كسب القضية سألني عن أتعابه وهى 8 الآف جنيه وأنا لست راضيا عن هذا المبلغ بسبب أنه ألحق بي ضررا ماديا كبيرا، وعند التحدث معه قررت وأنا غير راض على الإطلاق أن أعطيه مبلغ 4 آلآف جنيه رغم الأضرار التى لحقت بي، وأريد الآن الدليل من القرآن والسنة بما لحق بي من الضرر حتى يقتنع المحامى بفتوى الشرع بما فعله معي وبما ألحق بى من الضرر والخسائر رغم أنني غير راض عن دفع مبلغ ال 4000 ألاف جنيه لأنني أرى أنه لا يستحقهم وأنه هو المتسبب فى كل ما حدث، أفتونى فى هذه المشكلة بدليل من الكتاب والسنة حتى يستريح بالي وأعطي كل ذي حق حقه، وأطلع المحامي على فتاواى ليقتنع بما ورد في الدليل. وجزاكم الله خيرا وجعلكم في خدمة الإسلام والمسلمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالموثق والكاتب ونحوهما أمناء على ما تحت أيديهم مما استؤجروا على كتابته وتوثيقه، والقاعدة أن الأمين لا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط في عمله، جاء في التاج والإكليل: القضاء أن الأكرياء والأجراء فيما أسلم اليهم كالأمناء عليه لا يضمنونه إلا الصناع والأكرياء على حمل الطعام والشراب اهـ، وجاء في كشاف القناع: والوكيل أمين لا ضمان عليه من ثمن ومثمن وغيرهما بغير تفريط ولا تعد اهـ فنفى عنه الضمان لأنه أمين، هذا ووقوع الموثق في خطأ كتابي أمر وارد، ولا يعد هذا منه تفريطا ما لم يثبت قصده أو تواطؤه مع المستأجر، وبالتالي لا يضمن الضرر الواقع عليك من وراء هذا الخطأ، وكان عليك أن تدقق فيما كتبه، أما ما يتعلق بمطالبته لك بأجرته المتفق عليها فالواجب عليك أن تدفع له الأجرة كاملة لأنها استحقت عليك بتمام العمل الذي وكلته فيه وهو المرافعة عنك في تلك القضية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1427(12/7735)
توكيل الغير بشراء شقة مؤجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[في البداية أود أن أشكر القائمين على هذا العمل جزيل الشكر.. جزاهم الله خيراً على ما يقدمونه من خدمات جليلة للأمة الإسلامية، سؤالي باختصار شديد هو: أنني أسكن بعقار يوجد به العديد من الشقق السكنية منها التمليك ومنها الإيجار، أنا من المستأجرين تم عرض إحدي الشقق للبيع فقمت بسؤال مستأجرها فقال لي إنهم عرضوها عليه، ولكن لا يملك ثمنها فقلت له إن كنت لا تريدها أنا أريدها وإن كنت تريدها ولا تملك المال أنا معي المال، المهم أن الشقة لا يشتريها أحد غريب، فقال أنا لا أريد شراءها ولكن أريد إيجارها، المهم قمت بإرسال صديق لي إلى صاحب الشقة على أنه مشتر للتأكد من صحة عرض بيعها، رجع إلي صديقي وقال لي إنه اتفق مع صاحب الشقة علي الشراء ويريد المال أعطيته المال وتم شراؤها باسم صديقي وبعد ذلك باعها صديقي إلي وتم تسجيلها مع مالك العقار باسمي وتم الاتفاق مع المالك القديم للشقة على ترك المستأجر لحين انتهاء عقده وأن صديقي هو من يتعامل مع المستأجر حتى الآن لحين انتهاء عقده خوفا وحرصا على شعوره..... مع العلم بأنني علمت مؤخراً أن المستأجر الحالي سأل صديقي عن إمكانية تجديد العقد أو بيعها إليه....... هل في ما فعلته أي نوع من الحرمة، فأرجو الإفادة؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس فيما فعله الأخ السائل فيما ظهر لنا من خطوات وإجراءات لشراء الشقة المذكورة شيء ممنوع شرعاً، فهو لم يبع على بيع أخيه ولا سام على سوم أخيه ولا كذب ولا غش، وإنما وكل صديقه في شراء الشقة، فأين وجه الحرام في هذه المعاملة، هذا وإذا كان المستأجر يريد أن يجدد عقده معه بعد انتهاء عقده الأول أو أراد أن يشتريها منه ورضي بذلك السائل فإن كل ذلك جائز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1427(12/7736)
ضوابط توكيل المسلم للكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة في كلية الطب في فلسطين، أحتاج إلى تصريح مرور على الحواجز من السلطات الإسرائيلية والوصول للمستشفى للتدريب وقمت بتقديم طلب للحصول عليه إلا أنه تم رفضه، فقمت بعدها بالتوجه للجنة مختصة بهذه الأمور، والتي بدورها قامت بتوكيل محامية لي وهذه المحامية يهودية إسرائيلية وبعد رفع الأمر إلى المحكمة الإسرائيلية من قبل المحامية كان قرار المحكمة عدم منحي التصريح قبل إجراء مقابلة مع ضابط التحقيق في منطقتي، فما حكم التعامل مع المحامية، وما حكم الموافقة على هذه المقابلة، علماً بأني بحاجة ماسة للتصريح للتدريب وتقديم امتحاناتي، وعلماً بأن المقابلة التي ستعقد ستكون على الأرجح بيني وبين الضابط فقط دون وجود أحد من محارمي؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن يتعامل المسلم مع المحامي الكافر، لأن المحاماة هي مجرد توكيل للحصول على بعض الحقوق، وتوكيل المسلم للكافر جائز فيما ليس فيه إهانة لمسلم، قال السرخسي في المبسوط: وإذا وكلت امرأة رجلا، أو رجل امرأة، أو مسلم ذمياً، أو ذمي مسلماً، أو حر عبداً أو مكاتباً له أو لغيره بإذن مولاه، فذلك كله جائز لعموم الحاجة إلى الوكالة في حق هؤلاء.
وعليه؛ فلا حرج عليك في اتخاذ المحامية اليهودية للغرض الذي ذكرت.
ثم إن الشرع الحنيف قد أكد النهي عن الخلوة بين الرجل والمرأة من غير محرم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. متفق عليه، وفي رواية: ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما. وهذا في حق المسلمة مع المسلم، وإذا كانت المسلمة يحرم عليها الخلوة بالمسلم الأجنبي عنها، فكيف بالكافر؟!
فلا شك أن الخلوة به أعظم حرمة وأكبر جرماً، إلا إذا كان هذا الكافر محرماً لها، وهو ما نستبعده بالنسبة للسائلة، فلا يجوز -إذاً- أن تتقابلي مع الضابط المذكور مقابلة يختلي بك فيها، إلا أن تكوني مضطرة إلى هذه الوظيفة، ولم تجدي حلا آخر، وإذا قلنا باضطرارك إلى تلك الوظيفة، وإباحة المقابلة تبعاً لذلك، فلتكوني في حشمة ووقار وتستر، وعدم خضوع بالقول، ولا تتجاوزي في المقابلة قدر الحاجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1427(12/7737)
حكم حصول الوكيل على مال لقاء شرائه للمؤسسة التي يعمل بها
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو: إذا طلب من موظف أن يشتري مواد لدائرته أو شركته التي يعمل بها، وهو قام بذلك بكل أمانة وحسب المواصفات المطلوبة وبسعر معقول فهل يحق له أن يتعاقد مع البائع على أخذ نسبة من المال لاختياره هذا البائع أو أن يتفق مع البائع على سعر ويبيعها للشركة أو الدائرة بسعر أغلى قليلاً ويأخذ وصل البيع فارغاً من البائع لملئها بالسعر الجديد، فهل هذا المال حلال، أفيدونا أفادكم الله؟ وجزاكم الله عنا وعن المؤمنين كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالموظف إذا طلب منه أن يشتري مواد لدائرته أو شركته التي يعمل بها، فإنه بذلك يعتبر موكلاً من طرف الدائرة أو الشركة في شراء ما طلب منه، والوكيل مؤتمن على ما في يديه مما يخص الوكالة، والواجب عليه أن يعمل لمصلحة موكله.
وإذا تعاقد الوكيل مع البائع على سعر وأخبر الجهة التي وكلته أنه اشترى بسعر أكثر منه، كان ذلك غشاً لموكله وخيانة لأمانته، وقد قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58} ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك. رواه أبو داود والترمذي والحاكم.
وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم خيانة الأمانة علامة من علامات النفاق، فقال: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب, وإذا وعد أخلف, وإذا ائتمن خان. رواه البخاري ومسلم. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من غش فليس منا. رواه مسلم.
وعليه.. فالمال المكتسب بالطريقة المذكورة ليس مباحاً، والحل الشرعي إذا أردت في المستقبل أن تحصل على فائدة من وراء الشراء لتلك المؤسسات هو أن تفعل أحد أمرين:
1- أن تطلب من الموكل أجرة على الوكالة.
2- أن تشتري تلك المشتريات بمالك الخاص وتخبر الموكل بأنك تبيع له وتربح في هذا البيع.
وقبل ذلك فعليك أن تتوب إلى الله تعالى مما كنت قد أخذته من ذلك، ومن تمام توبتك أن ترد إلى الجهات التي وكلتك جميع ما كنت قد استفدته من أموالها، أو أن تستحلها من ذلك، وأما تعاقدك مع البائع على أخذ نسبة من المال لاختيارك إياه دون غيره، فالظاهر أن ذلك رشوة لا يجوز، ويمكنك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 26281.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1427(12/7738)
حكم شراء الوكيل بالبيع لنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل ضابط مشتريات بإحدى الشركات كما أن لدي شركة خاصة. أقوم بجمع أسعار المشتريات من السوق بالإضافة لجمعها من شركتي الخاصة وعليه أقوم بشراء بعض المشتريات من شركتي الخاصة لصالح الشركة التي أعمل بها موظفا غير أنني لا أشتري من شركتي الخاصة إلا عندما يكون سعري أقل الأسعار وذلك بعد أن أقوم فعلا بشراء البضاعة من السوق بمالي الخاص ثم بيعها للشركة التي أعمل بها موظفا ما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فضابط المشتريات في أي شركة يعتبر بمثابة الوكيل عن تلك الشركة. والوكيل في الشراء أو البيع لا يجوز أن يشتري أو يبيع من نفسه ما وكل عليه، إلا أن يأذن له موكله في ذلك. فإن أذن له موكله في البيع أو الشراء من نفسه جاز له ذلك عند جمهور أهل العلم.
قال النفراوي المالكي في الفواكه الدواني: الفرع السادس: وكيل البيع أو الشراء لا يجوز له الشراء لنفسه ولا البيع من نفسه. ومحجوره كولده الصغير أو السفيه بمنزلته لاتهامه، إلا أن يكون ذلك بحضرة الموكل أو يسمي له الثمن، فيجوز له شراء ما وكل على بيعه بعد تناهي الرغبات فيه.
وقال ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق: وأشار المؤلف إلى منع بيعه من نفسه بالأولى، قال في البزازية: الوكيل بالبيع لا يملك شراءه لنفسه، لأن الواحد لا يكون مشتريا وبائعا فيبيعه من غيره ثم يشتريه منه. وإن أمره الموكل أن يبيعه من نفسه أو أولاده الصغار أو ممن لا تقبل شهادته فباع منهم جاز. انتهى.
وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني: وإذا أذن للوكيل أن يشتري من نفسه جاز له ذلك. وقال أصحاب الشافعي في أحد الوجهين: لا يجوز; لأنه يجتمع له في عقده غرضان, الاسترخاص لنفسه, والاستقصاء للموكل, وهما متضادان فتمانعا.
وعليه، فإذا لم يكن أصحاب الشركة قد أذنوا لك في الشراء من نفسك فلا يجوز لك ذلك، وإن أذنوا لك فيه جاز بشرط أن لا تحابي نفسك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1427(12/7739)
زيادة الوكيل في ثمن السلعة بغير علم الموكل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مهندس كمبيوتر عندما يطلب مني أحد أن أشتري له جهاز كمبيوتر أو قطعة من الجهاز أقوم برفع سعر هذه السلعة دون علمه، أي إذا كان سعر الجهاز 1200 أخبره بأن سعره 1300 دون أن أخبره عن سعره الحقيقي ولو كان سعر القطعة 35 أخبره بأنها بـ 60 مثلاً واعتبر الفرق كعمولة، مع العلم بأنه في حالة الجهاز أقوم بشرائه قطعا وأقوم بتجميعه وتنزيل البرامج فيه وأعتبر فرق السعر مقابل جهدي هذا، فما الحكم في ذلك، وكذلك لو أقوم بذلك مع المعهد الذي أداوم عنده كمشرف شبكات دواما جزئيا، حيث إنني أقوم بتجميع الأجهزة وتنزيل البرامج في بيتي، فهل يعتبر الفرق في السعر دون علمهم حلالا، أفيدوني أفادكم الله حيث إنني أخاف الله وأطلب من الله الرزق الحلال ولو كان هذا العمل حراما، فماذا أفعل بما مضى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك تعتبر وكيلا عن أصحاب الأعمال الذين كلفوك بأن تشتري لهم تلك الأجهزة أو القطع، والوكيل مؤتمن ولا يجوز أن يخون من ائتمنه، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27} ، وهذه الزيادة التي ذكرت أنك ترفع بها سعر السلعة هي خيانة صريحة للأمانة, وأكل للمال بغير حق.
فعليك أن تبادر إلى التوبة منها، ومن تمام توبتك أن ترد الفروق التي كنت تأخذها إلى أصحابها، أو تطلب المسامحة فيها من ملاكها، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد والترمذي وأبو داود.
ولأن أصحاب الحق إن لم يأخذوه في الدنيا أخذوه يوم القيامة حسنات، فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه، أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذت من سيئات صاحبه فحمل عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1427(12/7740)
بيع الوكيل لنفسه بغير إذن الموكل
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أعطاني مشغولات ذهبية لكي أبيعها له فذهبت وثمنتها وقلت لصاحبها على الثمن فقال لي بعها واحفظ النقود معك فأنا لم أبعها ولكن في نيتي إذا طلب النقود سوف أعطيها له من معي لأني أنا فى نيتي آخذها كما انفصلت وهو لم يأت إلى الآن ليأخذ النقود وفي نفس الوقت الذهب سعره ارتفع. ... ... ... ... ... ... ... ... ... السؤال هل زيادة السعر من حق صاحبها الأصلي الذي قال لي بعها أم من حقي أنا؟ وأنا في نيتى شراؤها وإعطاؤه ثمنها عند الطلب لأنه يعرف أني بعتها ولفضيلتكم جزيل الشكر. الرجاء الرد السريع]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان يصح للوكيل أن يشتري من نفسه ما وكل على بيعه أم لا، والذين أباحوا للوكيل أن يشتري من نفسه قيدوا ذلك بأن يأذن له فيه الموكل.
وكنا قد بينا مختلف مذاهبهم في ذلك، ولك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 51388.
وبناء على جميع أقوالهم، فإن زيادة سعر المشغولات الذهبية المذكورة هي من حق المالك، وليس لك أنت فيها أي حق، لأنها لم تدخل في ملكك بأي حال من الأحوال.
فأنت لم تشترها، وإنما ذكر أنه كان في نيتك أن تأخذها لنفسك.
وحتى على تقدير أنك اشتريتها لنفسك - وهو احتمال لم يرد له دليل فيما كتبته - فإنك لم تذكر أن صاحبها قد أذن لك في اشترائها، وإنما ذكرت أنه رضي بالثمن الذي أخبرت أنه قد أعطي فيها.
وعليه، فإذا كنت تريدها لنفسك، فلتخبر صاحبها أنها الآن صارت بالسعر الذي هي به، وأنك تريد أخذها به، وإذا قبل كان لك أن تفعل ذلك، وإلا فلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1427(12/7741)
بيع الوكيل وشراؤه لنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن شركاء في محل تأجير مضخات ومن عادتنا أن يشتري أحد منا مضخة مستعملة لبيعها للمحل حتى يتم إيجارها وهكذا، أحد الشركاء باع واحدة للمحل بمبلغ معين، ثم اشتريتها بنفس المبلغ للاستخدام الشخصي، وبعد أيام بعتها للمحل بسعر ثلاثة أضعاف، من غير أن يعرفوا أنها هي، فما حكم هذه البيعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى قد أحل البيع، ومعاملتك حسبما ذكر في السؤال مشروعة، لأنها مستوفية لأركان البيع وشروط صحته التي بيناها في الفتوى رقم: 15662.
وأما البيع بثلاثة أضعاف السعر الذي اشتريت به فلا حرج فيه ما دام البيع ليس فيه غش ولا خيانة كما بسطنا ذلك في الفتوى رقم: 7961.
وننبه إلى أنه يشترط أن لا تكون أنت الوكيل عن المحل في الشراء في مثل حالتك أنت، إذ لا يجوز للوكيل أن يحابي نفسه؟، هذا مع أن من أهل العلم من منع أن يشتري الوكيل لنفسه أو يبيع لها، ولو كان ذلك بسعر المثل خوفاً من المحاباة، وهذا القول له حظ كبير من النظر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1427(12/7742)
تصرف الموكل فيما وكل فيه توكيلا مطلقا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة لدى شركة ما ومديري أعطاني مبلغا من المال وطلب مني أن آخذ منه لي كمكافأة وأوزع منه للفقراء والمحتاجين من الموظفين ولم يحدد كم لهم وكم لي. هل على إثم في المبلغ الذي أخذته والذي لم يحدد من قبله؟. أفتوني جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على من وكل على أمر معين أن يعمل بمقتضى ما وكل عليه، لأنه مؤتمن ولا يجوز له مخالفة أمر موكله فيما وكله فيه.
وإذا أطلق له الموكل التصرف في المسألة الموكل عليها، فعليه أن يعمل بما يقتضيه العرف فيها. قال الحطاب: ... إذا كان الشيء الموكل فيه مطلقا أو لفظ الموكل, فإنه يتقيد بالعرف ...
وإذا لم يجر في المسألة عرف، فعليه أن يعمل بما يغلب على ظنه أنه هو الذي يريده موكله.
وعليه، فإذا كان لكم عرف في قدر المكافأة، فلا تأخذي أكثر منه. وإذا لم يكن لكم عرف في ذلك، فلا نرى أن عليك إثما في المبلغ الذي أخذتِه، طالما أنك لم تفعلي شيئا تعلمين أنه يتنافى مع قصد مديرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1427(12/7743)
هل يأخذ الوكيل أجرة مقابل الوكالة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد وكلني ابن عم لي ببيع أرض له في ثم سافر إلى محل إقامته حيث إنه لم يستطع بيعها وهو موجود في بلدنا وقد كان قد وكل الكثير من السماسرة ببيعها وأخبرهم بأنه يريد سعر الدونم 4000 دينار وهم يستطيعون بيع الدونم بأكثر والزيادة تكون لهم وعليه استطعت أنا ومعي بعد السماسرة بيعها مقابل 5000 دينار للدونم الواحد وتقاسمت أنا والسماسرة الآخرين باقي المبلغ الزائد عن 4000 دينار وبعثنا له نصيبه ولكني أخبرت ابن عمي أن السماسرة ممكن أن يكونوا قد باعوا الأرض بأكثر من 4000 دينار للدونم ولم أخبره كم تم البيع ولم أخبره أني قد أخذت سمسرة لي أحيانا فهل يجوز لي ذلك علما بأنني لا أستطيع إعادة المبلغ له بسسب الحرج الشديد فهل لي أن أتصدق به عنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص أهل العلم على أن المالك للشيء إذا قال لوكيله: بعه، فباعه بأكثر مما سماه الموكل، فإن الثمن كله -أي مع الزيادة- يكون للمالك لأنه بدل عن ماله. ولا يكون للسمسار إلا أجرة مثله. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 14008، وفتوانا رقم: 56105.
والأصل في الوكالة أنها من عقود الإرفاق وليس للوكيل فيها أجرة ما لم يشترط ذلك أو يجر به عرف.
وعليه، فلو كان العرف عندكم يجري بأخذ الوكيل أجرة، وكانت أجرة مثلك تساوي قدر الزيادة التي حصلت أو أكثر، فلا حرج عليك في تملكها.
وإن كانت أجرة مثلك لا تبلغ قدر تلك الزيادة، فليس لك أن تتملك ما زاد على أجرة مثلك، ولا أن تتصدق به عن ابن عمك. وإنما الواجب عليك هو أن تستحله منه أو تعطيه له بأي طريقة وجدتها مناسبة. وليس يلزمك أن تخبره بأنه من ثمن الأرض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1427(12/7744)
هل يضمن الوسيط بين وكالة العمرة والمعتمرين
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بعمرة رمضان وأخذت معي مجموعة من المعتمرين وكنت أنا الوسيط بين المعتمرين والوكالة، وأخذت النقود من الناس وسلمتهم كلهم إلى صاحب الوكالة وقبل أيام من السفر اعتذر عن السفر خمسة أشخاص وعند رجوعنا من العمرة بدأ الناس الذين تراجعوا عن السفر يطالبوني بنقودهم فلما ذهبت عند صاحب الوكالة قال لي ليس عندهم حق في المطالبة بنقودهم لقد صرفت كلها عليهم وقال إنه أدى ثمن التذاكر وثمن الغرف ومصارف التأشيرة فلم يرد لي ولا درهما واحدا، إني أرجوكم أن تنصحوني ماذا أعمل مع هذه المجموعة من الناس، وهم يعرفون الوكالة وقد ذهبوا إليها لأخذ جوازاتهم وكانت فيها تأشيرة العمرة، هل في ذمتي هذه النقود أم لا فأرشدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوسيط وكيل في تسليم أوراق هؤلاء الذين اعتذروا عن أداء العمرة، والوكيل محمول على الأمانة والصدق فلا يضمن إلا في حالة التعدي والتفريط.
جاء في متن الغاية والتقريب: الوكيل أمين فيما يقضيه وفيما يصرفه. اهـ
وعليه فليس لهؤلاء الأشخاص أن يطالبوك بشيء من أموالهم، وإن كان لهم حق فليعودوا به على صاحب الوكالة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1427(12/7745)
لا يصح للفقير قبل قبض الزكاة توكيل غيره في التصرف فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل زكى عن أغنامه شاة لأنها وصلت النصاب الشرعي لكن الفقراء مستحقي الزكاة وكلوه في بيع هذه الشاة ليدفع ثمنها لهم وذلك قبل حيازة وتملك الشاة، فهل يجوز ذلك أم أنه يجب أن يستلم مستحقي الزكاة زكاتهم أولاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يملك الفقير الزكاة إلا بقبضها من المالك أو القائم مقامه أو بإذنه, ولا يصح قبل القبض أن يوكل غيره في التصرف فيها، لأنه لم يملكها ومن شروط صحة الوكالة ملك الموكل لما وكل فيه، قال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله: الزكاة لا يملكها الفقير إلا بقبضها، فإذا وكله في الشراء بها كان التوكيل فاسداً، لأنه وكل في الشراء بما ليس له، وبقيت على ملك رب المال، فإذا تلفت كانت في ضمانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1427(12/7746)
الواجب على من وكل في التصرف بمال غيره أن يخرجه من دائرة الربا
[السُّؤَالُ]
ـ[الوالد لديه أموال في بنك ربوي وقد رفض نقلها إلى بنك إسلامي أو إخراجها من البنك وقد كبر سن الوالد الآن وضعف بصره وقد أعطاني توكيلا فهل يجوز لي أن أتصرف بالمال كأن أفتح به مشروعا دون علمه نظرا لرفضه التام لجميع المحاولات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالربا محرم بل هو من أكبر المحرمات، وقد توعد الله فاعليه بأسوأ العواقب في الدنيا والآخرة؛ كما قال تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ {البقرة: 275} وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ {البقرة: 278 ـ 279} ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه. رواه مسلم.
ثم إن تغيير المنكر لمن استطاع إليه سبيلا واجب شرعي، قال عليه الصلاة والسلام: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
وعليه؛ فإذا كان والدك قد وكلك على أمواله وكالة مطلقة وأسند إليك التصرف فيها تصرفا كاملا فمن واجبك أن تخرجها عن البنوك الربوية، سواء كان ذلك بفتح مشروع دون علمه، أو بأية وسيلة أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1427(12/7747)
احتيال الوكيل وغشه لموكله
[السُّؤَالُ]
ـ[قام أحد الأشخاص المقيمين في المهجر بتوكيل شخص آخر لشراء بيت له فوجد الموكل بيتا بسعر عشرة ملايين ريال. فأخبر الموكل المشتري أن سعر البيت ثلاثة عشر مليونا فوافق المشتري. فقام الموكل بالاتفاق مع شخص آخر بشراء البيت بسعر 10 ملايين. ثم شراءه للمشتري الأول بسعر 13 مليونا.
فماهو حكم الوكيل في هذا البيع وأيضا الشهود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تمت الوكالة بين الوكيل ومن وكله فإنه يحرم عليه الاحتيال والكذب من أجل الحصول على زيادة فوق الثمن الذي اشترى به البيت، ذلك أن مبنى الوكالة على الأمانة والصدق.
جاء في متن الغاية والتقريب: الوكيل أمين فيما يقبضه وفيما يصرفه.
وعليه، فإذا اشترى الوكيل البيت لموكله بثمن محدد ثم احتال أو كذب ليأخذ أكثر من ثمنه فإن هذا يعد خيانة منه ويجب عليه التوبة إلى الله عز وجل ورد المبلغ الزائد الموكل.
وأما الشهود الذين شهدوا على هذا فينظر إن كانوا مطلعين على حقيقة أمر الوكيل فقد ارتكبوا إثما بشهادتهم وإعانتهم على الكفر والغش، وإن كان الوكيل موه عليهم فلا يؤاخذون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1427(12/7748)
بيع الوكيل ما وكل على بيعه لنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ثلاثة أصدقاء كل واحد منا يملك مبلغ 5000 جنيه وأردنا أن نقوم بمشروع لنقل البضائع بين القرى فقررنا شراء سيارة نقل، ولكن سعرها كان غالياً، وكان لي عم قد أعطاني مبلغ 30000 جنيه، ووكلني بتشغيله في أي مشروع أراه ناجحاً فاتفقت معهم على شراء السيارة فذهبنا سويا إلى معرض السيارات وقمت بدفع مبلغ 45000 جنيه ثمناً لها وقمت بكتابة عقد تمليك السيارة باسم أحد الثلاثة لأنه مفترض أنه من سيقوم بالقيادة، وبعدها بأسبوع اجتمعنا سوياً واتفقنا على أنني سأقوم ببيع السيارة لنا نحن الثلاثة بمبلغ 51000 بالتقسيط على 24 شهر، وكتبت كمبيالات على كل واحد منا بمبلغ 12000 جنيه، لصالح عمي السالف الذكر وبدأنا المشروع وفي بداية كل شهر نقوم بسداد مبلغ 1500 جنيه لعمي السالف الذكر، فهل هناك من إشكالية في هذه المعاملة المالية، أو أي شبهة من الحرام، وإن كانت هناك حرمة فيها فما هو المخرج المناسب بحيث لا يقع بالضرر على أحد، فأفيدونا يرحمكم الله؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فملخص ما كتبته في سؤالك هو أن عمك قد وكلك على تشغيل مبلغ من المال، وأنك شاركت بهذا المبلغ في شراء سيارة ثلاثة أشخاص أنت واحد منهم، وحسب المبالغ يتبين أن لكل من الثلاثة سهما ولعمك ستة أسهم، ثم إنك بعت أسهم عمك لنفسك ولشريكيك، وبيعك أسهم موكلك ليس فيه من حرج لدخوله في عموم قول الله عز وجل: وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا {البقرة:275} .
ولكن بما أنك أنت أحد المشترين، فإن أهل العلم قيدوا إباحة بيع الشخص لنفسه ما وكل على بيعه، بأن يكون الموكل آذنا في ذلك أو تتناهى الرغبات في المبيع لئلا يحابي الوكيل نفسه، ففي الدردير عند قول خليل في باب الوكالة: وبيعه لنفسه ومجوره، قال: (و) منع (بيعه) أو الوكيل فهو مصدر مضاف لفاعله (لنفسه) ما وكل على بيعه ولو سمى له الثمن، لاحتمال الرغبة فيه بأكثر، ما لم يكن بعد تناهي الرغبات فيه أو لم يأذن له ربه في البيع لنفسه وإلا جاز. وقال الدسوقي معلقاً: (قوله ما لم يكن إلخ) هذا قيد في منع بيع الوكيل لنفسه.
وحاصله أن المنع مقيد بما إذا لم يكن شراؤه بعد تناهي الرغبات وبما إذا لم يأذن له ربه في البيع لنفسه، فإن اشترى الوكيل لنفسه بعد تناهي الرغبات أو أذن له الموكل في شرائه لنفسه جاز شراؤه حينئذ ومثل إذنه له في شرائه ما لو اشتراه بحضرة ربه. انتهى.
وعليه فإذا كان موكلك راضياً ببيعك لنفسك -كما هو متبادر من السؤال- أو تناهت الرغبات في السيارة، فلا شيء فيما فعلتموه، بل هو بيع جائز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1427(12/7749)
الوكيل مؤتمن على ما في يده
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أعطاني مدير المؤسسة التي أعمل فيها مبلغا وقدره 1500 ريال لسداد تأمين التلفون الجوال لدى المؤسسه وعندما أدخلت المبلغ في الصراف الآلي كان قيمة التأمين المستحق سداده 500 ريال فدفعت ال 500 ريال وقمت بشراء كمبيوتر مستخدم وكانت القيمة 1000 ريال أي الباقي من المبلغ دون أن أخبر المدير بذلك لأن قيمة الكمبيوتر كانت عندي فرصة لا أستطيع تفويتها وكانت النية عندي أن أسدد التأمين للدورات القادمة أي كل 3 أشهر وأنا أريد الآن أن أسدد التأمين الذي ذكرت وكل هذا دون علم المدير حيث إن حساب الجوال مسجل عندي من ذلك التاريخ قبل عام تقريبا فإن سددت البلغ المتبقي فهل أنا محاسب على طريقتي هذه أم أنني قد وفيت بالأمانة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوكيل مؤتمن على ما في يده، ولا يجوز له التصرف فيه إلا بإذن موكله، والشرع الحكيم قد حض على الأمانة وحذر من الخيانة، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء: 58} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك. رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.
وعليه فما فعلته في أمانتك ليس صوابا بل كان من واجبك أن تخبر مدير المؤسسة بالأمر على حقيقته ثم تطلب منه الإذن لك في اقتراض باقي المبلغ على أن تسدده بالطريقة التي تتراضيان عليها.
وأما الآن فواجبك هو التوبة مما فعلته، ومن تمامها أن ترد باقي المبلغ إلى المؤسسة بأية طريقة تراها مناسبة لك، وإن كان أجل تسديد الفواتير قد حل، فلا مانع من أن تدفعه في تسديدها، ويكفيك ذلك حينئذ في تمام توبتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1427(12/7750)
الوكيل يضمن إذا فرط أو تعدى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا يوسف طالب بدولة أوروبية ولي صديق (مصطفى) وهو طالب معي في نفس الدولة جاءه والده (خليفة) في زيارة للعلاج وعند عودته لبلدنا العربي رغبت في إرسال مبلغ من المال لعائلتي الموجودة في بلدنا العربي، أخذت المبلغ وسلمته لصديقي ليسلمه لوالده على أساس تسليمه لعائلتي هناك عن طريق الوالد بنفسه أو ابنه الأصغر، ولكن عند توديع صديقي لوالده أبلغه أن ابني سوف يأتي شخصيا إليه ويأخذ منه المبلغ ولم يعطني علما بهذا التغيير في عملية تسليم المبلغ هناك بعد مغادرة الوالد مباشرة، رجع والد صديقي للبلد ومرت عدة أيام ولم يصل المبلغ لعائلتي، وعندما راجعت مصطفى عن الأمر اتصل بوالده الذي قال له إن ابني جاءه واستلم المبلغ، وهنا كانت المفاجأة، حيث اتضح أن الحاج خليفة قد أخبر بعض ضيوفه وعائلته أن معه مبلغا ماليا مرسلا معه لعائلتي وأنه في انتظار ابني (الذي لا يعرفه ولا يعرف اسمه) ليعطيه هذا المبلغ، لقد أفادنا الحاج بأنه بعد 4 – 5 أيام جاءه شاب منتحلا صفة ابني وقال له أنه يدعى وليد يوسف (علما بأن اسم ابني محمد) ويريد استلام المبلغ المرسل معه، فقام الحاج بتسليمه المبلغ ظنا منه أنني أبلغت ابني بالذهاب إليه دون أن يتأكد منه ولو ببعض الأسئلة، وعندما اتضحت الأمور للحاج عرض دفع المبلغ لعائلتي كاملا نظراً لخطئه في التسليم، إلا أنني رفضت ذلك لحين وضوح رأي الشرع في هذا الموضوع، لذا أود شاكراً أن أستفسر منكم كيف يمكنني التصرف بهدا الموضوع، هل آخذ المبلغ من الحاج على اعتبار أنه أخطأ في التسليم، هل أعتبر أن المبلغ وكأنه قد ضاع مني ويجب نسيانه، علما بأن الحاج هو في حرج شديد الآن من هذا الموقف، أفيدوني أفادكم الله؟ وفقكم الله لما فيه خير الإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحاصل من السؤال أنك وكلت صديقك في إيصال المبلغ إلى أهلك في البيت الذي يقيمون فيه، وأذنت له أن يوكل أباه في ذلك، وكلا الأمرين جائز عند جماهير الفقهاء.
قال في درر الحكام -وهو حنفي-: كما أن للوكيل بإيفاء الديون أن يوفيها بنفسه فله أن يوفيها بواسطة أمينه أما غير أمينه فليس له أن يوفيها بواسطته، فلو قال أحد لآخر: أعط هذه النقود لدائني فلان وأرسل الوكيل المبلغ المذكور مع أحد ليس بأمين له وتلف ذلك المال في يد ذلك الشخص بعد المفارقة لزم الوكيل الضمان، لكن إذا كان ذلك الشخص أميناً للوكيل فليس له أن يضمن الوكيل. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: إذا أذن الموكل في التوكيل، فوكل، كان الوكيل الثاني وكيلا للموكل، لأنه لا ينعزل بموت الوكيل الأول، ولا عزله، ولا يملك الأول عزل الثاني، لأنه ليس بوكيله. انتهى.
والأصل في الوكيل أنه مؤتمن فلا يضمن ما وكل فيه إلا بتعد أو تفريط، والظاهر من السؤال أن صديقك قد فرط بمخالفة أمرك وشرطك في إيصال المبلغ إلى البيت الذي تعيش فيه أسرتك، مما أدى إلى ضياعه، وهذا يوجب ضمانه للمال الضائع إلا إذا تنازلت له عنه طوعا منك.
قال الكاساني في بدائع الصنائع: الأصل في الشروط اعتبارها ما أمكن، وإذا كان القيد مفيدا كان يمكن الاعتبار فيعتبر، لقول النبي عليه أفضل الصلاة والسلام (المسلمون عند شروطهم) فيتقيد بالمذكور ويبقى مطلقاً فيما وراءه على الأصل المعهود في المطلق إذا قيد ببعض المذكور، إنه يبقى مطلقاً فيما وراءه، كالعام إذا خص منه بعضه، إنه يبقى عاما فيما وراءه، وإن لم يكن مفيداً لا يثبت بل يبقى مطلقاً، لأن ما لا فائدة فيه يلغو ويلحق بالعدم. انتهى.
أما صديقك فيرجع على أبيه بالمال إذا كان أبوه قد فرط في التحري، وتفريط الأب هنا واضح، وذلك بعدم التأكد من الشخص الذي أعطاه المال، وكذلك بعدم الإشهاد عليه.
قال في التاج والإكليل وهو مالكي: إذا وكله بأن يقضي عنه دينا أو يودع له مالا لم يكن له أن يدفع ذلك إلا ببينة، فإن دفعه بغير بينة ضمن. انتهى.
وقال في الإنصاف وهو حنبلي: وإن وكله في قضاء دين، فقضاه ولم يشهد، وأنكر الغريم ضمن. هذا المذهب بشرطه، وعليه أكثر الأصحاب، كما لو أمره بالإشهاد فلم يفعل. انتهى.
وفي تحفة المحتاج -وهو شافعي-: (ولو) أعطاه موكله مالا و (وكله بقضاء دين) عليه به (فقال قضيته وأنكر المستحق) دفعه إليه (صدق المستحق بيمينه) ، لأن الأصل عدم القضاء فيحلف ويطالب الموكل فقط (والأظهر أنه لا يصدق الوكيل على الموكل) فيما قال (إلا ببينة) أو حجة أخرى، لأنه يدفع لمن لم يأتمنه فكان حقه إما الإشهاد عليه، ولو واحداً مستوراً، وإما الدفع بحضرة الموكل نظير ما مر آخر الضمان. انتهى، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35647، 18433، 19455.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1426(12/7751)
تنفيذ الموكل التصميم المطلوب منه بسعر أقل
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل طلب منى أن أساعده فى عمل تصميم وهذا التصميم يقوم به زميل لي فقلت له إن هذا التصميم يتكلف مبلغا معينا وقمت بمفاوضة زميلي الذى يعمل التصميم على مبلغ أقل فهل الباقي من حقي شرعاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تبين لنا هل هذا الرجل طلب منك مساعدته مقابل أجر معلوم، أم فعلت ذلك تبرعاً منك، أم أنك قاولته على هذا العمل بمبلغ معين ثم بحثت عمن يعمله لك بأقل منه، وعلى كل حال فإذا كنت اتفقت معه على أجرة معلومة فليس لك إلا ما اتفقتما عليه والزيادة تعود إلى صاحبها، وإن كنت فعلت ذلك تبرعاً فلا شيء لك إلا أن تطيب نفس الرجل الذي صنعت له التصميم بشيء يعطيك إياه، وفي حالة واحدة يجوز لك أخذ الباقي المذكور وهي أن تكون قاولته على عمل التصميم بمبلغ معين ثم تقبله آخر منك بمبلغ أقل فجائز أن تأخذ الزيادة، وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 56514.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1426(12/7752)
توكيل الغير ببيع البضاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع البيع أي المتاجرة......
أنا قمت بشراء بضائع وأعطيتها لزميلي الذي عنده محل ليبيعهم بأسعار محددة
قام زميلي بزيادة الأسعار ليحصل على فائدة هو الآخر وبعد شهرأوأكثر يعطيني نصف أو ربع القيمة من مجموع البضائع هل تجوز هذه المبايعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخلو حالك مع هذا الزميل الذي باع بضاعتك من أن تكون وكلته في بيعها بأجر أو بدون أجر. فإن كنت وكلته في بيعها بدون أجر فليس له شيء إلا أن تطيب نفسك له بشيء، أما إن كنت وكلته بأجرة محددة فله أجرته المحددة والزيادة كلها لك، وإذا لم تكونا اتفقتما على أجرة محددة في هذه الحالة فالوكالة فاسدة وللوكيل فيها أجرة المثل، وراجع في هذا الفتوى رقم: 48492، وأما إذا قلت له بع هذه البضاعة بكذا فما زاد فهو لك فالزيادة له، وقد تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 24209.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1426(12/7753)
من وكل في شراء شيء وعجز عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت أعمل مع منظمة عالمية في العراق وكان لهذه المنظمة عقد لتطوير برنامج في إحدى الدوائر الحكومية وكنت المسؤول عن تنفيذ العقد وتطلب العقد التعاقد مع شركة لاستيراد البرنامج من خارج العراق ولكن انتهى عقد المنظمة في العراق في الوقت نفسه وعجزت الشركة عن استيراد البرنامج وبقي مبلغ البرنامج معي ولا أعرف ماذا أفعل فأفيدوني؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أنك موكل من قبل الشركة في شراء برامج معينة، وأن الشركة قد أعطتك ثمن هذه البرامج لتقوم بشرائها لها، والأصل في الوكالة أنها عقد أمانة، فالمال للموكِل، وليس للوكيل شيء، وهو أمين على ما في يده، ولذا فإنه يجب عليك رد المال الذي معك للجهة التي وكلتك في الشراء، فإن لم يمكنك رده إليها فلك أن تنفقه في مصالح المسلمين العامة، فإن تمكنت من رده بعد ذلك فالشركة بالخيار بين إمضاء ما فعلت وبين المطالبة بالمال، ويكون لك ثواب نفقته، وراجع للاستفادة الفتوى رقم: 68857، والفتوى رقم: 59608.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1426(12/7754)
هل يضمن المدير المديونية المستحقة على الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل مديرًا في إحدى الشركات، وكنت أَعِد المقاولين والتجار الذين يعملون معنا بأن يأخذوا مستحقاتهم من الشركة التي كانت تصدر لهم شيكات بدون رصيد ولكني كنت مثل هؤلاء الناس لا أتقاضى راتباً إلا سلفيات. وانتهى المشروع وتمكنت من أخذ مستحقاتي من الشركة بواسطة المالك لهذا المشروع، إلا أن الناس الآخرين لم يحصلوا على مستحقاتهم فهل ينتابني حرام أنني كنت أعدهم بأن يأخذوا مستحقاتهم وذلك بناء على وعود أصحاب الشركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المدير في شركة ما يُعتبر وكيلاً عن مُلاَّك الشركة، فهو الذي يبرم العقود ويعقد الاتفاقيات ونحو ذلك. وقد نص العلماء على أن الوكيل إذا اشترى ومثله لو استأجر بثمن أو بأجرة في الذمة أنه ضامن لهذا الثمن أو لهذه الأجرة.
جاء في المغني لابن قدامة: ... فأما ثمن ما اشتراه إذا كان في الذمة فإنه يثبت في ذمة الموكل أصلاً وفي ذمة الوكيل تبعًا كالضامن، وللبائع مطالبة من شاء منهما، فإن أبرأ الوكيل لم يبرأ الموكل، وإن أبرأ الموكل برئ الوكيل أيضًا كالضامن والمضمون عنه سواء. انتهى.
هذا وإذا كان الوكيل ضامنًا للموكل لزمه أداء ما ضمنه لحديث: الزعيم غارم. رواه أبو داود، والزعيم هذا الضامن أو الكفيل. وعليه فالأخ السائل ضامن لمستحقات هؤلاء التجار والمقاولين ولهم كامل الحق في مطالبته ومقاضاته. وبالنسبة له هو يعود على أصحاب الشركة فيما ضمنه لهؤلاء المقاولين والتجار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1426(12/7755)
الوكيل ضامن لكل ما فرط فيه من مال موكله
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد استأمنت امرأة ما رجلا جارها على أموالها بدلا من أخويها الأكبر والأصغر وثلاث بنات وكان الأخ الأصغر يأخذ أموالا بدون علمها بالاتفاق مع جارها الموكل وعرض على الأخ الأكبر ذلك فرفض حتى ضاق الحال بالأخ الأكبر فمد يده لجار أخته ليأخذ ستة آلاف من مالها واقترض خمسة آلاف من أخيه الأصغر وهو يعلم أن أموال أخيه الأصغر من أموال أخته وعندما توفيت أبلغ إخوته فأنكر الأخ الأصغر ذلك وأبلغ أيضا عن الستة آلاف وتم التوريث الشرعى فيهم فأعطى كل بنت ألف جنية ولم يعط الأخ الأصغر ولم يسدد له القرض ذا الخمسة آلاف باعتبار أنه أخذ الكثير، فما رأيكم فى أخذ الأموال بدون علم بالنسبة للأخ الأكبر والأخ الأصغر الستة آلاف جنيه الذى تم الميراث فيهم بدون الأخ الأصغر والقرض ذي الخمسة آلاف الذى لم يسدد، وما رأيكم في القصة كلها؟ وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى ما في هذه القصة من المخالفات الشرعية، فلا يجوز لهذا الجار المستأمن أن يترك أحداً يأخذ شيئاً مما استؤمن عليه، فهذا من أقبح الخيانة وتضييع الأمانة وأوضح الغش.. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من غش فليس منا. وفي رواية: من غش فليس مني. رواه مسلم وغيره، ولذلك فهذا المستأمن ضامن لكل ما فرط فيه من هذا المال، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 19455.
وكذلك ما فعله الأخ الأصغر والأكبر من التمالئ مع الجار المستأمن كل ذلك حرام لا يجوز، وعليهم جميعاً المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى ورد جميع ما أخذوا من مال هذه السيدة بدون إذنها إلى تركتها ليُقسم على جميع ورثتها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وغيره.
وما دام الأخ الأصغر منكراً لما ذكرت فإن على من ادعى عليه ذلك أن يثبته بالأدلة الشرعية وإلا فإنها تبقى مجرد دعوى حتى تثبت، وما دام الأخ الأكبر مقراً بأنه اقترض من أخيه الأصغر خمسة آلاف وهو ينكر أنها من مال أخته المتوفاة فإن على الأخ الأكبر أن يؤدي ما أخذ لصاحبه الذي أخذه منه إلا إذا ثبت أنها من التركة فيردها إلى عموم التركة كما أشرنا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 12134، والفتوى رقم: 39245 وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1426(12/7756)
المال المستفاد عند الشراء من حق الموكل لا الوكيل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في إحدى الدوائر الرسمية وطلب مني شراء قطعة كهربائية، علما بأنه توجد لجنة خاصة مخصصة لشراء هذه المواد وغيرها من الأسواق وعندما نزلت إلى السوق وجدت أن سعر هذه القطعة يتراوح ما بين17000- 18000 وعند سؤال أحد الباعة قال لي هل عندك محل قلت نعم، فقال سوف أحسبها لك بسعر الجملة 13000 فهل يكون الفرق بين السعرين لي حلال أم حرام؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لك أن تأخذ الفارق بين سعر الجملة وسعر التفرقة ويجب عليك إرجاعه إلى الدائرة التي كلفتك بشراء القطعة، ذلك أنك وكيل للدائرة المذكورة في شراء هذه القطعة، وكل زيادة تعود إلى الموكل لا إلى الوكيل.
هذا ولتعلم أن قولك للبائع عندي محل وليس الواقع كذلك يعتبر كذباً، والكذب حرام شرعاً فالواجب عليك التوبة إلى الله عز وجل والاستغفار من هذا الذنب، وراجع الفتوى رقم: 36982.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1426(12/7757)
لا يجوز للوكيل أن يتعدى حدود وكالته
[السُّؤَالُ]
ـ[لى أخت حصلت على تعويض مالي جراء أحداث الخليج وقد استلمت المبلغ لوجود وكالة سابقة منها عندي فأمرت الوالدة بوضع المبلغ عندي على سبيل الأمانة لحين الحاجة إليها وكل هذا بدون علمها فقمت بحفظ المبلغ في إحدى المحافظ الاستثمارية الإسلامية وأعطيها مبلغا بسيطا شهريا كمصروف شخصي أو عند الحاجة وبعد فترة وجدت أن هذه المحافظ ذات مردود قليل نسبيا فهل يسمح لي الشرع بسحب هذا المال وشراء بعض الأراضي للاستثمار فيها خاصة أن عوائدها جيدة وأحوالي المالية متعسرة مع الحفاظ على رأس مال أختي وإعادتة عند الطلب أو عند الحاجة إليه؟
وجزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الوكيل يتصرف حسب ما أذن له الموكل ولا يجوز له أن يتعدى حدود وكالته، فإذا كانت وكالتك في استلام التعويض المذكور ورده إلى صاحبته فيجب عليك رد هذا المال إليها وعدم التصرف به بوضعه في البنك إلا بإذن منها، وبهذا تعلم أن ما قمت به من وضع المال في البنك عمل غير صحيح ولو أمرتك به أمك ما لم تستأذن من صاحبة المال. وأولى بالمنع ما تنوي عمله من أخذ المال وصرفه في حاجتك فإن هذا التصرف حرام ولا يجوز إلا بإذن من أختك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1426(12/7758)
مسائل في إعمار الوكيل موكله المريض
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي أصيب بمرض ضمور في المخ مما جعله ينسى أشياء كثيرة، ومعي توكيل عام منه وعزمت على أن أرسله لعمل العمرة، وكان له مبلغ في البنك يودعه بصفة شهادات استثمار فذهبت وسحبت المبلغ كله وأرسلته لعمل العمرة هو ووالدتي وأخي، علما بأن والدتي معها مبالغ مالية تحتفظ بها وأخي دخله بسيط.
أولاً: ما حكم أنني سحبت المبلغ الخاص بوالدي؟ علماً بأنني سحبته لأنني أعلم أن فوائد هذه الشهادات حرام حيث إنها غير شرعية.
ثانياً: ذهاب أخي مع والدي لمساعدته هل أحاسبه على قيمة السفر أم لا؟ وكذلك الوالدة هل أحاسبها على قيمة السفر أم لا؟ حيث أنها مراراً وتكراراً، تكرر أنها ليس معها نقود وأنا على علم بأنها معها، أرجو إفادتي، ولكم جزيل الشكر وجزاكم الله عنا وعن المسلمين جميعاً خيراً إن شاء الله ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت صاحب وكالة فلتعلم أن الوكالة مبناها على الأمانة والحفظ، ولا يجوز للوكيل التصرف فيها إلا بما فيه مصلحة الموكل، ولو تصرف بما يتنافى مع المصلحة بتفريط فإنه يضمن، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى: 60788.
وما قمت به من سحب شهادات الاستثمار من البنك الربوي لتحريمها فأمر رشد تثاب عليه عند الله تعالى وتشكر عليه من عباده، ولتعلم أن ما زاد على رأس المال منها لا يجوز تملكه بل يجب التخلص منه بصرفه على الفقراء والمساكين ومصالح المسلمين العامة، قال الله تعالى: وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:279} .
وأما عن العمرة:
فللوالد فيها أحوال:
1ـ إذا كان المرض الذي أصيب به والدك لم يؤثر على عقله بحيث يفقده أهلية التصرف، وكان ما حصل منك بعلم منه وإقرار لك عليه، فلا نرى عليك فيما صنعت شيئاً، لأن التصرف في هذه الحالة ينسب لأبيك وهو مالك المال، والمالك يتصرف في ماله كيف يشاء ما دام تصرفه مشروعاً.
أما إذا كان ذلك بدون علم الوالد مع كمال أهليته للتصرف، فإن الوكيل (الابن) هو الذي يتحمل جميع النفقات التي أنفقها على أخيه وأمه لما فيها من الضرر على موكله، وبعد تحمله لها يمكنه الرجوع بها عليهما.
وأما المال الذي أنفقه على أبيه لأجل العمرة فإنه يلزم الأب على قول من يوجب العمرة وهو الراجح، وكذا يتحمل نفقة المرافق اللازم له. فإن كان الوالد قد أدى العمرة قبل ذلك فقد أدى الفرض الذي عليه ولا يلزمه الإتيان بعمرة أخرى. فإذا أعمر الابن والده مع هذا دون إذن منه بالنفقة عليه من ماله، تحملها الابن لما ذكرنا من أمانة الوكيل.
2ـ إذا كان المرض قد أثر على والدك بحيث أفقده عقله، فالواجب عليك أن تتحمل جميع النفقات التي أنفقتها عليه وعلى أخيك ووالدتك لعدم جواز التصرف في مال فاقد الأهلية بما يعود عليه بالضرر، حتى على القول بوجوب العمرة، لأنها لا تجزئه حال جنونه في الراجح وهو رأي الجمهور، قال النووي في المجموع نقلاً عن العلامة المتولي: فلو سافر الولي بالمجنون إلى مكة فلما بلغ أفاق فأحرم صح حجه وأجزأه عن حجة الإسلام، قال: إلا أن ما أنفق عليه قبل إفاقته، فقدر نفقة البلد يكون في مال المجنون، والزيادة في مال الولي لأنه ليس له المسافرة به. ا. هـ وكذا نقله النووي عن الرافعي في موضع آخر.
3ـ أن يكون المرض قد أفقده أهلية التصرف في ماله مع قدرته على التعبد فهو صالح من الناحية الدينية، وإن كان لا يحسن التصرف في ماله، فلا مانع من إعماره حينئذ العمرة الواجبة دون النافلة، وتكون نفقته فيها من ماله، وكذا نفقة من يحتاج إلى مرافقته للخدمة، وما زاد على ذلك يكون على الابن بمقتضى الأمانة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1426(12/7759)
حكم بيع الوكيل لجهة عمله مواد من شركة يملكها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف في شركة بترولية عالمية مكلف بشراء التجهيزات من شركات أوروبية ولي مطلق الحرية في الاختيار، لي صديق مسلم يقيم في أوروبا، اقترح علي أن نؤسس شركة هناك لتقوم بتزويدنا بالتجهيزات، هل يجوز لي أن أشتري من الشركة التي سنؤسسها؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز أن تشتري السلع التي وكلتك الشركة في شرائها من شركة تملكها أو تملك نصيباً منها لأنك وكيل عن الشركة في الشراء، والوكيل لا يجوز له أن يبيع ما وُكل في بيعه لنفسه ولا أن يشتري ما وُكل في شرائه من نفسه، لأن فعل ذلك يتضاد مع غرض الاسترخاص للموكل، ولأن الأصل عدم جواز اتحاد الموجب والقابل وإن انتفت التهمة؛ كما صرح بذلك الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب، وراجع في هذا الفتوى رقم: 64798، والفتوى رقم: 18025.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1426(12/7760)
الوكالة والأمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الفاضل
أنا شاب عمري 40 سنة متزوج وعندي ثلاثة أولاد وأعيش في منزل تعود ملكيته لوالدي، والدي ووالدتي تجاوزا الستين من العمر ولدينا ثلاثة إخوة معاقين وأخ صحيح، أخي الصحيح أصبح الآن في سن الزواج 25 عاما وهو يطلب الزواج وبشدة ونخشى عليه من الضياع، المشكلة أنه لا يوجد منزل يمكننا أن نزوجه فيه وبالتالي فإن الحل هو أن أعطيه بيتي وأبحث عن بيت لي ولعائلتي علما أنني لا أملك المال لهذا أو على الأقل أشتري المنزل الذي أعيش فيه من والدي وهو بدوره يقوم بشراء منزل لأخي
عرضت الموضوع على أحد الأثرياء وشرحت له أنا الهدف من المال المطلوب وهو زواج أخي، هل يجوز لي أن أعطي المبلغ لوالدي على أنه ثمن لبيتي ويقوم هو بالتالي بشراء منزل لأخي؟؟؟
أفيدوني جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام هذا الرجل الذي قد أعطاك المال على أنه ملك لأخيك، فلا يجوز لك أن تأخذ منه شيئا، لأنك مجرد وكيل في إيصال هذا المال لأخيك، والوكيل مؤتمن والله تعالى يقول: لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْ لَمُونَ {الأنفال: 27}
لكن لا مانع من أن تخبر أخاك بما حصل فلعله يسامحك فيما ذكرت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1426(12/7761)
الوكيل أمين فلا يتصرف إلا بما فيه مصلحة للموكل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وكيل شرعي لإخوتي وأمي. أقوم بإدارة العمائر وتحصيل الإيجارات، وأتكبد الكثير من المتاعب مع المستأجرين مثل المطالبات والدخول بجدال معهم، وقد يماطل بعضهم أو يتلف بعض الأملاك أو يخرج بدون تسديد الإيجار أو بعضا منه، وأنا أود أن أسهل وأعفو عن الناس وأيضا أود أن أنمي أموال أهلي وأحفظها.
فما الذي علي فعله؟ وما هو الضابط لمثل هذه المعاملات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوكيل أمين وقد أمر الله عز وجل بحفظ الأمانة ونهى عن الخيانة فيها، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ {الأنفال: 27}
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. رواه البخاري
فلا يحق للوكيل التصرف إلا بما فيه مصلحة الموكل فإذا فعل ما من شأنه إلحاق ضرر بالموكل لزمه ضمانه إذا تعدى أو فرط.
قال الشافعي عليه رحمات ربنا العلي: وإذا وكل الرجل الرجل بوكالة ولم يقل في الوكالة أنه وكله بأن يقر عليه ولا يصالح ولا يبرئ ولا يهب فليس له أن يقر ولا يبرئ ولا يهب ولا يصالح، فإن فعل فما فعل من ذلك كله باطل لأنه لم يوكله به، فلا يكون وكيلا فيما لم يوكله. اهـ.
وبناء على ذلك فإنه لا يجوز لك التنازل للمستأجرين عن شيء بغير إذن الموكل صراحة أو ضمنا سواء كان ما تريد التنازل عنه حقا أو مالا، علما بأن المستأجر لا يضمن التلف الحاصل في الدار ما لم يكن نشأ عن تفريط أو تعد، وفي حالة ما إذا تعدى أو فرط فحصل تلف بسببه فهو المسؤول عنه، أما إذا كان التلف لسبب أجنبي عنه فلا يجب عليه الضمان علما بأنه لا يجوز لك أخذ شيء مقابل ما تقوم به إلا بالاتفاق مع من وكلوك في إدارة أملاكهم، فإن الوكالة جائزة بأجرة وبدون أجرة، ويكون ذلك بحسب الاتفاق عند العقد إلا أن تكون فقيرا فلك أن تأكل بقدر أتعابك.
قال تعالى: وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 6}
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 53799، 2022، 48475.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1426(12/7762)
حدود تصرف الوكيل في مال موكله
[السُّؤَالُ]
ـ[أصيب رب عائلة (الوالد) بمرض الشيخوخة المبكرة عافانا الله وإياكم، وعلى إثر ذلك لا يستطيع تولي أموره، وأحواله الخاصة من الإنفاق وغيرها، وهذا الوالد له أسرة تتكون من خمسة أولاد بعضهم متزوج ولهم رواتب شهرية يتقاضونها، وسبعة بنات كلهن متزوجات إلا واحدة لم تتزوج بعد، وتعيش مع والدها وأمها وأخوين، ووكلت الأسرة أحد أبنائها لإدارة شؤونها الاقتصادية، فاتفقوا على أن تعطى الأم والابنة مبلغا من المال قدره مائة وخمسون دينارا شهريا لاحتياجاتهم، ولكن الوكيل في حرج بالنسبة لبقية المال المتبقي من راتب والده وكيفية التصرف فيه، علما بأن إجمالي الراتب هو 272 دينارا، ميئتان واثنان وسبعون دينارا، وهل يجوز له أخذ مبلغ لاستعماله في شؤونه الخاصة لأنه يحتاج أحيانا لذلك، مع العلم بأنه متزرج ويعول أسرة ويتقاضى راتبا شهريا من وظيفته، ويقوم في بعض الأحيان بالإنفاق على والده وأمه وأخته، وفي حالة احتاج أحد أفراد الأسرة الباقية، هل يجوز إعطاؤهم من المبلغ المتبقي من مرتب الوالد، هل يجوز للوكيل أن يخرج منه الزكاة إذا وصل النصاب والحول، وما حكم التصدق من هذا المال، وهل تحسب للوالد إن شاء الله؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوكيل رب الأسرة أو الوالد على راتبه وتدبير شؤون أسرته لا يجوز له التصرف في راتبه إلا بما فيه المصلحة، وعليه أن ينميه وينفق منه عليه وعلى زوجته وبنته غير المتزوجة ولا علاقة لأبنائه وبناته الآخرين به ما داموا قد بلغوا عاقلين قادرين على التكسب.
ولا بأس عليه أن يأخذ من المال شيئاً إذا كان محتاجاً إليه لقضاء حاجته مقابل قيامه عليه، فقد رخص الله عز وجل للقائمين على أموال اليتامى أن يأكلوا منها بالمعروف إذا كانوا فقراء، فقال الله تعالى: وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:6} .
وأما أفراد الأسرة من البنات المتزوجات والأبناء البالغين القادرين على الكسب فلا يجوز له أن يعطيهم شيئاً ولا علاقة لهم بالموضوع إلا إذا توفي والدهم فيأخذون نصيبهم من تركته، ويجب على الوكيل أن يخرج زكاة مال أبيه إذا بلغ النصاب ... وينبغي له أن يستثمر الباقي منه عن النفقات والزكاة لئلا تأكله الزكاة والنفقات، وأما التصدق منه والتبرع فإنه لا يجوز له لأنه مال الغير ولا يحق له التصرف فيه إلا بالمصلحة، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 1303، 14142.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1426(12/7763)
شروط جواز استئجار الوكيل زوجته لعمل ما وكل به
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بشركة تركية بليبيا وظيفتي مندوب الشركة أي أقوم بمتابعة أعمال الشركة وكل ما يتطلب العمل أي من إعداد أوراق للعاملين، سواء كتابتها بالشركة أوخارج الشركة ((أقوم بطباعة الأوراق عند محل للطباعة وتكلف الورقة 1.5 دينار ونصف)) السؤال: سوف أعطي الأوراق لزوجتي بدلا من محل الطباعة، لكي تكتبها باليد مقابل 0.5 نصف دينار؟ مع العلم سوف تقبل الطلبات حين أقدمها للجهات الرسمية سواء مطبوعة بالماكينة الطباعة أو مكتوبة باليد؟ هل هذا يجوز شرعا......أرجو منكم إفادتي بأسرع ما يمكن جزاكم الله عن الإسلام خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأنت في عملك هذا وكيل عن الشركة، والوكيل يجب أن يتصرف وفقا لمصلحة موكله، فلا يجوز له أن يستأجر شخصا لعمل ما بمبلغ مع إمكان الاستئجار بأقل من ذلك على العمل نفسه.
وعليه؛ فإذا لم يكن هناك فرق عند الجهات المعنية بين الخطاب المكتوب باليد والخطاب المكتوب بالآلة، وكان خطاب الآلة يكلف أكثر من خطاب اليد فلا يجوز للوكيل أن يستأجر لخطاب الآلة إلا بإذن الموكل. هذا ما لم يكن الموكل قد طلب منه أو علمت رغبته في أن تكون الخطابات مكتوبة بالآلة. وإذا عمل الوكيل الأصلح لموكله فله أن يستأجر لذلك العمل زوجته لأنها ليست ممن يمنع الوكيل من التعامل معه كالنفس والابن الصغير، لكن شرط الأصلح يقتضي ألا يوجد من يأخذ أقل من زوجته أو يأخذ مثلها لكن بما هو أجود. قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: لو باع الوكيل أو اشترى من أصوله أو فروعه البالغين. الرشداء" أو مكاتبه جاز" كما يجوز من صديقه" إلى أن قال: (ولا يجوز) بيعه، ولا شراؤه (من نفسه وطفله) ونحوه من محاجيره (ولو أذن) له فيه لتضاد غرضي الاسترخاص لهم والاستقصاء للموكل، ولأن الأصل عدم جواز اتحاد الموجب والقابل وإن انتفت التهمة ولأنه لو وكله ليهب من نفسه لم يصح وإن انتفت التهمة لاتحاد الموجب والقابل. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1426(12/7764)
الوكيل إذا خالف الموكل ضامن
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك رجل أعطاني نقودا وقال لي تصدق على عائلة معينة ولكني أرى أن حال هذه العائلة قد تحسن فقررت أن أعطيها إلى عائلة أخرى هل يجوز ذلك مع العلم أن الرجل الذي أعطاني الصدقة لكي أعطيها للعائلة لا أعرف إلى أين ذهب هل أعطيها إلى عائلة أخرى أم ماذا أفعل هل يجوز ذلك؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تصرف هذه النقود في غير ما حدده لك صاحب النقود، والواجب عليك هو صرفها للعائلة التي عينها لك، فإن تصرفت ودفعتها لغيرها، فقد خالفت موكلك، وتعلقت النقود بذمتك، فأنت ضامن لها حتى تدفعها إلى أهلها، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء: 58} .
وللفائدة يرجى الإطلاع على الفتوى رقم: 50536.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1426(12/7765)
تحديد تكاليف تصدير البضاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعمل في مجال الخدمات التجارية والوساطة والتصدير في حال يأتي التاجر إلينا نأخذه إلى المصنع ويتم الاتفاق بين البائع والمشتري على سعر محدد ويتم العقد ونحن بدورنا نقوم بالإشراف على صحة العقد مقابل نسبة يدفعها لنا المشتري السؤال هو بعض هذه المصانع تدفع لنا نسبة من المال بعد أن يقبضوا ثمن بضاعتهم علما بأنه لا يوجد شرط مسبق في ذلك فهل في ذلك حرج؟ ... ...
ثانياً: تكون تكاليف التصدير 1000 ريال بشكل عام والمتفق عليه مع التاجر ولكن نحن نتعامل مع شركات النقل بكميات كبيرة وتكلفنا أقل من غيرنا الذي يعمل في نفس المجال فهل نحسب على التاجر القيمة المتعارف عليها أم القيمة الحقيقية التي ربما تكون 800 أو 600 ريال مثلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تقومون به من الوساطة بين البائع والمشتري يسمى سمسرة، وهي جائزة لأنها داخلة في عقد الجعالة، لكن يشترط لها ما يشترط للجعالة، ومن ذلك أن تكون الأجرة معلومة، لكن هل يجوز أن تكون الأجرة نسبة لا مبلغاً مقطوعا؟
اختلف في ذلك أهل العلم: فذهب الجمهور إلى المنع، وذهب بعض أهل العلم إلى الجواز، والراجح الأول، وراجع التفاصيل في الفتوى رقم: 50615.
أما عن أخذ أجرة السمسرة من الطرفين، فإنه جائز كما يجوز أن تؤخذ من طرف واحد كل ذلك بحسب الاتفاق، وإذا حصل اتفاق مع طرف واحد فقط، فأعطى المتعاقد الآخر للسمسار مالاً فلا حرج عليه في قبول ذلك، لأنه حينئذ هبة بل ويتسامح حينئذ في كونه نسبة، لأن الهبة لا يشترط فيها عدم الجهالة.
أما عن السؤال الثاني، فله حالتان:
الأولى: أن تخبروا العميل أن أجرة التصدير المتفق عليها هي ما تأخذه منكم شركات النقل فذلك حرام، لأنه كذب، ومثل ذلك إذا كنتم وكلاء عن هذا الشخص في التعامل مع شركات الشحن، فلابد أن تخبروا العميل بالحقيقة، ولكم أن تأخذوا أجرة معلومة على وكالتكم تلك.
الحالة الثانية: أن تكونوا قد اتفقتم مع العميل على تصدير البضاعة بمبلغ معين بغض النظر عن تكاليف شركات النقل، فلكم أن تأخذوا منه ما تم الاتفاق عليه ولو كان أضعاف ما تأخذ منكم شركات النقل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1426(12/7766)
توكيل الغير بشراء أرض الجار
[السُّؤَالُ]
ـ[يرغب جار شخص ما بشراء أرض جاره، ولكن إذا علم هذا الشخص أن جاره هو المشتري يقوم برفع السعر، لعلمه برغبة المشتري وحرصه عليها، فما الحكم إذا أرسل المشتري (الجار الذي يريد الشراء) شخصاً آخر على أنه هو الذي يريد شراء الأرض حتى لا يقوم البائع برفع السعر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في ذلك لأنه لا يشترط في المشتري أن يخبر البائع أنه يشتري لنفسه أو لغيره، ولكن في ذلك طريقتان:
الأولى: أن يكون هذا الشخص وكيلا عنك في الشراء فيشتري لك لا لنفسه ولا يشترط أن يذكر اسمك في العقد وتكفي في ذلك النية.
والثانية: أن يشتري هذا الشخص من جارك لنفسه ثم يبيعها لك بعد ذلك بنفس الثمن لكن له أن يمتنع عن ذلك وله أن يطلب أكثر من ثمن الشراء، ولذلك فالحل السابق هو الأفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1426(12/7767)
أخذ الوكيل الأجرة من العمال القادمين للعمل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في شخص كلفه صاحب العمل أو صاحب الشركة بأن يستقدم عمالا من بلده فقام هذا الشخص بأخذ مبالغ من المال من هؤلاء العمال مقابل إعطائهم الفيزا واستقدامهم على الشركة المعنية، فهل هذا المال حلال وهل أخذه بهذه الصورة جائز، وهل إذا بادر العمال من تلقاء أنفسهم بإعطاء المبلغ للشخص المكلف مقابل استقدامهم هل يحق له الأخذ منهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الشخص يعد وكيلاً عن صاحب العمل وليس سمساراً، والوكيل إنما يتصرف وفقا لمصلحة الموكل ولا يجوز له مخالفته. وعليه، فلا يجوز له أن يأخذ من هؤلاء الناس مبالغ مقابل ذلك إلا إذا أذن له صاحب العمل لأنه يعمل لصالحه ويأخذ على ذلك أجراً.
على أن أخذ صاحب العمل نفسه من هؤلاء العمال مبالغ مقابل التأشيرة داخل في مسألة ثمن الجاه وهي مسألة خلافية بين العلماء، وقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتوى رقم: 49004.
أما إذا أعطى هؤلاء العمال لهذا الشخص بعض المال على سبيل الهبة والهدية فلا حرج عليه في قبول ذلك بشرط ألا يخل بمصلحة صاحب العمل، فقد يأخذ هذا الشخص بعض العمال مع وجود من هو أحسن منهم بسبب أن من اختارهم سيهدون له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1426(12/7768)
الوكيل يتصرف في حدود ما وكل به
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل مدير مبيعات وأنا لدي قائمة أسعار يجب ألا أبيع أدنى منها (أقل أسعار) وبطبيعة الحال هناك زبائن تأخذ بآخر الأسعار وأخرى أرفع عليها الأسعار حسب الزبون وأقوم أحياناً بحجز فارق المبلغ بين الذي بعت عليه والسعر الأدنى حتى أنفقه في وجوه متعددة (دون معرفة صاحب العمل لأنه لن يوافق) :
* أحياناً أغطي بعض الديون التي لا تدفعها الزبائن
* أحياناً أغطي بعض الخسائر التي يسببها العمال كالكسر ونحوه حتى لا تقوم الشركة بالخصم على هذا العامل المسكين....
علماً بأنني لا آخذ ولا هللة أضعها في جيبي من تلك المبالغ بل فقط لتسيير بعض الأمور مثل المذكورة أعلاه. وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الموظف في شركة أو مؤسسة ونحوهما يعتبر أمينا على أموال الشركة والأمانة تقتضي أن يعمل فيها حسب ما حدد صاحب الشركة، فإن خالف كان متعديا لأن المال الذي تحت يده ليس ماله وإنما هو وكيل عن صاحب المال، والوكيل يتصرف في حدود ما وكل به، وبما أنك تعلم أن صاحب الشركة لا يرضى أن تصرف ماله في الوجوه المذكورة فإنه لا يجوز لك فعل ذلك فإن فعلت فإنك تضمن هذه المبالغ.
وما ذكرت من أنك تفعل ذلك رحمة بالعمال لا يبرر ذلك، فالعامل إذا أتلف شيئا من أموال الشركة بلا تعد ولا تفريط لا يلزمه شيء، وإن أتلفه بتعد وتفريط لزمه ضمانه.
وهنا ننبه على ما أسماه السائل تغطية الديون التي لا يقوم الزبائن بتسديدها، ففي هذا التصرف خيانة ظاهرة لصاحب الشركة، فالمطلوب من الموظف المعني هو متابعة الديون واستيفاؤها لا تغطيتها بمال الشركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1426(12/7769)
حكم التصرف عن الموكل بدون علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مع شخص ويعطيني أموالا لأشتري الطعام وهو ثري يشتري من أماكن عالية الأسعار فأنا أذهب لأماكن أشتري منها نفس الأشياء بنفس الجودة ولكن بأسعار أقل وآخذ هذا الفرق لنفسي. فهل يجوز ذلك مع العلم أنه غير مسلم ويحترم ديني جدا؟. وإن كان ذلك حراما فكيف أكفر لأني أصنع ذلك منذ شهور؟. أثابكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم الأمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجواب على سؤالكم هو أن فعلكم هذا غير صحيح لأنه لا يجوز لكم أن تأخذوا شيئا من مال موكلكم دون إذنه. فالوكيل لا يجوز له التصرف عن موكله إلا فيما أذن له فيه؛ كما قال الشافعي في الأم، والبهوتي في كشف القناع، وابن نجيم في البحر الرائق وغيرهم. فأخذك للزيادة إذن غير صحيح لما ثبت من حديث عروة بن الجعد البارقي عند مسلم وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسله بدرهم ليشتري له به شاة، فاشترى به عروة شاتين، ثم باع إحداهما بدرهم، ودفع الشاة والدرهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأقره على ذلك. ولو كانت الزيادة من حقه لدفعها إليه النبي صلى الله عليه وسلم. وموكلك لم يأذن لك فيما فعلت فلا تعد إلى ذلك الفعل أبدا.
وأما ما أخذته من قبل فعليك أن ترده إليه لقوله صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤدي. أخرجه الخمسة إلا النسائي وحسنه الترمذي وصححه الحاكم. وترغيبا له في الإيمان ينبغي لك أن تخبره بأن دينك يأمرك بذلك، وتذكر له قوله تعالى: أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27} . وقوله صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك. أخرجه أبو داود والترمذي وصححه الألباني. فلعله يهتدي على يديك. وقد قال صلى الله عليه وسلم: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم. رواه البخاري. وللاستزاده يرجى مراجعة الفتوى رقم: 248، 56257.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1426(12/7770)
بيع الوكيل لنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف في دائرة حكومية ولدينا لجنة للمبيعات تقوم بشراء وتصليح الحاجيات والمعدات، وأنا مهندس ميكانيك تنتابني بعض الفترات، أن أكون عضوا فيها، والسؤال هو: هل أستطيع أن أبيع لهم أو أن أقوم لهم بالتصليحات بسعر أقل مما هم يحصلون، وذلك لأنني لدي علاقات في السوق وأستفيد من هذه العملية عن طريق السمسار أو الدلالية، فارجو الجواب بالتفصيل لأن أقراني أيضا يسألون نفس السؤال؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللجنة المذكورة تعتبر وكيلاً عن الدائرة الحكومية في بيع وإصلاح تلك المعدات، وكل عضو من هذه اللجنة يعتبر وكيلاً، فإذا قام عضو من أعضائها ببيع المعدات لنفسه أو شرائها من نفسه أو قام بإصلاحها بنفسه ليأخذ عليها أجراً خاصاً، كان ذلك التصرف من باب بيع الوكيل لنفسه وهو تصرف اختلف أهل العلم في جوازه، وقد سبق تفصيل المسألة في الفتوى رقم: 25424.
ورجحنا هناك القول بالجواز بشرط أن يأذن الموكل للوكيل لانتهاء التهمة بالإذن، خاصة إذا حدد له الثمن، وعليه فإذا أذنت الدائرة الحكومية لأي عضو من أعضاء لجنة المبيعات بالشراء أو البيع من نفسه أو إصلاح الأشياء بنفسه أو السمسرة فيها بعوض، فلا مانع من ذلك وإن لم تأذن فلا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1426(12/7771)
الوكالة أصل في كل شركات العقود
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت أنا مع ثلاثة أشخاص آخرين على فتح شركة مع إسناد مسؤولية الإدارة لأحد الشركاء، حيث إنه له خبرة في مجال نشاط الشركة، ولكن طرحت عليهم باتخاذ قرارات الشركة المصيرية عبر نظام أخذ الأصوات وحكم الأغلبية، مع إعطاء الشريك المدير صوتين أحدها كشريك والآخر كمدير مسؤول، فهل هذا الأسلوب في الإدارة محظور شرعاً أم أنه جائز؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في مثل هذه الشركة أن يتولى الشركاء ما جرت العادة بتوليه، فإذا اتفقوا على أن يتولى واحد منهم إدارة الشركة وأن ينفرد بالقرار فيها فلا مانع، وإن اتفقوا على أن يكون القرار في بعض مسائل الشركة قراراً جماعياً على أن يُعطى المدير ميزة أكبر من غيره فلا مانع أيضاً.
لأن الشركة مبنية على الوكالة، فكل واحد من الشركاء وكيل للآخر، جاء في المغني في شركة العنان: وهي أن يشترك اثنان أو أكثر بما ليهما على أن يعملا فيهما بأبدانهما ... مبنية على الوكالة والأمانة لأن كل واحد منهما يدفع المال إلى صاحبه أمنة وبإذنه له في التصرف وكلَّه، ومن شرط صحتها أن يأذن كل واحد منهما لصاحبه في التصرف. انتهى.
وليست شركه العنان وحدها مبنية على الوكالة بل الوكالة أصل في كل شركات العقود، جاء في العناية شرح الهداية: شركة العقود كلها متضمنه لعقد الوكالة.
وعليه، فإن الطريقة المعروضة في السؤال لإدارة هذه الشركة لا يوجد من الناحية الشرعية ما يمنعها لما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1426(12/7772)
مبنى الوكالة على الأمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي عمة كبيرة في السن لا تدرك قيمة ومعنى ما لديها من مال أوممتلكات ولا تدري حتى أين تقع هذه الممتلكات ونادرا ما خرجت من بيتها إلا لضرورة العلاج. وكلت منذ سنوات أخي الأكبر للقيام نيابة عنها بإدارة هذه الممتلكات وتم توثيق ذلك في المحكمة. علما أن عمتي لم تتزوج قط وليس لها أولاد ولا أم ولا إخوة غير والدي المتوفى، لذا لا يرثها بعد عمر طويل إن شاء الله غيري وإخوتي. نما إلى علمي موخرا أن الوكيل (أخي) قام بتسجيل معظم ممتلكات عمتي باسمه واسم زوج ابنته وباسم أشخاص آخرين إضافة إلى التصرف بالمبالغ النقدية التي ليس لدي حصر بها وللأمانة أعتقد أنه تم ذلك بعلمها ولكن كما أسلفت سابقا لا تفهم من علم البيع أو الهبة أو قيمة الممتلكات أو غيره من شيء. وهذا هو السبب في تقديري الذي حدا بأخي للتصرف بأملاكها على هذه الشاكلة. سماحة الشيخ السوال الأول: هو يجوز للوكيل شرعا أن يضع يده على هذه الأملاك عن طريق الهبة أو البيع لنفسه أو لغيره؟
السؤال الثاني: هل هناك ضوابط شرعية أو قانونية تحدد نسب المسموح بها للتصرف بالمال لأغراض الهبة أو البيع لنفس الوكيل أو لغيره؟ السؤال الثالث: هل يجوز للورثة في حال عدم شرعية هذا التصرف من الرجوع إلى الشرع مستقبلا لإعادة الأملاك التي استولى عليها الوكيل بالبيع أو الهبة لنفسه أو لغيره؟
السؤال الرابع: إن لأخي (الوكيل) مكانة واحتراما منقطعة النظير لدي ولدى جميع إخوتي الآخرين ويعز عليهم أن يفاتحوه بموضوع التصرف الذي أقدم عليه، ويعتقد الجميع أنه غير سليم ومخالف لما أمر الله عز وجل كما أنهم يترددون في إرشاده أو حثه على الابتعاد عن الشبهات التي قد تمس نزاهته وثقته المعهودة لدى أهله وأصدقائه السؤال الأخير: في حال إن صح عدم شرعية هذا التصرف، ما حكم عدم توجيه أو إرشاد إخوته المعنين بالموضوع له بالخطأ لتجنيبه عواقب الأمور، هل يأثمون على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوكالة إذا تمت بعلم وتوثيق المحكمة الشرعية فالأصل أنها وكالة صحيحة، ويجب على الوكيل الالتزام بأحكامها، وأول تلك الالتزامات هو التزام الأمانة في تصرفاته فيما وُكِل فيه، فإن مبنى الوكالة على الأمانة، وتقتضي الأمانة التزام الوكيل التزاماً دقيقاً بنصوص عقد الوكالة، وإلا كان متعدياً ويتحمل مغبة ذلك التعدي، كما أن من مقتضيات الأمانة أن يعمل الوكيل بالأحظ للموكل. جاء في منهاج الطالبين: الوكيل بالبيع مطلقاً ليس له البيع بغير نقد البلد ولا بنسيئة ولا بغبن فاحش وهو ما لا يحتمل غالباً، فلو باع على أحد هذه الأنواع وسَلَّم المبيع ضمن. اهـ.
وعليه؛ فتصرفات هذا الوكيل إذا كانت من جنس ما تقدم فهو ضامن لمال موكله، ولا ريب أن هبة الوكيل من مال موكله بدون إذن يعد تفريطاً واعتداء على مال الموكل، وأنه ضامن لهذه الهبة.
وأما حكم بيع الوكيل لنفسه أو ولده فقد تقدم في الفتوى رقم: 51388.
هذا؛ وإذا ثبت أن الوكيل خائن للأمانة ومفرط في الوكالة فإن واجب النصيحة يقتضي حجزه ومنعه عن ظلمه وتعديه بأي وسيلة مشروعة كنصحه وتنبيهه إلى خطورة ما يفعله، فإن تاب ورجع -فذلك المطلوب- وإلا اشتكى عليه إلى المحكمة، ولا يحل لإخوته الذين وقفوا على حقيقة أفعاله المخالفة للشرع أن يسكتوا عن هذا المنكر اجلالاً لأخيهم، فإن الحق أجل وأعظم من أي شخص كائناً من كان، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ {النساء: 135} .
ثم إنه إذا كانت هذه المرأة غير رشيدة فلا عبرة بهبتها ولا بتنازلها ولو بعوض، وعلى أخيكم أن يعلم ذلك ويأخذ بمقتضاه، فإن لم يفعل فإن عليكم إطلاع المحاكم الشرعية على حقيقة الأمر، واعلموا أن السكوت عن هذا لايجوز، والمفسدة فيه أعظم من مفسدة غضب أخيكم أو توتر علاقته بكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1426(12/7773)
الوكيل إذا خان أثم
[السُّؤَالُ]
ـ[أود إخوتي السؤال عن أنني ساعدت شخصا ما بمبلغ من المال من قبل شخص آخر أي أنني طلبت مساعدة الغير لخدمة هذا الشخص الذي أود مساعدته, فهل يجوز لي أن آخذ من هذا لمال باعتبار أنني بحاجة له, على العلم أن النية والله يعلم أن أساعد هذا الشخص الذي أعرفه عندما طلبت له المساعدة ولكن شاءت الظروف أن أضطر وأحتاج بعض هذا المال ولكنني بالوقت نفسه حرصت على أن يصله حقه كاملا (من طلب مني المساعدة) فهل هذا يجوز؟ أشكركم جزيل الشكر على تعاونكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سألت عنه له ثلاث حالات:
الأولى: أن يكون هذا الشخص قد أعطاك المبلغ المذكور على أنه لك، فلك أن تتصرفي فيه كما تشائين، ولك أن تعطيه للشخص المحتاج.
والثانية: أن يكون الشخص المذكور قد أعطاك المبلغ على أن تصرفيه على المحتاجين ولم يحدد لك أحدا، فلك ان تصرفيه في مصالحك إذا كنت فعلا محتاجة إليه الحاجة المعتبرة شرعا، وهي الحاجة إلى أساسيات الحياة من مطعم وملبس وعلاج ونحوه.
الثالثة: وهي الظاهرة من السؤال: أن يكون قد أعطاك ذلك المبلغ على أنه للشخص المحتاج المذكور فأنت وكيل، ولا يجوز لك صرفها في مصالحك الخاصة، لأن الوكيل إذا أمر بتوصيل الأمانة إلى شخص ما فيجب عليه أن يؤديها إلى من أرسلت له، فإن خالف ذلك فصرفها في مصلحته أو صرفها إلى شخص آخر فإنه آثم لخيانته وضامن للحق حتى يؤديه إلى من أرسل إليه.
وعليه، فتلزمك التوبة إلى الله من فعلك، ويجب عليك فورا إيصال المبلغ إلى من أرسل له، لعل الله سبحانه وتعالى يتوب عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1426(12/7774)
تصرف الوكيل حسب إذن موكله
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في إحدى الشركات ويتوجب علي إيجار سيارات لنقل أشغال خاصة بالشركة، فهل يجوز لي رفع التعريفة (قيمة النقل) ، لكي يتسنى لي دفع بعض الإكراميات لعمال يعملون معي، علما بأن هذا الأمر مرفوض من قبل شركتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوكيل أمين والأمانة تقتضي أن يلتزم التزاماً كاملاً بما يتم الاتفاق عليه بينه وبين الموكل، ولما كانت الشركة ترفض قيام الموظف المكلف برفع قيمة إيجار سيارات النقل لدفع ما يسمى إكراميات للعمال الذين يستعين بهم في عمله، فيجب عليه التزام هذا الشرط وإلا كان متعديا في وكالته وخائناً في أمانته.
جاء في المغني: ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله من جهة النطق أو من جهة العرف لأن تصرفه بالإذن فاختص بما أذن فيه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1426(12/7775)
بيع الوكيل ما وكله الموكل بشرائه بغير إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أخبرتني صديقتي عن جهاز (غرض) في السوق وسعره كذا فقلت لها إذا ذهبت فأحضري لي واحدا وبالفعل فعلت ولكني لم أخذه منها لفترة طويلة ولم أدفع لها ثمنه فقامت هي ببيعه لأخرى فهل في هذا شيء عليها وعلي كذلك بسببب تقصيري في عدم أخذه منها.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تمت الإجابة على هذا السؤال في الفتوى رقم: 55480.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(12/7776)
التصرف الصحيح للوكيل
[السُّؤَالُ]
ـ[في الوقت الذي نشكركم فيه على هذا الموقع وسرعة الرد على الأسئلة ندعو الله العزيز القدير أن يجعله في ميزان حسانتكم أنا مساهم في شركة تعمل في إحدى الدول الأجنبية وليس فيه مصارف إسلامية وعند العمل طلب منا أن نضع مبلغا معينا حتى نتحصل على الإعفاء الضريبي والجمركي لإنشاء المشروع وضعنا المبلغ ليبقى وديعة في المصرف بفائدة في المئة ولكن عند وصول الفائدة اجتمع أعضاء الجمعية العمومية الموكله نيابة عن المساهمين وقررت التخلص من الفائدة وكلفت شخصين بالتخلص منها ولي الحريه الكاملة في التصرف كيف أشاء وقمت بمراسلة بعض الأشخاص وقيل لي أن توزع لصالح المسلمين وقمت بتوزيعها على الفقراء والمساكين في البلد نفسه والبعض أرسله إلى من حالته (تعبانة) من أقاربي وجيراني وأي شخص يأتيني يطلب دينا أومساعدة وهل يجوز أن أخلص به ديني أو دين أخواتي ومساعدتهم في العلاج علما بأن أمورهم المادية (تعبانة) وهذه الوديعة موجودة حتى الآن وأريد أن توضح لي هل ماقمت به صحيح أم لا.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب هو صرف هذه الفائدة في مصالح المسلمين: كإعانة الفقراء والمساكين، وإنشاء المدارس والمستشفيات ونحو ذلك، ويجب على من تولى صرف هذا المال أن ينظر الأصلح والأقوم، فيصرف فيه هذا المال دون محاباة لنفسه أو أقاربه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى: سائر الأولياء والوكلاء ممن تصرف لغيره فإنه يقصد مصلحة من تصرف له لا يقصد هواه، فإن هذا من الأمانة التي أمر الله أن تؤدى إلى أهلها فقال: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ {النساء: 58} . وهذا من النصيحة الواجبة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة. قالوا: لمن يارسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم. وبناء على ذلك، فإذا تحقق فيك وصف الفقر أو في أقاربك، وكنتم تتساوون مع غيركم في الحاجة أو تزيدون عليهم جاز أخذكم من هذا المال؛ وإلا لم يجز، وراجع الفتوى رقم: 45011، والفتوى رقم: 53370.
وننبه إلى أن وضع مال في بنك ربوي لأجل الحصول على إعفاء ضريبي أو جمركي لا يجوز، ولو كانت هذه الضرائب أو الجمارك غير جائزة؛ لأن المشروع في الدفع عن المال أو النفس أن يكون الدفع بما هو جائز لا بما هو محرم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وليس للعبد أن يدفع كل ضرر بما شاء، ولا يجلب كل نفع بما شاء، بل لا يجلب النفع إلا بما فيه تقوى الله، ولايدفع الضرر إلا بما فيه تقوى الله. وراجع الفتوى رقم: 44521.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(12/7777)
مذاهب أهل العلم في توكيل الوكيل غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقيم في دولة خليجية في الإجازة ذهبت إلى بلدي وخطبت إحدى البنات وهي قريبتي وبعد ستة شهور اتصلت بأخي وطلبت منه أن يقوموا بعقد القران وإتمام مراسم الزواج وبالفعل تم ذلك وأرسلوا لي قسيمة الزواج فوجدت أن وكيل العريس في العقد هو عمي شقيق والدي وليس أخي أنا لا اعتراض لي على ذلك بالعكس سعدت جدا لكنني لم أطلب (أوكله) منه ذلك. فهل يؤثر ذلك على صحه عقد الزواج أم لا.
افيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم رحمهم الله تعالى في توكيل الوكيل غيره، فذهب الجمهور من العلماء إلى أن الوكيل ليس له أن يوكل غيره إلا أن يأذن له الأصل، بأن يقول: وكلتك فقم بالعمل أنت أو وكل من يقوم به، فله في هذه الحالة أن يوكل. وذهب الحنفية إلى أن الوكيل إذا حضر في مجلس العقد مع من وكله صح العقد لأن المطلوب حضور رأيه وقد حضر، وإليك بعض نصوص الفقهاء الدالة على ما ذكرنا.
قال الشافعي رحمه الله تعالى كما في كتاب الأم: وإذا وكل الرجل الرجل بوكالة فليس للوكيل أن يوكل غيره، مرض الوكيل، أو أراد الغيبة، أو لم يردها، لأن الموكل له رضي بوكالته ولم يرض بوكالة غيره، فإن قال: وله أن يوكل من أرى كان ذلك له برضا الموكل.
وقال ابن الهمام الحنفي: (فإن وكل) أي الوكيل (بغير إذن موكله فعقد وكيله) أي وكيل الوكيل (بحضرته) أي بحضرة الوكيل الأول (جاز) أي جاز العقد (لأن المقصود) أي مقصود الموكل الأول (حضور رأي الأول) أي حضور رأي الوكيل الأول (وقد حضر) رأيه في الصورة المذكورة فحصل مقصوده فجاز العقد. قال صاحب النهاية: فإن قلت: ما الفرق بين هذا وبين أحد الوكيلين بالبيع إذا باع بغير إذن صاحبه فإنه لم يكتف هناك بمجرد حضرة صاحبه، بل لا بد من الإجازة صريحا كما ذكر في الذخيرة والمبسوط؟ قلت: ما ذكره في الجامع الصغير من أن عقد وكيل الوكيل جائز عند حضرة الوكيل الأول محمول على ما إذا أجاز الوكيل الأول عقد الوكيل الثاني لا مطلق الحضرة.اهـ.
وقال الدردير المالكي في الشرح الكبير على مختصر خليل: (و) منع (توكيله) أي توكيل الوكيل غير المفوض على ما وكل فيه، لأن الموكل لم يرض إلا بأمانته (إلا أن) يكون الوكيل (لا يليق به) تَولَّى ما وُكِل عليه بنفسه كوجيه في حقير فله التوكيل حيث علم الموكل بوجاهته أو اشتهر الوكيل بها، وإلا فليس له التوكيل وضمن إن وكل لتعديه (أو) إلا أن (يكثر) فهو عطف على لا يليق فيوكل من يشاركه في الكثير الذي وكل فيه ليعينه عليه لا أنه يوكل غيره استقلالا. اهـ.
وقال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: (وليس لوكيل توكيل فيما تولى مثله بنفسه إلا بإذن موكل) لأنه لم يأذن له في التوكيل ولا تضمنه إذنه لكونه يتولى مثله، ولأنه استئمان فيما يمكنه النهوض فيه فلم يكن له أن يوليه غيره كالوديعة (أو يقول) الموكل، وفي نسخة: إلا أن يقول (له) أي للوكيل (اصنع ماشئت، أو تصرف كيف شئت فيجوز) للوكيل أن يوكل لأنه لفظ عام فيدخل في عموم التوكيل. اهـ.
ولذا فعليك أن تجدد العقد بأن يقوم وكيلك بمباشرة العقد، أو تأذن له بأن يوكل من أراد، وليس في إعادة العقد مشقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1426(12/7778)
إصدر وكالة أو وصاية بطريقة غير شرعية من أكل المال بالباطل
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي خالي رحمة الله عليه منذ شهرين تقريبا ولم يتزوج وله أخت شقيقة (أنا وأخي الشقيق المتزوج أبناؤها) وله ابنة عم والدة وأقارب من جهة والده من بعيد وترك ثروة كبيرة عبارة عن مبلغ من المال وودائع ومبلغ كبير عند أصدقائه سلفة وعنده شيكات منهم وهم يسددونها على فترات وأخي يقبض منهم عن طريق المحامي وحصل على بعض الشيء وله كذلك منزله الذي كان يسكنه. أخي عنده وكالة عن المرحوم في حياته منذ ثمانية أشهر استخرجها بمساعدة الطبيب الذي كان يعالجه من جلطة في الدماغ وكتب في التقرير للمحكمة بأنه معتوه وهو رحمة الله عليه ليس كذاك وكان يعي لما يدور حوله لكنه كان لا يعي الأرقام بالضبط وكان المرحوم معترضا على ما قام به أخي لأنه حرمه من أبسط حقوقه وكان يريد استرداد ماله وذهب للبنك واعتذروا له لأن أمواله لا يستطيع أن يتصرف بها بموجب الوكاله. ووالدتي مريضة وترقد في المستشفى وتعاني من مرض الزهايمر وتتغذى عن طريق الأنبوب ولا تعي ما حولها منذ سنوات أسال الله لها العافية وأخي عنده وكالة عنها أيضا منذ أربع سنوات ولها منزل للايجار ويستثمر مالها في الأسهم وهو الآن يقول بأن ثروة المرحوم كلها لوالدتي ويريد أن يستثمرها وقام بتأجير منزل المرحوم بعد وفاته بأسبوع وأنا أرى أن ميراث والدتي ومالها الخاص ليس من حقنا أنا وهو لأنها موجودة أسال الله لها طول العمر وما يفعله هو يعني أننا نرثها وهي على قيد الحياة وأخي يرى عكس ذلك فأنا أقول له إذا أنت ترى أنه يجوز لك التصرف في مالها وهي على قيد الحياة معنى هذا كل يأخذ نصيبه ولا يحق لك استثمار مالي وأن تبيع المنزل وكل يأخذ حقه فهل تصرفه هذا صحيح وأن ابنة عم والد المرحوم ليس لها نصيب وأنا لا أعرف بالضبط كم هو الميراث لأنه لم يطلعني على شيء أفيدوني جزاكم الله خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاعتداء على أموال الناس والخوض فيها بالحيل والباطل مما حرمه الله وشنع على فاعليه، فقال: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188} . وفي الحديث: إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئا بقوله فإنما أقطع له قطعة من النار. رواه البخاري.
وبعد هذا نقول في موضوع السؤال: إن على أخي السائلة الحذر من غضب الله وانتقامه إن هو أخذ ما ليس له بالحيل الباطلة والرشاوى المحرمه، فكونه أصدر وكالة أو وصاية على خاله بطريقة غير شرعية ثم عمد إلى مال والدته المريضة فتصرف فيه تصرف المالك الوارث وما زالت أمه على قيد الحياة كل ذلك محرم تحريما شديدا، وهو في نفس الوقت دليل على الجشع الزائد وعدم المبالاة بما وراء هذه الحياة، فعليه أن يعلم أنه قد يموت قبل أمه فالآجال بيد الله، وقد قال الشاعر:
وكم من صحيح مات من غير علة * وكم من سقيم عاش حينا من الدهر.
فالحذر الحذر، فإن الله لايخادع، ومن خادعه فإنما يخدع نفسه.
هذا والواجب على السائله إن استطاعت إيقاف الأخ عند حده وذلك بوعظه أولاً ولو بإطلاعه على هذه الفتوى، ثم برفع الأمر إلى المحاكم الشرعية حتى تقف على حقيقة الأمر وتستقصي عن أقارب خالها، فلعل منهم وارثا بالتعصيب لا يعلم بموت مورثه، وأما ابنة العم فهي من ذوات الأرحام، وذو الرحم لا يرث مع صاحب الفرض. وبالجملة فالمحاكم الشرعية هي الجهة التي يمكنها أن تفصل في هذا الموضوع، وعلى الأخت السائلة وقد علمت حكم الشرع في مسألتها المباردة إلى قول الحق، وإعانة أهله على استحقاقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1426(12/7779)
التوكيل في الخصومة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل محاميا وجاءني أحد الأشخاص لأرفع له دعوى طرد على مستأجر عنده كان قد تأخر عن سداد الإيجار لمدة 10 شهور ورسم نظافة حوالى سنتين فلم يسدد سوى 10شهور إيجار و10شهور نظافة فقمت برفع الدعوى مطالبا إياه بسداد رسم نظافة عن5سنوات وليس سنتين ولم يسدد الخمس سنوات ولا باقي السنتين فحكمت المحكمة بالطرد ولم يستأنف محاميه الحكم في الميعاد بسبب إهماله وقمنا بتنفيذ الحكم بالطرد وأخذت أتعابا في هذه القضية فهل هذه الأتعاب تعتبر حراما لأننا طلبنا أكثر مما هومستحق (مع العلم بأنه لم يسدد حتى باقي حقنا وهو باقي السنتين المستحقة فعلا..حيث إنه لم يسدد سوى 10 شهور فقط نظافة) أي أن المحكمة كانت ستحكم حتما بالطرد حتى ولولم نكن قد طلبنا5سنوات لأنه لم يسدد لا ال5سنوات ولا السنتين؟ أما الشق الثاني من السؤال هوأننى قمت برفع عدد من الدعاوى وسددت رسومها من هذه الأتعاب وقد أثمرت هذه الدعاوى ولم يكن يخطر في بالي أن الأتعاب التى تحصلت عليها من دعوى الطرد فيها شبهة الحرام فهل الأتعاب التي تحصلت عليها من هذه الدعاوى تعتبر حراما لأن رسومها التي سددت لها كانت فيها شبهة الحرام (هذا إن كان فعلا فيها شبهة الحرام) أم أنني أخرج من أتعاب كل دعوى قيمة الرسوم المدفوعة من هذا المال لكي أطهر هذه الأتعاب. كما أن هذه الرسوم ليست العنصر الوحيد في رفع الدعوى فهناك رسوم وهناك إجراءات رفع الدعوى وحضور في المحكمة واستخراج الأحكام وتنفيذها وخلافه.وجزاكم الله خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتوكيل في الخصومة جائز ولكن بشرط عدم الفجور فيها أو السعي لأخذ ماليس بحق. وفي الحديث: أربع من كن فيه كان منافقا خالصاً- وذكر منها-: إذا خاصم فجر. رواه البخاري. فكان الواجب في حقك أن لا تطالب المستأجر إلا بما هو في ذمته فعلاً لموكلك، وبما أنك لم تحصل على شيء منه أصلاً وكان هو مستحقاً للطرد سواء أكان المطلوب منه أجر سنتين أو أكثر فإن ما تقاضيته من أتعاب في هذه الخصومة يعتبر حلالاً في حقك مع إثم الكذب والمخاصمة في باطل، والذي يلزمك الآن التوبة إلى الله عز وجل من ذلك. وراجع في ضوابط العمل بالمحاماة الفتوى رقم: 1028.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1425(12/7780)
حكم الوكالة بأجر
[السُّؤَالُ]
ـ[دفعت مبلغاً وقدره عشرة آلاف دولار لشركة استثمارية حيث إن الشركة تقوم بالعمل في البورصة العالمية في بيع العملات والنفط والعقد ينص على التالي:
أدخل كل عملية بعشرة في المائة من رأس مالي والشركة تكمل الباقي بحيث إن الشركة ليس لها علاقة بالربح أو الخسارة يعني أنها بعد عملية البيع تقوم بأخذ رأس مالها التي دفعته ويبقى الربح أو الخسارة علي وحدي علماً بأن الشركة تأخذ مبلغ 35 دولارا على كل عملية مقابل أتعاب الشركة في عملية الشراء والبيع فما حكم هذه المعاملة؟
جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يمكن تخريج هذه المعاملة على أنها وكالة بأجر، فالشخص يوكل الشركة الاستثمارية في إجراء عملية البيع والشراء في العملات والنفط مقابل أجرة معلومة مقدرة بـ 35 دولاراً لكل عملية، وهذا لا إشكال فيه.
لكن الإشكال في المبلغ الذي تدفعه الشركة من قبلها، فإذا كانت تقرض الموكل -وهو هنا الشخص الآمر بالشراء- ولا تأخذ مقابل ذلك شيئاً زائداً على أجرة الوكالة فلا نرى محذوراً في هذه المعاملة، أما إن كانت تأخذ شيئاً زائداً، أو تختلف الأجرة تبعاً لاختلاف المبلغ الذي تقرضه إياه، فلا تجوز المعاملة لأننا نعلم حينها أن هذا قرض بفائدة مشروطة فيكون ربا محرماً.
وراجع في ضوابط التجارة بالعملات الفتوى رقم: 3099.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1425(12/7781)
هل يذبح الوكيل الخروف أم يشتريه مذبوحا
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا وكل أحد الأشخاص شخصا آخر بذبح خروف وتوزيعه صدقة، فهل يجوز للشخص الموكل شراء خروف كامل مذبوح من محلات الجزارة وتقطيعه وتوزيعه، أم يلزم شراء خروف حي وذبحه وتقطيعه ثم توزيعه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أمكن للوكيل أن يستفهم من موكله عما يفعله في هذا الأمر فهذا أحسن، وإن تعذر عليه ذلك وعلم أن مقصود الموكل توزيع اللحم على الفقراء دون أن يكون عنده مناسبة تقتضي الذبح من بهيمة الأنعام كالأضحية والعقيقة مثلاً فلا مانع من شراء خروف مذبوح وتوزيعه بشرط أن يكون وافياً بغرض الموكل، وليس فيه نقص في اللحم ولا زيادة ثمن على ما إذا اشتراه حيا.
وإذا علم الوكيل مقصود موكله وأنه يقصد شراء خروف حي وذبحه وتوزيعه فلا يجوز له أن يخالف ما وكل فيه الموكل، وإذا كانت هناك زيادة في الثمن في حال شراء الخروف مذبوحاً فإن الوكيل يضمنها لمخالفته، كما في الفتوى رقم: 35647.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1425(12/7782)
الزيادة على ما قرره الموكل لمن تئول
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا اتفقت مع شخص على بيع شيء ما بسعر معين وإن بعت هذا الشيء على سعر أغلى فهو يريد أكثر من المتفق عليه فهل يجوز.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الشخص قد وكلك في بيع شيء ما بسعر معين فقمت أنت ببيعه بسعر أكثر منه، فالزيادة من حق الموكل، وراجع في هذا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 48475، 54928، 32652.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1425(12/7783)
لا يجوز للوكيل إذا باع بزيادة أن يتملك الزيادة
[السُّؤَالُ]
ـ[إنسان يعمل عند تاجر يضيف على السعر قيمة زائدة دون علم التاجر ويأخذ المبلغ من الآخر هل هي حلال عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن ما يفعله هذا العامل يعد خيانة وأكلاً لمال الغير بالباطل، وقد حرم الله تعالى الخيانة فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال: 27} .
فالعامل أمين على هذا المال، فأخذه منه بدون إذن صاحبه خيانة عظيمة؟
هذا، وليعلم أن الموظف والعامل ونحوهما في مثل هذه الأعمال وكلاء لأصحاب الشركات والمحلات، وليس للوكيل إذا باع بزيادة أن يأخذ هذه الزيادة له، بل كل زيادة عائدة على الموكل كما هو مقرر عند أهل العلم، ويجب على من أخذها ردها إلى صاحبها مع التوبة إلى الله عز وجل.
وراجع الفتوى رقم: 46286.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(12/7784)
الزيادة في سعر المبيع من حق الموكل لا الوكيل
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل منذ عشرين سنة أو أكثر في مجال التجارة مع تاجر وكان هذا التاجر يقوم بإعطائي بعض السلع لبيعها لحسابه وكان يعرفني أقل سعر يمكن أن أبيع به هذه السلع وأيضا السعر المناسب لبيعها وكنت أقوم بيع هذه السلع بقيم أعلى من السعر المحدد وأعطى له السعر العادي للسلعة والآن وبعد كل هذه السنين قبل لي إن ذلك حرام وأنا الآن أريد أن أبرئ ذمتي من ذلك ولكني لا أعرف المبلغ بالضبط ولا حتى بالتقريب المفروض لهذا التاجر لأن ذلك حدث من أكثر من عشرين عاماً فماذا أفعل، وأيضاً هل يمكن إخراج مبلغ معين كصدقة باسم هذا التاجر بدلا من إعطائه المبلغ إذا كان ذلك يمكن أن يؤدي إلى بعض المشاكل؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قمت به له حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون التاجر المذكور قد قال لك بع بكذا فما زاد فهو لك وهذه الحالة لها، حالتان:
الأولى: أن تكون هناك أجرة معلومة غير الزيادة على السعر المحدد فلا حرج في ذلك.
والثانية: أن تكون الأجرة هي نفس الزيادة على السعر المحدد وهذا محل خلاف بين الفقهاء، فمذهب الجمهور أن ذلك لا يجوز لأن فيه جهالة في الأجرة.
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك قال، ابن عباس: لا بأس أن يقول: بع هذا الثوب فما زاد على كذا وكذا فهو لك. رواه البخاري تعليقاً ووصله غيره.
فعلى مذهب الجمهور فالمبلغ كله للمالك ولك أجرة المثل، وعلى المذهب الآخر فإن الزيادة لك والذي نرجحه هو القول الأخير، وراجع الفتوى: 24209.
والحالة الثانية: أن يكون التاجر قد قال لك بع لي السلعة ولا تنقص عن كذا ولم يقل ما زاد فهو لك ففي هذه الحالة أنت وكيل عنه وليس لك شيء من الزيادة. فإن العلماء قد نصوا على أن الوكيل -وأنت وكيل بالبيع- إذا زاد عن السعر المحدد له من طرف رب المال فإن الزيادة لرب المال، قال صاحب الكفاف -وهو من علماء المالكية: وإن يزد فالزيد للموكل * لا لو كيله الذي لم يعدل
وعليه فيلزمك أن ترد مقدار هذه الزيادة لصاحبها فإن كنت لا تعلمها بالتحديد فبالتقريب فإن كنت لا تعلم التقريب فأخرج ما تظن أنه يغطي القدر المطلوب مثال ذلك:
إذا قيل لك هل المبلغ ألف فقد تقول هو أكثر من ذلك فيقال لك هل هو ألفان فقد تقول هو أقل من ذلك فيقال لك هل هو ألف وخمسمائة فقد تقول هو حول ذلك فتخرج ما هو أكثر من ذلك احتياطا، وإذا كنت لا تستطيع أن ترد المال لصاحبه صراحة فلا يحل لك أن تتصدق به عنه بل ترده له بطريقة غير مباشرة والذكي لن يعدم حيلة.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1425(12/7785)
مخالفة الوكيل موقوفة على إجازة الموكل
[السُّؤَالُ]
ـ[شهر كريم وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وجزاكم الله خير الجزاء على هذا الموقع المتنوع والمفيد والذي يجد كل إنسان فيه مبتغاه.
سؤالي هو – نحن الآن في شهر رمضان الكريم وفية تتفتح النفوس للبذل والعطاء وهناك كثير من المحسنين الخيرين أصحاب الأموال يتفاعلون ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... تفاعلا منقطع النظير مع الجمعيات الخيرية والصناديق التكافلية ولكن يبقى مفهوم الخير في عقولهم ذا بعد واحد وهو أن الزكاة لابد أن تدفع للفقراء والمساكين. فإذا طرحت عليهم قضية الدعوة، والتربية، والتزكية، وكفالة طالب العلم لا يأبهون لها أبدا.
فالسؤال هو: هل يجوز أخذ قليل من المال الذي يجمع للجمعيات لتنفقه على الفقراء والمساكين على مدار العام ليصرف على الدعوة ومناشطها وعلى كفالة طالب العلم أو كفالة بعض الدعاة الذين لا تسد مرتباتهم بعض مسئولياتهم؟
وجزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجمعيات الخيرية الأصل فيها أنها وكيل في التصرف فيما يرد إليها من أموال، فلا يجوز صرف شيء من الأموال إلا في الجهة التي حددها المتصدق أو الواهب لأنهم وكلاء في تفريقها، ولا يملك الوكيل صرف المال إلى غير من حدده الموكل، وإذا خالف الوكيل فإنه تصرف موقوف على إجازة الموكل أورده.
قال البهوتي في دقائق أولي النهى: وكل تصرف خالف الوكيل موكله فيه فكتصرف الفضولي.
وقال أبو محمد بن حزم: ولا يحل للوكيل تعدي ما أمره به موكله، فإن فعل لم ينفذ فعله، فإن فات ضمن أهـ.
فحثوا الناس على التصدق في هذا الأمر، واذكروا لهم فضل الإنفاق على الدعاة وطلاب العلم وأنه من الخير المتعدي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1425(12/7786)
من وكل في شراء شيئ لا يتصرف فيه ببيع وغيره إلا بإذن موكله
[السُّؤَالُ]
ـ[أوصتني جارتي على شراء غرض من السوق وجلست 2شهر ولم تأت لأخذه فقمت أنا ببيعه ولكنها غضبت فهل علي شيء؟ مع العلم أنها لم تعطني ثمنه، وعندما كنت أطلب منها الحضور لأخذه تقول ليس لدي وقت ومشغولة. مع الشكر لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت هذه المرأة قد وكلتك على شراء هذا الغرض وقمت بشرائه لها، فقد أصبح ملكا لها وأصبح أمانة عندك، وأصبح ثمنه دينا لك في ذمتها، ولا يجوز لك أن تبيعي هذا الشيء بغير إذنها عوضا عما لك في ذمتها من الدين، إلا إذا ثبتت مماطلتها في وفاء الدين، وراجعي الفتوى رقم: 42472. وعليه فإذا كانت لم تماطلك وإنما تأخرت في المجيء لاستلام هذا الغرض لعذر، فيجب عليك أن تضمني هذا الغرض الذي فوته عليها بمثله إن كان مثليا أو قيمته إن كان قيميا، كما يجب عليها أن توفيك الدين الذي في ذمتها. إما إذا كانت قد ماطلتك في وفاء ما عليها من دين، فلا حرج عليك فيما فعلت، ولكن إن كنت قد بعت هذا الغرض بأكثر من الثمن الذي اشتريته به فيجب عليك أن تردي الفرق إليها، وإن كنت قد بعته بأقل من ثمنه بقي الفرق في ذمتها في حال ما إذا كان البيع يسوغ لك وهو حال مما طلتها لك بالثمن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1425(12/7787)
إخبار الموكل بغير السعر الذي باع به خيانة للأمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أو ما حكم أن أخذ غرضا لأبيعه من أحد ثم أذهب وأبيعه بعشر وأخبره أني بعته بتسع وأخذ الواحد الباقي وهو لا يعلم، ولكنه كان قد أوكل لي بيع الشيء وليس أنني اشتريته منه قبل أن أبيعه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز ذلك لأن الوكيل مؤتمن، وفي إخبار الموكل بغير السعر الذي باع به خيانة للأمانة، وراجع للتفصيل الفتوى رقم: 49948، والفتوى رقم: 50862، وكان بإمكانك أن تشترط علبيه أجرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1425(12/7788)
الحد المسموح به في تصرف الوكيل
[السُّؤَالُ]
ـ[جدي قتل وأوصى ببيت من بيوته بأنها تكون وقفا للمعوقين وأصبحت أنا أستلم الإيجارات بصفتي وكيلا شرعيا حتى تنتهي القضية حيث وإن للمقتول ورثة والقضية إلى هذا التاريخ لم تنته السؤال يا شيخ بأنني استلفت منها مبلغا حتى تنتهي القضية وأرده فهل يجوز لي ذلك وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوكيل يتصرف فيما وكل به فقط، ولا يجوز له تعدي ما أمره به موكله. قال تعالى: وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {البقرة: 190} .
قال الشافعي: وإذا وكل الرجل الرجل بوكالة ولم يقل في الوكالة إنه وكله بأن يقر عليه ولا يصالح ولا يبرئ ولا يهب، فليس له أن يقر ولا يبرئ ولا يهب ولا يصالح، فإن فعل فما فعل من ذلك كله باطل، لأنه لم يوكله به، فلا يكون وكيلا فيما لم يوكله. اهـ.
وعليه، فإذا لم يكن موكلك قد أذن لك في الاقتراض من غلة البيت المؤجر، فإنه لا يجوز لك الاقتراض، ويجب عليك رد هذا المبلغ إلى جملة الغلة التي وكلت بحفظها حتى الانتهاء من القضية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1425(12/7789)
للموكل أن يعزل الوكيل متى شاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ ثلاث سنوات وعملت لزوجي وكالة عامة فهل يجوز لي أن ألغيها علما بأن زوجي غير كفء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوكالة من حيث الأصل من العقود غير اللازمة التي يجوز فسخها متى شاء أحد الطرفين، فللموكل أن يعزل الوكيل، كما أن للوكيل أن يترك الوكالة متى شاء أي منهما، واستثنى العلماء من ذلك بعض المواضع ـ على خلاف بينهم فيها وتفصيل ـ تطلب هذه المواضع في مظانها من كتب الفقه. والذي ننصح به هو أن تتلطفي في إلغاء هذه الوكالة، ولا تتسرعي في ذلك حفاظا على شعور زوجك وحرصا على كمال العلاقة بينك وبينه، ومحل ذلك إذا لم يكن هناك ضرر كبير في الإبطاء بإلغائها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1425(12/7790)
حكم وكالة الشركة لمن يريد شراء شيء ما
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة رأس مالها متكون من الآتي بفوائد على ودائع (آخذ أموالا من الناس على أساس توفير سيارات لهم من ثم توفير سيارات لهم بعد فترة بمبلغ غير متوقع لدى الشاري ومنهم من ينتظر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن هذه الشركة تعمل بمثابة الوكيل لمن يريد شراء سيارة، وعندما يدفع الموكل الثمن تقوم الشركة بإيداعه في البنوك الربوية، لتستفيد من أرباحه الربوية حتى يتم الشراء، وبعد مدة يتم شراء السيارة المطلوبة ومن ثم تُسلم للموكل، وتعود أرباح المبلغ الربوية لصالح الشركة، وهذه الصورة غير جائزة لأمرين:
الأول أن الوكيل مؤتمن ومقتضى كونه مؤتمنا أن يعمل لصالح الموكل، وأن لا يستفيد شيئا لنفسه بسبب هذه الوكالة، والحاصل هنا بخلاف ذلك.
الثاني: أن الفائدة التي تتعمد الشركة الحصول عليها تتم بواسطة معاملة محرمة، وهي إقراض البنوك الربوية مقابل فائدة محرمة.
علما بأنه يجوز للوكيل أن يأخذ أجرة على وكالته، وذلك بالاتفاق بينه وبين موكله، أما التصرف المذكور في السؤال فهو ما يعرف في الفقه بتصرف الفضولي، وقد بينا حكمه في الفتوى رقم: 41571، والراجح أنه جائز كما بيناه في الفتوى المشار إليها بشرط أن يقر رب المال الفضولي على تصرفه، ولا يصح إقرار الشركة هنا على ما فعلت، لأن تصرفها ممنوع شرعا، بل الواجب هو التخلص من هذه الفوائد الربوية بإنفاقها في مصالح المسلمين.
أما عن العمل في مثل هذه الشركة فإن كان فيه مباشرة للمعاملات الربوية أو إعانة عليها فلا يجوز بحال، أما إذا كان في غير ذلك من الأمور المباحة كالنظافة والحراسة فلا مانع من الاستمرار في مثل هذا العمل وإن كان الأفضل أن يبحث المرء عن عمل آخر بعيدا عن الشبهة، وراجع الفتوى رقم: 28330.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1425(12/7791)
مذاهب الفقهاء في حكم شراء الوكيل من نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مصلحة حكومية وفي نفس الوقت وفقني الله تبارك وتعالى إلى إنشاء مشروع خاص بي وأحتاج إلى بعض المواد الخام اللازمة لعملي الخاص ولتقليل التكلفة هل لو أخذت من المواد الخام التي أنا مشرف عليها في المصلحة الحكومية على أن أعوض المصلحة الحكومية أشياء أخرى لها نفس قيمتها من باب لا ضرر ولا ضرار، هل في ذلك الأمر أي شبهة شرعية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سألت عنه من أخذك بعض المواد من مصلحتك الحكومية التي تشرف عليها على أن ترد للمصلحة أشياء أخرى مماثلة لها في الثمن أمر لا يجوز وذلك لسببين:
الأول: هو عدم إذن جهات الاختصاص لك ببيع هذه المواد وإنما أنت وكيل عنهم في هذا العمل، والوكيل لا يجوز له أن يتصرف فيما وكل به إلا بإذن موكله.
والثاني: لو فرض أن جهات الاختصاص أذنت لك في البيع فإنه لا يجوز لك البيع من نفسك لأن الوكيل في البيع لا يجوز له البيع من نفسه، وهذا هو مذهب الشافعية والحنابلة، وهو قول في مذهب الحنفية.
قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: ولا يجوز بيعه، ولا شراؤه من نفسه وطفله ونحو من محاجيره ولو أذن له فيه لتضاد غرضي الاسترخاص لهم والاستقصاء للموكل، ولأن الأصل عدم جواز اتحاد الموجب والقابل وإن انتفت التهمة، ولأنه لو وكله ليهب من نفسه لم يصح وإن انتفت التهمة لاتحاد الموجب والقابل.
وقال ابن حجر في تحفة المحتاج: ولا يبيع لنفسه وإن أذن له وقدر له الثمن ونهاه عن الزيادة.
وقال ابن قدامة في المغني: وشراء الوكيل من نفسه غير جائز، وكذلك الوصي، وجملة ذلك أن من وكل في بيع شيء، لم يجز له أن يشتريه من نفسه، في إحدى الروايتين نقلها مهنا.
وأجاز الحنفية والمالكية ذلك إذا أذن الموكل، قال ابن نجيم في البحر الرائق: وأشار المؤلف إلى منع بيعه من نفسه بالأولى، قال في البزازية: الوكيل بالبيع لا يملك شراءه لنفسه -لأن الواحد لا يكون مشترياً وبائعاً فيبيعه من غيره ثم يشتريه منه. وإن أمره الموكل أن يبيعه من نفسه أو أولاده الصغار أو ممن لا تقبل شهادته فباع منهم جاز. انتهى.
وقال النفراوي في الفواكه الدواني: الفرع السادس: وكيل البيع أو الشراء لا يجوز له الشراء لنفسه ولا البيع من نفسه ومحجوره كولده الصغير أو السفيه بمنزلته لاتهامه، إلا أن يكون ذلك بحضرة الموكل أو يسمي له الثمن، فيجوز له شراء ما وكل على بيعه بعد تناهي الرغبات فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1425(12/7792)
الوكيل يعمل لمصلحة موكله
[السُّؤَالُ]
ـ[تاجر مجوهرات يشتري الذهب من الزبائن بسعر أقل من سعر السوق بربع دينار. وله جارات أرامل وعجائز يطلبن منه أن يبيع لهن ذهبهن، فهل يجوز له أن يشتري منهن بنفس السعر الذى يشتري به من الزبائن؟ أم أنه يعتبر وكيلا، فيجب عليه أن يبحث عن أعلى سعر في السوق فيبيع لهن به؟ أفتونا، وجزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على هذا التاجر تجاه جاراته العجائز أن يبيع لهن الذهب بأعلى سعر يمكن أن يباع به، لأنه وكيل عنهن في البيع، والوكيل مؤتمن، والأصل في الوكالة أن الوكيل يعمل لمصلحة موكله، وراجع الفتوى رقم: 47645. علما بأن الوكيل لا يجوز له أن يشتري لنفسه من موكله، كما نص على ذلك بعض أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1425(12/7793)
الحل الشرعي للوكيل إذا أراد أن يحصل على ربح ممن وكلوه
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال يؤرقني وهو أنني أشتري ملابس وأدوات الزينة من بلاد مجاورة لمحل إقامتي بأسعار رخيصة وعندما تسألني إحدى السيدات أضيف شيئا بسيطا على السعر أي مثلا لا أقول أن السعر 10 أورو بل 11 أو 12 أورو لأني أعرف أنها ستطلب مني أن أشتري لها مثله وكثيرا ما أتعمد أن أظهر البضاعة ليسألوني عنها لأنني أخجل أن أقول بأنني أكسب الشيء البسيط حيث إنني قمت بذلك بالماضي واستهزئ بي فهل هذا الكسب القليل حرام أم حلال مع الأخذ بالاعتبار أن عملية الشراء والبحث تحتاج مجهود وتكاليف وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام هؤلاء النسوة قد وكلوك عنهن في شراء هذه الأغراض، فلا يجوز أن تأخذي ثمنا للسلعة أكثر من الثمن الذي اشتريت به لأنك وكيلة عنهن في الشراء، والوكيل مؤتمن من قبل من وكلوه، وفي إخبارهن بأكثر من السعر الذي اشتريت به خيانة لهذه الأمانة.
وإذا تقرر هذا؛ فالواجب عليك أن تتوبي مما حصل منك، ولا يتم ذلك إلا بالندم على ما فعلت مع الإقلاع عنه، والعزم على عدم العودة إليه، مع رد الأموال التي حصلت عليها منهن سابقا إليهن ولو بطريقة غير مباشرة، كأن تضعينها في حسابهن، أو تقدمينها لهن على صورة يحسبن فيها أنها هدية ونحو ذلك.
والحل الشرعي إذا أردت في المستقبل أن تحصلي فائدة من وراء الشراء لهن هو أن تفعلي أحد أمرين: إما أن تطلبي منهن أجرة على الوكالة، أو تخبريهن بأنك تبيعين لهن وتربحين في هذا البيع.
وننبهك إلى أنه لا يجوز لك أن تشتري أو تبيعي للنساء المتبرجات أدوات الزينة أو الملابس التي تبدي ما يجب على المرأة ستره، لأن في ذلك معاونة لهن على الإثم، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [سورة المائدة: 2] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1425(12/7794)
لا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي
أنا موفد في دورة تدريبية من قبل الشركة التي أعمل بها وهي تتكفل بجميع مصروفاتنا الدراسية مثل شراء الكتب وغيرها فهي تعطي المبلغ وللمتدرب حرية في ما يشتريه.
من ضمن متطلبات الدراسة الحصول على جهاز حاسب آلي. الدفعات المتدربة قبلنا يُعطى المبلغ ولهم الحرية في المبلغ
نحن طلب منا أرسال عرض فأرسلنا عرض بمبلغ 1400$.وتم تحويل مبلغ 1100 $ لشراء حاسب بهذا المبلغ ويرسل المتدرب نموذجا به بيانات على الجهاز المشتراه وتعهد برد الجهاز إلى الشركة إذا طلبت ذلك (حسب لائحة الدولة) .
بعض المتدريبين قام بشراء جهاز مبلغ أقل مع أجهزة أخرى مثل صورة وجهاز تسجيل ليستفيد بها شخصيا ورد الجهاز فقط إذا طلب منه وحصل على فاتورة بأنه اشترى الجهاز بمبلغ 1100$ على أساس أنه من حقه كما في الدفعات السابقة لنا
سوالي: هل هذه المعاملة جائزة؟ هل إذا قام بالشراء بهذا الأسلوب يرد الجهاز مع ما اشتراه إلى الشركة؟ أو أنه لا يحق له التصرف في المبلغ وشراء جهاز حاسب فقط؟ أرجو أن توضحوا لنا الأمر بتفصيل
وجزاكم الله خيرا ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز التصرف في هذا المبلغ إلا بشراء حاسب في حدوده، لأن المتدرب في هذه الدورة لم يملك هذا المبلغ كما حدث في الدورات السابقة، وإنما وكل فيه بأن يشتري به جهاز حاسب، والوكيل لا يملك من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله.
وعلى هذا فمن خالف واشترى جهازا بأقل من هذا المبلغ واشترى بباقي المبلغ جهازا آخر يستفيد منه لنفسه أو احتفظ بباقي المبلغ ولم يشتر به شيئا وقدم فاتورة غير صحيحة فقد تعدى إذن موكله ووقع في الغش، وللشركة أن تسترد منه المبلغ كاملا وتترك له ما اشترى، أو تسترد الأجهزة التي اشتراها بهذا المبلغ، أو تأخذ منه الجهاز وتضمنه المبلغ الذي احتفظ به لنفسه إن كان قد احتفظ من هذا المبلغ بشيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1425(12/7795)
لا يتصرف الوكيل في ما لم يأذن فيه موكله
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة مقاولات بصفة مدير مشروع ومسؤول مسؤولية كاملة عن مشاريع قد تصل قيمتها إلى مئات الملايين وعن عدد من العمال يمكن أن يكون عدة مئات. صاحب الشركة غير مختص في مجال المقاولات وكثير من الأحيان يتخذ قرارات خاطئة تتسبب في خسائر مباشرة أو غير مباشرة وأحيانا قد تتسبب في سلب حقوق العمالة التي تعمل تحت مسؤوليتي المباشرة.
السؤال:
هل أنا آثم إذا تصرفت بفواتير وهمية لأدفع بها حقوق هذه العمالة أو لتأمين متطلبات العمل الضرورية والتي تحقق للشركة المزيد من الأرباح وتجنبها الخسائر بسبب قراراته الخاطئة؟.
أم أكون آثما اذا قبلت تنفيذ قراراته الخاطئة وقبلت بالظلم الذي يقع على العمالة؟.
مع العلم أنني في الحالتين أبين له أن ذلك خطأ لكنه يصر على خطئه.
الرجاء أفتوني!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأنت وكيل عن مالك الشركة في أعمالك، والوكيل يجب عليه أن يتصرف وفقا للمصلحة وبشرط ألا يخرج تصرفه عما أذن فيه موكله، وبالتالي فإنه لا يجوز له التصرف بما يخل بما أوكل إليه، وإذا كان الموكل قد رضي بما يعود عليه بالخسارة من التصرفات فلا يجوز لك مخالفته ولا الكذب ولا التحايل عليه بفواتير وهمية أو نحو ذلك.
لكن ينبغي لك نصحه وبيان ضرر ما يقدم عليه، فإن استجاب فذاك، وإلا فلا حيلة من تنفيذ طلبه ما لم يكن فيه مخالفة شرعية، فإن كنت لا ترغب في تنفيذ طلبه فاعتذر أو استقل عن العمل ولا تخالف ما طلب.
وأما عن العمالة الموجودة في الشركة والظلم الحاصل عليهم بالإقدام على ما طلبه صاحب الشركة فإن السائل لم يبين لنا ما هو الظلم الحاصل عليهم بسبب ذلك فقد يرى شيئا ظلما وهو في الحقيقة ليس بظلم، فنرجو منه بيان الأمر حتى تتسنى لنا الإجابة عليه.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1425(12/7796)
الزيادة التي يكسبها الوكيل من حق الموكل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة مساهمة محدودة وأتقاضى راتبا جيدا
طلبت مني الشركة تركيب شبكة كمبيوتر فيها فكالعادة أقوم بكتابة مواصفات معينة وأرسلها إلى الشركات المختصة لتقدم عطاءات بذلك
هناك كهربائي يقوم بمعظم أعمال الشركة الخاصة بالكهرباء ولكنه ليس موظفا بالشركة أراد أن يدخل العطاء فأخذ إذنا من إدارة الشركة أن يقدم هذا العطاء كغيره وطلب مني أن أساعدة في ذلك من الناحية الإدارية والفنية كوني لدي خبرة في هذا المجال فوافقت وطلبت منه مبلغا من المال مقابل هذا العمل وقلت له حتى لو عملت معك فيجب أن تكون الأسعار التي تقدمها أقل الأسعار وإني سأقوم بإعلام الشركات المنافسة بأسعارك وهذا العمل دوما أقوم به في كل العطاءات حتى أحصل على أقل الأسعار فإذا قبلوا فهم أولى والخيار يعود في النهاية إلى إدارة الشركة فقبل بذلك وبالفعل كانت أسعاره أقل من أسعار الشركات بكثير نوعا ما وذلك لأنه يعتبر شخصا وما سيربحه سيكون مرضيا له ولكن ليس مرضيا للشركات الأخرى
وبالفعل تم تركيب الشبكة بالشكل الصحيح وقمت بالإشراف على ذلك من ناحية أني أنا الذي سيستلم العمل منه ومن الناحية الفنية حتى أساعده في إنجاز عملة كوني لدى المقدرة الفنية لذلك
وبعد الانتهاء من العمل قمنا بخصم ثمن البضاعة التي ركبت وتم تقسيم باقي المبلغ بالتساوى فهل ما أخذته حرام وإذا كان لا يحل لي فلمن أعيد المبلغ للرجل أم للشركة التي أعمل بها
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأنت تعتبر وكيلا عن الشركة لا سمسارا، وقد نص العلماء على أن الزيادة التي يكسبها الوكيل ترجع إلى موكله، لأن الوكيل لا بد أن يتصرف بما فيه مصلحة الموكل، كما أن النقص يعود على موكله أيضا.
قال صاحب الكفاف:
وإن يزد فالزيد للموكل ... لا لوكيله الذي لم يعدل
وعليه، فلا يجوز لك أخذ هذا المال إلا أن تتفق مع الشركة على أن لك أن تأخذ أجرة السمسرة من العميل أو تستأذن منهم بأخذ ذلك فيأذنوا، وفي حالة الاتفاق أو الإذن من الشركة لا بد من أن تكون أجرة السمسرة معلومة مقطوعة لا نسبة مئوية كخمس بالمائة من الربح مثلا، لأن في ذلك غررا، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر، فإذا حصل الاتفاق على نسبة فالإجارة باطلة وتستحق أجرة المثل، لأنه عقد يستحق به المسمى في صحيحه فاستحق أجرة المثل في فاسده، كما قاله زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب"، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الفتاوى الكبرى: ولا يستحق الأجرة المسماة لكن إذا عمل لليتامى يعني الوصي استحق أجرة المثل كالعمل في سائر العقود الفاسدة. انتهى.
وفي حالة عدم الاتفاق أو الإذن من الشركة فإن المال الذي أخذته يكون للعميل إذا كانت الشركة هي التي اتفقت معه على الأجرة.
أما إذا كنت أنت الذي اتفقت معه على الأجرة كوكيل للشركة فإن المال الذي أخذته يكون للشركة لأن الزيادة التي يحصل عليها الوكيل هي للموكل كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1425(12/7797)
لا حرج في أن تكون وكيلا في استلام حقوق الغير
[السُّؤَالُ]
ـ[أتتني رسالة ألكترونية من امرأة أفريقية مسلمة تقول فيها التالي:
إن زوجها كان يعمل في شركة للتنقيب عن الذهب والماس وتم اغتياله من قبل زملائه في العمل وذلك لأنه كان متميزاً في عمله، وكان مرشحاً ليصبح رئيس الشركة وقد جمع ثروة من عمله تقدر بـ 16 مليون دولار أمريكي، اندلعت الحرب الأهلية في بلادها والآن هي لاجئة في بلد مجاور، قام زوجها بإيداع هذا المبلغ في صندوق في شركة حماية على أنه ممتلكات شخصية وعائلية وهي تريد مني أن أقوم بطلب هذا الصندوق من هذه الشركة وتحويل المبلغ إلى حسابي الشخصي، ثم تأتي هي وأفراد عائلتها فيما بعد وتأخذ المبلغ لتستثمره في أي بلد آمن ومستقر، هل هذا حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة على سؤالك ننصحك بألا تتعجل بالقيام بذلك حتى تتحقق من الأمر وتستشير أهل الخبرة، أما عن السؤال فاعلم أن الشركة التي لديها صندوق هذا الشخص لا يمكن أن تعطي أحداً هذا الصندوق إلا أن يكون صاحبه أو وكيله والذي يأتيهم بوكالة شرعية مكتوبة موثقة أو ورثته الذين لديهم ما يثبت أنهم ورثته، هذا إذا كانت الشركة متبعة للنظم المتعارف عليها في ذلك، ولذا فإنه من العجيب أن تطلب منك هذه المرأة أن تتسلم الصندوق من الشركة حيث إن الشركة لن تسلم لك الصندوق قطعاً إلا بوكالة شرعية معتبرة تثبت وكالتك للورثة، وتثبت أيضاً أن هؤلاء هم ورثة الرجل.
فإذا كان لديك الوثائق المثبتة لذلك وكنت تعرف صدق هذه المرأة فلا حرج عليك في أن تقوم بما ذكرت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1425(12/7798)
حكم زيادة الوكيل في الإيجار مقابل أتعابه وضمانا لما يتلف
[السُّؤَالُ]
ـ[لي شقيق كلفه صديق له (مدير شركة أجنبية) بحكم الصداقة بالبحث له عن منزل للإيجار وأن يكون هو الوسيط الضامن للطرفين
ومن بين أكثر من عشر منازل وقع اختياره على منزل رجل حمله هو الآخر مسئولية ضمان الطرف الآخر ضد أي تلف قد يحدث بالمنزل أو الأثاث خلال فترة الإيجار، وبعد مناقشات طويلة أصر صاحب المنزل أن لايقل الإيجار عن 800 جنيه شهريا
وجد أخي نفسه كما حكي لي قد تورط في مسئولية (بحكم الصداقة) قد تكلفه لاحقا بعض الخسائر من جيبه الخاص فاتفق مع
صاحب المنزل بأنه سيبلغ المدير بأن الإيجار 900 جنيه على أن يأخذ منه المائة جنيه مقابل أتعابه وماقد يحدث كما ذكر ...
ووافق صاحب المنزل وأبرم العقد مع العلم بأن المدير الأجنبي كان سعيدا بقيمة الإيجار لهذا المنزل الكبير
(والذي أؤكد لكم جزما لولا تدخلي لتعدى السعر مرة ونصف ماتم الاتفاق عليه)
فما رأيكم في المائة دينار التي يأخذها أخي بدون علم صديقه المدير
وجزاكم الله خيرا
يرجى الرد لو تكرمتم على بريدي الإلكتروني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شقيقك هذا يعتبر وكيلاً عن صديقه في استئجار المنزل، والوكيل مؤتمن فلا يحق له التصرف إلا بمافيه مصلحة الموكل، وعليه فلا يحق له أن يزيد في سعر الايجار ليحصل على الزيادة لنفسه لما في ذلك من خيانة الموكل والعمل بخلاف مصلحته، وله أن يطلب من موكله (صديقه) أجرة في مقابل بحثه وتعبه،
وأما أخذ أجرة مقابل الضمان فلا يجوز، لأن الضمان من عقود الإرفاق لا المعاوضة، وعقود الإرفاق لا يجوز أخذ عوض مقابلها،
كما ننبه إلى أن الضمان في هذه الحالة يكون بشرط التعدي والتفريط في حفظ الدار والأثاث لأن الدار في يد المستأجر أمانة فلا يضمن إلا في حالة التعدي أو التفريط
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(12/7799)
الواجب على الوكيل أن يعمل لمصلحة الموكل
[السُّؤَالُ]
ـ[لي زميل مدرس وليس تاجراً ولكن يفهم في الكمبيوتر اتفق مع زميل له على أن يجمع له جهاز كمبيوتر ويأخذ منه 50 جنيه، ولكن رد عليه الشخص الذي يريد الجهاز أنه سوف يدفع له 100 جنيه بدلاً من 50 التي طلبها بنفسه ولكن عندما جمع الجهاز أخذ أكثر من 100 جنيه أخذ منه حوالي 300 جنيه فوق 100 جنيه، وحلف له أنه أخذ 100 جنيه فقط، فهل يعتبر هذا المبلغ وهو 300 جنيه حرام أم حلال علي زميلي المدرس؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشخص الذي طلب من زميلك المدرس تجميع الجهاز يعتبر موكلاً له في شراء القطع ومستأجراً له على تجميعها، فالمدرس على هذا وكيل وأجير في وقت واحد، والوكيل مؤتمن على ما في يديه مما يخص الوكالة، والواجب عليه أن يعمل لمصلحة الموكل، وبناء على ذلك فإن الزيادة التي أخذها الأخ المدرس تتنافى مع العمل لمصلحة الموكل، وتتعارض مع كون يده أمينة على موضوع الوكالة، والواجب عليه هو رد هذا المبلغ إلى موكله مع التوبة والاستغفار مما بدر منه، ولا يشترط في رد هذا المبلغ أن يُعلم به صاحبه، ولكن يكفي رده بالصورة التي يراها مناسبة.
كما يجب عليه أن يتوب من اليمين الكاذبة التي حلفها ليقتطع بها مال امرئ مسلم بغير حق، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما الكبائر؟ قال: الإشراك بالله، قال: ثم ماذا؟ قال: ثم عقوق الوالدين، قال: ثم ماذا؟ قال: اليمين الغموس، قلت: وما اليمين الغموس؟ قال: الذي يقتطع مال امرئ مسلم هو فيها كاذب. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1425(12/7800)
التوكيل بالإبراء صحيح
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
كنت قد ذكرت لكم بسؤال سابق أني كنت أعمل بشركة منذ زمن وكنت أزيد على المواصلات التي تحسبها لي الشركة وبالتالي أخذت مالا حراماً مع أنه قليل إلا أني علمت أن الشركة أقفلت والشركة بالأساس لشركاء اثنين فبحثت فوجدت أحدهم فذهبت إليه وكان عنده الشريك الآخر بالصدفة أو يعملون مع بعض لا أعلم المهم بالموضوع أنه كان يتواجد جمع من الناس بالمكتب فاستأذنت من أحد أصحاب الشركة لأكلمه على انفراد عن موضوعي وهو لم يعرفني طبعا إلا بعد أن عرفته بنفسي وقلت له القصة وسامحني وقلت له أن يقول القصة لشريكه الآخر فوعدني بذلك واتصلت به في اليوم الثاني وقال لي إنه قال لشريكه وسامحني هو الآخر
فهل علي شيء لأني لم أطلب من الشريك الآخر وجها لوجه أن يسامحني أو أرد عليه ماله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان من الأفضل أن تطلب السماح منه بنفسك ما دمت قادراً على ذلك خروجاً من خلاف من يرى عدم الجواز، أما وقد وكلت في ذلك شريكه الآخر فالوكالة صحيحة عند الجمهور، والوكيل مؤتمن ومصدق فيما يقول، قال الحطاب في مواهب الجليل: قال ابن عرفة: وتبع ابن الحاجب ابن شاس في قوله، والتوكيل بالإبراء لا يستدعي علم الموكل بمبلغ الدين المبرء منه، ولا علم الوكيل ولا علم من عليه الحق، قلت: وهو كضروري من المذهب، لأنه محض ترك، والترك لا ما نفيه للغرر فيه.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع: ويجوز التوكيل بالصلح والإبراء. ا. هـ
وقال ابن المقري في روض الطالب وهو شافعي: ويجوز في عقود المعاملات والفسوخ والإبراء والوصية. ا. هـ
وقال البهوتي في كشاف القناع: ويصح التوكيل في عتق وإبراء ولو كان التوكيل لغريمه في الإبراء. ا. هـ
وبناء على هذا فلا شيء عليك للشريكين جميعاً، ولكن عليك التوبة والاستغفار مما حصل منك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(12/7801)
من تمنحه الشركة تذاكر على الدرجة الأولى ويسافر على العادية
[السُّؤَالُ]
ـ[الشركة التي أعمل بها تمنحني وأسرتي تذاكر على الدرجة الأولى ولقد قمت بشراء تذاكر على الدرجة العادية وهي أقل سعرا من الأخرى وقدمت للشركة فواتير تذاكر الدرجة الأولى وحصلت على المبلغ كاملا وبعد ذلك بدأت تساورني شكوك حول ما فعلت
أفيدوني أثابكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الشركة التي تعمل بها تمنحك قيمة التذاكر على الدرجة الأولى كجزء من أجرتك المتفق عليها بينكما، فإن هذه القيمة ملك لك ولا مانع أن تسافر على أي الدرجتين شئت مع تملك الفارق بينهما، ما لم يك هناك شرط بينكما ينص على أنه إن لم تسافر على الدرجة الأولى لم تستحق تلك القيمة، أما إن كانت توكلك في شراء تذاكر لك ولأسرتك على الدرجة الأولى، فأنت ملزم بما وكلتك به، فإن اشتريت تذاكر الدرجة العادية فيلزمك رد الفارق، وراجع الفتوى رقم: 248.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(12/7802)
حكم التوكيل في حالة ذهاب العقل
[السُّؤَالُ]
ـ[جدتي عمرها فوق المائة، وهي في أوقات كثيره لاتعرف من حولها ومقعدة الله يحسن لها الخاتمة وقد أتينا بكاتب عدل ووكلت أبي فيما تملك وقالت له من قبل بعبارة (حقي لكم يا أولادي) وهو الآن قد باع ما تملك من بيوت قديمة وينوي شراء بيت جديد لنا حيث أننا نسكن في إيجار ولا تسكن جدتي عندنا وورثتها هم أبي وأخته وقد قالت له أخته افعل ما تشاء لأنها غنية وقد رزقها الله من فضله حيث أنها لا تحتاج للمال فهل يجوز كتابة ما يشتريه أبي من بيوت باسمه حيث أن جدتي الآن لا تعي شيئاً أفيدونا أفادكم الله لأني أرجو أن يكون ما نفعله حلالا وأرجو من الله أن يبارك لنا فيه، جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان توكيل جدتك لأبيك قد حصل بعد ذهاب عقلها فهذا التوكيل باطل، لكونها صارت محجوراً عليها، ولا تمضي تصرفاتها، قال المواق في التاج والإكليل: لا يصح للإنسان تصرف في ماله إلا بأربعة أوصاف، وهي البلوغ والحرية وكمال العقل وبلوغ الرشد، ولا يصح رشد من مجنون لسقوط مَيْزِهِ وذهاب رأيه. انتهى.
وإذا كان التوكيل المذكور في صحتها وكمال عقلها فإنه يبطل أيضاً بحدوث خلل في عقلها، قال ابن قدامة في المغني: وتبطل (أي الوكالة) بموت أحدهما أياً كان وجنونه المطبق، ولا خلاف في هذا كله في ما نعلم. انتهى.
وعليه؛ فإن تصرف أبيك في مال والدته يجب أن يكون خاضعاً لمصلحتها هي فقط، فلا يؤخذ من مالها إلا ما تحتاجه هي لنفقتها أو أجرة خادمها ونحو ذلك، كما لا يجوز الإقدام على ما يضر بمصالحها، ومما يضر بالمصلحة التسجيل المذكور، هذا إضافة إلى أنه كذب، والكذب حرام، ويجدر التنبيه إلى أن مال الجدة المذكورة باقٍ في ملكها ما دامت على قيد الحياة، وراجع الجواب رقم: 44371.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1425(12/7803)
للولد فسخ الوكالة إذا وكل أباه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد وقعت زوجتي على وكالة لوالدها حياء منه وبدون أن تعرف محتواها , وكانت تنص على أن يتصرف والدها في كل ما تملكه , ولمَّا تبين أن والدها يريد الاستيلاء على مالها , قامت بإلغاء الوكالة, الأمر الذي أغضب والدها وقال لها بأنه لن يسمح لها مدى الحياة
فهل من حق زوجتي إلغاء هذه الوكالة؟ وهل غضب والدها من عقوق الوالدين؟ والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق الولد -ذكراً أو أنثى- إذا وكل أباه في أمر أن يفسخ هذه الوكالة، ولا يعد ذلك من العقوق، ولكن ليحاول أن يتلطف بالوالد عند فسخ الوكالة حتى لا يغضبه فإن غضب مع التلطف فليس على الولد شيء.
لكن لا بد من العلم بأن للوالد أن يأخذ من مال ولده إذا كان محتاجاً بقدر حاجته، ولا يجوز للابن أن يمنعه، وذلك إذا كان قادراً، وكان ما يأخذه الوالد زائداً عن حاجات الولد.
وراجع التفاصيل في الفتاوى التالية: 25879 / 7490 / 20670.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(12/7804)
لا يجوز منع الزوجة من توكيل من تشاء في التصرف في مالها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة توفي زوجها وترك لها أموالاً، وبعد مدة طويلة تزوجت من جديد دون أن تعلم أزواج بناتها، وعندما سمعوا غضب أحدهم وقرر منع زوجته من الذهاب إلى أمها، علما بأن زوجته كانت تعلم بزواج أمها وأخفت عنه لمدة سنة كاملة، هل له الحق في منعها من زيارة أمها قائلا أنها كانت تتسبب لهم في المشاكل؟ هل له الحق أن يمنعها أن تمضي لزوج أمها بأن يكون هو الوكيل على نصيبها من ميراث أبيها المتوفى، هل له الحق أن يطالبها أن تمضي له ليصبح الوكيل في التصرف في مالها علما بأنه صاحب مال وليس هذا من باب الطمع في أموالها، ولكن من باب المحافظة عليه لأنه أصبح لا يثق في أمها ولا زوج أمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم منع الزوج زوجته من زيارة والديها وأقاربها أو زيارتهم لها في بيت زوجها، وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20950، 7260، 29930.
علماً بأنه لا يجوز للزوج منع زوجته من التصرفات المالية ما دامت راشدة، لأن المرأة لها أهلية التصرف الكامل إذا بلغت راشدة على قول جماهير العلماء وهو الراجح، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 28137، والفتوى رقم: 16441.
وبناء على ذلك فإنه لا يجوز للزوج منع زوجته من توكيل زوج أمها في التصرف في مالها، كما لا يجوز له إجبارها على توكيله هو بدلاً من زوج أمها، وينبغي أن يحل الزوجان هذه المشكلة في جو من المودة والرحمة، وأن يحسن كل منهما عشرة الآخر، وأن يتجنب ما يحزنه أو يؤلمه، فبهذا تستقيم الحياة الزوجية، ويسعد الزوجان معاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(12/7805)
يحق لوالدك إلزامك بقضاء ما وكلك بحفظه
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يضعني في دكاننا ويسافر، وابن خالتي يتردد على الدكان ويستدين مني ولا أحد له علم، وأصبح مبلغاً كبيراً،160 ألف ليره سورية، وكلما طالبته يقول عندما يصبح معي أعطيك، يا ترى ما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الغريم إن كان معسراً يجب إنظاره حتى يوسر لقول الله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:280] ، وإن كان موسراً فيجب عليه البدار بقضاء الدين عند حلوله لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم. رواه البخاري ومسلم.
قال العراقي في طرح التثريب عند شرح الحديث: استدل به على أن المعسر لا تجوز مطالبته ولا حبسه حتى يوسر وهو مذهب مالك والشافعي والجمهور.
واعلم أن الأقارب يتعين التعامل معهم بالحسنى والبعد عما يؤدي إلى التقاطع والتنافر، فحاول التلطف معه في الاقتضاء لما في صحيح البخاري من حديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله رجلا سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى.
وحاول نصحه بالجد في قضاء الدين والإكثار من الدعاء، وعليك أن تتلطف معه حتى تشهد على الدين ويمكن أن يتم ذلك بيسر، فطالبه بإحضار شاهدين أو أكثر مطالبة عادية، ثم اذكر أمامهم أنك تطالبه بهذا المبلغ وحاول إقراره بذلك أمامهم، ثم اطلب من الشهود في غيابه أن يكتبوا لك شهادتهم حتى تحفظها عندك.
ثم اعلم أنه ما كان يحق لك في البداية أن تتساهل مع ابن خالك فتقرض هذا المبلغ الكبير إذا كنت تخشى من عدم وفائه، لأنك تعتبر وكيلاً في هذا الدكان ولست مالكاً له، والوكيل يتعين عليه النظر في المصالح ومراعاة الأحظ والأحسن في الموكَّل عليه.
وهو معزول عما يخالف المصلحة كما هو مدون في شروح خليل وأسنى المطالب، وبناء على هذا فإن الوالد يحق له أن يلزمك بقضاء هذا المبلغ، لأنك متهم في مجاملة ابن خالك والتساهل معه، وانظر الفتوى رقم: 32652.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(12/7806)
حكم توكيل البنك في بيع سلعة اشتراها منه العميل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوزالمرابحة الإسلامية المتداولة حاليا في البنوك
مثال كأن يقوم البنك بدفع مبلغ من المال لك مقابل قيام البنك بشراء أسهم أو معادن أو سيارات على أن يدفع المبلغ على شكل أقساط شهرية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المراد من السؤال غير واضح لنا، ومع ذلك، فإننا نقول: إذا كان البنك يعطي العميل مبلغا من المال على أن يسدد له مقسطا بزيادة، فهو الربا بعينه، وليست هذه المعاملة هي المرابحة الإسلامية، لأن المرابحة الإسلامية هي أن يشتري البنك السلعة ثم يبيعها لك مقسطة بربح معين، ولجواز بيع المرابحة شروط ذكرناها في فتاوى سابقة فلتراجع الأرقام التالية: 38811، 1608، 12927، 35812.
ولا بأس بتوكيل البنك في أن يبيع لك السلعة التي اشتريتها منه على وجه صحيح شرعا، بشرط أن تكون قد قبضتها، لأنه لا يجوز اتحاد القابض والمقبض كما ذكره الفقهاء، ولا بأس بتوكيله أيضا في أن يشتري لك بثمن السلعة أسهما أو معادن أو سيارات أو غير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(12/7807)
حكم العمل كوكيل للبنوك في تحصيل ديونها
[السُّؤَالُ]
ـ[حيث إنني أمتهن مهنة المحاماة، فإنني أرجو بيان الحكم الشرعي في مسألة التوكيل للبنوك في تحصيل الديون المستحقة لها على الناس.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم المحاماة في الفتوى رقم: 1028 فراجعه هناك للأهمية.
وبناء على ما ذكرناه في تلك الفتوى، فإن كانت البنوك التي تسأل عن حكم العمل معها كوكيل إسلامية لا تتعاطى الربا، ولا تفعل من الصفقات إلا ما هو مسموح به في حدود الشريعة الإسلامية، فلا حرج في العمل معها، وإن كانت بنوكا ربوية، فإن التوكيل عنها لاستخلاص ديونها المشتملة على الفوائد الربوية لا يجوز، لأنه مساعدة على الإثم، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَان [المائدة: 2] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(12/7808)
الوكيل ليس له الزيادة في الثمن
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في بلد أجنبي وعند عودتي لبلدي في إجازة طلب مني أحد الأشخاص شراء شيء له، ولم يعطني مالا ولم أحدد له سعرا، وبالفعل قمت بشراء السلعة، هل لي أن أزيد في ثمنها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأنت وكيل عن هذا الشخص في شراء هذه السلعة، والوكيل لا تجوز له الزيادة على الثمن الذي حصل به الشراء، كما هو مبين في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 14538، 35980، 1157.
نعم لك أن تطلب أجرة مقابل هذا الشراء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(12/7809)
حكم أخذ الوكيل زيادة على الثمن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة وبعض الناس أوصوني بشراء بعض منتجات هذه الشركة لأني أعمل بها، هل يجوز أن أشتريه بسعر وأبيع المنتج بسعر أعلى حتى أستفيد؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الأمر كما قلت فإنك وكيل، ولا يجوز للوكيل أن يأخذ زيادة على الثمن الذي اشترى به، نعم لك أن تتفق مع من وكلك على أن يعطيك أجرة مقابل الشراء، أو تتفقان على أنك تشتري السلعة لنفسك ثم تبيعها لمن أوصاك بما شئت من الثمن، وراجع الفتاوى التالية: 1157، 33589، 16386، 21571، 35980.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1424(12/7810)
الوكيل لا يأخذ زيادة عن الثمن
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشتريت يوما من السوق سلعة قيمتها 5 دنانير وأعجب بها صاحبي، فأوصاني أن أشتري له مثلها وعندما ذهبت لأشتري واحدة مثلها كان السعر قد تغير إلى 4.5 دينار فهل يجوز لي أن آخذ النصف دينار كربح لي؟ وجزاكم الله خيراً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك أخذ زيادة على الثمن الذي اشتريت به لأنك وكيل عن صاحبك ولست بائعاً له، وراجع التفاصيل في الفتوى رقم: 37120.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1424(12/7811)
الوكيل مؤتمن، ولكن لامانع من أخذ أجرة التعب
[السُّؤَالُ]
ـ[بفضل الله عندي خبرة في الأجهزة الكهربائية وبعض المعارف يثقون بي فيكلفوني أن أشتريها لهم فأضيف على ثمنها ربحاً لي وأنا لا أقول لهم أني ضفت ربحاً وهم يقبلون الثمن هل في ذلك حرمة؟
أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأخ السائل يعتبر وكيلاً عمن وثقوا به في شراء حوائجهم من الأدوات الكهربائية، والوكيل مؤتمن، فلا يحق له التصرف إلا بما فيه مصلحة لموكله.
وبناء على ذلك، فلا يحق لك أيها السائل أن تزيد على السعر الذي اشتريت به لتحصل على الزيادة لنفسك، لما في ذلك من خيانة الموكل والعمل بخلاف مصلحته، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 28610، والفتوى رقم: 34505.
والواجب عليك أن تتوب مما حصل منك، ولا يتم لك ذلك إلا بالندم على ما فعلت مع الإقلاع عنه، والعزم على عدم العودة إليه، مع رد الأموال التي حصلت عليها إلى أقاربك، فإن خفت من حصول مشكلة بسبب ردها إليهم مع علمهم، فيجوز لك ردها لهم دون علمهم، وذلك بالصورة التي تراها مناسبة، كأن تضعها في حسابهم، أو تقدمها على صورة هدية ونحو ذلك، ولكن لك أن تطلب ممن وكلوك على شراء الأجهزة أجرة تعبك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1424(12/7812)
هل يحق للوكيل الزيادة على الثمن
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ...
ابن عمي طلب من زوجي شراء سيارة له وأرسل إلى زوجي (27) ألف ريال واشترى السيارة بـ (24) ألف ريال، وأخذ ثلاثة آلاف من باقي المبلغ، وذلك دون علم ابن عمي، وعندما سألته لم أخذت هذا المال رد قائلا: هذا أمام تعبي في بحثي عن السيارة، وهذا الكلام حصل منذ حوالي (8) سنوات والآن يريد أن يرجعها له ولا يعلم كيف يرجعها..أفيدوني في سؤالي أفادكم الله....؟؟؟؟؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زوجك يعتبر وكيلاً عن ابن عمك في شراء السيارة، ولا يحق له أن يأخذ عليه زيادة عن ثمنها الذي اشتراها به إلاَّ بعلمه وموافقته، وعليه أن يرجع المبلغ الزائد عن ثمن السيارة إلى صاحبها. وإذا لم يستطع مباشرة ذلك بنفسه أو بغيره فعليه أن يحتال لإيصال الحق إلى صاحبه بأي وسيلة، ويمكن أن يكتب له رسالة بالآلة ويخبره فيها أن هذا المبلغ له شخصيًّا ولا يذكر اسمه، إلى غير ذلك من الوسائل.
وبإمكانك أن تطلعي على المزيد من الفائدة والتفصيل في الفتوى رقم: 18025.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1424(12/7813)
المكلف بالشراء هل يجوز له استفادة ربح
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.. أنا أعمل في شركة في مجال الحاسب الآلي، وفي أحيان كثيرة يتطلب العمل شراء قطع غيار للحاسبات وكنت أنا أقوم بشرائها وليس قسم المشتريات، وفي الفترة الأخيرة كان مطلوبًا مني شراء قطع غيار للشركة، وكثير من أصدقائي يطلبون مني شرائها لثقتهم في. فنويت لله بنية التجارة في شراء هذه القطع سواء للعمل أو لأصدقائي أو لأي أحد يطلب مني قطع غيارٍ أو أي أعمال تخص الحاسب.
وسؤالي لحضرتكم هو: هل الربح العائد لي من شراء قطع غيار الحاسب للشركة أو لغيرها مع وجود النية بالتجارة حلال أم حرام؟ علمًا بأني قد قمت بهذا العمل وربحت منه وأنفقت منه. فإذا كان حرامًا فما كفارة ذلك؟ وجزاكم الله عنَّا خيرًا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان تكليفك بشراء هذه القطع للشركة هو جزءًا من عملك المتعاقد عليه، فإنه لا يجوز لك أن تزيد على ثمن القطع شيئًا؛ لأن ما تقوم به من الشراء عمل تتقاضى عليه أجرًا. ومثله ما لو وكلتك الشركة على شراء هذه القطع، فإنه لا يجوز لك أن تزيد على الثمن شيئًا، ولكن يجوز لك أن تطالبهم بِجُعْل على الوكالة.
أما إن كانت الشركة تعرض عليك القيام بشراء هذه القطع لتشتريها منك، فلا جناح عليك أن تبيعها هذه السلعة بما شئت.
والقول في ما بعته لأصدقائك كالقول في تعاملك مع الشركة في الصورتين الأخيرتين. وعلى هذا إن كنت قد أخذت زيادة حيث لا تحل لك الزيادة -كما بيناه- فعليك إعادة المال إلى صاحبه، وما أنفقته أعد بدله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424(12/7814)
مبطلات الوكالة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لدي سؤال يتعلق بالمواريث:
توفي والدي وكأن قد اقرض أحد الأشخاص مبلغا من المال، وقال له: لقد أخذته من فلان، فهل يحق لهذا الشخص أن يرد المبلغ لصاحبه الأصلي؟ أم أن عليه أن يرده للورثة، ومن ثم يقوم الورثة من التحقق من ذلك وإعادة المبلغ إلى صاحبه؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لهذا الشخص أن يرد المبلغ إلى من اقترض منه أبوك، بل يلزمه أن يرده للورثة، وهم بدورهم يقضون ديون مورثهم، ومجرد إخبار أبيك له بأنه قد اقترضت هذا المبلغ من فلان لا يبيح له ذلك، بل لو فرض أنه وكله بسداد الدين عنه لفلان، فإن هذه الوكالة تنفسخ بالموت.
قال ابن قدامة في المغني: وتبطل -أي الوكالة- أيضا بموت أحدهما، أيهما كان، وجنونه المطبق، ولا خلاف في هذا كله فيما نعلم، فمتى تصرف الوكيل بعد فسخ الموكل أو موته، فهو باطل إذا علم ذلك، فإن لم يعلم الوكيل بالعزل ولا موت الموكل، فعن أحمد روايتان، وللشافعية قولان، وظاهر كلام الخرقي أنه ينعزل، علم أو لم يعلم وقد تصرف فبان أن تصرفه بعد عزله أو موت موكله، فتصرفه باطل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1424(12/7815)
ما يترتب على مخالفة الوكيل لموكله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عقدت قراني على فتاة بتوكيل لأخي الأكبر وعند كتابة العقد أجبروا أخي على التوقيع على قائمة الأثاث بمبلغ كبير وأنا لم أتفق معهم قبل الزواج على ذلك وأنا لم أدخل بها ولم يتم شراء الأثاث وأنا طلقتها بيني وبين الله وأنا أعلمت الفتاة وأهلها بذلك ولكني لن أطلقها رسمياً إلا بعد إلغاء قائمة المفروشات وهم يرفضون الطلاق رسمياً إلا بعد الحصول على قائمة الأثاث أرجو من الله ثم منكم النصيحة ثم إذا أنا مت هل ترثني أم لا؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأخوك وكيل ولا يجوز للوكيل أن يتصرف إلا في حدود ما أذن له فيه الموكل، فإن خالف فلا يصح تصرفه إلا أن يجيزه الموكل. قال البهوتي في دقائق أولي النهى: وكل تصرف خالف الوكيل موكله فيه فكتصرف فضولي. اهـ
وفي درر الحكام لعلي حيدر الحنفي: إذا خالف الوكيل وترتب ضرر على موكله من ذلك يضمن الضرر. اهـ
وفي المحلى لابن حزم: ولا يحل للوكيل تعدي ما أمره به موكله، فإن فعل لم ينفذ فعله، فإن فات ضمن ... اهـ
ولا يشترط في الطلاق أن يكون رسميًّا، بل التلفظ به يكفي في إيقاعه. أما عن استحقاق المطلقة للأثاث، فقد تقدم الكلام عنه في الفتوى رقم: 22068، والفتوى رقم: 30662.
وأما عن توريث المطلقة من زوجها الذي لم يدخل بها، فإنها لا ترثه، بل ولا تعتد منه، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49] .
ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 26659.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1424(12/7816)
حكم شراء الوكيل من نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في وظيفة مدير مبيعات في شركة استثمارية كبيرة، ورئيس مجلس الإدارة له شركات خاصة خارجية، وطلب مني المساعدة في بيع بعض الأصناف الراكدة في هذه الشركات، وقمت ببيع هذه الأصناف بأسعار أعلى من السعر المطلوب البيع به ولم أتقاض أي مبلغ منه أو من شركاته، وسؤالي هو: هل من الحلال شرائي جزءا من هذه الأصناف أو مشاركة أحد في الشراء بدون التعاقد باسمي الشخصي، أو الحصول على عمولة من المشتري نظير عملية البيع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالذي يظهر أنك وسيط بين البائع والمشتري وهو ما يعرف في الفقه بالسمسار، ولا مانع من أخذ السمسار للأجرة (العمولة) من طرف أو طرفين، لما روى البخاري معلقًا ووصله ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لا بأس أن يقول: بع هذا الثوب، فما زاد على كذا وكذا فهو لك. وقال البخاري: لم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأسًا. اهـ وأما حكم شرائك هذه الأصناف لنفسك أو مشاركتك لمشترٍ لها فإن العلماء مختلفون في جواز بيع الوكيل لنفسه، والسمسار يصدق عليه أنه وكيل ويجري عليه خلاف العلماء في حكم شراء الوكيل لنفسه. قال الشافعي: وإذا وكل الرجل الرجل بأن يصرف له شيئًا أو ييبعه، فباعه من نفسه بأكثر مما وجد أو مثله أو أقل منه فلا يجوز. اهـ قال ابن قدامة في المغني: وشراء الوكيل من نفسه غير جائز وكذلك الوصي. وهو مذهب الشافعي وحكي عن مالك والأوزاعي جواز ذلك فيهما. اهـ والرواية الثانية عن أحمد: يجوز لهما أن يشتريا بشرطين: أحدهما: أن يزيد على مبلغ ثمنه في النداء. والثاني: أن يتولى النداء غيره. اهـ وقال ابن قدامة: وإذا أذن للوكيل أن يشتري من نفسه جاز له ذلك. وقال أصحاب الشافعي في أحد الوجهين: لا يجوز؛ لأنه يجتمع له في عقده غرضان: الاسترخاص لنفسه، والاستقصاء للموكل، وهما متضادان فتمانعا. اهـ وعن أحمد رواية ذكرها في الإنصاف: أنه يجوز أن يشاركه فيه لا أن يشتريه كله. والحاصل هنا أن الراجح هو أنه إذا أذن لك صاحب البضاعة أن تشتري من نفسك جاز لك ذلك، وهذا الإذن قد يكون نصًا كأن يقول لك: أذنت لك.. أو يكون عرفًا بأن يتعارف الناس عليه. وإلا لم يجز لوجود التهمة وهي محاباة النفس عند الشراء. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(12/7817)
الوكيل لا يزيد في السعر
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب مني شخص شراء كمبيوتر له، لأن لدي علما بالأجهزة، وأخبرته بأنني آتيه به بسعر2500 مع العلم بأنني اشتريه ب2000 فأنا آتي به من مدينة أخرى تبعد 150 كيلو، هل هذا جائز أم لا؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر من سؤالك أنك وكيل لذلك الرجل الذي طلب منك شراء الجهاز، فإن كان الأمر على هذا النحو، فلا يجوز لك شرعاً أخذ شيء مما ذكرت، وإلا كنت متعديًّا على مال الغير وآكلاً ماله بغير حق شرعي. قال الله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِل [البقرة:188] .
إلا أنه يجوز لك أن تأخذ منه بقدر ما تكلفت في مقابل توصيله إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(12/7818)
حكم الاشتراط في الوكالة لربح محدد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
ما هي الوكالة؟
فأنا أعرف أنها نوع من استثمار الأموال كأن أعطي شخصا ما 10 جنيهات وأقول له أريدها 15 جنيه بعد شهر والزيادة لك. ولكن ماذا لو بعد الشهر لم يستطع أن يوفي بهذا الشرط فهل على إثم لو طبقت الشرط أم علي تقبل الخسارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالوكالة هي: تفويض شخص لغيره ما يفعله عنه في حياته مما يقبل النيابة شرعاً.
وأما دفع شخص ماله لآخر ليتجر فيه ويكون الربح بينهما حسب الاتفاق فيسمى في الفقه الإسلامي مضاربة وهي جائزة بشروط، ومن شروطها: ألا يشترط المالك على العامل ربحاً محددًا، ولا يشترط عليه ضمان رأس المال، فإذا ما شرط المالك على العامل واحدًا منهما بطل العقد، وكان للعامل إن حصل عمل أجرة المثل، وللمالك رأس ماله بربحه أو خسارته. وبهذا يعلم السائل أن الصورة التي ذكر لا تسمى وكالة، وأنها غير جائزة لاشتراط صاحبها ربحاً محددًا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1424(12/7819)
لا يصرف المال في غير المصرف الذي حدده الموكل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين
وبعد \ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني في الله سؤالي هو كالآتي: -
شيخ عجوز ميسور الحال طلب منه ابنه أن يعطيه مبلغا من المال للقيام بعمل مشروع ونظرا لأن الشيخ لا يثق في مقدرة ابنه على تحمل مسؤلية القيام بهذا المشروع خوفا من ضياع المبلغ رفض إعطاءه في بادئ الأمر مما اضطر الابن إلى الغضب ومغادرة غرفته وهو غاضب ونظرا لأنه الولد الذي يعيله فخاف أن لا يساعده على أمور الدنيا فتنازل بعض الشيء وأعطى المبلغ لابنته وقال لها أعطيه لابني كي يقوم بعمل مشروعه فأخدت الابنة المبلغ وعندما حضر الابن قالت له هذا المبلغ أعطاه لي والدك من أجل إتمام مشروعك فرفض أخد المبلغ ومنذ ذلك الحين بقي المبلغ عند الابنة ولم يسأل عنه الشيخ منذ ذلك الحين هل أخده ابنه أم لا
والسؤال: هل يجوز أن تبقي الابنة المبلغ عندها وأن تصرف منه لأمور البيت فقط لاغير من خضار وما شابه من الحاجيات الضرورية بحكم أنها المسؤولة عن عملية مصروف البيت فهي تأخد منه كل فترة معينة مبلغاً من المال وتقوم بعملية التنظيم والتنسيق أما التنفيذ فيكون عن طريق الابن فيأخد منها المبلغ ويشتري لوازم البيت فهل تبقيه عندها؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن والدك وكلك في أن توصلي المال الذي وهبه لأخيك، ووكلك في إيصاله إلى الولد لأجل إتمام مشروعه، والولد لم يقبل، فيجب عليك أن ترجعي المال إلى والدك وألا تصرفيه في أي مصرف آخر لم يأذن لك فيه، ما دمت لا تملكين منه إذناً عرفياً أو شفهياً بصرف المال في مصرف آخر غير الذي حدده لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1424(12/7820)
تصرف الوكيل بإذن موكله.
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في مجال تسويق الأدوية *مندوب دعاية * ومطالب من قبل الشركة بنسبة مبيعات شهرية في المنطقة المسئول عنها أمام الشركة، وإذا لم أحقق هذه النسبة أعاقب من الشركة، حتى إن العقاب يمكن أن يصل إلى الفصل عن العمل، بعض المندوبين يقومون ببيع الأدوية إلى موزع ويدفعون مبلغا من المال حتى يقل السعر الإجمالي للأدوية، ثم يقوم هذا الموزع ببيع تلك الأدوية في مناطق أخرى لدى مندوبين آخرين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما تقوم به هذه الشركة من معاقبة العامل إذا لم يحقق قسطا معينا من المبيع، أمر لا يجوز، بل هو نوع من الظلم، وأكل لأموال الناس بالباطل، وإنما الذي يجوز في حق هذه الشركة هو معاقبة هذا العامل فيما يقع منه من تقصير في أصل عمله، مما يعد عرفا تفريطا في العمل، ولمزيد من الفائدة، تراجع الفتويان: 19755، 32050،، فنصيحتنا للقائمين على أمر هذه الشركة، أن يتقوا الله تعالى فيمن هم تحت أيديهم من العاملين، ونصيحتنا للأخ السائل أن يبذل النصح لهم.
وبخصوص الشق الثاني من السؤال، فإن هؤلاء المندوبين وكلاء في هذا البيع، والوكيل لا يجوز له التصرف إلا في حدود ما أذن له فيه موكله، نص على ذلك الفقهاء. قال ابن قدامة في المغني: ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله، من جهة النطق، او من جهة العرف، لأن تصرفه بالإذن، فاختص بما أذن فيه. اهـ
فعلى هذا، فإن ما فعله هؤلاء المندوبون لا يصح إلا إذا امضاه الموكل، لأنه صاحب الحق.
ولمزيد من الفائدة، تراجع الفتوى رقم: 248، والفتوى رقم: 16386،.
هذا، ويجب التنبه إلى أن نص سؤالك لم يظهر أمامنا كاملا، فأجبنا على القدر الذي ظهر منه أمامنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1424(12/7821)
دفع أجرة للمحامي بين الجواز والحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال: ما حكم من يدفع مبالغ مالية للمحامي مقابل الدفاع عن السجين المذنب وفى أي الحالات يصح شرعا الدفع للمحامي وفي أي الحالات لا يصح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمحامي أن يدافع إلا عما يعتقده حقاً، ففي الحديث الذي رواه الطبراني عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أعان بباطل ليدحض بباطله حقاً فقد برئ من ذمة الله وذمة رسوله. الحديث، وانظر الفتوى رقم:
20125، والفتوى رقم: 1028
ولمعرفة أي قضية أهي حق أم باطل يمكن سؤال العلماء وعرض القضية ع ليهم، هذا عن عمل المحاماة من أصلها.
وأما دفع الأجرة للمحامي فتابع لأصل القضية، فإن كانت حقا جاز دف ع المال للمحامي ليدافع عن الحق، وإن كانت باطلاً لم يجز دفع المال للمحامي ليدافع ويجادل عن الباطل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1424(12/7822)
بين الوكالة والسمسرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة يتم التعامل مع العملاء العاملين بالشركات الأخرى بواسطة عمولة يفرضها هذا العميل حتى يقضي الصفقة مع شركته، مثلاً يبيع مخلفات الإنتاج الطن بـ 100 جنيه ويأخذ هو 50 جنيها لنفسه هذا وإلا فلا يقبل التعامل معنا، هل هذا حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلهذا العميل حالتان:
الأولى: أن يكون وكيلاً عن الشركة التي يريد الشراء لها، فلا يجوز له أخذ عمولة على ذلك.
الثانية: أن لا يكون كذلك فهو سمسار، فلا مانع من أخذ الأجرة من طرف أو طرفين، وانظر الفتوى رقم: 18025.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1424(12/7823)
حكم أخذ موظف في شركة عمولة ممن يبيع للشركة.
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مهنة أضطر فيها إلى الذهاب مع الزبون لشراء المادة التي أشتغل فيها وهي القماش، وهذه العملية تضيع لي وقتاً كثيراً واْكون أنا محتاجاً له في عملي، فهل يحق لي شرعا أن آخذ عمولة من التاجر الذي نشتري منه وأنا أحس بعدم الرضا حيث أن معظم التجار يتخذون من هذه العمولة فرصة مثلا في قبول أي سعر يحددونه وأشياء
أخرى، أرجو الإفادة أثابكم الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لك أخذ عمولة إلا بإذن جهة العمل التي تعمل لصالحها، وقد تقدم تفصيل الكلام عن ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية:
17863، 18025، 17684.
وإذا كان هذا العمل يؤدي إلى أن تعطل عملك الآخر، فإن كان العملان داخلان في العقد فأخبر جهة العمل أنك لا تستطيع القيام بالعملين معاً واطلب منهم أن يسووا وضعك، وإن كان أحدهما هو الداخل في العقد فأنت غير ملزم بالآخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1424(12/7824)
الزيادة في السعر على المقرر
[السُّؤَالُ]
ـ[أشتغل في مدينة ملاهي وأستلم كوبونات للألعاب وأبيعها بأكثر من السعر المقرر فهل هذا فيه شك في شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل الإجابة على سؤالك راجع الفتاوى التالية:
11263 12782 880 2873
وذلك لمعرفة حكم فتح مدينة ألعاب والعمل فيها، أما عن الزيادة في السعر على المقرر، فإذا كان لصالح رب المال فإنه لا بأس به ما لم ينه عن ذلك، وإذا كان لصالحك أنت فإنه لا يجوز لك ذلك، إلا بإذن من رب المال، وراجع الفتوى رقم: 248
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1424(12/7825)
إذا تجاوز الوكيل حدود الله ورشا العامل فالإثم عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أريد إدخال الهاتف لحسابي وكنت على عجلة من أمري، وكنت أتكلم مع أصدقاء في هذا الموضوع فقال لي أحدهم، سأتكفل أنا بهذا الأمر في أسبوع وكان ذلك قبل رمضان، مقابل {7000 دينار} ولكن لما جاءني التصريح ذهبت وسألت عن السعر فٌإذا هو بـ {4115 دينار} فقلت له إنها رشوة، فقال لي وجهدي الذي بذلته في هذا الأمر
مع العلم أنه قد رشا عاملا في البريد، والله أعلم؟ فهل تلك الزيادة رشوة أم ماذا؟ وشكراً.
وإن كان كذلك فهل علي أي شيء؟ وبارك الله فيكم إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت قد وكلته في إدخال الهاتف لحسابك والإسراع في ذلك، وهذا مما يجوز فعله دون إضرار بالآخرين، مثل ألا تتعدى الدور الذي لك، فهذه وكالة جائزة، بأجر وبدون أجر.
فإذا تجاوز الوكيل حدود الله ورشا العامل فالإثم عليه لا عليك، لأنك ما وكلته إلا للقيام بعمل مباح، فإذا تجاوز حدود الإذن إلى ما حرم الله، فلا يلزمك في ذلك شيء.
وإن كنت وكلته في عمل تعلم مسبقاً أن فيه ظلماً للآخرين، كأن يعمل الوكيل على تقديم طلبك على طلب من سبقوك، فلا تجوز هذه الوكالة وأنت وهو شريكان في الإثم، ويتضاعف الإثم ويعظم الوزر إذا كنت تمالأت معه على دفع رشوة للموظف المختص، وتكون حينئذ قد وصلت إلى التليفون بغير حق، ولا يستحق هو أجراً على ذلك.
وفي حالة كون هذه الوكالة جائزة واختلفتم في مقدار المبلغ الذي يستحقه مقابل ما أدى من عمل فله أجرة المثل، علماً بأنه لا يجوز له الأخذ إذا كان قد توصل لإتمام المعاملة بالرشوة أو بما له من جاه عند المسؤولين، وراجع الفتوى رقم:
14932، والفتوى رقم: 16809.
وعليه أن يتوب إلى الله فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله الراشي والمرتشي. رواه أبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1424(12/7826)
فاقد الأهلية لا يصح توكيله
[السُّؤَالُ]
ـ[اعتاد شقيق أبي المقتدر ماليا على مساعدة أبي بمبلغ مالى شهريا وأوصى أبناءه بأن يستمروا فى ذلك حتى بعد وفاته، وكنا نعتمد على هذا المبلغ بشكل كبير خاصة أن أبي مريض بالقلب ويحتاج إلى العلاج وكذلك نفقات البيت كثيرة، وقد أصيب شقيق أبي بمرض بالمخ ولم يعد يدري بما حوله فاستمرت زوجته وأبناؤه في دفع هذا المبلغ لفترة ثم انقطعوا ثم عادوا إلى الدفع مرة أخرى مع تخفيضه إلى النصف مما أثر علينا كثيراً مع غلاء المعيشة، وأنا فتاة أعمل بمرتب مرتفع ولكنه يتضاءل أمام مساعدتي لأبي ونفقاتي الشخصية وأريد أن أدخر بعض المال ليعينني على الزواج حين يأتي، حيث لم يدخر لي أبي أي شيء سامحه الله، وكان مبذرا حين كان يمتلك المال، فهل لي حجة على زوجة عمي وأبنائه فيما يفعلونه من منع لما أوصى به عمي، علما بأنهم أغنياء ويمتلكون الكثير ويتحججون بتدهور حالة الأسواق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلمي أولاً أن الأب إذا ادخر لأبنائه مالاً ليزوجهم فهو أمر حسن، فإن لم يفعل فلا يلام أبداً لأن ذلك ليس واجباً عليه، وفي جميع الأحوال يجب على أبنائه أن يبروه ويوقروه، فليس من اللائق أن تتحدثي عن أبيك بهذا الأسلوب الذي جاء في السؤال، ولا يجب على زوجة عمك ولا أبناء عمك أن يعطوا لأبيك مثل ما كان يعطيه أبوهم ولا أقل منه لكون أبيهم أصبح مريضاً مرضاً شديداً مظنة الموت، ومثله لا تصح هبته ولا يصح توكيله لكونه أصبح فاقد الأهلية، قال الخرشي في شرح مختصر خليل في شرحه لقول خليل: وعلى مريض حكم الطب بكثرة الموت به. قال: والمعنى أنه يجب الحجر على مريض نزل به مرض حكم أهل الطب أنه يكثر الموت من مثله. انتهى.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع وهو يبين ما تبطل به الوكالة قال: ومنها عجز الموكل والحجر عليه. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: ومتى خرج أحدهما عن كونه من أهل التصرف، مثل أن يحجر عليه لسفه فحكمه حكم الموت، مثل أن يجن أو يحجر عليه لسفه، لأنه لا يملك التصرف، فلا يملكه غيره من جهته. انتهى.
والحاصل أن توكيل عمك لزوجته أو لأبنائه بصرف ذلك الراتب الشهري باستمرار لأبيك قد بطل بهذا المرض الشديد الذي أصابه مما أدى إلى فقدانه لأهليته.
وعليه فلا يجب عليهم إنفاذ ما وكلهم به أو أوصاهم ما دام حياً، وذلك لبطلان الوكالة بالمرض كما سبق، ولأن الوصية لا تستحق إلا بعد موت الموصي، لكن إذا مات هذا الرجل فلكم أن تطالبوا بحقكم في الوصية لأن ما صدر منه يعتبر وصية، فتخرج لكم من ثلث ماله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1424(12/7827)
حكم دفع الوكيل رشوة للموظفين
[السُّؤَالُ]
ـ[للتوضيح الأكثر لإجابتكم بالفتوى رقم 29794
بالنسبة للسؤال الثاني: هل يجوز التوكيل للشخص لإكمال معاملته وأخذ أتعاب مقابل ذلك وكذلك دفع الرشوة للموظفين والسبب أنه قد جرت العادة على ذلك ولا يمكن أن تكتمل تلك المعاملات إلا بعد دفع الرشوة للموظفين سواء من الوكيل أو من صاحب الشأن وقد يأخذ رشوة أكثر من صاحب الشأن ويأخذ أقل من الوكيل لأنه يعرفهم ويستطيع تخفيض مبلغ الرشوة ولا يمكن أن تمر معاملة بدون رشوة إلا لأصحاب النفوذ فقط.
افتونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه المعاملات لا تتم إلا برشوة يأخذها الموظفون، وكانت هذه المعاملات مما يحل لصاحب المعاملة، فدفع الرشوة جائز للمعطي حرام على الآخذ، وانظر للتفصيل فتوى رقم: 8045.
وعلى هذا ينبني حكم دفع الوكيل رشوة، فمتى كان موكله لا يصل إلى حقه أولا يدفع الظلم عنه إلا برشوة، فتدخل هو لتقليلها واجتهد في ذلك فهو مأجور إن نوى بذلك دفع ما يقدر عليه من الظلم، ولا يحل له أن يأخذ في مقابل ذلك شيئاً من المال، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من شفع لأخيه شفاعة فأهدى له هدية فقبلها، فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا" رواه أبو داود. وحسنه الألباني.
وسئل ابن مسعود عن السحت فقال: أن تشفع لأخيك شفاعة فيهدى لك هدية فتقبلها.
ولكن يجوز له أخذ أجر على ما يقوم به من جهدٍ في متابعة المعاملة، لأن الوكالة بالأجر جائزة كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(12/7828)
جواز التوكيل في الصرف
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما معنى الوكالة في البيع والشراء وخاصة في العملات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الوكالة تعني تفويض التصرف إلى الغير، ذكر هذا المعنى السرخسي في المبسوط، قال ابن قدامة في المغني: (كتاب الوكالة: وهي جائزة بالكتاب والسنة والإجماع.) انتهى.
ومن أدلة الكتاب على جوازها قول الله تعالى عن أهل الكهف: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً) [الكهف:19] وهذه وكالة.
ومن أدلة السنة ما رواه البخاري عن عروة البارقي رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ديناراً يشتري له به شاة، فاشترى له به شاتين."
قال ابن قدامة في المغني: (وأجمعت الأمة على جواز الوكالة في الجملة، ولأن الحاجة داعية إلى ذلك، فإنه لا يمكن كل واحد فعل ما يحتاج إليه فدعت الحاجة إليها.) انتهى.
وقال في موضع آخر: (لا نعلم خلافاً في جواز التوكيل والشراء في البيع والشراء.) انتهى.
ومما تصح فيه الوكالة: الصرف وهو بيع العملات، فلو وكل شخصان من يصرف لهما أو وكل أحدهما من يصرف له، صح ذلك إذا تم التقابض في المجلس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(12/7829)
الضريبة المرتجعة حق لصاحب المال الأصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لي أن أستأجر رجلا لي يشتري له سيارة من الخارج مقابل أجرة معينة، مع العلم أن البلد الذي ستشترى منه السيارة يفرض على المشتري ضريبة إذا كان سيستعمل تلك السيارة في ذلك البلد، أما إذا كان سينقلها إلى بلده فله الحق في استرداد الضريبة بعد دفعها، للعلم يريد الموكل أن يأخذ مبلغ الضريبة من غير استئذان
الموكل. (صاحب المال) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا الأجير في شراء السيارة هو وكيل للمشتري، ولا يجوز لهذا الوكيل أخذ تلك الضريبة المسترجعة إلا بإذن من وكله، وإلا يكون غاشاً لصاحبه وخائناً للأمانة، التي أمر الله تعالى بحفظها، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ [الأنفال: 27] وقد نص أهل العلم على أن الزيادة في المال التي يكسبها الوكيل ترجع إلى موكله، لأن النقص أيضاً يعود على موكله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1423(12/7830)
حكم أخذ الوكيل بدل أتعاب عن بناء مسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[كلفني أحد رجال أهل الخير ببناء مسجد في مصر،
س: هل يجوز لي أخذ أتعاب على ذلك من المبلغ الذي خصصه لبناء المسجد مثل رسوم تذاكر الطيران والإقامة؟ علما بأنني من سكان الإمارات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المال الذي أعطاكه المتبرع يعتبر وقفاً، وما دام كذلك فهو مقصور على ما يلزم لبناء المسجد كالاسمنت والحديد وأجور العمال ونحوها.
وتعتبر أنت في هذه الحالة وكيلاً مكلفاً بالإشراف على هذا المشروع ولست ناظراً عليه، لأن الناظر هو العامل الذي ينمي أموال الوقف ويشرف عليها، وقد أجاز له العلماء أن يأكل منه بالمعروف لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: لا جناح على من وليها أن يأكل منه بالمعروف أو يطعم صديقاً غير مشمول فيه. رواه البخاري.
أما الوكيل فقد مضوا على أنه ليس له ذلك، قال ابن رجب في القاعدة الحادية والسبعين: من أوصى إليه بتفرقة مال على المساكين أو دفع إليه رجل في حياته مالاً ليفرقه صدقة لم يجز له أن يأكل منه شيئاً بحق قيامه لأنه منفذ وليس بعامل منم. انتهى
وبناء على ما ذكرنا فلا حرج في أخذ مصاريف الاتصال ونحوها، أما التذكرة فلا يجوز أخذها إن كانت هناك جهة يمكن أن تنجز المشروع كشركة مقاولات أو جهة مأمونة يمكن التعامل معها عن طريق الهاتف أو البريد الإلكتروني.
أما إن كان حضورك لا بد منه فلا حرج في أخذها إن شاء الله تعالى، ولا يجوز لك أن تأخذ بدل أتعاب لأنك منفذ. وقد تقدم ما ذكره ابن رجب في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1423(12/7831)
حكم أخذ فرق السعر
[السُّؤَالُ]
ـ[السّلام عليكم
أنا امرأة أعمل “خيّاطة”كثيرا ما تكلّفني الزّبونات بالاقتناء لهنّ أقمشة ومستلزمات الخياطة ‘ أنتقل إلى بلد مجاور على متن سيّارتي الخاصّة لأصل إلى محلّ بيع الأقمشة،يمتّعني صاحب المحلّ بتخفيض على الثّمن الأصلي أستغلّ هذا التّخفيض لفائدتي أسأل ما الحكم في ذلك؟ وشكر الله سعيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنا نرشد السائلة الكريمة إلى الاطلاع على حكم سفر المرأة، وأقوال أهل العلم في ذلك في الفتوى رقم:
3096
فإذا كنت ممن يحق لهن السفر فلا إشكال؛ وإلا فلا يجوز أن تعودي إلى تلك السفرة مرة أخرى.
أما بخصوص ما سألت عنه فالجواب أنه لا حرج عليك فيه إن شاء الله تعالى، لكن بشرط أن يكون ثمن تلك الأقمشة من ملكك ولست فيه وكيلة عمن ذكرت من الزبونات، وإلا فإن كنت مجرد وكيلة عنهن في ذلك الشراء، ولو كان الثمن من عندك قرضاً، فلا يجوز لك أخذ شيء كما ذكرت إلا برضى من وكلنك في الشراء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1423(12/7832)
حكم توكيل الكافر في النكاح والطلاق والخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يحق للنصراني أن يتوكل عن المسلم في المحاكم الشرعية السنية لإجراء المخالعة والطلاق والتطليق ولفظهما وقبوله وتقريره وفي حال الرفض فما هو مصير تلك المعاملات التي تمت على هذا النحو وهل الطلاق يكون قد وقع أو لا ولكم منا جزيل الشكر.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتوكيل غير المسلم في الخلع جائز، قال الجمل في فتوحات الوهاب: وصح من كلٍ من الزوجين توكيل كافر ولو في خلع مسلمة كالمسلم، ولصحة خلعه في العدة ممن أسلمت تحته. انتهى
وقال صاحب غاية المنتهى: ومن صح خلعه، صح توكيله ووكالته فيه، من حر وعبد وذكر وأنثى ومسلم وكافر ومحجور عليه. انتهى
وكذلك الحال بالنسبة للطلاق فيجوز توكيل الكافر فيه، قال في أسنى المطالب: ويصح توكيل كافر في نكاح كتابية ولو لمسلم؛ لأنه يملك نكاحها لنفسه، وكذا في طلاق مسلمة؛ لأنه يملك طلاقها. انتهى
والقاعدة التي تضبط ما ذكرنا هي: "أن كل من يصح أن يتصرف بالخلع أو الطلاق لنفسه جاز توكيله ووكالته ذكرًا كان أو أنثى، مسلمًا أو كافرًا"
وبناء على ذلك فإن الطلاق والخلع يقعان من الوكيل على الصورة المذكورة في السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1423(12/7833)
وكيل يزيد في قيمة السلعة لموكله
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الكريم. أما بعد..
فأنني رجل أملك سيارات شحن كبيرة. أجلب عليها الرمل بمبلغ معلوم. ولكن في الفترة القريبة أتاني رجل وعرفني بنفسه هو مشرف مشروع وقال لي بأن أجلب له بعض الرمل.بحيث أن ثمن الرمل 60 دينارا.ولكنه يقول لأصحاب المشروع إنه ب120دينارا. وقد قال لي ذلك.أرجو منكم إفادتي يرحمكم الله هل استمر معه أم هذا لا يوافق الشرع الحكيم. فأرفض العمل معه..؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا المشرف على المشروع وكيلاً لأصحاب المشروع وهو الظاهر، فإنه لا يجوز له أن يشتري الرمل بستين ثم يقول لهم: هو بمائة وعشرين لأن في ذلك كذباً وأكلاً لأموال الناس بالباطل، ولا يجوز لك والحالة هذه أن تستمر في العمل معه لأن في ذلك تعاوناً على الإثم والعدوان.
وإذا كان هذا المشرف يشتري منك الرمل بستين ثم يبيعه لهم بمائة وعشرين برضاهم، وليس هو وكيلاً لهم على المشروع فإنه لا بأس عليه في ذلك، ولا بأس عليك في الاستمرار معه، وراجع الفتوى رقم:
1356 - والفتوى رقم:
1157.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1423(12/7834)
لا تجوز الوكالة إذا كان فيها إضرار بالآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والد زوجتي توفي وله أربع بنات وزوجة، وله أملاك مع شركائه، وأنا وزوجتي نعيش خارج الوطن ولا نستطيع الرجوع في الوقت الحاضر.
المشكلة هي أن اثنتين من البنات اضطرتا إلى رفع دعوى قضائية ضد والدتهم وذلك لرفضها إعطائهما حقهما الشرعي، وعلى هذا الأساس قامت والدتهن بتهديدهن وذلك عن طريق بيع حصصها عن طريق المحكمة (إزالة الشيوع) وهذا يؤدي إلى كسر قيمة الأملاك، وطلبت الأم من زوجتي عمل وكالة عامة لها وبهذه الوكالة يكون موقفها قوياً في البيع ... وبذلك تساهم زوجتي في الإضرار بالغير وقطع العلاقات بالرحم، وفي حالة عدم عمل الوكالة للأم فسوف تقاطع زوجتي والله أعلم بالحال؟ علماً أني أنا وزوجتي لا نفكر بالمال؟ أفتونا يرحمكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب شرعاً إذا مات الميت أن يبدأ الورثة مباشرة بقضاء ما على الميت من ديون، لأن نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه، وأن تنفذ وصيته إن كان قد أوصى بشيء في حدود الثلث، لقوله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:11] .
وأن يجهز من ماله، فما بقي بعد ذلك، فإنه يقسم على الورثة بحسب التقسيم الوارد في كتاب الله، وفي هذه الحالة التي ذكرها السائل يكون للزوجة أي زوجة الميت الثمن لوجود الفرع الوارث، وللبنات الثلثان فرضاً، والباقي رداً إذا لم يكن عصبة للميت كأخ له، أو ابن أخ أو عم، لقول الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ [النساء:12] .
وقال في البنات: فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ [النساء:11] .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر.
فيجب أن يكون هذا من المُسَلَّمات عند المسلم لأن هذا هو تقدير الله تعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة في أمرهم [الأحزاب:36] .
ويقول تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65] .
وكان ينبغي للبنات اللاتي رفعن الدعوى إن لا يفعلن ذلك مع والدتهن، لأن الوالدة حقها البر والإحسان والتقدير، ولأن هذا يفضي إلى التنازع، وتقطيع الأواصر والعقوق، فالأم لها حق عظيم إذ جعل النبي صلى الله عليه وسلم لها ثلاثة أرباع الحقوق في الحديث الصحيح عندما سئل النبي صلى الله عليه وسلم: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك.
وقد قرن الله تعالى شكر الوالدين بشكره، فقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14] .
وبالإمكان إقناع الوالدة بطريقة أو بأخرى بالتي هي أحسن، إما من خلال البنات أنفسهن بتذكيرها بالله، وأن هذا المال هو حق لهن أحقه الله تعالى، وليس لها إلا نصيبها، وإما من خلال أقاربها الآخرين.. كل ذلك يتم بعيداً عن التنازع والبغضاء والتقاطع، وعليهن بالصبر حتى يجعل الله تعالى لهن مخرجاً، وعلى زوجة السائل أن تقنع أمها بأن هذه الوكالة سيكون فيها إضرار، والإسلام حرم الإضرار بالغير، وتسدي إليها النصح والتوجيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1423(12/7835)
هل يحق لمدير شركة أن يسقط الديون عن المعسرين؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فأنا أعمل مديراً عاماً وشريكاً مضارباً لشركة تعمل في مجال الاستيراد والتوزيع وفي مجال عملنا نبيع بالأجل ولفترات محدودة وعدد زبائننا كبير والحمد لله، وفي نهاية كل عام هناك عدد من الزبائن إما يغلق متجره ويتوارى عن الأنظار أو يعسر فيتوقف عن الدفع، ولي في مجال مهنتنا بعض أقربائي ولهم حسابات جارية في شركتنا مثلهم كمثل أي زبون للشركة وأحدهم معسر ولم نحصل منه على أي مبلغ منذ زمن.
سؤالي هو: هل يترتب علي إثم بخصوص الذمم المعدومة التي تترتب على الشركة أو على أي من مندوبي المبيعات الذين يعملون ضمن الشركة، وماذا نفعل بهذه الديون هل ندورها للعام التالي أم نعدمها؟
أفيدونا جزاكم الله كل خير....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحيث إنك المدير العام للشركة، فأنت وكيل عن جميع ملاكها في إدارة عملها وتحصيل ديونها، ويجب عليك أن تسعى في مطالبة ديون الشركة كما لو كانت ملكاً خالصاً لك لأنك مؤتمن على هذا العمل، ولو كان أصحاب الدين من أقاربك، ولا يجوز لك محاباة أحد في هذه الديون أو إعفائه منها إلا بإذن جميع ملاك الشركة.
فإذا عجزت عن تحصليها، فلا يجوز لك إعدامها بحيث توهم الشركة أو المطلع على حسابها بأنه ليس لها حقوق عند أحد، وإن مضى على تلك الديون سنوات، فالحق لا يسقط بالتقادم.
فيلزمك ترحيل ديون كل عام إلى العام الذي يليه، وإشعار ملاك الشركة بذلك حتى تبرأ ذمتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1423(12/7836)
لا يحق للوكيل التصرف في غير ما وكل به
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا صاحب محل تجاري لمواد البناء وأتعامل مع أحد المعاهد المهنية بحيث يطلبون مني عرض سعر بأغراض من عندي ثم يطلبون مني فاتورة بها وطلب سداد ثم يسددون المبلغ ولكن لا يأخذون بضاعتهم وإنما أسجل لهم المبلغ رصيداً عندي, ثم يأخذون بهذا المبلغ أغراضاً من عندي لاحتياجات صيانة المعهد, اي انهم يطلبون الفاتورة فقط لتقديمها لرئاستهم ليأخذوا المبلغ ويستغلوه في صيانة المعهد, فهل يجوز ذلك مع العلم أن المبلغ يذهب لصيانة المعهد وليس لأحد الموظفين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هؤلاء الموظفين يعتبرون بمثابة الوكيل عن إدارة المعهد المذكور، وعليه فلا يجوز لهم أن يشتروا لصالح المعهد إلا ما أُمِروا بشرائه، فلا يجوز لهم تبديله ولا شراء غيره، وإذا تقرر هذا علم أنه لا يجوز لصاحب المحل التواطؤ معهم على ما لا يجوز لهم. ولا يخفى أن ما يقوم به هؤلاء وراءه أمر لا تقره إدارة المعهد ولا ترضى به، وإلا فما الذي حملهم على شراء مواد شراء صوريًّا ثم أخذ مواد أخرى غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1423(12/7837)
لا يتصرف الوكيل بالمال ما لم تأذن الجهة الموكلة
[السُّؤَالُ]
ـ[يعمل زوجي بإحدى شركات التأمين محاسباً وفي ذات الوقت يقوم بعمل بوالص تأمين يأخذ عنها عمولة وأيضا يقوم بتحصيل قيمتها والسؤال هو: هل تك العمولة حلال أم حرام؟ هل التصرف في قيمة تحصيل البوالص إلى وقت استحقاقها من الشركه قبل سدادها حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم التأمين بأنواعه في الفتوى رقم:
472، والفتوى رقم:
7899، والفتوى رقم:
3319، والفتوى رقم:
10437، والفتوى رقم:
3281، والفتوى رقم:
15066.
ومن كان وكيلاً لغيره في قبض مال من جهة ما أو مقابل مستندات أو عقود، فلا يحق له أن يتصرف في هذا المال الذي بيده بغير إذن الجهة الموكلة، لأنه تصرف غير مأذون به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1423(12/7838)
حكم أكل الوكيل من مال الأيتام
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أودع لدي مبلغ من المال من فاعل خير لأسرة أيتام بحيث أعطي لهم كل شهر (1000) ريال وهم أقربائي وكلما قضي هذا المال أرسل لي مثله ولكن أحيانآ أعطيهم واحيانا لا لأني أخذت من هذا المال والسبب شدة ضيعتي وأضطر أن لا أعطيهم في الشهر القادم هل علي إثم افيدوني وجزاكم الله كل خير..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التصرف في مال هؤلاء الأيتام في غير مصالحهم يعتبر من الخيانة والغش، والواجب عليك الآن هو التوبة من ذلك ورد الحق إلى أهله وعدم العودة لمثل ذلك.
وراجع الفتوى رقم 15256 والفتوى رقم 18872
وإذا كنت أنت الوصي على هؤلاء الأيتام فإنه لا بأس أن تأكل من مالهم بالمعروف بقدر ما تبذله لهم من الأتعاب كأجرة لعملك، وذلك بشرط أن تكون محتاجاً. قال تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً) (النساء:6) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1423(12/7839)
حكم بيع الموكل بسعر أعلى مما عين له
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم وجزاكم الله خيراً
هل يجوز بيع بضاعة لشخص ما هو من كلفك بها بسعر ما وأنت تبيعها بسعر أكبر وأخذ الفارق?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الوكيل مؤتمن على ما في يده، لا يجوز له التصرف فيه إلا بإذن موكله، وقد نص أهل العلم على أن الزيادة التي يكسبها الوكيل ترجع إلى الموكل، وراجع الفتوى رقم:
16386.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1423(12/7840)
توكيل المرء من يراه جديرا بحفظ أمواله وأولاده لا يعترض
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
زوجي عنده أملاك وعمل توكيلاً عاماً لأخيه وكتب فيه بيع وشراء ولم يترك أوراقاً معي تثبت حقوق أولادنا وعندما أقول له ذلك يقول أن أهله سيعطونني حقوقي وأنا لا أثق بذلك فهل هذا يعتبر حجباً للحقوق أفيدوني أكرمكم الله وأيضا لو أنني ادخرت من ماله دون علمه ولن أصرف منه ولكن لمجرد الادخار والحفاظ على مال أولادنا هل هذا حرام شرعا أرجو منكم الفتوى وأرجو منكم إفادتي كي أحافظ على مال أولادي وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله عز وجل قد أعطى للرشيد حق التصرف في أمواله وجبل الوالد على الحرص على مصلحة الولد، وجعل تصرفه في ما يخص ولده مقبولاً مرضيا.
فإذا وكل على حفظ أمواله في حياته أو أوصى على أولاده بعد موته من يراه أهلا لذلك فلا يحق لأي أحد آخر الاعتراض عليه ولا تسفيهه ولا التذرع بذلك إلى ما لا يجوز من التصرف في ماله بغير علمه، ولو كان ذلك بقصد المصلحة، وحسن النية لأن الإنسان الرشيد أدرى بمصالحه.
أما خوف السائلة على حقوقها من تصرف زوجها فلا وجه له، وذلك لأن حقها ما دام زوجها حيا فهو المسؤول عنه، وعندما يموت فإن الوكالة تنفسخ وعندئذ يحق لها هي أن تأخذ حقها من التركة من دون أن يتعرض لها أي أحد لا وكيل، ولا وصي ولا غيرهما.
وبهذا تعلم السائلة أن تصرف زوجها مقبول، وأنه لا يجوز لها أن تأخذ شيئاً من أمواله بأي قصد، بحجة أنه وكل أخاه أو أوصاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1423(12/7841)
يضمن الوكيل إذا باع بأنقص من الثمن
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة كموظف مبيعات وقد قمت بحساب قيمة السلعة لعميل بالنقصان فحملتني الشركة المبلغ الفارق بين ما هو حصل من العميل وما هو مطلوب مني أن أحصله فقمت بدفع هذا المبلغ من مرتبي. بعد فترة سنحت لي الفرصة أن أقوم بعمل أرباح زائدة عن الأرباح التي تطلبها الشركة من خلال تحصيل سعر عال من الزبائن وبرضاهم طبعا كسعر للسلعة. وطلبت من الشركة فوافقت أن ترجع لي المبلغ المستقطع مسبقا نظير المبلغ الزائد الذي حصلته من باقي الزبائن. فهل هذا حلال وهل علي شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أولاً نقول للسائل عليك أن تتقي الله في الأموال التي ائتمنت عليها، فالشركة ما وضعته في هذا المنصب إلا على اعتبار أنه وكيل أمين، وقد أمر الله عز وجل بحفظ الأمانة ونهى عن الخيانة فيها،قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ [الأنفال:27] .
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. رواه البخاري.
وعلى هذا فعلى السائل أن يتصرف في حدود مصلحة ما وكل إليه، وليعلم أن كل مال ربحه باسم الشركة فهو حق لها وليس له منه شيء.
أما بخصوص اقتطاع مبلغ من مرتبك سابقاً نتيجة لمحاباتك بعض الزبائن فهو من حق الشركة، لأن الوكيل يضمن إذا باع بأنقص من الثمن، والأرباح الحاصلة بعد ذلك والزائدة على السعر الأصلي هي أيضاً ملك للشركة، فإن تبرعت بها لك فخذها، وإلا فلا يجوز لك أخذها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1423(12/7842)
المحامي بين الدفاع عن الحق والخصام عن الباطل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المحامي الذي يدافع عن ملك "مال غير منقول" مملوك بملكية شخصية منذ أكثر من مئتان وخمسون سنة هجرية بموجب حجة موقع عليها من قبل قاضي محكمة شرعية المدينة التي حررت بها الحجة والتي يقع العقار ضمن اختصاصها المكاني والذي ادعت الأوقاف في هذه المدينة وبالآونة الأخيرة أنها تملك العقار بدون إبراز ما يثبت تصرفها في العقار مرة واحدة على الأقل خلال المئة سنة المنصرمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المحامي لا يخلو أن يكون مدافعاً عن الحق الذي استبان له، وتحقق من صدق دعوى موكله فيه، فهو مأجور على عمله إن قصد به وجه الله والدار الآخرة.
فهو داخلٌ في عموم فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعاون على البر والتقوى، ونصرة المظلومين والمستضعفين، وفي هذا من الأجر والمثوبة ما لا يخفى على مسلم.
وإما أن يكون مخاصماً عن الباطل وأهله، ومدافعاً عن الشر وحزبه، فهو بعمله هذا شريك في الإثم، وأكل أموال الناس بالباطل، ويناله نصيبٌ من قول الله تعالى: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) [البقرة:188] . وقوله تعالى: (وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً) [النساء:107] . ومخالف لنهي: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة:2] .
وعلى أساس ما تقدم يعرف السائل جواب سؤاله، مع العلم بأن هذا النوع من المسائل هو من اختصاص المحاكم الشرعية، لأن وراءه من الخلفيات والملابسات ما يجعل الحكم عليه دون التحقق من جميع جوانبه من المستحيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1423(12/7843)
أخذ الأجرة على التوكيل ليس من الرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته:
السائل يملك مكتباً متعدد الخدمات، والسؤال كما يلي: صاحب المكتب يلبي أو بالأحرى يقضي حاجات الآخرين -الصعبة التحقيق في غالب الأحيان- بالمقابل وهّذه الأخيرة لا تضر بالآخرين، فهل هذا المقابل يعتبر رشوة أم لا؟ أي هو من الحلال أم من الحرام أبعدنا الله عز وجل منه.
وتقبلوا منا فائق الاحترام والتقدير وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من المقرر شرعاً جواز الوكالة، وأن كل ما صح أن يستوفيه الإنسان بنفسه، وتدخله النيابة، صح أن يكون وكيلاً لغيره فيه، وأنه يجوز أخذ الأجرة على التوكيل.
قال القرطبي: الوكالة عقد نيابة، أذن الله سبحانه فيه للحاجة إليه، وقيام المصلحة في ذلك، إذ ليس كل أحد يقدر على تناول أموره إلا بمعونة من غيره، أو بترفه، فيستنيب من يريحه.
فعلى هذا، فلا حرج إن شاء الله في أخذ مبلغ من المال مقابل ما يقوم به مكتب الخدمات من قضاء للحاجات، ولا يعتبر ذلك رشوة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1423(12/7844)
الوكيل ضامن بالتعدي والتفريط
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
طلب مني أحد الإخوة أن أستلم عنه مبلغاً من المال من جهة معينة بشكل شرعي وأن أعطيه لشخص آخر له عليه دين ولكني وجدت أن هناك إنساناً بحاجة لهذا المال وأعطيته إياه واشترطت عليه أن يعيده بعد أن يصبح لديه مال لمن أوصاني الأول أن أعطيه المال له ولكنه لم يفعل وعاد الأول يطالبني بالمال ما حكم الشرع وعلى من يجب الدفع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وكلك هذا الشخص في قبض المال وتسليمه لشخص معين، والوكيل أمين. قال في فقه السنة: ومتى تمت الوكالة كان الوكيل أميناً فيما وكل فيه، فلا يضمن إلا بالتعدي والتفريط.
وقال في الغاية والتقريب: الوكيل أمين فيما يقبضه وفيما يصرفه.
ومقتضى الأمانة أن تسلم المال للشخص الذي عينه الموكل دون غيره، ومن هنا تعلم أن الواجب عليك أن تدفع المال لمن أرسل إليه لا إلى غيره، وبمجرد دفعه لغير من أمرت بالدفع إليه، فقد ضمنته، مع العلم بأن الموكل الذي عليه الدين ما زال مطالباً به، لأنه لم يسلمه إلى الدائن ولا إلى وكيله، وإنما أرسله له مع وكيله هو فتعدى عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(12/7845)
لا يجوز للوكيل مخالفة أمر موكله فيما وكله فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[درجت الجمعيات الخيرية عندنا في فلسطين على رعاية اليتيم وتوفير كفالات لهم من المحسنين وتسويقهم من خلال الجمعيات العالمية الإسلامية والتي ترسل مخصصات لهؤلاء بصورة دورية وبأسمائهم الا أن هذه الجمعيات عندنا تقوم بصرف هذه المخصصات بصورة جماعية على الأيتام الموجودين فيها دون مراعاة لمن له كفالة أم لا والسؤال: هل يجوز التصرف بمال اليتيم (الكفالة) وعدم إعطائه إياها بصورة كاملة غير منقوصة بحجة صرفها على أيتام آخرين غير مكفولين وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكر، فلا يجوز للجمعيات المذكورة أن توزع الأموال على غير من خصصت لهم، لأنهم وكلاء عن أصحاب الأموال التي أرسلت إليهم، والوكيل مؤتمن فلا يجوز له مخالفة أمر موكله فيما وكله فيه، ويجب على الجمعيات التي فعلت ذلك، أن ترد الأموال التي وزعتها على غير مستحقيها، إلى من يستحقها ولا تبرأ ذمتهم إلا بذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي. وقال: حسن صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1423(12/7846)
متى يضمن الوكيل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ
سؤالي هو: مات أبي وخلف لنا ثروة وكان قد أعطاني وكالة شرعية عامة مطلقة في حياته وكنت أدير بعض أعماله بموجب الوكالة الشرعية ولكن بعض الورثة 2 من 8 الآن بعد وفاة والدنا رحمه الله يطالبوني أين ذهبت أموال والدي رحمه الله (السيولة النقدية) مع العلم أنهم على علم أنه كان يتصرف بأمواله بنفسه وكان يسدد ديوناً عليه من جراء قيامه ببناء مجمع تجاري وسكني آمل الإفادة؟
وجزاكم الله كل خير عنا وعن المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالوكيل أمين من جملة الأمناء الذي لا ضمان عليهم فيما ائتمنوا عليه إلا بتعد أو تقصير، ومن المسائل التي ذكرها الفقهاء في العلاقة بين الوكيل وموكله: ادعاء الوكيل رد المال أو بعضه إلى موكله، فقالوا: الوكيل مصدق في الرد بيمينه، لأننا إن لم نقبل قوله لامتنع الناس من قبول الأمانات، فيلحق بهم الضرر.
قال في مغني المحتاج (شافعي) : قوله في الرد مقبول بيمينه. ا. هـ
وقال في مختصر خليل (مالكي) : وصدق في الرد كالمودع. ا. هـ
وقال في مواهب الجليل شارحاً لقول خليل: وصدق في الرد أي مع يمينه. ا. هـ
وسواء ادعى الوكيل هذا في حياة موكله أو بعد موته، كما نص على ذلك المالكية وغيرهم.
قال في مواهب الجليل (مالكي) : الوكيل مصدق في الرد إلى موكله، ولو ادعى ذلك بعد موت موكلهم. ا. هـ
وقال في البحر الرائق (حنفي) نقلاً عن الشرنبلالي: دعوى الوكيل الإيصال تقبل، لبراءته بكل حال. ا. هـ
وبناءً على ما سبق، فلا يحق للإخوة المذكورين مطالبة أخيهم بشيء ادعى دفعه إلى أبيهم، أو إنفاقه فيما كان موكلاً عليه كالبناء مثلاً، ولو لم يكن عنده بينة لما سبق ذكره، ونوصي أخاهم كذلك بتقوى الله والخوف منه، فإن متاع الحياة الدنيا قليل، ووفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1423(12/7847)
ما تحصل عليه الوكيل من مال خلاف مصلحة الموكل يرد له
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أوصاني أحد المقربين لي بالبحث له عن أرض لكي يشتريها وعندما وجدت هذه الأرض قلت له إنها معروضة بسعر 10 ريالات مثلاً بالإضافة إلى 1 ريال عمولة للأشخاص الذين ساعدوا في عملية البيع ووافق الشخص وتمت عملية الشراء ثم بعدها بفترة قصيرة مات هذا المشتري رحمة الله عليه سؤالي: ما هو الحكم إذا كان مبلغ الـ 1 ريال هو لي أنا وحدي؟ وإذا كان هذا المبلغ لا يجوز لي هل أرده للورثة أم أتصدق به؟ وهل أعتبر خائناً لأن هذا الرجل لا يعلم أن هذا المبلغ هو لي كذلك أنه اشترى هذه الأرض لمساعدتي أنا وشخصين مع العلم أن إجمالي مبلغ الشراء لم يزد عن القيمة السوقية المستحقة لهذه الأرض.
أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن الشخص المذكور قد وكلك في شراء قطعة أرض دون تحديد، وهذه وكالة مطلقة تقتضي العمل لما فيه مصلحة الموكل، ومصلحة الموكل تقتضي أن تشتري له أجود أرض بأقل سعر ممكن، لكنك فعلت ما ينافي مقتضى الوكالة، حينما ضممت إليها السمسرة، فالسمسرة تقتضي العمل لمصلحة نفسك، وبذلك يتنافى غرضها مع غرض ما وكلك غيرك في بيعه، فإن التهمة تلحقك أيضاً، لأن غرض البيع يتنافى مع غرض الشراء.
وشراؤك الأرض بثمن المثل لا ينفعك، لأن لحوق التهمة حاصل بغلبة الظن، ولا يضر خروج حالة من الحالات عليها، ولأن التهمة حاصلة بغير ذلك، إذ قد يدعوك طلب السمسرة إلى التسرع في شراء أرض غير مناسبة أو غير ذلك.
وبناءً على ذلك، فإنه يجب عليك دفع هذا المال إلى الورثة، بعلمهم أو بدون علمهم، ولا يجوز لك أن تتصدق به عن الميت مع إمكان إيصاله إليهم، وعليك كذلك أن تستغفر الله مما حصل منك من الكذب على موكلك، والله يوفقك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1423(12/7848)
حكم توكيل الدائن المدين تحويل الدين لعملة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم الشرع فى الإقتراض بعملة والرد بعملة أخرى؟
وإذا تم الاتفاق على تحويل المبلغ المقترض إلى عملة أخرى لشراء أغراض للدائن فهل هذا جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الجواب عن حكم سداد القرض بعملة أخرى من غير جنس ما اقترضه المقترض، وذلك برقم:
5610.
وإذا طلب الدائن من المدين أن يُحول له المبلغ (الدين) إلى عملة أُخرى، ليشتري له بها أغراضاً، فلا مانع من ذلك شرعاً، لأن الدائن وكَّلَ المدين في صرف مثل عين دينه، بجنس آخر، مع شراء الأغراض له به، والوكالة أمر مشروع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1423(12/7849)
حكم زيادة الموكل عن الثمن المحدد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي هو كالآتي أقوم بزيادة السعر في المبيعات فوق السعر المحدد من قبل رئيسي في العمل وآخذ تلك الزيادة فما رأيكم في هذا؟ هل يعتبر سرقة أم ماذا؟
أنقذوني من فضلكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا العمل لا يجوز، وهو من باب أكل أموال الناس بالباطل، فأنك مجرد عامل يجب عليك إعطاء كل ما حصلته لصاحب المال، والواجب عليك الآن هو التوبة والندم والاستغفار مع رد ما أخذته لصاحب المال.
نسأل الله أن يتوب علينا وعليك. وأعلم أن العلماء قد نصوا على أن الوكيل - وأنت وكيل بالبيع - إذا زاد عن السعر المحدد له من طرف ربَّ المال أو نائبه (رئيسك) فإن الزيادة لرب المال، قال: صاحب الكفاف -وهو موريتاني من علماء المالكية (وإن يزد فالزيدُ للموكِّل *لا لوكيله الذي لم يعدل) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1423(12/7850)
حكم التصرف في مال الغير لمنفعته بدون إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أم زوجي يصرف لها من راتب زوجها المتوفى وزوجي المسؤول عن راتبها وقد نصحته بعمل صدقة جارية لها في حياتها أو وقف طبعاً من راتبها وبحكم كبر سنها فهي لا تعي معنى الوقف وما شابهه فما رأيكم بأن نعمل لها الصدقة وكذلك الحال لزوجها بدون علمها من راتبها هل يؤجر زوجي أم يؤثم؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما أشرت به على زوجك لا يشرع له، وذلك لأن والدته إما أن تكون وصلت إلى درجة فقد الوعي من الخرف، فهي في هذه الحالة لها حكم المجنون، وقد نص العلماء على أن ولي المجنون ليس له أن يتصرف، ولا أن يتبرع من ماله ... هذه حالة.
الحالة الثانية: أن تكون كاملة الوعي والرشد، وفي هذه الحالة أيضاً ليس له التصدق من مالها إلا بإذنها، ولكن لو أرشدها هو أو غيره إلى تقديم صدقة جارية تنفعها، فهذا من باب النصح، ولو امتنعت فلا يحق له التصدق من مالها بدون علمها، لأن هذا من باب التصرف في مال الغير بدون إذنه وهو تعد مذموم آثم فاعله.
وأما زوجها المتوفى، فليس له مال حتى يتصدق عنه منه، لأن الإنسان بمجرد موته تنقطع ملكيته، وينتقل ما كان يملكه إلى ورثته.
وعليه، فإخراج صدقة عنه من المال الذي تتقاضاه العجوز في غير محله، وهو أولى بالمنع من إخراج الصدقة عن العجوز الذي ذكرنا حكمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1423(12/7851)
المواد الترويجية ملك للجهة المالكة الموردة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في قسم المشتريات وأحيانا ترد مواد إضافية زائدة عن الكمية المطلوبة ما الفتوى إذا بعتها بشكل شخصي ولا علاقة للمؤسسة به.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما تزود به بعض المؤسسات التجارية البضائع المشتراة منها بقصد الترويج وتشجيع الزبائن يتبع للبضاعة المشتراة فليس للوكيل حق فيه، بل هو ملك للجهة المالكة للبضاعة الموردة لأنه وهب لها لكونها اشترت البضاعة المذكورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1423(12/7852)
ما يترتب على مخالفة الوكيل لشرط موكله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم شخص أعطى آخر مبلغاً من المال لينفقه على بعض المحتاجين فقام الآخر وهو بائع عسل بأخذ المال ووزع بدلاً منه (بقيمته) عسلاً فماذا يفعل الآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا الفعل لا يجوز، لأن الذي أعطاه المبلغ وكله بتوزيعه، ومن شروط الوكالة أن تتم على حسب شرط الموكل، فإذا فرط الوكيل، أو خالف شرط موكله ضمن، إلاَّ إذا أقره الموكل، لأنه حق له، فإن تنازل عنه فله ذلك.
وبناءً على ما سبق، يمكن للوكيل الخروج من هذا الحرج بعرض الأمر على رب المال، فإن أقره على فعله فلا شيء عليه، وإن اعترض عليه وجب تنفيذ وكالته كما يرُيد، ويضْمن الوكيل ثمن العسل، ولا يحسبه من مال الموكل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1423(12/7853)
للولي أن يوكل في إجراء عقد النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أنا من الكويت وأريد أن أتزوج من المغرب لم توافق مملكة المغرب على زواجي إلا بإذن من الكويت وهذا فيه صعوبة بالغة وخاصة أني متزوج وأريد الزواج عن طريق توكيل والد الفتاة لقاض شرعي للزواج مع العلم عدم حضور الفتاة وهي موافقه فهل هذا جائز بالشرع؟
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان والد هذه الفتاة موافقاً على زواجك منها، وكانت هي أيضاً راضية بك زوجاً لها، فلوالدها أن يؤكل من يشاء ممن يصح توكيله، سواء كان قاضياً شرعياً أو غيره، ولا يشترط لصحة ذلك الزواج حضور الفتاة أو وليها ولا حضورك أنت.
المهم هو أن تتم الوكالة من الولي على الوجه المعتبر شرعاً.
وراجع الأجوبة التالية أرقامها: 14343، 12592، 13604، 7548.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1423(12/7854)
التوكيل بجعل مجهول لا يصح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أن أوكل شخصاً ما لبيع قطعة أرض على أن أقول له مثلا إذا بعتها بـ20 ألف دينار فلك ألف دينار وإذا بعتها بـ21 ألف دينار فلك 1500 دينار؟
الرجاء إرسال الإجابة بأسرع وقت ممكن فأنا في انتظارها، وبارك الله فيكم..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالوكالة بجعل وبغير جعل جائزة، وإذا كانت بجعل فيشترط تحديده، لأن الوكالة بجعل مجهول لا تصح.
قال في كشاف القناع: ولا يصح التوكيل بجعل مجهول لفساد العوض، ويصح تصرفه - أي الوكيل - بعموم الإذن في التصرف، وله حينئذٍ أجرة مثله لأنه عمل بعوض لم يسلم له.
ومما تقدم يعلم أن الوكالة بصورتها الموضحة في السؤال غير جائزة للجهل بمقدار العوض، هل سيكون ألفاً أو ألفا وخمسمائة؟
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1423(12/7855)
حكم عقد القران بغياب الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يتم عقد قران بين أهل الرجل الذي يريد الزواج بوثيقة وكالة عن أبنهم الذي هو خارج البلاد وبين ألبنت التي يريد الاقتران بها بحضور أهل الطرفين (وغياب) الزوج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عقد الزواج من الأمور التي تصح فيها النيابة، فقد وكل رسول الله صلى الله عليه وسلم النجاشي في عقد نكاحه برملة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما، والقصة مشهورة، ولذلك فلا حرج في توكيل الأب أو الأخ أو غيرهما على عقد النكاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1422(12/7856)
أقوال العلماء في الزيادة في بيع شيء بأكثر مما حدد المالك
[السُّؤَالُ]
ـ[1-أنا شريك في أحد العقارات. ولي صديق أراد أن يشتري شقة تخص شريكي. فقمت بالاتفاق مع شريكي على ثمن معين للشقة. فهل يجوز لي أن أزيد الثمن على اعتبار أن هذه الزيادة هي سمسرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمسألة التي أو ردها الأخ السائل في سؤاله لا تخلو من أحد حالين:
الأول: أن يقول له المالك: بع هذه الشقة بكذا، ثم يبيعها هذا الأخ بأكثر مما حدده المالك، وفي هذه الحالة الثمن كله -أي مع الزيادة- للمالك لأنه بدل عن ماله. والدلال بين البائع والمشتري ليس له إلا الأجرة، فإن أراد البائع أن يعطيه تلك الزيادة أجرة فلا بأس.
الثاني: أن يقول له المالك: بع هذه الشقة بكذا، وما زاد فهو لك، وهذه الصورة اختلف فيها أهل العلم، هل يصح هذا النوع من العقود؟ ويستحق الوكيل هذه الزيادة، أم أنه لا يصح ولا يستحق إلا الأجرة؟ فذهب ابن عباس رضي الله عنهما إلى صحة هذا العقد، فيستحق الوكيل هذه الزيادة. ولا يعلم لابن عباس مخالف من الصحابة، كما قال ذلك ابن حزم وابن قدامة وغيرهما.
وبهذا القول قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى. وهذا هو الراجح -إن شاء الله- لما مضى من فتيا ابن عباس، وعدم إنكار الصحابة عليه، ولأن الأصل في العقود الإباحة، ما لم تتضمن رباً أو غرراً.
وذهبت طائفة أخرى إلى بطلان ذلك العقد، فلا يستحق الوكيل في هذه الصورة إلا أجرة المثل.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1422(12/7857)
ما يترتب على الوكيل إذا اشترى لموكله خلاف ما اشترط
[السُّؤَالُ]
ـ[1-السلام عليكم
طلبت من بعض الثقات أن يقوم بشراء بقرة لتكون أضحية وأن يقوم بتربيتها حتى وقت ذبحها على أن تتوافر فيها الشروط الشرعية من حيث السن وبقية الشروط, وأعطيته مالا لذلك حسب تقديره وعند شرائه إياها وإحضارها إلى بيته وجدتها صغيرة جداً وأحسست أنها لا تصلح ولا يتوفر بها شرط السن, وأبلغته بذلك. وبعد حوالي شهر من قيامه بعلفها أخبرني بأن البقرة قد مرضت واضطر لذبحها وبيعها بثمن بخس. أريد أن أعرف أفادكم الله ما لي وما علي في هذا الموضوع. وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا الشخص يعتبر وكيلاً لك في شراء البقرة، فالواجب عليه أن يشتريها كما وصفتها له، وإذا كان قد اشتراها على غير الصفة التي تم اتفاقك وإياه عليها، وأبلغته عدم رضاك بها، لم تدخل في ملكك، بل تكون ملكاً له هو، وداخلة تحت ضمانه، ويلزمه أن يشتري لك أخرى بالصفة المشروطة، أو يعيد لك المبلغ الذي دفعته له، إلا أن تعفو عنه أو تعينه بشيء من المال لشراء بقرة أخرى، وهذا هو الأفضل ما دام الرجل ثقة، وإذا كانت البقرة على المواصفات التي تم الاتفاق عليها، أو رضيت أنت بها بعد شرائها، فهي بقرتك أنت، ولا شيء على الوكيل ما لم يكن قد فرط في رعايتها والمحافظة على صحتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1422(12/7858)
الوكيل ملزم بما يحدده الموكل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل كوكيل لجريدة ويوجد تسعيرة محددة لأسعار الإعلانات ولي نسبة عليها فهل يجوز لي الاتفاق مع الزبائن على سعر معين للإعلان أغلى من التسعيرة علما أنني احاسب الجريدة على التسعيرة؟
هذا الجانب الأول.
أما الجانب الثاني هو أن الجريدة أصدرت قائمة أسعار جديدة إلا أنها عادت عنها وبقيت تعاملنا على التسعيرة القديمة وطلبت أن نزيد على الزبائن بشكل وسطي بين الجديد والقديم فهل هذا جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما الشق الأول من السؤال، فينظر له جواب الفتوى رقم: 248.
وأما الشق الثاني، فإنه يجوز للجريدة التراجع عن تسعيرتها إلى تسعيرة أخرى، لأن ذلك من حقها، وإذا طلبت منكم أن تعاملوا الزبائن بسعر وسط بين السعرين، فأنتم ملزمون به، لأن الوكيل ملزم بما حدده الموكل، وإذا أشكل الأمر على الزبائن، فأخبروهم أن الأمر تم بتوجيه من أصحاب الجريدة، وليس منكم أنتم يا وكلاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1422(12/7859)
التفريق في أخذ أجرة البنك على الوكالة وعلى الضمان.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد جعل الله هذا العمل في ميزان حسناتكم وبارك في علمكم ونفع به المسلمين
أفيدكم بأنني أقوم بتقسيط السيارات التي أملكها أولاً. ويكون ذلك مشروط على العميل بأن يتم حسم المبلغ الشهري عن طريق أحد البنوك وذلك لضمان تهرب العميل عن السداد. ولكن البنك يقوم بتحصيل مبلغ وقدره {25ريالا} عن كل شهر من العميل فهل هذا المبلغ المحصل من العميل يعد من الربا وهل البائع يأثم في ذلك أفيدونا مأجورين والله يحفظكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه المعاملة التي تمر عبر البنك لضمان عدم تهرب العميل من سداد ما عليه من أقساط تنقسم إلى قسمين: فإما أن يكون البنك ضامناً فيها، وإما أن يكون مجرد وكيل في تحصيل المبلغ من العميل: متى ما ورد مرتبه على حسابه سدد منه القسط الحال عليه.
فإن كان البنك قد ضم ذمته إلى ذمة العميل في التزام الحق الذي عليه فالبنك في هذه الحالة ضامن، ولا يجوز للضامن (البنك) أخذ جعل على الضمان لأنه ملزم بأداء الدين بحكم هذا الضمان، وإذا أداه وجب له على المضمون عنه (العميل) المبلغ الذي أداه، فصار الضمان كالقرض، فإذا أخذ عوضاً أو جعلاً صار القرض قرضاً جاراً نفعاً، وكل قرض جر نفعاً فهو ربا.
وأما في الحالة الثانية وهي: ما إذا كان البنك مجرد وكيل عن البائع في تحصيل القسط من المشتري متى ما ورد المبلغ على حساب المشتري، فلا حرج في هذا لكن بشرط وهو: أن يؤخذ المبلغ (25) من البائع، لأنه هو المستفيد من الخدمة خدمة الوكالة، وقد نص العلماء على أن الوكالة تجوز بأجر وبدون أجر، بخلاف الضمان فلا يجوز بأجر، فالذي ننصحك هو أن تدفع أنت أيها البائع للبنك المبلغ حتى يحصل لك القسط ممن تبيع لهم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/7860)
يحق للموكل أن يتصرف بتوزيع الزكاة حسب ما نصت عليه الوكالة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعض الأغنياء يعطون من يتقون في دينهم وأمانتهم أموال الزكاة لتوزيعها على من يستحقونها، من الفقراء في أظرف مغلقة (عدة أظرف) والذي يوزع الزكاة يقوم بفتح تلك الأظرف ويوزيع ما بها على عدد أكثر من عدد الاظرف فهل هذا التصرف جائز أم يجب عليه عدم فتح الأظرف والتصرف فيها كما هي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
إن كان صاحب هذا المال فوض هذا الشخص تفويضا كاملا أن يفعل بهذا المال ما يراه مناسبا فيجوز له أن يفتح الظروف ليوزع ما فيها على ما يراه مناسباً إلا إذا كان يعلم من حال الواهب أنه لا يريد ذلك.
أو أنه لا يحب أن يطلع أحد على القدر الذي يوزع، ففي هذه الحال يوزعها بدون أن يفتحها. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/7861)
لا بقاء للتوكيل بعد موت الموكل
[السُّؤَالُ]
ـ[أبى توفى منذ 20عاما وقام في آخر ايامه بعمل توكيل بالتصرف في أمواله لأخي لأنه المتعلم الوحيد في الصبيان فقمت بتمزيق التوكيل دون علم أخى خوفا على باقى الورثة لأنهم لا يعرفون القراءة ولا الكتابه وليس لهم مصدر رزق آخر غير أراضي أبي فما الحكم؟؟ مع العلم أن أخي الذى كان معه التوكيل اخذ 1\3من الورثة وحده ولم يحاول بعد ممات والدى ان يخرج بدل فاقد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فلا شيء عليك فيما قمت به من تمزيق هذا التوكيل خوفاً من اعتداء أخيك على حقك وحق باقي اخوتك، وقد ثبت بعد ذلك صدق ظنك فيه.
وينبغي أن تعلم أن التوكيل لا أثر ولا نفاذ له بعد موت الموكل، إلا إن كنت تعني بالتوكيل الوصية، وأن أباك قد عين أخاك المذكور وصياً بعد موته، وحينئذ نقول: إنه لا سلطان للولي إلا على الأبناء القصر، وإذا ثبت عدم صلاحيته لذلك لاعتدائه على حقهم فيجب إبلاغ السلطات المختصة لتقوم بعزله وتعين ناظر آخر يقوم بالمهمة على الوجه المطلوب، والواجب قسمته الميراث كما أمر الله تعالى، وإعطاء كل ذي حق حقه من الذكور والإناث والكبار والصغار، لكن إرث الصغار يكون عند الوصي عليهم يرعاه لهم كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/7862)
لا يجوز للوكيل أن يزيد في قيمة الفواتير لكي يأخذ هذه الزيادة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمةالله لدي محل قطع غيار سيارات وأتعامل مع أصحاب ورش سيارات ويأتيهم أصحاب سيارات يضعون سياراتهم لدى الورشه ويطلبون من صاحب الورشه شراء قطع الغيار منهم وعند حضورهم يدفعون قيمة القطع لصاحب الورشه الذي اشترى القطع من محل قطع الغيار فيطلب منا صاحب الورشه بزيادة قيمة القطع على الفاتورة وقد سألت شيخاً فقال إن هذا حرام. وقد خسرت أصحاب الورش حيث لم يعودوا يشترون من عندي وأخذو يشترون من جاري وأمام عيني حيث يقولون أننا نترك ورشتنا لشراء القطع ببلاش أفيدوني جزاكم الله خير بأسرع وقت وماهوالحل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فإن ما يفعله أصحاب هذه المحلات المذكورة إنما هو من أكل أموال الناس بالباطل، يقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [النساء: 29] . ويقول صلى الله عليه وسلم: " لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت النار أولى به". [رواه أحمد والبزار ورجاله رجال الصحيح] وهذه الزيادة التي يأخذونها يشترك في إثمها صاحب المحل وصاحب الورشة، والله تعالى يذهب بركة هذا المال وإن كان كثيرا. فعليك أخي الكريم بتقوى الله يبارك لك في المال وإن كان قليلا.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/7863)
مندوب المشتريات وكيل مؤتمن
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي مندوب مشتريات يطلب العميل منه أشياء بسعر معين معروف في السوق يجتهد أخي بأن يحضر سعر أقل من سعر المطلوب منه، ومن ثم يكتب في الفاتورة سعر ما طلب منه مثلاً طلب منه شراء كتاب بعشرين يحضره أخي ب خمسة عشر ريال يكتب في الفاتورة عشرين ريال هل يجوز له أخذ الخمس ريالات بدون ابلاغ الشركة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى وآله وصحبه:-
فمندوب الشركة يعتبر وكيلاً عن صاحب العمل. وقد نص العلماء على أن الزيادة التي يكسبها الوكيل ترجع إلى موكله، كما أن النقص يعود على موكله أيضاً. وعليه فلا يجوز لأخيك أخذ هذه الزيادة (خمس ريالات مثلا) ، إلا إذا اتفق مع صاحب العمل أنه مكلف بشراء هذه السلعة بثمن معين، وأن له أن يسعى لأخذها بأقل من ذلك وأن يكون الفرق له. فإن وافق صاحب العمل على ذلك جاز. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/7864)
الحجر.. معناه.. حكمه,, وأسبابه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود من حكم الحجر على الوالد، وما هي الأسباب الشرعية للحجر، وهل يشترط موافقة جميع الورثة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود هو السؤال عن الحكم الشرعي للحجر على الوالد أو طلب الحجر عليه من الحاكم، فقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 36437.
والحجر شرعاً هو منع الإنسان من التصرف في ماله، وأسبابه سته: الصبا والجنون والتبذير والرق والفلس والمرض، والنكاح في الزوجة على رأي بعض الفقهاء، وزاد بعضهم الردة، وأوصلها الحنابلة إلى عشرة.
وأما هل يشترط موافقة جميع الورثة، فالورثة لا علاقة لهم بالحجر على الوالد إذا كان الحجر بسبب السفه أو الإفلاس، لأن الحجر عليه في مثل هذه الحال يفتقر إلى حكم حاكم على خلاف بين الفقهاء، وإذا كان الحجر عليه بسبب جنون أو إغماء أو مرضٍ مخوف -فيما زاد على الثلث- فهذا يحجر عليه لحق الورثة -في المريض- ولحق نفسه في المجنون، وقد نص الفقهاء على أن هذا لا يحتاج إلى حكم حاكم، والذي يظهر أنه لا يشترط اتفاق الورثة على الحجر عليه في هذه الحال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1428(12/7865)
الحجر معناه وأنواعه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحجر لغة واصطلاحا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحجر لغة: المنع، قال صاحب "مختار الصحاح": حجر القاضي عليه: منعه من التصرف في ماله ...
وفي اصطلاح الشرع: المنع من التصرفات المالية، وهو نوعان، ذكرهما صاحب "حاشية البجيرمي" فقال: نوع شرع لمصلحة الغير كالحجر على المفلس للغرماء والراهن للمرتهن في المرهون، والمريض للورثة في ثلثي ماله، والعبد لسيده، والمكاتب لسيده ولله تعالى، ونوع شرع لمصلحة المحجور عليه، وهو الحجر بجنون وصبا وسفه. اهـ.
والله أعلم.
...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(12/7866)
حكم تصرف المريض مرض الموت في ماله بالبيع والشراء وغيرهما
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال وأتمنى أن يكون الرد عليه واضحا ومختصرا حتى أفهمه بشكل صحيح: فهل يجوز لرجل مريض على وشك الموت أن يبيع نصف ماله مع أنه له ورثة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الرجل لا يزال واعيا مدركا لما يفعل، فلا حرج في تصرفه في ماله بالبيع إن لم يكن في ذلك محاباة للغير، ففي المدونة: أن مالكا قال في بيع المريض وشرائه إنه جائز إلا أن تكون فيه محاباة فيكون ذلك في ثلثه. هـ.
وقال الدسوقي: المريض لا يحجر عليه في المعاوضات وإن حجر عليه في التبرعات بالنسبة لما زاد على ثلثه. هـ.
وقال الباجي في المنتقى: إذا ثبت أن حكم الحجر يلحق المريض في ثلثي ماله لحق الورثة، فقد قال القاضي أبو محمد في معونته أنه يتعلق به حكم الحجر فيما زاد على قدر حاجته من الإنفاق في الأكل والكسوة والتداوي والعلاج وشراء ما يحتاج إليه من الأشربة والأدوية وأجرة الطبيب ويمنع من السرف وما خرج عن العادة، لأن ذلك إخراج مال على غير عوض يستفيده أو ورثته فكان في معنى إضاعته، وذلك ممتنع قال: وله أن يتصرف في ماله بالبيع والشراء، لأن حق الورثة لم يتعلق بعين المال، وإنما تعلق بمقداره.
وروى ابن وهب عن مالك في المجموعة: ولا يمنع المريض من البيع والابتياع إذا لم يكن في ذلك محاباة أو ضرر بالورثة. قال ابن القاسم وأشهب: وهبته للثواب كبيعه. هـ.
وقال ابن قدامة في المغني: وبيع المريض كبيع الصحيح في الصحة وثبوت الشفعة وسائر الأحكام إذا باع بثمن المثل ـ سواء كان لوارث أو غير وارث ـ وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد.
وقال أبو حنيفة: لا يصح بيع المريض مرض الموت لوارثه، لأنه محجور عليه في حقه، فلم يصح بيعه كالصبي.
ولنا أنه إنما حجر عليه في التبرع في حقه، فلم يمنع الصحة فيما سواه كالأجنبي إذا لم يزد على التبرع بالثلث وذلك لأن الحجر في شيء لا يمنع صحة غيره. هـ.
وأما إن كان غير واع فقد نص الفقهاء على مشروعية الحجر على من كبرت سنه وتغير عقله، لأنه لا يحسن التدبير وتصريف المال كالمجنون والمعتوه ونحوهما، وقد روى عبد الرزاق في مصنفه: أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله عن الشيخ الكبير الذي قد ذهب عقله أو أنكر عقله، فكتب إليه إذا ذهب عقله أو أنكر عقله حجر عليه. هـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(12/7867)
الحجر على الشقيق المدمن الذي ينفق ماله في المسكرات
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي مدمن منذ مدة طويلة وتسبب في أن تترك أمي وأخي بلدنا ويعيشوا في بلد آخر بسبب مشاكله معهم، وتوفيت أمي بعد ما تركت البلد بثلاثة شهور وتركت له شقة ليقيم فيها وبعض الأثاث وباع كل شيء فيها حتى باب الشقة والصنابير لم يترك غير البلاط، وتركت هذه الشقة وهي موجودة في عماره تملكها الأم وبعد الوفاة تحايل عليه إخوتي وعملوا توكيلا عاما، وأخذوا توقيعا منه أنه متنازل عن نصيبه في التركة بدون أن يقرأ الورق والله يعلم أننا عملنا هذا لمصلحته وفى ضميرنا أن نصون حقه وأن لا يعمل لنا مشاكل لأنه يمكن أن يبيع نصيبه لتاجر مخدرات أو أن ينفق نصيبه على المخدرات، وأفهمناه أن والدتي كتبت المنزل باسمي حتى لا يبيع البيت مع أنه في حالة بيعه سوف يأخذ نصيبه كاملا، وحتى لا تحدث مشاكل مع السكان مع ذلك كل يوم يحدث مشكلة معهم ويطلب مني أن أطردهم من البيت، مع العلم أنه هو المشاكس منذ سنة كسبت أمي قضية كانت أقامتها قبل الوفاة ضد جهة عملها عن باقي مستحقاتها واستلمت المبلغ نصيب أخي بموجب التوكيل واشترينا له بعض الأشياء، وسددنا مبلغا للمحامي، القضية كانت عليه وباقي المبلغ أخذ أخي باقي نصيبه وأنا أخذت جزءا منه لأنه يأتي عندي وكلما أتى أعطيه مبلغا منه وأكتبه، مع العلم أني صرفت نصيبه الذي معي ولكني كلما أتى أعطيه مبلغا ليس كبيرا حتى لا يشرب بها، وفي الفترة الأخيرة تسبب في مشاكل بيني وبين زوجي وطردته من المنزل لأنه يأتي شاربا وتسبب في فضائح لنا مع الجيران، وكلما يأتي يطلب مني أن أطرد السكان من منزلنا لأنه لا يريدهم وكل ما يأتي يكون شاربا وأطرده لأن زوجي عيرني به وأولادي يخافون منه لأنه يكون في حاله مخيفة ويكون خطرا لأنه حاول أكثر من مرة أن يطعن أخي الأكبر بالسكين حتى ترك له البلد خوفا منه وأخي الآخر في بلد آخر، كان دائم السرقة لأمي من أموال وحاجات من المنزل ومن ذهب لأنه وصل لمرحلة صعبة. حاولنا أن نعالجه وبعد وفاة أمي أخذه إخوتي معهم في بلدهم ولكن لم يوافق أن يبقى معهم خاف أن نبيع البيت بدون علمه وعندما يكون شاربا يهذى بأفكار غريبة ويتخيل أمورا غير صحيحة ويتهمنا بأشياء غير صحيحة. والآن ماذا أعمل معه كيف أعطيه أمواله؟ وماذا أقول له ونحن كنا محتفظين بها له لو احتاج علاجا احتاج أي شيء ولو أخذها مرة واحدة سوف يشرب بها، ويمكن أن تتسبب في وفاته لأنه يشرب بمقادير صغيرة ولكن عندما يكون معه فلوس سوف يكون أكثر عداوة ويشرب بشراهة، إنه أكثر شيء يشربه الدواء الحبوب وهو يشرب كل شيء ويكون في حالة عدوانية ويمكن أن يرتكب جريمة ويكون في حالة هلوسة وتهيؤات غير صادقة. ما الحل معه وماذا أفعل بأمواله؟ وهل نخبره بأن له نصيبا في البيت ومن حقه أن يبيع في أي وقت مع العلم أنه لو عرف سوف يبيع البيت في نفس اليوم بأي ثمن وليس معنا أموال نشترى نصيبه؟ ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما يفعله أخوكم من إنفاق ماله في هذه المنكرات والموبقات نوع من أنواع السفه وعدم الرشد.
يقول ابن قدامة: قال أكثر أهل العلم: الرشد الصلاح في المال، والإنسان إذا كان ينفق ماله في المعاصي كشراء الخمر وآلات اللهو، أو يتوصل به إلى الفساد، فهو غير رشيد لتبذيره ماله، وتضييعه إياه في غير فائدة. انتهى.
وحق السفيه أن يحجر عليه حتى لا يضيع ماله, لكن أمر الحجر مرده إلى القاضي لأنه يحتاج إلى نظر واجتهاد, ولا يجوز أن يوكل إلى آحاد الناس وإلا عمت الفوضى بين الخلق وانتشر الظلم وسارع كل من لا يتقي ربه إلى الحجر على من شاء من خصومه وغيرهم بحجة السفه وعدم الرشد.
وما قمت به من أخذ أموال أخيك وإعطائها له بقدر ما تقتضيه مصلحته لا شك أنه مصلحة له, ولكن فيه أيضا مظنة مفسدة ذلك أنه لو قدر موتك مثلا فإن ماله سيضيع ويرثه أولادك نظرا لأنه بحوزتك ومثبت باسمك في الأوراق الرسمية.
ولذا فإنا نرى أن ترفعي أمره إلى القضاء وتثبتي سفهه لدى القاضي عندها سيعيِّن القاضي عليه وصيا يحفظ له ماله, وبذا تتحقق مصلحة حفظ ماله حالا ومآلا.
وراجعي في ذلك الفتاوى التالية: 75486 , 37683 , 14929.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1430(12/7868)
حدود تصرف الولي في مال المحجور عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفتائي جزاكم الله خيرا
لي جدة طاعنه في السن وهي أم الوالد رحمه الله.
توفي والدي في عام 1426هـ ولي عم- أخو والدي من الأب والأم- توفي قبله بكثير عام1399هـ وليس لجدتي الآن سوى بنت واحدة وأنا وأخوتي عن والدي.
عمي لم يتزوج وقد كان موظفا، فلما توفي والدي رحمه الله أخبرني أهل الخير أن بإمكاني أن أطالب لجدتي بتقاعد عمي المتوفى من عام 1399 وقد أخبرت عمتي بذلك وقالت لي سوف نوكل أحد الأشخاص لمراجعة هذا الموضوع ولكنه سوف يأخذ نصف المبلغ كأتعاب فقلت لها سوف أتابعه أنا رغم أني مرتبط بعمل.
وبعد متابعة دامت أكثر من سنة استلمت مبلغ 385000 ريال متأخر رواتب لجدتي عن الفترة كاملة ولم أخبر أحدا بذلك وفي نيتي اتقاء الفتنة لأني أنا الوكيل عنها وعن إخوتي كذلك، ولا أريد أحدا أن يطلب منها شيئا ولكني أعطي جدتي منها كمصروف وسددت ديونها وأخذت مبلغ 100000 ريال كأتعاب لي والباقي بنيت عمارة به لها. وبعد ذلك أخبرت عمتي وجدتي بذلك ولكن جدتي طاعنة في السن أحيانا تعي ما تقول وأحيانا لا.
فقالت لي جدتي بعد أن أخبرتها عفا الله عنك ولا أريد منها شيئا خذها أنت وإخوتك ولو عندي المزيد لأعطيتكم. وعمتي راضية عن هذا الكلام ولا يوجد لديها ورثة غيرنا (ابنتها ونحن عن والدنا) .
والسؤال هو: هل يجوز أخذها؟ وهل أتعابي حلال؟ وهل عدم إخباري لها يجوز؟
أرجو منكم الرد سريعا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المعاش إذا كان مستقطعا من راتب المتوفى، فهو حق للورثة كل بحسب نصيبه، وإذا كان منحة من الدولة تعطيه الدولة بشروط معينة فيجب الرجوع فيمن يستحق هذا المعاش ومقدار الاستحقاق إلى هذه الشروط. وراجع في ذلك الفتويين: 28640، 48632.
وإذا كان لغير جدتك نصيب في هذا التقاعد بحسب التفصيل المتقدم فلا يجوز لك أن تتصرف في ذلك أو تأخذا أجراً على عملك إلا بوجود إذن منهم، وإذا أذنوا لك في ذلك ورضوا بما أخذته من أجر فلا حرج في ذلك، وإن لم يرضوا بعد أن أذنوا لك في العمل بما أخذته من الأجر، وكانت العادة أنك لا تعمل ذلك إلا بأجر فلك أن تأخذ أجر المثل، وراجع في ذلك الفتاوى الآتية أرقامها: 95290، 116660، 127318.
وبخصوص نصيب جدتك إذا كانت تستحق نصيباً من التقاعد أو كانت هي المستحقة له كله، فينظر إن كانت جدتك قد كبر سنها وتغير عقلها وصارت لا تحسن التدبير وتصريف المال، فيجب رفع أمرها إلى المحكمة الشرعية لتحجر عليها وتنصب قيماً على أموالها، وراجع في حكم الحجر فتوانا رقم: 115422.
وفي هذه الحالة يرجع في الأمور المالية الخاصة بجدتك إلى وليها في مالها، وتصرف هذا الولي مقيد بالمصلحة، فإذا أقر هذا الولي ما قمت به من تصرف وكان هذا التصرف فيه مصلحة الجدة وكان الأجر الذي أخذته هو أجر المثل أو أقل فلا حرج فيما أخذته من أجر، ولكن لا يصح للجدة إذا كان محجوراً عليها أن تهب شيئاً من هذا المال.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما نصه: اشترط الفقهاء في الواهب أن يكون من أهل التبرع وذلك بأن يكون عاقلا بالغا رشيدا، وأن يكون مالكا للشيء الموهوب.
وجاء فيها: لا خلاف بين الفقهاء في أنه لا يجوز للولي أن يتصرف في مال المحجور إلاعلى النظر والاحتياط، وبما فيه حظ له واغتباط، لحديث: لاضرر ولا ضرار.اهـ.
وإذا كنت أنت من تلي أمور جدتك المالية فيجب أن تكون تصرفاتك مقيدة بما فيه مصلحتها المالية، ومن ذلك أن تطالب بمستحقاتها المالية، وما قمت به من بناء عمارة لها والنفقة عليها محل ذلك منوط ومقيد بالمصلحة. وأما استحقاقك أجرة على ما قمت به فمحل خلاف عند أهل العلم.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما ملخصه: للولي أن يطالب بحقوق المولى عليه، فيدعي بها ويقيم البينات ... أما أكل الولي من مال موليه، فقد اختلف الفقهاء فيه. فذهب الحنفية إلى أن للوصي إذا عمل أجرة مثل عمله إن كان محتاجا استحسانا، وإلا فلا أجرة له. وقال بعض الحنفية: لا يجوز وهو القياس.
وقال المالكية: ليس له أن يأكل منه إذا كان غنيا، أما إذا كان فقيرا فيجوز له أخذ كفايته منه.
وقال الشافعية: لا يستحق الولي في مال محجوره نفقة ولا أجرة، فإن كان فقيرا وشغل بسببه عن الاكتساب أخذ أقل الأمرين من الأجرة والنفقة بالمعروف.
وقال الحنابلة: للولي غير الحاكم وأمينه الأكل لحاجة من مال موليه: الأقل من أجرة مثله أو كفايته، أما مع عدم الحاجة فليس له إلا إذا فرض الحاكم له شيئا. اهـ.
وفي كل الأحوال ليس لك أن تستبد بتحديد أجرتك وإنما يرجع في ذلك إلى العرف أو القضاء.
وما تقدم بيانه في حال كانت جدتك قد بلغت من الكبر مبلغا لم تعد تحسن التدبير وتصريف مالها، أما إذا كانت جدتك لم يتغير عقلها مع كبر سنها، وإنما كان ما يعتريها هو مجرد نسيان عارض، فإذا أجازت جدتك ما قمت به من تصرفات كما ذكرت في كلامك، وطابت نفسها بإعطائك هذا الأجر ووهبت بعض المال لك ولإخوتك فلا حرج في ذلك شرعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1430(12/7869)
فاقد الذاكرة لا يلزمه الصيام ولا بدله
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي فاقد الذاكرة بسبب نزيف في المخ وجلطة قديمة، وأنا توليت تصريف أموره. وسؤالي: هل نخرج عنه إفطار صائم عن الأيام التي لم يصمها العام الماضي وكذا هذا العام؟ وهل يجوز لي البيع والشراء في ماله ويكون الربح له لتنمية ماله لسد حاجاته مستقبلا؟ وهل يجوز أن أتصدق منه ويكون الأجر له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب الصوم على والدك- عفا الله عنه- إذا كان قد فقد عقله وصار إلى حد فقدان الذاكرة، فإن العقل هو مناط التكليف، فمن فقد عقله لم تلزمه التكاليف الشرعية من صلاة وصيام وغيرها، وإذا لم يلزمه الصوم لم يلزمه بدله وهو الإطعام، ومن ثم فلا يلزمكم أن تطعموا عنه مكان الأيام التي يفطرها، وإن كان قد أفطر في رمضان الماضي لهذا العذر لم يلزمكم شيء كذلك.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: إن الله - سبحانه وتعالى أوجب على الإنسان العبادات إذا كان أهلاً للوجوب، بأن يكون ذا عقل يدرك به الأشياء، وأما من لا عقل له فإنه لا تلزمه الشرائع، ولهذا لا تلزم المجنون ولا تلزم الصغير الذي لم يميز، بل ولا الذي لم يبلغ أيضاً، وهذا من رحمة الله تعالى، ومثله أيضاً المعتوه الذي أصيب بعقله على وجه لم يبلغ حد الجنون، ومثله الكبير الذي بلغ فقدان الذاكرة فإنه لا يجب عليه صلاة ولا صوم، لأنه فاقد الذاكرة وهو بمنزلة الصبي الذي لا يميز فتسقط عنه التكاليف فلا يلزم بها.
وأما الواجبات المالية فإنها تجب في ماله ولو كان فاقد الذاكرة. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 12277.
وفي خصوص التصرف في مال أبيك، فتجدر الإشارة أولا إلى أن من صار في مثل حال أبيك فالواجب أن يرفع أمره إلى القضاء الشرعي ليقم له من يتولى أمور أمواله.
وإذا كنت أنت القيم بأمر أبيك والولي على ماله، فعليك أن تتصرف فيه بالأحظ له، فتتجر له فيه وتنميه بما تحصل به مصلحته.
جاء في المغني: ويتخير الوصي بمال اليتيم ولا ضمان عليه، والربح عليه لليتيم. فإن أعطاه لمن يضارب له به فللمضارب من الربح ما وافقه الوصي عليه. انتهى.
وفي معنى اليتيم المحجور عليه لجنون ونحوه. وانظر الفتوى رقم: 54950.
وليس لك أن تتصدق من ماله، لأن ولي المحجور عليه لا يتصرف في ماله إلا بالأحظ له كما نص على ذلك الفقهاء في باب الحجر.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع عند كلامه على تصرف الولي في مال المحجور عليه: وهل له أن يتبرع من ماله؟ لا. وهل له أن يتصدق؟ لا؛ لأن هذا ليس فيه حظ للصغير. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1430(12/7870)
مسائل في من لا يستطيع التصرف في ماله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أب لعائلة, وأكفل أختي المريضة عقليا ولديها راتب شهري من الدولة, ولي أخ فقير مريض وأب لعائلة ولا يعمل, فصرت أعطيه راتب أختي وأتكلف أنا بحاجاتها كلها ولا ينقصها شيء بإذن الله والحمد لله.
السؤال: هل يجوز لي فعل ذلك أم يجب علي أن أحفظ لها مالها حتى لو لم تكن به حاجة في كفالتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تتصرف في مال أختك إلا بما فيه المصلحة لها، وليس من ذلك إعطاؤه لأخيك مهما كانت ظروفه، ومن لا يستطيع التصرف في ماله لسفه أو جنون أو نحو ذلك يجب رفع أمره إلى المحكمة الشرعية لتحجر عليه وتنصب من يقوم على ماله بما فيه مصلحته، أما قبل الحجر فلا حق لأحد أن يتصرف في ماله إلا للنفقة عليه وعلى ما يحتاجه.
ويلزم هذا القيم حفظ مال المحجور عليه من التلف والضياع ونحو ذلك، كما يلزمه تنميته وقيل يستحب له، وينفق عليه من ماله بالمعروف وعلى من تجب نفقته عليه، كما تؤدى زكاة أمواله.
وننبه أن الحجر وما يترتب عليه من وكالة أو وصاية أمر خطير جدا وشائك، ولا بد من إحالته على المحاكم الشرعية، لتحقق في أسبابه، وتنظر فيمن يصلح للولاية على مال المحجور عليه، فلا يكتفى فيه بمجرد فتوى، بل المحاكم الشرعية هي التي تبت في مثل هذه النزاعات، ولا يجوز أن يحجر على شخص ويولى غيره على ماله إلا بحكم قضائي.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 43862، 54950، 60620، 97552، 115422.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1429(12/7871)
أحكام وكالة وأموال من فقد عقله
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى شيخنا الكريم/ حفظه الله.
نحن أربعة إخوه وخمس أخوات لوالدين على قيد الحياة ولله الحمد والشكر. طلب منا والدنا منذ عدة سنوات عمل وكالة شرعية للأولاد للتصرف المطلق بأمواله وإدارتها حسب ما نراه مناسبا نظرا لحالته الصحية وبداية أعراض مرض الزهايمر الذي تؤدي تدريجيا إلى فقدان الذاكرة. الأخ الأكبر رفض التوقيع والاشتراك بهذه الوكالة لأسباب لايدري بها إلا الله. فقام بقية الإخوة بالتوقيع عليها مع والدنا وتصديقها شرعيا لدى كاتب العدل. وكما هو متوقع بدأت مراحل المرض بالظهور على والدنا بفقدان الذاكرة بالإضافه إلى جلطة دماغية حصلت له منذ سنة ونصف. قمنا بإدارة أملاك والدنا حسب مانراه مناسبا وفيه مرضاة الله. للوالد شراكة قديمة مع إخوته وأبناء عمومته في شركة يعمل بها أخونا الأكبر منذ أكثر من عشرين سنة. قررنا نحن الموكلين من قبل والدنا وبعد مراجعة والدتنا وأخواتنا بيع حصة والدنا بهذه الشركة لما جلبت لنا من مشاكل وتنافر في العائلة بسبب سوء إدارة الشركة علما بأن الوالد طول الله عمره لم يكن راضيا إطلاقا على تصرفات المدراء الرئيسين من اتجاههم إلى مشاريع خاسرة غير مدروسة ذات مخاطرة عالية. أخونا الأكبر رفض هذا الاتجاه رفضا شديدا غير معلل. وبدأ مؤخرا بالتهديد والسب والتنكيل والدعاء علينا (لا حول ولا قوة إلا بالله) وبعمل ما لا يحمد عقباه في حال أتممنا هذا الاتفاق بالبيع وأنه سيكون لنا بالمرصاد. هل من حقه شرعا منعنا من التصرف ببيع حصة والدنا بالشركة أو أن يكون له طرق شرعيه تمنعنا من البيع مع العلم بأن الأموال المتوقع الحصول عليها سيتم استثمارها باسم والدنا في استثمارات إسلامية مناسبة؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما أصاب والدكم يخرجه عن كونه أهلاً للتصرف، فالوكالة التي صدرت منه تبطل بذلك، قال ابن قدامة في المغني: الوكالة عقد جائز من الطرفين، فللموكل عزل وكيله متى شاء، وللوكيل عزل نفسه؛ لأنه إذن في التصرف، فكان لكل واحد منهما إبطاله.... وتبطل أيضا بموت أحدهما، أيهما كان، وجنونه المطبق. ولا خلاف في هذا كله فيما نعلم. فمتى تصرف الوكيل بعد فسخ الموكل، أو موته، فهو باطل إذا علم ذلك.... ومتى خرج أحدهما عن كونه من أهل التصرف، مثل أن يجن، أو يحجر عليه لسفه، فحكمه حكم الموت؛ لأنه لا يملك التصرف، فلا يملكه غيره من جهته. اهـ.
وقد نص جماعة من الفقهاء على مشروعية الحجر على من كبرت سنه وتغير عقله، لأنه لا يحسن التدبير وتصريف المال، وزوال العقل يقتضي الحجر على صاحبه مع بقاء ملكه، وإنما يمنع من التصرف في أمواله حتى يفيق، وإذا حجر على المغلوب على عقله فلا بد من تنصيب قيم على أمواله، ويلزم هذا القيم حفظ مال المحجور عليه من التلف والضياع ونحو ذلك، كما يلزمه تنميتها وقيل يستحب له، وينفق من ماله بالمعروف على من تجب نفقته عليه، كما تؤدى زكاة أمواله.
وننبه على أن الحجر وما يترتب عليه من وكالة أو وصاية أمر خطير لا بد من إحالته على المحاكم الشرعية، لتحقق في أسبابه، وتنظر فيمن يصلح للولاية على مال المحجور عليه، فلا يكتفى فيه بمجرد فتوى، بل المحاكم الشرعية هي التي تفصل في مثل هذه النزاعات، ولا يجوز أن يحجر على شخص ويولى غيره على ماله إلا بحكم قضائي.
وننصحكم بالمحافظة على بر والدكم وعلى صلة الرحم فيما بينكم، وأن لا تجعلوا هذه الأموال سبباً للمقاطعة ولا الخصام.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 18335، 30474، 44680، 54950، 60620، 98329.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1429(12/7872)
حكم وصية الأب بولاية المال لأحد أبنائه على الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على هذا المجهود الجبار ونفع بعلمكم جميع المسلمين..
أريد أن أسأل سؤالا عن الوصية الشفهية لمن هو في المرض الشديد بولاية أحد الأبناء على الآخرين مع العلم أنهم كلهم بالغون عاقلون راشدون..فما مدى صحة الوصية؟ وهل هي واجبة التنفيذ؟ أرجو إشارة إلى المصادر وعرض الأقوال المختلفة (إن وجدت) ؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان السائل يعني أن الأب أوصى بولاية المال لأحد أبنائه على الآخرين، فاعلم أنه ليس للأب أن يوصي لا وصية شفهية ولا وصية كتابية بأن تكون هناك ولاية على من كان بالغا رشيدا من أولاده، وهو نفسه في حياته ليس له ولاية على البالغ الرشيد من أولاده؛ إلا ولاية التزويج على بناته. وإذا أوصى بذلك فإنها وصية لا عبرة بها ولا يجب تنفيذها لأنها في حقيقتها وصية بالحجر على البالغ الرشيد، والحجر عليه لا يكون إلا لسبب ويفتقر إلى حكم حاكم. كما جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء القائلين بالحجر على السفيه إلى أن الحجر عليه لا بد له من حكم حاكم.. انتهى.
وقد بينا الحجر ومعناه وشروطه في الفتوى رقم: 97552.
وأما إن كان المقصود أنه أوصى الابن المذكور بتزويج بناته فإن ذلك يصح ويصير به وليا على تزويجهن إن كان أهلا للولاية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1429(12/7873)
حكم رد أفعال السفيه
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ توجد ظاهرة في بلدي وهي أنه يوجد شخص عاقل بالغ عمره 28 سنة يشتري الأشياء العينية بجميع أنواعها سيارات عقارات أراضي كروت جوال أي شيء بسعر أعلى بكثير من سعرها في السوق ومن ثم يبيعها بأقل من الثمن الذي اشتراها به بكثير، فهل يجوز بيع هذا الشخص وشراؤه، وإذا كان يجوز فهل يجوز أن أبيعه كروت الجوال بالسعر الذي يدفعه، وهل يجوز أن أبيعه سيارات، وهل يجوز أن أبيعه أي شيء آخر، فأرجو الرد السريع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أن هذا الشخص يشتري هذه الأشياء بالأجل ويبيعها نقداً للحصول على مال فهذه مسألة التورق، وقد سبق أن بينا حكمها وأنها جائزة على الراجح، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 22172.
وبناء على هذا فلا بأس بأن يباع له أي شيء مما هو مباح مما ذكر وغيره، أما إذا كان المقصود أنه يشتري نقداً ويبيع نقداً، فينظر: فإن كان له قصد حسن فيما يفعل كرغبته في التيسير على الناس وجعل هذه الأشياء في متناولهم دون أن يضر في ذلك بنفسه أو بأسرته فلا حرج في مبايعته.. أما إذا لم يكن له هذا القصد فإنه سفيه يجب الحجر عليه برفع أمره إلى القضاء، ولا يجوز لأحد يعلم بحاله حينئذ مبايعته لما في ذلك من معاونته على الإسراف والتبذير، وقد قال الله تعالى: وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا* إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا {الإسراء:26-27} ، وقال أيضاً: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَاب ِ {المائدة:2} .
علماً بأن العلماء قد اختلفوا في حكم رد أفعال السفيه قبل صدور الحكم بالحجر عليه؛ لكن الراجح -إن شاء الله- هو ردها، كما بوب عليه البخاري في الصحيح بقوله: باب من رد أمر السفيه والضعيف العقل وإن لم يكن حجر عليه الإمام.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح في التعليق على ذلك: يعني وفاقاً لابن القاسم، وقصره أصبغ على من ظهر سفهه، وقال غيره من المالكية: لا يرد مطلقاً إلا ما تصرف فيه بعد الحجر وهو قول الشافعية وغيرهم، واحتج ابن القاسم بقصة المدبر حيث رد النبي صلى الله عليه وسلم بيعه قبل الحجر عليه، واحتج غيره بقصة الذي كان يخدع في البيوع حيث لم يحجر عليه ولم يفسخ ما تقدم من بيوعه، وأشار البخاري بما ذكر من أحاديث الباب إلى التفصيل: بين من ظهرت منه الإضاعة فيرد تصرفه فيما إذا كان في الشيء الكثير أو المستغرق وعليه تحمل قصة المدبر، وبين ما إذا كان في الشيء اليسير أو جعله له شرطاً يأمن به من إفساد ماله فلا يرد وعليه تحمل قصة الذي كان يخدع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1429(12/7874)
حكم منع الابن البالغ من نصيبه في تركة أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي توفي وتركني وأبنائي وعددهم ستة أربعة أولاد وبنتان الكبير فوق 22 سنة والخمسة من 5 سنوات وحتى أقل من 16 سنة وكلهم في مراحل التعليم وأنا الوصية عليهم فكيف أتصرف في توزيع التركة.. للعلم الابن الكبير وهو الوحيد غير القاصر أخشى أن أعطيه نصيبه من ميراثه فيبدده فماذ أفعل؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتركة الميت تقسم بين ورثته ذكورا وإناثا على ما جاء في الكتاب والسنة، والأصل أن من كان منهم بالغا رشيدا فإن له الحق في أخذ نصيبه من التركة ولا يحجر عليه، إلا إذا ثبت أنه يستحق الحجر عليه لسفه ونحوه. قال ابن المنذر رحمه الله: أكثر علماء الأمصار من أهل الحجاز والعراق والشام ومصر يرون الحجر على كل مضيع لماله صغيرا كان أو كبيرا.اهـ
والحجر على الوارث إذا كان مبذرا يكون عن طريق القاضي لأن إثبات السفه يحتاج إلى نظر، ونظر القاضي أولى من نظر غيره، وكذا التصرف في ماله مرده إلى الحاكم فالحجر وما يترتب عليه من وكالة أو وصاية أمر خطير جدا وشائك ولا بد من إحالته على المحاكم الشرعية، لتحقق في ذلك بل المحاكم الشرعية هي التي تبت في مثل هذه النزاعات، ولا يجوز أن يحجر على شخص ويولى غيره على ماله إلا بحكم قضائي.
وكذا الورثة غير البالغين يحجر عليهم لمصلحتهم ويتولى الولاية عليهم بعد وفاة أبيهم وصيه، فإن لم يوص أبوهم لأحد بعده فيتولى الولاية عليهم القاضي لحديث: السلطان ولي من لا ولي له. رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه. والمؤسسات التي تعينها الدولة لحفظ أموال اليتامى تقوم مقام القاضي.
والذي نوصي الأخت السائلة بفعله هو أن ترفع أمر التركة للقضاء الشرعي لينظر فيها ويقسمها القسمة الشرعية ثم ينظر في كيفية حفظ أموال القصر من أطفالها ومن يستحق الحجر عليه لتبذيره.
وانظري الفتوى رقم: 28545، حول تولي أمر القاصرين والفتوى رقم: 37683، حول ميراث السفيه والفتوى رقم: 9884، وفيها عن ولاية الأم متى تكون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1428(12/7875)
تنفيذ الحجر على الوالد إذا تغير عقله لا يعد عقوقا
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي بارك الله فيكم هو: أن أبي يبلغ من العمر حوالي 60 سنة أطال الله في عمره وعافاه ويعاني من مرض النسيان (الزهايمر) منذ 5 سنوات وله 11 ولدا من 3 زيجات حاليا عنده زوجة واحدة فقط، ويملك عقارات ومحلات تجارية متنوعة، وهو مقيم عند زوجته وأولادها الستة في منزل والدي الجديد وأنا وإخوتي الخمسة في منزل أبي القديم علما بأني أنا أكبر إخوتي سناً، ومنذ 5 سنوات وجميع إيراد العقارات والمحلات التجارية والبيع وقبض الثمن والتصرف المطلق بيد زوجة أبي وتقدر الإيرادات بحدود المليون ريال في هذه الفترة م ع العلم أن أبي أطال الله في عمره وعافاه لا يعلم حقيقة الأمر وغير قادر على محاسبتها بسبب أنه كثير النسيان لدرجة أنه يخرج من المنزل للمسجد ويتوه عن المنزل عندما يرجع من الصلاة وعندما أحاول أن أوضح لأبي ما هو حاصل من تصرفات زوجته في هذا المال يغضب غضبا شديدا وينفعل وينهرني ولا يريد مني أن أتدخل إطلاقا!! وكذلك حاولت أن أفهم زوجة أبي بأن هذا الوضع الفوضوي خطأ لابد من وجود محاسب يضبط كل شيء وتكون الأمور واضحة ولا يجوز أن تتصرفي هذا التصرف المطلق وبهذا الشكل الفوضوي
ترد علي بالقول (أبوك حي ولم يمت وهو راض عن ما أفعله وطالما أنه راض فأنا أفعل ما أريد وإذا مات أعطيتك نصيبك!!)
أنا في حيرة من أمري؟ أريد من فضيلتكم إرشادي إلى الطريق السليم الذي يرضي الله سبحانه وأرجو منك التكرم بالإجابة على الأسئلة التالية:
السؤال الأول: هل يجوز لي شرعاً الحجر على أموال والدي؟
السؤال الثاني: هل يجوز لي محاسبة زوجة أبي عن الـ 5 سنوات الماضية؟
وآسف على الإطالة وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص جماعة من الفقهاء على مشروعية حجر الحاكم على من كبرت سنه وتغير عقله، وأصبح لا يحسن التدبير وتصريف المال كالمجنون والمعتوه ونحوهما، وقد روى عبد الرزاق في مصنفه: أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله عن الشيخ الكبير الذي قد ذهب عقله أو أنكر عقله؟ فكتب إليه إذا ذهب عقله أو أنكر عقله حجر عليه.
وعليه، فإذا كان والدك كما وصفت في سؤالك فلا حرج في رفع الأمر إلى المحاكم الشرعية لتنظر في حاله وتقرر هل هو ممن يجب أن يحجر عليه أم لا؟ فهي وحدها المخولة بذلك، فإن قضت بأنه محجور عليه فلا عقوق في تنفيذكم للحجر عليه ما دامت المحاكم قد قضت به، ولكن عليكم دائما بالرفق به والإحسان إليه.
وأما محاسبة زوجته على تصرفها السابق فإنه يرفع كذلك إلى المحاكم إذا ثبت الحجر عليه للنظر في ذلك، وإن أمكن علاج هذه المسألة قبل ذلك بالتراضي فذلك أفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1428(12/7876)
حكم التصرف في مال المحجور عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم متزوج من مسيحية، وأعيش في بلد أجنبي، وأم زوجتي مريضة بالزهايمر (الخرف) لذلك فقد أرسلتها زوجتي لمركز الرعاية لأصحاب هذا المرض وقامت بعقد صفقة بيع لبيت أمها بموجب وكالة كانت قد وقعتها أمها لها، وتنوي زوجتي الاحتفاظ بالمبلغ لنفسها، مع العلم بأن لديها أختا متوفاه وأختا على قيد الحياة، وترغب زوجتي إعطائي من هذا المال، فهل يحق لي الأخذ منه، فقد حاولت أن أوضح لها بأن عليها قسمة المبلغ بين ورثة أختها المتوفاة وبين أختها الثانية، فأخبرتني أنها تملك وكالة عن أمها تتيح لها بيع البيت والاحتفاظ بالمبلغ لنفسها وأن قانون الدولة الأجنبية التي نعيش بها يسمح لها بالاحتفاظ بالمبلغ كاملا ما لم تكن هناك وصية من قبل أمها.. وأختها تعلم بصفقة البيع وتعلم أنها لن تحصل على شيء، حسب قانون بلادهم، فهل يجوز لي شرعا الأخذ من هذا المال، أم لا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة لحكم الشريعة في مثل هذه الصورة المعروضة فإنه يجوز لوكيل المحجور عليه لجنون ونحوه أن يبيع عقار المحجور عليه إذا كان ذلك في مصلحة صاحبه، ففي كتاب الفروع لابن مفلح ما يلي: وله بيع عقاره لمصلحة، وقيل: بل لضرورة أو غبطة. انتهى.
ويجب عليه أن يحفظ ثمنه للمحجور عليه ولا يتصرف فيه تصرف المالك، لأن هذا المال إنما هو وديعة عنده، ولا ينتقل ملكه إليه إلا بتحقق موت مورثه إن كان ممن يرثه، فالجنون وإن كان سبباً للحجر ومانعاً للتصرف؛ إلا أن مال المجنون يظل مملوكاً له حتى يموت، فإذا مات اقتسم الورثة المال كل حسب حصته الشرعية.
وعليه.. فتصرف زوجتك في مال أمها واستحواذها عليه يعتبر في حكم الشريعة اعتداء على مال الغير بدون وجه حق، ولا يحل لك قبول شيء من هذا المال لأنه ليس مالها.
ثم إننا ننبه إلى أمرين: الأول: أن البنت التي ماتت في حياة أمها لا يرث أبناؤها شيئاً من متروك جدتهم.
الثاني: أن القانون لا يبيح ما هو محرم في الشرع فلا عبرة بقانون أباح ما حرمه الله.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1428(12/7877)
حكم قضاء الزوجة دين أهلها الربوي من ذهبها بدون علم زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي لا يريد أن يساعد أهلي ماديا لتخليصهم من قرض بنكي وذلك لأنه لا يساعد أي شخص بعسرة نتيجة اقتراض بنكي، لذلك هل يجوز أن أبيع ذهبي وأساعد أهلي دون إعلام زوجي بذلك؟ وهل أأثم لأني سأفعل شيء دون علمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن الربا من الكبائر ومن المحادة والمحاربة لله رب العالمين، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ {البقرة:278-279} .
وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه. وقال: هم سواء.
فالواجب عليك أولا هو أن تنصحي أهلك وتحذريهم من الاقتراض بالربا لخطر ما يجلبه لصاحبه في الدنيا والآخرة.
ومع هذا الوعيد الشديد فلا مانع للزوجة من أن تساعد أهلها في الديون التي ترتبت في ذممهم ولو كانت من عقود ربوية؛ لأن حرمة الربا تتعلق بأصل العقد، ولا ينسحب حكم ذلك على قضاء الدين.
ومن حسن العشرة أن لا تتصرف الزوجة تصرفا كهذا إلا بعد استشارة زوجها، ولكن ذلك لا يلزمها اتفاقا إن كان ما تريد هبته لا يزيد على ثلث مالها، وعند جمهور أهل العلم إذا كان ذلك يتجاوز ثلث ممتلكاتها. ولك أن تراجعي في هذا فتوانا رقم: 1693.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1428(12/7878)
من بلغ سن الحجر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أربع بنات متزوجات يطالبن براتب أبيهن الذي يتقاضاه منذ 15سنة وهو طريح الفراش ولا يبصر ولا ولا..... حتى أنه يهذي في كلامه وهذا الأخير كان قد كلف ابنه الوحيد المتزوج بسحب الراتب منذ 10سنوات إلا أن البنات الأربع لم يعجبهن الأمر لأن الأخ الوحيد لم يصرح بالمبلغ المجموع ومن يستهلكه علما أن الشيخ لا يتصرف والأخت الكبرى تطالب بالقسمة وتقول إن الأب فاقد للأهلية فهو شبه ميت ولا يجوز للأخ أن يتصرف فيه لوحده وهذا الأخير يقول لقد أذن لي أبي في التصرف فما حكم ذلك أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن السؤال نقطتين هما:
· حكم استفادة الأب من راتبه الذي ذكرت أنه يتقاضاه منذ 15سنة وهو طريح الفراش ولا يبصر ويهذي في كلامه إلخ ...
· استيلاء الابن على راتب الأب طيلة الفترة المذكورة بحجة أن الأب قد أذن له في ذلك.
وحول النقطة الأولى، فهذا الراتب إذا كان الأب يتقاضاه بموجب تقاعده في وظيفة كان يشغلها، وهو مقرر له بموجب النظام الذي تعمل به الجهة التي كانت تستخدمه، أو كان راتبا منحته له جهة معينة بموجب ضعفه أو لأي موجب آخر، فلا حرج في استفادته منه ما دامت تلك الجهة تسمح له به.
وإن كان يستفيد منه بسبب تغطية بعض عمال المؤسسة عليه، أو بأي سبب آخر لا ترضى به الجهة التي يُنال منها الراتب، فإنه في هذه الحالة يكون من أكل المال بالباطل، وبالتالي فهو حرام. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {النساء: 29} .
وفيما يخص النقطة الثانية، فإذا كان هذا الأب قد بلغ سن الحجر -كما هو ظاهر السؤال-، فهبته وجميع تصرفاته في المال مردودة.
وحينئذ يجب أن تعين المحكمة الشرعية شخصا يقوم على أمواله، ولا يُصرف منها شيء إلا في مصلحته هو، أو في النفقات الواجبة عليه.
وعليه، فليس من حق الابن أن يتصرف في مال الأب كما يشاء، ولا من حق البنات أن يرثن منه؛ لأن مالكه لم يمت بعدُ، والإرث لا يصح قبل موت المورث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1427(12/7879)
الحجرعلى الأب خشية أن يكتب بيته لزوجته الثانية
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي تعدى 80 سنة بعد زواجي أنا وأخي يعيش في قريته بعيدا عنا وعن أمي، تزوج فتاة في سني حوالي 38 سنة وهي تأمره ودائما تريد أموالا ولا تعتني بصحته بالقدر الواجب، ونحن لا نراه إلا قليلا ولا يلجأ لنا إلا عند حاجته للمال، وهوله مبلغ شهري 800 جنيه البيت في القرية باسمه ونخشى أن يكتبه لزوجته وهولا يملك أن يقول لها لا، أخي تعبان معه جدا لأنه يعطيه من مرتبه الكثير، هل لنا أن نحاول أن نستخرج شهادة من طبيب بأنه لا يقدر على الإمضاء أو لا يستطيع أن يتحكم في يديه لأنه عنده الشلل الرعاش ونحن قبلنا يديه ليجلس مع أمي ونحن نخدمه وهولا يرضى وزوجته تريد دائما أموالا - سيارة أخي 3 مرات في الأسبوع - الدش وما شابه ذلك، أفيدونا بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكره السائل الكريم من أمور أبيه وكونه تزوج في سن معينة أو يسكن بعيدا عنهم ولا يرونه إلا عند الحاجة.....أو خشيتهم أن يكتب بيته باسم زوجته الثانية.. فإن ذلك لا يستدعي الحجر عليه أو استخراج شهادة تمنعه من التصرف.
ولذلك، فعليكم أن تبروا بأبيكم وتحسنوا إليه فقد قرن الله عز وجل حقه بحق الوالدين فقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24}
وإذا كان الوالد يحتاج إلى نفقة أو علاج أو ما أشبه ذلك فيجب عليكم أن تسدوا حاجته لأن نفقة الوالدين عند الحاجة واجبة.
وأما هو فلا يحق له أن يكتب البيت أو أي شيء من تركته باسم زوجته لأن ذلك بمنزلة الوصية، والوصية لا تصح لوارث.
وإذا حصل شيء من ذلك فلا يحق لزوجته منه إلا نصيبها من التركة ما لم يتنازل لها بقية الورثة عن نصيبهم بشرط أن يكونوا رشداء بالغين.
وللمزيد من الفائدة والتفصيل وأقوال أهل العلم حول مشروعية من يحجر عليه نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 56515، 18335، 14929، 74154، 1996، 1249.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1427(12/7880)
هبة المحجور علبه بسبب المرض
[السُّؤَالُ]
ـ[أردت فقط الاستفسار عن الفتوى رقم 75311 والسؤال كان برقم 2119250 فقد أفتيتم أن الدين على أبي باعتبار أن أمي لا تملك البيت إلا على الورق فقط ولكن إذا كانت أمي مالكة للبيت بالفعل فهل الدين عليها أم على أبى؟
أما بالنسبه للسؤال الثاني فعندى إستفساران أولا: ماذا لو أن أبي كان قد قرر شراء السياره لأختي عقب الحادث مباشرة ولم يكن قد ظهرت عليه أعراض المرض أصلا ولكن أثناء بحثه عن سيارة مناسبة بدأت تظهر عليه الأعراض وعلمنا نحن بالمرض ولم نخبره به، أعنى أن شراءه للسياره ليس نابعا من كونه أحس بقرب الأجل ولكنه كان سيشتريها مهما كان الوضع، ثانيا: ماذا يعني الحجر على المريض بمرض الموت من هو المسؤول عن التصرف في أمواله هل هى أمي؟ وإن كان كذلك فهل لها أن تشترى السياره لأختي من مال أبي حيث إنها هي المسؤوله عن التصرف في هذا المال بعد وصول أبي لهذه المرحله من المرض؟ هل على إخبار باقي الإخوه إذا أنا تنازلت عن حقي وآثرت الصمت عن أن لهم حق في هذه السيارة حيث إننا جميعا كنا لا نعرف أمر عدم جواز هذه الهبة؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من الدين هو على أبيكم على كل حال، لأنه هو المتحمل به، ولكن الواجب –كما بينا في الإجابة السابقة- هو أن تبادروا بقضائه ما دامت له أملاك تستطيعون سداد الدين منها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزال نفس ابن آدم معلقة بدينه حتى يقضى عنه. رواه الإمام أحمد وغيره وصححه الأرناؤوط.
ثم في سؤالك الثاني، فإن ما أفتينا به لا يتغير بما إذا كان أبوك قد قرر شراء السيارة لأختك قبل أن تظهر عليه أعراض المرض. لأنه قد حجر عليه من حين إصابته بالمرض المذكور، ولا عبرة بما كان عليه من النية، طالما أنه لم يتم تنفيذه إلا بعد الإصابة.
والحجر على المريض يعني منعه من التصرف في ماله فيما زاد على ثلثه. وأما الثلث فله التصرف فيه ما عدا تخصيص شيء منه لبعض الورثة. ويستثى من الحجر عليه دواؤه ونفقته، فله أن يتداوى وينفق ولو أتى ذلك على جميع ماله. والذي يحجر على المريض هو جميع ورثته، لأن لكل منهم الحق في متروكه.
ومن ذلك تعلم أن أمك ليست هي المسؤولة عن أمواله، وأنه ليس لها أن تشتري لأختك السيارة المذكورة من مال الأب.
وعليك أن تخبر باقي ورثة أبيك بما لهم من الحق في السيارة المذكورة، وتخبر بذلك أختك من باب النصح للمسلمين وأمرهم بالمعروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1427(12/7881)
التصرف في مال الزوجة إذا أصيبت في عقلها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كانت الزوجة عملت عملية فى المخ أثرت نسبيا على تركيزها، هل يحق لزوجها أن يفعل في مالها ما يشاء بدون أن يطلع أبناءها (من أب آخر) على ما يفعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن طرأ عليه سفه أو تغير في العقل يمنعه من حسن التصرف في المال، فإنه يحجر عليه، والحجر هو المنع من التصرفات المالية، على أنه لا بد في الحجر من حكم القاضي بذلك. فلمن له مصلحة في الحجر على السفيه ونحوه أن يرفع الأمر إلى القاضي ليحجر عليه وينصب من يقوم على ماله، بما فيه مصلحته، أما قبل الحجر فلا حق لأحد أن يتصرف في ماله إلا للنفقة عليه وعلى ما يحتاجه.
وعليه فليس للزوج أو غيره التصرف في مال الزوجة، دون أن ينصب من القاضي، وإذا نصب هو أو غيره من طرف القاضي وجب عليه حفظ مالها من التلف والضياع ونحو ذلك، كما يلزمه تنميته وقيل يستحب له، وانظر الفتوى رقم: 54950، وليس له التصرف كيف ما شاء، وإذا ثبت عليه ما يدل على التبذير، أو صرف المال في منافعه الخاصة، فيمنع حينئذ من الولاية، لقوله تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا {لنساء: 5} . وتراجع الفتوى رقم: 60620.
وأخيرا ننصح بمراجعة المحاكم الشرعية في هذه القضية ومثيلاتها، فهي التي تستطيع التأكد من كون المرأة وصلت إلى حالة يحجر على من وصل إليها، والتحقق من أهلية من ستوليه على مالها لذلك من ولد أو زوج أو غيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1427(12/7882)
مسائل في وصية المريض مرضا مخوفا والتصرف في ماله
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي فضيلة الشيخ هو: والدتي أطال الله في عمرها مريضة بمرض الزهايمر وهو ضمور في خلايا المخ وهي طريحة الفراش في المستشفى منذ سنين وعمرها حوالي 65 سنة ورثت من أخيها رحمه الله حوالي 20 مليون، هذا المال تعامل فيه المرحوم مع بنوك ربوية ومع أصدقائه منذ أكثر من 25 سنة ويأخذ عليها أرباحا وأمواله معظمها ودائع والآن منذ سنتين تقريبا حولها إلى بنوك إسلامية ورأس المال كان عن طريق التجارة الحلال ومبلغ تعويض من الحكومة عن منزله القديم ومنزله الذي كان يسكنه أسأل الله أن يتوب عليه ويرضى عنه ويغفر له ذنوبه ويعفو عنه، مرض رحمه الله العام الماضي وقام أخي باستخراج تقرير من المستشفى وأخذه للمحكمة وأصدروا له وكالة يحق له فيها التصرف في كل شؤونه وخالي رحمه الله كان في وعيه وذهب للبنك مع صديقه لاسترجاع ماله لأنه لم يرض عن تصرف أخي فاعتذروا له وطلبوا منه تقريرا آخر وورقة أخرى من المحكمة فلم يمهله المرض وتوفي رحمه الله وأصبحت والدتي هي الوريثة الوحيدة له وجاءني أخي يقول لي بأن هذه الأموال سنقوم ببناء عمارة بها فقلت له كيف نرثها وهي على قيد الحياة أطال الله في عمرها وحرام علينا مجرد التفكير بذلك وبعد وفاة خالي رحمه الله بشهرين وثلاثة أسابيع توفي أخي رحمة الله عليه وغفر له وفي نفس أسبوع وفاته أنا وقعت على ورقة وكنت في حالة حزن ولم أعرف محتواها لأنني لا يغريني المال جاءني أخي من والدي وهو أخ لزوجة أخي من والدتها وابنا أخي ووالدتهم في منزلهم ومعهم وكالة من القاضي مفادها أنني أنا القيم على والدتي ووقع عليها أخي من والدي في المحكمة مع أبناء أخي دون علمي وكان الغرض من ذلك أن أقوم بإعطاء المحامي وكالة للمطالبة بأموال خالي رحمه الله من أصدقائه لأكمل ما قام به أخي من قبل لكي لا تعرض زوجة أخي أولادها لشيء ولا تريد أن تدخل أولادها في مشاكل مع الناس وتريد أن يأتيها المال جاهزا حتى لو كان حراما عن طريقي، ويقولون لي إن والدتي ستحاسبني أمام الله بأنني لم أطالب بحقوقها وهم لا يزورونها أبدا وأنا اعترضت على ذلك فقام أخي من والدي بالاتصال بالمحامي وأحضر منه ورقة لكي أوقعها فقمت أنا بالاتصال بالمحامي وطلبت منه تأجيل المسألة وأنا في نيتي أن لا أطالب بها نهائيا لأن والدتي في غنى عنها لأن بها ربا ثم طلبوا مني أن أحضر لهم كشف حساب من البنك وقلت لهم هذا المال يجب أن نخبر الشرع عنه وهم يأخذون الإجراء اللازم ورأي المشايخ حتى لو لم يبق منه درهم المهم أن نتخلص منه أو أن نأخذ منه الحلال ورأس المال ونقوم ببناء وقف فيه لوالدتي وخالي رحمه الله عسى ان يخفف الله عنه به كونه صدقة جارية ولم يقبلوا فكرتي وقالوا لي لا تستطيعين أن تخرجي منه درهما واحدا وإذا كنت تريدين فعل الخير فافعليه من مالك بعد وفاة والدتك وليس الآن لأنك لا تملكين حرية التصرف والوكالة بيدنا وميراث أخي رحمه الله لم يعطوا منه والدتي شيئا سوى من راتب التقاعد وكان لوالدتي مالا من إيجار بيوتها منذ ثماني سنوات وكان أخي رحمه الله يعطيني منه الشيء اليسير في السنة ويضع الباقي في البنك في حسابها ويشتري به الأسهم وأنا كنت أصرف منه عليها وأتصدق عنها وأضعه في فعل الخير على حسب ما يعطيني ولم يقم رحمه الله بفعل أي شيء عنها وسحب من مالها واشترى أسهما وكتبها باسمه وأنا عندي الدليل في ورقة كشف الحساب وباسم الشركة وأيضا أسهم في جمعية تعاونية وطلبت منهم أن يبيعوها لإبراء ذمته فرفضوا أريد أن أفعل الخير لوالدتي قبل أن تموت لأنهم لن يرحموها ولن يفكروا فيها ولا يزورونها أبدا وليس لها أحد في هذه الدنيا إلا أنا من بعد الله سبحانه وتعالى، وهل الشرع يعطيني الحق في أن أتصرف في مالها بعد تنقيته لصالحها في أعمال الخير، هم يقولون أن المال ما دام انتقل لوالدتي فليس عليها ذنب وهذا حلال والذنب يقع على خالي غفر الله له والمال لم يزكه خالي رحمه الله طوال حياته فماذا أفعل هل نتخلص من المال كله أو يجوز إخراج الزكاة منه بالتقدير من المال الحلال الذي فيه، وهم الآن يريدون أن تكون الوكالة في يد الابن الأكبر هل يجيز لهم الشرع ذلك، والدتي كانت تقول لي قبل مرضها لو كان عندها المال لفعلت به الخير لها ولأهلها رحمهم الله، فهل هذه تعتبر وصية وخالي كذلك كان يريد أن يكتب لي بيته ولم يمهله المرض وهناك شهود على ذلك لأنه إذا أصبح لي ممكن أبيعه أو أجعله وقفا عنه أريد أن أساعده وكنت أقول له إنك أخطأت كثيرا في حق نفسك ولم ينفعك مالك الآن تب إلى الله واعمل الخير من مالك الحلال، فقال لي أنا لن أعود لفعل ذلك أبداً ولو يرجع أخوك مالي لي لفعلت به مساجد عني وعن أهلي، فهل هذه وصية، أفيدوني وأعينوني.. جزاكم الله كل الخير، أنا آسفة لإرسال الرسالة مرة أخرى لأني تذكرت أشياء لم أذكرها في الرساله الأولى واختصرت فيها لأنها تجاوزت عدد الحروف المطلوبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحق لكم التصرف في مال والدتكم المريضة إلا بما فيه مصلحته وتنميته بطرق الحلال وإخراج زكاته كلما حال الحول، ولا يجوز لكم أن تعملوا منه أعمالاً خيرية إلا إذا كان معها عقلها وأمرتكم بذلك فعليكم أن تنفذوه في حدود الثلث فهو الذي يحق للمريض مرضاً مخوفاً أن يتصرف فيه من ماله بدون عوض، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم. رواه أحمد وابن ماجه وغيرهما،
وأما مجرد قولها قبل مرضها لو كان عندي المال لفعلت به الخير فلا يعتبر وصية، وكذلك ما كان يقول لك خالك لا يعتبر وصية يجب تنفيذها إلا إذا قامت بينة شرعية على الوصية غير ما ذكرت.
ولكن نرجو أن ينالهما أجر من نوى الخير أو عزم على فعله، فقد روى الترمذي وغيره وصححه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة أقسم عليهن، وأحدثكم حديثاً فاحفظوه، قال: ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزاً، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر -أو كلمة نحوها- وأحدثكم حديثاً فاحفظوه، قال: إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقاً، فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علماً ولم يرزقه مالاً فهو صادق النية يقول: لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان فهو نيته فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علماً فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقاً، فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علماً فهو يقول: لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان فهو نيته فوزرهما سواء. فهذا الحديث يدل على أن الأجر والوزر يثبتان للعبد بنيتهما وعقد العزم على فعلهما، ولذا نرجو أن يكون أمك وخالك صادقين فيما قالا، فيثبت لهما الأجر، وإن كان عزمهما على فعل الخير لم ينفذ لعدم توفر الإثبات الشرعي لإرادتهما.
والواجب عليكم أن تحتفظوا بمال والدتكم جميعاً بما في ذلك ما تشكون في إباحته فإذا فاقت أصبحت هي المسؤولة عنه، وعليها أن تخرج منه الفوائد الربوية لتتخلص من حرمتها بصرفها في مصالح المسلمين العامة، وإذا توفاها الله تعالى فإن عليكم أن تتخلصوا من المال الحرام وأن تؤدوا عنها الحقوق من دين وحج وزكاة.... قبل قسم ما بقي بعد الحقوق على الورثة.
ونقول للسائلة الكريمة -جزاها الله خيراً عن والدتها وعن خالها- بأن عليها أن تستعين بالمحكمة الشرعية في هذا الأمر فهذا من أهم اختصاصاتها ولا يكلفها القيام بالواجب شيئاً مما سيرفع عنك الحرج ويجنبك المشاكل، نسأل الله تعالى أن يوفق الجميع، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتويين التاليتين: 51030، 61026 وما أحيل إليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1426(12/7883)
المرأة الرشيدة تتصرف في مالها بما شاءت
[السُّؤَالُ]
ـ[لي خال متوفى وترك مبلغا مع أخيه لابنته المتزوجة والتي هي غير مستقره في حياتها مع زوجها وهو مبلغ 14 ألف جنيه وقال له أنت المتصرف فيه بما يرضي الله وهي الآن تريد أن تساعد عمتها التي تحبها كثيرا وطلبت من عمها أن تأخذ مبلغ 2000 جنيه لتساعدها بها علما بأن خالي كان قد ساعد أخته هذه قبل وفاته ولو كان خالي على قيد الحياة لما كان أعطاها المبلغ وخالي الذى معه المبلغ أمانه يريد أن يساعد أخته على حساب مال ابنة أخيه وقد حاول أن يجد الفتوى الشرعيه لذلك ولكن ابنة خالي تأخذها العاطفة فما حكم هذا المال والأمانة ووصية خالي بأن ينمى هذا المال لمساعدتها في حياتها غير المستقره مع زوجها والتي على وشك الانتهاء لأنها قد طلقت منه مرتين وعندها بنت علما بان ابنة خالي لم تأخذ من هذا المبلغ سوى الأرباح السنوية وزوجها لايعلم عن هذا المال شيئا خوفا أن يأخذه ويبدده ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت ابنت خالك بالغة رشيدة وفي حال أهليتها للتصرف ولم يحط الدين بمالها.. فإن هبتها لعمتها صحيحة ماضية بل هي من أعمال البر وصلة الرحم المرغب فيها شرعا. والمرأة الرشيدة لها الحق في التصرف التام في مالها بما شاءت ولو زاد ما تهبه على الثلث على الراجح من أقوال أهل العلم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: تصدقن يا معشر النساء. والحديث في الصحيحين. ولتفاصيل ذلك وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتويين: 20360، 47875. وأما عمها فلا يجوز له التصرف في مالها إلا بما تقتضيه المصلحة، ولا يجوز له أن يوفر به ماله أو يقي به عرضه.. لأنه أمانة عنده يجب أن يتصرف فيه تصرف الأمين في أمانته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1426(12/7884)
متى يمنع الوالد من التصرف فيما يملك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أريد السؤال عن أمر أسري مهم وهو أن والدي كان يملك المال الوفير ولكن الله امتحنه بأن خسر أمواله ظلما من شخص (خداع) ولكن أبي للآن يعيش وكأنه يملك المال وكان معطيا أمي وكالة بشقتين ولكن بعد الخسارة قال لها بأن تتنازل عنهما رغم اعتراضي على الأمر وقلت لها إن أبي لايسأل عنا وغير مهتم بمصيرنا وغير واع يتصرف كأنه صاحب أموال وهو الآن عليه ديون ولانملك سوى رحمة الله ولكن أمي ردت علي أن المال ماله ولايجوز أن أرفض قلت لها سيضيعه هباء فماذا سنفعل بعدها لا نملك سواهما رغم أنه للشهادة لم يكن يقصر مع أمي ولانحن في شيء من المال يعطينا ما نريد وهو من النوع الكريم لأقصى حد وفعلا لقد باع إحدى الشقتين وبدأ بصرف المال على الناس لكي يبقوا معتقدين أنه مازال يملك المال الكثير ونحن في الغربة لكي نكمل التعليم ثم نعود للديار وهو لايسأل عنا وعن ما نحتاجه فما العمل هل أقنع أمي بإلغاء الوكالة لأبي في الشقة الأخرى رغم أنه يمكن أن يؤدي للانفصال لأن أبي من النوع العصبي عديم التفاهم وكل ما يريده يجب أن ينفذ وعند الخسارة يحاسب أمي لماذا تركته يفعل هذه الأمور اللاعقلانية ويؤنبها ,, لا أدري أشعر أحيانا أنني لا أعرف أبي وأحيانا أنه مريض بانفصام الشخصية لقد احترت وأخشى أن أظلمه فبدأت أفكر أفكارا جنونية بوضعه في مصحة عقلية لأنه أصبح عالة على الأسرة يسبب لها المشاكل والديون والسمعة السيئة إنه لأمر مؤلم أن يكون لي والد مثله ولكن ما العمل الإنسان لا يختار من يكون أباه؟؟ أريد حلا منطقيا وسريعا وبحيث لاتتشرد الأسرة وينفصل والدي عن والدتي وأظن أنا نحن السبب لأننا كنا دائما لا نطلب من أبي شيئا كنا نطلب من أمي فقط وهو لايعرف عنا شيئا لأننا لا نتجرأ أن نطلب منه ويعتقد أننا نعيش حياة سعيدة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أبوك قد وكل أمك بإدارة الشقتين ثم بدا له أن يفسخ هذه الوكالة، فلا يحق لأحد أن يمنعه من ذلك لأن الوكالة من العقود الجائزة، التي يحق لكل من طرفي العقد فيها أن يفسخها متى شاء. أما إذا كان قصدك بالوكالة هنا الهبة: أي أنه وهب أمك هاتين الشقتين فلا يجوز له الرجوع فيها، لأن الهبة تملك للموهوب له بقبضها، وقد حصل القبض من الأم، كما هو ظاهر السؤال. ويكون للأم بعد ذلك الحق بالتصرف في هاتين الشقتين بيعاً وهبة ونحو ذلك من التصرفات التي تجوز للمالك في ملكه، سواء كان ذلك لزوجها أو لغيره، وفي هذه الحالة فإننا ننصح بتوسيط أحد من أهل الدين والخير ليقنع والدك بأنه لا يجوز له الرجوع فيما وهب لوالدتك، وأن هذه الشقة الموهوبة هو كل ما تملكه الأسرة وتعول عليه في نفقاتها، فليس من الحكمة بيعها وصرف ثمنها في أمورٍ ليست ضرورية.
وعلى كلا الاحتمالين السابقين فإنه لا يجوز لكم منع الوالد من التصرف فيما يملك إلا إذا ثبت سفهه، والحكم بالسفه لا يثبت إلا بحكم القاضي إذ لو ترك إثباته لآحاد الناس لأدى ذلك إلى اضطراب كبير يتعذر معه ثبات الأحكام على نسق سليم، وإننا لنذكر السائلة بعظم حق الوالدين، ووجوب صلتهما وبرهما، فإن ذلك من أفضل القربات، وأعظم العبادات، وراجعي الفتوى رقم: 2894.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1426(12/7885)
الولاية على مال المحجور عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لشارب الخمر أن يأخذ وكالة عن والدته منذ ثمان سنوات وهي مريضة بفقدان الذاكرة وعمرها 64 سنة ويتصرف في مالها بقصد الاستثمار ويكون وصيا عليها ولم يعمل عنها شيئا في هذه الدنيا، أبدا أنا ابنتها أرسلت عنها حجة لأنها كانت تريد الحج ولم يأخذها ثم مرضت في السنة التالية ولها منزل للإيجار ولها أسهم في الجمعية والآن ورثت من أخيها رحمه الله، وكل شيء بيده وأنا لا أستطيع أن أفعل شيئا وزوجته وأبناؤه يساعدونه على ذلك.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا من نص السؤال هل هذه الوكالة صدرت قبل مرض أمك أو بعده، وهل هي صادرة بناء على حكم قضائي أم لا؟ وعلى كل حال، فإن حالة أمك تستدعي الحجر عليها، صيانة لمالها وحفاظا عليه من الضياع، لقوله تعالى: فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ {لبقرة: 282} .وفسر الشافعي السفيه: بالمبذر، والضعيف بالصبي والكبير بالمختل، والذي لا يستطيع أن يمل: بالمغلوب على عقله. فالله تعالى أخبر في هذه الآية أن هؤلاء ينوب عنهم أولياؤهم، فدل ذلك على ثبوت الحجر عليهم. وروى ابن أبي شيبة عن عبد الملك بن المغيرة قال: كتب نجدة إلى ابن عباس يسأله عن الشيخ الكبير الذي قد ذهب عقله أو أنكر عقله، فكتب إليه: إذا ذهب عقله أو أنكر عقله حجر عليه. قال ابن حجر في (الفتح) : والجمهور على جواز الحجر على الكبير. وأما شرب أخيك للخمر، فلا شك أن ذلك معصية عظيمة، وكبيرة من كبائر الذنوب، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتاني جبريل، فقال: يا محمد إن الله عز وجل لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومبتاعها وساقيها ومستقيها. رواه أحمد وابن حبان والحاكم بإسناد صحيح كما ذكر المنذري في الترغيب والترهيب. ورواه بنحوه أبو داود وابن ماجه، وراجع الفتوى رقم: 1108. لكن الفسق لا يمنع من تولي الوكالة على المال، كما هو مذهب جمهور العلماء، إذ لوكان صلاح الدين شرطا في جواز التصرف في المال لكان الحجر على الكافر أولى من الحجر على الفاسق، وهذا هو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة وهو وجه عند الشافعية. واستدلوا بقوله تعالى: وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ {لنساء: 6} . فلم تشترط الآية لدفع مال اليتيم إليه إلا شرطين اثنين: البلوغ والرشد، وفسر الجمهور الرشد بالصلاح في المال. واستدلوا أيضا بأن الأولين لم يحجروا على الفسقة، وبأن الفسق لا يتحقق به إتلاف المال ولا عدم إتلافه، أي لا تلازم بين الفسق وإتلاف المال. إلا إذا كان أخوك مبذرا لمال أمك غير حافظ له، أو كان مستعملا له في منافعة الخاصة، فيمنع حينئذ من الوكالة لسفهه أو لظلمه واعتدائه، لقوله تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا {لنساء: 5} . وأما إذا كان راشدا في تصرفاته المالية وغير ظالم لمن له حق في هذا المال، فلا يجوز منعه من الوكالة لمجرد فسقه. إلا أننا ننبه أن الحجر وما يترتب عليه من وكالة أو وصاية أمر خطير جدا وشائك، ولا بد من إحالته على المحاكم الشرعية، لتحقق في أسبابه، وتنظر فيمن يصلح للولاية على مال المحجور عليه، فلا يكتفى فيه بمجرد فتوى، بل المحاكم الشرعية هي التي تبت في مثل هذه النزاعات، ولا يجوز أن يحجر على شخص ويولى غيره على ماله إلا بحكم قضائي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(12/7886)
حكم الحجر على الأب المسن الذي يبخل ولا يزكي
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل عمره أكثر من 80 سنه لديه مال الكثير جدا يقول لأولاده إنه قليلا ما يزكي ماله، وأولاده في حاجة إلي مساعدة ماليه (أولاده متزوجون ومنفصلون عنه إلا واحد) ، وإذا أعانهم فبالقليل جدا وبرهن.. رجل غني ويعيش في مستوى رجل فقير حتى زوجته يبخل عنها (زوجته أكثرمن 73 سنة) إذ تضطر للعمل بما تعرفه من حرف حتى تعين نفسها والأبن الذي يقيم معها، هل يجوز شرعا الحجر على ماله أو عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 56515.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1425(12/7887)
هل يحجر على الأب المسن البخيل
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل عمره أكثر من 80 سنة لديه مال كثير أولاده يقولون بأنه قليلا ما يخرج الزكاة يعيش أولاده في حاجة إلى مال لسد متطلبات أسرهم وهو لا يعينهم إلا بالقليل أو بالرهن الأكيد أنه بخيل جدا جدا حتى على نفسه. يعيش في مستوى رجل فقير جدا بالمختصر: صاحب مال لا يزكي ماله إلا القليل ولا هو منتفع به حتى زوجته (أكثر من 75 سنة) التي تعمل بأمور ... حتى تعيل نفسها. ولا يعين أولاده المحتاجين إلى المال بشكل كبير هل يجوز الحجر (على ماله) عليه من قبل أبنائه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على أبناء هذا الرجل أن يعاملوه بلطف وأن ينصحوه برفق وأن يدفعوا تقصيره في حقهم -كما يزعمون- بالتي هي أحسن وأن يحثوه على الخير ويرغبوه فيه، ويحذروه من الشر كل ذلك بحكمة وموعظة حسنة، وعليهم أن يسلكوا لتحقيق ذلك كل السبل الممكنة المناسبة كالتحدث إليه مباشرة أو إهداء شريط أو تسليط من يسمع قوله من أهل العلم والفضل والرأي والعقل، والواجب عليه هو أن يقوم بما أوجب الله في ماله كالزكاة والنفقة على زوجته وأولاده الصغار غير البالغين إذا لم يكن لهم مال، فإن لم يقم بذلك فهو آثم، ولزوجته الأخذ من ماله بغير إذنه بقدر كفايتها وأولادها الصغار، أما الأولاد البالغون القادرون على الكسب فلا حق لهم في ماله، بل كل واحد يسعى للنفقة على نفسه وعلى عياله إن كان له عيال.
وأما الزكاة فالحاكم المسلم هو الذي يأخذها منه ويرغمه على دفعها، وأما من سواه فليس لهم ذلك، وليس لهم الحيلولة بينه وبين ماله، وإنما واجبهم حثه على أداء ما أوجب الله عليه، فإن استجاب فهو المطلوب وإلا فقد أدوا ما عليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(12/7888)
كيفية التصرف في أموال فاقد الذاكرة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أصيب والدي بمرض فقدان الذاكره ولديه أملاك عقارية، هل يجوز للأبناء التصرف فيما يملك من الصرف على المنزل وعلى بعضهم ممن ليس لديه وظيفة، واستثمار المبالغ الزائدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أيها الأخ الكريم أن هذه المسائل يرجع فيها إلى المحاكم الشرعية فهي أجدر بالفصل فيها، ولكن من حيث الجملة نقول إن زوال العقل يقتضي الحجر على صاحبه مع بقاء ملكه، وإنما يمنع من التصرف في أمواله حتى يفيق، كما جاء في المصنف أن نجدة كتب إلى ابن عباس: يسأله عن الشيخ الكبير الذي قد ذهب عقله أو أنكر عقله، فكتب إليه إذا ذهب عقله أو أنكر عقله حجر عليه. انتهى.
هذا، وإذا حجر على المغلوب على عقله فلابد من تنصيب قيم على أمواله، ويلزم هذا القيم حفظ مال المحجور عليه من التلف والضياع ونحو ذلك، كما يلزمه تنميتها وقيل يستحب له، جاء في الغرر البهية: وحفظ أموالهم أي المجنون والطفل والسفيه عن أسباب التلف، والتنمية لها حتم، أي واجب على الولي.
وأما النفقة من هذه الأموال على أبناء المحجور عليه أو على غيرهم ممن تجب نفقتهم عليه، فلا حرج فيها، فينفق من ماله بالمعروف على من تجب نفقته عليه، كما تؤدى زكاة أمواله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1425(12/7889)
تصرفات المرء قبل الحكم بسفهه
[السُّؤَالُ]
ـ[تنازلت والدتي عن نصيبها من ميراثها من ابنها لصالح أولاده وبعد سنتين من التنازل استخرجت صك ولاية علي والدتي وأرغب في إلغاء تنازل والدتي عن ميراثها من ابنها وذلك لأن لدي بينات بأن والدتي لا تحسن التصرف أثناء التنازل بموجب تقرير طبي وشهادة شهود مع العلم بأن الشهود الذين شهدوا على تنازل والدتي لا يمتون لها بصلة قرابة ولا جوار ولا معاملة معها في بيع أو شراء.
السؤال:ـ
هل يحق لي إلغاء تنازل والدتي بناء على ما ذكرت أعلاه، أرجو الإجابة وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تصرفات والدتك قبل الحكم عليها بالسفه من طرف القاضي تعتبر نافذة ومحمولة على الرشد والمصلحة.
قال العلامة خليل في المختصر -وهو مالكي المذهب- ممزوجا بالشرح:
وتصرف السفيه المهمل قبل الحجر عليه من قبل القاضي محمول على الإجازة واللزوم عند الإمام مالك وكبراء أصحابه ...
وهو الراجح إن شاء الله تعالى من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، لأن تصرفات المكلف محمولة على الرشد والمصلحة ما لم تقم بينة أو يحكم حاكم بسفهه. قال ابن قدامة في المغني: ولا يحجر عليه إلا بحكم الحاكم.
وعلى هذا، فتصرف والدتك قبل الحكم بسفهها محمول على الرشد والمصلحة، ولا يحق لك رده، كما ننبهك إلى أن شهادة الشهود لا يشترط لصحتها أن يكونوا من أقارب المشهود له أو عليه.. أو يكونوا من جيرانه..
وإنما يشترط فيهم العدالة وعدم الفسق، والسلامة من خوارم المروءة، كما قال ابن عاصم في تحفة الحكام في تعريف العدالة
والعدل من يجتنب الكبائرا * ويتقي في الأغلب الصغائرا
وما أبيح وهو في الأعيان * يقدح في مروءة الإنسان
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1425(12/7890)
لا يجوز وراثة المحجور عليه إذا كان على قيد الحياة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز توزيع تركة رجل محجور عليه وذلك بموافقة جميع الورثة وأيضا أغلب أفراد الورثة يحتاجون بشدة إلى هذا المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط ثبوت الإرث تحقق حياة الوارث بعد موت المورث، وهذا الشرط يجعل المال باقياً في ملك المرء، ولا ينتقل الحق فيه للورثة إلا بعد موت المورث.
والموت ليس له وقت معروف، والعمر ليس له حد يبلغه صاحبه حتماً، ومكان الموت مجهول، قال تعالى: وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ {سورة لقمان: 34} .
ومن كان وارثاً اليوم، فقد يصير غير وارث غدا بسبب ميلاد من يحجبه عن الإرث، ومن كان غير وارث قد يصبح وارثاً بسبب موت من كان يحجبه مثلاً.
وليس في الحجر ما يعطي الحق للورثة في إرث من هو على قيد الحياة، لأن الحجر سواء كان للسفه أو الصغر أو الجنون، فإن الأصول في هذا النوع باقية على ملك صاحبها، ولا يتصرف فيها إلا طبقاً لمصلحته هو.
وبناءً على جميع ما تقدم، فلا يصح ولا يجوز أن توزع تركة من هو على قيد الحياة، ولو وافق على ذلك جميع الورثة، ولو كانوا جميعاً في أشد الحاجة، وإذا كانوا ممن تجب على رب المال نفقتهم، فإنهم ينفق عليهم من هذا المال بالمعروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1425(12/7891)
حكم التصرف بمال فاقد الذاكرة لمصلحته
[السُّؤَالُ]
ـ[خالي يبلغ من العمر ستين سنة تقريبا أصيب بجلطة في الدماغ أفقدته ذاكرته أسال الله أن يشفيه وهو لم يتزوج وليس لديه في هذه الدنيا غيري أنا وأخي المتزوج ووالدتنا وهي طريحة الفراش أسال الله لها طول العمر، ويعيش في منزله مع خادم يعمل لديه، ولكن بعد أن مرض أدخلناه المستشفى رغما عنه وهو الآن ومنذ أسبوعين يريد الرجوع إلى منزله وهو منذ عشرين سنة تقريبا وضع ماله الحلال الذي اكتسبه من التجارة في يد أصدقائه ومعارفه ويأخذ عليها فوائد وكم نصحناه ولكن دون فائدة وبعض منهم اخذوا أمواله وهي مبالغ كبيره عرفناها من خلال الشيكات والآن أخي أخذ هذه الشيكات ليعطيها للمحامي لكي يطالب باسترجاع هذه المبالغ، وأخذ تقرير من الطبيب المعالج لكي يعرف أملاك خالي ويوقف التعامل مع أي شخص ممكن أن يسحب من أمواله لأنه لم يجد معه دفتر الشيكات وممكن يكون أحد أمضاه على شيء لا نعرفه نحن في فترة مرضه ويريد أن يستأجر لخالي شقة مع الخادم ونزوره من فتره لأخرى، ويأتي له بالطعام من المطعم وأنا معترضة على تصرفه لأن خالي مريض وممكن أن يؤذي نفسه ويريد عناية مني أنا وليس من الغريب وأريد لنا خادمة أو اثنتان لكي أستطيع أن أراعيه وأطعمه، وكل هذا من ماله من إيجار منزله ولديه مبلغ كبير من مال حلال وهو تعويض من الحكومة عن منزله القديم، وهذا من حقه وأنا لا أفكر في ماله ومنزله بقدر ما أريد له العيش الكريم في آخر عمره وأريد أن نأخذ من أمواله ونضعها في شيء ينفعه في آخرته وعن والديه رحمهم الله لأنه لم يفعل شيئا عن نفسه ولا عن أهله أبدا ولم يحج عنه وعنهم ولم يزك ولم يرحم نفسه وعندما كنت أقول له أن الدنيا فانية ولن ينفعنا فيها إلا العمل الصالح كان يقول لي إن شاء الله سأترك الربا وافعل كل شيء فيه الخير عني وعن والدي إلى أن فقد ذاكرته أسال الله العلي العظيم أن تعود له ذاكرته ويتوب لله ويرحمه ويرحمنا أجمعين وسؤالي فضيلة الشيخ كيف نتصرف في هذه الحالة كيف لنا أن نعرف ماله الحلال الذي أبتدأ به التجارة وماذا نفعل بباقي المال الذي تعامل به بالربا والأموال التي في الشيكات بها ربا كذلك فكيف نعرف قدر المبلغ الحلال وكذلك لديه ودائع وهل من حق أخي أن يسحب من ماله ويستثمره أنا أرى أنه ليس لدينا الحق في درهم من ماله إلا لمصلحته وأقول لأخي لو نتركها معهم ونريح أنفسنا وننفعه بماله الحلال كله هذا أفضل لنا وله.. أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن تعاطي الربا منكر شنيع، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [البقرة:278] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا ... الحديث أخرجه الشيخان.
ومن المنكرات كذلك عدم إخراج الزكاة، وعدم الحج للمستطيع، وعدم الاكتراث بالأحكام الشرعية، ونرجو الله أن يعيد إلى خالكم ذاكرته ويشفيه من المرض حتى يتوب من كل هذه الآثام.
وفيما يتعلق بالتصرف في ماله.. فإن الذي يجوز لكم منه هو الإنفاق عليه ومداواته لا غير ذلك، ويجوز له هو إذا رجع إليه وعيه مع استمرار المرض أن يتصرف فيما كان بمعاوضة مالية، وأن يتصدق أو يوصي بما لا يزيد على ثلث ماله، قال الشيخ محمد عليش في منح الجليل: والحجر على المريض في غير مؤنته أي المريض وغير تداويه أي المريض، فلا يحجر عليه فيهما، إذ بهما قوام بدنه، وفي غير معاوضة مالية فلا يحجر عليه في المعاوضة المالية كبيع وشراء.... بغير محاباة زائدة على الثلث.
فلا يجوز -إذاً- أن تتصرفوا في ماله إلا بما ذكر لأن المال بعد موته سينتقل الحق فيه إلى الورثة.
وتمييز ماله الحلال عن ماله الحرام مع الكيفية التي ذكرت أمر صعب جداً ويحتاج إلى أهل الخبرة وإلى معاينة الأمور، ولا بد فيه من استخدام طرق معقدة من الحساب.
فالصواب أن يترك المال إلى أن يتضح أمره هو، فإن شفاه الله قام بنفسه بذلك باستجلاب أهل الخبرة وتحرير المدد والنسب، وما كان من ذلك حاصلا من الربا وما لم يكن، إلى أن يصفي المباح منه فينتفع به كيف أراد.
وما كان حاصلاً من الربا فواجبه أن يصرفه في المصالح العامة للمسلمين بنية التخلص منه لا بنية الصدقة، وأما إن كانت الثانية وانتقل المال إلى الورثة فالذي يبت فيه حينئذ هي المحاكم الشرعية، وسيكون لها من وسائل البحث والتحري في المسألة ما يمكنها من إيصال كل حق إلى صاحبه وإجلاء الأمور.
فعلى أخيك -إذاً- أن لا يتصرف في المال إلا باستيفاء ما كان من نحو دين أو استرجاع شيء ضائع وما أشبهه مع التوثيق لكل ذلك والإشهاد عليه، وقبل القيام بأية خطوة في الموضوع.
فعليكم أن تخبروا المحكمة الشرعية حتى تشرف هي بنفسها على ما فيه، أو تعين له قيماً مشرفاً على ذلك.
ولا بأس بالفكرة التي أشرت إليها أنت في علاج ورعاية خالك، ولكن لا تفعلوا شيئاً من ذلك إلا بأمر من المحكمة الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1425(12/7892)
تصرف المرء في ما يملكه نافذ
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطت الأم لابنها الحق في سحب مالها من البنك لعدم قدرتها على ذلك، وشك الأخوات في أن أخاهم يأخذ مال أمه ليستفيد منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أعطت الأم ولدها الحق في سحب مالها أو الاستفادة منه فلا ينبغي أن يكون ذلك سبباً في الشقاق والخصام، فالمال مال الأم ولها أن تتصرف فيه كما تشاء، هذا إذا تحقق الأمر، فكيف وهو مبني على الظنون كما يظهر من السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1425(12/7893)
هل يجوز الحجر على الأب إذا كان لا يحسن التصرف في ماله
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق قام بحجز مال أبيه ومنعه عنه بحجة أن أباه لا يتصرف في ماله بشكل صحيح (كان أبوه في السابق من شاربي الخمر وقد توقف عن ذلك منذ فترة على حد علمي) ، علماً بأن لأبيه أطفالاً قصراً غيره يحتاج للصرف عليهم كما أنه مريض ويحتاج للعلاج بهذا المال، فهل يجوز له ذلك أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لهذا الابن منع أبيه من التصرف في ماله، بل إن ذلك نوع من العقوق، ولو قُدر أن أباه لا يحسن التصرف في إنفاق المال، فالواجب عليه بذل النصح له بأسلوب طيب، وأن يستعين في ذلك بمن يرجو أن يكون لقوله تأثير على أبيه، ولو وصل الأمر بوالده إلى حد السفه في إنفاق الأموال فيجوز له أن يرفع أمره إلى القاضي الشرعي لينظر في أمره، فهو الذي يملك حق إصدار الحكم عليه، وتراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 14929، 24607، 36437.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(12/7894)
السفيه لا يمكن من ميراثه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة على رسول الله
أفيدونا بالله عليكم في شاب منحرف أخلاقيا (مدمن) إذا اعطيناه ميراثه الشرعى ازداد إفساداً (يقينا) فهل يصح شرعا أن نعطيه ميراثه الشرعي في صورة مرتب شهري إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولاً؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالشاب المذكور في السؤال له حكم السفيه، لأنه يضيع المال على خلاف مقتضى الشرع والعقل، وذلك بإنفاقه في أمر محرم شرعاً، متفق على قبحه بين العقول الصريحة، ومن كان هذا حاله لم يجز تمكينه من ماله ميراثاً كان أو غيره، لقول الله تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً [النساء:5] .
إلى أن قال الله تعالى: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ [النساء:6] .
فجعل غاية إمساك المال عنهم حصول الرشد، والذي ينفق أمواله في شرب الخمر وأنواع المعاصي ليس برشيد قطعاً، قال ابن المنذر: أكثر علماء الأمصار من أهل الحجاز والعراق والشام ومصر يرون الحجر على كل مضيع لماله صغيراً كان أو كبيراً. انتهى.
وقال ابن قدامة: قال أكثر أهل العلم: الرشد الصلاح في المال، والإنسان إذا كان ينفق ماله في المعاصي كشراء الخمر وآلات اللهو، أو يتوصل به إلى الفساد، فهو غير رشيد لتبذيره ماله، وتضييعه إياه في غير فائدة. انتهى.
علماً بأن الأب هو الذي يتولى مال السفيه، فإن لم يكن له أب فوصيه الذي يوصي الأب به، فإن لم يوص الأب بمن يتولى أمره، فللحاكم أن يعين وصياً أميناً، أو يتولى الحاكم أمره بنفسه أو بنائبه، فإن لم يوجد حاكم، أو وُجد لكن تعطلت وظيفته، فيتولى أمره أحد الأمناء من أقاربه أو غيرهم، هذا إذا كان السفه غير طارئ، فإن كان الشاب المذكور راشداً ثم طرأ عليه السفه فسبيل الحجر عليه يكون عن طريق القاضي، لأن إثبات السفه يحتاج إلى نظر، ونظر القاضي أولى من نظر غيره، وكذا التصرف في ماله مرده إلى الحاكم.
فعلى الإخوة السائلين أن يتبعوا الخطوات التي ذكرناها، فإذا استقر الأمر على من يتولى أمر هذا الشاب، جاز له أن يتصرف في ماله بما يصلحه، سواء كان بالصورة المذكورة أو غيرها، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 33965، 27452، 22747.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1424(12/7895)
لا حرج في مساعدة الخطيبة لخطيبها دون علم أهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تمكن لي مساعدة خطيبي بالمال بدون علم أهلي؟ هل هذا جائز أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة التصرف في مالها بما شاءت من هبة أو نحوها، ما لم يقم بها مانع شرعي، وقد سبق أن بينا هذا في الفتوى رقم: 9116 إذا ثبت هذا؛ فلا حرج عليك -إن شاء الله- في مساعدة خطيبك بالمال دون إذن أحد من أهلك، إلا أنه ينبغي عليك التنبه إلى أنك لا تزالين أجنبية عنه، ما لم يتم العقد الشرعي، فلا يحل له الجلوس أو الحديث معك إلا لحاجة، وبوجود محرم، أو بوجود من تنتفي به الخلوة، مع لبس الحجاب وأمن الفتنة.
ولمزيد من الفائدة راجعي الفتاوى: 2689، 1151، 26564.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1424(12/7896)
حكم الحجر على الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يبيح الدين الحجر على الأب من طرف أبنائه إذا ما كان الأبناء صالحين وأمهم ويخافون من تصرف الأب غير المسؤول في ممتلكات هي في الواقع مشتركة مع أبنائه لكن لايملكون معه حجة قانونية في ذلك والأب يستغل هذه النقطة للضغط ,علما أن صحته عادية وعمره 65 سنة لكنه لا يخاف الله في أفعاله، وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحق الوالدين في الإسلام عظيم، فبرهما من أعظم القربات، وعقوقهما من أكبر الكبائر، وحجر الأولاد على أبيهم من أن يتصرف في أمواله عقوق وظلم، ما لم يكن سفيهًا أو مجنونًا، وإذا كانت على أبيهم ديون حالة لا تفي أمواله بسدادها، فلأهل الديون طلب الحجر من الحاكم، ولا يجوز للأبناء طلب الحجر لأجل ذلك. وراجع الفتوى رقم: 18335.
نعم لهم أن يحجروا عليه من التصرف في أموالهم هم إن استطاعوا، وعليهم أن يعطوه من أموالهم - إذا احتاج - قدر حاجته. وإذا كان الأب يحجد أموال أبنائه التي تحت يده ولا بينة لهم عليها، فلهم أن يأخذوها أو ما يعادلها بدون رضاه وعلمه، ولو خلسة أو بحيلة. وهذه المسألة تسمى بمسألة الظفر، وقد تقدم الكلام عنها في الفتويين التاليتين: 18260، 28871.
والأصل في مسألة الظفر هو حديث هند بنت عتبة في الصحيحين، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ، مَا يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ، وفيه أن الابن والزوجة في مسألة الظفر كغيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(12/7897)
لا يحال بين صاحب العقل السليم وبين تصرفه في ماله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
والدنا، أطال الله في عمره، قد تجاوز السبعين من العمر، وهو قد تزوج منذ حوالي السنتين بعد وفاة والدتنا.، رحمها الله
المشكلة تكمن في أن زوجة أبينا تحاول إبعاده عن أبنائه وبناته العشرة وجميعهم متزوجون ولهم أبناء. وما نخشاه هو أن تحاول التأثير عليه لكي يسجل كل ما يملكه باسمها.
السؤال هو: هل من وسيلة شرعية نمنع بموجبها أي محاولة لنقل أملاك والدنا إلى زوجته التي ضمن لها الشرع حصتها من الميراث في حال وفاة زوجها في حياتها.
أو هل من وسيلة شرعية نثبت بها حقنا في ميراث أبينا قبل وفاته. وجزاكم الله كل الخير.
ملاحظة: علاقتنا مع والدنا جيدة وهو راض عنا جميعنا ولله الحمد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان والدكم لا يزال عقله وافراً لم يتغير بسبب الكبر فهو حر في ماله يتصرف فيه كيف يشاء، ولا سبيل إلى الحيلولة بينه وبين ماله، ولا بأس بنصحه وحثه على عدم تسجيل ممتلكاته أو جُلِّها لهذه الزوجة، وترك أولاده دون شيء، وليكن ذلك بواسطة أحد أصدقائه الصالحين الذين تثقون بهم، وأما إن كان عقله قد تغير بسبب الكبر فقد سبقت لنا فتوى فيها بيان الطريق الصحيح للتعامل معه وهي برقم 18335
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1423(12/7898)
هل للزوجة منع زوجها من استعمال سيارتها
[السُّؤَالُ]
ـ[اشترت زوجتي من مالها الخاص سيارة على أن أقودها أنا، ولكن في بداية الأمر رفضت لأنها اشترطت علي عدم استخدامها لنقل أهلي ثم وافقت على أن أنقل أمي وأخواتي ولكن في بعض الأحيان أوصلها إلى أهلها ُثم أوصل أمي فإذا تأخرت عليها غضبت وقالت إنها مالكة السيارة ولايجوز لي أن أتأخرعليها وغيرها إلخ
سؤالي هو أني بما أني أقود السيارة فلي الحق أيضا أن أوصل بها أهلي وهل أنها على حق في أن تمنعني من ذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تصرفك في سيارة زوجتك واستخدامك لها في غير ما اتفقتما عليه تعدٍ منك وظلم لزوجتك، وكونك سائق السيارة لا يسوغ لك استخدامها بغير رضاها، ولكن لك أن تمتنع من قيادة السيارة إلا بأجرة أو بموافقة الزوجة على أن تستخدمها فيما يخصك أنت عند الحاجة إلى ذلك، ومن ذلك توصيل أمك وإخوتك.
وعليه فإذا أردت أن تستخدم السيارة في أمر ما من مصالحك ولم تكن قد اشترطته على الزوجة فإن أذنت فلله الحمد، وإلا فلا يجوز لك التعدي عليها.
والتعدي على أموال الزوجات كالتعدي على مال غيرهن، وراجع الجواب رقم 12162 والجواب رقم 483
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1423(12/7899)
أقوال العلماء في تبرع الصغير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لفتاة عمرها 16 سنة التصدق بحليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإسلام يحث على فعل البر والتسابق إلى الخير، قال تعالى: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92] . وقال تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ [المائدة:48] .
وكان السلف الصالح رجالاً ونساء يتسابقون لفعل الخير وبذل أغلى ما يملكون في سبيل دينهم ومرضاة ربهم.
وإذا كان المتبرع أو المتصدق صغيراً لم يجرب وكان المتبرَّع به كثيراً فإن إنفاذ ذلك يتوقف على إمضاء ولي أمره، والأصل من ذلك قول الله تبارك وتعالى: حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ [النساء:6] .
ومذهب مالك: أن الصغير إذا بلغ وآنس الولي منه رشدا: دفع إليه ماله ورفع عنه الحجر، وزاد للأنثى أن تتزوج ويدخل بها الزوج وتجرب الحياة مدة، ويشهد عليها أنها أهل للتصرف وحفظ المال.
أما الأئمة الآخرون فلم يشترطوا لرفع الحجر عن الصغير إلا البلوغ والرشد، وفي رواية أخرى عن الإمام أحمد أنه اشترط الزواج والولادة أو طول التجربة، وهذا قريب من مذهب الإمام مالك -رحمه الله- وقد استدلوا لذلك بما في سنن سعيد بن منصور عن شريح القاضي أن عمر رضي الله عنه عهد إليه إلا يجيز عطاء الجارية حتى تتزوج وتلد ولداً ولم يعرف له مخالف من الصحابة فكان شبه إجماع.
والخلاصة: أن تبرع هذه الفتاة إذا أمضاه أبوها فهو جائز، أو كانت متزوجة ومجربة للحياة والتصرف في المال ... فهو جائز كذلك وأما إذا لم تكن كذلك فلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1423(12/7900)
مشروعية الحجر على من تغير عقله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد خاتم الرسل
سؤالي يتعلق بالعلاقة بين الوالد وأبنائه. ما هي الطريقة الشرعية الصحيحة لحفظ أموال الأب إذا كان هذا الأخير فقد وعيه نسبيا ولا يعرف ثمن الشيء. خاصة وهو ينسى ما يقوله في الساعة التي تلي قوله الأول. أولاده في حيرة لا يريدون التصرف بدون إذنه ولا يريدون إزعاجه إذا خالفوه. الأب في سن 92 عاماً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص جماعة من الفقهاء على مشروعية الحجر على من كبرت سنه وتغير عقله، لأنه لا يحسن التدبير وتصريف المال كالمجنون والمعتوه ونحوهما، وقد روى عبد الرزاق في مصنفه: أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله عن الشيخ الكبير الذي قد ذهب عقله أو أنكر عقله؟ فكتب إليه إذا ذهب عقله أو أنكر عقله حجر عليه.
وعليه، فإذا كان والدكم كما وصفتم في سؤالكم فعليكم بالإحسان إليه وطاعته وبره بالمعروف، وحولوا بينه وبين التصرف في المال مؤقتاً ويكون ذلك برفق وحكمة.
ريثما تبت المحاكم الشرعية في الحكم على حاله هل هو حال من يجب أن يحجر عليه أم لا؟ وعليكم بالمبادرة برفع الأمر إلى هذه المحاكم في أسرع وقت ممكن فهي وحدها المخولة بالحكم عليه.
فإن قضت بأنه محجور عليه فلا عقوق في تنفيذكم للحجر عليه ما دامت المحاكم قد قضت بذلك، ولكن عليكم دائماً بالرفق به والإحسان إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1423(12/7901)
المسرف قد يحجر القاضي عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي مسرف إلى حد كبير ويعمل بالقطاع الخاص أي أن عمله هو مصدر الرزق لنا الآن وهو لا يوفر شيئا للزمن مع العلم أن له ولدين ففكرت أن أقوم بتوفير جزء من ماله للزمن مع العلم أنني حاولت معه أن يوفر شيئا للأبناء ولكن دون جدوى فما حكم ما أقوم به مع العلم أني أخاف على زوجي وأولادي لحد كبير كذلك أخاف الزمن والحاجة من أحد
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا وصل الأمر بزوجك إلى عدم إحسان التصرف في ماله، بحيث يصح أن يطلق عليه أنه سفيه في تصرفاته المالية، وإن كان صالحاً من الناحية الدينية، فإنه يجوز لك رفع أمره إلى القضاء الشرعي ليقوم بالحجر عليه، ولا يحل لك أن تصدري عليه هذا الحكم من قِبَلِ نفسك، ولا أن تمارسي أنت الحجر عليه؛ ولو بعد صدور الحكم. ويجب التنبه إلى أن مثل هذه الأمور -أعني: الإسراف والتبذير والسفه- تختلف فيه أنظار الناس، فلا بد من جهة تضبط هذا الأمر بالضوابط الشرعية، ولا يوجد في هذا الباب إلا القضاء.
ويمكنك اتخاذ إجراء آخر، غير أخذ ماله بدون علمه، كأن تنصحيه أو تطلبي من أقاربه ومن يعرفونه أن ينصحوه، ولا بد في النصيحة من أن تكون بالحكمة التي تستدعي التلطف ولين القول، دون الغلظة والفظاظة والشدة، فإنها لا تزيد المرء إلا نفوراً، ومن الآيات الدالة على ذلك، قوله تعالى: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) [الإسراء:26،27] وقوله تعالى: (إنه لا يحب المسرفين) [الأنعام:141] والتذكير بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الشدة والفاقة، وقلة المؤونة، وما يعانيه المسلمون اليوم من فقر وحاجة، كل ذلك يؤتي ثماره ويحول وجهته - إن شاء الله - وقبل كل ذلك وبعده الدعاء له بالهداية وصلاح الحال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1423(12/7902)
للمرأة ذمة مالية مستقلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا عن الذمة المالية للمرأة هل هي مستقلة عن الرجل أي هل لي أن أتصرف في مالي كيفما شئت وبدون علم زوجي طبعا في حدود الشرع والدين مثلا كصدقة أو هدايا للأهل والأصدقاء وأرجو الاستدلال وإعطائي الحجة إذا كنت على صواب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن للمرأة حق التصرف المطلق في مالها: تبرعاً أو معاوضة، ما لم يقم بها مانع من جنون أو سفه أو حكم حاكم بإفلاسٍ، إذ هي كالرجل في هذا الباب، وليس لزوجها منعها من أي تصرف في مالها، هذا هو رأي أبي حنيفة والشافعي وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد، لعموم قوله تعالى (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً) [النساء:6] . فمن وجب دفع ماله إليه لرشده، جاز له التصرف فيه من غير إذن أي أحد.
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن" وأنهن تصدقن فقبل صدقتهن ولم يسأل ولم يستفصل، وأتته زينب امرأة عبد الله بن مسعود وامرأة أخرى زينب، فسألنه عن الصدقة هل يجزئهن أن يتصدقن على أزواجهن وأيتام لهن؟ فقال: "نعم" ولم يذكر لهن هذا الشرط.
وذهب الإمام مالك والإمام أحمد في الرواية الأخرى عنه إلى أن المرأة ليس لها التبرع بما زاد على الثلث من مالها، محتجين بأحاديث قال أهل العلم بالحديث إنها ضعيفة لا تصلح للاحتجاج، منها: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبة خطبها: " لا يجوز لامرأة عطية في مالها إلا بإذن زوجها" رواه أبو داود وغيره. وقالوا: إن حق الزوج متعلق بمالها فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تنكح المرأة لمالها وجمالها ودينها" والعادة أن الرجل يزيد في مهر المرأة من أجل مالها، ويتبسط فيه وينتفع به، ولكن القول الأول هو الراجح، مع أن الأحوط للمرأة العمل بالقول الأخير لأنه يهدف إلى صيانة العشرة بين الزوجين ودوام استمرارية الحياة الزوجية وسعادتها، لما فيه من استطابة نفس الزوج، وكل ذلك أمر يرغب فيه الشارع وينظر إليه كثيراً.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1422(12/7903)
يحق للزوجة التصرف في مالها مع مراعاة الأمور التالية
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد السلام عليكم أريد أن أعرف مدى حق المرأة العاملة المتزوجة فى التصرف فى دخلها الخاص من عملها هل يحق لها أن تتصرف فى جزء منه دون الرجوع إلى زوجها واستئذانه وهل يجوز لها إخفاء بعض هذه التصرفات المالية عنه؟ مع العلم أنها في أمور مباحة مثل: مساعدة أحد الأقارب مثلا، أو مجاملة بعضهم لعدم الإحراج.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن للمرأة الحق في التصرف في جميع مالها راتباً كان أو أملاكاً إذا كانت حرة رشيدة ما دام ذلك التصرف في دائرة المباح ومن باب أولى إذا كان ذلك في القربات والطاعات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته المشهورة أمر النساء أن يتصدقن ولو من حليهن ولما تصدقن قبل منهن ما تصدقن به. ولم يسألهن هل يملكن غير ما تصدقن به وهل استأذن أولياءهن ـ أزواجاً أو غير أزواج ـ في ذلك؟. وهذا هو قول جمهور الفقهاء. ولكن ننصحك أن لا تتصرفي تصرفاً يغضب زوجك عليك، أو يثير بينكما مشاكل تنشأ عنها أمور قد لا تحمد عقباها. علما بأن بعض العلماء ومنهم الإمام مالك رضي الله عنه "قالوا إنه لا حق للزوجة أن تتصرف فيما فوق الثلث من مالها إلا بإذن زوجها. ولهم أدلتهم على ذلك. ومن جميل العشرة أن تستأذني زوجك فيما تفعلين، وأولى الناس بمعروفك زوجك وأولادك والأقرب فالأقرب، وإن أردت أن تساعدي بعض الأقارب أو تجامليهم ـ كما ذكرت ـ ورأيت أن ذلك يغضب زوجك فلا بأس أن تخفي ذلك عنه.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1422(12/7904)
للزوجة حق التصرف في مالها في أوجه الحلال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في راتب الزوجة التي تعمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه -أما بعد:
فإن مال الزوجة، مال خاص بها، ولها في الشرع حق التملك للمال والتصرف به في أوجه الحلال كتجارة وغيرها من بيع وشراء وصدقة، وفيه تجب الزكاة المفروضة إذا بلغ نصابا وحال عليه الحول، وليس من حق الزوج أن يتسلط على مالها أو يأخذه منها إلا بطيب من نفسها. ولكن يستحب لها إذا أرادت أن تتصرف في مالها ولو بأن تتاجر فيه أن تستأذن زوجها وتستأمره. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1422(12/7905)
هل تعطى الأرض لمن يحييها إذا تركت لأكثر من ثلاث سنوات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن قطعة الأرض عند من لم يستخدمها لأكثر من ثلاث سنوات يمكن أن تعطى لشخص آخر يقوم بإحيائها؟ وما هي الشروط المتعلقة بهذا الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الأرض ملكاً له فلا يملك أحد أن ينزعها منه ولو لم يستخدمها أحد مئات السنين.
أما إذا كانت غير مملوكة له، وإنما هي أرض موات ليست لأحد وقد وضع يده عليها ليحييها فنصب عليها أحجاراً، أو غرز خشباً فيها، أو نصب أسلاكاً شائكة عليها، أو نحو ذلك مما يدخل عند العلماء فيما يعرف بالتحجير، ولم يقم بإحيائها وطالت المدة عرفاً، كنحو ثلاث سنين، قال له الحاكم: إما أن تحييها فتملكها، أو تتركها لمن يحييها، إن كان هناك من يطلب إحياءها.
قال في كشاف القناع من كتب الحنابلة: " فإن لم يتم إحياؤه" أي إحياء ما تحجر مما تقدم (أو طالت المدة عرفاً كنحو ثلاث سنين قيل له) أي: المتحجر (إما أن تحييه) فتملكه (أو تتركه) لمن يحييه (إن حصل متشوف للإحياء) ؛ لأنه ضيق على الناس في حق مشترك بينهم فلم يمكن من ذلك، كما لو وقف في طريق ضيق، أو مشرعة ماء أو معدن لا ينتفع ولا يدع غيره ينتفع ". ... ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1428(12/7906)
حكم وضع اليد على الأرض
[السُّؤَالُ]
ـ[هل وضع اليد على الأرض حرام شرعاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الأرض مواتا غير مملوكة لأحد فلا مانع شرعاً من وضع اليد عليها وإحيائها بالاستغلال بما فيه نفع لمن وضع يده عليها، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أحيا أرضا مواتا من غير أن يكون فيها حق لمسلم فهي له. رواه البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم: من سبق إلى مباح فهو أحق به. رواه أبو داود وغيره.
أما إذا كانت الأرض ملكاً للغير فلا يجوز وضع اليد عليها أو استغلالها إلا بإذن صاحبها، وللمزيد من التفصيل والفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 42430، 56736، 71817 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1427(12/7907)
استرجاع عمر ما عجز بلال بن الحارث عن عمارته
[السُّؤَالُ]
ـ[فقد حدث يونس بن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر قال: جاء بلال بن الحارث المزني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقطعه أرضاً فقطعها له طويلة عريضة، فلما ولي عمر قال له: يا بلال إنك استقطعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضا طويلة عريضة فقطعها لك، وإن رسول الله عليه السلام لم يكن يمنع شيئاً يسأله وأنت لا تطيق ما في يديك، فقال: أجل، فقال: فانظر ما قويت عليه منها فأمسكه وما لم تطق وما لم تقوى عليه فادفعه إلينا نقسمه بين المسلمين، فقال: لا أفعل والله شيئاً أقطعنيه رسول الله، فقال عمر: والله لتفعلن، فأخذ منه ما عجز عن عمارته فقسمه بين المسلمين. هل ما فعله عمر رضي الله عنه إجماع سكوتي أم هو فعل اجتهادي من ولي الأمر؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث بنصه أخرجه البيهقي في سننه وله روايات أخرى عن أبي داود وغيره، ومقتضاه أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بلالاً بن الحارث أرضاً طويلة عريضة وفي رواية عند البزار أنه أقطعه المعادن القبلية جلسيها وغوريها، وعند الطبراني أنه أقطعه العقيق، قال الألباني رحمه الله في إرواء الغليل: وبالجملة فالحديث بمجموع طرقه ثابت، ومهما يكن من أمر فقد كان ما أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم لبلال بن الحارث كثيراً جداً وكان ذلك بغرض استصلاحه وإحيائه، لأنه يدخل في عمارة المدينة، فلما كان عهد عمر رضي الله عنه وجد أن بلالاً بن الحارث عجز عن إحياء الأرض كلها، فقال له: خذ ما تستطيع إحياءه واترك الباقي ندفعه لمن ينتفع به، وعند ابن خزيمة في صحيحه: فلما كان عمر رضي الله عنه قال لبلال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقطعك لتحجزه عن الناس لم يقطعك إلا لتعمل. ففهم عمر هذا الفهم وهو مقتضى المصلحة فكان اجتهاداً منه وافقه عليه الصحابة ولم يعلم له منهم مخالف، فكان ذلك إجماعاً سكوتياً منهم، ولا تعارض بين الاجتهاد والإجماع، فالمجتهد يجتهد في المسألة ويحكم فيها فإذا وافقه باقي المجتهدين عليها وأقروا حكمه أو لم يعلم له منهم مخالف كان ذلك إجماعاً على ما ذكرنا في الفتوى رقم: 28730، والفتوى رقم: 62408.
قال ابن قدامة في المغني: فصل: ولا ينبغي أن يقطع الإمام أحداً من الموات إلا ما يمكنه إحياؤه لأن في إقطاعه أكثر من ذلك تضييقاً على الناس في حق مشترك بينهم بما لا فائدة فيه، فإن فعل ثم تبين عجزه عن إحيائه استرجعه منه كما استرجع عمر من بلال بن الحارث ما عجز عنه من عمارته من العقيق الذي أقطعه إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومثل تلك القصة قصة أبيض بن حمال لما استقطع النبي صلى الله عليه وسلم الملح بمأرب فأقطعه إياه فقيل له إنما أقطعته الماء العد، فقال صلى الله عليه وسلم: لا إذن فرده. قال ابن قدامة في المغني: لأن فيه ضرراً بالمسلمين وتضييقاً عليهم، ولأن هذا تتعلق به مصالح المسلمين العامة فلم يجز إحياؤه ولا إقطاعه كمشارع الماء وطرقات المسلمين، قال ابن عقيل: هذا من مواد الله الكريم وفيض جوده الذي لا غناء عنه فلو ملكه أحد بالاحتجاز ملك منعه فضاق على الناس. وقصة أبيض بن حمال أخرجها أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1427(12/7908)
المالكية وإقرار التملك بالحيازة
[السُّؤَالُ]
ـ[يقر المذهب المالكي تملك -حيازة- العقار بوضع اليد استنادا لحديث -من حاز شيئا لعشر سنين فهو له- ويبنون على هذا الحديث شروطا وتفريعات، الألباني ضعف هذا الحديث، فهل يجوز لي اختيار مذهب المالكية لما فيه من تفصيل وفقه أم يلغى كل ذلك النتاج الضخم لمجرد أن دليلهم ضعيف، مع العلم بأن الإباضية والحنابلة نقلوا عن المالكية ذات الحكم والدليل، أفتونا مشكورين مع الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجواب على سؤالك هو أن العلماء قد أجمعوا على أنه لا يجوز تتبع الرخص في المذاهب طلباً للتخفيف واتباعاً للهوى لأن الله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ {القصص:50} ، ويقول في معرض ذم الكفار: إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى {النجم:23} ، إلى غير ذلك من الآيات، وقال العلماء: لو أخذت برخص كل فقيه لتجمع فيك الشر كله. فلا يجوز التنقل بين المذاهب وأخذ قول البعض وترك البعض إلا لطلب الدليل واتباع الراجح.
أما ما استند إليه المالكية ومن وافقهم من العلماء بإقرار التملك بالحيازة ووضع اليد لمدة معلومة فقد استندوا في ذلك إلى جملة من الأحاديث منها ما أخرجه أبو داود والترمذي بسند صحيح من حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أحيا أرضا ميتة فهي له.
ولما رواه البخاري من حديث عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من عمر أرضا ليست لأحد فهو أحق بها. وقضى بذلك عمر في خلافته، ولما رواه أبو داود عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحاط حائطاً على أرض فهي له. وصححه ابن الجارود.
والحديث الذي ذكرته وهو -كما ذكر الشيخ الألباني رحمه الله- ضعيف سندا، والمالكية ومن وافقهم إنما احتجوا به في المدة، واستأنسوا به في ذلك كما قال ابن عاصم، وقد اتفق الفقهاء على أن الإحياء سبب للملكية لا خلاف في ذلك، وإنما اختلفوا في بعض التفريعات كإذن الإمام والقرب والبعد من العمران ونحوه، فإن كان ما حيز ملكا للغير فإن حقه يسقط، واختلفوا في المدة التي يسقط بها فبعضهم يقول ثلاث سنين؛ لما رواه سالم بن عبد الله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال على المنبر: من أحيا أرضا ميتة فهي له. كما عند البخاري، وقد رفعه طاووس، وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه بسند جيد.
وحدها بعضم بأكثر من ذلك، وقد حدها المالكية بعشر سنين ونحوها كتسع وثمان كما قال ابن العربي، قالوا: إذا حاز الأجنبي أصلاً كدار أو أرض أو نحو ذلك كان شريكا أم لا وادعى الملكية وتصرف فيه عشر سنين تصرف الملاك بالهدم أو البناء أو غير منازع له في ذلك وكان حوزه له بحق شرعي كإرث أو شراء لا بغصب ونحوه فيستحقه.
وأما مجرد الحوز بدون استناد إلى سبب معتبر -كما تقدم- فلا ينفع مدعيه إذا ثبت أصل الملك لمنازعه فيه، فإذا مضت المدة وقام غيره يدعيه لنفسه أو لموكله وأدلى بحجة، فإن كان له عذر في السكوت في تلك المدة حكم له،وإلا فيقال له قد استحق الأصل حائزه وانقطعت حجتك حيث كنت حاضراً عالما غير ممنوع من الإنكار كما في المدونة، ونفي المانع في غير الأصول يختلف باختلاف المحوز والمسألة قضائية في جانب كبير منها موكلة إلى نظر القاضي، وجلُّ ما فيها هو اجتهاد محض فالأمر فيها متسع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1426(12/7909)
إحياء الموات ... ضابطه ... وشروطه
[السُّؤَالُ]
ـ[1-بسم الله الرحمن الرحيم
كانت القبائل في جنوب المملكة السعودية تسيطر على الأراضي الجبلية العامة قبل تأسيس البلديات التي أصبحت تسيطر الآن على تلك الأراضي بحكم نظام الدولة ولم يعد للقبائل سيطرة عليها.
السؤال:
ما حكم التملك في هذه الأراضي بالإحياء الشرعي على الرغم من معارضة بعض أفراد القبيلة لمن يحاول ذلك كونهم شركاء سابقين في تلك الأراضي قبل أن تتولى الدولة أمرها خاصة وأن البعض يستطيع الإحياء والبعض لا يستطيع ,علماً بأن الإحياء في المملكة يجب أن يكون قبل عام 1382هـ حسب نظام وزارة العدل
فماالحكم من جهتين؟
1-معارضة أفراد القبيلة وهل لازال لهم ملك؟
2-مخالفة أمر الدولة بالإحياء بعد عام 1382هـ. وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل الجواب على هذا السؤال يحسن أن نذكر ضابط الإحياء الصحيح للأرض الميتة.
وضابط الأرض التي تملك بالإحياء.
أما ضابط الإحياء فهو (العرف، فما عده الناس إحياءً فهو إحياء) قاله الإمام أحمد، وغيره. واختاره الموفق ابن قدامة، وابن عقيل، وغيرهما، لأن الشرع علق الملك على الإحياء ولم يبينه، وليس له حد في اللغة، فوجب الرجوع إلى ما كان إحياء في العرف.
وأما ضابط الأرض التي تملك بالإحياء فهو (الأرض المنفكة عن الاختصاصات، وملك معصوم، فالاختصاصات كالطرق، والأفنية، والساحات، ومسائل المياه، وكل ما يتعلق بمصلحة المملوك، والإنسان المعصوم هو المسلم أو الكافر المالك للأرض بسبب شرعي من شراء أو غيره) .
وعلى هذا، فإذا كانت سيطرة القبائل على الأراضي مسبوقة بإحيائها لها إحياء صحيحاً على وفق ما سبق بيانه، فهي ملك لهم، ولو لم يأذن لهم السلطان في إحيائها على القول الراجح من أقوال أهل العلم، وهو مذهب الجمهور. قال في كشاف القناع: (ولا يشترط إذن الإمام، وهو مذهب الجمهور) وقال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ: (إن معارضة البلدية لمن سبق إلى الأرض لا محل لها، للأدلة الكثيرة الدالة على إباحة الإحياء، والملك به، ولو بلا إذن الإمام) وحينئذ فلا يحل لفرد ولا جماعة انتزاعها منهم، وإذا كانت سيطرة القبائل على هذه الأراضي بدون إحياء لها فلا يملكونها بمجرد السيطرة عليها، ويجوز إحياؤها أو جزء منها لمن أراد، ويجوز للدولة انتزاعها منهم ومنع إحيائها للمصلحة العامة، قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ: (ولا شك أن منع ولي الأمر إحياء بعض الأراضي معناه اختصاصه بها لما يعود على المسلمين بالمصلحة العامة. وعليه، فالإحياء على هذه الصورة غير صحيح) يعني لا يجوز لأحد إحياء أرض منعت الدولة من إحيائها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1422(12/7910)
إحياء الموات بدون إذن السلطان
[السُّؤَالُ]
ـ[نعيش في مصر في خمس مساحه الدولة، وهناك أراض فضاء واسعة صحراوية بكل معنى الكلمة المسؤول عن هذه الأرض يسلمنا إياها ويأخذ مبلغا من المال نظير أتعابه وندعي جميعا أن هذه الأرض أننا قد وضعنا أيدينا عليها من عشر سنوات وهو لم يحدث حتى يتسنى لنا استخراج أوراق من الدولة تثبت ملكيتنا لها مع العلم أن هذه هي الطريقة الوحيدة لامتلاك الأرض وعليه نقوم بزراعتها نأكل منها ويأكل الناس معنا من خيرات الله، علما أن هذه الأرض للزراعة فقط ونحن ليس عندنا أي أرض نأكل منها ونتعيش منها، والحياة صعبة وعندنا أولاد وبيوت مفتوحة فهل هناك وزر إذا أخذنا الأرض وصرفنا عليها وأحييناها؟ فهي الآن أرض صحراوية بور ليس فيها أي نوع من أنواع الحياة لنأكل منها ويأكل معنا الناس هل هناك وزر في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تبينوا في سؤالكم من هو هذا المسئول عن الأرض؟ وهل هو معين من قبل الدولة لحفظ الأرض لأن الدولة خصصتها لمشاريع أو أمور مستقبلية؟ ولماذا يأخذ منكم المال؟
وسنجيب على سؤالكم حسب تفصيل سنذكره في الإجابة فإن كان الواقع غير ما أجبنا عنه، فبينوا مرادكم في سؤال آخر لتكون الإجابة مطابقة لواقعكم.
وبناء على ما تقدم نقول: هذه المسألة متعلقة بما يسمى عند الفقهاء بإحياء الموات، قال الشيخ الفوزان في الملخص الفقهي: والموات - بفتح الميم والواو -: هو ما لا روح فيه , والمراد به هنا الأرض التي لا مالك لها. ويعرفه الفقهاء - رحمهم الله - بأنه الأرض المنفكة عن الاختصاصات وملك معصوم.
فيخرج بهذا التعريف شيئان:
الأول: ما جرى عليه ملك معصوم من مسلم وكافر بشراء أو عطية أو غيرها.
الثاني: ما تعلقت به مصلحة ملك المعصوم ; كالطرق , والأفنية , ومسيل المياه , أو تعلقت به مصالح العامر من البلد ; كدفن الموتى وموضع القمامة والبقاع المرصدة لصلاة العيدين والمحتطبات والمراعي ; فكل ذلك لا يملك بالإحياء. فإذا خلت الأرض عن ملك معصوم واختصاصه , وأحياها شخص ; ملكها. انتهى.
ففي ضوء التقييدات السابقة في تعريف الأرض التي من أحياها ملكها نقول:
إذا كانت سيطرتكم على الأراضي مسبوقة بإحيائها لها إحياء صحيحاً على وفق ما سبق بيانه، فهي ملك لكم، ولو لم يأذن لكم السلطان في إحيائها على القول الراجح من أقوال أهل العلم، وهو مذهب الجمهور. قال في كشاف القناع: (ولا يشترط إذن الإمام، وهو مذهب الجمهور) وقال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ: (إن معارضة البلدية لمن سبق إلى الأرض لا محل لها، للأدلة الكثيرة الدالة على إباحة الإحياء، والملك به، ولو بلا إذن الإمام) .
ودليل هذا قوله صلى الله عليه وسلم:مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ. رواه مالك في الموطأ، وأبو داود والترمذي وصححه الألباني.
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ، وَمَا أَكَلَتْ الْعَافِيَةُ مِنْهُ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ. رواه الإمام أحمد وصححه الألباني، والعافية: يعني السباع والطير.
وعامة فقهاء الأمصار على أن الموات يملك بالإحياء وإن اختلفوا في بعض التفصيلات، وقد بينا إحياء الموات، وضابطه، وشروطه في الفتويين رقم: 11567، 50062.
وأما عن ادعائكم وضع اليد عليها من عشر سنوات، فإن كان هذا قبل إحيائكم لها فلا يجوز ذلك؛ لأنه حينئذ كذب محرم لتحصيل حق ليس لكم، ويشترك فيه جميع المسلمين ولستم بأولى منهم في ذلك.
وأما إن ادعيتم ذلك بعد إحياء الأرض ولم تتوصلوا لإثبات حقكم فيها إلا بهذا، فلا بأس في ذلك، فإن الكذب للمصلحة الشرعية جائز كما نص على ذلك أهل العلم، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 48814.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1430(12/7911)
شروط متعلقة بإحياء الموات والآبار
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في المغني لابن قدامة -كتاب إحياء الموات- مسألة: الجزء الخامس
(4366) فصل: فأما ما سبق إليه , فهو الموات إذا سبق إليه فتحجره كان أحق , وإن سبق إلى بئر عادية , فشرع فيها يعمرها , كان أحق بها. ومن سبق إلى مقاعد الأسواق والطرقات , أو مشارع المياه والمعادن الظاهرة والباطنة , وكل مباح مثل الحشيش والحطب والثمار المأخوذة من الجبال , وما ينبذه الناس رغبة عنه , أو يضيع منهم مما لا تتبعه النفس , واللقطة واللقيط , وما يسقط من الثلج وسائر المباحات , من سبق إلى شيء من هذا , فهو أحق به , ولا يحتاج إلى إذن الإمام , ولا إذن غيره ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم: {من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم , فهو أحق به} .
والسؤال هنا: بما أنه قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من عمر أرضا ليست لأحد، فهو أحق بها) وعن سعيد بن زيد -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من أحيا أرضا ميتة فهي له) ...
فالأحاديث هنا واضحة بقوله صلى الله عليه وسلم فهي له ...
ولكن ما معنى ماتم ذكره بأنه أحق بها برأي الشرع والقضاء في ما ورد فأما ما سبق إليه , فهو الموات إذا سبق إليه فتحجره كان أحق , وإن سبق إلى بئر عادية , فشرع فيها يعمرها , كان أحق بها.
وفيما لو كان الحجر وحفر البئر لبدء الشروع في الاحياء من غير أن يصل إلى الماء ثم تركت الأرض لفترة اندثرت فيها ولكن لازالت معالمها واضحة وعليها شهود بسبق حجرها وذلك لمدة تزيد عن 50 سنة بسبب ظروف صاحبها الصحية والفقر ثم توفي صاحبها ... فهل لازال لورثته حق فيها ... وهل معنى الحق هنا أنها له فيما لو حكم بها الشرع ...
أي ما هو المقصود بالحق هنا هل يمكن منها أو ما هو تفصيله؟ وهل يحق لأحد رفع يد الورثة عن ما قد حجره والدهم حتى لو كان قد طال عليه الزمن واندثر مع وضوح معالمه ووجود شهوده بالإضافة إلى أن والدهم لم يعرض عن الأرض المحجورة والمحفورة بئرها حتى وفاته؟
هذا، وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود بقوله "أحق بها" أن من وضع يده على أرض موات أو بئر ليست مملوكة لأحد قد اندثرت أو انقطع ماؤها، وشرع في إحيائها فنصب عليها أحجاراً، أو أسلاكاً شائكة ونحو ذلك، مما يدخل عند العلماء فيما يعرف بالتحجير كان أحق بها من غيره، لا يزعج عنها ولا يقام منها حتى يتم إحياؤه لها فتصبح ملكا له عند ذلك. وكذلك من سبق إلى مباح يملك بمجرد الإحراز مثل الحشيش والحطب، أو ما يختص صاحبه بالانتفاع به ما دامت يده عليه كمقاعد الأسواق والطرقات. وكذلك أيضا من سبق إلى لقطة ليعرفها أو لقيط ليحفظه فإن السابق في ذلك كله لا يحق لأحد أن ينتزع منه ما سبق إليه أو يزاحمه فيه إلا بمسوغ شرعي.
ولكن يشترط فيما يتعلق بإحياء الموات والآبار في الأحقية والتقدم على غيره أن لا تطول مدة تحجره للأرض أو البئر عرفاً، كنحو ثلاث سنين ونحوها، وإلا قال له الحاكم أو نائبه: إما أن تحييها فتملكها، أو تتركها لمن يحييها، إن كان هناك من يطلب إحياءها، كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 96116.
وبهذا يتبين أن البئر المسؤول عنها لم تملك بمجرد التحجر والشروع في الإحياء ما دام إحياؤها لم يتم، وإنما يكون من تحجرها أحق بها من غيره ما دام تحجره لها باق ولم تطل المدة، أما إذا اندثر هذا التحجر أو اندثرت البئر أو طالت المدة -كما هو مذكور في السؤال- ووجد من يطلب إحياءها؛ فإن التحجر السابق لها لا يعتد به ولا يكون المتحجر أحق بها من غيره، ولكل من شاء إحياءها أن يشرع في إحيائها دون إذنه. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 11567.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1428(12/7912)
الموات يملك بالإحياء
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدوني عندنا قطعة أرض كانت لأجدادي، أيام العثمانيين واشتراها العثمانيون من أجدادي، وعند خروجهم من البلاد استلمها الاحتلال الإيطالي ثم للاحتلال الأمريكي، وبعد خروجه بقيت هذه الأرض بلا مالك لا الدولة الليبية ولا غيرها، فعاد إليها جدي وإخوته فغرسوا الأرض وعمروها بالمحاصيل كالتين والعنب والنخيل، وبقينا نأكل من هذه المحاصيل. وفي المدة الماضية فتحت طريق عامة وعوضتنا الدولة عنها بمبلغ مالي، علما بأن الدولة لم تطالبنا بتسليمها. ما حكم هذا المال وتلك المحاصيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلاحرج في أخذ ذلك المال وتموله واستغلال تلك المحاصيل والانتفاع بها، لأن الأرض المذكورة لا مالك لها عندما أعدتم إحياءها كما يفيد السائل، ولا حق فيها لقوم بأعيانهم أشبهت ما لم يجر عليه ملك مالك، فالراجح جواز تملكها بالإحياء لما روى جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحيا أرضا ميته فهي له. وقال: من عمر أرضا ليست لأحد فهو أحق بها.
وعامة فقهاء الأمصار على أن الموات يملك بالإحياء، وإن اختلفوا في شروطه. كما بينا في الفتويين رقم: 74272، 11567.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1430(12/7913)
حكم إحياء الأرض التي لم يتقدم ملك لأحد عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة العلماء الأفاضل أرجو أن تفيدونا بالإجابة على هذا السؤال الملح في زمننا ومكاننا أي في العراق وزمن اللا دولة ولا قانون يحمي ويردع فقد استشرت ظاهرة مخيفة حيث قام كثير من الناس بالتجاوز على أراضي ملك للدولة أي لم تدخل مرتسم توزيع ولا مباعة لشخص معين فقد قام شخص وهو محور السؤال بالتجاوز على أرض مجاورة لداره المملوك له وقام بضمها لداره المذكور وقام بتسييجها والبدء ببنائها معللاً فعله بأن له حق الشفعة حيث إنه سيقوم وهذا القول له بشرائها عند إعلانها أو عرضها للبيع من قبل الدولة في الوقت القادم، مع العلم بأنه يمتلك وظيفة أي مصدرا للرزق وبيتا ملكا وحسن الإمكانية فنرجو الإجابة عن هذا السؤال ومدى إمكانية التجاوز إن وجدت أي هل يحق لأي شخص أن يتجاوز على أملاك الدولة من قبيل الأراضي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الأرض المذكورة مواتاً لم يُعلم تقدم ملك لأحد عليها، فهي لمن أحياها، وقد دل على ذلك ما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أعمر أرضاً ليست لأحد فهو أحق. وروى أبو داود عن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحيا أرضاً ميتة فهي له.
جاء في المغني لابن قدامة: الموات هي الأرض الخراب الدارسة. وعامة فقهاء الأمصار على أن الموات يملك بالإحياء وإن اختلفوا في شروطه. ثم قال: مسألة: من أحيا أرضا لم تملك فهي له. وجملته أن الموات قسمان، أحدهما: ما لم يجر عليه ملك لأحد ولم يوجد فيه أثر عمارة، فهذا يملك بالإحياء بغير خلاف بين القائلين بالإحياء. انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: الموات الأرض التي لم تعمر شبهت العمارة بالحياة وتعطيلها بفقد الحياة وإحياء الموات أن يعمد الشخص لأرض لا يعلم تقدم ملك عليها لأحد فيحييها بالسقي أو الزرع أو الغرس أو البناء فتصير بذلك ملكه سواء كانت فيما قرب من العمران أم بعد سواء أذن له الإمام في ذلك أم لم يأذن وهذا قول الجمهور، وعن أبي حنيفة لا بد من إذن الإمام مطلقاً وعن مالك فيما قرب وضابط القرب ما بأهل العمران إليه حاجة من ري ونحوه. انتهى.
والإحياء الذي يجوز بدون إذن السلطان هو إحياء الأرض الميتة التي لم يسبق منع السلطان من إحيائها، فإذا أراد شخص إحياءها فلا يلزمه استئذان السلطان، وإذا أحياها فهي له، ولا يحق للسلطان نزعها منه بعد ذلك، وأما الإحياء بعد منع السلطان من إحيائها فلا يجوز إلا بإذن السلطان ... أما القول بأن له حق الشفعة، فإن الشفعة: تملك المشفوع فيه جبراً عن المشتري بما قام عليه من الثمن والنفقات. وعلى هذا فلا وجه للشفعة هنا لأن هذه الأرض ليست ملكاً لأحد حتى يتملكها الجار بالشفعة، كما أن حق الشفعة يكون للشريك فيما لم يقسم من العقارات كالأرض ونحوها، أما الجار فلا شفعة له على مذهب الجمهور، وذهب الحنفية إلى إثبات الشفعة للجار الملاصق والشريك في حق من حقوق المبيع، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11567، 28225، 35475، 50062، 74272.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1429(12/7914)
حكم بيع أرض موات قبل انتهاء إجراءات تملكها
[السُّؤَالُ]
ـ[إن من سكان الريف بإحدى قرى الصعيد هناك أراض بالصحراء وضعية يد سكان المنطقة من العرب وقد قمت بدفع مبلغ معين لأحد هؤلاء السكان على أن أضع يدي عليها كما هو الحال مع الجميع وإنني مستمر في إنهاء إجراءات الشراء من الدولة على أن أتملك هذه الأرض حسب المتبع أيضا. والسؤال هنا هل هناك زكاة مستحقة على هذه الأرض? وهل لو بعت جزءاً من هذه الأرض قبل أن أنهي إجراءات الشراء من الدولة ليضع شخص آخر يده عليها هل يحل لي هذا المال المكتسب ويكون لي حرية التصرف فيه أصرف منه على بيتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد وضع اليد على موات الأرض بدون إحياء ولا إقطاع من سلطان لا يعتبر ملكا شرعيا، وعليه فإذا كان الشخص الذي تريد أن تشتري منه الأرض قد ملكها ملكا شرعيا بإحياء أو أقطعه إياها الحاكم أو نائبه واتفقت معه على الثمن وتعيين الأرض وقدر مساحتها فقد صارت ملكا لك تتصرف فيها كيف تشاء بالبيع وغيره، وتتصرف في ثمنها كسائر أموالك، وما بقي من إجراءات لا تتوقف عليه صحة البيع بل هو من قبيل التوثيق، إذ لا يشترط في صحة البيع الكتابة ولا أوراق الملكية المعمول بها.
ثم إنه لا زكاة في هذه الأرض إذا لم تشترها بنية التجارة، فإن قصدت ذلك وجبت الزكاة في قيمتها عند حولان الحول على شرائها باعتبارها بضاعة تجارية، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 15662، والفتوى رقم: 19668.
وإذا لم يكن الشخص الذي اشتريت منه الأرض قد ملكها بطريقة شرعية لم يصح البيع بينك وبينه لأنه باع ما ليس ملكا له، وإنما يعد ذلك تنازلا منه، ولك أن تستمر في إجراءات تملك الأرض عن طريق الدولة أو الإحياء، فإذا تم إحياؤها من قبلك أو أقطعتك الدولة إياها فقد صارت ملكا لك تتصرف فيها بالبيع وغيره، وقبل ذلك لا يصح بيعك إياها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1429(12/7915)
حكم ردم البحر المار أمام المنزل والبناء عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أمام منزلي يمر بحر وقام الجيران بردم جزء من البحر والبناء عليه وأريد أن أقوم بردم الجزء المقابل لمنزلي فما حكم الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
البحر يعتبر من الموات ويجوز ردمه إذا لم يترتب على ذلك ضرر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن البحر يعتبر من الموات، وإذا كان ردمه لا يترتب عليه ضرر فإنه يعتبر مباحا، ولمن ردمه الحق في البناء عليه؛ لأنه بردمه يكون قد ملكه. فقد عد أهل العلم إخراج الماء من الأرض إحياء لها. قال الشيخ خليل بن إسحاق –رحمه الله تعالى-: والإحياء بتفجير ماء وبإخراجه ... اهـ
ومن أحيا أرضا مواتا ملكها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أحيا أرضا ميتة فهي له. رواه أبو داود وغيره.
ومن هذا يتبين لك أن البحر الذي قلت إنه يمر من أمام منزلك إذا كان لا يترتب على ردم ما تريد ردمه منه ضرر فلا نرى عليك حرجا في ردمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1429(12/7916)
مسائل في إحياء الموات
[السُّؤَالُ]
ـ[استناداً إلى سؤالي رقم 2160364والذي تمت الإجابة عليه بالفتوى رقم100354.
وذكر في الرد الفتوى رقم: 96116.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الأرض ملكاً له فلا يملك أحد أن ينزعها منه ولو لم يستخدمها أحد مئات السنين.
أما إذا كانت غير مملوكة له، وإنما هي أرض موات ليست لأحد وقد وضع يده عليها ليحييها فنصب عليها أحجاراً، أو غرز خشباً فيها، أو نصب أسلاكاً شائكة عليها، أو نحو ذلك مما يدخل عند العلماء فيما يعرف بالتحجير، ولم يقم بإحيائها وطالت المدة عرفاً، كنحو ثلاث سنين، قال له الحاكم: إما أن تحييها فتملكها، أو تتركها لمن يحييها، إن كان هناك من يطلب إحياءها.
قال في كشاف القناع من كتب الحنابلة: " فإن لم يتم إحياؤه" أي إحياء ما تحجر مما تقدم (أو طالت المدة عرفاً كنحو ثلاث سنين قيل له) أي: المتحجر (إما أن تحييه) فتملكه (أو تتركه) لمن يحييه (إن حصل متشوف للإحياء) ؛ لأنه ضيق على الناس في حق مشترك بينهم فلم يمكن من ذلك، كما لو وقف في طريق ضيق، أو مشرعة ماء أو معدن لا ينتفع ولا يدع غيره ينتفع". ...
والله أعلم.
والسؤال هنا: بكونه في الأصل المتطلع للإحياء هو ابن من حجر الأرض سابقاً ولكن له معارضين وأحيلت المعاملة شرعاً ولم يحصل وأن أعطي مهلة لإحيائها ولا والده ... وبكون القضية منظورة لدى المحكمة فهل يجوز لابن المحتجر أن يقوم بحجر الأرض من جديد على الأقل والشروع في حفر بئرها أثناء نظر القضية وهل سيعتد بذلك الحجر أثناء نظرها ليعطى مهلة جديدة أو أن يقوم بإحيائها بحفر البئر وتسوية الأرض والتسوير عليها بجدار فهل سينظر الشرع لذلك أم سينظر القاضي لحالتها الأولى ولا يعتد بالحجر الجديد؟ مع العلم أن هنالك اتفاقا مع خصوم صاحب الأرض سابقاً بالتنازل منه في هذه الأرض وعدم المطالبة له ولكن نقضوه منذ 25 عاماً وهذا السبب في تعطيل انتفاعه بالأرض لكونه من القرى ومهنته الزراعة وخصومه من البادية وليست بمهنتهم وهو محترف في الزراعة وهل يقدم محترف الزراعة عن أهل البادية؟ مع ملاحظة أن ماقام به صاحب الأرض سابقاً يعتد بحصول الملك به بعرف المنطقة وذلك لكون أغلب أراضي المنطقة محاطة بالعقوم الترابية والسابق بهذا الشأن وبهذا يعد ماقام في الأرض موصلاً لكونها ملكاً له. إضافةً إلى أن هذه الأرض قد دخلت في صلح بحيث تم تنازل صاحبها عن أهل المنطقة في تعديات مقابل هذه الأرض.
هذا وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام هناك نزاع وخصومة حول هذه الأرض ومن هو أحق بها وأحيل الأمر إلى القضاء فهو صاحب كلمة الفصل فيها، ولا سيما أنه أقدر على الإحاطة بتفاصيل الواقعة والاستماع إلى كل الأطراف، وهذا لايمكن حصوله من خلال الاستفتاء كما هو معلوم.
وكل ما يمكن أن نقوله أن هذه الأرض إذا كانت مملوكة لشخص وله على ذلك بينة ولكنه تركها مهملة فقام بعض الناس بتعميرها فإن من قام بتعميرها لا يملكها بذلك، والأرض باقية على ملك الشخص الأول، ولا يعد تعميره لهذه الأرض من قبيل إحياء الموات؛ بل هو تصرف في ملك الغير بغير حق.
وأما إذا لم تكن الأرض مملوكة والنزاع إنما هو فيمن هو أحق بإحيائها فمن سبق بوضع يده عليها وتحجيرها فهو أحق بها أيا كانت مهنته، مزارعا كان أو بدويا أو غير ذلك، فقد روى أبو داود وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به. وفي رواية: من سبق إلى مباح فهو له. والحديث وإن كان بعض أهل العلم قد ضعفه فإن بعضهم قد صححه كما قال الحافظ ابن حجر في التلخيص والحافظ السخاوي في المقاصد، وهو ما يوافق القواعد الشرعية العامة، ومقاصد الشريعة ومصالح الناس.
وعلى هذا فلا يجوز لمسلم أن يتجاوز من سبقه إلا بإذنه ورضاه، وإلا فإن ذلك يعتبر اعتداء على حقه، ولكن هذا منوط بأن يظل تحجير هذا السابق باق، وأن لا تطول مدة تحجيره.
أما إذا اندثر هذا التحجير أو طالت المدة فهو وغيره في ذلك سواء؛ كما سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 100354، وإذا حصل التنازع فيمن سبق إليها أو سبق إلى تحجيرها نظر في ذلك القضاء وقضى على حسب ما يراه من البينات والقرائن.
والذي ننصحك به أن تنتظر حكم المحكمة، وألا تتعجل ذلك بوضع يدك على الأرض وتحجيرها، فقد يجر ذلك إلى تفاقم الخصومة، وحدوث ما لا يحمد عقباه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1428(12/7917)
عدم استخدام الأرض ثلاث سنين وغرس الأشجارعلى جانبي الطريق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن قطعة الأرض عند من لم يستخدمها لأكثر من ثلاث سنوات يمكن أن تعطى لشخص آخر يقوم بإحيائها؟ وما هي الشروط المتعلقة بهذا الأمر؟ ولي سؤال آخر وهو أن من يعيشون في المدن لا يجدون الأرض الكافية لزراعة البساتين، وقد يلجأون أحيانا إلى غرس الأشجار على جانبي الطريق العام، وأحيانا تكون البلدية هي التي تغرس تلك الأشجار بغرض الزينة أو الظل، ولكنها تتركها مهملة كالأشجار التي نراها قرب الملاعب وغيرها من الأراضي التي تؤول نظريا للسلطات المحلية، فهل الشخص الذي يغرس شجرة في هذه الأماكن يكون له حق الانتفاع بثمرتها أم أن ثمرتها ملك مشاع؟ وهل سيختلف الحكم إذا كانت الشجرة قد نبتت بنفسها، ولكنه هو الذي قام برعايتها بشكل كلي أو جزئي، من حيث نموها وتحصينها ضد الآفات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الأرض ملكاً له فلا يملك أحد أن ينزعها منه ولو لم يستخدمها أحد مئات السنين.
أما إذا كانت غير مملوكة له،وإنما هي أرض موات ليست لأحد وقد وضع يده عليها ليحييها فنصب عليها أحجاراً، أو غرز خشباً فيها، أو نصب أسلاكاً شائكة عليها، أو نحو ذلك، مما يدخل عند العلماء فيها يعرف بالتحجير، ولم يقم بإحيائها وطالت المدة عرفاً، كنحو ثلاث سنين، قال له الحاكم: إما أن تحييها فتملكها، أو تتركها لمن يحييها، إن كان هناك من يطلب إحياءها
ويشترط للأرض التي تملك بالإحياء أن تكون منفكة عن الاختصاصات، وملك معصوم، فالاختصاصات كالطرق، والأفنية، والساحات، ومجاري المياه، والملك المعصوم هو ملك المسلم أو الذمي أو المستأمن.
ولا يشترط لإحياء الموات إذن الإمام على الراجح من قولي أهل العلم وهو مذهب جمهور أهل العلم.
هذا ما يتعلق بالسؤال الأول، أما السؤال الثاني فيحتاج الجواب عليه للكلام في أمرين:
الأمر الأول: حكم غرس الأشجار على جانبي الطريق لينتفع بها الغارس.
الأمر الثاني: هلي يختص الشخص بالانتفاع بالشجر الموجود على جانبي الطريق النابت بنفسه أو بزراعة البلدية له إذا قام برعايته أم يكون ملكاً مشاعاً؟
أما الأمر الأول فلا يجوز غرس الأشجار على جانبي الطريق للانتفاع بها عند جمهور العلماء ولو لم تضر بالمارة، فإذا أضرت بالمارة حرمت ووجبت إزالتها، وعللوا ذلك بأنها تمنع الطريق في محلها، ولأنه بناء في غير ملكه بغير إذنه، وقد يؤذي المارة فيما بعد، ويضيق عليهم، ويعثر به العاثر، فلم يجز، ولأنه إذا طال الزمن أشبه موضعها الأملاك الخاصة، وانقطع استحقاق الطريق.
وقال الحنفية: يجوز ذلك إن لم يضر المارة، ولم يمنع من المرور فيها، فإن ضر المارة أو منع لم يجز إحداثها لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " لا ضرر ولا ضرار " رواه مالك.
والراجح هو القول الثاني لأن مدار المنع من ذلك هو وجود الضرر فمتى كان الضرر منتفياً فلا معنى للمنع ويتأيد هذا بما رواه أحمد في مسنده أن عمر ـ رضي الله عنه ـ: أجتاز على دار العباس ـ رضي الله عنهما ـ وقد نصب ميزابا إلى الطريق فقلعه، فقال العباس: تقلعه وقد نصبه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بيده؟ فقال: والله لا تنصبه إلا على ظهري، فانحنى حتى صعد على ظهره فنصبه.
وعلى هذا فإن من غرس شجرا ولا يؤذي المسلمين اختص بالانتفاع بثمرته ولا يكون ثمره ملكا مشاعاً ولكن لمن كان محتاجاً ومر به أن يأكل منه لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عندما سئل عن الثمر المعلق؟ فقال:" من أصاب بفيه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه، ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة: رواه أبو داود وحسنه الألباني، والخبنة كما في لسان العرب: " ما تحمله في حضنك".
أما الأمر الثاني: فما كان من هذه الأشجار ضارا بالناس مضيقا للطريق فإنه تعين على الحاكم ومن يقوم مقامه إزالته، أما ما لم يكن مضرا أو كان فيه منفعة للناس فما كان نابتاً بنفسه أو بزارعة البلدية لم يحتج إلى رعاية من أحد أو خدمة فلكل واحد من المسلمين أن ينتفع بالأكل من ثمره والحمل منه لأنه من المباحات التي تملك بالإحراز.
وأما ما كان يحتاج إلى خدمة ورعاية فمن كان قائما بهذه الخدمة والرعاية كان له أن يختص بالانتفاع منه بمقدار ما بذله من الخدمة والرعاية وما زاد عن ذلك شارك فيه باقي المسلمين. ... ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1428(12/7918)
حكم امتلاك أرض ليس لها مالك
[السُّؤَالُ]
ـ[اشترى زوجي أرضا من مدة ثم اكتشف قطعة أرض صغيرة جدا بجوارها ليست ملكا لأحد لذا هو يريد ضمها لأرضه فما رأي الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جواز ضم هذه القطعة من الأرض إلى أرض زوجك ينبني على توصيف هذه الأرض وهل هي أرض موات تملك بالإحياء؟ أم ليست مواتا، فلا يجوز ضمها والاستيلاء عليها، جاء في المغني لابن قدامة ما يلي: الموات هي الأرض الخراب الدارسة. والأصل في إحياء الأرض ما روى جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحيا أرضا ميتة فهي له. وعامة فقهاء الأمصار على أن الموات يملك بالإحياء وإن اختلفوا في شروطه. ثم قال: مسألة: من أحيا أرضا لم تملك فهي له. وجملته أن الموات قسمان، أحدهما: ما لم يجر عليه ملك لأحد ولم يوجد فيه أثر عمارة، فهذا يملك بالإحياء بغير خلاف بين القائلين بالإحياء.
القسم الثاني: ما جرى عليه ملك مالك وهو ثلاثة أنواع:
أحدها: ما له مالك معين، وهو ضربان؛ أحدهما: ما ملك بشراء أو عطية فهذا لا يملك بالإحياء بغير خلاف، الثاني: ما ملك بالإحياء ثم ترك حتى دثر وعاد مواتا فهو كالذي قبله سواء، وقال مالك: يملك هذا.
النوع الثاني: ما يوجد فيه آثار قديم جاهلي كأثار الروم ومساكن ثمود ونحوها فهذا يملك بالإحياء.
النوع الثالث: ما جرى عليه الملك في الإسلام لمسلم أو ذمي غير معين، فظاهر كلام الخرقي أنها لا تملك بالإحياء وهي إحدى الروايتين عن أحمد، لأن هذه الأرض لها مالك فلم يجز إحياؤها كما لو كان معينا، والراوية الثانية: أنها تملك بالإحياء. وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك لعموم الأخبار ولأنها أرض موات لا حق فيها لقوم بأعيانهم أشبهت ما لم يجر عليه ملك مالك، ولأنها إن كانت في دار الإسلام فهي كلقطة دار الإسلام.
وعليه.. فهذه القطعة المذكورة من الأرض إن كانت أرضا مواتا لا مالك لها يعرف فلا مانع من تملكها، على أنه إن ظهر لها مالك بعد ذلك أخذها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1427(12/7919)
شراء الأرض ممن سبقوا إليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في فلسطين هناك الكثير من الأراضي الحكومية التي وضع الناس يدهم عليها وأنا أسكن في بيت صغير لا يكاد يتسع لعائلتي وأنا من أسرة ملتزمة وبيتي وبيت جيراني متلاصقان لبعضهم البعض يعني لو أحد فتح تلفازه في بيته أنا أسمعه كأنه عندي، السؤال هو: أني أرغب في شراء أرض حكومية لنظراً لرخص ثمنها من الذين وضعوا أيديهم على تلك الأراضي الحكومية فهل يجوز لي ذلك علماً أنني لا أملك أن أشتري أرضاً بشكل رسمي؟
أفيدوني جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل الكريم يعني بالأراضي الحكومية جميع التراب الوطني للدولة، فهذا لا يسمى أرضا حكومية وإنما هو لمن أحياه من المواطنين أو لمن سبق إليه، والدولة إنما يكون لها حق الإشراف عليه فقط، ففي عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين كانت الأرض تملك بالإحياء، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أحيا أرضا مواتا من غير أن يكون فيها حق لمسلم فهي له. رواه البخاري، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من سبق إلى مباح فهو أحق به. رواه أبو داود وصححه الضياء المقدسي.
وعليه فإذا كانت الأرض مملوكة للذين وضعوا أيديهم عليها، لكونها مواتا وقد أحيوها أو سبقوا إليها، أو اشتروها ممن سبق إليها، فلا شك في إباحة شرائها منهم ولو بالنسبة لمن لم يضطر إلى ذلك.
وإذا كان السائل الكريم يعني بالأراضي الحكومية معنى غير الذي أجبنا عليه فليبينه لنا عسى أن يتسنى لنا الإجابة عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1427(12/7920)
من بنى غرفة من جزء من الشارع
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل أن يتزوج أخذ والدي جزءاً من الشارع وبنى غرفة بجانب بيت العائلة وملاصقاً له.. وأبي له ثلاثة إخوة وكلهم تركوا فلسطين وسافروا وبقي جدي وجدتي في بيت العائلة ثم قام مشروع في المنطقة وهدموا الغرفة وتم صرف قطعة أرض كتعويض لهذه الغرفة فقام جدي ببيع بيت العائلة وسكن هو وجدتي في هذه الأرض وبعد عودتنا مع أبي بعد 25 سنة أخذنا هذه الارض وبنينا عليها وسكنا بها.. مع العلم أن أعمامي لا يزالون بالخارج.. هل لهم من شيء.. أم أن هذه الارض ملك لنا؟؟؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الموضع الذي بنى عليه والدك غرفته خارجا عن بيت العائلة وغير مملوك لأحد وقد حازه بالبناء عليه فإن ذلك يعتبر حوزا شرعياً يملك به الموضع المذكور، ويختص به دون غيره من أفراد العائلة. ففي شرح العدوي المالكي: من حاز دارا أو عقارا عشر سنين.. والمنازع فيها حاضر عالم.. لا يدعي شيئا ولم يمنعه مانع من المطالبة فلا يقام له.. وقيل: لا حدَّ في المدة والمرجع في ذلك للعرف.
وعلى هذا.. فإن كان أعمامك عندهم علم ببناء أبيك للغرفة المذكورة ولم يرفعوا دعوى في تلك الفترة فلا حق لهم بعد ذلك لأن ذلك يعتبر إقرارا منهم لأخيهم بملكية الأرض والغرفة.. وما كان من عوض عن هذه الغرفة فإنه يعتبر تبعا لها وخاصا بمن يملكها أصلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1425(12/7921)
الراجح في استئذان الإمام في إحياء الموات
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وترك لي وأربع إخوان قطعة أرض بناء200 متر وأحد إخواني متزوج خارج منزلنا ولكن بعد الوفاة اكتشفنا أن الأرض أملاك للدولة ولكن أخي الذي خارج المنزل رفض الشراء معنا في الأرض وجاء والدي إلى أحد أقاربنا في المنام عاريا تماما فهل هذه الأرض هي سبب عذابه وهل يحاسبه الله أويحاسبني عليها؟ ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائلة الكريمة بقولها: اكتشفنا أن الأرض أملاك للدولة، تقصد أن أباهم قد أحياها دون إذن من السلطان أي حاكم البلد، فإذا كان هذا هو مرادها، فإن استئذان الإمام في إحياء الموات أمر مختلف فيه بين أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أن إحياء الموات لا يفتقر إلى إذن الإمام، وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة يفتقر إلى إذنه.. . وفرق المالكية بين الأرض التي تقرب من العمران وبين البعيدة عن العمران.
قال الباجي في المنتقى: وأما التي تقرب من العمران فلا يحييها أحد إلا بإذن الإمام، رواه سحنون عن مالك، وابن القاسم عن أشهب، خلافا للشافعي في قوله: يحييها من شاء بغير إذن الإمام ... .
والذي نراه راجحا في المسألة أن استئذان الإمام في الإحياء لا يلزم
لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: من أحيا أرضا ميتة فهي له. أخرجه البخاري تعليقا. ووصله إسحاق بن راهويه بلفظ: من أحيا أرضا مواتا من غير أن يكون فيها حق مسلم فهي له. ويستثنى من هذا العموم ما إذا كان السكان يتضررون بالإحياء فإنه حينئذ لا يجوز، لما أخرجه ابن ماجه وأحمد ومالك من حديث عبادة بن الصامت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن لا ضرر ولا ضرار.
وعليه؛ فلا حرج عليكم ولا على أبيكم في تملك هذه الأرض، طالما أن تملكها لا يجلب أضراراً لأي أحد.
وإذا كان الذي تقصد ينه غير ما أجبنا عنه، فبيني مرادك عسى أن نجد لك جوابا.
ثم اعلمي أن الرؤى لا تنبني عليها أحكام شرعية، وكنا قد بينا ذلك في فتاوى سابقة، فراجعي فيه الفتوى رقم: 11052.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1425(12/7922)
إذا رعى أرضا ليست له وحرثها فهل يملكها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[حرث الوالد أرضا رعوية قرابة ثلاث سنوات، ثم خلفته على جزء منها أحرثه وأرعى فيه غنمي قرابة العشرين عاما، وبنيت فيه منزلا وحفرت فيه ما يشبه الآبار، ووالدي يعلم ذلك ولم ينكر علي، ثم لما توفي والدي رحمه الله، طلب مني إخوتي إرثهم من هذا الجزء، فهل يحق لهم ذلك؟ علما بأن الأرض لم تكن مملوكة لأحد. أفيدونا رحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان والدك قد أحيا هذه الأرض بما يعد عرفا إحياء لها، فقد ملكها بذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: من أحيا أرضا ميتة فهي له. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
وكونك قد حرثت جزءا منها ورعيت فيه غنمك وبنيت فيها منزلا ... الخ بعلم والدك، لا يخرج هذا الجزء عن ملكية والدك، لأن إقرار والدك لك على هذا العمل لا يعد تمليكا، وغاية ما يدل عليه أنه أعارك هذه الأرض للحرث والرعي والبناء، وعلى فرض أنه ملكك هذه الأرض، فهذه هبة ولا تصح بدون رضا باقي الأولاد، لأن الراجح هو وجوب العدل بينهم في الهبة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 34562، وعلى هذا، فهذا الجزء المسؤول عنه يدخل فيما تركه الوالد من تركة تجب قسمتها على الورثة حسب القسمة الشرعية، ولك قيمة ما عمرته من الأرض، وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء -الحنفية والشافعية والحنابلة وأحد القولين لدى المالكية-، وراجع لمعرفة تفصيل ذلك كتاب "البناء وأحكامه في الفقه الإسلامي" للدكتور إبراهيم بن محمد الفايز (2/690: 704) .
وهذا كله إذا كان والدك قد أحيا هذه الأرض بما يعد عرفا إحياء لها، أما إذا كان لم يحيها بما يعد إحياء، فلم يتملكها، وعليه، فهذا الجزء من الأرض الذي بنيت فيه المنزل لا يدخل في ميراث الوالد، لأنه ليس ملكا له، وهو ملك لك لقيامك بإحيائه، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 11567.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1424(12/7923)
حكم تملك ما يتركه الحصاد من الزرع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم: ثم أما بعد
ما حكم الدين في الباقي من حصد الذرة أو الشعير في الأراضي ملك الحكومة والتي تقوم بحصدها بماكينات تترك وراءها بقايا من المحصول فيأخذه الناس للانتفاع به؟
أفتونا أثابكم الله والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجوز أخذ ما تركه الحَصَّاد والانتفاع به إذا لم يعلم أنهم يَرجعون إليه.
قال في كشاف القناع: وما يتركه الحُصَّاد من الزرع واللُّقَّاط من التمر رغبة عنه، ملكه آخذه، مسلما كان أو ذِمِّيا. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/7924)
من سبق إلى مباح فهو له
[السُّؤَالُ]
ـ[فى بعض الغابات توجد اشجار نخيل وهى ليست لاحد هل يجوز أن نمتلكها وإذا كان يجوز تملكها فهناك اشجار ورثتها عن أجدادي وهي في الأصل ليست لهم فماذا نفعل بها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الغابة التي هي غير مملوكة لأحد والنخيل الذي سبقتم إليه واعتنيتم به وأصلحتموه وأبَّرتموه، فإنه يدخل في ملككم، وكذلك ما ملكه أجدادكم بالسبق إليه، لحديث أسمر بن مضرس رضي الله عنه عند أبي داود والبيهقي بإسناد ضعيف: من سبق إلى مباح فهو له وفي لفظ: من سبق إلى ما لم يُسبق إليه فهو له وصححه الضياء المقدسي في المختارة. وما ورثتم من هذا النخل عن آبائكم وأجدادكم فهو تركة شرعية يجوز تملككم له وفق التقسيم الشرعي للميراث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1424(12/7925)
من أحكام الأرض الموات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يستفيد من أرض حكومية وذلك بأن تصبح هذه الأرض ملكاً له بعد الاستيلاء عليها بطريقة ما؟ علماً بأنها ليست ملكاً لمواطن.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنا لا ندري ما يقصد السائل الكريم بالأرض الحكومية، فإن كان يعني ما حجزته الدولة، أو خصصته للمرافق العمومية، فهذا لا يصح الاستيلاء عليه، ولا يكون ملكاً إلا لمن اقتطعه الإمام له لمصلحة ارتآها.
أما إن كان يعني التراب الوطني للدولة، فهذا لا يسمى أرضاً حكومية، بل هو للجميع، وللدولة الوصاية عليه، وحمايته، كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، فقد كانت الأرض تملك في تلك الأيام بالإحياء، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحيا أرضاً مواتاً من غير أن يكون فيها حق لمسلم، فهي له" رواه البخاري.
وإذا تقرر ذلك، فيمكن أن نقول: إن ما كان من هذه الأرض مواتاً لم يُعلم تقدم ملكٍ لأحد عليه، فهو لمن أحياه بالسقي أو الزرع أو الغرس، ولا يحتاج إلى إذن الإمام في ذلك، سواء قرب من العمران أم بعد.
هذا قول الجمهور، لما روته عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أعمر أرضاً ليست لأحد، فهو أحق بها" أخرجه البخاري.
وعند أبي حنيفة: لابد من إذن الإمام مطلقاً، وعند مالك فيما قرب، وضابط القرب ما كان لأهل العمران حاجة إليه من رعي ونحوه.
أما ما كان من الشوارع والطرقات والرحاب بين العمران، فليس لأحد إحياؤه، سواء كان واسعاً أو ضيقاً، وسواء ضيق على الناس بذلك أم لم يضيق، لأن ذلك يشترك فيه المسلمون وتتعلق به مصالحهم فأشبه مساجدهم. قاله ابن قدامة في المغني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1423(12/7926)
حكم الرعي في أرض نبت العشب فيها من ماء المطر
[السُّؤَالُ]
ـ[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الناس شركاء في ثلاث: الكلأ والماء والنار) فهل يجوز للرجل أن يرعى أغنامه في أرض ليست أرضه وفيها كلأ قد نبت من ماء المطر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث الوارد في السؤال رواه ابن ماجه. قال الخطابي رحمه الله فيه: هذا معناه الكلأ ينبت في موات الأرض يرعاه الناس ليس لأحد أن يُخص به دون أحد، ويحجزه عن غيره. وقد كان أهل الجاهلية إذا عز الرجل منهم حمى بقعة من الأرض لماشيته ترعاها يذود الناس عنها، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وجعل الناس فيه شركاء يتعاورونه بينهم، فأما الكلأ إذا نبت في أرض مملوكة لمالك بعينه فهو مال ليس لأحد أن يشركه فيه إلا بإذنه. ا. هـ
وعليه، فنقول للأخ السائل إن كان مقصوده بقوله: ليست أرضه. أي: ليست مملوكة له ولا لغيره، فنعم يجوز له أن يرعى أغنامه فيها، وأما إن كانت ملكاً لغيره فليس له أن يرعى فيها إلا بإذن مالكها، فإنه لا يحل مال أمرئٍ مسلم إلا بطيب من نفسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1423(12/7927)
الأرض التي يجوز إحياؤها
[السُّؤَالُ]
ـ[1-سألت سؤالا برقم 16891 وتفضلتم مشكورين بالإجابة عليه ولكن بقيت نقطة لم تتضح لي فقد فهمنا من بعض الأقوال بأنه يجوز إحياء الأرض بدون إذن السلطان ولكن لدى المحاكم نظام كما تعلمون بأن يكون الإحياء قبل عام 1382هـ كما أن هذه الأراضي أصبحت أرضاً عامة وتخضع لنظام الأرض العامة بشكل عام في المملكة كما أن النظام الحكومي الحالي لا يعطي أحداً موافقة على الإحياء فهل يجوز في ظل هذه النقاط الإحياء الآن وفي غفلة من مراقبي الأراضي أرجو توضيح ذلك لأننا نعاني من هذه المشكلة في جنوب المملكة لقلة الأراضي وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإحياء الذي يجوز بدون إذن السلطان هو (إحياء الأرض الميتة التي لم يسبق منع السلطان من إحيائها) فإذا أراد شخص إحياءها فلا يلزمه استئذان السلطان، وإذا أحياها فهي له، ولا يحق للسلطان نزعها منه بعد ذلك.
وأما الإحياء للأرض بعد منع السلطان من إحيائها فلا يجوز إلا بإذن السلطان، فإذا أحياها شخص بعد المنع فإحياؤه غير صحيح، ويحق للدولة انتزاعها منه، وهذا مطابق تمام المطابقة لما كتبناه في الجواب المتقدم فتدبره بتأن.
وفقك الله لما يحب ويرضى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1422(12/7928)
متى يجوز الانتفاع باللقطة
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي أدت العمرة العام الماضي وعند عودتها إلى بلادنا في المطار وجدت كيسا صغيرا يحتوي على رزمة مسواك ملقى على الأرض فحملته من الأرض وأخذته. فهل عليها إثم في ذلك؟ وماذا تفعل؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما وجدت أختك يعتبر لقطة، ولا إثم في التقاطها، فإذا كانت هذه الحزمة لها قيمة مما تتبعه نفوس الناس هناك عادة، فإن عليها أن تعرفها كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 53795.
أما إذا كانت مما لا يهتم به صاحبه إذا فقده فيجوز لها تملكها والانتفاع بها، وذلك لما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا والسوط والحبل وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به. رواه أبو دواد وفي إسناده ضعف.
وللمزيد من الفائدة انظري الفتويين رقم: 23302، 46279، وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(12/7929)
حكم الانتفاع بحلوى الأطفال التي لا يعرف أصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مدرسة لرياض الأطفال، يتبقى من الأطفال حلوى لا نعلم من تخصه، ولا يستدل الأطفال على صاحبها، هل يجوز لي أخذها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللقطة التي يجب تعريفها هي ما تتبعها نفس صاحبها، أي ما له قيمة. أما الشيء التافه والحقير ـ كما في السؤال ـ فلا بأس من تملكه والانتفاع به دون تعريف، إذا لم يمكن أن يُستدل على صاحبه، كما ذكرت السائلة. والضابط في تحديد اليسير من غيره هو العرف. كما سبق بيانه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 53795، 53795، 11132، 23302.
واللقطة التي يجب تعريفها مما له قيمة إن كانت من طعام يبقى مثل التمر وما أشبهه لم يكن لواجدها أكلها إلا بعد سنة، وإن كانت مما لا يبقى كالفواكه والحلوى، فهو مخير بين أكلها وبين بيعها وحفظ ثمنها، ولا يجوز إبقاؤها لأنها تتلف، ومتى ما عرف صاحبها غرم له الواجد قيمتها إن كان أكلها، أو رد له ثمنها إن كان باعها وحفظ له ثمنها، أو ضمن له قيمتها إن كانت متقومة أو مثلها إن كانت مثلية إذا كانت تلفت بتفريط منه. كما سبق في الفتوى رقم: 14971.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1429(12/7930)
من التقط مالا من الطريق العام فماذا يصنع به
[السُّؤَالُ]
ـ[وجد زوجي 40 يورو في طريقه في فرنسا وفي منطقة مزدحمة بالفرنسيين وهو لا يعرف أحدا منهم فماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المبلغ الذي وجده زوجك يعتبر لقطة، واللقطة إذا كانت ذات قيمة فإنها تعرف سنة، ثم بعد ذلك يفعل بها الملتقط ما شاء. روى الشيخان والترمذي وأبو داود وابن ماجه ومالك وأحمد، من حديث زيد بن خالد الجهني، واللفظ لمسلم قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة الذهب أو الورق؟ فقال: اعرف وكاءها وعفاصها، ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوما من الدهر فأدها إليه.
ثم إن على من التقط لقطة أن لا يذكر جنسها أو نوعها، بل يكتفي بقول: يا من ضاع له شيء، ونحو ذلك. ففي شرح الخرشي عند قول خليل: ولا يذكر جنسها على المختار، قال: أي بل يلفق اسمها مع غيرها ويقول يا من ضاع له شيء؛ لأنه إذا ذكر جنسها انساق ذهن بعض الحذاق إلى قدرها أو ما تجعل فيه أو ما تربط به وأولى أن لا يذكر نوعها ولا صفتها. اهـ
وبناء على ما ذكر، فإن على زوجك أن يعرف اللقطة التي التقطها إلى أن تنقضي سنة كاملة، ثم بعد ذلك يفعل بها ما يشاء، كما ورد في الحديث الشريف الذي تقدم.
ويمكنه في تعريفها أن يكتب عبارة ويلصقها في مكان قرب الطريق الذي التقط منه المبلغ، ويكون فيها من ضاع له شيء هنا فليتصل على هذا الرقم. ولك أن تراجعي لمزيد الفائدة فتوانا رقم: 28350.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1427(12/7931)
اللقطة هل هي لآخذها أم لمن رآها
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاتان كانتا تمشيان في الطريق فوجدت إحداهن سلسالا ذهبياً وظنت أنه مزيف وليس ذهبا أصليا فألقته، فالتقطته الأخرى واكتشفت أنه ذهب حقيقي..... فما التصرف المطلوب منهما؟؟؟ ومن حق أي الفتاتين يكون هذا السلسال في النهاية؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من التقطت هذا السلسل الذهبي أخيرا هي الملتقط الذي يتوجه إليه وجوب التعريف به مثله مثل سائر اللقطة، فيجب على الفتاة الثانية أن تعرف بهذه اللقطة جاء في المغني: وإن رأياها معا , فبادر أحدهما فأخذها , أو رآها أحدهما , فأعلم بها صاحبه , فأخذها , فهي لآخذها ; لأن استحقاق اللقطة بالأخذ لا بالرؤية، وجاء في الجوهرة النيرة من كتب الحنفية: ولو كانا يمشيان فرأى أحدهما لقطة فقال صاحبه هاتها فأخذها لنفسه فهي للآخذ دون الآمر، وهكذا المسألة عند الشافعية، فإذا كان هذا فيمن عرف أنها لقطة وأمر صاحبه بأخذها فأخذها صاحبه لنفسه فهي للأخذ منهما، فمن باب أولى أن تكون اللقطة في مسألتنا هذه المعروضة للفتاة الثانية دون الأولى، وأما حكم اللقطة ومآلها فراجعي فيه الفتوى رقم: 28350.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1427(12/7932)
يجب تعريف إن كانت ذات قيمة وتتبعها نفس صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت في مكان عملي مبلغا من النقود يعتبر كبيرا بالنسبة لي على الأقل، وقد قرأت أنه يجب التعريف به سنة،
ولكن المشكلة تكمن في أن صاحبه لم يأت للمكان الذي وجدت المال فيه، أي أنه لم يصله قط. فكيف يمكنني أن أعرف فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك: إن صاحب المال لم يأت إلى المكان الذي وجد فيه المال قط، يفيد أنك تعرف صاحب هذا المال، وإن كان الأمر كذلك فإنه يجب عليك رده إليه وإخباره به، وأما إن كنت تجهل صاحبه فالواجب هو ما ذكرت من تعريفه سنة، ويكون التعريف من خلال الإعلان عنه في مكان العمل، أو المكان الذي تظن وجود صاحبه فيه، فإن لم تجد صاحبه جاز لك التصرف فيه وأنت ضامن له متى ما تصرفت فيه، فإن جاء صاحبه يوما من الدهر لزمك رده إليه.
أما ما لم يكن له قيمة، ولا تتبعه نفس صاحبه، فلا يجب تعريفه، ويجوز أخذه على الراجح.
قال الإمام ابن قدامة: ولا نعلم خلافاً بين أهل العلم في إباحة أخذ اليسير والانتفاع به، وقد روي ذلك عن عمر، وعلي، وابن عمر، وعائشة، وبه قال عطاء، وجابر بن زيد، وطاوس، والنخعي، ويحيى بن أبي كثير، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي.
وقد فصلنا أحكام اللقطة في الفتوى رقم: 11132.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1430(12/7933)
ما يلزم من أخذ اللقطة وانتفع بها دون تعريفها
[السُّؤَالُ]
ـ[حصل قبل ثمان سنين أن وجدنا أنا ومعي اثنان من الزملاء في كبينة هاتف محفظة فيها مبلغ 4000 ريال، فسول بعضنا لبعض وأنفسنا الأمارة بالسوء أخذ المبلغ وقسمته بيننا، فحصل ذلك وأخذ كل منا مبلغ 1750 تقريباً، وقد تبت إلى الله، ولازال هذا الأمر يراودني بين الفينة والأخرى، وأنا أريد أن أرجع المبلغ، فهل إذا عرفت الشخص أرجع إليه المبلغ كاملاً أم ما أخذته لأن الذين كانا معي قد نسيا، ولو ذكرتهم يمكن لا يعبؤوا بذلك، وإذا لم أعرف الشخص ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المال حكمه حكم اللقطة، ويجب على ملتقطه تعريفه سنة في مكان وجوده، وحيث يظن وجود صاحبه، فإذا جاء صاحبه وعرفها دفعها إليه، أما أخذ المال والتصرف فيه على وجه التملك فلا يجوز وهو من الاعتداء المحرم، ويصير الملتقط بهذا التصرف ضامنا للقطة مطلقا، فالواجب مع التوبة إلى الله عز وجل أن تعرف هذا المال، وإذا لم تجد صاحبه فأنت مخير بين حبس المبلغ إلى أن يوجد صاحبه أو أن تتصدق به عن صاحبه، وإذا عثرت عليه بعد ذلك خيرته بين الصدقة وبين أخذ المال، ويكون أجر الصدقة لك.
وإنما يلزمك ضمان المال الذي التقطته، فإن كنت أنت الملتقط لهذا المال لزمك ضمانه، وإن كنت اشتركت مع زميليك في الالتقاط لزمك ضمان نصيبك فقط، وعليك أن تنصحهما، وتذكرهما بالله تعالى، ووجوب المبادرة بالتوبة، قبل أن لا ينفع دينار ولا درهم.
قال ابن قدامة: فإن التقطها اثنان، فعرفاها حولا، ملكاها جميعا.... وإن رأياها معا، فبادر أحدهما فأخذها، أو رآها أحدهما، فأعلم بها صاحبه، فأخذها، فهي لآخذها لأن استحقاق اللقطة بالأخذ لا بالرؤية، كالاصطياد. وإن قال أحدهما لصاحبه: هاتها. فأخذها، نظرت في نيته؛ فإن أخذها لنفسه، فهي له دون الآمر، وإن أخذها للآمر، فهي له، كما لو وكله في الاصطياد له. اهـ.
وجاء في درر الحكام: إذا وجد اللقطة شخصان فكلاهما يعرفان ويكونان مشتركين في حكم اللقطة. انتهى.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 11132، 104068، 112514.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(12/7934)
متى يجوز التصرف في اللقطة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشرعي في من وجد مبلغا من المال وقطعة ذهبية وهو في أشد الحاجة إليهما، لأنه طرد من العمل في نفس اليوم؟ علما بأنه لا علاقة بين ما وجده وبين تركه للعمل، وقد اتصلت برقم وجدته مع المبلغ بدون اسم مرارا ولا أحد يجيب، فهل لي التصرف فيه بقدر الحاجة والضرورة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم اللقطة وكيفية تعريفها، وأنه لا يجوز للمسلم التصرف فيها إلا بعد تعريفها سنة كاملة في أماكن تجمع الناس كأبواب المساجد والأسواق، وانظر تفاصيل ذلك وأدلته في الفتاوى التالية أرقامها: 57349، 69824، 5663، وما أحيل عليه فيها.
ولذلك، فإن التصرف في اللقطة قبل تعريفها سنة كاملة يعتبر مخالفة شرعية وخيانة للأمانة يأثم فاعلها ويضمنها به، والواجب على المسلم أن يحذر منه، والحاجة لا تبرر الاعتداء على مال الغير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1430(12/7935)
حكم لقطة الدجاج
[السُّؤَالُ]
ـ[أتت دجاجة إلى حديقة منزلنا ونحن لا نعلم من أين أتت، ولها الآن عندنا شهران، وقد أمسكتها والدتي في قفص وأطعمتها ثم أطلقتها وهي (الدجاجة) تسبب لنا مشاكل مع الجيران.
فهل يجوز لنا إخراجها إلى الطريق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيخير واجد تلك الدجاجة في فعل الأصلح من أكلها وضمان قيمتها لصاحبها، أو إمساكها مع الإنفاق عليها، أو بيعها والاحتفاظ لصاحبها بثمنها. وننصح بعدم إخراجها إلى الطريق لعدم الفائدة في ذلك؛ لأنها مضمونة لصاحبها على كل حال، وانظر لمزيد الفائدة الفتويين: 29523، 45465. ويجب مع ذلك تعريفها لمدة سنة.
وبعد سنة تصبح ملكا لواجدها، لكن إن ظهر صاحبها بعد ذلك فله استردادها إن كانت موجودة، أو أخذ قيمتها أو ثمنها على ما تقدم. وانظر تفصيل أحكام اللقطة في الفتوى رقم: 11132.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1430(12/7936)
حكم لقطة الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[إن وجدت شيئا لشخص غير مسلم ولكنني لا أعرفه ولا أستطيع إرجاعه إليه، فماذا أفعل؟ وهل علي ذنب إذا أخذته لنفسي؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من وجد مالا لشخص كافر غير محارب، ينبغي أن يعامله معاملة اللقطة فيعرفه مدة سنة ببيان وصفه، ويمكن أن يستعين في تعريفه بإعلان يكتبه أو غير ذلك من وسائل التعريف، فإن جاء صاحبه أعطاه إياه، وإلا فيمكن أن يستعمله، وإذا جاء صاحبه أعطاه مقابله، ففي حديث الصحيحين: اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوما من الدهر فادفعها إليه.
وقال ابن قدامة في شأن لقطة دارالكفر: فأما إن دخل دارهم بأمان فينبغي أن يعرفها في دارهم، لأن أموالهم محرمة عليه، فإذا لم تعرف ملكها كما يملكها في دار الإسلام. انتهى.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 11132، 28350، 80888.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1430(12/7937)
التقط عقدا ذهبيا في بلد فلم يعرفه وعاد إلى بلده
[السُّؤَالُ]
ـ[أود الاستفسار عن موضوع اللقطة: فأنا أسكن في فلسطين وحدث أن سافرت منذ فترة إلى الأردن، وخلال فترة السفر ذهبت لزيارة أحد الأشخاص في المستشفى وبعد خروجي من المستشفى ـ وخارج محيط منطقة المستشفى ـ وجدت ـ اكسسوارا ـ على شكل عقد فأخذته على أساس أنه ـ اكسسوار ـ عادي وليس ذهبا، ولم يكن بإمكاني أن أسأل عن صاحب له، فالمنطقة مفتوحة وليست ضمن نطاق مكان معين أسأل فيه، ورجعت إلى مكان سكني في فلسطين، وعند سؤالي عن هذا العقد تبين أنه من الذهب، ففي هذه الحالة وأنا لست في نفس المكان الذي وجدت العقد فيه ولا أستطيع أن أجد أصحابه ولا أعرف كيفية وحكم التصرف في هذا الموضوع.
أفتوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم أخذ اللقطة، وسبق بيان ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم، فنرجو أن تطلع عليه في الفتوى: 18069.
وإذا أخذ الملتقط اللقطة وجب عليه حفظها وتعريفها سنة كاملة في الأسواق وعلى أبواب المساجد وفي الصحف وأماكن اجتماع الناس، فإذا جاء صاحبها ووصفها دفعت إليه بغير بينة، وذلك لما في الصحيحين عن زيد بن خالد الجهنى ـ رضي الله عنه ـ قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة ـ الذهب والورق ـ فقال: اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة, فإن لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك, فإن جاء طالبها يوما من الدهر فادفعها إليه.
وبهذا تعلم أنه كان من الواجب عليك أن تعرف هذا العقد في البلد الذي وجدته فيه ـ الأردن ـ مدة سنة في مثل الأماكن المذكورة وعبر وسائل الاتصال ـ سواء أباشرت ذلك بنفسك أم وكلت من يقوم عنك بذلك ـ وبما أنك لم تفعل، فإن عليك الآن أن تعرفه في ذلك البلد وتلك المدة، فإن جاء صاحبه دفعته إليه، وإلا فيمكنك التصرف فيه بالاستعمال والانتفاع أو التصدق به عن صاحبه، فإن جاء يوما من الدهر ورضي بالصدقة كان له الأجر وإن لم يرض بها كان لك الأجر ودفعت إليه قيمته.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 11132، 22521، 28350.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(12/7938)
ملتقط اللقطة هو المسؤول عنها دون صاحب المحل الذي وجدها فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي محل تجاري، وجد فيه أحد العاملين قطعة ذهبية وقمنا بتعريفها.
السؤال الأول: بعد انتهاء المدة الشرعية دون أن يتقدم أحد بتعريفها لمن تكون اللقطة للعامل الذى وجدها أم لصاحب المحل؟
السؤال الثانى: أين يتم الاحتفاظ بها خلال العام مع صاحب المحل أم مع الذى وجدها؟
السؤال الثالث: هل العام المقصود به العام الهجري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 11132 أن ملتقط المال هو المسؤول عنه وليس صاحب المحل.
وبناء عليه، فاللقطة المذكورة يحتفظ بها العامل إن شاء وله التصرف فيها إن مضى أمد التعريف. ولم يعرف صاحبها. وإذا انتهى أمد تعريفها واستعملها لنفسه أو تصدق بها فإنه يضمنها له إن جاء يوما من الدهر.
جاء في حديث زيد بن خالد رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة فقال: اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها. إلى آخر الحديث وهو في البخاري وغيره.
ويكون تعريفها بالإعلان عنها في المظان التي يمكن أن يبلغها صاحبها أوتبلغه، ومن ذلك صحف الإعلانات في هذا الزمن والمحلات التجارية الكبيرة ونحوها.
والمقصود بالعام هو الحول من حين التقاطها، وإذا اطلق العام في الشرع فيقصد به العام الهجري.
وللمزيد حول أحكام اللقطة انظر الفتوى رقم: 29983.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1430(12/7939)
حكم ما يحدث من نقص أو زيادة عند موظف الحسابات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في بنك ونكتشف عندنا بعض الأيام زيادة، ولا نعرف من أين أتت، فيتم أخذها حتى يأتي صاحبها ونعطيها له، وفي أغلب الأوقات لا نعلم من صاحبها، مع العلم أن النقصان في الحسابات نوفيه من جيبنا، وكذلك هناك حساب للزوائد يوضع فيه النقود الزائدة عند أي واحد منا، ولكن يتم محاسبتنا من قبل الإدارة.
سؤالي: هل يجوز أخذها وصرفها وإرجاعها من جيبنا عند التأكد من صاحب المال عند مطالبته لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأنتم مؤتمنون على ما تحت أيديكم من ذلك المال، لا تضمنون نقصه دون تعد أو تفريط، ولا يجوز لكم التصرف فيه بغير ما أمرتم به، لأنكم وكلاء عن البنك في صرف الأموال، وما تجدونه زائدا ولا تعلمون سبب ذلك، فعليكم ضمه إلى ما عندكم حتى يأتي صاحبه أو يتبين سبب زيادته، أو تعلموا الجهة المسؤولة عنه بذلك، فإن أذنت لكم فيه جاز لكم أخذه، وإلا فلا ولو كان ذلك على سبيل القرض أو غيره، ومن أخذ منكم منه شيئا ضمنه حتى يعيده، وعليه إثم خيانته واعتداؤه على أمانته.
لكن إن علم كون تلك الزيادة نتيجة ترك بعض المتعاملين مع الخزينة بعض ما يستحق خطأ أو لعدم وجود صرف، ففي هذه الحالة، فالزيادة باقية على ملك صاحبها لا يجوز تملكها، فإذا لم يعرف صاحبها بعينه أخذت أحكام اللقطة، وقد بينا أحكامها في الفتوى رقم: 11132.
وإذا ضمنكم البنك ما يحصل من النقص دون تعد أو تفريط منكم، فلكم أن تأخذوا مما وجدتموه من الزيادة بقدر ما أخذ منكم بغير حق، وهذا ما يسمى بمسألة الظفر.
قال البخاري رحمه الله: باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه. وقال ابن سيرين: يقاصه، وقرأ: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ. {النحل:12} .
وليس المقصود الأخذ من اللقطة لأنها إن جاء صاحبها دفعت إليه، وإن لم يجئ كان لكم أن تنتفعوا بها، بل المقصود ما وجدتموه من الزيادة مما لم يأخذ حكم اللقطة.
وللمزيد انظر الفتويين: 50322، 20544.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1430(12/7940)
حكم اللقطة التي التقطها الصبي
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل شهر كنت في المسجد، وأحضر أحد صبيان الحي مبلغ 50 ريال وقال: خذ هذه لك، فظننت أنها من والده هبة أوعطية، وبعد أن خرجت من المسجد لحق بي ذلك الصبي وقال لقيتها عند سيارتك فظننت أنها فعلاً لي، وذهبت للبيت وفتشت في محفظتي فلم أجد أنه نقص شيء من مالي، ونويت أن أعيدها للصبي، ولكني نسيت أمرها لفترة. والآن أنا محتار ماذا أفعل بها فأنا لا أستطيع أن أعيدها إلى الصبي لأنه صغير، وأخشى أن يشككوا في أمانتي أمام أهل الحي حيث تأخرت في إعادتها. فهل يجوز التصدق بها عن صاحبها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الريالات التي التقطها هذا الصبي تجري عليها أحكام اللقطة، فإن كانت يسيرة في العرف بحيثُ لا تتبعها همة أوساط الناس لم يجب تعريفها، وجاز لملتقطها أن يتملكها، وانظر الفتويين رقم: 63759، 46279.
ومن ثمّ فالواجبُ عليك دفعُ هذا المال إلى هذا الصبي لأنه واجده فثبت عليه ملكه.
وأما إن كانت هذه اللقطةُ مما يجبُ تعريفه، وهي ما تتبعه همة أوساط الناس، فإن تعريفها واجبٌ على ولي الصبي، وتدخلُ في ملك الصبي بعد مضي الحول.
قال الخرقي: وإن كان الذي وجد اللقطة سفيها أو طفلا قام وليه بتعريفها، فإن تمت السنة ضمها إلى مال واجدها.
قال ابن قدامة شارحاً لهذه المسألة: وجملة ذلك أن الصبي والمجنون والسفيه إذا التقط أحدهم لقطة ثبتت يده عليها لعموم الأخبار، ولأن هذا تكسب فصح منه كالاصطياد، والاحتطاب، وإن تلفت في يده بغير تفريط فلا ضمان عليه،لأنه أخذ ما له أخذه، وإن تلفت بتفريطه ضمنها في ماله، وإذا علم بها وليه لزمه أخذها لأنه ليس من أهل الحفظ والأمانة، فإن تركها في يده ضمنها، لأنه يلزمه حفظ ما يتعلق به حق الصبي، وهذا يتعلق به حقه، فإذا تركها في يده كان مضيعا لها، وإذا أخذها الولي عرفها لأن واجدها ليس من أهل التعريف، فإذا انقضت مدة التعريف دخلت في ملك واجدها، لأن سبب الملك تم شرطه فيثبت الملك له، كما لو اصطاد صيدا، وهذا مذهب الشافعي. انتهى.
ومن ثم فالواجبُ عليك دفعُ هذه اللقطة إلى ولي الصبي، ليقوم بتعريفها مُدة السنة، فإذا انقضت السنةُ، دخلت في ملك ذلك الصبي، ولا يجوزُ لك أن تتصدق بها في كلا الحالين، لأنها إن كانت يسيرة فمالكها معلومٌ وهو ذلك الصبي، فتدفعها إلى من يقوم بحفظ ماله وهو وليه، وإن كانت كثيرة، وجب تعريفهاعلى ملتقطها أو من يقوم مقامه سنة، ولم يجز التصدق بها.
وعليه، فالواجبُ عليك على كل حال دفعُ هذا المال إلى ولي الصبي، لكي تبرأ ذمتك، وتخرجُ من عهدة أخذ ما ليس لك، ولا تخشى الناس، فإن الله أحق أن تخشاه، ولا تظن أنك إن فعلت ما أمرك الله به ظن الناس بك السوء، فإن طاعة الله عز وجل سببُ الخير في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1430(12/7941)
كيفية التصرف في عجلات السيارات التي لا يعود أصحابها لأخذها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أشتغل بتصليح عجلات السيارات والشاحنات، ولكن يأتيني أحيانا بعض الزبائن لتصليح عجلاتهم فيتركونها عندي مدة طويلة، وأحيانا لا يعودون لأخذها، وبما أنَّ المحلَّ الذي أشتغل به صغير فيلزمني إخراج وإدخال هذه العجلات كلَّما فتحت المحل أو أغلقته للذهاب إلى الصلاة، أو لقضاء بعض الحاجات، فأرهقني هذا الأمر، وإذا حاولت حملها إلى المنزل فيلزمني كراء شاحنة وربَّما تعطيل بعض الزبائن، كما أنَّ منزلي لم يعد يتسع تقريبا لهذه العجلات. فكيف يمكنني التصرُّف فيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه العجلات التي لا يعرف أصحابها تأخذ حكم اللقطة، فكل مال لا يعرف مالكه من العواري والودائع ونحوها يأخذ حكم اللقطة وتجري عليه أحكامها، فيجب عليك ردها إلى أصحابها إن أمكنك التعرف على مكانهم، وإذا مرت سنة عليها ولم يعرف لهم مكان ولا عنوان، فيجوز لك الانتفاع بها أو التصدق بها، فإذا ظهر صاحبها، فإما أن يجيز التصدق بها أو التملك لها، وإلا فله قيمتها على الملتقط، وما أنفقته عليها من حفظ، ونقل ونحو ذلك، جاز لك الرجوع به على أصحابها.
هذا إذا كانت العجلة لها قيمة، أما ما لا قيمة له ولا يلتفت إليه فلا مانع من أن تنتفع به، وضابط ما له قيمة وما ليس له قيمة هو العرف المطرد عندكم.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 11132، 5663، 53795، 54137.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1430(12/7942)
وجد لقطة وباعها قبل مضي ستة
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت سوارا ولكن بعته قبل أن يكمل سنة، وبعد أن بعته لم أكن أعرف أنه يجب تعريفه سنة، لأني كنت أظن أني ما دمت وجدته فلا يلزمني انتظار سنة، ولكن أنا معي النقود، ولكن المبلغ الذي معي هل يصح أن أنتفع به بحكم المساعدة، لأني مخطوبة، ولكن ظروف خطيبي على قدر حاله. فهل يمكن أن أعطيه المبلغ لكي نتزوج أو مثلاً لو تصدقت، فهل أتصدق بالمبلغ كله أولا أم ماذا أفعل؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا السوار حكمه حكم اللقطة، ومن وجد لقطه وجب عليه تعريفها سنة في مكان وجودها، وحيث يظن وجود صاحبها فإذا جاء صاحبها وعرفها دفعها إليه، لحديث زيد بن خالد الجهني، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة: الذهب أو الورق؟ فقال: اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوماً من الدهر فادفعها إليه. متفق عليه.
ولا يجوز الانتفاع باللقطة قبل مضي سنة، قال الشافعي في الأم: ولا يحل للرجل أن ينتفع من اللقطة بشيء حتى تمضي سنة. انتهى.
وما دمت قد بعت هذه اللقطة قبل مضي عام فقد أسأت، وعليك ضمانها، وتعريفها بذكر بعض أوصافها في الأماكن التي يرجى فيها وجود صاحبها، فإذا جاء صاحبها وجب عليك دفع مثل هذه اللقطة له أو قيمتها، أما الثمن الذي في يدك فلك التصرف فيه بإنفاقه على نفسك أو دفعه إلى غيرك ما لم تخشي أن يأتي صاحب اللقطة ولا مال عندك تشتري به مثل حقه.
وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 73577، 104068، 112514.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1430(12/7943)
حكم الانتفاع باللقطة اليسيرة بدون تعريف لها
[السُّؤَالُ]
ـ[بالأمس كنت في أحد المراكز التجارية, ووجدت على الأرض مبلغاً هو 15 ريالاً, وهو يعتبر مبلغاً صغيراً, لكني لم أقم بتعريفه ولم أسأل عن صاحبه, وإن كان هذا صعباً لأنها كانت تبدو على الأرض منذ فترة ولم يكن هناك الكثير من الناس في ذاك المكان.
دفعت هذه ال 15 ريال في أمر ما, لكن قيمتها معي وأستطيع تعويضها في أي وقت, أي أنه كان معي نقود ولكني دفعت هذه ال15 ريال على أساس أن معي غيرها وأستطيع دفعها. كأني أبدلت 15 ريال ب 15 أخرى.
الآن أريد أن أعرف ما المطلوب مني؟ وهل علي إثم في أخذها؟ وهل علي إرجاعها؟ علماً بأن المبلغ صغير وأصبح من الصعب جداً جداً تعريفه لأن المركز يرتاده يومياً الآلاف. فهل تنطبق أحكام اللقطة على المبلغ؟
وما الذي علي فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللقطة إذا كانت يسيرة لا تتبعها نفس صاحبها جاز أخذها والانتفاع بها، بلا خلاف بين أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني:
ولا نعلم خلافا بين أهل العلم في إباحة أخذ اليسير والانتفاع به.... وليس عن أحمد تحديد اليسير الذي يباح. وقال مالك، وأبو حنيفة: لا يجب تعريف ما لا يقطع به السارق، وهو ربع دينار عند مالك، وعشرة دراهم عند أبي حنيفة؛ لأن ما دون ذلك تافه، فلا يجب تعريفه، كالكسرة والتمرة. اهـ. ثم قال:
يباح أخذ ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم ورخص في أخذه من السوط والعصا والحبل، وما قيمته كقيمة ذلك. اهـ.
والراجح أن يرجع في تحديد اليسير إلى العرف، وهو يختلف باختلاف الزمان والمكان، فإذا كان المبلغ الذي وجدته يسيراً عرفا فلا حرج عليك في تملكه والانتفاع به، وإن لم يكن يسيراً وجب عليك تعريفه لمدة سنة في المكان الذي وجدته فيه. وإذا عرفتها حولاً فلم تعرف، جاز لك تملكها، ولكن إذا جاء صاحبها ضمنتها له.
وراجع الفتاوى الآتية أرقامها: 11132، 28350، 46279.
وراجع في اللقطة إذا لم يرج معرفة صاحبها الفتوى رقم: 115861.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1430(12/7944)
الركاز إذا وجد في أرض مملوكة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم كنز مقابر الفراعنة لو كانت طريقة خروج الكنز بالسحر، وما حكم لو كان مساحة المقبرة تتعدى حدود أرضك من تحت سطح الأرض، مع العلم بأنه في حالة معرفة أهل الأرض الأخرى تحدث فتنة، فما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعمل السحر وتعاطيه وطلبه من الساحر كبيرة من كبائر الإثم، وقد يخرج صاحبه من الملة، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات: قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله والسحر ... فلا يجوز الاستعانة بالسحر لاستخراج الكنوز، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 101797، والفتوى رقم: 115178.
أما إذا تم استخراج كنز من كنوز الجاهلية بطريق مشروع، فذلك جائز وحكمه حكم الركاز، والركاز هو كل مال عُلم أنه من دفن أهل الجاهلية، وفيه الخمس إذا وجدت عليه علامة تدل على أنه من دفن أهل الجاهلية، فإن وجد عليه ما يدل على أهل الإسلام فله حكم اللقطة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 105956.
وإذا وجد الركاز في أرض مملوكة، فمذهب الجمهور أنه لصاحب الأرض لا لواجده، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في رواية إلى أن الركاز الموجود في دار أو أرض مملوكة يكون لصاحب الدار، وفي رواية أخرى عن أحمد أنه لواجده.. ونقل عن أحمد ما يدل أنه لواجده.. وذلك لأن الكنز لا يملك بملك الدار، فيكون لمن وجده، لكن إن ادعاه المالك فالقول قوله، وإن لم يدعه فهو لواجده. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1430(12/7945)
وجد بطاقة شحن فباعها بأقل من ثمنها فما حكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت بطاقة شحن ب30 ريال وبعتها ب20 ريال فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبطاقة الشحن هذه لقطة، واللقطة هي: المال الضائع، وهوإما أن تكون له قيمة أو لا تكون له قيمة عرفا، فما كان له قيمة في العرف يجب تعريفه على من وجده، وراجع في أحكام ذلك الفتوى رقم: 73577.
وما لم يكن له قيمة فيجوز لمن وجده الانتفاع به وتملكه، وأما عن بيع بطاقة شحن بأقل من قيمتها أو بأكثر فلا مانع منه، لأنه بيع منفعة، وراجع الفتوى رقم: 98570
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1430(12/7946)
أعطي لقطة لإيداعها بمكتب المفقودات فأخذها لنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطاني رجل مبلغا من المال وجده في مكان عملي لكي أعطيه لمكتب المفقودات ولم أودع المبلغ وأنا نادم على ما فعلت ولا أعرف ماذا أفعل؟ المبلغ من فئة مائة يورو وقد صرفتها في وقتها بأربعمائة ريال سعودي، أفتوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال الذي دفعه إليك صاحبك يعد لقطة، والواجب فيه أن يؤخذ بنية التعريف به لا بنية التملك فيجب على من وجده أن يعرفه، وإن دفعه إلى من مثله في الأمانة ليعرفه جاز.
جاء في المنتقى شرح الموطأ: وَلَوْ دَفَعَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ إِلَى غَيْرِهِ يُعَرِّفُهَا فَضَاعَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ اعْمَلْ بِهَا مَا شِئْت، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ دَفَعَهَا إِلَى مِثْلِهِ فِي الثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِذَا قَالَ لَهُ اصْنَعْ بِهَا مَا شِئْت، وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ دَفَعَهَا إِلَى مِثْلِهِ فَهُوَ قَدْ أَعْلَمُهُ بِأَصْلِهَا فَلَا يُؤَثِّرُ قَوْلُهُ لَهُ اعْمَلْ بِهَا مَا شِئْت؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلثَّانِي أَنْ يَعْمَلَ بِهَا إِلَّا مَا لِلْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا جَازَ فِي اللُّقَطَةِ أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْ يَدِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِي الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّ الْمُودِعَ دَفَعَ إِلَيْهِ الْوَدِيعَةَ صَاحِبَهَا وَلَمْ يَرْضَ إِلَّا بِأَمَانَتِهِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ إِنْ دَفَعَهَا إِلَى غَيْرِهِ، وَأَمَّا اللُّقَطَةُ فَلَمْ يَأْخُذْهَا بِاخْتِيَارِ صَاحِبِهَا فَكَانَتْ حَالُهُ وَحَالُ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ فِي الْأَمَانَةِ سَوَاءً؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا لَمْ يُعَيِّنْهُ لِحِفْظِهَا. انتهى
وقيام الشخص المذكور بدفع المال إليك لتودعه في مكتب المفقودات تصرف صحيح يحقق المراد لأن صاحب المال غالبا ما يسأل عن ماله في هذا المكان.
وأما تصرفك في المال وأخذه لنفسك فإنه خيانة وأكل لمال الغير بالباطل، ويجب عليك التوبة إلى الله تعالى وإيداع المبلغ مائة يورو في مكتب المفقودات، إن كان هذا المكتب جهة موثوقة من قبل ولي الأمر، ومظنة البحث عن اللقطة فيه، وإلا وجب عليك التعريف بالمال مع ضمانه له إن تلف أو ضاع منك بسبب تعديك على اللقطة.
جاء في مطالب أولي النهى: فيحرم على من لا يأمن نفسه عليهاـ أي اللقطة أخذها ويضمنها أي بأخذها إن تلفت مطلقا سواء كان تلفها بتفريط أو بدونه لأنه أخذ مال غيره على وجه لا يجوز له أخذه فضمنه كالغاصب.
والغاصب لا يبرأ من الضمان إلا برد المغصوب إلى صاحبه أو دفعه إلى القاضي ليرده إلى صاحبه لأن يد القاضي نائبة عن يد المالك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1430(12/7947)
اللقطة تحفظ وتعرف سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بالمعمار، وفي يوم وجدت بمبنى أعمل به مبلغا كبيرا من المال، وكان يعمل بالمبنى أكثر من شخص أعمالا مختلفة، أخبرت من أعمل معه، فقال لي ألا أخبر أحدا، وسوف يسأل صاحب المال عن ماله، فنعطي له حقه، ولم أذهب لهذا المبنى بعد ذلك، وسألت من أعمل معه فقال لم يسأل احد على شيء، واحتجت للمبلغ فأقرضته نفسي، فماذا علي أن أفعل، فأنا لا أعرف صاحب هذا المال، ولا من كانوا يعملون بالمبنى، وهل يجوز إخراج المال خارج البلد التي أعمل؟ وفى أي شيء أخرج هذا المال؟ جزاكم الله عنا كل الخير وأعز كم وأعز بكم الإسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا المال يعتبر لقطة، ومن أحكام اللقطة أن يعرفها الملتقط سنة كاملة في المواطن العامة، فإن وجد من يصفها بما تتميز به وجب تسليمها إليه، وإن لم يجده فله أن ينتفع بها بعد مضي السنة، فإن جاء صاحبها وقد استهلكها الملتقط دفع إليه مثلها إن كانت مثلية أو قيمتها إن كانت مقومة، فعن ز يد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة فقال: اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها، قال فضالة الغنم: قال: هي لك أو لأخيك أو للذئب، قال: فضالة الإبل: قال: ما لك ولها، معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها. رواه البخاري ومسلم.
كما أن له أيضا التصدق بها عن صاحبها بعد مضي مدة التعريف، فإن عثر على صاحبها بعد ذلك أخبره بما صنع، فإن أجاز الصدقة عنه كان له أجرها، وإن لم يجزه دفع الملتقط إليه مثل ماله، إن كان مثليا، وقيمته إن كان مقوما، وكان الأجر له.
وبناء على هذا، فقد فرطت في التعريف المطلوب منك، وارتكبت خطأ هو اقتراضك لذلك المال، فأصبحت ضامنا له بتعديك عليه، فيجب عليك أن تقوم بما تركت من التعريف، فإن عثرت على رب المال وجب عليك إعطاؤه إياه سواء كان ذلك قبل مضي سنة أو بعدها، إلا أن يكون قد تصدقت به وأجاز لك ما فعلت، وللأهمية راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11132، 80888، 39647، 59086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1430(12/7948)
الواجب على من وجد لقطة
[السُّؤَالُ]
ـ[قامت الوالدة وأختي بعمل عمرة في الصيف الماضي في الشهر الثامن في بدايته، وتم رجوعهم بفضل الله نهاية الشهر نفسه، وعندما استقبلناهم في مطار دمشق على طيران السعودية وبعد تأخير في استلام حقائبهم وجهد كبير عدنا إلى البيت، وعندما أردو فتح الحقائب فوجئنا أن هذه الحقائب ليست لهم، وعددها (3) وفي اليوم التالي ذهبنا إلى المطار لإرجاع الحقائب واستلام حقائبهم، وجدنا الفوضى عارمة لأن الكثير من غيرنا معهم نفس المشكلة، فيسر الله لنا شخصا يشتغل في المطار، وأعطيناه أرقام الحقائب، وقال إن شاء الله إذا حصلت عليها سأتصل بكم حدث هذا بعد يومين أو ثلاث استلمنا الحقائب، ولكن المشكلة هو ماذا نفعل في الحقائب ولا نستطيع إرجاعها إلى المطار؛ لأنه سوف توضع في المخازن إذا لم تسرق والله أعلم، ولكن قمت إبلاغ الشخص الذي ساعدنا في المطار، وقال لي أبقها معك وسوف أتصل بك عندما يأتي أحد للسؤال عنها، ومع ذلك أنا بلغت الطيران السعودي بذلك، وأعطيت تليفون البيت والموبايل ومكان إقامتي، وبعد ذلك اضطررننا إلى فتح الحقائب لعل أن نجد رقم هاتف أو موبايل ولم نحصل على شيء، ووجدنا في كل الحقائب ملابس رجالية ونسائية من النوع الجيد، وعلمت أنه هذه قافلة من العراق، وذهبت ورجعت عن طريق مطار دمشق، فأفتوني جزاكم الله الخير، ماذا أفعل في الحقائب بعد أن مر عليها أكثر من (5) أشهر، وماذا أفعل فيها إذا جاءتني سفرة خارج سورية، علما أنا مقيم في سورية، والله أعلم متى أخرج منها، وأشهد الله وأشهدكم أني مستعد أن أرسلها إلى أي مكان وعلى نفقتي الخاصة إلى أصحابها إن وجدتهم أو أي خبر يدلني عليهم؟ جزاكم الله على صبركم كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الحقائب تعتبر لقطة، واللقطة يجب تعريفها سنة كاملة، فإن جاء ربها ووصفها بما تتميز به سلمت إليه، وإلا فلملتقطها الانتفاع بها بعد السنة، لقوله صلى الله عليه وسلم: اعْرفْ وكاءها أو قال وعاءها وعفاصها، ثم عرفها سنة، ثم استمتع بها، فإن جاء ربها فأدها إليه. رواه البخاري ومسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: عرفها سنة ثم احفظ عفاصها ووكاءها، فإن جاء أحد يخبرك بها وإلا فاستنفقها. رواه البخاري ومسلم أيضاً.
وبناء على هذا يجب عليك تعريفها حتى تتم سنة أو تسليمها للجهة المسؤولة عن مفقودات المسافرين بالمطار، وللأهمية في ذلك راجع الفتوى رقم: 19949، والفتوى رقم: 94417.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1430(12/7949)
حكم اللقطة من الذهب على هيئة الصليب
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الافادة إذا عثر أحد المسلمين على مشغولة ذهبية صليب - رمز عقائدي فماذا يفعل في الحالتين التاليتين؟ إذا كان يعرف صاحبه إذا وجده في شارع ما ولا يعرف صاحبه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المشغولة الذهبية حكمها حكم اللقطة، ووجود هذا الصليب أو الرمز العقائدي لا يخرج هذا الشيء عن كونه ملكا لصاحبه، فإذا عرف صاحبه يجب رده إليه، وإن جهل صاحبه عرف سنة فإن جاء صاحبه وإلا انتفع به، ولا يجوز له الانتفاع به مع وجود هذا الصليب أو الرمز العقائدي فيه بل يجب عليه تغييره وإزالته.
ولمزيد الفائدة عن أحكام اللقطة راجع الفتوى رقم: 11132.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(12/7950)
نسي الزبون أشياء تخصه في المحل ولم يرجع لأخذها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في إحدى المحلات وفي مرة من المرات أتاني زبون واشترى وخرج من المحل, بعد ذلك وجدت أغراضا لهذا الزبون نسيها في المحل وتركتها لعله يرجع, انتظرت الشهر تلو الشهر حتى مر عليها أكثر من سنة لكنه لم يأت, بعد ذلك أخبرت صاحب المحل وأمرني أن أتصدق بها تصدقت بالبعض وأخذت لي بعض الحبات وبقي البعض ...
سؤالي: هل ما أخذته حلال أم حرام؟ علما بأن الأغراض عبارة عن بلايز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما وجده الأخ السائل إن كان لا يعرف صاحبه فإنه يعد لقطة، واللقطة إن كانت يسيرة لا تتبعها نفس صاحبها فلا بأس من الانتفاع بها.
أما إن كانت لها قيمة وتتبعها نفس صاحبها فعلى الملتقط تعريفها سنة، فإذا لم يفعل ذك عامدا فقد أثم، وعليه أن يعرفها ولو مرت سنة ما لم يغلب على ظنه أن التأخير في التعريف فوت معرفة المالك.
وحيث إن السائل تصدق ببعض هذه اللقطة وأخذ البعض فهو ضامن إن جاء صاحبها يوما، وما بقي منها ينتفع به مع ضمانه، وراجع الفتوى رقم: 28350.
وأما إن كان يعرف صاحب الأغراض ووجدها في المحل فهي أمانه يحتفظ بها الى أن يرجع صاحبها، فإن يئس من رجوعه تصدق بها عنه، وعلى هذا فما بقي عنده ويئس من عودة صاحبه يتصدق به وما استهلكه يتصدق بقيمته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(12/7951)
اشترى نعلا مستعملا فوجد فيه مالا فما حكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت إلى السوق لشراء حاجة وفي طريقي رأيت بائع أحذية أجلكم الله. أجنبية بالية مستعملة وعند النظر إلى البضاعة لمحت بعيني حسب ظني عملة نقدية دولار وقد كنت شاكا في هذا ثم سألت البائع على سعره ثم اشتريته وعند تفحصه وجدت أنه في داخله نقود. هل هذه النقود حلال لي؟ وإذا كانت غير ذلك فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المال إما أن يكون للبائع فيجب عليك رده إليه، وإن غلب على ظنك أنه ليس للبائع وأن أصحابه هم أصحاب الأحذية فحكم هذا المال حكم اللقطة، فيجب عليك تعريفه ورده لأصحابه إذا رجوت معرفتهم، أما إذا لم ترج معرفتهم فالأولى أن تنزل هذه النقود منزلة المال الذي تعذر الوصول إلى مالكه وحكمه أن يصرف في مصالح المسلمين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: إذا كان بيد الإنسان غصوب أو عواري أو ودائع أو رهون قد يئس من معرفة أصحابها، فإنه يتصدق بها عنهم، أو يصرفها في مصالح المسلمين، أو يسلمها إلى قاسم عادل يصرفها في مصالح المسلمين المصالح الشرعية.. فإن حبس المال دائما كمن لا يرجى لا فائدة فيه، بل هو تعرض لهلاك المال واستيلاء الظلمة عليه، وكان عبد الله بن مسعود قد اشترى جارية فدخل بيته ليأتي بالثمن، فخرج فلم يجد البائع، فجعل يطوف على المساكين، ويتصدق عليهم بالثمن، ويقول: اللهم عن رب الجارية. انتهى.
وفي قول بعض أهل العلم فإن هذا المال يتملكه ملتقطه بدون تعريف.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 5663، 11132، 31262، 80888.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(12/7952)
حكم من وجد لقطة في الطريق
[السُّؤَالُ]
ـ[عثرت على مبلغ من المال في الشارع حيث يستحيل العثور على صاحبه ماذا يجب أن أفعل علما أنا أحتاج هذا المال وقيمة المال بقدر وجبة غداء لـ 3 أشخاص. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المال الملتقط إما أن يكون يسيرا لا تتبعه نفس صاحبه فلملتقطه تملكه والاستفادة منه، فعن جابر رضي الله عنه قال: رخَّص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا، والسوط، والحبل، وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به. رواه أبو داود.
قال الإمام ابن قدامة: ولا نعلم خلافاً بين أهل العلم في إباحة أخذ اليسير والانتفاع به، وقد روي ذلك عن عمر، وعلي، وابن عمر، وعائشة، وبه قال عطاء، وجابر بن زيد، وطاوس، والنخعي، ويحيى بن أبي كثير، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي. وإما أن يكون ذا بال تتبعه نفس صاحبه عادة فيجب تعريفه سنة كاملة في مواطن تجمع الناس كأبواب المساجد وكالأسواق، فإن وجد من يصفها بما يميزها سلمها إليه، وإلا فله التصرف فيها بما يشاء، فإن جاء ربها بعد ذلك سلمها إليه إن كانت موجودة، وإلا سلمه مثلها إن كانت مثلية أو قيمتها إن كانت مقومة، فعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِهَا.... رواه البخاري ومسلم.
وبناء على هذا؛ فإذا كان المبلغ المذكور يسيرا في عرف بلدك – كما نظن - بحيث لا تتبعه نفس صاحبه فلا حرج عليك في أخذه والاستفادة منه، وإلا وجب عليك تعريفه سنة وفق ما ذكر آنفا.
وللمزيد راجع الفتويين: 28350، 63759.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1429(12/7953)
وجدت هاتفا جوالا في سيارة أجرة فأخذته وانتفعت به
[السُّؤَالُ]
ـ[ركبت سيارة أجرة على الكنبة الخلفية وجدت جهاز جوال بجانبي، واضح أن أحد الركاب قد وقع منه كما أنه لم يظهر أنه يخص السائق، فأخذته معي وعندما عدت للبيت وجدت أن الجهاز لا يوجد به شريحة (خط) ووجدت به بعض الأسماء المسجلة على الهاتف ولكن لم أتصل بأحد، فما فهمته من الرسائل التي كانت به أنه يخص فتاة، كما فهمت من الرسائل التي كانت ترسلها وأغلبها لرقم شاب كانت تحبه وقد تركها لغيرها، كما أن ما جاء في الرسائل بشكل صريح نوعاً ما أنهما قد وقعا في الفاحشة أعاذنا الله وحفظنا والمسلمين أجمعين ... ما ذكرته آنفاً لا لشيء إلا لشرح الأمر برمته قدر المستطاع، الآن الجهاز معي وأستخدمه منذ فترة فما حكم ذلك أفادكم الله ونفع بكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجهاز الذي عثرت عليه إن كنت تعلمين حقاً أنه ليس لصاحب السيارة حكمه حكم اللقطة تجري عليه أحكامها، وهي معرفة ما يتميز به عن غيره، ثم تعريفه ونشر خبره في أماكن اجتماع الناس في الأسواق وأبواب المساجد والأماكن العامة، وتقوم الصحف المحلية اليوم مقام كثير مما أشرنا إليه، وتعتبر اللقطة وديعة عند ملتقطها لا يضمنها إلا بالتعدي عليها أو التفريط فيها، فإن جاء صاحبها وعرف علامتها وأماراتها التي تميزها عما عداها دفعت له، فإن مضت سنة ولم يظهر صاحبها جاز للملتقط أن يتصدق بها أو ينتفع بها ببيع أو غير ذلك، سواء كان غنياً أو فقيراً، فإذا ظهر صاحبها، فإما أن يجيز التصدق بها أو التملك لها، وإلا فله قيمتها على الملتقط.
ولا يغير من هذه الأحكام كون صاحبة الجهاز قد وقعت في بعض المعاصي لأن ذلك لا يبيح لك الاستيلاء على مالها، كما أنه ما كان ينبغي لك أن تطلعي على الرسائل الموجودة به، فإن هذا من قبيل التجسس المنهي عنه، فما قمت به من أخذ الجهاز والتصرف فيه بمجرد التقاطه فهذا غير جائز، ويجب عليك التوبة إلى الله عز وجل، والتعريف بالجهاز مع ضمانه لصاحبه كاملاً، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 56279، 104068، 112514، 53795، 28350.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(12/7954)
حكم الانتفاع بلقطة الهاتف بدون تعريف
[السُّؤَالُ]
ـ[يا سماحة الشيخ فيه شخص وجد هاتفا محمولا بالشارع فأخذ الهاتف ورمي الشريحة التي بداخله بدون أن يعرف لمن هذا الهاتف فما الحكم؟ وهل يعتبر سرقة؟ والآن ماذا أفعل بالهاتف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجهاز الذي وجده هذا الشخص يأخذ حكم اللقطة، ويجب على ملتقطها تعريفها سنة في مكان وجودها، وحيث يظن وجود صاحبها، فإذا جاء صاحبها وعرفها دفعها إليه، أما أن يأخذ الجهاز ويتصرف فيه بمجرد التقاطه فهذا غير جائز، وهو اعتداء ويأثم فاعله، ولكن لا يوصف هذا الفعل بالسرقة، ولا الفاعل بالسارق؛ لأن السرقة أخص من الاعتداء وأخذ المال بالباطل. وراجع في تعريف السرقة الفتوى رقم: 34594.
والواجب على الشخص المذكور التوبة إلى الله عز وجل، والتعريف بالجهاز مع ضمانه لصاحبه كاملا.
وراجع للمزيد الفتوى رقم: 104068.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1429(12/7955)
طرق التوصل لصاحب اللقطة
[السُّؤَالُ]
ـ[يشرفني أن أتقدم إلى سيادتكم المحترمة بهذا السؤال راجياً منكم الإجابه عليه والمتمثل فيما يلي: القضية أن هناك مال معرض للتلف مخبأ تحت الأرض وطالت عليه الأحداث التي عرفتها الجزائر, فما حكم الشرع في استخراجه والعمل به في وجوه الخير? وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المال إذا تم استخراجه وعلم أنه ليس من دفن الجاهلية فإنه يعتبر لقطة، والتصرف فيها يكون بالبحث عن أصحابها، فإن كان عليها ما يحدد هويتهم فتؤدى إليهم كما هي، وكذلك إن وجدت في بناء يملكونه، وإن لم يتوصل إلى أصحابها فيجب تعريفها سنة في مجامع الناس كالأسواق والمساجد والنشرات والصحف المحلية في المنطقة التي وجد فيها وبأي طريقة يُظن أن التعريف بها يصل إلى أصحابها، فيقال: عُثر على مال مدفون وهو عند فلان أو الجهة الفلانية، فمن جاء وحدد مكان الدفن ونوع المال وعدده وأوعيته يدفع إليه من غير بينة، لما روى زيد بن خالد قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لقطة الذهب والورق؟ فقال: اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة، فإن جاء طالبها يوما من الدهر فادفعها إليه. متفق عليه..
وإذا لم يعرف صاحبها فلك تملك هذا المال أو إنفاقه في أوجه الخير بشرط تعريفه، وتضمنه لمالكه إن عثر عليه بعد ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1429(12/7956)
حكم أخذ عشر قيمة اللقطة من صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا وجد شخص مبلغا ماليا فى الطريق وقام بتسليمه لقسم الشرطة وعرض عليه نسبه 10%من هذ المبلغ صاحب هذا المال، فهل هذا جائز شرعا، وهل هذه النسبة مشروعة كما ينص القانون على ذلك، وهل عليه إثم لو أخذ هذه النسبة؟ وشكراً جزيلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا دفع صاحب المال (اللقطة) نسبة أو شيئاً للملتقط عن طيب نفس منه من غير أن يكون مكرهاً من قبل السلطة فإنه لا مانع من أن يأخذها الشخص الذي أعطيت له، لأن للمكلف الرشيد أن يتصرف في ماله ويعطي من شاء، ويجوز لمن أعطي عطاء مباحاً أن يقبله، بل ينبغي قبول الهبة إذا كانت بغير إشراف نفس ولا مسألة، وإن كان صاحب المال يدفع تلك النسبة عن غير طيب نفس منه، بل لأن القانون يلزمه بذلك، فإن ذلك لا يبيح أخذ أموال الناس بغير طيب أنفسهم.. وانظر أحكام اللقطة في الفتوى رقم: 11132، والفتوى رقم: 5663.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1429(12/7957)
هل ينتفع العامل بالكرت العالق بجهاز الهاتف
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريب يعمل في إصلاح الهواتف العمومية ويجد فيها كرت هاتف قد علق داخل جهاز الهاتف فهل يجوز له أخذه واستعماله. أرجو الافادة..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الكرت الذي يجده قريبك عالقا في جهاز الهاتف العمومي إما أن يكون صاحبة قد نسيه في الجهاز أو عجز عن استخلاصه منه، وعلى كل الاحتمالين فإنه يأخذ حكم اللقطة فإذا كان بقي فيه رصيد له قيمة تتبعه همة أوساط الناس فيلزمه أن يعرف به فإذا جاء صاحبه دفعه إليه وإلا تملكه وانتفع به وإذا جاء صاحبه دفع إليه قيمته.
وأما أن كان الكرت لا يوجد فيه رصيد له قيمه فهذا لا حرج في تملكه والانتنفاع به بدون ضمان.
وهنا مسألة تحتاج إليها في هذه الصورة وهي مالو اجتمعت كروت كثيرة لا قيمة لها بمفردها وصارت بمجموعها لها قيمة فلا مانع كذلك من أخذها والانتفاع بها كما لو كانت كرتا واحدا لأن تفرقها يدل على تغاير أربابها.
جاء في مطالب أولى النهى: لو لقي كناس ومن في معناه قطعا صغارا متفرقة من الفضة فيملكها يأخذها ولا يلزمه تعريفها ولو كثرت بضم بعضها لأن تفرقها يدل على تغاير أربابها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1429(12/7958)
الأغذية التي يجدها سائق الأجرة ولا يعرف صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[سائق تاكسي أجرة وجد في سيارته مواد غذائية ولم يستدل على صاحبها فهل يأكلها وهل هي حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه المواد الغذائية التي وجدها السائق في سيارته ولم يستدل على صاحبها، إما أن تكون يسيرة لا تتبعها نفس صاحبها فهذه لا حرج في تناولها.
جاء في المغني في شأن اللقطة: ولا نعلم خلافاً بين أهل العلم في إباحة اليسير والانتفاع به. انتهى.
وإما أن تكون لها قيمة وتتبعها نفس صاحبها، فهذه إذا كان لا يسرع إليها التلف كالمواد المعلبة ونحوها فيلزم السائق تعريفها كاللقطة سنة، فإن خشي عليها الفساد كالفاكهة واللحوم ونحو ذلك أو أوشكت صلاحيتها على الانتهاء فله أن يبيعها ويحفظ الثمن عنده ويعرف باللقطة سنة فإن جاء صاحبها أعطاه الثمن وإلا تملك هو الثمن، وله أيضاً أن يأكلها ويضمن الثمن لصاحبها.
جاء في حاشية الدسوقي: عدم الضمان فيما إذا أكل ما يفسد بالتأخير مقيد بما إذا كان تافهاً لا ثمن له وإلا ضمن قيمته لربه إذا جاء. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1429(12/7959)
أحكام في الآثار القديمة المدفونة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من وجد آثارا في منزله أو تاجر فيها وماذا يفعل فيها، علما بأنها يدخل في إخرجها عمل السحرة والمشعوذين الذين يدعون معرفة الغيب، فأرجو الرد علي ضروري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يوجد في المنازل من الآثار القديمة المدفونة قبل الإسلام يعتبر من الركاز، فإن أمكن استخراجه بوسيلة مباحة طبق فيه أحكام الركاز، وجازت المتاجرة فيه لمن وجده بعد إخراج الخمس. وأما استخراجه بوسائل السحر والشعوذة فهو محرم شرعاً. وأما إن عرف أنه مدفون في عهد المسلمين فإنه يعتبر لقطة تعرف سنة وتطبق فيها أحكام اللقطة. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35002، 7604، 61850، 75613، 101797، 102422.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1429(12/7960)
وجد ذهبا في أرض غيره فهل له أن يملكه
[السُّؤَالُ]
ـ[تبين لي أن في أرض شخص ما أن بعض تربته تحتوي على الذهب وذلك أن لي دراية في هذا الميدان وبعد تحليلي لبعض التراب تبين لي ذلك فعدت وأخذت كمية 50 كغ من التراب لاستخراج الذهب منها، مع العلم بأن صاحب الأرض لم يعلم بذلك فما نصيب صاحب الأرض من هذا الذهب بعد ما أنفقت عليه لاستخراجه؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما وجد في الأرض من ذهب فهو لصاحب الأرض، ولا يجوز التصرف فيه بغير إذنه، فيجب على السائل أن يرد الذهب لصاحب الأرض وله أجرة مثل عمله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء إن الفقهاء اختلفوا في المعدن الذي يوجد في أرض مملوكة هل يكون ملكاً لصاحب الأرض أو لجميع المسلمين ويتصرف فيه الإمام، جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب المالكية في قول إلى أن المعادن أمرها للإمام يتصرف فيها بما يرى أنه المصلحة وليست بتبع للأرض التي هي فيها، مملوكة كانت أو غير مملوكة.. وقال المالكية في قول آخر: إنها تبع للأرض التي هي فيها ... إن كانت في أرض ممتلكة فهي ملك لصاحب الأرض يعمل فيها ما يعمل ذو الملك في ملكه ... (وقال الشافعية في المعادن الباطنة) : ومن أحيا مواتاً فظهر فيه معدن باطن كذهب ملكه جزماً، لأنه بالإحياء ملك الأرض بجميع أجزائها ... وقال الحنابلة: إن المعادن الجامدة تملك بملك الأرض التي هي فيها، لأنها جزء من أجزاء الأرض فهي كالتراب والأحجار الثابتة.. انتهى من الموسوعة الفقهية فتبين بهذا النقل أن جمهور أهل العلم على أن المعادن تبع للأرض وتملك بملك الأرض.
واختلفوا إذا وجده غير صاحب الأرض هل هو لواجده أو لصاحب الأرض فذهب جمهور الفقهاء رحمهم الله إلى أن من وجد معدناً في أرض مملوكة للغير فإن المعدن لصاحب الأرض وليس للواجد، كما قال الشيرازي الشافعي في المهذب في باب المعدن والركاز: ... وإن وجده في أرض مملوكة لغيره فهو لصاحب الأرض ويجب دفعه إليه ... إلخ وجاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في رواية إلى أنّ الركاز الموجود في دارٍ أو أرضٍ مملوكةٍ يكون لصاحب الدّار ... إلخ.
وبناء عليه، فما وجدته أيها السائل من الذهب في الأرض المشار إليها فهو ملك لصاحب الأرض، ومن المعلوم أنه لا يجوز التصرف في ملك الغير بغير إذن منه، فيجب عليك أن ترد الذهب إلى صاحب الأرض وتخبره بحقيقة ما جرى، ونرى أن لك أجرة المثل فيما عملته من تصفية للذهب واستخراجه من التراب، والذي ننصحك به هو أن تخبر صاحب الأرض بحقيقة أن في أرضه معدن ذهب وتتعاون معه على استخراجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1429(12/7961)
حكم الانتفاع باللقطة قبل مضي سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت لقطة من المال وأخبرت زوجي بها فذهبنا إلى رجل الأمن وأخبرناه بذلك وتركنا عنده رقم الهاتف والعنوان إذا وجد سائل واحتفظنا باللقطة وصفاتها ثم سألنا والدي عن حكم هذه اللقطة فقال أمسكوها سنة، لكن زوجي قام بدفع المبلغ أجرة للبيت الذي نسكنه بعد مرور فترة وجيزة وأنا كارهة لذلك، إلا أنه كتب صفات المبلغ (ورق ومعدن) على نية أنه إذا حضر السائل دفعها له بنفس الصفات فوراً. هل يأثم زوجي وأنا. وما كفارة الإثم إن وجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز انتفاع الملتقط باللقطة قبل مضي سنة، ومن انتفع بها قبل ذلك وجب عليه أن يتوب إلى الله وأن يدفعها لصاحبها متى جاء يطلبها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من التقط شيئا له قيمة وتتعلق به نفس صاحبه عادة، فإنه يجب عليه تعريفه سنة في مكان التقاطه ومجامع الناس. وإذا جاء طالبه فوصفه دفع إليه، لحديث زيد بن خالد الجهني قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة: الذهب أو الورق؟ فقال: اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها, ولتكن وديعة عندك, فإن جاء طالبها يوما من الدهر فادفعها إليه. متفق عليه.
ولا يجوز الانتفاع باللقطة قبل مضي سنة، فقد قال الشافعي في الأم: ولا يحل للرجل أن ينتفع من اللقطة بشيء حتى تمضي سنة. اهـ.
وإن انتفع بها، بل ولو نوى الانتفاع بها قبل السنة فإنه يكون ضامنا لها. قال الخرشي: والمعنى أن الملتقط لما رأى اللقطة فقبل أن يضع يده عليها نوى أن يأكلها فلما وضع يده عليها وحازها تلفت من عنده بغصب أو بغيره فإنه يكون ضامنا لها بتلك النية; لأنه صار كالغاصب حين وضع يده عليها بتلك النية. ومن باب أولى الضمان لها إذا حدث له نية أكلها قبل السنة بعد أن وضع يده عليها. اهـ.
وكفارة ما فعله زوجك هو التوبة إلى الله من هذا الفعل، ثم دفع قيمة اللقطة أو مثلها إذا كانت مثلية إلى صاحبها لو جاء يوما من الدهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1429(12/7962)
وجدت بخورا بالمكتب الذي انتقلت إليه فاستعملته
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو التكرم بمساعدتي في حل مشكلتي أنا موظفة في إحدى الوزارات وقد تم نقلي إلي مكتب جديد وعندما قمت بفتح أحد الأدراج لكي أضع فيه أغراضي وجدت فيه علبة بخور. وأعتقد انها كانت لمن قبلي الذين كانو ابالمكتب ورحلوا عنه ولا أعلم اين هم الآن فقمت بأخذ البخور واستعملت شيئا بسيطا منه.. وأنا الآن نادمة وأخاف أني وقعت في إثم.. سؤالي هو ماذا أفعل بعلبة البخور ولا أستطيع تسليمها للإدارة لأنهم غير مسؤولين عن الأغراض المفقودة.
أفيدوني أفادكم الله..]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كانت العلبة ذات قيمة تتبعها نفوس الناس عادة، فعليك البحث عن صاحبها حتى تؤدي إليه قيمة ما استهلكت منها، وإن كانت تافهة لاقيمة لها فلا حرج عليك في استعمالها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تكن الإدارة تستلم مفقودات الموظفين، فإن عليك أن تجتهدي في البحث عن صاحب العلبة المذكورة إذا كانت ذات قيمة حتى تسلميها إليه، وتطلبي منه سماح ما استهلكت منها أو تسلميه قيمته إذا لم يسامحك بها.
فإذا لم تجديه فتصدقي عنه بقيمة ما استهلكت منها، واتركي الباقي مكانه، فإن جاء صاحبه يوما من الأيام وأمضى تلك الصدقة فقد برئت ذمتك، وإلا فعليك أداؤها إليه ولك أجر الصدقة
أما إذا كانت تافهة ولا تتبعها نفوس الناس عادة فلا حرج في استعمالها.
وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى: 71774، 37589، 93781.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1429(12/7963)
حكم من دفع اللقطة لشخص بدون أن يستعلم منه عن صفتها
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت مالا بين 3 أشخاص واقفين لم ينتبهوا له فسألتهم فأجاب أحدهم بأنها له ولم يعترض الآخران
فهل فعلي صائب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا المال الذي وجدته السائلة بين هؤلاء الأشخاص يعد لقطة، واللقطة إذا كانت لها قيمة وتتبعها نفس صاحبها فعلى من التقطها تعريفها في مظان وجودها، وهو المكان الذي وجدها فيه، ولا يصح في التعريف أن يذكر جنسها أو صفتها أو نوعها، وإنما من ضاع له شيء، أو من ضاع له مال ونحو ذلك.
جاء في حاشية العدوي:....التعريف يكون بموضع يرجو التعريف بها وهو الموضع الذي التقطت فيه وأبواب المساجد، وإذا عرفها لا يذكر جنسها، بل يقول: من ضاع له شيء. انتهى
وجاء في كشاف القناع: ولا يصفه أي لا يصف ما يعرفه بل يقول: من ضاع منه شيء، أو من ضاع منه نفقة، قاله في المحرر، وفي المغني والشرح الكبير: من ضاع منه ذهب أو فضه أو دنانير أو دراهم أوثياب، ونحو ذلك. انتهى
وعليه؛ فقد أخطأت السائلة بتصرفها ودفعها لهذا المال إلى الشخص الذي وجدت المال قريبا منه، وكان من المفترض أن تسأله هل ضاع منه شيء وما هو؟ فإذا وجدت أن صفاته تطابق المال دفعته إليه، وإلا احتفظت به وعرفته سنة، فإذا لم يظهر له صاحب انتفعت به مع ضمانه لصاحبه إن ظهر يوما، وحيث إن السائلة دفعت المال إلى ذلك الشخص بدون تعريف فإنها تضمن هذا المال.
جاء في المصدر السابق: لكن اتفقوا على أنه لا يصفها لأنه لا يؤمن أن يدعيها بعض من سمع صفتها فتضيع على مالكها، ومقتضى لا يصفها أنه لو وصفها فأخذها غير مالكها بالوصف ضمنها الملتقط لمالكها كما لو دل الوديع على الوديعة من سرقها. انتهى
وبناء على ما تقدم فإن عليك أن تعرفي المال سنة على الوضع الذي ذكرنا، فإن وجد صاحبه أخذتيه له ممن هو بيده إن أمكنك ذلك، فإن لم يمكنك دفعت إليه مثله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1429(12/7964)
يأخذ حكم اللقطة
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخي الكرام الأفاضل لقت أرسلت لكم بسؤال وأحلتم في الإجابة على سؤال سابق رغم اختلاف الحيثيات فأرجو من شيوخي الكرام إعادة قراءة السؤال مرة أخرى، والإجابة عليه.
والسؤال هو: عثر زميلي على تلفون جوال أثناء خروجه من المسجد في الحي واتصل به صاحب التلفون واتفقا على موعد في المسجد وانتظره زميلي ولم يأت صاحب التلفون ثم اتصل مرة أخرى وتواعدا وأخلف صاحب التلفون وعده للمرة الثانية، وبعد أسبوع أو أكثر أحرق صاحب التلفون الرقم وأصبح من الصعب معرفة صاحب التلفون، الآن زميلي في حيرة ماذا يفعل وهو يشك أن صاحب التلفون محرج لأن التلفون كان فيه أشياء ليست جيدة وأرقام نساء، أرجو إرشادنا ماذا يفعل زميلي الآن؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
هذا الجوال حكمه حكم اللقطة لا يجوز التعدي عليه بالبيع أو غيره أو التفريط في حفظه، ومن فعل فهو ضامن له.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحيثيات السؤال وإن اختلفت لكن مناط الحكم واحد وهو أن ذلك الجوال حكمه حكم اللقطة، وهو ما بيناه في الفتوى رقم: 56279، وما أحيل إليه خلالها من فتاوى.
وكون الشريحة قد انحرقت، وأن صاحب الجوال أخلف موعده فهذا لا يعني ترك جواله أو تنازله عنه أو تمليكه لمن وجده، بل له المطالبة به متى ما شاء، وليس لمن وجده التصرف فيه أو غيره، وهو ضامن له إن فعل أو فرط في حفظه.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1428(12/7965)
استخرج جارهم كنزا من أرضهم فهل يطالبونه به
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قام أحد جيراننا باستخراج كنز من أرضنا وذلك خلسة في الظلام الدامس من دون إذننا وعلى ما يبدو فقد استعمل السحر والجن والعياذ بالله فقد ترك في مكان الكنز أوراقا مكتوبة وملحا وحمامة بيضاء مذبوحة، فهل يجوز لنا المطالبة بحقنا في الكنز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أنه لا يجوز استخدام الجن في استخراج هذه الكنوز ولا غيرها من الأعمال، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 5701.
ومن وجد كنزاً فإما أن يكون عليه علامة من علامات الإسلام، أو علامة من علامات الجاهلية، أو لا يكون عليه شيء من ذلك، فإن كان عليه علامة من علامات الإسلام كاسم النبي صلى الله عليه وسلم أو اسم أحد الخلفاء أو بكتابة آية من قرآن وهكذا، فهو لقطة، واللقطة: كل مالٍ معصوم معرض للضياع لا يُعرف مالكه، والواجب فيه أن يعرّف سنة، فإن وجد مالكه أو وارث مالكه -وإن علا- فهو له وإلا فليتمتع به من وجده، ومتى وُجد مالكه أو وارثه فهو أحق به.
وإما إن كان عليه علامة من علامات الجاهلية، كالدراهم المنقوش عليها الصليب والصنم فقد اتفق أهل العلم على وجوب إخراج خمسه وصرفه في مصارف الزكاة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: وفي الركاز الخمس. واختلفوا في أربعة أخماسه هل هي لمن وجده أو لمن وجد في أرضه؟
فذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في رواية إلى أن الركاز -الكنز- الموجود في دار أو أرض مملوكة يكون لصاحبها، وفي رواية أخرى عن أحمد وهي المذهب أنه لواجده، وإذا لم توجد عليه علامة إسلام أو علامة جاهلية فاختلفوا هل هو لقطة أو ركاز؟ وعلى كل حال فإن الذي ننصح به ها هنا أن يعرض الأمر على القضاء ليحكم فيه فإن حكم القاضي يرفع الخلاف، ولا سيما أن المسألة فيها تفصيل وخلاف وأقوال يطول ذكرها ولا تناسب مقام الفتوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1428(12/7966)
اللقطة تعاد لصاحبها المعروف بكل حال
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا وجد المسلم لقطة وتبين له أن هذه اللقطة كانت ستستخدم في حرام أو شركيات أو أعمال محرمة، فهل يجوز له الاستمتاع بها مباشرة دون تعريفها أو الإبلاغ عنها مهما كان هذا المبلغ. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اللقطة إذا عرف ملتقطها مالكها فيجب ردها إليه، وإن لم يعرف مالكها يجب عليه أن يُعرِّفها سنة إذا كانت اللقطة مما يعرف، وهو ما له قيمة وتتبعه نفس صاحبه، أما ما لا قيمة له فلا يُعرَّف، ويباح للملتقط الانتفاع به من دون تعريف.
والظاهر من السؤال أن الملتقط في الصورة المفترضة يعرف صاحب اللقطة، وبالتالي فإن عليه المبادرة إلى رد المال إلى صاحبه، وليس على الملتقط إثم إن استعمل صاحب المال هذا المال في حرام، كما أنه ليس له ولاية الحجر عليه ولا منعه من التصرف في ماله حتى يمنعه حقه خشية أن يتصرف فيه على وجه غير مشروع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1428(12/7967)
لا يشترط الموالاة في تعريف اللقطة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إجابتي من دون عرضي على فتاوى أخرى لأني سألتكم من قبل ولم أجد إجابة شافية.
في نوفمبر 2005 وجدت قطعة ذهب وعرفت حكم اللقطة من موقعكم ولأني وجدتها في المركب الجامعي بدأت بالبحث عنها بإلصاق إعلان وإذا نزع بعد مدة ألصق آخر ثم يمر شهر أو شهران فألصق إعلانا آخر وانتهت الدراسة بعد 7 أشهر من عثوري على القطعة فانقطعت عن الدراسة وعند استشارتكم قلتم بأن أواصل البحث عنها عند العودة وبعد العودة بشهرين أي في موعد وجودها بسنة أعلنت عليها ومن وقتها وهي عندي أي من قرابة 8 أشهر وطوال مدة البحث اتصلت بي فتاتان ولكن تبين أنها ليست لأي منهما، سؤالي هل أستطيع التصرف فيها الآن وقد مر عليها سنة و 8 أشهر، الإشكال أني في مدة البحث لم أبحث بطريقة مسترسلة أي أبحث ثم أنقطع وهكذا. أعتذر لثقل السؤال لأني كثير الوسوسة، ادع لي بالشفاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعريف اللقطة يكون متواصلا بقرب التقاطها بحيث يكون في كل يوم ثم في كل يومين، ثم بعد ذلك يكون في الأسبوع ثم في الشهر، وبالتالي، فإذا كان تعريفك لتلك اللقطة قد ااستكمل السنة على هذا النحو ولو كان متقطعا فقد تم التعريف، إذ لا يشترط في سنة التعريف الموالاة كما قاله بعض أهل العلم.
قال زكريا الأنصاري رحمه الله في أسنى المطالب: ولا يشترط الفور للتعريف بل المعتبر تعريف سنة متى كان ولا الموالاة فلو فرق السنة كأن عرف شهرين وترك شهرين وهكذا جاز لأنه عرف سنة. انتهى.
وإذا لم تكن قد استكملت سنة التعريف فعليك أن تكمل ما بقي منها، والتصرف في اللقطة بعد تعريفها سَنَةً سبق بيانه في الفتوى رقم: 28350، فارجع إليها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1428(12/7968)
التصدق بالشيء أو قيمته على مالكه إذا لم يتوصل إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي هي منذ ثلاثة أشهر تقريبا ذهبت إلى العمرة إلى بيت الله العتيق, أنا وأخي أختي وخالتي حيث كانت رحلة من العمر لن أنساها في عمري إلا أنه منذ مجيئي إلى يومنا هذا لم أوفق بأي شيء في عملي ومالي وصحتي وأحس أن كل شيء يذهب هباء من دون أن أدري، المال مثل الملح يذوب سريعا لا أدري بسم الله الرحمن الرحيم، ولكن عند مجيئي لاحظت شيئاً غريبا حيث هناك اشترينا أنا وأخي بعض الأغراض إلى أهلنا إلا أني لما وصلت إلى لبنان لاحظت شيئا حيث أعطى أخي أغراضه لاحظت وجود عباءة زائدة فكرت سوف أسأل أخي كم أعطاني لكي أشتري الأغراض (يومها كنّا في المدينة المنورة وأعجبته عباءات جميلة لزوجته فأعطاني مبلغا ما واشتريت وأخذتهم منه ومثل ما هم وضعتهم في شنطة الملابس لم أتفقدهم مرة أخرى، ولكن لحظة التفريق عند مجيئي) سألت أخي كم أعطيتني من المال فقال لي كذا وكذا فحسبتها فوجدت أنني غلطانة معه حيث هناك لم ألاحظ لأنا كنّا في المدينة نصلي ونتعبد الله سبحانه وتعالى، والله لم ألاحظ شيئا، فقلت في قرار نفسي عندما أجد أحداً يريد الذهاب إلى هناك سوف أعطيه إياها لكي يوصلها إليه هذه نقطة، والنقطة الأخرى عندما كنّا في المسجد الحرام كما تعلمون مكة المكرمة لديها عدة أبواب ما شاء الله دخلنا من باب وخلعنا أحذيتنا ووضعناهم في كيس مع خالتي وأدخلناهم معنا المهم دخلنا حيث تفرقنا في الداخل فجاء موقعي عند الباب الآخر من الباب الذي دخلنا منه المهم وأنا كنت أستعد للصلاة أحسست بوجوب دخول الخلاء ففكرت أن أذهب لعند خالتي وهي بعيدة عني لأجلب حذائي، فوراً خرجت من الباب الخلفي حيث السكن بجانب الحرم لأنه قريب من كل هذا فعندما خرجت الأرض هناك مثل النار لا أقدر أن أمشي عليها فتنعلت أحد الأحذية من الباب (حيث علمت أنَّ هذه الأحذية يرمونها إذ لم يوجد لها أصحاب لكن والله لم تكن في نيتي أن آخذها ولكن الوقت ضيق) ، أخذتها وذهبت بها إلى مكان السكن قضيت حاجتي وتوضأت ولبست أخرى ونسيت أن أرجعها، لم أعرف أنها معي إلا عندما وصلت إلى المدينة فوجدتها مع الأغرض حيث وضعها أخي فشعرت بالذنب الكبير فسألت عنها، فقالوا لا يهمك هذه الأحذية يرمونها، فأرجو منكم أن تقولوا لي هل في هذه الأشياء من حرمة لأنني أشعر بذنب كبير، أريحوا ضميري ونفسيتي وقولوا لي ما العمل، والله شهيد على كلامي ونيتي؟ وأشكركم على كل شيء وتحمل قصتي هذه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
نسأل الله تعالى أن يتقبل منكم. ولتعلمي أن الواجب عليك أن تبذلي ما استطعت من جهد لإيصال العباءة الزائدة أو ثمنها إلى صاحب المحل الذي اشتريت منه، وإذا عجزت ولم تستطيعي إيصالها له فتصدقي بها أو بثمنها عنه، ثم إن وجدته بعد ذلك أو ورثته، فإنك تخيريه بين أن يمضي الصدقة والأجر له، وبين أن تردي إليه ثمنها ويكون لك أجر الصدقة، وقد سبق لنا بيان مثل هذا في الفتوى رقم: 39091، وبإمكانك أن تطلعي عليها وعلى ما أحيل عليه فيها.
وأما الأحذية التي أخذت من باب الحرم فالغالب أنها لا أهمية لها لأن الغالب في رواد الحرام الاحتفاظ بأحذيتهم أو وضعها في مكان خاص، فالظاهر أنها من اللقطة اليسيرة التي يجوز التقاطها والانتفاع بها، وقد سبق لنا بيان حكمها بالتفصيل وأدلته في الفتوى رقم: 46279 وما أحيل عليه فيها.
وعلى ذلك فإذا كانت من هذا النوع فلا حرج عليك في الانتفاع بها، أما إذا كنت أخذتها من مكان خاص أو كانت لها قيمة معتبرة فإن أخذها يعتبر تعدياً وحيث إنه يصعب أو يستحيل إيصالها إلى صاحبها فإنك تتصدقين بها أو بثمنها على ما ذكرنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1428(12/7969)
حكم من وجد ذاكرة (فلاش)
[السُّؤَالُ]
ـ[قد وجد أخي وحدة ذاكرة متنقلة (فلاشة) ولم أعرف صاحبها أو عنوانه هل تصبح ملك لي، أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تتمكن من معرفة عنوان صاحب الذاكرة فتردها إليه، فإنها لا تصبح ملكاً لك، بل تصبح في حكم اللقطة وتجري عليها أحكامها، ومن ذلك وجوب التعريف بها في مظان وجود صاحبها، فإذا جاء صاحبها وعرف علاماتها دفعت إليه، وإن لم يأت لم يجز لك التصرف فيها حتى تمضي سنة، فإذا مضت سنة جاز لك الانتفاع بها مع ضمانها لصاحبها إن ظهر يوماً من الأيام.
والأصل في ذلك حديث زيد بن خالد قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة، فقال: اعرف عفاصها ووكاءها، ثم عرفها، فإن جاء صاحبها، وإلا فشأنك بها. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1428(12/7970)
حكم المال الذي عثر عليه في أرض مملوكة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا علي أن أفعل في حال أني وجدت مبلغا من المال فوق 400 دولار أمريكي, في منطقة خلاء غير مأهولة بالسكان ولا يرتادها أحد من المارة على قطعة أرض هي ملك لأبي والملك لله جميعا, أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يوجد من مال في أرض مملوكة الأصل فيه أنه لمالكها إن ادعاه وإلا فهو لقطة، جاء في مغني المحتاج في تعريف اللقطة شرعاً: ما وجد في موضع غير مملوك من مال أو مختص ضائع من مالكه بسقوط أو غفلة ونحوها ... ولا يعرف الواجد مالكه، فخرج بغير المملوك ما وجد في أرض مملوكة، فإنه لمالك الأرض إن ادعاه، وإلا فلمن ملك منه، وهكذا حتى ينتهي إلى المحيي، فإن لم يدعه فحينئذ يكون لقطة. انتهى.
وإذا قلنا أنه ملك لصاحب الأرض فبناء على الأصل، لكن قد توجد قرائن وأحوال تخرج هذا عن الأصل فيكون لقطة، جاء في تحفة المحتاج: (فرع) وجد ببيته درهما مثلاً وجوز أنه لمن يدخلونه عرفه لهم كاللقطة قاله القفال. انتهى.
وعليه فإذا كنت تعرف بالقرائن أن هذا المبلغ ليس ملكاً لأبيك صاحب الأرض فإنه يعامل معاملة اللقطة، وراجع في بيان ذلك الفتوى رقم: 79830.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1428(12/7971)
الواجب تسليم المفقودات لأمن المطار
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في أحد المطارات الدولية، في منطقة مغادرة الركاب. وفي بعض الأحيان ينسى بعض المسافرين بعض متعلقاتهم، مثل نظارات شمسية، ملابس، لعب أطفال وعربات أطفال. وينص قانون المطار على " أن من يجد أي أغراض منسية من قبل المسافرين في قاعات الانتظار أو الطائرات، يجب أن يسلمها للأمن". وفي معظم الحالات لا يسأل المسافرون عن بعض الأغراض التي نسوها. فهل يحق لي أن آخذ أحد هذه الأشياء لنفسي وأخرج بها من المطار دون دراية الأمن، علما بأنه ليس هناك من يسأل عليها. وإن كنت أخذت شيئا منسيا لنفسي من قبل كنظارة مثلا أو عربة أطفال لطفلي، فهل أكون آثما. وكيف أكفر عن ذنبي هذا إن كان هذا إثما اقترفته علما باني لا أقدر أن أرجع ما أخذته للأمن لعدم الضرر بي. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب عليك الالتزام بقانون المطار الذي ينص على وجوب تسليم المفقودات إلى أمن المطار؛ لأنك دخلت في عقد العمل هذا ملتزما شروطه وقوانينه. والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1}
ثم إن تسليمك لهذه المفقودات إلى إدارة الأمن يحقق المقصد الشرعي في رد اللقطة إلى أصحابها، فمن المعلوم أن من ضاع له شيء نسيه في المطار فإنه يقصد قسم المفقودات للسؤال عن حاجته. وبالتالي، فأخذك لشيء من هذه المفقودات تضييع لحق الغير، وهذا إثم.
وعلى كل حال فإذا كان ما أخذته يعتبر من الأشياء التافهة التي لا تتبعها نفس صاحبها فلا مانع من الاحتفاظ به لنفسك إن كنت تخشى من تسليمه للأمن ضررا يلحقك، أما إن كان شيئا ذا بال فالحكم الشرعي هو أن تسلمه للأمن؛ لأن هذا هو المكان الوحيد الذي يمكن أن تعرف اللقطة (الضائعة) فيه، وأنت ملزم شرعا في اللقطة أن التقطتها أن تعرفها بنفسك أو تسلمها إلى ثقة يعرفها؛ كما جاء في بلغة السالك لأقرب المسالك في حكم تعريف اللقطة ما يلي: وجب تعريفها على من التقطها بنفسه أو بمن يثق به لأمانته، ولا ضمان عليه إن دفعها لأمين يعرفها. اهـ
وإذا غلب على ظنك الآن أن ما أخذته في الماضي لن يعود صاحبه ليسأل عنه. وبالتالي، فلن يعود إليه بحال فالظاهر أن عليك أن تتصدق به أو بقيمته على نية أن الأجر للمالك، ولا تعد لمثل هذا الفعل أبدا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1428(12/7972)
حكم الاحتفاظ باللقطة ووضعها في صندوق الزكاة بغير تعريف
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت مبلغا من المال قيمته 70 جنيها من 10 أيام بجوار عمارات سكنية ولم أبلغ عنه لمعرفة صاحبه وبعد مرور المدة المذكورة أعلاه، قررت أن أودعها فى صندوق الزكاة بالمسجد فهل ما فعلته صحيح أم خطأ، وهل أنا أذنبت، فأرجو إفادتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللقطة إن كانت ذات بال فإنه يجب على ملتقطها تعريفها سنة في مظان وجود صاحبها، فإن كانت اللقطة فوق التافه ولكنها دون الكثير الذي له بال، فيكفي في تعريفها أن تعرف أياماً حتى يغلب على الظن أن صاحبها تركها، جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير في أحكام اللقطة ما يلي: (وجب (تعريفه) أي الملتقط (سنة) كاملة من يوم الالتقاط فإن أخره سنة، ثم عرفه فهلك ضمن (ولو) كان الملتقط (كدلو) ودينار ودراهم كصرفه فأقل لأنها ليست من التافه، لكن الراجح أنها، وإن كانت فوق التافه إلا أنها دون الكثير الذي له بال فتعرف أياماً عند الأكثر بمظان طلبها لا سنة) .
وأما وضع اللقطة في صندوق الزكاة بالمسجد فيعد تفريطاً من الملتقط لأنه دفعها إلى غير مالكها، وبالتالي فهو ضامن جاء في المبسوط: ثم الملتقط أمين ويصير بالدفع إلى غير المالك ضامناً فيكون له أن يتحرز عن اكتساب سبب الضمان بأن لا يدفع إليه حتى يقيم البينة فيثبت استحقاقه بحجة حكمية.
فالمطلوب منه الآن أن يعرف بها فإذا جاء صاحبها أخبره بالأمر، فإن أجاز فعله وإلا دفعها إليه، واحتسب ما وضعه في صندوق الزكاة صدقة منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1428(12/7973)
ما يفعل الحاج بما وجده في سكنه بالمدينة
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء إقامتي بالمدينة المنورة في فترة الحج وجدت كتاب (تفسير العشر الأواخر) وكذلك مشط من الصلصال لغسل الرجلين تحت السرير بعدما سألت الإخوة الذين كانوا معي في الغرفة إن كانت لهم أرجو منكم إفادتي في هذا الأمر وشكرا جزيلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بإبقاء هذا الكتاب والمشط في المحل الذي وجدتهما به إذ يحتمل أن يكون بقيا على أحد نزلاء السكن الذي كنت تقيم فيه، وكان قد نزل قبلك بأيام ونسي بعض اأموره. وبالتالي، فننصحك بتركهما إذ يصعب عليك البحث عن صاحبهما حتى تستحله منهما أو تعطيهما له، وهما في السكن فيحتمل رجوع صاحبهما لهما إذا أراد.
هذا الذي نراه إن كنت لا تزال في السكن.
وأما إذا كنت سافرت عن المدينة وأخذتهما معك فإنا نرى أن تحتفظ بهما وتنتفع بهما لأن الجزء قد يكون صاحبه أخذه من عند موزعي الكتب وتركه، واما المشط فهو شيء تافه كالسوط والحبل مما تقل قيمته، ويجوز لمن أخذه الانتفاع به.
وقد رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا والسوط والحبل وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به كما في حديث أبي داود.
وقد ذكر بعض أهل العلم أن ما لا يرجى معرفة صاحبه يتملك بدون تعريف كما قال ابن عبد الهادي.
ولو أنك وضعت الكتاب في أحد المراكز الثقافية أو المؤسسات التعليمية ليطالعه الناس وأعطيت المشط لأحد المحتاجين فهو أولى وأسلم إن شاء الله.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 80888، 77829، 46279، 60365، 54137، 63555.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1428(12/7974)
حكم ما يجده المشتري من مال في الملابس المستعملة المستوردة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعمل في شركة للملابس المستعملة "أي المستوردة من الخارج" ومهمته فرز كل صنف من هذه الملابس على حدة وأحيانا يجد داخل هذه الملابس قطعا من الذهب أو نقوداً، فهل هذه الاشياء من حقه ويستطيع أخذها أم لا، علما بأن الحالة المادية ضعيفة جداً؟ جزاكم الله خيراً.. وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن كلا من هذا الذهب والنقود يعتبر لقطة تجري عليه أحكام اللقطة المذكورة في الفتوى رقم: 5663، والفتوى رقم: 11132، وزوجك هو المسؤول عن تعريف هذه النقود أو الذهب وردها لأصحابها، إذا رجيت معرفتهم لأنه هو الذي التقطها، وأصحابها هم أصحاب الملابس التي وجدت فيها.
أما إذا لم ترج معرفتهم -كما هو الغالب- بالنسبة للصورة المسؤول عنها، حيث تشترى هذه الملابس المستعملة من أماكن مختلفة في العالم كأوروبا وأمريكا والصين ونحوها، ويكاد يكون من المستحيل العثور على صاحبها مع ما في تعريفها من المشقة العظيمة والحرج البالغ، فإن هذه النقود والذهب يتملكها ملتقطها بدون تعريف في أحد قولي أهل العلم، قال صاحب مطالب أولي النهى: وإن كان لا يُرجى وجود رب اللقطة. ومنه لو كانت دراهم أو دنانير ليست بصرة ولا نحوها، على ما ذكره ابن عبد الهادي في معين ذوي الأفهام، حيث ذكر: أنه يملكها ملتقطها بلا تعريف. لم يجب تعريفها في أحد القولين، نظرأ إلى أنه كالعبث. فعلى هذا القول إن كانت هذه النقود والذهب لا ترجى معرفة صاحبه فلزوجك أن يتملكها دون تعريف.
وقد يقال -ولعله الأولى- أن تنزل هذه النقود والذهب منزلة المال الذي تعذر الوصول إلى مالكه فإنه يصرف في مصالح المسلمين، كما هو الشأن فيما لو ألقت الريح مالاً في بيت إنسان أو حجره أو ألقاه البحر على الساحل ونحو ذلك، جاء في كتاب الغرر البهية في شرح البهجة الوردية: ما ألقته الريح في ملك إنسان أو ألقاه هارب في حجره ولم يُعلم مالكه، أو ألقته البحار على السواحل من الغرق، أو وجده بعد موته من الودائع المجهولة ولم تعرف ملاكها مع أنه ليس لقطة، أمره لبيت المال يتصرف فيه الإمام (فالحكم بأنه لبيت المال يبين أنه يصرف في مصالح المسلمين، لأن بيت المال مرصود لمصالحهم.
فعلى هذا القول إذا كان زوجك فقيراً محتاجاً فله أن يتملك من هذا الذهب والنقود بقدر حاجته، وما زاد على ذلك صرفه في مصالح المسلمين العامة. ونسأل الله أن يوسع رزقكم، وأن يغنيكم بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1428(12/7975)
كيفية التصرف فيما التقط ولم يرد إلى صاحبه مع وجوده حينها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو في أحد الأيام كنت في السوق وفي أحد المحلات وجدت كيسا ملقى على الأرض من غير أن يكون له صاحب فأخذته وبعد قليل جاءت فتاة وسألت صاحبة المحل عن الكيس، ولكني لم أستطع أن أقول لها بأني وجدته لأني أعيش في بلاد الغرب وخفت من أن يأخذ هؤلاء الأجانب نظرة غلط مني لأني مسلمة، وعند إخباري لزوجي بما حدث غضب كثيراً وقال هذه مثل السرقة، ولكن الله يشهد بأني لم أكن أعلم بأنه عندما أجد شيئاً يجب إعطاؤه للمحل مع أنه ليس من أغراض المحل، والآن لا أدري ما هو العمل فأرجوكم أن تشرحوا لي ما هو الحكم في الشرع في مثل هذه الأمور؟ وماذا أفعل لأن ضميري يؤنبني ولا أستطيع النوم ولا الراحة من كثرة التفكير والندم وأني عاهدت الله بأني مهما وجدت من أشياء في أي مكان لن آخذه حتى ولو كان ياقوتا وماسا والله على ما أقول شهيد، فأرجوكم ساعدوني هل أنا في حكم السارق وماذا أفعل لكي يغفر الله لي ذنبي، وماذا أفعل في الذي وجدته داخل الكيس، ولكن الله يعلم بأني لم أكن أعرف بأنه حرام فأفتوني بأمانة؟ وجزاكم الله خيراً وجمعنا وإياكم عند الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن قولك إنك عاهدت الله بأنك مهما وجدت من أشياء في أي مكان فلن تأخذيها ولو كانت ياقوتاً أو ماساً ... قد لا يكون هو الصواب، وإن كان قد قال به بعض أهل العلم، ويمكنك أن تراجعي في حكم الالتقاط الفتوى رقم: 18069، والفتوى رقم: 11132.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن ما بينته من حالك من الندم على هذا الفعل الذي صدر منك وما عزمت عليه من عدم العودة إلى مثله هو بداية جيدة للتوبة، ويبقى عليك -لكي تتم توبتك- أن ترجعي هذا المال إلى المحل الذي وجدته فيه، وتبحثي عن صاحبته لعلك تجدينها، أو لعل صاحبة المحل يكون لها بها علم، فإن تعذر عليك وجودها بعد البحث والاجتهاد، فعليك أن تتصدقي به عنها، فإن وجدتها يوماً من الدهر خيرتها بين إمضاء الصدقة وبين استرجاع مالها، ويكون لك أنت حينئذ أجر الصدقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1428(12/7976)
تعرف االلقطة في مظان وجود صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ عام تقريبا وجدت قطعة ذهب في المركب الجامعي الذي أدرس في إحدى جامعاته ولأني علمت أن هذه لقطة تصرفت على النحو التالي كتبت إعلانا عن القطعة وقمت بتعليقه قرب المكان وأحيانا يقوم البعض بإزالته فأقوم بلصق الإعلان من جديد ولقد لجأت لهذه الطريقة لكثرة الطلبة أكثر من عشرة آلاف طالب ولقد اتصلت بي فتاة ثم تبين أنها ليست ملكها سؤالي هل هذه الطريقة صحيحة أي طريقة البحث وسؤالي الثاني هو أنه من عطلة الصيف إلى الآن لم أعلن إعلانا آخر نظرا لابتعادي عن الجامعة فهل إذا بلغ عام على عثوري على هذه القطعة أتصرف فيها أو أواصل البحث أفتوني مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القطعة المذكورة تعتبر لقطة، وحكم اللقطة أنها تعرف سنة، وتذكر في أماكن تجمع الناس كالمساجد والجامعات والأسواق وغير ذلك من الأماكن التي يظن وجود صاحبها فيها كوسائل النقل العامة.
فإذا انقضت السنة ولم تجد صاحبها جاز للملتقط الانتفاع بها أو التصدق بها عن صاحبها، فإن جاء يوما من الدهر خيره بين قيمتها وأجر الصدقة إن كان تصدق بها، فإن اختار القيمة دفعها إليه ويكون أجر الصدقة للملتقط، والأصل في ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن زيد بن خالد الجنهي رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة الذهب أو الورق؟ فقال: اعرف وكاءها وعفاصها، ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوما من الدهر فأدها إليه.
وعلى هذا، فإن ما فعلت من الإعلان هو الصواب، وكان عليك أن تعلن عنها في المركب الجامعي الذي وجدتها فيه بتعليق مكتوب أو غير ذلك من وسائل الإعلان.
ولذلك ينبغي لك أن تنتظر السنة الدراسية ليجتمع الطلاب والمدرسون والموظفون ثم تعيد الإعلان مرة أخرى.
وللمزيد من الفائدة وأقوال أهل العلم نرجو أن تطلع على الفتاوى: 11132، 48279، 77829.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1427(12/7977)
ما يفعل من التقط لقطة في سوبر ماركت
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت مبلغا من النقود (وليس كبيرا) في أحد السوبر ماركات الكبيرة وأعلمت مدير السوبر ماركت بذلك دون إعلامه عن قيمة المبلغ وأعطيته تلفوني حتى إذا جاء صاحب المبلغ يتصلوا بي ويحدد المبلغ، وإذا طابق الصحيح أعيد المبلغ لصاحبه مضى 3 أسابيع ولم يتصل أحد، صاحب السوبر ماركت طلب مني تسليم المبلغ وأنا أصر أنه ليس حقه، أرشدوني ماذا أفعل؟ وما هي المدة التي يجب أن أنتظرها حتى أرسل المبلغ لأي من أوجه الخير أو ما ترشدوني إليه.
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المبلغ الذي وجدته يعتبر لقطة، واللقطة إذا كانت ذات قيمة فإنها تعرف سنة، ثم بعد ذلك يفعل بها الملتقط ما شاء. روى الشيخان والترمذي وأبو داود وابن ماجه ومالك وأحمد، من حديث زيد بن خالد الجهني، واللفظ لمسلم قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة الذهب أو الورق؟ فقال: اعرف وكاءها وعفاصها، ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوما من الدهر فأدها إليه.
وإن كانت تافهة كالفلس والكسرة والحبل والسوط ونحو ذلك، فإنه يحل تملكها مباشرة. قال في منح الجليل: (لا) يجب أن يعرف مالا (تافها) لا تلتفت النفوس إليه كفلس وتمرة وكسرة وهو لواجده إن شاء أكله وإن شاء تصدق به.
ثم إن على من التقط لقطة أن لا يذكر جنسها أو نوعها، بل يكتفي بقول: يا من ضاع له شيء، ونحو ذلك. ففي شرح الخرشي عند قول خليل: ولا يذكر جنسها على المختار، قال: أي بل يلفق اسمها مع غيرها ويقول يا من ضاع له شيء; لأنه إذا ذكر جنسها انساق ذهن بعض الحذاق إلى قدرها أو ما تجعل فيه أو ما تربط به وأولى أن لا يذكر نوعها ولا صفتها. اهـ
وبناء على ما ذكر، فإن عليك أن تستمر في تعريف اللقطة التي التقطتها إلى أن تنقضي سنة كاملة، ثم بعد ذلك تفعل بها ما شئت، كما ورد في الحديث الشريف الذي تقدم. وليس من حق مدير السوبر مركت أن يأخذها منك.
وكان عليك أن لا تخبره بأنك التقطت مبلغا، بل تقول له إنك التقطت شيئا، ويمكنك أن تكتب عبارة وتلصقها في مكان مشهور من السوبرماركت المذكور، ويكون فيها من ضاع له شيء هنا فليتصل على هذا الرقم.
ولك أن تراجع لمزيد الفائدة فتوانا رقم: 28350.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1427(12/7978)
من استأجر محلا فوجد فيه لقطة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب فلسطيني استأجرت محلاً تجارياً في بلدة قديمة وأثناء إجراء أعمال الصيانة على المحل التجاري عثرت على كمية من الذهب تعود الى العصر العثماني حيث قدرت قيمتها حوالي (100000) مئة ألف دينار أردني، سؤالي هو ما حكم هذا المال، وكيف أتصرف فيه، مع العلم بأنني لا أستطيع أن أبلغ أي جهة لأنه سوف يتم مصادرته وبسبب الظرف الأمنية التي نعيشها؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكنز الذي عليه علامة المسلمين يعتبر لقطه ويأخذ أحكامها، جاء في أسنى المطالب في تعريف اللقطة: ما وجد من حق ضائع محترم لا يعرف الواجد مستحقه ... شمل ما لو وجد مالاً إسلامياً مدفوناً. انتهى، ومن هذه الأحكام أن من استأجر داراً وحانوتاً فوجد فيه لقطة فهي لواجدها على الصحيح، كما جاء في الإنصاف: لو وجد لقطه في ملك آدمي معصوم فواجدها أحق بها على الصحيح ... وكذا حكم المستأجر إذا وجد في الدار المؤجرة ركازاً أو لقطة. انتهى.
وعليه؛ فإذا تقرر أن هذا الكنز أو هذا الدفين لقطة، فالواجب على من وجدها تعريفها، فإن جاء أحد ووصفها كما هي دفعت إليه لأنه صاحبها، وإن لم توصف فهي لواجدها.
هذا.. وعلى الأخ السائل أن يعرف أنه مسؤول عن هذه اللقطة فلا يتسبب في مصادرتها وضياعها على أيدي الغاصبين، ولكن يعرفها سنة فإن جاء من يصفها وإلا فهي له، والتعريف أن تعرف وعاءها ووكاءها وجنسها ونوعها وقدرها ثم تعلن في الناس أن من ضاع عليه شيء فليأت وليذكر أوصافه.
وقد نص العلماء على أنه يحرم عليه (الملتقط) استيفاء أوصاف اللقطة كلها عند التعريف، ولو استوفاها فجاءه كاذب فأخذها ضمن الملتقط اللقطة؛ كما في أسنى المطالب: ويستحب في التعريف ذكر بعض الأوصاف ولا يستوفيها لئلا يتعمدها كاذب، فلو استوفاها ضمن لأنه قد يرفعه إلى ملزم الدفع بالصفات فعلم أنه يحرم استيفاؤها. انتهى. يعني صفات اللقطه.
فالخلاصة أن على الأخ السائل أن يعرف بهذا اللقطة على وجه لا يعرضها لتسلط المبطلين والكاذبين، فإن جاء صاحبُُ لها خلال سنة من يوم بدء التعريف دفعها إليه؛ وإلا بقيت عند الأخ السائل وله الانتفاع بها بجميع وجوه الانتفاع، فله بيعها والمتاجرة بها، وإن ظهر طالب لها بأوصافها الحقيقية بحيث يجزم أنه هو صاحبها أو يغلب ذلك على الظن سلمت إليه قيمتها يوم أخذت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1427(12/7979)
اللقطة هل هي لآخذها أم لمن رآها
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاتان كانتا تمشيان في الطريق فوجدت إحداهن سلسالا ذهبياً وظنت أنه مزيف وليس ذهبا أصليا فألقته، فالتقطته الأخرى واكتشفت أنه ذهب حقيقي..... فما التصرف المطلوب منهما؟؟؟ ومن حق أي الفتاتين يكون هذا السلسال في النهاية؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من التقطت هذا السلسل الذهبي أخيرا هي الملتقط الذي يتوجه إليه وجوب التعريف به مثله مثل سائر اللقطة، فيجب على الفتاة الثانية أن تعرف بهذه اللقطة جاء في المغني: وإن رأياها معا , فبادر أحدهما فأخذها , أو رآها أحدهما , فأعلم بها صاحبه , فأخذها , فهي لآخذها ; لأن استحقاق اللقطة بالأخذ لا بالرؤية، وجاء في الجوهرة النيرة من كتب الحنفية: ولو كانا يمشيان فرأى أحدهما لقطة فقال صاحبه هاتها فأخذها لنفسه فهي للآخذ دون الآمر، وهكذا المسألة عند الشافعية، فإذا كان هذا فيمن عرف أنها لقطة وأمر صاحبه بأخذها فأخذها صاحبه لنفسه فهي للأخذ منهما، فمن باب أولى أن تكون اللقطة في مسألتنا هذه المعروضة للفتاة الثانية دون الأولى، وأما حكم اللقطة ومآلها فراجعي فيه الفتوى رقم: 28350.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1427(12/7980)
ما يفعل باللقطة التي استنفقها على نفسه ولم يعرفها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال معين واحترت أن أجد له جوابا.
اللقطة - في أحد الأيام وأنا ذاهب إلى منتزه سياحي فيه تجمع بشري هائل وبينما أنا ماش وجدت 100 ريال ساقطة على الأرض فأخدتها ولا أعلم ماحكمها في ذاك اليوم وصرفتها، ولما سمعت صديقي يتحدت عن اللقطة دخل الشك في رأسي ولم أعرف ماذا أفعل مع العلم أن المدة إلى الآن حوالي سنتين من الواقعة. سألت صديقي وقال لي أعطها إلى أقرب مركز هناك ولكنني ترددت لأنني أعرف إذا أعطيتها فسيأخذونها، سؤالي هو: هل أستطيع التبرع بها في مرافق لجامع معين أو أتصدق بها على فقير أو ماذا أفعل بها، نرجو من سماحتكم الإجابة؟
ولكم جزيل الشكر وجزاكم الله عنا ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشيء الملتقط إذا كان له قيمة وتتعلق به نفس صاحبه عادة فإنه يجوز أخذه ويجب تعريفه في مكان التقاطه ومجامع الناس, فإذاجاء طالبه فوصفه دفع إليه، لحديث زيد بن خالد الجهني قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة: الذهب أو الورق؟ فقال: اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها, ولتكن وديعة عندك, فإن جاء طالبها يوما من الدهر فادفعها إليه. متفق عليه.
فإذا عرفت هذا علمت أنه كان واجبك أن تعرف لقطتك سنة كاملة فور التقاطها، جاء في كشاف القناع: ويلزمه تعريفه على الفور لظاهر الأمر؛ لأن مقتضاه الفور, وأن صاحبها يطلب عقب ضياعها. اهـ.
وبما أنك لم تفعل هذا جهلا منك بحكم التعريف فنسأل الله أن يغفر لك، أما الآن وقد مر على الالتقاط سنتان فإن التعريف يسقط؛ لأن الحكمة من التعريف لا تحصل بعد مرور هذه المدة. جاء في كشاف القناع: ولو أخر الملتقط التعريف عن الحول الأول أثم وسقط. اهـ.
هذا ومن مرت عليه حول ولم يعرف اللقطة فإنه لا يسوغ له أن يستنفقها على نفسه لأن سبب ذلك هو التعريف حولا ولم يوجد، وله أن يتصدق بها على فقير أو مركز إسلامي، فإذا جاء صاحبها يوما وطلبها أخبره بأنه تصدق بها عنه، فإن أقره على ذلك كان له الأجر وإلا دفعها إليه ويكون له أجر التصدق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1427(12/7981)
حفظ البهائم السائبة والضالة بالأجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[اعتاد الناس في بلدي أن يقيموا حظيرة للبهائم السائبة التى تضر بالزرع ويتقاضون رسوما إذا جاء أصحابها لأخذها، فهل ما يتقاضونه من أموال مقابل ذلك حلال أم حرام؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود بالبهائم السائبة البهائم الضالة فينظر فإذا كانت هذه البهائم من صغار الماشية كالغنم ونحوها التي لا تمتنع من صغار السباع كالذئاب ونحوه، فمن أخذها فهو ملتقط لها وهو مخير بين ثلاثة أمور ذكرها ابن قدامة في كتابه المغني فقال: يتخير ملتقطها بين ثلاثة أشياء: أكلها في الحال، وبهذا قال مالك، وأبو حنيفة، والشافعي، وغيرهم، ومتى أراد أكلها حفظ صفتها، فمتى جاء صاحبها غرمها له في قول عامة أهل العلم.
الثاني: أن يمسكها على صاحبها وينفق عليها من ماله، ولا يتملكها وإن أحب أن ينفق عليها محتسبا بالنفقة على مالكها، وأشهد على ذلك، فهل له أن يرجع بالنفقة؟ على روايتين إحداهما يرجع به نص عليه. وقضى عمر بن عبد العزيز في من وجد ضالة فأنفق عليها، وجاء ربها، بأنه يغرم له ما أنفق، وذلك لأنه أنفق على اللقطة لحفظها، فكان من مال صاحبها.
الثالث: أن يبيعها ويحفظ ثمنها لصاحبها، وله أن يتولى ذلك بنفسه. انتهى بتصرف يسير.
وعلى هذا فمن وضعها في حظيرة ليحفظها لربها ويمنعها من إضرار الناس ونوى الرجوع على ربها بما تكلف لذلك فله أن يرجع بما تكلف سواء من العلف أو مكان للحفظ أو أجرة راع ونحو ذلك دون أي زيادة على ذلك. قال ابن مفلح في الفروع: يرجع بنحو نفقته بنيته على الأصح، قال في المغني: نص عليه فيمن عنده طائر يرجع بعلفه ما لم يكن متطوعا.
وأما إذا كانت من كبار الماشية التي تمتنع على صغار السباع كالإبل والبقر، فهذه لا تأخذ حكم اللقطة، ولكن إذا جرى العرف بين الناس أن بعض الناس يقوم بحفظها في حظيرة ليمنعها من إيذاء الناس ويمسكها على أصحابها ويأخذ منهم ما تكلف لذلك فلا حرج.
جاء في التاج والأكليل في شرح مختصر خليل من كتب المالكية أيضا: عند قول خليل (وخير ربها بين فكها بالنفقة أو إسلامها) من المدونة: من وجد الخيل على ما التقط فليعرفها، فإن جاء ربها أخذها، وما أنفق على هذه الدواب أو أنفق على ما التقط من عبد أو أمة أو على إبل قد كان ربها أسلمها أو على بقر أو غنم أو متاع أكري فحمله من موضع إلى موضع بأمر سلطان أو بغير أمره، فليس لرب ذلك أخذه حتى يدفع إليه ما أنفق فيأخذه إلا أن يسلمها إليه فلا شيء عليه في رهونها المنفق على الضالة أحق بها من الغرماء حتى يستوفي نفقته.
أما إذا كان المقصود بالبهائم السائبة: البهائم التي يرسلها أصحابها للرعي في المراعي المباحة فينظر فإذا كان أصحابها يرسلونها نهارا ويحفظونها ليلا فلا يجوز لأحد أن يمنعها من الرعي فضلا عن أن يتقاضى على ذلك رسوما ولو عدت على الزرع، فإنهم مطالبون بحفظ زرعهم في النهار، والأصل في ذلك ما في سنن أبي داود وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قضى أن حفظ الحوائط بالنهار على أهلها، وأن حفظ الماشية بالليل على أهلها، وأن على أهل الماشية ما أصابت ما شيتهم بالليل. رواه أبو داود.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إذا كانت ترعى في المراعي المعتادة فأفلتت نهارا من غير تفريط من صاحبها حتى دخلت على حمار، وقد سئل عن بقرة قتلت حمارا، فأفسدته أو أفسدت زرعا لم يكن على صاحبها ضمان باتفاق المسلمين فإنها عجماء لم يفرط صاحبها، وأما إن كانت خرجت بالليل فعلى صاحبها الضمان عند أكثر العلماء كمالك والشافعي وأحمد لقصة سليمان بن داود في النفش، ولحديث ناقة البراء بن عازب فإنها دخلت حائطا فأفسدته فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن على أهل المواشي ما أفسدت مواشيهم بالليل، وقضى على أهل الحوائط بحفظ حوائطهم. اهـ
أما إذا كانوا يرسلونها ليلا ونهارا، ولم توجد وسيلة لكف هذه البهائم عن إفساد زروع الناس بالليل إلا بحفظها في حظيرة، فلا حرج في ذلك ولمن حفظها في حظيرة أن يرجع على أصحابها بما تكلف لذلك، لأنه أدى بذلك عنهم واجب حفظها في الليل، قال شيخ الإسلام: مذهب مالك وأحمد بن حنبل المشهور عنه وغيرهما إن كل من أدى إلى غيره واجبا فله أن يرجع به عليه إذا لم يكن متبرعا بذلك وإن أداه بغير إذنه.... وكذلك من أدى عن غيره نفقة واجبة عليه مثل أن ينفق على ابنه أو زوجته أو بهائمه.
وينبغي التنبه إلى أن محل ما تقدم من جواز إرسال البهائم نهارا للرعي وعدم جواز منعها من ذلك، إنما هو في المواضع التي فيها مزارع ومراع، أما المواضع التي هي مزارع للناس ولا مراعي فيها فهذه لا يجوز لأصحابها إرسالها وما أفسدته ليلا أو نهارا من أموال الناس ضمنه أصحابها، وللناس في هذه الحالة لكف الضرر عنهم أن يحفظوها في حظيرة، سواء أرسلها أصحابها للرعي ليلا أو نهارا، ولصاحب الحظيرة أن يرجع على أصحابها بما تكلف لذلك كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1427(12/7982)
ما يجب على من وجد لقطة ونسي تعريفها لفترة طويلة
[السُّؤَالُ]
ـ[شاكراً لكم جهودكم في هذا الموقع الرائع، منذ فترة تزيد عن الثلاث سنوات وجدنا أسورة ذهبية في وسيلة مواصلات عامة، لظروف مختلفة لم نقم بالإعلان عنها، تذكرتها قبل يومين ولا أدري ماذا أفعل بها، الرجاء أفيدوني، علماًُ بأنني مغادر البلد خلال أسبوع؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشيء الملتقط إذا كان مما تكثر قيمته كالذهب والفضة والمتاع والمال الذي تتعلق به نفس صاحبه في العادة، فيجوز أخذه، ويجب تعريفه حولا في مجامع الناس كالأسواق وأبواب المساجد والصحف ونحو ذلك، فإذا جاء طالبه فوصفه دفعه إليه بغير بينة، لما روى زيد بن خالد الجهني قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لقطة الذهب والورق والفضة؟ فقال: أعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة. فإن لم تعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوما من الدهر فادفعها إليه. متفق عليه.
فإذا عرفت هذا علمت أنه كان من واجبك أن تعرف لقطتك سنة كاملة، وبما أنك لم تفعل، فإن عليك أن تبدأ في تعريفها من الآن، ولا مانع من أن تكل التعريف إلى غيرك إن كنت ستغادر البلد خلال أسبوع كما ذكرت، فإن لم يُعرف صاحبها فقد دل الحديث على أنها تصير كسائر مال الملتقط، له أن ينتفع بها بما أحب، ولكن بشرط أن يعرف صفتها، ومتى جاء طالبها فوصفها دفعها إليه، وإن كانت قد هلكت دفع له مثلها إن كانت مثلية أو قيمتها إن كانت مقومة، وللملتقط أيضاً أن يحتفظ بها على سبيل الأمانة، وحينئذ فلا يضمنها إلا بالتفريط فيها أو حصول تلفها بسبب منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1427(12/7983)
من أحكام اللقطة والركاز
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل وترك عمارة وغيرها قسم أبناؤه العمارة بينهم كل واحد أخذ طابقا من العمارة ثم بعد فترة وجد الذي أخذ الطابق الأول الأرضي كنزا فهل يكون له أم يقسمه على كل الذين أخذو في العمارة أم كل الورثة الذين أخذو في العمارة والذين أخذوا من غيرها؟
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن وجد كنزاً في أرضه فإنه إما أن يكون مدفوناً في عهد دولة الإسلام، وإما أن يكون من دفن الجاهلية، ويعرف دفن الجاهلية بوجوده في قبورهم أو خزائنهم أو قلاعهم، وبما يرى عليه من علاماتهم، كأسماء ملوكهم وصورهم وصور صلبانهم وأصنامهم.
ويعرف دفن الإسلام بعلامات المسلمين، كاسم النبي صلى الله عليه وسلم، أو اسم أحد الخلفاء أو بكتابة آية من قرآن وهكذا، فإن علم أو ظن أنه دفن في عهد دولة الإسلام فهو لقطة تُعرَّف سنة، فإن وجد مالكها أو وارث مالكها فهي له، وإلا فليتمتع بها من وجدت في أرضه. ومتى وجد مالكها أو وارثه فهو أحق بها، وإن علم أو ظن أنه دفن في عهد الجاهلية فهو ركاز، والركاز يخرج منه الخمس أولاً، ويصرف في مصارف الزكاة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: وفي الركاز الخمس. متفق عليه
وما بقي بعد إخراج الخمس فهو لمالك الأرض، قال خليل: وباقيه لمالك الأرض..
وعليه.. فإذا كانت التركة قد قسمت كما هو واضح في السؤال، وقلنا بأن الموجود لقطة فقد علمت الحكم فيه مما سبق بيانه، وإن قلنا بأنه ركاز فإن أربعة أخماسه تكون للذي وجده، ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 10929.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1426(12/7984)
اللقطة توصف بوصف عام
[السُّؤَالُ]
ـ[أدرس في مكان محاط بسور كبير فيه جامعات عديدة وحول الجامعات شبه غابة وهناك ممربين الأشجار يقود إلى خارج السور وجدت فيه قطعة ذهب والحمد لله عرفت حكم اللقطة قبل أن أتصرف فيها المشكل أن مجتمع الطلبة الذى أعيش فيه بعيد عن الدين عموما- قرابة 45000 طالب- وأخاف إن سألت ونشرت القصة أن يدعي البعض أنها ملكة بل أخاف أن يعتدي علي بالعنف لما عرف عن مجتمعي وليس هناك مسؤول عن ذلك المكان فقررت أن أكون أكثر الوقت قريبا من المكان لعلي أسمع شيئا لمدة سنة فما رأيكم وبماذا تنصحونني وهل تعتبر هذه لقطة أو كنز وهل أستطيع أن أعطيها لأحد ليلبسها إلى أن أجد مالكها في هذه السنة؟
أرجو الوضوح في الإجابة على كل الأسئلة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكنز سبق تعريفه عندنا ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 7604، وعليه.. فهذا الذي وجدته إنما هو لقطة وليس بكنز. وخوفك في تعريف لقطتك من أن يدعي البعض كذباً أنها ملكه ليس في محله، ذلك أن المعرف للقطة لا يجوز له تعيين جنسها وأحرى نوعها أو صنفها، لأنه قد يؤدي إلى أن يدعيها من ليست له، وإنما يكتفي بقول: من ضاع له مال أو شيء. قال خليل: ولا يذكر جنسها على المختار. قال الدردير: بل يذكرها بوصف عام كمال أو شيء، وأولى عدم ذكر النوع والصنف، لأن ذكر الجنس يؤدي أذهان بعض الحذاق إلى معرفة العفاص والوكاء باعتبار جري العادة.
ثم إن إعطاءها لشخص يلبسها إلى أن يأتي مالكها يخالف ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، فقد روى زيد بن خالد الجهني قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لقطة الذهب والورق والفضة؟ فقال: اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوما من الدهر فادفعها إليه. متفق عليه.
فقد دل الحديث على أنه لا يتصرف فيها قبل مضي سنة، ثم بعد السنة تكون كسائر مال الملتقط، وله أن ينتفع بها بما أحب ولكن بشرط أن يعرف صفتها، ومتى جاء طالبها فوصفها دفعها إليه. وإن كانت قد هلكت دفع مثلها إن كانت مثلية، أو قيمتها إن كانت مقومة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1426(12/7985)
حكم أخذ الشخص متاع من أخذ متاعه خطأ لتشابهه
[السُّؤَالُ]
ـ[يخطئ بعض المصلين في المسجد فيأخذون أمتعة غيرهم دون قصد وذلك لمشابهتها لأمتعتهم، مثلا ينتعل أحدهم نعال آخر أو يأخذ مطاريته دون قصد وذلك بسبب التشابه، سؤالي هو الآتي: هل يجوز للذي وقع عليه الخطأ أن يأخذ متاع الذي أخطأ، كأخذ نعال المخطئ أو أخذ مطاريته مع علمه بوقوع الخطأ لكنه لا يعلم من قام به؟ بارك الله فيكم يا شيخ وأفاد بكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الظاهر -والله أعلم- أنه لا مانع شرعاً من أخذ الشخص متاع من أخذ متاعه خطأ لتشابهه مع متاعه، فكما أن الآخذ الأول ينتفع بالمتاع الذي أخذ على أنه له، فللثاني أن ينتفع بمتاعه مقابل ذلك، فما تشابها على الآخذ الأول إلا لأن منفعتهما متساوية أو متقاربة، والأغلب أن يكون ثمنهما كذلك.
ولذلك فلا مانع من انتفاع كل منهما بمتاع الآخر قبل العثور على صاحبه، وإن كان الأفضل والأورع ألا يستخدم أي منهما متاع الآخر إلا بعد اليأس من العثور عليه بعد الإعلان والبحث عنه في مظان وجوده، وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 8780، والفتوى رقم: 46279.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1426(12/7986)
حكم لقطة الرز والحبوب
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكريم لقد وجدت كيسا من الرز (حوالي 20 كيلو) في منطقة على شط البحر والأغلب بأنه قد وقع من سيارة لمتنزهين لأن الكيس موجود على طرف الطريق وهو مفتوح وقد خرج جزء من محتوياته نتيجة السقوط والله أعلم طبعاً لم يكن في حدود هذه المنطقة أي أشخاص يمكن سؤالهم لأنها منطقة نائية ويتواجد فيها الناس في أيام العطل الرسمية لقد أخذت الكيس خشية تعرضه للتلف من الحشرات أو ماء البحر أو أي شيء آخر ولا أدري كيف يمكن التصرف فيه؟
أرجو الإفادة وجزاكم الله الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم لقطة الطعام إذا كان مما لا يتسارع إليه الفساد وكذا إذا كان مما يتسارع إليه، وذلك في الفتوى رقم: 14971.
والرز مما لا يتسارع إليه الفساد، فيجب عليك أن تحفظها إلى سنة ما لم تخش الفساد عليها قبلها، فإذا خشيت عليها الفساد فلك أن تستعملها وتضمن مثلها لصاحبها إن جاء يطلبها يوماً من الدهر، ولك أن تتصدق بها عنه، فإن جاء خيرته بين قيمتها وأجرها وله في ذلك ما اختار، والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في اللقطة: اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوما من الدهر فادفعها إليه. متفق عليه واللفظ لمسلم.
وهذا في اللقطة إذا كانت ذات قيمة عرفا، وأما ما كان منها تافها لا يسئل عنه عرفاً كالتمرة والدرهم ويسير الرز فلا حرج في استعماله لمن وجده، وانظر الفتوى رقم: 18069. ولا شك أن اللقطة المذكورة مما له قيمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1426(12/7987)
حكم اقتناء وبيع ركاز الجاهلية
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض القرى في صعيد مصر يقوم الناس بالبحث عن الآثار الفرعونية ثم بيعها والتكسب بها وذلك يعتبر جريمة في القانون فإذا كان هذا الأثر ذهبا ووجده الشخص تحت بيته أو في حديقته فهل له أن يبيعه ويتكسب منه على أساس أن ذلك يعتبر كنزا وجده تحت بيته أم لا يجوز ذلك؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان من هذه الآثار على هيئة تماثيل وأصنام فلا يجوز اقتناؤه ولا بيعه لما روى البخاري ومسلم من حديث جابر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح يقول: إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميت والخنزير والأصنام.
وكذا ما كان منها على هيئة صليب، لما روى البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه.
وأما ما كان منها قطعاً ذهبية أو فضية ونحو ذلك، فهو من ركاز الجاهلية، وراجع في حكمه الفتوى رقم: 18615.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1426(12/7988)
حكم اللقطة اليسيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الروبية البحرينية تعتبر لقطة وما هي أقل قيمة للنقود نستطيع أخذها دون حرج شرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللقطة إن كانت يسيره لا تتبعها نفس صاحبها فهذه لا يجب التعريف بها، واليسير لا يحد بعملة معينة، وإنما يتبع عرف الناس فإذا كان في عرفهم أنه يسير فهو كذلك، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 46279، والفتوى رقم: 28350.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1426(12/7989)
من أحكام اللقطة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن حملة حج تعمل في دولة قطر وجئنا بأغراض لحجاج منهم المعروف والأغلبية غير معروفه واتصلنا بهم ولم يجيبوا ولا يريدون الأغراض ومنهم غير المعروف إطلاقا والعدد كثير والآن الأغراض منها مواد تمور وماء زمزم ومنها ملابس وتكاد تخترب وتنتهي صلاحيتها ومتكدسه في مخازننا فماذا علينا أن نفعل أفيدونا وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما من اتصلتم به وأخبركم أنه لا يريد أغراضه فلكم التصرف فيها باستعمالها أو التصدق بها، ولا حق له في المطالبة بها بعد ذلك لأنه قد أسقط حقه.
وأما من لم يتيسر الاتصال به أو لم يعرف أصلا، فإذا كانت الأغراض وديعة فلا يجوز التصرف فيها إلا بما يصلحها ويحفظها، وإن هلكت دون تعد عليها منكم فلا ضمان، ومن تصرف فيها فهو ضامن لها ولقيمتها إن جاء صاحبها.
وما كان من تلك الأغراض لقطة وهو الذي لم يعرف صاحبه فلا يخلو إن كان ذا قيمة ولا يضره المكث كالفلوس والملابس ونحوها فيجب حفظه إلى مدة يغلب على الظن أن صاحبه لا يطلبه بعدها كالسنة، ويجوز استعماله بعد ذلك والانتفاع بها أو التصدق مع ضمانها إن جاء ربه وطالب به، كما قال ابن أبي زيد في رسالته: فإن لم يأت صاحبها أي اللقطة بعد التعريف إن شاء حبسها، وإن شاء تصدق بها وضمنها لربها إن جاء، وإن انتفع بها ضمنها، وإن هلك بغير تحريك فلا ضمان.اهـ
وكذلك ما يتسارع إليه الفساد بالمكث فينتفع به مع ضمان قيمته، أو يباع ويحتفظ بقيمته لصاحبه إن جاء، وأما ما لم يكن ذا قيمة فيجوز الانتفاع به أو التصدق ونحو ذلك من أوجه استعماله، لما أخرجه الشيخان من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بتمرة في الطريق فقال: لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها. وكذلك كل حقير عرفا. فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا والسوط والحبل وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به. أخرجه أحمد وأبو داود. وعن علي رضي الله عنه أنه وجد دينارا بالسوق فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: عرفه ثلاثا فلم يطلبه أحد، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: كله. أخرجه عبد الرزاق.
وعليه، فإنا ننصح بتعريف تلك الأغراض بإحدى الجرائد ونشر إعلان عام باسم المؤسسة، فإن أتى أصحاب الأغراض أخذوها، وإن لم يأتوا تصرفتم فيها كما يتصرف في اللقطة وهو مذكور في الفتوى رقم: 5663.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1426(12/7990)
بين اللقطة والركاز
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم،
هناك شخص من أقاربي استخرج كنزا بمساعدة شيخ استعمل بعض السور القرآنية والجان وأخذ كل منهما نصيبه بما في ذلك الوسطاء الذين جلبوا الشيخ فهل يعتبر هذا المال حلالا بعد دفع خمسه للزكاة؟
أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا عدم جواز الاستعانة بالجن ولو في أعمال الخير، لما في ذلك من مفاسد، وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 54502، 7369، 56632 فلتراجع للأهمية.
وأما بخصوص تملك هذا الكنز والواجب فيه، فإن كان عليه علامة إسلام كاسم النبي صلى الله عليه وسلم أو اسم أحد الخلفاء أو آية من القرآن ونحو ذلك، فهذا لقطة، والواجب فيه أن يعرف سنة، فإن وجد مالكه أو وارث مالكه- وإن علا -فهو له، وإلا فليتمتع به من وجده في أرضه، ومتى وجد مالكه أو وارثه فهو أحق به، ولو بعد ردح من الزمن.
وإن كان عليه علامة من علامات الجاهلية مثل أسماء ملوك الجاهلية أو صورهم أو أسماء الأصنام التي كانت تعبد في الجاهلية ونحو ذلك، فلا يخلو من حالين:
الأول: أن يوجد في أرض مملوكة لكم أو أرض مباحة ليست مملوكة لأحد، فالواجب أن يخرج خمسه 20 ويصرفه في مصارف الزكاة، وما بقي بعد إخراج الخمس فهو لواجده، وراجع الفتوى رقم: 61850.
الثاني: أن يوجد في أرض مملوكة لغيركم، فالواجب أن يُخرج خمسه كما سبق، أما أربعة أخماسه فهل تكون لواجده أو لصاحب الأرض؟ اختلف أهل العلم في ذلك.
وقد لخصت الموسوعة الفقهية أقوال أهل العلم في ذلك، فجاء فيها تحت عنوان (أن يجد الركاز في ملك غيره) : ذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في رواية إلى أن الركاز الموجود في دار أو أرض مملوكة يكون لصاحب الدار وفي رواية أخرى عن أحمد أنه لواجده. ونقل عن أحمد ما يدل أنه لواجده، لأنه قال في مسألة من استأجر أجيراً ليحفظ له في داره فأصاب في الدار كنزاً: فهو للأجير. نقل ذلك عنه محمد بن يحيى الكحال، قال القاضي: هو الصحيح، وهذا يدل على أن الركاز لواجده، وهو قول أبي ثور، واستحسنه أبو يوسف، وذلك لأن الكنز لا يملك بملك الدار، فيكون لمن وجده، لكن إن ادعاه المالك فالقول قوله، وإن لم يدعه فهو لواجده.
وراجع الفتوى رقم: 49714.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1426(12/7991)
متى يجوز امتلاك اللقطة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد فتوى بالأدلة وذلك لأنها طلبت مني في منتدى أريد نشرها، من وجد قطعة صغيرة من الذهب تحت البناية التي هي مليئة بالجنسيات المختلفة من الناس، وهذا الكلام حدث قبل سنة، ماذا يفعل الذي عثر على هذه القطعة الصغيرة هل يبيعها ويتصدق بها على الفقراء أم ماذا عليه فعله؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من وجد هذه القطعة أو غيرها من الأموال التي لها قيمة وتتعلق بها نفوس الناس عادة ليس له أن يبيعها أو يتصدق بها، ولكن عليه أن يعرفها سنة كاملة، فإذا لم يعرفها صاحبها بعد سنة فإن شاء تصدق بها أو استهلكها في نفسه، فإذا جاء صاحبها يوما ما، دفعها إليه أو قيمتها إذا لم يرض بالصدقة، وفي حالة عدم قبوله يكون الثواب للملتقط.
وقد سبقت الإجابة على مثل هذا السؤال، ونحيلك إلى جوابه لتجد الأدلة بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 28350.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1426(12/7992)
من وجد خلية نحل في قبر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم العسل الذي استخرج من خلية نحل في قبر مهدم؟ مع العلم أن هذا القبر في
مقبرة لازال يدفن فيها حتى الآن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عن حكم هذا العسل، نريد أولا أن نقول لك إن أهل العلم قد كرهوا حفر القبور وطلب المال فيها. وإن كانت القبور قبورا لمسلمين فالطلب ممنوع. ذكر الخرشي عند شرح قول خليل: وكره حفر قبره والطلب فيه. قال: (المشهور أن حفر قبر الجاهلي لأخذ ما فيه مكروه; لأن ترابهم نجس، وخوف أن يصادف قبر نبي, أو ولي. وكذا يكره تتابع المطالب فيها لأجل الدنيا; لأن ذلك مخل بالمروءة. ويخمس ما وجد كالركاز، ومثل قبر الجاهلي قبر من لا يعرف من المسلمين وأهل الذمة, وأما قبر المسلمين فحرام) .
وفيما يتعلق بموضوع خلية النحل، فإذا كان الواجد لا يعلم أن هذا النحل مملوك لأحد فله أن يأخذ عسله. قال الشيخ عليش في منح الجليل: (ففي المجموعة عن ابن كنانة في الرجل يجد النحل في شجرة فلا بأس أن ينزع عسلها إذا لم يعلم أنه لأحد) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1426(12/7993)
من وجد لقطة في ملك شخص
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب وأعيش بألمانيا، وفي ذات يوم وأنا بمحل لشراء أغراض وجدت 10 يورو في أرض المحل فأخذتها ولم أقل لصاحب المحل، أرجو أن تعطوني الحكم الشرعي في ذلك، وما يترتب على جراء ذلك؟ وهل تعتبر سرقة وما حكم أخذ المجلات التي توضع عند أطباء أو محامين للقراءة.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك رد هذا المال إلى صاحب المحل لأن الأصل أن ما وجد في ملك الشخص أنه ملك له، وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 34760.
وعليه؛ فأخذك لهذا المال يعد تعدياً على مال الغير وليس بسرقة، لأن السرقة هي أخذ المال خفية من حرز مثله بلا شبهة.
وعلى كل حال فالذي يجب عليك الآن هو التوبة إلى الله عز وجل ورد المال إلى صاحب المحل.
وأما حكم أخذ المجلات التي توضع عند الأطباء وغيرهم للقراءة فقط فلا يجوز لأن أصحابها أباحوا للناس قرإءتها ولم يبيحوا لهم أخذها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1426(12/7994)
من وجد أمتعة مع أمتعته بعد الرجوع من السوق
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت ذاهبة للسوق واشتريت جلابيات ولكثرة المشتريات طلبت من رجل (حمال أغراض) أن يحملها ولكنه أخذ أيضا جلابيات لامرأة كانت موجودة ولم أدر إلا بعد رجوعي المنزل وأنا الآن لا أستطيع إرجاعها لأني لا أعرف المرأة ولا أدري هل أتبرع بثمنها 150 ريال أو آتي بها إلى إحدى المنظمات الخيرية للتبرع علما بأني كنت قد ذهبت على المعرض التسوقي في مملكة علاء الدين والجلابيات بقيمة 150 ريال (5 جلابيات) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب عليك بذل الجهد في إيصال هذه الملابس إلى صاحبتها، كأن تحاولي الوصول إليها عن طريق المحل الذي اشترت منه هذه الجلابيات، فربما ترجع إليه للسؤال عن أغراضها، فإن تعذر إيصالها إليها، ويئست من ذلك، فلتتصدقي بثمنها عنها، سواء بأن تتصدقي بها أنت عنها، أو بأن تسليمها إلى إحدى الجمعيات الخيرية لتقوم بذلك، وفي كلا الحالتين تكون النية هي التصدق عن المرأة صاحبة هذه الملابس. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في" مجموع الفتاوى" 29/321: إذا كان بيد الإنسان غصوب أو عواري أو ودائع أو رهون قد يئس من معرفة أصحابها، فإنه يتصدق بها عنهم، أو يصرفها في مصالح المسلمين، أو يسلمها إلى قاسم عادل يصرفها في مصالح المسلمين المصالح الشرعية.. فإن حبس المال دائما كمن لا يرجى لا فائدة فيه، بل هو تعرض لهلاك المال واستيلاء الظلمة عليه، وكان عبد الله بن مسعود قد اشترى جارية فدخل بيته ليأتي بالثمن، فخرج فلم يجد البائع، فجعل يطوف على المساكين، ويتصدق عليهم بالثمن، ويقول: اللهم عن رب الجارية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1426(12/7995)
من وجد في سيارته مصحفا
[السُّؤَالُ]
ـ[خلال الحج وجد شخص مصحفا وسبحة في عربته ولم يعرف من الذي وضعها فأخذها إلى بلده. هل في ذلك إثم وماذا عليه أن يفعل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت سيارتك لا يركبها غيرك، فالظاهر أن هذا المصحف وتلك المسبحة وضعهما صاحبهما هدية لك، ولا حرج عليك أن تنتفع بهما. أما إن كانت سيارتك يركبها غيرك، بحيث يكون صاحبهما قد تركهما سهوا أو سقطا منه، فهذا المصحف وتلك المسبحة يأخذان حكم اللقطة، والواجب عليك أن تعرفهما في المكان الذي يغلب على ظنك أن صاحبهما فيه أو عند من تظن أنهما له، سنة كاملة، فإن عرف صاحبهما وإلا صارا ملكا لك، لك أن تنتفع بهما بما شئت، على أنهما متى ظهر صاحبهما دفعتهما إليه إن كانا قائمين، وتضمن له قيمتهما إن كنت قد تصرفت فيهما، وإن قمت بتسليمهما للجنة الرسمية التي قد أوكلت إليها الدولة السعودية حفظ اللقطة برئت ذمتك بذلك، وراجع للفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 14308، 22521، 50576.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1426(12/7996)
لقطة المال اليسير
[السُّؤَالُ]
ـ[من لقي فلوسا ماذا يفعل بها ولو تكون بمقدار قليل يعني حوالي نصف دولار أمريكي أو 5 دولار أو أكثر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11132، 53316، 46279، 23302، 53795.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1426(12/7997)
مذاهب العلماء فيمن التقط لقطة وتأخر عن تعريفها
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ أربع سنوات وجدت مبلغاً من المال متناثرا في الأرض ومعه ورقة من مركز التحليلات لا يحمل أي اسم فمزقتها وأخذت النقود، الآن ضميري يؤنبني لأنني لم أذهب إلى المركز لأستفسر عن أصل الورقة، فماذا أفعل الآن أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان الواجب عليك تعريف هذه اللقطة لمدة سنة من وقت التقاطها، ويتم تعريفها في الأماكن التي يغلب على الظن علم الناس بها كأبواب المساجد والأسواق والصحف والمجلات، كما كان بإمكانك أن توكل أميناً من أهل المعمل في تعريفها، فالغالب على الظن أن هذا المال قد فُقد من أحد المترددين على هذا المعمل أو أحد العاملين فيه، وراجع ذلك في الفتوى رقم: 11132، والفتوى رقم: 50576.
وبما أنك لم تعرف هذه اللقطة، فالواجب عليك الآن أن تتوب إلى الله تعالى بالندم على ما فعلت والعزم على عدم العودة إليه أبداً، أما عن المال الذي أخذته لقطة فقد اختلف العلماء فيه إذا مرت عليه سنة دون أن يعرفه الملتقط، فذهب الحنابلة إلى أن التعريف يسقط بعد مضي السنة الأولى من التقاطها، قال في كشاف القناع: ولو أخر الملتقط التعريف عن الحول الأول أثم وسقط، أو أخره بعضه -أي بعض الحول الأول- أثم الملتقط بتأخيره -أي التعريف لوجوبه على الفور- وسقط التعريف لأن حكمة التعريف لا تحصل بعد الحول الأول. انتهى.
وذهب المالكية والشافعية إلى أنه يجب عليه أن يعرفها ولو مر عليها سنة دون تعريفها، قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل: والمعنى أن اللقطة يجب تعريفها سنة من يوم الالتقاط ولو كانت دلواً أو مخلاة وما أشبه ذلك، فلو أخر تعريفها سنة ثم عرفها فهلكت ضمنها. انتهى.
وقال الأنصاري في روض الطالب: ولا يشترط الفور للتعريف؛ بل المعتبر تعريف سنة متى كان. انتهى.
قال صاحب الحاشية على أسنى المطالب (أحمد الأنصاري) : قوله: ولا يشترط الفور، محله ما لم يغلب على ظن الملتقط أن التأخير يفوت معرفة المالك؛ وإلا وجب البدار. انتهى.
والذي عليه الفتوى في المذهب الحنفي أنه لا حد لتعريفها، بل الضابط فيه أن يغلب على ظن الملتقط أن صاحب اللقطة لا يطلبها، قال ابن عابدين في رد المحتار: لم يجعل للتعريف مدة اتباعاً للسرخسي فإنه بنى الحكم على غالب الرأي فيعرف القليل والكثير إلى أن يغلب على رأيه أن صاحبه لا يطلبه، وصححه في الهداية وفي المضمرات والجوهرة وعليه الفتوى، وهو خلاف ظاهر الرواية. انتهى.
قال ابن عابدين: قلت: والمتون على قول السرخسي، والظاهر أنه رواية أو تخصيص لظاهر الرواية بالكثير تأمَل. انتهى.
والذي نراه راجحاً في هذه المسألة أن الملتقط يأثم إذا أخذ اللقطة بنية تملكها أو عدم تعريفها، وكذلك إن أجل تعريفها مدة فور التقاطها، لأن غالب الظن أن صاحبها يطلبها فور ضياعها منه، وأنه يفرط في طلبها بعد مضي مدة السنة، فكان تأجيل تعريفها منافياً للغرض من التعريف، وفي ذلك من ضياع الحقوق ما هو معلوم، فإذا حصل من الملتقط ذلك وجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يعرف اللقطة من جديد ما لم يكن قد غلب على الظن أن صاحبها لا يطلبها فإن عليه حينئذ التصدق بها مع ضمانها إذا طلبها صاحبها في المستقبل.
وما رجحناه هنا هو الموافق لروح الشريعة، والمقصد من مشروعية التقاط اللقطة وتعريفها، وهو الحفاظ على المال من الضياع ورده إلى صاحبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1426(12/7998)
اللقطة التي لم تعرف والتي لا تعرف
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد فما حكم من تصرف بشيء وجده _ لقطة _ وتصرف به دون أن يعرف أحكام اللقطة. فلم يعلن ولم يبقها سنة قبل التصرف. وما هي قيمة اللقطة التي تنطبق عليها الأحكام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من تصرف في لقطة قبل أن يعرفها سنة فقد خالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول كما في الصحيحين وغيرهما: اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوما من الدهر فادفعها إليه.
وعليه أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى، ويعرف اللقطة في المجامع والأماكن العامة. فإذا وجد صاحبها فعليه أن يرد مثلها أو قيمتها، وإذا لم يجد صاحبها في الفترة المذكورة فإنها تبقى دينا في ذمته إلى أن يأتي صاحبها.
وله أن يتصدق بمثلها أو قيمتها. فإذا جاء صاحبها وأمضى ذلك فقد برئت ذمته والأجر لصاحبها، وإن لم يمضه فعليه قضاؤها له والأجر له- أي للملتقط، ولا إثم عليه إن شاء الله تعالى إن كان يجهل الحكم.
وأما اللقطة التي لا تتناولها الأحكام المذكورة فهي الأشياء التافهة التي لا تبحث عنها عادة أغلبية الناس، كالحبل والعصا والطعام الذي يفسد مع الوقت..
فقد روى أبو داود من حديث جابر رضي الله عنه قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا والسوط والحبل وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 5663، 28350، 11132.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1425(12/7999)
حكم أخذ عوض لقاء رد اللقطة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شرعا أخذ مال لقاء محفظة وجدتها في المسجد من صاحب تلك المحفظة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز أن تأخذ من صاحب هذه المحفظة مالا مقابل ردك لها، لأن هذا الرد واجب عليك، لكن إن سمحت نفسه بإعطائك شيئاً دون إلزام، فيجوز لك قبوله، والأصل في ذلك حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه في البخاري وغيره قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة، فقال: اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا شأنك بها.
وفي رواية عند الدارقطني: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة: الذهب والورق (الفضة) قال: اعرف عفاصها ووكاءها، وعرفها سنة، فإن لم تعرف فاستغن بها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء لها طالب يوماً من الدهر فأدها إليه ... وراجع للأهمية الفتوى رقم: 11132.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1425(12/8000)
حكم بيع اللقطة
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت من أخي جهاز هاتف جوال كان قد وجده في أحد الشواطئ ولم يجد صاحبه، كما أن رقاقة الخط لم تكن تعمل، هل يجوز لي استعماله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجهاز الذي أصبح تحت يد أخيك إذا لم يمكن التعرف على مالكه بأي وسيلة من الوسائل، فإنه يصبح في حكم اللقطة تجري عليه أحكامها، وهي معرفة ما يتميز به عن غيره، ثم تعريفه ونشر خبره في أماكن اجتماع الناس في الأسواق وأبواب المساجد والأماكن العامة، وتقوم الصحف المحلية اليوم مقام كثير مما أشرنا إليه.
وتعتبر اللقطة وديعة عند ملتقطها لا يضمنها إلا بالتعدي عليها أو التفريط فيها، فإن جاء صاحبها وعرف علامتها وأماراتها التي تميزيها عما عداها دفعت له، فإن مضت سنة ولم يظهر صاحبها جاز للملتقط أن يتصدق بها أو ينتفع بها ببيع أو غير ذلك، سواء كان غنياً أو فقيراً.
فإذا ظهر صاحبها، فإما أن يجيز التصدق بها أو التملك لها، وإلا فله قيمتها على الملتقط، ولا يجوز للملتقط أن يبيع اللقطة قبل التعريف سنة.
والأصل في اللقطة حديث زيد بن خالد رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة فقال: اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها. إلى آخر الحديث وهو في البخاري وغيره، وراجع الفتوى رقم: 11132.
وعلى هذا، فلا يجوز لأخيك أن يبيع لك الجوال، ولا أن يتصرف فيه إلا بعد مضي سنة من التقاطه ونشر خبره.
والبيع الذي حصل إذا كان قبل سنة التعريف، فإنه باطل فيجب عليك رد الجوال لأخيك، ويجب على أخيك رد القيمة، أما إذا كان بعد سنة من التعريف فلا حرج في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1425(12/8001)
عند الجرد وجد مبلغا زائدا هل يأخذه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل محصلاً في مركز بيع وفي بعض الأحيان أجد مبالغ زائدة عن مبالغ المبيعات بعد الجرد ومطابقة الإيصالات السؤال: ما حكم هذه المبالغ؟ مع العلم بأن لدي عهدة مبلغ للصرف (فكة) من صاحب المحل إذا أخطأت مثلا في الحساب تخصم من راتبي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن هذه المبالغ تعد ملكاً لأصحابها الذين أخذت منهم بالخطأ، فالواجب هو ردها لهم إن عرفوا، فإن لم يعرفوا فتأخذ هذه المبالغ حكم اللقطة.
فإن كانت يسيرة مما لا تتبعه نفس صاحبه فلا حرج عليك في أخذها والاستفادة منها، وإن كانت مما تتبعه نفس صاحبه، فيجب عليك التعريف بها، فإذا لم يأت صاحبها فلا حرج عليك في الاستفادة منها، فإذا جاء صاحبها يوماً من الدهر فترد إليه، وراجع لتفاصيل أحكام اللقطة الفتوى رقم: 11132.
وكون صاحب المحل يخصم من راتبك ما حصل به الخطأ من قبلك في حسابات العهدة التي أعطاكها لا يبرر لك أخذ هذا المال، بل لابد من التفصيل السابق، ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 12385.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1425(12/8002)
لا مانع من الانتفاع بالأدوات التي لا يعرف أصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مركز لبيع وصيانة أجهزة الكمبيوتر هناك عملاء يتركون أجهزتهم ولايسألون عنها مما جعل عندي نصف الشقة مملوءا بأجهزة الناس وغالبيتها إما أنه لا يمكن تصليحها أو أن تصليحها أغلى من ثمنها فيتركها صاحبها ونحاول الاتصال بهم فلا يحضرون وبعضهم لايترك هاتفا المهم هناك أجهزة لها أكثر من سنتين
ما العمل هل يجوز أن أرميها حيث إن غالبيتها لم يعد له أي فائدة حتى كقطع غيار وإن طلع منها قطعة أو فائدة فتكون لا تساوي التعب والمجهود والمصاريف التي تنفق عليها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الأجهزة التي لا يعرف أصحابها تأخذ حكم اللقطة، وقد سبق ما يفعل باللقطة في الفتوى رقم: 26139، والفتوى رقم: 5663.
هذا؛ إذا كان الجهاز له قيمة، أما ما لا قيمة له ولا يلتفت إليه فلا مانع من أن تنتفع به، وضابط ما له قيمة وما ليس له قيمة هو العرف المطرد عندكم، وراجع الفتوى رقم: 53795، وأما ما عرف أصحابه فالواجب رده إليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(12/8003)
الضابط في تعريف اللقطة
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت نقودا ملقاة على الأرض وكان مقدارها 100 ريال أخذتها وصرفتها ثم عرفت أن هذه لقطة لا يجوز أخذها إلا بعد تعريفها عاما وقد مر على هذا الأمر سنين عديدة وقد تكرر مثل هذا الأمر فمرة أجد 10 ريالات ومرة 5 ريالات فآخذها وأصرفها ماذا أفعل حتى لا يكون علي وزر وجزاكم الله عن الأمة خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللقطة التي يجب تعريفها هي ما تتبعها نفس صاحبها، أي ماله قيمة. أما الشيء التافه والحقير فلا بأس من تملكه، والانتفاع به دون تعريف. قال الدردير المالكي وهو يتحدث عن اللقطة التي يجب تعريفها، قال: لا إن كان تافهاً لا تتلفت إليه النفوس كل الالتفات. وقال ابن قدامة الحنبلي: ولا نعلم خلافاً بين أهل العلم في إباحة أخذ اليسير والانتفاع به.
والضابط في تحديد اليسير من غيره هو العرف، نص على ذلك الحنابلة وغيرهم. والظاهر أن الخمسة أو العشرة الريالات يسير بعكس المائة الريال. وعلى كل فتلك المائة الريال التي انتفعت بها دون تعريف ومرَّ على ذلك سنوات إن أمكن تعريفها الآن فعرفها، وإلا تصدقت بمثلها عن صاحبها، فإن جاء يوماً فأجاز الصدقه فله أجرها؛ وإلا غرمتها له وكان لك الأجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1425(12/8004)
الأمور الواجب فعلها تجاه اللقطة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق يعمل فراشا في إدارة حكومية دائماً يجلب أشياء من مكان عمله ويقول إنه لا مالك لهذه الأشياء أو أن أحدا رماها أو نسيها وسوف لا يرجع ويأخذها. جلب كاميرا كمبيوتر من مكان عمله وقال إنه وجد هذا في درج لطاولته لما رجع من الإجازة فقلت له اسأل في الإدارة لمن هذه الكاميرا إن هذه الكاميرا أكيد لأحد وضعها في الدرج أو نسيها. فقال لو سأل في الإدارة فسوف يأخذها أحد غير مالكها ويقول إنها له، فقال لا مالك لهذه الكاميرا لأن الطلاب يأتون ويذهبون وممكن أحدهم لا يريدها أو نسيها ولن يأتي لأخذها فأخذها وأعطاها لواحد من الأصدقاء. إن في نظري هذا حرام عليه وعلى الصديق الذي أخذ منه الكاميرا. فما رأيكم في هذا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأ الفراش في أخذ تلك الأشياء قبل تبين ما إذا كان أهلها يريدونها أم لا، والأمتعة إذا ضاعت على أصحابها تأخذ حكم اللقطة، فتعرف سنة، ثم يفعل بها الملتقط بعد ذلك ما يشاء، ففي الصحيحين عن زيد بن خالد الجهني قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة؟ فقال: اعرف عقاصها ووكاءها ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا، فشأنك بها ... ولا يجوز أن يذكر المعرف ما تعرف به اللقطة، بل يصفها بوصف عام لئلا يدعيها غير مالكها. قال الدردير: ولا يذكر المعرف وجوبا جنسها على المختار، بل يذكرها بوصف عام كمال، أو شيء، وأولى عدم ذكر النوع والصنف، لأن ذكر الجنس يؤدي أذهان بعض الحذاق إلى معرفة العفاص والوكاء باعتبار جري العادة. وأحرى في المنع أن يريها المعرف بذاتها للناس، فإن أهل الفسق وقلة الورع يمكن أن يدعوها وهي ليست لهم، وإن كانت الأشياء تافهة لا يلتفت إليها فيمكن للملتقط أن يتملكها دون تعريف. قال الدردير: لا إن كان تافها لا تلتفت إليه النفوس كل الالتفات، وهو ما دون الدرهم الشرعي، أو ما لا تلتفت النفس إليه وتسمح غالبا بتركه كعصا وسوط وشيء من تمر أو زبيب، فلا يعرف، وله أكله إذا لم يعلم ربه، وإلا منع وضمن.
والحاصل أن هذه الأشياء إن كانت تافهة والفراش لا يعرف أصحابها فله أن ينتفع بها مباشرة من غير تعريف، وإن كانت أشياء ذات قيمة فالواجب أن يعرفها سنة، ثم بعد ذلك يفعل بها ما شاء من التمليك وغيره على أنه متى جاء صاحبها دفعت له إن كانت قائمة، أو ضمن له قيمتها إن كان تصرف فيها، وراجع الفتوى رقم: 48636 للمزيد من الفائدة.
وبناء على ما تقدم فعلى الفراش أن يتوب مما كان قد فعله في تلك الأشياء وليتدارك ما أمكن تداركه من الأشياء التي كان أخذها ويعرفها التعريف الشرعي ثم يفعل بها ما ذكرناه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1425(12/8005)
أنكر عثوره على محفظة لشكه في صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[صاحب محل للاتصالات الهاتفية, في أحد الأيام وجد محفظة بها نقود لم يتبين له صاحبها لكنه بعد ساعات قليلة جاءه رجل يبحث عن المحفظة موضحا له مواصفاتها، لكن صاحب المحل انتابه الشك في أن يكون هذا الرجل هو صاحب المحفظة وبالتالي ادعى عدم عثوره عليها وبقيت في حوزته, إذن ماحكم هذا القرار الذي اتخذه صاحب المحل؟ علما بأنه قد ندم على فعله واعتبره سرقة أو اعتداء من جانبه على الرجل الباحث عن محفظته؟ فإن كان الأمر كذالك فما هي كفارته؟ جازاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الرجل أخطأ في كذبه ودعواه عدم العثور على المحفظة، وكان الواجب عليه عند الشك في صدق الرجل أن يزيد في استفساره حتى يستيقن من صدق الرجل أو كذبه ويمكن أن يوري له عند الشك فيقول له سأسأل لك عنها فراجعني بعد يوم أو يومين أو أكثر فإن تبين أنه صادق أعطاها له وإلا بحث عن مالكها الحقيقي
وأما إذ حصل ما حصل فإنه يتعين عليه البحث عن هذا الرجل إن كان يعرفه ويثير الموضوع معه ليتأكد من صدقه فإن لم يكن يعرفه أو عرفه وتبين أنه غير صادق فإن عليه أن يعرفها ويبحث مدة سنة عن صاحبها ويعلن عنها في أماكن التجمعات كأبواب المساجد والأسواق ويمكن أن يعلق منشورات في الشوارع على الأعمدة الكهربائية لعله يجد صاحبها فإن لم يجده بعد سنة فيجوز أن يتصدق بها عنه أو يستعملها فإن جاء صاحبها ردها إليه.
وراجع للمزيد من أحكام اللقطة الفتاوى التالية أرقامها:
36369، 11132، 37589.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1425(12/8006)
من وجد مبلغا في سيارة
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت خمسة دنانير أردنية في سيارة التاكسي في المقعد الخلفي فما حكم هذا المال؟ هل يجوز لي أخذه أم يجب إعطاؤه لسائق التاكسي؟ والذي لا أعرف مدى أمانته علما أن الخمسة دنانير تساوي ثلاثة دولارات ونصف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الأصل فيما وجد في دار الشخص أو سيارته أو دكانه أنه ملك له، وليس لقطة.
وعليه، فالواجب دفع هذا المبلغ إلى صاحب السيارة، فإن ادعى ملكيته فهو له، وإن لم يدع ملكيته أو تردد في ذلك فهي لقطة.
جاء في أسنى المطالب قال القفال: وإذا وجد درهماً في بيته وتردد أهو له أو لمن دخل بيته؟ فعليه تعريفه لمن يدخل بيته كاللقطة. اهـ
والمسؤول عن تعريف اللقطة هو ملتقطها، وله أن يدفعها إلى من يثق به ليعرفها في مكان التقاطها.
وننصح بدفعها إلى صاحب السيارة، لأن صاحب المبلغ غالباً ما سيطلبه عنده.
وأما قولك لا أعرف مدى أمانته، فليس بلازم، إذ يصح التقاط الفاسق والكافر فضلاً عن المسلم الذي لا يعلم حاله، وما تقدم من تعريف اللقطة في حالة ما إذا كانت لها قيمة، أما إذا لم يكن لها قيمة ولا تتبعها نفس صاحبها فلا يجب التعريف، ويجوز لك أخذها، وراجع الفتوى رقم: 11132.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1425(12/8007)
حكم أخذ مخلفات شركات التنقيب
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد بعض المواد في مواقع شركات التنقيب النفطية المهجورة التي تتركها الشركة في موقع العمل بعد المغادرة، فهل يجوز بيع أو الاستفادة من هذه المواد، مع العلم بأن الشركات تركت هذه المواقع منذ سنوات وقد غادرت البلاد فبعض هذه المواد يمكن صيانتها والاستفادة منها، فما هي نصيحتكم لنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سألت عنه له حالتان: الحالة الأولى:
أن يكون ما تركوه شيئاً حقيراً لا يؤبه له فلا حرج عليك حينئذ في الاستفادة من ذلك ببيع أو غيره، قال الإمام ابن قدامة: ولا نعلم خلافاً بين أهل العلم في إباحة أخذ اليسير والانتفاع به، وقد روي ذلك عن عمر، وعلي، وابن عمر، وعائشة، وبه قال عطاء، وجابر بن زيد، وطاووس، والنخعي، ويحيى بن أبي كثير، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي.
والحالة الثانية: أن يكون ما تركوه ذا بال وقدر ومما تتبعه نفس صاحبه فلذلك احتمالات:
الأول: أن يكونوا قد تركوا هذه المواد على أنهم سيرجعون إليها ويأخذونها لاحقاً ولو بعد حين فلا يجوز لك حينئذ أن تأخذ شيئاً من ذلك.
الثاني: أن يكونوا قد تركوا هذه المواد لأنهم لا يريدونها فهي كالملقاة في النفايات، فلا حرج عليك والحالة هذه أن تستفيد من هذه المواد.
والثالث: أن يكونوا تركوها لصالح شركات أخرى أو لصالح الدولة أو لصالح أشخاص آخرين فلا يجوز لك والحالة هذه أن تأخذ شيئاً من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1425(12/8008)
فقدت ثوبا ووجدت مالا فهل يعتبر المال عوضا عن الثوب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة أريد استشارتكم في موضوعين متعلقين ببعضهم البعض. فقد فقدت جاكيت لي في الجامعة ولم أجده وأحسست أن الله يعاقبني عن شيء لا أعلمه فقلت سأصوم 3 أيام لأني أحس بأن الله غاضب علي و 3 أخر إذا وجدته ولكني لم أجده. وبعدها لم أستطع أن اكمل صيام أي يوم لأن عندي أنيمية حادة وضغطى منخفض ومناعتى قليلة جدا. فماذا علي أن أفعل في ال3 أيام الأولى؟! بعد هذا بأسبوع وجدت في كليتى 40 جنيها وسألت بنتا جالسة بجوارهم فقالت لي إنهم لا يخصونها واحتمال أن يكونوا لشخص أجنبي كان واقفا في هذا المكان (كليتى بها أجانب) وعرضت عليها أن تأخذهم وتعطيهم له حين تراه ولكنها رفضت. فحاولت أن أعطيهم لحرس الكلية لكن الباب كان مغلقا. بعدها لم آت للكلية لمدة 10 أيام. فسالت نفسي هل هم امتحان أم تعويض؟! (كما أنني فقدت ساعتي يومها) فلا أعلم ماذا أفعل وقد مر حوالى شهر الأن؟! (علما بأننى عندما سألت على جاكتى قالت لى فتاة أن حرس احدى ابواب الجامعة قد اخذه. ولكننى سألت في كل الابواب فقالوا أنهم لم يجدوا شيئا) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
تقدمت الإجابة عليه برقم: 48940
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(12/8009)
من أضاع شيئا ثم وجد لقطة هل تعتبر تعويضا عن الضائع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة أريد استشارتكم في موضوعين متعلقين ببعضهما البعض، فقد فقدت جاكيت لي في الجامعة ولم أجده وأحسست أن الله يعاقبني عن شيء لا أعلمه فقلت سأصوم 3 أيام لأني أحس أن الله غاضب علي، و3 آخرين إذا وجدته ولكني لم أجده، وبعدها لم أستطع أن أكمل صيام أي يوم لأن عندي أنيمية حادة وضغطي منخفض ومناعتي قليلة جداً، فماذا علي أن أفعل في الـ 3 أيام الأولى، بعد هذا بأسبوع وجدت في كليتي 40 جنيهاً، وسألت بنتاً جالسة بجوارهما، فقالت لي إنها ليست لها ومن المحتمل أن تكون لشخص أجنبي كان واقفاً في هذا المكان (كليتي بها أجانب) وعرضت عليها أن تأخذ المبلغ وتعطيه له حين تراه ولكنها رفضت فحاولت أن أعطيه لحرس الكلية لكن الباب كان مغلقاً، بعدها لم آت للكلية لمدة 10 أيام، فسألت نفسي هل هو امتحان أم تعويض، كما أنني فقدت ساعتي يومها، فلا أعلم ماذا أفعل وقد مر حوالي شهر الآن، علما بأنني عندما سألت عن جاكتي قالت لي فتاة إن حرس أحد بواب الجامعة قد أخذه، ولكني سألت في كل الأبواب، فقالوا إنهم لم يجدوا شيئاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما ما التزمته من الصيام معلقا على وجود الجاكيت فإنه لا يلزم الوفاء به إلا بعد وجودها، وأما الثلاثة الأيام هذه التي لم تعلقيها على شيء، فإن كنت لفظت صيامها بالصيغة التي أوردت في سؤالك فإنها لا تلزمك لأن هذه صيغة وعد والنذر إنما هو التزام، فراجعي الصيغة التي قلت أصلا، وعلى تقدير أنك التزمت وكان أمرك هو كما ذكرت من المرض وانخفاض الضغط وضعف المناعة مما يمنعك من الصيام مطلقاً، ولا تتوقعين أن هذا سيزول عنك في زمن غير بعيد، فإن الصوم حينئذ يسقط عنك ويلزمك بدله كفارة يمين، لما ثبت في سنن أبي داود وابن ماجه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين. وراجعي فيه الفتوى رقم: 3274، وكفارة اليمين هي الواردة في قول الله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ [المائدة:89] .
ثم هذا المبلغ الذي وجدته في الكلية يعتبر لقطة، واللقطة تعرف سنة ثم يفعل بها الملتقط ما شاء بعد ذلك، وراجعي حكم اللقطة في الفتوى رقم: 5663.
وليس لك أن تتملكي هذا المبلغ قبل مرور العام، وليس هو عوض عن الجاكيت أو الساعة اللتين فقدتهما، إذ لا يلزم أن يكون ملتقطهما هو صاحب هذا المبلغ.
وعليك بالتوبة والإنابة إلى الله إذا كنت تشعرين بتضييع بعض الواجبات الشرعية، فإن من حسن حظ المرء أن يشعر أنه لا يسير في الاتجاه الصحيح حتى يتدارك ذلك قبل أن تفوت الفرصة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1425(12/8010)
حكم من وجد لقطة فباعها قبل أن يعرفها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: زوجتي وجدت فردة حلق ذهب فلم تعرف صاحبه ثم بعناه وبعد فترة عرفنا صاحبه ومنعا للإحراج قمت بإعطائهم مبلغاً من المال أكثر مما يساوي ذلك الحلق ولا زلت أعطيهم، أفتونا في ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحلقه الذهب هذه تعد لقطة، والواجب في هذا النوع من اللقطة هو تعريفه سنة فإذا لم يأت صاحبه فلا حرج في تملكه على أن يضمنه الملتقط لصاحبه إذا جاء يوماً من الدهر، ففي الصحيحين عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لقطة الذهب والورق؟ فقال: اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة، فإن لم تُعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوماً من الدهر فأدها إليه.
وقد أسأتم بعدم التعريف، وأسأتم أيضاً في البيع حيث كان الواجب هو تعريفها سنة ولا يكون البيع إلا بعد التعريف، وبما أنكم قد بعتموها وأعطيتم قيمتها لصاحبها، فالواجب عليكم الآن هو التوبة من ذلك ولا يلزمكم رد أكثر من القيمة.
ولكنا ننبه إلى أن هذه الحلقة إذا كان لها مِثْل فالواجب هو رد المثل، ولكن الغالب في هذه الحلق هو أنه لا مثل لها فتضمن بالقيمة فقط، وراجع أيضاً الفتوى رقم: 11132، والفتوى رقم: 28350.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1425(12/8011)
حكم تعريف اللقطة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإمام أيضاً أن يقول للناس في المسجد إن هناك شيئاً ما ضاع لصاحبه فمن وجده فليأت به، أو قد وجدت لقطة ما، من ضاعت له فليتصل بفلان إنها عنده، وهل وردت هذه الأعمال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ وجزاكم الله خيراً فضيلة الشيخ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الإمام إن شيئاً ما قد ضاع من صاحبه فمن وجده فليأت به هو من إنشاد الضالة في المسجد ولا يجوز، روى الإمام مسلم وغيره من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك.
ثم قوله: من ضاع له الشيء الفلاني فليتصل بفلان فإنه عنده، هو من تعريف اللقطة، ولا بأس أن يفعل بباب المسجد أو حلق به بصوت ضعيف، وأما رفع الصوت به داخل المسجد فلا،: سمع القرينان: يعرف اللقطة في المسجد قال: لا أحب رفع الصوت في المساجد، وإنما أمر عمر أن تعرف على باب المسجد، ولو مشى هذا الذي وجدها إلى الحلق في المسجد يخبرهم ولا يرفع صوته لم أر به بأساً. انظر التاج والإكليل، ومنح الجليل. وينبغي أن نلاحظ هنا أن المعرف للقطة لا يجوز له تعيين جنسها وأحرى نوعها أو صنعها، لأنه قد يؤدي إلى أن يدعيها من ليست له، وإنما يكتفي بقول من ضاع له مال، أو شيء، قال خليل: ولا يذكر جنسها على المختار.
قال الدردير: بل يذكرها بوصف عام كمال أو شيء، وأولى عدم ذكر النوع والصنف، لأن ذكر الجنس يؤدي أذهان بعض الحذاق إلى معرفة العفاص والوكاء باعتبار جري العادة. 4/121.
وعما إذا كانت هذه الأعمال وقعت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أم لا، فبالنسبة إلى إنشاد الضالة في المسجد فقد وقع؛ لأن الحديث الذي ذكرناه في ذلك جاءت فيه رواية: أن رجلاً نشد في المسجد..... وأما غير الإنشاد فلم نقف على وقوعه في عهده صلى الله عليه وسلم، ولكن أمره بالدعاء في السجود ونهي عمر رضي الله عنه عن رفع الصوت في المسجد تعريفا للضالة، كافيان للإجابة عما إذا كانا وقعا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أم لا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(12/8012)
حكم التقاط السلسلة المشتملة على صليب
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد وجدت في طريقي إلى المنزل سلسلة عليها صليب، فهل لي أخذها أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه السلسلة تعتبر لقطة ولا مانع من التقاطها وأخذها لمن وجدها، ولكن عليه أن يعرفها في أماكن تجمع الناس مدة سنة، فإذا جاء صاحبها دفعها إليه، وإلا فله أن يستهلكها، هذا إذا كانت لها قيمة معتبرة كأن تكون من الذهب أو الفضة....
وأما إذا لم تكن لها قيمة معتبرة ولا يسأل عنها أصحابها عادة فيجوز لمن التقطها استهلاكها دون تعريف، وننبه السائل الكريم إلى أنه لا يجوز للمسلم استعمال ما فيه صليب ولا يجوز له إهداؤه لغيره ولو كان نصرانيا، وإنما الواجب عليه إتلافه وتكسيره ... ، وللمزيد من الفائدة والأدلة وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 11132، والفتوى رقم: 36817.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1425(12/8013)
حكم لقطة دار الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نتصرف لو لقينا نقوداً في الطريق علماً بأننا نحن في بريطانيا؟ وجزاكم الله خيراً كثيراً، ونفع بكم المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم اللقطة وما يجب على الملتقط، يراجع ذلك في الفتوى رقم: 11132.
واعلم أن لقطة دار الكفر التي يدخلها المسلم بأمان حكمها حكم لقطة دار الإسلام، جاء في المغني لابن قدامة: فأما إن دخل دارهم بأمان فينبغي أن يعرِّفها في دارهم لأن أموالهم محرمة عليه، فإذا لم تُعرف ملكها كما يملكها في دار الإسلام. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1425(12/8014)
حكم استخدام الصحون التي لا يعرف صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أنه كانت لي صديقة ولكننا لم نكن نتواصل باستمرار. وفي يوم أتت لزيارتي وأحضرت معها أكلا في صحن لها وبعد فترة سافرت إلى بلد لتستقر فيه ولقد حزنت لأنني لم أرجع لها الصحن فماذا أفعل هل أثمن الصحن وأتصدق بالمبلغ. سؤالي الثاني أنه كان لنا حارس بنايةهندي مسلم وكان يأتي ليأخذ فطور رمضان من أمام البيت ويرجع الصحون في اليوم الثاني ولكني فوجئت في يوم أنه يوجد صحنان ليسا لي فنزلت أسال عن صحني فوجدت حارسا جديداً وقال إن الحارس السابق سافر وأنه لا يعرف صاحب الصحون ولا يعرف أين صحني ولا أعرف من كان يحضر له الطعام ولقد استخدمت الصحون التي ليست لي لا أعرف هل ما فعلته هو الصواب أم لا.أفيدوني بالتفصيل جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبإمكانك أن تبحثي عن الأخت المذكورة وتتصلي بها ما دمت تعرفين البلد الذي استقرت فيه، وتخبريها بشأن صحنها، ثم تتصرفي فيه وفق أمرها، هذا هو واجبك الشرعي والأدبي مع صديقتك، وإذا لم تجديها أو تعرفي مكانها فإنك تتصرفين فيه وفق حكم اللقطة الآتي، وأما الأواني أو الصحون التي وجدت عند باب بيتك ولم تعرفي صاحبها، فبالإمكان أن تبحثي وتسألي جيرانك وجيران الحارس المذكور، فإذا وجدت أهلها فالأمر واضح، وإلا فحكمها حكم اللقطة، فإن كانت تافهة لا قيمة لها ولا تتبعها نفوس الناس، أو يبحثون عنها عادة فلا بأس بأخذها واستعمالها أو التصدق بها.
أما إذا كانت ثمينة فعليك أن تحتفظي بها وتعرفينها مدة سنة فإن جاء أهلها فادفعيها إليهم، وإلا فبإمكانك أن تستعمليها أو تتصدقي بثمنها عنهم، فإن جاء أهلها بعد ذلك وأمضوا الصدقة فلهم أجرها، وإلا فإن عليك قضاءها لهم، ولك الأجر، وذلك لما جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن اللقطة: أعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة فإن جاءها صاحبها وإلا فشأنك بها.
وأما استخدامك للصحون قبل المدة المذكورة فلا شيء فيه إن كانت تافهة، وإلا فهو خطأ تستغفرين الله تعالى منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1425(12/8015)
اللقطة اليسيرة ينتفع بها من أخذها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أتممت حجي في العام الماضي، ولله الحمد، وعند ذهابي لإتمام طواف الوداع وعندما دخلت المسجد الحرام وضعت حذائي خارجاً وعندما انتهيت وخرجت لم أجد الحذاء، وقدعلمت أنه يحرم الشراء من مكة بعد إتمام المناسك ولم أعلم بذلك الخطأ إلا بعد عدة أشهر، المهم أنني وجدت كومة من الأحذية وكأنها جبل هذا يعني أني لم أكن الوحيد الذي ضاعت وتشتت أحذيته، فأخذت حذائين لي ولأمي التي كانت معي حينها وكنا مجبرين على ذلك لتأخرنا عن موعد الاجتماع للباص، السؤال هو: هل يلزمنا شيء أم هل هناك كفارة أم تصدق، أفتونا؟ جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج عليك ولا إثم في أخذ الأحذية لك ولأمك إن كانت تلك الأحذية من اللقطة التافهة التي لا يسأل عنها من فقدها، والذي عليه أهل العلم أن اللقطة اليسيرة ينتفع بها من وجدها ولا يلزمه تعريفها، قال ابن قدامة في المغني: ولا نعلم خلافاً بين أهل العلم في إباحة أخذ اليسير والانتفاع به، وقد روي ذلك عن عمر وعلي وابن عمر وعائشة إلى أن قال: وقال مالك وأبو حنيفة: لا يجب تعريف ما لا يقطع به السارق وهو ربع دينار عند مالك، وعشرة دراهم عند أبي حنيفة، لأن ما دون ذلك تافه فلا يجب تعريفه كالكسرة والتمرة، والدليل على أنه تافه قول عائشة رضي الله عنها: كانوا لا يقطعون في الشيء التافه، وروي عن علي أنه وجد ديناراً فتصرف فيه. انتهى.
والذي يظهر من السؤال أن الحذاءين كانا من هذا النوع، وعليه فلا إثم عليك ولا كفارة ولا صدقة بسبب الأحذية التي أخذتها، وننبه إلى أن الحاج بعد طواف الوداع له شراء ما يحتاج إليه من متاع ولا يلزمه دم بسبب ذلك، وراجع الفتوى رقم: 22923.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1425(12/8016)
لقطة الحرم هل تختلف عن لقطة الحل
[السُّؤَالُ]
ـ[خلال قضاء مناسك الحج وخلال العودة من منى إلى الحرم عثرت على خمسة ريالات سعودية في عرض الطريق فخوفا مني على هلاكها تحت السيارات أخذتها على أن أعطيها لمسكين عند الحرم، لكن وجدت أنني وضعت نفسي في مأزق فأي مسكين أتعرف عليه في هذا الحشد، فهداني تفكيري أن أزيدها وأتبرع بها لأي مشروع خيرى كصدقة جارية. فما حكم ذلك؟
أيضا هل لابد من التبرع بها داخل مكة،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم لقطة الحرم، وأنها لا تختلف عن لقطة الحل على الراجح من أقوال أهل العلم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 14308، ثم إن اللقطة إن كانت تافهة فلملتقطها أن يفعل بها ما يشاء، قال الشيخ عليش في منح الجليل: لا يجب أن يعرّف مالاً تافها لا تلتفت النفوس إليه، كفلس وتمرة وكسرة، وهو لواجده، إن شاء أكله وإن شاء تصدق به ... (8/233)
وتفاهة الشيء هي بحسب الزمان والمكان، ولا نرى أن المبلغ المذكور في البلد المذكور إلا من التافه.
وعليه؛ فإذا كان الملتقط لا يعرف صاحب اللقطة المذكورة فله أن ينتفع بها أو يتصدق على أية جهة أحبها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1425(12/8017)
صاحب اللقطة مخير بين أمور ثلاثة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل وجد خروفا إيرانيا ضالا فرباه مدة سنة وأكثر ولم يأت أحد ليسأل عنه مع العلم بأن هذا الرجل يرعى الماشية المهم أن هذا الخروف (أنثى) حملت وأنجبت حملين فكيف يتصرف معهما]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشاة التي وجدها الشخص المذكور تسمى لقطة، وعليه تعريفها سنة بالأماكن العامة التي يظن فيها وجود مالكها، كالأسواق وأبوب المساجد، فإن مضت السنة ولم تعرف، فهو مخير بين ثلاثة أمور:
الأمر الأول: أكلها في الحال، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم في ضالة الغنم: هي لك أو لأخيك أو للذئب. متفق عليه.
وقال ابن قدامة في "المغني": فجعلها له في الحال، وسوَّى بينه وبين الذئب، والذئب لا يستأني بأكلها، ولأن في أكلها في الحال إغناء عن الإنفاق عليها وحراسة لماليتها على صاحبها إذا جاء، فإنه يأخذ قيمتها من غير نقص، وفي إبقائها تضييع للمال بالإنفاق عليها والغرامة في علفها، فكان أكلها أولى، ومتى أراد أكلها حفظ صفتها، فمتى جاء صاحبها غرمها له في قول عامة أهل العلم، إلا مالكا فإنه قال: ولا غرم عليك لصاحبها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: هي لك. انتهى.
الأمر الثاني: إمساكها عنه حتى يلقاها صاحبها وينفق عليها من ماله، ويحتسب النفقة على صاحبها إذا جاء مع الإشهاد على ذلك، فحينئذ يحق له الرجوع عليه بتلك النفقة.
الأمر الثالث: يبيعها ويحتفظ بثمنها لصاحبها متى جاء أخذه، وما حصل من نتاج لهذه الشاة فينطبق عليه حكمها هي، ولا فرق فيما ذكرنا بين كون الشخص المذكور وجد الشاة في الصحراء أو في قرية.
قال ابن قدامة في "المغني" أيضا: وإذا وجد الشاة بمصر أو بمهلكة فهي لقطة، يعني أنه يباح أخذها والتقاطها، وحكمها إذا أخذها حكم الذهب والفضة في التعريف والملك بعده، هذا الصحيح من مذهب أحمد وقول أكثر أهل العلم.انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1425(12/8018)
كيفية التصرف بالكنز المدفون
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكريم استفساري أو سؤالي هو بخصوص أن هناك مسجداً وهناك تحته كنز أو ما يعرف بالدفين، وهناك شخص تطوع بإخراجه، ونحن نسأل عن كيفية توزيعه أو لأي جهة يعود، لأننا نخاف الحرام ونريد في نفس الوقت سد احتياج بعض الأسر، أفتوني جزاكم الله خيراً لأن هناك أسراً فقيرة وعسى أن يجعل الله سد حاجتهم بهذا العمل، ولكم جزيل الشكر، أرجو الفتوى في أقرب وقت ممكن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكنز الذي يوجد مدفوناً ينظر فيه، فإن كان مالك الأرض التي وقفت على المسجد يدعي أنه له فهو أحق به، لأن بيع الأرض ووقفها لا يتناول ما كان مدفوناً بها من ذهب، كما نص عليه الفقهاء.
وإن لم يكن الواقف عالماً به ولا يتوهم أنه من ميراث آبائه، فإنه ينظر فيه: فإن علم أنه دفن من عهد دولة الإسلام فهو لقطة تُعرّف سنة، فإن لم يوجد من يعرفها فإنها توضع في بيت المال إن كان موجوداً، وإلا صرفت في مصالح المسلمين، ووزع منها على الفقراء والمساكين وسوعد منها القائمون بمصالح الدين كطلاب العلم ومصالح المساجد.
وإن علم أنه من عهد قديم قبل الإسلام فهو ركاز، وقد سبق حكمه في الفتوى رقم: 7604، وعلى احتمال كونه ركازاً ينبغي أن تكون الأرباع الخمسة تابعة للمسجد، وراجع للزيادة في الموضوع المغني وشرح خليل وشرح منتهى الإرادات للبهوتي وفتح الباري، وقواعد الأحكام للعز بن عبد السلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(12/8019)
حكم من أخذ شباك صيد تركها أصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في العسكرية وخاصة في البحرية، وكنا في دورية فوجدنا شباك صيد بعدما تركها الصيادون الإيرانيون فأخذت قطعتين من الشباك وبعتهما ما حكم هذا؟ إذا كان لا يجوز فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يخلو الأمر في هذه المسألة من حالين:
الأول: أن يغلب على ظنكم عودة أصحابها إليها، لكونها في المكان الذي يوضع فيه مثلها عادة، فأخذكم لبعضها حينئذ ظلم واعتداء، فالواجب عليكم التوبة ورد المال إلى أصحابه إن كان ممكناً، فإن تعذر الوصول لأصحابه ومعرفتهم فالواجب التصدق به عن صاحبه.
الثاني: أن يغلب على ظنكم ضياعها لكونها عائمة مثلاً، أو في مكان لا يوضع فيها مثلها، فحكمها حكم اللقطة، وقد سبق أن بينا حكم المال الملتقط بالفتوى رقم: 11132
وبناء عليه فإن كانت قيمة هذه الشباك قليلة بحيث لا يلتفت إليها في الغالب، فلا حرج عليكم في بيعها والتصرف فيها، وإن كانت ذات قيمة -وهذا هو الظاهر- فقد أخطأتم في التصرف فيها قبل تعريفها سنة.
وقد دخلت في ضمانكم بذلك، وإذا جاء صاحبها فهو مخير بين أن يرد البيع ويأخذ شباكه أو قيمتها إن فاتت، وبين أن يمضيه ويأخذ الثمن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(12/8020)
المال الموجود في المكان المملوك لا يعد لقطة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت ألوي الثياب وإذا بي أجد نقوداً في سترة أخي (يلبسها إخوتي الثلاثة) ما قيمته 350 دولاراً، فأخذتها ولم أقل لأحد، معتقدة أن من أضاع المال سوف يطالب ويسأل عنه، لكن مرت الآن قرابة شهر أو أكثر ولم يتكلم أحد مع العلم بأنه إن أضاع أحدهم شيئا فإنه يسأل كل العائلة هل وجدته، ماذا أفعل؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قصرت في ما يجب عليك حيث لم تدفعي ذلك المبلغ لصاحب الثوب الذي وجدته فيه، والواجب عليك الآن هو تسليمه له لأنه هو مالكه، وليس هذا المبلغ داخلاً في حكم اللقطة، لأن الفقهاء أخرجوا من حكم اللقطة المال الموجود في المكان المملوك ونحوه، وحكموا بأنه ملك لصاحب المكان الذي وجد فيه، فإن لم يدّعه فعندئذ يعطى حكم اللقطة، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 34760.
وكون صاحب الثوب أو إخوانه لم يسألوا عما ضاع عليهم، لا يبرر عدم إبلاغهم به، لأنه يحتمل أن يكونوا نسوه، أو اعتقدوا أنه ضاع في مكان آخر أو نحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1424(12/8021)
اعرف وكاءها وعفاصها، ثم عرفها سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد وجدت مبلغا من المال في الطريق العام في بلاد أوربا فما حكمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اللقطة إذا كانت تافهة كالحبل والسوط ونحو ذلك، فإنه يحل تملكها مباشرة. وإن كانت ذات قيمة فإنها تُعرَّف سنة، ثم بعد ذلك يفعل بها الملتقط ما شاء. روى الشيخان والترمذي وأبو داود وابن ماجه ومالك وأحمد، من حديث زيد بن خالد الجهني، واللفظ لمسلم قال: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ اللّقَطَةِ الذّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ؟ فَقَالَ: اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثُمّ عَرّفْهَا سَنَةً، فَإنْ لَمْ تعرف فَاسْتَنْفِقْهَا، وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ، فَإنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْماً مِنَ الدّهْرِ فَأَدّهَا إلَيْهِ.
ولو جاء صاحبها - وكان الملتقط قد تصدق بها عنه - خُيِّرَ بين إمضاء الصدقة أو الرجوع بمثلها، إن كانت مثلية، وبقيمتها إن كانت مقومة. وانظر الفتوى رقم: 28350.
ولا فرق في هذا بين البلاد الأوروبية والبلاد الإسلامية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1424(12/8022)
من وجد عملة معدنية أثرية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي هو: وجدت في طريقي وأنا منصرف من محل بيع المجوهرات قطعة عملة معدنية قديمة يرجع تارخها إلى سنة 37م ملقاة في الطريق فهل يجوز لي الاحتفاظ بها أم ماذا يتوجب عليّ شرعا تجاه هذا الأمر؟.
أفيدوني بالله عليكم وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت هذه العملة ذهبًا أو فضة، أو لها قيمة، فيمكن بيعها، فهي ركاز؛ لأن تاريخ ضربها قبل الإسلام، فتخرج خمس قيمتها أو خمس عينها زكاة، وتتصرف في الباقي كيف تشاء.
وإن كانت لا قيمة لها الآن، أو ليست ذهبًا أو فضةً فلا حرج عليك في التصرف فيها كيف شئت.
ولمعرفة معنى الركاز، وحكمه، ودليله، ومصرف الخمس. راجع الفتوى رقم: 7604.
وإن ظننت ظنًّا غالبًا أن هذه العملة الأثرية يمكن أن تكون لصاحب محل المجوهرات أو غيره، فهي لقطة يجب فيها التعريف سنة إن كانت ذات قيمة كبيرة عرفًا، وتأخذ أحكام اللقطة المذكورة في الفتوى المشار إليها آنفًا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(12/8023)
حكم أخذ ما وجد في بيت غير مسكون
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
سؤالي هو:
إذا وجد شخص وعاء في بيت غير مسكون، فما حكمه إذا أخذه؟ وما حكمه إذا استعمله دون أن يحاول العثور على صاحبه؟
شكرا جزيلاّ، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد عرف بعض أهل العلم اللقطة بقوله: ما وجد في موضع غير مملوك من مال أو مختص ضائع من مستحقه لسقوط أو غفلة أو نحوها لغير حربي، ليس بمحرز ولا ممتنع بقوة، ولا يعرف الواجد مستحقه. انتهى من حاشية الرملي على أسنى المطالب.
وبهذا التعريف يعلم أن ما وجد من متاع في بيت مسكون أو غير مسكون لا يصدق عليه اسم اللقطة؛ لأنه تبع للمكان الذي هو فيه، والغالب أن البيت له مالك معلوم.
وعليه؛ فأخذ ما وجد في بيت غير مسكون تعدٍّ على مال الغير، هذا إذا لم يكن عرضة للضياع، أما إن كان معرضًا للضياع فيؤخذ من أجل حفظه لربه.
وعلى أي حال فإنه لا يجوز استعماله ولا تملكه، ومن استعمله أو تملكه فإنه يضمنه لربه إذا جاء وادعى أنه تركه ليرجع إليه. جاء في الفتاوى الهندية: وإن وجدها في دار قوم أو دهليزهم أو في دار فارغة ضمن إذا قال صاحبها: وضعتها لأرجع وآخذها. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1424(12/8024)
هل يجوز تملك الإبل الضالة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
كنا نسكن الصحراء ونربي الإبل ونظراً للجفاف الذي أصاب المراعي لعدة سنوات نزحنا إلى المدن والقرى وتركنا الإبل بالصحراء بدون راعي وبعد عدة سنوات رجعنا إلى الصحراء ووجدنا الإبل معظمها بدون سيمة وغير معروفة لمن هذه الإبل وبقيت ضالة بالصحراء وتثير لنا الكثير من المشاكل وخاصة الذكور منها في فصل الشتاء أثناء فترة التزاوج، السؤال: هل نستطيع مسك هذه الإبل والتصرف بها والاستفادة منها علما بأنه لا يعرف مالكها الأصلي ولأنها بدون سيمة، والله ولي التوفيق؟
والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه الإبل إما أن تكون مملوكة ويعرف ذلك بكونها موسومة، أو مقرطة أو بغير ذلك مما يعرف به أنها مملوكة، وإن لم يعرف أصحابها فإنها ضوال وأحكامها مبينة في الفتوى رقم:
33114.
وإما أن تكون غير مملوكة، كالإبل المتوحشة التي لا مالك لها، ولا يرجى أن يعثر لها على مالك يعرفها بأي وسيلة، فيجوز لكم أخذها لأنها من الصيد المباح، قال الله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [المائدة:96] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1424(12/8025)
ما يفعل بضالة الإبل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز إمساك الإبل التي بالصحراء والتصرف فيها والاستفادة منها وخاصة الذكور حيت تسبب لنا الكثير من المشاكل؟ علماً بأننا لا نعرف مالكها لأنها بدون سيمة (علامة معرفة إبل القبائل والعشائر) .
يوفقكم الله لما فيه خير هذه الأمة والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وع لى آله وصحبه أما بعد:
فالإبل من الحيوانات التي تمتنع بنفسها من صغار السباع، ومن وجد شيئاً من هذه الحيوانات في الصحراء، فإنه لا يجوز له التقاطه، لحديث زيد بن خالد في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ضالة الإبل، فقال: مالك ولها، دعها، فإن معها حذاءها وسقاءها، ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها.
هذا هو مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة وهو الراجح، وأجاز الحنفية التقاطها للحفظ.
ويستثنى من عدم جواز الأخذ حالات:
الأولى: أخذ الإمام لها على وجه الحفظ لربها، فإن عمر رضي الله عنه حمى موضعاً يقال له النقيع لخيل المجاهدين والضوال.
الثانية: إذا خُشي عليها أخذ الخائن جاز أخذها للحفظ لربها، ومثل ذلك إذا كان الزمان زمان نهب.
الثالثة: أن يكون صاحبها معروفاً، فيجوز أخذها أمانة لصاحبها في يد الآخذ.
الرابعة: أن يخشى عليها من الجوع والعطش وكبار السباع.
والخلاصة أنه لا يجوز لك أخذها إلا في الحالات الأربع السابقة، ويكون الأخذ بنية الحفظ لصاحبها لا بنية التملك مع التعريف بها سنة أيضاً، إلا في حالتي أخذ الإمام أو معرفة صاحبها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1424(12/8026)
ما يلزم ملتقط ضالة البهائم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لما كنت أجز (أقطع) صوف غنمي وقف خروف أمام باب حظيرتي في الريف خرجت لأستفسر من أين أتى فلم أجد أي أثر لإنسان أو قطيع بالقرب من منزلي الريفي فأدخلته مع غنمي وعاش مع القطيع وبقيت أنتظر لعلي أجد من يسأل عنه فلا جدوى لذلك مع العلم بأني لم أعلن عنه أمام الملأ خشية من أن يأتي محتال فيقول: (إنه لي) وهو ليس له فمكث يرعى مع غنمي حتى دار عليه الحول بعد ذلك نويت أن أبيعه وأتصدق بثمنه سؤالي: هل يجوز لي أن أضع كل المبلغ في المسجد أو جزءاً منه والجزء الآخر أوزعه على الفقراء والمساكين.
والسلام عليكم ورحمة الله. ووفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن وجد ضالة من البهائم التي لا تمتنع عن صغار السباع كالشاة والفصيل، فإن ملتقطها مخير بين التالي:
- أن يحفظها لربها ويُعرِّفها سنة، وينفق عليها مدة التعريف، ويتملكها بعد التعريف إذا لم يجد ربها.
- أن يبعها ويحفظ ثمنها لربها، ثم يعرِّف بالضالة سنة، فإذا لم يأت صاحبها فله تملك الثمن، هذا إذا وجدها في العمران.
فإذا وجدها في الصحراء انضاف إلى ذلك خيار ثالث هو:
- أن يأكلها ويغرم ثمنها إذا ظهر المالك، لحديث: هي لك أو لأخيك أو للذئب متفق عليه.
هذا هو الراجح من أقوال العلماء، وهو مذهب الشافعية والحنابلة، وهناك حجة للشافعية بأن الصحراء كالعمران، وإذا أردت أن تبيعها وتتصدق بثمنها ثم تضمنها لصاحبها إن لم يُمْضِ الصدقة فلك ذلك، وتصدق بها في أي وجه من وجوه الخير من المساجد والفقراء، أو غير ذلك، وهذا التصدق لا يعفيك من التعريف بها لمدة سنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1424(12/8027)
من أحكام اللقطة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: إنني كنت آخذ اللقطة وكنت عندها بالغة وأعلم أنه خطأ ولكن الآن أنا مستحيل أن آخذ شيئاً ليس لي ولقد تبت عن ذلك من زمن فهل يترتب علي شيء إضافة للتوبة مثل أن أقدر قيمة هذه اللقطات وأتصدق به باسم أصحابها الذين لا أعرفهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت الأشياء التي كنت تلتقطينها أشياء يسيرة ليست لها قيمة كبيرة بحيث إذا فقدها صاحبها لا يتحسر عليها ولا يتبعها نفسه، فليس عليك شيء في أخذها.
أما إن كانت لها قيمة – كما يفهم من سؤالك – فعليك التوبة من التقاطها والانتفاع بها بدون تعريفها سنة.
أما وقد تبت من ذلك فنرجو الله أن يقبل توبتك ويوفقك للعمل الصالح، وقدِّري قيمة هذه اللُّقط وتصدقي بها عن أصحابها ما دمت تجهلينهم، وإذا عرفت يومًا ما صاحب لقطة وجب عليك ردها إليه، لحديث زيد بن خالد رضي الله عنه: أن رجلاً جاء يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن اللقطة فقال له: اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها، قال: فضالة الغنم؟ قال: هي لك أو لأخيك أو للذئب، قال: فضالة الإبل؟ قال: مالك ولها؟ معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها. متفق عليه.
وفي رواية عن الدارقطني: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة: الذهب والوّرق (الفضة) قال: اعرف عفاصها ووكاءها، وعرفها سنة، فإن لم تعرف فاستغن بها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء لها طالب يومًا من الدهر فأدها إليه.... إلخ. وعفاصها: هو الكيس الذي تحفظ فيه النقود، ووكاؤها: الحبل أو الخيط الذي يربط به كيس النقود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(12/8028)
كيف يصنع من دخل في برجه حمام لا يملكه ولا يعرف صاحبه.
[السُّؤَالُ]
ـ[أمتلك برج حمام ويأتي فيه حمام ليس ملكاً لي فماذا أفعل حيث إنني لا أعرف صاحبه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على من وجد حماماً غير حمامه في برجه وميزه أن يرده بعينه إلى صاحبه إن علمه، فإن لم يستطع تمييزه مع علمه بصاحبه، اصطلح معه على ما يتفقان عليه، بأن يبيع الحمام له، أو أن يبيعاه لشخص ثالث، ونحو ذلك ثم يأخذ كل واحد حصته، ولا يضر الجهل بعين المبيع هنا للضرورة، فإن لم يعلم صاحب الحمام كان له حكم اللقطة، قال في كشاف القناع: إن لم يعرف صاحبه فلقطة، وإن عرفه أعلمه فوراً. انتهى.
وقال المحلي في شرحه على المنهاج المعروف بكنز الراغبين: ولو تحول حمامه من برجه إلى برج غيره المشتمل على حمامه لزمه رده إن تميز عن حمامه. انتهى.
وقال أيضاً: ويجوز بيع أحدهما وهبته ماله منه لصاحبه في الأصح ويغتفر الجهل بعين المبيع للضرورة. انتهى.
وقال أيضاً: فإن باعهما -أي الحمامين- لثالث، والعدد معلوم والقيمة سواء، صح البيع ووزع الثمن على العدد. انتهى.
وإذا لم يعرف مالك الحمام فهو لقطة ويجوز التصرف فيها، مع تعريفها بصفتها لمدة سنة، فإذا جاء صاحبها قبل التصرف فيها فهو أحق بها، وإن جاء بعد التصرف فيها غرم الملتقط ثمنها وقت التصرف فيها، وراجع في هذا الفتوى رقم:
7149، والفتوى رقم: 5663.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1423(12/8029)
اللقطة بين التعريف وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
وجدت مبلغ 50 درهما أمام البناية فتصدقت بها في إحدى الجمعيات بنية صدقة عن صاحبها، وبعد ذلك علمت بالحكم الشرعي للقطة بأن يعلن عنها عاماً ولا تحل لي إلا من بعد انقضاء الأجل فماذا يترتب علي فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم ـ وفقك الله ـ أن اللقطة من حيث قيمتها على ضربين:
أحدهما: ما تقل قيمته فيجوز أخذه والانتفاع به وهذا كالسوط والحبل ورغيف الخبز وما شابه ذلك, فيملك بغير تعريف, لما روى جابر قال رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: في العصا والسوط والحبل وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به. رواه أبو داود.
والآخر: ما تكثر قيمته كالذهب والفضة والمتاع والمال الذي تتعلق به نفس صاحبه في العادة, فيجوز أخذه, ويجب تعريفه حولا في مجامع الناس كالأسواق وأبواب المساجد والصحف ونحو ذلك, فإذا جاء طالبه فوصفه
دفع إليه بغير بينة لما روى زيد بن خالد الجهنى قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لقطة الذهب والورق والفضة فقال: اعرف وكائها وعفاصها ثم عرفها سنة, فإن لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك, فإن جاء طالبها يوما من الدهر فادفعها إليه. متفق عليه
فإن لم يعرف صاحبه فقد دل الحديث أنه كسائر مال الملتقط له أن ينتفع به بما أحب ولكن بشرط أن يعرف صفته فمتى جاء طالبه فوصفه دفعه إليه وإن كان قد هلك دفع مثله إن كان مثليا أو قيمته إن كان قيمياً,
وإذا عرفت هذا فما كان ينبغي لك أن تتصدق بهذا المبلغ دون تعريف, لأنه باق على ملك صاحبه، ويجب عليك الآن أن تعرفه سنة فإن جاء طالبه فوصفه بوصفه الصحيح خير بين أن يجيز ما فعلت ويكون الثواب له، أو تدفع له خمسين درهما ويكون أجر الصدقة لك, لما روى أبو وائل شقيق ابن سلمة قال: اشترى عبد الله بن مسعود جارية من رجل بستمائة أو سبعمائة درهم فنشده سنة فلم يجده فتصدق بها من درهم ودرهمين عن ربها فإن جاء صاحبها خيره فإن اختار الأجر كان له، وإن اختار ماله كان له ماله.
ثم قال ابن مسعود: هكذا فافعلو باللقطة. رواه الطبراني في الكبير, ورواه البخاري معلقا بلفظ.. واشترى ابن مسعود جارية والتمس صاحبها سنة فلم يجده وفُقِد، فأخذ يعطي الدرهم والدرهمين وقال: اللهم عن فلان فإن أتى فلي وعلي. ووصله سعيد بن منصور بسند جيد كما في الفتح , وفي رواية للطبراني (فإن أبى) بدلأ (فإن أتى) قال الحافظ في الفتح: فرأى ابن مسعود أن يجعل التصرف صدقة فإن أجازها صاحبها إذا جاء حصل له أجرها، وإن لم يجزها كان الأجر للمتصدق وعليه الغرم لصاحبها. وإلى ذلك أشار بقوله "فلي وعلي " أي فلي الثواب وعلي الغرامة.
ولمزيد من الفائدة راجع فتوى رقم: 11132.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1423(12/8030)
اللقطة ... تتملك أم تصرف في وجوه الخير
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت نقوداً في مكان ما وأخبرت من في هذا المكان بأن معي أمانة ضائعة من شخص فإذا سألك شخص عنها أخبرني وظلت معي أكثر من شهر ولم يسأل أحد عنها فكيف أتصرف؟ هل أضعها كلها في المسجد أم كما سمعت من بعض الأشخاص أن أضع جزءا والجزء الآخر من حقي؟ وإذا كان هذا الحكم صحيحاً فما هي النسبة التي من حقي في هذا المال؟
أفيدوني أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فروى البخاري عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة فقال: " اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها، وإلا فشأنك بها "
وعلى هذا.. فلا يجوز للأخ التصرف في هذا المال ولا في جزء منه إلا بعد مرور سنة من التعريف في المسجد والحي والسوق، فإذا مضت سنة على التعريف ولم يأت صاحبه، جاز له أن يتملكه ويتصرف فيه، فإذا جاء صاحبه يوماً ضمنه له، وقال بعض أهل العلم: يتصدق به عن صاحبه، فإذا جاء صاحبه وأمضى التصرف كان الأجر، وإلا فإن على الملتقط أن يقضيه له وله أجر الصدقة.
وننبه على أنه لا يجوز للأخ وضعها في المسجد إن خشي ضياعها، بل يحفظها، ويفعل بها ما تقدم ذكره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1423(12/8031)
سمة اللقطة التي يجب تعريفها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد وجدت مبلغ عشرين ريالاً في أحد الاسواق سوبرماركت وأخذتها وصرفتها فماهو الحكم في ذلك؟ ولكم جزيل الشكر.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر أن هذا المبلغ يعتبر زهيداً لا تتبعه نفس صاحبه، فإن كان الأمر كذلك في بلدكم فلا حرج عليك في أخذه والانتفاع به، وأما إن كان هذا المبلغ يعتبر كبيراً في نظر أهل بلدكم لما له من قيمة كبيرة في بلدكم لقوة عملتها فلا يحل لك الانتفاع به إلا بعد أن تعرفه سنة كاملة، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
11132.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(12/8032)
أجوبة في اللقطة وأحكامها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم من وجد مصحفاً في سيارة عامة وأخذه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمصحف الموجود في سيارة عامة يأخذ حكم اللقطة، فاللقطة هي: المال الضائع من ربه يلتقطه غيره، وقد سبق بيان أحكام اللقطة في الفتوى رقم:
18069 والفتوى رقم:
11132 والفتوى رقم:
7149، ولمعرفة حكم التصرف في اللقطة راجع الفتوى رقم:
5663، ولمعرفة حكم لقطة الحرم راجع الفتوى رقم:
14308.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1423(12/8033)
ملتقط المال مسئول عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[فلان يعمل عند فلان في محل تجاري وجد هذا العامل مبلغاً من المال مرميا في المحل كان قد سقط من أحد الزبائن (غيرمعروف) فلمن تعود أحقية هذا المبلغ أهو لصاحب المحل أم يعود للعامل المستخدم؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا المبلغ يعتبر لقطة تجري عليه أحكام اللقطة المذكورة في الفتوى رقم: 5663، والفتوى رقم: 11132، والذي التقط المال هو المسئول عنه، سواء كان صاحب المحل أو العامل أو غيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1423(12/8034)
حكم لقطة المسجد النبوي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في العام الماضي وأثناء وجودي في المسجد النبوي الشريف وجدت حقيبة نسائية فارغة تماما فأخذتها وعندما عدت علمت أنه لا يجوز أخذ شيء من هذه الأماكن وسألت فمن قال أرجعيها إلى مكانها ومن قال تصدقي بثمنها وحيث أني على وشك السفر لأداء العمرة أريد أن اعلم ما هو الحل الصحيح؟ حتى أتخلص من هذا الإثم وهل علي كفارة أؤديها هناك؟
جزاك الله كل خير وجعل عملكم في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه المسألة تسمى عند الفقهاء باللقطة، وإن الحكم في لقطة الحرم المدني كغيرها، من لقطة الحل، يجوز أخذها وتعريفها سنة كاملة، فإن جاء صاحبها وإلا تملكها واجدها.
والدليل عموم حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: جاء أعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم، فسأله عما يلتقطه، فقال: "عرفها سنة، ثم اعرف عفاصها ووكاءها، فإن جاء أحد يخبرك بها، وإلا فاستنفقها" الحديث متفق عليه، واللفظ للبخاري.
لكن بما أنك لست من أهل البلد، وسترجعين إلى بلدك، فكان من اللازم أن تسلمي الحقيبة إلى مكتب المفقودات ليعرفها أو يتصرف فيها التصرف اللازم.
أما وقد سافرت بها إلى بلدك، فعليك أن تحتفظي بها حتى إذا اعتمرت مرة أخرى أو حججت فسلميها إلى مكتب المفقودات، وأخبريهم بتاريخ عثورك عليها.
وكان الواجب عليك هو البدار بالتعريف، قال صاحب مطالب أولي النهي في الفقه الحنبلي: وإن أخره أي التعريف إلى الحول الأول أثم الملتقط بتأخيره التعريف لوجوبه على الفور.
لكن نرجو الله جل وعلا أن لا يكون عليك إثم ما دمت تجهلين الحكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(12/8035)
هل للدولة حق فيمن وجد كنزا
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم من يجد كنز أثرياً في أرضه؟ مع العلم أنه إذا أبلغ الحكومة سوف تقوم بأخذ الأرض منه
وإذا باع هذا الكنز سوف يصبح من الأثرياء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالكنز أما يكون من دفن الجاهلية، وأما أن يكون من دفن أهل الإسلام، وقد سبق تفصيل الحكم في الفتوى رقم: 7604.
وعلى كل، فليس للدولة فيه شيء، ولا يلزمك إعلام الحكومة بذلك، ولا حق لها فيه أصلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1423(12/8036)
حكم تملك شيء ملتقط بدل شيء مفقود
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي تلبس القفاز وفي مرة من المرات لم تجد قفازها في المدرسة فوجدت قفازا لم يأخذه أحد وأكثر البنات خرجن من المدرسة فاخذت هذا القفاز فهل هذا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإسلام صان حرمات الناس واحترم ممتلكاتهم، فإذا وجد المسلم مالاً ضائعاً من يد مالكه فعليه أن يحفظه له، ويعرفه إن كان يخشى عليه الضياع، وإلا فلا يلزمه التقاطه وأخذه.
والأصل في ذلك حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه في البخاري وغيره قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة. فقال: "اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا شأنك بها".
وعلى هذا، فإذا كان القفاز الذي وجدته أختك له قيمة ويعتبر مالاً، فإن حكمه حكم اللقطة، وقد سبق أن ذكرنا أحكام اللقطة في الفتوى رقم: 5663 والفتوى رقم: 11132
وبالتالي، فلا يجوز لها أن تستعمله بدل قفازها المفقود، لأنها لا تعرف هل صاحبة هذا القفاز الذي وجدت هي التي أخذت قفازها، أم أن صاحبة القفاز فقدته ولم تأخذ غيره بدله؟ وإنما أخذه أحد آخر غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1423(12/8037)
حكم الالتقاط ... والواجب في حق الملتقط
[السُّؤَالُ]
ـ[حدث حادث لبراد أسماك ونقل السائق إلى المستشفى هل من حق المواطنين أخذ الأسماك بحجة أنها سوف تخرب بعد ثلاث ساعات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل الشروع في جواب السؤال نبين حكم الالتقاط، حيث ذهب الحنفية والشافعية إلى استحباب أخذ اللقطة، وذهب الحنابلة إلى أن الأفضل عدم أخذها.
وذهب المالكية إلى وجوب أخذها بشرطين:-
الأول: إن خاف على اللقطة من خائن يأخذها.
الثاني: أن لا يعلم خيانة نفسه بأن علم أمانة نفسه أو شك فيها، فإن علم خيانة نفسه حرم عليه أخذ اللقطة سواء خاف عليها خائناً يأخذها أم لا، وإن لم يخف الخائن كره، علم أمانة نفسه أو شك فيها. ذكر ذلك الدسوقي -رحمه الله- في حاشيته.
والخلاصة أن المذاهب الثلاثة (المالكية والشافعية والحنفية) متفقة على أن أخذ اللقطة إن خيف عليها من خائن يأخذها وأمن اللاقط على نفسه من الخيانة أمر مطلوب شرعاً، والطلب به -والحالة هذه- طلب ملزم عند المالكية، وغير ملزم عند الحنفية والشافعية. فالثلاثة في أخذها بين قائل بالوجوب وقائل بالاستحباب.
أما الواجب في حق من أخذ لقطة يسرع إليها الفساد كالفاكهة أو اللحوم والأسماك ونحو ذلك فهو ما بينه العلماء حيث قالوا هو مخير بين أمور:
الأول: أن يبيعها ويحفظ الثمن عنده، ويعرف اللقطة بعد ذلك سنة، فإن وجد صاحبها أعطاه الثمن، وإلا تملك الثمن وانتفع به، ولكن متى ما ظهر صاحب اللقطة دفع إليه الملتقط الثمن.
الثاني: أن يأكلها ويضمن ثمنها لصاحبها.
الثالث: أن يحفظها إن أمكن حفظها بتجفيف أو تبريد أو غير ذلك، ويراعي الملتقط في الأمور الثلاثة ما هو الأصلح للمالك.
ويزيد الأمر وضوحاً ما ذكره الدسوقي -رحمه الله- في حاشيته حيث قال: عدم الضمان فيما إذا أكل ما يفسد بالتأخير مقيد بما إذا كان تافهاً لا ثمن له وإلا ضمن قيمته لربه إذا جاء، وحينئذ فلا فرق فيما له ثمن بين ما يفسد بالتأخير وما لا يفسد إلا جواز القدوم على الأكل ابتداء من غير تعريف فيما يفسد ومنعه في غيره.
ثم قال: أما إذا كان تافهاً جاز له أكله من غير تعريف، ولا ضمان عليه إذا جاء صاحبه وهذا إذا لم يعلم بصاحبه حين وجده فإن علم به لم يجز أكله، فإن أكله ضمن ثمنه. انتهى
وملخص القول أن على من أخذ من هذه الأسماك شيئاً أن يبيعها ويدفع ثمنها لصاحب الأسماك، أو يأكلها ويضمن قيمتها، أو يحفظها بطريقة من طرق الحفظ تبريداً أو تجفيفاً، ثم يدفعها لصاحبها ليتصرف بها كما يشاء، ويتأكد هذا الأمر حيث علم صاحبها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1423(12/8038)
حكم لقطة الفاكهة
[السُّؤَالُ]
ـ[وجد أبي في الطريق صندوق فاكهة سقط من سيارة مسرعة وحاول إخباره ولم يستطع فهل يجوز أخذه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا التقط المسلم من الطعام ما يبقى مثل التمر وما أشبهه لم يكن له أكله إلا بعد سنة، وإن كان مما لا يبقى كالفواكه والخضروات فهو مخير بين أكله وبين بيعه وحفظ ثمنه، ولا يجوز إبقاؤه لأنه يتلف، ومتى ما جاء صاحبه غرم له قيمته إن كان أكله، أو رد له ثمنه إن كان حفظه، أو ضمن له قيمته أو مثله إن كان تلف بتفريط منه أو تعد عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1423(12/8039)
حكم لقطة الحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جاء أبي إلى مكة المكرمة حاجا وعند توجهه إلى المسجد الحرام لأداء صلاة العصر في طريقه إلى المسجد وبالقرب منه وجد كيسا صغيرا يحتوي على مبلغ من المال
أفيدونا شاكرين كيفية التصرف حيال هذه اللقطة
وهل توجد أي التزامات أو واجبات على الحاج تجاه لقطة الحرم
جزيتم خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال العلماء أنه لا فرق بين لقطة الحرم وغيره، ولا بين لقطة الحاج وغيره، فإنه يحل لواجدها أخذها، ويلزمه تعريفها سنة كاملة، ثم تملكها بعد ذلك.
وعليه نقول: إن كان والدك قادراً على تعريف هذه اللقطة في الحرم سنة كاملة ثم تملكها فله ذلك، وإن لم يستطع فإن عليه أن يسلمها للجهة المسؤولة عن لقطة الحرم، مثل مكتب المفقودات الموجود هناك، وبهذا تبرأ ذمته -إن شاء الله- ولمزيد الفائدة نلحق بهذه الفتوى كلاماً قيما للعلامة ابن قدامة في كتابه (المغني) حيث يقول رحمه الله:
(فصل لقطة الحل والحرم سواء:
فصل: وظاهر كلام أحمد والخرقي، أن لقطة الحِلَّ والحرم سواء، وروي ذلك عن ابن عمر، وابن عباس، وعائشة، وابن المسيب. وهو مذهب مالك، وأبي حنيفة. وروي عن أحمد رواية أخرى، أنه لا يجوز التقاط لقطة الحرم للتملك، وإنما يجوز حفظها لصاحبها، فإن التقطها عرفها أبداً حتى يأتي صاحبها. وهو قول عبد الرحمن بن مهدي، وأبي عبيد. وعن الشافعي كالمذهبين. والحجة لهذا القول قول النبي صلى الله عليه وسلم مكة: "لا تحل ساقطتها إلا لمنشد" متفق عليه.
وقال أبو عبيد: المنشد المعرِّف، والناشد الطالب. ويُنْشَد: إصاخة الناشد للمنشد، فيكون معناه: لا تحل لقطة مكة إلا لمن يعرفها، لأنها خصت بهذا من سائر البلدان. وروى يعقوب بن شيبة، في مسنده عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لقطة الحاج، قال ابن وهب: يعني: يتركها حتى يجدها صاحبها. رواه أبو داود أيضاً. ووجه الرواية الأولى عموم الأحاديث، وأنه أحد الحرمين، فأشبه حرم المدينة، ولأنها أمانة فلم يختلف حكمها بالحل والحرم، كالوديعة. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إلا لمنشد" يحتمل أن يريد إلا لمن عرفها عاماً، وتخصيصها بذلك لتأكيدها، لا لتخصيصها، كقوله عليه السلام: "ضالة المسلم حرق النار". وضالة الذمي مقيسة عليها) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1422(12/8040)
اللقطة.. وأقوال العلماء في الانتفاع بها ... وضمانها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام في مال فقده صاحبه ولم يمكن الوصول إليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من وجد مالاً لغيره سواء كان هذا المال نقوداً أو حلياً: ذهبا أو فضة، أو غيرهما، أو جهازاً، أو غير ذلك مما له قيمة، وجب عليه تعريفه، أما ما لم يكن له قيمة، ولا تتبعه نفس صاحبه، فلا يجب تعريفه، ويجوز أخذه، قال الإمام ابن قدامة: (ولا نعلم خلافاً بين أهل العلم في إباحة أخذ اليسير والانتفاع به، وقد روي ذلك عن عمر، وعلي، وابن عمر، وعائشة، وبه قال عطاء، وجابر بن زيد، وطاوس، والنخعي، ويحيى بن أبي كثير، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي) .
وأما تحديد اليسير ما هو:
فذهب الإمام أحمد وجماعة إلى عدم التحديد، وأن الضابط فيه العرف.
وذهب الإمام مالك وأبو حنيفة إلى أنه لا يجب تعريف ما لا يقطع به السارق، وهو ربع دينار عند مالك، وعشرة دراهم عند أبي حنيفة، والراجح في المسألة عدم التحديد، وهو مذهب الحنابلة لعموم حديث زيد بن خالد في كل لقطة ونصه: (اعرف وكاءها، وعفاصها، ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوماً من الدهر، فادفعها إليه) فيجب إبقاء هذا الحديث على عمومه، ولا يخرج منه إلا ما أخرجه الدليل، ولم يرد بما ذكره الآخرون نص، ولا ما هو في معنى ما ورد النص به، ولأن التحديد والتقدير لا يعرف بالقياس، وإنما يؤخذ من نص أو إجماع، وليس فيما ذكروه نص ولا إجماع. ولكن يجوز أخذ ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من السوط، والعصا، والحبل، وما قيمته كقيمة ذلك، لما روى أبو داود عن جابر قال: رخَّص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا، والسوط، والحبل، وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به.
وهل الأفضل ترك ما وجده الإنسان من مال غيره أو أخذه؟
فمذهب أحمد أن الأفضل ترك الالتقاط.
ومذهب الشافعي: أنه إذا وجدها بمضيعة وأمن نفسه عليها، فالأفضل أخذها.
وذهب أبو حنيفة وهو قول للشافعي إلى أخذها.
وقال مالك: إن كان شيئاً له بال يأخذه أحب إليَّ ويعرفه، لأن فيه حفظ مال المسلم.
وإذا أخذ اللقطة وجب عليه أن يعرفها سنة في الأسواق، وأبواب المساجد، والصحف، وأماكن اجتماع الناس.
وإذا عرفها حولاً فلم تعرف، ملكها الملتقط، وصارت من ماله -غنياً كان أو فقيراً- وهذا قول الحنابلة، والشافعي، إلا إذا جاء صاحبه فيضمنها له. وقال الحسن بن صالح، والثوري، وأصحاب الرأي: له حبسها، أو التصدق بها، فإذا جاء صاحبها ورضى بالأجر، وإلا ضمنها الملتقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1422(12/8041)
كيفية تقسيم الكنز القديم في الأرض المشتركة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يبحث عن كنز مدفون من زمن الأمم السابقة في أرض مشترك فيها من هو حي وميت ويصعب تقسيم مثل هذه الأرض لصعوبة حصر الإرث؟
وجزاكم الله كل خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن وجد كنزاً قديما في أرض مملوكة له ولآخرين فإنه يكون بينهم بنسبة نصيب كل واحد منهم في الأرض، حيث ذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية وأكثر الحنابلة إلى أن هذا الكنز (الركاز) الموجود في أرض مملوكة يكون لصاحب الأرض لا لواجده.
وإذا كنتم قد قسمتم الأرض وأصبح نصيب كل واحد منكم معروفاً فيها، فمن وجد في نصيبه من الأرض فهو له، لأنه وجد في أرضه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1422(12/8042)
كيفية التصرف بلقطة حرم المدينة
[السُّؤَالُ]
ـ[في آخر العام ذهبنا إلى المدينة وبعد خروجنا من الصلاة وجد جدي قلما وقد التف علي شماغه فأخرجه وأعطانيه وأخذته وهذا من زمن طويل ومازال القلم معي علماً بأن القلم من النوع الغالي حيث يتراوح سعره بين 900- 1000 ريال فما الحل؟
أفتونا مأجورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عليكم أن تردوا هذا القلم لمكتب المفقودات في إدارة المسجد النبوي الذي يبدو أنكم وجدتموه فيه، لعل صاحبه يكون قد أبلغ عنه عندها - كما هي العادة - وترك عنوانه لديها، لتبلغه بوجوده، أو تتصرف فيه بما تراه مناسباً.
وكان الواجب عليكم أصلاً أن لا تأخذوه معكم، وأن تدفعوه مباشرة لمكتب المفقودات هنالك، لأن هذا القلم لقطة ذات قيمة كبيرة.
واللقطة إذا كانت كذلك لا يجوز لملتقطها أن يحوزها إلا إذا كان سيقوم بما يجب من تعريفها في المكان الذي التقطها فيه، فيعرفها عند أبواب المساجد، وفي الأسواق، ومجامع الناس العامة ومجالسهم، وهذا غير ممكن منكم، لأنكم - كما يبدو من السؤال - لستم من سكان المدينة التي هي مكان وجود اللقطة، فوجب عليكم أن تدفعوها إلى من يقوم بذلك، وأولى من يقوم بذلك مكتب المفقودات في إدارة المسجد النبوي، وخاصة أن الناس يأتونه ليبلغوا عما فقدوه من أشيائهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1422(12/8043)
الكنز.. تعريفه.. التصرف فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم
بداية أحييكم على هذه الخدمة المتميزة وأسأل الله أن يجعلها فى ميزان حسناتكم تفرحون بها يوم لقائه
أمتلك قطعة أرض ولقد علمت أن بها كنزاً أثرياً فما حكمه وكيف أتصرف فيه علماً بأن هذه الأرض ملك لأجدادي؟ رجاء الرد سريعاً للأهمية وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
1/ فالكنز: هو ما دفنه أهل الإسلام، أو أهل الجاهلية.
والركاز: ما دفنه أهل الجاهلية خاصة.
والمراد بأهل الجاهلية: من كانوا قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، سواء في ذلك من لا دين له منهم، ومن كان له دين كأهل الكتاب.
ويُعرف دفين الجاهلية بوجوده في قبورهم أو خزائنهم أو قلاعهم، وبما يُرى عليه مِن علاماتهم، كأسماء ملوكهم وصوهم وصور صلبهم، أو أصنامهم.
ويُعرف دفين الإسلام بعلامات المسلمين، كاسم النبي صلى الله عليه وسلم، أو اسم أحد الخلفاء، أو بكتابة آية من قرآن، وهكذا.
2/ ما دامت الأرض التي فيها الكنز ملكاً لك ورثتها عن آبائك، فإن كان الكنز مِن دفين أهل الجاهلية: ففيه الخمس لا يأخذ منه مَن كان الكنز في أرضه شيئاً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "العجماء جبار، وفي الركاز الخمس" متفق عليه.
وتقسيم الخمس يكون كتقسيمه في الغنيمة، قال تعالى: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) [الأنفال: 41] .
والأربعة الأخماس الباقية يأخذها الورثة الذين ورثوا الأرض.
وأما إن كان من دفين أهل الإسلام فهو لُقطة، واللقطة: كل مالٍ معصوم معرض للضياع لا يُعرف مالكه، والواجب فيه أن يعرّف سنة، فإن وجد مالكه أو وارث مالكه -وإن علا- فهو له وإلا فليتمتع به من وجد في أرضه، ومتى وُجد مالكه أو وارثه فهو أحق به، ولو بعد ردح من الزمن. دليل ذلك ما رواه الشيخان من حديث زيد بن خالد الجهني قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة، الذهب أو الورق؟ فقال: "اعرف وكاءها وعفاصها، ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوما من الدهر فأدها إليه ... ". والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1422(12/8044)
لا يحق التصرف في اللقطة وما في حكمها إلا بعد مرور سنة.
[السُّؤَالُ]
ـ[محمد نسي جواله مع زيد أثناء توصيله وزيد لايعرف أي شيء عن محمد وزيد يريد بيع جهاز الجوال بعد أن فصل محمد الخدمة عن الشريحة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الجهاز الجوال الذي أصبح تحت يدك إذا لم يمكن التعرف على مالكه بأي وسيلة من الوسائل فإنه يصبح في حكم اللقطة تجري عليه أحكامها.وهي معرفة ما يتميز به عن غيره، ثم تعريفه ونشر خبره في أماكن اجتماع الناس في الأسواق وأبواب المساجد والأماكن العامة. وتقوم الصحف المحلية اليوم مقام كثير مما أشرنا إليه. وتعتبر اللقطة وديعة عند ملتقطها لا يضمنها إلا بالتعدي عليها أو التفريط فيها، فإن جاء صاحبها وعرف علامتها وأماراتها التي تميزها عما عداها دفعت له، فإن مضت سنة ولم يظهر صاحبها جاز للملتقط أن يتصدق بها أو ينتفع بها سواء كان غنياً أو فقيراً، ولا يضمن. فإذا ظهر صاحبها فإما أن يجيز التصدق بها أوالتملك لها، وإلا فله قيمتها على الملتقط.
والأصل في اللقطة حديث زيد بن خالد رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة فقال: " اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها " إلى آخر الحديث وهو في البخاري وغيره. وعلى هذا فلا يجوز لك أيها السائل أن تبيع الجوال ولا أن تتصرف فيه إلا بعد مضي سنة من التقاطه ونشر خبره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/8045)
لا بأس بالانتفاع بهذه الأدعية بعد التأكد من صحتها.
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مدرسة وبحكم عملي فإنني كنت أستخدم المستودع في البحث عن الوسائل. وذات يوم وجدت ظرفا موضوعا على طاولة المستودع وبه مسابقة وأوراق أدعية وكما بدا لي فإنه لا يخص أحدا أو أن صاحبته تخلصت منه بوضعه في المستودع فأخذته معي للبيت بهدف إحراق الأوراق الحاوية على ذكر الله حيث كثيرا ما تحصل إهانة هذه الأوراق في المدرسة إما بقذفها في سلة المهملات أو في الطريق ولكني قبل أن أهمَّ بإحراق الأوراق وجدت المسابقة الإسلاميةالمرفقة بالظرف فوددت الاشتراك بها لكني وجدت أن موعدها انتهى كما وجدت ورقة تحوي جوامع الأدعية فأبقيتها عندي وصرت أدعو الله منها فما حكم دعائي من تلك الورقة؟ وهل يمكن أن لا يستجيب الله لدعائي منها لأنها لم تكن لي بل وجدتها على تلك الحالة. فإذا كان الجواب أنه لايجوز أن أدعو منها فهل لي أن أحفظ الأدعية أو أنقلها إلى ورقة أخرى. ملاحظة: لم يسأل أحد عن هذا الظرف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
إذا غلب الظن على السائل أن صاحب هذه الأوراق لا يسأل عنها أو يريد التخلص منها، فلا بأس بالانتفاع بها لأنها من باب اللقطة التي لا قيمة لها، فبمجرد أخذها يمتلكها وله أن ينتفع بها، ويستفيد منها،
فقد روى الإمام أحمد وأبو داود من حديث جابر رضي الله عنه قال: رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا والسوط والحبل وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به.
وأنصح أختي السائلة -رعاها الله تعالى- أن تأخذ هذه الأدعية إلى عالم موثوق للتعرف على صحة هذه الأدعية، مخافة أن تكون من الأدعية المبتدعة التي لا تنفع صاحبها، بل ربما توقعه في باب من الشرك، من حيث أراد التقرب بها إلى ال، له ونحن لم نطلع على هذه الأدعية حتى يمكننا الحكم عليها، لكن ننصحك باقتناء كتب الأذكار التي نقلت لنا أدعية النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة، وليس هناك أدعية أفضل ولا أجمع من أدعيته صلى الله عليه وسلم، فقد جمعت بين خيري الدنيا والآخرة. ومن هذه الكتب كتاب الأذكار للإمام النووي بتحقيق الشيخ عبد القادر الأرناؤوط.
وكتاب الوابل الصيب لابن القيم. وصحيح الكلم الطيب للألباني وغيرها. وكذلك كتاب الدعوات من كتب رياض الصالحين للإمام النووي.
وفق الله الجميع للعمل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/8046)
حكم من وجد شيئا له مالك عادة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين فى ضالة الغنم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
من وجد ضالة الغنم فإنه يحق له أن يتملكها، بعد أن يعرفها سنة في الأماكن التي يظن أن صاحبها موجود فيها، وعلى أبواب المساجد، فإذا يئس من وجوده فإنه يحق له تملكها، ويضمن لصاحبها إذا وجده. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/8047)
لا حرج في إتلاف الورقة إن لم يكن عليك حقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل محاسبا في شركة مستلزمات تجميل تبيع صبغة سمراء وللمتبرجات، وهداني ربي أن أترك العمل ولأن صاحب العمل يحبني لأمانتي لا يريدني أن أتركه، وأيضا أخذ علي إيصال أمانة على بياض وأخاف أن أترك العمل ويشتكيني به، وأنا أمين الصندوق والإيصال بالصندوق. فهل ممكن أجذه وأترك العمل بدون علم صاحب العمل مع العلم أنه منعني من الصلاة في المسجد وقال صل جماعة بالمكتب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن غلب على الظن أن منتجات الشركة يستخدمها العصاة في المحرمات فإنه لا يجوز العمل بها لما فيه الإعانة على الإثم والعدوان، وترك ما علم تحريمه شرعا لا يحتاج فيه لإذن مخلوق، لأن طاعة الله مقدمة على طاعة الخلق، فالواجب تقديم إرضاء الله والعمل بشرعه، واعلم أنك لن تترك شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه، وأما منع الصلاة في الجماعة بالمسجد القريب فليس من حق جهة العمل
وأما الايصال الذي تذكره فإن كان المراد أنك وقعت على بياض بأنك مطالب بمبلغ وتخشى أن يكتب الرجل في البياض مبلغا كبيرا فلا شك أنك أخطأت في البداية بتعريض نفسك للخطر والمشقة بهذا، ولكن إن كانت الورقة موجودة عندك في الصندوق فيمكن أن تكتب الذي أنت مطالب به فعلا الآن وإذا لم تكن مطالبا بشيء فيمكنك جذها، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 45548، 32865، 70892، 122651.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(12/8048)
على المعتدي دفع قيمة ما أتلفه
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد طرفان: طرف أول وطرف ثان.
قام الطرف الأول بالاعتداء على الطرف الثاني بسبب وجود مشاحنات قديمه بينهما، وكان الطرف الثاني داخل سيارته، فقام الطرف الأول بإطلاق الرصاص على إطارات سيارة الطرف الثاني لشل السيارة عن الحركة حتى يتسنى لهم ضرب الطرف الثاني، وقام أحد الأشخاص من الطرف الأول بمحاولة فتح باب السيارة، ولكن جاءته رصاصة بترت له ثلاثة أصابع، اتهم فيها الطرف الثاني، فعندما رأى الطرف الأول أن أخاهم قد أصيب قام أحدهم بإطلاق النار عشوائيا على سيارة الطرف الثاني الذي كان بداخلها، والله سبحانه وتعالى سلم صاحب السيارة ولكن السيارة تضررت.
والآن الطرفان يريدان الحل:
الطرف الأول يريد من الطرف الثاني أن يحلف يمينا أنه لم يطلق الرصاص على أخيهم.
والطرف الثاني مستعد لحلف اليمين أنه بريء من إطلاق الرصاص على أخيهم.
والسؤال:
إذا حلف الثاني اليمين وبرئ ماذا يكون له من حق عند الطرف الأول؟.
بخصوص السيارة التي تضررت وبخصوص إطلاق النارعليها عشوائيا بسبب ظنهم الخاطئ أنه هو الذي تسبب في إصابة أخيهم.
وجزاكم الله خيرا.
الرجاء الإجابة عاجلا على هذا الاستفسار.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمنازعات والخصومات مرجعها في هذا الباب إلى قاعدة البينة على المدعي واليمين على من أنكر.
كما سبق بينانه في الفتويين رقم: 72043، 34546، فإن لم يكن للطرف الأول بينة على أن الطرف الثاني هو الذي أطلق الرصاص الذي أصاب أخاهم وحلف الطرف الثاني على أنه لم يطلقه فقد برئ بذلك ولا شيء عليه.
ويبقى أن الطرف الأول يلزم بإخراج أرش ما أفسده من سيارة الطرف الثاني، وكيفية ذلك أن تقوم السيارة سالمة مما حصل من عيب بسبب إطلاق النار، وتقوم معيبة بعد ما حصل، ويلزم المعتدي بدفع الفارق بين القيمتين، وأما إطلاق النار عشوائيا فإن لم يكن قد ترتب على ذلك ضرر مادي فلا يترتب عليه حق مالي.
وقد سبق أن بينا مشروعية التعويض عن الأضرار وأدلة ذلك في الفتوى رقم: 9215، وبيان أن من أتلف شيئا عمدا أو خطأ لزمه تعويض صاحبه في الفتوى رقم: 54910.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1430(12/8049)
حكم ضمان ما أتلفه الشخص من ممتلكات للدولة خطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت بكسر أنبوب مياه صغير أدى إلى تسرب قليل من الماء منه تابع لحديقة يقام بها مهرجان من خلال دهسه بسيارتي من غير قصد.. فتوجهت إلى رجل الأمن لأخبره عن مكان كسر الأنبوب وتسرب القليل من الماء منه، ولكني لم أخبره أني أنا الفاعل.. فقط أخبرته بمكان الأنبوب المكسور ليتم إصلاحه.. فهل أنا آثم في عدم إخباره بأني أنا من فعل هذا؟ وما حكم الدين في هذا التصرف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الأنبوب ممدود بإذن ولي الأمر فأتلفته بمرور سيارتك عليه فأنت ضامن لما أتلفت منه فترجع إلى الجهة المسؤولة عنه، فإما أن يلزموك بإصلاحه أو بدفع قيمة إصلاحه أو يعفوا عنك.
وفي موضوع الإتلاف لا ينظر إلى العمد والخطأ، فهما في إتلاف أموال الناس سواء.. وإخبارك لرجل الأمن بأن الأنبوب انكسر لا يسقط عنك الضمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(12/8050)
قدر قيمة التلف وتصدق بها عنهم
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما كنت شابا مراهقا كنت أقيم مع أهلي في إحدى الدول الخليجية وفي مرة من المرات أخذت سيارة أبي ودعمت إحدى السيارات المتوقفة بجانب أحد البيوت ومن هول المفاجأة وخوفي هربت. فماذا أفعل الآن لكي أكفر عن فعلتي هذه علما بأني لا أظنني أستطيع الوصول إليه الآن حيث مرت سنوات وسنوات على هذه الفعلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت بالغا وقت حصول هذه الحادثة ولم يقع منك تعمد لما حصل من ضرر فلا إثم عليك، وأما إن حصل منك تعمد أو تفريط أو كنت غير عارف بالسياقة أصلا فأنت آثم، وعليك أن تتوب إلى الله تعالى وتستغفره.
وفي كل الأحوال يجب عليك أن تعوض صاحب الحق قيمة ما أتلفته عليه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 25799. ويرجع في تحديد هذه القيمة إلى أهل الخبرة والاختصاص في ذلك الشأن، فإن لم يتيسر ذلك فقدِّرْ أنت قيمة التلف بما يغلب على ظنك أنه يكفيه بعد السؤال والاستقصاء، وإن لم تكن قادرا على التعرف على أصحاب السيارة والوصول إليهم، فادفع قيمة ذلك إلى الفقراء والمساكين بنية التصدق عنهم، وإن قدر يوما من الدهر أنك عثرت على أصحاب السيارة وجب عليك تخييرهم بين إمضاء الصدقة واسترجاع حقهم فإن اختاروا استرجاع حقهم أعطيته لهم وكان لك أنت أجر الصدقة. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 35507.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1429(12/8051)
حول التنقيب عن الآثار وبيعها وضمان المفقود منها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل مع شركاء لي أكثر من ثلاثة في التنقيب عن الآثار وضعوا معي القطعة وجاء ثلاثة من الشركاء لتفحص القطعة وتفحصناها واتفقنا على موعد للبيع, فطرق الباب طارق فقمت لآذن له بالدخول وأذنت له فدخل فناولوني القطعه ملفوفة بمحرمة من الطاولة وأخذتها ووضعتها في جيبي دون تفحصها, وقال أحدهم لي ماذا أعطيناك فقلت له القطعه طبعا مشيرا إلى جيبي, وقام أحدهم وغادر وبقي اثنان منهما ساعة من الوقت وفي اليوم الثاني أنفسهم ولم يسألوني عنها وفي اليوم التالي جاؤوا أنفسهم على الموعد المتفق عليه سابقا, فقمت إلى جيب الجاكيت الذي وضعت القطعة فيه فلم أجد القطعة سوى المحرمة فاتهموني فيها, سؤالي بعد إذنكم:
1. ماذا يترتب علي شرعا وأيضا على شركائي الثلاثة وعلى باقي الشركاء الغائبين؟ علما بأننا نعلم جميعا أن التنقيب عن الآثار ممنوع وهل يجوز المقاضاة على ذلك شرعا؟
. الشركاء يتهمونني بأني سرقت القطعة.
2.الشركاء يتهمونني بأني قصرت في حفظ الأمانة علما بأنني قد وضعتها في جيب الجاكيت الداخلية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المسلم في البحث والتنقيب عن أموال الكفار الذين كانوا قبل الإسلام أو أمتعتهم في أرض مملوكة له أو ليست مملوكة لأحد، ومن عثر على شيء من ذلك - مما يباح اقتناؤه وبيعه- فيجب عليه أن يخرج خمسه، ويصرفه في مصارف الزكاة، وما بقي بعد إخراج الخمس فهو ملك له يتصرف فيه بما أحب من البيع أو التجارة أو القنية، ولا عبرة بقانون يمنع من ذلك.
والأصل في ذلك عموم قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: وفي الركاز الخمس. والشاهد من الحديث هو: أن الشارع أوجب على واجد الركاز -أموال الكفار الذين كانوا قبل الإسلام- أن يخرج خمسه ويستبقي أربعة أخماسه، وهذا يستلزم الإذن فيه، وما دام قد أذن فيه فلا حرج في استخراجه وتملكه. ولكن ينبغي النظر والموازنة بين المخاطر والمفاسد المترتبة على مخالفة هذا القانون من مصادرة الأرض والبيت والتعرض للسجن والعقوبة، وبين المصالح المترتبة على القيام باستخراج تلك الأموال والمتاجرة فيها وتهريبها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه، قالوا: وما إذلاله لنفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.
وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: إن الله كره لكم ثلاثاً، فذكر منها: إضاعة المال. متفق عليه. ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 67725.
هذا من حيث الأصل ولكن إن كانت هذه الآثار عبارة عن تماثيل لذوات أرواح أو عبارة عن أصنام آلهة لهؤلاء الكفار، فلا يجوز للمسلم المتاجرة في ذلك. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 13941، 7458، 14266.
وعلى هذا إن كانت الآثار التي تقومون بالتنقيب عنها مما يحرم التعامل فيها كأن تكون تماثيل مصورة أو محتوية على شعارات كفرية فيجب عليكم جميعاً التوبة من هذا العمل، ولا قيمة للقطعة المفقودة لأنها ليست بمال في اعتبار الشرع.
أما إن كان للتماثيل قيمة بعد إتلاف رأسها فقد اختلف العلماء في ضمان قيمتها خاليا عن تلك الصنعة المحرمة.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: إن كانت الصورة المحرمة لا تزول إلا بالإتلاف وجب الإتلاف , وذلك لا يتصور إلا نادرا , كالتمثال المجسم المثبت في جدار أو نحوه الذي إذا أزيل من مكانه أو خرق صدره أو بطنه أو قطع رأسه يتلف. وهذا النوع لا يضمن متلفه ; لأن المعصية لا تزول إلا بإتلافه. أما من أتلف الصورة التي يمكن الانتفاع بها على وضع غير محرم , فينبغي أن يضمن ما أتلفه خاليا عن تلك الصنعة المحرمة على الأصل في ضمان المتلفات. وهذا مقتضى مذهب أبي حنيفة , والأصح عند الشافعية وظاهر كلام المالكية. وقياس مذهب الحنابلة: أنه يجوز الإتلاف ولا ضمان لسقوط حرمة الشيء بما فيه من المنفعة باستعماله في المحرم وفي رواية: يضمن. انتهى.
وعليه، فالقطع المذكورة إذا كانت متمولة فإن من أتلفها أو تعدى عليها يضمن قيمتها ولو كانت عليها صور تماثيل عند الجمهور، لكن بما أن المسألة أصبحت محل نزاع ولا ندري هل وقع تقصير أو تفريط منك، فما وقع فيها من خلاف قد لا تفيد فيه الفتوى ولا يرفعه إلا القضاء أو التحكيم الشرعي. وننبهك على أنك كان ينبغي لك أن تفحص قطعة الآثار قبل أخذها من الشركاء لتتيقن من تسلمك لها ولتبعد التهمة عن نفسك وعن شركائك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1429(12/8052)
حكم الزوجة التي أخذت أموال زوجها بغير حق
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء بيان مذاهب العلماء والمخرج الشرعي في هذه المسألة، وهي أن امرأة خدعت زوجها وكذبت عليه على مدار ثلاث سنوات، فكانت تطلب منه قروضا لأهلها ولغيرهم، فائتمنها زوجها على هذه المبالغ الكبيرة، لكي تقوم بتوصيلها للمقترضين، واستمر ذلك على مدار ثلاث سنوات، تقترض للناس من زوجها وزوجها يعطيها كقرض لفلان وفلانة، فلما أعسر الزوج وأراد استرداد ماله تبين له أنها كانت تكذب عليه كل هذه السنوات وأن أحداً لم يقترض شيئًا وأنها أنفقت كل هذا المال على الناس بحجة أنها كانت تنفقه لله تعالى، علما بأن زوجها ليس بالبخيل وأنه لا يتأخر في واجباته تجاه بيته وأهله، فما الحكم في ذلك علما بأن لها ميراثا من أبيها عبارة عن حصة في منزل أهلها، وعلما بأن زوجها الآن معسر محتاج لماله، فأفتونا مأجورين بالمخرج والحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للزوجة حقاً في المأكل والمشرب والملبس والمسكن بالمعروف، فإذا بذله الزوج لها فذلك المطلوب، وإذا لم يبذله كان لها أخذه بالحيلة أخذاً من حديث عائشة رضي الله عنه أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. رواه البخاري ومسلم.
وفيما عدا ذلك لا يجوز لها أخذ شيء من مال زوجها إلا بإذنه؛ لأن أخذها له بغير إذنه يعتبر من باب أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188} ، ومن باب أكل مال امرئ من غير طيب نفسه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. أخرجه الدارقطني وأحمد والبيهقي وغيرهم، وصححه الألباني.
وعليه فإذا كان هذا الزوج قائماً بحق زوجته، فما كانت تفعله هذه المرأة يشتمل على محرمات عديدة:
1- الكذب على زوجها.
2- خداعه بأنها تقرض ماله على أن يرد إليه لاحقاً.
3- خيانة الأمانة حيث ائتمنها على إقراض أشخاص معينين، فأنفقته هي على أشخاص آخرين بحجة أنه إنفاق في سبيل الله، ولم تذكر المسكينة أن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.
4- التعرض لسخط زوجها، وبناء على هذا فإنه يجب عليها أن تتوب إلى الله مما ارتكبت من المعاصي، وأن ترد كل ما أخذت من زوجها إليه ما لم يتنازل لها عن جميعه أو بعضه، وعليها أن تستسمحه لعله يعفو عما ارتكبت بجانبه، فإن لم تفعل وكان لها مال فله أن يأخذ من مالها بقدر ما أخذت منه، ولو بدون علمها، وهذا يعرف عند الفقهاء بمسألة الظفر، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 28871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1429(12/8053)
تضمن قيمة الجهاز الذي أتلفته
[السُّؤَالُ]
ـ[سأقول لك ما حصل معي بالضبط، أنا أعمل في حرفة إصلاح الكهرباء، والمُعَلِّم (رئيسي في العمل) شيخ الصنعة المقاول أرسلني لشراء جرس كهربائي ليركب على باب أحد المنازل، فاشتريته ثم إني عبثت في بعض أجزائه، فأفسدته، ثم ادعيت لمعلمي (الذي أعمل تحت إمرته) أنني اشتريته فاسداً خرباً (فراراً من توبيخه لي وتضمينه إياي) ، فقال: رُدّ هذا الجرس إلى البائع لأنه معيب، وأحضر غيره ففعلت وادعيت (كاذباً) أني اشتريته خرباً، ولا أعلم هل يمكن إصلاحه أم لا، فقبل البائع ارتجاعه، وأعطاني غيره وقال إنه سيرجع بالجرس المردود لعيبه على مندوب المبيعات الذي يوزع منتجات هذا المصنع، فما الحكم فيما صنعت، وماذا يجب علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إنك قد أخطأت في عبثك بمال الغير وفي كذبك، والواجب أن تتوب إلى الله تعالى من جميع ذلك، وتستحل صاحب الحق من حقه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك بما ذكرته قد ارتكبت محظورين هما: عبثك بالجرس حتى أفسدته، وكذبك في الخبر الذي أخبرت به، فأما عبثك بالجرس فإنه من إضاعة المال التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال. متفق عليه.
وإذا انضاف إلى ذلك أن الجرس ملك للغير كان في ذلك إثم آخر، وكنت ضامناً لما ترتب على فعلك، وأما الكذب فلا يخفى ما فيه من الإثم، فالواجب إذاً هو أن تبادر إلى التوبة، ومن تمام ذلك أن تخبر صاحب المحل الذي أعدت إليه الجرس بحقيقة الأمر، فإن سامحك فيه بدون أن يجعل الرزية على الموزع الذي يزوده به فقد برئت ذمتك، وإلا كان من واجبك أن تعطيه قيمة الجرس الذي أتلفته وتطلب أن يسلمها إلى الموزع إن كان قد أعاد إليه الجرس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1429(12/8054)
حكم انفراد شخص بالانتفاع بالمال العام في مصلحته الشخصية
[السُّؤَالُ]
ـ[مجموعة من الأشخاص قاموا ببناء دور لهم على أراضي ليست من حقهم قسم منها قسم ولم يوزع بسبب الاحتلال والقسم الآخر عبارة عن أرض تابعة لمعسكرات الجيش قاموا بالبناء على الأرض وأخذوا البنايات المشيدة والقسم الآخر استولى على قسم من الأراضي وقام ببيعها للمواطنين، فما هو حكم الشرع في هذا وهل يعتبر هذا التصرف اغتصابا للأراضي بدون وجه حق، فأفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قامت به المجموعة المذكورة من الاستيلاء على الأرض التابعة للجيش وقيامهم بالبناء عليها، وأخذهم ما كان مشيداً من البناء، هو عمل محرم، لأن تلك الأرض والبنايات التي عليها تعتبر ملكاً عاماً، ولا يحق لأي شخص أن ينفرد بالانتفاع به في مصلحته الشخصية، ولك أن تراجع في حكم الأخذ من المال العام وفي عقوبة فاعل ذلك الفتوى رقم: 14984.
وأما الأرض التي قلت إنها لم توزع بسبب الاحتلال، فإن كانت السلطة قد احتجزتها أصلاً لغرض معين، أو كانت قريبة من العمران، فإنه لا يجوز الاختصاص بها أيضاً، لأنها تعتبر ملكاً عمومياً كالنوع السابق، وإن كانت بعيدة عن العمران، ولم يتعلق بها شيء من أنواع الاختصاص، فإنها بذلك تعتبر مواتاً، ومن حق أي مواطن سبق إليها أن ينتفع بها، قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى: موات الأرض ما سلم عن الاختصاص ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1428(12/8055)
أحكام فيمن أتلف شيئا
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا وقع مني كأس وتحطم وأخفيته لكي لا تعلم أمي وتصرخ، مع العلم بأنه إن تذكرته وبحثت عنه سأخبرها بما وقع، فهل يعتبر هذا خداعا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً من إخفاء ما ذكرت عن أمك حتى تهدأ إذا كان الإخبار وقت الحادث يثير غضبها وذلك للمصلحة، ولكن عليك أن تخبريها بعد ذلك إذا كان الكأس ملكاً لها، ولم تأذن لك في استعمالها ولم تكوني تخدمين عندها فإن عليك ضمان قيمة الكأس أو مثله سواء وقع الإتلاف منك عمداً أو خطأ، قال الإمام ابن أبي زيد المالكي في الرسالة ممزوجاً بشرحه: ومن استهلك عرضاً أو أتلفه فعليه قيمته أو مثله في الموضع الذي استهلكه فيه أو أتلفه سواء كان عمداً أو خطأ؛ إذ العمد والخطأ في أموال الناس سواء ... وسواء كان بالغاً أو غير بالغ ولو مكرها، وسواء باشر أو تسبب على المشهور لأن الضمان من باب خطاب الوضع.
وأما إن كانت قد أذنت لك في استخدامه أو كنت تخدمين في البيت ... فإنه لا ضمان عليك فيما تلف من غير عمد أو تفريط، قال ابن عاصم المالكي في التحفة:
والأمناء في الذي يلونا * ليسوا لشيء منه يضمنونا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1428(12/8056)
اشترى وزوجته أرضا وسجلها باسمه وأنكر حقها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة هي وزوجها قاما بشراء أرض عن طريق الاقتراض من أحد البنوك وقد أدخلها الزوج كمتضامنة وكفيلة بنفس الوقت وكان البنك يستقطع تقريبا 60% من راتب الزوج وكانت هي تنفق راتبها على البيت بعلم الزوج وموافقته لأن راتبه بعد الاستقطاع لا يكفي علما بأنهم دفعوا مبلغا مقدما للبنك وقد شاركته بالدفع ووضعت كل ما تملك تحت تصرفه،،،، واكتشفت بأنه قام بتسجيل الأرض باسمه فقط بالتسجيل العقاري ومن ثم أخذ القرض الحكومي وبدأ ببناء البيت،، وقبل أن يكتمل البناء،،، قام بتطليقها وتزوج من أخرى وقد طالبته بحصتها بالبيت قال البيت ملكي ولا تملكين منه شيأ،،، علما بأن البنك لا زال يستقطع من الزوج وأنه في حالة عدم قدرته على السداد سيقوم البنك باستقطاع القسط الشهري منها،،، فهل لها الحق بجزء من البيت وهل ما قام به الزوج حلال أم حرام؟ يرجى الإفادة وجزاك الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الصورة على النحو الذي ذكرته، فإن هذا الرجل قد ظلم من كانت زوجة له ظلما صريحا.
وذلك لأنك ذكرت أنهما اشتريا معا الأرض عن طريق الاقتراض من البنك، وأنها كانت تنفق راتبها على البيت في مقابل ما يدفعه هو من أقساط، وأنهما دفعا معا مبلغا مقدما للبنك، وأنها وضعت كل ما تملكه تحت تصرفه ...
فإذا قام هو بعد كل هذا بتسجيل العقار باسمه وحرمانها مما لها من الحق فيه، فليس من شك في أن هذا ظلم كبير.
ولكن مجرد الدعوى لا يمكن أن يثبت بها حكم، ففي الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو يعطى الناس بدعواهم لا دعى رجال دماء قوم وأموالهم، ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر. رواه البيهقي وحسنه النووي في الأربعين وقال: وبعضه في الصحيحين.
فإذا كانت لتلك المرأة بينة تشهد بها على دعواها هذه، أو أقر لها زوجها السابق فهي مستحقة -قطعا- لنصيب في تلك الأرض، ولكن السلطة القضائية هي التي تستطيع تحديد ذلك الحق.
أما إذا كانت دعواها مجردة عن البينة، فإنها لا تملك إلا تحليف الرجل أمام القضاء، وإن نكل عن اليمين حلفت هي واستحقت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1428(12/8057)
حكم إتلاف بيض الحمام للضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ / سبق وأن كتبت إليكم سؤالا منذ حوالي أسبوعين أو أكثر ولكن حتى الآن لم تجيبوني عليه, وهو أنني أعاني من أسراب كثيرة من الحمام وما تسببه لي من مشاكل كثيرة من فضلاتها, وسبق أن أجزتم لي قتل الحمام وأ ن الذبح أحسن في ذلك , ولكن لا أستطيع أن أصل إلى الحمام وأمسك به حتى أحسن الذبح, والآن سؤالي هو هل هناك مانع شرعي من إتلاف بيض الحمام للحد من كثرة هذه الأسراب , رجائي يا فضيلة الشيخ أن لا تتجاهلوا السؤال حتى وإن صغر, أفيدوني في ذلك يرحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمام أمة من الأمم التي خلقها الله كغيرها من أمم الحيوانات التي هي موجودة على وجه هذه الأرض، قال الله تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ {الأنعام: 38} . ولا يجوز الاعتداء عليها أو على بيضها إلا لجلب مصلحة راجحة، أو دفع مفسدة لا يمكن دفعها إلا به.
وإتلاف بيض الحمام هو من الإفساد في الأرض وإهلاك النسل اللذين وردت مذمة الساعين فيهما في كتاب الله العزيز. قال الله عز وجل: وَلَا تَبْغِ الفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُفْسِدِينَ {القصص:77} . وقال الله تعالى: وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الفَسَادَ {البقرة:205} .
ومع هذا فجميع ما في هذا الكون مسخر للإنسان كي ينتفع به، قال الله تعالى: وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الجاثية:13}
فإذا كان في بعض هذه المسخرات إضرار محقق بالإنسان فلا حرج عليه في رفع الضرر عنه بالوجه الذي يليق.
وعليه، فلا نرى مانعا من إتلاف بيض الحمام المذكور إذا كان ذلك هو الوسيلة الوحيدة للتخلص من ضرره المحقق والذي يعسر احتماله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1427(12/8058)
حكم استيفاء الحق من الأموال المخصصة لليتامى
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل ومنذ حوالي سبعة سنوات في مؤسسة المفروض أنها خيرية إلاّ أنها يسيرها عصابة من اللصوص والذين لا يتوانون عن إيقاع الظلم بمن يعملون لديهم ويأكلون الحقوق ومال الأيتام والمحتاجين بحيث يستخدمون مخصصات الأيتام الآتية من إحدى الجهات خارج البلاد في سداد دين لأحد المقاولين الذين يقومون ببناء أحد مشاريعهم الفاشلة والتي لم يوفقوا في أي منها أو في سداد غيرها من الديون المتراكمة عليهم وحال المؤسسة يسير من سيء إلى أسوأ حتى أن الموظفين يتم إعطاؤهم رواتبهم من مال الأيتام والأسر المحتاجة، منذ مدة وأنا أفكر جدياً في ترك العمل لديهم بعد أن ألحقوا بي ظلماً صريحاً ويشهد الله على أنني مخلصة في عملي وبقيت مخلصة فيه حتى بعد أن أوقعوا ظلمهم في ودافعي لذلك هو مخافة خالقي الذي سيحاسبني على كل ما أعمل، مؤخراً طلبت منهم سلفة على أتعابي تمهيداً لترك العمل لديهم ولأستغل المال في تجهيز مشروع صغير خاص بي ولكن للأسف المال المتوفر لديهم فقط هو مخصصات الأيتام والتي تأتي من عدة جهات خارج البلاد فكما ذكرت سابقاً لديهم عدة مشاريع ولكن كلها فاشلة ولا تدر أية أرباح بل بالعكس جميعها واقعة تحت طائلة الدين لانعدام التقوى لديهم وغياب التفكير والتخطيط السليم لعدم توفيق الله لهم.
وسؤالي هو هل يجوز أن آخذ سلفة على أتعابي من مال الأيتام كونه الشيء الوحيد المتوفر أم ماذا أفعل مع العلم أن نفسي ترفض أي فلس حرام وأسأل الله أن يجعل كل ما يرزقني به حلالاً خالصاً والمشكلة أنني أريد ترك العمل حال تجهيز المشروع الخاص بي كوني كرهت العمل لديهم ولأنني أريد أن أنسى أموراً كثيرة حدثت لي أثناء العمل في هذه المؤسسة تعذبني ليلاً نهاراً ولن يتسنى لي أن أنساها إلاّ إذا ابتعدت عن المكان.
وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القائمين على هذه المؤسسة ومثيلاتها وكلاء عن المتبرعين بهذه الأموال التي تبرعوا بها للأيتام والفقراء، فالتصرف فيها على خلاف ما هو متفق عليه مع الجهة المتبرعة خيانة عظيمة تستوجب التوبة إلى الله عز وجل مع ضمان هذه الأموال, فعلى القائمين على أمر هذه المؤسسة أن يتقوا الله عز وجل, وأن لا يتخوضوا في الأموال التي تحت أيديهم بالباطل، فإنهم مسؤولون عنها أمام الله عز وجل. قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء: 58} وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27}
وإذا تقرر هذا.. فإنه لا يصلح أن نأمر أولئك بأن يتقوا الله في أموال الأيتام التي تحت أيديهم, ونأذن لك في استيفاء حقك من هذه الأموال التي لا يملك هؤلاء التصرف فيها إلا على الوجه المشروع الذي أعدت له، وأخذك لهذا المال عوضا عن حقك حرام شرعا لأنه اعتداء على مال الغير بدون وجه حق.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية..
فمن علمت أنه سرق مالا أو خانه في أمانة أو غصبه فأخذه من المغصوب قهرا بغير حق لم يجز لي أن آخذه لا بطريق الهبة ولا بطريق المعاوضة ولا وفاء عن أجرة ولا ثمن مبيع ولا وفاء عن قرض، فإن هذا عين مال ذلك المظلوم. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1427(12/8059)
صريح الإسقاط يستوي فيه العلم والجهل
[السُّؤَالُ]
ـ[موضوعي هو أني حصل لي خلال الأيام الماضية حادث بسيط ناتج عن انحراف سيارة باتجاهي الأمر الذي جعلني أبتعد عنها إلا أنني اصطدمت بسيارة متوقفة على جانب الطريق نتج عن ذلك تقدم السيارة عن مكانها بضعة أمتار دون ضرر بهيكل السيارة كون التصادم كان بالصدام للصدام المصنوعين من الربل الأسود كليهما حيث يمتصان الصدمات وعند تفاهمي مع صاحب السياره العربي الجنسية اتفقت معه على أنه في حال كان هناك ضرر داخلي للسياره ناتج عن الحادث فإنه علي إصلاحه برضا تام من قبلي وذلك لأن الهيكل الخارجي لم يتأذ بشهادة من حضر وللتأكد من حسن نيتي أعطيت صاحب السيارة رقم جوالي. وبعد ثلاثة أيام تقريبا أتصل بي صاحب السيارة يخبرني أنه لا توجد ولله الحمد أي مشاكل داخلية للسيارة. إلا أن الصدام الأسود الخلفي المصدوم به أثر لا يمكن إزالته وطالبني بإبداله بصدام جديد بتكلفة 250 ريال حسب أول كلام له. وهو ما لم نتفق عليه حيث إننا اتفقنا على الأضرار الداخليه لكونه لا توجد أضرار خارجيه كما شاهدنا في لحظتها. فأخبرته أني سأفكر في الموضوع وبعد ثلاثة أيام اتصل ليعرف رأيي فأخبرته أني غير موافق لكون الأمر مبالغ فيه وبه نوع من النصب والاستغلال وخلال الحديث أخبرني أن التكلفه هي 230 ريال وهي خلاف الكلام الأول وعند رفضي كذلك عصب وقال إنه نادم على أنه لم يستدع المرور لحظتها وأن موضوع 200 ريال؟!؟ ((اختلف المبلغ)) سيضعه في ذمتي وأغلق خط الهاتف، ومن لحظتها وأنا خائف مع يقيني بأني لم أظلمه كوننا اتفقنا على الموضوع وهو إصلاح المشاكل الداخلية في السيارة وهو ما لم يوجد ولله الحمد، وأن هيكل السيارة أو صدامها لم يتأذ لحظتها. والله يشهد على حسن نيتي. فأرجو من سعادتكم مساعدتي وإبداء الرأي والنصح لي في هذا الموضوع. ويعلم الله لو أني في سعة من المال لأرحت نفسي ودفعت لصاحب السيارة ما يريد مع شكي بالموضوع إلا أني مقسم لمصاريفي حسب دخلي ولله الحمد؟
ولكم كل شكري.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أتلفه الإنسان من أموال الناس، سواء كان عن عمد أو خطإ فإنه يجب عليه رد قيمته أو مثله، لأن العمد والخطأ في أموال الناس سواء. ولكن صاحب الحق إذا أسقط حقه بعد وجوبه له فإنه يسقط ولو لم يكن يعلم بأن الحق قد وجب له.
يقول الكاساني في بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع في باب الشفعة: أما الأول فنحو أن يقول الشفيع: أبطلت الشفعة أو أسقطتها ... سواء علم الشفيع بالبيع أو لم يعلم بعد أن كان بعد البيع; لأن هذا إسقاط الحق صريحا، وصريح الإسقاط يستوي فيه العلم والجهل.
وفي المبسوط للسرخسي: وإذا سلم الشفيع الشفعة للمشتري, وهو لا يعلم بالشراء, فهو تسليم, وإن صدقه المشتري أنه لم يعلم; لأنه صرح بإسقاط حقه بعد الوجوب وعلمه بحقه ليس بشرط في صحة الإسقاط باللفظ الموضوع له.
وعليه، فإذا كنتما قد اتفقتما على أنه في حال ما إذا كان ثمت ضرر داخلي في السيارة ناتج عن الحادث فان عليك إصلاحه، وأنه لا يطالبك بإصلاح ما كان خارجيا، فهذا الاتفاق يعتبر إسقاطا منه لحقه في إصلاح الأعطاب الخارجية.
وإن كان الاتفاق خاصا بالأعطاب الداخلية، وأما ما كان خارجيا فلم يتناوله، وهو لم يسقطه عنك، فإنك تكون ملزما به، لأن الأصل أنك مطالب بإصلاح ما وقع بسببك من إتلاف لمال الغير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1427(12/8060)
لا بأس بالانتفاع بالأشياء النافعة التي ترمى بالقمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: أنا عامل في إحدى معامل فرز المرجعات من الكتب، يجد زملائي بعض الأشياء تأتي خطأ من ملابس وأثاث، يتقاسمونها خفية لأن مدير المعمل إذا رآها يرميها في المزبلة، وسمعت أن المشرفين يأخذونها أو بعضها ويتقاسمونها، فهل يجوز لي أن آخذ منها، بعض الكتب ترمى في المزبلة مباشرة لكن يمنعونا الأخذ منها، فهل يجوز لي أن آخذ منها؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن الكتب إذا كان فيها شيء من أسماء الله تعالى أو نصوص الوحي من القرآن والسنة، ولو كتبت بحروف لاتينية أو غيرها، فإنه لا يجوز رميها في القمامة أو الأماكن القذرة، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 52389.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن رمي الأثاث في المزبلة محرم إذا كان هنالك وجه للانتفاع به، لأن ذلك من الإسراف والتبذير، والله سبحانه وتعالى يقول: وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ {الأعراف:31} ، ويقول تعالى: وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا* إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا {الإسراء:26-27} .
وإذا أمر مدير المعمل بإلقاء أثاث أو كتب في المزبلة، فإنه يجوز لمن أخذه ليرميه فيها أن يذهب به حيث شاء ويقدمه للمحتاجين أو يستعمله هو، لأن أمر المدير بإلقائه في المزبلة يفيد الأمر بإخراجه عن المحل، وأنه هو لا يريد الانتفاع به، ولا شك أن الانتفاع به أو إعطاءه للمحتاجين أولى من إضاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(12/8061)
لا حرج في الحيلة لاسترداد الحق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صانع تقليدي تعرفت على تاجر وتعاملت معه سنوات طويلة جدا ربحت منه وربح من صناعتي حتى كسب ثقتي التامة فصرت أسلمه السلع بدون أن آخذ منه الإثباتات اللازمة المتعارف عليها لسابق ثقة كنت أوليها له
انقضت سنوات كثيرة دون أن يدفع ما عليه من دين علما بأن الرجل قد باع تلك المصنوعات وربح جيدا من خلالها وكان لمصنوعاتي (بعد الله تعالى طبعا) الفضل في شهرة اسمه وتطور متجره الذي تحول من حانوت عادي إلى متجر راق مؤلف من أربع طبقات.
تأخرت أموري المادية مؤخرا كثيرا مما اضطرني للإلحاح عليه بالمطالبة والسؤال دون جدوى قائلا إذا كان عندك أي إثبات لما لك من دين فقدمه للقضاء.
أوكلت أمري لله تعالى ولم أتصل به بعد ذلك
قدم إلي مؤخرا ليقدم لي عرضا مفاده أن يسدد لي مبلغا لا يتجاوز الخمسة في المائة مما بقي في ذمته نظرا لوضعي المادي الذي صرت إليه وكأنه يعرض علي نوعا من الصدقة وطلب مني أن أسامحه بالبقية أمام الله وأمام الناس.
عندما رفضت عرضه خرج غاضبا ونسي في محلي
ظرفا بريديا كان قد سقط تحت المنضدة أثناء تواجده عندي، وعندما وجدته في الغد وجدت فيه أوراقا باسم محله أوراقا فارغة مختومة وممضية يبدو أنه كان قد أعدها لصفقة ما مع شركات أخرى.
سيدي الكريم سؤالي هو التالي:
هل يجوز لي شرعا أن أستعمل هذه الوثائق لبيان حقي الضائع فيها وتقديمها كإثباتات للقضاء.
شكرا لكم على كل الأحوال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لك أن تستخدم الأوراق التي وجدتها للحصول على حقك الثابت في ذمة الرجل المذكور بشرط أن لا تتجاوز القدر الثابت لك، وهذا معروف عند العلماء بالظفر بالحق، وراجع في هذا الفتويين رقم: 57897، 58714.
ولا يعد إثبات الدين في الأوراق المذكورة من الكذب المحرم بل هو كذب مباح لأنه يتوصل به لغرض محمود، وهو حصول صاحب الحق على حقه الذي هو في حكم المغصوب، وقد بينا ذلك في الفتويين التاليتين: 25629، 35822.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 61823.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1426(12/8062)
لا يجوز أخذ المال قبل تحقق الظلم
[السُّؤَالُ]
ـ[سافرت إلى إحدى الدول العربية عن طريق أحد الأشخاص على أن أعطيه مبلغا معينا وبعد أن سافرت خلف وعده معي وطالبني بمبلغ اكبر مما اتفقنا عليه وهو يهددني إن لم أدفع له ما يطلبه، فهل يجوز لي أن أسرق هذا المال الزائد عما اتفقنا عليه منه دون علمه على أن أعطيه إياه كي أتجنب شره علما بأن ظروفي صعبة وأنا في موقف صعب جدا حيث إننى أنفقت مبالغ كبيرة، أرجوكم ساعدوني بالفتوى فهو رجل ظالم وأنا لم أسرق من قبل ولن أضع أي مبلغ حرام في جيبي مهما حدث أرجوكم ساعدوني ليس هناك حل آخر سوى ذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن ما يفعله بعض الناس من بيع التأشيرات لا يجوز، لأن التأشيرة عبارة عن كفالة والكفالة عقد تبرع وليست من عقود المعاوضة.
وإذا كان مستخرج التأشيرة يحتاج في استخراجها إلى نفقات أو تعب وسفر فله أن يأخذ عنها قدر ما أنفق عليها مع أجرة مثله على ما قام به من عمل إن كان ثم عمل، وراجع لتفصيل ذلك الفتوى رقم: 46427.
وعليه، فإذا كان هذا الرجل يطلب منك ما يجوز له أخذه وهو قدر ما أنفق مع أجرة مثله فيلزمك أن تعطيه إلا إذا كنت قد اتفقت معه على مبلغ معين فلا يلزمك إلا ما اتفقت عليه، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني.
وأما إذا كان يطلب منك أكثر مما يجوز له أخذه فلا يلزمك أن تعطيه ولك أن تلجأ إلى القضاء أو إلى أي قادر يستطيع منعه من ظلمك، فإن عجزت عن ذلك فلك أن تدفع له ما زاد عن حقه ثم تأخذه منه بدون علمه، وهذا ما يعرف عند العلماء بمسألة الظفر، وقد بينا مذاهب أهل العلم فيها وما ذكروه لها من شروط في الفتوى رقم: 28871، ومنها تعلم أنه لا يجوز لك الإقدام على سرقة ماله قبل أن يثبت حقك في ذمته، وذلك لأنه من الممكن أن لا يأخذ منك لحدوث مانع من الموانع، وراجع الفتوى رقم: 32134.
وأما ما ذكرت من التهديد فلا يؤثر في هذا، ولو فرض أن هذا التهديد إكراه معتبر شرعا. قال الدسوقي في حاشية الشرح الكبير: وأما الإقدام على السرقة أو على الغصب فلا ينفع فيه الإكراه ولو بخوف القتل كما صرح به ابن رشد وحكى عليه الإجماع وكذا صرح به في معين الحكام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1426(12/8063)
تبرأ الذمة برد الحق إلى صاحبه بأي وسيلة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أرسلت لكم في سؤال سابق أنني قد حصلت بدون وجه حق على بعض الأموال من صاحب العمل منذ سنوات بعيدة جدا وأنني من الصعب الآن أن اذهب إليه وأعيدها إليه وسألت فضيلتكم هل يمكن أن أتصدق بهذا المبلغ باسم صاحب العمل ولكن فضيلتكم ذكرتم أنه بالحيلة يمكن أن أرجع الأموال إلى صاحب العمل وبالفعل عندما رجعت الى بلدي قمت بوضع المبلغ في ظرف بدون أن أكتب عليه أي شيء ثم طلبت من شخص أن يأخذ هذا الظرف ويقوم بإعطائه إلى صاحب العمل وقد تم ذلك بالفعل فهل بذلك أكون قد أخليت ذمتي على الرغم من أن صاحب العمل لن يعرف نهائيا من الشخص الذي أرسل الأموال له.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا وصل هذا المال إلى صاحبه وكان بالقدر الذي له عليك فقد برئت ذمتك بذلك، ولا يضر عدم معرفته بالشخص الذي أرسل إليه هذا المال، وعليك بالتوبة إلى الله وعدم العودة إلى ذلك مرة أخرى، وراجع الفتوى رقم: 23322.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1426(12/8064)
حكم الصلاة في مسجد بني بأموال مسروقة من الدولة وعلى أرضها بدون إذن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا جار لجامع بني من أموال الدولة المسروقة حيث قام بعض الناس بجمع المواد المسروقة والتابعة للدولة ثم بيعها وبني الجامع من هذه الأموال إلا أنها لم تكف فتبرع الناس بالباقي واكتمل بناء الجامع علما أن أرض الجامع التي بني عليها الجامع كانت تابعة للدولة وتم البناء بدون موافقاتهم أفتوني حيث إن المنطقة محتاجة إلى هذا الجامع وما هو حكم الصلاة فيه؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان على من جمع المواد المسروقة من الدولة أن يردها إليها، لأنها ممتلكات عامة ترجع لبيت المال ولا يحق للأفراد التصرف فيها إلا بإذن المسؤولين وولاة الأمر.
وكذلك الأمر بالنسبة لقطعة الأرض التي بني عليها المسجد، فإنها ملك عام يجري عليها ما يجري على بيت المال.
وما فعل هؤلاء من التصرف في الممتلكات العامة يعتبر افتياتا على المسؤولين، وما دام هذا الجامع قد تم بناؤه من المال العام وعلى أرض عامة، والناس يحتاجون إليه فلا بأس بالصلاة فيه إن شاء الله تعالى لأن من مصارف المال العام بناء المساجد.
وكان الأولى بهؤلاء لما رأوا حاجة المنطقة إلى المسجد أن يسعوا لإيجاد الأرض والمال بطرق مشروعة حتى يكون عملهم محموداً كله يثابون عليه.
وعلى كل، فإن الصلاة في هذا الجامع صحيحة إن شاء الله تعالى، وأما الصلاة في الأرض المغصوبة وما بني بالحرام المحض، فقد سبقت الإجابة عليها في الفتويين: 60150، 17161.
نرجو الاطلاع عليها وعلى ما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1426(12/8065)
الأجير مؤتمن فلا ضمان عليه إذا أتلف شيئا دون تفريط منه
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تفيدوني في سؤالي أفادكم الله
أنا عندما كنت في الثامنة عشر من عمري كنت جاهلة بكثير من الأمور وفي سن من الطيش والجهل وقسوة القلب، ففي مرة من المرات اشتريت قميصاً على ما أذكر أنه كان ثمنه 20 ديناراً وفي يوم وقبل أن ألبس هذا القميص ولا حتى لمرة واحدة أخذت الخادمة السيريلانكية القميص لكي تكويه فحرقته فغضبت منها كثيراً وقسوت عليها بالكلام فقامت هي بتصليح الموقف لكي ترضيني فأعطتني من راتبها الذي تتقاضاه منا 100 دولار فمن شدة غضبي منها أخذت النقود مع العلم بأنها أكثر من قيمة القميص لكي تتعلم ولم أرجعها لها وعندما اشتكتني لأهلي أنكرت عليها المبلغ الذي أعطتني إياه وبعدها تركت بيتنا ولم أعطها بعد ذلك مالها لأنني كنت موظفة ولم أستطع دفع المبلغ لها وبعدها خرجت من عندنا بعد نهاية خدمتها ولم أرها منذ ذلك الوقت وها أنا اليوم أبلغ من العمر 28 سنة واهتديت إلى الله بعد كل المعاصي والذنوب التي كنت أرتكبها والحمد لله ولكنني لا أدين لأحد بمال وليس لأحد حق عندي ما عدا هذه الخادمة التي لا أستطيع أن أنسى أن لها مالاً معلقاً برقبتي ولن أراها ثانية فكيف أكفر عن ذنبي هذا بأي طريقة أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخادمة تعمل عند من تخدمهم تحت أحكام عقد الإجارة، والأجير مؤتمن ما لم يتعد أو يفرط، فإذا أتلف شيئاً دون تفريط فلا ضمان عليه، وإذا فرط حال قيامه بمهنته ضمن ما أتلفه.
وبناء على هذا، فإنه يحق لك أخذ قيمة القميص منها إذا ثبت أنها أهملت عند كيها إهمالاً أدى إلى تلفه، أما إذا كان تلف القميص لسبب خارج عنها كالعطب الذي يحصل لآلة الكي أحياناً، فلا يجوز لك أخذ قيمته منها، والقول قولها فيما يدعى عليها من المتلفات، لأنها مؤتمنة.
والواجب عليك الآن هو التوبة إلى الله تعالى مما حصل منك لأخذك مال الغير دون طيب نفس منه، ودون استحقاق له، وذلك حاصل منك على كل الأحوال، سواء قلنا أنها تضمن أو لا تضمن، لأنك أخذت مالاً زائداً على قيمة القميص المتلف.
فإذا كان تلف القميص قد حصل بتعديها أو تفريطها أخذت قيمة القميص ورددت الزائد، وإن كان تلفه لسبب خارج عنها وجب عليك رد جميع المال، فإن تعذر عليك الوصول إليها أو إيصال المال لها، تصدقت به عنها، فإذا أمكنك الوصول إليها بعد ذلك خيرتها بين إمضاء الصدقة، أو رد مالها إليها، ويكون ثواب الصدقة لك.
وراجعي الفتوى رقم: 32069 والفتوى رقم: 40782 والفتوى رقم: 10710.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1426(12/8066)
حكم بيع المال المصادر أو إتلافه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في أحد المعاهد العسكرية بالمملكة السعودية ومن ضمن التعليمات العسكرية منع الطلبه من استخدام الهاتف المحمول (الجوال) داخل المعهد ومن وجد معه الجوال فإنه يؤخذ منه ويتلف، السؤال: هل يجوز بيع هذه الجوالات والاستفاده من قيمتها في الصندوق الخيري والذي يقوم على إعانة المحتاجين بالمعهد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب على الطلبة الدارسين في هذه المعاهد الالتزام بالشروط المرعية والأوامر التي تصدر من جهة القيادة في غير معصية الله تعالى.
وأما معاقبة الطالب الذي يخالف الشرط المذكور بأخذ جهازه وإتلافه ففيه تفصيل، فالمعاقبة في المال محل خلاف عند أهل العلم وأكثرهم على المنع، وقد تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 34484.
وعلى القول بجواز المعاقبة في المال فإن إتلاف هذه الأجهزة من قبل القيادة لا يجوز لأنه إضاعة للمال، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، وعليه؛ فخير ما يفعل بهذه الأجهزة المصادرة هو بيعها ووضع قيمتها في صندوق المحتاجين.
وهنا يطرح سؤال ما حكم شراء هذه الأجهزة المصادرة ممن صادرها؟ والجواب أنه يجوز شراؤها، لأن لهم تأويلاً سائغاً في هذه المصادرة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: من اعتقد أن لولاة الأمر فيما فعلوه تأويلاً سائغاً جاز أن يشتري ما قبضوه، وإن كان هو لا يجيز ما فعلوه ... مثل أن يصادر بعض العمال مصادرة يعتقد جوازها ... انتهى.
وأجاب في مسألة قريبه من هذا: فقال: وعلى كلا التقديرين فبيعه (المال المصادر) خير لصاحبه وللمسلمين من أن يترك فيفسد ولا ينتفع به أحد. وهكذا نقول: إن بيع هذه الأجهزة وصرف ثمنها للمحتاجين خير من إتلافها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1426(12/8067)
تعامل المرء مع من سلب منه داره
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف كيف أعامل جاري وهو سالب مني بيتي بالقوه أي مكنته الدولة منه \"البيت لساكنه\" وهو عارف وقال لي إنه بيتي وقد أعطتني إياه الدولة ولا يحق لك أن تطالب به، فالرجاء إرشادي كيف أعامل من سلب مني مالي هل أقتله أو يقتلني، وإن فعلت فكيف حكمه وحكمي عند الخالق؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 63410.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1426(12/8068)
حكم ما تلف في يد المستأجر
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت لدي سيارة أجرتها لشركة وبعد انتهاء مدة الإيجار قامت الشركة بإرجاع السيارة بعد أن كشفت على السيارة وغيرت اللازم تغييره، وبعد استلامي السيارة وجت طرفا ناقصا ولكنه لايوجد بالسوق ولكن ثمنه في المستعمل وليس جديدا يساوي أربعين دينار؟ فهل يجوز لي أخذ المبلغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جواز أخذ قيمة هذه القطعة يختلف باختلاف سبب إتلافها أو ضياعها، فإن كانت الشركة المستأجرة للسيارة تعدت المعتاد من الاستخدام أو فرطت في الأخذ بأسباب السلامة أو الحفظ مما نشأ عنه تلف هذا الجزء أوفقده. فيلزمها مثل ما أتلفت إن كان مثليا، أوقيمته إن لم يكن مثلياً، جاء في المغني: والعين المستأجرة أمانة في يد المستأجر إن تلفت بغير تفريط لم يضمنها.
وحيث حكمنا بالتفريط أو التعدي فإنه ينظر في هذه القطعة كم قيمتها على حالتها الراهنة؟ ثم يستحق صاحب السيارة مثل هذه القيمة، فإذا كانت قيمة المستعمل منها أقل من قيمتها التي قدرت بها فتدفع الشركة الفارق، وان كانت أكثر رد صاحب السيارة الزيادة للشركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1426(12/8069)
من أتلف شيئا عمدا أو خطأ لزمه تعويض صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا وضعت نظاراتي فوق طاولة وجاء أحد الإخوة فجلس فوق الطاولة وكسر النظارات، فهل لي أن أطالبه بتعويضي وما هو الضابط الشرعي في مثل هذه المسائل؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حقك أن تطالب من أتلف نظارتك أو شيئاً من مالك بالتعويض سواء وقع الإتلاف عمدا أو خطأ؛فالعمد والخطأ في إتلاف أموال الناس سواء كما هو مقرر عند أهل العلم إلا أن تسامح وتعفو فذلك أقرب للتقوى، قال الإمام ابن أبي زيد المالكي في الرسالة ممزوجا بالشرح: ومن استهلك عرضا أو أتلفه فعليه قيمته أو مثله في الموضع الذي استهلكه فيه أو أتلفه سواء كان عمدا أو خطأ إذ العمد والخطأ في أموال الناس سواء ... وسواء كان بالغا أو غير بالغ وسواء باشر أو تسبب على المشهور.
فالضابط الشرعي أن من أتلف شيئاً أو استهلكه أو أخذه لزمته قيمته أو مثله، وقد وردت الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة، قال الله تعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40} ، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 9215.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1425(12/8070)
المالك أو المسؤول المفوض هو الذي يطالب بالحق أو يتسامح فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل فترة سألتكم وأجبتم علينا جزاكم الله خيرا وكان السؤال هو: لدي قريبة حدث لها أمر وتريد فيه الفتوى كسرت ابنتها زجاج إحدى المراكز التجارية وتشاجر زوجها مع العمال الذين يوجدون في المراكز لمساعدة الزبون وهي تسأل هل يجب عليها دفع قيمة الزجاج لذلك المركز؟ مع العلم بأن العامل لم يقل لهم ادفعوا شيئا وجزاكم الله خيراً.
والآن قريبتي تريد أن تعلمكم بما سوف تقوم به وهي تريد رأيكم في تصرفها هي تريد أن تذهب للمسؤل عن المحل وتساله هل يريد غرامة أم يسامحها في المبلغ علما بأن المسؤل ليس صاحب المحل الأصلي وطبعا صاحب المحل صعب الوصول إليه لأن المراكز التجارية أصحابها كثيرا ما يكونون أجانب.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب هو التأكد من موقف صاحب المركز أو من ينوب عنه، حيال ضمان الزجاج الذي كسرته البنت، وذلك لأن العمال لا شأن لهم بالسماح أو عدم السماح فيما تم إتلافه، وإنما يرجع في ذلك إلى المالك أو من ينوب عنه، وإتلاف البنت للزجاج يلزمها ضمانه من مالها، سواء كانت مكلفة بالغة عاقلة، أم كانت غير مكلفة، لما بيناه في الفتوى رقم: 22646.
وما تعزم عليه المرأة أم البنت المتلفة للزجاج، لا يكفي للبراءة مما أتلفته البنت، بل الذي تفيد مسامحته هو المالك وليس المسؤول، إلا إذا كان ذلك المسؤول مفوضاً في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1425(12/8071)
من أتلف شيئا بسبب تعديه فإنه يضمن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل سائق شحن وأنا أتعب في عملي كثيراً طلبت من صاحب العمل مساعداً لي لكن صاحب العمل رفض طلبي وأنا أنظر هذا ظلم لي اليوم كان عملي شاقا كثيرا انزعجت من طلبات صاحب العمل حملت الموبايل ورميته على زجاج الشحن وانكسر زجاج الشحن وأنا لا أعرف ماذا أقول لصاحب العمل لكن لم يكن قصدي كسره أنا أفكر في أن أكذب على صاحب العمل أقول له لا أعرف كيف انكسر هذا الزجاج هل هذا حرام وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن العامل أو الأجير أمين على أموال مستأجره ومسؤول عنها أمام الله تعالى، وإذا أتلف العامل شيئاً مما تحت يده بسبب تعديه وتفريطه في حفظ ذلك، فإنه يضمن ما أتلف، جاء عن ابن مسعود أنه قال: الأجير مضمون له أجره ضامن لما استودع. ا. هـ
والذي يظهر أن العامل صاحب السؤال وإن كان لم يقصد كسر ذلك الشيء إلا أنه تعدى فلزمه الضمان، ولا يجوز له الكذب على صاحب العمل، وهو بذلك يجمع خيانة وكذباً وأكلاً لمال غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(12/8072)
لست سببا في فعل طفلك
[السُّؤَالُ]
ـ[ابني الصغير الذي يبلغ عامه الرابع قام بدعس قطة صغيرة فماتت، مع العلم بأن معه الشغالة ولم أكن معه، وأنا أحس بالذنب، ولا أدري ماذا أفعل، هل أتصدق؟ أفيدونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإحساسك بالذنب هنا في غير محله، لأنك لست سبباً في فعل طفلك، ولا تلزمك الصدقة، لكن إن كانت القطة ملكاً للغير دفعت له قيمتها، وانظر حكم ما أتلفه الصبي في الفتوى رقم: 17624
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1424(12/8073)
توبة من صدم سيارة آخر وهرب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: فأنا يا شيخ قبل 6 سنوات كان عمري 18سنة، المهم أني صدمت سيارة وهي واقفة، ولم أر أحدا، فوسوس الشيطان لي فهربت، وتكرر هذا الشي بعد 3 سنوات، أي مرتين، فكيف أتوب من ذلك؟ أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإنه لا إثم عليك إن شاء الله في ذلك التصادم مادمت غير متعمد له، لكن إن حدث بسببه ضرر، وجب عليك أن تعوض أصحاب تلك السيارة عمَّا أصابها من تلف. ويرجع في تحديد ذلك إلى أهل الخبرة والاختصاص في ذلك الشأن، ولتستسمحهم عن التأخير، فإن كنت تعلم أهلها فالأمر واضح، وإن كان غير ذلك، ولا يمكنك التعرف على أصحاب السيارات، فادفع قيمة ذلك إلى الفقراء والمساكين بنية التصدق عنهم، وانظر الفتوى رقم:، 25799، والفتوى رقم: 71774. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(12/8074)
يجب تعويض المتلف
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أتلف شخص شيئا بدون قصد وقام بتعويض المتضرر فهل يقع على الطرفين ذنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا إثم على من أتلف شيئًا لآخر بدون قصد باتفاق العلماء، ويجب عليه أن يعوض صاحب الحق قيمة ما أتلف له إن كان مقومًا، ومثله إن كان مثليًّا، والمثلي ما حصره كيل أو وزن أو عدد، والمقوم ما ليس كذلك.
ويجوز لصاحب الحق أخذ البدل المدفوع له مثليًّا كان أو مقومًا لا خلاف في هذا نعلمه، والعلم عند الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1423(12/8075)
يجب تعويض ثمن المتلف وطلب المسامحة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت بكسر زجاج سيارة جارنا بدون قصد مني أنا أعرفه وأستطيع رد المبلغ عليه "ثمن الزجاج" وقد كسرت أيضا زجاج ضيف عند جار لنا ولكن ليس لنا علاقة معه وأنا لا أعرفه وبدأت أحس بذنبي وقد سمعت جارنا يدعو على من كسر هذا الزجاج فهل إذا استجيبت دعوته ورددت له ثمن الزجاج هل تذهب عني هذه الدعوة؟ أرجو إفادتي بالتفصيل عن كل ما يلزمني وإرسالها لي بالبريد ولكم الشكر....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التشريع الإسلامي اهتم بالجار أشد الاهتمام، فقد ثبت في الصحيحين عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه. فالذي ينبغي هو الإحسان إليه، وعدم الإساءة إليه، فلا شك أنك ارتكبت في حقه إثماً عظيماً.
فيجب عليك تعويضه عن ثمن هذا الزجاج، وطلب العفو والمسامحة منه، والدعاء له بظهر الغيب، لعله إذا عفا عنك ورضي أن يرضى الله عنك فيرفع عنك ما أصابك بسبب دعائه عليك.
وكذلك الأمر فيما يتعلق بكسر زجاج سيارة الضيف الذي جاء عند جارك، والسبيل إليه وإن كنت لا تعرفه هو جاركم لأنه لاشك أنه يعرفه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1423(12/8076)
حكم ما أتلفه الصبي من مال غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما كنت صغيرا استعرت من أحد الأصدقاء لعبة ولكني لم أقم بإرجاعها إهمالا مني مع العلم بأني أخجل من تذكير ذلك الشحص بهذا الموضوع لأنه قد يعتبره موضوعا تافها مما قد يسبب لي الإحراج، ولكني أدرك أن الإنسان يوم القيامة يحاسب على ما استعاره ولم يرجعه مهما كان صغيرا، لذلك فقد قمت بإخراج مبلغ من المال يساوي أكثر من قيمة تلك اللعبة التي أضعتها واشتريت بها أشرطة للقرآن الكريم وأعطيتها لأحد الأشخاص والذي قال لي إنه سيقدمها لأحد المراكز الإسلامية، فماهو الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما أتلفه الصبي من مال غيره يلزم ولي أمره رده إلى أهله إذا كان هذا الشيء موجوداً بذاته، أو تعويضه إذا لم يكن موجودا، لأن ولي الصبي هو المكلف، ولكن التعويض الناشئ عن إتلاف الصبي لمال غيره يكون من مال الصبي نفسه إذا كان له مال.
فإذا لم يقم الولي بما عليه من إعطاء ذلك الغير حقة فإنه لا يسقط عن الصبي، فإذا بلغ وجب عليه أن يرد الحق إلى أهله.
لذا، فنقول للسائل: يجب عليك أن ترد مثل اللعبة أو قيمتها لصاحبها أو تطلب منه المسامحة فيها. ولا يمنعك تفاهتها ولا الحياء منه من التخلص مما في ذمتك للغير. وإذا كنت تخاف عاراً يلحقك من إثارة الموضوع فيمكنك أن تحتال لرد المبلغ له ولو لم يعلم أنه قيمة اللعبة القديمة.
أما التصرف بقيمتها أو شراء أشرطة دعوية ونشرها أو نحو ذلك فلا يبرئ ذمتك من الحق ما دمت قادرا على رده بحيلة أو بأخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1423(12/8077)
استخدام خدمة النت المملوكة للغير بدون إذنه اعتداء وخيانة
[السُّؤَالُ]
ـ[تقنية الواير لس هي تقنية لا سلكية موجودة في كل كمبيوتر، هذه التقنية تلتقط-الـ دي اس ال adsl- غير المشفر من غير إذن أصحابها، بمعنى أن الواير ليس يلتقط إشارات الـ دي اس ال والدخول إلى الانترنت بدون علم أصحابها بحكم أنها إشارة.
فما حكم التقاط هذه الإشارات، علما بأن هذا الدخول إلى الإنترنت لا يكلف شيئا صاحب الدي اس ال غير الذي يدفعه مقابل اشتراكه الشهري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الانتفاع بخدمة الانترنت المملوكة للغير إلا بإذن منه؛ للحديث الذي في الصحيحين: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام. واستخدام هذه الخدمة بدون رضى صاحبها يعد اعتداء وخيانة، ولو لم يكن ذلك الاستخدام يكلفه أكثر مما يدفع للشركة، بل ولو لم يكن عليه فيه أي ضرر، لأنه أخذ لمال الغير بغير طيب نفس منه، وقد ورد النهي عن ذلك في الحديث الشريف، وقد عده أهل العلم من الغصب.
جاء في مواهب الجليل شرح مختصر خليل في التنبيهات: الغصب في لسان العرب منطلق على أخذ كل ملك بغير رضا صاحبه من شخص أو مال أو منافع، وكذلك التعدي سراً أو جهراً أو اختلاسا أو سرقة أو جناية أو قهراً. غير أن الغصب استعمل في عرف الفقهاء في أخذ أعيان المتملكات بغير رضا أربابها وغير ما يجب على وجه القهر والغلبة من ذي سلطان وقوة، واستعمل المتعدي عرفاً في التعدي على عينها أو منافعها سواء كان للمتعدي في ذلك يد بيد أربابها أو لم يكن كالقراض والودائع والإجارة والصنائع والبضائع والعواري. انتهى.
ولكن قد تنصب الدولة بعض الشبكات اللاسلكية في الأماكن العامة لخدمة الناس وتمكينهم منها فلا حرج في استخدامها والانتفاع بها للإذن العام.
علما بأن هذا الاستخدام يؤثر على قوة التقاطه ويضعف الإرسال عنده، كما أنه قد يضره من حيث المواقع التي قد يدخلها غيره ممن لم يأذن لهم في ذلك لأنه هو المسؤول أمام جهة الاتصال عن المواقع التي يتم دخولها من خلال شبكته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1430(12/8078)
تحريم الغصب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المغتصب مظلوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال غير واضح، وإذا كان السائل يقصد المغتصَب منه فهذا ظاهر أنه مظلوم إذا كان أخذ منه ماله بغير وجه حق، وفي الحديث: من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين. رواه البخاري ومسلم واللفظ له، فقوله: ظلماً يوضح أن من أُخِذ ماله بغير حق فهو مظلوم، يقول الإمام النووي: ومن هذه الأحاديث تحريم الظلم وتحريم الغصب.
أما إن كان المراد بالسؤال المغتصِب نفسه وهل هو مظلوم، فالجواب أنه ظالم لا مظلوم، ظالم لنفسه، وظالم لغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1428(12/8079)
الحق لا يسقط بتقادم الزمن
[السُّؤَالُ]
ـ[رجلان بينهما قرابة اشتركا في شراء دار فتركها أحدهما للآخر يسكن فيها نظراً لما بينهما من قرابة وبعد سنين طويلة على هذا الحال طلب الآخر فك الشركة فنفى الساكن في الدار أي شراكة بينهما وبقي مستمرا على رفضه وسكت الآخرون دون رفع القضية أمام المحاكم نظراً لعلاقة القرابة وبقي الحال على هذا حتى هلك أحدهما، هل يحق للورثة إعادة طرح القضية ويوجد بعض الأقارب ممن ربما كانو صغاراً وقت بداية العملية غير أنهم يعلمون بوجود هذه الشراكة وهم الآن كبار وربما تحرجوا من الخوض في المسألة لحساسيتها عائليا، فهل هؤلاء مطالبون بالشهادة شرعا أم لا؟ ما الحكم الشرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نكران الساكن في الدار المذكورة ونفي شراكته مع قريبه يعتبر خيانة وغصبا لحق الغير، ويجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى ويرد إلى قريبه نصيبه من الدار، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه البيهقي، وقال صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي وغيره.
وأما سكوت شريكه لمجرد اعتبارات عائلية أو لحيائه فإنه لا يسقط حقه.. فقد قال أهل العلم المأخوذ حياء كالمأخوذ غصباً، ولذلك فإن لورثته الحق في المطالبة بحقهم ولا يسقط ذلك تقادم الزمن أو سكوت مورثهم لاعتبارات خاصة، ما لم يكن سكوته تنازلاً منه عن نصيبه لقريبه هذا.
وأما شهادة من يعلم الحقيقة من الأقارب أو غيرهم فإنها تجب وتتعين عليهم إذا لم يوجد غيرهم ممن يعلم حقيقة الأمر، فقد قال الله تعالى: وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ {البقرة:283} ، وقال تعالى: وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ {الطلاق:2} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً. رواه البخاري وغيره، ولذلك فإن حكم الشهادة هو الوجوب عند التعين وخشية ضياع الحق، والاستحباب إذا لم تتعين ما لم يكن الشاهد يخشى على نفسه أو أهله أو ماله. وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 18006، والفتوى رقم: 21038.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1427(12/8080)
حرمة الاستيلاء على حقوق الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني لقد اشتغل معي أخي منذ 15 سنة في أرض فلاحية - نخيل - وكان يأخذ أجره نصف المداخيل السنوية. ومنذ مدة يطالبني بكتابة نصف الأرض على وجه التملك. وأعلمكم أن الأرض لا تزال دينا للدولة. ولم تكن بيننا اتفاقية أو تفاهم على هذا الطلب وأيضا تنازلت له بنصف المداخيل لإرضاء الوالدين. فهل له الحق بالمطالبة بتملك نصف الأرض؟ وماذا يقول الشرع والقانون في هذا الموضوع؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك لم تبين لنا الوجه الذي استوليت به على هذه الأرض، وما إذا كانت مشتركة بينك وبين أخيك، أم أنك تختص بملكيتها دون أخيك، أم أنها ليست ملكا لأي منكما، وماذا يعني قولك: إن الأرض لا تزال دينا للدولة، وعلى أية حال فإن الله حرم الاستيلاء على مال الغير بدون وجه حق، فقال تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة: 188} وقال صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام. رواه البخاري ومسلم. وعن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: من أخذ شبرا من الأرض ظلما طوقه من سبع أرضين. متفق عليه. فالرجاء أن توضح لنا السؤال ليتسنى لنا الرد عليه. ونسأل الله أن يصلح بينكما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1427(12/8081)
الغصب محرم بالكتاب والسنة والإجماع
[السُّؤَالُ]
ـ[باع أخ لي قطعة أرض تخصني وقبض ثمنها واستعمله لمدة 6 شهور بدون موافقتي علما بأني أطالبه بالثمن ولم يرسله بحجة أنه لا يوجد معه فماذا نسمي هذا التصرف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاستيلاء على حق الغير عدوانا أي بغير حق يعد غصبا، والمستولي عليه غاصبا يبوء بإثم الغاصب، ولا يخفى أن الغصب محرم بالكتاب والسنة والإجماع. قال تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة: 188} وفي الحديث: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه. رواه أحمد.
وعليه، فتصرف أخيك في مالك رغما عنك من الغصب المحرم، ويجب عليه إرجاع هذا المال إليك والمبادرة إلى التوبة من هذا العمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1426(12/8082)
إنكار حقوق الآخرين واغتصابها من كبائر الذنوب
[السُّؤَالُ]
ـ[قام ثلاثة أشخاص أبناء عمومة بشراء قطعة أرض بالتساوي وعند تسجيلها كتبوها باسم شخص نطرا لأنه هو الوحيد الذي يملك الجنسية في ذلك الوقت وبعد ذلك أنكر هذا الشخص الطرفين الآخرين وبقيت هذه القطعة غير مستغلة وتوفي هذا الشخص وقبل وفاته قام بتقسيم ما يملك على أبنائه إلاهذه القطعة فهي ما زالت باسم أبيهم علما بأن صاحب الأرض الأصلي قد توفي هو أيضا
فما حكم الشرع في هذه القطعة؟ وما السبيل إلى حل هذه المشكلة؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت، فإن إنكار هذا الشخص لحق بني عمه في الأرض يعد من أكل أموال الناس بالباطل، وذلك من كبائر الذنوب والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء: 29} .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد وأبو داود. وقال صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه. رواه البخاري ومسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: أعظم الغلول عند الله يوم القيامة ذراع من الأرض، تجدون الرجلين جارين في الأرض أو في الدار فيقتطع أحدهما من حظ صاحبه ذراعاً، فإذا اقتطعه طوقه من سبع أرضين يوم القيامة. رواه أحمد والطبراني. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق لقي الله عز وجل وهو عليه عضبان. رواه أحمد.
وعليه، فهذه الأرض ما زالت شركاً بين ورثة ذلك الشخص وبني عمه، ولا يسقط حقهم فيها بموته أو بموت المالك الأصلي.
فعلى ورثة هذا الشخص أن يتقوا الله وأن يردوا الحق لأهله قبل أن يأتي يوم لا درهم فيه ولا دينار، وإنما هي الحسنات والسيئات. فإذا امتنعوا، فينبغي لكم أن توسطوا لهم من ينصحهم وبذكرهم بالله واليوم الآخر ممن لهم كلمة عليهم من أهلهم أو أصدقائهم.
نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح حالنا وحالكم، وأن ييسر أمرنا وأمركم، وأن يختار لنا ولكم ما فيه الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1426(12/8083)
كل عمل اتصل بالغصب لا يجوز القيام به
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا مواطن في دولة عربية ولقد أصدرت الدولة قوانين تنص على أن كل مواطن يمتلك مسكنا زائدا عن سكنه يجب أن يقدمه للدولة بحيث تعطيه الدولة لمن لا مسكن له ودون رضا المالك الأصلي ودون تعويض مناسب والأسباب التي دفعت الدولة لذلك ليست أسباباً أقتصادية ولكنها محاولة لتطبيق النظرية الاشتراكية والدولة تعتبر دولة غنية ولا حاجة لأخذ المساكن من الناس بهذه الطريقة وأنا موظف أعمل في مصلحة عامة وظيفتها الإشراف على تحصيل الإيجار من المواطنين الساكنين في هذه المباني المغصوبة بقوة القانون وسؤالي هو:
هل حلال أو حرام المرتب الذي أتقاضاه من هذا العمل؟ وهل للدولة الحق في هذا العمل؟
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشريعة الإسلامية حرمّت أشد التحريم غصب أموال الناس والإستيلاء عليها بغير حق، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاض منكم) [النساء:29]
يقول الجصاص: أكل أموال الناس بالباطل على وجهين أحدهما: أخذه على وجه الظلم والسرقة والخيانة والغصب وما جرى مجراه، والآخر: أخذه من جهة محظورة نحو القمار وأجرة الغناء والقيان والملاهي والنائحة وثمن الخمر والخنزير والحُرّ، وما لا يجوز أن يتملكه، وإن كان بطيبة نفس من مالكه، وقد انتظمت الآية حظر أكلها من هذه الوجوه كلها. ا. هـ.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يأخذ أحد شبراً من الأرض بغير حقه، إلا طوقه الله إلى سبع أرضين يوم القيامة" رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع: "ألا أن أموالكم ودماءكم عليكم حرام كحرمة شهركم هذا في بلدكم هذا في يومكم هذا" رواه أحمد وابن ماجه وهو صحيح.
وتحريم غصب أموال الناس، وأخذها بالباطل يشمل الأفراد والحكام، بل التحريم في حق الحاكم أشد، لما ينضم إلى ذلك من الغش للرعية وظلمهم وقهرهم.
وعليه، فيجب على المسلم رفض كل حكم بغير ما أنزل الله، ويحرم عليه الإعانة عليه بأي وجه من وجوه الإعانة، ومن هذه الإعانة السكن في هذه المساكن المغتصبة من أصحابها، وكذلك العمل في تحصيل إيجاراتها من مغتصبيها، فإن هذا العامل بمنزلة الوكيل عن الظلمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(12/8084)
ما يجب على الغاصب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل فى شركة خضروات وفواكه في المحاسبة ويوجد قسم تبريد البضاعة (مخزن) يعمد المحاسبون والقائمون على المخزن وبعض العمال القدماء فى العمل إلى أخذ بضاعة من المسؤول عن البضاعة بالمخزن كل حين إلى بيوتهم على سبيل الأكل، ورب العمل يعلم ذلك ولكنه غير مصرح تصريحا واضحا على أنه (على من أراد أخذ شيء فليأخذه) إنهم يعملون فى تصنيف وتوضيب ونقل هذه البضاعة وهي أمامهم باستمرار فواكه وخضروات ولكنه أي المدير وهو صاحب المال نفسه يعلم أن بعض العمال يأخذ من البضاعة. السؤال جزاكم الله خيراً: لقد أخذت من هذه البضاعة ثلاث مرات حيث كنت فى زيارة للمخزن وقال لي المسؤول عن المخزن ما عليك عندي أنا هذه الأشياء مني لك، علما بأنها ليست ماله ولا مال أبيه (فأخذتها محرجاً حيث أخذ من معي وإن لم آخذ ينظرون لي بأني أنكر عليهم ذلك مما يتسبب فى قطع التعاملات الحميمة والود وغير ذلك مما تعلمون من تجنب الشخص الذي لا يساير القوم) وقمت بتقدير البضاعة ودفعت ثمنها للشركة على هيئة كروت إنترنت وأغراض شبيهه بدون علم أحد إلا الله. فماذا علي فى ذلك وهل أنا آثم أو قد تحللت منها أو أن البضاعة التي يأخذونها لا شيء فيها. أفيدونا جزاكم الله خيراً، علما بأني قد فعلت هذا من باب (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل تحريم أخذ أموال الناس ما لم يكن ذلك برضى منهم، روى الإمام أحمد في المسند عن عمور بن يثربي رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا ولا يحل لامرئ من مال أخيه شيء إلا بطيب نفس منه.
فتصرف هؤلاء الناس إن كان عن علم برضا صاحبها لهذا التصرف من خلال قرائن الأحوال القوية فلا حرج فيه، وأما مجرد سكوته بعد علمه فلا يكفي، فإن بعض الناس قد يمنعه الحياء من الاعتراض على مثل هذا التصرف المعين، وقد نقلنا كلاماً لأهل العلم بهذا الخصوص، فراجع في ذلك الفتوى رقم: 55162.
ثم إنه لا يلزم من رضا صاحب العمل بأخذ مسؤول المخزن لنفسه أنه يأذن له في إعطاء غيره، وبناء على هذا فقد أسأت بأخذك من هذه البضاعة من غير أن تكون على يقين بكون هذا الرجل مسموحاً له بإعطاء الناس منها، فالواجب عليك التوبة والواجب رد المثل إن كان ما أخذته من المثليات وهو ما يكون مكيلاً أو موزوناً أو معدوداً، ويجب رد القيمة إن كان من القيميات، وهو مالا يكون مما يكال أو يوزن أو يعد.
جاء في القوانين الفقهية لابن جزي المالكي قوله: فيما يجب على الغاصب وذلك حقان.. الثاني: حق المغصوب منه وهو أن يرد إليه ما غصبه، فإن كان المغصوب قائماً رده بعينه إليه، وإن كان قد فات رد إليه مثله أو قيمته، فيرد المثل فيما له مثل، وذلك في كل مكيل وموزون ومعدود من الطعام والدنانير والدراهم وغير ذلك، ويرد القيمة فيما لا مثل له كالعروض والحيوان والعقار. انتهى.
وعليه؛ فإن كان ما أخذته قيمياً ودفعت قيمته فقد أبرأت ذمتك، وأما إن كان مثلياً فيجب رد مثله كما ذكرنا ولك أن تبحث عن سبيل لاسترداد ما دفعت من قيمة، وإن أمكنك مصارحة صاحب الحق ورضي بما رددت من قيمة برئت ذمتك بذلك أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1430(12/8085)
كيفية توزيع الأراضي التي قامت هيئة الإصلاح الزراعي بمصادرتها
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تُوَزَّع هذه الأرض الزراعية المتنازَع عليها: قامت هيئة الإصلاح الزراعي في مصر بتوزيع قطعة أرض زراعية مساحتها فدان وعشرة قراريط واثنا عشر سهمًا، على المنتفع إبراهيم أحمد باز، عام 1964 م، ثمّ أصدرت الهيئة المذكورة شهادة توزيع عام 1986م، باسم المنتفع المذكور، وأُدْرِجَ معه أبناؤه كمنتفعين، وحُدِّدَ نصيب كلّ منهم حسب الوحدات على النحو التالي: الأب: إبراهيم أحمد باز (وحدة وربع الوحدة) ، الأمّ: نفيسة أحمد الرفاعي (وحدة كاملة) ، الابن الأكبر: السيد إبراهيم أحمد (وحدة كاملة) ، الابن الأصغر: عبد العزيز إبراهيم أحمد (ثلاثة أرباع الوحدة) ، البنت الصغرى: عزيزة إبراهيم أحمد (ثلاثة أرباع الوحدة) ، علمًا بأنّ شهادة التوزيع لم تدرج البنت الكبرى: بشرى إبراهيم أحمد ضمن المنتفعين؛ لأنّها كانت قد تزوّجت وقت توزيع الأرض (لم يتمّ بحثها) ، وبعد وفاة كلّ من الأب والأمّ اتّفق جميع الورثة على التغاضي عن نظام الوحدات، وتوزيع الأرض توزيعًا شرعيًّا عادلًا، بما فيهم البنت الكبرى التي لم تُدْرَج في عقد التوزيع، للذكر مثل حظّ الأنثيين، وحصل كلّ وريث على نصيبه الشرعيّ، وظلّ يزرعه طيلة خمس عشرة سنة كاملة، منذ سنة 1989م حتّى سنة 2004 م، ثمّ حدث أن دخلت الأرض برمّتها ضمن الحيّز العمراني، وشملها كردون المباني، فرأى كلّ وريث أن يبيع نصيبه في الأرض، ولكن واجهتهم مشكلة؛ فقد كان ثمّة محوّل كهربائيّ وعدد من أعمدة الضغط العالي على امتداد جزء كبير من الأرض، ولم يخل منها سوى قطعة الابن الأصغر، ممّا حال دون بيع بقية الأرض التي يمتلكها بقية الورثة، فاتّفق الورثة جميعهم على أن تكون الأرض مشاعًا، بمعنى أن تُباع جزءًا جزءًا، وكلّ جزء يوزّع ثمنه على سائر الورثة توزيعًا شرعيًّا للذكر مثل حظ الأنثيين، وظلّ هذا دأب الورثة: يبيعون، ويقسّمون ثمن ما يبيعون تقسيمًا شرعيًّا، حتّى بِيعَ أكثر من نصف الأرض، وهناك عقود مسجّلة في الشهر العقاري تثبت ذلك، ولكن نظرًا لنشوب خلافات عائلية بين الابن الأكبر وورثة البنت الكبرى التي لم يتضمّنها العقد، وذلك بعد وفاتها -فقد أصرّ الابن الأكبر على توزيع الجزء المتبقّي من الأرض- وهو أقلّ من النصف -بنظام الوحدات، على الجميع، كنوع من تصفية الحسابات بينه وبين أبناء أخته الكبرى، ممّا أحدث انقسامًا بين أفراد الأسرة، ثمّ حدث أن توفي الابن الأكبر، فأصرّت زوجته وأولاده، وكذلك أصرّت البنت الصغرى على توزيع الجزء المتبقّي من الأرض بنظام الوحدات، وتعلّلوا بأنّ هذه وصية الابن الأكبر، ويجب احترامها على حين بقي الابن الأصغر وأبناء البنت الكبرى يريدون توزيع الجزء المتبقّي من الأرض توزيعًا شرعيًّا، ولكن دون جدوى، واحتدم الخلاف والشجار بين الفريقين، وتقطّعت صلات الأرحام، وكادت تُزْهَق الأرواح. فما حكم الشرع في هذه القضية الشائكة؟ وكيف يُوَزَّع الجزء المتبقّي من الأرض؟ وهل تقع الحرمة على أصحاب الفريق الذي يصرّ على التزام نظام الوحدات -في هذا الموقف- أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولاً إلى أن الأراضي التي قامت هيئة الإصلاح الزراعي بمصادرتها من ملاكها وتوزيعها ولم تقم الهيئة بدفع ثمنها لملاكها ويرضوا به عوضاً عنها، فهذه الأراضي لا تزال مغصوبة وتكون باقية على ملك صاحبها الأول، وإن تعاقبت عليها الأيادي، وتصرفات الغاصبين فيها تصرفات باطلة، ويجب على من آلت إليه هذه الأرض المغصوبة تسليمها لمالكها، وراجع في تفصيل ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 35109، 38801، 103603.
أما كيفية توزيع هذه الأرض إن كان يجوز الانتفاع بها؟ فالواجب النظر أولاً في وجه تمليك هذه الأرض من هيئة الإصلاح الزراعي للأشخاص المذكورين، فإن كان هذا التمليك على سبيل الهبة المجردة، فيجب الالتزام بما حددته الهيئة في هذا الشأن؛ لعموم ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود والترمذي.
وعلى هذا يختص كل شخص من المذكورين بما وهب له، وإذا اتفق المذكورون على إلغاء القسمة المذكورة وأن تقتسموا بحسب الأنصبة الشرعية فالذي يظهر لنا أن هذا بمثابة الهبة بعضهم لبعض فلا يجوز الرجوع في مثل هذا الاتفاق إذا تحققت شروط نفاذ الهبة من أهلية الواهب، وقبض الموهوب له للهبة، وراجع شروط نفاذ الهبة في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 18923، 33868، 58686.
وننبهك إلى أن أمور النزاع لا يصح أن يعتمد فيها على فتوى، وإنما الواجب أن تعرض على المحكمة الشرعية المختصة لأنها هي المؤهلة للتحقيق في النزاعات، والبحث عن خفايا هذه الأمور، وهي التي يمكن أن ترد الحقوق إلى أصحابها، والذي ننصحكم به هو محاولة التراضي في هذا الأمر والحفاظ على صلة الرحم فيما بينكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1430(12/8086)
بيع المغصوب
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل، لي سؤال حول موضوع حيرني وهو: أبي قبل أن يتوفى استأجر قطعة أرض زراعية من الدولة وقام ببناء دار سكنى عليها وزرعها. وبعد 7 سنوات من وفاة والدي تحول عقد الإيجار إلى والدتي، وبعد فترة زمنية أصدرت الحكومة العراقية قرار تمليك الأراضي الزراعية المستأجرة منها مقابل رسوم نقوم دفعها وتملكنا الارض، وبعد مرور 8 سنوات من تمليك الارض لنا صدر أمر ثان بمصادرة الأراضي الزراعية وعدم تعويضنا أي مبلغ، وإعلانها في المزاد العلني، دخلنا المزاد وقمنا باستئجار الأرض مرة ثانية، أصبحت الأرض لنا إيجارا وكل الممتلكات من بستان ودار سكنى تعتبر عائدة للدولة لأنه تم مصادرتها سابقا، فقط لنا أرض نزرعها وندفع إيجار كل سنة للدولة الموجودة الآن والسابقة، علما أننا لا نعرف سبب المصادرة لحد الآن.
سؤالي: قمنا ببيع الأرض قبل فترة ونحن أولاد وبنات. هل نقوم توزيع المال على كون الأرض عائدة لأبي سابقا أو نعطي المال إلى والدتي لأن الأرض تعتبر لها؟ لأنه بعد مصادرة الأرض قامت والدتي باستئجار الأرض مرة ثانية من الدولة في المزاد الذي قام على الارض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأرض المذكورة ملك لمن اشتراها من الدولة وتولى دفع رسوم التمليك. وبناء عليه، فإن كانت الأم هي التي دفعت ثمن الأرض فهي لها وإلا فهي لمن دفع ثمنها، ولا اعتبار بقرار مصادرة الأراضي الزراعية لأنه غصب بين، ولا يجوز للدولة أن تنزع من أحد ما ثبت أنه ملك له إلا لمصلحة معتبرة شرعاً، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 4429.
وعلى فرض وجود مصلحة شرعية في نزع ملكية هذه الأرض من أصحابها، فيجب تعويضهم تعويضاً مناسباً بما لا يقل عن ثمن المثل، وإن لم تكن هناك مصلحة شرعية، أو وجدت ولم يعوض أصحاب هذه الأرض فحكم ذلك حكم الغصب، ولمعرفة ما يترتب عليه ترجى مراجعة الفتويين: 35109، 9660.
وعلى كل فالأرض المذكورة باقية على ملك من دفع ثمنها سواء أكانت الأم أو غيرها، ولايلزمكم دفع أجرة عنها للدولة لأنها ملك لكم، فإن استطعتم التحايل على تلك الأجرة والتهرب منها فلاحرج.
وأما بيعكم للأرض إن كان بعد مصادرة الدولة لها -كما هو الظاهر- فلا يصح لأنها مغصوبة ولا يمكن تسليمها فلا يصح بيعها إلا لغاصبها أو من يستطيع تخليصها منه.
جاء في التاج والإكليل: قال ابْنُ عَرَفَةَ: بَيْعُ الْمَغْصُوبِ رَبَّهُ وَهُوَ بِيَدِ الْغَاصِبِ مِنْ غَيْرِ الْغَاصِبِ وَالْغَاصِبُ لَا يَأْخُذُهُ حُكْمٌ فَاسِدٌ إجْمَاعًا.
وقال المرداوي في الإنصاف: بَيْعُ الْمَغْصُوبِ من غَاصِبِهِ صَحِيحٌ بِلَا نِزَاعٍ، وَبَيْعُهُ مِمَّنْ يَقْدِرُ على أَخْذِهِ من الْغَاصِبِ صَحِيحٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ.
وهنا قد بيعت الأرض لغير غاصبها - والظاهر أنه أيضا لا يستطيع تخليصها- فلم يصح البيع فهو فاسد، وعليه يلزمكم رد الثمن إلى المشتري وتبقى الأرض أرضكم حتى تعيدها الدولة إليكم. لكن إن استطعتم التخلص من الأجرة فلا حرج عليكم كما ذكرنا.
وأما إن كان البيع قد تم قبل غصب الأرض فإنه حينئذ يعتبر بيعا صحيحا إن كان مستوفيا شروط صحته، وتكون الأرض لمن اشتراها والثمن لمن هو مالك للأرض. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 23644.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1430(12/8087)
ضوابط جواز أخذ قدر الحق من الغاصب
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة أعطت زوجها ميراثها من أبيها 25000 جنيه بناء على طلبه للتجارة، علما بأنها تعمل معه، وعندما وقع خلاف بينهما قال لها ليس لك عندي شيء، وأنت كأي واحدة تشتغل عندي وهى ليس لها أقارب، ولا أحد.
وبعد المشكلة بدأت تدخر من المال دون علمه ما يساوى 25000 جنيه، وذلك خوفا من غدر الزوج على أن تقوم برد المبلغ في حالة أخذ حقها. ما حكم الشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام زوج تلك المراة قد أنكر حقها، وخشيت من ظلمه وجوره، فلا حرج في أن تأخذ من ماله دون علمه ما يساوي قدر حقها، فإن رد إليها حقها ردت إليه ماله، وإلا ملكت ما أخذته في مقابل حقها، وهذا هو ما يسميه أهل العلم بمسألة الظفر. قال البخاري رحمه الله (باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه، وقال ابن سيرين: يقاصه، وقرأ: (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) [النحل:12] .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (أي هل يأخذ منه بقدر الذي له ولو بغير حكم حاكم؟ وهي المسألة المعروفة بمسألة الظفر، وقد جنح المصنف إلى اختياره، ولهذا أورد أثر ابن سيرين على عادته في الترجيح بالآثار) .
وقد وقع خلاف بين أهل العلم في مسألة الظفر، لكن الراجح جوازه كما بينا في الفتوى رقم: 28871.
لكن ننبه إلى أن محل ذلك هو ما إذا كان قد أنكرها حقها وجحده بعدما طلبته منه، ولم تستطع الوصول إليه إلا بتلك الطريقة. فإن لم تطلبه منه فليس لها أن تأخذ شيئا من ماله ما لم تتيقن جحده لحقها وامتناعه من أدائه إليها.
جاء في المغني: إذا كان لرجل على غيره حق، وهو مقر به، باذل له، لم يكن له أن يأخذ من ماله إلا ما يعطيه، بلا خلاف بين أهل العلم.... وإن كان مانعا له لأمر يبيح المنع، كالتأجيل والإعسار، لم يجز أخذ شيء من ماله بغير خلاف، وإن أخذ شيئا، لزمه رده إن كان باقيا، أو عوضه إن كان تالفا. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1430(12/8088)
أخذ المال على سبيل الحياء غصب
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب هتك عرض فتاة، وحملت منه، ولما ظهر الحمل أخبرت خالها بذلك خوفا من والدها، فتقابل عمها مع الشاب، وطلب منه أن يكتب إقرارا بأنه هتك عرضها، وأن الحمل منسوب إليه إن قدر الله له الحياة، وطلب منه أن يكتب شيكا على نفسه بمبلغ 300 ألف جنيه حتى يكمل زواجه بها، وسوف يعطيه الشيك إذا ستر الفضيحة وتزوجها، بدلا من أن يقدم بلاغا للشرطة ويحاكم ويضيع مستقبله - ما الحكم لو قتل والدي هذا الشاب لينتقم منه؟ وما حكم أخذ هذا المال في حالة مخالفته للوعد بالزواج أيكون المال حلالا أم يكون حراما؟ وماذا أفعل بالولد وأنا أريد ستر الفضيحة؟ وخاصة أن والدي لم ولن يقبل بقاء هذا الطفل في بيته أبدا.
أرجو الفتوى. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاتفاق المذكور باطل، ولا يجوز لعم تلك الفتاة أن يستولي على مال ذلك الشاب إن لم يتزوجها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد. ولا حق له في مال ذلك الشاب ما دامت الفتاة غير مكرهة. وعلى فرض كونها مكرهة، فلها مهر مثلها. قال الشافعي في الأم: في الرجل يستكره المرأة أو الأمة يصيبها أن لكل واحدة منهما صداق المثل. . انتهى.
لكن الظاهر من السؤال كونها طائعة. وهو إنما دفع الشيك خوفا أو حياء فلا يجوز الاستيلاء عليه. قال الإمام الغزالي رحمه الله: إن الغصب نوعان: غصب استيلاء، وغصب استحياء، فغصب الاستيلاء أخذ الأموال على جهة القهر والغلبة، وغصب الاستحياء هو أخذه بنوع من الحياء، وهما حرامان لأنه لا فرق بين الإكراه على أخذ الأموال بالسياط الظاهرة، وبين أخذه بالسياط الباطنة. انتهى من الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر.
كما لا يلزم الفتى شرعا أن يتزوج تلك الفتاة، بل ولا يجوز له على الراجح أن يتزوجها إلا إذا تابا توبة نصوحا قال تعالى: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ {النور:3} .
كما يشترط لزواج الزانية الحامل أن تضع حملها على الراجح، وهو مذهب المالكية والحنابلة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا توطأ حامل حتى تضع. رواه أبو داود والحاكم وصححه، ولما روي عن سعيد بن المسيب: أن رجلاً تزوج امرأة، فلما أصابها وجدها حبلى، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ففرق بينهما، ولئلا يختلط ماء السفاح المحرم بماء النكاح الحلال.
وقيل بصحة نكاح الزانية الحامل سيما إن كان من ينكحها هو من زنى بها. وأما نسبة الولد إلى أبيه من الزنا ولحوقه به إذا عقد على أمه قبل وضعه، فقد أجاز ذلك إسحاق بن راهويه، وعروة، وسليمان بن يسار، وأبو حنيفة. قال أبو حنيفة: لا أرى بأساً إذا زنى الرجل بالمرأة فحملت منه أن يتزوجها ويستر عليها، والولد ولد له. وذهب جمهور أهل العلم إلى أن ولد الزنا لا يلحق بأبيه ولا ينسب إليه، لأدلة منها: ما ورد في قضائه صلى الله عليه وسلم في استحقاق ولد الزنا: وفيه يقول: وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ لَمْ يَمْلِكْهَا أوْ حُرّةٍ عَاهَرَ بِهَا فَإِنّهُ لاَ يَلْحَقُ بِهِ وَلاَ يَرِثُ وَإِنْ كَانَ الّذِي يُدْعَى لَهُ هُوَ ادّعَاهُ فَهُوَ وَلَدٌ زِنْيَةٌ مِنْ حُرّةٍ كَانَ أوْ أَمَةٍ. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والدارمي.
ومذهب الجمهور هو الراجح إن شاء الله.
وعليه، فإذا تزوج الرجل بمن حملت منه سفاحاً، فإن ولدها هذا ينسب إلى أمه وأهلها، أما زوجها فيكون هذا الولد له ربيباً، وتثبت له أحكام الربيب فقط.
وأما قتل الفتى انتقاما منه فلا يحل، ومن قتله فقد استحق القتل به قصاصا، وأما الفتى فإن ثبت عليه ذلك الفعل بإقراره أو ببينة فهو إن كان بكرا فعقوبته الشرعية جلد مائة وتغريب سنة، وإن كان ثيبا فحده الرجم، قال صلى الله عليه وسلم: البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم. رواه مسلم. والفتاة مثله في ذلك.
ولكن لا يحق لأحد أن يقيم الحد ولا القصاص إلا السلطان أو نائبه. قال في المغني: إذا لم يكن أمير الجيش الإمام أو أمير إقليم فليس له إقامة الحد ... ويؤخر حتى يأتي الإمام لأن إقامة الحدود إليه. اهـ وانظر الفتوى رقم: 54406.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1430(12/8089)
المطالبة بأموال بدون وجه حق ظلم واعتداء
[السُّؤَالُ]
ـ[موظفة جامعية متزوجة منذ ست سنوات ورزقت بولد في سن الخامسة وفى بداية زواجي بدأت المشاكل واللجوء إلى القضاء واستمرت هذه المشكلة ثلاث سنوات, ولكن تصالحت مع زوجي ورجعت المياه لمجاريها والحمد لله، ولكن بعد سنتين حدثت مشاكل أخرى بيننا واستحالت العيشة، فلجأت إلى رفع الأمر للقاضي، وأثناء ذلك فوجئت بأن أخته رفعت علي إيصال أمانة بمبلغ ثلاثين ألف جنيه لتسليمه لأخته الأخرى، على العلم بأنني قد قمت بالتوقيع على هذا الإيصال له منذ عامين ولكن بدون تدوين أية أسماء وذلك خوفا على دمار العلاقة الزوجية بيننا، وعلى الرغم من أنني لم أتسلم أية مبالغ منهم أو من زوجي، فهل هذا يعتبر خيانة أمانة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت بالتوقيع على هذا الإيصال بغير وجه حقّ، وليس هذا طريقاً لحلّ الخلافات بين الزوجين وإنما الصواب أن يتوسط بينكما حكم من أهلك وحكم من أهله، للإصلاح بينكما ويفعلان ما يريانه من المصلحة في المعاشرة بالمعروف أو الطلاق في حال تعذر الإصلاح.
وأمّا ما قامت به أخت زوجك من استغلال هذا الإيصال لمطالبتك بمبلغ من المال ليس لها حق فيه، فهو ظلم واعتداء وكذب وافتراء وأكل لمال الغير بالباطل وذلك كلّه حرام بلا شك وهو من الكبائر، وينبغي أن يتدخل بعض أهل الدين والمروءة من الأقارب أو غيرهم لنصح أهل زوجك وردّهم عن هذا الظلم، وحلّ النزاع بينك وبين زوجك بما يوافق الشرع.
وننصحك بالرجوع إلى الله وتقوية الصلة به والتضرّع إليه والتوكل عليه والإلحاح في الدعاء، لعل الله يرفع عنك هذا الظلم. كما ننصحك بالسعي في التفاهم مع زوجك بقدر ما تستطعين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1430(12/8090)
الاحتيال للحصول على الحق
[السُّؤَالُ]
ـ[حاولت أنا وإخوتي أخذ حقي - وهو عبارة عن أرض من عمي الذي يضع يده عليها - بكل الأشكال بالحسنى وباللين وبالقانون بالرغم من حاجتنا المالية لهذا الإرث، ولكن لا جدوى منه ويرفض أن يعطينا أرضنا، لهذا هل يجوز أخذ حقي منة بالحيلة أي أن آخذ حقي منه عن طريق إيصال أمانة هو يمضي عليه بدون علمه، وآخذ حقي منة نقودا لا أرض.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لكم إذا عجزتم عن الحصول على حقكم كما ذكرت في سؤالك أن تحتالوا للحصول على حقكم إذا أمنتم عدم وقوع ضرر عليكم، بشرط ألا تأخذوا أكثر من حقكم، ويكون هذا من باب الظفر بالحق، وقد سبق بيان مسألة الظفر بالحق، وأن في جوازها خلافا بين العلماء في الفتوى رقم: 28871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1430(12/8091)
عاجرة عن أداء ما اختلسته، وعاجزة عن استحلال أصحاب الحقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة سرقت من عملي وأخذت أغراضا منه، ومالا أيضا أكثر مرة، آلاف ومبالغ كبيرة جدا لا أستطيع ردها ولا رد جزء بسيط منها، وسرقت من أكثر من مكان كنت أعمل به. أما الآن فقد تبت توبة نصوحا ورجعت إلى الله، وليس كلاما للتبرير، فأعرف أني أخطأت، وأنها كبيرة، ولا بد من التكفير عنها، ولكن هل يمكن أن يسامحني الله في حالة أني لم أستطع رد المال، ولا الاعتراف بالسرقة لأصحابها، فأنا متزوجة من رجل صالح يتقى الله، ولكنه يعرف من أخذت منهم المال، وإذا عرف أني سرقت سوف يطلقي، وأرجع أعمل مرة ثانية، ولقد أكرمني الله بهذا الرجل الصالح الذي انتشلني من العمل الذي أغواني إلى السرقة، مع العلم أن المال الذي سرقته صرفته في الحياة اليومية والباقي أحضرت به أغراض عرسي وهي موجودة الآن في بيت أهلي، ولكن لا استطيع بيعها فلا يحتكم زوجي ولا أنا على أي مال للتعويض، وأنا الآن لا أعمل كي أرد هذا المال، فقد ستر الله على سرقاتي، ماذا أفعل؟ وأيضا أصحاب المال في بلاد أخرى بيني وبينهم أيام حتى أذهب إليهم، وليس عندي رقم تليفون، ولا أستطيع السفر بدون علم زوجي. أرجو الرد هل تقفل التوبة في وجهي لأني لا أستطيع رد المال ولا المصارحة لحماية بيتي، أم ربي ممكن يغفر لي أرجو الرد على سؤالي. جزاك الله كل الخير وتقبل منكم صالح الأعمال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فباب التوبة مفتوح بفضل الله تعالى لكل إنسان مهما بلغت ذنوبه، ما لم تطلع الشمس من مغربها، أو يعاين الموت ويتيقنه. ولا يمكن أن يحول بين التائب وبين التوبة حائل مقبول شرعا ولا عقلا، فإن الله يغفر الذنوب جميعا، ولا يكلف نفسا إلا وسعها، فمَن حقَّق شروط التوبة في ما بينه وبين الله من حقوق، من الإقلاع عن الذنب، والندم على ما فرط منه، والعزم على عدم العودة، وحقق ما يستطيعه من شرط التوبة من الذنوب التي تتعلق بحقوق الآدميين، وهو أداؤها أو الاستحلال منها، قبلت توبته، وبرئت ذمته، بفضل الله تعالى. فإن مات قبل أدائها وكان صادقا في نية ردها لأصحابها ـ أدى الله عنه كالمدين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه. رواه البخاري.
ومعلوم أن حال السارق أهون بكثير من حال القاتل، فليس إتلاف الأموال كإزهاق النفوس، وإن كان كلاهما من حقوق الآدميين، ولكن قد قال صلى الله عليه وسلم: أول ما يقضى بين الناس بالدماء. متفق عليه. فإن كانت التوبة من القتل مقبولة فتوبة السارق أولى بالقبول. وقد وعد الله تعالى من يقترف أكبر الكبائر كالشرك والقتل والزنا، بأن يبدل سيئاتهم حسنات، إن هم تابوا وآمنوا وعملوا الصالحات، قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا {الفرقان: 68-71} وكذلك الحال في السرقة، فقد قال الله تعالى بعد ذكر السرقة وبيان حدها: فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {المائدة: 39} قال ابن كثير: أي من تاب بعد سرقته وأناب إلى الله، فإن الله يتوب عليه فيما بينه وبينه، فأما أموال الناس فلا بد من ردها إليهم أو بدلها عند الجمهور. اهـ.
والتوبة من السرقة وإن كان لا بد فيها من رد الحقوق لأصحابها، لكن ليس معنى ذلك أن العاجز عن الأداء ليس له توبة، بل يبقى ذلك في حكم الدَّين في ذمته يؤديه بقدر طاقته أو يستحل أصحابه منه، وطالما أن السائلة عاجرة عن الأداء الآن، وعاجرة أيضا عن استحلال أصحاب الحقوق، فلم يبق عليها بعد الصدق في توبتها إلا أن تعزم عزما أكيدا إن يسر الله لها سبيلا في المستقبل لترد على أصحاب الحقوق حقوقهم فإنها لن تقصر في ذلك، مع كثرة الدعاء والاستغفار لنفسها ولذوي الحقوق عليها.
ونوصي الأخت السائلة أن تحسن الظن بالله، وتصدق في التوكل عليه، فلعل الله تعالى أن يرضي عنها خصومها بصدقها في توبتها، فأتبعي السيئات بالحسنات لتمحوها، واجتهدي في طاعة الله تعالى، وأري الله من نفسك خيرا. ونسأل الله تعالى أن يتم عليك توبتك، وأن يهديك لأرشد أمرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1430(12/8092)
حقك الشرعي من المال لا يسقط إن لم تتنازلي عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة لي أخ توفي، وهو أخي من أبي، وأنا أعيش في بلد آخر، وأخي كبير وتوفي منذ 4 أشهر، وأنا يتيمة الأب منذ الولادة، وكان أخي وصيا على حلال أبي المتوفى، وأنا كنت صغيرة أعيش مع والدتي في بلدها، وأخي المرحوم لا يعلم عني شيئا أقصد لأنه لم يهتم بي أبدا، وأنا كنت أخته الوحيدة، وشاء الله أن أحتاج لاستخراج جواز سفر، فأنا سعودية وأعيش في قطر، وذهبت هناك لاستخراج الجواز لأنه الولي علي، وكنت أعلم أنه بخيل جدا، وعندما انتهينا من استخراج الجواز أخبرني أنه باع الأرض التي يمتلكها أبي، وباعها دون إعطائي حقي منها، وقال أنت سوف تتزوجين ولست بحاجه إليها، فوكلت أمري لله ومرت سنة وتزوجت، وأخي يمتلك من المال والخير، ولديه 11 أبناء، ولديه ابنة تدير أمواله. والآن أريد أن أعرف هل تعتبر الأرض التي باعها أخي لي حق فيها؟ هل لي حق أن أطلب منهم هذا الحق؟ لأنني أعيش وضعا صعبا جدا، فأنا أشعر بظلم وغضب ولا زلت، فأنا لم أستطع النسيان أو التسامح، فأنا يتيمة من الأب، وكان أخي هو الوحيد من عائلة أبي الذي هو حي، وليس لدي أعمام أو أبناء عم أو أي طرف من عائلة أبي؛ لأنهم متوفون جميعا ليس لدي إلا أمي وزوجي، فأنا أحتاج لهذا المال لحمايتي من هذا الزمن. فهل لي الحق وإذا لي حق سينكرونه، وأخي قال لي وأمي شاهدة إنه باعها، وأنا لي حق فيها، وأتمنى أن أسامحه من كل قلبي، ولكن لا أستطيع، فأنا أريد حقي لكي أرتاح وهو يرتاح في قبره؛ لأن مال اليتيم نهى رب العالمين عن أخذه وتوعد بعقاب شديد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قام به أخوك من ظلمك وأكل مالك بدون وجه حق هو من المحرمات التي ترتقي لدرجة الكبائر. وقد توعد الله سبحانه من فعل ذلك بالعذاب الشديد في نار الآخرة ف قال سبحانه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا {النساء: 29، 30}
فالواجب على أبناء أخيك أن يقدروا لك حقك الشرعي من هذا المال، وأن يردوه إليك، إذا لم تكوني قد أبرأت منه أخاك بطيب نفس منك وبعد بلوغك سن الرشد؛ وبذا يكونون قد امتثلوا أوامر الله سبحانه وقاموا بالواجب عليهم تجاه أبيهم لتخليصه من التبعة العظيمة التي لقي الله تعالى وهي في رقبته.
فإن لم يوافقوا على ذلك فلك أن ترفعي أمرك للقضاء ليستخلص لك حقك منهم.
علما بأن اليتيم لا تقال للبالغ، وتراجع الفتوى رقم: 111024.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1430(12/8093)
حكم أخذ بيض دجاج الغير لكونه يتلف المحصول
[السُّؤَالُ]
ـ[هل بالإمكان أخذ بيض دجاجة وجدته في حقلي، مع العلم أنني أعرف صاحب الدجاجة وأنها تتلف المحصول، وكنت دائما أطلب من صاحبها أن يمنعها من الوصول إلى حقلي لكن دون جدوى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أخذ بيض هذه الدجاجة الذي وجدته في حقلك لأنه مال للغير، ولا يجوز أخذ مال الغير بدون إذن منه وكونها تتلف المحصول لا يبح لك أخذ بيضها، لكن بإمكانك رفع أمرها إلى صاحبها، فإن كفها عنك فبها ونعمت. وإلا فارفعي أمره للقضاء الشرعي لينظر فيه أو يأمره بتعويضك عن ما أتلفته إن كان فرض في حفظها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1430(12/8094)
الأخذ من مال الأم بدون علمها لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا ما تطلب مني أمى قضاء بعض الحاجات وتعطينى مالا، وفى معظم الأوقات ما يتبقى من هذا المال آخذه لي دون علمها، أو أنسى قضاء الحاجة فآخذ المال كله لى إذا نسيت، وأحيانا أخرى آخذ بعض المال دون علمها، فما الحكم؟ مع العلم بأني أصرف هذا المال فى وجوه الخير أحيانا، أو آتي بطعام للمنزل أحيانا أخرى، أو أنفقه على نفسي أحيانا، فما الحكم وهل علي وزر؟ وهل هذا المال الذي تصدقت به تعود الصدقة لها أم لي أم لنا إن شاء الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للابن أن يأخذ من مال أمه دون إذن منها وطيب نفس، سواء أكان المال قليلاً أو كثيراً.
وبناء عليه، فما تفعله من الاحتفاظ بما يبقى لديك ونحوه من مال أمك لا يجوز حتى يحصل إذن منها عامّ أو خاص في كل مرة ترسلك لشراء حاجاتها، وتصدقك بمالها بدون إذن منها يعتبر إثماً، فالمطلوب منك الآن التوبة إلى الله عز وجل وإخبار والدتك بالأمر، فإن عفت عنك وأجازت تصرفك فذاك، وإلا لزمك رد تلك المبالغ التي تصدقت فيها بغير إذن من صاحبها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1430(12/8095)
حكم أخذ الأجزاء الناتجة عن الصيانة
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم بصيانة أجهزة الموبايل. أغير أجزاء داخل الموبايل بعدها يعمل الموبايل بكفاءة. هل يحق لي أخذ الأجزاء الناتجة من الصيانة.علما أن بعضها يمكن استخدامه مجددا. ودائما ما أنسى إعادتها للزبون.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز لك أخذه واستبقاؤه دون إذن من صاحبه. وكذا لو كان فاسدا لكن يمكن الانتفاع به فيجب عليك رد ذلك كله إلى صاحبه، إلا أن يأذن لك في أخذه أو يُتسامح به عرفا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه الإمام أحمد. وقوله: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(12/8096)
حكم الدخول على شبكات الإنترنت غير المحمية
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي جهاز حاسوب مزود بما يسمى اللاسلكي أو تقنية -الواي فاي- وهي تسمح بالاتصال بشبكة الإنترنت لا سلكيا من خلال أي شبكة تتواجد في نطاق محدد لمنطقة تواجد الجهاز.
سؤالي هو:
ما حكم الدخول على إحدى هذه الشبكات الغير محمية -صاحبها لم يغلقها بكلمة سر- واستخدام خدمة الإنترنت بهذه الطريقة بدون علم أصحاب الشبكات-الذين بالتأكيد يدفعون اشتراكا مقابل حصولهم على الخدمة-، فهل يعتبر هذا سرقة، علما بأن دخولي معهم في الاتصال بالإنترنت بالتأكيد يؤثر على سرعة اتصالهم دون انقطاعه عنهم، فهل يختلف الحكم بالنسبة لمن يعلم صاحب الشبكة ممن لا يمكنه معرفة صاحبها، لتكدس منطقته بالسكان؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز لك الانتفاع بخدمة الإنترنت المملوكة للغير إلا بإذن منه، للحديث الذي في الصحيحين: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام.
واستخدامك لهذه الخدمة بدون رضى صاحبها يعد اعتداءا وخيانة. جاء في مواهب الجليل شرح مختصر خليل: في التنبيهات: الغصب في لسان العرب منطلق على أخذ كل ملك بغير رضا صاحبه من شخص أو مال أو منافع، وكذلك التعدي سراً أو جهراً، أو اختلاساً، أو سرقة، أو جناية، أو قهراً، غير أن الغصب استعمل في عرف الفقهاء في أخذ أعيان المتملكات بغير رضا أربابها وغير ما يجب على وجه القهر والغلبة من ذي سلطان وقوة، واستعمل المتعدي عرفاً في التعدي على عينها أو منافعها، سواء كان للمتعدي في ذلك يد بيد أربابها أو لم يكن كالقراض، والودائع، والإجارة، والصنائع، والبضائع، والعواري. انتهى.
ولكن قد تنصب الدولة بعض الشبكات اللاسلكية في الأماكن العامة لخدمة الناس وتمكينهم منها فلا حرج في استخدامها والانتفاع بها للإذن العام، فانظر فيما يصل إليك من شبكات هل هو عام فيجوز لك التقاطه دون إذن، أو هو خاص بمالك معين فلا يجوز فيه ذلك إلا بإذنه ورضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1430(12/8097)
لا بأس في احتيال المظلوم لأخذ ماله من ظالمه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يقول: ما حكم التحايل على من أريد منه مالاً ولا ينوي أن يعطيني إياه؟ مثلاً أريد من شخص 150دينارا، وهذا الشخص يعمل نجاراً، فاتفقت معه على عمل بثمن 150 دينارا حسب المبلغ الذي أريده منه، وعندما حان وقت السداد لم أعطه شيئاً، على اعتبار أني أريد منه المبلغ مسبقاً، مع العلم أني إن لم أعمل هكذا فلن أحصل على مالي منه إلا بهذه الطريقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في ذلك ما دمت تطالبه بنفس المبلغ، ولو أدى ذلك إلى الكذب عليه كي تصل إلى حقك.
قال ابن القيم في زاد المعاد: يجوز كذب الإنسان على نفسه وغيره إذا لم يتضمن ضرر ذلك الغير، إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقه. انتهى.
وفي دقائق أولي النهى: ويباح الكذب لإصلاح بين الناس، ومحارب، ولزوجه فقط، قال ابن الجوزي: وكل مقصود محمود لا يتوصل إليه إلا به. انتهى.
بل يجوز لك أن تأخذ مقدار حقك من ماله دون إذنه إذا ظفرت به.
قال البخاري رحمه الله: باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه، وقال ابن سيرين: يقاصه، وقرأ: وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به. اهـ
قال الحافظ ابن حجر: أي هل يأخذ منه بقدر الذي له ولو بغير حكم حاكم؟ وهي المسألة المعروفة بمسألة الظفر، وقد جنح المصنف إلى اختياره، ولهذا أورد أثر ابن سيرين على عادته في الترجيح بالآثار. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1430(12/8098)
تقدير القيمة التي يرد بها المغصوب
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ 11سنة - وأثناء تحضيري لزواجي- أعطتني أمي صوفا كان لأختي، أعطتني إياه دون استشارتها، وأنا الآن محتارة وأسألكم:
هل يجب علي أن أرد لها ثمنه، أم يجب على أمي ذلك؟
وإن كان الجواب بنعم، هل بثمن الصوف في ذلك الوقت أم بثمنه الآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للأم أن تأخذ من مال أحد أولادها شيئاً دون إذنه لتعطيه لولدها الآخر، وكان الأولى بك ألا تأخذي هذا الذي أعطته لك إلا بعد استئذان أختك فإن أذنت، وإلا رددتيه لها.
ولكن ما دام قد حدث هذا، فالواجب عليك إن كان هذا الصوف ما زال قائماً بعينه أن ترديه، أما إذا كان قد استهلك أو تلف، فالواجب عليك رد مثله إن كان له مثل، فإن تعذر مثله فالواجب رد قيمته، ويرد بأعلى قيمة له من يوم أخذه حتى وقت تلفه على ما ذهب إليه الشافعية في ضمان المغصوب.
جاء في فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب: إذ المعار يضمن بقيمته وقت تلفه، والمغصوب بأقصى قيمة من وقت غصبه إلى وقت تلفه. انتهى.
لكن إن أرضتها الأم، أوعوضتها عن صوفها بمثله، أو قيمته، فلا يلزمك أنت شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1430(12/8099)
يرد المال المغصوب للورثة بدون إعلامهم أنه مغصوب
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت مبلغا من مال جدتي من دون علمها لأشتري حليا على أن أرده لها بعد شهرين ولكن توفيت قبل ذلك بأيام مع العلم بأن جدتي كانت تحتفظ به لأجل مراسم الجنازة وقد تكفل بها عمي وأبي، ماذا أفعل بالمال الذي أخذته إذ أني أخاف أن أخبر أعمامي عنه فيظنوا أنه كثير وهو قليل فهل أتصدق به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أخذك لمال جدتك بدون علمها وإذنها يعد اعتداء على مال معصوم وقد حرم الله تعالى ذلك بقوله: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188} ، وفي الحديث: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد.
فالواجب عليك التوبة إلى الله تعالى من ذنبك، ويجب كذلك رد المبلغ إلى الورثة لأنه ملكهم الآن، ولا يجزئ عنك التصدق به لوجود مالكه وإمكان رده إليه.
وما قد يترتب على رده من سوء ظن من قبل أعمامك لا يعفيك من رد المال إلى أصحابه، وقد يكون الأمر على خلاف ما تتوقع فيعرفوا لك صدق توبتك وتنزهك عن الحرام، علماً بأنه يكفي رده إليهم ولو لم يعلموا عن تفاصيله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1430(12/8100)
هل يجوز بيع بضاعة يشك أنها مسروقة
[السُّؤَالُ]
ـ[قام أحد الأشخاص بإعطائي بضاعة لأبيعها له، وعندما عرف أحد أصدقائي بذلك، وكان يعمل مع هذا الشخص قال لي: إن هذه البضاعة مسروقة من المكان الذي يعمل فيه هذا الشخص، وأنا لا أعلم إن كان هذا الكلام صحيحا أم لا؟ فهل أقوم ببيع هذه البضاعة وأستفيد من ثمنها أم هي حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تيقنت أو غلب على ظنك صدق ما أخبرك به صديقك من كون البضاعة مسروقة فلا يجوز لك بيعها لما في ذلك من إعانة سارقها على الإثم والعدوان، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} .
وثمنها حرام لأن موكلك لا يملكها، وإن لم يغلب على ظنك صدقه، ولكن حصل عندك شك فيما أخبرك به فالأولى ترك بيعها أيضا، وإعادتها إلى صاحبها لقوله صلى الله عليه وسلم: من ترك الشبهات فقد استبرا لدينه وعرضه. رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. رواه النسائي وغيره.
والعمل بالاحتياط في مثل هذا أولى وأبرأ للذمة، سيما وأنك مجرد وكيل في البيع ولا تملك البضاعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1430(12/8101)
التصدق بالمال المسروق إذا عرف أصحابه لا يجزئ
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل ست سنوات كنت أمتلك دكانا لبيع المواد الغذائية وقد كنت أسرق من بعض زبائني الذين ائتمنوني وأنا نادمة كل الندم ونويت توبة نصوحا بإذن الله.
سؤالي هو: كيف أرجع الأموال إلى أصحابها مع أنني لا أعرف قدرها وأنني أيضا أريد أن أستر على نفسي هل يجزئ عن ذلك تقديري للمبلغ والزيادة عليه بمبلغ مضاعف ووضعه في المسجد خفية مع رسالة أطلب فيها من المسؤولين الانتفاع بالمال لمصلحة البلد.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت بالتوبة إلى الله تعالى، ومن شروط التوبة إذا تعلق الذنب بحقوق الآدميين أن يتم رد هذه الحقوق لأصحابها، فيجب عليك رد المال الذي سرقتيه لأصحابه، وإذا كنت لا تعلمين قدر هذا المال فعليك الاجتهاد في قدره وتردي ما يغلب على ظنك أن ذمتك تبرأ به، لأن الذمة لا تبرأ إلا بمحقق.
أما الستر على نفسك فهو أمر مطلوب شرعاً فلا يلزمك فضح نفسك بل يمكنك الرد بطريقة غير مباشرة، فعليك التلطف والاحتيال بطريقة ما لإعادتها، وأما التصدق بالمال فلا يبرئ ذمتك إذا كان إيصال الحق لأصحابه ممكناً، فإن تعذر معرفة أحد من أصحاب المال بعد بذل الجهد فتصدقي به عنه؛ لكن متى ما ظهر صاحبه خير بين أن يرد عليه مثل ما أخذ منه وبين أن يقبلها صدقة عنه.
ونوصيك بكثرة الاستغفار والإكثار من الطاعات، ونسأل الله عز وجل أن يتقبل توبتك ويوفقك إلى الخير والصلاح.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 3051، 6022، 23322، 40782، 73131، 113474، 117056، 117637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1430(12/8102)
الواجب أن يرد لأخواته نصيبهن من ريع الاستثمار
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت والدة زوجي وورث وأخواته ووالده منزلا من أمهم فطلب الأب تنازل البنات عن حصصهم من المزرعة (هي للأب ومكان عمل زوجي) مقابل أن يتنازل هو وولده عن البيت ولم يوثقوا تنازلهم للبنات بالبيت، وهذا البيت يسكنه الأب وقام باستثمار جزء من المنزل، وتكلف زوجي قيمة تجهيز هذا المكان ولم يعطوا البنات نسبة من قيمة الاستثمار، وبعد ذلك أراد الأب بيع المنزل لأنه قديم لشراء منزل جديد والبنات يرفضن البيع وزوجي يريد أن يأخذ نصيبه من المنزل بحجة أنه تكلف سابقا ببناء محل الاستثمار وهو ووالده ليس لهما حصصا أصلا ووالده يقول إنه تكلف أيضا في إضافات المنزل سابقا فهل من حقهما أخذ حصصهما، وهل من حق زوجي إعطاء نصيبه لوالده بحجة عدم إغضابه وأنه كان يزوج أخواته ويصرف على المنزل من تعبه، ولو أنه وضع المبلغ في استثمار غير المحل الذي بالمنزل لكان تضاعف الآن، والبنات يقولون إنها قد أخذا قيمة الاستثمار لوحدهما لمدة سنين، ويقول زوجي أيضا إنه لا يجب أن يغضبن والدهم من أجل المال، فما الذي على زوجي أن يفعل تجاه أخواته ووالده وربه، وأنا قلقة جدا أن يأتينا قرش حرام يضر بأولادي أو حياتنا كلها، وأنصحه دائما من دون فائدة فهو يقول أنه عمل سنينا طويلة تحت إمرة والده ولم يجن شيئا وكان مسؤولا عن مصروف أخواته ووالده وما دفعه بالمحل يجب أن يرد له. أرجو الرد سريعا وأرجو أن توجهوا كلمة لزوجي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت أحسن الله إليك في حرصك على البعد من المال الحرام، نسأل الله أن يعينك على ذلك إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أما بخصوص ما سألت عنه فإذا كان المقصود من حصص من المزرعة التي هي ملك للأب نصيبهن من الميراث من أبيهن فإن هذا التنازل باطل لانبنائه على باطل لأنه لا يجوز توزيع التركة في حياة المورث، ولبيان ذلك راجعي الفتوى رقم: 52598.
وعلى هذا فإن المزرعة باقية على ملك الأب، وحق الورثة في تركة المتوفاة باق حتى تقسم التركة فينال كل ذي حق حقه، وما أنفقه الأب والابن في المنزل بنية الرجوع فلهما الرجوع به على التركة، وما أنفقاه بنية التطوع فلا رجوع لهما فيه.
والحاصل من ريع الاستثمار فيه خلاف بين العلماء فمنهم من يرى أنه تابع للمال فيقسم بين جميع الورثة، ومنهم من يرى أنه تابع للجهة فيكون لزوجك وأبيه، ومنهم من يرى أن يقسم نصفين لزوجك وأبيه نصفه والنصف الآخر للورثة بمن فيهم زوجك وأبوه، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 52146، والفتوى رقم: 57000.
وإن كانت حصصهن من ملكية المزرعة عن طريق تمليك الأب لهن فالراجح وجوب التسوية بين الأبناء في الهبة، فإذا لم تحصل تسوية بينهم فالهبة باطلة؛ كما في الفتوى رقم: 54114، والفتوى رقم: 6242.
وعلى هذا نقول: إن واجب زوجك تجاه أخواته أن لا يظلمهن بل يرد إليهن نصيبهن من ريع الاستثمار، وواجبه تجاه أبيه أن ينصحه ولا يكون عونا له على الباطل، وواجبه تجاه ربه أن يتوب إليه، ومن مقتضيات التوبة إلى الله من حقوق العباد أن يرد إليهم ما أخذه منهم على وجه غير مشروع.
وللمزيد راجع الفتويين: 47722، 43052.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1430(12/8103)
إلزام الموظفات بدفع مبالغ شهرية بدون وجه حق هو ظلم محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن معلمات، وتطلب منا مديراتنا دفع مبالغ شهرية تصرف على (تصليح ماكينة التصوير - أوراق التصوير - تزيين الفصول - رواتب عاملات نظافة - وأمور أخرى) .
وهذه المبالغ ليس مطلوب منا دفعها من قبل إدارة التعليم، وإذا لم ندفع فإن بعض المديرات تسيء معاملاتنا أو تزيد الأعمال علينا، مقابل تخفيف الأعمال عمن تدفع من المعلمات، أو يقمن بإنقاص درجات الأداء الوظيفي الخاصة بنا، مما دفع بعض المعلمات إلى الدفع شهريا حتى لا تكون هناك مشاكل مع المديرات، وللحصول على ميزات أكثر. مع العلم أننا نخاف من تقديم شكوى عليهن حتى لا يزدن نكالا بنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على كل مسؤول استخلفه الله في مكان واسترعاه إياه أن يعلم أنه مؤتمن عليه، وأن واجبه حفظ الحقوق ودفع المظالم وأداء الأمانة في كل صغيرة وكبيرة، مما يدخل تحت إدارته ومسئوليته، وحق عليه أيضا أن يعامل أهل المكان من الموظفين والعمال بما يرضي الله سبحانه، فلا يترك لهم الحبل على الغارب، بحيث يفشو الإهمال وتضيع المصالح، وأيضا لا يكلفهم ما يعنتهم ويشق عليهم، فيجعل نفسه بذلك غرضا لسهام دعاء النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به. أخرجه مسلم.
وما تفعله هؤلاء المديرات من إلزامكن بدفع مبالغ شهرية بدون وجه حق هو من الظلم المحرم، ومن أكل أموال الناس بالباطل، وهذه -والعياذ بالله- هي صفات اليهود الذين قال الله عنهم: وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا {النساء: 161} ، وقد نهى الله سبحانه المؤمنين عن هذا المسلك بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء: 29} .
فعليكن أن تنصحنهن فتخبرنهن بحرمة ذلك، وأن تمتنعن عن الدفع لهن حتى لا تكن عونا لهن على ما لا يجوز، فإن لم تكن هناك استجابة فعليكن برفع الأمر للمسئولين ولا يرهبكن تهديدهن أو كيدهن، فالمؤمن ينبغي أن يكون خوفه من الله وحده، ورجاؤه في الله وحده، قال سبحانه: فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ {المائدة: 44} ، وقال: وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ {الأحزاب: 37} .
فلا داعي للخوف إذاً، فإن النفع والضر والعطاء والمنع كل ذلك بيد الله وحده، ومن توكل على الله كفاه، ودفع عنه كيد الكائدين وشر المؤذين. قال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ {الحج: 38} .
ولتعلم الموظفات اللائي يدفعن مثل هذه الأموال طمعا في الحصول على بعض المميزات أن عملهن هذا من الرشوة التي هي من كبائر الذنوب، والتي لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعلها، وقد سبق بيان حكم الرشوة في الفتوى رقم: 1713.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1430(12/8104)
حكم تملك ما اغتصبه الغزاة المعتدون
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في بلد في فلسطين المحتلة عام 1967.
قبل نحو 150 عام –أيام الحكم العثماني-كان بلدنا يقسم إلى 3 حارات وفي كل حارة حمولة, حمولة في الشرق وحمولة في الغرب وأخرى في الجنوب. وكانت الحمولة الجنوبية قليلة العدد واستضعفها أهل الحمولة الغربية بحيث إنهم كانوا يلقون منهم أذى كثيراً.
وكان في المنطقة أناس أغراب من الرّحل, فذهب إليهم أهل الحمولة الجنوبية واستعدوهم على أهل الحمولة الغربية فلبوهم إلى طلبهم.
ودارت بين الأغراب الغزاة وأهل الحمولة الغربية معركة طاحنة نجم عنها هلاك أنفس كثيرة وانتهت المعركة بهزيمة الحمولة الغربية أمام الأغراب الغزاة.
واستولى الغزاة الاغراب على أملاك الحمولة الغربية, أراضيهم وبيوتهم وكل مالهم وتملّكوها وتوارثها الأبناء عن الآباء.
وفي أعقاب الحرب العالمية الأولى وعند احتلال الانكليز لأرض فلسطين تم تسجيل الأرض لملاكها الجدد أبناء الغزاة وصارت إلى ورثتهم من بعدهم حتى يومنا هذا.
وتم خروج أهل الحمولة الغربية من بلدهم وأقاموا في العراء على بعد نحو 4 أميال غربي بلدهم حيث أقاموا لهم بلداً جديداً بقي حتى عام 1948.
وعندما احتل اليهود فلسطين نزح أحفاد الحمولة الغربية عن بلدهم الجديد إلى المنطقة التي أخرجوا منها في العهد العثماني –حيث دارت المعركة مع الأغراب- وأقاموا في البلد الذي أخرج منه آباؤهم قبل عشرات السنوات.
السؤال:
ما هو وصف وضع يد أحفاد أبناء الغزاة الأغراب على أرض الحمولة الغربية في هذا البلد وماذا عليهم أن يفعلوا في سبيل إبراء ذمتهم إذا كان يلحقهم إثم بسبب ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغصب لغة أخذ الشيء قهرا وظلما ومجاهرة، واصطلاحا له عدة تعاريف منها تعريف ابن جزي من المالكية حيث قال: هو أخذ الملك أو منفعته بغير إذن المالك على وجه الغلبة والقهر دون حراسة.
وعرفه الشافعية بأنه الاستيلاء على حق الغير عدوانا.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الغصب: ويدخل فيه ما أخذه الملوك والقطاع من أموال الناس بغير حق من المكوس وغيرها. اهـ.
وعليه، فإن ما أخذه الغزاة المعتدون غصب بحكم الشريعة ولا يحل لأبنائهم وإن كتبته السلطات بأسمائهم.
فما علمه الأحفاد من أرض ودار ومال أنها مغصوبة من قبل آبائهم يجب عليهم دفع ذلك كله إلى ورثة أصحابها وملاكها، وطول المدة لا يسقط الحق، ولأصحاب الحق أن يطالبوا هؤلاء بأجرة دورهم وأرضهم مدة انتفاعهم بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1430(12/8105)
ما يلزم عند تعذر رد قيمة المغصوب
[السُّؤَالُ]
ـ[في عام 1990 سحبت من الشركة كمية من الألمونيوم لتكملة منزلي كنوافذ، وقد تم سحبها بدون الإذن بذلك.. والآن أرغب في التوبة من هذا العمل، وإرجاع الحق لأصحابه، وقد قمت بتثمين الكمية المسحوبة وتحديد سعرها في ذلك الوقت.
علماً بأن الشركة عامة، وقد اندمجت مع الغير، فهل أضع المبلغ بحسابها، وأكون بذلك قد تطهرت من هذا الدين؟ أم أتصدق بالمبلغ، هل أحسب القيمة بسعرها الماضي أو حسب السعر الحالي؟ أفتوني بما يريح ضميري ويعفي ذمتي أمام الخالق العظيم يوم لا ينفع مال ولا بنون ... أنتظر الرد العاجل.. علي أحر من الجمر.. والموت على الأبواب لكل الخلق. وأخاف أن تأتي المنية قبل أن أصفي ما علي.. نأمل سرعة الرد.
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن إقدامك على أخذ كمية الألمنيوم من الشركة التي كنت تعمل فيها أمر محرم؛ لأنه أخذ للمال بالباطل وخيانة للأمان.
وتأخرك في التوبة إلى اليوم تفريط عظيم، فالتوبة واجبة من الذنب فورا.
وعليك الآن مع التوبة رد مثل ما أخذت، ولما كان رد المثل في مثل حالتك متعذرا فترد القيمة يوم السرقة كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 103314.
ولما كان رد القيمة إلى أصحابها أيضا متعذرا بسبب اندماج الشركة مع الغير فيجب أن تصرف هذه القيمة في وجوه البر ومصالح المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1430(12/8106)
يجوز للزوجة أن تأخذ من زوجها قدر ما أخذه منها من مال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة حيث أخذ زوجي أموالي وقال إني سأرجعها لأشتغل بها، ولكن لم يفعل أبداً وعندما أقول له أعطني أموالي يحاول التهرب وبالمقابل أحياناً أرى بعض الأموال الصغيرة لزوجي في جيوبه دون أن يعرف، فهل يجوز أن آخذها وأسترد بعضا من أموالي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوج الاستيلاء على أموال زوجته بالقهر والغلبة أو بسيف الحياء والمماطلة، فكل ذلك حرام وهو من أكل أموال الناس بالباطل، إذ لا يجوز مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه، وقد حرم الله ذلك بقوله: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188} .
وإذا عجزت الزوجة عن أخذ أموالها بعلم الزوج ورضاه جاز لها أن تأخذ قدر حقها بدون علمه، وراجعي في مسألة الظفر بالحق الفتوى رقم: 28871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1429(12/8107)
موظف يرفع السعر بدون علم الشركة ويأخذ الفرق له
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أخي يعمل فى فرع لشركة خاصة لتقديم خدمات مديرها يطلب منهم رفع السعر من وراء رؤساء الشركة ويأخذ الفارق لصالحه الشخصي، فهل أخي هكذا أمواله من هذا العمل حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يقوم به هذا المدير من الكذب وأكل أموال الناس بالباطل، ويجب على أخيك أن ينصحه ويبين له حرمة ذلك، وعليه أن يسعى في بيان ذلك لرؤساء الشركة.
أما حكم ما يأخذه أخوك من هذا العمل فهو مباح لأنه أجير على عمل مباح، لكن لا يجوز له أن يعين هذا المدير على عمل ذلك، وإذا كان قد سلمه شيئاً من تلك الأموال فإنه يضمنه للشركة، لأنه يعتبر خانها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1429(12/8108)
التوبة من حقوق العباد تقتضي عفوهم
[السُّؤَالُ]
ـ[سبق وأن أرسلت لكم سؤالي رقم: 2198578 بخصوص الشراكة بيني وبين أخي فى سيارة وقد أفتيتموني بأن ما قمت به من بيع لنصيبي فى السيارة جائز، ولكن ما لم يكن جائزاً هو بيعي لنصيب أخي الذي قبض ثمن نصيبه وعلى ذلك اعتذرت لأخي واعترفت له بخطئي أمام جمع من الأهل وطلبت منه أن يسامحني ولكنه رفض فهل علي من إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت -أحسن الله إليك- في القيام بالاعتذار لأخيك عما بدر منك من الاعتداء على ماله ببيع جزئه الذي يملك من السيارة دون إذن منه، وإذا كان أخذ نصيبه من ثمن السيارة فهذا يصحح بيع جزئه منها لدلالة أخذه ثمن جزئه على رضاه بذلك، لكن يبقى الإثم المترتب على التعدي على بيعه دون إذنه باقياً ما لم يعف عنك لأن التوبة من حقوق العباد تقتضي عفوهم في مثل حالتك، والنصيحة تكرير الاعتذار إليه من حين لآخر وتوسيط أهل الثقة والصلاح بينك وبينه والإكثار من عمل الصالحات والتزام الإحسان إليه فإن الإحسان يستل الضغائن من القلوب، فقد قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:35} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1429(12/8109)
يجوز أخذ الحق المغصوب من أصحاب العمل دون زيادة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل بإحدى الشركات بالخارج وكانوا يعطونني راتبا ثابتا نظير عملي وفى إحدى المشاريع كلفوني بأعمال فوق طاقتي وخارج نطاق عقدي معهم وكانوا يهددونني بالفصل إن لم أفعلها علما بأنها تتطلب مجهودا زائدا عن أوقات العمل المتعاقد عليها.... فهل لي أن آخذ من الشركة ما يوازى هذا المجهود بدون علمهم؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلك مطالبة أصحاب العمل بأجر مقابل ما قمت به من عمل خارج نطاق العقد المتفق عليه، فإن لم تجد سبيلاً لاستيفاء ما تستحقه من أجر إلا أن تأخذ من مال الشركة بدون علم أصحابها، ففي ذلك خلاف بين أهل العلم، والفتوى عندنا في الشبكة على جواز ذلك. فمن كان له حق عند آخر ولم يتمكن من استرجاعه منه إلا بأخذه منه خلسة دون علمه فيجوز له ذلك بشرط أن لا يأخذ إلا حقه دون زيادة.. وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28871، 49905، 60160.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1429(12/8110)
من عجز عن رد المظالم إلى أهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن تعرف لي حكم الدين فمن أخذ مالا بدون علم صاحبه ليحل به أزمة ومشاكل كانت سوف تهدم حياته لكثرة الديون عليه فاشتغل سنين لسداد ديونه والحمد لله ولكن بقي هذا المال وهو الآن لأعمل له وهذه الأموال كثيرة عليه ولا يستطيع ردها ولا يملكها لأنه دفعها لحل مشاكل كان لا يستطيع حلها بدونه فما الحل فهو خائف من الله ويستغفر كثيرا ويطلب من الله أن يقضي دينة علما بأنه يصلي ويصوم نوافل كثيرة ويحفظ القرآن ولا يستطيع فعل أي شيء لأنه لا يملك أي مبلغ لرده خصوصا أنه عاش سنين لقضاء ديونه ولن يستطيع الاقتراض مرة أخرى لرد هذه المظالم فما هو الحل للذي لا يقدر على رد المظالم وهو تائب إلى الله وخائف من الله أرجوك أعني ولا تقل إنه ليس هناك أمل فأنا مكتوفة اليدين وعائشة كل أيامي أحلم بمخرج في فتوى تريحني فلا أجد غير رحمة الله الواسعة أرجوك منتظرة الرد بفارغ الصبر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أغواه الشيطان وزين له أخذ أموال الناس تحت همِّ الديون وخشية تبعتها فسبيل خلاصه أن يتوب إلى الله عز وجل ويندم على ما فعل ويرد المال المأخوذ إلى مالكه إن كان حيا أو إلى ورثته إن كان ميتا، ولا تكتمل توبته إلا برد الحق إلى صاحبه، فإن عجز عن ذلك فقد قام بالواجب المستطاع؛ لقوله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة: 286} . ومع هذا يبقى الدين في ذمته إلى أن ييسر، فإن مات مع استمرار العجز وصدق التوبة فيرجى أن يقضيه الله عنه إن فعل ما يستطيع، والله تعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. {التغابن، 16} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1429(12/8111)
يجوز أن تأخذي حقك من رب العمل من تلك الفلوس
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل منذ عام تقريبا فى شركة قطاع خاص للمفروشات صاحب العمل اتفق معي على راتب ولم يف بهذا الاتفاق وهذا غير الخصومات الكثيرة على راتبي بحجة أنني ضعيفة فى مجالي وأخطائي كثيرة فى حين أنني عندما أقرر أترك العمل لا يريد تسوية مستحقاتي لأنه لا يريد أن أترك الشركة لأنه لن يجد أحدا يقبل الراتب الحالي وفي الوقت نفسه عندي مسحوبات من منتج الشركة أقسط ثمنها يعني هذا الرجل الذي يسرق حقي وتعبي له عندي فلوس من طريق آخر، السؤال هو: هل لي أن لا أدفع هذا المبلغ ويكون تسوية لحقي المسروق أم أنا ملزمة بالدفع، وماذا عن حقي هل أتركه له مع العلم بأنني أن آجلا أم عاجلا سوف أترك هذه الشركة، فأرجو الإفادة بحق الله للضرورة القصوى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإجارة عقد يلزم كل طرف بما عليه للطرف الآخر, فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ... {المائدة:1} , فعلى المؤجر أن يفي بما التزم من أجرة, وعلى الأجير أن يفي بما التزم من عمل, فإذا أخل أحدهما بما عليه كان ظالما.
وبناء على ما ذكرت فإن مؤجرك ظالم بعدم وفائه بما التزم به من الراتب وبخصمه المتكرر إذا كان لغير مقتضى شرعي.
أما بخصوص ما سألت عنه فإن من له حق على آخر ولا يستطيع أخذ حقه منه بالطرق المشروعة يجوز له أخذ حقه دون زيادة منه خفية, وهذا ما يعرف عند الفقهاء بمسألة الظفر, وأصلها حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قالت هند أم معاوية لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أبا سفيان رجل شحيح فهل علي جناح أن آخذ من ماله سراً، قال: خذي أنت وبنوك ما يكفيك بالمعروف. رواه البخاري ومسلم , وقد قدمنا الحديث عنها في فتاوى عديدة منها الفتوى رقم: 8780، والفتوى رقم: 6022.
وبناء على هذا فلك أن تتوصلي إلى حقك من رب العمل بأخذ حقك من تلك الفلوس التي عندك له إذا لم تجدي وسيلة لأخذ حقك إلا بذلك، وللمزيد راجعي الفتوى رقم: 27080، والفتوى رقم: 28871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1429(12/8112)
يجوز لمن ظفر بحقه أن يتملكه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف ظُلمت في صرف استحقاق من المدير وبعد فترة صرف لي استحقاق بزيادة تقارب ما ظُلمت فيه، فهل يحل لي هذا، أفيدوني؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل منع من حق مالي يوجبه عقد العمل ولم يقم به مانع يمنع ذلك فلا حرج عليه في أخذ قدره إذا ظفر به، إذا لم يترتب على ذلك مفسدة أعظم من مفسدة ضياع الحق، وراجع في مسألة الظفر الفتوى رقم: 28871.
وينبغي أن يعلم السائل إلى أنه لا يلجأ إلى هذه الطريقة إلا عند تعذر أخذ حقه بطريقة علنية قانونية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1429(12/8113)
تستحق المبلغ الذي أخذه منك وما بذلته من مال في سبيل إرجاعه
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت مع شخص مشروع تربية أرانب بالمال فقط على أنه استثمار ب 57500جنيه وأنه في كل مدة آخذ ربحا فمثلا كل مدة متغيرة مثلا كل شهرين كل 40يوما آخذ 2500جنية لمدة 3مرات ثم تهرب مني وظهر أنه لا يوجد مزارع ولا أي شيء وأنه ينصب على الناس ولما أحسست أنه يتهرب جعلته يكتب لي شيكا ب100000 جنيه وبعدها قلت له أنا أريد فلوسي الأصلية فقط، أصبح يتهرب وفعلا أخذ من أناس كثيرين مبالغ يشغلها معه وهرب المهم أني رفعت قضية بالشيك منذ 3 سنوات قعد يماطل ويقول (مش امضيتى مره ومرة يكتب ورقة ويقول أني أخذت الفلوس ويمضى باسمى) المهم قعد يماطل 3سنين وبدأ يبعث أناسا كي يتفاهموا معي على أخذ البعض، وأنا قد سافرت لعدة دول وصرفت حوالي 10000جنيه على القضية حتى آتي بفلوسي؟
علما أن هذه الفلوس كنت أعمل بها وأصرف من ذلك على بيتي، أريد أن أعرف كم يكون حقي حتى آخذه ولا أكون ظلمته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت من أن هذا الشخص نصاب فحقك فقط هو المبلغ الذي أخذه منك وما بذلته من مال في سبيل إرجاعه ومقاضاته لأن أجرة المغصوب على الغاصب.
جاء في الأشباه للسيوطي: مؤنة الرد واجبة على الغاصب. انتهى.
وأما ما عدا ذلك من أرباح هذا المبلغ لو كنت عملت به فلا حق لك فيها لأن عملك بهذا المبلغ ليس أمرا مؤكدا وحتى لو فرض أنه أمر مؤكد فإن ربحك فيه ليس مؤكدا كذلك، إذ استثمار المال عرضة للربح والخسارة كما هو معلوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1429(12/8114)
حكم تصرف أحد الإخوة الأرض المشتركة
[السُّؤَالُ]
ـ[قطعة أرض زراعية 15 قيراط تم شراؤها من ثلاثة أشخاص إخوة منذ 14 عاما الأول 8 قراريط والثاني 6 والثالث قيراط واحد على المشاع.. رأس الأرض عليها مباني بالطوب اللبن مساحتها قيراط وأقام بها الأخ الأول أما الأخ الثاني أراد البناء على القيراط المخصص له منذ ست سنوات وحررت له قضية بناء على أرض زراعية استمرت بالمحاكم 4 سنوات كاملة صرف على هذا الموضوع كثيرا من الأموال وأيضا من الناحية المعنوية غير تعرضه للسجن إلى أن حكمت المحكمة بإمكانية البناء على هذه الأرض بمساحة 60 متراً وبعد عامين الآن يطلب الأخ الأول هدم المباني التي على رأس القطعة وبنائها بالأسمنت المسلح وإقامة عدة طوابق هنا طلب الأخ الثاني نصيبه في الأرض التي أصبحت مباني من الأخ الأول والأخ الثالث الذي تحمل الكثير في سبيل جعل هذه الأرض مباني وطلب من الأول نصيب ضعف نصيب الثالث على أساس أن قطعة الأخ الثالث تالية لقطعة الأخ الأول وأيضا ما تحمله من عناء في سبيل جعلها مباني وعلة الأخ الثاني في ذلك حتى لا يظلم نفسه وأولاده من حقوق وأيضا لا يكون نصيبه أرضا زراعية فقط.. أرجو الإفادة حرصاً على علاقة الأخوة التي تربط بيننا.. وأنا الأخ الثالث والأصغر ومطلوب مني تعويض لآخي الثاني بمبلغ مقداره 20000 جم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هؤلاء الإخوة اشتروا الأرض على المشاع دون أن يختص واحد منهم بجزء منها معلوم فالأصل أنه لا يجوز لواحد منهم استغلال جزء منها ببناء أو غرس ونحو ذلك إلا برضى الباقين، ولو فعل ذلك بدون إذن كان في حكم الغاصب، لأن كل جزء من هذه الأرض مشترك بينهم، ولكل واحد منهم إبطال هذا التصرف أو التراضي عليه أو التصالح.
جاء في تحفة المحتاج: لو كانت الأرض مشتركة بين شخص وآخر فغرس أو بنى بغير إذن شريكه فإنه يكلف القلع لتعديه بفعله لأن كل جزء مشترك بينهما، فكان كالغاصب. انتهى.
وأما ما دفعه واحد منهم في مصلحة الأرض ولم يكن متبرعا بذلك فيلزم الجميع الاشتراك فيه، وكل ما تقدم إنما هو قبل الفرز والتقسيم.
أما إ ذا حصل فرز وتقسيم فلكل واحد منهم حرية التصرف في نصيبه، وإذا بذل أحدهم نفقات على نصيبه فلا يلزم الآخرين شيء من ذلك إلا أن يتبرعوا.
وأخير نوصي بالحرص على الصلح بين الإخوة وعدم المشاحة فإن الصلح خير كما قال تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1429(12/8115)
ما يلزم من ورث أرضا وعلم أنها مغصوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الفاضل: رجل يملك قطعة أرض زراعية قام عليها بزراعتها والأكل منها هو وعياله وهو يعلم أن هذه الأرض نهبها جده الخامس أو السادس (أي قبل 200-250 سنه) من رجل بعد أن قتله, ويزعم أن الرجل المقتول ليس له أقارب أحياء حتى يعيد لهم هذه الأرض التي هي ملك لجدهم المغدور. فما حكم هذه الأرض؟ هل يمسكها ويعيش منها هو وعياله وهو يزعم أنه ليس لديه مصدر رزق غيرها؟ هل يتصدق منها عن نفسه أو عن الرجل المقتول؟ ولو تيسر له مصدر رزق ولو كان قليال غير هذه الأرض هل يوقفها أو يتصدق بمحصولها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حرم الله سبحانه وتعالى الغصب لما فيه من الاعتداء على ملك الآخرين, فقد قال تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة: 188} .
وقال صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام. رواه البخاري ومسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين. رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء وله نفقته. رواه الإمام أحمد والأربعة إلا النسائي وحسنه الترمذي.
والواجب على الغاصب وعلى من حصل له شيء من مال مغصوب بشراء أو بإرث أو هبة إرجاعه إلى مالكه أو ورثته , ويجب عليه البحث عنهم لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فإن وجدهم دفعه إليهم, وإذا تعذر وجودهم وجب التخلص منه بصرفه في بعض وجوه الخير كبناء المستشفيات أو كفالة الأيتام ونحو ذلك، ولا يصح أن ينفق منه على نفسه ولا على من تلزمه نفقته , وكذلك يجب عليه أن يدفع قيمة منافع الأرض التي عطلها.
قال الخرشي في شرحه على مختصر خليل: (وَوَارِثُهُ وَمَوْهُوبُهُ إنْ عَلِمَا كَهُوَ (ش) يَعْنِي أَنَّ وَارِثَ الْغَاصِب ِ وَمَنْ وَهَبَهُ الْغَاصِبُ شَيْئًا إنْ عَلِمَا بِالْغَصْبِ حُكْمُهُمَا حُكْمُ الْغَاصِبِ فِي غَرَامَةِ قِيمَةِ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَلِلْمُسْتَحِقِّ الرُّجُوعُ بِالْغَلَّةِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ.
وبناء على هذا فإن على هذا الرجل أن يتوب إلى الله من إمساك هذه الأرض التي يعلم أن جده غصبها وأن يرجعها إلى ورثة مالكها إن وجدهم وإلا صرفها في وجوه الخير.
وللمزيد راجع الفتاوى التالية: 52720، 103603، 6454، 97941.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1429(12/8116)
حكم السكنى في البيت الذي هجره أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لأحد دخول بيت فارغ غير مسكون بدون علم أهله وهو أيضا لا يعلم من هو صاحب البيت ونحن في العراق، هو دخل وجلس في البيت لأنه مهجور هل يجوز أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للمسلم استعمال ملك الغير بدون إذن صاحبه الشرعي، وفراغ البيت من أهله أو خلوه من ساكن لا يبيحه للغير، والأصل في الأموال الحرمة لقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين وغيرهما: إ ن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1429(12/8117)
حكم كتابة الزوج أرض زوجته باسمه بغير رضاها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوج أن يكتب باسمه قطعة الأرض التي اشترتها زوجته بمالها؟ وهل يجوز بيعها والتصرف في المال دون علمها ومن غير أخذ رأيها؟
وعندما ناقشته في هذا الموضوع صرخ وقال: سنفض ما بيننا وسأبيع البيت وأعطيك مالك وكل واحد يمشي في طريقه أي بالطلاق فما رأيكم؟
وعندما حاولت الاتصال بأحد أفراد العائلة للتدخل قال لي: إذا تدخل أحد في الموضوع فأنتي طالق. فأرجوكم أريد منكم النصيحة والرأي بأسرع ما يمكن وحدث هذا في يوم أمس الأربعاء.
وللعلم أن مالي الذي أخذه سدد به دينا له وكان هذا الدين مما يخص الشعوذة واستخراج الكنوز وكنت رافضة لهذا الأمر بشدة.
بالله عليك يا شيخي الكريم لا تهمل رسالتي فأنا في حيرة وفي حاجة إلى رأيكم في أسرع وقت حتى لا أفعل شيئا أندم عليه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوج أن يكتب باسمه الأرض التي لزوجته إلا بإذنها فإن ما تملكه الزوجة خاص بها لا يشاركها غيرها إلا أن تعطيه بطيب نفس؛ لقوله تعالى: فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً. {النساء: 4} .
ولا يجوز له أن يتصرف في هذه الأرض إلا بعلمك ورضاك، وإذا تصرف فيها دون إذنك فإن تصرفه كتصرف الفضولي – وهو من يبيع مال الغير من غير توكيل أو ولاية - وهو موقوف على الإجازة من المالك عند الحنفية والمالكية ورواية عند الحنابلة، وباطل عند الشافعية والحنابلة في الرواية الأخرى.
أما ما يقوم به الزوج من التهديد بالطلاق فهذا ليس علاجا تحل به المشاكل الزوجية بل هو مضاد لما أمر الله به من العشرة الحسنة.
قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ. {النساء:19}
وقال تعالى: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة:229} .
فلا ينبغي للمسلم أن يتخذ الطلاق هزوا، فإن الطلاق حد من حدود الله تعالى، وهو علاج لا يستخدم إلا عند فساد الحياة الزوجية وتعذر استقامتها واستدامتها، أما أن يكون وسيلة تهديد وإرعاب فلا، فليس حل المشاكل هو التهديد بالطلاق وتكراره في كل مناسبة.
فالواجب عليك هو النصح باللطف لزوجك مع مراعاة عظيم حقه عليك، وتبيني له حرمة التعامل مع المشعوذين وما جاء في ذلك من الوعيد، وينبغي لك أن تتحري الحكمة في معالجة الأمر مع زوجك لئلا يقع الشقاق والنزاع فيحدث ما لا تحمد عقباه، بل ينبغي أن تتلطفي معه وتستعيني بأهل الخير والعقلاء من الناس.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 16108، 24324، 39161، 69969، 79050، 92951، 110596، 111344.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1429(12/8118)
موظف البلدية يوزع البضائع المصادرة على الفقراء فهل لهم أخذها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا موظف في الحي يعمل في البلدية ووظيفته أخذ البضائع من البائعين في الطرقات من خضروات وفواكه وغيرها من البضائع وبعد ذلك يأتي إلى الحي ويوزعها على الفقراء والمساكين.
السؤال: هل يجوز أخذ هذه وإن كانوا يعلمون أنها أخذت من البائعين ظلماً. أفتوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمال المسلم مال محترم لا يجوز أخذه دون وجه حق، لقوله تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. {البقرة: 188} .
وقوله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا. رواه البخاري ومسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم أيضا: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس. رواه أحمد وصححه الألباني.
فإن كان هؤلاء الفقراء والمساكين يعلمون أنها أخذت من أصحابها ظلما ـ كما في السؤال ـ فلا يجوز قبولها؛ لما في ذلك من التعاون على ظلم الناس وإقرار المنكر، ومشاركة صاحبها في الإثم، كما قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} .
اللهم إلا في حال الضرورات التي تبيح المحظورات.
وإما إن قبلها من لا يعلم حالها ولا أصل مأخذها فلا بأس عليه، وإنما الإثم على الغاصب نفسه.
وهذا مبناه على أن التعزير بالمال محرم، وهذا قول جماهير العلماء، وقد سبق بيان ذلك بأدلته في الفتوى رقم: 34484.
قال السندي في حاشيتيه على سنن النسائي وسنن ابن ماجه: غالب العلماء على نسخ التعزير بالمال. انتهى.
وخالف في ذلك بعض أهل العلم، منهم ابن تيمية وابن القيم فقالا: إن التعزير بالمال سائغ إتلافا وأخذا.
وصور التعزير بالمال أربعة: إما بحبسه عن صاحبه، أو إتلافه، أو تغييره، أو تمليكه. والتمليك هو الصورة المذكورة في السؤال. ومن التعزير بالتمليك: قضاء الرسول صلى الله عليه وسلم فيمن سرق من الثمر المعلق قبل أن يؤخذ إلى الجرين بجلدات نكال، وغرم ما أخذ مرتين. وفيمن سرق من الماشية قبل أن تأوي إلى المراح بجلدات نكال، وغرم ذلك مرتين. وقضاء عمر رضي الله عنه بتضعيف الغرم على كاتم الضالة. وقد قال بذلك طائفة من العلماء، منهم: أحمد وغيره، ومن ذلك إضعاف عمر وغيره الغرم في ناقة أعرابي أخذها مماليك جياع، إذ أضعف الغرم على سيدهم، ودرأ القطع. انظر الموسوعة الفقهية الكويتية.
ومما سبق يُعرف خلاف العلماء في أصل التعزير بالمال، وعلى القول بجوازه لابد من النظر في البلدية المرادة بالسؤال، فإن كان نظامها في أخذ هذه الأشياء قائما على مراعاة مصلحة المجتمع ككل، وأنهم يمنعنون الباعة من استخدام أماكن معينة مراعاة لمصلحة معتبرة شرعا كسعة الطريق مثلا، وقد اعتمدوا في ذلك على فتوى من يعتد به من أهل العلم، فالأظهر أن عملهم هذا ليس بحرام.
فقد جاء في السنة مراعاة مثل هذه المصالح، ومن ذلك ما رواه مُعَاذُ بْن أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ كَذَا وَكَذَا فَضَيَّقَ النَّاسُ الْمَنَازِلَ وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ فَبَعَثَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيًا يُنَادِي فِي النَّاسِ أَنَّ مَنْ ضَيَّقَ مَنْزِلًا أَوْ قَطَعَ طَرِيقًا فَلَا جِهَادَ لَهُ. رواه أبو داود وأحمد. وحسنه الألباني.
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: إِذَا عَرَّسْتُمْ فَاجْتَنِبُوا الطَّرِيقَ فَإِنَّهَا طُرُقُ الدَّوَابِّ وَمَأْوَى الْهَوَامِّ بِاللَّيْلِ. رواه مسلم.
وعليه فأخذ البلدية لهذه الأشياء في مثل هذه الأحوال ليس من الظلم المحرم، بل هو من العقوبة والتعزير الجائز شرعا، ولكن بالقيود السالفة الذكر. وذلك أن الباعة وأصحاب الحرف والصناعات وغيرهم ممن يعملون عملا مباحا، وهذا المباح يمكن لولي الأمر تقييده في الأمور التي يترتب على تقييده فيها مصالح ظاهرة.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: قد يكون الإجبار حقا لولي الأمر بتخويل من الشارع دفعا لظلم أو تحقيقا لمصلحة عامة. انتهى.
والأفضل على أية حال هو معاملة مثل هذه الأشياء على أنها مغصوبة وأنها من حق أصحابها، عملا بالأحوط والأورع، وخروجا من الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1429(12/8119)
حول استيفاء المعلمة بدل الضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي معلمة كيمياء، وهناك نص في النظام يقضي بصرف بدل ضرر لها بواقع 240 ريالاً شهرياً، وتمت الموافقة على منحها هذا البدل بعد مضي أكثر من عام من توظيفها، وذلك اعتبارا من تاريخه وليس بأثر رجعي.
أختي الآن لا تستحق هذا البدل بعد نقلها إلى تدريس الصفوف الدنيا والسؤال هو:
1. هل يجوز أن تأخذ البدل الآن حتى تستوفي المدة السابقة للقرار.
2. وإذا كان ذلك لا يجوز فهل تقوم بإخراج هذا المبلغ شهرياً في حساب إبراء الذمة التي أعلنت عنه الدولة وذلك حتى يتم إعادتها إلى التدريس في الصفوف العليا. وذلك لأن إجراءات المطالبة به من جديد تأخذ وقتاً طويلاً بعد التنازل عنه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا البدل الذي يمنح لأختك يرجع فيه إلى شروط التعاقد أو إلى اللوائح أو النظام الذي يحكم التعاقد، لما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقاً وأبوداو د وحسن إسناده ابن الملقن في خلاصة البدر المنير (2/69) .
فإن كانت الجهة التي تعمل بها أختك قد خالفت النظام المعمول به، ومنعت أختك البدل الذي تستحقه بموجب النظام، فلأختك أن تسلك السبل المشروعة لاستعادة حقها، ويمكن أن يكون ذلك بالشكوى إلى المسئولين أو رفع الأمر إلى القضاء الشرعي، فإن عجزت عن ذلك جاز لها أخذ مقدار حقها، وهذه المسألة تعرف بمسألة الظفر، ويمكنك أن تراجع فيها الفتاوى الآتية أرقامها: 8780، 6022، 28871.
وفي هذه الحالة يجوز لأختك أخذ هذا البدل بمقدار ما كانت تستحقه في الفترة السابقة، وما زاد على ذلك فإن أمكنها رده إلى الجهة الباذلة له دون ضرر وضعته في حساب إبراء الذمة، لأن حساب إبراء الذمة أو صندوق إبراء الذمة هو حساب مصرفي خيري فتحه بنك التسليف السعودي يودع فيه من يرغب من المواطنين والمقيمين أي مبالغ يرى أنه حصل عليها بغير وجه حق، على أن يقوم البنك باستخدام تلك المبالغ في تقديم تمويلات لأغراض اجتماعية مثل الزواج وقروض الأسر وترميم المنازل، وهذه القروض هي قروض بدون فوائد ربوية كما ينص نظام البنك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1429(12/8120)
جدتها مريضة وتعرض عليها المال لقاء خدمتها ورعايتها
[السُّؤَالُ]
ـ[جدتي مريضة ولا تتحرك تماما وأنا كنت المسئولة عن سد احتياجاتها من التغيير لها وغيره, جاءها فلوس فأخوالي ووالدتي قالوا: توضع باسمي في البنك على سبيل الأمانة لسد احتياجاتها لأني أنا المسئولة عنها, أنا أخذت منهم 250 ووالله ناوية أسدهم ولكني غير قادرة الآن نهائيا, هي دائما تقول لي: خذي فلوسا لما أعمل لها أي حاجة لكن هي أحيانا تكون غير مركزة لأنها عندها جلطة في المخ, ماذا أعمل وما الوزر الذي علي؟ وهل أنا هكذا لم أؤد الأمانة يا رب سامحني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في هذا المال الذي قمت بأخذه إذا كنت محتاجة لهذا المال، فالوكيل على مال شخص وتدبير شؤونه لا يجوز له التصرف في ماله إلا بما فيه المصلحة، ولا بأس عليه أن يأخذ من المال شيئاً إذا كان محتاجاً إليه لقضاء حاجته مقابل قيامه عليه، فقد رخص الله عز وجل للقائمين على أموال اليتامى أن يأكلوا منها بالمعروف إذا كانوا فقراء.
فقال الله تعالى: َمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:6}
ولك أن تراجعي في ذلك فتوانا رقم: 65680.
وإذا كنت محتاجة فالأولى أن تتفقي مع أخوالك على أن يكون لك مبلغ معين من المال كل شهر مثلاً؛ لأن في ذلك إبعاداً للتهمة عنك ومنعاً من أن تسول لك نفسك أخذ ما لا يحل لك.
وننبهك أن هذا الأخذ مقيد بقدر الحاجة، ولا يجوز لك التوسع في ذلك، لأن الأصل أنه لا يجوز التصرف في حق الغير إلا بإذنه، ولو كان المتصرف ولدا أو زوجة، والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا. رواه البخاري ومسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس. رواه أحمد وصححه الألباني.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتويين رقم: 29795، 111184.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1429(12/8121)
عجلي بالتوبة من خيانتك للأمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[طبيعة عملي مديرة مكتب، من ضمن أعمالي حسابات الشركة والمصروفات، أحياناً كنت أحتاج بعض المال فكنت أقوم بسحب بعض النقدية من العهدة لدي، ثم أسويها آخر الشهر، وبمرور الوقت لم أستطع سداد هذه المبالغ فكنت أدخلها في حسابات الشركة، طبعاً هذا من المؤكد أنه حرام، وأنا الآن أريد أن أكفر عن هذا الذنب، مع العلم بأنني لم أعد أعلم كم من مال الشركة أنا سحبت، وأيضاً حالياً ليس لدي مال لأسدد ما سحبته، لكن من طبيعة عمل الشركة أنها تعطي نسبة لأي شخص يقوم بإدخال عملاء جدد للشركة، وأنا لدي عملاء أدخلتهم للشركة وهي تتقاضى عنهم مالا، فهل يجوز أن أتنازل عن حقي في هذه الأموال للشركة كتعويض عما أخذته من أموال، أم هل هناك شيء آخر أقوم به لأكفر عن هذا الذنب، أرجو أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأموال التي لديك هي أمانة، والأمانة يجب حفظها وتأديتها إلى أهلها، فقد قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا {النساء:58} ، ويحرم الاعتداء عليها لأنه خيانة للأمانة، وقد حرم الله خيانة الأمانة، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27} ، فالواجب عليك التوبة إلى الله بإرجاع هذه الأموال التي أخذتها من الشركة إليها.
وإذا كنت لا تعلمين قدرها وجب عليك إرجاع ما يغلب على ظنك أنه كاف لتسديدها، فإذا ثبت أن لك حقاً على الشركة يكفي لذلك فلا بأس بالتنازل عنه للشركة مقابل ما لها عليك، وإن كانت أقل وجب عليك تسديد الباقي، فإن لم يكن عندك في الحال وجب عليك الغرم على سداده ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، وللأهمية في ذلك تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6022، 27080، 28871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1429(12/8122)
حكم من استعان على أكل أموال الناس بالباطل بالقوانين الوضعية
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد حرم الله عز وجل سرقه الأموال وجعل لها حد قطع اليد -وأكل أموال الناس بالباطل- لأن المال من الأشياء المحترمة، وقال النبى صلى الله عليه وسلم "من مات دون ماله فهو شهيد"، والمؤمن لا يسرق وهو مؤمن، ولكن ما هو حكم من يستحل أكل أموال الناس بالباطل وهو متكئ على القانون الوضعى الذى يحل ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر لنا أنك تسأل عن حكم من يأكل أموال الناس بالباطل عن طريق التحاكم إلى القوانين الوضعية، وقد سبق في الفتوى رقم: 33285، والفتوى رقم: 6856 بيان أن أخذ أموال الناس بالباطل من كبائر الذنوب وأقبحها، وفاعل ذلك مستحق للعقاب في الدنيا، وهو متوعد في الآخرة بدخول النار وبئس القرار.. وأكل أموال الناس بالباطل لا يجوز ولو حكم بذلك حاكم شرعي استناداً لظاهر الأمر، وقد سبق في الفتوى رقم: 74152 بيان أن خطأ الحاكم ونحوه لا يحل الحرام، كما في صحيح البخاري. عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله وسلم قال: إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض فمن قضيت له بحق أخيه شيئاً بقوله فإنما أقطع له قطعة من النار فلا يأخذها.
ولا شك أن فعل ذلك استناداً للقوانين الوضعية أشد إثماً.. وسبق في الفتوى رقم: 55851 أن من استحل الكبائر المتفق عليها أو أنكر معلوماً من الدين بالضرورة فإنه يكفر، واستحلال الكبائر يكون بمجرد اعتقاد حلها وإن لم يفعلها المستحل لها، قال الإمام ابن قدامة في المغني: من اعتقد حل شيء أجمع على تحريمه، وظهر حكمه بين المسلمين، وزالت الشبهة فيه للنصوص الواردة فيه، كلحم الخنزير والزنى وأشباه هذا مما لا خلاف فيه كفر، لما ذكرنا في تارك الصلاة، وإن استحل قتل المعصومين وأخذ أموالهم بغير شبهة ولا تأويل، فكذلك. انتهى.
فإذا كنت تقصد باستحلال أكل أموال الناس بالباطل اعتقاد حلها فإن من فعل ذلك يكفر، أما إن كان المراد أن يتساهل في ذلك ويتأول لنفسه بلا ورع ولا حياء فإنه يكون مرتكباً لكبيرة من الكبائر، فإن استعان على أكل أموال الناس بالباطل بالقوانين الوضعية -دون استحلال لها أو تفضيل لها على أحكام الشريعة- فإنها كبيرة أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1429(12/8123)
هل يمكن أخذ الحق بالسرقة إذا عجزت عن أخذه بالحق
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل عند قريب لي لمدة 7 سنوات, وكان هذا الشخص لا يعطيني راتبي بحجة أنني قريبته وظروفه متعسرة, في حين أنه يعطي جميع الموظفين راتبهم وبالزيادة, وكان مرارا ما يعدني بأنه سوف يعطيني جميع حقوقي ولكن حين ميسرة, ولكن دون جدوى, وعندما كنت أترك العمل لا يعطني أي مستحق لي إلا إذا رجعت وعملت عنده وآخذ دفعات وإلا لا يوجد لي أي مستحق لي, استمر الوضع لفترة رغم انه يعلم ظروفي، أني يتيمة الأب ومعاشي من والدي قليل وأنني أذهب إلى الأطباء باستمرار, إلى أن ضاق صدري بما يحدث فلجأت لأخذ مبالغ من ورائه ودون علمه إلى أن تعبت وضاق صدري أحس أني آكل حراما، بالرغم من أن هذه المبالغ من حقي وتركت العمل, وهو طلب أن أرجع للعمل وآخذ فلوسي على دفعات وهو الحل الوحيد وبالفعل رجعت للعمل وعملت بما يرضي الله ولا آخذ فلوسا إلا بإذنه، بدأ يتضايق عندما أطلب منه فلوسا فتركت العمل مباشرة حتى لا أكرر ما فعلته بالماضي، الآن انا في حيرة ماذا أفعل، إنني أخاف من عقاب الله وأن الأقارب لا يتدخلون لحل هذه المشكلة, والمبالغ الموجود عنده الآن وبعد، المبالغ التي أخذتها أكثر من 15000 جنيه وأقسم لكم أنه حين يعطيني فلوسي سوف أقول له عن الفلوس التي أخذتها منه، ولكن الآن هو لا يعطيني حقي بحجة ظروفه بالرغم من أن الجميع يشهد بظروفه المتيسرة، ولا استطيع أن أقول له عما أخذته منه، من فضلكم أفيدوني لكي يستريح ضميري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعله هذا القريب مخالف للشرع الذي يدعو إلى إيفاء الأجير حقه قبل أن يجف عرقه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
وبخصوص أخذك من ماله مقابل ما لك عليه فإنه لا حرج عليك في ذلك إذا تعين طريقة للتوصل إلى حقك وهو ما يعرف عند الفقهاء بمسألة الظفر أخذا من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل علي في ذلك من جناح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بني ك. رواه مسلم.
ولا يجب عليك إخباره بذلك، بل النصيحة أن لا تخبريه حتى لا يترتب على ذلك ضرر أكبر، لكن لا تأخذي إلا بقدر حقك، كما يمكنك الاستمرار في العمل إلى حين الحصول على مستحقاتك كاملة بالطريقة الممكنة,
وإذا لم تخبريه فالاحتياط أن تكفري عن قولك أقسم مراعاة لمن يرى انعقاد اليمين بها وهو أبو حنيفة وصاحباه والمالكية إذا نوى الحلف بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1429(12/8124)
حكم من يستولي على مال الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد استأجرت سيارة من بلد غير عربي غير الذي أقيم فيه. ودفعت مبلغ 1000 إضافي كتأمين وعندما أرجعتها سألني الموظف تأجيل رد التأمين لحين التحقق من المخالفات..وإلى اليوم (شهر) لا يرد الموظف على أي اتصال مني.. هل تعتبر هذه سرقة وما عقوبة فاعلها من القران والسنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مبلغ التأمين الذي دفعته إذا كان أخذ منك بقصد الرجوع عليه عند وجود مخالفة أو تلف يحصل للسيارة بسبب تفريطك أو تعديك في استعمالها فهذا أمر مشروع لأن المستأجر يضمن العين المستأجرة إذا فرط أو تعدى، وأما في غير هذه الحالة فلا يضمن شرعا لأنه أمين والأمين لا يضمن، وراجع الفتوى رقم: 79629.
وعلى كل حال فإن عدم رد الموظف على الاتصال وبالتالي عدم رد المبلغ إن لم يكن له عذر لا يعتبر سرقة بالمعنى الشرعي للسرقة؛ وإنما يعد مماطلة في رد الحق إلى صاحبه، واستيلاء على مال الغير، وفاعل ذلك آثم في الدنيا والآخرة، ويحل لك شكايته ومقاضاته في الدنيا لمن يأخذ على يده ويرد الحق إلى أهله.
قال تعالى: لاَّ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا عَلِيمًا {النساء:148}
وهو مستحق للتعزيز من ولي الأمر أو من ينوب عنه في هذا الشأن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1429(12/8125)
من اغتصب مالا ثم رده لصاحبة فلم يقبله
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان في ذمتي لشخص مال اغتصبته أو سرقته منه وبعد التوبة والندم أتيته لأرد إليه ماله وذلك بعد سنين فرفض وقال حقي أريده يوم القيامة.فهل حقه يسقط لأني أتيته لأرده وهو الذي رفض؟ أم أن الله يمكنه من حسناتي ليقتص؟ أو يتحمل الله عني مظلمته إذا قبل الله مني توبتي وصلحت النية وكانت خالصة نصوحا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لمن أرجع إليه حقه أن يمتنع من قبوله، علما بان ذمة الآخذ لا تبرأ إلا برد المال إلى صاحبه، وعليه.. فإن رددت هذا المال برئت ذمتك وتمت توبتك إن شاء الله، ولو لم يقبله.
وينبغي أن يكون إرجاعه بحضرة الشهود لئلا يطالب به مرة أخرى، أما ما دمت متمسكا بالحق محتفظا به فلن تبرأ ذمتك. ولك في حالة عدم قبوله أن تحتفظ به أمانة عندك إلى أن يرضى صاحبه بأخذه أو يموت فينتقل الحق فيه لورثته فتعطيه لهم حينئذ، وراجع للتفصيل والفائدة الفتوى رقم: 71635.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1429(12/8126)
حكم الشرب والوضوء بالماء المستجلب بكهرباء مغصوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى فضيلتكم لي مشكلة في ديني في البيت نسرق الكهرباء لنجلب الماء من الآبار هل يجوز الصلاة والشرب من الماء أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في حرمة سرقة الكهرباء، ومن فعل ذلك فهو آثم ويلزمه ضمان قيمة الكهرباء المغصوبة وعليه التوبة إلى الله تعالى.
وأما الشرب والوضوء بالماء المستجلب بكهرباء مغصوبة.. فإن اقتصرت السرقة على الكهرباء فقط لا على الماء فهذا ماء مباح استجلب بمغصوب، والذي يظهر أنه يجري فيه كلام الفقهاء في الماء المسخن بمغصوب هل يكره استعماله أو يباح؟ وهما روايتان في مذهب الحنابلة، والمذهب أنه يكره.
قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: المسخن بالمغصوب وفي كراهة استعماله روايتان إحداهما: يكره وهو المذهب، والرواية الثانية لا يكره.. انتهى مختصرا.
وأما إن كان الماء أيضا مغصوبا من البئر لم يجز استعمال ذلك الماء في الشرب إلا في الضرورة الملجئة، ولم يجز استعماله في الوضوء أيضا، فإن توضأ به فقد اختلف الفقهاء في صحة الوضوء بماء مغصوب، والمفتى به عندنا صحة الوضوء مع الإثم؛ كما في الفتوى رقم: 46050، والفتوى رقم: 63681، والفتوى رقم: 63938.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1429(12/8127)
حرمة غصب الاستحياء
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة حق الأخت على أخيها خاصة إن كانت متزوجة وهل من حقها أن تطلب منه شراء أشياء لها ولا تدفع له بحجة أنهما أخوان، هو سكت ولم يمانع ولكنه لم يعرض عليه وفي نفس الوقت تحرج من أن يقول لها أين النقود، أنا بصراحة مع أخي لا أفعل ذلك فلو طلبت شيئا أدفع ثمنه، مع ملوحظه أن ما ذكرته كان عندما كانت تطلب أشياء نحضرها لها من خارج مصر ولا تدفع ثمنها كأنه من حقها أن تطلب ما تريد.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من أنواع الغصب الاستيلاء على أموال الناس بسيف الحياء، فمتى علم الآخذ أن المعطي إنما يعطيه شيئا حياء منه بدون طيب نفس حرم عليه تناوله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق الأخت على أخيها أن يصلها ويبرها بالكلمة الطيبة والزيارة، وينبغي أن يصلها بالهدية والصدقة إن كانت فقيرة، وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب نفقة الأخت الفقيرة على أخيها القادر إن لم تكن متزوجة. جاء في المغني: وظاهر المذهب أن النفقة تجب على كل وارث لمورثة.
وبالنسبة للأخت المتزوجة فنفقتها الواجبة على زوجها، وللأخ أن يصلها بهدية وصدقة ونحو ذلك من أنواع الصلة والبر، وأما عن موضوع الهدايا التي يشتريها الأخ لأخته فينظر إن كانت توكله في شرائها فثمنها لازم لها إلا أن تطيب نفس أخيها بالثمن أو بعضه لأخته، وإن كانت تطلب منه ذلك على وجه الإهداء والبر بها فلا يجوز أن يكون ذلك منها على وجه إلزام أخيها بسيف الحياء، ومتى علمت أنه يترك مطالبتها بالثمن حياء حرم عليها الامتناع عن دفع الثمن إليه. وفي الحديث: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد.
وإذا ترك الأخ مطالبة أخته بالثمن حياء وعلمت الأخت بذلك فإنه لا يحل لها الامتناع عن دفع الثمن وإلا صارت متناولة لمال أخيها بوجه محرم.
وقد جاء عن أهل العلم كما في قول الإمام الغزالي رحمه الله: إن الغصب نوعان: غصب استيلاء، وغصب استحياء، فغصب الاستيلاء أخذ الأموال على جهة القهر والغلبة، وغصب الاستحياء هو أخذه بنوع من الحياء، وهما حرامان لأنه لا فرق بين الإكراه على أخذ الأموال بالسياط الظاهرة، وبين أخذه بالسياط الباطنة. انتهى من الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1429(12/8128)
هدم المسجد المبني رغما عن الملاك
[السُّؤَالُ]
ـ[علماءنا الأفاضل ... قامت شركة باستخراج التراخيص القانونية لبناء أربعة أبراج على مساحة أرض بالإسكندرية (جمهورية مصر العربية) ثم بيع وحدات هذه المباني على الناس بحيث يكون كل مشترٍ هو مالك وحداته مع حصتها من مساحة المشروع ككل.. وهذا ما يعرف في مصر باتحاد الملاك. وقد تم شراء الوحدات بناء على الرسوم التي توضح أماكن المداخل والمناور والمساحات الخضراء وغيرها وهي ملكيتها مشاعة بين ملاك الوحدات.... وقد تم استلام الوحدات طبقا لذلك وتم السكن فيها من قبل الملاك. وتبعا للرسومات والتراخيص وما قام عليه عقد البيع مع الشركة يوجد منو بين برجين عبارة عن مساحة صغيرة تفتح فيها البلكونات (التراس) وتكون مصدراً للهواء والشمس ... إلا أن الملاك فوجئوا وبدون رضاهم بقيام الشركة وعلى عجالة بإضافة جزءٍ من المدخل العام إلى هذه المساحة لتصبح كافية لبناء وحدة إدارية صغيرة تتكون من حجرة واحدة ومدخل بالإضافة لحمام صغير مع مكان لمصعد كهربائي وشرعت الشركة مخططةً لبناء 15 دوراً....... حيث بالفعل أقامت الدور الأرضي والأول والثاني العلويين حيث تصدى لها الملاك وقامت الجهات الرسمية الإدارية بوقف أعمال البناء لمخالفته التراخيص وأصدرت أوامر بالإزالة لعدم وجود تراخيص.. مما أدي بالشركة إلي توقف أعمال البناء وهناك الآن قضية ما زالت تنظرها المحاكم لإلزام الشركة بإزالة هذا المبني غير المرخص والقائم على الملك العام للملاك والمخالف لشروط البيع والذي أدى إلى سد البلكونات والشبابيك على الوحدات. إلا أن الشركة قامت الآن وأثناء نظر القضية بتحويل الدورين الأرضي والأول علوي إلى مسجد لتقام فيها الصلوات الخمس الآن مما أوقع الناس في حرج شديد.. فأفتونا مأجورين:
1-هل يجوز تنفيذ الأمر بإزالة هذا المبني بعد تحويل دورين منه لمسجد (الأرضى والأول علوي) ؟
2- هل يجوز إزالة الدور الثاني علوي وهو الخالي حاليا وغير مستغل كمسجد؟ أفتونا مأجورين في أقرب ما يمكن لرفع الحرج الذي نقع فيه نحن الملاك إذ يقولون لنا هل ستهدمون المسجد؟!!! ....... وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
هذا المسجد بني في مكان مغصوب، ولا تجوز الصلاة فيه، وقيل ببطلانها، ويجب هدمه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من التفاصيل عن الطريقة التي بنت بها الشركة ما أرادت إضافته من البناء يفيد أنها غصبت تلك الأرض من أصحابها. والمسجد لا يجوز أن يكون في مكان مغصوب، وإذا بني المسجد في مكان مغصوب فإن الصلاة فيه تحرم بلا خلاف بين أهل العلم، ومنهم من قال ببطلانها.
قال النووي رحمه الله في المجموع: الصلاة في الأرض المغصوبة حرام بالإجماع وصحيحة عندنا وعند الجمهور من الفقهاء وأصحاب الأصول، وقال أحمد بن حنبل والجبائي وغيره من المعتزلة باطلة. انتهى.
ومن هذا يتبين لك أن هدم المسجد المذكور ليس مجرد جائز، وإنما هو واجب، ولا يجوز أن يصلى فيه، ولا فرق في هذا بين الدور العلوي وبين غيره. وهذا ما لم يأذن جميع الملاك بإقامته في المكان ولا يعتبر إذنهم إلا إذا كانوا جميعا بالغين رشداء، ومعرفة رأي مثل هؤلاء وحالهم من مجموع السكان الذين لا يؤمن أن يكون فيهم أيتام أو محجورون بسبب سفه أو جنون أمر متعذر جدا وبالتالي فالواجب الهدم بكل حال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(12/8129)
حكم الشرع في تصرفات الغاصب في الأرض المغصوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أعياني التفكير كثيراً في هذه المسألة حيث إنها جداً مصيرية كما سيتبين فأرجوكم رجاء لحوحا أن تمحصوها جيداً.. سأختصر ما استطعت.. أعيش منذ 20 عاما في أرضنا التي لم أهتم يوما من أين أتت كل ما أعلم أننا سوف نأخذ منها قسما وفقا لقانون الإصلاح الزراعي الذي طبق في بلاد الشام وتبادر إلى أذني قول شيخ على إحدى الفضائيات بحرمة الأخذ بمقتضى هذا القانون إذ إنه إجحاف بمالك الأرض، ولكن أهلي لم يقتنعوا أبدا بما قلت لهم حيث إن أمي قالت بأنها استلمت الأرض من جدي الذي كان هو مبرم العقد منذ زمن بعيد وهي أتت إلى الأرض بعد الإجحاف الذي تعرضت له من قبل جدي، حيث إن أبي رجل يعاني بعض المشاكل الذهنية لذا فقد كان يميزه وزوجته عنا، المهم انتقلنا إلى الأرض وهنا قامت أمي مقام جدي وكانت الأرض مثقلة بالديون الكثيرة فدفعتها أمي مرغمة كانت الديون كثيرة جداً حتى أنها تساوي قسما من الأرض، أمي ومنذ زمن تريد شراء أرض فهي هائمة بالأرض والعمل بها قامت أمي بشراء قطعة أرض إلا أن جدي قام بإعادتها رغما عن أنف أمي حصل خلاف بين جدي وأمي قضى بتطليقها من قبل جدي لأنها آثرت البقاء في الأرض عندما قام جدي بطلب إعادتها إلى بيته، المهم أحضر جدي أناسا آخرين إلى الأرض وقاموا بالعصيان فيها "لم يكن للقانون تلك السلطة تلك الأيام" استطاعت أمي العودة إلى الأرض بالمال الكثير والجهد الجهيد وعادت إلى أبي عادت أمي إلى الأرض، توفي جدي "رحمه الله " الذي كان يأخذ قسما من المواسم لا بل جلها كل ما كانت أمي تريده أرض تؤوينا لذا فكانت راضية مقهورة أبي خارج اللعبة وبعد وفاة جدي انتقلت المشاكل إلى أعمامي"عم وعمتين" الملخص استطعنا البقاء في الأرض بعد دفع المال الكثير والجهد الجهيد
والآن طبق القانون وسيأخذ صاحب الأرض والمزارع حصته حسب القانون باع المالك حصته وانتقلت الملكية إلى المالك الجديد الرجل جد مسالم وديّن عرض علينا البيع فأبينا إلا أننا في آخر المطاف بعناه قسما منها
وأسئلتتي إلى حضرتكم، هل قول أمي صحيح بأننا استلمنا الأرض بعد إقرار القانون أي أننا لم نحصل على الأرض ونحن نعمل عند صاحب الأرض فوقع عقد بما فيه أخذنا للأرض إذا كان ذلك غير جائز فهل نستطيع أخذ ما وضعناه في الأرض تلك الأيام نقوداً أو حتى أرضا، إذا طلبنا منهم نقودا أجرة لنا على حماية الأرض حيث إننا دخلنا في خلافات أبعدتنا عن أهلنا وعن أقربائنا كثيرا لأنه كان من معنا وكان من معهم ودفعنا الكثير من المال أم يعتبر ذلك إذا بالحياء منهم و"ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام "، أخي أخذ قسما من ثمن الأرض المباعة إلى الخليج ليعمل بها وهو ليس مقتنعا بما أقوله فما هو موقفي الشرعي من هذا الوضع المعقد.
باعت أمي باقي الأرض فماذا أستطيع أن أفعل علما بأنني أعرف أين الشيك الذي فيه المبلغ، وسؤالي الأخير "إذا أخذنا بعين الأعتبار أن الأرض قد ارتفع ثمنها فهل نقوم بإعطائهم ثمن حصتنا عند بيعهم لحصتهم أم هذا لا يجوز علما بأنهم راضون بمبلغ قدره 1200000 ل. س وثمن الدنم عند بيعهم الأرض 600000 وثمن الدنم عند بيعنا للأرض 1400000ل. س، أم يعتبر ذلك إجحافا بهم أم ماذا ربما تباع الأرض بالكامل في حين انتظار وصول الرد فأرجو الإفتاء في حالة البيع وعدمه، وأرجوكم الرد في أسرع وقت ممكن؟ وأعتذر على الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم الأخ السائل أن قانون الإصلاح الزراعي هذا إذا كان يملك العامل في الأرض دون موافقة مالكها أو لا يملكه ولكن يؤبد الإجارة أو يمدها إلى مدة لا يرضاها مالك الأرض، فإنه قانون يخالف كتاب الله تعالى ويضاد شريعته التي حرمت غصب أموال الناس والاستيلاء عليها بدون حق، قال الله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188} ، وفي الحديث: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم ... متفق عليه. وفي الحديث أيضاً: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد.
وعليه فالأرض المغصوبة باقية على ملك صاحبها الأول، وإن تعاقبت عليها الأيادي وتصرفات الغاصبين لها تصرفات باطلة، ويجب على من آلت إليه هذه الأرض المغصوبة تسليمها لمالكها، وأما عن الغرس الذي غرس فيها ففيه تفصيل راجعه في الفتوى رقم: 28270.
ولا عبرة بما غرمه الغاصب في الأرض المغصوبة لأن يده عليها يد غصب ويلزمه الرد على كل حال، جاء في الروض المربع: ويلزم غاصباً رد المغصوب.. وإن عزم على رد المغصوب أضعافه. انتهى.
كما أن الغاصب مطالب بدفع قيمة منافع الأرض المغصوبة طيلة مدة الغصب، وإذا باغ الغاصب الأرض فبيعه باطل لأنه باع ما لا يملك، لكن إن أجاز البيع المالك (المغصوب منه) فهل ينفذ أم لا، على قولين عند أهل العلم.
وعليه، فإذا أجاز مالك الأرض البيع فيجب دفع الثمن الذي بيعت به الأرض إليه، وإذا كان الأخ السائل يعرف مكان ثمن الأرض المغصوبة ويمكنه الوصول إليه فيجب عليه أخذه ودفعه للمالك، وأما الجزء الذي أخذه أخوه فلا يؤاخذ به، وإنما إثمه على من أخذه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1429(12/8130)
بأي ثمن ترد السلعة المغتصبة
[السُّؤَالُ]
ـ[خطيبي كان يعمل في ورشة لصنع الملابس الجاهزة في تلك الفترة قام بأخذ بعض الملابس ولكن والحمد لله تاب الله عليه وأصبح ملتزما ويقيم الصلاة وهو تائب عما أخذ من هذه الورشة مع الذكر أنه لم يعد يعمل بها فهو يريد أن يرد المسروق إلى صاحبه، فعلمت من بعض الإجابات المتوفرة بالموقع أنه يمكن أن يقوم بإرسال سعر المسروق عن طريق حوالة بريدية مع عدم ذكر الاسم لكي يستر على نفسه، ولكن سؤالي يتمثل في أن النقود التي يقوم بردها هل هي بسعر تكلفة الملابس أم بالسعر الذي يبيع به صاحب الورشه، مثلا تكلفه صنع الملابس100 جنيه وهو يقوم ببيعها في السوق بـ150 جنيه فعلى أي أساس يقوم برد النقود على سعر التكلفة أو السعر الذي يبع به، فأفيدوني كرم الله وجوهكم يوم التلاقي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن ما فعله الشخص المذكور من الاعتداء على مال الغير ومن الخيانة لصاحب الورشة الذي ائتمنه على ماله مما يستوجب التوبة النصوح، ولا تتم توبته إلا برد ما أخذه إلى صاحبه، فإذا كانت هذه الملابس التي أخذها موجودة قائمة على حالها لم تلبس أو تتلف أو تبع فيجب ردها بعينها وهذا لا خلاف فيه بين العلماء.
جاء في الموسوعة الفقهية: لا خلاف بين الفقهاء في وجوب رد المسروق إن كان قائماً إلى من سرقه منه. انتهى.
أما إذا لم تك هذه الملابس موجودة أو كانت قد استعملت فيجب على الشخص الذي أخذها ضمانها لصاحبها، والضمان أن يرد مثلها إن كان لها مثل، فإن لم يك لها مثل رد قيمتها يوم سرقتها.
جاء في فتاوى ابن تيمية: وإذا تغير السعر وفقد المثل فينتقل إلى القيمة وقت الغصب وهو أرجح الأقوال. انتهى.
وعليه؛ فينظر كم كانت قيمة هذه الملابس يوم سرقتها، وتدفع القيمة إلى صاحب الورشة، والمراد بالقيمة هنا الثمن الذي تباع به هذه الملابس ولو بسعر الجملة وليس سعر التكلفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1428(12/8131)
حكم الوضوء بماء مأخوذ بطريقة غير شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى فضيلة الشيخ أنا عامل في إحدى مؤسسات الدولة المشكلة هي أن مدير المؤسسة عندما تأتي فاتورة الماء يؤخر الدفع حتي يأتي مسؤولون من مؤسسة المياه فيقطعون عنا المياه بسبب عدم الدفع لكن مدير المؤسسة يعيد ربط المياه خفية، سؤالي هو: هل يجوز لي أن أتوضأ بهذه المياه والصلاة أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ثبت أن الماء مأخوذ بطريقة غير شرعية فلا يجوز الوضوء به ولا استعماله بأي طريقة من أكل أو شرب، وانظر لذلك الفتوى رقم: 63938، والفتوى رقم: 46050.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1428(12/8132)
حكم أخذ الزوجة التي تساعد زوجها في أعماله من ماله بدون علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة، زوجي يملك متجراً لبيع البيزا وأنا أساعده كثيراً، كما أنه يشتغل أستاذاً وأنا التي أصحح جميع الفروض والاختبارات كوني حاصلة على شهادة جامعية عليا في ذلك التخصص لكني ماكثة في البيت، لكن رغم كل ما أبذله من جهد فهو لا يعطيني شيئاً من النقود، أعلم أن الله يجازيني لكن أحب أن يكون بحوزتي ولو قليلا من المال لأدخل فرحة على والدي المحتاجين ولو بعلبة من البسكويت، سؤالي هو: هل يجوز لي أن آخذ قليلا من المال من غير علمه مقابل ما أبذله من جهد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت من أنك تساعدين زوجك في عمله فلك أن تطلبي منه أجراً على ذلك ولك أن تتوقفي عن مساعدته حتى يعطيك هذا الأجر، أما أن تأخذي من ماله دون علمه فلا يجوز ذلك، اللهم إلا أن يكرهك على العمل دون مقابل فلك حينئذ أن تأخذي من ماله دون علمه بقدر أجرة المثل، وهذا ما يعرف عند أهل العلم بمسألة الظفر، وقد تقدم الكلام فيها في الفتوى رقم: 28871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1428(12/8133)
الصفح والتجاوز عن المختلس التائب أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي تعمل فى بنك وتلاعبت بأرقام الحسابات الخاصة بالعملاء وأُجري لها تحقيق فى البنك وجاء عليها ثلاثون ألف جنيه وقمت أنا بدفع هذا المبلغ حتى لا تحدث فضيحة لها وتم نقلها إلى بنك آخر وأنا كنت لا أعرف عن هذا الموضوع أي شيء حتى قالت لي وللعلم لي منها ولد وبنت وأنا فى إحدى الدول العربية أعمل، فما العمل مع زوجتي ومع العلم أن هذا يسمى اختلاسا، ولكن قمت أنا بستر الأمر وقوفا بجانبها ووعدتني بعدم الرجوع إلى هذا الأمر والنقاب والالتزام الديني، فما العمل بالله عليك يا شيخ؟ ولكم الأجر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت بالستر عليها ودفع هذا المبلغ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة. رواه البخاري ومسلم.
وما دامت قد وعدت بالتوبة والرجوع إلى الله فينبغي أن تقبل منها هذا، لكن مع النظر في الأسباب التي دعتها إلى الاختلاس حتى تُحسم هذه الأسباب وتُعالج، علماً بأن لك أن ترجع بالمبلغ الذي دفعته عليها -إن كنت قد نويت الرجوع- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: مذهب مالك وأحمد بن حنبل المشهور عنه وغيرهما أن كل من أدى عن غيره واجباً فله أن يرجع به عليه إذا لم يكن متبرعاً بذلك وإن أداه بغير إذنه؛ مثل من قضى دين غيره بغير إذنه، سواء كان قد ضمنه بغير إذنه وأداه بغير إذنه أو أداه عنه بلا ضمان. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 2464.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1428(12/8134)
حكم مرور الشخص في أرض مملوكة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز عبور أرض الغير للذهاب الى المسجد لأداء الصلاة دون إذنه مع العلم أن هذه الأرض ليست مزروعة وهي أقرب إلى المسجد من أي طريق أخرى وحتى لا تفوت صلاة الجماعة خصوصا صلاة الصبح؟
ولكم مني جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرور بأرض الغير سواء إلى المسجد أو إلى غيره يختلف حكمه بحسب حال الأرض المراد المرور منها، وحال الشخص المار، ونحن نذكر ما لخصه صاحب درر الحكام شرح مجلة الأحكام وهو من كتب الحنفية حيث جاء فيه: إذا أحاط صاحب الأرض عرصته بحائط أو بستارة فلا يحل لأحد المرور بتلك الأرض والدخول فيها، وإذا لم يحطها على الوجه المشروح فلا يحل لأحد أيضا المرور منها إذا كان له طريق آخر، أما إذا لم يكن له طريق آخر فيجوز له المرور إذا كان المار شخصا واحدا، أما إذا كان المارون جماعة فلا يجوز المرور أيضا، كما أنه لا يجوز المرور إذا منع صاحب الأرض المرور صراحة لأن التصريح يبطل الدلالة.
أما المرور من الطريق الحادث فإن كان معلوما أن صاحب الملك قد اتخذه طريقا فيجوز المرور، وإن كان غير معلوم فلا يجوز. انتهى. .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1428(12/8135)
الحقوق المغصوبة لا تسقط بالتقادم
[السُّؤَالُ]
ـ[لدى عائلتي قطعة أرض قديمة قد تصل إلى ثالث جد وقد وضعت الدولة يدها عليها دون أن تعطي تعويضا للعائلة وخصصت جزءا منها لمدرسة والجزء الآخر عملت فيه شارعا وهذا الشارع قد عملته الدولة منذ أكثر من عشرين عاما واستعمله أصحاب الأراضي المجاورة وباعت أراضيها على أنه شارع رسمي مع العلم أن كل الورثة لم يتكلم منهم أحد وهم ينظرون--
السؤال هو هل لنا أن نطالب بتعويض من الدولة بعد مرور أكثر من عشرين عاما وهل لنا الحق بمنع هؤلاء الذين اشتروا هذه الأراضي بمنعهم من فتح باب فيها أفيدونا مأجورين لأن الأمر اختلفنا فيه.
وأجركم على الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الأرض مملوكة لكم لم يتم تنازل أصحابها أو الورثة الذين آلت إليهم قبلكم عنها ولم يكن سكوت أصحابها أو الورثة عن تصرف الدولة فيها عن رضا بل عن خوف وإكراه فلكم أن تطالبوا بتعويض عادل من الدولة على نزع ملكيتها ولو مرت عليها المدة المذكورة بل وما هو أكثر منها فإن حقكم فيها -والحالة ما ذكرنا- لا يسقط بالتقادم.
وفي هذه الحالة لكم أن تمنعوا من فتح أبواب عليها حتى تتقاضوا تعويضا عنها لأن ذلك تصرف في ملككم بغير حق، علما بأننا لا ننصح بأن تقوموا بهذا المنع لأنه قد يجر إلى مفاسد عظيمة ومشاكل مع الحكومة وأصحاب هذه الأراضي لا تحمد عقباها، والأولى من ذلك إحالة الأمر إلى القضاء لينظر فيه ويرد إليكم حقكم، أو تصبروا حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا وتتمكنوا من استرجاع حقكم.
ولتراجع للأهمية الفتاوى التالية أرقامها: 60874، 4429، 9660، 59494.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1428(12/8136)
حكم الصلاة في مكان مغصوب
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا بقريتنا جماعة قاموا بفتح زاوية للصلاة فى بيت متنازع عليه بين الورثة بناء على تنازل من مطلقة صاحب البيت التي سجلت البيت باسمها بعقد قديم أو مزور وهذا البيت من المفروض أنه إرث للزوجة الجديدة التي مات الرجل وهي على ذمته وأولاده الذكور والمطلقة هذه هي التي تنازلت عن هذه الزاوية، فما حكم الصلاة في هذه الزاوية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في الصلاة أنها تصح في كل مكان طاهر؛ لحديث: جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً.. وحتى المكان المغصوب تصح فيه الصلاة مع الإثم في قول جمهور أهل العلم؛ كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 7296.
فإذا كانت الزوجة الأولى المطلقة قد ملكت البيت بطريقة مشروعة كهبة صحيحة من زوجها ثم أذنت في إقامة الصلاة في مكان منه وهي رشيدة فتصرفها صحيح، والصلاة فيه جائزة بلا خلاف، وإذا كان البيت متنازعاً عليه بين الورثة ويشكون في تزوير ملكيته -كما ذكر السائل- فإننا ننصح بالرجوع للمحكة الشرعية لتنظر في ملكية البيت وتحدد المالك الشرعي له، ومن ثم تحدد الإجراء اللازم بالنسبة للمسجد، أما الصلاة فهي صحيحة ولو كان مغصوباً في قول الجمهور كما ذكرنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1428(12/8137)
تعويض الخصم من الراتب بهذه الطريقة لا تجوز إلا بشرطين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف لدي مكتب خدمات تجاري - مدير فرع- أحد الموظفين أخطأ هذا الخطأ الصغير لكنه يكلف الكثير صاحب العمل سوف يقتطع تكاليف الخطأ مني أنا شخصيا كوني المدير المسؤول مع العلم أنني أوضحت مليا للموظف طبيعة العمل وأثناء صلاتي لفرض العصر حدث هذا الخطأ وهذا يعني أنني سوف أعمل لمدة 5شهور بشكل مجاني لذا رأيت أن حقي يهضم وأنه يجب علي أن أغطي النقص أوأنه يخصم من راتبي ولمدة 5 شهور سؤالي هو إذا غطيت النقص بطريقة ما ليس فيها ضرر مادي على الشركة او علي الزبون، للتوضيح أكثر نحن نقوم بخدمة الزبون من اللحظة التي يصل فيها التاجر إلينا حتى يغادر ويتم شحن البضاعة له وأيضا يتم إرساله إلى الأسواق الخاصة وتأمين المصادر له كل هذا مقابل عمولة متفق عليه مع التاجر، الآن أنا موظف وبراتب مقابل أن أقوم بخدمة التاجر إذا طلب مني التاجر صنفا معينا من البضائع ولقد وجدتها له وبسعر جيد لكنني عرضت عليه سعرا آخر أعلى بقليل ولقد أعجبه سعري ووافق على الشراء وبهذا أستطيع أن أغطي النقص الناتج عن الخطأ السابق دون أن يتعرض راتبي للنقص فهل هذا جائز شرعا مع العلم أن صاحب العمل يرفض هذا المبدأ ولكنني سوف أعمله دون علمه وأغطي النقص، أرجو الرد سريعا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الخطأ الذي وقع فيه الموظف مما يعد تقصيرا وتعديا فإن لصاحب المحل أن يضمنه هو لأنه المسؤول عن الخطأ، ولا يجوز له أن يضمنك أنت لعدم تقصيرك وتعديك، وراجع الفتوى رقم: 59017.
وإذا أصر على تضمينك ولم تجد وسيلة لدفع الظلم عنك إلا بأن تأخذ من ماله دون علمه بمقدار حقك فلك ذلك، وهذا ما يعرف عند العلماء بمسألة الظفر، وقد سبق بيانها في الفتوى رقم: 28871.
أما بالنسبة للطريقة التي ذكرتها لتعويض راتبك فإنها لا تجوز إلا بشرطين:
الأول: أن يأذن لك بها صاحب العمل لأنك ستقوم بها في وقت الدوام.
الثاني: أن تتفق مع الزبون على أن تأخذ مبلغا معلوما مقابل توفير الصنف له وهو ما يعرف بالسمسرة، أو أن يشتري الزبون منك مباشرة بعد امتلاكك لهذا الصنف وحوزه وليس قبل ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تبع ما ليس عندك. رواه أبو داود.
علما بأنه إذا توفر الشرطان المذكوران فإن هذه الطريقة لا تدخل في مسألة الظفر التي سبق ذكرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1428(12/8138)
اشترى أرضا مغصوبة وهو لا يعلم ثم بنى فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[قد استلمت قطعة أرض من الدولة لبناء منزل وبعد ما شارفت على إنهاء البناء جاءني شخص وقال إن الأرض له وأخذتها منه الدولة ولم يقبل التعويض فيها فحاولت أن أصل إلى تسوية معه بأن أعطيه مبلغا من المال وما هو باستطاعتي أو أن يدفع لي ما قمت بصرفه على المبنى وأعطيه المبنى فرفض وهذه مشكلة عامة في بلادي حيث في فترة من الفترات قامت الدولة بأخذ مساحات شاسعة من الأراضي من مالكيها وتوزيعها على المواطنين بعد إدخالها للمخطط وبعضهم رفض أخذ التعويض فما الحل المناسب بيني وبين هذا الرجل هل علي إثم أم الإثم على الدولة حيث إني عندما أخذتها لم أكن أعلم أن الأرض تخص أحدا ولم أعلم بذلك إلا قبل المشارفة على إنهاء البناء من الشخص نفسه.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من قبض أرضا مغصوبة ولم يعلم أنها مغصوبة فبنى فيها ثم ظهر مالكها فإن للمالك تملك ما بني بقيمته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الدولة صادرت هذه الأرض بحق فإن القابض أو المشتري لها يعتبر قبض أو اشترى ممن له حق التصرف فيها بالهبة والبيع ونحو ذلك، ولا يلزم المشتري أن يدفع شيئا لمالك الأرض الأول.
وإن كان الأحوط للذمة أن لا يقدم الشخص على شراء مثل هذه الأرض، أما إن كانت المصادرة تمت على وجه غير شرعي بل على وجه الغصب، فلا يحل لمن يعلم أنها مغصوبة أن يشتريها أو يقبضها، فإن كان لا يعلم فقبضها فيلزمه تسليمها للمالك، ويرجع على القابض بما غرم ولا إثم عليه لعدم علمه.
جاء في فتاوى ابن تيمية: ومن قبض مغصوبا من غاصبه ولم يعلم فهو بمنزلته في جواز تضمينه لكن يرجع إذا غرم على غاصبه. اهـ
وجاء في قواعد ابن رجب: من قبض مغصوبا من غاصبه ولم يعلم أنه مغصوب فالمشهور عن الأصحاب أنه بمنزلة الغاصب في جواز تضمينه، وإذا بنى هذا الشخص فهل للمالك أن يهدم ما بنى أم يتملكه منه بقيمته فالرواية الصحيحة عن أحمد أنه يأخذه بقيمته كما جاء في الإنصاف. وعن الإمام أحمد رحمه الله لا يقلع بل يأخذه بقيمته، وهذا الصحيح ولا يثبت عن الإمام أحمد سواه. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1428(12/8139)
استولى على شقة ثم أجرها وباعها
[السُّؤَالُ]
ـ[بالعمارة التي نسكن بها شقة غير معلوم مالكها ولم يأت أحد للسؤال عنها منذ بناء العمارة حوالي خمسة عشر عاماً , ولا يوجد اسم مسجل لمالكها في الكشوفات حتى والعمارة اتحاد ملاك.
أخي الكبير اتفق مع البواب وتمت لعبة على الجميع سواء اتحاد الملاك أو علينا نحن عائلته , وارتكب عملية نصب مفادها تزوير عقود بيع أو إيجار من شخص وهمي هو صاحب الشقة ومن ثم قال أخي أنه أجر هذه الشقة من هذا الشخص الوهمي لمدة خمسة أعوام ,, ثم بدأ في ترتيب الشقة وصرف عليها مبالغ للتهيئة لأنها كانت على الطوب الأحمر وظل يؤجرها بعد ذلك لمدة ثلاثة أعوم أو أكثر بقليل ...
وفي خلال تلك المدة ظهرت مشاكل لديه مع زوجته التي كانت تشجعه على ذلك الفعل , وطلقها ثم عاد لها وهو الآن على وشك تطليقها من جديد وهكذا..
ثم فجأة باع الشقة لآخر يسكن في العمارة وأخذ منه مبلغا من المال ضخما مقابل الشقة حوالي 95 ألف جنيه , وطالبه البواب بحقه في ذلك المال ...
ملحوظة / المشكلة أن الأمر مرتبط بفضيحة إذا ما عرفت تلك المصيبة ,,
السؤال ...
1- ما هو الحل؟
2- أشعر بان أخي ليس لديه استعداد للتوبة أو إرجاع الحقوق لأهلها لأنه ليس لها مالك.. ولكن أعتقد بان الشقة من حق جميع من يسكن بالعمارة؟ هل هذا صحيح؟
4- فكرت في حل , وهو أن يحسب جميع ما كسبه من هذه الشقة ثم يطرحه من ما صرفه عليها ,, ثم يأخذ ما له , والباقي هو من حق العمارة؟ هل هذا صحيح
أهم سؤال ... هو ما إذا لم يوافق أخي على رد الملبغ أو قال سأرد جزءا منه في تصليح شيء ما بالعمارة , لا سيما أن المصاعد معطلة ومحتاجة حوالي 60 ألف جنيه للتصليح , وأشك أنه سيدفع كل ذلك ... في ذلك الأمر ... ما الذي علي أنا فعله وهل سأحاسب على ما فعله إذا ما تركته وشانه؟ وكيف أعامله؟؟ منذ أن عرفت بالأمر من طرف ثالث وأنا في شدة الضيق.. أرجو الإفادة وجزاكم الله كل الخير....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلاريب أن أخاك قد ارتكب معصية كبيرة باعتدائه على هذه الشقة، إذ إنها إما مملوكة لشخص آخر فلا يسقط حقه فيها بتركها هذه المدة أو ترك ورثته لها -إن كان قد مات- وينبغي لملاك العمارة في هذ الحالة أن يحاولوا الوصول إليه أو إلى ورثته.
وإما أنها غير مملوكة لشخص معين، وإنما هي ملك شائع بين ملاك العمارة، وفي هذه الحالة لكل واحد منهم حق فيها، والواجب على اتحاد الملاك أن يفصل في ذلك ويبين لمن ترجع ملكية هذه الشقة.
وبالنسبة لك فعليك أن تنصح أخاك وتبين له خطورة ما فعل، وأنه من أكل أموال الناس بالباطل، فإن ذلك من النصيحة الواجبة وقد قال صلى الله عليه وسلم " الدين النصيحة " رواه مسلم.
والمشروع في حالته أن يأخذ ما دفع في إكمال بناء هذه الشقة وتهيئتها للسكنى مما قبضه من أجرتها -إن كان يتسع لذلك- ويرد ما بقي إلى مستحقها، وإلا فله أن يأخذ ما دفع من مستحقها.
كما عليه أن يسترجع هذه الشقة ممن باعها له ويعطيه ما دفع ثمنا لها إلا أن يقر مستحق الشقة ما فعله من البيع ويكون ثمنها له.
فإن استجاب أخوك لذلك فالحمد لله، وإلا فارفع الأمر إلى المسؤول عن اتحاد الملاك ليتخذ ما يراه مناسبا لإرجاع الحق لصاحبه، ولا يلزمك أكثر من هذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1428(12/8140)
حكم الشراء من سوق أقيم على أرض مغصوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد بجانب منزلي سوق تجاري تم بناؤه على أرض مغتصبة وصاحب السوق يعلم بذلك حيث إن الدولة قامت بأخذ الأرض من أصحابها وبنت ذلك السوق في البداية كان السوق تدعمه الدولة لمساعدة الناس، ولكن بعد عدة سنوات قامت الدولة بتأجير السوق إلى أحد الأشخاص وقام بتحويله إلى سوق تجاري، فما حكم الشراء من هذا السوق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ثبت لك أن الأرض مغتصبة من مالكيها فلا يجوز لك الشراء من تلك السوق المقامة بها لمنع العمل بالمكان المغصوب، ولما فيه من الإعانة على الظلم، ولما فيه من المكث في المكان المغصوب بغير إذن المالك، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} ، ولأن أهل العلم صرحوا بالنهي عن الصلاة في المكان المغصوب، وذهب كثير منهم إلى أن الصلاة فيه باطلة، وصرحوا كذلك بمنع الجلوس على السرير المغصوب ولو كان الجالس ليس هو الغاصب له، وراجع شروح جمع الجوامع.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35388، 19380، 7296، 93154، 4429، 60033، 9660.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1428(12/8141)
لا حرج في اللجوء للقضاء لهدم ما بناه الجار على أرض جاره بدون إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[جارنا الذي يملك نصف الجزء الأعلى من الفيلا التي على ملكنا استغل فرصة سفرنا للدوحة وقام ببناء أساس على أرضي ليبني بلكونة على طول الأرض ومن ثم يعملّها سقفا لتصبح غرف تابعة له، كلمته من هنا طلبت منه التريث لحين عودتنا والتفاهم، لم يكترث متمسكا أنه يبني في ملكه اشتكيناه على المحكمة صدر حكم بهدم كل ما بناه على أرضي، وتم الهدم، لكن هو دائما يدعو علينا بالشر لأنه يعتبر أننا ظلمناه وأنه كان بإمكاننا التسامح ومنحهم هذا الجزء الذي حسب اعتقادهم أن المالك الأصلي قد وعدهم به، وفي الحقيقة أن كل الوثائق تثبت ملكيتنا للأرض التي أقام فوقها الأسس، فهل ما قمنا به حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان جاركم قد اعتدى على أرضكم وبنى فيها جاز لكم السعي في هدم بنائه وإزالته ولا يعتبر ذلك ظلماً ولا يلزمكم مسامحته، وفي هذه الحالة إذا قام بالدعاء عليكم فهو ظالم في ذلك ودعاؤه غير مستجاب لاشتماله على الإثم الذي هو من موانع استجابة الدعاء، وراجعي الفتوى رقم: 74906، والفتوى رقم: 72013.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1428(12/8142)
من تمكن من الظفر بحقه بدون ضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أنا أسكن في سكن داخلي تابع للجامعة التي أدرس فيها وقد اتفقت مع المسؤول عن السكن الداخلي أن أدفع له ما قيمته 1.6 دولار يوميا ووعدني بأن يسجل ذلك في منظومة الكمبيوتر ولكنه سجل في المنظومة ما قيمته 2 دولار يوميا وأنا ملزم الآن بدفع 2 دولار له يوميا لأنه لا مجال لتصحيح القيمة في المنظومة وبهذا يكون قد خدعني. وما أريد أن أستفسر عنه أن هناك شهر العطلة بين فصلي الدراسة لا يدخل حسابه في المنظومة وهذا الرجل نسي أنني إلى الآن لم أدفع إيجار ذلك الشهر فهل يجوز لي أن أتركه ناسيا ولا أدفع إيجار ذلك الشهر استردادا لما قد خدعني به مع العلم أنني مع عدم دفعي لإيجار ذلك الشهر أكون لم أسترد حقي كاملا، وجزاكم الله خيرا.
(معلومة أخيرة أنا متأكد ان ذلك الشخص يستطيع تصحيح القيمة في المنظومة ولكنه يزعم أنه لا يستطيع فقد صحح القيمة لغيري من الطلبة) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه المسألة تسمى عند الفقهاء بمسألة الظفر بالحق، فإذا كان الأمر كما ذكرت من أن مسؤول السكن زاد عليك الإيجار المتفق عليه بينكما ظلما.. فقد ذهب بعض العلماء إلى أنه إن أمكنك الظفر بحقك دون لحاق أذى ولا فضيحة أنه يجوز لك أخذه، وذهب بعضهم إلى البعد عن ذلك عملا بالحديث: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. وراه أحمد وأبو داود، وراجع للبسط في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها: 28971، 68034، 36045، 8780، 6022.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1428(12/8143)
يقدر المال المغتصب الذي جهل صاحبه ويتصدق به عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[من شروط التوبة إرجاع المظالم إلى أهلها، كنت أستعمل الإنترنت بطريقة غير شرعية فأنا غير مشترك وكنت أقتني بطاقات (5 ساعات الواحدة) إلا أني اكتشفت طريقة تمكنني من اكتساب ساعات أو بطاقات مجانية وذلك بالتلاعب بالأرقام وعندها إذا صادفت الأرقام معي أتحصل على 5 ساعات مجانية، ولكن على حساب أشخاص آخرين يقتني أحدهم بطاقة ويكتشف أنها لا تعمل معه وأن رصيدها فارغ تماما فيكون قد خسر ماله، وإني لما علمت الضرر المتسبب لهؤلاء الأشخاص أقلعت تماما وأيقنت أن هذا العمل غير شرعي فتبت إلى الله وأقلعت عن هذا العمل وندمت عليه وعزمت على أن لا أعود إليه في المستقبل والآن أنا مشترك بـ "دي آس ال" ولكن الإشكالية هي: كيف أصلح ما تسببت فيه لهؤلاء الأشخاص الذين لا أعرفهم ولا أعرف كم شخصا هم بطريقة أخرى ما مقدار المال الذي أكلته بغير حق فأنا لا أعلم كم بطاقة كنت قد استغليت، أهل تكفي التوبة أم يترتب علي أشياء أقوم بها وما هي إذاً، فأرجو من حضراتكم إخواني في الله إفتائي في هذه المسألة العصيبة لأني ما وجدت لها حلا صدقوني؟ وبارك الله فيكم وفي العاملين على هذا الموقع الطيب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن من شروط التوبة رد المظالم إلى أهلها إذا كان الذنب يتعلق بحقوق الآدميين، وقد نص أهل العلم على أن الغاصب إذا جهل صاحب المال المغصوب ولم يتمكن من إيصال المال إليه ولا لورثته لعدم علمه بهم فإنه يتصدق به عنه مضموناً، قال صاحب الزاد: وإن جهل ربه تصدق به عنه مضموناً. قال في الشرح: أي بنية ضمانه إن جاء ربه، فإذا تصدق به كان ثوابه لربه وسقط عنه إثم الغصب.
وبناء عليه؛ فإن السائل مطالب بأن يتصدق بثمن تلك البطاقات التي استخدمها والتي ضاعت أموالها على الشركة المنتجة لها أو على أشخاص آخرين اشتروها ووجدوها من غير رصيد، وأما كونه لا يعلم مقدار ثمن تلك البطاقات فإن عليه أن يجتهد في تقدير ذلك المبلغ بحيث يغلب على ظنه أنه ليس في ذمته أكثر من ذلك، ثم يتصدق به.
ونسأل الله تعالى أن يتقبل من الأخ السائل توبته ويقيل عثرته، وليعلم أن الله تعالى عفو كريم لا يكلف نفساً إلا وسعها، فإذا بذل جهده في تقدير المال وحرص على التصدق به فإنه تعالى يقبل منه توبته ويعفو عن زلته كرماً وفضلاً منه تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1428(12/8144)
لا يجوز للزوج أن يأخذ من مال زوجته بعلمها ما لم ترض
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أن يعطي الزوج أخاه شيئاً من مال الزوجة بعلمها ولكن دون رضاها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فلا يجوز للزوج أن يأخذ شيئاً من مال زوجته لنفسه أو لغيره إلا بإذنها ورضاها، وذلك لعموم قوله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188} ، وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه. أخرجه الدارقطني. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 4556.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1428(12/8145)
توصيل الكهرباء بدون علم الجهة المسؤولة لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص قام بتوصيل الكهرباء لشقته فوق منزل والده بدون علم مصلحة الكهرباء وذلك لعدة أسباب منها: مصلحة الكهرباء غير مهتمة بتوصلات الكهرباء للشقق والأكثر قد وصل الكهرباء مجاناً، الأمر الآخر في حين إخبارك إياهم بطلب ما يسمي عداد الساعة والإجراءات المتبعة يطلبون منك دفع مبلغ وقدره 250 (مائتان وخمسون دينارًا ليبياً) وهو مبلغ باهظ عندنا جداً وهذا المبلغ مقابل عداد الساعة فقط!!! وهذا الشخص يصعب عليه في الوقت الحالي توفير هذا المبلغ، وأخيراً: قام هذا الشخص بتسجيل تاريخ توصيل الكهرباء لشقته على أساس أن يخبرهم لاحقاً ويدفع المبلغ، علماً بأن هذا الشخص لا يستعمل هذه الكهرباء إلا بقدر حاجته منها فقط، فما هو الحكم؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن توصيل الكهرباء لمكان معين واستهلاكه بدون علم الشركة أو الجهة المسؤولة عنه لا يجوز؛ لما في ذلك من التعدي على استهلاك المال العام أو الخاص بغير حق شرعي، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة. رواه البخاري.
وربما تسبب التوصيل العشوائي للكهرباء في أضرار فنية على الفاعل أو على غيره فيكون بذلك قد ارتكب إثماً آخر، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطأ.
وما ذكره السائل من أسباب لا نرى أنها تبرر ما قام به، ولذلك فإن عليه التوبة وتصحيح معاملته مع الجهة المسؤولة عن الكهرباء، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 79460.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1428(12/8146)
حكم الربح المستفاد من المال المتعدى عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[جدتي لها ميراث من زوج قبل جدي فباعته لأولاد زوجها حيث إنها لم تنجب من زوجها الأول وكان أرضا، ولها من جدي ولد وبنت وكان المبلغ الذي حصلت عليه من بيع ميراثها هو 8000 جنيه فقامت بتوزيعه على ولدها (أبى) وأخته (عمتي) فقام والدي بأخذ المال كله وكتب لعمتي إيصال أمانة بما يخصها من المال وقام بشراء قطعة أرض زراعية بالمال كله له، وكان ذلك منذ ما يقرب من 12 عاما فحصل خلاف اليوم فقامت عمتي بالمطالبة بحقها، وقالت أريده أرضا أو تأخذ الأرض بثمن اليوم مع العلم أن والدي اشترى القيراط يومها بـ 500 جنيه وهو الآن ما يعادل 8000 جنية في قطعتين، والثالثة خرجت مباني فكان ثمنها القراط ب 30000 جنية حيث إن نصيبها الإجمالي 4 قراريط
السؤال:
1- ما حكم وصل الأمانة؟
2- وهل لها الحق في ما تريد؟
3- وما موقف والدي في ما ورد في السؤال؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان والدك أخذ المال المشترك بينه وبين أخته للقيام عليه وحفظه وتنميته.. فإن ما استفاده من الربح بتحريك المال يوزع على رأس المال بعد طرح أجرة العامل- حسب المعمول به عرفا- ولا ضمان عليه في هذه الحالة.
وإن كان أخذه على أنه أمانة عنده- كما يفهم من السؤال- ولكنه تاجر به بدون إذن أخته فإن هذا يعتبر تعديا يضمن بموجبه رأس المال، وقد اختلف أهل العلم في الربح المستفاد من المال المتعدى عليه، فذهب المالكية ومن وافقهم إلى أن الربح كله للمتعدي لأنه ضامن لرأس المال. قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ومن اتجر بوديعة فذلك مكروه والربح له..
وهو ما درج عليه صاحب التحفة حيث قال:
والتجْر بالمودع من أعمله * يضمنه والربح كله له.
وذهب آخرون إلى أن الربح كله تابع لرأس المال، وليس للمتصرف المتعدي منه شيء. وسبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى: 46815.
وبناء على ما سبق فإن ما به الفتوى عندنا أن الربح يكون بين المتعدي ورأس المال لأنه ناتج عنهما معا. ولذلك فإن على أبيك أن يأخذ نصف الربح لنفسه أو نسبة منه، ويوزع الباقي على رأس المال، فيعطي أخته مقابل نصيبها من الربح بعد أخذه لحقه منه كعامل.
كما ننصحكم بتقوى الله تعالى وبالرجوع إلى المحكمة الشرعية عند حصول النزاع لأن باستطاعتها معرفة ما لا يستطيع المفتي معرفته من ملابسات القضية ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1428(12/8147)
حكم من استولى على سيارة وباعها وأراد أن يتوب
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل في الكويت عند غزوها، وعند حدوث الهجوم توقفت حركة السفر وكان كل واحد يبحث عن شيء يسافر به، فوجدت سيارة حديثة ليست ملكاً لي أخذتها وسافرت بها ولا أعلم من صاحبها، وعند وصولي إلى بلدي قمت بإثبات ملكية لها باسمي، ثم قمت ببيعها، واستفدت بمالها، مع العلم بأني لو لم أفعل ذلك كنت سأهلك، ما مدى مشروعية هذا المال، إذا كان حراما كيف أرده إلى صاحبه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد اضطررت للسفر بهذه السيارة فإن ذلك لا يسوغ لك أن تستولي عليها وتبيعها وتأخذ ثمنها فإن ذلك من أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال الله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188} ، وقال صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. متفق عليه. وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طوقه من سبع أرضين. متفق عليه.
وعليه؛ فالواجب عليك مع التوبة إلى الله من ذلك هو أنه إذا كانت السيارة لم تستعمل قبل أخذك لها فإن الذي عليك أن ترد مثلها إلى صاحبها، فإن كانت مستعملة أو جديدة وتعذر وجود مثلها الآن فعليك أن ترد إليه قيمتها يوم استيلائك عليها، لأن قيمتها ثبتت في ذمتك حينئذ، وإذا أيست من الوصول إلى صاحبها أو إلى ورثته فتصدق بهذه القيمة عنه، وراجع للأهمية والتفصيل الفتوى رقم: 79649، والفتوى رقم: 6022.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1428(12/8148)
ليس لزوجك سوى قيمة القسط الذي دفعه إن لم يكن وهبه لك
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سيارة باسمي وقد قمت بدفع جميع أقساطها إلا المقدمة وهي قيمة صغيرة جدا وقد قام بدفعها زوجي وهو الذي يستعملها من باب أنني لا أقود (أملك رخصة قيادة) وفوجئت الآن أنه يرفض أن أبيعها ويشترط أن يأخذ نصف المبلغ فما حكم الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان زوجك قد اشترى السيارة على سبيل الهبة منه لك، ودفع القسط المقدم وخلى بينك وبينها، فهي ملك لك، ولاسيما وقد سددت أنت باقي أقساطها. وكذلك إذا كنت قد قمت بشرائها أو وكلت زوجك بشرائها فهي أيضا ملك لك؛ غير أن لزوجك قيمة القسط الذي دفعه -إذا لم يكن قد وهبه لك- لكونه في هذه الحالة دين له عليك.
وما دامت السيارة ملكا لك فلك أن تتصرفي فيها كما شئت، ولا يحق لزوجك أن يشترط أخذ نصف المبلغ لنفسه. وراجعي الفتوى رقم: 48487.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1428(12/8149)
حكم الانتفاع من خدمة الإنترنت اللاسلكية المملوكة للغير
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي كمبيوتر شخصي مزود بكرت شبكة لاسلكي، وقد اكتشفت أنه يوجد شخص ما قد وصل الإنترنت لبيته، وقد شغلها لاسلكيا، وهي تصل بيتي دون عناء، ما حكم الاستفادة من الإنترنت الواصلة لبيتي دون جهد مني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز لك الانتفاع بخدمة الانترنت المملوكة لجارك إلا بإذن منه؛ للحديث الذي في الصحيحين: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام.
واستخدامك لهذه الخدمة بدون رضى صاحبها يعد اعتداء وخيانة. جاء في مواهب الجليل شرح مختصر خليل: في التنبيهات: الغصب في لسان العرب منطلق على أخذ كل ملك بغير رضا صاحبه من شخص أو مال أو منافع، وكذلك التعدي سراً أو جهراً أو اختلاسا أو سرقة أو جناية أو قهراً. غير أن الغصب استعمل في عرف الفقهاء في أخذ أعيان المتملكات بغير رضا أربابها وغير ما يجب على وجه القهر والغلبة من ذي سلطان وقوة، واستعمل المتعدي عرفاً في التعدي على عينها أو منافعها سواء كان للمتعدي في ذلك يد بيد أربابها أو لم يكن كالقراض والودائع والإجارة والصنائع والبضائع والعواري. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1428(12/8150)
المال من حق المقاول وواجب المحاسب مساعدته لاسترداد حقه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ له شركة محاسبة من بين أعماله أنه يسوي وضعية زبنائه المقاولين اتجاه الصندوق الوطني للعطل المدفوعة الأجر، علما بأن المقاولين يدفعون مبلغا من المال على كل عامل لهذا الصندوق إجباريا وفي نهاية العام يدفع هذا الصندوق أجر عطلة هذا العامل لكن العمال لا يوافقون على هذا الأمر فيطلبون من المقاول أن يسدد لهم أجراً كاملا وفي نهاية العام يرسل هذا الصندوق مبلغ العطلة فيقوم المحاسب بتحويل هذا المبلغ له أو لأحد أقاربه وذلك بعلم المقاول لأنه لا يستطيع أن يسترجع هذا المبلغ وإذا لم يقم هذا المحاسب بهذه الطريقة يبقى المبلغ عند هذا الصندوق، والسؤال المطروح هل يحق للمحاسب أخذ هذا المبلغ أو تحويله لأحد أقاربه الرجاء من مشايخنا الكرام الرد علي في أسرع وقت ممكن]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت فالظاهر أن العمال قد تركوا أخذ هذا المبلغ أو المطالبة به لأنهم أخذوا كامل حقهم من المقاول ولم يبق لهم في ذمته شيء، وعليه فإن ملكية هذا المال ترجع إلى المقاول، فإذا كان يستطيع استرداده من الصندوق -ولو بأن يطلب من العمال سحبه منه وإعطاءه له أو أن يقدم للصندوق ما يفيد تنازل العمال له عنه ونحو ذلك- ولكنه لا يرغب وأذن للمحاسب في أخذ هذا المال أو تحويله إلى أحد أقاربه عن طيب نفس فلا حرج في ذلك.
أما إذا كان لا يستطيع استرداده من الصندوق وهو يتركه مجبراً للمحاسب لأنه ليس له من الطرق والأساليب التي يتوصل بها إلى ذلك ما للمحاسب، فلا يجوز للمحاسب أخذ هذا المال لنفسه أو لأحد أقاربه، والواجب عليه أن يساعد هذا المقاول في الوصول إلى حقه، فقد أمر صلى الله عليه وسلم: بنصر المظلوم. في حديث متفق عليه، وهذا المقاول مظلوم بمنعه من الوصول إلى هذا المال. وراجع للأهمية في الموضوع الفتوى رقم: 77193.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1428(12/8151)
محل جواز استعمال القوة لتخليص المال من المغتصب
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسألكم سؤالا مهما: زوجي يريد من شخص مبلغا من المال وأعطاه مدة سنة ونصف لدفع هذا المبلغ، ولكنه بصراحة نصاب ولا يريد دفع المبلغ وطبعا نحن في دولتنا لا سيادة للقانون ولا شرطة بل السيادة بالقانون هنا هي السباب المسلحين نعم هذه الحقيقة المرة التي يعيشها بلدنا وللأسف، المهم هو يريد أن يوكل أشخاصا بالقوة مثلا لجلب حقه من أموال من هذا الرجل أي بالقوة وبشرط أن يعطي مبلغا من المال لمن يحضر المال، فهل هذا حرام أم حقه ويجب أن يأخذه بأي طريقة وطبعا سوف ينقص المال لأنه سوف يعطي الذين يحضرونه له نسبة وأنا أمنعه من هذا العمل، لكنه يريد المال وبحاجة له، فهل حرام ما سيفعله، أريد أن تجيبوني بسرعه؟ واشكركم ألف شكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان زوجك مستحقاً لهذا المبلغ على هذا الرجل من وجه مباح لا شبهة فيه فينظر.. فإذا كان الرجل غير قادر على إيفائه لعسره فيجب إنظاره إلى حين ميسرة؛ لعموم قوله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:280} ، أما إذا كان قادراً على إيفائه ولكنه يمانع من ذلك فلا حرج على زوجك في أن يوكل من يخلص له ماله من هذا الرجل مقابل جزء معين منه، وهذا يعرف في الفقه الإسلامي بالجعالة، وقد أجازها العلماء في رد المغصوب والآبق ونحو ذلك، ولكن يجب أن يكون الجعل معلوماً مثل مبلغ معلوم أو نسبة معلومة مثل 5 أو 10 من المبلغ الذي يخلصه، وله أن يستعين على ذلك بالحيلة -إن أمكن ذلك- كما هو موضح في الفتوى رقم: 28871.
أما إذا لم يمكن، وتعين استعمال القوة لتخليص هذا المال فلا بأس بذلك بشرط أن لا تترتب على ذلك مفسدة راجحة، مثل أن يؤدي استعمال القوة إلى قتل أحد أو جرحه أو إصابته إصابة بالغة ونحو ذلك، ومتى لم يؤمَن حدوث ذلك وجب الكف عن استعمال القوة؛ لأن درء المفاسد الراجحة مقدم على جلب المصالح، قال العز بن عبد السلام: إذا اجتمعت مصالح ومفاسد فإن أمكن تحصيل المصالح ودرء المفاسد فعلنا ذلك امتثالاً لأمر الله تعالى فيهما، لقوله سبحانه وتعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. وإن تعذر الدرء والتحصيل، فإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة درأنا المفسدة ولا نبالي بفوات المصلحة، قال الله تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا. حرمهما لأن مفسدتهما أكبر من منفعتهما. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1428(12/8152)
الترهيب من اغتصاب الأرض
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في شريعتنا على الذي يغتصب أرض أخيه، وما هو وزر الذي يغتصب أرض أخيه عند الله يوم القيامة، وهذه الأرض التي اغتصبت بنى فيها مآرب للسيارات فهل يجوز لأبناء الذين اغتصبوا هذه الأرض أن يستعملوا هذه المآرب في وضع سياراتهم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يغتصب أرضاً من أخيه ظالم ظلماً عظيماً، ووزره عند الله تعالى عظيم، ويكفي في الردع والزجر عن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طوقه من سبع أرضين. متفق عليه، وقوله صلى الله عليه وسلم: من اقتطع أرضاً ظالماً لقي الله وهو عليه غضبان. رواه مسلم. وقوله صلى الله عليه وسلم: أعظم الغلول عند الله ذراع في الأرض، تجدون الرجلين جارين في الأرض أو في الدار فيقتطع أحدهما من حظ صاحبه ذراعاً، فإذا اقتطعه طوقه من سبع أرضين إلى يوم القيامة. رواه أحمد وحسنه الشيخ شعيب الأرناؤوط.
ولا حرج على من غصبت منه هذه الأرض أن يستردها أو يسترد قيمتها أو ما قدر عليه منها، أو أن ينتفع بها بوضع سياراته فيها ونحو ذلك، وهذا ما يعرف عند أهل العلم بمسألة الظفر. وقد تقدم الكلام فيها في الفتوى رقم: 28871.
وسواء في ذلك أفعل ذلك صاحب الأرض أو أولاده إذا أذن لهم أو انتقلت ملكية هذه الأرض إليهم بالميراث.
أما أولاد الغاصبين فلا يحق لهم ولا غيرهم الانتفاع بهذه الأرض المغصوبة بأي نوع من أنواع الانتفاع، ولو كان ذلك بمجرد أن يجعلوا سياراتهم في هذه المواقف، بل إن الواجب عليهم هو السعي في إعادة هذه الأرض إلى صاحبها، وهذا من البر بآبائهم الغاصبين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1428(12/8153)
حكم اقتسام مال من ذهب عقله
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال:
رجل كبير في السن ومريض مرضا أذهب عقله وهو يملك عمارة سكنية ويريد أبناؤه وزوجته بيع العمارة واقتسامها هل يجوز ذلك؟ وإذا كان لا يجوز فما حكم المال المقتسم إذا أصّر أبناؤه وزوجته على البيع حتى بعد العلم بعدم الجواز، هل يعتبر أخذه حراما أم ماذا ?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لأحد مهما كانت صلته بهذا الرجل أن يبيع هذه العمارة ما دام هذا الرجل على قيد الحياة ولم يحكم القاضي الشرعي بالحجر عليه، فإذا حكم القاضي الشرعي عليه بالحجر فلوليه أن يتصرف في أمواله حسب مصلحة هذا الرجل لا مصلحة نفسه، سواء بالاحتفاظ بها أو بيعها أو تأجيرها والإنفاق عليه من ثمنها أو أجرتها، أو حفظ المال له.
ولا يجوز لأبنائه أو زوجته أن يقتسموا ثمن هذه العمارة أو غيرها ما دام هذا الرجل حيا، وإن أصروا على المخالفة والعصيان فإن ذلك يعتبر غصبا، وقد جاء فيه من الوعيد ما ترتجف من هوله القلوب، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من أخذ شبرا من الأرض ظلما طوقه من سبع أرضين. متفق عليه. ويجب على القادر أن يرفع أمرهم إلى من يمنعهم ويردعهم عن الظلم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما أو مظلوما، قالوا: يا رسول الله: هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما؟ قال: تأخذ فوق يده. رواه البخاري
وراجع الفتوى رقم: 46941، والفتوى رقم: 75486، والفتوى رقم: 43862.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1427(12/8154)
تبرأ الذمة بعفو صاحب الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أشتغل مع شركة لبيع الحواسيب كان صاحبها كوريا وكان وكيلها كوريا أيضا.
كنت قد أخذت ثمان ذاكرات من الشركة تصلح للحاسوب بانتيوم 1 في حين كنا نبيع حواسيب من فئة بانتيوم 3 وبانتيوم 4.
الآن اتصلت بالشخص الكوري الذي كان وكيلا حيث لم يعد كذلك لكنه أخبرني بأنه كان شريكا مع صديقه الذي يعتبره كأخ له كما أخبرني.
وخلال حديثي معه بالهاتف وبعد شرحي له ما اقترفته من ذنب حيث إنني أخطأت ولم أكن أعتقد كذلك لأنني قلت حين هممت بأخذ الذاكرات أن الشركة لن تستفيد منها في حين كنت أنا في حاجة لها.
وطلبت منه أن يبلغ صاحب الشركة الأمر ويرد علي كي أعوضه لكنه قال لي بأنهما كانا شريكين وأن صراحتي وطلبي المعذرة والتعويض لهما تكفيهم وقال لي أيضا إنه سيتصل بصديقه الكوري وسيخبرني بأنه عفا عني بالتأكيد وكذلك هو راض عني فهل تبرأ ذمتي بذلك؟
أرجوكم أن لا تحيلوني على أجوبة لأسئلة سابقة.
وجزاكم الله عني خيرا وأحسن إليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في جوابنا على الأخ السائل في الفتوى رقم: 77798، أنه يلزمه رد ثمن ما أخذه إلى صاحب الشركة أو وكيله إن بقي وكيلا، وحيث لم يعد الوكيل كذلك فلا تبرأ ذمة السائل إلا أن يعفو عنه صاحب الشركة نفسه. فإذا حصل هذا وعلم عن طريق الوكيل السابق أو بالاتصال المباشر بصاحب الشركة فقد حصل المقصود وبرئت ذمة السائل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1427(12/8155)
حكم الاحتيال لتعويض الراتب القليل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيبة أسنان كنت أعمل منذ 10 سنوات بمركز طبي تابع لجمعية من جمعيات التابعة للشؤون الاجتماعية وكنت حديثة التخرج وكان أول عهدي بالعمل والمال وبعد فترة من العمل وجدت نفسي أعمل دخلا ماليا كبيرا للمكان بمجهودي أنا ويأخذون مني أكثر من نصف هذا الدخل رغم تعبي في هذا العمل وتحمل المشاق الكثيرة والعمل بإمكانيات بسيطة جداً فكنت في بعض الأحيان آخذ الفلوس من المرضى ولا أسجل في الدفاتر الرسمية إلا نسبة قليلة وهذا ليس في كل الحالات ولكن في بعض الحالات فقط التي تعمل دخلا كبيرا مثل التركيبات أو الحشو وبعد فترة اكتشف العاملون بالجمعية هذا الموضوع على الرغم أنهم أنفسهم ليسوا أمناء وكنت أشاهدهم وهم يفعلون كثيراً من التجاوزات وعندما اكتشفوا هذا الموضوع كان لي عندهم مرتب شهر ونصف تقريبا ولم يعطوني إياه وخرجت من المكان على هذا النحو أنهم منعوني هذا المرتب مقابل ما حدث وتركت لهم المكان وبعد فترة طلبوا مني مرراً وتكرراً العودة لكني رفضت، ولكني لا أتذكر قدر الفلوس التي أخذتها خلال هذا العمل كم ولا حتى أتذكر الفلوس التي أخذوها هم مني كم ولكني أريد أن أبرئ ذمتي أمام الله، فهل ما كنت أفعله هذا حرام وماذا أفعل لإرضاء الله عني ولكي ألقى الله نظيفة اليدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عملك في المركز الطبي المذكور مقابل أجر شهري معلوم يعد من باب الإجارة، وليس للأجير إلا ما تم الاتفاق عليه في العقد؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} ، ولحديث: المسلمون على شروطهم ... رواه ابن ماجه
ومعنى على شروطهم هو أنهم ملزمون بالوفاء بشروطهم التي وافقوا عليها، فهم واقفون عندها لا يتجاوزونها.
وعليه؛ فما أخذتِ من أموال المركز زيادة على مرتبك الذي لك عنده، والذي ذكرت أنه مرتب شهر ونصف، يجب إرجاعه إلى المركز، وإذا كنت تجهلين قدره بالضبط فاعملي فيه بغالب ظنك مع وجوب التوبة إلى الله عز وجل من ذلك الفعل، وبهذا تبرأ ذمتك إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1427(12/8156)
حكم من يسرق من مال أبيه لإطعام أولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من يسرق مال أبيه ليطعم أولاده؟ وماهي شروط توبته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسرقة محرمة وكبيرة من كبائر الذنوب وإن وقعت من الابن في مال أبيه، فالواجب عليك التوبة إلى الله تعالى ورد هذا المال إليه أو استسماحه فيه، وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى: 8610، 21859، 23322، وهذا فيما إذا لم تكن نفقة هؤلاء الأولاد واجبة لهم على جدهم، بأن كنت مثلا عاجزا عن الانفاق عليهم وامتنع عن الإنفاق عليهم، فلا حرج عليك في أخذها، ولا يلزمك ردها لأن نفقتهم حينئذ واجبة على جدهم في قول أكثر أهل العلم، خلافا للمالكية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1427(12/8157)
مشروعية استيفاء الحق بدون زيادة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال/ فضيلة الشيخ أنا الآن اشتغل في شركة نفطية وقبل ذلك كنت معلما في المدرسة الثانوية والفترة التي درست فيها لم أتقاض فيها مرتبا لمدة سنتين وبعدها دخلت الشركة النفطية لغرض حصولي على مرتب لأن ظروفي صعبة والحمد لله وبعد شهر من دخولي الشركة طلع لي التعيين ونزل لي المرتب وأنا لا أريد أن أترك الشركة فهل يجوز لي أن آخذ هذا المرتب أم لا (لأن عملي في الشركة بعقد والآخر تعيين فإذا أوقف مرتب التعليم تضيع علي الفرصة لأن التعيين عندنا من الصعب الحصول عليه) فماذا أفعل هل الراتب الذي آخذه حرام في حالة بقائي في الشركة، أفيدوني بالجواب الكامل أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد اتفقت مع الجهة التي عملت لديها مدرسا على أجرة ولم توفك أجرتك للمدة التي درست فيها فإنه يجوز لك أن تأخذ المرتب النازل لك وإن كنت لا تدرس الآن لأن هذا حقك قد ظفرت به، ولا يعد ذلك منك خيانة ولا ظلما إن لم تقدر على أخذ حقك إلا بهذه الطريقة.
جاء في كتاب الأم للشافعي رحمه الله: قال: دلت السنة وإجماع كثير من أهل العلم على أن يأخذ الرجل حقه لنفسه سرا من الذي هو عليه، فقد دل ذلك أن ليس بخيانة، الخيانة أخذ ما لا يحل أخذه، فلو خانني درهما قلت قد استحل خيانتي لم يكن لي أن آخذ منه عشرة دراهم مكافأة بخيانته لي، وكان لي أن آخذ درهما ولا أكون بهذا خائنا ولا ظالما. اهـ.
فإذا استوفيت كامل أجرتك عن المدة التي درست فيها فإما أن تعود للعمل في مهنة التدريس أو تكف عن أخذ مرتبها، فإنه لا يحل لك شيء منه بعد استيفاء حقك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1427(12/8158)
التصدق بالقيمة لا يصح إلا عند تعذر الرد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: كنت قد أخذت ثمانية ذاكرات للحاسوب من شركة كنت أشتغل بها وبعت اثنتين بثمن 60 درهما للواحدة أما الستة الباقية فقد أضفتها إلى حاسوبين وبعتهم الشخص صاحب الشركة هو الآن في كوريا الجنوبية وكان لديه شخص هو المسؤول عنا هنا في الشركة بالمغرب الآن الشركة أغلقت وسمعت من صديق كان يشتغل معنا أن الشخص الذي كان مسؤولا على الشركة (وهو كوري أيضا) أصبح يعمل بصياغة الذهب بمدينة أخرى بالمغرب غير المدينة التي أقطنها أنا الآن قدرت مبلغ الأربع ذاكرات ب 480 درهما وهو الآن موضوع رهن الإشارة لكي أتخلص منه لكن الحل الذي أقدر عليه هو التصدق به على الفقراء فهل هذا الحل تبرأ به ذمتي؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أخذ مال غيره بدون وجه حق كالسرقة والغصب ونحو ذلك يجب عليه التوبة إلى الله، وأن يرده إليه ماله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد. فعليك رد قيمة هذه الأشياء إلى صاحبها، أما التصدق بقيمتها فلا يصح إلا عند تعذر الرد، وفي مثل حالتك يمكنك رد المال إلى صاحبه بأن تسأل وكيلة السابق عن عنوانه فترسل له المبلغ. وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 73750، والفتوى رقم: 73786.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1427(12/8159)
التصدق بالقيمة لا يصح إلا عند تعذر الرد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: كنت قد أخذت ثمانية ذاكرات للحاسوب من شركة كنت أشتغل بها وبعت اثنتين بثمن 60 درهما للواحدة أما الستة الباقية فقد أضفتها إلى حاسوبين وبعتهم الشخص صاحب الشركة هو الآن في كوريا الجنوبية وكان لديه شخص هو المسؤول عنا هنا في الشركة بالمغرب الآن الشركة أغلقت وسمعت من صديق كان يشتغل معنا أن الشخص الذي كان مسؤولا على الشركة (وهو كوري أيضا) أصبح يعمل بصياغة الذهب بمدينة أخرى بالمغرب غير المدينة التي أقطنها أنا الآن قدرت مبلغ الأربع ذاكرات ب 480 درهما وهو الآن موضوع رهن الإشارة لكي أتخلص منه لكن الحل الذي أقدر عليه هو التصدق به على الفقراء فهل هذا الحل تبرأ به ذمتي؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أخذ مال غيره بدون وجه حق كالسرقة والغصب ونحو ذلك يجب عليه التوبة إلى الله، وأن يرده إليه ماله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد. فعليك رد قيمة هذه الأشياء إلى صاحبها، أما التصدق بقيمتها فلا يصح إلا عند تعذر الرد، وفي مثل حالتك يمكنك رد المال إلى صاحبه بأن تسأل وكيلة السابق عن عنوانه فترسل له المبلغ. وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 73750، والفتوى رقم: 73786.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1427(12/8160)
حكم خصخصة قطاع الكهرباء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي في خصخصة خدمات القطاع العام، وهل صحيح أنه لا يجوز خصخصة قطاع الكهرباء من منطلق الحديث الشريف: الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار. وأن الكهرباء من النار؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه إذا وفرت شركة ما الكهرباء أو الماء للناس واستخرجته لهم فإنها تكون مالكة له، ويجوز لها أن تبيعه للناس، ولا ينافي ذلك ما في الحديث المذكور في السؤال، فإن الحديث محمول على الماء الذي جعله الله في مكان عام كالنهر أو الغدير، وأما الماء الموجود في حيازة لأحد فهو لمالكه يسوغ له أن يهبه أويبيعه، وكذا الحطب النابت في الأرض التي ليس لها مالك، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18708، 59643، 38801، 40628.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1427(12/8161)
حكم أخذ الشريك من مال الشركة لحسابه الخاص
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف (أمين خزينة) بإحدى شركات القطاع الخاص، الشركة يمتلكها ثلاثة إخوة، والدهم يدير الشركة مع الابن الأكبر وله حق التوقيع في حضور وغياب والده، فهذا الابن الأكبر يأخذ مبلغا من المال ويودعه فى حساب كارت الفيزا الخاص به، ويتم توجيه المبلغ على أنه مصاريف مصنع، وهو يفعل ذلك كثيراً، ما حكم هذا التصرف، وما هو موقفي من هذا التصرف، أرجو الإفادة؟ وشكرا ً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للشريك أن يأخذ من مال الشركة ليخلطه بماله الخاص إلا بإذن صريح من بقية الشركاء، كيف وظاهر هذا الفعل أنه اعتداء واضح على مال الشركة من قبل هذا الشريك.
وعليه؛ فلا يجوز للأخ السائل وهو في وظيفة أمين الخزانة أن يدفع للشريك من أموال الشركة ما يودعه في حسابه الخاص، ولو أمره بذلك لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ومقتضى هذه الوظيفة كمسماها (أمين خزانة) ، وليعلم أن الخيانة موزعة عليه وعلى الشريك الخائن، فليتق الله تعالى ولينته عما يفعل، وعليه أن يخبر مدير الشركة وبقية الشركاء بحقيقة فعل شريكهم ليقفوا على فعله وينظروا ما هم فاعلون معه، وللشركاء الآخرين تضمين أمين الخزانة في نصيبهم من مال الشركة في حالة كان أمين الخزانة خائناً أو مفرطاً معتدياً لأنه وكيل، والوكيل ضامن في هذه الحالة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1427(12/8162)
شروط جواز الوساطة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الواسطة والتي هي ((اللجوء للغير لجلب منفعة أو دفع مضرة)) ؟؟؟
يعني نحن طالبات ثانوية عامة خلصنا من فترة قريبة ونسبنا ولله الحمد جيدة لكن ولا جامعة أو مكان حكومي قبلونا ولا نستطيع دخول الجامعات الخاصة ولكن نستطيع دخولها عن طريق أشخاص يتوسطون لنا ... لن نأخذ مكان أحد غيرنا وإنما زيادة..أرجوكم ردوا علي بسرعة لأن مستقبلنا سيضيع إما الواسطة وإما الجلوس في المنزل بدون دراسة....الرجاء منكم الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواسطة هي بذل الجاه عند ذوي السلطان لقضاء حوائج الناس، والأصل فيها الجواز، بل الاستحباب إن كانت بحق، وفي الحديث: اشفعوا تؤجروا. متفق عليه.
وعليه، فإذا لم يكن في الوساطة التي تريدها السائلة أخذ حق الغير أو إحقاق باطل أو إبطال حق فلا مانع من طلبها والاستفادة من ثمرتها. وراجعي للمزيد الفتوى رقم: 66659.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1427(12/8163)
حكم استيلاء الوسيط على ما توسط به
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بتوصية إنسان غريب مني بالتوصية لي في أخذ أرض لتربية الأغنام توزعها الحكومة لمربي الأغنام، وأنتم تعلمون في هذا الزمان لا بد أن يكون عندك واسطة لكي تحصل على أي شيء، ولما استلم الأرض قام بأخذها له وتهرب، أنا لا أريد شيئاً منه الآن أريد الحكم منكم على هذا الموضوع، وأتركه إلى ضميره وأقول الله يسامحه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جواب هذا السؤال في نقطتين:
النقطة الأولى: حكم الوساطة التي صارت هي السمة البارزة في كثير من معاملات الناس اليوم، والوساطة هي: بذل الجاه عند ذوي السلطان لقضاء حوائج الناس، والأصل فيها الجواز بل الاستحباب إن كانت بحق، ففي الحديث: اشفعوا تؤجروا. متفق عليه، وهي محرمة إذا ترتب عليها إحقاق باطل أو إبطال حق ونحو ذلك.
النقطة الثانية: إن استيلاء الوسيط على الأرض التي وهبتها الحكومة للسائل أو التي خرجت باسمه، يعد هذا العمل من الوسيط اعتداء على مال الغير، ويعد كذلك خيانة منه لمن وثق فيه وجعله سبباً موصلاً إلى مبتغاه المشروع.
فالواجب على الوسيط أن يتوب إلى الله عز وجل وأن يخلي بين الأرض وصاحبها المستحق لها، وليتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1427(12/8164)
حكم من صادر أرض شخص وبنى عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[- فضيلة الشيخ سؤالي هو كما يلي - قبل ثلاثين عاماً من الآن كان والدي يستأجر محلاً في سوق يملكه شيخ المدينة (العمدة) التي كان يعيش فيها، وبعد سنوات قامت الحكومة بإرسال شخص يمثلها في تلك المدينة وأصبح ممثل الحكومة الشخص الأول في المدينة وطلبت الحكومة من التجار الذّين كانوا يدفعون إيجار المحلات لصاحب السوق وهو الشيخ المذكور، أن لا يدفعوا له شيًئا وحتى أنّ البعض كان يدفع له الإيجار سراً وبعد سنوات صدر قرار من الحكومة بهدم هذهِ المدينة بالكامل وبما فيها هذا السوق وبناء سوق ومنازل بمكان آخر للمواطنين وبعد أن تمّ البناء طلبت الحكومة من الناس الانتقال إلى المكان الجديد، إذ أنّ الموضوع هو، أنّ السوق الذي كان في المدينة القديمة والذي كان يملكه الشيخ المذكور كان فيه أربعون محلاً ولكن قامت الحكومة ببناء سوق في المكان الجديد وفيه ثمانون محلاً وقامت بتقسيمه على التجار الذين كانوا يستأجرون في السوق القديم وبقى أربعون محلاً فقامت بتقسيمه على التجار الذين كانوا يستأجرون محلات خارج السوق في المدينة القديمة وعلى بعض المواطنين الذين لم يكونوا مالكين ولا مستأجرين في المدينة القديمة، مع أنّ الحكومة أعطت الشيخ مالك السوق 3 أو 4 محلات له ولأولاده، وبعد مضي سنة من الانتقال إلى المدينة الجديدة، هاجر الشيخ وأولاده إلى دولة أخرى وحصل على جنسية تلك الدولة، وبعد عشرين عاماً عاد الشيخ إلى بلده السابق ليطالب التجار الذين كانوا يستأجرون محلاته في السوق القديم أن يدفعوا له إيجاراً على المحلات التي ملكتهم الحكومة في السوق الجديد، ورفض الجميع بأن يدفعوا له إيجاراً، مع العلم أنّ قانون الدولة لا يسمح لأي شخص هاجر إلى دولة أخرى وحمل جنسيتها أن يرجع بعد سنوات ويطالب ببيتهِ أو محله وحسب قانون الدولة تُعتبر المحلات ملكاً للأشخاص الذين يمتلكونها حالياً، وأنا فضيلة الشيخ أرسلت بسؤالي هذا لكي أعرف رأى الشرع في هذهِ المسألة إذ لا يهمني قانون الدولة إذا كان مخالفا لرأي الشرع ولو أدى ذلك لأن أفقد هذا المحل الذي وصلّ سعره إلى ما يقارب مليون ونصف ريال قطري،هل هذا المحل وغيره يكون ملكاً للشيخ أم ماذا؟ معّ العلم أنّه منذ خمسة وعشرين عاماً المحل في حوزة والدي. وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنه لا يجوز الاعتداء على مال الغير إلا بالحق، ولا فرق بين أن يكون المعتدي هو الدولة أو الأفراد، فكل ذلك ظلم وغصب، وهو من الدولة أشد لأن واجبها حماية أموال الناس لا الاعتداء عليها ونهبها تحت مبررات واهية.
وعليه، فقيام الحكومة بمنع الناس من دفع إيجارات محلات الشخص المذكور تصرف باطل لا ينبني عليه شيء، ويجب على المستأجرين دفع الأجرة إلى صاحب السوق، ولا تسقط هذه الأجرة بالتقادم ولو مر عليها سنون، فإن الحق لا يسقط بالتقادم.
وأما مسألة مصادرة أرض وبناء سوق الشيخ المذكور وهدمه ومن ثم البناء عليه وتوزيع المحلات بعد بنائها على الناس هكذا بدون رضى المالك فإن هذا ولا ريب عدوان وغصب ظاهر لا يحل للحكومة فعله، وما قامت به من البناء ونحو ذلك باطل، وإذا طلب المغصوب منه هدمه وإزالته هدم وأزيل فليس لعرق ظالم حق.
جاء في المغني: إذا غرس في أرض غيره بدون إذنه أو بنى فيها فطلب صاحب الأرض قلع غراسه أو بنائه لزم الغاصب ذلك ولا نعلم فيه خلافا. اهـ
وإن طلب تعويضا عن حقه أجيب وهذا التعويض يشمل قيمة ما تم هدمه، ويشمل كذلك أجرة هذه الدكاكين من يوم غصبها إلى وقت تسليمها للمغصوب منه سواء استوفى الغاصب منافع المغصوب أو لم يستوف.
كما جاء المصدر السابق: على الغاصب أجر الأرض منذ غصبها إلى وقت تسليمها وهكذا كل ما له أجر. اهـ
هذا وإذا استأجر هذه المنازل أو الدكاكين التي أقيمت على أرض المغصوب منه مستأجر فإن للمالك مطالبته بالأجرة من يوم استقرار يد المستأجر عليها لأنه والحال هذا أحد الغاصبين.
وبالنسبة للقانون الذي يصادر أموال الناس وممتلكاتهم تحت مسميات وشعارات مختلفة كشعار البيت لساكنه أو تحت مسمى الاشتراكية ونحو ذلك فهو قانون باطل ولا يعتد به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1427(12/8165)
من غرس شجرا في أرض غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم خلع أشجار الزيتون حديثة الغرس أي من شهر إلى سنة، وذلك لأن أحد أقاربي غرس أشجارا في المكان الذي وضع فيه والدي الحجر لغرض البناء، وعند التفاوض معه بالتعويض لم يقبل، ومع العلم قال له والدي بأن لا يغرس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الأرض إذا كان أبوك قد ملكها ملكاً صحيحاً، فإن الغارس فيها للشجر، إما أن تكون له فيها شبهة ملك أم لا، فإن لم تكن له فيها أية شبهة فهو -إذاً- بمنزلة الغاصب، وحينئذ يكون أبوك مخيراً بين أن يأمر صاحب الأشجار بقلعها، وبين أن يستبقيها لنفسه ويدفع للغارس قيمتها مقلوعة بعد إسقاط تكلفة إزالتها، إذا كان لا يتولاها هو بنفسه، قال الشيخ الدردير مشبها للإعارة المنقضية المدة بالغصب: وإن انقضت مدة البناء والغرس المشترطة، أو المعتادة (فكالغاصب) لأرض بني بها، أو غرس، فالخيار للمعير بين أمره بهدمه وقلع شجره وتسوية الأرض كما كانت، وبين دفع قيمته منقوضاً بعد إسقاط أجرة من يهدمه ويسوي الأرض إذا كان المستعير لا يتولى ذلك بنفسه، أو خدمه، وإلا لم يعتبر إسقاط ما ذكر ويدفع له قيمته منقوضاً بتمامها.
وإن كان لهذا الغارس شبهة ملك، بأن كان قد اشترى هذه الأرض غير عالم بأنها مملوكة، فإن أباك يعطيه قيمة شجره قائماً، فإن لم يقبل فإن صاحب الشجر يعطي قيمة الأرض ويملكها، فإن لم يقبل أيضاً كانا شريكين في الأرض والشجر، كل بقيمة ما يملك، قال الشيخ خليل فيمن بنى أو غرس بشبهة: وإن غرس أو بنى قيل للمالك أعطه قيمته قائماً. فإن أبى فله دفع قيمة الأرض، فإن أبى فشريكان بالقيمة يوم الحكم ...
ثم إن ما ألحقته بالسؤال لم نفهمه جيداً، وقد اعتمدنا في إجابتنا على أن أباك قد ملك هذه الأرض ملكاً صحيحاً، وأما لو كان الأمر بخلاف ذلك فإن صاحب الشجر يكون قد ملكها بما جعل فيها من الإحياء، وبالتالي فليس لكم أي حق في الأرض، واعلم أن مثل هذه الخصومات، لا يمكن حله إلا عند محكمة شرعية مختصة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1427(12/8166)
جزاء من يتخوض في مال الله بغير حق
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت من مخزن حكومي تابع لوظيفتي (قمبراصور هواء) عاطل ساقط عن العمل كان سيرحل للصهر، قمت بإصلاحه وأستعمله حالياً دون أن يكون أذى لأحد، والآن ليس له قيود في المستودع، فما حكم ذلك، وما ينبغي علي عمله حالياً؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من أخذ المال العام بغير حق، ففي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وإن هذا المال حلوة.... من أخذه بحقه فنعم المعونة، ومن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع. وفي رواية لهما: ويكون عليه شهيداً يوم القيامة. وفيهما عن أبي حميد مرفوعاً: والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله تعالى يوم القيامة يحمله. وفي البخاري عن خولة الأنصارية مرفوعاً: إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة.
وعليه, فكان من واجبك - والقمبراصور تابع لوظيفتك - أن تأمر بإصلاحه، لا لمنفعتك الشخصية، بل للمصلحة العامة، وأن لا تقبل برحيله إلى الصهر، لأن في ذلك إفساداً وإضاعة للمال، وقد قال الله تعالى: وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا {الأعراف:56} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله كره لكم ثلاثاً: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال. رواه البخاري ومسلم.
أما الآن فمن واجبك أن تتوب إلى الله مما فعلت، ومن تمام توبتك أن تعيد هذا القمبراصور ليستغل في المصالح العامة، أو ترد قيمته إذا لم تكن الحاجة تدعو إلى استعماله فيما كان يراد له، وإن خشيت في رد قيمته أن يُستولى عليها بغير حق، فاصرفها أنت في مصالح المسلمين العامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1427(12/8167)
إيضاحات هامة حول رد المغصوب
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة موقع الشبكة الإسلامية الموقرين، اسأل الله أن تصلكم هذه الكلمات وأنتم ترفلون بأثواب الصحة والعافية والسرور، جزاكم الله عني كل خير على جوابكم على سؤالي السابق بخصوص المال الذي أخذته من عمي دون علمه، وبارك الله فيكم على سرعة الرد، وقد كنت سألت عدة مواقع إسلامية فلم يصلني منهم أي رد حتى الآن فبارك الله بهمتكم وأكرمكم وجعل ذلك في ميزان حسناتكم ...
بعد قراءتي للفتاوى التي أشرتم إليها في ردكم تبين لي أنه لا بأس من أن أرد المبلغ على شكل هدايا لعمي أو أولاده أو لبيته، ولكن لم أجد رداً بخصوص بقية أجزاء السؤال وهي، أولاً: هل يمكنني أن أعتبر المال الذي أصرفه على دعوته إلى الغداء أو العشاء جزءا من رد المبلغ الذي له بذمتي؟
ثانياً: هل بامكاني أن أعتبر المبالغ التي دفعتها كهدايا له ولأهله وبيته، والتي كنت قد أحضرتها بعد أن أخذت منه ذلك المبلغ بغير علمه، فهل يجوز لي الآن بعد مضي وقت على تقديمي تلك الهدايا له أن أنوي على أنها كانت سداداً لذلك المبلغ الذي أخذته؟ أم أن هذه النية قد أتت متأخرة؟
ثالثاً: هل يمكنني أن أتصدق بمبلغ من المال وأنوي أنني أتصدق بهذا المبلغ باسم عمي وكطريقة لسداد المبلغ الذي له بذمتي، علماً بأنه بهذه الطريقة لن يكون هو المستفيد من المبلغ المتصدق به ولكن طرف ثالث، أرجو المعذرة على إطالتي بالسؤال وأرجو أن يتسع صدركم لي وأن تسامحوني على الازعاج؟ وبارك الله فيكم، وجزاكم عني كل خير، أرجو التكرم بعدم نشر هذا السؤال والجواب عليه في مسرد الفتاوى في موقعكم على الإنترنت حتى أتفادى الإحراج وأكرمكم الله.
ملاحظة الوصلة التالية فيها سؤالي الأول وجوابكم الكريم عليها
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?Id=2110274&Option=QuestionId&lang=A]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص الذي أخذت ماله ما يزال حياً فإنه يجب عليك رد المال إليه نفسه لا إلى أولاده أو زوجته، وإنما يرد إلى هؤلاء وبقية ورثته إذا كان ميتاً، جاء في العناية شرح الهداية: ولو رد المغصوب إلى دار المالك ولم يسلمه إليه ضمن، لأن الواجب على الغاصب فسخ فعله وذلك بالرد إلى المالك دون غيره. انتهى.
كما لا يجوز لك التصدق عنه بهذا المال إلا في حالة العجز التام عن رده إليه أو إلى ورثته.
هذا.. وعندما قلنا إنه يمكن -عند خشية الاتهام بالسرقة- رد المال المسروق في شكل هدية لم نقصد أن تشتري بالمال هدية وتدفعها إلى صاحبه، وإنما قصدنا أن ترد المال نفسه على سبيل ظاهره أنه هديه، لأن ذمتك لا تبرأ إلا بدفع الشيء الذي أخذته إن كان لا يزال موجوداً عندك، فإن كنت قد استهلكته فبمثله إذا كان مثلياً، وقيمته إذا كان مقوماً، والمثلي ما حصره كيل أو وزن أو عدد، والمقوم ما ليس كذلك.
ومن خلال ما تقدم تعلم أنك لا تبرأ ذمتك بالهدايا أو بالطعام الذي قدمته أو تقدمه لصاحب المال، وإنما أجاز بعض العلماء مثل هذا إذا كان المسروق أو المغصوب طعاماً وقيدوا ذلك بقيد، جاء في المنثور في القواعد: لو قدم الغاصب المغصوب ضيافة للمالك فأكله برئ الغاصب. انتهى.
جاء في أسنى المطالب مقيداً لهذه العبارة: محله إذا قدمته على هيئته، فلو غصب سمناً وعسلاً ودقيقاً وصنعه حلوى وقربه لمالكه فأكله لم يبرأ قطعاً. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1427(12/8168)
حكم الحصول على كتب من الجمارك بدل التي صودرت
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: اشتريت مجموعة من الكتب من إحدى الدول العربيه وعند عودتي إلى بلدي وفي الجمارك تم أخذ الكتب مني ورفضوا إدخالها ولكن أحد الأشخاص قال إنه يستطيع أن يحضرها لي وبالفعل أحضرها ولكن عدد الكتب اختلف فمثلا كتاب زاد المعاد اشتريته عبارة عن جزئين أي كتابين والرجل أحضره لي أربعة كتب أي أربعة أجزاء لاختلاف الطبعة وكذلك بالنسبة للكتب الأخرى وقال لي هذا ما وجده في المخزن الخاص بالجمارك فهل يحق لي أن أقبلها منه أم لا وقال لي أيضا إن هناك كتبا أخرى موجوده هناك إذا أردت منها وذلك أن هذه الكتب الدينيه تبقى هناك إلى أن يتم إتلافها وتتلف بسبب المطر والإهمال فهل يحق لي أخذها أيضا أرجو إفادتي؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الكتب التي جاءك بها ذلك الشخص تحتمل أن يكون مالكها قد أخذ كتبك بدلها يظن أنها هي كتبه، كما تحتمل أن تكون ضائعة من شخص آخر، وأن كتبك أنت قد سرقت أو ضاعت بوجه من أوجه الضياع.
فلو أنك عرفت عن طريق الجمارك أو غيرهم أن مالك تلك الكتب هو الذي أخذ كتبك فلا مانع من أن تستبقيها عندك بدلا من كتبك من باب ما يسميه العلماء بالظفر بالحق، قال الشيخ الدردير في شرحه لمختصر خليل: وإن قدر ذو حق على شخص مماطل أو منكر أو سارق أو غاصب ونحوه على أخذ شيئه بعينه أو بقدر ما يساوي ماله من مال من عليه الحق فله أخذه.
وأما إذا لم تجد وسيلة تعرف بها أن صاحب الكتب هو الذي أخذ كتبك فليس لك أن تأخذها لأنه لا خلاف بين العلماء في أنه لا يجوز أخذ مال الغير إلا بحق، قال الله تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة: 188} وقال صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام. متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه. أخرجه أحمد في مسنده.
وكون تلك الكتب عرضة للإتلاف لا يسوغ لك أخذها لأن صاحبها قد يصل إليها بنفس الطريقة التي وصلت أنت إليها بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1427(12/8169)
لا يجوز للزوج الأخذ من مال زوجته إلا بموافقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم إ صرار الرجل على أن تكتب له زوجته سكنا خاصا بها منحها إياه أخوها وكتبه باسمها هل يجوز له هذا الطلب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوج أخذ شيء من مال زوجته قلَّ أو كثر دون طيب نفسٍ منها، فإن فعل فقد اعتدى وظلم، ولا يلزم الزوجة إعطاؤه ما طلب، ولو فعلت بطيب نفس منها من غير حرج عليها في ذلك فقد أحسنت، وتراجع الفتاوى التالية: 32280 // 65487 // 29795.
وينبغي للزوجة أن تتحرى الحكمة في معالجة الأمر مع زوجها لئلا يقع الشقاق والنزاع فيحدث ما لا تحمد عقباه، بل ينبغي أن تتلطف معه وتستعين بأهل الخير والعقلاء من الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1426(12/8170)
حكم أخذ صاحب الحق حقه بدون علم المسئول
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أخذت طفلي لتطعيمه ضد أمراض الكبد الوبائي في العيادة الحكومية وقد طلبوا مني إحضار إبرة خاصة بتطعيم الأطفال لعدم توفرها عندهم في العيادة, ولقد ذهبت إلي العيادة الخاصة بالشركة التي أعمل فيها ولم أجد في تلك اللحظة الممرضة التي أطلب منها تلك الإبره فأخذت بنفسي تلك الإبرة, وبعدها رجعت لأخذ مزيد من تلك الإبر فوجدت الممرضة فطلبت منها أن تعطيني مزيداً من الإبر دون ذكر لها بأني أخذت بنفسي في غيابها الإبرة, وسؤالي هنا: ما حكم أخذي بنفسي لتلك الإبرة، أفيدونا؟ مشكورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن هذه الإبر إذا كانت تعطى للعمال في الشركة مجاناً فلا حرج في أخذها بدون علم الممرضة ما لم يترتب على ذلك اتهام للآخذ بالخيانة، فقد نص كثير من الفقهاء على جواز أخذ صاحب الحق حقه، ممن هو عنده سواء علم أم لم يعلم.
واستدلوا لذلك بما في الصحيحين من إذنه صلى الله عليه وسلم لهند بنت عتبة أن تأخذ من مال أبي سفيان ما يكفيها وولدها بالمعروف، وبما في الصحيحين من إذنه للضيوف بأخذ قِراهم ممن لم يعطهم ضيافتهم.
هذا وننبه إلى أنه يتعين عدم أخذ الزيادة التي لا تحتاجها لكونه صلى الله عليه وسلم إنما إذن لهند بأخذ ما يكفيها فقط، وراجع الفتوى رقم: 28871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1426(12/8171)
استيفاء الحق بأي طريق مشروعة لا بأس فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت كانت مخطوبة مدة ستة شهور، وقد تكلفت أسرة العروس (أختى) بتكاليف حفل الخطوبة بقيمة ثلاثة آلاف جنيه مصرى، وخلال الحفل قدّم العريس الشبكة بقيمة ثلاثة آلاف جنيه وبدون عقد القران أو المهر.
وبعد شهر استلف العريس من والد العروس مبلغ خمسة آلاف جنيه لشراء شقة، ولكن ماطل العريس في شراء الشقة ولم يرد المبلغ, بل ماطل في عقد القران واستكمال الزواج، ووسَّط أمه لإلغاء الزواج, فصادر والد العروس الشبكة وطالب العريس بمبلغ ألفي جنيه لاستكمال المبلغ الذى اقترضه العريس ولم يرده.
الآن أم العروس (أختى) أعطت أختى (العروس سابقا) الشبكة كهبة كتعويض عن الأضرار النفسية التى تعرضت لها، وذلك بعلم الأب قائلة إن هذا هو العرف المتبع بين الناس.
رجاء الحكم الشرعى لأحقية أختى (العروس سابقا) للشبكة أم الشبكة ملك أبى وله حرية التصرف فيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشبكة إذا كانت قد قدمت للأخت على أنها هدية فإنها تجري عليها أحكام الهبة والهدية التي تلزم بالقبض، وتكون ملكًا للمخطوبة، وليس للوالد حق فيها. وأما إن قدمت لها على أنها جزء من الصداق عرفًا أو اتفاقًا فتبقى مودعة عندها حتى يتم العقد، وسبق في الفتوى رقم: 6066.
فإذا لم يتم العقد وفسخت الخطبة، فالشبكة وديعة عندها وهي ملك للخاطب، عليها أن تردها إليه. وأما الأب فإن له دينًا في ذمة الشاب، يجب على الشاب رده إليه، وللأب مطالبته به ومقاضاته ورفع أمره إلى القاضي. ويجوز له أخذ الشبكة وخصم قيمتها مما على الشاب من الدَّين. وهذه المسألة تعرف بمسألة الظفر، وانظر فيها الفتوى رقم: 8780، والفتوى رقم: 6022.
وإذا أخذها الوالد على أنها من دينه على الخاطب فهي ملكه يتصرف فيها كيف يشاء، وليس لزوجته أخذها بغير رضاه، وننصح بالرجوع للمحكمة الشرعية في بلدكم في هذه المسألة؛ فهي من مسائل النزاع التي لا يقطع النزاع فيها إلا القاضي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1426(12/8172)
لا يجوز للطبيب منعك ما دفعت ثمنه من الدواء
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من مرض وأشتري دواء من الطبيب يقدر بـ 500 درهم مغربي، والطبيب لا يعطيني كمية الدواء كلها بل يعطيني ما يكفيني منه والباقي يقوم بإعطائه للمرضى بدون مقابل ودون أخذ الإذن مني أو استشارتي، ما حكم العمل الذي يقوم به هذا الطبيب، أفتونا أجركم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للطبيب أن يمنعك شيئاً من الدواء الذي تشتريه ولو كان زائدا عن حاجتك، إلا إذا تبرعت به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه الدارقطني وأحمد وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1426(12/8173)
أخذ مالا بغير حق على سبيل الانتقام ويريد التوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[عملت في سنوات سابقة مدة لا تقل عن 6 سنوات لدى أحد الأشخاص في متجره، وقد عرضني لظلم كبير بل وحتى إلى حد الإيقاع بي من غير وجه حق مع السلطات في البلد بهدف إبعاد الشبهات عنه شخصياً وكنت أتصرف بعقلية الانتقام منه فآخذ من ماله دون علمه لعلمي أن ذلك حقٌ مسلوب مني فقد كان يستغل ظروفي وحاجتي للعمل فكان يستغلني لساعات أطول مما يجب وبأجر أقل مما أستحق، وقد شاء الله بعد ضغطٍ نفسي كبير أن تركت العمل لديه بحجة طلب الزيادة في الراتب فوافق على عودتي مقابل الزيادة إلا أنه بعد زمن أعاد الراتب إلى سابق عهده مستغلاً حاجتي للعمل. ثم من الله علي وتركته من غير رجعة،
أعلم أنه عليّ إعادة ما أخذته دون علمه لكني لا أملك المال حتى أفي بالتزامي، وعند تركي العمل لديه طلبت منه مسامحتي وقد فعل - علماً أنه لا يعلم أني كنت آخذ منه مالاً - وقد حاولت اللجوء لبعض أصحاب الأموال للحصول منهم على مبلغ يعتق رقبتي من النار لكني لم أفلح في ذلك. فوالله الذي لا إله إلا هو لا أجد راحة في نوم أو استساغة بطعام وأرى حبل النار منعقدا في عنقي، علماً أني سامحته في كل إساءةٍ وأذى تسبب لي فيه.
افتو ني ماذا أعمل وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعيك بالتوبة إلى الله والاجتهاد في رد هذا المال إلى صاحبه، فإن لم تستطع ذلك ولم يسامحك فيه، بقي في ذمتك إلى حين القدرة على السداد، علما بأنه يجوز لك إذا لم تكن قد سامحته فيما ثبت لك في ذمته من مال نظير العمل ساعات أكثر من المتفق عليها، أو زيادة راتب اتفق عليها ولم يف بها، أن تخصم ما لك في ذمته، مما له عليك وتعطيه الباقي، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 43407، 6420، 57897.
ونسأل الله أن يوفقنا وإياك إلى ما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1426(12/8174)
لا مانع من استيفاء الأجرة من مال المستأجر الجاحد
[السُّؤَالُ]
ـ[خرج أحد المستأجرين من محل في عمارتي وكان مستحقاً عليه مبلغ 2000 ريال سعودي، وهو يماطل ويرفض السداد، ولقد ترك بعضا من مستلزمات المحل نسياناً أو إهمالاً، ويقدر ثمن هذه المستلزمات بـ 500 ريال، هل يجوز لي أخذ هذه الأشياء دون تبليغه بذلك، علماً بأن المبلغ المستحق عليه يفوق قيمة هذه المستلزمات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مال المسلم محرم كحرمة عرضه ودمه إلا بالحق، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. متفق عليه.
ومن ذلك الحق ما ذكره طائفة من أهل العلم في مسألة الظفر وهي في من له حق على آخر مماطل أو سارق أو غاصب فظفر صاحب الحق بعين حقه أو بما قدر عليه من مال غاصبه فله أخذه واستيفاء حقه منه، وقد بسطنا القول في هذه المسألة في الفتوى رقم: 28871 فتراجع.
وهناك تعلم أنه لا مانع من استيفاء أجرة محلك أو بعضها من مال المستأجر المماطل الجاحد لهذا الحق، بدون تعد أو ظلم، وإذا أردت أخذ تلك المستلزمات فلا تقومها بثمن بخس فتظلم صاحبها؛ بل اعرض الأمر على أهل الخبرة الثقات ليقوموها لك بقيمتها الحقيقية التي ليس فيها ظلم لصاحبها ولا إجحاف بك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1426(12/8175)
لا يجوز استيلاء بعض الورثة على التركة والمماطلة في تقسيمها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع فيمن يستولي على الميراث ويماطل في توزيعه فنحن سته من الإخوة وأنثى وأخونا ساكن بشقة بالمنزل بدون عقد من الوالد رحمه الله واستولى على المنزل وأعطى نفسه حق جمع الإيجار والاستيلاء على شقة الوالد، مع العلم بأن الوالد أوصى بعدم سكنه بها، ما حكم الشرع فى ذلك وكيفية التصرف، فهو أخ شقيق وكلنا أشقاء من أم وأب واحد وقد عرضنا المنزل للبيع ولكن ذلك سيأخذ وقتا، والأعمار بيد الله وكلنا بلغ من العمر عتيا، هل نترك إرثنا ونحن فى أحوج الحاجة إليه، وهل هذا يرضي الله عز وجل، ولو ترك ماذا سيكون مصير ورثتنا نحن، أرجو-جزاكم الله خيراً- أن تبصروني عن هذا الوضع، خاصه أن اللجوء إلى القضاء سيفرق أكثر وأكثر بين الأرحام، دلوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لأحد الورثة أن يستولي على التركة أو جزء منها أو يماطل في تقسيمها، فقد قسم الله عز وجل التركة تقسيماً عادلاً على جميع الورثة، وعليهم جميعاً أن يرضوا بهذه القسمة ويذعنوا لها، وإلا فإنهم يعرضون أنفسهم لغضب الله تعالى وعقابه، فقد عقب الله عز وجل على تقسيم التركة وإعطاء كل ذي حق حقه، بقوله تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ* وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ {النساء:14} ، وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا {النساء:10} ، ولهذا فإننا ننصح هذا الأخ أن يتقي الله تعالى وينصف إخوانه ويعطيهم حقهم فيما ترك أبوهم، ولا يعرض إخوانه وأسرته للتقاطع والتدابر، نسأل الله تعالى أن يلهم الجميع الصواب والرشد، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 51921، 12337، 50327، 54557.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1426(12/8176)
حرمة الأخذ من المال العام بدون حق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف حكومي في دائرة التسجيل العقاري في أربيل /شمال العراق. عندي أربع سنوات خدمة الوظيفية وسؤالي هو بالنسبة للعقارات وهو: كوني موظفا وحتى اللحظة لم أتزوج وعندي صلة التعارف برئيس بلدية محافظتنا (صلة التعارف برئيس البلدية بسبب شغلي) إذا طلبت من رئيس البلدية أن يهديني قطعة أرض سكنية كي أبيعها أو أبني عليها داراً أي بدون أي أمر وزاري أو أي شيء كهدية من شخص رئيس البلدية وعلما لا يعطون أي قطعة أرض إلا بموافقة رئيس مجلس الوزراء. ورئيس مجلس البلدي قال لي إذا استلمت مني القطعة العقار أستطيع أن نسجلها في دائرة التسجيل العقارى كيف أنا لا أعرف. فهل يجوز أن أستلم هذه القطعة. وتوزع الحكومة الأراضي السكنية على الموظفين الذين تزيد خدمتهم الوظيفية على أكثر من (10) عشر سنوات. أرجو أن تجيبوني على سؤالي جزاكم الله خيرا. وحتى الآن ما استلمت القطعة بانتظار أجوبتكم. وأرجو المعذرة إذا كان سؤالي ناقصا من الناحية اللغوية كوني كرديا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان حصولك على هذه الأرض مخالفا للنظام المعمول به والذي يراعى فيه تحقيق مصحلة المسلمين، فلا يجوز لك المطالبة بها، فضلا عن قبولها من رئيس البلدية، لأن ذلك من أكل المال العام بغير حق، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة. والمقصود بمال الله: المال العام. وراجع الفتوى رقم: 18785.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1426(12/8177)
هل يجب على المشتري البحث عن كيفية تملك البائع للسلعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود شراء قطعة أرض من شخص ما , فهل علي أن أبحث عن الطرق التي حصل بها على القطعة أهي شرعية وبصورة صحيحة قانونيا أم لا؟ وهل إذا اشتريتها منه وكان قد حصل عليها بطريقة غير صحيحة فهل يصيبني إثم أم لا؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سألت عنه له حالات:
الأولى:
أن تعلم أو يغلب على ظنك أن من تريد أن تشتري منه الأرض قد تحصل عليها بطريقة غير مشروعة كغصب أو حيلة فلا يجوز لك حينئذ أن تشتريها منه لأنها ليست ملكا له، ولا يحل لشخص أن يبيع ما لا يملك، ولا يصح البيع إن حصل، ويعتبر المشتري شريكا للبائع في الإثم حينئذ لأن الواجب عليه هو أن يعين صاحب الحق في استرجاع حقه لا أن يعين الغاصب والمحتال على ظلمه.
والثانية:
أن تعلم أو يغلب على ظنك أن من تريد أن تشتريها منه قد تحصل عليها بطريقة مشروعة كبيع أو إرث فلا حرج عليك في أن تشتريها منه لأن من حقه أن يبيع أرضه، ومن حقك أن تشتريها.
والثالثة:
ألا تعلم أو يغلب على ظنك لا هذا ولا هذا وإنما الأمر مجرد توهم أو شك فالأصل في ذلك هو الجواز، ولا ينتقل عن هذا الأصل إلا بيقين أو غلبة ظن، ولكن إذا أراد الشخص أن يحتاط لدينه فلا يشتري ممن يشك في طريقة حصوله على ذلك حتى يسأل ويتأكد فذلك أمر حسن خصوصا إذا كان الناس في زمن الغصب والنهب , وقد كان الإمام النووي رحمه الله لا يأكل من غلة دمشق لأنه يخشى أن تكون من غلة الوقف التي بيعت بغير حق
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1426(12/8178)
كيف يرد المال المغصوب المجهول القيمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مدرسة بإحدى مدارس مصر وكنت مكلفة بالإشراف على إحدى الرحلات للطلبة ولكن الشيطان ونفسي خدعوني فقمت بالاستيلاء على جزء من مخصصات الرحلة المالية وبعد فترة من الزمن شعرت بحجم هذا الذنب وتبت إلى الله عسى أن يغفر لي ولكن لا أعلم كيف يكون التصرف فيما أخذت من الأموال التى لا أعرف مقدارها أرجو من سيادتكم توضيح ذلك لي حتى تكتمل توبتي إلى الله عسى أن يتوب علي ويغفر لي حتى يستريح ضميري وجوارحي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أخذك لبعض مال المدرسة وقد ائتمنت عليه حرام، لعموم الأدلة التي تذم خيانة الأمانة وعدم الوفاء بها، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} . وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال: 27} . وقال صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك. رواه أبو داود والترمذي والحاكم وغيرهم.
والواجب على من فعل ذلك أن يتوب إلى الله تعالى، وتوبته هنا لا تتحقق إلا بأربعة شروط وهي:
- أن يترك هذا الفعل القبيح.
- أن يندم على فعله فيما مضى.
- أن يعزم على عدم العودة إليه أبداً.
- أن يرد الحق بكامله إلى أهله، أما عن كيفية رده وقد نسيت مقداره، فينبغي أن تحتاطي لذلك وتردي ما يغلب على ظنك أنه يوفي بذلك، وإذا كنت تتحرجين من رد المال مباشرة فيجوز لك رده بالوسائل غير المباشرة دون علم مسؤولي المدرسة، ومن ذلك وضعه في حسابها دون إخبارهم بذلك، فإذا بقي عليك مبلغ بعد ذلك لعدم توافر المال لديك، وغلب على ظنك أنه يمكنك الوفاء به في المستقبل، فلا مانع من تأخير سداده للعذر مع العزم على الوفاء به، أما إذا غلب على ظنك أنه يتعذر عليك الوفاء به في المستقبل، فالواجب عليك أن تتحللي من أصحاب المدرسة من ذلك، وراجعي الفتوى رقم: 6022.
نسأل الله تعالى أن يغفر ذنبك ويقبل توبتك إنه تواب رحيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1426(12/8179)
لا يجزئ لمن أخذ أكثر من حقه في مسألة الظفر التصدق به
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت أعمل فى شركة أعمال نظافة وحراسة وزراعة، والشركة كان فيها ظلم كبير قوي للعمال، وكان كل الذين يعملون في الشركة يسرقونها، وكان المدير العام وهو فلسطيني الجنسية يشتمهم ويهينهم وكانوا يسكتون لأنهم يسرقون وفي مرة حاول أن يهينني وأنا رديت عليه وزميل لي نفس الشيء ومنذ ذلك الوقت وهو يجد في نفسه علينا، علما بأن الشركة يمكن أن لا تعطي عمال النظافة والحراسة رواتبهم لمدة 3 شهور وتؤخر الرواتب، لكنا نحن في الإدارة كان أقصى تأخير 15 في الشهر، وكانت تعمل غرامات على العمال ليس لهم ذنب فيها، وبعد الرد عليه قام فى أول إبريل بعدم إعطاء زميلي الراتب ذهب زميلي، وهو راجل مؤذ لا يعرف الله ويضحك ويبش مع من هو مصمم على المكر به، أنا قدمت استقالتي لموقفي السابق معه، وكان معي عهدة رواتب فأنا قبل أن ينزل الراتب حجزت راتبي أنا وصاحبي بعد تحذيرات من ناس بأن نأخد احتياطنا، فزميلي أخد الراتب الذي يستحقه من الفلوس هذه، وأنا أخذت قيمة 6 أيام من العمل قبل الاستقالة وباقي الفلوس أقرضته مسلما في ضائقة يريد أن يسافر وتعهد لي بالسداد، بعد سداد الفلوس أنا ناوي أن أخرجها في سبيل الله لملجأ أيتام وسألت شيخا قال لي لازم ترجع لهم الفلوس وخوف الآن أن الناس لا يعرفون الله فيمكن يتهموني بأي شيء، وأيضا وكيل محام قال لي تعالى أشتكي لك فى الشؤون وآتيك بمستحقات الـ9 شهور التي اشتغلتها معاهم، علما بأنني فى دولة الكويت، فهل علي وزر في الفلوس لو تبرعت بها؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح حالنا وحالك، وأن يسهل أمرنا وأمرك، وأن يختار لنا ولك ما فيه الخير، ولا شك أن ما يفعله هذا المدير -إذا كان الأمر كما ذكرتم- يعد من الظلم وأكل أموال الناس بالباطل، فليتق الله وليتحلل من المظالم من قبل أن يأتي يوم لا درهم فيه ولا دينار، وإنما هي الحسنات والسيئات، أما عما فعلته من أخذ المال، فما كان منه مقابل عمل عملته أو حقوق متفق عليها شرطا أو عرفاً فإنه من حقك، وأخذك له دون علم ورضا صاحبه لا يضر ما دام لا يريد أن يعطيك حقك، وهذه المسألة تسمى عند الفقهاء بمسألة الظفر وهي أن يكون لشخص عند آخر حق ولا يريد الآخر أن يعطيه حقه فيأخذ صاحب الحق حقه بالحيلة، والراجح من أقوال الفقهاء في هذه المسألة أن له أن يأخذ مقابل حقه ولو كان من غير جنسه، وراجع التفاصيل في الفتوى رقم: 28871.
أما إذا كان من المبلغ الذي أخذته زائداً عن حقك فأخذك له حرام، فيجب عليك التوبة من ذلك وأن ترد الحق إلى أهله ولا يجوز لك أن تتصدق به ما دام صاحبه معروفاً، وخوفك من أن يتهموك لا يبيح لك عدم رد الحق لأهله لكن يمكنك أن ترد الحق بطريقة غير مباشرة، والذكي لا يعدم حيلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1426(12/8180)
يجوز استرداد ما أخذ من الحقوق ظلما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أشتغل في شركة ومكلف بمسك عهدة إدارة وعندنا في الشركة إدارة تفتيش على العهد تقوم بتفتيش مفاجئ أتت لجنة التفتيش المفاجئ وأخرجت لها جميع الأوراق والمستندات وكم تم الصرف من العهدة وما هو الباقي وسألوني هل عندك خزنة فأجبتهم بالنفي فأخبروني بأن هذا مخالف ولا يجوز ذلك فقلت لهم إن المدير العام عنده علم بذلك وقد أخبرته بأني ليس لدي خزنة وأن المال أذهب به إلى البيت وآتي به في اليوم الثاني، والمدير العام يعرف ذلك ولكن لجنة التفتيش عندما أخبرتهم بأن هناك مبلغا متبقيا وهو عندي وموجود قالوا لي ما دام ليس لديك خزنة فسيكون هذا المبلغ عجزا عليك مع أن المبلغ موجود لدي وعلى كلامهم فسيخصم هذا المبلغ من مرتبي سؤالي هل يجوز خصم هذا المبلغ مني مع أنه موجود لدي مع العلم أنه إذا تم الخصم أستطيع استرجاعه ولكن بطرق ملتوية وأنا لا أحب الحرام فأفتوني بارك الله فيكم..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أيها الأخ الكريم أنك أمين على هذا المال ومكلف بحفظه، وإذا كان من وسائل حفظه التي لا يتم إلا بها اتخاذ خزينة، فيتعين عليك فعل ذلك إن كان هذا في مقدروك واستطاعتك.
وعلى كل، فليس لهؤلاء تغريمك شيئاً ما دام لم يفقد شيء، فإن فعلوا جاز لك أن تسترد ما أخذ منك ظلماً بطريقة لا تعود عليك بالضرر ولا تتوصل بها إلى أخذ أزيد من حقك.
وراجع الفتوى رقم: 18260.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1426(12/8181)
توثيق الدين قطع لدابر النزاع
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ صيدلي عملت معه شركة مناصفة لفتح صيدلية،اشتريت أنا المكان وقام هو بالتجهيز ووضع الدواء ولم نقم بكتابة أي أوراق لتثبت حقي ولم يعطني أي شيء من دخل الصيدلية بحجة أنه يوسعها ثم قام بإيجار مكان آخر وقال سوف نقوم بتجهيزة مناصفة والدواء يؤخذ من الصيدلية الأولى، وبالفعل أعطيته نصف التجهيزات ولكنه طمع فيها واستولى عليها، وها أنا لا أستطيع أن أثبت حقي في الأولى ولا في الثانية، فماذا أفعل وخصوصا أن حياتي الزوجية مهددة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى أرشدنا إلى توثيق الديون والعقود؛ كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ {البقرة:282} ، وهذا الإرشاد بالتوثيق جاء حسماً للنزاع وحفظاً للحقوق وسداً لباب الخصام والفتنة، ولا فرق في هذا بين ما يقع من العقود بين الإخوان وما يقع بين غيرهم، بل إن الإخوان أولى بذلك سداً لذريعة قطيعة الرحم إذا ما حصل خلاف بينهم بسبب المعاملات التي لا توثيق فيها.
هذا؛ ولا ريب أن ما فعله شريك السائلة من الامتناع عن دفع حصة شريكته من أرباح الصيدلية الأولى، واستيلائه على الصيدلية الثانية، يعد غصباً محرماً وخيانة لمن وثقت به وقطعاً للرحم، وكل هذا من الكبائر المحرمة، وأنه يجب عليه المبادرة إلى التوبة إلى الله عز وجل ورد الحقوق إلى أهلها.
وأما عن الذي ينبغي للسائلة فعله الآن فإننا ننصحها به أن تحاول تليين قلب أخيها وتذكيره بالله تعالى وكذا محاولة استدراجه بطريقة أو بأخرى حتى يقر كتابياً أو بحضور شهود بأنها شريكته في الصيدليتين، ثم إذا ما أقر أمكنها أن تأخذ حقها بالمقاضاة إذا تعذر أخذه طواعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1426(12/8182)
لا يستباح مال شركة التأمين بالكذب والزور
[السُّؤَالُ]
ـ[وقع لي حادث مروري بين سيارتي وبين شخص وكان الخظأ عليه، وكلانا لا يملك تأمينا. فورا طلب هذا الشخص من صاحب له وكان عنده تأمين أن يدعي بأنه المتسبب. وفعلا أخبروا المرور بذلك. أنا لم أعلم بذلك إلا بعد يومين حيث أغمي علي بعد الحادث مباشرة، وعندما علمت لاحقا بتلك الحيلة، أردت إخبار المرور بالحقيقة، لكن الشخص المتسبب ترجاني بالستر عليه،وأنه فقير لا يملك إصلاح السيارة. قيمة التعويض الآن عندي، ماذا افعل بها، أصلح بها سيارتي أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت علمت أن المال الذي دفع لك مأخوذ بوسيلة الكذب من جهة التأمين بغير حق فإن عليك أن ترد المال إلى جهة التأمين لأنها معصومة المال لا يستباح مالها بالكذب والزور.
وأما المتسبب في الحادث فعلا فإما أن تعفو عنه أو تتفاهم معه على القيام بما كان أهل المرور سيلزمونه به وأنك ستستره وتقسط عليه المبلغ أو تؤجله حتى يقتدر أو تقوم بغير ذلك من الحلول الممكنة شرعا، ولك الحق عند رفضه التفاهم معك أن تشكوه إلى المحاكم الشرعية، هذا ونوصيك بالحمد لله على سلامة روحك من هذا الحادث وأن تقاضي المتسبب في الحادث برفق أو تسامحه وتعفو عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1426(12/8183)
إن ضاعت الحقوق في الدنيا فلن تضيع يوم القيامة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد عملت لدى شركة وصار خلاف بيني وبين المدير التنفيذي (فلسطيني) وكانت لي مستحقات عندهم 4 آلاف ريال ولكنه استغل عدم وجود عقد بيني وبينه وقام بإنكار هذه المستحقات وقال لي أثبت دوامك رغم أنه يوجد برنامج على الكمبيوتر للحضور والانصراف وقد قمت إخبار صاحب الشركة (سعودي) ولكن قال لي لا علاقة له بهذا الموضوع وسؤالي هو هل أفوض أمري إلى الله لأنني لا أستطيع الشكوى إلى الشرطة لعدم وجود عقد ولكون شغلي مخالفا للقانون لأن القانون يمنع الشغل عند غير كفيلي وقد خوفته بالله وبعاقبة الظلم لكنه لم يخف لأنه لا يصلي ولا يعرف الله وعندما أقول لنفسي أفوض أمري لله أشعر بحرقة على الفلوس ولأن ذلك قد يجعل المدير التنفيذي يتمادى وقد يظلم غيري فماذا أفعل؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حقك لن يضيع إما أن تجده في هذه الدنيا أو تجده يوم القيامة وأنت أحوج ما تكون إليه، فننصحك بالصبر وتوخي الحكمة في المطالبة، وينبغي أن توجه من المشائخ وأصحاب العقل ممن لهم وجاهة وكلمة ليشفعوا لك عند مدير الشركة أو مسؤولها ليؤدوا إليك حقك.
فقد ذكرت أنه لا بينة لك على دعواك من شهود أو عقد موثق لعملك، فأنت الذي فرطت في حقك بنفسك، حيث لم تكتب عقداً بينك وبين المسؤول صاحب الشركة، وأيضاً لمخالفتك لقوانين البلد الذي تقيم فيه، ولا يجوز للمسلم أن يذل نفسه، فعليك بالصبر واحتساب الأجر (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) والدعاء الدعاء، وتحين أوقات الإجابة سيما في جوف الليل.
فسهام الليل لا تخطى ولكن لها أمد وللأمد انقضاء
وللاستزادة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 60009.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1426(12/8184)
حكم الظفر بالحق من الوسيط
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذني شخص معين إلى شخص آخر لإعطائه مالا لكي يقضي لي حاجة ودفعت المال ومر عشرة أشهر واكتشفت أنه لا يستطيع قضاء تلك الحاجة ولكي آخذ حقي لابد من عمل خدعة على الوسيط الذي كان سببا في الأمر والذي يملك من الوسائل ما يأخذ به الحق من هذا الشخص أي أنني أحتاج إلى خدعة لآخذ حقي، فهل أخدع لأخذ الحق أم هذا حرام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت لا تستطيع أن تأخذ حقك بالطرق السليمة فلك أن تأخذ حقك بالحيلة، وهذه المسألة تسمى بمسألة الظفر، وقد تقدم الكلام عليها مفصلا في الفتوى رقم 28871
لكن عند أخذك لحقك لا يجوز لك أن تظلم أحدا أو تتسبب في ظلم أحد ولا أن تأخذ أكثر من حقك.
وإنما تأخذ حقك ممن عنده الحق لا من الوسيط لأن الوسيط عبارة عن وكيل، وإذا كان هذا الوكيل عنده من الوسائل ما يستطيع به أن يرد حقك فذكره بالله واليوم الآخر حتى يستخرج لك حقك، فإذا لم يفعل فلا يحل لك أن تأخذ حقك منه بالحيلة لأن حقك ليس عنده بل عند غيره، وعدم سعيه لرد حقك مع تمكنه من ذلك لا يبيح لك أخذ ماله، وهذا كله ما لم يكن هذا الوسيط قد غرر بك، فإن كان قد غرر بك عن سابق إصرار فهو شريك في ضياع حقك فلك أن تأخذ منه بالحيلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1426(12/8185)
تعامل المرء مع من سلب منه داره
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف كيف أعامل جاري وهو سالب مني بيتي بالقوه أي مكنته الدولة منه \"البيت لساكنه\" وهو عارف وقال لي إنه بيتي وقد أعطتني إياه الدولة ولا يحق لك أن تطالب به، فالرجاء إرشادي كيف أعامل من سلب مني مالي هل أقتله أو يقتلني، وإن فعلت فكيف حكمه وحكمي عند الخالق؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 63410.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1426(12/8186)
معاملة الجار المغتصب للدار
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف كيف أعامل جاري وهو أخذ مني بيتي بالقوة الدولة \"البيت لساكنه\" أريد أن أعرف كيف أعامله، هل أعامله بالسنة التي تحثني لحسن معاملة الجار ولا بالدين والقانون لأنه أخذ مني مالي بالقوة وهو عارف وقد حاولت أن أحل المسألة بيني وبينه، ولكنه قال لي أنت لا تملك عندي شيئا فالرجاء موافاتي بالفتوى الشرعية لهذه المسألة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للدولة ولا لغيرها أخذ أموال الناس بغير حق شرعي، ولا يجوز للمسلم الانتفاع بذلك بوجه من الوجوه، سواء كان ذلك عن طريق الهبة من الدولة أو البيع، وقد بينا ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 9660، 15190، 60033 وما أحيل إليه فيها.
وأما ما يخص التعامل مع هذا الجار، فلا شك أن حق الجار عظيم فقد أوصى الله به في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد بينا ذلك بأدلته في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 15277، 28848، 38409.
ولكن إذا كان الجار فاسقاً وظالماً فلا مانع شرعاً من هجرانه، والأولى للمسلم أن يعفو ويصفح ويعامل الناس عموماً بالتي هي أحسن وخاصة إذا كانوا جيرانه، قال الله تعالى: وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ* إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ* وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:41-42-43} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1426(12/8187)
حكم من أكل من طعام مغصوب
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت في حدود شواطئنا جرافة يابانية..وكانت تحتوي على كمية من أنواع الأسماك. وبعض الأشياء المعلبة فقاموا بحجزها وقام ضباط البحرية بأخذ ما تحتويه من الأسماك وكان منهم قريب لي فأتى لنا من هذه الأسماك وأكلنا منها وأتى لنا ببعض الأشياء الأخرى....
ما حكم الشرع في هذا.... علما بأن قريبي قام بإعطاء صدقة منها لأقربائنا..... وإن كان هذا حراما فما كفارته ... جزاكم الله خيرا..أفيدونا بالإجابة بالتفصيل....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 43251 أن شراء البضائع المصادرة غير جائز، وهكذا معاملة مصادرها فيها بالهدية ونحوها، وإذا أمكن إعادتها أو قيمتها عند استهلاكها إلى أصحابها فهو المتعين، وإلا، تصدق بها على الفقراء والمساكين، فالمقصود أنه إذا حرمت المصادرة فإن معاملة المصادر لها كمعاملة الغاصب في المغصوب لا تحل، ويجب رد المغصوب إلى مالكه، فإن لم يكن معروفا تصدق به على الفقراء والمساكين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1426(12/8188)
حكم استيفاء الحق من الغاصب بالحيلة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي ببساطة، قمت بمشاركة أحد الأشخاص في استيراد بضاعة عينية بقيمة مائة وأربعين ألف ريال سعودي وقد دفعت نصف هذه القيمة تقريبا سبعين ألف ريال وقمت بالاهتمام بعملية الاتصال بالشركة المنتجة وخطوات الشحن وإلى آخره وقد تم شحن هذه البضائع إلى اسم الشركة للشخص الشريك الطرف الثاني. حيث هو من يملك سجلا تجاريا والى آخره ... وعند وصول البضاعة قام هو بإخراج الأغراض من دون علمي والتصرف بها.. وعند المحاولة للاتصال بالشخص المذكور كان التهرب هو الرد دائما.. وقد أيقنت أن الشخص مارس علي عملية احتيال معي مع العلم أني أعرفه منذ قرابة 3 سنوات وقد تعاملت معه سابقا ... الآن الموضوع مع الشرطة والرجل استدعي وقد أنكر كل شيء والحاصل أن ليس لي دليل ملموس بأني قد سلمته المبلغ المذكور يعتمد عليه قانونيا..
الحاصل أن للمذكور \\\"المحتال\\\" عملية شراء من شركة أخرى كنت أنا قد قمت بمكالمتها بالبداية والطلب منها وقد حاول هو الاتصال بالشركة لعقد الصفقة المقدرة ب أربعين ألف ريال سعودي..وقام بدفع المبلغ للشركة المعنية وقد قمت أنا بالتكلم مع الشركة وأوضحت أني أنا الشخص الأساسي الطالب وهذا هو فعلا وأني أنا المعني بهذه الأغراض والرجاء تحويل كل المستندات والجهة المستفيدة باسمي أنا، وذلك لكي أشكل ضغطا على الطرف الثاني لرد المبلغ الذي أخذه مني في الصفقة الأولى وأنا أقوم بتسليمه البضاعة الثانية حيث هي تحت سيطرتي..
ولكن محاولتي معه قوبلت بالرد حيث بالنسبة له سوف يخسر ثلاثين ألف ريال من الأموال التي نصب بها علي بعد خصم قيمة الأغراض الثانية..
سؤالي هل شرعا يحق لي التصرف وأخذ البضاعة الثانية مع علم المحتال وذلك لمحاولة الحصول عليها وبيعها أملا في تعويض المبلغ الذي نصب به علي..
الرجاء أفيدونا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت فلا حرج في أخذك للبضاعة الثانية والتصرف فيها بشرطين: الأول أن لا تتضرر الشركة البائعة لهذه البضاعة بذلك؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك.
الثاني: أن تقتصر على استيفاء حقك، فإذا فرض أن قيمة هذه البضاعة في السوق تزيد على حقك فيجب أن ترد هذه الزيادة على هذا الشخص، أما إذا كانت قيمتها تنقص عن حقك فالفرق باق لك في ذمته، والأصل في ذلك قوله سبحانه: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ {النحل: 126} وقوله سبحانه: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى: 40} .
وهذه المسألة تعرف في الفقه الإسلامي بمسألة الظفر وقد بسطنا الكلام فيها في الفتوى رقم: 28871 والفتوى رقم: 8780.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1426(12/8189)
من عمل عملا إضافيا ولم يعطه صاحب العمل أجرته
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أشرح لكم مشكلة،هذه المشكلة تتعبني نفسياً حيث إنني أعمل منذ ثلاث شهور كمهندس حيث حدثت ظروف وعملت لوحدي أنا وصاحب المكتب وكنت أقف بجانبه في هذه الظروف حيث المفروض أن يعمل في المكتب اثنان أو ثلاثة أشخاص منذ فتح المكتب إلى قفله بجانب صاحب العمل لكنني عملت لوحدي معه لثلاثة أسباب:1- بنية أن هذا عمل لله لكي أقف جانبه.2- على أن يعوضني عن هذا الوقت الإضافي بالمال. 3- أو يريحني ويعطيني إجازات كثيرة عندما يأتي أحد يعمل معنا. بمعنى الوقت الإضافي الذي قضيته يعوض الاجازات التي سوف آخذها من العمل علماً أن صاحب العمل وعدني كذلك من نفسه بإعطاء إجازات كثيرة لأنني وقفت جانبه أي يعوضني عن الجهد والوقت الذي قعدته. لكن مر الشهران والثالث دون أن يعطيني مليام واحدا على هذ الجهد الذي بذلته والوقت الذي أضعته ولا حتى إعطاني إجازات كما وعدني. مع العلم بأنه قد يغضب مني لو تأخرت ساعة (إنني في الحقيقية لم أتأخر لكن بالنسبة له أنني تأخرت) . فهل آخذ حقي وهو مرتب شهرين دون علمه أعتبر أنني تحولت من مظلوم إلى ظالم؟ أو أكون في حكم السارق؟ مع العلم بأنني لو أخذت راتبي لا يؤثر ذلك عليه لكن لو تمردت وأخذت أجازة قد يضعني في دماغه ويأتي بأحد غيري وهنا قد أضر نفسي وأضره معي بسبب وقف حال المكتب هذا لو أخذت إجازات لكي أعوض الوقت الذي قضيته معه دون أن يحاسبني عليه. أريد فتواكم بسرعة لحاجتي لها قبل فوات الأوان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} . وقال صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني، وقرر أهل العلم: أن المعروف عرفا كالمشروط شرطا. وبناء على ذلك، فإذا لم تكن قد اتفقت مع صاحب المكتب على أن يعوضك عن الوقت الإضافي بمال أو إجازات، أو لم يكن هناك عرف مهني على أن من عمل وقتا إضافيا استحق مقابلا عن هذا العمل، فلا حق لك في مطالبته بهذا المقابل، لكونك في هذه الحالة متبرعا بالعمل.
وأما إذا كنت قد اتفقت معه على أن يعوضك عن الوقت الإضافي أو جرى العرف بذلك فلك أن تطالبه بحقك في مقابل هذا الوقت الإضافي، فإن أعطاك حقك، فالحمد الله، وإن لم يعطك إياه، ففي جواز أخذك له بدون علمه، خلاف بين العلماء بسطناه مع بيان الراجح في الفتوى رقم: 49905.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1426(12/8190)
حكم شراء أو استئجار المغصوب
[السُّؤَالُ]
ـ[تحت شعار البيت لساكنه ومنع الإيجار ومنذ ثلاثين سنة (أخذت) الدولة عمارات من مالكيها عنوة وسلمتها للسكان بدون أن تعوض المالكين، فهل يجوز شراء (دفع خلو رجل) هذه الشقق من ساكنيها، علما بأن ملك هذه العمارات للدولة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن تأميم المساكن ونزع ملكيتها من أصحابها مضاد لحكم الشريعة، وغصب لأموال الناس وأكل لها بالباطل الظاهر، سواء كان المغتصب لها الدولة أو الآحاد من الناس، وراجع للمزيد في هذا الفتوى رقم: 4429.
والمغصوب يبقى ملكاً لصاحبه فلا يسقط حقه بالتقادم وتعاقب الأيدي.
وعليه.. فلا يحل لأحد شراؤه ولا استئجاره بخلو أو بدون خلو، لا من مغتصبه الذي هو الدولة، ولا من سلمته له الدولة وهو مغتصب أيضا، ومن اشتراه أو أجره من مالكه كان مشاركاً للغاصب في الغصب، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 9660.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1426(12/8191)
من شروط صحة التوبة من مظالم العباد
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكر لكم التفضل بالإجابة على سؤالي رقم (264127) لكن لم أكن على علم بما تفضلتم به، وقد قال الله تعالى: فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ. هل ينطبق هذا على حالتي أو ما العمل أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الندم والتوبة وكذلك الجهل بالحكم لا يُعفي صاحبه من رد حقوق الناس، وقوله تعالى: فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ {البقرة:275} ، نزلت في العقود الربوية التي كان يتعامل الناس بها قبل نزول تحريم الربا، فلم يطالبوا بالتخلص من أموالهم التي كسبوها عن طريق العقود الربوية قبل تحريم الربا، وبمعنى آخر أن ما قبض من الأموال في تلك الفترة معفو عنه وما لم يقبض لم يعف عنه.
وأما الاستدلال بالآية على أن من غصب أو سرق أو احتال لأخذ المال المعصوم ثم إذا تاب وندم صار هذا المال حلالاً في حقه، فهذا لم يقل به أحد؛ بل هم مطبقون على أن من شروط صحة التوبة رد الحقوق إلى أهلها إن وجدوا وأمكن الوصول إليهم؛ أو التصدق بها.
جاء في الأداب الشرعية: قال القرطبي في تفسيره حكاية عن العلماء: فإن كان الذنب من مظالم العباد فلا تصح التوبة منه إلا برده إلى صاحبه والخروج عنه عيناً كان أو غيره إن كان قادراً عليه، فإن لم يكن قادراً عليه فالعزم أن يؤديه إذا قدر عليه في أعجل وقت وأسرعه، وهذا يدل على الاكتفاء بهذا، وأنه لا عقاب للعذر والعجز. انتهى، وراجع الفتوى رقم: 22156.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1426(12/8192)
حكم من أخذ من أموال من الناس باسم غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد لدي خال قام بسب لحيتي وسب أهلي وأساء للوالد وهو في مقام عمه وقام بطرد الوالد من بيته. كما أنه يجاهر بالمعصية أمام الناس ويفتخر بالزنا والعياذ بالله ويقوم بقذف المحصنات , علماُ بأنه تحت كفالتنا وكل عمله باسمنا.
يوجد عندي عدة أسئلة عنه.
1- ما حكم السلام عليه والسؤال عنه؟
2- هل يوجد عليه عقاب بما أنه قام بسبي وأهلي أمام الناس وقام بطرد الوالد من الناحية الشرعية؟
3- يوجد عليه ديون على الناس قد قام بسرقتها باسمنا بما أن العمل باسمنا. هل يجب علينا مساعدة الناس في أخذ حقها منه, وعدم إعطائه حقا من الأملاك حتى ينتهي من حق الناس بالحق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان خالك كما تقول فهو على خطر عظيم فقد جمع إلى قطيعة الرحم، قذف المحصنات والمجاهرة بالمعاصي، وقد قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد 22-23} . وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {النور: 23-24} .
وقال صلى الله عليه وسلم: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه. متفق عليه.
فعليه أن يتوب إلى الله تعالى ويحذر نقمته وغضبه ويصلح ما بينه وبين أقاربه، وليعلم أنه إن كان قد قصد بسب لحيتك سب شرع الله أو هدي نبيه صلى الله عليه وسلم في إعفاء اللحية فقد خرج من الملة، وعليه أن ينطق بالشهادتين ويغتسل ويستأنف إسلامه.
أما حكم ما أخذه من أموال من الناس بغير حق فإن كان أخذها بغير توكيل منكم فإن الواجب عليه ردها، فإن امتنع من ذلك فيجب أن ترفعوا أمره إلى الجهة المختصة لتلزمه بتوفية الناس حقوقهم أو تحجز على قدر حقوق الناس من أملاكه وتوفيهم منها، لأن هؤلاء الناس مظلومون وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنصرة المظلوم. متفق عليه.
وأما إن كان أخذها بتوكيل منكم فالواجب عليكم أن توفوا الناس حقوقهم، ثم لكم أن ترجعوا عليه، فإن أبى أن يوفيكم ما دفعتم فلكم أن تأخذوا من أملاكه بقدر ذلك.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: رقم: 31775 ورقم: 37125 ورقم: 8780.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1426(12/8193)
حكم الأخذ من مال الأب دون علمه بنية رده
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي له محل وكان في يوم وأنا أعمل معه أخذت من النقود ما شئت، ولكنني الآن آخذ من النقود دون أن أقول له، ولكني أعتبر أن هذه النقود مثل دين علي ويجب أن أرده، فهل يعتبر هذا سرقة مع أنني ملتزم جداً بتعاليم الدين، ومصر أن أرد المبلغ كاملاً أفيدوني بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والدك قد أذن لك أن تأخذ من ماله ما شئت، دون أن يقيد ذلك بحالة معينة أو مرة معينة، فلك أن تأخذ ما جرت العادة بأخذه دون أن تعلمه في كل مرة تأخذ فيها، اكتفاء بالإذن الأول.
أما إذا كان قد قيد إذنه بحالة معينة أو مرة، فلا يجوز لك فيما عداها أخذ شيء من مال أبيك إلا بإذنه ورضاه، سواء كان ذلك على سبيل الاقتراض أو غيره، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 27073.
وفي هذه الحالة الأخيرة فإن ما أخذت من مال والدك دون إذنه ورضاه سرقة يجب عليك التوبة منها ورد المال لأبيك ولو بطريقة غير مباشرة، إلا أن يعفيك والدك من رده، وراجع الفتوى رقم: 8610، والفتوى رقم: 21859.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1425(12/8194)
مسألة من بيده مال اغتصبه من مكان عمله ويخشى رده
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي قريب يعمل في إدارة تصرف لأناس استحقاقات سنوية، وقد أغواه الشيطان مع مجموعه في تنزيل هذه الأسماء مرة أخرى وأخذها لهم بدون علم المسؤولين، وهو بقيت لديه الفلوس حتى هذه اللحظة وهو نادم أشد الندم ولا يستطيع إعادتها لعمله حتى لا يسجن، هل يعطيها جمعيات خيرية، أفتوني جزاكم الله خيرا فهو في حيرة من أمره، وما عليه أن يعمله؟ جعلها الله في موازين حسناتكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن قريبك هذا قد ارتكب إثما عظيما بأخذه ما لا يستحق وتزويره في الأوراق وخيانته للإدارة التي يعمل بها، وعليه أن يتوب إلى الله عز وجل ويرد هذه الأموال إلى الإدارة المذكورة، ولا يلزم أن يخبرها بهذه الخيانة ولكن يرد هذه الأموال إلى مكانها بطريقة أو بأخرى، فإن عجز أو شق عليه، فيدفعها إلى من يستحقها الأحوج فالأحوج من الأشخاص الذين يستحقون مثل هذه الإعانات.
جاء في المجموع للإمام النووي في مسألة من بيده مال حرام من يد السلطان، يعني مال اغتصبه السلطان من مالكه ووقع هذا المال بيد شخص فماذا يفعل فيه؟ - ولا ريب أن المال المسؤول عنه في مسألتنا والذي لا مالك له معين أهون من المال في المسألة التي ذكرها النووي رحمه الله-، يقول النووي: قلت: المختار أنه إن علم أن السلطان يصرفه في مصرف باطل أو ظن ذلك ظنا ظاهرا لزمه هو أن يصرفه في مصالح المسلمين، فإن عجز عن ذلك أو شق عليه لخوف أو غيره تصدق به على الأحوج فالأحوج، وإن لم يظن صرف السلطان إياه في باطل فليعطه إليه أو إلى نائبه أن أمكنه ذلك من غير ضرر، فإن خاف من الصرف إليه ضررا صرفه هو في المصارف التي ذكرناها. اهـ.
وهنا مسألة مهمة ينبه عليها، وهي أنه إذا كانت الإدارة المذكورة ستحاسب على هذه الأموال من الجهة المسؤولة ويتضرر العاملون فيها بسبب هذه الخيانة فيجب إرجاع المال إليها وإعلامها بحقيقة الأمر ولو أدى إلى سجن الشخص الذي ارتكب هذه الخيانة فليست نفسه أولى من نفس غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1425(12/8195)
يجوز استيفاء الحق المالي المجحود بالحيلة
[السُّؤَالُ]
ـ[عملت محاسباً بإحدى الشركات، ووقع في قلب صاحب الشركة شك في ذمتي حينما رأى معي مبلغا من المال خاصا بواحد من أقاربي، وقام على أثرها بإيقافي عن العمل، ومراجعة العمليات التي كنت أقوم بها، وخصم من راتبي مبلغا من المال كنت بحكم عملي قد صرفته لبعض المتعاملين مع الشركة كعمولات متعارف عليها وتم إنهاء الأمر، وطلب مني العودة للعمل ولكني فضلت ترك العمل ووفقني الله للعمل بشركة أخرى، ولا أنكر أن صاحب الشركة الأولى ذكرني بالخير عندما سأله صاحب الشركة الجديدة عني، ولكنه لم يصرف لي مبلغا من المال كان مستحقاً لي من الأرباح. وبعد فترة من عملي بالشركة الجديدة وجدت في أوراقي القديمة أشياء تخص الشركة الأولى تعادل قيمتها 25 % من قيمة المبلغ المالي الذي كان مستحقاً لي.
هل هذا المبلغ حلال لي كجزء من حقي؟ أم أن على إرجاعه لصاحب الشركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تأكدت من أن لك في ذمة صاحب الشركة المذكورة أي مبلغ من المال ثم منعوك إياه ظلما ودون رضا منك جاز لك أخذه ولو كان ذلك بالحيلة، بشرط أن لا تزيد عما هو لك في ذمتهم، وهذا هو الراجح من أقوال العلماء، كما بيناه في الفتوى رقم: 49905.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1425(12/8196)
حكم دفع المال لإزالة يد الغاصب عما اغتصبه
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الفاضل: لدي أرض في جسر السويس وقام شخص بالاستيلاء على هذه الأرض عن طريق إقامة بناء سور على هذه الأرض وقعد فيها وقام بتزوير عقد امتلاك لهذه الأرض وعندما طلبت منه الخروج من الأرض التي أمتلكها طلب مني مبلغ من المال أمام أنه يترك الأرض، مع العلم بأني لو لم أدفع سوف أدخل معه في قضية وأنت تعرف أن القضاء أمامه سنين حتى يعطيك حقك، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت فاستيلاء الرجل على أرضك بالطريقة المذكورة محض غصب، ولك أن ترفع أمره إلى المحكمة، كما لك أن تستعين بمن يخرجه، ولو بذلت في سبيل ذلك بعض المال، كما لك أن تدفع له بعض المال لكي يخرج، ولا إثم عليك في بذل المال في هذه الحالة لأنك تتوصل به إلى حقك إنما الإثم على هذا الرجل الظالم، وراجع الفتوى رقم: 8128.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1425(12/8197)
تبرأ ذمة السارق إذا سامحه المسروق منه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:
شخص سرق مالا من والده واكتشف ذلك والده وسأله والده عن المبلغ واعترف بسرقته دون إنكار إذا كان والده مسامحا وليس في نفسه شيء وعفا عن ولده ولم يطالب بالمبلغ هل يلحق هذا الشخص إثم أم عليه أن يرد المبلغ كاملا أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسرقة جريمة وخيانة وهي أشد قبحاً في حق القريب في مال قريبه فكيف من الولد في مال والده، هذا وإذا سرق الشخص فالواجب عليه التوبة إلى الله عز وجل، كما قال الله تعالى في شأن السراق: فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {المائدة:39} .
كما يجب رد المسروق إلى صاحبه لحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي وقال حسن صحيح، فإن سامح صاحب المال السارق وعفا عنه ولم يطالبه بماله فقد برئت ذمته وطاب له المال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1425(12/8198)
الاعتداء على مال الزوجة محرم في حق الزوج فكيف بغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم إذا أخذ أب الزوج وأم الزوج من مال زوجة ابنهما دون علم الزوجة؟ .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرء الاعتداء على مال الغير، والأخذ منه إلا بإذن من صاحبه، وتراجع في هذا الفتوى رقم: 29795.
وبناء عليه، فلا يجوز لأبي الزوج أو أم الزوج الأخذ من مال زوجة ابنهما إلا بإذنها، بل إن ذلك محرم في حق الزوج فكيف بغيره، وتراجع الفتوى رقم: 32280.
والواجب على من وقع في شيء من ذلك أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يرد هذا المال لصاحبته، وإذا خشي الفضيحة برده إليها مباشرة، فعليه أن يحتال في رده على وجه لا يتضمن محذوراً شرعياً كالكذب ونحوه، وتراجع الفتوى رقم: 6022.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1425(12/8199)
لا يقام مسجد على أرض مغصوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[لحضرة صاحب السماحة فضيلة المفتي الموقر،
الدكتور والشيخ عبد الله الفقيه المحترم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
المستفتي: فواز عدنان الخطيب من قرية الجديدة قضاء عكا، فلسطين.
الموضوع: نرجو أن تفيدونا بفتوى شرعية بشأن بناء مسجد على أرض مصادرة (أرض مغتصبة) .
صاحب السماحة والفضيلة أرفع لسماحتكم ولفضيلتكم الموقرة سؤالي التالي ألا وهو:-
إنني ابن لعائلة هاجرت من قرية ميعار قضاء عكا ولجأت إلى مدينة عكا عام 1948 وتمت مصادرة أراضيها والاستيلاء عليها من قبل ما يسمى في ذلك القيم على أموال الغائبين، إلا أنه وفي عام 1963 تمت عملية مبادلة بين عائلتي وما يسمى دائرة أراضي إسرائيل، وتم تعويض عائلتي بالشيء القليل (نسبة لا تتعدى العشرة بالمائة من الأرض المغتصبة) من أرض زراعية بديلة تقع في مشارف قرية أخرى تدعى قرية الجديدة، ومع مرور الزمن وتزايد تعداد سكان القرية وحاجتها لتوسيع منطقة نفوذها تم عام 1998 وضع خارطة هيكلية من قبل المجلس المحلي ودائرتي أراضي إسرائيل والتنظيم والبناء لتحويل الأراضي الزراعية إلى أراض للبناء، ومن ضمنها الأرض المبادل عليها مع عائلتي والمستفتى بشأنها، إلا أن المجلس المحلي ودائرتي أراضي إسرائيل والتنظيم والبناء قاموا بسلخ ما يقارب الخمسة دونمات (اغتصاب ومصادرة) بحجة حاجة القرية لأراضي بناء معدة للمصالح العامة، لكن عائلتي قامت بالاعتراض على هذه المصادرة لكونها تسبب الضرر البالغ لها وللأرض المحاذية (للطريق) الشارع العام الذي يحيي الأرض وما زلنا في مراحل بحث الاعتراض من الناحية القانونية، لكنه وفي الآونة الأخيرة علمت عائلتي أن رئيس السلطة المحلية ومهندسيها قاموا بالاتفاق مع شخص على بناء مسجد على هذه القطعة المغتصبة، عندها قمت بالتوجه إلى المجلس المحلي لاستيضاح الأمر من رئيس السلطة المحلية، فطلب مني الموافقة على البناء وإنني لأستغرب طلباً مثل هذا، وعليه فإنني أتوجه لسماحتكم وفضيلتكم ملتمساً منكم إفتائي بفتوى شرعية بهذا الشأن وهل
يجوز من الناحية الشرعية بناء مسجد على أرض مغتصبة من مالكيها ورغماً عنهم، آملاً من الله وراجياً من سماحتكم الاستجابة لطلبي بإعطائي فتوى شرعية بالشأن المُستفتى به ولكم جزيل الشكر سلفاً، تحريراً في يوم الأحد (15) رمضان لسنة 1425هـ الموافق لتاريخ 27/10/2004 م.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... المستفتي
فواز عدنان الخطيب]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فغصب الأرض حرام ولو كان لبناء مسجد عليها. فقد روى البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم: من ظلم قيد شبر طوقه الله من سبع أرضين. وفي رواية: من أخذ شبرا من الأرض بغير حق طوقه الله في سبع أرضين يوم القيامة.
وقد نص الفقهاء على أنه يشترط للمسجد أن لا يقام على أرض مغصوبة، وإذا أقيم على أرض مغصوبة حرمت الصلاة فيه.
قال الشيرازي في المهذب: ولا يجوز أن يصلي في أرض مغصوبة، لأن اللبث فيها يحرم في غير الصلاة، فلأن يحرم في الصلاة أولى. وقال النووي في شرحه لكلام الشيرازي: الصلاة في الأرض المغصوبة حرام بالإجماع. وراجع للأهمية الفتوى رقم: 7296.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1425(12/8200)
ما يلزم الغاصب إذا تلف المغصوب بيده
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل ضاع منه وصل (فاتورة) لحجز إسمنت بقيمة 1000 دينار ضاع منه ذلك الوصل فوجده شخص آخر فقام بتزوير هوية الرجل وقام بسحب الإسمنت من الشركة وبعد ذلك قام صاحب الوصل بمراجعة الشركة واكتشف أن شخصا آخر قد انتحل شخصيته وسحب الإسمنت وقد تعرف على ذلك الشخص ورفع ضده دعوى فعرض عليه الأخير مبلغا قدره 3000 دينار مقابل تنازله عن الدعوى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على خصمك أن يرد إليك الإسمنت الذي غصبه إن كان باقياً، فإن كان قد استعمله أو باعه أو أتلفه، فالواجب رد مثله، فإن تعذر رد مثله لعدم وجوده فالواجب هو رد قيمته، فإن ثبت له استرداد القيمة بحكم القاضي فتقدر قيمته بثمن مثله في يوم حكم القاضي على الراجح، قال ابن قدامة في المغني: وإن كان المغصوب من المثليات فتلف، وجب رد مثله، فإن فقد المثل وجبت قيمته يوم انقطاع المثل، وقال القاضي: تجب قيمته يوم قبض البدل، لأن الواجب المثل إلى حين قبض البدل، بدليل أنه لو وجد المثل بعد فقده، لكان الواجب هو دون القيمة. وقال أبو حنيفة ومالك وأكثر أصحاب الشافعي: تجب قيمته يوم المحاكمة، لأن القيمة لم تنتقل إلى ذمته إلا حين حكم بها الحاكم. ا. هـ. أما إذا لم يثبت ذلك بحكم القاضي، ولكنه تم بالتراضي بين الغاصب والمغصوب منه، فالراجح أن له قيمته يوم تلفه أو التصرف فيه، لأنه يثبت في ذمة الغاصب حينئذ، قال في الفتاوى الهندية، وهو حنفي: وفي المنقى: غصب من آخر كُرَّاً من طعام يساوي مائة ثم صار يُساوي مائة وخمسين، ثم انقطع عن أيدي الناس وعز وارتفع وصار لا يقدر على مثله وصار يساوي مائتين ثم استهلك الغاصب، فللمغصوب منه أن يضمنه مائتي درهم قيمته يوم استهلكه الغاصب. اهـ. وفي حاشية الدسوقي المالكي: بخلاف التعدي فإن لربها أن يلزم الغاصب قيمتها إن تغير سوقها يوم التعدي.أهـ. وذهب الشافعية إلى أنه يأخذ أقصى القيم من الغصب إلى يوم التلف، ففي روض المطالب للمقري الشافعي: فإن غصب ثوباً أو عبداً قيمته عشرة فعادت بالرُّخص ديناراً ثم تلف لزمه أقصى القيم من الغصب إلى التلف. اهـ. فعلى صاحب الحق في السؤال ألا يأخذ أكثر من ثمن المثل يوم التلف على ما رحجنا من أقوال العلماء، هذا إذا تعذر استيفاء المثل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1425(12/8201)
غصب حقوق الآدميين يعد من كبائر الذنوب
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء إفادتي في سؤالي هذا ولكم الشكر
منذ حوالي عشرين عاما قام أبي بإخراج أبناء عم لي توفي أبوهم قبل ذلك الوقت بسبع سنين قام بإخراجهم
من بيت كانوا يقيمون فيه على أساس أنه يملكه وعندما خرجوا من ذلك البيت طلب مني أبي أن أسكن ذلك البيت فسكنت فيه ثم تزوجت ومع قدوم الأولاد قمت ببناء طابق ثان فوق ذلك البيت وبقيت في ذلك المنزل ولكن منذ عدة أشهر توفي عمي الذي كان يملك جزءا مجاورا لذلك البيت وكنت قد قمت بالبناء فوق هذا الجزء أيضا لأن أبي قال لي إن أخاه عمي الذي توفي كان أعطاه إياه وبعد وفاة عمي طلب مني أبي أن أطلب من ابن عمي الوارث أن يتنازل لي عن البيت المذكور وعندما طلبت منه ذلك اعتذر قائلا إنه لا يمكنه أن يتنازل لي عن ذلك البيت لأن الجزء الذي كان بيتا يسكنه أبناء عمي الذين أخرجهم أبي منه منذ عشرين عاما هو أصلا مسجل باسم عمي والد أبناء عمي الذين أخرجهم أبي منه دون علمهم أن البيت مسجل باسم أبيهم الرجاء إفادتي بماذا يتوجب أن أفعل هل أبقي الأمر سراً ولا أطلع أبناء عمي حيث أخاف أن يخرجوني من البيت بواسطة المحكمة ويطالبوني بالتعويض وأخسر الذي بنيته والذي كلفني مالا كثيراً كنت أصلا قد استقرضته وتعبت من أجل سداده
وأخاف أن يطالبوني بدفع الإيجار أو غير ذلك مما لا أقدر أن أوفيه يبدو لي أن السبب الرئيس يعود إلى أبي فهل يلحقه من ذلك شيء.....
الرجاء إفادتي بما يمكن أن أقوم به حتى أتجنب غضب أبناء عمي إذا عرفوا بالأمر وأتجنب أن يلحقني الذنب
الرجاء الرد.
ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن غصب حقوق الآدميين يعد من كبائر الذنوب، وقد ورد الوعيد الشديد في ذلك، فقد روى الشيخان من حديث سعيد بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أخذ شبراً من الأرض ظلماً، فإنه يطوقه يوم القيامة من سبع أرضين.
فكيف إذا كان المغصوب بيتاً مبنياً، وأصحابه قد فقدوا أباهم، وقد قال الله تعالى في شأن مال اليتيم: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [سورة النساء: 10] .
وقال: وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً [سورة الإسراء: 34] .
وعليه، فإذا كان هذا البيت ملكاً حقيقة لعمك المتوفى، فإن أباك قد أخطأ خطأ كبيراً في اغتصابه من أبناء أخيه.
والواجب عليك الآن هو أن تشعرهم بالموضوع، ولا مانع من أن تصطلح معهم فيما كنت أقمته من البنيان، وإن رفضوا الصلح فلأهل العلم اختلاف فيما إذا كان الواجب نقض البنيان أم أنهم يخيرون فيه بين نقضه وبين التعويض عنه، أو أنهم يعطون قيمته على كل حال، وراجع في هذا فتوانا رقم: 28270.
واعلم أن ما ستخسره اليوم إذا علم أبناء عمك بالموضوع أهون بكثير من أن تطوق يوم القيامة هذا البيت وما معه من الأرض من سبع أرضين، وعلى والدك إن كان حياً أن يتوب إلى الله مما ارتكبه، ويطلب العفو من أبناء أخيه، وإن كان قد مات، فعليك أن تستغفر له وتطلب من أبناء أخيك أن يسامحوه ويعفوا عنه.
وأما إذا كان البيت مسجلاً باسم أبيهم وهو في الحقيقة ليس ملكاً له، وتحققت من ذلك، فلا مانع من أن تخفي عنهم المسألة، لأن مجرد التسجيل لا تنتقل به الملكية عن صاحبها، لكن عليك أن تسعى إلى تصحيح ذلك الوضع وتبحث عما يثبت حقيقة الأمر لأنهم لو أوصلوا القضية يوماً إلى المحاكم فإنها لن تحكم إلا بما في الوثائق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1425(12/8202)
حكم تصرف المرء في مال غيره لمصلحة نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل مندوب كروت اتصالات وكروت شحن لدى إحدى مكاتب التوزيع ورصيد عملي حوالي 11
ألف جنيه وأقوم بتوريد ما بعته كل يوم وأخذ بضاعة جديدة وهكذا ولكن لا أورد حوالي 4000 جنيه
وأشغلها لحسابي في نفس المجال دون علم صاحب العمل فهل هذا حرام أم حلال وإذ كان يتم ذلك بمعرفة
صاحب العمل فهل يجوز في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أيها الأخ السائل أنك في هذا العمل مؤتمن على مال من استأجرك في بيع تلك الكروت والشرائح التلفونية، وأنه لا يجوز لك التصرف في أمواله بدون إذن منه، فإن فعلت فقد ارتكبت إثماً وخنت الأمانة التي أؤتمنت عليها قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {لأنفال:27} . وتصرفك في هذا المبلغ تصرف باطل لأنه تصرف في مال الغير بدون إذن منه، وكل من تصرف في مال غيره بلا ملك أو ولاية أو وكالة، ينظر في تصرفه فإن كان في غير مصلحة المالك فقد فعل أمرا محرماً. وهذا هو عين ما فعله السائل فإنه تصرف في مال غيره لمصلحة نفسه لا لمصلحة مالكه، وعلى كل فالبيع الذي حصل بهذا المال للعلماء فيه قولان الأول أنه باطل من أساسه، والثاني أنه متوقف على إجازة المالك، فإن أجازه صح، وإلا بطل، وبالنسبة للأرباح الناتجة عن هذا البيع فهي عند الحنابلة والأحناف لمالك المال وليس للغاصب شيء. قال ابن قدامة في المغني: وإذا غصب أثماناً فاتجربها أو عروضاً فباعها واتجر بثمنها. فقال أصحابنا الربح للمالك والسلع المشتراه له ... وليس على المالك من أجر العامل شيء لأنه لم يأذن له في العمل بماله. اهـ. وذهب المالكية إلى أن أرباح المغصوب الناشئة عن تحريك الغاصب له كمن غصب مالا فاتجر فيه وربح، فالربح للغاصب، ولكن لا يطيب له حتى يرد رأس المال إلى صاحبه. جاء في الفواكه الدواني: ولا يطيب لغاصب المال، ربحه حتى يرد رأس المال على ربه، ولو تصدق بالربح كان أحب إلى بعض أصحاب مالك. وكذلك قالت الشافعية: إن الغاصب إذا اتجر في المغصوب فالربح له، قال الشربيني: لو اتجر الغاصب في المال المغصوب فالربح له في الأظهر. اهـ. وبناء على ما تقدم من خلاف فلا شك أن الأحوط لك هو الأخذ بمذهب الحنابلة والأحناف وراجع الجواب: 10486.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1425(12/8203)
لايجوز استيفاء الحق من مال رجل آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت بإيجار محل منذ 8سنوات وكان المؤجر صديقي وحرر لي عقدين بقيمة إيجارية مختلفة ولم يعطني أي إيصالات وكنت أثق فيه ولم أطلب إيصالات بالقيمة الإيجارية التي قمت بتسديدها على مدار أربع سنوات وأخذ فلوس من واحد ((نصب عليه في مبلغ كبير)) وهذا الشخص كان بيني وبينه معاملات مادية فنصب علي بمبلغ كبير فطالبته به قال صديقك الذي يؤجر لك المحل نصب علي وأنت تصرف معاه فكلمت صديقي صاحب المحل وقال لي ((أخبط راسك في الحيط)) فسألت والدي رحمة الله عليه قال لي لا تدفع الإيجار فقام صاحب المحل برفع دعوى طردي من المحل ومازالت منظورة في المحاكم، أفتني جزاك الله خيرا هل أموالي حرام أم لا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن أكل أموال الناس بالباطل ذنب عظيم وكبيرة من الكبائر تؤول بصاحبها إلى الإفلاس الحقيقي في الآخرة، وإن كان ظاهره في الدنيا الغنى. وفي الحديث: أتدرون من المفلس؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيقضى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذت من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار. رواه البيهقي. فالواجب على من أكل أموال الناس بالباطل والحيل المحرمة سرعة التوبة إلى الله عز وجل وردَّ الأموال إلى أهلها قبل أن لا يكون درهم ولا دينار؟ ففي صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم. فالمقصود أن الواجب عليك دفع أجرة محل هذا الشخص لأنها حق استحق له، فلزمك بذلها له، ومقاضاته لك لاستيفاء حقه صحيحة. كما يجب على الشخص الذي نصب عليك ردّ مالك، ولك أن تقاضيه أيضاً حتى يرد ما أخذ منك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1425(12/8204)
لا يجوز للشخص الموعود أن يأخذ مال الواعد بغير حق
[السُّؤَالُ]
ـ[إنسان يعمل عند تاجر وعده بالدخول معه كشريك لكنه لم يقم بذلك مع وعود أخرى. هذا الشخص أخذ مالا من الصندوق دون علم التاجر.. ما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أنه ينبغي على المسلم الوفاء بالوعد في غير معصية الله تعالى، قال تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً {الإسراء: 34} . قال ابن الجوزي: قال المفسرون: العهد الذي يجب الوفاء به الذي يحسن فعله، والوعد من العهد. اهـ.
ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر.
فالواجب على من ابتلي بشيء من هذا أن يقف مع نفسه وقفة محاسبة، وأن يتوب إلى الله عز وجل من هذه الخصال المذمومة، فكفى ذما وهوانا بالمرء أن ينسب إلى النفاق وأهله.
ومع ما تقدم، فإننا لا نعامل من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه، فلا يجوز لهذا الشخص الموعود أن يأخذ مال الواعد بغير حق، وإذا أخذه فإنه يجب عليه إرجاعه إليه مع التوبة إلى الله عز وجل من هذا الذنب، ولا يلزم أن يخبره بأنه أخذ من ماله شيئا بل يرجعه إلى الصندوق ويستر على نفسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1425(12/8205)
الاحتيال لغصب تركة اليتامى والبنات من أعمال الجاهلية
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخ توفي وترك منزلا وأموالا وترك 5 بنات وذكرين فتنازل البنات لأخويهم مقابل مبلغ لا يكاد يذكر مما ترك الأب، مع العلم أن البنات تنازلن مرغمات ثم ندمن لما تنازلن السؤال: هل أموال الذكرين حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان تنازل البنات عن حصتهن من تركة أبيهن من غير طيب نفس منهن، فإن ما أخذه إخوانهن من ذلك حرام، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس. رواه أحمد والبيهقي.
والواجب على هؤلاء الإخوة أن يتقوا الله تعالى ويردوا ما أخذوا من أموال أخواتهم، وتكون الحرمة أشد والعقوبة أغلظ إذا كان من بينهن من هي غير رشيدة أو غير بالغة، فالاحتيال على تركة اليتامى والبنات من أعمال الجاهلية التي توعد الله تعالى أصحابها في محكم كتابه حيث يقول تعالى: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا* إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا {النساء:9-10} ، نسأل الله تعالى الهداية للجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1425(12/8206)
تحريم الغصب والانتفاع به يشمل الدولة والأفراد
[السُّؤَالُ]
ـ[أراض بور معدة للحراثة وهي ملك لقبائل واستولت عليها الدولة واستصلحتها وقامت بغرسها بالأشجار المثمرة وبعد أن أثمرت الأشجار قامت بتوزيعها على المواطنين على الترتيب الخاص (أول من يستحقها المالك الأصلي ثم الأكثر عائلة ثم الأقل دخلا) ولنا قرابة ممن خصصت لهم هذه المزارع يهدون إلينا الثمار أو نحل ضيوفا لديهم
والسؤال هو: هل يجوز لنا الأكل من هذه الثمار وقبول الهدية أو حتى شراؤها من السوق؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى حرم الاستيلاء على مال الغير بدون وجه حق فقال: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة: 188} . وقال صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام. رواه البخاري ومسلم. وروى مسلم أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين.
وهذا التحريم يشمل الدولة والأفراد، فلا يحل للدولة أن تغتصب أراضي الناس، كما لا يحل للأفراد أن يعينوا على غصبها بقبول ذلك المغتصب منها.
وعليه، فالأشخاص غير مالكي هذه الأرض لا يجوز لهم أكل ما تقدمه الدولة من ثمار الأرض المغصوبة، كما لا يحل لكم أنتم أيضا قبول ثمارها أو الأكل منها بهدية أو شراء.
وراجع الفتوى رقم: 9660 والفتوى رقم: 49868 والفتوى رقم: 4429.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1425(12/8207)
حكم غصب محل مملوك ليهودي
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي محل أشتغل فيه ولقد قمت بشراء المحل من قبل خمسة وعشرون سنة وأنا أشتريه من شخص والشخص يدفع إلى الدولة إيجارا وهو ملك الدولة ولكن الدولة أخذته من صاحبه هناك ثم يقول إنه ملك يهودي وهناك من يقول ملك هذا الرجل والثابت أنه ملك هذا الشخص. ما حكم عملي فيه وكيف أعمل أفيدوني أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن سؤالك عدة أمور هي:
- ... أن الدولة أخذت المحل من صاحبه وكانت تؤجره للمستخدمين.
- ... أنه يحتمل أن يكون ملكا ليهودي.
- ... أنك اشتريته منذ خمس وعشرين سنة.
فنقول أولا: إن كون المحل ملكا ليهودي لا يسيغ انتزاعه من غير مبرر شرعي، وعليه، فإذا كانت الدولة أخذته من غير دليل شرعي واغتصبته اغتصابا بحجة أن صاحبه يهودي أو لغير ذلك من الأسباب فلا يجوز العمل فيه، لأن في ذلك تعاونا على الباطل، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} . ويقول تعالى: وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى {المائدة: 9} .
وأما إن كانت الدولة أخذته بمسوغ شرعي فلا مانع من العمل فيه.
- ... وكونك اشتريت هذا المحل منذ خمس وعشرين سنة إذا كنت تقصد بالشراء ما يسمى بدل الخلو أو خلو الرجل، فالذي يجوز منه هو أن يدفع المستأجر لمؤجره مبلغا من المال يتفقان عليه بشرط أن يكون هذا المبلغ محسوبا من أجرة المحل، وأما إن كان مبلغا إضافيا لا يحتسب من الأجرة وليس للمستأجر أجل تنتهي إليه إجارته فإن ذلك لا يجوز، وراجع فيه الفتوى رقم: 30146.
وإن كنت تقصد من شرائك المحل غير ما أجبنا عليه فبين لنا مقصودك عسى أن نجد له جوابا إن شاء الله.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1425(12/8208)
من استثمر ماله عند آخر فاستغله لحسابه الخاص
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بوضع مبلغ من المال في شركة والربح والحمد لله ممتاز ولكن قام صديقي صاحب الشركة باستغلال مالي لحسابه الخاص حيث قام باستيراد المنتج بالمبالغ الخاصة بنا أنا ومجموعة المساهمين، فهل يحق لي أن أقوم بأخذ الربح الخاص بي من الصفقات التي استغل فيها مالنا، مع العلم بأنني لا أستطيع أن أسحب مالي من عنده حيث أنه لا يمكن أن أحصل على ربح من مكان آخر أفضل من هذه الشركة، فهل أعتبر أني أخذت من ورائه رغم أنه مالنا وماله أيضاً وأنا أخذ الربح من مالي فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لهذا الشخص أن يستغل أموالكم إلا إذا أذنتم له بذلك بقرض أو مضاربة شرعية مثلاً، لأن فعله ذلك بغير إذنكم يعد من أكل أموال الناس بالباطل، لكن إذا فعل ذلك بغير إذنكم فهل لكم حق في الأرباح التي يتحصل عليها أم لا؟ الجواب: أن الأمر راجع إلى مسألة الربح هل هو تابع للجهد أم للمال؟ وقد اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:
الأول: أن الربح يتبع رأس المال، ولا يتبع الجهد المبذول إذا كان أخذ بغير إذن مالكه، وليس لآخذه منه شيء، وهذا قول أبي حنيفة وأحمد في ظاهر المذهب، وهو مذهب ابن حزم أيضاً.
الثاني: أن الربح تبع للجهد المبذول لا لرأس المال، ومن ثم يكون الربح الناشئ في استثمار المال الحرام للآخذ وليس لرب المال، وهذا قول المالكية والشافعية، والذي عليه الفتوى في الشبكة هو القول الأول، كما في الفتوى رقم: 10486.
وبناء عليه، فأخذكم أرباح ما استغله من أموالكم بغير إذنكم إذا لم يعطكم إياها راجع إلى مسالة الظفر، وقد تقدم الكلام عنها مفصلاً في الفتوى رقم: 28871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1425(12/8209)
يجب رد المال المختلس ولو ببيع ما يمتلكه
[السُّؤَالُ]
ـ[أخت سألتني سؤالا وأريد أن أجد عندكم الإجابة بإذن الله:
زوجها اختلس مبلغا من المال العام عندما كان يعمل في إحدى المصالح الحكومية وهو مسجون من حوالي 8 سنوات من جراء هذه القضية وقد أنفقت هذه الزوجة هي وأهلها والذين ليس لهم أي ذنب سوى الوقوف مع ابنتهم في هذه المصيبة ما قد يتعدى المبلغ المختلس وأكثر على المحامين والإنفاق على بناته وعليه.
والسؤال هو هل عند خروج الزوج من السجن هل يجب عليه دفع المبلغ المختلس مرة أخرى للتطهر من هذا الخطأ وهو في حقيقة الأمر لا يمتلكه ولكنه يمتلك نصيبه الشرعي (عبارة عن قطعة أرض زراعية) هي كل ما بقي له ولديه أسرة وليس لديه عمل فقد طرد منه وليس لديه أي سبيل للرزق سوى هذه الأرض الموروثة من والده رحمه الله أم عليه إخراج شيء من نصيبه الشرعي في الميراث من والده المتوفى حتى يكون رزقه حلالا وإنفاقه على بيته وبناته حلالا وأن لا يصيبهم أذى، فالزوجة خائفة من أن ما نبت من حرام فالنار أولى به فما هو المطلوب منها ومن زوجها عند خروجه حتى يكفر الزوج عن هذا الإثم وجزاكم الله كل الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على زوجها أن يتوب إلى الله توبة صادقة بالندم والاستغفار والعزم الأكيد على عدم العود إلى ذلك مرة أخرى، ورد هذا المال الذي اختلسه ولوباع في سبيل ذلك قطعة الأرض التي يملكها، وليعلم أنه إذا حقق التوبة بشروطها التي ذكرناها فإن الله لن يضيعه، بل سيجعل له مخرجا ورزقا من حيث لا يحتسب، قال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2-3} .
وننصح هذه الزوجة جزاها الله خيرا أن تعين زوجها على ذلك.
ولتراجع الفتوى رقم: 14984، والفتوى رقم: 4603، والفتوى رقم: 7768.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1425(12/8210)
حكم أخذ ما زاد على الأرض المغصوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من العراق وقد قامت الدولة ببناء سد نهري في منطقتي، علما بأن السد كان لغرض خاص بالحاكم وقبل إكمال السد سقط النظام وألغي السد وبقي في موقع السد كمية من الحصى والرمل علما بأن هذه المواد قد أخروجها من نفس الأرض التي أرادوا اغتصابها فهل يجوز الأخذ من المواد علما بأن السد ألغي ولم تبق هنالك إدارة.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت كمية الحصى والرمل مستخرجة من أرض هي ملك لك ولم يكن شيء منها مستخرجا من خارج أرضك، فهي لك تفعل بها ماتشاء، لأن استخراجها يعتبر زيادة ناشئة عن مالك، فمثلها مثل الدابة أو الجارية التي تسمن عند الغاصب، فإن للمغصوب منه الحق في أخذها دون تعويض عن الزيادة التي حدثت لها.
قال السرخسي في المبسوط: فإن كان الغصب جارية صغيرة فرباها حتى أدركت وكبرت ثم أخذها رب الجارية لم يضمن للغاصب مازاد في الجارية لأن الزيادة من عينها وهي مملوكة للمغصوب منه..
ومثل هذا في الحكم ما إذا كانت الكمية المذكورة أو بعضها مستخرجا من خارج أرضك، ولكن لا منفعة فيها للغاصب، قياسا على من استحق أرضا فيها زرع صغير لا منفعة فيه للغاصب، فلصاحب الأرض أخذه بلا شيء.
قال المواق: قال ابن القاسم وأشهب: وإن كان الزرع صغيرا إذا قلع لا منفعة فيه للغاصب قضي به لرب الأرض بلا ثمن ولا زريعة ولا شيء.
وأما لو كان منتفعا به في الصورة الأخيرة فإنه ليس لك أخذه إلا بتعويض عنه يصرف في المصالح العمومية للشعب، أو يدفع للفقراء ونحوهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1425(12/8211)
حكم المطالبة بزيادة على المال المغتصب مقابل استثمار الغاصب له
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي إلى أهل العلم، وطلب الفتوى فيه: منذ حوالي 22 سنة اشتريت من أحد تجار الذهب في الرياض 18 كيلو ذهب على أن يسلمني الذهب في البحرين وأعطاني اسم البنك الذي سوف أستلم فيه الذهب وهو عبارة عن 18 كيلو صافي خام كامل، المعروف (أربع تسعات) ، ولكن البنك اعتذر اعدم امتلاكه لهذا الصنف وأنه لا يوجد لديه، ولكنه يوجد لديه صنف ثاني وهو ما يرمز له بـ (تسعتين وخمسة) ، أي أقل قيمة من المتفق عليه بـ 5 جرام في كل كيلو يعني بناقص 90 جرام من الذهب الذي اشتريته منه، فرفضت أن أستلمه وقلت للبنك سوف أتصل على الذي باعني الذهب وأتفاهم معه بخصوصه، فاتصلت على التاجر في الرياض بالهاتف وأخبرته بما حصل، فانزعج مما سمع وقال لي: اذهب إليهم في الغد وسوف أتصل عليهم لكي يسلموك ما اتفقنا عليه، وهم مجبورون، ولكن اتصل علي قبل ذهابك إليهم بخمس دقائق لكي أستطيع الاتصال عليهم، فعملت بما قال واتصلت عليه وذهبت إلى البنك وساعة دخولي للبنك وجدتهم يتحدثون معه بالهاتف، فأعطاني المسؤول في البنك سماعة الهاتف وقال لي تكلم مع عميلك فسلمت عليه وبادرني قائلاً: هل هذه آخر مرة سوف تتعامل معي فأجبته قائلاً: لماذا هذا السؤال، فقال لي: لا أعلم عنك، وكأنها آخر مرة تتعامل معي إن كان كذلك، فإذا حضرت إلى الرياض سوف أعطيك فرق ذهبك وهو عبارة عن 90 جراما فقط لا غير، فاستلمت الذهب ناقص 90 جراما، وبعد عودتي إلى الرياض راجعته عدة مرات وفي كل مرة يتحجج بأنه مشغول عني ويقول لي (بعدين بعدين أنا لست بفاضي) ، وفي المرة الأخيرة دخلت عليه مسلماً فبادرني قائلاً: ما الذي أحضرك وماذا تريد؟ أظنك حضرت لكي تأخذ ما بقي لك عندي من قيمة الذهب، فأجبته قائلاً: نعم، فقال لي: والله والله والله ما تأخذ قرشاً واحد منها وأعلى ما في خيلك اركبه وش تقدر تسوي وسوف آكلها من إلى وأشار بيده على فمه، فأجبته قائلاً: الله حسيبك فأجابني قائلاً: ذهب وإياك أن تقف على مرة ثانية وهذا الكلام من باب حكم القوي على الضعيف فخرجت من عنده وأمرها معلق في قلبي وذهني وبعد حوالي 22 سنة مررت من أمام مكتبه وقلت في نفسي لماذا لا تدخل عنده وتذكره إياها تخوفه من الله عز وجل لعله أن يعطيني إياها فدخلت وسلمت عليه وقلت له هل عرفتني فأجاب قائلاً: نعم، وهل من المعقول أن أنساك وسألني عن سبب مجيئي إليه وأخبرته قائلاً: أخشى أن تزعل علي فأجابني قائلاً: ولماذا، فذكرته بها، فأجابني قائلاً: لا أذكرها، ولكن إذا كان كلامك صحيح فسوف تأخذها فأجبته قائلاً: ليس معي ما يثبت ذلك ولها أكثر من 20 سنة فكيف لي بإثباتها، فقال لي: ليس أنت من يطلب إثباتها ولكنه نحن وسوف يبحث لك عنها في سجلاتنا القديمة فأجبته قائلاً: يا عبد الله لها أكثر من 20 سنة فأجابني قائلاً: إن شاء الله يكون لها أكثر من 30 سنة إن كان لك شيء فهو موجود في سجلاتنا وسوف تأخذه، فأعطاني ورقة إلى رئيس المحاسبين فذهبت إلى كبير المحاسبين بالورقة وشرحت له أمرها فمسك رأسه قائلاً: ويحك هذه الأورق منذ أكثر من 20 سنة يلزمنا للبحث عنها أشهر، وبعد قرابة ثلاثة أشهر وأنا خلالها كل أسبوعين أو كل أسبوع اتصل على المحاسب بالتليفون وأذكره إياها وفجأه أجابني قائلاً: مبروك وجدناها، وذلك بعد فترة ثلاثة أشهر تقريباً فلتأت لاستلامها فذهبت إليه وفتح لي السجل التي هي مسجلة فيه وأراني إياها فإذا به منذ ما يقارب 22 سنة، ثم أراد أن يحسبها على سعرها الحالي فرفضت وطلبت من المحاسب أن يحسبها بسعر مشتراها في ذلك اليوم سواء كان كثيراً أم قليلا فأنا أبحث عن رأس مالي فأخبرني أنه يجب أن أحضر إليه بعد أسبوع لكي يتسنى له معرفة سعر الذهب وسعر الدولار في ذلك الوقت، وبعد أسبوع ذهبت إليه ووجدته قد جهز أوراقها وإعطاني ورقة لأمين الصندوق واستلمتها منه وهي ما يقارب (سبعة آلاف وستمائة وستون ريال) ، ووقعت على ورقة استلام، وعندما هممت بالخروج من المكتب مررت على صاحب الشركة لكي أخبره باستلامي الفلوس من المحاسب وهي معي فعندما رأني قال لي هل استلمت فلوسك، فأجبته قائلاً: نعم، هذه هي معي، فأجابني قائلاً: مع السلامة، هل بقي لك شيء، فأجبته قائلاً: نعم، رد علي، قائلاً: ماذا بقي لك، فأجبته قائلاً: مصلحتها منذ أكثر من 20 سنة وهي مع مالك تبيع بها وتشتري، أين مصلحتها خلال هذه المدة، فأجابني قائلاً: ليس لك عندي شيء، سؤالي إلى أهل العلم: إذا كان هذا التاجر قد حجز على فلوسي لأكثر من 20 سنة وهي مع ماله يبيع بها ويشتري، إلا يحق لي المطالبة بمصلحتها خلال هذه المدة، مع العلم بأن هذا التاجر قبل أكثر من 20 سنة رأس ماله يقدر بالملايين والآن يقدر بالمليارات ما شاء الله، ألا يحق لي بأن أطالبه شرعاً بمصلحة فلوسي خلال هذه الفترة والتي هي أكثر من 20 عاما، مع العلم بأن ليس وصيا علي ولا وكيلا علي لكي يحجز عليها طوال هذه السنين، وأين هو من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الثلاثة نفر التي أطبقت عليهم الصخرة وهم في الغار عندما قال أحدهم كل واحد منكم يدعو الله بصالح أعماله قال أحدهم: (اللهم إنك تعلم أنه كان لي أجير عمل عندي وفي آخر النهار ذهب ولم يستلم أجرته، فاشتريت بأجرته شاة وبعد مضي 20 عاما حضر إلي وقال لي يا هذا اتق الله وأعطني أجرتي، فقال له هل ترى ذلك الوادي وهو مملوء بالماشية هذه كلها لك فرد عليه اتق الله ولا تسخر بي، فقال له: والله ما كذبت فاستاقها كلها ولم يترك منها شعرة، اللهم إن كنت تعلم أنني عملت ذلك ابتغاء مرضاتك فافرج عنا ما نحن فيه.. إلى آخر الحديث) ، سؤالي إلى أهل العلم: ألا يحق لي المطالبة بمصلحت فلوسي خلال تلك الفترة، ألا أعتبر مساهما معه بهذا المبلغ البسيط في شركته خلال تلك الفترة ولو كان قليلا، مع العلم بأنه لم يحجزها مع ماله إلا من باب حكم القوي على الضعيف وهل يكفي شهادة كبير المحاسبين في شركته مع الأوراق الثبوتية التي عنده إذا طالبته بها شرعاً، أفتونا مأجورين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك قد اشتمل على عدة أمور: الأمر الأول:
ما يتعلق بما تم بينك وبين هذا التاجر من شراء الذهب على أن يسلمك الذهب في بلد آخر بعد أجل، وقد تقدمت لنا فتاوى كثيرة في أن هذه المعاملة لا تجوز وقد اشتملت على ربا النسيئة، لأن من شروط بيع الذهب بالنقود التقابض في مجلس العقد، وراجع على سبيل المثال الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3079، 43746، 41159.
والأمر الثاني: ما يتعلق بالمطالبة بزيادة على المال المغتصب مقابل استثمار الغاصب له، وهذا راجع إلى مسألة هل الربح تابع للجهد أم للمال؟ وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة إلى قولين:
الأول: أن الربح يتبع رأس المال، ولا يتبع الجهد المبذول إذا كان أخذ بغير إذن مالكه، وليس لآخذه منه شيء، وهذا قول أبي حنيفة وأحمد في ظاهر المذهب، وهو مذهب ابن حزم أيضاً.
الثاني: أن الربح تبع للجهد المبذول، لا لرأس المال، ومن ثم يكون الربح الناشىء في استثمار المال الحرام للآخذ وليس لرب المال، وهذا قول المالكية، والشافعية، مستدلين بقول النبي صلى الله عليه وسلم: الخراج بالضمان. رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه ابن القطان.
والأولى في مثل هذه المسألة هو الرجوع إلى المحكمة الشرعية لأن حكم القاضي يرفع الخلاف.
الأمر الثالث: ما يتعلق بحديث الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة وفيه: أن أحدهم نمى أجر العامل حتى أصبح على ما هو عليه.... إلخ الحديث، وليس في هذا الحديث دليل لما ذكره السائل لأن الرجل فعل ذلك تبرعاً وتفضلاً حيث لا يجب عليه إلا الأجرة فقط، قال الحافظ في الفتح: وإنما اتجر الرجل في أجر أجيره ثم أعطاه له على سبيل التبرع، وإنما الذي كان يلزمه قدر العمل خاصة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1425(12/8212)
مسألة الظفر محل خلاف بين العلماء
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب يعمل في السعودية في محل لبيع العطارة والأعشاب، اتفق مع صاحب المحل على راتب شهري قدره ألف ريال سعودي على أن يزيده مع بداية كل عام جديد مائة ريال على راتبه الأصلي، أي يكون راتبه الشهري في العام التالي 1100 ريال كل شهر، والعام الذي يليه يكون راتبه 1200 ريال كل شهر، ويعطيه في رمضان نصف راتب زائد على راتبه الأصلي، والآن أمضى معه ثلاث سنوات دون أن يعطيه تلك الزيادة لا الزيادة الشهرية ولا زيادة رمضان، فهل يجوز لهذا الشاب أن يأخذ حقه المتفق عليه من مال المحل بدون علم صاحبه دون زيادة، أفتونا مأجورين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يمكن من استيفاء حقه إلا بهذه الطريقة ففي جوازها خلاف بين العلماء وهي تعرف بمسألة الظفر، وقد بسطنا الخلاف مع بيان الراجح في الفتوى رقم: 28871، والفتوى رقم: 31565، والفتوى رقم: 42472.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1425(12/8213)
حكم شراء عقار انتزعت الدولة ملكيته من صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أسرة لا مسكن مستقلا لها. وقد أقامت الدولة مشروعا سكنيا في مدينتنا وقد وفقنا في الحصول علي إحدى هذه المساكن أو نكاد نحصل عليه. ولكن كثر الكلام على هذه الأرض التي بني عليها المشروع فهي كانت ملكا لأناس ومنهم من تم تعويضه من الدولة وهناك من لم يتم تعويضه. السؤال هل يجوز السكن في هذه الأرض أم هي أرض حبس أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن ملك المسلم محترم لا يجوز انتزاعه منه، سواء كان المنتزع الدولة أو غيرها، إلا أن توجد مصلحة شرعية معتبرة لا يمكن تحقيقها إلا بانتزاع ملكه منه، فيجوز للدولة ـ فقط ـ أن تنزع ملكه، مع تعويضه التعويض المناسب العادل الذي يساوي قيمة هذا الملك، أما مع عدم تعويضه فهذا الانتزاع غصب محرم ولا يجوز شراء هذا الملك المغتصب من غاصبه أو الانتفاع به، لما في ذلك من التعاون مع الغاصب على العدوان على مال المسلم.
وعليه، فإذا علمتم أن هذه الأراضي قد انتزعت الدولة ملكيتها من أصحابها لسبب معتبر شرعا مع تعويض بعضهم التعويض المناسب وعدم تعويض البعض الآخر، فلا يجوز السكن في هذه الأرض حتى يعلم أن موضع السكن الخاص بكم قد عوض أصحابه التعويض المناسب مع وجود السبب الشرعي للأخذ عنوة. أما مع عدم العلم بذلك، فلا يجوز السكن، لعدم تميز المباح من هذه الأرض من المحرم، قال الإمام الشافعي في الأم: كل حرام اختلط بحلال فلم يتميز حرم، كاختلاط الخمر بالمأكول ...
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 4429.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1425(12/8214)
مدى مشروعية بيع الزوج ذهب زوجته لتعتمر به أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما شرع الدين في بيع ذهب زوجة الابن لسفر أم الزوج لأداء العمرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن السائل يسأل عن مشروعية بيع الزوج ذهب زوجته ليستعين به في سفر أمه لأداء العمرة.
وإن كان المسؤول عنه هو كما تصورنا فإن ذهب الزوجة أو أية امرأة أخرى هو ملك لها فلا يحل لأي أحد أن يأخذه إلا برضاها، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. أخرجه الإمام أحمد والدارقطني والبيهقي وصححه الألباني.
ولا فرق بين أن يكون بيعه لأداء العمرة أو لشيء آخر، إلا أن النهي عنه في العمرة آكد لفوات الثواب فيها إذا وقعت بمال حرام.
وإن كان مقصودك من السؤال هو غير ما أجبنا عنه فحدد ما تعنيه ليتسنى لنا أن نجيب، وننبه إلى أن الصيغة المناسبة للسؤال على ما فهمنا هي: ما حكم بيع.... وليست ما شرع الدين؟
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1425(12/8215)
الغاصب يضمن منافع المغصوب بأجرة المثل
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ لدينا سيارة وهذه السيارة ملك لأخي وهذه السيارة عليها بعض الديون وأخي ينوي بيع هذه السيارة من أجل تسديد الدين ولكن هناك شخص حضر إلى أخي وطلب منه أن يرفع السيارة إلى مدينة أخرى لبيعها وحلف هذا الشخص على المصحف بأنه سوف يعرض السيارة للبيع خلال 9 أيام فقط ... وإن لم تبع السيارة سوف يرجعها إلى أخي ولكن هذا الشخص أخلف وعده واحتفظ بالسيارة لمدة 4 شهور بحجة أنه يريد من أخي المال الذي استدانه منه وإلا لن يرجع له السيارة.. فقمنا بتسديد بعض المبلغ وبقي جزء منه وسوف نسدده بعد بيع السيارة.. ولكن هناك من قال لأمي إن هذا الشخص عمل بالسيارة خلال فترة بقاء السيارة معه وأمي الآن مصممة على عدم إعطاء الشخص باقي الدين إلابعد أن يحلف أنه لم يعمل بالسيارة..
فما رأيكم بما تريده أمي ... وهل يحق لنا أن لا نعطي الشخص باقي الدين إذا تبين لنا أنه فعلا عمل على السيارة خلال فترة بقائها معه.
وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنتم قادرين على السداد وماطلتم هذا الرجل في سداد دينه حتى اضطر إلى استيفاء حقه بهذه الطريقة فهو معذور فيما فعل، وعليكم أن توفوه حقه، قال صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم.. متفق عليه. وقال صلى عليه وسلم: ليُّ الواجد يحل عقوبته وعرضه. رواه النسائي وأبو داود وابن ماجه وغيرهم. وليس لكم في هذه الحالة أن تحلفوه.
أما إذا كنتم لم تماطلوه في سداد دينه فلا يجوز له ما فعل، وهو في هذه الحالة غاصب للسيارة طوال المدة التي أبقاها عنده بعد التسعة أيام التي اتفقت معه عليها، ويجوز لكم أن تحلفوه أنه ما عمل بالسيارة، لأن حبسه للسيارة هذه المدة الطويلة -وقد كان بإمكانه أن يفي بما حلف عليه ويبيع السيارة ويستوفي دينه من ثمنها- مما تقوى به التهمة في حقه.
قال ابن عاصم في تحفة الحكام:
وتهمة إن قويت بها تجب ... يمين متهوم وليس تنقلب
قال ميارة في شرحه: أخبر أن يمين التهمة تجب إن قويت التهمة، ولا تجب مع ضعفها، وإذا وجبت فلا تنقلب على المدعي، لأن فرض المسألة أنه لم يحقق الدعوى على المدعى عليه، فلا يكلف بالحلف على ما لم يتحققه (فقد) سئل ابن رشد عن يمين التهمة؟ فقال: أما يمين التهمة وهي الدعوى التي لم تحقق على المدعى عليه فقد اختلف في لحوقها ابتداء، واختلف إذا لحقت على القول بأنها تلحق هل ترجع أم لا؟ والظاهر في القياس أن لا تجب اليمين إلا بتحقيق الدعوى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: البينة على المدعي واليمين على من أنكر. وإيجابها استحسان، والأظهر إذا وجبت على القول بأنها تجب أن يحق الحق على المدعى عليه بالنكول دون أن ترجع اليمين على المدعي، إذ لا يكلف أن يحلف على ما لا يعرف، والذي أختاره في هذا أن تلحق يمين التهمة إذا قويت، وتسقط إذا ضعفت، ولا ترجع إذا لحقت. (قال الشارح) : معتمد الشيخ رحمه الله في هذا البيت هو ما اختاره ابن رشد في يمين التهمة.
وحاصل هذا أن لكم تحليفه، وعليه، فإن نكل عن الحلف رفع الأمر للقضاء ليقدر لهذه السيارة أجرة المثل، وتخصم هذه الأجرة المقدرة من مبلغ الدين الذي له، ويعطى الباقي إن كان هناك باق.
وننبه هنا إلى أنه لا يحتاج في هذه المسألة لاستحلافه لأن مذهب جمهور الفقهاء أن الغاصب يضمن منافع المغصوب بأجرة المثل، ولو لم ينتفع به، فمن غصب شيئا من غيره له منفعة كسكنى الدار وركوب الدابة، وكذا كل ما له أجرة بالعادة فإنه يضمن منفعة المغصوب بالفوات وهو عدم الانتفاع بالمغصوب، وبالتفويت، أي بالانتفاع به، وهذا القول هو الراجح، لأن المنفعة مال متقوم فيضمن بالغصب كسائر الأموال، قال ابن عبد السلام في قواعد الأحكام: وأما المنافع فضربان: ... الضرب الثاني: أن تكون المنفعة مباحة متقومة فتجبر في العقود الفاسدة والصحيحة والفوات تحت الأيدي المبطلة والتفويت بالانتفاع، لأن الشرع قد قومها ونزلها منزلة الأموال فلا فرق بين جبرها بالعقود وجبرها بالتفويت والإتلاف، لأن المنافع هي الغرض الأظهر من جميع الأموال، فمن غصب قرية أو دارا قيمتها في كل سنة ألف درهم وبقيت في يده سبعين سنة ينتفع بها منافع تساوي أضعاف قيمتها ولم تلزمه قيمتها -أي قيمة هذه المنافع- لكان ذلك بعيدا من العدل والإنصاف الذي لم ترد شريعة بمثله ولا بما يقاربه..
ولمزيد حول هذا راجع كتاب الخلافات المالية للدكتور سعدي حسين علي جبر، ص 513- 514.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1425(12/8216)
المسألة المعروضة في السؤال بشأن استيفاء الحق مسألة محتملة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف في الحكومة ولكن الحكومة تأخذ حقاً لي مثلا فهل أخذ هذا الحق بطريق غير مشروع مثلا في حين أنه إذا أخذته من الطريق المشروع أصرف من المال أكثر من حقي والله العظيم ولم آخذ حقي بنسبة 1000000% ولكن أكون قد تعرفت لديهم فيعاملوني بطريقة سيئة فهل عندما آخذ حقي بطريقة غير مشروعة لا تضر أحد فهل هذا حلال أم حرام؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان له حق عند شخص أو جهة واستطاع أن يأخذه بدون علم الممانع المماطل فله ذلك كما بيناه في الفتوى رقم: 28871 ولكن المسألة المعروضة في السؤال مسألة محتملة، فنرجو من السائل بيان هذا الحق الذي له على الحكومة، فإنه كما هو معروف أن الموظف الحكومي يتقاضى راتباً وافق عليه وتعاقد مع الحكومة على أساسه، فليس له إلا ذلك، والمسلمون على شروطهم، فيخشى أن يكون ما يظنه السائل حقاً له ليس حقاً له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(12/8217)
أخذ مال الأب مهما قل دون إذنه لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب أعزب أعيش مع أهلي وأعمل ولي دخلي لكن والدي هو من يصرف على البيت
في بعض الأحيان آخذ نقودا قليلة من مصروف البيت خردة بمعنى درهم أو أكثر قليلا أو أقل يعني شيء بسيط
لكن إذا احتجت مبلغا أكبر يصل إلى دينار واحد أقوم بطلبه من والدتي أو أبي فهل أخذ مبلغ بسيط من مصروف البيت أقل من دينار يحتاج إلى طلب أو إذن]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أخذ شيء من هذه النقود صغيرا كان أو كبيرا إلا بإذن أبيك أو من ينوب عنه في ذلك، سواء كان من ينوب عنه في ذلك أمك أو غيرها، وراجع الفتوى رقم: 29686.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1425(12/8218)
طول أمد الغصب لا يدفع الإثم عن الغاصب
[السُّؤَالُ]
ـ[قامت الاشتراكيه في أحد عصور الحكم بتأميم الشركات الكبيرة ووضع يد الدولة عليها بغير حق هل يجوز بعد مرور 50 عاما على تلك المصادرات التعامل معها أي مع تلك الشركات وهل تعد مالا مغتصبا؟ أرجو الإفادة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغصب لغة أخذ الشيء قهراً وظلماً ومجاهرة، واصطلاحاً له عدة تعاريف منها: قول ابن جزي من المالكية قال هو: أخذ رقبة الملك أو منفعته بغير إذن المالك على وجه الغلبة والقهر دون حراسة.
وعرفه الشافعية: بأنه الاستيلاء على حق الغير عدواناً.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الغصب: ويدخل فيه ما أخذه الملوك والقطاع من أموال الناس بغير حق من المكوس وغيرها. اهـ
والتأميم في ظل النظم الاشتراكية لا يخرج عن هذا المعنى فهو غصب ولا شك، واتفق جمهور الفقهاء على أنه يجب على الغاصب رد عين المغصوب إلى المغصوب منه لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤدي، جاء في الروض المربع: ويلزم غاصباً رد المغصوب إن كان باقياً وقدر على رده، وإن زاد لزمه رده بزيادته متصلة كانت أو منفصلة لأنها نماء المغصوب وهو لمالكه فلزمه رده كالأصل، وإن غرم على رد المغصوب أضعافه. انتهى.
ويحرم على من يعلم أنه مغصوب معاملة الغاصب فيه بالشراء والاستئجار ونحو ذلك، لأن ذلك إعانة للغاصب على غصبه وعدوانه، ولا يدفع الإثم عنه طول أمد الغصب، فإن طول الزمن في شريعة الإسلام لا يجعل الحرام حلالاً ولا يسقط حق المالك الأصلي بالتقادم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1425(12/8219)
لا تبرأ ذمة المحتال إلا برد سائر الأموال لأصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص أخذ مالاً من آخر بقصد التجارة مشاركة بينهما في المكسب والخسارة، الأخ منه رأس المال والشخص الأول منه الجهد، خسرت التجارة وكذب صاحب الجهد على صاحب المال ولم يخبره بالخسارة، وقال له إن تجارتهما كسبت وأعطاه نصيبه من المكسب المزعوم، كيف أحضر هذا المكسب المزعوم وذلك بمشاركة شخص ثالث لا يعلم عن مشاركة الأول شيئاً وبعد فترة صاحب الجهد أخبر صاحب المال الثالث بأن هناك مكاسب وأعطاه نصيبه المزعوم وذلك بمشاركة صاحب الجهد شخصاً رابعاً، المهم كبرت دائرة الكذب والمكاسب الوهمية حتى وصل عدد الذين أخذ منهم مالاً 36 شخصاً منهم، شراكة بالمكسب والخسارة ومنهم من يعطيهم أرباحاً شهرية وليست لهم علاقة بالخسارة، وأصبح صاحب الجهد يدفع مكاسب 36 شخصاً وكلهم يعتقدون أنها مكاسب فعليه وهذه الأموال أخذها صاحب الجهد منذ 4 سنوات إلى الآن، المهم صاحب الجهد يدفع المكاسب الوهمية لـ 36 شخصاً وأصبح المال ينتهي من دفع المكاسب، وللعلم هناك من دفع 100000، ووصله مكسب 40000 وآخر دفع 50000 ووصله مكاسب 4000، وهناك من دفع 20000 ووصله 18000، وهناك من وصله رأس ماله كاملاً وفي اعتقادهم أن رأس مالهم مازال مع صاحب الجهد، وللعلم فإن الـ 36 شخصاً لا يعلمون بمشاركة بعضهم البعض كل واحد يعتقد أنه الشريك الوحيد وكل شريك دفع المال ولم يتابع تجارته، المهم يأتون من فترة لأخرى لقبض المكاسب فقط، المهم علم إخوته به منذ شهر فقط بالصدفة وبالضغط على أخيهم أخبرهم بالموضوع وعندما سألوه أين المبالغ التي أخذتها قال لا أعلم آخذ من هذا وأعطى مكاسب لهذا وهو فعلاً لا يعلم لكثرة الشركاء وكل من الشركاء لديه شيك مصرفي أو أكثر بالمبالغ التي دفعها، أرسل أخوة صاحب الجهد إلى شركاء أخيهم وأعلموهم بكذب أخيهم، ووافق معظمهم على خصم المكاسب من رأس المال أي الذي دفع 100000 ووصله 40000 تبقى له 60000 وكلف أشخاص من المنطقة بحل المشكلة وجعلوا حلا للجميع وهو خمس المكاسب من رأس المال إلى جانب خصم نصف ما تبقى من رأس المال، مثلا شخص دفع 100000 ووصله مكاسب 40000 تخصم المكاسب وتتبقى 60000 يخصم النصف أي تتبقى 30000 ويتحمل صاحب المال الـ 30000، وافق على هذا الحل 28 شخصاً من 36 ودفع إخوته المال واشترط الـ 28 أن يكون الحل على الـ 36 وللعلم الذي يملكه صاحب الجهد حالياً 414 ديناراً فقط سيولة ولديه محل مواد غذائية قطاعي به بضاعة بقيمة 35000 دينار وعقار المحل ليس له، بعض الذين لم يرضوا بالحل طلبوا رأي الشرع، والأسئلة كالآتي: هل إخوته ملزمون بالدفع عن أخيهم شرعاً وهو ليس شريكاً معهم في أي شيء، وهل هذا الحل خصم المكاسب من رأس المال وخصم النصف من المتبقي لا يمس الشرع، وهل ما دفعه إخوته فضلاً منهم أم لا، وللعلم عمل هذا الحل لأن إخوته هذه إمكانياتهم ولا من يستطيعون مادياً أن يدفعوا أكثر من هذا، وأخيراً قيمة المبالغ التي استلمها صاحب الجهد مليون وأربعمائة ألف دينار ليبي أي ما يعادل مليون دولار تقريباً، إخوته سيدفعون حوالي نصف مليون دينار ليبي بالحل الحالي من مالهم الخاص، صاحب الجهد أخوهم لديه بضاعة بقيمة خمسة وثلاثين ألف دينار ليبي أي 22 ألف دولار تقريبا وسيولة 414 ديناراً أي 300 دولار، أفيدونا؟ وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن هذا الشخص ضامن لأموال هؤلاء الأشخاص الذين أخذ أموالهم باستثناء الشخص الأول، لأنه بالنسبة للأول مضارب، والمضارب لا يضمن المال إلا في حالة التعدي، وإذا خسرت المضاربة، فيتحمل صاحب المال خسارة ماله ويتحمل المضارب خسارة جهده وعمله، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 8151.
أما الأشخاص الآخرون فإنه لم يكن مضارباً في أموالهم وإنما كان محتالاً كاذباً آكلاً لأموال الناس بالباطل، فيجب عليه رد هذه الأموال كلها وهي دين في ذمته لا يبرأ حتى يرده لأصحابه، إلا أن يعفو عنه أصاحبه فإذا رضوا أن يتنازلوا عن حقوقهم فهذا شأنهم، وإن أبوا فهو ملزم بدفع رؤوس أموالهم كاملة، ولهم أن يقاضوه ويحجروا على أمواله حتى يسدد ما عليه، وأما إخوانه فلا يلزمهم على سبيل الوجوب تحمل هذه الأموال، وإن تبرعوا بتحملها ودفعها لأهلها كان ذلك منهم عمل خير وبر بأخيهم.
مع تنبيه هذا الشخص على وجوب التوبة النصوح من هذه المعصية العظيمة، فقد جمع فيها الكذب والخيانة وأكل مال الغير، فالبدار البدار إلى التوبة عسى الله أن يغفر له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1425(12/8220)
حكم الوضوء بماء مغصوب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة وكذلك الوضوء في مكان مغصوب أو الوضوء من ماء مغصوب أو الصلاة بثوب مغصوب، هلا فصلتم لنا متى يجوز ومتى لا يجوز والراجح مع الدليل، وتحت أي باب أجد هذه المسألة في كتب أصول الفقه؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة والوضوء في أرض مغصوبة كلٌ منهما صحيح مع ثبوت الإثم على الغاصب، هذا هو الراجح، وراجع الفتوى رقم: 7296، والفتوى رقم: 8573.
وكذلك الصلاة بالثوب المسروق فإنها صحيحة آثم صاحبها بسبب السرقة، وراجع الفتوى رقم: 24198.
كما يصح الوضوء بماء مغصوب مع الإثم أيضاً، ففي حاشية الدسوقي: قياساً على الماء المغصوب، أي فإنه يجزئ الوضوء به مع الحرمة للتصرف في ملك الغير بغير إذنه. انتهى.
وبالنسبة للمسألة المذكورة فيمكن الرجوع لها في مسألة انفكاك الأمر عن النهي، وقد ذكر هذه المسألة الشيخ سيد عبد الله في نظمه مراقي السعود الذي لخص فيه جمع الجوامع للسبكي، حيث يقول:
وإن يك الأمر عن النهي انفصل ... فالفعل بالصحة لا الأجر اتصل
وذا إلى الجمهور ذو انتساب ... وقيل بالأجر مع العقاب
مثل الصلاة بالحرير والذهب ... وفي مكان الغصب والوضوء انقلب
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1425(12/8221)
المال المغصوب يبقى على ملك صاحبه الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم السكن في منزل مؤمم أي تم أخذه من شخص من قبل الدولة ثم سلم إلى آخر وفق شروط ثم ملك للمستأجر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتأميم الذي تقوم به بعض الأنظمة دون أن تعوض صاحب الأرض أو البيت تعويضا عادلا يعتبر من الغصب المحرم، فإذا علم ذلك، لم يجز لأحد أن يشتري أو يستأجر هذا المغصوب، وإلا كان مشاركا للغاصب، معاونا له على غصبه وعدوانه، وقد حرم الله ذلك، بقوله: [وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُون َ] (البقرة:188) .
وقال: [وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَان ِ] (المائدة: 2) .
والمال المغصوب سواء كان أرضا أو بيتا أو نقدا، باق على ملك صاحبه الأول وإن تعاقبت عليه الأيادي والتصرفات الباطلة، ثم إن شراء أو استئجار البيت المغصوب معاملة للغاصب في عين المال المحرم وهذا لا يحل.
وراجع الفتوى رقم: 4429، ورقم: 9660، ورقم: 10621.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(12/8222)
يشتغل عند تاجر يجهده.. هل يأخذ منه بدون علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يشتغل عند تاجر يجهده ولا يعطيه حقه من الأجرة كاملاً ومع هذا يخون ويسرق من يستورد منه السلعة، (يعني التاجر) ، السؤال: هل يجوز للرجل أن يأخذ حقه من الأجرة بيده من صاحب المتجر، وهل يجوز أن يشتغل معه، علماً بأنه يخون ويسرق ممن يستورد منه السلعة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الأجرة التي يدفعها التاجر إلى العامل هي الأجرة المتفق عليها بينهما فليس للعامل إلا هي؛ ولو كان يجد مشقة في العمل فإنه رضي بهذا العمل وبأجرته.
أما إن كان التاجر ينقص من الأجرة المتفق عليها بينه وبين العامل فإن هذا حرام وهو أكل لمال العامل بالباطل، وقد حرم الله ذلك بقوله: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِل ِ [البقرة:188] ، وحرمه رسوله صلى الله عليه وسلم فقال: كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. رواه مسلم.
وكما يحرم عليه منع أجر العامل تحرم عليه الخيانة والسرقة، فكل ذلك كبائر وموبقات، وأما هل للعامل أن يأخذ من مال التاجر بقدر حقه بدون علمه؟ فهذا ما يعرف في الفقه بمسألة الظفر، وقد سبق أن تكلمنا عنها في الفتوى رقم: 28871، والفتوى رقم: 18260، والفتوى رقم: 19061 فراجع تلك الفتاوى.
وبالنسبة لجواز العمل عند هذا الرجل مع تلبسه بالخيانة والسرقة والغصب، فيقال هنا: إن كان عملك معه فيه إعانة مباشرة له على هذه المحرمات فلا يجوز العمل معه للنهي عن المعاونة على الإثم، قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2] .
وإن لم يك في عملك إعانة له فلا بأس، وإن كان الأولى لك الابتعاد عن مثل هذا الشخص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(12/8223)
ما تملتكه بطريق مشروع يحق الانتفاع به
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في المسألة التالية والمتمثلة في:
هناك قبو تابع لأملاك الدولة الشاغرة كان مستغلا من قبل طرفين ولكنهما لا يملكان عليه وثائق رسمية وقانونية، حيث تمكنت أنا من الحصول عليه وأصبحت أمتلك له وثائق رسمية \"عقد الاستفادة والإيجار الشهري\".
- أرجو منكم فتوى في هذا الموضوع، فهل يحق لي أن أستغله ما دمت أدفع ثمن إيجاره إلى الدولة أم لا؟
وأعلم سيدي المفتي أن الشخصين السابقين استغلاه لمدة من الزمن وأنا أدفع عنهما الإيجار.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد حصلت على وثائق رسمية من الدولة بطرق مشروعة، وحصل بينك وبينها عقد إيجار، فأنت أحق من الرجلين بما سميته "قبو" فلك الانتفاع به في السكن أو تأجيره على هذين الشخصين أو غيرهما، فإن امتنعا عن تخليته أو دفع الإيجار، فلك رفعهما إلى القضاء لاستخراج حقك منهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1425(12/8224)
تهديد الزوجة بالطلاق لأخذ مالها حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا ورثت المرأة أرضا عن أبيها فما حكم أن يطلب منها زوجها أن تكتبها باسمه وإذا هددها بالطلاق فماذا تفعل؟
أفتوني جزاكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوج أن يهدد زوجته بالطلاق إذا لم تعطه مالها، سواء كان راتباً أو إرثاً أو غير ذلك، وفي حالة إعطائها إياه تحت هذا التهديد فإنه حرام عليه، لأنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه، كما جاء في الحديث الذي رواه أحمد وغيره، وقد قال تعالى: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (النساء: من الآية4) ، وللمرأة الخيار في مثل الحالة المسؤول عنها، إن شاءت كتبت هذه الأرض باسمه وهو يتحمل الإثم، وإن شاءت امتنعت ولزوجها إمساكها أو طلاقها، ويراجع الجواب رقم: 483، والجواب رقم: 12162.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1425(12/8225)
تحرى قيمة ما اغتصبت ورده لأصحابه بطرقة مناسبة
[السُّؤَالُ]
ـ[بطبيعة عملي كمحاسب في ظل ظروف المعيشة الصعبة كنت اضطر الى جلب بعض الأموال الحرام عن طريق التحايل بالفواتير.
والحمد الله تبت الآن وأريد أن أكفر عن ذنبي ولكن لم أعرف المال المحدد الذي جلبته لأنني كنت أشتري به طعاماً
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أن تحمد الله تعالى أن منَّ عليك بالتوبة من تلك المعصية الخطيرة، لكن عليك أن تعلم أن من شروط التوبة وقبولها رد الحق إلى أصحابه بأي وسيلة تراها مناسبة وممكنة، فإن استطعت أن تتذكر المبلغ الذي أخذت فالأمر واضح، وإلا فإن عليك أن ترد مبلغاً ترى أنه محيط به إبراءً للذمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(12/8226)
يرد المغصوب بأي طريقة لا تسبب مفاسد أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي ابنة عم عند خطبتها استلمت مهرها فقامت بإيداعه لدى أمي، وكانت كل مرة تخبرها تأخذ منه قسطا وفي يوم ما عدت أمي المبلغ فوجدته ناقصا، وتأكدت أن أختي الصغرى أخذت منه ولم تخبرها بعد مرور 40 سنة الآن أمي تريد أن تعرف ما الحكم الذي يترتب عليها، وكيف تخرج هذا المبلغ من ذمتها، وهل نقوم بإخبار ابنة عمي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا المهر وديعة عند أمك لابنة عمك، فينظر إن كانت أمك فرطت في حفظ الوديعة فهي ضامنة لهذا المبلغ، وإن لم تك فرطت فلا ضمان عليها، لأنه لا ضمان على مؤتمن، وعلى أختك رد هذا المبلغ الذي أخذته إلى صاحبته ولا تبرأ إلا برده، لحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي.
ولا يشترط عند رد المبلغ إخبار صاحبته، بل المهم رده إليها بأي طريقة لا تسبب مفاسد أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1424(12/8227)
تعداد أيادي الغاصبين لا يغير من حكم الله شيئا
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد الحرب على العراق سرقت مواد حكومية كثيرة من المنشآت الحكومية ومنذ ذلك الحين تباع تلك المواد في السوق، لذا، فالسؤال هو: هل يجوز شراء تلك المواد (أبواب وشبابيك) من السوق بعد أن بيعت وانتقلت نفس المادة بين أكثر من 5 أشخاص وبائعين، في حين قد أجاز بعض العلماء هنا شراء المواد الغذائية بعد أن انتقلت من بين عشرات الأيادي والبائعين، مع جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الكلام عن حرمة بيع وشراء المغصوب من الملك العام في الفتوى رقم: 32712، والفتوى رقم: 34628، فإن قدرت على أن تعيد المال إلى أهله، والحق إلى نصابه، فافعل، وإلا فلا تخض مع الخائضين، ومن اشترى مغصوبا علم بأنه مغصوب، صار شريكا للغاصب في الإثم وتعداد أيادي من الغاصبين وتعاقبها لا يغير من حكم الله شيئا ما دام المغصوب قائما معروفا بعينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1424(12/8228)
المال المغصوب يبقى في الذمة حتى يرد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: كنت أعمل في إحدى المؤسسات الخيرية فوسوس لي الشيطان فأخدت من أموال هذه المؤسسة وصرفت الأموال أما الآن تبت والحمدالله فماذا يجب علي أن أعمل لكي تكون توبتي صحيحة وأنا ما أقدر أرجع الأموال لأنه لا يتوفر معي ويجب أن أرجعهم ولا كيف وما أعرف الصالح من هذه الأموال
ماذا يجب أن أعمل؟
وجزاكم الله خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما فعلته يعد خيانة وأكلاً لأموال الناس بالباطل، والواجب عليك مع التوبة والندم هو رد هذه الأموال إلى المؤسسة متى ما قدرت على ردها، وتبقى هذه الأموال في ذمتك إلى أن تردها، هذا ولا يشترط أن تخبر المؤسسة بأنك سرقت هذه الأموال بل المقصود ردها بأي طريقة لا تسبب لك ضرراً.
فإذا تعذر ردها للمؤسسة بسبب كونها تلاشت، ولم تعد موجودة، ولم تعلم لمن تصرف هذه الأموال، فيلزمك صرفها في مصالح المسلمين العامة كالفقراء والمساكين ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1424(12/8229)
وجوه حرمة بيع جوازات السفر المغصوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد سقوط نظام صدام حسين، نهبت جميع دوائر الدولة، فنحن اشترينا بعض جوازات السفر بثمن بخس، والآن تباع هذه الجوازات (40) ضعفا من ثمنه القديم؟ وسؤالنا هو: هل هذه المعاملة جائزة؟ وهل الفائدة
(الربح) حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه المعاملة غير جائزة لعدة اعتبارات:
الأول: أن هذه الجوازات ليست مالاً متمولاً شرعاً، فمن المعلوم أن هذه الجوازات لاتباع على أنها دفتر أوراق، وإنما تباع على أنها إثبات جنسية ومواطنة، وليس ذلك مالاً متمولاً شرعاً حتى يباح الاتجار فيه.
الثاني: أن هذه الجوازات قد أخذت بطريق الغصب، وما أخذ بطريق الغصب يحرم الاتجار فيه، وقد فصلنا ذلك في الفتويين التاليتين: 22509، 5375.
الثالث: أن بيع هذه الجوازات يفتح باباً عظيماً للغش والتزوير، كما هو معلوم، وقد قال الله تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
وبعض هذه الوجوه يكفي في تحريم هذه المعاملة فكيف إذا اجتمعت، فعلى المسلم أن يتجنب الاتجار في هذه الجوازات، وما حصَّله سابقاً من ثمن أو ربح فعليه أن يتخلص منه بإنفاقه في مصالح المسلمين، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 5375.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1424(12/8230)
العمل في أرض مغصوبة وحكم الربح المستفاد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
ما حكم العمل على أرض مغصوبة؟ وما مصير ما حصل من ربح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالعمل في أرض مغصوبة لا يجوز، كما هو مبين في الفتوى رقم: 35388، والفتوى رقم: 19380.
أما عن الربح الحاصل من العمل على أرض مغصوبة، فإن كان المقصود هو ما استفاده الغاصب من هذه الأرض بأن زرعها مثلاً، فقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتوى رقم: 10486.
وإن كان المقصود أن شخصاً عمل عند من غصب الأرض في نفس الأرض، فإن أجرة هذا العامل ليست على الغصب بل هي على العمل، فتباح إذا كان العمل مباحاً، نعم عليه إثم الإعانة على الغصب.
ولا بد من الإشارة إلى أنه يجب على الغاصب أن يتوب إلى الله من غصبه، وأن يرد المغصوب، مع أجرة المثل وأرش النقص إن كان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(12/8231)
لا تنزع الملكية إلا لمصلحة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو رأي الشرع الإسلامي في موضوع القوانين الاشتراكية، مثل قانون الإصلاح الزراعي الذي استولت الدولة بموجبه على أراضي بعض المواطنين ولم تدفع لهم التعويض.
أجيبونا وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للدولة أن تنزع من أحد ما ثبت أنه ملك له إلا لمصلحة معتبرة شرعاً، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 4429
وعليه؛ فإذا كانت هناك مصلحة شرعية في نزع ملكية هذه الأرض من أصحابها، فيجب تعويضهم تعويضاً مناسباً بما لا يقل عن ثمن المثل، وإن لم تكن هناك مصلحة شرعية أو وجدت ولم يعوض أصحاب هذه الأرض فحكم ذلك حكم الغصب، ولمعرفة ما يترتب عليه ترجى مراجعة الفتوى رقم: 35109 والفتوى رقم: 9660
وقد بينا حكم الاشتراكية في الفتوى رقم:
18674
وليُعلم أن القوانين التي تخالف حكم الله وحكم رسوله يجب على المسلم أن لا يتبعها أو يتحاكم إليها، سواء سميت قوانين اشتراكية أو رأسمالية أو غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1424(12/8232)
يأخذ حقه فقط إذا ظفر به
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل وأعيش في مصر، أعمل في القطاع الخاص.
هل لي أن أسترد حقوقي المالية من الشركة التي أخذت مني ظلما لعلمهم أنني لا أستطيع ترك العمل؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تيقنت من ظلم الشركة لك، ومنعها لبعض حقوقك بغير حق، فلك أن تحصل على حقك دون أن تتجاوز ذلك الحق، وذلك بالطريقة التي تراها مناسبة، وهذا ما يسمى عند العلماء بـ (الظفر بالحق) ولتحذر أن يكون ذلك منك مجرد ظن، فتأخذ ما لا حق لك فيه، بل لا بد من التيقن من ذلك، وقد بينا مذاهب العلماء في كيفية الظفر بالحق، وذلك في الفتوى رقم: 28871.
وننبه على أن الشركة لو تعاقدت مع العامل على أجرة، ورضي بذلك، فليس له أن يأخذ شيئا من مال الشركة محتجا بأن أجرته غير مناسبة، أو أن الشركة استغلت حاجته إلى العمل، لأن المسلمين عند شروطهم، ولأنه رضي بهذه الأجرة وأجرى العقد عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1424(12/8233)
حكم شراء بيت مبني على أرض مستملكة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود أن أسأل: هل من الجائز أن أشتري بيتا من شخص اشتراه قبلي، علما بأن هذا البيت مبني على أرض مستملكة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود بالأرض المستملكة أن هذه الأرض مغصوبة، فإنه لا يجوز لك شراء هذا البيت، والعقد في ذلك باطل، وقد تقدمت التفاصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23644، 9660، 28270، 5375.
وإذا كان المقصود بالأرض المستملكة أنها ملك غيره وقد استأجرها منه، فإن عقد الإجارة يسري عليك بشروطه إذا اشتريت هذه الأرض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1424(12/8234)
حكم البناء داخل المقبرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كل ماهو داخل حائط المقبرة محسوب عليها وبالتالي لا تجوز الصلاة فيه، وتجدر الإشارة أن هناك دوراً مسكونة داخله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الدور لا يترتب على الصلاة فيها حكم الصلاة إلى القبور، ما دامت هذه الدور لا يوجد بداخلها قبر، وعلى هذا فتصح الصلاة فيها، وبخصوص بناء هذه الدور في هذه المقبرة، فإن هذه المقبرة إن كانت موقوفة فلا يصح البناء بأرضها إلا إن كانت في هذا البناء مصلحة للمقبرة، أو كان ذلك بشرط الواقف، فإن تخلف هذان الشرطان أو أحدهما، كان البناء غصباً، وكان حكم الصلاة فيها حكم الصلاة في الأرض المغصوبة، وقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 7296.
وإن كانت هذه المقبرة مملوكة فلا يصح البناء بها إلا بإذن مالكها، وإلا كان هذا البناء غصباً، والحكم فيه كسابقه.
وثم أمر آخر وهو أن هذه الدور إذا بنيت على بعض القبور، فإن كانت هذه القبور قد بليت، ولم يبق للميت أثر، جاز هذا البناء وصحت فيها الصلاة، وإن لم تبل هذه القبور وبقي للميت أثر فلا يجوز البناء عليها، ويجب على من فعل ذلك التوبة والقيام بما ذكرناه في الفتوى رقم: 21598.
وأما الصلاة فيها فلا تجوز والحالة هذه، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 1525.
وننبه في ختام هذا الجواب إلى أنه لا يجوز للرجال التخلف عن صلاة الجماعة والصلاة في هذه الدور إلا لعذر، لأن صلاة الجماعة واجبة على الراجح من أقوال أهل العلم، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 1798.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/8235)
لا تبرأ الذمة إلا برد المسروق أو المسامحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة في شركة عامة، قمت بيوم من الأيام باستخدام الآلة الطابعة في العمل، وطبعت حوالي مائة صفحة، دون أن آخذ الإذن من أحد، وكانت هذه خدمة قدمتها لوالدتي، حيث أنها كانت مضطرة لهذه الأوراق، وبعد ذلك سألت دائرة الإفتاء في ذلك فقالوا لي هذا بحكم السرقة، أنا الآن شديدة الندم على مافعلت وقد استغفرت ربي، ولن أكرر ذلك مرة أخرى، فهل يكفي ذلك لتكفير ذنبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يتوب عليك ويغفر لك، وننبهك إلى أن من شروط صحة توبتك أن تردي قيمة ما استهلكت من ورق أو حبر أو كهرباء ونحو ذلك إلى الشركة، إلا أن يعفو المسؤول عن ذلك بدون محاباة لك.
وراجعي الفتاوى التالية: 30820، 26746، 11090، 26283، 5450.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1424(12/8236)
حكم العمل مع المغتصب
[السُّؤَالُ]
ـ[عرض علي صديق سؤالاً وهو: هل يمكنني العمل مع أبي فى أرض فلاحية ملكها بالإكراه عن والده، حيث إن له إخوة لم يسلمهم نصيبهم ولم يجاهروا من جانبهم بالرفض ولم يطالبوا بنصيبهم، أحسست أن ذلك خوفا من الفتنة وكلام الناس وانقطاع صلة الرحم؟
والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمسلم العمل في الأرض المذكورة، لأنها في حكم المغصوب، والعمل مع المغتصب فيها إقرار له على باطله، وعون له على معصيته، وتعاون معه على الإثم والعدوان، قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
ولمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 19380.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1424(12/8237)
لك الحق في بقية راتبك
[السُّؤَالُ]
ـ[معاشي المتفق عليه 200 دينار -تم إعطائي 167.وفي منتصف زمن الخدمة صدرت ورقة رسمية تشير أن المعاش قابل للاستقطاعات القانونية- فهل آخد حقي من أموال العمل الذي أديره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الاتفاق قد تم بالفعل مع جهة العمل على الراتب المذكور، فإن لك الحق في بقية راتبك، ولك أن تطالب به علانية، وإذا لم تستطع الحصول عليه برضا أصحاب العمل، فلك أن تأخذه من مالهم بالطريقة التي تراها مناسبة، ما لم يؤد أخذه إلى مفسدة أكبر من مفسدة ضياع حقك، كنسبةٍ للخيانة والسرقة ...
وهذه المسألة تسمى عند أهل العلم بمسألة الظفر بالحق، وقد اختلفوا فيها، لكن الراجح من أقوالهم فيها ما أشرنا إليه.
وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتويين: 18260، 8780.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1424(12/8238)
حكم استئجار عقار صادرته الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[استأجرت محلاً تجارياً من شخص، وقد علمت أن المحل قد تم تأميمه من الدولة، ومن بعد أعيد تأجيره من الدولة للشخص الذي أؤجر منه أنا حاليا، أرجو منكم ان تبينوا لنا موقف الشرع من ذلك، وهل إذا أعطيت أجرة لصاحب المحل الأصلي أؤجر أم ماذا، أي صاحب الملك الأصلي المصادر منه المحل من طرف الدولة؟ أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت الدولة قد صادرت هذا العقار لمسوغ شرعي كالمصلحة العامة مثلاً، وقد عوضت صاحبه عنه العوض المعتبر، فلا حرج حينئذ في استئجاره من الدولة، أو استئجاره ممن استأجره من الدولة، ولتراجع في هذا الفتوى رقم: 13225.
وإن لم يكن ثم مسوغ شرعي، أو وجد المسوغ ولم يعوض صاحب العقار العوض المعتبر، فهو عقار مغصوب لا يحل استئجاره من الدولة، بل الواجب دفع الأجرة للمالك الأصلي، وتراجع في هذا الفتوى رقم: 10621.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1424(12/8239)
يجوز أخذ الحق المالي إذا لم تف جهة العمل بالعقد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا أعمل في بلد أجنبي وفي العقد بند للسكن وأخلت الشركة بهذا البند وقطعته من الراتب وأنا أسكن في سكن تابع لهذه الشركة ومن الممكن ألا أدفع بعض الإيجار فهل هذا حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يحل لأحد أن يأخذ من مال أحد إلا بعلمه وطيب نفسه ما لم يكن كافرًا حربيًّا. فقد حرم الله تعالى الخيانة والسرقة والظلم، وأخذ مال الغير تعديًّا وبدون إذن صاحبه خيانة، والله تعالى يقول: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ [الأنفال:58] ، ويقول تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [المائدة:38] ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم، في ما يرويه عن ربه تبارك وتعالى: يا عِبادي! إني حَرَّمْتُ الظُّلْمَ على نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّماً فَلا تَظَّالَمُوا.، ويقول صلى الله عليه وسلم: أدّ الأمَانَةَ إلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
والواجب على هذه الشركة أن تفي لكم بما تعاقدتم عليه، فالعقد شريعة المتعاقدين ما لم يخالف الشرع، والمسلمون على شروطهم. فإذا أخلت الشركة بما التزمت وخصمت منكم ما كان متفقًا عليه مسبقًا، وثبت أنه حق لكم بالعقد والاتفاق معها، فلكم أن تأخذوا مقابل ذلك منها بأي وسيلة -ما لم يؤدِّ لك إلى لحوق ضرر بكم- على الراجح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة - وهي المعروفة عند أهل العلم بمسألة الظفر بالحق- ولكن لا يجوز أن تأخذوا أكثر من حقكم.
وعلى هذا فبإمكانك أن تخصم حقك من الإيجار الذي عليك للشركة، وترد لها ما زاد على حقك، إذا لم يترتب على ذلك مفسدة أعظم من مفسدة ضياع حقك، فهذه الشريعة إنما جاءت لجلب المصالح ودرء المفاسد.
وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الأدلة والتفصيل وأقوال العلماء حول من ظفر بحقه، في الفتوى رقم: 28871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1424(12/8240)
حكم العمل في مكان مغصوب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم العمل في دائرة حكومية أرضها مغصوبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يعمل في مكان يعلم أنه مغصوب، ولو كانت الحكومة هي التي اغتصبته.
والعمل مع المغتصبين في المكان المغصوب لا يجوز، لأنه عون لهم على معصيتهم وإقرار لهم على باطلهم وتعاون معهم على الإثم والعدوان.
قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة: 2] .
وقد كان السلف الصالح رضوان الله عليهم يبتعدون عن الظَّلَمة وأعوانهم، جاء في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر للهيثمي: قال سعيد بن المسيب: لا تملأوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بالإنكار من قلوبكم لئلا تحبط أعمالكم الصالحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(12/8241)
اقتطاع جبري من راتب الموظف لفائدة آخرين!!
[السُّؤَالُ]
ـ[قامت الدولة بإنشاء صندوق خاص بسلفات السكن لموظفي التعليم. ويتم تموين الصندوق من خلال اقتطاعات دائمة وإجبارية من أجور كل الموظفين حتى الذين لن يستفيدوا لتوفرهم على سكن, ومن نسبة مئوية من الميزانية السنوية للدولة وكذلك من مساهمات محددة لقطاعات مرتبطة بالتعليم. ويتم الإقراض على أساس فائدة 3 في المائة لإنعاش الصندوق. لكن الدولة أعطت في الأخير للبنوك امتياز تدبير الإقراض بنسبة6,5 في المائة مع تحمل 2 في المائة، وبالتالي يؤدي المقترض فائدة 4,5 في المائة.
سؤالي هو عن شرعية كل من العمليتين.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للدولة ولا غيرها أن تجبر موظفيها على الدخول في عقد اقتطاع للادخار أو غيره. لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً [النساء:29] .
وتشتد الحرمة إن كان الموظف لا يستفيد من هذا المال الذي يقتطع منه، بل يذهب لغيره بغير إذنه ورضاه فهو من الظلم البين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد بإسناد صحيح.
وكذلك لا يجوز الاقتراض من الدولة أو البنك أو غيرها بفائدة كالنسبة المذكورة في السؤال، لأنها من الربا الصريح، وهو من أكبر الكبائر.
ولمزيد من الفائدة راجع الجوابين رقم: 14505 ورقم: 24879.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(12/8242)
حكم شراء أراضي الإصلاح الزراعي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم شراء أراضي الإصلاح الزراعي والانتفاع بها والسكنى بها؟ علما بأن أراضي الإصلاح الزراعي هي أراض صادرتها الدولة المتحدة (سورية ومصر) من كبار الإقطاعيين ووزعتها على الفلاحين للانتفاع ثم ملكتها لهم.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت هذه الأراضي لا تزال مغصوبة، أي لم يدفع ثمنها لملاكها ويرضوا به عوضًا عنها، فإنه لا يجوز شراؤها؛ لأن البائع والحالة هذه لا يملكها، ولا يجوز لأحد أن يبيع ما لا يملك. وراجع في هذا الفتوى رقم:
5375.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(12/8243)
كيف يصنع من عجز عن استيفاء حقه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل مهندسا بشركة مقاولات، ومرتبي 1200 جم، تم تأخير المرتبات بسبب ما، وبعد أربعة شهور قامت الشركة بصرف راتب شهر فقط، وهكذا ظل الحال بصرف مبالغ بسيطة لا تتعدى 350 جم، ثم صدر قرار من الشركة بتقليل الرواتب إلى 800 جم فقط دون الاتفاق معي وتنفيذه بأثر رجعي على 5 شهور سابقة،
فهل لي الحق في أن أسترد فرق راتبي المخصوم بأي وسيلة ممكنة؟ الرجاء الإفادة في أسرع وقت ممكن،
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التأخير المذكور في الصرف إذا كان ناشئًا عن عجز الشركة عن دفع المرتب في الوقت المناسب، فعليك أن تصبر حتى تستطيع الشركة أداء ما عليها من حقوق؛ لأن هذا من إنظار المعسر الذي قال الله تعالى فيه: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة:] وإن كان تأخير الشركة للمرتبات قد تم مع القدرة على أدائها في وقتها فهذا ظلم ومطل، ويحق لك أن تسعى في رفع الظلم عنك حتى تجد من يسعى في أمرك، وتذكره بقوله صلى الله عليه وسلم: ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته. متفق عليه.
أما تقليل الشركة لراتبك دون اتفاق معك على ذلك فهذا لا يلزمك، وتعتبر شرعاً بتقاضي راتبك الأول، وبالتالي يحق لك أخذ حقك من هذه الشركة إذا قدرت عليه. قال ابن قدامة في المغني: وقد أباح بعض أهل العلم لمن له على إنسان حق من دين وغصب أن يأخذ مِنْ مال مَنْ عليه الحق بقدر ما عليه إذا عجز عن استيفائه بغير ذلك. اهـ
واشترط المالكية أن تكون آمنًا من حدوث فتنة بينكما كمضاربة أو مقاتلة، بالإضافة إلى الأمن من أن تُنسب إلى ذريلة كسرقة أو غصب. قال الشيخ الدردير في شرحه لمختصر خليل: وإن قدر ذو حق على شخص مماطل أو منكر أو سارق أو غاصب ونحوه على أخذ شيئه بعينه أو بقدر ما يساوي ماله مِنْ مال مَنْ عليه الحق فله أخذه ولا يلزم الرفع للحاكم بشرطين: أشار لأولهما بقوله: أن يكون شيؤه غير عقوبة، فإن كان عقوبة فلا يستوفيها بنفسه، بل بالحاكم وأمن فتنة، أي وقوع فتنة من قتال أو ضرب أو جرح أو نحو ذلك وأمن رذيلة تنسب إليه كسرقة وغصب؛ وإلا فلا يجوز له الأخذ. انتهى كلامه.
وننبه إلى أن هذا الذي يجوز لك أخذه هو ما كان قبل إبلاغهم لك بتحويل الراتب، أما ما كان بعد الإبلاغ فلا يحق لك أخذه، إلا إذا كان بينك وبينهم عقد ملزم إلى مدة لم تنته. وراجع الفتوى رقم:
18260.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1424(12/8244)
دفع مال في مقابل خدمات الدولة أمر واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
80% من سكان المنطقه التي أعيش فيها يتلاعبون بعداد الكهرباء وأعرف أناساً ذهبوا للحج وعادوا ومستمرون في التلاعب بالعداد لأننا لو مشينا بالحق لن نستطيع دفع الفاتورة الشهرية لأنها ستاتي بتسعيرة استهلاك أعلى بكثير من راتبنا الشهري فمنطقتنا حارة جدا طوال أيام السنة ومستحيل العيش بدون مكيفات، أفيدونا جزاكم الله خيراً إن كان ما نقوم به حراماً ما الحل؟ وهل عقابنا شديد يوم الحساب وكيف نتوب وهل ستحسب مبالغ في ذمتنا علينا إرجاعها وان كان كذلك فلمن؟؟ لا تقل لي بالله عليك لخزينة الدولة (حاميها حراميها)
جزاكم الله خيرا..عني وعن سكان الحي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما يقوم به هؤلاء من التلاعب بعداد الكهرباء أمر لا يجوز، وإثم تجب عليهم التوبة منه، لأن دفع هذا المال في مقابل هذه الخدمات أمر واجب، لاسيما وأن الغالب في العقود أن ينص فيها على المنع من ذلك، فأصبح هذا شرطاً بين المؤسسة والمستفيد، فيلزم الوفاء بهذا الشرط، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: المسلمون على شروطهم. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
ومن تمام التوبة إبراء الذمة من هذا المال، وهو إما أن يكون لمالك معين، كأن تكون هذه الشركة شركة خاصة، فلا بد من رد هذا المال إليها، ويبقى ديناً في الذمة، وإما أن يكون من المال العام فيجب التخلص منه بإنفاقه في وجوه الخير.
ولتراجع الفتوى رقم: 8936 والفتوى رقم:
3519 لمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1424(12/8245)
هل يحق للشخص الأخذ من المال العام بقدر ما أخذ منه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما قولكم -وفقكم الله- في رجل صادرت الحكومة العراقية السابقة بعض أمواله دون حق، وجعلتها في الخزينة العامة، هل يحق له أن يأخذ من المال العام ما يساوي ما أخذ منه دون إشعار الجهات المسؤولة، وهل يختلف حكمه عن غيره في شراء ما نهب من الدوائر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن صادرت الحكومة ماله بغير حق فظفر بعد ذلك بشيء من أموال الحكومة، فإن له أن يأخذ من هذه الأموال بقدر ما أخذ منه، وهذه المسألة تسمى عند الفقهاء بمسألة الظفر، وقد تقدم الحديث عنها في الفتوى رقم: 8780، والفتوى رفم: 6022،.
ومن المناسب هنا أن نورد ما ذكره ابن حجر الهيتمي في فتاويه حول مسألة الظفر فيما إذا كان الأمر متعلقا بالأموال العامة، قال رحمه الله: (2235)
فإذا علم أنها غنيمة لم تخمس فهل له طريق إلى تملكها؟ قلت: إن علمت عين الغانمين، فلا طريق إلى ذلك، وإلا، بأن أيس من معرفتهم، فهي مال ضائع، وهو لبيت المال، وحينئذ فلمن يستحق في خمس المصالح شيئا أن يتملكها بطريق الظفر إذا لم يتمكن من الوصول إلى حقه من بيت المال، كما اقتضاه كلام المجموع، حيث قال عن الغزالي وأقره: لو لم يدفع السلطان إلى كل المستحقين حقوقهم من بيت المال فهل يجوز أخذ شيء منه؟ قال: فيه أربعة مذاهب:
-أحدها، لا يجوز لأنه مشترك ولا يدري حصته منه حبة أو دانقا أو غيرهما وهو غلول.
-والثاني: يأخذ قوت كل يوم فيه.
-والثالث: كفاية سنة.
-والرابع يأخذ ما يعطى، وهو حقه، والباقون مظلومون، قال الغزالي: وهو القياس، لأنه ليس مشتركا كالغنيمة والميراث، لأن ذلك ملك لهم، حتى لو ماتوا قسم بين ورثتهم، هنا لا يستحق وارثه شيئا، وهذا إذا صرف إليه ما يليق صرفه إليه. اهـ.
فتقرير النووي والغزالي رحمهما الله تبارك وتعالى على ترجيح الرابع لكونه القياس ظاهر في اعتماده لذلك، فيتفرع عليه جواز الأخذ ظفرا، سواء أكان هناك أحوج منه كما اقتضاه كلام البغوي، أم لا، خلافا للسبكي، وبه صرح ابن الفركاح وابن جماعة، حيث قال في المال الضائع: ولمن كان في يده إذا عدم الحاكم العادل أن يصرف لنفسه إذا كان بهذه الصفة وهو عالم بالأحكام الشرعية، أي واقتصر على ما يليق أن يصرف إليه من ذلك، وبالجواز أيضا صرح الأذرعي بحثا قياسا على مال الغريم، قال: بل أولى، ونقل عن محقق عصره الجلال المحلي ما يقتضي الجواز أيضا، فهو المعتمد، ويدل له أيضا قول ابن عبد السلام إن قيل الجزية للأجناد على قول، أو المصالح العامة على قول. وقد رأينا جماعة من أهل العلم والصلاح لا يتورعون عنها ولا يخرجون من الخلاف فيها مع ظهوره، فالجواب أن الجند قد أكلوا من المصالح التي يستحقها أهل العلم والورع وغيرهم ممن يجب تقديمه أكثرها، فيؤخذ من الجزية ما يكون قصاصا ببعض ما أخذوه وأكلوه فتصير كمسألة الظفر. اهـ.
فما نقله عنه الزركشي من إطلاق منع الأخذ ظفرا من بيت المال يحمل على ما إذ كان الآخذ غير عالم بالأحكام الشرعية أو أخذ فوق حقه، وإلا، فإطلاقه ضعيف، وإن اقتضى كلام السبكي في فتاويه الميل إليه، وفي بعض كتب الحنفية أن من له حظ في بيت المال فله أخذه ديانة. اهـ
وأما عن شرائه للأموال المنهوبة، فإنه لا فرق بينه وبين غيره، لأن في ذلك إعانة على الإثم والعدوان مع إمكان أخذه مقابل حقه بغير هذه الإعانة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1424(12/8246)
عبث ولي الأمر بالمال العام لا يبرر عبث الناس به
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.
يوجد أشخاص يسرقون المال العام الذي خصص والذي لم يخصص بشتى أنواعه مباشر أو غير مباشر، مع العلم بأن حاكم الدولة يعلم بهم ويفتح لهم مجال السرقة وهذا واضح في أقواله وأفعاله.
والسؤال هل يجوز لنا نحن عامة الناس أخذ شيء من هذا المال كأن يسرق التيار الكهربائي مثلاً من المؤسسة العامة للكهرباء.
والحقيقة أن بعض علماء البلد قد احتاروا في الأمر وقالها بعضهم صراحة، وأنبه إلى أن مال الدول ضائع بيد الحاكم على نزواته وترفه هو وأبناؤه وحاشيته، هذا إلى الاستفادة الكبرى للدول الكافرة من هذا المال.
أفتونا رحمكم الله وجزاكم عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على الحاكم صرف المال العام في مصالح المسلمين ومواساة فقيرهم ونحو ذلك، ولا يجوز له أن يستأثر به هو وبطانته ويعبثون به، ولكن استئثارهم هذا أو عبثهم لا يشرع لغيرهم سرقته والعبث به أيضا، وقد بينا هذا في الفتوى رقم:
23007، والفتوى رقم: 8936، والفتوى رقم: 14984.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1424(12/8247)
إذا وجدت جهازك فخذه وإلا فلا
[السُّؤَالُ]
ـ[سرق مني جهاز محمول ومع الإبلاغ قيل إنه بعد فترة يقومون بعرض بعض الأجهزة لأخذ أيها فهل هذا جائز أم هناك حرمة فى أخذ مثل هذا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا وجدت جهازك في الأجهزة المعروضة جاز لك أخذه، وجاز لمن عرضه أن يسلمه لك إذا أتيته بما يتميز به من أمارات.
أما إذا لم تجد جهازك فلا يجوز لك أخذ غيره من الأجهزة المعروضة لأن لها ملاكاً، ولا يجوز أخذ مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1424(12/8248)
سرقة وعقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
سيدي لي صديقة تريد أن تعرف حكم من يسرق من جدته ليس سرقة ولكن تأخذ من عندها بدون علمها مبلغاً صغيراً طبعا لكي تسد به حاجياتها، مع العلم بأن جدتها ليست محتاجة بل عندها من رزق الله ما يكفيها ويزيد، يعني هي لا تنقص عنها؟ وهي لو قالت لجدتها لما أعطتها، فهل هذا جائز في الدين أم لا مع العلم بأن الجدة ليست فقيرة؟ وشكراً لكم، والسلام عليكم أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السرقة إحدى الكبائر، فلا تجوز أبداً، أخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن.
والسرقة من الجدة هي سرقة وعقوق، فعلى صديقتك أن تتوب إلى الله مما مضى، وترد ما أخذته فوراً مع الندم والعزم على أن لا تعود لمثل ذلك، وانظري الفتوى رقم: 21859.
ثم اعلمي أن غنى المرء وامتناعه عن الإعطاء إذا سئل لا يبيحان أخذ ماله بغير رضاه، روى أبو حرة الرقاشي عن عمه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه. أخرجه الإمام أحمد
كما أن قلة المسروق لا تبيح السرقة، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1424(12/8249)
أحكام في الأموال العامة وهدايا الرؤساء
[السُّؤَالُ]
ـ[في العراق نهبت كثير من الدوائر، والسؤال ما حكم شراء هذه المواد المنهوبة؟ وما الحكم إذا لم يتيقن المرء من كونها منهوبة؟ وما الحكم إذا استولت عليها بعض الأحزاب ثم باعتها للناس بثمن بخس، هل يجوز شراؤها لاسيما أن من هذه الأحزاب من بيدها السلطة في بعض الأماكن؟ وما الحكم في هدايا أهداها رئيس العراق السابق إلى رفاقه في حزبه لكونهم رفاقه؟ وأيضا فإن بعض المواد تحرقها القوات الأمريكية فما الحكم إذا خطف بعض الناس شيئا منها قبل الحرق، وهل لهم بعد ذلك أن ينتفعوا بها، ثم إني إمام مسجد وفي المسجد سجادة مما نهب من الكويت ولا نعرف لها صاحبا، وقد وقفها بعضهم للمسجد، أظن أن هذه الأسئلة من جنس واحد ونحن بأمس الحاجة إلى الإجابة عنها في هذا الوقت؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما كان من الأموال في خزانة الدولة وما كان من الأثاث والمعدات والأجهزة ونحو ذلك في مكاتبها ومؤسساتها، كل ذلك من الأموال العمومية التي هي محترمة كاحترام الأموال الخصوصية أو أشد، فلا يجوز للإنسان الاعتداء عليها بسرقة ولا غصب ولا غير ذلك، كما لا يجوز له أيضا شراؤها ولا قبولها من أي معتدٍ عليها ولو كان له نوع من السلطة بل ولو كانت له السلطة الشاملة، لأن السلطة لا تعطيه ملكية المال العام ولا تخول له التصرف فيه إلا بما هو أصلح له وأصلح لعامة المسلمين، أما أن يبيعها لمصلحة نفسه أو لمصلحة المشتري ونحو ذلك فهذا خيانة وغش.
أما بخصوص ما أهداه الرئيس العراقي السابق لزملائه، فالجواب: أن ما أهداه من ماله الخاص فهو لمن أهداه له سواء كان المهدى له من رفقائه أو غيرهم، لأن الإنسان الرشيد البالغ له حق التصرف في ماله الخاص بالهبة والإهداء وغيرهما من المباحات، لا فرق بين أن يهديه لرفقائه أو أقربائه أو غيرهم، أما ما أهداه من الأموال العمومية فلا يجوز قبوله لمن أهدي له لأنه هدية من معتدٍ خائن مغتصب، والرئاسة والسلطة لا تملك الإنسان الأموال العمومية -كما قدمنا- وإنما تخول له التصرف فيها بالأصلح لها ولعامة المسلمين، ولا يختلف الحكم في ما أهداه الرئيس العراقي لزملائه عما أهداه غيره من الرؤساء السابقين والحاليين.
وما اعتدي عليه بحرق أو تخريب من الأموال يجب على المسلمين أن ينقذوه ويخلصوه إن استطاعوا، وما استخلصوه من الحرق أو النهب يجب عليهم أن يردوه إلى ولي الأمر المسلم إن وجد، وإلا فليتمسكوا به إلى أن يتولى أمر المسلمين حاكم مسلم فيسلموه له، ولا يجوز لهم الانتفاع الخاص به لأنه مال عام محترم، وتعرضه للحرق أو النهب لا يبيحه وإنما يوجب إنقاذه. أ
ما السجادة فإذا تحققتم أنها من المال المنهوب وأن من أوقفها لا يملكها فلكم أن تبقوها في المسجد إذا كان بحاجة إليها، وإلا فلكم أن تعطوها لفقير من فقراء المسلمين بحاجة إليها، أو تبيعوها وتعطوا ثمنها للفقراء بغية التصدق بها أو بثمنها عن صاحبها، وذلك لتعذر ردها إلى من نهبت منه.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1424(12/8250)
حكم تغريم صاحب الأرض المغصوبة قيمة ما زرع فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[جدتي أخدت أرضاً جنب بيتها بدون توثيق بل مجرد كلام من أحد المسؤلين وهي ملك شخص آخر ويملك شهادة عقارية وبحكم بعده عن الأرض يعني يسكن في منطقه أخرى قامت جدتي بزرعها وبعد موتها جاء الرجل ليأخد أرضه فقام قريبي بتغريمه ثمن الأشجار فهل من حقنا أن نأخذ هذه الأموال وشكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان صاحب الأرض قد دفع قيمة الأشجار عن طيب نفس منه، فإنه لا بأس عليكم في تملك هذه الأموال من تركة جدتكم.
أما إذا كان مكرهاً على ذلك فلا، لأنه يجوز له أن يطلب قلع الشجر وتسوية الأرض، وراجع التفاصيل في الفتوى رقم: 28270 والفتوى رقم: 9660
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1424(12/8251)
يرد المغصوب بطريقة يراها الغاصب مناسبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت من شخص مبلغاً من المال دون علمه وقد تبت إلى الله بعد أن علمت حرمة هذا الشيء ولكن لا أدري كيف أرده له خوفا من المشاكل التي قد تحصل لعلمه بما عملت فماذا علي أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليك أن تبادر برد المال الذي سرقت إلى صاحبه مع التوبة النصوح، وإذا كان الرد المباشر يسبب حرجاً أو مشاكل، فبإمكانك أن تحتال لرده بأي طريقة استطعت، فيمكن أن ترسله إليه كهدية، أو حق له كان على شخص ما، المهم أن توصله له في أقرب وقت ممكن، وبطريقة لا تسبب لك مشكلة، وبإمكانك الاطلاع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 10486.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1424(12/8252)
لايحق لمن منحته الجهة الرسمية خدمة أن يمنع منها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
في المنطقة التي نحن فيها مسجد وفيه كهرباء قوية وأنا جار له وليس للبلدية شبكة كهرباء بالقرب مني فسمحت لي البلدية أن أمدد الكهرباء من المسجد إلى بيتي حتى لا أتعطل وأسلك مصالحي وأن أدفع الحساب إلى المسجد أي ثمن الكهرباء لكن هناك شيخ لا أريد أن أطعن فيه قبل أن آخذ رأيكم في ذلك فقد منعني من أن أفعل ذلك؟ مع العلم أن التمديد لا يضر بالمسجد شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي لهذا الشيخ أن يمنعك من تمديد الكهرباء من المسجد إذا وافقت عليه الجهات المختصة وكان لا يترتب عليه فساد أو ضرر له أو للمسجد.
لأن ذلك يتنافى مع أخلاق الإسلام وما يدعو إليه من التعاون والإحسان إلى الجار وإكرامه بما يستطاع.
وقد روى مالك والبخاري ومسلم وغيرهما واللفظ لمالك في الموطأ عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمنع أحدكم جاره خشبة يغرزها في جداره." ثم يقول أبو هريرة: "مالي أراكم عنها معرضين؟ والله لأرمين بها بين أكتافكم."
ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب تمكين الجار من وضع الخشب على جدار جاره، وتمديد الكهرباء إذا لم يكن فيه ضرر وتشرف عليه الجهات المختصة أهون من وضع الخشبة على الجدار.
وقد روى مالك في الموطأ: (أن الضحاك بن خليفة ساق خليجا له من العريض وأراد أن يمر به في أرض محمد بن مسلمة فأبى محمد فكلم فيه الضحاك عمر رضي الله عنه فدعا محمد بن مسلمة فأمره أن يخلي سبيله، فقال محمد: لا والله، فقال عمر: والله ليمرن ولو على بطنك، فأمره عمر أن يمر به ففعل.) انتهى.
فهذا الأثر يؤيد ما ذهب إليه بعض أهل العلم من وجوب تمكين الجار من وضع خشبته على جدار جاره، وإن كان بعضهم ذهب إلى أن ذلك من باب الاستحباب والمعروف....
والحاصل أنه لا يحق لهذا الشيخ أن يمنعك من الاستفادة من الكهرباء الذي يمر بالمسجد إذا كان بإشراف الجهات المختصة ولن يترتب عليه ضرر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(12/8253)
يرد الغاصب مقدار ما اغتصب فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم الإسلام في من يجمع أموالاً كثيرة من مصدر غير شرعي وهو لا يستطيع تحديد مقدار هذه الأموال ولا من هم أصحابها نظراً لكثرتها وبعد الزمن وعلى فرض تنامي هذه الأموال فكيف يصنع بربحها الذي زاد على أصلها أرجو الإفادة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسؤالك سبق جوابه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 29699، 4603، 3051.
وليس على من غصب مال غيره أن يرد إلا المقدار الذي أخذ، لأن يد الغاصب يد ضمان. هذا إذا كانت الزيادة في المال المغصوب عيناً، أما إذا كانت أثراً كمن غصب من غيره ذهباً خاماً وجعله حُلياً، أو حنطة فطحنها، فليس للغاصب أجرة شيء من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1424(12/8254)
لا يجوز لأحد أن يعتدي على مال غيره.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أخذ المال بدون إذن أو بالقوة من والدتي أو إخوتي لأنني آخذ من مال أبي المتوفي وذلك بسبب حاجتي إلى المال في مصاريفي أو حاجاتي الخاصة بي. وما حكم ذلك حيث إن المال في تصرف والدتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أيها الأخ السائل أنه لا يجوز لأحد أن يعتدي على مال غيره في أي حال من الأحوال، إلا إذا اضطر إلى ذلك، كمن أشرف على الهلاك، ولا يتمكن من إنقاذ نفسه إلا بذلك، والحكم على حالتك يختلف باختلاف حالك، واختلاف صاحب المال الذي تأخذه منه، فإن كنت بلغت راشداً وطلبت قسمة التركة فأبوا ذلك جاز لك الأخذ من تركة أبيك بشرط ألا تزيد على حقك المقرر شرعاً، ثم يُخصم ما أخذت من نصيبك عند تقسيم التركة عن طريق القضاء ونحوه؛ لأنه لا يجوز للوصي - أمًّا كانت أو غيرها - أن تمنع قسمة الميراث على مستحقيه إذا بلغوا راشدين، قال تعالى: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ [النساء:6] .
ولا يجوز لك أيها الأخ السائل أن تأخذ شيئاً من الأموال الخاصة بإخوانك وأمك إلا إذا رضوا بذلك عن طيب نفس منهم، لقوله عليه الصلاة والسلام: لا يحل مال مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد وغيره، وصححه الألباني.
أما إذا لم تبلغ أو بلغت لكنك لم ترشد، فلا يجوز لك الأخذ من تركة أبيك شيئاً؛ لأنها تحت ولاية الوصي (الأم) وقد جعل الله تعالى البلوغ والرشد حدًّا لتصرفك في هذا المال، أما قبلهما فلا حق لك في ذلك، ومن باب أولى لا يجوز لك الأخذ من مال إخوتك؛ لأنه اعتداء كما سبق بيانه. ومعنى الرشد: أن يحسن التصرف في الأمور الدنيوية.
وليعلم أنه في حالة جواز أخذك للمال، يجب ألا تصحب ذلك إساءة للأم، لما ورد في الشرع من عظيم حقها، وسابق فضلها، والأمر بالبر بها والإحسان إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1424(12/8255)
لا يجوز الأخذ من مال الأب إلا بإذنه.
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي مريض جدا وعملية رعايته تتطلب مني ترك محلي والتفرغ له علما بأن محلي هو مصدر رزقي الوحيد وزوجتي على وشك أن تلد ومصاريفي تزداد بالاستمرار، ووالدي غني والحمد لله فهل علي حرج إذا أخذت جزء من ماله لاستئجار عامل للمحل علما أن أمواله تحت تصرفي وأخوتي هداهم الله لا يساعدونني
في موضوع رعاية والدي حق رعايته خصوصا أنه شبه عاجز، وما حكم هذا المال بفرض أني أخذته علما بأني سأرده حال استطاعتي المالية في المستقبل، أرجو الإجابة مع الدليل من فضلكم؟ وجزاكم الله عن المسلمين كل خير، والحمد لله رب العالمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك أخذ شيء من مال أبيك إلا بإذنه سواءً كان ذلك على سبيل الاقتراض أو غيره كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 27073.
ولذا فإننا نوصيك ببر والدك والإحسان إليه بقدر ما تستطيع بحيث لا يضر بك ولا بمن تعول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1424(12/8256)
النائم إذا أتلف شيئا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يستطيع الشخص وهو نائم التحرك وفعل أشياء دونما يشعر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد يحصل من بعض الناس تصرفات في حال نومهم من غير دراية منهم لذلك؛ بل قد يقومون بممارسة بعض أعمالهم الاعتيادية في حال اليقظة.
ولكن الذي نود أن ننبه إليه هنا: هو أنه إذا حصل من الإنسان اعتداء على الغير كإتلاف نفس أو مال فإنه يعتبر مسؤولاً عن ذلك ولو كان نائماً، فإن كان نفساً لزمته ديتها، وتدفعها عاقلته لأنه في حكم الخطأ، وإن كان مالاً ضمنه من ماله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1423(12/8257)
لا يجوز قبول حق الغير ظلما من أي مال كان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قبول الميراث إذا علم أن فيه ظلماً لبقية الورثة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أعطي حق غيره بدون وجه شرعي فلا يجوز له قبوله، سواء كان من ميراث أو من غيره، وسواء كان المعطي والداً أو قريباً أو بعيداً. ومن أخذه كان ظالماً آكلاً لأموال الناس بالباطل.
فعلى من أخذ حق غيره ظلماً أن يرجعه، وإلا فإنه يبقى عليه إلى يوم القيامة ليستوفيه المظلوم من حسناته، حيث لا دينار ولا درهم، ففي الصحيحين يقول النبي صلى الله عليه وسلم: من كانت لأخيه عنده مظلمة في عرض أو مال فليستحللها منه من قبل أن يأتي يوم ليس هناك دينار ولا درهم، وإنما يؤخذ من حسناته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فزيدت على سيئاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1423(12/8258)
مذاهب العلماء فيمن ظفر بحقه ممن ظلمه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,.
أخي الكريم كنت أعمل منذ 10 سنوات عند رجل لا يخاف الله ويأكل المال الحرام وأكل علي بعض حقوقي كعمولات المبيعات، فعمدت إلى بيع بعض المواد والموكل على بيعها وأخذت المبلغ دون علمه فاق حقوقي وأنا الآن ندمان كثيراً على فعلتي ومضى عليها زمن وأنا أفكر بالموضوع، وأخاف أن أرد المبلغ لأنه ظالم ويمكن أن يؤذيني فصرت كل فترة أتبرع بمال إلى الجمعيات الخيرية وأقول أن تذهب حسنة هذا المال إلى الرجل الذي أخذت ماله عسى أن تذهب الخطيئه عني ويغفر الله لي هل ما أقوم به صحيح وهل أستمر بالتبرع باسم هذا الشخص وبماله الذي أخذته بدون علمه أفتني فيها الله يوفقك والله أنني سألت شيوخ كثيرين عبر الإنترنت ولا أحد رد علي وأشكرك يا أخي الكريم..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأخذك من مال من ظلمك أكثر من حقك أمر محرم باتفاق، وهو داخل فيما نهى الله ورسوله عنه من الخيانة. قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ [الأنفال:58] . وقال تعالى: وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [البقرة:190] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
والواجب عليك الآن التوبة مما فعلت والندم على ذلك، وإرجاع الحق إلى أهله بالطريقة المناسبة، ولا ينفعك التصدق بالمال عنه، ولن تعدم وسيلة إن شاء الله.
وبقي أن نشير إلى مسألة وهي: هل يجوز لك أن تأخذ من مال من ظلمك بمقدار حقك دون اعتداء أم لا؟ وهذا ما يعرف عند فقهائنا بمسألة الظفر، ونحن نلخص القول فيها باختصار:
فمذهب الحنفية كما في البحر الرائق: رب الدين إذا ظفر من جنس حقه من مال المديون على صفته فله أخذه بغير رضاه، ولا يأخذ خلاف جنسه كالدراهم والدنانير. انتهى
ومذهب المالكية كما في منح الجليل: ومن ظلمه إنسان في مال ثم أودع الظالم عنده مالاً قدر ماله أو أكثر فليس له - أي المودَع - (بفتح الدال) الأخذ منها، أي الوديعة حال كونها مملوكة لمن ظلمه. انتهى
ثم ذكر أقوالاً، ونقل عن ابن عرفة قوله: من ظفر بمال لمن جحده مثله ففيه اضطراب.
وقال في فصل الدعوى: فيه أربعة أقوال: المنع، والكراهة، والإباحة، والاستحباب.
ومذهب الشافعية له أن يأخذ من جنس حقه ومن غير جنس حقه.. فإن كان من عليه الحق منكراً ولا بينة لصاحب الحق أخذ جنس حقه، فإن فُقِدَ أخذ غيره وباعه واشترى به جنس حقه غير متجاوز في الوصف أو القدر، وقيد الشافعية ذلك بأمور:
أولها: أن لا يطلع القاضي على الحال، فإن اطلع عليه لم يبعه إلا بإذنه جزماً.
ثانيها: أن لا يقدر على البينة وإلا فلا يستقل مع وجودها بالبيع والتصرف.
ثالثها: أن لا يبيع لنفسه.
فإن تلف المأخوذ وكان من غير الجنس قبل بيعه وشراء جنس حقه فهو ضامن؛ لأنه أخذه لحظ نفسه.
ومذهب الحنابلة أن من له على إنسان حق لم يمكن أخذه بحاكم وقدر له على مال حرم عليه أخذ قدر حقه.
قال الإمام القرطبي في تفسيره لقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58] ، والصحيح جواز ذلك كيف ما توصل إلى أخذ حقه ما لم يعد سارقاً، وهو مذهب الشافعي وحكاه الداودي عن مالك وقال به ابن المنذر واختاره ابن العربي، وأن ذلك ليس خيانة وإنما هو وصول إلى حق، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً. وأخذ الحق من الظالم نصر له.
وقال: واختلفوا إذا ظفر له بمال من غير جنس ماله.. فقيل: لا يأخذ إلا بحكم الحاكم، وللشافعي قولان، أصحهما الأخذ، قياسًا على ما لو ظفر بجنس ماله، والقول الثاني: لا يأخذ لأنه خلاف الجنس، ومنهم من قال: يتحرى قيمة ما له عليه، ويأخذ مقدار ذلك، وهذا هو الصحيح لما بيناه من الدليل. اهـ.
وقد استدل من قال بجواز أخذ الحق من الجنس أو من غيره بأدلة نذكر بعضها.. فمن ذلك قوله تعالى: إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا [الشعراء:227] .
وبما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.
وبما في الصحيحين من حديث عقبة بن عامر قال: قلنا للنبي صلى الله عليه وسلم: إنك تبعثنا فننزل بقوم لا يقروننا فما ترى فيه؟ فقال لنا: إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف، فاقبلوا فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم.
وأما حديث: ولا تخن من خانك. فقد ضعفه جماعات من المحدثين منهم الشافعي، وأحمد، والبيهقي، وابن حزم، وابن الجوزي وذكر ابن حجر تضعيف من سبق ولم يتعقب ذلك بشيء.
ثم الحديث على افتراض صحته ليس فيه حجة على ما استدل به المانعون. قال الشافعي رحمه الله في الأم: ليس هذا بثابت عند أهل الحديث منكم، ولو كان ثابتًا لم يكن فيه حجة علينا. انتهى
وقال: الخيانة محرمة وليس من أخذ حقه بخائن.
وقال: دلت السنة واجتماع كثير من أهل العلم على أن يأخذ الرجل حقه لنفسه سرًّا من الذي هو عليه فقد دلَّ ذلك أن ليس بخيانة، الخيانة أخذ ما لا يحل أخذه، فلو خانني درهماً قلت: قد استحل خيانتي لم يكن لي أن آخذ منه عشرة دراهم مكافأة بخيانته لي، وكان لي أن آخذ درهماً ولا أكون بهذا خائنًا ولا ظالماً. انتهى
وقد رد الشافعي رحمه الله على من قال بجواز الأخذ بإذن السلطان ومنع الأخذ بدون إذنه فقال: أرأيت السلطان لو لم يجد للمغتصب سلعته بعينها أليس يقضي على الغاصب بأن يعطيه قيمتها؟ قال: بلى، قلت: إن لم يعطه سلعته بعينها باع السلطان عليه في ماله حتى يعطي المغصوب قيمة سلعته؟ قال: بلى، فقيل له: إذا كانت السنة تبيح لمن له الحق أن يأخذ حقه دون السلطان كما كان للسلطان أن يأخذه لو ثبت عنده فكيف لا يكون للمرء إذا لم يجد حقه أن يبيع في مال من له عليه الحق حتى يأخذ حقه؟.
ثم قال: أرأيت السلطان لو باع لرجل من مال رجل والرجل يعلم أن لا حق له على المبيع عليه، أيحل له أن يأخذ ما باع له السلطان؟ قال: لا، قلنا: فنراك إنما تجعل أن يأخذ بعلمه لا بالسلطان وما للسلطان في هذا معنى أكثر من أن يكون، كالمفتي يخبر بالحق لبعض الناس على بعض ويجبر من امتنع من الحق على تأديته وما يحل السلطان شيئًا ولا يحرمه ما الحلال وما الحرام إلا على ما يعلم الناس فيما بينهم....إلخ
وعليه، فمن أخذ حقه من ظالم ممتنع من أداء ما عليه ولا بيَّنه له فيجب عليه أن يتحرى الدقة ولا يتجاوز الحق الذي له، فمن تجاوز وأخذ حق غيره فإنما يأخذ قطعة من النار، كما ثبت في الحديث المتفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1423(12/8259)
حكم شراء البضائع المصادرة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
قد حار فكرنا بعد ما كنا نريد شراء سيارة عن طريق المزاد العلني من طرف الجمارك وهذه السيارة احتجزتها وصاحبها مجهول كما أننا لا نعرف سبب حجزها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز شراء ما تصادره مصلحة الجمارك من أموال لأن هذه المصادرة داخلة في الغصب، وحكم شراء ذلك، حكم شراء المغصوب، ولمعرفة المزيد عن ذلك راجع الفتوى رقم 7489
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(12/8260)
أحكام تتعلق بالبناء فوق أرض مغصوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل بنى بيتا فوق أرض خصصت وقفا للدفن منذ أمد بعيد فهل يتوجب عليه أن يهدم البيت؟ أو يتبرع بثمن الأرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن غصب الحقوق يعد من عظائم الذنوب، فكيف إذا كان المغصوب وقفاً!! فلا شك أن الذنب يكون حينئذ أعظم، وعلى من وقع في ذلك أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً.
وقد اختلف العلماء فيما إذا بنى الشخص أو غرس في أرض مغصوبة هل يهدم البناء ويقلع الغرس أم لا؟
فقال الشافعية والحنابلة: يهدم ويقلع وعليه أجرة المثل وأرش النقص.
وقال المالكية: إن شاء المالك طلب الهدم وعلى الغاصب الهدم والتسوية، وإن شاء دفع للغاصب قيمة البناء والغراس منقوضاً لا قائماً.
وقال الحنفية: إن كانت قيمة الأرض أكثر من قيمة البناء أو الغراس فيهدم، وإن كان العكس فلا يهدم ويأخذ القيمة.
وقال بعض الحنفية: بل يأخذ المالك القيمة بكل حال.
ولكل المذاهب تفاصيل كثيرة في ذلك تراجع في مظانها.
وبما أن الأرض المغصوبة في مسألتنا وقف فإن الذي نرجحه هنا -والله أعلم- هو أن يغرم الغاصب أرضاً مثلها أو أحسن منها لما وقفت له؛ إلا إذا علم أن الواقف له غرض من تعيين هذه الأرض، ولا يوجد هذا الغرض في الأرض البديلة ولو كانت أحسن منها، وذلك امتثالاً لتعيين الواقف، لكن إذا رضي ناظر الوقف بذلك جاز بشرط أن تتحقق نفس المصلحة التي رجاها الواقف، قال في البحر الرائق -حنفي-: أرض الوقف إذا غصبها غاصب وأجرى عليها الماء حتى صارت بحراً لا تصلح للزراعة يضمن قيمتها ويشتري بقيمتها أرضاً أخرى، فتكون الثانية وقفاً على وجه الأولى. انتهى
وراجع الفتوى رقم: 25791.
والله أعلم.
... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1423(12/8261)
تناول مال المسلم بغير حق شديد الحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت أنا ومجموعة من أقاربي في رحلة إلى إحدى المزارع خارج المدينة وخلال ذلك قطف معظم الأشخاص من ثمار المزرعة بدون إذن صاحبها وأكلنا جميعنا من هذه الثمار فماذا أفعل حتى أكفرعن هذا الذنب حيث أن ظروفي لا تسمح بالذهاب إلى المزرعة وإعطاء صاحبها قيمة الثمار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لمسلم أن يأكل من مال أخيه المسلم إلا إذا كان ذلك عن رضا منه وطيب نفس، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرئ من مال أخيه شيء إلا ما طابت به نفسه". قال عمرو بن يثربي راوي الحديث: فقلت: يا رسول الله، أرأيت لو لقيت غنم ابن عم لي فأخذت منها شاة فاجتزرتها أعليّ في ذلك شيء؟ قال صلى الله عليه وسلم: "إن لقيتها تحمل شفرة وأزناداً فلا تمسها" أخرجه الدارقطني.
وقال الحافظ الزيلعي: إسناده جيد، وللجزء الأول من الحديث شواهد عند أحمد والحاكم والبيهقي.
وفي الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحلبن أحدكم ماشية أحد بغير إذنه".
وفي المعنى أحاديث أخرى كلها تدل على شدة حرمة مال المسلم بغير حق، ولذلك وجب عليكم التحلل من أكل هذه الثمار من صاحبها. إما بدفع ثمنها، وإما بعفوه عنكم، مهما كلفكم ذلك طالما أن المكان معروف، ويمكنكم الوصول لصاحب المزرعة، فإن ذلك خير من عدم استحلاله فلعله أن يطالبكم بهذا الحق في يوم القيامة حيث يؤخذ من حسناتكم لتوفية حقه، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بقوله: "من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه" رواه البخاري وأحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1423(12/8262)
كيف تتخلص من المال المغصوب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
أسأت استخدام بطاقات الائتمان عندي عمدا واقتنيت بها ما قيمته خمسين ألف دولار كندي، كان هذا من سنتين ونصف، أريد أن أتخلص من الحرام وأن أنقي نفسي وأتوب إلى الله.
ماذا أفعل بالأشياء التي عندي؟ هل أهبها إلى المسجد لينتفع بها المسلمون وهل تكون مقبولة؟
إن توفر المال لدي أدفع ديوني فالنية موجودة ولكن حتى الآن أنا بدون عمل ذلك لاْنني مريض بمرض الكآبة النفسية.
ماذا أفعل لأتخلص وأنقي نفسي من الحرام؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه من تاب توبة صادقة تاب الله عليه؛ لقوله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (الزمر:53)
ولا تكون التوبة صادقة إلا إذا استجمعت أربعة شروط:
الأول: الإقلاع عن الذنب.
الثاني: الندم على فعله.
الثالث: أن يعزم التائب أن لا يعود إلى الذنب أبداً.
الرابع: التخلص من حقوق الغير بإرجاع الحق إلى أهله إن كان حقاً عينياً، أو الاستبراء منه إن كان حقاً معنوياً، ويدخل في ذلك التخلص من الأموال التي اكتسبت عن طريق التعامل المحرم كالربا وغيره.
وهذه الأموال التي حصلت عليها إن كان مقصودك أنك سحبتها بالحيلة من حساب غيرك، فيجب عليك إرجاعها إلى صاحبها إن أمكن ذلك، وإلا فعليك أن تتخلص منها بإنفاقها فيما فيه نفع عام للمسلمين، ولكن لا تنفق بنية القربة إلى الله، لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، وإنما تنفق بنية الخلاص منها.
وانظر الفتوى رقم: 10486 والفتوى رقم: 1827
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(12/8263)
على اليد ما أخذت حتى تؤديه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
أنا رجل منذ زمن بعيد كنت أسرق فقد كنت فقيراً وأريد أن أنفق على عائلتي والحمد لله تبت إلى الله ولم أعد لهذه الفعلة ولكن المشكلة أنني لا أستطيع الآن أن أرد الأموال التي سرقتها إلى أصحابها بسبب عدم قدرتي المالية للقيام بذلك فماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب أن ترد الأموال التي سرقتها لأصحابها/ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
فإن لم تجد ما تقضي به هؤلاء، ولم يعفوا عنك فإن ما سرقته دين في ذمتك يجب عليك قضاؤه متى استطعت ذلك، ويمكنك قضاؤه شيئاً فشيئاً إن لم تستطع ذلك دفعة واحدة، وننصحك أخي الكريم بالاطلاع على الفتوى رقم: 5450.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1423(12/8264)
لك أخذ مقدار حقك ولو بغير علم الناكلين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف مبيعات أعمل لدى مؤسسة ولي عمولة على كل بيعة أقوم بها بالإضافة إلى راتبي المتواضع مقارنة بوضعي الأسري، موافقتي على الراتب نابعة من قدرتي على التعامل مع الزبائن بطريقه ممتازة جداً، قررت أن أبقي عمولتي لدى المؤسسة حتى أحتاجها، عندما حصلت لي ظروف مادية صعبة طالبت المؤسسة بعمولتي التي أصبحت أكثر من ستين ألف ريال رفضوا منحي إياها وقالو سنصرف لك إكراميه مقدارها شهرين كاملين (راتبي 2000 ريال فقط) . استلفت مبلغاً من أحد العملاء اللذين يثقون بتعاملي ولله الحمد، أرغب ترك العمل الآن والعميل لا زال عليه مبالغ للمؤسسه تقدر بـ8000 ريال ويرغب ان يعطيني المبلغ لحسابي السؤال ماحكم لو وصلت المبلغ في حساب المؤسسة واحتفظت بالمبلغ لحسابي؟؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان بينك وبين المؤسسة اتفاق على هذه العمولة ثم نكلوا عن اتفاقهم ولم يعطوك ما كان متفقاً عليه فلك أخذ مقدار حقك ولو بغير علمهم.
فإذا عجزت عن استرجاع حقك من تلك المؤسسة إلا بهذه الطريقة جاز لك ذلك، لكن بشرط ألا تأخذ إلا حقك دون زيادة، وهذه المسألة تعرف عند الفقهاء بمسألة الظفر.
وللفائدة راجع الجواب رقم:
8780 ورقم: 6022
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1423(12/8265)
اختلاس لا رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أما بعد: أنا تاجر ولي معاملات مع الإدارة ولكن للأسف أكثر الموظفين يتعاطون (البقشيش) فقد طلب مني أحدهم أن أعطيه مبلغ 125000 دينار جزائري لشراء (موبايل) ودش..على أن يعطيني طلب شراء قيمته 125000 دج ولكن دون أن أسلم البضائع المدونة في طلب الشراء وبالتالي أكون قد استرجعت ال 125000 دج ولكن من خزينة الإدارة.
أرجو من حضرتكم تبصيري في هده القضية وجزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرشوة لا تجوز بل هي من كبائر الذنوب، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لعنة الله على الراشي والمرتشي. رواه أحمد وابن ماجه وصححه الألباني، وقال الأرناؤوط إسناده قوي، ويستثنى من هذا الحكم إذا لم يمكنك الوصول إلى حقك إلا بدفع مبلغ مالي، فيجوز لك والحالة هذه أن تدفع المال، ولا تكون راشياً أما الآخذ فهو مرتش، آكل للمال بالباطل، وراجع الفتوى رقم: 3697 والفتوى رقم:
1713
أما الصورة التي ذكرتها في سؤالك فليست من قبيل الرشوة، بل هي في حقيقة الأمر اختلاس، أنت شريك فيه، ومعين عليه، وينالك من إثمه وعقوبته وإن لم تأخذ لنفسك ديناراً واحداً، لأن ذلك الموظف المختلس ما كان لينجح في جريمته إلا عندما ساعدته بإعطائه المال ليضعه في جيبه، ثم تصرف أنت طلب الشراء، وتحصل على هذا المال، وقد قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) فاتق الله ولا تبع دينك بدنياك، وأحرى بدنيا غيرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1423(12/8266)
أموال الناس جميعا حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ...
أنا شاب ملتزم ولله الحمد عمري20سنة وفي صغري عندما كنت في 16 عاما أو 15 قد سرقت من جدتي أشرطة دينية وكتبا دينية بغرض الاستفادة ولم أعلم جدتي بها والآن جدتي متوفاة من 3 سنين فما أفعل؟ علما بأن الأشياء التي سرقتها تقدر ب20 أو25 دينار ليبي.
أفتونا مأجورين وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى حرم أموال الناس جميعاً، ويستوي في ذلك القريب والبعيد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه البخاري عن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع: "فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام".
فيجب عليك أن تتوب إلى الله عز وجل مما فعلت، وأن ترد الكتب إن كانت موجودة أو قيمتها إلى ورثة جدتك إن وجدوا وأمكن إيصالها إليهم، وإلا تتصدق عنها بالقيمة، وتستغفر الله، وتتوب إلى الله عز وجل مما فعلت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1423(12/8267)
أكل الأموال الناس لا يحل إلا في إحدى حالتين
[السُّؤَالُ]
ـ[مارأيكم فيمن يأكل حق إخوته مدعياَ أنه لا يستطيع المعيشة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأكل المسلم أموال غيره من المسلمين لا يحل له ذلك إلا في حالين:
الأولى: إذا كانت نفقته لازمة لذاك الغير فيجوز له أن يأخذ من ماله بقدر نفقته بالمعروف ولو تم ذلك بغير علم أو إذن رب المال إذا كان قد حال بينه وبين أخذ نفقته، وراجع الفتوى رقم:
8534.
الثانية: أن يكون في حال ضرورة يخشى على نفسه الهلاك فيجوز أن يأكل من مال غيره ما يدفع به الضرورة.
وفي غير هاتين الحالين لا يجوز له أن يأكل مال مسلمٍ إلا بإذنه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1423(12/8268)
ما يلزم من تصرف بمال خيري لمصلحته الخاصة
[السُّؤَالُ]
ـ[سماحة الشيخ أرجو منكم إفادتي بموضوعي هذا00 لقد طلبت من صديقاتي ومن أعرفهم أن يجمعوا لي مبلغا من المال علما بأني حين أطلبه منهم أخبرهم بأن هذا المال لمشروع خيري وهو في الحقيقه ليس كذلك وإنما لكي اشتري به جوالا لمحادثة شاب كنت أحبه وعندما علم أهلي بما فعلته أخذوا مني هذا الجوال وأصبح الآن لأخي00 والان لقد أحسست بعظم ذنبي وتبت إلى الله ولله الحمد00 سؤالي هو هل أنا التي أتصدق بمبلغ الجوال الذي أخذته من صديقاتي أم أخي الذي يتصدق به لأن الجوال الآن معه00 أرجو من سماحتكم إفادتي بهذا الموضوع وبالتفصيل؟ وجزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي للأخت السائلة أن تكثر من شكر الله تعالى على هدايته لها للتوبة قبل فوات الأوان، وينبغي لها أن تكثر من الأعمال الصالحة، فإن الحسنات يذهبن السيئات.
وحتى تصح التوبة لا بد من إرجاع المظالم وأداء الحقوق، وهذا المال ليس ملكاً للسائلة حتى تتصرف فيه فهو في حكم المال المغصوب، فالواجب إيصاله إلى مستحقيه، وتصرفك فيه باطل ولا يزال في ضمانك، فعليك أن تردي قيمته ويصبح ملكاً لك إن شئت طالبت أخاك به أو بقيمته، وإن شئت أسقطت ذلك عنه.
ولا يجوز له أن يمتنع من تسليمه لك خاصة إذا علم أنه من مال لا يحل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1423(12/8269)
على اليد ما أخذت حتى تؤديه
[السُّؤَالُ]
ـ[عمتي أم زوجي كبيرة في السن وكان لديها بعض المال وكنت آخذ من مالها دون علمها وأحياناً تعطيني 500 ريال وكانت تسألني كم هذه وكنت أقول لها100 ريال وكنت آخذ مجوهراتها وأبيعها دون علمها وبعد فتره طلبت منها أن تحلل أو تسامحني على ما كنت آخذ منها فرفضت وتوفيت بعد ذلك رحمها الله رحمة واسعة فكيف أكفر عن ذنبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليك أولاً أن تتوبي إلى الله تعالى توبة نصوحًا، وذلك بالندم على ما فعلت، والعزم على عدم العودة إليه أبدًا، وهذا فيما بينك وبين الله، أما عن المال الذي أخذته من المتوفاة المذكورة بغير طيب نفس منها، فيجب عليك رده إلى أصحابه إلا إذا سامحوك فيه، وأصحابه بعد موت المالكة هم الورثة، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
ولمزيد من القائدة راجعي الفتوى رقم:
10486، ويجب عليك حساب هذه الأموال بدقة لتبرأ ذمتك، فإن لم تتمكني من ذلك، فتكفيك غلبة الظن، والاحتياط في مثل هذا أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1423(12/8270)
حكم شراء شقة بنيت على أرض مغصوبه....
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب في السابع والعشرين من عمري وأريد أن أتزوج ولكن الذي يمنعني هو عدم وجود سكن لأتزوج فيه وعدم مقدرتي على بناء منزل ودولتي تقوم ببناء شقق رغم ارتفاع ثمنها ولكن يتم دفع ثمن المنزل بالتقسيط يتم دفع جزء من ثمن المنزل مقدما ثم تكمل باقي الثمن بالتقسيط ولكن سمعت أن هذه الشقق قد بنيت على أراض قد اغتصبت من أصحابها بدون تعويض أصحابها وبدون رضاهم فهل يحق لي أن أشتري شقة من هذه الشقق أو لا (حكم الشرع) وفي حالة أنه تم تعويض أصحاب الأرض هل يختلف الحكم أم لا أرجو الرد على سؤالي في أقرب فرصة لأني في عجلة من أمري؟
بارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالغصب محرم بالكتاب والسنة والإجماع، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرامٌ عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا. متفق عليه
وقال: من أخذ شبرًا من الأرض بغير حقه طُوِّقه في سبع أَرَضين يوم القيامة. متفق عليه
ولا يصح بيع المغصوب، إلا أن يشتريه الغاصب برضى المالك. وعليه فهذه الأرض المغصوبة لا تملكها الدولة الغاصبة، سواء عوضت أصحابها أو لم تعوضهم، ما لم تخيرهم بين ردها إليهم أو شرائها منهم فيقبلون بيعها؛ لأن البيع لا يصح إلا إذا كان عن تراضٍ.
وليس للغاصب أن يبيع المغصوب أو يبني فوقه؛ لأنه لا يملكه. لكن ننبه على أنه يصح بيع المكره في بعض الصور إذا كان الإكراه بحق كأن يكون صاحب الأرض رهنها في دين، وأبى أن يسدد دينه، فإن الأرض تباع عليه، وإن لم يرض، حتى يستوفي صاحب الحق حقه.
وحيث ثبت لك أن الأرض مغصوبة من أصحابها لم يجز لك شراء شقة من هذه الشقق أو استئجارها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1423(12/8271)
يلزم رد الجهاز بنفس المواصفات
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا موطف في شركة اتصالات أخدت جهازا بدون إذن المسؤول علما بأن الجهاز يساوي في حينه (800دينار) والآن يساوي (80دينارا) فقط
هل يجوز أن أشتري الجهاز بالثمن الحالي أو أشتري الجهاز بالثمن الحالي ومعه باقي الثمن وأرده إلى الشركة وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنما أقدمت عليه ذنب تجب التوبة منه لأنه تعد على مال الغير بدون إذنه، وهذا لا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. رواه مسلم.
وعلى هذا، فالواجب عليك الآن هو شراء جهاز بنفس مواصفات الجهاز الأول، ولست مطالباً بدفع زيادة على ذلك لأن الجهاز لو زاد سعره عن سعره الأصلي، فإنك ملزم بشرائه بغض النظر عما تخسره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1423(12/8272)
لا بد من رد المسروق بأي وسيلة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو أنني قد اشتريت دفتر عناوين مسروق من عمي وقد بعته بما يقارب دولاراً واحداً ولم أكن في ذلك الوقت أصلي لكن الآن أصبحت أصلي وقد تبت لكن هل توبتي مقبولة خصوصاً أنني لم أخبر عمي لأنه قد
ينزعج مني جداً وقد تصبح هناك بعض المشاكل وفي حال أنني لم اخبر عمي هل تقبل مني التوبة وشكراً.........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإسلام صان دم المسلم وماله وعرضه، وحرم التعدي على هذه الأشياء، ولهذا ركز صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع على تلك المسائل فقال صلى الله عليه وسلم " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا " متفق عليه.
وعليه فإن على السائل أن يتوب إلى الله تعالى، ويرد ما أخذه من عمه إما مباشرة إذا لم يكن في ذلك ضرر، وإلا فليرده بطريقة غير مباشرة، كأن يشتري له بذلك المبلغ حاجة ثم يقدمها إليه، أو يدخل المبلغ في حسابه ونحو ذلك، فإن هو فعل ذلك قبلت توبته إن شاء الله، وإلا فالتوبة من هذا الذنب على وجه الخصوص غير مقبولة، لأنها ناقصة لركن وهو إرجاع الحق إلى صاحبه، وللفائدة انظر الفتوى رقم 6022
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(12/8273)
لا يجوز أخذ مال أحد إلا بإذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب أخد المال دون إخبار صاحبه وفي نيته إرجاعه لكن الظروف لم تسمح له بسبب الفقر؟
نرجو منكم الإجابة في أسرع وقت ... وجزاكم الله خيراً.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لأحد أن يأخذ مال غيره إلا بإذنه ولو كان يريد إرجاعه له، ومن أخذ مال أحدٍ بغير إذنه فعليه أن يتوب إلى الله ويستغفره من ذلك، وعليه أن يرد الحق إلى أهله، فإن كان غير قادر فإنه يبقى في ذمته حتى يستطيع، وإن استطاع أن يستدين لأجل السداد فهو الأفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1423(12/8274)
كيف يرد الابن ما سرقه من مال والده
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والصلاة والسلام على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
كنت قد سرقت أموالا من خزانة أبي وهي أموال تخصه والآن ندمت أشد الندم ولا أستطيع أن أواجه أبي بالحقيقة. فهل لي من حل من دون أن يشعر أبي؟ جزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السرقة أمر محرم، ومن كبائر الذنوب، وهي أشد تحريماً إذا وقعت من الابن في مال أبيه، لما في ذلك من العقوق والإساءة إليه.
إذا تقرر هذا، فإن ما أخذت من مال أبيك دون علمه ورضاه سرقة يجب عليك التوبة منها ورد هذا المال إلى أبيك، ويمكنك الاحتيال في رد المال إليه دون أن يشعر بأنه من عندك، فيمكن أن ترسله في حوالة بريدية وتكتب معه رسالة مطبوعة حتى لا يعرف خطك تخبره فيها أنك شخص كان قد أخذ منه هذا المال بغير وجه شرعي.
ويمكنك أن تقدمه له على شكل يظن هو فيه أنه هبة منك وقصدك أنت هو أن تقضيه دينه إلى غير ذلك.
كما أننا ننصحك بأن تكثر من الدعاء له، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
6022 والفتوى رقم:
8610.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1423(12/8275)
يرد من الميراث ما يغلب على الظن أنه مأخوذ بغير وجه حق
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وترك مجموعة من الأدوات الصناعية التي نشك في أن جزءاً منها أخذ من مكان العمل الذى كان يعمل به. المشكلة تكمن في أمرين:
الأول: اختلاط ما يملك الوالد مع ما أخذ بدون حق
والثاني: أننا لو أردنا إرجاع ما نعتقد أنه مسلوب كان في ذلك من الضرر ما لا نعلم
أرجو أن تفيدونا بما يجب عمله وهل هذا الإرث المختلط حق للورثة.. وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لأحد أن يأخذ مال غيره بغير حق، وعلى من فعل ذلك أن يتوب إلى الله ويستغفره مما فعل، كما يجب عليه رد الحقوق إلى أهلها، فإن كان قد مات فليستغفر له ورثته، ويندب لهم أن يتصدقوا عنه، ويجب عليهم رد ما كان مأخوذاً بغير حق إلى أهله، فإن كانوا لا يعلمون قدره بالضبط، فليردوا ما يغلب على ظنهم أنه المأخوذ، وكذا يجب رد أرش النقص وأجرة المثل، فإن كان رد ذلك بطريقة مباشرة سيؤدي إلى ضرر فليردوه بطريقة غير مباشرة، وما أكثرها! واللبيب محتال.
نسأل الله أن يصلح أحوال الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1423(12/8276)