الدائن إذا مات وليس له وارث
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مدين لرجل بمبلغ من المال وتوفي الرجل رحمه الله وليس له وارث كونه من بلد عربي آخر
أفتوني جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تيقنت أن هذا الرجل الذي توفي، وأنت مدين له ليس له وارث، فإنك تصرف هذا المال صدقة له في مشروع خيري، فإذا جاء وارثه يوماً وأمضى الصدقة فذلك، وإلا غرمت له المبلغ، ولابد أن تبحث وتسأل أهل بلده عن ذلك أولاً قبل أن تتصدق، بها وأن تبحث كذلك هل عليه ديون لأحد؟ فإن ثبت بالبينة الشرعية أن عليه ديناً قضيت دينه منها، وإلا تصدقت بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1423(12/7032)
الواجب على الدائن أخذ رأس ماله فقط سوى الفائدة
[السُّؤَالُ]
ـ[الأول أدان للثاني ستين دولاراً بفوائد ثم قام بأطفاء نصف الستين. فبقي هذا النصف زائدا الفوائد يساوي ستين دولارا بالتمام أرجو الإجابة الفورية رجاء لكوني لا أملك بريداً ألكترونياً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على الدائن أن يسقط الفوائد عن المدين ويأخذ رأس ماله فقط، لأن الفوائد هي الربا بعينه، لقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين*فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وكون الدائن أسقط ثلاثين دولاراً من رأس المال، وبقيت الثلاثون مع الفوائد تساوي ستين لا يخرجه عن كونه ربا، لأنه لم يسقط الفوائد ويكتفي برأس ماله، وإنما أسقط نصف الدين إحساناً منه، ففعل معروفا، وترك واجباً، هذا ما استطعنا أن نجيبك بناء على ما فهمناه من السؤال مع أن السؤال غير واضح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1423(12/7033)
هل يلزم الآخذ بالرد إذا لم يشترط المعطي الإقراض
[السُّؤَالُ]
ـ[قام شخص بإعطائي مبالغ على سبيل العطية , ولم يذكر لي أنه يعطيني إياها بنية القرض إذ كانت نيته قرضا لأنه من خلال الفتره السابقه كان يلمح لي أنه يساعدني لا لشيء وأنه يعلم بحالتي , بمعنى أنه كان يدفع فواتير الهاتف النقال وأمورا أخرى بين الحين والآخر ,ثم جرى ما جرى بيني وبينه فقام يطالبني بالمبالغ؟ فهل يجب شرعا إرجاعها له؟ مع أنه يعلم أنه لو كان يعطيني إياها كقرض لما قبلتها منه؟ أو هل يجب علي أن ادفع له ما كنت أساله أن يساعدني فيه لأنه مرات يساعدني بنفسه ومرات أساله إذا يقدر فيدفعها عني]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بد أولاً من معرفة ماهية القرض لغة وشرعاً، قال ابن عابدين في كتابه رد المحتار: القرض لغة: ما تعطيه لتتقاضاه. وشرعاً: ما تعطيه من مثلي لتتقاضاه. وقال الشربيني في كتابه مغني المحتاج: الإقراض هو تمليك الشيء على أن يرد بدله. وقال البهوتي في كشاف القناع: ويصح القرض بلفظ قرض ولفظ سلف لورود الشرع بهما وبكل لفظ يؤدي معناهما، أي معنى القرض والسلف كقوله: ملكتك هذا على أن ترد لي بدله، أو خذ هذا انتفع به ورد لي بدله ونحوه، أو توجد قرينة دالة على إرادته أي القرض كأن سأله قرضاً، فإن قال: ملكتك ولم يذكر البدل ولم توجد قرينة تدل عليه فهو هبةلأنه صريح في الهبة، فإن اختلفا فقال المعطي: هو قرض، وقال الآخذ: هو هبة فالقول قول الآخذ أنه هبة لأن الظاهر معه. انتهى
وعلى هذا فالمال الذي كان يعطيك هذا الشخص نقداً أو فواتير أو غيرها ولم يطلب منك وقت دفعه لك أن ترجعه إليه لست ملزماً بإرجاعه إليه الآن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1423(12/7034)
غرامة التأخير على المقترض هي عين الربا
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال
هناك مؤسسة تقوم بإقراض بعض الأفراد لغرض الزيادة في المشاريع الصناعية والتنمية في البلد ويكون القرض لمدة ثلاث سنوات وفي حالة عدم السداد إلى نهاية الفترة يترتب غرامات تأخيرية أو فوائد فهل يجوز الاقتراض من هذه المؤسسة مع العلم أن الشخص الذي ينوي الاقتراض لديه ما يغطي مثل هذا القرض ليتصرف به قبل انتهاء الموعد لسداده في حال لم يستطع أن يسدد القرض من المشروع الذي سيقترض من أجله ما رأيكم أدامكم الله وجزاكم خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيبدو أن ما تتعامل به هذه المؤسسة هو نوع من الربا لأنها في حالة تأخير السداد تفرض فوائد أو غرامات على المقترض وهذا عين الربا، وهو مثل ما يقول أهل الجاهلية: "إما أن تقضي، وأما أن تربي"
ويشترط في القرض الحلال ألا يجر منفعة، فكل قرض جر منفعة فهو ربا وكل رسوم تفرض على المقترض حسب الزمن أو التأخير، أو حسب حجم المبلغ فهي ربا.
والذي ننصح به السائل الكريم أن يتقي الله تعالى ويبتعد عن التعامل بالربا فإن ذلك لا يجوز إلا في حالة الضرورة القصوى، وكن على ثقة بأن الله تعالى سيعوضك خيراً من هذا النوع من المعاملات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1423(12/7035)
لا حرج في الاستدانة من الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أخذ القرض من الكافرين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أباح الإسلام التعامل مع الكفار في البيع والشراء، والأصل في هذا فعله صلى الله عليه وسلم وعمل صحابته.
أخرج أحمد وغيره عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي ودرعه مرهونة عند رجل من اليهود بوسق من شعير.
وعلى هذا فما دام التعامل مشروعًا فلا حرج في أخذ الدين من الكافر سواء كان ذلك عن طريق بيع أو سلفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1423(12/7036)
حكم القرض للانتفاع السكني
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الإسلام في الحصول على بيت بالقاعدة (الرهن) فتدفع لصاحب الدار مبلغاً من المال وتسكن في داره إلى فترة غير محددة بل تتحدد بإرجاع المبلغ المدفوع كاملاً من دون نقص ومن ثم تترك الدار (أي داره مرهون لديك وأنت تسكنه لا تتركه) حتى يرد إليك مادفعته كاملا وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر من سؤالك أن الطرف الأول يدفع مبلغاً من المال مقابل أن يسكن في البيت الذي يملكه الطرف الثاني، ويبقى في ذلك المنزل حتى يعيد الطرف الثاني المبلغ الذي عنده، فإن كان هذا هو سؤالك فهذه المعاملة محرمة لأن حقيقة الأمر أن الطرف الأول أقرض مبلغاً من المال وعاد قرضه عليه بمنفعة، وهذه المنفعة هي سكناه في تلك الدار، وقد اتفق العلماء على أن كل قرض جر نفعاً فهو ربا، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 11487 18520 22089 16545
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1423(12/7037)
حرمة الربا تشمل الآكل والمؤكل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ينطبق حكم الربا على المقرض أو المقترض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الربا من عظائم الذنوب وهذا مما هو معلوم من الدين بالضرورة، وهذا الحكم يشمل المقرض والمقترض لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله آكل الربا وموكله......... رواه مسلم.
فاللعنة تشمل الآكل وهو صاحب رأس المال، وتشمل جنس الموكل، ويدخل فيه دافع الفائدة، وهو المتحمل للدين بفائدة، وراجع لزاماً الفتاوى التالية أرقامها:
22053 -
20403 -
3116.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1423(12/7038)
اقترض مبلغا تبين أنه بفائدة ولا سبيل إلى إرجاعه إلا بها فماذا يصنع
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من اقترض من بنك مالاً على أنه من غير فوائد وبعد ذلك اكتشف أن عليه مبلغ فوائد فأراد ترجيعه ولكن البنك رفض ترجيعه؟ ماذا يفعل بالمال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان البنك مصراً على أن يسدد العميل القرض في موعده ليضمن حصوله على الفائدة الربوية، فلا حرج على العميل في الالتزام بموعد السداد، ودفع الفائدة، إذا لم يمكنه التخلص منها بالوسائل المتاحة له، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وعليه أن يكثر من الأعمال الصالحة رجاء أن يتجاوز الله عنه، ولعل في هذا عبرة له وعظة تدعوه إلى السؤال والبحث عن طبيعة المعاملة التي يريد الإقدام عليها في المستقبل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1423(12/7039)
حول القروض الإسكانية المدعومة من طرف الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله
أرجو الإجابة حول القروض الإسكانية التي تدعمها الدولة هل هي حلال من أي بنك بغض النظر أنه ربوي أم لا وإذا كانت الإجابة أنه حرام فهل هو حلال من مؤسسة عن طريق المرابحة الإسلاميه كمؤسسة تنميه أموال الأيتام؟ وجزاكم الله كل خير.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما يسمى بالقروض الإسكانية المدعومة من طرف الدولة.. إذا كان معنى هذا الدعم أن الفائدة قليلة ومدة التقسيط طويلة، فهذا هو الربا ولو قل؛ لأن الربا قليله وكثيره حرام.
أما إن كان قرضًا حسنًا لا فائدة عليه فهذا جائز ولا شيء فيه.
وأما المرابحة الإسلامية وهي أن يشتري لك البنك أو غيره مواد البناء شراء حقيقيًّا، ثم يبيعها لك بأكثر من قيمتها الحالية في السوق، فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى، سواء كان ذلك عبر مؤسسة تنمية أموال الأيتام أو أي جهة مالية تتعامل وفق أحكام الشرع الإسلامي.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1423(12/7040)
اقتناء مسكن بقرض ربوي من أي جهة حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
ما حكم اقتناء مسكن عن طريق قروض بفوائد من صندوق التوفير والاحتياط (شبه بنوك) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الربا من كبائر الذنوب ويحرم على المسلم أن يتعامل به أياً كان نوع ذلك التعامل، وسواء كان ذلك من بنك أو فرد أو مؤسسة أو دولة، فإن الربا لا يختلف حكمه باختلاف الجهة المقرضة، فالتحريم واللعن يشمل كل الأطراف المتعاونة عليه، قال جابر رضي الله عنه، لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه. وقال: هم سواء. رواه مسلم.
وعليه فاقتناء المسكن أو غيره عن طريق قرض ربوي لا يجوز سواء كانت جهة الإقراض صندوق التوفير أو البنك أو أي طرف آخر.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها:
1986
6501
6689.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1423(12/7041)
القرض الإنتاجي ربا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في فرض زيادة على القرض الممنوح للنساء والذي لا يمنح إلا بغرض استثماره وتشغيله مع العلم أنه إذا وفى بالشرط درَّ على المقترضة أرباحا وفيرة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن القروض التي تُمنح للأفراد أو الهيئات بشرط الزيادة عليها عند السداد مقابل الأجل، قروض ربوية محرمة، لا يجوز للمرء التعامل بها، ولا الإقدام عليها، ولا التعاون على أي شيء يتصل بها ولو كان مجرد الترويج لها أو الإشهاد عليها. ولا خير في مال يزداد بطريق هذه القروض، لأنه يزداد في أعين الناس فقط، لكنه عند الله تعالى ممحوق، قال عز وجل: (يمحق الله الربا ويربى الصدقات) [البقرة:276]
وقال: (وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله) [الروم:39]
والقرض المذكور في السؤال يُسمى بالقرض الإنتاجي، والقرض الذي يقترضه المحتاج للنفقة يُسمى بالقرض الاستهلاكي، وكلا النوعين من القرض المحرم، ولا يُلتفت إلى من فرق بينهما، لأن الله تعالى حرم جميع صور الربا التي كانت في الجاهلية، وربا الجاهلية كان يشتمل على النوعين معاً، وراجع في هذا الفتاوى التالية: 21628 12232 11446
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1423(12/7042)
إنكار الدين عصيان ومقابلة للمعروف بالإساءة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
س1 ماهو حكم الإسلام في الذي لا يعترف بدين ثقة والذي ينكر الإحسان بعد ما فرج الله عليه؟
س2 ماهي شروط التوبة؟
وفقكم الله لما فيه خير الدين والعباد وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أنكر ديناً لغيره عليه وهو يعلم، فإنه قد أنكر المعروف والإحسان وقابلهما بالنكران والإساءة، ووقع في الإثم والخطيئة بأكله لأموال الناس بالباطل.
وكان الواجب عليه عكس ذلك، فقد روى أحمد وابن ماجه والنسائي واللفظ له عن عبد الله بن أبي ربيعة قال: استقرض مني النبي صلى الله عليه وسلم أربعين ألفاً، فجاءه مال فدفعه إليّ، وقال: "بارك الله لك في أهلك ومالك، إنما جزاء السلف: الحمد والأداء".
وروى مسلم في صحيحه عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: "من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه، فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة، فقال له رجل: يا رسول الله، وإن كانت شيئاً يسيراً، قال: وإن كان قضيباً من أراك".
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله".
وفي مسند أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان".
وفي صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثم -أي في يوم القيامة- دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه".
إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على وجوب إرجاع الحقوق إلى أهلها، ويزداد الأمر شدة إذا استحلف فحلف، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم: رجل حلف على سلعة لقد أعطى بها أكثر مما أعطى وهو كاذب، ورجل حلف يميناً كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال امرئ مسلم، ورجل منع فضل ماء، فيقول الله يوم القيامة: اليوم أمنعك فضلي، كما منعت فضل ما لم تعمل يداك".
نسأل الله تعالى أن يوفق هذا الشخص للتوبة، ورد الحق لأهله عاجلاً غير آجل.
وأما شروط التوبة، فقد سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 5450
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1423(12/7043)
حكم إكرام الدائن لدى قضاء الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت نقودا من إنسان على أساس أنها دين. ولكني أستفيد من هذه النقود فهل لي أن أعطيه شيئاً من الربح الذي تربحه نقوده؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان السائل يقصد بالدين "القرض" فالدين تمليك من الدائن للمدين على أن يرد بدله، فإذا قبضه المدين جاز له التصرف فيه بأنواع التصرفات بيعاً وشراء وهبة ونحو ذلك، وليس للدائن إلا مثل دينه أو قيمته إن لم يكن له مثل، وليس له أن يشترط على المدين أن يرد إليه أكثر مما أخذ وأن يطالبه بذلك عند قضاء الدين لأن كل زيادة على القرض تعد رباً.
لكن إذا طابت نفس المدين عند قضاء الدين أن يكرم الدائن ويرد عليه أكثر مما أخذ منه كان ذلك من حسن القضاء المرغب فيه شرعاً، وراجع الفتوى رقم 7110
وكون الشخص قد استفاد من المبلغ الذي اقترضه لا يغير في الحكم شيئاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1423(12/7044)
حكم من اقترض بعملة على أن يرده بعملة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[استلفت من أحد الإخوة مبلغاً وقدره 500 دولار لحاجتي الماسة إليه واتفقت معه أن أدخل في حسابه في السعوديه ما يعادله بالريال السعودي هل في ذلك حرج أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز هذا القرض؛ لأنه في الحقيقة صرف إلى أجل، حيث أخذت منه عملة بشرط أن تعطيه بها عملة أخرى، وهذا لا يجوز إلا يداً بيد، كما هو مبين في الفتوى رقم:
2310، والفتوى رقم:
18212.
لكن إذا أقرضك على أن ترجع له نفس القرض بغير زيادة وبنفس العملة، ثم عند القضاء أعطيته بدلها عملة أخرى فلا حرج من ذلك؛ لأنه لم يكن مشروطًا من قبل، ولأن العلماء قد نصوا على أن الصرف على ما في الذمة بعد الحلول كالصرف على ما في اليد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1423(12/7045)
حكم من اقترض بفائدة ...
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال: أريد أن أأخذ قرضا من البنك مثلاً (3000) لشراء سيارة لي , وسأسدد هذا القرض بعد فترة ولكن هذا المبلغ الذي أخذته سيزداد شهريا وحين أقوم بتسديده سيكون مثلاً (3500) فهل هذا حلال أم حرام أو يوجد تفسير أخر وشكراً، وأريد جواباً واضحا إذا أمكن ...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي تريد أن تقدم عليه هو عين الربا الذي حرمه الله تعالى في محكم كتابه وسنة رسوله، وأجمع أهل العلم على حرمته، وهو من كبائر الذنوب، وسبب في وقوع العبد في اللعن، ومحق البركة من ماله وحياته، قال تعالى: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا [البقرة:276] .
والذي يفعل ذلك يكون محاربًا لله ورسوله، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:278، 279] .
فعليك - أخي الكريم - أن تتقي الله في نفسك وأهلك، وطرق الحلال كثيرة، ولعلك تجد من يقرضك قرضًا حسنًا.
وللفائدة راجع الفتاوى التالية:
1986
6689
670
6501.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1423(12/7046)
الغني المماطل ... حكمه وعقوبته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال لي مبلغ من المال عند أحد الإخوة من المسلمين وهو يماطل في دفع المبلغ علماً أن له دخلاً سنوياً أضعاف ما لي عنده وأعطاني مواعيد لم يصدق في واحد منها وأنا في ضيق فقلت له في آخر موعد أعطاني إياه وأخلف فقلت له حسبي الله عليك ونعم الوكيل وفوضت أمري إلى الله فيك فهل يجوز لي بعد ما قلت له هذا الكلام مطالبتة أم ان الأمرالآن أصبح بيد الله مع العلم أن الرجل يتعامل مع البنوك الربوية؟ وجزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يحل للغني القادر على السداد أن يماطل في ردِّ الدَّين الذي عليه للناس، فإن هذا من الظلم، وفي الحديث: مطل الغني ظلم. رواه مسلم.
والمطل منع قضاء ما استحق أداؤه، ونصَّ العلماء على أن الغني إذا تكررت منه المماطلة فإنه يفسق وترد شهادته.
أما صاحب الدين فله أن يتظلم عند من ينصفه، ويطالب بحبس الغني المماطل حتى يدفع إليه حقه، وفي الحديث: ليَّ الواجد يحلُّ عرضه وعقوبته. رواه أبو داود وغيره وهو حديث حسن.
قال العلماء: يحل عرضه بأن يقول: ظلمني، ومطلني، وعقوبته الحبس والتعزير.
أما قولك لغريمك: حسبي الله عليك ونعم الوكيل، وفوضت أمري إلى الله فيك، فلا يسقط حقك عليه، وليس فيما تلفظت به إبراءً له، وبالتالي فإن لك مطالبته بحقك، بل ورفع الأمر إلى القضاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(12/7047)
إجابات حول القرض بفائدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أخذ سلفة من قسم الادخار بشركة أرامكو السعودية علما بأن عليها فائدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز أبداً الاقتراض بفائدة، لأن ذلك ربا، وراجع التفاصيل في الفتاوى التالية: 1746 3126 15755 12281 19378 8202
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1423(12/7048)
لا يجوز التوقيع على عقد متضمن لإقرار الربا
[السُّؤَالُ]
ـ[استدنت من هيئة لا تتعامل بالربا ولكن تفرض عقوبات ربوية لمن ينقض أحد شروط العقد مع العلم أني لم أنقض أي شرط وأستبعد أن أضطر لذلك بأذن الله. هل فعلي هذا جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دمت لن تحصل على القرض حتى توقع العقد، والعقد كما ذكرت متضمن لإقرار الربا، فلا يجوز لك أن تقر وتعاقد على أمر محرم، وعليه فهذا العقد باطل لبطلان شرطه، فعليك أن تتخلص من هذا العقد حسب استطاعتك، وتتوب إلى الله لمقارفتك لذلك.
ولمزيد الفائدة راجع الجواب رقم 3013
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(12/7049)
أعوذ بك من غلبة الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب مسلم في الثلاثين من العمر حاولت الفترة السابقة أن أعمل عدة مشاريع ولكن كان رأس المال عن طريق الاستلاف من العائلة.. الأصحاب.. زملاء العمل...... ولكن كانت النتيجة خسارة معظم المشاريع التي دخلت فيها. والآن الأشخاص الذين استلفت منهم يطلبون مني حقوقهم. ولكن لا أملك هذه الأموال
طلبت من أحد إخوتي مساعدتي في رد هذه الأموال فرد علي أنه لديه عائلة وهي الأولى بأمواله..
أنا الآن في حالة نفسية وفي مواقف مع هؤلاء الأشخاص يرثى لها.. ليست لدي رغبة حتى في الاستمرار في مكان عملي.. لذلك السبب. أرشدوني للحل.. جزاكم الله خيراً.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط، فاصبر واحتسب، واعلم أنه لا ملجأ من الله إلا إليه سبحانه وتعالى.
وعلى من اقترضت منهم أن ينظروك حتى يتيسر حالك، قال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:280] .
ولا تنس أن تدعو بدعاء قضاء الدين حيث روى أبو داود عن أبي سعيد الخدري قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذات يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له: أبو أمامة، فقال يا أبا أمامة: ما لي أراك جالساً في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: أفلا أعلمك كلاماً إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى عنك دينك؟ قال: قلت بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل همي وقضى عني ديني.
وروى الترمذي وحسنه، عن أبي وائل عن علي رضي الله عنه: أن مكاتباً جاءه فقال: إني قد عجزت عن كتابتي فأعني. قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو كان عليك مثل جبل صبر دينا أداه الله عنك؟ قال: قل اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك.
نسأل الله أن يقضي ديننا ودينك وأن يصلح حالنا وحالك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1423(12/7050)
قابل إحسان الإنظار بإحسان السداد
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت مع أخي إلى السوق في يوم من الأيام فاشتريت كرة وكان ثمنها ديناراً ونصفاً ولم يكن معي غير دينار واحد فأعطيته للبائع فأخذها وقال لي يجب أن تأتي بنصف الدينار الباقي فوافقت وعندما خرجنا قلت ذلك لأخي فأمرني بعدم الاهتمام.. فما حكم ذلك؟ هل يجب علي إعطاء البائع النقود خصوصا وأن ذلك الموقف مرت عليه أشهر طويلة؟؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما بقي من ثمن الكرة دين في ذمتك يجب أداؤه إلى صاحبه ولو طال الزمن، وإن أعفاك منه فله ذلك.
وقد أحسن البائع حين أنظرك، وكان ينبغي أن تقابل إحسانه بالإحسان وهو أداء حقه - مهما قل - والتعجيل بذلك، وليحذر المؤمن من إخلاف الوعد، ومن تضييع الحقوق، فإن تبعة ذلك تبقى على صاحبها إلى يوم القيامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1423(12/7051)
المدين يلزمه أداء ما ثبت في ذمته
[السُّؤَالُ]
ـ[طلبت من صديق قرضاً وحدد لي عشرين ألف ريال، أنا كنت في جدة وهو في الرياض، وقتها كنت عازماً على السفر إلى عدن، حول لي خمسة إلى جدة واستلمتها وقال لي سأرسل لك الباقي إلى عدن وكانت حاجتي للمبلغ هناك استلمت المبلغ ألف وخمس مائة دينار جنوبي الدينار= عشرة سعودي وقت القرض0
التقى الصرف بالدينار هل أعوضه بالعملة التي حلت محلها أم أعيد له بالريال السعودي
حسب المبلغ الذى خرج من يده أفيدونا جزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمدين يلزمه أداء ما ثبت في ذمته وليس قيمته.
والذي فهمناه من السؤال هو أن الأخ المقترض قد اقترض ريالات سعودية، ولكنه اتفق مع المقرض على أن يقوم بتحويلها له إلى عدن فقام الآخر بتحويلها إلى عدن بالعملة المحلية فالمقرض أصبح وكيلاً للمقترض في عملية التحويل، وعلى هذا فالثابت في ذمة المقترض هو الريالات السعودية ويلزمه ردها، إلا إن تسامح معه المقرض فوضع عنه بعضاً من ذلك أو كله فذاك أمر يرجع إليه، وينبغي أن يذكر بقول النبي صلى الله عليه وسلم: رحم الله رجلاً سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1423(12/7052)
سداد الدين أم النفقة على العيال
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي ديون كثيره للناس وأنا أحاول أن أسددها ولكن لحد الآن ما أستطعت أن أسددها سؤالي هو أحصل على بعض المال وهذا المال لا يوفي باحتياجاتي هل لي أن أسدد ما علي من ديون أو أطعم به أهل بيتي علما بأن هذا المال لا يتجاوز 3000 درهم شهرياً وعندي بيت يتكون من خمسة أطفال بالإضافه لي أنا وزوجتي؟ هذا وجزاكم الله الف خير.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مما ينبغي أن يُعْلم أن المسلم لا ينبغي له أن يقدم على الاقتراض إلا عند الحاجة، لما يترتب على ذلك من شغل ذمته بحقوق الآخرين، كما أن عليه أن يحسن النية والقصد في العزم على أداء الدين متى ما كان ذلك بإمكانه، حتى يوفقه الله تعالى إلى سدادها.
فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله.
فنصيحتنا للسائل أولاً: أن يسعى في التوفيق بين سداد الدين ونفقة أهله، وذلك بإقناع صاحب الدين بتقسيطه، والاقتصاد في الإنفاق على أهله، فإن هذا أولى.
فإن لم يكن ذلك ممكناً، وكان الدين مؤجلاً، فإن نفقة أهله حينئذ مقدمة على الدين ... وإن كان الدين حالاً، فإن رضي صاحب الدين بإنظاره إلى وقت اليسر، فينفق هذا المال على عياله، وإن لم يرض بذلك، فإن نفقة الأهل مقدمة أيضاً في هذه الحالة على حق الغرماء، فقد ذكر الزركشي في كتابه المنثور في القواعد في فصل: حقوق الآدميين إذا اجتمعت: أن المحجور عليه مقدم على غرمائه بنفقته ونفقة عياله وكسوتهم.
والخلاصة أن نفقة العيال وكسوتهم ومسكنهم ونحو ذلك من ضرورات الحياة مقدم على أداء الدين.
وفي ختام هذا الجواب ننصح السائل بالإكثار من هذا الدعاء الذي رواه أحمد في المسند وحسن الألباني إسناده في السلسلة الصحيحة عن أبي وائل قال: أتى علياً رضي الله عنه رجل فقال: يا أمير المؤمنين إني عجزت عن مكاتبتي فأعني؟ فقال علي رضي الله عنه: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل صير دنانير لأداه الله عنك؟ قلت: بلى، قال: قل اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1423(12/7053)
هل يلزم من أسلم تسديد ديونه الكائنة عليه قبل إسلامه
[السُّؤَالُ]
ـ[أسلمت والحمد لله قبل 11 سنة ولكن قبل إسلامي أي قبل 26 سنة من الوقت الحاضر دخلت في ديون مع كفار ومع مسلمين وأنا الآن غير موجود في نفس البلدة كما أنني لم أكن أعرف حكم الدين إلا في وقت الإسلام
والسؤال: ماهو الحكم؟ هل يجب على تسديد الديون خاصة أن منهم قوما كفار وقوما مسلمين وماذا يترتب علي إن لم أسدد؟ هل علي شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن اقترض قرضاً وجب عليه رده.. لمسلمٍ كان أو كافرٍ؛ إلا أن يكون حربياً، لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما جزاء السلف الأداء والحمد. رواه النسائي وابن ماجه وأحمد في المسند وغيرهم.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد.
فإن كنت تعلم أصحاب الديون وجب ردها إليهم أو إلى ورثتهم إن كانوا قد ماتوا وكان ورثتهم على ملتهم، فإن لم تعلم أصحاب الديون ولا ورثتهم فعليك أن تتصدق بقدر حصة المسلمين بنية وصول الثواب إليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1423(12/7054)
القرض بزيادة محاربة لله ورسوله
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة تقدم عدداً من الرواتب لموظفيها عند طلبهم ويكون التسديد مضافاً إليه نسبة من المال مقابل التسهيلات المقدمة للموظف. مع العلم أن الشركة لا تتاجر بالعملة. فهل يجوز لي اللجوء لها عند الحاجة ففي المقابل تعيد الشركة لي المبلغ أو زيادة من نظام ادخار الموظفين. ولكم جزيل الشكر....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأخذ زيادة على القرض هو الربا المحرم في كتاب الله عز وجل، وهو ربا الجاهلية الذي جاء الإسلام بهدمه، وقد عد الله عز وجل أصحابه محاربين لله ورسوله، فقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ*فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِه [البقرة:279] .
ولعن الله عز وجل من فعل هذه المعصية، ومن أعان عليها، فقال صلى الله عليه وسلم: لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه. وقال: هم سواء. رواه مسلم.
وما تقوم به هذه الشركة من تقديم قروض لموظفيها ثم تستردها مع أخذ نسبة من المبلغ زائدة على القرض هو عين الربا فلا يجوز التعامل به، والحاجة لا تجوز التعامل بالربا ما لم تبلغ إلى حد الضرورة التي تبيح أكل الميتة، ولا يؤثر في الحكم كون الشركة تتاجر بالعملة أو لا.
وأما عن حكم نظام ادخار الموظفين، وأخذ الزيادة منه فقد تقدم الجواب عن ذلك في الفتوى رقم:
14505 فارجع إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1423(12/7055)
كل أشكال القروض بفائدة محرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك رجل يعطي نقوداً للناس بفائدة معينة لتشغيل الناس هل هي حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإقراض الأموال بفائدة مشروطة هو الربا المحرم، سواء كان ذلك استهلاكياً أو إنتاجياً.
والقرض الاستهلاكي هو الذي يقترضه المحتاج للطعام، أو الشراب أو اللباس أو المسكن.
أما الإنتاجي، فهو الذي يقترضه المرء ليتاجر به أو يثمره بالطرق المختلفة.
وراجع الفتوى رقم:
16908 والفتوى رقم: 18844.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1423(12/7056)
حكم الاقتراض ممن اقترض بالربا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
شخص أخد من مصرف قرضاً علماً بأن القرض (ربوي) أي عليه فوائد وأراد شخص آخر أن يقترض منه مبلغاً معيناً وأن يرده له نفس المبلغ ما رأي الشرع والإسلام في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اقتراضك من الشخص من نفس المال الذي اقترضه هو بعقد ربوي لا يجوز لك، لأن معاملة حائز المال الحرام في عين المال الحرام الذي لم يخالطه حلال محرمة، ويجب اجتناب معاملته فيه بأي وجه من أوجه المعاملة، سواء كانت بيعاً أو شراءً أو قرضاً أو هبة، لأنك تأخذ مالاً حيز بغير سبب مشروع ابتداءً، وفي أخذك له إقرار للمرابي على فعل الحرام، وتشجيع له على ذلك، ويجب عليك نصحه وتحذيره من إثم وعقوبة أكل الربا والتعامل فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1423(12/7057)
حكم سداد الدين البنكي عن المتوفى
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وعليه دين لأحد البنوك ومر على ذلك أكثر من عشر سنوات ونريد تسديد هذا الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الدين الذي على أبيك للبنك من قرض أو معاملة ربوية فلا يجوز لكم تسديد البنك إلا رأس ماله فقط، أو ما تبقى على أبيكم من رأس المال.
أما ما عليه من فوائد فلا يجوز لكم دفعها لأنها عن الربا وأخذها من المدين ظلم، إلا إذا أجبرتم قسراً على دفعها فلا حرج عليكم في ذلك مع الاستغفار لأبيكم مما فعله، أما إذا كان الدين من قرض حسن فعليكم بتسديد كل ما عليه من ماله الخاص إن كان له مال، وإن لم يكن له مال استحب أن تسددوا عنه من مالكم -إن قدرتم على ذلك- إبراراً وإحساناً إليه، وعليكم أن تسرعوا في ذلك فقد روى الإمام أحمد عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن أعظم الذنوب عند الله أن يلقاه عبد بها بعد الكبائر التي نهى عنها، أن يموت الرجل وعليه دين لا يدع قضاءً"
وكذلك إذا اشتبه عليكم حال الدين فاقضوه كله، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: سئل الإمام أحمد عن رجل مات أبوه وعليه دين وله ديون فيها شبهة أيقضيها ولده؟ فقال: أيدع ذمة أبيه مرهونة!. وهذا جواب سديد، فإن قضاء الدين واجب وترك الواجب سبب للعقاب، فلا يترك لما يحتمل أن يكون فيه عقاب ويحتمل ألا يكون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1423(12/7058)
القرض الاستهلاكي بفائدة كسائر القروض في الحكم
[السُّؤَالُ]
ـ[القرض الاستهلاكي هو قرض يمنح لشراء مواد استهلاكية أو الآت كهرومنزلية كالثلاجة والطابخة والصحون والتلفاز لكن يسترد بفوائد. هل يمكنني أن أستفيد منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن القرض الاستهلاكي المسؤول عنه يدخل في حكم القرض الممنوع لاشتماله على فائدة ربوية، ومن الملعوم إن الله تعالى حرم الربا في كتابه العزيز بدون تفصيل بين ما كان منه للاستهلاك أو للاستثمار أو غير ذلك.
فقال جل شأنه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [البقرة:278] .
وتوعد سبحانه المرابي بالمحق والمحاربة والعذاب الإليم يوم القيامة إذا لم يتب ويقلع عن هذه المعصية حيث قال: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:279] .
وقال: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ [البقرة:276] .
وعلى هذا فعلى السائل ألا يقدم على هذه الكبيرة العظيمة؛ إذ ليس لأحد قدرة على محاربة رب الأرض والسماء، وإذا كنت قد وقعت فيها فعليك بالتوبة النصوح، وإذا استطعت أن لا ترد إلا رأس المال بدون فائدة فافعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1423(12/7059)
كون الفائدة على جزء من المبلغ المقترض لا يزيل الحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم لقد راسلتكم منذ يومين طلبا لفتوى، وقد استقبلت جوابا لكم عن
طريق voila.fr لكنه لم يكن مفهوم الخط؛ ولعل الأمر يتعلق بالwindows98
المفرنس الذي يشتغل به حاسوبي، لذلك أرجو من سيادتكم بعث الجواب
عن طريق بريدي في maktoob.com: (marouf_lac maktoob.com) .
وأعيد على سيادتكم السؤال:
أريد أخذ قرض من نوع خاص من البنك، وهو قرض للمساعدة وهويتمثل كالتالي:
- أريد اقتراض مليون دينار علما أن الفوائد تكون على نصف هذه القيمة،
وأن النصف الثاني يعتبر مساعدة من الدولة لا يرده المستفيد، وهو قرض
خاص وليس عاما، علما كذلك أن فائدة الجزء الذي عليه الفوائد لا يتعدى
مجموع قيمته الجزء الثاني أي نصف المليون الذي لا يرده المستفيد.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من القواعد المقررة أن كل قرض يجر نفعاً فهو ربا، وعليه فالإقدام على القرض المذكور يعد من المعاملات الربوية فيجب عليك الكف عنه والابتعاد عن حومته، فكون الفائدة على نصف المبلغ فقط ونصفه الآخر مساعدة لا يغير من حكم المسألة فأنت قد أخذت نصف المبلغ لرده إلى الجهة التي أخذ منها بزيادة بغض النظر عن كون جهة أخرى قد ساعدتك بمثل ما ستأخذه منك جهة الربا.
وعليك أن تعلم أن أي معاملة فيها إقرار لمبدأ القرض بالفائدة فلا يجوز للشخص الدخول فيها والاستفادة منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1423(12/7060)
حكم إسقاط جزء من الدين في بيع المرابحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز عند تسديد باقي الأقساط إسقاط نسبة من الفائدة المترتبة على بيع المرابحة الإسلامي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الثمن في بيع المرابحة إلى أجل دين في ذمة المشتري، وعلى هذا نقول:
إسقاط جزء من الدين لا يخلو من أحد احتمالين:
الأول: أن يكون الدين قد حلَّ -أي قد جاء وقت سداد الدين- وفي هذه الحال لا بأس بإسقاط جزءٍ من الدين، سواء بطلب من المدين أو بتبرعٍ من الدائن.
الثاني: أن يكون الدين لم يحل بعد فيطلب الدائن من المدين السداد مقابل إسقاط جزء من الدين، أو يكون طلب ذلك من المدين فيطلب من الدائن إسقاط جزء من الدين مقابل تسديد باقيه، وهذا لا يجوز عند جماهير العلماء منهم الأئمة الأربعة، وهو ربا.
وهو المعروف بقاعدة "ضع وتعجل" عند أهل العلم.
وأما إن جاء المدين لتسديد الدين كاملاً فقال له الدائن: قد أسقطت منه كذا فهات الباقي، فهذا لا بأس به ما لم يكن عن تواطؤ مسبق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1423(12/7061)
حكم المقاصة في الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطاني أخي قرضا 1000 ريال ثم احتاج هو إلى مال فأعطيته أنا 450 دولارا أمريكيا وعند السداد قال لي أخي أخصم ما يعادل 1000 ريال من الدولارات وأعطيك الباقي بالدولارات في حسابك في البنك فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من خصم ما تطلب على أخيك ويدفع لك الباقي، فهذا من باب المقاصة، وهي جائزة بشروطها وربما تجب، وقد عرفها الفقهاء بأنها: إسقاط ما لك من دين على غريمك في نظير ما له عليك بشروطه، وهي جائزة في ديني العين مطلقاً، ولو كان من عملتين مختلفتين كالدولار وريال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1423(12/7062)
الاستدانة إلى أجل غير مسمى ... رؤية فقهية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لرجل أداء فريضة الحج على نفقة زوجته الثرية علماً بأنه لا يملك نفقة الحج الآن ولا يستطيع تحديد زمن محددا للوفاء بما سيقترضه من زوجته من المال لأداء الفريضة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم حج أحد الزوجين على نفقة الآخر في الفتوى رقم:
10065 وحكم الاستدانة للحج في الفتوى رقم:
7090.
وأما عن تحديد زمن الوفاء لزوجتك بهذا المال إذا أخذته منها على سبيل القرض، فالجمهور من العلماء وهم: الحنفية والشافعية والحنابلة يقولون: إنه لا يجوز التأجيل في سداد القرض، ولا يلزم إن اشترط في العقد، وللمقرض أن يسترده قبل حلول الأجل، لأن الآجال في القروض باطلة، ودليلهم أن القرض عقد تبرع وإرفاق، فلو لزم فيه الأجل لم يبق تبرعاً، ولأن عقد القرض يوجب رد المثل في المثليات، فأوجبه حالاً، وكذلك التأجيل تبرع ووعد، فلا يلزم الوفاء به، لكن استحب الإمام أحمد للمقرض الوفاء بوعده في التأجيل فقال: وينبغي أن يفي بوعده. انتهى من الإنصاف
وذهب المالكية: إلى جواز التأجيل في الوفاء بالقرض، وأنه ملزم إذا سمي عند العقد، فإن لم يسم عند العقد، فإنه يحدد بالعرف، وهو الراجح. قال في فتح العلي المالك: فإن اقترض إلى أجل سماه لزم بلا خلاف في المذهب، وإن لم يشترط أجلاً رجع إلى التحديد بالعادة. انتهى
وقول المالكية هو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- كما نقله عنه البهوتي في كشاف القناع فقال:" واختار الشيخ صحة تأجيله ولزومه إلى أجله، سواء كان الدين قرضاً أو غيره، كثمن مبيع أو قيمة متلف ونحوه، لعموم حديث: المؤمنون عند شروطهم. " انتهى.
وصوبه المرداوي في الإنصاف فقال: وقيل: لا يحرم تأجيله وهو الصواب. انتهى.
وبناءً على ما سبق، فإنه لا حرج في عدم تحديد وقت للوفاء بإجماع من ذكرنا، ولا يجوز لزوجتك مطالبتك بهذا الدين قبل حلول الأجل -إن حددتم لقضائه أجلاً- فإن لم تحددوا له أجلاً فمرجع ذلك إلى العرف على الراجح كما تقدم. ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1423(12/7063)
لزيادة في السلف هو ربا الجاهلية
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قام شخص بأخذ مال من شخص آخر لاستخدامه في التجارة لشراء غرض ثم بيعه بثمن أعلى وأخبر صاحب المال أنه سوف يرد له ماله وعليه جزء زياده (مثلا: أخذ 400 ثم أرجعها له 450) مع العلم أن صاحب المال ليس له أي دخل بعملية البيع والشراء أي ليس شريكا.. بمعنى أنه عند حصول خسارة لا يتحملها ويأخذ المبلغ بالزيادة المتفق عليها، فهل هذا يعتبر ربا، وما الحكم على كل منهما الدائن والمدين..؟ وشكرا لكم.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا العقد فاسد لاشتماله على الزيادة في السلف، وهو ربا الجاهلية المعروف الذي نزل القرآن بتحريمه، والوعيد الشديد على أصحابه.
فيجب أن يرد المبلغ الذي أخذ من صاحبه دون زيادة عليه أو نقص منه، قال تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة:279] .
وقال صلى الله عليه وسلم: فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي سواء. رواه البخاري عن أبي سعيد رضي الله عنه.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل نحيل السائل الكريم إلى الفتوى رقم:
1431.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1423(12/7064)
الاقتراض بالربا حرام من أي جهة كانت
[السُّؤَالُ]
ـ[انا شركة عامة مملوكة للدولة من حقها الاقتراض من المصرف وهذا القرض بفائدة تعود للمصرف والمستفيد من الشركة هم المواطنون وليس الأفراد؟
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاقتراض بالفائدة ربا محرم، ولا فرق بين أن يكون المقترض أو المقرض فرداً أو جماعة أو دولة، لعموم الأدلة الدالة على تحريم الربا دون تفريق.
والإثم يقع على كل من باشر هذه العملية أو أقرها أو أعان عليها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء. رواه مسلم.
وما حل بالمسلمين من ضعف وفقر وتخلف لا يبعد أن يكون من أعظم أسبابه وقوع مؤسساتهم في هذا المنكر العظيم الذي توعد الله فاعله بالحرب، ومن توعده الله بالحرب، فيكف يفلح أو يتقدم؟!
وقد وعد الله أهل الإيمان والتقوى بأن يفتح عليهم بركات من السماء والأرض، كما في قوله: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [الأعراف:96] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1423(12/7065)
هل يجوز الاقتراض إذا تكفلت الدولة دفع الفائدة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا مقيمة في الدنمارك وأتقاضى معونات من الدولة وتدفع الضريبة من الراتب وسؤالي أريد أخذ قرض من البنك لأن زوجي عليه دين ويجب أن يقضي ولكن الفائدة تدفع من الضريبة أي أنا لا أدفع الفائدة ولكن الفائدة تدفع من الضريبة أي تؤخذ من الدولة فهل يجوز أن أخذ القرض الرجاء إفاتي؟
السلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك أخذ هذا القرض، لأنه قرض ربوي، والقرض الربوي حرام، وإن تولت الدولة دفع الفوائد الناتجة عنه، لأن آخذ القرض قد أعان على الربا ورضي به، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم:
14221.
ولمعرفة حكم الضرائب وضوابطها راجعي الفتوى رقم:
8574 والفتوى رقم:
592 ... والفتوى رقم:
5107 والفتوى رقم:
5458.
ولمعرفة حكم دفع الضرائب في البلاد الغربية راجعي الفتوى رقم:
10709.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1423(12/7066)
حكم القرض الربوي لإكمال التعلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب من فلسطين أحمل شهادة البكالوريوس في هندسة الحاسوب. تقدمت بطلب قرض لجامعة أمريكيةلأكمل درجة الماجستير. فحصلت على القرض وايضا عمل داخل الجامعة. وقيمة القرض تسترد من راتبي في الجامعة ولكن بإضافة نسبة فائدة. فهل يعتبر ربا؟ علما بأن الظروف المادية لا تسمح بأن أكمل بدون قرض ,هل ينطبق عليها قاعدة الضرورات تبيح المحظورات؟ مع فائق الأحترام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا القرض يعتبر قرضاً ربوياً فلا يجوز أخذه ومن أخذه فقد أربى نسأل الله لنا وللمسلمين العفو العافية.
والربا أمره عظيم عند الله تعالى، كما بينا ذلك في الفتاوى التالية أرقامها:
3915
9135
9785
12281.
واعلم أن إكمال درجة الماجستير ليست ضرورة تبيح ارتكاب مثل هذا الذنب العظيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1423(12/7067)
حرمة الربا تنتظم كل آكل
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أخذت قرضا من أحد البنوك وذلك لكي أسدد قرض أبي من بنك آخر. وأنا كنت أعرف أنه ربا ولكني أعتقد أنه ربا على العاملين بالبنك وليس أنا فما رأيكم وهل أعتبر من آكلي الربا مع الشكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليعلم السائل أن الربا من أعظم الكبائر التي توبق صاحبها في النار، وأن المرابي معلن للحرب مع الله تعالى، قال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ*فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:278-279] .
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه؟ وقال: هم سواء. رواه مسلم.
وبما قدمنا تدرك أن ما أقدمت عليه من الاقتراض ذنب عظيم لم تلجئك إليه ضرورة تبيحه، وعليه فلتتب إلى الله تعالى، وتعقد العزم على عدم العودة إلى المعاملة بالربا بقية عمرك.
فإذا كان شاهدا الربا وكاتبه مشمولين بالوعيد الوارد في الربا فأنت أحرى منهم بذلك لأنك أنت هو موكله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1423(12/7068)
الذمة تبرأ بالإسقاط
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي متوفى وعليه ديون كثيرة أنا وإخوتي نتقاسمها سوياً وهناك أحد الدائنين رفض أخذ النقود التي من حقه وقال إنه برأ ذمه أبي منها فهل هذا يجوز أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما قام به هذا الرجل ليس جائزاً فحسب بل هو من المستحبات والقربات، لأن الله تعالى قد رغب في إسقاط الدين عن المعسر، حيث قال سبحانه: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:280] .
وفي صحيح مسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أنظر معسراً أو وضع عنه أظله الله في ظله.
وما دام صاحب الحق قد أسقط حقه فإن ذمة أبيكم برئت منه ولله الحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1423(12/7069)
ادفع المبلغ مقسطا إن ألزموك بتسديد الفوائد
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد اقترضت مبلغا من المال من بنك ربوي لعمل مشروع ولكن لم يتم وأردت أن أسددالمبلغ بعد عام من التسديد ولكن البنك فرض على غرامات تصل إلى أصل المبلغ المقترض وإن لم أسدده يكون هو نفس المبلغ فهل أسدد المبلغ أو أستمر في التقسيط مع العلم بأنني أريد أن أتوب من هذا الفعل الكبير. وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا استطعت إلا تسدد إلا رأس المال فأفعل ذلك فوراً، وإن الزموك بتسديد الفوائد ظلماً فلا يلزمك أن تدفع المبلغ كله فوراً بل ادفعه مقسطاً، وراجع الفتوى رقم:
9079.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1423(12/7070)
الاشتراط من المقرض أو المقترض بالزيادة ربا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
السؤال استدنت من شخص مبلغاً من المال واشتريت به سلعة على أن أبيعها وأرد له المبلغ ونقتسم الربح بالتساوي وهذا لم يكن شرط المدين ولكن اقتراح مني يرضي الطرفين أفيدوني إن كان هذا نوعاً من الربا؟
جزاكم الله خيراً بأسرع وقت ممكن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام المقترض وافق عند عقد القرض على ما سيحصل عليه من وراء قرضه فهو ربا، لأن العلماء اتفقوا على أن كل قرض جر نفعاً فهو ربا، سواء شرطه المقرض أو شرطه المقترض على نفسه، ووافق عليه المقرض ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 16503، والفتوى رقم: 15705.
وكان الأولى بكما أن تتفقا على عقد مضاربة، ويكون الربح بينكما بالسوية أو على حسب الاتفاق، وتكون الخسارة إن وقعت في رأس المال على صاحبه، وعلى العامل في جهده وتعبه، كما سبق تفصيل هذا في الفتوى رقم: 5480.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1423(12/7071)
موقف الشريعة في رد الدين الذي طرأ عليه التغير
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت مع رجل ما على تأسيس شركة بيننا قبل 18 عاماً وقمت بشراء المعدات اللازمة لذلك وقبل بدء العمل الجدي بيننا في السوق قمنا بفض الشركة على أن أتولى أنا المعدات لنفسي وأرجع له قيمتها وكانت قيمتها في ذلك الوقت حوالي عشرة آلاف جنيه سوداني وذلك خوفاً من بيعها في السوق بنصف قيمتها وتم ذلك برضاي التام ولم أستطع رد هذا المبلغ حتى الآن ولم يسألني هو عن هذا المبلغ خلال ال 18 عاماً لأنني تزوجت من ابنة أخيه ولاعتبارات أسرية ولكنني أرغب الآن برد هذا المبلغ ولكنه قبل 18 عاماً يعادل 7500 ريال سعودي والآن يعادل 15 ريالأ سعودياً فكيف أرده له مع العلم أنني كتبت له وقتها ورقة بهذا المبلغ على أني سأدفعه له لاحقاً ولم أحدد مدة زمنية والآن طال الوقت وهومحرج بمطالبتي وأنا أريد السداد له فكيف يتم ذلك؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن ثبت في ذمته دين من نقد ثم تغيرت قيمة النقد غلاءً أو رخصاً قبل أن يؤديه فقد اختلف أهل العلم فيما يلزمه أداؤه على أقوال:
الأول: قول الإمام أبي حنيفة -رحمه الله- والشافعية والحنابلة والمالكية في المشهور عنهم أن الواجب أداء نفس النقد المحدد في العقد والثابت في الذمة دون زيادة أو نقصان.
الثاني: قول أبي يوسف من الحنفية وعليه الفتوى عند الحنفية وهو أنه يجب على المدين أن يؤدي قيمة النقد الذي طرأ عليه الغلاء أو الرخص يوم ثبوته في الذمة من نقد رائج.
الثالث: قول الرهوني من المالكية وهو أنه إذا كان التغير فاحشاً وجب أداء قيمة النقد الذي طرأ عليه الغلاء أو الرخص، أما إذا لم يكن فاحشاً فالمثل.
وعلى القولين الثاني والثالث فالواجب على أخينا السائل رد قيمة الجنيهات السودانية يوم العقد وهو ما أشار هو إليه في السؤال من الريالات السعودية المقدرة بسبعة آلاف وخمسمائة ريال سعودي.
وعلى الأول لا يلزمه إلا رد الجنيهات السودانية، ويحسن أن نذكر الأخ السائل بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن خياركم أحسنكم قضاءً. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1423(12/7072)
جميع ما له مثل يجوز إقراضه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاقتراض من أحد الأصناف الربوية كالشعير أو القمح أو الذهب على أن يكون السداد إلى أجل معين كجني المحصول أو سنة أو شهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقرض بدون اشتراط منفعة للمقرض أو تواطؤ عليها جائز باتفاق، وحقيقة القرض أن تعطي إنساناً شيئاً بعينه من مالك ليرد عليك مثله إما حالاً، وإما إلى أجل مسمى.
وقد وقع الخلاف بين العلماء فيما يجوز إقراضه وما لا يجوز، ولكنهم اتفقوا على أن ما له مِثْلٌ يجوز إقراضه، ومن ذلك الأصناف الربوية.
ولعل السائل قد وقعت له شبهة، وهي أنه يقول: إذا أقرضنا مالاً ربوياً، فإننا نكون قد بعناه بجنسه مع تأخر القبض.
وللجواب عن هذه الشبهة ننقل للسائل كلام الإمام ابن القيم رحمه الله بنصه، فإنه يقول في إعلام الموقعين (2/11) : وأما القرض، فمن قال إنه على خلاف القياس، فشبهته أنه بيع ربوي بجنسه مع تأخر القبض، وهذا غلط، فإن القرض من جنس التبرع بالمنافع كالعارية، ولهذا سماه النبي صلى الله عليه وسلم منيحة، فقال: "أو منيحة ذهب أو منيحة ورق". يشير ابن القيم رحمه الله إلى الحديث النبوي: من منح منيحة ورقاً أو ذهباً أو سقى أو أهدى زقاقاً فهو كعدل رقبة. فهذا من باب الإرفاق لا من باب المعاوضات، فإن باب المعاوضات يعطي كلٌ منهما أصل المال على وجه لا يعود إليه، وباب القرض من جنس باب العارية أو المنيحة، وإفقار الظهر مما يعطي فيه أصل المال لينتفع بما يستخلف منه ثم يعيده إليه بعينه إن أمكن وإلاّ فنظيره ومثله.. إلى آخر كلامه رحمه الله.
والحاصل أن القرض من باب التبرع والإرفاق، لا من جنس المعاوضات.
ولو لم يسلم أحد بهذا التوجيه، وأصر على أن القرض من جنس المعاوضات لقلنا: هو باب استثناه الشارع بحكم يخصه لحاجه العباد إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1423(12/7073)
المواطأة على رد القرض بزيادة حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الرد بسرعة مع فائق الشكر
استدنت مبلغاً مالياً واشتريت به سلعة لغرض بيعها على أن أرد المبلغ وأقتسم الربح مع الدائن
وهذا كان اقتراحي أنا وليس شرط الدائن هل يعتبر هذا نوع من الربا؟ أرجوالرد على عنواني في أقرب وقت مشكورين......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإقراض على أن يرد القرض بزيادة حرام سواء كان باشتراط من الدائن أو بمبادرة من المدين (المستلف) ووافق عليها الدائن (المُسَلِّف) ، بل صرح العلماء بأن مجرد المواطأة على ذلك حرام، والواجب رد رأس المال فقط، كما قال سبحانه وتعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة:279] ، والتوبة من الإقدام على هذا العقد.
وأما رد زيادة على القرض عند السداد بدون سابق اشتراط أو تواطؤ عليها فهو جائز، بل مستحب فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن خياركم أحسنكم قضاءً. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1423(12/7074)
المطالبة بسداد الدين زيادة عن الإقرار يحتاج لبينة مع اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أخذ فلوس الدية وصرفها على عيال الميت وهم في حاجة لها حرام حتى وإن شمل صرفها تعليم أحد أبناء الميت، والميت عليه دين لخال الأولاد والخال أجل الدين أي لم يطالب به في فترة أخذ الدية وعندما كبر الأولاد أرادوا سداد الدين وقيمته180 دينارا لكن الخال رفض المبلغ وقال أنه يريد 800 دينار وهذا المبلغ 800د ليس عنده دليل على صحة دينه وطلبنا منه أن يكتب ورقه في الدين أو يحلف يمينا لكنه رفض والورثه يرفضون أن يدفعوا هذاالمبلغ بدون دليل وأنا ابنة الميت وأريد أن أبرئ ذمة أبي وأمي التي أبلغتني بقيمة الدين وهو180د وأمي الآن مريضة في المستشفى بين الحياة والموت وماذا علي أن أفعل لأبي وأمي وإذا رفض زوجي أن أسدد الدين وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على الورثة المسارعة لقضاء دين مورثهم ولو أتى الدين على ماله كله، ففي سنن ابن ماجه ومسند أحمد من حديث سعد بن الأطول قال: إن أخاه مات وترك ثلاثمائة درهم وترك عيالاً قال: فأردت أن أنفقها على عياله. قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم، إن أخاك محبوس بدينه فاذهب فاقض عنه فذهبت فقضيت عنه ثم جئت، قلت يا رسول الله قد قضيت عنه إلا دينارين ادعتهما امرأة وليست لها بينة، قال: أعطها فإنها محقه. رواه ابن ماجه وأحمد وصححه الألباني والبوصيري.
والذي يلزم الورثة لصاحب الدين هو ما أقروا به وهو هنا 180 ديناراً، وما لم يقروا به فعلى المدعى البينة مع اليمين أن هذا المبلغ على الميت، وأنه يستحقه إلى الآن، فإذا لم يقم بينة فلا يلزمهم شيء، أما ما ذكر في السؤال من أخذ فلوس الدية وصرفها على عيال الميت، فجوابه أن دية الميت من الحقوق التي تؤول إلى التركة، وعليه فإنها تضاف إلى التركة وتقسم على الورثة كل منهم بحسب نصيبه الشرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(12/7075)
حكم مخالفة شرط المقرض
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أخذ قرض من بنك التسليف السعودي (من غير فوائد) ولكن البنك له شروط من ضمنها (ترميم المنزل) فما حكم أخذ القرض وأنا غرضي ليس الترميم ولكن جهزت الأوراق لهذا الغرض فهل هذا حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل هو أن أخذ هذا القرض الذي وصفته من غير فائدة أنه لا حرج فيه، لكنه قد يخرج عن الأصل، فيكون محرماً إذا كانت الطريقة الموصلة إليه ملتوية من حيث أن الشروط التي يشترط حصولها في المقترض غير متوافرة، الأمر الذي يجعل المتقدم له يختلق الشروط التي هي في الحقيقة غير موجودة فيه، ويقدم بذلك أوراقاً ثبوتية، فيجمع بذلك بين محظورين شرعيين:
الأول: الكذب والاحتيال.
والثاني: الإخلال بالشرط الذي وضعته الجهة المانحة للقرض.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم" رواه أبو داود، وصححه السيوطي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1423(12/7076)
حكم من ظفر بمال غريمه
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ فترة تم زواج أخي وقد ساعدته بمبالغ مالية وهي تقريبا فوق إمكانياتي من مالي وعن طريق الدين وعن طريقي أرسلت لي خالتي مبلغاً من المال كمساعدة له لزواجه وقد أخذت أنا المال وسددت به الدين الذي علي والمبلغ كان تقريبا نصف ما ساعدته وأنا الآن خائفة جداً من هذا لأنها أمانة وكان علي إعطاؤها لاخي ولكني لم استفد به لي ولكنه ذهب فعلا لزواجه أريد أن أعيده له ولكن إمكانياتي الآن صعبة جداً ولم أخبره لأني أعرف أنه سيطالب به ماذا أفعل؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مساعدتك لأخيك لا تخلو حالك فيها من واحد من أمرين:
الأول: أن تكوني أردت بها حل مشكلته الحالية، وتنوي الرجوع عليه بما ساعدته به إن تحسنت حالته.
الأمر الثاني: أن تكوني وهبت له تلك المساعدة هبة لا تريدين منها عوضاً منه.
ففي الحالة الأولى لك أن تطالبيه بما قدمته له من مساعدة إن أيسر به، فإن مطلك حقك مع يسره، وظفرت بمال له، فلا حرج أن تأخذي منه قدر حقك، هذه هي المسألة المعروفة عند الفقهاء بمسألة الظفر.
أما الحالة الثانية: فليس لك أن تطالبيه بشيء، ولا أن تأخذي مما ائتمنت عليه له لأن هذا يعتبر خيانة في الأمانة وتعدياً على مال الغير بغير طيب نفس منه، ويجب عليك إخباره بما صنعت، وطلب المسامحة منه في الحال، وقضاؤه إن أيسرت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1423(12/7077)
يؤدي الله عن العبد دينه إن صدق النية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
غرقت في ديون كثيرة بسبب تعثري في التجارة وأعيش مع ابنتي وأمهم في بلاد لا تدين بأي ديانة سماوية ولا أطلب مساعدة من أحد لإيماني بالله عز وجل وسؤالي: إذا وافتني المنية وأنا على حالي كيف سيقبلني رب العالمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من الدين في أحاديث كثيرة، ففي صحيح مسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فيهم فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال، فقام رجل فقال: يا رسول الله، أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عني خطاياي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر".
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف قلت؟ " قال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر؛ إلاّ الدين، فإن جبريل قال لي ذلك".
ولكنه صلى الله عليه وسلم قد ساق بشرى لمن استدان أموال الناس وهو ينوي أداءها، فقال صلى الله عليه وسلم: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله" رواه البخاري.
فالله عز وجل في عون العبد إذا كان قد أخذ الديون بنية إرجاعها، فإن مات ولم يوفّ أدى الله عنه في الآخرة، ولكن هذا الوعد مرتبط بصدق النية.
وما ذكره السائل من إقامته بدار الكفر قد سبق بيان حكمه في أجوبة ماضية، فلتراجع ومنها الأرقام التالية: 714، 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1423(12/7078)
حكم من مات وفي ذمته دين للدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من مات وفي ذمته دين للدولة من البنك العقاري, وذلك لبناء منزل, هل يسقط الدين باعتباره من بيت مال المسلمين ,]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى فرض أن البنك العقاري يشمله تعريف بيت مال المسلمين، فإنه لا خلاف بين الفقهاء أن من أتلف شيئاَ من أموال بيت المال بغير حق فإنه يضمنه: وأن من أخذ منه شيئاَ -قرضاً أو عارية- فإنه يجب رده إن كان مثلياً، وقيمته إن كان مقوماً.
وإنما الخلاف بينهم في قطع يد السارق من بيت المال، فالحنفية والشافعية والحنابلة لا يقطعون يده لشبهة الاستحقاق فيه، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما من أحد من المسلمين إلا وله فيه نصيب أو حق.
والمالكية ومن وافقهم يرون القطع، وقد أورد الإمام ابن الأثير خبراً عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مفاده أنه أقرض هند بنت عتبة أربعة آلاف تتجر فيها وتضمنها.
والخلاصة أنه يثبت لبيت المال من الحرمة ما هو ثابت لأملاك الأفراد، فلا يجوز سرقته ولا اختلاسه، ويجب رد ما أخذ منه على وجه القرض أو العارية أو غير ذلك، ويؤخذ من تركة المدين إن مات وهو في ذمته.
وهذا كله إذا ترك المدين من المال ما يفي بسداد الدين، فإن لم يترك مالاً فلا شيء عليه إن شاء الله لأن بيت المال الأصل فيه أنه يقضي ديون من ماتوا وليس لهم قدرة على القضاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1423(12/7079)
دفع زيادة على القرض على أنه إيجار حيلة منكرة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود أن أسأل عن مبدأ المشاركة المتناقصة في الاقتراض من البنوك الإسلامية حيث من الممكن الاقتراض من البنك الإسلامي مبلغا لشراء منزل وعلى فرض أن المبغ كان 30000 دينار يتم زيادة مبلغ عليه ليصبح مثلا 35000 دينار حيث يسجل العقار باسم المقترض والجهة المقرضة والفرق في المبلغ وهو 5000 دينار يتم سداده على أساس أنه إيجار عن حصة الجهة المقرضة حتى يتم سداد كافة المبغ فتزيد حصة المقترض في العقار وتنقص حصة المقرض وفي نهاية المدة يصبح العقار كله للمقترض حيث يكون القسط الشهري عبارة عن جزئين الأول سداد القرض والثاني إيجار شهري فما الحكم؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه المعاملة أصلها قرض بفائدة، والقاعدة عند الفقهاء أن كل قرض جر نفعاً فهو ربا، وأصل هذه القاعدة حديث أخرجه البغوي عن علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل قرض جر نفعاً فهو ربا" وهو حديث ضعيف.
ولكن صح عن أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم أنهم نهوا عن قرض جر منفعة. أخرجه البيهقي في سننه.
ودفع مبلغ 5000 دينار على أنه إيجار نوع من الحيلة لا تجعل أصل العقد جائزاً، ولا يخرجه عن كونه ربا.
ومن اشترى عقاراً ولو بثمن مقسط، فإنه يملكه من حين العقد، فكيف يُطالَب بدفع أجرة له؟! وإذا كان المراد أن العميل سيشتري نصف العقار ويستأجالر نصف الآخر، ثم يؤول هذا النصف المؤجر إليه في النهاية، فهذه هي الإجارة المنتهية بالتميلك، وقد سبق بيان بطلانها في الفتوى رقم: 6374.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1423(12/7080)
إمكان الاستئجار لا يبيح قرض الربا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يعتبرالاقتراض من المأجر لإنهاء بناء بيت بفائض قليل حرام؟
شكرا,]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يقترض قرضاً بفائدة من أي جهة كانت لأن ذلك من الربا بإجماع أهل العلم لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ*فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة: 278-279]
وللقاعدة المتفق عليها وهي أن، كل قرض جر منفعة فهو ربا، وقد سبق أن ذكرنا أن بناء البيت والحاجة لملكه ليست ضرورة تبيح الاقتراض بالربا ما دام الاستئجار ممكنا، وذلك في الفتوى رقم:
6689.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1424(12/7081)
حكم استعمال سيارة مشتراة بقرض
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت سيارتي عن طريق أقساط ربوية وأصبحت السيارة مصدر دخل هل دخل السيارة حرام وماذا أفعل بالسيارة حيث أني أوقفت دخلها وماذا أفعل بمدخول السيارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت السيارة قد اشترتها الجهة التي باعتها شراء حقيقياً واستقرت في ملكها قبل أن تبيعها لك فلا حرج عليك في ذلك ولو كان الثمن مقسطاً إلى مدة معلومة، وكان بأكثر من سعرها لو بيعت بالناجز لأن الدين له حصة من الثمن، والسيارة حينئذ ملك لك ودخلها حلال عليك ما دمت تستخدمها في المباح، أما إذا كانت الجهة قد أقرضتك ثمن السيارة بفائدة ولم تشتر هي السيارة شراء صحيحاً فإن هذه معاملة ربوية محرمة تحريماً شديداً، ويلزمك منها التوبة إلى الله وألا تدفع لهذه الجهة إلا رأس مالها، ما لم تضطر إلى دفع الفوائد تحت الملاحقة القانونية.
وعلى كل فالسيارة سيارتك أنت وهي ملك لك، ولو اشتريتها بما اقترضته اقتراضاً ربوياً فإن ذلك لا يجعل استعمالها محرماً عليك، وراجع الفتوى رقم:
14601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1423(12/7082)
من مات ولم يترك وفاء يسدد عنه ولي الأمر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
من المعروف أن صاحب الدين إذا لم يستطع سداد دينه يسدد من بيت مال المسلمين لقد توفي رجل وترك ديناً عليه والدين للبنك التابع للحكومة أي ولي الأمر والأهل لا يجدون شيئا لسداد هذا الدين فهل يعتبر دين البنك دينا لولي الأمر ولا يحاسب عليه المتوفى علما بأن أهل المتوفى حالتهم الماديه سيئة للغاية؟ أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن الأمور المهمة التي ينبغي أن ينتبه إليها المسلم حسن النية والقصد عند استدانة أموال الناس، روى الطبراني في الكبير من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين دينان، فمن مات وهو ينوي قضاءه فأنا وليه، ومن مات وهو لا ينوي قضاءه، فذاك الذي يؤخذ من حسناته، ليس يومئذ دينار ولا درهم. إسناده صحيح.
وقد دل هذا الحديث على وجوب قضاء الدين لمن كان له مال، وأن من مات ولم يترك مالاً وعليه دين فإن ولي الأمر يقضي عنه من بيت مال المسلمين، قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- وهو يشرح قول النبي صلى الله عليه وسلم"فعليَّ قضاؤه" متفق عليه، قال: أي مما يفيئ الله عليه من الغنائم والصدقات، وهكذا يلزم المتولي لأمر المسلمين أن يفعله بمن مات وعليه دين.
فعلى هذا فإن هذا الميت يتحمل عنه الدين ولي الأمر ولا يلزم ورثته سداده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(12/7083)
حكم الهبة المشروطة بأخذ قرض ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[يقوم البنك بتمويل الهيئة التي تقوم بالمشروع أو البيع عن طريق قرض يتحدد حسب تقدير مبلغ السكن أو تكاليف البناء ويقوم المستفيد بدفع أقساط سنوية متساوية لمدة تتجاوز 15 سنة أو أكثر حسب اتفاق البنك وحسب المدخول الفردي للمستفيد بالنسبة لحالة بناء مسكن يترتب على المستفيد أن يكون مبلغ الانجاز مقدرا حسب معدل 30 % ويموله البنك بنسبة 70% أي الباقي مع العلم أنه في كلا حالتي التمويل خصصت الدولة مبلغاً معيناً حسب مداخيل طالب القرض كإعانة لا تسترد تدخل ضمن مبلغ التمويل الكلي ويكون المصرف هو المسؤول عن هذه العملية مع العلم أن مبلغ الإعانة لا تحسب عليه فوائد بنكية بل تحسب فقط حسب المبلغ المقدم من طرف البنك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المعاملة المذكورة في السؤال عقد قرض ربوي لا يجوز التعامل به ولا الإقدام عليه، بل يجب تحذير الناس منه ونهيهم عنه، ويدخل في ذلك المبلغ الذي تهبه لك الدولة، لأنه مشروط بأخذ القرض الربوي، وهذا شرط ينافي الشرع لأنه شرط محرم، ولمعرفة المزيد عن هذه المسألة راجع الفتوى رقم: 6689، والفتوى رقم: 6501، والفتوى رقم: 1986.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1423(12/7084)
حكم تسديد الدين بعملة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ ذهبت إلى الحج في سنة من السنوات الماضية وكان بعض الأصدقاء معي في الحج وكانوا في حاجة لبعض المال فأعطيت أحدهم 500 ريال والثاني أعطيته أيضاً500 ريال وبحضور الشهود تم الاتفاق على أن يتم إرجاع المبلغ بعد رجوعنا من الحج إلى بلادنا وأن إرجاع المبلغ بعملة بلادنا وهى الدينار علمنا بأن الدينار يساوي في تلك الفتره تقريبا الريال لم نعلم أن اختلاف العملة أن لم تكن يدأ بيد فهو نوع من الربا.
1- هل هذا نوع من الربا أم لا
2- ماحكم الحج فى هذه الحالة
3- الشخص الأول أرجع لي المبلغ حسب الاتفاق وتم صرفه أما الشخص الثاني فلم يرجع لي المبلغ إلى الآن لم يتيسر له الحال
4- ماذا أفعل فى هذه الحاله لأكفر عن هذا؟
ولكم جزيل الشكر......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن القرض يسدد بنفس العملة التي ثبتت في ذمة المقترض، وعليه فمن اقترض منك 500 ريال مثلاً، وجب عليه أن يسدد 500 ريال ولا يجوز أن يتم الاتفاق حال القرض على التسديد بعملة أخرى، لكون ذلك من الربا، إذ هو صرف مؤجل بين ربويين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثل، سواء بسواء، يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد. رواه مسلم من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
والمقرر عند أهل العلم أن العملات النقدية الحديثة أجناس قائمة بذاتها لها ما للذهب والفضة من الأحكام، فإذا تم الصرف بين ريال ودينار مثلا اشترط أن يكون ذلك يدا بيد، وإلا كان من ربا النسيئة.
لكن يجوز للمقرض أن يصطلح مع المقترض -عند سداد القرض- على التسديد بعملة أخرى لأن الصرف على ما في الذمة بعد الحلول كالصرف على ما في اليد، فمن لزمه يوم السداد 500 ريال جاز له أن يدفع عنها مقابلها بعملة أخرى إذا رضي المقرض.
والواجب عليك هو التوبة إلى الله تعالى مما صدر منك من اشتراط التسديد بعملة أخرى، ولك أن تأخذ من الشخص الثاني 500 ريال أو ما يعادلها من العملات الأخرى إذا تراضيتما على ذلك يوم السداد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1423(12/7085)
قروض ميسرة من الصندوق الاجتماعي!!!
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم الإسلام في العمل في الصندوق الاجتماعي للتنمية وما هو مشابه له من مؤسسات تعمل في إعطاء القروض للشباب بفوائد ميسرة وهو يعطي قروضا ميسرة للشباب أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فقد حرم الله عز جل الربا في كتابه وعلى لسان رسوله، والنصوص القرآنية في ذلك كثيرة، وحرمة الربا من المعلوم من الدين بالضرورة عند أهل العلم.
وفي آيات تحريم الربا أخبر الله عز وجل أن المقرض ليس له إلاَّ رأس ماله فقال سبحانه: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة:279] .
فلا يجوز للمقرض أخذ زيادة على رأس ماله مهما قلَّت، فإن فعل فقد وقع في الربا.
ولذلك كان مما تقرر عن أهل العلم أن كل قرض جر نفعاً فهو ربا - أيّاً كان هذا النفع، وأصبحت هذه المقولة قاعدة فقهية يحتج بها العلماء لإبطال كل منفعة يجرها القرض.
وعليه فنقول: إقراض الصندوق بفوائد ميسرة -كما وصفها السائل- هو الربا الذي حرمه الله في كتابه وأعلن حربه على فاعليه.
فلا يجوز العمل معهم فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه. وقال: هم سواء. رواه مسلم.
والله عز وجل يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1423(12/7086)
من اقترض بالريال السعودي فعليه أن يرده بمثله
[السُّؤَالُ]
ـ[اقرضت صديق لي مبلغ من المال قرض حسن وكان المبلغ بالريال السعودي والآن يريد سداد القرض لي بالجنيه المصري علماً بأن قيمة الجنيه المصري انخفضت مقابل الريال السعودي مما يعنى أن مالي سوف يعود لي ناقصا في قيمته علما بأنني لم أكن أنوي تغيير مالي من الريال إلى الجنيه لتوقيعي انخفاض قيمة الجنيه في المستقبل وقلت له لقد سلمتك ريالات فسلمني ريالات وما ذنبي أنا بعد أن اقرض مالي قرضا حسنا لنحو ثلاث سنوات كان يمكن أن أستثمر هذا المبلغ في نشاط يعود عليّ بالربح الحلال فهل يكون هذا جزائي في الإسلام؟ لا أظن ذلك فان الله عادل ويكره الظلم.
أفتونا مأجورين إن شاء الله ونأمل منكم سرعة الرد وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على هذا الشخص أن يرد لك المبلغ بالريالات السعودية، ولست أنت ملزماً شرعاً بأن تأخذ منه غيرها، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 7110، 6460، 5610.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1423(12/7087)
حكم تسجيل الزياة على القرض في شيك الضمان
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل اقترض من شخص قرضا وأحب أن يكافئ المقرض جميل صنعه فأخبره أنه سيزيده مبلغا على القرض حين السداد دون أن يطلب المقرض ذلك أو يلمح إلى ذلك، ولما كتب المقترض شيكاً لضمان سداد المبلغ في أجله أضاف قيمة المكافأة في الشيك؟
أفيدونا بحكم الشرع في ذلك وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق العلماء على أن اشتراط المقرِض على المقترض زيادة عند رد القرض مفسد لعقد القرض. قال ابن عبد البر: وكل زيادة في سلف أو منفعة ينتفع بها المسلف فهي ربا، ولو كانت قبضة من علف، وذلك حرام إن كان بشرط.
وقال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا اشترط على المستسلف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا.
وأما إن كانت الزيادة أو المنفعة التي حصل عليها المقرِض من المقترض غير مشروطة فيجوز ذلك عند جمهور أهل العلم، ودليل ذلك ما رواه مسلم عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكراً، فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره، فرجع إليه أبو رافع فقال: ما أجد فيها إلا خياراً رباعياً، فقال: أعطه إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاء.
وعليه، فلا حرج في القرض المذكور في سؤال الأخ السائل إذا كان الأمر كما ذكر في سؤاله، لأن المقرض لم يشترط الزيادة، وإنما تبرع له بها المقترض، وكونه سجلها له في شيك الضمان لا يضر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1423(12/7088)
المرابي محارب لله ملعون على لسان رسوله
[السُّؤَالُ]
ـ[اقترضت مالا بربا مع مال حلال لشراء بقعة أرضية ما حكم الشرع في هذا المال الذى اقترضته؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالربا حرام وحرمته مما يعلم من الدين بالضرورة، والآيات والأحاديث في تحريمه كثيرة، وعلى ذلك إجماع المسلمين.
فعلى الأخ السائل أن يبادر بالتوبة إلى الله عز وجل، فإن المرابي محارب لله ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكل الربا من السبع الموبقات اللاتي عدهن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كما عليه أن يتخلص من هذا العقد فيرد المال الذي اقترضه بالربا، ويطلب من المقرض أن يأخذ رأس ماله فقط، كما أمر الله بذلك، فإن لم يرض بذلك واستطاع المقترض أن يرفض دفع الفوائد الربوية فليفعل لأن المقرض لا حق له فيها، فإن لم يستطع وأجبر على دفعها، دفعها مع التوبة، والإثم على المقرض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1423(12/7089)
من تجاوز عن معسر تجاوز الله عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
أنا شاب قمت بإعطاء أحد الزملاء مبلغاً من المال منذ فترة طويلة وقد نسي أنه مدين لي وأنا لم أطالبه به لأنني لم أتعود المطالبة بشيء وأخجل من ذلك.
ماحكم أن أتركه وأتنازل عن المبلغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمطالبتك لزميلك بحقك لا حرج فيها، مع أن الأفضل إن كنت في غنىً عن هذا المال وكان صديقك معسراً أن تعفو وتتجاوز، للحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء، إلا أنه كان يخالط الناس وكان موسراً، فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزا عن المعسر، قال: فقال الله عز وجل لملائكته: نحن أحق بذلك منه، تجاوزوا عنه " أخرجه مسلم وغيره. ونسأل الله أن يوفقك وأن يرزقك من فضله العظيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1423(12/7090)
طريقة انتفاع المقرض بماله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام أخي الكريم
أريد أن أعمل في مشروع وهو أن أشتري سيارة على حساب صاحب لي ولكن هذا الشخص قال لي أقرضك المال وتبدأ بالتسديد شهريا لمدة مثلا ثلاث سنين ويريد أن أعطيه ثلاث سنين بعد أن أكتمل كامل المبلغ ربع أو ثلث أو خمس أو سدس المبلغ هل هذا ربا أم لا؟ وما هي الطريقة الشرعية لذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصورة المذكورة لا تجوز لأنها قرض جر نفعاً، وهذا من الربا المحرم، كما هو مبين في الفتوى رقم: 15844.
وإذا أراد المقرض الانتفاع بماله، فليعطه مضاربة لا قرضاً، وذلك بأن تستثمر المبلغ في مشروع معين على أن لكل منكما نسبة معينة من الربح لا من رأس المال، فما حصل من ربح تقتسمانه على حسب ما اتفقتما عليه، كأن يكون لك ثلثاه وله ثلث أو العكس، وإذا حصلت خسارة فهي في رأس المال، وتكون أنت قد خسرت جهدك فقط، وراجع الفتوى رقم: 11158.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1423(12/7091)
الاقتراض بالربا في هذه الحالة ليس ضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب خاطب منذ ثلاث سنوات بكتاب شرعي أي أن خطيبتي هي زوجتي على سنة الله ورسوله وقد حدثت بيننا خلوة كانت نتيجتها الحمل وهي حامل منذ شهر تقريبا أريد الآن أن نتزوج بأسرع وقت ممكن (أي حفلة الزفاف) لدرء الفضيحة وقد قلت بيدي النقود ولم أجد أحد يقرضني سوى بالفائدة فهل يجوز أن أقترض بالفائدة وأنا مضطر لذلك جداً جداً جداً؟ وذلك لكي أخفي هذا الحمل قبل الزواج.
فأرجوكم ساعدوني قبل فوات الأوان وقد ضاقت بي السبل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان قد تم عقد النكاح الشرعي المكتمل الشروط والأركان بينك وبين هذه المرأة، فهي زوجتك، ولا حرج عليك فيما فعلت؛ مع أنه كان الأولى في حقك ترك ذلك حتى يتم الزفاف، لأن ذلك هو الذي جرى عليه عرف الناس. وانظر الفتوى رقم: 13450، وأركان النكاح الشرعي مبينة في الفتوى رقم: 7704.
والآن وقد حدث ما حدث لا يجوز لك الاقتراض بالربا، لأن هذا ليس ضرورة، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 10959.
وعليك أن تبحث عن رجل من أهل الخير تقترض منه هذا المبلغ، أو تقنع زوجتك وأهلها بالصبر عليك حتى يفتح الله عليك من فضله، وإذا استطعت أن تعمل حفل زفاف متواضعاً في أسرع وقت ممكن فبادر بذلك، وإذا لم تستطيع فليس في الأمر ما يدعوك إلى ارتكاب ذنب القرض الربوي، بل ليس فيه ما يدعو إلى الحرج أيضاً، ما دمت قد عقدت على هذه المرأة عقداً صحيحاً مستوفياً شروطه، ولا تنس قبل ذلك وبعده أن تطرق باب الكريم سبحانه، فإنه لا يخيب من دعاه.
والله نسأل أن يوفقك، وأن ييسر أمرك، وأن يفتح عليك بخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1423(12/7092)
التلاعب بالألفاظ لا يخرج الربا عن حقيقته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أنا مستخدم بمؤسسة مالية عمومية تمنح قروضا من أجل اقتناء السكن للمستخدمين بسعر فائدة 2,5% تسترجع على فترة 20 سنة وفي نقاش مع مجموعة من الإخوة اعتبر هؤلاء أن السعر لا يعد ربا بل تكاليف تسيير الملف لمدة العشرين سنة هلا تفضلتم جزاكم الله خيرا بتوضيح مستفيض لموقف شرعنا الإسلامي لهذه النازلة؟
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في القرض هو أنه عقد من عقود الإرفاق أباحه الله تعالى لحاجة الناس إليه، ووعد المقرض بالثواب الجزيل عليه، فهو إذاً باب من أبواب الإحسان، لا يبتغي منه رب المال إلا الأجر من رب العالمين.
أما إذا أدى القرض إلى حصول منفعة لصاحب لمال، فإن ذلك باب من أبواب الربا يدخل تحت القاعدة: كل قرض جر نفعاً، فهو ربا.
وقد كان أخذ الفائدة على القرض هو أساس الربا الذي كان في الجاهلية، كما ورد في سبب نزول قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [البقرة:278] .
أما تسمية هذه الفائدة بأي اسم آخر، فهذا لا يخرجها عن كونها ربا، وهذا نوع من التلاعب بالألفاظ وهو لا يغيِّر من الحقائق شيئاً، إذ إن القاعدة عند الفقهاء: هي أن العبرة بالمعاني لا بالألفاظ والمباني.
وتسمية الشيء المحرم بشيء آخر حلال وقوع في جريمة أخرى، وهي التحايل على شرع الله تعالى وهو من صفات اليهود، وقد ثبت في مسند أحمد وسنن أبي داود بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله اليهود، إن الله حرم عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا ثمنها"، وفي رواية: "أذابوها".
فلا يجوز القرض بالفائدة ولو قلَّت أو سميت بغير اسمها، لأن ذلك ربا، والربا إعلان للحرب مع الله ورسوله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1423(12/7093)
حكم اقتراض الذهب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز اقتراض شيء من الذهب لفترة ثم يرد بنفس الوزن والعيار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا بأس باقتراض الذهب إذا كان سيرد بنفس العيار ونفس الوزن، وإنما المنهي عنه هو البيع والشراء والمصارفة فيه من غير قبض أو مماثلة، أما مجرد القرض فهو جائز قطعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1423(12/7094)
حقيقة التوبة من القرض الربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت قرضا من البنك ودفعته مقدماً في شقة وذلك منذ عام وأردت أن أرد الشقة للبنك وأسترد المبلغ وأسدد بها القرض ولكن البنك سوف يخصم مني المبلغ المدفوع كدفعة مقدمة كله ولم أستطيع أن أسدد القرض. ماذا أفعل وأنا الآن مقبل على الزواج ومحتاج لكل قرش من أموالي وفي نفس الوقت لا أطيق الاستمرار في التعامل بالربا بسداد أقساط القرض وفوائده بالله عليكم يا أهل الخير دلوني ماذا أفعل؟ مع ملاحظة أني محتاج لكل قرش من راتبي حيث أنني مقبل على الزواج]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن أكل الربا والتعامل به من أكبر الكبائر، وقد ثبت تحريمه بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وإجماع علماء الأمة.
فمن أدلة الكتاب:
قوله تعالى وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا [البقرة:275] ... وهي نص في الموضوع.
وقال سبحانه يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ*فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:278-279] .
ومن أدلة السنة:
ما رواه الإمام أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعن الله آكل الربا، وموكله، وشاهده، وكاتبه، هم فيه سواء.
والواجب على السائل أن تكون توبته من الربا ابتغاء مرضاة الله تعالى وخوفاً من سخطه وعقابه، لا لأي سبب آخر -كما قد يفهم من السؤال- وما يفعله من تاب من الربا بينه الله عز وجل بقوله وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) [البقرة:279] ، فلا يدفع إلا رأس المال فقط ولا يجوز أن تدفع الفوائد، وعلى السائل أن يتحمل ما يقع عليه من الأذى بسبب ذلك، مبيناً لهم أن الربا محرم، فإذا منع من ذلك وأجبر على الزيادة فهو في حكم المغلوب.
وعلى كل حال، فإذا أمكنك دفع رأس المال دون زيادة وجب عليك ذلك حتى تتخلص من هذه العملية الربوية وتبعاتها، ولو أدى ذلك إلى بيع الشقة التي اشتريتها بالمال الذي اقترضته وإذا لم يمكنك ذلك وكنت مجبرا على دفع الزيادة الربوية، فلا يلحقك إثم بإكمال هذا العقد الربوي الذي لم تستطع التخلص منه إذا كنت نادماً على ما سبق، وعازماً على عدم العودة لمثله في المستقبل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1423(12/7095)
كل زيادة في سلف ينتفع بها المسلف فهي ربا
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يملك أرضا زراعية أراد الحصول على قرض من أحد التجار فقام التاجر بمنحه القرض المطلوب دون فوائد على خمس سنوات بشرط أن لا يحق لصاحب الأرض أن يأخذ من الأرض أي شيء خلال فترة القرض (خمس سنوات) وأن التاجر فقط هو الذي يأخذ محصول هذه الأرض لمدة خمس سنوات ويبيعه ويأخذ ثمنه لحسابه الخاص طوال الخمس سنوات ولا يعطي صاحب الأرض درهما واحدا من حصيلة بيع المحصول وفي نهاية الخمس سنوات إن لم يستطيع صاحب الأرض تدبير قيمة القرض بالكامل دون نقصان فلن يحصل على أرضه ويتم مد الفترة خمس سنوات أخرى فهل هذا القرض يعتبر قرضا على الطريقه الإسلامية فإذا كان الجواب: لا، فما هي الطريقه الإسلاميه لمنح قرض مقابل أرض زراعية؟.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا قرض محرم بلا خلاف، فقد اتفق العلماء -رحمهم الله- على أن اشتراط الزيادة في بدل القرض للمقرض مفسد لعقد القرض، سواء أكانت الزيادة في القدر بأن يرد المقترض أكثر مما أخذ من جنسه، أو بمنفعة يحصل عليها، أو كانت في الصفة بأن يرد المقترض أجود مما أخذ.
قال ابن عبد البر: وكل زيادة في سلف أو منفعة ينتفع بها المسلف فهي ربا، ولو كانت قبضة من علف، وذلك حرام إن كان بشرط.
وقال الإمام الطحاوي في شرح معاني الآثار 4/100: ثم حرم الربا بعد ذلك، وحرم كل قرض جر نفعاً، وأجمع أهل العلم أن نفقة الرهن على الراهن لا على المرتهن، وأنه ليس للمرتهن استعمال الرهن.
واستدل الفقهاء على ذلك بأن موضوع عقد القرض الإرفاق والقربة، فإذا شرط المقرض فيه الزيادة لنفسه خرج عن موضوعه فمنع صحته، لأنه يكون بذلك قرضاً للزيادة لا للإرفاق والقربة، ولأن الزيادة المشروطة تشبه الربا، لأنها فضل لا يقابله عوض، والتحرز عن حقيقة الربا وعن شبهة الربا واجب. وقال الحنابلة: ومثل ذلك اشتراط المقرض أي عمل يجر إليه نفعاً، كأن يسكنه المقترض داره مجاناً، أو يعيره دابته، أو يعمل له كذا، أو ينتفع برهنه.
أما الطريقة الإسلامية لمنح قرض مقابل أرض زراعية، فهي الرهن الشرعي أو السلم.
وقد سبق لنا جواب حول الرهن وأحكامه تحت رقم: 15091، وعن السلم وأحكامه تحت رقم: 11368 فراجعهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1423(12/7096)
حكم الاقتراض لقضاء الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز القرض من البنك لشراء وحدة سكنية مع وجود ضرر من الوحدة الحالية من خطر على أسرتي ونفسي.
وهل يجوز القرض لإقامة مشروع تجاري
يود أحد أصدقائي عمل قرض ليرد دين عنه مقابل تخفيف هذا الدين من المدين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاقتراض من البنك بفائدة محرم إلاَّ عند الضرورة الملجئة، فلا يجوز شراء البيت به إلا إذا لم يجد الشخص سكناً بإيجار أو بغيره، فإن لم يجد سكنا فلا حرج عليه حينئذ أن يقترض بفائدة لشراء بيت يسكنه. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم:
6689 والفتوى رقم: 6501
وأما الاقتراض لإقامة مشروع تجاري فلا يخلو من حالتين:
الأولى: أن لا يكون بفائدة وهذا جائز لا إشكال فيه.
الثانية: أن يكون بفائدة وهذا حرام. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 3126 والفتوى رقم: 3915
وأما عن الاقتراض لقضاء الدين فلا يخلو الدين من أن يكون حالاً أو يكون مؤجلاً، فإن كان حالاً والمقترض موسر وجب عليه رد المال لصاحبه، سواء رده من ماله أو بقرض من غيره، وإذا طلب المدين من صاحب المال أن يسقط عنه شيئاً فوافق فلا حرج في ذلك، وأما إذا كان الدين مؤجلاً فلا يجوز أن يسقط صاحب الدين شيئاً من ماله مقابل أن يعجل له المدين بقية ماله باتفاق المذاهب الأربعة المتبوعة، وهذه المسألة تسمى عندهم بمسألة "ضع وأتعجل" أي ضع شيئاً من دينك المؤجل وأعجل لك باقيه، وهي ممنوعة لسببين: -
الأول: تسمية ابن عمر إياها ربا، ومثل ذلك لا يقال بالرأي، فأسماء الشرع توقيفية فدل ذلك على أن الأمر مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أنه معلوم أن ربا الجاهلية إنما كان قرضاً مؤجلاً بزيادة مشروطة، فكانت الزيادة بدلاً من الأجل فأبطله الله تعالى وحرمه، وقال (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ) [البقرة:279] ، وقال تعالى (وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا) [البقرة:278] ، فحظر جل وعلا أن يؤخذ للأجل عوض. فإذا كانت عليه ألف درهم مؤجلة فوضع عنه على أن يعجله فإنما جعل الحط مقابل الأجل، فكان هذا معنى الربا الذي نص الله تعالى على تحريمه، ولا خلاف أنه لو كان عليه ألف درهم حالة فقال له: أجلني وأزيدك فيها مائة درهم لا يجوز لأن المائة عوض من الأجل فكذلك الحط في معنى الزيادة إذ جعله عوضاً من الأجل.
وإن كان المدين معسراً فلا يجوز لصاحب الدين مطالبته بما لايقدر عليه، ولا يلزمه الاقتراض لسداد ما عليه من الدين، لكن لو استدان بدون فائدة لقضاء ما عليه من الدين الحال مقابل أن يسقط عنه صاحب الدين جزءاً منه فلا حرج في ذلك، أما لو كان الدين مؤجلاً فلا يجوز كما سبق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(12/7097)
تبرأ ذمة المدين بالإسقاط
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
عندي صديقة تجمعني بها علاقه حب وقد احتجت بعض المال فطلبت منها وهو مبلغ كبير جدا وأعلم وتعلم هي أيضا أنني لا أستطيع إرجاعه لها وهو هدية منها فهل يجور لي أخذه أم لا؟ وشكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم بيان حكم إقامة علاقة حب أو صداقة بين الرجل والمرأة غير زوجته في أجوبة سابقة فليراجع منها الجواب رقم:
10271 والجواب رقم: 12814
والواجب قطع هذه العلاقة التي حرمها الله ورسوله قبل أن تسوق أصحابها إلى ما لا تحمد عقباه؛ إن لم تكن قد ساقتهم إلى ذلك بالفعل.
وأما المال فإنه دين في ذمتك إن أسقطته عنك برئت ذمتك، وإلاَّ فعليك رده حين الاستطاعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1423(12/7098)
ليسدد كل منكم عن المدين حسب وسعه
[السُّؤَالُ]
ـ[أخ لي تعامل في التجارة أخذ أموالا من البعض مقابل مبلغ شهري محدد يتقاضاه صاحب المال.
أعسر به الحال في التجارة واستدان مبلغا كبيرا يفوق قدرتنا في مساعدته كيف نساعده]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما جرى لأخيكم من خسارة في تجارته أمر طبيعي يحصل لكثيرين، والذي ينبغي عليكم هو إعانته بقدر ما تسطيعون، كأن يصرف له كل واحد منكم جزءا من دخله الشهري ثم تجمعونه وتسددون به شيئاً من دينه، كما أنه يمكنكم أن تطلعوا أهل الخير من ذوي الأموال أو الجمعيات الخيرية على حاله ليقدمو له ما يستطيعون من عون، ولا يجوز لغرمائه مطالبته بما لهم عليه من الأموال ما دام معسراً، بل الأولى لهم العفو عنه لقوله تبارك وتعالى: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة:280] وننبه على أمر وارد في السؤال وهو قولك:
إن أخاك أخذ أموالاً من البعض مقابل مبلغ شهري محدد يتقاضاه صاحب المال، والأمر الذي نريد بيانه هو أنه إن كان صاحب المال يأخذ هذا المبلغ في مقابل القرض الذي أقرضه لأخيك فإن هذا هو عين الربا، ولا يجوز لأخيك أن يدفع له إلا رأس ماله فقط، ولا يحل له هو أخذ زيادة عليه، وإن كان هذا المبلغ الذي يتقاضاه شهرياً هو جزء من رأس ماله الذي على أخيك فلا حرج في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1423(12/7099)
الجهة المخولة هي التي يحق لها إسقاط الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
أنا أعيش في أمريكا وعلي ديون كثيرة من بعض المستشفيات والجامعات. بعض الأوقات كان معي مال لأدفع بعض هذه الديون في وقتها ولكن تهاونت في دفعها وكنت أظن أحيانا أن هؤلاء كفار ولا ينبغي أن أدفع لهم. والآن ولله الحمد لقد فتح الله علي من أبواب رزقه وأستطيع أن أدفع هذه الديون. قال لي أحد المشايخ في هذه البلاد إنه يجب علي دفع جميع الديون. عندما ذهبت لدفع الديون وجدت أن بعضها قد ألغي بسبب طول الوقت وقالوا لي إنه ليس علي شي. فماذا علي أن أفعل الآن فأنا لا أريد أن أُسأل عن هذه الديون يوم الحساب. فهل أعطيهم المال على الرغم من أنهم قالوا إنها دفعت أم اتًصدق بهذا المال للمسلمين؟
أفتونا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وجد قانون في تلك المؤسسات يقضي بسقوط الديون بعد مدة من الزمن وكان هذا القانون برضى أصحابها فإنك لا تطالب بسداد الديون لأن أصحابها قد أسقطوها عنك.
وأما إن كان إسقاط هذه الديون عنك قد تم من قبل الموظفين فقط، أو لأن الحسابات الماضية قد ذهبت ملفاتها أو ما شابه ذلك من الأسباب، فإن الدين لا يزال في ذمتك، وعليك أن تحاول إيصاله إلى أصحابه مبيناً لهم أن هذا كان ديناً عليك وتأخرت في سداده للإعسار. فإن أسقطوه عنك بعد ذلك برئت ذمتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1423(12/7100)
هل يجوز القرض بفائدة يحددها المقترض؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أقرض شخص لآخر مبلغا من المال مقابل فائدة لم تتحدد نسبتها وتركت للشخص المقرض له (من عليه الدين)
-مالحكم في هذه الفائدة؟
-من يزكي هذا المال، المقرض أو المقترض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لشخص أن يقترض من شخص آخر أو من أي جهة كانت قرضاً مقابل فائدة؛ وإن ترك تحديد الفائدة للمقترض، لأن القرض عقد تبرع لا يجوز أن يؤخذ في مقابله فائدة أو منفعة. وقد قرر أهل العلم أن كل قرض جر نفعاً فهو رباً يحرم على المقرض أخذ الفائدة عليه، كما يحرم على المقترض أن يدفعها لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " لعن الله الربا آكله وموكله وكاتبه وشاهديه. وقال: هم سواء " أي في الإثم. رواه مسلم واحمد وأبو داود عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه.
إلا إذا كان المقترض عند تسديد القرض زاد المقرض شيئاً تبرعاً منه وهبة ولم يكن مشروطاً عليه ذلك في عقد القرض فلاحرج في ذلك، بل هو من الوفاء بالأحسن.
وزكاة الدين لا تلزم المقترض وإنما المقرض، كما هو مبين في الجواب رقم 941
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1423(12/7101)
حكم رد زيادة على القرض إحسانا وتبرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب شخص من زميله أن يقرضه مالا ليتاجر به مقابل فائدة لم يطلبها الزميل ولم يحددها الشخص. ما حكم هذه الفائدة؟ هل هي ربا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....
أما بعد:
فإن القرض من دفع مال لمن ينتفع به ويرد مثله بقصد الإرفاق وهو أحد الأمور التي يجب أن تتمخص لله عز وجل، وأن لا يكون فيها نفع للمقرض، ولا يجوز أن يتخذ القرض وسيلة للربح والتجارة. فالقاعدة المعروفة هي: أن كل سلف جر نفعاً فهو محرم.
وعليه، فإذا كان ردك للفائدة المذكورة للمقرض مع رأس ماله مشروطا عند عقد القرض أو معتاداً فهو من الربا المحرم، أما إن كان تبرعاً منك له ومجازاة على إحسانه من دون شرط ولا عادة فلا حرج، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم أثنى على أحسن الناس قضاء، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم - استلف من رجل بكرا- أي بعيرا صغير السن - فجاءته إبل من إبل الصدقة فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره، فرجع إليه أبو رافع فقال: لم أجد فيها إلا جملاً خيارا رباعيا، فقال:"اعطه إياه إن خيار الناس أحسنهم قضاء! ".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1423(12/7102)
حكم أخذ قرض من الادخار الإجباري لقاء زيادة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا أعمل في مؤسسة والمؤسسة تدخر إجباريا مبلغا من راتبي وتضعه في بنك بفائدة
ويتم إعطائي المبلغ المدخر مع الفائدة عند نهاية الخدمة
المؤسسة تسمح للموظفين بأن يأخذوا جزءا من الادخار على شكل قرض بفوائد مساوية للفوائد التي يتم استثمار الأموال بها بالإضافة إلى نسبة 2% كرسوم نفقات
هل هذا القرض حلال أم حرام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان اقتطاع هذا المبلغ إجبارياً فلا إثم عليك فيه لأنك غير مختار له، لكن عليك في نهاية الخدمة عند الحصول على هذا المبلغ أن تتخلص من الزيادة الربوية لأنها لا تحل لك، فالمال الحرام لا يدخل ملك مكتسبه، وكيفية ذلك أن تنفقه في سبيل الخير.
ولا يجوز لك أخذ قرض من هذه المؤسسة بالصورة التي ذكرتها لأنه قرض يترتب عليه فوائد ربوية، ومعلوم أن الربا محرم بنص الكتاب العزيز، كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُون) َ [البقرة: 178،179] وننبه الأخ الكريم إلى أنه يجب عليه ألا يتساهل في مثل هذه الأمور لخطورتها على دينه، وعليه أن يبحث عن عمل آخر لا يوجد فيه هذا الأمر المحرم، فإن لم يجد وهو محتاج لعمله الذي هو فيه الآن، فلا إثم عليه كما سبق أن بيناه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(12/7103)
الإقراض مع دفع رسوم ثابتة زائدة على رأس مال القرض
[السُّؤَالُ]
ـ[1-فضيلة الشيخ ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد قمت أنا وإخوتي الستة بإنشاء صندوق تعاوني
فيما بيننا حيث يقوم كل منا بدفع مبلغ 200ريال سعودي كل شهر لمواجهة الظروف الطارئة. ولقداتفقنا على إيداع المبلغ في أحد الصناديق الاستثماريه الموافقة للشريعة الإسلامية ولزيادة رأس مال الصندوق اقترحنا احد أمرين:
1-أنه إذا أراد أي أحد أن يشتري أى سلعة (كهربائية مثلأ) أن يقوم الصندوق بشرائها له ثم بيعها عليه بالتقسيط بسعر أعلى.
2-يستطيع أي شخص أخذ قرض نقدي من الصندوق شريطة أن يدفع رسوم مقطوعه ثابتة لا تتغير بتغير قيمةالقرض (100ريال مثلا) تعتبر كأتعاب إدارية الهدف منها زيادة موجودات الصندوق مما يعود بالنفع على الجميع.
الرجاء إفادتي بالحكم الشرعي لما تقدم.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في إنشاء صندوق تعاوني إذا ضبط بالضوابط الشرعية، كما أنه لا مانع من شراء السلعة بثمن ثم بيعها بالتقسيط بثمن أكبر وهذا الذي يعرف ببيع المرابحة للآمر بالشراء، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم:
1084 والفتوى رقم: 12927 وأما الإقراض مع دفع رسوم ثابتة زائدة على رأس مال القرض، فلا يجوز لأن ذلك هو الربا. وعليكم أحبتي الكرام أن تتحروا في معاملاتكم موافقة الشريعة يبارك لكم في أموالكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1423(12/7104)
هل يسوغ الاقتراض بالربا لتوسيع التجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[توسيع التجاره بقرض ربوي علما بأنه لا يوجد بالمغرب بنك إسلامي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز الاقتراض بالربا لهذا الغرض، ولا لغيره لأنه لا ضرورة فيه، لأن الله تعالى حرَّم الربا تحريماً قطعياً بنص القرآن الكريم، فقال: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنينن فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) [البقرة: 279] ولا يجوز ارتكاب أي محرم من المحرمات إلا عند الضرورة الشرعية، والضرورة تقدر بقدرها، لقوله تعالى: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) [الأنعام:] فعلى الأخ الكريم أن يكتفي بما عنده من المال، فإن ما قل ونفع خير مما كثر وألهى، والمال الحرام يذهب بالحلال، كما قال الشاعر:
جمع الحرام إلى الحلال ليُكثره جاء الحرام على الحلال فبعثره
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1423(12/7105)
المعسر الذي لا يستطيع أداء الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ما حكم الإسلام في إنسان عليه دين ولم يستطع لسبب قاهر خارج عن إرادته رده لأصحابه، والدائنون لم يرحموه، ماذا يفعل ليكون معذوراً أمام لله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن عليه دين لا يستطيع قضاءه، وعُلم إعساره، فلا يجوز حبسه ولا استعماله مقابل المال الذي عليه.
قال الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى -: قال الله تعالى: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة:280] .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مطل الغني ظلم" فلم يجعل على ذي دين سبيلاً في العسرة، حتى تكون الميسرة، ولم يجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مطله ظلماً إلا بالغنى، فإذا كان معسراً، فهو ليس ممن عليه سبيل إلا أن يوسر، وإذا لم يكن عليه سبيل، فلا سبيل إلى إجارته لأن إجارته عمل بدنه، وإذا لم يكن على بدنه سبيل، وإنما السبيل على ماله لم يكن إلى استعماله سبيل.
وكذلك لا يحبس لأنه لا سبيل عليه في حاله هذه، وهذا فيما بينه وبين الناس.
وأما ما بينه وبين الله، فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله".
فينبغي لك أن تجتهد قدر استطاعتك في رد حقوق الناس إليهم.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والإعانة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(12/7106)
قضاء الديون عن الآخرين غير واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[مشايخنا الكرام ... أفيدونا أفادكم الله وأفاد بكم العباد..
عندنا خلاف بيني وبين أخي الكبير، وأصله، سافرنا إلى بلاد أجنبية حتى نعين أسرتنا بالمال.. فأصبح أخي لا يبالي بالحدود الشرعية، ويأخذ أموال غيره ولا يردها ولقد دفعت عنه أموالاً كثيرة فكلما سمعت أحداً يطلبه دفعت عنه المال حتى لا يصيبنا الحق تعالى بذنبه أجمعين.. فنحن علينا عهد ألا نصيب أموال الناس.
ثم كثر الطالبون لأموالهم من أخي ثم دار بيننا نقاش حاد جداً، ثم افترقنا.. فأصبح يشيع عني بأني سفيه، ويقذفني بالفواحش.. ازدادت حدة الخلاف فأصبحنا لا نتخاطب معاً مطلقاً ولا يرد السلام علي لا في شهر مبارك ولا يوم عيد علما بأنه يكبرني بعامين وعمره 26 عاماً فما الحكم الحال؟ وما واجبي؟.. جزاكم الله خيرا الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاك الله خيراً على ما قمت به تجاه أخيك، وعليك أن تصبر على ما تلقاه منه من المعاملة السيئة ابتغاء مرضاة الله تعالى، ولتكن هذه الآية أمامك، وهي قوله تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم*وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) [فصلت:34،35] ونذكرك أيضاً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل يشكو إليه سوء معاملة أقاربه، قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: "إن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل (الرماد الحار) ولا يزال من الله معك ظهير عليهم، ما دمت على ذلك" رواه مسلم وأحمد وأبو داود. واعلم أنه لا يجب عليك أن تقضي عنه الديون التي تطلب عليه، وإثمها إنما يتعلق به وحده، لقوله سبحانه وتعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1422(12/7107)
حكم الاقتراض من المال الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب يريد إقتراض مال من شخص يزرع المخدرات ليتاجر به في الحلال. ماحكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن باع ما كان محرما، أو أخذ مالاً على فعل محرم، يكون ما أخذه من مال حراماً يحرم عليه أن ينتفع به، لأن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه، وإذا حرم المال على من حازه فهو كذلك حرام على من عامله به قياسا لاتحاد العلة وهي كون هذا المال من كسب حرام، ولأن التعامل معه هنا يكون إقرارا لفعل الحرام. قال الشافعي رحمه الله في الأم (ولا نحب مبايعة من أكثر ماله الربا، أو ثمن المحرم ما كان، أو اكتساب المال من الغصب والمحرم كله) انتهى
وعليه فلا يجوز لك الاقتراض من ذلك الرجل إذا كان مصدر ماله كله مما ذكر في السؤال.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1422(12/7108)
ضمان رأس المال في المضاربة يفسدها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أخذ مبلغ كضمان عبارة عن شيك من شخص تم الاتفاق بينى وبينه على مشروع بناء منزل وفى حالة بيع الطرف الثانى البيت يدفع لي مبلغاً زيادة على المبلغ الذى دفعته له سواء خسر فى حالة بيع المنزل أو ربح فإن المبلغ لايتغير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أعطى أخاه مالاً، فلا حرج عليه أن يأخذ وثيقة بذلك، أو رهنا.
لكن هذه المعاملة المذكورة في السؤال محرمة، وحقيقتها أنها قرض بفائدة؛ إذ من دفع إلى غيره مالاً ليتجر فيه، أو يستثمره، واشترط عليه ضمان هذا المال وسداده، سواء ربح أو خسر كان مقرضاً له، فإن اشتراط زيادة على ما دفع إليه، كان مقرضاً له بالربا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1422(12/7109)
من مات وعليه دين
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا توفي شخص وعليه ديون لايستطيع ورثته سدادها هل يعذب حتى تسدد ديونه، وإذا كان هذا الشخص له مال عند تجار ليشغلوه له وكان يعلم أنهم يتاجرون في أشياء محرمة فهل يجوز لورثته أن يستردوا هذا المال لسداد دينه أم أن ذلك يزيد من عذاب المتوفى غفر الله له.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي المسند والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه" حسنه الترمذي، وصححه السيوطي.
فهذا الحديث فيه حث لأولياء الميت على قضاء دينه إن استطاعوا، وفيه إخبار لهم أن نفسه تبقى معلقة حتى يقضى عنه دينه.
وقال أهل العلم إن ذلك محمول على من ترك مالاً، وأما من لا مال له فيرجى أن لا يتناوله هذا الحديث لقول الله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) [البقرة: 286] . وخاصة إذا كان استدان بنية القضاء والعزم عليه، ولم يفرط حتى مات، فقد أخرج البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله". وعلى هذا إذا كان هذا الميت له مال فيجب أن يسدد منه دينه، وإن لمن يكن له مال واستطاع أولياؤه أن يسددوه عنه فذلك من عمل الخير والبر بالنسبة لهم يثابون عليه، وإن لم يكن شيء من ذلك فنرجو أن يدخل في معنى حديث البخاري المتقدم، والمال الذي ذكرت أنه عند تجار فهو في الأصل لهذا الميت - رحمة الله عليه - تسدد منه ديونه والباقي لورثته. وعلى ورثته قبل ذلك أن يتخلصوا مما يعلمون أنه أرباح مستفادة جراء المتاجرة في الأشياء المحرمة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/7110)
الاقتراض من البنك يختلف حكمه باختلاف البنك
[السُّؤَالُ]
ـ[أب متوفى وعليه دين كبير ومن عنده من الأبناء والأبناء لا تسمح قدرتهم ومادتهم بقضاء الدين دفعة واحدة فهل يجوز لهم أخذ قسط من البنك لسداد الدين وبالتالي يمكنهم دفع أقساط للبنك؟ إذا كان غير جائز أفيدونا بحل آخر؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاقتراض من البنك حكمه يختلف باختلاف البنك المقرِض وطبيعة القرض منه، فإن كان البنك يقرض قرضا حسنا بدون أن يفرض أي نسبة ربوية فلا بأس بأخذ القرض منه لهذه المهمة وإن كان غير ذلك فلا، وحينئذ نقترح بدلا عن ذلك أن يتفق أصحاب الدين مع أولاد الميت على أن يحولوا الديون على أسماء الأولاد ويتفقوا معهم على تسديدها بالأقساط ونذكر أصحاب الديون بأن الله جل وعلا أو جب إنظار المعسر إلى الإيسار كما رغب في التصدق عليه بما حال الإعسار بينه وبين سداده قال تعالى: وإن كان ذوا عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون. [البقرة: 280] ونسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه حبه ورضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/7111)
لا حرج في القرض الذي ينفذ برامجه بنك ربوي برسوم محددة
[السُّؤَالُ]
ـ[برنامج الاسكان قامت الحكومة مشكورة بمساعدةالشباب عن طريق منحهم قرض بمبلغ 500000 درهم على أن يتم السداد لمدة 25 عاماً. إلا أن هذاالبرنامج تم تنفيذه عن طريق إحدى بنوك الدولة الربوية مقابل قيام المقترض بدفع مبلغ 10000 درهم كمصاريف إدارية للبنك (كما يقال) أرواق موظفين مهندسين. الخ. ويشترط البنك بأن يقوم المقترض بالتأمين على البيت لمدة 25سنة (علماً بأن أقساط التأمين من ضمن المبلغ الذي يقوم المقترض برد قيمته وهي 510000 فهل هذاالقرض حلال؟ وخاصة أن سدادالمبلغ لمدة 25 سنة مع فائدة البنك وقدرها =/ 10000 درهم وهو مبلغ زهيد ليس الغرض منه الربح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا القرض الذي تقرضكم إياه الدولة وينفذ برنامجه عن طريق بنك ربوي يأخذ رسوماً مقدرة وهي مصاريف إدارية كما يقول السائل فلا حرج في أخذه والانتفاع به وإن كان يتم عن طريق بنك ربوي لأنه لا فائدة تؤخذ عليه وليس البنك هو جهة الإقراض لا سيما مع الحاجة إلى القرض. وأما نظام التأمين المتبع فالذي يظهر لنا أنه تحصيل حاصل حيث حسب قسط التأمين من قسط القرض وعليك أن تسعى في أن تكون جهة التأمين إسلامية إن كان هذا في وسعك. فعلى ما تقدم يكون لك أخذ القرض والحالة هكذا إلا إن كان في العقد شروط أخرى لا نعلمها قد تضر بالعقد وحبذا لو فصلت في صيغة التأمين المتبعة. هذا والله نسأل أن يبارك لك فيما أتاك وأن يرزقك من فضله، والله ولي التوفيق.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/7112)
حكم وضع شرط جزائي لمن يتأخر عن سداد الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن شركة توزع منتجاتها بالجملة على التجار ويكون الدفع بالأجل. هل نستطيع وضع شروط جزائية على من يتأخر. علماً بأن السعر يختلف على من يدفع نقداً ومن يدفع بالأجل
الرجاء مساعدتنا في وضع شروط عمل تنظم مواعيد الدفع تتفق مع الشريعة الإسلامية. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فوضع شروط جزائية على من يتأخر عن تسديد أقساط مستحقة عليه لا يجوز عند عامة أهل العلم، لأنه ربا محض، وهو مثل قول أهل الجاهلية المعروف (إمَّا أن تقضي وإمَّا أن تربي) . ونظرا للضرر الذي يلحق الشركات والمصارف من مطل المدينين وعدم تسديدهم للأقساط المستحقة عليهم، لأنهم يعلمون أنه لن يتخذ ضدهم أي إجراء عقابي. نظراً لهذا كله بدأ المختصون في البحث عن حل لهذه المشكلة في إطار شرعي وحتى الآن لم يصدروا فتوى جديدة في هذا الموضوع. وننصحك بتحري أهل الخير والرشاد في من تعاملهم حتى تضمن لنفسك عدم فوات الحقوق التي هي لك، فإن لم تجد هؤلاء ـ وهم قليلون فعلاً ـ فخذ بوسائل الضمان المتاحة كالشيكات الموقعة أو الرهان المضمونة.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/7113)
يحرم العمل والقرض من بنك ربوي وتسديد القرض أولى من الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله
كنت موظفا في البنك المركزي الاردني والآن استقلت وخلال عملي أخذت قرضا لتمويل بناء بيت لي للزواج وهو قرض ميسر بربا بسيط ويسدد على عشرة سنوات.وأرغب الآن في الحج ولكن هناك من قال لي بأنه يجب سداد القرض أولا، فما رأيكم جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر من سؤالك أخي الكريم استهانتك بقرض الربا الذي أخذته حيث إنك وصفته أنه قرض مبسط بربا بسيط. ونود أن نهمس في أذنك بهمسة فنقول: عفا الله عنك وغفر لك ذنبك الذي ارتكبته من قبل خلال عملك في البنك الربوي. وثانياً: في أخذك القرض الربوي؟ والذي ينبغي عليك أولا: أن تتوب إلى الله بصدق وتستغفره مما حصل منك وأن يكون هناك ندم منك على هذا الذنب الذي هو قرين الكفر والعياذ بالله كما هو مستنبط من الآيات المتوعدة أكلة الربا كقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين) [البقرة:278] وقال قبلها: (يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم) [البقرة:276] وفي مسند أحمد عن عبد الله بن حنظلة رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم درهم "ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلاثين زنية" ورجال أحمد رجال الصحيح. وقال عبد الله ابن سلام رضي الله عنه "الربا اثنان وسبعون حوبا أصغرها كمن أتى أمه في الإسلام، ودرهم من الربا أشد من ست وثلاثين زنية" وهو موقوف صحيح كما ذكره المنذري في الترغيب والترهيب. ثم عليك أن تعجل بقضاء هذا الدين ولا تؤخره حسب المدة المتفق عليها لأن هذه معصية ينبغي عليك أن تتخلص منها. نسأل الله تعالى أن يتوب علينا وعليك. أما بخصوص سؤالك فيمكنك التكرم بمراجعة الجواب رقم: 2513 والعلم عند الله.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/7114)
لا يجوز الاقتراض الربوي لبناء منزل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شراء منزل بقرض من البنك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
إذا كان القرض حسنا فلا حرج في ذلك، وإن كان قرضا ربويا (أي بفائدة) فلا يجوز لك أخذه ومن ثم لا يجوز بناء البيت منه قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) [البقرة: 278، 279] . ولعن سول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: "هم سواء" رواه مسلم. وعليك أخي الكريم أن تتحرى الحلال وتتقي الله في نفسك وأهلك قال تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) [الطلاق: 2] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/7115)
يحرم أخذ قرض من بنك ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شراء بيت بالقرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: شراء بيت بالقرض إن كان القرض ربوياً أي أنك تأخذه من بنك ربوي أو من شخص معين كتاجر مثلا ويشترط عليك إرجاعه بأكثر مما أخذته فهذا حرام باتفاق علماء الإسلام. وأما إذا كان القرض مباحاً بلا فائدة ربوية فيه فهذا حلال باتفاق أئمة المسلمين. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/7116)
لا حرج في الاستخدام الشخصي لأدوات العمل المستغنى عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بإحدى الجهات الحكومية، وأحيانا يتم الاستغناء عن الأوراق والأدوات وإلقائها في سلة المهملات، فهل يجوز لي استخدام هذه الأشياء؟ فمثلا أستخدم الأوراق بالمذاكرة على خلفها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأوراق والأدوات التي لم تعد معدة للاستعمال في المؤسسة، وصارت عرضة للرمي في سلة المهملات لا حرج على من وجدها أن يستفيد منها ويستخدمها فيما ينفعه، وراجع الفتوى رقم: 46570.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1430(12/7117)
أنفق على أولاده مبلغا كان أمانة عنده ويطالبهم بسدادها عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[قال أبي إن شخصا أعطاه مبلغا كبيرا من المال كأمانة قبل أن يدخل السجن منذ 10 سنوات، لكن أبي صرف تلك الأموال على العائلة وعلى زفاف أختي حسب قوله، وهو الآن يطالبني وإخوتي بجمع هذا المال وتسديده لصاحبه، لأنه طالب به وهو يرفض أن يشارك معنا في ذلك بحجة أنه أنفق المال من أجلنا، مع أنه فعل ذلك دون علمنا ولا أخذ رأينا.
أنا لدي عائلة أنفق عليها وليس لي ولا لإخوتي سوى رواتبنا، مع أن أبي له نصف منزل وأرض وهو يعمل وبصدد بناء منزل آخر، وأنا أسكن بالإيجار ولا أستطيع إلى الآن توفير مبلغ يمكنني من امتلاك منزل لي ولعائلتي.
هل هذا التصرف مقبول؟ وهل من واجبي أن أسدد هذا الدين؟ مع العلم أن إخوتي لم يعودوا يطيقون هذا الأمر وقرروا التوقف عن دفع أي مبالغ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المبلغ أمانة لدى الأب ولم يؤذن له في التصرف فيه وقد أنفقه وأتلفه، فما فعله خيانة للأمانة التي اؤتمن عليها وهو آثم بذلك وضامن، ويجب عليه سداد المبلغ لصاحبه، قال صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح.
وإن كان صاحبه أذن له في التصرف فيه، وقد أنفقه فلا إثم عليه لكنه ضامن له، ويجب عليه رده وسداده، ولا يجب ذلك عليكم، وإن كان أنفقه في مصالحكم وحاجاتكم؛ لأنكم لم تسألوه ذلك ولم تطلبوه منه، كما ذكر في السؤال فهو متبرع به، قال في مواهب الجليل مبينا أن دين الأب لا يجب سداده على ابنه: فإذا كان على الابن ما يجب كالحج أو غيره فهو مقدم على سداد دين الأب قال: ودين أبيه ليس عليه حالا ولا مؤجلا، ففعل ما يجب عليه أولى من فعل ما لا يجب عليه. انتهى.
ولكن ينبغي ذلك أي سداد ديونه عنه إن كان ذلك لا يشق عليكم لأنه من البر به والإحسان إليه. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 122934.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1430(12/7118)
أموال الشركة التي لم يودعها الموظف لحسابها بالبنك أمانة في عنقه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أشتغل في مؤسسة حكومية وطبيعة عملي أخذ مبالغ مالية وأودعها بالبنك. وأنا أشك في أنني لم أودع مبالغ أكثر من مرة منذ أكثر من سنة، ونسيت كم المبالغ التي لم أودعها. فما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى صعوبة في معرفة قدر الإيداعات التي قمت بها خلال هذه السنة أو السنوات الماضية؛ لأن البنوك توفر خدمة كشوف الحسابات وهي تتضمن ما أودع في الحساب هذا إن كنت لا تحتفظ بالإيصالات التي أعطوك إياها عند الإيداع.
وبناء عليه، فالسبيل إلى معرفة قدر ما أودعته هي تلك الطريقة ونحوها مما يمكن التأكد به مما لك وما عليك.
وللمزيد انظر الفتويين رقم: 67267، 21017.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1430(12/7119)
لم يتمكن المدين من الوصول إلى الدائن ليوفيه دينه
[السُّؤَالُ]
ـ[اقترض أبي من شريكه وصديقه مبلغ 16 دينارا كويتيا قبل أكثر من أربعين سنة وأودع عند صاحبه عدة أجهزة كهربائية قيمة كأمانة وقال له: إنها أمانة عندك, إذا قيمت هذه الأجهزة في وقتها لتجاوز سعرها المبلغ 16 دينارا كويتيا. يتخوف الآن أبي أن عليه سداد هذا الدين متناسيا الأمانة مقابلها علما بأنه متعذر الوصول إلى صديقه ولا عنوانه فلقد انقطع الاتصال معه من حينها. فما العمل رحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر والله أعلم أن والد السائل إذا انقطع عنه خبر صاحب الدين ويئس من الوصول إليه أن يتصدق بقدر الدين عنه، ولا يجعل ما عند الآخر مقابل دينه لأن المقاصة هنا متعذرة لأن ما عند الآخر ليس دينا مضمونا في الذمة وإنما هو أمانة أو وديعة، أرأيت لو كانت هذه الأجهزة تلفت بغير تفريط من المودع فإنه لا يضمنها فكيف يصح أن يجعل هذا مكان هذا.
وأما عن الشخص الآخر فإذا تعذر الوصول إلى صاحب الأمانة فإنه يتصدق بها عن صاحبها وهل له أن يبيعها ويستوفي دينه ويتصدق بالفاضل أم يتصدق به كله؟ خلاف.
جاء في القواعد لابن رجب في قاعدة الأموال التي جهل مستحقها: قال تنبيهات: الأول: الديون المستحقة كالأعيان يتصدق بها عن مستحقها فيمن له دين وعنده رهن وانقطع خبر صاحبه وباعه هل له أن يستوفي دينه منه ويتصدق بالفاضل أم يتصدق به كله على روايتين وآختار ابن عقيل جوازه مطلقا. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(12/7120)
إنفاقك للمال المودع لديك على عيالك خيانة للأمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في إحدى المدن وأجمع مبلغا من المال من الإخوة الذين هم معي في الحي لشراء الأشرطة والكتيبات والمطويات وتوزيعها على الأسر في الحي الذي نسكن فيه، وقد تجمع عندي بعض المال فاحتجت إليه فصرفته على أسرتي، والآن أنا انتقلت من هذه المدينة، والمال له وقت طويل عندي فما الواجب علي؟
وأنا أريد أن أصرف هذا المال الذي عندي للدعوة إلى الله في المحافظة التي أسكن فيها الآن. فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تصرفك في هذه الأموال المودعة لديك لغرض نشر الخير بإنفاقها على عيالك يعد خيانة للأمانة، فقد أمر الله برد الأمانات إلى أهلها فقال: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا {النساء:58}
وحذر من خيانتها فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ. {الأنفال:27}
فالواجب عليك أن تتوب إلى الله من هذا الذنب العظيم، وأن تنفق نفس قدر المال الذي كان مودعا لديك في الغرض الذي خصص له، وهو توزيع الأشرطة والمطويات والكتيبات على أهل الحي الذي كنت تسكن فيه، وهل يجزئ عن ذلك أن تنفقه في المحافظة التي تسكن فيها الآن، في ذلك تفصيل، فإن كان المتبرعون اشترطوا أن تصرف أموالهم في إفادة الحي الذي يسكنون فيه فلا يجوز أن تصرفها في إفادة هذه المحافظة لأنه يجب تنفيذ شرط المتبرع، وإن لم يكونوا اشترطوا ذلك فلا مانع من صرفها في إفادة القرية المسؤول عنها.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 33592، 34293، 66683.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1429(12/7121)
توبة من أخذ مال غيره بدون حق
[السُّؤَالُ]
ـ[صاحب لي كان يعمل في متجر أحذية وكان صاحب المتجر يقول له بع الشغلة بمقدار مثل 10 دنانير على الأقل وكان صاحبي يبيعها بـ 14 دينار ويأخذ 4 دنانير ويخبر صاحب المتجر بأنه بعاها بـ 10 دنانير، وهو الآن التزم ويريد التوبة ولا يعلم مقدار الذي أخذه، فماذا يفعل بمثل هذه الحالة، فهل يجوز أن يتصدق بالمبلغ الذي يقدره وهو يخاف من الفضيحة مع صاحب المتجر إذا صارحه، وكيف التوبة من هذه المسألة مع العلم بأن حالة صاحبي المادية سيئة جداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من أخذ مال غيره بدون حقه فتوبته برده إلى صاحبه إن كان حياً أو إلى ورثته إن كان ميتاً، فإن تعذر رده تصدق به الآخذ عن ربه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان صاحب المحل لم يأذن للعامل بأخذ الزيادة على الثمن المقدر -كما هو الظاهر- فإن قيام العامل بإخفاء ذلك وأخذه لنفسه خيانة وأكل لمال الغير بالباطل، والله تعالى يقول: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188} ، ويجب على العامل التوبة إلى الله عز وجل ورد المال إلى صاحب المحل، وإن كان لا يعلم قدره بالضبط عمل بغالب ظنه، ولا يصح أن يتصدق بهذا المال إذا كان صاحبه معروفاً، ويمكن رده إليه وخشية الفضيحة لا تسقط عنه وجوب رده، ويمكن أن يرده بطريقة ما لا تلحق الضرر به، ولا يشترط إعلام صاحب المحل بذلك؛ بل لو أوصل هذا المال إليه بأي طريقة برئت الذمة بذلك إن شاء الله، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 76282، والفتوى رقم: 69759.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1429(12/7122)
الاطلاع على ما أودع على سبيل الأمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[جاءتني صديقة ووضعت عندي أمانة (عقد ملكية يثبت أن والدها كتب لها ولأختها البيت بالتساوي) ، وقد اطلعت على ذلك سراً لأنني خفت من أن تكون أوراق إرهاب فأجد نفسي في ورطة، والمشكلة أني علمت أن أختها معها كل يوم في مشاكل ومحن لعدم إمكانهما العيش مع بعض ... كما أن هذه الأخت لا تعلم بأن المسكن الذي تعيش فيه ملكا لها أيضا ... مع العلم بأن الأخت الكبرى لا تريد أن تخسر هذا البيت كما أنها لا تريد لأختها أن تعلم بهذا العقد، فهل أسكت على الحق الذي لا تعلمه الأخت الصغرى وأعيد الأمانة لصاحبتها وكأني لا أعلم شيئا، أم أخون الأمانة وأخبر الأخت الصغرى بالأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت باطلاعك على هذه الأوراق دون إذن من استودعتك إياها، فعليك بالتوبة إلى الله تعالى من ذلك وكان الأفضل من ذلك أن تعتذري عن قبولها من البداية.
وأما بخصوص السؤال فلا يلزمك إخبار الأخت الصغرى بذلك إلا إذا ترتب على السكوت ضياع حقها في البيت، ومعلوم أنه لا يثبت لها ولا لأختها حق في البيت بمجرد كتابة والدهما البيت لهما، بل لا بد من قبولهما لهذه الهبة في حياة والدهما وقبضها القبض الشرعي المعتبر بأن يخلي بينهما وبين البيت يتصرفان فيه تصرف الملاك بما أحبا من بيع أو تأجير أو غيره، وإلا فإن البيت باق على ملك والدهما في حالة حياته، فإذا توفي شاركا فيه بقية الورثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1428(12/7123)
لا يجوز للوكيل صرف المال في غير ما أذن له فيه أصحابه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد حدث أن سرق مبلغ من المال من أحد أصدقائي وهو مغترب في البلد الذي يدرس فيه فقمت بجمع بعض المال لمساعدته، جمعت المال من مصادر كثيرة وعندما عرضتها عليه لم يقبل أن يأخذها بأي شكل من الأشكال فبقي المبلغ معي، لم أتمكن من إعادة الأموال إلى أصحابها في وقت قريب وحدث أن احتجت لمبلغ من المال لأمر ضروري وقد أخذت المبلغ الذي احتجته من تلك النقود على أساس أنه دين ولكنني لا أستطيع تسديده في الوقت الحالي، فهل علي إعادة النقود مباشرة إلى أصحابها أو أن أتمم المبلغ ثم أعيده.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على ما قمتم به من عمل مبارك، ونسأل الله أن يكتب لك الأجر والمثوبة عليه، ونذكرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: من دل على خير فله مثل أجر فاعله. رواه مسلم.
واعلم أنك وكيل عن أصحاب المال في صرفه، والوكيل مؤتمن، فلا يجوز لك صرفه في غير ما أذنوا فيه إلا بإذنهم، وبما أن الشخص الذي طلب له المال رفضه فقد كان الواجب عليك أن لا تتصرف فيه قبل إذنهم، وعليك الآن أن تخبرهم بما جرى، فمن تصدق بنصيبه عليك فلا حرج في ذلك، ومن طلب رد ماله إليه فعليك رده فورا متى تمكنت من ذلك، فإن لم تتمكن من إرجاع المال كله وجب إليك إرجاع ما تستطيع إرجاعه في الحال ثم الباقي بعد الحصول عليه، وراجع الفتوى رقم: 52091.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1428(12/7124)
لا يتصرف المرء فيما لا يملكه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أتصرف فى الفلوس الخاصة بالمسجد التي أقوم على المحافظةعليها بصفة سلفة لبعض العاملين على أن يرد المبلغ بعد 15 أو 20 يوما علما بأن المسجد يوجد في منطقة عمل، والعمال يكون أتى ميعاد إجازتهم والمقاول لا توجد معه فلوس، فما رأي علمائنا الأجلاء في هذا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لمن أعطي مالا لبناء مسجد أو للقيام بمصالحة أن يتصرف فيه لنفسه أو يقرضه لغيره لأنه ليس ملكه ولا مأذونا له في التصرف فيه إلا في بناء المسجد أو القيام بمصالحه، فصرفه في غير ذلك تعد ومخالفة شرعية، ولمزيد الفائدة عن هذا تراجع الفتوى رقم: 55574.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1428(12/7125)
ضمان العارية والوديعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل العارية والأمانة مضمونتان إن ضاعتا أو نقصتا؟ (مع الأدلة المتنوعة) وإن تم الاتفاق على إرجاعها إلى مكان ما، ثم أرجعتها إلى مكان قريب من ذلك أو بعيد، أو سلمتها لأحد ليعطيها إياه. فهل يجوز، وإن لم يردها فهل أنا آثم، أوسرقت مني]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور: الأمر الأول: ضمان العارية في حالة التلف أو التعيب: وقد اختلف أهل العلم في وجوب ذلك: فذهب الشافعي وأحمد إلى وجوب ضمانها على المستعير، سواء أتعدى في الاستعمال والحفظ، أم لم يتعد فيهما. قال ابن قدامة في المغني: يجب رد العارية إن كانت باقية بغير خلاف. ويجب ضمانها إذا كانت تالفة، تعدى فيها المستعير أو لم يتعد، روي ذلك عن ابن عباس وأبي هريرة وإليه ذهب عطاء والشافعي وإسحاق. اهـ. لكن النقص الحاصل بسبب ما استعيرت له لا ضمان فيه لأن المعير آذن بالاستعمال وهذا طبعا ما لم يحصل تعد أو تفريط. قال ابن قدامة: إن تلف شيء من أجزائها التي لا تذهب بالاستعمال، فعليه ضمانها، لأن ما ضمن جملته ضمنت أجزاؤه، كالمغصوب، وأما أجزاؤها التي تذهب بالاستعمال، كحمل المنشفة والقطيفة، وخف الثوب يلبسه، ففيه وجهان: أحدهمان يجب ضمانه، لأنها أجزاء عين مضمونة، فكانت مضمونة، كما لو كانت مغصوبة، لأنها أجزاء يجب ضمانها لو تلفت العين قبل استعمالها، فتضمن إذا تلفت وحدها، كسائر الأجزاء. والثاني، لا يضمنها. وهو قول الشافعي لأن الإذن في الاستعمال تضمنه، فلا يجب ضمانه، كالمنافع، وكما لو أذن في إتلافها صريحا ... فإذا قلنا: لا يضمن الأجزاء. فتلفت العين بعد ذهابها بالاستعمال، فإنها تقوم حال التلف، لأن الأجزاء التالفة تلفت غير مضمونة، لكونها مأذونا في إتلافها، فلا يجوز تقويمها عليه. وإن قلنا: يجب ضمان الأجزاء قومت العين قبل تلف أجزائها. اهـ. بل تلف العين عند الشافعية بسبب الاستعمال المأذون فيه لا ضمان فيه كما هوالحال في النقص، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: فإن تلفت هي أو أجزاؤها باستعمال مأذون فيه كاللبس والركوب المعتاد كل منهما لم يضمن الأجزاء والعين لحصول التلف بسبب مأذون فيه. وذهب أبو حنيفة ومالك إلى أنه لا يجب ضمانها إلا بالتعدي أو التفريط قال ابن قدامة في المغني: وقال الحسن والنخعي والشعبي وعمر بن عبد العزيز والثوري وأبو حنيفة ومالك والأوزاعي وابن شبرمة: هي أمانة لا يجب ضمانها إلا بالتعدي. اهـ. إلا أن المالكية يرون ضمان ما يمكن إخفاؤه إذا لم تقم البينة على التلف، قال الدردير في شرحه على خليل: وضمن المستعير المغيب عليه أي ما يغاب عليه، وهو ما يمكن إخفاؤه كالثياب، والحلي بخلاف الحيوان والعقار، وأما السفينة فإن كانت سائرة فمما يغاب عليه، وإن كانت بالمرسى فمما لا يغاب عليه. اهـ. ولعل الراجح هو المذهب الأول، لما رواه أبو داود عن صفوان بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه أدرعا يوم حنين، فقال أغصبا يا محمد؟ قال: بل عارية مضمونة. ولما رواه أبو داود والترمذي عن سمرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. ولأنه كما قال ابن قدامة: أخذ ملك غيره لنفع نفسه منفردا بنفعه من غير استحقاق ولا إذن في الإتلاف، فكان مضمونا، كالغصب والمأخوذ على وجه السوم. اهـ. والأمر الثاني: ضمان الوديعة في حالة التلف أو التعيب: وهي لا تضمن إلا بالتعدي أو التفريط، والتعدي معناه فعل ما لا يجوز، والتفريط معناه ترك ما يجب. لما رواه البيهقي في سننه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس على المستودع ضمان. ولان المستودع متبرع في حفظ الأمانة، فلو لزمه الضمان لامتنع الناس من قبول الودائع، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: قال ابن القاص وغيره: كل مال تلف من يد أمين من غير تعد لا ضمان عليه. اهـ. وهناك رواية عن أحمد بوجوب الضمان، قال ابن قدامة في المغني: قال: وليس على مودع ضمان، إذا لم يتعد وجملته أن الوديعة أمانة، فإذا تلفت بغير تفريط من المودع، فليس عليه ضمان، سواء ذهب معها شيء من مال المودع أو لم يذهب. هذا قول أكثر أهل العلم. روي ذلك عن أبي بكر، وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم. وبه قال شريح والنخعي، ومالك وأبو الزناد والثوري والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي وعن أحمد رواية أخرى، إن ذهبت الوديعة من بين ماله غرمها. اهـ. والأمر الثالث: الإخلال بالاتفاق على مكان الرد: وذلك لا يجوز في العارية لأن أخذها من مصلحة المستعير وعليه مؤونة ردها إلى المعير، والواجب هو ردها إلى المكان الذي أخذت منه ما لم يحصل الاتفاق على غيره. قال ابن قدامة في المغني: مؤونة الرد على المستعير: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: العارية مؤداة. وقوله: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. وعليه ردها إلى الموضع الذي أخذها منه، إلا أن يتفقا على ردها إلى غيره، لأن ما وجب رده لزم رده إلى موضعه كالمغصوب. اهـ. أما الوديعة فليس على المودع (بالفتح) مؤونة على الرد بل على المودع (بالكسر) فلا يلزم ردها إلى مكان غير مكانه المعتاد، لكن لو فعل ذلك من باب التطوع فحسن، قال ابن قدامة: وليس على المستودع مؤونة الرد وحملها إلى ربها إذا كانت مما لحمله مؤونة، قلت المؤونة أو كثرت لأنه قبض العين لمنفعة مالكها على الخصوص، فلم تلزمه الغرامة عليها، كما لو وكله في حفظها في ملك صاحبها، وإنما عليه التمكين من أخذها. وإن سافر بها بغير إذن ربها. فعليه ردها على بلدها، لأنه أبعدها بغير إذن ربها، فلزمه ردها كالغاصب. اهـ. والأمر الرابع: إذا أعطيت العارية أو الوديعة لشخص آخر ليوصلها إلى صاحبها، فإذا كان ذلك برضا المالك فلا شيء عليك فيما يحصل لها من تلف أو تعيب، وإذا كان بغير أمره فأنت ضامن، فله أن يطالبك بها، ولك أن تطالب من أرسلتها معه إن حصل منه تعد أو تفريط ما لم يكن هذا الشخص من أهله ممن جرت العادة بحفظه للوديعة للمالك كزوجته على خلاف في ذلك بين أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: إن دفع الوديعة إلى من جرت عادته بحفظها له من أهله، كامرأته وغلامه، لم يضمن. نص عليه أحمد. وهو قول أبي حنيفة وقال الشافعي: يضمن: لأنه سلم الوديعة إلى من لم يرض به صاحبها، فضمنها، كما لو سلمها إلى أجنبي. وق ال في العارية: إن ردها إلى من جرت عادته بجريان ذلك على يديه، كزوجته المتصرفة في ماله ورد الدابة إلى سائسها، فقياس المذهب أنه يبرأ. قاله القاضي، لأن أحمد قال في الوديعة: إذا سلمها المودع إلى امرأته، لم يضمنها. ولأنه مأذون في ذلك عرفا، أشبه ما لو أذن فيه نطقا. اهـ. والأمر الخامس: إذا سرقت الوديعة أو العارية: والأمر في ذلك راجع إلى ما سبق من خلاف وتفصيل في ضمان العارية والوديعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1426(12/7126)
هل يبرر خوف الاتهام بالسرقة عدم رد ما أخذ خطأ إلى صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت مرة أشتري بعض الأغراض وقد وقع غرض في عربة طفلتي ولم أنتبه له إلا بعد دفع الحساب وخروجي من المحل وخفت أن أعود وأعيده أو أدفع ثمنه فلا يصدقوني أو يتهموني بالسرقة والشيء هو علبة جبنة ثمنها يورو واحد وخفت أن آكلها فآكل حراما أم أرميها فأحاسب على ذلك علما أني في دولة أجنبية ولا اعرف أتبرع بثمنها لأحد ما أفتوني ما علي فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك رد هذه العلبة أو ثمنها إلى المحل، ولا يجزئ عن ذلك أن تتصدقي بها أو بثمنها لأنك لا تملكيها، وما تخشينه من اتهامك بالسرقة لا حقيقة له، لأن من المعلوم أن السارق لا يقوم برد ما سرقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1425(12/7127)
أخذت من الفندق أشياء بغير إذنهم
[السُّؤَالُ]
ـ[سافرت إلى بلاد عربية وعند العودة قضينا ليلة في أحد الفنادق السياحية وكان هناك مناشف كثيرة في الغرفة أنا اعتقدت أنه من أراد أن يأخذ منها أخذ فأخذت عدد اثنين منها وبعد أن عدت إلى بلدي أحسست بالذنب ولا أدري ماذا أفعل، سؤالي هو: هل ما فعلته حرام، أفيدوني، وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أقدمت عليه يعد من أكل أموال الناس بالباطل إلا أن تعلمي إذن أصحاب الفندق بذلك، فإذا لم تعلمي إذنهم بذلك، فيجب عليك أن تتوبي إلى الله من ذلك، ولابد من رد المأخوذات إلى أصحابها، فإن عجزت عن ذلك بعد ما أمكن من المحاولات والبحث الجاد، فتصدقي بتلك المأخوذات -إن كانت موجودة كما هي- وإن كانت غير موجودة أو قد تغيرت فتصدقي بقيمتها.
على أنه متى ما تمكنت من ردها لأصحابها خيرتيهم بين أن تردي عليهم مثل ما أخذ منهم أو قيمته وبين أن يقبلوها صدقة عنهم، ثم إننا ننصحك أن تكثري من أعمال الخير، فإن أصحاب الحقوق قد يطالبونك بها يوم القيامة، والله حكم عدل، فقد يوفيهم إياها من حسناتك إذا لم تتحللي منهم في الدنيا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1425(12/7128)
لا يتجرفي الوديعة إلا بإذن صاحبها بخلاف القرض
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ الفاضل قمت بإيداع مبلغ من المال مع أخي لحين أطلبه منه منذ حوالي عشرين سنة وبعد عشر سنوات طلبت منه جزءا من المبلغ لقضاء حاجتي فاعتذر وقال لا يوجد مال الآن وطلب مني الانتظار وقد تضررت من ذلك واضطررت إلى الاستدانة من أشخاص أقرباء وتبين لي أنه يقوم بتشغيل أموالي بدون أن يستأذن مني.
فالسؤال هل يحق لي بأن أطالبه بالربح الناتج عن تشغيل أموالي التي معه خلال الفترة السابقة علماً بأن تجارته ربحت وازدهرت وواضح ذلك من حاله فيما سبق وحاله الآن؟
أم أطالبه فقط بمالي؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد أعطيته هذه الأموال على سبيل الوديعة فيجب عليه أن يردها لك متى ما طلبتها، ولا يجوز له أن يعمل فيها إلا بإذنك، وإلا كان متعديا يضمن ما طرأ على المال من نقص، وفي استحقاقه للربح الناشئ عن عمله من هذا المال خلاف بين العلماء، بسطناه مع بيان الراجح في الفتوى رقم: 10486، والفتوى رقم: 53640.
أما إذا كنت قد أعطيته هذه الأموال على سبيل القرض فيجب عليه أن يردها لك متى ما طلبتها، إلا إذا كان معسرا، لقوله تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ {البقرة: 280} ،ولقوله صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم. متفق عليه، وقوله صلى الله عليه وسلم: لي الواجد يحل عرضه وعقوبته. رواه أبو داود والنسائي، ولا حق لك في الأرباح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1425(12/7129)
على اليد ما أخذت حتى تؤديه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ ثلاث سنوات كانت لي صديقة (سوء) وزميلة عمل أخذت منها مشغل أسطوانات (ديسك مان) لأسمع فية أسطوانة وأرجعه لها ولكن مضت فترة طويلة ولم أرجعه لها وتركت هي العمل وبعد فترة أغلقت الشركة وقطعت كل علاقاتي بها وبكل زملائي لأنهم جميعا أصدقاء سوء ولا أريدهم أن يعرفوا عني شيئا ... الآن أنا أريد أن أرجع الحق إلى صاحبته لأني خائفة أن أطالب به يوم القيامة وأنا خائفة جداً.. أنا لا أعرف رقم تليفونها ولا عنوانها وأيضا لا أستطيع الوصول إليها عن طريق زملائنا لأني لا أريد أن يعرفوا عني أي شيء وكذلك أنا ما صدقت بعدت عنهم وربنا هداني ... فكرت أن أبيعه وأتصدق بثمنه لله ولكن قالوا لي أنه ليس من حقي وأني لازم أرجعه لها وهذا الشيء يعد مستحيلا مستحيلا.. أرجوكم أفيدوني جزاكم الله كل خير
إني أخاف الله وأريد أن أتخلص من هذا الشيء قبل أن توافيني المنية فجأة (ولا تدري نفس أين تموت غدا)
أرجوكم حاولوا إيجاد حل وسط حتى يستريح ضميري.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك أن ترجعي هذا الجهاز إلى صاحبته ولو بطريقة غير مباشرة، ولا يجوز لك بيعه والتصدق بثمنه ما دام إيصاله إليها ممكناً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال: حسن صحيح.
وإذا كنت تخشين من سؤال زملائها عنها، فيمكن لبعض أقاربك أن يطلبوا من بعض زملائها عنوانها أو رقم هاتفها، ونحو ذلك مما يمكنك من إيصال الجهاز إليها.
أما إذا كنت لا تستطيعين معرفة مكانها، فيجوز أن تبيعيه وتتصدقي بثمنه عنها، فإذا وجدتيها بعد ذلك فخيريها بين إمضاء الصدقة، ويكون الأجر لها،أو إعطائها ثمن الجهاز ويكون الأجر لك.
وقد أحسنت بالابتعاد عن هذه الرفقة السيئة، ونسأل الله أن يثبتك على هذا، وأن يتقبل توبتك، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وراجعي للفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28748، 15219، 24857، 10522، 5679.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(12/7130)
لا يجوز التصرف في الأمانة بغير إذن صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أريد أن أستفتي في أمر محير وهو: أنه يوجد في منزلنا قدر من المال وضع عندنا كأمانة، وعائلتي الآن تصرف منه لجميع متطلبات اليوم، وأنا قمت بنصحهم لكن قالوا بأنه لا يوجد مصدر دخل وأنه نصرف من هذا المال أحسن من أن نستلف، فما حكم الأكل والشرب واللبس والمصاريف الجامعية من هذا المال، فهل هو حرام بالنسبة لي؟ وهل يجب علي أن أقاطع الأكل مع عائلتي وأن أرفض أن آخذ أي شيء منهم، علماً بأنني الآن صائم صيام كفارة يمين وإفطاري من خلال هذا المال، فما الحل أرجوكم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز التصرف في الأمانة إلا بإذن صاحبها، كما هو مبين في الفتوى رقم: 21071، والفتوى رقم: 1794.
وعليه فما تقوم به عائلتك يعد حراماً ما لم يكن صاحب الأمانة قد أذن لهم، ولا يجوز لك قبول أي شيء من هذه الأمانة سواء في ذلك الأكل والشرب واللبس ومصاريف الجامعة وغير ذلك، ويجب عليك رفض أي شيء أخذ من هذه الأمانة إلا في حالة الضرورة التي لا تستطيع دفعها بغير ذلك.
والحل هو أن تبحث عن مصدر آخر لقوتك وحاجتك ولو بالقرض أو تستأذن صاحب الأمانة في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1425(12/7131)
لا يجوز للأجير أخذ الزيادة على الثمن المحدد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعمل في محل لبيع الملابس وراتبي الشهري محدد ومتفق عليه مع صاحب المحل (أنا موظف عنده) مثال هو يقول لي بع هذا القميص بـ 500 دينار وآخر ثمن يعني بالمساعدة 400 دينار وهنا أبيع مثلا 450 دينارا وتلك 50 ديناراً أنا آخدها لي وحدي ما هو الحكم الشرعي لهده الزيادة؟ بارك الله فيكم والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا العمل الذي تقوم به محرم لأنه خيانة للأمانة، والله تعالى نهى عن خيانة الأمانة، حيث قال: يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون [الأنفال: 72] .
والواجب عليك أن تؤدي له حقه كاملاً، وهو الثمن الذي بعت به الثوب أو غيره بالغاً ما بلغ، ولا يجوز أن تأخذ الزيادة على الثمن المحدد لأنها ثمن مبيعه هو وأنت مجرد أجير، قال تعالى: ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل [البقرة:188] ، وقال صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه. [رواه أحمد وغيره] .
وتجب عليك التوبة مما فعلت، وأن تتحلل من صاحب المحل، فإن سامحك فذلك المطلوب وإلا فرد عليه حقه، ولا تعد لمثلها أبداً، واقنع بما قسمه الله لك من راتب، وإلا فالتمس عملاً آخر أوفر أجراً.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 34829 والفتوى رقم: 248
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1424(12/7132)
مفهوم العارية والوديعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو مفهوم العارية والوديعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمفهوم العارية هو كما جاء في الإقناع في فقه الإمام أحمد: العارية هي: العين المعارة، والإعارة: إباحة نفعها بغير عوض وهي مندوب إليها، ويشترط كونها منتفعاً بها مع بقاء عينها، وتنعقد بكل قول أو فعل يدل عليها كقوله: أعرتك هذا أو أبحتك الانتفاع به أو يقول المستعير: أعرني هذا أو أعطنيه أركبه أو أحمل عليه فيسلمه إليه ونحوه، ويعتبر كون المعير أهلاً للتبرع شرعاً، وأهلية مستعير للتبرع لها. انتهى.
أما الوديعة فهي كما جاء بالإقناع في فقه الإمام أحمد أيضاً: اسم للمال المودع، والإيداع، توكيل في حفظه تبرعاً، والاستيداع: توكل في حفظه كذلك بغير تصرف، ويكفي القبض قبولاً، وقبولها مستحب لمن يعلم من نفسه الأمانة وهي عقد جائز من الطرفين، فإن أذن المالك في التصرف ففعل صارت عارية مضمونة. انتهى. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 52798.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1430(12/7133)
الوديعة المباحة والمحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[الاخوة الكرام: سؤالي هو حول خدمات التوفير البريدي التي تقدمها بعض مؤسسات البريد في العالم العربي ما حكم الاشتراك فيها مع العلم أن فيها فوائد اختيارية لمن يرغب ويقولون بأن هذه الفوائد ناتجة من أرباح مشاريع استثمارية للأموال المودعة. ولا يحددون نسبة معينة لهذه الأرباح. فإذا كانت حراما ما حكم الاستفادة من الخدمة دون أرباح..أو أخذ الأرباح وإنفاقها على مشاريع خيرية بدلا من بقائها ليستفيد منها آخرون.
افتونا بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المودع يتقاضى عن ودعيته مبلغاً محدداً، كأن يدفع ألفاً ويتقاضى عشرة أو خمسة فإن هذا ربا محرم، سواء استثمرت الوديعة في مشاريع حلال أو وضعت في البنوك الربوية، أما إن كان المودع يتقاضى نسبة شائعة كالثلث أو الربع ونحو ذلك فلا بأس إذا كانت الوديعة تستثمر في مشاريع حلال، ولم يكن رأس المال ـ الوديعة ـ مضمونا من الجهة المستثمرة ـ البريد ـ فإذا كانت مؤسسة البريد تضمن للمودع وديعته فلا تخضع هذه الوديعة للخسارة، فإن هذا دليل قاطع على أن المودِع يقرض البريد قرضاً بفائدة. لا أنه يضاربه مضاربة شرعية، ومعلوم أن القرض بفائدة حرام شرعاً لأنه ربا.
وعليه فلا يجوز الاشتراك في هذه الخدمة إذا كانت بهذه الصفة ولو لم يأخذ المشارك الفائدة؛ إذ يحرم عليه الدخول في عقد محرم ابتداءً، ولو كانت نيته حسنة فإن النية الحسنة لا تبيح الدخول في الحرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1425(12/7134)
لا يحل لأمين الصندوق التصرف فيما تحت يده إلا في حدود المأذون له
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 24 عاما، أعمل في شركة مساهمة عامة في الأردن ووظيفتي: أمين صندوق وهناك أمور أقوم بها في عملي وأريد معرفة: هل هي حلال أم حرام؟ وهي كالتالي:
1- أحيانا يأتيني أحد الموظفين ويأخذ مبلغا من المال ـ سواء كان قليلا أو كثيرا ـ لحاجته إليه ويكتب ورقة أنه استلم المبلغ ويوقع عليها على أن يسدد عند نزول الراتب أو في أي وقت آخر وأقوم بإعطائه على مسؤوليتي دون علم المدير.
2- هل يجوز لي أنا ـ أيضا ـ فعل ذلك وأن آخذ مبلغا من المال وأكتب ورقة وأضعها في الصندوق وأسدد المبلغ بالتقسيط أو عند استلام الراتب دون علم المدير؟.
3- عند إعطاء القروض للموظفين ـ وبعلم المدير ـ تكون هناك فائدة على القرض يحسبها المدير وأنا أقوم بتسليم القرض للموظف وأخصم عليه الفائدة، فهل أنا هنا آثم في ذلك؟ وهل هو ربا؟ أم ماذا؟ وماذا أفعل؟.
4- أحيانا يحدث نقص في الصندوق وأقوم بدفعه من جيبي شخصيا دون علم أحد، والآن توجد زيادة في الصندوق 24 ديناراً ولا أحد يعلم بها فهل آخذها؟ أم أتصدق بها؟ أم أدعها في الصندوق؟ وإذا حدث نقص آخر آخذه منها، مع العلم أن النقص حدث على فترات إلى أن وصل إلى 24 دينارا، فماذا أفعل؟.
5- إذا كنت محتاجا لعشرين ديناراً مثلا وأخذتها على أن أحضرها في اليوم الثاني، فهل يجوز ذلك؟.
6- هل المبلغ الذي آخذه يعتبر مالا حراما إلى أن أسدده؟ وهل يعد خيانة للأمانة؟.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنه لا يحل لك التصرف في أموال الصندوق إلا فيما أذن لك بالتصرف فيه، لأنه أمانة عندك، فما تدفعه إلى الآخرين أو ما تأخذه لنفسك بدون علم المسؤول المخول يعدّ خيانة للأمانة، والمال المأخوذ بهذا الوجه حرام، لأنه اعتداء على حقوق الغير، ولا تبرر الحاجة أو العزم على رد المبلغ من الغد ونحو ذلك من التعللات مسوغاً لما تقوم به، وعليك التوبة إلى الله تعالى ورد ما أخذت أو أعطيت لغيرك من أموال الصندوق والعزم على عدم العود لمثل هذا.
وأما قيامك بدفع القروض ذات الفائدة أو خصمك للفوائد فهذا حرام ولا ريب، ويجب عليك الكف عنه، وإذا كان هذا الإقراض الربوي مما لا يد لك في الامتناع عنه، فيلزمك ترك العمل في هذه الشركة، وأما بخصوص السؤال الرابع فراجعه في الفتوى رقم: 125579.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(12/7135)
التصرف بأدوات الشركة لا يجوز إلا بإذن مالكها
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل كنت أعمل معه في شركة للكهرباء وطلبت منه أن يشتري لي أدوات تستعمل للاتصالات لعدم توفرها في السوق ولغلائها، وكانت عنده في شاحنة عمله وأهداها لي، علما أنه لم يشترها بماله ولكن هو المسؤول عن الشاحنة وكل ما بها للشركة. فهل يجوز قبول هذه الأدوات أم لا بدون أن يأخذ إذنا من الشركة؟ وإن كنت قد قبلتها فماذا يجب علي أن أعمل بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الأداة ـ كما هو ظاهر ـ مملوكة للشركة التي يعمل بها صاحبك، ولا يجوز له أن يتصرف فيها إلا بإذن من مالكها، فإن علمت أنه أخذها دون إذن، فلا يحل لك قبولها. وإن كنت قد قبلتها فيجب عليك أن تردها إلى مالكها، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 121080، 34603، 36170.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1430(12/7136)
يجوز الانتفاع بفارق السعر إن أذن المخول بذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد حجزت تذكرة طيران إلى سوريا على أن تدفع الشركة إلي ثمنها وكانت قيمة التذكرة 1580 ريالا ولكن كتب على التذكرة إنها بقيمة 1910 ريال ذهبت إلى الشركة وقلت لهم أن قيمة التذكرة 1580 ولكن مكتوب عليها بأنها 1910 ولكنهم صرفوا لي قيمة التذكرة 1910 ولكنني قلت لهم إنها أقل من ذلك قالوا لا بأس إذا أردت أن تتصدق بالمبلغ الزيادة فتصدق ولكنني احتفظت بالفرق ولم أتصدق به. فهل كان ذلك المال من حقي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان القائمون على الشركة قد أذنوا لك في الانتفاع بهذا المال فلا حرج عليك إن شاء الله في الانتفاع به، وإن تصدقت به كنت مأجوراً إن شاء الله. إلا إن علمت أنهم غير مخولين من قبل أصحاب المال في مثل هذا التصرف وأن المسموح لك به -حسب نظام الشركة- هو ثمن التذكرة الفعلي فحينئذ لا يجوز لك الانتفاع بهذا المال ويجب عليك رده إلى الشركة بأي وجه، ولا يجوز لك التصدق به لأن مالكه معلوم فلا بد من رد المال إليه.
قال النووي رحمه الله: قال الغزالي: إذا كان معه مال حرام وأراد التوبة والبراءة منه فإن كان له مالك معين وجب صرفه إليه أو إلى وكيله. انتهى.
وهذا ما لم يتعذر رده إلى صاحبه فإن تعذر تصدقت به عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1430(12/7137)
من لم يجد من استأجره لأمر ما
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ أربعة أعوام كنت مشتركا في حلقة تحفيظ للقرآن الكريم بأحد المساجد وكان اشتراك الشهر 20 جنيها حينها، بمعدل مرتين أسبوعيا، وما حدث أنني في بداية أحد الأشهر انقطعت عن الحلقة بعد الحضور مرتين في ذاك الشهر، ولم أكن قد دفعت بعد اشتراكه، حاولت الوصول بعدها بفترة طويلة لإدارة المسجد لدفع العشرين جنيها، لكني لم أجدهم، وهذا منذ أربعة أعوام، حاولت بعض المرات ثم يئست فتبرعت بالمبلغ في صندوق أحد المساجد، ولكن لا تزال نفسي تلومني، هل عليّ إثم لأنني لم أدفع العشرين جنيها رغم أنني لم أحضر سوى مرتين في ذلك الشهر؟ وهل أعد سارقا لها أو غير مؤدٍ للأمانة؟ كيف أرفع الإثم عني إذا لم أستطع الوصول لإدارة المسجد لدفع المبلغ؟.
أفيدوني بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن الاشتراك المذكور إجارة، والإجارة عقد لازم لا يفسخ إلا لعذر يقتضي الفسخ، كما بينا في الفتوى رقم: 46107.
وبناء عليه فالأجرة لازمة لك جميعها وهي العشرون، وما دمت لا تستطيع الوصول إلى إدارة المسجد، فالواجب عليك هو ما فعلته من التصدق بذلك المبلغ عن أصحابه، لكن لو وجدتهم بعد ما تصدقت به خيرتهم إن شاءوا أمضوا صدقتك ولهم أجرها وإن شاءوا دفعت إليهم حقهم ولك أجر صدقتك، لكن إن استطعت الوصول إلى أصحاب الحق أو رجوت ذلك، فلا تبرأ ذمتك بالتصدق بحقهم عنه وإنما يكون ذلك عند اليأس من الوصول إليهم وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 118693، 13348، 8315.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1430(12/7138)
الحكم حسب كون المبلغ أجرة عمل أم أمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت مبلغ ثلاث مائة ألف ريال مقابل استخراج تأشيرات عمالة لشركة وتصرفت بالمال وخسرت 220الف ريال وتبقى ثمانون ألفا فعملت بها مشروعا تجاريا وأضفت إليها 100الف من مال حلال أملكه ودخل معي اثنان في هذا المشروع وأنا أمتلك 50% وهي حصتي من ذلك، وقد عرضت هذي الحصة على صاحب الشركة إلا أنه لم يقبل، علما بأنه استفاد من المعاملة التي قدمت إليه، ف بعد هذا أريد تطهير نفسي الضعيفة، وآمل منكم ألا تبخلوا علي بالفتوى، وجزاكم الله عني الجنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المبلغ المذكورـ300000ـ هو أجرة لسعيك في استخراج التأشيرات فلا حرج عليك في تصرفك فيه وربحه لك وخسارته عليك، لكن إن لم تكن قد عملت التأشيرات التي استؤجرت لاستخراجها فعليك أن تعيد المبلغ لصاحبه ولا يلزمه أن يأخذ عوضا عنه ـ سواء تلك الحصة أو غيرها ـ وهو باق في ذمتك حتى تؤديه إليه، وأما إن كنت عاملا بالشركة وائتمنت على ذلك المبلغ لتستخرج به تأشيرات لعمال الشركة فتصرفك بغير ما أذن لك فيه خيانة للأمانة واعتداء عليها وأنت ضامن له حتى تعيده، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27} .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك.رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
والأمين يضمن بالتعدي، وللفائدة انظر الفتاوى رقم: 49524، 96455، 60283.
وعلى هذا التقدير فإنه تلزمك المبادرة إلى رد المبلغ الذي ائتمنت عليه إلى الشركة إلا إذا رضوا بأخذ عوض عنه فلا حرج.
وإن كنت تقصد غير ما أجبنا عنه فوضح لنا مقصودك ليتسنى لنا الجواب عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1430(12/7139)
حق صاحب البضاعة باق في ذمة زوج أخته حتى يؤديه إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة تسأل: أخ بعث إلى زوج أخته بضاعة ليبيعها بشرط يسأله قبل البيع فأبلغه الزوج بسعر البيع، فرد عليه بالانتظار قليلا، فباعها الزوج دون إذنه، والزوجة تعلم بأمر البيع، فقالت له: أريد مال أخي، فكتب لها شيك على بياض لحفظ مال أخيها وباع الزوج البضاعة بسعر 41500 ولما رجع الأخ من السفر قال له إنه باعها بسعر 37000 ووصل الأخ 24000 ودخل باقى المبلغ فى شراء شقة اشتراها الزوج، والزوجة تعلم ولكنها غير موافقة ولم تخبر أخاها على وعد من الزوج برد المال، وبعد مدة من الزمن غير الزوج عقد الشقة باسم الزوجة دون طلب منها، وبعد مدة من الزمن اختلف الزوج والزوجة وترك الزوج المنزل مع العلم أنه لم يطلق بعد. وتسأل الزوجة: من الملزم برد المال؟ وما حكم الزوج فيما فعل؟ هل يجوز للزوجة رد المال سواء كان عليها أم على الزوج باعتبارها تملك الشقة الآن؟ هل تأثم الزوجة فى معرفة الحقيقة وعدم إعلام أخيها؟ وماذا تفعل الآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتصرف زوج أخت الرجل بالبيع دون إذن موكله يعتبر تصرف فضولي، ويمضي بقبول صاحب البضاعة ورضاه. والظاهر أنه قد أمضى البيع ورضي به فهو ماض، كما بينا في الفتوى رقم: 41571 لكن له جميع الثمن الذي بيعت به البضاعة وهو 41500 كما ذكر في السؤال، وليس للزوج إخفاء ذلك عنه وأخذه ولو كان على سبيل القرض أوغيره، فهو آثم بإخفائه لذلك المبلغ عن أخي زوجته، كما أن زوجته آثمة أيضا لتعاونها معه على الإثم وإخفاء ذلك عن أخيها، قال تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. {المائدة:2} .
وعلى كل فإن حق صاحب البضاعة باق في ذمة زوج أخته حتى يؤديه إليه، وليس على أخته دفعه ولو كان زوجها ملكها المنزل إلا ان تتبرع بالمبلغ المتبقي عن زوجها فلا حرج عليها في ذلك، وتبرأ ذمة زوجها بدفعها هي.
وإذا لم تفعل ذلك وعاد إليها زوجها فعليها نصحه وتذكيره ليعيد ما بقي في ذمته من مال أخيها إليه سواء ما كتمه منه وما صرح به لكنه أخذه واستعمله. لقوله صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال حسن صحيح.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(12/7140)
المؤتمن على المال يؤديه للورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[أتقدم بالشكر للساهرين على هذا البرنامج وأرجو المساعدة، وسؤالي كالتالي: توفي زوج خالتي وترك في ذمتي مبلغا من المال، وترك ولداً من خالتي المتوفاة، وزوجة، بالله عليكم لمن أسلم المال؟ وشكراً جزيلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك هو أداء ذلك المبلغ إلى من تحت يده تركة الميت ليقسم على جميع ورثته، فالزوجة لها حق في ذلك وهو ثمنه، والولد له حق فيه أيضاً وهو الباقي بعد الفروض، وذلك بعد سداد دين الميت وتنفيذ وصيته في ثلث ماله إن كانت له وصية أو دين، لقول الله تعالى: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:11} .
وبناء عليه فالواجب هو ما ذكرنا من أن ما في ذمتك يضم إلى تركة الميت ولا يعطى لوارث دون وارث لاشتراك جميع الورثة فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1430(12/7141)
هنيئا للأمين على مفقودات تالناس
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد وجدت مبلغ: 7000 ريال في الحرم المكي وأخذتها لمدة ساعة ثم تراجعت وقلت في نفسي إن الرازق هو الله وليس أخذ المبلغ المفقود، مع العلم بأنني كنت بأمس الحاجة إلى المبلغ ولكني ذهبت به إلى صندوق الأمانات في الحرم، وقد وجدت صاحبة المحفظة عند صندوق الأمانات ـ والحمد لله ـ وفي تلك الفترة لم أكن مواظبا على الصلوات فمرة أصلي ومرة لا أصلي وكنت في شهر رمضان وكنت أفطر أياما قليلة بغير عذر، ولكني ـ والحمد لله، الآن مواظب على الصلاة والصيام، وسؤالي هو: هل العمل الذي قمت به يبيح لي أن أدعو أن يرزقني الله الوظيفه بهذا العمل الصالح؟ لأنني الآن متخرج حديثا، وهل يوجد نص من السنة الكريمة أو قصة تقارب هذا؟ وعذراً على الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئاً لك على ما أعطاك الله من الأمانة ومن المواظبة على الصلاة والصوم، ونفيدك أنه يشرع للمسلم أن يسأل الله تعالى بأعماله الصالحة، كما سأل أصحاب الغار، ومنهم من أدى لأجيره ما بقي عنده من إجارته وقد كان استثمره له، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 28845.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1430(12/7142)
كيف يتصرف أمين الصندوق فيما زاد من حسابات جهة العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أمين صندوق في إحدى الدوائر الحكومية، وعندي مبلغ معين زائد في القاصة. هل يمكن لي أن
1- أستعمل هذا المال لأغراض شخصية أي لنفسي، وبعد فترة من الزمن أرجعها للصندوق-أي أدفع بها ديني مثلا- وبعد شهر أرجعها إلى القاصة ولا يؤثر على أي شي في مال الدولة، أرجعها كما كان أو أعطيها لأحد الموظفين كدين وبعد فترة يرجعها لي؟
2- وإن كان هناك مبلغ زيادة في القاصة أي في حسابات. ماذا أفعل بهذا المبلغ هل أقوم بإهدائه للفقراء؟ أرجو منكم الجواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأمين الصندوق مؤتمن على ما تحت يده من مال، ويجب عليه حفظ هذه الأمانة ورعايتها لقوله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا. {النساء:58} . وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ. {الأنفال:27} .
ومن الخيانة قيام المحاسب وأمين الصندوق باستعمال بعض ما تحت يده في حاجة نفسه أو غيره ما لم يؤذن له فيه ممن له الإذن، فالواجب عليك هو حفظ ما تجده زائدا حتى تعلم سبب زيادته، أو تبلغ الجهة المسؤولة عنه فإن أذنت لك في أخذه أو التصدق به أو غير ذلك جاز لك أخذه، وإلا فلا. وقد فصلنا القول فيما يجده المحاسب وأمين الصندوق زائدا أو ناقصا مما تحت يده وكيفية التصرف فيه في الفتوى رقم: 50322.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1430(12/7143)
يجب رد الحقوق إلى أهلها بعينها أو قيمتها إن تعذر
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي كان يعمل في دائرة حكومية، وكنا ساكنين بمنزل عائد للدولة، وبسبب الأوضاع الأمنية في العراق وبسبب التهديدات المستمرة للموظفين انتقلنا إلى محافظة أخرى، وقمنا بجلب الأثاث المنزلي العائد للدولة إلى المنزل الذي أجرناه في المحافظة الأخرى، والآن نريد إرجاعه إلى الدائرة ولا نستطيع، سؤالي: هل نستطيع التصدق به للفقراء أم نحن ملزمون بإعادته إلى نفس الدائرة التي أخذناه منها؟ وهل نستطيع أن نمثلها بمبلغ من المال ونعيدها إلى المال العام أم للفقراء؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليكم هو رد الأثاث إلى الجهة التي أخذتموه منها، لقوله صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال حسن صحيح.
لكن إذا لم تستطيعوا فعل ذلك خشية ضرر أعظم عند إعادة ذلك الأثاث وأمكنكم رد قيمته فلا حرج عليكم في ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه أحمد.
وتلك وسيلة يمكن بها رد الحق إلى أصحابه دون ضرر فجاز اللجوء إليها للحاجة، وأما التصدق به أو بقيمته فليس لكم ذلك مع إمكان إيصاله إلى أصاحبه أو إيصال قيمته إليهم، وإنما يتصدق بمجهول الأصل، أو ما استحال الوصول فيه إلى صاحبه أو عند تعذره لضرر ونحوه، وقد ذكرت أنه يمكنكم إيصال القيمة إليه فعليكم فعل ذلك.
وإن كان لكم حق قبل الجهة التي كان يعمل بها زوجك، ولم يستطع الوصول إليه فلكم أخذ ذلك الأثاث في مقابل ذلك الحق إن كان يساويه أو أقل منه، وإن كان أكثر رددتم الزائد فحسب، قال البخاري رحمه الله: باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه، وقال ابن سيرين: يقاصه، وقرأ: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ {النحل:126} . قال الحافظ ابن حجر: أي هل يأخذ منه بقدر الذي له ولو بغير حكم حاكم؟ وهي المسألة المعروفة بمسألة الظفر، وقد جنح المصنف إلى اختياره، ولهذا أورد أثر ابن سيرين على عادته في الترجيح بالآثار. اهـ
وللفائدة انظري الفتويين رقم: 102156، 28871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1430(12/7144)
أعطوا الأمانة لصاحبها إن عثرتم عليه أو تصدقوا بها عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[كان هناك عامل من دولة جارة لنا يعمل فى مسجد تحت الإنشاء - غفير، وكان والدي ـ رحمه الله ـ المشرف على بناء هذا المسجد آنذاك، وخلال فترة الإنجاز تم ترحيل ذلك الغفير إلى بلده بسبب عدم حصوله على إقامة ببلدنا، وأعطى ذلك الشخص والدي مبلغا من المال حتى يرجع ليأخذه، ومر الآن حوالي أكثر من 10 سنين ولم يرجع ذلك الشخص ويأخذ أمانته من والدي أو من أحدنا - أبناءه - ونحن الآن نريد أن نفعل ما يمليه علينا الشرع حتى نبرئ ذمت والدنا تجاه هذه الأمانة، علما بأن المبلغ موجود عندنا حتى الآن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لم يتيسر لكم العثور على عنوان لهذا الرجل يمكنكم من إيصال أمانته إليه إن كان حيا وإلى ورثته إن كان ميتا، فإنه يمكن أن تتصدقوا بها عنه ثم إذا وجدتموه بعد ذلك، فأخبروه، فإن شاء أمضى الصدقة، وإلا فاعطوه المبلغ ويكون أجر الصدقة لكم.
وراجع الفتوى رقم: 45788.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1430(12/7145)
لا يجوز استغلال أدوات العمل في المصالح الشخصية
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: أقوم بتصوير وطباعة بعض الأوراق بالعمل-150 ورقة تقريبا- ولكنني أنوى شراء رزمة من الورق ووضعها بالعمل لتعويض الورق والحبر الذي استخدمته. ما هو حكم الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاستخدام الموظف لأدوات العمل في حاجته الشخصية قد بينا حكمه في الفتوى رقم: 5763. وذكرنا فيها أنه لا يجوز له استخدام آلة التصوير ونحوها مما يتأثر بالاستعمال دون إذن ممن له الإذن في ذلك، إلا إذا كان شيئا خفيفا وجرى عرف العمل به، وليس من ذلك القدر المذكور في السؤال فإنه كبير وتأثيره قوي، فليس له فعله دون إذن، وإن كان سيعوض الورق فإن ذلك لا يبيح له الإقدام على ذلك، لأن استخدامه سيكون للآلة وحبرها وورقها، ولا يمكن ضبط ذلك فهو من خيانة الأمانة المحرم شرعا. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1430(12/7146)
طريق رد الأمانات
[السُّؤَالُ]
ـ[قدمت لهذا البلد للعمل مع شركة معروفة وحريصة على كل ريال لها، وذلك منذ عدة سنين، وعند قدومي أعطوني مبلغا من المال كسلفة، وسيتم خصمه من مرتبي طبعا، وهذا ما حصل لكل زملائي حيث تم اقتطاع السلفة من قبل الشركة مباشرة، وأما بالنسبة لي فلم يتم ذلك، وقد أقفل المشروع الذي كنت فيه، وانتقلت لمشروع آخر، ولم يتم اقتطاع المبلغ، وقد انتهى عملي بالشركة، وانتقلت للعمل بشركة أخرى، وبرأت ذمتي من الشركة رسميا. والسؤال ماذا يجب علي فعله، فلست مرتاحا لما حصل، فهل مازال المبلغ في ذمتي وإن كان هذا؟ فكيف أفعل وأتخلص منه؟ ليس مبلغا كبيرا، وفي حال صعوبة الوصول لصاحب الشركة أو لأحد الموثوقين من قبله، ماذا أفعل هل أنفق المبلغ في وجوه الخير؟ كيف أبرئ ذمتي؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أن تسعى في الوصول إلى صاحب هذه الشركة بما يمكنك من سبل، فإن عجزت عن الوصول إلى صاحبها فتصدق بهذا المال عن صاحبه بشرط أن تضمنه له إن عثرث عليه يوماً من الدهر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: لو حصل بيده أثمان من غصوب وعواري وودائع لا يعرف أصحابها، فإنه يتصدق بها عنهم، لأن المجهول كالمعدوم في الشريعة، والمعجوز عنه كالمعدوم. اهـ.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة فتوانا رقم: 114689.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1430(12/7147)
تلزم إعادة الأمانة لصاحبها كما هي بدون عوض
[السُّؤَالُ]
ـ[أرسلت حوالة 3000 يورو لحساب صديق في ألمانيا بتاريخ 15/3/2009
لكن الشخص بألمانيا نزل بحسابه 8000 يورو، فأعاد لي 5000 يورو قمت بالاتصال بشركة الصرافة بقطر لإبلاغهم بوجود خطأ فأخبروني لا يوجد خطا من عندنا، بعد 3 شهور عادت شركة الصرافة هنا بقطر بالاتصال معي، وأخبروني بأن الخطأ من المانيا ويطلبون الـ 5000 يورو.
سؤالي: هل المبلغ من حقي بعد هذه الفترة؟
إذا لم يكن من حقي فهل لي نسبة شرعا من المبلغ؟
وهل أعيد المبلغ باليورو أم بالريال علما بأن السعر بشهر 3 أقل من هذه الأيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الخطأ قد تبين مصدره، وعلم صاحب المال فيلزمك إعادته وأداؤه باليورو لا بالريال، وليس لك أخذ نسبة منه إذ لا حق لك فيه. وللمزيد انظر الفتاوى رقم: 10710، 62102، 18212.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1430(12/7148)
ما الحكم إذا اختلف المؤتمن والمؤتمن في قدر الأمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديقي تعرضت شنطة العمل للسرقة وبها أموال الشركة، وهو لم يعلم كم عدد الفلوس التي معه داخل الشنطة. فطلب من الشركة مراجعة الفواتير فقالوا له 760 جنيها، وبعد ثلاثة أسابيع قالوا له يوجد ألف جنيه لم تحسب بعد، وصديقي لا يظن أن معه مبلغا قد يتجاوز 1000 جنيه كان داخل الشنطة، وكان يشك ما بين ال 700 وال 900 جنيه. وهو الآن فى حيرة يدفع المبلغ بعد إضافة الألف جنيه؟ أم يدفع الذي عليه ألا وهو 760 جنيها. ويترك العمل فهو يريد راحة الضمير. أفتونى بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الشنطة سرقت منه دون تفريط في حفظها فلا ضمان عليه لها ولا لما كان بداخلها؛ لأنه مؤتمن ولا ضمان على مؤتمن، ما لم يتعد أو يفرط، لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البيهقي: لا ضمان على مؤتمن.
وأما إن كان قد فرط في حفظ الشنطة فهو ضامن لما تلف فيها جاء في الموسوعة الفقهية: الإهمال في الأمانات إذا أدى إلى هلاكها أو ضياعها يوجب الضمان سواء أكان أمانة بقصد الاستحفاظ كالوديعة، أم كان أمانة ضمن عقد كالمأجور.. انتهى.
وعلى هذا التقدير فإن ثبت ما ذكروه ببينة أوصدقهم زميلك فيه فعليه أن يؤديه إليهم كاملا. فإن لم تكن لديهم بينة على ماادعوه ولم يصدقهم في دعواهم، فالقول قوله بيمينه قال صلى الله عليه وسلم: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم، ولكن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر. رواه البيهقي وحسنه النووي في الأربعين وقال: وبعضه في الصحيحين.
لكن إن كان غير جازم فيما يدعي وثبت تفريطه وأراد إبراء ذمته فليدفع إليهم ما ادعوه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1430(12/7149)
حكم استعمال الموظف لأدوات العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عمل الشاي في المكتب حرام؛ حيث إنني موظف وأقوم بعمل الشاي لي بالمكتب بالسخان الكهربائي أو خلاف ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالموظف أجير خاص لدى جهة عمله، وهو مؤتمن على عمله الذي نيط به، وفوض إليه، ومؤتمن على ما أعطي من الأدوات التي يتم العمل بها، فاستعماله للأدوات التي تكون في المكاتب لأعماله الخاصة حرام؛ لأن ذلك مخالف للأمانة التي أوجب الله تعالى المحافظة عليها، إلا إذا كان الشيء لا يتغير ولا يتاثر بالاستعمال كالمسطرة ونحوها فإنه لا يؤثر ولا يضر.
أما استعمال القلم، والكهرباء، والأوراق، وآلة الكتابة، والتصوير، وغير ذلك، فإن استعمالها للأغراض الخاصة لا يجوز إلا إذا كان أذن للموظف من قبل جهة الاختصاص في استعمال تلك الأدوات وغيرها أو جرى عرف به دون نكير فلا مانع من ذلك.
وللمزيد انظر الفتويين رقم: 5763، 99378.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1430(12/7150)
لا يجوز للموظف في مستشفى أن يأخذ دواء لأقاربه بدون إذن
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعمل في إحدى مستشفيات المملكة السعودية كممرض قانوني، ونحن من جنسية أردنية، والآن يعمل فيها بحدود 8 سنوات أي له معارفه في المشفى من موظفين ممرضين، وأطباء، وصيادلة، واستشاريي مختبر وتصوير. المشكلة تكمن في ما يلي: زوجي مؤمن صحيا في المشفى ولكن هذا التأمين لا يشملني-الزوجة- ولا يشمل الأولاد. ولكنه في أول زواجنا ونظرا لقلة انتباهنا كان يحضر الأدوية لنا من الصيدلية، كل الدواء الذي نحتاجه أنا وهو والأولاد كان يحضره من صيدلية المستشفى، ولكننا علمنا فيما بعد أن دواءه فقط حلال عليه أما الدواء الذي يحضره لي وللأولاد ليس محللا لنا من باب أننا لسنا مؤمنين معه صحيا. الأمر الذي أريد السؤال عنه هو أن زوجي يحب مساعدة الناس فمثلا كانت لديه خالة مريضة بالكلى ووضعها المادي ليس جيدا لكن ليست فقيرة أي عندها أولاد يصرفون عليها ودواؤها غال جدا في الأسواق، كان يحضر لها كميات تكفيها فترة جيدة شهرين إلى ستة أشهر، ابن خالته أيضا أحضر له دواء لتمييع الدم أيضا بكميات من المستشفى ومن باب أنه فقير أيضا، والدي طلب بعض العلاجات وأحضرها، ووالدتي وأخي وزوجته. أقول له هذا العلاج ليس حلالا لك التصرف فيه حتى لو كان لأوجه الخير ولناس ضعيفة الحال، لأنك لا تملك حق التصرف فيه، أنا لا أظلم زوجي هو يشعر في قرارة نفسه أن هذا الأمر ليس حلالا ولكنه ليس متأكدا من الحكم الشرعي وحتى أنا رغم يقيني بأن هذا الأمر ليس حلالا له -التصرف في ملك الغير- إلا أنني أنا أيضا أريد التأكد من الحكم الشرعي. هل يحق له إحضار علاجات لناس تحتاج هذا العلاج؟ بالنسبة لنا نحن عائلته زوجته وأولاده التزم منذ سنتين بشراء أي علاج يخصنا من صيدليات السوق ويشتريه من حسابه الخاص من باب أنه يقول أن لا أطعمكم ولا أشربكم إلا الحلال والتزم فعلا، ولكن بقي موضوع مساعدته لأقاربه وأقاربي أريد حكما شرعيا فيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لزوجك نقل الدواء من صيدلية المستشفى ولو كان ذلك لفقير أو قريب أو غيره إلا أن ياذن له من هو مخول بالإذن في مثل ذلك، لأنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. كما في الحديث الشريف.
وعليه أن يتوب إلى الله تعالى، ومن تمام توبته أن يرد مثل ما أخذه أو قيمته إن لم يكن مثليا، أو تعذر المثل، وليكف عن ذلك الفعل ما لم يجد إذنا به لأنه من خيانة الأمانة والاعتداء المحرم.
وإذا أراد مساعدة المستضعفين والفقراء - وهي نية حسنة- فليكن ذلك بجهده وماله وبذل شفاعته ليقبل ذلك منه، ولا يعتدي على حقوق الغير، أو يخون الأمانة الموكلة إليه، فالله طيب لا يقبل إلا طيبا.
ثم إننا ننبه إلى أن التأمين الصحي إذا كان تبرعا من المؤسسة لعمالها، أو كان تأمينا تعاونيا تكافليا فإنه لا حرج فيه، ولزوجك أن يستفيد منه بحسب الشروط المتفق عليها، ولا يجوز تجاوزها، وأما إن كان غير ذلك فلا يجوز الدخول فيه ولا القبول به، وللمزيد انظري الفتويين رقم: 116164، 112999.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1430(12/7151)
هل يأثم من أعاد أوراقا بها حسابات لبنوك ربوية أو ضرائب لصاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يأثم شخص إذا أعاد أوراقا لصاحبها، مع العلم أن صاحب الأوراق قد تركها سهوا في بيت ذلك الشخص، وأن هذه الأوراق بها حسابات لبنوك ربوية أو حسابات خاصة بالضرائب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على من أعاد تلك الأوراق إلى صاحبها، وليس له أن يطلع عليها ليعلم ما فيها، ولو علمه وكان كما ذكرت فعليه أن يعيدها إلى صاحبها لأن إتلافها قد يضره ويضيع عليه حقوقه، وإذا علم أنه يتعامل بالربا ونحوه من المعاملات المحرمة فلينصحه ويخوفه من عاقبة ذلك في الدنيا والآخرة.
وللفائدة انظر الفتوي رقم: 76374.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1430(12/7152)
حكم التصرف في الأمانة دون إذن صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مبلغ من المال وهو أمانة لدي، فهل يجوز أن أعمل به؟ كما أني أتكفل بتوفير المبلغ في حال تم طلبه من قبل صاحبه ولا قدر الله الخسارة؟ فأفيدونا أفادكم الله؟
وفقكم الله لخير هذه الأمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأمانة لا يجوز التصرف فيها بغير إذن صاحبها، ومن تصرف فيها دون إذن صاحبها فهو آثم متعد، وعليه الضمان في حالة ضياعها بعد ذلك التصرف ولو بدون تعد أو تفريط. وقدرتك على أدائها متى طلبها صاحبها منك لا يبيح لك التصرف فيها دون إذنه، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 1794، 6937.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1430(12/7153)
لا يجوز للعامل أخذ شيء من المحل إلا بإذن صاحبه أو من فوضه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في محل لبيع الفواكه والخضار، صاحب المحل لا يأتي إلى المحل، أما رئيس الموظفين فيقول لي إذا أردت شيئا من الفواكه أو الخضار خذ ولا تدفع. هل هذا سرقه أو حرام مع العلم أن صاحب المحل قد سلم رئيس الموظفين العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد دلت النصوص على حرمة مال المسلم وعدم جواز أخذ مال المسلم إلا بإذنه، وقد حرم الله تعالى أكل المال بالباطل فقال: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ. {البقرة:188} .
وحرم الخيانة فقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. {الأنفال:27} .
وروى مسلم عن أبي هُرَيْرَةَ قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كُلُّ الْمُسْلِمِ على الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ.
ورئيس الموظفين والعمال في المحل مؤتمنان على ما في المحل من فواكه وخضروات، فلا يجوز أخذ شيء من هذا المحل إلا إذا أذن بذلك صاحب المحل سواء كان الإذن لفظيا أو عرفيا، فإذا أذن صاحب المحل للعمال أو فوض رئيس الموظفين في ذلك، فيجوز للعامل أن يأخذ من الخضار والفواكه في حدود ما أُذن له فيه.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 99378، 104000، 112354، 115967.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1430(12/7154)
وكل في جلب سيارة فأضاعها المورد فهل يضمن
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص أراد أن يسافر لشراء سيارة مستعملة لنفسه من هولندا، وتحدث أمام صديق له بذلك فأعطاه مبلغا ماليا قدره (1200) دولار أمريكي، وسافر الرجل لشراء السيارات، فوصلت سيارته ولم تصل سيارة صديقه من هولندا، وبعد اتصالات اتضح من الوكالة أن السيارة شحنت إلى خارج هولندا إلى مكان غير معلوم.
السؤال: هل الشرع يجبر الشخص المسافر على رد المبلغ الذي أخذه من صديقه أم لا؟ مع العلم بأن المسافر فوق كل الشبهات بعلم صديقه، وهو لم يكن تاجر سيارات، إلا أنهما اتفقا على أنه عندما تصل سيارة صديقه سيأخذ منه (200) دولار المتعارف عليها بين الناس في ليبيا مقابل أتعابه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ضمان عليه ما لم يكن قد فرط في ما وكل في القيام به من إرسال تلك السيارة، لأن الوكيل أمين ولا ضمان على أمين.
جاء في أسنى المطالب: كل مال تلف في يد أمين من غير تعد لا ضمان عليه. انتهى.
وجاء في كشاف القناع: والوكيل أمين لا ضمان عليه من ثمن ومثمن وغيرهما بغير تفريط ولا تعد. انتهى.
وإذا كان قد فرط في ذلك فهو ضامن، ويتحمل الخطأ وما يترتب عليه من متابعات أو تكاليف لاستعادة السيارة.
وأما المبلغ الذي رصده صاحب السيارة، فإن كان أجرة، فإن الوكيل يستحقه لقيامه بما طلب منه. وهو شراء السيارة وشحنها، وأما إن كان جعلا على توصيل السيارة، فإنه لا يستحقه ما لم تصل السيارة.
جاء في كشاف القناع: فمن فعله أي العمل المسمى عليه الجعل بعد أن بلغه الجعل استحقه كدين أي كسائر الديون عن المجاعل لأن العقد استقر بتمام العمل فاستحق ما جُعل له. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(12/7155)
أعطتها امرأة أمانة ثم أصيبت بالخرف فكيف تتصرف فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطتني امرأة مبلغا من المال، وقالت لي احتفظي به حتى أطلبه منكِ. والآن هذه المرأة ليست في وعيها (مخرفة) الله يشفيها، وكل ما أعطيها هذا المال تقول لا أنت تبغين تحسنين علي، أنا ما أعطيتك شيئا. ماذا أفعل في المبلغ أنا خائفه جداً من هذه الأمانة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك هو حفظ تلك الأمانة إلى أن تعيديها إلى صاحبتها إن شفيت مما أصابها، أو تؤديها إلى ولي أمرها في مالها، وتشهدي على أداء تلك الأمانة إليه، وبذلك تبرأ ذمتك منها، ولمعرفة شروط الولاية على المحجور عليه والقاصر كالمجنون انظري لذلك الفتوى رقم: 37701.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1430(12/7156)
توبة من كان يأخذ أشياء من شخص بدون علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل في شركة عام 1990، وفى عام1996 اختلق صاحب الشركة معي مشكلة ليطردني من العمل لأنه كان يطلب منى أن أنقل له أخبار الزملاء، وكنت قد أخذت بعض الأشياء، فماذا أفعل بعد هذه السنين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك هو التوبة إلى الله من هذا الفعل، وتعويض صاحب هذه الأشياء عنها أو تطلب منه أن يجعلك في حل مما أخذت، أو تعويض ورثته إن كان ميتا،؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ رواه البخاري.
وإن خشيت مفسدة من تعويضه عن هذه الأشياء بنفسك فأرسل له ذلك بأي طريقة تراها مناسبة يكون فيها تبرئة ذمتك وأمن المفسدة، وإن كنت عاجزا عن رد ما أخذته فهو دين في ذمتك إلى حين القدرة على ذلك، فحاول أن تثبته في وصية لك فالإنسان لا يعرف متى يأتيه أجله، وقد قال صلى الله عليه وسلم: مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ. رواه البخاري ومسلم.
وأما إذا كنت لا تعرف مكان صاحب هذه الأشياء، ولا يمكنك إيصال حقه إليه لأن الأمر من سنين كما تقول، فتصدق بها عن صاحبها، وللاستزادة حول هذا الموضوع راجع الفتوى التالية: 40782.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(12/7157)
جمع مالا لأبناء زميلته المتوفاة فسرق منه فهل يضمنه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت زميلة لنا في العمل وقمنا بجمع مبلغ من المال لأولادها وتم عمل مظروف لجمع المبلغ بحيث يضع كل منا ما يقدر عليه وتم تسليمي هذا المظروف للاحتفاظ به مدة أخرى حتى يتم جمع مبلغ آخر أو لحين يعلم كل من هو غائب ولم يعرف بأمر جمع المال حتى يتسنى للجميع أن يشارك ... واحتفظت بهذا المظروف في مكان ما آمن داخل العمل ولما أردت إحضار الظرف لتسليمه إلى من سيوصله إلى أولاد الزميلة، فوجئت أن الظرف قد اختفى من مكانة فبحثت عنة في كل مكان فقد يكون اختلط علي الأمر أني وضعته في مكان آخر.... ولكن دون جدوى فظني أن الظرف قد (سرق) مع العلم أني لا أعرف كم بداخله بالضبط..
ولكني قمت بعد المبلغ في إحدى المرات وعرفت الرقم بالتقريب ولكني لا أعرف ماذا استقر علية الرقم النهائي. والآن أطلب من سيادتكم إفتائي بماذا علي نحو هذا الظرف وما فيه حتى أبرئ ذمتي أمام الله وأمام زملائي في العمل..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد قمت بحفظ المال في مكان أمين ولم تفرط في حفظه فلا يجب عليك الضمان، لأن حكمك إما حكم المودَع أو الوكيل، والمودَع لا يضمن الوديعة إلا بالتعدي أو التفريط، والتعدي معناه فعل ما لا يجوز، والتفريط معناه ترك ما يجب.
أخرج البيهقي في سننه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس على المستودع ضمان. ولأن المستودع متبرع في حفظ الأمانة، فلو لزمه الضمان لامتنع الناس من قبول الودائع.
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: قال ابن القاص وغيره: كل مال تلف من يد أمين من غير تعد لا ضمان عليه. اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني: قال: وليس على مودع ضمان، إذا لم يتعد وجملته أن الوديعة أمانة، فإذا تلفت بغير تفريط من المودع، فليس عليه ضمان،.... هذا قول أكثر أهل العلم ... أما إن تعدى المستودع فيها، أو فرط في حفظها، فتلفت، ضمن، بغير خلاف نعلمه; لأنه متلف لمال غيره، فضمنه، كما لو أتلفه من غير استيداع. اهـ.
فحكمك حكم الوكيل، ويد الوكيل يد أمانة، فلا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط.
فلا يجب عليك ضمان هذا المال إذا لم يقع منك تعد ولا تفريط، ولكن لو تبرعت بضمان هذا المال أو شيء منه فإن ذلك من فعل الخير الذي تثاب عليه بإذن الله تعالى، إما إذا كان هناك تعد أو تفريط فيجب عليك ضمان هذا المال، وإذا كنت لا تعلم قدره كما ذكرت في سؤالك فيجب عليك التحري والعمل بغلبة الظن في قدر هذا المال.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 19455، 48313، 65886، 72838، 115501.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1430(12/7158)
نزل في راتبه زيادة ولم تسترجعه جهة الصرف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عملت بمنظمة الأمم المتحدة لحفظ السلام لمدة عام وذلك في دولة غير دولتي وفي أول شهر تم صرف 27 يوم زيادة لي في المرتب بطريق الخطأ وتحويله على حسابي في بلدي فقمت بإخبار المسؤول عن ذلك في اليوم التالي من التحويل لتعديل هذا الخطأ فقام هو بدوره بإرسال خطاب للمسؤول عن ذلك، وأخذت صورة من الخطاب لأنه من الممكن أن أسأل لماذا لم تخبر أحدا بهذا الخطأ ويفترض سوء النية وبعد ذلك أخبرني بأنه سيتم الخصم خلال الشهر التالي ولكن لم يتم الخصم وقال لى انتظر الشهر القادم وهكذا انتهت السنة ولم يتم الخصم مع تذكيري للمسؤول قبل انتهاء المدة بشهرين فماذا أفعل بهذا المال هل أتصدق به أو بجزء منه أو يمكنني التصرف به أو كيف أجد طريقة لرده وأخشى أن أتصدق به وبعد فترة أطالب من هذه الجهة برد هذا المال. فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال الذي يعرف أصحابه يجب رده كله إليهم إن كان ذلك ممكنا، أما إن تعذر رده فلك أن تتصدق به به كله مع ضمانه إن طلبه أصحابه ولم يجيزوا ما فعلت، ولك أن تحتفظ به دينا يتم خصمه منك، ولك أن تتصرف به لمصحلة نفسك مع ضمان مثله لأن النقد لا يتعين، فلا مانع من التصرف به إن كنت تعلم من نفسك السداد حال طلبه حتى إذا حصل اليأس من رده إلى أهله فيجب عليك أن تنفقه في منافع المسلمين العامة، ولا يجوز لك حبسه لأن حبس المال أبدا كإتلافه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1430(12/7159)
ضوابط الانتفاع بالمال العام
[السُّؤَالُ]
ـ[انا سكرتية بمدرسة حكومية وأنا المسؤولة عن عهدة ممتلكات المدرسة وعندي سشوار من المدرسة أضعه في بيتي قامت المدرسة بإتلافه فأخذته هل يجوز أم أأثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز التصرف في ممتلكات المدرسة إلا بما فيه المصلحة، والمال العام له حرمة، وقد ورد الوعيد لمن أخذ منه بغير حق، وذلك فيما رواه البخاري عن خولة الأنصارية رضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة. وراجعي في ذلك الفتاوى الآتية أرقامها: 14984، 24097، 50478.
ولا يستثنى من ذلك إلا الأشياء التي يتخلص منها لعدم الحاجة إليها ولعدم قيمتها، فإذا كانت هذه الأشياء ستلقى في القمامة أو نحو ذلك فلا حرج على من أخذها أن ينتفع بها أو يعطيها لمن ينتفع بها.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 42407، 72778، 74985، 97994.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1430(12/7160)
مات أبوهم وترك قماشا في محله لا يدرون من صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي توفاه الله وكان يعمل خياطا وعنده بعض من القماش لم يوجد عليه اسم لكي نستدل على صاحبه فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنتم تعلمون أو يغلب على ظنكم أن القماش ليس ملكا لوالدكم ولم تعرفوا صاحبه فتصدقوا به على الفقراء والمساكين إذا أيستم من أصحابه، وهذا هو حكم الأموال والأمانات والودائع التي جهل أصحابها، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 116978.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1430(12/7161)
كيفية إبراء الذمة من الحقوق المعنوية والمادية
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على عملكم وخدمتكم لدين الله، وأسأل الله أن يوفقكم إلى ما يحبه ويرضاه
فقد قرأت عدة أحاديث في موقعكم عن خيانة الأمانة، وخاصة ما يتعلق بحقوق العباد منها، حيث التوبة منها تستلزم رد الحق لصاحبه، فأنا يا شيخ كنت أعمل مدرسا في منطقة نائية، وكنت لا أطيق العيش في تلك البادية نظرا لظروف صعبة وقاسية، أاعلم أن هذا ليس مبررا لتغيباتي التي كنت أتغيبها عن العمل من حين إلى آخر، وقد تركت تلك الوظيفة وقمت بتصرف أشد حرمة، هو الهجرة إلى بلاد الكفر، وقد ندمت على ترك عملي والتقصير الذي كنت أقوم به، فكيف يا شيخ أرد حق أولئك الأطفال؟ وأرجو منكم النصيحة، فأنا أسعى إلى الهجرة من بلاد الكفر خوفا على ديني ودين أولادي إن شاء الله، وجزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما هو ظاهر أن رد حق هؤلاء الأطفال أمر متعذر عرفا فيكفي السائل الكريم بعد الإقلاع عن الذنب أن يندم على تفريطه ندما حقيقيا خوفا من الله تعالى وتعظيما له وطلبا لمرضاته وأن يعزم عزما صادقا على عدم العودة إليه أو إلى مثله مستقبلا، فقد قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16} . وقال صلى الله عليه وسلم: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. متفق عليه.
هذا من جهة الأطفال، أما بالنسبة للمال الذي حصلت عليه كأجرة عمل لم تقم به فهذا لا يحل لك، وعليك محاولة رده إلى الجهة التي أخذته منها، فإن لم تتمكن من ذلك فعليك أن تخرج قدره إن كنت تعلمه في أوجه الخير وإذا لم تعلم قدره فأخرج ما يغلب على ظنك أنه يوفي الحق الذي عليك.
جاء في الموسوعة الفقهية: الواجب في الكسب الخبيث تفريغ الذمة والتخلص منه برده إلى أربابه إن عُلموا؛ وإلا إلى الفقراء.
وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 50143، 44819، 46021.
وينبغي لك أخي الكريم الإكثار من أعمال البر والطاعة فإن الله تعالى يقول: إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114} .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: أتبع السيئة الحسنة تمحها. رواه أحمد والترمذي. وقال حسن صحيح، وحسنه الألباني.
ثم نبشر السائل الكريم بقول الله سبحانه وتعالى: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان:70} وقوله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 52} . وقوله تعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً {النساء:110} .
وأما بالنسبة للهجرة من بلاد الكفر فقد سبق أن بينا أنها واجبة على من خشي الانحراف على نفسه أو أبنائه في الفتاوى التالي أرقامها: 64452، 43019، 116409، 2007.
ونوصيك أيها السائل الكريم بالمبادرة إلى ترك هذه البلاد التي تخاف فيها الفتنة على نفسك أو على من تعول فإن السلامة لا يعدلها شيء، والآخرة خير وأبقى، ومن ترك شيئا لله عوضه الله تعالى خيرا منه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له. رواه الترمذي وصححه الألباني
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1430(12/7162)
لا يجوز أخذ بدل البنزين إلا بإذن شخص مخول بالصرف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا محاسب في مشروع وأستخدم سيارتي للعمل أحيانا، ويقوم مديري بصرف بدل بنزين شهريا ولكن أضع هذا البدل في حساب آخر أي لا أفصح عن ذلك وأضعه في أي بند آخر كأن أضعه في حساب قطع غيار أو غيره ... . لأن المركز الرئيسي للشركة يمكن أن يسألوا ويستفسروا وقد يمنعون هذا.
وأيضا في النهاية كل الحسابات تحمل على مشروعنا فهل هذا المبلغ يعتبر حراما أم أنه حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأموال الشركة التي تعمل فيها محاسبا أموال معصومة لا يجوز لك تناولها إلا بإذن شخص مخول بالإذن من قبل أصحاب الشركة أو مسؤول هذه الجهة أيا كانت، وإذا كان مديرك لم يعط هذا التخويل، فلا حق لك في أخذ بدل البنزين وإن أمر بصرفه، لأنه والحال ما ذكر يتصرف في مال غيره بدون وجه حق، وكلاكما يأثم، فما تفعله من استخدام سيارتك أحيانا في العمل يعتبر معاوضة، ويشترط لها تراضي طرفيها على العوض والمعوض، وإذا كان مديرك غير مخول له التعاقد معك على استعمال سيارتك في العمل مقابل أجر فليس لك أخذ أجرة من أموال الشركة، أو أن تحتال للوصول إلى هذا بأن تضع ذلك ضمن بند آخر فهذا من الخيانة.
وعليه؛ فأنت تعتبر متبرعا باستخدام سيارتك، وعليك إخبار الجهة أو الشخص المعني بصرف هذا البدل حتى يحل لك البدل بطريقة شرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1430(12/7163)
حكم الانتفاع بالوديعة بإذن صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطتني امرأة فقيرة 2000 دينار كأمانة على أساس أن أعطيها لابنتها الوحيدة بعد موتها ولا أعطي إخوتها فقلت لها إني سأستخدمهن فقالت حسنا واستخدمتهن كاملا ولست أجرؤ أن أخبرها بذلك إلا أنهن متوفرات لدي عينا إن أرادت وأستطيع إرجاعهن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت أنك استأذنتها في التصرف في المال وأذنت لك فلا حرج عليك وإذا توفيت هذه المرأة فإن المال يكون لورثتها جيمعا وليس لابنتها، لأن طلبها منك أن تدفع المال لابنتها بعد موتها يعتبر وصية لوارث وهي ممنوعة شرعا إلا إذا أذن الورثة بإمضائها كما بيناه في الفتوى رقم: 34973.
والذي ننصحك به هو أن ترد تلك الأمانة للمرأة وتخبرها بالحكم الشرعي الذي ذكرناه لك، ولها أن تعطي ابنتها ما تشاء من مالها ما دامت حية صحيحة بشرط أن تعدل بين جميع أبنائها أو يكون لتخصيصها من خصصت مسوغ شرعي من فقر أو كثرة عيال أو غير ذلك.
وأما الوصية لتلك البنت بعد موتها فإنها لا تمضي إلا بإذن بقية الورثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1430(12/7164)
التصرف في معدات شركة أصبحت هويتها مجهولة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل في شركة أجنبية في بلد عربي, ثم أعلنت إفلاسها ولم يعد هناك من يسأل عنها، فهل يجوز أخذ شيء من معدات الشركة مهما كان، مع العلم أنه لا توجد أي جهة أو شخص مسؤول عن هذه المعدات، حاول بعضهم ادعاء أنهم هم أصحاب ومالكو هذه المعدات ولكنهم يأخذونها كمكاسب شخصية وهم ليس لهم هذا الحق، فماذا أفعل بالمعدات التي بين يدي وقد أخفيتها حتى لا تنهب وتسرق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعدات التي لديك من أموال الشركة التي كنت تعمل فيها تعتبر أمانة عندك يجب عليك تسليمها إلى أصحاب الشركة الفعليين أو وكلائهم الشرعيين، ولا يجوز لك دفعها إلى من تعلم أنه لن يوصلها إلى أصحابها، وإذا حصل عندك يأس من معرفة أصحابها أو الوصول إليهم فإن هذه المعدات تصرف في منافع المسلمين العامة أو تباع ويصرف ثمنها في ذلك، أما أن تستولي أنت عليها فلا يجوز.. وراجع الفتوى رقم: 47618.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1430(12/7165)
أحكام في التصرف في الأموال والحاجات العامة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل أمينة مكتبة بإحدى مدارس البنات، ولدي قوانين معينة أعمل بمقتضاها بالتسوية بين الجميع، فمثلا هناك عدد معين من الكتب للاستعارة، هناك فترة معينة للاستعارة، ولكن قد تطلب بعض المعلمات فترة أطول أو يطلبن عددا أكبر من الكتب المسموح بها، وقد يستعن بالمديرة في فرض ذلك علي عندما أرفض. فعلى سبيل المثال طلبت مني إحدى المعلمات عددا كبيرا من الكتب لابنتها لإحدى المسابقات، وعندما رفضت لأن هذا غير قانوني، كما أنه ضد مبدأ تكافؤ الفرص، فأنا لا أستطيع فعل ذلك مع جميع الطالبات، استعانت بالمديرة التي أمرتني بفعل ذلك تحت مسؤوليتها، وقد فعلت ذلك، فهل علي إثم في قبول ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الكتب تعتبر مالاً عاماً، لا يجوز صرفه إلا فيما أذنت به الجهة العليا التي وضعت شروطاً للاستفادة من المكتبة، فيجب الوفاء بتلك الشروط، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود. وأي تصرف خارج ما أذنت به تلك الجهة يعد من خيانة الأمانة التي نهى الله عنها في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27} ، كما يعد تخوضاً في مال الله بغير حق، وقد جاء الوعيد الشديد على ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة. رواه البخاري.
وبناء على هذا، لا يجوز للمديرة إذا لم تكن مأذونة من جهتها العليا أن تأمرك بالتصرف بخلاف ما ينص عليه قانون المكتبة، ولا يجوز لك طاعتها في ذلك؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وللأهمية في ذلك راجعي الفتوى رقم: 96911.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1430(12/7166)
ضمان العهدة على المكلف بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل صيدلانية بوحدة صحية طلبت من أحد الموظفين صرف طلبية طعوم أثناء قيامي بإجازة وتسبب إهماله في بقاء الطلبية لمدة يومين خارج الثلاجة مما أدى إلى فسادها حيث إنه تركها أمام الطبيب القائم بعملي رغم أن الطبيب أمره أن يسلمها للممرضة المسؤولة ولم ينتبه إليها أحد فهل يجب علي دفع قيمتها على اعتبار أنها عهدتي والمفروض أن أتسلمها بنفسي ملحوظة قانونا يجب أن أصرف الطلبية بنفسي لكن بشكل ودي يقوم أي موظف بصرفها وإحضارها لي أو للممرضة لوضعها في الثلاجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن السائلة تضمن قيمة هذه الأشياء؛ لأنها ملزمة قانونا بصرفها بنفسها؛ فإذا حصل تلف بسبب مخالفتها لعقد الإجارة والعهدة فهي ضامنة لتعديها.
ولها أن ترجع بما دفعته على الشخص الذي أهمل حفظ الأمانة إذا كان الإتلاف حصل بسبب منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1429(12/7167)
هل يضمن الأمين إذا سرقت منه الأمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[سرقت مني أمانة مالية هل يلزمني إرجاعها لصاحبها من مالي الخاص وهل يمكنني إعادتها من الفوائد البنكية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المقرر في الشريعة أن اليد الأمينة لا تضمن ما لم تتعد أو تفرط، جاء في المغني: وليس على مودع ضمان إذا لم يتعد وجملته أن الوديعة أمانة فإذا تلفت بغير تفريط من المودع فليس عليه ضمان. انتهى.
وبهذا تعلمين أنه إذا حصل منك تفريط في حفظ الأمانة أو تعد باستعمالها فأنت ضامنة، وراجعي الفتوى رقم: 72838، والفتوى رقم: 21071.
وفي حال ضمان الأمانة فإن الشخص يضمنها من ماله، وأما الفوئد الربوية فليست ملكا للمقترض بالربا وإنما تأخذ من البنك وتصرف في وجوه البر ومصالح المسلمين، علما بأن التعامل مع البنوك الربوية حرام.
وراجعي الفتوى رقم: 70779.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1429(12/7168)
كيف تؤدى الأمانة إذا جهل مكان وجود صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال عن أمر مهم حصل مع والدتي قبل سنوات عديدة حيث كان شخص يشتغل عند والدي وكان هذا الشخص يترك نقوده مع والدتي تدخرها له ولجهل والدتي كانت كلما احتاجت للمال تأخذ من مال هذا الشخص، وفي يوم طلب منها أن تعطيه نقوده فأعطته ولكن لم تعطه المبلغ الذي أخذته ومرت السنين ووالدتي الآن تريد أن ترجع له المبلغ، لكن لا تعرف مكان تواجده ولا تعرف أي شخص يعرفه حتى يوصله إليه، فهي تسأل كيف يمكن أن تكفر عن هذا العمل وكيف تتصرف حتى تبرأ ذمتها من هذا المال، مع العلم بأن والدتي عندما كانت تأخذ من المال لم تكن تعرف أن ما تقوم به حرام وذلك للجهل؟ فجزاك الله عنا كل خير شيخنا نريد معرفة كيفية التكفير عن هذا الذنب ولك منا جميل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تصرف والدتك في الأمانة بالوجه المذكور بدون إذن صاحبها حرام شرعاً وهو تصرف مناف لحفظ الأمانة الذي أمر به القرآن الكريم..
وإذا كانت فعلت ذلك جهلاً تعذر به فلا إثم عليها مع ضمانها لمال الشخص المذكور، فلتحتفظ بالمال حتى يأتي صاحبه مع السؤال عنه والبحث عن مكان وجوده، فإن يئست من معرفته والوصول إليه تصدقت بقدر ذلك المال بنية صاحبه، وراجعي للمزيد في هذه المسألة الفتوى رقم: 64224.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1429(12/7169)
تعدى على وديعة صاحبه وتغير سعر العملة فبأي سعر يرد المال
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطيت صديقي 6200 يورو كأمانة وبعد فترة احتاج منها فصرف جزءا منها إلي دينار أردني واستخدمه، وعندما طلبت منه المبلغ لم يكن متوفرا إلا 3200 يورو فطلبت منه أن يصرفها لي أردني (0.99) ، وعندما أراد أن يرد لي الباقي (3000 يورو) قال لي إنه سيردها بالسعر الذي صرف به المبلغ عندما احتاجه وذلك لقناعته أن ذلك هو الأسلم وخاصة أن المبلغ سوف يرد بالأردني وليس باليورو (1.12 مع العلم بأن هذا السعر أعلى من وقت السداد 1.045) وهو مصر على ذلك، وأنا أخاف أن يكون هناك ربا بهذه القضية، بالرغم أن علي خسارة في الحالتين لأني عندما اشتريت اليورو كان أغلى (1.08) ، فأفتوني جزاكم الله خيراً.. الفرق في المبلغ بين وقت السداد وبين وقت حاجته للمبلغ تقريبا 150 دينار أردني -فهل لي أن أتبرع بها إن رفض صديقي أخذها- فأفتوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد أذنت لصديقك في اقتراض المبلغ المذكور، فإن حكمه حكم القرض، والواجب في القرض هو سداد الدين بالعملة التي تم الاقتراض بها، ويجوز عند السداد أن يتفق الطرفان على سداد الدين بما يساوي قيمته بعملة أخرى بشرط أن يكون ذلك بسعر الصرف يوم السداد وأن لا يفترقا وبينهما شيء، وهذا من باب الصرف الذي يشترط فيه التقابض، ولكن يستحب للمقترض أن يحسن القضاء مكافأة منه لجميل صنع المقرض واقتداء به صلى الله عليه وسلم.
وعلى هذا فالواجب على صديقك أن يرد لك الدين بالعملة التي اقترض بها أو بما يساوي قيمته بالعملة المحلية يوم السداد، فإن طابت نفسه بالزيادة عن ذلك فلا حرج في ذلك لأنه من حسن القضاء، ويمكنك مراجعة ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5610، 7110، 63519، 66686، 105748.
أما إذا كنت لم تأذن لصديقك في اقتراض المال فقد أساء صديقك في فعله ذلك وتعدى ويجب عليه التوبة إلى الله عز وجل، كما يلزمه رد المال بمثل العملة التي أخذها أو بقيمتها يوم تعديه، وراجع بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1794، 21071، 103457، 106490..
وإن أراد صديقك تعويضك عما أصابك من ضرر فلا حرج في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1429(12/7170)
حكم رد الزوجة ما أودعه أبوها لدى زوجها بدون علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[زوج أختي أخذ من والدنا أمانة، وأختي أخذت هذه الأمانة بدون علم زوجها وخرجت من بيتها وجاءت إلى بيتي لتخبرني بما فعلته ولترد هذه الأمانة إلى والدنا، سؤالي هو: هل علي إثم في هذا الأمر؟ وما هو؟ وما الحكم الشرعي فيه؟ وماذا يجب عليَ أن افعل؟ هل ما فعلته أختي فيه مخالفه شرعية؟ وما هي؟ ومالحكم الشرعي؟ وماذا يجب عليها أن تفعل في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته أختك تعد على أمانة زوجها، وعليها أن تعيد الأمانة إلى محلها، وتتوب إلى الله تعالى وتستغفره، ولا تخبر زوجها بذلك. وأما أنت فلا إثم عليك إذ لا تزر وزراة وزر أخرى، كما جاء في قوله تعالى: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164} .
لكن ينبغي أن تنصحيها بإعادة الأمانة إلى محلها، وأن تستغفر الله عز وجل وتتوب إليه.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 99267، 22917، 106881.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1429(12/7171)
حفظ الأمانة وأداؤها كما هي
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي صديق مسجون بسبب قتل بنت بحادث سيارة ووضع عندي منذ 3 سنوات بعد الأغراض لنهاية مدة حبسه وأثناء هذه المدة كانت عندي مشاكل كثيرة وكنت أنا وزوجتي نتشاجر من غير سبب وأثناء تفقدي للأغراض اكتشفت أن هناك منديلا عليه دم البنت التي قتلها وهو محتفظ به بالأغراض التي وضعها عندي.. فهل يجوز الاحتفاظ بمثل هذه الأشياء؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب عليك حفظ الأمانة والاحتفاظ بهذه الأغراض التي ائتمنك عليها صديقك حتى تؤديها إليه كما هي، فقد قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58} ، وقال صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن.
وكون أغراض الشخص المذكور مشتملة على منديل به دم الفتاة لا أثر له في وجوب حفظ أمانته، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 70876. وننصحك بالتفاهم مع زوجتك وتجنب المشاكل معها ما أمكن ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(12/7172)
لمن يرد المال المسروق إن مات صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[إنسان في صغره سرق مالا من شخص أمنه عليه في بقالة والشخص مقتدر ماليا ولكن كانت عادة وتلاشت بل انتهت مع الزمن. والشخص الذي أمنه أو صاحب البقالة توفي قبل أن يرد المال له مع العلم أن المبلغ غير معروف الكم وهو بالمناسبة لا يتجاوز المئات أظن أقل من 500 دينار. ولأكثر من مكان تمت السرقة؟؟ أو سوء الأمانة؟ مع العلم أن السارق قد تاب وحج بيت الله الحرام وأنه سال المشايخ في بلده الأصلي عن هذه المسالة فأجابوه أن يضع مالا بنفس الكم في وجوه الخير أو مسجد..... الخ. وفعل ذلك قبل التوجه للحج. وأن المبلغ هذا وضع لوجه الله تعالى عن روح صاحب البقالة وله الثواب وليس للسارق من ثواب حسبما قالوا. الندم والخوف من الله يراود السارق وهو تائب ومصل. هل عليه من شيء أكثر مما فعل ودفع لقاء فعلته هذه السابقة وكرر أنه تاب لله ونادم أيضا. أفيدوني جزاكم الله خير. أرجو الإجابة بسرعة لطفا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان صاحب البقالة معروفا فيجب على هذا الشخص رد المال لورثته، ولا يسقط عنه الحق إلا بذلك. فإن تعذر عليه ذلك لعدم معرفتهم فيجوز حينئذ صرف ذلك المبالغ في وجوه الخير، ولعل هذا ما قصده من أفتى بما ذكر في السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1429(12/7173)
حكم استعمال أدوات العمل في شؤون شخصية
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ سنة تقريبا جاء أبي بماكينة طباعة إلى البيت قديمة الطراز وهي ملك للدولة، ولقد وضعها في البيت وهي لا تستعمل وأنا أحتاج لها كثيراً ولا يمكنني شراء واحدة، سؤالي هو: هل يمكنني أن أستعملها لأنها أصلا غير مستعملة في البلدية وهي في البيت تملأ المكان فقط، فأرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت المكينة المذكورة أمانة عند والدك فلا يجوز لك استعمالها إلا بإذن من الجهة المختصة، لأن ذلك يعد من الخيانة في الأمانة والاعتداء على مال الغير بدون وجه حق، وما ذكرته من أمور تحسبها مسوغات للتصرف في مال الغير لا عبرة بها، ما لم تحصل على إذن من شخص مخول بالإذن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1429(12/7174)
العامل إذا قال له صاحب المحل خذ أي شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[في أحد شغال في محل صاحب المحل يشتري من حسابه أي شيء يبغيه شاي أو شيء آخر الخ قاله أي شيء تبغا اشتر من المحل هذا صار أي شيء يبغا يأخذ من المحل أي شيء يبغي غالي رخيص يأخذ هل عليه شيء أو لا طبعا راعي المحل ما حدد أي شيء قال اشتر من المحل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح ولكن إن كان المقصود أن صاحب المحل أذن للعامل في الأخذ من المحل دون دفع الثمن ولم يحدد صاحب المحل مقدار ما يأخذه العامل أو ثمنه أو نوعه نصا فيرجع في هذا إلى العرف، لأن المطلِق -وهو هنا صاحب المحل الذي أطلق هذا الكلام - إذا كان له عرف انصرف إلى العرف أو الى الغالب المعهود. فلا يصح للعامل أن يتخذ من قول صاحب المحل خذ أي شيء سببا في الإجحاف به أو أكل ماله بدون وجه حق، وإنما يسأله عن مراده أو يعمل فيه بالمتعارف عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1429(12/7175)
الواجب فقط رد المال مع التوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي امرأة كبيرة يترك معها أهل الخير شهريا نقودا لتوزعها على الفقراء واليتامى ولقد أخطأت في الماضي بأن مددت يدي وأخذت من تلك النقود من غير علمها أكثر من مرة ولم تعلم شيئا عن هذا الموضوع حتى الآن ولقد تزوجت بعدها وأحسست بخطئي وتوبت وندمت على ما فعلت، وسؤالي هو هل يجب علي أن أرد تلك النقود إلى مكانها مرة أخرى، وهل يجوز لي أن أخرجها في شكل صدقات علما بأني سوف أردها من مال زوجي لأني لا أعمل ولست أمتلك نقودا خاصة بي، وهل يجب علي إخبار زوجي بهذه القصة أم لا- وهل يجب علي أن أخبر أمي بما فعلت؟ أسثتغيث بكم أن تفتوني سريعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحمد لك ما ذكرت من خشيتك من الموت والحساب، ولا شك أن هذا مما يدفع المرء إلى عمل الصالحات، وقد أسأت بأخذك من هذا المال بغير وجه حق، فالواجب عليك التوبة ورد هذا المال الذي أخذت، وراجعي الفتوى رقم: 46979.
ولكن لا يجوز لك أن تأخذي من مال زوجك إلا بإذنه، وإذا طلبت منه مالا فلا يلزمك إخباره بحقيقة الأمر؛ بل يمكنك أن تخبريه بأنك تريدين به سداد دين عليك، وانظري الفتوى رقم: 24386.
ولا يلزمك أيضا إخبار أمك بما حدث بل يمكنك أن تضعي هذا المال في المكان الذي كانت تضع فيه ذلك المال عادة، ويمكنك أن تذكري لها أنه ربما كان من مال الصدقات التي كانت تعطاها لتوزعها على الفقراء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1429(12/7176)
حكم استخدام أدوات العمل لغير مصلحة العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[عاملة التنظيف تطلب مني أن أقوم لها بنسخ بعض الأوراق في مكتب العمل أقوم بذلك وأضع في المقابل مالاً في خزينة المكتب فهل حرام ما أقوم به؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالموظف أمين على ما في يده من أجهزة العمل فلا يجوز له أن يتصرف فيها إلا فيما أذن له فيه وإلا كان خائناً للأمانة، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27} .
وعليه؛ فلا يجوز أن تقومي بنسخ الأوراق بآلة المكتب لهذه العاملة ما لم يكن ذلك مأذوناً به نصاً أو عرفاً، وفي حال كان غير مأذون به فوضعك ما يقابل ذلك من المال في خزينة المكتب لا يبيح هذا التصرف لأن فيه اعتداء على حق الغير ابتداء، وإن كان الأمر سيؤول إلى دفع قيمة النسخ عند عدم الإذن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1429(12/7177)
المواد المكتبية ملك لجهة العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي زميلة في العمل كلما أحضروا لنا مجموعة من المواد المكتبية أخذت نصيبا من كل شيء دون أن تكون محتاجة إليه وتظل تجمعه وتدخره دون استعماله وقد تعود به إلى المنزل عند الحاجة، فهل لي أن آخذ من هذه المواد لإعطائها لمن هو في حاجة إليها دون علمها وإن سألتني أنكر الأمر مع العلم بأني كثيراً ما نهيتها عن هذا الفعل, وهي ترى أنه من حقها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المواد المكتبية تعد ملكاً لجهة العمل التي توفرها لصالح القيام بالعمل المطلوب من العمال، وبالتالي فلا يجوز الاحتفاظ بها ولا الاستفادة منها في الأغراض الشخصية لما في ذلك من أكل أموال الناس بالباطل، فقد قال تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ ... {البقرة:188} ، ويستثنى من ذلك ما إذا أذنت جهة العمل فيجوز.
والواجب على من أخذ شيئاً من تلك الأدوات دون إذن أن يتوب إلى الله وأن يرجعها إلى جهة العمل، وعلى من رآى من يفعل ذلك أن ينكر عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
ولا حق لغير جهة العمل في تلك الأدوات، فلا يصح صرفها لأحد محتاجاً كان أو غير محتاج إلا بإذنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1429(12/7178)
مذاهب العلماء فيمن استعار شيئا فضاع منه
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت كتابا من مكتبة المدرسة أمانة وقد ضاع مني الكتاب ولم تطالبني به صاحبة المكتبة. ماذا يجب علي فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت أخذت الكتاب المذكور على وجه الإعارة -كما هو الظاهر- وضاع منك بتفريط فأنت ضامن له بالإجماع، وإن ضاع منك بدون تفريط ولا تعد فعليك الضمان أيضا عند بعض أهل العلم كالحنابلة والشافعية ومن معهم مستدلين بقول النبي صلى الله عليه وسلم: بل عارية مضمونة. رواه أبو داود وأحمد وغيرهما، وفي رواية قال: فضاع بعضها فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضمنها له، فقال: أنا اليوم يا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام أرغب. خلافا للمالكية والحنفية ومن معهم قالوا: لا ضمان في حال عدم التفريط، ودليلهم في ذلك ما رواه الدارقطني وغيره: ليس على المستعير غير المغل ضمان. وهو حديث قد ضعفه أهل العلم.
وعليه، فإذا كان ضياع الكتاب بتفريط منك فأنت ضامن له بالإجماع، وإن لم تفرط فعليك الضمان أيضا على القول الراجح.
وضمان الكتاب المذكور يكون بشراء مثله إن وجد وإرجاعه إلى المكتبة المأخوذة منها، وإن تعذر وجوده فادفع قيمته إلى إدارة المكتبة، وتحدد القيمة من طرف أصحاب الاختصاص الثقات العارفين بأثمان الكتب.
وعدم مطالبتك بإرجاع الكتاب المذكور لا يسقط عنك الضمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1429(12/7179)
مطلوب منك اتخاذ التدابير اللازمة لحفظ الأمانة ثم ردها لأصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[أستلم بعض المواد الغذائية المدعومة شهرياً من الدولة بنقودي الخاصة وأقوم بتوزيعها طوال الشهر على الأشخاص الذين حددتهم الدولة لي, ويكون هناك زيادة تحسب وترد للدولة كل عدة شهور, فإذا أنا مت فمن الوارد أن يكون عندي مواد غذائية لم تسلم لأصحابها وزيادات لم تسلم للدولة, ولكن من الطبيعي أن ورثتي سيقومون بهذا العمل عني وتصفيتها أوتنميتها؟
فهل هذه ديون علي تعلق روحي بسببها؟ وماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أن الدولة تبيعك مواد غذائية، وتشترط أن توزع على أناس محددين، وإذا بقيت بقية من هذه المواد فإن عليك أن تردها على الدولة وتسترد ثمنها فان هذه الزيادات تعتبر أمانة وليست دينا، وكذلك إيصال هذه المواد إلى أناس محددين دون غيرهم أيضا من الأمانة التي تحملتها بالشرط وليست دينا.
وبناء على هذا فإذا خفت من ضياع هذه الأمانات وجب عليك اتخاذ التدابير اللازمة لحفظها من توثيق ووصية لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
قال ابن قدامه في المغني: ولا تجب الوصية إلا على من عليه دين أو عنده وديعة أو عليه واجب يوصي بالخروج منه, فان الله تعالى فرض أداء الأمانات وطريقه في هذا الباب الوصية فتكون مفروضة عليه. انتهى.
وننبه إلى أن البيع بالشروط المذكورة محل خلاف بين العلماء: فجمهورهم على عدم صحة البيع لما في هذه الشروط من التحجير على المالك في ملكه، وذهب بعض أهل العلم إلى صحة هذا البيع وجواز هذه الشروط وهو إحدى الروايات عن الإمام أحمد، وهو ما نرى رجحانه ما دام يحقق مصلحة معتبرة شرعا لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني.
وجاء في فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: وسأل أبو طالب الإمام أحمد عمن اشترى أمة يشترط أن يتسرى بها لا للخدمة قال لا بأس به وهذا من أحمد -والكلام لشيخ الإسلام- يقتضي: أنه إذا اشرط على البائع فعلا أو تركا في البيع مما هو مقصود للبائع أو للبيع نفسه صح البيع والشرط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1429(12/7180)
هل يجوز لأمين الصندوق استثمار أموال الصندوق المالي لمصلحة نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة وعندي صندوق مالي ودائماً يوضع عندي مبالغ مالية كعهدة، السؤال هو: هل يجوز لي استثمار بعض هذه المبالغ كاستثمار شخصي؟ علماً بأنني قادر على تغطية هذه المبالغ في أي وقت تطلبه الشركة مني، فهل هناك حرمة في استثمار هذا المبلغ دون علم الإدارة،
الرجاء إرسال الإجابة في أسرع وقت شاكرين لكم تعاونكم؟ وجزاكم الله عنا كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه المبالغ المالية التي توضع عندك هي أمانات أنت مؤتمن عليها، فلا يجوز لك استثمارها لصالحك الشخصي لأن ذلك خيانة للأمانة، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27} ، وعدَ النبي صلى الله عليه وسلم خيانة الأمانة صفة من صفات المنافقين، حين قال: آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب, وإذا وعد أخلف, وإذا أؤتمن خان. رواه البخاري ومسلم.
وبناء على هذا فلا يجوز ذلك إلا إذا استأذنت الإدارة، وللمزيد ولمعرفة ما يترتب على استثمار هذه الأموال التي ائتمنت عليها راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 59057، 53640، 71783.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1429(12/7181)
الواجب رد مثل ما أخذت من المكتبة أو رد قيمته عند عدم الإمكان
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لي صديق يتعامل مع مكتبة كبيرة للكتب وكان داخل المكتبة أناس هو يعرفهم في يوم احتجت إلى كتاب لي ذهبت معه إلى المكتبة وكان الكتاب يحتوي على أسطوانة ولأنه يعرف أناسا أخذت الاسطوانة دون الكتاب على أساس أني سوف أرجعها مرة أخرى مع العلم الذي يعرفه صديقي ليس صاحب المكتبة إنما هو موظف - بعد ما أخذت الاسطوانة أنبنى ضميري ولم أفتحها فأرجعتها إلى صديقي وقلت له أنا لا أريدها أرجعها إلى المكتبة على أساس أنه يرتاد المكتبة دائما ظلت الاسطوانة معه وكلما سألته قال إنه أرجعها وحذرته كثيرا أن علي ذنب كبير ويجب أن يرجعها وهو يقول إنه أرجعها وأنا كنت أعلم لكن لا أعلم ماذا افعل في يوم ما جاء لي بالاسطوانة ولكن حالتها كانت سئية جدا والآن أنا أريد أن أكفر عن نفسي فهل يمكن أن أذهب إلى المكتبة وأشتري منها بعض مشتريات بنفس قيمة الكتاب، وأعاود وضعها مكانها مرة أخرى على أساس أن قيمة الكتاب تكون قد دخلت إلى خزانة المكتبة، وللعلم مر على الموضوع عام وأكثر فهل هذا الفعل جئز لأني أخشى من رد فعل المسؤولين بالمكتبة أنا ذهبت إليهم وقصصت عليهم القصة فهل هذا يعفو عن الذنب وأستغفر الله وأتوب إليه، فإني والله نادم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على رد المظالم لأهلها، ونسأل الله عز وجل أن يتقبل توبتك، وما كان ينبغي لك أن تأخذ الاسطوانة ابتداء إلا بإذن صريح من مالك المكتبة.
وقد سبق في الفتوى رقم: 4603، بيان أن التوبة النصوح هي المشتملة على الندم على ما سلف من الذنوب، والإقلاع عنها خوفاً من الله سبحانه وتعظيماً له، والعزم الصادق على عدم العودة إليها، مع رد الحقوق إلى أصحابها أو استحلالهم منها، أي: طلب المسامحة منهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. أخرجه البخاري..
فالواجب عليك أن ترد مثل ما أخذت من المكتبة فإن لم يمكنك رد مثل ما أخذت وجب عليك رد قيمته، ولا بأس أن تفعل ذلك دون علم المسؤولين في المكتبة إن خشيت حدوث ضرر إذا علموا بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1429(12/7182)
الواجب رد الحقوق لأصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي في الإسلام في الشبكة الإسلامية....
أنا محاسب في شركة ويمر علي أوقات وبدون قصد يحدث خطأ في حساب العمال وأسكت على هذا رغم أنهم يستحقون بعض المال حتى لا أكون أنا المخطئ، ولذلك يفقدون حقهم، أنا ضميري يعذبني وأرجو الرد علي هل يفيد أن أتصدق بمبالغ تعادل ما يستحقونه؟ مع العلم أني إذا أخبرتهم وأخذوها يكون علي ضرر كبير (المبالغ قليلة جدا) أكثر من منفعة العمال بحقوقهم.
وأعانكم الله على هداية الناس إلي الطريق القويم وجعلها الله في ميزان حسناتكم وجزاكم عنا كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 4603، بيان أن التوبة النصوح هي المشتملة على الندم على ما سلف من الذنوب والإقلاع عنها خوفا من الله سبحانه وتعظيما له والعزم الصادق على عدم العودة إليها مع رد المظالم إن كان عند التائب مظالم للناس من دم أو مال أو عرض أو استحلالهم منها -أي طلب المسامحة منهم- لقوله صلى الله عليه وسلم: من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. خرجه البخاري.
واعلم أن الضرر الأكبر والأشد خطرا هو عدم ردك للحقوق إلى أصحابها، فعليك أن تقوم برد هذه المبالغ ولو على أقساط ولو بطريقة غير مباشرة، ولا يصح أن تتصدق بها مع التمكن من ردها إلى أصحابها، وعليك أيضا أن تحتاط في عملك حتى لا تتكرر منك هذه الأخطاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1429(12/7183)
لا تصرف الأمانة في وجوه الخير إلا عند تعذر ردها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من حضرتكم أن تجيبوني عن هذه المسألة فهناك شخص يسأل عن كيفية إصلاح هفوة قام بها والده ومات وهي تتمثل في أخد شيء ما من الإدارة التي كان يعمل فيها فهو من الصعب أو المستحيل أن يقوم بإرجاعه ولكن هل من عمل للولد يمكن القيام به للتكفير عن هذا الدنب كصدقة عنه أو صيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان على والدكم إرجاع ما أخذ إلى الإدارة وجوبا، وحيث لم يفعل ذلك فإن كان قد ترك تركة فيجب إخراج ذلك من التركة ورده إلى مالكيه، فإن تعذر ذلك لكونهم لا يقبلونها، وهي من الأموال العامة فلتنفق في وجوه الخير والبر.
أما قولك إنه من المستحيل إرجاعها فإن كان ذلك لأنها قد استهلكت مثلا أو تلفت فيلزم رد مثلها إن كان للميت تركة، هذا هو اللازم المتعين ولا ينفقها في وجوه الخير إلا عند تعذر الرد، وراجع الفتوى رقم: 11090، والفتوى رقم: 107948.
وإن كان الميت لم يترك مالا فإنه لا يجب على الورثة فعل شيء من ذلك لكن يستحب لما في ذلك من البر بهذا الوالد بعد موته والإحسان إليه، وينبغي مع كل هذا الإكثار من الاستغفار لهذا الميت والدعاء له.
والله أعلم|.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1429(12/7184)
توبة من اختلس أموالا بغير وجه حق
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل لمدة 6 سنوات في دولة أوربية وهناك حصلت على عدد من بطاقات الائتمان وقبل أن أقرر ترك هذه البلاد والعودة إلى بلدي قمت بسحب كل الأموال التي في البطاقات وبعض عمليات التدليس للحصول على أموال وأنفقت من هذه الأموال في تأسيس شقة كنت أمتلكها وسددت دينا علي وكان مع هذا المال الحرام مال حلال واليوم تزوجت من رجل صالح وتبت وهداني الله وحفظت القرآن والحمد لله منتقبة، فماذا أفعل فيما اقترفت من ذنب وخاصة أن زوجي ليس عنده بيت ونقيم في هذه الشقة، وليس عندي أطفال ولم أنجب لا أعرف ماذا أفعل إذا توفاني الله ولا أحد يعرف عني هذا الجرم البشع فبما أوصي. أرجوكم حلا يريحني فأنا فعلا تائهة؟
جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئاً لك على حفظ القرآن والتوبة إلى الله والزوج الصالح، ونسأل الله أن يديم علينا وعليك نعمه إنه ولي ذلك والقادر عليه..
وبخصوص ما سألت عنه فالواجب عليك فيما اقترفت من أخذ أموال الناس بغير حق أن تتوبي إلى الله تعالى، وتقتضي توبتك هنا أن تندمي على ما فعلت وأن تكفي عنه في الحال وأن تعزمي على أن لا تعودي إلى ذلك أبداً، وأن تعيدي تلك الأموال التي أخذتها بغير حق إلى أصحابها، فمن كان من أصحابها معلوماً لك أرسلتها إليه، ومن كان مجهولاً لا يمكن أن تتوصلي إليه صرفت ما أخذت منه في وجوه الخير كالمساكين والفقراء بنية التخلص من الحرام لا بنية التقرب إلى الله بالإنفاق في سبيله، لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن كنتِ محتاجة أخذتِ بقدر حاجتك من هذا المال الذي تجهلين صاحبه أو تعذر رده إلى أهله، ولك أن تعطي لزوجك أيضاً منه إن كان محتاجاً.
وإذا كنت تخافين من كشف أمرك فاحتالي لإيصال الأموال إلى أهلها بطريقة لا يعرفون من خلالها أنك مصدر ذلك مثل إرسال المال عن طريق الحوالة دون كتابة اسمك إن أمكن ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1429(12/7185)
أنفق هذا المال في مصالح المسلمين العامة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الشخص صاحب الفتوى رقم 108460 الخاصة بالسؤال رقم 2184180 وقد ذكرتم لي أنه (في حالة أن الإعانة المذكورة إذا كان يشترط للحصول عليها أن لا تكون الأم عاملة فإن من لم يتوفر فيه ذلك لم يبح له الحصول عليها.) والواقع أني لا أظن أن الأمر كان مشروطا ولكن غاية ما في الأمر أنه قد يؤثر في قيمة المنحة هذا من جانب.
وذكرتم أيضا أنه إن كان المانح جهة عمومية، فإن علم أنها ستصرفه في مصرفه الشرعي وجب رده إليها أيضا بأية طريقة تناسب. وإن علم أو غلب على الظن أنها ستصرفه في غير مصرفه الشرعي لم يرد إليها، وحينئذ يُتَخلص منه في مصالح المسلمين العامة.) والواقع أنها جهة عمومية وبالتحديد كليه التجارة التي تدرس فيها العلوم الربوية وبها بعض الأنشطة الطلابية المختلطة كالمسرح.
فهل يؤثر كل ما سبق في إرجاع المال من عدمه وإن كانت الفتوى برد المال فهل يصلح شراء الكتب من الكلية مع عدم استلامها ردا للمال وإن كانت الفتوى بالتخلص من المال في المصالح العامة فهل يصلح التبرع لبناء مستشفى إسلامي أم أنه ليس علي شيء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم جواب هذا السؤال في الفتوى رقم: 108460.
وما ذكر السائل في سؤاله الجديد غير مؤثر في الحكم السابق، وإذا كان شراء الكتب من الكلية دون استلامها سيوصل المبلغ المدفوع إلى خزينتها ليحل محل المبلغ محل السؤال فهذه طريقة صحيحة لرد المبلغ إلى أهله، ولكن الذي نراه أن ينفق هذا المال في مصالح المسلمين العامة وهي ما يشترك المسلمون فيه كالمستشفيات ونحوها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1429(12/7186)
مندوب مبيعات ينتفع من الفرق بين الأسعار لمصلته ومصلحة العمال
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مندوب مبيعات وأحصل على فرق فلوس خارجة عن سعر الشركة أصرفها على عمال المحلات ولأكلي أنا والسائق فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصد أنك تشتري بسعر أقل مما هو مسجل في الفواتير التي تقدمها للشركة، وتستخدم الفرق بين السعرين فيما ذكرت، فلا يجوز لك ذلك إلا بعلم الشركة وإذنها، وإلا حرم عليك لما فيه من الغش وخيانة الأمانة. وراجع للأهمية في ذلك الفتوى رقم: 74125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1429(12/7187)
تركت لديها مصحفا وحاملا فهل يجزئ وضعهما في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت لي علاقة بأخت كنت أحفظها القرآن ثم اكتشفت أنها غير سنية وقطعت علاقتي معها من سنة تقريبا ولها عندي مصحف وحامل المصحف ولا أريد اللقاء بها حتى أعطيها هذه الأشياء هل لي أن أضعهما فى مسجد ولا شيء علي أم يجب أن أعيدهما لها وخصوصا أنا أعرف رقم تليفونها ومكان بيتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك إعادة المصحف والحامل إلى مالكتهما، ولا يخرجان من عهدتك وذمتك إلا بإرجاعهما إليها ما دمت تعرفين مكانها، وتستطيعين الوصول إليها.
والذي ننصحك به إن كنت تأملين التأثير عليها وتوجيهها إلى السنة وصدها عن الابتداع فلا تقطعي العلاقة بها، وبيني لها الحق بحكمة وموعظة حسنة، وإن كنت لا تستطيعين ذلك بنفسك فابحثي عمن تستطيع ذلك، فسلطيها عليها وأهدي لها كتباً وأشرطة تحث على السنة وتحذر من البدعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1429(12/7188)
شك الوديع في رد الأمانة وهل يضمن إذا ضاعت
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة وضعت عندي أمانة خلال فترة اجتياحات قطاع غزة في رفح وخرجنا من بيوتنا بسبب قربها من مكان الحدث وبعد مدة تعادل سنة جاءت لطلب الأمانة ولم أتذكر أنا وهي إذا كنت أخذتها أم لا وهي غير موجودة عندي وتطالب بثمن هذه الأمانة هل يحق لها أن تأخذ ثمنا يعوضها عنها؟
وجزاكم الله كل خير..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت متيقنة من أنك قد أخذت منها هذه الأمانة فالأصل أنها في حيازتك إلا إذا ثبت أنها قد استردتها، أما مجرد الشك في استردادها فلا يخرج عن هذا الأصل، وهذا يعبر عنه العلماء بقولهم: اليقين لا يزول بالشك، وعلى كل، فإنه لا يجوز لها أن تطالبك بتعويض عنها إلا إذا كان فقدها نتيجة للتعدي عليها أو التقصير في حفظها، لأن الوديع لا يضمن إلا بالتعدي في الاستعمال أوالتقصير في الحفظ كما هو مبين في الفتوى رقم: 65886.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1429(12/7189)
ولا يعتبر مؤديا للأمانة من أخذ منها شيئا بدون إذن صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في جهة حكومية، ووفقا لمتطلبات عملي منحتني جهة العمل مبلغا من المال لشراء جهاز حاسب آلي للعمل عليه لفترة معينة ثم تسليمه إليها بعد ذلك.. إلا أنني أرغب في الاحتفاظ بحزء متطور من هذا الجهاز وتسليم جزء أقل تطورا على أن ادفع فرق السعر بشكل غير مباشر لجهة العمل ... إلا أنني أخشى أن يكون في ذلك ما يغضب الله.. فما رأي سيادتكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز للموظف أن يأخذ قطعة من جهاز الكمبيوتر التابع لجهة عمله ويستبدلها بأخرى أقل تطورا وإن كان سيدفع لها ثمن الفارق بين سعر القطعتين؛ إلا بإذن من جهة عمله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجهاز الذي اشتراه الأخ السائل كوكيل عن الجهة التي يعمل لديها يعد أمانة عنده حتى يرده إليها، والواجب عليه أن يتصرف في هذه الأمانة وفق مقتضى الأمانة، فلا يتعدى فيأخذ شيئا منها لنفسه ويستبدله بآخر أقل منه ثمنا وتطورا أو أكثر إلا بإذن من أصحاب الأمانة، قال تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58} ، ولا يكون مؤديا للأمانة كما أمر الله من أخذ منها شيئا بدون إذن صاحبها.
وأما قول السائل إنه سيدفع فارق السعر بشكل غير مباشر فهذا لا يجيز العمل المذكور لأن صاحب الأمانة إنما سلطك على ماله للانتفاع، ولم يأذن لك بالتغيير والتبديل فيها، ولم يحصل منه رضا بهذا العوض، وأموال الناس لا تباح إلا برضى منهم؛ كما قال تعالى:.... إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء:29}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1429(12/7190)
كيفية التصرف بالمال المأخوذ بغير وجه حق
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك شخص أخذ مالا من عند أشخاص ليقدم لهم خدمات بدون وجه حق. وبعد مدة تاب إلى الله على مافعل ويريد إرجاع هذا المال إلى أصحابه. ولكنه لطول المدة لا يعلم أين يسكنون ولا حتى كيف يسأل عنهم. هل يخرج مقدار ما أخذ عنهم وينفقه في بناء مسجد أو يعطيه للفقراء والمحتاجين وينويه صدقة جارية لهم أم ماذا يفعل لاستكمال توبته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأخذ أموال الناس بالتحايل ونحوه من وجوه الخداع والباطل محرم وهو من الكبائر التي وردت الآيات والأحاديث الكثيرة بالزجر الشديد عنها؛ كقوله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188} وقوله ذاما لبعض أهل الكتاب: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ {المائدة:42} وغير ذلك.
وعليه.. فالتوبة من هذه المعصية بأربعة أمور:
الأول: الندم على ما فات.
والثاني: الإقلاع عن هذا الذنب في الحال.
والثالث: العزم على عدم العودة إليها في المستقبل.
والرابع: إرجاع الحقوق إلى أصحابها، فإن لم يعلم أصحابها فعلى السائل أن يتصدق بها لجهات خيرية عامة للفقراء والمساكين أو كفالة يتيم أو إعانة جار فقير أو ذوي محتاج أو غيرها من وجوه البر.
ونسأل الله أن يتوب علينا وعليكم، ومن تاب تاب الله عليه.
وراجع الفتويين رقم: 59771، 99485،
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1429(12/7191)
المفرط في حفظ الأمانة ضامن
[السُّؤَالُ]
ـ[اعمل في شركة وقد أعطيت زميلا مبلغا من المال لإيداعه في البنك بدون أخذ توقيعه على هذا المبلغ إهمالا مني وذلك لأني أمنته عليه، والآن يقول إنه لم يأخذ هذا المبلغ وأنا مبتلى في هذا المبلغ الآن. ماذا أفعل إنني متهم وأنا بريء. هل هذا ابتلاء من ربى سبحانه وتعالى. وماذا أفعل في هذه الواقعة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لقد ارتكب زميلك محظورين فيما حدث، وليس عليك أنت فيه ذنب، غير أنك ضامن للمال بسبب تفريطك. وهذا ابتلاء من الله، وعليك أن تصبر عليه ليكون لك الأجر فيه من الله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن زميلك هذا قد وقع في محظورين:
الأول: خيانته للأمانة التي حملته إياها، وهذا حرام لما فيه من مخالفة صريحة لأمره تعالى بأداء الأمانة إلى أهلها، قال تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58} . وقال تعالى: إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الخَائِنِينَ {الأنفال:58} .
الثاني: كذبه وادعاؤه أنه لم يأخذ هذا المبلغ منك.
وأما أنت فإنك قد فرطت في أخذ توقيعه، وبذلك تكون ضامنا لما اؤتمنت عليه، ولكنه لا حرج عليك فيما حدث؛ لأنك مخطئ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وغيره.
ولا شك في أن ما حدث لك هو ابتلاء من الله، ولك أن تراجع في الأمور التي يكون لها الابتلاء فتوانا رقم: 64831.
وننصحك بالصبر على ما حدث ليكون لك به الأجر من الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1429(12/7192)
يمكنك استرجاع أمانتك من طريق غير مباشر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب جزائري كنت على علاقة مع أخت زوجة أخي وكانت علاقتنا بدءا عن طريق المسانجر أو الشات وقد اختليت بيها العديد من المرات الحمد لله لم يتمكن الشيطان منا ولم أرتكب معها الفاحشة الحمد لله الآن قطعت علاقتي معها نهائيا وأثناء علاقتي معها أعرتها شيئا ذا قيمة ولم ترجعها لي وأنا الآن أريد ارتجاع حاجتي ولكن أخاف على نفسي وخفت أن تنبعث علاقتنا من جديد لأني صراحة لازال في قلبي شيء نحوها أفيدوني جزاكم الله هل أسمح في هذا الشيء اتقاء للفتنة أم ماذا أفعل وإذا تركت هذا الشيء اتقاء للفتنة هل سأؤجر عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله على التوفيق لإنهاء هذه العلاقة المحرمة، ويجب عليك التوبة الصادقة مما سبق، وعليك أن تعالج نفسك علاجا كاملا من تعلق قلبك بأخت زوجك أخيك؛ فجاهد نفسك في ذلك، واسع إلى الزواج منها إذا كانت تصلح لك، واشغل قلبك ووقتك بما ينفع من تعلم العلم والأعمال النافعة.
ويشرع لك أن تسترد ما أعرته لها بطريق لا تؤدي للحرام فيمكن أن تطلب من أختك أن تكلمها في شأنه. أو ترسل لها مع أحد الأولاد تطلب منها أن ترد إليك ما استعارته منك.
وراجع في وسائل التخلص من العلاقة معها الفتاوى التالية أرقامها: 9360، 20078، 80373، 34932.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1429(12/7193)
الاتجار بالوديعة وحكم الربح الناتج
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص أعطيته مبلغا كبيرا من المال على وجه الوديعة والأمانة فقام بالاتجار به وأصبح غنيا بعد ذلك؟
فما حكم تصرفه بالمال رغم أني غير راض عنه لأنه خاطر بمالي دون إذن؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
اختلف العلماء في الاتجار بالوديعة بدون إذن من صاحبها، واختلفوا كذلك في الربح الناتج في مثل هذه الحالة؛ فذهب قوم إلى أن الربح للمودع والخسارة عليه، وذهب آخرون إلى أن الربح لرب الوديعة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن استودع مالا فاتجر فيه بغير إذن ربه فقد ارتكب حراما وقيل مكروها.
جاء في مواهب الجليل: وكذا تحرم التجارة في الوديعة بغير إذن ربها ... والذي في المدونة إنما هو الكراهة وهو الصواب. انتهى
وأما عن حكم الربح الذي نتج عن التجارة بالوديعة، وهل هو من حق رب الوديعة أم من حق المودَع الذي تاجر بها.
فقد اختلف أهل العلم فيه؛ فذهب قوم إلى أن الربح للمودَع والخسارة عليه، وإنما استحق الربح بضمان الوديعة إذ تصرف فيها بدون إذن، وهذا هو مقتضى القاعدة الفقهية في الضمان" الخراج بالضمان".
وذهب آخرون إلى أن الربح لرب الوديعة وتعتبر تصرفات المودع فيها تصرف الغاصب. والمذهب الأول هو مذهب المالكية، والثاني مذهب الحنابلة.
وراجع للمزيد الفتوى رقم: 103553.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1429(12/7194)
من وقع في يده مال حرام وخشي إن رده أن يصرف في مصرف باطل
[السُّؤَالُ]
ـ[تائب قد استولى في حينه على مروحتين كهربائيتين من إحدى المدارس يريد إعادتها ولكن ليس إلى نفس المدرسة خوفا من ضياعها من قبل مسؤولي تلك المدرسة، علما بأن المدرسة قد لا تكون في حاجة لها، فماذا يفعل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من سرق شيئاً أو غصبه يجب عليه رده إلى مالكه أو من يقوم مقامه، فإن تعذر رده تصدق به في مصالح المسلمين العامة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب في حق التائب من السرقة والغصب ونحوهما أن يرد المسروق والمغصوب إلى أصحابه إن أمكنه ذلك، لحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد.
فإن لم يمكنه رده كأن عجز عن الوصول إلى أصحابه أو جهلهم فيتصدق به، فهذا في حكم المسألة من حيث الجملة، وأما بخصوص موضوع السائل فينظر فيه ... فإن كانت المدرسة التي أخذت منها المروحتين مدرسة حكومية وعُلم أو ظن ظناً ظاهراً أن المسؤولين فيها سيتصرفون فيها تصرفاً باطلاً إذا ردتا إليهم فلا تردهما إلى المدرسة نفسها؛ بل قم بصرفها إلى جهة بر أخرى، أو بعهما وتصدق بثمنهما في منافع المسلمين العامة.
جاء في المجموع للإمام النووي في مسألة المال الذي لا يملكه الآخذ ويخشى في رده إلى المأخوذ منه إن لم يرده إلى مالكه أو يتصرف فيه تصرفاً باطلاً فقال: قال الغزالي: في ما لو وقع في يده مال حرام من يد السلطان وذكر أقوالاً ثم قال: قال الغزالي: والمختار أنه إن علم أنه لا يرده على مالكه فيتصدق به عن مالكه، قلت "النووي": المختار أنه إن علم أن السلطان يصرفه في مصرف باطل أو ظن ذلك ظناً ظاهراً لزمه هو أن يصرفه في مصالح المسلمين ... فإن عجز عن ذلك تصدق به على الأحوج فالأحوج. انتهى.
وأما إن كانت المدرسة التي أخذت منها المروحتين مدرسة خاصة وخشي الآخذ لهما أن لا يردهما المسؤولون على المدرسة إلى مالك المدرسة فإنه يلزم دفعهما إلى مالك المدرسة، ولا يصح أن يتصدق بهما لوجود المالك ولتمكنه من الوصول إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1429(12/7195)
حكم تحويل الأمانة إلى رصيد تلفون صاحبها أو إلى حساب أولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لي مدرس في الثانوية يعطي دروسا ولم أعطه الشهر الأخير وهو لا يتذكر وأحرج أن أقابلة وأذكره بالموضوع فهل يجوز إرسال قيمة هذا الشهر كأنه تحويل رصيد لتلفونه الخاص من أي رقم دون أن أخبره أو تحويل الرصيد لأحد أبناءه دون إخباره عن شخصيتي دون إحراج نرجو الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيكفي مع التوبة إلى الله أن توصل إليه هذا المبلغ ولو بطريقة غير مباشرة، مثل أن ترسله إليه عن طريق حوالة بريدية، أما أن تحوله إلى رصيد تلفونه أو إلى حساب أولاده فلا نرى أن ذلك كاف في إبراء ذمتك ما لم يكن الولد مأمونا، والتزم بإيصال المبلغ إليه، وإخباره أنه من أحد طلابه كان دينا باقيا في ذمة الطالب. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 6691، 64564، 59511.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(12/7196)
نفقة المودع على الوديعة
[السُّؤَالُ]
ـ[لو أعطاني شخص زوجين من الأنعام من باب الأمانة وليس من باب الاتجار، ثم ذهب ورجع بعد سنوات طويلة فهل أنا ملزم شرعا بإعطائه حقه أو مثيل حقه أم يجب علي إعطاؤه حقه وجميع ما نتج من حقه من نسل وإن بلغ عدداً كبيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
منافع الوديعة المتولدة منها ملك لصاحبها وليست للمودَع.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المنافع المتولده من الوديعة تكون لصاحبها مهما بلغت إذ هي نماء ملكه، ولا حق للمودع فيها لأن عقد الوديعة والأمانة موضوع لغير تمليك العين فلا يُملك به النماء، إذ الأصل لا يُملك فالفرع أولى، وإنما يختلف العلماء هل يكون النماء تابعاً لأصله في ورود العقد عليه وفي كونه مضموناً أم غير مضمون، وهل يحتاج إلى إذن جديد أم لا يحتاج، جاء في أسنى المطالب: وولد الوديعة كأمه فيكون وديعة.... وقيل ليس وديعة بل أمانة شرعية في يد يجب ردها في الحال. انتهى.
وأما ما أنفقه المودع من نفقة على الماشية فيرجع به على المودع ما لم يكن أنفق ذلك تطوعاً، ومسألة نفقة المودع على الوديعة فيها تفصيل ومردّ الحكم فيها إلى القاضي الشرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1429(12/7197)
حكم بيع ما تقدمه الدولة للفلاحين من أرض وعتاد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من تقدم له الدولة الأرض والعتاد والمال في إطار ما يسمى بالدعم الفلاحي للنهوض بالفلاحة وفي الأخير يقوم هذا المواطن بعد فترة ببيع هذه الأرض والعتاد للغير.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كانت الأرض والأدوات هبة فيجوز لمن وهبت له التصرف فيها كيف شاء، وإن كانت عرية أو ما أشبه ذلك فلا يجوز بيعها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الدولة قدمت للمواطن ما قدمت على سبيل الهبة والعطاء بدون شروط فإن له الحق في التصرف في الهبة كيف شاء باستغلالها بنفسه أو بيعها لغيره أو هبتها والتصدق بها ...
وإن كانت الدولة قد اشترطت عليه شروطا تقتضيها المصلحة وقبل بها فإن عليه الوفاء بما اتفق عليه ولا يجوز له تغييرها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم.. والمسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما. رواه الترمذي وغيره وصححه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1429(12/7198)
الأمانات التي يجهل أصحابها ويخشى تلفها
[السُّؤَالُ]
ـ[عينات تسحب من مواد غذائية للتحليل أو كمرجعية للرسالة إذا حدث أي طارئ وكيل هذه الرسالة ليس هو صاحبها يقوم فقط بإجراءات التخليص والشحن لصاحبها وهو المورد وهو ليس موجودا بنفس المنطقه ولا ندري هل هو راض عن أخذ هذه العينة أم لا فهل يحق لنا أن نأخذها وإذا كانت الإجابة بلا فكيف نتصرف في هذه العينات وهي احيانا تكون انتهت فترة الثلاثه أشهر المسموح بوجودها بحوزتنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الأمانات والودائع التي يُجهل أصحابها ويتعذر الوصول إليهم يتصدق بها عنهم ولا تحبس أو تتلف، وإنما تصرف في وجوه الخير والبر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه العينات التي تؤخذ للتحليل ونحوه تعتبر أمانة عند الجهة المعنية حتى يأتي صاحبها أو وكيله لأخذها، فالوكيل يقوم مقام الموكل في استيفاء الحق. وإذا انتهت فترة السماح لوجود هذه العينات في حوزة الجهات المعنية ولم يأت صاحبها أو وكيله لأخذها ولم يعرف منهما الإذن بإباحتها للقائمين على هذه الجهات ولا أمكن الاتصال بأصحابها أو وكلائهم فسبيلها أن يتصدق بها عن صاحبها، شأنها الودائع والرهون والأمانات التي لا يعرف مستحقها
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: مسألة في الأموال التي يجهل مستحقها مطلقا أو مبهما فإن هذه عامة النفع، والواجب على من حصلت بيده ردها إلى مستحقها، فإذا تعذر ذلك فالمجهول كالمعدوم، وقد دل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في اللقطة: {فإن وجدت صاحبها فارددها إليه؛ وإلا فهي مال الله يؤتيه من يشاء} وهذا النوع إنما حرم لتعلق حق الغير فإذا كان الغير معدوما أو مجهولا بالكلية أو معجوزا عنه بالكلية سقط حق تعلقه به مطلقا، فإنه لو عدم المالك انتقل الملك عنه بالاتفاق، فكذلك إذا عدم العلم به إعداما مستقرا، وإذا عجز عن الإيصال إليه إعجازا مستقرا فالإعدام ظاهر والإعجاز مثل الأموال التي قبضها الملوك - كالمكوس وغيرها - من أصحابها من الجهاد عنهم أولى من إبقائها بأيدي الظلمة يأكلونها، وإذا أنفقت كانت لمن يأخذها بالحق مباحة؛ كما أنها على من يأكلها بالباطل محرمة. وإما حبسها دائما أبدا إلى غير غاية منتظرة؛ بل مع العلم أنه لا يرجى معرفة صاحبها ولا القدرة على إيصالها إليه فهذا مثل إتلافها، فإذا كان إتلافها حراما وحبسها أشد من إتلافها تعين إنفاقها وليس لها مصرف معين فتصرف في جميع جهات البر والقرب التي يتقرب بها إلى الله. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1429(12/7199)
دفع له شخص أمانة يشك في ملكيته لها فهل يقبلها
[السُّؤَالُ]
ـ[قام شخص بطلب وضع أمانة عندي على أن يعطيني جزءا منها. المهم في الموضوع هو مصدر المال فهو يقول قصة أنا لا أصدقها بتاتا. السؤال هو هل عدم معرفة مصدر المال تحرم التعامل به أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الظاهر أن ما في يد الإنسان ملكه ولا يصرف عن هذا الظاهر إلا بيقين أو ظن قوي أو قرينه قوية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن ما في يد الإنسان ملكه، ولا ينتقل عن هذا الظاهر إلا بيقين أو قرينة قوية لا مجرد الشك كما أنه لا يلزم التنقيب عن مصدر الملك وهل هو حلال أم حرام؟
جاء في طرح التثريب في شرح حديث: إنا لا نأكل الصدقة.
الحادية عشرة: فيه قبول الهدية ممن يدعي أنها ملكه اعتمادا على مجرد يده من غير تنقيب على باطن الأمر في ذلك ولا تحقق ملكه لها. اهـ
وإذا كان السائل عنده من القرائن ما تجعله لا يصدق أن هذه الوديعة ملك لهذا الشخص وأنها قد تكون ملك الغير ونحو ذلك. فليعمل بهذه القرائن وليمتنع عن حفظها له.
وفي الحديث: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. رواه الترمذي. فإن لم تكن قرينة قوية تمنعه وقام بحفظها مقابل أجرة. فيشترط أن تكون الأجرة معلومة إما مبلغا مقطوعا وإما جزءا معلوما من الوديعة، إن كانت هذه الوديعة معلومة.
وراجع للمزيد في هذا الفتوى رقم: 67994.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1429(12/7200)
كيف ترد الوديعة التي فقدت أصحابها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت صاحب هاتف عمومي وقد عجزت عن تسديد الفاتورة في ذلك الوقت وبعد فترة باعت الدولة شركة الاتصالات لأخرى أجنبية، فهل يجب علي تسديد المبلغ، وكيف أسدده، علما بأن مسؤولي الدولة لا يعتنون بنا كمواطنين وكل من تولى منهم أمراً عاث فيه فساداً قبل مغادرته عنه فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من كانت عنده عوار أو ودائع أو رهون ويئس من معرفة أهلها أو الوصول إليهم تصدق بها عنهم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفاتورة التي عجز الأخ السائل عن سدادها تعتبر ديناً في ذمته لشركة الاتصالات التي أجرت له منفعة الهاتف، ويجب عليه سدادها عند القدرة للجهة التي استحقتها، فإن عدمت هذه الجهة أو جُهلت أو تعذر التسليم إليها تصدق بقيمة الفاتورة في وجوه الخير، وإن كان هو فقيراً تصدق بها على نفسه، جاء في فتوى الشيخ ابن تيمية: إذا كان بيد الإنسان غصوب أو عوار أو ودائع أو رهون قد يئس من معرفة أصحابها فإنه يتصدق بها عنهم، أو يصرفها في مصالح المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1429(12/7201)
لمن تؤول الزيادة التي تحدث على يد العامل في الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في سؤال سابق لي أنني أخذت مال صاحب عملي بسبب ضيق سببه شخص آخر لي فهل لي أن أفيده بفائدة عوضا عن ماله وهي مال ولكن باجتهاد شخصي مني وفرت له مالا كثيرا دون طلب مني ودون أن يكون من صميم عملي وهذا المال الذي وفرته عليه من صفقات المقاولات لم آخذ عليه أي مكافأة وهو أكثر من المال الذي أخذته بأضعاف كثيرة حيث إنني لا أستطيع رد المال لأنني أقضي به ديوني، فهل يحتسب هذا الاجتهاد مني بتوفير المال له بدون أن يكون من صميم عملي وتوفير مبالغ كثيرة كان سوف يدفعها لولا أن هداني الله لأوفرها دون أن يضطر لدفعها، والفتوى السابقة كانت برقم 2168465 وذكرت لكم الحالة كاملة، فأرجو الإفادة؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فإنك في مال هذه الشركة بمثابة الوكيل، فما يحدث من زيادة في مال الشركة فلأصحابها، فلا تكون هذه الزيادة بمثابة مالك فترد به ما يجب عليك رده من المال الذي أخذته من الشركة دون إذن أصحابها، واصدق الله تعالى في إرادة السداد يصدقك وييسر لك سداد دينك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك كعامل في شركة المقاولات هذه أجير مؤتمن على ما وكل إليك من عمل، ويدك على أموال هذه الشركة يد أمانة، وهذا يعني أن الزيادة التي تحدث في مال هذه الشركة لأصحابها وليست لك، وعليه فلا تعتبر بمثابة مالك حتى تسترد بها ما يجب عليك رده من المال الذي سبق لك أخذه من الشركة دون إذن من أصحابها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 49948.
والذي نوصيك به أن تعزم على رد ما عليك من مال لأصحابه وأن تجتهد في ذلك، فإن الله سبحانه سييسر لك سداده بإذن منه سبحانه، وراجع الفتوى رقم: 19076.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1429(12/7202)
حكم توزيع المال غير المستحق على الفقراء عند تعذر إرجاعه
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أتصرف في أموال تقاضيتها تفوق المجهود المبذول؟ أنا أعمل بشركة حكومية واضطررت لطلب عطلة بدون راتب لمدة سنة لإتمام دراستي, نظراً لتباطؤ الإجراءات الإدارية اضطررت لترك العمل في نصف الشهر, وتم صرف راتبي كاملا (30يوما) وأجبرتني الإدارة على تقديم شهادة مرضي بـ 15 يوما بالرغم أني قد اقترحت عليهم خصم قيمة 15يوم عمل من مكافأة آخر السنة أو وضع هذه القيمة في حساب الشركة، أحتفظ الآن بهذه القيمة, أردت وضعها في حساب الشركة ولكن هذا سيشكل لي مشكلة مع الإدارة ولهذا أنوي توزيع هذه القيمة على الفقراء كصدقة لكل من له الحق في هذه الأموال, مع العلم بأن وضعيتي القانونية صحيحة حيث لي الحق في شهرين عطلة مرضية في السنة، فأرجو أن تفيدوني برأيكم في أقرب الآجال؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز تقديم شهادة مرضية من موظف ليس مريضاً، وتوزيع هذا المال على الفقراء كصدقة لكل من له الحق في هذه الأموال يعتبر حلاً مناسباً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
لقد كان من الواجب أن لا تقدمي الشهادة المرضية التي قلت إن الإدارة أجبرتك على تقديمها، طالما كان ذلك في وسعك، لما يشتمل عليه إخراج الشهادة من التزوير، ولك أن تراجعي في هذا الفتوى رقم: 24095.
والإدارة لا تملك جبر الموظف على الكذب، وإنما تملك الخصم من راتبه أو إلحاق عقوبة أخرى به، أما الآن وقد انتهى الأمر فإن ما تنوين فعله من توزيع هذا المال على الفقراء كصدقة لكل من له الحق في هذه الأموال، يعتبر حلاً مناسباً، طالماً أن الشركة حكومية وليست خصوصية، وأن إرجاع المال لها متعذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1429(12/7203)
التوبة من استخدام ممتلكات الغير
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قام بطباعة أوراق دينية وثقافية من طابعة المحل من الانترنت مع العلم أنه يعلم أني أتصفح النت ولا خلاف بيني وبينه في التصفح من دون علم صاحب العمل.واستعمال تلفون عند الضرورة. ماذا أفعل إذا تبت من هذا الفعل وماذا أفعل فيما سبق أرده إلى صاحب العمل بدون علمه مثلا ً شراء حبر أو ورق أم أعلمه بما سبق مني؟
وإذا قمت بنفس الفعل السابق لكن مع دفع قيمة طباعة الورقة المتعارف عليها في السوق. أرجو الإجابة أنا مؤمن بالله وملتزم. أرجو الإجابة. وإذا تجاوبوني فلكم مني الشكر والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من تمام التوبة تعويض أجرة استخدام ممتلكات الغير أو استحلاله منها. وفي حال التعويض لا يلزم إخبار المالك، بل يكفي رد ذلك بأي وسيلة تتيسر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
لا يجوز لمسلم أن يأخذ من مال أخيه المسلم شيئا إلا برضا منه وطيب نفس؛ وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه منه. أخرجه الدارقطني وأحمد والبيهقي وغيرهم وصححه الألباني.
ولا فرق في هذا بين الاستيلاء على الأعيان التي هي ملك للغير وبين الاستيلاء على منفعة الأشياء المملوكة للغير.
فطباعة الأوراق وتصفح النت واستعمال التلفون، وغير ذلك من استخدام أدوات العمل ... كلها تدخل في هذا النهي، ولا تجوز إلا أن يأذن صاحبها في استعمالها. وليس من اللازم أن يكون الإذن صريحا، بل يكفي الإذن العرفي. يقول ابن قدامة: الإذن العرفي يقوم مقام الإذن الحقيقي. انتهى.
فمن واجبك أن تتوب إلى الله مما استخدمته من هذه الأدوات دون إذن مالكها. ومن تمام التوبة أن ترد أجرة ذلك الاستخدام، أو تتحلل منه صاحب العمل.
وفي حال رد الأجرة فلا يلزم إخباره بالأمر، بل يكفي تعويض يتناسب مع قدرها، بحيث تشتري له حبرا أو أوراقا أو أثاثا آخر يعادل ذلك.
كما أن من شروط التوبة أن تعقد العزم على أن لا تعود إلى هذا العمل، لا أن تبقى على نية أنك ستفعل مثله وتعوض عنه، فإن ذلك يتنافى مع التوبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1429(12/7204)
أودع مالا عند شخص فاستثمره فطالبه المودع بالربح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لأخي الحق في أخذ نصف مالي الذي كنت أرسله له بصفة أنه أمين عليه لحين رجوعي من الغربة طوال فترة عشرين سنة أو حتى جزء من المال بزعم أنه كان يديره، مع العلم بأنه قد سبق له وقال واعترف بيني وبينه أمام الله بأن هذا المال كاملاً من حقي ومن تعبي وغربتي وشقائي فى بلاد أوروبا من أعمال مضنية من بائع جرائد فى الشوارع فى البرد القارس إلى بائع ورود فى المقاهي وخلافه، أى بعد اعترافه بأنه مالي وليس له الحق فيه قد رجع في كلامه وقال إنني لي نصف المال، فما حكم الدين في هذا فأفيدوني أفادكم الله؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء وكثر من أمثالكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه القضية تحتمل وجهين:
الوجه الأول: أن يكون الأخ السائل أرسل ماله إلى أخيه ليحفظه عنده كوديعة إلى أن يعود من الغربة، فقام هذا الأخ بإدارة المال واستثماره بدون إذن من صاحبه في تجارة ونحوها ويريد أن يأخذ ربح هذه الوديعة مقابل استثماره لها فهل له ذلك؟
جاء في المنتقى شرح الموطأ: قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: إذا استودع الرجل مالاً فابتاع به لنفسه وربح فيه فإن ذلك الربح له لأنه ضامن للمال حتى يؤديه إلى صاحبه. انتهى.
وذهب الحنابلة على الصحيح من المذهب إلى أنه إن اتجر في الوديعة فالربح للمالك، جاء في الإنصاف: لو اتجر بالوديعة فالربح للمالك على الصحيح من المذهب ... ونقل حنبل: ليس لواحد منهما ويتصدق به، قال الحارثي: وهذا من الإمام أحمد مقتض لبطلان العقد، وذلك وفق المذهب المختار في تصرف الغاصب وهو أقوى. انتهى.
وعلى هذا الاحتمال فيجب أولاً رد رأس المال المودع فوراً، والمطالبة بنصفه أو شيء منه غصب وظلم واضح، فإذا رد رأس المال نُظر في الربح وهو ما زاد على رأس المال، فالمذهب الذي نختاره أنه لصاحب الوديعة لأن تصرف المودع فيها تصرف الغاصب، وهذا المال أرسله المودع ليحفظه لا ليتاجر به، وإذا أخذ برأي المالكية فالمسألة محتملة.
الاحتمال الثاني: أن يكون هذا الأخ المغترب وكَّلَ أخاه في التصرف في ماله بالشراء والبيع ونحو ذلك من التصرفات، ويريد الوكيل أخذ أجرة على هذه الوكالة، فهنا ينظر في الأمر.. فإن كان اشترط أجراً معلوماً يوم وكله الوكيل فله هذا الأجر المعلوم كثيراً كان أو قليلاً، أما إذا لم يشترط أجراً معلوماً وفعل ذلك على وجه التبرع صراحة فليس له شيء، أما إذا لم يصرح بالتبرع ولا بالأجر، وإنما سكت فهنا ينظر في العرف..
جاء في درر الحكام: ... لكن إذا لم يشترط في الوكالة أجرة ولم يكن الوكيل ممن يخدم بالأجرة كان متبرعاً وليس له أن يطلب أجرة، أما إن كان ممن يخدم بالأجرة يأخذ أجر المثل ولو لم تشترط له أجرة.
وعليه.. ففي حالة صرح الأخ لأخيه أنه لا يريد أجراً على الوكالة فلا يحل له الأخذ إلا أن تطيب نفس الموكل بشيء يدفعه إليه، وإذا لم يصرح وكان العرف في بلدك أن الأخ لا يأخذ شيئاً مقابل هذا العمل فلا يحل له أيضاً أخذ شيء لأن المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، وإن كان العرف يعطي مثله أجرة على عمله فيحق له أن يأخذ أجرة مثله فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1429(12/7205)
ترد قدر المال من العملة التي هو منها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تفيدوني في هذا السؤال: لقد وجدت مبلغا من المال قيمته 500 دينار أردني قبل حوالي 24 عاما ولم أعده إلى صاحبه رغم أنني عرفته وعندها كنت صغيرا، أما الآن أريد أن أرجع هذا المال إلى صاحبه ولكن لا أعرف كم أرجع له من المال بعد مضي هذه الفترة الزمنية علما أنه لا يعرف عن الموضوع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان من واجبك أن ترد هذا المال إلى صاحبه متى عرفته، فقد جاء في الصحيحين في اللقطة قول النبي صلى الله عليه وسلم: ولتكن وديعة عندك فإن جاء طالبها يوما من الدهر فأدها إليه.
وأما الآن وقد مضى على هذا المال عندك كل هذه المدة، فالواجب أن تتوب إلى الله من هذا التأخير.
وفيما يخص القدر الواجب إرجاعه، فإنه يجب رد قدر المال من العملة التي هو منها إذا كانت ما زالت موجودة. وإذا كانت العملة التي هو منها أصلا قد انعدمت وصار التعامل بغيرها، فالواجب إعطاء قيمته من العملة الجديدة وقت انعدام العملة التي هو منها.
قال الشيخ خليل بن إسحاق –رحمه الله تعالى-: وإن بطلت فلوس فالمثل، أو عدمت فالقيمة وقت اجتماع الاستحقاق والعدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1429(12/7206)
امنع المنتج الضار مع عدم الإضرار بالموظف
[السُّؤَالُ]
ـ[أخوكم في الله يعمل في مؤسسة رقابية على المنتجات المطروحة في الأسواق، وقد تم العثور على منتج مخالف من خلال الجولات الروتينيه وتأثيره قد يسبب حريقا في البيت إذا لم يستعمل بطريقة جيدة، بالرغم من الممانعة الشديدة من قبل الإدارة على ترك هذا الموضوع أصررت على المتابعة من خلال كتب رسمية للإدارة حتى سحبت عينة لفحصها، وقد تبين أن هذا المنتج تم إدخاله بإيعاز من المسؤول والذي قام بالشرح على الأوراق هو موظف، إذا ما قمت بمتابعة هذا الأمر فإن الموظف هو الذي سيتضرر ويفصل من عمله وهو بحاجة ماسَه لهذا العمل، فما العمل حفظكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان في الإمكان أن تجمع بين وقاية الناس من شر هذا المنتج وبين عدم الإضرار بالموظف المذكور، كأن تقوم بإجراء يتم بموجبه سحب هذا المنتج من السوق أو نحو ذلك ... وتنصح كلا من المسؤول والموظف بالتوبة من هذا الفعل، وعدم العودة إلى مثله.. فإن هذا هو الأفضل في حقك.
وإذا لم يمكن هذا الجمع، وعلمت أنه لا مناص من الإضرار بذلك الموظف أو المسؤول أو ترك المنتج يتداول في السوق بحيث يمكن أن تترتب الأضرار المذكورة، فإن متابعة الأمر تتعين، لأن إلحاق الضرر بشخص واحد أخف من ترك المجتمع كله يتضرر، ولأن متابعة المسألة تدخل في صميم مهمتك، وإذا لم تتابعها تكون مفرطاً في الأمانة، وخائناً للمجتمع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1428(12/7207)
يشك أنه أخذ مالا من مكان عمله بدون إذن
[السُّؤَالُ]
ـ[في البداية أسأل الله أن يوفقكم في عملكم هذا ويجزيكم عنا خير الجزاء.. أما بعد
لي سؤال قد حيرني فترة طويلة من الزمن ولم أجد له أي إجابة والذي آمل من الله أن أجد لديكم الجواب الشافي لقضيتي: أنا شاب أعمل في شركة أذكر أنني قبل 6 سنوات كنت في بداية عملي مع هذه الشركة وكنت في حينها مقبلا على زواج وكان من صميم عملي جزء منه التعامل مع النقود المستلمة من المشتركين جراء بيعهم بعض الخدمات وكوني كنت مقبلا على الزواج أذكر في حينها أنني قد أخذت مبلغا من المال (20 دينارا أردنيا أو 40 أو 60 والمشكلة أنني لا أستطيع تذكر المبلغ بدقة وكل ما أذكره هو أنه من فئة العشرين دينارا أردنيا) والمشكلة تكمن في أنني لا أعلم بأنني هل أخذت المبلغ فعلا أم لا وخصوصا أنني كنت في بعض الأحيان آخذ بعض النقود وأعيدها بعد أيام، وإن كنت أخذته هل قمت بإعادته للصندوق أم لا والذي يحيرني أكثر أنني والحمد الله أنا شاب ملتزم بالصلاة والأمانة والصدق ولم أذكر في حياتي أنني أخذت شيئا في الحرام، والذي جعلني أتذكر مثل هذه القصة في هذا الوقت بالتحديد أنني قد نويت بإذن الله أداء العمرة أنا ووالدتي الشهر القادم وفجأة شعرت أنني لا بد من أن أقوم بمحاسبة نفسي ومراجعة جميع ما هو في ذمتي وغيرها من الأمور وذلك كي أكون مستعدا للقيام بهذه العمرة خاليا من أي هموم أو حقوق في عنقي للغير، ولكن المشكلة الكبرى هي أنني أصبحت الآن في مركز مرموق في هذه الشركة بحمد الله ومن الصعب إطلاقا إرجاع المبلغ كوني لا أستطيع ذلك وخصوصا ما هي الطريقة أو الحجة وكيف وبعد كل هذه المدة 6 سنوات.
الرجاء منكم إعطاء هذا الموضوع نوعا من الاهتمام جزاكم الله عني كل الخير كوني محتارا جدا منذ فترة ولا أستطيع النوم بسببه وكيف يمكنني رد المال، وهل يجوز التصدق بالمبلغ لمسجد أو جهة معينة وهل يتقبل الله مني هذا العمل وما هي قيمة المبلغ، وأنا والحمد الله أصبحت أراقب نفسي وأحاسبها بكل كبيرة وصغيرة حتى لا أقع في أي شيء محرم وأنا والحمد الله تبت إلى الله من هذا الذنب واستغفرته لعله يغفر لي ذنبي ويتقبل توبتي والله على ما أقول شهيد، الرجاء الرد بأسرع وقت ممكن عن طريق البريد الإلكتروني الظاهر لديكم ولكم كل الشكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أخذ أموال الناس بغير حق والتصرف فيها بغير إذنهم يعتبر إثماً عظيماً وذنباً جسيماً، ولا سيما إذا كان الآخذ أو المتصرف مؤتمناً عليها، ويجب على من فعل ذلك أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً، ومن شروط التوبة، رد الحقوق إلى أهلها.
وعليه، فإذا كنت تعلم أو يغلب على ظنك أن للشركة حقوقاً في ذمتك، فلا بد أن ترد ما أخذته منها ولو بطريقة غير مباشرة، كأن ترسل حوالة باسم الشركة دون أن تُعًرف بالُمرسِل أو تشتري شيئاً في حدود هذا المبلغ للشركة تكون في حاجة إليه ونحو ذلك من الطرق، أما إذا كان ما لديك هو مجرد شك أنك أخذت دون غلبة ظن فلا يلزمك أن ترد شيئاً، وإن كان الأحوط أن تفعل لكي تطمئن على براءة ذمتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1428(12/7208)
وجوب رد ما قبضه المرء من أموال الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[كان هنالك عجز بسيط في خزينة الشركة التي أعمل بها مع العلم بأنني (محاسب) فقام مديري بملء طلب للمدير بإعطائنا مبلغ العجز ولكن بعد أن تصدق الطلب بالمبلغ وجدنا أن هنالك شخص فصل وأرسل مرتبه برغم أنه فصل، فقام مديري بتضمين مرتبه لسد العجز، وبناء على ذلك أصبحت هنالك زيادة بسيطة عن المبلغ الذي كان فيه عجز فقام بتقسيم المبلغ بيننا.. هل يجوز ذلك أم لا؟؟؟ أرجو الإسراع في الرد فهذا الأمر يؤرقني ولا أريد أن أدخل في الحرام لذا قمت بإعطاء هذا المبلغ إلى أحد أصدقائي ليعينه في زواجه؟ فهل صحيح ما قمت به؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الزيادة المذكورة ليست من حقك ولا من حق مديرك وإنما هي من حق صاحب الشركة، والواجب عليكما التوبة إلى الله عز وجل ورد المال إلى صاحبه، وفي الحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الخمسة وصححه الحاكم، فدل الحديث على وجوب رد ما قبضه المرء وهو ملك لغيره، ولا تبرأ ذمته إلا بمصيره إلى مالكه أو من يقوم مقامه، فالمطلوب منك هو المبادرة برد المبلغ الذي أخذته وسلمته لصديقك إلى خزينة الشركة، كما ينبغي لك أن تنصح مديرك وكل من استفادوا من المبلغ المذكور بفعل الشيء نفسه، وأن يتوبوا إلى الله عز وجل من هذا الذنب ويصمموا على عدم العودة إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1428(12/7209)
كيفية التصرف بالمال الذي يستحيل التعرف على أصحابه
[السُّؤَالُ]
ـ[مديرى محاسب معي ومن رئاسة الشركة أتتنا تحويلة (فلوس) قروش الشخص المرسلة معه -حمانا الله- اختلس منها مبلغا. وكذلك اختلس مبلغا من الخزينة، بعد أن سافر اكتشفنا ذلك، ثم قمنا بإخطار الإدارة بالمبالغ المختلسة وصدقت الإدارة لنا قيمة هذه المبلغ. لكن مديري قال إن لديه رصيدا زائدا غطى به جزءا من الفرق.. وقام بتقسيم المبلغ الزائد بيننا وهو 250 جنيها. وقد خفت من هذا المبلغ بالرغم من تفاهته. أرجو الإفتاء فى كون هذا المبلغ حلالا أم حراما، وفى حالة تحريمه لدي صديق ينوى الزواج فهل يمكن التصدق به عليه، مع العلم بحاجته الماسة للدعم المادي، فأرجو سرعة الرد والإفتاء لضيق زمن الزواج؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سميته بالرصيد الزائد هو مال يجب أن يرد إلى أصحابه إن عرفوا، وفي حال ما إذا لم يُتمكن من معرفتهم فإنه يتصدق به بنية أصحابه، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في الأموال التي يجهل مستحقها: ... والواجب على من حصلت بيده ردها إلى مستحقها، فإذا تعذر ذلك فالمجهول كالمعدوم، وقد دل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في اللقطة: فإن وجدت صاحبها فارددها إليه؛ وإلا فهي مال الله يؤتيه من يشاء.. إلى أن قال: وهذا النوع إنما حرم لتعلق حق الغير به فإذا كان الغير معدوماً أو مجهولاً بالكلية أو معجوزاً عنه بالكلية يسقط حق تعلقه به مطلقاً ... فإنه لو عدم المالك انتقل الملك عنه بالاتفاق، فكذلك إذا عدم العلم به إعداماً مستقراً، وإذا عجز عن الإيصال إليه إعجازاً مستقراً فالإعدام ظاهر، والإعجاز مثل الأموال التي قبضها الملوك كالمكوس وغيرها من أصحابها وقد تيقن أنه لا يمكننا إعادتها إلى أصحابها فإنفاقها في مصالح أصحابها (في) الجهاد عنهم أولى من إبقائها بأيدي الظلمة يأكلونها، وإذا أنفقت كانت لمن يأخذها بالحق مباحة كما أنها على من يأكلها بالباطل محرمة.... الفتاوى الكبرى (2/196) .
ومن ذلك تعلم أن هذا الرصيد إذا كان من المستحيل التعرف على أصحابه فإنه لا مانع من صرف ما نابك منه على الشخص الذي ذكرت أنه ينوي الزواج، وأنه بحاجة ماسة إلى الدعم المادي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1428(12/7210)
مسائل في الأمانات والمفقودات
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل موظفاً لقطاع خدمة الحجاج وفي حج 1424هـ ترك لي مديري بعض مفقودات الحجاج بدون عنوان الحجاج ويوجد مبلغ حوالي 4000 ريال سعودي، ودائماً أذكره عن هذه المفقودات ماذا نعمل بها، فلا يأمرني بأي توجيه حتى عامنا 1428هـ، وبعد ذلك نقل مديري إلى إدارة أخرى، واجتهاداً مني وخوفاً من هذه المفقودات فقد تصدقت بالمبلغ المذكور إلى كثير من فقراء ومساكين أهل مكة المكرمة الذين يستحقون الصدقات، فهل في الذي فعلته إثم علي وماذا أفعل حتى أكفر عن هذا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه المفقودات قد عثرتم عليها دون معرفة بأصحابها فإن حكمها حكم اللقطة إما أن تسلم للجهة المسؤولة عن لقطة الحرم، مثل مكتب المفقودات الموجود هناك، أو أن تعرف سنة، فإن لم يُعرف أصحابها كان لملتقطها أن يتملكها على أن يضمنها لأصحابها إن عرفوا بعد ذلك، أو يتصدق بها عن أصحابها مع تخييرهم -إذا عرفوا- بين الصدقة ويكون الثواب لهم، أو المال ويكون الثواب للملتقط، ولقطة الحل والحرم في ذلك سواء، وراجع للتفصيل الفتوى رقم: 14308.
أما إذا كانت عبارة عن أمانات عندكم تركها أربابها خطأ أو نسياناً فإنه ينظر.. فإذا كانوا مجهولين أو يتعذر الوصول إليهم فإنها تدفع إلى الجهة المسؤولة أو يتصدق بها عن أصحابها على أنهم إذا وجدوا بعد فترة فإنهم يخيرون كما تقدم، وأما إذا كانوا معروفين أو تمكن معرفتهم والوصول إليهم فلا يجزئ التصدق بها عنهم والواجب ردها إليهم.
وإذا تقرر هذا.. فالحكم عليك بالإثم أو عدمه فرع على ما ذكرنا من حكم هذه المفقودات وما يجب فيها، فحيث تركت الواجب أو أعنت على تركه أو على تأخير أدائه فإنك تأثم بذلك؛ وإلا فلا إثم عليك.
وراجع الفتوى رقم: 58530، والفتوى رقم: 93487.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1428(12/7211)
حكم انتفاع الأب بالأمانة الخاصة بولده بغير إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[تحية طيبة وبعد.. اسمحوا لي أن أستفسر عن فتوى بحثت عنها طويلا في الشبكة العنكبوتيه ولكن للأسف الشديد لم أجد جوابا شافيا للموضوع.. السؤال سيدي: ما حكم الإسلام في شخص استلم أمانة (نقودا) ليوصلها لابنه ولزوجته ولم يوصلها عند رؤيته لهم بل أعطاهم جزءا من هذه الأمانة والباقي استعملها لأغراضه الشخصية وأكمل تسليم الأمانة بعد مرور زمن طويل، مع العلم بأنه لم يقل لابنه وزوجته بأنه سوف يستعمل الأمانة وإنما قام بذلك من تلقاء نفسه ولم يذكر أيضا ممن هذه الأمانة، حيث علمت الزوجة والابن بعد فترة من الزمن بأنه لهم أمانة من هذا الشخص ولكن حياء من الوالد والزوج لم يناقشوا معه عن الموضوع خوفا من المشاكل، ف أرجو سيدي الكريم أن تعطينا حكم الإسلام في هذا الموضوع الحساس وما هو العقاب الإسلامي في الدنيا والآخرة لمن يقدم على فعل هذا؟ ولكم منا جزيل الشكر ودمتم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه النقود التي تسلمها هذا الرجل لإعطائها لزوجته وابنه أمانة يجب عليه أداؤها لهما كاملة غير منقوصة من غير تأخير كما يجب أداؤها لغيرهما، فقد قال الله سبحانه وتعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58} ، وقال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27} ، وقال سبحانه وتعالى في وصف المؤمنين: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُون َ {المؤمنون:8} ، وإذا فرط في ذلك وأخر دفع شيء منها من غير عذر شرعي أثم بذلك، وكان معرضاً للوعيد والعقوبة على خيانة الأمانة، وقد تقدمت الإشارة إلى شيء من العقوبة الأخروية في الفتوى رقم: 63921. أما العقوبة الدنيوية فلا نعرف فيها نصاً خاصاً ولكن هي داخلة في العقوبات العامة على المعاصي والأوزار، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 29853.
وهذا الذي ذكرناه هو من حيث الأصل، ولكنه إذا كان هذا الرجل محتاجاً وقت تسلمه لهذه النقود، وكان يعلم أن ولده يملك شيئاً منها، وأن أخذه منها لا يترتب عليه إلحاق ضرر بالولد أو بمن سلمه هذه النقود كان له أن يأخذ من نصيب ولده منها بقدر حاجته، ولا يلزمه استئذانه وذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم لمن شكى إليه أخذ أبيه لماله: أنت ومالك لأبيك. رواه أبو داود عن جابر، وابن ماجه. وقوله صلى الله عليه وسلم: إن أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من أموالهم. رواه أحمد وابن ماجه.
وعلى كل حال فالذي ننصح به الزوجة والولد هو غض الطرف عن هذا الموضوع والعفو والصفح درأ للخلاف ومحافظة على الود واجتماع الشمل، فقد قال الله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1428(12/7212)
لا حرج في استعمال أدوات العمل فيما هو مأذون فيه عرفا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيب بأحد المستشفيات الحكومية أتعرض للكثير من المواقف التي أحتاج فيها أو يطلب مني أحد العاملين في المستشفى استخدام إحدى إمكانيات المستشفى وأنا أعلم أن مدير المستشفى لن يمانع عرفا في ذلك ولكن يستحيل استئذانه في كل شيء، ثم إن بعض الأشياء متعارف عليها حتى إني أظن أني لو طلبت إذنه فيها سوف يستغرب، فهل يجوز لي فعل ذلك علما أني قرأت فتاوى متناقضة بهذا الخصوص في موقعكم.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يحتاج الموظف عند استعمال أدوات العمل إلى إذن لفظي إذا كان جرى عرف صحيح في عمله على استعمالها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الموظف في جهة ما يعد أمينا على ما تحت يده من أدوات هذه الجهة ويجب عليه أن يراعي الأمانة فيها؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {لأنفال:27} ومن مقتضيات الأمانة أن لا تستخدم أدوات العمل إلا فيما هو مأذون فيه إما صراحة أو عرفا من شخص مخول بالإذن، وإذا كان الأخ السائل يتصرف في أدوات العمل فيما هو مأذون فيه عرفا فإنه لا يحتاج إلى إذن صريح، إذ المعروف عرفا كالمشروط شرطا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1428(12/7213)
مساعدة المحتاج من مال الزوج بدون علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوجة لشخص أعطاه الله المال الذي يسد حاجته ويزيد منه يدخره إلى الوقت الذي يستفيد منه ولكن إذا شخص طلب منه لا يحب أن يعطي من المال المدخر وهذا المال يعطيني إياه حتى أحتفظ به ولكن إذا أحد طلب مني من المال أعطيه حتى يفك من الضيق وحتى أحيانا يكون شخصا سوف يخسر مشاريع إذا لم يجد أحدا يساعده وهو يصرف على عائلة كبيرة أعطيه من المال دون علم زوجي ولكن بعد فترة قليلة يعيد إلي المال لا ينقص شيئا هل ما أفعله حرام هل هذا خيانة وعدم ائتمان ولكن أشهد الله أني بقصد أن أفرج عن الذين يطلبون المال مني ماذا أفعل أرجو أن تردوا علي بطريقة واضحة وسهلة.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز لك التصرف في المال الذي يعطيه لك زوجتك بالقرض أو غيره لأن هذا المال أمانة عندك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المال الذي يعطيه لك زوجك لحفظه هو أمانة ووديعة عندك ولا يجوز لك التصرف فيه بالقرض أو غيره إلا بإذنه، وإلا كان ذلك من خيانة الأمانة، ولا يبرر ذلك رغبتك في مساعدة المحتاجين لأن هذا المال ليس ملكا لك، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27}
وفي الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له. فيجب عليك التوبة إلى الله من ذلك وعدم العودة إليه مرة أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1428(12/7214)
من فرط في حفظ الأمانة تحمل آثار تبعاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في مكتب تأجير سيارات, وقمت بأخذ بطاقة عمل لعميل كضمان ثم جاء العميل وطلب البطاقة ولم أتذكر أني أخذت البطاقة لمرور فترة من الوقت على أخذها, وبعد فترة عثرت عليها ولكن بعد قيام العميل باستخراج بدل فاقد منها وتكبد مبلغ من المال نظير ذلك فهل علي أن أدفع هذا المبلغ الذي خسره العميل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر -والله تعالى أعلم- أنك تتحمل آثار ضياع البطاقة التي أودعها صاحبها عندك كضمان للسيارة التي أجرتها له، لأن المفترض في مثل عملك أن تحتفظ بالبطاقة في مكان أمين يسهل الرجوع إليه والحصول عليها وقت مجيء صاحبها، فإذا لم تفعل كان ذلك تفريطاً في حفظ الأمانة، ومن فرط في حفظ الأمانة تحمل تبعات ذلك، وعليه فيلزمك دفع ثمن البطاقة الجديدة ما لم يعف عنك صاحبها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1428(12/7215)
الحكم ينبني على حسب قوانين الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعمل في تزفيت الشوارع, ويتم حفر الشارع القديم حتى يتم التزفيت بشكل جيد أما بقايا الشارع القديم فيتم بيعها من قبل الشركة، زوجي طلب من المسؤول عن البيع والشراء لهذه الأشياء (لا من صاحب العمل) أنه يريد لبيته فأعطاه المسؤول بدون مقابل (قال له أن يأخذها بدون أجرة) من ثم قام زوجي ببيعها لشخص آخر وقد كانت نيته أن يبيعها لهذا الشخص في بادئ الأمر، فهل ما فعله زوجي جائز والمال الذي قبضه من الشخص يعتبر حلالاً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكم ما قام به زوجك من التصرف في بقايا الشارع يخضع لمدى توافقه أو تخالفه مع إذن الجهة المخولة للإذن في مثل ذلك، فإن كان الآذن لزوجك -وقد ذكرت أنه المسؤول عن البيع والشراء لتلك الأشياء- مخولاً من الشركة بما أذن له فيه، فما فعله زوجك يعتبر تصرفاً مشروعاً، ولا عبرة بكونه كان يريده لبيته أو لا، وإن كان الآذن له ليس مخولاً بذلك من الشركة، فإن تصرفه فيه يعتبر تصرفاً غير جائز، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. أخرجه الدارقطني وأحمد والبيهقي وغيرهم وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1428(12/7216)
حكم استعمال المال العام في الأغراض الشخصية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في العراق وقد حزت على أنابيب مياه زراعية من ممتلكات الدولة بعد الاحتلال بغية إرجاعها للمال العام، السؤال هو: هل يجوز لي استخدامها والاستفاده منها لفتره قبل إرجاعها، وما حكم الوارد أو المحاصيل الزراعية المستوفاة منها؟ لكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا تجوز الاستفادة الشخصية من الأنابيب الزراعية التي هي ملك عمومي إلا في إطار الاستعمال المأذون فيه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد حفظت هذا المال من الضياع فقد أحسنت في ذلك، لكن الأخذ بغير حق من المال العام يعد خطأ كبيراً في الدين، فقد جاء في الصحيحين عن أبي حميد مرفوعاً: والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله تعالى يوم القيامة يحمله. وقال صلى الله عليه وسلم: إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة. رواه البخاري.
وعليه فلا يجوز أن ينفرد شخص باستخدام أنابيب الماء الزراعية المسؤول عنها في الأغراض الشخصية، ومن فعل ذلك وجب عليه أن يتوب إلى الله، وأن يرد أجرة ما انتفع به منها، وأما المحاصيل الزراعية التي كانت تروى بها فإنها تكون لصاحبها، وليس عليه فيها إلا ما ذكر من التوبة ورد الأجرة، مثلها في ذلك مثل كافة الاعتداءات على حقوق الغير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1428(12/7217)
الأمين مصدق بيمينه فلا يضمن إلا إذا فرط أو تعدى
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سرق أحد "زملائي" في العمل مفتاح درجي من حقيبتي وأخذ من الدرج مبلغ 100.000 دينار جزائري تابع للشركة والذي كنت مسؤولة عنه، سأعوض المبلغ العظيم ولكن هل أكلم المسؤول عن الحادث وماذا عن السارق، فهل هناك دعاء أو عمل أقوم به ليخفف علي؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإخبارك المسؤول بالسرقة لا حرج فيه، وأما السارق فلا ريب أنه ارتكب إثماً عظيماً، ونسأل الله أن يتوب عليه، وأما ضمانك للمال المسروق فالأصل عدمه لأن يد الحارس يد أمانة، والأمين مصدق باليمين إلا إن فرطت في حفظ المفتاح حتى أخذ منك ثم تمت السرقة فيلزمك الضمان، وفي حالة لزوم الضمان فنسأل الله تعالى أن يعينك ويخلف عليك خيراً مما أخذ منك، ولا نعلم دعاء معيناً في هذا الخصوص، بل يدعو الإنسان بما تيسر، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 15033، 18433، 16938، 2789.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1428(12/7218)
حكم انتفاع المدرسين بالوجبات الزائدة عن حاجة الطلبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مدرسة بمدرسة ثانوية وتأتي للمدرسة وجبة للطالبات يومياً وهي عبارة عن باكو بسكوت ويتم توزيع هذا البسكوت على الطالبات يومياً ولكن في فترة غياب الطالبات قرب الامتحانات يأتي البسكوت للمدرسة ولا تستطيع المدرسة رده والمسؤولة عن هذا البسكوت توزع البسكوت على مدرسي المدرسة بكميات متفاوتة بعلم من المديرة فهل إذا أخذت من هذا البسكوت يكون حراما. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الوجبات الزائدة عن حاجة الطالبات تعاد إلى الجهة المسؤولة عنها، ولا يجوز للمدرسين الانتفاع بها إلا بإذن تلك الجهة أو جري العرف باستفادتهم منها، فإذا تعذر إرجاع تلك الوجبات إلى الجهات التي أعطتها وترتب على ذلك فساها أو إلقاؤها في القمامة مثلا فيجوز للمدرسين الانتفاع بها، وراجعي الفتوى رقم: 74985.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1428(12/7219)
ضياع المال المحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[كان معي مبلغ من المال أردت أن أسدد به ديوني من الفوائد التي أخذتها على سبيل السلفة عندما كنت ذاهبا إلى المسجد لكي أضعه في صندوق الصدقات، لكن حدثت مشكلة جعلتني أفقد تركيزي ولا أعلم هل وضعت المبلغ أم فقد مني، سؤالي هو: ما حكم هذا المبلغ الذي لا أعرف مكانه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال غير واضح، ولكنه إذا كانت فوائد من المعاملات الربوية المحرمة فيجب عليك التخلص منها بصرفها في مصالح المسلمين، فإذا كنت قد أفرزتها عن مالك وخرجت بها لتصرفها في مصارفها الشرعية فإن يدك عليها يد أمانة فإذا ضاعت فإنك لا تضمنها إلا إذا كنت قد فرطت في حفظها، وراجع الفتوى رقم: 63357، والفتوى رقم: 62361.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1428(12/7220)
هربت الخادمة ولها حقوق مالية على مخدومها
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي في الله, كانت لدينا خادمة وهربت بعد 8 شهور وعقدها ينتهي بعد سنتين أي لم تكمل عقدها ووضعت عند أمي معاشاتها لمدة ثلاثة شهور قبل هروبها بأيام (40 دينار كويتي للشهر الواحد) أي 120 دينارا لكي نحولها لوطنها وضاع رقم الحساب منا.. والآن لا نعلم عنها أي شيء، فماذا نفعل بهذا المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحكم بالسعي في الحصول على وسيلة تمكنكم من توصيل هذا المبلغ لهذه الخادمة، فإن تعسر فيمكن تركه عند القاضي إذا قبل أو التصدق به عنها إذا كانت مسلمة، أو صرفه في مصالح المسلمين إذا لم تكن مسلمة، فإذا جاءت فأخبروها بما فعلتم فإن رضيت فذاك؛ وإلا فأعطوها حقها ويكون أجر الصدقة وإنفاق المال في مصالح المسلمين لكم، وراجعوا في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 38838، 7390، 77812، 18821، 47618.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1428(12/7221)
استدراك الخطأ في حق الناس أمر حسن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف بسيط بشركة وقمت بإرسال ورقة بالخطأ تتسبب في خسارة فادحة لصاحب العمل. وقد تواجدت في اجتماع مع هؤلاء الأشخاص وسحبت الورقة الخاطئة وتخلصت منها. فهل هذا يكون سرقة أم لا، وإذا كان سرقة فما هي كفارتها. أرجو سرعه الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا إثم عليك في إرسال الورقة أولاً لأنه كان خطأ، وقد أحسنت أيما إحسان عندما قمت باستدراك هذا الخطأ وإصلاحه، وليس ذلك سرقة ولا ذنبا يحتاج إلى كفارة.
والدليل على أن الإنسان لا يؤاخذ بما حصل منه خطأ ما رواه ابن ماجه وغيره عن أبي ذر الغفاري قال، قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1428(12/7222)
قريبه كان لا يأخذ منه أجرة المواصلات الحكومية
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم جزيلا على معاونتكم لنا ولكل من لديه فتوى في دينه تساعده على الحفاظ على دينه ودنياه
سؤالي هو: لي أحد الأقارب يعمل كمحصل في وسيلة مواصلات حكومية وأركب معه مرات كثيرة جدا ولم يقم هذا المحصل بأخذ مال مني مقابل تذكرة السفر يعنى يركبني مجانا، وأنا لحرصي على عدم الوقوع في الإثم أريد أن أعرف ما حكم هذا العمل؟ وهل هناك إثم علي أو عليه بسبب هذا العمل وهو عدم أخذه ثمن التذكرة في كل مرة أركب معه فيها أم لا؟
ولقد قمت أنا بإخراج مبلغ من المال على سبيل الصدقة أو التطهير ما يعادل ثمن التذاكر تقريبا، أرجو توضيح حالتي هذه، ولسيادتكم جزيل الشكر، وجعل الله هذا العمل في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان لهذا المحصل صلاحيات من الجهة التي عينته بعدم أخذ الأجرة من بعض الركاب فلا حرج عليه فيما عمل، ولا حرج على من انتفع بذلك منه.
وأما إذا لم يكن له هذه الصلاحية فلا يجوز له أن يفعل ذلك لأن فيه تضييعا لحقوق الآخرين التي اؤتمن عليها، وليس لقريبه أو صديقه أو غيرهما أن يجيز هذا التصرف منه، بل عليه أن ينصحه ويبين له أن هذا التصرف لا يجوز، ثم يقوم بدفع قيمة التذكرة له، فإن أبى فإن عليه أن يدفعها إلى الجهة المختصة، ولا يجزئه أن يتصدق بقيمتها ما دام قادرا على إيصالها إلى أصحابها، ومن لم يدفعها من هؤلاء فعلى الموظف أن يقوم بدفعها ولا تبرأ ذمته عند الله إلا بذلك.
وإليك التفصيل:
فنقول: إن الله تعالى قال في كتابه الكريم: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58} وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27}
والعامل مؤتمن على عمله، والحقوق لا تسقط بالتقادم؛ بل إما أن يؤديها في الدنيا إذا علم صاحبها وتمكن من الوصول إليه، وإما أن تؤخذ في الآخرة من حسناته، فإن فنيت حسناته وبقيت عليه حقوق أخذ من سيئات أصحاب الحقوق فطرحت عليه؛ لقول صلى الله عليه وسلم: لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء. رواه مسلم.
وقال عليه الصلاة والسلام لأصحابه: أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: إن المفلس من أمتي، يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا. فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته. فإن فنيت حسناته، قبل أن يقضى ما عليه. أخذ من خطاياهم فطرحت عليه. ثم طرح في النار. رواه مسلم وأحمد وغيرهما.
وقال صلى الله عليه وسلم: إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار فيتقاصون مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا نقوا وهذبوا أذن لهم بدخول الجنة. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1428(12/7223)
الأصل وجوب رد الأمانة لأصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مدرس وأعمل في إحدى الكليات وكنت اُدرّس مادة عملية وطلبتُ من بعض الطلبة شراء عدة أجهزة بلوتوث للتدريب عليها وثمن الواحد حوالي 60 ريال وتم التدريب عليها وفي نهاية العام لم أعط البلوتوث لأحد من الطلبة ولم أعطه لإدارة الكلية ولم يطلبه مني أحد من الطلبة وهو معي الآن، فما حكم تملكي له مع العلم بأني انتقلت إلى مكان آخر ولا أعرف أحدا من الطلبة، وغالب ظني أنهم يسامحون فيه، فهل يجب علي إرجاعه إلى الطلبة أم أضعه في الكلية ليتدرب عليه طلبة آخرون بالكلية التي انتقلت إليها وهي تابعة للكلية السابقة مع العلم بأن الإدارة لا تطالب أحدا بوضع ما يشتريه الطلبة في الكلية؟ وشكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يوجد تصريح أو قرينة قوية على أن هؤلاء الطلاب قد تركوا هذه الأجهزة للكلية أو لك فالواجب هو ردها إليهم والاجتهاد في العثور عليهم، وذلك ممكن عن طريق مراجعة قسم شؤون الطلبة والسؤال عن هواتفهم، والأصل في ذلك قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58} وقوله صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 57200.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1428(12/7224)
المال الزائد يرد لخزينة الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد التحية نأمل منكم الرد على سؤالي بشكل عاجل إن أمكن بارك الله فيكم، في مدينتنا توجد إحدى الكليات التابعة لإحدى الجامعات، وقبل أن يتم ضم هذه الكلية للجامعة المذكورة، قام عميدها بإجراء صيانة لبعض مبانيها، وعند الانتهاء من الصيانة، قامت إحدى الجهات العامة التابعة للدولة والواقعة في نفس المدينة بالتكفل بدفع مصاريف الصيانة، وخصص مبلغ كبير لذلك، فقام الشخص المقاول بتسلم المبلغ، وبعد استلامه اتضح له بأن المبلغ أكثر من قيمته أو حقه، فقام بالاتصال بعميد الكلية وأخبره بأنه يوجد ميلغ 28000 دينار زيادة عن حقه، وأن يستلمه فقام عميد الكليه باجتماع مع أعضاء التدريس بالكلية وبحضور عميد الجامعة، لمناقشة كيفية الاستفادة من هذا المبلغ، وبعد نقاش طويل تم التوصل إلى الاستفادة من هذا المبلغ بإعطائه إلى أعضاء هيئة التدريس، وكانت آلية إعطائه إليهم أن تكون في صورة تكاليف أداء مناسك العمرة، والسؤال: هل يجوز لعميد الكلية أو الجامعة التصرف بهذا المال وبهذه الطريقة، وبدون علم طبعا الجهات العليا لهم، وهل يجوز لعضو التدريس أخذ هذا المال للاستفادة منه إن تم توزيعه نقداً أو الاستفادة من أداء العمرة، فأ فيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لأعضاء هيئة التدريس أو العميد أخذ هذا المال الزائد عن حق المقاول لأنه لا حق لهم فيه، وسواء في ذلك أخذوه في صورته النقدية أو في صورة رصده والاحتفاظ به لأداء تكاليف العمرة، والواجب هو رد هذا المبلغ إلى خزينة الجهة التابعة للدولة التي صرفته، والأصل في ذلك قوله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58} ، وقوله صلى الله عليه وسلم: رب متخوض في مال الله ومال رسوله، له النار يوم القيامة. رواه أحمد، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 23007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1428(12/7225)
من سحب مبلغا ثم تبين أنه من حساب غيره ولم يتوصل البنك لمعرفته
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع أنا ذهبت لأسحب فلوسا من الصراف الآلي حيث أدخلت الكارت الخاص بي والرقم السري وطلبت مبلغ 3000 ريال وفوجئت بالجهاز يصرف لي 1000 ريال فقط فدهشت وأخذت الإيصال المرفق وقرأته ففوجئت بأنه لحساب آخر غير حسابي حيث إنهم يكتبون أول ثلاثة أرقام وآخر ثلاثة أرقام من الحساب في الإيصال وهو مختلف عن رقم حسابي وبعد ذلك حاولت مرة أخرى الدخول على حسابي، ولكن الجهاز رفض ثم ذهبت وتحققت من حسابي عن طريق الإنترنت فوجدت أنه لم يتم خصم أي شيء من حسابي ثم بعد ذلك ذهبت إلي البنك وحكيت لهم ما حدث حيث استغربوا بشدة وتركت لهم الإيصال والمبلغ لكي يرجعوا المبلغ لصاحبه بالإضافة إلى بياناتي الخاصة من الاسم والتليفون وقالوا لي إنهم سوف يتحققون من الموضوع ويردون علي وبعد يومين اتصل بي البنك وقال لي إنهم لم يتمكنوا من معرفة صاحب المبلغ وأن لي مطلق الحرية في هذا المبلغ إما أن آخذه أو أتركة أو أتصدق به أو أي شيء، وبالفعل ذهبت إلى البنك وأخذت المبلغ والآن ماذا أفعل بهذا المبلغ هل أتصدق به بنية صاحبه أم ماذا أفعل، وفقكم الله لما يحبه ويرضاه؟ وجزاكم الله عنا خيراً إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا شئت فلك أن تحتفظ بهذا المبلغ حتى يتم التأكد من عدم القدرة على العثور على صاحبه، فربما يتم العثور عليه في الايام القادمة لأن طبيعة العمل البنكي الدقيقة تأبى أن يصرف مال دون أن يقيد على حساب أحد أو أن يعلم له مستحق، وإن شئت فتصدق به عن صاحبه على أنه إذا عثر عليه يوما من الدهر خيرته بين إمضاء الصدقة ويكون الأجر له، وبين أخذ هذا المبلغ منك ويكون الأجر لك، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 64224.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1428(12/7226)
تاب من خيانة الأمانة ولا يستطيع أداءها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل محاميا وقد أغواني الشيطان لعنة الله عليه وخنت أمانة أحد الوكلاء واستوليت على أموال اعتبرتها أتعابا بينما اعتبرها صاحبها أمانة وأنا اليوم لا أقدر على رد هذه الأموال لضيق الحال ونقص الأموال ويشهد الله أنني قد ندمت على ما فعلت وتبت توبة نصوحة عن ذلك، ولكن لا أعرف هل يسامحني الله على ما فعلت وكيف أرضي الله مع الوضع في الاعتبار أن صاحب المال مصر على استرداده وعدم مقدرتي على ذلك فأفيدوني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليك أن تحمد الله تعالى الذي وفقك للتوبة والندم على هذا الفعل القبيح وهو خيانة الأمانة، ولتعلم أن التوبة لا تتم إلا برد المظالم على أهلها أو التحلل منهم، وما دام صاحبها لم يسامحك بها ولم تستطع أنت أداءها فإنها تبقى دينا في ذمتك وأمانة في عنقك، يجب عليك أداؤها عندما تستطيع، يقول الله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58} ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي وغيره.
ولذلك فيجب عليك مع التوبة إلى الله أن تبذل كل ما في وسعك حتى تقضي عنك هذه الحقوق، وعلى صاحبها أن ينظرك حتى تحصل عليها، لقول الله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ {البقرة:280} ، ومعنى فنظرة: أنه يجب على من كان له دين على معسر ألا يضغط عليه، بل ينظره حتى يجد ما يقضيه به، والأفضل أن يتصدق عليه بما له عليه من دين، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 94145، والفتوى رقم: 41383 وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1428(12/7227)
يدفع المال للهيئة المستحقة له
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في أحد البنوك في إدارة الرحلات وعندما نذهب مع الفوج للإشراف نجد مخالفات من أعضاء الرحلة كثيره مثل اصطحاب أحد الأعضاء لشخص لم يدفع له قيمة اشتراكه في الرحله فيقوم أحد المشرفين بأخذ قيمة الاشتراك من الشخص المخالف وعند دخول الملهى يقول أحد المشرفين للمسؤول في الملهى إن الشخص المخالف من أحد أقاربي لكي لا يدفع له تذكرة دخول، علماً بأنه أخذ قيمتها منه وهكذا مع باقي أعضاء الرحلة وفي نهاية اليوم يقوم هذا المشرف بجمع مبلغ من المال كبير ويقوم بتوزيعه على باقى مشرفي الرحلة بالتساوي، فهل هذا المال حرام، علماً بأنني إذا لم آخذة سيأخذه باقي المشرفين, أم آخذ هذه الأموال وأعطيها لأي شخص محتاج أرجو إفادتي؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه بداية إلى أنه لا يجوز العمل في البنوك الربوية أو دخول الملاهي التي ترتكب فيها المحرمات، أما الملاهي التي تخلو من المحرمات وهي مجرد ألعاب ترفيهية فلا حرج في ذلك. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 4862، والفتوى رقم: 76563.
وأما بخصوص السؤال.. فما يأخذه هذا المشرف من المخالف كقيمة للاشتراك في الرحلة فإنه يجب دفعه إلى الإدارة المنظمة لهذه الرحلة، ولا يحل له أو لغيره أن يأخذوه، كما لا يحل له أن يمتنع عن دفع تذكرة للمخالف بحجة أنه قريبه أو غير ذلك تواطأً مع الموظف ليأخذ ذلك لنفسه ولبقية المشرفين لما في ذلك من أكل المال بالباطل، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {النساء:29} ، وقال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت، النار أولى به. رواه أحمد، وصححه الحاكم والذهبي.
والواجب على هذا المشرف والمشرفين الآخرين الذين أخذوا هذه المبالغ أن يتحروا في معرفة قدرها ولو بالتقريب ثم يردوها إلى مستحقيها - الإدارة المنظمة للرحلة والملاهي المستحقة للتذكرة - لتبرأ ذمتهم، هذا إذا كانت الملاهي خالية من المحرمات، وإلا صرف قيمة التذاكر إلى الفقراء والمساكين ونحو ذلك من مصارف المال الحرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1428(12/7228)
سائل في الأمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من حضراتكم الصبر على سؤالي وجزاكم الله خيراً ... أنا والحمد لله طالبة في السنة النهائية في الكلية, وكليتي -للأسف- مختلطة ولها نوعاً ما سمعة أن بها الكثير من المتبرجات, وهي بصراحة فيها الكثير منهم فعلاً، المهم أني كنت يوماً أقف في مبنى الكلية فجاءني طالب شاب ملتزم وأخرج من حقيبته مطويات كثيرة "هذه الأوراق الدعوية التي توزع" وسألني ما إذا كان بإمكاني أن أوزعها, فقلت له نعم, فاشترط علي شرطين: أولها: أن أوزعها داخل مبنى كليتي فقط, والثاني: أن أوزعها في ذلك اليوم كلها! ثم أعطاني 200 مطوية (وهو عدد كبير جدا) فضلا عن الكتيبات الصغيرة ... وقد تحمست جداً للفكرة, وقبلتها وأخذت في توزيعها فوراً, ولكنني اكتشفت أن هذه الـ200 مطوية كلها من نوع واحد نفس المطوية نفس الموضوع وليس بها تنوع, وبصراحة أسلوبها سيء من وجهة نظري وإن كانت خالية من أخطاء شرعية، ولكن أسلوبها سيء, لدرجة أن فتاة ممن قرأتها قالت في المحاضرة في وجود الدكتور- محذرة الأخريات منها- أن هذه المطويات لا يجب أن توزع ولم تعجبها إطلاقاً (على فكرة المطوية كان موضوعها البنطلون للفتاة) ، وكذلك هي لم تعجبني شخصياً, فخرجت من المبنى آخر اليوم لعلي أرى هذا الشاب فأعيد له حاجاته لعجزي عن توزيعها, ولكني لم أجده، فشعرت بهم شديد, لأني خنت الأمانة, بل ولأني كذلك قبلتها بدون روية ولن أستطيع تأديتها، فها أنا قد أضعت أول شرط وهو المتعلق بالزمان, وكذلك فأنا في آخر سنة في الكلية إن شاء الله وقد انتهى العام الدراسي بالفعل ... فماذا أفعل في هذه الأمانة التي صارت هماً ثقيلاً جداً علي وأنا كلما أنظر إلى المطويات أتذكر قول الله تعالى: إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً. فأنا فعلا ظلومة جهولة، ولكن ماذا أفعل لكي أستغفر الله وأتوب إليه سبحانه وتعالى، هل أطلب مثلا من فتاة في السنة الأولى من الكلية أن توزعها في العام القادم أم ماذا أفعل، وماذا إذا لم توافق هذه الفتاة، هناك أمر آخر, يعني بصراحة الكتيبات التي كانت مع المطويات جيدة وهي أقل عدداً لكني كذلك لم أوزعها, ربما لشعوري بالإحباط، وما يؤرقني أكثر أنني بعدها رأيت أمي رحمها الله تعالى في المنام قالت لي كلمة واحدة: "الأمانة"!!! ورؤى أخرى فيها سيدنا جبريل عليه السلام وأنا أعلم أنه ملك العقوبة, وأنا خائفة جداً, ومتضايقة جداً من جبني وضعفي, ماذا علي أن أفعل، مع العلم بأني لن أستطيع أبداً توزيعها بنفسي، ف أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السعي في نشر الخير أمر مهم جداً، ومن وعد شخصاً بالقيام بنشر الخير فإن الوفاء بهذا مستحب عند جماهير العلماء، ولا حرج على من عجز عنه أو حال حائل دون تنفيذه في الوقت المحدد، ولا يعتبر ذلك إخلالاً بالشرط مع أن الشرط المحرج في الإخلال هو ما كان فيه حق بين الطرفين، وبناء عليه فيمكن رد المطويات الباقية لهذا الشاب إن تأكدت من عدم إمكانية قبول الطالبات لها، وإن كانت المطويات مفيدة ولاحظت أنها ربما تقبل فيمكن أن توزيعها في الأيام القادمة أو توكلي بعض الأخوات على توزيعها، كما يمكن توزيعها في جهة أخرى إن لم يتيسر توزيعها في الكلية.
وأما الأمانة المذكورة في الآية فهي أمانة الدين كما قال القرطبي في تفسير الآية، وأما الأمانات المادية التي تودع للشخص وترسل معه لجهة ما فلا يأثم بضياعها إن لم يفرط أو يتعد، ثم إنا ننبهك على أن أمر الرؤيا لا يترتب عليها ما يسبب القلق والخوف، فالرؤيا يستأنس بها إذا كان فيها ما يسر، ولكنها لا تؤخذ منها الأوامر.
وأما جبريل فأعظم خصائصه أنه ينزل بوحي الله على الرسل. ومن المعلوم أن الوحي هو أعظم أسباب الرحمة، وأحياناً يأتي جبريل عليه السلام بالعقوبة وقد يشاركه غيره من الملائكة، فقد جاء مع بعض الملائكة فقاتلوا مع المسلمين في بدر وأحد وقريظة، وقد شارك في إهلاك قوم لوط.
ولكنه لا يمكن الجزم بأن المرئي في النوم هو جبريل لأن الملائكة يتشكلون ولا يعلم على سبيل الجزم أن المرئي ملك إلا بالوحي، فإذا كان إبراهيم ولوط وكثير من الصحابة خفي عليهم جبريل لما رأوه في اليقظة، فأحرى أن يبعد العلم بكون المرئي جبريل إذا رئي في النوم. وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 72630، 52091، 72838، 44575، 76347، 68710، 67492.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1428(12/7229)
كيف ترد الحق لصاحبه دون إضرار بالغير
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أقيم في الإمارات وذهبت إلى مستشفى أنا وزرجي لأتابع حملي وهذه المستشفى عرفها زوجي من أحد أصدقائه وقال له إن الكشف كامل بالسونار يبلغ حوالي 80 درهما وبالفعل ذهبنا ودفعنا 100 درهم بالخارج وجلسنا ننتظر دورنا عند أماكن الكشف ووجدنا هناك على باب غرفة السونار (الموجات الصوتية الخاصة برؤية الجنين) مكتوب 150 درهما للسونار وقلنا ربما هذه لحالات معينة وبعد أن دخلنا الغرفة وقاموا مباشرة بعمل السونار فوجئنا بالممرضه تكتب فى الورقه الخاصه بي 100 درهم (ملحوظه: كان معنا نقود غير التي دفعناها) وسألها زوجي ما هذا قالت ثمن السونار فقال لها أنا جئت على أساس أن الكشف يشمل السونار ولم أعمل فى حسابي أني سأدفع نقودا مخصوصة له وبعد نقاش طويل بينهما قالت له: إن كان معك نقود وتريد أن تدفع ادفع وإن لم يكن معك فلا مشكلة، وبالفعل لم ندفع هذه النقود، بعد ذلك علمت أن كل من يذهب لا بد أن يدفع فلوس السونار وهي منفصلة عن الكشف، وأنه لم يكتب فى الورق الخاص بالإدارة أني قمت بعمل سونار ولذلك لم يضف ثمنه، فهل لنا ألا ندفع اتباعا لكلام الممرضة، علما بأنها مجرد موظفة بالمستشفى، وهل يجب علينا الذهاب لدفع المبلغ، علما بأنه كما سبق وذكرت أنه غير مكتوب بورق المستشفى أني عملت سونار أصلا، فلو ذهبنا وقصصنا ما حدث ربما نؤذي الممرضة، بالله عليكم أفيدونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإعلان المستشفى عن قيمة للسونار لمن يرغب في عمله منفصلة عن قيمة الكشف، يعتبر بمثابة الشرط المتقدم فيجب على من طلب عملها أن يفي به، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني.
وعليه، فعلى زوجك أن يرد قيمة السونار إلى المستشفى ولو بطريقة غير مباشرة، ولو بأن يرسله عن طريق حوالة بريدية دون أن يذكر اسمه أو تفاصيل الموضوع، ويذكر أن هذا المبلغ حق للمستشفى ويريد أن يبرئ ذمته منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1428(12/7230)
حكم التصرف في المال المشترك
[السُّؤَالُ]
ـ[أستلم أنا وإخوتي راتب الوالد التقاعدي رحمه الله وكل فرد منا يستلم مبلغا معينا من الراتب ينزل باسمه في البنك ومن ثم نجمع ما استلمناه ونضعه في مكان معين في البيت معروف للجميع.
السؤال هل إذا أخذ أحدنا من هذا المال لشراء شيء معين له دون إخبار الآخرين يعتبر من باب السرقة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز لأحد الشريكين أو الشركاء التصرف في المشترك بغير مصلحة إلا بإذن الشركاء.
أما ما يضعه الإخوة من مالهم المشترك في بيتهم فإن حكم التصرف فيه يتوقف على معرفة القصد من وضعه، فإن كان القصد منه أنه وضع للاستهلاك ومصروفات البيت وما أشبه ذلك، فإن من أخذ منه شيئا لهذا الغرض لا حرج عليه. والمرجع في ذلك إلى العرف ورضى الجميع.
أما إذا كان وضعه لغير ذلك فإن التصرف فيه لا يجوز أن يخالف ما وضع له أصلا، ومن أخذ منه شيئا بغير علم شركائه يكون متعديا، ويضمن ما أخذ حتى يرده لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. أخرجه الترمذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1428(12/7231)
حكم من أعطي مالا لمهمة فلم يذهب إليها فمنحه المدير المال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشرعي في مبلغ مالي، أعطي لي من قبل مدير شركة حكومة، وذلك لكي أذهب إلى دورة في مجال عملي خارج الوطن، ولكن لظروف طارئة جدا خارج إرادتي لم أستطع الذهاب. وعندما أردت ترجيع المبلغ إلى مديري المباشر بمدير الشركة، منحنى إياها دون علم مدير الشركة. علما بأن مديري المباشر هو المسؤول عن عملي أمام مدير الشركة. أفتونا مأجورين..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد والترمذي، وقال: حسن صحيح.
وبما أن هذا المال دفع إليك بشرط ذهابك إلى الدورة خارج الوطن فلم تفعل، فالواجب عليك رده إلى جهة عملك، فإن أذن لك من يحق له الإذن في الاحتفاظ به لنفسك فلا مانع من ذلك، وفي هذه المسألة يجب أن تكون على يقين في من هو الشخص المخول له بالإذن وعدمه، ومعرفة ذلك يسير لو سألت. المهم أن قيام مديرك المباشر بمنح هذا المبلغ لك لا عبرة به، ما لم يكن هذا الشخص مخولا له بهذا التصرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1428(12/7232)
حكم تصرف الأم فيما يخص ولد الشهيد إلى ابنتها من الزوج الثاني
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن أموال أمي: أمي أرملة شهيد الدولة تدفع لها مبلغا من المال لتعيش به فهي تصرفه علي أنا بنتها من الزوج الثاني وبنيت لي وأخي منزلا نعيش فيه أما أنا فأصبت بأمراض كثيرة لأن أخي ابن الشهيد يدعو علي ويفوض أمره لله لأنه أولى بهذا المال هل هذا المال حلال علي أم حرام وهل الذهب الذي اشتريته حرام أيضا وهل الإثم علي أم على أمي أفيدوني إنها مسألة حياة أو موت فأنا أعاني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلمعرفة حكم تناولك لهذا المال يحتاج إلى أن نعرف شروط الدولة في هذه المنحة التي تدفعها إلى أمك، فإذا كانت الدولة تشترط صرف ذلك إلى زوجة الشهيد وولده فقط فيجب على الزوجة التزام هذا الشرط وتأثم بمخالفته، بأن تصرف ما يخص ولد الشهيد إلى ابنتها من الزوج الثاني، كما لا يحل للسائلة أن تأخذ نصيب أخيها؛ لقوله تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة: 188} وعليها رده إليه ذهبا كان أوغيره، والتوبة إلى الله عز وجل.
وأما ما يخص والدتها من هذه المنحة فلا حرج عليها في قبول ما تعطيه أمها منها.
وبخصوص الأمراض التي ابتليت بها فنسأل الله تعالى أن يعافيك منها، ويندب لك أن تطلبي علاجا لهذه الأمراض، ولتعلمي أن التحلل من المظالم من أسباب استجابة الدعاء وصلاح الحال والبدن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1428(12/7233)
الأمانة بين الضمان وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الاستفسار عن الآتي:
أعطت سيدة لزوجي إيصال أمانة لصالحها ضد سمسار شقق لكي يحتفظ به على سبيل الأمانة. وقد حفظه زوجي فعلا وبعد عدة أعوام كنت أقوم بترتيب بعض الأوراق الخاصة بنا ووجدت هذا الإيصال وقد وضعته جانبا ولكن لا أتذكر ما حل به المهم أن السيدة جاءت لتسترده فأخذنا نبحث عنه فلم نجده وقد قلت لزوجي إنني رأيته وأنا أرتب الأوراق ولكني لا أعرف أين ذهب المهم أننا أخبرنا السيدة بضياع هذا الإيصال وقد حاولنا مساعدتها حيث اتصل زوجي بالمدين (السمسار) وأخبره بما كان وطلب منه المقابلة لبحث الأمر وفعلا ذهب إليه زوجي وتحدثا ومن فضل الله ان هذا الرجل يعمل مأذونا شرعيا وخريج الأزهر وتوسمنا فيه الخير المهم أن هذا الشيخ جعل زوجي يقسم على كتاب الله أن الإيصال ضاع وأقسم زوجي فعلا. ثم أقسم الشيخ لزوجي على كتاب الله أنه مسؤول عن المبلغ الذي كان في الإيصال وأنه في رقبته وسوف يرده إلى السيدة عندما يتوافر معه ثم جاءت لنا السيدة مرة أخرى تبكي وتتهمنا أننا السبب في أن زوجها سيطلقها وعرفنا منها أنها متزوجة من هذا الشيخ زواجا عرفيا وان أهلها لا يعلمون بذلك فذهب زوجي معها إلى الشيخ ليصلح بينهما وهناك أقر الشيخ للسيدة بحقها وقال إن المبلغ في رقبته وأن زوجي غير مسؤول عنه ورضيت السيدة بذلك وقالت إنها لا تريد الإيصال لتسجن زوجها وإنما أرادت أن تجعله يرد إليها مالها وطالما أنه أقر بأن المال عنده فهي واثقة فيه وتركهما زوجي بعد الصلح بينهما ثم بعد حوالي شهر من هذا فوجئنا بأن هذه السيدة قد عملت محضرا في قسم الشرطة تتهم زوجي بالباطل بأنها أعطت له الإيصال لكي يرفع لها به دعوة على الشيخ (على أساس أن زوجي محام) وأن زوجي قام ببيعه إلى الشيخ ويعلم الله أنه محض افتراء بل وذهبت إلى أم زوجي وقالت لها هذا الكلام مما جعلها تمرض وذلك أثار زوجي ضدها وأقسم بأنه لن يساعدها حتى تسترد مالها وعلم بعد ذلك من الشيخ أنه طلقها لأسباب خاصة وأنها قامت بعمل محضر له أيضا المهم أن هذه المحاضر قد حفظت من جهة الشرطة لعدم جدية الاتهام ومنذ ذلك الوقت سافرت السيدة إلى إحدى دول الخليج حيث كانت تقيم ولم نرها
والسؤال هل أنا أو زوجي نسأل عن هذا الدين يوم القيامة أم أن الشيخ بعد إقراره بالدين والقسم عليه هو المسؤول أمام الله مع العلم نحن لا نستطيع رد هذا المبلغ لعدم القدرة على ذلك؟
وإذا كانت هناك مسؤولية علينا أمام الله ما هو الحل؟
وآسف على الإطالة عليكم ولكم جزيل الشكر وجزاكم الله خيرا عنا.
-كيف للمسلم أن يكفر عن الغيبة حتى يتقبل الله توبته في حال أنه يصعب عليه طلب العفو ممن اغتابه وذلك إما لموت المغتاب أو لسفره وانقطاع أخباره ولو حاول المسلم استرضاءه فهناك احتمال بحدوث قطع رحم.
مع الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإيصال المذكور قد ضاع من غير تفريط من زوجك في حفظه فإنه لا إثم عليه في ذلك، ولو أدى ضياعه إلى ضياع حق صاحبته، ذلك أن الأمين لا يؤاخذ ما لم يفرط أو يتعدى في حفظ الأمانة، والتفريط معناه ترك ما يجب، والتعدي فعل ما لا يجوز. ومن التفريط وضع الإيصال عند غير أمين؛ كمن اؤتمن على أمانة فوضعها عند ولده أو زوجته غير الأمينة.
وقد سئل ابن عابدين رحمه الله -كما في العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية- عن رجل غاب عن منزله وخلف امرأته، وكان في يده وديعة، فلما رجع طلب الوديعة فلم يجدها فكيف الحكم؟ فأجاب: هذه المسألة على وجهين: إن كانت امرأته أمينه لا يضمن لأنه غير مضيع، وإن كانت امرأته غير أمينة متهمة يضمن لأنه مضيع. اهـ.
وأما هل من كفارة الغيبة إخبار المغتاب من اغتابه وتحلله منه أم لا؟ فيراجع بخصوص ذلك الفتوى رقم: 66515.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1427(12/7234)
حكم تناول الهيئة التدريسية من طعام الطلاب
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن طاقم تربوي نعمل في مؤسسة تربوية حكومية أساتذة وأعوان تربية وعمال ومدير ونائبه.
الإشكال هل يجوز للمدير ونائبه تناول وجبة الغذاء مجانا على الرغم من أنهما يسكنان داخل المؤسسة التربوية
وعلى النقيض من ذلك أن جل الأساتذة يأتون من مدن أخرى تبعد بحوالي 20 كلم إلا أنهم مطالبون بدفع مستحقات الإطعام؟
أما أعوان التربية فلا يساهمون إلا بمبلغ رمزي ضئيل جدا ناهيك عن عمال المطعم فإنهم يسرقون من المطعم اللحم والدجاج وحتى الفاكهة. وليكن في علمكم بأن هذه المؤسسة التربوية هي مدرسة بها نظام داخلي للطلبة بمعنى أن هذا من حق الطلبة لا غير.
بارك الله في مجهوداتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المطعم المذكور خاصا بالطلبة -كما ذكر السائل الكريم- فإنه لا يجوز للمدير ولا لغيره الأكل منه.
ومن فعل ذلك فقد أكل أموال الناس بغير حق شرعي، وانتهك نهي الله تعالى الوارد في محكم كتابه حيث يقول: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة: 188} وربما يكون في الطلبة محتاجون وأيتام..
وقد حذر الله عز وجل من ظلم هؤلاء وأكل أموالهم بالباطل فقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا {النساء:10} .
ولذلك فإن على الجميع إدارة ومعلمين وموظفين الكف عن تناول أي شيء يخص غيرهم، وخاصة مطعم الطلبة فإنه لا يجوز أخذ شيء منه؛ إلا إذا بقي منه شيء وكان عرضة للتلف.
وسبق بيان ذلك في الفتاوى: 74985، 23007، 78878، نرجو أن تطلع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1427(12/7235)
إذا أعطى الوكيل الأمانة لشخص ثم ضاعت فهل يضمن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بعثت أمانة لصديق لي في دولة ثانية مع أحد المسافرين وقام هذا المسافر بإعطاء الأمانة لشاب لكي يوصلها الشاب إلى صديقي والأمانة لم تصل صديقي والشاب لم يوصل الأمانة فماذا يترتب عليه من ناحية المسافر الذي أعطيته الأمانة فما الحل في هذه المسألة؟ وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المسافر الذي أعطيته الأمانة لم يتعد بفعل ما لا يجوز له في الأمانة ولم يفرط فيها بترك ما يجب عليه فيها فإنه لا ضمان عليه، لأن يده يد أمانة، ويد الأمانة لا ضمان عليها ما لم تتعد أو تفرط.
قال ابن عاصم المالكي في تحفة الحكام:
والأمناء في الذين يلونا ليسوا لشيء منه يضمنونا
وعلى ذلك، فإذا فقدت الأمانة فإنه لا شيء على صاحبك ما دام لم يفرط ولم يتعد، واعتبر ما حصل أمرا سماويا واحتسبه عند الله تعالى.
أما إذا حصل منه تفريط أو تعد كأن يكون دفعها إلى شخص غير أمين وهو يعلم أنه غير أمين أو يغلب ذلك على ظنه فإنه يضمن الأمانة.
وللمزيد عن الأمانة نرجو أن تطلع على الفتويين: 22651، 48313.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1427(12/7236)
لا تتم التوبة إلا بأداء الأمانة كاملة غير منقوصة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من أكل أمانة هل تجزئه التوبة وحدها أم التوبة مصحوبة برد ما خانه من الأمانة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله عز وجل بحفظ الأمانة وأدائها إلى أصحابها، وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من تضييعها وخيانتها، فقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء: 58} وقال صلى الله عليه وسلم: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان. رواه البخاري ومسلم.
ولذلك فإن أكل الأمانة من المحرمات الشرعية وخسائس الذنوب التي يترفع عنها أصحاب المروءات، وعلى من فعل ذلك أن يبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى، وأن يؤدي الأمانة إلى صاحبها، ولا تتم توبته إلا بأداء الأمانة كاملة غير منقوصة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي. وقال صلى الله عليه وسلم: من كانت عنده مظلمة لأخيه في عرض أو مال فليستحلها منه قبل أن يأتي يوم لا دينار فيه ولا درهم، وإنما يؤخذ من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فزيدت على سيئاته. رواه البخاري ومسلم.
والحاصل أن أكل الأمانة حرام، ولا تجزئ التوبة من ذلك إلا بأداء الأمانة إلى صاحبها، وللمزيد من الفائدة نرجوا أن تطلع على الفتويين: 6619، 32055.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1427(12/7237)
من طرق رد المال الذي صرف خطأ إلى الجهة الصارفة
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتغلت كمتعاونة في كليتين مختلفتين (كلية الطب والتقنية الطبية) بمكافئة مالية أتحصل عليها في نهاية كل سنة دراسية ولكن يتم صرفها من مكان واحد، المشكلة هي أنه عند إتمام معاملة المكافئة لكلية الطب تم صرف المبلغ مرتين والخطأ من الموظف إذ إنه لم يشطب على اسمي بعد انتهاء المعاملة وتم تغييره بموظف آخر صرف لي المبلغ مرة أخرى ونزل المبلغ في حسابي في المصرف وعند مراجعتي للموظف الأول لكي أطمئن على معاملة المكافئة الثانية لكلية التقنية اتضح الخطأ في صرف المكافئة لكلية الطب فطلبت منه عند صرفه للمكافئة الثانية أن يخصم المبلغ منه لأنه لا حق لي فيه وخفت أن يكون مالا حراما ولكنه خاف من أن يعاقب على إهماله وأن يشك به وطلب مني الانتظار حتى يجد حلا للمشكلة وبدأت أتردد عليه وفي كل مرة يطلب منى مهلة أخرى لأنه لم يستطع فعل شيء وأنه خائف أن تحدت له مشكلة في عمله وبعد فترة راجعته وأخبرني أنه صرف لي المكافئة الثانية ولم يفعل أي شيء للمشكلة الأولى وطلب مني ألا أتصرف بأي عمل قد يضره في عمله، وبقي المبلغ في المصرف لا أعرف ماذا أفعل هل أصرفه؟ أم هل هو مال حرام وليس من حقي؟ وفي حالة أنه مال حرام والعياذ بالله ماذا أفعل به هل أتصدق به ولمن؟ وفي حالة أتصدق به أكيد للفقراء لدي سؤال؟ لدي أخ كبير في العمر ولم يتزوج بعد ولا يملك مالا لذلك هل يجوز أن أتصدق عليه بالمال ليساعده على الزواج وخاصة أنه لا يملك حتى المسكن لكي يتزوج.. بالله عليكم أشيروا علي لأني في حيرة وخوف شديد من هذه المسألة.. وأرجو منكم إرسال الرد على الإيميل الخاص بي وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمبلغ الذي صرف لك على وجه الخطأ لا يحل لك تملكه، وعليك رده إلى الجهة التي صرف منها؛ لحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي.
ونزول هذا المبلغ في حسابك يجعلك ملزمة برده، ولا يصح أن تتصدقي به لأنه لا يتصدق بمثل هذا المال ما دامت الجهة المسؤولة عنه موجودة ويمكن رده.
وفي الصورة المذكورة إن أمكن رد هذا المال بدون أن ينال الموظف المذكور ضرر فإن ذلك متعين، وذلك بجعله في ظرف ودفعه إلى الخازن الأمين أو إلى المدير، وإخباره بأن هذا المال وصل أحد الناس خطأ بدون أن يعرفه شخصيا، فإن تعذر العمل بهذه الحيلة فالرد واجب، ولو تضرر الموظف المسؤول عن صرفه إذا كان ولا بد أن يتضرر، لأن المسألة دائرة بين أن يقام الواجب وهو رد المال إلى صاحبه وبين توقع ضرر الموظف، فتقديم الواجب هو المتعين هنا.
وأمثلة ذلك في الشريعة كثيرة.
فمن ذلك جرح الشهود عند الحكام واجب مع أنه يلحقهم ضرر بهذا الجرح. يقول الإمام العز بن عبد السلام: جرح الشهود عند الحكام فيه مفسدة هتك أستارهم؛ لكنه واجب لأن المصلحة وحفظ الحقوق من الدماء والأموال والأعراض والأبضاع والأنساب وسائر الحقوق أعم وأعظم. اهـ.
وفي حال تعذر الرد فمصير هذا المال هو صرفه في مصالح المسلمين العامة، ومن ذلك التصدق به على الفقراء، وإذا كان أخوك يشمله وصف الفقر فلا حرج في الدفع إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1427(12/7238)
هل يضمن من سرق منه المال المستأمن عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت مع أحد رفقائي إلى شركة كي نبيعها الدولار ونأخذ مكانه عملة محلية وكان معنا وسيط بيننا وبين الشركة ورفيقى هو الذى أتى لي بالوسيط هذا وأجلسنا في غرفة مكتب وقال لنا أعطوني النقود فقال لي رفيقي أعطه النقود فأعطيته إياها وقبل أن أعطيها له قلت له أين العملة المقابلة فقال لي إنهم يجب أن يستلموا مني أولا فأعطيته إياها فذهب بها وبعدها عاد وأعطانا المبلغ وقال انتظروا قليلا فلم يطمئن قلبى للأمر فعلى الفور ومباشرة راجعت النقود فإذ بها ناقصة مبلغا كبيرا جدا من الدولارعلما أن المبلغ ليس لي إنما هو بصفة الأمانة ففعلت كل ما بوسعي أن الحق به ولكنه فر هاربا فحاوت الاتصال به فقال لي إنه لا يعرفني رافضا بذلك إعادة المبلغ لي فذهبت إلى الشرطة وأبلغتهم بما حصل وحررت له محضرا بالواقعة ولكن الشرطة لم تعد لي حقي وتهاونوا في ذلك لا أدرى لماذا هل لأنني غريب عن البلد الذى حدثت فيه الواقعة أم لماذا لا أعرف ولكني لجأت لكل الوسائل السلمية بما في ذلك الذهاب إلى السفارة التابعة لبلادى ولم أحصل على حقي وبعدها ذهب السارق إلى المحكمة وحكمت عليه بالبراءة وهو الآن طليق ولم يقتص منه ولم تعد لي أموالي وأنا الأن لا أعرف ماذا أفعل فأفيدوني أفادكم الله كيف يكون القصاص من مثل هذا السارق في ظل الجور الذى يحدث للمسلمين في هذه الأيام وضياع الحقوق بهذه الطرق علما أنني لا أستطيع وماذا في حال لم أستطع أن أعيد من المال المسروق علما أنه قد مر على هذه الحادثة ثلاث سنوات ولم يتب الفاعل منها ويعد لي المال واتضح لي بعد ذلك أنه يعيث في الأرض فسادا بسرقته أيضا أموالا كبيرة من أناس آخرين؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أخذ له مال بغير وجه حقه فله أن يسعى في تخليصه ورده بكل طريقة شرعية تمكنه، ولا يتعدى حدود الله في ذلك، وفي مثل حال الأخ السائل الذي أخذ المال الذي بيده غصبا فبذل في استخلاصه من غاصبه الطرق المشروعة فلم يفلح ليس أمامه إلا الصبر والاحتساب، وإن أمكنه أن يصل إلى مال الغاصب بطريقة أو بأخرى بعلمه أو بدون علمه فيأخذ منه قدر حقه فهذا جائز، قال تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ {النحل: 126} وقال تعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا {الشورى: 40} .
وننبه السائل إلى أن لا يسلك سبيلا يكون مفسدته أعظم من مصلحة رد المال، وليعلم أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وأنه غير ضامن لهذه الأمانة التي لم يقصر في حفظها كما هو الظاهر من السؤال، فالأمين لا يضمن الأمانة إلا في حالتي التفريط أو التعدي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1427(12/7239)
يستحب لمن يريد الحج أن يرد الأمانات والودائع إلى أصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[الأمانات أي إذا كان هنالك أحد يضع فلوسه عندك وأنت ذاهب إلى الحج هل تعطيها له أم تكون هي أمانات إلى حين عودتك من الحج؟
الرجاء أخذ كل الجوانب.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما من كان عنده أمانات وودائع للناس وأراد أن يحج فيستحب له أن يرد الأمانات والودائع إلى أصحابها خشية أن لا يعود، فلربما ضاعت أمانات وودائع من استودعه.
جاء في المجموع للإمام النووي في وصية عامة لمن بدأ الحج ونحوه من الأسفار:
إذا استقر عزمه لسفر حج أو غزو أو غيرهما أن يبدأ بالتوبة من جميع المعاصي والمكروهات، ويخرج عن مظالم الخلق، ويقضي ما أمكنه من ديونهم، ويرد الودائع، ويستحل كل من بينه وبينه معاملة في شراء ومصاحبة، ويكتب وصيته ويشهد عليه بها، ويوكل من يقضي ما لم يتمكن من قضائه من ديونه، ويترك لأهله ومن تلزمه نفقته نفقتهم إلى حين رجوعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1427(12/7240)
أصل عام في كل مال جهل مالكه وتعذر رده
[السُّؤَالُ]
ـ[ترك عندي أحدهم حقيبة ملابس حيث التقيته في حالة سفر، أنا لا أعرفه وهو لا يعرفني وشاءت الظروف أن افترقنا فلم أجد طريقة أعرف بها عنوانه وهو أيضا لا يعرف عنواني وقد مر وقت طويل جداً، فماذا أفعل بالأمانة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كانت عنده أمانة أو وديعة ويئس من معرفة مكان صاحبها أو إيصالها إليه فإنه يتصدق فيها في وجوه الخير، كما يتصرف بالمال الذي لا يعرف مالكه، يقول ابن القيم رحمه الله: والمال الذي لا تعرف مالكه يسقط عنا وجوب رده إليه فيصرف في مصالح المسلمين.... وهذا أصل عام في كل مال جُهل مالكه بحيث يتعذر رده إليه؛ كالمغصوب والعواري والودائع تصرف في مصالح المسلمين. انتهى.
وعليه، فإن عليك أن تتصدق بهذه الحقيبة (الوديعة) لتعذر ردها إلى صاحبها.
وننبهك إلى لفظ ورد في سؤالك وهو قولك: (شاءت الظروف) فنسبت المشيئة إلى الظروف، وهذا غلط والصواب -إن كان ولا بد- أن تقول: قدر الله أو شاء الله، هذا مع أن من تمام الأدب ألا ينسب مثل هذا إلى الله أيضاً على حد قوله تعالى عن إبراهيم عليه السلام: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ {الشعراء: 80} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1427(12/7241)
تسلف الأمانة بين الحرمة والكراهة
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة المحترمون المشرفون على الموقع.. ألف شكر واحترام وتقدير لجميع الجهود المبذولة من قبلكم.. وبارك الله فيكم مقدماً، عندي سؤال من حضرتكم أتمنى الإجابة عليه وهو، أنني أعمل محاسبا في إحدى شركات النقل الدولية.. وحيث إنني بحكم عملي كمحاسب ... فإنني مسؤول عن القاصة وما فيها من أموال تخص الشركة.. وسؤالي هو: ... هل يجوز شرعاً أن أسحب بعض الأموال من هذه القاصة لأغراض شخصية ... وبعدين أقوم بتسديد هذه المبالغ إلى القاصة مرة ثانية من دون علم أي أحد، حيث إنني أشعر بالإحراج من أخذ الرخصة بذلك من مدير الشركة، حيث إنه هو من أقربائي ... وما أريد أثقل عليه بطلبي ... وأيضاً إن بيتي موجود في غير مدينة ولذلك عندما أزور أهلي كل عدة أشهر أكون محتاجا للمال من أجل المصاريف....، ولذلك أحتاج هذه القروض من الأموال وبعد ذلك أسددها للقاصة من الرواتب التي أستلمها خلال عدة أشهر؟ شكراً جزيلاً إلى حضراتكم والله يجزيكم كل خير، وأعتذر عن الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن موضوع الأمانة هو أحد المسائل التي اعتنى بها الشرع أيما اعتناء، وحض عليها حضاً بالغاً، قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
ويحرم تسلف الأمانة إن كان المتسلف معدما لا يستطيع الوفاء بها، أو كانت هي من المقومات (كالحيوان والعروض..) ويكره تسلفها إن كانت نقداً أو من المثليات، ولم يأذن المودع في تسلفها، قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى: وحرم سلف مقوم ومعدم، وكره النقد والمثلي.
قال الدسوقي معلقاً: وحاصل ما ذكره أن الوديعة إما من المثليات أو من المقومات، وفي كلٍ إما ن يكون المودع مليئاً أو معدماً، فالصور أربع: فإن كانت من المقومات حرم تسليفها بغير إذن ربها مطلقاً كان المودع المتسلف لها مليئاً أو معدما، وإن كانت من المثليات حرم عليه تسلفها إن كان معدماً وكره إن كان مليئاً. ثم إن محل كراهة تسلف المودع المليء للمثلي حيث لم يبح له ربه ذلك أو يمنعه بأن جهل الحال، وإلا أبيح في الأول ومنع في الثاني، ومنعه له إما بالمقال أو بقيام القرائن على كراهة المودع تسلف المودع لها. .
وعليه، فإن عليك أن تتجنب سحب تلك الأموال لأغراضك الشخصية، لأن الغالب أن ذلك غير مأذون فيه لمثلك، والأولى أن يحل هذه المسألة المسؤولون في الشركة، وقولك (عندما أزور أهلي كل عدة أشهر أكون محتاجاً للمال من أجل المصاريف) يفيد أنك إذا سحبت هذه الأموال وحللت بها مشاكلك فستكون في عجز عن التسديد، لأن مصاريفك ستكون قد زادت عما كانت عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1427(12/7242)
من كان عنده مال لمسلم أو كافر وتعذر الوصول إلى صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ 4 سنوات وأنا لا أعرف ماذا أفعل
فقد اشتريت من أحد الباعة الجائلين بضاعة وعندما جئت لدفع ثمنها وجدت أن ما معي من المال لا يكفي وبقي علي مبلغ 3 جنيهات وتراجعت عن الشراء لأني لا أحب مثل هذا النوع من البيع والشراء إلا أن صاحب البضاعة صمم علي أن آخذها وأعود في اليوم التالي لإعطائه الباقي وعدت بالفعل وسألت عليه فلم أجده.
المشكلة أنه مسيحي يعني ليس مسلما فأتوقع منه أن يسامحني كما أني لا أذكر شكله والمكان الذي كان يجلس فيه باستمرار عليه تفتيش من مجلس المدينة ويطاردونهم فيه.
والآن مع استحالة الوصول إليه بعد هذا الوقت الطويل ومع عدم إهمالي يعلم الله في البحث عنه ماذا أفعل حتى لا يكون دينا في رقبتي إلى يوم القيامة؟ أجبني بالله ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان عنده مال لمسلم أو كافر وتعذر الوصول إلى صاحبه فإنه ينفقه في مصالح المسلمين ووجوه البر بنية الصدقة عن صاحبه إن كان مسلما. أما الكافر فلا تصح منه ولا عنه عبادة حال كفره، هذا وإذا جاء صاحب المال يوما من الدهر ولم يجز ذلك التصرف دفع إليه ماله.
وإذا توفي من كان في يده المال قبل أن يجد صاحبه وقد فعل فيه ما تقدم فإنه لا يؤاخذ لأنه فعل ما يستطيعه، والله تعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1427(12/7243)
المال المتبقي بعد أداء الأمانة يرد لصاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطاني أحدهم مائة يورو وقال لي أعط فلانا مائة دينار فأعطيته وأخذت ما تبقى وهو خمسون دينارا، وبعد أيام مات الذي أعطيته المال، فهل أكون مذنبا، وإن كنت فماذا يجب أن أفعل حتى أتقي غضب ربي؟ وشكراً جزيلاً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من وكلّ على عمل ما فعليه أن يقوم به على الوجه الذي وكلّ عليه. فالوكالة أمانة يسأل الله تعالى عنها العبد يوم القيامة، وعليه فما دام الشخص الذي أعطاك المائة يورو كلفك أن تدفع للآخر مائة دينار فقط، فأعطيته وتبقى بيدك خمسون ديناراً، فالخمسون دينار المتبقية ترد لصاحبها المعطي أو تسأله ماذا تفعل فيها، فإذا أخبرك أنها من حق المعطَى المتوفى فادفعها إلى ورثته ولا شيء عليك ولا تبعة؛ لأنك والحال هذا لم تخن ولم تفرط في الأمانة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1427(12/7244)
لمن تدفع الأمانة إذا ماتت صاحبتها
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقه لوالدتي توفيت وتركت مع والدتي بعضا من المال والذهب الخاص بها ولديها ابنة متزوجة ولها أبناء ولديها أيضا ابن لكنه توفي قبلها وله أبناء أيضا ولها أيضا إخوة متزوجون، وهذه السيدة لم تحدد لوالدتي لمن تعطي أغراضها قبل أن تتوفى فماذا تفعل والدتي في هذه الحالة هل تعطي هذه الأشياء للابنة أم تخبرهم جميعا علما بأنه لا يعرف وجود هذه الأشياء لدى والدتي غير هذه الابنة وهذا عن طريق أمها وطلبت من والدتي أن تعطيها كل شيء، وهذا ما ترجحه والدتي حتى تبعد عن المشاكل وتسلم الابنة كل شيء وتتركها هي وضميرها أفيدونا حفظكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى والدتك أن تدفع ما معها من أغراض هذه المرأة المتوفاة إلى ورثتها لأن هذه الأغراض قد صارت من جملة الميراث المستحق للورثة، ولا يجوز لها أن تدفعها لهذه الابنة فقط ولا سيما إذا غلب على ظنها أنها سوف تأخذ هذه الأغراض لنفسها فإن ذلك من التفريط في أداء الأمانة، وقد قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء: 58} وراجع الفتوى رقم: 59640.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1427(12/7245)
وجود الحرج والمشقة في أداء الحق لصاحبه لا يسقطه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل في إحدى الشركات الكبرى وكنت مفوضاً من قبل صاحب المال بإرساء عطاءات مشاريع على الموردين بعد أخذ موافقته النهائية على أسعارهم، بعد إتمام المشاريع قام الموردين بإعطائي عمولة وكنت أرفض هذه العمولة إلى أن أقنعوني بأنه لا حرمة في ذلك، ولكني الآن أشعر بندم شديد على أخذها، علماً بأنني تبت إلى الله توبة نصوحا واستقلت من عملي وغادرات البلد خوفاً من وقوعي في نفس الخطأ وتكرار المعصية، سؤالي هو: هل أستطيع أن أتصدق بالمبلغ أم علي أن أعيده إلى صاحب الشركة شخصياً، وأن أطلب السماح منه (علماً بأن هذا صعب ومحرج للغاية) فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكون صاحب الشركة التي تعمل بها فوضك في إرساء العطاءات على الموردين معنى ذلك أنك وكيل عنه في هذا العمل، وبالتالي لا يجوز لك أخذ شيء من الموردين إلا بإذن منه، هذا إذا كان الأخذ منهم على وجه جائز، وإلا لم يجز لك أخذ شيء ولو أذن لك صاحب الشركة، ووجب عليك رد ما أخذته إليهم، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 76135.
وأما مسألة الحرج والمشقة المتوقع حصولهما بسبب إرجاعك المال أو طلب السماح من صاحب الشركة فلا يعفيانك من فعل ما هو واجب عليك فعله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1427(12/7246)
لا تتم التوبة إلا برد ما أخذته اليد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل خادمة فى بيت ما ولي أختي كذلك ولكن فى بيت آخر ويعتبر أهل البيتين أقارب، وكانت أختي تحضر لي أشياء من البيت دون علم أصحاب البيت، وكنت آخذها منها على جهل مني فقد كنت أقول إنهم عندهم الكثير من تلك الأشياء، ولم أكن أعلم أن ذلك يعتبر سرقة، ولكني كنت معروفة عند أصحاب البيت الذين أعمل عندهم بالأمانة المطلقة ويأتمنونني على كل شيء، وبعد ذلك حدثت مشكلة كبيرة بين أختي والبيت التي كانت تعمل به فتركته وعندما علمت أن تلك الأشياء تعتبر مسروقة أردت أن أرجعها، ولكن لا أعرف كيف، فاذا ذهبت إليهم وأعطيتها لهم يدا بيد سيقال عني أني سارقة، فهل لي أن أخرج ثمنها صدقة أو حتى أرجعهم لأختي تتصرف في هذه الأشياء، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسرقة ذنب عظيم وخسة قبيحة للغاية، قال الله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {المائدة:38} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن.... الحديث. متفق عليه.
وما كانت تقوم به أختك من إحضار الأشياء لك من البيت الذي تعمل فيه دون علم أصحابه حرام وواجبها أن تتوب إلى الله منه، كما أنه يجب عليك أنت أيضاً أن تتوبي إلى الله مما كنت تأخذينه من تلك الأشياء، وهي بالنسبة لك لا تعد سرقة ولكنها تعتبر أكلا للمال الحرام، ومن تمام توبتك وتوبة أختك أن تردا كل ما كنتما قد استفدتماه منها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال حسن صحيح.
ولا يكفي التصدق بثمن هذه الأشياء طالما أن أهلها معروفون ويمكن إيصالها إليهم، ولكن لك أن ترديها بأية وسيلة أمكنتك، فإن أمكنك إرجاعها خفية دون أن يشعروا، وإرجاع قيمة ما تلف منها، أو ترسلي إليهم القيمة بحوالة دون أن تذكري اسمك، أو غير ذلك مما تمليه الظروف، فلك أن تفعلي أي ذلك تختارينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1427(12/7247)
لا يجزئ التصدق بالأمانة ما دام يمكن إيصالها لصاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل لجهة براتب 1000 وانتهى عملي في يوم 21 من الشهر مما يعني أن استلم راتب 700 تقريباً، لكنى استلمت الراتب كاملاً أي 1000، وفي هذه اللحظة كنت محتاجاً جداً بحيث إنني لم أستطع رد هذا المبلغ (300) فوراً، ولما استفسرت عن بعض الموظفين معي أجابوني أن الإدارة تعطي الشهر كاملاً أحياناً، لكنني لم أطمئن لذلك حتى الآن، والآن قد يسر الله لي وأقدر رد هذا المبلغ، لكن المحاسب لا يعرف أي بند يضيفه فأخاف، أما أن يأخذها هو أو أن يرفض أو....، ومر 11 شهراً من هذا الحدث، سؤالي كيف لي تبرئة ذمتي من هذه الحقوق، بالتصدق، أم ماذا أفعل، أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك - مع التوبة إلى الله من السكوت طوال هذه المدة - أن تراجع صاحب هذه الشركة أو من هو في مقامه وتخبره بما جرى، فإما أن يسامحك في رد المبلغ الزائد أو يأخذه منك، ولا يجزئك التصدق بالمال ما دام صاحبه معروفاً يمكن إيصال المال إليه، فانظر في طريقة توصل بها المال إلى أهله.
وعلى كل حال يجب عليك تبيين حقيقة الأمر، ولا يجوز لك السكوت، قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58} ، وقال صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال: حسن صحيح. وراجع للفائدة في ذلك الفتوى رقم: 63629.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1427(12/7248)
حكم انتفاع المدرسين بالطعام الزائد عن حاجة الطلاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل مدرسة بإحدى المدارس وتقوم المدرسة بصرف بسكويت للطلبة، وفي الأيام الأخيرة من العام يقل عدد الطلبة الذين يأتون إلى المدرسة فبالتالي لا يوزع هذا البسكويت فيقوم المدير أو المدرس المسؤل بتوزيعه على المدرسين في المدرسة لأنه فائض ولا يوجد طلبة ليصرف إليهم ويقول إنه لا يرد إلى المخازن مرة أخرى لأنه إذا حدث هذا فإنه يأخذ الكثير من الإجراءات والروتين الممل الذي يطول كثيرا فلا يقوم أحد بعمل مسترجع لهذا الفائض من البسكويت وإذا لم يؤكل أسهل عليهم أن يلقى في القمامة أو يترك حتى يتلف من أن يرد إلى المخازن وهذا هو ما يحدث، فهل هذا البسكويت يعتبر حراما إذا أكلنا منه لأنه ليس من حقنا؟ هل نأكل منه أم لا؟
جوزيتم عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أن يعاد ما بقي مما صرف من الطعام وغيره للمدرسة إلى الجهة المسؤولة عنه, ولا يجوز أخذ شيء منه للمدرسين أو العاملين إلا بإذن صريح أو ضمني يقتضيه العرف أو الحال، وفي مثل الحالة المذكورة فإن مجرد الإجراءات والروتين الذي يأخذه إرجاع تلك المواد إلى الجهة المعنية لا يبيح للمدرسين ولا العاملين أخذها بدون إذن من الجهات المسؤولة، أما إذا كانوا يعلمون أن ما بقي سيلقى في القمامة أو ما أشبه ذلك من تركه في المخازن حتى يفسد وبالتالي يرمى فيجوز لهم أخذه بل يكون الانتفاع به في هذه الحالة وتوزيعه على المدرسين والعمال أفضل من تركه للضياع والفساد. وللمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو أن تطلعي على الفتاوى: 44686، 65851، 65805.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1427(12/7249)
تؤدى الأمانة إلى الورثة في حال موت صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت لأمي 500 سهم وبعد أقل من سنة تصرفت بدون علم أمي وبعتها بسعر 50000 دينار وماتت أمي بدون أن تعرف أني بعتها بالرغم من استمرارية سؤالها عنها، وكنت في كل مرة أتعلل من كون أسعارها ما زالت هابطة، بصراحة أنا نادمة جداّ، واشتريت بالوقت الحاضر مليون سهم لشركة أخرى وفي نيتي أموالها أجعلها وقفا لأنها الشركة التي كانت أمي تمتلك أسهما منها بعد مرور السنين لو كنت بعت الأسهم لتضاعفت عدة مرات من ذلك الوقت إلى السنة الماضية، أما حاليا فالشركة في خسارة بسبب ظروف البلد في العراق. الرجاء ارشادي هل تصرفي صحيح أم لا؟ في سبيل تكفيري عن خيانتي للأمانة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على من كانت عنده أمانة أن يحفظها ويصونها حتى يؤديها إلى أهلها كما أمر الله بذلك، حيث قال جل من قائل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء: 58} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. رواه أبو داود والتزمذي والحاكم، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم خيانة الأمانة علامة من علامات النفاق فقال: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان. رواه البخاري ومسلم.
وعليه؛ فما فعلته من تصرفك في الأمانة دون استئذان صاحبتها يعد منك إساءة في حفظها. وعلى أية حال فإنك ضامنة لها بموجب تصرفك فيها، وبعد وفاتها تضمنين للورثة نصيبهم منها. وعليك أن تتوبي إلى الله مما اقترفت. وما فعلته من اشتراء الأسهم وإرادة جعلها وقفا هو فعل حسن إذا كان نشاط الشركة نشاطا مباحا، وقد يكون فيه تكفير لما كنت قد ارتكبته، ولكنه يجب أن يكون من خالص مالك فهو لا يغني عن إرجاع الحق إلى مستحقيه من الورثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1427(12/7250)
الأمانة إذا تلفت بين الضمان وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أدرس في الولايات المتحدة، وأوصاني أحد الإخوة من إحدى الدول العربية - وقد كان معنا هناك لفترة وكان طلبه بعد عودته - أن أسلم مبلغا من المال لجهة معينة هناك وقام بتحويل المبلغ على حسابي، فأخبرته بأنني سأقوم بذلك وفعلا صرفت المبلغ وحولته على شكل شيك لأستطيع إرساله بالبريد للجهة المذكورة سابقاً وكلمت الشركة المسؤولة وأخبرتهم عن الموضوع، ولكنني أتلفت الشيك بسبب إهمالي إذ كان موجودًا في جيب بنطالي الذي غسلته، وهذا النوع من الشيكات لا يمكن استرجاع قيمته حسب علمي، فلم أقم بتسديد المبلغ وانشغلت بعدة أمور وقلت بأنني نويت أن أعمل هذا ولكنه لم يتيسر فلعل نيتي تشفع لي وأعلم أنني مخطئ في ذلك، ونسيت الموضوع لفترة طويلة - أكثر من سنتين- وتذكرته بعدها، وقررت بعد أن تيسرت أموري أن أدفع المبلغ من حسابي الشخصي فاتصلت في الشركة وأعطيتهم اسم صديقي ولكنهم قالوا بأن الاسم غير موجود لديهم وأخبرتهم بأن الموضوع حصل منذ سنوات وقال الشخص بأن المفترض أن يظهر الاسم مهما كانت المدة وأنا شبه متأكد من صحة الاسم، فلا أعلم ما علي الآن، مع العلم أنني لم أخبر صديقي لخجلي من خيانتي للأمانة وهو لم يسألني عن ذلك بعدها لثقته بي والله المستعان، وأنا نادم على ذلك وأسأل الله تعالى أن يغفر لي، وسؤالي الآن هو هل يتوجب علي إخبار صديقي بما حدث، وقد أحاول الاتصال بالشركة مرة أخرى للاستفسار ولا أذكر قيمة المبلغ بالتحديد ولكنه لم يكن مبلغاً بسيطاً، فإن لم أستطع إيجاد المعاملة عند الشركة، فهل أتصدق بمبلغ معين ككفارة مثلاً؟ أرجو منكم توجيهي وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الشيك الذي حولت إليه المبلغ يعتبر أمانة في يدك. والأمانة إذا ضاعت من غير تعد ولا تفريط من المودَع فلا ضمان فيها. لما روى البيهقي في سننه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس على المستودع ضمان.
وجاء في أسنى المطالب: قال ابن القاص وغيره: كل مال تلف من يد أمين من غير تعد لا ضمان عليه. اهـ
لكن الظاهر أنك فرطت في أمانتك لما ذكرته من إتلافك للشيك بسبب إهمالك. وإهمال الوديعة يترتب عليه ضمانها. فقد جاء في الموسوعة الفقهية ما يلي: الإهمال في الأمانات إذا أدى إلى هلاكها أو ضياعها يوجب الضمان, سواء أكان أمانة بقصد الاستحفاظ كالوديعة, أم كان أمانة ضمن عقد كالمأجور, أم كان بطريق الأمانة بدون عقد ولا قصد, كما لو ألقت الريح في دار أحد ثوب جاره. فالعين المودعة -مثلا- الأصل فيها أن تكون أمانة في يد الوديع, فإن تلفت من غير تعد منه ولا إهمال لم يضمن; لأن الأمين لا يضمن إلا بالتعدي أو الإهمال; لقوله - صلى الله عليه وسلم - {ليس على المستعير غير المغل ضمان, ولا على المستودع غير المغل ضمان} . اهـ
وعليه، فإذا لم تجد وسيلة لاسترجاع هذا المال من الشركة، فالواجب عليك أن تقضيه لصاحبه إلا أن يستحلك منه. وإذا لم تعرف قدره فالواجب أن تحتاط، لأن الذمة لا تبرأ إلا بمحقق.
وليس لك أن تتصدق به إلا إذا لم تتمكن من رده لصاحبه لعدم وجوده بعد البحث والتحري عنه بما لا يدع مجالا لاحتمال الوصول إليه. فإن وصلت إليه بعد ذلك، فهو بالخيار بين أن يرضى بما فعلت، وله أجر ما تصدقت به، أو ترد إليه حقه، وينصرف ثواب الصدقة إليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(12/7251)
حكم انتفاع الموظف بأطعمة أجريت عليها أبحاث
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في أحد المعاهد البحثية الخاصة بدراسة الأسماك فنقوم بشراء الأسماك لعمل الأبحاث عليها بالمال الخاص بالمعهد وبعد القيام بالعمل المطلوب على الأسماك يأخذها أحدنا لأكلها, فهل هذا جائز؟ للعلم المعهد تابع للحكومة المصرية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأسماك المشتراة بأموال المعهد تعتبر ملكا للمعهد، فإذا أذن في أن يأخذها أحد فلا مانع، وهذا الإذن قد يكون صريحا بالقول أو بالكتابة وقد يكون عرفا، بحيث يكون العرف في هذا المعهد جاريا على أن للموظفين الانتفاع بهذه الأسماك التي أجريت عليها الأبحاث.. ذلك أن المعروف عرفا كالمشروط شرطا، كما قرر ذلك أهل العلم، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 59341.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1427(12/7252)
التصرف في الأمانة دون استئذان صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد أقاربي أرسل مبلغا من المال كي يأتيني لاحقا لشراء شيء معين ولم يأت لظرف معين وأخر ذلك للسنة القادمه وأبلغته بأني سأترك المبلغ بالبنك وقمت باستثماره بأسهم هي الآن خسرانة ولكني ناو أن أعطية رأس ماله ماهو رأي الشرع بذلك أنا الآن خائف أن أبلغه يسحب المبلغ وهو خاسر لعل الله يعوض بالفترة المتبقية أفيدوني؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على من كانت عنده أمانة أن يحفظها ويصونها حتى يؤديها إلى أهلها كما أمرنا الله بذلك فقال: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء: 58} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. رواه أبو داود والترمذي والحاكم، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم خيانة الأمانة علامة من علامات النفاق فقال: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان. رواه البخاري ومسلم.
وعليه فما فعلته من تصرفك في الأمانة دون استئذان صاحبها يعد منك إساءة في حفظها.
وعلى أية حال فإنك ضامن لها بموجب تصرفك فيها، ولو أراد صاحبها سحبها الآن وهي خاسرة فإنك ملزم شرعا بأن تكملها له من أموالك، ويكون ذلك في ذمتك إذا كنت عاجزا عنه الآن. وعليك أن تستسمحه فيما قمت به وتتوب إلى الله منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1427(12/7253)
ما يفعل من لديه حق لغيره يرفض أخذه
[السُّؤَالُ]
ـ[رجلان اشتركا في عمل تجاري وبعد مدة من العمل مع بعضهما حدث سوء فهم بينهما فخرج الثاني من العمل فقام الأول بإبراء ذمته وأعطى الثاني مبلغاً من المال وسلمه لي لكي أعطيه الثاني.... المشكلة أن الثاني لم يقبل مبلغ التراضي، وقال إنه قد سامح الأول ولا يريد منه شيئاً.... والأول لم يقبل أن أرجع له المال وأصر أن أسلمها للثاني ... وحالياً كلاهما يرفض أن يقبل المال ... فما هو حكم هذا المال مع العلم بأنه في كل عام ينقص بسبب أنني أزكي عليه ... وهل يجوز أن تأخذه زوجة الثاني دون علم زوجها لتحل به مشاكل مالية لزوجها، وإن كان الجواب لا فأخبروني ماذا أصنع بالمال وهذه الأمانة الثقيلة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المال إما أن يكون حقاً ثابتاً للرجل الذي خرج من العمل، وإما أن يكون تطوعاً يعطيه له الرجل الذي كان شريكاً له في التجارة، فإن كان حقاً له وهو يرفض أخذه، فأنت مخيرة فيه بين أمرين:
الأول: أن تحتفظي به أمانة عندك إلى الزمن الذي يرضى صاحبه بأخذه، أو يموت فينتقل الحق فيه لورثته.
والثاني: أن تسلميه له بحضرة شهود وتتركيه عنده، فإذا لم يأخذه فإن ذمتك تبرأ منه، مع أنك لو أوصلت المال إلى المحكمة الشرعية التي في بلدك، كان ذلك أحسن لك، وأبرأ لذمتك.
وإن لم يكن المال حقاً لهذا الرجل، وإنما هو تطوع يتطوع له به ذاك الذي كان شريكاً له، فإنه ليس ملزماً بقبوله، وبالتالي فهو لم ينتقل عن ملك واهبه، وأنت مخيرة في الاحتفاظ له به أمانة أو تسليمه له كالتخيير السابق.
وعلى أية حال، فإن تسليمك هذا المال لزوجة الرجل الذي يرفضه لا تبرأ به ذمتك، إن لم يكن مالكه من الرجلين أذن لك في ذلك، ثم اعلمي أن زكاة المال إنما تجب على صاحبه، ولا يصح أن يفعلها عنه غيره إلا أن يكون وكله على ذلك، لأن الزكاة تجب فيها النية عند إخراجها، وهي لا تصح إلا من رب المال أو من يقوم مقامه، وعليه فأنت ضامنة لتلك الزكوات التي أخرجتها من غير إذن المالك لك فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1427(12/7254)
من تصرف بمال لنفسه ولغيره مخالفا لقوانين العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف تحت مسؤولية رئيس مباشر، طلب مني رئيسي المباشر تمكينه من باقي أموال عملية صرف محاسبي وكان مبلغها كبيرا، وهو قادر على طردي من العمل إذا لم أمكنه منها، فقمت بتمكينه منها، ولكني أنقصت منها مبلغا دون علمه ولم أستطع أن أعيده، فما حكم الشرع بالنسبة لي؟ وما حكم الشرع بالنسبة للمسؤول؟، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان التصرف في هذا المبلغ يدخل ضمن عملك، ولا دخل لأحد في التصرف فيه غيرك، فلا يجوز لك أن تتصرف فيه إلا بالصورة التي تحددها لوائح العمل وقوانين المحاسبة، ولا يجوز لك أن تأخذ منه شيئاً لنفسك بغير استحقاق، والمسؤولية عن كامل المبلغ في هذه الحالة تقع على عاتقك، فما أخذته وما أعطيته لغيرك يجب عليك رده إلى الجهة التي أخذته منها بغير حق ولو لم يرد آخذ المال ما أخذ، ثم ترجع عليه بما دفعت، والواجب على من أخذ منك هذا المال أن يرده إليك وأن تتوبا جميعاً إلى الله تعالى بالندم على ما حصل منكما والعزم على عدم العودة إليه أبداً.
أما إذا كان هذا المال يدخل ضمن تصرف رئيسك المباشر الذي أعطيته هذا المال ولا علاقة لك به، فلا يجب عليك من الضمان سوى المال الذي أخذته، مع التوبة إلى الله تعالى مما حصل منك كما بينا، أما عن كيفية إعادة المبلغ فلا تشترط له صورة معينة، فمن الممكن أن يكون ذلك عن طريق وضعه في الحساب البنكي للشركة أو إنفاقه في مصالحها ونحو ذلك دون أن يعلم أحد بما صنعت، فإن تعذر عليك رده بكل السبل تصدقت به على الفقراء والمساكين، أو أنفقته في مصالح المسلمين، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 6022، والفتوى رقم: 26283.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1427(12/7255)
الخيانة.. تعريفها.. وحكم الخائن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في سوء استخدام الأمانة؟ وما هو تعريف الخيانة؟ وما حكم الخائن في الشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حث الشرع على حفظ الأمانة ونهى عن تضييعها وأمر بأدائها إلى أهلها حيث قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء: 58} قال الإمام ابن كثير في تفسيره: يخبر تعالى أنه يأمر بأداء الأمانات إلى أهلها، وفي حديث الحسن عن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. رواه الإمام أحمد وأهل السنن، وهذا يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله عز وجل على عباده من الصلوات والزكوات والصيام والكفارات والنذور وغير ذلك مما هو مؤتمن عليه ولا يطلع عليه العباد، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض كالودائع وغير ذلك مما يأتمنون به بعضهم على بعض من غير اطلاع بينة على ذلك، فأمر الله عز وجل بأدائها فمن لم يفعل ذلك في الدنيا أخذ منه ذلك يوم القيامة، كما ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لتؤدن الحقوق إلى أهلها حتى يقتص للشاة الجماء من القرناء. انتهى
فتضييع الأمانة معصية ومخالفة لأوامر الشرع بحفظها وأدائها لأهلها.
والخيانة هي عدم نصح صاحب الأمانة، بتضييعها والغدر بصاحبها الذي يعتقد أن من ائتمنه سيحفظ أمانته. ففي لسان العرب لابن منظور: الخون أن يؤتمن الإنسان فلا ينصح، خانه يخونه خونا وخيانة وخانة ومخانة. انتهى
وقال القرطبي في تفسيره: والخيانة: الغدر وإخفاء الشيء، ومنه: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ {غافر: 19} وكان عليه الصلاة والسلام يقول: اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع، ومن الخيانة فإنها بئست البطانة. خرجه النسائي عن أبي هريرة. انتهى
ومن صدرت منه خيانة فالواجب عليه أن يتوب إلى الله توبة صادقة، ومن صدق توبته رد الحق إلى صاحبه، ففي تفسير الطبري عند تفسير قوله تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى ... الآية {النساء: 115} ونزلت هذه الآية في الخائنين الذين ذكرهم الله في قوله: وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا {النساء: 105} لما أبى التوبة من أبى منهم، وهو طعمة بن الأبيرق، ولحق بالمشركين من عبدة الأوثان بمكة مرتداً، مفارقاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ودينه. انتهى، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 64189، والفتوى رقم: 1794.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1426(12/7256)
من أخذ مالا من غيره بدون علمه بنية سداده
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل محاسبا وقمت بأخذ أموال من دون علم صاحب المال على أن أردها بالتقسيط وهذه كانت نيتي وبدأت بدفع الأقساط -هل راتبي الذي أتقاضاه من هذه الشركة يعتبر من المال الحرام لأنى لم أسدد ما أخذته، وهل يعتبر الصرف على عائلتي من راتبي كمن يغذيهم بالحرام، وهل أدخل أنا وأفراد عائلتي فى من شملهم الحديث الشريف الذي فيما معناه أن الله لا يستجيب لهم من دعوة لأنهم غذوا من الحرام، وهل يتوب الله علي لأنني بدأت فى رد هذه الأموال مع أنه بقي جزء لم أقم بسداده مع أنه مبلغ كبير، وهل الله لا يستجيب لي فى أي دعوة ولا يتقبل مني صلاة ولا أي شيء بسبب هذا المال الذي أخذته وأقوم بسداده، أرجو التوضيح والله المستعان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن أخذك أموال هذه الشركة بدون علم ولا إذن صاحبها يعتبر إثماً عظيماً وخيانة للأمانة التي اؤتمنت عليها، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27} .
ويجب عليك التوبة إلى الله عز وجل ورد المال فوراً إلى صاحبه، ولا يشترط أن تعلمه بهذه الخيانة، المهم أن ترد المال إليه فوراً إن استطعت، فإن عجزت فرده على أقساط حسب استطاعتك، قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16} ، ولتكتب هذا في وصيتك حتى لا يفجأك الموت فيضيع حق الناس وترتهن أنت بخيانتك، وفي الحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد.
هذا، ولا شك أن المبلغ الذي أخذته بهذا الوجه يعد سحتاً لا يحل تناوله من قبلك أو من قبل من تعول إن كانوا يعلمون بحقيقته، أما إن كانوا يجهلون ذلك فإنهم غير مؤاخذين، وتؤاخذ أنت بما كسبت يداك، وما يقال في آكل المال الحرام من عدم استجابة دعائه ونحو ذلك يجري عليك، فإن علم الله صدق توبتك تاب عليك وغفر لك، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له. وراجع للمزيد في حكم صلاة السارق والمختلس ونحوهما الفتوى رقم: 40782.
وأما مرتبك الذي تتقاضاه من الشركة مقابل عملك المباح فهو حلال ولا تعلق له بما أخذته بدون علم صاحب الشركة، فالأمران منفكان عن بعضهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1426(12/7257)
المودع عنده لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل وفاتها ائتمنتني أختي على قطع من المصوغ لأحافظ عليها حتى يرشد ابنها. سرق مني أغلبها ما الذي يجب فعله لأبرئ ذمتي أمام الله؟. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد فرطت في حفظ هذا المال بما يعرضه للسرقة فعليك ضمانه، أما إذا لم تفرطي في ذلك فلا ضمان عليك، لأن المودَع عنده أمين فلا يضمن إلا إذا حصل منه تعد أو تفريط، والتعدي معناه فعل مالا يجوز، والتفريط معناه ترك ما يجب.
ويعرف التفريط من عدمه بالعرف لأن وسائل حفظ المال من السرقة تختلف من زمان إلى زمان ومن مكان إلى مكان.
قال ابن قدامة في المغني: وليس على مودع ضمان إذا لم يتعد، وجملته أن الوديعة أمانة فإذا تلفت بغير تفريط من المودع فليس عليه ضمان سواء ذهب معها شيء من مال المودع أو لم يذهب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1426(12/7258)
الواجب رد المال لوالدك إلا أن يسامح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب جامعي مغترب مصدر دخلي المكافآت الشهرية والمصروف الشهري للوالد (1000 ريال) وقد قررت إدخار ما أستطيع من المكافآت للاعتماد على نفسي بعد التخرج ووالدي رجل ثري ولكنه لم يقتنع بشراء السيارة التي كنت أرغب بها إلا عندما أخبرته بأنني سأدفع كل ما أدخر ليوافق (وكنت أملك حينها حوالي 18000 ريال جمعتها في سنتين تقريبا وأخبرته بأن كل ما لدي 8000 ريال وأخفيت أمر ال 10000 ريال الأخرى) فوافق واشترى السيارة ب 220000 ريال دفعت منها 8000 ريال. والآن وبعد 3 سنوات بعت هذه السيارة ب 146000 ريال، فهل كامل هذا المبلغ لي أم أن لوالدي مبلغ ال 10000 ريال الذي لم أفصح عنه؟ ماذا يلزمني؟ علما بأنني لا أستطيع إخباره بكذبي كي لا تتشوه صورتي أمامه. أرجو توضيح قول جمهور العلماء في هذه المسألة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والدك لم يرض بشراء السيارة لك إلا إذا دفعت من ثمنها كل ما تملك من المال فهذه العشرة آلاف- التي أخفيت عنه أنك تملكها ولم تدفعها ودفعها هو- حق له يجب عليك مع التوبة إلى الله أن تردها إليه إلا أن يسامحك فيها، والأصل في ذلك عموم قوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني. ولا يلزم أن تردها إليه بطريقة مباشرة بل لو رددتها إليه بطريقة غير مباشرة كفى ذلك، وراجع الفتوى رقم: 28257، والفتوى رقم: 19699، وأما مبلغ ال 146000 ريال فهو ملك لك لأنه ثمن سيارتك التي بعتها، لكن إذا كنت لا تملك مالا غيره توفي منه والدك العشرة آلاف، فعليك أن تعطيه منه هذه العشرة إلا أن يسامحك كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1426(12/7259)
التصرف في الأمانة إذا تعذر مجيء صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[تلقيت ظرفا من شخص ألماني صديق مديري في الشركة وقال لي إن فلانا سوف يأتي لاستلامه وقال لي إنه يحتوي على كاميرا وبعض الصور لأشخاص كانوا فى رحلة سياحية، بعد سنة لم يأت أي شخص وبالصدفة أتى الشخص الألماني وقلت له لم يأت أي أحد لاستلام هذا الظرف وقال لي لا يهم لا شيء مهم في هذا الظرف حتى الكاميرا موديل قديم ولا تعمل، وبعد مرور 5 سنوات فتحت هذا الظرف لعل وعسى أجد عنوانا واندهشت!! يوجد بهذ الظرف مبلغ من المال وقدره 400 مارك ألماني وعنوان المرأة التي أرادت أن ترسل هذا المال إلى الأشخاص الذين أخذوها الى الرحلة السياحية في الصحراء، حاولت أن أتصل بهذه المرأة، ولكن دون جدوى الهاتف دائماً لا يرد أحد، وأثناء محاولاتي كنت قلقا إذا ما كلمتها ماذا عساي أن أقول لها، ولا أعرف عنوان الشخص الذي أعطاني الظرف وعلمت أنه غادر بلادنا نهائياً، ماذا عساي أن أفعل بهذا المال، أرجو أن تفيدوني؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب هو الاحتفاظ بهذه الأمانة إلى أن يأتي الشخص المرسلة إليه ليستلمها، فإذا يئست من مجيئه ولم تقدري على رد الأمانة إلى صاحبتها، فلتصرفي هذا المبلغ على الفقراء والمساكين أو على مصالح المسلمين كدور الأيتام ونحو ذلك، وراجعي الفتوى رقم: 47618.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1426(12/7260)
هل يخبر صاحب الأمانة بوضعه مادة حافظة قد تضر
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن يتسع صدركم كما عودتموني على أسئلتي جزاكم الله خيراً.
لي صديق يعمل بتجارة بيع وشراء الكتب وقد أودع عندي مجموعة من الكتب على سبيل الأمانة، وأنا من حرصي عليها فقد وضعت كل مجموعة منها في كيس وبعد ذلك وضعت الكتب بأكملها في كيس كبير ووضعتها في خزانتي ثم قمت بوضع كيس يحتوي على كرات مادة النفتالين للحفاظ على هذه الكتب من أي ضرر من أضرار الحشرات، حيث إنني قمت بفتح كيس النفتالين وتبعثرت كرات النفتالين على الكيس الكبير وبجانبه وبالطبع أصبحت رائحة النفتالين قوية جدا، والحقيقة أنني على سفر قريب إن شاء الله وبعد ذلك سوف يأتي صديقي لكي يأخذ كتبه من أهلي، سؤالي هو: عندما يلمس صديقي الكيس الكبير الذي أصبحت عليه كرات النفتاليه وبالتالي عندما تلامس يده الكتب التي في الداخل, وعدنما يبيع هذه الكتب إلى ناس أنا لا أعرفهم, هل سوف يكون أي ضرر على صديقي هذا أو على أحد من الناس الذين لامست أيديهم هذه الكتب التي ربما امتصت جزء من مادة النفتالين -حيث إن النفتالين مادة سامة وتمتص من قبل الأجسام- أقصد هل أكون في هذه الحالة قد تسببت في أذى صديقي أو الناس الذين سوف يتداولون هذه الكتب، هل أكون قد تسببت في ضررهم أو تسممهم ولو بمثقال ذرة، والحقيق لا أنوي إخبار صديقي بوجود مادة النفتالين وذلك لأنه يعلم أنني أبالغ بعض الأحيان واحتاط كثيرا حيث لا أريده أن يسخر من تصرفاتي، ولنفترض أنني لم أخبره لأي سبب من الأسباب, هل أكون قد تسببت في ضررهم أو تسممهم أو ساهمت في قتلهم والعياذ بالله، صديقي والناس التي سوف تتدول هذه الكتب بين أيديهم؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قمت به من عمل لحفظ هذه الأمانة من التلف أمر طيب وتؤجر عليه إن شاء الله تعالى، وليس عليك حرج في تناثر هذه المادة على الكتب لأنك لم تقصد ذلك ولا تعمدته.
هذا وإذا كانت المادة المذكورة لا تسبب ضرراً ذا بال فليس عليك إخبار صديقك بوجودها على الكتب، أما إن كانت تسبب ضرراً حقيقياً فالواجب إخبار صديقك بالواقع ثم هو يتحمل مسؤولية بيع الكتب على حالتها الراهنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1426(12/7261)
من أحدث ضررا في متاع شخص ولم يجده
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت ذاهباً لصلاة العشاء بالعربة وبينما أضعها فى مكان إذ أدى ذلك لضرر لعربة كانت خلفي فبعد صلاة العشاء أخذت قلم وورقة وكتبت عليها رقم هاتفي رغبة في أن أضعها على العربة التي سببت الضرر فيها حتى يعرف الرجل كيف يصل إليّ، ولكني ما إن انتهيت من كتابتها إذ ذهبت العربة فماذا أفعل لرد حق هذا الرجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيلزمك الاجتهاد في البحث عن صاحب تلك العربة حتى تؤدي إليه حقه، فإن عجزت عن ذلك بعد بذل الجهد فتصدق بمبلغ يكفي لتصليح عربته ناوياً أن ثواب تلك الصدقة لصاحبها، ولا تكلف فوق ذلك إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وراجع الفتوى رقم: 18821، والفتوى رقم: 34977.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1426(12/7262)
الربح المكتسب من استثمار الأمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أخشى من مخاطر التجارة والمضاربة، فعرض علي شخص يعمل وسيطا في تجارة مباحة بأن أقوم بإيداع مبلغ من المال عنده بصفة أمانة، ثم طلب مني أن آذن له في التصرف فيها بشرط أن يكون ضامنا لها وأستردها منه عند الطلب، فأذنت له، وبعد فترة أعطاني مبلغا من المال وقال لي: لقد تاجرت بمالك الذي أودعته أمانة عندي وربحت فيه ثم قسمت الربح مناصفة بيني وبينك.
فهل يحل لي أخذ هذا المبلغ، مع العلم بأنه لو خسر سيكون ضامنا للمبلغ الذي أودعته عنده بصفة أمانة؟ .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الأمانة أو الوديعة إذا أذن صاحبها لمن أودعها عنده أن يستعملها تصير بهذا الإذن وهذا الاستعمال عارية، والعارية هي تمليك المنافع بغير عوض، وذكر العلماء أن إعارة النقد تعتبر قرضاً لأن من شروط العارية الانتفاع بها مع بقاء عينها، وهذا الشرط مفقود في إعارة النقد فصارت إعارة النقد قرضا بلا شك: جاء في كشاف القناع: فإن استعارها أي الدراهم والدنانير لينفقها أو أطلق.. فقرض اـ هـ
وإذا كان الأمر كذلك فإنه لا يجوز رد القرض بأكثر منه إن كان ذلك مشروطاً عند القرض أو حصل تواطؤ على الزيادة.
أما إذا لم يكن شرط أو تواطؤ فلا مانع من رد القرض بأكثر منه وأحسن منه في العدد والصفة لعموم حديث أبي رافع المذكور في الفتوى رقم: 54199.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1426(12/7263)
الواجب فعله في الأمانة إذا فقد صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[كلفني شخص من فرنسا عبر الانترنيت أن أعمل لأجله دراسة هندسية ودفع لي الثمن قبل أن أبدأ في إنجاز هذه الدراسة ثم لم أستطع أن أنجز له هذه الدراسة وقررت أن أعيد له ماله ولكني فقدت الاتصال به إذ غير هذا الشخص عنوانه الالكتروني وليس عندي وسيلة أخرى للاتصال به فماذا يجب علي أن أفعل بالمال الذي أعطانيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما تم بينك وبين هذا الشخص يعتبر إجارة على عمل معلوم وبأجرة معلومة، والإجارة من العقود اللازمة، فيجب عليك إنجاز العمل المتفق عليه، فإن تعذر عمل ذلك لعذر قاهر لم تستحق المبلغ المدفوع، ويجب عليك رده إلى صاحبه بأن تبحث عنه جهدك، فإن لم تجده يبقى المبلغ أمانة عندك إلى أن تجده، فإن تيقنت أو غلب على ظنك أنك لا تجده مرة أخرى فتصدق بهذا المال على الفقراء والمساكين، وراجع الفتوى رقم: 29079.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1426(12/7264)
على اليد ما أخذت حتى تؤديه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا محام في المهنة، متزوج وأب لـ 3 بنات، دخلت من قبل 3 سنوات أنا وعائلتي في وضع مالي شديد المرارة والصعوبة، أصبحت مديونا لكثير من الناس حتى الآن، كان لي بعض القضايا قبل هذا الوضع، وأنا أعيش المرارة الشديدة مع أولادي وعائلتي استلمت مبلغ نقود من بعض القضايا, شاءت الظروف المرة لي أن أستهلك هذا المبلغ لأغراض ضروريه للغاية وأنا في الحين نفسه كانت لدي النية أن أعطي المبلغ لصاحبه وحتى الآن لم أستطع استرجاع المبلغ وحالتي الصحية (النفسية) والمادية دائما إلى الوراء, بعباره أخرى: لم أجد توفيقا في أي عمل وخطواتي اليومية إلى الفشل دائما لماذا، أنا لي النية الصافية في إرجاع المبلغ لصاحبه, أفي ذلك ضد للشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلتعلم أيها الأخ السائل أن الأرزاق مقسومة مضمونة من الله تعالى، فقد قال تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا {هود:6} .
كما أن السعة في المال ليست دليلاً على رضا الله عن عبده، وكذلك ضيق ذات اليد ليس دليلاً على سخط الله عليه، وليس الفقر دليلاً على الفشل كما أن الغنى ليس دليلاً على النجاح، وقد بينا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 51063، 63477، 60227، 54532.
ولا يتصور أن إرجاع المبلغ إلى صاحبه يتنافى مع الشرع، ولكن الأمور بيد الله يصرفها كيف يشاء لحكم بالغة قد لا يدركها جميع الناس، ولمعرفة حكم العمل في مهنة المحاماة راجع الفتوى رقم: 18505.
ونسأل الله تعالى أن يقضي عنك دينك وأن ييسر لك أمرك، هذا واعلم أن المبلغ الذي أخذته من الرجل المذكور لا يجوز لك أن تنفقه على نفسك لأنه لم يأذن لك في ذلك فإن فعلت فقد عصيت ويلزمك ضمانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1426(12/7265)
الأجرة على الوديعة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يحتاج لتحويل مبلغ من المال خارج بلده التي يعيش فيها لظروف سياسية وأمنية ويحتاج مساعدتي بأن ينقل المبلغ كاملاً إلى حسابي في البنك على أن أعطيه المال بعد أن يتمكن هو من مغادرة بلاده. ثم يمنحني حصة أو نسبة من ذلك المال....هل هذا جائز بالنسبة لي؟
أفتونا وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أخذ أجرة على المعاملة المذكورة لأنها بمثابة الأجرة على الوديعة وهي مشروعة في الجملة سواء كانت الأجرة مقابل حفظها أو مقابل المحل الذي يحفظها فيه المودع لديه في الراجح. لكن يشترط أن تكون الأجرة معلومة، وذلك بأن يتفق المتعاقدان عند العقد على مبلغ مقطوع كمائة أو ألف، فإذا اتفقا على نسبة من المبلغ المودع، وكان المبلغ المودع معلوماً فلا مانع أيضاً لأن معلومية المبلغ المودع تفيد معلومية النسبة المتفق عليها، لكن إذا علمت أنه سيستعين بهذا المال على معصية الله فلا يجوز لك إعانته على ما ذكرت. وراجع الفتوى رقم: 39974.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1426(12/7266)
حكم انتفاع الموظف من قطع غيار السيارات المستبدلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في قسم الضمان لشركة مرسيدس بنز للسيارات في ليبيا وهناك بعض القطع التي يتم تغييرها على حساب الشركة المصنعة أي عندما تكون السيارة تحت الضمان فهل يجوز لي أن أستفيد من هذه القطع المستبدلة؟ إذا لم تفهم السؤال أخبرني وأنا سأشرح لك بتفصيل أكثر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه القطع المستبدلة ملك للشركة المصنعة أو الوكيلة، فإذا أذنت لك في الانتفاع بها صراحة أوعرفا فلا مانع، وإن لم تأذن فلا يجوز لك أخذها، وراجع الفتوى رقم: 30575.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1426(12/7267)
الاقتراض من الأموال المودعة بغير إذن
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: هناك أمر يحيرنى منذ ما يقرب من سبع سنوات حتى الآن ولم أجد له حلاُ. عندما كنت طالبا في الجامعة في قسم اللغة الانجليزية قام أحد الأساتذة بتعيينى مسئولا عن أسرة للنشاط في القسم ووضع بين يدي مكتبة متواضعة للكتب الخاصة بالقسم وقمت أنا وزملائى مع هذا الأستاذ بتنمية هذه المكتبة وجمع اشتراكات مالية رمزية من الطلاب على مدار 3 سنوات وشراء العديد من الكتب. ولكن خلال هذه السنوات وفي عام التخرج بالذات حدث الآتي:
1- كنت أقترض من المال الخاص بالأسرة والذي كان في حوزتي لشراء بعض الكتب الجامعية الخاصة بي وكنت أسدد عندما يأتيني المال. ولكن مع طول فترة السداد اختلط الأمر علي ولم أعد أعلم كم اقترضت وكم سددت. وأصبح من الصعب علي تحديد ما إذا كان مالى قد شابه شيئ من هذا المال العام أم لا. فماذا أفعل؟؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان ينبغي لك أن تقترض شيئا من الأموال المودعة عندك إلا بإذن أهلها، فالتصرف فيها أو الاقتراض منها بغير إذن يتنافى مع الأمانة، والأمين إذا تعدى أثم وضمن الأمانة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأصحاب السنن.
ولهذا، فإن عليك أن تستغفر الله تعالى وترد ما تظن أنه في ذمتك إلى أصحابه إن علمتهم واستطعت إيصاله إليهم، وإلا فبإمكانك أن تتصدق به عنهم فإن لقيتهم بعد ذلك فأخبرهم فإن أجازوا ما فعلته فقد برئت ذمتك، وإلا، فادفع إليهم حقهم ويكون أجر الصدقة لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1426(12/7268)
عدم رد الموظف عهدته إلى جهة عمله
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل في دبي وكان بعهدتي جهاز كمبيوتر عندما عدت لم أسلمهم الجهاز
عاودت الاتصال بهم بعد عودتي لوطني بعد ثلاثة أعوام وأخبرتهم بأني أود أن أدفع قيمة الجهاز أو يسامح صاحب المال، طلب مني مدير شؤون العاملين إرسل ذلك في طلب وقد فعلت
علمت منه أنه أدخل الطلب للمدير صاحب المال، ولكنه لم يقرر حتى الآن (أكثر من ثلاثة أشهر) أكرر الاتصال بصورة مستمرة معهم لكن حتى الآن لم يصلني رد أخبروني في حال خروج الطلب من صاحب المال
سوف يتصلون بي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت بسفرك بهذا الجهاز إلى بلدك وعدم رده إلى أصحابه طوال هذه المدة، فعليك بالتوبة إلى الله من ذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال: حسن صحيح، وقال النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك. رواه أبو داود والترمذي، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم خيانة الأمانة علامة من علامات النفاق فقال: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان. رواه البخاري ومسلم.
وبما أنك قد طلبت من أصحابه أن ترد لهم قيمة الجهاز أو يسامحوك فيه ولم يجيبوك حتى الآن، مع مرور فترة كافية لكي يروا في هذا الأمر رأيهم، فعليك أن تبادر بإبراء ذمتك ورد هذا الجهاز إليهم إذا كان بحاله كما أخذته لم يتغير أو قيمته إن كان قد تغير، ولا تنتظر أكثر من هذا، فإن إبراء الذمة ورد الحقوق إلى أصحابها واجب على الفور وهو من شروط صحة التوبة كما هو معلوم، وراجع الفتوى رقم: 17138.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1426(12/7269)
تملك بواقي عينات الاختبار التي لا ترد إلى أصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعمل في مختبر بإحدى الشركات التي تنتج زيت الزيتون كأحد منتجاتها وتقتضي وظيفتي سحب عينات باستمرار من الزيت لإجراء الاختبارات اللازمة قبل البيع، وبعد انتهاء الاختبارات تتبقي كميات من الزيت وتتراكم هذه الكميات بالمختبر مع ملاحظة أنه لا بد من أخذ كمية محددة من الزيت كعينة لا يمكن أخذ أقل منها ولذا فإنه بعد فترة وجيزة من بداية الإنتاج تبدأ هذه الكميات في التراكم، ولما كان نظام الشركة به الكثير من البيروقراطية التي تعيق إرجاع المتبقي من هذه العينات للمخازن مرة أخرى فكان علينا فريق المختبر أن نتخلص من هذه العينات بإعدامها بشكل دوري رغم صلاحيتها الكاملة للاستخدام البشري، وبعد فترة بدأنا نشعر بأن الاستفادة من هذه العينات أفضل من التخلص منها بما يقتضيه المنطق ولكنا نجهل ما يقتضيه الشرع بهذا الخصوص لذا نرجو من فضيلتكم التكرم بإفادتنا برأي الشرع في أخذنا لهذه العينات لاستعمالنا الشخصي بدلا من إعدامها.
مع العلم بأنه قد تم مؤخرا استحداث تكنولوجيا متقدمة تحتاج إلى عينات محدودة لا يتبقى منها شيء وهذا هو المعمول به الآن إلا أن الكمية المتراكمة والمتبقية من الاختبارات القديمة هي محل السؤال.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الزيت صالحا للاستخدام من غير مضرة فلا يجوز إتلافه بحال ولو كان ذلك بأمر من يملكه لنهي الشرع عن إضاعة المال وأمره بالمحافظة عليه، ولأن ذلك نوع من الإفساد في الأرض، وقد قال تعالى: وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا {الأعراف: 56} كما أنه يتنافى مع شكر نعم الله تعالى الذي يستوجب الحفاظ عليها وعدم الإضرار بها.
وإذا كان الأمر كذلك فلا نرى مانعا من الانتفاع بهذا الزيت لأن ترك الشركة له مع عدم جواز إتلافه يعطيه حكم المباحات التي يمتلكها من تسبق يده إليها.
ففي الحديث الذي رواه أبو داود: من سبق إلى مباح فهو أحق به.
وراجع الفتوى رقم: 65805 والفتاوى رقم: 37857، 45714، 63629.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1426(12/7270)
من اتجر في وديعة عنده، هل الربح له أم لصاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وبه نستعين
الإخوة الأحباب في الشبكة الإسلامية:
في الحقيقة محدثكم من فلسطين وأنا عندي سؤال وهو:
لدينا مشروع لبناء مسجد في البلدة التي أسكنها، وكان المشروع يواجه مشكلة عدم قدرة لجنة بناء المسجد على جمع الأموال من الأهالي في المنطقة بسبب عدم وجود ترخيص لهذه اللجنة، وعندما دار حديث عن مشكلة اللجنة بحضوري في أحد المجالس، تبرعت أن أمول عملية البدء ببناء المسجد من مالي الذي أعطاني الله \" أي بشراء 4 طن من الحديد \" والتي تحتاجها قواعد المسجد وتبرع آخر بان يقدم \"الباطون\" اللازم لتجهيز القواعد وبنفس الشروط التي تبرعت بها أنا وبعد أن تحصل اللجنة على الترخيص وتصبح قادرة على جمع المال اللازم لبناء المسجد تعيد لي جزءا من المبلغ وأتبرع بجزء مما دفعت - حسب ما أستطيع- للمشروع، وسر الأهالي وتم الاتفاق على أن أحول 50% من المبلغ الذي تبرعت به إلى حساب الشخص الذي سيقوم بشراء الحديد لمشروع المسجد، وبعد شراء المواد ومعرفة ثمنها الحقيقي أدفع ما تبقى مهما كان المبلغ، لكن كان المتوقع أن يكون المبلغ من 2000-2500 دولار، كان ذلك يوم 6-7-2005 وبالفعل قمت بتحويل مبلغ (5000 آلاف شيكل) حوالي 1120 تقريبا بنفس اليوم لحساب الشخص المذكور، واتصلت باللجنة أخبرهم بالتحويل وأطلب لهم أن يحضروا قائمة بالحديد المطلوب من حيث الكمية والنوعية لشرائها وقيل لي اليوم وغدا وحتى اللحظة لم يحضروا شيئا ويبدو أن هناك مشكلة في اللجنة وخلاف حولها، لكن أنا وفيت بوعدي بنفس اليوم وحولت المبلغ.
المهم أنه وبعد حوالي أسبوعين لم يظهر من اللجنة أن هناك رغبة في البدء بالمشروع، بعد ذلك طلبت من الشخص المذكور أن يعيد لي المبلغ إلى حين الانتهاء من الخلاف حول اللجنة والبدء بالعمل وعندها أنا عند التزامي بما وعدت، وهذا الرجل يماطل يقول لي اليوم أو غدا.... وهكذا منذ حوالي أسبوعين، حتى اليوم 1-8-2005 وهذا الشخص هو تاجر ويبدو لي انه استخدم المبلغ في تجارته.
فهل يجوز لي شرعا أن أستعيد المبلغ وأنا عند وعدي بما وعدت؟؟
وهل هذا الشخص الذي استخدم المبلغ في تجارته إما لشراء بضائع أو سداد دين أو أي شيء أخر هو آثم أم لا؟؟
وكيف له أن يبرئ ذمته إن كان استخدم هذا المال في تجارته أو أي شان آخر له؟؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على ما قدمت من قرض وتبرع للمسجد، فنسأل الله أن يكتب لك الأجر وأن يخلف عليك بخير،
أما عن سؤالك فقد اشتمل على أمور:
الأمر الأول:
أن حقيقة ما قمت به أنت وصاحبك هو قرض وتبرع للمسجد، فما كان من المبلغ مستعادا فهو قرض وما كان من المبلغ غير مستعاد فهو تبرع.
والأمر الثاني:
حكم استعادتك للمبلغ بسبب عدم التزام اللجنة المشرفة على المسجد بما تم الاتفاق عليه, وذلك من حقك لأن المبلغ عبارة عن قرض, والمبلغ المتبرع به مبهم, كما أنه غير لازم لك لأن ما بدر منك هو وعد بالتبرع لا إيقاع التبرع, إلا إذا كنت قد نويت مبلغا معينا من ذلك المال تبرعا فلا يجوز لك الرجوع به, لكن لك أن تسترده على أن تعطيه للجنة أو شخص آخر يقوم على المسجد ما دامت اللجنة أو الشخص السابق غير أمين.
والأمر الثالث:
إن كان ما ذكرته - من أن الشخص الذي أخذ المبلغ يستثمره لحسابه الخاص – صحيحا فإن ما يفعله حرام وعليه أن يتوب من ذلك.
وإذا حصلت أرباح من استثماره فقد اختلف أهل العلم هل الربح تابع للجهد أو للمال؟ على قولين:
فذهب الشافعية والمالكية إلى أنه تابع للجهد وهذا الذي رجحناه في الفتوى رقم 50478
وذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه تابع للمال.
فعلى القول الأول لا يلزمه إلا التوبة.
وعلى القول الثاني يلزمه أن يرد المال مع الربح.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1426(12/7271)
الضرورات تبيح المحظورات
[السُّؤَالُ]
ـ[حججت العام الماضي وكانت والدة زوجي معنا وهي امرأة كبيرة في السن ومريضة بمرض السكر والجلطة بالقلب والضغط وكانت خارجة من العناية وجاءنا مطر غزير في منى وصار الناس في خوف وفزع وخرجنا من الخيام ومشينا ومن خوفي على والدة زوجي وجدت عربة مربوطة في مخيم وأخذتها وركبت العجوز فيها ومشينا حتى وصلت العزيزية؟ ووجدنا سيارة وركبنا فيها وتركت العربة في الشارع وبعد أن وصلنا العجوز إلى المنزل رجعت مكة حتى أستسمح من صاحب العربة فلم أجده فماذ علي؟ أنا لم أذكر في تلك اللحظة إلا أن أنقذ والدة زوجي من ذلك المطر والمشي الكثير وأنها لا تستطيع المشي فأفيدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه كان ينبغي لك أولاً أن تستنجدي برجال الأمن أو الإسعاف إن أمكن ذلك قبل أن تأخذي العربة، وعلى كل حالٍ فإن الذي يظهر أن هذه العربة من الأملاك الخاصة.
وعليه، فإن كانت هذه المرأة يخاف عليها -إذا لم تؤخذ لها العربة- الهلاك أو مرضاً مخوفاً أو زيادته أو طول مدته، فيجب أخذها ولو كانت للغير لأجل إنقاذ النفس، لأن الضرورات تبيح المحظورات، والضرورة تقدر بقدرها وإنقاذ النفس واجب.
قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج من كتب الشافعية وهو يتكلم عن الأحوال التي يلزم فيها أكل المحرم: ومن خاف من عدم الأكل على نفسه موتاً أو مرضاً مخوفاً أو زيادته أو طول مدته أو انقطاعه عن رفقته أو خوف ضعف عن مشي أو ركوب ولم يجد حلالا يأكله ووجد محرماً كميتة ولحم خنزير وطعام الغير لزمه أكله، لأن تاركه ساع في هلاك نفسه. انتهى بتصرف يسير.
لكن يجب رد العربة إلى مكانها ليأخذها مالكها، فإن لم ترد للمكان الذي أخذت منه وتركت حتى ضاعت على مالكها -كما هو الظاهر- فالواجب حينئذ التوبة إلى الله تعالى، وينبغي التصدق بثمنها عن مالكها إذ لا يمكن إلا ذلك بعد ضياعها وتعذر معرفة مالكها.
قال أبو عبد الله القرطبي في تفسيره عند كلامه على تفسير قوله تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ {البقرة: 279} . قال علماؤنا: إن سبيل التوبة مما بيده من الأموال الحرام إن كانت من ربا أن يردها على من أربى عليه ويطلبه إن لم يكن حاضراً، فإن أيس من وجوده فليتصدق بذلك عنه، وإن أخذه بظلم فليفعل كذلك في أمر من ظلمه، فإن التبس عليه الأمر ولم يدر الحلال من الحرام مما بيده، فإنه يتحرى قدر ما بيده مما يجب عليه رده حتى لا يشك أن ما بقي قد خلص له فيرده من ذلك الذي أزال عن يده إلى من عرف ممن ظلمه أو أربى عليه، فإن أيس من وجوده تصدق به عنه. انتهى
ومحل الشاهد من كلامه رحمه الله أن من أيس من رد حق للغير أن يتصدق عنه، ونحن لا نقول إن أخذ العربة في حال الضرورة كان ظلماً، ولكنها مضمونة على كل حال، فإن لم تضع بأن احتفظتم بها فكذلك الحكم فإن كان يمكن معرفة مالكها وجب الاحتفاظ بها إن أمكن ذلك حتى ترد إليه، وإن لم يمكن معرفة مالكها تصدق بها عنه، فإن عرف بعد ذلك خير بين أن يقبل التصدق بها عنه أو يعطى له ثمنها، كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 56793.
وإن كانت الضرورة غير شديدة بأن لم تكن على الوصف الذي ذكره الشربيني رحمه الله تعالى، فإن أخذ العربة المذكورة من التعدي على أموال الناس، وهذا الذي قلناه كله فيما إن كانت هذه العربة من غير أملاك الدولة المخصصة لمثل هذه الحالات؛ إذ لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه كما في الحديث الصحيح، ولا ضرورة تبيح مثل هذا التصرف، فإن حصل ما حصل وجبت التوبة مع ما قدمنا، وعلى كل حال، فإن أخذها لا يؤثر في الحج ولو كان تعدياً كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 57510.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1426(12/7272)
من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت مقيما في بولندا وأملك مطاعم وأعمل في التجارة وكانت لي معاملات مادية مع أناس وبنوك كثيرة حتى حدث أن خسرت تجارتي ولم أعد أملك أي شيء. وذهبت إلى دول عربية وبدأت العمل والوقوف من جديد والحمد لله ولكن حقوق الناس مازالت تؤرقني وهي على أربع حالات. أرجو منكم إفتائي فيها، أولا البنوك من قروض واعتمادات مع العلم أنها مبالغ كبيرة وفوائد متراكمة ووضعي الآن لا أستطيع أن أسدد أي شيء منها، ثانيا أناس كانوا شركاء لي في بعض أعمالى وبعد الخسائر أنكروا ذلك مع العلم أن كل شيء كان باسمي فهل لهم حقوق عندي. ثالثا أناس لهم عندي مبالغ وهم من الأصدقاء وهؤلاء أضع لهم الأولوية ولقد قمت حتى الآن بسداد بعض ما قدرني الله عليه ولكن أخاف أن أموت ولم أكمل هذا السداد. رابعا تجار دخلت معهم بعقود ربوية وهؤلاء قمت بسداد رأس المال كاملا ولكنهم اعتبروا ذلك من الفوائد وما زالوا يطالبون. مع العلم أنهم الآن لا يعرفون أين أنا ولكن مخافة الله هي التي تجبرني على الاتصال بمن يتوفر مبالغ سدادهم وأنا أعيل أسرتي المكونة من زوجتي وطفلين. وفى المقابل لي حقوق كثيرة عند أناس مسلمين حيث لم أكن أرد محتاجا والآن لا أستطيع مطالبتهم لأني أعلم أن أكثرهم في حالة عسر وأنا أخجل من مطالبتهم مع أن حال بعضهم أفضل من حالي الآن. لقت تبت إلى الله والحمد لله ولكني أخاف أن أموت ولأحد عندي حق، مع العلم أني نويت أن أرد أي مبلغ يتوفر معي ولكن على هذا المنوال أحتاج إلى وقت طويل جدا. أفيدوني أفادكم الله وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يتوب عليك وأن يتقبل منك وأن يقضي عنك دينك، ونصيحتنا لك أيها الأخ السائل أن تجمع النية على سداد الحقوق الثابتة في ذمتك لأربابها، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله. رواه البخاري وغيره، وراجع في هذا الفتوى رقم: 4062.
واعلم أنه لا يجب عليك بل لا يجوز لك أن تسدد للبنك أو للتجار الذين اقترضت منهم بالربا إلا ما أخذت منهم، فإنهم لا يحق لهم أن يطالبوك بأكثر مما أعطوك. قال تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة: 279}
وعقد الربا باطل في الأصل والبطلان يفيد عودة كل واحد من طرفي العقد إلى الحالة التي كان عليها قبل التعاقد، وليس للمقرض قبل العقد إلا رأس المال الذي أقرضه.
أما الشركاء الذين أنكروا مشاركتهم لك فلا شيء لهم عندك سوى ما تبقى من مال الشركة، يعطى كل واحد منهم بنسبة قيمة رأس ماله في الشركة من المال المتبقي، فإن الشريك يتحمل الخسارة كما يشارك في الربح، وراجع الفتوى رقم: 10018.
ويجب عليك سداد القروض التي أعطاها لك أصدقاؤك ولا إثم عليك إن شاء الله بعد ذلك ولو تأخرت في السداد أو مت على ذلك ما دامت نيتك صالحة كما ذكرت.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 13535 19702 21621.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1426(12/7273)
يعطى بدل نظارة فيشتري به نظارتين
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم الإفادة في هذه المسألة: أعمل لدى إحدى الشركات وهي تخصص لنا مبلغا في حدود 600 جنيه مصري لعمل نظارة طبية والمبلغ هذا أستغله أنا في عمل نظارتين إحداهما طبية والأخرى شمسية لكن في حدود مبلغ 600 جنيه فهل علي إثم في ذلك إذ أنني أقوم بعمل نظارة شمسية مع الطبية علما\" بأنني لا أتجاوز المبلغ المخصص..
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا أخي السائل الكريم لحرصك على دينك وتحريك الحلال، فكثير من الناس في هذه الأيام أصبح هدفه جمع المال، ولا يهمه بعد ذلك من أين جاء هذا المال من حلال أم من حرام؟ أما ما سألت عنه فله حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون المبلغ المذكور هو عبارة عن عطاء من الشركة للموظف تحت مسمى بدل نظارات، ففي هذه الحالة للموظف الخيار في كيفية صرف هذا المبلغ فله أن يشتري به نظارة أو نظارتين أو غير ذلك.
والحالة الثانية: أن يكون المبلغ المذكور عبارة عن عطاء يعطى للموظف ليشتري به نظارة على أنه إذا وجد نظارة بأقل من المبلغ فإن الزائد يرجع لهم، وفي هذه الحالة يجب عليه أن يرد الزائد للجهة المعنية إلا أن يرضوا بأخذه هو للزائد. وإذا لم يكن السائل يعلم ما هو قصد الشركة بذلك المبلغ فليسألهم عن ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1426(12/7274)
من بقي في ذمته مال لرجل فلم يجده
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل مسلم كان يتعامل مع يهودي، فبقي لليهودي في ذمته مال، بحث عنه ليعيده إليه فلم يجده، وقد مضى الآن زمن طويل على ذلك. السؤال: ماذا يصنع ليبرئ ذمته أمام الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليه أن يستفرغ وسعه في البحث عن هذا اليهودي، فإذا وجده أو وجد ورثته فليسدد إليهم هذا المال. أما إذا لم يجد أحدا من ورثته فلينفق هذا المال في مصالح المسلمين، وراجع للأهمية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2290، 7153، 47618.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1426(12/7275)
الوسائل كثيرة لإيصال الحقوق لأصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت شيئا بالأقساط وتبقى لي قسط واحد, وعندما ذهبت لدفعه وجدت التاجر قد أغلق متجره ورحل ولم أجد له عنوانا. ماهو رأي الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى ترده. فالمال باق في ذمتك حتى تؤديه إلى صاحبه فعليك أن تبحثي عنه حتى تجديه، وهنالك من الوسائل الحديثة ما يسهل ذلك. مثل شركات الاتصال فأسماء العملاء موجودة لديهم، وكذا أرقام هواتفهم. ومثل ذلك البنوك وكثير من الدوائر الحكومية والصحف اليومية ونحو ذلك من وسائل البحث، فلا تألي جهدا في البحث عنه حتى تعيدي إليه ذلك، يقول تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء: 58} . وينبغي أن تكتبي وصية به حتى يتميز ويعلمه الورثة احتياطا لما في الحديث: ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده. متفق عليه واللفظ للبخاري. وعند مسلم " ييبت ثلاث ليال. قال ابن عمر: ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك إلا وعندي وصيتي. فإذا استنفدت كل السبل ولم يمكنك العثور عليه أو على أي وسيلة توصل إليه حقه فلتتصدقي به عنه. فإذا ظهر بعد ذلك هو أو ورثته فهو بالخيار بين إمضاء الصدقة وأجرها له أو تؤدي إليه حقه ويكون أجر الصدقة لك. وللاستزادة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 18969، والفتوى رقم: 6691.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1426(12/7276)
حكم ما وقع من اللص من متاع أثناء تلصصه
[السُّؤَالُ]
ـ[دخل لص منزلنا منذ عدة سنوات واكتشفناه فحاول الهرب وقد نجح في ذلك ولكن أثناء هروبه وقعت منه ساعة يده ووجدناها واحتفظنا بها ونحن نعرف شخصية اللص جيداً، ولكن لا نستطيع ردها له خوفا ليكتشف معرفتنا لشخصيته وهو لا يستطيع أن يطالبنا بها، فما حكم حيازتنا لهذه الساعة وكيف نتصرف فيها؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنتم في الستر على هذا اللص الذي يبدو من السؤال أنه لم يكن معلنا بلصوصيته، فإن الستر على أهل الذنوب والمعاصي مشروع ما لم يعلنوا بها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة. متفق عليه.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: فأما المعروف بذلك -أي المعاصي- فيستحب أن لا يستر عليه، بل ترفع قضيته إلى ولي الأمر إن لم يخف من ذلك مفسدة، لأن الستر على هذا يطمعه في الإيذاء والفساد، وانتهاك الحرمات، وجسارة غيره على مثل فعله. انتهى.
ثم إن تلك الساعة ملك لذاك اللص ولا يسقط حقه فيها ما بدا منه من التلصص، فالواجب هو أن تعاد إليه بأي وسيلة ممكنة، ولا شك أنه عالم بأنكم عرفتموه، لأن بقاء الساعة دليل على أنه هو الذي قام بتلك المحاولة، ومع ذلك فلكم طرق كثيرة في إرجاعها له:
- فمن ذلك إرسالها له مع شخص يدعي أنه وجدها ملقاة (وليس هذا من الكذب، وإنما هو من المعاريض، لأنها في الحقيقة قد وجدت ملقاة) .
- ومنها: طرحها له في محل آمن يضمن اطلاعه عليها ... إلى غير ذلك من الطرق التي يمكن أن تتحدد تبعاً لما يقتضيه الحال.
ولو اضطررتم إلى إرجاعها له مباشرة لأنكم لم تجدوا وسيلة تغني عن ذلك، فلا مانع منه، لأن إرجاعها بتلك الطريقة أخف من ظلمه بالاحتفاظ بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1426(12/7277)
إسقاط صاحب الحق معتبر ويسقط الإثم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أعمل في وظيفة اقترفت خطأ تمثل في استعمالي لهاتف العمل استعمالا شخصيا وقد أدى ذلك إلى فاتورة ضخمة تحملت تكلفتها الشركة وقد ندمت على ذلك ندما شديداً وصارحت صاحب الشركة بالأمر وكنت مستعدة لتعويض ذلك المال، لكنه سامحني ولم يرد أخذ شيء مني، فهل يكفر ذلك عن خطيئتي أم أنه يجب علي تسديد المبلغ، وهل هناك عقوبة أخرى في الآخرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن استعمال هاتف العمل في الأغراض الشخصية دون إذن ممن هو مخول بالإذن أمر لا يجوز لأنه من أكل أموال الناس بالباطل، والذي يلزم من فعل ذلك هو أن يتوب إلى الله وأن يدفع قيمة الاتصال لأصحاب الشركة أو أن يستسمحهم.
وبما أنك قد ندمت وتبت وقد سامحك صاحب الشركة فلا شيء عليك الآن ولا يلزمك تسديد المبلغ لأن صاحب المال قد عفا عنه بطيب نفس منه، وإذا كنت صادقة في توبتك فلن يكون على ذلك عقوبة في الآخرة إن شاء الله تعالى، لأن الله غفور رحيم لمن تاب، قال الله تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه:82} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1426(12/7278)
سبيل الأموال التي لا يعرف أصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في البنك لدينا مبالغ معلقه ناتجة من تحاويل من خارج السودان لأشخاص في الداخل، ظلت هذه المبالغ معلقة في حسابات البنك لأكثر من 3- 4 سنوات ولم يأت شخص لسحبها - المراجع طلب تصفية هذه المبالغ كيف تتم تصفيتها ونحن لا نعلم أين أصحابها. هل تضاف لأرباح البنك ويكون البنك ضامنا لها في حالة ظهور أصحابها أم يتصدق بها ويكون البنك أيضا ضامنا لها أم لديكم رأي ثالث أفيدونا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حكم هذه الأموال هو حكم الودائع التي لم يُعرف أصحابها، فيجب عليك محاولة إيصالها إليهم وبذل جهدكم في ذلك قبل التصرف فيها، وذلك بأن تتصلوا بهم عن طريق بيانانتهم المسجلة عندكم أو أن تتصلوا بمن أرسلوا هذه الحوالات لأن الغالب أن مرسليها يقومون بإثبات بياناتهم في إجراءات التحويل، فإن أمكن الوصول إليهم فترد لهم هذه الأموال، أو يستدل عن طريقهم على أصحابها المحولة إليهم، فإن عجزتم عن ذلك ويئستم من معرفة أصحابها فحينئذ يمكنكم التصدق بها عنهم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: 30/413: كل مال لا يعرف مالكه من الغصوب والجواري والودائع وما أخذ من الحرامية من أموال الناس أو ما هو منبوذ من أموال الناس، فإن هذا كله يتصدق به ويصرف في مصالح المسلمين.
وقال أيضا: 29/321: إذا كان بيد الإنسان غصوب أو عواري أو ودائع أو رهون قد يئس من معرفة أصحابها فإنه يتصدق بها عنهم أو يصرفها في مصالح المسلمين أو يسلمها إلى قاسم عادل يصرفها في مصالح المسلمين المصالح الشرعية، ومن الفقهاء من يقول: توقف أبدا حتى يتبين أصحابها، والصواب الأول، فإن حبس المال دائما لمن لا يرجى لا فائدة فيه؛ بل هو تعرض لهلاك المال واستيلاء الظلمة عليه.
وفي حالة ظهور أصحابها فإنهم يخيرون بين إمضاء الصدقة ويكون الأجر لهم، أو يضمن لهم البنك أموالهم ويكون أجر الصدقة له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1426(12/7279)
المفرط في الأمانة يتحمل مسؤوليتها
[السُّؤَالُ]
ـ[كان عندي مبلغ من المال لوالدي وقمت بإعطائه كسلفة لشخص وهذا الشخص قام برد بعض المبلغ ورفض أن يعترف ببقيته وعرض علي أن أشتري منه شيئا وأنا أفكر أن آخذه منه بدون ثمن، فهل هذا العمل صحيح؟ بالنسبة للمبلغ الذي لوالدي قمت بصرفه على أمي وإخوتي ولم آخذ منه شيئا لنفسي، وأنا أحاف أن أعترف لهم بحقيقة الأمر ومن شدة هذا الأمر علي أفكر في الانتحار، أرجو أن تدلوني على حل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب هذا السؤال في نقاط:
الأولى: أن تصرفك في الأمانة بهذه الصورة يعد من تضييع الأمانة التي أمر الله بحفظها بقوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال: 27}
جاء في المدونة عن مالك قال: من استودع مالا أو بعث به معه فلا أرى أن يتجر به ولا أن يسلفه أحدا ولا يحركه عن ماله لأني أخاف أن يفلس أو يموت فيتلف المال ويضيع أمانته.
إذاً فالواجب عليك التوبة إلى الله عز وجل، ورد هذا المبلغ إلى والدك، وتتحملين مسؤولية ضياع المبلغ لتفريطك وتعديك في حفظ الأمانة.
الثانية: إذا لم يمكنك استرداد المبلغ من الشخص الذي أخذه منك إلا بالحيلة المذكورة فلا مانع، وهي مسألة الظفر المعروفة عند أهل العلم، راجعيها في الفتوى رقم: 28871.
الثالثة: المبلغ الذي استودعه والدك عندك يرد إليه كاملا إن كان حيا، وإلى ورثته إن كان ميتا.
وأما ما أنفقت منه على إخوانك وأمك فينظر فيه، فإن كان والدك أذن لك في إنفاقه لهذه الجهة فيحسب من جملة المبلغ، وإن كان لم يأذن فلا يحسب، لأن تصرفك في المال تصرف فضولي موقوف على إجازة صاحبه.
الرابعة: يجب عليك الإقلاع فورا عن فكرة الانتحار ومعالجة الأمر كما تقدم في صدر الجواب، واعلمي أن الانتحار جريمة عظيمة توصل صاحبها إلى النار، وراجعي في هذا الفتوى رقم: 5671.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1426(12/7280)
خطورة التقصير في حفظ الأمانة ورعايتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أشعر بأنني إنسانة ضعيفة إيمانيا فقد وضعت اليوم في امتحان مسؤولية وأشعر أنني فشلت في الامتحان إني دكتورة في الجامعة منذ سنة ونصف ولقد وكّل إلي امتحان طالب دكتوراه من الكلية, وهذا الامتحان هو امتحان شفهي أكون فيه مسؤولة عن النتيجة أنا ودكتور آخر الدكتور الذي كان معي هو أستاذ في القسم من أفضل دكاترة القسم وأكن له احتراما كبيرا بالإضافة إلى كونه مشرفا على الطالب وقد قرر هذا الدكتور أن يحضّر الطالب سيمينار عن الموضوع المكلف بامتحانه بدلا من الامتحان الشفهي.
اليوم وقد تقدم الطالب بالسيمينار فقد قيّمت عرضه وتقديمه وإجابته على الأسئلة بأنه متوسط وربما أقل من المتوسط ولكن عندما سألت الدكتور المشرف عن رأيه أجاب بأنه كان ملماً بمعلومات كثيرة وأنه جيد التقديم وطلب مني أن أضع له علامة فأجبته بأن يضع هو العلامة وأنا لا مانع لدي مما سيقول ولكن في قرارة نفسي كنت ألوم نفسي ولكن لم أستطع أن أقول تقييمي أعلم أني مذنبة وأريد حلاً لما ارتكبت وكيف لي أن أتخلص من هذا السلوك السيئ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان الواجب عليك أن تضعي التقييم الذي ترين أن هذا الطالب يستحقه دون محاباة للدكتور المشرف على رسالته، فإن ذلك من أداء الأمانة التي أمر الله بأدائها، قال الله تعالى في وصف عباده المؤمنين: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ {المؤمنون: 8} .
وقال تعالى حكاية عن بنت شعيب في وصف من يستحق المسؤولية: إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ {القصص: 26} .
وفي سنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك.
وعليه، فالواجب عليك الآن التوبة إلى الله، وأن تستدركي خطأك بأن تبيني لرئيس القسم حقيقة الأمر، ومما يعينك على عدم الوقوع في مثل ذلك في المستقبل، أن تراقبي الله وتستشعري خطورة الخيانة والتقصير في حفظ الأمانة ورعايتها، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال: 27} .
وروى الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال: لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له.
وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة قال: وترسل الأمانة والرحم، فتقومان جنبتي الصراط يميناً وشمالاً ... قال: وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت به، فمخدوش ناج، ومكدوس في النار، والذي نفس أبي هريرة بيده إن قعر جهنم لسبعون خريفاً.
وروى ابن أبي حاتم عن صفوان بن عمرو عن أيفع عن ابن عبد الكلاعي أنه سمعه وهو يعظ الناس يقول: إن لجهنم سبع قناطر قال: والصراط عليهن قال: فيحبس الخلائق عند القنطرة الأولى فيقول: قفوهم إنهم مسؤولون. قال: فيحاسبون على الصلاة ويسألون عنها قال: فيهلك فيها من هلك وينجو من نجا، فإذا بلغوا القنطرة الثانية حوسبوا على الأمانة كيف أدوها وكيف خانوها قال: فيهلك من هلك وينجو من نجا ... اهـ نقلاً عن ابن كثير في التفسير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1426(12/7281)
هل يضمن الصبي المال الذي أخذه بغير حق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب عندي 24 عاما منذ عشر سنوات كان عندنا في البيت شنطة على سبيل الأمانة من خالي وفي يوم كنت ألعب فيها علي سبيل التسلية انفتحت مني ولقيت داخلها نقودا ونظرا لصغر سني وأني كنت مغضبا من خالي لأنه لا يسأل عنا خصوصا أن والدي متوفى، وطبعا ضعف النفس ابتدأت آخذ من الفلوس ثم بعد فترة هداني ربي وتبت وانقطعت عن ذلك، وابتدأت أقترب من الله قدر المستطاع وعزمت على أن أرد الفلوس، لكن المشكلة أن خالي أخذ الشنطة من عندنا وطبعا عرف لكنه لم يتكلم خصوصا أن أمي لا تعرف ما بداخل الشنطة المهم أني أود أن أقول لوالدتي عن هذا الموضوع ولكني خائف من شيئين الأول: أن تعتبره خيانة لها وهو كذلك ولكني أريد أن أرجع النقود بنفسي دون أن تعرف هي خصوصاً أن الله قد ستر علي وهي في وقت من الأوقات لاحظت وجود نقود معي فلما سألت قلت لها أني وجدتها في الشارع وأنني ندمت وسوف أردها بطريقة ما وكذبت لأني لا أريد أن أكبر الموضوع معها وأني كما قلت سوف أتصرف لوحدي.
أما السبب الثاني: أني أخاف أن تكون نقود خالي حراما خصوصا أن خالي أحضر هذه الفلوس بعد وفاة جدي مباشرة وإذا كان كذلك فلا أريد أن أفضحه لعل أن يكون قد رد النقود مثلي ولا أريد فرقة ومشاكل بين الأخوات. فماذ أفعل؟ أنا قررت أن أذهب لخالي وأحكي له ما حدث مني وأستسمحه فإن كانت فلوسه حلالا فإن شاء الله يسامحني، ولكن هل في هذه الحالة أقول لوالدتي الحقيقة حتي لو كان أحد الأصدقاء يحاول أن يقول لها هذا الموضوع ولكني أنكره فلو رددت المبلغ أعتقد لا فائدة أن تعرف لكن المشكلة لو كان المبلغ حراما أو من إخوته فماذا أفعل اعترافي له لا يكفي لأنه توجد حقوق لأناس آخرين فماذا أفعل لو قال إنه سيردهم هل أسكت وأدافع عنه وأقول إن لم يكن في الشنطة فلوس على أساس أنه تم رد الفلوس بطريقة غير مباشرة. وإذا قال إنه لا يريد رد النقود فماذا أفعل؟ أنا أحب خالي هذا حبا شديدا بالرغم من ضيقي منه لإهماله لنا ولكني أحبه، ولكن أنا أحب الله أكثر وأريد إرجاع الحق لأصحابه بطريقة تعطيهم حقوقهم ولا تقطع صلة الأرحام على قدر المستطاع.
ياليت ترد ون علي سريعا فالعمر قصير أرجوك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلاشك أن أخذ مال المسلم أمر محرم إلا إذا كان عن طيب نفس منه، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء: 29} .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. رواه مسلم.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. متفق عليه.
ويجب على من أخذ مال غيره بغير حق أن يرده له، سواء أخذه قبل البلوغ أو بعده، لأن ضمان أموال الغير لا يشترط فيه التكليف.
قال ابن قدامة في المغني: لا حد على الصبي والمجنون وإن باشرا القتل وأخذا المال، لأنهما ليسا من أهل الحدود، وعليهما ضمان ما أخذا من المال في أموالهما، ودية قتيلهما على عاقلتهما.
فيجب عليك إذا أن ترد المال الذي أخذته إلى خالك، وإن كان أخذك لهذا المال بعد البلوغ، فيجب عليك إضافة إلى رد المال التوبة إلى الله تعالى من هذا الذنب.
واعلم أن عزمك على تكليم خالك واستسماحه أمر طيب، ونحن نشجعك عليه، وأما كونك لا تعرف من أين أتى خالك بهذا المال، وأنك تشك أنه مال حرام، فإن ذلك لا تأثير له على الحكم السابق، وهو وجوب رد المال إلى خالك لأن المال ماله ما لم تقم بينة بخلاف ذلك، أما الشك ومجرد الدعوى بدون بينة، فإن ذلك لا يكفي للتشكيك فيما يحوزه الناس من أموال.
قال ابن عابدين في (حاشيته) : إن وضع اليد والتصرف من أقوى ما يستدل به على الملك، ولذا تصح الشهادة بأنه ملكه. فما دام خالك هو صاحب التصرف في هذا المال، فإن المال ماله ما لم تقم بينة على خلافه، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، ولكن البينة على المدعين واليمين على من أنكر. رواه البيهقي، وحسنه ابن رجب في جامع العلوم وابن حجر في الفتح وصححه الألباني.
وعليه، فإذا كان لديك بينة أن هذا المال من تركة جدك قبل قسمتها فلك أن تتقدم إلى المحكمة الشرعية بهذه البينة لتعود الحقوق إلى أصحابها، وأما مجرد الشك، فإنه غير كافٍ كما أسلفنا.
وأما بخصوص إخبار أمك بالموضوع، فإننا ننصحك بعدم فعل ذلك، لأنها كما ذكرت أنت في سؤالك قد تعتبرك خائناً للأمانة، وقد تشك هي أيضاً في خالك دون بينة، فعليك أن تستر على نفسك وترد المال إلى خالك وتستسمحه، فإن أقر هو أن المال مال ورثة جدك، فإنه يطالب حينئذ برد الحقوق إلى أصحابها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1426(12/7282)
التصرف في الأمانة دون إذن المودع
[السُّؤَالُ]
ـ[وضعت ابنة عم للوالد مبلغ 22 جنية فلسطيني قبل عام 48،وتم استخدام 17 جنية في شراء سلاح لمساعدة الثورة وتبقى خمس جنيهات احترقت مع المنزل في الحرب وتوفي كل من الوالد وابنة عمه فهل يجوز استخراج هذا المبلغ صدقة عن هذه السيدة؟ أو يجب إرجاع قيمة المبلغ لأبنائها؟ وما رأي الشرع في ذلك
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المبلغ المذكور قد وضع عند والدك كوديعة وتصرف بها بما ذكرت دون أمر من ابنة عمه (صاحبة الوديعة) فإن عليه ضمانها لتعديه بالتصرف في أمانته دون إذن من المودع. قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ومن تعدى على وديعة ضمنها.
وعلى ذلك، فعليه أن يرد المبلغ بكامله لورثتها ما تلف منه بالحريق وما تصرف فيه هو بغير إذن صاحبته، فالجميع أصبح في ذمته وضمانه بسبب التعدي، ولا يصح التصدق به عنها مادام لها ورثة فهم أحق به، وقد ملكوا جميع ممتلكاتها بمجرد موتها، فإن شاءوا تصدقوا به او أمسكوه.. ومادام أبوك قد مات فإن كان قد ترك مالا فإنه يجب عليكم أن تخرجوا منه الدين الذي عليه ومنه المبلغ المذكور، وإن لم يكن ترك مالا فإن من بركم به أن تخرجوه عنه.
أما إذا كان تصرفه بأمر من المالكة فإنه لا ضمان عليه شرعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1426(12/7283)
الكذب لحفظ الأمانة من الضياع
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقة توفي زوجها وقد أخذ كل من أولادها حصصهم من الإرث إلا شاب منهم وذلك لأنه في السجن، أودعت هذه المرأة حصة هذا الشاب عند إحدى صديقاتها كأمانة لتسلمها له عند خروجه من السجن وذلك لسوء وضعها الصحي وعدم وثوقها بأولادها، المرأة التي استلمت الأمانة لا تعرف ماذا تفعل إذا ما جاء أولاد صديقتها يطالبونها بمال أخيهم، هل تنكر أن المال موجود عندها حتى لو اضطرت لتحلف على القرآن، علما بأن أولادها وزوجها يعرفون بموضوع الأمانة وصديقتها التي أعطتها الأمانة في المشفى دون حراك، ماذا تفعل، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز لهذه المرأة التي استأمنتها صديقتها على مال ابنها أن تخبر به إخوانه إذا كانوا سيأخذونه أو يستهلكونه بغير حق شرعي، فإن حفظ الأمانة واجب، وتضييعها حرام، لقول الله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58} ، ولو دعاها ذلك للكذب عليهم، فإن الكذب في هذه الحالة غير حرام، فقد قال أهل العلم: يجوز الكذب في كل ما فيه مصلحة دون مضرة للغير.
وقال ابن الجوزي: وضابط ذلك أن كل مقصود محمود لا يمكن التوصل إليه إلا بالكذب فهو مباح إن كان المقصود مباحا، وإن كان واجباً فهو واجب.
وإنقاذ مال المسلم من التلف والضياع واجب، وعلى ذلك فالكذب هنا واجب إذا دعت الحاجة إليه ويقتصر في ذلك على ما تدعو إليه الحاجة، وقد قسم بعض أهل العلم الكذب إلى خمسة أقسام لكل نوع منها حكم من أحكام الشرع الخمسة، ومن القسم الواجب إنقاذ مال المسلم إذا طلب جوراً فقال:
لقد أوجبوا زوراً لإنقاذ مسلم * ومالٍ له إذ هو بالجور يطلب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1426(12/7284)
حكم انتفاع السائق بما يزيد من الوقود
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل موظفا في الحكومة (سائق) ، وكل يوم يصرف لنا بنزين 30 لتر لكل واحد من السائقين وفي نهاية الأسبوع تقريباً يزيد عندي بعض لترات من البنزين.. فهل يحق لي تعبئة سيارتي الخاصة بالبنزين الزائد منه، علماً بأنهم لا يطلبون منا الزائد ... وكان سابقاً يصرف لنا راتب زيادة لأجل قيادة السيارات ولكن قطع صنف القيادة منا منذ سنوات ... فما الحكم بأخذ ما زاد من البنزين؟ مع الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر -والله تعالى أعلم- أنه لا يجوز لك أخذ ما زاد من البنزين، لأن البنزين صرف للعمل، فأخذك لشيء منه يعد اعتداء على ما ليس لك، ولا يؤثر في هذا كون الشركة لا تطلب منكم الزائد من البنزين؛ لأن ذلك قد يكون عن اعتقاد أنه قد استهلك في السير، ومحل عدم الجواز ما لم تأذن الجهة الحكومية صراحة للسائقين بالانتفاع بالزائد من الوقود، وراجع لزاماً الفتوى رقم: 32031.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1426(12/7285)
من كان عليه حق لآخر ويئس من وجوده
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو في أحد الأيام اشتريت قماشا من أحد المحلات وبقي علي مبلغ من المال لا يتجاوز الدولار فقال لي صاحب المحل اذهب وأت به في وقت آخر وكنت دائما أقول اليوم وغدا ومرت الأيام وبدأت الحرب على بلدي العراق وبعد أن توقفت الحرب بفترة طويلة ذهبت إلى ذلك السوق وتذكرت المبلغ الذي كان علي لكنني لم أتذكر المحل وكم حاولت أن أتذكر المحل فلم أستطع فماذا أفعل الآن هل أدفعها إلى أحد الفقراء كصدقة عنه أم ماذا أفعل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا حصل في نفسك اليأس من الوصول إلى صاحب الحق في الدولار وغلب على ظنك عدم التمكن من الوصول إليه في المستقبل فلتتصدق به عنه على الفقراء والمساكين، فإذا لقيته بعد ذلك فلتخبره بما فعلت، فإن أقرك على الصدقة كان له أجرها وبرئت ذمتك، وإلا وجب عليك رده إليه وكان لك أجر الصدقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1426(12/7286)
حكم نفقات المعارض من أموال الجمعية
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت رئيسا والآن عضو في جمعية للمحافظه على قواعد الخط العربي وأهم أهدافها المحافظه على هذا الخط، ومن خلال افتتاح المعارض لتعريف الناس بأصالة هذا الخط وجمالياتة وكما تعلمون دائما بعد افتتاح أي معرض وكتكريم للراعي يقام على شرفه بوفيه أو غداء أوعشاء ويأتي لهذه الجمعية دعم حكومي بسيط، سؤالي: المال الذي يصرف لهذه الغاية حلال أم حرام طبعا لا يصرف إلا بمعرفة الهيئة الإدارية وماذا بالنسبة إلى أتعاب التنقلات وإلى الجهود التي تبذل فى إقامة هذا المعرض هل نقودها من الجمعية حلال أم حرام والله من وراء القصد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت إقامة هذه المعارض بكل ما يتعلق بها من مصاريف أكل وتنقلات ونحو ذلك، من ضمن أعمال الجمعية ويتم صرف هذه المبالغ بإذن من هو مخول بالإذن، فلا مانع من إقامة المعارض من أموال الجمعية، ولا يعد ذلك اعتداء عليها أو خيانة للأمانة التي اؤتمنت الهيئة الإدارية عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1426(12/7287)
رد الأمانات إلى أصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل حضرتكم عن الأمانة، استلفت أشرطة كاسيت من إحدى زميلاتي ولم أرجعهم بعد، المشكلة تكمن في أني لا أعرف كيف أتصل بها، كما أنني أضعت أحدها، إضافة إلى أن الأشرطة تحتوي على أغاني وقد علمت أن الأغاني حرام، أنتظر منكم النصح في أقرب فرصة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجعي في جواب هذا السؤال الفتاوى ذات الأرقام التالية: 50158، 34875، 7823، 51655.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1426(12/7288)
تعيين من ليس كفؤا للعمل خيانة للأمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال موجه إلى لجنة الفتوى ونص السؤال كما يلي:
شاب ليس له عمل مستقر، بدأ يصلي ويلتزم شيئا فشيئا تزوج فأحس بالمسؤولية وجاءت في باله فكرة الشغل (العمل) في المسجد كقيم أو مؤذن ومستواه لا يسمح له إلا بدرجة القيم. اتصل بأحد المعروفين عند السلطات فأعانه على التوظيف في المسجد كمؤذن
ويشترط لهده الوظيفة حفظ نصف القرآن وهو لم يحفظ إلا القدر اليسير جدا فلجأ إلى المسؤولين فتحصل منهم على شهادة حفظ نصف القرآن فحصل على الوظيفة كمؤذن فأصبح مؤذنا وإماما في نفس الوقت حيث يصلي وراءه من هو أحفظ منه ومن هو أعلم منه بل وراءه طلاب العلم فأصبح مسيطرا على المسجد.
فهل على جماعة المصلين كشف أمره عند السلطات العالية؟ أم أنها تجتمع على إمام آخر يقوم مقامه وهو يبقى مؤذنا رغم مخالفته لشروط المؤذن.
ولعلمكم أن التوظيف لا يكون إلا بالمسابقة والمسابقة تقدم إليها من هم أعلى منه مستوى في كل الميادين فلم ينجحوا أمامه وهو راسب في العلامات وهم ناجحون.
أفتونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قام به هذا الشخص من تزوير شهادة بحفظ نصف القرآن الكريم أمر محرم، وعمله بموجب هذه الشهادة في هذه الوظيفة أمر محرم هو الآخر، ولا يجوز للمسؤول على هذه الوظائف أن يحابي فيها أحدا؛ بل عليه أن يعين فيها من هو أهل لها، فإن عين فيها من ليس أهلا لها مع وجود من هو أهل فقد خان الأمانة، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال: 27} . وفي الحديث: إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة. قال: كيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله. رواه البخاري.
وإذا كان الأمر كذلك فلجماعة المسجد أن يطالبوا المسؤولين بتعيين إمام ومؤذن لمسجدهم تتوفر فيهما الشروط التي جعلت شرطا لمن يتولى هذه الوظيفة إن كانت شروطا شرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1426(12/7289)
حكم أخذ العامل مال للأكل من جهة العمل دون علمها
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: أنا مسؤول في شركة وأعمل ساعات طويلة مع مجموعة من الموظفين، ما حكم صرف بعض النقود للأكل أو الشرب لكن بدون علم صاحب المال، مع العلم بأن ساعات العمل طويلة في الشركة وأنا مسؤول الشركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان صرف تلك النقود لا يسمح به نظام العمل ولوائحه، ولم يكن بطيب نفس من المالك فلا يجوز، وهو من أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال الله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188} .
ويجب على من فعل ذلك التوبة إلى الله عز وجل ورد هذه النقود -ولو بطريقة غير مباشرة- إلى جهة عمله، وراجع الفتوى رقم: 14889.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1426(12/7290)
المسئول عن حضور وانصراف الموظفين مؤتمن على عمله
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة ووظيفتي هي تسجيل حضور وانصراف الموظفين ومواعيد العمل هي من الساعة الثامنة والنصف صباحا إلى الساعة الثانية والنصف ظهرا وأحيانا يخرج بعض الموظفين قبل نهاية الدوام بربع ساعة حيث لا يكون هنالك عمل ويقومون بكتابة ساعة الانصراف في السجل على أنهم خرجوا من العمل الساعة الثانية والنصف وهم يخرجون الساعة الثانية والربع فما الحكم في ذلك؟ وهل أعتبر أنا آثما على أني تركتهم يسجلون هذا التوقيت؟ وهل يعتبر هذا من خيانة الأمانة التي وكلت إلي وهى مسك هذا السجل؟ أفتونا وجزاكم الله خير الجزاء لأننى في حيرة من أمري]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 6326 بيان حكم توقيع الموظف في سجل الانصراف والحضور على خلاف الوقت الحقيقي لهما، وقلنا هناك بعدم جواز ذلك. وعليه، فالرضى به والموافقة عليه من قبلك إعانة لمن فعل ذلك على الإثم وخيانة لأمانة حفظ السجل، وقد قال الله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} . وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1426(12/7291)
حكم توزيع ما بقي من طعام الطلاب على المدرسين
[السُّؤَالُ]
ـ[مدرسة في مدرسة أطفال يتم فيها توزيع بسكويت على الأطفال وفي كل يوم حيث لا يكون الحضور كاملا يتم توزيع باقي البسكويت على المدرسات فهل هذا حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان توزيع ما بقي على الموظفات والمدرسات.. بإذن المسؤولين الذين يوزعون ذلك فلا مانع منه شرعا إن شاء الله تعالى، وإن لم يكن هنالك فالمرجع هو العادة والعرف، فإن كان العرف جاريا بأن ما بقي يوزع على المدرسات أو العاملات والموظفات فهذا لا يحتاج إلى إذن من المسؤولين لأن العادة محكمة ما لم تخالف الشرع وخاصة في مثل هذه الأشياء، وإذا لم يكن هنالك إذن ولا عرف فالظاهر هو عدم جواز أخذ الفائض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1426(12/7292)
حكم تصرف الموظف بالمواد المستهلكة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة أعمل في جامعة وساعات العمل الرسمي من الثامنة صباحا وحتى الخامسة مساءً وعملي أكاديمي وله علاقه بالطلاب من ناحية تجهيز المختبرات والإشراف على تجاربهم، أود أن أستفسر عن الأمور التالية التي لها علاقة بطبيعة عملي -هنالك بعض المواد مستهلكة في المختبر وموجودة بكميات كثيرة مثل الكفوف وعبوات البول, هل يجوز الأخذ منها وإعطاؤها لمن يطلبها من الأصدقاء أو العاملين طبعاً بالمعقول وإعطاء الطباشير التي لم تعد تستخدم عندنا للمدارس الحكومية، ويشمل هذا السؤال بعض العبوات الفارغة التي من الخسارة أن ترمى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الموظف أمين على ما تحت يده من أدوات العمل، فلا يجوز له التصرف فيها إلا فيما أذن له من التصرف، فإذا كان من المأذون فيه التصرف بهذه الأدوات المذكورة بدفعها إلى من يحتاجها أو برميها والتخلص منها فلا مانع، وإن لم يكن مأذوناً فيه فالتصرف فيها على هذا النحو غير جائز وهو من الخيانة للأمانة التي اؤتمن عليها، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27} ، وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 21589.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1426(12/7293)
اختلاط الأمانة بالمال الخاص
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطاني شخص مبلغاً من المال لنقله، ورقة 50 دينارا وقال لي هذه أمانة معك أوصلها لفلان، وضعت هذه الورقة النقدية في جيبي مع مالي الخاص فاختلطت به ولم أعد أعلم أي ورقة أعطاني إياها هذا الشخص لأوصلها إلى فلان، هل يجوز لي أن أعطيه أي ورقة نقدية بنفس القيمة أم لا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان من الواجب عليك أن تؤدي الأمانة إلى من حملتها إليه دون تفريط في حفظ عينها لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} . وقوله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء: 58} . فإذا اختلطت الأمانة التي معك بأمثالها من جنسها وتعذر عليك أداء عينها جاز عند ذلك إعطاء مثلها من جنسها لمن حملتها إليه. أما إذا لم يكن معك مثلها من جنسها فالواجب هو أداء قيمتها من غير جنسها بسعر يوم الأداء فإذا كان الشخص قد أعطاك 50 ديناراً وتعذر عليك أداؤها بعينها جاز لك أن تؤدي مثلها (50 ديناراً أخرى من نفس العملة) ، فإذا لم يوجد معك 50 ديناراً جاز أن تؤدي قيمتها من عملة أخرى كالريال ونحوه، وراجع الفتوى رقم: 52589، والفتوى رقم: 1794.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1426(12/7294)
التصرف في الوديعة في حاجة النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[معي 10000آلاف جنيه لتوزيعها علي عدد 20 يتيما بواقع 50 جنيه شهريا لكل منهم أي أن المنصرف كل شهر 1000 جنيه فقط هل يمكنني أن أستعين بهذا المال على قضاء حاجياتي دون أن أقصر في إعطاء اليتامي ما يستحقون شهريا؟ علما بأن هذا المبلغ من أناس مختلفين أعطوني أياه لتوزيعه ولا يمكن توزيع هذا المبلغ الكبير مرة واحدة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الأموال ملك للأيتام وليست ملكاً لك، وإنما أنت أمين عليها، وهي وديعة عندك، وليس من حق المودع التصرف في الوديعة في حاجة نفسه إلا بإذن من المودع، وراجع بهذا الخصوص الفتوى رقم: 10589، والفتوى رقم: 21071.
وإذا كان لا يمكن توزيع هذا المبلغ دفعة واحدة، فيوزع على أقساط دون تعد منك أو تصرف فيه بغير حق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1426(12/7295)
لا يصح التصدق بحقوق الآخرين إلا في حالة العجز عن إيصالها
[السُّؤَالُ]
ـ[عائلة كانت تسكن في الكويت أثناء حرب الخليج الأولى ولم يدفعوا أجرة البيت الذي كانوا يسكنونه بسبب ظروف الحرب ولأن الدولة لم تصرف لهم رواتب تلك المدة البالغة 7 أشهر فهل يجب عليهم الآن بعد أن سافروا إلى الأردن؟
وهل يجزئ عن ذلك توزيع قيمة الأجرة عن تلك المدة للفقراء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب دفع أجرة تلك المدة إلى صاحب البيت إن كان حيا، أو ورثته إن كان ميتا، ولا يجوز التصدق بها على الفقراء والمساكين إلا في حالة العجز عن إيصال هذا الحق إليهم.
جاء في مطالب أولي النهى للرحيباني ناقلا عن ابن تيمية رحمه الله قوله: إذا كان بيد الإنسان غصوب أو عواري أو ودائع أو رهون قد يئس من معرفة أصحابها فالصواب أن يتصدق بها عنهم.
.. وكان عبد الله بن مسعود قد اشترى جارية فدخل بيته ليأتي بالثمن فخرج فلم يجد البائع فجعل يطوف على المساكين ويتصدق عليهم بالثمن ويقول: اللهم عن رب الجارية.
والحاصل أن المجهول في الشريعة كالمعدوم، فإن الله سبحانه وتعالى قال: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة: 286} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1425(12/7296)
من وجد عنده مال مملوك لمجهول
[السُّؤَالُ]
ـ[تم تجميع مبلغ لأخ في الله يرغب في الذهاب للحج، وتم إعطاؤه المبلغ، وقام جزاه الله خيراً بإرجاع جزء منه لأنه كان فائضاً عن حاجته، والمبلغ المتبقي بحوزتي، ولا أتذكر أسماء الناس الذين أرسلوا لي التبرعات بالضبط نظراً لكونهم كثيرين، ولم أجد شخصاً آخر يرغب بالذهاب للحج لإعطائه، علما بأن المبلغ تم تجميعه بنية أنه لشخص يرغب للذهاب للحج والآن لا أعرف ماذا أفعل بالمبلغ المتبقي، وهل يجوز لي أن أضعه في صدقة جارية عن الأشخاص المتبرعين به، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تعذر عليك معرفة المستحقين لذلك المبلغ الفاضل عن حج ذلك الشخص، فإنك تتصدقين به فيما يغلب على الظن أنه أكثر أجرا ونفعاً لأصحابه كإنفاقها في سبيل الله، وكالتصدق به لكفالة أيتام مثلاً، أو في صدقة جارية، فالمال المذكور يعتبر مملوكا لمجهول، والحكم في هذا أن يتصدق به. ففي مطالب أولي النهى للرحيباني الحنبلي: قال ابن رجب الديون المستحقة كالأعيان يتصدق بها عن مستحقيها، ونصه في رواية صالح: من كانت عنده ودائع فوكل في دفعها ثم مات وجهل ربها وأيس من الاطلاع عليه، يتصدق بها الوكيل وورثة الموكل في البلد الذي كان صاحبها فيه. انتهى، وراجعي الفتوى رقم: 9889.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1425(12/7297)
الوديعة التي لا يعرف أين صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب من العراق مقيم في المانيا منذ عدة سنوات، وقبل حوالي أربع سنوات أصبحت لدي أمانة لأحد الأصدقاء حيث كان من المفروض إعادة المال إليه في نهاية السنة (2000) ولكن قبل حلول نهاية السنة كان هذا الصديق قد غادر المأنيا بدون علمي ومنذ ذلك الوقت لا أعرف له عنوانا ولا هاتفا ولا هو اتصل بي, وأحسبه قد نسي ماله من حق عندي، والسؤال ياشيخي الكريم هو كيف أتصرف، هل يجوز لي التصدق بالمال؟ أم أبقى على أمل لقائه يوما؟ ولكني أخاف أن يدركني أجلي وفي رقبتي هذه الأمانة. أفيدوني أفادكم الله وسدد خطاكم على الخير. أرجو منك الرد على العنوان البريدي.
d.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فللإجابة على هذا السؤال راجع الفتوى رقم 7390.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1425(12/7298)
انتفاع المودع بالوديعة بين الجواز والحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد مررت بضائقة مالية كادت أن تؤدي بي إلى السجن وكان والدي أعطاني مالا كما قال هو كفنه وعشاه لكن صرفته في مشكلتي دون علمه وتوفي والدي رحمه الله وقمت بالواجب المطلوب لكن لم يعلم بمصير ماله فما هو حكم الدين وماذا أفعل أرجوكم دلوني وأعينوني جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي ينبغي على الشخص إذا استودع مالاً هو أن يحفظه ويرعاه ولا يتصرف فيه إلا بإذن من المودع؛ لأن صاحبه إنما دفعه إليه ليحفظه لا لينتفع به ولا يتصرف فيه. جاء في المدونة من رواية محمد بن يحيى عن مالك قال: من استودع مالاً أو بعث به معه فلا أرى أن يتجر به، ولا أن يسلفه أحداً، ولا يحركه عن حاله لأني أخاف أن يفلس أو يموت فيتلف المال ويضيع أمانته. اهـ. وفي رواية عنه أن المستودع إن كان له مال ووفاء وأشهد على الوديعة أنه لا بأس أن يتصرف في الوديعة بدون إذن، ووجه هذه الرواية كما يقول الباجي في المنتقى شرح الموطأ: أن الدنانير والدراهم لا تتعين، فإنه لا مضرة في انتفاع المودع بها إذا رد مثلها، وقد كان له أن يرد مثلها ويتمسك بها مع بقاء أعيانها. اهـ.
وعليه؛ فإذا كنت أنفقت مثل هذا المال في تكفين وتجهيز والدك فقد برئت ذمتك من هذا الدين، وإن كان دون ذلك لزمك دفع الباقي إلى مستحقي التركة ليقسم الورثة المال كل حسب نصيبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1425(12/7299)
رد الأمانة والتحقق من وصولها إلى صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[كان عندي قبل حوالي سنتين خادمة نصرانية من سري لانكا، وعندما حان موعد سفرها قامت بشراء بعض الفواكه والهدايا من شوكولاتة وكيك وخلافه بمبلغ بسيط لا يتجاوز 15 دينارا أردنيا، وقمت أنا باعطائها مبلغ 200 دولار أمريكي إكرامية، وفي المطار رفض موظفوا المطار أن تحمل معها كل ما قامت بشرائه وذلك لأن ألوزن قد تجاوز المسموح به، وقد غادرت وتركت عندي الفواكه والشوكولاته وبعض الملابس القديمة التي كانت تلبسها وعددها قليل جداً، وقد أخبرتها بأنني سوف أرسلها لها بالبريد لاحقا، وبعدها طبعا قمنا باستهلاك الفواكه على نية أن نشتري غيرها عندما نقوم بإرسال باقي حاجياتها بالبريد،إلا أن زوجي ظل يماطل بغير قصد وقد حاولنا لاحقا الاتصال بها عبر الهاتف لكننا لم نتمكن من ذلك حيث أن الأشخاص الذين كانت تكلمهم ليسوا باقارب لها إنما كانوا أصحاب سوبرماركت أو جيران أو ماشابه ولم يساعدونا في التحدث معها، والآن وبعد هذه المدة لم تتصل هي مع أنها وعدتنا بالاتصال ونحن لم نستطع إرسال أي شيء لها، وأشعر أنا بأن هذه الأشياء أمانة عندي وأنها كثقل الجبل على كتفي، فما العمل جزاكم الله عني كل خير علما بأن عنوانها موجود لدي لكني أخشى أن أرسل أي شي ويستلمه أحد غيرها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك هو إرسال هذه الأغراض للمرأة المستحقة لها، لأنها أمانة، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي. ويجب كذلك التحري للوصول إليها، فإذا تعذر ذلك، ويئست من معرفة مكانها، فلتتصدقي بثمنها عنها، فإذا عثرت عليها بعد ذلك فعليك تخييرها بين الرضا بالتصدق عنها أو أن تردي إليها مالها، ويكون أجر الصدقة لك. وراجعي عنوانها القديم الذي تركته عندك، فمادمت غير واثقة من وصول أغراضها عن طريقه، فلا يجزئك إرسالها لها عن طريقه إلا إذا تيقنت أنها ستصلها أو غلب ذلك على ظنك. والله نسأل أن يوفقك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1425(12/7300)
مسألة حول الوديعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل بإحدى دول الخليج وترك لي أحد الزملاء حقيبة لإيصالها لزميل آخر ليأخذها له إلى مصر، وعندما أخذتها إليه رفض أخذها قائلاً إنها ستكلفه مبلغاً كبيراً، واتصل بصاحب الحقيبة وسأله أن يرسلها له ويتحمل هو تكلفة إيصالها فرفض والحقيبة الآن معي وأنا لا أعلم ماذا أفعل بها، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه بداية أننا لم نفهم السؤال فهما كاملاً، وسنجيب في حدود ما ظهر لنا منه، فإذا كنت تقصد أن زميلك سافر بعد أن ترك لك حقيبة لتوصلها إلى زميل لكي يحملها الأخير إلى مصر فرفض حملها، وبقيت هذه الحقيبة بحوزتك، فعليك أن تحتفظ بهذه الحقيبة حتى يأتي صاحبها لأخذها أو يرى فيها رأيه، أو يرسل إليك بتكاليف نقلها إلى بلده، وإذا أردت السفر واستطعت أن تأخذها معك لتسلمها إليه، ابتغاء مرضات الله، أجرت على ذلك، وإن لم تستطع فاحتفظ بها عند شخص أمين تثق به، حتى يتمكن صاحبها من أخذها.
قال في كشاف القناع: (وإن دفعها) أي: دفع المستودع الوديعة (إلى أجنبي) لعذر لم يضمن (أو) دفع الوديعة إلى (حاكم لعذر) كمن حضره الموت، أو أراد سفراً وخاف عليها (لم يتعد) ولم يفرط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1425(12/7301)
هل تحبس الأمانة تقليلا لأذية صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تأخير رد الأمانة لمنع ضرر حيث إن أمي وقريبة لها لهما منزل شرك وهذه القريبة تمعن في أذيتنا حتى نرحل عن المنزل فمرضت أمي بمرض السكر وقمنا بعرض المنزل للبيع وهذه القريبة لها معي مبلغ من المال أمانة فهل يجوز تأجيل رد هذه الأمانة حتى يتم بيع المنزل أو تقسيمه حيث إنها تقلل من أذيتنا كلما ذكرتها بالأمانة التي لها ... ... ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي المسند من حديث بشير بن الخصاصية قلت: يا رسول الله إن لنا جيرانا لا يدعون لنا شاذة ولا فاذة إلا أخذوها، فإذا قدرنا لهم على شيء أنأخذه؟ فقال: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك.
فهؤلاء الجيران يعتدون على أموال جيرانهم، ومع هذا لم يأذن الرسول صلى الله عليه وسلم بخيانتهم، فإن الخيانة حرام مطلقا، وأمر صلى الله عليه وسلم برد أمانتهم، ولذا لا يجوز لك حبس الأمانة التي عندك لهذه المرأة تقليلا لأذيتها كما تقول، ويجب عليك تسليم ما اؤتمنت عليه دون مماطلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1425(12/7302)
الواجب رد المبلغ الزائد إلى مستحقه
[السُّؤَالُ]
ـ[سحبت من البنك مبلغاً معينا غير أن العون مدني بأكثر مما طلبت ولم أعد الفرق إليه، هل هذه سرقة وكيف يمكن التكفير عن ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أعطاك موظف البنك أو جهاز الصراف الآلي مبلغاً أكثر من المبلغ الذي طلبتيه، ولم يتم خصم ذلك المبلغ من حسابك، فالواجب عليك هو رد المبلغ الزائد إلى من يستحقه، فإن كان البنك رد إليه، وإن كان هذا الخطأ قد تحمله الموظف، وجب رده إلى الموظف، ولا تتم التوبة إلا بذلك، مع الندم على تعمد عدم رده، والعزم على عدم العودة إلى ذلك في المستقبل، وراجعي الفتوى رقم: 21136.
وننبه السائلة إلى أنه لا يجوز إيداع الأموال في البنوك الربوية إلا للضرورة، وإذا تم إيداعها فيها للضرورة فلا يجوز إلا في الحساب الجاري لعدم ترتب زيادات ربوية عليه، ومثال الضرورة التي تجيز ذلك: الخوف على المال من السرقة ونحو ذلك، بحيث لا يمكن حفظه في مكان غيرها، وراجعي الفتوى رقم: 46433.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(12/7303)
حكم التصرف في مال الغائب بدون إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم نحن ورثنا عن والدنا ونحن قسمان قسم أبناء إحدى زوجاته ونحن الذكور الذين نعمل بهذا المال والقسم الآخرأبناء الزوجة الثانية التي معظم أبنائها من الإناث اللاتي قد تزوجن وسافرن مع أزواجهن والذكور مازالوا تحت سن المراهقة ولا يستطيعون الحفاظ وتطوير مالهم وبالتالي فنحن نعمل بالمال بشكل عام حيث لم نقسم بعد السؤال هو لقد عملنا بهذا المال طيلة ثمان سنوات ولم نأخذ شيئا منه البتة ولا من الأرباح ولكن في السنة الأخيرة أخذنا نصف الربح أو أقل مقابل أننا نعمل على هذا المال حيث كان لنا أعمال خاصة نصرف منها ولكنها باتت لا تكفينا فقررنا أخذ نصف ربح المال لكي نستطيع مواصلة العمل ولم نعلم الطرف الآخر بأنا أخذنا شيئا لأننا نعتبره حقنا مقابل العمل وحيث إنهم منتشرون أو مسافرون في أماكن عدة وأيضا نتحرج أن نقول لهم إننا سنأخذ شيئا فهل هذا العمل جائز أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المال الذي تركه والدكم حق لجميع الورثة، وسبيله القسمة بينهم، كل حسب نصيبه الشرعي، ومن كان حاضرا أخذ حصته، ومن كان صغيرا نصب له القاضي أو من يقوم مقامه قيما يحفظ ماله وينميه حتى يبلغ الصغير الحلم وهو رشيد فيدفع إليه ماله، كما قال تعالى: وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ {النساء: 6} .
ومن كان غائبا من الورثة عزل حقه حتى يحضر فيأخذه، فهذا الذي تقرر آنفا هو ما يجب عمله في مثل هذه المسألة، وإذا لم يفعل إلى الآن فيبادر الورثة إلى ذلك.
وأما عن حكم أخذ الإخوة الكبار القائمين على هذا المال من أرباح إخوانهم الصغار فالجواب أنهم ليس لهم ذلك إلا أن يسبق تنصيبهم قيمين على أموالهم من قبل القاضي ويحدد ما يأخذونه مقابل عملهم في أموال الصغار وما لم يتم تنصيبهم فليس لهم أخذ شيء من أموالهم.
وأما بخصوص تصرفكم في حصص الكبار الغائبين فإذا لم يكن بإذن منهم فهو تصرف فضولي واستيلاء على أموالهم بدون حق، فليس لكم مقابله شيء ما لم تطب به نفوسهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1425(12/7304)
حكم صرف زيادة مالية عما هو محدد
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدوني أفادكم الله هناك اجتماع دوري يعقد كل 10 أيام بقرار من الوزير المختص، محدد له بدل حضور جلسات 10 جنيهات عن كل اجتماع ورئيس الاجتماع يصرف 30 جنيه، عن كل اجتماع لعدم تناسب المبلغ مع أهميته وأهمية الأشخاص الذين يحضرون الاجتماع فكيف يأتون من شركاتهم ويأخذون هذا المبلغ الزهيد، فهل علي إثم أن آخذ المبلغ كما حدده رئيس اللجنة الثلاثون جنيها أم آخذ العشرة جنيهات فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان رئيس اللجنة مخولاً من الجهات الرسمية بزيادة أو إنقاص هذا البدل جاز لكم أخذه، أما إذا كان غير مأذون له في ذلك، فلا يجوز له زيادة هذا البدل، كما لا يجوز لكم أخذ هذه الزيادة لأنه مؤتمن على ما تحت يده، وفي الحديث: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. رواه الترمذي وقال: حسن غريب، وصححه الألباني.
وفي قبولكم لهذه الزيادة في هذه الحالة إعانة له على المنكر، وقد قال عز وجل: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(12/7305)
الموكل إذا نسي دفع مبلغ لجهة معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت أعمل معلمة لإحدى المدارس فطلبوا منا دفع مبلغ 300 درهم من كل معلمة لبناء مسجد كعمل خيري تقوم به إدارة المدرسة وقلت لأمي فأعطتني المبلغ لكي تشترك معنا في هذا العمل الخيري، ومرت الفترة ونسيت أنا الموضوع ونسيت المبلغ الذي أعطتني إياه أمي في المحفظة ولم أدفعه ومرت الأيام وانتهت مدة عملي في هذه المدرسة ولم أدفع المبلغ، فهل يجوز أن أدفع المبلغ الذي أعطتني إياه أمي لعمل خيري غير بناء المسجد مثل الصدقة أو عمل خيري آخر بنية أنها من عند أمي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى يقول: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58} ، والمال الذي دفعته أمك مشاركة منها في بناء المسجد أمانة كان الواجب عليك دفعه إلى تلك الجهة، لكن بما أنك نسيت هذا المبلغ في محفظتك ولم تتذكريه، فلا إثم عليك إن شاء الله تعالى، لحديث: إ ن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه.
هذا، وإذا كان بناء المسجد لم يكتمل فسارعي بدفع المبلغ إلى الجهة القائمة على بنائه، أما إن كان اكتمل البناء ولم يعد المسجد بحاجة إلى هذا المبلغ، فاستشيري أمك في التصرف فيه، واعلمي أن الشخص إذا وكلِّ بإخراج صدقة أو زكاة ونحو ذلك، فتصرف فيها كما أمره موكله، فإنه أحد المتصدقين، ففي الحديث: الخازن الأمين الذي ينفق ما أمر به كاملاً موفراً طيبة نفسه إلى الذي أمر به أحد المتصدقين. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1425(12/7306)
كيفية التصرف في الأمانات المتأخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب مني أحد الأشخاص توصيل مبلغ 00ر300 جم (ثلاثمائة جنيه مصري) منذ اثنين وعشرين عاما ولم أعثر على العنوان إلا مؤخرا وتبين أن المرسل إليه قد توفي وأنا أريد إبراء ذمتي من هذه الأمانة 0 أرجو التفضل بإفتائي عن كيفية سداد هذه الأمانة وعما إذا كانت بقيمتها وقت استلامها منذ 22 عاما أو بقيمتها الحالية وماهي مقدارها أو كيفية حسابها وكم تبلغ حتي يتم إيصالها إلى ورثة صاحبها أثابكم الله 00]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان الواجب عليك عند تعذر معرفة عنوان هذا الشخص هو أن ترد المال إلى الشخص الذي أرسله معك، لأنه أعلم بالشخص المطلوب وعنوانه، وطرق إيصال المال إليه، أما الآن وقد أخرته هذه المدة الطويلة فيجب عليك أولا أن تتوب إلى الله من هذا التقصير الذي وقع منك، ثم عليك أن تعطي هذا المال لورثة هذا المتوفى، ولا يجب عليك أن تعطيهم أكثر من مما أعطاك الشخص المرسل، إلا أنك إذا كنت قد استثمرت هذا المال لمصالحك فيجب عليك أن ترد المال مع أرباحه على الراجح من أقوال أهل العلم، وهذه المسألة راجعة إلى مسألة هل الربح تابع للجهد أم للمال؟ وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين: القول الأول: أن الربح يتبع رأس المال، ولا يتبع الجهد المبذول إذا كان أخذ بغير إذن مالكه، وليس لآخذه منه شيء، وهذا قول أبي حنيفة وأحمد في ظاهر المذهب، وهو مذهب ابن حزم أيضا. والقول الثاني: أن الربح تبع للجهد المبذول، لا لرأس المال، ومن ثم يكون الربح الناشئ في استثمار المال الحرام للآخذ وليس لرب المال، وهذا قول المالكية، والشافعية، والذي عليه الفتوى في الشبكة هو المذهب الأول كما تقدم في الفتوى رقم: 10486.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1425(12/7307)
لا يجوز أخذ شيء من مكان العمل وتعويض آخر مقابله
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في معمل مستشفى حكومية وأنا موكل من إدارة المستشفى بشراء الكيماويات التي يحتاج إليها العمل وأنا بحكم عملي أحدد ما يحتاجه العمل فأقوم بشرائه، فمثلاً يحتاج المعمل إلى محلول (س) ومحلول (ص) وأنا في عملي الخاص أحتاج إلى المحلول (س) هل لو أخذت من المحلول (س) الذي اشتريه للمستشفى وأدخلت مكانه ما يقابله من المحلول (ص) إن كانت هذا لا يجوز فما العمل في المحاليل التي أخذتها بنفس الأسلوب؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المحاليل أنت مؤتمن عليها، فلا يجوز لك أن تأخذ منها شيئاً لنفسك إلا إذا إذن لك المسؤول، وكانت لوائح العمل تسمح بذلك، وسواء في ذلك ما إذا كنت تقوم بتعويض ما تأخذه من هذه المحاليل بمحاليل أخرى تملكها أم لا، والأصل في ذلك قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27} ، وقوله صلى الله عليه وسلم: آية المنافق ثلاث، فذكر منها: وإذا أؤتمن خان. رواه مسلم.
وإذا تقرر هذا فما أخذته دون إذن المسؤول، فيجب عليك مع التوبة أن ترد مثله، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد ومسلم، وراجع الفتوى رقم: 6022.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1425(12/7308)
تحريم الخيانة ووجوب أداء الأمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن تطلعوني إن شاء الله على تفسير لحادثة قد وقعت فعلاً وهي: هنالك فتاة عزباء كانت قد خانت الأمانة في الماضي وهي الآن متدينة وتلبس الحجاب ولكن دون أن تؤدي الأمانة، دخلت بيت والدها المتوفى وهو تقريباً مهجور، وكانت تقف بين ولدي شقيقها فوقف قط أسود على الشباك ونظر إليها ثم هجم عليها وقام بخدشها في وجهها ورقبتها وأعلى الكتف، وقد ذكر أحد الشباب الذي تواجد معها أنه دخل إلى المرحاض ليقضي حاجته فشعر بركلة من الخلف وخرج يجري، ما هو تفسيركم لهذه الأحداث؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا يمكن أن نجزم بشيء في تفسير هذه الحادثة، والغالب على الظن أن المكان المذكور قد أصبح وكراً للجن ... ثم إننا ننبه إلى تحريم الخيانة ووجوب أداء الأمانة، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27} ، ولقوله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58} ، ولما في الحديث: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك. رواه الترمذي وأبو داود والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
ثم إن الابتلاء الذي يصاب به العبد قد ينال به تكفير الذنوب، كما سبق أن بيناه في الفتوى رقم: 25874، والفتوى رقم: 51247.
وننصح هذه المرأة بالتوبة إلى الله تعالى، والإنابة إليه والتحلل من أصحاب الحقوق والتخلص من حقوقهم، وراجعي الفتوى رقم: 3663.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1425(12/7309)
أخذ القيم على المال مايكفيه بإشارة من مالكه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان رب العمل قد أعطاني الضوء الأخضر لأخذ ما يكفيني من أرباح أمواله الذي هو خاصته، لكن أقيم عليه أنا بما أني أعمل عنده، فهل يجوز الأخذ من هذا المال، مع العلم بأن هذه الكفاية تختلف من حين إلى آخر وكيف تنصحوني بالتعامل مع هذا المال الذي أقوم عليه بالكلية ومع رب العمل الذي لا يراجعني أبداً ولا يهتم بحالي، أفيدوني؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك هو الإخلاص في العمل، وصيانة الأمانة والمحافظة عليها، ففي الحديث: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. رواه الترمذي وصححه الألباني.
ويتم لك ذلك بالتدقيق في الحسابات والحرص على رأس المال من الضياع، وتنبيه مالكه على ما ينميه ويثمره، وتحذيره مما ينقصه أو يضيعه، ثم إن لك الأخذ من هذا المال بما يكفيك بالمعروف، دون زيادة عليه أو إسراف فيه، والمعروف هو ما تعارف الناس أنه يكفي مثلك، ولا مانع من أن تختلف حاجة الإنسان من وقت لآخر ومن حال لآخر، فتتغير تبعاً لذلك نفقاته، ومثل هذا ينطبق على حالتك فلا مانع من زيادة النفقة ونقصانها تبعاً للحاجة، ولمعرفة المزيد عن هذا راجع الفتوى رقم: 1857، والفتوى رقم: 34555.
هذا إذا أباح لك الأخذ منه تبرعاً لك دون عمل مقابل منك، أما إذا كان قد أباح لك ذلك مقابل العمل في المال، فلا بد من معلومية الأجرة المقابلة لهذا العمل، فشرط الإجارة معلومية الأجرة، أو أن يكون لك نسبة معلومة من الربح كالربع أو الثلث أو النصف فتكون مضاربة، أما أخذ ما تحتاجه مقابل العمل فجهالة العوض فيه واضحة، وهو غير جائز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1425(12/7310)
هل يجوز التصرف بالدواء الذي يتركه المريض في المشفى
[السُّؤَالُ]
ـ[أخت من الجزائر تسأل: أنا أعمل بقطاع الصحة في إحدى الولايات، وبالتحديد في جناح الصيدلة، والمسؤولون هناك يأخدون الأدوية متى يشاؤون وفي أي وقت -أي يسرقون- وإذا ما ما صدهم أحد سرعان ما يخلقون له المشاكل فيطرد من العمل على الفور، عندما يأتي مريض إلى هنا، ويحدد الأطباء مدة مكوثه في المستشفى، مثلا 15 يوما، فيحضر الدواء اللازم لمكوثه فعادة ما يذهب المريض قبل أن يكمل مدته 10 أيام مثلاً، وهنا يقوم المسؤولون بأخذ ما تبقى من الدواء المخصص له، ثم يبيعونه في الفترة الأخيرة أصبحت أنا آخذ الدواء المتبقي عن مريض ما، وأقوم بأخذه دون علم أحد إلا الله، وأوزعه على المحتاجين حقا، أنا ما أفعله هو أني أكتب الدواء المتبقي على حساب المريض الخارج -أي كأنه قد تناوله حقا- وهو في الحقيقة لم يفعل، إن الذين أعطيهم الدواء أعلم علم اليقين أنهم محتاجون فعلا، ولا يملكون ما يشترون به الدواء فإذا تركت الدواء أخذه المسؤولون دون وجه الحق، فما حكم ما أفعله وبارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا السؤال لا يخلو من ثلاث صور:
الصورة الأولى: أن يوفر المستشفى الدواء اللازم للمريض مجاناً دون أن يحاسبه عليه، فما تركه المريض من الدواء في هذه الحالة هو ملك للمستشفى لا يجوز للأطباء أو للممرضين أو غيرهم أن يأخذوه، سواء كان ذلك بغرض بيعه، أو بغرض دفعه للفقراء، لأن هذا الدواء ملك للمستشفى لا يجوز التصرف فيه إلا بإذنها، وكون بعض الأطباء يخونون الأمانة لا يبرر لغيرهم أن يخونوا، وعلى من علم خيانتهم أن يبلغ المسؤولين إن لم يخش ضررا على نفسه.
الصورة الثانية: أن يُلزَم المريض بدفع قيمة الدواء اللازم له، ثم يذهب المريض قبل أن يكمله، ويترك بعضه باختياره وعلمه فيُنظَر، فإذا كان المريض قد تركه للمستشفى، فلا يجوز للأطباء أو الممرضين أن يأخذوه، أما إن كان قد تركه لمن أخذه، فلا حرج على من أخذه وله أن يتصرف فيه بما شاء من بيع أو هبة، سواء أخذه الأطباء أو الممرضون أو غيرهم.
الصورة الثالثة: أن يترك المريض بعض الدواء دون علمه واختياره مع دفعه لقيمته، فلا يجوز لأحد في هذه الحالة أن يأخذ هذا الدواء والواجب رده إليه، لأنه ملك له.
والأصل فيما ذكرنا قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [النساء:29] ، وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه. رواه الدارقطني.
وحيث وجب رد الدواء إلى مستحقه، فالواجب رد عينه إن كان باقياً لم يتغير، وإلا وجب رد مثله أو قيمته إذا تعذر رد المثل، مع التوبة إلى الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1425(12/7311)
تحرير إيصال بقيمة أقل مما جمع من الأموال غش
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل أمين صندوق في أحد المساجد وتقوم لجنة المسجد بجمع الأموال يوم الجمعة، فهل يجوز لي كأمين صندوق أن أحرر وصلاً بقيمة أقل من قيمة الأموال المجموعة، علما بأن الأموال المتبقية تصرف كراتب للمؤذن أو في أمور متعلقة برعاية المسجد، أرجو من سماحتكم توضيح رأي الشرع في ذلك، علماً بأني وقعت لدى الأوقاف أن كل مبلغ يجمع يقطع به وصل بكل القيمة المجموعة، ملاحظة: راتب المؤذن إما يؤخر ثلاثة شهور حتى يصرف أو لا يعطى راتباً من الأوقاف أو أن الراتب قليل جداً بحيث لا يغطي نفقات أي عائلة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدين الإسلامي يحث على المساعدة وفعل الخير بكافة أنواعه، قال الله تعالى: وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِ حُونَ [سورة الحج: 77] .
والمؤذن الذي ليس له راتب أو راتبه قليل لا يكفيه أو يتأخر عنه شهوراً، وما يصرف في رعاية المسجد كلها مجالات طيبة للخير، ولكن من الخطأ الكبير أن يخون المسلم أمانته ويصرف المال الذي جعل أميناً عليه في مثل ما ذكرت، فقد قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَ ا [سورة النساء: 58] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك. رواه الترمذي وأبو داوود.
ثم تحرير وصل بقيمة أقل مما جمع من الأموال غش وكذب، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: من غش فليس مني. رواه مسلم من حديث أبي هريرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1425(12/7312)
يجمع المال للمحتاجين فهل يأخذ منه لقاء ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[فكرت في مساعدة ضعاف الحال من خلال جمع المال من ميسوري الحال بحيث أتولى إدارة هذه الأموال التي أجمعها بنفسي لأغراض مختلفة من العلاج، توفير الأضاحي، ومساعدة الأيتام على استكمال الدراسة إلى غيرها من أوجه الصرف. والطريقة تتلخص في أنني سأطلب من الأصدقاء التبرع بدينار عن كل شهر، وقد عرض هذا الأمر في أحد اللقاءات الاجتماعية وحظيت بالقبول والتشجيع.
والحقيقة أنني خائف من نفسي لأنني لدي القدرة على تنمية هذه الأموال.
فهل يحق لي أخد جزء من هذه الأموال مقابل عملي هذا وما نسبته.
حتى لا يمنعني خوفي هذا من عدم تنفيذ هذه الفكرة، وحتى لا أطمع في هذه الأموال مستقبلا.
جزاكم الله على النصحية كل الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مساعدة المحتاجين وإغاثة الملهوفين من أفضل أعمال البر التي يؤجر عليها أعظم الأجر وأحسنه.
ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ماكان العبد في عون أخيه.
وعليه؛ فهذه فكرة خيرة وينبغي أن تترجم إلى عمل، وإذا صدقتك نيتك والتزمت بشرط المتصدق كان لك من الأجر كأجور أصحاب الصدقات أنفسهم.
ففي الحديث: الخازن الأمين الذي يؤدي ما أمر به طيبة نفسه أحد المتصدقين. رواه البخاري
ومن هذا الحديث أيضاً تعلم أن يدك على هذه الأموال يد أمانة، ومن الخيانة للأمانة أن تتصرف فيها في غير ما وضعت له كأن تتاجر بها ونحو ذلك.
هذا.. وإذا لم تكن في عملك هذا متبرعاً وأردت أن تأخذا أجراً مقابله فيجب الاتفاق على أجرة معلومة محددة مع أصحاب الأموال، لأنك وكيل عنهم في توزيعها على المحتاجين فلا يحق لك أخذ أجرة إلا عن اتفاق وتراض مع من وكلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1425(12/7313)
إفشاء أسرار الشركة بمقابل وبغير مقابل خيانة للأمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة , كمسؤول تنفيذي والشركة يوجد في تعاملاتها شيء من الرشوة (كأن تدفع الشركة مبلغا لشخص ما من شركة أخرى ليطلعنا على قيمة المناقصات وأسعار المنافسين وقد نعطي أسعارا أقل من أسعار المنافسين وقد لا نستطيع منافستهم) وجزء من عملي أن أستقبل هذه المعلومات وأوصلها للمدير أوأتعامل معها أثناء سفره فهل ينطبق علي قول الرسول صلى الله عليه وسلم (لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما) علما أني فهمت أن الرائش بينهما يعني الوسيط الذي كان سبب تعارفهما وأن شركتي تعمل بهذا النظام قبل أن أعلم به أنا، فأنا لم أكن سبب معرفة بين الطرفين.
أما الشق الثاني من السؤال: فهو أنه هل يجوز لي أخذ نسبة من أرباح هذه المؤسسة مقابل عملي فيها وذلك بالاتفاق مع صاحب العمل علماَ أن دخل هذه المؤسسة ليس كله بهذا النظام الذي أرتاب به.
أفيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنه يحرم على الموظف أن يفشي أسرار شركته بمقابل وبغير مقابل لأن ذلك منه خيانة للأمانه التي أوتمن عليها. قال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ] (الأنفال:27)
والمبلغ المدفوع لهذا الموظف مقابل هذا الفعل يعتبر رشوة محرمة يأثم فيها كل من الراشي والمرتشي والرائش بينهما؛ كما في الحديث: لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما. رواه أحمد
والرائش هو الذي يمشي ويتوسط بين الراشي والمرتشي، وهذا الوصف يصدق على من يتسلم تلك المعلومات والأسرار ليوصلها إلى من هو أعلى منه في الشركة.
وعليه؛ فيحرم عليك قبول هذه المعلومات والتعامل معها وإلا كنت مشاركاً في الإثم.
وأما حكم أخذك نسبة من الأرباح مقابل عملك في هذه الشركة فينبني على العمل الذي تنتج عنه هذه الأرباح فما كان منه جائزا فأرباحه جائزة، وما كان حراما فأرباحه حرام، وكل مشارك في هذا العمل المحرم يصيبه من المال الحرام بقدر حصته منه.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1425(12/7314)
لا يطلع الأجير على أسرار الشركة ما لم يكن إذن صريح أو ضمني
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعمل في شركة تعمل في مجال البرامج المحاسبية ولنا حق توزيع برنامج محاسبي وهذا البرنامج به مجموعة من التقارير، وبها مجموعة من المعادلات التي تخص العمل والتي يمكن أن أستفيد بها في فهم برنامج مصنوع خصيصاً للتقارير فهل لي أن أفتح تلك التقارير التي تخص البرنامج لأتعلم منها في عمل تقارير أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشخص الموظف لدى شركة ما يعتبر أجيراً خاصاً، والأجير الخاص هو كما يقول ابن قدامة في المغني: الذي يستأجر مدة.
ونص أهل العلم على أن هذا الأجير أمين على ما بين يديه من ممتلكات المستأجر، وأنه يضمن ما أتلف إذا تعدى وفرط.
وعليه؛ فإذا كان الموظف مؤتمناً على أشياء الشركة لم يجز له التصرف فيها إلا بإذن من قبل أصحابها، وهذا الإذن قد يكون لفظياً وقد يكون عرفياً بأن جرى العرف في هذه الشركة على السماح بهذا التصرف، أو تدل قرائن الأحوال ودلالة العادات عليه.
فإذا لم يكن إذن صريح أو ضمني لم يجز للموظف فتح هذه التقارير والاطلاع عليها، والذي ننصح به مثل هذا الموظف هو مصراحة القائمين على الشركة بحقيقة الأمر وإطلاعهم على أن معرفته بهذه التقارير تخدم مجال عمله فإن وافقوا فذلك المطلوب، وإلا كف عن الاطلاع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1425(12/7315)
فتاوى حول استخدام أدوات من العمل لمصلحة شخصية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي استعمال مثلاً أوراق للبحث يجلبها لي أخي من عمله، علماً بأنه يشتغل ضعف ساعاته المحددة بما فيه نهاية الأسبوع، أرجو الرد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أذنت له الإدارة فلا حرج، وإلا فإنه لا يجوز كما سبق في الفتاوى التالية أرقامها: 4140، 34774، 5763.
وأما اقتضاؤه مقابل العمل الزائد على الساعات المحددة فليرجع فيه إلى الفتاوى التالية أرقامها: 49529، 24099، 28871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1425(12/7316)
الأمانة.. بين الضمان وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا محاسب مصري مقيم بالسعودية كلفت بأعمال من قبل الشركة التي أعمل بها بمتابعة أعمال في القاهرة وأنا في القاهرة حولت لي مبالغ ومن ضمنها حوالة أستلمتها من البنك ووضعتها في جيب البنطلون وذهبت بها إلى مكان العمل وإلى بيتي وعاملت هذه النقود كما أعامل نقودي من ناحية الحفظ وعندما أخرجت النقود من جيب البنطلون لأقوم بعدها وجدتها ناقصة مبلغا معينا ولا أعلم إذا كان سرق مني أم سقط من جيبي وعليه لم أسجل المبلغ المفقود بدفاتر الشركة ولم أبلغ عن فقده علما بأنه في حالة إبلاغ الشركة بفقده سوف أتحمل هذا المبلغ.
أرجو أن تفيدوني ماذا أفعل وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن يدك على أموال هذه الشركة يد أمانة، وهذه اليد لا تضمن إلا في حالتي التعدي والتفريط، والتعدي معناه فعل ما لا يجوز، والتفريط معناه ترك ما يجب في جانب الحفظ، فإذا لم تكن فرطت أو تعديت في حفظ هذه المبالغ وهو ظاهر سؤالك فلست بضامن لها شرعا.
جاء في أسنى المطالب: قال ابن القاص وغيره: كل مال تلف من يد أمين من غير تعد لا ضمان عليه. اهـ.
ثم إذا خشيت الضرر من جراء إخبار الشركة بهذا الأمر لم يلزمك إخبارهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1425(12/7317)
الواجب إرجاع فارق الثمن حسب الاتفاق
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أكلت مال أحد أصدقائي عن طريق بيع قطعة أرض له بسعر اتفقت معه به ثم بعت قطعة الأرض العائدة بسعر أكثر فهل يعتبر السعر الذي بعته به باطلاً، وإذا كان باطلاً هل أعيده له، وهل يجوز إعطاء المال الذي أكلته من صديقي الخاص بقطعة الأرض لدار الأيتام أو أي مؤسسة خيرية إذا لم أستطع إعطاءه مباشرة لخجلي منه وخوفي أن يتركني أو يفضح أمري أمام أصدقائي، أفتوني مأجورين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد اتفقت معه على أن تبيع له هذه القطعة بسعر محدد فبعت بأكثر منه، فالبيع صحيح، ويجب عليك أن تعطيه المبلغ الذي بعت به كاملاً، وقد نص أهل العلم على ذلك، قال صاحب الكفاف من علماء المالكية:
... ... وإن يزد فالزيد للموكل لا لوكيله الذي لم يعدل.
وعليه؛ فالواجب عليك إرجاع فارق الثمن لصديقك ولو بطريق غير مباشر، ولا يجوز لك أن تعطي هذا المال لدار أيتام أو مؤسسة خيرية، لأنك لا تملكه، وعليك أن تتوب إلى الله مما فعلت، ومن تاب تاب الله عليه، قال الله تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1425(12/7318)
تؤدى الأمانة إلى صاحبها أو إلى من وكله
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
كان علي دين قديم لرجل وبعد فترة طويلة أردت أن أرد هذا الدين ومقداره أربعون دينارا فسألت عن الرجل فقالوا لي مسافر إلى فرنسا فماذا أفعل هل أعطيهم لوالده أو والدته أو أحد من إخوته لأنه غير متزوج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى يقول: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58] ، والدين من جملة الأمانات، ولا تبرأ ذمة المدين إلا بدفعه إلى صاحبه إن كان حياً أو إلى ورثته في حالة وفاته، وعليه فما دام هذا الشخص حياً ومكانه وعنوانه معروفان فالواجب عليك تسديد الدين له نفسه، ما لم يأمرك هو بدفعه لأهله أو غيرهم، ويمكنك أخذ عنوانه من أهله وتحويل المبلغ إليه في مكانه الذي هو فيه، أو دفعه لمن يوكلهم في شأن القبض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1425(12/7319)
نطام الادخار بهذه الكيفية له ثلاثة احتمالات
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في إحدى البنوك المحلية، ولدينا برنامج يطلق عليه الادخار نظامه هو: يتم استقطاع نسبة 5% من الراتب (وهي نسبة محددة وثابتة لاتتغير) وتدخر لك وعند إتمام 3 سنوات على الاشتراك يتم احتساب مكافأة قدرها 30% من قيمة الادخار, وهكذا كلما زادت عدد سنوات الاشتراك زادت نسبة المكافأة حتى تصل إلى 200% عند بلوغ عشرين سنة من الاشتراك في البرنامج، بحيث تستحق عند التقاعد (إنهاء الخدمات) أصل الادخار مضافا إليه قيمة المكافأة، وفي حالة رغبتي في الخروج من البرنامج وأنا على رأس العمل لا أحصل إلا على نصف المكافأة فقط.
فهل هذا البرنامج يعد ربويا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تخرج هذه المعاملة عن احتمالات ثلاثة:
الأولى: أن تكون قرضاً من الموظف للبرنامج، وإذا كان كذلك فإنه غير جائز بهذه الصورة، لأنه لا يرد للموظف مثله فقط، وإنما يرد مع الزيادة المتفق عليها بالنسب المذكورة، وكل قرض جر نفعا فهو ربا.
الثاني: أن تكون وديعة للموظف في البرنامج، والظاهر أنها ليست كذلك لأن المودع لا يستحق من المودع لديه زيادة لا باتفاق ولا بدون اتفاق، والعبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني.
الثالث: أن يدفع الموظف هذه المبالغ بنية التبرع بها مع الخضوع لنظام البرنامج الذي يقضي بصرف المبالغ بالنسب المذكورة في أثناء مدة العمل وبعد انتهائها، وهذا لا شيء فيه، لأنه يتسامح في عقود التبرعات مالا يتسامح في غيرها.
والظاهر -والله أعلم- أن هذا العقد ربوي وينطبق عليه الاحتمال الأول، لأن القرض هو: أن تسلف شخصاً مبلغاً من المال على أن يرد لك مثله من غير زيادة ولا نقصان، فإن اشترطت الزيادة كان ربا، ولم نقل بالاحتمال الثاني لأن المال هنا مضمون، ويد المودع لديه على الوديعة يد أمانه وليست يد ضمان، وأما الاحتمال الثالث فإنه مطروح أيضاً إلا أن يكون ذلك من نظام البرنامج الأساسي وشروطه، وفي الحديث المسلمون عند شروطهم " رواه البخاري معلقاً، ورواه غيره هو موصولا.
وننبه السائل إلى أن البنك الذي يعمل فيه إذا كان ربوياً فلا يجوز له الاستمرار فيه، كما أن هذا البرنامج إذا كان يودع أمواله في بنوك ربوية، فلا يجوز الاشتراك فيه، ولوكان على الوجه الثالث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1425(12/7320)
حكم تصرف المدير ببعض مال الشركة لمصلحة العمل ثم رده
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بإحدى الشركات التي لها فروع كثيرة ويملكها أكثر من شريك ولكن يحدث بالفرع الذي أعمل به بعض المخالفات المالية، حيث يوجد مدير ومشرف، فالمدير يقوم ببعض المخالفات بحجة أن أصحاب الشركة لا ينفقون عليه كما يجب من حيث الوسائل اللازمة للعمل وهم يقومون بذلك ولا يأخذون المال لأنفسهم وحتى إن أخذه فهو يرده للعمل من ماله وأكثر ويتم ذلك بدون علم أحد بالشركة غيري وفي كثير من الأحيان أرى أن ذلك صحيح حيث ينفق المدير على أشياء من جيبه الخاص، وذلك لسير العمل بالفرع ولا يأخذ المقابل، أما المشرف فيحتفظ ببعض العائد من هذا الفرع وهو عائد بسيط مقابل ما يدخله هذا الفرع وأيضا بحجة أنه ينفقه على الفرع ولكن يتم هذا بعلم المحاسب وأحد الشركاء بالشركة بينما لا يعلم بذلك باقي الشركاء.
وللعلم كل من المدير والمشرف يشك في الآخر حيث يعتقد كلاهما أن الآخر محتال، وللعلم أصحاب الشركة جميعاً يشكون في المدير ويعلمون أنه يقوم ببعض المخالفات ولكنهم لا يستطيعون فصله حيث إن فصله يعني إلغاء الفرع الذي يدر عليهم عائداً كبيراً، فماذا أفعل أنا في هذه الدوامة مع العلم أنني أعلم فقط ولا آخذ أي شيء من هذا لأني أعلم بأنه حرام ولكن هل أرتكب إثماً على معرفتي بهذا المنكر مع العلم أنني إن بلغت بما أعرف لن يفيد وأعتقد أن الحال سيبقى كما هو وفي الغالب لن يصدقوا فهل أترك هذا العمل بسبب معرفتي وليس مشاركتي بما يحدث أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت هذه الشركة قد عين لها محاسب يراقب الأمور المالية، فلا يجوز لأحد أن يتصرف في أموالها إلا بعد الرجوع إليه لأن جميع الشركاء قد ارتضوه لذلك؛ لكن إن احتاج العمل إلى إنفاق بعض الأموال، فقام المدير أو غيره من العمال بإنفاقها بنية الرجوع بها على الشركة جاز له ذلك في حدود الحاجة، لأن قصده المصلحة، كما أن العادة جارية به، وذلك للمحافظة على المال وتنميته، قال القرافي في الفروق: ولو وكله أن يشتري له حنطة من العراء فاشتراها واستأجر حمالاً ليحمله إلى منزله استحق الأجر على الآمر استحساناً، ولو اشترى حنطة من قرية بعيدة من المصر واستأجر حمالاً لينقلها إليه لم يجز له الأجر، والفرق أن العادة جرت بأن الرجل يشتري الحنطة من المصر وينقله إلى بيته فصار كالمنطوق به، وتعيينه بالعرف كتعيينة بالنطق. انتهى.
لكن يُراعى أن يكون ذلك خاضعاً لقانون الشركة في إثبات الحقوق المالية، فإن كان إثبات الإنفاق عليها لا يعتمد إلا بوثائق أو صكوك، فلا بد أن يُراعى ذلك، وإن خضع لأمانة المتصرف وديانته فلا مانع منه لأنه مبني على قانون ارتضاه الشركاء، والمسلمون عند شروطهم، أما العائد الذي يأخذه المشرف دون رضى الشركاء فإنه لا يجوز له، ولا يكفي في ذلك موافقة أحدهم، لأنه لا يملك غير نصيب نفسه، فلا يحق له التصرف في نصيب غيره، والواجب عليك هو النهي عن هذا المنكر بإبلاغ الشركاء به، لكن عليك أن تبدأ بنصحهم، وبنصح هؤلاء أولاً، فإن أبوا فلتقم بواجبك نحو الشركاء بإبلاغهم بالواقع، وعلى هذا المدير والمشرف الذي معه التوبة إلى الله تعالى مما أخذاه من أموال لا تحق لهما، ولا تتم توبتهم إلا برد هذا المال إلى الشركة، والندم على ما حصل والعزم على عدم العودة إليه أبداً، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35493، 4583، 46048.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1425(12/7321)
يطلب التحري عن صاحب الأمانة حتى يغلب على الظن عدم وجوده
[السُّؤَالُ]
ـ[رقم الفتوى34875 هذه لم توضح كيف أعوض هذا الرجل المسيحي وأنا لا أعرف مكانه ويمكن أن يكون رجع إلى بلده.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك أن تبحث عن مستحق هذا الفيلم، حتى يغلب على ظنك أنك لا تستطيع الوصول إليه، وفي هذه الحالة يجب عليك أن تتصدق بهذا الشريط أو بقيمته في مصالح المسلمين العامة، فإن استطعت الوصول إلى صاحب الحق بعد ذلك، كان مخيراً بين قبول تصدقك بالمال عنه أو مطالبتك برده إليه، وراجع تفصيل ذالك في الفتاوى التالية أرقامها: 10710، 7390 , 2290
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1425(12/7322)
لا يضمن من معه عهدة إلا بالتقصير أو التعدي
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بشركة وكان معي عهدة أصرف منها وفقد مني مبلغ من العهدة في العمل وعليه لم أتحمل المبلغ وقمت بإدراجه كمصروفات وفى نهاية العام قلت لأحد أصحاب الشركة أرجو أن تسامحني إذا كنت قصرت في أي شيء فقال لي سامحتك فهل يكون علي وزر أم لا؟
أرجو أن تفتوني لأنني في حيرة من أمري]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في من في يده مال لغيره كعهدة أو وديعة وضاع أو فقد أنه لا يضمن إلا بالتقصير أو التعدي، فإذا كنت لم تقصر في حفظ هذا المبلغ ولم تتعد عليه فليس هنالك ما يجعلك تطلب من أصحاب الشركة التجاوز عنه ولكنك أخطأت بالكذب عليهم بتقييد هذا المبلغ على أنه مصروفات، فيجب عليك التوبة إلى الله من ذلك.
وإذا كنت قد قصرت في حفظه ففي سقوط المؤاخذة عنك بعفو هذا الشريك المذكور نظر، لأن المتعارف أن هذا العفو عن تقصير في عمل أو جهة ولا يعفى من ضمان ما يترتب على التقصير، ينضاف إلى هذا أن هذا الشريك هو أحد الشركاء، وهو لا يملك إلا المسامحة في حقه دون حق شركائه.
وعلى الاحتمال الأخير، فالذي يجب عليك مع التوبة إلى الله أن تعلم أصحاب الشركة بتقصيرك في حفظ هذا المبلغ وخطئك في تقييده كمصروفات، فإن عفوا عنك فالحمد لله، وإلا، ضمنته لهم، هذا إذا لم يكن في إخبارك لهم ما يعود عليك بالضرر، فإن كان في ذلك ما يعود عليك بالضرر فإن الواجب هو رد المال بأي وسيلة تراها مناسبة ولو بصرفه في بعض حوائج الشركة دون أن تثبت في الأوراق أنك صرفته.
ونسأل الله لنا ولك التوفيق إلى ما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1425(12/7323)
كون بعض الموظفين يأكلون المال بغير وجه حق لا يبيح للآخرين ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الدكتور الموقر أرجو الإجابة على سؤالي
1 - أعمل كموظف في مكتب للخدمات العامة وهذا المكتب لا ينتمي لأي جهة رسمية وليس له مالك أصلاً إنما القائمون عليه من رئيس ونائبه وأعضاء، هم أيضاً موظفون ويتم اختيارهم عن طريق الانتخابات وهذا المكتب حاصل على ترخيص من شركة أجنبية يدفع لها بمقابل الترخيص اشتراكاً سنوياً ليقوم بخدمة وتسيير أمور المواطنين والمراجعين العرب والأجانب وذلك على رسوم يدفعها المراجعون لقاء الخدمات، وعائدات هذا المكتب توزع كرواتب ومصروفات ونفقات ... الخ على الموظفين والقائمين على هذا المكتب، وفي الآونة الأخيرة ابتلينا بمجلس إدارة مؤلف من رئيس ونائب ... فأصبحوا يستغلون المبالغ الواردة للمكتب من تعبنا لأغراضهم الشخصية بالإضافة لرواتبهم ونحن الموظفون لا نحصل إلا على رواتبنا فقط وكما يقول المثل (يعطوننا من الجمل أذنه) فنحن نعمل ونكد ونتعب بجني هذا المال وهم (مجلس الإدارة) يأخذون هذا المال بالإضافة لرواتبهم دون جهد وبلا محاسب أو رقيب لأنه لا يوجد مالك أو صاحب لهذا العمل وأصبحت الانتخابات في كل سنة محصورة بينهم لا تتعدى لغيرهم أبداً.
(سؤالي هو هل يحق لنا كموظفين أن نأخذ شيئاً من هذه الواردات دون علمهم بما أننا نحن الذين نتعب في جني هذا المال) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يقوم به هؤلاء يعد أكلا للمال بغير حقه، وذلك من كبائر الذنوب، ولكن هذا لا يسوغ لكم أنتم أن تأكلوا الأموال بغير حقها كما يفعلون. قال صلى الله عليه وسلم: أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك. رواه أبو داود وغيره.
والذي ننصحكم به هو أن تذكروهم بالله واليوم الآخر وتنهوهم عن هذا المنكر وتبينوا لهم خطر ما يفعلون، فإن استجابوا فذاك، وإلا، فيمكنكم أن تشكوهم إلى الجهات المسؤولة حتى يمنعوهم من ذلك، ويمكنكم أيضا أن تثيروا عليهم الموظفين، بحيث يعملون إضرابا أو بأن يضغطوا عليهم لتكون الانتخابات فيها إتاحة الفرصة لترشيح غيرهم، وعلى العموم، فإن الحلول كثيرة، وما يفعلونه لا يبيح لكم أن تأخذوا المال بغير حقه.
وراجع الفتوى رقم: 15693.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(12/7324)
تسلف الأمانة بين الحرمة والكراهة
[السُّؤَالُ]
ـ[أودع لدي أحد أقاربي مبلغا من المال لكي أوزعه على فقراء العائلة بمعدل مبلغ شهري لكل منهم فهو يعطيني هذا المبلغ سنويا وأنا أقوم بتوزيعه عليهم أول كل شهر ...
أحيانا تضطرني الظروف للاقتراض من هذا المبلغ على أن أسدده بعد فترة دون الرجوع إلى صاحب المال....
فهل هذا حرام أم لا غبار علي علما بأن المبالغ تصل إلى مستحقيها كل شهر دون تأخير أو دون اللعب في مبالغهم
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
أرجو أن تفيدوني أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فموضوع الأمانة هو أحد المسائل التي اعتنى بها الشرع أيما اعتناء وحض عليها تحضيضا، قال تعالى: [إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا] (النساء: 58) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
ويحرم تسلف الأمانة إن كان المتسلف معدما لا يستطيع الوفاء بها، أو كانت هي من المقومات (كالحيوان والعروض..) ويكره تسلفها إن كانت نقدا أو من المثليات، ولم يأذن المودَع في تسلفها، قال الدسوقي: وحاصل ما ذكرنا أن الوديعة إما من المثليات أو من المقومات، وفي كلٍ إما أن يكون المودَع مليئا أو معدما، فالصور أربع، فإن كانت من المقومات حرم تسلفها بغير إذن ربها مطلقا، كان المودَع المتسلف لها مليئا أو معدما، وإن كانت من المثليات حرم عليه تسلفها إن كان معدما، وكره إن كان مليئا، ثم إن محل كراهة تسلف المودَع المليء للمثلي حيث لم يبح له ربه ذلك أو يمنعه، بأن جهل الحال، وإلا أبيح في الأول، ومنع في الثاني.. (3/421) .
وعليه، فالأحوط أن تستأذن من صاحب المال في فعل ما كنت تفعله.
وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 34586.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1425(12/7325)
أعطوا أموالهم لأبيهم فسجلها باسمه ويأبى ردها إليهم
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الكرام. . أرجو أن تفتونى في طريقة معاملة والدى بما يرضى الله في
: الموضوع الآتى
عاما من الزواج شرع والدى وله من أمى من 35 بعد وفاة والدتى بأسبوع وبعد
الأولاد سبعة ومن الأحفاد أربعة في البحث عن زوجة بأسلوب شعرنا أنه انتقام
منا ومن أمّنا. فقلنا له إن الشرع لا يعارض ذلك وإن عليه أن يصبر وألا
يجول المنازل والقرى بحثا عن زوجة كمن أصيب بالصرع، وطالبنا والدى بالحسنى
أن يكتب أملاكنا باسمنا وهى لا تزال باسمه، علما بأن هذه الأملاك من كسب
أولاده وقد كتبها باسمه هو جميعا كل كبير وصغير ووعدناه في مقابل ذلك أن
نخصص له مرتبا شهريا يعيش منه هو والتى سيتزوجها. ولكن أبانا قال لنا هذا
الكلام في الجزمة وسوف أفعل ما أريد وهو يواصل غيه وطاعته لهواه ويبذل
خطوات جادة في الزواج. . فما هو العمل لإنقاذ أبينا من الفتنة والسقوط
63 وإنقاذ أموالنا ومعاشنا من المتلصصين، علما بأن والدى يبلغ من العمر
. عاما. أفيدونا أكرمكم الله
. أرجو إرسال الرد سريعا على عنوان البريد الإكترونى]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما نسب إلى هذا الأب صحيحاً فالواجب عليه أن يتقي الله تعالى، ولا يظلم أولاده باستيلائه على أموالهم التي سجلوها باسمه في عهد أمهم.
كما أن على الأبناء أن يبذلوا وسعهم في حل هذه المشكلة مع أبيهم على وجه تبقى فيه علاقتهم معه موصولة، بالبر والإحسان، فإن عجزوا عن ذلك لوحدهم وسطوا أهل الخير ومن له تأثير على أبيهم حتى يستردوا مالهم، ثم إننا ننبه الأبناء إلى أن عليهم أن يتذكروا جميل معروف أبيهم، فهو الذي رباهم وعطف عليهم عندما كانوا في أمس الحاجة إلى ذلك.
واعتباراً لهذا وغيره جعل الشرع للأب حقوقاً في مال أولاده خاصة إذا احتاج إلى النفقة على نفسه أو زوجته إن كان فقيراً وانظر الفتوى رقم: 31108.
وفي الأخير فإنا ننصح بمراجعة المحكمة الشرعية في موضوع ذلك المال، وأما زواج الأب فلا ينبغي أن يعارض بل يعان على ذلك ويساعد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1425(12/7326)
ذمة العبد مشغولة بحقوق الناس حتى تؤدى
[السُّؤَالُ]
ـ[حينما كنت صغيرة كان أبي يحرمنا من (البطاطس والبسكوت) لأنها تحتوي على مواد كيماوية تضر بصحتنا, فكنت أروح إلى مقصف المدرسة وأقول للتي تبيع: أنا الآن أعطيتك النقود فأعطيني (البطاطس) مثلا, وكنت آكل من حرام, ولكني الآن كبرت وفهمت كل شيء وعقاب من يأكل من حرام بأنه سوف يكون نارا في بطنه يوم القيامة, فهل علي إثم؟ مع العلم بأنني قد تبت وأنني عندما كنت صغيرة لم أكن أعرف بأنه حرام.
وقد حدث عندما كنت صغيرة أن استلفت (ريالاً) من إحدى الطالبات وكنت أماطل في رد الريال.ثم انتهت السنة , وفي السنة التي بعدها انتقلت ولا أحد يدري إلى أين. والدين لا زال في عنقي وأنا لم أرده لها إلى الآن ,فماذا أفعل؟؟!!؟؟ مع العلم بأنها لم تطالبني بـ (الريال) ولومرة واحدة.
وجزاكم الله خير الجزاء.
------------------------------------------------- ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك دفع قيمة البطاطس الذي أكلته إلى صاحب المقصف، وإذا كنت لا تعرفين مقدار المبلغ، فاجتهدي في تقديره، واطلبي العفو من صاحب المقصف، فإن خشيت فتنة من إخباره فردي له المال بأي وسيلة، وإن تعذر إيصال حقه إليه لذهابه من المكان الذي كان فيه، وحل غيره محله ونحو ذلك، فتصدقي بالمال بنية الأجر والثواب لصاحبه، وبذلك تبرأ ذمتك عند الله، وكذلك الحكم في الريال الذي اقترضته من زميلتك إن استطعت رده إياها لزمك، وإن لم يمكنك فتصدقي به عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1425(12/7327)
الزيادة في أموال المبيعات لجهة التوظيف لا للموظف
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في وكالة سفريات واشترى من عندي شخص تذكرة سفر ودفع ثمنها بالعملة الصعبة، علماً بأننا نبيعها بالعملة الوطنية، لكن بعد تبديله زاد المبلغ قليلاً هل الزيادة أسلمها لرب العمل أم آخذها أنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالموظف في جهة حكومية أو أهلية هو أجير مؤتمن على ما وكل إليه من عمل، ويده على أموال الجهة يد أمانة، وهذا يعني أن الزيادة التي تحدث في مال الجهة لأصحابها وليست له، وعليه أن يدفع لهم كل ما يحصله من وراء بيعه وشرائه من أموال هذه الجهة، وبما أن السائل موريتاني فلا بأس أن ننقل له قول صاحب الكفاف العلامة محمد مولود وهو موريتاني قال: وإن يزد فالزيد للموكل لا لوكيله الذي لم يعدل. انتهى.
ولا شك أن الموظف وكيل لرب العمل في بيع تلك التذاكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1425(12/7328)
استقطاع الشريك لجزء من مال شركة للأزمات دون علم صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مع أحد الأصدقاء بمكتب للاتصال صديقي هذا مسرف جدا المهم بيني وبين نفسي عزمت على أن أستقطع مبلغا معينا من المال كل يوم وأحفظه معي حتى أدخر مبلغا معينا لأزمات هذا المكتب لكن دون أن يعرف هو مع أنه لو عرف لن يرضى وسيقول إنه سيدخر هو ولكن دون جدوى لن يدخر شيئا وأنا أبغي مصلحته ومصلحة المكتب فهل ما أخذت من دون علمه وادخرته له للأزمات حرام وكيف أتصرف لأقنعة بالادخار مع العلم بأنه مجامل جدا لأي شخص وهذا ما يستنفذ كل ماله. وشكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تعمل في المكتب أجيرا عند صديقك صاحب المكتب فليس لك أن تأخذ شيئا من ماله بدون إذن منه، ولو كنت تقصد مصلحته، ويجب عليك إرجاع ما أخذته من المال، وتصرفك هذا يعتبر تعديا على مال الغير والتعدي على أموال الغير حرام.
أما إن كنتما شريكين في المحل فلتعلم أن الشريك لا يجوز له أن يتصرف في مال الشركة هدية أو قرضا بدون إذن شريكه، فتصرف صديقك هذا لا يجوز له، وعليك إعلامه بهذا الحكم حتى يرجع عنه، ويجوز للشريكين أن يتفقا على أن يعمل كل واحد منهما بمال الشركة برأيه.
جاء في "المغني" لابن قدامة:
وإن قال له الشريك: اعمل برأيك، جاز له أن يعمل كل ما يقع في التجارة من الإبضاع والمضاربة بالمال والمشاركة به وخلطه بماله والسفر به والإيداع والرهن والارتهان والإقالة ونحو ذلك، لأنه فوض إليه الرأي في التصرف، الذي تقتضيه الشركة فجاز له كل ما هو من التجارة، وفي هذه الحالة يجوز لك أن تدخر من مال الشركة ما به صلاحها ولو لم يعلم شريكك بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(12/7329)
الواجب أداء الأمانة بالكيفية التي طلبها المؤتمن
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الشيخ: في عام 1409هـ الموافق عام 1988 كنت جالساً في شهر رمضان المبارك على الباب الخارجي لبيتنا، وجاءني شخص يقود سيارة كابرس ومعه عائلة، وقال لي بعد السلام هل تعرف صاحب هذا المنزل، قلت: نعم، وفعلا أنا أعرف هذا الشخص معرفه سطحية، قال لي: سوف أعطيك أمانة فأعطها له، أنا عندي عائلة وجاي من البحرين والشخص ليس موجوداً قبلت هذه الأمانة، وعند دخولي البيت وسوس لي الشيطان بأن أفتح هذه الأمانة، وعندما فتحت هذه الأمانة وجدة بداخل هذا الكيس ثوباً معقوداً عقدتين ومعه خيط متين بعض الشيء ومعقود 16 عقدة، شككت في أن يكون هذا سحراً لجاري ولم أعطه له ولم أخبره بهذا والله يحفظكم للمسلمين، سؤالي هنا: هل أنا خائن للأمانة، أفيدونا حفظكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان من واجبك أن لا تفتح ما ائتمنت عليه، وأن تؤديه إلى صاحبه، بالكيفية التي طلبت منك، فالله تعالى يقول: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا [النساء:58] ، ثم لما فتحت الكيس ووجدت فيه ما وجدت، وشككت في كونه سحراً، كان من اللازم أن لا تلغيه بمجرد هذا الشك، لأنه قد يكون الأمر بخلاف ما تصورت، فقد يكون الخيط الذي فيه تلك العقد كان ملقى على الأرض وأخذه ذاك الشخص لمجرد أن يربط به، وقد يكون غير ذلك مما لا نعرفه.
ولو أنك وجدت من الأدلة ما مكنك من القطع بأنه سحر، أو غلب ذلك على ظنك لكان ما فعلته هو الصواب، مع أن فتحه أصلاً ليس من حقك كما قدمنا، والرأي الآن أن تعرض الأمر على أحد المختصين في الرقى الشرعية للسحر، فإن بين أنه سحر، كان ما فعلته صواباً، وإن بين غير ذلك فالأحوط أن تستحل منه صاحبه المبعوث إليه، أو تصالحه في شأنه لأنك قد تكون ضيعت عليه بعض المال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1425(12/7330)
من مات معدما يرجى أن يقضي الله عنه ما عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله في جهودكم, وإن شاء الله يكون ذلك في ميزان حسناتكم أطرح عليكم سؤالي بعد أن سألت موقعين إسلاميين ولم أجد ردا منذ قرابة شهر, وأتمنى أن تعرضوا الجواب فقط أو ترسلوا لي الجواب لأني أخشى أن عرض السؤال أن يقوم أحد بتقليدي فيزيد ذنبي.سؤالي هو أني منذ سنوات كنت أعيش في دولة عربية وكنت أقوم بإعادة استخدام طوابع البريد بعد أن أمسح الطوابع القديمة بمادة تجعلها تبدو كالجديدة وقد كان قلبي يقول لي أن ما أفعله حرام حتى أني كنت حين أقرأ القرآن أشعر بخوف حين أمر بآية إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. وأقول هذا سلف وسأرد للبريد نقوده, الحمدلله تبت وندمت من هذا الذنب العظيم, ولا أدري كيف أرد النقود فأنا لا أعلم كم تبلغ قيمة النقود التي خسرها البريد بإرسال عشرات الرسائل بطوابع ممسوحة؟ وأنا لا أملك نقوداً لأن ما معي أتفقت على تقسيطه لطبيبة تنوي علاجي.. وأيضا لمن سأعطي النقود وأنا قد غادرت تلك البلاد وأعيش هنا؟؟ أرجوكم ساعدوني للتخلص من هذا الذنب العظيم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما فعلته يعد اختلاساً وتحايلاً مذموماً وأكلاً لأموال الغير بالباطل، وقد حرم الله ذلك بقوله: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ (البقرة: من الآية188) ، والواجب في حق من حاز مالاً حراماً أن يتوب إلى الله عز وجل، وأن يرد هذا المال إلى أصحابه، وأصحاب المال هنا هم هيئة البريد، وإذا كان يجهل كم قدر المال فإنه يقدره بغالب ظنه، فيدفع لهم ما يغلب على ظنه براءة ذمته به.
وعليه أن يبذل وسعه لمعرفة أصحاب المال وإيصاله إليهم، أما إن كان صرف المال، وليس عنده الآن ما يدفعه، فإنه يبقى المبلغ في ذمته إلى حين سعته، وقدرته على السداد، مثله مثل سائر الديون، متى ما قدر على ردها فعل، فإن عجز فليس عليه شيء، قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (التغابن: من الآية16) ، وإذا مات معدماً فالمرجو أن يقضي الله عنه ما عليه لمطالبيه يوم القيامة، كما قال ابن تيمية في الغاصب، قال: ومن مات معدماً يُرجى أن الله يقضي عنه ما عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1425(12/7331)
بذل الوسع لإيصال المبلغ لمستحقه، أو التصدق به عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي لديها سائق وذهب وله في ذمتها 600 ريال لم يقبل في الانتظار لأخذها إلى آخر الشهر والآن تريد إعطاءه إياها ولكن لا تعرف له عنوانا ماذا تفعل أثابكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان الواجب في حق أختك هذه أن تدفع لهذا السائق حقه قبل أن يسافر، ولم يك ليعجزها أن تدبر هذا المبلغ البسيط وتبرئ ذمتها منه.
أما وقد سافر صاحبه، فالواجب عليها بذل الجهد لإيصال المبلغ إليه بالسؤال عن عنوانه ومحل إقامته عن طريق من يعرفه، أو عن طريق المكتب الذي استقدمه، فإن لم تستطع إيصال المبلغ إليه، تصدقت به عنه مع ضمانها له إن ظهر أو توصلت إليه ولم يمض الصدقة.
وراجع الفتوى رقم: 18821 و 38838.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1425(12/7332)
حكم بيان خيانة الخائن
[السُّؤَالُ]
ـ[لي خالة غير أمينة وتقريبا أكاد أكون الوحيدة التي اكتشفت عدم حفاظها على الأمانة هل لو نصحت أمي بعدم إعطائها أي شيء أكون قد تسببت في فتنة بين الأختين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في إخبار أمك بحال خالتك حتى تحذر، وأخبري أمك أن العلاج ليس هو إحداث فتنة بينها وبين أختها، وإنما العلاج هو النصيحة والموعظة الحسنة وبيان خطر الخيانة، وأن الله تعالى يقول: [إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً] (النساء: 107) .
ويقول: [إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ] (الأنفال: 58) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(12/7333)
يسترجع ثمن شراء الدواء لصديق لا يعمل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الدين في الذي يسترجع ثمن شراء الدواء لصديق لا يعمل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أن هذا الشخص مسؤول عن توزيع أدوية مقابل نقود تدفع في ذلك وليس هو إلا مجرد عامل، فإن ما قام به من إرجاع ثمن هذا الدواء لصديقه يعد عملا محرما وخيانة لمن ائتمنه إذا لم يكن مخولا في ذلك من طرف جهة صاحب الدواء، لقول الله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُون َ] (الأنفال:27) .
وإن كان مقصود السائل غير ذلك فليبينه لنجيب عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(12/7334)
لا تبرأ الذمة إلا برد المال المغتصب إلى الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت مالا من شخص ولم يكن هو يدرى بأني آخذ من ماله ثم تبت وندمت أشد الندم عندما عرفت بموت هذا الرجل والآن أنا أعطي أولاده مبلغا شهريا حيث لا عائل لهم فهل يكفر ذلك عما فعلت؟ أم سيطالبني بما أخذت يوم القيامه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك رد ما أخذت من مال هذا الرجل إلى ورثته، مع التنبه إلى أن ورثته قد لا ينحصرون في أولاده، فإذا فعلت ذلك، لم تطالب برد هذا المال يوم القيامة، أما التكفير عما فعلت فإنه يكون بالتوبة النصوح إلى الله والجد في عمل الصالحات، التي منها الإحسان إلى أولاد ذلك الرجل الذين لا عائل لهم، قال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى (طه:82) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1425(12/7335)
حكم من تاجر بالوديعة وربح
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتركت مع صديق لي بعمل في الخارج على بناء عمارة سكنية، وكنت أنا المسؤول عن الإشراف على أعمال البناء، وكنت أقوم بتحصيل أثمان بيع الوحدات وأحتفظ بها لحين عودته، مع العلم بأننا لم نتفق على أي نسبة لي نظير إشرافي على الأعمال، ولكن في بعض الأحيان كنت آخذ جزءاً من أمواله وأدخل بها في مشروعات أخرى على أساس أني كنت أضمن له أمواله عند عودته، سواء ربحت أو خسرت تلك المشروعات، وعند عودته أعطيته نصيبه من العمارة بالإضافة إلى الأرباح كاملة بدون أخذ أي مبالغ لي نظير الإشراف، فهل كان يجب أن أخصم جزءاً من أرباح العمارة لي نظير الإشراف، وهل ما كنت آخذه من أمواله وأدخل بها في مشروعات أخرى، على أساس أني كنت أضمن له أمواله عند عودته سواء ربحت أو خسرت حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحسن التنبيه هنا إلى أمرين:
الأول: أن إشرافك على الأعمال من بناء العمارة وبيع شققها ونحو ذلك مما تقوم به من جهد في مال الشركة إذا كان ما تقوم به تطوعاً منك من غير طلب أجرة عليه فلا شيء لك في مقابله.
أما إذا كنت تفعل ذلك تقصد المكافأة عليه، فيحق لك أن تطالب بالأجرة التي يستحقها من يقوم بمثل ما قمت به، وتعرف عند الفقهاء بأجرة المثل.
الأمر الثاني: ما بيدك من أموال الشركة يعتبر وديعة، وبالتالي فلا ضمان عليك فيها ما لم يحصل منك تفريط أو تضييع، فمتاجرتك بحصة شريكك بغير إذنه بمثابة المتاجرة بالوديعة، وهذا مكروه عند أهل العلم، وما حصل من ربح فهو لك لكنك ضامن لتلك الوديعة أثناء تعديك عليها، قال خليل في مختصره في باب الوديعة: وكره النقد والمثلي كالتجارة. انتهى.
وقال المواق في التاج والإكليل: إذا استودع الرجل مالاً فابتاع لنفسه وربح فيه، فإن ذلك الربح له لأنه ضامن للمال حتى يؤديه إلى صاحبه ... وهذا قول مالك والليث وأبي سفيان، لأنه إذا رد المال طاب الربح له غاصباً كان للمال أو مستودعا عنده وتعدى فيه. انتهى.
وعليه؛ فإن متاجرتك في حصة شريكك مكروهة والربح الحاصل لك، ولك أجرة المثل مقابل جهودك في الإشراف على البناء ونحو ذلك، إلا إذا كنت متبرعاً بتلك الجهود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1425(12/7336)
حكم بيع الموظف ما ترميه الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل سكرتيرة في شركة توكيلات تجارية، وهناك علب فارغة لحبر طباعة الكمبيوتر، وهذه العلب عادة نرميها بعد ما تنتهي ولكن سمعنا عن شركة تشتري هذه العلب الفارغة وتعيد تعبئتها ولقد قمنا بالاتصال بهم أنا ومعي اثنين من زملائي واشتروا منا (7) علب فارغة.
والسؤال هو هل نأخذ هذه الفلوس لأنفسنا أو أن هذه الفلوس من حق أصحاب الشركة التي نعمل بها؟؟؟ مع العلم بأن المبلغ حوالي 100 جم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه العلب الفارغة ملك لهذه الشركة لا يجوز لكم التصرف فيها ببيع أو هبة أو غير ذلك إلا بإذنهم، وبما أنكم قد بعتم هذه العلب وأخذتم ثمنها، فالواجب عليكم الآن هو إخبار أصحاب الشركة بذلك، فإن أذنوا بأخذ المبلغ وبيع العلب لأنفسكم فذاك، وإلا فلا بد من إعطائهم قيمة هذه العلب، والامتناع عن بيع العلب لأنفسكم في المستقبل إلا بإذنهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1425(12/7337)
حكم أخذ هذا المال ينبني حسب العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ عشرين عاما مضت عملت في شركة أحد العمانيين كمهندس مبيعات وكنت أسافر إلى دبي مرة كل شهر بشاحنة لشراء البضاعة وكان صاحب المؤسسة يعطي للسائق بدل نقل خمسة ريالات عن كل سفرة ولا يعطيني وضايقني ذلك فكنت أخصم لنفسي نفس البدل الذي يتقاضاه السائق في كل سفرة دون علم السائق علما بأننا كنا لا ننزل بالفنادق أيام التسوق بدبي بل نفترش سطح السيارة وننام كما طلب مني ويعلم الله أنني كنت أمينا على مال الرجل بقدر الاستطاعة وكنت في دخول المزادات ويجني من ورائها الكثير ولم أستمر معه سوى سنة واحدة وعدت إلى بلدي وظللت مهموما بمبلغ الخمسة عشر ريال التي أخذتها دون علمه رغم أنه من حقي والآن لا أعرف عنوانه وهل هو حي أم توفاه الله فهل ما فعلته حرام وكيف أرده هل أتصدق به لصاحبه أم ماذا؟؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما في العقد الذي تم بينك وبين صاحب الشركة هو أنك تستحق في كل سفرة خمسة ريالات ولم يعطك إياها فلا حرج عليك في أخذها دون علمه، أما إذا لم يكن في العقد أنك تستحق ذلك فلا يجوز لك أخذها سواء أعطى السائق أو لم يعطه لأنه قد يكون أعطاه إياها حسب العقد المبرم بينهما، أو هبة له ونحو ذلك، وعلى الافتراض الثاني فالواجب رد هذا المال إلى مالكه أو إلى ورثته، فإن لم تستطع العثور عليهم فتصدق بالمبلغ عن مالكه، فإن وجدته بعد ذلك أو وجدت ورثته فأجازوا صدقتك فأجرها لهم، وإلا أديت إليهم المال، وأجر الصدقة لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1425(12/7338)
حكم تملك الموظف لأشياء مهملة في مكان العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك أشياء من عملي تعتبر مهملة واكتشفت في الفترة الأخيرة أنه يمكن أن تباع ويدخل منها دخل، فهل يجوز لي استغلال هذه الأشياء، علماً بأنه بعد انتهاء صلاحيتها بالعمل لا تكون لها أي قيمة وتكون عديمة القيمة وتلقى بالمهملات، أرجو إفادتي
وجزاكم الله عني خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز أخذ هذه الأشياء إلا بإذن من أصحابها، وكون هذه الأشياء قد انتهت صلاحيتها، وأصبحت عرضة للتلف ليس مسوغاً لأخذها من غير علم أهلها، وبالتالي فالذي ندعوك إليه هو تركها حتى يأذن لك من له حق الإذن في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(12/7339)
قول بعض الناس (أمانة في عنقك إلى يوم الدين) لا يعتبر
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الناس هداهم الله يرسلون رسائل مكتوباً فيها (قل سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم 33 مرة وأرسلها لغيرك 5 آخرين أمانة في عنقك إلى يوم الدين) فماذا أفعل هل أرسلها أم ماذا، ملاحظه: الرسالة الواحدة تكلف ما بين الريال الواحد فما فوق، وأنا من قطر ولكن في الاختيار لا يوجد قطر؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلست مطالباً بإرسال ذلك إلى غيرك خصوصاً أن في هذا تكلفة مالية، وكون المرسل قد حملك ذلك فلا يغير في الأمر شيئاً، لأنه تكليف بما ليس بواجب إذ لا سلطان لهذا المرسل في إيجاب ما لم يوجبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على الناس، وقولهم: أمانة في عنقك، غير صحيح، لأنك ما قبلت تحمل هذه الأمانة من الأصل، ولا وعدته بذلك، ومن المؤسف أن بعض الناس يحرص على الخير ولكنه يسيء اختيار الطريقة المناسبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(12/7340)
حكم من وضع في حسابه رواتب بطرق الخطأ فتصدق بها
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتغلت في شغل حكومي ثم أخذت إجازة بدون مرتب لمدة ستة شهور لكن وجدت بعد فترة أن المرتب لا زال مستمراً فأوقفته لكن المال الذي نزل لا يمكن أن يرجع إلى الخزينة العامة من جديد فقمت بالتصدق به تكرر معي نفس الشيء مرة أخرى ولا أدري إن كان ما فعلته في المرة السابقة صحيح أم لا فماذا أفعل.أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أمكن إرجاع هذا المال إلى جهة العمل تحت أي مسمى فيجب إرجاعه.
وإن لم يمكن إرجاعه فحق هذه الأموال العامة أن تصرف في مصالح المسلمين وسد حاجة الفقراء والمساكين.
وانظر الفتوى رقم: 18398.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(12/7341)
اطلب أجرتك دون أن تأخذ بنفسك
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل عند أسرة في تدريس أبنائهم في مادة العلوم وقد طلبت مني عدة مرات صاحبة المنزل عن طريق أولادها أن أساعدهم في شراء بعض الحاجيات للمنزل بسيارتي الخاصة وقد لبيت النداء عدة مرات خلال سنة أو أكثر ولكن الأمر لم يتوقف حيث لا زال الطلب يتكرر وأنا أشعر بالخجل أن أطلب أجرة مقابل هذا العمل فهل يجوز لي أن أستقطع مالا كأجرة من ثمن البضاعة دون علمهم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس لك أن تقتطع أجرة من ثمن البضاعة، لأنك مؤتمن على ما في يدك من المال، ولست مستأجرا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما.
ولا نرى حرجا في أن تطلب أجرتك مقابل ما تقوم به، أو تعتذر لهم عن شيء من حاجاتهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(12/7342)
حكم قول "في ذمتك إلى يوم القيامة"
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول المسلم (في ذمتك إلى يوم القيامة) ؟
وهل حقا يكون القيام بهذا الأمر في ذمتي إلى يوم القيامة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقول الشخص لآخر: "في ذمتك إلى يوم القيامة" لا يجعل هذا الأمر في ذمة المقول له ذلك، وراجع الفتوى رقم: 41092.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(12/7343)
وجوب التحلل من الحقوق المادية والمعنوية
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كنت غافلا وأكرمني الله بالهداية، للناس حقوق عندي (ليست مادية) من غيبة وإهمال في العمل ومخالفات في العمل، كيف أكفر عنها؟ وهل تعتبر هذه الأعمال عن جهل والتوبة تمحوها أم أن لها كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك الثبات على الهداية حتى نلقاه وهو راض عنا.
واعلم أن من شروط التوبة التحلل من حقوق العباد عند وجودها، وهذه الحقوق قسمان:
الأول: حقوق مالية، وهذه لا خلاف في وجوب التحلل منها، ومن ذلك الإهمال في العمل والمخالفات فيه، فيجب على من فعل ذلك أن يطلب السماح من ذوي الاختصاص أو يدفع لهم مقابل ما أهمل وخالف، وفقا للوائح المنظمة.
والثاني: الحقوق المعنوية، كالغيبة والنميمة، وهذه قد حصل الخلاف في كيفية التحلل منها، كما هو مبين في الفتوى رقم: 18180.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(12/7344)
حكم إخبار شخص بأن فلانا أوقع عليه ضررا
[السُّؤَالُ]
ـ[أخبرت منذ مدة طويلة من طرف صديقة لي أنها قامت بعمل يضر كثيراً أحد أعز أقاربها، هل إذا أخبرت قريبها هذا بما قامت به صديقتي له أكون قد اقترفت ذنباً لأنني قد أفشيت سرها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على الإنسان أن يحفظ السر الذي اؤتمن عليه لعموم الأدلة في ذلك، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا حدث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة. رواه أبو داود، والترمذي.
وهذا يدل على أن السر أمانة يجب حفظها، ولكن إذا كان في هذا السر ضرر سيلحق بإنسان آخر، فيجب منع وقوعه ما أمكن، ولو بإخبار الشخص الذي يراد به ذلك الضرر لتحذيره.
أما إذا وقع ذلك الضرر فعلاً وانتهى فلا يجوز الإخبار به، لأنه أمانة ولئلاً تقع فتنة بسببه، ولكن يجب نصح هذه الصديقة بالتوبة إلى الله والتحلل من الشخص الذي آذته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1424(12/7345)
الواجب أداء الأمانة لصاحبها أو التحلل
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أعطاني والدي 400 دينار لكي أقدمها لجارنا معونة لأن ولده الصغير توفي فأخذت تلك الدراهم ولم أعطها له، وقد مضى على ذلك أربع سنوات فما العمل الآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب عليك الآن أن تؤدي هذه الأمانة التي ائتمنت عليها إلى صاحبها، وهو الرجل الذي توفي والده، قال تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها [النساء:58]
وتصرفك في هذه الأمانة في غير وجهها إساءة منك، فالواجب التوبة إلى الله عز وجل.
وإذا لم تستطع دفع هذا المبلغ فالواجب أن تخبر صاحبها بما فعلت وتتحلله، أو تخبر أباك ليتحلله لك أو يرسلها إليه مرة أخرى، وبادر بذلك قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وإذا كنت تخشى العار عند الرد فإن لك أن توري عما تريد ولا تصرح به، كأن تدفعها لشخص ليدفعها له، وكأنها تركت عندك الآن.... والعاقل لا يعجز عن مخرج.
وانظر الفتوى رقم: 20904 ورقم: 7153 ورقم: 1794
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1424(12/7346)
حكم من أخذ إعانة لا يستحقها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا طالبة بفرنسا، أقوم بتحضير الدكتوراه وأتقاضى منحة من إحدى الشركات في أبحاثي، حصلت لفترة معينة إعانة شهرية للسكنى من قبل الحكومة الفرنسية بناء على المعلومات التي قدمتها لها، ثم اكتشفت أن هذه الإعانة ليست من حقي، لأن منحتي لا تعتبر منحة دراسية وكان يجب الإعلان عنها كمرتب، فماذا أفعل في النقود التي سبق لي أن أخذتها؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبما أنك ذكرت أن هذه الإعانة ليست حقاً لك وإنما أعطيت لك بناءً على معلومات خاطئة، فالواجب إبلاغ الجهة المانحة بذلك، لأنها أخذت منهم على وجه غير مشروع في حقيقة الأمر، فإذا طالبوك بإرجاعها لزمك ذلك، فهم إنما دفعوها لك بشروط، والمسلمون على شروطهم، بمعنى أنهم يلتزمون بالوفاء بما قطعوا على أنفسهم من شروط، سواء أكانت مع المسلمين أو كانت مع غيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1424(12/7347)
أعطاه جوال دقيق وديعة ثم غلا السعر فماذا يصنع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تاجر بقالة، أحد جيراني كان عنده جوال دقيق، أعطاني هذا الجوال فى شهر ذي الحجة من العام السابق، وقال لي لن آخذه منك إلا فى شهر شعبان من العام القادم، وكان ثمن الجوال وقتئذ 54 جنيها، والآن أصبح ثمنه 84 جنيها، فهل يحل لي أن آخذ فرق هذا السعر منه لشراء هذا الجوال له؟ أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان جارك أعطاك الدقيق قرضاً أو وضعه عندك وديعة، فلا يجوز لك أن تطلب زيادة على رد الدقيق الذي أعطاك، ويجوز لك أن تأخذ أجرة معلومة عند عقد الوديعة على حفظها، نص على ذلك ابن حجر الهيثمي والرملي، وعلل ذلك في التحفة بقوله: لأن الأصح جواز أخذ الأجرة على الواجب العيني، كإنقاذ غريق وتعليم نحو الفاتحة.
وذهب المالكية إلى تفصيل بين أجرة الحفظ وأجرة محل الوديعة، فمنعوا الأول وأجازوا الثاني في قول، والمعتمد عندهم أنه لا فرق، قال الصاوي في حاشيته: والحاصل أنه لا فرق بين أجرة المحل وأجرة الحفظ في الحكم على المعتمد، بل يقال فيهما إن شرط الأخذ أو كان العرف عمل به، وإلا فلا انتهى، وبمثل ذلك قال الدسوقي في حاشيته.
وأما على اعتبار أن الدقيق قرض، فلا يجوز اشتراط زيادة -لا للمقرض ولا للمقترض- على مجرد رد القرض، وقد نص على ذلك أئمة منهم النووي كما في المنهاج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1424(12/7348)
ادفع المبلغ إلى القائم على المحل
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت من محل وبقي لي من ثمن البضاعة عشرة دنانير لم أدفعها، فأخبرت البائعة بأني سأجلب العشرة دنانير من السيارة ولم أعد لها، وكان قصدي حينها الهروب من دفع الباقي، وإلى اليوم لم أدفعها منذ خمس سنوات وأربعة شهور تقريبا، فما العمل، علما بأني لا أعرف أين البائعة الآن أو إن كانوا خصموا منها العشرة دنانير أم لا، أفيدونا؟ جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك المبادرة إلى التوبة إلى الله تعالى مما وقع منك من تقصير في حق الغير، ومن أركان التوبة في مثل هذا إيصال هذا الحق المالي إلى صاحبه، والاجتهاد والتحري في ذلك، فإن لم تتيسر لك معرفته فتصدقي بهذا المال عنه، واعلمي أنه لا تأثير لتطاول الزمان في إسقاط هذا الحق عنك، ويفهم من سؤالك أن هذه البائعة مجرد أجيرة في هذا المحل، فإن كان الأمر كذلك فادفعي هذا المبلغ إلى القائمين على هذا المحل وإن لم تكن البائعة موجودة به، إن كانت عادتهم عدم الخصم على العامل، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18969، 18281، 24352.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1424(12/7349)
حكم كفالة يتيم من مصروف تأخذه من أمها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمدلله رب العالمين، فإن من فضل الله عز وجل علي أنه هداني إلى كفالة طفلة يتيمة في ملجئها، ولكني لم أعلم أمي بذلك، لأني أخشى على نفسي من الرياء، علما بأني طالبة وآخذ مصروفي من أمي وأكفل الطفلة من مصروفي، فهل يجب علي أن أخبرها لأنه ليس مالي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت أمك تعطيك هذا المصروف على سبيل التمليك، فلا يجب عليك أن تخبري أمك بما فعلت بهذا المصروف، وإن كانت تعطيه لك على أنك موكلة فيه بأن تنفقي منه على نفسك ما تحتاجين إليه، فيجب طلب إذنها في كفالة هذه الطفلة، لأن ما بقي من المال بعد نفقتك لا تملكينه، إنما هو ملك والدتك، وبالتالي، فلا يحق لك التصرف فيه بغير ما خصصته أمك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1424(12/7350)
من رجع وطالب بحقه بعد أن تم التصدق به
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كانت تشتغل شغالة في بيت ابن عمي ولكنها خرجت منه بدون أن تأخذ معاشها وبعد سنة تصدقنا بالمبلغ لكنها رجعت تطالب بحقها
فما العمل؟
وجزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليكم أن توفوها حقها، ولكم أجر الصدقة في المال الذي تصدقتم به عنها، وراجعي للأهمية الفتوى رقم: 35916.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1424(12/7351)
تصدق بالمال إن لم تجد صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وجدت محفظة من النقود وأخذت ما بها من مال، لأنني خفت إن رددتها إلى صاحبها أن يتهمني بالسرقة ويدعي أن بها مالاً أكثر مما به أصلا، وهذا الموضوع مرت عليه فترة، وقد نسيت عنوان صاحبها، فماذا أفعل حتى أكفر عن هذا الذنب؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر أنك عرفت صاحب النقود ساعة التقاطك للمال، وبذلك لا يكون هذا المال لقطة شرعا، فإن أهل العلم يعرفون اللقطة بقولهم: ما وجد من حق ضائع محترم لا يعرف الواحد مستحقه. انتهى منقولا من أسنى المطالب لـ زكريا الأنصاري.
فكان عليك أن تبادر بدفعها إليه حتى تبرأ ذمتك منها، لكن ما دمت نسيت عنوانه، فإنك مطالب بالبحث عنه حسب جهدك حتى تؤدي إليه ماله، فإن عجزت عن ذلك، فإنك تتصدق به على المساكين أو تصرفه على ما يعود نفعه على عموم المسلمين؛ كبناء المساجد وكفالة الأيتام، ونحو ذلك.
فإذا عثرت على صاحب المال بعد ذلك، فأجاز تصدقك، فذاك، وإلا، فعليك أداؤه إليه، لأنه لم يأذن في التصدق به.
وعليك بالإكثار من التوبة والاستغفار بسبب تقصيرك في أداء المال لصاحبه.
وراجع الجواب رقم: 3705.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1424(12/7352)
أعطتها سلسلة ذهبية ففقدت
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطيت قريبتي سلسلة ذهبية لتحفظها معها لحين خروجي من البحر أثناء المصيف، ونسيت أخذها منها لعدة أيام، وبعد سفري فقدت قريبتي حقيبتها وبها السلسلة الخاصة بي ولابنتها، هل يحق لي طلب تعويض عن ثمنها، مع العلم بأني متأكدة أنها فقدت الحقيبة الخاصة بها ولم تسرق منها وهل يجوز أخذ تعويض بدلها فى صورة هدية مثلاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ضمان على قريبتك مقابل الوديعة التي أودعتها عندها إذا لم تتعدّ أو تفرط، سواء سرقت منها أو ضاعت، فليس لك أن تطالبيها بمثلها أو قيمتها، كما بيناه في الفتوى رقم:
22651.
ولكن لو أعطيت عوضاً من قبل قريبتك في صورة هدية ونحوها بطيب نفس منها، فلا حرج عليك في قبول ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1424(12/7353)
الواجب إيصال المال لصاحبه ما دام ممكنا
[السُّؤَالُ]
ـ[ركبت مع سائق تاكسي وعندما أخرجت له المال قال لا يوجد لدي فكة فدهبت لأحضر الفكة فوجدته قد ذهب وعدت مرة أخرى فلم أتعرف عليه لأنني لا أعرف ملامحه فأفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل في مثل هذا المال أن يوصل إلى صاحبه، ما دام ذلك ممكناً، أو إلى ورثته إذا علمت وفاته، إذا ثبت هذا فالواجب عليك الاجتهاد في تحقيق ما ذكرنا، فإن عجزت بعد بذل الجهد في ذلك، فلتتصدقي بهذا المال بنية الثواب لصاحبه، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 13535.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1424(12/7354)
لا يجوز التصرف في الوديعة إلا إذا خشي عليها التلف
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي محل لبيع الأشياء المتنوعة يوجد هاتف بجوار محلي في يوم من الأيام جاءني شخص ووضع عندي بعض الأشياء قائلاً إنه سيأتي شخص ويأخذه وقد حافظت على هذه الأشياء حوالي أسبوعين، فما أتى أحد لهذه الأشياء.
فقلت في نفسي لماذا لا أبيعها فإذا جاء صاحبها أدفع له القيمة، فأصبحت أبيع هذه الأشياء فلم يبق منها إلا شيء يسير، وإلى الآن لم يأت صاحبها، وقد جعلت هذا المال منفصلاً عن مالي، والآن أنا متحير في ماله وفي الأشياء المتبقية، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز التصرف في الوديعة التي وضعت عندك، إلا إذا خشيت عليها التلف فتباع ويحفظ ثمنها، وهذا ما بيناه في الفتاوى ذات الأرقام التالية:
1794، 6937، 7859، 34235.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1424(12/7355)
لا تخنه في ماله
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل لدى رجل طيب في محل بقالة، وصاحب العمل يتركني في المحل من بعد صلاة العصر حتى صلاة العشاء، وباقي الوقت عليه، ولكني أضطر أحيانا إلى الأخذ من مال المحل دون علمه، وإرجاعها أيضا دون علمه، فهل هذه تعتبر سرقة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صاحب المحل المذكور قد جعلك محل ثقته، فعليك أن تكون عند حسن ظنه، ولا تخنه في ماله، لقوله صلى الله عليه وسلم: أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما.
كما قال صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس. رواه الإمام أحمد في المسند.
وعليه، فلا يجوز لك الإقدام على أخذ شيء من المال المذكور إلا بإذن صاحبه ورضاه، ولو كنت على يقين من إرجاعه له.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(12/7356)
يكفي في قبول الوديعة السكوت
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم من قال لأخيه أمانة وهو لا يريد أن يحملها ووضعها عمدا عنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت تعني الوديعة، أي أنك تسأل عمن أودع أخاه شيئا لم يكن يرغب في قبوله، ولكنه سكت وترك الوديعة حتى تلفت، فإن المودع يضمنها، لأن سكوته قبول لها.
قال الدرديري: فمن وضع مالا عند شخص ولم يقل له احفظه أو نحوه، ففرط فيه كأن تركه وذهب فضاع المال ضمن لأن سكوته حين وضعه يدل على قبول حفظه. وقال الدسوقي: والحاصل أنه يكفي في قبول الوديعة الرضا بالسكوت، واعلم أنه لا يجب قبولها، ولو لم يوجد غيره، إلا لتخليص مستهلك كما يقع في أيام النهب من إيداع الناس عند ذوي البيوت المحترمة ... (2/ 419)
وإن كنت تعني غير هذا فوضحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1424(12/7357)
لا يجوز لك أخذ المبلغ الزائد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب أعطاني صديقي مبلغ 500 دولار لكي أذهب إلى البنك وأبدلها جنيهات لأننا في مصر، وأخذت المبلغ دون أن أعدَّ كم أعطاني، لكنه قال لي 500 ولما وصلت البنك أخرجتها من جيبي فوجدتها 600 فصرفت له 500 وأعطيته إياها وأخذت 100 الزائدة، فهل هذه المائة حرام؟ وماذا أفعل هل أرجعها وكيف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك أخذ هذه المائة؛ لأنها ملك لصديقك، ويجب عليك إرجاعها، وهذا أمر لا إشكال فيه. وإذا كان ردها بطريقة صريحة ومباشرة قد يؤثر على علاقتك بصديقك أو يسبب لك إحراجًا فارجعها بطريقة غير مباشرة، والذكي لا يعدم حيلة. وراجع الفتويين التاليتين: 24580، 5876.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1424(12/7358)
هذا العمل خيانة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في محل وصاحب المحل يتركني في المحل ويذهب لممارسة أعماله في الخارج فتسول لي نفسي أن آخذ من مال المحل وذلك على سبيل الدين ومن دون علمه، وأقوم بتسديد المال من الراتب، فهل يعتبر هذا في حكم السرقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي تسول لك نفسك القيام به من أخذ أموال من ائتمنك لا يعتبر سرقة تقطع فيها اليد، ولكنه خيانة، وهو لذلك حرام، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنفال:27] .
وروى الترمذي وأبو داود والدرامي وأحمد من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك.
فيجب عليك أن تكف عما تحدثك به نفسك، أو تستأذن رب العمل فيه، فإن رضي فلا حرج عليك فيه، وإن امتنع لم يجز، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً [النساء:29] .
وروى الطبراني عن أبي حرة الرقاشي عن عمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس.
وكونك سوف تقضيه لا يسوغ لك الإقدام عليه ابتداء، لأنه تعد وظلم خيانته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1424(12/7359)
من استدان ولم يجد صاحب الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو أن تفيدوني في موضوع دين ... لقد استلفت من أحد الزملاء مبلغا وقدره 500 ريال، وأنا مازلت طالبا في الكلية حينها، ولم أستطع رد المبلغ في ذلك الوقت، ثم تخرجت من الكلية لأبحث عن عمل، وهو كذلك يبحث عن عمل، فافترقنا ولا أعلم أين يعمل هو الآن، وأنا الآن قد حصلت على عمل ... وسؤالي هو كيف أرد الدين الذي هو علي الآن أفيدوني وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك أن تجتهد في البحث عن صاحب هذا المال أو ورثته إن كان هو قد مات. فإن تعذر عليك وجود أحد منهم فلك أن تتصدق به عنه، ثم إن جاء صاحب الحق يومًا ما، كان مخيرًا بين إمضاء الصدقة وله أجرها وبين استرجاع ماله، ولك أنت أجرها. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 7390.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(12/7360)
طلب زيادة الراتب بديل شرعي عن الخيانة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بمركز حاسب آلي، ويقع علي عبء كبير في العمل، ومنها إعطاء دورات في الكمبيوتر، وأنا أكثر شخص يعطي هذه الدورات بالمركز، فهل عندما آخذ جزءا من هذه الدورات لحسابي الخاص تعتبر سرقة ومالا حراما أم لا؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت قد تعاقدت مع إدارة هذا المركز على إعطائك مرتبًا معينًا مقابل ما تقوم به من عمل، فلا يجوز لك أخذ ما زاد عليه؛ لأن ذلك خيانة، وأخذ مال الغير بدون رضاه. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما.
وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه. رواه مسلم.
ويمكنك أن تطلب من الإدارة زيادة مرتبك مكافأة على ما تقوم به أكثر من غيرك، فإن وافقت على ذلك فحسن، وإلا فلا يجوز لك أخذ حق الآخرين بدون رضاهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(12/7361)
يجب عليك دفع مثل ما تصرفت فيه من الذهب إلى الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[اختلفت مع زميلي، وكان له عندي قدر معين من الذهب والمال فطالبني بالمال، وكدت أحبس لعدم وجود المال معي، فقمت ببيع الذهب الخاص به، وسددت له المال كي أنجي نفسي من السجن، على أن أسدد له فيما بعد ثمن الذهب، فتوفي زميلي، واختلف سعر الذهب، فكيف أسدد له ثمن الذهب؟ هل بالسعر الذي بعت به أم بسعر اليوم؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما أقدمت عليه من التصرف في الأمانة التي استؤمنت عليها من غير إذن صاحبها لك بذلك معصية تجب عليك التوبة منها والاستغفار، وذلك لأن الله تعالى عظم شأن الأمانة، وقرن الخيانة فيها بخيانة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، حيث قال جل شأنه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنفال:27] .
والأحاديث في الحض على حفظ الأمانة وعدم الخيانة فيها كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم: أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
وقد ذكر أهل العلم أنه زيادة على الإثم الحاصل بسبب التعدي، فإن المودَعَ يصبح ضامنًا لما أنفق بمجرد التعدي على الأمانة أو التفريط فيها، وذلك بضمان مثلها إن كانت مثلية أو قيمتها إن كانت مقومة يوم أداء الوديعة.
قال في بدائع الصنائع: ولو أنفق المودَعُ بعض الوديعة ضمن قدر ما أنفق ولا يضمن الباقي لأنه لم يوجد منه إلا إتلاف قدر ما أنفق، ولو رد مثله فخلطه بالباقي يضمن الكل. اهـ
وقال ابن قدامة في المغني: فصل: وإن كان المغصوب من المثليات فتلف وجب رد مثله، فإن فقد المثل وجبت قيمته يوم انقطاع المثل. وقال القاضي: تجب قيمته يوم قبض البدل؛ لأن الواجب المثل إلى حين قبض البدل بدليل أنه لو جد المثل بعد فقده لكان الواجب هو دون القيمة. وقال أبو حنيفة ومالك وأكثر أصحاب الشافعي: تجب قيمته يوم المحاكمة لأن القيمة لم تنتقل إلى ذمته إلا حين حكم بها الحاكم. اهـ
فحاصل أنه يجب عليك دفع مثل ما تصرفت فيه من الذهب إلى ورثة زميلك الميت، ولا تدفع لهم ثمن الذهب إلا إذا رضوا بذلك، وكان سيتم التقابض بينك وبينهم في نفس اللحظة التي تم فيها التراضي على الثمن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(12/7362)
حالات ثلاث لمن كانت عنده أمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
يحصل ونحن في قاعة الدراسة، أن نستعير قلما من طالب ما، ولكن يبقى القلم معنا سهوا بعد قضاء حاجتنا منه. وعندما نتذكر أن القلم ليس لنا، نبحث عن صاحب القلم فلا نجده.
هل هذا يعتبر علينا دينا، نحاسب عليه يوم القيامة؟ وإن كان ذلك ما العمل؟
مع العلم ان ذلك حدث معي، واحتفظت بالقلم طويلا علني أجد صاحبه، لكن دون جدوى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى الإمام أحمد عن أبي ذر رضي الله عنه، والطبراني عن ابن عباس وثوبان رضي الله عنهم، والحاكم في المستدرك عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. حديث صحيح.
وروى مسلم عن أبي هريرة مرفوعاً في قوله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] فلا يخلو الحال من واحدة من ثلاث:
1- أن تجد صاحبه فوجب رده إليه.
2- فإن مات فإلى ورثته.
3- فإن لم تجده ولا أحداً من ورثته تتصدق به عنه مع الضمان.
فإن جاء صاحبه خُيِّر بين إمضاء الصدقة وأجرها له، وبين أن يأخذ العوض وأجر الصدقة للمستعير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1424(12/7363)
لا تعاونوا على الأثم والعدوان
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل تأدية الأمانة واجبة حتى مع علمي بضررها؟
فأنا مكلف ببعث رسائل بها بعض الشتائم والسب إلى شخص ما، وهذا الشخص لا يعرف شخصيتي ولا شخصية الراسل وهي لا تضر المرسل إليه ولا الراسل، ولكني على يقين بأن ضرراً كبيراً سيقع إذا انكشفت شخصيتي أو شخصية الراسل، فهل أنا على إثم مع العلم بأني أبعثها كما هي، ويكمن أن أحذف منها بعض الكلام الجارح، ومع العلم أيضاً بأن الراسل سيعلم إذا كانت الرسائل وصلت أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليعلم أن سب المسلم إثم مبين واعتداء سافر على عرضه المصون، وفي الحديث: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
قال النووي: السب في اللغة الشتم والتكلم في عرض الإنسان بما يعيبه، والفسق في اللغة الخروج، والمراد في الشرع الخروج عن الطاعة، وأما معنى الحديث فسب المسلم بغير حق حرام بإجماع الأمة، وفاعله فاسق كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى.
ولا شك أن في إيصالك ما فيه سب وشتم لمن لا يستحق تعاوناً على هذا الفسق المبين والاعتداء الآثم، وهو ما نهى الله عنه بقوله تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
وليس في إيصالك هذا النوع من الرسائل أداء للأمانة، لأن معنى الأمانة هي كل شيء لزمك أداؤه، وهذا لم يلزمك أداؤه بحكم الشرع الذي حرم السب والتعاون عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1424(12/7364)
حكم تملك راتب جاء عن طريق الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال: عندما أكون نسيت السجدة الثانية وتذكرتها بعد القيام للركعة التي تليها أو نسيتها في الركعة الأخيرة وتذكرتها بعد التشهد أو بعد السلام في هذه الحالة هل أسجد للسهو أم أعيد الصلاة؟
السؤال الثاني: هناك رجل كان موظفا في الدولة ولديه حساب في البنك ويسحب مرتبه منه وبعد فترة ترك الوظيقة ومع ذلك لم يتوقف مرتبه فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وع لى آله وصحبه أما بعد:
فلجواب سؤالك الأول عن نسيان السجدة راجع الفتوى رقم: 10674
أما الجواب على السؤال التالي، فيحرم على هذا الشخص أخذ ما يدخل حسابه من راتب عن طر يق الخطأ، ويجب عليه إبلاغ الجهة التي يأتي منها المال، وأن يعيد ما أخذه منه، وليع لم أنه مسؤول عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ كما صح في الحديث الذي رواه الترمذي والدارمي وغيره عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبل اه. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الألباني.
وليعلم أن ما يأكله من هذا الراتب من غير عمل، سحت يدخله النار إن لم يتب منه ويؤده لأصحابه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت، النار أولى به أخرجه بإسناد صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1424(12/7365)
التصرف بممتلكات القطاع الحكومي دون إذن لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في قطاع حكومي ويتم صرف عهد مستهلكة والمكان الذي أعمل به يحتاج إلى بعض المستلزمات للتشغيل فنقوم بالتصرف في بعض هذه العهد لشراء المستلزمات التي نحتاجها علماً بأننا نلقى معاناة كثيرة لشراء مستلزماتنا الأمر الذي يدعونا لهذا فهل هذا حرام أم لا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان بيع هذه العُهد بإذن المسؤول لأجل مصلحة العمل فلا حرج في ذلك، إذا روعيت في ذلك البيع الضوابط الشرعية لحل البيع والشراء، وإذا كان هذا البيع يتم بغير إذن المسؤول فلا يجوز، لأن هذه العُهد أمانة لديكم لا يجوز التصرف فيها ببيع أو شراء إلا بإذن من له حق التصرف فيها، وهو مالكها أو من يقوم مقامه كالمسؤول عن العمل.
وكونكم تلاقون مشقة في شراء مستلزمات العمل لا يبيح التصرف في هذه العُهد بدون الحصول على إذن مسبق.
وفي حالة عدم إنجازكم للعمل المطلوب منكم بسبب عدم وجود مستلزماته، فلا إثم عليكم فيه، كما لا يحق للمسؤول أن يحاسبكم على عدم إنجازه، حتى يوفر لكم المستلزمات المطلوبة لإنجازه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1424(12/7366)
على المرء أن يؤدي الأمانة لمن ائتمنه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مبعوثون من قبل مصر للحصول على الدكتوراة من أوروبا وتصرف لنا مصر مرتباً للاعزب و40 % زيادة للزوجة والأولاد نظير السكن إلا أن بعض المبعوثين يرحل زوجته والأولاد ويؤجر السكن للاستفادة من مبلغ 40 % مع العلم بأن هذا المبلغ لا يصرف فى وجود الزوجة على أرض الدولة الأوروبية ومع الزوج وأن الجهة المسؤولة عن صرف المرتب تحذر من مغادرة الزوجة إلا بعلمها لوقف 40 % لحين عودتها ما حكم هذا المال الناتج من مغادرة الزوجة عدة أشهر وخوف البعض من تبليغ الجهه المسؤولة عن مغادرة الزوجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشرع حض على الأمانة وحذر من الخيانة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك. رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.
وبناء عليه فينبغي الورع والاحتياط في ما يأخذه الإنسان من الأموال العمومية، لأنها ملك الأمة ولا يحل الاحتيال عليها، ويجب عليه أن يرد ما أخذه منها بغير حق، وراجع الفتوى رقم: 16747.
هذا وينبغي الحرص على الحلال في المطعم والملبس والاستعانة بالله والتوكل عليه في تحصيل الرزق الحلال، وينبغي أن نستحضر دائماً قوله صلى الله عليه وسلم: إن روح القدسي نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه أبو نعيم وصححه الألباني في صحيح الجامع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1424(12/7367)
حكم من يتخلف عن دفع حق الطبيب
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل طبيبة في القطاع الخاص ومدخولي فيه قليل، وكثيرا ما تفاجئني المريضة بعد أن أفحصها بطلب تأجيل الأجر فأوافق لكنها تخرج ولا تعود علما بأن الطبيب في هذا البلد لا يمكنه تقاضي الأجر مسبقا. كيف أتعامل شرعيا مع هذه النوعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت في سؤالك فأنت بالخيار بين أمرين:
أولهما: أن تشترطي على المريضة دفع الأجرة حالاً قبل معالجتها، فإن التزمت بالدفع ثم أخَلَّت بالتزامها فلك منعها من الخروج حتى تدفع أو يكفلها غيرها ممن ترضين كفالته أو تستدعي الشرطة لرفع الأمر للقاضي لإلزامها بدفع الأجرة.
والثاني: أن تعالجي المريضة، فإن دفعت لك الأجرة وإلا فخذي عنوانها وأشهدي عليها ثم طالبيها بما لك عليها بعد فترة، ولك أن تكتفي بوعدها بالتسديد ثم مطالبتها بعد ذلك به، فإن أنكرت فالله يعوضك عما خسرت، وإن رفعت الأمر إلى القضاء فقد تحصلين على حقك، وقد لا تحصلين عليه وعلى كل حال فلا حرج عليك في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(12/7368)
خيانة الابن ما استأمنه والده أعظم جرما
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا الأب استأمن ولده على تجارته ثم أنكر الولد مال أبيه فهل يعد هذا المال حراما
وإذا حج منه فهل يقبل حجه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد شدد الإسلام على أهمية حفظ الأمانة، وأدائها إلى صاحبها متى طلب منه ذلك، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58] . وقال صلى الله عليه وسلم: أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك.
ونهى القرآن الكريم عن خيانة الأمانة وقرن خائنها بمن يخون الله ورسوله. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ [الأنفال:27] .
وبناءً على هذا فالواجب على هذا الولد أن يتقي الله تعالى ويؤدي إلى أبيه ما ائتمنه عليه من تجارة، وإلا كان عاصيًّا لله تعالى لأخذه مال غيره من غير سبب شرعي يبيح له ذلك.
أما بخصوص الحج بهذا المال الحرام فإنه رغم حرمة ذلك فلا يؤثر في صحة الحج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1423(12/7369)
الوصية بأداء الحقوق لازمة
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل وفاة أبي بيومين قال لي إنه عليه دين عشرون جنيها لأحد محلات الزهور ووصف لي المحل ولكني نسيت عنوانه. فهل من الممكن أن أتصدق بهذه النقود وبذلك أكون وفيت الدين عنه أم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب عليك أن تجتهد في البحث عن صاحب المحل الذي يطلب حقه على أبيك، وقد كلفك بالبحث عنه حتى توصل إليه حقه، فإن هذا الحق أصبح أمانة في عنقك يجب أن تسعى لأدائها ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، فإذا بذلت ما تستطيع من جهد في الوصول إليه، ولم تجده فلك أن تتصدق عنه بالمبلغ المذكور، فإذا وجدته بعد ذلك، فأخبره بذلك فإن أمضاه فقد برئت ذمة أبيك، وإلا فأده إليه، ويبقى أجر الصدقة لك إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1423(12/7370)
حكم زكاة مبلغ مدفوع لجهة لشراء سيارة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق منذ مدة دفع مبلغا من المال لشراء سيارة من مؤسسة ولكن هناك احتمال عدم الحصول عليها واسترداد المبلغ في يوم ما، فهل عليه زكاة مال أم لا؟ بارك الله فيكم......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المبلغ الذي دفع هذا الشخص للشركة باقيا في ملكه ويستطيع سحبه منهم في أي وقت شاء فإن عليه أن يؤدي زكاته كل سنة إذا كان يبلغ النصاب، لأنه بمنزلة الوديعة، ولأن عقد البيع لن يتم إلا بعد تسلم السيارة.
فهذا المبلغ يعتبر وديعة له يتصرف فيه كيف شاء سواء كان عند الشركة التي ساومها في السيارة أو عند غيرها.
أما إذا كان العقد قد تم وبناء على ذلك سلمهم المبلغ المذكور وتأخر تسليم السيارة لأمر ما.
ثم بعد ذلك انفسخ البيع أو طلب أحدهما الإقالة ... فإنه لا زكاة عليه في تلك المدة التي كان فيها المبلغ عند الشركة، لأنه خرج عن ملكه في تلك الفترة وكان ملكاً للشركة مقابل السيارة، ومن المعلوم أن السيارة لا زكاة فيها لأنها من أموال القنية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1423(12/7371)
لا تتحقق التوبة إلا برد المال أو مسامحة صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد:
سرقت من أحد زملائي في العمل مبلغاً من المال ولم أستطيع إرجاعه لأنني كنت فى ذلك الوقت أبلغ من العمر15 عاماً ولأن راتبي لا يكفي لإرجاع هذا المبلغ لصاحبه وأنا أبلغ من العمر17 وأنا مقبل على 18 وإنني علمت أنه من شروط قبول التوبة إرجاع المال لأصحابه فما الحكم؟ وجزاكم الله عنا خيرالجزاء....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يجب عليك فعله الآن هو رد هذا المال المسروق إلى صاحبه مع الندم على ما فعلت، فإن من شروط التوبة الندم والإقلاع عن المعصية والعزم على عدم العود، ورد الحقوق إلى أهلها، فإن بذلت وسعك في رد هذا المبلغ، فعجزت عن ذلك، فلتذهب إلى من سرقته منه وتطلب منه السماح والعفو، فإن عفا عنك فبها ونعمت، وإن أبى فعليك أن تنوي رده متى قدرت عليه، والواجب عليه أن يُنْظِرك، لقول الله تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة:280] .
وراجع الفتوى رقم:
26125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1423(12/7372)
اختلطت عنده الأمانات ولم يعرف أعيان أصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في الكويت، وكان لبعض الناس عندي أمانات، مثل كتب مستعارة، أو أشرطة، وكذلك كانت بعض الكتب عندي لمكتبات المساجد، وقد حدثت الحرب وتفرق الناس، وقد اختلطت عليّ هذه الأمانات ومن هم أصحابها، فما الذي يجب علي لأبرأ من هذه الأمانات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) [النساء:58] .
وقال تعالى: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) [البقرة:188] .
وقال صلى الله عليه وسلم: " ... فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ... " رواه البخاري عن أبي بكرة.
وهذا يدل على حرمة أخذ شيء من أصحابه دون رضاهم، كما يدل على وجوب رد الأموال إلى أهلها ما لم تنتقل ملكيتها إلى الآخذ بطريق مشروع كالبيع والهبة ونحوهما، ويدخل في ذك العارية والوديعة، والمرهون والمغصوب.
والواجب على الأخ السائل الآن أن يجتهد في البحث عن أرباب هذه الأغراض التي عنده، فإن تعذر عليه الوصول إليهم هم أو ورثتهم إن كانوا قد ماتوا رد الكتب التي أخذها من المساجد إلى الإدارة العليا المسؤولة عن المساجد، لأنها تحل محل ناظر الوقف الذي يسعى لإصلاحه ورعايته، فهي أصل وما يتبعها فرع، وتعذر الفرع لا يُبطل الأصل.
وما بقي بعد ذلك من أغراض يئس الوصول إلى أصحابها تصدق بها عنهم، فإذا حضروا وطالبوا بها بعد ذلك، أو تمكن هو من الوصول إليهم خيرهم بين إمضاء الصدقة ونيل أجرها، أو أن يرد إليهم قيمتها أو مثلها، ويكون ثواب الصدقة له، وراجع في هذا الفتوى رقم: 6420، والفتوى رقم: 26395.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1423(12/7373)
من شروط التوبة رد الحقوق لأصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أود أن أسال حول الشخص الذي أخذ أغراض الغير دون إذنهم ولم يقل لهم عن ذلك هل توبته جائزة إذا لم يرد القول لهم بذلك وكانت التوبة صادقة وقد نوى على إرجاع تلك الأشياء دون القول لهم أو إعطائهم سعرها بطريقة ما دون القول لهم إنه أخدها
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرجاء الرد السريع على البريد الالكتروني
enigmanice ayna.com]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن شروط قبول التوبة إرجاع الحقوق إلى أهلها، ولذا فالواجب عليك إرجاع الأموال التي أخذتها إلى أصحابها، إما بطريق مباشر مع طلب العفو منهم عما مضى من تعطيل حقهم عنهم إن أمكنك ذلك، ولم يسبب لك ضرراً أو حرجاً زائداً، وإما بطريق غير مباشر إذا لم يمكنك ذلك، بحيث لو علموا بما فعلت لعادوك وهجروك ونحو ذلك، وفي هذه الحالة تبرأ ذمتك دون أن تخبرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1423(12/7374)
كل مال لا يعرف مالكه من الودائع يأخذ حكم اللقطة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أنا وزوجي قد استأجرنا محلاً لجعله مركز تجميل نسائي وقد أتت إلينا إحدى الأخوات وأحضرت معها فستان زفافها تريد بيعه وقد اتفقنا أنني سأعرضه للبيع أوالإيجار وإذا حصل تكون لي نصف الفائدة ولها النصف وبعد حوالي شهرين أو أقل أغلقنا المحل لظروف مالية وكانت هذه الأخت قد أعطتني فاتورة الفستان وعليها كتبت رقم الهاتف وقد اتصلت على ذلك الرقم فأجابني رجل قال إن هذا المكان هو سكن للعمال ويوجد في منطقة أخرى غير المنطقة التي أخبرتني الأخت أنها تسكن فيها وهي لم تعاود الاتصال بي مرة أخرى والفستان مازال عندي ولا أدري ماذا أفعل هل أبيعه وأتصدق بماله؟ أم أبقيه عندي؟ مع العلم أنه قد مر أكثر من ثلاث سنوات على ذلك.
أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليك رد هذا الثوب أو قيمته إلى صاحبته إن أمكنك التعرف على مكانها بأي وسيلة ممكنة، فإذا مرت سنة على بدء البحث عن صاحبة الفستان، فلم يعرف لها مكان ولا عنوان، فيجوز لك الانتفاع به أو بيعه والتصدق بثمنه.
فإن عثرت على صاحبته بعد ذلك فأخبريها بالأمر، فإن أمضت الصدقة كان لها أجر ذلك وإلا فأعيدي إليها الثمن، ولك أجر الصدقة.
وإنما قلنا هذا: لأن كل مال لا يعرف مالكه من العواري والودائع يأخذ حكم اللقطة وتجري عليه أحكامها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1423(12/7375)
حكم من أخذ مالا من رب عمله دون علمه ومات رب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا كنت إنسانا ملتزما أطلقت لحيتي التزمت المساجد ودروس العلم ومن الله علي وزوجني من إنسانة نحسبها على خير ولا نزكي علي الله أحداً ومن قبل الزواج كنت أعمل محاسباً بشركة وكان صاحب الشركة يعتبرني أكثر من ابن ولكن كان مرتبي ضعيفاً فكنت آخذ من مال العمل وأكتبه وأعتبرته دينا سوف أسدده ولا يعرف أي أحد وتوفي صاحب العمل أنا الآن مرتبي لست أعرف إن كان يكفيني أم لا وهو حوالي 390 جنيها مصرياً متزوج ومعي ولدان هذا المبلغ الذي في ذمتي لا يتسنى لي دفعه ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يتوب عليك، ويهديك للحق والصواب، فقد ارتكبت محرماً، يمحى أثره بالتوبة منه، ولا تتحقق تلك التوبة منك إلا بأربعة أمور:
1- ترك هذا المحرم.
2- الندم على ما فات منه في الماضي.
3- العزم على عدم العودة إليه أبداً في المستقبل.
4- رد الحق إلى صاحبه، وراجع الفتاوى التالية أرقامها:
14074 -
11194 -
1794.
وبما أن صاحب الحق قد مات، فقد انتقل هذا الحق إلى ورثته، فالواجب عليك أن توفيهم إياه بأسرع وقت ممكن، قبل أن يستوفوه منك يوم لا ينفع مال ولا بنون، فإن عجزت عن سداده، فاذهب إليهم واطلب منهم المسامحة فيه، أو الإنظار إلى حين ميسرة، والله تعالى سيعينك على سداد دينك بالنية الصالحة والقصد الطيب، ففي الحديث: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله. رواه البخاري، وراجع في هذا الفتوى رقم:
19076.
وأما عن التوفيق بين نفقة الأولاد، وسداد الدين فراجع الفتوى رقم:
22300.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1423(12/7376)
على المرء أن يؤدي الأمانة لمن ائتمنه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا الحمد لله تركت المعاصي ورجعت إلى الله عز وجل ولكن قبلها اقترضت مالا من بطاقه ائتمان بدون فوائد حتى نهايه شهر رمضان وحدثت ظروف ولم أستطع أن أسدد المبلغ قبل هذه الفتره وأنا سوف أغادر هذا البلد للأبد أيضا في نهايه شهر رمضان ولا أملك من المبلغ لسداده إلا قدر احتاجه في شراء سيارة لي عند عودتي لبلدي فما الواجب علي حيث أن بعض أصدقائي قالو هذا البنك ربوي ويتعامل مع إسرائيل ولا يجوز التعامل معه من الأساس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك رد هذا القرض لأهله الذين اقترضته منهم سواء كانوا مسلمين يتعاملون بالربا ومع اليهود أو كانوا كفارًا ذميين أو مستأمنين؛ لأن هذا المال ملك لهم، وقد أحسنوا إليك حينما أقرضوك مالهم وأمنوك عليه، فلا تخنهم، فإن الله لا يحب الخائنين، وراجع الفتوى رقم:
20632.
وأما ما يتعلق ببطاقة الائتمان فراجع له الفتوى رقم:
6309.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(12/7377)
إعادة الحقوق إلى أهلها قبل أن يأتي يوم لا درهم فيه ولا متاع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت أسكن في شقة مع أحد من زملائي وعندما خرجت وجدت له أغراضاً عندي في الشنطة ويعلم الله أنني لم آخذها فخفت أن أعطيه هذا الغرض فيقول إنني أخذتها بقصدالسرقة
علما بأني تصدقت بهذا الغرض لوجه الله لذلك الشخص
فماذا على أن أفعل
وجزاكم الله خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب إعادة الحقوق إلى أهلها قبل أن يأتي يوم لا درهم فيه ولا متاع وإنما هي الحسنات والسيئات.
وأنت إذا خشيت مفسدة من مصارحة هذا الأخ بما حصل فعليك أن تعيد إليه عين حقه أو قيمته بطريقة لا يشعر فيها بما حصل فليس ضرورياً أن يعرف ما جرى، وأن هذا حق له كان عند فلان.
وأما الصدقة التي تصدقت بها فأجرها لك إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1423(12/7378)
لا إيمان لمن لا أمانة له
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
أعمل في محل وقد استأمنني صاحبه عليه ويحصل أن آخذ بعض المال من الخزينة الخاصة بالمحل دون علم صاحبه ما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأمانة من الصفات الأساسية في شخصية المسلم، قال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) [المؤمنون:8] .
ولذا نهى الله عن خيانتها وعدم حفظها بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الأنفال:27] .
قال أنس: ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له" حديث صحيح رواه أحمد في مسنده.
وجاء في حديث أبي هريرة عند مسلم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الأمانة والرحم تقومان على جنبتي الصراط، فقال: وترسل الأمانة والرحم، فتقومان جبنبتي الصراط يميناً وشمالاً ... قال: وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت به، فمخدوش ناج، ومكدوس في النار، والذي نفس أبي هريرة بيده إن قعر جهنم لسبعون خريفاً.
تقف الأمانة على الصراط فتكبكب في نار جنهم كل من خانها، وأنت أمين على ما تحت يديك، ويجب عليك أن تقوم بحفظ تلك الأمانة، فإذا أخذت مما تحت يديك من المال شيئاً دون وجه حق أو فرطت في حفظه، فقد خنت الأمانة، ووجب عليك ضمانه بمثله إن كان مثلياً، وبقيمته إن كان مقوماً.
فعليك أن ترجع ما أخذت لتبرأ ذمتك أمام الله، ولا يشترط أن تعلم صاحب المحل، بل يكفي أن ترد ما أخذت، وتعزم على التوبة إلى الله، وتكثر من الاستغفار، قال تعالى: (فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [المائدة:39] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1423(12/7379)
الأكل من أموال اليتامى بغير حق، كبيرة من كبائر الذنوب
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أودع لدي مبلغ من المال من فاعل خير لأسرة أيتام بحيث أعطي لهم كل شهر (1000) ريال وهم أقربائي وكلما قضي هذا المال أرسل لي مثله ولكن أحياناً أعطيهم وأحياناً لا لأني اخذت من هذا المال والسبب لشدة حاجتي وأضطر ان لا أعطيهم في الشهر القادم هل علي إثم أفيدوني وجزاكم الله كل خير..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأكل من أموال اليتامى بغير حق، كبيرة من كبائر الذنوب، لقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً [النساء:10] .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات. متفق عليه.
ولا يستثنى من ذلك إلا أكل القائم على الأيتام والناظر في شئونهم، إذا كان فقيراً، وأكل من مالهم بالمعروف، لقوله تعالى: وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:6] .
وقد اختلف الفقهاء في الأكل بالمعروف ما هو؟
فذهب بعضهم إلى أنه أخذ المال على سبيل القرض، وأن لا يقترض من مالهم أكثر من حاجته.
وذهب آخرون إلى أنه يأكل ما يسد جوعته، ويكتسي ما يستر عورته ولا يلبس الرفيع من الثياب ولا الحلل.
وهذا كله إذا كان قائماً على الأيتام، ناظراً في أمورهم، فإذا لم يكن كذلك فلا يحل له شيء من مالهم.
وبكل حال فأخذ أعطيتهم الشهرية كاملة ليس أكلاً بالمعروف، بل هو ظلم وظلمات، والواجب عليك أن ترد لهم ما أخذته من هذا المال، وإن أردت السلامة لدينك، فدع هؤلاء الأيتام وشأنهم، وانظر رجلاً صالحاً من أقربائك ليكون الوسيط في قبض المال وإعطائه لهم، وانظر الفتوى رقم:
3699.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1423(12/7380)
من لم يجد صاحب الحق يتصدق به عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا شاب أبلغ من العمر عام.. أذكر أنني وقبل عدة سنوات دخلت إلى مطعم وكنت أحمل عشرة دنانير أريد أن أشتري وأرجع لي الرجل باقي عشرين دينار أي أن هناك عشرة دنانير زائدة.. وأخذتها وصرفتها ولا أعلم إن كنت مكلفاً أما لا والرجل سافر إلى مصر بدون عودة.. ولكنني أذكر الرجل.. وأذكر الموقف كأنه خيال ... فماذا يجب عليَ أن أفعل على العلم أنني لا أعرف شيئا عن الرجل وعن مكان سكنه في مصر ولا أدري هل اختلف المبلغ مع اختلاف الزمن وتطورة.. حيث أصبحت العشرة دنانير فاقدة لقيمتها منذ ذلك الزمن.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على من أخذ حق غيره أن يرده إليه، فإن لم يجد صاحب الحق بعد بحث فيتصدق بذلك المال عنه، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم 18969 والفتوى رقم 23040
ولا فرق بين أخذ حق الغير قبل التكليف أو بعده من حيث وجوب رد الحق، إلا أن المكلف تجب عليه التوبة إضافة إلى رد الحق.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1423(12/7381)
دفعت أجرة التدريب ولم تعط شهادتها حتى سافرت ...
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أنا وزوجي قد استأجرنا محلاً لجعله مركز تجميل نسائي وكنا نعطي دورات في التجميل للراغبات مقابل مبلغ من المال, السؤال أن إحدى الأخوات قد تدربت عندنا وفي تلك الفترة كنا نتعرض لمشاكل مالية وكنا على وشك إغلاق المحل وقد دفعت هذه الأخت المبلغ المستحق عليها واستكملت تدريبها ولكننا تأخرنا في إعطائها شهادة التدريب ثم علمت أنها انتقلت مع أسرتها إلى مدينة أخرى ولم أتمكن من الاتصال بها هل علي ذنب وماذا يجب أن أفعل علما أنه قد مضى أكثر من ثلاث سنوات على إغلاق محل التجميل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب عليك أن تبحثي عن هذه الأخت التي تدربت عندك، ودفعت لك ما تستحقين عليها حتى توصلي لها شهادتها، وحسب ما فهمنا من سياق السؤال، فإنك أنت السبب في عدم حصولها على الشهادة.
وإذا كنت لم تماطلي أو تقصري في حصولها على الشهادة فنرجو ألا يكون عليك إثم وإذا كنت قد قصرت.. فإن عليك أن تستسمحي منها عن هذا التقصير الذي حصل منك.
وننبهك إلى أن المسلمة إذا فتحت صالون تجميل يجب عليها أن تراعي حدود الله تعالى في ذلك، فإن هناك أنواعًا من التجميل لا تحل شرعًا.
ولتفاصيل ذلك وأدلته نحيلك إلى الفتوى رقم:
2984.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1423(12/7382)
براءة الذمة بأداء الأمانة أو المسامحة مع التوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت لزيارة أختي بأمريكا منذ سنتين وعند عودتي أعطاني صديق هدية لي وهي قميص وهدية لأخي وهي عبارة عن حقيبة جلد صغيرة بها زجاجتين من العطر وصابونة من نفس النوع. فوسوس لي الشيطان بتبديلهما. ولكني ندمت على ما فعلت. فذهبت الآن لأخي وقلت له إن أختي قالت لي إن العكس صحيح فعرضت علية أن يأخذ الحقيبة وسوف أشتري له العطر لأني استخدمتهم كي أخلص ذمتي فرفض وقال إنك لم تعرف أنها لي فلذلك لا يهم لكن لو كنت تعلم حينها تكون قد خنت الأمانة. علماً بأن ما فعلت بناء على نصيحة من شيخ كنت سألتة من قبل. فهل بهذا التصرف أكون قد خلصت ذمتي أمام الله بالعلم أنني شديد الندم على ذنبي. وشكراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وقعت في محظورين:
الأول: خيانة الأمانة التي حملكها صديقك لأخيك، وهذا حرام لأنه تصرف في حق الغير دون إذنه، وفيه مخالفة صريحة لأمره تعالى بأداء الأمانة إلى أهلها، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58] .
وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ [الأنفال:58] .
الثاني: كذبك على أخيك حينما ادعيت أن الأمر حصل منك على سبيل الخطأ، وقد سامحك بناء على هذا.
فعليك الآن أيها الأخ السائل أن تبادر بالتوبة إلى الله تعالى بأن تندم على ما حصل منك، وتعزم على عدم العودة إليه، وترد الحق إلى أخيك، ومسامحته لك لا تبرئ ذمتك، لأنها مقيدة بعدم علمك بحقيقة هذه الهدية، والأمر ليس كذلك، ولا يشترط عند ردها إليه أن تعلمه بما حصل، لأن ذلك قد يؤدي إلى قطيعة بينكما، لكن عليك أن تردها بما تراه مناسباً لبقاء الود ودوام الصلة، فإن لم تتمكن من ردها فلتطلب منه المسامحة، ولا تبرأ ذمتك إلا بأحد هذين الأمرين، الرد أو المسامحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1423(12/7383)
اليد الأمينة لا تضمن ما لم تتعد أو تفرط
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطتني امرأة أشرطة كي أوزعها ثم اتفقت مع زميلة لي على أن توزع بعضها ووضعت الكيس الذي فيه الأشرطة قريبا من أغراض زميلتي وهي غير موجودة اعتقادا مني أنها سوف تأخذها لكن للأسف ضاع الكيس فهل علينا شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اليد الأمينة لا تضمن ما لم تتعد أو تفرط، أما اليد غير الأمينة فإنها تضمن ولو لم تتعد أو تفرط.
هذه قاعدة فقهية عظيمة يدخل تحتها ما لا حصر له من الفروع. ومعنى هذه القاعدة: أن اليد الأمينة كيد الوديعة والعارية والإجارة والوكالة ونحو ذلك مما أخذ بإذن صاحبه، هذه اليد لا تضمن عند التلف إلا إذا حصل منها تعد أو تفريط، والتعدي معناه: فعل ما لا يجوز، والتفريط معناه ترك ما يجب.
أما اليد غير الأمينة، كيد الغاصب والفضولي ونحو ذلك مما أخذ بغير إذن صاحبه فإنها تضمن ولو لم يحصل منها تعد أو تفريط.
وعليه، فإن يد الأخت السائلة يد أمانة لأنها وكيلة، فلا تضمن هذه الأشرطة إلا إذا حصل منها تعد أو تفريط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1423(12/7384)
كذب وخيانة وأكل لمال الناس بالباطل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما الحكم الشرعي في رجل يعمل لدى شركة حيث تأمره هذه الشركة بشراء الكمبيوتر البالغ ثمنه 1000 ألف دولار ولكنه يتواطأ مع بائع الكمبيوتر على أن يذكر الثمن ب 1500 دولار بفارق 500 دولار فيأحذ هذا الرجل 500 ويأخذ البائع 1000 وهو الثمن الحقيقي بدون علم الشركة هل يعتبر هذا من العمولة علما بأن الشركة قد لا ترضى بهذا العمل إذا علمت ذلك.
أفيدونا يجزكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه مما لاشك فيه أن الإقدام على مثل هذا التصرف فيه من المخالفات الشرعية ما لا يخفى، فقد جمع فيه بين الكذب والخيانة وأخذ أموال الناس بغير حق شرعي، وقد قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (لأنفال:27)
وفي الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له ".
وعليه.. فالواجب على الشخص المذكور في السؤال المبادرة إلى التوبة والاستغفار، وترك هذا التصرف المشين، والندم على ما فات منه، وعقد العزم على عدم العودة إليه وإلى غيره من المحرمات.. ثم إرجاع كل النقود الزائدة على الثمن الحقيقي إلى الشركة المذكورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1423(12/7385)
حكم التصرف بالأمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعمل بإحدى المؤسسات الحكومية وأقوم بالإشراف على وكيل أعمال لنا بالخارج ونصرف له حسب الإنتاج، استلمت المبلغ المخصص له وتصرفت فيه في إصلاح سيارة خاصة بي تملكتها من المؤسسة وأعمل بها لصالحها كذلك، مع العلم أن الوكيل عندما يأتي للبلاد أتنازل له عنها حتى يغادر (نشير إلي أن المبلغ المتصرف فيه للشهر المعني لم ينفذ فيه الوكيل أي عمل لصالح المؤسسة والتي من أجله تدفع له)
وفقكم الله نرجو الإفادة عن مدى شرعية ماقمت به وجزاكم الله عنا خير الجزاء 0]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لك التصرف في حق غيرك إلا بإذنه، فما أقدمت عليه يعد حراماً، والواجب عليك الآن هو التوبة إلى الله، ورد الحق إلى صاحبه، وطلب السماح منه.
أما كونه لم ينفذ أي عمل لصالح المؤسسة.. فإن كان عن تقصير منه فهذا راجع إلى المؤسسة وليس إليك إلا إذا خولوك هم بذلك، وإذا لم يكن عن تقصير فليس للشركة ولا لك أن تأخذوا حقه أو تخصموا منه شيئاً.
وأما كونك تتنازل له عن سيارة عندما يأتي.. فإن كانت المؤسسة قد اشترطت عليك ذلك فإنه يلزمك الوفاء له، وإن لم تكن قد اشترطت عليك ذلك فإن الأمر راجع إليك فإن شئت أن تعطيه السيارة فأعطه، وإن شئت ألا تعطيه أو تعطيه بأجرة فلك ذلك.. المهم أن المبلغ المخصص له والذي استلمته نيابة عنه يجب عليك أن تسلمه له، وتصرفك فيه لصالحك أنت خيانة للأمانة، وقد أمر الله بأداء الأمانة، فقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1423(12/7386)
كيف تتحلل من مظلمة الخلق
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا مات الإنسان وعليه حقوق للآخرين (أموال أو أعراض) ومنعه الحياء أن يستحلهم أو أن يعيد إليهم حقوقهم لأنه لايعرف مكانهم الآن. فهل يستوفون ذلك من حسناته يوم القيامة كما يشاءون؟ أم أن هناك معيارا لحجم هذا الحق المستوفى وقدره؟ أم أن هناك من القربات والطاعات في الدنيا ما يجعل الله سبحانه وتعالى يتحمل عنا تلك الحقوق؟ ... وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلل منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. رواه البخاري.
وهذا الحديث يدل على أن من لم يتحلل من ظلم أخيه فإنه يبقى عليه إلى يوم القيامة ليستوفي المظلوم من حسناته.
ومعلوم أن من شرط التوبة إذا كان الذنب متعلقاً بحق العباد إرجاع الحق إليهم، والتحلل من مظلمتهم.
فإن تاب العبد فيما بينه وبين ربه، بقيت مظلمة الخلق، وإذا كان الإنسان لا يعرف مكان المظلوم، فالواجب أن يخرج من ماله ما يساوي الحق الذي عليه، ويجعله صدقة باسم من ظلمه، لعل الله أن يتجاوز عنه، وأن يرضي المظلوم بذلك.
وعلى أقارب هذا الميت أن يخرجوا ما علموا من هذه الحقوق من تركته، قبل تقسيمها، إذ قضاء دين الميت مقدم على حق الورثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1423(12/7387)
التصرف في الأمانة دون إذن صاحبها يستوجب الإثم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... ... ...
اذا كان عندي مبلغ من المال على سبيل الأمانة أو أنني مسئولة عن نقود عمل ثم اضطررت إلى التصرف فيها دون علم مالكها لضائقة ثم بعد تيسر الحال قمت برد تلك النقود وذلك دون علم مالكها فما حكم الشرع في ذلك؟ حلال أم حرام
أرجو الافادة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على من كان لديه أمانة حفظها وعدم التصرف فيها إلا بإذن من صاحبها، ومن تصرف فيها دون إذن صاحبها فهو آثم متعد، وعليه الضمان في حالة ضياعها بعد ذلك التصرف ولو بدون تعد أو تفريط.
إذا تقرر هذا، فإن ما قمت به من تصرف في الأمانة بدون إذن خطأ عظيم، وإساءة في حق الغير، فالواجب استسماح صاحبها فيما فعلت إذا لم تخش ترتب ضرر أكبر من فساد ذات البين ونحو ذلك، فإذا غلب على الظن أن ينتج عنه ضرر أكبر، فالواجب الدعاء والاستغفار له مقابل ما بدر من تقصير في حقه، إلا أنه إذا ترتب على التصرف في الوديعة الحصول على ربح فيجب رده إلى صاحبه إلا أن يأذن في أخذه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1423(12/7388)
من نسي قدر ما اوتمن عليه يجتهد بدفع ما تبرأ به ذمته
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان هناك مال لأحد الأشخاص ليس على سبيل الدين ولكن على سبيل التناسي وقد تذكرت ذلك ولكني لا أعلم مقدار هذا المال فما الحكم إذا قمت بإعطائه المال بالزيادة مع العلم أنه لايعرف أصلا إن كان هناك مال (مثال) عند شراء حاجة وكانت النقود غير مكتملة فيقول البائع يبقى لي كذا؟ وماذا لو كان هناك بنفس الطريقة أموال لأشخاص ولكني لا أتذكر هل أقوم بالتصدق لتطهير مالي وهل يكفي أم ماذا؟ أرجو الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من عمرت ذمته بمال لغيره فإنه يجب عليه أن يرد ذلك المال على ذويه، سواء كان ذلك المال أمانة عنده أو ديناً حالاً أو لقطة عرفها صاحبها.
وقد سبق الجواب عن هذا مفصلاً برقم:
7390 فإن نسي الشخص قدر المال الذي جالت يده عليه لغيره اجتهد في إبراء ذمته منه، ودفع القدر الذي يرى أنه المطلوب، ثم ليتحلل صاحب الحق، أو يحتاط فيخرج أكثر من الحق. إبراء لذمته، واحتياطاً في أمر دينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1423(12/7389)
إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم:
جدتي وخالتي دفعتا لي مبلغأ وقدره 3500 ريال لكي أجعلة في إحدى الجمعيات الخيرية كصدقة جارية ولكن كنت في وقتها بحاجة للمبلغ فصرفتة على نفسي وفى نيتي إذا توفر المبلغ عندي بعدها سأدفعة ولكن لم يتوفر المبلغ إلى الآن؟
ملاحظات: 1- جدتي توفيت رحمها الله ... 2- أنا غير موظف علما أنني انتظر الوظيفة لكي أدفع المبلغ جامعي!!! ... 3- هل أدفع من مال زوجتي وهى راضية0 ... 4-المبلغ له 3سنوات 0 ... ... ... ... ... ... وجزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المال الذي أخذته من جدتك وخالتك يعتبر أمانة في عنقك يجب عليك أداؤها ودفعها إلى الجهة المخصص لها في أقرب وقت ممكن، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا. [النساء:58] ، وقال سبحانه: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ [المؤمنون:8] .
حتى ولو توفيت جدتَّك التي أمنتك على المال فمن الأمانة والوفاء لها أن تنفذ ما تركت عندك جدتك وخالتك.
وحتى لو طالت المدة فإن ذلك لا يسقطه، ولا يبرر عدم الأداء، وإذا كانت زوجتك راضية بدفع المبلغ فلا مانع من ذلك بشرط أن يكون ذلك بطيب نفسها.
وننصح السائل الكريم إذا كان يحس من نفسه ضعفاً أمام المادة ألاَّ يتحمل الأمانات المالية حتى لا يقع في الحرج؛ لأن فتنة المال من أشر الفتن، وقد قال صلى الله عليه وسلم: الدنيا حلوة خضرة، وإن الله تعالى مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ... رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1423(12/7390)
الاستغفار يكفر الذنب بخلاف حقوق الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله
قد أخذت من شخص مالاً دون علمه وهو كان صديقي وهذا المبلغ لا يضره فإن رجعته له وقلت له ما حصل فقد تولد العداوة بيننا فهل الدعوة بالمغفرة أثناء السحر ووقت الإجابة المعروفة والحج ينجيني من هذا الذنب؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "على اليد ما أخذت حتى تؤديه" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح.
أي أنها ضامنة لما أخذت حتى ترجعه إلى صاحبه، فلا تبرأ ذمتك حتى ترجع هذا المال إلى صاحبه، ولن تعدم طريقة لإرجاعه دون إخباره أنك أخذت هذا المال أو سرقته منه.
ودعاؤك واستغفارك يكفران عنك ذنب السرقة، أما حقوق الناس فلابد من إرجاعها إلى أصحابها، أو طلب الإبراء منهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1423(12/7391)
المال يرد للورثة ... وحكم الأرباح المتولدة منه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب أشتغل بالتجارة وكان معي صديق شاركني في تجارتي وفجأة وافته المنية وانتقل إلى رحمة الله وترك لدي بضاعة بقيمة مبلغ من المال وهذا منذ تسع سنوات ولم أرجع إلى أهله المبلغ
علماً بأني بعت البضاعة ومازال المبلغ داخل رأسمالي فهل أعطي المبلغ إلى أهله أم أتصدق لهم به في مسجد؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من مات وترك مالاً، فإن ماله يصير إلى ورثته، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن مات وعليه دين ولم يترك وفاء فعلينا قضاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته. متفق عليه.
فيلزمك على هذا رد هذا المبلغ إلى ورثته، ولا يجوز لك التصدق به عنهم، لأن ما كان ملكاً للغير لا يجوز التصرف فيه إلا بإذنه.
أما الأرباح الناتجة عن تحريكك له فقد اختلف أهل العلم في مرجعها فمنهم من قال: إنها للعامل لأن الضمان منه وهي نتيجة عمله، ومنهم قال: إنها تتبع لرأس المال وأنها ملك لصاحبه، وراجع الفتوى رقم:
6937.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1423(12/7392)
تبرأ ذمتك بما فعلته بشرط أن يكون المبلغ مماثلا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا كنت أعمل مع صديق لي فى مجال الملابس وقد قمت ببيع بعض هذه الملابس لإخوتي لحسابي وقبضت ثمنها لي. وتفوت الأيام وبعد أن هداني الله سبحانه وتعالى عزمت على أن أرد هذا المبلغ الذي قمت باختلاسه ولكن لم أستطع أن أقول لصديقي إني قمت بسرقته ولكن قمت بسدادها عن طريق تنازلي له عن أموال كانت لي عنده من أموال الشغل. ولما سألني لماذا هذه الأموال قلت له إنها خصم من عندي لك ولم أستطع أن أقول له إني كنت قد سرقتها منك فهل أنا هكذا أكون قد سددت ديني أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ذمتك قد برئت من هذا المال ما دمت قد تنازلت له عن حق مالي ثابت لك عليه، بشرط أن يكون ما تنازلت عنه ممائلاً للمبلغ الذي أخذته منه أو أكثر منه، أما إذا كان أقل فلابد من دفع الباقي.
ولا يلزمك إخباره بأصل الموضوع، لأن هذا قد يؤدي إلى الشحناء والبغضاء، وهذا مخالف لمقاصد الشرع من حرصه على نشر المودة والمحبة بين المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1423(12/7393)
خذ المال ظاهرا ورده لأهله بطريقتك الخاصة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي صديق يعمل في مجال توزيع الإعلانات وفي أحد الأيام أعطته الشركة 1000 إعلان على أن يوزعها جميعاً حتى يقبض معاشه 100 درهم فلم يوزع سوى 200 ورقة إعلانية بسبب إرهاقه الشديد وفي لحظة غضب تخلص من الباقي لا يستطيع هو أن لا يأخذ الـ100 درهم لأنه لو أخبرهم سيتعرض للفصل فماذا يفعل بالمئة درهم؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإلقاء هذه الأوراق التي كلف هذا الشخص بتوزيعها يعد خيانة للأمانة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة لمن ائتمنك، ولا تخن من خانك" أخرجه أبو داود والترمذي، وصححه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ولا يحل له أن يأخذ هذه المكافأة التي أرصدت له في مقابل توزيع الأوراق كاملة، ولا نجد له مسوغاً في أن يأخذ هذا المال إلا إذا كان عدم أخذه للمال سيضر به ضرراً متحققاً، فيأخذه ظاهراً، ويرده إلى أهله بطريق لا يكتشف بها أمره.
وعليه أن يستغفر الله تعالى، وأن يكثر من الحسنات لعل الله يكفر عنه ما ارتكبه من خيانة الأمانة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1423(12/7394)
الخيانة لا تقبل التجزئة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الناظر على وقفين مختلفين إذا عزل عن أحدهما بالخيانة يمكن عزله عن الآخر إذا لم يخن فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن خان مرة، فإنه يمكن أن يخون ثانية وثالثة ... ، ولا يجوز أن يكون ناظر الوقف خائناً، فمن علمت خيانته، فإنه يجب عزله وتولية غيره مكانه.
وعليه، فمن كان ناظراً على وقفين وخان في أحدهما، فإنه يعزل عن الاثنين، لأن وصف الخيانة مانع من التولي على الأمانات، خصوصاً الأوقاف منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1423(12/7395)
حاول البحث عن صاحب المال وإلا فتصدق به
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتب الله علي بحادث مروري وسلمت أنا والطرف الآخر وهو غير مسلم وتم معاينة الحادث من جهة المرور وكانت نسبة الحادث علي 25% وعلى الطرف الآخر 75% وقمنا بتقدير الحادث من ورش مختلفة وطلع على الطرف الآخر مبلغ وقدره 6000 ريال وقمت بإصلاح السيارة وزاد 2000 ريال ماذا أعمل معه حيث أني لا أعرف عن الطرف الآخر شيئا وذهبت إلى المرور فقالوا لي إن الأوراق الخاصة بالحادث قد تلفت
أفتونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنشكر للسائل الكريم على أمانته وحرصه على إيصال الحق إلى أصحابه.
ونقول له: لقد أحسنت صنعاً بسؤالك عن صاحب المال المتسبب في ذلك الحادث الذي ابتليت به لترد إليه المال المتبقي من إصلاح السيارة حيث إن الستة آلاف التي دفعها الطرف الآخر إنما كانت بدلاً عن نصيبه من التلف الذي حصل فيه، ولما كان التلف قد أصلح بأقل من المبلغ المحدد، فإن للرجل ثلاثة أرباع الألفين الباقيتين وهو ألف وخمسمائة.
ونصيحتنا لك أن تجتهد أكثر في البحث عنه وعن عنوانه، فإذا استفرغت وسعك ولم تجد سبيلاً للوصول إليه فتصدق بهذا المال عنه.
ثم إن ظهر بعد ذلك هو أو ورثته، فإنك تخيره بين أن يمضي الصدقة والأجر له، وبين أن ترد إليه المبلغ وأجر الصدقة لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1423(12/7396)
لا يسقط الحق بالتقادم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
سؤالي هو: عندما كنت في سن السادسة أو السابعة من عمري (لا أتذكر شيئا سوى الموقف) كنت أسير مع أهلي بالسيارة فتوقفنا عند محل بقالة على البحر وعندما نزل الوالد ليشتري لنا بعض الأغراض لمحت رجلا بجانبه كان يشتري من نفس المكان وعندما هم بالرحيل حاول أن يضع ما معه من النقود في جيبه ولكنها سقطت منه ولم يشاهدها غيري نزلت وبسرعة التقطها وكانت 500 ريال سعودي وقتها كانت مبلغاً كبيراً بالنسبة لي وبعد أن مرت أيام ومازالت معي أعلمت الوالد بها فأخذها مني وأعلمني بأن مافعلته خطأ وما إلى ذلك ولكن السؤال: هل أتحملها الآن علما بأنه قد مضى عليها عشرون عاما تقريبا؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا المبلغ حق لصاحبه، ولابد أن تؤديه له إذا كنتم تعرفونه وكان لا يزال حياً، وإذا كان قد مات، فإن هذا المال يعطى إلى ورثته، لأنه أصبح حقاً لهم، هذا إذا علمتم ورثته، أما إذا كنتم لا تعلمون شيئاً عن مكان سكنه أو بلده ولم تستطيعوا الوصول إلى شيء من ذلك، فعليكم أن تتصدقوا بهذا المال بنية أن الأجر له هو، فإن ظهر هو أو وارثه بعد ذلك فأخبروه أنكم كنتم تصدقتم بالمال على أن الأجر له، فإن أمضى ذلك فذلك المطلوب، وإن لم يمضه رددتم له مبلغه، وكان أجر الصدقة لكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1423(12/7397)
ليس على المستودع ضمان
[السُّؤَالُ]
ـ[أقيم برفقة زوجي بالخارج أرسل أبي ملابس شرعية لبيعها لحسابي على أن أرجع له أصل المبلغ قمت بالبيع ولكني أضعت كل المبلغ في أحد وسائل النقل ليس لي مورد خاص لإرجاع الدين وقال لي زوجي ليست مهمتي تعويض ما أضعتيه موقفي مع أهلي محرج ذلك أني لم أعطهم شيئاً؟ يبادرونني دائماً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا المال لا يلزمك رده إذا ضاع من غير تفريط منك في حفظه، لأنه أصبح أمانة عندك، والأمانة لا تضمن إلا بالتفريط فيها لما يلي:
- روى البيهقي في سننه عن عمرو بن شعيب ِ عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس على المستو-دع ضمان".
- ولان المستودع متبرع في حفظ الأمانة، فلو لزمه الضمان لامتنع الناس من قبول الودائع، وكما لا يلزمك رد ما ضاع لأبيك كما قلنا، فلا يلزم زوجك بالأولى والأحرى.
وعليك أن توضحي لأهلك ما حدث، وإن تبرع زوجك برد هذا المال لوالدك، فهذا من المعروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1423(12/7398)
حكم ما بقي عندك من مال يتحدد حسب العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في شاب يعمل بالقطاع الحكومي ويذهب مأمورية محددة بمبلغ 40 جنيهاً سفر وإقامة ولكنه يصرف أقل من ذلك بعلم جهة العمل فما حكم الدين في المبلغ المتبقي له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى يقول في محكم كتابه: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) [النساء:58] .
ويقول تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) [الأحزاب:72] .
وقال صلى الله عليه وسلم: "إن رجالاً يتحوضون (يتصرفون) في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة".
فجزى الله خيراً الأخ السائل على حرصه على دينه وتحريه الحلال، فكثير من الناس أصبح هدفه جمع المال، ولا يهمه بعد ذلك من أين جاء هذا المال أمن حلال أم من الحرام؟ وخاصة إذا كان المال العام.
وكان السلف الصالح رضوان الله عليهم يتحرزون من المال العام أشد التحرز، وكان عمر رضي الله عنه يقول: أنا مع بيت المال كناظر مال اليتيم، إن استغنى استعف، وإن افتقر أكل بالمعروف.. يشير إلى الآية الكريمة: (وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) [النساء:6] .
وكان عمر بن عبد العزيز له مصباحان: مصباح لحاجته الخاصة، ومصباح لأعمال الدولة، فإذا انتهت أعمال الدولة أطفأ المصباح واستعمل مصباحه الخاص.
ونقول للأخ السائل: إذا كان المبلغ المذكور مخصصاً لهذه السفرة أو هذا العمل، وبذل هو من الجهد ما يوفر منه مبلغاً يعتبر ملكاً له.
أما إذا كانت جهة العمل تتحمل النفقات المحددة وما استهلك لهذا الغرض، فإن ما بقي يرجع إلى جهة العمل، والحقيقة أن الحكم في هذا الأمر هو جهة العمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1423(12/7399)
يرد الموجود من الراتب الحاصل خطأ والباقي يقسط
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والدي تحول إلى التقاعد قبل سنة من الآن لكن راتبه لم ينقطع عنه وينزل له بالبنك كل نهاية شهر كاملاً لمدة سنة وطبعا كان يصرف منه وبعد مرور سنة تماماً طلب الوالد من قبل الإدارة التي كان يعمل بها وقالوا له إنه كان يصرف لك راتب بطريق الخطأ لمدة سنة وعليك اعادة كامل المبلغ المصروف وإذا لم تستطيع دفع المبلغ كاملاً ادفع لنا على أقساط بصراحة هو مبلغ كبير ولا يوجد لدينا إلا نصف المبلغ نحن هنا نريد دفع كامل المبلغ بأقساط شهرية دون دفع ما لدينا من مبلغ متبق علماً أن والدي رجل كبير وذو دخل محدود وهو علي استعداد لدفع المبلغ على أقساط شهرية بموافقة الإدارة هل يجوز لنا ذلك؟ ونأخذ المبلغ المتبقي.
أفتوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكان الواجب تنبيه الإدارة عند نزول أول راتب، فإنه لم يجر عرف ولا قانون بتقاضي الراتب كاملاً للموظف المتقاعد، فكيف يأخذ الشخص ما ليس له؟!
والآن وقد حصل ما حصل، فالواجب هو رد ما بقي، وما صُرف يقسط كما يتم الاتفاق عليه مع الإدارة.
وليعلم الإنسان أن رزقه آتيه لا محالة وما قدره الله سيكون، فلا ينبغي استعجال الرزق وأخذه من الحرام، وقد قال الله عز وجل: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) [الطلاق: 2-3] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(12/7400)
رد المبلغ على الورثة أو تصدق به عن صديقك
[السُّؤَالُ]
ـ[وضع صديق لي أمانه مبلغاً كبيراً جداً ثم وصلني خبر موته ولم يوصني قبل أن يموت بماذا أفعل بالمبلغ الذي وضعه عندي بماذا تنصحوني أحبتي آآخذ المبلغ لي أم ماذا أفعل؟ علماً بأن صديقي هذا وضع عندي الأمانة وانقطع عن الاتصال بي منذ 9 سنوات.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان صديقك قد وضع المبلغ عندك أمانة، ولم يهبه لك فلا يحل لك أخذه، والواجب عليك رده إلى ورثته فهم أحق الناس بتركة مورثهم.
فإن عجزت عن معرفتهم والوصول إليهم بعد البحث والتفتيش ويئست من إمكانية الوصول إليهم يأساً تاماً، فتصدق بهذا المبلغ عن الميت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1423(12/7401)
على اليد ما أخذت حتى تؤديه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعرف بنت ونصبت عليها أي أخذت منها المال بطريق ملتوي كيف أبرئ ذمتي؟ وما أفعل بما اشتريته من مالها؟ علماً بأنه مبلغ كبير بالنسبة لي وأنا حاليا لا اعمل والحمد الله قد هداني الله وأريد التطهر من كل حرام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أولاً أن تتوب إلى الله من هذا الذنب، وأن تعزم على عدم العودة إلى مثله مرة أخرى، مع العلم أن توبتك لا تتحقق هنا إلا برد ما أخذته، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "على اليد ما أخذت حتى تؤديه" رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح.
فإن كنت لا تستطيع فاطلب المسامحة منها، فإن لم تسامحك وجب عليك أن تعقد العزم على سداد هذا المبلغ فور مقدرتك على ذلك، وراجع الفتوى رقم: 6022، والفتوى رقم: 3051.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1423(12/7402)
المؤتمن عليه لا يتصرف فيه إلا وفق ما اشترط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل أمينا على عهدة مالية في الشركة التي أعمل بها هل يجوز لي أن أربح من هذه العهدة مع الحفاظ عليها دون إذن صاحب الشركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك استعمال الأموال التي ائتمنك عليها صاحب الشركة إلا إذا أذن لك فيها، لأن الأمين لا يجوز له التصرف فيما تحت يديه من أموال إلا على حسب شرط صاحبها، فإذا فعل خلاف شرطه فقد ارتكب محرماً، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم "المسلمون عند شروطهم، ما وافق الحق من ذلك" رواه الحاكم عن أنس وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1423(12/7403)
حكم التصرف في ممتلكات الغير
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تبديل الموجودات في ثلاجات غرف الفنادق؟
توضيح: يوجد في غرف معظم الفنادق ثلاجات تحتوي على مياه صحية ومشروبات وبساكيت وغير ذلك، وأخذ شيء منها يعني شراءها، ولكنها تباع بسعر غال جداً فهل يجوز أن آخذ شيئاً من هذه الثلاجة؟ ثم أقوم بشراء مثلها من السوق أو التموينات وأضعها بدلاً من تلك التي استخدمتها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان تبديل هذه الموجودات التي في ثلاجات غرف الفنادق يتم بإذن من صاحب العمل أو المسؤولين، فلا شيء في ذلك.
وأما إذا كان بغير إذن منهم أو بدون علمهم، فلا يجوز هذا العمل، لأنه تعد وتصرف في أموال الآخرين بغير إذنهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1423(12/7404)
ظلم رب العمل لا يسوغ الخيانة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركةأجنبية في الأردن وقد أقر المدير لبعض زملائي الحصول على دورات تدريبية معينة ولم يخبرني بذلك مع أني في أشد الحاجة إليها..ربما لطبيعة علاقتي غير القوية والتنافسية به..فهل إذا اقتطعت مالا لأحصل على مثل ذلك وهو تحت تصرفي يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك أن تأخذ شيئاً من المال الذي أؤتمنت عليه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك " رواه الترمذي وأبو داود. ولا يسوغ لك الأخذ كون المدير منعك بعض حقك، فلك أن تطالب بحقك إن كنت تستحقه بموجب العقد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1423(12/7405)
لا تبرأ الذمة إلا بأداء الحق لصاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا موظفة في شركة مساهمة منذ 10 سنوات أعمل في قسم المبيعات والمخازن حيث لدي الخزينة
فكنت أصرف نقوداً لصالح نفسي دون علم أصحاب الشركة بمعنى إني خنت الأمانة هذا كان منذ أربع سنوات تقريباً بعدها توبت إلى الله ولم أعد أفعل هذا العمل ولكن أخذت الكثير من النقود ولم أعد أتذكر إلا مبلغا واحدا. هل تعتبر النقود التي أخذتها دينا عليّ، فإن كان دينا كيف أسدده وإن كانت خيانة للأمانة فإني تبت فكيف أصحح خطئي هذا؟ الرجاء مساعدتى بأسرع وقت.
2- هل لا أستطيع صيام الأجر إلا بعد صيام الدين حيث إني اريد صيام التاسع من ذي الحجة وأنا علي دين لم أصومه بعد، هل أستطيع أن أصوم ذلك اليوم ثم أصوم الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمبالغ التي قد أخذت من الخزينة بدون إذن أهلها تثبت في ذمتك، ولا تبرأ إلا بردها لأهلها، فبادري بردها إليهم، وليكن الرد بطريق مباشرة إن أمكنت، ولم تسبب مشاكل لك، وإلا فليكن الرد بطريق غير مباشر، فإن كنت لا تذكرين عدد المبالغ بالتحديد، فالواجب عليك هو التحري والاحتياط في تحديدها ورد ما ترين أن ذمتك تبرأ به عند الله تعالى، وعليك بالتوبة والاستغفار. نسأل الله لنا ولك الإعانة والقبول.
ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 12868، والفتوى رقم: 13348.
وأما مسألة هل يجب تقديم القضاء قبل صوم النفل أم يجوز صوم النفل قبل القضاء، فقد سبق بيانها في الفتوى رقم: 3357.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1422(12/7406)
يرد المال الذي أخذ بغير حق لصاحبه بطريقة ما
[السُّؤَالُ]
ـ[1- لدي مبلغ من المال ادخرته وهو مقسم إلى ثلاثة أقسام القسم الأول ويمثل نسبة 10% عبارة عن مرتب يدفعه لي صاحب العمل والجزء الثاني ويمثل نسبة 80% عبارة عن مبلغ يدفعة لي صاحب العمل مقابل تسجيل أوراق باسمي وتحت مسؤليتي وأنجز هذه الأعمال له مقابل هذا المبلغ الذي يدفعه لي بتراض الجزء الأخير ويمثل نسبة 5% أو أكثر عبارة عن مبلغ أدخره من عهدة يسلمها لي لأقضي بها الأوراق والمفروض أن أدفعها للموظفين لينجزوا لي الأعمال فأدخر من هذه الإكراميات مبلغ آخذه لي ودون علمة ولكني شككت فيه منذ اللحظة الأولى لذلك ادخرته ولا أعرف مقداره بالضبط فماذا أفعل؟ وفي حالة أن هذا هذا المبلغ حرام فكيف أحدد مقداره؟ علما بأني أعمل عنده ولو عرف هذا الموضوع سيقوم بفصلى من العمل؟ فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن القسم الثالث من المال الذي تدخره (وهو العهدة) لا يجوز أن تصرف منه إلا بقدر ما يحتاجه العمل، وما زاد عن ذلك فيجب إعادته لصاحبه، أما كونك لا تعلم مقداره فيجب عليك أن تخرج من مالك مبلغاً يغلب على ظنك أنه يساوي المبلغ الذي أخذته، وإن زدت عليه مبلغاً من باب الاحتياط كان ذلك أسلم لك وأبرأ لذمتك، لأن القصاص يوم القيامة ليس بالدينار والدرهم وإنما بالحسنات، فنسأل الله أن يرزقنا وإياك الخوف منه ومراقبته في السر والعلن.
وعليك أن تعيد المال بالوسيلة التي تراها مناسبة، ولا يشترط لذلك علم صاحب العمل بحقيقة ما جرى، كأن ترسله بحوالة باسم الشركة، وتذكر بأنك في فترة ماضية أخذت هذا المال دون أن تذكر لهم اسمك، أو نحو ذلك من الحيل التي تتوصل بها إلى رد الحق لأهله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1422(12/7407)
ما تفعل بمال الغير الذي فقد أصحابه
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بشراء بعض الأغراض من محل تجاري وفي اليوم التالي اكتشفت بمراجعة الفاتورة أن العامل فى المحل لم يسجل الكثير مما اشتريته ولم أدفع ثمنه وقررت الذهاب مرة أخرى لمعرفة ثمن هذه الأغراض ودفع ثمها ولكن المحل أغلق بجميع فروعه نهائياً في هذا البلد الأوروبي الذي نعيش فيه. ماذا أفعل بالله عليكم علما بأني لا أعرف ثمن هذه الأغراض (أدوات مطبخ) ؟
عذرا للإطالة وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاك الله خيراً على حرصك على أن ترجع الحق إلى أهله، وعليك بالتحري والسؤال عن هذه الشركة وأصحابها، فإن عثرت عليهم فأرجع ما في ذمتك لهم، فإن تعذر العثور عليهم، وكنت تعلم أن هذه الشركة لمسلم، أو فيها مساهمون مسلمون، فتصدق به بنية أن ثوابه لهم، وإن كانت لكافرين، فلا يهدى لهم ثواب ولا أجر، ويبقى المال معك، وتنتفع به ولا حرج عليك، فإذا ظهر في وقت لاحق أهله أرجعته إليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1422(12/7408)
تصرف أمين الخزانة حالة نقص المال أو زيادته
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في وظيفة أمين خزينة لعدد 4 حسابات وأتعرض طبقا للوظيفة لحالات من العجز والزيادة في المبالغ النقدية، وبالنسبة لحالة العجز أقوم بسداد المبلغ من جيبي الخاص أما في حالة الزيادة فإنني قمت بسؤال المدير المالي والإداري عن كيفية التعامل مع هذه المبالغ فأجاب بأنه غير مسئول عن هذه المبالغ وقال لي إننى من الممكن أن أقوم بسداد العجز من هذه المبالغ الزائدة.
والسؤال هو: هل يمكن الاقتراض من المبالغ الموجوده بالزيادة؟ وهل يمكن التصرف في أي شيء منها وإذا تم الصرف منها فعلا ما هو موقفي؟ علما بأنني لكثرة عدد الحسابات (4) حسابات فإنني لا أعلم كيف يحدث العجز وكيف تحدث الزيادة؟
برجاء الإفادة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن يد أمين الخزينة ونحوه من كل مؤتمن يد أمين وليست يد ضامن، وعليه فهذا النقص الذي وجد في أحد الحسابات لا يلزمك تعويضه ما لم يحصل منك تفريط، أو تقصير، وأما بالنسبة للزيادة التي قد تحصل فهي تابعة للحساب الذي وجدت فيه، تصرف في مصارفه فقط، ولا تصرف في غير ذلك لا باقتراض، ولا غيره، إلا بأمر من الجهة المسئولة عنه، والإقدام على التصرف فيه دون علم منها يعتبر تعدياً، لأنه مال للغير لم يأذن فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1422(12/7409)
كيفية التصرف بالمال المجهول صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بتوزيع رواتب الموظفين (علما أنني لست المحاسب) وعند انتهائي من توزيع الرواتب وجدت أنه يوجد فائض من المال هو قليل ولكن لا أعرف ماذا أفعل به علما بأنني سألت كل الموظفين عما إذا كان لديهم نقص ولكن لايوجد أحد لديه نقص وكذلك المحاسب ليس لديه نقص فماذا أفعل بهذا المال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أن ترد هذا المال إلى الجهة التي استلمته منها: المؤسسة التي قمت بتوزيع الرواتب على موظفيها.
فإن قالوا: إن هذا المال ليس لهم، فتصدق به بنية أن الأجر لصاحبه، فإذا عرفت صاحب هذا المال بعد ذلك فأخبره بما صنعت، فإن أجازه، فذاك وإلا فأنت ضامن، ويكون أجر الصدقة حينئذ لك.
وجزاك الله خيراً لحرصك على الحلال في زمان صار فيه كثير من الناس لا يبالون بأكل الحرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1422(12/7410)
الحقوق المالية تؤدى ولو كانت لغير المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أني ابتعثت في دورة لأمريكا لمدة سنة ونصف المهم أنه عند انتهاء الدورة ترتب علي مبالغ مالية لبعض الشركات الأمريكية مثل الهاتف والانترنت والتلفزيون وغيرها (أقصد هنا الفواتير) ولظروفي المالية وقتها لم أستطع تسديدها فما هو الحكم وهل يجوز التصدق بتلك المبالغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا خلاف بين العلماء في أن من أخذ مال الغير - أيا كان مسلماً أوكافراً - بغير سبب شرعي، فإنه يجب عليه رده إلى صاحبه فوراً، لقوله صلى الله عليه وسلم: "على اليد ما أخذت حتى تؤديه" رواه الترمذي وأبو داود.
وعليه، فيجب عليك ردُّ ما لزمك من أموال، ولو كانت للكافرين، وفاءً بالعهد وإبراءً للذمة، فاجتهد في إيصال ذلك لأهله، فإن لم تستطع ردها لضياع فواتيرها أو تلفها، وكان لا يمكن ردها إلا بذلك، فلا بأس أن تتصدق بها في مصالح المسلمين، مع وجوب الندم والتوبة، لتفريطك في ردُّ ما وجب عليك من أموال للغير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1422(12/7411)
له حق على غائب.. كيف يحصل عليه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
ما حكم من له دين (مال) على شخص يستحيل الاتصال أو لقائه وقد طال الفراق بينهما؟ مالعمل في هذه الحالة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من له حق على غائب ولم يتمكن من الاتصال به فليرفع أمره إلى القاضي ومن في حكمه، لأن الأمور المتعلقة بالغائب خطيرة، ولا يتصرف فيها إلا القضاة ومن في حكمهم، فهم الذين ينظرون في الدعاوى على الغائب، سواء كانت متعلقة بالحقوق المالية أو غيرها، فما ثبت عندهم من تلك الدعوى عملوا بمقتضاه، وما لم يثبت عندهم ردوه، لهذا فنقول للسائل إذا كان مدينك الغائب عنده مال موجود فعليك بالمحاكم الشرعية، فهذا النوع من القضايا لا يحله غيرها مادامت موجودة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1422(12/7412)
حكم الاتجار بأموال التبرعات
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك مبلغ من المال الموضوع على سبيل عمل مشروع اجتماعي ونتج عن هذا الاستخدام مبلغ من الأرباح ثم تم العدول عن هذا المشروع ويراد إرجاع التبرعات إلى أصحابها ماحكم أخذ جزء من الأرباح من قبل الأشخاص الذين قاموا بجمع التبرعات وتشغيلها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأشخاص الذين قاموا بجمع التبرعات المذكورة هم في حكم الأمناء على الحفظ فقط، وليس لهم استثمارها، ولا التصرف فيها إلا بإذن لأنها مال للغير، فإذا اتجروا فيها بإذن الجهة المتبرعة، فما تنج من أرباح فهو لهم - كله أو بعضه - حسبما اتفقوا عليه هم وأصحاب الأموال.
أما إذا اتجروا فيها بغير إذنٍ، فإن تصرفهم هذا يعتبر تعدياً، وقد سبق وأن أجبنا على حكم من تعدى على مال الغير واتجر فيه برقم: 6937.
وذكرنا هناك خلاف العلماء في مصير الربح الناتج عن التعدي، وختمنا بأن من الإنصاف والعدل أن يتناصف التاجر ومالك المال في الربح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1422(12/7413)
أصحاب الأمانة المفقودين يتصدق عنهم بها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا أم لخمسة أولاد، في فترة حرب كنت قد أخذت بعض الملابس وغيرها من الأشياء البسيطة من جيران لنا كانوا قد ائتمنوني عليها، والآن باختصار لا نستطيع معرفة مكان هؤلاء الناس ولا نستطيع تقدير ثمنها، وأنا الآن أعمل وأريد أن أبرئ ذمتي من هذا الأمر، بالرغم من أن أسرتي وضعها المادي سيء والزوج مديون ولا يكاد راتبه يفي بمتطلبات الأسرة، فسؤالي كيف أستطيع أن أرد لهؤلاء الجيران حقهم علماً بأنني لا أعلم مكانهم، وحتى أبرئ ذمتي ... هل بإمكاني أن أتصدق باسم جيراني على زوجي وأسرتي لحاجتهم الى المال ويسقط عني ذلك وهل يبقى علي إثم؟؟؟؟ أفيدوني فأنا في غاية القلق ... أنتظر منكم الرد ... وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
... فإن عليك أولا أن تتوبي إلى الله تعالى توبة نصوحاً من التعدي الذي حصل منك على الأمانة التي اؤتمنت عليها، فخالفت أمر ربك، حيث أمرك بحفظها، وأدائها موفرة إلى أصحابها، حيث قال (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) [النساء: 58]
وقال تعالى: (فإن أمن بعضكم بعضاً فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه) [البقرة 283]
كما أن خيانة الأمانة من علامات النفاق، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " آية المنافق ثلاث:
إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان" متفق عليه.
ثم اعلمي أن ما أخذته من ملابس وغيرها، باق في ذمتك لهؤلاء الجيران، فعليك أن تبحثي عنهم قدر وسعك وطاقتك، فإن وجدتهم فأدي إليهم مثل ما أخذت من أشيائهم أو قيمته، فإن يئست من وجودهم يأساً حقيقياً بعد استنفاد كل وسائل البحث الممكنة، فتصدقي بقيمة ما أخذت مما ائتمنوك عليه، ولا تتصدقي به على زوجك، ولا على أسرتك، فإن وجدت أصحاب الحق بعد ذلك فإن شاءوا أمضوا تلك الصدقة ولهم أجرها، وإن شاءوا أخذوا منك قيمة أشيائهم، ولك أنت حينئذ أجر تلك الصدقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1422(12/7414)
مال الدولة له حرمة مال الأفراد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم سرقة أموال الدولة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
... ... ... فإن مال الدولة هو في الحقيقة ملك لجميع الأمة، له من الحرمة ما لما يملكه آحاد الأمة من مالهم الخاص، فلا تجوز سرقته، ولا الاحتيال على أخذه بغير حق شرعي.
... ... ... فمن أخذ منه شيئاً بغير حق، وجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى، ويرده إليها إن كان ما زال موجوداً بيده، فإن لم يكن موجوداً بيده، فهو في ذمته عليه أن يرد مثله أو قيمته.
وراجع الجواب رقم: 5876.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1422(12/7415)
حكم التصرف بالمال المجهول المصدر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ أنا تاجر ألبان أقوم بشراء بضاعتي من الشركة الحكومية للألبان بقيمة 10000 عشرة الاف دينار وأقوم بتسويقها إلى 13 ثلاثة عشر محلا للألبان فتكون القيمة الإجمالية المحصلة مع الربح 11000 دينار وهكذا كل مرة وآخر مرة بعد تسويق البضاعة للزبائن فوجئت بأن الإجمالي المحصل هذه المرة قيمته 13500 ثلاثة عشر الفا وخمسمائة أي بزيادة عن المبلغ المعتاد تحصيله قدرها 2500 الفان وخمسمائة دينارفقمت بمراجعة مع زبائني الذين أسوق لهم البضاعة ووجدت أن حساباتي معهم صحيحة ولا يوجد فرق؟ فأفيدوني بما أفعل بهذه الزيادة علما بأنني في حاجة ماسة إليها. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أن تواصل البحث والتحري لتعرف مصدر هذا المال، وذلك بمراجعة حساباتك مع الشركة الحكومية ومع زبائنك، ولك أن تستفيد الآن من هذا المال، فإن ثبت أن له صاحبا كنت مطالبا برده إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1422(12/7416)
ماذا يفعل من استقر في ذمته مال للغير
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سؤالي هو:
في رقبتي مبلغ من النقود لثلاث من زميلاتي في الجامعة. اليوم صرنا لا نلتقي فأنا أعمل في منطقة وكل واحدة منهن في منطقة أخرى. أعرف أن المبلغ زهيد فهن يعملن مدرسات وأنا معيدة بالجامعة. لا أدري ما أفعل بهذا المبلغ. كتبته في وصيتي. هل يجوز إنفاقه على المحتاجين مع النية بأن الأجر لهن؟ أفتوي جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك هو الاحتفاظ بأشياء صديقتك إلى حين عودتها، إن كان هناك أمل في عودتها، وأن تجتهدي في البحث عن وسيلة للاتصال بها، وإرسال حاجتها إليها، فإن عدمت السبل، وانقطع الأمل من عودتها، فلك أن تتصدقي بها عنها، وتكتبي ذلك في وصيتك، فإن جاءت يوماً من الدهر في حياتك، أو بعد وفاتك كان لها الخيار في إمضاء الصدقة، أو أخذ مثل حاجتها إن كان لها مثل، أو قيمتها إن لم يكن لها مثل، ويكون لك أنت أجر ما تصدقت به. والله أعلم.
وماً من الدهر خُيرِّ بين إمضاء الصدقة، وبين استرجاع ماله. والله أعلم.
الوصول إليهم لا تسقط حقهم فيها، وعليك الاتصال بهم بأية وسيلة ممكنة، أو انتظر رجوعهم من السفر ليأخذوا أمانتهم كاملة غير منقوصة، وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
الهم أو اسم المحافظة التي يسكنونها أو نحو ذلك، مع أن وسائل الاتصالات اليوم متوفرة، وما من دولة إسلامية بل ولا غير إسلامية إلا وفيها كثير من جاليات كل دولة، إضافة إلى السفارات المتواجدة في كل دولة من كل دولة، الأمرالذي يساعد على التعرف بمن يراد التعرف عليه، وفي الأخير نقول لك اكتب وصية بهذا المال ليتميز بها، وابحث عن صاحبه أو من يرثه، ولا تسلمه إلا لمن تثق بأنه سوف يوصله لذويه، فإذا فعلت هذا ولم تكن فرطت في أدائه أولاً لصاحبه فلا إثم عليك. والله تعالى أعلم.
نفعكما به لفعلت، ثم قال: بلى هاهنا مال من مال الله، أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين فأسلفكماه فتبتاعان به متاعاً من متاع العراق، ثم تبيعانه بالمدينة فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين، ويكون لكما الربح، فقالا: وددنا. ففعلا فكتب إلى عمر أن يأخذ منهما المال، فلما قدما باعا وربحا، فلما دفعا ذلك إلى عمر قال: أكل الجيش أسلفه كما أسلفكما؟ قالا: لا. قال عمر: ابنا أمير المؤمنين فأسلفكما؟! أديا المال وربحه، فأما عبد الله فسلمه، وأما عبيد الله فقال: ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين هذا، لو هلك المال أو نقص لضمناه. قال: أدياه. فسكت عبد الله وراجعه عبيد الله، فقال: رجل من جلساء عمر يا أمير المؤمنين لو جعلته قِراضاً فقال: قد جعلته قِراضاً.. إلى آخره.
فقضاء عمر هذا بقسمة الربح لا شك أنه هو القضاء العدل الذي لا يجحف بأي طرف، ولا يذهب حقه هدراً. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1422(12/7417)
تركت أمانة ... وسافرت وانقطعت أخبارها.. فكيف التصرف؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تركت صديقة لي بعض الأشياء على سبيل الاحتفاظ بها وسافرت بعدها ناسية هذه الأشياء وليس لدي عنوانها ولا أستطيع الوصول إليها.. فهل أخرج قيمة هذه الأشياء كزكاة باسمها أم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك هو الاحتفاظ بأشياء صديقتك إلى حين عودتها، إن كان هناك أمل في عودتها، وأن تجتهدي في البحث عن وسيلة للاتصال بها، وإرسال حاجتها إليها، فإن عدمت السبل، وانقطع الأمل من عودتها، فلك أن تتصدقي بها عنها، وتكتبي ذلك في وصيتك، فإن جاءت يوماً من الدهر في حياتك، أو بعد وفاتك كان لها الخيار في إمضاء الصدقة، أو أخذ مثل حاجتها إن كان لها مثل، أو قيمتها إن لم يكن لها مثل، ويكون لك أنت أجر ما تصدقت به. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1422(12/7418)
كيف يتصرف من لديه أمانة ولم يجد صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[استدنت مبلغا من المال من زميلة لى وكنت فى ذلك الوقت فى المهجر ثم سافرت فجأة دون أن تكون موجودة واستحالت كل محاولاتي فى الوصول إليها بعد ذلك فماذا أفعل كي لا أتحمل ذنب هذه الأمانة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من استقر في ذمته مال لغيره فعليه:
أولاً: أن يكتب به وصية عنده لئلا يضيع على صاحبه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده" متفق عليه، واللفظ للبخاري.
وثانياً: أن يجتهد في البحث عنه، أو عن ورثته لإيصال الحق إليهم.
ثالثاً: فإن تعذر ذلك بعد البحث والاجتهاد، فله أن يتصدق به عنه، فإن جاء صاحب الحق يوماً من الدهر خُيرِّ -أي صاحب الحق- بين إمضاء الصدقة ويكون الأجر له، وبين استرجاع ماله ويكون الأجر للآخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1422(12/7419)
اسلك جميع الطرق لأداء الأمانة لأصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين فى أمانة موجودة معي ويصعب الوصول لأصحابها لسفرهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على من كانت عنده أمانة أن يحفظها، وأن يصونها حتى يؤديها إلى أهلها، كما أمرنا الله بذلك فقال: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) [النساء: 58] .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك" رواه أبو داود، والترمذي والحاكم، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم خيانة الأمانة علامة من علامات النفاق فقال: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان" رواه البخاري ومسلم، وعلى هذا فالواجب رد هذه الأمانة إلى أصحابها، لأن صعوبة الوصول إليهم لا تسقط حقهم فيها، وعليك الاتصال بهم بأية وسيلة ممكنة، أو انتظر رجوعهم من السفر ليأخذوا أمانتهم كاملة غير منقوصة، وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1421(12/7420)
من كانت عنده وديعة فاتجر فيها وربح. هل يكون الربح له؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم الدين فى رجل ترك له صديقه سيارة بصفة أمانة حتى يعود من السفر ولما طال السفر بالرجل خشي صاحبه من تلف السيارة فباعها وكان معدما فتاجر بثمنها ففتح الله عليه حتى أثرى وعاد صاحبه بعد عشرين عاما فكيف يرد له أمانته مع العلم أن صاحب الأمانة لم يكن له أقارب عندما كان مسافرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بيع السيارة المودعة خشية تلفها هو الذي تقتضيه المصلحة، ويستوجبه حفظ الأمانة المطلوب شرعاً، وعليه فإن ثمنها الذي بيعت به أصبح أمانة كما كانت هي، ومن المعلوم أن الأمانة لا يجوز للمؤتمن أن يتصرف فيها بما لم يأذن به صاحبها، أو يقتضيه حفظها، فإن تصرف فيها بغير إذن أو مصلحة ضمن.
أما بالنسبة للأموال الناتجة عن الاتجار بالوديعة تعدياً، فإن العلماء اختلفوا في مرجعها، فيرى الإمام مالك والليث وأبو يوسف وجماعة: أن المال للتاجر المتعدي، وليس لرب الأمانة إلا رأس المال، لأن الخراج بالضمان.
والصحيح من مذهب الحنابلة أن الربح لرب المال صاحب الأمانة، وقال الإمام أبو حنيفة وزفر ومحمد بن الحسن ترد الوديعة لصاحبها، ويتصرف بالربح، وهذا هو الذي نقله حنبل عن الإمام أحمد.
إذا علمت هذا أيها السائل الكريم، فالواجب عليك رد ثمن السيارة التي بيعت به لصاحبها، لأنه ملكه بلا خلاف، وأما ما نشأ عن تجارتك أنت به من ربح، ففيه ما علمت من الخلاف بين العلماء.
والأنسب بمقاصد الشريعة أن يكون بينكما، أما أنت فلتحريكك المال وتنميتك إياه، وأما هو فلأن رأس المال له. ويستأنس لهذا بما رواه الإمام مالك في الموطأ من أن ابني عمر: عبد الله وعبيد الله رضي الله عنهما مرا على أبي موسى الأشعري بالبصرة، فرحب بهما وسهل وقال: لو أقدر لكما على أمر أنفعكما به لفعلت، ثم قال: بلى هاهنا مال من مال الله، أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين فأسلفكماه فتبتاعان به متاعاً من متاع العراق، ثم تبيعانه بالمدينة فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين، ويكون لكما الربح، فقالا: وددنا. ففعلا فكتب إلى عمر أن يأخذ منهما المال، فلما قدما باعا وربحا، فلما دفعا ذلك إلى عمر قال: أكل الجيش أسلفه كما أسلفكما؟ قالا: لا. قال عمر: ابنا أمير المؤمنين فأسلفكما؟! أديا المال وربحه، فأما عبد الله فسلمه، وأما عبيد الله فقال: ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين هذا، لو هلك المال أو نقص لضمناه. قال: أدياه. فسكت عبد الله وراجعه عبيد الله، فقال: رجل من جلساء عمر يا أمير المؤمنين لو جعلته قِراضاً فقال: قد جعلته قِراضاً.. إلى آخره.
فقضاء عمر هذا بقسمة الربح لا شك أنه هو القضاء العدل الذي لا يجحف بأي طرف، ولا يذهب حقه هدراً. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1421(12/7421)
الوسائل متنوعة لإيصال الحقوق لأصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[في فترة لاحقة من الزمن اشتغل لدي شخص من بلد أفريقي وبقي لديه عندي مبلغ من المال وقد تغيب عني مدة طويلة ولم أره مطلقاً ولكن رأيت صديقاً له فسألته عنه فكان رده أن الشخص المطلوب قد توفي. مع العلم بأنني قد رأيت هذا الرفيق في فترة اشتغال صديقه عندي وقال لي بالحرف الواحد لا تدفع له أي شيء لأن المبلغ الأول الذي دفعته له يكفي قيمة ما قام به من عمل ولكن الاتفاق تم بحضوره مبدئياً واتفقنا مرة أخرى عن سعر آخر غير الذي يعرفه صديقه فأصبحت محتاراً لمن أدفع المال الذي بذمتى له؟ هل أدفعه لصديقه؟ أم ماذا أفعل؟ لأنني لو دفعته لرفيقه قد يأخذ المال ولا يوصله لأهله! ولكم الشكر الجزيل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من استقر بذمته مال لغيره، فعليه أولاً: أن يكتب به وصية عنده، حتى يتميز عن ماله، لئلا يموت فيلتبس بماله، فيورث عنه، فيضيع على صاحبه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده" متفق عليه. واللفظ للبخاري. وعليه أن لا يسلمه إلا لصاحبه أو وكيله، فإن دفعه بغير إذن من مالكه ضمنه له لتعديه، وفي حالة ما إذا مات صاحب المال، أو تعذر وصوله إلى ماله كما في الحالة المسؤول عنها، فينبغي لمن بذمته ذلك المال أن يبحث عن وسيلة موثوق بها لتوصيله إلى ربه أو ورثته إن كان هو قد مات، وما دام السائل يعرف صديقا لصاحب المال فبإمكانه أن يأخذ منه بعض المعلومات التي تساعده على إيصال المال لذويه، مثل أن يأخذ منه عنوانا لهم أو اسم المحافظة التي يسكنونها أو نحو ذلك، مع أن وسائل الاتصالات اليوم متوفرة، وما من دولة إسلامية بل ولا غير إسلامية إلا وفيها كثير من جاليات كل دولة، إضافة إلى السفارات المتواجدة في كل دولة من كل دولة، الأمرالذي يساعد على التعرف بمن يراد التعرف عليه، وفي الأخير نقول لك اكتب وصية بهذا المال ليتميز بها، وابحث عن صاحبه أو من يرثه، ولا تسلمه إلا لمن تثق بأنه سوف يوصله لذويه، فإذا فعلت هذا ولم تكن فرطت في أدائه أولاً لصاحبه فلا إثم عليك. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1421(12/7422)
المحكمة الشرعية هي التي تحكم في أمانة امتنع أصحابها من أخذها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من لديه امانة يرفض اصحابها استلامها إطلاقا. مضت عليها 10 سنوات الآن]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على من ائتمن على أمانة أن يحفظها فيما يحفظ فيه مثلها، وإذا أرادها أصحابها أو خشي هو تلفها عنده ردها إليهم، لا يجب عليه شيء أكثر من ذلك يقول الله جل وعلا: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) [النساء:585690
]
وإذا خشيت من أن يلحقك بعض المساءلة أو ينالك بعض الحرج وامتنع هؤلاء من أخذ أمانتهم فلك أن ترفع الأمر إلى المحاكم الشرعية، لتجبرهم على أخذها منك، أو تتصرف هي فيها بما تراه مناسبا، وتكون حينئذ قد خرجت من عهدتك أنت خروجاً نهائياً.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/7423)
لا يجوز لأحد من أعضاء الجمعية الاجتماعية الانفراد بالقرار
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, أما بعد نحن طلاب في أوكرانيا وأعضاء جمعية اجتماعية ذات توجه إسلامي, وقد جمعت تبرعات من الطلبة المسلمين بهدف العمل الإسلامي ولا يوجد في صندوق الجمعية سوى 300 فقط لا غير, تم إهداء أحد الطلاب العرب المسلمين الملتزمين القادرين بمبلغ وقدره 100 بمناسبة قدوم مولود له وهو ليس من المشتركين في الجمعية وإهداء مبلغ 100 أيضاً لطالب آخر ذو منصب في الجمعية (رئيس اللجنه الثقافية) بمناسبة قدوم مولود له, مع العلم أن مبلغ 100 تعادل 500 من العملة الأوكرانية (جريفن) ومتوسط دخل الموظف 150جريفن وذلك دون علم بعض من أعضاء الجمعية. فهل هذا يجوز؟ أفيدونا أثابكم الله كي يطمئن قلبي جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فهذا المال أنتم مؤتمنون عليه ولا يجوز لكم أن تخالفوا شروط هذه الجمعية التي تبرع لها الطلبة بالمال على علم بمصارف تلك الأموال، فإن أنفقت في غير الوجه الذي من أجله تبرع بها أصحابها، فإن ذلك يعد خيانة للأمانة ومحاباة للأصدقاء على حساب مصالح المسلمين، قال تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) [النساء: 58] ، وقال صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع ومسؤول عن رعيته" متفق عليه. وإن كان هذا دون علم بعض أعضاء الجمعية، ففيه انفراد بالقرار دونهم ومما قد يحدث معه الشقاق ويكون سبباً لدخول الشيطان بينكم، وحتى لو علموا ورضوا بذلك ووافقوا عليه ولكن كان ذلك المصرف مخالفاً لمقصد المتبرعين، فلا يصح بحال من الأحوال، وعلى المسلمين أن يتقوا الله تعالى فيما ولوا من أمر إخوانهم وفي الثقة التي وضعها فيهم إخوانهم. هذا والله ولي التوفيق.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/7424)
لا يجوز الاستيلاء على مال الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في أمريكا لمدة 7 سنوات عدت بعدها لأستقر في بلدي بعدما ضاقت بي الامور هناك. وكنت قد أخذت مالا من شركات ال credit card ولم أردها لهم هل هذا جائز.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه...... وبعد:
فيجب عليك رد هذا المال إلى من أخذته منهم لأنه مال للغير لا يجوز أن تأخذه بغير حق شرعي، وكون الجهة المأخوذ منها أو في مالكيها كفار لا يبيح عدم رده، فالمؤمن مطالب بالوفاء بما أبرم معهم من عهود، والله جل وعلا مدح الموفين بالعهد وأمر بالوفاء بالعقود ولو كانت مع غير مؤمنين فقال معيباً على اليهود ما عرف من فعلهم لهذه الأفعال (بلى من أوفى واتقى فإن الله يحب المتقين) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/7425)
تصرفك بالأمانة إساءة في حفظها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان لدي أمانة نقود فاحتجت لها وصرفتها وعندما أتى صاحب الأمانة جمعت له المبلغ وأرجعته له في نفس الوقت الذي طلب فيه المال دون أن أتأخر عليه. (هل يجوز ذلك ام لا) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد: الواجب على من كان لديه أمانة لأحد أن يحفظها فيما يحفظ فيه مثلها، كما يحفظ ماله. لأن الله تعالى أمر بأدائها ولا يمكن ذلك إلا بالحفظ قال تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) [النساء: 58] . وما فعلته من تصرفك بالأمانة يعد منك إساءة في حفظها، ولو تلفت بعد ذلك وإن وضعتها في حرزها فأنت ضامن لها، سواء فرطت أو لم تفرط لتعديك فيها. والواجب عليك أن تستسمح صاحب الأمانة فيما فعلت، وإن كنت قد اتجرت في هذا المال، فإن سمح لك وإلا فأعطه ما ربحت، ولا تعد لمثل ذلك. لأنه تفريط في حقوق المسلمين والله الموفق إلى سواء الصراط. هذا والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/7426)
لا يجوز إيداع الأموال في البنوك الربوية إلا في حال الاضطرار
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد لي وديعة بأحد البنوك، ما حكم الدين في تلك الوديعة جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم..... وبعد: 1. فإن كان البنك ربوياً فليس من حقك أن تودع في البنوك الربوية ودائعك، لأن ذلك تعاون على الإثم، لأن الله يقول: "وتعاونوا على البّر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" المائدة (2) . وهم يشغلون كل مبلغ يودع عندهم في صفقات ربوية فلا تفعل ذلك إلاّ إذا كنت مضطراً بأن كان مبلغ من المال تخاف عليه، ولم تجد له مكاناً آمنا إلا عند هذا النوع من المصارف فلك إن شاء الله أن تدعه عندهم إلى أن تجد له مكاناً آمنا وعليك أن تعلم أن الضرورة بحسبها فإذا زالت عاد الأمر إلى ما كان عليه والربا ذنب عظيم. 2. أما إذا كان البنك غير ربوي، أي لا تتعامل بالربا، فلا حرج في الوديعة فيه في هذه الحالة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1422(12/7427)
أخذت من زوجها مالا لتعطيه لأهلها فسرق منها فما حكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[بداية، أهلي يضعون أمولهم باسمي في دفتر بريد، والدفتر موجود عندي باستمرار، فعندما يريدون أية مبالغ أسحبها, وأعطيها لهم، آخر مرة أخذت من زوجي مبلغا على أني سأعطيه لهم، وبعدها أصرفه من الدفتر وأعطيه له، حيث كان الوقت ليلا والمكتب مقفلا، المهم وأنا فى الطريق لأعطيهم المبلغ سرقت مني المحفظة بالمبلغ، وأموالي،وأوراقى معها. فسؤالي: هل أموال أهلي التي سرقت منى علي أن أردها لزوجي من أموال أهلي، أم أردها لزوجي من عندي ببيع ذهبي،أي من يتحمل ضياع هذه الأموال أنا وزوجي، أم اهلى، أرجوا الإفادة حتى لا أقع في المعاصي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولاً إلى أنه لا يجوز وضع الأموال في دفتر البريد، وأخذ الأموال الربوية المترتبة على ذلك، فإن هذا صريح الربا المحرم بالكتاب والسنة وإجماع العلماء، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة: 278-279}
فعلى أهلك أن يبادروا بالتوبة من هذه الكبيرة، والتخلص من الفوائد الربوية بإنفاقها في مصالح المسلمين أو على الفقراء والمساكين. وراجعي في ذلك الفتاوى الآتية أرقامها: 5942، 28329، 29568، 102944، 104291.
ويحرم عليك أن تعينيهم على ذلك، لما رواه مسلم عن جَابِرٍ رضي الله عنه قال: لَعَنَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا وموكله وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وقال هُمْ سَوَاءٌ.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابيين والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل. انتهى
وقد سبق بيان حرمة الإعانة على الربا في الفتاوى الآتية أرقامها: 74044، 106212، 111157.
فعليك أن تنصحي أهلك بالتوبة، وعليك أنت أن تتوبي من إعانتهم على أكل الربا.
أما حكم المال الذي سرق منك فحكم ضمانه مبني على ما إذا كان أهلك قد وكلوك بالاقتراض من زوجك أما لا، فإن كانوا وكلوك بذلك فلا ضمان عليك إلا في حالة التفريط أو التعدي، لأن يد الوكيل يد أمانة، فلا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط، وراجعي في هذا الفتويين رقم: 19455، والفتوى رقم: 48313. وعلى أهلك الضمان لأنهم في حكم المقترض، والمقترض يجب عليه سداد القرض حتى لو تلف المال المقترض ولم ينتفع به.
أما إذا لم تكوني وكيلة لأهلك في ذلك فعليك ضمان هذا المال لزوجك لأن حكمك حكم المقترض، والمقترض يجب عليه سداد القرض بكل حال، إلا إذا رضي زوجك بإسقاط حقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1430(12/7428)
حكم أخذ العوض عن الشيء المتلف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أخذ العوض عن الشيء المتلف؟ وما مرتبته بين أقسام الحكم الشرعي التكليفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأخذ عوض الشيء المُنلَف جائز في حق مالك الشيء المذكور، وله التنازل عن أخذه فهو ملك له يتصرف فيه كما يشاء إذا كان ممن يصح تصرفه، وأما ترتيب ضمان المتلفات على الإتلاف فهو من باب خطاب الوضع وليس من أقسام الخطاب التكليفي.
ففي التمهيد على تخريج الفروع على الأصول لعبد الرحيم بن الحسن الأسنوى: لا يشترط التكليف في خطاب الوضع كجعل الإتلاف موجباً للضمان ونحو ذلك, ولهذا تجب الزكاة في مال الصبي والمجنون والضمان بفعلها وفعل الساهي والبهيمة بالشروط المعروف في بابه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1429(12/7429)
لا يجوز بيع التأشيرات لأن الكفالة عقد تبرع
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: ما حكم بيع الفيز على العامل، وبعد سنة أرجع له النقود التي أخذتها منه ليصبح لم يدفع شيئا.
مثال: لو أنا بعت الفيزة على العامل بـ 8000 ريال، وذهب العامل ليشتغل في حال سبيله (خارج المؤسسة) وبعد سنه أعطيه الـ8000 ريال التي دفعها، ويرجع للمؤسسة ليشتغل بها؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بيع التأشيرة (الفيزا) لا يجوز، لأنها كفالة، والكفالة عقد تبرع لا عقد معاوضة، وهي من الجاه الذي يحرم ثمنه عند كثير من أهل العلم.
قال ابن عاشر رحمه الله:
القرض والضمان عوض الجاه * يمنع أن ترى لغير الله
وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتويين: 46427، 44058. فنرجو أن تطلع عليهما وعلى ما أحيل عليه فيهما.
وبخصوص إرجاع ثمن التأشيرة للعامل فإنه واجب إذا كان قد أخذ منه بدون مقابل غير الكفالة، أما إذا كان أخذ منه مقابل نفقات وتعب وخدمات.. فلا يلزم رده إليه، وعلى كل حال فلا مانع من عمله عند الكفيل في المؤسسة أو غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1430(12/7430)
تضمن الدولة ما أتلف من الأموال المحترمة للناس
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي مسؤولية الدولة عن أخطائها فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم والخلفاء والتابعين، أقصد التعويض المادي والمعنوي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكما أن الأفراد يضمنون ما أتلفوه من الأموال المحترمة للناس فكذلك الدولة، وهذا الضمان يندرج تحت قول الله عز وجل: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ [النحل:126] ، قال ابن سيرين: إن أخذ منك رجل شيئاً فخذ منه مثله.
وقال ابن القيم: اقتضت السنة التعويض بالمثل. انتهى.
ويندرج التعويض تحت القاعدة الفقهية المعروفة: الضرر يزال، وقال الكاساني: إذا تعذر نفي الضرر من حيث الصورة فيجب نفيه من حيث المعنى ليقوم الضمان مقام المتلف.
ومما يؤثر هنا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بهذا الشأن، قوله للرعية: ألا وإني لم أرسل عمالي (الولاة) ليضربوا أبشاركم ولا ليأخذوا أموالكم، ولكن أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم وسننكم، فمن فعل به سوى ذلك فليرفعه إلي فوالذي نفسي بيده إذن لأقصنه. انتهى من الأموال لأبي سلام.
وفي مثال للتعويض المعنوي يروى أن بعض الولاة قال لأحد جنوده يا منافق، فاشتكى الجندي إلى عمر فكتب عمر إلى الوالي أن يجلس بين الناس، فإذا ثبت بالبينة أنه رماه بالنفاق فإن الجندي يجلده، فثبت ذلك فقام الجندي ليجلده ثم عفى عنه، وقد وصلت شكاوى إلى عمر من الرعية ضد الولاة كأبي موسى وعمرو بن العاص وغيرهما، فأمر عمر بالقصاص منهم في البدن والمال، وقد قام بعزل وال استهزأ بأحد أفراد الرعية، وجاء في حلية الأولياء: أن رجلاً جاء إلى عمر بن عبد العزيز، فقال زرعت زرعاً فمر به جيش أهل الشام فأفسده، فعوضه عمر عشرة آلاف درهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(12/7431)
ضوابط ضمان من أتلف شيئا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هذا حديث من أفسد شيئا فليصلحه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما ذكرت ليس بحديث، ولكن معناه مضمن في قاعدة من قواعد الفقه، وأكثر تطبيقاتها في أبواب الضمان، تذكر في كتب القواعد الفقهية بألفاظ متنوعة، لكن لها نفس الدلالة كقولهم مثلا: من أتلف متقوما فإنه يلزمه ضمانه بقيمته.
ومضمون هذا الضابط وإن تعددت الألفاظ المعبرة عنه هو كما قال ابن القيم في إعلام الموقعين: كل من أتلف مال غيره بمباشرة أو سبب فإنه يضمنه ولا بد. وانظر الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 25799، 9215، 3582.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(12/7432)
حكم الاشتراك في الضمان الاجتماعي
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت موظفا حكوميا في الأردن وكنت مشتركا في مؤسسة الضمان الاجتماعي ـ إجباريا ـ حتى استقلت بعد 10سنوات، وأنا الآن أعمل في دولة أخرى، فهل يجوز لي أن أكمل اشتراكاتي في الضمان ـ اختياريا ـ لمدة 8 سنوات والمتبقية لحصولي على الراتب التقاعدي، علما أن الأردن تخلت عن الرواتب التقاعدية للضمان وأجبرت جميع المؤسسات والشركات على جعل موظفيها مشتركين لدى الضمان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاشتراك في الضمان الاجتماعي جائز إذا نضبط بالضوابط الشرعية وخلا من المحاذير التالية:
1ـ عدم وضع أموال الضمان في بنوك ربوية ـ سواء كان في الحساب الجاري أو التوفير ـ إلا إذا دعت الضرورة لوضعها فيها فتوضع في الحساب الجاري، وذلك عند عدم وجود بنوك إسلامية.
2ـ أن لا يستثمر شيء من هذه الأموال في مجالات محرمة.
3ـ أن يلتزم في حقوقه وواجباته بضوابط الشريعة الإسلامية وأحكامها.
فإذا تحققت الضوابط الشرعية في الضمان الاجتماعي الموجود ببلدكم فلا حرج في
أن تستمر فيه وفق الشروط واللوائح المنظمة لعمله، أما إذا كان هذا الضمان غير
منضبط بالضوابط الشرعية فلا يجوز لك الاستمرار فيه، وأما المدة السابقة التي
أجبرت عليها فلك أن تنتفع من هذا الضمان بقدر ما فيه من الحلال، وما بقي فعليك
أن تتخلص منه في وجوه الخير، ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 25244، 29228، 34812، 70447.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1430(12/7433)
أخذ العوض على الكفالة لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك ثلاثة بنوك ربوية، ولنفرض بنك1 وبنك 2 وبنك 3.
هناك إيداعات بدون فوائد ربوية في البنك 1، ولكثرة الأموال الموجودة لديه بدون استثمار أراد البنك 1
إقراض البنك 2 هذه الأموال كقرض حسن بدون فوائد ربوية، ولكن البنك 1 يحتاج ضمانات للقرض الذي منحه للبنك 2، ولعدم توفر الضمانات من البنك 2 قام البنك 3 بتقديم الضمانات اللازمة المطلوبة من البنك
2 للبنك 1 بشرط أن يدفع البنك 2 عمولة على هذه الضمانات كنسبة للبنك 3. السؤال: هل يجوز لصاحب شركة عادية أن يكون كوسيط معرف بين البنك 2 والبنك 3 وله بالطبع عمولة كنسبة مئوية للمبلغ ككل؟ ما حكم المال الذي يوزعه صاحب هذه الشركة على الموظفين الذين يعملون في مجال آخر-كاستشارات هندسية وغيرها من العمليات العادية- ولا يعملون في هذا المجالظ فهل يجوز للموظفين أخذ هذه الأموال؟ صاحب الشركة أراد أن يعطي بعض هذا المال لبعض معارفه كهدية فهل يجوز أخذها بالنسبة للمعارف؟ هل يختلف الحكم إذا كان صاحب الشركة مسلما أو كافرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمشكلة فيما ذكرت تكمن في أخذ البنك الثالث عمولة على الضمانات التي قدمها للبنك الثاني إلى البنك الأول، لأن الضمان عقد إرفاق لا من عقود المعاوضة، فلا يجوز أخذ عوض عنه.
جاء في التاج والإكليل: لا يجوز ضمان بجعل -أجر- ... انتهى المقصود منه.
وفي قرار المجمع الفقهي ما يلي: إن الكفالة هي عقد تبرع يقصد للإرفاق والإحسان، وقد قرر الفقهاء عدم جواز أخذ العوض على الكفالة، لأنه في حالة أداء الكفيل مبلغ الضمان يشبه القرض الذي جر نفعاً على المقرض، وذلك ممنوع شرعاً.
وبناء عليه؛ فلا يجوز لصاحب الشركة أن يكون وسيطاً في ذلك الأمر المحرم سواء أكان عمله بأجر أم بلا أجر، لأن ذلك من التعاون على الإثم، قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَاب ِ. {المائدة:2} ، وانظر لذلك الفتوى رقم: 57099.
وأما هل لصاحب الشركة أن يوزع المال الحرام على عماله أو معارفه وأقاربه؟ فالجواب: أن المال الحرام لا يملكه حائزة بل يجب التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين أو دفعه إلى الفقراء والمساكين، ومن كان من عماله أو أقاربه ومعارفه كذلك فلا حرج عليه في دفع شيء إليه من ذلك. ولا حرج على المدفوع له في أخذه ولا فرق في هذا الحكم بين المسلم والكافر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(12/7434)
الحكم يدور بين كونها وكيلة لاستخرج التأشيرة أم ضامنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من سيادتكم أن تفيدوني: لي زميلة أعلنت عن رحلات للعمرة بسعر مخفض وأنها تحب عمل الخير والرحلات عن طريق أناس تعرفهم، فأعطيتها جوازالسفر والمبلغ والصور والبطاقة الصحية، وبعد فترة أبلغتنا أن العمرة ألغيت، وبعد حوالي شهر ـ وعندما طالبناها بالفلوس ـ قالت إن أهل الشركة التي تعاملت معها نصابون وسرقوا فلوسنا، فماذا أفعل مع صديقتي؟ علما بأنني محتاجة إلي الفلوس جدا، فهل أستعيض ربنا؟ علما بأن أناسا كثيرين ذهبوا للعمرة العام الماضي معها، وبناء على ذلك وثقت فيها وكنت أود أن تعتمر والدتي معها، وعند إلغائها غضبت جدا، لأنني كنت أريد أن أفرح أمى وأرد جميلها علي، فهل أطالب صديقتي بالفلوس؟ مع العلم أنه لا يوجد ما يثبت أنها أخذت مني الفلوس غير زميلاتى فى العمل، لأنهن وقعن فى نفس المشكلة مثلي ودفعن لها مبالغ كثيرة من أجل أن يذهبن للعمرة معها، ونحن نثق تماما أنها كانت تعمل الخيرمن أجل الله ومتدينة وملتزمة جدا.
وجزاكم الله كل خير، أفيدوني بالله عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخلو حال تلك المرأة من أحد احتمالين:
أولهما: أن تكون مجرد وكيلة عنك وعن غيرك في إيصال ثمن التأشيرة وإجراءات السفر إلى المؤسسة التي تستخرج التاشيرات، وفي هذه الحالة فلا ضمان عليها، لأنها مؤتمنة ولا ضمان على مؤتمن، ويكون الرجوع على المؤسسة ذاتها.
والاحتمال الثاني: أن تكون أخذت منكم ثمن التأشيرات على أنها هي الضامنة لها وستتولى استخراجها، وحينئذ فالواجب أن توفرها وفاء بالعقد، فإن عجزت انفسخ العقد وأعادت ما أخذت، لعموم حديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد.
وقد ذكر العلماء أن من أسباب الضمان: اليد، والتفويت، والتسبب، وهذا كله حاصل منها على الاحتمال الثاني، فهي المباشرة لأخذ المال منكن ودفعه إلى من امتنع من رده ولم توفر الخدمة التي دفع إليها المبلغ لأجلها.
جاء في الفروق للقرافي: أسباب الضمان ثلاثة فمتى وجد واحد منها وجب الضمان: أحدها: التفويت مباشرة. وثانيها: التسبب للإتلاف. وثالثها: وضع اليد غير المؤتمنة. انتهى.
ولها هي أن ترجع على الشركة التي احتالت عليها لتأخذ مالها.
وأما عدم وجود وثائق بحوزتك تثبت حقك عليها، فإن ذلك لايبطل حقك، فلك المطالبة به إن شئت لكن ينبغي مراعاة ظروف تلك المرأة ما دامت ملتزمة وقد أصيبت بمصيبة في مالها، فيبنغي مواساتها والتخفيف عليها ويجب إنظارها إن كانت معسرة حتى تسترجع حقها من الشركة أو تجد ما تسدد به حقك وحق غيرك إن كان يلزمها، وذلك على الاحتمال الثاني، وأما على الأول فهي غير ضامنة، ولكم الرجوع بحقكم على المؤسسة المسؤولة عن استخراج التأشيرات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1430(12/7435)
حكم أخذ عوض مقابل التنازل عن الضمان
[السُّؤَالُ]
ـ[يملك شخص ضمانا بنكيا بمبلغ كبير يزيد على خمسمائة مليون دولار أمريكي صادرا من أحد البنوك الأوربية, بصفته المستفيد, ولكن هذا الضمان مشروط بعدم قابلية صرفه نقدا, وإنما يستخدم فقط للانتفاع به ضمانا للحصول على تسهيلات لتمويل مشروعات أو صفقات تجارية.
ماحكم أن يأمرالمستفيد بنكه المصدر للضمان بأن ينتفع بهذا الضمان طرف آخر عن طريق إشعار بنك هذا الطرف بأنه تم حجز هذا الضمان لصالح عميلة وذلك لفترة محددة، سنة مثلا, بما سيمكن هذاالطرف من الحصول على تسهيلات مقابل حجز الضمان لصالحه, وذلك مقابل مبلغ من المال يدفعه هذا الطرف لمالك الضمان المستفيد أصالة؟ علما بأنه في حال عجز هذا الطرف عن الوفاء، فإن ذلك لن يترتب عليه أى ضرر يلحق بمالك الضمان, حيث يبقى الضمان في البنك المصدر له, ولايحال عليه أى حسم سدادا لعجز من حجز الضمان لأجله عن الوفاء؟.
وما حكم أن يتنازل مالك الضمان عنه تنازلا مؤبدا لصالح طرف آخر, بحيث تؤول ملكيته لهذا الطرف, وتكون منفعة هذا الطرف في الاستفادة منه للحصول على تسهيلات مؤبدة, ويحل بذلك محل المالك الأصيل، وذلك مقابل مبلغ من المال يدفعه هذا الطرف لمالك الضمان؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما تنازل صاحب الضمان لغيره عن ذلك الضمان فلا حرج فيه، لكن لا يجوز له أن يأخذ عوضا عنه وثمنا له، لأن الضمان من عقود الإرفاق لامن عقود المعاوضات، ولا فرق في ذلك بين أن يكون التنازل مؤقتا أو مؤبدا، جاء في التاج والإكليل: لا يجوز ضمان بجعل -أجر. انتهى المقصود منه.
وفي قرار المجمع الفقهي مايلي: إن الكفالة هي عقد تبرع يقصد للإرفاق والإحسان، وقد قرر الفقهاء عدم جواز أخذ العوض على الكفالة، لأنه في حالة أداء الكفيل مبلغ الضمان يشبه القرض الذي جر نفعاً على المقرض، وذلك ممنوع شرعاً.
وللوقف على تفصيل ذلك ومعرفة حكم الضمان البنكي المغطى وغير المغطى، انظر الفتاوى التالية أرقمها: 108277، 71911، 63191.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(12/7436)
شرط عليه أن يقرضه مقابل كفالته إياه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال: طلب مني شخص أن أكفله عند آخر ليقسط عليه سيارة ليبيعها ويكون لديه سيولة، فوافقت على ذلك ولكن بشرط أن يقرضني جزءاً من المبلغ عند بيعه للسيارة. فما حكم شرطي ذلك؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشرطك عليه أن يقرضك مقابل كفالتك إياه شرط محرم، لأن الكفالة من عقود الإرفاق لا من عقود المعاوضة. جاء في التاج والإكليل: لا يجوز ضمان بجعل أجر. انتهى المقصود منه.
وفي قرار المجمع الفقهي ما يلي: إن الكفالة هي عقد تبرع يقصد للإرفاق والإحسان، وقد قرر الفقهاء عدم جواز أخذ العوض على الكفالة، لأنه في حالة أداء الكفيل مبلغ الضمان يشبه القرض الذي جر نفعاً على المقرض، وذلك ممنوع شرعاً.
كما أنه لا يجوز لصاحبك أن يقرضك لذلك لأنه إنما يقرضك لأنك كفلته وضمنته فهو قرض جر نفعا وكل قرض جر نفعا فهو ربا، فإما أن تكفله دون اشتراط ذلك الشرط المحرم أو تواطئ عليه أو تكف عن كفالته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1430(12/7437)
عدم اعتبار العدوى سببا للتضمين
[السُّؤَالُ]
ـ[أصيب ولدي بمرض ـ العنقزـ ولي أخ ولديه طفلة عمرها 9 سنوات مريضة بالصرع منذ كان عمرها سبعة أشهر، وقد انتقل المرض إليها وتدهورت حالتها الصحية إلى أن توفيت، وسؤالي: هل علي وعلى زوجتي شيء، حيث إن زوجتي ـ أخت زوجة أخي ـ قد أخذت موقفاً من أختها ـ زوجتي ـ حيث تقول: إنني وزوجتي السبب في قتل ابنتها؟ فأفتوني.
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الشرع بالتحرز من الأمراض المعدية، فأمر الأصحاء باجتناب مخالطة أصحابها، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وفر من المجذوم كما تفر من الأسد. رواه البخاري.
ونهى عن مخالطة المريض للصحيح، فقال صلى الله عليه وسلم: لا يوردن ممرض على مصح. متفق عليه.
مع قوله صلى الله عليه وسلم: لا عدوى.
والمعنى لا عدوى تفعل بنفسها، فإنها لا تصيب إلا بقدر الله تعالى، لكن نهى الشارع عن مخالطة الصحيح للمريض حتى لا يعود على نفسه باللوم ويندم ويقول: لو أني فعلت كذا لكان كذا، ففراراً من هذا المحذور نهى الشارع عن مخالطة المريض بمرض معد، فإذا كان ولدك قد أصيب بمرض معدٍ فقد كان ينبغي ألا يخالط غيره وإذا كان قد حدث تفريط في هذا الأمر مما تسبب في عدوى هذه الطفلة وأدى إلى وفاتها، فإن من فرط في ذلك عليه أن يتوب إلى الله ويكثر من الأعمال الصالحة لتفريطه في تجنيبها أسباب الهلاك.
وأما عن وجوب شيء عليه ككفارة القتل الخطأ أو الدية، فقد نص بعض العلماء على عدم اعتبار العدوى سبباً للتضمين، قال ابن عابدين في حاشيته في مسألة ضمان من وضع إنساناً في موضع به وباء: أي بأن كان المكان مخصوصاً بذلك فيضمن لا بسبب العدوى، لأن القول به باطل. رد المحتار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1430(12/7438)
لا ضمان على مؤتمن إذا لم يتعد ويفرط
[السُّؤَالُ]
ـ[شراكة بين شخصين الأول بالمال والثاني بالمجهود لمدة 8 سنوات، وعند إنتهاء الشراكة تمت عملية الحسابات من طرف الشريك الثاني الذي أظهر حسابا مغايرا للحساب الحقيقي ليس بنية السرقة لكن حتى ميسرة. ما هو حكم هذا الإخفاء؟ وهل يقبل هذا المال الذي في ذمته الزيادة بحكم تعطيل مصلحة الشريك المغبون أو يرد المال لصاحبه دون زيادة؟ ثم عدم قدرة جمع جميع ديون الزبائن لصالح المحل هل يتحمله الشريكان معا أو الشريك الثاني بحكم أنه هو مسير المحل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه شركة مضاربة، والمضاربة: هي أن يدفع المالك إلى العامل مالاً ليتجر فيه، ويكون الربح مشتركاً بينهما بحسب ما شرطا، وأما الخسارة فهي على رب المال وحده ولا يتحمل العامل المضارب من الخسران شيئاً وإنما هو يخسر عمله وجهده.
وعرفها صاحب كنز الدقائق وهو حنفي بقوله: هي شركة بمال من جانب وعمل من جانب. انتهى.
ومن شروط صحتها -كما اتضح- عدم ضمان العامل لرأس المال لأنه مؤتمن، فإن ضمنه فسد العقد وكان المال وربحه لصاحبه وللعامل أجرة مثله أو ربح مثله على قول والأول أرجح.
قال في المغني: الربح جميعه لرب المال، لأنه نماء ماله، وإنما يستحق العامل بالشرط، فإذا فسدت المضاربة فسد الشرط، فلم يستحق منه شيئاً، ولكن له أجر مثله.
وفي بدائع الصنائع للكاساني: وأما حكم المضاربة الفاسدة ... وإنما له أجر مثل عمله سواء كان في المضاربة ربح أو لم يكن. وراجع للمزيد من التفصيل في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 47590، 50252، 78071.
وبناء عليه فأنت مؤتمن لا ضامن، وإذا كنت لم تفرط في حفظ ورعاية ما تحت يدك ولم تتعد عليه وإنما عملت فيه كما ينبغي فلا يجوز تضمينك إياه، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضمان على مؤتمن.
وجاء في مغني المحتاج: والعامل أمين فيما في يده، فإن تلف المال في يده من غير تفريط لم يضمن لأنه نائب عن رب المال في التصرف فلم يضمن من غير تفريط كالمودع.
ويجب عليك أن تبين ما حصل في المال لصاحبه ولا تكتم عنه ما كان، فإن كانت هنالك خسارة في رأس المال فهي على ربه ولا ضمان عليك دون تعد أو تفريط.. ولا يلزمك سدادها سواء أكنت موسراً أو معسراً، وكتمان الحسابات الصحيحة من الغش والخداع والخيانة وتذكر ما ورد في سنن أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإن خانه خرجت من بينهما.
وأما الديون الباقية فالذي يتحملها هو العامل، وعليه أن يسعى في تحصيلها وهو ضامن لها على الراجح إن كان فعلها دون إذن صريح أو ضمني من صاحب المال لأن ذلك من التعدي والتفريط الموجب للضمان.
قال الباجي من المالكية: وليس للعامل أن يبيع نسيئة إلا بإذن رب المال.
وبهذا تعلم أنه يلزمك ضمان مال شريكك فقط في حالة بيعك البضائع ديناً بدون إذن صريح أو ضمني منه، وإذا لم يكن عندك ما تسدد الدين به الآن وجب عليه إنظارك، كما قال الله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ. {البقرة:80} ، دون أي زيادة على ما ضمنت. وأما إذا كنت أعطيت الدين بإذن منه فلا ضمان عليك ويلزمه الانتظار حتى يتم تحصيله، لكن لا تكتم عنه ما حصل ولا تغير في الحسابات شيئاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1430(12/7439)
هل ينال ناكح اليتيمة فضل كفالة اليتيم
[السُّؤَالُ]
ـ[أما بعد: فنحن نعلم الفضل العظيم لكفالة اليتيم, والسؤال: هل إذا نكحت يتمة يعد ذلك مثل السعي على اليتيم وكفالته؟.
أرجو الرد وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في فضل كفالة اليتيم وذلك في الفتوى: 33985، وما أحيل عليه فيها.
وبخصوص الزواج من اليتيمة فلا شك أن صاحبه إذا نوى به كفالتها وإعفافها عن الحرام، فإنه يؤجر على ذلك كله، فإن المسلم يؤجر على نيته ولو كان ذلك في الأعمال المباحة، كما يدل عليه حديث الصحيحين: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى.
وحديث: وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها. إلى آخر الحديث المتفق عليه.
وقال الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين: وأما تضاعف الفضل فبكثرة النيات الحسنة، فإن الطاعة الواحدة يمكن أن ينوي بها خيرات كثيرة فيكون له بكل نية ثواب إذ كل واحدة منها حسنة ثم تضاعف كل حسنة عشر أمثالها.
ولكن ذلك لا يصل ـ والله أعلم ـ إلى درجة كفالة اليتيم التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً. رواه البخاري وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1430(12/7440)
لا يصح أخذ مال من المكفول
[السُّؤَالُ]
ـ[كان عندي عامل هندي ثم أتى هو بنفسه وقال أريد أن أنقل كفالتي عنك إلى أحد آخر، قلت لامانع لدي ولكن بشرط مبلغ مادي مقداره 2000 ريال قال نعم أنا موافق، المهم أنه قال ولكن أنا أريد أن أسافر الآن إلى الهند ومن ثم بعد عودتي سوف أعطيك المبلغ قلت له لا أعطني الآن 1000ريال وبعد رجوعك من الهند تعطيني الألف الأخرى، قال اتفقنا، المهم أن العامل أعطاني 1000 ريال ومن ثم سافر وبعد مدة طويلة علمت أنه لن يأتي مرة أخرى إلى السعودية، المهم الآن الألف التي أخذتها هل هي لي أم أردها إليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حق لك في الألف ريال التي أخذت منه وعليك أن تعيدها إليه لأنه لا وجه لأخذ هذا المال من المكفول أصلا، إذ الكفالة من عقود التبرعات لا المعاوضات، ولأن المبلغ مأخوذ بشرط ولم يتحقق هذا الشرط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1430(12/7441)
حكم كون البنك هو الضامن في البيع بالتقسيط
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكنني أن أشتري سيارة من أحد المعارض بالتقسيط وقد اشترطوا علي أن يكون البنك هو الضامن فاخترت إحدى البنوك الاسلامية-بنك فيصل- ولكني في حيرة من أمري في ذلك، أخشى أن أقع في شبهة الربا. أفيدوني أفادكم الله؟ مع العلم أني قد سألت مشايخ الأزهر في مصر وأباحوا لي ذلك دون وقوع أي شبهة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق البائع بالأقساط أن يطلب ضامنا أو كفيلا يرجع عليه إذا تأخرت أو عجزت عن السداد، ويشترط في عقد الضمان هذا أن يكون صحيحا شرعا، وراجع في الضمان البنكي الفتوى رقم: 26561. وهناك تعلم هل اختيارك لضمان البنك المذكور صحيح شرعا أم لا.
وإذا كان من أفتاك بالجواز من أهل العلم الشرعي المطلعين على الواقعة المسؤول عنها فيسعك تقليدهم والعمل بمقتضى فتواهم.
وراجع في ضوابط البيع بالتقسيط الفتاوى الآتية أرقامها: 1084، 11149، 24963، 26360
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1430(12/7442)
التنازل عن بعض القيمة يلزم من تنازل عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سيارة أردت أن أبيعها، فأخبرت أحد الأقارب فتبرع بأن يبيعها، وعند أخدها مني أجرى بها حادثا وهو ليس المخطئ، وهو تفاهم مع المخطئ ان يدفع نصف المبلغ، وهو يدفع النصف الآخر، وفعلا تم تصليحها وكلفت ألفا دينار.
ماذا علي في هذه الحالة من دفع مال أو لا؟ مع العلم أني تراجعت في قرار بيع السيارة لأنها بعد الحادث بخس ثمنها بعد أن كانت بحالة جيدة جدا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قريبك الذي تبرع ببيع سيارتك يعتبر وكيلا عنك، ويده يد أمانة، فلا ضمان عليه دون تعد أو تفريط. وما دام المخطئ غيره -كما ذكرت- فلا ضمان عليه ولا عليك، وإنما على المخطئ، وما تنازل عنه قريبك للمخطئ من نصف قيمة الخطإ إنما يلزمه هو فحسب. وليس عليك دفع شيء من ذلك إلا أن تتبرع لقريبك بمال من عندك إكراما له وتخفيفا للمصيبة عنه. ولا يلزمك بيع السيارة إن كنت لا ترغب في بيعها بعد ما ذكرت. وللمزيد انظر الفتويين رقم: 120455، 18910.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1430(12/7443)
هل يضمن الموظف الخطأ الواقع في القيمة المالية
[السُّؤَالُ]
ـ[في العمل أخطأت في القيمة المالية التي كان على الزبون أن يدفعها، فقمت بزيادة المال الذي نقص من مالي الخاص، لكني لم أذكر ذلك للمدير تجنبا للعتاب، خاصة وأنه يشك، واضطررت إلى أن أكتب في السجل ببع شيء آخر بنفس القيمة. لكن هذا الفعل هل يعتبر نوعا من الكذب؟ شكرا لكم وأرجو أن تدعوا لي أن أجد عملا آخر في التخصص الذي درسته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الخطأ الواقع في القيمة المالية نتيجة تعد أو تفريط منك، فأنت ضامنة له، وإذا أمكن رده بدون كذب فهذا هو المطلوب، أما إذا خشيت ضررا فلا بأس فيما فعلته، مع العزم على عدم العود لمثله، لأن الكذب حرام مطلقا إلا ما استثني، وفي المعاريض والتورية مندوحة منه.
وننبهك إلى أنه لا يلزمك ضمان الخطأ الواقع في القيمة المالية إذا لم يكن هناك تعد أو تفريط، وراجعي في بيان ذلك فتوانا رقم: 121159.
ونسأل الله تعالى أن يوفقك لعمل يناسبك شرعا وطبعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1430(12/7444)
حقك على شريكك المال وليس القتل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطيت رجلا 400.000 ل س من أجل شراء ألبسة بالجملة، ويبيعها بالمفرق، والبيع بالمفرق يأخذ وقت شهرين، وأحصل على نصف الربح، وبعد انقضاء المدة انتظرت 3 أشهر من أجل الحصول على المبلغ لم أحصل لا المبلغ ولا الربح، وبعد التحريات على الشخص فوجئت أنه دفع في جمعية سكنية مبلغ 600.000 فذهب وبيدي كتاب الله (القرآن) وأقسمت بالله بأن أقتله إن لم يعطني المبلغ. ماذا أفعل مع هذا الرجل إذا وفيت القسم أخسر الدنيا والآخرة ما كفارة اليمين؟
ملاحظة
1- أن المبلغ تدينته من رفاقي.
2- المحاكم لا أحصل على نتيجة بسبب الرشاوى للقضاة.
3- أفيدوني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما حصل منك من إعطاء المبلغ للشخص المذكور لأجل أن يشتري به البضائع بالجملة ويبيعها بالتفصيل على أن يكون لكل منكما نصف الربح هو ما يسمى في الفقه بالمضاربة، وعامل المضاربة إذا خالف ما اشترط عليه أو تعدى في التصرف فإنه يضمن رأس المال. ويمكنك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 42727.
ومما ذكر يتبين لك أن صاحبك قد ترتب في ذمته ضمان رأس المال لما فيه من المخالفة فحقك عليه هو المال وليس القتل.
وقتل النفس بغير حق جرم عظيم وكبيرة من كبائر الذنوب كما بينا بالفتوى رقم: 19156، وهذا الفعل كما ذكرت سبب لخسران الدنيا والآخرة، فلا يجوز لك إبرار هذا القسم، بل يجب عليك الحنث فيه، والتكفير عن يمينك. ولمعرفة خصال الكفارة راجع الفتوى رقم: 2022.
وإن ثبت أن لديك على هذا الرجل هذا الحق المالي فمماطلته لك فيه لا تجوز، وإن أنكره أصلا فإثمه أعظم. وعليك ببذل الحيلة في محاولة استرداده منه، ويمكنك الاستعانة في ذلك ببعض الفضلاء والعقلاء من أهله أو اصدقائه، فإن قام برده فذاك وإلا فارفع أمره إلى القضاء. وإذا اضطررت إلى دفع شيء من الرشوة للتوصل إلى حقك المشروع، ولم تجد وسيلة تسترد بها حقك غيرها فلا حرج عليك في ذلك، والإثم على المرتشي كما بينا بالفتوى رقم: 2487.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1430(12/7445)
حكم شراء تأشرة إقامة للضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال يا شيخ حفظك الله حكم شراء شهادة إقامة سعودية لأجل الخروج من الفتن التي انتشرت عندنا من التبرج والسفور وشرب الخمور علانية أمام الناس، ومن أجل أن أحافظ على ديني وأهلي، ويوجد إخوة عندنا كانوا مستقيمين بالسنة، فحلقوا اللحية وأصبحوا يتعاطون الخمر وشرب الدخان بسبب الفتن، ومنهم من أعرفهم أنا، علما بأنه لا يوجد من يساعدني أن أحصل على الإقامة بدون نقود. إنها فتن يا شيخ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشراء الإقامة داخل في شراء وبيع الفيز والتأشيرات، وهو لا يجوز كما سبق أن أوضحناه في الفتوى رقم: 101777.
لكن إذا كان الشخص مضطرا أو محتاجا للإقامة، وليس في الحصول عليها اعتداء على حق أحد، ولم يجد سبيلا إليها إلا بشرائها، فلا إثم عليه في ذلك، والإثم على البائع؛ إلا إذا أخذ بمقدار ما بذل في سبيل استخراجها من مال وجهد.
وبناء عليه، فإن كنت محتاجا إلى الحصول على الإقامة بذلك البلد حاجة على الوضع المذكور في السؤال فلا حرج عليك في شرائها إن لم تستطع الحصول عليها بغير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1430(12/7446)
الأجير الخاص بين الضمان وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صيدلي من مصر، وقد تعاقدت مع مؤسسة للعمل كصيدلي في إحدى صيدلياتها، وعند استلام الصيدلية حدث التالي:
1-قالوا لي أنت سوف تستلم الأدوية والبضاعة الموجودة على هيئة عهدة، وعند انتهاء العقد سوف نجردها عليك، فإن حدث عجز فأنت الملزم بدفعه، والصيدلي معرض للسرقة، أو الخطأ في الحساب.
فهل ما يفعلونه موافق للشرع أم مخالف له؟ وما حكم المال المأخوذ مني هل هو حلال لهم؟
2 -قالوا سنسلمك أكثر من ألفي صنف، كل صنف له كود ويجب أن تسجل مبيعاتك على جهاز الكمبيوتر، وعند الجرد لو وجدنا مثلا الصنف كذا على الكمبيوتر عدده 5، وفي الواقع عدده 7 سنأخذ الاثنين الفرق، ولو وجدنا على الجهاز الصنف عدده 5 وفي الواقع عدده 3 سنأخذ منك ثمن الاثنين، وقد سمعت من بعض أهل العلم أن الأجير مؤتمن ولا يضمن إلا إذا قصر أو فرط.
فهل هذا الكلام ينطبق علي؟ أرجو ردا مدعما بالدليل لأني سأرسله لصاحب الشركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكمك في هذا العمل حكم الأجير الخاص، والأجير الخاص لا ضمان عليه ما لم يتعد عند عامة العلماء، وهذا مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، فأما إذا تعدى فالضمان واجب بالاتفاق.
قال ابن قدامة في المغني: فأما الأجير الخاص فهو الذي يُستأجر مدة، فلا ضمان عليه، ما لم يتعد. .. وهذا مذهب مالك، وأبي حنيفة وأصحابه. وظاهر مذهب الشافعي ... ولنا – يعني من الأدلة على عدم الضمان بغير تفريط - أن عمله غير مضمون عليه، فلم يضمن ما تلف به، ولأن الأجير الخاص نائب عن المالك في صرف منافعه إلى ما أمره به، فلم يضمن من غير تعد، كالوكيل والمضارب.
فأما ما يتلف بتعديه، فيجب ضمانه، مثل الخباز الذي يسرف في الوقود، أو يلزقه قبل وقته، أو يتركه بعد وقته حتى يحترق، لأنه تلف بتعديه، فضمنه، كغير الأجير. اهـ.
وعلى هذا؛ إذا وقعت سرقة في المحل، أو ضاع شيء من البضاعة، أو حصل عجز بلا تعد أو تفريط فلا يلزمك الضمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1430(12/7447)
خالف الوكيل وترتب ضرر على موكله
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالى: أنا أعمل محاسبا بفرع من فروع إحدى الشركات، ويوجد مدير مسؤول عن ذلك الفرع، ويتلقى التعليمات من الإدارة الرئيسة للشركة، وكان يقوم ببيع البضائع لبعض التجار الذين لا يلتزمون بالسداد فطلبت منه الإدارة الرئيسية عدم البيع لهؤلاء التجار، ولكنه باع لهم بضائع من الباطن، وعند السداد كان يأخذ من تسديدات زبائن آخرين ويسدد لهؤلاء الزبائن المعسرين، وكان يقول لي أنا أتحمل المسؤولية كاملة، وللأسف فإن الحسابات عندي تظهر غير حقيقية، وعندما طلبت مني الإدارة الرئيسية كشوفات الحساب سلمتها إليهم كما هي، ولم أوضح لهم أن بعض هذه الحسابات غير حقيقية، لأن صاحبي هو من تحمل مسؤوليتها وخفت أن أبلغ الإدارة بذلك فيقومون بطرده من العمل، وبطردي أيضا حيث أنه تزوج ويعيش فى منزل أعطته إياه الشركة، وفى حالة طرده من العمل سيتم سحب المنزل والسيارة منه، وهذا ما دعاني للتعاطف معه وعدم فضح أمره على أنه وعدني بتسوية هذه الأمور وتحمل مسؤوليتها أمام الجميع، وعدم العودة لمثل هذا الأمر مستقبلا.. فهل أنا آثم فى ذلك، وهل علي وزر هل أعتبر خائنا للأمانة، وماذا علي أن أفعل فى مثل هذه الحالة أستر على صاحبي إلى أن يوفي الدين أم أفضحه، وأكون سبب في قطع رزقه وأرزاق آخرين، وإن كنت فى هذه الحالة خائنا للأمانه فكيف أكفر عن ذنبى، وما هي الكفارة، لقد فكرت في ترك العمل فهل هذا حل، أم أنه هروب؟ هل أبلغ الإدارة الرئيسية بذلك أم أنتظر حتى يوفى صاحبي التزاماته، دلوني إلى الصواب وجزاكم الله خيراً لأني لا أكاد أنام أو آكل أو أشعر بلذة العبادة، ويساروني إحساس وشعور أني متؤاطئ معه وأننى خائن للأمانة؟ سؤالي الثاني: إذا كان صاحب العمل اتفق معي شفهيا على عدم العمل في شركة أخرى إذا كنت أعمل معه فهل يجوز لي استثمار راتبي فى عمل خارجي بدون علم صاحب العمل، علما بأن هذا العمل لا يتنافى مع مواقيت عملي أو التزاماتي تجاه عملي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصاحبك ضامن لما باعه لأولئك الأشخاص الذين نهي عن البيع لهم، لما في تصرفه ذلك من الاعتداء ومخالفة شرط موكله المعتبر، قال البهوتي في دقائق أولي النهى: وكل تصرف خالف الوكيل موكله فيه فكتصرف فضولي. انتهى.
وفي درر الحكام لعلي حيدر الحنفي: إذا خالف الوكيل وترتب ضرر على موكله من ذلك يضمن الضرر. انتهى. وفي المحلى لابن حزم: ولا يحل للوكيل تعدي ما أمره به موكله، فإن فعل لم ينفذ فعله، فإن فات ضمن ... انتهى، وجاء في غمز عيون البصائر للحموي: إن الموكل متى شرط في البيع على الوكيل شرطاً ينظر، إن كان نافعاً مفيداً من كل وجه، يجب على الوكيل مراعاة شرطه. وشرط الموكل هنا معتبر لما يترتب عليه من مصلحة في حفظ ماله وعدم بيعه لمن عرف بالمماطلة وعدم السداد، ثم إن صاحبك قد غش ودلس بتغييره في كشوف الحسابات لئلا ينكشف أمره وقد مالأته على ذلك وأعنته عليه، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} ، لكن ما دام كشفك لأمره سيؤدي إلى حصول ضرر أكبر من ستر أمره وقد ظهر ندمه وأعلن توبته وهو ضامن لما فرط فيه فنرجو ألا يلحقك إثم.
وأما تفكيرك بالاستقالة فلا جدوى منه الآن, لكن المطلوب منك أن تحث صاحبك على التعجيل بالسداد ومتابعة أصحاب الديون لأن في تأخرهم إضرارا بالشركة وحتى تتخلص مما وقعت فيه معه ولا تعد إلى مثل ذلك، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 27000، والفتوى رقم: 70316.
وأما عملك في استثمار أموالك خارج وقت الدوام الرسمي فلا حرج فيه، ولا يدخل ضمن ما اتفقت عليه وصاحب العمل من عدم ارتباطك بعمل آخر؛ لأن محل ذلك هو وقت العمل معه حتى لو اشترط عدم عملك خارج وقت الدوام الرسمي، فإن ذلك الشرط يكون باطلاً كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 107337.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1430(12/7448)
هل يضمن العامل ما تلف تحت يده
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قام بعمل نتج عنه ضرر لصاحب العمل نتيجة تفريطه وتهاونه (أقصد من قام بالعمل) ، علما أنه ثبت قطعيا أن ذلك الضرر قد وقع بغير عمد، فهل يحق للمتضرر الانتفاع بمقابل أو غرامة من المتسبب به؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السؤال عن عامل أو موظف أتلف شيئاً من مال من يعمل عنده، فالجواب أن ما أتلفه العامل بتفريط أو تقصير فإنه ضامن له، وما تلف دون تفريط منه ولا تقصير لا ضمان عليه فيه؛ لما نص عليه الفقهاء من أن الأجير الخاص لا يضمن ما هلك بيده من مال، أو ما هلك بعمله إلا بالتعدي أو التقصير، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: والأجير الخاص أمين، فلا يضمن ما هلك في يده من مال، أو ما هلك بعمله، إلا بالتعدي أو التقصير وله الأجرة كاملة، أما أنه لا ضمان عليه لما تلف في يده من مال فلأن العين أمانة في يده لأنه قبضه بإذن رب العمل، فلا يضمن، وأما ما هلك بعمله فإن المنافع تصير مملوكه للمستأجر، لكونه يعمل في حضوره، فإذا أمره بالتصرف في ملكه صح، ويصير نائباً منابه، ويصير فعله منسوباً إليه، كأنه فعله بنفسه. فلهذا لا يضمن. اهـ
وعليه، فلا يحق للمتضرر الانتفاع بمقابل أو غرامة من العامل إذا لم يتعد أو يفرط في أداء العمل الموكل إليه، وأما إن تعدى أو فرط فيجوز له أخذ تعويض بقدر الضرر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1430(12/7449)
سقط على سيارته شخص فمات.. هل يلزمه شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أحد المشايخ في المسجد يقول إنني إذا أوقفت سيارتي أمام منزلي، وسقط عليها ابن الجيران خطأ منه أو من أهله، فإن الدية واجبة علي أنا؟ ما صحة ذلك؟ وما الحكمة منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أوقف سيارته في مكان مأذون له الوقوف فيه، فسقط عليها شخص أو اصطدم بها فمات لم يلزم صاحبها
شيء لعدم تعديه. وراجع الفتوى رقم: 68320.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1430(12/7450)
إبراء الكفيل لا يسقط الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أرسلت لكم سؤالا رقمه: 2223875 ورددتم علي بأن السؤال متشعب وعلي الإيضاح والاختصار. عموما سؤالي يتعلق بالشخص الضامن للطرف في عملية البيع، إذا طلب منه كل من البائع والمشتري بأن ليس لديه مسؤولية في عملية البيع بسبب ثقة الطرفين ببعض ما يكون حكمه.
في حالة أنني لدي أسهم بشركة قيمتها 150000 دل وعلي دين لهذه الشركة نظرا للتعاملات معها تبلغ حوالي 100000 دل أقل من قيمة أسهمي المدفوعة - ونظرا لعدم الإدارة الصحيحة للشركة والتي رفضت تدخل المساهمين لتغيير الإدارة والمدير العام، حيث أن أغلب المساهمين يرغبون في تغيير الإدارة ولكن المدير وهو مساهم يرفض ذلك، وبعد فشل محاولات التغيير تم تقييم الشركة التي أصبحت قيمتها تقارب الصفر للسهم. سؤالي: هل أنا مطالب شرعا أن أسدد الدين الذي علي أم يصبح مقابل أسهمي التي خسرت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما إبراء صاحب الحق للضامن فهو فسخ للكفالة وإبراء من الضمان.
قال السرخسي في المبسوط: إبراء الكفيل يكون فسخا للكفالة، ولا يكون إسقاطا لأصل الدين.
وبناء عليه، فالضامن هنا إذا أبرأه البائع من كفالته للمشتري بالثمن فلا شيء عليه، وقد برئ من الضمان لإسقاط صاحب الحق له.
وأما الدين الكائن للشركة في ذمة المساهم فيلزمه سداده، ولا يمكنه إسقاطه في مقابل ما يملك من أسهم تلك الشركة، فالمساهمون من الشركة أصلا يتحملون من الخسارة على قدر ما يملكون من أسهمها، وإذا كان سبب الخسارة تفريط وتعدي المدير فإنه يضمن للمساهين أموالهم من ماله، وليس من أموال المساهمين الآخرين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1430(12/7451)
يطالب الواعد بتنفيذ الوعد أو بتعويض الضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[تحقق لي مبلغ معين من المال عند أحد الأشخاص (س) نتيجة عمل تجاري، وعندما تبين أن (س) يتهرب ويمتنع عن دفع المبلغ أعلمت أحد الأشخاص (ص) في سياق كلام عادي أنني سوف أتوجه لأحد كبار عائلة (س) للشكوى وضمان حقوقي فقال لي (ص) : أرجوك أن لا تذهب فأنا لي أصدقاء مثل إخوة لي وأكثر من عائلة (س) وأنا كنت قد أعلمتهم بالموضوع ووعدوني بأنهم سوف يعالجون الموضوع ويحصّلون المبلغ. أخذت أتابع الموضوع مع (ص) وفي أحد الأيام أبلغني (ص) أنه تم حل الموضوع، وأنه تم الاتفاق على إحضار قسم من المبلغ نقدا، والباقي بشيكات آخرها يستحق في 01/2007، وذلك غدا (في اليوم التالي) . لم أستلم لا المبلغ النقدي ولا الشيكات، لا في اليوم التالي ولا في الأيام اللاحقة، وكان (ص) يبلغني أن أصدقاءه استلموا المبلغ والشيكات، ولكنه مشغول عن الذهاب لاستلامهم. وبعد بضعة أيام ألححت عليه لإحضار المبلغ والشيكات، فإذا به يسلمني نصف المبلغ النقدي المتفق عليه، وعند استفساري عن سبب ذلك أجاب: إن هذا المبلغ من جيبي الخاص لأن أصدقائي خائنين وكذبوا عليّ واستلموا المبلغ وصرفوه، فقلت لـ (ص) إنني سوف أتوجه لكبير عائلة (س) وأعرض عليه الموضوع فمنعني ورجاني ألاّ أفعل وتعهد بأنه هو المسؤول عن المبلغ، وتعهد بأن يدفع المبلغ منه شخصيا ومع مرور الوقت كنت أعرض على (ص) مرارا وتكرارا أنني لن أقبل أن ألاحقه وأطالبه هو بالمبلغ المستحق على (س) وأن أتوجه لكبار عائلة (س) إلا أنه في كل مرة يتعهد ويقسم بأنه سوف يسدد المبلغ كاملا منه ويرجوني أن لا أتوجه لأحد. وكان بيني وبين (ص) حساب تجاري خاص، وكان قد أعطاني بقيمة المستحق عليه شيكات إلاّ أنه طلب عدم صرفها من البنك بحجة أنه سوف يدفع لي نقدا قيمة كل شيك حال استحقاقه، وفي إحدى الجلسات معه وجدت أنه سجل في دفاتره مبالغ دفعها لي على أنها دفعات من (س) أما أنا فكنت قد سجلتها على أنها دفعات من (ص) ولمّا سألته قال: مش مهم كلّه علي وأنا أريد أدفعه و (هاي داني وهاي داني) . وفي جلسة أخرى كررت عليه أنني سوف ألاحق (س) وأنه غير معقول أن ألاحقه هو وكيف لي أن أتصرف إن هو تخلف عن الدفع عن (س) أو تراجع فكرر تعهده بالدفع وقال لي: (لن أتراجع وهذه شيكاتي معك إن لم ألتزم استعملها وأنا لن أضطرك لاستعمالها) . وبعد مرور فترة توقف عن الدفع سواء عن الحساب الخاص به أو الخاص بـ (س) وتكررت مطالبتي له دون فائدة وأخذ يماطل ويراوغ بشكل واضح فساءت العلاقة بيننا، وبعد مرور أكثر من سنة قدمت للمحكمة أحد شيكاته وقيمته تساوي مجموع المستحق عليه وعلى (س) فصدر أمر بحبسه فقدم شكوى ضدي موضوعها (إساءة ائتمان) وأخذ يدعي بأنه لم يتعهد بدفع المستحق على (س) وأنه ليس ملزما بذلك كما أخذ يدعي بأنه سدّد ما عليه في الحساب الخاص به وهذا غير صحيح. ونتيجة تدخل أطراف عديدة وافقت على عدم حبسه وتم تسديد ملفه في التنفيذ كما أسقط هو الشكوى التي رفعها على أن يتم حلّ الموضوع خارج المحكمة والنيابة برعاية المحامي الخاص بي و (وكيل النيابة) بعد عدّة جلسات (وبناء على رغبة ص) قرر المجتمعون وبينهم أحد رجال الدين أنه إن أنا حلفت يمين آخذ المبلغ حيث قام رجل الدين بالاتصال بـ (ص) وسأله: هل تريد أن تحلف اليمين أنت أم الطرف الثاني (أنا) فطلب منه (ص) أن أحلف أنا اليمين، فقلت إذا كان اليمين عليّ حسب القاعدة الشرعية والقانونية المعروفة فأنا أحلف على صحة روايتي وأنا صادق ثم بعدها تقررون ما إذا كنت أستحق المبلغ أم لا، فرفضوا وأصرّوا على حلف يمين بصيغة يكتبها (ص) وقد جاء فيه: (أقسم بالله العليّ العظيم رب العرش العظيم غير ... ولا حانث أن (ص) تعهد لي بأن يدفع لي المال المستحق لي بذمة (س) منه، وأن ادعاء (ص) بأنه تدخل بيني وبين (س) كرجل إصلاح ومعينا لي في تحصيل مالي من (س) هو غير صحيح، وأنني لم أسمع تعهدات (ص) بالدفع لي لم تكن بناء على وعود الآخرين)
وقد ناقشت المجتمعين بأن (ص) ربما يكون في البداية تدخل كمصلح، ولكن دوره اختلف وانقلب في مرحلة معينة واستمر بعدها كمتعهد وملتزم، ففسّر المجتمعون ذلك شفهيا بأنه يدعي اليوم أنه تدخل وما زال كرجل إصلاح وقالوا إن لم تحلف اليمين فليس لك شيء. وقد حلفت اليمين بالصيغة المذكورة أعلاه (قام المحامي بتمزيق الورقة بعد حلف اليمين) إنني أشعر بالضيق بعد حلف اليمين، وقد انقسم رجال الدين الذين طرحت عليهم المسألة قبل وبعد اليمين إلى فريقين (فريق يقول أن من حقي مطالبة (ص) بالمبلغ الذي تعهد بدفعه عن (س) وأن حلفي لليمين أثاب عليه، وفريق آخر يقول أن التزام (ص) وتعهده لي هو معنوي ولا يحق لي أخذ المستحق لي على (س) منه. وأن حلف اليمين بالصيغة المذكورة حرام. وسؤالي: هل أنا محق في مطالبة (ص) للوفاء بعهوده بالدفع عن (س) ، وهل أخطأت في حلف اليمين بصيغته المذكورة، وما حكم ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولاً أن الذي يفصل في مسائل النزاع هو القاضي الشرعي، أو من يقوم بالتحكيم الشرعي، وذلك لأن مسائل النزاع لا بد فيها من سماع الخصمين، وقد يُحتاج إلى الاستفصال منهما بخصوص نزاعهما.
والذي يظهر أن (ص) قد تعهد لك بسداد الديون المستحقة لك، وهذا التعهد الظاهر أنه على سبيل الكفالة فيلزم هذا الشخص أن يقوم بسداد هذه الديون.
قال ابن قدامة في المغني: قال - يعني الخرقي -: (ومن ضمن عنه حق بعد وجوبه، أو قال: ما أعطيته فهو علي. فقد لزمه ما صح أنه أعطاه) .. والأصل في جوازه الضمان الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فقول الله تعالى: {ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم} . وقال ابن عباس: الزعيم الكفيل. وأما السنة فما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {الزعيم غارم} رواه أبو داود والترمذي. وقال: حديث حسن. وأجمع المسلمون على جواز الضمان في الجملة. اهـ. ثم قال: الضمان إذا صح لزم الضامن أداء ما ضمنه، وكان للمضمون له مطالبته. ولا نعلم في هذا خلافا. وهو فائدة الضمان، وقد دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: {والزعيم غارم} . واشتقاق اللفظ. انتهى.
وإن سلمنا أن تعهد (ص) كان على سبيل الوعد فيجب عليه الوفاء به، فإن من وعد آخر فدخل الموعود بسبب الوعد في ورطة أو عمل ونحو ذلك فهو ملزم بالوفاء بالوعد إلا من عذر، وفي حالة عدم الوفاء بدون عذر يطالب الواعد إما بتنفيذ الوعد أو بتعويض الضرر الواقع فعلا بسبب عدم الوفاء بالوعد، وهذا القول هو المشهور عند المالكية، ورجحه كثير من الباحثين المعاصرين، وصدر به قرار للمجمع الفقهي، وقد تقدم بيان ذلك في فتوانا رقم: 117916.
وعلى هذا فلا نرى حرجاً فيما قمت به من حلف اليمين ومطالبة (ص) للوفاء بعهوده في الدفع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1430(12/7452)
الضمان على من خان الأمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[في عيد الأضحى قبل الماضي كان لدي صديق يريد التصدق بجزء من الضحية وألح علي لأقوم بالبحث عن فقراء لكي أعطيهم هذه الصدقة، في البداية رفضت ولكنه أصر، وكان أبي يعرف عائلات فقيرة فقلت لصديقي: سوف أعطيها لأبي فهو يعرف عائلات فقيرة، المهم أني أخذت منه الجزء المراد التصدق به وكان أبي في فترة العيد مريضا حتى أنه لا يغادر الفراش، وضعت اللحم في الثلاجة في انتظار أن يقوم أبي من المرض وأعلمت أبي أن اللحم لصديقي ويريد أن يتصدق به فوافق أبي، وقال: إنه يعرف فقراء وقال لي: بعد ما أقوم من المرض سوف أتصدق به، ومرت فترة طويلة، وفي يوم سألت أمي عن اللحم وهل تصدق به أبي؟ ولكني فوجئت عندما قالت لي أمي أن أبي أمرها أن تطهو اللحم لكي يأكلوه، قالت أمي: إني رفضت في البداية ولكن أبي أصر، علماً بأني متزوج وأسكن في بيت منفصل عن عائلتي.
السؤال: هل أقوم بشراء لحم والتصدق به، علماً بأني لا أعرف وزن قطعة اللحم، أم أتصدق بالمال، علماً بأني لا أعرف كم قيمة قطعة اللحم أم يفعل ذلك أبي، أم ماذا، علماً أن صديقي لا يعرف القصة وأستحي أن أقول له. أفتوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأ أبوك خطأ عظيما بخيانته الأمانة التي وكل بحفظها، والله عز وجل يقول: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58} .
والواجب عليه التوبة النصوح من هذا الذنب, والذي ننصحك به أن تحمل عنه هذه التبعة -برا به- إن كان ذلك في مقدورك، وذلك بأن تتصدق أنت بمقدار قطعة اللحم على المستحقين مع مناصحة والدك بالتوبة إلى الله تعالى, فإن لم تعرف مقدار هذه القطعة تحديدا فالواجب الصدقة حتى تحصل لكم غلبة الظن ببراءة الذمة, هذا هو ما ننصحك به.
وأما الواجب شرعا فهو أن يضمن أبوك هذه القطعة من اللحم لأنه هو الذي أتلفها وأما أنت فلا ضمان عليك، لأنك لم تتعد ولم تفرط، وقد كنت أخبرت صديقك بأنك ستوكل أباك في توزيع قطعة اللحم فرضي بذلك فبرئت ذمتك أنت, فإن لم ترد الأخذ بالأفضل وهو: حمل تبعة الضمان عن أبيك، فالواجب عليك أن تعرفه حكم الله في المسألة وتخبره بوجوب الضمان في ذمته، فإن لم يستجب أخبرت صديقك بما حصل ليمكنه مطالبة والدك واستيفاء حق الفقراء منه، أو مسامحته في القضية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1430(12/7453)
حكم من تصرف بمال اليتيم في غير مصلحته جاهلا
[السُّؤَالُ]
ـ[أم لأيتام قصر كانت تصرف من أموالهم كثيرا وذلك لجهلها، وقد أعطت زوجها من تلك الأموال الكثير، وحين كبر الأيتام الآن يذكرونها ويحاسبونها، فماذاعليها فعله تجاه الله ومن ثم تجاه أبنائها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال الذي يخصص لليتيم يكون ملكاً له يصرف في مصالحه ولا يجوز أن يؤخذ منه شيء إلا بحق شرعي، والأخذ منه بغير حق شرعي كبيرة من الكبائر، فلا يتصرف فيه إلا الوصي عليه، فإن كانت أمه موصاة عليه جاز تصرفها فيما يملكه الأيتام بما فيه مصلحتهم، وجاز لها أن تأكل من مالهم بالمعروف إذا احتاجت إلى ذلك، ولكن لا يجوز لها أن تعطي شيئاً من هذا المال لزوجها ولا لغيره، والواجب على هذه الأم أن تبادر بالتوبة إلى الله تعالى ورد هذه الأموال لأبنائها، فإذا كانت جاهلة بالحكم الشرعي فلا تأثم بذلك.
والواجب عليها على كل حال أن تضمن هذه الأموال لأبنائها إلا إذا تنازلوا عنها، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28545، 32551، 37220، 73353، 73718.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1430(12/7454)
بيع الفيزا في ميزان الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[معذرة يا شيخ لكني أشتري الفيزا وأبيعها للراغب في شرائها ويكون المبلغ الزائد مقابل التواصل مع البائع وضمان المبلغ في حال ضياعه أقوم برده لصاحبه وأتحمل أنا الخسارة مع العلم أني أقوم بإبلاغ المشتري بذلك هل علي إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بيع الفيزا لا يجوز؛ لأنها من باب الكفالة التي لا يجوز أن يؤخذ مقابلها عوض مالي، كما في الفتوى رقم: 44058 والفتوى رقم: 4714، ولما في بيعها من الكذب والاحتيال على الأنظمة التي تمنع بيعها.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: بيع الفيز لا يجوز؛ لأن في بيعها كذبا ومخالفة واحتيالا على أنظمة الدولة، وأكلا للمال بالباطل، قال الله تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ {البقرة: 188} وعلى ذلك فإن ثمن الفيزا التي بعتها والنسب التي تأخذها من العمال كسب محرم، يجب عليك التخلص منه، وإبراء ذمتك منه، فما حصلت عليه من ثمن الفيزا تنفقه في وجوه البر والخير، من فقراء وإنشاء وبناء مرافق تنفع المسلمين. انتهى.
وإذا كان مستخرجها يبذل جهدا في سبيل استخراجها، فله مقابل ذلك كما في الفتوى رقم: 46427.
وبناء على هذا، لا يجوز لك شراء هذه الفيزا وبيعها، ولا التوسط بين بائعها ومشتريها، وما وقع فيها من بيع يجب فسخه لفساده، وإنما يجوز أخذ أجرعلى الجهد الذي يقوم به من يستخرجها، وللأهمية راجع الفتوى رقم: 101777.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1430(12/7455)
هل يضمن من فتح قفصا عن طائر
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو قال النووي في المنهاج ولو فتح قفصا عن طائر وهيجه فطار ضمنه وهذا واضح عندي وإن اقتصر على الفتح فالأظهر أنه إذا طار في الحال ضمن وإن وقف ثم طار فلا (يضمن) والسؤال ما دليل هذا ثانيا هل إذا فتحه بقصد أن يطير الطير يضمن ويكون الفتح مقيدا بعدم القصد وإذا كان يضمن مطلقا سواء قصد أو لم يقصد فما الفرق بين فاتح القفص وبين من فتح على إناء فيه سمن جامد فطلعت عليه الشمس فأذابته فيضمن الفاتح للسمن وعللوه بأن طلوع الشمس عارض محقق قد يقصده الفاتح أو ليس طيران العصفور من القفص بعد فتحه محققا، فما الفرق؟ جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفرق بين حالتي الطائر عند فتح القفص دون تهييج أنه إذا طار في الحال دل ذلك على أن طيرانه ناتج عن الفتح فيضمن الفاتح, وإذا لم يطر مباشرة دل على أنه طار باختياره فلا يضمن الفاتح وإن كان الفتح السبب الأصلي؛ لأنه إذا اجتمع السبب والمباشرة قدم اعتبار المباشرة عليه.
جاء في مغني المحتاج: (ولو فتح قفصا عن طائر وهيجه فطار) في الحال (ضمنه) بالإجماع كما قاله الماوردي لأنه ألجأه إلى الفرار كإكراه الآدمي، (وإن اقتصر على الفتح فالأظهر أنه إذا طار في الحال ضمن) لأن طيرانه في الحال يشعر بتنفيره، (وإن وقف ثم طار فلا) يضمنه لأن طيرانه بعد الوقوف يشعر باختياره) , والعبرة بمقارنة طيران الطائر لفتح القفص فيضمن الفاتح، أو عدم المقارنة فلا يضمن، وليست العبرة بالقصد إلا في التأثيم به.
وليس طيران العصفور من القفص بعد فتحه محققا لأنه قد يتخلف، بينما طلوع الشمس لا يتخلف بإذن الله.
وللأهمية راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7644، 18910، 106707.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1430(12/7456)
موت الكفيل لا يبطل الكفالة
[السُّؤَالُ]
ـ[دائن ومدين على مبلغ من المال وكفيل بينهما وتوفي الكفيل هل يعتبر الكفيل عليه الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أحكام الكفالة أن موت الكفيل لا يبطل الكفالة، لأن الوفاء بحكم الكفالة ممكن بعد الموت، فإذا مات الكفيل قبل حلول أجل الدين فإنه يحل عند الجمهور، ويؤخذ من تركته، ويلزم الورثة تسديد الدين المكفول كسائر الديون الأخرى، ثم يعود ورثته على المكفول عنه عند حلول الأجل.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: موت الكفيل أو المكفول لا تنفسخ به الكفالة، ولا يمنع مطالبة المكفول له بالدين، فإذا مات الكفيل أو المكفول يحل الدين المؤجل على الميت عند الجمهور (الحنفية والمالكية والشافعية) ، وهو رواية عند الحنابلة، تحصل الدين من تركة المتوفى، ولو ماتا خير الطالب في أخذه من أي التركتين، ولو مات المكفول له يحل الورثة محله في المطالبة. وفي رواية أخرى عند الحنابلة لا يحل الدين المؤجل بموت الكفيل أو المكفول، ويبقى مؤجلاً كما هو. انتهى. . وللمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 93605.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1430(12/7457)
هل يضمن التلف صاحب الدابة إذا فرط في حفظها
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل الله العظيم أن يكتب لكم عظيم الأجر والثواب أيها القائمون على هذا الموقع المبارك سؤالي:
اذا صدمت الإبل ليلاً، هل يتحمل صاحب الإبل دية المقتولين في الحادث الذي سببته الإبل التي تحت ملكيته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يتحمل الدية في مثل هذا الحالة هو سائق السيارة إذا فرط في قيادته. وراجع تفصيل هذه المسألة في الفتوى رقم: 106215.
وأما صاحب الإبل السائبة فلا يتحمل، لأن جرح العجماء جبار أي هدر؛ لحديث: العجماء جرحها جبار. متفق عليه.
قال ابن المنذر في الأوسط: كل من أحفظ عنه من أهل العلم يقول: ليس على صاحب الدابة المفلتة ضمان فيما أصابت.
وذهبت طائفة من أهل العلم: إلى أن صاحب الدابة إذا فرط في حفظها ضمن ما أتلفت ليلا أو نهارا. جاء في شرح عمدة الأحكام بتصرف: كمن يسيب إبله ويتركها ترعى قريبا من الطرق المعبدة، فإذا اصطدمت بها سيارة فتسبب ذلك تلف السيارة أو ضرر على سائقها أو ركابها لزم مالك الدابة ضمان ما أتلفته. انتهى.
وعلى كل حال ينظر القاضي في تسبب صاحب الإبل ومدى تحمله نتائج هذا التفريط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1430(12/7458)
خلاف العلماء في تضمين الصبي ما سلم إليه إذا ما أتلفه
[السُّؤَالُ]
ـ[طفل اشترى لعبة بالدين، هل إذا بلغ يجب عليه أداء الدين أم يكون مستحباً , مع ذكر الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن دفع إلى طفل ماله ببيع أو قرض فقد سلطه عليه، فإذا أتلفه الطفل كان الدافع مضيعا لماله والطفل غير ضامن لهذا المال، وقيل يضمن، وإذا كان المبيع باقيا فإن البائع يرجع فيه ويسترده.
جاء في الإنصاف: ومن دفع إليهم يعني الصبي والمجنون والسفيه ماله ببيع أو قرض رجع فيه ما كان باقيا فإن تلف فهو في ضمان مالكه. .. واختار في الرعاية الصغري الضمان مطلقا. اهـ
وعلى هذا الاختيار فالطفل يضمن وجوبا، وعلى القول الأول لا يضمن الآن ولا بعد بلوغه؛ لأن الضمان منفي مطلقا، فإذا ضمنا الطفل بعد البلوغ فكأننا ضمناه لكن إلى حين.
جاء في مجمع الضمانات: وإن كان المشتري صبيا محجورا لا يضمن أصلا لا في الحال ولا بعد البلوغ.
وجاء في المجموع: إذا اشترى الصبي شيئا وسلم إليه فتلف في يده أو أتلفه فلا ضمان عليه في الحال ولا بعد البلوغ، وكذلك لو اقترض مالا. انتهى.
وقيل لا يضمن هذا في الظاهر، أما في الباطن فيغرم بعد البلوغ.
وإن كان الصبي مميزا وتصرف بإذن وليه صح بيعه وشراؤه في احدى الروايتين عن أحمد وهو قول أبي حنيفة، والثانية لا يصح حتى يبلغ وهو قول الشافعي.
وأما غير المميز فلا يصح تصرفه وإن أذن له الولي فيه إلا في الشيء اليسير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(12/7459)
هل للكفيل حق في تسفير المكفول
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن نظام الكفيل المعمول به في دول الخليج وهل هذا جائز في الإسلام وأن هذا الكفيل يتحكم في العامل بحق، فأنا شاب أعمل في شركة في إحدى دول الخليج ويعطوني راتبا والراتب فعلا لا يكفي احتياجاتي وتوفر لي فرصة عمل أخرى، فهل يحق للكفيل شرعا أن يمنعني وأن يتحكم في مستقبلي وهل له الحق في تسفيري، علماً بأني أنا من دفعت لنفسي مصاريف الإقامة والإجراءات وكافة الأشياء وهو يعلم أن الراتب الذي أتقاضاه قليل جداً فأفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.. ونرجو توجيه كلمة لهؤلاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنظام الكفالة المعمول به في بعض الدول يوجد فيه شقان:
الشق الأول: الكفالة كعقد إرفاق وهذا قد سبق الحديث عنه في الفتوى رقم: 9593، وذكرنا هناك صور الظلم التي تمارس تحت هذا النظام وحذرنا منها.
والشق الثاني منه: إجارة كعقد معاوضة.. فمن استقدم عاملاً وأجرى معه عقد عمل فهذه إجارة تجري عليها أحكام الإجارة، ومن أحكامها أن العامل إذا أبرم مع الكفيل المستأجر عقد إجارة التزم شروطه وبنوده، وله أن يطالب بزيادة راتبه أو بنقل كفالته وفسخ عقد الإجارة، فإن رضي الكفيل فبها ونعمت وإلا صبر حتى ينتهي عقده، ويتحلل من الالتزامات التي ألزمها نفسه أصلاً دون أن يكرهه أحد على ذلك ورضى بشروط هذا النظام وقبل به.
وأما هل للكفيل حق في تسفير المكفول فالظاهر أن له ذلك إذا انتهت المدة، وأدى حقوق العامل كاملة، وإنما قلنا إن له ذلك لأن هذا شرط اتفق عليه مع العامل، وهو أيضاً من بنود العمال في هذه البلدان. وبالتالي فالقادم إليها يعلم هذا ويلتزمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1429(12/7460)
حكم التراجع عن الاتفاق مع الكفيل الأول وإبرام اتفاق مع كفيل غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[نريد إحضار قريب لنا إلى دولة خليجية ونريد شراء إقامة له في هذه الدولة مقابل مبلغ من المال، وقمنا بالاتفاق مع أحد الكفلاء، ولكننا بعد ذلك وجدنا كفيلا آخر يمكنه إحضار قريبنا بدون مقابل، ولكني اقترحت أن لا نترك الكفيل الأول ولا نخبره بشيء حتى يصدق الكفيل الثاني ويبدأ في إجراءات عقد العمل لقريبنا، فان صدق أخبرنا الأول بأننا سنتركه وإن لم يصدق فإننا سنكمل معه، فهل هذا بيع على بيع أو شراء على شراء أو هل يندرج تحت أي بند من بنود البيوع المحرمة حتى لا أفعله أم انه جائز حتى أمضي فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشراء الإقامة داخل في شراء وبيع الفيز والتأشيرات وهو لا يجوز كما سبق أن أوضحناه في الفتوى رقم: 101777.
لكن إذا كان الشخص مضطرا أو محتاجا للإقامة وليس في الحصول عليها اعتداءعلى حق أحد ولم يجد سبيلا عليها إلا بشرائها، فلا إثم عليه في ذلك، والإثم على البائع إلا إذا أخذ بمقدار ما بذل في سبيل استخراجها من مال وجهد.
وبناء على ذلك فلا حرج في التراجع عن الاتفاق مع الكفيل الأول وإبرام اتفاق مع الكفيل الثاني الذي سوف يبذل لقريبك هذه الإقامة بدون مقابل لأن الاتفاق مع الكفيل الأول باطل؛ كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1429(12/7461)
من صدم شخصا بسيارته
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أقود سيارتي على الطريق السريع في شهر رمضان الكريم فصدمت فتاة تبلغ من العمر 34 سنة وتوفاها الأجل، كان الوقت عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل وكانت سرعتي لا تقل عن 120 كلم والسيارة في أحسن حالها ولم أكن متعبا وكنت منتبها للطريق وكانت إنارة الطريق شبه معدومة وفجأة لم أشعر إلا بها أمامي وكانت تلبس ملابس سوداء وللعلم الطريق بها سياج يمنع الناس من العبور وللعلم أيضا يوجد جسر للمشاه لا يبعد سوى 100 متر بل تراه بالأعين المجردة وهناك من قال من الشهود بأنها لم تكن منتبهة وهي تقطع الطريق رحمها الله فقد كانت تشرب الزبادي أثناء قطعها للطريق، فما حكم الشرع في قتلها وكفارتها وديتها؟ جزاكم الله خير جزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت السرعة التي ذكرت أنك كنت تسير بها هي السرعة المسموح بها في ذلك الشارع، فالذي يظهر من باقي معطيات السؤال أن هذا القتل لا إثم فيه ولا دية فيه ولا كفارة، فإن السائق إذا كان قد أكمل المتطلبات القانونية للسير ولم يستطع تفادي الحادث بأي وسيلة ممكنة من التحكم في السيارة بحيث لا ينسب إلى تقصير فإنه لا ضمان عليه ... فقد قال أهل العلم: ما لا يمكن التحرز منه لا ضمان فيه.. وسبق بيان ذلك بالتفصيل أكثر في الفتوى رقم: 23912 وما أحيل عليه فيها.. فنرجو الاطلاع عليها للمزيد من الفائدة، وننصح السائل الكريم بفعل ما استطاع من أعمال الخير والنوافل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(12/7462)
حكم من قدر على استخلاص حق لغيره فلم يفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[في الفتوى رقم 35507 أجبتم صاحب السؤال "فإن كنت تعلم أهلها فالأمر واضح، وإن كان غير ذلك، ولا يمكنك التعرف على أصحاب السيارات، فادفع قيمة ذلك إلى الفقراء والمساكين بنية التصدق عنهم، وبذلك تكون قد برئت ذمتك"..أنا شخصيا تعرضت لعدة حوادث صدم وهروب والشخص الذي صدم سيارتي وهرب سبب لي الكثير من الأذى مثل دفع مبلغ ليس ببسيط لشركة التأمين لأن المتسبب غير معروف فينسب إلي وإذا كانت السيارة مسجلة باسم شخص تحت سن معين يتم دفع 10% من قيمة التصليح، ومصاريف تأجير سيارة أخرى.. باختصار مجموع المصاريف لا يقل عن 2000 إلى 5000 درهم إماراتي.. فكيف تبرأ ذمة هذا الشخص بكل بساطة بعد كل ما سببه من أذى وتعد على ممتلكات الغير والهروب ومخالفة قوانين المرور؟ وما حكم من يشهد حادثة صدم وهروب ولا يبلغ الجهات المعنية؟ مع العلم أنه يمكن فعل ذلك في أقل من 3 دقائق على الهاتف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أتلف مالاً لغيره وجب عليه ضمانه ويجب عليه أن يتحرى عن صاحب المال ويبحث عنه أو عن ورثته، فإن عجز فإنه يتصدق بهذا المال عن صاحبه بشرط أن يضمنه له إن عثر عليه يوماً من الدهر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لو حصل بيده أثمان من غصوب وعواري وودائع لا يعرف أصحابها، فإنه يتصدق بها عنهم، لأن المجهول كالمعدوم في الشريعة، والمعجوز عنه كالمعدوم.اهـ.
وذلك لأن الله سبحانه وتعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16} . فالتائب مِنْ ظلم الناس إذا فعل ما بوسعه وعجز عن الوصول لصاحب الحق فإنه يتصدق به عنه ويرجى له أن تقبل توبته، أما صاحب الحق فإن رضي في الآخرة بأجر الصدقة فله أجرها، وإن لم يرض فقد ورد في بعض الأحاديث أن الله عز وجل يعوضه من فضله.
وفي هذه المسألة آثار معروفة فعن عبد الله بن مسعود لما اشترى جارية ثم خرج ليوفي البائع الثمن فلم يجده، فجعل يطوف على المساكين ويقول: اللهم هذه عن صاحب الجارية، فإن رضي، فقد برئت ذمتي، وإن لم يرض فهو عني، وله علي مثلها يوم القيامة.
وعلى كل حال فأمر التائب مفوض إلى الله عز وجل فإن شاء الله عز وجل تاب عليه، فإذا كان يوم القيامة فإن الله بفضله يرضي خصومه.
وقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن مالك بن دينار قال: قال رجل لعطاء بن أبي رباح: رجل أصاب مالا من حرام، قال: ليرده على أهله، فإن لم يعرف أهله فليتصدق به، ولا أدري ينجيه ذلك من إثمه. وفي رواية أخرى عن مالك بن دينار أن رجلا سأل عطاء فقال: إني كنت غلاما فأصبت أموالا من وجوه لا أحبها فأنا أريد التوبة، قال: ردها إلى أهلها، قال: لا أعرفهم، قال: تصدق بها، فما لك من ذلك من أجر، وما أدري هل تسلم من وزرها أم لا؟ قال: وسألت مجاهدا فقال مثل ذلك. اهـ.
ويمكنك مراجعة ذلك في الفتاوى الآتية أرقامها: 4603، 7576، 48696، 57202.
أما من يشهد حادثة صدم فيجب عليه إبلاغ صاحب السيارة المصدومة أو الجهات المعنية لأن في ذلك حفظ لأموال الناس، فإن فرط في ذلك حتى ضاع حق صاحب السيارة المصدومة فإنه يلزمه ضمانه.
قال الخرشي: والمعنى أن من قدر على خلاص شيء مستهلك من نفس أو مال لغيره بيده كمن محارب أو سارق أو نحوهما أو شهادته.... وكتم الشهادة أو إعلام ربه بما يعلم من ذلك حتى تعذر الوصول إلى المال بكل وجه ضمن دية الحر وقيمة العبد. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1429(12/7463)
مدى مسئولية الطبيب عن الجراحة التجميلية التي ترتب عليها تشويه
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ عامين تقريبا ذهبت لدكتور أنف وأذن لتعديل اعوجاج حدث فى أنفى ومضى عليه أعوام خمسة وشرحت له ما حدث فكان يقصم جملى وينهى سردي بخلاص خلاص فظننته فهم ما أريد وما حدث وحدد لى موعدا لعملية وبعدها وجدته في عصبية زائدة ويعبث في أنفي بأدواته ثانيا وطلب مني الحضور بعد أيام فأجري لي جراحة أخرى دون أن يخبرني وفوجئت بعد الجراحة بتغير كامل في شكل الأنف أفقدني وسامتي عشت بعدها كثيرا في وجوم واضطراب ويأس وقنوط وخوف ولامبالاة أفكر في القدر وخطئي وما اقترفته من خطأ مع الطبيب. لم يطلب أشعه أو ما شابه أفتونا مأجورين هل علي من ذنب في تغيير خلق الله الذي حدث. فمازال التفكير يفتك بى. أم أقاضيه رغم الوقت ورغم أنه أنكرني بعد ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في عمليات التجميل التي تغير في خلقة الإنسان التي خلقه الله عليها المنع، ولا تجوز إلا في الحالات العلاجية، وحالات إزالة العيب والتشوه المشين، وأن من فعل ذلك لغير ضرورة شرعية أو حاجة معتبرة فقد ارتكب إثما، ولكن لا يلزمه كفارة سوى التوبة الصادقة. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 20191. وما أحيل عليه فيها.
والجراحة الأولى التي كانت بغرض تقويم اعوجاج حادث في الأنف فإن كانت لإزالة تشوه طارئ أو كان عدم إجرائها تترتب عليه أضرار بالجيوب الأنفية أو مشاكل في التنفس فهي من النوع الجائز؛ حيث لم يخرج القصد بها عن إزالة ضرر أو ألم أو عيب خلقي مشين، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 17718.
وأما الجراحة الثانية التي غيرت شكل الأنف دون مسوغ شرعي، فهي من النوع المحرم؛ لدخوله في تغيير خلق الله.
ولكن الظاهر من السؤال أن السائل لم يكن يقصد هذا، وكون الطبيب لم يحسن الفهم، وصاحب السؤال لم يحسن بيان مراده، فهذا يرفع الحرج عن صاحب السؤال من ناحية تغيير خلق الله؛ لأنه لم يرد إجراء عملية تجميلية لأنفه، كما فعل الطبيب، وقد قال الله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة: 286} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.
ولكن يبقى أن السائل كان بإمكانه التوقف مع هذا الطبيب حتى يستعلمه عن الغرض من الجراحة وما يترتب عليها من آثار، وإلا استبدل به طبيبا آخر، وفي هذا نوع تقصير، ينبغي أن يستغفر الله تعالى منه: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً. {سورة النساء: 110} .
وأما بالنسبة للطبيب فلك أن تقاضيه، لأنه قام بهذه الجراحة الثانية دون إعلامك بغرضها وما يترتب عليها، فهي في الحقيقة بغير إذن صريح منك، مع تقصيره الواضح في تفهم مرادك وشكواك، ولذلك فهو ضامن لما حدث؛ لأنه فعل أمرا غير مأذون له فيه، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 5852. وراجع في ذلك لتمام الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5178، 50129، 18906.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1429(12/7464)
بيع الفيزا لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بيع الفيزا علما بأنها تستخرج من الدولة بقيمة رمزية أنا مندوب جوازات أحيانا آخذ فيزا من الكفيل وأبيعها من غير علمه وأحيانا بعلمه فهل هذا المال حرام وما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبيع الفيزا لا يجوز لما فيه من الاحتيال وأكل المال بالباطل، سواء كان هذا البيع بعلم الكفيل أم بدون علمه، وراجع الفتوى رقم: 46427، والفتوى رقم: 101777، ويزيد الإثم في حال ما إذا كان ذلك بدون علم الكفيل لما في ذلك من خيانة الأمانة، وراجع في ذلك وفي حكم المال المكتسب من وراء هذا العمل الفتوى رقم: 102867.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1429(12/7465)
وضعت جدتها مالا عندها أمانة وأخذها والدها منها ثم ماتت الجدة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: وضعت جدتي عندي مبلغا من المال أمانة ولما علم والدي بالأمر أخذه مني عنوة، فأخبرت جدتي فغضبت, ثم توفيت بعدها بقليل تاركة خلفها والدي وعمتي من الورثة، فكيف أفعل لأبرىء ذمتي من الأمانة
أرجو الرد ... بارك الله فيكم، مع العلم بأني قد قمت بتوزيع بعض المصاحف على بعض المساجد بعد وفاتها مباشرة بنية سداد بعضا من مالها الذي أخذه والدي هداه الله، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت السائلة لم تفرط في إخبار والدها بالأمانة أو تسليمها له فإنه لا ضمان عليها لأنها أمينة ومستودعة، والأمين لا يضمن إلا في حالة التعدي أوالتفريط.. وفي حال كانت السائلة ضامنة بتعديها أوتفريطها في حفظ الأمانة فيجب عليها أن تسلم للورثة الأمانة إذا لم يكن والدها دفعها إليهم، وبما أن والدها أحد الورثة فينظر في نصيبه من المبلغ فيخصم منه ويلزم السائلة دفع ما بقي بعد ذلك، ولها أن تشتكي والدها إلى من ينصفها ويسترد المبلغ منه ويدفعه للورثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1429(12/7466)
حكم اشتراط الدائن على الضامن أن يضع مالا رهنا
[السُّؤَالُ]
ـ[أردت أن أضمن صديقا لي في مسألة مالية؛ فاشترط الطرف الآخر وضع وديعة مالية لضمان حقه. سؤالي هو: هل من مستند شرعي لهذا الطلب؟ حيث إن فهمي ـ وقد يكون خاطئا ـ أن الضمان الشخصي لا يستوجب أداء ماليا من الضامن إلا عند تخلف المضمون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا خلاف عند العلماء في جواز الرهن كما قال تعالى: فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ {البقرة:283} .
والرهن هو جعل الشيء محبوسا بحق يمكن استيفاؤه من الرهن، وفائدة الرهن هو استيفاء الحق عند العجز عن الوفاء، وكما يجوز طلبه من قبل المدين يجوز طلبه من قبل الضامن أو الكفيل.
جاء في المدونة: أرأيت إذا تكفلت لرجل بكفالة أو أعطيته بذلك رهنا أيجوز ذلك أم لا، قال نعم ذلك جائز. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1429(12/7467)
حكم الضمان الذي تطلبه الجهة المشرفة على المزاد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال عن المزاد
رقم الفتوى: 109977
عنوان الفتوى: حكم بيع القطع الأرضية بالمزاد العلني
تاريخ الفتوى: 04 رجب 1429 / 08-07-2008
يوجد نقطتان أود الاستفسار عنهم:
1- إذا وضع القائمون على المزاد شرطا من البداية وهو مبلغ يسمى التأمين كل من يدخل أو يريد أن يشارك يدفع مثلا 1000 جنيه أو 10% من المبلغ الابتدائي للمزاد حتى إذا رسا المزاد عليه لا يقول لن آخذ الشيء أو غيرت رأيي فيضيع على الناس أو أن أي شخص يشارك في المزاد ينسحب بعد أن رفع السعر على الآخرين هل التأمين (بهذه الصورة) حلال أم حرام؟
2- عندما يرسو المزاد على شخص يمكن أن يدفع جزءا والباقي بعد فترة مثلا لأنه ليس معه المبلغ كله ساعة المزاد أو القائمون على المزاد يقولون مبدئيا قبل بدء المزاد عند رسو المزاد على شخص يدفع 30% مثلا والباقى يسدد في حساب كذا في بنك كذا أو يتفاوض الشخص الذى رسا عليه المزاد مع منظمي المزاد أن يدفع جزءا بعد أن رسا عليه المزاد والباقي بعد ذلك بمدة، هل يعد ذلك ربا لأنه لم يتم القبض في نفس المجلس أو هذه صورة لأي نوع من الربا، أي السؤال هل ذلك حلال أم حرام؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما سميته (تأمين) هو ضمان تطلبه الجهة المشرفة على المزاد، ولا حرج فيه إذا كان يرجع لكل من لم يرس عليه، ومن رسا عليه يحسب له من الثمن، ففي قرار للمجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي: طلب الضمان ممن يريد الدخول في المزايدة جائز شرعاً، ويجب أن يرد لكل مشارك لم يرس عليه العطاء، ويحتسب الضمان المالي من الثمن لمن فاز بالصفقة.
أما بخصوص دفع جزء من مبلغ العطاء نقداً، والباقي ديناً فليس من الربا، ولا حرج فيه إذا كان بتراض من البائع والمزايد؛ إذ لا حرج على التاجر أن يبيع سلعته بثمن نقد أو مؤجل كله أو بعضه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1429(12/7468)
حكم الاستفادة من صناديق التعاون خارج نطاق الشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي كان يعمل بشركة بترول وكانت تستقطع من راتبه جزءا ويوضع فيما يسمى بصندوق الإسكان حتى إذا خرج على المعاش يتعالج بنسبة خصم يضعها هذا الصندوق ولي حق العلاج حتى أتزوج وبالفعل تزوجت ومازلت أتعالج فهل علي وزر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة الفتوى:
لا تجوز الاستفادة من صناديق التعاون لغير من تنص شروطها على الاستفادة منها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم الاشتراك في الصناديق التعاونية وأنه لا حرج في الاشتراك فيها والاستفادة منها إذا كانت مضبوطة بالضوابط الشرعية كما هو مبين في الفتوى رقم: 9531.
ويجب على المشتركين وذويهم الالتزام بما تضمنته شروط الاشتراك، ولا يجوز لأحد أن يستفيد منها إلا طبقا لما تنص عليه تلك الشروط؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم ما وافق الحق. أخرجه الحاكم في المستدرك، ولا يجوز الكذب والتحايل.. عليها لقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: من غش فليس منا. رواه مسلم.
ولذلك فإن علاجك على حساب الصندوق المذكور بعد الزوج لا يجوز لك، وعليك أن تقلعي عنه وتبادري بالتوبة إلى الله تعالى وتردي ما استفدته منه.
وللمزيد انظري الفتوى رقم: 25244.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1429(12/7469)
الوكيل مؤتمن ولا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لي صديق طبيب روسي أراد مني مساعدة ترجمة أوراق من اللغة الروسية إلى اللغة الانجليزية ليقدمهم إلى شركة لعقد اتفاق تجاري بينه وبين الشركة، وبحكمه في بلد عربي وأنه لا يعرف أماكن الترجمة ولا يعرف المترجمين، فأردت أن أساعده، يوجد لدي صديق لديه مكتب للخدمات العامة أخذ مني الأوراق وترجمها من الروسي إلى الانجليزي كما أراد الطبيب، فجأة قال الطبيب: لم تعد لي بها حاجة هذه الأوراق بحجة أن الشركة ألغت الصفقة.
للعلم بأني لا يوجد لي أي استفادة من هذه الخدمة فقط أردت أن يستفيد الطبيب بسعر خاص للترجمة, علما أنه وجد عدة أماكن فكان السعر مرتفعا للورقة الواحدة وصل الي حوالي 18$ وهذا المترجم قام بترجمتها بحوالي 4$. باختصار لم يرد الطبيب تسديد المبلغ الذي طلبه منه المترجم.
فأرجو منكم الإجابة، فصديقي يعتقد أنني قد أخذت المبلغ وهذا لم يحدث, ويطالبني بالمبلغ فهو يقول بأنني الرابط بينه وبين الطبيب.
فهل علي أنا أن أدفع المبلغ أو ماذا. للعلم والله أعلم أنه لا يوجد لي أي استفادة من هذا العمل إلا مساعدة الطبيب واستفادة صديقي المترجم والاثنان لم يوفقوا.
أفتوني بالله عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد بينت للمترجم أنك مجرد وسيط بينه وبين الطبيب ولم تضمن له أن يعطيه الطبيب أجرته فلا يلزمك دفع هذه الأجرة؛ لأنك مجرد وكيل، والوكيل مؤتمن فلا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط. أما إذا كنت لم تخبره بأنك مجرد وسيط أو أخبرته وضمنت له الحصول على أجرته فإنه يلزمك دفعها؛ لأنك في هذه الحالة إما متاجر له أو ضامن وكفيل بالأجرة.
وعلى كل حال فننصحكما للحفاظ على صداقتكما أن تصطلحا بينكما صلحا يقطع النزاع بينكما.
وللمزيد تراجع الفتوى رقم: 40267.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1429(12/7470)
ضمان الأجير ما سرق منه بسبب تفريطه وإهماله
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي محل لبيع وتصليح الهواتف النقالة في الجزائر, سافرت إلى بلد آخر وتركت أجيرا للعمل في المحل, ولكن قدر الله أن سرق من المحل جهازي نقال, فما كان من الأجير إلا أن ترك المحل وهرب وقال لي خذ ثمن جهاز النقال من شهريته سؤالي هو:
1. هل يجوز لي أن آخذ من مال الأجير؟ علما أنه أهمل إغلاق زجاج المحل (حسب ما وصل إلى مسامعي) الذي يحوي أجهزت النقال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأجير الخاص يعتبر ما بيده أمانة فلا يضمنه اتفاقا إلا إذا تعدى أو فرط فإذا تعدى أو فرط ضمن.
جاء في الموسوعة الفقهية: اتفق الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة على أن الأجير الخاص لا يضمن ما بيده من مال المؤجر بل يكون ما في يده أمانة لا يضمنه إن تلف إلا بالتعدي أو التفريط؛ لأنه نائب عن المالك في صرف منافعه إلى ما يأمره به فلم يضمن من غير تعد أو تقصير كالوكيل والمضارب.
وبناء على هذا، فإن ثبت أن أجيرك فرط في المحل ببينة أو إقرار حتى سرق منه ما سرق، فإنه يضمن ذلك، وعلى هذا يمكن أن تخصم من شهريته ثمن ما سرق بسبب التفريط منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1429(12/7471)
الضامن يملك ما أتلفه إذا دفع قيمته
[السُّؤَالُ]
ـ[مشايخنا الأفاضل آمل منكم مأجورين أن تفتوني في أخذ تعويض من شخص صدم سيارتي الجديدة من الخلف وتكفل بحضور رجل المرور بدفع أي مال يترتب عليه وتم التنازل بمركز المرور وكان مخطئا بنسبة 100% بتقرير رجل المرور وبما أن سيارتي جديدة فإن النظام يعطي المتضرر الحق بطلب تغيير الصدام الخلفي لا إصلاحه وهو نفس النظام المطبق من قبل شركات التأمين والمتبع أثناء تقدير الحوادث من قبل شيخ الورش وهو الجهة المخولة بالتقدير نظاميا وذهبنا سويا إلى ثلاث ورش وأخذ متوسط قيمة التصليح والذهاب إلى قطع الغيار وأخذ قيمة الصدام الخلفي بعد الخصم وجمع المبلغين ودفع المتضرر المبلغ في حينه، ولكني لم أقم بتصليح سيارتي لظروف شخصية بل اكتفيت بترميمها وأصبح المتضرر يلاحقني ويطلبني بفك الصدام القديم وإعطائه إياه مدعيا أنه أصبح ملكا له ما دام أنه دفع قيمة صدام جديد وحاولت أن أوضح له أنه دفع قيمة ضرر لا قطع غيار، ولكنه لم يقتنع وما زال يلاحقني.. وسؤالي هو: هل من حقه ذلك أم بالفعل دفع قيمة ضرر وللمتضرر الخيار بتصليحه أم تركه سائلين المولى القدير أن يثيبكم ويجعله بميزان حسناتكم؟ حفظكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر لنا من سؤالك أن الشخص الذي صدمك قد قام بدفع قيمة الصدام الخلفي، فالضامن يملك ما أتلفه إذا دفع قيمته، وعلى هذا فلا شك أن من حقه الحصول على الصدام القديم لأنه قد أصبح ملكاً له، ولا يحق لك أن تجمع بين الصدام القديم وثمن الصدام الجديد، فهذا جمع بين البدل والمبدل منه، ولا يصح قولك أنه قد دفع قيمة الضرر فإنه إنما يكون الأمر كذلك إذا دفع قيمة إصلاح الصدام القديم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1429(12/7472)
نظام الكفالة.. والرق
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض دول الخليج نجد مسألة الكفالة للأشخاص فنجدهم أحيانا يسيؤون معاملة كفلائهم الموظفين سواء بالكلام أو في غيره، ونجد بعض الكفلاء مستبدين ولا يعطون الموظفين حقوقهم كاملة ولا يعطونهم أجورا عالية رغم ارتفاع الأسعار والغلاء الحاصل في العالم، ورغم يسر أحوالهم المادية ورغم دخلهم العالي ما شاء الله، وذلك من تعب الموظفين هؤلاء وفوق هذا وذاك يتهمونهم بأنهم كسالى في عملهم وبأنهم لا ينتجون كما يجب والله يعلم بأنهم يدخلون دخلا جيدا يوميا، وإذا حصل وذهب هذا المكفول ليبحث عن عمل جديد ووجد وبراتب أفضل بثلاث أضعاف من شركة أخرى وحوافز وكل ما يطلبه الموظف كونه مغتربا عن أهله وذويه فيتقدم بأوراق نقل كفالة إلى كفيله ليرد عليه بكل جبروت وطغيان بلا، ومن كلامه: أن نظام شركته لا تسمح بهكذا إجراء وبأنها عملية مستحيلة ولو مهما كانت الظروف وأنت تشرح له وضعك يروح قائلا لا يعنيني ويرددها بكل كبر وازدراء وبوقاحة فترد عليه متعجبا من قوله أنت تعمل لتؤمن لقمة عيش هنيئة لك ولأهل وأولادك فلما تحرمها على موظفيك، وان كنت تحبنا وتريد بقاءنا معك فحسن أوضاعنا ليرد قائلا: هذا ما لدي أو اذهب من حيث أتيت وغير آبه طبعا وحتى قانون العمل يقف إلى جانبه طبعا وذلك من خلال قانون العمل الذي ينص إذا جرى إلغاء إقامتك لن تعود الا بعد سنتين وكتاب لا مانع من الكفيل وغيرها هذا كثير وأنا أخبرك بقصتي وقصص كثر ممن أعرفهم ولم أنسج قصصا من خيالي والله على ما أقول شهيد، فياشيخي الفاضل؟ ألا يرجعنا قانون الكفالة هذا إلى زمن العبيد ما قبل الإسلام حين كان الطغاة في الأرض يستعبدون الخلائق ولا يسمحون لهم بفعل أي شيء إلا ليرجعوا إليهم ويستأذنوا منهم، فمثلا أن أردت أن تخرج رخصة سوق سيارة مثلا عليك أن تأتي بكتاب من كفيلك وإن أردت السفر لا تخرج من البلد الا بكتاب من كفيلك أليس بالأحرى أنا تكون الكفالة على الدولة وليس الأفراد ومع هذا يقوم بإرسال نسخة للعقد لإدارة العمل سليم ويخفي عليهم أنه في تعاميم يكون فيه إجحاف بحق الموظف وما زاد الطين بلة أن المكفول لا يستطيع أن يذهب ليشتكي وإن ذهب فإن العملية ستطول أشهرا وهو لا يقدر على الصبر لأن هناك في بلده من ينتظرون منه المصروف الشهري وأنا أعلم أن الرزق على الله وهذا فقط ما يصبرني هي آية في كتاب الله العزيز بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وفي السماء رزقكم وما توعدون صدق الله العظيم.
فسؤالي يا شيخي الفاضل ما هو الحكم الشرعي للكفيل هل هذا حرام أم حلال، وهل المكفول من المستضعفين في الأرض، وما هو حكم أصحاب القرار من المشايخ والعلماء أو حتى أصحاب السلطة وهل هناك شيء ليفعله المكفول في مثل هذا الوضع فهو يحرمه من الإجازة إلا بعد سنتين وبراتب والله قليل فأنا أعلم أن هذا هو رزقي من الله حين حدد طول أجلي وشقي أم سعيد وحدد رزقي فنعم بالله والحمد لله على كل حال من الأحوال ولكن ما يقض مضجعي يا شيخي الفاضل غلاء الأسعار التي أرهقتني والله وأتعبتني فنحن ذوو دخل محدود والتزامات كثيرة والله المستعان على ما يصنعون بنا.
أنا أعتذر على الإطالة وأطال الله في عمرك وجميع القائمين في هذه الشبكة الإسلامية وجعلنا ممن يحملون كتبهم بأيمانهم ويجعلنا ممن يجتمعون على حوض النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم وأن يقر عيوننا برؤية نور وجهه الكريم واجتياز صراطه المستقيم لنيل الجنة نحن وآباؤنا وإخواننا وذوونا والمسلمين جميعا ... قولوا معي آمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أنه لا حرج شرعا في استخدام نظام الكفالة إذا كان ذلك لغرض صحيح كتنظيم أمر العمالة ونحو ذلك، فراجع الفتوى رقم: 9593. وقد نبهنا بهذه الفتوى وغيرها من الفتاوى على أنه لا يجوز أن يستغل هذا النظام للإجحاف بالأجير وهضم حقوقه، بل الواجب أن يؤدي إليه حقه كاملا، ويمكنك مراجعة الفتويين: 29159، 45401.
وبما أن المكفول قد دخل ذلك البلد والتحق بالعمل المعين بمقتضى عقد بينه وبين كفيله فيجب عليه أن يلتزم بمقتضى هذا العقد، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود والترمذي.
ولهذا المكفول أن يطلب من كفيله زيادة في الأجر أو موافقة على نقل الكفالة لجهة أخرى أو نحو ذلك مما هو مشروع في حقه فإن وافق الكفيل فبها ونعمت، وإلا فليصبر ويستمر معه على هذا الحال، أو لينهي تعاقده معه ويبحث عن سبيل آخر فأرض الله واسعة، ولا ينبغي للمسلم أن يرهن أمر رزقه ببلد معين أو بشخص معين فإن هذا من ضعف التوكل على الله تعالى.
ونظام الكفالة وإن حدث فيه شيء من الحيف والظلم في أصله أو في تطبيق الكفيل له فلا يجوز أن يُشبَّه بالرق، فإن هذا من التلاعب بألفاظ الشرع على وجه لا يرتضى. فالرقيق يباع ويشترى، ولا يملك مالا، ... إلى غير ذلك من أحكام تختص بالرقيق، والمكفول ليس كذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1429(12/7473)
الضمان في الحوادث بين الوجوب وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن اسأل عن حادثة حصلت لي وهي كالتالي: كنت ماراً بالسيارة في طريق سريع لا يجوز عبور المشاة منه وكان ذلك الوقت بين المغرب والعشاء فبينما كنت ماشياً في طريقي وإذا بامرأة تعبر الطريق والطريق سريع ولم أستطع أن أتجاوزها وصدمتها، فأسرعت هارباً ولكني ظللت أتابع الحادثة فقمت بالذهاب مع دكتور إلى مستشفيات الحوادث إن كانت قد جاءتهم حالة من ذلك الطريق السريع، ولكن لم تأتهم وسألنا الشرطة المختصة بالحوادث بالطرق عن ذلك الطريق هل بلغ أحد عن الحادث أو لا، ولكنهم قالوا لم يأتنا أي شيء
بهذا قال لي الدكتور أن الحالة طبيعية وعادة الحالات الطبيعية لا يأتون بها للمستشفيات والمراكز وبهذا فإن المرأة لم يحدث لها شيء بإذن الله ولا تفكر في الموضوع كثيراً، فأجيبوني فأنا في حيرة من أمري فهل علي شيء، وماذا أفعل، هل أبحث عن المرأة التي في الغالب ما تكون إفريقية، أم أقضي ما علي من حد وأعتبرها ماتت، ولمن أدفع الدية إذا اعتبرتها ماتت؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كانت الإصابة بسبب فعل المصابة ولم تستطع تجنبها فلا ضمان عليك، وبالتالي لا دية ولا كفارة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت السيدة المذكورة هي المتسببة في الحادث بحيث إنها قطعت الطريق السريع الذي لا يسمح للمشاة بقطعه ... ولم تستتطع أنت إمساك السيارة أو تحويلها إلى جهة أخرى عن المصابة.. وكنت تسير حسب قوانين السير المقررة.. فالظاهر أنه لا ضمان عليك، لقاعدة: ما لا يمكن التحرز عنه لا ضمان فيه، وسبق بيان ذلك بالتفصيل أكثر في الفتوى رقم: 19279، والفتوى رقم: 23912 فنرجو أن تطلع عليهما وعلى ما أحيل عليه فيهما.
أما إذا كنت تستطيع تلافي الحادث بأي وسيلة وقصرت في ذلك فإن عليك الضمان، ويقتضي ذلك الدية والكفارة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 5914.. وفي حالة عدم الحصول على أي معلومات عن المصابة بعد البحث والتحري مع تحقق موتها فإن الدية تدفع لبيت مال المسلمين -إذا كان منتظماً- أو تصرف في مصالح المسلمين العامة إذا لم يكن منتظماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1429(12/7474)
صدم سيارة الشركة وأصلحها على حسابه ووعدته الشركة أن تعوضه ولم تف
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل محاسبا في شركة وأثناء قيادتي لسيارة العمل صدمتها وتكفلت بإصلاحها من جيبي الخاص وقال لي المدير بأن الشركة ستتحمل نصف التكاليف وإلى الآن لم يقم بسداد المبلغ الذي وعدني به، فهل يجوز لي أن أحصل على هذا المبلغ دون علمه، مع العلم بأن الشركة قادرة على سداد المبلغ، ومع العلم بأني أستطيع الحصول على المبلغ بسهولة لأن هناك عملا أقوم به أستطيع من خلاله الحصول على ما أريد من مال، فأفتوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت غير مفرط ولا متعد في قيادة سيارة الشركة فلا ضمان عليك، لأن سيارة الشركة تعتبر عارية عندك، فإذا تلفت فيما استعيرت له بدون تعد أو تفريط منك فلا ضمان.
جاء في المدونة قال ابن القاسم: كل ما علم بالبينة أنه هلك أو نقص فيما استعير له فلا يضمنه. انتهى.
وفي الروض المربع: وتضمن العارية المقبوضة في غير ما استعيرت له. انتهى..
ولا يصلح أن تحكم بنفسك لنفسك؛ بل يحكم أهل الاختصاص، فيسمعوا منك ثم يحكموا هل فرطت أم لا، وإذا أثبت أنك لم تفرط أو تتعد في الاستعمال المأذون لك به فلا ضمان عليك مطلقاً، ولك أن تطالب الشركة بالمبلغ الذي دفعته كاملاً فإن منعتك أو جحدتك جاز لك الظفر به بدون علمها، وأما إن كنت ضامناً لما أتلفت ووعدتك الشركة بإسقاط نصفه فهذا وعد إن وفت به فبها ونعمت، وإن لم تف به فلا يحل لك أن تعتدي على مال الشركة بسبب هذا الوعد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1429(12/7475)
ضمان جزء من رأس المال في حال الخسارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هنالك شركات تعمل في تجارة العملات ومؤشراتها في البورصة العالمية، والاشتراك فيها يكون بدفع مبلغ معين والحصول على نسبة ربح من 7% الى 12% على رأس المال ولا تتجاوز نسبة الخساره 10% هل هاذا جائز شرعا وهل هنالك ربا ... وجزاكم الله خيرا........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان تحديد 7 أو 12 من الربح المتوقع فهذا جائز، وهي مضاربة، وإذا كانت هذه النسبة إلى رأس المال مضمونة بقدرها منه فهذا لا يجوز وهو من الربا، وقد فصلنا القول في هذا في فتوانا رقم: 63985، وما تفرع عنها فراجعها.
أما تحديد نسبة الخسارة.. فإنه في معنى ضمان جزء من رأس المال وهو غير مشروع، وراجع الفتوى رقم: 5160.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1429(12/7476)
العيب السابق لعقد البيع من يتحمله؟
[السُّؤَالُ]
ـ[اشترى أبي سيارة على أنها سليمة وكان صاحبها صادقا في قوله سليمة فهو لا يعلم بها عيوبا لأنها لم تكن قد استعملت منذ عامين ولكن بعد تسلمها واستعمالها لبضعة أيام اختلت ولم تعد تعمل ـ أريد أن أعرف ماذا نفعل هل يحق لنا إرجاعها مع العلم أن صاحبها لم يقصد الغش؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أثبت أن العيب سابق لعقد البيع وظهر ذلك بعد التجربة فإن هذا العيب من ضمان البائع سواء علم به أو لم يعلم، قصد الغش أو لم يقصد.
جاء في المغني: أنه متى علم المشتري بالمبيع عيبا لم يكن عالما به فله الخيار بين الإمساك والفسخ، سواء كان البائع علم العيب وكتمه أو لم يعلم، لا نعلم بين أهل العلم في هذا خلافا.
أما إن حدث العيب بنفسه أو بفعل المشتري فلا ضمان على البائع، وراجع للمزيد في هذا الموضوع الفتوى رقم: 32571.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1429(12/7477)
حكم إعطاء الكفيل نسبه من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[استأجرت (سيارة أجرة) من شركة بمبلغ معين يومين، ومن شروط عقد الإيجار إحضار كفيل، فه ل يجوز أن أعطي الكفيل نسبه من الربح يومين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكفالة من عقود الإرفاق لا من عقود المعاوضات، فلا يجوز أخذ أجرة على الكفالة.. وراجع للمزيد في ذلك الفتوى رقم: 107993.
وبالتالي فلا يجوز أن تعطي من كفلك في استئجار السيارة شيئاً لا نسبة من الربح ولا مبلغاً مقطوعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1429(12/7478)
فاسد العقد كصحيحه في الضمانات
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكريم أحب أن تفتوني في قضية حدثت معي ... فقد عزمت أنا وأخ لي أن نقوم بمشروع تجاري حيث إنني الطرف الأول والأخ الشريك هو الطرف الثاني ... حيث قدم الطرف الثاني رأس المال فلم يكن الاتفاق على نسبة من الربح بالأصل.... فقد أرسلني لشراء بضاعة وأوصاني بأن أقوم بالإشراف على تعبئة البضاعة، لكن لم أستطع ذلك لظرف ما ... فما كان من التاجر إلا أن بدل البضاعة الأصلية بزائفة.. والآن يطالبني الشخص بالتعويض وقد اتفقت معه على أن أدفع نصف قيمة البضاعة، فهل من الناحية الشرعية يجب علي الدفع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من شروط صحة الشركة والمضاربة أن يعلم الطرفان حصة كل منهما من الربح، جاء في المغني: وإن قال خذه مضاربة ولك جزء من الربح أو شركة في الربح أو شيء من الربح أو نصيب أو حظ لم يصح لأنه مجهول. انتهى.
فالواجب في مثل هذه الصورة إلغاء العقد الفاسد ثم إن شاء الطرفان إنشاء عقد جديد تحدد فيه حصة كل منهما من الربح، على أن تكون حصة شائعة لا مبلغاً معلوماً، وأما ما مضى ففيه أجرة المثل أو قراض المثل، فراجع في ذلك الفتوى رقم: 72779.
وأما بخصوص التعويض الذي يطلبه منك صاحب رأس المال فينظر.. إن حكم أهل السوق والاختصاص أنك فرطت بتركك الإشراف على تعبئة البضاعة فأنت ضامن لخسارة رأس المال بسبب تفريطك، ونحن وإن حكمنا بفساد العقد إلا أن فاسد العقد كصحيحه في الضمانات، وفي حال ما إذا كنت ضامناً واصطلحت مع صاحب رأس المال على إسقاط البعض فلا بأس.
والجدير بالملاحظة أن بائع تلك البضاعة ملزم بردها إذا ثبت زيفها وأنها تخالف ما وقع عليه العقد، وأن الضمان الذي تحدثنا عنه لا يكون إلا بعد العجز عن إرجاع البضاعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1429(12/7479)
حكم من تسبب في إتلاف شيء أثناء استعماله
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء استخدامي لدورات مياه أحد المنشآت -مركز تجاري- تسببت في كسر جزء من المرحاض دون قصد. فماذا علي أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان التلف الذي لحق المرحاض قد وقع بغير تفريط كأن تكون جلست عليه جلوساً عادياً فانكسر فنرى أنه لا ضمان عليك لأنه تلف باستعمال مأذون فيه كالعارية، وإن كان قد انكسر بنوع تفريط -سواء عمداً أو خطأ- فالذي نراه أنه يلزمك ضمان قيمة ما أتلفته أو ضمان مثله فتذهب إلى أصحاب ذلك المركز التجاري وتعرض عليهم العوض، وانظر للفائدة في ذلك الفتوى رقم: 54910 والفتوى المرتبطة بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1429(12/7480)
إنظار المكفول المعسر وهل يرجع الكفيل على والده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كفلت شخصا في مبلغ وقدره5000 ريال ورفض التسديد بحجة أنه لا يملك نقودا..فأخبرت والده وقال إنه لا يملك نقودا، هل آخذ المبلغ من والده....وإذا رفض ما الحل..مع العلم أن والده تاجر، وهل لي الحق في أخذ المبلغ من والده دون علمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المكفول معسرا فالواجب عليك إنظاره لقوله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:280}
أي أنظروه، وإذا كنت تشك في صدقه في دعواه الإعسار فيجوز لك مقاضاته إلى من ينصفك ويتحقق من إعساره.
أما الرجوع على والده وإلزامه بقضاء دين ولده فلا وجه له إلا أن يكون الوالد قد ضمن لك قضاء دين الولد، مثله مثل سائر الناس، وإذا كان ذلك غير ملزم له شرعا فلا يحل لك الاعتداء على ماله علنا أو سرا، غنيا كان أو فقيرا لقوله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1429(12/7481)
التحلل من الضمان قرض بنكي
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بضمان شخص للحصول على قرض من البنك الذي أعمل به، ومن وقتها عندي هاجس بأنه لن يسدد وأني سادفع كل ما سأملك نظير هذا وأنا قلق بشدة وأفكر في سحب الضمان مما سيضعني في حرج شديد مع العلم بأني شديد القلق دائما ولكن هذه المرة فقدت اي شعور بالحياة وخائف بشدة ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الضمان منه ما هو حرام كمن ضمن المقترض بالفائدة، ومنه ما هو جائز ويؤجر فيه الضامن على حسب نيته، ومن صور الضمان الجائز ضمان المقترض بقرض حسن، أو ضمان ثمن مبيع في بيع جائز.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان القرض الذي حصل عليه الشخص المذكور قرضا ربويا فإن السائل قد ارتكب إثما بضمانه لهذا الشخص من أكثر من وجه، فالضامن للمقترض بالفائدة يعتبر مقرا بالربا ملتزما به بموجب عقد الضمان لأن الضمان معناه ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق فيثبت في ذمتهما جميعا، وهو أيضا معين على معصية الله تعالى إعانة ظاهرة فلو لم يحصل الضمان ما اقترض المقترض.
فالواجب على السائل التوبة إلى الله عز وجل من ذنبه هذا والمسارعة إلى سحب ضمانه إن أمكنه ذلك وليكن الدافع له هو التوبة إلى الله عز وجل قبل خشية التورط مع المضمون إن عجز عن السداد.
وأما إن كان الضمان على قرض مباح شرعا كثمن مبيع في بيع المرابحة مثلا فالضمان جائز ويؤجر الضامن بنيته.
ولا يبرأ من الضمان إلا إذا بريء المضمون عنه بأداء أو إبراء أو حوالة، أو أبرأ المقترض أو زال العقد بأن انفسخ البيع الذي ضمن فيه الثمن أو نحو ذلك من مسقطات الضمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1429(12/7482)
حكم أخذ عوض مقابل الكفالة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد شراء شقه عن طريق البنك العربي الإسلامي في الأردن ويطلب مقدم 30% وليس لدي هذا المبلغ فنصحني البنك بالذهاب إلى شركة تمويل معتمدة لديه وسوف تعمل هذه الشركة على كفالتي لدى البنك مقابل عمولة على المبلغ وقدرها 2.5%، مع العلم بأن السداد سوف يكون عن طريق البنك وليس عن طريق هذه الشركة والشقة سوف تبقى باسم البنك حتى سداد كامل المبلغ أي أن هذه الشركة فقط مجرد كفيل لي، فهل هذا جائز شرعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الضمان من عقود الإرفاق التي لا يجوز أخذ عوض عليها، وبيع المرابحة للآمر بالشراء من البيوع المباحة إذا انضبط بالضوابط الشرعية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أخذ شركة التمويل لعمولة من المضمون عنه أو المكفول مقابل الكفالة غير جائز، لأن الكفالة من عقود الإرفاق لا من عقود المعاوضة. جاء في التاج والإكليل: لا يجوز ضمان بجعل -أجر- ... انتهى المقصود منه..
وننبه السائل إلى أنه يشترط لجواز شراء الشقة من قبل البنك أن يشتري البنك الشقة ويتملكها ثم يبيعها للعميل بالثمن المتفق عليه فيما يعرف ببيع المرابحة للآمر بالشراء، وراجع ضوابط هذا البيع في الفتوى رقم: 106340.
وإذا تم هذا البيع صحيحاً فلا مانع من أن يمنع البنك العميل من التصرف في الشقة بالبيع حتى يتم سداد كامل الثمن، وراجع للتفصيل في ذلك الفتوى رقم: 31840.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1429(12/7483)
من أسباب الضمان في الوديعة المخالفة في حفظها
[السُّؤَالُ]
ـ[طلبت من زمبل لي بالعمل أن يجلب لي بضاعة مرتجعة من عند عميل لإرجاعها لشركة التي نعمل بها وأوصيته بأن يخرجها من السيارة ويضعها ببيته كي لا تسرق على أن يحضرها لي اليوم التالي لإرجاعها لشركة وأكد لي بأنه سوف يقوم بذلك ووقع للعميل على سند المرتجع إلا أنه ذهب لبيته ونام ولم يخرجها من السيارة وسرقت السيارة بدواعي سرقة البضاعة حيث إن سيارته متهالكة وقديمة وقام وبلغ بالمخفر بذلك والآن أنا أطالبه أمام الشركة بالبضاعة الأمانة، وللعلم فإن الشركة متوجهة إلى تحميله قيمتها البالغة سبعة آلاف ريال فهل أنا شرعا علي أي ترتيب، وهل في الحكم أي ظلم على المذكور في تحميله قيمة البضاعة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأمر على ما ذكرت فإن زميلك مؤتمن من قبلك على هذه البضاعة، والأمين لا يضمن إلا بالتعدي أوالتفريط، وقد ذكر الفقهاء أن من أسباب الضمان في الوديعة المخالفة في حفظها، فإذا عين صاحبها مكانا معينا لتحفظ فيه فحفظها المودع عنده فيما هو دونه ضمن، وأما إذا حفظها فيما هو مثله أو أحفظ لها فلا يضمن.
ففي كتاب أسنى المطالب وهو في الفقه الشافعي: وإن أودعه دابة وقال له اجعلها في بيتك فوضعها في حرز آخر مثل بيته أو أحرز منه كما فهم بالأولى فماتت فجأة أو بمرض أو نحوه لم يضمن حملا لتعيينه على اعتبار الحرزية عند التخصيص الذي لا غرض فيه، كما لو اكترى أرضا لزرع حنطة له أن يزرع ما ضرره مثل ضررها ودونه، بخلاف ما لو وضعها في حرز دون بيته فإنه يضمن وإن كان حرز مثلها. اهـ.
وعليه؛ فلا يضمن زميلك هذه الأمانة إلا إذا كانت السيارة دون البيت في حفظها وهذا هو الظاهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1429(12/7484)
الضمان يلزم المتسبب والمباشر للإصابة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما كنت سائقة في اتجاهي جاءت سيارة كبيرة وانحازت من اتجاهها إلى اتجاهي (ممنوع حسب القانون) مما دفعني إلى أن اذهب إلى الاتجاه الآخر وضيق علي الطريق فصرت أرجع إلى الوراء بشكل بطيء حتى لا ألمس سيارته أما هو فقد قدم إلى الأمام مما دفعني إلى أن أقود إلى الأمام حتى لا يؤذيني ففي هذه الحالة تم إيذاء سيارتي وعندما سألته لماذا لم ينتظر حتى أرجع إلى الوراء قال لي إنه لم ير سيارتي ففي هذه الحالة يدفع أحد الطرفين الذي عليه الحق والسائق قال الحق علي وأنا ملزم بالدفع لتصليح السيارة فهل فعلا عليه الحق لأنني أخاف أن يكون الحق علي ويحاسبني ربي.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الذي يلزمه الضمان في هذه الحادثة هو المباشر للإصابة، مع أن المحكم في مثل هذه المسألة هو قانون المرور إذا لم يكن فيه ما يخالف الشرع الإسلامي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يلزمه الدفع في الحالة التي تسألين عنها هو المباشر لما حصل من الضرر. فإن كان ما حصل من الضرر لسيارتك سببه ما ذكرته عن السائق الآخر من التقدم إلى الأمام، فإن الضمان يكون عليه؛ لأنه مباشر للتلف.
وإن كان الضرر حصل بسبب ما ذكرته من قيادتك إلى الأمام حتى لا يؤذيك، وهو في تلك الحالة متوقف، فإن الضمان يكون عليكِ؛ لأنك المباشرة وهو متسبب، والمباشر للإتلاف يقدم في الضمان على المتسبب فيه.
ويبقى أن نشير إلى أن الحكم في المسألة هو قانون المرور إذا لم يكن فيه ما يناقض الشرع الإسلامي؛ لأن قانون المرور نظام يتوخى تقليل حوادث السير، وهذا له اعتبار كبير في الشريعة الإسلامية. وعلى كل فإذا رضي هو بدفع التعويض برضى منه وطيب نفس فإن لك أخذه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(12/7485)
من شروط الاستثمار المباح
[السُّؤَالُ]
ـ[حفظكم الله شيخنا ما حكم المعاملة التالية:
خدمة استثمار أموالك خدمة جديدة مقدمة من كنوز لزوارها الكرام وتقوم الفكرة على أنك تقوم بإيداع مبلغ لدينا وليكن 5$ (الحد الأدنى) ونحن نقوم بتشغيلها في مشاريع إسلامية ومن ثم تأخذ 5$ بالإضافة إلى المبلغ الأساس
1- نحن نستثمر المبلغ في مشاريع إسلامية 100%
2- نحن نقوم باستثمار أموالك حتى يصل الربح إلى 70% من المبلغ الأساسي فمثلا إذا أوضعت لدينا 5$ نحن نقوم باستثماره حتى يصل الربح إلى 8.5 دولار.
3 - نسبة كنوز في هذه العملية 15% من الربح فقط فطبقا للمثال السابق فنسبة كنوز 52 سنتا فقط لا غير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يشترط لجواز استثمار الشخص ماله عند آخر أن لا يضمن المستثمر رأس المال إلا في حالتي التعدي أو التفريط، وأن تكون حصة كل منهما شائعة من الربح.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الخدمة المذكورة حرام شرعا لأن من شروط الاستثمار المباح أن لا يضمن المستثمر رأس مال صاحب المال.
جاء في المنتقى شرح الموطأ: قال مالك في الرجل يدفع إلى الرجل مالا قراضا ويشترط على الذي دفع إليه المال الضمان قال: لا يجوز لأن شرط الضمان في القراض باطل يخرجه من كونه قراضا إلى كونه قرضاً. انتهى.
كما أن من شروط الاستثمار المباح أن تكون حصة الطرفين نسبة شائعة من الربح لا من رأس المال، فإذا اتفق على أن للطرفين أو لأحدهما15 من رأس المال كربح فمعنى ذلك أنه جعل لهما أو لأحدهما مبلغ معلوم، وهذا غير جائز إجماعاً.
وعليه، فلا يجوز الاشتراك في الخدمة المذكورة مع وجود هذه الشروط.
وراجع للمزيد الفتوى رقم: 104127.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1429(12/7486)
تضمن العارية المقبوضة بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[قام زميل لى بأخذ سيارة ربع نقل جديدة لقضاء حاجة خاصة به على أن يدفع إيجار السيارة وكان قد أخذها عدة مرات قبل ذلك، ونتيجة لسرعته الزائدة فى المرة الأخيرة اصطدم بسيارة أخرى ونجا من الموت بأعحوبة وتهشمت جميع أجزاء السيارة وتم تقدير قيمة السيارة بواسطة التوكيل فقال إنها تساوى بضعة آلاف من الجهينات مقابل مائة وسبعة آلاف وهي جديدة.
فهل لى أن أطالب بالاستبدال بسيارة جديدة؟ أم يتم أمره بتصليح ما أتلفه؟ أم ليس لى شئ من ذلك كله وعوضى على الله؟
وهل يختلف الحكم اذا كان أخذ السيارة على سيبل المجاملة وليس مقابل إيجار؟ وهل يختلف أيضا إذا كان يأخذها للإيجار لفترات طويلة؟
نرجو من سيادتكم التوضيح مع الأدلة الشرعية لأن هذا الأمر من الممكن أن يحدث فرقة في بلدنا لأنني أطالبه بالتعويض المادي لشراء سيارة جديدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
العين المؤجرة أمانة في يد المستأجر، لا تضمن إلا بالتعدي أو التفريط. ومن استعار شيئا فأتلفه أو بعضه بتفريط وتعد منه فهو ضامن، وإن حصل التلف بسبب استعمال مأذون فيه فلا ضمان عليه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقيام السائل بتسليم سيارته إلى زميله ينظر فيه، فإن كان على سبيل الإجارة لمدة طويلة أو قصيرة فهذه تأخذ حكم عقد الإجارة، وفيه لايضمن المستأجر العين المؤجرة إلا إذا تعدى في استعمالها أو فرط في حفظها. وراجع للمزيد في هذا الفتوى رقم: 59946.
وإن كان سلمها له على سبيل الإعارة، والإعارة تمليك منفعة بلا عوض، فهل يضمن؟ هذا فيه تفصيل: فإذا تلفت بالتعدي أو التفريط من المستعير فهو ضامن اتفاقا، وأما إذا تلفت بدون تعد منه ولا تفريط ففي هذا خلاف عند أهل العلم، وممن ذهب إلى ضمانها كالشافعية والحنابلة قالوا: إذا تلفت باستعمال مأذون فيه لم يضمن شيئا لحصول التلف بسبب مأذون فيه.
جاء في حاشيتي قليوبي وعميرة: فإن تلفت لا باستعمال ضمنها وإن لم يفرط تضمن بقيمة يوم التلف وتلف بعضها مضمون. قوله: لا باستعمال أي مأذون فيه.
وجاء في الروض المربع: وتضمن العارية المقبوضة في غير ما استعيرت له. انتهى
وعليه، فإذا ثبت أن المستعير للسيارة تعدى في السرعة المسموح بها ونتج عن هذا تلف للسيارة أو لبعضها فيلزمه مثل ما تلف، فإن لم يكن له مثل أو تعذر المثل فقيمته يوم تلفه، وإن ثبت أنه لم يتعد فلا ضمان عليه؛ لأن التلف حصل بسبب استعمال مأذون فيه. وإذا اختلف المعير والمستعير ولم يكن للمعير بينه فالقول قول المستعير.
جاء في فتاوى الرملي: (سئل) هل يقبل قول المستعير في تلف العارية بسبب الاستعمال المأذون فيه عند احتماله أو لا؟ (فأجاب) بأنه يقبل قوله فيه بيمينه لعسر إقامة البينة عليه ولأن الأصل براءة ذمته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1429(12/7487)
هل يجب على من اقترض شيئا محرما رد قيمته
[السُّؤَالُ]
ـ[وقعت لي مشكلة منذ مدة حيث اقترضت بضاعة حراما ولم أدفع ثمنها ولما تبت إلى الله ندمت على ما فعلت، والآن لا أدري هل أدفع ثمن تلك البضاعة أم لا، علماً بأني إذا دفعت لهم ذلك المال فسيستعمل في الحرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نفهم ما تعنيه بقولك: اقترضت بضاعة حراما، وإن كنت تقصد أنك اقترضت شيئاً محرماً كالخمر والخنزير والميتة وآلات اللهو ونحو ذلك ... فهذه الأمور إن كانت لمسلم فإنه لا يلزم رد شيء منها، لأنه لا يملكها، وكذا الحال إذا كان صاحبها كافراً ثم أسلم قبل رد القرض.
وإن كانت لذمي فقيل فيه مثل ذلك أيضاً، وقيل بوجوب رد قيمة ذلك له، لأنه يقر على ملكيتها، جاء في المغني: وإن أقرض ذمي ذمياً خمراً، ثم أسلما أو أحدهما بطل القرض، ولم يجب على المقترض شيء، سواء كان هو المسلم أو الآخر، لأنه إذا أسلم لم يجز أن يجب عليه خمر لعدم ماليتها، ولا يجب بدلها لأنها لا قيمة لها، ولذلك لا يضمنها إذا أتلفها، وإن كان المسلم الآخر لم يجب له شيء لذلك. انتهى.
وفي الفروع لابن مفلح: ولو اقترض أو غصب ذمي من ذمي خمراً فنصه لا شيء له بإسلام أحدهما، وعنه: إن لم يسلم هو فله قيمتها، وقيل: أو يوكل ذمياً يشتريها، ولو أسلم ضامنها برئ وحده. انتهى.
ولك أن تراجع للمزيد من الفائدة في ذلك الفتوى رقم: 69201.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1429(12/7488)
مسائل في استجلاب العمال
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي شركة مقاولات أرغب في استجلاب عمالة متخصصة من أسيا على أن أقوم بتشغيل العاملة لطرف آخر مقابل نسبة من أجر العمالة على أن اتكفل بتسديد الضرائب وتذاكر السفر وتسديد الأجور في حالة عدم تسديدها من الطرف الآخر مع توفير الرعاية الصحية والسكن والمأكل وعلم العمالة بذلك.
مع العلم بأن الطرف الآخر ليس لديه الوقت والمعرفة لإتمام إجراءات استجلاب العمالة.
ما حكم الشرع والدين في ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما أردته من استجلاب العمال على النحو المبين في السؤال يباح إذا كنت تتعاقد معهم على أجر محدد وتبين لهم المجالات التي سيعملون فيها، لا إن لم تتعاقد معهم وأردت أخذ نسبة من أجورهم مقابل كفالتهم والإنفاق عليهم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
هذا السؤال يحتمل احتمالين:
1. أن تستجلب العمال وتتعاقد معهم على طبيعة العمل الذي سيعملون فيه، أو الأعمال التي يعملون فيها وتحدد لهم الأجرة وما قد يتبعها من السكن والإنفاق والتذاكر إن كانت في العقد ... ، ثم تؤجرهم أنت للناس.
2. أن تستجلب العمال على كفالتك، ولا تتعاقد معهم على شيء محدد، ويكون اتفاقك معهم هو أنك ستسمح لهم بالعمل مع أي شخص أراد ذلك، على أن يكون لك أنت نسبة من أجورهم مقابل كفالتك لهم، أو مقابل كفالتهم وما معها من الإنفاق عليهم وتوفير تذاكر السفر لهم ...
فإن كان حال شركتك مع العمال هو ما في الاحتمال الأول فإن ذلك لا حرج فيه؛ لأنك فيه قد ملكت منفعة العمال، ومن حقك أن تؤجر تلك المنفعة لمن أردت، وبالسعر الذي تتفق عليه أنت وهو.
وأما إن كان حال شركتك هو ما في الاحتمال الثاني فإن ذلك لا يجوز؛ لأنه من جهة يتضمن غررا، فأنت تأخذ نسبة من الأجور، والأجور مجهولة القدر.
ولأنه من جهة ثانية يدخل في ثمن الجاه، والذي يباح لك في هذا الاحتمال هو قدر ما أنفقته على العمال، أو مع أجرة مثلك إذا كنت قد بذلت جهدا في استجلابهم. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 5264.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1429(12/7489)
هل يضمن المحاسب في شركة ما سرق منه من مالها
[السُّؤَالُ]
ـ[فقد زميلى فى العمل مبلغ 3800 جنيه وهو ليس محاسبا وكان قد أخذ المبلغ ليقوم بمهام المحاسب وهو أنا أثناء تواجدى في إجازة وليس من اختصاصه أن يقوم بمهامي كمحاسب ولكن كان لا بد من أخذه المبلغ حتى لا يتوقف العمل وفقد المبلغ بمكتبه أثناء العمل (سرق المبلغ منه) وهو مبلغ كبير بالنسبة لراتبه ولو علم صاحب العمل سيرفض تحمل المبلغ بالرغم أن زميلي لا ذنب له فهو فى الأساس ليس عمله، فهل يحق لي أن أسوي المبلغ بطريقة ما بحيث يتحمله صاحب العمل دون أن يعلم، مع العلم بأنني متأكد أنه لو علم سيرفض تحمل المبلغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من أقدم على عمل بلا دراية ولا حذق فأتلف شيئاً أو تسبب في ضياعه فهو ضامن.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان صاحب العمل هو الذي كلف زميلك بالعمل في المحاسبة فمعنى ذلك أنه استأجره على هذا العمل، والأجير مؤتمن على ما استؤجر عليه من مال وغيره، ومن المقرر أن الأمين لا يضمن ما لم يفرط أو يتعدى، فإذا كانت السرقة حصلت بتقصير منه في الحفظ فإنه يضمن هذا المال لصاحب العمل.
جاء في الموسوعة الفقهية: الإهمال في الأمانات إذا أدى إلى هلاكها أو ضياعها يوجب الضمان سواء أكان أمانة بقصد الاستحفاظ كالوديعة، أم كان أمانة ضمن عقد كالمأجور.. انتهى.
وفي صورة التقصير من زميلك والتي يلزمه فيها الضمان لا يحل لك تسوية المبلغ بحيث يتحمله صاحب العمل فإن هذا اعتداء وخيانة، أما إذا حصلت السرقة بدون تقصير من زميلك في حفظ المال فإنه لا يضمن هذا المال لصاحب العمل، وإذا كان صاحب العمل سيضمنه في هذه الصورة التي لا يضمن فيها شرعاً فيشرع لك أن تمنع الظلم عنه بتسوية المبلغ بالطريقة التي ذكرتها.
وننبه السائل إلى أمر مهم وهو أن زميله الذي سُرق منه المال إذا أقدم على عمل المحاسبة ولم يكن له علم ولا دراية بهذا العمل وتسبب ذلك في ضياع المال أنه يضمن على كل حال كالمتعدي لأنه هجم على هذا العمل بجهالة أدت إلى ضياع مال الغير، جاء في سبل السلام: قال الخطابي: والمتعاطي علماً أو عملاً لا يعرفه متعد. انتهى.
وجاء في مطالب أولي النهى: ولا يضمن ناقل حاذق أمين خطأ.. متبرعاً كان أو بأجرة لأنه أمين، فإن لم يكن حاذقاً أو أميناً ضمن كما لو كان عمداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1429(12/7490)
الضامن هو من أخذ المال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت مع اثنين من الأصدقاء أحجز لهم في القطار وذهبت إلى شباك التذاكر وعندما أعطيت للرجل الفلوس أعطى لي باق، والمفروض لا يوجد باق للفلوس، المهم صديق من الاثنين أخذ الفلوس ولما قلت له نرجع الفلوس للشباك وللرجل رفض، وأنا الذي أخذت الفلوس من الرجل في الشباك في البداية، ما حكم الدين في هذا الموضوع علما أني قلت للأخ أنت المسؤول قال أنا المسؤول.
وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الضمان على من تعدى وأخذ ما لا حق له فيه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشخص الذي أخذ المال من عامل التذاكر هو الضامن لهذا المال، ويجب عليه رده إلى الجهة التي أخذه منها، ثم يرجع بما دفع على الآخر؛ لعموم حديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد.
وقد ذكر العلماء أن من أسباب الضمان اليد والتفويت والتسبب، وهذا كله حصل من الشخص الذي أخذ المال ثم دفعه إلى من امتنع عن رده؛ كما جاء في الفروق للقرافي: أسباب الضمان ثلاثة فمتى وجد واحد منها وجب الضمان: أحدها: التفويت مباشرة. وثانيها: التسبب للإتلاف. وثالثها: وضع اليد غير المؤتمنة. اهـ
هذا؛ وإذا كان الآخذ للمال يعلم أن هذا المال لا حق له فيه ومع هذا أخذه فيجب عليه مع الضمان التوبة إلى الله عز وجل والندم على معصيته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1429(12/7491)
المال إذا تلف بيد الأمين
[السُّؤَالُ]
ـ[شكراً لما تقدمونه للأمة الإسلامية ... سؤالي: كنا في الأردن وطلبت امرأة من أمي أن تأخذ بعض السجادات معها وتعطيها لشخص آخر في الصومال على أساس أن أمي كانت ترجع البلد أي الصومال، وما حصل هو أن السجاد ضاع وأكثر الأمتعة التي كانت مع أمي وذلك بسبب الطيران الذي ضيع الأغراض وقد ذهبنا مراراً إلى شركة الطيران لعلهم وجدوا بعض الأغراض، ومن سوء الحظ لم نجد سوى حقيبتي بها بعض الملابس وهذا الأمر حدت في 1992م تقريبا وبعدها بست سنوات طلبت صاحبة السجاد من أمي تعويضا عن السجاد يصل تقريبا 100$ ولكن وضعها الاقتصادي ما كان يسمح لأمي أن تدفع لها حتى لو قرشا، ولكن الآن بعد 17سنة الحمد لله قد تحسن الوضع وبإمكان أمي أن تدفع لها، إذاً فهل يجب على أمي أن تدفع لها تعويضا، وعلما بأن الأغراض ضيعتها شركة الطيران؟ وشكراً.. وأتمنى أن توفوني بالجواب الشافي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجب على أمك ضمان هذه الأمتعة والسجاد التي دفعتها إليها تلك المرأة، لأن يد أمك على هذه الأشياء يد أمانة، ويد الأمانة إذا لم تفرط في الحفظ لا ضمان عليها، وفي الحديث: ليس على المستودع ضمان. رواه البيهقي.
وجاء في أسنى المطالب: كل مال تلف في يد أمين من غير تعد لا ضمان عليه. انتهى. وجاء في كشاف القناع: والوكيل أمين لا ضمان عليه من ثمن ومثمن وغيرهما بغير تفريط ولا تعد. انتهى.
وظاهر جداً أن شركة الطيران هي المسؤولة عن ضياع هذه الأشياء وليست والدة السائل، وبالتالي لا حق لصاحبة الأمتعة المفقودة في مطالبة أمك بشيء ما لم يأتكم تعويض من شركة الطيران.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1429(12/7492)
كفل زوج أخته ولم يسدد فتحمل الدين فهل يطالب به أخته
[السُّؤَالُ]
ـ[طلبت مني أختي كفالة زوجها من أجل شراء سيارة من البنك وبعد أشهر لم يسدد زوج أختي الأقساط فأصبحت الكفالة تخصم من راتبي. فهل على أختي أن تدفع لي المبلغ أم لا؟
حيث إني كفلت زوجها من أجلها وبضمانتها، علما أنه تم الطلاق بينهم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمجرد أن أختك قد طلبت منك ضمان زوجها، وأنك إنما فعلت ذلك من أجلها لا يُصيِّرها ضامنة.
وأما إذا ثبت أنها قد ضمنت لك ما ضمنته على زوجها، فإن أهل العلم قد اختلفوا بين أن يكون من حقك أن تأخذ من أي منهما، وبين أن لا يكون لك الأخذ منها إذا كان زوجها حاضرا موسرا.
فذهب المالكية إلى الرأي الآخير، قال في منح الجليل: وإن حل أجل الدين ولم يدفعه المدين ف (لا يطالب) الضامن بالدين المضمون فيه (إن حضر الغريم) أي المدين المضمون حال كونه (موسرا) بالدين على أحد قولي الإمام مالك رضي الله عنه في المدونة, وهو المرجوع إليه المشهور, وبه أخذ ابن القاسم, وعليه العمل وبه القضاء ... اهـ
والأول مذهب الجمهور وهو الذي نميل إلى رجحانه، ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 94926.
ومن هذا تعلم أن من حقك أن تطالب أختك بالدفع إذا كانت ضامنة، لا إن كانت طلبت ذلك منك فقط.
ولا فرق في هذا بين أن يكون الزوج طلقها أم لا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1429(12/7493)
حكم تضمين الصيدلاني قيمة الأدوية الفاسدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل صيدليا بصيدلية بالسعودية وفي كل عام يتم الجرد واحتساب العجز أو الزيادة وقد يتصادف وجود زيادة مالية تفوق المبيعات الأساسية فتحسب لصالح صاحب العمل وفي نفس الوقت إذا وجدت أدوية منتهية الصلاحية أو فسدت نتيجة الأجواء الحارة فيتم خصم ثمنها من الصيدلي، فهل هذا الخصم يجوز شرعا أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصيدلاني في هذه الصيدلية يعتبر أجيراً خاصاً، والأجير الخاص لا يضمن ما لم يتعد أو يفرط، جاء في المغني: فأما الأجير الخاص فهو الذي يستأجر مدة فلا ضمان عليه ما لم يتعد. انتهى.
وعليه؛ فإذا كان فساد الأدوية بدون سبب ولا تقصير من الصيدلاني فإنه لا يجوز تضمينه قيمة هذه الأدوية، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 97723.
وأما ما يوجد من زيادة ماليه عند الجرد فقد تقدم الكلام عليه في الفتوى رقم: 50322.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1428(12/7494)
حكم المال المكتسب من بيع التأشيرات
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: أنا عندي تأشيرات عمال وتم بيعها، فهل المبلغ أتصدق به أم ماذا أفعل في المبلغ؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبيع التأشيرات بيع غير جائز، وقد تقدمت لنا بعض الفتاوى بهذا الخصوص راجع منها الفتوى رقم: 46427، والفتوى رقم: 101777.
والثمن الذي يأخذه البائع في هذا البيع فيه تفصيل فإن كان أخذه من العامل الذي استقدمه من بلده فيجب عليه رده إليه إن كان حياً، فإن مات فلورثته الشرعيين، فإن تعذر عليه الوصول إليه أو إلى ورثته بعد بذل الجهد والوسع في ذلك تصدق به عنه بصرفه في منافع المسلمين العامة، فإن عثر عليه أو على ورثته خيرهم بين إمضاء الصدقة والأجر لهم وردها إليهم ويكون الأجر للمتصدق، وإن كان أخذه من شركات وسماسرة ونحو ذلك ممن يبيعونها على العمال بأكثر مما اشتروها به، فلا يرد إليهم الثمن وإنما يصرف في وجوه الخير.
وقد سئُلت اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية عن هذه المسألة فأجابت بما يلي: بيع الفيز لا يجوز لأن في بيعها كذباً ومخالفة واحتيالاً على أنظمة الدولة وأكلاً للمال بالباطل ... وعلى ذلك فإن ثمن الفيز التي بعتها والنسب التي تأخذها من العمال كسب محرم يجب عليك التخلص منه وإبراء ذمتك منه، فما حصلت عليه من ثمن الفيز تنفقه في وجوه الخير والبر، وأما الأموال التي أخذتها من العمال أنفسهم نسبة في كل شهر فإنه يجب عليك ردها إليهم إن كانوا موجودين أو تيسر إيصالها إليهم في بلدهم وإن تعذر معرفتهم أو إيصالها إليهم فإنك تتصدق بها عنهم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1428(12/7495)
حكم ضمان من يقترض قرضا ربويا
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق يريد أخذ قرض في شكل أغنام عن طريق مزود من بنك ربوي، مع العلم بأنه سيستلم مباشرة الأغنام وأنا الضامن فهل أعتبر آثماً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان البنك سيدفع قيمة الأغنام إلى المزود نيابة عن العميل ثم يرجع البنك على العميل بقيمة هذه الأغنام بزيادة، فهذه المعاملة محرمة شرعاً لأنها في حقيقة الأمر قرض بفائدة ربوية، فلا يجوز لصديقك الدخول فيها ولا يجوز لك أنت أن تضمنه أو تكفله في هذه المعاملة لأن ذمة الضامن تعمر بهذا القرض الربوي وتشتغل به فهو في المؤاخذة فيه قضاء وديانة كالمضمون.
ومن مقتضى النصيحة أن تبادر إلى نصح صديقك بالامتناع عن المعاملة المذكورة لحرمتها وأن تذكره بالله تعالى عسى أن ينصرف عنها إلى غيرها مما أحل الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1428(12/7496)
الكفالة ليست عقد معاوضة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندى سائق خاص اتفق معي على أن أستخرج تأشيرة له لكي يحضر بها ابن خاله من الهند وبعد أن يحضر يقوم بفتح محل كهربائي ويعطيني من الأرباح النصف وقد عملت ما اتفقنا عليه، علما بأنني لم أدفع شيئا من قيمة التأشيرة ولا إيجار المحل فهل علي شيء، وبعد ذلك قمت أنا بالتقديم على طلب تأشيرات جديدة على نفس المحل وذلك لغرض بيعها، علما بأني سوف أسدد ديني وأذهب للحج أنا وزوجتي، فهل علي شيء؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك بيع التأشيرات ولا أن تشارك هذا العامل في شيء من الربح مقابل التأشيرة والكفالة وما حصلت وراء ذلك من مال فهو مال حرام وسحت خبيث يجب عليك رده لمن أخذ منه لسببين:
الأول: لأن هذه التأشيرات أو الكفالة ليست مالاً يصلح للبيع أو المشاركة فهي عبارة عن رخصة وإذن لك من الحكومة أن تستقدم عمالاً للعمل عندك فقط، والكفالة هي عقد تبرع وإرفاق وليست عقد معاوضة، فأخذ مبلغ من العامل مقابلها أكل للمال بالباطل، وقد قال الله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188} .
الثاني: ما في ذلك من مخالفة الشروط التي تمنح الدولة هذه التأشيرات على أساسها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(12/7497)
مسائل في مسؤولية الطبيب عما ينشأ من ضرر بجسم المريض
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل طبيبة بإحدى المستشفيات الحكومية (أطفال مبتسرين ومنذ فترة قريبة توفي أحد الأطفال بالحضانة الموجودة داخل قسم الأطفال بالمستشفى، وأشك أنه قد تم نقل دم بفصيلة مختلفة لذلك الطفل بخطأ مني، مع العلم بأنه يوجد بالقسم من يشرف على عملي وهم أكبر مني سنا وعلماً وخبرة ولو كان هناك إشراف طبي جيد لتم تدارك الأمر عن طريق التدخل بالعلاج الطبي المناسب، ولأنه لا يجوز قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق فإنني أرغب فى معرفة حكم الدين:
أولاً: في حالة ما إذا كان الخطأ خطئي (لأنني كما قلت من قبل أشك في ذلك) لأنه ربما كانت هناك أسباب أخرى للوفاة.
ثانيا: إذا كان هناك خطأ مشترك أكثره مني وبعضه من المشرفين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطبيب مسؤول عما يقع فيه من خطأ تجاه من يطببه، وهذه المسؤولية تعظم أو تقل بحسب نوع الخطأ ودرجته، وقد دلت الشريعة على اعتبار المسؤولية الطبية، ففي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من تطبب ولم يُعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن. رواه ابن ماجه والحاكم في المستدرك وصححه، ووافقه الذهبي.
وإذا كان الجهل هو الموجب للمسؤولية كما يدل عليه ظاهر الحديث، فإنه يستوي فيه الجاهل بالكلية وهو الشخص الذي لم يتعلم الطب، والجاهل بالجزئية وهو الشخص الذي علم الطب وبرع في فرع من فروعه، ولكن يجهل الفرع الذي عالج فيه فمثل هذا يضمن، والطبيب الجاهل يأثم بجنايته ويضمن ما يترتب عليها، أما الخطأ فهو ما ليس للإنسان فيه قصد، ومثاله: أن تزل يد الطبيب وينشأ عن ذلك ضرر بجسم المريض فهذا النوع لا يترتب عليه تأثيم فاعله، قال تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الأحزاب:5} ، ومن ثم لا تتعلق به مسؤولية الآخرة، لكن يلزم صاحبه بضمان ما نشأ عن خطئه. وأما إذا أتقن الطبيب عمله، وأعطى الصناعة حقها ثم حصل ضرر لا يد له فيه فإنه لا يضمن، وهذه مرتبة فوق التي قبلها، والفرق بينهما أنه في السابقة تسبب في الخطأ عن غير عمد، وهو طبيب ماهر، أما هذه فالضرر جاء بلا سبب منه أثناء التطبب.
قال الإمام ابن القيم: وإن كان الخاتن عارفا بالصناعة، وختن المولود في الزمن الذي يختن فيه مثله، وأعطى الصناعة حقها، لم يضمن سراية الجرح اتفاقاً. انظر تحفة المودود لابن القيم.
وأنت قد ذكرت أنك تشكين في أنه قد تم نقل دم بفصيلة مختلفة لذلك الطفل بخطأ منك، وأنت بهذا الشك ضامنة لما حصل وآثمة فيه، لأن شكك لا يخلو من أن يكون عن جهل بالتطبيب وموضوع فصائل الدم وغيرها ... أو يكون لعدم إعطاء الأمر عناية جيدة.
وعليه، تكون كفارة ما فعلته هي صيام شهرين متتابعين، وعلى عاقلتك دية هذا الطفل، وأما الأطباء الذين قلت إنهم يشرفون على عملك وأنهم أكبر منك سناً وعلماً وخبرة، فإنهم آثمون أيضاً بما حصل منهم من تقصير في مسؤوليتهم، ولكنهم ليسوا ضامنين لما حصل، لأنهم ليسوا مباشرين، والقاعدة أنه إذا اشترك المتسبب والمباشر قدم المباشر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(12/7498)
حكم تضمين الأجير
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد طلب مني صديق أن أقرضه مبلغا من المال لشراء معدة لتعبيد الطرق، وقال لي إن سعرها مناسب كثير وأغراني، وقال إنه سيعيد المال في أسرع وقت، ولكنني اقترحت عليه بأن يشتري الآلة لما له من خبرة في هذا المجال ونكون شريكين في المبلغ العائد من تشغيل هذه الآلة بشرط أن لا أتحمل عناء البحث أو توفير مستأجر لها فقط نكون شركاء من ناحيتي رأس المال ومن جهته التعب وإيجاد المستأجر وإصلاح الآلة عند العطل. مضي أكثر من 15 شهرا على هذا الاتفاق، ولم تعمل الآلة سوى أيام قلائل 4 أيام فقط، وبعدها تعطلت ولم يستطع بيعها حتى الآن، قام صديقي بدفع مبلغ من الدين وهو يماطل الآن وعندي شيك منه بالمبلغ كاملا كإثبات وتوثيق للمبلغ الذي اقترضه مني.
سؤالي هو:هل هذه الصفقة فيها شيء من الربا؟ هل صديقي مطالب بأن أبقى شريكه حتى بعد أن يقوم بتسديد المبلغ كاملا لي؟ وحتى بيع الآلة؟ وتقسيم الربح بيننا بالتساوي، وهل صديقي يأثم للمماطلة في تسديد المبلغ؟ وهل إلحاحي في طلب نقودي يعتبر فيه شيء من الإثم، مع العلم أنه ميسور الحال وعنده آلات أخرى ولكنه يقوم بتسديد أولويات أخرى من أمور الدنيا ومصاريف الحياة، ويعتبرها ذات أهمية ويؤخر سداد الدين المستحق لي.
للعلم فإن نيتي كانت في البداية إقراضه المبلغ من غير شراكة على أن يسدده خلال أقل من شهر، ولكن قمت بتبديل النية لتكون شراكة وأستفيد من بقاء المبلغ في حوزته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب هذا السؤال في نقطتين:
النقطة الأولى: أفاد السائل في سؤاله أنه دفع إلى صديق ثمن الآلة ليشتريها ويؤجرها، ويقوم بشأنها مقابل نصف العائد منها، فالآلة إذاً ملك للسائل، وصديقه مجرد شريك له في الغلة العائدة من هذه الآلة، فالمعاملة على هذا نوع من الإجارة، فالسائل استأجر صديقه على العمل في الآلة مقابل نسبة شائعة من الناتج وهي هنا النصف.
فهل هذا النوع من الإجارة جائز أم لا؟ رجََحنا في الفتوى رقم: 29854. جواز هذا النوع من الإجارة.
النقطة الثانية: إذا تقرر أن الآلة ملك للسائل وصديقه مجرد أجير عنده بالمعنى الشرعي، فإن الأجير لا يضمن ما تحت يده إلا إذ اتعدى أو فرط.
وعليه، فلا يحق للسائل تضمين صديقه ثمن هذه الآلة، فغلتها لهما وغرمها عليه وحده لأنه مالكها.
وبهذا تعلم أنه لا دين لك عند الرجل، وأن ما أخدته منه على اعتبار أنه دين يجب إرجاعه إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1428(12/7499)
أخذ الأجرة مقابل فتح الاعتماد المستندي للغير
[السُّؤَالُ]
ـ[فما حكم المعاملة التالية: اتفق شخص على استيراد سلعة من بلد ما وتصديرها إلى بلد آخر، وهذا الشخص لا يمتلك شركة فاتفق مع شركة أن يفتح المستورد اعتماداً مستندياً باسم هذه الشركة على أن يحصل على أوراق تفيد بأن المعاملة صورية بغرض فتح الاعتماد وذلك مقابل مبلغ من المال على أن يشتري هو البضاعة من التاجر الأصلى ويدفع له نقداً، أما الاعتماد فيفتح بقيمة أكبر من ذلك باسم الشركة الوسيطة، فهل يجوز ذلك ومن ناحية أخرى هل يجب أن يتحرى المصدر عن الطريقة التي يفتح بها المستورد الاعتماد من حيث إنها قد تكون ربوية، أم أنها مسألة تخص المستورد ولا يسأل عن ماله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فلا يجوز فتح الاعتماد المستندي بالطريقة المذكورة إذا كانت الشركة التي سوف تقوم بفتحه تطلب مبلغاً من المال مقابل قيامها بفتح الاعتماد، لأن دور هذه الشركة في هذه المعاملة لا يخرج عن كونها ضامناً للمستورد، ولا يجوز أخذ أجر على الضمان.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاعتماد المستندي هو عبارة عن التسهيل المالي الذي تمنحه المصارف لعملائها المستوردين حيث يمكنهم من فتح اعتمادات لحساب المصدرين في الخارج، ولا يجوز فتح الاعتماد المستندي بالطريقة المذكورة إذا كانت الشركة التي سوف تقوم بفتحه تطلب مبلغاً من المال مقابل قيامها بفتح الاعتماد، لأن دور هذه الشركة في هذه المعاملة لا يخرج عن كونها ضامناً للمستورد، فإن المستورد إذا لم يدفع ثمن البضاعة للمصدر لتحملت هذه الشركة هذا الثمن لأن الاعتماد باسمها، وإذا كانت ضامنة للمستورد فلا يجوز دفع مال مقابل الضمان، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 57099.
وقد يشتد المنع إذا كان هذا الاعتماد عن طريق بنك ربوي وهو غير مغطى كلياً أو جزئياً بحيث يكون البنك مقرضاً للشركة بفائدة ربوية، فيكون في طلب فتح الاعتماد من هذه الشركة إعانة على التعامل الربوي، وقد قال الله تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1428(12/7500)
لا يصح تضمين العامل مالم يفرط أو يهمل
[السُّؤَالُ]
ـ[تقبل الله جهودكم وجزاكم الله خيراً علي إجابتكم للأسئلة السابقة، وأرجو أن يتسع صدركم لهذا السؤال: أنا صيدلي أعمل بمجموعة صيدليات كبرى بالمملكة العربية السعودية، والصيدلية التي أعمل بها يوجد معي بها اثنان من الزملاء الصيادلة وللعلم هذه الصيدلية كبيرة جداً ومساحتها قرابة 900 متر، ومع ذلك يوجد بهذه الصيدلية كم كبير من المستحضرات والأدوية المعروضة والغالية الثمن والتي من السهل جداً سرقتها حيث إن الشركة لم توفر لنا نظاما يؤمن حمايتنا من سرقات بعض الزبائن والتي نكتشفها بصفة مستمرة، وقد طالبنا شركتنا بتوفير عدد عمال أكثر وتوفير حراس أمن وعمل نظام داخل الصيدلية يضمن حمايتنا من السرقات ولكن ما ثم أحد يجيب لنا وعندما قمنا بجرد الصيدلية كان هناك عجز في العهدة قيمته 84 ألف ريال وبعد التفاوض مع قسم الحسابات تم تخفيض المبلغ إلى 18 ألف ريال مقسمة على 3 صيادلة (5000 على كل صيدلي) و2 محاسبين (1500 ريال على كل محاسب) ، علما بأنه كما هو ظاهر لسيادتكم ليست لنا يد في هذا العجز ورغم ذلك تم استقطاع 5000 ريال من كل صيدلي، والسؤال: هل يحق لنا أن نسترد أموالنا هذه من الصيدلية وبطريقه لا تظهر أننا أخذنا شيئا من عهدة الصيدلية، فأفيدونا أفادكم الله وأطعمنا وإياكم من الحلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح تضمين العامل في الصيدلية ولا المحاسب فيها ما سرق منها إذا كان قد قام بواجبه ولم يثبت عليه تفريط ولا إهمال، لا سيما إذا كان قد أعلم المالك بأن الصيدلية تحتاج إلى زيادة عدد العاملين فيها لكبرها وسعتها وتمكن اللصوص من السرقة، وراجع لتفصيل ذلك الفتوى رقم: 15033، والفتوى رقم: 59017.
وإذا ضمن واقتطع من أجرته فله أن يرفع أمره للقضاء لينصفه من المالك، فإن لم يكن ثمة قضاء شرعي فلا حرج حينها في أخذ حقه بدون زيادة على الراجح من أقوال أهل العلم وتسمى مسألة الظفر، وقد بينا تفاصيلها في الفتوى رقم: 28871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1428(12/7501)
يلزم الشريك المشتري الوفاء بما التزمه من حقوقك
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بالسعودية وكما هو معروف يطبق نظام الكفالة قام أحد أصحاب الصيدلية التي أعمل بها ببيعها لشريكه وعندما طالبتهم بمستحقاتي تعهد الشريك المشتري بأن يدفعها لي وساعتها لم يشترط أن أعمل معه، وعندما قلت له إنني لا أرغب بالعمل معه ولن أنقل كفالتي عليه حيث إن كفالتي على الشريك البائع، قال إذاً فلن أدفع لك أي مستحقات، علما بأن هذه المستحقات هي عن فترة عمل سابقة معهما معا وتعلل بأن أسعار التأشيرات في السوق السوداء ارتفعت وبالتالي أعتبر أن هذه المستحقات هو ثمن التأشيرة وخيرني أو يمكن أن تقول ساومني إذا رغبت في مستحقاتك إذاً فلتخرج نهائيا من السعودية وبالتالي سأفقد عملي والآن فما هو موقف المستحقات هل لا زالت من حقي، أم أنها سقطت بمساومته لي أو باعتبارها ثمن التأشيرة علما بأن بيع التأشيرات ممنوع قانونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تستحق حقوقاً مالية بموجب العقد السابق على فض الشركة فإن هذه الحقوق لا تسقط وهي على الشريكين معاً، وما دام قد تكفل بها كلها أحدهما فيلزمه الوفاء بما التزمه، فإن أبى دفعها فلك مقاضاته أو مقاضاتهما ولا تبرأ ذمتهما إلا بدفعها لك.
وأما ما يتعلق بالتأشيرة فالذي فهمناه من سؤالك أنها على الشريك البائع ولا علاقة فيها للشريك المشتري، وإذ كان الأمر كذلك فالواجب عليه دفع الحقوق كاملة إليك حسب التزامه، ولا حق للشريك المشتري في إرغامك على العمل معه لأن كفالتك ليست عليه، ولكن لو خشيت أن يسعى في إلحاق ضرر بك فلا حرج في أن تتفق معه على حل وسط ولو بالتنازل عن حقوقك أو بعضها، والإثم في ذلك عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1428(12/7502)
ضمان وتحمل العيب على البائع أم على المشتري
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت قماشا باهظ الثمن وبعد أن أصبح جاهزا وارتديته ومن أول مرة اتضح أنه ليس متينا وبدأ يتقطع، المهم أخي الكريم أن التاجر يقول إن السبب من الخياطة وفي الأخير وعدني بأن يعطيني قماشا آخر فهل يعتبر دلك غرامة وهل آخذه من عنده مقابل ثمن رمزي.
وجازاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان القماش قد تمزق بسبب منك كأن يكون ضيقا عليك وقد لبسته مع ضيقه فتمزق لذلك، فلا حق لك في الرجوع على البائع أو على الخياط بقيمة القماش أو الخياطة لعدم ما يوجب الضمان عليهما.
وإن لم يكن قد تمزق بسبب منك ففي ذلك تفصيل يعتمد على قول أهل الخبرة، فإن قالوا بأنه تمزق لعيب في الخياطة فلك أن ترجعي على الخياط بقيمة القماش وقيمة الخياطة لأنه هو الذي تسبب في إتلاف الثوب فوجب عليه ضمانه.
وقد نص أهل العلم على نظير ذلك، فجاء في مجمع الضمانات من كتب الحنفية: في الرجل يدفع إلى رجل ورقاً ليكتب له مصحفاً وينقطه ويعجمه ويعشره بكذا من الأجر، فأخطأ في بعض النقط والعواشر أنه إن فعل ذلك في كل ورقة أنه يضمن قيمة الورق. انتهى.
وجاء في روض الطالب من كتب الشافعية: لو استأجره للنسخ فغلط في حال الكتابة فإنه لا أجرة له ويغرم أرش الورق انتهى.
وإن قال أهل الخبرة بأن القماش تمزق بالاستعمال أو بالخياطة لعيب في صناعته ففي ضمان البائع قيمة ذلك القماش خلاف بين الفقهاء مبني على الخلاف في ضمان العيب الذي لا يُعلم إلا باستعمال يؤدي إلى تغير في ذات المبيع بحيث لا ينتفع به بعد هذا التغير، وقد اختلف أهل العلم في ذلك على قولين:
القول الأول: أنه من ضمان البائع أي أن البائع ملزم بتحمل قيمة القماش. وهذا هو مذهب الحنفية والحنابلة والشافعية وقول عند المالكية وهو رواية المدنيين عن مالك، وعللوا ذلك بورود البيع في هذه الحالة على غير متقوم لتبين عدم وجود قيمة للمبيع لعدم إمكان الانتفاع به.
القول الثاني: أنه من ضمان المشتري. وإلى هذا ذهب المالكية في المذهب فقالوا: لا يردّ البيع بظهور عيب باطن لا يطّلع عليه إلاّ بتغيّر في ذاته، وعللوا ذلك بأن هذا عيب حدث عند المشتري فكان عليه ضمانه.
والراجح هو القول الأول لوجهين:
الأول: أن العيب الحادث في المبيع عند المشتري سببه الاستعمال الذي اشتري لأجله، فالمشتري معذور فيه غير ضامن له.
الثاني: أن المشتري إنما رضي بالمبيع سليماً، فإذا تبين أنه معيب فلا يكون داخلاً في قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ. {النساء: 29} ، ولا يكون من ضمان المشتري، وإلى هذا ذهب الأبهري من المالكية فيما نقله عنه القرافي في الذخيرة فقال: يرد لدخول المتبايعين على السلامة أي على سلامة المبيع.
ومما يؤكد هذا الترجيح أن المالكية أنفسهم مضطربون فيما ذهبوا إليه كما أشار إليه المواق في التاج والإكليل فقال: انظر اضطراب الشيوخ ... فيمن اشترت رمادا وقال لها البائع هو جيد، فقالت بيضت به الغزل فلم يخرج جيدا، فإن بقي منه شيء غزل، فإن خرج جيدا فلا شيء على البائع وإلا رجعت عليه بالثمن. البرزلي: هذا مثل ما تقدم في الزريعة إذا زعم المشتري أنها لا تنبت يؤخذ بعضها ويختبر. وانظر إذا شق الجبن اليابس فوجده فاسدا، أفتى ابن لبابة بأنه يرده لأنه مما عملته الأيدي وليس كالخشبة والفص وما أشبه ذلك..
وإذا تقرر هذا، فلك أن ترجعي على التاجر أو على المصنع بقيمة القماش وكذلك الخياطة، لأن تحملك لقيمة القماش أو الخياطة مع عدم قدرتك على عدم الانتفاع بالثوب ضرر لم تتسببي فيه، فيلزم البائع أو المصنع ضمان هذا الضرر وتحمله.
وراجعي الفتوى رقم: 49255، والفتوى رقم: 3582، والفتوى رقم: 6745.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1428(12/7503)
حكم من حفر في ملكه حفرة فوقع فيها شخص وهلك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شخص وقع في حفرة ومات وذلك في منتزه خاص لملك فلان، والحفرة في غير طريق مرور؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن القواعد الشرعية التي قررها الفقهاء قولهم (الجواز الشرعي ينافي الضمان) ذكر هذه القاعدة صاحب كتاب (درر الحكام) وهو حنفي المذهب، ثم قال بعدها: ويفهم منها أنه لو فعل شخص ما أجيز له فعله شرعاً ونشأ عن فعله هذا ضرر ما فلا يكون ضامناً للخسارة الناشئة عن ذلك، مثال: لو حفر إنسان في ملكه بئراً فوقع فيه حيوان رجل وهلك لا يضمن حافر البئر شيئاً، لأن تصرف المرء بملكه غير مقيد بشرط السلامة، أما لو تلف الحيوان في بئر حفره شخص في الطريق العام بدون إذن ولي الأمر، أو في ملك الغير، أو في الملك المشترك فيلزم حينئذ ضمانه لأنه لا يحق لأحد أن يحفر بئراً في أرض بدون مسوغ شرعي. انتهى.
وعليه؛ فإن كان صاحب هذا المنتزه لم يحفر هذه الحفرة لضرر أحد واتخذ فيها إجراءات السلامة فلا يلزمه الضمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1428(12/7504)
صاحب السيارة السائرة يضمن الضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني الأعزاء.. في يوم كنت ماشيا بسيارتي في طريق ضيق.. فعن طريق الخطأ مرآتي ارتطمت بسيارة واقفة ارتطامة تكاد تكون بسيطة في رأيي.. ولقد نظرت إلى السيارة الأخرى وكأني وجدت حكة صغيرة لا أدري هل هي بسببي أو حكة قديمة أو تهيأ لي أنها حكة.. فما الواجب علي لأبرئ ذمتي من هذا العمل.. لأني أشعر الآن بالخوف بأن يكون هناك شيء في ذمتي أو أن يبتليني ربي في سيارتي؟ وجزاكم الله كل خير..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من كان سائراً بسيارته فاصدمت بسيارة واقفة وقوفاً صحيحاً؛ كأن تكون واقفة في ملك صاحبها، أو في طريق واسع ونحو ذلك فالضمان على صاحب السيارة السائرة لأنه هو المتعدي، كما جاء في الإنصاف: فعلى السائر ودابته السائرة ضمان الواقف. انتهى.
وعليه، فكان الواجب عليك أن تقف وتعاين الصدمة وما نتج عنها، فإن كنت أصبت السيارة الواقفة بتلف يؤثر ويحتاج إلى إصلاح فكان الواجب عليك أن تتصل بصاحب السيارة وتخبره وتنظر هل يعفو عنك أم يطالبك بالإصلاح، وإن كانت هذه الصدمة لا تؤثر وليس لها قيمة فلا شيء عليك، وعلى كل حال فإذا أمكن الآن أن تتصل بصاحب السيارة وتنظر في الأمر فهذا هو المطلوب، وإن كان ذلك لا يمكن ولست متأكداً من تسببك في إتلاف معتبر بمال الغير فلا حرج عليك، لأن الأصل براءة ذمتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1428(12/7505)
سقطت زجاجة العطر منها فانكسرت فهل تضمنها
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت مرة لمحل عطور وتناولت علبة ولما فتحتها طلعت فارغة من العطر وأقفلتها وأثناء ذلك سقطت من يدي وانكسرت مكحلتها -يعني العودة التي نغمسها في العطر- وأنا استحييت أن أخبر صاحب المحل لأنه كان معي زوجي وأولادي، فماذا علي الآن؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قضية الأخت السائلة لها حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون صاحب المحل أذن لها في فتح علبة العطر، إما إذناً لفظياً أو عرفياً، ففي هذه الحالة إذا فتحت العلبة فانكسر منها شيء بدون تعد منها فلا ضمان عليها ولا إثم، لأن إذن المالك مسقط للضمان والإثم.
والحالة الثانية: أن يكون صاحب المحل منعها من فتح العلبة لفظياً كأن قال لها لا تفتحي العلبة أو كتب عبارة على رف العطور ممنوع اللمس أو الفتح ونحو ذلك مما يوجد في المحلات أو كان المنع عرفياً كأن يكون من المعروف أنه لا يحق للزبون فتح هذه العلبة، ففي هذه الحالة تعتبر السائلة متعدية وعليها ضمان ما أتلفت لصاحب المحل فتخبره أو ترسل من يخبره، فإن سمح بحقه فالحمد لله، وإلا دفعت إليه قيمة ما أتلفت من ماله إذا كانت له قيمة معتبرة شرعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1428(12/7506)
من تكفل بالضمان فهو ضامن
[السُّؤَالُ]
ـ[أحضرني صاحب الشركة في بلدي الأم للإمارات للعمل كموظف في شركة ناشئة حيث تشارك مع مواطن من دبي ليمول له فتح شركة تعمل في نفس المجال، هو بخبرته وجهده والمواطن الكفيل بماله.
اتفقت مع مديري وهو المدير العام للشركة (بصفته شريك) على تفاصيل الراتب وأنا في الأردن وجئت بموجب تأشيرة عمل على اسم الشركة مباشرة.
كان الاتفاق على أن يكون راتب السنة الأولى مجموعه 6500 درهم إماراتي (الراتب الأساسي منها 5000) يبدأ في 3-4-2004 على أن يصبح بعد عام الراتب الإجمالي 8000 درهم (الراتب الأساسي يصبح 6000) .
بعد أكثر من شهر من العمل تم تجهيز عقد عمل محدد ل 3 سنوات من قبل الكفيل المواطن براتب أساسي 2500 درهم والباقي إضافات سكن وتنقلات وأخرى ليكون المجموع 6500 درهم حسب المتفق لكن باختلاف في الراتب الأساسي وهو مهم عند صرف مستحقات نهاية الخدمة. ولم يتم ذكر أي شيء في العقد عن تغيير الراتب بعد عام ليصبح 8000 درهم.
رفضت التوقيع على العقد ولكن أكد المدير بعد مقابلة الكفيل أنه اتفق مع الكفيل على الالتزام بالاتفاق الأساسي وقد وافق الكفيل لكنه محرج أن يطلب منه تعديل العقد وأكد لي أنه ضامن لحقي شخصياً وأن الكفيل من عائلة كبيرة معروف عنهم الأمانة فلم يكن أمامي إلا الموافقة كون فيزة العمل باسم الشركة وشجعني على الاستمرار ضمانه لحقي وهو شريك.
مع نهاية العام الأول واستحقاقي لتعديل الراتب ليصبح 8000 درهم ذكرت مديري بذلك وقام بإرسال نسخة عن الاتفاق للكفيل لكن الراتب لم يتغير. طلبت من المدير التدخل وحسم الموضوع بصفته شريكا لكن تفاجأت أن شراكته غير مكتوبة مع الكفيل وهو لم يمانع أو يعترض على مماطلة الكفيل في توثيق الشراكة (ذكر أن الكفيل لا ينكر شراكته) . وعدني المدير بتصويب الأمور والتزم لي بشكل شخصي بكافة حقوقي وأنه ضامن لها ولكنه بحاجة لبعض الوقت ليذكر الكفيل بالاتفاق. خلال العام الثاني وفي أثناء اجتماعاته الشخصية (اجتماع كل شهر تقريباً) مع الكفيل لأمور تتعلق بسير العمل كان موضوع راتبي من ضمن الأمور التي يتم التطرق لها وفي كل مره يعدني خيراً. فطلبت منه تنفيذ الالتزام الشخصي كونه لا يوجد معه أي إثبات يؤكد التزام الكفيل بتفاصيل الاتفاق الأساسي بينما هو وقع لي على رسالة تعيين مرؤسه من الشركة وبتاريخ 6-6-2005 أي بعد تاريخ عقد العمل.
ألح على الكفيل مراراً بخصوص تعديل راتبي وأخبره أنني أملك فرص عمل برواتب عالية لدرجة دفعت الكفيل لأن يطلب أن أقدم استقالتي -رغم أنه لا يعرفني شخصياً خلال سنتين كاملتين -. وليرغمني على الاستقالة أوقف راتبي لمدة 3 شهور في صيف 2006 والمدير العام لم يستطع فعل شيء لي أكثر من كتابة رسائل للكفيل ومقابلته مرة واحدة ولم يكن فيها حسم للأمور بل تسويف ورجاء رغم أنني طلبت منه تقديم استقالته وفض الشراكة إن كان مقتنعا أن الكفيل غير ملتزم بما يتفق عليه لكنه لم يكن على استعداد لفض شراكة لم يوثقها بعد.
بحثت عن عمل منذ أن علمت أن وضعي أصبح أخيراً وبعد انتظار أسبوعين وبعد فقدي الأمل بأن يعود المدير ويتولى زمام الأمور وحتى لا أفقد الوظيفة الأخرى قدمت استقالتي حيث تعامل الكفيل مع الاستقالة حسب قانون العمل كما ذكرت أعلاه وكانت مجمل خسارتي كالتالي:
- فروق الرواتب 20 شهراً = 30,000 درهم اماراتي.
- مكافأة نهاية الخدمة: 16000 درهم.
- بدل الإجازة السنوية (نتيجة فرق الراتب) : 2500 درهم
- تم تغريمي مقابل استقالتي 45 يوماً من الراتب الأساسي (حسب عقد العمل) شهر ونصف = 3750 درهم.
مجموع ما وقع علي من خسارة ماديه: = 30,000 + 16000 + 2500 + 3750 = 52,250 درهم.
المدير وقع لي على رسالة تعيين أصليه ولكن لا تفيدني أمام القضاء كونه ليس مخولا بالتوقيع، كما أنني لا أستطيع مطالبة الشركة بموجب هذه الرسالة كونه ليس مخولا بالتوقيع.
بما أنه تعهد سابقأً بأنه يضمن حقي وهو كفيل بأدائه. فهل هو ضامن لحقي في حال فقط حصل عليه من الكفيل؟ وهل هو معفي من أداء هذا الحق إن تنكر له الكفيل؟ علماً بأنه صاحب شركة يعمل بها 20 موظف في الأردن وجاء كتاجر للإمارات ودخل في مشروع يحتمل الربح والخسارة، بينما أحضرني كموظف براتب ولست شريكاً له سواءً في الربح أو الخسارة.
أرجو من سيادتكم التكرم وإبداء رأيكم في ما ذكرت كوني لا أنوي التحرك قضائياً والمطالبة بأي حق من الشركة وحتى من المدير، ولكني سأرتضي برأي الشرع فيما يكون لي من حق شخصي بيني وبين المدير - بدون النظر إلى تعهده السابق بضمان حقي- لأطالبه به من خلال وسطاء الخير والإصلاح ولا أريد أن أطالب بما ليس هو حق لي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا المدير قد ضمن لك أخذ حقوقك من الكفيل وفق ما وقع عليه الاتفاق بينك وبينه، وبناء على هذا الضمان قبلت الاستمرار في العمل فهو ضامن شرعا لحقوقك، سواء في ذلك أأنكر الكفيل أم أقر، كما دل عليه قوله تعالى: قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ {يوسف:72} ، قال ابن عباس: الزعيم: الكفيل. ووجه الدلالة من الآية أن منادي يوسف ضمن لمن يأتي بصواع الملك أن يعطى حمل بعير، وهذا وإن كان شرعا لمن قبلنا فهو شرع لنا أيضا، لأن شرعنا أقره ولم ينسخه، وإلى هذا ذهب أكثر العلماء، قال في التاج والإكليل في شرح مختصر خليل: قال مالك: من قال لرجل: بايع فلانا أو داينه فما بايعته به من شيء أو داينته به فأنا ضامن لزمه ذلك.
وقال ابن قدامة في المقنع: فلو قال: ضمنت لك ما على فلان أو ما تداينه به صح، أي صح الضمان ولزم الضامن.
ونصت مجلة الأحكام على هذا: "فجاء في المادة 1094: لو ضمن ما يلزم التاجر أو ما يبقى عليه للتجار أو ما يقبض من الأعيان المضمونة، صح الضمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(12/7507)
كفالة ابن الزنا ومجهول الأبوين في المنظور الشرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخنا الأفاضل نرجو التكرم بالإجابة على هذا السؤال لأهمية في عملنا الخيري: هل كفالة ابن الزنا ومجهولي الأبوين ككفالة اليتيم كحد سواء في الأجر، وما هو الدليل الشرعي الذي يسند هذا الرأي، تحت أي مسمى يتم تسويق هذا النوع من الكفالات للمحسنين لكفالتهم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاليتيم -في المصطلح الشرعي- هو من مات عنه أبوه وهو جنين في بطن أمه، أو هو صغير لم يبلغ الحلم، ويستمر وصفه باليتم حتى يبلغ، ومن هذا التعريف يتبين أن ابن الزنا ومجهول الأبوين ليسا يتيمين بالمفهوم الشرعي، لأن الأول ليس له أب شرعي أصلاً حتى يوصف باليتم بعد موته. والثاني لا يعلم حال أبوته هل هي أبوة شرعية أم لا؟
ولكن المعنى الذي جعل الشارع الحكيم يعطي لليتيم ذلك القدر من العناية هو ضعفه واحتياجه إلى الرعاية وإلى المواساة بعد فقدان عائله، ولقد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أحد الضعيفين في حديثه الشريف، حيث قال: اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة. رواه ابن ماجه وأحمد.
وعليه، فابن الزنا إن لم يكن يتيماً في الحقيقة، فإنه يتيم حكماً، وكافله يعتبر مثل كافل اليتيم، وإذا تقرر ذلك في ابن الزنا فاللقيط أحرى منه به لأنه فاقد الأبوين، وابن الزنا فاقد أحدهما فقط، وقد أوجب أهل العلم كفالة اللقيط على سبيل الكفاية، ولك أن تراجع في هذا الفتوى رقم: 7818.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1428(12/7508)
حكم مطالبة الكفيل بالأداء مع قدرة المدين
[السُّؤَالُ]
ـ[اشترى صديق لي يعمل في إدارة الجوازات سيارة بالأقساط من أحد المعارض التي تبيع بالأقساط واشترطوا عليه كفيل غرم فقمت بكفالته, وبعد فترة توقف صديقي عن السداد فقام صاحب المعرض بالشكوى علي فقام الشيخ الذي لديه القضيه بإصدار صك يلزمني بدفع ما استحق من المبلغ, وعندما قلت له لماذا لا يقوم صاحب المعرض بالشكوى على صديقي بما أنه لازال على رأس العمل وإذا لم يسدده أو تغيب عن الأنظار فأنا مستعد لدفع ما على مكفولي إلا أن الشيخ قال لي بأن الشاكي مخير (أي له الحرية في أن يختار من يشتكي سواء المكفول أو الكفيل) ، فهل يوجد في الإسلام ما يثبت أن الشاكي مخير، ومتى يحق للمدعي أن يشتكي على الكفيل (باعتبار أن المكفول موجود وغير متغيب عن الأنظار) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم مطالبة الكفيل بأداء الدين مع عدم تعذر المكفول عنه -المدين- وقد لخصت الموسوعة الفقهية الكويتية هذا الخلاف، فجاء فيها: ذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن الدائن المكفول له يستطيع أن يطالب الكفيل بأداء الدين عند حلوله دون أن يتقيد بتعذر مطالبة الأصيل المكفول عنه، كما يستطيع أن يطالب الأصيل به عند حلول أجله عليه، لأن ذمة كل منهما مشغولة بالدين جميعه، فكان له مطالبة أيهما شاء اجتماعاً وانفراداً، أما المالكية فعندهم رواية -جرى عليها العمل في بعض البلاد- وهو الأظهر، تقرر نفس الحكم. وعندهم رواية أخرى لا تجيز للدائن المكفول له أن يطالب الكفيل بالدين المكفول به إذا كان الدين حالا والأصيل حاضر موسر ليس ذا لدد في الخصومة ولا مماطلا في الوفاء، أو كان الأصيل غائباً وله مال حاضر ظاهر يمكن الاستيفاء منه بدون بعد ومشقة، وهذا إذا لم يكن قد اشترط في عقد الكفالة أن يأخذ الحق من أيهما شاء، وذلك أن الدين إنما وجب ابتداء على الأصيل، والكفالة وثيقة فلا يستوفى الحق منها إلا عند تعذر استيفائه من الأصيل، كالرهن.
وهذه الرواية الأخيرة عن المالكية هي التي عليها المذهب، قال في التاج والإكليل عند شرح قول خليل المالكي في مختصره: ولا يطالب إن حضر الغريم موسراً، من المدونة قال مالك: من تحمل برجل أو بما عليه فليس للذي له الحق إذا كان الغريم حاضراً مليا أن يأخذ من الكفيل شيئاً إلا ما عجز عنه الغريم. ابن يونس: قال بعض أصحابنا: لأن الحميل إنما أخذ توثقة فأشبه الرهن، فلما كان لا سبيل إلى الرهن إلا عند عدم المطلوب فكذلك لا سبيل على الكفيل إلا عند عدم المطلوب.
ومن المقرر شرعاً أن حكم القاضي يرفع الخلاف في المسائل التي اختلف فيها العلماء، وعلى ذلك فما قضى به هذا القاضي صحيح، ولك أن ترجع على صديقك بما أديت عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1428(12/7509)
حكم من فتح لشخص شركة باسمه بعد أن أفلست شركته
[السُّؤَالُ]
ـ[أقيم في أمريكا أحببت أن أساعد شخصا عزيزا كان يمر بظروف قاسية بعد إفلاس شركته وتراكم الديون عليه فوافقت له أن يفتح شركة جديدة باسمي وحصل على قرض من البنك باسمي بالإضافة إلى استخدام اسمي للحصول على حسابات مع شركات الكريتد كارد حتى يستطيع محاسبة زبانئه خلالها. سؤالي هو هل هذا جائز؟ هل يجوز لي أخذ نسبة من الأرباح أو مبلغا من المال مقابل السماح له باستخدام اسمي لعمله مع العلم أن كل تبعات هذه الشركة تقع علي قانونيا وبالخصوص أنه قد حصل على قرض من البنك باسمي وللأسف الشديد فقد تورطت من جراء ذلك في معاملات ربوية لعدم قدرته على تسديد المبلغ بالكامل فهو يقوم بدفع أقساط البنك شهريا على حسب مقدرته. ملاحظة, أنا قد طلبت منه إغلاق هذه الشركة ولكنه حذرني من أنني سأقع تحت طائلة المسؤلية القانونية لأن هناك مستحقات مالية للناس يجب تسديدها أولا. أشيروا علي جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على مساعدة هذا الشخص، ولكن ينبغي أن تعلمي أن المساعدة يجب أن تكون بطريقة شرعية، وإلا فهي غير جائزة. ففي سماحك له أن يعمل باسمك معاونة له على الربا، ولا يخفى عليك أن ذلك ذنب من أعظم الذنوب، كما في الموافقة أيضا تغرير بالناس وغش لهم فهم يقدمون على التعامل مع الشركة التي أنشأها وهم يظنون أنهم يتعاملون معك بينما هم في الحقيقة يتعاملون مع شخص آخر، ربما لو علموا به وبوضعه المالي لما تعاملوا معه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من غش فليس مني. رواه مسلم.
ولا يجوز لك أن تأخذي منه نسبة مقابل عمله باسمك؛ لأن سماحك له بالعمل باسمك ينزل منزلة الضمان، ولا يجوز أخذ مقابل مالي على ذلك، وراجعي الفتوى رقم: 19553، والفتوى رقم: 57099.
والذي ننصحك به أن تمنعيه من إجراء عقود جديدة باسم هذه الشركة بعدم التوقيع على تلك العقود أو بإلغاء التوكيل الممنوح منك له، وحثه على المسارعة بقضاء التزاماته وديونه حتى لا تتحملي تبعات ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1428(12/7510)
إذا مات الضامن فهل يؤخذ الدين من تركته
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص توفي منذ أسبوع وتبين أن هذا الشخص كان قد ضمن صديقا له عند أحد الأقرباء باقتراض مبلغ منذ سنة وقام المقترض بتسديد المبلغ بالأقساط ومن ثم توقف وتخلف عن السداد وتوفي الضامن، السؤال: هل على المتوفى (الضامن) إثم ويعتبر دينا بذمته في حالة عدم سداد المبلغ من قبل المقترض، وهل على أولاده سداد المبلغ في حالة اعتباره دينا عليه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن موت الكفيل أو الضمين لا يبطل الكفالة لأن الوفاء بحكم الكفالة ممكن بعد الموت، فإذا مات الكفيل قبل حلول أجل الدين فإنه يحل ويؤخذ من تركته، ويلزم الورثة تسديد الدين المكفول كسائر الديون الأخرى، ثم يعود ورثته على المكفول عنه عند حلول الأجل، وإذا مات عند حلول الأجل أو بعده والمكفول عنه حاضر مليء ليس ذا لدد في الخصومة فلا يؤخذ من تركته، كما لو كان حياً ما لم يكن المكفول له اشترط في عقد الكفالة مطالبة أيهما شاء، جاء في منح الجليل شرح مختصر خليل في مسألة تعجيل الدين المؤجل في الكفالة: وعجل الدين المؤجل المضمون (بموت الضامن) له أو فلسه قبل حلول أجله من تركة الضامن ولو حضر المضمون مليا (ورجع وارثة) أي الضامن على المضمون (بعد) تمام (أجله) أي الدين فلو مات الضامن عند حلول أجله أو بعده والمضمون حاضر مليء فلا يؤخذ من تركة الضامن شيء من الدين كالحي. انتهى.
وينبغي أن يعلم أن الكفالة معناها شغل ذمة الكفيل بدين مكفوله، ولا تبرأ ذمته إلا إذا انتهت الكفالة وتنتهي الكفالة في حالتين:
الأولى: انتهاء االكفالة تبعاً لانتهاء التزام الأصيل وذلك بانقضاء الدين المكفول به بأي طريق من طرق انقضاء الدين كالأداء والإبراء والمقاصة وغير ذلك.
الحالة الثانية: انتهاء الكفالة بصفة أصلية: وذلك يحصل أما بمصالحة الكفيل الدائن (الإبراء) ، وأما بإلغاء عقد الكفالة في حال بطل عقد الكفالة، أو فسخ، أو استعمل المكفول له حق الخيار، أو تحقق شرط البراءة منها، أو انقضت مدة الكفالة المؤقتة، أو نحو ذلك، فإن الكفالة تنتهي بالنسبة للكفيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1428(12/7511)
الزعيم غارم
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي أبي من 14 سنة وأنا وأختي 3 بنات كان لي أنا وأمي وأختي الوسطى معاشا وكان لي مبلغ في البنك أنا وأختي الوسطى بحكم من المجلس الشرعي ورثا عن أبي بعد 10 سنوات كانت أختي الكبيرة في ضائقة مالية فقمت بسحب كل المبلغ مع فوائده وأخذت أختي الوسطى هي الأخرى لتسحب مالها أيضا، مع العلم بأن أختي الكبرى لم تقصر معنا في شيء وعند زواجي بعد 3 سنوات اشترت لي بعض مستلزمات الأثاث لي وإقامة الفرح في نادي، وقالت لي ده بالمبلغ الخاص لي عندها وهي حتى الآن لم تسدد المبلغ الخاص بأختي الوسطى، مع العلم بأن أختي الكبيرة لها مبلغ عند أمي كانت اشترت بها أشياء في المنزل وإقامة بعض التجديدات فيه، سؤالي: هل أنا أخطأت في حق أختي الوسطى، وهل ده يعتبر ذنبا على أمي وأختي الكبيرة وأنا أيضا ويجب علي أن أعطي أختي جزءا من المال الذي يعتبر بدل للفوائد التي كان سيعطيها لها البنك إذا بقي مالها في هذه الفترة، مع العلم بأني أحس بالذنب وأريد أن أريح عقلي من التفكير في هذا الموضوع، مع العلم أيضا أن أختي الكبرى لم تقصر في أي حق من حقوقي وحقوق أختي حتى الآن، فأرجو أن لا أكون قد أطلت في الموضوع، وأرجو الإجابة في أسرع وقت ممكن؟ وشكراً ... وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن الأخت السائلة ورثت عن أبيها مبلغاً من المال مودعاً في البنك الربوي بالإضافة إلى اشتراكها مع أمها وأختيها في معاش والدها، وأن أختها الكبرى قامت برعايتهما ... إلخ، وعليه؛ فبالنسبة للمبلغ الذي كان مودعاً في البنك الربوي فإن الإثم في إيداعه على من أودعه ومن أقره بعد ذلك وقدر على سحبه فلم يفعل، سواء كانت الأخت السائلة أو غيرها، وعلى من ابتلي بذلك التوبة إلى الله عز وجل.
وبالنسبة لفوائد هذه الوديعة فإنها مال حرام يجب التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين العامة أو إنفاقه على الفقراء والمساكين، وإذا كانت أختك الكبرى محتاجة فقيرة فهي تستحق هذه الفوائد ولا تطالب بإخراجها، أما إن كانت غير ذلك فتطالب بإخراج قدر ذلك المال على الفقراء والمساكين.
وأما عن أصل المبلغ الذي أخذته من أختها الصغرى والوسطى فهو دين في ذمتها يجب رده إليهما، وبخصوص ما أنفقت عليهما من نفقات مختلفة وهل لها أن تخصم قدر ذلك مما عندها، فهذا أمر ينظر فيه.. فإن كانت أنفقت تبرعاً وهبة فلا يجوز لها الرجوع به على مالهما ويلزمها سداد الدين الذي لهما عليها، جاء في كتاب التاج والإكليل من كتب المالكية: ... وإن كان لليتيم أو له مال فللمنفق عليهما (اليتيم وأبيه) الرجوع عليهما من أموالهما بعد يمينه أنه إنما أنفق عليهما ليرجع في أموالهما لا على وجه الحسبة. انتهى.
وإن كانت أنفقت عليهما بنية الرجوع على مالهما فلها أن تخصم قدر ذلك من الدين الذي عليها وترد ما بقي ... وفي حال قدرتها على رد الدين فلم تفعل فإنها تأثم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم. رواه البخاري ومسلم.
وأما هل الأخت السائلة مذنبة في حق أختها الوسطى لأنها كانت السبب في قيامها بإقراض الكبرى؟ فنقول: إنه لا يلحقها ذنب ما لم تكن غررت أو دلست على أختها الوسطى، كما لا يلزمها شيء إلا أن تكون ضمنت سداد الدين عن أختها الكبرى، فإذا كانت ضمنت سداد الدين في حال العجز أو المطل أو كانت غررت أو دلست فيلزمها سداده، للحديث: الزعيم غارم. رواه أبو داود، والزعيم هو الضامن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1428(12/7512)
من أوقد نارا فمات منه إنسان
[السُّؤَالُ]
ـ[جارة لنا وهي كبيرة في السن عندما أخبرتها أني أعرف مصدرا موثوقا للفتوى حلفتني أن أسأل لها عن مسألة وهي أنها في شبابها كانت تقوم بتدريس أحد الصبية 12عاما في إحدى القرى وانطفأ السراج فأرسلته حتى يحضر الجاز أو الوقود وبينما هي تسكبه وقع منها وتسبب في حريق فانشغلت بنفسها وبالنيران التي كانت قد طالت أجزاء من جسدها ظنا منها أن الصبي قد خرج وعندما نظرت إلى تحت السرير وجدت الصبي محترقا فماذا عليها؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأنت ذكرت أن جارتكم قد أخذت الوقود وبينما هي تسكبه وقع منها وتسبب في حريق فانشغلت بنفسها وبالنيران التي كانت قد طالت أجزاء من جسدها، وكانت مع ذلك تظن أن الصبي قد خرج، ولما نظرت تحت السرير وجدت الصبي محترقا، أي أن جميع ما ذكرته يدل على أن المرأة لم تعتد في شيء مما قامت به، ولم تفعل إلا ما هو معتاد فعله، ولم تفرط في إنقاذ الصبي، وإذا كان الأمر كذلك لم يكن عليها ضمان فيما جرى. قال ابن قدامة في المغني: وإذا أوقد في ملكه نارا أو في موات فطارت شرارة إلى دار جاره فأحرقتها، أو سقى أرضه فنزل الماء إلى أرض جاره فغرقها لم يضمن إذا كان فعل ما جرت به العادة من غير تفريط لأنه غير متعد، ولأنها سراية فعل مباح فلم يضمن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1427(12/7513)
الشريك في السرقة هل يضمن نصف المسروق أم كله
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتركت أنا وصديق في سرقة مكان وتبنا إلى الله تعالى ثم اتفقنا على رد قيمة الأشياء المسروقة - بعد تقديرها - واتفقنا على أن أدفع نصف المبلغ وهو النصف الآخر فهل يجوز لي أن أرد الجزء الخاص بي ثم يرد هو الجزء الآخر متى تيسر له وذلك لأن المبلغ ليس هينا؟؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسرقة ذنب عظيم وخسة قبيحة للغاية، قال تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {المائدة:38} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ... الحديث. متفق عليه. وقال -صلى الله عليه وسلم-: " لعن الله السارق، يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده " رواه البخاري ومسلم.
فالحمد لله على أنكما تبتما مما كنتما تمارسانه من السرقة، ولكن توبتكما لا تتم إلا برد جميع الأشياء المسروقة أو رد قيمتها. ولا يكفي أن تدفع أنت نصف المبلغ وتكل دفع النصف الآخر إلى صديقك، بل الواجب أن تدفع جميع المبلغ إن كان ذلك في وسعك، ثم ترجع على صديقك بحصته منه؛ وذلك لأن الشركاء في السرقة يعتبرون حملاء بعضهم عن بعض. ففي منح الجليل ناسبا لابن رشد قال: إذا اجتمع القوم في الغصب أو السرقة أو الحرابة فكل واحد منهم ضامن لجميع ما أخذوه لأن بعضهم قوى بعضا كالقوم المجتمعين على قتل رجل فيقتلون به جميعا وإن ولي القتل أحدهم وحده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1427(12/7514)
حكم كفالة شخص أخذ مرابحة من البنك والمكفول يريد تشطيب شقة
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم كفالة شخص أخذ مرابحة من البنك الإسلامي والمكفول يريد تشطيب شقة للسكن فيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في الكفالة والضمان أنهما من الأعمال الجائزة. جاء في المغني: والأصل في جوازه الكتاب والسنة والإجماع. اهـ
والكفالة هي من عقود التبرع والإحسان ويثاب صاحبها إن حسنت نيته. جاء في رد المحتار عن الكفالة: إذ هي بالنية تكون طاعة يثاب عليها. اهـ
وعليه، فإذا كانت الكفالة المذكورة قد وقعت بموجب عقد مرابحة مستوف لشروط الصحة في الشرع، فإن الكافل قد قام بعمل ممدوح في الشرع، وسيثاب عليه إن كان يقصد به وجه الله. سواء كان المكفول يريد تشطيب شقة للسكن أو يريد أمرا آخر مباحا.
وأما إن كان عقد المرابحة لم يستوف شروط الصحة، فإن الكفالة حينئذ لا تجوز، لما فيها من الإعانة على الإثم. والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2} .
ولا يغير من ذلك كون البنك يعتبر نفسه بنكا إسلاميا، لأن العبرة بالحقائق لا بالمسميات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1427(12/7515)
الفوائد المترتبة على الضمان البنكي غير المغطى
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي لديه شركة مختصّة في بيع المعدّات. شارك مؤخرا في صفقة عموميّة ووقع اختياره هو ولله الحمد لتنفيذ الصّفقة. لكن وكجميع الصّفقات العمومية بدون استثناء، يجب أن يقوم بضمان بنكي قدره 10 بالمائة من المبلغ الجملي للصّفقة وهذا الضّمان البنكي يضلّ ساري المفعول لمدّة سنة كاملة. للقيام بهذا الضّمان هناك حلّين من قبل البنك الذي تتعامل معه الشّركة، امّا أن يكون للشركة الرّصيد الكافي حتّى يتمّ ضمان توفّر هذه ال10 بالمائة من قبل البنك لمدّة سنة وفي المقابل يقع اقتطاع مبلغ معيّن هو عبارة عن أتعاب ومصاريف البنك. أمّا الحلّ الثّاني وهو أنّه في صورة عدم توفّر الرّصيد اللاّزم، يتكفّل البنك بأدلاء شهادة الضّمان البنكي للمشتري العمومي لكن في هذه الحالة يقع اقتطاع فوائد ربويّة وليس مجرّد أتعاب ومصاريف. سؤالي هوّ: أنّ الشّركة الآن في حالة ماليّة صعبة ولا يمكنها اختيار الحلّ الأوّل والتي دأبت على التعامل به سابقا فهل يجوز اللّجوء للحلّ الثّاني علما وأنّه في صورة عدم القيام بهذا الضمان تلغى الصفقة ويتمّ حجز الضمان المالي التي قدّمته الشّركة أوّل الأمر حتّى تستطيع المشاركة في طلب العروض (وقد وقع هذا الضمان الأوّل بالطّريقة الأولى) علما أيضا وأنّه لا يوجد في بلدنا بنك لا يتعامل بالرّبا اطلاقا، كلّ البنوك تتعامل بالرّبا وأقصد بهذا التّوضيح أنّ الحلّ المتمثّل في التعامل مع بنك اسلامي غير مطروح أساسا. وأنّنا مضطرّين للتعامل مع البنوك الموجودة مع الحذر (أي عدم أخذ قروض والتّخلّص من الفوائد البنكيّة التي نتحصّل عليها،..؟
أفتونا جزاكم الله خيرا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تمت الإجابة على مثل هذا السؤال في الفتوى رقم: 76238، فالرجاء الاطلاع عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1427(12/7516)
قبول الضمان من جهة لا يعلم مصدر أموالها
[السُّؤَالُ]
ـ[دعونا جهة لتقديم ضمان بنكي للاستثمار في مشروع جائز شرعاً، فهل علي البحث عن مصدر الأموال الخاصة بهذه الجهة أم أكتفي بظاهر عملهم فيما يعلم عنه الجواز، وذلك لأن التدقيق سينتج عنه لا محالة أمور بها شبهة فيما أتوقع وأظن، فما الحكم الشرعي هل أسأل أم أكتفي بظاهر الأمر، وما الحكم لو تبين لي بعد ذلك أمور بها شبهة شرعية داخلة في هذه الاموال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما لم يكن هناك دليل أو قرينة قوية على حرمة مال هذا الضمان فلا يلزم البحث عن ذلك، بل ولا يشرع لأن الأصل في مال المسلم الحل، فلا يعدل عن هذا الأصل إلا بدليل يدل على خلاف ذلك بيقين أو غلبة ظن.
وعليه، فلا بأس بقبول الضمان الذي قدمته هذه الجهة إذا انضبط بالضوابط الشرعية العامة اللازمة لجواز مثل هذا الضمان والتي ذكرناها في الفتوى رقم: 26561، وإذا تبين فيما بعد أن مصدر هذه الأموال محرم فلا تجوز معاملتهم فيها. وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 7707.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1427(12/7517)
حكم أخذ أجرة على الضمان
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نريد أن نستأجر سكنا وقد طلب صاحب السكن ضمانا من البنك. هذا يكون عبارة عن ضمانة يعطيه البنك لصاحب السكن عن مبلغ معين مقابل أن ندفع نحن عن كل سنة مبلغا صغيرا للبنك فهل يجوز ذلك؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أن البنك سيتولى ضمان أجرة السكن مقابل عمولة يأخذها منكم، وإذا كان هذا هو الواقع فإنه لا يجوز، لأن الضمان معروف, ولا يجوز أن تؤخذ عنه عمولة. ففي التاج والإكليل للمواق: الأبهري: لا يجوز ضمان بجعل؛ لأن الضمان معروف, ولا يجوز أن يؤخذ عوض عن معروف وفعل خير كما لا يجوز على صوم ولا صلاة، لأن طريقها ليس لكسب الدنيا. وقال مالك: لا خير في الحمالة بجعل ... ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 26561.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1427(12/7518)
تقاضي البنك مالا مقابل الضمان الذي لا يغطيه رصيد العميل
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي لديه شركة مختصّة في بيع المعدّات، شارك مؤخراً في صفقة عموميّة ووقع اختياره هو ولله الحمد لتنفيذ الصّفقة، لكن وكجميع الصّفقات العمومية بدون استثناء، يجب أن يقوم بضمان بنكي قدره 10 بالمائة من المبلغ الإجمالي للصّفقة وهذا الضّمان البنكي يظلّ ساري المفعول لمدّة سنة كاملة للقيام بهذا الضّمان هناك حلّان من قبل البنك الذي تتعامل معه الشّركة، أمّا أن يكون للشركة الرّصيد الكافي حتّى يتمّ ضمان توفّر هذه الـ10 بالمائة من قبل البنك لمدّة سنة وفي المقابل يقع اقتطاع مبلغ معيّن هو عبارة عن أتعاب ومصاريف البنك، أمّا الحلّ الثّاني وهو أنّه في صورة عدم توفّر الرّصيد اللاّزم، يتكفّل البنك بإدلاء شهادة الضّمان البنكي للمشتري العمومي، لكن في هذه الحالة يقع اقتطاع فوائد ربويّة وليس مجرّد أتعاب ومصاريف، سؤالي هو: أنّ الشّركة الآن في حالة ماليّة صعبة ولا يمكنها اختيار الحلّ الأوّل والتي دأبت على التعامل به سابقا، فهل يجوز اللّجوء للحلّ الثّاني، علما بأنّه في صورة عدم القيام بهذا الضمان تلغى الصفقة ويتمّ حجز الضمان المالي التي قدّمته الشّركة أوّل الأمر حتّى تستطيع المشاركة في طلب العروض (وقد وقع هذا الضمان الأوّل بالطّريقة الأولى) ، علما أيضا بأنّه لا يوجد في بلدنا بنك لا يتعامل بالرّبا إطلاقا، كلّ البنوك تتعامل بالرّبا وأقصد بهذا التّوضيح أنّ الحلّ المتمثّل في التعامل مع بنك إسلامي غير مطروح أساسا، وأنّنا مضطرّون للتعامل مع البنوك الموجودة مع الحذر (أي عدم أخذ قروض والتّخلّص من الفوائد البنكيّة التي نتحصّل عليها..) ، أفتونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز عمل الضمان البنكي الذي لا يغطيه رصيد العميل إذا كان البنك يتقاضى عليه مالاً مقابل ضمانه، لأن ذلك يؤول إلى صورة قرض جر نفعاً وهو محرم باتفاق العلماء، قال في الإنصاف: لو جعل له جعلا على ضمان له لم يجز نص عليهما لأنه ضامن فيكون قرضاً جر منفعة.
وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 26561، والفتوى رقم: 57099 ولا يؤثر في ذلك كون الصفقة سوف تلغى ويتم حجز الضمان المالي التي قدمته الشركة إذا لم يتم عمل هذا الضمان، لأن الشركة هي التي أقدمت على الدخول في هذه الصفقة مع علمها بعدم قدرتها على القيام بعمل الضمان البنكي المشروط فيها بالصورة الجائزة شرعاً، علماً بأن حجز مبلغ الضمان الذي قدمته الشركة داخل ضمن موضوع الشرط الجزائي، وقد سبق تفصيل الكلام فيه في الفتوى رقم: 34491، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1427(12/7519)
الضمان بشرط القرض
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لقد سألتكم وحصلت على الفتوى رقم 70142، والتي لا تجيز تأخير دفع النقد، بل يكون يداً بيد، ولكن الممول يطلب ضمانات للأموال التي سيعطيها وهذه الضمانات ليست عندنا مما يحتم علينا أن ندخل رجل أعمال معنا، لكي يقوم بتوفير هذه الضمانات، لكن رجل الأعمال يشترط لتوفير الضمانات أن يتم تحويل السيولة في حسابه في الخارج، هل هذا يجوز بحكم أنه أصبح تترتب عليه بعض الالتزمات المتعلقة بالضمانات لهذه النقود، إذاً هل يجوز له في هذه الحالة أن يدفع لنا النقود بالتقسيط أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أمرين:
1- أن الضمان لا يجوز أن يؤخذ عنه جعل، ففي التاج والإكليل للمواق: الأبهري: لا يجوز ضمان بجعل، لأن الضمان معروف، ولا يجوز أن يؤخذ عوض عن معروف وفعل خير كما لا يجوز على صوم ولا صلاة، لأن طريقها ليس لكسب الدنيا، وقال مالك: لا خير في الحمالة بجعل ...
2- أن المقرر عند جماهير الفقهاء أن كل قرض جر نفعاً فهو ربا.
والظاهر أن ما ورد في سؤالك يجمع بين هذين المحذورين، ذلك أن رجل الأعمال يشترط لتوفير الضمانات لكم أن يتم تحويل السيولة في حسابه في الخارج، وأنتم تسألون عما إذا كان يجوز له أن يدفعها لكم بالتقسيط، مما يدل على أنه يريد الانتفاع بالنقود التي تحولونها إلى حسابه، ثم يردها لكم مقسطة، فهو -إذاً- يريد أن ينتفع على الضمان بما تقرضونه أنتم من النقود، وأنتم تنتفعون على إقراضه بما يوفره لكم من الضمان.
وبناء على هذا فلا نرى إباحة الصورة التي وردت في السؤال، مع أنه لو كان الغرض من تحويل النقود إلى حساب ذاك الرجل هو مجرد التوثق، لكان من المباح أن تسترجع منه بالتقسيط، لأنا لم نجد في كلام أهل العلم اشتراط استرجاع الرهن في دفعة واحدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1427(12/7520)
كفالة المقترض بالربا وما يلزم الكفيل
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ كفلت شخصا في بنك ربوي وأخذ سلفية وهرب من البلد وأنا كفيله الوحيد هل الله سبحانه وتعالى يعاقبني أني تعاملت مع بنك ربوي ماذا أفعل؟ ياشيخ أناعندي عروض من بنك ثان ربوي أن يسدد عني جميع الديون التي علي ماذا أفعل؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك هو أنك كفلت شخصا في اقتراضه سلفة من بنك ربوي ثم إن هذا الشخص قد هرب، وأن بنكا آخر ربويا عرض عليك أن يسدد عنك الديون التي عليك. فإذا كان الأمر على ما فهمنا فإن السؤال قد تضمن نقطتين هما: كفالة المقترض بالربا. والثانية هي: سداد الدين إذا هرب المكفول.
وحول النقطة الأولى: فإن على المسلم أن يتجنب التعامل مع البنوك الربوية ويبحث عما أحل الله له فقد توعد الله آكل الربا بالحرب قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ {البقرة:278-279} وقال صلى الله عليه وسلم: درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلاثين زنية. رواه أحمد, وروى مسلم من حديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه - وقال - هم سواء. يعني في الإثم. والأحاديث في بيان الوعيد على التعامل بالربا وعقوبة آكله كثيرة جدا. وبناء على ما ذكر فلا تجوز الكفالة لمن اقترض بالربا؛ لأنها من الإعانة على هذا الإثم الكبير والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} .
وحول النقطة الثانية: فإنك بكفالتك لهذا الشخص فقد تعلق بذمتك من الحق لصاحب المال مثل ما تعلق بذمته وهو رأس المال ولا تبرأ إلا بالأداء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الزعيم غارم. رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن. والزعيم هو الضامن, والأداء هو مقصود الكفالة وفائدتها, ولا يجوز أن تقضي هذا الدين بقرض ربوي لما قدمناه من النصوص, ولكن دائنك ملزم بإنظارك إن كنت معسرا قال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:280} وعليك أن تبادر إلى التوبة مما اقترفت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1427(12/7521)
لا يجوز التصرف بأموال اليتامى إلا بما فيه مصلحتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أتقدم بهذه القصة راجيا أن تفتوني لأن شكوكا راودتني في مال اليتيم.
القصة هي: توفي عم لي يوم 22 /05/98 وترك زوجته وبنتين 18 و16 سنة و 3 أطفال 14 و 11 و 5 وله 3 إخوة منهم أبي و 3 أخوات وحاله مستور ولم يترك شيئا ومسكنه بعيد عنا، وفاته إثر حادث إذ انقلب به جراره الفلاحي وتشوه الجرار دفن عمي ونقل الجرار إلى مكان آمن وبعد مرور ثلاثة ... اتصلت أنا بزوجته وقلت لها بأني سأكفلها هي وأبناؤها فيما يخص المأكل والمشرب أما تربية الأطفال فلا أتدخل كما طلبت منها أن لا تقبل الصدقات وسارت الأمور كذلك إذ أقدم لها كل أسبوع مبلغا مع مصاريف ظرفية كالدراسة والتداوي وبدأت أسعى بين مصالح التأمينات قصد الحصول على دية بعد سنة ولما رأيت بأن لا أحد تقدم إلى الجرار تقدمت إليه أنا وقمت بإصلاح كل ما فسد منه وبعد إصلاحه طلبت منها أن أقوم ببيعه ورأت هي أن تمسكه لتشغله وتعيل العائلة منه أقنعتها أنا ببيعه فامتثلت وبيع بمبلغ: 000 338 د. ج وأعطيتها المبلغ كله فرفضت وطلبت مني أن أضعه لها في حسابها بعد فتحه وقلت لها أنا إذا تركت هذا المال عندي فسأبقى أعطيها بالطريقة السابقة وإنما أحسب نصف ما أعطيها علي والنصف الآخر يحسب من مالها فإن انقضى هذا المال سأواصل إعطاءهم كما في السابق وإن وضعته في حسابها فسأنقطع عن إعطائها ما دام لديها مال حتى ينقضي هذا المال وبعدها سأعيد إعطاءها من جديد فرأت هي أن أبقي المال عندي ونستمر كما بدأنا. وكان بمسكنهم عدة نقائص فقمنا وبطلب منها وقبول ورضا مني ببعض الإضافات وهاته الأشغال بدأتها قبل عملية إصلاح الجرار ولكن تم بيع الجرار قبل إنهاء الأشغال فحسبت 80 بالمئة من مالهم و 20 بالمئة من مالي وبعد سنة اتصلت بنا شركة التأمين وسلمت لنا مبلغ 000 200 د. ج وهو نصف مبلغ الدية وطلبت مني زوجته أن أشغله لهم ورفضت أنا وقلت لها نفس ماقلته لها في المرة السابقة انطلاقا من مبدأ أني أعطيهم إذا كانوا محتاجين فرأت مرة أخرى أن أبقي المال عندي وواصلنا بنفس المعاملة بعد هذا بأشهر جاءتنا ورقة من الضمان الاجتماعي تطالب المرحوم بتسديد ما عليه من ديون فاتصلت بهم أنا وأخبرتهم بوفاته منذ 3 سنين، فنصحوني بدفع المبلغ ثم طلب الدية مع منحة التقاعد لزوجته ومنح للأولاد القصر وكذلك فعلت واستلمنا مبلغ 000 92 د. ج كدية مع منحة التقاعد للزوجة وتتقاضاها حاليا ولكنها لا تستغلها بحيث تبقى في حسابها وكل المبلغ مازال إلى يومنا هذا. وبعد نصف سنة اتصلت بنا شركة التأمين من جديد وسلمت لنا مبلغ 000 227 د. ج وهو النصف المتبقي من مبلغ الدية وطلبت مني زوجته أن أبقي المال عندي وواصلنا المعاملة نفسها. أود أن أضيف بأن بعض العائلات اللاتي كان حالهم أحسن من حال عائلة عمي قبل وفاته أصبحن يتمنين حال عائلة عمي الآن بحيث لم تتفرق العائلة وبقيت مصانة ومعززة إلى يومنا هذا وكل هذا بفضل الله. ولكن الابن الأكبر يبلغ الآن من العمر 22 سنة ولا بد من أن نفترق يوما رغم أني بمثابة الأب أو الأخ الأكبر لهم ولا أود أن أخرج خاسرا في آخرتي.
فإن حان وقت الفراق سيدي، فهل بإمكاني التخلي عنهم وليس علي شيء تجاهم وتجاه ربي أم علي أن أرجع لهم كل مالهم الذي أخدته كما شرحت سابقا أم ماذا؟
وأردت أن أبعث بتفاصيل المعاملات ولكن لا أتمكن من إدخالها بحيث يقول لي بأن السؤال جاوز 5000 حرف، وإلى يومنا هذا: منذ وفاة عمي يوم 22/05/1998 قدمت لهم مبلغا إجماليا يقدر بـ:
... 360 458 1 د. ج وأخذت منهم مبلغ ... 000 791 د. ج.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في خوفك من أن تكون قصَّرت في حق الأيتام، فإن مال اليتيم شأنه عظيم عند الله. قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا {النساء: 10} .
وثمت ملاحظة لا بد من إبدائها، وهي قولك لتلك المرأة عند كل مبلغ تستفيده: أنا إذا تركت هذا المال عندي فسأبقى أعطيها بالطريقة السابقة وإنما أحسب نصف ما أعطيها علي والنصف الآخر يحسب من مالها، فإن انقضى هذا المال سأواصل إعطاءهم كما في السابق، وإن وضعته في حسابها فسأنقطع عن إعطائها ما دام لديها مال حتى ينقضي هذا المال وبعدها سأعيد إعطاءها من جديد. هذه العبارة تفيد أنك تحرص على أن يبقى المال عندك كي تستثمره لحسابك الخاص، ويتأكد هذا فيما ذكرته بعد ذلك في قولك: وطلبت مني زوجته أن أشغله لهم ورفضت أنا وقلت لها نفس ما قلته لها في المرة السابقة انطلاقا من مبدأ أني أعطيهم إذا كانوا محتاجين فرأت مرة أخرى أن أبقي المال عندي. فأنت إذاً قد أجبرت تلك المسكينة بما تهددها به من قطع المساعدة عنها على أن يبقى المال في حوزتك دائما لتستفيد من أرباحه. وكان الأولى بك أن تستجيب لطلبها منك استثمار هذا المال إذا كنت تعلم أن فيه مصلحة لهم. فإنه لا يجوز أن يُقرب مال اليتيم إلا بما فيه مصلحته، كما قال تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ {الإسراء: 34} . والتي هي أحسن هي الأكثر نفعا لليتيم، كما قال أهل التفسير، وذلك بكل وجه تكون فيه المنفعة لليتيم لا للمتصرف في المال. ولا يجوز لوصي اليتيم أن يتصرف في أمواله أو يقرض منها أو يقترض لمصلحته الخاصة دون أن يكون في ذلك نفع لليتيم. قال عمر رضي الله عنه: اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة. رواه مالك في الموطأ. وجاء في أحكام القرآن للجصاص عند قوله تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ: هذا يدل على أن من له ولاية على اليتيم يجوز له دفع مال اليتيم مضاربة، وأن يعمل به هو مضاربة، فيستحق ربحه إذا رأى ذلك أحسن، وأن يبضع ويستأجر من يتصرف ويتجر في ماله، وأن يشتري ماله من نفسه إذا كان ذلك خيرا لليتيم، وهو أن يكون ما يعطي اليتيم أكثر قيمة مما يأخذه منه.
وبناء على ما ذكر، فإذا كان حرصك على بقاء المال عندك هو لمجرد الاحتياط في حفظه، ورأيت أن ذلك هو الأصلح له، فلا حرج عليك في شيء مما ذكرت.
وإن كنت إنما أردت بذلك أن تستبد بربح هذا المال مقابل ما تدفعه لهم فإن عليك التوقف عن ذلك فورا ولك أن تستبرئ من ذلك وتشرك الأيتام فيما حصل من أرباح بالنسبة التي يجري العرف عندكم أن يحصل عليها رب القِراض، فهذا هو الذي نراه أحوط لك وأبرأ لذمتك عند الله، ويمكنك أن تراجع في حكم الاشتراك في صناديق الضمان الاجتماعي فتوانا رقم: 10016.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1427(12/7522)
لا يجوز أخذ ربح أو جعل عن الضمان والكفالة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الفاضل، لدي بعملي وكالة بيع وشراء من عدة أشخاص مختلفين وكلهم يعرفون ذلك
-هل يجوز الشراء بالوكالة التي معي من أحدهم والبيع للآخر؟
-إذا كنت كفيلا في إحدى عمليات البيع وضامنا هل لي ربح على الضمانة والكفالة؟
-في التخليص الجمركي ينقسم العمل لشقين الأول الأعمال الإدارية والآخر تأمين إجازة استيراد ويقوم بالعمل الثاني شخص غير المخلص، والزبون مخير أن يحضر الإجازة أو المخلص فهل يجوز للمخلص الربح من الإجازة مع أن المتعارف عليه أن المخلص في كل شيء سيربح
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن يبيع الموكل بضاعة موكله لشخص آخر قد وكله على الشراء، فقد ذكر أهل العلم أن الوصي يجوز أن يبيع مال أحد يتيمين في حجره للآخر، وكذا الوالد لولديه الصغيرين، والسيد لرقيقيه، ولا فرق بين ذلك وبين وكيل لشخصين.
وأما الضمان والكفالة فلا يجوز أن يؤخذ عن أحدهما ربح ولا جعل. ففي التاج والإكليل للمواق: الأبهري: لا يجوز ضمان بجعل; لأن الضمان معروف, ولا يجوز أن يؤخذ عوض عن معروف وفعل خير كما لا يجوز على صوم ولا صلاة، لأن طريقها ليس لكسب الدنيا. وقال مالك: لا خير في الحمالة بجعل ...
وأما التخليص الجمركي فقد بينا من قبل حكم أخذ الأجرة عليه، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 71533، وفتوانا رقم: 20748.
وما قيل في أخذ الأجرة على التخليص الجمركي يقال مثله في تأمين إجازة الاستيراد، إذ لا فرق بينهما في الحكم، إلا أن يكون أحدهما يحتاج إلى نفقة وتعب وسفر، والآخر لا يحتاج إلا إلى الجاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1427(12/7523)
المتسبب في الحادث ضامن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا منذ ما يقارب 9 سنوات عملت حادث سير واصطدمت بعمال إيرانيين كانوا على حافة الشارع وبعدها أخذتني الشرطة وأودعتني السجن لمدة أسبوعين تقريباً بقرار من المحكمة وتم دفع فدية للعمال من شركة التأمين المؤمن لديها حسب ما قررته المحكمة لا أعلم مقداره ومن ثم خرجت من السجن وأخبرني الأقارب بأن أحد العمال مشلول والآخر به كسور خطيرة وآخر ما سمعت عنهم بأنهم سافروا لبلادهم ولا أعلم ماذا حصل بعد ذلك، مع العلم بأني كنت مسرعا أو غير منتبه لا أعلم ماذا حصل بالضبط وقت الحادثة كل ما أذكره أنني وحسب اعتقادي بأني كنت أعبث داخل السيارة أحياناً ومن ثم تفاجأت بالعمال على حافة الشارع بالضبط والشارع ليس به رصيف وكان وقت غروب تقريباً، أرجو الإجابة وفي أسرع وقت ممكن، لأنني محتار ولا أدري ماذا علي بالتحديد، ماذا يجب علي عمله، هل علي كفارة أو نحو ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت خطأ كبيراً بما ذكرت أنك كنت فيه من السرعة وعدم الانتباه، والعبث أحياناً داخل السيارة، مما ترتب عليه أنك لم تعلم ماذا حصل بالضبط وقت الحادث، وفيما يتعلق بموضوع الحادث، فقد تقدم في الفتوى رقم: 19279 أن قائد السيارة مسؤول عن حوادث السير في حال تسببه فيها.
وعليه؛ فبما أنك المتسبب في هذا الحادث بما ذكرته من السرعة وعدم الانتباه والعبث، فإنك ضامن لجميع ما ترتب على هذا الحادث، وإذا كانت الإصابات التي حصلت تبلغ بمجموعها ثلث الدية، فإنها تكون على عاقلتك، وإن كانت أقل من ذلك فمن مالك الخاص، وفيما يتعلق بموضوع شركة التأمين، فقد تقدم بيان حكم التأمين، وما قرره أهل العلم في كل نوع منه في الفتوى رقم: 472.
وما تدفعه شركات التأمين التي لم تؤسس على منهج شرعي في حال وقوع المؤمن في كارثة ما، فلا يجوز له منه إلا القدر الذي دفعه دون ما زاد عليه، لأن العقد عقد فاسد، فليس للشخص فيه إلا رأس ماله، لقوله تعالى: وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:279} ، فإذا كان ما دفعته شركة التأمين يساوي ما كنت قد دفعته لها أو أقل فواضح، وإن كان أكثر لزمك أن تعيد إليها تلك الزيادة أو تستحلها منها، كما أنه يلزمك أن تكمل للمصابين جميع حقوقهم إذا كانت شركة التأمين قد نقصتهم شيئاً منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1427(12/7524)
جهاز قياس الخطأ الكهربي إذا عطب هل يضمنه المخطيء أم من أعطبه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن خمسة أفراد ونعمل معا في مشروع تخرجنا من المعهد الهندسي الذي ندرس به. نحن في قسم الكهرباء. وذات يوم كنا نختبر دائرة كهربية ولكنني لم أنتبه بدون قصد إلى شيء ما أثناء تركيبي الدائرة الكهربية لاختبارها وعندما حاولنا تشغيلها وجدنا مشكلة نتيجة الخطأ الذي ارتكبته مما استلزم استخدام جهاز للقياس لمحاولة معرفة الأخطاء التي بها وهذا الجهاز يملكه أحد منا. ولكنه عندما أجرى الاختبار نسي أن يضبط جهازه علي وضعية القياس الصحيحة فعندما قام بالقياس أدي ذلك إلى عطب جهازه. والسؤال هو: من يتحمل ثمن ذلك الجهاز؟
هل هو أنا لأنني السبب في قيام زميلي صاحب الجهاز بعملية القياس لعدم انتباهي أثناء تركيب الدائرة الكهربية؟ أم زميلي صاحب الجهاز؟ أم نشترك نحن الخمسة في دفع ثمنه حيث إننا الخمسة مستفيدون من مشروع التخرج وعطب الجهاز كان خلال العمل في ذلك المشروع؟ علما بأن ثمن الجهاز ليس غاليا؟
وشكرا جزيلا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس عليك ولا على بقية زملائك أي مسؤولية تجاه العطب الذي لحق بجهاز زميلك أثناء عملكم المشترك، لأن هذا العطب نتج عن فعل صاحب الجهاز نفسه لا عنك ولا عن بقية الزملاء، وإنما يلزم الشخص ضمان ما أتلف إذا باشر الإتلاف أو تسبب فيه، وهذا ما لم يحدث منكم كما هو ظاهر من السؤال، لكن إن أردتم مساعدة زميلكم في شراء جهاز جديد له فشيء حسن وهو تعاون منكم على المعروف وفي الحديث: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1427(12/7525)
حكم تسييل قيمة الضمان البنكي بكاملها أو بجزء منها
[السُّؤَالُ]
ـ[كثير من الشركات حينما تحصل على ضمان بنكي تذهب لتسييله من البنك مقابل سبعين في المائة أو ثمانين في المائة من قيمته حتى ينتهي المشروع وتصرف المبلغ المتبقي، ولقد سألت البنك هل يأخذ مقابلاً مادياً لذلك أم لا فقالوا لا وإنما فقط يحجز على النسبة الأخرى لضمان الوفاء بالمشروع وعند انتهائه يصرف هذه النسبة التي احتفظ بها، والسؤال هو: هل يجوز شرعاً القيام بتسييل نسبة من قيمة الضمان البنكي للاستعانة بها على تنفيذ المشروع ريثما يتم الانتهاء منه وصرف قيمة الضمان كاملة أم أن هذا يعتبر صورة من صور الاقتراض الربوي؟ أفيدوني بارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالضمان البنكي أو خطاب الضمان إنما هو تعهد يصدر من البنك بدفع مبلغ معين لجهة أخرى، بناء على طلب أحد عملائه عند القيام بالدخول في مناقصه، أو تنفيذ مشروع بأداء حسن، ليكون استيفاء الجهة المستفيدة من هذا التعهد متى تأخر أو قصر العميل في تنفيذ ما التزم به.
وخطاب الضمان الذي تصدره البنوك من حيث هو جائز، لأنه إما كفالة أو وكالة وهما جائزان في الشريعة مالم يصاحبهما ما يفسدهما.
وقد نص قرار مجمع الفقه الإسلامي على أن خطاب الضمان كفالة إن كان غير مغطى، ووكالة إن كان مغطى، كما في قرار مجمع الفقه في دورته المنعقدة عام 1985 م، ولك أن تراجع في أحكام خطاب الضمان فتوانا رقم: 26561، هذا وللبنك أن يطلب من العميل الذي يصدر الضمان له رهنا يغطي هذا الضمان كليا أو جزئيا.
والذي فهمناه من سؤالك هو أن البنك يقوم بإعطاء خطابات ضمان لعملائه بقدر المبالغ التي أودعها فيه أولئك العملاء، ثم يسمح لهم بعد ذلك بسحب نسبة من تلك الأموال ليستعينوا بها في تنفيذ المشاريع التي هي موجب الضمان، ويحتجز الباقي منها لضمان الوفاء بالمشروع، وذكرت أنه لا يأخذ مقابلا ماديا على هذه الكفالة، فإذا كان الأمر كذلك فإنا لا نرى وجها للاختلاف في إباحة تسييل قيمة الضمان البنكي بكاملها أو تسييل نسبة منها على الوجه المذكور، إذ هو لا يعدو كون البنك ضمن مبلغا من المال لجهة معينة بدون رهن من الشخص المضمون، وهو أمر لا يختلف في صحته.
والذي يمكن أن تكون إباحته أو تحريمه محل نظر، هو أصل الضمان بالكيفية المذكورة، لأن البنك إذا كان لا يضمن إلا بشرط وجود مبلغ مودع عنده، فإن هذا المبلغ إذا كان يحوزه حوز الرهان ولا يتصرف فيه، فهو أمر مباح، لأنه مجرد ضمان برهن، وإن كان يحوزه حوز القروض، ويتصرف فيه كذلك فهو أمر غير مباح لأنه قرض جر منفعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1427(12/7526)
هل يضمن الجار المتسبب في سقوط حائط جاره
[السُّؤَالُ]
ـ[لي جار عنده بعض الأخشاب التي يستخدمها كسقالات في البناء وغيره، وكان يسند هذه الأخشاب على حائط عندي، ونصحته أكثر من مرة بعدم وضعها على الحائط، لأن الحائط ضعيف ولا يتحمل، ولكن لم يسمع لقولي مما كان سببا في وقوع الحائط على ولدين لي؛ أحدهما توفي، والآخر أصيب فما حكم الشرع في ذلك؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر على ما ذكرت فإن جارك هذا يضمن كل ما ترتب على سقوط الحائط وذلك لسببين:
الأول: أنه متعد باستخدام حائطك من غير رضاك.
والثاني: أن إنذارك له بأن الحائط ضعيف يجعله متعديا أيضا ولو كان الحائط ملكا له، قال الشيخ خليل يعد الحالات التي يضمن فيها المتسبب في التلف: وكسقوط جدار مال وأنذر صاحبه وأمكن تداركه..
وفي مواهب الجليل للحطاب:..... وقال في العتبية في أول مسألة من سماع يحيى من كتاب السلطان قال يحيى وسألت ابن القاسم عن جدار رجل بين داره ودار جاره مال ميلا شديدا حتى خيف انهدامه أترى السلطان إذا شكا ذلك جاره ومن يخاف من إذايته وضرره أن يأمر صاحبه بهدمه؟ فقال نعم ذلك واجب عليه أن يأمره بهدمه، قلت له فإن شكا إليه ما يخاف انهدام الجدار فلم يهدمه حتى انهدم على إنسان أو دابة أو بيت لصق به فقتل أو هدم ما سقط عليه أيضمن ذلك صاحب الجدار؟ قال نعم يضمن كل ما أصاب الجدار بعد الشكية إليه والبيان له، قال يحيى: وإن لم يكن ذلك بسلطان فإنه ضامن إذا انهدم وأشهد عليه قال ابن رشد: قول يحيى إنه ضامن ما أفسد الحائط إذا انهدم بعد التقدم إليه والإشهاد عليه وإن لم يكن ذلك بسلطان مفسر لقول ابن القاسم ومثل ما في المدونة. اهـ
وما حصل من موت وإصابة تتحمله عاقلة المتسبب وهذا في الموت مطلقا، أما في الإصابة فإنه مقيد بما إذا كانت تبلغ ثلث دية المصاب فما فوق ذلك، وعليه هو الكفارة وضمان ما تلف من المال. وراجع للفائدة فتوانا رقم: 6629.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1427(12/7527)
لا يجوز الاعتداء على مال الضامن إلا بإذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: أحمد قال لصديقه راتب أريد أن أسجل على شقة في جمعية وتحتاج إلى إخراج قيد مدني
فقال الصديق راتب خذ كذلك إخراج قيد لي وسجل لي على شقة.
فلما سجلت أسماؤهما قال أحمد: اسمي واسمك سجل ولكن يريدون أن يضربوا القرعة على الأسماء كلها فمن خمسين ألف يخرج خمسة آلاف لكن قبل ضرب القرعة يطلبون دفع مبلغ /225000/ مائتين وخمس وعشرين ألفا حتى يرشح الاسم للقرعة وربما لايخرج سهمك فالمبلغ المدفوع ربما يبقى ستة أشهر في حوزة الجمعية حتى يسلم لصاحبه الذي لم يخرج سهمه.
فانسحب راتب من القضية وقال لاحاجة لي بهذا. ولكن اسمه بقي مسجلاً
فقال أحمد لأصدقائه سجلت لراتب على شقة وانسحب فهل أحد منكم يرغب بدفع المبلغ المذكور ويكون له التسجيل طبعاً دون إخبار راتب بهذا الأمر علماً بأنهما أصدقاء وإخوة (دون تكليف بينهما)
فقال لأحدهم ألا ترغب بالتسجيل بدل راتب قال لا فقال أحمد لصديقه أبو تحسين البيتو أقرضني المبلغ فأقرضه ودفعه أحمد للجمعية باسم راتب دون إخبار راتب بناء على الثقة بينهما: ثم طالت الأيام وضربت الجمعية القرعة بين الأسماء فخرج اسم راتب الذي دفع أحمد المبلغ فقال الذي أخبر أحمد الخبر سهمك الذي باسم راتب خرج لك فهل من مشكلة قال لا أنا وراتب واحد فقال أحمد لراتب أريد منك أن تكتب لي وكالة لأن اسمك هو الذي خرج بالقرعة فقال راتب كيف تسجل باسمي ولا تخبرني قال أين الثقة بيني وبينك وحتى على الرغم لو لم يخرج سهمك لما استطعت سحب المبلغ إلا أنت الذي تسحبه لي ولوسمح الله مت لمات المبلغ لأولادك فالثقة بك مني قوية وعليها سجلت فهل يحق لراتب الذي انسحب من الموضوع من شيء وهل على أحمد من حق
أفيدونا أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن البيع لم يتم أصلا وأن المبلغ المدفوع قبل إجراء السحب إنما هو بمثابة الضمان لجدية الشراء، وراتب قد أعرض عن الدخول في قرعة السحب على شراء الشقة بعد أن سجل اسمه، وما فعله أحمد من دفع المبلغ المطلوب لضمان الجدية دون إذن من راتب يعد اعتداء على حقه. والذي نراه- والله أعلم- أن الأمر بيد راتب فإن تنازل عن حقه لأحمد فالحمد لله، وإن لم يتنازل فليس لأحد أن يلزمه بخلاف ذلك، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه منه. أخرجه الدارقطني وأحمد والبيهقي وغيرهم، وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1426(12/7528)
حكم الدخول في عقد كفالة مع بنك ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[نسأل عن جواز الكفالة المصرفية في المصارف غير الإسلامية والتي يتم بموجبها حجز عقار بأضعاف مبلغ الكفالة ويتم أخذ مبلغ صغير جداً نسبياً كأجور علماً بأن هذا المبلغ خاضع للارتفاع والانخفاض حسب قيمة الكفالة
أفتونا حفظكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائل الكريم يقصد بالكفالات المصرفية التي تقوم بها البنوك الربوية خطابات الضمان، وقد سبق أن عرفنا خطابات الضمان هذه وحكمها وأنواعها في الفتوى رقم: 26561.
هذا، والبنوك الربوية عندما تصدر هذه الخطابات أو هذه الكفالات تأخذ من عملائها ما يقابل هذا الإصدار وتراعي في تحديد ذلك قيمة الدين ومدته وعادة ما تقدر ذلك بنسبة مئوية تختلف باختلاف الدين ومدته، وليس صحيحا أنها تأخذه مصاريف إدارية فالبنك الربوي تاجر ديون مراب ليس إلا.
وعليه، فلا يجوز الدخول في عقد كفالة مع بنك ربوي حسب الصورة المتقدمة سواء برهن أو بغير رهن، وإذا خلا عقد الكفالة من المحذور المتقدم واحتاج الشخص إليه ولم يوجد بنك إسلامي يقوم به فلا مانع منه للحاجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1426(12/7529)
حكم تقديم منفعة أو أجرة لمن يصدر خطاب الضمان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إصدار ضمان بنكي ويكفلني البنك بسعي أو مصلحة إدارية مقطوعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالضمان البنكي إما أن يكون كفالة، أو وكالة، أو وكالة وكفالة معاً، فهو كفالة عندما لا يكون مغطى تغطية كاملة، ووكالة عندما يكون مغطى تغطية كاملة، ويكون وكالة وكفالة عندما يكون مغطى جزئياً.
وعلى هذا ففي حال كونه كفالة لا يستحق البنك أجرة على كفالته لأن الكفالة من عقود الإرفاق التي لا يحق للكفيل أخذ مقابل عليها مادياً أو بدنياً كما أشار السائل، وليس له إلا أجرة مقطوعة نظير ما يبذله من مصاريف إدارية ونحوها، فإذا كانت الخدمة التي يقدمها الطالب لضمان تساوي هذه المصاريف فلا نرى مانعا، ويشترط في هذه الخدمة أن تكون على منفعة مباحة، وفي حال كان الضمان وكالة فيستحق البنك أجرة على عمله في إصدار خطاب الضمان، فإذا لم يدفع المطالب له أجرة وقام بعمل معلوم مقابل هذه الأجرة فلا مانع بالشرط المتقدم، وهو أن تكون المنفعة مباحة، وأن لا تكون فيها إعانة على الربا بوجه من الوجوه، وراجع في خطاب الضمان الفتوى رقم: 26561.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1426(12/7530)
اصطدمت سيارة بأخرى متوقفة فالضمان على من؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أيها الأفاضل: الرجاء إفادتنا بحكم المسألة الآتي ذكرها في أقرب وقت ممكن حتى يتسنى لنا الفصل بين المتخاصمين.
المسألة: توقف صاحب شاحنة بشاحنته عن يمين فاصطدمت به سيارة وهو متوقف تقل ثلاثة ركاب، وعوض أن يقدم لهم يد المساعدة وينقلهم إلى المستشفى فرّ من خوفه فتوفي أحدهم في المكان، بينما نقل الاثنان الآخران من طرف صاحب سيارة كانت مارة إلى المستشفى فتوفي الثاني بعد 12 يوما وهو في غيبوبة، ولا يزال الثالث يعاني إلى اليوم.
السؤال: هل يستحق أهل المتوفى الأول والثاني دية العمد على أساس أن صاحب الشاحنة هو السبب في الحادث إضافة إلى فراره وعدم تقديمه يد المساعدة وإيصالهم إلى المستشفى.
أم عليه دية الخطأ فقط على أساس أن فراره كان بسبب الخوف؟
أفيدونا برأي فصل في أقرب الآجال وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان سائق الشاحنة قد توقف في محل لا يسمح بالوقوف فيه، كان الضمان عليه لتعديه بوقوفه في المحل المذكور، وقد نص الفقهاء في تصادم الدواب على أن الواقف المتعدي ضامن، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وإن كان الواقف متعدياً بوقوفه، مثل أن يقف في طريق ضيق، فالضمان عليه دون السائر، لأن التكليف حصل بتعديه، فكان الضمان عليه، كما لو وضع حجراً في الطريق، أو جلس في طريق ضيق، فعثر به إنسان. انتهى
وإذا كان المحل الذي توقف فيه السائق هو مما يسمح بالوقوف فيه فلا ضمان عليه، وإنما الضمان على صاحب السيارة التي اصطدمت به.
وعلى أي من السائقين كان الضمان، فإنه يعتبر خطأ.
وأما فرار السائق وعدم تقديمه يد المساعدة، فإنه يعتبر موجباً للضمان عند من يقول بأن الترك فعل. وهو مقتضى مذهب مالك في هذه المسألة.
واعلم أن هذا النوع من القضايا يجب أن يكون مرجعه ومرده إلى المحاكم الشرعية فهي التي بإمكانها التأكد منه، والاطلاع على حقائقه، والنظر في جميع جوانبه العالقة به. أما الفتوى فلا يصح الاعتماد عليها في مثل تلك الأمور التي لا تخلو غالباً من أبعاد غامضة وخلفيات لا يمكن أن يحاط بها عن طريق سؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1426(12/7531)
ثمن الجاه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مهندس مدني مصري أعمل في السعودية كمقاول لحسابي الخاص، وحيث إنني أجنبي لا يحق لي عمل مؤسسة لأدير من خلالها أعمالي، ولذلك أقوم باستعمال أوراق ومطبوعات مؤسسة أخرى لأحد أصدقائي السعوديين وأعمل تحت اسم مؤسسته، وقد اتفقنا على أن يكون نصيب صديقي صاحب المؤسسة نسبة 5% من قيمة أي مشروع يتم التعاقد عليه (وليس من الأرباح) وأنا المسؤول عن التنفيذ والتمويل والمكسب والخسارة دون أي مسؤولية عليه. سؤالنا هو هل هذا الاتفاق جائز شرعاً؟ وهل الاتفاق أعلاه أفضل أم قيامي باستئجار اسم المؤسسة وأوراقها نظير مبلغ شهري يتفق عليه؟ وأود أن أحيط سماحتكم بأن الاتفاق على إعطائي نسبة من الأرباح قد لا يكون عليه خلاف شرعي ولكنه صعب التطبيق في حالتي حيث إن ذلك يتطلب تعيين جهاز محاسبي لمراجعة الحسابات وعمل فصل بين مصاريف العمل ومصاريفي الشخصية وهذه مصاريف زائدة لا أتحملها في المرحلة الحالية أفتونا جزاكم الله خيراً وزادكم علماً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 30367 أن ما يأخذه الكفيل من المكفول - في بعض الدول التي تشترط الكفالة للإقامة فيها – يعد من باب ثمن الجاه
وقد اختلف أهل العلم في حكم ثمن الجاه على أقوال:
فبعضهم حرمه بإطلاق.
وبعضهم أجازه بإطلاق
وبعضهم فصل فأجازه بقدر أجرة المثل وهو المفتى به عندنا في الشبكة، وعلى القول بالجواز فلا يجوز أن يكون ذلك نسبة من قيمة المشاريع أو ربحها لأن من أجاز ثمن الجاه اعتبره من باب الإجارة، والإجارة لا بد فيها من انتفاء الجهالة والغرر, وكون الأجرة نسبة من الربح فيه جهالة ظاهرة.
وعليه فالحل الأسلم هو أن يكون المقابل للعمل تحت اسم المؤسسة مبلغا مقطوعا شهريا أو سنويا أو بحسب الاتفاق.
وأسلم منه أن يدخل صاحب المؤسسة في المشروع بجزء من المال ويكون له نسبة من الربح بحسب الاتفاق فيكون حينئذ شريكا.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1426(12/7532)
حكم دخول الشخص في مشروع باسمه فقط لصالح غيره وأخذ أجرة على ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[أود عمل مشروع مع جهة ما ولأسباب ما لا أستطيع التعامل باسمي مع هذه الجهة فعرض علي أحد الأشخاص أن يقوم هو بعمل المشروع باسمه ويقوم بدفع المبلغ المطلوب لهذه الجهة كضمان لها على أن يأخذ مبلغا ثابتا مني شهريا دون تحمل أي خسارة؟
أرجو إفادتي وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز عمل هذا المشروع على الصفة المذكورة، لأن أخذ هذا الرجل مبلغاً ثابتاً من المال مقابل تسجيل المشروع باسمه ودفعه لهذا المبلغ من المال ينطوي على عدة محظورات:
المحظور الأول: الغش والتدليس للجهة التي تريد عمل هذا المشروع معها، حيث إن هذا المشروع في الظاهر له بينما هو في الحقيقة لك.
المحظور الثاني: الربا، حيث إن هذا الرجل في حقيقة الأمر ضامن لك بهذا المبلغ الذي دفعه، فإن المشروع لك لا له، ولا يجوز للضامن أن يأخذ مقابلاً على الضمان أو أن يجر بالضمان نفعاً إلى نفسه، وإلا كان ذلك ربا، قال في الإنصاف: لو جعل له جعلاً على ضمانه له: لم يجز. نص عليهما، لأنه ضامن، فيكون قرضا جر منفعة.
المحظور الثالث: ما يسمى بثمن الجاه، والراجح لدينا أنه محرم ما لم يباشر الباذل لجاهه عملا ًملموساً يستحق أجراً عليه، وراجع للتفصيل الفتوى رقم: 53391.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1426(12/7533)
السلعة إذا هلكت في فترة الخيار بغير تفريط من المشتري
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد الشكر للإخوة القائمين على هذا الموقع.
لدي سؤال يحيرني منذ أربع سنين أنا تاجر اشتريت بعض السلع من أحد التجار وأعطاني ضعف ما طلبت أو دفعت سهوا منه فلما كلمته أني لم أطلب كل هذه السلع قال اتركها إلى أن تستعملها ثم ادفع الثمن الباقي فجاء قدر الله أن ضرب زلزال فتكسر بعضها سؤالي كيف أتصرف في السلعة الباقية أو التي تكسرت؟ مع العلم أنه لم يتصل بي منذ أن سلمني تلك السلعة أي منذ أربع سنوات أرجو الإجابة عن هذا السؤال الذي يقلقني مع ألف شكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السلع التي استلمتها تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: هو السلعة التي طلبتها واستلمتها، فهذه السلعة إذا تلفت فأنت الضامن لها، ولا ينفسخ البيع بتلفها بسبب الزلزال، ففي (الموسوعة الفقهية) : اتفق الفقهاء على أن تلف كل المبيع بعد القبض لا يفسخ به البيع، والهلاك يكون على المشتري وعليه الثمن، لأن البيع تقرر بقبض المبيع فتقرر الثمن -هذا من حيث الجملة- سواء أكان التلف بآفة سماوية أم بفعل المبيع أم بفعل المشتري.
القسم الثاني: هو السلعة التي استلمتها خطأ، ثم طلب منك صاحبها أن تبقيها عندك إلى أن تستعملها ثم تؤدي ثمنها، فأتلف الزلزال بعضها، فأما ما لم يتلف منها، فهو على الاتفاق السابق بينكما، أي أنك إذا استعملته فعليك أن تؤدي ثمنه.
وأما ما أتلفه الزلزال، فإن قول صاحب السلعة لك: اتركها إلى أن تستعملها ثم ادفع ثمنها. يفهم منه أنه خيرك بين استعمالها ودفع ثمنها، وبين ردها إذا لم تستعملها، وهذا خيار، ومدته ما لم تُستعمل السلعة، أي أنك مخير بين إمساك السلعة أو ردها ما لم تستعمل هذه السلعة.
كما جاء في (الفتاوى الهندية) : وإذا باع من آخر ثوباً بعشرة دراهم ثم إن البائع قال للمشتري: لي عليك الثوب أو عشرة دراهم، قال محمد رحمه الله: هذا عندنا خيار.
والسلعة إذا هلكت في فترة الخيار بغير تفريط من المشتري، فالضمان فيها على البائع، فقد ورد في (المدونة) : قلت: أرأيت إن كان إنما اشترى حيواناً أو دواب أو رقيقاً على أنه بالخيار ثلاثاً فادعى المشتري أن الدواب أفلتت منه والرقيق أَبَقوا أو ماتوا؟ قال: القول قول المشتري، وهو مصدق في ذلك، ولا يكون عليه شيء، لأن هذا ليس مما يغاب عليه، والموت إذا كان بموضع لا يجهل موته، سئل عن ذلك أهل تلك القرية ولا يقبل في ذلك إلا قول عدول، فإن عرف في مسألتهم كذبه أغرمه، وإن لم يعرف كذبه حمل من ذلك ما يحمل وحلف عليه وقبل قوله، وقد قال مالك ... قلت: أرأيت كل سعلة اشتريتها على أني بالخيار فيها من ثوب أو عرض سوى الحيوان، فغبت عليها ثم ادعيت أنها تلفت في أيام الخيار، أيكون القول قولي في قول مالك؟ قال: قال مالك: هو ضامن. قلت: فإن أتى بالبينة على أن السلعة التي غاب عليها قد هلكت هلاكاً ظاهراً يعرف من غير تفريط من المشتري؟ قال: يكون من البائع. انتهى من المدونة.
ومدة الخيار هنا هي: إلى أن تستعمل هذه السلعة، فإذا هلكت قبل استعمالها فهي في مدة الخيار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1426(12/7534)
مدى مسؤولية العبد في حال نومه
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من الشيوخ الأفاضل الإجابة عن هذا السؤال وهو: ذكر لي أحد الأصدقاء أنه سمع من أحد المشايخ أن الإنسان بعد سن السبعين يستحي الله أن يكتب عليه سيئات وذكر لي حديثا يؤدي إلى هذا المعنى، فما صحة هذا الكلام وهل يحاسب الإنسان على فترة نومه أم يحاسب على ما يفعله وهو مستيقظ
أرجو الفتوى بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نعثر بعد البحث على حديث يفيد ما ذكر السائل، وقد ذكر الهيثمي في المجمع عدة أحاديث فيما يعطي الله للمعمرين في الإسلام، وذكر فيها كثيرا من الروايات وتكلم على تخريجها فلتراجعه، وراجع الفتوى رقم: 56050.
وأما النائم فإن القلم مرفوع عنه كما في الحديث: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ. رواه أصحاب السنن وصححه الألباني.
وبناء عليه، فإنه لا يحاسب العبد إلا على ما عمله في اليقظة من ناحية الحكم التكليفي، ولكنه يجب عليه ضمان ما أفسده في حال نومه كما لو انقلبت المرأة على رضيعها فمات فتجب الدية على عاقلتها، وكذا لو كسر النائم شيئا فعليه ضمانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1426(12/7535)
من كفل شخصا في عقد مخالف للشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[ (كفالة غرم وأداء) ، كفلت أحد الزملاء السابقين في العمل عند توقيعه لعقد إيجار سيارة منته بالتملك من إحدى الشركات كفالة غرم وأداء بالأقساط الشهرية وبكامل المبلغ الناتج عن العقد، ولعدم سداد المكفول للأقساط تمت مطالبتي بصفتي الكفيل الغارم بدفع قيمة العقد، وسؤالي هنا في حالة عدم شرعية العقد كما جاء بأحد الفتاوى، هل يلغي ذلك العقد ويحلني من الكفالة أم أن الكفالة تلزمني بالدفع لقيمة العقد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا بيان حكم الإيجار المنتهي بالتمليك، وأن أغلب صوره غير جائزة، فراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2884، 15750، 2344، 48791.
وكان مجمع الفقه الإسلامي قد أصدر قراراً بين فيه الصور الجائزة والممنوعة منه، وقد نقلناه في الفتوى رقم: 6374 فراجعه.
والكفيل ضامن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الزعيم غارم. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني.
وأما بخصوص كفالتك لزميلك في عقد الإيجار المنتهي بالتمليك، فإن كان هذا العقد من الصور الجائزة المذكورة في قرار مجمع الفقه الإسلامي، فإنه يلزمك الوفاء بما تكفلت بضمانه، وترجع بعدها على صاحبك فيما دفعته، ففي المدونة: فإذا قال: أنا ضامن لك، أو حميل لك، أو قبيل لك، أو زعيم لك، أو هو لك عندي، أو هو لك علي، أو هو لك قبلي، فهذا كله ضامن لازم، والضمان حمالة، والحمالة لازمة كالدين. وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 20008.
وأما إن كان العقد من الصور غير الجائزة، فإنه يلزمك فسخ العقد، أو أن تطالب الشركة بجعله عقداً شرعياً، وذلك بأن تتفقوا -أنت وزميلك والشركة- على الفصل بين عقدي الإيجار والتمليك، فيصيران عقدين منفصلين تماماً، أو أن يلحق عقد الإيجار بعقد هبة السيارة للمستأجر بعد سداد كامل الأجرة، كما جاء في الصور الجائزة لعقد الإيجار المنتهي بالتمليك في قرار مجمع الفقه الإسلامي، فإن وافقت الشركة على واحد من هذه الحلول فهذا هو المطلوب، وإن رفضت وألزمتك بسداد أقساط زميلك على ما هي عليه، فحينئذ تدفعها لأنك مجبر على ذلك، وليس لك فيه خيار، وفي كلا الحالتين ترجع على زميلك بما دفعت من أقساط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1426(12/7536)
حكم الاشتراط على الوكيل بأن يضمن على كل حال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تاجر من الأردن مضى من عمري 26 عاما وهبني الله عملا حرا جيدا في بداية حياتي وحتى الآن. اتفقت مع أحد الاشخاص أن يكون أحد وكلائي في الأردن لتوزيع خطوط خلوية للشركات والمؤسسات الصغيرة مقابل (60%) من الأرباح للخطوط التي يبيعها ذلك الوكيل فقط وبناء عليه فإن العقد الذي بيني وبينه ينص على تحمل الوكيل كامل المسؤولية في حالة إخلال مستخدمي الخطوط التي باعها في الدفع الشهري له (خطوط فواتير شهرية) . للأسف لقد تراكم على خطوط هذا الوكيل أكثر من (6000) دينار وقمت بفصل خطوطه من خلال الشركة المشغلة، عندها حضر ذلك الوكيل إلى مكتبي وطلب مني أن أوقع له ورقة أخاطب فيها أحد البنوك الربوية أعلم البنك من خلالها أن هذا الوكيل موظف لدي ويتقاضى راتبا (دخلا) شهريا (350) دينارا وهو في الواقع يتقاضى أكثر من ذلك لكنه ليس موظفا حسب الاتفاق بيني وبينه. لقد كتبت له ما طلب وأنا أعلم أنه سيأخذ قرضا ربويا على هذه الورقة ليعطيني جزءا من المبلغ الذي أريده منه. رفض البنك الورقة لأن ذلك الوكيل له شيك راجع بسبب عدم كفاية الرصيد في الماضي فرجع الوكيل لي مصطحبا أحد أصدقائه المقربين وقمت آسفا بكتابة نفس الكتاب للبنك وبنفس التفاصيل ولكن غيرت الاسم من اسم الوكيل إلى اسم صديقه. طبعا أنا كمؤسسة ليس لي أدنى مسؤولية بنص الكتاب تجاه ذلك البنك. وافق البنك على الكتاب وقام بمنحه قرضا بقيمة (3000) دينار دفع لي منه (2400) دينار. أنا أحسست أنني قد ارتكبت محرما بمساعدتي له رغم أنه مدين لي. وأنا بفضل الله لا أتعامل أبدا مع البنوك الربوية إلا بحسابات جارية وأرفض تماما القروض والتسهيلات والاعتمادات ولا ألجأ أبدا لها. أفتوني إن كنت وقعت بالحرام؟ وإن كان كذلك ماذا علي أن أفعل لأخرج من تلك الورطة أمام الله نظيفا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجواب على هذا السؤال في نقاط، الأولى:
أن الوكالة بأجر جائزة شرعاً، جاء في الإنصاف: يجوز التوكيل بجعل معلوم أياماً معلومة، أو يعطيه من الألف شيئاً معلوماً. اهـ. وجاء في مطالب أولي النهي: وإن عين موكل ثيابا معينة في بيع وشراء بأن قال لوكليه كل ثوب بعته من هذه الثياب فلك على بيعه كذا.. صح.اهـ.
الثانية: هل الأجرة التي تكون نسبة من الربح أجرة معلومة أم لا؟ وبالتالي هل يصح عقد الإجارة على هذه الأجره أم لا؟، تقدم الخلاف في هذه المسألة في الفتوى رقم: 50615.
الثالثة: يلزم الوكيل استيفاء وتحصيل الثمن من المشترين. جاء في درر الحكام: وأما الوكيل بالبيع بأجرة كالدلال والسمسار فهو مجبور على تحصيل الثمن واستيفائه..وبما أنهم يأخذون أجرة على عملهم وتحصيل الثمن من تمام العمل أيضاً. اهـ. ولكن الإجبار على تحصيل الثمن لأنه جزء من العمل شيء وتضمين الثمن الذي لم يحصل شيء آخر. فلا يجوز تضمين الوكيل بأجرة الثمن إذا لم يتعد أو يفرط في الوكالة لأنه أمين، والأمين لا يضمن إلا في حالة التعدي، وراجع في عدم تضمين الوكيل الفتوى رقم: 19716، والفتوى رقم: 51317.
وبهذا تعلم أن الشرط الذي اشترطته على وكيلك بأن يضمن على كل حال شرط باطل، فليس لك تضمينه إلا إذا ثبت تعديه أوتفريطه، وما كنت أخذته منه بهذا الضمان فإنه يجب عليك رده فورا.
وسواء ثبت ذلك أولا، فإنه لا يحل لك إلجاؤه إلى الاقتراض بالربا سواء كنت أنت الكفيل عليه أم غيرك. لأن كفالة شخص ليقترض بالربا حرام شرعاً، وانظر بيان ذلك في الفتوى رقم: 60522.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1426(12/7537)
مدى مسئولية وضمان منقذ السباحة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص وظيفته (منقذ سباحة) أي تقديم المساعدة لمن لا يتقن السباحة أو يتدرب للسباحة إذا تعرض للغرق ونحوه.. ما الحكم هل يضمن الدية وتلزمه الكفارة في حالات الوفاة التي تحصل في الموضع الذي تحت إشرافه أم أنه يوجد تفصيل؟ مع التوجيه والدليل.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعمل الشخص لوقت محدد في مسبح أو نحو ذلك كمنقذ سباحة يعرف في الفقه الإسلامي بالأجير الخاص، وأكثر الفقهاء على أن الأجير الخاص لا يضمن ما تلف تحت يده إلا في حالة التفريط أو التعدي، لأن ما تحت يده أمانة، ولا ضمان على مؤتمن إلا بتعد أو تفريط.
وعليه، فإذا كان هذا المنقذ لم يتعد ولم يفرط، فلا دية عليه ولا كفارة، وأما إذا كان قد تعدى أو فرط، فإنه تجب الدية على عاقلته والكفارة عليه هو، ومثال التعدي والتفريط: أن يسمح لمن لا يحسن السباحة أن يسبح في موضع خطر، أو يغفل عن مراقبة السابحين حتى يتعرض أحدهم للغرق ونحو ذلك.
ونظير تلك المسألة في كلام الفقهاء ما ذكروه من عدم وجوب الضمان على الظئر إذا هلك دون تعد منها أو تفريط، والظئر هي المرأة المستأجرة لإرضاع الطفل وحفظه.
وكذلك ما ذكروه من عدم وجوب الضمان على الراعي المستأجر لحفظ ورعاية الغنم إذا هلك بعض الغنم دون تعد منه أو تفريط.
قال السرخسي في المبسوط: ولو ضاع الصبي من يدها -أي الظئر- أو وقع فمات، أو سرق من حلي الصبي، أو من ثيابه شيء لم تضمن الظئر شيئاً، لأنها بمنزلة الأجير الخاص، فإن العقد ورد على منافعها في المدة.
وقال ابن فرحون في تبصرة الحكام: فرع: ومن قول مالك رحمه الله: في الراعي ينام نهاراً فتضيع الغنم في نومه، أو يصيبها السبع أو السارق، أنه لا ضمان عليه إلا أن يكون بموضع مخوف، ولم يزل من شأن الرعاء النوم نهاراً في أيام النوم، إلا أن يأتي من ذلك بما يستنكر مما يجر إلى الضيعة البينة فيضمن، فرع: ويضمن ما هلك برعيها في موضع مخوف من المتيطية.
فقوله: إلا أن يكون بموضع مخوف: يدل على أن النوم عن رعاية ما استؤجر لحفظه في موضع يخاف عليه الهلاك فيه -مثل حمام السباحة ونحوه- تفريط وتعد يستوجب الضمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1426(12/7538)
الأجير الخاص ... والضمان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صيدلانية أعمل في صيدلية مستشفى وضغط العمل كبير أود أن أسأل عن الأخطاء التي قد أتعرض لها مع العلم أنها غير مقصودة وليست ناتجة عن إهمال ونادرة الحدوث مثل: خطأ في الفواتير ومحاسبة المريض على كمية أقل أو أكثر من الدواء, كسر علبة دواء , صرف دواء لمريض مؤمًن صحيا ومعرفة أن هذا الدواء لا يدخل في التأمين لاحقا , وجود بعض الأدوية التي انتهت صلاحيتها والتخلص منها بدون علم المسؤول.
مع العلم أنه من غير المستحب إخبار المسؤول عن مثل هذه الأخطاء لكونها بسيطة علما بأن عقد العمل لا يحتوي على أية قوانين تنص على أن الصيدلاني يتحمل أخطاء العمل. وسؤالي هو هل علي دفع مصاريف هذه الأخطاء أم لا؟؟
وكذلك هل علي أن أبحث عن رقم المريض لأخبره مثلا بأنه لم يدفع ثمن الدواء كاملا وأطالبه بالعودة إلى الصيدلية ودفع ثمن الدواء كاملا أم أن هذا غير ضروري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعمل الصيدلي في مستشفى أو صيدلية أو نحو ذلك لوقت معين يعرف في الفقه الإسلامي بالأجير الخاص، وأكثر الفقهاء على أن الأجير لا يضمن ما تلف تحت يده إلا في حالة التفريط أو التعدي، لأن ما تحت يده أمانة ولا ضمان على مؤتمن إلا بتعد، ومعلوم أن السهو والخطأ الذي لا يخلو منه إنسان ليس تعدياً في الجملة.
جاء في الجوهرة النيرة من كتب الأحناف: ولا ضمان على الأجير الخاص فيما تلف في يده ولا ما تلف من عمله بأن انكسر القدر من عمله أو تخرق الثوب من دقه، وهذا إذا كان من عمل معتاد متعارف، أما إذا ضرب شاة ففقأ عينها أو كسر رجلها كان متعدياً ضامناً.
وفي المدونة في فقه الإمام مالك: قلت: أرأيت إن استأجرت أجيراً يخدمني شهراً في بيتي فكسر آنية من آنية البيت أو قدراً أيضمن أم لا في قول مالك؟ قال: لا يضمن إلا أن يتعدى، فأما ما لم يتعد فلا يضمن.
وقال ابن قدامة في المغني: فصل: فأما الأجير الخاص فهو الذي يستأجر مدة، فلا ضمان عليه، ما لم يتعد، قال أحمد في رواية مهنا في رجل أمر غلامه يكيل لرجل بزرا فسقط الرطل من يده فانكسر: لا ضمان عليه. فقيل: أليس هو بمنزلة القصار؟ قال: لا، القصار مشترك. قيل: فرجل اكترى رجلا يحرث له على بقرة، فكسر الذي يحرث به قال: فلا ضمان عليه، وهذا مذهب مالك، وأبي حنيفة وأصحابه، وظاهر مذهب الشافعي وله قول آخر: أن جميع الأجراء يضمنون.
وعليه، فإذا كانت هذه الأخطاء ليست بسبب الإهمال أو التعدي، فليس عليك ضمان تلك الأخطاء.
أما البحث عن رقم المريض لإخباره بأنه دفع أكثر من ثمن الدواء أو دفع أقل من ثمنه، وأن المتعين عليه دفع الباقي، فهذا واجب متى ما أمكن ذلك، لأن ذلك من أداء الأمانات إلى أهلها، وإذا لم يمكن معرفة المريض أو الاتصال به، وكان قد دفع أكثر من ثمن الدواء، فأنت مخيرة بين أن تحتفظي بالفرق وبين أن تتصدقي به عنه، على أنه إذا وجد بعد ذلك يخير بين إمضاء ما فعلت ويكون الأجر له وبين أن تردي عليه الفرق ويكون الأجر لك.
وراجعي الفتوى رقم: 45715.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1426(12/7539)
الصليب.. اقتناؤه.. وحكم كسره
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما كنت صغير السن كنت ربما قد أخذت ما يشبه السكين وهي على شكل صليب من بيت خالتي بدون إذنهم وكنت وقتها في الرابعة عشر من العمر ورآها معي أحد المسلمين فأمرني بكسرها لوجود الصليب عليها ففعلت كيف أكفر عن خطيئتي دون معرفة بيت خالتي بما حصل؟ على فكرة هم مسلمون ولكن تلك السكين أتتهم من أحدهم من الخارج.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنه يحرم على المسلم اتخاذ شيء على هيئة الصليب، وأن الواجب عليه إن وجد ذلك في بيته أن ينقضه ويمحوه، وفي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه. رواه البخاري.
قال الإمام الشوكاني رحمه الله: قوله: (فيه تصاليب) أي: صورة صليب من نقش ثوب أو غيره (نقضه) أي: كسره وأبطله وغيَّر صورة الصليب. وفي رواية أبي داود: (قضبه) أي: قطع موضع الصليب من دون غيره، والقضب القطع من غير استئذان مالكه. اهـ
وجاء في الموسوعة الفقهية: ومن كسر صليباً لمسلم فلا ضمان فيه اتفاقاً. اهـ
وجاء في حاشيتي قليوبي وعميره: والأصنام والصلبان ... لا يجب في إبطالها شيء لأنها محرمة الاستعمال، ولا حرمة لصنعتها ... والرجل والمرأة والفاسق والصبي المميز يشتركون في جواز الإقدام على إزالة هذا المنكر، وسائر المنكرات، ويثاب الصبي عليه كما يثاب البالغ. اهـ
هذا.. وليعلم الأخ الكريم أننا وإن لم نضمنه ثمن هذا الشيء الذي على هيئة صليب، فإننا لا ننصحه بأن يبادر كل ما رأى صليباً مملوكاً بكسره، فإن التغيير بهذه الطريقة مشروط بسلامة العاقبة، ورجحان مفسدة الكسر على مفسدة الإبقاء، وهذا باب واسع يحتاج إلى بسط ليس هذا محله، فيقتصر الأخ الكريم على النصح بلسانه.
وقديماً قال الإمام الغزالي في أواني الخمر وظروفها قال: وللولاة كسر ظروفها زجراً وتأديباً، وليس ذلك للآحاد. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1425(12/7540)
من لم يكن بالطب معروفا فهو ضامن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيب والبلد الذي أنا فيه فيها إهمال وسمح لنا بممارسة المهنة قبل أن نتعلم جيدا وننضج وتسبب ذلك في وفاة أطفال دون السنتين ولا أستطيع أن أصل لأهل البعض وممكن الوصول للبعض الآخر:
1- هل عليّ دية؟ وإن كان كم مقدارها؟ وإن لم أستطع أن أصل للأهل هل أتصدق بها عنهم؟
2- هل عليّ صوم؟ وهل أصوم عن كل طفل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للطبيب الجاهل أوالذي في طريق التعلم وحال الطلب أن يمارس هذه المهنة بمفرده دون الإشراف عليه ومراقبته من الأطباء المختصين المجربين، ولو أذنت الحكومة في ذلك أو تساهلت فيه.
وعلى الطالب المسلم أن يتقي الله تعالى في هذه المهنة الإنسانية الشريفة التي جعلها الإسلام فرض كفاية يجب على المجتمع المسلم أن يوفر لها من يقوم بها وإلا أثم الجميع، والطبيب الذي لا يحسن الطب إذا عالج مريضاً فأتلف عضواً أو نفساً، فعليه الإثم وضمان ما جنت يداه.
فقد قال صلى الله عليه وسلم: من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن.
وفي رواية: ولم يكن بالطب معروفاً فهو ضامن. رواه أبو داود والحاكم.
وعلى ذلك، فإن عليك دية من مات من هؤلاء الأطفال بسبب ما أخطأت فيه من تصرف أو وصفة طبية قبل نضجك وخبرتك واختصاصك في المرض الذي تعالج، وعليك بعد ذلك وقبله المبادرة بالتوبة النصوح إلى الله تعالى؛ لأنه لا يحق لك القدوم على هذا العمل بدون معرفة تامة كما أشرنا.
ولابد من البحث عن أصحاب الحقوق حتى توصل إليهم حقوقهم، وبإمكانك الرجوع إلى الملفات والعناوين أو الأرشيف.
وأما الدية فهي المذكورة في قول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ ... {النساء: 92} .
ومن لم يجد رقبة، فعليه بدلها صيام شهرين متتابعين لقول الله تعالى: ... فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء: 92} .
ومقدار الدية: مائة من الإبل. قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: والدية مائة من الإبل، وعلى أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثنا عشر ألف درهم.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الجوابين التاليين: 18906، 55184.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1425(12/7541)
حكم أخذ الضامن عوضا مقابل الضمان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف وتقدمت للبنك لأخذ قرض، وتقدم زميل لي في نفس الوقت، واشترط البنك إمضائي كضامن لزميلي وإمضاء زميلي كضامن لي، وبعد أن صرفت مبلغ القرض شعرت أنه يدخل في الربا وتيقنت من ذلك بعد سؤال العلماء، وقمت برد القرض وتحملت المصاريف الإدارية، ولكنني لم أتمكن من رفع ضمانتي لزميلي، فما زال مستفيداً من القرض، فما هو الموقف الشرعي في هذه المشكلة، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولاً إلى أنه لا يجوز للمسلم أن يقترض بالربا ولا أن يضمن من اقترض به، لأن التعامل بالربا حرام، بل من أعظم المحرمات، ولا يقتصر ما جاء فيه من الوعيد على المتعامل به فقط، بل يتعدى ذلك إلى كل من ساهم فيه، ولذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم: آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء. رواه مسلم، وراجع الفتوى رقم: 38297.
واعلم أنه لا يجوز للضامن أن يأخذ مقابلا على الضمان أو أن يجر بالضمان نفعا إلى نفسه، لأنه ملزم بأداء الدين بحكم هذا الضمان، كما قال صلى الله عليه وسلم: الزعيم -أي الضامن- غارم. رواه أحمد والبيهقي، وإذا أدى الضامن الدين الذي على المضمون عنه، وجب له في ذمته مثله، فصار بذلك الضمان بمنزلة القرض، فكما لا يجوز للمقرض أن يأخذ عوضا عن القرض أو أن يجر به نفعا إلى نفسه، فكذلك لا يجوز للضامن أن يأخذ عوضا مقابل الضمان أو يجر به نفعا إلى نفسه، وإلا كان ذلك ربا، قال في الإنصاف: لو جعل له جعلا على ضمانه له: لم يجز. نص عليهما، لأنه ضامن، فيكون قرضا جر منفعة.
وقال المواق في التاج والإكليل عند شرح قول خليل: (إلا في اشتراء شيء بينهما) ابن حبيب: من باع سلعة من ثلاثة على أن بعضهم حميل ببعض وإن لم يكونوا شركاء في غيرها وذلك جائز، ولم يزل هذا من بيوع الناس وما علمت من أنكره، وإنما الذي لا يجوز أن يقال: تحمل عني في شيء على أن أتحمل عنك في شيء آخر. والحميل هو الضامن.
وعليه، فلا يجوز أن يشترط البنك لإعطائك وإعطاء زميلك قرضا أن يضمن كل منكما الآخر، كما لا تجوز لكما الموافقة على هذا الشرط، لأن كلا منكما -حينئذ- يجر بهذا الضمان نفعا إلى نفسه، فعليكما بالتوبة إلى الله، ولا تعودا إلى ذلك مرة أخرى، ولا يلزمك في هذا أكثر من التوبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1425(12/7542)
التعويض عن المسروقات بين الضمان وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أقمت لمدة أسبوع في إحدى القرى السياحية وذلك مقابل إيجار يومي وأثناء هذه المدة دخل أحد اللصوص الوحدة التي أقمت بها ثم سرق كل مالي الموجود معي في ذلك الوقت وجهاز المحمول الخاص بي، وذلك قبل صلاة الفجر، مع العلم بأن هذه القرية من القرى الكبيرة والتي يوجد لديها جهاز أمني قوي وكبير، وبعد الحادث طلبت مني إدارة القرية أن أكتب طلباً ليتم تعويضي عن ما تم سرقته مني وذلك بعد أن أقوم بتحديد قيمة المسروقات، فهل هذا التعويض في مثل هذه الحالة حلال أم حرام، برجاء التكرم بالإجابة مباشرة على سؤالي وعدم تحويلي إلى سؤال مشابه حيث أنني أحياناً لا أستطيع أن أستنبط الإجابة من السؤال الذي تم تحويل فتواي إليه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تكن السرقة ناتجة عن تفريط في الحراسة فليس لك عند هذه القرية السياحية شيء، اللهم إلا أن يعطوك شيئاً على سبيل الهبة.
وأما إن كانت السرقة ناتجة عن تفريط منهم فيلزمهم دفع قيمة ما سرق منك، وقد سئل شيخ الإسلام: عن جمّال ربط جماله في الربيع ولكل مكان خفراء، ثم سرق من الجمال جمل ولم يكن أحد من الخفراء بائناً فهل يلزمه شيء أم لا؟ فأجاب: الحمد لله إذا كانوا مستأجرين على حفظهم فعليهم الضمان بما تلف بتفريطهم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1425(12/7543)
حكم الأجرة على الكفالة والمال المكتسب من عمل محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[القانون في الإمارات يجبر الشركات الأجنبية أن يكفلها شخص مواطن, وقد كفلت شركة (مجرد كفيل ويدفع لي مبلغا مقطوعا سنويا) نشاطها التخزين فقط؛ وبعد سنة تأكد لي بأنهم يخزنون الخمور كذلك, واستبعدت الآن المبلغ الذي دفع لي حسب الاتفاق ككفيل ولا أعرف ما أفعل به, فهل هو حلال أم حرام, وهل أفض العقد الذي بيننا؟
أجيبوني جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على ثلاثة أمور:
الأمر الأول:
ما يتعلق بأخذك أجرة سنوية مقابل كفالتك لشركة ما وقد تقدم - في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9559، 51382، 30367، 5264، أن ذلك داخل في ثمن الجاه، وذكرنا في الفتاوى المشار إليها أقوال أهل العلم في ثمن الجاه والراجح منها.
والأمر الثاني:
ما يتعلق بالعقد الذي بينك وبين الشركة المذكورة بعد علمك بأن نشاطها يشتمل على تخزين الخمر, ونقول لك إن الواجب عليك الآن هو فض هذا العقد فورا لأن الاستمرار في ذلك إعانة على الحرام والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله الخمر، ولعن شاربها وساقيها وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومبتاعها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها. رواه أحمد
والأمر الثالث:
ما يتعلق بالمبلغ الذي أخذته منهم مقابل هذه الكفالة التي تبين أنها على شيء محرم, وقد تقدم في الفتوى رقم: 49655، أنه يجب عليك أن تتصدق بهذا المبلغ في وجوه الخير ومصالح المسلمين
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1425(12/7544)
من يضمن مال الشركة إذا هلك في يد الشريك
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ثلاثة شركاء في تجارة. في أحد الأيام أخذ أحد الشركاء نقودا من الشركة لدفع بعض الفواتير, ولكن الجهة التي تستقبل الدفعات أجلته لسبب خارج عن إرادته, فبقي المال معه. في عصر ذلك اليوم أتى شريكي لعندي ومعه حقيبة صغيرة بها المال, ثم خرجنا سوية إلى العمل بسيارته. في الطريق أذن المغرب فدخلنا إلى الصلاة في المسجد ولما خرجنا رأيته يقف عند السيارة وقال إنه رأى الباب مفتوحا مع أنه تأكد من إغلاق جميع أبوابها قبل دخوله إلى المسجد , ثم تبين أن الحقيبة قد فتحت وسرق منها المال الذي وضعه هو بنفسه بداخلها. والسؤال: هل يتحمل شريكي لوحده مسئولية سرقة هذا المال أم أن الشركاء جميعا يتحملون هذه المسئولية. نرجو التكرم بالإجابة مشفوعة بالأدلة الشرعية. جزاكم الله تعالى عنا وعن المسلمين كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن مال الشركة في يد الشريك يعتبر أمانة عنده، ويده عليه يد أمانة لأنه قبضه بإذن صاحبه لا على وجه المبادلة فصار كالوديعة. وعليه؛ فإذا هلك المال في يده بلا تعد أو تفريط منه فإنه لا يضمنه. جاء في المنشور في القواعد: (اليد) وهي ضربان: يد غير مؤتمنة كيد الغاصب ... ويد أمانة كالوديعة والشركة والمضاربة والوكالة ونحوها إذا وقع منها التعدي صارت اليد يد ضمان، فيضمن إذا تلفت بنفسها، كما لو لم يكن مؤتمنا. ا. هـ
وجاء في المدونه: قلت: أرأيت إن اشترك رجلان من عند كل واحد منهما ألف درهم، فأخرج كل واحد منهما ألفه فصرها، وجعل كل واحد منهما ألفه عنده ولم يخلطاها حتى ضاعت إحدى الألفين؟ قال: سئل مالك عنها؟ فقال: إذا كان في يد كل واحد منهما دراهمه ولم يخلطاها فضاع منها شيء فهو عند صاحب الذي ضاع منه لأن هذين لم يخلطا المال الذي اشتركا به. قال مالك: فلو كانا قد صرَّا كل ألف في خرقة على حدة ثم جمعاهما عند أحد الشريكين أو جعلاهما في خرج أحدهما فضاعت من أحدهما كانت المصيبة منهما جميعاً. اهـ. فالمقصود أن على الشركاء جميعاً تحمل خسارة هذا المال المسروق لعدم تفريط الشريك في حفظه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1425(12/7545)
من اشترى دابة فأبقاها عند البائع فماتت
[السُّؤَالُ]
ـ[أود سؤال فضيلتكم حول هذه المسألة منذ أيام ذهبت لأحد المزارع لشراء شاة وقد اخترت واحدة وتفاهمنا على السعر على أساس أنني سوف أرجع لأخذها بعد أسبوع وأنها سوف تظل مع المزارع بعد أن أرجع له بعد أسبوع وقد اشتريتها منه (بالكلمة) دون دفع أي مبلغ، رجعت له منذ يومين وقد أحضرت المبلغ لدفع ثمنها ونقلها إلى المذبح، فإذا بالمزارع يقول لي إن الشاة ماتت ويجب علي دفع ثمنها لأنني قد اشتريتها بالكلمة وذكر لي أن هذا هو المتعارف عليه في هذا البلد، فما مدى شرعية هذا التعامل وهل له أصل في الدين، وهل علي إثم إذا لم أدفع له المبلغ، أرجو إفادتي بالأحاديث والآيات الدالة على ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد تعاقدت مع البائع على شراء هذه الشاة، وتركتها عنده وديعة باختيارك، وافترقتما على ذلك فالبيع صحيح، وانتقلت بذلك ملكية الشاة إليك ولزمك دفع ثمنها، ولا يؤثر في ذلك كونك قد تركت الشاة عند البائع أمانة، أو لم تسلم الثمن لأن تسليم الثمن في الحال ليس من شروط صحة البيع.
والأصل في هذا قول ابن عمر رضي الله عنهما: ما أدركته الصفقة حيا مجموعاً فهو من مال المبتاع. رواه الدارقطني، ورواه البخاري تعليقاً مجزوما به.
وعلى هذا؛ فإذا هلكت هذه الشاة عند البائع دون تفريط منه، كانت مصيبتها عليك ولزمك دفع ثمنها، ولكن اشترط العلماء لوجوب الضمان عليك في مثل هذه الحالة أن تقوم بينة بهلاكها؛ وإلا لم يجب عليك ضمانها.
قال في التاج والإكليل: لو لم يقبض المبتاع الأمة في البيع الصحيح حتى ماتت عند البائع أو حدث بها عنده عيب وقد قبض ثمنها أم لا، فضمانها من المبتاع وإن كان البائع احتبسها بالثمن كالرهن. ابن رشد: المشهور من قول ابن القاسم أن السلعة المبيعة المحبوسة بالثمن رهن به تكون مصيبتها من المشتري إن قامت بينة بتلفها، وإن لم تقم بينة لم يصدق البائع في ذلك ولزمه غرم قيمتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1425(12/7546)
من اشترى أرضا وأحدث فيها بناء ثم ظهر أنها ملك لآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت بشراء قطعة من الأرض من أحد الأشخاص وبعد الحصول على الترخيص من الجهات المختصة قمت بالبناء على تلك الأرض وبعدما أتممت بناء القواعد فوجئت بالسيدة التي كانت تمتلك الأرض قبل أن تبيعها للشخص الذي تم بيني وبينه عقد الشراء، فإذا بها تقول بأن لها متران قد دخلا البناء، مع العلم بأنني كنت قد دفعت ثمنهم كاملاً على أنهم من ضمن تلك الأرض وقد طوبوا باسمي رسميا والآن بعد ما أتممت البناء عليها تنازعني وتريد قص المنزل عن طريق المحكمة، فما حكم الشرع في ذلك، وهل يقع علي تعويض لها أم عليها أن ترجع للشخص الذي اشترينا منه قطعة الأرض، وهل يحق لها شرعاً أن تقص المنزل، ملاحظة تلك المرأة تمتلك مساحة كبيرة من الأرض في الحي التي نسكن فيه وهي كانت موكلة بعض التجار والسماسرة في البيع وقد تبرعت بقطعة منها للمسجد وهي تقول أنها تركت هذين المترين كشارع للمسجد وهي تطالب بإخلائهم بعد ما تم البناء، علما بأن لا أحد من التجار الذين قامت بتوكيلهم أبلغنا بأن هذين المترين ليسوا من ضمن الأرض، أفيدونا؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ثبت أن هذا الجزء من الأرض مستحق (والاستحقاق هو رفع ملك بثبوت ملك آخر) لهذه المرأة، فإن المشتري يرجع بثمنه على البائع إن أراد إمساك الأرض، وله أن يرد جميع الأرض ويرجع بجميع الثمن على البائع.
قال في كتاب غمز عيون البصائر من كتب الحنفية: كما لو استحق بعض الدار شائعاً يخيَّر المشتري عندنا، رد ورجع بكل ثمنه، أو أمسكه ورجع بثمن المستحق، ولو استحق منه موضع بعينه فلو كان قبل قبضه فهو مخير كما مر، ولو كان من بعده فلا خيار له ويرجع بثمن المستحق، وقال الخصاف: له رد كله بكل ثمنه. انتهى. وبالنسبة للبناء الذي أحدثه المشتري في هذا الجزء المستحق، فإنه يرجع بما غرمه فيه على البائع.
جاء في الإنصاف: وإن اشترى أرضاً فغرسها أو بنى فيها فخرجت مستحقة فقلع غرسه وبناءه رجع المشتري على البائع بما غرمه. انتهى.
وفي رواية لأحمد: أن لرب الأرض (المستحق) قلعه إن ضمن نقصه ثم يرجع به على البائع.
قال ابن القيم: وهذا أفقه النصين وأقربهما إلى العدل، فإن المشتري غرس وبنى غراساً وبناء مأذوناً فيه وليس ظالماً به، فلا يجوز للمستحق قلعه حتى يضمن له نقصه والبائع هو الذي ظلم المستحق ببيعه ماله وغرّ المشتري ببنائه وغراسه، فإذا أراد المستحق الرجوع في عين ماله ضمن للمغرور ما نقص بقلعه ثم يرجع به على الظالم، وكان تضمينه له أولى من تضمين المغرور ثم تمكينه من الرجوع على الغار. انتهى من أعلام الموقعين
فالمقصود أن من اشترى أرضاً وأحدث فيها بناء ونحوه ثم ظهر أن هذه الأرض أو بعضها ملك لآخر، فإن المشتري يعود على البائع فيرد الأرض ويأخذ الثمن زائداً قيمة ما غرم في البناء، أو يمسكها ويأخذ ثمن الجزء المستحق منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1425(12/7547)
الرؤية الشرعية في ضمان الأجهزة
[السُّؤَالُ]
ـ[سألت شخصاً كان يركب عندي حامي للشباك في المنزل شفهيا قبل عدة سنوات كم كفالة الحامي، فقال خمس سنوات وكان معه جهاز آخر كفالته سنتان ولكن في العقد الخطي يطرق إلي أن الكفالة شامله خمس سنوات ولم يتطرق للتفاصيل، علماً بأن من قمت بسؤاله عن الكفالة كان العامل وليس صاحب العمل فحدث عطل بعد مرور 3 سنوات وطلب مني من جاء للإصلاح دفع مبلغ من المال فقلت له أنا عندي كفالة 5 سنوات فرد علي بأنه أخطأ بعدم التفصيل حينها، فقلت له أنا أمامي عقد مبرم خطي وليس خطئي عدم التفصيل في الكفالة ولم أعطه شيئاً، فهل علي إثم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل من المناسب قبل أن نجيب على السؤال أن نبين الحكم الشرعي للضمان الذي يقدم مع الأجهزة، نظراً لانتشار هذا الضمان وعموم الحاجة إلى معرفة حكمه، فنقول: اعلم أن هناك نوعين من الضمان:
الأول: ضمان يتم التعاقد عليه بصورة منفصلة عن شراء الجهاز، بحيث يكون له ثمن محدد، ويتعهد الضامن فيه بإصلاح الجهاز عند تعطله أو تبديله خلال مدة معينة، وهذا الضمان لا يجوز لأنه قائم على الغرر والمقامرة، حيث إن الجهاز قد يتعطل وقد لا يتعطل، وإذا تعطل فقد تكون قيمة إصلاحه أو تبديله أقل أو أكثر من قيمة المبلغ المدفوع، ولا ريب أن هذا غرر واضح، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر. كما في صحيح مسلم عن أبي هرير ة رضي الله عنه قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر. وحقيقة هذا الضمان أنه نوع من أنواع التأمين التجاري المحرم.
الثاني: ضمان لا يتم التعاقد عليه بصورة منفصلة، وإنما يكون داخلاً في عقد شراء الجهاز، ويلتزم فيه المنتج أو البائع بسلامة المبيع من العيوب المصنعية والفنية ويلتزم بصلاحيته للعمل خلال مدة متفق عليها، وبموجب هذا الضمان يتعهد المنتج أو البائع بإصلاح الخلل المصنعي والفني الطارئ على المبيع، أو تبديل غيره به إذا اقتضى الأمر تبديله. وجدير بالذكر أن هذا الضمان لا يضمن العيوب التي تنشأ من سوء استعمال المشتري وعدم عنايته بالمبيع، ولذلك فإن بعض الأجهزة التي تحتاج إلى صيانة يشترط للعمل بالضمان فيها التزام المشتري بجدول الصيانة المقترح، ويراجع لمزيد حول حقيقة هذا الضمان كتاب (إدارة التسويق) للدكتور محمد صادق بازرعة، وكتاب (الوسيط) في شرح القانون المدني.
وبالنظر إلى كلام الفقهاء يتبين أنه يمكن تخريج هذا الضمان على ما يلي:
التخريج الأول: أن هذا الضمان نوع من ضمان العيب الحادث عند المشتري والمستند إلى سبب سابق على القبض، وقد اختلف أهل العلم، هل هذا العيب من ضمان البائع أو ضمان المشتري؟ على قولين:
الأول: أنه من ضمان البائع، وإلى هذا ذهب الحنفية والشافعية في الأصح.
الثاني: أنه من ضمان المشتري ما لم يدلس البائع، وإلى هذا ذهب المالكية والحنابلة.
ومنشأ الخلاف في المسألة هو: هل وجود سبب العيب يعد عيباً أو لا؟ فمن قال بأنه عيب جعله من ضمان البائع، ومن قال إنه ليس بعيب جعله في ضمان المشتري.
وعلى هذا: فعلى القول بأن البائع ضامن للعيب الحادث عند المشتري إذا كان مستندا إلى سبب سابق على القبض، فإن التزام البائع وتعهده في هذا الحال يكون تأكيداً لمقتضى العقد، وأما على القول بأنه من ضمان المشتري، فإن البائع يكون قد وعد بضمان العيب المستند إلى سبب عنده، ومثل هذا الوعد يلزم الوفاء به على الراجح من أقوال أهل العلم، لأنه قد ترتب عليه دخول الموعود في كلفة، وراجع لمزيد من التفصيل الفتوى رقم: 4984.
التخريج الثاني: أن هذا الضمان هو نوع من ضمان العيب الذي لا يُعلم إلا بالتجربة، وقد اختلف أهل العلم فيمن يضمن هذا العيب هل هو البائع أو المشتري؟ على قولين:
الأول: أنه من ضمان البائع، وإلى هذا ذهب الحنفية والشافعية والحنابلة.
الثاني: أنه من ضمان المشتري، وإلى هذا ذهب المالكية.
والذي يظهر -والله أعلم- أن القول الأول أرجح لعدة وجوه:
الأول: أن تعرُّف المشتري على خصائص الجهاز، واحتمال وجود عيب فيه وقت شرائه متعذر لعدم توفر الإمكانات الفنية اللازمة لذلك لدى المشتري.
الثاني: أن كثيراً من العيوب الدقيقة لا تظهر بمجرد تشغيل الجهاز، وإنما تظهر عند الاستعمال الفعلي له، فهذا الاستعمال وسيلة لاكتشاف سلامة المبيع من عيبه، وهو نظير اختبار المصراة بحلبها.
الثالث: أن المشتري إنما رضي بالمبيع سليما من العيوب، وهذا الرضا إنما يتحقق بعد المعرفة التي لا تحصل إلا بالتجربة، فما تبين من عيب بالتجربة، فإن المشتري لم يرض به، فكيف يلزمه ضمانه؟
وبهذا يتبين أن هذا النوع من الضمان جائز، وأنه لا محذور فيه شرعاً، ولمزيد من الفائدة حول هذا الموضوع، ننصح بمراجعة كتاب (الحوافز التجارية وأحكامها في الشريعة الإسلامية) ، لفضيلة الدكتور خالد بن عبد الله المصلح.
وعلى ذلك، فإذا كان العقد الذي أبرمته مع بائع أو صانع الجهاز ينص على أن ضمان الجهاز خمس سنوات، فليس لهما أن يطالباك بأجرة إصلاحه خلال مدة الضمان، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} ، وقال صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني، وكون صانع الجهاز أو البائع أخطأ في تحديد مدة الضمان لا يعفيها من تحمل آثار الضمان الذي تعاقدا عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1425(12/7548)
حكم الإعانة لاستصدار خطاب ضمان بدون رصيد
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق يريد أن يأخذ خطاب ضمان من أحد البنوك دون إيداع قيمة الخطاب في البنك وذلك لإقامة مشروع يتطلب أن يكون له رصيد في أحد البنوك بمبلغ 10000 جنيه، وهو لا يملك هذا المبلغ وليس عنده سوى المكان فقط، فهل يجوز أن يستعين بأحد الأصدقاء في إعطائه هذا الخطاب؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن قيام هذا الشخص باستصدار خطاب ضمان دون أن يكون هناك ضمان حقيقي يعد كذباً وتغريراً لمن يطلبه، كما يعد أكلاً لأموال الناس بالباطل واحتيالاً لأخذها منهم دون حق، وكل هذا من الموبقات المحرمات، قال تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188} ، والباطل كل ما حرّم الله من الربا والقمار والكذب والغش والتدليس ونحو ذلك.
قال البغوي في تفسيره: وأصل الباطل الشيء الذاهب، والأكل بالباطل أنواع، وقد يكون بطريق الغصب والنهب، وقد يكون بطريق اللهو كالقمار وأجرة المغني ونحوهما، وقد يكون بطريق الرشوة والخيانة. انتهى.
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله. رواه البخاري، وعليه، فلا يجوز لمن طُلب منه خطاب ضمان أن يتحايل لاستصداره بلا رصيد، ولا يجوز لأحد صديقاً كان أو غيره إعانته على فعله ذلك لحرمة المعاونة على الإثم، قال تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1425(12/7549)
بيع المضارب السلعه دينا.. نظرة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[الصلاة والسلام على محمد وآله أجمعين أما بعد:
كنت في تجارة أنا وأحد الشباب المسلم وفي عام 1995 بالتحديد كنت أنا وهذا الأخ لدينا بضائع قد تم استيرادها من تركيا وفعلاً قد تم بيع هذه البضائع إلى أحد التجار ولكن للأسف تم الاتفاق مع هذا التاجر على أن يتم التسديد بعد شهر من تاريخ البيع وقد حرر لنا صك بالقيمة وكان هذا الصك باسمي أنا السائل وقبل انتهاء المدة المحددة بيننا والتاجر قد علمت أن رجال الأمن يبحثون عني وأني مطلوب لديهم وعلى الفور ذهبت إلى الأخ وأخبرته بأني مطلوب لدى الأمن وقد سلمت له الصك على أساس يتم استلام المبلغ من الطرف الثالث ويأخذ نصيبه والباقي يتم تسليمه إلى زوجتي وتم القبض علي في قضية إسلامية قضيت سبع سنوات في السجن وكنت محروماً من أبسط الحقوق وهي زيارة زوجتي وأطفالي وبعدها بحمد الله تم الإفراج عني بواسطة إحدى الجمعيات الحقوقية في البلاد وبعدها فوجئت بأن الأخ أخذ المبلغ بالكامل ولم يسدد المبلغ الذي كان أمانة لديه وعلى الفور ذهبت إليه وأصبح يماطل، وفي كل أسبوع يقول الآخر وكل شهر يقول الآخر حتى أحيل الموضوع إلى القضاء ولي الآن تقريباً سنتين مفرج عني ولم أتحصل منه إلا على مبلغ بسيط ولا يذكر المشكلة التي أعاني منها وهي أن المبلغ لم يكن ملكي بل هناك شركاء في نصيبي وهم على علم بالشركة بيني وبين الأخ وهناك وثائق على ذلك وأن أحد الشركاء قد استشهد في السجن أسأل الله سبحانه أن يتقبله من الشهداء وأن الحكم النهائي لم يصدر بعد ويأخذ وقتاً طويلاً، السؤال هو: هل الشركاء الذين من طرفي عليهم انتظار أمر المحكمة أم عليّ التسديد، ومع العلم أيضاً أني ذهبت إلى الافتاء في البلد التي أنا فيها فقالوا لي عليهم انتظار المحكمة فقط لكن لكي يطمئن قلبي أفيدوني؟ يرحمكم الله، وبارك فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يكشف كربك وييسر أمرك وأن يرد عليك مالك ومال شركائك، وأما عن جواب مسألتك، فاعلم أن يدك على تلك الأموال التي دفعها إليك أصحابها لتتجر فيها يد أمانة ولا ضمان عليك فيها إلا في حالة التعدي أو التفريط، فإذا حصلت خسارة أو غصب أو سرقة أو مماطلة أو نحو ذلك في رأس المال أو الربح بدون تعد منك أو تفريط لم يلزمك شيء.
جاء في مغني المحتاج: والعامل أمين فيما في يده، فإن تلف المال في يده من غير تفريط لم يضمن لأنه نائب عن رب المال في التصرف فلم يضمن من غير تفريط كالمودع.
واختلف أهل العلم في بيع المضارب السلعة ديناً بدون إذن صاحب رأس المال هل يعد ذلك تفريطاً فيضمن أو لا؟
فذهب الحنفية والحنابلة في رواية إلى أنه يجوز للعامل البيع نسيئة، قال السرخسي: فكذلك ما هو من صنع التجار يملكه المضارب بمطلق العقد ويبيع بالنقد والنسيئة عندنا.
بينما ذهب الشافعية والمالكية إلى عدم جواز بيع المضارب السلعه ديناً إلا بإذن رب المال، قال الباجي من المالكية: وليس للعامل أن يبيع نسيئة إلا بإذن رب المال.
والراجح عدم جواز بيع العامل مال المضاربة ديناً إلا بإذن من صاحب المال صراحة أو بأن تدل على ذلك قرينة، فإذا لم يأذن وباع المضارب بالدين فقد تعدى وعليه الضمان، وبهذا تعلم أنه يلزمك ضمان أموال الشركاء في حالة بيعك البضائع ديناً بدون إذن صريح أو ضمني من قبلهم، وإذا لم يكن عندك ما تسدد الدين به الآن وجب عليهم إنظارك، كما قال الله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ {البقرة:280} .
وأما إذا كنت بعت تلك البضائع ديناً بإذن منهم فلا ضمان عليك ويلزمهم الانتظار حتى تحكم المحكمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1425(12/7550)
هل يضمن من أتلف آلات اللهو والغناء
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع (1) : أنا كنت أسمع أغاني لكن الآن لا والحمد لله ولكن عندي شرائط أصدقائي القدماء هل أقضي على الشرائط أم أعطيها لهم؟
الموضوع (2) : لي عندهم شريط أغاني أيضا فإن كنت لا أستطيع أن آخذه فماذا أفعل؟
الموضوع (3) :عندي في البيت أشياء إما تخص أمي أو أخوت لا يستخدمنها ولا يوافقنني على إعطائها لمن يحتاجها هل يحق لي أن أعطيها لمن يحتاجها دون أن أخبرهم أم أتركها حتى يوافقن؟
وإن كنت فعلت ذلك من قبل ولم يشعروا بهذا هل ارتكبت ذنبا وما هي كفارة ذلك؟
وجزاكم الله عنا خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يتقبل توبتك ويعينك على الثبات عليها والاستقامة، وما سألت عنه من أمر الأشرطة التي معك وهي لغيرك فإن كان بالإمكان محو الغناء عنها ثم ردها إلى أصحابها لينتفعوا بها بغير الغناء كأن يسجلوا فيها قرآنا ونحوه فذاك هو الأولى، وإن لم يمكن ذلك بسبب أنك تخشين منهم أن يلحقوا بك ضررا إذا علموا أنك أتلفت عليهم ما كان فيها فلتتلفيها بالطريقة التي تيسرت لك، هذا هو الذي ذكره أهل العلم في آلات اللهو كالطنبور، والأشرطة لا تختلف عن ذلك. قال محمد بن شهاب الدين الرملي في المنهاج: والأصنام والصلبان وآلات الملاهي كطنبور، ومثلها الأواني المحرمة لا يجب في إبطالها شيء لأن منفعتها محرمة، والمحرم لا يقابل بشيء مع وجوب إبطالها على القادر عليه.. والأصح أنها لا تكسر الكسر الفاحش لإمكان إزالة الهيئة المحرمة مع بقاء بعض المالية، بل تفصل لتعود كما قبل التأليف لزوال اسمها وهيئتها المحرمة بذلك.. فإن عجز المنكِر عن رعاية هذا الحد في الإنكار لمنع صاحب المنكر من يريد إبطاله لقوته أبطله كيف تيسر لو بإحراق تعين طريقا؛ وإلا فبكسر ... هذا هو مذهب جمهور العلماء، وخالف فيه أبو حنيفة دون صاحبيه فأوجب الضمان على المتلف. قال البابرتي في العناية: ومَنْ كَسَرَ لِمُسْلِمٍ بَرْبَطًا أَوْ طَبْلًا أَوْ مِزْمَارًا أَوْ دُفًّا أَوْ أَرَاقَ لَهُ سَكَرًا أَوْ مُنَصَّفًا فَهُوَ ضَامِنٌ.. وهذا عند أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يضمن.
وأما الشريط الذي لك عندهم فإن استطعت استخلاصه منهم بأية وسيلة حتى تتمكني من إتلافه أو إزالة ما فيه من الحرام فلا تترددي في الفعل، وإن كنت عاجزة عن استرجاعه منهم فليس عليك فيه شيء، إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
وليس لك أن تأخذي أشياء أمك أو أخواتك دون رضاهن بذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. أخرجه الدارقطني وأحمد والبيهقي وغيرهم. وصححه الألباني.
ولا تتم التوبة من هذا الفعل إلا برد الشيء المأخوذ أو قيمته إلى ربه أو استحلال صاحبه منه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي. وليس له كفارة غير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1425(12/7551)
وقوع التلف على حيوان.. ما يجب الضمان فيه وما لا يجب
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشر في الأزمنة المتأخرة اللهو بصور شتى، وصار الناس أو كثير منهم يتنافسون فيه أشد التنافس ويبذلون لأجله الكثير من أوقاتهم ومالهم.
وسؤالي بشأن مظهر من مظاهر هذا اللهو، أقصد إقامة المسابقات بين الحيوانات لمعرفة أيها أسرع أو أيها أقوى أو أيها أجمل ... الخ، وليس الحال قاصرا على السبق في الخف والنصل والحافر كما كان قديما، وإنما تعداها إلى أن أقيمت المسابقات لجمال الخيل وبين الكلاب وحتى القطط بل والفئران، والحمام، وأصناف مختلفة من الحشرات ... الخ لمعرفة الأسرع أو الأجمل ... فهل هذا جائز شرعا؟ وإن كان الجواب بعدم الجواز؛ فما الحكم لو أتلف إنسان شيئا من هذه الحيوانات المعدة لمثل هذه المسابقات، والتي يتبايعها الناس بأضعاف مضاعفة زيادة على باقي أفراد نوعها مما هو ليس معدا للسباق ... ؛ هل يضمنها المتلف؟ وما الذي يضمنه هل قيمتها حسبما يتبايعها الناس لأجل استخدامها في اللهو؟ أم ماذا؟ وهل يقاس الأمر على ما قيل في ضمان الجارية المغنية ... الخ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا حكم سباق الهجن بصورته الحالية، مع أحكام المسابقات الأخرى التي ذكرها السائل وذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 28255 و 5822 و 11845.
وننبه زيادة على ما ذكر هناك إلى أن الذين يمارسون هذه الأمور يضعون أطفالا صغارا على ظهور الإبل وهي سريعة السير، لتكون أخف عليها من الكبار، مما يؤدي إلى ضعف بنيتهم وإصابتهم بكثير من الأمراض كالعقم ونحوه، وهذا محرم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه.
وإذا أتلف إنسان خيلا أو إبلا ونحوها مما يجوز السباق بها ضمنها بقيمتها، لأنها لم تتخذ من أجل اللحم أو الوبر أو العمل، وإنما اتخذت للسباق، وقد يزيد ثمنها كثيرا لأجل هذا. قال المواق في التاج والإكليل: مَنْ جَنَى عَلَى بَهِيمَةٍ شَيْئًا فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا, فَإِنْ قَتَلَهَا غَرِمَ قِيمَتَهَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ.انتهى.
هذا؛ إذا أتلفها مع إمكان التحرز من إتلافها، أما إذا لم يمكنه التحرز من إتلافها، كمن يقود سيارة بطريقة معتادة وبدون أي زيادة في السرعة المحددة من طرف أهل الاختصاص ـ وهم هنا رجال المرور ـ ففاجأته الدابة، وفعل أقصى ما يستطيع فعله لتفادي قتلها، ولم يتمكن من ذلك فلا ضمان عليه، لقاعدة: ما لا يمكن التحرز عنه لا ضمان فيه. وراجع الفتوى رقم: 15533.
أما إذا وقع التلف على حيوان لا يجوز المسابقة عليه كالديك للهراش، أو الغنم للجمال، ونحو ذلك، فلا تضمن إلا بقيمتها الأصلية التي تشبه فيها غيرها من جنسها، ولا يعتبر ما تميزت به من الهراش أو الجمال، لأنها منفعة غير معتبرة شرعا كالجارية المغنية التي كانت لأيتام، فأفتى فيها الإمام أحمد -رحمه الله- بأنها لا تباع على أنها مغنية، بل تباع على أنها ساذجة وإن رخص سعرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1425(12/7552)
حكم تأجير السجل التجاري
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سجل تجاري وقمت بتأجيره لشخص، والشخص هذا صديق لي وعزيز علي وفي نفس الوقت أنا كفيله استأجر مني سجلي لعدم استخدامي له مقابل مبلغ ألف ريال شهريا وبما أن العلاقه بيني وبينه فوق الوصف فأنا لا أسأل عن قيمة الإيجار الشهري سواء دفعه لي أم لا وهو بدوره بين فتره وأخرى يعطيني مبالغ من المال نظير تأخر دفعه لقيمة الإيجار المتفق عليها وأحياناً أقوم أنا بطلب مبلغ منه بين فتره وأخرى بما معناه أن الأمور بيننا مثل الإخوان وأكثر فهو أخ وصديق قبل كل شيء فهل يحق لي أن آخذ منه المبلغ الذي ذكرته سابقاً مع العلم أنني غير متكفل بشيء من إيجار المحل أوخلافه فقط السجل التجاري باسمي وهو يعمل تحت اسمي التجاري بأمواله هو دون دفع أي مبلغ من قبلي أنا ... أرجو أن أكون قد أوضحت موضوعي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتأجير السجل التجاري داخل فيما يعرف عند العلماء، بثمن الجاه، وراجع لمزيد من التفصيل الفتوى رقم: 9559.
وننبهك إلى أنه ولو فرض أن إيجار هذا السجل جائز، فلا يجوز لك أن تأخذ من صديقك مالا نظير تأخره في سداد هذا الإيجار، لأن هذا المال المأخوذ نظير التأخر ربا لا يجوز، وكونكما تتعاملان كأخوين، لا يعني أن تستبيحا الربا الذي حرمه الله ورسوله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1425(12/7553)
حكم صرف أموال الكفالة في غير ما حدد الكفيل
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي لفضيلتكم من جمعية خيرية راجعتني ... وهي تعمل في الغرب ... وتكفل أيتاما عن طريق جمعيات خيرية في الخليج ... والمشكلة أنهم يرفعون للجمعية التي في الخليج قوائم أسماء الأيتام المراد تبنيهم ... ولكن الجمعية العاملة الكافلة في الخليج تتأخر في الرد ... وحتى ترد يكون الأيتام قد بلغوا مما يعني وجوب تبديلهم بأيتام أصغر سنا منهم.... فهل يجوز شرعا أن تقوم الجمعية الخيرية في بلاد الغرب بتغيير الأسماء لأيتام آخرين غير التي أرسلت أسماءهم من قبل علما أن هذه الجمعية قد بعثت مرارا ترجو وتأمل من الجمعية التي تتعامل معها في الخليج أن تسرع بالرد لا أن يكون بعد سنوات ولكن دون نتيجة تذكر ... مما يضطرهم لكفالة أيتام آخرين غير مكفولين أصلا ويعطوهم كامل المبالغ التي أرسلت وكأنهم هم المكفولون.... وعلما أن إدارة الجمعية في الغرب تقوم على أيدي إخوة ثقات ودعاة ومأمونين من حيث عدم التلاعب أو الأخذ بالتساهل في هذه الأمور ولا يفعلون ذلك إلا مضطرين ... أجيبونا بارك الله فيكم ... ونأمل أن تكون الإجابة سريعة لقلقنا من حلّيتها؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت فالواجب هو التوقف عن صرف هذه المبالغ للأيتام الذين بلغوا الحلم، لعدم استحقاقهم لها، لزوال الوصف الذي كانوا يستحقون به بذلك وهو اليتم، كما أنه لا يجوز صرفها لغيرهم حتى يتم إبلاغ الجمعيات الكافلة بذلك، ولا نظن أن الأمر في ذلك عسير.
والأفضل لكم وللأيتام في المستقبل أن تذكروا عمر الطفل المكفول في الأوراق المرسلة، وتنبهوا الجمعيات الكافلة على ضرورة مراعاة سن البلوغ عند إرسال الكفالة.
وهذا إذا لم تنص الجمعيات الكافلة أو يعلم من حالها أن هذا المال يصرف لمستحقيه من الأيتام، سواء المسجلون في القوائم أو غيرهم.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1425(12/7554)
المضارب والوكيل يحملان على الأمانة مالم يفرطا
[السُّؤَالُ]
ـ[رئيس قسم الإفتاء بالشبكة الإسلامية - وزارة الأوقاف القطرية
فضيلة الشيخ / عبد الله الفقيه ... ... حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أرجو من فضيلتكم بيان الحكم الشرعي في المسألة التالية.
أنا موظف أعمل في المملكة العربية السعودية وقبل أربع سنوات كنت أودعت مبلغا من المال مع أحد الإخوة الذي يملك مطعما في الولايات المتحدة لكي يستثمره لي في هذا المطعم وبعد فترة طلب مني أحد أقاربي أن أسأل الأخ صاحب المطعم ما إذا كان بإمكانه أن يستثمر له مبلغا من المال في نفس المطعم فاستأذنت صاحب المطعم الذي وافق بشرط أن يكون التعامل مع قريبي من خلالي (لا يريد التعامل مع قريبي مباشرة حتى يوحد قناة الاتصال) فاتفقت مع قريبي أن نثبت المبلغ المُستثمر عن طريق توقيع ورقة بيننا (مرفق صورة من الورقة التي تم تحريرها بهذا الخصوص) وقد نصت الورقة على النقاط التالية:
• أن المبلغ الذي استلمته هو بهدف الاستثمار في المطعم.
• أنه سيتم توزيع الأرباح كل ثلاثة شهور (هذا الشرط من صاحب المطعم) .
• أن يتم تحويل الأرباح لقريبي بعد خصم نسبة 5% من صافي الأرباح نظير لتغطية مصاريف الاتصالات ورسوم التحويل البنكي للأرباح والفاكسات ... إلخ.
• يحق لقريبي أن يسترد كامل مبلغ الاستثمار بعد مدة شهرين من تاريخ طلب الاسترداد (هذا الشرط من صاحب المطعم) .
تم توزيع أرباح مرتين بعد تحويل مبلغ الاستثمار من قريبي وكانت الأمور على ما يرام حسب الاتفاق حتى أحداث سبتمبر 2001 م. بعد أحداث سبتمبر في الولايات المتحدة اتصلت بصاحب المطعم عدد من المرات الذي أبلغني أن أوضاعه (مثل عدد من المسلمين في الولايات المتحدة) تسير من سيئ إلى أسوأ، وبعد حوالي شهر أو أكثر بقليل انقطع الاتصال بصاحب المطعم ولا أدري ما مصيره أهو حي يرزق أم لا، وقد حاولت الاتصال بمن يعرفونه لمعرفة مصيره ولكن لا أحد يدري أو يريد أن يناقش الأمر؛ حتى أن أرقام الهاتف التي كنت أتصل عليه من خلالها (المكتب والمنزل والهاتف النقّال) كلها لم تعد صالحة. حينها أبلغت قريبي (الذي كان مطلعا على محاولاتي لمعرفة مصير الأخ) بأنني لا أستطيع العثور على صاحب المطعم بسبب الظروف العامة التي أحاطت بعدد كبير من المسلمين في الولايات المتحدة وخصوصا من كان منهم يتبع تعاليم دينه، وصاحب المطعم هذا رجل صالح صاحب صلاة وسيرته حسنه (نحسبه ولا نزكيه على الله) .
أود أن أوضح بعض النقاط الهامة:
• أنا لم أكن ضامنا لمبلغ الاستثمار ولم أتعهد بهذا لأحد وما كنت إلا وسيطا بين الطرفين.
• قريبي هو الذي طلب مني استئذان صاحب المطعم حتى يستثمر ماله فيه.
• صاحب المطعم قام بتوزيع أرباح كما تعهد.
• ليس هناك ما يثبت أو يدعو للشك أن صاحب المطعم قد اختلس الأموال ذلك أنه موضع ثقة من خلال تعاملات أخرى تجارية بالإضافة إلى أنه وزع الأرباح بأمانة طيلة الفترة السابقة، ثم إنني لا أعرف مصيره حتى أسأله عن المبلغ.
• لا يمكنني اتهام صاحب المطعم بالتقصير أو الإهمال في رعاية الأموال المُستثمرة لنفس السبب المذكور في الفقرة السابقة.
وحتى هذا اليوم لم أسمع من صاحب المطعم أو أسمع عنه أي خبر وقد اتصل بي قريبي مرات كثيرة وفي كل مرة أخبره بأني لا أعرف عن الرجل شيئا، وآخر اتصال من قريبي كان منذ أيام وأبلغني أنه يمر بضائقة مالية وأن عليه التزامات مالية يجب سدادها وأنه يحتاج الملبغ الذي كان قد استثمره في المطعم ذلك أنه يعتبرني مسؤولا عن ضياع هذا المبلغ وبالتالي فهو يطالبني أن أرده إليه فأبلغته أنني قد تضررت مثلما تضرر هو بل أكثر لأنني قد أودعت مبلغا أكبر منه ثم إنني لو كنت أظن (حتى الظن) أنني بالفعل مسؤول عن ضياع هذا المبلغ لكنت رددته إليه في حينه ولم أكن لأنتظر كل هذا الوقت.
والسؤال هو: هل أتحمل مسؤولية المبلغ؟ وهل يجب علي إرجاعه أو تعويض قريبي؟ أفتونا مأجورين جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت فلست ضامنا ولا مسؤولا عن مال قريبك المذكور، كما أنه لا ضمان على صاحب المطعم لو تلف المال المستثمر عنده بغير تعد منه ولا تفريط، ووجه ذلك أنك أنت مجرد وكيل في تسليم هذا المال للرجل صاحب المطعم، وتسلم الأرباح منه إن وجدت، وهو أي صاحب المطعم يعتبر مضاربا، والمضارب وكيل عن رب المال.
وعلى كل حال؛ سواء قلنا إن المضارب وكيل أو قلنا إنه شريك فإنه لا يضمن ما لم يتعد أو يفرط وهو محمول على الأمانة، والأمانة مقتضاها تصديقه والرجوع إلى قوله لو ادعى تلفا أو خسارة.
قال السرخسي، وهو حنفي: ولو قال المضارِب في مرضه قد ربحت ألف درهم ووصلت إلي فضاع المال كله، وكذبه رب المال، فالقول قول المضارب مع يمينه لأنه أمين ...
وقال خليل بن إسحاق في مختصره، وهو مالكي: والقول للعامل في تلفه وخسره.
وقال الإمام النووي، وهو شافعي: ويصدق العامل بيمينه في قوله لم أربح..... وفي دعوى التلف.
وقال ابن قدامة، وهو حنبلي: وكذلك القول قوله فيما يدعيه من تلف المال أو خسارة، وما يُدَّعَى عليه من خيانة وتفريط.
فاتضح لنا من كلام هؤلاء الأئمة أن المضارب أمين، وأنه مصدق بيمين على قولً، وبغير يمين على قولٍ آخر، والشاهد من هذا في مسألتنا أن صاحب المطعم محمول على الأمانة والصدق فيما لو كان حيا وادعى خسارة للمال أو تلفه من غير تفريط ولا تقصير منه، وأنه لا يضمن، ولا يضمن بالأولى لو مات هو مع تلف المال أو خسارته.
أما أنت الوسيط فلا تضمن أيضا لأنك مجرد وكيل تسليم وتسلم -كما قدمنا- ولم تتعد فيما وكلت فيه على ما ذكرت، وبالتالي فتلف هذا المال أو خسارته لو تحقق ذلك يعتبر مصيبة نزلت بصاحبه فليحتسبها عند الله عز وجل.
هذا؛ وننبه إلى أن ما ورد من الاتفاق بينك وبين قريبك على خصم نسبة 5 من صافي الأرباح مقابل تغطية مصاريف الاتصال..... لا يصح، وذلك لما فيه من الجهالة لأن تلك النسبة قد تقل وقد تكثر حسب الأرباح قلة وكثرة، ولا تجوز الجهالة لا في الجعل ولا في الإجارة، وكان اللازم في مثل هذه الحالة هو خصم المصاريف المذكورة أي ما يخص قريبك منها من نسبته من الربح بالغة ما بلغت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1425(12/7555)
من استودع مالا فاستثمره.. هل يضمنه
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي توفي وكان شريكا مع إخوته في شركة ويعملون بها جميعا والدته أعطته مبلغا من المال يدخره لها فوضع مبلغها في الشركة بعلم إخوته وقال لهم هذه النقود لحاجة الوالدة لأني لا أعلم الحياة من الموت وتوفي وإخوته ليسوا راضين أن يدفعوا الفلوس لوالدتهم وألزموا زوجة المتوفى برد المبلغ مع العلم أنهم عليهم مديونية للمتوفى هل زوجة المتوفى ملزمة برد مبلغ النقود حيث إنه دين على زوجها أم لا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزوجة لا يلزمها قضاء دين زوجها إذا توفي، وإنما يلزم قضاء الدين من مال المتوفى إن ترك مالا، ويقدم قضاء الدين على تقسيم التركة بين الورثة؛ لقول الله تعالى: [مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ] (النساء: 11)
وأما دينه الذي يطالب به إخوته فهو حق له عليهم، ويلزمهم أن يدفعوه لورثته.
وأما المال الذي أعطته له الوالدة فإن أعطته له ليستثمره لها فاستثمره في الشركة فإنه لايكون ضامنا له إذا اغتصبه الإخوة أو أنكروه، لأن المستودع لا يضمن ما لم يفرط أو يتصرف في الوديعة بغير إذن. ويدل لذلك ما في الحديث: من أودع وديعة فلا ضمان عليه. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني
وفي هذه الحالة يمكن للزوجة أن تخبر الأم بالموضوع لتتحاور مع أبنائها في مالها.
وأما إن كانت الأم أعطته المال ليدخره لها فتطوع هو باستثماره، فان أذنت له أو علمت وأقرت ذلك فإنه لا يضمن فيه المال أيضا لأنه لم يتصرف بغير رضاها، وأما إن كانت استودعته المال ليحفظه لها ولم تعطه الإذن في وضعه في الشركة لا نصا ولا عرفا فإنه يضمن فيه المال لتصرفه فيه بغير إذن مالكه، فقد صرح أهل العلم أن من استودع مالا فخلطه بما لم يتميز، أو تصرف فيه باقتراض فإنه يضمنه، فإذا تقرر ضمانه للوديعة فإن ثبت أنه وضعها في الشركة وثبت علم الإخوة بذلك فعليهم أن يردوا للأم مالها، وهنا لا يلزم الزوجة شيء، وإنما يمكن للأم أن تبحث الموضوع مع أولادها حتى تأخذ منهم حقها.
وينبغي الرجوع للمحاكم الشرعية للنظر في ملابسات الموضوع والبحث عن البينات.
كما ينبغي للأم أن تنصح بنيها وتقنعهم بالتورع عن مال اليتامى وعدم ظلم الزوجة بإلزامها ما لا يلزم شرعا.
وللمزيد في الموضوع راجع المغني لابن قدامة، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 35486، 45267، 6937، 5688، 39185.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1425(12/7556)
حكم إتلاف الأشرطة والأقراص المحتوية على محرمات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة عند أحد الأشخاص، هذا الشخص عنده ابن متزوج، ولكنه للأسف بعيد عن الله في بعض أعماله فكثيراً ما أشاهد معه أقراصا مضغوطة تحوي أفلاما خليعة وأشياء من هذا القبيل ...
وعلى الفور أقوم أنا من دون أن يدري بأخذ هذه الأقراص وإتلافها بالحرق أو بالكسر وعندما يسأل عنها أنفي علمي بهذه الأقراص ... هل هذا العمل صحيح، أم أنه مخالف للدين حيث أنني أتصرف بشيء ليس ملكا لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن استخدام الأقراص التي تحوي أفلاما خليعة محرم لما فيها من المواد التي تفسد عقول الشباب ودينهم وأخلاقهم وإشغالهم عن واجباتهم وتشوش أفكارهم.
وقد أفتى العلماء كالشيخ ابن باز وغيره بتحريم نظر الصور العارية واستدل لذلك بقول الله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ [النور:30] ، فإذا تقررتحريمها فإن إنكار منكرها والسعي في إزالته، ومنع الناس من اقترافه واجب، لقول الله تعالى: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ [لقمان:17] ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
واعلم أن من أنجع وسائل النجاح في تغيير منكر أمثال هذا الشاب أن تشغل وقته وفراغه بالسعي فيما ينفعه من أمور دينه ودنياه وآخرته حتى يتسلى عن الشر، وأن تنبهه إلى أن هذه التقنيات الحديثة يتعين الحرص على استخدامها فيما ينفع من بحوث علمية وغيرها، عملا بما في الحديث: احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. رواه مسلم.
وعليك أن تسعى في بيان الحكم له وأن تحرص على إقناعه وأن ترغبه وترهبه بالنصوص الشرعية حتى يتوب من ذنوبه مخلصا إلى الله تعالى. ويمكنك أن تستعين بوالده، فتبين له أهمية السعي في وقاية ولده من النار، وتذكره بقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا [التحريم:6] .
ثم إن إتلاف الآلات المحرمة بقصد تغيير المنكر لا إثم فيه، لأنها لا ضمان فيها، كما تقدم في الفتوى رقم: 7823، والفتوى رقم: 34875.
ولكن يتعين في إتلافك لها أن تتأكد من عدم ترتب مفسدة على الإتلاف أعظم منه، وإذا أمكن محو ما فيها وتسجيل دروس علمية فيها وردها إلى مكانها لعل الشاب أو غيره يستفيد منها فهو أولى، ويتعين عليك أن تبتعد عن الكذب لأنه كبيرة من الكبائر، ويمكن استخدام التورية والتعريض، فإن في المعاريض لمندوحة عن الكذب. كما رواه البخاري في الأدب بسند صحيح عن عمر بن الخطاب وعمران بن الحصين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1425(12/7557)
خطأ الطبيب بين الإثم والضمان وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيب عام أخبركم بأنه قبل 4 سنوات حضر إليّ طفل مع والده الذي يبلغ من العمر 6 سنوات وقد كان يعاني من ارتفاع في درجة الحرارة، شخصت حالته بأنه يوجد عنده التهاب في الحلق، قمت بإعطائه حقنة كرتزون حيث إن هذه الحقنة تعطى للأطفال في هذا العمر، وقد أعطيت الحقنة في المكان الصحيح وهو الربع الخارجي العلوي من الفخذ وحالياً أصبح عند الطفل ما يسمى بسقوط القدم المزمن وأصبح الطفل يعرج، فما هي فتواكم في هذه القضية، هل يوجد علي حق؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطبيب له في تعاطي الطب ثلاث حالات، فهو إما أن يكون جاهلاً بالطب، أو بما مارس منه، فهذا عليه الضمان والإثم على كل حال، روى أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من تطبب ولم يعرف منه طب قبل ذلك فهو ضامن.
وإما أن يكون عارفاً بالطب، وبالموضوع الذي مارس منه، فهذا ليس عليه إثم إذا أخطأت يده في عمله، ولكنه ضامن لما ينجر عن خطئه.
وإما أن يكون عارفاً بالمهنة وقد طبق القواعد الصحيحة في المسألة ولم يخطئ في شيء منها إلا أن تطبيبه نتج عنه إصابة أو تلف، فهذا ليس عليه إثم ولا ضمان، وراجع في كل ذلك فتوانا رقم: 5178.
وعليه؛ فما دمت طبيباً عارفاً بمهنتك وقد أعطيت للطفل الحقنة المناسبة لعمره ولحالته وفي المكان المناسب من بدنه، فلا إثم عليك ولا ضمان فيما انجر عن حقنتك تلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1425(12/7558)
هل يضمن الصيدلاني إذا أخطأ في صرف الدواء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الخطأ غير المتعمد من قبل الصيدلي في صرف الدواء خاصة إذا تبين أن المريض قد ساءت حالته بعد تناوله للدواء الخطأ؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمهنة الطب هي إحدى المهن المهمة جداً، وهي من فروض الكفاية، ولا يجوز لمن لا يحسنها أن يقتحمها، ومن مارسها ممن لا يتقنها فإنه آثم وضامن لما ينجر عن خطئه فيها. ففي سنن أبي داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تطبب ولم يعرف منه طب قبل ذلك فهو ضامن.
وفي رواية: ... ولم يكن بالطب معروفاً فأصاب نفساً فما دونها فهو ضامن.
وإذا كان الطبيب أو الصيدلاني عارفاً بمهنته، ولكنه أخطأ في صرفه الدواء للمريض، فإن الإثم في ذلك لا يتعلق به، لما رواه ابن ماجه من حديث أبي ذر الغفاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
وأما ما يترتب على الدواء الذي وصفه أو أعطاه للمريض، فإن عليه الضمان إذا حصل بموجبه تلف، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 5852، والفتوى رقم: 18906.
وننبه إلى أن مجرد سوء حالة المريض بسبب الدواء الذي أعطيه أمر لا نرى فيه شيئاً ما لم يترتب على ذلك موت أو تلف عضو ونحوه، لأن الدواء قد تكون له مضاعفات على المريض، ولكنها تتبع بالشفاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1425(12/7559)
الأكل من مال اليتيم.. نظرة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شخص يشتغل في إحدى دور رعاية الأيتام ويأخذ من الفائض من المأكل والملبس المخصص لهم؟ ولكم جزيل الشكر مقدماًُُُُ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من تناول الطعام والشراب والأشياء المستهلكة من أموال اليتامى للعامل فيها والناظر عليها إذا كان ذلك بالمعروف أي المعتاد الذي لا إسراف فيه ولا تبذير.
وإن كان الأفضل له أن يستعفف وخاصة إذا كان يأخذ على عمله راتبا من المال العام أو من الجهات الخيرية ...
قال الله تعالى: وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:6] ، وفي الموطأ عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال لرجل سأله فقال: إن لي يتيماً وله إبل أفأشرب من لبنها؟ فقال له ابن عباس: إن كنت تبغي ضالتها وتهنأ جرباءها وتلط حوضها ... فاشرب غير مضر بنسل ولا ناهك في الحلب.
وفي سنن البيهقي عنه -رضي الله عنه- أنه قال: يأكل والي اليتيم من مال اليتيم قوته، ويلبس منه ما تيسر، ويشرب فضل اللبن ويركب فضل الظهر ... فإن أيسر قضى، وإن أعسر كان في حل.
والحاصل أن الأكل من مال اليتيم لا يجوز للقائم على أمره إلا إذا كان ذلك بالمعروف وحسب الحاجة أو في الأشياء التي تفوت وتفسد إذا لم تستهلك.
وعليه؛ فإن كانت الأشياء المذكورة لا يمكن الاستفادة منها إلا بالاستهلاك والأيتام لا يحتاجون إليها وقد تفسد أو تفوت إذا لم ينتفع بها فلا مانع أن ينتفع بها القائم على أمر الأيتام؛ بل عليه أن ينتفع بها أو يدفعها لمن ينتفع بها حتى لا تفسد، وإن كان يمكن صرفها أو بيعها لمصلحة الأيتام فلا يجوز أخذها بل يجب صرفها في مصلحة الأيتام.
وعلى من ولي أموال اليتامى أن يحافظ عليها ويستثمرها، فقد قال الله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء:10] ، وروى مالك في الموطأ: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: اتجروا في أموال اليتامى حتى لا تأكلها الزكاة.
ومن هذه النصوص يفهم التأكيد على المحافظة على أموال اليتامى، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 41561.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1425(12/7560)
يد الوكيل يد أمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وأخي نقيم بشقة واحدة وكنت مديونا لزميل أخي بمبلغ وأعطيت أخي المبلغ ليسد ديني لزميله وسرق المبلغ بعد أن أعطيته لأخي من الشقة التي نقيم فيها
فعلى من السداد أنا أم أخي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أخوك قد فرط في حفظ هذا المبلغ بما يُعرضه للسرقة فعليه ضمانه، أما إذا لم يفرط في ذلك فلا ضمان عليه، لأنه وكيل عنك في سداده، ويد الوكيل يد أمانة، فلا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط، وراجع في هذا الفتوى رقم: 19455، ويعرف التفريط من عدمه بالعرف، لأن وسائل حفظ المال من السرقة تختلف من زمان إلى زمان، ومن مكان إلى مكان.
وإذا لم يكن على أخيك ضمان فإن المال يبقى في ذمتك أنت حتى تسدده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1425(12/7561)
من فرط في إعطاء شيء لغيره فأتلفه
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم الإفادة في هذه المشكلة وجزاكم الله خيرا
أعطاني صديق لي قطعة معينة من الحاسوب الخاص به لأصلحها له وعلمت بأن هذا العيب في هذه القطعة صعب الإصلاح وكذلك مكلف فأردت أن أعيد هذه القطعة إليه لكن قبل أن أعيدها إليه أعطيتها لصديق آخر لمدة دقائق فقط وذهبت لفعل شيء ما وعندما رجعت كان هذا الصديق الأخير قد أوقع القطعة وسبب لها هذا الوقوع تلفا تاما
فأرجو منكم توضيح ما علي أو على الصديق الذي أوقع هذه القطعة وما لصاحب هذه القطعة
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن الضمان هنا على الأخ السائل، لأنه فرط بإعطاء هذه القطعة لغيره، فمالكها لم يأذن لغيره في إصلاحها وإنما خصه بالإذن، وذلك تخريجا على عدم تضمين أجراء الصناع وتلاميذهم ما لم يفرطوا، قال في الفتاوى الهندية: وفي التجريد: تلميذ القصار وسائر الصُّناع وأجيرهم لا ضمان عليهم إلا بالتعدي، ويضمن الأستاذ، ولا يرجع عليهم. اهـ.
وفي مجمع الضمانات: دفع ذهبا إلى صائغ ليتخذ له سوارا منسوجا لنسج لا يعمله هذا الصائغ فأصلح الذهب وطوله ودفعه إلى من ينسجه فسرق من الثاني، قالوا: إن كان الأول دفع إلى الثاني بغير أمر المالك ولم يكن الثاني أجيرا للأول ولا تلميذا له كان للمالك أن يضمن أياً شاء في قول أبي يوسف ومحمد وفي قول أبي حنيفة يضمن الأول، أما الثاني فلو سرق منه بعد تمام العمل لا يضمن لأنه لما فرغ من العمل صارت يده وديعة، أما ما دام في العمل كانت يده يد ضمان لتصرفه في مال الغير بغير الإذن، وعند أبي حنيفة مودع المودع لا يضمن ما لم يتصرف في الوديعة بغير إذن مالكيها. اهـ.
وقال المواق في التاج والإكليل: من المدونة: يضمن القصار ما أفسده أجيره ولا شيء على الأجير. اهـ.
فإذا انكسرت القطعة بتفريط من الصديق الثاني، كان الضمان عليه لتفريطه.
والله أعلم. ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1425(12/7562)
يستوي في إيجاب الضمان العمد والخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[عساكم بخير إن شاء الله، لقد أعطيت من قبل أحد معارفي خاتماً من ذهب بهدف أخذه إلى الصائغ لتنظيفه وصيانته، وقد وضعه مالكه في محرمة ورقية ثم وضعه في جيبي ووعدته بإرجاعه باليوم التالي، وأنا في الطريق أخرجت كل ما في جيبي من محارم ورقية وألقيت بها في القمامة ناسياً أن إحدى تلك المحارم تحوي خاتم الذهب، سؤالي: هل أنا ضامن لهذا الخاتم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأنت ضامن لهذا الخاتم لأنك تسببت في ضياعه، نقل بدر الدين الزركشي في كتابه القواعد عن أبي بكر الصيرفي في كتاب الدلائل والأعلام قوله: المضمونات ضربان: أحدهما: بالتعدي ومنه الجنايات والإتلافات، والثاني: بالمراضاة كالبيوع والضمان.
والأول: يستوي في إيجاب الضمان فيه العمد والخطأ، لأن النسيان إنما يسقط عن الإنسان فيما يتعلق بنفسه لا فيما يتعلق بغيره، فليس على غيره نسيانه وخطؤه، ولولا ذلك لتداعى الناس (النسيان) وتساقطت الحقوق إلا أن العامد يغرم البدل، وعليه الإثم، والمخطئ لا إثم عليه، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 36678.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1425(12/7563)
(الشيكات) من أنواع التوثيق المشروع للدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تاجر أتعامل مع شركات تعمل في الأدوات الزراعية مثل التقاوى والبلاستك والخراطيم --- ولكن لا أدفع لهم كل المبالغ المطلوبة في الحال بل أدفع لهم الموجود معي من النقدية وكل أسبوع يأتي المندوب ويأخذ الموجود معي من النقدية -- ولكن الشركات تطلب مني ضمان شيك بنكي وأنا لا أتعامل مع البنوك بتاتا بالمرة -
والسؤال هل لو وضعت في البنك مبلغا من المال وليكن مثلا ألف جنيه كوديعة وأخذت دفتر شيكات لكي أتعامل مع الشركات مع العلم بأن الأشياء التي آخذها من الشركات تفوق قيمتها في كثير من الأحيان العشرة آلاف جنيه فهل هذا يجوز لي -- وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففتح حساب وديعة في بنك إسلامي وأخذ دفتر شيكات لا إشكال فيه، أما فتح ذلك في بنك ربوي فلا يجوز إلا لضرورة أو حاجة ماسة، لأن البنك الربوي سيأخذ هذه الوديعة المضمونة ويقرضها للآخرين بفائدة، فيكون وضع المال عنده إعانة له على الربا، وهذا حرام، لقوله تعالى: [وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ] (المائدة: 2) .
وبالنسبة لصرف شيكات للشركات كضمان فلا مانع منه، وهو متفق مع أحكام الشرع الداعية لصيانة حقوق الناس.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي ما يلي:
الأوراق التجارية (الشيكات) من أنواع التوثيق المشروع للدين بالكتابة، لكن ينبغي أن يكون لديك رصيد بقدر الشيك أو تكون قادرا على دفعه عند طلبه، حتى لا تغر الشركات المتعاملة معك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(12/7564)
لا ضمان على البائع غير المفرط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صيدلانية وأشتغل بمركز حكومي في بعض الأحيان يحدث لي عجز في الدواء ولا يكون الخطأ مني وأقوم بتسديد هذا العجز علي التذاكر الحكومية التي تجئ فيها الأدوية فهل هذا يعتبر حراما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لم يتضح لنا المقصود من السؤال بدقة، ولكن إذا كان المقصود أنك تبيعين الدواء ثم في نهاية الدوام تجدين فرقا بين ثمن المبيعات والثمن الموجود وأنك تسددين النقص الحاصل من التذاكر الحكومية، إذا كان هذا هو المقصود، فالذي ينبغي عليك أن تفعليه هو أن تخبري الجهة المسؤولة بهذا الأمر حتى تبحث عن سبب النقص الحاصل، ولا ضمان عليك أنت إن لم تفرطي في عملك، وإن كان المقصود من السؤال غير ما ذكرنا، فنرجو الإيضاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1425(12/7565)
مآل أموال المودعين الذين فارقوا الحياة
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب مني أحد الأشخاص التقدم إلى بنك أجنبي بطلب ضمان بنكي منهم بما قيمته مليون ريال، وطلب مني تغطية الضمان بمبلغ 550 ألف ريال، وهذا الضمان قابل للتحويل وغير قابل للنقض وقابل للتسييل، وأفاد أن عقدي مع ذلك البنك يفيد بعدم إلزامي بدفع باقي المبلغ بعد انتهاء فترة الضمان وهي سنة، وعند سؤاله عن السبب أفاد أنها أموال مودعين لديهم توفوا وليس لهم وريث يتابع أموالهم فهم بهذه الطريقة يستخرجون المبالغ لصالحهم بطريقة نظامية حسب قانونهم، السؤال: ما حكم استحواذي على باقي المبلغ 450 ألف ريال حسب تعاقدي مع البنك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن خطاب الضمان الذي تصدره البنوك من حيث هو جائز، لأنه إما كفالة أو وكالة وهما جائزان في الشريعة، ما لم يصاحبهما ما يفسدهما، وقد نص قرار مجمع الفقه الإسلامي على أن خطاب الضمان كفالة إن كان غير مغطى، ووكالة إن كان مغطى، كما في قرار مجمع الفقه في دورته المنعقدة عام 1985م.
هذا؛ وللبنك أن يطلب من العميل الذي يصدر الضمان له رهناً يغطي هذا الضمان كلياً أو جزئياً، ولا يحق للبنك الانتفاع بالرهن إلا بإذن صاحبه، ويبقى الرهن عند البنك إلى انتهاء العملية التي من أجلها صدر خطاب الضمان، وبعد انتهائها يعود الرهن إلى صاحبه كما هو، بلا زيادة أو نقص.
وأما ما ذكر في السؤال فلا يخفى وجه الحرمة والفساد فيه، إذ بأي حق استحق العميل هذا المبلغ؟! وهل حاصل هذا العقد الفاسد إلا أنه دفع 550 ألفاً ليأخذ زيادة عليها 450 ألفاً فهذا المبلغ سحت ورباً يحرم أخذه أو التعاقد على أخذه أصلاً.
فإذا انضاف إلى أن تلك الجهة تدفع هذا من أموال الناس الذين تستولي عليهم بالباطل ازداد الأمر حرمة وشناعة، فإن أموال هؤلاء المودعين المتوفين يجب أن ترجع إلى ورثتهم ولو لم يطالبوا بها، فالحاصل أنه لا يحل لك الدخول في هذا العقد مع مصاحبة هذه الشروط الفاسدة له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1425(12/7566)
حكم دفع مبلغ إضافي لقاء ضمان جهاز كمبيوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بشراء جهاز كمبيوتر من إحدى الشركات بمبلغ 920 دينار وعندما اشتريته قال لي الموظف المسؤول إذا دفعت لنا 240 دينار إضافي على هيئة أقساط شهرية تكون لنا مسؤولية كاملة عن أي عطل يحدث في جهازك خلال 5 سنوات وفي حالة تعدر إصلاحه سوف نقوم بإعطائك جهاز كمبيوتر آخر فوافقت على ذلك وبدأت أدفع هذه الاقساط في كل شهر ويرجع السبب في هذه الموافقة على الحساسية الشديدة لهذا النوع من الاجهزة
فهل ما قمت به جائز شرعا أم لا وما العمل فى ذلك
افيدونا اثابكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدفع هذا المبلغ الزائد مقابل ضمان الكومبيوتر خمس سنوات لا يجوز، لما فيه من الغرر، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 34376.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1425(12/7567)
بيع التأشيرات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من أراد استخراج تأشيرة أو فيزا سائق وقام ببيعها بمبلغ ما، علماً بأن العامل سيأتي ويعمل ويقبض راتباً شهرياً ويعامل بما يرضي الله ورسوله إن شاء الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتأشيرات لا يجوز بيعها؛ لأن التأشيرة عبارة عن كفالة والكفالة عقد تبرع وليست من عقود المعاوضة.
وإذا كان مستخرج التأشيرة يحتاج في استخراجها إلى نفقات أو تعب وسفر، فله أن يأخذ عنها قدر ما أنفق عليها مع أجرة مثله على ما قام به من عمل، إن كان ثَمَّ عمل، وهي من هذه الحيثية تكون بمعنى ثمن الجاه. وثمن الجاه قال فيه أبو عبد الله القوري: اختلف علماؤنا في حكم ثمن الجاه. فمن قائل بالتحريم بالإطلاق. ومن قائل بالكراهة بالإطلاق، ومن مفصل فيه وأنه إن كان ذو الجاه يحتاج إلى نفقة وتعب، فأخذ أجر مثله فذلك جائز، وإلا حرم. انتهى، قال أبو علي المسناوي: وهذا التفصيل هو الحق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1425(12/7568)
حكم استرداد مصاريف العلاج من صندوق الضمان الاجتماعي
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريب متقاعد من الوظيفة الحكومية منذ سنوات، ومصاب بأمراض مزمنة كالسكر وارتفاع ضغط الدم الذي يستوجب المداواة باستمرار وبما أن الانحراط في الصندوق القومي للضمان الاجتماعي إجباري لكل الموظفين الحكوميين في فترة العمل، فهل يسمح له الشرع باسترجاع مصاريف العلاج والدواء من الصندوق؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل ضوابط الاشتراك في الضمان الاجتماعي، ولك أن تراجع فيها الفتوى رقم: 29228.
وكنا قد بينا في تلك الفتوى أن الضمان الاجتماعي إذا كان إجبارياً فلا إثم على المشترك فيه حينئذ، وإنما الإثم على مجبره، وأن على المشترك أن يتخلص من النسبة المحرمة، مما يحصل عليه منه إن كانت ثم نسبة محرمة، وعليه فلا مانع لقريبك من استرجاع مصاريف الدواء والعلاج من الصندوق، بشرط أن تكون هذه المصاريف أقل من رأس ماله أو مماثلة له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1425(12/7569)
الأجير الخاص يضمن في أحوال دون أحوال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل محاسباً في إحدى المطابع، هل يجوز أن يتم تحميل مصمم كمبيوتر قيمة خطأ قام به في الكتابة، أو في جزء من التصميم عليه، مما أدى إلى رفض الزبون العمل سواء كان الخطأ من جراء إهمال أو سهو، وهل يجوز أن يتحمل من يعمل على ماكينة الطباعة قيمة الطباعة الخاطئة، سواء كان من إهماله أو بسبب ظروف أخرى قد يكون بعضها خارج إرادته، وأخرى لقلة خبرته أو ضعف مهاراته، رغم أن هناك قدراً من الأخطاء (أي عدد معين) لا يحتسب عليه، فإذا قام بطباعة1000 ورقة ونتج تلف 50 لا يتم تحميله قيمة الخمسين لأنها تعطى له للتجريب؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمصمم والطابع اللذان يعملان في شركة أو مؤسسة عملاً معيناً ولوقت معين يدخلان فيما يعرف في الفقه الإسلامي بالأجير الخاص، جاء في غاية المنتهى من كتب الحنابلة في تعريف الأجير الخاص هو: من قدّر نفعه بمدة معينة. وجاء في تنوير الأبصار من كتب الحنفية هو: من يعمل لواحد عملاً مؤقتاً. انتهى.
ولا خلاف بين الفقهاء أن الأجير الخاص لا يضمن ما تلف تحت يده من عمل أو آلة إلا في حالة التفريط أو التعدي، وإنما قلنا أنه لا يضمن لأن الآلة في يده أمانة ولا ضمان على مؤتمن إلا بتعد، ومعلوم أن السهو والخطأ والغفلة ليس تعدياً في الجملة، وينبغي أن يضبط التعدي من غير التعدي بما هو متعارف عليه عند أهل الصنعة، ولذا جاء في الجوهرة النيرة من كتب الأحناف: ولا ضمان على الأجير الخاص فيما تلف في يده ولا ما تلف من عمله بأن انكسر القدر من عمله أو تخرق الثوب من دقه، وهذا إذا كان من عمل معتاد متعارف، أما إذا ضرب شاة ففقأ عينها أو كسر رجلها كان متعدياً ضامناً. انتهى.
وقالوا كما جاء في مجمع الضمانات من كتبهم: في الرجل يدفع إلى رجل ورقاً ليكتب له مصحفاً وينقطه ويعجمه ويعشره بكذا من الأجر، فأخطأ في بعض النقط والعواشر أنه إن فعل ذلك في كل ورقة أنه يضمن قيمة الورق.... انتهى.
وقالت الشافعية: إنه إن غلط غلطاً فاحشاً فعليه أرش الورق ولا أجرة له، وإلا فله الأجرة ولا أرش عليه ويلزمه الإصلاح. انتهى من حاشيتي قليوبي وعميرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1425(12/7570)
يكلف صاحب الشهادة بأي عمل للخروج من الإشكال
[السُّؤَالُ]
ـ[هذا توضيح للسؤال رقم: 124170
لدينا في سورية قانون يفرض على الطبيب البيطري الذي يرغب باستيراد أدوية بيطرية، أن يقوم بتوظيف صيدلي بشري، ليحصل على موافقة استيراد الأدوية البيطرية، كما هو واضح ليس هناك أي حاجة لوجود الصيدلي الذي لا يعلم أصلا أي شيء عن الأدوية البيطرية، هل هناك حرمة على أحد من الطرفين (الطبيب البيطري أو الصيدلي) ، إذا تم الاتفاق بينهما على أن يستخدم المستورد شهادة الصيدلي مقابل مبلغ معين يدفعه له، دون القيام بأي عمل من قبل الصيدلي ولكن فقط لاستخدام الشهادة لمنح موافقة الاستيراد، علما بأن الصيدلي يحصل على هذا المبلغ لأنه في هذه الحالة لا يسمح له بالقيام بأي عمل آخر ما دام مسجلاً كموظف عند الطبيب البيطري، نرجو الإفادة وعذرا للإطالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر على النحو الذي وصف، فجوابنا عليه هو أن الأصل في تمويه الحقائق المنع، فلا يجوز أن يسجل أحد في مؤسسة باعتباره أحد عمالها وهو لا يعمل فيها، وإنما يعطيها -فقط- شهادته لتستخدمها في إكمال ملف، فهذا كذب وتزوير، ولو فرض سلامته من هذا المأخذ الشرعي فإنه يدخل فيما يعرف بثمن الجاه، وثمن الجاه قد اختلف فيه بين من يراه محرماً أو مكروهاً، وبين من يفصل فيه، ويمكنك أن تراجع ذلك في الفتوى رقم: 9559.
وعليه؛ فالذي نراه مباحاً في هذا الموضوع هو أن يكلف صاحب الشهادة بعمل ما، ولو كان عملاً خفيفاً كأن يداوم ساعة أو ساعتين من كل أسبوع مثلاً، ليستحق بموجب ذلك أجرة من هذه الشركة.
فإذا امتنع من ذلك وتعذر على صاحب الصيدلية وجود أي شخص آخر يحمل تلك الشهادة وهو مستعد لأن يعمل معه بها، وكان صاحب الصيدلية مضطراً إلى الموضوع بحكم ما فرضته الدولة من قانون، ولم يترتب منه ضرر، لا على العامة ولا على الخاصة، فإنه يباح له ذلك دون حامل الشهادة، قال الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119] ، وإنما قلنا إن صاحب الصيدلية يجوز له هذا دون حامل الشهادة لأن حامل الشهادة يمكنه أن يتفادى الضرر بالقيام بالعمل المذكور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1425(12/7571)
كيفية تصرف الوصي في إدارة أموال الأيتام
[السُّؤَالُ]
ـ[جدة وصية على أبناء ابنها المتوفى وتأتي كفالات إلى الأولاد الثلاثة وكل واحد باسمه، فهل تحتفظ بالأموال لكل واحدٍ على حدةٍ أم للثلاثة معا، مع العلم بأنهم قاصرون ويأكلون معا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكفالات التي يتلقاها الأيتام المذكورون إذا كانت مقدمة إليهم بالتساوي، فهي بينهم ولا حاجة إلى تمييز مال كل واحد إذا كانوا يتساوون في الصرف عليهم في الإنفاق والعلاج ونحو ذلك، وإن لم يكونوا متساوين فيما يأتيهم أو تساووا فيه ولكن تفاوتوا في الصرف فيجب أن يميز مال كل واحد منهم، ولا مانع من الخلط بينهم في الإنفاق وما فضل عن الإنفاق يتاجر لهم فيه، ففي الموطأ للإمام مالك قال: مالك إنه بلغه أن عمر بن الخطاب قال: اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة، قال الباجي في المنتقى: قوله: اتجروا في أموال اليتامى إذن منه في إدارتها وتنميتها، وذلك أن الناظر لليتيم إنما يقوم مقام الأب له، فمن حكمه أن ينمي ماله ويثمره له ولا يثمره لنفسه، لأنه حينئذ لا ينظر لليتيم وإنما ينظر لنفسه، فإن استطاع أن يعمل فيه لليتيم وإلا فليدفعه إلى ثقة يعمل فيه لليتيم على وجه القراض بجزء يكون له فيه من الربح وسائره لليتيم.
وفي الختام لا بأس بالتذكير بأهمية كفالة اليتيم والثواب المترتب عليها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا وكافل اليتيم كهاتين.... رواه البخاري في صحيحه، وراجعي الفتوى رقم: 32551.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(12/7572)
حكم بيع التأشيرات
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بفتح مؤسسة تجارية مقاولات واستخرجت التأشيرات والرخص وإيجار المحل من حسابي
ويوجد لدي عمل لمدة 3 أو 4 أشهر
فهل يجوز لي بيع هذه التأشيرات
وهل يجوز الاتفاق مع عمالتي على نسبة 10% أو 300 ريال شهريا لي
مع موافقتهم
علما بأن بعضهم يرفض الراتب ويقبل بدفع المبلغ المتفق عليه وأنا أعلم باستطاعتهم ذلك بسهولة
ومن مصلحتهم ذلك لأنهم لا يقبلون عمل الراتب
مع العلم بأنهم ممن يحضر الأعمالوأنا أمثلهم وأحفظ حقوقهم لدى الغير وأساعدهم عند طلبهم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز بيع هذه التأشيرات، لأنها كفالة، والكفالة عقد تبرع لا عقد معاوضة، أما عن أخذ مبلغ معين كل شهر بعد ذلك، فقد بيناه في الجواب رقم: 6535.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(12/7573)
الوسيط المؤتمن ليس بضامن
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعاملنا مع مكتبة لكتابة المحاضرات في إحدى الكليات، عن طريق شخص (س) بحيث إننا نكتب المحاضرات ونعطيها لصاحب المكتبة، ويقوم الشخص (س) بقبض الأجر من صاحب المكتبة ويعطينا إياه مقابل نسبة يأخذها الشخص (س) ، ثم تخلف صاحب المكتبة عن الدفع للشخص (س) ، فهل يحق لنا مطالبة الشخص (س) بأجورنا، وهل يجب على الشخص (س) دفع الأجور لنا من ماله الخاص.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر من هذا السؤال أن هذا الشخص هو مجرد وسيط بينكم وبين صاحب المكتبة، وقد سبق أن بينا أن هذا الوسيط لا يلزمه الضمان ما دام ظاهره الصدق والأمانة.
وراجع في هذا الفتوى رقم:
19716
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1424(12/7574)
التفريط المؤدي إلى تلف أو موت يوجب الضمان
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لي أخ وافاه الأجل بعد حين ولقد كان له تقرير طبي قالوا لنا إنه يجوز لنا أن نخرج عليه، مبلغاً مالياً كتعويض لنا من الدولة، وذلك بعد التقصير الذي حدث منهم فى التقصير فى العناية به؟ ولكم جزيل الشكر فضيلة الشيخ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتفريط الذي نتج عنه تلف أو موت يُوجب الضمان، لأنه نوع من التسبب في القتل، وتحديد المتسبب هنا يتم عن طريق أهل الخبرة بالطب، لأنهم أعرف الناس بأسباب الوفاة، وعليه فإذا قرر الأطباء أن الدولة متسببة في وفاة هذا الأخ فللورثة المطالبة بالدية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1424(12/7575)
قول أهل العلم في ضمان العارية إذا ضاعت أو تلفت
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اقترض مني أحد الأصدقاء الكمبيوتر الشخصي ومكث عنده مدة طويلة.. وعندما طلبته منه اكتشفت أن الهارد ديسك قد تلف وأنه لا يريد أن يرده لي إلا بعد شراء هارد ديسك جديد ... فهل يجوز هذا الأمر أم أنني أستعيض الله وآخذه منه هكذا..؟ وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في وجوب ضمان العارية إذا ضاعت أو تلفت في يد المستعير.
فذهب بعض أهل العلم إلى وجوب ضمانها، سواء تعدى المستعير أو لم يتعد، وهذا قول الإمام أحمد ومذهب الشافعية.
ولكنهم قيدوا ذلك بما إذا تلفت العارية في غير ما استُعِيرَتْ له.
وبناء عليه، فلا يجب على الشخص الذي استعار منك جهاز الكومبيوتر أن يضمن تلف الهارد ديسك، لأنه تلف في استعمال مأذون فيه، فإعطاؤك جهاز الكمبيوتر له يتضمن إذنك له باستخدام الهارد ديسك، والكومبيوتر لا فائدة منه بدون الهارد ديسك.
والخلاصة أن الهارد ديسك تلف في ما استُعِير له، فلا يجب عليه ضمان تلفه.
إلا إذا أتلفه في غير استعمال الكومبيوتر تعديا منه، فحينئذ يلزمه الضمان.
وإن كان ما يريد فعله هو من باب المكارمة، فلا بأس به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1424(12/7576)
حكم الضمان يدور مع حكم معاملة المضمون عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أراد شخص أن يأخذ قرضاً من البنك وأرادني أن أكون ضامناً له، أي أضمنه لدى البنك، هل هذا حلال أم حرام أوافق أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت معاملة البنك المذكور ربوية، فلا يجوز للمسلم أن يضمن على صاحبها أو يتعاون معه عليها، لأن هذا من الإثم والعدوان الذي نهى الله عز وجل عن التعاون عليه.
وأما إذا كان البنك إسلامياً لا يتعامل بالربا، فلا مانع شرعاً من الضمان على صاحب القرض.
وقد يكون مستحباً ومن باب التعاون على البر والتقوى إذا كان في الخير، قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
وعليه؛ فحكم الضمان يدور مع حكم معاملة المضمون عليه، فإن كانت المعاملة جائزة جاز الضمان وإن كانت حراماً حرم الضمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1424(12/7577)
اشتراط ضمان العامل أو غيره مال المضارب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نرجو التكرم بالإجابة على هذا السؤال:
رجل ضمن مالا لأجل أن يسلمه لرجل آخر للمضاربة فيه وبعد سنتين من مباشرة العمل خان الرجل الثاني في المال وضيعه فصار الضامن مطالبا بإرجاع الأموال فهل يعد من الغارمين فيأخذ الزكاة أم لا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن يد العامل في المضاربة على مال المضارب يد أمانة، فلا يضمن العامل رأس المال إلا إذا تعدَّى أو قصر، وراجع في هذا الفتويين التاليتين: 6743، 25334.
وبناء على هذا فلا يصح اشتراط ضمان العامل أو غيره مال المضارب في حال عدم التعدي أو التقصير، أما اشتراط ضمان العامل لمال المضاربة إذا تعدى أو قصر فشرط صحيح متفق عليه بين الفقهاء في الجملة، وإن اختلفوا في بعض الأحوال التي يضمن فيها، وإذا صح تضمين العامل عند التعدي أو التقصير، صحَّ أن يكفله غيره في ما يضمن، وبهذا قال جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة والشافعية في مقابل الأصح عندهم، وهو ما يُعرف عند الفقهاء بضمان ما لم يجب.
قال في البحر الرائق - وهو حنفي -: ومنه ما في الخلاصة ناقلاً عن الأصل، قال للمودع: إن أتلف المودع وديعتك أو جحدك، فأنا ضامن لك، صحَّ، وكذا إن قتلك فلان خطأً فأنا ضامن للدية صحَّ. اهـ
وقال خليل - وهو مالكي -: والضامن بدين لازم أو آيل. اهـ
قال الخرشي في شرحه لكلام خليل: (أو آيل إلى اللزوم) كداين فلانًا، وكالجعل، فيصحُّ الضمان به قبل أن يأتي بالآبق؛ لأنه وإن لم يكن الآن لازمًا فهو آيل إلى اللزوم. اهـ
وقال ابن قدامة في المغني - وهو حنبلي -: ومنها صحة ضمان ما لم يجب. اهـ
وقال في مطالب أولي النهى: ويصح تعليق الكفالة بسبب الحق، كالعهدة والدَّرَك وما لم يجب ولم يوجد سببه بلا نزاع في ذلك. اهـ
وقال الشربيني في مغني المحتاج - وهو شافعي -: فلا يصح ضمان ما لم يجب، سواء أجرى سبب وجوبه ... أم لا. اهـ
وقال النووي في المنهاج: وصحح القديم ضمان ما سيجب.
وقال ابن القيم في أعلام الموقعين: ويصح ضمان ما لا يجب، كقوله: ما أعطيت لفلان فهو علي، عند الأكثرين، كما دل عليه القرآن في قول مؤذن يوسف: (وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) [يوسف:72] والمصلحة تقتضي ذلك، بل قد تدعو إليه الحاجة أو الضرورة. اهـ
وبناء على ما سبق، فإن الأخ الذي كفل مال المضاربة يجب عليه الوفاء به لربه؛ لأن العامل الذي ضمن عنه المال عند التفريط قد تعدى وأساء بخيانته - كما هو مذكور في السؤال - فإذا ضمن هذا الكفيل المال على ما ذكرنا، ولم يكن له من المال ما يفي بما ضمن، كان من أهل استحقاق الزكاة لدخوله في صنف الغارمين، الذي هو أحد الأصناف الثمانية المستحقة للزكاة، وإنما اشترطنا كون الغارم فقيرًا ليكون مستحقًّا للزكاة في هذه الحالة؛ لأن الغارمين نوعان:
الأول: غارم لمصلحة خاصة - وهو الذي في مسألتنا - فهذا لا يُعطى من الزكاة إلا إذا عجز عن أداء الغرم الذي عليه.
الثاني: غارم للمصلحة العامة كالصلح بين قبيلتين ونحو ذلك، فهذا يُعطى من الزكاة ولو لم يكن عاجزًا عن أداء الغرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1424(12/7578)
حكم تصرف أحد الورثة في نصيب الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قولكم في ورثة تصرف أحدهم في نصيب الآخرين بعلمهم، ما الحكم إذا كانوا قد أذنوا؟ وما الحكم إذا لم يكونوا قد أذنوا؟ وما الحكم إذا كان من بينهم من لا يصلح للإذن لصغره؟ وما مصير الأرباح والخسارة؟ وهل لهذا إن رد عليهم الربح أن يأخذ منهم أجرة لقاء تعبه؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تصرف أحد الورثة في نصيب الآخرين بعلمهم والسكوت على ذلك يعتبر إقرارا منهم بتصرفه، فيسقط عنه الضمان.
أما إذا لم يأذنوا له في التصرف، أو لم يقروه عليه بالعرف إذا كان ذلك عرفا، فإنه لا يجوز له التصرف في حصة غيره والتجارة بها، لأنه مال غير لم يأذن في التصرف فيه.
ومن كان قاصرا من الورثة فإنه تابع لوليه.
وأما الربح والخسارة، فإنهما تابعان للمال إن كان مأذونا في التصرف فيه، لأن الغنم بالغرم كما قال العلماء.
وأما إذا كان أهل المال لم يأذنوا في التصرف فيه، فإن الذي تجر فيه بغير إذنهم يضمنه من كل ما يصيبه، لأنه بمنزلة المودع عنده يلزمه حفظه، فإذا أصابه شيء ضمنه المتصرف، ولكن الربح له وحده، لأن الخراج بالضمان كما قال العلماء.
وقال ابن عاصم المالكي في التحفة:
والتَّجْرُ بالمودَع مَنْ أَعمَلَهُ ... يَضْمَنُهُ والربْحُ كُلُّه له
والحاصل أن هذا المال إذا تصرف فيه شخص بتجارة بإذن أهله، يكون ربحه تابعا له، يوزع على رأس المال حسبما هو متعارف عليه بعد أخذ العامل حصته إن كان هناك ربح، وأما إذا لم يكن ربح أو كانت خسارة، فإن العامل لا ضمان عليه، ويكفيه أنه خسر جهده.
أما إذا كان التصرف تعديا بدون إذن أهل المال، فإن العامل يضمن الخسارة إذا وقعت، والربح له وحده. وهذا هو الذي نراه راجحا من خلاف أهل العلم في هذه المسألة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(12/7579)
الأمر ينبني على الضرر من عدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل بالسعودية مهندسا ثم انتهى العقد ونقلت كفالتي كمحرم لزوجتي (طبيبة بوزارة الصحة) وكتب في إقامتي في صفحة الكفيل (محرم للزوجة) غير مصرح له بالعمل (المقصود لا يعمل إلا بعد نقل كفالته للجهة التي سيعمل بها) والآن وجدت فرصة عمل في جهة خيرية (مهندس حاسب آلي) ولديهم استعداد أن أعمل بدون نقل كفالة إذا وافقت وقبلت العمل هل يعتبر ذلك مخالف للشرع والراتب يعتبر مالا حراما؟ أم أن نظام الكفالة مسألة شكلية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه. قالوا: وما إذلاله لنفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق رواه أحمد والترمذي وابن ماجه عن حذيفة رضي الله عنه.
وعليه، فإذا كان العمل مع الجهة المذكورة أو غيرها يترتب عليه ضرر يلحقك، فلا ينبغي لك أن تدخل الضرر على نفسك.
أما إذا كان لا يترتب عليه ضرر، فلا مانع منه إن شاء الله تعالى، لأن الأصل جواز العمل وطلب النفع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1424(12/7580)
الذي ضمن المهر يلزم به
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة تزوجت من ابن خالتي وعند كتب عقد الزواج كتبنا مبلغاً من المال كمهر للعروسة ووافق عليه أهله ووعدوا بدفعه دون تأخير ولم نكتب هذا على الورق رسمياً بسبب القرابة التي بيننا ولكن بعد الزواج رفضوا دفع هذا المبلغ فعرف والدها بهذا الموضوع وقبل أن يكتب بقية المهر من ميراثها والوارثة لا تعلم علما بأن بقية الورثة موافقون لأن ليست هناك طريقة لأخذ حقنا إلا بهذه الطريقة هل هذا حلال أم حرام أخذ ميراثها وأولادها ساعدوها في موضوع عدم إعطاء بقية المهر؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت هذه الخالة ضامنة لهذا المال طولبت به، فإن أبت دفعه وأمكن أخذه من مالها بغير رضاها جاز ذلك، وهو ما يسمى عند العلماء بمسألة الظفر. أما إن لم تكن ضامنة فإنها لا تطالب بما بقي من المهر لمجرد كونها أمًّا للزوج، بل يطالب به الزوج.
ومما ينبغي التنبه له أن كتابة هذا الرجل لهذه الوصية إما أن يكون من الثلث الذي يجوز له أن يوصي به بدون إذن الورثة، وهذا جائز، فإذا مات أخذ ما في هذه الوصية من ثلث التركة. وإما أن يكون قد أوصى بأن يؤخذ من حصة بنته فهذه الوصية غير ملزمة.
أما إذا كان هذا الرجل قد وهب لكل واحد من أولاده بقدر حصته من الميراث وملك كل واحد منهم ما وهب له، ولكنه أنقص بنته هذه بقدر المهر فهذا أيضًا صحيح، ولكن ينبغي تنجيزه وإعطاؤه لمن تستحقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(12/7581)
هل تضمن آلات المنكر عند إتلافها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وصديقي سرقنا فيلما إباحيا من أب هذا الصديق من غير علمه. بعد حين أتلفناه وتبنا إلى الله.
الآن وقد هدى الله صديقي ووالده وإياي. هل علي إثم لعدم رد الفيلم لأبي الصديق؟
وكيف أبرأ من هذا الإثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لنا ولكم الهداية والثبات على دينه حتى نلقاه وهو راضٍ عنَّا.
واعلم أنه لا ضمان في إتلاف آلات المنكر، لأن النهي عنها باليد مطلوب لمن استطاع. قال صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده.. رواه مسلم.
لكن لما كان هذا الفيلم يمكن أن يمحى ما فيه دون إتلافه، فينبغي أن تعيد فيلمًا فارغًا لوالد صديقك لتبرأ ذمتك، أو تستسمحه، وذلك مراعاة لمذهب أبي حنيفة في أن آلات المنكر تُضمن بالإتلاف إذا كان بالإمكان استعمالها في غير المنكر.
أما الجمهور، من المالكية والشافعية والحنابلة، وصاحبا أبي حنيفة فذهبوا إلى أنه لا ضمان، ولو كانت يمكن أن تستخدم في غير المنكر، وهذا هو المفتى به عند الحنفية أيضًا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1424(12/7582)
ما يلزم من إتلاف الصبي مال غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[كسر ابني فازة وأنا في محل تجاري في بلد أجنبي لا أعرف لغته، فذهبت للبيت، والآن مضى أسبوعان، فكيف أتصرف؟ هل أعود لدفع ثمنها وأنا خجلة من تصرفي؟ أم أدفع المبلغ لأحد الجوامع في هذا البلد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا أتلف الصبي شيئًا فإنه يضمنه من ماله، فإن لم يكن له مال فينظر حتى يتيسر حاله، ولا يجب على وليه الضمان إلا أن يتطوع، ففي مجلة الأحكام العدلية في الفقه الحنفي: إن أتلف صبي مال غيره يلزم الضمان من ماله وإن لم يكن له مال ينتظر إلى حال يسر ولا يضمنه وليه. اهـ
فإذا أردت التطوع عن ابنك فعليك الذهاب لصاحب المحل ودفع ثمن هذا الشيء المتلف إليه، أو طلب السماح منه. وتصدقك بالثمن لصالح الجامع لا يجزئ عن ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1424(12/7583)
يجب الانسحاب من الضمان الاجتماعي القائم على الربا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
بالإشارة إلى فتواكم رقم80668 ردا على رسالتي، فأنا الآن عضو مشتركة في صندوق الضمان التابع لعملي من حوالي 10 سنوات، وبالرجوع للفتوى السابقة، هل يجوز أن أستمر في عضوية صندوق الضمان أم أنسحب منه؟ وهل يجوز أخذ مستحقاتي لديهم أم سيدخلها ربا.
الرجاء إفادتي على نحو السرعة حتى أتمكن من عمل ما هو في صالح ديني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الاشتراك في الضمان الاجتماعي بهذه الشركة مادام على الحال المذكور من قيامه على التعامل بالربا لا يجوز، ويجب في الانسحاب منه وأخذ مالك منه فورًا، والتخلص مما ترتب عليه من فوائد بإنفاقها في وجوه الخير لا بنية الصدقة، بل بنية التخلص من المال الحرام.
ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم:
29228.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1424(12/7584)
كفالة اليتيم.. فضلها وكيف تتحقق
[السُّؤَالُ]
ـ[تربيت يتيماً ووجدت من يعتني بي، وأريد بعد أن تزوجت ورزقني الله بولدين أن أرعى يتيماً في بيتي مع أولادي، لأني علمت أن خير البيوت بيت يكرم فيه يتيم، ولكن كيف يكون الأمر عندما يكبر الطفل، فمثلاً إن كانت بنتاً كيف تتعامل مع أبنائي، وكيف أراعي الضوابط الشرعية، لأنها بالفعل ليست أختهم، والأمر فيه صعوبة فِعْلية أن تكون معنا في البيت فتاة وهي في حكم الشرع أجنبية، مع رجاء توضيح فضل كفالة اليتيم لتقتنع زوجتي بالأمر؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد حث الإسلام ورغب في كفالة الأيتام ووعد عليها بالخير الكثير، وذلك رحمة منه بهؤلاء البائسين، وتعويضاً منه لهم بعض الذي فقدوه من حنان الأبوة، ففي البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً.
وبهذا تعلم أهمية كفالة اليتيم ومكانته الرفيعة في الإسلام.
وكفالة اليتيم هي القيام بأمره ومصالحه، ولا يلزم منها أن يكون اليتيم في بيت الكافل، بل تتحقق بذلك المعنى -وهو الإنفاق عليه والقيام برعايته ومصالحه- ولو كان في مكان آخر.
وبهذا يعلم السائل الكريم أن بإمكانه أن يكفل بنتاً يتيمة دون أن تكون في بيته، بل في بيت أبيها مع أمها أو في مكان آخر.
كما يمكن له أن يرضعها من زوجته أو أمه إذا كانت لا تزال في سن الإرضاع، لتصير من محارمه ومحارم أبنائه، المهم أن المشكلة يمكن حلها..... ونسأل الله عز وجل أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(12/7585)
حكم بذل الجاه مقابل الحصول على منفعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتيت السعودية وقد تم الاتفاق مع كفيلي على نسبة 30 بالمائة له مني وأنا الآن أريد أن لا أعطيه إلا ما وصله مني وهو تقريبا ربع ما تم الاتفاق عليه فهل يجوز لي ذلك؟ وما الحكم في ما يأخذه من نسبة وهو لا يوفر أي عمل لي؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وع لى آله وصحبه أما بعد:
فقد حث الإسلام على بذل الإنسان جاهه ونفوذه وصلاحي ته لمساعدة الغير، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اشفعوا تؤجروا ويقضى الله على لسان رسوله ما يشاء. متفق عليه.
أما أن يفعل الإنسان ذلك في مقابل حصوله على منفعة، فهذا لا يجوز إلا أن يكون قدم خدمة يستحق عليها ذلك كرسوم التأشيرة والإقامة مثلاً، ونحو هذا.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
6632 والفتوى رقم: 9559
وعلى هذا، فلست مطالباً بدفع شيء لكفيلك المذكور إل افي مقابل جهد استحق عليه ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1424(12/7586)
يحق لك أخذ أجرة المثل لا غير
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي مؤسسة وعندي 50 عاملاً وكلهم ناقلون كفالة إلى المؤسسة عندي باتفاقية مبرمة بيني وبينهم من قبل أن ينقلوا الكفالة بأن يعطوني 2000 ريال كل سنتين عند تجديد الإقامة، سؤالي: ما الحكم في ذلك؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن القدر الذي يجوز لك أخذه منهم هو أجرة المثل في مقابل ما تقوم به من خدمات، فإن لم تكن ثم خدمات تقوم بها وإنما تأخذ هذا المال مقابل ما منحتك الدولة إياه من صلاحية استقدام أو استخدام فحينئذ لا يحل لك أخذ هذا المال، إذ أن ذلك يدخل تحت ما يسمى عند الفقهاء ببذل الجاه، وقد سبق بيان حكمه بالفتوى رقم: 4741.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1424(12/7587)
مدى مسؤولية الزوج في انتقال عدوى الإيدز لزوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[بكل أسف لي قريب أصيب بمرض الأيدز بعد ارتكابه لفاحشة الزنا وهو متزوج وله رضيع فانتقل المرض إلى زوجته والرضيع الآن هو في وضع صعب للغاية ويحتاج إلى مساعدة هل لكم أن تساعدوني حتى أستطيع أن أساعده وهو دائما يسأل الأسئلة التالية:
إني تبت إلى الله فهل يغفر لي الله؟ وهل إصابة الزوجة والرضيع بالمرض القاتل تعتبر في حكم القتل غير العمد؟ وإذا كان كذلك هل عليه كفارة القتل غير العمد؟ وإذا كانت كفارة القتل واجبة متى يؤديها بعد وفاتهما أم قبل مع أنه قد يموت قبلهما؟ وهل ما أصابه هو قضاء وقدر خاصة إذا أخذنا في الاعتبار إصابة الزوجة والرضيع بالمرض وبدون أي ذنب لهما في ذلك.
أفيدوني أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على هذا الأخ أن يبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى، ويندم على ما فات، ويعقد النية على ألا يعود في ما بقي من عمره، ويكثر من أعمال الخير والطاعات.
فإذا فعل ذلك، فليبشر بخير، فإن الله تعالى يقول في محكم كتابه في وصف عباده: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:68-70] .
وليتأكد هذا الأخ أن من تاب إلى الله تعالى تاب عليه، وبدل سيئاته حسنات كما مَرّ في الآية الكريمة.
ومهما كان عظم الذنب، فإن الله تعالى يغفره لمن أخلص التوبة، قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] .
وبخصوص إصابة الزوجة بالمرض، فإن كان قد انتقل منه إليها عن طريق المعاشرة الزوجية، وهو لا يعلم أنه مصاب، أو أن الفيروس الذي يحمل خامل لا ينتقل، فنرجو أن لا يكون عليه إثم إن شاء الله تعالى، لأن الله تعالى يقول: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الأحزاب:5] .
أما إذا كان يعلم أنه مصاب، وأقدم على معاشرة زوجته بدون علمها، فإن هذا لا يجوز، وعليه التوبة والاستغفار من ذلك، وطلب السماح من زوجته التي أدخل عليها هذا الضرر الخطير، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار رواه مالك في الموطأ.
وهذا الحديث أصل من أصول الشرع، وبناء عليه قال العلماء: يمنع صاحب البرص والجذام والجنون من الدخول بزوجته، لما يخشى عليها من ضرره، نص عليه ابن عاصم المالكي في تحفة الحكام.
بل قال القاضي عياض: يمنع الإمام العائن (وهو الذي يضر الناس بعينه) من مخالطة الناس ويأمره بلزوم بيته، ويرزقه من بيت المال إن كان فقيراً، فضرره أشد من ضرر آكل الثوم والبصل والمجذوم الذي منعه عمر رضي الله عنه من مخالطة الناس. ذكره النووي وغيره.
كل ذلك لحماية المسلم ودفع الضرر عن المجتمع فلا يجوز للمسلم أن يتسبب في أذية أخيه وضرره، وقد اختلف أهل العلم في تضمين من أتلف شيئاً بإصابة عينه، فنقل العراقي الشافعي في طرح التثريب عن القرطبي المالكي في شرح مسلم أنه قال: إذا أتلف شيئاً بإصابة عينه ضمنه، وإذا قتل قتيلاً ضمنه بالقصاص أو الدية.
ثم قال العراقي: وظاهر جزمه بذلك أنه مذهبه فلينظر ... ثم قال: والذي ذكره أصحابنا أنه لا قصاص عليه ولا دية ولا كفارة. نقل ذلك عن النووي في الروضة من طرح التثريب بتصرف يسير.
وأما القتل بالعدوى، وانتقال المرض من شخص إلى آخر، فيكون سبباً في موته أو تلاف عضو منه، فلم نقف في ما اطلعنا عليه من كلام أهل العلم في هذا الموضوع على من قال بأنه يضمن.
وقال الحافظ في الفتح: قيل معنى قوله صلى الله عليه وسلم: لا عدوى النهي عن الاعتداء، ولعل بعض من أجلب عليه إبلاً جرباء أراد تضمينه، فاحتج عليه في إسقاط الضمان بأنه إنما أصابها ما قدر عليها وما لم تكن تنجو منه.
والحاصل أن هذا الأخ لا كفارة عليه ولا ضمان -إن شاء الله تعالى- بسبب انتقال المرض منه إلى زوجته وولده، ولكنه إذا كان متعمداً لإدخال الضرر على غيره، فإنه يأثم لذلك، وعليه التوبة والاستغفار لله تعالى، وطلب السماح ممن تسبب في ضرره.
نسأل الله تعالى أن يشفي مرضى المسلمين، ويحفظهم من كل مكروه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1424(12/7588)
العيب الحادث بعد القبض
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد اشتريت بضاعة وعليها ضمان لمدة عام وخلال الفترة تعطل في البضاعة شيء قد يكون بسبب سوء استخدام مني، فهل يجوز أن أحمل الشركة تكاليف تصليح العطل على أساس وجود ضمان أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا العطل ناتجاً عن عيب سابق للعقد في المبيع وظهر بعد التجربة والاستعمال فإنه من ضمان البائع، قال النووي القسم الثالث: العيب الحادث بعد القبض إذا أسند إلى ما قبل القبض.... ثم ذكر فيه وجهين:
الأول: أنه على ضمان البائع في الأصح عند الشافعية وبه قال أبو حنيفة، فيثبت الرد وللمشتري أن يرد جميع الثمن.
الثاني: أنه على ضمان المشتري وليس له الرد ولكن يرجع على البائع بالأرش ... انتهى.
والمراد بالأرش ثمن النقص الحاصل بسبب العيب.
أما إن حدث العيب في المبيع بنفسه أو بفعل المشتري فلا ضمان، قال النووي رحمه الله القسم الثاني: إذا حدث العيب بعد القبض ولم يستند إلى سبب قبل القبض فإنه لا يثبت به الرد.... انتهى.
وإنما لم يثبت الرد لأن المبيع دخل في ضمان المشتري بالقبض فلم يرد بالعيب الحادث.
والمقصود أنه لا يلزم البائع قبول المبيع المعيب ولا يحق للمشتري إلزامه بالرد.
لكن لو رضي البائع بقبول رد المبيع المعيب أو إصلاحه بلا إلزام من المشتري فلا بأس، لأن عدم قبول الرد من حق البائع فإذا أسقط حقه فما المانع منه، اللهم إلا أن يمتنع أخذه على المشتري لحق الشرع، كأن يكون المبيع عصيراً فتخمر (صار خمراً) عند المتشري ثم اطلع على عيب، فإنه لو أراد البائع أن يأخذه بعيبه لا يُمكَّن من ذلك لما فيه من تمليك الخمر، وهما ممنوعان منه بالشرع، وفي ضوء ما ذكر تعلم جواب سؤالك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1424(12/7589)
من فرط منكما أو تعدى فعليه الضمان
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مهندساً كمدير شركة، وقد نبهت مهندساً مسؤولاً عن موقع ما على عيب إنشائي في جدار مباني فطمأنني على سلامته وأنه آمن، ثم انهار الجدار وتسبب فى موت عامل تحته فماذا علي وعلى مهندس الموقع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن فرط منكما أو تعدى فعليه الضمان، وإن حدث التفريط منكما فالضمان بينكما، كل بحسب ما تحت يده من المهام، وتفاصيل ذلك راجعة إلى القضاء، والدية على العاقلة.
وإن لم يحدث تفريط ولا تعدٍّ فلا ضمان، لأن يد الأجير يد أمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1424(12/7590)
كفالة اليتيم تحصل لمن كفله من مال نفسه أو من مال اليتيم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إذا أراد شخص كفالة يتيم فهل يتوجب عليه أن يعيش معه في المنزل أم يكتفي بدفع مبلغ الكفالة لدار الأيتام؟ وهل الكفالة تكون مرة واحدة أم يتم دفع المبلغ حتى بلوغ اليتيم؟ آمل منكم الإفادة العاجلة..... جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً. متفق عليه
ومعنى كفالة اليتيم: القيام بأمره ومصالحه من نفقة وكسوة وتأديب وتربية وغير ذلك.
وهذه الكفالة تحصل لمن كفل اليتيم من مال نفسه، أو من مال اليتيم بولاية شرعية، فليست الكفالة فقط هي الإنفاق عليه، وإن كان الإنفاق عليه من أعظم أركان هذه الكفالة، وعلى هذا فإذا كان دفع المال لدار كفالة الأيتام كافياً في سد حاجة اليتيم من النفقة والتأديب والرعاية، كان ذلك كافياً لكي ينال المنفق هذه المرتبة العالية -كفالة اليتيم- التي يكون صاحبها رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة.
وإذا لم يكن دفع المال محققاً المعنى المعتبر في الكفالة كان دفع المال مجرد صدقة، ولا يشترط أن يضم كافل اليتيم إلى منزله، بل المعتبر أن يحقق معنى الكفالة بأي طريق حصل ذلك، سواء في دار كفالة أيتام أو غيرها.
وظاهر الأحاديث أن أجر كفالة اليتيم خاص بمن كفله حتى يزول عنه وصف اليتم، ولكن لا يمنع ذلك حصول أجر لمن كفله مدة معينة كشهر أو سنة أو نحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1424(12/7591)
فتاوى حول حكم الضمان الاجتماعي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
هل يجوز الاشتراك الاختياري في الضمان الاجتماعي في الأردن؟
علما بأنني في هذه الحال أدفع شهريا 15% من مرتبي لمؤسسة الضمان الاجتماعي، وبعد 20 سنة خدمة أحصل على تقاعد مثلا 2% x عدد سنوات الخدمة، أو في حالة الوفاة يتم صرف راتب للورثة قيمته مثلا 40% من آخر راتب اشتركت به، بدون الضمان الاجتماعي لن يشملني أي تقاعد؟ طبعا يستثمرون الأموال في مختلف المشاريع منها ودائع في البنوك الربوية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن الضمان الاجتماعي وضوابط جوازه وعدم جوازه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10664، 29228، 10016، 19831.
وبمطالعتها تعرف الحكم الشرعي في الضمان المذكور في السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1424(12/7592)
الواقف المتعدي ضامن
[السُّؤَالُ]
ـ[ابني ارتطم بسيارة كبيرة في طريق سريع اتجاه واحد وليس اتجاهين وكانت السيارة واقفة في مسار ابني وذلك ليلا وبعد الحادث هربت السيارة الكبيرة من موقع الحادث وبعد القبض على السائق اعترف بهروبه. قرر المرور وضع الخطأ على سائق الشاحنة 100% وبعد أربعة أشهر من المماطلة بحق تصليح سيارة ابني طلب صاحب السيارة الكبيرة المحكمة وقضى القاضي بأن لا حق لابني على صاحب الشاحنة علماً بأن تقرير المرور يحمله الخطأ فما رأي فضيلتكم في ذلك وما هو الحكم الشرعي الذي استند عليه القاضي ومحضر الشرطة مرفق باعتراف سائق الشاحنة، وشهادة رجل المرور عند القاضي ما طلب القاضي حضوره.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحيث أن هذا الموضوع قد عرض على المحكمة، وقضت فيه بما يخالف تقدير مسؤولي المرور، فربما كان ذلك لملابسات لم نطلع عليها، والذي يظهر لنا من خلال ما ذكرت أن الضمان على سائق الشاحنة لتعديه بوقوفه ليلاً على الطريق المسلوك، وقد نص الفقهاء في تصادم الدواب على أن الواقف المتعدي ضامن، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني وإن كان الواقف متعدياً بوقوفه، مثل أن يقف في طريق ضيق، فالضمان عليه دون السائر، لأن التكلف حصل بتعديه، فكان الضمان عليه، كما لو وضع حجراً في الطريق، أو جلس في طريق ضيق، فعثر به إنسان انتهى.
ولعل المحكمة ظهر لها أن الطريق متسع، وأن سائق الشاحنة قد اتخذ من الأسباب ما يمنع الحادث، كوقوفه على الجانب الترابي، أو وضع علامة تدل على وقوفه ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1424(12/7593)
حكم توقيع الوكيل على شيك أبيض كضمان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل العمل مندوب مبيعات أي إجارة يتيح لصاحب العمل أن يستكتب المندوب شيكاً على بياض وإذا باع المندوب والعميل لم يسدد وكان التقصير من الشركة لبيعها بكذا ذمة ولم يكن التقصير من المندوب فهل يجوز للشركة أن تطالب بمستحقاتها من المندوب؟ علما أن المندوب نفذ كل ما عليه من إجراءات من حيث التعامل هل يتم استيفاء الشركة حقها من المندوب أم من العميل؟ وهل لها أن تستخدم هذه الشيكات ضد المندوب؟ علما أن مبدأ كتابة الشيك عرف تجاري وأني لم أكن أعرف أن الضمائر تنعدم في وقت الخلاف.
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المندوب إذا كان كالوكيل أو الأجير فلا ضمان عليه، إلا إذا حصل منه تفريط أو تقصير في الحفظ، لأن يده يد أمين ما لم يتعد.
قال في تبيين المسالك (مالكي المذهب) : وإن شرط عليه الضمان فسدت الإجارة.
وإذا كان توقيعه على الشيك الأبيض عرفاً تجارياً، فهذا لا يلزمه بالضمان، إلا إذا أخل بالتعليمات والشروط المتعارف عليها، فإن العرف في هذه الأمور معتبر.
قال خليل في مختصره: وتخصص وتقيد بالعرف.
والمعنى أنه إذا كان لفظ الوكيل عاما أو مطلقاً، فإنه يتخصص ويتقيد بالعرف، وبما أن هذا المندوب نفذ ما أمره به صاحب العمل -كما قال- من حيث التعامل مع الزبناء، فإنه لا ضمان عليه إن شاء الله تعالى، وقد أجبناه على وفق ما ذكر في السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1424(12/7594)
ضوابط الاشتراك في الضمان الاجتماعي
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي شرعية الاشتراك بالضمان الاجتماعي الذي طرح مؤخرا (في الأردن) لقطاع المغتربين،
علما بأن هذا الضمان مخصص للقطاع الحكومي والخاص في الأردن ويتم اقتطاع ما يعادل 14.5 % من الراتب بحيث يتم دفع راتب تقاعدي للمشترك عند بلوغ سن التقاعد أو في حالة العجز عن العمل، علما بأن هذه المؤسسة تستثمر أموالها في مجالات متعددة منها المباح شرعا ومنها غير المباح؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع شرعاً من الاشتراك في الضمان الاجتماعي إذا خلا من المحاذير التالية:
1- عدم وضع أموال الضمان في بنوك تجارية (ربوية) سواء كان في الحساب الجاري أو التوفير، إلا إذا دعت الضرورة لوضعها فيها، فتوضع في الحساب الجاري، وذلك عند عدم وجود بنوك إسلامية.
2- ألا تستثمر هذه الأموال بعضها أو كلها في مجالات محرمة أو مشبوهة.
3- أن يلتزم في حقوقه وواجباته بضوابط الشريعة الإسلامية وأحكامها.
وننبه الأخ السائل إلى أنه لا يجوز لأحد أن يشترك في هذا التأمين إذا احتوى على محذور شرعي من المحاذير التي ذكرناها أو غيرها، إلا إذا كان إجباريًّا، ويترتب على تركه مفسدة، فيجوز له الاشتراك فيه ولا إثم عليه، ولكن الإثم على من أجبره، لكن عليه أن يتخلص من نسبة المال المحرم عند استيفاء حقه المقرر في الضمان إبراءً لذمته.
ولمزيد من الأحكام والتفاصيل راجع الفتاوى بالأرقام التالية: 25244، 10664، 9532، 9531، 2898.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1423(12/7595)
أخذ مال مقابل حل مشكلة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي صديق، وكانت له مشكلة حاول أن يحلها أنا أعيش في بلد أوروبي، ولي في البلاد التي أعيش فيها صديق له مشكلة كبيرة، وقد كان حاول حل مشكلته من هنا وهناك، حتى بدفع أموال لحلها ولكن باءت كل محاولاته بالفشل، وفي الأيام الأخيرة تعرفت على شخص نصراني يمكن أن يحل له المشكلة وقد عرض الرجل لحل هذه المشلكة مبلغا من المال، وبحكم أنني صديق لهذا الرجل، فلم أستطع أن أقول له بأنني أحتاج إلى عمولة على ما سأقوم به، نظراً إلى أنني حريص على عدم خسارة صداقته، والسؤال هو: هل لو قلت له بأن الرجل الذي سيحل المشكلة يحتاج إلى مبلغ معين وفي ذلك المبلغ عمولتي، فهل المبلغ الذي سآخذه دون معرفته حلال علي أم لا؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت بذلت جهداً ماديًّا أو بدنيًّا في حل مشكلة صديقك، فلا حرج عليك في أخذ ما يقابل جهدك حسب المتعارف عليه ولو لم يعلم هو، أما إذا كنت لم تبذل في حل المشكلة إلا جاهك ومعرفتك، فلا يجوز لك أن تأخذ منه مقابل ذلك، ولو كان بعلمه هو ورضاه؛ لأن ذلك هو ما يسمى بثمن الجاه، وقد ذكرنا حكمه في الفتوى رقم: 4714.
هذا وننبه السائل الكريم إلى أمرين مهمين:
أولهما: فضل قضاء حوائج المسلمين، وتفريج كربهم، والسعي معهم في حل مشاكلهم، ففي الصحيحين وغيرهما: ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة. والأحاديث الصحيحة الواردة في هذا المعنى كثيرة جدًّا.
ثاني الأمرين: خطورة غش المسلميين والتحايل على أكل أموالهم بغير حق، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [النساء:29] .
وقال صلى الله عليه وسلم: من غش فليس مني. رواه مسلم.
هذا ونسأل الله عز وجل أن يصلح أحوال المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1423(12/7596)
العمد والخطأ في ما يترتب على الإتلاف سواء
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل 12 سنة وبينما كنت في عجلة من أمري وبدون قصد صدمت بسيارتي رأس غنم على طريق سريع في منطقة نائية لا توجد بقربها منازل ولقد نسيت هذا الحادث ولكني تذكرته في هذه الأيام فما علي أن أفعل علماً بأنني لا أستطيع معرفة مكان الحادث بالضبط حتى أتمكن من البحث عن صاحب رأس الغنم ودفع غرامة له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي للمسلم أن يسرع بسيارته فوق العادة والقدر المسموح به لأن في ذلك تعريضاً لنفسه ولغيره للخطر، أما ما أتلفته من أموال الناس سواء كان ذلك عن عمد أو خطإ فيجب عليك رد قيمته أو مثله، فالعمد والخطأ في أموال الناس سواء، فيجب عليك أن تبحث عن صاحب الشاة التي قتلت، وتسلمه قيمتها، فإذا بذلت ما تستطيع من جهد في الوصول إليه ولم تجده فلك أن تتصدق عنه بثمنها فإن وجدته بعد ذلك فأخبره بما فعلت فإن أمضاه فقد برئت ذمتك، وإلا فإن عليك أن تدفع له ثمن شاته.
وأما من ناحية قتل الحيوانات خطأ فلا إثم فيه -إن شاء الله تعالى- ولا كفارة؛ لأن الله تعالى رفع عن هذه الأمة الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، ولكن عليك بالانضباط في سيرك حتى لا يتكرر هذا الأمر مرة أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1423(12/7597)
حكم مباشرة العمل بغير المسمى الوظيفي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا صيدلانية أعمل بالقطاع الخاص حيث أشغل وظيفة مديرة لإحدى الصيدليات وعندما ذهبت للاتفاق مع صاحب الصيدلية الذي يعمل بالخارج اتفق معي على إعطائي مرتباً في مقابل تسجيل اسمي بوزارة الصحة كمديرة للصيدلية على ألا أذهب لمباشرة العمل بالصيدلية وأنه إذا رغبت في مباشرة العمل بالصيدلية يكون ذلك بأجر إضافي، وهذا هوالنظام الشائع والمتبع بجميع الصيدليات، فهل المرتب الذي أتقاضاه عن تسجيل اسمي كمديرة للصيدلية حلال أم حرام، وإذا كان حراما فهل يجب علي إخراج ما أنفقته منه علما بأنني أتقاضى المرتب منذ أكثر من عام وخلاله استشرت إماما فاضلا لإحدى المساجد وقال لي إنه حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر لنا -والله تعالى أعلم- أن ما تأخذينه مقابل تسجيل اسمك فقط هو من باب ما يعرف بثمن الجاه، وقد سبق أن ذكرناه معرفاً ومفصلاً في الفتوى رقم: 4714.
وعليه فإنا نرى أن الأحوط والأبرأ للذمة أن تردي لصاحب الصيدلية ما أخذته منه أو تطلبيه المسامحة فيه، هذا بالنسبة لما مضى، أما في المستقبل فإذا أردت الاستمرار في هذا العمل فعليك أن تباشري عملك كمديرة حتى يكون مرتبك مباحاً خالياً من الشبهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1423(12/7598)
حكم صندوق الزمالة للعاملين في البنك
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من سيادتكم الإفادة في موضوع صندوق الزمالة فهناك أحد الأشخاص يعمل في أحد البنوك وهذا البنك يقوم بعمل هذا الصندوق للعاملين فيه للمساعدة بعد المعاش أو عند الممات فهو يأخذ جزءاً من المرتب مقدماً ويخصم كل شهر نسبة من المرتب، المشكلة أن هناك أشخاصاً قالوا لنا أن في هذا الأمر شبهه فأين هي؟ وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق لنا بيان حكم الضمان الاجتماعي في الفتوى رقم: 25244.
ونضيف هنا فنقول: إن الشبهة قد ترد على هذه المعاملة في حالة استثمار هذه الأموال في بنوك ربوية، ويترتب على ذلك فوائد ربوية تدفع لكل مشترك، فلا ريب أن هذه الفوائد رباً لا يجوز له الاستفادة منها، وإنما الواجب التخلص منها بدفعها إلى جهات خيرية.
هذا فيما إذا كان الاشتراك في هذا الضمان إجباريًّاً، أما إن كان على سبيل الاختيار فلا يجوز له الاشتراك أصلاً.
وفي ختام هذا الجواب ننبه إلى أن هذا البنك الوارد في السؤال إن كان من البنوك التي تتعامل وفقاً للشريعة الإسلامية جاز لهذا الشخص العمل فيه، وإن كان من البنوك الربوية، فلا يجوز له العمل فيه لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 1725.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1423(12/7599)
حكم كفالة يتيم من مال الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ليس لي مصدر دخل فهل لي أن أكفل يتيماً من مال زوجي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة أن تتصدق من مال زوجها إن علمت رضاه أو أذن لها، ولها في ذلك الأجر هي وزوجها، لما جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما كسب. رواه البخاري.
ولحديث أبي أمامه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تنفق المرأة شيئًا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها. رواه أحمد والترمذي وحسنه.
ويستثنى من ذلك النزر اليسير من الطعام أو المال الذي جرى العرف بعدم منعها من التصرف فيه، فيجوز لها أن تتصدق به دون أن تستأذنه.
وأما كفالة اليتيم فيحتاج فيها إلى إذن الزوج ورضاه فإن أذن لها فلا شيء عليها، وإذا لم يأذن لها في ذلك فلا يجوز لها أن تتصرف في ماله إلا بإذنه.
وراجعي الفتوى رقم:
17365.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(12/7600)
هل يضمن الأجير أو المضارب
[السُّؤَالُ]
ـ[أشتغل في التجارة وأعطيت بضاعة لشخص ليشتغل بها في السوق فباع نصف البضاعة والنصف الآخر ُسرق منه فهل أطالبه بثمن البضاعة كاملا أم ماذا وهل يحق لي مطالبته بثمن البضاعة كاملاً علما بأني مستحق هذا المال وفي أمس الحاجه إليه؟ وبارك الله فيكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يحق لك مطالبة هذا الشخص بقيمة البضاعة المسروقة ما لم يثبت تفريطه في حفظها أو تعديه، لإنه إما أجير أو وكيل أو مضارب، وكلهم أمناء لا يضمنون إلا في حالة التقصير والتعدي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1423(12/7601)
الكفالة المشروطة لازمة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بكفالة شخص اختلس مبلغا من المال ممن يعمل لديه، على أن يقوم المؤجر بالتنازل عن دعواه على الأجير لتمكينه من العمل وسداد ما عليه، وقد كانت الكفالة مشروطة بهذا، ولم يتنازل صاحب العمل عن دعواه فهل يلزمني سداد المبلغ لاسيما وأن الأجير سيتم إبعاده لبلاده عند انتهاء الموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يلزمك سداد المال لصاحب العمل، لأنه لم يوف بالشرط الذي شرطته عليه، وهو تنازله عن الدعوى على الغريم، ولا يحق لصاحب العمل مطالبتك بسداد المال، قال الإمام الشافعي -رحمه الله- كما في الأم: وإذا كان للرجل على الرجل المال فكفل له به رجل آخر فلرب المال أن يأخذهما، وكل واحد منهما، ولا يبرأ كل واحد منهما حتى يستوفي ماله، إذا كانت الكفالة مطلقة، فإذا كانت الكفالة بشرط كان للغريم أن يأخذ الكفيل على ما شرط له دون ما لم يشرط له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1423(12/7602)
التكييف الشرعي لخطاب الضمان
[السُّؤَالُ]
ـ[من الأمور المتعارف عليها في الأنظمة المالية اليوم أن التاجر إذا أراد أن يستورد بضاعة مثلا فإنه يطلب من البنك خطاب ضمان على مبلغ معيّن في حسابه أو من البنك ويأخذ البنك مقابلا على إعطائه خطاب الضمان فما حكم خطاب الضمان هذا مع الدليل الشرعي؟
وإذا كان لا يجوز فما البديل لتسيير أمور الناس؟
وهل هذا من القرض الذي جر نفعا وهل هذا من الكفالة وهل الكفالة لا يجوز أخذ العوض عليها أفيدونا جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فخطاب الضمان المصرفي هو: (تعهد قطعي مقيد بزمن محدد غير قابل للرجوع يصدر من البنك بناءً على طلب طرف آخر (عميل فيه) بدفع مبلغ معين لأمر جهة أخرى مستفيدة من هذا العميل، لقاء قيام العميل بالدخول في مناقصة، أو تنفيذ مشروع بأداء حسن، ليكون استيفاء المستفيد من هذا التعهد (خطاب الضمان) متى تأخر أو قصر العميل، في تنفيذ ما التزم به للمستفيد، في مناقصة أو تنفيذ مشروع ونحوهما، ويرجع البنك بعدُ على العميل بما دفعه عنه للمستفيد) .
وبناء على هذا التعريف تبين أن خطاب الضمان ما هو إلا عقد كفالة بين العميل والجهة المصدرة له، وجمهور أهل العلم يقررون عدم جواز أخذ العوض على الكفالة (الضمان) ، وذلك للأدلة التالية:
1-أنه يؤول إلى قرض جر نفعاً، ووجه ذلك: أنه في حال أداء الضامن (المصدر) عن المضمون (العميل طالب الضمان) يكون العوض مقابل هذا الدفع الذي هو بمثابة قرض في ذمة المضمون عنه.
2-إن عقد الضمان مبناه في الشرع على الإرفاق والإحسان، وفي أخذ العوض عليه، دفع لهذا المقصد الشرعي.
3-في حالة استيفاء المضمون له من طالب الضمان، يكون أخذ الضامن للعوض بلا حق، وهذا من أكل أموال الناس بالباطل.
وخطاب الضمان له أنواع شتى باعتبارات مختلفة، فباعتبار الجهة الطالبة له ينقسم إلى نوعين:
أولاً: خطاب الضمان الابتدائي.
ثانياً: خطاب الضمان الانتهائي: وينقسم إلى ثلاثة أنواع:
1-خطاب ضمان ليس له غطاءً أصلاً.
2-خطاب ضمان له غطاء كامل.
3-خطاب ضمان له غطاء لنسبة منه (غير كامل) .
وبناء على المعطيات السابقة، التي بينت التكييف الشرعي لخطاب الضمان مع ذكر أنواعه، صدر قرار المجمع الفقهي الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي، والمنعقد في جدة عام: 1406هـ-1985م وهذا نصه:
1-أن خطاب الضمان بأنواعه الابتدائي والانتهائي لا يخلو إما أن يكون بغطاء أو بدونه، فإن كان بدون غطاء فهو: ضم ذمة الضامن إلى ذمة غيره، فيما يلزم حالاً أو مآلاً، وهذه هي حقيقة ما يعنى في الفقه الإسلامي باسم: (الضمان) أو (الكفالة) .
وإن كان خطاب الضمان بغطاء فالعلاقة بين طالب خطاب الضمان وبين مصدره هي (الوكالة) والوكالة تصح بأجر أو بدونه مع بقاء علاقة الكفالة لصالح المستفيد (المكفول له) .
2-إن الكفالة هي عقد تبرع يقصد للإرفاق والإحسان، وقد قرر الفقهاء عدم جواز أخذ العوض على الكفالة، لأنه في حالة أداء الكفيل مبلغ الضمان يشبه القرض الذي جر نفعاً على المقرض، وذلك ممنوع شرعاً.
ولذلك قرر المجمع ما يلي:
أولاً: أن خطاب الضمان لا يجوز أخذ الأجر عليه لقاء عملية الضمان (والتي يراعى فيها عادة مبلغ الضمان ومدته) ، سواء أكان بغطاء أم بدونه.
ثانياً: أما المصاريف الإدارية لإصدار خطاب الضمان بنوعيه فجائزة شرعاً، مع مراعاة عدم الزيادة على أجر المثل، وفي حالة تقديم غطاء كلي أو جزئي، يجوز أن يراعى في تقدير المصاريف لإصدار خطاب الضمان ما قد تتطلبه المهنة الفعلية لأداء ذلك الغطاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1423(12/7603)
حكم أخذ مال لقاء التنازل عن كفالة عامل
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد لدي عمالة أجنبية حيث أحضرهم والدي قبل فترة طويلة على كفالتي لمصلحة ما، ولكن في الوقت الحالي انتهت المصلحة أو أنها شبه متوقفة وكان اتفاقهم مع والدي بأنهم يشتغلون لحسابهم باسمي ويعطون والدي مبلغا من المال كل فترة وهذا لا يجوز وقد انتهى وأبلغتهم بأنني لا أطالبهم بشيء إلا أنهم يترزقون، ويحضرون لي ما يثبت بعدم مطالبة أحد لهم باسمي، وبأن أجدهم وقت ما احتاجهم في أي شغلة ما، ومن هذه العمالة من طلب مني أن أتنازل عنه لاسم كفيل آخر غيري وعرض علي أن يدفع مبلغا معيناً مقابل هذا التنازل.
هل يجوز لي أن آخذ مبلغاً من هذا العامل مقابل أن أتنازل عنه لكفيل آخر هو يريده وسوف يستفيد هذا العامل والكفيل الجديد من هذا التنازل.. مع العلم بأن العامل هو الذي عرض هذا وهل يجوز لي أيضا أن أتنازل عن غيره مقابل مبلغ من المال. أرشدونا جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأنت بالخيار بين أن تلغي كفالتهم وبين أن تنقلها إلى غيرك، والأولى لك أن تنقلها ما دام فيها منفعة لهم، وليس فيها مضرة عليك، بشرط أن يكون العمال مسلمين، وإلا فالأولى إلغاء كفالتهم، وإذا أردت أن تأخذ منهم مالاً مقابل تنازلك فإن حكم هذا يدخل في حكم ثمن الجاه، وهل يجوز أخذه؟ وقد بينا المسألة في الفتوى رقم: 4714 والفتوى رقم: 5264
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1423(12/7604)
من تحمل دينا عن ميت ثم ظهر أن له ما يكفي السداد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم،
كان لي شريك في العمل توفاه الله قبل فترة وجيزة وكانت جميع المسؤوليات المادية عليه من حسابات الزبائن والشركات الأخرى التي كنا نتعامل معها في يوم دفنه قمت في المسجد وتعهدت بسداد جميع دينه أمام الناس ذلك لأنه على علمي أنه لا يملك مالاً غير الذي يملكه في الشركة وفي الواقع كانت مسحوباته قد تجاوزت أرباحه ورأس ماله لكن بعد وفاته تبين أن له مالا يكفي لسداد دينه كله ويزيد
سؤالي هو: هل اعتبر مسؤولا عن تسديد ديونه في حالة تقاعس إخوته عن سداد هذا الدين أم تبقى في ذمة أهله؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى أحمد في المسند عن جابر قال: توفي رجل فغسلناه وحنطناه وكفناه ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصلي عليه، فقلنا: تصلي عليه. فخطا خطوة، ثم قال: أعليه دين؟ قلنا: ديناران، فانصرف فتحملهما أبو قتادة، فأتيناه فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحق الغريم، وبرئ منهما الميت؟ قال: نعم، فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم ما فعل الديناران؟ فقال: إنما مات أمس، قال: فعاد إليه من الغد، فقال: قضيتهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، الآن بردت عليه جلدته. وصححه الأرناؤوط.
قال الشوكاني: فيه دليل على أن خلوص الميت من ورطة الدين وبراءة ذمته على الحقيقة ورفع العذاب عنه إنما يكون بالقضاء عنه، لا بمجرد التحمل بالدين بلفظ الضمانة. انتهى
فإذا تحمل أحد دينا عن ميت وجب عليه الوفاء بما تحمل سواء ترك الميت مالاً أم لم يتركه، ويرجع على المكفول عنه "الأصيل" إذا تبين أن له مالا، قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: وإذا تحمل عن الميت المعسر عالماً بعسره فأدى عنه فإنه لا يرجع في مال يطرأ بعد ذلك لأن تحمله معروف وتبرع منه، وأما إن علم أن له مالاً أو ظنه أو شك فيه ثم ظهر له مال فإنه يرجع بما دفعه عنه. انتهى
وبناء على هذه فإنه يجب على ورثة الميت أن يسددوا الدين عمن ورثوه قبل قسمة التركة، فإن لم يفعلوا وجب عليك أنت أيها السائل أن تسد الدين عن الميت عملاً بمقتضى الكفالة، ثم ترجع على الورثة بما سددت، فإن أبوا، باءوا بالإثم، ويمكنك أن تلجأ إلى القضاء للحصول على حقك بالطرق المتاحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1423(12/7605)
الضمان على الأول إذا دفع المال لآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطيت مبلغا من المال لأحد أصدقائي الذين يعملون بالتجارة بعد أن عرض عليّ أن يستثمر لي هذا المبلغ في التجارة مقابل حصوله على ثلث الربح وأكد لي أن المبلغ مضمون وأعطاني وصل أمانة بالمبلغ وطلب مني ألا أتدخل في إدارة هذا المال وأنه مسئول مسئولية كامله عن إعادة هذا المبلغ في حالة إذا ما طلبته منه في أي وقت أو في حالة حدوث أي خسائر إلا أنه وبعد فترة جاءني وأخبرني أنه قد أعطى المال لأحد التجار ليستثمره له إلا أن هذا التاجر قد خسر خسارة كبيرة ولا يستطيع رد المال نرجو من فضيلتكم توضيح حكم الدين في هذا الأمر
ومن الذي يتحمل هذه الخسارة؟ علماً بأن هذا الصديق لم يقدم لي أي أوراق أو حسابات تدل على أن هذا المال قد تم استثماره في التجارة ثم حدثت خسارة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الصورة التي هي إعطاء شخص مالاً يتجر فيه مقابل جزء مشاع من الربح وهو ثلث الربح هنا، لا خلاف في جوازها، وتسمى: المضاربة، والعامل فيها أمين لا يضمن شيئاً من المال إلا عند تعديه أو تفريطه، وفي حال الخسارة يخسر عمله فقط، أما خسارة المال فعلى رب المال.
وعليه، فشرط ضمان رأس المال في المضاربة شرط فاسد لا يجوز، وهو مفسد للعقد عند بعض الفقهاء.
وليس لصديقك أن يدفع المال إلى مضارب آخر إلا بإذنك، فإن دفعه إليه دون إذنك كان متعديّاً، ويلزمه ضمان المال حال تلفه أو نقصه.
وعليه، فإن كان صديقك قد دفع مالك إلى التاجر الآخر دون إذن منك فقد تعدى بذلك وكان ضامناً لمالك كلِّه، وهذا ما ذهب إليه فقهاء المالكية، وذهب الشافعية إلى أن الضمان على العامل الثاني في حال علمه بأن المال ليس لصديقك وإنما لشخص تعامل معه بالمضاربة، وعند جهله بذلك يكون الضمان على الأول.
والحنفية والحنابلة على أن رب المال مخير في تضمين العامل الأول أو الثاني.
والذي يظهر لنا رجحاته هو ما ذهب إليه المالكية من تضمين العامل الأول، الذي هو صديقك هنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1423(12/7606)
حكم الاستفادة من الضمان الاجتماعي لغير المشترك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أخد التعويض من الضمان الاجتماعي عن تكاليف العلاج بكتابة الوصفة على اسم أبي أو أخي علما بأنه: في بلادنا يوجد صندوق للضمان الاجتماعي يقتطع مبلغاً مالياً رمزياً من المرتب الشهري للاشتراك،
وهو إلزامي للعامل في القطاع العمومي (الحكومي) وغير إلزامي للقطاع الخاص، وأنا أعمل في متجر أجيرا وحمالا للسلع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا مانع من الاشتراك في الضمان الاجتماعي للعلاج وغيره إذا كان المقصود منه التعاون والإرفاق، وليس الربح والمعاوضة، وهذا النوع من الضمان تتبناه الدولة في الغالب، ولا قصد لها من ورائه سوى نفع عموم أفراد الأمة، لكن يجب على الجهات القائمة على هذا الأمر عدم وضع أموال الضمان التي تخصم من رواتب الموظفين والعمال في البنوك الربوية، فإن أبوا إلا أن يضعوها في تلك البنوك فلا يجوز لأحد أن يشترك في هذا الضمان إن كان اختياريّاً، أما إذا كان إجباريّاً فلا شيء عليه، ويكون الإثم على من أجبره على ذلك، فإذا تم الاشتراك فلا يجوز لأحد أن يستفيد منه سوى المشتركين حسبما تقتضيه شروط الضمان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم ما وافق الحق. أخرجه الحاكم في المستدرك، وذكره البخاري تعليقاً.
وبناءً على هذا فلا يجوز لك - أيها السائل الكريم - أن تكتب وصفة طبية باسم أبيك أو أخيك المشتركين فيه، لتستفيد منها وأنت غير مشترك فيه، ويجب عليك التوبة من ذلك إن كان حصل منك في الماضي، وذلك بتركه، والندم عليه، والعزم على عدم العودة إليه في المستقبل.
وراجع الفتوى رقم:
10016، مع ما فيها من الإحالات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1423(12/7607)
الكفالة لا تبيح المحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أربع أخوات ولنا أخ واحد ووالديَّ متوفيان ونحن صغاروكفلنا رجل ليس له صلة قرابة بنا فهل يجوز لنا الكشف ونحن متحجبات؟ علما بأننا متزوجات جميعا. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لم يكن بينكم وبين هذا الرجل محرمية من نسب أو رضاع، فلا يجوز لكنَّ الكشف عن شيء من أبدانكن أو شعوركن أمامه فهو أجنبي عنكن كغيره من الأجانب، وكفالته لكن لا يترتب عليها حكم من هذا القبيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1423(12/7608)
الضامن على الربا يستحق الإثم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب عمري 27 سنة أريد أن أسأل سؤالين
الأول أخي تزوج واستلف من المصرف مبلغاً لاستكمال زواجه ولم يجد ضامناً لهذا المصرف غيري فضمنته وكنت أعلم أن المصرف بفائدة حرام على المستلف وليس على الضامن والآن علمت أن الحرام يشمل المستلف والضامن والآن خلصت قرابة نصف المبلغ فماذا أفعل لكي أتوب إلى الله ويسامحني.
أما السؤال الثاني أن الاغراءات هذا الزمان قد كثرت وليس لدي إلا الزواج ولكن أملك بيتاً أسكن فيه وراتبي لا يسمح لي ببناء منزل وإن لم أتزوج أنا متأكد أني سأقع في الحرام وليس أمامي إلا القرض رغم أن فائدته واحد في المئة فأريد منكم النصح وتنظرون إلى ظروف هذا الزمان ولكم جزيل الشكر
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنشكر السائل الكريم على اهتمامه بدينه ونسأل الله أن يجعل له مخرجاً ونقول له: إن عليه أن يتخلص من الضمانة التي تحملها على أخيه للبنك الربوي، فإن الربا من أكبر الكبائر وتحريمه لا يقتصر على المباشرة له بل يشمل كل من تعاون معه.
فهذا من باب التعاون على الإثم والعدوان الذي قال الله تعالى عنه (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (المائدة: من الآية2) وقال النبي صلى الله عليه وسلم " هم في الإثم سواء " رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه.
وبخصوص السؤال عن الاقتراض بالربا فنحيله إلى الفتوى رقم: 10959 والفتوى رقم 6689 وعن حد الضرورة التي تبيح التعامل بالربا إلى الفتوى: 6501
ونذكر السائل الكريم بأن الحرام حرام سوء كان قليلاً أو كثيراً، وأن الربا من أشد أنواع الحرام فلا يلجأ إليه إلا في حالة الضرورة القصوى التي لا يمكن دفعها إلا به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1423(12/7609)
حدود تصرف الوصي في مال الأيتام
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ أنا شاب يتيم وجدي هو الوكيل علينا بعد وفاة أبي رحمه الله فجاء جدي وزوج أمي من عمي بفلوس أبي فما حكم الشرع في هذا وجزاكم الله عنا خير الجزاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لجدك والد أبيك السدس من تركة أبيك ولأمك الثمن من تركته، والباقي بين الأبناء للذكر مثل حظ الأنثيين.
فإذا كان جدك قد أخذ نصيبه من تركة أبيك، وزوج به عمك، فإنه لا شيء عليه، أما إذا كان قد أخذ نصيب غيره، فإنه لا يجوز له ذلك إلا بإذن صاحب الحق إذا كان بالغاً راشداً.
وليعلم الوصي على الأيتام أنه لا يجوز له التصرف في أموالهم إلا بما فيه مصلحتهم، ولا بأس في أن يأكل بالمعروف على قدر أتعابه إذا كان فقيراً، قال الله تعالى: وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:6] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1423(12/7610)
حكم كفالة شخص مقابل أجر سنوي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من دولة خليجية وطلب مني أن أكفل شخصين لديهم شركة على أن آخذ مبلغا من المال فهل أستحق هذا المبلغ أم لا علما أنه لو أصاب الشركة شيء فأنا أتحمل جزءا من المسئولية فهل أستحق المبلغ الذي أحصل عليه سنويا أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المال الذي تحصل عليه سنوياً من مكفوليك هو في مقابل ما تقوم به من جهد ونفقة وما إلى ذلك بحيث لا يتجاوز أجرة المثل فلا حرج عليك إذاً، على الراجح من أقوال أهل العلم، ولقد تقدمت لنا عدة فتاوى في هذه المسألة نوصي السائل الكريم بالرجوع إليها، ومنها الفتوى رقم 4714 والفتوى رقم 5264 والفتوى رقم والفتوى رقم 9593 6632، والفتوى رقم 6633
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1423(12/7611)
لا يشترط في الضمان التكليف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتى في الخامسة عشر من عمري عندما كنت صغيراً (8 أو 9 سنوات) كنت أسرق من إخوتي بعض المال؟ ولكن ولله الحمد تبت من ذلك فهل هذا يكفي؟ علما بأني لا أعرف قيمة المال بالضبط.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى أحمد وأصحاب السنن من حديث علي وعائشة رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل.
وبناء على هذا، فإن الإثم لا يلحق الصبي إذا ارتكب ما نهي عنه، ولكن عليه أن يرد ما أخذ من مال بغير إذن أهله، وعليه ضمان ما أتلف من ممتلكات، والعمد والخطأ في أموال الناس سواء، ولا يشترط في ضمانها التكليف.
قال ابن قدامة في المغني: ولا حدَّ على الصبي والمجنون وإن باشرا القتل وأخذا المال لأنهما ليسا من أهل الحدود، وعليهما ضمان ما أخذا من المال في أموالهما ودية قتيلهما على عاقلتهما.
وبما أنك بلغت سن الرشد -ولله الحمد- فيجب عليك أن تستحل إخوانك من المال الذي سرقت منهم، وإن لم يسامحوك فيجب عليك أن تقضيهم حقهم. ولو كنت لا تعرفه بالضبط فعليك أن تجتهد وتقدره بما يبرئ ذمتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1423(12/7612)
هل يضمن من كلف شخصا بعمل فهلك؟
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص دعا كهربائياً للعمل لديه في البيت , فكان هذا الشخص عديم الخبرة (بدون دراية صاحب البيت) فأصاب الكهربائي ماس , فقتل.
فهل يلزم صاحب البيت بدفع الدية؟ وهل عليه كفارة؟ وما الحكم لو كان الكهربائي ذا دراية بالخطر لكنه تجاهله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الشخص الذي دعاه رب المنزل للعمل في الكهرباء مكلفاً عاقلاً فلا ضمان على من استدعاه لأنه لم يكرهه، ولم يحصل منه تعد ولا جناية حتى يضمن.
قال ابن قدامة في المغني: إذا أمر السلطان إنسانا بصعود أو نزول أو نحوه فعطب به، فقال القاضي وأصحاب الشافعي: يلزمه لأن عليه طاعة إمامه فإذا أفضت طاعته إلى الهلاك فكأنه ألجأه إليه.
أما لو كان الآمر غير السلطان لم يضمن لأن طاعته غير لازمة فلم يلجئه إليه.
وقال سيد سابق في فقه السنة: ومن أمر شخصاً مكلفاً أن ينزل بيراً أو أن يصعد شجرة ففعل فهلك بذلك..... لم يضمنه الآمر لعدم إكراهه له.
ومن هذه النصوص من أقوال العلماء يتبين لنا أنه لا ضمان على من أمر المكلف العاقل بعمل ما فأصابه تلف أو هلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1423(12/7613)
هل يجوز أخذ أكثر من قيمة الضمان للضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمته الله وبركاته
أما بعد.....
أخبركم القصه أولاً ثم أسأل السؤال.
القصه أنني قد تشاركت مع صديق بجلب بضاعه (لوحات مأمور مقسم) من الولايات المتحدة الأمريكية وحين وصول البضاعة تبين أنها مخالفة للمواصفات وقد أشعرنا المُصدر بذلك وبناء عليه أرجعنا البضاعة عن طريق شركة أرامكس للمصدر هذا كان من مدة أكثر من سنتين والمُصدر يقول إنه لم يستلم إشعاراً بأن البضاعه وصلت المطار وقد سألنا أرامكس وحينما بحثو لم يجدوا أي ورقة تثبت أن البضاعه وصلت المطار بناء عليه قد رفعنا قضيه على أرامكس.
السؤال -: هل يحل لنا أن نأخذ أكثر من ثمن البضاعه من أرامكس بدل الضرر المترتب علينا بسبب الخطأ.
وشكرا وجازاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشركة التي أرسلتم معها البضاعة للمصدر إذا فرطت أو قصرت في حفظها، فإنها تضمن قيمتها إن كانت مقومة، أو مثلها إن كانت مثلية، وليس لكم أن تضمنوها أكثر من ذلك، لما فيه من الظلم ومجاوزة الحد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1423(12/7614)
تسدد ما التزمت بتحمل تبعاته
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو أنني استخرجت شريحة هاتف جوال باسمي ولكن الدافع والمستخدم شخص آخر وصدرت فاتورة
كبيرة ولم يسدد الشخص هل أنا أتحمل دفعها وتكون في ذمتي؟ (الرجاء الإيضاح جزاكم الله خيرا) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السائل مطالب بتسديد هذه المبالغ المستحقة على الهاتف لصالح شركة الاتصالات لأنه هو الذي التزم بتحمل تبعات كل المصاريف المستحقة عليه. والأصل في هذا قوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه الترمذي وصححه الألباني.
إلا أن لك الرجوع على الشخص المستخدم بالمبالغ المذكورة إذا لم تتبرع له بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1423(12/7615)
الوساطة ... بين الاستحباب والحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[متى تكون الوساطة حراماً؟ ,]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الوساطة التي هي بذل الجاه عند ذوي السلطان. والجاه لقضاء حوائج الناس، الأصل فيها الجواز بل إنها من الأمور الخيرية التي أمر الشارع بها ورغب فيها، قال صلى الله عليه وسلم: اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء. متفق عليه
وتحرم إذا ترتب عليها ما يجعلها حراماً كأن يترتب عليها إحقاق باطل، أو إبطال حق أو نحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1423(12/7616)
الزعيم غارم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كافل شخصين في البنك تقريباً بمبلغ70ألفا وهربوا عني هل أنا أهرب ولا أصبر أفيدونى ماذا أفعل رغم أني مسؤول عن عائلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه بكفالتك لهذين الشخصين فقد تعلق بذمتك من الحق لصاحب المال مثل ما تعلق بذمتها، ولا تبرأ إلا بالأداء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الزعيم غارم. رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن، والزعيم: هو الضامن، والأداء: هو مقصود الكفالة وفائدتها، وكونك صاحب عائلة لا يسقط عنك هذا الحق الذي تكفلت به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(12/7617)
يختلف حكم ضمان البضاعة الهالكة حسب الحالة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة تصدير إلى الدول العربية من تركيا. نعمل على أساس تلبية طلبات الزبائن. وباتفاق بيننا وبين المصنع نعطي سعر البضاعة للمشتري. بمعنى آخر نضيف ربحنا ويعطى السعر للزبون من قبل المصنع على هذا الأساس. في إحدى المرات احترقت البضاعة وهي في طريقها لأحد الزبائن واستدعينا شركة النقل لنعلم ما حدث ومن المسؤول عن الحادث. قدر أن السبب غير معروف وان الحادث كان قضاء وقدرا. المشكلة الآن هي من يجب أن يدفع الخسارة؟ وما حكم الإسلام فيها. نحن قدرنا أن الخسارة يجب أن تدفعها شركة الشحن وهذا ما أجبروا على عمله. هل ربحنا من هذا المال حلال أم نقدر كأننا لم نبع شيئا ونعطي الربح للشركة الناقلة؟ جزاكم الله خيرا......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن شركة التصدير المذكورة إذا كانت تتولى الشراء من المصنع على أساس أنها وكيلة عن الزبون بمعنى أنها تمثله فإنها بمجرد قبضها للبضاعة وتسلمها لها ينتقل الضمان من المصنع إليها، وبالتالي يصبح الضمان على الزبون لأن يد الوكيل بمثابة يد الموكل.
أما إذا كان الشراء من المصنع يباشره الزبون، وما تقوم به شركة التصدير هو مجرد خدمات فإن ضمان البضاعة لا ينتقل من البائع (المصنع) إلا بقبض المشتري له، فإذا تلفت البضاعة قبل أن تصل إلى المشتري أو وكيله فإن ضمانها من البائع.
أما شركة الشحن فهي أجيرة على كلا الاحتمالين، والأجير لا يضمن ما لم يصدر منه تفريط أو تعد.
فإذا ثبت أنها فرطت أوتعدت فإنها تضمن البضاعة لمن هي في ضمانه حسبما قررنا.
ومن هذا يعلم السائل أن الخسارة على التاجر في حالة ما إذا كان المكتب وكيل عنه، وإلا فهي على المصنع لعدم القبض المعتبر عرفاً، وأما بالنسبة لما قام به المكتب من الخدمات فإنه يستحق التعويض عنه ممن كلفه به سواء كان التاجر أو المصنع لأنه استؤجر على عمل وقد قام به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1423(12/7618)
هل على السمسار ضمان
[السُّؤَالُ]
ـ[توسطت تجاريا بين مؤسسة وشركة باعتباري أدير مكتباً تجارياً.
قبلت الشركة بحق المؤسسة بعمولة 3% بعد التوريد ودفعت عن طريقي مبلغ 30000 ضمان تنفيذ العطاء على أن يسترجع من العمولة.
أتضح أن العمليه نصب واحتيال كبيرة من المؤسسة كان ضحيته أكثر من 40 شركة محلية وأجنبية
تطالبني الشركه اليوم بإرجاع المبلغ المدفوع عن طريقي للطرف الآخر فما حكم الشرع؟
والسلام عليكم......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل في الشرع أن السمسار (هو الذي يتوسط بين البائع والمشتري لتسهيل عملية البيع) وما دام ظاهره الأمانة والصدق فإنه لا يضمن، إلا في حالات معينة يفصل فيها القاضي الشرعي بما أدى إليه اجتهاده حسب ما بين يديه من أدلة تدين السمسار أو تبرئه، وعليه فمثل هذه القضايا يفصل فيها القضاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1423(12/7619)
الراتب الشهري مقابل الجاه محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفق معي أحد الأشخاص أن يفتتح محل حدادة باسمي بالسعودية ويقوم هو بوضع المعدات والعمل به على أن يقوم باقتطاع مبلغ ثابت لي شهرياً حيث إنه لا يستطيع فتح المحل باسمه ولا يأمن بوضع المحل باسم غيري هل يجوز ذلك أفتونا؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا لم يكن لك في هذا المحل من المشاركة إلا أنه مفتتح باسمك وبموافقة منك فلا يجوز لك أخذ راتب شهري منه مقابل مجرد اسمك، لأن الأخذ بمجرد الاسم هو من قبيل أكل أموال الناس بالباطل وهو محرم شرعاً، وقد نص الفقهاء على أن الجاه والضمان والقرض لا يجوز أخذ عوض مقابلها، لأنها من باب الإرفاق وتفريج الكرب عن المسلمين، فيجب أن تكون لوجه الله وحده دون أي غرض دنيوي، ولكن إذا كان صاحب الجاه المذكور بذل جهداً عملياً في افتتاح المحل المذكور ونجاحه فلا بأس أن يأخذ من صاحب المحل مقابل جهده فقط، وليس راتباً شهرياً، وراجع الفتاوى التالية أرقامها:
5264
4714
6632
9559
12446.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(12/7620)
ما لا يمكن التحرز عنه لا ضمان فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع: حكم الشريعة في قتل الخطأ
بينما أنا أسير بالسيارة إذ تعرض لي إنسان كان على دراجة نارية وكان في حالة غير عادية (حالة إدمان) إذ صدمني بدراجته وكانت صدمة جداً قوية وعلى إثرها لفظ أنفاسه فما حكم الشرع في هذا القتل وهل تجب علي الدية وأحيطكم علما إذا وجبت الدية فلمن أعطيها لأن الشخص الذي قتلته غير معروف الشخصية بدون الوثائق فأفيدوني رحمكم الله في أقرب أجل..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا القتل نتج عن خطأ وتعدي صاحب الدراجة، فإنه يتحمل مسؤولية نفسه، ولا تبعة على قائد السيارة، إلا إذا كان بإمكانه تفادي الصدام فلم يفعل، أما إذا لم يكن له بد من صدم الشخص بحيث فجأه فلم يتمكن من إيقاف السيارة قبل صدمه، فلا ضمان عليه، بناء على قاعدة "ما لا يمكن التحرز عنه لا ضمان فيه" وأيضاً فإن هذا السائق لم يباشر أو يتسبب في القتل، ومعلوم أن الضمان إنما يكون بالمباشرة ولو لم يتعمد أو التسبب إذا تعدى.
والأمران غير موجودين في هذه الصورة لأن قائد السيارة لم يباشر الصدم، بل الرجل ألقى بنفسه أمام سيارته ولم يُبق للسائق قدرة ولا اختياراً حتى يتفادى الحادث، وكان صاحب الدراجة هو المتسبب الذي حصل القتل بفعله، لا بفعل السائق.
وفي هذا يقول ابن حزم في مسألة تصادم الفارسين: فإن كان الواقف متعدياً بوقوفه مثل أن يقف في طريق ضيق فالضمان عليه دون السائر، لأن التلف حصل بتعديه فكان الضمان عليه. المحلى
وجاء في الموسوعة الفقهية قال الفقهاء: إذا كان الاصطدام بسبب قاهر أو مفاجئ كهبوب الريح أو العواصف فلا ضمان على أحد، وإذا كان الاصطدام بسبب تفريط أحد رباني السفينتين أو قائدي السيارتين كان الضمان عليه وحده، ومعيار التفريط أن يكون القائد أو الربان قادراً على ضبط نفسه أو سيارته أو ردها عن الآخرين فلم يفعل، أو أمكنه أن يعدلها إلى ناحية أخرى فلم يفعل، أو لم يكمل آلتها من الحبال والرحال وغيرها. انتهى
وخلاصة المسألة أن هذا القتل بهذه الشروط لا ضمان فيه على سائق السيارة، هذا إذا كان الأمر كما ذكر في السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1423(12/7621)
متى يضمن المؤتمن
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
تعرضت- بصفتي مسؤولا عن مؤسسة- لعملية احتيال رتبت بعناية وترتب عنها فقدان مبلغ من المال.
فهل أتحمل شخصيا ذلك المبلغ المفقود، على اعتبار أن ما حصل نوع من التقصير، أم تتحمله المؤسسة باعتبارأن ماتم بسسبب المؤسسة ومن ضمن عملي فيها.
أفيدوني جازاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا لم يصدر منك تقصير، أو تفريط في ما ائتمنت، عليه فلا ضمان عليك في ما ضاع من المؤسسة بسبب سرقة، أو غيرها إذا ثبت ذلك، لأنك ما حملت هذه المسؤولية إلا لأنك مؤتمن عليها، والمقرر عند الفقهاء أن المؤتمن غير ضامن ما لم يتعد أو يفرط فيما اؤتمن عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البيهقي: لا ضمان على مؤتمن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(12/7622)
مدى ضمان الطبيب عن الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[وقع أحد الأطباء في خطأ غير مقصود أثناء إسعاف أحد المرضى فشلت على أثره محاولة الإنقاذ رغم أن المحاولات السابقة لنفس الطبيب نجحت ما حكم الشرع في مثل هذه الحالة هل تجب عليه الدية؟ علما بأن ما حدث مضى عليه أكثر من خمسة عشر عاما ولا يُعلم أي شيء عن مكان أهل المريض.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مهنة الطب من فروض الكفاية التي يجب على المجتمع المسلم أن يخصص لها من يقوم بها ويسد حاجتهم إليها، ولا يجوز لمن لا يحسنها أن يقتحمها بغير علم، ومن فعل ذلك فقد باء بالإثم ويضمن ما أتلف من الأنفس فما دونها، لما رواه أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من تطبب ولم يعرف منه طب قبل ذلك، فهو ضامن".
وفي رواية: "ولم يكن بالطب معروفاً فأصاب نفساً فما دونها، فهو ضامن".
ومثل هذا في الإثم والضمان من يعالج مرضاً لا يدخل في اختصاصه.
أما الطبيب الماهر الذي يعالج اختصاصه، فإذا قام بالعلاج على أكمل وجه ولم تخطئ يده ولم يخطئ في وصف الدواء، فإذا حصل للمريض تلف نتيجة علاجه بعد أن أتقنه فإنه لا شيء على الطبيب.
وإذا أخطأ الطبيب الماهر فأتلف عضواً صحيحا بيده أو بدواء وصفه فعليه ضمانة جناية الخطأ. وليس عليه إثم في ذلك كله لأنه مجتهد في اختصاصه؛ وإن كان عليه ضمان خطئه.
وعلى هذا، فالطبيب المذكور عليه ضمان هذا الخطأ الذي صدر منه، لأنه إتلاف لا يختلف ضمانه بالعمد عن ضمانه بالخطأ، والمخطئ هنا غير آثم ولا قصاص عليه بل عليه دية، ولا تسقط عنه الدية بقدم الزمن ولا عدم معرفة أهل المريض، فوسائل البحث أصبحت متوفرة وسهلة والسجلات تكون محفوظة غالباً وفيها جميع البيانات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1423(12/7623)
مال اليتيم ... الإنفاق عليه..وزكاة ماله ومتى يدفع له
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي رحمه الله وغفر له أوصاني ورتب جميع السبل للحفاظ علي ما سيؤول لابنه بعد وفاته من مطلقته وهو في حضانتها لما يعرف عنها من عدم التدبير ودنيويتها والذي كان من أسباب الانفصال الذي وقع قبل تسع أعوام من وفاته وعليه أقوم بإيجار شقته للصرف منه على الولد بمصروف شهري ثابت مع توفير الجزء المتبقي وهو الأن في سن 13 عاما مع وجود أصل ثابت في عقار. ما هو حكم الشرع فيما أفعل وكيف يتم التعامل مع الأصل الثابت عند بلوغه سن الرشد وكيف يتم إخراج الزكاة على هذا المال؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما فعلته من تأجير شقة هذا اليتيم وإنفاق جزء من المال عليه وادخار الجزء الآخر له أمر حسن، وعليك أن تحسب ماله المدخر فإن بلغت قيمته أدنى النصابين وهي ما يساوي قيمة 85 جراماً من الذهب أو 595 جراماً من الفضة وجب عليك إخراج زكاته لكل السنين منذ بلغ هذا المقدار وحال عليه الحول. ومقدار الزكاة ربع العشر أي في كل مائة اثنان ونصف.
فإذا بلغ هذا الغلام رشيداً يحسن التصرف في ماله وجب عليك تسليم ماله إليه كاملاً سواء كانت عقاراً أو نقداً أو غير ذلك، لقول الله تعالى: وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا [النساء:6] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1423(12/7624)
لا يتصرف الوصي في مال القاصر إلا بما هو الأصلح: دينا ودنيا
[السُّؤَالُ]
ـ[أكفل أولاد أخي بعد وفاة أبيهم وأمهم كان والدهم قد وضع لهم شهادات استثمار في البنك مجموعة (وديعة عشر سنوات) وستستحق الوديعة في نهاية هذا العام كيف أتصرف في هذا المال من ناحية حله وهل عليه زكاة ومن من حقه أن يقرر علماً بأن لي إخوة آخرون؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاك الله خيراً على كفالتك لأولاد أخيك الأيتام، ونذكرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين". رواه البخاري ومسلم.
أما بالنسبة لشهادات الاستثمار، فقد تقدم حكمها في الفتوى رقم: 6013، والفتوى رقم: 16378.
فعليك أن تسحب المبلغ من البنك الربوي، أما أصل المبلغ فهو ملك لورثة أخيك، وأما الفوائد فإنك تنفقها في وجوه الخير، وإذا كان أولاد أخيك بحاجة لها فإنه لا بأس في أن تنفقها عليهم من باب التخلص من الفوائد الربوية.
أما بالنسبة لزكاة هذا المبلغ فإذا كان قد بلغ نصيب كل واحد من هؤلاء النصاب فإنه تجب الزكاة على رأس المال عن كل عام. أما الفوائد فقد تقدم أنها تنفق في وجوه الخير، وراجع الفتوى رقم: 8557، والفتوى رقم: 1522.
أما بالنسبة لمن يقرر ما يتعلق بأولاد أخيك، فإنه الوصي عليهم، فإذا كنت الوصي عليهم فأنت الذي تقرر، ولا يجوز للوصي أن يتصرف في مال القاصر إلا بما هو الأصلح له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1423(12/7625)
الكلأ النابت في الأرض المباحة مشترك بين الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الرعي في أرض نما كلؤها من المطر رغم أنها ليست للسيد الذي يرعى فيها بغنمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للإنسان أن يرعى الكلأ الذي لم ينبته أحد، فإن كان في أرض مباحة فلا خلاف في ذلك، وإن كان في أرض مملوكة ولم يكن صاحبها محتاجاً إليه للغير فيجوز على الراجح من قولي أهل العلم، ولا يلزمه في ذلك عوض، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الناس شركاء في ثلاث: الماء، والكلأ، والنار" أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: وقد اتفق المسلمون على أن الكلأ النابت في الأرض المباحة مشترك بين الناس، فمن سبق إليه فهو أحق به، وأما النابت في الأرض المملوكة، فإنه إن كان صاحب الأرض محتاجاً إليه فهو أحق به، وإن كان مستغنياً عنه، ففيه قولان مشهوران لأهل العلم، وأكثرهم يجوزون أخذه بغير عوض لهذا الحديث، ويجوزون رعيه بغير عوض. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1423(12/7626)
لا يبرأ المضمون عنه إلا بأداء الضامن
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
لقد سألت فضيلتكم هذا السؤال من قبل ولم أتلق الإجابه وها نحن نطرحه على فضيلتكم مرة ثانية - توفي رجل وترك عليه ديناً كبيراً ولا يجد الأولاد ما يسد الدين ولكن الولد أعلن للجميع أن الدين أصبح في عنقه هو وأنه سيقوم بتسديده على فترات وهو الآن يعمل جاهدا على سداده بل قام بسداد أجزاء منه هل سيظل المتوفى أي الوالد صاحب الدين يحاسب على الدين أم أن التكليف سيرفع عنه وينتقل إلى الابن المتعهد بالسداد جزاكم الله عنا خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاختلف العلماء هل يبرأ المضمون عنه بمجرد الضمان أم بأداء الضامن؟
والذي عليه الأكثر أنه لا يبرأ المضمون عنه إلا بأداء الضامن لا بمجرد الضمان، واستدلوا بحديث جابر قال: توفي رجل فغسلناه وحنطناه وكفناه ثم أتينا به النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا تُصلي عليه، فخطا خطوة ثم قال: أعليه دين؟ قلنا: ديناران، فانصرف. فتحملهما أبو قتادة، فأتيناه فقال أبو قتادة: الديناران عليِّ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد أوفى الله حق الغريم وبرئ منه الميت قال: نعم، فصلىّ عليه ثم قال: بعد ذلك بيوم ما فعل الديناران؟ قال: إنما مات أمس. قال: فعاد إليه من الغد فقال: قد قضيتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الآن بردت عليه جلده. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم.
فقوله "بردت عليه جلده" فيه دليل على أن خلوص الميت من ورطة الدين وبراءة ذمته على الحقيقة. ورفع العذاب عنه إنما يكون بالقضاء عنه لا بمجرد التحمل بالدين بلفظ الضمانة، ولهذا سارع النبي صلى الله عليه وسلم إلى سؤال أبي قتادة في اليوم الثاني عن القضاء. نيل الأوطار 5/270
وكذلك استدلوا بحديث: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عليه. رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وحسنه.
وذهب بعض أهل العلم منهم أبوثور وحكي عن ابن أبي ليلي وابن شبرمة وداود وهو رواية عند الحنابلة، أن ذمة المضمون تبرأ بمجرد الضمان، كما يبرأ المحيل بنفس الحوالة قبل القبض، فالحوالة والكفالة سواء كلاهما ينقل الحق عن ذمة المضمون عنه والمحيل.
والراجح قول الجمهور وهو أن الميت لا تبرأ ذمته إلا بسداد ديونه. إلا أن من لا مال له ومات وهو عازم على القضاء فإن الله تعالى بفضله وكرمه يقضي عنه ويتجاوز عنه، لما روى البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله. رواه البخاري من حديث أبي هريرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1423(12/7627)
لا ضمان بغير تفريط
[السُّؤَالُ]
ـ[سرقت أشياء من عهدة حكومية هل يجوز شراء بدل منها من حسابات أخرى من نفس الجهة وإضافتها بدلا من الأشياء المسروقة مع العلم بأنه لم يتم الإبلاغ عن الأشياء المسروقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحارس وما في معناه من كل من عهد إليه حفظ أمر ما أمين، وليس عليه ضمان ما تلف أو ضاع بغير تعد منه ولا تفريط.
وعليه، فإذا كان قد حصل منك تقصير في حفظ ما ائتمنت عليه، أو تعد فإنك تضمنه، وعليك رد قيمته إن كان مقوَّماً، أو مثله إن كان مثلياً، فإن خشيت الفضيحة من رده علناً فلك أن ترده بطريقة مناسبة تبرئ ذمتك ولا تكشف أمرك.
أما إذا لم يحصل منك تفريط ولا تعد، فلا يلزمك شرعاً أن ترد ما سرق لا من مالك أنت ولا من حساب آخر لمالك الحق الضائع، لأنك لست ضامناً له، ولكن عليك أن تخبر الجهة التي وكلتك بحفظ الحق بما جرى لتتخذ هي الإجراءات اللازمة للبحث عنه، ولما في عدم إبلاغها من التساهل المخل بالأمانة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1423(12/7628)
المحامي الجاهل ضامن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قول الشرع إذا توكل المحامي في قضيه يكون موكله صاحب حق فأضاع المحامي حق موكله عن جهاله من المحامي في اتخاذ طريق الدعوى أو الدفاع السليم الموصل إلى حق موكله؟ وهل تقاس هذه الحالة بحالة القاضي الذي يحكم بجهالة وفقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في ما معناه: قاض في الجنة وقاضيان في النار منهم قاض حكم بجهاله؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المحامي أقرب ما يقاس به هو الوكيل، والوكيل إذا فعل غير الأصلح في مال موكله لا يلزم الموكل قبوله، وفي حالة تعديه أو تفريطه يضمن ما نشأ عن ذلك.
من هذا المنطلق نقول: إن ما يعرضه المحامي في القضية المطروحة مما لا يوافق الحق لا يلزم موكله، بل له رفضه وعدم إمضائه، مثل حكم القاضي المخالف للأصول الثابتة والقواعد الشرعية فإنه لا يمضي، فإذا قدر أن المحامي فوت الحق على موكله نتيجة لجهله أو تقصيره، فإنه يضمنه كالطبيب الجاهل أو المقصر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1423(12/7629)
اشترى بهيمة فأبقاها عند البائع فهلكت ... هل يضمنها
[السُّؤَالُ]
ـ[باع رجل بهيمة لرجل وقبض منه جزءاً من الثمن فتركها المشتري عند البائع لمدة أسبوع فماتت البهيمة خلال الأسبوع. فهل يجوز للمشتري استرداد المبلغ من البائع؟ وما حكم هذا البيع. أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان مشتري البهيمة أبقاها عند البائع بعد قبضها وديعة أو رهناً فتلفت بدون تعد من البائع فلا شيء عليه، وهي في ضمان المشتري، لا في ضمان البائع، لأن يد البائع في هذه الحالة يد أمانة لا ضمان، وإن تلفت البهيمة قبل القبض فللمشتري أن يسترد من البائع ما قدمه له من الثمن، لأن المبيع هلك وهو في ضمانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1423(12/7630)
الأجير المشترك ضامن
[السُّؤَالُ]
ـ[بعثنا طقماً لمحل التنظيفات لكن خربه وأدى إلى تلفه فهل يجوز أن نأخذ نقودا عوضا عن هذه الخسارة نرجو الرد؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجمهور أهل العلم يقولون بتضمين الأجير المشترك ما أتلفته يده، سواء فرط أو لم يفرط، ومن يعمل في محله فهو أجير مشترك.
وعليه، فإنه ضامن لما أتلفه، فيجوز لصاحب العين المتلفة أن يأخذ مثلها أو قيمتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1422(12/7631)
الكفالة يدور حكمها - جوازا أو حرمة - حسب نوع المعاملة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في مدى صحة أن تكفل شخصاً في بنك إسلامي ليستطيع أخذ قرض علماً بأن طريقة أخذ القرض تتم بشراء بضاعة بقيمة القرض من أحد المحلات التجارية ثم يعود المقترض ويرد البضاعة ذاتها إلى صاحب المحل ويقوم بأخذ قيمة القرض ويكون سداده على فترة سنة مثلا بزيادة معينة على قيمة البضاعة الأصلية ومن الملاحظ أن هذه العملية لا يتم فيها استلام البضاعة ونقلها إلى مكان آخر بل تكون في نفس المكان ولا يكون استلاماً حقيقياً بمعناه الصحيح والبنك يشترط وجود كفيل على أخذ القرض فما حكم العملية بجملها وإذا كان فيها شبهة فما حكم من يكفل فقط؟
وجزاكم الله عنا وعن جميع المسلمين الف خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه العملية بجملتها تشتمل على مسألة بيع المبيع قبل قبضه ومسألة التورق، ولابد من بيان حكمهما أولاً، ثم الحكم على الكفالة المذكورة.
فأقول وبالله تعالى أستعين: إذا كانت البضاعة المشتراة طعاماً فما فعله الشخص المذكور لا يجوز، لأنه من بيع الطعام قبل قبضه، وهو محرم بنص الحديث المتفق عليه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يقبضه".
وعليه، فالكفالة المذكورة لا تجوز، وأما إذا كانت غير طعام، فقد اختلف العلماء في حكم بيعها قبل قبضها، فمنهم من أطلق منع بيع كل مبيع قبل قبضه، مستدلاً بقول ابن عباس راوي الحديث: "وأحب كل شيء مثله" ومن العلماء من قصر منع البيع قبل القبض على الطعام، قصراً للحكم على النص، وهو مذهب الإمام مالك، ووافقه الكثيرون كما قال الإمام النووي.
فهي إذاً مسألة خلافية، والخلاف فيها ينسحب على حكم المساعدة فيها بكفالة أو غيرها. وأرى أن الأمر فيها واسع إن شاء الله تعالى.
وأما مسألة التورق فقد سبقت الإجابة عليها برقم: 2819.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1422(12/7632)
تلزم التوبة والضمان في هذه المسألة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في امرأة وضعت سماً لدجاج جارتها التي تربيه في حديقة منزلها ويخرج ليأكل زرع تلك المرأة مع العلم أنها قد نبهتها أنها سوف تضع له السم إذا لم تمنعه من الدخول إلى الزرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وضع السم للدجاج والحالة هذه لا يجوز، وذلك من وجوه:
أولاً: أن في السم تعذيباً للحيوان، حيث يجعله يتألم حتى يموت.
ثانياً: أنه كان يمكن أن تعمل حاجزاً يمنع الدجاج من الزرع، وقد ذكر الفقهاء أن على أصحاب الزرع حفظ زرعهم عن البهائم نهاراً، لحديث البراء بن عازب: "أنه كانت له ناقة ضارية فدخت في حائط، فأفسدت فيه، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم أن حفظ الحوائط بالنهار على أهلها، وأن حفظ الماشية بالليل على أهلها، وأن ما أصابت الماشية بالليل فهو على أهلها" رواه مالك وغيره.
وهذا هو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة، وقالت الحنفية: لا يضمن ما أفسدته، ولو أفسدته ليلاً، ما لم يكن صاحبها أرسلها، لحديث: "العجماء جبار" رواه البخاري ومسلم.
ولو فرض أن الدجاج أفسد الزرع ليلاً، فإنه لا يجوز قتله، وإنما يجب على صاحبته الضمان.
وعليه، فإنه يلزم هذه المرأة أمران:
الأول: التوبة، حيث عذبت الدجاج بالسم.
الثاني: ضمان الدجاج لصاحبته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1422(12/7633)
الحكم فيمن ضمن غيره في دين على حسب حالة الضمان
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي منذ ثلاثين عاما ضمن أخاه في دين قدره ثلاثمائة جنيه وقد توفي أخوه ولم يجد وتوفي الدائن ويخاف والدى أن يلحق به الموت دون رد هذا الدين الذى ضمن به أخاه مع العلم بأن ورثة الدين لايعرف لهم طريق فما رأي الدين في قضاء والدي لهذا الدين وهل تغير قيمته حاليا والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى ورثة عمك أن يخرجوا دين مورثهم من أصل ماله إن ترك مالاً وجوباً، فإن لم يترك مالاً فيستحب لهم أن يقضوا دينه من أموالهم، فإن لم يكن للميت مال يفي بقضاء دينه، ولم يتبرع ورثته بقضائه، فينظر في حال الضامن (الذي هو والدك) فإن كان ضمانه (ضمان وجه) -ويقصد بضمان الوجه، أن يضمن الكفيل إحضار المكفول من غير ضمان المال- فإن هذه الضمانة تنتهي بموت المضمون عند جماهير أهل العلم، وبالتالي فلا يلزم أباك شيء، أما إن كان ضمانه ضمان مال -وهو أن يتعهد الكفيل بسداد المال عند تخلف المكفول عن السداد بموت أو عجز أو غيرهما- فإن أباك ضامن لهذا المال ويلزمه سداده، فليدفعه إلى صاحبه أو رثته، فإن لم يعلم مكانهم بعد بحث واستقصاء، فعليه أن يتصدق بالمال عن صاحبه، فإن وجد هو أو ورثته بعد ذلك خيروا في إمضاء الصدقة ولهم أجرها، أو دفع حقهم إليهم ويكون الأجر لوالدك، أما كيفية القضاء إن تغيرت العملة أو تغير ثمنها فانظر فيها الفتوى رقم:
6460 ورقم: 9658
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1422(12/7634)
شروط جواز أخذ الأجرة على بذل الجاه
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هناك جمعية تعمل على توفير مناصب شغل شريطة أن تأخذ نصف الأجر فهل هذا جائز شرعا؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه المسألة داخلة فيما يعرف عند المتقدمين ببذل الجاه، ويمكن تعريفه بأنه: بذل شخص جاهه أو نفوذه، أو صلاحيته في حصول آخر على ما هو من حقه لولا عروض بعض العوارض دونه، وقد تقدم حكم أخذ العوض على ذلك في الفتوى رقم:
9559 والفتوى رقم: 6632
وعليه، فلا بأس أن تأخذ هذه الجمعية أجرة مقابل ما تقوم به.
لكن يجب أن تكون الأجرة مقطوعة وليست نسبة ثابتة، فإذا كان قصدك أن هذه الجمعية تأخذ أجرة نصف شهر واحد مثلاً في مقابل سعيها للعامل في الحصول على الوظيفة فإن ذلك جائز، أما إذا كانت تأخذ هذه النسبة دائما ما دام في العمل، فالظاهر هو عدم الجواز لسببين:
الأول: أن في ذلك إجحافاً كثيراً بالعامل، واستغلالاً لوضعيته وحاجته إلى أن يحصل فرصة عمل.
الثاني: أن هذه النسبة الثابتة لا تتناسب بحال من الأحوال مع ما بذلته الجمعية من جهد، فكأنها جاءت نتيجة لقوة موقع الجمعية، وضعف موقع العامل، والله جل وعلا يقول: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون) [البقرة:188]
ونذكر في الأخير بأن الأولى لمن يبذل جاهه، ويشفع لأخيه المسلم أن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله ولا يأخذ على ذلك أجراً، قال صلى الله عليه وسلم: "اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان رسوله ما يشاء" رواه البخاري ومسلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1422(12/7635)
الضمان على المتسبب
[السُّؤَالُ]
ـ[1-فقدت نظارة في مشاجرة بسبب الغيرة على الدين. والذين تشاجرت معهم يدعون انهم لم يأخذوها. للعلم أنني فقدتها بسبب المشاجرة معهم. وقد حكمت المحكمة لي بعوض مالي.وطلب من تشاجرت معهم الصلح. ووافقت (فالصلح خير) . ولكني طالبت بنظارتي التي فقدت. فما حكم الدين في ذلك؟؟ في حين أنني كما ذكرت سالفآ أن من تشاجرت معهم يدعون أنهم لم يأخذوها. وعلى كل حال فإن سبب فقداني لها هو المشاجرة مع هؤلاء الأشخاص.
ملحوظة: النظارة المفقودة غالية الثمن....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن فقدت نظارتك أو تكسرت نتيجة مضاربة أو مطاردة في هذه المشاجرة فيضمن هؤلاء قيمتها، لأنهم هم السبب في فقدها.
أما إذا لم تكن هذه المشاجرة هي السبب في فقد نظارتك فلا يجوز تضمينهم، ما لم يكونوا سبباً في تلفه أو فقده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1422(12/7636)
الولاية على المجنون وحكم انتفاع الولي بماله
[السُّؤَالُ]
ـ[3-لدي أخ مختل عقليا ووتدفع له الدولة إعانه شهريا وأبي متوفى فهل يجوز لوالدته التصرف بالمال علما أنه في مستشفى الطب النفسي ووالدته تحتاج ماله وهي أيضا تعطيها الدول إعانه لأنها أرملة فقد سمعنا أنها لا يجوز لها أخذ شيء من ماله لأنه بحكم اليتيم وكما قال الله تعالى ولا تقربوا مال اليتيم أفتونا بارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
3-فالولاية على المجنون بعد موت أبيه، إن لم يوص بها لأحد تكون لأبي أبيه، فإن كان الجد ميتاً، أو فاقداً لأهلية الولاية، ولم يوص بها لأحد، فتكون للحاكم، أو من ينصبه الحاكم، فإذا لم يوجد أحد من هؤلاء فإلى من صلح من المسلمين، بشرط أن يكون عدلاً حسن التصرف، وفي مثل هذه الحالة إذا تعذر أن يقيم الحاكم وليا للمجنون فتكون الولاية لأمه إن كانت أهلا لتحمل أعباء هذه الولاية، بأن تكون عاقلة، ورشيدة، وعلى ولي المجنون- أياً كان -أن ينمي ماله، فإن عجز عن تنميته نصَّب غيره لذلك ولو، بأجرة، فإذا كانت الولاية للأم فيجوز لها الأخذ من ماله بقدر أقل الأمرين، من أجرة مثلها، وكفايتها، فإذا كانت كفايتها مئتان -مثلاً -وأجرة عملها ثلاثمائة، أو العكس، لم تأخذ إلا بالمائتين، وهذا إذا كانت موسرة، أما إذا كانت معسرة فتأكل منه بقدر كفايتها ولو تجاوزت أجرة المثل، لأن نفقة الوالد المحتاج واجبة في مال ابنه الموسر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1422(12/7637)
يعمل في مستشفى ويأخذ شيئا من الأدوية.. هل يعتبر غالا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[العامل بالمستشفى العمومي إذا أخذ شيئا من الدواء وماشابه ذلك فهل يعتبر غالا، وماهي كفارة الغلول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فالعامل بالمستشفى أو غيره من المؤسسات، أمين على ما تحت يديه، ويجب عليه أن يقوم على تلك الأمانة بما يحفظها.
وإذا أخذ منها شيئا - دون وجه حق - أو فرط في حفظه، ضمنه بمثله إن كان مثليا، وبقيمته إن كان متقوما.
وكفارة من أخذ شيئا لا يحق له، هي: أن يرجعه إلى صاحبه إن كان حيا، فإن مات أعيد إلى الورثة إن علِموا، ولا يجوز أن يتصدق بثمنه مع وجود صاحبه أو ورثته.
وفي حالة السائل يرجع ما أخذ من الدواء إلى المستشفى لتبرأ ذمته من الخيانة. ولا يعد ذلك من الغلول، لأن الغلول هو أخذ شيء من الغنيمة قبل القسمة ولو قل، أو الخيانة من الغنيمة قبل حوزها. قال ابن قدامة: (الغال: هو الذي يكتم ما يأخذه من الغنيمة، فلا يطلع عليه الإمام، ولا يضعه مع الغنيمة) .
وذكر النووي: أن أصل الغلول هو الخيانة مطلقا، وغلب استعماله خاصة في الخيانة من الغنيمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1422(12/7638)
مدى شرعية نظام الكفالة في الدول العربية
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للأجانب في الدول العربية الإسلامية ما رأي الإسلام فى مسألة الكفيل والكفالة وهل يصح أن أقول هذا كفيلي وهذا كفيل فلان هل هذا اللفظ مقبول في الإسلام هل المال الذي يأخذه الكفيل من المكفول والذي يقال له عمولة حلال؟ علماً بأن المكفول يعمل فى عز الهجير والكفيل نائم فى بيته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن لكل مسلم الحق أن يدخل أي بلد من بلاد المسلمين، ويعيش فيه، ويمارس فيه ما يحب أن يمارس من أعمالٍ مباحة، وله ما لسكان ذلك البلد الأصليين، وعليه ما عليهم، إلا إذا اقتضت المصلحة، والسياسة الشرعية أن يقيم كل أهل بلد في بلدهم ليعمروه، ويدافعوا عنه من يصول عليه، أو كانت هجرتهم بكثرة إلى بلد معين ستشكل عبئاً فادحاً على سكانه الأصليين، أو تسبب فوضى لا تمكن السيطرة على آثارها، ففي هذه الحالة على ولي أمر المسلمين أن يعمل بما تقتضيه المصلحة، والسياسة الشرعية من ضبط الأمور.
ومن جملة ذلك أن لا يسمح لأحد بدخول البلد في هذه الحالة إلا إذا كان البلد بحاجة إليه، أو كان القادم بحاجة إلى ذلك البلد، وكان واجداً عملاً فيه يعيش به، ويدبر من خلاله أموره، ويقضي منه حوائجه اللازمة، بحيث لا يكون عبئاً على الآخرين.
ولا حرج في هذه الحالة أن يشترط أن يكون لذلك القادم كفيل من سكان البلد الأصليين لتحقيق مثل هذه المصالح المتقدمة، ولضبط الأمور، ومنع الفوضى.
ولا حرج كذلك أن يقول المرء هذا كفيلي، وكفيل فلان، ولابد أن ننبه إلى أن نظام الكفالة المعمول به في بعض الدول الإسلامية يشتمل على كثير من الحيف، وهضم حق المكفول إضافة إلى ما يمارسه الكفلاء زيادة على ذلك من الظلم والتعسف، ومطل حقوق المكفولين، إلا من رحم الله تعالى، وقليل ما هم.
فلذلك يجب على الكفلاء أن يحذروا ويتقوا الله تعالى، ويعلموا أنه لا سلطان لهم على هؤلاء الناس، إلا بقدر ما تتحقق به المصلحة المشتركة، والعدل والاستقرار.
وأما المال الذي يأخذه الكفيل، فإن كان مقابل أتعاب وجهود يبذلها، فلا حرج في ذلك بضوابط، وإن كان لغير ذلك، فلا يجوز.
وراجع الجواب رقم: 6632، 6633.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1422(12/7639)
من ملك شيئا ... وتبين له بعد ذلك أنه مسروق
[السُّؤَالُ]
ـ[استعار صديق من أخي نظارات شمسية فتكسرت، فطلب منه أخي التعويض فعوضه نظارة، ثم أهداني أخي هذه
النظارة وبعد ذلك تبين أن هذا الشخص لم يشترها، ولكن سرقها ولا يستطيع إعادتها لصاحبها بسبب مايترتب على ذلك من ضرر ومشاكل. ماهو الحل؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من ملك شيئاً وتبين بعد ذلك أنه مال مسروق، فإن حق المالك الذي سرق منه الشيء لا يزال متعلقاً به، ولا حق فيه لمن هو بيده، وإذا أبقاه بيده بعد معرفته بحقيقة الأمر، وإمكان إيصاله إلى صاحبه، فهو بمنزلة السارق في الإثم.
روى أبو داود عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به، ويتبع البيع من باعه" أي: يرجع المشتري على البائع بالثمن.
فالنظارة ليست ملكاً لك، ولا لأخيك فعليكما ردها إلى مالكها الذي سرقت منه، وطالبا السارق بأداء قيمة النظارات التي أتلفها. ومما يجدر التنبه له: أن الخوف من أن يترتب على رد النظارة المسروقة إلى صاحبها بعض المشاكل لا ينبغي أن يكون عائقاً أمام رد الحق إلى صاحبه، فيمكن أن تعاد إليه عن طريق شخص آخر بدون أن يذكر له أن فلاناً سرقها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1422(12/7640)
حكم الكفالة في البنك
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بكفالة شخص في البنك مع العلم أنني لا أعلم إن كان الكافل يدخل في الحرام أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كفالة شخص لدى البنك تعتبر إعانة له على التعامل مع ذلك البنك، فإن كان البنك ربويا، أو كانت المعاملة نفسها محرمة، فكفالتك له من التعاون على الإثم والعدوان، ولا يجوز لك ذلك لأن الله يقول: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) [المائدة: 2] .
فعليك أن تتوب إلى الله من ذلك، وأن لا تكرر مثل هذا الفعل، وتحث الشخص الذي كفلته على أن يتخلص من التعامل مع البنك، وتسحب كفالتك إن كانت لا زالت مستمرة. أما إن كان البنك إسلامياً، وكانت المعاملة غير محرمة، فكفالتك له جائزة، بل هي من فعل الخير. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1421(12/7641)
الأجرة الشهرية مقابل الكفالة لا حق للكفيل فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله إني شخص مقدم على فتح مؤسسة واستقدام عمال وتشغيلهم فهل يجوز أن يشتغلوا ويعطيني كل واحد منهم آخر الشهر مثلا:ثلاثمائة ريال علما أنهم راضون بهذا لأنهم
يحصلون على أكثر من ذلك وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك أن تأخذ هذه المبالغ من العمال، لما يشتمل عليه هذا التعامل من الغرر المنهي عنه شرعاً، ولأن الجعل الذي جعلوه لك جعل مجهول فلا يعلم كم سيشتغلون؟ شهراً، أم شهوراً، أم سنين، ويجوز لك أن تأخذ منهم جعلاً معلوماً يؤدونه لك مرة واحدة، أو يقسطونه على فترة زمنية. ويجب التنبه إلى ما يشوب مثل هذه الأعمال والعقود من مخالفات شرعية، وسوء تعامل مع الآخرين، وأكل حقوق الناس بالباطل. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/7642)
حكم كفالة الغير مقابل أخذ أجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الشرع في أخذ مبلغ من المال من شخص لقدومه إلى بلد للعمل دون تحديد العمل له أي هو حر في نفسه مقابل كفالتي له وهو راض بهذا الاتفاق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن هذه المسألة داخلة فيما يعرف عند المتقدمين بثمن الجاه، ويمكن تعريفه بأنه بذل شخص جاهه أو نفوذه أو صلاحية تختص به وبمن هو مثله ـ في سبيل حصول آخر على ما هو من حقه لولا عروض بعض العوارض دونه، بشرط ألا تستند هذه العوارض إلى سبب شرعي ملزم بعوض.
ومن أوضح الأمثلة لذلك سعي الوجيه عند الظالم في رفع الظلم عن المظلوم، وقد اختلف العلماء في أخذ ثمن هذا السعي بين قائل بالتحريم بإطلاق ـ سواء انضم إلى السعي تعب من سفر أو غيره أم لم ينضم إليه ـ، وقائل بالكراهة ـ كذلك ـ ومفصل فيه بأنه إذا كان ذو الجاه يحتاج إلى نفقة أو تعب أو سفر جاز له أخذ أجرة المثل، وإلا فلا.
ولعل القول بالتفصيل هو الراجح.
وعليه فلك أن تأخذ من المكفول قدراً يساوي أجرة مثلك على ما تبذله من جهد، وما تنفقه من مال على استخراج الأوراق اللازمة ابتداء كالتأشيرة واستمراراً كالتجديد وغيره. ولا يجوز لك الزيادة على ذلك بقصد الربح من كفالتك له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/7643)
التفريق في أخذ أجرة البنك على الوكالة وعلى الضمان.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد جعل الله هذا العمل في ميزان حسناتكم وبارك في علمكم ونفع به المسلمين
أفيدكم بأنني أقوم بتقسيط السيارات التي أملكها أولاً. ويكون ذلك مشروط على العميل بأن يتم حسم المبلغ الشهري عن طريق أحد البنوك وذلك لضمان تهرب العميل عن السداد. ولكن البنك يقوم بتحصيل مبلغ وقدره {25ريالا} عن كل شهر من العميل فهل هذا المبلغ المحصل من العميل يعد من الربا وهل البائع يأثم في ذلك أفيدونا مأجورين والله يحفظكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه المعاملة التي تمر عبر البنك لضمان عدم تهرب العميل من سداد ما عليه من أقساط تنقسم إلى قسمين: فإما أن يكون البنك ضامناً فيها، وإما أن يكون مجرد وكيل في تحصيل المبلغ من العميل: متى ما ورد مرتبه على حسابه سدد منه القسط الحال عليه.
فإن كان البنك قد ضم ذمته إلى ذمة العميل في التزام الحق الذي عليه فالبنك في هذه الحالة ضامن، ولا يجوز للضامن (البنك) أخذ جعل على الضمان لأنه ملزم بأداء الدين بحكم هذا الضمان، وإذا أداه وجب له على المضمون عنه (العميل) المبلغ الذي أداه، فصار الضمان كالقرض، فإذا أخذ عوضاً أو جعلاً صار القرض قرضاً جاراً نفعاً، وكل قرض جر نفعاً فهو ربا.
وأما في الحالة الثانية وهي: ما إذا كان البنك مجرد وكيل عن البائع في تحصيل القسط من المشتري متى ما ورد المبلغ على حساب المشتري، فلا حرج في هذا لكن بشرط وهو: أن يؤخذ المبلغ (25) من البائع، لأنه هو المستفيد من الخدمة خدمة الوكالة، وقد نص العلماء على أن الوكالة تجوز بأجر وبدون أجر، بخلاف الضمان فلا يجوز بأجر، فالذي ننصحك هو أن تدفع أنت أيها البائع للبنك المبلغ حتى يحصل لك القسط ممن تبيع لهم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/7644)
حكم كفالة الغير مقابل أخذ أجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الشرع في أخذ مبلغ من المال من شخص لقدومه إلى بلد للعمل دون تحديد العمل له أي هو حر في نفسه مقابل كفالتي له وهو راض بهذا الاتفاق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه المسألة داخلة فيما يعرف عند المتقدمين بثمن الجاه، ويمكن تعريفه بأنه بذل شخص جاهه أو نفوذه أو صلاحية تختص به وبمن هو مثله ـ في سبيل حصول آخر على ما هو من حقه لولا عروض بعض العوارض دونه، بشرط ألا تستند هذه العوارض إلى سبب شرعي ملزم.
ومن أوضح الأمثلة لذلك سعي الوجيه عند الظالم في رفع الظلم عن المظلوم، وقد اختلف العلماء في أخذ ثمن هذا السعي بين قائل بالتحريم بإطلاق ـ سواء انضم إلى السعي تعب من سفر أو غيره أم لم ينضم إليه ـ، وقائل بالكراهة ـ كذلك ـ ومفصل فيه بأنه إذا كان ذو الجاه يحتاج إلى نفقة أو تعب أو سفر جاز له أخذ أجرة المثل، وإلا فلا.
ولعل القول بالتفصيل هو الراجح.
وعليه فلك أن تأخذ من المكفول قدراً يساوي أجرة مثلك على ما تبذله من جهد، وما تنفقه من مال على استخراج الأوراق اللازمة ابتداء كالتأشيرة واستمراراً كالتجديد وغيره. ولا يجوز لك الزيادة على ذلك بقصد الربح من كفالتك له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1424(12/7645)
حكم ما يقع فيه الطبيب من أخطاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مدى ضمان الطبيب للخطأ المهني مع العلم أن نسبةالنجاح والفشل أمر وارد وليس هناك نجاح مئه بالمئة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فلا شك أن الطبيب مسؤول عما يقع فيه من خطأ تجاه من يطببه، وهذه المسؤولية تعظم أو تقل بحسب نوع الخطأ ودرجته، وقد دلت الشريعة على اعتبار المسؤولية الطبية، ففي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن". رواه ابن ماجه والحاكم في المستدرك وصححه، ووافقه الذهبي. والحديث يعتبر أصلاً عند أهل العلم في تضمين الجاهل إذا عالج غيره وتضرر بعلاجه. وإذا كان الجهل هو الموجب للمسؤولية كما يدل عليه ظاهر الحديث، فإنه يستوي فيه الجاهل بالكلية وهو الشخص الذي لم يتعلم الطب، والجاهل بالجزئية وهو الشخص الذي علم الطب وبرع في فرع من فروعه، ولكن يجهل الفرع الذي عالج فيه، فمثل هذا يضمن، قال الإمام ابن قدامة في المغني: فأما إن كان حاذقاً وجنت يده مثل أن يتجاوز قطع الختان إلى الحشفة أو إلى بعضها، أو قطع في غير محل القطع…. أو يقطع بآلة كألة يكثر ألمها، أو في وقت لا يصح القطع فيه، وأشباه هذا ضمن فيه كله، لأنه إتلاف لا يختلف ضمانه بالعمد والخطأ، فأشبه إتلاف المال، ولأن هذا فعل محرم فضمن سرايته كالقطع ابتداءً" انتهى وقوله (كالقطع ابتداء) أي: الخطأ في قطع (الختان) محرم مثل القطع ابتداء على وجه الاعتداء والخيانة. فالطبيب الجاهل يأثم بجنايته ويضمن ما يترتب عليها. أما الخطأ فهو ما ليس للإنسان فيه قصد ومثاله: أن تزل يد الطبيب الجراح، أو أخصائي التخدير، أو الممرض، أو المصور بالأشعة والمنظار، وينشأ عن ذلك ضرر بجسم المريض فهذا النوع لا يترتب عليه تأثيم فاعله، قال تعالى: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) [الأحزاب:5] ومن ثم لا تتعلق به مسؤولية الآخرة لكن يلزم صاحبه بضمان ما نشأ عن خطئه. وإذا أتقن الطبيب عمله، وأعطى الصناعة حقها ثم حصل ضرر لا يد له فيه لم يضمن، وهذه مرتبة فوق التي قبلها. والفرق بينهما أنه في السابقة تسبب في الخطأ عن غير عمد، وهو طبيب ماهر، أما هذه فالضرر جاء متأخراً وليس بسبب منه أثناء التطبيب. قال الإمام ابن القيم ((وإن كان الخاتن عارفاً بالصناعة، وختن المولود في الزمن الذي يختن فيه مثله، وأعطى الصناعة حقها، لم يضمن سراية الجرح اتفاقاً)) . نقلاً من تحفة المودود لابن القيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1422(12/7646)
حكم المتاجرة بالفيزا والتأشيرات
[السُّؤَالُ]
ـ[أخى الفاضل لقد استقبلت الرد بتاريخ 1/7/2000 ولكن ما أعنيه ليس ما تم فهمه من قبلكم ولكن أن العامل بعد دخوله الكويت وعن طريق شرعى كإتيانه بوظيفة خادم مثلا يقدم أوراقه للسفارة الهولندية مثلا لكي يسافر مع الكفيل الأساسى الذى أحضره من سيرلانكا على أنه الخادم ثم يقوم الكفيل والمكفول بإتمام جميع الاجراءات وبطرق شرعية ثم يسافر الخادم مع الكفيل إلى تلك الدولة مثلا هولندا ويكون لدى هذا الخادم أخوه أو أحد من أقاربه فى انتظاره لكي يعمل هذا الخادم هناك أى أن حماي (أخو زوجي) فقط يقطع معه الطريق من الكويت إلى هولندا لايصاله هناك ومن ثم يعود وطبعا يأخذ المبلغ الباقي من الخادم بمعنى آخر أن حماي يسفره إلى هولندا لكي يعمل خادمه هناك بناءا على رغبة الخادم نفسه حيث ان فرص المعيشة هناك أفضل ويكون هذا الخادم الذى ياتى من هناك عنده امكانيات ماليه بحيث ياتى الكويت ويدفع للكفيل نصف المبلغ ويخرج معه الكفيل الى تلك الدول بتاشيرة من الكويت سؤالى مرة أخرى هل يجوز سفر حماي الى تلك الدول ثانيا مساعدة الخادم فى العمل الى تلك الدول الاجنبيه هل هو حرام ام لا ثالثا المبلغ الذى ياخذه من الخادم حرام ام لا مع العلم ان الخادم اوالطباخ السيرلانكى او الهندى اواى جنسيه اسيويه يكون اما مسيحى او هندوسى اى غير مسلم رابعا سمعت من بعض الناس يقولون ان هذا ليس بحرام وذلك بقصد أن يكون الربح للكفيل والمكفول به بمعنى الكفيل يستفيد من المال والمكفول يستفيد بسفره والعمل هناك خامسا قرات فى كتاب رياض الصالحين ان السفر الى تلك الدول الاجنبيه بقصد التجاره يجوز شرعا 0 شاكرة لكم على سعة صدركم وارجو الرد على سؤالى وآسفه على الاطالة ملاحظة ارجو ان تذكرون لى اسم الشيخ الذى سوف يقوم بالرد علىسؤالى وجزاكم الله عنا كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه المسألة داخلة فيما يعرف عند المتقدمين بثمن الجاه، ويمكن تعريفه بأنه بذل شخص جاهه أو نفوذه أو صلاحية تختص به وبمن هو مثله ـ في سبيل حصول آخر على ما هو من حقه لولا عروض بعض العوارض دونه، بشرط ألا تستند هذه العوارض إلى سبب شرعي ملزم.
ومن أوضح الأمثلة لذلك سعي الوجيه عند الظالم في رفع الظلم عن المظلوم، وقد اختلف العلماء في أخذ ثمن هذا السعي بين قائل بالتحريم بإطلاق ـ انضم إلى السعي تعب من سفر أو غيره أم لم ينضم إليه-، وقائل بالكراهة ـ كذلك ـ ومفصل فيه بأنه إذا كان ذو الجاه يحتاج إلى نفقة أو تعب أو سفر جاز له أخذ أجرة المثل وإلا فلا.
ولعل القول بالتفصيل هو الراجح.
قال أبو علي المسناوي من علماء المالكية: وهذا التفصيل هو الحق. وتابعه على ذلك البناني وغيره من محققي مذهب مالك.
وبناء على ما تقدم فإن الأصل فيما يأخذه أخو زوج السائلة على ما يقوم به من عمل هو الجواز، بشرط ألا يزيد ما يأخذ على أجرة مثله، وبشرط ألا يكون في تركه للعامل في هولندا مثلاً ما يخل بالعقد الذي حصل بموجبه على تأشيرة السفر إليها، وألا يقع في شيء من الكذب على المسئولين في دولته أو الدولة الأجنبية كادعائه هروب العامل. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1424(12/7647)
حكم أخذ العوض عند التضرر من الغير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أخذ العوض عندما تصدم سيارتي من قبل الغير جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه محمد وآله وصحبه ومن والاه: وبعد…
إذا كان هذا العوض مقابل الضرر الفعلي الذي لحق بك نتيجة إتلاف أخيك شيئاً من سيارتك، وقضى بذلك جهة موثوقة أو تصالحتما عليه، فلا مانع من أخذه، فإن من أتلف شيئًا ضمنه ولزمه إصلاحه. ولكن ينبغي أن تعلم القواعد الشرعية التي يقضى بموجبها وجوب الغرم والضمان. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/7648)
شروط صحة تحويل عملة وصرفها بعملة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[فهل يجوز شرعا العمل والتعاون مع هذه الشركات الأمريكية واسترن ونيون بهذه الطريقة
أنا أعيش بإيطاليا وأتعامل مع الأجانب في تحويل الأموال حيث نبعث العملة أورو إلا أنها تصل للمغرب مثلا بالدرهم المغربي للمملكة المغربية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان يتم تحويل مبلغ من المال بعملة (أورو) مثلاً على أن يتم صرفها لمن حولت إليه بنفس العملة (أورو) فلا نرى مانعاً من ذلك، لأن حقيقة هذه المعاملة أنها وكالة بأجرة في تسليم المبلغ للمحول إليه، وهذا لا شيء فيه، كما بيناه في الفتوى رقم: 46897، ورقم: 5446.
أما إذا اشترط تسليم المبلغ بعملة أخرى، فإنه يعتبر وكالة وصرفاً، ويشترط لصحة عقد الصرف أن يتم التقابض في المجلس، فإذا لم يتم التقابض في المجلس بطل عقد الصرف، وإذا بطل الصرف وجب تسليم المبلغ المحول بنفس العملة التي حول بها، فإذا لم يكن لدى البنك نفس جنس تلك العملة أو كانت عنده لكنه تراضى مع المحول إليه على صرفها له بعملة أخرى فلا بأس بذلك بشرط أن يكون بسعر يوم التسليم، لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: إني أبيع الإبل بالبقيع بالدنانير وآخذ بالدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ بالدنانير، فقال له صلى الله عليه وسلم: لا بأس أن تأخذ بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء. رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة، وراجع الفتوى رقم: 57053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1426(12/7649)
شروط الحوالة وما يفعل المحال إذا ماطل المحال عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت عندي بضاعة ملابس أطفال بحوالي مائة ألف جنيه وجاءني واحد وقال لي عندي تاجرة تأخذهم أخذ مني عينات وسلمها لها واتفقنا أنا والتاجرة على الأسعار.. وكنا متفقين أن السعر يسلم دفعة واحدة ولما جهزت البضاعة كلها قالت ليس معي غير ثمانين ألف جنيه مصري وبعد كم ساعة قالت لا ليس معي غير خمسين ألف جنيه مصري كلمت صاحبي الذي عرفني بها قال لي الأمر عندي ولا تقلق قلت موافق.. لما أرسلت لها البضاعة قالت لي ليس معي غير تسعة وأربعين ألف جنيه مصرى قلت لا بأس لأني رأيتها امرأة ماشاء الله تلبس النقاب وملتزمة وكانت ماشية عمرة ومتعسرة في الفلوس , قلت لا بأس طالما أنها ملتزمة وقالت لى معك بنتى ستعطيك باقى فلوسك في يومين أو ثلاثه على أكثر تقدير وأخذت الفلوس ومشيت ولما رحت لبلدي كلمنى رقم غريب ورددت فإذا به التاجر الذي هى باعت له البضاعة قال لى أنا تائه فى الموديلات لأنهم كانوا حوالى 46 موديلا وكل موديل بسعر وقال لي تعالى بسرعه ونحن في موسم وأنا كلمت بنت التاجرة وقالت لي كلمه سافرت له وبصراحة طلع الراجل فى منتهى الذوق معي وعرفته الموديلات والاسعار وأعطانى جزءا من الفلوس أعطانى عشرة آلاف جنيه مصرى.. ورجعت لبلدى تاني وبقيت عايز فلوس من بنت التاجرة قالت لي التاجر الذي باعت له أمي ما لم يحضر الفلوس كلمه أنت كلمته قال لى اصبر علي إلى أن أبيع بعض البضاعة وباع وأخذت منه فلوسا وبنت التاجرة أعطتني فلوسا أيضا أعطتني حوالي عشرة آلاف جنيه مصري حاليا لازال لي فلوس والكلام هذا من رمضان الفائت والتاجرة التي أخذت مني البضاعة جاءت من العمرة وراحت الحج وجاءت من الحج ولم آخذ بقية فلوسى وإلى الآن لي أكثر من عشرة آلاف جنيه مصرى من رمضان الفائت.. وأكلم التاجرة تقول لى ليس لك عندى شيء أنت عرفت التاجر وأخذت رقمه كلمه يعطيك فلوسك.؟؟ وأنا مسلمها هي البضاعة أصلا فى مكتبها.؟؟ وأنا سألت عن قانون السوق قالوا لي فلوسك عند الذي أخذ منك البضاعة أول مرة وأنت ما تعرف التاجر والتاجر عرف رقمي من بنت التاجرة أصلا..؟؟ حاليا شرعا فلوسى عند من التاجرة التي أخذت مني البضاعة أم التاجر؟ لأنني والله محتاج الفلوس هذه ضروري ولا أريد أن أدعو على أحد حتى يظهر لي رأي حضراتكم فلوسي عند من ولأنى بعد إذنكم سأطبع هذه الصفحة وأطلع عليها التاجرة وبعد هذا حسبى الله ونعم الوكيل.. آسف للإطاله وأرجو الرد فى أسرع وقت.. جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم ونفع بكم أمة المسلمين يارب العالمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تبقى لك من مال مقابل هذه الملابس هو دين على هذه التاجرة يلزمها أداؤه إليك؛ لأن عقد البيع تم بينك وبين التاجرة فيجب عليها دفع ثمن الملابس إليك.
ولكن ما وقع بينكم من قبضك لجزء من المال من التاجر يحتمل أمرين:
الأول: أن يكون ذلك على سبيل الوكالة من التاجرة للتاجر في قضاء جزء من ديونها، وفي هذه الحالة فالواجب على هذه التاجرة قضاء باقي الدين ولا تعلق لك بالتاجر في قضاء دينك.
الثاني: أن تكون التاجرة قد أحالتك على التاجر، ويشترط لصحة الحوالة رضا المحيل، وتماثل الحقين في الجنس والصفة والحلول والتأجيل، وأن تكون على دين مستقر، وأن تكون بمال معلوم، ويشترط لصحة الحوالة أيضا رضا المحال على مذهب الحنفية والمالكية والشافعية. وأما الحنابلة فلا يوجبون رضا المحال، بل يجبر المحال على القبول، إذا كان المحال عليه مليئا غير جاحد ولا مماطل.
وعليه، فإذا كنت رضيت بالحوالة انتقل حقك إلى التاجر، ولا يجوز لك مطالبة التاجرة بباقي المبلغ لأن مقتضى الحوالة انتقال مالك من الدين من ذمة التاجرة إلى ذمة التاجر.
وإذا صحت الحوالة بشروطها وبرضاك ثم ماطل التاجر أو أعسر فقد اختلف الفقهاء في ذلك، فمذهب الشافعية والحنابلة أن المحال لا يرجع إلى المحيل ولا يحق له مطالبته، قال ابن قدامة في المغني (4/338-339) : إذا ثبت أن الحق انتقل، فمتى رضي بها المحتال، ولم يشترط اليسار، لم يعد الحق إلى المحيل أبدا، سواء أمكن استيفاء الحق، أو تعذر لمطل أو فلس أو موت أو غير ذلك. وهذا قول الشافعي. وعن أحمد ما يدل على أنه إذا كان المحال عليه مفلسا، ولم يعلم المحتال بذلك، فله الرجوع، إلا أن يرضى بعد العلم، ونحوه قول مالك، وقال أبو حنيفة: يرجع عليه في حالين ; إذا مات المحال عليه مفلسا، وإذا جحده وحلف عليه عند الحاكم، وقال أبو يوسف ومحمد: يرجع عليه في هاتين الحالتين، وإذا حجر عليه لفلس. اهـ بتصرف.
وينبغي أن يعلم أن مسائل النزاع لا يرفعها إلا قضاء القاضي الشرعي أو بالتحكيم الشرعي إن لم توجد ببلدكم محاكم شرعية.
وننصح هذه التاجرة بالمسارعة في أداء باقي المال لك إن لم تكن الإحالة قد تمت، ونذكرها بما في الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مطل الغني ظلم. والمطل منع قضاء ما استحق أداؤه، ونصَّ العلماء على أن الغني إذا تكررت منه المماطلة فإنه يفسق وترد شهادته. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 23727.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1429(12/7650)
إحالة المدين على بنك ربوي وانتفاع الفقير بالفائدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرض عليكم حالتي حتى يمكنكم إجابتي وأنتم على بينة، أنا جزائري أبلغ من العمر 33 سنة متزوج وأب لي بنت، وليس لي مسكن مع أن السكن موجود ولكن بتقسيم غير عادل, فقمت بشراء سيارة بالتقسيط مع المؤسسة التي أعمل معها دون فوائد وبتخفيض 10 %من المبلغ الإجمالي للسيارة بعد أن دفعنا القسط الأول, تراجعوا عن كلامهم وحولوا ملفاتنا إلى أحد البنوك الربوية لأنهم يرون أنها عملية متعبة بانتزاع المستحقات شهريا من كشف الراتب, فأقرضنا البنك بالقسط الثاني مع فائدة تقدر بي 1000 يورو فلم أجد ما أفعل إلى أنني طلبت من أبي المتقاعد أن يعطيني 1000يورو الموجودة في حسابه الجاري القديم والناتجة من الفوائد الربوية والتي لا يمكنه التصرف بها والتي تبلغ 1000يورو بمعنى أتخلص من الربا بالربا، وكانت نية شراء السيارة لأبيعها وأقبض مبلغا إجماليا لشراء مفتاح سكن. فبأي شيء أجبتم أخذت به وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك لم تبين لنا الوجه الذي تم به تحويل ملفاتكم إلى البنك، أهو لأن المؤسسة التي تعمل بها مدينة للبنك بثمن السيارة، وبالتالي أحالته بما له عليها بما لها عليكم؟ أم أنها أرادت منه أن يقوم عنها بتسديد ثمن السيارة ليأخذه منكم مع فائدة ربوية؟ أم أنها وكلته على الأخذ منكم وستتحاسب معه فيما بعدُ؟
وعلى أية حال، فإن ما أقدمت عليه المؤسسة التي تعملون بها من إحالة ملفاتكم إلى بنك ربوي، وما قام به البنك من زيادة ما ترتب في ذمتكم لا يجوز. لأن المتعامل بالربا يؤذن بالحرب مع الله ورسوله، كما قال الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. [البقرة: 278-279] .
ولأن الدين المحال به والمحال عليه إذا لم يكن أي منهما قد حل لزم من ذلك بيع الكالئ بالكالئ، وهو حرام.
وعليه، فإذا كنت تستطيع فسخ هذه العملية واسترجاع ما كنت قد دفعته، فذلك هو المتعين.
وإن كنت مجبرا على إتمام الصفقة مع البنك ولا تستطيع التخلص منها، فلا حرج عليك في إتمامها معه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، كما في سنن ابن ماجه وصحيح ابن حبان.
وأما الألف التي ذكرت أنها في حساب أبيك وأنها حاصلة من الفوائد الربوية، فإنها مال خبيث يجب صرفه في مصالح المسلمين العامة ومنها صرفه للفقراء والمساكين المحتاجين، فإذا كنت أنت فقيرا محتاجا فلا مانع من أخذك لها واستعانتك بها بوصف الفقر. وإن لم تكن فقيرا فليس لك أن تأخذها وعلى أبيك أن يبادر بسحب أمواله من المؤسسات الربوية قبل أن يفاجئه الأجل وهو في حرب مع الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1427(12/7651)
حكم جحد المحال عليه الدين الذي للمحيل
[السُّؤَالُ]
ـ[أطلب على شخص مبلغا من المال فحولني على آخر وقبلت الحوالة إلا أن الآخر بعد مطالبته رفض أن يكون الأصيل يطلبه هذا المبلغ أو قد يطلبه جزء منه أرجو إيضاح الحكم الشرعي في ذلك وهل يمكن أن أعود للأصيل أرجو إيضاح هذا النوع من المعاملات وما هو موقف المحكمة الشرعية من ذلك؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا النوع من المعاملات يسمى عند الفقهاء بـ "الحوالة".
وقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في بيان مشروعيتها وأدلتها، وهي برقم: 4491، ويشترط لصحتها شروط منها رضا المحيل ورضا المحتال وثبوت الدين اللازم، والصيغة، وفي بعض هذه الشروط خلاف.
وأما إذا جحد المحال عليه أن للمحيل دينا عليه بعد توافر شروط صحة الحوالة التي منها ثبوت دين لازم، فقد اختلف الفقهاء في ذلك، فمنهم من قال بلزوم الحوالة على المحال عليه وإن جحد أو أفلس حين الحوالة.
قال خليل في مختصره: ويتحول حق المحال على المحال عليه وإن أفلس أو جحد.
وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه إذا أنكر المحال عليه حلف ورجع المحتال على المحيل.
ومن الفقهاء من قال: إذا جحد لا يرجع المحتال على المحيل إلا إذا أقام المحال عليه بينة ببراءة ذمته.
وعلى كل، فنحن ننصح السائل الكريم بالرجوع إلى المحكمة الشرعية، لأن حل هذه القضية يحتاج إلى حكم قاض وليس إلى فتوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1425(12/7652)
شرعية الحوالة، وعدم اشتراط رضى المحال عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أود السؤال عن الحوالة من باب المعاملات مالدليل على ان الحوالة ثابتة في القرآن الكريم؟ وهل يجوز للمحال عليه بالدين أن يرفض أن يسلم الدين للمحال وهو الشخص الذي أحاله المحيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحوالة ثابتة بالسنة وإجماع المسلمين فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مطل الغني، ظلم ومن أتبع على مليء فليتبع " متفق عليه، وفي رواية لأحمد ":ومن أحيل على مليء فليحتل"، وانعقد إجماع المسلمين على مشروعيتها، نص على ذلك غير واحد من أهل العلم منهم ابن قدامة في المغني.
وأما القرآن فليس فيه ما يدل بالنص على الحوالة غير أنها داخلة في عموم قوله الله تعالى: (وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب) [الحشر: 7] .
وأما قولك: هل يشترط في المحال…..إلخ فإن كان قصدك: هل يجوز للمحال عليه أن يرفض تسليم الدين للمحال؟ فالجواب أنه ليس له ذلك، لأن الحوالة عقد ملزم له، ليس له أن يرفضه إلا إذا أثبت أن فيها ضرراً عليه، أو أن بينه وبين المحال عداوة قد تدفعه إلى أن يستخلص منه الحق بطريقة غير لائقة أو نحو ذلك. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/7653)
الوكيل لا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط
[السُّؤَالُ]
ـ[أستاذنا الفاضل
سؤالي: زوجي حصلت له ظروف صعبة وانفصل عن العمل لفترة ونحن في الغربة، فقررت أن أساعده بأن أعرض خدماتي في المنتديات النسائية، الطريق هي أن يطلبوا بضاعة مهما كانت من مستلزمات وأنا أحدد لهم السعر مع كل المصاريف: الشحن وربحي، وبعدها يبعثون لي المبلغ في حسابي وأنا أشتري البضاعة من المواقع وتصل لبيتي، وأشحنها أنا وزوجي لهم في بلادهم. والحمد لله كان فيه ربح لي ورضى المشترية ولكن في مرة طلبت مني سيدة ملابس وحقائب من 3 مواقع، ولكن اثنين من هذه المواقع كانا محتالين وسرقوا المال الذي شرينا به البضاعة ولم تصلني البضاعة إلا من موقع واحد، ولما أبلغت السيدة قالت: ما دخلي أريد الفلوس حقي. وأنا حكيت لها ظرفي وقلت لها ما ذنبي، ولكنها لم تهتم، وأصرت على الفلوس وقال لي زوجي إننا سندبر المبلغ، ودبرنا المبلغ وبعثنا لها الفلوس، ولكن للأسف لم تصل إليها وصارت مشاكل في المصرف ولم يجلبوا لنا الملبغ ولم يصل للسيدة، وهي مازالت تطالبنا بالمال نحن خسرنا الكثير رغم أننا ليس لنا ذنب لأنها هي التي اختارت المواقع ليس أنا.
فما نصيحتك هل يجب علي إرسال المبلغ مع كل هذا أو المفروض نتقاسم الخسارة معا أو من المفروض أن أعوضها لأنه ليس ذنبي؟
مع العلم أن ظروفنا صعبة جدا ونحن في غربة، وأنا متأخرة في الحمل ولم أستطع العلاج لأن ظروفي المادية ضعيفة جدا.
أريد الحكم الشرعي وبارك الله فيك؟
أتمنى أن تجيبني لأن إجابتك تهمني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر لنا من كلامك أن حكمك حكم الوكيل، حيث إن من يرغب في شراء بضاعة معينة من موقع ما يوكلك في شراء هذه البضاعة، ويعطيك ثمنها مع مصاريف الشحن، كما يعطيك أجرك المتفق عليه، والوكيل لا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: اتفق الفقهاء: على أن الوكيل أمين، لا ضمان عليه فيما تلف في يده بغير تفريط ولا تعد، لأنه نائب عن المالك في اليد والتصرف، فكان الهلاك في يده كالهلاك في يد المالك، فأصبح كالمودع. اهـ.
وعلى هذا لا يلزمك ضمان هذا المال ما دام لم يقع منك تفريط، وإن تبرعت بضمان هذا المال فهذا من تفضلك، فننصحك أن تجتهدي في متابعة هذا المال الذي أرسلته عبر المصرف ويجوز لك أخذه، وإن طابت نفسك بإرساله للسيدة المذكورة فلا حرج في ذلك.
وننبهك إلى أنه يشترط لجواز عملك هذا أن تكون السلع التي تتوسطين في بيعها من السلع المباحة شرعاً.
ونسأل الله سبحانه أن يفرج كربكما، وأن يقضي ديونكما، وأن يرزقكما ذرية طيبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1430(12/7654)
استشيري زوجك بشأن التصرف بهذا المال
[السُّؤَالُ]
ـ[خالي يصنع لي حجرة نوم ثمنها 12000 جنيه مصري، وقالت لي والدتي سأقول له يخليها 11500 ممكن أعطيها 500 مع العلم أن زوجي لا يعلم بهذا وهي تحتاج ولو أعطيتها أحيانا لكي تستطيع أن تطبخ لأنها تثير شفقتي، تستلف من أحد لكي تأكل وتتعالج. الرجاء أفيدونى بسرعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد تملكت هذا المال الذي ستدفعينه، سواء من زوجك أو من غيره، فلا مانع من أن تعطي منه أمك. أما إن كان ما ستدفعينه من مال زوجك وإنما جعل لك التصرف فيه على سبيل الوكالة لا التملك، فلا يخلو الأمر حينئذ من إحدى حالتين:
الأولى: أن يكون عقد استصناع الغرفة قد تم بينك وبين خالك وأصبح لازما ثم خفض خالك من الثمن، فحينئذ يجوز لك التصرف فيما خفضه من الثمن؛ لأنه يكون هبة مباحة لك من خالك.
الحالة الثانية: أن يكون ما خفضه خالك من الثمن قبل لزوم العقد؛ أي في مجلس العقد (خيار المجلس) أو في مدة خيار الشرط، أو قبل العقد، فحينئذ لا يجوز لك التصرف المذكور في السؤال؛ لما نص عليه أهل العلم من أن الوكيل إنما يتصرف بما هو أحظ وأنفع لموكله. وحينئذ يكون الطريق المشروع لما تريدينه أن تستأذني زوجك وتذكريه بفضل الصدقة على المحتاجين، وتبيني له حاجة أمك وما قامت به من إحسان في سعيها لخفض خالك من ثمن الحجرة، فإن وافق فبها ونعمت، وإن كانت الأخرى فالحق له.
جاء في كشاف القناع عن متن الإقناع: (ولو باع له وكيله ثوبا) أو نحوه (فوهب له) أي للوكيل (المشتري منديلا) بكسر الميم أو نحوه (في مدة الخيارين فهو) أي المنديل (لصاحب الثوب) نص عليه (لأنه زيادة في الثمن) في مدة الخيارين (فلحق به) أي بالثمن وكذا عكسه وعلم منه أنه لو وهبه شيئا بعد مدة الخيارين أنه للموهوب له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(12/7655)
حكم توكيل الغير بشراء بضاعة مقابل أجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعمل في مجال شراء وبيع الهواتف، طريقة الشراء تكون علي النحو التالي: أتعامل مع شخص أرسله إلى محل معين في مدينة ثانية حيث إني في البداية أتصل بالمحل وأحدد الأنواع والأسعار، ثم أبلغ الشخص الذي سأرسله بالأنواع والأسعار وأسلمه جزءا من المال من قيمة البضاعة (الثلث تقريبا) على أن أكمل له بقية المال بعد أن يأتيني بالبضاعة وأسدد له البقية بعد بيع الهواتف مع إضافة مبلغ معين على كل هاتف (أجرة السفر وأتعابه) مثال ذلك: أتفق مع المحل بالاتصال الهاتفي على شراء 10 هواتف بسعر 1000 دولار
أبلغ الشخص الذي سأرسله بالأنواع وبسعر الشراء وأني سأسلمه على كل هاتف يأتيني به مبلغ 10 دولار
وأسلمه مبلغ 400 دولار ثم لما يأتيني بالهواتف وأبيعها أسلمه مبلغ 700 دولار (تشمل أسعار الهواتف ونصيبه) . فهل هذه الطريقة في التعامل مع الشخص المرسل شرعية.؟ وإذا كانت هذه المعاملة شرعية هل يجوز لي أن أحمله مسؤولية الهواتف في الطريق يعني إذا وقعت أو سرقت الهواتف منه أو ضاعت هو يتحمل المسؤولية ويشتري لي هواتف أخري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المعاملة لها احتمالان:
الأول: أن يكون الشخص المذكور وكيلاً عنك بأجرة معلومة، وهي كما في السؤال 10 دولارات لكل هاتف، وأخذ الأجرة على الوكالة لا بأس به.
جاء في الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أن الوكالة قد تكون بغير أجر، وقد تكون بأجر، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمران ... وإذا اتفق الموكل والوكيل على الأجر وجب الأجر اتفاقاً. انتهى.
وهذه الأجرة يستحقها الوكيل بتسليم البضاعة، كما جاء في الموسوعة: يستحق الوكيل الأجرة بتسليم ما عهد إليه بتنفيذه إلى الموكل إن كان مما يمكن تسليمه ... فمتى سلمه إلى الموكل فله الأجرة المتفق عليها. انتهى. وعلى ذلك فلا يصح تحميله مسؤولية الهواتف أثناء الطريق، إلا إذا تعدى وفرط، لأنه أمين والأمين لا يضمن إلا في حالة التعدي.
جاء في الموسوعة: الوكيل أمين، وذلك لأنه نائب عن الموكل في اليد والتصرف، فكانت يده كيده، والهلاك في يده كالهلاك في يد المالك كالوديع. وعلى هذا لا يضمن الوكيل ما تلف في يده بلا تعد، وإن تعدى ضمن وكل ما يتعدى فيه الوكيل مضمون عند من يرى أنه تعدى. انتهى. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 70372.
والإشكال في هذا التوصيف مع واقع ما يجري أنه مع كونه وكيلاً فهو مقرض، يقرض السائل ما يبقى من ثمن البضاعة التي وكل بشرائها، وهي كما في السؤال تقارب ثلثي الثمن، وهذا القرض مقرون، بمقتضى الاتفاق الذي بينكما باستحقاقه أجرة الوكالة فكأنه اشترط عليك توكيله مقابل إقراضك، وهذا من النفع الذي يفسد القرض، فإن القاعدة أن كل قرض جراً نفعاً فهو ربا.
وجاء في الموسوعة: قد يعرض للاستقراض ما يخرجه عن الجواز كحرمة الاستقراض بشرط نفع للمقرض. انتهى.
والاحتمال الثاني: أنه شريك لك بحصته من ثمن البضاعة مضاربة، وفي هذه الحالة لا يجوز أن يُقطع له قدر معين من الربح كالدولارات العشرة في السؤال، بل لا بد من الاتفاق على نسبة شائعة من الربح، وفي هذه الحالة أيضاً لا يضمن (أي لا تحمله مسؤولية الهواتف أثناء الطريق) إلا إذا فرط فإنه شريك ويده يد أمانة.
جاء في الموسوعة: اتفق الفقهاء على أن يد الشريك يد أمانة بالنسبة لمال الشركة أياً كان نوعها، لأنه كالوديعة مال مقبوض بإذن مالكه، لا ليستوفي بدله ولا يستوثق به، والقاعدة في الأمانات أنها لا تضمن إلا بالتعدي أو التقصير وإذن فما لم يتعد الشريك أو يقصر فإنه لا يضمن حصة شريكه، ولو ضاع مال الشركة أو تلف. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1430(12/7656)
الوكيل هل له أخذ مال من الطرف الثاني دون إذن موكله
[السُّؤَالُ]
ـ[تعاقدت مع شركة مقاولات بوظيفة مهندس تصميم وتسعير للمشاريع، ومن خلال خبرتى طلب مني إحضار أفضل عروض سعر من موردين للمشاريع التى أقوم بتصميمها لأني الوحيد الذي لديه خبرة فى هذا المجال بالشركة وقادر على إجراء مقارنات فنية بين الأسعار, ثم عرض علي أحد الموردين (هذا المورد يحصل منا على مشاريع كثيرة دون مقابل) الذين نتعامل معهم بنسبة أو مبلغ ثابت عن أي أمر توريد يحصل عليه من إدارة المشتريات التي تفاضل بين العروض التي أرسلها إليهم, وقال إن هذا من قبيل السمسرة, مع العلم بأني أجمع أفضل الأسعار من كل الموردين وأرسل كل البيانات لإدارة المشتريات وليس لي دور فى الاختيار العبرة لأفضل الأسعار, وأن جمع الأسعار من الموردين ليس من نطاق عملي بل هو مسؤولية إدارة المشتريات لكني ارتضيت أن أقوم به دون مقابل إضافي لمصلحة الشركة ويجوز لي أن أتخلى عنه دون أي تأثير سلبي على راتبي. فهل لي أن أقبل نسبة أو مبلغا ثابتا من المورد دون أي تسهيلات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأنت يا أخي الكريم لم تخرج عن كونك وكيلاً لشركتك، حتى وإن كان العمل المشار إليه خارجاً عن نطاق عملك ولن تتقاضى عليه أجراً إضافياً، فما دمت قد ارتضيت ذلك فأنت وكيل لها فيه، ومعلوم أن الوكيل لا يحل له أخذ زيادة من الطرف الآخر إلا بإذن موكله، وعلى ذلك فلا يحل لك أخذ مبلغ من المورد لدخول ذلك في هدايا العمال المنهي عنها، وانظر في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 49948، 17863، 46535.
أما أخذك للسمسرة فمجالها فيما إذا لم تكن وكيلاً لشركتك، أو أذنت لك إدارتها في الأخذ، وانظر الفتوى رقم: 49948. وبشأن كون السمسرة نسبة ثابتة راجع في ذلك الفتوى رقم: 50615.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1430(12/7657)
أحكام تتعلق بالوكيل عن غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن 7 إخوة 5 ذكور وبنتان وكلنا متزوجون قمنا بمنح عقد وكالة لأخينا الأكبر المتقاعد لاستغلال الأرض الفلاحية، والتي تحتوي على بستان من أشجار مثمرة، وأرض صالحة للزراعة وجزء صغير ـ أرض بورـ والاستفادة من مختلف الخدمات الفلاحية التي تقدمها الدولة، فهل يجوز لنا أن نطالبه بالنقود التي يكسبها من كراء الأرض البور والتي لا يبذل أي جهد فيها لاستغلالها؟ ونفس الشيء بالنسبة للبستان والأرض الصالحة للزراعة، بحيث يستفيد من كرائهما أو بيع ثمارهما، إذ يبذل مجهودا نتيجة استغلالهما ـ سواء من ماله الخاص أو مجهوده العضلي المتعب؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الأرض ملكاً لكم ووكلتم أخاكم الأكبر في إدارتها والقيام عليها، فمعنى الوكالة أن يقوم أخوكم بالنيابة عنكم بإدارة هذه الأراضي واستغلالها لمصلحتكم، فإن منافع هذه الأرض ملك لأصحابها لا لمن وكلوه في القيام عليها، ومقتضى الوكالة التزام الوكيل بنصوص عقد الوكالة، كما يجب أن يعمل الوكيل بالأحظ للموكل، ولا يجوز للوكيل أن يستغل ممتلكات الموكل لمصلحته الشخصية، فلا يحق لأخيكم أخذ شيء من هذا الأموال؛ إلا أجرالوكالة، وقد فصلنا أحوال استحقاق الوكيل للأجر في فتوانا رقم: 127318.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما ملخصه: تتعلق بالوكيل أحكام، منها:
الأول: أن يقوم الوكيل بتنفيذ الوكالة في الحدود التي أذن له الموكل بها، أو التي قيده الشرع أو العرف بالتزامها.
الثاني: موافاة الموكل بالمعلومات الضرورية وتقديم حساب عن الوكالة.
الثالث: رد ما للموكل في يد الوكيل. اهـ.
وعلى هذا فالنفقات المتعلقة باستغلال هذه الأراضي يجب أن تكون من أموالكم لا من ماله الخاص، وأما عمله فيها إذا كان عملاً آخرغير العمل الذي تقتضيه الوكالة فيستحق عليه أجرة مثله إن أذنتم له بالعمل، وراجع حكم تأجير الوكيل نفسه في الفتوى رقم: 105751.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1430(12/7658)
هل يجوز للوكيل أن يأخذ أجرا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن آخذ من إنسان أعطاني مبلغا لكي أشتري له شيئا جزءا من ذلك المبلغ بعد شراء الحاجة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكمك مع من أعطاك مبلغاً لشراء شيء معين هو حكم الوكيل، والوكالة قد تكون بأجر أو بدون أجر، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما نصه: اتفق الفقهاء على أن الوكالة قد تكون بغيرأجر، وقد تكون بأجر. انتهى.
فإذا كانت الوكالة بدون أجر -كما قد يفهم من سؤالك- فلا يجوز لك أن تأخذ شيئاً من هذا المبلغ إلا أن تطيب نفس صاحب هذا المبلغ بإعطائك شيئاً منه، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما ملخصه: يجب على الوكيل أن يرد ما في يده لموكله من مال وغيره، لأن ما في يد الوكيل للموكل أمانة، والوكيل أمين، وهو ملزم برد الأمانة إلى صاحبها. انتهى.
أما إذا كانت الوكالة بأجر فلك أن تطالب بالأجر المتفق عليه، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما نصه: وإذا اتفق الموكل والوكيل على الأجر وجب الأجر اتفاقاً. انتهى.
وإذا كنت ممن تعمل مثل هذا العمل بأجر في العادة ولكن لم تتفق على أجر معين، ففي هذه الحالة تستحق أجرة المثل، قال علي حيدر في درر الحكام: إذا لم يشترط في الوكالة أجرة ولم يكن الوكيل ممن يخدم بالأجرة كان متبرعاً، وليس له أن يطلب أجرة، أما إذا كان ممن يخدم بالأجرة يأخذ أجرالمثل ولو لم تشترط له أجرة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1430(12/7659)
الزيادة في يد الوكيل ترجع للموكل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل على شباك بريد في المعبر، وأقوم بقطع شيكات عبور للمواطنين، يدفع المواطنون أحيانا بعملات متعددة وأقوم بصرفها، فتكون هناك زيادة في السعر، لأنني أشتري بسعر أقل بقليل من السوق خوفا من الانخفاض المفاجئ للأسعار، فهل يجوز لي أن آخذ الفرق في السعر لي شخصيا؟ علما بأن الحكومة لا تعطيني ساعات إضافية نهائيا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تأخذ فارق السعر لنفسك، لأنك وكيل عن الجهة الحكومية التي عينتك هناك، وليس لك أن تتصرف بخلاف ما أمرتك به، أو تأخذ من مالها ما لم تأذن لك فيه، وكونها لا تعطيك عملا إضافيا لا يبيح لك أن تعتدي على ما ائتمنك عليه من مالها. وللفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 248، 1157، 14538.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1430(12/7660)
ليس للوكيل في الشراء أخذ مبالغ زائدة على ما اتفق عليه موكله مع البائع دون إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل محاسبا بشركة، وطلب مني شراء بضاعة لفرع الشركة الرئيسي، واتفقت الشركة على السعر 4200 وعندما ذهبت بالمبلغ لشراء البضاعة قام البائع مجاملة لي بعمل خصم 200 وأعطاها لي كعمولة دون تغيير في البضاعة، وقام بعمل الفاتورة بمبلغ 4200 في حين أنه أخذ 4000 فقط. فهل هذا المبلغ حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أخذ ذلك المبلغ لأنك وكيل عن الشركة في الشراء، فليس لك أخذ جزء من الثمن إلا بإذن الشركة. والزائد عما أخذت به البضاعة يلزمك رده ما لم يأذنوا لك في أخذه كما بينا في الفتاوى التالية أرقامها: 55480، 14008، 68739.
وكتابة البائع لثمن غير حقيقي حتى لا يظهر ما أخذته مما بقي عندك غش وخداع، فعليك أن تخبر الشركة بما كان فإن أذن لك من هو مخول بالإذن في أخذ الباقي فلك أخذه وإلا فلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(12/7661)
حكم محاسبة الموظف للشركة بسعر السنترال وأخذ فرق السعر له
[السُّؤَالُ]
ـ[نعمل في شركة خاصة ونحتاج في كثير من الأوقات إلى استخدام الهاتف الخلوي من ـ سنترال ـ قريب من الشركة، وتقوم الشركة بالحساب على تعريفة شراء الدقيقة المعروف ـ بالسنترال ـ 50 قرشا للدقيقة، لكن أحياناً لا نكون قريبين من ـ سنترال ـ ولا يوجد تليفون محمول قريب نستأجره ويحتاج العمل إلى استخدام هاتف محمول فنضطر لاستخدام هاتفنا الشخصي في المكالمات الخاصة بالعمل، فهل لنا أن نحاسب الشركة على هذه الدقائق وفقاً لتعريفة بيع الدقيقة ـ بالسنترال ـ العادي 50 قرشا؟ علماً بأن تعريفة الدقيقة بهواتفنا المحمولة ـ 20 قرشا فقط ـ وتقل عن سعر تعريفة بيع الدقيقة ـ بالسنترال ـ50 قرشا، ومعلوم أن ـ السنترال ـ يحقق أرباحاً من المكالمة.
أرجو الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لكم محاسبة الشركة على هذه الدقائق بسعر السنترال وأخذ فرق السعر لمصلحتكم إلا إذا أذن أصحاب الشركة لكم في ذلك، لأن حكمكم مع الشركة التي تعملون بها حكم الوكيل، والوكيل في الشراء لا يجوز أن يشتري من نفسه لموكله إلا إذا كان مأذوناً له من قبل الشركة أن يشتري من نفسه، وراجع في تفصيل ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 80662، 97789، 112977، فلا يجوز لكم أن تشتروا هذه الدقائق من أنفسكم للشركة إلا بإذن أصحاب الشركة.
وبالنسبة للسعر الذي تحسب به تلك المكالمات، فهو إما أن تكون الشركة راضية بسعر السنترال، أو تتصالح معها على سعر محدد، فإن لم يوجد شيء من ذلك، فإن من حقك أن تحصل على سعر المثل، وقد يكون هو سعر السنترال، أو أكثر، أو أقل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1430(12/7662)
يجب سداد الزائد من المال لصاحب الشأن
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفادتي عن الحكم فى الآتي: نقوم نحن بالتجارة ـ استيراد وتوزيع ـ منتجات عدة: كالشيكولاته والمواد الغذائية، والشركات المنتجة لتلك المواد تقوم بتقدير نسبة من الإيرادات الجمركية تفوق ما نقوم فعليا بسداده، ونحتفظ بالفرق لدينا، فهل يجوز ذلك؟ مع وجود النية فى سداده للدولة فى حالة ما إذا طلبت منا ذلك مستقبلا، أم لا؟ أفادكم الله تعالى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لكم أن تحتفظوا بالزائد عما تسددونه من ضرائب جمركية، بل يلزمكم إعادته إلى الشركة التي وكلتكم في دفعه إلا أن تأذن لكم في تملكه والانتفاع به، لأن أخذكم إياه دون إذن منها يعتبرغشاً وخيانة، قال الله تعالى: وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ {البقرة:190} .
ونص على ذلك الشافعي في الأم، والبهوتي في كشف القناع، وابن نجيم في البحر الرائق، وغيرهم، فأخذكم للزيادة إذن غير صحيح، لما ثبت من حديث عروة بن الجعد البارقي عند مسلم وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسله بدرهم ليشتري له به شاة، فاشترى به عروة شاتين، ثم باع إحداهما بدرهم، ودفع الشاة والدرهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأقره على ذلك.
ولو كانت الزيادة من حقه لدفعها إليه النبي صلى الله عليه وسلم.
قال صاحب الكفاف:
وإن يزد فالزيد للموكل * لا لوكيله الذي لم يعدل.
وللفائدة انظر الفتويين رقم: 27084، ورقم: 105285.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1430(12/7663)
اتفق الفقهاء على جواز الوكالة الخاصة واختلفوا في العامة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التوكيل العام؟ أم يحتاج إلى توكيل خاص؟ وهل يجوز التوكيل العرفى؟ أم يلزم توكيل رسمي؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي السؤال غموض حيث لم يبين السائل ماذا يريد التوكيل فيه، وعلى سبيل الإجمال نقول إن الأصل في الوكالة كونها جائزة، ولايلزم تسجيلها لدى الدوائر الرسمية وعملها وفق الإجراءات القانونية، ولكن الأولى فعلها كذلك حفظا للحقوق من الضياع، وهي تعني تفويض التصرف إلى الغير، ذكر هذا المعنى السرخسي في المبسوط، فقال ابن قدامة في المغني: كتاب الوكالة: وهي جائزة بالكتاب والسنة والإجماع. انتهى.
ومن أدلة الكتاب على جوازها، قول الله تعالى عن أهل الكهف: فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً {الكهف:19} .
فهذه وكالة.
ومن أدلة السنة ما رواه البخاري عن عروة البارقي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ديناراً يشتري له به شاة، فاشترى له به شاتين.
قال ابن قدامة في المغني: وأجمعت الأمة على جواز الوكالة في الجملة، ولأن الحاجة داعية إلى ذلك، فإنه لا يمكن كل واحد فعل ما يحتاج إليه فدعت الحاجة إليها. انتهى.
وللفائدة انظر الفتويين رقم: 80684، 35737.
والوكالة الخاصة لاخلاف في جوازها، وأما العامة ففي صحتها وقبولها خلاف بين أهل العلم.
جاء في كتاب الفقه الإسلامي وأدلته: تصح الوكالة العامة عند الحنفية والمالكية، لأنها تجوز في كل ما يملكه الموكل وفي كل ما تصح فيه النيابة من التصرفات المالية وغيرها، وقال الشافعي والحنابلة: لا تصح الوكالة العامة، لما فيها من عظيم الغرر، واتفق الفقهاء على جواز الوكالة الخاصة. انتهى.
وبناء عليه فالأولى أن تكون الوكالة خاصة لا عامة خروجا من الخلاف في صحة العامة.
ويصح التوكيل العرفي، قال المواق في التاج والإكليل: قد نصوا أن العرف يقوم مقام اللفظ بالوكالة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1430(12/7664)
لا يتصرف الوكيل إلا في حدود ما أذن له فيه موكله
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بإعطاء أحد الأشخاص بطاقتي واستخرج شريحة جوال وقام باستخدامها حتى أصبح علي مبلغ 1200ريال، وتم فصل الجوال وطلبت من الشخص تسديد المبلغ فقال إذا طلبوا منك المبلغ سأقوم بالتسديد، فطلبت منه مبلغ1200 وقام بدفعها لي، هل يجوز أن أسدد بهذا المبلغ فاتورة الجوال؟ أو أن أستخدم المبلغ وأقوم بتسديد الفاتورة من حسابي الخاص؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا السؤال يحتمل احتمالين أحدهما: أنك أنت المدين للشركة، وصاحبك إنما كان وكيلا عنك في سحب الشريحة باسمك، والآخر: أنه هو المدين لها وأنت ضامن له والظاهر ـ والله أعلم ـ هو الاحتمال الأول، لأن الشركة تعاقدت مع صاحب البطاقة فيما يبدو، وبناء عليه فلا حرج عليك في استخدام المبلغ وتسديد الفاتورة من حسابك أو تسديد الفاتورة بذلك المبلغ، لأن الشركة إنما أعطت الشريحة لصاحب البطاقة والرجل إنما هو وكيل عنك في سحبها فحسب فأنت المدين للشركة لاهو وهو مدين لك أنت، وقد برئت ذمته بأداء المبلغ إليك، فلك أن تتصرف فيه كيف تشاء، وأما إن كنت مجرد ضامن له فهو الأصيل في الدين وإن كانت ذمة كل منكما عامرة به حتى يؤدى، وما دفع إليك يلزمك سداد الدين به لتبرأ ذمته، وليس لك التصرف فيه دون إذنه، لأنك مجرد وكيل عنه في السداد وإيصال المبلغ إلى الشركة، قال ابن قدامة في المغني: ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله، من جهة النطق، أو من جهة العرف، لأن تصرفه بالإذن، فاختص بما أذن فيه. اهـ.
ولو تصرفت في المبلغ فأنفقته كله أو بعضه ضمنته، وكنت مخطئا بذلك التصرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1430(12/7665)
التوكيل جائز في البيع والشراء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز توكيل شخص لبيع ذهبي من غير حضوري لمجلس البيع، حيث إنه سوف يقبض الثمن من البائع ثم يشترى ذهبا آخر منه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في أن يوكل الشخص الذي يصح تصرفه شخصاً آخر فيما يريده من بيع أو شراء ما يجوز بيعه.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: اتفق الفقهاء على جواز التوكيل في البيع والشراء، لأن الحاجة داعية إلى التوكيل فيهما، فقد يكون الموكل ممن لا يحسن البيع والشراء، أو لا يمكنه الخروج إلى السوق، وقد يكون له مال ولا يحسن التجارة فيه، وقد يحسنها ولكنه لا يتفرغ لذلك، وقد لا تليق به التجارة لكونه امرأة، أو ممن يتعير بها ويحط ذلك من منزلته، وأباحها الشرع دفعا للحاجة وتحصيلا لمصلحة العباد. اهـ.
ولا حرج في بيع الذهب بالنقود وشراء ذهب جديد بالنقود بشرط التقابض في المجلس، ولا فرق بين قبض الشخص المالك نفقة وبين قبض وكليه نيابة عنه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 114090.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1430(12/7666)
بيع معدات الشركة بأقل من ثمنها محاباة للمشتري خيانة للأمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن شركة سعودية أجنبية مشتركة، يديرها مدير عام بريطاني حسب قوانين الشركة، تقوم الشركة من وقت لآخر ببيع معدة أو أكثر مستعملة - سكراب - وشروط البيع أن يحصل المدير العام على ثلاث تسعيرات رسمية ويعرضها على الإدارة للحصول على الموافقة بأعلى سعر ولكنه لا يفعل ذلك، ويوجد معنا موظف سعودي عندما يعلم بأن الشركة تبيع أي معدة يقوم بتقديم سعر أقل من نصف السعر بالسوق، ويوافق له المدير العام رغم علمه بأن هذا السعر منخفض جدا، ويطلب من هذا الموظف المشتري إحضار تسعيرتين أقل من تسعيرته حتى يحصل له على موافقة الإدارة، ويقوم المشتري بإحضار تسعيرتين غير رسميتين عن طريق أصحاب الورش، ويقدم المدير العام تسعيرة المشترى بالإضافة إلى التسعيرتين الأخريين للإدارة للحصول على موافقتها، وبالطبع توافق الإدارة مفترضة أن المدير يطبق النظام، والإدارة أيضا لا تعلم بأن هذا المشتري هو موظف لديها.
والسؤال: هل ربح المشتري حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا غش وخيانة وتعاون على الإثم والعدوان، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. {الأنفال:27} . وقال: وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ. {المائدة:2} . وقال صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا. رواه مسلم.
وليس لذلك المسؤول مسلما كان أوكافرا أن يبيع تلك المعدات إلا وفق شرط الشركة لأنه مجرد وكيل عنها، وما يفعله مع الموظف من تحايل وعرض أسعار وهمية هو من الخيانة للأمانة، وكذا إن كانت الإدارة هي التي تتولى البيع، لكن بناء على ما يعرضه ذلك المسؤول من الأسعار ففعله خيانة وغش لأنه كتم حقيقة الأمر وأخبرهم بخلاف الواقع متواطئا مع ذلك الموظف أو غيره، وهو ضامن للنقص في ثمن تلك السيارات.
قال في الشرح الكبير: فإن تعدى أو فرط ضمن وكذلك سائر الأمناء.
وفي دليل الطالب: فصل: وإن باع الوكيل بأنقص من ثمن المثل أو عن ما قدر له موكله أو اشترى بأزيد أو بأكثر مما قدره له صح وضمن في البيع كل النقص وفي الشراء كل الزائد. اهـ
وعلى الموظف المتواطئ معه أن يتوب إلى الله عز وجل من تلك الأفعال لما فيها من التعاون على الإثم والعدوان المنهي عنه ولا يعود إلى ذلك أبدا، وما كسبه مما اشتراه بتلك الحيلة المحرمة والخيانة الآثمة يعتبر كسبا خبيثا ومالا محرما، وهو ضامن لما وقع من نقص في الثمن لعلمه بتعدي الوكيل فهو مثله في الضمان لأنه حاباه في الثمن، والمحاباة هبة والوكيل لا يملك ذلك وهو على علم بما حصل بل شريك فيه. وللشركة الرجوع على أيهما شاءت.
جاء في التاج والإكليل شرح مختصر خليل: أصله في المدونة أنه يرجع أولا على الواهب إلا أن يعدم فيرجع على الموهوب إلا أن يكون عالما بالغصب فهو كالغاصب في جميع أموره، ويرجع على أيهما شاء فإن لم يرجعوا عليه بذلك صرف مثل قيمة ما حصل من النقص إلى الفقراء والمساكين تخلصا من الحرام ليطيب له ماله ويطهره من تلك الشائبة المحرمة.
وللمزيد انظر الفتويين: 32218، 59428.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1430(12/7667)
وكلته أخته في دفع الصدقة فأخذها لنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطتني أختي مبلغا من المال لأتبرع به، علما أن هذا المال هو نذر كانت قد نذرته ولكني رأيت نفسي محتاجا أكثر من غيري للمال بحكم كوني طالب علم جامعي فأخذت المال لنفسي.
فما حكم هذا الأمر؟ وجزاكم الله خيرا.
المبلغ يعادل حوالي 15 ريالا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت أختك قد نوت بهذا النذر جهة معينة، ولم تكن أنت داخلا في عموم هذه الجهة فلم يكن لك الأخذ من هذا المال، ومن ثم فهو مضمون منك يجب عليك صرفه في المصرف الذي أرادته أختك، وأما إن كانت لم تعين لصرفه جهة معينة، بل جعلته لعموم المحتاجين، أو عينته في جهة ما وكنت داخلا في عموم هذه الجهة، فقد كان الأولى بك ألا تأخذ منه لنفسك خروجا من خلاف من منع الوكيل من الأخذ ممّا وكل فيه لنفسه، وإن كان الراجح أنه لا حرج عليك في أخذ هذا المال لنفسك والحال ما ذكر، وانظر الفتويين: 10609، 97019.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1430(12/7668)
وكل في إصلاح حاسب المؤسسة فهل له أن يشتري حاسبا جديدا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف حكومي، قررت المؤسسة عندنا إجراء صيانة للحاسب بتكلفة معينة فقمت باستلام المبلغ.
فهل يجوز شراء حاسب جديد بهذا المبلغ فيه بعض القطع المستعملة بدلا من صيانة الحاسب، مع أن المواصفات للحاسب الجديد أفضل، ومع العلم أن الحاسب القديم بقي في محل الصيانة لأن تكلفة الصيانة أكبر من سعر الجديد الذي جلبته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكمك مع المؤسسة حكم الوكيل، والوكيل لا يجوز له التصرف إلا في حدود الوكالة، فالأصل أن تلتزم بما حددته المؤسسة من إجراء صيانة للحاسب، وإذا رأيت أن شراء حاسب جديد أفضل فعليك الرجوع إلى المؤسسة واستئذانها، وإذا خالفت حدود الوكالة واشتريت خلاف ما وكلت في شراءه، كان تصرفك موقوفاً على إجازة موكلك-جهة العمل.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: إذا خالف الوكيل فاشترى خلاف ما وكل في شرائه، فقد اختلف الفقهاء في حكم هذا الشراء. فذهب الحنفية إلى أن الشراء لا ينفذ على الموكل وإنما يلزم الوكيل، لأنه خالف أمر موكله فوقع الشراء له، ولا يلزم به الموكل، لأنه لم يأذن بهذا الشراء.
وذهب المالكية إلى أن الموكل مخير بين القبول وعدمه، فإن شاء قبل وإن شاء رد. فإذا رده وقع الشراء للوكيل لمخالفته ما أمر به موكله، ويجب عليه دفع الثمن من ماله هو. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1430(12/7669)
حكم منع الوكيل موكله من حقه الشرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[عائلة عملت وكيلا ولكن هذا الوكيل لا يعطي موكليه من حقوقهم إلا القليل جداً جداً جداً لأن هذا الوكيل واحد من الورثة الشرعيين ويقول هذا الوكيل: (بأن هذه التركة لا يحق لفئة من العائلة من الإرث وشرعيا وقانونيا يحق لهذه الفئة من التركة) ، فهل يوجد دعاء وما هو، وما الحكم الشرعي والقانوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوكيل لا يحق له منع موكله من حقه وإن فعل فله رفعه للقضاء لإلزامه بما يجب عليه وله عزله وتوكيل غيره، وكذا إن كان وصياً فليس له التصرف في مال الأوصياء بغير وفق المصلحة، وليس له منع أي صاحب حق ثابت له شرعاً من حقه، فإن أخل بمقتضى الوصية فيلزم عزله ورفعه للسلطان ليولي غيره أو يتولى هو ذلك بنفسه، إذ القاعدة هي أن تصرف الوصي في أموال القاصرين مبني على المصلحة، وللفائدة في ذلك انظر الفتوى رقم: 32551، والفتوى رقم: 52795.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(12/7670)
حكم تأخير إبلاغ الزبون عن وصول حوالته المالية
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا تأتينا حوالات من السعودية فنقوم نحن بتأخير إبلاغ الزبون عن قدوم حوالاته أي لا نقوم بتبليغه عن وصول الحوالة بسبب ضائق مادي لدينا وتستمر العملية لمدة يومين أو ثلاثة على أبعد تقدير، ولكن إذا قدم الزبون وبدون تبليغه نسلمه حوالته فوراً وبدون تأخير فهل هذا حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلاقة بينكم وبين صاحب الحوالة علاقة وكالة إن كنتم فرعاً للصرافة في البلد المرسل منه الحوالة، وإن كنتم غير ذلك فالوكالة بينكم وبين الصرافة المرسلة، وفي كل الأحوال يجب الالتزام بموجب العقد بينكم وبين صاحب الحوالة أو محل الصرافة، فإذا كان مقتضى العقد الإبلاغ الفوري فلا يجوز لكم تأخيره، وأما إذا لم يكن في العقد ما يلزم بذلك فلا حرج عليكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(12/7671)
وكل موظفا لمتابعة مناقصة له فطالبه بنسبة من المشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق مقاول، دخل في مناقصه لتنفيذ عمل ل شركة أجنبية، وأثناء إتمام الاجرءات تعرف على المترجم، ولأن هذه الشركة بعيدة عنه طلب منه المترجم أن يبقى في مكانه ويتصل به كلما طرأ جديد، وقد رست عليه المناقصة دون تدخل من طرف المترجم، إلا أنه ساعده في إتمام الاجرءات بالفعل.
والآن بدأ المترجم يطالبه بقيمة 2% من المشروع مقابل ما قدمه له من مساعدة.
فهل هذه القيمة تعتبر من باب الرشوة أوالابتزاز، علما بأنه لا يوجد اتفاق مسبق بذلك؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي اتضح من السؤال هو أن صاحبك قد وكل المترجم في متابعة أمر المناقصة، والأصل في الوكالة أنها من عقود الإرفاق، وليس للوكيل فيها أجرة ما لم يشترط ذلك أو يجر به عرف.
وبناء عليه، فإن كان العرف عندكم دفع تلك النسبة أونحوها للوكيل ونحوه لزم دفعها إليه، أودفع أجرة مثله حسب العرف والعادة، وبما أن المترجم قد بذل جهدا وخدمة، فينبغي تعويضه عن أتعابه ولو لم يجب له ذلك، ولا يكون من باب الرشوة أو نحوها. وللفائدة انظر الفتويين رقم: 6257، 20105.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1430(12/7672)
التصرف في الأموال العائدة من بيع أشياء تابعة لجمعية خيرية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم إفادتي في مايأتي:
قام فريق من الإخوة بجمع التبرعات من الناس لجمعية خيرية معينة، على أن تكون إدارة الجلسات وإعدادها، وإخراج الإعلانات، والمالية، كلها من قبل ذلك الفريق، كبيع مقاعد للمحاضرات الدينية مثلا، وسيكون توزيع الربح من الأموال المجموعة كالآتي: 50% من الربح لإدارة الجلسات، و30% منه للفريق، و20% للجمعية، وإذا تمكن الفريق من بيع المقاعد أو الكراسي المبينة أعلاه فستكون 50% من التبرعات للجمعية، أو الفريق، على حسب عدد المقاعد أو الكراسي المباعة.
هل هذا التعامل جائز شرعا، لأن التبرعات التي تجمع من الحضور، أو من المشترين من أجل خيرات الجمعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القائمين على الجمعيات الخيرية يعتبرون وكلاء عن المتبرعين وأمناء على أموالهم، فلا يجوز لهم التصرف في هذه الأموال إلا بما تقتضيه الوكالة صراحة أو عرفا.
وعليه؛ فإذا دفع المتبرع المال وصرح بمصرفه أو جهة استعماله لزم القائمين على الجمعية صرف المبلغ في تلك الجهة دون غيرها، ولم يجز لهم أخذ شيء منه نظير عملهم، ما لم يجر بذلك عرف الجمعيات، ولم يصرح المتبرع بالمنع منه، لأنه لا عرف مقابل التصريح.
وبالنسبة لطريقة تقسيم الأموال العائدة من بيع مقاعد المحاضرات ونحوها، فحكمه حكم ما تقدم من سائر أموال الجمعية، ليس للقائمين عليها الخوض في هذه الأموال إلا على وجه صحيح من شرط، أو عرف، وإلا كان ذلك خيانة وأكلا للمال بالباطل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1430(12/7673)
هل يطالب الوكيل بتعويض الخسارة إذا فرط في عمله
[السُّؤَالُ]
ـ[قريب سلمته مشروعا خاصا بي ليديره في غيابي وخصصت له حصة من المشروع، فشل المشروع بسبب إهماله وسوء إدارته وتغيبه الكثير عن الإدارة اليومية للمشروع. هل لي حق في طلب التعويض عن خسارتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ثبت أن الشخص الذي تسلم المشروع فرط في عمله، أو تعدى فيه فإنه ضامن للخسارة الناتجة عن تفريطه وتعديه، وراجع الفتوى رقم: 22651.
ويرجع في معرفة التفريط إلى بنود العقد أو العرف وتحكيم المختصين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1430(12/7674)
هل للموكل عزل من وكله وكيله
[السُّؤَالُ]
ـ[وكيل القصر وغيرهم على ميراث مورثهم إذا كان له حق التوكيل فوكل غيره لاستحصال نصيب مورثهم في تركة والده، وبعد ذلك تم فسخ وكالة وكيل هؤلاء القصر، فهل تستمر وكالة من تم توكيله من قبل هذا الوكيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 59473، حكم توكيل الوكيل فتراجع.
وحيث صح توكيل الوكيل فإن للموكل الأول عزل الوكيل الثاني إذ من ملك عزل الأصل ملك عزل الفرع بالأولى.
وعلى هذا، فإذا فسخت وكالة الوكيل الأول فسخت وكالة الثاني تبعا، وإنما يتازع العلماء في صحة عزل الوكيل الأول للوكيل الثاني بحسب عبارة الموكل الأول.
جاء في مطالب أولي النهى: وإن قال الموكل للوكيل وكل عنك أو احتاج لمعين صح ذلك، وكان الثاني وكيل فله عزله فينعزل بعزل الوكيل الأول وتبطل الوكالة بموته أي الوكيل، وإن قال الموكل وكل عني أو قال وكل ويطلق بأن لم يقل عنك ولا عني صح، وكان الثاني وكيل موكله، لا ينعزل بعزل الوكيل له ولا بموته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1430(12/7675)
هل يلزم الوكيل الإشهاد عند دفع المال إلى موكله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الوكيل مطالب بالكتابة وإشهاد الشهود على كل مبلغ يقوم بدفعه للورثة من إخوانه وأخواته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر من كلام أهل العلم أن الوكيل لا يلزمه الإشهاد عند دفع ما وكل في قبضه إلى موكله لأنهم نصوا على أنه لو أنكر الموكل القبض فالقول قول الوكيل مع يمينه، ولو كان الإشهاد واجبا عليه لضمن لتفريطه فيه، وقد نص الفقهاء أيضا على أن الوكيل أمين ويده يد أمانة وأنه يقبل قوله في تسليم المال إلى موكله، فإن أنكر موكله التسليم فالقول قول الوكيل مع يمينه.
جاء في حاشية ابن عابدين: وإذا ادعى الوكيل إيصال ما قبضه لموكله إما أن يكون دعواه في حياة موكله أو بعد موته وفي كل منهما يقبل قول الوكيل بيمينه لبراءة ذمته ... انتهى.
ومثله عند الشافعية فقد نصوا - كما في تحفة المحتاج- على أنه: لو ادعى الوكيل دفع ما قبضه إليه صدق الوكيل بيمينه. وكذا عند الحنابلة أيضا إذا كانت الوكالة بغير مقابل، وأما إذا كانت بمقابل وادعى الوكيل الرد وأنكرالموكل فلهم قولان، أحدهما: القول قول الوكيل، والثاني: قول الموكل، وفي هذه الحال إذا أشهد الوكيل في الرد إلى الموكل برئت ذمته.
وجاء في الموسوعة الفقهية: كل أمين ادعى إيصال الأمانة إلى مستحقها قبل قوله بيمينه، كالمودع إذا ادعى الرد والوكيل والناظر، وسواء كان ذلك في حياة مستحقها أو بعد موته، إلا في الوكيل بقبض الدين إذا ادعى بعد موت الموكل أنه قبضه ودفعه له في حياته لم يقبل قوله إلا ببينة.. انتهى.
وذكر بعض الفقهاء أن الوكيل إذا قبض المال بإشهاد لم تبرأ ذمته عند أدائه إلا بالإشهاد، قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيبًا {النساء:6} ، قال: كل مال قبض على وجه الأمانة بإشهاد لا يبرأ منه إلا بالإشهاد على دفعه؛ لقوله تعالى: فأشهدوا. فإذا دفع إليه بغير إشهاد فلا يحتاج في دفعها لإشهاد إن كان قبضها بغير إشهاد.. انتهى.
والذي نراه أنه لا يلزم الوكيل الإشهاد عند دفع المال إلى موكله لأنه أمين ائتمنه موكله فلا يقبل قول الموكل إذا خونه بعد ذلك، ولو أن الوكيل أشهد لكان أبرأ لذمته ولما احتاج إلى اليمين إذا خونه موكله.
والله أعلم. ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1430(12/7676)
حكم انتفاع وكيل الشركة بمالها دون علمها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي تعامل مع شركة معينة يعطوني بضاعة وأسدد وأرسل الفلوس عن طريق شخص اختارته الشركة وطلب مني هذا الشخص أن يسلم المبلغ المحول على دفعات إلى الشركة قلت له إنه لاعلاقة لي أنت المخول من الشركة، أريد أن أعرف رأي الشرع في ذلك ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على من وكل على أمر أن يقوم بذلك الأمر على ما تقتضيه مصلحة الموكل لأنه مؤتمن على ذلك كما في الفتوى رقم: 48475.
والتصرف بخلاف ذلك يعد خيانة للأمانة, وقد حذر الله من خيانة الأمانة فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27} .
وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم خيانة الأمانة من علامات المنافق حين قال: آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ. رواه البخاري ومسلم.
وبناء على هذا فما يريد هذا الشخص القيام به إذا كان يتنافى مع مصلحة الشركة فإنه لا يجوز له لما فيه من خيانة الأمانة والتعدي على أموال الناس إلا إذا كان مأذونا من الشركة بذلك, ويجب عليك أن تنهاه عن هذا المنكر وأن لا تساعده فيه اللهم إلا إذا كان مأمورا به من الشركة.
وللأهمية راجع الفتوى رقم: 96394، والفتوى رقم: 71783.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1430(12/7677)