من عرض وظيفة لشخص لقاء مال
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: أنا موظف وعرضت علي وظيفة أخرى في مكان آخر بما يعادل ضعف الراتب ولكن حتى أحصل على هذه الوظيفة طلب مني (صاحب العرض) دفع مبلغ من المال وبعد المناقشة قال إن هذه ليست رشوة لأنه ليس فيها ضرر على أحد وأن محمد العثيمين أفتى بجواز مثل هذه العملية لأنه لا ضرر فيها على أحد فهل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت مؤهلا للعمل في هذه الوظيفة، وليس في سعيك للحصول عليها اعتداء على حق غيرك، وكان الذي عرض عليك هذه الوظيفة هو الذي يقرر تعيينك فيها أو عدم تعيينك، ولم تجد وسيلة للتعيين فيها إلا بدفع ذلك المبلغ، فلا مانع في هذه الحالة من دفع الرشوة للحصول على هذا الحق والإثم عليه لا عليك، وقد بينا ذلك وافياً في الفتاوى التالية أرقامها: 11046، 37208، 44473.
أما إذا كان الذي عرض عليك الوظيفة مجرد وسيط فلا مانع من أن تعطيه ما تتفقان عليه نظير ما يبذله من جهد في سعيه للحصول على الوظيفة لك، وذلك بالشروط التي ذكرناها آنفاً، وراجع الفتوى رقم: 51386.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1426(12/5786)
دفع الرشوة لتعديل الدرجة الوظيفية
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل تم تعيينه في وظيفة حكومية علي درجة مالية أقل مما يستحق فقام عن طريق الواسطة ودفع مبلغا علي سبيل الرشوة من أجل أن تتعدل درجته إلى ما يستحق فتم تعديلها إلي أكثر مما يستحق وأصبح الأمر واقعا ولا يستطيع الرجوع فيه فماذا عليه فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تم تعيينك على درجة أدنى مما تستحق بما يخالف اللوائح والقوانين المنصوص عليها في عقد العمل، وكان ذلك تعسفاً من المسؤولين دون وجه حق فلا مانع من حصولك على حقك بالصورة التي تتيسر لك، ولو كان ذلك بدفع رشوة والإثم هنا على الآخذ دون المعطي، لكن لا يجوز لك دفع هذه الرشوة إذا أمكنك الحصول على حقك بطرق أخرى دون ارتكاب ما يخالف الشرع لقوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {البقرة:173} ، ولا شك أن فعل الرشوة دون حاجة إليه بغي وعدوان.
وما ترتب بناء على هذا من درجة أعلى مما تستحق فالواجب عليك أن تخبر المعنيين بذلك في مجال عملك، فإن أقروك فالحمد لله، وإن لم يُقروك فقد رددت إليهم حقهم وأخذت حقك، فإن لم يمكنك ذلك وجب عليك رد المال الزائد الذي تحصل عليه إلى جهة عملك بالصورة التي تناسبك، فإن تعذر عليك رده أنفقه في مصالح المسلمين.
أما إذا كان تعيينك في هذه الدرجة (التي هي أدنى مما تستحق) قد تم بناء على قوانين العمل دون ظلم أو تعسف، فلا يجوز لك التوصل إلى ما ظننته حقاً لك برشوة أو واسطة أو غيرها، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8128، 23606.
فإذا كان حصولك على ما ذكرت ليس من حقك، فالواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى بالندم على ما فعلت والعزم على عدم العودة إليه أبداً، ولا بأس من بقائك في عملك هذا ما دمت تقوم به على الوجه المطلوب دون خلل أو تقصير، وللفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19073، 11046، 32193.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1426(12/5787)
بين الوكالة نظير أجرة والرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت إلى محل لبيع الكروت، ولكن كانت هناك زحمة جداً ولكن هناك من يعرض خدماته ويقول لك أنت لا داعي لأن تبقى في الطابور وأعطني 20 دينارا، وتعال بعد زمن واستلم الكرت، مع العلم بأنه عندما أتيت لهذا الشخص والذي لا يعمل في المركز لبيع الكروت ولكن هو بطريقته ولسانه أو علاقته تسطيع، فهل يعتبر هذا رشوة أم من حقة لأنه هو من يقوم بالإجراءات ويتحمل الطابور أو غيره، مع العلم بأنك لو وقفت تسمع الشتم لأن البعض لا يلتزم بالنظام، وإن كان هذا رشوة، فهل له توبة، مع العلم بأن هذا الشخص يوفر الوقت والجهد فخير لك أن تذهب وتعود معززا مكرما وتدفع له مقابل الأتعاب وإن كان هو من موظفي الأمن، ومع العلم بأنه لا يلزمك عند الدفع يقول لك إن كنت لا تريد التعب ادفع لي 20 دينارا وتعال بعد زمن حيث يقوم هو بالمهمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا المبلغ نظير تعب وجهد من يُحصل الكارت لمريد الشراء دون أن يكون فيه اعتداء على حق الغير ودون أن يدفع رشوة للحصول عليه مع عدم أحقية المشتري فيه، ومع كون الكارت مما يجوز بيعه بحيث لا يكون محرماً ولا يؤدي لمحرم، فلا مانع من ذلك، لأنها تكون حينئذ وكالة بأجرة، والوكالة بأجرة جائزة في الجملة عند جماهير الفقهاء.
أما إذا كان الكارت محرماً في ذاته أو يؤدي استعماله إلى محرم، أو دفع في سبيل تحصيله رشوة مع عدم أحقية المشتري (الموكل) فيه، أو كان الوكيل يتقدم على المستحقين له بغير حق، فلا يجوز إبرام هذا العقد لما فيه من المحاذير التي ذكرناها، وراجع الفتوى رقم: 30251.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1426(12/5788)
الهدية مقابل إسداء خدمة خارج نطاق عمل الموظف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة في ليبيا والآن أعيش في بريطانيا، فعندما اتصلت بالسكرتيرة الخاصة بنائب المديرالعام حيث إن عملها يتعلق بشؤون النائب وليس المدير العام، ولكنها أرادت أن تقدم لي خدمة عن طريق تحويل المكالمة للمديرالعام وقبل أن أطلب منها تحويلي للمديرالعام مزحت معها وخلال المزاح وعدم إدراكي في تلك اللحظة لما قلت طلبت مني أن أشتري لها هاتفا جوالا وأن أرسله إليها بدون دفع أي مبلغ من المال، فهي تقصد والله أعلم, مع العلم بأنها لم تذكره, أن أرسل إليها الهاتف الجوال مقابل فقط تحولي للمدير العام حتى أتكلم معه، مع العلم بأنها قدمت خدمة أخرى وهي إعطائي رقم الهاتف الجوال الخاص بالمدير، مع العلم بأني قد قلت لها سأرسله فاطمئني، فهل هذا يعتبر عهد يجب تنفيذه أم ماذا، وهل إذا فعلت هذا العمل يعتبر هذا من الرشوة أم ماذا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة على السؤال نود أولاً أن نبين للأخ السائل أن المزاح مع النساء الشواب حرام في ذاته ويؤدي عادة إلى الفساد، وراجع في هذا الفتوى رقم: 39634.
والظاهر من السؤال أن هذه المرأة قدمت لك هذه الخدمة خارج نطاق عملها، حيث إن عملها يتصل بنائب المدير وليس المدير، فإذا كان ماتم بينكما أثناء المكالمة هو الاتفاق على أن تعطيها شيئاً مقابل هذه الخدمة، فلا يجوز لك العدول عن ذلك، لعموم الأدلة الدالة على وجوب الوفاء بالعقود، أما إذا كان إعطاؤها شيئاً معيناً مجرد وعد فالوفاء بالوعد مستحب في قول جماهير الفقهاء، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 17057.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1426(12/5789)
لا حرج في رفع المظلوم أمره إلى القضاء لاسترداد حقه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعطيت رجلا مبلغا من المال لمتابعة وتخليص معاملة حكومية ولم يفعل بها أي شيء ولما قلت له أرجع لي المبلغ رفض هل أشكوه للقضاء وهل تعتبر هذه رشوة مع العلم أنه كان موظفا في نفس هذا القطاع الحكومي وتقاعد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الشخص موظفا في الدولة أو المؤسسة ويتقاضى راتبا من جهة العمل على العمل الذي تريد إنجازه، فلا يجوز لك أن تعطيه شيئا ولا يجوز له هو أن يأخذه منك لأن هذا رشوة، ولا يخفى ما قد ينشأ عن تعويد هذا الموظف على أخذ هذه الرشوة من الفساد وتعطيل مصالح الناس.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله الراشي والمرتشي والرائش. رواه أحمد عن ثوبان رضي الله عنه قال: والرائش هو الذي يمشي بينهما.
أما إن كان العامل لا يتقاضى راتبا أو كانت هذه المعاملة بالذات خارجة عن نطاق عمله أو كان إنفاذ هذه المعاملة يتم بطريقة يبذل فيها جهدا خارجا عن عمله العادي فهنا لا بأس بإعطائه ولا حرج عليه هو في الأخذ لأنه في مقابل جهد زائد عن عمله.
وإذا كان الشخص موظفا ويتقاضى راتبا على العمل ولكنه يمتنع من أدائه حتى تدفع رشوة أو يماطل حتى يخاف المراجعون على ضياع مصالحهم فهنا لا مانع من إعطائه وليس هذا رشوة في حق المعطي ولكنه من باب المداراة وهو رشوة في حق الآخذ لأنه أكل لأموال الناس بالباطل.
وعلى كل الاحتمالات السابقة فإنه يجب عليه رد المال الذي أخذه منك لأنه لم يبذل لك شيئا في مقابله، فإن لم يفعل جاز لك رفع أمره للقضاء، وراجع الفتويين رقم: 12346، 23373.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1426(12/5790)
حكم الوساطة لاستخراج رخصة القيادة ومدى شرعية مقولة (المساواة في الظلم عدل)
[السُّؤَالُ]
ـ[لو أن الناس عندما يستخرجون رخصة القيادة يلجؤون إلى الوساطة والمحسوبية أو الرشاوى وهذا لأنه من النادر أن يستطيع أحد استخراج هذه الرخصة دون استخدام الطرق السابقة. هل يجوز التوسط لأحد لاستخراجها؟ وهل يختلف الحال إذا كانت الوساطة سوف تؤدي إلى عدم اختبار طالب رخصة القيادة؟ هل لي أنا (صاحب سلطة) أن أستخرج هذه الرخصة لي بسلطتي؟ ما رأيكم في هذه المقولة (المساواة في الظلم عدل) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن استخدام الوساطة فيما لا يجوز شرعا حرام. أما الوساطة فيما هو مشروع فإنها من الشفاعة الحسنة لقضاء حوائج المسلمين وهي مرغب فيها شرعا. فقد قال الله عز وجل: مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا {النساء: 85} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اشفعوا توجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء. رواه البخاري، وقال صلى الله عليه وسلم: من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته. متفق عليه. ويحرم أخذ مقابل على هذا النوع من الوساطة أو الشفاعة. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من شفع لأخيه شفاعة فأهدى له هدية عليها فقبلها فقد أتى بابا عظيما من أبواب الربا. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني في السلسلة. ولذلك لا تجوز الوساطة للحصول على الرخصة إذا لم يكن الشخص يستحقها بجدارة سواء كان صاحب سلطة أو غيره، وإذا كان الشخص يستحقها لكنه لم يستطع الحصول عليها إلا بالوساطة فإن من يتوسط له في هذه الحالة يكون فاعل خير كما أشرنا. وأما الرشوة والمحسوبية ... فإنهما من المهلكات التي تفسد المجتمعات ولهذا حرمهما الإسلام. وقد سبق بيان ذلك وأدلته في الفتوى: 43624، وما أحيل إليه فيها. وأما مقولة: المساواة في الظلم عدل، فقال عنها صاحب كشف الخفاء " ليس بحديث أصلا " وهي مقولة باطلة لمنافاتها مع العقل ومقاصد الشرع، فإن الشريعة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره جاءت بتحصيل المنافع وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها. قالقليل من الخير خير من عدمه ودرء بعض الشر خير من تركه كله، وحتى بعض الشر أهون من بعض، وقد قيل: مالا يدرك كله لا يترك كله. وقال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. وقال صلى الله عليه وسلم: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم. رواه البخاري. وبذلك تعلم أن مساواة الجميع في الظلم بحجة العدل لا يقرها عقل ولا شرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1426(12/5791)
حكم الهدايا بسبب الوظيفة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عامل في شركة إنتاج الكهرباء العامة بالجزائر برتبة رئيس القسم التقني ولكني أثناء مزاولتي لعملي الذي يتطلب مني الاتصال بالشركات والممولين يقدم هؤلاء بعض الهدايا الرمزية وهي الساعات أو تبان أو محافظ أو سيالات أو يوميات وما شابه ذلك وهذه مع مرور الوقت تصبح كثيرة فأقوم بإعطائها إلى زملائي خوفا من أقع في ما لا يحل \\\"حرام\\\". لهذا عندي بعض الأسئلة فأفيدوني بارك الله فيكم
1. هل يجوز لي اخذ هذه الهدايا للاستعمال الخاص
2. هل إذا أعطيتها لزملائي يجب علي أن أقول لهم لا تستعملوها لأغراضكم الخاصة
3. هل أستطيع أن أتصدق بها
علما أن هذه الهدايا كثيرة ولا أجد ما أفعل بها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك قبول الهدايا التي تقدم إليك من قبل هؤلاء ما دامت تدفع إليك بسبب الوظيفة، ولولاها ما أهدوا إليك، لأن تلك الهدايا ذريعة لاستمالتك إليهم، ومحاباتك لهم في العمل، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 60670، 34768، 8321 والواجب عليك رد هذه الهدايا على من أهداها إن لم يكن قد نال بسببها ما لا يستحق، فإن لم يتيسر ردها أو كان قد نال بسبب تلك الهدايا ما لا يستحق فالواجب أن تتخلص منها بإعطائها للفقراء والمساكين أو بيعها وصرف قيمتها للفقراء والمساكين ونحو ذلك من وجوه البر، وإذا كان من زملائك من هو فقير جاز صرفها إليه ليستعملها فيما أحب.
قال ابن القي م رحمه الله: إن كان المقبوض برضا الدافع وقد استوفى عوضه المحرم فهذا لا يجب رد العوض على الدافع، لأنه أخرجه باختياره واستوفى عوضه المحرم فلا يجوز أن يجمع له بين العوض والمعوض عنه، فإن في ذلك إعانة له على الإثم والعدوان وتيسيرا لأصحاب المعاصي، ولكن خبثه لخبث مكسبه لا لظلم من أخذه منه فطريق التخلص منه وتمام التوبة بالصدقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1426(12/5792)
حكم إعطاء صاحب شركة مالا لزملاء في شركة أخرى يقدمون له مساعدة
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني أعمل في إحدى مجالات الشحن وصاحبة شركة صغيرة مبتدأة وهناك بعض التعاملات مع بعض الزملاء في الشركات الأخرى، يقومون بمساعدتي كثيرا ولكن بحدود مصلحة شركاتهم، وإنني أفكر أن أعطيهم جزءا من ربحي بنسبة معينة هل هذا حلال أم حرام؟؟؟ أو إعطائهم أي شيء تقديرا لمساعدتهم لي. مع العلم أنهم يساعدونني منذ فترة ولا يطلبون شيئا وذلك كله لوجه الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان إعطاؤهم نسبة من الربح أو الإهداء إليهم مظنة لاستمالتهم إليك ومحاباتهم لك في العمل وتقديمك على من هو أحق منك فلا يجوز ذلك، لأنه رشوة محرمة، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 60670، 34768، 8321.
وأما إذا لم يكن إعطاؤهم مظنة لذلك فلا حرج في إعطائهم وراجعي الفتوى رقم: 62076.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1426(12/5793)
إذا تاب المرتشي ولم يستطع رد المال لأصحابه
[السُّؤَالُ]
ـ[- السؤال حول كيفية التخلص من المال المتحصل عليه عن طريق الرشوة بعد التوبة: هل يرد إلى أصحابه أسوة بالمال المسروق أم يعطى للفقراء والمساكين أم يصرف على المصالح العامة للمسلمين أم غير ذلك؟
- هل استسماح الراشي بعد التوبة يجزئ عن التخلص من هذا المال؟
- إذا لم أكن أملك حاليا المال الكافي لرد (أو التخلص) من المال الحرام فكيف السبيل إلى ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في الرشوة هو الحرمة قال تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ. {المائدة: 41} ، قال الحسن وسعيد بن جبير: هو الرشوة
وقال تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188} .
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي.رواه الترمذي وقال حسن صحيح، وفي رواية (والرائش) وهو الساعي بينهما.
وتجوز الرشوة عند الجمهور في حالة ما إذا كان الشخص لا يستطيع أن يتوصل إلى حقه أو يدفع الضرر عن نفسه إلا بها , ويكون الإثم على المرتشي دون الراشي، فقد ورد في الأثر أن ابن مسعود رضي الله عنه كان بالحبشة فرشا بدينارين، حتى خلي سبيله، وقال: إن الإثم على القابض دون الدافع
وفي كلا الحالتين فإن الرشوة حرام على المرتشي فيلزمه أن يتوب إلى الله من ذلك.
وإذا كان الراشي قد دفع الرشوة بحق فيجب على المرتشي أن يعيد المال إلى من أخذه منه أو يستسمحه، فإن سامحه فلا يلزمه التصدق بذلك.
وحينئذ لا يجوز التصدق بالرشوة إذا كان صاحبها معلوما، وإذا لم يكن معلوما بعد البحث والتحري فليتصدق بالمال في وجوه الخير ومصالح المسلمين، ومن ذلك صرفه للفقراء والمساكين
وإذا كان الراشي قد دفع الرشوة بغير حق فهل يعيد المرتشي المبلغ له أم يتصدق به في وجوه الخير؟
ذهب الأكثرون إلى الأول، وذهب بعض أهل العلم إلى الثاني، وهو المفتى به عندنا في الشبكة كما في الفتوى رقم 24332
وإذا كان المرتشي لا يملك ما يرده إلى أصحابه - في حالة العلم بهم - أو ما يتصدق به - في حالة عدم العلم بهم أو كان الراشي رشا بغير حق - فإن ذلك يبقى في ذمته حتى يستطيع أن يرد الحق
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1426(12/5794)
هل العمولة رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بافتتاح شركة تفتيش بحمد الله مع أخ لي وتوكلت على الله، ونظم العمل والقوانين عندنا أن تشتغل مع المصارف التي تقدم اعتمادات للإخوة الراغبين فى استيراد مصانع ومعدات وورش إلخ..... من الخارج ومهمتنا في مطابقة هذه المعدات للمواصفات العالمية, على كل حال سنحت لنا الفرصة فى أول عمل لنا والشخص الذي جاءنا العمل عن طريقه يشتغل في هذا المصرف ويريد نسبة مقابل إعطائنا هذا العمل فما الحكم، إذا رفضنا يضيع هذا العمل من بين أيدينا ونحن في بداية الطريق، علما بأن أغلب الأعمال تتم عن طريق هذا المصرف، فما العمل هل يجوز إعطاؤه مالا مقابل ربطنا مع الزبون الأصلي الذي سيستورد البضاعة، وهل يجوز إعطاء أي موظف يقوم بتقديم خدمات لنا بدون قيد أو شرط من باب المكافأة، أفيدونا مأجورين بالتفصيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة للشخص الذي طلب منكم عمولة مقابل رسو العمل عليكم ينظر في أمره، فإذا كان عمله الواجب عليه بصفته موظفاً في المصرف هو هذا العمل، فإنه يحرم عليه أخذ عمولة وتعتبر العمولة في حقه رشوة محرمة.
أما إن لم يكن هو عمله الواجب أو كان يعمل خارج دوامه الرسمي فلا مانع من إعطائه عمولة نظير دلالته، وراجع الفتوى رقم: 50130.
وفي حال كانت العمولة رشوة فإنه يحرم عليكم بذلها إلا في حالة الاضطرار إلى دفعها لاستخلاص حق كأن تستحقوا هذا العمل بكفاءة وجدارة فتمنعوا عنه إلا بدفع رشوة، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 2487.
وأما حكم اعطاء الموظف مكافأة من قبلكم على عمله الواجب ولو لم يطلبها ففية تفصيل يرجى مراجعته في الفتوى رقم: 8043.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1426(12/5795)
دفع الرشوة لموظف مكتب العقار
[السُّؤَالُ]
ـ[عرض علي أحد موظفي مكاتب العقار قطعة أرض بقيمة 600 ريال للمتر، ففاوضته بالسعر، فقال لي أعطني مبلغ 2000 ريال دون علم صاحب المكتب وأخلصها لك بسعر المتر 550 ريالا، فأعطيته المبلغ المتفق عليه وتم لي البيعة فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن موظف المكتب المذكور يعتبر أجيرا خاصا عند صاحب المكتب، والأجير أمين في ما فوض إليه من أعمال، وقد أمر الله تعالى بحفظ الأمانة فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال: 27} وبالتالي، فما قام به الموظف يعد خيانة للأمانة، والمبلغ المدفوع له مقابل ذلك يعد سحتا يحرم دفعه من قبلك كما يحرم أخذه من قبل الموظف.
وتجب عليك التوبة إلى الله عز وجل من هذا العمل، وإذا كنت تعلم صاحب المكتب فإن واجب النصيحة يحتم عليك إخباره بحقيقة موظفه، كما يجب عليك إطلاعه على ما قام به الموظف من الحساب المذكور فإن أقره فالأمر واضح، وإن رفض إقراره فإنه يجب عليك رد الأرض وأخذ نقودك أو دفع ما يراه هو.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1426(12/5796)
حكم دفع صاحب سيارة مبلغا من المال لموظف مواقف سيارات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في دائرة حكومية وفي الآونة الأخيرة فرضت علينا رسوم لمواقف السيارات وعند كل موقف سيارات وضع شخص لمراقبة السيارات المخالفة وفي الدائرة لدينا عامل قام بأخذ جميع أرقام الموظفين المواطنين ورقم سيارته (العامل الوافد) وتحدث مع الشخص المراقب للسيارات بأن لا يخالف هذه السيارات لأنهم يعملون في دائرة حكومية وأعطاه أرقام السيارات وقال له ليس بمقدور السيدات أن يخرجن ويجددن الرسوم للسيارات (الوقت) ، وقال أيضا إنهن كلهن متزوجات أي السيدات (سيدتين) وفي الأصل واحدة غير متزوجة، وعلى المراقب أن يخبر الشخص المراقب الآخر في اليوم الثاني وقد نجح في ذلك أي العامل وقال لي إنه حتى لو أتت لكم مخالفة سوف تلغى لأن أرقام السيارات قد أدخلت في الحاسوب وقال لي أيضا إنه يعرف المسؤول (لا أدري أي مسؤول، والآن نحن لا ندفع فقط نضع ورقة بيضاء مكتوب عليها رقم السيارة ورقم الهاتف المحمول للعامل، ونتيجة لذلك أعطيته 50 درهما لجهوده في مساعدتي حيث رفض أولا أخذها
السؤال: هل يعتبر ذلك رشوة حيث إنني لم أقصد ذلك وإذا اعتبرت رشوة فماذا أفعل، وهل أعاود دفع الرسوم عندما أقف في المواقف الخاضعه للرسوم؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح تماماً، وعلى كل حال سنجيب في حدود ما ظهر لنا منه وهذا الجواب يتلخص في نقاط:
الأولى: يجب الالتزام بدفع رسوم المواقف للجهة التي تملك المواقف وتؤجرها على أصحاب السيارات.
الثانية: إذا كان الشخص وقف بسيارته في هذه المواقف المؤجرة ولم يدفع أجرتها فيلزمه دفعها إلى الجهة المذكورة، إلا إذا كان هناك إعفاء رسمي من هذه الجهة لبعض الأشخاص مثل العاملين بالحكومة، فلا يلزم من كان كذلك أن يدفع هذه الأجرة.
الثالثة: إن كان هذا العامل أسدى لكم معروفاً مشروعاً ولم يخالف بذلك الشروط المقررة في عمله فلا حرج أن تدفعوا له مبلغاً مقابل خدمته هذه التي ليست واجبة عليه بموجب عمله، وفي الحديث: من صنع إليكم معروفاً فكافئوه. رواه أبو داود.
وأما إذا كان ما أسداه داخلاً في صميم عمله، فإعطاؤه يدخل في هذه الحالة فيما يسميه الفقهاء بهدايا العمال، وقد سبق بيان حكمها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28968، 37434، 55098.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1426(12/5797)
أخذ المال من المقاول مقابل تسليم المشروع له
[السُّؤَالُ]
ـ[1- أنا أعمل بشركة مقاولات بليبيا.
يوجد أشخاص لديهم مشاريع يعرضونها على الشركات للتنفيذ ولكن مقابل أن يرسو المشروع على الشركة تقوم الشركة بدفع نسبة من المبلغ لهم وهؤلاء الأشخاص سوف يعطوني نسبة من المبلغ الذي أخذوه من الشركة ما حكم ذلك؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 6257 والفتوى رقم: 51401 أن إسناد هذه المشاريع من طرف المسؤولين عنها إداريا يجب أن يكون للأكفأ والأصلح، وأن إسنادها لغيره نوع من الخيانة والتقصير في المسؤولية. وعليه، فلا يجوز أخذ مقابل عن تنفيذها من الأصلح لأن هذا هو الواجب على المسؤول وهو من صميم عمله كما أن دفعها لغيره مقابل مبلغ مع ما فيه من الخيانة للمسؤولية يعتبر رشوة في كلا الحالتين.
ومن هذا يعلم السائل أن أخذ الأشخاص مبلغا من المال من المقاول مقابل تسليم المشروع له لا يجوز، لأنه على كل حالة رشوة، وإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز له هو أن يأخذ منها شيئا لأن الرشوة مال محرم، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش يعني الذي يمشي بينهما. رواه الإمام أحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1426(12/5798)
دفع الرشوة للتوصل إلى الحق
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: امرأة تعاني منذ 15 سنة من الآلام فى الظهر ولقد أجروا لها عملية الغضروف وقالوا لها بأنه يوجد لديها اثنان وعالجوا واحدا وتركوا الثاني، وما زالت تعاني من الآلام الشديدة ولا تستطيع أن تقوم بأعمال المنزل كما يجب ولقد أعطاها التأمين الوطني إعاقة مائة بالمائة لمدة سنة كاملة وبعد ذلك بدؤوا ينزلوا الدرجة حتى وصلت الدرجة إلى خمسة وعشرين بالمائة، ولكن وضعها الصحي فى تدهور دائم وهي تأخذ بالأسباب وتذهب إلى الأطباء وجربت كل العلاجات دون فائدة، بل بالعكس يزيد من أوجاعها والآمها وهي تأخذ من التأمين معاشا شهريا لأنها تسجل بمكتب العمل كل جمعة مرة واحدة وكان مكتب العمل يعفيها فى السابق وتذهب لمكتب العمل مرة كل ستة أشهر أو بالسنة مرة واحدة ولكن القانون عندنا تغير وصار كل شخص يأخذ من التأمين الوطني لازم يتواجد فى مكتب العمل والذى عنده بطاقة إعاقة يأخذ معاشا شهريا دون أن يتواجد فى مكتب العمل، ولأننا نعيش فى دولة إسرائيل (عرب إسرائيل) وهي امراة متحجبة فيضيقوا عليها ولا يعطوها حقها ولقد عرض عليها شخص مسلم مساعدتها عن طريق واحد يهودي مسؤول بالتأمين بشرط أن تدفع له المال وأن يسهل لها الإجراءات وتأخذ بطاقة الإعاقة وهي تخاف من الله ومن عقابه، فقالوا لها هذا حقك وهم يأخذونه منك ماذا تفعل فى تلك الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان مقصود السؤال عن حكم إعطاء رشوة من أجل التوصل إلى حق أو دفع ضرر وظلم فإن هذا جائز، وراجعي الفتوى رقم: 20974.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1426(12/5799)
حكم الحصول على جواز للحج بطريق الرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لأحد أن يذهب إلى العمرة بجواز حصل عليه برشوة أفتونا؟ جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحصول على جواز للحج أو العمرة بطريق الرشوة له صورتان:
الأولى: أن يكون ذلك لتحصيل الحق الثابت الذي يمنعه من يقوم عليه إلا بأخذه هذه الرشوة، وهذه الصورة جائزة، والحج به صحيح بلا إثم، وقد نص الفقهاء على جواز دفع أجرة الخفارة لمن طلبها ظلماً في سبيل تأدية الحج، والرشوة هي ما دفع لإحقاق باطل أو إبطال حق، وهذا ليس كذلك.
الثانية: أن يكون في دفع هذه الرشوة اعتداء على حقوق الآخرين بأن يحذف الآخذ اسما ويضع اسما غيره، أو يقدم الدافع على من هو أولى منه استحقاقاً، ففي هذه الحالة لا يجوز له استخراجه بهذه الصورة ولا الحج به لأن فيه تعديا على حقوق الآخرين، ولو قدر أنه حج به فحجه صحيح مع الإثم، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 12334.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1426(12/5800)
دفع الرشوة للقاضي للتوصل إلى الحق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفع رشوة لقاضي لا يمكن أن يحكم إلا لمن يدفع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في حرمة الرشوة، بل لا شك في كونها من الكبائر لحديث عبد الله بن عمرو: أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الراشي والمرتشي. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.
ألا أن ما يعطى للتوصل إلى حق أو دفع ظلم أو ضرر غير داخل في ذلك، وقد سبق أن فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 2487 فراجعها.
ولذلك يجوز لصاحب الحق أن يعطي لهذا القاضي ما يطلبه منه إذا تعين ذلك سبيلاً للحصول على حقه، ويحرم أخذه على القاضي، وأما إذا أعطي هذا القاضي ليحكم لمن أعطاه بغير حق، فإن ذلك حرام على المعطي والآخذ على حد سواء، وهو داخل في معنى لعن النبي صلى الله عليه وسلم للراشي والمرتشي.
قال الصنعاني في سبل السلام: الراشي هو الذي يبذل المال ليتوصل إلى الباطل، مأخوذ من الرشاء، وهو الحبل الذي يتوصل به إلى الماء في البئر، فعلى هذا بذل المال للتوصل إلى الحق لا يكون رشوة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1426(12/5801)
عمولة المحاسب مقابل تعامل شركته مع الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن شركة مواد غذائية نبيع جميع المواد الغذائية وجميع بضاعتنا من السوق الداخلي.
قام مندوبنا بالتعاقد مع شركة لنزودها باللحوم المجمدة وبعد شهر أخبرنا المندوب انه اتفق مع محاسب الشركة الآخر على إعطائه نسبة من الكشف المدفوع لنا باسم عمولة لتعامله مع شركتنا.
وإذا رفضنا يتعامل مع شركة غيرنا ويعطونه عمولة.
سؤالي إذا افترضنا أنني ربحت بهذه العملية 100 ألف ريال صافي هل يجوز إعطاء عمولة لمحاسب الشركة الأخرى تقدر 3500 ريال
وهل أنا أحاسب على ذلك وهل هذا مال حرام أم حلال؟
الرجاء الرد بالتفصيل والأدلة الشرعية لأنني أريد أن أعتمدها عندي بالشركة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أيها الأخ الكريم أن المحاسب أو المندوب أو غيرهما من الذي يعملون في مؤسسة أو شركة عملا محددا، ويتقاضون مقابل ذلك أجرا معلوما لا يحل لهم أن يأخذوا ممن يتعامل مع شركتهم مالا نظير تعاملهم معهم؛ لأن هذا عملهم الواجب وهم يتقاضون عليه راتبا، فأخذهم مالا من المتعاملين أيا كان هؤلاء المتعاملون شركات أو أشخاصا يعد رشوة محرمة شرعا.
وفي البخاري من حديث أبي حميد الساعدي قال: استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا على صدقات بني سليم يدعى ابن اللتبية فلما جاء حاسبه قال: هذا مالكم وهذا هدية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا.
وهكذا يقال للمحاسب هلا جلست في بيتك حتى تأتيك عمولتك إن كنت صادقا، فالمقصود أنه يحرم على المحاسب أخذ ما يسميه عمولة كما يحرم عليك دفع ذلك إليه إلا في حالة أن لا تجد سبيلا للوصول إلى حقك أو لدفع ضرر إلا ببذل مال فلا بأس، ويكون الإثم على المرتشي دون الراشي، وراجع لبيان ذلك الفتوى رقم: 32788.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1426(12/5802)
من طرق استرجاع الحق من الظالم
[السُّؤَالُ]
ـ[لنا في تونس قريب يعمل في سلك المحاماة نابنا في قضايا لدى المحكمة وسلمناه أجرته كاملة وتسلم زيادة على ذلك صكا بنكيا من العدل المنفذ امتنع عن تسليمه إيانا ولنا ما يثبت ذلك ثم يعمد إلى رفع قضية مفادها أنه لم يتسلم أجرته ليصدر فينا حكما يقضي بدفعنا له حوالي 2 مليون دينار ونحن فقراء لا نملك ولو ربع المبلغ. توجهنا إلى عديد المحاكم والهياكل المختصة كل واحد يردك إلى الآخر وكل يقول لك: لك الحق ولكن لا يستطيع أن يبينه لك وفي الأخير سيقع بيع قطعة الأرض التي نملكها غصبا وقهرا وبالقوة. هذه مظلمة عظيمة والمحامي معروف بالكفر واستغل نفوذه للسيطرة على الضعفاء وأخذ أموالهم بالباطل، فما هو الحد الذي نقيمه عليه؟
ماذا لو عملنا بالحديث (من مات دون ماله فهو شهيد) ؟ لأنه لا أحد يستطيع أن يأخذ لنا حقنا منه إلا الله، أجيبونا جزاكم الله كل خيرا بسرعة إما أن نهاجر ولا نرى ممتلكاتنا تأخذ غصبا وبالباطل أو أن نجاهده وفق الشريعة..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصح السائل الكريم بمحاولة دفع هذا الضرر عنه بالتشكي إلى من ينصفه ويقدر على رفع الظلم عنه ولو ببعض المال لتحصيل معظمه، وليس عمله هذا من الرشوة المحرمة. يقول الزركشي: فأما إذا كان مظلوماً فبذل لمن يتوسط له عند السلطان في خلاصه وستره فليس ذلك بإرشاء حرام؛ بل جعالة مباحة. أما مسألة قتال هذا الشخص المذكور ففيها ضياع المال والنفس معاً، فيجب الانصراف عن تلك الفكرة تماماً، ومحاولة دفع الضرر ورفع الظلم عنك بما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1426(12/5803)
دفع الرشوة للمتاجرة في النحاس
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
نسأل فضيلتكم عن حكم الإسلام في تجارة مادة معدنية (النحاس) , شخص يريد أن يتاجر في النحاس ويرغب في تصديره من بلده إلى بلد آخر ولكن تصدير هذا النوع ممنوع من قبل الدولة , إلا أن هذا الشخص وجد شخصا آخر سيقوم بمساعدته في إتمام الإجراءات (باعتبار أنه رجل في الشرطة أو الأمن وله نفوذ في الدولة) وتسهيل تصديره إلى الخارج , وهذا الشخص طبعا يريد مقابل لذلك مبلغا من المال لكل دفعة تصدر أو نسبة مئوية حسب الاتفاق.
ما حكم هذا النوع من التجارة؟
وهل يجوز للشخص الثاني أن يأخذ مقابلا على ذلك؟ وإن كان جائزا فهل يتفق معه على نسبة أو مرتب أم كيف تكون الطريقة الصحيحة في ذلك؟
أجيبونا مأجورين مثابين بإذن الله. وجزاكم الله خيرا وبارك فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس للدولة أن تمنع مما أباحه الله من التجارات أو غيرها من غير ما يسوغ ذلك شرعا، لأن ذلك في معنى تحريم ما أحل الله، وقد أنكر الله سبحانه وتعالى على من حرم ما أحله فقال: قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آَللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ {يونس:59} ولكن إذا كان المباح في وقت من الأوقات يجر إلى فساد مؤكد يهدد مصالح المجتمع التي قصدت الشريعة إلى المحافظة عليها ودفع الخلل عنها وهي ما يعرف بالكليات الخمسة وهي حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال جاز للدولة منعه استنادا إلى القاعدة الفقهية المعروفة بسد الذرائع، ومعناها: أنه إذا كان شيء مباح تجر إباحته في وقت من الأوقات فسادا مؤكدا وخللا في هذه المصالح جاز منع الناس من هذا المباح درءا للمفسدة المؤكدة التي ستترتب عليه، مثال ذلك التجارة فهي مباحة، ولكن التجارة بالأسلحة مثلا إذا كانت تعرض المجتمع لنوع من أنواع الخطر جاز للدولة منعها، وقرارها حينئذ يعتبر قرارا من الشرع نفسه استنادا إلى هذه القاعدة، وراجع لمعرفة المزيد عن هذه القاعدة الفتوى رقم: 51407.
وعليه، فإذا كانت الدولة قد منعت من المتاجرة بالنحاس درءا لفساد مؤكد وخلل بمصالح المجتمع التي قصدت الشريعة إلى المحافظة عليها فلا تجوز المتاجرة فيه أو المعاونة على ذلك، وتسهيله بمقابل أو بدون مقابل، وأما إذا لم يكن المنع لدرء ذلك فلا حرج في المتاجرة فيه، بشرط أن يأمن التاجر أن يلحقه بسبب ذلك تعرضه للهلاك أو الضرر الشديد أو ضياع ماله، والأصل في ذلك عموم قوله تعالى: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ {البقرة: 195} وقوله صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك. وقوله صلى الله عليه وسلم إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال. متفق عليه.
وأما اخذ هذا الشخص الثاني مقابلا أو راتبا على تسهيل هذه التجارة في حال جواز التجارة فلا يخلو هذا من حالتين:
الحالة الأولى: أن لا يعين هذا الشخص على تسهيل التجارة إلا بماله من نفوذ وجاه فلا يجوز له أن يأخذ مقابلا لأن رفع الظلم عن المظلوم أي التاجر واجب شرعا لا تجوز المعاوضة عليه، فإن امتنع عن بذل نفوذه دون مال يبذل فلا حرج على التاجر أن يعطيه هذا المال والإثم عليه لا على التاجر الذي أعطاه لرفع الظلم عنه.
الحالة الثانية: أن يبذل مجهودا ويقوم بعمل ملموس فله أن يأخذ أجر مثله، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 9559 والفتوى رقم: 46713.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1426(12/5804)
دفع المال للعامل للحصول على خدمة الكهرباء
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي شخص يود استفساركم عما يلي, هذا الشخص يقيم في دولة غير إسلامية ولديه معمل يحتاج طاقة كهربائية كبيرة لكن المسؤلين عن الكهرباء لديهم مايخص بهم وهو كالتالي، 1-لابدأن تصرف لهم نقودا تخصهم شهريا وإلايقطعون عنك الكهرباء من حين لآخر أما إذا عاملتهم فإنهم يحددون لك مبلغا بالإضافة إلى مايخصهم تدفعه إلى الدولة علما بأن هذا المبلغ لا يمر بعداد. 2-هناك في حال عدم تعاملك معهم مشكلة أخرى وهي أنهم قد يجعلون لك عدادا لكنهم يجعلونه بسرعة إذا بلغ به النهاية الشهر قد لاتتمكن من تسديد مافيه إذا دفعت المعمل كله علما بأن الكهرباء للمواطنين هنا تنقص تكاليفها عشرة أضعاف عن حالنا نحن التجار ويقال إن الدولة نقصت عنهم التكاليف على حسابنا نحن نريد منكم رأي الشرع في هذا الأمر تقبل الله منا ومنكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب هذا السؤال في نقاط، الأولى: أنه يجب على المستهلك للكهرباء الالتزام بشروط استعمال هذه الخدمة لحديث" المسلمون على شروطهم. رواه الترمذي. وهذه الشروط لازمة ولا فرق في لزومها بين أن تكون صادرة عن دولة مسلمة أوغير مسلمة. الثانية: لا يحل التلاعب بعداد الكهرباء من قبل الموظفين أو من قبل المستهلكين، وهو أي التلاعب من قبل الموظفين يعد خيانه للأمانة، ومن قبل المستهلكين يعد أكلاً للمال العام بالباطل. الثالثة: قيام المستهلك " تاجرا أو غيره" بدفع مال للموظفين لكي يقوموا بالتلاعب بعداد الكهرباء لا يجوز، وما يدفعه يعد رشوة محرمة. الرابعة: إذا استحق المستهلك حسب الشروط المتفق عليها خدمة الكهرباء أو غيرها، ثم لم يستطع من الوصول إلى حقه كاملاً إلا بدفعه مالا للموظف فعندئذ يجوز له دفع هذا المال للوصول إلى حقه أو لدفع ضرر عنه، ويكون الإثم على المرتشي. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 17929.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1426(12/5805)
أخذ الموظف نسبة من أرباح المقاولين
[السُّؤَالُ]
ـ[أملك شركة شبكات كمبيوتر ونظم معلومات وننفذ الكثير من المشاريع من الباطن لشركات أكبر حجمًا في السوق وفي الفتره الأخيرة دأب أحد الموظفين المسؤولين عن إسناد تلك المشاريع في إحدى تلك الشركات على مطالبتنا بنسبة من العائد الذي نحصل عليه من جراء تنفيذ تلك المشاريع نظير استمراره في تقديم مشاريع من الباطن لنا لنقوم بتنفيذها، ولما اعترضت علي ذلك على اعتبار أنه نوع من الاستفاده الشخصية له من عمله ولا يجوز له ذلك في نظري على الأقل قال إنني إذا لم أقدم له تلك النسبة من كل مشروع أحصل عليه منه فإنه سيقوم بمنعنا من التنفيذ ولن نحصل على مشاريع من شركته ... أرجو توضيح الحكم الشرعي في إعطائه تلك النسبة من عائد أي مشروع وهل تقع تحت بند الرشوه والتربح بغير وجه حق؟؟ علمًا بأننا نستفيذ كثيراً من تلك الشركة ولو أوقفنا معهم التعامل فإننا سنفقد الكثير من المشاريع في هذه الأيام..
وجزاكم الله خيرًا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن ما يفعله هذا الموظف داخل تحت الرشوة، لأن إسناد هذه المشروعات لمن يستحقها، من صميم عمله الذي يتقاضى أجرا عليه، فإذا امتنع من أدائه، حتى يأخذ عليه من المراجعين، مالا، كان ذلك رشوة يحرم بذلها وقبولها، هذا من حيث الأصل؛ لكن إذا كنتم أحق بهذا المشروع من غيركم ولم يمكنكم الحصول عليه إلا بدفع رشوة، فلا حرج في بذلها حينئذ، وليست رشوة في حقكم، وإنما هي مداراة ودفع للظلم، وهي رشوة في حق هذا الموظف لأنه أكل لأموال الناس بالباطل، وراجع الفتوى رقم: 51401، والفتوى رقم: 48839.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1426(12/5806)
دفع الرشوة لإجراء عملية بمستشفى عمومي
[السُّؤَالُ]
ـ[أود الإجابة السريعة من فضلكم لان أمي مريضة وتستلزم عملية جراحية , المشكل هنا هو عدم تمكننا من إدخالها إلى المستشفى العمومي نظرا لعراقيل تكمن في استلزام المحسوبية والرشوة وقد أخبرني أخي أنه تمكن من إيجاد أحد الأطباء الذي أبدى له استعداده للمساعدة في دخول أمي المستشفى لكن بشرط منحه بعض النقود , وأنا رفضت لأنني أعتبرها رشوة أعاذنا الله منها, وطلبت من أخي العدول عن الفكرة واللجوء إلى عيادة خاصة ولو استلزم الأمر الاستلاف لتغطية تكاليفها الباهظة, وأمام إصرار أخي على الحل الأول أنا محتارة , فأرجو الإجابة السريعة لأن أمي يجب أن تعمل العملية في أقرب وقت, جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الرشوة محرمة، بل صح من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه فيما رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الراشي والمرتشي.
إلا أن ما يعطى لأخذ حق أو دفع ظلم أو ضرر غير داخل في ذلك، فإن من لم يتمكن من الوصول إلى حقه إلا بدفع مبلغ من المال جاز له دفعه وحرم على الآخذ أخذه، والإثم حينئذ على الآخذ دون المعطي.
فقد روى ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه لما أتى أرض الحبشة أخذ في شيء، فأعطى دينارين حتى أخذ سبيله. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: فأما إذا أهدى له هدية ليكف ظلمه عنه أو ليعطيه حقه الواجب كانت هذه الهدية حراما على الآخذ، وجاز للدافع أن يدفعها إليه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إني لأعطي أحدهم العطية فيخرج بها يتأبطها نارا، قيل: يا رسول الله، فلم تعطيهم؟ قال: يأبون إلا أن يسألوني، ويأبى الله لي البخل. والحديث رواه أحمد وغيره بألفاظ متقاربة بإسناد صحيح على شرط البخاري كما قال الأرناؤوط.
ولهذا، فإنه لا حرج عليك أيتها السائلة الكريمة في دفع ما طلب منك لإدخال أمك إلى المستشفى، والإثم إنما يقع على الآخذ إذا تعين هذا سبيلا لإجراء العملية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1426(12/5807)
حكم من دفع مالا لآخر لقاء مساعدته في استخراج سيارته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من له مصلحة في إحدى الجهات العامة أي الحكومية (أي أن هذا الشخص (أ) قام بدفع مبلغ معين لاستلام سيارته من المصلحة العامة وقد تأخرت عليه علما بأنه قد استلف هذا المبلغ من شخص آخر وهو محتاج إليه، فقد قام شخص آخر (ب) وهو لا يشتغل في هذه المصلحة بعرض خدمته فقال له أنا بعلاقتي بهذه المصلحة سوف أخرج لك السيارة ولكن ادفع مقابل هذه الخدمة)
ما حكم هذا هل يعتبر رشوة أو لا) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا قام هذا الشخص بإخراج السيارة دون اعتداء على حق الغير فلا مانع من التعامل معه ولو تقاضى في مقابل ذلك أجرا، لأنه بذل جهدا فيه نفع لك مقابل أجر معين، أما إذا دفع لموظفي المصلحة العامة رشوة لاستخراج السيارة لك فلا يخلو ذلك من إحدى صورتين:
الأولى: أن يكون استخراج السيارة حقا لك لكن لا يمكن الحصول عليه إلا بالرشوة، فلا شيء عليك في هذا، والإثم على الآخذ دون المعطي.
الثانية: أن يكون استخراج السيارة ليس حقا لك في هذا الوقت، لكن الشخص المذكور سيخرجها لك بالرشوة وهذا لا يجوز، فيحرم أن تقدم عليه مع علمك به.
وراجع الفتوى رقم: 23373.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1426(12/5808)
حكم من طلب هدية غيره لقاء تلبية طلبه
[السُّؤَالُ]
ـ[تاجر دخله قليل ولا يكفي لتغطية حاجياته أراد زيادة ربحه وهذا بالتعاون مع أطراف أخرى فطلبوا منه هدية مقابل طلبه. فما حكم الإسلام في هذا؟
مع العلم أنه مدين في أكثر من جهة.
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المسلم أن يحسن من وضعه ويرفع من مستواه المادي والمعنوي، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز.. . الحديث. رواه مسلم وغيره.
وأما ما طلب من الهدية فإن كان مقابل إبطال حق للغير أو ما شابه ذلك فإن ذلك يعتبر رشوة محرمة لا يجوز لك دفعها ولا يجوز لهم أخذها. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله الراشي والمرتشي. رواه الترمذي. وفي رواية: والرائش. وهو الوسيط بينهما.
وإذا لم يستطع المسلم الوصول إلى حقه إلا بدفع رشوة فإنه يجوز له ذلك، ويبوء الآخذ للرشوة بالإثم وحده دون المعطي لها.
أما إذا كانت الهدية المطلوبة مقابل خدمة يقدمونها أو عمل يقومون به خارج عن نطاق عملهم فلا مانع من دفعها لأنها مقابل عمل.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 26897، 3816، 49247، 1713.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1425(12/5809)
دفع الرشوة في مقابل الحصول على الأجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعمل في تصليح الآلات الطبية فذهبت إلى إحدى المستشفيات فعملت هناك ولم آخذ أي مقابل وبعد ستة أشهر عدت إلى هذه المستشفى لأتقاضى مستحقاتي وهي مبالغ كبيرة فطلب مني المدير أن أعطيه نسبة مالية لكي يعطيني مالي، فهل هذه تعتبر رشوة وما هو الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما طلبه هذا المدير منك يعتبر رشوة محرمة، لكنها محرمة في حقه لا في حقك إن اضطررت إليها، ولم تجد بداً من دفعها إليه لأخذ حقك منه، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 32788، والفتوى رقم: 38406.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1425(12/5810)
هدية وليست رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل الله أن تصلك رسالتي وأنت في أتم الصحة والعافية وأشهده سبحانه وتعالى على حبك فيه، جمعنا الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، لا أريد أن أطيل على فضيلتكم، ولكن أرجو أن تلقى رسالتي هذه القبول لديكم والرد عليها مع علمي الأكيد بمدى ضيق وقتكم لكن أسأل الله أن لا يحرمك الأجر والمثوبة، أنا شاب لدي معاصي ولكن من الله علي بالهداية والالتزام فبدأت أفكر في ما اقترفت في الماضي وخاصة فيما بيني وبين الناس فأرقني أمر أريد فتواه من فضيلتكم والحل لإصلاحه ألا وهو أنني أعمل في دائرة حكومية وقررت أن تعقد مؤتمراً كبيراً، وأنا كنت ضمن اللجنة المنظمة فكان هناك حاجة لتوريد بعض الحقائب كما هو الحال في كافة المؤتمرات، وكلفت من قبل أحد الأعضاء بذلك فأتيت ببعض العينات والأسعار ولكن في خضم ذلك كان الذي يعرض على رئيس اللجنة كافة الأمور المتعلقة بالمؤتمر شخص لديه في المكتب وكانت علاقتي معه مباشرة فعند إحضاري للعينات المذكورة بعد أن دفعت ثمنها للمورد عرضتها على ذلك الشخص لعرضها على رئيس اللجنة حينها أهديت له واحدة من العينات كصديق ولم يدر بخاطري أن ذلك يمكن أن يزلقني إلى الرشوة، مع العلم بأنه لم يكن لدي أي مصلحة في إحضار الحقائب من هذا المورد أو ذاك، فما رأي فضيلتكم في هذه القضية، وكيف أبرئ ذمتي إذا كنت وقعت في الرشوة والعياذ بالله، هل أتصدق بثمنها أو أعلم ذلك الشخص وآخذ مبلغ العينة منه وأتصدق أم ماذا أفعل، أفيدوني حفظكم الله ورعاكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يغفر لك ما مضى وأن يصلح لك ما بقي، وأن يجعل خاتمتك حُسنى. هذا، واعلم أنه لا حرج عليك فيما فعلت، لأنك لم تشترط عليه الشراء من هذه الحقائب، ولم تنو بذلك الرشوة المحرمة، ولمعرفة الفرق بين الهدية والرشوة، راجع الفتوى رقم: 5794.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1425(12/5811)
مسألة حول الرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك شخص مكلف من الشركة العامة للبريد بتزويد معلومات عن وجود إمكانيات فنية في منطقة ما وعدد المجالات المتوفرة، ونحن كشركة كنا نحتاج إلى 50 قنات أو (مجال) أو أربعين فعندما سئل هذا الفني المكلف من مديره قال إنه لاتوجد إلا 15 قنات فقط فعندما عرضنا عليه بعض المال لحاجتنا الماسة للخمسين كاملة أو أربعين على الأقل قال سوف أحاول لتجريب كل الخطوط حتى أوفرها لكم فهل هذا العمل يجوز لنا أم لايجوز.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تمت الإجابة على هذا السؤال في الفتوى رقم: 57179.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1425(12/5812)
حكم دفع الرشوة للبناء في أرضه التي يملكها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم البناء في أرض على ملك صاحبها ولكن السلطة لاتسمح بذلك، ولكنها تطلب الرشوة في مقابل ذلك بطريقة غير مباشرة (أعوان السلطة) ؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بدفع الرشوة للبناء على هذه الأرض، بشرطين: الأول: أن تتعين الرشوة طريقا لتمكينك من البناء. الثاني: ألا يكون منع السلطة لك من البناء لأجل مصلحة عامة، مع تعويضها لك عن هذه الأرض تعويضا مناسبا، وراجع الفتوى رقم: 46713.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1425(12/5813)
جائز للدافع حرام للآخذ
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا مستخلص مالي لدى الدولة له 3 سنوات قيمته 40 ألف دينار وقد طلب منا أحد أمناء الجهة مبلغاً ماليا وأربع مكيفات لقاء صرف المبلغ، السؤال إذا أجبناه بنعم لحين صرف المبلغ ومن ثم لا نعطيه شيئاً فما حكم ذلك، وإذا أعطيناه ما يريد فما حكم ذلك، علماً بأنه قال بصريح العبارة إذا لم تدفعوا فانسوا أن لديكم مستخلصاً، وهل هناك حديث يقول ما معناه دفع الرشوة لأخذ حق لي ودون إلحاق ضرر بأحد جائزاً، بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن في الرشوة مفاسد عظيمة على الفرد والمجتمع، ولذلك حرمها الله تعالى على الراشي والمرتشي والرائش جميعاً، وقد نص أهل العلم على أنها من كبائر الذنوب، وقال الله تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ {المائدة:42} ، وقال تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188} ، قال الطبري: أكله بالباطل: أكله من غير الوجه الذي أباحه الله لآكله. اهـ.
وعن عبد الله بن عمرو قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح. وفي رواية: والرائش. وهو الساعي بينهما.
والرشوة المحرمة: هي ما يعطى لدفع حق أو لتحصيل باطل. كما قال السبكي.
أما ما يدفعه المرء ليتوصل به إلى حقه أو يدفع ظلماً أو ضرراً عنه أو عن غيره فجائز عند جمهور العلماء. راجع الفتاوى التالية أرقامها: 17929، 8321، 3816.
قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل: أما دفع المال لإبطال الظلم فهو جائز للدافع حرام على الآخذ. اهـ.
ومما تقدم تعلم أنه لا حرج عليك إن شاء الله تعالى في إجابة هذا الرجل لما يريد والإثم في ذلك يكون عليه هو دونك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1425(12/5814)
حكم الدلالة على طبيب مرتش يجيز الوافدين المرضى
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مندوب علاقات عامة بإحدى الشركات الكبرى وتأتي إلي حالات إصابة وباء كبدي وذلك لعمل كشف طبي إليهم حيث تفوضني الشركة لعمل كشف طبي إليهم وليست الشركة على دراية بأنهم مصابون ويطلب مني أشخااص مصابون أن أدلهم على طبيب يأخذ رشوة لينجحهم بالكشف الطبي وإن لم أدلهم عادوا إلى أوطانهم وهم قد دفعوا مبالغ ضخمة ليأتوا إلى هذا البلد للعمل، فهل علي وزر، ملحوظة: قانون البلد لا يسمح لهذه الحالات بالإقامة، أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك بفعلك هذا قد ارتكبت محذورين اثنين:
الأول: أنك تخون الشركة التي فوضتك لإجراء الكشوف الطبية وأعطتك على ذلك مرتباً، واعتديت على حقوقها بما تجلب لها من الأشخاص المصابين بأمراض قد تكون مانعة لهم من أداء الواجبات المطلوبة منهم، أو قد يجلب عملهم في المؤسسة ضرراً على أهلها، وقد قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ {الأنفال:58} ، وقال تعالى: وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ {البقرة:190} .
والثاني: أنك تمشي بين الراشي والمرتشي في الرشوة على أمر باطل، وقد روى الإمام أحمد والترمذي والحاكم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: لعن الله الراشي والمرتشي. وفي رواية: والرائش. وهو الذي يمشي بينهما.
وكون هؤلاء الأشخاص قد دفعوا مبالغ ضخمة ليصلوا إلى ذلك البلد ليس مبررا لما ذكرته، فكان عليهم أن يفعلوا الكشوف قبل أن يسافروا من أوطانهم حتى لا يخسروا تلك الأموال، وعليك أن تبادر إلى التوبة مما كنت تفعله، ولا تعود إلى مثله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1425(12/5815)
إعطاء الشركة مالا للطبيب ليكتب للمرضى أدويتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أود معرفة حكم الصيدلي الذي يعمل لدى شركة أدوية وعمله هو عرض الأدوية على الدكاترة وفي الغالب جداً يطلب الدكتور (رشوة) يختارها حتى يكتب الدواء للمرضى فتربح الشركة فيخبر الصيدلي صاحب الشركة فتبعث للدكتور الرشوة مع الصيدلي فهل عمله هذا حرام؟ باعتباره (رائش) يقوم بتوصيل الرشوة بين الراشى والمرتشى؟ فزوج أختى هذا عمله وهي أحيانا تدعونا للغداء ونحو ذلك فهل حلال أكل طعامها أم لا؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على مسألتين:
المسألة الأولى:
حكم ما تعطيه الشركة للطبيب مقابل أن يكتب أدويتها للمرضى، وقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتوى رقم: 54212.
والمسألة الثانية: حكم الأكل من طعام من يتوسط بين الشركة والطبيب فيما سبق، ولذلك حالتان:
الأولى: أن تكون الحالة مما يجوز فيها إعطاء الشركة العطية للطبيب، وفي هذه الحالة لا حرج في الأكل من طعامه.
والثانية: أن تكون الحالة مما لا يجوز فيها إعطاء الشركة العطية للطبيب وفي هذه الحالة إن كان راتب هذا الوسيط هو مقابل الرشوة فقط فلا يجوز الأكل من طعامه إذا لم يكن لديه مصدر دخل آخر من الحلال، فإن كان له مصدر دخل آخر من الحلال، فلا يحرم الأكل من طعامه إلا إذا كان قد اشتراه بعين المال المحرم.
أما إذا كان راتب هذا الشخص هو مقابل ترويج البضاعة وليس مقابل القيام بالرشوة، فإنه لا حرج في الأكل من طعامه، وإن كان يحرم عليه القيام بالرشوة المذكورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1425(12/5816)
المال المدفوع للتوصل إلى حق مشروع لا يعد رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة تعليمية وقد تقدمنا لإحدى الإدارات الحكومية لتدريب موظفيها فإذا بالمسؤول هناك يخبرنا لكي نفوز بالعرض المقدم من الشركة يجب أن نقدم بعض الخدمات منها شراء بعض الأثاث المكتبي لهذه الإدارة أو ان نقوم بطباعة دليل عن نشاط هذه الإدارة أوعمل شبكة كمبيوتر داخل مبنى الإدارة حيث إنه لايوجد تمويل لمثل هذه الأشياء في بنود ميزانية الإدارة وبناء عليه فإن أي شركة تريد أن تفوز بهذا العرض يجب أن تقدم بعضا من هذه الخدمات فهل يعتبر هذا نوع من أنواع الرشوة مع العلم بأن المسؤول هذا أخبرنا بإنه يمكن أن نزيد من قيمة العرض المقدم من طرفنا على أن تكون هذه الزيادة عبارة عن قيمة الأشياء التي سوف نقوم بشرائها للإدارة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرشوة المحرمة هي ما يعطيه الشخص لإبطال حق أو إحقاق باطل، أما ما يعطيه الشخص ليتوصل به إلى حق أو نفع يستحقه لا يتوصل إليه إلا ببذل شيء فهذا لا إثم عليه، وإنما الإثم على الآخذ. وعليه فإذا كنتم ستقومون بشراء بعض الأثاث المكتبي لهذه الإدارة أو طباعة دليل عن نشاط هذه الإدارة أو عمل شبكة كمبيوتر داخل مبنى الإدارة أو نحو ذلك، للتوصل إلى حق مشروع لكم مثل أن تكونوا قد استوفيتم شروط استحقاق تدريب موظفي هذه الإدارة، ثم لا يمكنكم ذلك إلا بشراء بعض الأثاث للإدارة ونحو ذلك فلا إثم عليكم، وإنما الإثم على هؤلاء المسؤولين الذين يشترطون ذلك، أما إن كنتم ستقومون بعمل هذه الأمور لإسقاط حقوق الشركات الأخرى في الحصول على هذا التدريب، فهذه رشوة محرمة على الآخذ والمعطي لأنها تبطل حقا وتحق باطلا. وسواء فيما تقدم ما إذا قمتم بإضافة قيمة هذه الأشياء إلى قيمة العرض المقدم وما إذا لم تقوموا بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1425(12/5817)
حكم الإنفاق على الأدوية لترويجها
[السُّؤَالُ]
ـ[في البداية أقترح أن تعرض هذه الفتوى على الشيخ القرضاوى لأنها تحدد موقف مهنة كاملة من الشريعة (هل يوجد بها شبه حرام أو لا) وهي مهنة مندوب الدعاية الطبية، الموضوع به سؤالان الأول أنا شاب مسلم تخرجت من كلية الطب البيطري وأبحث عن فرصة عمل وأحب أن أعمل في شركات الأدوية كمندوب الدعاية الطبية لأنها الوظيفة التي أحب أن أعملها وهي المتاحة بالنسبة لي ولقد علمت وتأكدت من أن عمل المندوب يتضمن الآتي أنه يقوم بالذهاب للأطباء في المستشفيات وأيضا في العيادات الخاصة بهم ليعرض عليهم دواء ومنتجات شركته من الناحية الطبية (الاستخدام, الجرعة, السعر, طريقة إعطاء الدواء للمريض) لكن مع وجود الكثير من الشركات المنتجه لأدوية متشابهة وكلها تقريبا ممكن تعالج نفس المرض (مثلا يكون المرض واحد وله أكثر من 15 دواء من 15 شركة مختلفة) والنتيجة أن ما يحدث أن كل الشركات تتسابق لإرضاء الطبيب بكل الوسائل حتى يختار الطبيب المنتج الخاص بها ويكون المندوب هو حلقة الوصل بين الشركة والطبيب لذلك يجب على المندوب أن يقوم بالتالي 1-يجب أن يترك للطبيب عينة من الدواء مجانا. 2-في معظم الحالات إما أن يطلب الطبيب مقابلا ماديا بصراحة من الشركة عن طريق المندوب في مقابل أن يصف منتج هذه الشركة للمرضى (أي أنه يكون هناك بصورة غير مباشرة شبه تعاقد بين الشركة والطبيب على أن يصف منتجا معينا من منتجات الشركة للمرضى الذين يأتون له في العيادة أو المستشفى) أو أن المندوب إذا لم يطلب الطبيب منه شيئا معينا يقوم بتقديم هدايا لهذا الطبيب حتى يقوم بوصف الدواء التابع لشركة المندوب لمرضاه أو بدل الهدايا يعرض المندوب على الطبيب مقابلا ماديا لكي يكتب الدواء إذا لم يطلب الطبيب مقابلا ماديا فإما أن يرفض الفكرة أو يقبل. ملاحظات هامة تقريبا معظم شركات الدواء في مصر لازم أن تقدم الهدايا أو المقابل المادي حتى يتم تسويق ونجاح وانتشار منتجاتها من الأدوية وأن هذه السياسة تقوم بها حتى أشهر الشركات التي تنتج أصلا أجمل وأحسن وأفضل الأدوية. يوجد أيضا نسبة من الأطباء التي لا تقبل المقابل المادي لكن الكل تقريبا يقبل فكرة الهدايا
وأمثلة على الهدايا التي تقدمها الشركات أو يطلبها الطبيب. مكيف هواء للعيادة , كميرات فيديو حتى يصور الحالات الطبية , أو أن يحضر الطبيب المؤتمرات الطبية في مصر أو في الخارج وتكون تكلفة هذه المؤتمرات على حساب الشركة والخ الخ............... أي أنه يجب أن توفر الشركة الساعية للنجاح أي مطلب للدكتور
عادة أن الأطباء الذين يطلبون مقابلا ماديا أو هدايا يكونوا هم الأشهر في تخصصهم.
السؤال الثاني (وللتوضيح سأستخدم الأرقام كأمثلة) إن كل شركات الأدوية تقوم بتحديد رقم من علب الأدوية فرضا 100 علبة يجب ان يباعوا للصيدليات في فترة 3 أشهر وتعرض الشركة الدواء على الصيدليات بمبلغ 20جنيه مثلا وتحاسب الشركة المندوب بالثواب والعقاب على أساس هذا الرقم هل وصل له أو لا لذلك يقوم المندوب في قبل نهاية 3 شهور بحساب عدد العلب التي بيعت للصيدليات إذا كانت مثلا 50 يكون الباقي إذا 50علبة حتى يحقق الهدف لذلك يعرض ال50 علبة الباقية للبيع على الصيدليات مقابل مبلغ 19 جنيه بدلا من 20جنيه المحددة من قبل الشركه ويدفع من ماله الخاص من راتبه1جنيه على كل علبة حتى يشجع الصيدليات على شراء الدواء وبالتالي تكسب الصيدليات أكثر فتقوم بشراء الدواء فيحقق المندوب الرقم المطلوب وهو 100 علبة دواء مباعة في ثلاثة أشهر ويظهر أمام الشركة بمظهر جيد لكن مقابل أن يدفع من ماله وعادة ما يطلع المندوب رئيسه المباشر بهذا الأمر، لكن الفكرة عموما لا تحدث في كل الشركات. الرجاء الرد على هذه الأسئلة لأنني أثق في هذا الموقع لأنه تحت قيادة الشيخ القرضاوي ولأن هذه الفتوى ترتبط بمصير عملي ووظيفتي وأنتظرها أنا وأصحابي الذين بدأو في العمل فعلا وأنا لا أريد أن أعمل قبل أن أعرف رأي الدين في هذا، وأريد منكم إن كان يوجد أي شيء غير واضح أن تسألوني عنه عن طريق البريد الإلكترونى وأنا أرسل لكم الإجابة أريد أن أعرف إن كان في هذا العمل شيء حرام أو لا وإن كان يوجد فما هوعلى وجه التحديد، وإن كان هذا العمل حراما فماذا تفعل أي شركه دواء لتسويق منتجها عند الأطباء إذا كانت معظم الشركات الأخرى تقدم الهدايا أو المقابل المادي للأطباء ونسبة الأطباء التي لا تطلب مقابلا ماديا لا يمكن الاعتماد عليها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الإهداء للأطباء لأجل تسويق المنتجات الطبية من الأدوية وغيرها، لأن ذلك يفضي في الغالب إلى وقوع الأطباء في المحاذير الشرعية، فقد يصفون الدواء لمن لا يحتاج إليه، أو يصفونه للمرضى بأوصاف لا يشتمل عليها، أو يكون غيره من الأدوية أجود منه وأنفع للمريض لكنهم يعدلون عن وصفه لما حصل من الرشوة بينهم وبين مندوب مبيعات الشركة المنتجة، وراجع في هذا مع ضوابطه الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3157، 22443، 23232. ولا مانع من الإنفاق على الأدوية لترويجها سواء كان ذلك من مالك الخاص، أم من مال الشركة لكن يشترط علم المسؤول بذلك إذا كان من مال الشركة.
وننبه السائل إلى أن موقعنا يتبع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية، ولا يتبع فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(12/5818)
طبيب لايمنح الإجازة المرضية إلا برشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة موظفة في إحدى دوائر الدولة وقد أصبت منذ فترة بمرض وألم في رقبتي وقد نصحني طبيبي بعد أن أجري لي العلاج اللازم بأن أستريح فترة من الزمن، وطبيب المؤسسه عندنا لا يوافق على الإجازة المرضية إلا إذا تقاضى مبلغاً من المال فهل يجوز لي أن أعطيه مالا حتى أحصل على الإجازه. أفيدوني جزاكم الله كل خير.
... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرشوة محرمة في شرع الله تعالى، بل هي من كبائر الذنوب، ولا يجوز الإقدام عليها إلا عند الضرورة الداعية لفعلها، أو الحصول على حق أو الدفع لظلم، فقد قال الله تعالى:: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119} . وراجع في هذا الفتوى رقم: 1713. ولذا فإننا نقول للأخت السائلة إذا كان طبيب المؤسسة لا يريد الموافقة على الإجازة لأنك لا تستحقينها بمعنى أن الراحة التي نصحك بها الطبيب الآخر ليست مطلوبة ولا يترتب عليها فائدة، فلا يجوز لك دفع الرشوة لذلك سواء طلبها الطبيب أم لم يطلبها، قبلها أم رفضها، أما إذا كانت الراحة مطلوبة لك، وكان في تركها ضرر عليك، وكان رفض طبيب المؤسسة للإجازة ما هو إلا نوع من التعنت لإجبارك على الرشوة فلا مانع من الحصول على الإجازة بهذه الطريق دفعاً للضرر، وللحصول على الحق المقرر لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1425(12/5819)
حكم هدية العميل للموظف لسعيه في تخفيض ثمن السلعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم على هذا الموقع وجعله في ميزان أعمالكم، أعمل مسؤول مبيعات في شركة، وأسعار بيعنا ثابتة تقريباً، وعرض علي أحد العملاء مساعدته في تنزيل سعر البيع له بالرجوع إلى إدارتي بالشركة، وإن تم ذلك سوف يعطيني نسبة من هذا التخفيض من عنده هو، فما الحكم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أنه لا يجوز لك أخذ مبلغ من المال من العميل مقابل مراجعة الإدارة في تخفيض السعر له، لأن هذا من ضمن عملك كمسؤول مبيعات، فيكون أخذك للمال منه من باب هدايا العمال وهو ما يأخذه المسؤولون والموظفون من الناس مقابل عملهم الواجب، وهدايا العمال سحت.
روى البخاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر يهدى له أم لا.
وذكر الحافظ في الفتح أن العامل إذا أهدي له للطمع في ضعته من الحق أنه لا يجوز له الاستئثار بما يهدى إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1425(12/5820)
حكم دفع رشوة للحصول على سكن من الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل فقير، تقدمت بطلب سكن إلى الهيئة المعنية، وبعد سنوات طويلة من الانتظار لم أحظ به، ونظرا للحالة المزرية التي أعانيها اتصلت بمن في يده القرار طالبا منه منحي سكنا يرفع عني ضيق العيش مقابل مبلغ من المال. فما حكم الدين فيمن يدفع رشوة للحصول على سكن هو من أبسط حقوقه كمواطن، خاصة وأني أعاني معاناة شديدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سألت عنه له حالتان:
الحالة الأولى:
أن تكون ممن لم تتوفر فيهم شروط الدولة للحصول على هذا السكن، أو يقدمك هذا الشخص على من هو أولى منك بهذا السكن، فلا يجوز لك والحالة هذه أن تدفع مالا للحصول على السكن، لأن ذلك من الرشوة، والله تعالى يقول: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ {المائدة: 42} .
قال الحسن وسعيد بن جبير: هو الرشوة.
وقال تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188} .
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه الترمذي، وقال حسن صحيح. وفي رواية.. والرائش، وهو الساعي بينهما.
والحالة الثانية: أن تكون ممن توفرت فيه الشروط المحددة من قبل الدولة للحصول على هذا السكن، ولكن المباشرين لإجراءات تسليم السكن لا يعطونك حقك إلا برشوة ولم يقدمك هذا الشخص على من هو أولى منك، فلا حرج عليك حينئذ في دفع مال لأخذ حقك، لأن الرشوة هي ما أعطي لإحقاق باطل أو إبطال حق، أما ما أعطي لإبطال باطل أو إحقاق حق فليس برشوة وهو جائز عند الجمهور، ويكون الإثم على المرتشي دون الراشي، وقد ورد في الأثر أن ابن مسعود رضي الله عنه كان بالحبشة فأخذ فرشى بدينارين حتى خلي سبيله، وقال: إن الإثم على القابض دون الدافع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1425(12/5821)
حكم دفع الرشوة للنجاح في الامتحان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب أدرس في بلد أوروبي وأواجه مشاكل في الجامعة وهي أن بعض الدكاترة يساعدون الطلاب أهل البلد في النجاح وفي المقابل يأخذون مقدارا معينا من المال من بعض الطلاب الأجانب لكي ينجحوهم فهل يجوز أن أدفع هذا المقابل المادي لكي أنجح في موادي مع العلم أن هنالك طلابا لا يدفعون والمشكلة أيضا تكمن في أني موجود ببلد أوروبي وكلما طالت مدة الدراسة كلفني هذا المزيد من المال وسبب العناء لأهلي أيضا وأنا لم أرهم منذ فترة طويلة وأيضا، أنا أحاول أن أجتهد بدراستي ولكن دراسة الهندسة صعبة جدا وقد رسبني بعض الدكاترة لأني عربي ولم أدفع لهم مقابلا ماديا، أرجوكم ساعدوني هل يجوز أن أدفع هذا المقابل من النقود مع العلم أن المبلغ ليس كبيرا وأني إذا تأخرت هنا في هذا البلد سوف أدفع ما يقارب10أضعاف هذا المبلغ أوأكثر بكثير يعني تصبح هناك مفسدة أكبر من مفسدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تكن مستحقاً للنجاح فلا يجوز أن تبذل ذلك المبلغ لكي تنجح لأن ذلك رشوة محرمة، أما إذا كنت مستحقا للنجاح ولكن لا تصل إليه إلا ببذل مال لبعض المدرسين، فلا حرج عليك في بذل ذلك المال، وراجع للتفصيل الفتوى رقم: 19183، والفتوى رقم: 13299.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1425(12/5822)
هل من الرشوة ما يقدمه مندوب شركة الأدوية للطبيب من أموال وهدايا لترويج منتجاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مندوب دعاية طبية , طبيعة عملي زيارة الأطباء للترويج عن منتجات الشركة التي أعمل لديها وأود السؤال عن شرعية دفع مبالغ مالية للطبيب بين الحين والاخر وذلك تقديرا له على وصفها للمرضى مع العلم أن منتجات شركتنا لها بدائل بالسوق أي يوجد نفس التركيبة ونفس الفعالية من الدواء بأسماء تجارية مختلفة وأسعار مختلفة تروج لها شركات أخرى وكلهم يقومون بتقدير مادي للطبيب وإن لم أقم بذلك فلن أجد من يروج لي هذا الدواء الذي أروجه باسمه التجاري مع أن الطبيب مقتنع به من الناحية العلاجية؛ والدواء الذي أقوم بتسويقه آمن وفعال وسعره يعتبر ثاني أرخص دواء من أصل خمسة موجودين بنفس التركيبة بالسوق، وماهي الخدمات المباحة التي يمكن أن يقدمها المندوب للطبيب من أجل كسب رضائه في ظل هذا التنافس الشديد والفوضى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت لنا إجابات مفصلة بخصوص ما تدفعه شركات الأدوية من مبالغ مالية وهدايا عينية للأطباء مقابل ترويجهم لأدويتها، راجع هذه الإجابات في الفتوى رقم: 54212 والفتوى رقم: 4100.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1425(12/5823)
الرشوة على نوعين
[السُّؤَالُ]
ـ[في يوم من أيام شهر جويلة من عام 2004 وعدت أحد أعضاء لجنةالسكنات في البلدية وعدته مكرها ومرغما بعد أن أغلقت كل الأبواب في وجهي في الحصول على سكن اجتماعي وهذا منذ 1984 قلت وعدته أن أعطيه مبلغا من المال حدده هو لي مقابل الحصول على سكن علما أن حالتي المعيشية صعبة جدا ولي 3 أولاد وزوجة وحيث استاجر مسكنا منذ10 سنوات وصاحب السكن يلح علي بالخروج من السكن في أقرب وقت ممكن وراتبي الشهري ضعيف كما ألفت عنايتكم أنني اشتريت قطعة أرض منذ1988 بطريقة التقسيط ولم أستطع إلى حد الآن أن أبني فيها شيئا، أن قائمة السكنات لم تعلق إلى هذا لكن هذا العضو يلح علي كل يوم بدفع المبلغ مسبقا بحجة أن اسمي أصبح رسميا ضمن القائمة المجهولة وإلا اشطب اسمك عن طريق الطعون عندما تعلق القائمة إنني محتار جدا واشعر بالخوف، ما حكم الشرع في كل هذا هل أخرج عن الوعد هل أرضيه بهدية علما أن هذا العضو من الحزب الإسلامي إنني انتظر الإجابة في أقرب وقت ممكن.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أيها الأخ الكريم أن الرشوة على نوعين نوع حرام وهو ما يتوصل به إلى إحقاق باطل أو إبطال حق، وفيه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: لعن الله الراشي والمرتشي. رواه أحمد وأبو داود. ونوع جائز في حق الراشي ومحرم في حق المرتشي، وهو ما يتوصل به إلى أن يأخذ الشخص حقاً له أو يدفع به ضرراً أو ظلماً، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 2487. وعليه فلا مانع من دفع هذا المبلغ لهذ الشخص إن كنت تستحق هذا السكن، ولم تجد طريقا له إلا بدفع المبلغ المذكور، ويتحمل ذلك الشخص وزر الرشوة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1425(12/5824)
حكم أخذ المندوب والمراسل مالا من المدعي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل موظفا في محكمة صلح في فلسطين, ومن بين خدمات المحكمة للمواطنين, عمل إثبات حالة ومنع بيع أو تطوير أي خدمه في عقار معين ,, مقابل أجر يقرره قاضي الصلح لمندوب المحكمة والمراسل الذي معه,, اللذان يذهبان إلى الأرض لإثبات حالتها والحجز عليها,, مع العلم أنهما معرضان للخطر من صاحب الأرض,, مع العلم أن الأجر المدفوع من صاحب الخدمه ,, وليس من صاحب الأرض.....
وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود من السؤال هو بيان حكم أخذ المندوب والمراسل أجرة من المدعي على صاحب الأرض، فإنه ينظر إن كان عملهما الواجب هو الخروج والاطلاع على هذه الأرض ورفع تقارير عنها إلى القاضي، ويتقاضيان مقابل ذلك مرتبا من الدولة، ففي هذه الحالة لا يجوز لهما أخذ أجرة من المدعي، فإن فعلا كان ذلك أكلاً لماله بالباطل. قال تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {لبقرة: 188} . وراجع الفتوى رقم: 47515.
أما إن لم يكن عملهما يلزمهما بالخروج إلى موقع الأرض ومعاينتها؛ وإنما يخرجان حسب طلب المدعي وعلى نفقته، فلا مانع من أخذ أجرة معلومة يحددها القاضي ويتراضى عليها الطرفان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1425(12/5825)
حكم ما يدفع من مال لعرض البضاعة في مكان جيد في الجمعيات
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق يعمل مندوب مبيعات عن شركة فيقوم بعرض الطلبية لإحدى الجمعيات ولكي يأتي بطلبية أخرى يجب أن تباع الطلبية السابقة فأقوم بدفع المال لأحد الموظفين بالجمعية ليقوم بعرضها في أماكن جيدة لكي تباع ومن ثم فأنا أستطيع أن أجلب بطلبية أخرى لهذه الجمعيات ويكون لي من ورائها ربح فهل المال الذي أدفعه نظير عرض البضاعة يعتبر من الرشوة.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرشوة المحرمة هي ما يعطى لإبطال حق، أو إحقاق باطل، أو لنيل ما لا يستحقه المعطي، فإذا كان من حقك وضع هذه الطلبية في مكان جيد ولا يمكنك ذلك إلا بإعطاء مال للموظف المسؤول، فلا حرج عليك في إعطائه، والإثم في ذلك على الموظف لا عليك، وما تعطيه رشوة في حقه لا حقك، وإن لم يكن من حقك وضعها في هذا المكان فما تبذله في سبيل وضعها رشوة محرمة في حقك وحقه، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 3373، والفتوى رقم: 1713.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1425(12/5826)
مسألة حول ضوابط الهدايا للموظفين
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ جزاكم الله خيراً عن الإسلام والمسلمين لما تقدموه من خدمة لهذا الدين من أجل أن يكون المسلم على بينة من أمره، أما بعد فمشكلتي تنحصر فيما يلي: أنا شاب من الجزائر، أشتغل في مطحنة صناعية، منصبي في الشركة جد حساس، أنا من يقوم بالمعاملات المالية والاتصلات مع البنوك، ومن كثرة معاملاتي مع البنكين، أصبحت لي علاقة حميمة معهم، وفي معاملاتي يعاملونني كأي زبون،ولكن من بعض الأمور الحميمية يطالبونني، ببعض المواد التي تقوم شركتنا بصناعتها وهي مواد غذائيه، من مواد عجائنية أو ما شابه ذلك، فكنت أذهب لصاحب الشركة وأطلب منه ذلك، فيوافقني ويعطيني وأوصل لهم المواد، وذلك بدون مقابل، وللعلم كثيرا ما أعطي لأناس دخلهم ضعيف وليست لي معهم علاقه البتة، على سبيل المثال حارس السيارات أمام البنك أعطيته كيسا من الدقيق، فهل يا فضيلة الشيخ ما أقوم به يدخل في إطار الرشوة والعياذ بالله، مع العلم فضيلة الشيخ أن ما أقوم به لا أستطيع أن أدخله في باب قضاء الحوائج، مع أنه في بعض المرات أجد زحاما على الأكشاك في المعاملات فيفضلوني على الغير لأن شركتنا جدا مهمة، ولها معاملات كثيرة مع البنوك،وأنا في ريب من أمري، ياشيخنا ما أقوم به لا يعدو إلا أن يكون فقط إدخال مسرة وفرحة لأصدقائي لأني على علم بأن دخلهم لا يكفيهم، والله من وراء القصد وإلى أن تردوا علينا حفظكم الله ورعاكم ودمتم ذخرا للإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج فيما تهدي لهؤلاء الموظفين إذا توفرت عدة شروط: الأول: أن لا يتوقف على الهدية قيام الموظفين بما يجب عليهم من أعمال وإلا كانت رشوة محرمة لا تجوز إلا أن يضطر إليها المهُدى لاستيفاء حقه، فإذا اضطر إليها فلا حرج في بذلها والإثم في ذلك على الموظفين لاعليه. الثاني: أن لا يكون السبب الحامل على الإهداء لهم أنهم موظفون، في هذا البنك، لأنه لا يجوز الإهداء للموظف بسبب ما يقوم به من عمل وراجع الفتوى رقم: 14160. الثالث: ألا تؤدي الهدية إلى تقديم شركتكم على من هو أحق منها أو إلى نيلها ما لا تستحق وراجع الفتوى رقم: 3679 والفتوى رقم: 4245. الرابع: أن تكون الهدية بعلم المسؤولين في هذا البنك، وراجع الفتوى رقم: 28968. وننبه إلى أنه لا يجوز التعامل مع البنوك الربوية إلا لضرورة وراجع الفتوى رقم: 622.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1425(12/5827)
الإكرامية في ميزان الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم بدفع إكراميات لإنهاء بعض الأعمال ولكني أحسست أنها حرام فقمت بالتقليل منها ولكن احتفظت بجزء ضئيل منها لنفسي مقابل أنني أقوم بالأعمال التي كنت أضطر لسداد الإكراميات عنها حيث إنني أبذل جهدا كبيراً في أداء هذه الأعمال بدلا من الاستعانة بالآخرين، فهل هذه المبالغ حرام أم حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أنك وكيل عن جهة عامة أو خاصة في إنهاء هذه الأعمال، وتتوصل إلى إنهائها عن طريق دفع إكراميات من مال من وكلك، فإذا كان الأمر كذلك، فننبهك إلى أمرين: الأول: أنه إذا كانت هذه الإكرامية عبارة عن دفع أجر لمن يقوم بعمل لا يلزمه ولا يلزمك القيام به، فلا حرج فيها وليست بحرام، لأنها عبارة عن أجر على عمل مباح، وهذا بشرط أن يكون من وكلك قد أذن لك في الدفع إذنا مصرحاً به أو معروفاً عرفا يجعله في معنى المصرح به. أما إذا كانت عبارة عن أجر على عمل يلزمك القيام به، دون أن يأذن في ذلك من وكلك فلا يجوز، لأن العمل إذا كان يلزمك القيام به، فلا يجوز لك أن تستأجر من يؤديه بأجرة من مال موكلك دون إذنه، وكذلك لا يجوز دفع هذه الإكراميات إذا كان العمل يلزم العامل الذي يقوم به، لأنه إذا كان العمل يلزم الذي يقوم به فدفعها له رشوة محرمة، وقد روى الإمام أحمد عن ثوبان قال: لعن رسول الله الراشي والمرتشي والرائش. والرائش، هو الذي يمشي بينهما، ومحل عدم جواز دفع هذه الرشوة: هو إذا لم تتعين طريقا للوصول إلى الحق، أما إذا تعينت وسيلة للوصول إلى الحق فلا حرج عليك في دفعها، والإثم في ذلك على الآخذ دون المعطي، وراجع لمزيد من التفصيل الفتوى رقم: 2487. الثاني: أن أخذك لنفسك مبلغا من المال من هذه الإكراميات، مقابل قيامك بإنهاء هذه الأعمال بنفسك لا يجوز إلا بعلم موكلك، لأن الوكيل مؤتمن لا يملك من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله، قال ابن قدامة في المغني: ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله، من جهة النطق، أو من جهة العرف، لأن تصرفه بالإذن، فاختص بما أذن فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1425(12/5828)
هل يجوز للموظف أخذ أجرة على الوساطة
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى الإخوة في مركز الفتوى سلمهم الله وحفظهم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يقصد المشتري عبد الله مكتب التجارة بمصنع الإسمنت لشراء 400 قنطار من الإسمنت التي يحتاجها لإنجاز مشروعه ولكن طلبه يقلص إلى 200 قنطار من طرف رئيس مكتب التجارة بالمصنع لأسباب غير معروفة فيقصد عبد الله أحد عمال المصنع عبد الكريم ليتوسط له لدى رئيس مكتب التجارة ليقتني كمية الإسمنت كاملة هل يجوز للوسيط عبد الكريم أخذ قيمة مالية من المشتري مقابل وساطته تلك؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سألت عنه له حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون من صلاحيات هذا المدير أن يزيد أو ينقص في مبيعات الإسمنت للشخص الواحد عن المقدار المذكور، ففي هذه الحالة لا حرج عليه في الزيادة، ولا حرج في التوسط من قبل بعض الموظفين لأجل ذلك، لكن هل يجوز لهذا الوسيط أن يأخذ أجرة مقابل ذلك؟
الجواب: أن ذلك راجع إلى مسألة ثمن الجاه وقد تقدم الكلام عنها في الفتوى رقم: 9559.
الحالة الثانية: أن يكون هذا المدير ممنوعا من الزيادة من قبل جهات الاختصاص وليس من صلاحياته أن يزيد، ففي هذه الحالة لا يجوز له أن يزيد، ولا تجوز الوساطة لأجل ذلك، وأخذ الأجرة مقابل هذه الوساطة يعد حينئذ من الرشوة المحرمة، وقد روى أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. وفي رواية: ... والرائش، يعني: الوسيط الذي يسعى بينهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1425(12/5829)
حكم دفع مال للحصول على شيء تساوت فيه حقوق كثيرين، أو للإسراع فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق جاءته فرصة للسفر إلى دولة عربية عن طريق مسابقة في السفارة التابعة لهذه الدولة وفعلاً قدم فيها ولكنه تعرف على سيدة لها صلة بالعاملين بالسفارة واتفقت معه على أن تنفذ له المصلحة في مقابل مبلغ من المال، وفعلا اضطر لدفع المبلغ لها وبعد أيام ظهرت النتيجة ومضى العقد وهو الآن على وشك السفر فهو يسأل ما حكم ما فعله وهل توجد كفارة لهذا إن كان هذا ذنب قد اقترفه والله وحده يعلم أنه اضطر لهذا من أجل لقمة العيش؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نقول لصديقك إذا كان المال الذي ستدفعه لهذه المرأة إنما تدفعه في مقابل تقديمك على غيرك من المرشحين لهذا العمل، فلا يجوز لك ولا لها ذلك، بل هو من الرشوة المحرمة التي يتوصل بها إلى الحصول على شيء قد تساوت فيه حقوق الكثيرين، بل قد يتوصل بها إلى أخذ حق الغير إن كان في المتقدمين من هو أولى منك، لكونه أشد حاجة أو أرقى كفاءة.
أما إذا كان ما تدفعه إنما تدفعه لمجرد السماح لك بالمشاركة، فإنه حق لك، والراجح أنك إذا لم تستطع الوصول إليه إلا عن طريق الرشوة، فلا مانع من ذلك والإثم على الآخذ لا على المعطي، وإذا كان ما تقدمه لك المرأة هو مجرد الإسراع في إجراءات المعاملة، فإن لذلك حالتين:
الحالة الأولى: أن يكون ما قامت به هذه المرأة من تسهيل معاملة صديقك ليس من عملها المنوط بها القيام به في السفارة، فلا حرج عليه في أن يدفع لها مبلغاً مقابل ذلك، ولا حرج عليها في أخذه، لأن ذلك من قبيل الأجرة المباحة.
والحالة الثانية: أن يكون ما قامت به هذه المرأة من تسهيل معاملة صديقك هو من عملها المنوط بها القيام به، وفي هذه الحالة لا يجوز لها أن تأخذ على ذلك مقابلاً، ويعد ذلك من الرشوة المحرمة، والرشوة تعتبر من كبائر الذنوب، قال تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ [المائدة:42] ، قال الحسن وسعيد بن جبير: هو الرشوة.
وقال تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُون َ [البقرة:188] ، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح، وفي رواية: ... والرائش. وهو: الساعي بينهما.
أما صديقك، فله أن يدفع مالاً مقابل الحصول على حقه إذا لم يستطع الوصول إلى حقه إلا بذلك، ويكون الإثم على الآخذ دون المعطي، لأن الرشوة هي: ما أعطي لإحقاق باطل أو إبطال حق، أما ما أعطي لإبطال الباطل أو إحقاق الحق فليس برشوة على الدافع، وهو رشوة على الآخذ.
قال الشيخ الخرشي في شرحه لمختصر خليل: وأما دفع المال لإبطال الظلم فهو جائز للدافع حرام على الآخذ. انتهى.
وورد في الأثر أن ابن مسعود رضي الله عنه كان بالحبشة فأخذ فرشى بدينارين، حتى خلي سبيله، وقال: إن الإثم على القابض دون الدافع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1425(12/5830)
متى يباح دفع الرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أما بعد فعندي سؤال أرجو منكم الإجابة عليه السؤال هو
أنا أعمل في مهنة أبواب السحاب وهناك مشروع قدمنا عليه ولكن المهندسين المسؤولين عن المشروع لا يعطوك المشروع إذا لم تعطهم نسبة، فنضع نحن سعراً أعلى بحيث يأخذون نسبتهم دون أن ينقص من أرباحنا شيئا ودون ذلك لا تستلم المشروع، فهل هذه المعاملة حرام أم حلال نرجو منكم الإجابة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يتنافس معكم في هذه المقاولة من هو أفضل منكم وأحق بالعمل، أو كنتم أنتم أحق بالعمل من غيركم ممن يتنافسون معكم جاز لكم الحصول على هذا الحق ولو بدفع الرشوة للمهندسين، والإثم عليهم لا عليكم، لكن يشترط لذلك أن لا تزيدوا على التكاليف المتعارف عليها لمثل هذا المشروع، لما في ذلك من الإضرار بصاحب المشروع الأصلي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه. أما إذا كان هناك من ينافسكم وهو أولى بالعمل منكم أو مساوٍ لكم فلا يجوز لكم أخذ هذه المقاولة بهذه الصورة لأنه يعد اعتداء على حق الغير وإضرارا بصاحب المشروع أيضا.
والواجب على هؤلاء المهندسين أن يتقوا الله تعالى، فهم وكلاء في هذه المشاريع عن أصحابها، والوكيل مؤتمن فلا يجوز له أن يحابي على حساب موكله، مما يضر به أو يذهب ماله، وراجع الفتوى رقم: 6257.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1425(12/5831)
ما يدفع للتوصل إلى حق ليس من الرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي حول موضوع الرشوة: معروف أن الرشوة حرام والحديث: لعنة الله على الراشي والمرتشي. لكن هل هذا العمل يعتبر رشوة؟
أنا طالب في باكستان في كلية الطب وخلال إتمام عملية التسجيل في الكلية والحصول على البطاقة نواجهنا مشكلة نحن العرب وهي أنه لا يمكنك الحصول على البطاقة إلا إذا دفعت للموظف. وعمل الموظف أن يعطيك البطاقة، لكن يماطل ويصعب عليك الأمر حتى تعطيه المال لكي تحصل على البطاقة.
والعمل الثاني: انقطعت الكهرباء عن منزلي لعدم تسديد الفاتورة بسبب تأخر الوالد في إرسال المال، وخلال تلك الفترة تحدثت مع عمال شركة الكهرباء لكي يسمحوا لي باستخدام الكهرباء ريثما أحصل على المال لكنهم رفضوا ذلك، مما اضطرني إلىأن أدفع للعامل 500 روبية لكي يسمحوا لي ببعض الوقت، ولقد استلفت تلك النقود.
آسف على الإطالة. وشكرا لكم. وجزاكم الله خيرا على هذا الموقع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وردت أحاديث صريحة تحرم الرشوة وتتوعد صاحبها، فمنها الحديث الذي أوردته في نص السؤال، ومنها ما أخرجه الطبراني بسند جيد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الراشي والمرتشي في النار. والعياذ بالله.
والرشوة هي: ما يعطى من المال لإبطال حق أو إحقاق باطل. قال في تحفة الأحوذي: فأما ما يعطى توصلا إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه.
وعليه؛ فإذا لم يمكن تحصيل هذه البطاقة بدون رشوة، وكان يتوقف على حصولها بعض المصالح، فلا بأس بدفع المال عن ذلك، ويكون حينئذ رشوة في حق المدفوع له لا في حق الدافع.
وأما الذي دفعته لشركة الكهرباء فهو رشوة، لأنك دفعته لتنال به شيئا لا حق لك فيه، ولكنه يمكن أن يباح لك إذا كنت مضطرا إلى استعمال الكهرباء ولم تجد وسيلة أخرى لتحصيله غير ما فعلت، لأن الضروريات تبيح المحظورات. قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [سورة الأنعام: 119] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1425(12/5832)
الفرق بين الرشوة والجعالة وحكمهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الرشوة والجعالة وحكمهما في الدين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفرق بين الرشوة والجعالة أن الرشوة محرمة لما فيها من الاعتداء على حقوق الغير بالنسبة للمعطي، واكتساب المال بغير وجه حق بالنسبة للآخذ، وقد بينا ذلك مع تفصيل في الفتويين رقم: 16809 ورقم: 5480. ولمعرفة معنى الرشوة راجع الفتوى رقم: 17929.
أما الجعالة فهي جائزة في الجملة، لأنها عمل في مقابل عوض معلوم دون ظلم لأحد من الناس أو إلحاق ضرر به، كما بيناه في الفتوى رقم: 48289.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1425(12/5833)
تريد دفع رشوة لتتخلص من القرض الربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم لله الرحمن الرحيم والحمدلله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أبدأ في موضوعي ولو انه معقد وطويل لكن أتمنى من الله أن أجد حل لموضوعي لأني جد محتارة وأريد من يرشدني للطريق الصحيح.
أنا فتاه أبلغ من العمر 24 عاما كنت لاهية وضائعة بالدنيا ولهواتها وشهواتها وتربيت بعائلة والحمدلله تصلى وتصوم والحمدلله ربونا على الصلاة لكن مررت بظروف نفسية منذ الصغر جعلتنى أفقد حنان والدي مع أنه عايش وما عندي إخوان وكنت ضعيفة الإيمان، كنت قد تعرفت على شاب من ناحيتي على أساس زواج لكن من ناحيته هو الله العالم وطبعا حصلت بينا أمور وأتمنى من الله أن يغفرها لى ويعفو عني وجعلني أضع على نفسي ديونا وقرضا بحجة ما يسميه الحب ونكون أنفسنا، بعد فترة حسيت أنه يجذب لفترة الله بعث لي شابا مطلقا وأحبني وطلعت معاه ويمكن هو كان سببا في هدايتي والتزامي وأحببته واتفقنا أن نمشي بما يرضي الله لحد زواجنا بس الشاب الأول قال لى أنا مستعد أني أسدد الديون التى عليك وما ياخذون فوائد وربا بشرط انك تعطيني مبلغا من المال ما يعتبر رشوة وهو ما سك بيده ما يضر عائلتي وسمعتي وأنا تبت إلى الله وما أريد غير أني أتخلص من الربا والحرامأريد أن أغسل ذنوبي وأعيش بما يرضي الله لكن إذا أعطيتتا المبلغ تعتبر رشوة وما طلعنا من دائره الحرام اتمنى منكم النصح لأني صدقا تائهة وما أدري ماذا أفعل علما بأن موضوع زواجي من الشخص متوقف على هذا الموضوع. والشاب الثاني عارف الموضوع كله وراض ومسامحني على الذي فات ومستعد ينساه وأنا أريد الستر والحلال بس ما أملك غير الدعاء والتوكل على الله أرشدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 50843.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1425(12/5834)
حكم دفع مال لصيانة العرض
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من حضرتكم الإجابه على سؤالى / أنا كنت من الغافلين الغافلين بالدنيا اللاهين عن الآخرة والحمدلله كنت أصلي وأصوم وأتصدق ولا أمشي بالنميمة لأنها لم تكن تخطر ببالي ومع الغفلة والضيعة في بحر الأحلام والأوهام أذنبت كثيرا لكن والحمدلله هداني الله وكانت هدايتي على يد شاب أحببته من كل قلبي في لله وقررنا الزواج على سنة الله ورسوله وأن لا نعصي الله بأي شيء يغضبه وإن شاء الله ربي يقبل توبتي (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون) صدق الله والعظيم لكن عندي مشكلة وأتمنى من الله المغفرة والرحمة لي ولجميع المسلمين، أنا كنت أخذت قرضا من البنوك غير الإسلامية، ما الحل فيها.
وسؤالي الثاني شاب كنت تعرفت عليه أولا ويهددني بصور وأشرطة تسبب الفضيحه لي ولأهلي، ولا أعرف ماذا أفعل معه إن لم أحصل مبلغا من المال كنت أعطيته لصديقة لي تنفس به كربتها يقول ترجعه لك وأنا سأنهي القرض وأعطيك الصور والوصل، أرجو من سيادتكم الإفادة، لأني أخاف على سمعتي وسمعة أهلي من شخص ظالم مثل هذا وجزاكم الله ألف خير مع العلم أني تبت توبة نصوحا وعلامات التوبة واضحة علي زهدت الدنيا والحمدلله أقوم الليل وأذكر الله دائما على اللسان وإيماني بالله قوي بأنه يساعدني لأنه القائل: ادعوني أستجب لكم،،،،، وجزاكم الله ألف خير، وأنا سأذهب إلى العمرة إن شاء الله تعالى، وأتمنى من الله أن يغفر لي ذنوبي ويهدي عباده إلى الصراط المستقيم، وأنا لساني صار يشهد بالحق وأنصح من معي، أتمنى منكم الرد سريعا وجزاكم الله ألف خير على هذا الموقع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك بتوبتك مما كنت فيه من الغفلة والانشغال بالدنيا عن الآخرة، ومما ارتكبت من المعاصي والآثام.
واعلمي أن شروط التوبة هي الإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم أن لا يعاد إليه، فمن تمام توبتك أن تبتعدي عن الشاب الثاني هذا الذي يريد أن يتزوجك، ولا تطلعي معه ولا يختلِ بك، ولا ير منك أو يمس من يديك شيئا قبل أن يتم العقد الشرعي بينكما.
وكونه هو السبب في هدايتك لا يبيح له ولا لك معه شيئا مما هو محرم.
وأما ما سألت عنه من أمر القرض الربوي فإنه أمر محرم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة. قال الله تعالى: [الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ] (البقرة: 275) . وتوعد الله بالحرب متعاطيه إن لم يتركه ويتوب منه، قال: [فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ] (البقرة: 279) .
ومن تمام توبتك منه أن لا تدفعي الفوائد الربوية إن استطعت إلى منعها سبيلا، لأن دفعها فيه إعانة لأصحاب الربا على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول: [وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ] (المائدة: 2) .
وإذا كان الشاب الذي ذكرت يستطيع حقا أن يخلصك من دفع هذه الفوائد مقابل مبلغ تعطينه له فلا بأس بذلك، وليس هذا رشوة طالما أن القصد منه دفع باطل، لأن الرشوة هي دفع المال لإبطال الحق أو إحقاق الباطل، وراجعي في تعريفها الفتوى رقم: 17929.
وما ذكرت من خبر هذا الشاب الذي يهددك بصور وأشرطة وبالفضيحة لك ولأهلك.. فإذا كنت لا تجدين وسيلة للتخلص مما يهددك به إلا أن تعطيه مبلغا من المال فلا ينبغي أن تترددي في دفع هذا المبلغ لأن صون الإنسان عرضه واجب علي، هـ وهو إحدى الضروريات الست.
وإذا كان الذي أجيب عنه هو غير ما أردت فوضحي لنا سؤالك، عسى أن نجد لك الجواب المناسب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1425(12/5835)
من أحكام الرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مهنة المبيعات وأحياناً أجبر على دفع هدية بعد إتمام البيعة بأوامر صاحب العمل للجهات الحكومية ليتم البيع مما يحرم البائعين الآخرين من بيع منتجاتهم الهدية أو الرشوة سوف تدفع عن طريقي أو عن طريق غيري من الموظفين ما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإهداء المال لجهات حكومية لأجل أن يشتروا البضاعة من دافع المال يعد من الرشوة، ولا يجوز للعامل أو الموظف قبول هذه الهدية، لما يترتب على الهدية من استمالة القلوب، مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. رواه مالك في الموطأ.
ولما يترتب على الهدية للموظف أو العامل من إفساد الذمم والإضرار بالأمة، وبالتالي ينعكس ذلك على العمل وعلى الأخلاق بصفة عامة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل كان عاملا على الزكاة وقد أهديت له هدية: فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر أيهدى له. رواه البخاري ومسلم.
وقد ذكر ابن حجر في الفتح عند شرح هذا الحديث: إن العامل إذا أهدي له للطمع في وضعه من الحق، لا يجوز له الاستئثار بما يهدى إليه.
والأدلة على تحريم الرشوة كثيرة جداً ومن ذلك: قوله تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ [المائدة:42] ، قال الحسن وسعيد بن جبير: هو الرشوة.
وقوله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:188] .
وروى الإمام أحمد والأربعة وحسنه الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: لعن رسول الله الراشي والمرتشي في الحكم.
وأخرج الطبراني بسند جيد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: الراشي والمرتشي في النار.
ودافع المال وآخذه سواء في الذنب والعقوبة، بل يستوي معهما الرائش، وهو الذي يمشي بينهما، فقد روى الإمام أحمد عن ثوبان قال: لعن رسول الله الراشي والمرتشي والرائش.
وبالمناسبة نحذر من هذا العمل المهين، فإن بعض الناس لا يقوم بالواجب عليه من حقوق الناس في تسيير أمورهم إلا بأخذ مقابل من مال يبذل لهم، وهذا حرام عليهم وخيانة للأمانة التي حملوها، وظلم لإخوانهم، وأكل لأموالهم بالباطل فعليهم أن يخافوا الله في أنفسهم وأن يتقوا الله العزيز الجبار.
وعلى كلٍ؛ فلا يجوز لك أخي السائل الامتثال لمن يأمرك بدفع الرشوة، وإذا دفعها غيرك فلا شيء عليك ولكن عليك أن تنهى عن هذا المنكر. واعلم أن من اتقى الله جعل له فرجا ومخرجا، قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3] .
ونريد التنبيه إلى أن الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه أو لدفع ظلم أو ضرر جائزة عند الجمهور ويكون الإثم على المرتشي دون الراشي؛ ولكن يشترط هنا أن تتعين وسيلة إلى أخذ الحق أو دفع الضرر، فإن أمكن الوصول إلى الحق بدونها أو دفع الضرر بدونها فإنها لا تجوز.
قال ابن الأثير: فأما ما يعطى توصلا إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه، وروي أن ابن مسعود أخذ بأرض الحبشة في شيء فأعطى دينارين حتى خلي سبيله، وروي عن جماعة من أئمة التابعين أنهم قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله، إذا خاف الظلم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1425(12/5836)
كذبا وشهدا زورا ليأخذا أكثر مما يستحقان
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد، أما بعد؛
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أرجو من الشيخ الكريم أن يفتيني في مسألتي هده؛
وقعت لي حادثة سير وأنا راكب على دراجتي الهوائية حيث ضربني شخص بدراجته النارية فهرب ثم جاء خالي فتوجهنا مباشرة إلى المستشفى حيث أعطى خالي رشوة للطبيب ليزيد في مدة مكوثي بالمستشفى مع العلم أنني شفيت في ظرف 3 أو4 أيام لأنه لم يكن ضررا كبيرا عدا جروح خفيفة في الرجل وتمزق عضلي في كتفي فشهد الطبيب زورا بأنه يتوجب علي المكوث في المستشفى لمدة 30 يوما ثم توجهنا بعد ذلك إلى رجال الشرطة لنبلغهم بالحادثة فأعطى مرة أخرى خالي رشوة للضابط فشهد هو الآخر زورا على أنني أصبت إصابات بليغة. وفي اليوم التالي جاء إلينا صاحب الدراجة الهارب فسامحه خالي عوض قدر مالي يضاعف ما أنفقنا على هده الحادثة حوالي 9 أو10 مرات فتوجهنا مرة أخرى إلى مركز الشرطة لنبلغهم بأن الشخص المطلوب ليس هو الماثل أمامهم
فتركنا البحث مبنيا للمجهول وللإشارة فان صاحب الدراجة كان قد فر إلى مدينة أخرى فاستدعته الشرطة فأتى إلينا طالبا السماح.
وسؤالي فضيلة الشيخ؛ هل المال الذي أعطانا إياه صاحب الدراجة النارية حلال أم حرام أم يجب إرجاع ما زاد عن التعويضات الضرورية إلى صاحبه؟ ... ... ... ... ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أقدمتم عليه قد اشتمل على عدة محذورات:
الأول: أن في ذلك كذبا وشهادة زور، وشهادة الزور والكذب لإضرار الآخرين يعد من كبائر الذنوب.
والثاني: دفع المال لأجل هذه الشهادات الكاذبة يعدان من الرشوة المحرمة لأنه دفع للمال لإحقاق باطل وإبطال حق، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي كما رواه الترمذي وغيره.
والثالث: أن في ذلك أكلا لأموال الناس بالباطل، حيث إنكم لا تستحقون على هذا الشخص إلا الأرش الذي يعادل ما حصل من إصابة فحسب، وما زاد على ذلك فهو سحت، والواجب عليكم الآن هو التوبة من هذه الذنوب والآثام والندم والاستغفار، كما يجب عليكم رد ما زاد عن ما تستحقونه إلى هذا الشخص وطلب السماح منه إن كان حصل له ضرر بسبب كذبكم وشهادات الزور.
كما يجب عليكم أن تأمروا الطبيب والضابط المرتشين بالتوبة إلى الله من الرشوة ومن شهادة الزور.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى التالية: 9215، 35535، 45978.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1425(12/5837)
حكم دفع مال لدخول معامل الكلية دون إذن الإدارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب بكلية الطب، ونحن نرى العينات الطبية المقررة علينا في المعامل بدون مقابل، ولكن هناك طلبة يفعلون ذلك في غير المواعيد الرسمية، عن طريق إعطاء العامل المسؤول نقوداً، وذلك بدون علم الإدارة ولكنهم لا يأخذون شيئاً أو يضرون أحداً فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الإدارة المسؤولة عن هذه المعامل لا تسمح بذلك فإنه لا يجوز للطلاب الدخول بدون إذنهم، ودفعهم نقوداً للمسؤول عن المعامل ليسمح لهم بالدخول يعد من الرشوة المحرمة، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: الراشي والمرتشي. كما رواه أحمد والترمذي وغيرهما، والأدلة التي تنهي عن الرشوة كثيرة.
وعليه؛ فيجب على هؤلاء الطلاب أن يقلعوا عن هذا العمل وأن يتوبوا إلى الله من ذلك، وإذا كان لا بد من الدخول فليناقشوا الأمر مع الإدارة وليحاولوا إقناعهم؛ فإن اقتنعوا فذاك وإلا فلا بد من الصبر والتقيد بالنظام الموضوع، أو البحث عن معامل أخرى بديلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1425(12/5838)
حكم دفع مبلغ للموظف للحصول على خدمة جيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هو أني أشتغل بشركة خدمات الإنترنت التي تقدم خدمات الإنترنت لزبائنها عن طريق خطوط الهاتف بالاتفاق مع الشركة العامة للبريد ويتم دفع مبلغ سنوي لشركة البريد وعليه عند إكمال الإجراءات اللازمة بالخصوص يقوم مسؤول الخدمات لشركة البريد بتكليف أحد الفنيين لتوصيل الخط لزبون شركتنا وعليه نحن نقوم بإعطاء الأخ الفني بعض المبلغ من جانب المساعدة وحتى نتحصل على خدمات جيدة من طرفه في حين انقطاع الخط أو حدوث أي خلل فيتم استدعاء هذا الفني على وجه السرعة.. فهل ما نفعله يجوز أو لا
وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمبلغ المدفوع لهذا الفني يعتبر رشوة محرمة، لأنه يدفع له ليقوم بعمله الواجب عليه، وما كان كذلك فهو رشوة يحرم دفعها وأخذها، كما في الحديث: لعن الله الراشي والمرتشي. رواه أحمد.
وفي حالة تعذر استيفاء الحق من هذا العامل إلا بدفع رشوة فلا حرج في دفعها، والإثم عليه دون الدافع، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 7840، والفتوى رقم: 33373.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1425(12/5839)
حكم دفع مال ليرجع إلى مكان عمله القديم
[السُّؤَالُ]
ـ[شخصاً يعمل مدرساً وكان يعطي دروساً خصوصيا وعندما علمت الإدارة بذلك نقلته إلى مكان آخر للعمل بعيداً عن السكن، وهناك وسيلة للرجوع عن طريق دفع مبلغ من المال إلى المسؤول في الإدارة، هل هذه الوسيلة مشروعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الفتاوى ذات الأرقام التالية: 25901، 18085، 2487.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(12/5840)
حكم دفع الرشوة للحصول على الرمال الممنوعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
1- هل يجوز لي أن أمول مشروعي عن طريق البنك بفائدة تصل إلى 4%؟
2- الحكومة منعت استغلال الرمال التي تستعمل في البناء وهناك أشخاص في الحكومة يقبضون أموالاً من الشعب ليفتحوا لهم الطريق في استغلالها فهل يجوز لي أن أعطيهم من المال كي يسمحوا لي بالعبور وأن لم أفعل فإنهم يحتجزون لي شاحنتي لمدة طويلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أنا أجبنا على السؤال في الفتوى رقم: 47224.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1425(12/5841)
شارك المقاول على نسبة من الربح لتتفادى الرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن أمر انتشر عندنا وفي النفس من هذه المعاملة شيء، فآثرت استفتاءكم مع أمل أن تعجلوا لي بالإجابة إلى ذلك، خلاصة المسألة أن الدولة عندنا أعطت مبالغ للفلاحين، قسط منها دين عيني يطالب الفلاح بتسديده من غير فائدة، وقسط هبة من الدولة للفلاح ولكن لا يعطى عينا بل تتكفل الدولة بدفع المقاول، وهو طرف ثالث في المعاملة، أجرة أعمال معينة يقوم بها لصالح الفلاح مثل حفر بئر وإعداد خزان للماء ونحو ذلك، والذي يحدث الآن هو أن الفلاح ولأن عليه تجاه الدولة دين عيني مطالب به أصبح لا يعطي مشروعه للمقاول إلا ويشترط عليه أن يعطيه مبلغاً معيناً نظير أن يعطيه المشروع، مع العلم أن الدولة جعلت قيمة معينة لكل عمل يقوم به المقاول وفي الغالب هذه القيمة أكثر بكثير مما ينفقه المقاول على المشروع، فالفلاح يعرف أن المقاول يستفيد من هذه العملية فلا يعطيه المشروع إلا بشرط أن يعطيه قسطاً معيناً من المال ليسدد ما عليه من دين تجاه الدولة كما سبق، فما الحكم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيمكن للفلاح الحصول على نسبة من أرباح المشروع، وذلك بأن يجعل نفسه شريكاً للمقاول الذي سيقوم بالمشروع، ويقوم معه ببعض الأعمال العادية كحراسة الموقع أو إدارة العمال ونحو ذلك، والشركة جائزة بالعمل عند كثير من الفقهاء، أما الحصول على مال نظير السماح للمقاول بإجراء العقد مع الدولة، فلا نرى له وجهاً، إذ العادة أن المقاولين هم الذين يعرضون أنفسهم للقيام بهذه الأعمال، فلا جهد مبذول من جهة الفلاح، علماً بأن الفلاح الذي يأخذ مالاً نظير ذلك تقوم عليه شبهة التساهل معه في إنجاز العمل ودقته، ولذا فإننا لا نرى جواز أخذ هذا المال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1425(12/5842)
دفع الرشوة للحارس للحصول على الرمال العامة
[السُّؤَالُ]
ـ[الحكومة منعت استغلال الرمال البحرية المستعملة في البناء وهناك أشخاص يقومون باستغلالهاوذلك بمد بعض الأموال لحراس الرمال لتمكينهم من المرور قهل هذا يعتبر رشوة؟ أم هي طريقة جائزة كفرصة للعمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما دفع مال لحراس الرمال ليمكنوكم من الاستفادة منها فهو رشوة، والرشوة محرمة على الآخذ والمعطي، ومحل تحريمها على المعطي أن تكون الدولة قد منعت من الاستفادة من هذه الرمال لمصلحة عامة، أما إذا لم تكن قد منعت من الاستفادة منها لمصلحة عامة فيجوز دفع الرشوة حينئذ إذا تعينت طريقاً للاستفادة من هذه الرمال، لأن الرمال وما شابهها من المباحات لا يحق لأحد من الناس دولة كانت أو غيرها أن يمنع أحداً من الاستفادة منها، إلا إذا كان المنع من الدولة، ولمصلحة عامة، وفي حالة جواز دفعها فإن إثم الرشوة يتعلق بالآخذ دون المعطي الذي دفعها ليتوصل إلى حقه.
وراجع الفتوى رقم: 1713.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1425(12/5843)
استيضاح حول فتاوى تتعلق بين الرشوه والهدية والمجاعلة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم يا شيخنا الفاضل, لقد راجعت الفتوى لسؤال رقم 124209 وسؤال 124593 ولكن إذا تكرمت ما هو الفرق بين هذه الفتاوى والفتاوى رقم 23924 و 45852]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على مراجعتك فتاوانا ومقارنة بعضها ببعض بغية معرفة مدى توافقها فيما بينها أو تقابلها.
ونحن بدورنا قد عدنا إلى الفتاوى التي أشرت إليها ولم نجد فيها ما يدعو إلى الريبة، فأما السؤال رقم: 124209 فقد أفتينا صاحبه بأن الهدايا التي تقدم له يُخشى أن تكون من أجل استمالته من أجل التعامل مع هذه الشركات التي تقدمها دون غيرها، فتكون حينئذ رشوة، والسؤال رقم: 124593 بينا لصاحبه أن جواب سؤاله قد سبق وهو عين الجواب في السؤال رقم: 124209.
وأما الفتويان رقم: 23924، ورقم: 45852، فإنهما ليسا من باب الرشوة، لأن في الأولى منهما مكافأة لطبيب صنع معروفا إلى غيره فكافأه عليه، ولو أنه كان حصل بينهما اتفاق على مثل هذا العمل مقابل مكافأة محددة لصار داخلا في باب السمسرة والمجاعلة، ولا علاقة لذلك بالرشوة، ثم الفتوى رقم: 45852 هي من باب الدلالة والسمسرة، إذ الشرطي كما هو الحال في مسألة الطبيب لا يلزمه أن يدل المتهمين على أي شخص، وليس ذلك من عمله، وإنما هو مثل دلالتهم على الشراء من حانوت معين أو مؤسسة تجارية ونحو ذلك، وإذا جاعله أحد المحامين على استجلاب الزبناء له فليس في ذلك شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1425(12/5844)
التغاضي عن التقصير لقاء مال رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف في إحدى الوزارات وأعمل مراقباً ومشرفاً على أحد المقاولين المتعاقدين مع الوزارة وأكتب تقارير شهرية عند المقاول، ويتم رفعها للمهندس المشرف حتى يتم الخصم عليه من المستخلص الشهري، وحيث إني موظف على البند ولا يتم احتساب مصاريف السفر لي من قبل الوزارة، فإن المقاول يقوم بدفع أربعمائة ريال شهرياً لي بدلاً عن المصروفات، وهذا بالطبع يؤثر علي أحياناً فيتم التساهل مع تقصير المقاول، علما بأن المهندس المشرف هو المتصرف الأول والأخير في الخصم على المقاول، فأحياناً يتم رفع تقرير يبين تقصير هذا المقاول والمهندس يتغاضى عن ذلك، سؤالي: هل هذه المصاريف تعتبر حراماً على أم لا، علماً بأن المهندس لديه خبر عن ذلك لكن لا تقدر على أن تتكلم في؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الظاهر -والله أعلم- أن ما تأخذه من المقاول رشوة لا يجوز أخذها لأن تعريف الرشوة: هو ما يدفع للشخص لإبطال حق أو إحقاق باطل، ولعل قصد المقاول بدفع المبلغ المذكور لك هو أن يقع منك ما أشرت إليه من غض الطرف عن تقصيره، والتساهل معه في التقارير التي ترفع للجهات المسؤولة.
وعلى الجهات المسؤولة أن تسد حاجة موظفيها حتى لا تستغل حاجتهم في الرشوة ويتعرضوا لهذه الجريمة التي أفسدت مجتمعات المسلمين اليوم، وعلى الموظفين أن يقنعوا بما قسم الله لهم من حلال، ويعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله الراشي والمرتشي. رواه الترمذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1425(12/5845)
أخذ الموظف من الزبون أجرا هو عين الرشوه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة وأتحصل على مبلغ 200 دينار إضافي فوق مرتبي الأساسي مقابل عمل خارج عن عملي الاعتيادي، أو المتفق عليه عند حصولي على هذه الوظيفة، وهذا العمل الإضافي عبارة عن تركيب خطوط مباشرة (خطوط هاتفية) لتوفير خدمات الإنترنت لزبائن الشركة التي أعمل بها، ويتم هذا التركيب عن طريق الشركة العامة للبريد، وذلك بتوجيه رسالة رسمية لمدير المنطقة المعنية، ويقوم بدوره بالتأشير عليها للإجراء المناسب، وأقوم أنا باستكمال كافة الإجراءات القانونية، وعندها أتمكن من الحصول على ورقة لإجراء الكشف الفني، ويتم هذا العمل (توصيل الخط) عن طريق أحد موظفي الشركة العامة للبريد، ويقوم هذا الموظف بتركيب الكابل المطلوب، ويطلب هذا الموظف ببعض المال لكي يقوم بهذا العمل بأسرع ما يمكن حتى يتسنى لنا تقديم الخدمة لزبائننا دون أي تأخير، ونظراً لوجود شركات منافسة في هذا المجال أقوم بإعطائه جزءاً من المبلغ الذي أتحصل عليه من الشركة (الإضافي) ، فهل هذا المبلغ الذي أدفعه للموظف رشوة، أرجو إفادتي بالرد أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لموظف الشركة العامة للبريد أن يطلب منك أجراً مقابل عمله الذي يجب عليه القيام به، وأخذه لذلك يعتبر رشوة محرمة، وفي الحديث: لعن الله الراشي والمرتشي. رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
كما أنه لا يجوز لك دفع المال إليه ابتداءً لينجز لك ما هو واجب عليه أصلاً.
وعليه؛ فالإثم يلحقك كما يلحق موظف الشركة، ويجب عليك الكف عن هذا العمل، وراجع الفتوى رقم: 1713.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(12/5846)
التقرير الطبي المزيف كذب ورشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان حضوري إلى الفصل الدراسي مجرد مضيعة للوقت بسبب إهمال الأساتذة فهل يجوز لي تقديم بعض المال إلى الطبيب ليرخص لي بشهادة مرضية تخول لي عدم الحضور]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدفعك المال إلى الطبيب ليكتب لك شهادة على خلاف الواقع فيه محذورات، الأول: أنه تسبب في إثم ومنكر وهو قيام الطبيب بالكذب في تقريره، وهذا يدخل دخولاً أولياً في قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة:2] .
والثاني: دفع مال مقابل إحقاق باطل وتزوير حقائق، وهذه رشوة محرمة، وفي الحديث: لعن الله الراشي والمرتشي. رواه أحمد والترمذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(12/5847)
حكم إعطاء مال للتخلص من مخالفة مرورية
[السُّؤَالُ]
ـ[ارتكبت مخالفة في الطريق (تجاوز السرعة) فأوقفني الشرطي وقام بسحب رخصة السياقة وإعطائي رخصة وقتية لا تتجاوز 15 يوما من تاريخ السحب وعلمت بعد ذلك أنه ستقع مقاضاتي لدى المحكمة وسيحكم علي بدفع غرامة مالية قدرها 157 دينارا هذا إلى جانب تمديد سحب الرخصة لمدة شهرين. فانزعجت لذلك وحاولت التدخل لاسترجاع رخصة السياقة ولكن دون جدوى. وبعد يومين اتصل بي الشرطي وقال لي إذا أعطيتني 50 دينارا فإني سأعيد لك الرخصة دون أية مشاكل. ولكني رفضت بشدة في بادئ الأمر. وبعد ثلاثة أيام من التفكير وافقت على ذلك الأمر لأني لا أريد أن أذهب إلى المحاكم ولا أريد أن أبقى بدون سيارة لمدة شهرين إضافة إلى دفع مبلغ مالي.
لقد غلب على ظني أني آثم لدفع رشوة ولكن بدا لي أني قد أكون بذلك دفعت ضررا. فما رأيكم في هذه المسألة وإن كنت آثما فهل لي من توبة؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى حرم الرشوة، وجعلها من كبائر الذنوب، والرشوة إذا تعينت وسيلة إلى تحقيق الحق أو إبطال الباطل، فإنها تكون حينئذ مباحة بالنسبة للراشي، وأما المرتشي، فهي حرام عليه على كل حال، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 1713.
وأنت في السؤال ذكرت أنك تجاوزت السرعة المسموح بها، فطبق الشرطي فيك ما يمليه قانون المرور، وقانون المرور إذا لم تتناقض مواده مع الشرع، فإنه نظام يتوخى تقليل حوادث السير، وهذا له اعتبار كبير في الشريعة الإسلامية، لأن حفظ النفس أحد المقاصد الضرورية في الدين.
وبناء على جميع ذلك، فأنت مستحق لما فعل بك، وليس لك أن ترشي للتخلص منه، فعليك –إذاً- بالتوبة الخالصة، وهي الإقلاع فورا عن الفعل المنهي عنه والندم على ما مضى منه، والعزم على عدم العودة إليه في المستقبل. وإذا توفرت شروط التوبة، فعسى أن يمحو الله عنك ما ارتكبت من إثم، فقد أخرج ابن ماجه وابن أبي الدنيا من حديث أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(12/5848)
لا يتم له السفر إلا بالرشوة فهل يفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت عن السفر إلى الخارج وخاصة دول الخليج.
وسمعت أن السفر يتم بوجود أوراق: منهاعدم الممانعة وكذلك بما يسمونه كشف السفر
وهذا الكشف قد لا يمر منه أحد إلا (بواسطة أو دفع مبلغ من المال لأحد المسؤلين لكى يعمل تصريحا بالسفر) فما حكم الإسلام في هذا الأمر علما بأن الناس لا يسافرون إلا بهذا ويضطرون إلى ذلك لعدم مقدرتهم على العمل في بلادهم,,,,,أفيدونا..وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسلم يشرع له أن يضرب في الأرض ليجد عملاً يكتسب منه قوته وقوت عياله، ولا يجوز أن يحال بينه وبين هذا السفر بغير حق.
وعليه؛ فيجوز لك بذل المال للحصول على هذا الكشف إن لم تحصل عليه إلا بذلك، ولا إثم عليك إن شاء الله لما في ذلك من إبعاد الظلم عن نفسك والوصول إلى حقك، ومن أخذ منك هذا المال بغير حق فالإثم عليه، قال الشيخ الخرشي في شرحه لمختصر خليل: وأما دفع المال لإبطال الظلم فهو جائز للدافع حرام على الآخذ. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 11046.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1425(12/5849)
حكم دفع مال لاستخرج رخصة قيادة بسبب الجهل بلغة البلد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تقاضي المال في الحالة التالية هو حرام أم حلال، نحن نعيش في دولة أجنبية وهناك بعض الناس يتقدمون للامتحان في مكان آخرين يجهلون لغة البلد من أجل الحصول على رخصة السياقة التي تخولهم قيادة المركبات، وهم يضطرون للتزوير في الأوراق الرسمية مقابل مبلغ معين من المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نهى الشرع عن الكذب والغش والتزوير وهذا معلوم بين، وعليه فلا يجوز الإقدام على تزوير الأوراق ولا إدخال من يريد نيل الرخصة من ينوب عنه في الاختبار، لأن في حصول من لا يحسن قيادة السيارات على الرخصة وإقدامه على قيادة السيارة تعريضاً لنفسه وأنفس الآخرين للخطر.
أما من كان قادراً على قيادة السيارة أو غيرها مما يريد الترخيص له في قيادته، وكان حاصلاً على رخصة من جهة يعتد بها في هذا الشأن، وكان قادراً على اجتياز الاختبار وإنما حال بينه وبينه عدم معرفته بلغة ذلك البلد، فلا نرى حرجاً في دفع المال للوصول إلى هذه الرخصة لأنه مستحق لها.
وإذا جاز هذا في حق طالب الرخصة فلا يجوز في حق من اتخذ التزوير عملاً يتقوت منه، لأن مثل هذا قد يختبر عمن يستحق الرخصة وعمن لا يستحقها، وهو بعمله هذا يقوم بشهادة الزور التي قد يترتب عليها إزهاق أنفس وإتلاف ممتلكات، ولذا فلا يجوز ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1425(12/5850)
يريد أن يدفع رشوة ليغير نتيجة التحاليل ليسافر للعمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيب وحامل لفيروس C وأريد العمل في بعض الدول العربية التي تمنع عمل حاملي هذا الفيروس من العمل بها، هل التحايل بتغيير نتيجة التحليل (برشوة) حرام شرعا، مع العلم بأنني ناجح في بلدي وميسور وأؤدي رسالة طبية ودينية أعتقد أنها أكثر فائدة ولكني أتصور أن معيشتي في بلد آخر أفضل لأولادي لكثرة البدع في بلدي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان لهذه الدولة في منع من هو مصاب بهذا المرض من الدخول إلى أراضيها غرض صحيح وهذا هو الأصل والغالب، إذا كان الأمر كذلك فإنه لا يجوز لك الكذب أو التحايل لأجل دخول هذه الدولة، فإذا انضاف إلى ذلك دفع الرشوة فإن الإثم يكثر ويكبر، وبما أن حالك هو ما ذكرت من يسر الحال وقيامك بالرسالة الدينية في عملك، فإننا ننصحك بالبقاء ولو لم تكن هذه الدولة تشترط ما ذكرت، وأما عن البدع الموجودة عندكم فإنه يمكنك التغيير بالرفق واللين وبالتي هي أحسن.
نسأل الله أن يختار لنا ولك ما فيه الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(12/5851)
ليس من الرشوة دفع المال للوصول إلى الحق
[السُّؤَالُ]
ـ[لي محل صغير بجانب أبي وأود أن أكون لنفسي دخل شخصي، علما بأننا عائلة متوسطة مادياً، الحمد لله على كل حال، وإنني أنوي الزواج هذا العام إن شاء الله تعالى، المحل حسب موضعه وحجمه وإمكانياتي الشخصية وما أراه مناسباً من كل النواحي بما فيه الدخول هو محل هاتف عمومي، مشكلتي التي أريد لها فتوى إن شاء الله هي أن طلب خطوط الهاتف مرفوض مسبقاً إذا طلبت شرحاً للأمر فلن تصدق مدى استحالة الأمر، غير أنك إذا دفعت مالاً أصبح المستحيل ممكنا، فهل على إثم إن قصدت غايتي من هذا الباب، هل تعتبر هذه رشوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الرشوة المحرمة هي ما يدفع لكي يتوصل به إلى إبطال حق أو إحقاق باطل، أما ما يدفعه المرء ليتوصل به إلى حقه أو يدفع ظلماً أو ضرراً عنه أو عن غيره، فإنها جائزة عند جمهور العلماء، وقد تقدمت لنا فتاوى بهذا الخصوص، منها الفتوى رقم: 1713، والفتوى رقم: 17929.
وفي هذه الصورة المعروضة في السؤال نقول إن كنت على يقين من أحقيتك بهذا العمل وليس غيرك أولى به منك، فلا بأس أن تعطي مالا إن كان لا بد منه، وإن لم يك لك حق فيه أو كان غيرك أولى وبدفعك المال تأخذ حقه، فدفعك المال في هذه الحالة من الرشوة المحرمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1425(12/5852)
دفع الرشوة لتزوير الوقائع حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف حكم الدين في هذا الموضوع
. نحن نستأجر شقة (إيجار قديم) ولكننا لا نعيش بها الآن ونسكن في شقة خالي -مهاجر في أمريكا-
وأصحاب العمارة التي كنا نسكن فيها كانوا أصدقاء لنا منذ سنين ولكن بعد أن تركنا الشقة -علما بأن عفش منزلنا ما زال هناك - أردنا أن نأجرها مفروشا ونعطي المالك ما يستحقه من المال ولكن لقرابة الصلة بيننا وبينه أخذنا منه الموافقة ولكن لم نكتبها وقانونا لا بد من موافقة كتابية.
وفوجئنا أنه يرفع علينا قضية بأننا لم نأخذ موافقته ومن حقه أن يطردنا منها وذلك لأننا ليس معنا ما يثبت أنه موافق على تأجير الشقة وطبعا اضطررنا أن نقول إن الشقة ليست مستأجرة مفروشا لأننا لا نملك ما يثبت أنا أخذنا منه موافقة ولكنها ليست مكتوبة. وفعلا الشقة ليس بها مستأجرون الآن
المهم أنه يستخدم حيل غير مشروعة مثل الشهود الزور وتلفيق القواضى ولكن ما نفعل! وقد وجدنا أن الموظف المكلف بمعاينة الشقة ليثبت أنها ملكنا أيضا غير شريف ويريد منا رشوة ليكتب أننا موجودون في الشقة وأنها ليست مستأجرة مفروشا
وأمي تريد أن تدفع المال وهي تقول أنا آخذ حقي ولا أعتدي على حق أحد ولا بد أن أدفع هذا المال للموظف -مال الرشوة- لأن حكم المحكمة متوقف على كلمة هذا الموظف
فهل يجوز مما تقوله أمي أن ندفع رشوة حتى نحصل على حقنا؟؟؟؟
أفيدوني وجزاكم الله عنا خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعلم السائلة الكريمة أن قانون الإيجار المصري القديم الذي تم تعديله كان قانوناً وضعياً يخالف الشريعة في موضوع الإيجار، ومن أهم مخالفته لها تأبيده الإيجار وتجميد الأجرة، ولا شك أن في ذلك أكلاً لأموال الناس بالباطل، وإبطالاً لملكية المالك، فالواجب عليكم أن تسلموا الشقة لمالكها والتي استأجرتموها بالقانون القديم، ثم المالك بعد ذلك مخير، إن شاء أجّر لكم أولا، ففي الحديث: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس. رواه أحمد، وللمزيد راجع الفتوى رقم: 20808 والفتوى رقم: 27655.
وأما دفع رشوة للموظف المكلف حتى يزور الوقائع فحرام، لأنه يتوصل بها إلى إبطال حق المالك في ملكه، وإنما تجوزالرشوة إذا توصل بها إلى إحقاق حق، أو دفع ضر أو ظلم، وتعينت وسيلة إلى ذلك فتكون رشوة في حق الآخذ لا في حق الدافع، وراجعي الجواب رقم: 1713، والجواب رقم: 8043.
وليس ما تريد السائلة وأمها من ذلك في شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1425(12/5853)
طلب منه مال في مقابل توظيفه بالحكومة فماذا يصنع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل عن مسالة أنا لم أجد عملا منذ وقت طويل وكنت قد عملت فى شركات لا تخاف الله وأريد الآن أن أعمل في الدولة فلم أجد ما أفعل سوى شخص سيساعدني في إيجاد عمل لكن طلب مني مالا هل ذلك حلال أم حرام مع العلم بأني سأعيش بالراتب فقط]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان العمل الذي ستعمله في الدولة حلالاً، ولم تستطع الوصول إليه إلا مقابل مال تدفعه لبعض الأشخاص ليسهل لك الأمر، ولم يكن في ذلك ظلم لأحد ولا تضييع لحقه، فلا حرج عليك في ذلك إن شاء الله، وراجع الجواب رقم: 1713، والجواب رقم: 8032
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(12/5854)
حكم الرشوة للحصول على وظيفة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 29 سنة، لم أجد عملا منذ أشهر وأحتاج إلى المال لأعيل والدي، لأن أبي متقاعد وراتبه لا يكفي، وجدت شخصاً سيعينني على إيجاد عمل ولكن طلب مني مالا، وهذا الشخص له معارفه في الدولة، هل أعطيه المال أم هذا حرام، يعني رشوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان العمل الذي سيوفره لك ليس من حق أحد غيرك، وكنت كفؤاً له، ولا تستطيع الحصول عليه إلا بالرشوة، فلا نرى بأساً بذلك، لأن الحصول على الحق إن لم يتوصل إليه إلا بالرشوة جاز، ولتنصح الشخص الذي يريد الرشوة، بأن يجعل ذلك خالصاً لوجه الله تعالى، والله عز وجل سيخلف عليه أفضل مما ترك، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12670، 11046، 24823.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1425(12/5855)
الرشوة لا تقبل بحال
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي هو الذي يعمل في عمل وعرض عليه بعض من المال وهو في أشد الاحتياج إليه لأنه مديون واعتصم فما حكمه *وما حكم الراشي وما الحكم إذا قبلنا المال؟
سؤال آخر ما الحكم إذا غاب الزوج عن زوجته في السفر ولا يستطيع أن يرجع لها قبل أن يسدد ما عليه من دين مع العلم بأن الدين كان لسبب الزواج ولا أستطيع الرجوع قبل عام أو عام ونصف
أريحونا أراحكم الله
المرسل أحمد عبد المنعم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المال الذي عرض عليه ورفضه رشوة ونحو ذلك فقد أحسن في ذلك، ونسأل الله جل وعلا أن يبدله خيرا منه، وأما إذا كان هبة أو هدية ونحو ذلك، فلا حرج عليه في أخذه لا سيما مع حاجته إليه، فقد روى البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول أعطه أفقر مني حتى أعطاني مرة مالا فقلت: أعطه أفقر إليه مني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذه وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا، فلا تتبعه نفسك.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها، ويقول: تهادوا تحابوا، وأما الراشي والمرتشي، فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم حكمهما فقال: لعن الله الراشي والمرتشي. رواه أحمد. وفي لفظ: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش، يعني الذي يمشي بينهما. وعليه، فلا يجوز دفع الرشوة ولا قبولها إلا إذا اضطر الإنسان لاستخراج حقه فلا حرج عليه في دفعها، ويكون الآخذ هو الآثم.
وأما غياب الزوج عن زوجته، فلا يجوز أن يزيد عن ستة أشهر إلا برضاها كما بيناه في الفتوى رقم: 10254، فإن لم ترض بذلك، فلها الحق في طلب حضور الزوج أو الطلاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(12/5856)
مسألة محتملة بين الرشوة وعدمها
[السُّؤَالُ]
ـ[كان هناك مشاكل بيننا وبين مالك المحل، وبرغم أن هذا المالك -وهو شركة- يريد الحصول على المحل فهو لن يستطيع ذلك لوجود أوراق وعقود تثبت أحقيتنا في البقاء إلا أننا قبلنا التفاوض مع المالك لمزيد من الاستقرار، وقد دفعنا لبعض الموظفين بعض المبالغ لتقليل المبلغ الذي سوف ندفعه للشركة،
فهل ذلك يعتبر رشوة بالرغم من أن هذا المحل من حقنا في الأساس ومعناأ وراق تثبت ذلك إلا أننا نريد بعض الاستقرار، وما كفارة ذلك إذا كانت رشوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المقصود بأحقيتكم في البقاء هو أن بينكم عقداً ساري المدة وهو يريد الفسخ من غير مبرر فإنه لا يجوز له ذلك ولا يلزمكم إعطاءه مبلغاً زائداً لاتمام المدة المتفق عليها، ولا بأس في أن تدفعوا بعض المال لبعض العمال لأجل تخفيض المال الزائد الذي يطلبه صاحب المحل، وليس ذلك من الرشوة بالنسبة لكم لأن الرشوة هي ما يعطى لإحقاق باطل أو إبطال حق، أما ما يعطى لإحقاق الحق وإبطال الباطل فليس برشوة.
وإذا كان المقصود بأحقيتكم في البقاء هو أن عندكم أوراقاً من الدولة بذلك من غير رضى المالك -كما هو الحال في بعض البلدان- فإنه لا يجوز لكم الاستمرار في المحل إلا بإذن المالك، وله أن يطلب ما شاء من الأجرة الزائدة، وليس لكم أن تدفعوا مالاً لبعض موظفي الشركة المالكة لأجل تخفيض الأجرة بغير رضا صاحب الاختصاص، فإن فعلتم فإن ذلك يعد رشوة، وتعلمون أن الراشي والمرتشي معلونان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1424(12/5857)
حكم دفع مال لموظف لإنجاز حاجة بسرعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لو دفعت مالاً لأحد الموظفين لكي يقوم بإجراء حاجة لي بسرعة، وهذه الحاجة حق لي ولكن تأخذ خمسة أيام في قضائها، وأقوم بدفع المال كي تأخذ يومين فقط، فهل هذا يعتبر رشوة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا الغرض لا يترتب على تأخره لمدة خمسة أيام ضرر بيِّن، أو كان في تقديمه تفويت لحق الغير، فلا يجوز حينئذ دفع هذا المال للموظف لأنه حينئذ رشوة، وقد حرم الإسلام الرشوة، روى أبو داود وابن ماجه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعنة الله على الراشي والمرتشي.
وإن ترتب على هذا التأخر ضرر بين، ولم يكن في التقديم تفويت لمصلحة الغير، وتعين دفع المال سبيلاً لاستخلاصها، في يومين، فلا حرج حينئذ في دفع هذا المال للموظف، ويبقى الإثم على الآخذ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(12/5858)
حكم الرشوة بغرض دفع ظلم الظالم
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الأحيان يلجأ قائد السيارة إلى دفع بعض المال لأمين الشرطة أو العسكري عندما يعترضه لمخالفة ما، أو قد يكون القائد سالما من المخالفات إلا أن بعض لجان المرور قد تتفنن في إلصاق أي مخالفة، لذلك يلجأ قائد السيارة إلى دفع بعض المال حتى يخرج من هذا الموقف وأيضا من يدفع بعض المال لواسطة ماأو لرجل الترخيص كي يستخرج له رخصة القيادة. فهل هذا العمل يندرج تحت الرشوة، وهل عليه وزر، وماذا يفعل إذا كانت معظم المصالح لا تقضى إلا عن طريق الدفع.
أفيدونا أفادكم الله،،،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه الذي لا يستطيع أن يتوصل إليه إلا بها، أو يدفع بها ظلم ظالم يجوز له تقديمها، ويكون الإثم على المرتشين دون الراشي، وأما ما يتوصل به إلى باطل أو إلى ما ليس حقاً له أو حقاً له كان يمكنه الوصول إليه بغيرها، كأن يكون غير صالح لكي يُعطى رخصة قيادة فيدفع مالاً للحصول عليها، فإن هذه رشولة محرمة، وراجع في حكم الرشوة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1713 / 12346 / 14645 / 22992.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(12/5859)
حكم دفع مال لينقل عمله من مكان لآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف عسكري، وأريد أن أنقل من المدينة التي أعمل بها، والنقل يحتاج إلى واسطة أو خدمه طويلة في المدينة التي أعمل بها، ولم أستطع النقل.
وقد وجدت مكتبا للخدمات العامة يأخذ مبلغا ماليا قدره 10000 ريال مقابل أن ينقلني إلى المدينة التي أرغب فيها.
أريد منكم أثابكم الله تبيين الحكم في ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان من حقك الانتقال من هذه المدينة إلى مدينة أخرى حسبما تقتضيه لوائح العمل، فلا حرج عليك إن شاء الله في حصولك على هذا الحق، سواء عن طريق الشفاعة الحسنة أو أي سبيل شرعي آخر، بشرط أن لا يكون فيه ضرر على آخر، ولا يعتبر دفع مال للحصول على ذلك الحق رشوة في حقك، وإن لم يكن ذلك من حقك، فلا يجوز لك السعي للحصول عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(12/5860)
حكم قبول الحوافز التي مصدرها الرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
أنا أعمل في شركة عبور ولكن مكتبي منفصل من نشاطات العبور، وأنا أعلم أن مديري يتعامل بالرشوة والحوافز التي يقدمها لنا مصدرها الرشوة، لكن أنا أحدد بأن مكتبي يهتم باستيراد الأجهزة الإلكترونية، فهل يجوز لي الاحتفاظ بعملي؟ وهل يجوز لي قبول الحوافز التي مصدرها الرشوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالرشوة محرمة، ولا يجوز قبول الحوافز التي مصدرها الرشوة، فإذا علمت أن هذه الحوافز التي يعطيها المدير للموظفين هي من الرشوة فلا تأخذيها، وقد سبق للشبكة الإسلامية أن أصدرت فتوى في حكم الرشوة وخطورتها وهي برقم: 23373، والفتوى رقم: 1713.
وأما بقاؤك في العمل، فيجوز لك البقاء في عملك إذا لم يشتمل على أمر محرم، كغش وخداع وكذب ونحو ذلك، فإذا كان مكتبك يقوم باستيراد الأجهزة الإلكترونية لم يجز لك استيراد وبيع الأجهزة الإلكترونية التي تستعمل في المحرمات كالتلفاز والفيديو، إلا إذا علمت من حال المشتري أنه سيستعملها في المباح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1424(12/5861)
حكم الرشوة لإتمام صفقة الاستيراد أو التصدير
[السُّؤَالُ]
ـ[لي بعض المال وأريد أن أعمل في الاستيراد والتصدير، لكن في الجزائر من أراد أن يشتغل بهذه المهنة فلا بد أن يعطي رشوة والغش في فاتورة الشراء، ما حكم الشرع نورونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق جواب مثل حالتك، في الفتوى رقم: 12346، والفتوى رقم: 23373، والفتوى رقم: 10709، 11198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(12/5862)
حكم أخذ المنحة إذا لم يقابلها عمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل بوزارة ومديرنا يمضي منحاً على شكل تكلفة بمهمة، ومقدارها غير محدد، وقد أخذت تلك المنح من قبل فهل هي حلال؟ ولعلمكم فإن تلك الأموال التي أخذتها تصرف وكأنها مال حرام؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الموظف لا يستحق المنحة إلا بقيامه بمهمة العمل، وكان المدير غير مخول بصرف هذه المنح إلا لمن قام بتلك المهمة فلا يجوز أخذها حينئذ لمن لم يقم بذلك العمل، لأنه أخذ بغير وجه حق، والواجب على من أخذ تلك الأموال أن يعيدها، فإن تيقن أو غلب على ظنه أن من سلمها إليه لن يعيدها، فعليه أن يصرفها في وجوه الخير والمصالح العامة، وانظر الفتوى رقم: 34553، والفتوى رقم: 30730، والفتوى رقم: 17077.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1424(12/5863)
إذا ألزمت بدفع رشوة فماذا تصنع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أعمل في هيئة علمية تقوم أحيانا بدراسات للهيئات مقابل أجر وقد لوح أحد العاملين في الهيئة التي تطلب الدراسة إلى أنه يرغب فى نسبة من المبلغ الذي سوف يتم دفعه لهيئتنا مقابل الدراسة، أرجو إفادتي عن مشروعية ذلك علما بأننا سوف نعطيه هذا المبلغ من مكافآتنا الخاصة وليس من نصيب الهيئة، وكذلك فإنه لن يؤثر إطلاقاً على دقة العمل المطلوب؟ جزاكم الله عني خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان إجراء هذه الدراسة عن طريقكم حقاً لكم، جاء عن طريق المناقصة ونحو ذلك، ولا يمكنكم الوصول إليه إلا بذلك، فلا مانع من دفع الرشوة والإثم على من يأخذها لا عليكم، أما إن كان ليس حقاً لكم بل هو أمر راجع إلى اختيار الجهة الطالبة للدراسة، فلا يجوز لكم دفع الرشوة بحال، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1713، 8321، 3816.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(12/5864)
جواز دفع مال لاستخلاص حق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
أما بعد:
هناك أراض تملكها الدولة في مصر للشباب خريجي الجامعات والمعاهد، وبما أن الدولة لا تشترط شروطا بعينها في هذا الأمر، فإن لجنة التحكيم تنتقي من تشاء برغبتها ولمن يدفع إليها أكثر.
الخلاصة: أنها لا تقبل أحدا إلا إذا دفع لها مالا. فهل هذا يدخل في نطاق الرشوة، وهل يجوز تملك هذه الأرض بدفع هذا المبلغ؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن المرء إذا تمكن من استخلاص شيء من استحقاقاته من سبيل صحيح لا شبهة فيه فهذا هو الأولى، بل لا يجوز له والحالة هذه دفع شيء من المال من أجل ذلك، ولكن إن تعين دفع هذا المال سبيلاً لاستخلاص هذا الحق، فإن جمهور أهل العلم على جواز دفع هذا المال، ولا حرج في هذه الحالة على المعطي، وإنما يقع الإثم على الآخذ، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 35827 والفتوى رقم: 37858 والفتوى رقم: 4245
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1424(12/5865)
حكم المال المدفوع لتكريم مدير جديد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في دفع المال من قبل الموظفين بما يسمى (القَطّة) وجمعه لتكريم مدير عام أو رئيس دائرة جديد، كأن يقرر دفع 100 ريال على كل معلم مثلاً في مدارس منطقة لتكريم مدير تعليم جديد، وهل في هذا شيء كما في حديث ابن اللتبية عامل الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه القطة لا تجوز لأنها إما رشوة أو ذريعة إلى الرشوة، فإن الغالب أن مثل هذا المال المدفوع يبذل ليحابي المدير الموظفين وإن كان تحت ستار التكريم، وراجع الفتوى رقم: 5794، والفتوى رقم: 3816.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1424(12/5866)
دفع مالا ليؤدي الخدمة قريبا من منزله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في الثالثة والعشرين، أمضي الآن فترة خدمتي الإلزامية في الجيش وقد اضطررت لدفع مبلغ من المال لأحد الموظفين لكي تكون خدمتي قريبة من مكان سكني لكي أوفر في المصاريف خلال السنتين القادمتين، علما بأنني تخرجت حديثا من الجامعة وغير قادر على تحمل مصاريف هاتين السنتين بعيدا عن منزلي، فما هو حكم الشرع في هذا الموضوع؟ أرجو الإجابة وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت دفعت المال لدفع ضرر يلحقك من الخدمة بعيدا عن منزلك، والمدفوع له لا يقبل أن يفعل لك ذلك دون مقابل وهو ظاهر سؤالك، فلا بأس وهي رشوة جائزة، ويكون الإثم على المرتشي.
وراجع الفتوى رقم: 2487.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1424(12/5867)
حكم دفع مبلغ من المال للحصول على موقع مميز
[السُّؤَالُ]
ـ[صدر لي أمر ملكي بمنحة أرض سكنية، وعرض علّي بعض العاملين في هذا المجال البحث لي عن موقع مميز وتطبيق أرضي (منحتي) فيها بشرط ان تكون لهم نسبة من الأرباح، فهل هذا جائز أم أنه في حكم الرشوة.. أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي سؤالك أمران:
الأول: حكم دفعك مبلغاً من المال للحصول على موقع مميز، وهو جائز بشرط أن تكون مستحقاً لهذا الموقع، وليس غيرك أحق به منك.
والثاني: حكم أخذ هذا الرجل هذا المال منك، وهو جائز بالشرط السابق، وبشرط ألا يكون ما يقوم به هو من صميم عمله، وأن تكون أجرته معلومة لا نسبة مشاعة من أرباحها إن بيعت مثلاً، وراجع التفاصيل لزاماً في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11046، 16626، 4245، 8128، 23373.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1424(12/5868)
الهدية للموظف تنعكس سلبا على العمل والأخلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مهندس قد أرسلتني الشركة التي أعمل بها لاستلام أجهزة جديدة من شركة بالخارج، فقامت الشركة بعمل حجز لي في فندق، وأجرت لي عربة وأعطتها لي، ثم أعطتتني مبلغ 600 دولار. (هذا خارج العقد) وتم استلام الأجهزة بكل دقة وبأمانة تامة.
السؤال: هل هذا المبلغ حلال أم حرام؟
شكرا لفضيلتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للعامل أو الموظف قبول الهدية، لأن ذلك نوع من الرشوة المحرمة، ولما يترتب على الهدية من استمالة القلوب، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. رواه مالك في الموطأ.
ونظرا لما يترتب على الهدية للموظف أو العامل من إفساد الذمم، وبالتالي ينعكس ذلك على العمل وعلى الأخلاق بصفة عامة.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل كان عاملا على الزكاة وقد أهديت له هدية: فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر أيهدى له. رواه البخاري ومسلم.
وعلى ذلك، فلتعلم أن ما أهدي إليك شخصيا لمجرد أنك موظف أو مندوب شركة، لا يجوز لك أخذه، وعليك أن ترده إلى أهله.
ولمزيد من التفصيل والأدلة وأقوال العلماء فيما يجوز من الهدية وما يمنع منها، نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 3816، 28968، 14160.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1424(12/5869)
حكم الحصول على وظيفة بالواسطة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله ... أما بعد:
من المتعارف عليه في بلادنا أنه لا يتم تشغيل الشباب إلا بواسطة، فما حكم من دعا أحدا لوليمة أو أعطاه هدية مقابل أن يدخله إلى العمل؟ وما حكم المال الذي سيتقاضاه فيما بعد من هذا العمل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا إثم عليك في إقامة وليمة أو تقديم هدية أو دفع مبلغ مالي من أجل الحصول على وظيفة، إذا كانت الوظيفة حلالاً وكنت مستحقاً لها ولا يمكنك الحصول عليها إلا بذلك، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 11046، والفتوى رقم: 14208.
أما بالنسبة للمال المتحصل عليه من تلك الوظيفة-إذا حصلت عليها -، فهو حلال ما دمت قد تقيدت بالقيود السابقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1424(12/5870)
هدايا العمال غلول
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأموال التي تمنح للموظف كهدية؟ مع العلم بأنه لم يطلبها، أو الأموال التي تمنح له مقابل تزوير وثائق، وفي هذه الحالة هو يطلبها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للموظف قبول هدية من أحد بسبب ما يقوم به من عمل، لثبوت النهي عن ذلك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 3816، وكونه لم يطلبها ليس مسوغا لقبوله إياها.
وأما أخذه هذه الأموال مقابل ما يقوم به من تزوير للوثائق، فالأمر فيه أعظم، لأنه قد جمع بين مفسدتين، الأولى: تزويره للوثائق، والثانية: قبوله للرشوة، فالواجب على من فعل شيئا من هذه المنكرات: المبادرة إلى التوبة، وأن يتقي الله تعالى فيما ولي من عمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(12/5871)
إهداء القاضي بين الجواز والحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[قاض نطق بالحكم لصالح شخص فقام هذا الأخير بتقديم هدية له علماً بأن هذا الشخص لم يتقابل أو يتواعد مع القاضي قبل النطق بالحكم أي أن الهدية لم تكن من أجل استمالة القاضي في حكمه لصالحه، وإنما بنية تعجيل تحرير الحكم لا من أجل تنفيذه السؤال: ما حكم الشريعة في هذا الفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تجوز الهدية للقاضي ممن لم تكن له عادة بالإهداء إليه قبل توليه القضاء، لا سيما إذا كانت للمُهْدِي خصومة قائمة، كما هو الحال في القضية المسؤول عنها، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: فإن أهدى إليه من له خصومة أو لم يهد -أي لم تكن في عادته الهدية له- قبل ولايته حرم قبولها، وإن كان يهدي ولا خصومة جاز بقدر العادة.
وعليه.. فلا يجوز لهذا الشخص أن يهدي لهذا القاضي لأن له خصومة قائمة، لا سيما وهو يهدف من وراء هديته إلى تنجيز شيء من متعلقات الخصومة، فهي في الحقيقة رشوة وليست هدية، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 5794.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1424(12/5872)
القاضي إذا أخذ الهدية
[السُّؤَالُ]
ـ[قاض نطق بالحكم لصالح شخص، فقام هذا الأخير بتقديم هدية له،
علما بأن هذا الشخص لم يتقابل أو يتواعد مع القاضي قبل النطق بالحكم، أي أن الهدية لم تكن من أجل استمالة القاضي في حكمه لصالحه، وإنما لتعجيل تحرير الحكم، لا من أجل تنفيذه.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الشخص الذي قدم للقاضي هدية من أجل المبادرة بتحرير الحكم قد ارتكب معصية عظيمة، ويحرم على القاضي قبول تلك الهدية، لما في ذلك من الوعيد الشديد الذي ينتظر من قدم الرشوة ومن أخذها، ففي سنن الترمذي وأبي داود وغيرهما من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله الراشي والمرتشي.
وفي المصنف لابن أبي شيبة: عن مسروق قال: القاضي إذا أخذ هدية فقد أكل السحت، وإذا أخذ الرشوة بلغت به الكفر.
وقال عمر: بابان من السحت يأكلهما الناس الرشاء ومهر الزانية.
وعليه فإن هذا الشخص المحكوم له لا يجوز له تقديم الهدية المذكورة، وعليه أن يكثر من الاستغفار ويبادر إلى التوبة الصادقة، كما يجب على القاضي البعد عن قبول مثل هذه الهدايا ويتوب إلى الله تعالى توبة صادقة، وراجع الفتوى رقم:
1713.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1424(12/5873)
هل من البر دفع رشوة عن الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي دفع رشوة لحل مشكلة والدي وهو على خطأ كحق له علي كوالد؟ آمل الإسراع في الإفادة جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان أبوك على خطأ فلا تجوز إعانته على الباطل، ولا دفع الرشوة عنه لإبطال حق ترتب عليه أو حد شرعي، لقوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
ولقوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:188] .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله الراشي والمرتشي. رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي والأرناؤوط والألباني.
واعلم أن من حق الوالد عليك أن تحرص على بره ومحاولة منعه بأدب ولطف من الوقوع في الظلم والخطأ، ففي البخاري عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقال رجل: يارسول الله، انصره إذا كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم ففي ذلك نصره.
وعليك أن تساعده بمالك إذا احتاج إليه في قضاء دين أو ما أشبه ذلك، وراجع في تعريف الرشوة وبيان حكمها الفتوى رقم: 17929.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1424(12/5874)
الرشوة بين الجواز والحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا خريج جامعة وحصلت على دبلوم عالٍ بعد تخرجي بسنة من معهد تدريبي آخر خلاف كليتي ومنذ عدة أشهر علمت أن كليتي عادلت الدبلوم الذي حصلت عليه بتمهيدي ماجيستير بناء على اتفاقية بين كليتي والمعهد فتقدمت لتكملة دراستي العليا وبعد أن ألتحقت وبدأت البحث ومر الدور الأول فوجئت بأن الجامعة قامت بإلحاقنا بتمهيدي ماجيستير وبذلك يجب علي دخول امتحانات التمهيدي فدخلتها لكني لم أدخل الدور الأول وكان علي أن أقدم اعتذارا ولكن لتقديم الاعتذار سوف أضطر لأن أقدم لأحد الموظفين رشوة بعد أن طلبها مني ليستخرج لي شهادة مرضية ليتم قبول الاعتذار فهل يقع علي إثم أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الدور الأول متحتمًا ولا يعفى منه غير المرضى، وأنت لم تكن مريضًا آنذاك، فإنه لا يجوز تقديم الرشوة للإعفاء من هذا الدور، وفاعل ذلك ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد أخرج أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي.
وإذا لم يكن الأمر كذلك، وإنما يحتكر الموظفون إفادات الاعتذار ليستفيدوا بها من تلك الرشاوى، ولم تجد وسيلة تخلصك من هذه الرشوة، فإن الإثم بتقديمها ينتفي عنك ويبقى على المرتشي. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 9529.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1424(12/5875)
الوسيط بين الراشي والمرتشي
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة دعاية طبية وتقوم الشركة بإعطاء هدايا للأطباء وذلك لأن أغلب الشركات تقوم بهذا فأصبح الأطباء لا يصفون الأدوية إلا بهذه الطريقة إلا من رحم ربي وأنا مجبر على هذا من الشركة والطبيب فهل هذا رشوة أم لا؟ وإن كانت كذلك فهل إجباري عليها يرفع عني الوزر؟ وما هي الطريقة السليمة لإنفاق هذه الفلوس لكي لا تكون حراما؟ وهل أترك عملي أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز إعطاء هدايا للأطباء ليكتبوا للمرضى أدوية من منتجات شركة معينة، وقد تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 22443.
وحكم ذلك حكم الرشوة، وعلى هذا فلا يجوز لك أن تكون الوسيط بين الراشي والمرتشي، أو أن تعاون على ذلك بوجه من الوجوه، فقد قال تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
وروى أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. وفي رواية:..والرائش يعني: الوسيط الذي يسعى بينهما. وليست هناك طريقة تحل بها هذه الرشوة، وهي من أعظم أسباب فساد المجتمعات والأفراد، فإذا كنت لا يمكنك أن تمتنع من الوساطة بين الشركة والأطباء في هذه الهدايا، أو المعاونة على ذلك، وجب عليك ترك هذا العمل، إلا إذا كان تركه يوقعك في ضرورة ملجئة لا تندفع إلا ببقائك فيه، فتبقى فيه حتى تجد عملاً آخر، ويرتفع عنك الإثم حينئذ لأجل الضرورة حتى تجد عملاً آخر.
فقد قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام: 119] . والمقصود بالضرورة الملجئة: ألا تجد إذا تركت العمل مطعمًا أو ملبسًا أو مسكنًا لك ولمن تعول، وألا يوجد عمل آخر ولو كان راتبه أقل.
وبهذا يتضح لك الجواب عن سؤالك: هل يرفع عنك الوزر بالإجبار أم لا؟ فإذا كنت تعني بالإجبار، أنك متى امتنعت عن الوساطة المحرمة بين الشركة والأطباء أو المعاونة على ذلك، فصلت من العمل ووصلت إلى حد الضرورة الملجئة، فالإجبار في هذه الحالة يرفع عنك الإثم، وإلا فالإثم لا يرتفع عنك لعدم تحقق الإكراه المعتبر شرعًا لرفع الإثم.
ونسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يغنيك بالحلال، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1424(12/5876)
هدايا العمال رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعمل في مصنع للبسكويت وظيفته مسؤول تصدير وعندما يصدر شحنة إلى الخارج يأتيه أكثر من شخص ويتسابقون من سيحمل البضاعة في شاحنته وينقلها إلى البلد المقصود في الخارج وبعض الأشخاص يعرضون عليه نسبة من ربحهم أو أجرتهم مقابل أن يكونوا هم المخولين أن ينقلوا البضاعة هل جائز في الإسلام بأن يقبل أن يأخذ هذه النسبة من أجرتهم أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تخفيف أحد الناقلين السعر للمصنع بنسبة في الربح حتى يخولوه النقل جائز، ويجب رد تلك النسبة للمصنع، ولا يجوز لمسؤول التصدير أن يأخذها لنفسه إذ لا حق له فيها. ويتأكد عدم الجواز إذا كان ذلك يؤدي إلى التغاضي عن بعض مصالح النقل؛ لأن هذا يعتبر من الرشوة المحرمة، كما هو موضح في الفتوى رقم: 1713، وراجع الفتوى رقم: 4245.
ويدل لعدم جوازه أن هذه النسبة ما عرضت عليه إلا طمعًا في إيثار هؤلاء الناقلين بتلك الخدمة، فلو جلس في بيت أبيه ما جاءته نسبة من الربح ولا من الأجرة.
وينبغي أن نتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم في هدايا العمال، فقد روى أبو حميد الساعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أُهدي لي. فقال صلى الله عليه وسلم: فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر يُهدى له أم لا. رواه البخاري.
وقد ذكر ابن حجر في الفتح عند شرح هذا الحديث: إن العامل إذا أُهدي له للطمع في وضعه من الحق، لا يجوز له الاستئثار بما يهدى إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1424(12/5877)
حكم دفع مال لتخفيف الضريبة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل يجوز أن نعطي الرشوة لعمال الضرائب مقابل أن يقللوا الضرائب المفروضة علينا ظلما؟، علما بأن هؤلاء العمال غير مسلمين، والسائل من الأقليات المسلمة في الصين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالضرائب غير الشرعية ظلم، ودفع الظلم أو تخفيفه مطلوب شرعاً، وعليه فلا مانع من دفع مال لمن يرفع هذا الظلم أو يخفف منه، وليس ذلك من قبيل الرشوة؛ لأن الرشوة هي دفع مال من أجل إبطال حق أو إحقاق باطل، وهي محرمة لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه أحمد والترمذي وحسنه.
وهذا المال إنما تدفعونه لإبطال الظلم، فليس عليكم في ذلك حرج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(12/5878)
حكم الرشوة وإهداء الخمر لدفع الظلم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
نحن أقليات مسلمة في الصين دائماً نواجه المشاكل والعرقلة في مصالحنا مع موظفي الحكومة ونضطر في قضاء أمورنا لرشوتهم وإكرامهم في المطاعم والمشكلة هم يشربون الخمر ونحن ندفع عنهم وإلا يضيع حقنا فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسؤال ذو شقين:
الأول: حكم الرشوة لدفع الظلم أو رفعه، وقد تقدم الجواب عن ذلك في الفتوى رقم: 8128.
الثاني: حكم شراء الخمر ونحوه من المحرمات للظالم ليكف عن ظلمه، فهذا الأصل فيه أنه حرام، لأنه من الإعانة على الإثم والعدوان، ويمكن أن يشتري له غير الخمر من الطعام أو الهدايا، لكن إذا تعين الخمر وكان في الأمر ضرورة فلا حرج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1424(12/5879)
لأجل هذه المفاسد لا يجوز شراء رخصة القيادة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شراء رخصة القيادة مع العلم بأنك لم ترد تعلمها لأن فيها شيئا من الاختلاط وأنا امرأة
متزوجة وزوجي لا يريدني في هذا الاختلاط وأنا بحاجة له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل أن يلتزم المسلم بالقوانين التي ليست فيها مخالفة للشريعة وهي مع ذلك فيها منافع الناس ومصالحهم والتقليل من المفاسد.
وشراء الرخصة بدون عمل اختبار للسائق يبين هل يصلح لقيادة السيارة أو لا؟ مخالف للقانون مع ما فيه من الخطر على حياة الناس إذا كان غير مؤهل لقيادة السيارة، فلربما صدم إنساناً فقتله أو سيارة فأتلفها أو حيواناً ونحوه، إضافة إلى ما في هذا العمل من الغش والرشوة، فلأجل هذه المفاسد لا يجوز شراء رخصة القيادة.
إضافة إلى أن الأصل في المرأة أن تقر في البيت؛ لقول الله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الأحزاب:33] .
ولمعرفة حكم قيادة المرأة للسيارة نحيل السائلة إلى الفتوى رقم: 2183.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1424(12/5880)
لا تقبل هذه الهداية حذر الوقوع في الرشوة مستقبلا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استفساري هو أني أعمل في شركة كبرى مديرا للمشتريات لأحد الأصناف المهمة جدا وتعتبر ركيزة من ركائز الشركة، إني أخاف الله في عملي وأجتهد أكثر من طاقتي أحيانا لكي أشتري بضاعة للشركة بأحسن الأسعار من داخل وخارج الدولة، وطبعا من شركات أجنبية تبيع البضاعة المشتراة، موضوعي هو أنه تعرض علي هدايا من هذه الشركات ليس لإتمام الشراء معاذ الله، أنا لا أتعامل بها، ولكن بعد إتمام الصفقة، وذلك تقديراً منهم لي على التعاون، علما والله على ما أقول شهيد بأني دائما أنتقي الأفضل لصالح الشركة، وعلما بأن هذه الهدايا لا تؤثر على أسلوبي في التعامل معهم وتجعلني أفرق بينهم، المهم هو أني أشتري بأحسن سعر للشركة،
الرجاء بيان ما إذا كانت هذه الهدايا حلال أم حرام؟ الرجاء الرد بأسرع وقت، شاكراً لكم تعاونكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز قبول هذه الهدايا سداً لذريعة الوقوع في الرشوة في المستقبل، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 3816.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1424(12/5881)
حكم دفع مال للحصول على عقود عمل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
عرض علي صديق قديم -صاحب مجموعة من الشركات- وظيفة مدير لإحدى شركاته براتب يعادل ضعف ما أتقاضاه حاليا، وأخبرني بأنني قد أضطر من حين إلى آخر لإعطاء بعض المبالغ المالية للمخولين بالتوقيع في سبيل الحصول على أعمال للشركة.
أفتوني مأجورين بإذن الله، والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت الأعمال التي تحصل عليها هذه الشركة عن طريق دفع الأموال لأولئك الأشخاص تعتبر حقا للشركة، لا يمكن الحصول عليه إلا بدفع المال، فلا حرج في ذلك ما لم يترتب عليه ظلم لأحد أو يكون على حساب شركات أخرى هي أحق بها من شركة صاحبك.
ولمزيد فائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية:
والله أعلم.
18843، 12670، 14645. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1424(12/5882)
ما أعطي للتوصل إلى حق أو دفع ظلم ليس رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤال/ نحن نعمل في التجارة ونسافر من بلد إلى آخر ولا نملك سيارة لنا ونجعل بضاعتنا في شاحنات لغيرنا وندفع الإيجار، وعندما نلتقي مع حرس الحدود يدفعون الرشوة فى هذه الحال ماذا علينا بخصوص الرشوة؟ هل نحن شركاء فى دفع الرشوة؟
وللعلم نحن لا ندفع غير الإيجار المتفق عليه، ولكن نعلم بأن هناك رشوة تدفع
أرشدونا إلى الطريق أفادكم الله
والسلام عليكم ورحمة الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما يدفعه المرء ليتوصل به إلى حق أو يدفع به ظلما لا يعد رشوة، إنما الرشوة هي ما يُدفع لإبطال حق أو إحقاق باطل. قال صاحب تحفة الأحوذي بشرح الترمذي: فأما ما يعطى توصلا إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه. روي أن ابن مسعود أُخذ بأرض الحبشة في شيء، فأَعطى دينارين حتى خلِّي سبيله، وروي عن جماعة من أئمة التابعين، قالوا لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم ... وفي المرقاة شرح المشكاة: قيل الرشوة ما يعطى لإبطال حق أو لإحقاق باطل، أما إذا أعطى ليتوصل به إلى حق أو ليدفع به عن نفسه فلا بأس به ... (ج 4 ص 471)
وعليه، فما دام الذي يدفعه أصحاب الشاحنات هو من أجل التخلص من ظلم حرس الحدود، وبالتالي ليس رشوة، فغني عن القول أن ما تدفعونه أنتم لمجرد إيجار أصحاب الشاحنات ليس رشوة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1424(12/5883)
حكم دفع إكرامية ليحصل على العمل دون غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أخذ عمولة (إكرامية) على مشتريات فى التعامل التجاري بحيث يعطي لك العمل دون غيرك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن دفع المال مكارمة بين المتعاقدين لا يجوز إن كان الدافع يدفعه ليستولي على بعض حقوق الآخرين، كأن يكون المدفوع له وكيلاً على بيع بضائع للناس أو قطع أرضية أو غير ذلك، بحيث يكون لكل فرد الحق في اشتراء نصيب منه، فمن دفع لمثل هذا الوكيل مبلغاً ليبيعه أكثر من الحصة التي له الحق فيها، كان راشياً وكان الآخذ مرتشياً، وقد لعنهما معا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ما رواه ثوبان قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش يعني الذي يمشي بينهما. رواه أحمد.
وهو عند الترمذي وأبي دواد وابن ماجه: دون زيادة الرائش، ومثل ذلك ما إذا كان المدفوع له وكيلاً على مشروع معين والدافع يريد أن يستبد بأعمال هذا المشروع، ثم إن لم نكن قد فهمنا السؤال على الصورة التي بينا، فالرجاء من السائل أن يوضح سؤاله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1424(12/5884)
حكم ما يتحصل عليه مندوب الشركة من عطايا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف علاقات أعمل بإحدى شركات النفط أقوم بشراء تذاكر السفر لموظفي الشركة التي أعمل بها وأتقاضى مرتبا نهاية كل شهر مقابل عملي وتقوم بعض شركات الطيران بدفع نسبة مئوية للذين يتعاملون مع هذه الشركات مع منح تذكرة سفر مجانية فهل يجوز لي أن آخذ هذه النسبة أو تذكرة السفر المجانية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام العامل يأخذ مرتبه كاملاً من جهة العمل، فينبغي أن يكون نشاطه وما نتج عنه لجهة العمل.
فقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً على الصدقات، فلما جاء قال: هذا لكم، وهذا أهدي لي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته.... رواه البخاري ومسلم.
فإذا كانت الشركة لا تسمح بذلك، أو كان فيه تحايل عليها بالتعامل مع بعض شركات النقل أو غير ذلك، فإنه لا يجوز لك أخذ هذا المال ولا التذكرة.
أما إذا كانت تعلم به، وتسمح به لمندوبيها أو جرى به العرف، وكان معلوماً لدى الجميع فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1424(12/5885)
حكم من دفع رشوة ولم يتحقق مراده
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعطيت موظفاً رشوة لتيسير أموري ولم يقدر على تيسيرها لي فهل أنا راش برغم عدم تقديم الخدمة لي وكيف أكفر عن فعلتي هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالرشوة هي دفع مال من أجل إبطال حق أو إحقاق باطل، وقد جاء النص من الشارع الحكيم يتوعد بذم الراشي والمرتشي باللعنة التي هي الطرد من رحمة الله، فعن أبي هريرة قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش.
وبما أنك دفعت الرشوة فقد وقعت في الإثم لمباشرتك هذا الفعل المحرم، حتى ولو لم تحصل على ما دفعت الرشوة من أجله، فيجب عليك الآن التوبة إلى الله تعالى والاستغفار، ففي الحديث: فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب تاب الله عليه.
رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1424(12/5886)
حكم الهدية للعامل إذا لم يفوت حق الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ... وبعد:
ذهبت إلى مركز الضرائب لاستخراج بعض الأوراق، فاستقبلني أحد العمال في المركز بحفاوة وقضى لي أمري، فأردت أن أكافئه، فأهديت له هدية، هل تعتبر هذه الهدية رشوة؟ علما بأنه لم يطلب مني شيئا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا العامل خدمك وقضى لك حاجتك دون أن يقدمك على من هو أحق منك، ودون أن يفوت على الآخرين قضاء حوائجهم ونحو ذلك، فلا حرج عليه في ذلك ولا حرج عليك في مكافأته على إحسانه، ولا يعد ما أعطيته إياه رشوة، أما إذا ترتب على عمله محذور شرعي، أو لم يأذن له المسؤول عنه بأخذ شيء من الآخرين مقابل قضاء حوائجهم لكونه عاملاً في هذا المجال، فلا يجوز لك إعطاؤه شيئاً ولا يحل له أخذه سواء أعطي منك أو من غيرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(12/5887)
حكم الهدايا التي تعطى للعامل من الشركات الأخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة توكيلات تجاربة تبيع منتج شركات أجنبية وأتقاضى مرتبي من هذه الشركة أحيانا وبدون اتفاق أو نقص لحق شركتي التى اعمل بها وبدون زيادة الأسعار تقوم بعض الشركات الأجنبية التى أبيع لها منتجها باعطائي بعض الأموال أو الهدايا وذلك للتخفيز ويعلم الله أنني آخذ هذه الأموال أو الهدايا وأنا في أشد الحاجة إليها الرجاء إفادتي عن هذا الوضع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يحل لك أخذ هذا المال، كما سبق مفصلاً في الفتوى رقم: 17863.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1424(12/5888)
لا تتقاضوا هذه المكافأة سدا لذريعة الرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مصلحة حكومية وقد جاء مشروع عمل لمكتب خاص فقال لنا صاحب المكتب بعد الانتهاء من العمل سوف أمنحكم مكأفأة مالية فهل هذه المكافأة حلال أم حرام؟ علماً بأن المكتب سوف يدفع للمصلحة كل مقترحها المالي المطلوب منه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي نراه هو عدم جواز تقاضي هذه المكافأة مطلقاً سداً لذريعة الرشوة، فإن الغالب أن صاحب المكتب لا يمنح الموظفين الحكوميين هذه المكأفاة إلا ليتوصل من وراء ذلك لاستمالتهم لتحقيق مصلحته، دون مراعاة لمصلحة الجهة الحكومية، ولو علم عدم استفادته من دفع هذه المكافأة لأحجم عنها، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم، الراشي والمرتشي، رواه أحمد
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 23232، والفتوى رقم: 20978، فلتراجعا للأهمية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1424(12/5889)
من قضايا الرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد،،،
عرضت على مقاول القيام بجزء من عمل في مشروع قد حاز عليه عن طريق مناقصة ولم أعلم بأنه حصل على امتياز القيام بهذه الأعمال عن طريق الرشوة.
ولم أحصل على هذا الجزء من العمل معه إلا بما يرضي الله.
فهل يجوز لي القيام بالأعمال التي عرضتها عليه أم لا؟ وخصوصا أنني علمت لاحقا بممارسته المشينة، وقد أبرمت معه اتفاقا شفهيا على القيام بتلك الأعمال قبل علمي بذلك.
أرجوا أن أجد لديكم الجواب الشافي المدعم بالأدلة والبراهين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تيقنت أن هذا المقاول حصل على امتياز تنفيذ العمل بالرشوة، فلا يجوز لك العمل معه، ولو كان اتفاقك معه بغير علم سابق منك بذلك، لأن في عملك معه إعانة له على منكره، فالرشوة من الكبائر، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي [رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن عبد الله بن عمر] .
ولو تركت ذلك لله فعسى الله أن يعوضك عملاً خيراً منه، قال تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب [الطلاق:2،3]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1424(12/5890)
حكم الرشوة للحصول على تأشيرة الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الرشوة للحصول على تأشيرة للحج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحصول على تأشيرة الحج بطريق الرشوة له صورتان:
الأولى: أن يكون ذلك لتحصيل الحق الثابت الذي يمنعه من يقوم عليه إلا بأخذ هذه الرشوة، وهذه الصورة جائزة، والإثم على الآخذ دون المعطي، تخريجاً على جواز دفع أجرة الخفارة لمن طلبها ظلماً في سبيل تأدية الفرض، ووجه ذلك أن الرجل بإجماع الأمة يجوز له أن يمنع عرضه ممن يريد هتكه بماله، فكذلك ينبغي له أن يشتري دينه ممن يمنعه إياه ولو كان ظالماً، والدافع هنا مضطر لإسقاط الفرض عن نفسه، فيبرأ من الإثم، والراجح أنه لا يجب عليه دفع هذا المال، ولايجب عليه الحج إن كان المال المطلوب كثيراً مجحفاً، أو ظن غدر الآخذ، أما إذا كان المال المأخوذ غير مجحف، وأمن غدر الآخذ، فالحج عليه واجب لما ذكرنا، وهذا مذهب المالكية والحنابلة في مقابل الصحيح عندهم.
قال الحطاب في مواهب الجليل: قال في التوضيح: إن كان ما يأخذه المكاس غير معين أو معيناً مجحفاً سقط الوجوب، وفي غير المجحف قولان: أظهرهما عدم السقوط. ا. هـ
وقال في مطالب أولي النهى: فإن كانت الخفارة يسيرة لا تجحف بماله لزمه بذلها. ا. هـ
قال: وزاد المجد: إذا أمن الغدر من المبذول له. ا. هـ
الثانية: أن يكون في دفع هذه الرشوة اعتداء على حقوق الآخرين بأن يحذف الآخذ اسماً ويضع اسماً غيره، أو يقدم الدافع على من هو أولى منه استحقاقاً، ففي هذه الحالة لا يجوز دفع المال لتحصيل حج الفرض، وراجع الفتوى رقم: 12334.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1424(12/5891)
متى يعتبر الدفع رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مؤسسة لها علاقة مباشرة بإحدى المديريات، عمال هذه المؤسسة يجبروننا أحيانا بطريقة أو بأخرى أن نأتي لهم بمستلزمات من عندنا مثلا: الصابون اللبن ... إلخ حتى يمكنهم من تسهيل أعمالنا،
هل عندما نأخذ لهم هذه المستلزمات تعتبر رشوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما يضطركم إليه العاملون معكم في مؤسستكم من دفع بعض الأشياء كالصابون واللبن ليسلهوا لكم أعمالكم لا يخلو الأمر فيه من واحد من حالين:
الأول: أن يكون هؤلاء مكلفين من قبل المؤسسة بالقيام بتسهيل أعمالكم وقضائها فيما يتعلق بارتباطاتكم فيها أو في جهات أخرى ولكنهم لا يقومون بهذا العمل إلا لمن دفع لهم مثل هذه المستلزمات، ومن لم يدفع لهم يؤخرونه وربما يضرونه فهذه رشوة وأخذ لأموال الناس بالباطل، ولا شيء عليكم أنتم في دفع ذلك لهم لدفع الضرر عنكم أو للحفاظ على حقوقكم ونحو ذلك، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
16626.
والثاني: ألا يكونوا مكلفين بشيء مما سبق ولكنهم يقومون بتسهيل بعض الإجراءات لمن يدفع لهم هذه المستلزمات، ففي هذه الحالة لا شيء عليهم ولا عليكم لأن هذه المستلزمات تعتبر أجرة لهم على خدمتهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5892)
الفرق بين الهدية والرشوة هو الفرق بين الحسنة والسيئة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين الهدية والرشوة وما أثرها في المجتمع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الفرق بين الهدية والرشوة هو الفرق بين الحسنة والسيئة، فالهدية مستحبة شرعاً، ومقبولة طبعاً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. رواه مالك في الموطأ.
وأما الرشوة فإنها من كبائر الذنوب، وقد ورد ذمها والتحذير منها في نصوص كثيرة من كتاب الله عز وجل، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون [البقرة:188] وقال تعالى سماعون للكذب أكالون للسحت [المائدة:42] وقال صلى الله عليه وسلم: لعن الله الراشي والمرتشي. رواه الترمذي. وفي رواية: والرائش. وهو الوسيط بينهما.
وأما أثر الرشوة على المجتمع فلا شك أنها من أبرز وسائل إفساده.. فهي وسيلة للكذب والغش والخداع والمحسوبية، وتعطيل مصالح الناس ومعاملاتهم وإفساد أخلاقهم وخراب ذمتهم.
ولهذا شدد الإسلام في تحريمها كما مر بنا.
أما الهدية فإنها من أسباب المحبة والترابط بين المجتمع وهذا من الأهداف التي يسعى إليها الإسلام.
ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها، كما في البخاري عن عائشة رضي الله عنها.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
5794
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5893)
حكم إعطاء العملاء مبالغ لقاء شرائهم من شركة ما
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة تجارية وأقوم بإعطاء عملائي مبالغ نقدية عن كل فاتورة يأخذونها ووجدت أن هذا عرفا متبعا لدى الشركات والمبالغ النقدية يأخذونها دون علم رب عملهم وأنا أعلم ذلك فهل هذا يجوز لي شرعا
مع الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر أن هذه المبالغ التي تدفع للمندوبين مقابل أن يشتروا من هذه الشركة دون غيرها تعتبر من قبيل الرشوة المحرمة فلا يجوز إعطاؤها أو أخذها، ولم يصل الحال بهذه الشركات إلى درجة الضرورة التي يباح فيها الرشوة لتحصيل حق أو لدفع ظلم أو ضرر بحيث يأثم المرتشي دون الراشي.
فإنه يمكن لهذه الشركات أن تبيع بضائعها لزبائن آخرين دون دفع هذه المبالغ.
وللفائدة انظر الفتوى رقم 1356 والفتوى رقم 8043 والفتوى رقم 23373
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1423(12/5894)
حكم الهدايا للمعلمات الكافرات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقيم في بلد أوروبية للدراسة وأبنائي يتلقون تدريس اللغة الإنجليزية في مدرسة أجنبية فأريد من المعلمات زيادة الاهتمام بأبنائي لصغر سنهم فأقوم بإرسال بعض الهدايا لمعلماتهم، فهل يعتبر ذلك من الولاء للكفار أفيدوني مأجورين؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتجوز الهدية إلى الكافر، وليس ذلك من الولاء للكفار، فقد ثبت عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب رأى حلة سيراء عند باب المسجد فقال: يا رسول الله لو اشتريت هذه فلبستها يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة، ثم جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم منها حلل فأعطى عمر بن الخطاب رضي الله عنه منها حلة، فقال عمر: يا رسول الله كسوتنيها وقد قلت في حلة عطارد (اسم البائع) ما قلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لم أكسكها لتلبسها، فكساها عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخا له بمكة مشركاً. متفق عليه.
قال النووي رحمه الله في شرحه على صحيح مسلم: وفي حديث عمر في هذه الحالة: جواز إهداء المسلم إلى المشرك ثوباً وغيره.
ولكن بما أن هذه الهدايا، إلى المعلمات، قد تؤدي إلى الاهتمام بأولادك ومحاباتهم على حساب باقي الطلاب فعلى هذا لا تجوز لكونها ظلماً للآخرين، والظلم محرم ولو كان لكافر، قال تعالى: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المائدة:8] .
واعلم أن الهدية متى كان أخذها مقابل حق يلزم أداؤه، أو مقابل عمل باطل يجب تركه، تحولت إلى رشوة، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه لعن الراشي والمرتشي. رواه الإمام أحمد والأربعة، وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان.
ثم إن تربية الأولاد على أيدي الكافرات فيها محاذير كثيرة، من أخطرها: إفساد عقائد الأولاد كما جرى لكثيرين، وتنشئة الأولاد على التشبه بالكافرين في أخلاقهم من عدم العفة وقلة الحياء.... ألخ، والواجب على الوالد أن يقي أبناءه من كل شيء مما شأنه أن يقربهم من النار، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1423(12/5895)
حكم المساعدة ماليا لدفع رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة محتاجة جدا ترجو المساعدة من المحسنين بجمع مبلغ معين لتدفعه لشخص يتوسط لابنتها بوظيفة حكومية، السؤال هو هل يعتبر مساعدة الرشوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد عظم الإسلام حرمة الرشوة، واعتبرها من كبائر الذنوب التي يستحق صاحبها اللعنة والطرد من رحمة الله عز وجل، ففي الترمذي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي.
وما هذا التحريم إلا لما تنطوي عليه الرشوة من مخاطر ومفاسد اجتماعية، لكن أهل العلم نصوا على أنه إذا كان للإنسان حق لا يستطيع أن يستوفيه إلا بها جازت في حقه، وحرمت على المرتشي.
وعليه، فإن كانت هذه البنت صاحبة كفاءة تجعلها أولى من غيرها بتلك الوظيفة، وتوفرت فيها الشروط والضوابط التي تبيح للمرأة العمل، والتي ذكرناها في فتوى سابقة برقم:
3859.
فإن علم يقيناً أنها أهل للعمل، وأنها أولى من كل المتقدمين لهذا العمل نظراً لكفاءتها المتميزة جاز حينئذ مساعدتها بتلك الرشوة، لأنها والحالة هذه مساعدة للمرء على نيل ما هو حق له، وليست من التعاون على الإثم والعدوان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1423(12/5896)
يحرم استغلال المنصب لأكل مال الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو: لي مكتب خدمات إعلام آلي (الحاسوب) قمت بالبحث عن صفقات بيع الحواسيب إلى شركات متعددة لكني فوجئت بطلب المسؤولين حيث إنهم طلبوا مني نسبة من الأرباح فما حكم الشرع في ذلك؟
جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان ما يطلبه منك المسؤولون مقابل إعطاء حق غيرك من تقديم في عروض الأسعار، أو التنازل عن صفات الجودة المطلوبة وما شابه ذلك، فإن هذا حرام عليك وعليهم، وهي الرشوة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: "لعنة الله على الراشي والمرتشي" رواه أحمد والترمذي وأبوداود وابن ماجه واللفظ له، وصححه الألباني.
وأما إن كان ما يطلبه منك هؤلاء المسؤولون لغير شيء سوى استغلال مواقعهم في أخذ أموال الناس، فذاك محرم عليهم، فإن الله تعالى قال: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) [البقرة:188] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه" رواه مسلم.
وأنت إذا لم تستطع أن تدفعهم عن نفسك أو مالك إلا بأن تعطيهم شيئاً، فإنه لا إثم عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1423(12/5897)
هل للرشوة علاقة بحل المرتب أو حرمته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم. لي أخوان اشتغلا عن طريق الرشوة فما حكم الشرع في هذا الأمر.وكيف أتصرف في حياتي الخاصة بموازاة مالهم وما يترتب عن علاقاتي بأصحابهم. وما يترتب عن ذلك إجمالا من معلومات أو أي شيء آخر من جراء أموالهم وأصحابهم إلى غير ذلك ... كيف أتصرف?.وماذا أفعل?.أرجو أن تحيط إجابتكم بكل جوانب هذا الموضوع. ولكم جزيل الشكر. وارجو ان تكون الإجابة بسرعة ان شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الرشوة من كبائر الذنوب وقد بينا ذلك في الفتاوى التالية أرقامها:
17929 19073 18884
والدخل الذي يحصل عليه أخواك يتوقف الحكم بحله أو حرمته على نوع العمل الذي يعملانه، فإن كان حلالاً فالدخل حلال، وإن كان حراماً فالدخل حرام، ولا علاقة للرشوة بحل المرتب أو حرمته، إن كانا يقومان بالعمل المنوط بهما على أكمل وجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1423(12/5898)
دفع الرشوة للتهرب مما يجر إلى ما حرم الله.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
تقوم دولتنا منذ زمن بما يسمى (الجيش) أي أن كل مواطن يجند (كضابط أوعسكري في معسكر معين) لمدة سنة أو أكثر لصالح الدولة ولكن يتضمن هذا الأمر المحاذير الأتية:
1- وجوب حلق اللحية.
2- قد يمنعونا من الصلاة ويقولون صلوا آخر اليوم.
3- يسبون دين الله تعالى وهذا أمر معلوم يقينا عنهم.
4- بالإضافة إلى سوء المعاملة والسب وغيره.
فهل يجوز أن ندفع بعض الأموال (مثل الرشوة) لبعضهم لكي نخرج من هذا الأمر؟
أفيدونا مأجورين على نشركم دين الله تعالى وتعليمه للناس........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكر السائل فإن الالتحاق بجيش هذه الدولة محرم قطعاً، ولا حرج عليه في دفع الرشوة لأجل التهرب من الالتحاق بهذا الجيش؛ بل إن دفع الرشوة إذا تعين وسيلة للتهرب من هذا الجيش صار واجباً، وراجع التفاصيل في الفتاوى التالية أرقامها:
16291
15847
2487
8128
16626.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1423(12/5899)
المسلم فقيه نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[بناء على ردكم علي حول دفع الرشوة للحصول على وظيفه بقولكم إن هذا يرجع إلى غلبة الظن حول أحقيتي لهذه الوظيفة وهل هناك من هو أفضل مني أم لا مقدم إليها فإنني لا أستطيع أن أعرف هذا الأ مر ولكن الذي أعرفه هو أنه لن يحصل أحد على هذه الوظيفة بدون دفع هذه الرشوة سواء أحق مني أم لا ولكني أقول إن مؤهلاتي تتناسب مع هذه الوظيفة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد عرفت خطورة الرشوة، وتحريمها، وما يترتب عليها من الآثام، والمفاسد الأخلاقية على الفرد والمجتمع.
ولكن إذا وقع على المسلم ظلم، أو وجب له حق، ولم يستطع أن يدفع عن نفسه الظلم، أو يصل إلى حقه إلا بدفع المال، فإن له ذلك، ولا يعتبر راشياً بل هذا من باب المداراة، ودفع الضرر، والإثم على من أخذ منه الرشوة، وألجأه إلى دفعها.
قال في تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي:.... فأما ما يعطى توصلا إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل في هذا "تحريم الرشوة" وقد أخذ ابن مسعود رضي الله عنه، في أرض الحبشة في شيء فأعطى دينارين حتى خلي سبيله، وروي عن جماعة من التابعين قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم.
وعلى هذا فلا مانع شرعاً أن تدفع ما لا تنال به حقك في هذا العمل، وخاصة أنك قلت: إنه لن يحصل أحد على هذه الوظيفة دون دفع الرشوة سواء كان يستحقها أم لا.
وما دمت متأكداً أن مؤهلاتك تخولك لشغل هذا المنصب.... وأنك ستقوم بالعمل على أكمل وجه، فنرجو ألا يكون بذلك بأس، فمن حقك أن تحصل على وظيفة مناسبة.
ويبقى المسلم بعد ذلك هو فقيه نفسه، وإن أفتاه الناس وأفتوه، وخاصة في مثل هذه الأمور التي يعرف هو من ملابساتها ما لا يعرفه الآخرون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1423(12/5900)
لا إثم على دافع الرشوة لو منع من حقه
[السُّؤَالُ]
ـ[تم التقدم لشغل وظيفة علماً بأن المتقدم كفء لها ولا يوجد شخص آخر متقدم لها والمدير المسئول مطلوب منه خطاب تزكية وإقرار بالإعلان إلى موظف لشغل الوظيفة وهذا من صميم عمله العادي ولكنه يفرض إتاوة مقابل ذلك وهي راتب شهرين فهل هذا حرام أم حلال؟
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت أنت المتقدم الوحيد للوظيفة كما ذكرت، وكنت أهلاً لشغل هذه الوظيفة، وكان حقك لا يصل إليك إلا بطريق الرشوة، فلا مانع من دفعها للحصول على الحق، بشرط ألا يؤدي ذلك إلى الظلم أو الاعتداء على حق الغير بالمحاباة ونحوها، ولا إثم عليك لعدم اعتدائك، ويكون الإثم على الآخذ لظلمه وتعديه، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
1713، والفتوى رقم:
14208.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1423(12/5901)
حكم دفع الرشوة في المناقصات
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم الرشوة في المناقصات مع العلم أنها لا تتم إلا بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المعلوم شرعاً أن الرشوة أمر محرم، لا يجوز لأحد بذلها، ولا لمن دفعت إليه أخذها، بل هي من كبائر الذنوب.
هذا من حيث الأصل، إلا أن جمهور أهل العلم على أن من لم يتمكن من الوصول إلى تحصيل حقه بالطرق الشرعية، جاز له بذلها لدفع الضرر عن نفسه، وأن الإثم يقع على من أخذها، لكن مما ينبغي التنبيه له أن الغالب في المناقصات أن تتم على حساب الظلم للآخرين، فإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز حينئذ بذلها، لأن الضرر لا يزال بالضرر، كما هو مقرر في قواعد الفقه، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
1713.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1423(12/5902)
حكم إعطاء موظف مبلغا من المال لقاء خدمة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند قيام موظف عام بتخليص إجراءات لتيسير المصلحة وبعد ذلك قدمت مبلغاً من المال نظير خدماته فهل يعد ذلك رشوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا الشخص موظفاً في الدولة أو المؤسسة ويتقاضى راتباً من جهة العمل على نفس العمل فلا يجوز للمراجعين أن يعطوه، ولا يجوز له هو أن يأخذ منهم لأن هذا رشوة، ولا يخفى ما قد ينشأ عن تعويد هذا الموظف علىأخذ هذه الرشوة من الفساد وتعطيل مصالح الناس.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله الراشي والمرتشي والرائش. رواه أحمد عن ثوبان رضي الله عنه قال: والرائش هو الذي يمشي بينهما.
أما إن كان العامل لا يتقاضى راتباً أو كانت هذه المعاملة بالذات خارجة عن نطاق عمله، أو قام بالعمل بطريقة بذل فيها جهداً خارجاً عن عمله العادي فهنا لا بأس بإعطائه، ولا حرج عليه هو في الأخذ لأنه في مقابل.
وإذا كان الشخص موظفاً، ويتقاضى راتباً على العمل، ولكنه يمتنع من أدائه حتى تدفع له رشوة أو يماطل حتى يخاف المراجعون على ضياع مصالحهم، فهنا لا مانع من إعطائه، وليس هذا رشوة في حق المعطي، ولكنه من باب المداراة، وهو رشوة في حق الآخذ لأنه أكل لأموال الناس بالباطل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1423(12/5903)
حكم دفع رشوة للتهرب من الضريبة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندى صديق يشتغل في المطار وأنا أريد أن اشتغل في تجارة الذهب ولكن أريد أن أعطيه مبلغاً مقابل أن يسلكني من عملية القبض على الذهب الذى آتى به من الخارج فما حكم المال الذى أعطيه إلى الصديق وماحكم هذه الوساطة في المطارت وهل هي رشوة أم لا أفيدوني والسلام عليكم ورحمة لله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الحاكم المسلم لم يفرض الضرائب إلا للحاجة الماسة إليها ولم تف موارد الدولة بهذه الحاجات، فلا ينبغي للمرء أن يتهرب منها، ويأثم بتهربه ويأثم من أعانه على ذلك.
وإن كانت موارد الدولة تهدر فيما لا طائل من ورائه، أو في الآثام والمنكرات، فللمسلم أن يتهرب من هذه المكوس الجائرة الظالمة بظلم أخف، وانظر الفتوى رقم 9955 والفتوى رقم 8097
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1423(12/5904)
هدية ام رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل بشركة أدوية كمندوب دعاية لأدوية هذه الشركة. والمعروف في هذا العمل أن هناك جزءاً من المال من قبل الشركة مخصص لبعض الأطباء لحثهم على كتابة هذه الأدوية أكثر من الكتابة للشركات المنافسة علماً بان المنتج له فاعلية وثمنة قد يكون أقل من المنافس وإني أحاول الإبتعاد عن هذه الشبهة فى عملي ولكن هؤلاء الأطباء يرفضون كتابة دواء شركتي إذا رفضت توصيل المال لهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فدفع هذا المال من الشركة للطبيب مقابل أن يصف الطبيب للمريض الأدوية التي تنتجها الشركة لا حرج فيه إن كانت أدويتها هي الأنفع والأفضل، ولم يترتب على ذلك خيانة الطبيب للمريض وغشه، وإلا فهي رشوة محرمة لا يجوز دفعها ولا أخذها ولا التوسط فيها، ومن فعل شيئاً من ذلك فهو داخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله الراشي والمرتشي والرائش. رواه أحمد.
والرائش هو الواسطة بين الراشي والمرتشي.
ولا خير في أن يجمع الإنسان الدنيا كلها إن حلت عليه لعنة الله، فعلى العبد الصادق في عبوديته أن يحذر كل الحذر مما يسخط الله تعالى.
والذي نراه هو منع هذا العمل مطلقاً سداً للذريعة لأن الغالب أن أكثر الشركات في حقيقة الأمر ما دفعت هذا المال إلا لجر الطبيب إلى ما فيه مصلحتها دون أي اعتبار آخر، ولو علمت وصفه لغير منتجاتها لأحجمت عن دفع تلك المبالغ، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
22443.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1423(12/5905)
حقيقة الرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت للمسلخ ودفعت 10 ثمن الذبح وحينما أوصل العامل الذبيحة للسيارة طلب مني حق الشاي كما يقول فأعطيته ريالاً رفقاً به وبحالته بالرغم من أنه ليس عليه توصيل الذبيحة. فهل هذه رشوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالرشوة: الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة، وأصله من الرشاء الذي يتوصل به إلى الماء، فالراشي من يُعطي الذي يعينه على الباطل، والمرتشي الآخذ، والرائش الذي يسعى بينهما يستزيد لهذا ويستنقص لهذا، فأما ما يُعطى توصلاً إلى أخذ حق أو دفع ظلم غير داخل فيه. ا. هـ من كتاب النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير.
وبناءً على هذا فلا يعتبر ما أعطيته لهذا العامل رشوة، وإنما هو عوض عمَّا قدمه لك من توصيل الشاة الذي لا يلزمه - كما قلت - أو تسول منه لك فأعطيته، فأنت مثاب عليه إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1423(12/5906)
هل يجب استبدال رخصة قيادة استخرجت بالرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
منذ مدة وبعد إغواء الشيطان واتباعي لهوى نفسي قمت بإصدار رخصة قيادة سيارة عن طريق الرشوة متبعا في ذلك فتوى أسمعها دائما من أن الرشوة لا تعتبر كذلك إلا إذا أضرت بشخص آخر ودفعت فيها مالاً لكني الآن نادم وأريد التوبة من هذا الذنب.. فماذا علي أن أفعل وأريد أن أصدر رخصة قيادة جديدة لكن بطريقة مشروعة إن شاء الله وإذا أردت ذلك يجب علي أن أكتب تعهداً على نفسي بأني لم أقم بإصدار رخصة من قبل وهذا الكذب ينافي ما عزمت عليه وكذلك إن قلت بأن رخصتي السابقة ضاعت ...
وبارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن الرشوة المحرمة وغير المحرمة في الفتوى رقم:
3697 والفتوى رقم: 1713
وعليه، فإذا كنت لست أهلاً لهذه الرخصة حين استخراجها، أو تسببت في ضرر لغيرك كتأخيرهم وهم مقدمون، فإن هذه رشوة محرمة، فعليك الآن أن تتوب إلى الله وتستغفره مما حصل منك، ولا يلزمك استخراج رخصة جديدة إذا كنت الآن مستحقاً للرخصة، فلا تحتاج أن تتعهد أو تكذب، وتكفيك التوبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1423(12/5907)
حكم حصول الطبيب على مقابل لقاء ترويجه لدواء معين
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مندوب دعاية لشركة أدوية وتتطلب الوظيفة تحقيق ربح مستهدف من بيع الادوية في منطقتي وإلا طردت من العمل ومعظم الأطباء في المنطقة يشترطون الحصول على هامش من الربح مقابل كتابة الأدوية التي أعمل لها دعاية فما هو مشروعية هذا العمل وهل علي إثم وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم في جواب سابق برقم 3157 بيان أن العمل في الدعاية لشركة أدوية عمل مباح بشرطين:
الأول: عدم ذكر أدوية الشركة بأوصاف ليست فيها.. كوصفها بالجودة العالية أو ما شابه ذلك إذا كانت الأدوية بخلاف ذلك الوصف.
الثاني: أن لا يشتمل العمل على محذور شرعي.. كأن تكون هذه الأدوية ذات تأثيرات جانبية مضرة ولم يبين ذلك.
وأما ما يعطى للأطباء من المال مقابل أن يكتبوا للمرضى منتجات تلك الشركة فغير جائز، لأنه إما أن يكتب الطبيب ذلك الدواء للمريض، وهناك دواء أنفع منه، وهذا غش للمريض وخيانة، وإما أن يكون ذلك سبباً للوقوع في هذا الغش فيمنع سداً للذرائع.
وعلى هذا فنقول للأخ: إن أمكن العمل مع شركة الأدوية هذه على أن تجتنب هذه المحاذير فذلك المطلوب ولله الحمد، وإلا وجب عليك ترك هذا العمل والبحث عن غيره، وتذكر أن الله تعالى يقول (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) (الطلاق: 2-3) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1423(12/5908)
مسائل في الرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
قمت بتعريف أحد الأصدقاء على أحد الأشخاص ممن له السلطة وذلك بغرض توظيفه بوظيفة بالبلد التي بها والديه وزوجته وذلك على أن يدفع مبلغاً مالياً مقابل هذا العمل السؤال هل يعتبر عملي هذا عمل الرائش بين الراشي والمرتشي؟
أفيدونا مشكورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حكم الرشوة بالنسبة للدافع والآخذ والوسيط بينهما في الفتاوى التالية: 18843، 19073، 14208، 8043، 8128.
وعليه، فإذا كان دفع المال في مسألتنا من الرشوة الممنوعة، فإن الثلاثة يأثمون، وإذا كان من الجائز، فإن الإثم على الآخذ فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(12/5909)
التقرب من شخص بالهدية بين الحظر والإباحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز في الإسلام استخدام الحيلة والدهاء في الوصول
إلى هدف معين. وهذا الهدف حلال شرعا علما أن النية خالصة ولا أستخدم الحيلة إلا للفوز على المنافس كأن أتقرب إلى صاحب الشأن وإغداقه بالهدايا كوسيلة لكسبه ونيل رضاه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان التنافس بينك وبين شخص آخر على كسب الود والحب من صاحب الشأن المذكور في السؤال، لمجرد نيل حبه ورضاه ووده، فهذا لا شيء فيه لأنه حق مشروع، بل هو مطلوب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. رواه البخاري في الأدب المفرد، وحسنه الألباني.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الأنصار تهادوا، فإن الهدية تسل السخيمة وتورث المودة. رواه الطبراني في الأوسط.
هذا هو الحكم من حيث الأصل، لكن قد يكون الشخص الذي تريد التقرب إليه مسؤولاً عليك وعلى منافسك في العمل، وأنتم جميعاً تعملون لدى جهة واحدة سواء كانت شركات حكومية أو خاصة، ففي هذه الحالة توجد شبهة في هذه الهدية، وهي: طلب المحاباة من هذا المسؤول لا مجرد الحب والود وإن لم تقصد ذلك، فإن قصدته فهذه هي الرشوة بعينها التي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلها، كما روى الترمذي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. قال الترمذي: حسن صحيح.
وراجع في خطورة الرشوة وحكمها الفتوى رقم:
1713 والفتوى رقم:
21329.
ولمعرفة حكم الرشوة للتوصل إلى حق مشروع راجع الفتوى رقم:
2487.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1423(12/5910)
الإسقاط أو الفراغ ... رؤية فقهية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز دفع مبلغ مالي لشخص مقابل أن يمنحني مشروع بناء على أساس بيع. مع العلم أنه يملك نفوذا يسهل له الحصول على مشاريع ومعاملات يبيعها للمقاولين؟ أرجو الرّد العاجل
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن ملك حق البناء والإنشاء جاز له التنازل عنه لغيره بعوض.
وقد أجاز فقهاء المالكية الاعتياض عن حق الشفعة، كما أجازوا للمرأة أن تهب يومها لضرتها بعوض، وأجاز بعض الحنفية النزول عن الوظائف في مقابل مال، وأجازا معاً (الحنفية والمالكية) إسقاط حق الحضانة بعوض.
وهذه الحقوق ليست مالا متقوماً فتباع، ولكن يؤخذ المال في مقابل التنازل عنها، أو يسمى في مصطلح الفقهاء: بالإسقاط أو الفراغ.
والحاصل أن لك أن تدفع مالاً في مقابل تنازل شخصٍ ما عن حق له في البناء أو الاستيراد أو نحو ذلك.
وينبغي التنبيه إلى أن من الحقوق ما لا يقبل الإسقاط ولا الاعتياض، وتفصيل هذا في كتب الفقه، كما أن الفقهاء يفرقون بين من ملك المنفعة ومن ملك الانتفاع بنفسه فقط، فيجوز للأول أن يعتاض عنها بمال، ولا يجوز للثاني ذلك، ويمثلون للأخير بحق الضيف في الانتفاع بما يقدم له دون أن يعتاض عنه، وبانتفاع الرجل بأمتعة زوجته وغير ذلك.
وما ذكرناه هنا محله فيما إذا ملك الشخص الحق ثم تنازل عنه، أما إذا لم يملك ذلك وإنما أوصل لك المشروع مقابل رشوة، فلا يجوز ذلك، وانظر الفتوى رقم:
21456.
والغالب على هؤلاء المنفذين هو عدم ملكهم لهذه الحقوق أو المنافع، وإنما هم وسطاء يتعاملون بالرشوة، يبذلونها لمن فوقهم، ويأخذونها ممن دونهم.. وهؤلاء تجب مقاطعتهم ومجانبتهم، لما يترتب على التعامل معهم من ضياع الحقوق وشيوع الفساد وتخريب الاقتصاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1423(12/5911)
الهدايا لموظفين مقابل خدمة لا تبذل للآخرين رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
انا صاحب محل تجاري ويقع محلي بجانب أحد المستشفيات الحكومية مما جعلني أتعرف على بعض الأطباء في المستشفى والذين يأتونني إلى المحل فأساعدهم في الأسعار فأعطيهم السلعة برأس مالها إذا كان مبلغها كبيراً وإذا كانت القيمة قليلة فإنني أسامحهم ولا آخذ منهم شيئاً مع العلم أنهم يساعدونني إذا أتيتهم في المستشفى ويبذلون جهودهم في خدمتي وبالمعنى الأوضح خدمات متبادلة فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه التسهيلات والهدايا التي يقدمها السائل لمن ذكر في مقابل خدمة وعناية خاصة لا يلقاها غيره ممن لم يدفعها لهؤلاء الأطباء، فهذا يدخل في حكم الرشوة، وهي ممنوعة، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه أبو داود والترمذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1423(12/5912)
ماهية الرشوة المحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ..
مشكلتي أتعبتني كثيرا.. بكل وضوح..أملك شركة لتنظيم المعارض في بلدي.. وفي الوزارة لا تتحرك المعاملات إلا بالرشوة.. أدفع للمسؤل فآخذ حقي.. أو لا أدفع فيتوقف المعرض عند أي مخالفات..
أو لا ينفذ طلب التأجيل في حالة رغبتي تأجيل المعرض.. وحتى تمديد أيام المعرض يجب أن أدفع..
بكل صراحة.. لم أدفع حتى الآن..وطلباتي ترفض.. وغيري من المنافسين يأخذون كل ما يريدونه من الوزارة.. لأنهم يدفعون.. وهذا ما أوصاني به أحدهم..
المصيبة أن كل من في هذه الإدرة الحكومية والتي تتبع لها المعارض يأخذون الرشوة..
ما الحل.. أريد أن أستمر في السوق.. ولا أريد الحرام..
فهل أدفع وتستمر أعمالي أم أرفض وأحارب..
جزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت مستحقاً لهذه الخدمات التي تدفع في مقابلها عوضاً للسلطات، وليس غيرك أولى بها منك، فإنه لا حرج عليك في دفع مال لأجل ذلك، ولا يكون بالنسبة لك رشو، لأن الرشوة ما أعطي لإبطال حق أو إحقاق باطل، ولكنه رشوة بالنسبة للآخذ، وقد تقدمت التفاصيل عن هذا الموضوع في الفتاوى التالية:
4245 16626 9529 10383
وإذا لم تكن مستحقاً أو كان غيرك أولى بذلك منك فإنها رشوة محرمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1423(12/5913)
دفع رشوة للحصول على مستوى دراسي أعلى
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبعد:
ياشيخ نحن طلبة ندرس في الهند والسبب هو أننا من أسر فقيرة وغلاء الدراسة في بلدنا فلذا أتينا إلى الهند المشكلة هي أننا نواجه عنصرية لأننا عرب ندرس باجتهاد وبعد ذلك نرسب فنضطر إلى دفع غرامة ونمكث في هذا البلد التعيس ونكلف أهلينا ما لا يطيقون والمصيبه يا شيخ لا أحد يستفيد من الكلية إلا أن تدرس في معهد حتى الهنود يفعلون ذلك لأنهم لا يستفيدون شيئاً وتخصصنا نفهمه من المعهد ليس من الكليه نحن نريد الارتقاء بشهادة الكلية في العمل لذلك نضطر إلى دفع مبلغ للهنود من أجل أن ننجح والسبب كما ذكرت ولكننا نفهم تخصصنا قبل الشراء فما حكم ذلك يرحمكم الله أفيدونا بسرعه جزاكم الله خير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من المقرر شرعاً أن الرشوة من كبائر الذنوب، ففي سنن الترمذي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح
فيحرم طلب الرشوة وقبولها وبذلها، والرشوة المحرمة الملعون صاحبها دافعاً أو آخذا أو وسيطاً هي ما يتوصل به إلى إحقاق باطل أو إبطال حق، أما الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه أو لدفع ضرر أو ظلم عنه فإنها جائزة بالنسبة للدافع عند الجمهور والإثم على المرتشي دون الراشي.
فإذا كان السائل لا يمكنه التوصل إلى حقه إلا بهذا الطريق فلا حرج عليه في دفع هذا المال، أما إذا كان هناك وسيلة غيرها فلا يجوز له دفعها، كما لا يجوز له أيضاً دفع الرشوة من أجل الحصول على شهادة ليس على مستواها لأن هذا هو إحقاق الباطل الذي هو الرشوة التي لا تجوز بحال، وراجع الفتوى رقم:
1713 والفتوى رقم:
8043.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1423(12/5914)
لا بأس أن يصانع المرء عن نفسه وماله دفعا للظلم
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد طلب مني أحد المدرسين في الجامعة آلة حاسبة كرشوة وقد اقنعت نفسي بأني سأعطيه إياها كهدية
وبعد أن أحضرتها له رفضها كونها من النوع الغير الأصلي وأنه يريد آلة حاسبة casio أصلية
ولما تأخرت في إحضارها لأنه تبين لي أنها رشوة وليست هدية قال لي إنه إذا لم يكن في مقدوري إحضارها
فإنه لا يريدها فتحرجت منه وقلت له لا عليك سأحضرها لك قريبا وأنا خائف أن يقوم بأذيتي بالعلامات
ولكني لم أحضرها لخوفي من الله أكثر ولكن هل يجوز أن أعطيه إذا خفت على حقي في العلامات
لأنه رجل بلا كرامة ولا يؤمن جانبه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا لم يتقدم سبب يدعوك إلى الإهداء إلى هذا المدرس، من صلة أو قرابة ونحو ذلك، فالظاهر أن ما ستقدمه له داخل في الرشوة، لا سيما وأنها جاءت بطلبه.
والرشوة التي يحرم على المكلف دفعها هي ما يتوصل به إلى إحقاق باطل أو إبطال حق، كأن يكون ذلك لمحاباتك في الدرجات، أو تفضيلك على غيرك من الطلاب، فالرشوة هنا محرمة على المعطي والآخذ، وفي الرشوة من الوعيد الشديد ما هو كفيل بردع العاقل عن مباشرتها.
ومن ذلك ما رواه الترمذي وأبو داود من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي.
أما إذا كان إعطاء الرشوة لرفع الظلم، أو التوصل إلى حق فهي محرمة على الآخذ دون المعطي.
وعليه، فإذا غلب على ظنك أن هذا المدرس سيظلمك أو يمنعك ما تستحقه من الدرجات، منعا يلحق بك ضرراً معتبراً، جاز لك أن تدفع له ما طلبه من الرشوة.
قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود: روي أن ابن مسعود أخذ بأرض الحبشة في شيء، فأعطى دينارين حتى خلي سبيله. وروي عن جماعة من أئمة التابعين قالوا: لا بأس أن يصانع عن نفسه وماله إذا خاف الظلم. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1423(12/5915)
توبة من حصل على شيء برشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد تخرجي في الجامعة أخبرني قريب لي أن له صديقا يمكن أن يقوم بتوظيفي في وظيفة حكومية عن طريق الواسطة وقام قريبي بتولى هذه المهمة إلى أن اخبرني أنه قد تم تعييني ولكن لكي أستلم الوظيفة يجب دفع مبلغ من المال وفعلا قمت بدفعه أنا الآن أريد أن أعرف هل يعتبر ذلك رشوة وإذا كان ما الحكم في الراتب الذي أحصل عليه هل هو حرام وما كفارة هذا الذنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت بدفعك هذه الرشوة قد أخذت حقاً ليس لك، فقد ارتكبتم بذلك -أنت وقريبك ومن أخذ المال- إثماً عظيماً وكبيرة من الكبائر، فعن ثوبان رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلىالله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش. رواه أحمد في مسنده، والرائش هو: الذي يمشي بينهما.
وعليكم جميعاً أن تتوبوا إلى الله تعالى، ومن توبتك أن ترد الحق إلى أهله فتترك هذه الوظيفة لصاحبها الذي كان أحق بها منك، فإن تعذر الوصول إليه لسبب ما، كأن يكون قد توظف في وظيفة أخرى أو نحو ذلك، فلا بأس إذن ببقائك في عملك، وإن كنت جديراً بهذه الوظيفة وتستحقها ولم تتعد على حق أحد، وإنما اضطررت لكي تصل إلى حقك أن تدفع هذا المال، فلا حرج عليك ولا على قريبك، وإنما الإثم على الشخص الذي أخذ هذا المال بغير وجه حق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(12/5916)
حكم القيام بعمل الرائش
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أعمل مع مكتب يتعامل أحيانا لتيسير العمل بشكل سريع في الدوائر الرسمية بدفع رشاوى للموظفين وهو مرغم وأحيانا أقوم أنا بتوصيل هذه الرشوى وأنا حائر في أمري هل أترك العمل؟ علماً بأنه في حالة الانقطاع عن العمل سأجد نفسي بدون عمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المقرر في أحكام الشرع أن الرشوة من كبائر الذنوب، ففي سنن الترمذي وسنن أبي داود ومسند أحمد بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لعنة الله على الراشي والمرتشي".
فلا يجوز دفع الرشوة ولا قبولها ولا التوسط فيها.
والرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه أو لدفع ظلم أو ضرر متحقق أو غالب الوقوع لو لم يدفع، جائزة عند الجمهور ما دامت لم يكن فيها ظلم لأحد، والإثم حينئذ على المرتشي دون الراشي أو الوسيط.
وعليه، فإذا كان هذا العمل تسهيل المعاملات وإنجازها، والذي تدفع الرشوة مقابله إنما يتم على حساب أعمال الآخرين، فما تقوم به هو وظيفة الرائش، وهو عمل محرم ملعون صاحبه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، فيجب عليك تركه والتوبة منه، وأما إذا لم يكن في ما تقوم به من الأعمال إبطال لحق الآخرين أو تأخير معاملاتهم فالإثم حينئذ على المرتشي وحده.
وعلى كل، فإننا نحذر من التماطل في القيام بالواجب تجاه معاملات الناس وتسيير أمورهم إلا بأخذ مقابل من المال، فإن هذا خيانة للأمانة وظلم لإخوانهم.
فالواجب أن يتقي الله كل من تولى شيئاً من أمور المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1423(12/5917)
دفع الرشوة للتوصل لأمر محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أريد العمل في أحد البنوك لكن طلب مني دفع مبلغ 500 دينار تونسية في شكل رشوة فدفعتها ولم أدخل للعمل وندمت على ذلك ندما شديدا فما حكم ذلك في الشرع الإسلامي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنقول للسائل الكريم: إذا كان هذا البنك الذي تعامل معه بالرشوة ويريد العمل فيه بنكا ربوياً فعليه أن يحمد الله تعالى الذي نجاه من العمل فيه، لأن العمل في المؤسسات الربوية شديد الحرمة، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ*فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:278-279] .
وفي الصحيحين عن جابر رضي الله عنه مرفوعاً: لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه.....
وأما الرشوة فلا يجوز للمسلم أن يدفعها من أجل الوصول إلى الأمور المباحة، فكيف باستخدامها من أجل الوصول إلى الأمور المحرمة شرعاً؟! هذا بلا شك أشد تحريماً، وقد قال صلى الله عليه وسلم، كما في سنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: لعن الله الراشي والمرتشي. وفي رواية: والرائش. وهو الواسطة بين الراشي والمرتشي.
وهي من أكل أموال الناس بالباطل الذي نهانا الله تعالى عنه في قوله: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:88] .
لذا فإن ما أقدم عليه السائل من السعي في العمل في البنوك الربوية ودفع الرشوة من أجل الحصول عليه حرام فيجب عليه اجتنابه في المستقبل، والندم عليه في الماضي، وإن استطاع أن يسترجع ما قدمه رشوة فله ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1423(12/5918)
دفع مال مقابل الحصول على رخصة قيادة محرم لعدة اعتبارات
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من يدفع مبلغاً من المال مقابل رخصة سياقة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز أن تدفع رخصة قيادة لمن لا يحسن القيادة ولو لم يدفع مالاً، فإن دفع مالاً زاد الإثم لأن الأمر حينئذ ينطبق عليه حدُّ الرشوة، فالرشوة: هي دفع مال لإحقاق باطل أو إبطال حق، وهذا المال قد دفع لإحقاق باطل.
وإنما منع دفع الرخصة لمن لا يحسن القيادة لأنها قد تجرؤه على ممارسة القيادة في أوساط الناس مما يعرض الأنفس والأموال للهلاك والإتلاف، والحاصل أن الأمر المسؤول عنه ممنوع لثلاثة أسباب:
الأول: أن الرخصة ستجرؤه على ممارسة القيادة بدون دراية بها فيعرض الأنفس والأموال للهلاك.
الثاني: الشهادة له بما ليس فيه، وهي محرمة وخيانة للأمانة التي أوكلت إلى المسؤول عن الرخص.
الثالث: أن المال الذي يأخذه هذا المسؤول مقابل هذه الرخصة المزورة رشوة. وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم (الراشي والمرتشي) كما في الحديث [رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1423(12/5919)
دفع الرشوة لرفع الظلم لا يدخل في الوعيد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم فيمن امتهن مهنة مقابل رشوة والآن ندم عما فعل علما أن ما سبق كان هو السبيل الوحيد بعد عدة محاولات سبقت دون نتيجة هل ما يؤجر عليه حلال أم حرام؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإسلام حرم الرشوة حفاظاً على مصالح المجتمع، ودفاعاً عن الحقوق العامة، فقال جل وعلا: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة:188] .
وقال صلى الله عليه وسلم: "لعنة الله على الراشي والمرتشي" رواه ابن ماجه وأبو داود عن عبد الله بن عمرو.
وفي رواية الحاكم: "لعن الله الراشي والمرتشي والرائش". يعني الذي يمشي بينهما، وإذا كان فهمي للسؤال صحيحاً وهو أن الأخ حصل على عمل مقابل رشوة، فأقول: إذا كان الأمر كذلك ولم يكن السائل أحق من غيره بهذه الوظيفة، أو لم يكن كفؤا لها (لا يحسن العمل المكلف به) فهذا لا يجوز، لأنه أخذ لحق الغير، ولأن فيه تضييعاً لمصالح المسلمين، أما إذا كان هذا العمل الذي حصل عليه عملاً شرعياً وله فيه الحق ويستطيع القيام به بكفاءة، ولم يستطع الوصول إليه إلا بالرشوة، فقد قال العلماء: لا بأس بذلك، ويبقى الإثم على الآخذ.
نقل صاحب التبيين عن الخطابي في شرح الحديث السابق: فأما إذا أعطى ليتوصل به إلى حق، أو يدفع به عن نفسه ظلماً، فإنه غير داخل في هذا الوعيد.
وقد روي أن أبن مسعود أخذ في سبي وهو بأرض الحبشة فأعطى دينارين حتى خلي سبيله.
وأما العمل الذي يقوم به السائل ويأخذ عليه مرتبا فلم يذكره.
وعلى كل حال، فإن كان العمل مشروعاً (غير حرام) وهو يقوم بعمله بإتقان فلا شك في إباحة الأجر الذي يأخذ عليه.
والخلاصة: أن السائل إذا كان استخدم الرشوة للحصول على عمل محرم أو عمل حلال لكن لا يحق له، فإن هذا حرام لما ذكرنا.
أما إذا كان العمل مباحاً ومن حقه أن يعمل فيه ولم يستطع الوصول إليه إلا بالرشوة ولم يكن قد تقدم بسبب الرشوة على من هو أحق منه أو مساو له فلا مانع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1423(12/5920)
حقيقة الرشوة المحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالب عمري 19 عاماً وأبي يعمل مقاولاً وفي عمله يضطر إلى دفع أموال بصورة غير رسمية وأحيانا في شكل هدايا للموظفين في الشركات التي يتعامل معها ليسهلوا له التعامل وصرف مستحقاته بصورة أسرع وأنا أرى أن هذه رشوة فهل هذا صحيح؟ وعندما واجهته قال: إن البلاد كلها تسير بهذا النظام وإنا إن لم نفعل هذا فلن نجد ما نأكل ولن نستطيع الحياة.
أرجوك أن توضح لي الحكم فيما هو يفعله؟ وكيف يمكنني التصرف؟ لأني أفكر في أن أترك العيش معهم لاعتقادي الشديد بأن النقود التي يكسبها أصبحت ملوثة بالرشوة.
أرجو منكم الرد السريع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالرشوة من كبائر الذنوب، وقد عرفها ابن حزم رحمه الله في المحلى فقال: هي ما أعطاه المرء ليحكم له بباطل، أو ليولى ولاية، أو ليظلم له إنسان.
وعرفها السبكي في الفتاوى بقوله: والمراد بالرشوة التي ذكرناها ما يعطى لدفع حق أو لتحصيل باطل.
وقال بدر الدين الزركشي في كتابه المنثور في القواعد: الرشوة أخذ المال ليحق به الباطل أو يبطل الحق، فأما إذا كان مظلوماً فبذل لمن يتوسط له عند السلطان في خلاصه وستره فليس ذلك بإرشاء حرام، بل جعالة مباحة.
وعليه، فإن كان الذي يدفعه والدك الغرض منه الوصول إلى حقه أو ما هو أحق به فلا مانع من ذلك، والإثم على من أخذ الرشوة، وإن كان الغرض أخذ حق الغير أو الوصول إلى شيء هو وغيره سواء فيه فلا يجوز.
وانظر الفتوى رقم: 8045، والفتوى رقم: 1713.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1423(12/5921)
حكم التعامل مع الراشي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لي صديق يعمل في التجارة وهو ميسور الحال يتعامل مع أحد التجار البارزين هذا الأخير يقوم بتموين الشركات البترولية في الصحراء هذا التاجر اقترح على صديقي أن يبيعه بضاعة تدخل في إطار تموين هذه الشركات (مواد غذائية ... )
صديقي يعلم أن هذا التاجر لم يتحصل على عروض التموين من هذه الشركات إلا بعد دفعه رشاوى لبعض المسؤولين صديقي التاجر يسأل
... هل إذا باعه سلعة يمون بها هذه الشركات يدخل هدا في إطار الحرام؟
جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأولاً يجب أن تعرف أن الرشوة المحرمة هي ما يُعطيه الشخص لإبطال حق أو إحقاق باطل، أما ما يُعطيه الشخص ليتوصل به إلى حق أو نفع يستحقه لا يتوصل إليه إلا ببذل شيء فهذا لا إثم عليه، وإنما الإثم على الآخذ (المرتشي) .
فهذا التاجر الذي يتعامل معه صديقك، إن كان يعطي المسؤولين لكي يتوصل إلى حق مشروع له كمن يتقدم في مناقصة أو عروض فيرسلوا عليه العطاء بشروطه المسبقة، ثم لا يُمكن منه إلا يدفع شيء إلى المسؤولين فلا إثم عليه، وإنما على هؤلاء المسؤولين، ولا حرج في معاملته. أما إن كان يدفع لهم ليسقط حقوق التجار الآخرين في هذه العروض، فهذه رشوة محرمة على الآخذ والمعطي لأنها تبطل حقاً وتحق باطلاً.
والأحوط لصديقك في هذه الصورة أن لا يتعامل مع هذا التاجر، لما في هذا المعاملة من شبهة معاونته على الباطل.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1423(12/5922)
لا يجوز أخذ العمولة إلا بإذن صاحب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل فى شركة كمسؤل مشتريات ,فى بعض الأحيان تقوم الشركات بدفع عمولة مقابل شراء البضاعة من طرفهم , والعمولة تعادل 2% من قيمة المشتريات الشهرية فهل هذا العمل جائز شرعا.
وللتوضيح أن الاسعار أقل من سعر السوق ولا يتم الطلب إلا على حسب الاستهلاك ومدة الصلاحية طويلة المدى وبعد مقارنة الأسعار مع الموردين والحصول على أقل سعر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت هذه العمولة تعطى لك -وهذا هو الظاهر من السؤال- فلا يحل لك أخذها إلا بعلم صاحب الشركة التي تعمل بها أو مديرها المخول بالإذن في ذلك.
فإن لم يأذن بذلك فلا تأخذ منها شيئاً لدخولها في هدايا العمال التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين عن أبي حميد الساعدي قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من بني أسد يقال له: ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي لي، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا!! والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر. ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه ثم قال: اللهم هل بلغت مرتين.
وروى أبو داود من حديث عدي بن عميرة الكندي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أيها الناس، من عمل منكم لنا على عمل فكتمنا منه مخيطا فما فوقه فهو غل يأتي به يوم القيامة. فقام رجل من الأنصار أسود كأني أنظر إليه فقال: يا رسول الله اقبل عني عملك. قال: وما ذاك؟ قال: سمعتك تقول كذا وكذا. قال صلى الله عليه وسلم: وأنا أقول ذلك، من استعملناه على عمل فليأت بقليله وكثيره، فما أوتي منه أخذه، وما نُهي عنه انتهى.
وإن كانت هذه العمولة تذهب إلى شركتك، فهذا تخفيض في السعر في الواقع، ولا ينبغي أن يسمى عمولة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1423(12/5923)
حكم دفع مال لإنجاز عمل بسرعة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة ذهبت للخياطة وأعطتها مبلغاً من المال (10 ريال) لكي تنجز ثوبها في أسرع وقت ممكن فهل هذا يعتبر من الرشوة؟
وجزاكم الله الف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الغرض من دفعها لهذه الريالات هو مجرد إسراع الخياطة في خياطة ثوبها، ولم يؤد ذلك إلى تأخير تسليم ثياب الأخريات بسببها فلا حرج في ذلك، وهو من باب التشجيع على الإنجاز بسرعة.
أما إن أدى ذلك إلى تضييع حق الأخريات، وتقديمها عليهن بسبب هذه الريالات، فنخشى أن تكون داخلة في الوعيد في قوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم". رواه أحمد والترمذي والحاكم عن أبي هريرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1423(12/5924)
رشوة تحت غطاء الوجاهة والشفاعة والوساطة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل لدى شخص نافذ، وهو الذي يتحكم في توزيع الأراضي وقد توقف تقديم الأراضي عندنا لكني لو تقدمت لهذا الشخص لوافق لمنزلتي عنده فهل يجوز لي أخذ مبلغ على ذلك مع العلم أنه لو تقدم غيري فلن يحصل على شيء بدون وساطة مني لدى هذا الشخص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أولاً: نشكر الأخ السائل على اهتمامه بدينه وحرصه على تحري الحلال، ونقول: إن هذا النوع من الأعمال لا يجوز أخذ مقابل عليه؛ لأنه إما أن يكون رشوة صريحة، أو يكون رشوة تحت غطاء الوجاهة والشفاعة والوساطة، ولا يجوز الأخذ عليها لأن صاحبها من أهل الجاه الذي أنعم الله به على الشخص، وشكر هذه النعمة وزكاتها: هي الشفاعة للآخرين في قضاء حوائجهم دون مقابل، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم: أنه قال: "من شفع لأخيه شفاعة فأهدى له هدية فقبلها فقد أتى باباً عظيماً من الربا" أخرجه الإمام أحمد في المسند وغيره.
وقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من فتنة المال، ولعن الراشي والمرتشي والرائش الذي يسعى بينهما، فقال صلى الله عليه وسلم: "إن لكل أمة فتنة (اختبار يختبرون به) وفتنة أمتي المال" رواه الترمذي وحسنه.
وقال صلى الله عليه وسلم: "إن رجالاً يتخوضون (يتصرفون) في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة" رواه البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله الراشي والمرتشي والرائش" رواه الترمذي وحسنه، وذكر القرطبي عند تفسير قول الله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) [البقرة:188] قال: اتفق أهل السنة على أن من أخذ ما وقع عليه اسم المال -قل أو كثر- أنه يفسق بذلك، وأنه محرم عليه" يعني بذلك من أخذه بغير وجه شرعي.
وقد تفشت ظاهرة الرشوة في كثير من مجتمعاتنا الإسلامية -إلا من رحم الله وقليل ما هم- فأفسدت الأخلاق وخربت الذمم وعطلت المعاملات ...
وسبب ذلك هو البعد عن الدين، والجهل بهذه الآيات والأحاديث ...
ونصيحتي للسائل الكريم أن يبتعد عن هذا النوع من الكسب نسأل الله تعالى أن يعوضه خيراً منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1423(12/5925)
حكم دفع الرشوة لدخول كلية الشرطة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل النقود التي تدفع للوساطة مقابل دخول إحدى كليات الشرطة حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا لم يكن في كلية الشرطة شيء من المخالفات الشرعية -وهذا أمر نادر جداً- فإنه لا بأس بإعطاء الرشوة من أجل الدخول فيها، بشرط ألا يوجد من هو أولى منه بالدخول، لأن الرشوة الممنوعة هي ما أعطي لإحقاق باطل أو إبطال حق، أما ما أعطي لإحقاق الحق أو إبطال الباطل فإنها ليست رشوة بالنسبة للمعطي، وإن كان رشوة بالنسبة للآخذ، وقد تقدم الكلام عن حكم الرشوة ومتى تجوز ومتى تمنع، وذلك في الفتاوى التالية أرقامها:
10354 11046 14208
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1423(12/5926)
ما يعطى لإبطال الباطل وإحقاق الحق ... نظرة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤال حول الرشوة
في حياتي العملية تنصب عليَّ الضغوطات في استعمال الرشوة للحصول على مشروع. علما أنني مهندس معماري أمتلك مكتب دراسات جديد. فما هو الحل؟.
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرشوة هي المال الذي يُعطى لإحقاق الباطل أو إبطال الحق، أما ما يُعطى لإبطال الباطل وإحقاق الحق فليس من الرشوة بالنسبة للدافع، وهو رشوة بالنسبة للآخذ، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 2487 والفتوى رقم 4245 والفتوى قم: 1713
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1423(12/5927)
حكم شراء بضاعة أدخلت بالرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم البضائع المستوردة التي يستوردها التجار الأفراد من الخارج ويدفعون رشاوى لمسؤولين حكوميين لإدخالها، علماً بأن هذه البضائع متوفرة في أغلب المحلات وإذا وجدت بضائع أخرى في السوق لم تدخل بالرشوة فهل يحل شراء الأولى والبضائع التي أتكلم عنها ليست محرمة في ذاتها.
وماذا لو كان يوجد نوع من البضاعة لا يدخل إلا بالرشوة. فما حكم التعامل معها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه قد تقدم حكم إعطاء الرشوة لتخليص البضائع من الجمارك في الفتوى رقم:
12346.
فإذا كان هؤلاء التجار قد انضبطوا بالشروط المذكورة في الفتوى المشار إليها فإنه لا بأس في التعامل معهم بيعاً وشراءً وغير ذلك، أما إذا لم ينضبطوا بتلك الضوابط فالظاهر أنه لا يجوز التعامل معهم لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان والله تعالى يقول (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَان) [المائدة:2] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1423(12/5928)
إعطاء الرشوة لتجنب الخدمة العسكرية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم إعطاء الرشوة لتجنب الخدمة العسكرية غير شرعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرشوة هي ما يتوصل به لإحقاق باطل أو إبطال حق، أما ما يعطى لإحقاق حق أو إبطال باطل فليس برشوة بالنسبة للدافع، وهو رشوة بالنسبة للآخذ، وعليه فإنه إذا كانت هذه الخدمة غير شرعية كما قال السائل، فإنه لا بأس في إعطاء الرشوة مقابل التخلص منها، وراجع الفتوى رقم:
11290
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1423(12/5929)
دفع المال للحصول على العمل هل يعد رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد تخرجى من الجامعة لم أجد عملا فعرض علي قريب لي أن أعطيه أوراقى وسوف يتوسط عند أحد أصدقائه لإيجاد عمل لي وفعلا تم قبولى فى هذا العمل الحكومى وفوجئت بقريبى يخبرنى أن صديقه يطلب مني مبلغا من المال إكراميات لمن ساعدوه فى تعيينى ودفعت المبلغ فهل يقع على ذنب الرشوة مع العلم بأننى لم تكن عندى النية فى ذلك وأنه فى هذه الأيام هذه الصفة سائدة فى المجتمع لقضاء المصالح وإذا لم أدفع مصلحتي تتوقف ويأخذ من غيري.
... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت أحق من غيرك بهذا العمل، فنرجو ألا يكون فيما دفعت من المال إثم عليك، وإذا كنت لا تستحق هذا العمل أو كنت أنت وغيرك فيه سواء، فما دفعت من المال رشوة محرمة، وقد روى الترمذي عن أبي هريرة قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم)
وكان يجب عليك أن تمتنع من دفع المال ولو أدى ذلك لذهاب هذه الوظيفة.
والواجب عليك الآن هو التوبة والاستغفار؛ إن كان ما صدر منك داخلاً في حيز الرشوة حسب التفصيل السابق.
وانظر الفتاوى التالية:
1713 4245 12670
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1423(12/5930)
ما يعطى لدفع الظلم والضرر ليس من الرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
امرأة يمتلك زوجها شركة للإنشاءات الهندسية. يضطر في كثير من الأحيان إلى دفع رشاوى إلى مهندسي الحكومة حتى يوافقواعلى استلام الأعمال المختلفة التي يقوم بها برغم جودتها. وإلا فإنهم يختلقون حججا لكي يعيد أجزاء كثيرة من هذه الأعمال مرة أخرى. وبذلك تكون الخسائر كبيرة وقد لا ترسو عليه أية أعمال مرة أخرى. فماذا يفعل؟ وماذا عن المال الذي يكسبه من هذه الأعمال هل هو حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت شركة الإنشاءات تقوم بعملها وفق المواصفات المشروطة في العقد دون إخلال بها، وإنما المهندسون المفوضون من قبل الدولة يغشونها في تقييمهم ليأخذوا منها مالاً، فلا حرج في إعطائهم، لأن إعطاء المال ليتوصل به الشخص إلى حقه، أو ليدفع به الظلم أو الضرر عن نفسه، ليس من الرشوة المحرمة، إذ الرشوة المحرمة هي: دفع مال أو نحوه لإبطال حق، أو إحقاق باطل.
ويكون دخل الشركة حلالاً ولا حرج فيه، والإثم على المهندسين الذين أخذوا مال غيرهم بغير وجه حق.
أما إن كانت الشركة تخل بجودة العمل المتفق عليه، أو بمواصفاته المشروطة، وتقوم بدفع مال للمهندسين ليقيِّموا عملها دون إبداء العيوب والإخلال بالشروط، فإن ما تفعله هو الرشوة المحرمة الذي استحق صاحبها اللعن على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى الإمام أحمد وأصحاب السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الراشي والمرتشي في النار" بالإضافة إلى حرمة الإخلال بالعقود والغش في العمل.
وعلى ذلك، فكل ما تربحه الشركة من هذه الأعمال حرام شرعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1423(12/5931)
أحقية العمل تحدد جواز دفع الرشوة أم لا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل يجوز دفع مبلغ من المال مقابل الحصول على وظيفة مع العلم أنني بحثت بوسائل الحلال ولم أجد ولقد وجدت عندكم جوابا سابقا ولكن لقد اختلط علينا الأمر في معرفة أحقيتنا بالعمل أم لا فمثلا لما أضع طلب وظيفة لا أعلم إن كنت أحق بها من غيري أم لا؟
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الجواب عن حكم المسألة في جواب سابق برقم: 11046، ولعله هو الذي أشار إليه الأخ السائل، فليراجع مرة أخرى.
وأما كيف تعرف أحقيتك في العمل، فهذا راجع إلى غلبة الظن، فإن كان يغلب على ظنك أنك أحق به لتوفر الأهلية منك ولسبقك لغيرك في التقدم لطلب العمل، ولكن لفساد المسؤولين عن العمل، وتوقان نفوسهم للرشوة قد يأخذ هذا العمل غيرك، ففي هذه الحال لا بأس بدفع المال لتصل إلى حقك، وليس هذا برشوة، كما سبق في الجواب المشار إليه سابقاً.
وأما إن كان يغلب على الظن أن الإدارة المعنية لن تحابي أحداً، فهنا لا يجوز دفع هذا المال، لأنه سيكون وسيلة لاقتطاع حق الغير، وهي الرشوة المحرمة.
وننبه الأخ السائل إلى أن الأرزاق قد قسمها الله وكتبها، فلن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها، وإذا كان الأمر كذلك فليتق المسلم ربه، وليحسن الطلب، وليصبر فإن فرج الله قريب.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1422(12/5932)
حكم أخذ مدير مشتريات نسبة من صاحب متجر
[السُّؤَالُ]
ـ[1رجل عنده متجر ملابس تعاقد مع مدير مشتريات شركة لإمداد الشركة بملابس على أن تكون هناك نسبة لمدير المشتريات في الشركةلأنه قد قام بإرساء العطاء على المتجر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس في أن يأخذ هذا المندوب نسبة من صاحب المتجر ولكن شريطة أن يكون ذلك بإذن الشركة التي يعمل لها، أما إذا لم تأذن فإنه لا يجوز له ذلك لأنه يندرج تحت الرشوة المحرمة.
وراجع الفتوى رقم 8321 والفتوى رقم 3816
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1422(12/5933)
توبة من حصل على عمل بالرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يقدّم الرشوة لكي يتمّ العمل الذي يريده، وإذا ما ندم على تقديمها فهل هناك ما يتوجّب عليه فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت اضطررت لدفع الرشوة من أجل الحصول على عمل أنت الأحق به، وليس لإحقاق باطل، أو إبطال حق، فلا حرج عليك، وانظر في ذلك الجوابين رقم: 2487، 8045.
وإلا فيحرم عليك إعطاء ذلك، ومن فعلها يلزمه التوبة إلى الله، ومن شروط التوبة الإقلاع عن المعصية فتترك ما أخذته بهذه الرشوة من عمل أو وظيفة لإن استمرارك في الوظيفة ينافي الإقلاع عن المعصية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1422(12/5934)
حكم الرشوة مقابل تخليص البضاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل كتاجر للألبسة الجاهزة المستوردة. لكن بدون سجل تجاري (أي السوق السوداء) وعند المرور بالجمارك يطلب مني الجمركي الرشوة مقابل تسريحي بدون حجز السلعة فماذا أفعل ?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت السلعة مما يجوز بيعه وخشي أن تؤخذ منه فلا حرج أن يدفع شيئاً لتخليص بضاعته، ولا تسمى رشوة في حقه، لأن الرشوة ما دفع لأخذ حق الغير أو التهرب من دفع حق واجب، وإنما هي رشوة محرمة في حق الآخذ لأنها من أكل أموال الناس بالباطل.
هذا، وننبه الأخ السائل إلى أمر، وهو أنه إن كانت الحكومة في تلك البلد قد نظمت طرق استيراد البضاعة بما يخدم مصلحة المسلمين فإن هذا مما يجب أن يطاعوا فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1422(12/5935)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم اعطاء الرشوة لدرك او شرطي عندما يطلبها منك’وذلك عندما تكون مارا بسيارتك ويطلب منك الوقوف]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك في ذلك، ويتحمل إثم الرشوة من أخذها منك بشرط أن تكون مجبراً على دفعها، ولا تفوت بذلك حقاً لغيرك، أو تحق به باطلاً. وانظر جواب رقم: 3697
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1422(12/5936)
حكم الرشوة للحصول على وظيفة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من أرض الإسراء والمعراج أرض فلسطين ولا يخفى عليكم الظروف التي نمر بها ولذا فإن الأوضاع الاقتصادية سيئة للغاية وأن عمليه الحصول على وظيفة تحتاج إلى واسطة أي قد يضطر الشخص إلى دفع رشوة فهل يجوز ذلك وما هو دور الدول العربية في مساعدة الفلسطينيين في الحصول على وظائف عندها من الناحيه الشرعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يفرج عنا وعنك، وأن يسهل أمرنا وأمرك، وأن يفك أسر المسجد الأقصى من أيدي اليهود الغاصبين.
والواجب على المسلمين جميعاً، حكاماً ومحكومين، أن يتعاونوا من أجل تحرير فلسطين من اليهود، وأن يتعاونوا مع إخوانهم في فلسطين، ومن ذلك مساعدتهم في الحصول على لقمة العيش، وأما الرشوة من أجل الحصول على وظيفة، فإن كانت الوظيفة مباحة، وكنت على يقين من أحقيتك بهذه الوظيفة، وليس غيرك أولى بها، فلا بأس أن تعطي مالاً إذا لم تُمَكَّن منها إلا بذلك. ولا يعد ذلك رشوة في حقك، فإن الرشوة هي ما أعطي لإحقاق باطل، أو إبطال حق، أما ما أعطي لإحقاق حق، أو إبطال باطل فليس برشوة بالنسبة للدافع، وإن كان رشوة بالنسبة للآخذ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1422(12/5937)
الأولى ترك دفع الرشوة على كل حال
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بعض الأمور تحدث في الدوائر التابعة للدولة من بعض الأشخاص على سبيل المثال مقابل الحصول على مستند ما يطلب منك الشخص المكلف خدمة ما أو مبلغا من المال وإذا لم تفعل فلن تحصل المستند فماذا نفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن في الرشوة مفاسد عظيمة على الفرد والمجتمع، ولذلك حرمها الله تعالى على الراشي والمرتشي جميعاً.
ولكن أهل العلم نصوا على أن من لم يستطع الوصول إلى حقه الذي لا بد له منه إلا بالرشوة، فإنها تجوز له في هذه الحالة، ويكون الإثم في ذلك على المرتشي.
وراجع الجواب: رقم 3697 والجواب رقم 1713 وننبه السائل إلى أن الأولى ترك دفع الرشوة على كل حالٍ، لما فيها من ضرر بالغ على مصالح المجتمع العامة، فالمواطن إذا اعتاد أن لا يقوم بعمله إلا إذا دفعت له رشوة فسيلحق ذلك ضرراً عظيماً بأناس لا يستطيعون دفعها فتضيع حقوقهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1422(12/5938)
لا بأس بأن يدفع الرجل عن نفسه وماله بالرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من اضطر لعمل وطلب منه أن يدفع مبلغا معينا مقابل توظيفه. وهل هذا المبلغ يعد من الرشوة وهل يجوزدفع الرشوة لمن اضطر. كما أوجه شكري وتحياتي الخالصة لمفتي الشبكة الإسلامية
بقطرولاننسى أن أوجه تحياتي الخالصة إلى الشعب القطري وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمما لا شك فيه أن الرشوة وهي ما يعطى لإبطال حق أو إحقاق باطل، أو ليتوصل بها إلى ما لا يستحق - عمل محرم بلا خلاف، وهو من كبائر الذنوب قال تعالى: (سماعون للكذب أكالون للسحت) [المائدة:42] قال الحسن وسعيد بن جبير: هو الرشوة، وروى ابن جرير عن علقمة ومسروق أنهما سألا ابن مسعود عن الرشوة؟ فقال: من السحت.
وهي من أكل أموال الناس بالباطل. قال تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) [البقرة: 188] وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي: وهو من يدفع الرشوة، والمرتشي: وهو من يأخذها، والرائش: وهو الساعي بينهما.
فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي) رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وفي رواية لأحمد والحاكم (والرائش) .
والرشوة من الأعمال التي تفسد المجتمع وتقضي على الخير فيه! لأن الراشي بماله يستطيع أن يبطل الحق ويدفعه، ويحق الباطل وينصره، فيفسد المجتمع بها أيما فساد.
وإذا كان للشخص حق لا يستطيع التوصل إليه إلا بالرشوة، أو وقع عليه ظلم ولم يستطع دفعه إلا بها، فلا شك أن صبره على الظلم وضياع حقه أولى من دفع الرشوة، ومع ذلك فلو دفعها فلا إثم عليه -إن شاء الله- بشرط أن تتعين وسيلة إلى الوصول إلى الحق أو دفع الظلم.
قال القرطبي رحمه الله: (وروي عن وهب بن منبه أنه قيل له: الرشوة حرام في كل شيء؟ قال: إنما يكره من الرشوة أن ترشي لتعطى ما ليس لك، أو تدفع حقاً قد لزمك. أما أن ترشي لتدفع عن دينك ودمك ومالك فليس بحرام) .
قال أبو الليث السمر قندي: وبهذا نأخذ. لا بأس بأن يدفع الرجل عن نفسه وماله بالرشوة، وهذا كما روي عن ابن مسعود أنه كان بالحبشة فرشاً دينارين. وقال: (إنما الإثم على القابض دون الدافع) (تفسير القرطبي 6/119) .
فإن كنت ممن يستحق تلك الوظيفة، ولم تتعد على أحد أحق بها منك فلا إثم عليك في دفع الرشوة لتحصيل أمر تستحقه، وإثم الرشوة على قابضها.
والله أعلم.
ونعتذر عن عدم إرسال الفتوى بالفاكس كما طلبت، وذلك لعدم استجابة الفاكس لذلك، ولعلك تتأكد من الرقم أومن صلاحيته للاستقبال.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1422(12/5939)
يجوز دفع الرشوة إذا تعينت لتحصيل حق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفع رشوة لإصدار جواز سفر لشخص سرق منه،علما بأن من قوانين الدولة لا يجوز إصدار جواز سفر بدل فاقد إلا بعد مضي سنة، ولكن صاحب الجواز يحتاج إليه لغرض العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه، أو لدفع ظلم عنه أو ضرر، جائزة عند جمهور العلماء، ويكون الإثم على المرتشي دون الراشي، وبناءً على ذلك، فإذا كنت بحاجة ماسة إلى استخراج (الجواز) للعمل، ولا يمكنك استخراجه إلا بدفع الرشوة، فادفع ولا إثم عليك - إن شاء الله - وإنما الإثم على المرتشي. وقد سبق جواب فيه تفصيل لحكم الرشوة نحيلك عليه للفائدة، ورغبة في عدم التكرار، وهو برقم: 1713
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1422(12/5940)
المال مقابل إنجاز العمل بسرعة
[السُّؤَالُ]
ـ[طبيعة العمل الذي أشتغل فيه أتعرض دائما إلى أناس يعرضون علي أموالاً مقابل أن أنهي لهم عملهم مقابل أن أنهي هذا العمل بسرعة وأن أعطيهم حقهم وطبيعة عملي تبع القضاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان ما يعطيه لك الناس هو لقاء عملك الذي أنت مكلف به في وظيفتك، فإن ما تأخذه هو عين الرشوة التي حرمها الله، ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلها.
وعملك في القضاء يقتضي منك البعد الكامل عن مثل هذه الأمور، وإن جاءت في صور هدايا وأعطيات، فإن أصحابها ما أعطوك إلا لتكون عوناً لهم على إسقاط حق، أو إحقاق باطل، فاربأ بنفسك أن تكون ذلك الرجل، فتستحق الطرد من رحمة الله في الدنيا والآخرة. وراجع الفتوى رقم: 2487 والفتوى رقم: 4245
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1422(12/5941)
متى تكون الرشوة حراما
[السُّؤَالُ]
ـ[سماحة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا عندي سؤال وهو ياسماحة الشيخ أنا متزوج من زوجة عراقية ومقيمة في العراق وأنا سعودي ومقيم في السعودية وقبل تقديمي على استخراج موافقة زواج أتى لي رجل وقال لي ادفع لي 10.000 ريال وسوف أستخرج لك موافقة زواج لأنها ممنوعة. السوأل هل وقعت في الرشوة أم لا علماً أنني قبل زواجي بها كان عندي علم أنها ممنوعة ويتم استخراجها من وزارة الداخلية بدفع مبلغ من المال وهذا المبلغ يتراوح من 5000 ريال الى 20.000 ألف ريال تعتبر كما يسمونها أتعابا أو هدية هل هي أتعاب أم ماذا وهل لي توبة أفيدوني جزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك فيما فعلت لأنك توصلت به إلى ما هو حلال لك، وليس لأحد ولا لجهة معينة أينما كانت أن تحرم ما أحل الله وفق تشريع وتقنين عام وانظر في ذلك فتوى رقم: 7560
ولمعرفة الرشوة ومتى تكون حراماً انظر فتوى رقم: 2487
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1422(12/5942)
من دفع مالا ليأخذ حق غيره فقد وقع في الحرام,
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... أما بعد:.إخواني رأيت قضية وأريد أن أستفسر عنها ألا وهي: شاب أراد أن يفتح مبسطا في سوق الخضرة ولكن جعلوه بالدور وقد ينتظر كثيرا الى أن يأتي دوره وقال له شخص ما: أعطني مالاً " مبلغاً معيناً " وأضع رقمك قبل الذين سبقوك ويأتي دورك بسرعة. فهل هذا جائز؟ أم لا؟ وهل تعتبر رشوة؟ أم لا؟ وهل على دافع المال شئ إذا عمل ذلك؟ أريد منكم جواباً شافياً كافياً. وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ذكره السائل من دفع مبلغ إلى من يقدم له طلبه أو رقمه على طلبات من سبقوه لأجل الحصول على مراده بسرعة هو عين الرشوة، لأن الرشوة عبارة عن دفع مالٍ من أجل إبطال حق، أو إحقاق باطل، ولا شك أن أسبقية من تقدموا حق لهم، فدفع مال لسلبهم ذلك الحق وإعطاؤه لمن جاء متأخراً عنهم يعد رشوة، وهي من أسوء أكل أموال الناس بالباطل، ومن كبائر الذنوب، وصاحبها مطرود من رحمة الله، ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى الإمام أحمد والأربعة وحسنه الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: لعن رسول الله الراشي والمرتشي في الحكم. وأخرج الطبراني بسند جيد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الراشي والمرتشي في النار"، ودافع المال وآخذه سواء في الذنب والعقوبة، بل يستوي معهما الرائش، وهو الذي يمشي بينهما، فقد روى الإمام أحمد عن ثوبان قال: "لعن رسول الله الراشي والمرتشي والرائش".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5943)
الرشوة تستوجب غضب الله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[اريد الاستفسار عن حكم الرشوة المعاصرة في الإسلام. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإن حكم الرشوة في الإسلام لا يتغير لا في القديم ولا في الحديث، وهي أن يدفع الشخص مبلغا من المال أو منفعة لقاض أو صاحب سلطة ليعطيه شيئا لا يستحقه أو يدفع عنه أمرا واجبا عليه شرعا. وهي لا تجوز بحال، بل هي كبيرة من كبائر الذنوب، وتفضي إلى أنواع من الشرور والمفاسد الاجتماعية والأخلاقية وغيرها مما هو معروف. لكن من وقع عليه ظلم أو وجب له حق شرعي، ولم يستطع أن يدفع عنه الظلم، أو يصل إلى حقه الواجب له شرعا إلا يدفع مال أو نحوه، فهذا إن شاء الله لا يعد راشيا، أما الآخذ لهذا المال فهو مرتش، لأن الواجب عليه دفع الظلم وإيصال الحق بدون أن يأخذ على ذلك ثمنا ما دام صاحب سلطة. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(12/5944)
من أعطى رشوة ليتوصل بها إلى حق مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لدي أخت مدرسة في مدرسة خارج الرياض , وحاولت أن أنقلها للرياض ولكن لم أستطع، ولقد اضطررت إلى أن أعطي شخصًا مالاً لكي ينقلها لي , هل علي حرج؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمما لا شك فيه أن الرشوة من كبائر الذنوب، ملعون صاحبها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم: فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي.رواه أحمد وأبو داود وهو عند الترمذي بزيادة: في الحكم. وقال: حديث حسن صحيح. وفي رواية: والرائش. وهو الساعي بينهما. وقال تعالى: (سماعون للكذب أكالون للسُحت) [المائدة: 41] . قال الحسن، وسعيد بن جبير هو: الرشوة. وقال تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون) [البقرة: 188] .
إذاً فطلب الرشوة حرام، وقبولها حرام، كما يحرم عمل الوسيط (الرائش) بين الراشي والمرتشي. هذا في الرشوة التي يتوصل بها صاحبها إلى ما ليس له. وأما الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه، أو لدفع ظلم عنه أو ضرر، فإنها جائزة عند الجمهور، ويكون الإثم فيها على المرتشي دون الراشي.
قال ابن الأثير: فأما ما يُعطى توصلاً إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه. روي أن ابن مسعود أُخذ بأرض الحبشة في شيء فأعطى دينارين حتى خُلي سبيله، ورُوي عن جماعة من أئمة التابعين أنهم قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله، إذا خاف الظلم. انتهى.
فإن كنت أيها السائل الكريم قد بذلت وسعك في نقل أختك، وكانت الحاجة ماسة إلى هذا النقل بحيث يترتب على بقائها في مدرسة خارج الرياض ضرر معتبر شرعاً، ولم يكن هذا النقل على حساب امرأة أخرى كانت أحق من أختك بالمكان المزمع نقلها إليه، فإن الضرر لا يزال بالضرر. إذا كان الأمر كذلك، ولم تستطع نقلها، واضطررت كما تقول إلى دفع مال إلى شخص لكي ينقلها فلا إثم عليك. إن شاء الله، وإنما الإثم ـ والله أعلم ـ على من أخذ، إذ الواجب على المسلم أن يبذل الطرق السليمة الشرعية في سبيل أخذ حقه، ولا يلجأ إلى غيرها إلا عند الضرورة القصوى. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1421(12/5945)
حكم الرشوة في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي شركة خاصة بالتوريدات العمومية وأعمل بشكل خاص فى مجال الكمبيوتر وقام أحد الأفراد ممن لهم الكلمة والنفوذ بالاتصال بقريب لي وأبلغه بأنه يمكن إسناد عمل معين خاص بمجال الكمبيوتر نظير نسبة من المال. ... لا أخفي على شخصكم الكريم أننى منذ أن أخرجت السجل التجارى لم أتمكن من مزاولة أي عمل إلا بعد أن أقوم بدفع نسبة من المال. ... علماً بأن موقفي المالي حتى الآن غير مستقر، وإذا قمت بمزوالة هذا العمل سيتغير وضعي المالي تماماً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ...
فاعلم وفقك الله أنه من المقرر في أحكام الشرع الحنيف أن الرشوة من كبائر الذنوب قال تعالى: (سماعون للكذب أكَّالون للسحت) . [المائدة: 41] ، قال الحسن وسعيد بن جبير: هو الرشوة، وقال تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون) [البقرة:188] . وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي" [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] ، وفي رواية (والرائش) وهو الساعي بينهما. فيحرم طلب الرشوة وقبولها وبذلها، كما يحرم عمل الوسيط بين الراشي والمرتشي. وأما الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه أو لدفع ظلم أو ضرر، فإنها جائزة عند الجمهور ويكون الإثم على المرتشي دون الراشي. وورد في الأثر أن ابن مسعود رضي الله عنه كان بالحبشة فَرَشَا بدينارين، حتى خلي سبيله، وقال: إن الإثم على القابض دون الدافع. ... فإذا كان السائل الكريم أحق بالتوريد من غيره كأن تكون بضاعته هي الأجود والأوفق أو كان المورد الآخر شركة يملكها كفار وكانت بضاعتك مكافئة لما عند هؤلاء الكفار فأنت أحق بذلك منهم ولا حرج عليك في دفع هذا المال، والإثم على الآخذ. ... وأما إذا كنت أنت وغيرك سواء في البضاعة والتوريد ولا مفاضلة بينك وبين غيرك في جودة البضاعة، وكان أخذها منك أو من غيرك عن طريق مناقصة أو إسناد شخصي فلا يجوز لك أن تدفع هذا المال ويكون الإثم عليك وعلى الآخذ سواء. وبالمناسبة نحذر من هذا العمل المهين فإن بعض الناس لا يقوم بالواجب عليه من حقوق الناس في تسيير أمورهم إلا بأخذ مقابل من مال يبذل لهم. وهذا حرام عليهم وخيانة للأمانة التي حملوها، وظلم لإخوانهم وأكل لأموالهم بالباطل فعليهم أن يخافوا الله في أنفسهم وأن يتقوا الله العزيز الجبار. ... واعلم أخي الكريم أنه من يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب. وأن الله سبحانه وتعالى سيجعل بعد عسر يسرا. هذا والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(12/5946)
لا يجوز تبديل الوصية المشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي إبل طعم للوالد الله يرحمه وأنا أريد أن أتصدق له في شهر رمضان المبارك ولكن الإبل هذه السنة (طرحها أبكار) وأنا لا أريد أن أبيع الأبكار هل يجوز أن أبدلها بقعود يعني آخذ البكرة لي وأبيع القعود وأتصدق به علما أنني متأكد أن القعود أغلى منها في السوق. أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السائل لم يوضح لنا المراد من وقوله طعم للوالد ولكن إن كان يريد بذلك أن والده أوصى بنتاج هذا القطيع من الإبل يتصدق منه وينفق في وجوه الخير، وكان نتاجها هذه السنة إناثا فأراد السائل الاحتفاظ بها لها وإبدالها بالذكور فهذا لا يصح لأنه من إبدال الوصية.
والله تعالى يقول: فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {البقرة:181}
فالموصي خرج عن اللوم وتوجه على الوارث أو الوالي.
وجاء في كتاب الأم للشافعي: لو أن رجلا أوصى لرجل فقال: أعطوه بعيرا لم يكن لهم الورثة أن يعطوه ناقة. انتهى.
وسواء كان القعود أغلى من الناقة أو أرخص فهذا غير مؤثر في تنفيذ وصية الموصي كما أراد لا كما يريد الوارث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(12/5947)
الوصية للزوجة بأن تنتفع بدار زوجها طيلة حياتها
[السُّؤَالُ]
ـ[كتب زوجي وصية أستطيع بموجبها العيش في الدار التي يملكها والانتفاع بإيجارها طيلة حياتي على أن تقسم حسب الشرع بعد موتي فليس لنا أبناء وله إخوة وأخوات وقد كان قد وعدني بتسجيل هذه الدار باسمينا نحن الاثنين ولكن عاد وقال لي ذلك لا يجوز شرعا فهل هذا صحيح وهل تجوز هذه الوصية المحددة بحياتي حتى لو كانت الدار أكثر من الثلث، وكونها ستقسم حسب الشرع بعد وفاتي لأنني قد سمعت بأنه لا وصية لوارث ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوصية الزوج بالدار لزوجته بعد وفاته تعتبر وصية لوارث وهي لا تصح إلا بإجازة الورثة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث. رواه الترمذي.
وقول الزوج إن هذا لا يجوز شرعا إن كان يعني بذلك الوصية فهو محق لكون الوصية للوارث ممنوعة شرعا، وإن كان يعني أن تسجيل الدار في حياته باسمك لا يجوز فهذا صحيح إن كان ينوي أن تمتلكيها بعد مماته لأن هذا في حكم الوصية، وإن كانت كتابته للبيت باسمك في حياته ينوي بها الهبة فهذا يجوز إن لم يقصد به حرمان الورثة فإن قبلتها كانت هبة لكن لا تتم إلا بقبضك لها في حياته، وهذه الوصية التي كتبها الزوج لا تكون عمرى لأن العمرى تكون في حياة الواهب وليس بعد مماته، وانظري التفصيل في الفتوى رقم: 38275، والفتوى رقم: 75164، والفتوى رقم: 52512.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1429(12/5948)
الوصية لا تجوزللوارث ولا بأكثر من الثلث
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي خاتم النبيين وإمام المتقين وسيد الخلق أجمعين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد:
«وأسألو أهل الذكر»
زوجان صالحان – حفظهما الله – أتم الله عليهما نعمته وأكمل دينهما إلى الحج ثم أراد هذا الأب أن يعين أولاده – الذكور – بأن يحول العقار الذي يقطنون به إلى شقق متداخلة ولكن الاعمال الآن متوقفة لأنهم تفطنوا إلى حق البنات في هذا الملك فهل يمكن لهذا الأب أن يكاتب الذ كور في هذا الملك دون الأموال أو غيرها.....
ويعتبر من المال الذي يمكنه التصرف فيه وهو في الحياة – يخصهم بهذه المنحة – اعتبارا بالآية «من بعد وصية يوصي بها أو دين» ولكن هنا قد يبخس البنات حقهم في حصصهم الشرعية «أباؤكم وأبناؤكم لاتدرون أيهم أقرب» سورة النساء فحرصا علي العدل بين البنين والبنات فهل يمكن أن يقيم مثلا هذا العقار – وإذا كان كذلك بأي طريقة – يتم التقسيم شرعاً وتشترى حصص البنات وإذا أرادت واحدة منهن التنازل عن حقها بالتراضي أسألكم النظر في هذه المسألة عسى أن يتداركو الأمر
والرد على البريد الالكتروني:
... ... ... ... ... ... ... ... ...
جزاكم الله خيرا وأستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان قصد السائل الكريم أنه يريد أن يوصي لأبنائه الذكور دون الإناث بالعقار أو المسكن الذي يسكن فيه، فإن هذا لا يصح لما رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث.
فالوصية لا تجوز للوارث ولا بأكثر من الثلث إلا إذا أجاز الورثة ذلك بطيب نفس منهم، وكانوا رشداء بالغين.
ولمزيد من التفصيل والفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 43819.
أما إذا كان قصده أن يهب الأشياء المذكورة لأبنائه الذكور دون الإناث هبة نافذة، فإن ذلك لا يجوز أيضاً على الراجح من أقوال أهل العلم.
لقول النبي صلى الله عليه وسلم من حديث النعمان بن بشير المشهور: اتقوا الله وأعدلوا بين أبنائكم. وقوله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. رواه البيهقي وغيره.
أما إذا وهب لبناته شيئاً آخر من ممتلكاته مقابل العقار الذي وهب للبنين فلا مانع من ذلك، ولمزيد من التفصيل وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 6242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1425(12/5949)
حكم تغيير الوصية إلى جهة غير التي نص عليها الموصي
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء منكم اجابتي على هذا السؤال وعدم تحويلي إلى أي فتاوى أخرى, وإجايتي عليه، بيجوز أو لا يجوز, السؤال هو:لقد توفي والد زوجي (رحمه الله) ,وقد كتب في وصيته أن يذهب مبلغ من المال إلى جمعية معينة لتحفيظ القرآن قد ذكر اسمها في وصيته كصدقة جارية له, وقد قام ورثته ببناء جمعية لتحفيظ القرآن من مال الورثة كصدقة جارية لوالدهم (رحمه الله) , فهل يجوز أن يحولوا ذلك المبلغ الذي يدفعونه لتلك الجمعية التي ذكر اسمها في وصيته إلى الجمعية التي بنوها, كأجور للجمعية والتأْكد أن هذا المبلغ ينفق فيما دفع له.
وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز تغيير الوصية وتحويلها إلى جهة أخرى غير التي نص عليها صاحب الوصية، قال الله تعالى: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {البقرة:181} . وقد نص أهل العلم على وجوب اتباع شرط الواقف، وقالوا إنه كحكم الشارع مالم يخالف الشرع. قال العلامة خليل المالكي في المختصر: واتبع شرطه أي الواقف، إن جاز. وعلى هذا فيجب على الورثة تنفيذ وصية أبيهم وصرفها على الجمعية التي عينها والدهم مادامت موجودة. وأما ما فعلوه من بناء جمعية لتحفيظ القرآن الكريم من تركة أبيهم كصدقة جارية لوالدهم فهذا خير لهم وله إن شاء الله تعالى، إن كانوا موافقين عليه جميعا وكانوا بالغين رشداء. ولا يجوز أن يكون ذلك من الوصية التي نص صاحبها على تخصيصها لجهة معينة كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1425(12/5950)
حكم عدم تنفيذ وصية الأم بالاحتفاظ بملابسها بعد موتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أوصت والدتي قبل وفاتها لي ولأختي بالاحتفاظ بملابسها وعدم إعطائها لأي أحد، ولكن أختي قالت إننا يجب علينا التصدق بملابسها حتى تكون صدقة على روحها، هل يجب علينا المحافظة على وصيتها أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جميع ما تركته أمكم يعتبر تركة يوزع على جميع ورثتها بما في ذلك ملابسها، ولا ينبغي لأمكم أن توصي بترك ملابسها لا ينتفع بها أو لا يتصدق بها على الفقراء والمساكين، فمن حق أمكم أن توصي بثلث مالها للفقراء والمساكين زيادة لأجرها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم. رواه أحمد وابن ماجه.
ولكن هذا النوع من الوصية ليس وراءه مقصد شرعي، فترك الملابس والاحتفاظ بها لا فائدة منه للأحياء ولا للأموات، ولهذا فالأفضل أن يستعملها بعض الورثة أو يتصدق بها على من ينتفع بها من الفقراء والمساكين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1425(12/5951)
حكم الوصية للابن المرتد
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل مسلم تزوج من نصرانية فكان الأولاد منهم المسلم والنصراني فأراد الأب أن يوصي بكل ما يملك لولده المسلم فهل يجوز؟ والعكس إذا أراد الرجل أن يوصي بثلث المال لابنه النصراني لأنه عرف أنه لا يرثه فهل يجوز؟
مع التفصيل..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لهذا الرجل أن يوصي بماله كله أو بشيء منه لولده المسلم، لأنه أحد الورثة، ولا تجوز شرعاً الوصية لوارث إلا إذا أجازها بقية الورثة، وتراجع الفتوى رقم: 1996. وأما غير المسلم من أولاده فيحكم عليه بالردة، وذلك لأن الأصل أن يحكم عليه بالإسلام تبعاً لوالده، وبما أنه قد اختار الكفر، فيكون بذلك مرتداً عن الإسلام، وقد اختلف الفقهاء في حكم الوصية للمرتد، وللحنابلة في ذلك روايتان: الأولى صحة الوصية له وقد اختارها أبو الخطاب من الحنابلة، وصرح صاحب الإنصاف أنها الصحيح من المذهب، والرواية الأخرى عدم صحة الوصية له، والأصح عند الشافعية صحة الوصية لمرتد إذا لم يمت على ردته حال الوصية له.
ولعل الأقرب إلى الصواب صحة الوصية للمرتد قياساً على الهبة له، وعلى هذا فلا حرج إن شاء الله على هذا الرجل في الوصية لابنه النصراني، إلا أن الأولى أن ينقص الوصية عن الثلث إلى الربع ونحوه، روى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الثلث كثير. وإذا كان هذا شاملاً الوصية للمسلم، فالكافر أولى، وهذا فيما إذا لم تكن هنالك مصلحة مرجوة كتأليف قلوبهم على الإسلام، فالأولى حينئذ الوصية لهم بالثلث ونحوه. وننبه إلى أمرين: الأول: أن زواج المسلم من الكتابية وإن كان جائزاً في أصله إلا أن زواج المسلم من المسلمة أولى لأمور ذكرناها بالفتوى رقم: 5315. الثاني: أنه إذا قدر زواج المسلم من الكتابية فالواجب عليه الحرص على تنشئة الأبناء على الإسلام، وأن لا يتركهم ويفرط في أمرهم فتؤثر أمهم عليهم، وتراجع الفتوى رقم: 38002.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1425(12/5952)
لا تنفذ الوصية للوارث إلا بإجازة الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا انسان مقعد وأعيش مع زوجتي في مسكن واحد منذ ما يقارب 3 سنوات وليس لدي أطفال، وزوجتي لم ترغب في الطلاق بعد إعاقتي، والمشكلة هي أن امها وأباها مطلقان منذ فترة طويلة وكلاهما متزوج وله أولاد من زواجه الثاني، ولا أحد يتقبل زوجتي إذا توفيت، لذا إكراما\" وإخلاصا\" لها قد وصيت أهلي أنها تسكن في منزلي بعد وفاتي طوال عمرها إلا في حالة إذا تزوجت من زوج آخر، السؤال ما حكم الإسلام في هذه الوصية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوصية للوارث لا تجوز ولا تنفذ إلا إذا أجازها باقي الورثة بعد موت الموصي وكانوا أهلا للتبرع. لما في الحديث: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه. وللدارقطني في رواية حسنها ابن حجر: إ ن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة. ولكن تجوز الهبة للزوجة قبل مرض الموت وتنفذ إن حازت الموهوب، وننصحك بإكثار الدعاء بالشفاء وأن يرزقك الله ذرية طيبة. وراجع الفتوى رقم: 47576 والفتوى رقم: 32981 والفتوى رقم: 25874.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1425(12/5953)
أوصى لبناته مالا فرفضت بعضهن تنفيذ الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤالان وأرجو أن تفيدونا رحمكم الله، السؤال الأول: جمعنا أبي نحن أبناؤه الذكور في أحد الأيام, وقال: أترك لكم هذه الوصية ولا أحد منكم يخالفها وأشار إلى قطعة أرض حسب تسميتها الخاصة عندنا لتمييزها, وقال: إنها لبناتي نصيبهن في تركتي فقلنا على بركة الله يا أبي، ولكن إذا امتنعت إحداهن عن القبول بالوصية فقال في هذه الحالة لن أسامح من يعترض عليها, وسماحي مقرون بتنفيذ وصيتي، وبعد وفاة الوالد جمعتهن وعرضت عليهن الوصية فاعترضت إحداهن ثم حرضت الثانية على الامتناع ... فما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس يحق لأبيكم أن يوصي بطريقة معينة لتقسيم تركته ولا بشيء معين لأحد الورثة أو بعض الورثة على أنه سهمه من التركة، فالله تعالى قد جعل المال المتروك حقا للورثة، لا حق لأحد أن يحرم منه بعضهم أو ينقصه عما فرض له، قال الله تعالى: لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا {النساء:7} .
وما أوصى به أبوكم يعتبر في حكم الوصية لوارث، وهي مما لا يصح إلا أن يجيزه الورثة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه.
فإذا تراضيتم جميعاً على تنفيذ ما أوصى به أبوكم فلا مانع من ذلك، وإن رفضه البعض فلا يجوز أن ينفذ منه إلا ما رضيه المتضرر من أهل التركة، إذا كان بالغا عاقلا رشيدا، وراجع الفتوى رقم: 7275.
وعليه فليس لكم الحق في جبر من رفضت الوصية على قبولها، وأما اللاتي رضينها من البنات فلا مانع من تنفيذها في حقهن إن كن بالغات عاقلات رشيدات، وإلا فلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1425(12/5954)
أوصى بزيادة سهم بناته على حساب ابنه لعقوقه
[السُّؤَالُ]
ـ[مات رجل وأوصى لأحد أبنائه بأن يكون نصيبه في الميراث مثل شقيقاته الإناث لا يزيد عنهن لأن هذا الابن عاق لوالديه، فهل يجوز هذا شرعاً، وهل يسمح القضاء المدني بهذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأمر التركات أمر عظيم، والله تعالى لم يكل تقسيمها إلى نبي مرسل ولا إلى ملك مقرب، حتى حكم فيها هو فجزأها الأجزاء المعروفة، وقد حدد الله لكل من الأولاد والبنات نصيباً في التركة، قال الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:11} .
وما أوصى به هذا الرجل إنما هو زيادة في أسهم البنات على حساب سهم الابن، والوصية للوارث لا تنفذ إلا أن يجيزها بقية الورثة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه ابن ماجه، وراجع في هذا الفتوى رقم: 7275.
وعليه فما أوصى به هذا الوالد لا يجوز ولا ينفذ إلا أن يجيزه الابن بشرط أن يكون بالغاً رشيداً، وليس للقضاء أن يسمح بإجازة وصية هذا الوالد من غير أن يكون الابن نفسه يجيزها، لأن الأحكام لا يجوز أن تكون بغير ما شرع الله، قال الله تعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ.
وكون الابن المذكور عاقا لوالديه أمر خطير ولكنه مع ذلك معصية الأمر فيها بين الابن وبين ربه، ولا تبيح أخذ شيء من حقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1425(12/5955)
بنى شقة بماله في بيت أبيه فهل يأخذ المال من الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
قمت ببناء شقة في بيت أبي ولي سبعة من الإخوان والأخوات ودفعت أنا مصاريف بناء تلك الشقة كاملة
وقام أبي وكتب لي جزء من تكاليف الشقة على أن آخذه عند تقسيم الميراث هل من حقي شرعا أخذ هذا المبلغ الذي كتبه لي أبي
... ... وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كتبه لك أبوك أن تأخذه عند تقسيم الميراث يعتبر وصية منه لك به، والوصية للوارث لا تنفذ إلا أن يجيزها الورثة. روى أصحاب السنن من حديث أبي أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث.
وأما ما دفعته أنت من مصاريف الشقة فإن كنت دفعته على سبيل الهبة لأبيك، فإنه يصير كسائر أموال التركة، ولا تختص أنت منه بشيء. وإن كنت بنيتها من مالك الخاص ولك على ذلك بينة أو أقر به الورثة ولم تبنها أصلا على سبيل الهبة بل أردتها لنفسك فإنك تختص بها دون بقية الورثة.
وراجع في هذا الفتوى رقم: 43052.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1425(12/5956)
مسائل تتعلق بالوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وأوصى بثلث ماله في أوجه البر على يد أخي، فهل يجوز لي الاعتراض على ذلك، والمطالبة بضمي إليه، لأنه غير ثقة، ثانياً: عند قسمة التركة يختار أخي أفضل المال للثلث وهذا ظلم فهل للثلث أفضل أموال التركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب اتباع شرط الموصي في ذلك ولا يجوز لك الاعتراض على إيصاء أبيك لأخيك بالقيام على تنفيذ وصيته، ومحل هذا ما لم تظهر من أخيك الذي أوصى أبوك بأن يقوم بتنفيذ وصيتة خيانة، فإن ظهرت منه خيانة بالبينة الواضحة، وجب رفع الأمر إلى القضاء ليحكم بعزله أو تولية آخر معه يمنعه من الخيانة مع تضمينه ما خان فيه.
وطريقة إخراج الثلث أن تقوم تركة الوالد ثم يخرج ثلث القيمة، ولا يجوز لأخيك أن يختار الثلث من أفضل المال، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 16014.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1425(12/5957)
دفعت مالا لأبيها فاشترى بيتا ثم مات وقد كتبه باسمه واسمها وأختها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أعطيت لوالدي مبلغ 50000 ريال بنية شراء منزل وبعد فترة طلب المزيد لإصلاحه وأعطيته، وهذا غير المال (500) الذي أعطيه كل شهر لبره، واستمر سنوات يؤجره ولم أطلب الإيجار أيضاً براً لوالدي، وعندما توفي كتب وصية وشارك نفسه وأختي في المنزل، ولأن المنزل ليس بصك شرعي بل بوثيقة وفقدت فقط يوجد عداد كهرباء باسمي، وأفادوني الورثة بأنه حسب الوصية لي الربع ولأختي الربع ولأبي نصف المنزل، كيف يتم الحصول على نصيبي وإبراءة ذمة الوالد، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن السؤال في الفتوى رقم: 47395.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1425(12/5958)
تريد أن توصي يثلث مالها لابن بنتها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة لها أخوات بنين وبنات وهذه المرأة لها بنت واحدة وهذه البنت متزوجة ولها ولد وخمس بنات وتريد الجدة أن تكتب ثلث التركة لهذا الحفيد لأنه معسر العيش ولكي تنقص من الورثة التركة والسؤال هل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وصية الجدة لابن بنتها بثلث مالها جائزة بل مستحبة لأنه قريب غير وارث، وقد أمر الله تعالى بالوصية للأقربين فقال: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ (البقرة: من الآية180) ، وقد خرج الوارث من هذا الأمر بحديث لا وصية لوارث. رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي، وصححه الألباني والأرناؤوط.
وقد قال بعض العلماء بوجوب الوصية، ولكن الراجح الاستحباب وهو مذهب الجمهور، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 22734.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1425(12/5959)
يجب على الورثة تنفيذ الوصية ما لم تكن بمحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ثمانية إخوة فتاتان وستة ذكور أنا الصغرى فيهم ثلاثة من إخوتي لم أراهم بما يعادل 12 عاما مع العلم بأن والداي راضيان عني كل الرضى وهذا ما تثبته المواقف فوالدتي توفيت وأنا من كان بجانبها وأوصتني بأن تغسل في بيت أخي الأكبر مع العلم بأن علاقتي به جيدة إلا أن إخوتي الثلاثة الآنف ذكرهم لم ينفذوا ما أوصت به الوالدة، سواء غسلها في بيت أخينا الأكبر أو ما تملكه من أشياء فقالوا إنه ليس للميت وصية بعد أن يموت ... فما هو رأيكم؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الورثة تنفيذ وصية مورثهم ما لم تكن وصية بمحرم، فلا يجوز لهم تنفيذها.
وأما وصية والدتك بأن تغسل في بيت ولدها الأكبر وأن يخرج شيء من مالها دون الثلث، فالواجب على إخوانك تنفيذها، لأنها أوصت بها قبل وفاتها، أما إذا كانت وصيتها بعد موتها، بأن رآها أحد في المنام فأوصت إليه بشيء، فلا يلزم تنفيذ هذه الوصية، فلعل الأمر اشتبه على إخوانك في هذين الأمرين، وعليه، فينبغي لك بيان هذا الفرق لهم لينفذوا ما أمكن من وصية والدتهم، وذكريهم أن هذا واجب عليهم وهو من البر بأمهم.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1425(12/5960)
المدين لا يمنع من الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرأت عن الوصية الشرعية وعلمت أنها مستحبة لمن ليست عليهم ديون، أنا سيدة متزوجة ولي أطفال صغار ولا أعمل فليس لي مال يرثه ورثتي سوى بعض الذهب، وسؤالي يتعلق بممتلكاتي الشخصية، مثل ملابسي وأدوات الزينة الخاصة بي وبعض الكتب والأدوات المنزلية واللوحات التي تحمل آيات قرآنية، وغير ذلك من الأشياء والمتعلقات التي ليست لها قيمة مادية كبيرة، ولن يبيعها ورثتي، فهل يجوز لي أن أوصي بهذه الأشياء جميعاً وليس الثلث فقط للفقراء وخاصة ملابسي، هل يجوز لي أن أوصي ببعض منها لأمي لتنتفع به والباقي للفقراء، علما بأن أمي ليست فقيرة، وأيضا ما الحكم في التبرع بباقي متعلقاتي التي ذكرتها سابقاً فأنا لا أريد أن أموت وتظل متعلقاتي وملابسي في دولابي لا يستفيد منها أحد، وأولادي صغار لن يستفيدوا منها وكذلك زوجي، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فملابس المتوفى وأدواته وكافة أنواع أثاثه كيف كان هذا الأثاث تضم إلى متروكه وتقسم بين الورثة تقسيم التركة، وسوف ينتفع بها الورثة، إما ببيعها أو هبتها أو استغلال ما يمكنهم استغلاله منها أو غير ذلك، ولن يعدم وجه للانتفاع بها، فلا تقلقي لهذا الموضوع.
ثم إن الوصية للأم لا تنفذ إلا إذا أمضاها الورثة وبشرط أن يكونوا بالغين رشداء، روى ابن ماجه عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا لا وصية لوارث.
ومثل الوصية للوارث الوصية بأكثر من ثلث المال فإنها لا يمضي منها إلا ثلث المال إلا أن يمضي الورثة الزائد، ففي الصحيحين من حديث سعد بن أبي وقاص أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: أوصي بمالي كله؟ قال: لا، قلت: فالشطر؟ قال: لا، قلت: الثلث؟ قال: فالثلث، والثلث كثير.
وليس استحباب الوصية خاصاً بمن ليس عليهم ديون، بل المدين يمكن أن يوصي ولكن ديونه تقضى قبل إخراج الوصية، وراجعي موضوع الوصية في الفتوى رقم: 12382.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(12/5961)
الوصية بما فوق الثلث لا تنفذ إلا بإذن الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة حصلت على مبلغ من المال من الصدقات. لها ولدان عاقان لها أشد درجات العقوق، مع العلم بأن وضعهم المادي فوق الجيد. يؤذيانها بطرق مختلفة مثل الضرب والشتم ومحاولة سرقة ما تملكه من نقود. تضع هذه المرأة أموالها أمانة عند شخص وأوصته بأن يقوم بتوزيع جميع نقودها في أوجه الخير بعد دفع تكاليف الجنازة لأولادها. فهل يجب على المؤتمن أن ينفذ الوصية بتوزيع المال أم يقوم بإعطائه للورثة.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب هو تسليم التركة للورثة لأن ذلك حقهم، وأما وصيتها بإنفاق هذا المال في وجوه الخير، فتنفذ في الثلث، أذن بذلك الورثة أم لا، وبأكثر من الثلث إن أذن الورثة، والواجب على الولدين التوبة من العقوق، وانظر في عقوق الوالدين الفتوى رقم: 11287.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1424(12/5962)
الوصية للقريب الذي لا يرث جائزة في حدود الثلث
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدى وترك مبلغاً من المال فورثت جدتي من والدي وأوصت بأن ترجع هذه الأموال إلينا فى حالة وفاتها، ولكن بعد وفاتها وزعت هذه الأموال على الورثة حسب الشرع ولم يلتفت إلى الوصية فما حكم الشرع في هذه الأموال التي أخذها أعمامي وعماتي والتي كان موصى لنا بها هل هى حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوصية للقريب الذي لا يرث مشروعة بقول الله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ (البقرة: من الآية180) ، ويجب تنفيذها إذا كانت في حدود الثلث أو قبل تقسيم التركة على الوارثين، فقد نبه الله تعالى على تقديمها في قوله بعد بيان قسمة المواريث: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ (النساء: من الآية11) ، ولا يجوز لأحد أن يبدل الوصية إذا كانت ثابتة، ومن بدلها فهو آثم لقول الله تعالى: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (البقرة:181) ، ويدل لعدم تنفيذ الوصية في ما زاد على الثلث ما في الصحيحين من منع الرسول صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص من الوصية بأكثر من الثلث، إلا أنه إذا أجازها الورثة في أكثر من الثلث فإنها تنفذ إذا كانوا بالغين رشداء، هذا ونوصيكم بالبر بأعمامكم، وعليكم أن تراجعوا المحاكم الشرعية للنظر في الأمر، وراجع للمزيد من التفصيل في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها: 2331 / 17791 / 6271.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(12/5963)
الأصل في الوصية الاستحباب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مدى وجوب الوصية الشرعية؟ وما هي بنودها أو أهم أركانها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في الوصية الاستحباب، وقد تجب أو تحرم، وقد فصلنا ذلك في فتاوى سابقة، فيمكنك أن تراجع منها الفتوى رقم: 29972، ورقم: 12382.
وأما ركنها، فهو الإيجاب من الموصي، فالإيجاب يكون بكل لفظ يصدر من الموصي، متى كان هذا اللفظ دالا على التمليك المضاف إلى ما بعد الموت بغير عوض، مثل: أوصيت لفلان بكذا بعد موتي، أو وهبت له ذلك، أو ملكته بعدي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1424(12/5964)
من أشمل ما عرفت به الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[الوصية الشرعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالوصية هي: تصرف في التركة مضاف إلى ما بعد الموت، وهذا التعريف هو أشمل ما عُرفت به الوصية، وقد ورد في تعريفها الكثير، وقد بينا كثيراً من أحكام الوصية في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12382، 29972، 19503، 30907.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1424(12/5965)
أوصاهم أبوهم وصية ولم يعملوا بها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
نحن إخوة ذكور وإناث ترك أبونا وصية واضحة ولم نعمل بها، ما الحكم الشرعي في ذلك؟ جزاكم الله عنا كل خير.
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الوصية إن كانت في أمر مباح شرعاً، فيجب إنفاذها لاسيما إن تعلق بها حق للغير، قال الخرشي في شرحه على مختصر خليل: ثم إن إنفاذ ما عدا المحرم لازم، أي بعد الموت.
وننبه إلى أن الوصية إذا كانت أكثر من الثلث، أو كانت لوارث، فلا يجوز إنفاذها في ما زاد على الثلث، أو إنفاذها للوارث إلا بإجازة الورثة، وانظر الفتوى رقم: 2609.
إذا ثبت هذا فالواجب عليكم المبادرة إلى إنفاذ هذه الوصية، وإيصال الحقوق إلى أصحابها، فقد قال الله تعالى بشأن قسمة التركات: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ.
هذا إذا كان أبوكم -رحمه الله تعالى- أوصى وصية مالية، وأما لو كانت وصيته بشيء غير المال، فإن كانت الوصية بأمر مشروع فالوفاء بها مستحب، وإن كانت بشيء غير مشروع فلا يجوز الوفاء بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1424(12/5966)
وصية غير جائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو ما حكم الشرع أن أوصي قبل وفاتي على أن المنزل الذي أسكن فيه أنا وزوجتي سيكون باسم زوجتي بعد وفاتي، علما بان المنزل رهن حاليا لجهة معينة، وبعد وفاتي سيدفع التأمين المبلغ المتبقي علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى أحمد وأبو داود وغيرهما عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث". وهذا الحديث نص في أن الإنسان ليس له أن يُوصي بشيء من ماله لأحد من ورثته بعد موته، وبناء عليه ليس لك أن توصي بأن يكون المنزل بعد موتك لزوجتك، بل تقسم التركة بما فيها البيت على الورثة حسب ما جاء في الكتاب والسنة، فيكون لزوجتك الثمن إن كان لك أولاد منها أو من غيرها، أو الربع إن لم يكن لك أولاد.
وإن كان لك أكثر من زوجة فإنهن يشتركن في الثمن أو الربع.
ولمزيد من الفائدة عن حكم التأمين تراجع الفتوى رقم:
2593
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1424(12/5967)
ما كان بعد موت الواهب فهو وصية وليس عمرى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قول فضيلتكم فى رجل أعمر شقة لزوجته التي لم يعقب منها.. للانتفاع بها فى حياتها من بعد وفاته على أن تؤول لورثته بعد وفاتها، ولورثتها نصابها الأصلي من زوجها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالعمرى جائزة، وهي من أعمال البر والقربات المشروعة، وهي هبة المنفعة مدة معينة: عمر الواهب أو الموهوب له.
وهذا ما ذهب إليه المالكية ومن وافقهم، قال الإمام مالك في الموطأ: الأمر عندنا أن العمرى ترجع إلى الذي أعمرها، إذا لم يقل هي لك ولعقبك.
وروي عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وهو أحد فقهاء المدينة، قال: ما أدركت إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفي ما أعطوا.
وروى مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله قال: إنما العمرى التي أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: هي لك ولعقبك، فأما إذا قال: هي ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها.
قال القاضي عبد الوهاب المالكي في المعونة: وصفتها أن يقول شخص لآخر أعمرتك هذه الدار.. مدة حياتك أو مدة عمرك، أو ما أشبه ذلك من الألفاظ التي يفهم منها تمليك المنافع مدة عمره دون الرقبة، فإن مات المعطى عادت إلى المالك إن كان حياً، أو إلى ورثته إن كان ميتاً وتكون ميراثاً كسائر أمواله.، وعلى هذا فالعمرى ما وهب الشخص منافعه في حياته، وأما ما كان بعد موت الواهب فهو وصية وليس عمرى.
وعلى ذلك فهذه العمرى لا تصح لأنها لا تنفذ إلا بعد الموت، فهي وصية، والوصية لا تصح للوارث إلا إذا أجازها الورثة، أو كانت الزوجة مطلقة لا ترث، وكانت الدار في حدود الثلث، أو زادت عليه وأجازها الورثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1424(12/5968)
والداها خصصا لها شقة مؤجرة دون سائر الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[ترك الوالدان شقة لابنتهم الصغرى، فهل يحق لباقي أخواتها أن يرثن معها أم لا، مع العلم بأنها إيجار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز للوالدين أو أحدهما أن يخص بعض الورثه بالوصية بشيء من التركة دون الآخرين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أحمد والترمذي والدارقطني من حديث أبي أمامة رضي الله عنه.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في الفتاوى 31/294: ليس له في حال مرضه أن يخص أحداً منهم بأكثر من قدر ميراثه باتفاق المسلمين، وإذا فعل ذلك فلباقي الورثة رده وأخذ حقوقهم، بل لو فعل ذلك في صحته لم يجز ذلك في أصح قولي العلماء، بل عليه أن يرده كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يرده حياً وميتاً ويرده المخصَّصُ بعد موته. انتهى.
وبناءً على ما تقدم فإن ما فعله الوالدان من تخصيص هذه الشقة لابنتهم الصغرى لا يصح، ولباقي إخوتها رد هذه الوصية وأخذ ميراثهم في هذه الشقة.
وكون الشقة للإيجار لا يمنع مشاركتهم، فإن شاءوا اقتسموا الأجرة بينهم على حسب نصيبهم من الميراث، وإن أراد أحد الورثة أخذ حقه من الشقة نفسها فله ذلك، وعلى باقي الورثة أن يقبلوا ببيعها أو يعطوه حقه منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1424(12/5969)
لا تجوز الوصية بالمال للبنات
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة تريد أن تكتب ثروتها لأولادها بيعا وشراء، مع العلم بأن أولادها كلهم بنات، وقال لها رجل إن هذا حرام ولابد أن تكتب لأولاد أخيها المتوفى جزء من هذه الثروة، وإلا سوف يغضب الله عليها، مع العلم بأن أولاد أخيها في حالة مادية جيدة. ما حكم الشرع في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر والله أعلم أن الذي تريد هذه السيدة فعله، هو الوصية بمالها لبناتها، وذاك لا يصح، لما روى الترمذي وأبو داود وابن ماجه من حديث أبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا وصية لوارث. وأما لو أرادت إعطاء ثروتها هبة منجزة لبناتها، وهي في صحة تامة، فلا مانع من ذلك، وانظر الفتوى رقم: 33147.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1424(12/5970)
لا يلزم الأخ أن ينفذ وصية أخيه بالزواج من أرملته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم تنفيذ وصية الميت لأخيه بزواجه من أرملته بعد وفاته ورعايته لها، على الرغم من أن الأخ متزوج وله أربعة أطفال، أفيدونا أفادكم الله..؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مثل هذه الوصية لا يلزم الوفاء بها، لكن لو تراضى الأخ والأرملة بعد انتهاء ال عدة على أن يتزوج بها ووافق وليها، فلا مانع من ذلك، ولكل واحد منهما الحق في الامت ناع، فالبنت مع شدة قرابتها وتحتم برها بأبيها لو أوصاها بالتزوج من شخص معين فلها الامتناع بعد موته من ذلك، فأحرى غيرها، وانظر الفتوى رقم: 9965
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1424(12/5971)
لا يجوز تغيير الوصية ما لم يكن فيها مخالفة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أوصى بثلث ماله لبناء مسجد وفي بلادنا المساجد خطباؤها قد ينتمون إلى بعض المذاهب أو الأحزاب الهدامة فهل يجوز صرفها في موارد خير أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب تنفيذ الوصية حسبما أوصى به الموصي، ما لم يكن في ذلك ما يخالف الشرع، فإن كثيراً من العلماء ينص على أن شرط الواقف كنص الشارع ما لم يخالف الشرع، ومثله الوصية فلا يجوز تغيير الوصية ما لم يكن فيها مخالفة شرعية، والله تعالى يقول: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:181] .
وعلى هذا، فإن عليكم أن تخرجوا ثلث مال هذا الرجل المذكور وتخصصوه لبناء مسجد كما أوصى بذلك، وكون الأئمة في ذلك البلد ينتمون إلى بعض المذاهب الهدامة، فهذا لا يمنع من تنفيذ الوصية، وبإمكانكم أن تعينوا إماماً من غير هؤلاء.
على أن المنتمين لهذه الأفكار لا يلزم أن يكونوا كلهم على عقائدها الفاسدة، فربما يراهم الناس على صلة بالجهات الرسمية ويظنون أنهم على عقائدهم وهم ليسوا كذلك.
فكثير من الأئمة والخطباء في العالم الإسلامي لهم صلة بحكامها، وأصحاب النفوذ والوجهاء فيها، وفي معظم هؤلاء علمانيون أو فاسدون.
ولكن لا يلزم أن يكون أولئك الأئمة والخطباء على عقائدهم، وإنما أرغمتهم الظروف على التعامل معهم، ومع ذلك فهذه صدقة جارية دائمة لصاحبها لا ينبغي أن تعطل بسبب أئمة أو خطباء زائلين وذاهبين اليوم أو غداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(12/5972)
الوصية تجب إذا كان عليه حق يخاف أن يضيع إذا لم يوص
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت في أحد أشرطة التسجيلات الإسلاميه أن المسلم الذي يتوفاه الله ولا يكتب وصيته يحرم من مخاطبة الموتى المسلمين في القبر، فأتمنى أن توضحوا لي هذه القضيه وتعطوني نصا أو بيانا يساعد على كتابة الوصية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الوصية مشروعة بنص كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل الصحابة والسلف الصالح، وتجب على المسلم في حالة ما إذا كان عليه حق شرعي يخاف أن يضيع إذا لم يوص به كأمانة أو دين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده.
قال ابن عمر: ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك إلا ووصيتي عندي. رواه البخاري ومسلم.
ويستحب لمن ترك مالاً أن يوصي منه للأقربين والفقراء والصالحين إذا لم يكن في ذلك ضرر على الورثة، وتحرم الوصية إذا كان فيها ضرر على الورثة، وتكره إذا كان الموصي قليل المال وله وارث يحتاج له، وتباح للغني، فهذا حكم الوصية فهي واجبة في الواجب، مستحبة في المستحب، محرمة في الحرام.
أما كون موتى المسلمين لا يخاطبون إلا من أوصى فلم نقف عليه.
وقد كان السلف الصالح يكتبون وصاياهم، ومما كانوا يكتبون في مقدمتها:
بسم الله الرحمن الرحيم:
هذا ما أوصى به فلان بن فلان أنه يشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ويشهد أن محمداً عبده ورسوله، وإن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور، وأوصى من ترك من أهله أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم، ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأوصاهم بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ. فهذا نموذج لمقدمة الوصية ذكره عدد من أهل العلم عن السلف الصالح، ولا يلزم التقيد به، فكيفما كتب المسلم وصيته جاز ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1424(12/5973)
حكم بيع الحلي الذي أوصت المورثة بلبسه دون بيعه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماتت جدتي ولديها أربع بنات وعندها أربعة بناجر (أساور) ذهب من النوع القديم وأوصت بناتها بأخذها ولباسها وأرادت البنات بيعها وشراء بناجر جديدة بثمنها فهل يجوز بيعها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه الجدة من جهة الأب ولم تترك وارثاً إلا هؤلاء البنات الأربعة، فهذه البناجر ميراث لهن بالسوية -لأن لهن الثلثين فرضاً والباقي رداً- ويتصرفن في هذا الميراث بما أجببن من بيعه وشراء غيره، أو هبته، أو نحو ذلك من أنواع التصرفات.
ولا أثر لوصية والدتهن في منعهن من التصرف في هذه البناجر بما أحببن، لأن ملكية هذه البناجر انتقلت إلى الورثة بمجرد الوفاة.
وإذا كانت هؤلاء البنات غير وارثات مثل أن يكن بنات بنات فوصية جدتهن لهن نافذة وصحيحة في حدود الثلث من التركة، فإن كانت قيمة البناجر دون ثلث التركة صحت الوصية، وإن كانت فوقها لم تصح فيما زاد على ثلث التركة إلا بإجازة الورثة إذا كان ثم وارث، ولهن على كل حال التصرف بما أحببن في ما أصبن من هذه الوصية، فلهن بيع النباجر وشراء غيرها، ونحو ذلك من التصرفات.
ولا تأخذ هذه الوصية حكم الوقف لو قلنا بجواز الوقف المعلق على شرط الموت، لأن الوقف لا يصح إلا بالقول أو الفعل الدال عليه، وليس هذا متحققاً في هذه المسألة.
وإذا كان هناك ورثة أخرون مع هؤلاء البنات الوارثات فلا تصح الوصية للبنات إلا أن يجيزها الورثة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه، زاد الدراقطني والبيهقي: إلا أن يجيز الورثة.
فإن أجاز بقية الورثة هذه الوصية جازت، وإن أجازها البعض جازت في حقهم دون حق من منع، وفي حالة إجازة الورثة أو بعضهم فللبنات التصرف في ما صح لهن من هذه الوصية بالبيع أو غيره من التصرفات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1424(12/5974)
الوصية بجزء من المال قبل الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد معرفة حكم ممتلكات (ذهب، أموال) فتاة توفيت وليس لها زوج، هل تجوز لها التوصية عليها لأحد قبل موتها أم كيف يتم التصرف بها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وصية المسلم بجزء من ماله ثلثه أو أقل بقصد القربة وطلب الثواب أمر مستحب ولا فرق فيه بين الرشيد والسفيه والمغفل، لذا فوصية هذه الفتاة بجزء من مالها -ذهباً أو مبالغ مالية أو غير ذلك- تعتبر من الأعمال الخيرية التي يرجى لفاعلها الثواب عند الله تعالى، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 12382.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(12/5975)
أولى من تدفع الوصية لهم الأقارب المحتاجون
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك وصية لمتوفى وهو عم والدي رحمه الله ولم تنفذ وكانت عند عمي رحمه الله ولم ينفذها وبقي أنا وابن عمي والوصية موصاة للمحتاجين والمستحقين؟ وأنا جزاكم الله خيرا علي دين يفوق 150000 ريال وراتبي كله تسديد وأنا متزوج جديد وهذا هو سبب ديوني والوصية تقدر بـ 700000 ريال والسؤال هو هل أنا أستحق من هذا المبلغ ما يسدد ديوني علماً بأن ابن عمي المتوفى هو أيضاً بحاجة؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأفضل في الوصية أن تكون للأقربين الفقراء الذين لا يرثون، وهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم إذا كانوا ذوي حاجة، وذلك أن الله كتب الوصية للوالدين والأقربين، فنسخ من الحكم ما يخص الوارثين بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا وصية لوارث" وبقي سائر الأقارب على الوصية لهم.
حتى قال بعض أهل العلم: لو أوصى لغير أقاربه وتركهم تنزع عن الموصى لهم وترد إلى القرابة، والصحيح الذي عليه أكثر العلماء أن الوصية تصح ولو لم يوص للأقارب.
وعلى هذا إذا كان الموصي أوصى وصية مطلقة، وكنتم غير وارثيه حينها فأولى من تدفع لهم أقاربه المحتاجون المستحقون، فإذا كان حال الأخ السائل وحال ابن عمه كذلك فلا نرى مانعاً من أن يأخذا منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1423(12/5976)
هل يجوز الاقتراض من مال الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي ولديه سكن خاص واحد لعائلته ومبلغ من المال وسيارة وأنا أكبر أبنائه وكان قبل وفاته قد قال لي ثلثي عليك. سؤالي: هل له ثلث في المنزل السكن الخاص بأولاده؟ وهل يجوز لي أن أقترض من ثلث والدي بدلا من الاقتراض من البنوك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الوصية تخرج من ما تبقى من مال الميت بعد تسديد ديونه إن كانت ثمة ديون.
وعليه، فالثلث الذي أوصى به أبوك يخرج من جميع ما ترك، سواء كان سكناً خاصاً أو غيره، والدليل هو قوله تعالى في أكثر من موضع من آيات المواريث: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ) .
فدل على أن الوصية تكون من جميع ما ترك بعد الدين، ويبدأ بها قبل تقسيم التركة على أهلها.
أما هل يجوز الاقتراض من الثلث الموصى به، فالجواب: لا، لأن الثلث إما أن يكون موصى به لمعين أو لغير معين كالفقراء والمساكين ونحو ذلك، وفي كلتا الحالتين تملك الجهة الموصى لها الثلث، ومن المعروف أنه لا يجوز التصرف في مال الغير إلا بطيب نفس منه، فلا يجوز إذاً الاقتراض منه والانتفاع به بأي شكل من أشكال الانتفاع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1423(12/5977)
لا تجوز وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وأوصى بثلث المال بأن يبنى منه عقار لسكن للعائلة من أولاد وبنات والباقي يبنى منه عقارآخر للاستثمار السؤال
هذه الأموال النقدية والتي سوف تتحول إلى عقار بعد عدة سنوات هل عليها زكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل الإجابة على السؤال المتعلق بالزكاة نقول: هذه الوصية إذا كانت للورثة، فإنها لاغية ولا أثر لها، بل المال مال الورثة يفعلون به ما أرادوا وما اقتضته مصلحتهم، وذلك لحديث أبي أمامه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث" رواه الترمذي وحسنه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تجوز وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة" حسنة الحافظ في التلخيص، وأخرج نحوه البخاري عن ابن عباس موقوفاً.
قال الحافظ: إلا أنه في تفسير إخبار بما كان من الحكم قبل نزول القرآن فيكون في حكم المرفوع بهذا التقدير. (الفتح: 5/438) .
أما هل على هذه الأموال زكاة؟
فالجواب: أنه إذا بلغ نصيب كل واحد من الورثة منها نصاباً بنفسه أو بضمه إلى مال آخر عنده من نقود أو عروض تجارة فتجب فيه الزكاة كل حول إلى أن يستخدم في بناء العقار، والنصاب هو ما يساوي قيمة خمسة وثمانين غراماً من الذهب، فإذا بلغ ذلك فيجب فيه ربع العشر 2.5.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1423(12/5978)
تنفذ الوصية على شرط الموصي
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل له أراض زراعية وتجارية وعماير للإيجار أوصى بالعشر من ماله هذا كيف يخرج العشر من هذه الأموال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسبيل إلى احتساب العشر من هذه الأموال لنفاذ الوصية هو أن تقوم الأراضي والعمائر من قبل أهل الخبرة الموثوق بهم، ثم تضاف إلى باقي الأموال النقدية، ثم يقسم المجموع على عشرة أجزاء، ويخرج منه ما يساوي عشر قيمته، ثم ينظر في حال الجهة التي أوصى لها هذا الرجل، ويفعل بوصيته ما نص عليه، فإن لم ينص على شيء فعلى ناظر الوصية أن يفعل ما يراه صواباً، وكلما كان الأمر أدوم وكثر انتفاع الفقراء والمساكين منه كلما كان ذلك أعظم لأجر الواقف فيبغي للناظر بذل الوسع فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1423(12/5979)
الممتلكات الثابتة لا تؤثر على صحة الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[كون تركة الميت ممتلكات ثابتة لا يعيق إنفاذ الوصية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ذكرت من أنه لو كانت تركة الميت ممتلكات ثابتة، فإن ذلك لا يعيق إنفاذ الوصية صحيح، وتعتبر الوصية نافذة بالثلث، وما زاد على الثلث فيتوقف إنفاذه على رضى الورثة إذا كانوا بالغين رشداء.
وانظر الفتاوى التالية: 5703، 6271، 7275.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1423(12/5980)
كون تركة الميت ممتلكات ثابتة لا يعيق إنفاذ الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سماحة الشيخ لي سؤال وهوما يلي.
أوصى هالك بتشغيل جزء من ثلث ماله في تجارة تنمو وإنفاق مايدره في المشاريع الخيرية وعند التنفيذ لم يتمكن الورثة من الإيفاء بالشرط لكون جل مال الهالك ممتلكات فهل لهم أن يتصرفواعلى حسب الإمكان مع العلم أن الميت فوض الوكيل في التنفيذ وإن أردتم شيئا من التوضيح وضحنا لكم بالتفصيل نرجو منكم الإجابة بسرعة لأن الوصية معطلة أكثر من ثماني حجج ولكم من الله الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تنفيذ وصية الميت واجب حسب شرط الموصي، فلا تغير الوصية ولا يجوز تأخيرها ولا مخالفتها فمن بدل فيها أو أخر أو خالف فهو آثم. وكون تركة الميت ممتلكات ثابتة فإن هذا لا يعيق إنفاذ الوصية، فعليكم ببيع جزء من ممتلكاته بقدر الوصية ما لم تتجاوز الثلث، وتضعون ثمن ذلك في مشروع تجاري يقوم عليه من عينه الميت، وربح هذا المشروع يصرف في المشاريع الخيرية ووجوه البر، حسب الوصية.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1423(12/5981)
تستحب الوصية للأقرباء غير الوارثين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الوصية الواجبة للفرد أم للمجموع؟ حيث إن جدتي توفيت بعد وفاة والدي، وعمي، وعمتين لي، ويوجد على قيد الحياة عم وعمتين أيضا، وفي تقسيم التركة قالوا إن لهم الثلثين والمتوفيين الثلث حيث إن جدتي تركت مقدار 15 فدان. فقالوا إن عمي الذي على قيد الحياة له الثلث أي ما يساوي5 فدادين، والعمتين 5، ونحن الذين توفي والدينا في حياة جدتي لنا فقط 5، مع أن كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق أورد خلاف ذلك حيث إنه يقول يقدر نصيب الولد الذي توفي في حياة أحد الأبوين ويعطي لفرعه كما لو كان أبوهما حيا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوصية مستحبة وليست واجبة على الراجح، فيستحب للميت أن يوصي لأقربائه غير الوارثين في حدود الثلث، وإن لم يوص لهم فيستحب للورثة الرضخ لهم من التركة؛ لقوله تعالى: وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً. {النساء:8} .
وبناء عليه، فإن المال يقسم بين ابن وبنتي الجدة للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. {النساء: 11} . وليس لأبناء الابن شيء إلا إذا تطوع الورثة فرضحوا لهم، أو كانت الجدة قد أوصت لهم بشرط ألا تتجاوز الوصية الثلث، فإن جاوزت الثلث رد ما زاد على الثلث إلا إذا أمضاه الورثة البالغون الرشداء.
وراجع في عدم مشروعية ما يسمى بالوصية الواجبة الفتويين التاليتين: 22734، 59309.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1430(12/5982)
تصح الوصية لبعض الورثة إذا أجازها بقيتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي قبل مماته قال البيت للبنات وإذا أراد الأولاد السكن عليهم بناء الطابق الثاني، توفي والدي وأمي تمنعني من البناء بحجة أنها لا تريد أن تحصل مشاكل مع زوجتي والبيت لا يزال باسم الوالد رحمه الله، فما حكم الشرع في الوصية، وحكم الشرع إذا عصيت رغبة والدتي وأصررت على البناء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قول الأب قبل مماته (البيت للبنات) يعتبر وصية، وهذه الوصية باطلة لا قيمة لها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ... إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الترمذي، وفي رواية البيهقي والدارقطني: إلا أن يشاء الورثة.
ولذلك فإذا أجاز الورثة خصوصية البيت بالبنات فإنها تمضي بشرط أن يكونوا رشداء بالغين، وإذا لم يجيزوها فإنه يعتبر تركة على جميع الورثة كغيره مما ترك هذا الميت، فيقسم على جميع ورثته على ما جاء في كتاب الله تعالى.
وأما هواء البيت فهو تابع له ويعتبر جزءاً من التركة وهو ملك لجميع الورثة ولا يحق لبعضهم التفرد به دون البعض إلا إذا وصل إليه بطريق القسمة الشرعية وكان من نصيبه، هذا، وننصحكم بتقوى الله تعالى والتفاهم مع والدتكم وعدم عصيانها، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 23103.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1426(12/5983)
حكم توزيع التركة قبل الموت والوصية لبعض الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
نطلب من سماحتكم أن تفيدونا بالحكم الشرعي الذي يرضي الله ورسوله في هذه المسألة:
في سنة 1983 أردت شراء محل ثمنه يعادل 72 ألف ليرة سورية فاستدنت من والدي في نفس السنة مبلغ 34ألفا وطلب مني أن أسجل له حصة في المحل فقمت بتسجيل نصف المحل باسمي والنصف الآخر باسم والدي ,وبعد مرور سنتين في العام 1985دفعت لوالدي ثمن نصف حصته في المحل , فأصبحت أملك ثلاث أرباع المحل ولوالدي الربع. وعندما أردت مع مرور الأيام استيفاء ما تبقى علي {17ألفا} رفض والدي أن أكمل له , فأصبح المحل كله باسمي, وإن سعر المحل هذه الأيام حوالي المليون وذلك بسبب السوق الذي فتح بجواره منذ حوالي 6سنوات الأمر الذي رفع سعره فجأة فلولا السوق لما تجاوز سعره 300أو 400ألف.
ومضت السنون فقام والدي بفراغ الدار التي يسكنها وهي عبارة عن 9قصبات ثمنها حوالي 2مليون لإخوتي الذكور الثلاثة فقط {نحن الأبناء: الأخ الأكبر وأنا وثلاثة ذكور وثلاثة بنات} دون أي علم لي بالموضوع وعندما أصبحت أعرف الموضوع أخبرني والدي أن إخوتك سوف يعوضون لكم.
أما أخي الأكبر فهو مستأجر للبيت ,الذي تملكه والدتي, منذ زمن بعيد 33 سنة, هذا البيت يعطي ثمناً قدره مليون و700ألف إذا رفع محضراً.
لكن بعد وفاة والدي وعندما أردنا النظر في التركة والإرث ,قال لي إخوتي أن والدك قد أوصى بما يلي:
الثلاثة الذكور لهم بيت والدي والأخ الأكبر له البيت الذي هو مستأجر فيه وهو طبعاً ملك والدتي التي ما تزال على قيد الحياة, والبنات الثلاثة يعوض لهم عن حصصهم في بيت والدي فقط , أما أنا فحصتي هي ربع حصة محلي التي لم يقبل والدي أن أسدد له ما تبقى من دينه علي , فالمحصلة كل أخذ حصة ما, دون أي حساب دقيق. وكل تلك الوصية لم أحط علماً بها إلا بعد وفاة والدي, حيث الذي كنت أعلمه أن إخوتي الثلاثة الذكور سوف يعوضون لنا.
أي أن الوصية اعتبرت حصتي في الإرث هي دين والدي:؟؟؟
قام والدي بإعطاء أحد إخوتي الذكورمبلغاً 33ألف سنة1980 ثم طوب له حصة في البيت, فالأخير أخذ حصة في البيت ومبلغ لا يأتي أحد من إخوتي على ذكره علماً أنه لم يسدد لوالدي ذلك المال, أما أنا فحصتي هي 17ألف التي عادلت ربع ثمن محلي عام 1983 التي أعطاني إياها والدي ورفض أخذها.
-فهل الحق يكون بتجاهل كل ذلك والعدل يتحقق بأن نتبع وصية والدي, أم أنه يجب تقييم كل ذلك وتوزيعه بالحق الشرعي للذكر والأنثى وتجاهل الوصية فهنا نريد تحكيم الشرع في كل ذلك.
-وهنا سؤال يطرح نفسه من أجل تقييم المال {17ألف} الذي بقي علي, فهل قيمته هي ربع حصة محلي الذي ثمنه مليون 17ألف=250 ألف, أو نستثني وجود السوق ونعتبر ثمن المحل 400ألف وبالتالي 17ألف=100ألف ,أوأن ثمن المال هي قيمة 17 ألف ليرة سورية ذهباً سنة 1983 وما يعادلها اليوم.
أفتونا بذلك جزاكم الله عنا وعن المسلمين كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للوالد تفضيل بعض الأبناء على بعض في العطية في حياته دون مبرر شرعي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا في أولادكم. رواه البخاري ومسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. رواه سعيد بن منصور في سننه وحسنه ابن حجر.
كما لا يجوز له الوصية لبعضهم أو لوارث بعد وفاته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أحمد وأصحاب السنن, وفي رواية: لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة.
وعلى ذلك، فإن ما فعله والدكم من الوصية بتوزيع تركته حسبما ذكرت لا يصح، فكل ما ترك والدكم من ممتلكاته الخاصة والديون والحقوق يوزع على الورثة حسبما جاء في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وأما ربع محلك فهو ملك لوالدك، فيجب أن يضم إلى بقية ممتلكاته فتقوم جميعاً بقيمتها الحالية، وتوزع على الورثة كل حسب نصيبه الشرعي.
والحاصل أن وصية والدك لا تصح وكذلك توزيعه لتركته في حياته بهذه الطريقة لا يصح، وأن ربع محلك يعتبر جزء من التركة يضم إليها.
وننبه إلى أنكم إذا كنتم كلكم بالغين رشداء وتراضيتم على ما أوصى به والدكم فلا حرج في ذلك، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 52076، 14254، 36247.
على أننا نوصي السائل بالرجوع إلى المحاكم الشرعية في بلده لننتظر في هذه المسألة، فهي صاحبة الاختصاص في مثل هذه القضايا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1425(12/5984)
نموذج لوصية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إن أمكن تزويدي بنموذج لوصية شرعية يكتبها المسلم قبل موته وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليست هناك صيغة محددة للوصية، ولكن يمكن للإنسان أن يعبر عن ذلك بما يتناسب مع ما يريد الوصية به، فلو كان عليه دين -مثلاً- صح أن يقول: لفلان عليَّ كذا من المال، ويذكر قدره، ولو أراد أن يوصي من ماله لشخص صح أن يقول: أوصيت لفلان بكذا من المال ويذكر قدره، وهكذا.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 29972.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1424(12/5985)
الوصية بين الندب والوجوب والحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في الوصية التي يوصي بها المتوفى وهل هي واجبة أو مستحبة؟ وما حكم الشرع في الموعظة التي تقام في بيت الميت وهل هي بدعة أو مستحبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الوصية تختلف باختلاف الأحوال عند أصحاب المذاهب الأربعة، فقد تكون واجبة إذا كان الشخص عليه حق شرعي يخشى ضياعه إن لم يوص به كوديعة أو أمانة يجب أداؤها، أو عليه دين لا يعلمه غيره، أو كان حقاً لله تعالى كزكاة.
وقد تكون مندوبة كأن يوصي الشخص بجزء مأذون فيه من أمواله للأقارب غير الوارثين، أو الفقراء، أو إعانة على خير كطلبة العلم الشرعي.
وقد تكون محرمة كما إذا كان يترتب عليها إضرار بالورثة، بدليل ما أخرجه عبد الرزاق من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة، فإذا أوصى حافَ في وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة، فيعدل في وصية فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة".
ومعنى قوله حاف في وصيته: جار وظلم فيها.
وينبغي تجهيز الوصية وتوثيقها دائماً بأن تكون قريبة من الشخص، بدليل ما جاء في صحيح البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين أو ثلاثاً إلا ووصيته مكتوبة عنده".
قال ابن عمر: (ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك إلا ووصيتي مكتوبة عندي) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(12/5986)
منع تنفيذ الوصية يوقع في الإثم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم عدم تنفيذ الوصية وتقسيم الميراث الشرعي هل أنفذ الوصية وآخذ المال وأنا افضل الشرع على أخذ مال الوصية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تنفيذ وصية الميت واجب في ثلث ماله، وعدم تنفيذها مع توفر شروط صحتها لا يجوز، ومرتكب ذلك آثم عند الله تعالى، لقول الله تعالى: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:181] .
قال القرطبي: والضمير في "إثمه" عائد على التبديل، أي إثم التبديل عائد على المبدِّل لا على الميت.
وتخرج الوصية من التركة قبل تقسيمها على الورثة، لقول الله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12] .
وكرر ذلك بعد كل حكم من أحكام المواريث.
أما تقسيم الميراث على الورثة فقد تولاه الله تعالى بنفسه فأحسن وأحكم وفصَّل ذلك في محكم كتابه أبين تفصيل، فمن أطاعه في ذلك اهتدى ورشد، ومن عصاه غوى وضل وعرض نفسه لعذاب الله الأليم، يدل على ذلك قوله تعالى بعد أن بيَّن أحكام المواريث: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ [النساء:13، 14] .
هذا ما أمكنت الإجابة عليه من سؤالك، أما بقيته فلم نعرف مرادك فيه، فنرجو منك توضيح مرادك حتى نتمكن من الإجابة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(12/5987)
حكم إخراج الزكاة عن الذهب الذي أوصى الميت أن يحج به عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت امرأة، وكان لها كمية من الذهب، فأوصت بأن يوقف هذا الذهب للحج عنها بعد وفاتها، وكان مقدار الذهب يفوق النصاب، والسؤال: هل تجب الزكاة في هذا الذهب الموصى به للحج عن المرأة؟ وإن وجبت فيه الزكاة فهل يتم اقتطاع مقدار الزكاة من أصل الذهب المتروك؟ أومن مالها الذي سيوزع على الورثة؟ أم يقوم وليها بدفع الزكاة؟ أم ماذا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن الحلي المعد للاستعمال المباح مختلف في وجوب زكاته بين أهل العلم، والمفتى به عندنا هو عدم وجوبها، وإن كان الأحوط إخراجها خروجا من الخلاف، وانظر الفتوى رقم: 123353.
وأما ما لم يكن معدا للاستعمال، بل كان مدخرا ففيه الزكاة، فإذا كان هذا الذهب مما تجب زكاته وكانت زكاة هذا الذهب قد وجبت على تلك المرأة حال حياتها، بأن حال الحول على هذا النصاب من الذهب وهو في ملكها، فالواجب المبادرة بإخراج الزكاة عنها قبل قسمة التركة وقبل تنفيذ الوصية، لأن هذه الزكاة دين في ذمتها فلا تبرأ إلا أن تؤدى عنها، لقوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.
وإخراج الزكاة مقدم على الحج لتعلق الزكاة بعين المال، وما تعلق بعين المال فهو مقدم على ما كان في الذمة، وأما إذا لم تكن زكاة هذا الذهب قد وجبت عليها في حياتها فلا زكاة فيه ـ وإن كان أكثر من النصاب وحال عليه الحول ـ لأن المال الموصى به لا زكاة فيه إلا أن يوصى به لمعين فيزكيه بعد حولان الحول من وقت دخوله في ملكه، قال الشيخ ابن جبرين ـ رحمه الله: الزكاة تجب في نصيب كل وارث إذا بلغ نصابا وتم الحول الذي يبدأ من الوفاة.
وأما الثلث الموصى به فلا زكاة فيه، وإنما تنفذ الوصية على حسب ما أوصى به الميت.
وهذا الذهب حكمه حكم الوصية، فإن كان ثلث التركة فأقل وجب إخراجه من التركة قبل قسمتها، وإن كان أكثر من الثلث فأخذ ما زاد على الثلث موقوف على إذن الورثة، لقوله صلى الله عليه وسلم لسعد: الثلث والثلث كثير. متفق عليه.
إلا أن يكون هذا الحج واجبا كحجة الإسلام أو حج منذور فحينئذ يجب أن يخرج من تركتها ما يحج به عنها، لأنه دين في ذمتها، ودين الله أحق أن يقضى، قال البهوتي في الروض المربع: وإن مات من لزماه أي الحج والعمرة أخرج من تركته من رأس المال ـ أوصى به أولاـ وهذا الذهب الذي أوصت هذه المرأة أن يحج به عنها لا يسمى وقفا، لأن الوقف: هو ما يصح الانتفاع به مع بقاء عينه، قال ابن قاسم في حاشية الروض: وقال الوزير: اتفقوا على أن كل ما لا يمكن الانتفاع به إلا بإتلافه كالذهب والفضة، والمأكول لا يصح وقفه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1430(12/5988)
الوصية للإخوة من الأم تتوقف على كونهما من الورثة أم لا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة غير متزوجة، ولدي أخوان اثنان من والدتي، ولدي مال وإرث من والدي ـ رحمه الله ـ فهل يجوز أن أكتب وصية، وأجعل لهم مالي بعد وفاتي؟ لأنه ليس لدي أبناء، وأبناء إخوتي الأشقاء ليسوا في حاجة لمالي، وإخواني من أمي حالتهم المادية سيئة وهم صغار في السن، وسوف تكون لديهم التزامات كثيرة في المستقبل، وهل صحيح أن الإخوان من الأم لا يرثون؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء إن الإخوة والأخوات من الأم يرثون بشرطين: الأول: عدم وجود أصل ذكر وارث ـ أب، أو جدـ أب الأب ـ وإن علا.
الثاني: عدم وجود فرع وارث مطلقا ـ ابن أو بنت أوابن ابن ـ وإن نزل ـ أو بنت ابن ـ وإن نزل أبوها.
ففي الحالة التي لا يرثون فيها يجوز أن توصي لهم السائلة بشيء من مالها بما لا يزيد عن الثلث، فإن أوصت لهم بما يزيد على الثلث لم يمض من الوصية إلا الثلث، والباقي موقوف على رضا الورثة، فلهم الحق في رده ولهم الحق في إمضائه، وانظري الفتوى رقم: 124764. وفي الحالة التي يرث فيها الإخوة من الأم، فإن الوصية لهم وصية لوارث، وهي لا تمضي إلا إذا رضي الورثة بإمضائها، كما فصلناه في الفتوى رقم: 121878
ولكن الأخت إذا كانت تريد نفع أخويها من أمها، فإنها تستطيع تمليكهما شيئا من مالها، وتمكنهما من حيازته في حياتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1430(12/5989)
لا بأس بالوصية من التركة للأحفاد بالشروط الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي رحمها الله يجوز لها أن توصي من الورث من ذهبها إلى أحفادها من ابنها، وهي لها 3 بنات وولد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للشخص أن يوصي لشخص -غير وارث- بما لا يزيد على ثلث تركته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم. رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وحسنه ووافقه الألباني.
وإنما استثنينا الوارث لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه أحمد وأهل السنن..
وعليه؛ فيجوز لأمك أن توصي بشيء من تركتها -ذهب أو غيره- إلى أحفادها بما لا يزيد على ثلث تركتها، ويلزم الورثة تنفيذ وصيتها بعد موتها، لأن أحفادها ليسوا وارثين لها مع وجود ابنها المباشر، وإذا توفي ابنها قبلها فلا تصح وصيتها لأحفادها لأنهم سيرثونها حينئذ، والوصية للوارث ممنوعة شرعاً كما ذكرنا، وإذا أوصت لهم في هذه الحال لم تمض الوصية إلا برضا الورثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1430(12/5990)
شروط نفاذ الوصية للوارث
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أمي وتركت بنتين وخمسة أبناء رجال وكانت أثناء حياتها توصي بذهبها الذي كانت تلبسة 60 جراما تقريباً. لي ولأختي مع العلم أن الميراث عبارة عن شقة ومبلغ20000 جنيه بالبنك، هل تنفيذنا بموافقة إخوتي لوصية أمي حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إن الوصية للوارث لا تجوز في الأصل ولا تنفذ إلا إذا أجازها الورثة بعد موت الموصي، وكانوا رشداء بالغين، ومن هذا يعلم جواز تنفيذ هذه الوصية إذا كان إخوتك جميعهم رشداء بالغين وقد وافقوا بعد موت الأم.
وذلك لما في الحديث: لا وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة. رواه الدارقطني.
وإذا كان فيهم صغير أو سفيه فإن الوصية لا تنفذ في نصيبه، وتنفذ في أنصبة غيره.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 61831، 74285، 66565، 61831.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1429(12/5991)
هل يأخذ الوصي من الوصية باعتبار فقره
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل متوسط الحال أوصى بثلث ماله على أن يوضع في مدرسة أيتام أو مستشفى أو أي جهة يراها أبناؤه فيها صدقة جارية أو أن توضع في المسجد أو شراء كتب دينية.
توفي هذا الرجل وله عدة أبناء وبنات منهم ولد فقير جدا ليس له بيت بل استأجر بيتا وهو غير قادر على سداد أجرة البيت لفترات طويلة وعليه ديون ...
والسؤال هل يجوز أن تعطى الوصية له على اعتبار أنه فقير جدا وأن الوصية تركت للآباء تحديد صرف الوصية كما هو مذكور في الوصية.
وإذا كان هذا غير جائز فما هي الطريقة التي يمكن لهذا الابن الفقير الاستفادة من هذه الوصية مع العلم بأن حصته من التركة لا تكفي لسداد ديونه وهو في غالب الأحوال لا يجد عملا يسترزق منه.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر من أقوال الفقهاء هو عدم جواز صرف الوصية لذلك الابن ولو كان فقيرا ينطبق عليه وصف الفئة التي أوصى لها الموصي، قال البهوتي الحنبلي في شرح المنتهى: وإن قال لوصيه: ضع ثلثي حيث شئت أو أعطه لمن شئت أو تصدق به على من شئت لم يجز له أخذه لأنه منفذ كالوكيل في تفرقة مال، ولا دفعه إلى أقاربه -أي الوصي- الوارثين له ولو كانوا فقراء نصا، ولا دفعه إلى ورثة الموصي نصا لأنه قد وصى بإخراجه فلا يرجع إلى ورثته. انتهى.
ثم إن الرجل المشار إليه لما جعل الخيار لورثته إنما جعل ذلك فيما يرونه من الصدقة الجارية حيث قال على ما ذكر في السؤال: أو أي جهة يراها أبنائي فيها صدقة جارية.. ومجرد إعطاء الفقير لا يدخل في الصدقة الجارية، ولا يحضرنا الآن حل شرعي يمكن للابن المشار إليه أن يسلكه لكي يستفيد من وصية والده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1429(12/5992)
حدود الوصية المشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[استشارة فقهية ... أنا امرأة متزوجة تبنتني خالتي وزوجها اللذين لم ينجبا وقد سجلتني بدفاتر الحالة المدنية باسمها وباسم زوجها على أنني ابنتها تماما وفي سن الثانية عشر، علمت بأن لي أمين وأبوين وأن الذين أعيش معهما أبواي بالتبني، أمي وأبي الذين ولدت من صلبهما انتقلا إلى الرفيق الأعلى وحرماني من حقي في الميراث (أدعو الله لهما بالرحمة) على أساس أن أبوي اللذين تبنياني واللذين لا يزالان على قيد الحياة سيؤول ميراثهما إلي، ولكن بما أنني لست وريثة شرعية وأن الشرع لا يكفل لي سوى الثلث من أملاكهما فقد عمدت إلى استرضاء كل الورثة الشرعيين فرداً فرداً وقبلوا بقلوب راضية وسمحة عدم المطالبة بنصيبهم في ميراثهم، وبما أني أقوم وزوجي على خدمتهما ورعايتهما وتوفير كل الاحتياجات الفردية لهما إذ أصبحا عجوزين فإنهما يودان كتابة أملاكهما لي باعتبار أن الورثة لا يمانعون بل يشجعون على ذلك، لكنني لم أنجز شيئا حتى أستشيركم وأعرف ما يقول ديني وربي في ذلك ... ؟ والله الموفق وهو يهدي السبيل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الكلام عن حكم التبني، ولك أن تراجعي في ذلك الفتوى رقم: 16816، والفتوى رقم: 7818.
وقد أحسنت فيما ذكرته من أنك تدعين لأبويك بالرحمة، فإن لهما عليك حقوقاً ولو كانا قد فرطا فيك وحرماك من الإرث، كما أنك أحسنت أيضاً فيما ذكرته من أنك لا تريدين أن تنجزي شيئاً حتى تعرفي ما هو الحكم في ذلك، فإن المسلم لا يحل له أن يعمل عملاً حتى يعلم حكم الله فيه.
وفيما يخص موضوع سؤالك فإن اللذين تبنياك إذا أوصى لك أي منهما بثلث ماله فإن ذلك يصح، ويصير ذلك ملكاً لك بعد وفاته، ولا يصح أن يوصي لك بأكثر من ذلك إلا أن يجيز الورثة الزيادة على الثلث بعد وفاة الموصي، وأما إجازتهم قبل وفاة الموصي فإنها تعتبر إسقاط حق قبل وجوبه، ولهم الحق في الرجوع عنها بعد وفاة المورث، كما ذكر ذلك أهل العلم.
ثم ما ذكرته من أنهما يودان كتابة أملاكهما لك وأن الورثة لا يمانعون ويشجعون على ذلك، فنقول فيه: إن الهبة يشترط لصحتها أن يكون الواهب أهلاً للتصرف، وما ذكرته من حال هذين الشخصين من الشيخوخة إذا كان قد وصل الحد الذي يمنع أهلية التصرف فإن هبتهما معه لا تصح، كما أنه يشترط لتمام الهبة أن تحاز عن الواهب قبل حصول المانع من فقدان أهلية أو موت أو فلس..
فالحاصل -إذاً- أن الهبة لا تتم إلا بما ذكر، وأن إجازة الورثة قبل وفاة المورث ليست معتبرة، وأن حقك في ثلث المال ثابت إذا أوصى لك به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1428(12/5993)
شروط نفاذ الوصية لغير الوارث
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: شخص عاش مع جده من أمه منذ كان عمره سنة واحدة حتى تزوج عنده وترك هذا الجد وصية خطية إليه قبل موته بأن المنزل والأرض المحيطة به ملك له إذا توفي علما بأن الجد لا يوجد له أولاد ذكور ويوجد له زوجة ما زال يعولها الشخص المذكور وبنات وإخوة من الأب، وترك هذا الجد أرضا أخرى للورثة.
يريد هذا الشخص معرفة الحكم الشرعي لهذه الوصية، شيخنا الفاضل نرجو الإفادة وبارك الله فيك ونفعنا الله بعلمكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبما أن ابن البنت ليس بوارث فإن الوصية تصح له، فإن كان ما أوصى به هذا الجد لابن بنته في حدود ثلث تركته فإن هذه الوصية صحيحة يملك بموجبها الحفيد المنزل وما حوله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل قد تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في حسناتكم ليجعلها لكم زكاة في أعمالكم. رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني، وقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي والدارقطني، وزاد: إلا أن يشاء الورثة. قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام: إسناده حسن.
وإن كان ما أوصى به أكثر من الثلث فللورثة الحق في رد ما زاد على الثلث، أو إجازته إن كانوا رشداء بالغين.
وما بقي بعد الوصية للزوجة ثمنه فرضا، وللبنات ثلثاه فرضا، وما بقي فللإخوة تعصيبا. هذا إذا كان الورثة محصورين فيمن ذكر.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1428(12/5994)
من شروط تنفيذ وصية الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[أوصاني والدي قبل وفاته بأيام قليلة رحمه الله أن أتصدق عليه بعدد اثنين من الجمال وأنا حتى الآن في حيرة من أمري أهذا جائز أم لا، وإذا كانت هناك طريقة أفضل من هذه للتصدق عليه، أرجو إفتائي رحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله المغفرة والرحمة لوالدك وأن يسكنه فسيح جناته، ثم إذا كان والدك له مال وأوصى بصدقة جَمَلين عنه وكانت قيمتهما لا تزيد عن ثلث ما تركه من مال فهذه الوصية صحيحة يجب إنفاذها من ماله قبل قسمة التركة.
وإن كانت قيمة الجملين تزيد عن ثلث ماله فيمضى من الوصية ما حمله الثلث والباقي للورثة؛ إلا أمضى ورثته جميع الوصية وكانوا بالغين رشداءفتصح حينئذ فيما زاد على الثلث، وراجع الفتوى رقم: 67384.
وفي حال صحة الوصية فالواجب تنفيذها حسب شرط الموصي، ولا يجوز تغييرها أو استبدالها، وبالتالي فيتعين التصدق عنه بما أوصى به، وراجع الفتوى رقم: 31284.
وإذا كان والدك لم يترك مالا فلا يجب عليك التصدق عنه بما تلفظ به، وإن كان الأفضل في حقك فعل ذلك لما يشتمل عليه من حصول ثواب الصدقة إضافة إلى البرِّ به بعد مماته.
مع التنبيه على أن إهداء ثواب الصدقة للميت عموما يصله وينتفع به، وراجع الفتوى رقم: 9998.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1428(12/5995)
ما يشترط في الوصية وما يبطلها
[السُّؤَالُ]
ـ[شروط الوصية وبطلانها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان قصد السائل الكريم السؤال على الوصية في مال الميت فإن شروط صحتها وتنفيذها أن يكون من حر مميز مالك لما أوصى به.
وأن تكون لمن يتصور منه الملك سواء كان فردا غير وارث أو جهة أو جماعة.
ولا تصح لوارث ولا بأكثر من الثلث إلا إذا أجاز ذلك الورثة، وتمضي في الثلث دون رضاهم.
قال ابن جزي المالكي في القوانين: تصح من كل مالك حر مميز. ولا تصح من عبد ولا مجنون إلا في حال إفاقته، ولا من صبي غير مميز، وتصح من الصبي المميز إذا عقل القربة.
ومما يبطلها أن تكون لوارث ولم يجزها الورثة، أو تكون بأكثر ن الثلث ولم يجز الورثة ما زاد على الثلث فإنها تمضي في الثلث فقط.
ويشترط في إجازة الورثة أن يكونوا رشداء بالغين.
كما تبطل إذا شرطت بشرط أو علقت بأمر ولم يقع.
كما تبطل أيضا إذا كانت بمعصية أو بمال لتنفيذها أو بردة الموصي.
قال صاحب التبيين وهو مالكي المذهب: وبطلت لوارث أو بزائد على الثلث أو برجوع الموصي عنها.
وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتاوى: 66872، 59639، 48877، 9088، 9108، 25102.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1427(12/5996)
من شروط الوصاية على الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي زوجي، وتوجد أموال خاصة به ولي أولاد غير قصر وترك لي أمر الوصاية عليهم بحكم أنهم مازالوا شبابا صغارا، فهل أستمر على ذلك أم أقوم بتوزيع نصيب كل واحد منهم مع العلم أنه لا يوجد ورثة غير أنا وولدان غير قصر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في الورثة إذا كانوا بالغين رشداء أنه لا تصح الوصاية عليهم لأن الوصاية لا تكون إلا على غير البالغ الرشيد. وإذا كان الولدان بالغين راشدين فالواجب هو تقسيم التركة، إلا إذا اتفق الورثة على تأخير تقسيهما فلهم ذلك، ومتى طالب أحد الورثة بحقه فيجب دفعه إليه.
وأما إذا بلغوا غير راشدين - والرشد هو: الصلاح في المال عند الجمهور , وعند الشافعية الصلاح في المال والدين جميعا - فلا يدفع إليهم المال، فقد ذهب جمهور الفقهاء ومنهم صاحبا أبي حنيفة إلى استمرار الحجر على الصبي بمنعه من التصرف في ماله إذا بلغ وهو مبذر في المال، وفي هذه الحالة فبالإمكان تقسيم التركة ليتميز نصيب كل مع استمرار الحجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1427(12/5997)
أوصت أولادها أن يعطوا مبلغا للجامع
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: أوصتني جدتي أن أقول لأولادها بعد مماتها أن يعطوا 2000دينار للجامع، فما الحكم إذا لم يعمل أولادها بالوصية لأن حالتهم المادية ضعيفة،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال غير واضح وسنجيب عليه حسبما فهمنا منه.
فإن كانت الجدة المذكورة أوصت بألفي دينار من مالها بعد وفاتها للجامع فإن وصيتها يجب تنفيذها في حدود ثلث ما تركته ولو كانت حالة ورثتها غير مرضية.
أما إن كان ما أوصت به يزيد على ثلث ما تركت فإن ما زاد على الثلث يرد إلى عموم التركة ليقسم معها على جميع الورثة إلا إذا أجاز الورثة الزيادة عن الثلث وكانوا رشداء بالغين فلهم ذلك.
وما دامت وصيتها مستوفية لشروط الوصية فيجب العمل بها، ولا يجوز تغييرها بحجة حالة الورثة المادية؛ لقول الله تعالى: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {البقرة: 181} وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 23129.
هذا إذا كانت الوصية من مالها الخاص، أما إذا كانت أوصت أحد أولادها أن يعطي المبلغ المذكور من ماله للجامع أو لغيره ولم يعمل بوصيتها لأن حالته المادية لا تسمح بذلك فإنه لا حرج عليه إن شاء الله تعالى؛ كما قال الله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة: 286} وقوله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا {الطلاق: 7}
وعليه أن يدعو لها بالرحمة والمغفرة، وإذا تيسر حاله واستطاع أن ينفذ ما أوصته به فإن ذلك من تمام برها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1426(12/5998)
تبطل الوصية بموت الموصى له قبل الموصي
[السُّؤَالُ]
ـ[أوصى رجل بنسبة من تركته لامرأة من عائلته وبعد سنتين توفيت المرأة الموصى لها والرجل على قيد الحياة ولم يلغ الوصية وفي نفس الوقت لم يوص بتلك النسبة إلى آخر. وبعد فترة توفي هذا الرجل الموصي.
السؤال: ما مدى شرعية الوصية للمرأة التي توفيت قبل الرجل، هل تعتبر لاغية ولا أصل لها، أم توزع النسبة الموصى بها من الرجل على ورثة الموصى لها.
وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت المرأة الموصى لها قد توفيت قبل الموصي فإن الوصية تبطل، ولهذا ترجع الوصية إلى عموم تركة الميت الموصي لتقسم معها على ورثته الشرعيين ما لم يكن أوصى بها من جديد لشخص آخر أو جهة أخرى.
قال ابن رشد: كل وصية بطلت لعدم قبولها أو موت الموصى له قبل الموصي أو لغير ذلك فإنها ترجع ميراثا.
وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 23011.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1426(12/5999)
من شروط تنفيذ الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي تاركا أمي وأختي بالإضافة لي وقد راعيت الله وكنت بارا به بالشكل الذي اعتبره الكثيرون أمرا غير مألوف كما عاشت معه أمي لفترة بلغت 45 سنة بحلوها ومرها.
المشكلة أن أختي قامت بخلع زوجها ولديها منه طفلان وذلك بتشجيع مستمر من والدي وقد كان نتيجة لرفض والدتي ورفضي لهذا الخلع لعدم هدم البيت خاصة وأن زوج أختي لا يستحق ذلك.
هذا وقد فوجئنا بعد وفاة والدي بإظهار أختي لوصية من والدي تركها معها يوصي لأولادها فيها بثلث التركة علما بأن أولادها ميسورو الحال فلدى والدهم عزبة وثروة كبيرة.
وهذه الوصية بالطبع غير موثقة وكتبت قبل الوفاة بمدة أربعة أشهر كان والدي خلالها كبير السن (77 سنة) ومصابا بمرض الكبد وكان يعيش مع أختي في منزل آخر ليبعد عن والدتي وقد كانت تقوم دائما بالوقيعة بينه وبيني وكذلك أمي.
ما حكم الدين في عدم تطبيقنا للوصية فيما يتعلق بالثلث الخاص بالأولاد خاصة وأن الوصية غير موثقة ولا يوجد شهود عليها وتحتفظ بها أختي السابق توضيح موقفها.
شكرا جزيلا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الوصية التي أظهرت أختك لأبنائها من أبيك قد استوفت شروط الوصية التي تثبت بها شرعا من الإشهاد عليها أو من قول والدكم هذه وصيتي فنفذوها أو ما أشبه ذلك فإنها تعتبر وصية شرعية يجب تنفيذها لأنها وصية في حدود الثلث ولغير وارث.
وفي هذه الحالة لا تأثير لقصر المدة أو مرض والدكم ولو كان مرضه مرضا مخوفا على الوصية، لما رواه الإمام أحمد وابن ماجه وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم. حسنه الألباني وغيره. وكذلك لا تأثير لعدم تسجيلها في السجلات الرسمية لأن ذلك لمجرد التوثيق.
أما إذا كانت الوصية بخطه - وأحرى بخط غيره - ولم يشهد عليها ولم يقل أنفذوها أو ما أشبه ذلك فإنها لا تمضي ولا تنفذ، بل ترد إلى عموم التركة لتقسم معها على الورثة الشرعيين.
قال العلامة خليل المالكي في المختصر: وإن ثبت إن عقدها خطه أو قرأها ولم يشهد أو يقل أنفذوها لم تنفذ. وقال شراحه: إذا وجدت وثيقة مكتوبة بخط الميت وثبت عند الحاكم بالبينة الشرعية أنها خط الموصي والحال أنه لم يقل أنفذوها فإن ذلك لا يفيد ولم تنفذ بعد موته ولا يعمل بها لاحتمال رجوعه، ومثله إذا قرأها على الشهود ولم يقل أنفذوها ولم يشهد عليها.
وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتويين 5703، 47439.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1426(12/6000)
معنى حديث "لا وصية لوارث"
[السُّؤَالُ]
ـ[هل معنى الحديث أن لا وصية لوارث أنه لا يجب مطلقا الوصية للوارث أو انها فقط تكون في حدود الثلث ولا تزيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحديث الذي أشار إليه السائل أخرجه الإمام أحمد في المسند، وأصحاب السنن، وهو حديث مشهور بين أهل العلم حتى أصبح قاعدة معروفة.
ولفظه كما في الترمذي عن عمرو بن خارجة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب على ناقته فسمعته يقول: " إن الله أعطى كل ذي حق حقه، ولا وصية لوارث." قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
ومعنى الحديث كما جاء في شرح عون المعبود وغيره أن الله تعالى بين نصيب كل ذي حق في آية المواريث، وكانت الوصية قبل نزول آية المورايث واجبة للأقربين، وذلك بآية الوصية التي نسخت بآية المواريث عند كثير من أهل العلم.
وآية الوصية المنسوخة هي قوله تعالى: كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف وإنما تبطل الوصية للوارث في قول أكثر أهل العلم من أجل حقوق سائر الورثة، فإذا أجازوها جازت، كما إذا أجازوا الزيادة على الثلث للأجنبي جاز.
وذهب بعضبهم إلى أن الوصية للوارث لا تجوز وإن أجازها سائر الورثة لأن المنع إنما هو لحق الشرع.
والصحيح ما ذهب إليه الجمهور من أن الوصية لا تجوز للوارث، ولا في ما زاد على الثلث إلا إذا أجاز ذلك الورثة فتكون جائزة، وهذا بشرط أن يكون الورثة المجيزون لها بالغين عقلاء، قال العلامة المرداوي الحنبلي في الإنصاف: ولا يجوز لمن له وارث الوصية بزيادة على الثلث لأجنبي، ولا لوارثه بشيء إلا بإجازة الورثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6001)
شروط جواز الوصية للوارث
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرف أنه لا وصية لوارث أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن سؤالي هل لا يجور أن يوصى له في حدود الثلث لا يزيد أو لا يجوز أن يوصى له بتاتا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وجد سبب لميراث في شخص وتحققت شروطه وانتفت موانعه، فلا يجوز أن يوصى له ولو بأقل من الثلث لأنه وارث، وعلى هذا اتفاق المذاهب الأربعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. حديث صحيح رواه أحمد وأصحاب السنن والنسائي.
ولكن لو حدث أن إنساناً أوصى لوارث، فإن الوصية تنفذ إذا أجازها الورثة، وذلك باتفاق الأئمة الأربعة، ومنع نفاذها مطلقاً المزني من الشافعية والظاهرية، وأجازها الفقهاء بشرطين:
الأول: أن يكون المجيز من أهل التبرع - أي بالغاً عاقلاً غير محجور عليه لسفه أو عته أو مرض موت، وأن يكون عالماً بالموصى به.
الثاني: أن تكون الإجازة بعد موت الموصِي - على اختلاف في بعض التفاصيل -.
ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة. رواه الدارقطني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
وله عن ابن عباس رضي الله عنهما: لا تجوز وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة.
أما إن أجاز بعض الورثة وامتنع بعضهم فإن الوصية تنفذ في نصيب المجيز دون سواه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1423(12/6002)
الحالة التي تنفذ الوصية فيها للوارث
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي توفي قبل خمسة عشر عاما وله ستة من الأولاد وخمس من البنات عندما مات كان يوجد اثنين من اخوتي قد تزوجو وقد عمل ورقة بأرض من الأراضي التي يملكها وقال في الورقة إنها لتزويج الذين لم يتزوجوا وعددهم أربعة (القصر) وأن الذي يشارك من الكبار في حينه (الاثنان المتزوجان) يأخذ نصيبه كغيره
السؤال
هل يرث من هذه الأرض الاثنان الكبيران وهل يرث منها الذين كتبت لهم في حالة أن الاثنين الكبيرين قاما بتكاليف الزواج
وهل ترث هذه الأرض البنات (أخواتي)
أفتونا في أسرع وقت ممكن بارك فيكم حيث هناك مشاكل كبيرة على هذه الأرض ... ... ...
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر أن الذي تم هو أن أباكم قد أوصى بالأرض المذكورة لأبنائه الأربعة الصغار ليستعينوا بثمنها إذا أرادوا أن يتزوجوا على تكاليف الزواج، وبما أنهم وارثون له فإن الوصية باطلة، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث " رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وحسنه الأرناؤوط وقال الألباني: حسن صحيح، والحديث يدل على عدم جواز الوصية لوارث. ويستثنى منه ما إذا أجازها الورثة بشرط أن يكونوا بالغين رشداء.
وعلى هذا فإذا أجزتم كلكم ما أوصى به أبوكم فإن الأرض تقسم على إخوتكم الصغار، وإن أجاز البعض ولم يجز البعض الآخر نفذت الوصية من نصيب من أجاز، فإذا لم تجيزوا وصية أبيكم فإنها تضاف إلى بقية الميراث وتقسم التركة كاملة على جميع الورثة ذكوراً وإناثاً.. فإذا كنتم ستة ذكور وخمس إناث ولم يكن هناك وارث غيركم فللذكر مثل حظ الأنثيين كما جاء في كتاب الله.
وعلى هذا فمسألتكم من سبعة عشر.. لكل ذكر سهمان ولكل أنثى سهم واحد، وأما إذا أجزتم وصية أبيكم فإن بقية التركة تقسم على النحو الذي ذكرناه، وأما دفع الكبار أو بعضهم تكاليف الزواج لإخوانهم الصغار أو لبعضهم فلا أثر له في الحكم، لكن إذا كان ذلك على جهة التبرع والهبة من الأخ لأخيه فليس له أن يطالب به، وإن كان على سبيل القرض فمن حقه أن يطالب به إخوانه إذا حل أجل الوفاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1423(12/6003)
لا يحل للورثة عدم تنفيذ الوصية الموافقة للشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل وله ابن وابنة على قيد الحياة وله أحفاد، قام بكتابة وصية عبارة عن شقة لابن الابن وأخرى لابن البنت، والوصية فى حدود الثلث، وكان قد كتبها حبا لأحفاده إلا أن ابنه رفض تنفيذ الوصية لابن البنت. فما حكم الشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوصية لغير وارث بما لا يزيد على الثلث وصية صحيحة ماضية واجبة الإمضاء، وليس لأحد من الورثة ردها. جاء في الموسوعة الفقهية: والوصية تلزم بالقبول بعد الموت بغير رضاهم ... انتهى.
أي بغير رضا الورثة فتمضي ولو لم يرضوا، وتصير لازمة بمجرد موت الموصي إذا قبلها الموصى له سواء قبضها أو لم يقبضها.
جاء في الفقه الإسلامي للدكتور وهبة الزحيلي: ... فإن قبل الموصى له بعد موت الموصي، ثبت له ملك الموصى به، سواء قبضه أو لم يقبضه.. انتهى.
وإذا امتنع الورثة من إمضاء الوصية -لغير وارث وبما لا يزيد على الثلث- فهم آثمون، وللموصى له أن يرفع الأمر إلى المحكمة الشرعية، ويأخذ حقه بعد أن يقيم البينة على دعواه.
وأما إن كان الموصى به أكثر من الثلث، فإن لم يجزه الورثة فإن الذي يمضي منه هو الثلث، ويتحاص فيه الموصى لهم، كل بقدر نسبته من الوصية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(12/6004)
حكم الوصية للورثة بمقدار أنصبتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد راسلتكم من قبل وكان الرد بالفتوى رقم: 128070، وقد قال الشيخ أن لا وصية للورثة، ولكن هنا في أمريكا الوضع مختلف، فإن لم أكتب وصيتي فستوزع التركة بعد وفاتي حسب القانون الأمريكي وهي النصف للزوج والنصف الآخر للأولاد بالتساوي لا فرق إن كانوا أولادا أو بنات، بالإضافة إلى أن هناك جزءًا تأخذه الحكومة، لعدم كتابة الوصية، فأنا أريد أن أكتب وصيتي، لئلا يجازيني الله إن وزعت حسب القانون الأمريكي لذا فأنا أسأل: كيف أكتب وصيتي حسب الشرع الإسلامي؟.
وجزاكم الله كل خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان واقع الحال ما ذكرت من أن الدولة ستقسم تركتك على حسب القانون إن لم تتركي وصية فاكتبي وصية بأن تقسم تركتك على حسب الشريعة الإسلامية، فإن علمت أن الدولة لن تعمل بها إذا كانت على هذا النحو فأوصي بأن يكون لزوجك الربع والباقي بعد الربع بين من كان حياً من أبنائك وبناتك عند وفاتك - من الزوج السابق والزوج اللاحق- للذكر مثل حظ الأنثيين.
هذا إن لم يكن لك أب أو أم، فإن كانا موجودين أو أحدهما فأوصي بالسدس لمن كان حياً منهما عند وفاتك وتكون هذه وصية لوارث بمشاع بقدر حصته وقد أجازها بعض الفقهاء، قال ابن عثيمين في الشرح الممتع: لو أوصى لكل وارث بمقدار حقه، كأن يكون له أربعة أبناء وقال: أوصيت لكل واحد بالربع، فإنه يجوز، لأنه ليس في هذا ظلم لأحد. انتهى.
وعند الشافعية: ولا تصح الوصية لوارث بقدر حصته، لأنه يستحقه بلا وصية.
كذا في فتح الوهاب لزكريا الأنصاري.
ونرى أنها تصح هنا للحاجة إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(12/6005)
الوصية لغير وارث- بشروطها الشرعية -واجبة التنفيذ ولا يجوز تبديلها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى رجل وترك مالاً وله ثلاثة أولاد وثلاث بنات وثلاث أخوات.
وقام بوصية كالآتي: ترث الزوجة الثمن وترث واحدة فقط من أخواته العشر، ثم يتم تقسيم باقي المال حسب الشريعة الإسلامية، فقمت أنا -أحد الأبناء- بالاتصال باثنتين من عماتي وأخبرتهن أن والدي قد ترك لهن مالاً ولم أخبرهما أنه قد ترك لواحدة دون الأخريات، وعزمت على إعطاء العشر إلي اثنتين منهما حتي لا تكرهه التي لم يوص لها بشيء، حيث إنهما تسكنان في مكان واحد، والاثنتان حالتهما المادية متوسطة، ولكن الثالثة التي لم يوص أبي لها بشيء حالتها ميسورة وتسكن في مكان مختلف، فهل ما فعلته أنا خطأ، حيث إنه مخالف لوصية أبي؟ لأن عماتي تسكنان في مكان لا أستطيع أن أصل إليهما ولا يوجد أحد يمكنه الوصول إليهما وهما قد تجاوزتا الثمانين من العمر، فماذا أفعل لإعطائهما مالهما؟ وقد توفي أبي منذ ثلاث سنوات ولا أستطيع إرسال نقودهما إليهما، وقد قمت بإعطاء أخواتي ميراثهن وبقي جزء لهن، حيث إنه قبل أن يتوفي والدي أنفقت المال لأنه لم يكن لي مصدر رزق وقمت بسداده مباشرة بعد أن توفي، أي أنني أنفقته في حياته وأثناء مرضه الذي دام لخمس سنوات وأعطيته لورثته بعد أن توفي، فهل علي من شيء سوى ما تبقى لهن؟ وعلى فرض أنني لم أستطع تأدية ما بقي لهن علي، فهل علي إثم؟.
وأعتذر للإطالة، ولكن الموضوع يؤرقني منذ ثلاث سنوات، وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجوابنا يتلخص فيما يلي:
أولاً: الزوجة ترث الثمن إن مات زوجها وله ولد بفرض الله تعالى، فهي تأخذ الثمن من التركة إرثاً بحكم الله تعالى، لكن إن أوصى لها الزوج بالثمن أيضاً زائدا على نصيبها من الميراث فهي وصية لوارث لا تمضي إلا بإذن الورثة، فقد نص الفقهاء على أن من أوصى لوارث بنصيبه فإن الوصية تصح وتوقف على إذن الورثة، قال الشربيني الشافعي في مغني المحتاج: لو أوصى لبعضهم بقدر حصته كأن أوصى لأحد بنيه الثلاثة بثلث ماله فإنه يصح ويتوقف على الإجازة، فإن أجيز أخذه وقسم الباقي بينهم بالسوية. انتهى.
فالوصية للوارث إذا لا تمضي إلا إذا رضي الورثة بإمضائها، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 121878.
ثانياً: وأما وصية والدك بأن ترث إحدى أخواته العشر، فأخته لا ترث مع وجود ابن له وهي محجوبة حجب حرمان، ويكون قوله ذلك وصية لأخته، وهي وصية واجبة التنفيذ، لأنها وصية لغير وارث بما لا يزيد على الثلث.
ثالثاً: قسمة الموصى به بين العمتين بدل إعطائه للعمة الموصى لها، يعتبر من تبديل الوصية، وتبديلها محرم لقوله تعالى: فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {البقرة:181} .
قال ابن كثير ـ رحمه الله: فمن بدل الوصية وحرفها فغير حكمها وزاد فيها أو نقص - ويدخل في ذلك الكتمان لها بطريق الأولى- فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ. انتهى.
ووصية والدك لبعض أخواته دون بعض ليست وصية جائرة حتى يقال بجواز تبديلها، فهو لم يترك بتلك الوصية أمراً واجباً، ولا يجب عليه العدل بين أخواته في الوصية أو العطية والهبة فلا يجوز لك ـ أخي ـ تبديل وصية والدك، ويلزمك أن ترد الحق إلى أهله.
رابعاً: يجب عليك إيصال المال إلى عمتك الموصى لها، فإن عجزت فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ويبقى المال محفوظاً إلى أن يتيسر إيصاله لها، فإن ماتت قبل أن تستلمه يعطى لورثتها.
خامساً: إنفاقك المال في حياة أبيك إن كان بغير رضاه فهذا لا يجوز، وعليك أن تتوب إلى الله منه، وما دمت رددت المال إلى الورثة فقد فعلت الواجب عليك، وكذا لا يجوز لأحد الورثة أن يتصرف في التركة بدون إذن بقية الورثة، فإن فعل فهو آثم وضامن يلزمه أن يدفع للورثة نصيبهم الشرعي، فإن كنت قد تصرفت في المال من غير أن تستأذن إخوتك وأخواتك فأنت آثم ويلزمك دفع ما بقي في ذمتك إلا إذا تنازلوا لك عنه وكانوا بالغين رشداء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1430(12/6006)
الوصية للورثة وقسمة المال بينهم حال الصحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة مقيمة في أميركا ولدي بعض المال وأريد أن أكتب وصيتي حسب الشرع، فأنا متزوجة وعندي ولد وبنت من زواج سابق، وولد من زوجي الحالي، وأود أن أعرف كيف يتم توزيع ذلك؟ وما هي النسبة الصحيحة لزوجي؟ خصوصا أنه لا يريد أن أوصي لأولادي من زواجي السابق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوصية المشروعة قد بيناها في الفتوى رقم: 30907، ولا تشرع الوصية للورثة ولو قسم الإنسان ماله بين ورثته بالعدل حال صحته دون قصد لحرمان أحد من الورثة وتم الحوز، فإن ذلك هبة جائزة ونافذة.
وأما الوصية لبعض الورثة فهي ممنوعة ولا تنفذ إلا إذا أجازها الورثة، لما في حديث البيهقي: لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة.
وراجعي الفتوى رقم: 32364.
وليس لزوجك ولا لغيره الاعتراض على حق ولديك في الإرث الشرعي، وهذا لا يحتاج إلى وصية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1430(12/6007)
حكم وصية الفقير
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة بسيطة أعيش مع زوجي وطفلي على مرتب زوجي الشهري الذي لا يكاد يكفينا لآخر الشهر، وأريد أن أكتب وصيتي وأنا أملك قليلا من الذهب، فهل يحق لي أن أوصي به أو بجزء منه لأعمال الخير؟ أم الأفضل أن أتركه لزوجي؟ لأنه بحاجته، وأريد أن أعلم كيفية كتابة الوصية؟.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل لك أن تتركي الذهب لورثتك ما دام حالهم كما ذكرت وما دمت لا تملكين كثيرا من الذهب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ ـ رضي الله عنه: إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ. متفق عليه.
والوصية إنما تستحب في حق من عنده مال كثير فيستحب له أن يوصي، وأما من كان عنده مال قليل فلا تستحب له، قال ابن قدامة في المغني: وَأَمَّا الْفَقِيرُ الَّذِي لَهُ وَرَثَةٌ مُحْتَاجُونَ، فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُوصِيَ، لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ فِي الْوَصِيَّةِ: إنْ تَرَكَ خَيْرًا.
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَعْدٍ: إنَّك أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَك أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ. وَقَالَ: ابْدَأْ بِنَفْسِك، ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ.
وَقَالَ عَلِيٌّ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ لِرَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يُوصِيَ: إنَّك لَنْ تَدَعَ طَائِلًا، إنَّمَا تَرَكْت شَيْئًا يَسِيرًا، فَدَعْهُ لِوَرَثَتِكَ. هـ.
وإذا تركت الأخت مالها لورثتها المحتاجين فستؤجر على ذلك ـ إن شاء الله ـ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما منعه من الوصية بأكثر من الثلث: وَإِنَّك مَهْمَا أَنْفَقْت مِنْ نَفَقَة فَإِنَّهَا صَدَقَة.هـ.
قال الحافظ في الفتح: وَهُوَ عِلَّة لِلنَّهْيِ عَنْ الْوَصِيَّة بِأَكْثَر مِنْ الثُّلُث، كَأَنَّهُ قِيلَ لَا تَفْعَل، لِأَنَّك إِنْ مُتّ تَرَكْت وَرَثَتك أَغْنِيَاء وَإِنْ عِشْت تَصَدَّقْت وَأَنْفَقْت فَالْأَجْر حَاصِل لَك فِي الْحَالَيْنِ.هـ.
وانظري الفتوى رقم: 112505، بعنوان، هل التركة تعد من الصدقة الجارية؟.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1430(12/6008)
الوصية للوارث وحكم الوقف المعلق بالموت
[السُّؤَالُ]
ـ[الوالد متوفى، وتوفيت أمي قبل خمس سنوات عن خمس بنات، ولأمي أختان وأخ, وتركت ذهباً ومالاً وبيتاً وتم توزيع المال حسب النصاب الشرعي، وفى الذهب كانت أمي قد أخبرت أخواتها أن الذهب لبناتي لكنها لم تقم بتوزيعه فى حياتها فتم توزيع الذهب على البنات الخمسة بعد الوفاة ولم يعترض أحد من الأخوال ليس من باب إجازة الوصية بل ما هو مشهور من أن الذهب للبنات، علماً بأن هناك اثنين من أخوالي وقتها كانا فى حاجة للمال وما زالا لكن بعد أن علمنا أنه لا وصية لوارث خفنا على أنفسنا وعلى أمي فقررنا إعادة توزيع الذهب أو قيمته بين كل الورثة حسب النصاب الشرعي ورد نصيب أخوالي. فهل ما نود فعله صوابا أم لا حاجة له وأن الأمر قد انتهى؟ وفيما يتعلق بالبيت أخبرت أمي فى مرض وفاتها إحدى أخواتها أن البيت لبناتي فقمنا بكتابة عقد بيع بعد الوفاة بتاريخ سابق لوفاتها بتوكيل بيع فيه البيت لنا نحن البنات الخمسة وبمعرفة خالتي التي كانت تعرف بالأمر والتي قالت فى وقت لاحق لا أريد منكم شيئا لكن اعطوا أختى وأخي نصيبهم فهم فى حاجة. والآن على هذا النحو تعتبر هذه وصية لوارث فلا تصح أيضا كما هو فى حال الذهب إلا باسترضاء الورثة أو رد أنصبتهم إليهم، وماذا لو كانت أمي اشترطت أن البيت لبناتي ولكن لا يباع ولم نعرف نيتها فى قولها لا يباع هل قصدت به أن يكون وقفاً، فإن قصدت الوقف فهل لا يرث أخوالى وننتفع نحن الخمسة به دون أن نبيعه؟ وماذا لو بعناه مع كونه وقفاً هل نرد لأخوالي نصيبهم وهل نأثم فى هذه الحالة لبيعنا إياه؟ والتفسير الآخر لقولها لا يباع وهذا ما نرجحه لاعتقادنا أنها لم تقصد الوقف هو ألا يباع إلا باتفاقنا نحن البنات الخمسة لخشيتها من زوج أحد أخواتي أن يضغط على أختنا لتبيع دون اتفاقنا ويأخذ مالها وبالتالي إن صح التفسير الأخير لقولها لا يباع فهل تعد وصية لوارث ولا تصح ويفسد البيع لأنفسنا وعلينا رد الميراث لأخوالي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جميع ما تركت أمكم من مال وذهب وبيت وحتى مقتنياتها الشخصية يعتبر تركة، وعليكم أن تقسموه على كل الورثة حسب ما جاء في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإذا كان ورثتها محصورين فيمن ذكر في السؤال وهم بناتها وأختاها وأخوها فإن تركتها تقسم على النحو التالي: للبنات الثلثان فرضاً لقول الله تعالى، فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ. {النساء:11} . وللإخوة الثلث الباقي تعصيباً يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين لقول الله تعالى: وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ. {النساء:176} .
وأما ما كانت تقوله أمكم في حياتها عن الذهب والبيت وأنهما يخصان البنات بعد وفاتها فإنه لا اعتبار له لأنه بمنزلة الوصية للوارث، والوصية للوارث لا تصح إلا إذا أجازها بقية الورثة برضاهم وطيب أنفسهم وكانوا أهلاً لنفاذ التصرف المالي بالرشد والبلوغ، فقد روى الإمام أحمد وأصحاب السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. وفي رواية: إلا أن يشاء الورثة.
ولا يصح أن يكون إخبارها في مرض موتها أن البيت لبناتها وقفاً لأن الوقف إذا كان في مرض مخوف أو معلقاً بالموت فهو في حكم الوصية، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 74508 وما أحيل عليها فيها. وعليه فإن عليكم أن تعطوا إخوة أمكم حقهم من الذهب ومن البيت. إلا إذا تنازلوا لكم عن نصيبهم برضاهم وطيب أنفسهم وكانوا رشداء بالغين، كما ننبه السائلة الكريمة أن التزوير وتغيير المستندات.. حرام فلا يجوز للمسلم كتابة العقود وتغيير التاريخ لما في ذلك من الكذب والغش والخيانة والخديعة وكل ذلك حرام شرعاً، وللمزيد من الفائدة والأدلة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32875، 52340، 50981، 112996 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1430(12/6009)
إذا أوصت المرأة أن يعطى ذهبها لابنتها فهل تجاز الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت جدتي وتركت حليا ذهبية كانت تستعملها للزينة.هل تعتبر هذه الحلي إرثا يجب توزيعه أم يعود لابنتها علما أنه في آخر حياتها كانت تقول إن الذهب لها بعد وفاتها؟ وإن كان إرثا فما نصيب كل فرد علما أنها تركت بنتا وأختا لأب وأخوين لأب؟ المرجو الإسراع بالإجابة نظرا لحساسية الموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذهب التي تركت جدتك يعتبر تركة كغيره من ممتلكاتها ومقتنياتها الشخصية فيقسم على جميع ورثتها الشرعيين كل حسب نصيبه المقدر له في كتاب الله تعالى.
ومجرد قولها في آخر حياتها إن الذهب خاص بالبنت بعد وفاتها لا اعتبار له لأنه لم يكن هبة ناجزة مستوفية لشروطها، ولا يصح أن يكون وصية لأنه لا وصية لوارث، فلذلك لا يحق للبنت الاستبداد به دون غيرها إلا إذا سمح لها بذلك بقية الورثة بطيب أنفسهم وكانوا رشداء بالغين.
ولذلك فإذا كان ورثة جدتك محصورين في من ذكرت فإن لبنتها النصف فرضا لقول الله تعالى: وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ. {النساء:11} . وما بقي بعد فرض البنت فهو للإخوة تعصيبا يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين لقول الله تعالى: وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ. {النساء:176} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(12/6010)
مسألة في الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية:
-للميت ورثة من الرجال: ابن العدد 6
-للميت ورثة من النساء: بنت العدد 1
- معلومات عن ديون على الميت: ديون.
- إضافات أخرى:
المتوفى كتب لثلاثة إخوة فدانا من الأرض والبيت، وكان اقترض من البنك على الفدان والورثة كلهم يسددون القرض الذي على الأرض.
ملحوظة: المتوفى مات منذ 9 سنين ولم توزع التركة إلى الآن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود بقولك: قرض على الفدان ... أن الميت عليه دين للبنك، فإن الدين يخصم من التركة قبل توزيعها على الورثة لأن الدين مقدم على الوصية كما بيناه في الفتوى رقم: 6159.
وإذا كان أصل الدين قرضا ربويا، فالواجب هو رد رأس المال فقط دون الفوائد المحرمة. قال تعالى: وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ. {البقرة:279} .
وبعد قضاء الدين ينظر في الفدان والبيت اللذين أوصى بهما، فإن كان السائل يعني بقوله: ... كتب إلى ثلاثة إخوة ... أي إلى ثلاثة من أبناء الميت وليس إخوانه - لأنه لم يذكر أن للميت إخوانا – فالوصية للأبناء لا تصح لكونها وصية لوارث ولا تمضي إلا إذا رضي الورثة بإمضائها كما في الفتوى رقم: 123805.
وإن كان يعني بهم إخوان الميت، فإن كان الموصى به – البيت والفدادين الثلاثة - لا يزيدان على ثلث التركة فالوصية نافذة لأنها وصية لغير وارث بما لا تزيد على الثلث, وإن كانا فوق الثلث لم يمض منها إلا مقدار الثلث, فيعطى الإخوة من البيت والفدان مقدار ثلث التركة فقط , ويكون ذلك الثلث بينهم بالسوية.
وإن كان المتوفى قد مات عمن ذكروا في السؤال فإن تركته لأبنائه وبنته – تعصيبا – للذكر مثل حظ الأنثيين لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. {النساء: 11} . فتقسم التركة على 13 سهما , لكل ابن سهمان , وللبنت سهم واحد.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1430(12/6011)
حكم تنفيذ وصية الأب لأبنائه بعدم دفنه مع أخيه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للأب أن يوصى أبناءه بأن لا يدفن مع أخيه؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هناك مانع شرعي من أن يوصي الشخص بعدم دفنه في مكان معين أو بجوار شخص معين، ولذلك فوصية الأب أوغيره أبناءه بعدم دفنه مع أخيه لا حرج فيها ولا مانع من تنفيذها، لأنها من الجائز والطاعة بالمعروف، وخاصة إذا كان الحامل عليها معرفته بعدم استقامة أخيه أو ما أشبه ذلك، والوصية تتناولها أحكام الشرع الخمسة- كما قال أهل العلم- فيجب تنفيذها في الواجب، ويحرم في المحرم، جاء في بلغة السالك وهو مالكي المذهب بعد ذكر هذه الأقسام: ثُمَّ إنَّ إنْفَاذَ مَا عَدَا الْمُحَرَّمَ مَأْمُورٌ بِهِ.
ولذلك فإذا لم يترتب على هذه الوصية ضررأو شحناء وقطيعة رحم بين الأحياء، فإنها يجوز تنفيذها.
وللمزيد من الفائدة عن الوصية وما لا يلزم تنفيذه منها، انظر الفتويين رقم: 109294، 49313.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1430(12/6012)
إذا زوج الأب بعض أبنائه فهل يلزمه أن يوصي لزواج الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للأب أن يوصي لأحد الأبناء بشيء من تركته بعد وفاته، مقابل أنه قد أنفق على زواج أحد أبنائه في حياته؟ وإن كان لا يجوز فكيف لنا أن نكفر عن الأب ذلك بعد أن توفاه الله؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح أن يوصي الأب بشيء من تركته لأحد ورثته، ولو بحجة أنه قد آثر عليه في حياته غيره من الورثة ممن كان له سبب إيثار، وهذه وصية لوارث وهي ممنوعة شرعا، لما رواه أهل السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث.
وإذا أوصى الأب بذلك فإن الوصية لا تمضي إلا إذا رضي الورثة بإمضائها، ويشترط لرضا الوارث أن يكون بالغا رشيدا، فلا عبرة برضا الصغير والمجنون، وطريقة التكفير عن خطإ الوالد إذا أوصى لأحد ورثته هو برد الوصية، وإعطاء كل ذي حق حقه. واعلمي أنه يجوز للوالد أن ينفق على زواج ولده إذا كان محتاجا، ولا يلزمه أن يوصي بمثل ذلك لبقية أولاده الذين لم يتزوجوا.
قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى: ولهذا من الخطإ الفادح والجهل الفاضح أن بعض الناس إذا زوج أولاده الكبارالذين لا يستطيعون الزواج لأنفسهم وله أولاد صغار أوصى لأولاده الصغار بقدر ما أعطى الكبار للنكاح، وهذا غلط حتى لو مات فالوصية لا تنفذ وما وصى به للصغار يدخل في التركة ويقسم على فرائض الله.انتهى. من لقاء الباب المفتوح. وقال أيضا: وكذا لو احتاج أحد الأبناء إلى زواج فزوجه فإنه لا يلزمه أن يعطي الآخرين مثل ما أعطى هذا لزواجه، ولكن يجب عليه إذا بلغ الآخرون سن الزواج وأرادوا أن يتزوجوا أن يزوجهم كما زوج الأول، وبهذه المناسبة أشير إلى مسألة يفعلها بعض الناس وهي: أنه يكون له أولاد بلغوا سن الزواج فيزوجهم ويكون له أولاد صغار ولم يبلغوا سن الزواج فيوصي لهم بعد الموت بمقدار ما أعطى إخوتهم فإن هذه الوصية حرام وباطلة.اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1430(12/6013)
لا تجوز الوصية بأكثر من ثلث التركة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل صاحب مال، ولي أولاد قمت بتربيتهم، وهم في أحسن حال، وفي مراكز مرموقة في بلدي، ولكنني أمضيت عمري كله في المعاصي، والآن أنا محال للتقاعد، وأريد أن أوصي بتوزيع تركتي بالكامل بكل ما فيها من عقارات، وأموال سائلة، وودائع، ومدخرات، إلى الجمعيات الشرعية، لتوزيعها على المحتاجين، أملاً في أن يغفر الله لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر، دون إعطاء ورثتي أي شيء من مالي. فما حكم الشرع في حرمان أولادي وزوجتي من الميراث، حيث إنهم يعيشون حياة طيبة، وأخشى عليهم من فتنة المال من بعدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح لك أخي السائل أن توصي بأكثر من ثلث تركتك بعد موتك ـ فضلا عن كل التركة ـ حتى وإن كان ورثتك أغنياء، لما ثبت في الصحيحين أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أراد أن يوصي بشطر ماله فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: ... الثلث والثلث كثير أو كبير.. .
وإن أوصيت بأكثر من الثلث فإن الوصية تمضي في الثلث فقط، ولا تمضي بما يزيد عن الثلث إلا إذا رضي الورثة بذلك، وكانوا بالغين رشداء.
قال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أن الوصية لغير الوارث تلزم في الثلث من غير إجازة، وما زاد على الثلث يقف على إجازتهم، فإن أجازوه جاز، وإن ردوه بطل في قول جميع العلماء. والأصل في ذلك، قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد حين قال أوصي بمالي كله، قال: لا، قال: فبالثلثين؟ قال: لا، قال: فبالنصف؟ قال: لا، قال: فبالثلث، قال: الثلث والثلث كثير؟ قال: وقوله عليه السلام إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند مماتكم. يدل على أنه لا شيء له في الزائد عليه..... انتهى.
والوصية بأكثر من الثلث يعتبر أمرا محرما لأنه من الإضرار في الوصية كما بيناه في الفتوى رقم: 66519.
ومغفرة الذنوب لا تكون بحرمان الورثة من الميراث، وإذا أردت أن يغفر الله لك فعليك بتحقيق التوبة بشروطها، وهي الندم على الذنب، وتركه فورا، والعزم على عدم العودة، وإن كان الذنب يتعلق بحق آدمي فرد الحق إليه أو استسمحه، فإذا فعلت ذلك فأبشر برحمة الله ومغفرته، وقد قال سبحانه وتعالى في حق التائبين: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. {الزمر:53} . وانظر للفائدة الفتوى رقم: 19503.
وعليك أن تعلم أن هذا المال مالك اليوم، وغدا مال وارث، فقدم منه بين يديك، أنفق منه وأنت حي، ابن المساجد واحفر الآبار، وأطعم الجياع، قدمه أمامك قبل أن تتركه وراءك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1430(12/6014)
كيفية التصرف في مال الموصى عليه حيا أو ميتا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لي أخ غير عاقل، وأنا الوصي الشرعي عليه وله مال، كيف أتصرف له في ماله؟ ـ ولاقدر الله ـ لو مات قبلي، فماذا أفعل بماله؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الأخ مازال حيا، فيتعين أن تتصرف في ماله بالتدبير الحسن فيه، وأن تنفق عليه منه.
وأما إذا كان قد توفي، فإن ما تركه من المال يعتبر تركة تقسم بين ورثته، فإذا لم يكن له وارث غيرك فإن ماله يعتبر ملكا لك، وإن كان معك إخوة آخرون أو أم فيعطى لكل منهم ميراثه حسب التقسيم الشرعي.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1430(12/6015)
وصية المسلم للكافر جائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل بالبرازيل، وعنده زوجة نصرانية، وبنات لا يعرف دينهن لبعد المسافة وعدم وجود أحد نعرفه بالمنطقة التي هن فيها، وكان الرجل قد أوصى بإيصال ميراثه لزوجته وبناته. فما تقولون هل نوصل الميراث أم ماذا نفعل به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزوجة النصرانية لا ترث زوجها المسلم لما في الحديث: لا يرث الكافر المسلم. رواه البخاري ومسلم.
وأما الأولاد فالأصل أنهم يتبعون أباهم في الدين باتفاق الأئمة الأربعة، فإن لم يثبت ما يوجب شركهم أو ردتهم، فالأصل أنهم مسلمون ولو كانوا مقصرين في الطاعات.
وبناء عليه، فإن لهم الحق في ميراثهم من الأب هذا إذا كان الأب أوصى بأن يعطى لعياله ميراثهم، وأما إذا كان أوصى لهم بالمال، فإن الوصية للكافر جائزة وتنفذ، فقد أوصت أم المؤمنين صفية بنت حي رضي الله عنها لبعض أقاربها من اليهود.
وعليه، فإنه يشرع أن يوصي لزوجته النصرانية بشيء من المال.
وللفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 109881، 20265، 51893.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1430(12/6016)
يجب سداد ديون الميت التي أقر بها في وصيته
[السُّؤَالُ]
ـ[وصى والدي وصية يقول فيه أنا يا محمد إني أكيد أخطئت على نفسي وأستغفر الله وأتوب إليه، وإني أقول بصحة عقل وبحضور قلبي: أن عندي وفي ذمتي أمانة هي صداق ابنتي، وأنني حافظها لها، وهي تقول: احفظها لي وهى 50000 ريال. وإن لزوجتي أم عيالي في البيت 35000 ريال. وإن والدتي لها ثلث وهو 20ألف ريال. وأن ولدي الكبير وهو وكيل على إخوته وكيل على ثلثي، وأنه وكيل على ثلث جدته المذكور وهو 20 ألف. وهذا لمن يشهد، والله خير الشاهدين
سؤالي: هل هذه الوصية يعمل بها، علمنا بأن والدي رحمه الله لم يوقع عليها، ولم يبصم، وكاتب الوصية توفي رحمه الله، وهي مكتوبة في ورقة عادية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اعتراف الميت بدين عليه وأمانه عنده في حال وعيه يعتبر إقرارا منه بذلك الحق لأهله، فإذا وصى بأن لديه حقا لأمه أو زوجه أو بنته فيجب العمل بمضمون ذلك.
وننصح بالرجوع للمحاكم الشرعية للنظر في ملابسات الأمر وثبوت الوصية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1430(12/6017)
أوصى بثلث ماله لبناء مسجد ورباط، والباقي يصرف في طريق البر وبنى مسجدا قبل موته
[السُّؤَالُ]
ـ[أوصى رجل في وصية لدى كاتب العدل بأن يكون ثلث ماله بعد وفاته لبناء مسجد ورباط، والباقي يصرف في طريق البر والخيرات، وقد قام ببناء المسجد حال حياته، ثم توفي بعد إتمام بناء المسجد ولم يغير وصيته. فهل يخصم ما صرفه في بناء المسجد من ثلث الوصية أم يجنب الثلث كاملاً لبناء الرباط وصرف المتبقي في طريق البر والخيرات؟ أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الظاهر -والله أعلم- أن هذا الرجل أراد الوصية بثلث ماله، وقد ذكرتم أنه لم يغير وصيته، وينبغي النظر في كلامه هل أراد بالوصية المسجلة بناء مسجد معين أم لم يرد مسجدا معينا، فإن كان أراد بناء مسجد معين وقد بنى هو المسجد المعين في حياته فينبغي صرف الوصية في بناء الرباط ويصرف ما بقي في أعمال الخير.
وأما إن لم يكن عين المسجد فينبغي بناء مسجد من الوصية إضافة للرباط، ويصرف ما بقي في أعمال الخير. وينبغي الرجوع للمحاكم الشرعية للنظر في ملابسات الموضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1430(12/6018)
الوصية تمضي في حدود الثلث ولو لم يرض الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى رجل وترك ثمانية قراريط ونصف، وأوصى بإقامة مندرة عامة، وقام واحد من الورثة بإقامة هذه المندرة العامة، ويرفض باقي الورثة أن يساهموا من أنصبتهم من التركة، والوريث الذي بنى هذه المندرة مصمم على أخذ الأموال التي دفعها من التركة قبل التقسيم الشرعى. فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي علمناه أن المندرة العامة يقصد بها مجلس عام يستغله الناس في مناسباتهم، واستقبال الضيوف، ونحو ذلك، فإذا كان هذا هو الواقع فهذه الوصية صحيحة ماضية، إلا أنها لا تمضي إلا في حدود الثلث، فيؤخذ ثلث التركة قبل قسمتها -ولو لم يرض الورثة- ويبنى به ذلك المجلس، ومن المعلوم أن الوصية مقدمة شرعا على حق الورثة في المال؛ لقول الله تعالى في نصيب الورثة: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ. {النساء:11} .
فلا يجوز للورثة أن يعترضوا على نفاذ الوصية بحجة أن التركة نصيبهم، ونصيبهم إنما هم ما فضل بعد الوصية وليس قبلها، وإذا كانت قيمة بناء المجلس أو شرائه تزيد على الثلث، فإن ما زاد على الثلث لا يؤخذ إلا برضا الورثة، وإن رضي بعضهم وأبى آخرون تمضي الزيادة في نصيب من رضي، ويأخذ من أبى نصيبه من التركة كاملا بعد الثلث، وانظر الفتوى رقم: 119407. عن حكم امتناع الوارث عن إخراج الوصية لحاجته للمال.
ومن هذا تعلم أن الورثة مخطئون في رفضهم لتنفيذ الوصية، اللهم إلا أن يكون الشخص الذي قام بالتنفيذ قد حابى نفسه في تقويم ما صرفه على هذه المندرة، فإن من حقهم في هذه الحالة أن يمتنعوا عن دفع قدر المحاباة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1430(12/6019)
حكم العطايا التي تكون في المرض المخوف
[السُّؤَالُ]
ـ[يسأل عن أن جدته وهي في الـ 70 من عمرها مرضت، ولكن وهي في كامل قواها العقلية والدراية طلبت منه أن يبيع لها جزءا من ذهب تملكه بما يعادل أربعة آلاف جنيه، وأن يوضع هذا المال بالمسجد، وطلبت أن يوزع باقي الذهب هذا على كل نساء البيت وهو يعادل ثلاثين ألف جنيه. كما أنها كانت تملك 7 قراريط أرض زراعية أوصت أن تكون للإخوة الأشقاء لها كميراث وذلك دون الذهب وتوفيت بعد ذلك. فما الحكم فيما فعلته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان مرض جدته مرضا مخوفاـ ولو كانت في كامل قواها العقلية ـ فإن ما أمرت به من بيع بعض الذهب والتصدق بثمنه، وهبة بعضه وكذا القراريط لأخواتها بمثل نصيب وارث كل هذا يأخذ حكم الوصية، كما قال ابن قدامه في المغنى: وحكم العطايا في مرض الموت حكم الوصية. انتهى.
هذا إذا أوصت أن ينفذ ذلك في حياتها، وأما إذا أوصت أن ينفذ بعد مماتها فهذه وصية في حقيقتها، وفي كلا الحالين لا يمضي ما أوصت به إلا في حدود الثلث ولغير وارث، فيؤخذ ما أوصت به من الذهب والقراريط جميعا بما لا يزيد على ثلث التركة فيصرف الذهب في الصدقة للمسجد، والهبة للنساء بشرط أن يكن غير وارثات، وكذا القراريط لإخوتها بشرط أن يكونوا غير وارثين ـ أن يكونوا محجوبين حجب حرمان ـ ومن كان من النساء والإخوة وارثا فإنه لا يأخذ شيئا من الوصية، لأن الوصية للوارث ممنوعة شرعا ولا تمضي إلا برضا الورثة، وبشرط أن يكون الورثة بالغين عقلاء.
وإن زاد ما أوصت به من الذهب ومن القراريط على الثلث فإنه يؤخذ ثلث الذهب وثلث القراريط، ويصرف فيما أوصت به على ما ذكرنا.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1430(12/6020)
تنازل الأب عن بعض ما يملك لبعض أولاده دون بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[ترك أبي تنازلا عن ثلث أرضية منزله، والشقة التي كانت أمي المتوفاة تعيش فيها لي أنا، وأختي. مع العلم أن أبي كان متزوجا بأخرى وله منها ابنتان، وله ثلاثة أشقاء وأختان. فهل ما تركه لنا صحيح شرعا أم لا يعترف بهذا التنازل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتنازل والدكم عن بعض ما يملك لكم دون بقية بناته يعتبر تنازلا لاغيا لا عبرة به، سواء تنازل عنه في حياته أو كان تنازله على سبيل الوصية لكم بعد مماته، فإن كان تنازله في حياته حال صحته فلا عبرة به لكونه لم يعدل في عطيته لأولاده، والعدل في العطية للأولاد واجب على الصحيح من أقوال الفقهاء كما فصلناه في الفتاوى الآتية أرقامها: 107832، 120366، 103527. وإن كان تنازله على سبيل الوصية لكم بعد مماته فهي وصية لوارث وهي ممنوعة شرعا، ولا تمضي لا بالثلث ولا بأقل إلا برضا بقية الورثة البالغين الرشداء، فإن لم يرضوا أو كان فيهم من هو قاصر أو سفيه فترد الوصية جميعها فيما إذا لم يرضوا، ويرد نصيب السفيه والصغير فيما إذا رضي الرشداء، وقد فصلنا الأمر في الفتويين رقم: 120754، 121878.
وإننا ننصح الاخت السائلة بعد الوصية بتقوى الله تعالى أن تصحح الخطأ الذي فعله أبوها وترد هي وأختها ما تنازل عنه والدها إلى التركة، وتقسمونه على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ووصية الله تعالى الحكم العدل أولى من وصية أبيكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1430(12/6021)
الوصية للوراث ولو بأقل من الثلث لا تمضي إلا إذا رضي الورثة بإمضائها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفت جدتي -رحمها الله- وتركت بيتا وذهباً، وجرى توزيعها حسب الشرع على الورثة جميعا، وتركت جدتي قبل موتها لأمي مبلغا وقدره ألف وخمسمائة دينار، وقالت لأمي هذا المبلغ هو هبة مني لابني الأصغر لا تعطيه إياه إلاّ في وقت عرسه، ثم توفت جدتي- رحمها الله- والآن قد مضى على وفاتها رحمها الله حوالي عشر سنوات والمبلغ بحوزة أمي، وخالي هذا قد بلغ سن ثلاثة وأربعين سنة ولم نفلح في إقناعه بالزواج، وظروفه المادية كالآتي: لديه ذهب العرس كاملا، ومصاريف العرس كذلك يمكن تدبيرها، ولكن المشكلة أنه ليس لديه سكن فهو مقيم مع أخيه المتزوج في نفس البيت مما صعب إمكانية الحصول على بيت له يتزوج فيه، وخفنا لو أننا أعطيناه المبلغ أن يضيع دون الاستفادة منه، حيث إننا نعلم أن المبلغ حتما هو ضائع دون فائدة لو أعطيناه إياه قبل الزواج، ونرى بأن الرجل قارب على تعدي سن الزواج إن لم يكن تعداها بالفعل، فنحن طامعون في أن يساعده هذا المبلغ لو أن الله سهل له الزواج ونكون بذلك قد أدّينا أمانة جدتي رحمها الله.
خفت أيضا أني لو شغلت له المبلغ أن نخسر فيضيع علينا وعليه وهكذا، فنحن في حيرة من أمرنا.
والسؤال: كيف نتصرف في هذا المبلغ، بالرغم من أنه أقل من ثلث مال الجدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن وصية جدتك لا عبرة بها، وأن المبلغ الذي أوصت به لابنها الأصغر قد صار بموتها ملكا لجميع الورثة وليس للابن الموصى له ما دام لم يستلم المبلغ في حياتها، لأن وصيتها بأن يكون المبلغ لابنها هي وصية لوراث وهي ممنوعة شرعا ولو بأقل من الثلث، ولا تمضي إلا إذا رضي الورثة بإمضائها كما فصلناه في الفتويين رقم: 23261، 100630.
وعليه فيجب إخبار الورثة جميعا بهذا المبلغ وأنه حق لهم، فمن أراد أن يأخذ حقه منه فله ذلك، ومن أراد أن يتنازل عن حقه للابن المشار إليه فله ذلك، بشرط أن يكون المتنازل بالغا رشيدا، ويكون هبة من الوارث المتنازل لذلك الابن يسلمها له متى شاء قبل الزواج أو عند الزواج أو بعده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1430(12/6022)
لا تمضي الوصية للوارث إلا برضا الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت قريبة لنا، ويرثها زوجها وثلاثة أبناء وبنتين، وكانت توصي دائما أمام الجميع أن ذهبها لبنتيها حيث تركت خمسة أساور رقيقة وسوار غليظ وسلسلة بها كتاب. فهل تجوز الوصية للوارث، وإن كان لا فكيف تقسم على الورثة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوصية المرأة بالأساور لابنتها وصية لا عبرة بها، لأنها وصية لوارث وهي ممنوعة شرعا، ولا تمضي إلا إذا رضي الورثة بإمضائها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود، ورواه الدارقطني. وزاد: إلا أن يشاء الورثة. فلا تمضي الوصية إلا برضا الورثة، ويشترط لصحة رضا الوارث أن يكون بالغا رشيدا، فمن كان صغيرا أو غير رشيد فلا عبرة برضاه، ويبقى حقه محفوظا، وإن رضي بعضهم وامتنع بعضهم مضت الوصية في نصيب من رضي، فيسقط حقه من الميراث في الأساور.
وإذا توفيت المرأة عن زوج وثلاثة أبناء وابنتين ولم تترك وارثا غيرهم كأب أو أم أو جد أو جدة، فإن لزوجها الربع، لقول الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ {النساء: 12} والباقي يورث تعصيبا للأبناء والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11} . فقتسم التركة على 32 سهما، للزوج ربعها 8 أسهم، ولكل ابن 6 أسهم، ولكل بنت 3 أسهم.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(12/6023)
هل تصح الوصية للوارث إذا وقع عليها الورثة في حياة المورث
[السُّؤَالُ]
ـ[ما شرعية الوصية؟ ومدى إلزاميتها على الورثة في حالة طلب المورث "والدهم" في حياته توقيع جميع الورثة عليها مع العلم بإحساس الورثة وهم أولاده من المرأة الأولى المتوفاة بالإحراج أو الخوف أو الاثنين معا من ضيقه أو إغضابه فتم التوقيع عليها. وتنص هذه الوصية على استثناء قرابة ربع الثروة لصالح الزوجة الثانية وذريتها منه، وتقسيم ما تبقى حسب ما تنص عليه الشريعة أي مشاركة الزوجة الثانية وذريتها منه في هذا الجزء، علماً بأن أحد أولاده ذكر له الظلم الذي قد يتحمله جراء هذه الوصية. لكن أصر الوالد على وصيته تعذراً بصغر أطفاله من زوجته الثانية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوصية الرجل ببعض ماله لزوجته وبعض أولاده بحجة صغر سنهم أو غير ذلك من الحجج لا عبرة بها وليست لازمة، ولا يلزم الورثة إنفاذها حتى لو أقروا بها في حياة والدهم ووقعوا عليها، لأنه لا حق للوارث قبل الموت فلم يصح إسقاطه.
أما إذا رضي الورثة بعد وفاة أبيهم بإمضائها فإنها تمضي، ومن لم يرض منهم أخذ نصيبه الشرعي كاملا، وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 120499، والفتوى رقم: 118364.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(12/6024)
هل يجب تنفيذ الوصية المالية التي وجدت مكتوبة بلا إشهاد
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل في شهر 4 من عام 2000 م عن زوجة وأولاد (بنين وبنات) وكان عنده أموال على شكل سيولة (حسابات بنكية، مساهمات وعقار) وكل ذلك محصور ومعروف للزوجة وأكبر الأبناء – وكان في كامل نشاطه وقواه العقلية إلى سنة قبل مرضه ووفاته.
وبعد أن توفاه الله تم حصر التركة وتوزيعها شرعياً على الورثة مع وجود بعض العقار لم يتم التصرف فيه، علماً أنه بحياته قام بتوزيع بعض أمواله للزوجة والأبناء حيث ساوى بين الذكر والأنثى بالعطاء. وبعد مرور 8 سنوات على وفاته تم العثور على وصية مكتوبة، ضمن أوراق ليست ذات قيمة مالية أو أهمية بخط يده مصادفة لم يشهد عليها ولم يعلم بها أحد، يطلب فيها استثمار ثلث أمواله وصرف ريعها في أعمال خيرية.
علما بأنه أوكل في العشرين عاما الأخيرة من حياته لابنه الأكبر ترتيب وحفظ مستنداته وصكوك أملاكه وكلفه بكثير من التصرفات ولم يذكرله قط أو يطلعه على كتاب وصية.
-هل يجب تنفيذها:
علماً أن هناك اختلافا في الرأي بين الأبناء، فمنهم من يرى أن المشهور عن والدهم هو إعلامهم كل ما يعزم عليه من تصرف في أمواله أو إطلاعهم بما تصرف فيه، وأن هذا الكتاب كتبه ثم عدل عنه، ذلك لو أراد أن يمضي عزيمته بالرغبه في الوصية باستثمار ثلث أملاكه وصرف ريعه في الأعمال الخيريه لكان أطلعهم عليه.
لذلك هم منقسمون:
بين غض النظر عن هذه الوصية بالكامل وعمل وقف لصالح والدهم، ولكن بأقل من ثلث التركه (40% من الثلث) حسب ماتبقى من التركة.
أو الالتزام بالوصية على الرغم من عدم اطلاع أحد عليها رغبة في الأجر لوالدهم.
المسأله الثانيه:
ترغب الأم أن توزع بعض أموالها بين أبنائها وبناتها في حياتها، فهل يحق لها المساواة والعدل بين الأولاد والبنات في العطيه أم أن يطبق عليهم القاعده الشرعية في المواريث، بأن يكون للذكر مثل حظ الأنثيين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب إنفاذ هذه الوصية، وإن كانت بخط يد والدكم؛ لاحتمال رجوعه عنها، لأنه لم يشهد عليها ولم يقل: أنفذوها، أو ما أشبه ذلك، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 66872.
وأما توزيع الأم لبعض مالها على أولادها في حياتها، فإن كان على سبيل الهبة والتمليك المستوفي لشروطه من الحوز والتصرف فيه تصرف المالك في ملكه، فلا بأس بذلك بشروط سبق ذكرها في الفتوى رقم: 43819.
ومن هذه الشروط العدل في القسمة، وقد اختلف أهل العلم فيما يطلب من العدل عند القسمة في حال حياة الواهب من الوالدين إذا كان الأبناء خليطا من الذكور والإناث، فقيل: تجب التسوية، وقيل: يعطى الذكر نصيب أنثيين. والقول بالتسوية بين الذكر والأنثى في العطية هو الأظهر والأقوى. كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 50206، 33348.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(12/6025)
وجوب إنفاذ الوصية المكتوبة أو الشفهية
[السُّؤَالُ]
ـ[والد يسكن معه جزء من أبنائه في البيت وهم متزوجون فمات بعض منهم، وقد قال لأحد أبنائه لن أعفو عنكم إن أخرجتم أبناء إخوانكم من هذا البيت، وقد قال له هذا الكلام أمام زوجة أحد أبنائه المتوفى وزوجته, وأيضا أخبر أحد أحفاده لبنته أنه قد قرر أن يعطي كلا من أبناء ولديه المتوفيين جزءا معينا في المنزل, وقد حاول هذا الرجل بعد ذلك أن يتم ذلك عن طريق الهبة فأخذ اثنين من أبنائه إلى المحكمة ومعهم المحامي وبدأ في إجراءات الهبة فكلف أحد أبنائه بإتمام الهبة حيث طلب منه دفع رسوم وضرائب, ولم يخبر الوالد أحدا بموضوع الهبة حتى الموهوب لهم، كان يعلم أبناؤه الاثنان والمحامي فقط. وقد شاءت مشيئة الله تعالى أن يرقد هذا الرجل فى المستشفى مريضا، وقد قال لأحد أبنائه -وهو لا يعلم شيئا عن موضوع الهبة- وهو في الفراش: إن زوجتي ابني المتوفيين- بأسمائهن- لا تخرجن من البيت، وأيضا قال هذا الكلام لزوجته, وقد شاء الله تعالى أن يتوفى إلى رحمة مولاه دون أن يعلم أبناء ولديه المتوفيين شيئا عن أمر الهبة التي بدأها فى المحكمة ولم يتم إجراءاتها, مع العلم أن المحامي هو من أقارب العائلة ولم يخبر الموهوب لهم أن يقوموا بإكمال إجراءات دفع الرسوم لكي تكتمل الهبة. بعد الوفاة بفترة طويلة طالب الأبناء ولوحوا بأن يخرجوا أبناء أخويهم من المنزل وعند ذلك اكتشفت أن هنالك هبة قد بدأت إجراءاتها فى المحكمة، وعندما سئلوا هم والمحامى لماذا لم يخبروا أبناء أخويهم ليقوموا بإ تمامها مع العلم أن أباهم رجل كبير فى السن قالوا: إن الهبة الآن ساقطة لأن إجراءاتها لم تتم, وعندما سئلوا عن الوصية التى قالها لأحد أبنائه وزوجة أحد ابنيه المتوفيين وزوجته وهم مجتمعون، وأيضا قالها لأحد أحفاده منفردا، قالوا إن هذا الكلام كان فيما مضى باعتبار أنه قيل في الماضي, وأيضا قالوا إن ما قاله لأحد أبنائه وهو مقر ومختلف مع أخويه الاثنين فيما يقولونه وهو بجانب ما قاله أبوه أنه كان على فراش المرض يهذي وأيضا أنه خرف.
أرجو للضرورة الفتوى فيما سردته لكم مع علمي سلفا أن الهبة قد بطلت، ولكن هل يمكن لإثبات الوصية أن يتم على ضوء ما سردته لكم؟ وما هو ضمان ذلك ونجاحه؟ وهل يمكن أن يعضد ذلك بإجراءات الهبة التى يوجد لها ورق فى المحكمة، مع العلم أن الرجل تبقى له ثلائة أبناء وبنتان وزوجة ليست لديها أبناء، وواحد من أبنائه يقف مع أبناء أخويه، ولكن للأسف أبوه لم يعلمه بإجراءات الهبة أو الوصية التى قالها، إلا أنه أخبره وهو فى فراش المرض أن زوجتي أخويه المتوفيين لا يخرجن من المنزل فى دلالة على أن يكون لهم حق فى المنزل، أما الابنان الآخران فلم يقرا بما قاله أبوهم وهم يعلمون ذلك ويصرون على أن أباهم يهذي وخرف، أحدهم قال له أبوه ووصاه أنه لا يعفو عنه إن أخرج أبناء أخويه من المنزل وأن لكل منهم أن يأخذ جزءا معينا من المنزل ذكره له. والله من وراء القصد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الرجل المتوفى قد أوصى بجزء معين من المنزل، فيجب تنفيذ الوصية إذا كانت في حدود ثلث المال حسبما أوصى به، ولا يجوز تغيير هذه الوصية أو تأخيرها، وعدم تنفيذ الوصية مع توفر الشروط وانتفاء الموانع يوقع في الإثم العظيم عند الله تعالى، قال تعالى: فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. {البقرة: 181} .
فيجب تنفيذ الوصية سواء كانت مكتوبة أو شفهية متى قامت البينة بثبوتها.
ولكن مجرد قول هذا الرجل لأحد أبنائه: لن أعفو عنكم إن أخرجتم أبناء إخوانكم من هذا البيت، الظاهر أنه ليس وصية بتمليك بعض الأحفاد جزءًا من البيت، وإنما أراد حث أبنائه على صلة رحمهم وعدم إخراج أبناء إخوانهم من البيت.
وننبه إلى أن مثل هذه المسائل يجب رفعها للمحكمة الشرعية لتفصل فيه وأن الفتوى لا تفيد فيها كثيرا.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 113519، 113669، 114094.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(12/6026)
أوصي وصية فلم ينفذها فهل يأثم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في من تكون عليه وصية أوصي بها ولا يعمل بها، وهي بينه وبين الله، وهناك شهود عليه سمعوها، ورغم ذلك يقول كان الموصي لا يقصد ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح، ولكننا نقول على سبيل الإجمال إن الوصي أمين على ما أوصي به، والأصل أن القول قوله، ما لم يكذبه شاهد الحال. قال ابن القيم رحمه الله في الطرق الحكمية:
يقبل قول الوصي فيما ينفقه على اليتيم إذا ادعى ما يقتضيه العرف، فإذا ادعى أكثر من ذلك لم يقبل قوله، وهكذا سائر من قلنا: القول قوله، إنما يقبل قوله إذا لم يكذبه شاهد الحال، فإن كذبه لم يقبل قوله. انتهى.
ويجب على من أوصي إليه بوصية عادلة أن ينفذها، فإن الله عز وجل قد توعد من يبدل وصية الموصي، قال تعالى: فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. {البقرة:181} .
ولا نستطيع إعطاء جواب مفصل لهذه المسألة إلا إذا اطلعنا على تفاصيلها كاملة، لأن الحكم على شيء فرع عن تصوره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1430(12/6027)
هل تنفذ الوصية لبعض الورثة فيما يصرف من صندوق العاملين
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا فى بلادنا شى اسمه صندوق العاملين، كل عامل يخصم منه بموافقته نسبة شهرية لحين إحالته على المعاش أو يسلم للأهل فى حالة الوفاة والشخص يكتب فى عمله ورقة سرية يقول من يحق له أن يستفيد من الصندوق فى حاله الوفاة، ولقد مات زوجى-يرحمه الله- وعندما ذهبت لاستلام الأموال قال لي المسؤل معتذرا:لقد خص زوجك الاموال ل3 فقط من أولادكم وهم القصر 16،15،13 وأخرجك والولدين الكبيرين 26سنة،23 على الرغم من أنهم لا يعملون. فهل ماتركه الوالد هبة؟ وهل له أن يحرم أحدا على الرغم أن المبلغ صغير جدا -6 آلاف جنيه-لا يكفي الصغار فى شيء-اللهم أسالك البركة. أنا سوف آخذ المال بصفتي الوصية على الصغار فماذا يقع علي حيث إننى أصرف على الجميع والطبيعى أنني أنا والكبار نعيش مع الصغار فى منزلنا وليس هناك فرق بيننا نأكل معا والمال أنا المتصرفة فيه، كل حسب حاجته. فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان واقع الحال ما ذكر من أن المبلغ كان يخصم من راتب الزوج، فإن ذلك المبلغ بعد وفاته يكون من جملة التركة تقسم على الورثة جميعا القسمة الشرعية، ولا عبرة بوصيته بأن يكون ذلك المال لبعض أولاده، لأن هذه وصية لوارث وهي ممنوعة شرعا، ولا تمضي إلا برضا الورثة كما بيناه في الفتوى رقم: 112025 وإذا كنت أنت كما ذكرت الوصية على أطفالك فيجب عليك أن تقسمي المبلغ المشار إليه على الورثة القسمة الشرعية، إلا من رضي منهم أن يتنازل عن نصيبه لمن أوصى لهم زوجك بشرط أن يكوت المتنازل بالغا رشيدا وإلا فلا عبرة بتنازله أيضا، وانظري للأهمية الفتويين رقم: 93244، 74419.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(12/6028)
كتب جزءا من بيته لبناته لكون الذكور يحرمونهن من الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[أب ترك بيتا، وقبل وفاته كتب جزءا منه لبناته الأربع، علماً بأن الذكور لا يدفعون للأبناء الميراث. فما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكتابة الوالد جزءاً من البيت باسم البنات إن كان على سبيل أن يأخذنه بعد مماته فهذه وصية لوارث، ولا عبرة بها، ولا تمضي إلا برضا الورثة، كما فصلناه في الفتوى رقم: 112025.
فإن لم يرض الورثة، فإن ذلك الجزء يرد إلى التركة، ويقسم القسمة الشرعية، ويجب على الذكور أيضاً أن يتقوا الله ويدفعوا للبنات الميراث، وليعلموا أن الظلم ظلمات يوم القيامة، فإن أصروا على منع البنات من أخذ حقهن، فلا نرى مانعاً أن ينتزع البنات حقهن من نصيب إخوتهن من البيت. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 115765 حول حرمان البنات من الميراث أو أعطائهن أقل من نصيبهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1430(12/6029)
حكم عدم تنفيذ وصية الأم بحرمان البنات من الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة توفيت وهي غير راضية عن بناتها، حسب معلوماتي هي جاهلة, وكانت تقول في حياتها لبناتها لا تأخذن شيئا من البيت، وكذلك أوصت قبل موتها إحدى بناتها ألا تأخذ فلانة وفلانة.. مما تركته في بيتها خاصة مثل ملابس، حصر، أواني وما شابه مما هو موجود في البيت. وتسأل البنات هل يجوز أخذ شيء من ذلك بعد وفاتها؟ أرجو ألا يطول وقت الإجابة لأنهن بانتظار الإجابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على البنات في أخذ نصيبهن من ميراث أمهن، ولا عبرة بوصية الأم بحرمان البنات من الميراث، لأنها وصية باطلة ومحرمة شرعا.
جاء في كتاب الفقه الإسلامي وأدلته لوهبة الزحيلي:
ولا يجوز الإيصاء بأكثر من ثلث المال، ولا يصح تفضيل بعض الورثة على حساب الآخرين، أو حرمان وارث أو الإضرار بالدائنين، وللسلطة القضائية الحق في إبطال التصرفات غير الشرعية في الإرث والوصية. انتهى.
فكل ما تركته الأم من مال وملابس وأوانٍ وغير ذلك يصير بعد موتها ملكا للورثة جميعا بمن فيهم البنات اللاتي أوصت بحرمانهن، وانظري الفتوى رقم: 96629.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1430(12/6030)
مات صاحبه وترك مالا أوصاه أن يتصدق به
[السُّؤَالُ]
ـ[يشرفني أن أتقدم إليكم بهذا الطلب راجيا من الله تعالى أن يوفقكم وجميع المسلمين إلى ما فيه خير هذه الأمة. ملخص القضية ? منذ زمن وضع عندي أحد الأصدقاء أمانة -مبلغ من المال- وسمح لي بالتصرف فيه في التجارة، على أساس أن أرجع إليه نفس المبلغ بدون زيادة ولا نقصان حين يطلب مني هو ذلك. وقلت له يومها ? إنك اليوم تترك هذه الأمانة في عنقي، وأعدك أنني سأخبر أهلي وأولادي بإرجاعها إليك من الميراث أو من غيره إذا وافتني المنية قبلك. ولكن ماذا أفعل إذا وافتك المنية قبلي؟ قال لي ? إذا مت قبلك فتصدق علي بهذا المال كله دفعة واحدة، أو بجزء منه كل سنة أو كل فترة، لعل أن يصلني أجره في الآخرة. مع الإشارة إلى أن هذه الاتفاقية لم تكن موثقة ولا بحضور عدل ولا شهود، بل كانت اتفاقية شفوية بيني وبينه والله ثالثنا. وبعد مدة توفي الرجل صاحب الأمانة، ولم يكن له أهل ولا أولاد ولا أحفاد، فورثه أبناء عمومته، لكنهم لا يعرفون شيئا عن تلك الأمانة التي تركها عندي المرحوم ولا عن تلك الاتفاقية، ولا عن تلك الوصية الشفوية التي أوصاني بها صاحب الأمانة. وبالفعل وبعد وفاته تصدقت بجزء يسير من مال تلك الأمانة، إلا أن بعض الناس نصحوني بالتوقف عن هذا الإجراء لأنه ربما قد يكون مخالفا للشريعة وفعلا فقد توقفت خوفا من أن يكون هذا التصرف ليس شرعيا.
السؤال ? هل أستمر في تطبيق وصيته فأتصدق من ذلك المال لمن يستحقه شرعا حتى أنهيه بدون زيادة ولا نقصان؟ إذا كان الاستمرار في تطبيق هذه الوصية غير شرعي، فهل أبحث عن ورثته من أبناء عمومته وأسلم لهم المال؟ أو ماذا أفعل؟
وأخيرا أخبركم بأنني سأطبق كل ما سيأتي في جوابكم حرفيا، لذلك ألتمس منكم أن يكون إرشادكم لي دقيقا جدا وواضحا لا لبس فيه ولا غموض وبلغة بسيطة غير قابلة للتأويل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المال الذي أوصاك صديقك بالتصدق به ثلث التركة أو أقل فعليك تنفيذ وصيته، أما إذا كان أكثر من ثلث التركة، فتنفذ الوصية في ثلث التركة وما زاد عن الثلث يقف على إجازة الورثة فإن أجازوه جاز وإن لم يجيزوه رد إلى ورثته الشرعيين، فتنفيذ الوصية إذا كانت في حدود ثلث المال واجبة، ولا يجوز تغيير هذه الوصية أو تأخيرها، وعدم تنفيذ الوصية مع توفر الشروط وانتفاء الموانع يوقع في الإثم العظيم عند الله تعالى، قال تعالى: فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. {البقرة:181} .
فيجب تنفيذ الوصية سواء كانت مكتوبة أو شفهية متى كانت الوصية ثابتة.
قال ابن قدامة في المغني: الوصية لغير الوارث تلزم في الثلث من غير إجازة, وما زاد على الثلث يقف على إجازتهم, فإن أجازوه جاز, وإن ردوه بطل. في قول جميع العلماء. والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد حين قال: أوصي بمالي كله؟ قال: لا. قال فبالثلثين؟ قال: لا. قال: فبالنصف؟ قال: لا. قال: فبالثلث؟ قال: الثلث, والثلث كثير. وقوله عليه السلام: إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند مماتكم. اهـ.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 113519، 114094، 114249.
والله أعل م.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1430(12/6031)
حكم كتابة الأب لبناته لجزء من بيته حفظا لحقهم في الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل له أربع بنات وثلاثة أولاد، ولكن أولاده لا يصلون البنات، كتب -أي باع- جزءا من بيته للأربع بنات حفاظا على حقهن خوفا من الذكور وهو على قيد الحياة، والآن هو متوفى. ما حكم الإسلام في ذلك هل هذا حرام ويبطل البيع أم حلال؟ وهل يجوز لهم الميراث في الجزء المتبقي من البيت أم يكتفون بذلك وما الدليل على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أن الأب كتب جزءا من البيت باسم البنات كوصية، ولم يبعه لهم بيعا حقيقيا في حياته، فإن هذه وصية لوارث وهي ممنوعة شرعا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أحمد وأهل السنن.
ولا تمضي هذه الوصية إلا إذا رضي الأبناء وبقية الورثة بإمضائها، ويعتبر رضاهم حيث كانوا بالغين رشداء، فإن لم يرضوا بإمضائها أو كانوا غير بالغين رشداء فيرجع ذلك الجزء من البيت إلى التركة ويقتسمه الورثة جميعا القسمة الشرعية، وكذا إذا كان الأب باع ذلك الجزء من البيت للبنات بيعا صوريا بمبلغ زهيد فإنه لا عبرة بذلك البيع لكونه حيلة لحرمان بعض الورثة، والحيلة الموصلة إلى المحرم محرمة في الشريعة الإسلامية، كما فصلناه في الفتوى رقم: 106777.
ومثله أيضا إذا كان الأب وهب الجزء للبنات ولم يهب للذكور ما يتحقق به العدل فتعتبر تلك هبة باطلة على الصحيح من أقوال الفقهاء، كما فصلناه في الفتوى رقم: 103527.
وأما إذا باعه لهن بيعا حقيقيا فإنهن يستأثرن بذلك الجزء، ثم يشاركن إخوانهن في الجزء المتبقي من البيت.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1430(12/6032)
إذا رضي الورثة بالوصية في حياة الموصي فلا يلزمهم إمضاؤها بعد مماته
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت سيدة أرملة عندنا في المدينة، وتركت أراضي، وبيوت سكنية، ومحلات تجارية، ولها بنون وبنات، وقد أوصت بأن يأخذ البنون الأراضي وتأخذ البنات البيوت السكنية والمحلات. فهل يجوز لها هذه الوصية، وإذا كانت قد أخذت موافقتهم جميعاً، أفيدونا يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوصية المرأة المشار إليها لا عبرة بها وليست لازمة لأنها وصية لوارث، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه أحمد والأربعة إلا النسائي. وحسنه أحمد والترمذي.. وقواه ابن خزيمة وابن الجارود.
وإذا رضي الورثة بعد مماتها بإمضاء الوصية فلهم ذلك، ويشترط في رضا الوارث أن يكون بالغاً رشيداً، وإذا رضوا بالوصية في حياتها فلا يلزمهم إمضاؤها بعد مماتها وهم بالخيار، وعليهم أن يعلموا أن الله تعالى قال: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ. {النساء:11} ، فليعملوا بوصية الله وليدعوا ما سواها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1430(12/6033)
أوصت أمها قبل موتها بأن يقسم ذهبها بينها وبين أخيها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أمى رحمة الله عليها، وقد أوصت يتقسيم الذهب بيني وبين أخي، ولكن زوجة أخي قد أخذت جزءا من الذهب قبل الوفاة، وبعد الوفاة قالت لي إنها سوف تشتري الذهب وتدفع فلوسة لسداد مبلغ على أمي، ولكنها عادت وقالت إنها لن تدفع المبلغ، وإن هذا الذهب حقها. فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوصية لا تجوز لوارث إلا أن يجيز الورثة، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أبو داود وصححه الألباني. وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تجوز وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة. رواه الدارقطني.
فإذا كان جميع الورثة قد وافقوا بعد موت أمكم على وصيتها لكم بالذهب، وكانوا بالغين رشداء فالوصية جائزة، وأما إذا كان باقي الورثة لم يرضوا بهذه الوصية فهي باطلة، والذهب حق لجميع الورثة، وانظر لذلك الفتوى رقم: 1445.
أما بخصوص الذهب الذي أخذته زوجة أخيك، فإن قولها بعد وفاة أمك إنها ستشتريه فهو اعتراف منها بأنه ليس من حقها، وأنها أخذته من أمك على سبيل الوديعة أو العارية أو نحو ذلك، وعليه فلا حق لها فيه، ويجب عليها رده للورثة.. وأما رجوعها بعد ذلك وقولها إنه من حقها، فلا يقبل منها، لكن إذا كانت تقصد أن لها ديناً على أمك، وأنها تأخذ الذهب عوضاً عنه، فإن كان لها بينة بهذا الدين فالواجب عليكم أداء هذا الدين من التركة، وأما إذا لم يكن لها بينة ولم يصدقها الورثة فلا حق لها، وهذا النوع من المسائل تراجع له المحاكم الشرعية للفصل فيه. وللفائدة في ذلك راجع الفتوى رقم: 58649.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1430(12/6034)
كتب كتابا أن الشقة لبنت ثم أوصى وصية أنها لها ولأخواتها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله
إذا ترك رجل وصية، وكتب كتابا، قال في الوصية: هذه الشقة لك أنت وأخواتك، وفي الكتاب كتب الشقة باسمها وحدها، وهي تقول إن الشقة باسمها فليس لأخواتها شيء فيها، والشهود يقولون الوصية أن تقسم على أخواتها الشقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت المرأة الموصى لها من الورثة هي وأخواتها فالوصية باطلة إذ لا وصية لوارث، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أحمد وغيره. وبناء عليه، فالشقة تقسم بين الورثة كل حسب نصيبه المقدر له شرعاً، ويشترك فيها المذكورون وغيرهم من الورثة.
وأما إن كانت المرأة الموصى لها هي وأخواتها لسن من الورثة وخرجت الشقة من ثلث التركة فإنها تصرف حسب الوصية، سواء ما كتب أو ما قامت به بينة ولو لم يكتبه الموصي.
وبناء عليه، فإن شهد عدلان على أن الوصية مشتركة بين المرأة وأخواتها فإنها تقسم بينهن جميعاً بالسوية، قال في تحفة المحتاج: لو أوصى بثلثه لزيد ثم بثلثه له ولعمرو تناصفاه وبطلت الأولى.
وعند بعض أهل العلم كالمالكية أن الموصى له في الوصيتين يأخذ بسهمين، قال الباجي في المنتقى: ومن أوصى لزيد وعمرو بالمائة التي على خالد، ثم أوصى بها لزيد فليضرب فيها زيد بمائة وعمرو بخمسين رواه عيسى عن ابن القاسم في العتبية، ووجه ذلك أنه لما كانت المائة معينة لمن هي عليه لم تتعدها الوصية، ولما أوصى بها لزيد وعمرو كان كأنه أوصى بخمسين منها لكل واحد منهما، ثم لما أوصى لزيد بها مرة أخرى فقد أوصى له بمائة بعد أن أوصى له بخمسين فسقطت الخمسون وكان له مائة يضرب بها ويضرب عمرو بخمسين فيكون لزيد ثلثا المائة ولعمرو ثلثها. والله أعلم وأحكم.
وعلى هذا القول يكون للمرأة سهمان، ولكل واحد من إخوانها سهم في تلك الشقة، وشرط ذلك كما ذكرنا هو أن لا يكون الموصى له من الورثة، وأن تخرج الوصية من الثلث فإن زادت بطلت في الزائد ما لم يجزه الورثة، وكذا إن كانت لوارث وأجازها بقية الورثة صحت، وقد بينا ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 112025، والفتوى رقم: 97193.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1430(12/6035)
حكم كتابة الأملاك كلها باسم الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي كتب كل أملاكه لوالدتى قبل وفاته بيعا وشراء.
ثم توفى الله عز وجل أختى الكبيرة بعد وفاة والدى بسنتين، ثم توفى الله عز وجل أمى هذا العام. فأرجو الافادة عن الأخت التى توفيت بعد وفاة أبى وقبل وفاة أمى، هل لها من الميراث أم لا؟ حيث إن لها ولدين وبنتين على قيد الحياة وجزاكم الله خير الجزاء. وهل على والدي إثم فيما فعله من كتابة جميع أملاكه لوالدتى قبل وفاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي اتضح من السؤال أن الوالد قد كتب كل أملاكه لزوجته على أنه باعها إياها. ولايخلو ذلك البيع من أحد احتمالين: إما أن يكون بيعا صحيحا تم منه في حال صحته فالأملاك أملاكها، لكن إن كان بقي في ذمتها شيء من ثمن تلك الأملاك فإنه يؤخذ من مالها ويضم إلى تركة الوالد، فهو تركة يقسم على جميع ورثته كل حسب نصيبه المقدر له شرعا، ومن الورثة ابنته التي توفيت بعده.
والاحتمال الثاني لذلك البيع هو كونه بيعا صوريا لاحقيقيا، وحينئذ إن كان قصد به الهبة وتمليك جميع أمواله لزوجته في صحته فهي هبة ماضية، وتلزم بحوز زوجته لتلك الأملاك، ولوقصد حرمان الورثة فعليه الإثم لكن ذلك لا يبطل الهبة مادامت في حال الصحة والرشد، وحصول الحوز من الزوجة.
قال الرملي في نهاية المحتاج: فيتوقف نفوذها على إجازة الورثة, والكلام في التبرعات المنجزة في مرض الموت، أو المعلقة بالموت، أما ما نجزه في الصحة فينفذ مطلقا ولا حرمة، وإن قصد به حرمان الورثة كما يأتي. وسئل ابن حجر الهيتمى: عن شخص وقف على ذكور أولاده دون الإناث وغالب الظن أنه قصد حرمانهن من الميراث; لأن ناسا من جهة معينة يفعلون ذلك عند كبر سن الواقف وقرب أجله فيتضرر الإناث بانقطاعهن عن الميراث, وبعض الفقهاء أفتى بصحة ذلك فتفضلوا علينا ببيانه؟ فأجاب بقوله: إن صدر ذلك الوقف في مرض الموت فهو وصية لوارث, فإن أجازه البنات نفذ, وإن رددنه بطل وإن صدر في صحته صح, وإن قصد حرمان ورثته صح، وغاية ذلك القصد أن عليه فيه إثما, وذلك لا يقتضي بطلان الوقف ; لأنه أمر خارج عنه. انتهى.
والهبة في ذلك مثل الوقف بل هي أولى بالمضي منه فلا يؤثر على صحتها ولزومها قصد حرمان الورثة، فإن كان الحال هنا كذلك فعلى الوالد إثم قصده، وهبته كل أملاكه لزوجته صحيحة ولا شيء فيها للورثة.
وأما إن كان الوالد قصد بالبيع الصوري المكتوب الوصية لها بجميع ماله بعد موته فهي وصية باطلة، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود، وابن ماجه، وحسنه السيوطي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه. وحكم الشافعي بوصوله إلى درجة التواتر.
وعلى هذا الإحتمال الأخير وهو الأظهر في هذه المسألة فإن الوصية باطلة، وما تركه الأب بعد موته يكون تركة يقسم على جميع الورثة، كل حسب نصيبه المقدر له شرعا، ومن الورثة ابنته التى ماتت بعده كما ذكرنا ويقسم نصيبها على ورثتها.
ولأن المسألة شائكة فإننا ننصح برفعها إلى المحاكم الشرعية للبت فيها، والاستفصال عما ينبغي الاستفصال عنه مما يترتب عليه اختلاف الاحكام.
وللفائدة انظر الفتويين رقم: 2331، 65463.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(12/6036)
الوصية للورثة لا تجوز ولا تنفذ إلا إذا أجازوها ورضوا بها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت سيدة أرملة عندنا في المدينة، وتركت أراضي وبيوت سكنية، ومحلات تجارية، ولها بنون وبنات، وقد أوصت بأن يأخذ البنون الأراضي، وتأخذ البنات البيوت السكنية والمحلات.
فهل يجوز لها هذه الوصية، إذا كانت قد أخذت موافقتهم جميعاً.
أفيدونا يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الوصية لا تجوز ولا تنفذ إلا إذا أجازها الورثة ورضوا بها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أحمد وغيره.
لكن إن كان جميع الورثة راضين بهذه الوصية فهي جائزة، ولا حرج في إمضائها، إذ هي حقوقهم فلهم التنازل عنها أو عن بعضها، أما إذا رفضوا الوصية فلا تصح، ولا تنفذ بحال قليلة أو كثيرة، ولا يجوز للموصى له أن يأخذ شيئاً من هذا المال دون إذن بقية الورثة، وللفائدة انظري الفتوى رقم: 2331.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1430(12/6037)
حكم الوصية بالمال كله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عمة تتصرف بتركة كلها الغير هل تتصرف بة الثلث مقظ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح، وإذا كان المقصود به هل يجوز للشخص أن يوصي بالتركة كلها أو بماله كله، أم لا يجوز إلا بالثلث؟ فالجواب أنه لا يصح الوصية إلا بالثلث فما دونه، وللوصية شروط راجعها في الفتوى رقم: 77683.
وإذا كان المقصود بالسؤال هو هبة الشخص ماله كله في حال حياته، فهذا أيضا له شروط راجعها في الفتوى رقم: 112948.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1430(12/6038)
حكم امتناع الوارث عن إخراج الوصية لحاجته للمال
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل لقريبة لي توفي أخوها، وكان قد أوصى بماله كله للفقراء، ولكنهم أرادوا أن يوزعوا الثلث فقط على الفقراء، بعد أن سألوا العلماء، فوزعوا المال على الورثة بحيث يقوم كل واحد منهم بإخراج الثلث. إلا أن أخته هذه لم تخرجه، فهي بحاجة لهذا المال. فهل يجوز لها أن تأخذه، وإن كان، ما هي حدود هذه الحاجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أفتى به هؤلاء العلماء أن لا ينفذ من هذه الوصية إلا الثلث صحيح، فإن من له وارث فلا يصح أن يوصي في ماله بأكثر من الثلث؛ لما في المتفق عليه من قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد: الثلث، والثلث كثير؛ إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس.
وقد أخطأ هؤلاء الورثة حين لم يخرجوا الثلث من التركة قبل قسمتها، وكان الواجب عليهم المبادرة بتنفيذ الوصية، فإن الإرث إنما يقسم بعد إخراج الوصية والدين لقوله تعالى: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللهِ {النساء:12} .
والواجب على جميع الورثة أن يخرج كل منهم حظ الوصية من ماله، وليس لهذه الأخت أن تمتنع من إخراج ثلث ما حصلته من التركة؛ لأن هذا الثلث ليس حقا لها، بل هو حق الموصى له، وهي وإن كانت محتاجة فليس لها أن تأكل مال غيرها بزعم الحاجة، بل هذا من تبديل الوصية ومنع تنفيذها، وعقوبة هذا الذنب شديدة. وانظري الفتوى رقم: 23129.
وأما هي فإن تابت وأصلحت وأنفذت الوصية فسوف يغنيها الله من فضله، وإن كانت من أهل الزكاة فجائز لها أن تأخذ من مال الزكاة، وأما أن تأكل مال الوصية بزعم الحاجة فهذا ما لا يجوز البتة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1430(12/6039)
تسجيل الأملاك باسم الزوجة والأبناء دون البنات
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي أرجو التكرم بإجابتي عن الأسئلة التالية:
ما حكم الرجل الذي يتنازل عن ممتلكاته من أموال وعقار ويسجلها في السجل العقاري ويودعها في البنك باسم أولاده الذكور وامرأته بهدف منع وصول هذا العقار والمال إلى بناته المتزوجات. علما بأن هذا الرجل بكامل قواه العقلية وبوافر من الصحة والعافية.
وهل يحق للبنات المتزوجات وهن يعلمن هذا الأمر من أبيهم أن يطالبوه بنصيبهن من ماله؟
وهل يحق لهن أن يطالبن إخوتهن بنصيبهن من مال أبيهم سواء في حياته أو بعد مماته؟
وهل يختلف الحكم إذا كان الأب قبل تسجيل العقار قد جمع الأبناء والبنات وقال لبناته مستأذنا إنني سوف أقوم بهذا الأمر ورضي البنات بذلك وأقررن أنهن لا حاجة لهن إلى هذا العقار وأيدن أن يتم تسجيله لإخوانهن؟
وجزاكم الله عنا خير الجزاء ونفع بعلمكم المسلمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن كتابة الأب لأملاكه باسم الأبناء دون البنات عمل مخالف لما جاء به الشرع المطهر، ومشابه لعمل أهل الجاهلية الذين كانوا يحرمون البنات من الميراث، وهذه الكتابة لا تخلو من حالين:
الأولى: أن يسلم الوالد العقارات لأبنائه في حياته حال صحته ويصير الأبناء يتصرفون فيها تصرف المالك فهذه هبة أي عطية، ولكنها هبة باطلة شرعا لأن الوالد لم يعدل فيها حيث أعطى الأبناء وحرم البنات، وهو مأمور شرعا بأن يعدل بين أولاده في العطية، فقد قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ {النحل: 90} ، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
وإذا لم يعدل الأب في عطيته فإنها تكون باطلة، وللبنات الحق في مطالبته بالعدل في حياته، وكذا لهن الحق في المطالبة بالعدل بعد مماته إلا إذا كن قد رضين حقيقة بما فعله والدهن فليس لهن المطالبة حينئذ، وانظر الفتوى رقم: 107734.
الثانية: أن يكتب الوالد العقار باسم الأبناء من غير أن يملكهم إياها حتى يموت فهذه تعتبر وصية بأن تكون العقارات للأبناء، وهذه الوصية ممنوعة شرعا لأنها لوارث، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود ورواه الدارقطني. وزاد: إلا أن يشاء الورثة.
فلا تمضي الوصية إلا برضا البنات، ويشترط لصحة رضا البنت أن تكون بالغة رشيدة، فمن كانت صغيرة أو غير رشيدة فلا عبرة برضاها ويبقى حقها محفوظا، وحتى لو استرضى الوالد البنات في أن تكون الوصية للأبناء فقط فإن لهن الرجوع عن ذلك بعد مماته وقبل تسلم الأبناء التركة لأن رضاهن في حياته إسقاط للحق قبل وجوبه فهو لا يعدو كونه وعدا منهن بأن يتنازلن عن نصيبهن بعد مماته لأنهن في حياته لم يملكن التركة بعد، فإذا مات لم يلزمهن الوفاء بذلك الوعد ولهن أخذ نصيبهن. وانظر للأهمية الفتوى رقم: 97300.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1430(12/6040)
حكم الوصية بالمال كله للأولاد من الزوج الثاني
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة لها ولد وبنت من الرجل الأول، وولد وبنتان من الرجل الثاني، وتركت سيارة وكمية من الذهب والنقود.هل يجوز أن توصي قبل وفاتها بجميع التركة إلى أولاد الرجل الثاني وحرمان أولاد الرجل الأول من الميراث؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوصية لها أحكام وشروط مبينة في محلها؛ فلا يجوز أن تكون بقصد حرمان بعض الورثة من حقهم، ولا يصح أن تكون لوارث إلا إذا أجازها بقية الورثة. والتركة أمرها عظيم لذلك قسمها الله-عز وجل- بنفسه، فلم يجعل قسمتها لنبي مرسل ولا ملك مقرب، فلا يجوز لهذه المرأة أن توصي لبعض ولدها بتركتها، ولا يجوز تنفيذ هذه الوصية بعدها، فقد بين الله تعالى في محكم كتابه وعلى لسان رسوله- صلى الله عليه وسلم- ما لكل وارث بالتفصيل فقال تعالى: لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا {النساء:7}
وقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: إن الله عز وجل قد أعطى كل ذي حق حقه، ولا وصية لوارث. رواه أحم د وغيره وصححه الألباني.
يبقى أن نشير إلى أن الأولاد المراد حرمانهم من الإرث إذا كانوا رشداء بالغين، وقبلوا إيصاء أمهم بالإرث لإخوتهم، فإن ذلك يعتبر هبة منهم لنصيبهم من التركة، ويصح ولكنه حينئذ عطية وليس تركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1430(12/6041)
قسمة الله ووصيته خير من قسمة الأم ووصيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ست بنات وثلاثة أولاد، الأب متوفى ثم توفيت الأم وقد سبق أن تركت وصية للابنة الكبرى بإيجار منزل صغير ليستلم كل من أبنائها وبناتها الإيجار كل شهر، كان هذا في حياتها، فهل ينطبق قانون الآية للذكر مثل حظ الأنثيين أم نعمل بالوصية ... ملحوظة: الأبناء أقروا الوصية بالرضا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود أن الأم طلبت أن يستلم الأولاد -ذكوراً وإناثاً- في حياتها الإيجار فهذه هبة لا حرج فيها، وتنتهي بموت الوالدة..
أما إن أوصت بأن يستلم إيجار بيتها بعد موتها أبناؤها وبناتها ويقسموه بينهم بالسوية فهذه وصية لوارث وهي ممنوعة شرعاً إلا أن يمضيها الورثة.
فالمرأة المشار إليها أوصت لأولادها الذكور والإناث، وهم سيرثونها فلا تصح الوصية إلا أن يجيز بقية الورثة الوصية، كما ذكرناه في الفتوى رقم: 34973.
والذي نراه أفضل أن تقسموا المنزل أو أجرته القسمة الشرعية إلا إذا اتفق الورثة وتراضوا على غير ذلك، وقسمة الله تعالى ووصيته خير من قسمة الأم ووصيتها، وقد قال الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ.... {النساء:11} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1430(12/6042)
إعانة بعض الأولاد في الزواج لا يبرر حرمانهم بجزء من الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[توفت والدتي رحمها الله وتقول أختي الكبرى إن الوالدة أوصت ألا يأخذ إخوتي الذكور من تركتها من الذهب لأنها ساعدتهم في أمور زواجهم ونحن (بقية الأخوات) في حيرة هل نعطي إخوتنا الذكور أم لا علما بأننا لاما نع لدينا أن نقاسمهم ولكن ما رأي الشرع في أن تحرم الوالدة رحمها الله الذكور من نصيبهم من الذهب لأنها ساعدتهم في الزواج]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوصية والدتكم رحمها الله تعالى بعدم توريث الذكور من أبنائها من الذهب وصية لا عبرة بها، وللأبناء الحق في أخذ نصيبهم الشرعي من ذهب والدتهم، وكونها أعانتهم في زواجهم لا يبرر حرمانهم من التركة أو جزء منها لأن الوالدين وإن كانا مطالبين شرعا بالعدل بين الأولاد في العطية فإن تفضيل أحد الأولاد بالعطية لمسوغ شرعي كزواج ونحوه أمر جائز، وإذا زوج أحد أولاده فإنه ليس له أن يوصي بحرمانه من الميراث مقابل تزويجه له، قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى: ولهذا من الخطأ الفادح والجهل الفاضح: أن بعض الناس إذا زوج أولاده الكبار الذين لا يستطيعون الزواج لأنفسهم وله أولاد صغار أوصى لأولاده الصغار بقدر ما أعطى الكبار للنكاح، وهذا غلط حتى لو مات فالوصية لا تنفذ، ويعطى ما أوصى به للصغار يدخل في التركة ويقسم على فرائض الله.. انتهى. من لقاء الباب المفتوح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1430(12/6043)
الموصى له هل يسقط حقه ببيع التركة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا بيعت كل التركة للغير واشترى الورثة بثمنها مثلها وثبت بعد ذلك بالوصية الواجبة لأبناء الابن المتوفى في حياة جدتهم لأبيهم وبعد وفاة الجدة ظهر لهم حق عند الورثة الذين باعوا التركة كلها واشتروا بثمنها مثلها فأنكر الورثة وجود إرث أو شيء من التركة واحتجوا بأن التركة بيعت كلها ولم يبق منها شيء وليست تحت أيديهم فهل لأصحاب الوصية الواجبة حق عند هؤلاء الورثة أم سقط الحق عنهم ببيع التركة للغير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان له حق في التركة بوصية أو إرث ولم يأخذ حقه فإن حقه لا يسقط بمجرد بيع التركة أو بالتقادم، وإذا تم البيع أو قسمة التركة على الورثة قبل أن ياخذ الموصى له حقه فإنه يرجع على الورثة به، هذا إذا كانت الوصية لازمة شرعا، أما إذا كانت غير لازمة شرعا فليس لمدعي الوصية شيء.
وانظر الفتوى رقم: 22734، حول الوصية والمآخذ على قانون الوصية الواجبة المعمول به في بعض الدول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1430(12/6044)
الوصية لوارث ممنوعة شرعا ولا تصح
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدنا عام 1985 وترك لنا عمارة مؤلفة من ثلاثة طوابق مساحة كل طابق تساوي شقتين إضافة إلى محل تجاري ومستودع وسيارة سياحية وشقتين منفصلتين.
نحن ست بنات وثلاثة شباب إضافة إلى والدتنا.
لقد استولى إخوتنا الشباب على كل هذا الإرث سواء عن طريق قيامهم باستدراجنا لكي نهبهم حصصنا ولم يكن قد مضى على وفاة والدنا ثلاثة أيام فقط والحزن قد طفى على وعينا أو عن طريق وصية شفوية قيل لنا إن والدنا قد أوصى بها.
لقد توفيت والدتنا العام الماضي2008 ولم تكن قد سجلت تنازلها عما تملك من إرث إلى إخوتنا الشباب أيضا بشكل رسمي وقانوني.
ويدعي إخوتنا الشباب أنها تنازلت لهم كتابياً أي بطريقة شكلية.
أي أننا نحن البنات لم نرث من والدنا ولا من والدتنا.
لقد ظلمنا ولا ندري كيف نرفع هذا الظلم عنا وهل ما حدث يجوز شرعاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أنه لا يجوز للأبناء أن يستأثروا بتركة أبيهم دون البنات لأن الله تعالى جعل للبنات نصيبا من الميراث كما جعل للأبناء نصيبا، قال تعالى: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً {النساء:7} .
وادعاء الأبناء أن والدهم أوصى بوصية شفوية إن كان المقصود أنه أوصى بأن تكون التركة للأبناء فهذه وصية لا عبرة لها ولو كانت مكتوبة وشهد عليها أهل الأرض جميعا؛ لما فيها من الجور والحيف لأنها وصية لوارث، والوصية لوارث ممنوعة شرعا ولا تصح إلا إذا رضي بقية الورثة بإمضائها؛ كما بيناه في الفتوى رقم: 112025، وكذا دعواهم أن أمهم تنازلت لهم عن نصيبها كتابيا لا عبرة به لأنه يجب على الأم أن تعدل في عطيتها فتعطي البنات كما أعطت الأبناء، فإن لم تفعل فالهبة التي أعطتها للبنين باطلة شرعا، هذا إذا أعطتهم نصيبها في حياتها، وأما إذا لم يأخذوا ما أعطته لهم أمهم حتى ماتت فتنازلها يعتبر وصية لهم ولا تصح لأنها لوارث كما ذكرنا.
ولم يتبين لنا المقصود من قول السائلة (باستدراجنا لكي نهبهم حصصنا) فإن كان المقصود أن البنات تنازلن عن نصيبهن فعلا برضاهن واختيارهن من غير إكراه وكن بالغات رشيدات فهذا تنازل صحيح وهبة منهن لإخوانهن، فإذا استلم الأبناء نصيب البنات فليس للبنات المطالبة بعد ذلك بما وهبنه لإخوانهن لأنه لا يجوز الرجوع في الهبة، وأما إن تنازلن عن نصيبهن بغير رضاهن ولا اختيارهن أو كن صغيرات دون سن البلوغ فهذا تنازل لا عبرة به ويبقى لهن حقهن في الميراث.
والذي ننصح به الأخت السائلة أن توسط أهل العلم بينها وبين إخوانها حتى تحل المشكلة ويأخذ كل ذي حق حقه، وإن علمت أن الإخوة يصرون على منعهن من الميراث فلترفع الأمر إلى المحكمة الشرعية لتنظر في القضية.
وانظري للأهمية الفتوى رقم: 97300، وهي بعنوان التنازل عن الميراث رؤية شرعية اجتماعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1430(12/6045)
أوصاه أبوه ألا يتزوج إلا بعد إخوته فهل يلزمه ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة وأبلغ 21 كانت ستتم خطبتي على أحدهم لكن حصلت بعض الظروف الصحية لأحد أسرته فأخرت الخطبة وبعد أن تم الاتفاق غير الرسمي توفي والده وأوصاه بألا يتزوج إلا بعد زواج إخوته والذي تمتد فترته إلى 5 سنوات، فماذا يمكن فعله بهذه الوصية على الرغم من موافقة إخوته على زواجه وأنهم لا يمانعون وهل انتظاري له به عيب خاصة وأنه رجل دين وذو أخلاق كريمة؟ جزاك الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على أبناء هذا الوالد أن يبروا والدهم بما استطاعوا من البر بعد وفاته، ومن ذلك الدعاء له وصلة رحمه والصدقة عنه ... كما أرشدنا إليه صلى الله عليه وسلم.
وأما وصيته بتأخير زواج ابنه فغير لازمة شرعاً، ولا يجب عليه تنفيذها، وخاصة أن إخوته موافقون على أن لا يؤخر زواجه، فمن المعلوم أنه إذا حصل وفاق بين من يعنيهم أمر الزواج من الزوجين والولي ... فإنه يحق لهم تنفيذ الزواج بغض النظر عن وصية الأب لأن هذه الوصية ليست من النوع الذي يجب تنفيذه -كما أشرنا- وخصوصاً إذا كان الابن يحتاج إلى تعجيل الزواج ليعف نفسه.
وإذا أراد الابن أن يؤخر زواجه لظروفه الخاصة ... وأردت انتظاره فلا حرج عليك في ذلك شرعاً ولا عيب فيه طبعاً وخاصة إذا كان صاحب خلق ودين.
وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 94962، والفتوى رقم: 112043.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1430(12/6046)
اشترى ذهبا لامرأته وأوصى أن يكون للبنات
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى والدي منذ 9 سنوات وقد اشترى لوالدتي ذهبا بمقدار 5000 جنيه وقال هذا الذهب للبنات وتوفيت والدتي منذ شهر ولم توص بشيء فما الحكم الشرعي للبنات والأبناء فى الميراث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والدكم لم يملك هذا الذهب لبناته، وإنما أوصى به لهن فهذه وصية لوارث، والوصية للوارث لا تجوز إلا أن يشاء الورثة، وذلك لما رواه الترمذي عن عمرو بن خارجة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب على ناقته فسمعته يقول: إن الله أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
فإذا أجاز الورثة الوصية وكانوا بالغين رشداء جازت الوصية، قال ابن قدامة في المغني: الإنسان إذا وصى لوارثه بوصية، فلم يجزها سائر الورثة، لم تصح بغير خلاف بين العلماء ... وإن أجازها -يعني الورثة- جازت في قول الجمهور من العلماء. انتهى.
أما إذا كان ملكه لهن وحازته أمهن لهن فتعتبر الهبة حينئذ نافذة إذا حصلت الحيازة قبل الموت أو مرض الموت، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1445، 2810، 22687، 25102، 51986.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1429(12/6047)
وصية الأب بماله لأولاده دون بناته باطلة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام على من اتبع الهدى، ترك رجل وصية غير مسجلة في الشهر العقاري ولكن قد وقع عليها شهود وهي أوراق بها تقسيم للميراث للأولاد دون البنات وله ثلاثة أولاد وثلاث بنات وكلهم متزوجون وتوفي هذا الرجل بعد كتابة هذه الأوراق بعدة سنوات وكان عند كتابتها قد تركها عند والدي ومر على وفاته اثنتا عشرة سنة ولم يسأل عليها أحد مع علمهم بها وقد توفي والدي منذ أربع سنوات وقاموا بسؤالنا عن هذه الأوراق وقد طلب منا البنات أن نحتجز هذه الأوراق ولكن منذ سنة توفي بنتان من البنات ويسأل أبناؤهما عن الميراث وطلبوا منا الورق عدة مرات ولكننا نحاول تعطيله حتى نعلم ما حكم الشرع هل يتحمل والدي الوزر لأنه لم يقم بإخراج هذا الورق طوال هذه المدة أو أعطيهم الورق وليس علينا أي ذنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أختي السائلة أن وصية الرجل المشار إليه بأن يقسم الميراث على الأبناء دون البنات هي وصية باطلة شرعا ولو شهد عليها أهل الأرض جميعا وهي وصية مخالفة لوصية الله تعالى الذي أوصى أن يقسم الميراث على الأبناء والبنات قال تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:11} .
كما أن تلك الوصية هي أيضا وصية لوارث وهي غير نافذة شرعا إلا إذا رضي الورثة بإمضائها ونرجو أن لا يكون وزر على والدك في عدم إخراج تلك الوصية، والذي ننصحكم به هو أن تقوموا بإصلاح لتلك الوصية بما يتوافق مع الشرع لقول الله تعالى: فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {البقرة:182} .
قال القرطبي في تفسيره: قال ابن عباس وقتادة والربيع وغيرهم: معنى الآية من خاف أي علم ورأى وأتى علمه عليه بعد موت الموصي أن الموصي جنف وتعمد أذية بعض ورثته فأصلح ما وقع بين الورثة من الاضطراب والشقاق فلا إثم عليه أي لا يلحقه إثم المبدل المذكور قبل وإن كان في فعله تبديل ما ولا بد ولكنه لمصلحة والتبديل الذي فيه إنما هو تبديل الهوى انتهى.
وانظري الفتوى رقم: 60763. حول الإصلاح في الوصية الجائزة.
وننبه السائلة الكريمة إلى أن السنة في السلام على المسلم أن يقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا لقي الرجل أخاه المسلم فليقل السلام عليكم ورحمة الله، رواه الترمذي، وأما السلام على من اتبع الهدى فإنها تقال للكافر.
قال النووي في المجموع: إذا كتب إلى كافر كتابا فيه سلام أو نحوه فالسنة ان يكتب نحو ما ثبت في الصحيحين في حديث أبي سفيان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى. انتهى.
ومثله ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف عن إبراهيم قال: إذا كتبت إلى اليهودي والنصراني في الحاجة فابدأ بالسلام وقال مجاهد اكتب السلام على من اتبع الهدى. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1429(12/6048)
الوصية بقصد الإضرار بالورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي أبي وترك بقعة من الأرض مساحتها 15 هكتارا وترك 6بنات وولدين، بنتان لم تتزوجا بعد، الأولى عمرها 58 سنة والثانية عمرها 53 سنة، أوصى لولد ابنه بالثلث لأنه كانت له مشاكل مع بعض الورثة لكي يحرمهم من إرثهم الكامل وأنا متأكد من هذا 100 في 100 فما قول الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مقصود السائل بقوله فما قول الشرع في ذلك أي في تلك الوصية، فالوصية ما دامت في حدود الثلث ولغير وارث فإنها تمضي ولو لم يرض الورثة، ولو زعموا أنه أوصى بذلك لحرمانهم، فالوصية بالثلث لغير وارث لا ترد، ولا ينبغي اتهام الموصي والدخول في النيات لأن السرائر أمرها إلى الله تعالى، ولو فرض أنه علم يقينا أن الموصي قصد بوصيته الإضرار بالورثة فإنه يأثم على ذلك، وفي إمضاء الوصية حينئذ خلاف بين الفقهاء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: الضرار نوعان حيف وإثم فإنه قد يقصد مضارتهم وهو الإثم وقد يضارهم من غير قصد وهو الحيف فمتى أوصى بزيادة على الثلث فهو مضار قصد أو لم يقصد فترد هذه الوصية وإن وصى بدونه ولم يعلم أنه قصد الضرار فيمضيها فإن علم الموصى له أنه إنما أوصى له ضرارا لم يحل له الأخذ ولو اعترف الموصي: إنما أوصيت ضرارا لم تجز إعانته على إمضاء هذه الوصية ووجب ردها في مقتضى هذه الآية. انتهى.
وجاء في إعانة الطالبين للدمياطي الشافعي: أما الثلث فلأن الشارع وسع له في ثلثه ليتدارك به ما فرط منه لم يؤثر قصده به ذلك. انتهى.
والذي نراه صوابا أن تمضي الوصية إذ لم يصرح الموصي أنه إنما أوصى بها ليحرم الورثة وذلك حتى لا يفتح المجال لهم لاتهام الموصي بقصد حرمانهم لأجل أن يبطلوا الوصية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1429(12/6049)
أوصت بأساورها في سبيل الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة غير متزوجة عمري 70 عاما قضيت حياتي أرعى أمي وأبي الكبار في السن وليس لي شهادة أو وظيفة أعيش منها إخوتي تنازلوا لي عن البيت بعد وفاة أبي وأنا أعيش مع أحدهم الآن ويأتيني إيجار البيت بمبلغ بسيط وإخوتي يساعدونني ولكن ليس دائما توفيت والدتي وقبل وفاتها أوصت بإنفاق أساورها الذهبية جميع المبلغ في سبيل الله فهل لها الحق أم لها الحق فقط بثلث كما أعرف علما أني بأمس الحاجه لهذا المبلغ للذهاب للحج أرجو مساعدتي فأنا لا أريد أن أضيع أجر تعبي معهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الأساور الذهبية التي أوصت أمك بإنفاقها في سبيل الله تساوي ثلث مجموع تركتها أو أقل، وجب إنفاذ وصيتها لأن للموصي أن يوصي بما لا يزيد عن ثلث التركة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم. رواه أحمد وابن ماجه واللفظ له.
وأما إذا كانت تلك الأساور تساوي أكثر من ثلث التركة أو كانت هي كل ما تركته أمك، فإن وصيتها لا تنفذ إلا في حدود الثلث، إلا أن يشاء الورثة إمضاءها، فإذا لم يشأ الورثة إمضاءها فإنه يصرف الثلث في ما أوصت به الميتة، ويأخذ الوارث نصيبه من الثلثين المتبقيين، وليس في عدم إمضاء ما زاد على الثلث عقوق بالوالدة ولا تضييع لأجر برها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1429(12/6050)
يصرف المال في الجهة التي حددها الميت ما دام ذلك ممكنا
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الفاضل: رجل من زمن قديم أوصى بشيء من محصول أرضه الزراعية أن يكون لريع مائدة رمضان التي كانت تعد أصلا للغريب والفقير في زمن كان الفقر منتشرا بين الناس، وكان الفقير وغريب البلد يبحث عمن يقيم مائدة إفطار للصائمين. ولكن الآن أصبح الريع يأكله أهل البيت أنفسهم بحجة أنه لا يوجد غرباء أو فقراء يبحثون عن هذه الموائد، وأنهم هم القائمون على زراعة هذه الأرض، والقيام بما يصلح من شأنها، فهم أولى الناس بمحصولها. فما حكم الريع الأساسي الذي أوصى به الرجل؟ هل هو من الوقف؟ وما حكم فعل الأولاد من أكل المحصول الذي أوصى به لمائدة رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تنفيذ وصية الميت المشروعة واجب، فإذا أوصى الميت بصرف شيء من ماله في شيء من وجوه الخير فيجب تنفيذ ذلك إذا لم يتجاوز ثلث المال، وينبغي النظر في صيغة الوصية، فإن كان نص على وقفية ما أوصى به كان وقفاً، وإلا فهو مجرد وصية. وتنفيذ الأمر في كلتا الحالتين واجب، فإن كان يمكن صرف المال في الجهة التي حددها الميت فيتعين ذلك ولا يعدل عنها إلى غيرها.
وإذا لم توجد الجهة التي حددها الميت فيتعين صرف ما أوصى به في بعض مصارف الخير حتى يتحقق ما أراد الميت من تحصيل الأجر، فانظروا هل يمكن أن يفطر بهذا المال بعض الفقراء ولو لم يكونوا غرباء، ولا شك أن الفقراء لا يزالون موجودين في كل بلد، بل إنه لا يكاد يخلو بلد من فقراء وغرباء، فينبغي البحث عنهم وإعطاؤهم ما يفطرون به من الريع الذي أوصى به الميت.
هذا وننبه إلى أن ما يصرف على هذه الأرض يؤخذ من محصولها، والباقي هو الذي يصرف في المجال المشار إليه، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 52737، 26022، 11657، 72627، 34777، 72630، 119779.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1430(12/6051)
ما يجوز تنفيذه من الوصية وما لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم وجزاكم خير الجزاء لدي سؤال: جدتي رحمها الله قبل أن تتوفى بأسبوع قالت لوالدتي المبلغ الذي لديكم (وهو عشرة آلاف درهم إماراتي) أعطي منه 3000 لابنك (أي أخي) و6000 قسمتها على أبنائها الثلاثة بالتساوي والألف الأخير قالت وزعيه على البنات ولا نعلم أي بنات تقصد هل حفيداتها أم بناتها، علماً بان لديها 4 أبناء و4 بنات وزوجها (أي جدي) متوفى رحمه الله، ولكن أبنائها اقترحوا أن يضموا لهذا المبلغ مبلغا آخر يشتركون فيه ويقومون ببناء مسجد لها في بلاد الخارج، والسؤال هو هل نستطيع فعلك ذلك رغم أنها قالت لأمي افعلي كذا وكذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرحم جدتكم وجميع موتى المسلمين، وما أوصت به هذه الجدة لحفيدها يعتبر وصية صحيحة يجب تنفيذها لأنها لغير وارث ... وأما وصيتها بتوزيع تركتها على من ذكروا فغير صحيح، ولا يجوز تنفيذه إلا إذا رضي بذلك جميع الورثة بطيب أنفسهم وكانوا رشداء بالغين، وإذا لم يرضوا به، فيجب تقسيم جميع ما تركت -بما في ذلك الألف التي لا تدرون لمن أوصت بها- على جميع ورثتها على ما جاء في كتاب الله تعالى، فإن كان ورثتها محصورين في الأبناء والبنات فإن التركة تقسم عليهم للذكر منهم ضعف نصيب الأنثى.. هذا إذا لم تكن قسمتها لذلك المال قد حصلت قبل مرضها الذي توفيت فيه وحازه الأولاد وتكون قد عدلت بينهم وبين بقية أبنائها وبناتها فإن حصل هذا فإنهم يملكونه.
وأما ما اقترحه الأبناء من أخذ المبلغ كله وإضافة شيء آخر إليه لبناء مسجد أو صدقة جارية عن والدتهم فإن هذا خير يؤجرون عليه ويُشكرون ويصل ثوابه إلى والدتهم -إن شاء الله تعالى- ولكن لا بد له من موافقة جميع الورثة وبشرط أن يكونوا رشداء بالغين، ولا يدخل فيه الثلاثة آلاف التي أوصت بها لحفيدها إلا إذا وافق على ذلك برضاه وطيب نفسه وكان بالغاً راشداً.. وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 97092.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1429(12/6052)
يستحب لمن له دين على شخص أن يكتب وصية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يوصي الرجل بأن الابن الأكبر عليه دين للوالد بقيمة 10000 ريال يجب دفعها لإخوانه بعد وفاة والده من قيمة الإرث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيستحب لمن له دين على شخص أن يكتب وصية بذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا وصيته مكتوبة عنده. رواه البخاري ومسلم وأحمد وأهل السنن الأربعة.
فإذا كان للأب دين على ولده ولم يرد أن يسقطه عنه فله أن يكتب وصية بذلك، ولا بد أن يُشهد عليها حتى تكون وصية معتبرة، وإن مات قبل كتابة الوصية وكان الدين ثابتا في نفس الأمر لم يسقط عن ذمة الابن بعدم الكتابة ويكون بعد وفاة الأب ملكا للورثة، مع العلم أن مجرد الوصية لا يثبت بها الدين على الولد إن جحد الولد الدين؛ بل لا بد من البينة حينئذ أو إقرار الابن، فإن عدمت البينة ولم يقر الابن فاليمين عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه. رواه الترمذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1429(12/6053)
الوصية للوارث هل تجاز من الثلث
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي تركت وصية تقول فيها (إني أوصي بكل ما أملك لابنتي وأمنع ابني لأنه كان سيئاً معي) أعرف أن الوصية باطله لأنه لا وصية لوارث، ولكن أنا مريضة فهل يجوز أن تقسم التركة بعد إخراج الثلث منها لي أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوصية لوارث باطلة، ولا تصح حتى في الثلث إلا إذا جازها الورثة، فلا يجوز لك أختي السائلة أن تأخذي ثلث التركة باعتباره وصية، والواجب عليكم قسمة كل التركة على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا عبرة بوصية أمك لكونها وصية لوارث، ولكونها وصية جائرة يقصد منها حرمان بعض الورثة.
ووصية الله تعالى أحق بالتنفيذ، وقد قال عز وجل: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:11} ، ونسأل الله تعالى أن يعجل لك بالشفاء، ويجعل ما أصابك من المرض كفارة ورفعة في الدرجات، وانظري لذلك الفتوى رقم: 106956، والفتوى رقم: 1996.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1429(12/6054)
أعطته أمه مالا ليبني به مسجدا بعد وفاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لدى والدتي مبلغ من المال قد وضعته عندي وأنا إحدى بناتها ونعيش سوية أنا وهي واثنتان من أخواتي وقد أمنتني أن أنفق هذا المبلغ في بناء مسجد بعد وفاتها (أطال الله بعمرها) ولا تريد أن يعلم جميع إخوتي الذكور بهذا، فهل يجوز هذا؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا المال يعتبر أمانة في يدك يجب عليك حفظه حتى تؤدي به ما ائتمنت عليه وهو بناء المسجد إذا كانت أمك قد أخرجت المال بعينه من ملكها.
وأما إن كان وصية أوصت بها بعد وفاتها، فإنه ينظر فيما تركت فإن كان المال في حدود ثلث تركتها فإنه ينفذ به بناء المسجد، وإن كان أكثر من الثلث رد ما زاد على الثلث إلا أن يجيزه الورثة بشرط أن يكونوا رشداء بالغين.. علماً بأن الوصية لا تثبت إلا ببينة أو إقرار من الورثة.
وقد بينا من قبل حكم الوصية التي ليس لها شهود غير أحد الورثة، ويمكنك أن تراجعي في ذلك الفتوى رقم: 113678.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1429(12/6055)
أوصى جده وجدته بكل مالهما له دون أبيه وعمته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل في سن الـ 40 متزج وأب لبنتين أعيش مع أسرتي في الغربة ... طلق جدي جدتي وكان لهما بنت وهي عمتي وولد وهو أبي الذي تزوج من فرنسية وأنا ابنهما، أبي يعيش في الغربة وكان عاقا لأبيه أما أنا فسلبني جدي من أبي وأمي وتربيت في حضنه وحضن زوجته (جدتي طلقها) طفولتي كانت رائعة لكن في مرحلة الشباب افتقدت لأبي وأمي وإخوتي، بعد سنوات افترق أبي وأمي ثم سافرت إلى أمي وعشت معها ومن حين لآخر أزور جدي الذي كان جداً متعلقا بي ويبكي لغيابي عنه، جدي كان غنيا صاحب أملاك كثيرة فحتى يحرم أبي (ابنه) وعمتي (ابنته) كتب كل أملاكه باسمي، أما زوجته التي كانت هي الأخرى غنية وتملك الأراضي وأموالا كثيرة بعد وفاة جدي وهي مريضة كتبت كل ما تملك باسمي (أعني أنها فعلت ذلك وهي على فراش الموت قبل وفاتها ببضعة أيام) اليوم أصبحت أملكها أنا، كان جدي وزوجته يملكان أراضي خصبة كثيرة جداً أموالاً لا تحصى منزلا كبير ... لكن أبي وعمتي يلاحقاني في المحاكم يطالبان بحقوقهما، فهل ما فعله جدي وزوجته صحيح شرعا، إن لم يكن كذلك فماذا يجب أن أفعل حتى أبتعد عن الحرام، أخشى أن يكون جدي قد ظلم ابنه وابنته وأن ما أكسبه اليوم من الأراضي الزراعية الخصبة غير حلال وأنا لا أريد أكل الحرام، فأفيدوني بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما تم هو مجرد كتابة الجد والجدة أملاكهما باسمك بدون توفر شروط نفاذ الهبة والتي من أهمها أن يكون في حال صحة الواهب ورشده وحيازة الموهوب له ما وهب في حياة الواهب ورشده، فإنها لا تعتبر صحيحة شرعاً، وتعتبر هذه الأملاك داخلة في الميراث وتقسم حسب الأنصبة الشرعية، وعلى هذا يجب عليك رد هذه الممتلكات وتقسم على الورثة (أبيك وعمتك) القسمة الشرعية.
وإذا كان ذلك على سبيل الوصية فإن الوصية بكل المال لمن كان له وارث لا تصح ولا تنفذ إلا في الثلث، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ... الثلث، والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس. متفق عليه من حديث ابن أبي وقاص رضي الله عنه.
وذلك من الإضرار في الوصية وهو محرم شرعاً، كما قال الله تعالى: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ {النساء:12} ، وفي هذه الحالة فالواجب عليك رد ما زاد على الثلث من تركة جدك وجدتك وتقسيمه على الورثة، علماً بأن الهبة في مرض الموت تعتبر وصية، ونذكرك بوجوب بر أبيك وصلة عمتك.
وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقما التالية: 6271، 17791، 26630، 36133، 58686، 66519، 8147.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1429(12/6056)
حكم هبة المال للبنت قبل الوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحديث الشريف الذي يختص بتوزيع المال للبنت قبل وفاة الوالدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يظهر لنا المراد من سؤالك، وعلى وجه العموم فلا تجوز الوصية لأحد من الورثة لما رواه الترمذي عن عمرو بن خارجة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب على ناقته فسمعته يقول: إن الله أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. ويمكنك مراجعة ذلك في الفتوى رقم: 26630.
كما لا يجوز لأحد الوالدين أن يخص ولداً من أولاده -ذكراً كان أو أنثى- بعطية بدون مسوغ شرعي لما رواه البخاري عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: أعطاني أبي عطية، فقالت عمرة بنت رواحة لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله، قال: أعطيت سائر ولدك مثل هذا، قال: لا، قال: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، قال: فرجع فرد عطيته.
ويمكنك مراجعة ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6242، 14254، 8147.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(12/6057)
أوصى ألا تباع العمارة حتى يستقل ماديا آخر أبنائه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي رحمه الله عن زوجة وله منها أربعة أبناء (بالغون وميسورو الحال) وأربع بنات (متزوجات) ولنا إخوة غير أشقاء من والدنا..
اما نحن الأشقاء ثلاث بنات (بنت متزوجة) وأخوان أحدهما في21 من العمر والآخر لم يبلغ 18 بعد.. يدرسان..
قال أحد إخوتي غير الأشقاء أن والدي أوصى بالثلث من ماله صدقة ... شفهيا، كما أوصى شفهيا له بألا تباع العمارة التي نسكن فيها حتى يستقل ماديا آخر أبنائه - أشقائي - (ولدين 21 - 15 سنة وبنت 22 سنة بالإضافة إليّ لأني مطلقة طلاقا بائنا وأعمل وأسكن مع إخوتي) نستقل بعمل الأولاد وزواج البنات.. ويصرف على دراستهم ونفقتهم منها..
فما الحكم في هذه المسالة من حيث: نفقتنا نحن البنات أنا أعمل وأختي لا, وأخواي الشقيقان كلاهما يدرسان وأحدهما 21 سنة على من تجب؟ وهل ننفذ الوصية الشفهية؟
أرجو الرد قريبا بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوصية متى ثبتت ببينة، ولم تشتمل على ما يبطلها فهي وصية صحيحة ويجب تنفيذها سواء كانت مكتوبة أو شفهية.
وعلى هذا؛ فإن وصية والدكم إذا ثبتت ببينة، وكانت لغير وارث ولا تشتمل على محرم فهي صحيحة يلزمكم تنفيذها.
أما وصيته بأن لا تباع العمارة التي يسكن فيها بعض أولاده وينفقون من دخلها على أنفسهم ودراستهم فهي وصية لوارث تتوقف على إجازة بقية الورثة لها، فإن أجازوها نفذت، وإلا لم تنفذ.
وأما بخصوص نفقتكم، فمن كان غنيا بكسبه أو ميراثه فلينفق على نفسه من ذلك، ومن كان فقيرا لا يكفيه ميراثه ولا عمل له يغنيه فإن نفقته تجب على إخوته الموسرين. ولبيان شروط وجوب نفقة الأخ راجعي الفتوى: 64789.
وللمزيد راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 61831، 61430، 108565، 25339.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1429(12/6058)
هل تشرع الوصية لمن يورث كلالة
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت في تفسير الآيتين عن الكلالة في سورة النساء أن الأولى إخوة لأم والثانية لأم ولأب أو لأب فقط إلا أنني لم أقرأ قول الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك، فهل يعتبر ذلك من الاجتهاد، والمسألة الثانية فهل في الآية الأولى إمكانية الوصية بالثلث وفي الآية الثانية تمنع الوصية؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الآية الأولى في الإخوة لأم، وهو أمر مجمع عليه كما نقله القرطبي في التفسير، وبه قرئ في الشواذ: وله أخ أو أخت من أم. كما أن الآية الثانية في الإخوة الأشقاء أو لأب.
ويشرع للميت في الحالتين أن يوصي بالثلث، لأن الوصية مشروعة لعامة الموتى بشروطها المعتبرة شرعاً، وعدم ذكر الوصية في الآية الثانية لا يدل على عدم المشروعية، بل إن المشروعية ثابتة بآية الوصية العامة وهي قوله تعالى: كتب عليكم إذا حضر ... إلى قوله:..... على المتقين.
وقد نسخ الوجوب المذكور في الآية والإيصاء للوارث وبقي الاستحباب فيمن سواه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1429(12/6059)
حكم الوصية لكل وارث بقدر نصيبه من التركة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة متزوجة منذ أربعين عاما أنجبت أربع بنات وليس لها ولد لها ذمة مالية مشتركة مع زوجها, أي أن راتبها كله تصرفه في بيت زوجها ساعدته في بناء بيته وساعدته في تزويج بناته الأربع. وإلى الآن معاشها تصرفه كاملا في بيت زوجها ورثت عن أبيها قطعتي أرض بناء ويريد زوجها أن يبني بيتا لبناته الأربع على إحدى القطعتين، هذه السيدة كما سبق ليس لها ولد ولها أخوان وأختان وأبناء أخ متوفى. تتساءل عن كيفية تقسيم تركتها لأنها تريد أن تخصص لبناتها إحدى القطعتين اللتين ورثتهما فهل يجوز ذلك؟ وما لإخوتها في تركتها حتى لا تجور على حق أخواتها لصالح بناتها. وتسأل أيضا هل يجوز بناء البيت من المال المشترك بين الزوجين.؟ وتسأل أيضا عن كيفية تقسيم تركة زوجها أب البنات الأربع وليس له ولد علما بأنه ليس له إخوة أحياء وإنما له أبناء إخوة متوفين. وهل يجوز تقسيم التركة والشخص على قيد الحياة إن كان في ذلك نفعا ومساعدة لبعض الوارثين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ماتت السيدة المذكورة عن الورثة المذكورين فإن تركتها تقسم كالتالي:
للزوج الربع لوجود الفرع الوارث؛ لقوله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ. {النساء:12} .
وللبنات الثلثان؛ لقوله تعالى: فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ {النساء:11} . يقسم بينهن بالسوية فيكون نصيب كل بنت السدس.
والباقي وهو سهم من اثني عشر سهما للإخوة يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقوله تعالى: وَإِنْ كَانُوا إخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. {النساء: 176} .
ولا شيء لأبناء الأخ المتوفى.
وإن مات الزوج عن الورثة المذكورين فإن تركته تقسم كالتالي: للزوجة الثمن لوجود الفرع الوارث، قال تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ. {النساء:12} .
وللبنات الثلثان؛ لقوله تعالى: فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ. {النساء:11} . يقسم بينهن بالسوية فيكون نصيب كل بنت السدس، والباقي وهو خمسة أسهم من أربعة وعشرين سهماً يقسم بين الذكور من أبناء الإخوة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر. متفق عليه.
أما سؤالك عن بناء البيت من المال المشترك بين الزوجين فجوابه أن المال المشترك بين الزوجين لا يجوز أن يتصرف فيه أحدهما إلا بموافقة الآخر لأن حكم الشريك في نصيب شريكه حكم الأجنبي فلا يجوز له التصرف فيه إلا بإذن شريكه.
فإن اتفق الشريكان أو الشركاء على بناء بيت من مالهما المشترك أو إقامة أي مشروع آخر فلا حرج في ذلك.
أما سؤالك عن تقسيم التركة والشخص على قيد الحياة، فإن ما يملكه الإنسان إنما يصير تركة بموته فلا يصح توريث المال إلا بعد موت مالكه، ولكن إن أراد الإنسان أن يتصرف في ماله حال حياته فيجوز له إذا كان أهلاً للتصرف أن يوزع جميع ممتلكاته بهبة أو صدقة أو غيرهما، إذا كان ذلك على سبيل النفاذ بحيث يتصرف كل من وُهِب له شيء تصرف المالك في ملكه، ويشترط أن لا يقصد بذلك حرمان أحد الورثة من نصيبه، أما إذا كان ذلك معلقاً بموت الواهب فإنه يأخذ حكم الوصية فلا يجوز أن تكون لوارث، ولا بأكثر من الثلث، إلا إذا أجاز ذلك الورثة وكانوا بالغين رشداء، لكن إذا أردت الوصية لكل وارث بقدر نصيبه فلا حرج في ذلك في الصحيح عند الحنابلة ووجه عند الشافعية.
قال ابن قدامة في المغني: وإن وصى لكل وارث بمعين من ماله بقدر نصيبه احتمل أن تصح الوصية لأن حق الوارث في القدر لا في العين , بدليل ما لو عاوض المريض بعض ورثته أو أجنبيا بجميع ماله صح إذا كان ذلك بثمن المثل, وإن تضمن فوات عين المال. واحتمل أن تقف على الإجازة لأن في الأعيان غرضا صحيحا , وكما لا يجوز إبطال حق الوارث في قدر حقه, لا يجوز من عينه. انتهى.
وصحح القول الأول بصحة الوصية المرداوي في الإنصاف.
وجاء في مغني المحتاج: (و) الوصية لكل وارث (بعين هي قدر حصته) كأن أوصى لأحد ابنيه بعبد قيمته ألف وللآخر بدار قيمتها ألف وهما ما يملكه (صحيحة) كما لو أوصى ببيع عين من ماله لزيد (و) لكن (تفتقر إلى الإجازة في الأصح) لاختلاف الأغراض بالأعيان ومنافعها. والثاني لا يفتقر إليها لأن حقوقهم في قيمة التركة لا في عينها, إذ لو باعها المريض بثمن مثلها صح وإن لم يرضوا بذلك, والدين كالعين فيما ذكر؛ كما بحثه بعض المتأخرين. انتهى.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 14893، 76456، 113114.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1429(12/6060)
حكم تنفيذ وصية الميت إذا لم يقر بها بعض الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريبة خصصت مبلغ 100ألف ريال في بناء مسجد وأوصت إحدى بناتها وزوج ابنتها بتنفيذ هذا العمل ولم تخبر أبناءها الآخرين بهذا العمل وماتت قبل أن ينفذ العمل فقامت ابنتها التي أوصيت بالعمل بأخذ المال من خزانتها لتنفذ الوصية في بناء المسجد، السؤال: هل يجوز للابنة وزوج الابنة تنفيذ هذه الوصية وإخفاء أمر المال عن إخوانها وأخواتها حتي ينفذ المشروع لأته يخشى من بعض الأبناء المعارضة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوصية يجب تنفيذها إذا كانت في حدود الثلث من تركة الموصي، وإذا لم يوجد شهود عليها غير البنت وزوجها فإن هذا لا يكفي في إثبات الوصية، ولا يوجب على الأبناء الآخرين أن ينفذوا الوصية، ولو أنهم صدقوا أختهم فهو أفضل لما في ذلك من حصول الأجر لأمهم، ويتعين على الأخت أن تخرج من نصيبها من التركة مقابل ما وصلها من المال الموصى به وتصرفه في بناء مسجد أو مشاركة فيه، فقد ذكر الدسوقي والنفراوي المالكيان أن من أقر بحق لجهة تملك كالمسجد فإنه يلزمه ما أقر به.
وأما سعي البنت وزوجها في تنفيذ الوصية دون علم بقية الورثة فليس لهم الحق فيه، فقد ذكر الحطاب في مواهب الجليل: أن الميت إذا استخلف على تنفيذ وصيته وارثاً من ورثته فليس له أن يغيب على تنفيذ ذلك دون سائرهم.. .
وهذا الحكم في الوصية الثابتة وإذا لم يكن للوارث تنفيذ الوصية الثابتة دون بقية الورثة فمن باب أولى ألا يجوز ذلك فيما لم يثبت ...
ففي درر الحكام شرح غرر الأحكام في الفقه الحنفي: أنه إذا أقر أحد الابنين بعد القسمة بوصية أبيه دفع ثلث نصيبه لأنه أقر له بثلث شائع في التركة وهي في أيديهما فيكون مقراً بثلث ما في يده بخلاف ما إذا أقر أحدهما بدين لغيره لأن الدين مقدم على الميراث فيكون مقراً بتقدمه فيقدم عليه أما الموصى له بالثلث فشريك الوارث فلا يسلم له شيء إلا أن يسلم للورثة مثلاه.
وفي الفتاوى الهندية: قال: وإذا كانت الورثة ثلاثة والمال ثلاثة آلاف فأخذ كل إنسان ألفاً، ثم أقر أحدهم أن أباه أوصى بالثلث إلى فلان وجحد الآخران ذلك فإنه يعطيه ثلث ما في يده استحساناً، وكذلك لو كانا اثنين والمال ألفان والمسألة بحالها فإنه يعطيه ثلث ما في يده استحساناً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1429(12/6061)
حكم تأخير تنفيذ وصية الميت بغير عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أوصى الوالد قبل وفاته بثلث ما يملك لعمل مشروع خيري أو مسجد، وقد تم تثمين الممتلكات وكانت تساوي 1300000 ولكن المبلغ المطلوب لم يكن متوفراً في ذلك الوقت أو أننا نضطر إلى بيع البيت الذي نسكن به نحن والوالدة، ولكن الآن المبلغ المطلوب متوفر لدينا ولكن أسعار العقار في الوقت الحالي قد تغيرت وارتفعت بشكل كبير، سؤالي هو هل يتم اعتماد المبلغ القديم على أساس أنه هو قيمة الثلث عند الوفاة أو يتم تثمين الممتلكات من جديد، علما بأنه لو تم التثمين من جديد فلن يتوفر المبلغ المطلوب للوصية وسوف نضطر لتأجيل إخراج الثلث مرة أخرى، نأمل منكم سرعة الرد ولكم جزيل الشكر، كذلك إذا كان بالإمكان كتابة اسم المفتي أو اسم الجهه التي أصدرت الفتوى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تنفيذ الوصية واجب في ثلث المال حسبما أوصى به الموصي ولا يجوز تغييرها أو تبديلها أو تأخيرها، وعدم تنفيذها على وفق الوصية مع توفر الشروط وانتفاء الموانع يوقع في الإثم العظيم عند الله تعالى، قال الله تعالى: فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {البقرة:181} .
فالواجب عليكم هو التوبة مما وقعتم فيه من تأخير تنفيذ الوصية والمبادرة إلى تنفيذها ولو استلزم ذلك بيع البيت أو جزء منه، فإن ثلث التركة التي تركها والدكم ليست ملكاً لكم ويجب صرفها في المصرف الذي ذكره والدكم، والواجب الآن إخراج ثلث التركة بحسب قيمة التركة في وقت تنفيذ الوصية لأن ذلك هو مقتضى ما وصى به والدكم، فثلث التركة وقت الوفاة لم يصر ملكاً لكم بل هو مملوك للجهة التي أوصى بها والدكم ولا يجوز لكم التصرف فيه.
وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16014، 18540، 38774، 113126، 1122.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(12/6062)
الوصية بالمال للأولاد لمنع الزوجة الثانية من الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل عمره 74 سنة وتوفيت زوجته التي شاركته تكوين ثروته وله منها بنتان وولدان متزوجون جميعا، ويريد أن يقسم تركته بشرع الله (على أولاده كميراث لهم علي ألا تؤول لهم إلا بعد وفاته والاحتفاظ بحق انتفاعه من التركة علي مدار حياته) هذا ليتزوج بزوجة ترعاه في حياته ولا يكون لديه باسمه أي ممتلكات ترثه فيها بعد وفاته، فهل هذا جائز؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فقسمة الرجل ماله على أولاده ليأخذوه بعد مماته هذا لا يسمى قسمة للتركة بل وصية، وكتابة الرجل وصية لأولاده لأجل أن يمنع زوجته من أن ترثه بعد وفاته لا تصح لأمرين:
الأول: لأن الوصية للوارث ممنوعة شرعاً ما لم يمضها بقية الورثة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ... رواه أهل السنن الأربعة، ووصية الرجل لأولاده هي وصية لوارث، وإذا أوصى لأولاده وكان له زوجة لم تمض الوصية إلا بموافقة الزوجة، انظر في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 112212.
الثاني: أن كتابة وصية بقصد حرمان بعض الورثة من الميراث هي من الإضرار في الوصية وهذا أمر محرم ومن كبائر الذنوب، كما فصلناه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 71872، 66519، 75564، 78032، 106777.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(12/6063)
حكم تغيير الوصية التي ليست فيها مخالفة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[كتب والدي رحمه الله في وصيته
• تركتي هي: شهادات بنكية بالدولار 2- شقة
• أوصي بثلث تركتي لصندوق الزكاة بمسجد كذا.
• أوصي بعدم بيع شقتي وأن تبقى لأولادي وأحفادي من بعدي. نحن -أنا وإخوتي- نظن ظنا يقارب اليقين أن الوالد لم يقصد أن نخرج قيمة ثلث الشقة، ويدل على ذلك أيضا أنه أوصى بعدم بيع الشقة، فهل يلزمنا إخراج ثلث قيمة الشقة، وهل يجوز لنا بيعها خاصة أنها تبعد عنا أكثر من 500 كم ولن نستفيد منها بل ونخاف أن يقوم أحد بسرقتها أو استغلالها، وبالنسبة للأثاث والمال النقدي الذي كان في شقة الوالد وأيضا المال الذي تصرفه الدولة للورثة عند الوفاة، فهل نخرج من ذلك الثلث أيضا أو لا حيث إنه لم يكتب ذلك في مفردات تركته؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب تنفيذ الوصية حسبما أوصى به الموصي، ما لم يكن في ذلك ما يخالف الشرع، فإن كثيراً من العلماء ينص على أن شرط الواقف كنص الشارع ما لم يخالف الشرع، ومثله الوصية فلا يجوز تغيير الوصية ما لم يكن فيها مخالفة شرعية، والله تعالى يقول: فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. {البقرة:181} .
وإذا ثبت هذا فلا خلاف بين الفقهاء في أن التركة تشمل كل ما يخلفه الميت من الأموال فإذا أوصى والدكم بثلث التركة فيجب تقدير جميع الممتلكات التي تركها وإخراج الثلث من ذلك بما في ذلك تلك الشقة حيث إن الوصية بثلث التركة ولم يستثن الوالد منها شيئاً، وإذا كان المال الذي تدفعه الدولة للورثة من حقوق المتوفى فحكمه حكم التركة.
أما ما ورثتموه بعد إخراج الثلث فيقسم بينكم بحسب القسمة الشرعية، ولكم أن تتصرفوا في هذا الميراث بما أردتم من بيع وغيره، ولا أثر لوصية والدكم في المنع من البيع، لأن ملكية الشقة انتقلت إلى الورثة بمجرد الوفاة، وننبهك إلى أن الشهادات البنكية إذا كانت ربوية فيجب عليكم احتساب الفائدة الربوية وصرفها في مصالح المسلمين فإنها لا تحل قسمتها ضمن الميراث، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9616، 9712، 30568، 31284.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(12/6064)
الوصية للأخ الشقيق غير الوارث
[السُّؤَالُ]
ـ[مات وترك ولدا وبنتا وأخا شقيقا وأوصى لأخيه بخمس التركة فهل تنفذ هذه الوصية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الوصية يجب تنفيذها لأن الأخ هنا غير وارث لحجبه بالفرع الذكر، والوصية لم تبلغ حد الثلث فهي تدخل في عموم الوصية للأقارب غير الوارثين فهي مستحبة وقد ندب الشرع إليها. قال تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {البقرة: 180-181} وقد نسخ الوجوب المذكور في الآية والوصية للوارث وبقيت المشروعية في الأقارب الذين لا يرثون، ويجب تقديم تنفيذ الوصية على تقسيم التركة لقوله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء: 11} .
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 43921، 22734، 36247.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1429(12/6065)
وصية الجدة بمال لبعض أحفادها
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن تفيدوني في أمرين الأول: ماتت جدتي وهي قد كتبت باسم أختي الكبرى مبلغا من المال صغيرا كانت تقول لزواجك أنت وأخواتك فهل المبلغ بعد موتها من حقنا أم لا؟
السؤال الثاني:- بعد موت جدتي من خوف جدي علينا كتب أيضا الشقة باسم أختي علماً أن أبي يوجد عنده شقة ولكن أنا وأخواتي الأربعة لم نجلس فيها، فمنذ نشأتنا ونحن جلسنا ببيت جدي وجدتي فهل ما فعله صحيح أم خطأ علما بأن أخوالنا لم يحبونا مثل الأول وأصبح الكره يملأ قلوبهم من جانبنا، أرجو النصيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تصرف جدتك وجدك بكتابة بعض مالهما باسم أختك إن كان على سبيل الوصية فحكمه حكم الوصية، والوصية لا تجوز لوارث، ولا لغير وارث إلا في ثلث المال إلا إذا أجازها الورثة.
فإذا كانت أختك غير وارثة كما يفهم من كلامك وكان المكتوب باسمها لا يزيد عن ثلث التركة فيجوز لها أخذه، أما ما زاد عن الثلث فيجب رده إلى التركة ويقسم بين الورثة الشرعيين.
أما إن كانت هذه الكتابة على سبيل الهبة وكان ذلك في حال الصحة والرشد من الجد والجدة وتمت الحيازة الشرعية للموهوب حيازة تامة بحيث أصبحت أختك متصرفة في الهبة تصرف المالك في ملكه، فقد تمت الهبة وأصبح الموهوب ملكاً لأختك.
وننصحكم بالبر بأخوالكم وصلة رحمهم ومودتهم ويمكنكم توسيط أهل الخير والصلاح للإصلاح بينكم، وإن أردتم أن تتنازلوا عن شيء مما كتبه لكم جدكم أو جدتكم تأليفاً لقلوبهم كان ذلك من البر والإحسان إليهم.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 11449، 57246، 104544، 112443.
والله أعل م.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1429(12/6066)
وصية المسلم بألا يدفن في تابوت
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على كل المجهودات الجبارة التي تجودون بها علينا يا أساتذتنا الكرام لتنيروا لنا طريق الهداية ... سؤالي كالتالي: والدي حائر في مسألة وصية حمله أمانتها شخص يقول إنه ارتاح له لذلك ألزمه بتوقيع هذه الوصية بعد مماته وإلا سيسأله عنها يوم القيامة.. لذلك والدي احتار في أمره هذا بين المسألة الشرعية والقانونية وأبناء هذا الشخص الكريم.. والوصية فحواها كالتالي: بحكم سكن هذا الشخص في ديار الغربة يخشى أن يموت هناك ويؤتى به إلى المغرب في صندوق كما العادة المعهودة عند المغتربين خارج المغرب في حال إرجاعهم إلى الوطن لدفنهم، ولهذا ألزم والدي أن يقوم بدفنه دون ذاك الصندوق وشدد عليه الطلب فما حكم الشرع في هذه الوصية، وفي حال جوازها ما يجب أن يفعله والدي إن رفض أبناء هذا الشخص الكريم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وصية المسلم أن لا يدفن في التابوت وصية مشروعة، لأن الدفن في التابوت كرهه أهل العلم، إلا إذا كان فيه مصلحة كأن كان الميت محترقاً أو متغيراً ... وعلة الكراهة أنه لم يؤثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته والسلف الصالح، وأن فيه إضاعة للمال وتشبهاً بعمل الكفار، وينبغي لهذا الشخص إن كان حياً الآن أن يوصي أبناءه كذلك بهذه الوصية أو يكتب ذلك في وصيته ليكون ذلك أدعى إلى تنفيذها بعد موته.
وعلى كل حالٍ فإذا مات هذا الشخص فينبغي لوالدك أن يخبر أولياء الميت بوصيته ألا يدفن في التابوت ويحضهم على تنفيذ ذلك ويبين لهم كلام أهل العلم في المسألة، فإن رفضوا ذلك فيمكن أن يخبر بالوصية من يمكنه التأثير عليهم فإن لم يقبلوا فلا يلزمه أجبارهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1429(12/6067)
أوصت أمه ببناء مسجد فوجد صعوبة فماذا يفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[تركت لي أمي مبلغا من المال قصد بناء مسجد صغير، وقد ألحت أن يبنى في ملكها لكن بعد مرور أكثر من سبع سنوات لم أستطع تنفيذ وصيتها نظرا للمسطرة الصعبة في بناء المساجد، لهذا بدأت أنفق مالها في إدخال الماء الصالح للشرب إلى بعض المساجد، هل يجوز لي ذلك؟ وهل ارتكبت إثما حينما لم أنفذ وصية المرحومة علما بأني حاولت مرارا وتكرارا؟ ماذا أفعل بالمال المتبقي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تنفيذ الوصية واجب في ثلث المال حسبما أوصى به الموصي ولا يجوز تغييرها أو تبديلها أو تأخيرها وعدم تنفيذها على وفق الوصية مع توفر الشروط وانتفاء الموانع يوقع في الإثم العظيم عند الله تعالى، قال تعالى: فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {البقرة:181} .
قال القرطبي: والضمير في إثمه عائد على التبديل، أي إثم التبديل عائد على المبدل لا على الميت. انتهى.
وقد نص أهل العلم على وجوب اتباع شرط الواقف وقالوا إنه كحكم الشارع ما لم يخالف الشرع.
قال العلامة خليل المالكي في المختصر: واتبع شرطه.أي الواقف. إن جاز.
وفي كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع: ويتعين صرف الوقف إلى الجهة التي عينها الواقف حيث أمكن لأن تعيين الواقف لها صرف عما سواها. انتهى.
وبهذا يعلم عدم جواز صرفك المال في إدخال الماء إلى المسجد، والواجب أن تنفذوا ما أوصت به أمكم من بناء مسجد ولو صغيرا إن كان ثلث متروكها يتسع لذلك أو وجدتم من يتطوع بما يكمل نقصه، وإن لم يتسع الثلث لبناء المسجد ولم يوجد متطوع بما يكمله فإنه يجب أن يصرف المبلغ في نظير الجهة التي عينتها الأم متى ما أمكن ذلك أي في مشاركة في بناء مسجد آخر أو تكميل بنائه لأن ذلك أقرب الطرق إلى تحقيق مقصود أمكم، وقد ثبت في الشرع فضل البناء للمساجد سواء كانت صغيرة أو كبيرة، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة.
وفي سنن ابن ماجه وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال: من بنى مسجدا لله كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتا في الجنة.
فعليك أن تبدأ في محاولة صرف الباقي من المال في الابتداء بالمسجد ولو صغيرا وما صرفت سابقا من المال في غير الجهة التي أوصت بها الأم فعليك أن ترد مثله أو قيمته وتصرفه في المسجد.
ففي الحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الإمام أحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1429(12/6068)
اختلف مع ورثته فأوصى بماله للصليب الأحمر
[السُّؤَالُ]
ـ[عم جزائري مقيم بفرنسا لم يتزوج ولم ينجب أولادا لديه أبناء أخ بالجزائر هم ورثته الوحيدون شرعا، بسبب خلاف عائلي بسيط قرر أن يحرمهم من ميراثه، بل أكثر من ذلك قرر كتابة منزله وماله بعد الوفاة للصليب الأحمر الفرنسي، فأرجو من علمائئا الأجلاء أن يفتوني برأي الدين في مثل هذه الأمور، يرجى إرسال الفتوى على البريد الإلكتروني المرفق؟ دمتم للإسلام وللمسلمين ذخراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صح ما ذكر فإن هذا الرجل قد أتى جملة من المنكرات، ومنها المنكر الأول قصده حرمان الورثة، وهذا لا يجوز كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 107617.
المنكر الثاني الوصية بما زاد على الثلث، وهذا لا يصح إلا إذا أجازه الورثة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 6271..
وهذا فيما إن كانت الجهة التي أوصى لها ممن تجوز الوصية لهم شرعاً، ولذا نقول: إن المنكر الثالث الوصية لهذه الجهة القائمة على المحادة لله ورسوله، فلا تجوز هذه الوصية.
فنوصي بنصح هذا الرجل برفق ولين، وأن يبين له عدم جواز ما يريد أن يقدم عليه، وأن يخوف بالله تعالى وأليم عقابه إن أقدم على ما يخالف الشرع، وينبغي أن يرشد إلى أن يقدم جزءاً من ماله لآخرته بأن يجعل منه أوقافاً وصدقات جارية كطباعة كتب العلم النافعة وبناء المساجد وحفر الآبار وكفالة الأيتام ونحو ذلك ...
وننبه إلى أنه إن كان قد حدث خطأ من قبل أبناء أخيه تجاهه فعليهم أن يبادروا بالاعتذار إليه، فإن عم الرجل صنو أبيه، وراجع الفتوى رقم: 57985.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1429(12/6069)
الدخول في شركة بالمال الموصى بإنفاقه في البر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز مشاركة مال ثلث متوفى في مشروع تجاري مثل مكتبة أو روضة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح ولكنا نقول إنما يتركه الميت من أموال تنتقل بتحقق موته إلى ورثته بعد أن ينقضي دينه وتنفذ وصيته إن أوصى بشيء.
وعليه فإذا كان الميت أوصى بثلث ماله ينفق في وجوه البر ونحو ذلك فيجب تنفيذ وصيته ولا يحل التصرف فيه بتجارة أو مضاربة إلا فيما أوصى به الميت.
قال تعالى: فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {البقرة: 181} .
قال الجصاص في تفسير آية الوصية: وفيها الأمر بإمضائها وتنفيذها على الحق والصدق. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1429(12/6070)
الوصية للوارث لا تنفذ إلا إذا رضي الورثة بإمضائها
[السُّؤَالُ]
ـ[في عملية الميراث, قال الأب قبل الوفاة إن هذا البيت يجلس فيه الابن الأكبر، وهذا البيت الآخر للابن الأصغر فما حكم توزيع الميراث في هذين البيتين، مع العلم بأنه ترك أشياء أخرى وأيضاً 7 بنات، كلهم متزوجون ما عدا الابن الأصغر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مقصود الأب بقوله (هذا البيت يجلس فيه..) أي بعد موته فهذه تعتبر وصية لوارث وهي ممنوعة شرعاً إلا إذا أجازها الورثة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله عز اسمه قد أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث.. رواه أهل السنن واللفظ للنسائي.
فتلك الوصية لا تنفذ إلا إذا رضي الورثة بإمضائها، وإن لم يرضوا فإن البيتين يدخلان في التركة ويقسمان على سائر الورثة القسمة الشرعية، وكل الأولاد الذكور والإناث لهم حق في التركة سواء المتزوج منهم وغير المتزوج، الفقير منهم والغني، لأنهم لا يرثون أباهم بالقرابة فلا دخل للزواج وغيره في ذلك، وانظر الفتوى رقم: 51986، والفتوى رقم: 43819.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1429(12/6071)
قالت قبل موتها: أعطوا بنت أخيكم، ذي بنتي
[السُّؤَالُ]
ـ[ماتت وتركت زوجا وثلاثة ذكور وبنتان (أبنائها) وبنت أخ متوفى التركة50000جنيه كيف توزع التركة وما هو نصيب بنت الأخ؟ ولكم جزيل الشكر
ابن المتوفاة وعم بنت الأخ قالت المتوفاة: أعطوا بنت أخيكم، ذي بنتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أن المرأة توفيت عن زوج وثلاثة أبناء وابنتين وبنت ابن، فان كان واقع الحال ما فهمناه ولم تترك وارثا غيرهم.. فإن لزوجها الربع لقوله تعالى: فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:12} .
والباقي يقسم بين أبنائها الثلاث وبنتيها للذكر مثل حظ الأنثيين لقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:11} .
وبنت الابن ليس لها شيء في الأصل لأنها محجوبة بالابن المباشر وبجمع البنات.
ولكن يبقى النظر في قول المرأة عن بنت ابنها: أعطوها ذي بنتي: إن كان المقصود أعطوها مثل نصيب ابنتي فهذه وصية بمثل نصيب الوارث لبنت ابنها المحجوبة، وهي وصية صحيحة نافذة لأنها وصية لغير وارث ولم تزد على الثلث، فتعطى بنت الابن مثل نصيب البنت، فتقسم التركة على 35 سهما، للزوج 8 أسهم، ولكل ابن 6 أسهم، ولكل بنت 3 أسهم،
ولبنت الابن الموصى لها 3 أسهم أيضا. وهذا على مذهب جمهور أهل العلم الذين يجعلون للموصى له بمثل نصيب وارث زيادة سهم على مسألة الورثة مثل سهم المشبه به.
وأما إن كان مقصود المرأة بقولها أعطوها ذي بنتي. أي هذه بنتي وليس مثل نصيب بنتي فهذه وصية بشيء لم تقدره فتصح الوصية لأنها لغير وارث ويرجع في تفسيرها للورثة فيعطونها ما شاءوا.
قال ابن قدامه في المغني: وإن أوصى بجزء أو حظ أو نصيب أو شيء من ماله أعطاه الورثة - ما شاؤوا- ولا أعلم فيه خلافا، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وابن المنذر وغيرهم لأن كل شيء جزء ونصيب وحظ وشيء. وكذلك إن قال: أعطوا فلانا من مالي أو ارزقوه لأن ذلك لا حد له في اللغة ولا في الشرع فكان على إطلاقه انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1429(12/6072)
حكم وصية الأب لمن لا يعمل من أولاده ولكونه غير متزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أب له ست بنات وولد. الولد متزوج ويشتغل و3 بنات متزوجات ويشتغلن وبنت متزوجة ولا تشتغل وبنت غير متزوجة ولا تشتغل وبنت غير متزوجة ومريضة مرضا نفسانيا وتتناول الأدوية منذ صغرها ولا تعمل يريد هذا الأب أن يوصي لبنتيه الأخيرتين شيئا من أملاكه علما أنهما من يعتنيان به لحكم مرضه وكبر سنه. فما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح أن يوصي الأب لابنتيه ولو كانتا لا تعملان وغير متزوجتين لأن الوصية للوارث لا تصح في الشرع لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث. رواه الترمذي.
وإذا أوصى لهما فإن وصيته لا عبرة بها، ولا تنفذ إلا إذا أجازها الورثة، كما بيناه في الفتوى رقم: 51986، 22687. ولكن البنت المريضة قد يكون مرضها مسوغا شرعيا يبيح للأب أن يهب لها في حياته شيئا من ممتلكاته دون بقية أولاده. وانظر الفتوى رقم: 107734.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1429(12/6073)
حكم وصية الأم بأن يأخذ كل ولد من أولدها ما وهبه لها من الذهب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل بخارج مصر وكنت عندما أنزل الإجازات أحضر لوالدتي هدية عبارة عن مشغولات ذهبية وقد أوصت عندما تجلس مع أخواتي بأنه عندما يتوفاها الله يقوم أخواتي بإعطائي جميع المشغولات الذهبية التي أحضرتها لها وكذلك أي من الإخوة أحضر لها شيئا ذهبيا فليأخذه هو شخصياً، وبالفعل أعطاني أخواتي جميع مشغولاتي التي أحضرتها لها، وأخذ كل من الإخوة ما أعطاه لها من الهدايا الذهبية، فهل هذا من حقي، وهل يكون عليه زكاة؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تملكت أمك هذه المشغولات بقبضها منك حين وهبتها لها، ولذا فهي من تركتها بعد موتها فتقسم ميراثاً شرعياً بين جميع الورثة، وأما وصيتها بأن يأخذ كل ولدٍ من أولدها ما وهبه لها فلا تجوز؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح وصححه الذهبي.
لكن إذا أجاز الورثة هذه الوصية جازت لأن الحق لهم، فإذا رضي إخوتك عن طواعيةٍ واختيار أن تأخذ هذه المشغولات، وأن يأخذ كلُ من أعطى أمه شيئاً ما بعد إعلامهم بالحكم الشرعي جاز لك أخذ هذه المشغولات لأنه حقهم وقد وهبوه لك، وكذلك لا حرج -والله أعلم- في تنازل كل منكم لأخيه عن حصته مما وهبه لأمه ما دام ذلك عن طيب نفس، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس. صححه الألباني في الإرواء.
وهذا إذا كان التنازل غير مشروط بتنازل الغير، وأما إن كان بعض الإخوة يشترط في تنازله أن يتنازل له الأخ الآخر أو ظن أنه يتنازل له لكي يتنازل الآخر فإن هذا يعتبر من هبة الثواب، وهبة الثواب يجري فيها ما يجري في البيع من الأحكام فيشترط في النقدين المتماثلين التساوي والتقابض ... وعليه؛ فلا تصح فيما كان غير متماثل.
وأما زكاة هذه المشغولات فإن كانت معدة للاستعمال والتحلي بها بأن أعطيتها لنسائك فإنه لا زكاة فيها عند الجمهور خلافاً لأبي حنيفة ومن وافقه.
وقد بسطنا الكلام في المسألة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6237، 2870، 69644، 68529.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1429(12/6074)
مسائل في الوصية لغير الوارث
[السُّؤَالُ]
ـ[تركت عجوز - تعرفها أمي منذ زمان ليست صلة قرابة- مجوهراتها عند أمي قبل أن تموت وقالت لها أمانة أن تتركيها عندك ولا تعلمي أحدا وإن مت فهي لك فهي لك فهي لك (3مرات) ، وكان للعجوز ابنتان لا تحبهما كانت تعيش في بيت لوحدها.... ثم ماتت العجوز وأخذت أمي الأمانة ولا تعرف ماذا تفعل بها فهل هي حلال لأمي أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تلك المجوهرات تعد وصية من هذه المرأة لوالدتك، إذ الوصية تمليك للغير مضاف لما بعد الموت، وليست هبة لأن من شروط صحة الهبة أن يحوزها الموهوب في حياة الواهب، وراجع في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 43987.
والوصية تجوز لغير الوارث في حدود الثلث فقط، وما زاد على الثلث فهو موقوف على إجازة الورثة، فإن أجازوه صح ذلك.
قال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أن الوصية لغير الوارث تلزم في الثلث من غير إجازة، وما زاد على الثلث يقف على إجازتهم، فإن أجازوه جاز، وإن ردوه بطل في قول جميع العلماء، والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد حين قال: أوصي بمالي كله؟ قال: لا، قال: فبالثلثين؟ قال: لا، قال: فبالنصف؟ قال: لا، قال: فبالثلث، قال: الثلث، والثلث كثير. انتهى.
وعلى ذلك فينظر فإن كانت هذه المجوهرات في حدود ثلث التركة نفذت هذه الوصية، وإن كانت أكثر لم ينفذ منها إلا الثلث ويرد الباقي على ورثتها.. وننبه إلى أن محل ما تقدم أن تكون الوصية ثابتة ببينة أو شهود، أما إذا لم تكن كذلك فإن للورثة ردها وعدم قبولها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1429(12/6075)
اللجوء للقانون للحصول على الوصية بأكثر من الثلث لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت امرأة عن أب وأخ وولدين وكان لأبيها أملاك كثيرة موزعة في مناطق متعددة منها ما هو بالبلد ومنها ما هو حولها (علما بأن ثمن الأرض داخل البلد أكثر بأضعاف عن حول البلد) ، ثم توفي أبوها ثم أوصى أخوها بدونمين لكل من أولاد أخته داخل البلد (التي ثمنها أكثر) بوجود شهود وتوفي بعدها، وقانون الدولة يجيز ميراث الولدين اللذين توفيت أمهما, ولكن تنازل الولدان عن حصتهما داخل البلد دون أن يعلما بوصية خاليهما، ولم يتنازلا عن الأراضي التي حول البلد نظراً لوجود عوائق ليست بسببهما، وقام أولاد خاليهما بتوزيع ميراث أبيهم دون إنفاذ وصيته وعندما طالب الولدان بوصية خاليهما رفض أبناء خالهم أن يعطوهم من الأرض، فهل يجوز للولدين أن يأخذوا من حصة خالهم التي حول البلد والتي لم توزع بعد وأن يتنازلوا عن الباقي، وهل يجوز لهم أن يأخذوا أكثر من أربع دونمات نظراً لأن سعرها أقل، وهل يجوز لهم إجبار أولاد خالهم أن يعطوهم من الأرض التي بداخل البلد وإلا أخذوا حصتهم كاملة خارج البلد بموجب قانون الدولة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوصية الخال لأولاد أخته إذا كانت بالثلث فأقل تعتبر وصية صحيحة نافذة ولا يجوز للورثة منعها، وإذا كانت بأكثر من الثلث فإنها تمضي في الثلث فقط، وما زاد عن الثلث لا يمضي إلا بإجازة الورثة.
وعليه؛ فمن حق أولاد الأخت المشار إليهم أن يأخذوا وصية خالهم لهم بالأرض التي داخل البلد -إذا كانت تساوي ثلث التركة أو أقل على ما سبق ذكره- ولا يجوز للورثة أن يمنعوهم حقهم في الوصية، فإن فعلوا فلهم أن يرفعوا الأمر إلى المحكمة الشرعية للنظر في القضية وانتزاع الوصية من الورثة ودفعها لأولاد الأخت، فإن تعذر ذلك فلأولاد الأخت أن يأخذوا من الأرض التي خارج البلد أو من غيرها بما يساوي وصية خالهم لهم إذا لم تزد الوصية عن ثلث التركة، فإذا زادت أخذوا مقدار الثلث فقط، وقول السائل (.. وهل يجوز لهم إجبار أولاد خالهم أن يعطوهم من الأرض التي بداخل البلد وإلا أخذوا حصتهم كاملة..) إن كان يعني أنهم يتكئون على القانون لأخذ أكثر من الوصية التي أوصى لهم بها خالهم فهذا لا يجوز، وليس لهم حق فيما زاد عن الثلث إلا برضا الورثة، وإن كان المقصود إجبار أولاد الخال بالقانون على إعطائهم الوصية أو قيمتها فهذا من حقهم لأن وصية خالهم نافذة لا يجوز تعطيلها ما دامت لغير وارث وفي حدود الثلث.
وننبه إلى أن موضوع الوصية ونفاذها من عدم نفاذها يعتبر من المواضيع الشائكة التي ينبغي رفعها إلى المحكمة الشرعية أو مشافهة أهل العلم بها للنظر في نص الوصية ومقدارها وملابساتها، فلا ينبغي الاكتفاء بما ذكرناه آنفاً، وانظر الفتوى رقم: 35945، والفتوى رقم: 23129، والفتوى رقم: 97193.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1429(12/6076)
حكم الوصية للأم والأخت
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يرحمه الله أوصى أن تكون إحدى غرف المنزل لأمي بعد وفاته ومن ثم تكون محجوزة لأختي المتزوجة في حدوث أي مشاكل مع زوجها وأخص كذلك على عدم سكنها من قبل زوجة أخي (ابنه) الأصغر والآن أخي وزوجته يريدان ذلك في حياة أمي (حيث إنهما يقيمان معها في نفس المنزل) ، فهل لأمي أن تتنازل عن تلك الوصية أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوصية والدك بمنفعة سكنى إحدى الغرف لأمك ثم لأختك هي وصية لوارث فلا تصح إلا بإجازة الورثة لها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ... إن الله أعطى كل ذي حق حقه، ولا وصية لوارث.. رواه أهل السنن، وعند الدارقطني:.. إلا أن يشاء الورثة ...
ولا شك أن أمك وأختك من جملة الورثة فلا تصح وصية أبيك لهما بشيء من التركة إلا إذا أجازها الورثة، فإن أجازوها مضت الوصية وكان لأمك الحق أن تتنازل عن سكناها لأخيك وزوجته، وإذا أجازها بعضهم ومنع منها آخرون مضت الوصية في نصيب من أجاز، ومن لم يُجِز لم تمض الوصية في نصيبه، وإذا اضطرت أختك الموصى لها أن تنتقل معكم في البيت لحدوث مشاكل لها مع زوجها صارت منفعة سكنى الغرفة لها كما أوصى بذلك والدك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1429(12/6077)
الوصية للأحفاد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: لي جد توفي قبل حوالي ثلاثين عاما وكان له ولدان وبنت , أما أحد الولدين وهو عمي فقد توفي قبل جدي وله ستة أبناء وحين دفن عمي في المقبرة تكلم جدي وقال أبناء فلان (اي أبناء عمي) يرثون مثل أبيهم (هل هذه تعد وصية؟ أم يجب أن تكون الوصية مكتوبة, ومرت السنين ثم توفي الابن الثاني الذي هو والدي قبل حوالي أربعة عشر سنة, وتوجد أراض كانت ملكا لجدي كانت الحكومة قد نزعت ملكيتها ثم الآن سيتم دفع تعويض مالي عن هذه الأراضي. السؤال هو: هل لأبناء عمي حق في إرث جدهم؟ وهل يلزمنا نحن أبناء الابن أن نعطيهم شيئا من مال التعويض بعد أن مات والدنا ولم ينفذ ما تكلم به جدي؟ وإذا كان يلزمنا ذلك فكم مقدار ما يعطونه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المواريث قد قسمها الله تعالى ولم يكلها للناس، فإن كان الجد قد أراد بما قال توريث أولاد ابنه المتوفى فلا يقبل قوله مع وجود الابن المباشر لأن هذا خلاف ما أمر الله به، وأما إن كان أراد بكلامه الوصية لأحفاده فإن الوصية لهم مشروعة في حدود الثلث، ولا تقبل فيما زاد على الثلث إلا أن أجازها الورثة. لما في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال لسعد: الثلث والثلث كثير. متفق عليه
واعلم أن الوصية إذا ثبتت بشهادة الشهود فلا يشترط فيها الكتابة ويجب تنفيذها ولو لم ينفذها والدكم. وننصحكم بمراجعة المحاكم الشرعية للتحقيق في الأمر كما ننصحكم بالحرص على الإحسان لبني عمكم وعدم التشاح معهم، فالعلاقة الحسنة والعشرة الطيبة بين الأقارب أهم من جميع الأموال.
وللمزيد انظر الفتاوى التالية أرقامها:
75892، 52810، 16812، 60731، 73609.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1429(12/6078)
حكم عدم الوفاء بوصية الميت بدفنه في موضع معين
[السُّؤَالُ]
ـ[وصي رجل أن يدفن عند وفاته مع زوجته في مقابر أهلها وعندما توفي رفض إخوته ودفنوه في مقابر عائلته فهل هذا حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخلو الحال الذي ذكرت من أحد احتمالين الأول: أن تكون هذه المقابر خاصة بأهل زوجة هذا الرجل أي مملوكة لهم فعليه لا يصح أن يتصرف الإنسان في ملك غيره إلا بإذنه، وحيث إن هذا الرجل أوصى بدفنه في مقبرة غيره فهي وصية باطلة إلا إذا أجاز ذلك مالك الأرض، سواء كانوا هم أهل زوجة هذا الرجل الميت أو غيرهم.
قال البهوتي في كشاف القناع: ويحرم دفن في ملك غيره بلا إذن ربه للعدوان وللمالك إلزام دافنه بنقله ليفرغ له ملكه عما شغله به بغير حق. اهـ.
والاحتمال الثاني: أن تكون تلك المقابر عامة موقوفة لعموم المسلمين فالوصية صحيحة، ولكن مع صحتها أو مع حصول إذن مالك المقبرة في الحالة الأولى فإنه لا يجب على الورثة تنفيذها إذ لا يجب عليهم إلا تنفيذ ما يتعلق بوصية ميتهم في ماله (تركته) في حدود الثلث أو في أداء ما عليه من حقوق، وإنما ينبغي لهم ذلك إن أمكن لأنه من الإحسان إلى ميتهم.
وجاء في فتاوى الازهر: الوصية هي التصرف المضاف لما بعد الموت كالوصية ببناء مسجد من ماله بعد موته أو الوصية لولده بحفظ القرآن ونحو ذلك.
وتنفيذ الوصية يكون فيما ليس فيه ظلم أو خروج على المصلحة المشروعة وهذا التنفيذ مطلوب قال تعالى: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ {البقرة:181} لكن ذلك كله في الشيء الواجب فيكون التنفيذ واجبا، وفي المندوب يكون التنفيذ مندوبا، وفي غير ذلك فلا تنفيذ لأي عهد. وعلى هذا فإن تنفيذ الوصية بالدفن في مكان معين يكون من البر إن كان لهذا المكان ميزة كفضل البقعة أو القرب من الأهل لسهولة الزيارة. اهـ
قال النووي في الأذكار: وينبغي ألا يقلد الميت ويتابع في كل ما وصى به بل يعرض ذلك على أهل العلم، فما أباحوه فعل ومالا فلا، وأنا أذكر من ذلك أمثلة فإذا أوصى بأن يدفن في موضع من مقابر بلدته وذلك الموضع معدن الأخيار يعني بجوار الصالحين فينبغي أن يحافظ على وصيته، وإذا أوصى بأن ينقل إلى بلد آخر لا تنفذ وصيته فإن النقل حرام على المذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون، وصرح به المحققون، وقيل مكروه، قال الشافعي رحمه الله: إلا أن يكون بقرب مكة أو المدينة أو بيت المقدس فينقل إليها لبركتها. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1429(12/6079)
أوصت لأولاد أختها المتوفاة بمثل نصيب أولاد أختها الحية
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت وتركت أخا شقيقا وأختا شقيقة وقبل الوفاة كتبت عقد بيع وشراء بمساحة سبع قراريط زراعية لابن الأخ الموجود ونقلت حيازتهم له ولكنها لم تقبض الثمن وقالت لابن الأخ لا يسري مفعولة إلا بعد الوفاة من حيث الإيجار أو البيع (بمعنى عدم الاستفادة من العقد إلا بعد الوفاة) وأوصت أيضا قبل الوفاة وصية شفهية وقالت فيها إن أولاد أختي المتوفاة يأخذون مثل أولاد أختي الموجودة في الميراث ...
ملحوظة: التركة عبارة عن دار تم بيعها بمبلغ أربعين ألف جنية+ مساحة أربعة عشر قيراط أرض زراعية بعد العقد المباع، السؤال هو: كيف توزع هذه التركة؟ جزاكم الله خيراً وكثر من أمثالكم وجعلكم الله عونا للخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن توفيت عن أخ شقيق وأخت شقيقة ولم تترك وارثاً غيرهم فإن مالها كله لهما يقسم ثلاثة أسهم: لأخيها الشقيق سهمان، ولأختها الشقيقة سهم واحد، لقول الله تعالى: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:176} .
والبيع الذي تم بين المتوفاة وبين ابن الأخ يعتبر بيعاً مصاحباً لشرط ينافي مقتضى العقد، والجمهور على أن هذا النوع من العقود يعتبر باطلاً لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط، وقد ذكرنا اختلاف الفقهاء في صحة هذا العقد بشيء من التفصيل وذلك في الفتوى رقم: 49776 وقلنا إن قول الجمهور هو الأحوط.
وعلى هذا القول فالبيع باطل والأراضي الزراعية تدخل في جملة التركة، ويرد ابن الأخ تلك الأراضي إلى الورثة.
وعلى القول بصحة هذا النوع من البيوع يكون البيع المذكور صحيحاً إذا استوفى شروط صحة البيع ولم يكن حيلة على إسقاط حق الورثة، وعليه فيكون ثمن القراريط الذي لم يسلمه ابن أخ الميته من جملة التركة.
وأما وصيتها لأولاد أختها المتوفاة بمثل نصيب أولاد أختها الحية فإن هذه وصية بشيء معدوم شرعاً لأن أولاد أختها الحية ليس لهم نصيب من الميراث لكون أولاد الأخت ليسوا من الورثة أصلاً، وقد نص الفقهاء على أن الموصَى له في هذه الحال لا شيء له.
قال ابن قدامة في المغني: وإن وصى بمثل نصيب من لا نصيب له مثل أن يوصي بنصيب ابنه وهو ممن لا يرث لكونه رقيقاً أو مخالفاً لدينه أو بنصيب أخيه وهو محجوب عن ميراثه فلا شيء للموصَى له لأنه لا نصيب له فمثله لا شيء له ... انتهى.
أما إذا أوصت لأولاد أختها المتوفاة بمثل نصيب أختها الموجودة فالوصية صحيحة ونافذة في حدود الثلث - وهي هنا لن تتجاوز الثلث- لا ما زاد إلا برضى الورثة..
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1429(12/6080)
وصية الأم بالتبرع بأعضائها بعد موتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي قبل أن تموت وصتني بأن من يحتاج عضوا من أعضائها أتبرع به للمحتاج بعد مماتها ولكن حينما ماتت أخبرت أقاربي قالوا لي إن أعضائها ماتت بمجرد أن ماتت فأريد أن أعرف هل علي ذنب أني لم أتبرع، وهل بمجرد موتها ماتت أعضاؤها، أمي ماتت بسبب إجراء جراحة والطبيب أخطأ فماتت فيقولون إنها ماتت شهيدة، فهل هذا صحيح وأرجو الإجابة؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فموت أعضاء الميت بموته يرجع فيه للأطباء المختصين، وعليه فلو صح ذلك فلا حرج عليك لعدم علمك بذلك وعدم تعمدك مخالفة وصية أمك، هذا على القول بصحة هذه الوصية وإلا فإن من الفقهاء من يرى بطلانها لعدم جواز التبرع بالأعضاء أصلاً، وراجعي الفتوى رقم: 4005، والفتوى رقم: 62360.
وأما موت أمك بسبب خطأ الطبيب فيرجى لها أجر الشهادة لا بسبب خطأ الطبيب وإنما لموتها في جراحتها، جاء في فتح الباري لابن حجر في معرض كلامه على الشهداء: قال ابن التين: هذه كلها ميتات فيها شدة تفضل الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأن جعلها تمحيصاً لذنوبهم وزيادة في أجورهم يبلغهم بها مراتب الشهداء ... وروى الحسن بن علي الحلواني في كتاب المعرفة له بإسناد حسن من حديث ابن أبي طالب، قال: كل موتة يموت بها المسلم فهو شهيد. غير أن الشهادة تتفاضل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1429(12/6081)
هل يوصي لأولاده الذين لم يهب لهم مالا في حياته
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أولاد منحت أحدهم هبة عند زواجه ولا أستطيع منح الآخرين الآن حيث باقي أموالي في أصول نعيش من إيرادتها. هل يحق لي الوصية بتوزيع نفس قيمة الهبة على باقي الأولاد قبل توزيع الميراث بعد الوفاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لك أن توصي لأحد من أولادك بهبة بعد موتك؛ لأن الوصية للوارث ممنوعة شرعا، ولا تمضي إلا بإجازة الورثة لها كما ذكرناه في الفتويين رقم: 51986، 26630.
وما ذكرته من أنك وهبت لأحد أولادك دون الآخرين فهذا خلاف العدل الذي أمر الله به، وتصحيح ذلك بأن تهب للآخرين مثلها فإن مت قبل ذلك خصمت قيمة الهدية من نصيب الابن الموهوب له من التركة كما بيناه في الفتوى رقم: 72748، وينبغي لك أن تجتهد في تصحيح ذلك في حياتك فإنك لا تضمن بقاء كل ولدك بعدك فربما مات أحدهم قبلك فيتعذر عليك حينئذ تدارك الأمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1429(12/6082)
الوصية ببعض الأملاك لبعض الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
توفي والدي وترك لنا إرثا عبارة عن شقة بمبلغ 70 ألف جنيه ومنزل بمبلغ 150 ألف جنيه، لكن قبل الوفاة أوصى أن الشقة لي ونحن 3 رجال وبنت وأمي، وبعد الوفاة قالت أختي إنها ترث فى الشقة أيضا، فما حكم الدين في ذلك، هل هي ترث في الشقة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوصية والدك لك بالشقة تعتبر وصية غير معتبرة شرعاً لأنها وصية لوارث، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ... رواه الترمذي وغيره.
وعليه فلا تنفذ وصية والدك إلا بإجازة الورثة لها، ولأختك الحق في المطالبة بنصيبها من الشقة، وانظر الفتوى رقم: 104296، والفتوى رقم: 23103.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1429(12/6083)
وصية المرأة بمالها لأولادها دون بعضهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي أوصت قبل وفاتها بتقسيم مبلغ من المال عليناً وحرمان أحدنا لأنه ميسور وبخيل ولا يسأل عنها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود أنها أوصت أن يقسم المال بعد وفاتها على ورثتها أو بعضهم فهذه تعتبر وصية لوارث وهي ممنوعة شرعاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ... فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وغيره، فلا تنفذ وصيتها إلا إذا أجازها الورثة، وانظرالفتوى رقم: 25712، والفتوى رقم: 106579، والفتوى رقم: 104296.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1429(12/6084)
وصية الميت بحرمان ورثته لا يجوز تنفيذها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل هجرته زوجته من قبل الوفاة بثلاث سنوات ولم يطلقها وله ثلاث بنات (أعمارهم على التريب 20سنة -18 سنة -12 سنة) وولد (عمرة 8سنوات) أيضا تركوا والدهم مع الزوجة (هذا الأب كان كان طريح الفراش لمدة أكثر من سبع سنوات منهم أخر خمس سنوات كان مشلولا) وحاول الأب عن طريق أهل الخير استرجاع زوجته وأبنائه بشتى الطرق ولم يلجأ للقضاء لآى شيء. وحتى أخر نفس من حياته كان يتمنى أن تعود ولكن سبقه المنية وقد أوصى أنه أذا مات ولم ترجع لا يصل لها أى شيء من الميراث هي والبنات (لأنهم من مدة تسع شهور قبل الوفاة عادوا يزورنه وكانوا يعاملونه بقسوة ولكن كان يتحملهم وذلك حتى يبقوا في وده لأنه كان وحيدا في بيته يخدمه خادمات وأخواته البنات فقط.وعند عودة بناته في هذه الفترة المذكورة لم يخدموه وكان راضيا ولكن قبل الوفاة بأربعة أيام ما كان من بنت من بناته إلا بالدعاء عليه بالوفاة حتى يستريحوا منه رغم عدم تقديم إساءة منه) . فهل يتم تنفيذ هذه الوصية والأموال تبقى مع الوصي حتى يتم الولد سن البلوغ أما ماذا؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً فى أسرع وقت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما فعلته هذه الزوجة وأبناؤها المكلفون من القطيعة لأبيهم يعتبر معصية لله تعالى ووزرا من الأوزار يحملونه ويحاسبون عليه، ولكن ذلك لا يحرمهم من حقهم في تركته؛ لأن المعصية والعقوق ليسا من موانع الإرث، وما أوصى به هذا الرجل من حرمان ورثته من حقهم لا يصح ولا ينفذ؛ فالخطأ لا يعالج بالخطإ، ومال الميت يخرج عن ملكه إلى الورثة بمجرد موته، ولا يحق له التصرف فيه أو الوصية بما زاد على ثلثه إلا إذا أجازها الورثة برضاهم وطيب من أنفسهم وكانوا رشداء بالغين.
وعلى ذلك فوصية هذا الرجل بحرمان ورثته لا يجوز تنفيذها، وعلى من تحت يده هذا المال أن يسلمه للورثة إن كانوا رشداء بالغين وإلا فعليه أن يسلمه للقضاء الشرعي. إن كان في بلد فيه قضاء شرعي قائم على العدل.
فقد نهى عزوجل عن تسليم المال إلى غير الرشداء البالغين، فقال تعالى: وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا* وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ {النساء:6}
ولمزيد الفائدة انظر الفتاوى التالية:
50918، 50662، 102135.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1429(12/6085)
أخذ الحفيدة المال الذي أوصى لها به جدها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أمي وهي تلدني, وبعد 10 سنوات توفى جدي (أبوها) وأوصى لي قبل وفاته بحصة من الميراث تعادل حصة أمي المتوفاة، فهل يجوز لي أخذها, مع العلم بأن عمري الآن 22 سنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للأخت السائلة أن تأخذ ما أوصى به جدها لها بشرط أن لا يزيد عن ثلث التركة، فإن زادت الوصية عن ثلث تركة الجد أخذت الثلث فقط، وما زاد عن الثلث لا تأخذه إلا بإجازة الورثة بشرط أن يكونوا بالغين رشداء، ودليل ذلك أنه يجوز للمسلم أن يوصي بشيء من ماله -بما لا يزيد عن الثلث- يكون صدقة بعد مماته لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة في أعمالكم.. رواه ابن ماجه.
ولا تكون الوصية لوارث لقوله صلى الله عليه وسلم: ... لا وصية لوارث.. رواه أهل السنن، وبما أن الأخت السائلة ليست من ورثة جدها لأمها فوصية جدها لها صحيحة فيما لا يزيد على الثلث، أو فيما زاد عليه بإذن الورثة البالغين الرشداء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1429(12/6086)
لا وصية لوارث، إلا إذا أجازها بقية الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الفاضل توفيت والدتي وكان والدي متزوجا من أخرى (علما بأننا أخ وأخت شقيقان) وبعد حوالى ثلاث سنوات من الوفاة أتى وزوجته ليقيم في شقة والدتي (شقة مؤجرة) - علما بأنه كان مقيما خارج منزل أمي وهذه هي الزيجة الرابعة له وحاولت أنا وأخي أن نثنيه عن هذا الفعل وصمم علما بأن هذه الشقة كان من المفترض وباتفاق والدي معنا ومع والدتي أن يأخذ أخي هذه الشقة. وحين أتى والدي رفض ذلك ورفض إقامتي معه.
وطلبت أثاث والدتي وقال لي بالحرف إذا كان هذا هو مفروشات وأثاث والدتك فهو لوالدك أيضا وأنا لا أريده فخذيه واتركي الشقة خالية.
وفعلا أنزلت الأثاث عبارة عن غرفة نوم وأخرى وصالون وسفرة وأنتريه والمفروشات
وأنا يعلم الله أني لم آخذ هذا الأثاث وإنما تبرعت به في مساعدة بعض الأسر من زواج فتاة يتيمة ومن أسرة انهار بيتها ولم تجد أثاثا وذلك من خلال جمعية شرعية إسلامية وبمعرفة وموافقة أخي الوحيد. ولم نبق شيئا سوى أن أخي طلب الثلاجة والغسالة وماكينة خياطة. وكان لي سرير فبعته وأخرجت ثمنه تصدقا على أمي
وأنا أبقيت الصينى وذهب أمي الذي عبارة عن 3 غويشة كانت أوصت بواحدة لي وأخرى لأخي وأخرى لكفنها و2 سلسلة وخاتم.
سيدي الفاضل هل أنا مذنبة في حق والدي باعتبار هذا ميراث علما بأنه قال بالحرف خذي ما في المنزل وأنا لا أريد شيئا اتركيه خاويا.
أرجوكم أفيدوني
شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
جميع ما تركته أمك يعتبر تركة على جميع ورثتها، ولا يصح أن توصي بشيء منه لبعض الورثة، والواجب أن ترضي أباك، وكان الأولى أن تعطيه ما يحتاج إليه من الأثاث.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جميع ما تركته أمك من ممتلكات ثابتة ومنقولة يعتبر تركة على جميع ورثتها، ولا يصح أن توصي لك ولا لولدها بشيء لأنكما وارثان؛ فقد أعطى الله تعالى لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث، إلا إذا أجازها بقية الورثة برضاهم وطيب أنفسهم، وكانوا رشداء بالغين.
فإذا لم يكن معكم وارث -غير من ذكرت- فإن ربع ما تركت أمك هو لزوجها (أبيكما) فرضا إذا كانت قد ماتت وهي لا تزال في عصمته، أو كان طلقها طلاقا رجعيا وماتت قبل الخروج من العدة.
والباقي يكون بينك وبين أخيك تعصيبا: له سهمان، ولك سهم واحد.
وعلى ذلك يكون نصيبك مما تركت أمك هو الربع؛ وإذا تنازل بعضكم لبعض عن نصيبه أو شيء منه برضاه وطيب نفسه فلا حرج في ذلك.
وإذا كانت القسمة المذكورة وقعت برضاكم جميعا فلا حرج فيها.
ولكن كان الأولى أن تتركي ما لا تحتاجين إليه من الأثاث وغيره لوالدك إن كان يحتاج إليه لما في ذلك من البر به والصلة له، فذلك خير لك وأعظم أجرا.
وأما عن الشقة المؤجرة فلا علاقة لها بتركة أمك فهي ملك لصاحبها، وله الحق في استرجاعها عند انتهاء مدة العقد إذا كان محددا، وإذا لم يكن محددا أو كان مما يسمى الإيجار الدائم فإن العقد فاسد، وعلى أبيك تجديده بطريقة صحيحة أو إنهاؤه. وسبق بيان ذلك بتفصيل في الفتوى: 73752. وللمزيد انظري الفتوى رقم: 97300.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1429(12/6087)
الوصية بصرف المال على القبر والمناسبات البدعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ترك جدي قطعة أرض وطلب بعد مماته أن يصرف منها على قبره ليعرف فيزار وعلى شراب القهوة وقراءة القرآن في الجامع والمناسبات وقاموا ببيعها ووزعت الأموال فما رأي الدين في ذلك علما بأن البعض عليهم ديون فأخذوا النقود وسددوا ما عليهم فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك أن لهذه الأرض عائدا ماليا أو أن جدك أوصى أنها تباع ثم يجعل ثمنها في إقامة الاحتفالات المتعلقة به بعد موته؛ مثل ذكرى الأربعين أو الذكرى السنوية أو غير ذلك من صور إحياء الذكرى وإقامة التأبين والعزاء المتجدد وإقراء القرآن في المسجد ونحوه لأجل ذلك، وزيارة قبره والتعريف به في مناسبات خاصة، وعليه فما أوصى به جدك يعتبر وصية باطلة لما تضمنته من بدع كالاجتماع عند القبر والاحتفال به وإطعام الطعام عنده وإقراء القران في مناسبات معينة وإعطاء الأجر على ذلك إذ هو إما من قبيل النياحة على الميت أو المفاخرة وكلاهما مذموم ومنهي عنه؛ فعن جرير بن عبد الله البجلي أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يعدون الاجتماع إلى أهل الميت وصنع أهل الميت طعامًا لمن جاءهم بعد الدفن من النياحة. رواه احمد بسند جيد
وجاء في شرح الطحاوية لابن أبي العز:
وفي الاختيار: لو أوصى بأن يعطى شيء من ماله لمن يقرأ القرآن على قبره، فالوصية باطلة، لأنه في معنى الأجرة، انتهى.
وفي الفتاوى الهندية على المذهب الحنفي: وإذا أوصى أن يدفع إلى إنسان كذا من ماله ليقرأ القرآن على قبره فهذه الوصية باطلة. انتهى.
وفيها أيضا:
وَلَوْ أَوْصَى بِاِتِّخَاذِ الطَّعَامِ لِلْمَأْتَمِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَيُطْعَمُ لِلَّذِينَ يَحْضُرُونَ التَّعْزِيَةَ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ وَيَحِلُّ لِلَّذِينَ يَطُولُ مَقَامُهُمْ عِنْدَهُ وَلِلَّذِي يَجِيءُ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ يَسْتَوِي فِيهِ الْأَغْنِيَاءُ وَالْفُقَرَاءُ وَلَا يَجُوزُ لِلَّذِي لَا يَطُولُ مَسَافَتُهُ وَلَا مَقَامُهُ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ الطَّعَامِ شَيْءٌ كَثِيرٌ يَضْمَنُ الْوَصِيُّ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَا يَضْمَنُ.
وَعَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُتَّخَذَ الطَّعَامُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلنَّاسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، قَالُوا: الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ.
وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ فِي حَمْلِ الطَّعَامِ إلَى أَهْلِ الْمُصِيبَةِ وَالْأَكْلِ عِنْدَهُمْ قَالَ: حَمْلُ الطَّعَامِ فِي الِابْتِدَاءِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ لِاشْتِغَالِ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ وَنَحْوِهِ، فَأَمَّا حَمْلُ الطَّعَامِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَا يُسْتَحَبُّ؛ لِأَنَّ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ تَجْتَمِعُ النَّائِحَاتُ فَإِطْعَامُهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ إعَانَةً عَلَى الْمَعْصِيَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.اهـ
وقال البعلي في الاختيارات العلمية لشيخ الإسلام رحمه الله:
وإخراج الصدقة مع الجنازة بدعة مكروهة وهي تشبه الذبح عند القبر ولا يشرع شيء من العبادات عند القبور الصدقة وغيرها.اهـ
وفي فتاوى الأزهر أفتى شيخ الأزهر السابق حسنين مخلوف رحمه الله لما سئل عن إقامة مأتم الأربعين بما يأتي:
يحرص كثير من الناس الآن على إقامة مأتم ليلة الأربعين لا يختلف عن مأتم يوم الوفاة، فيبلغون عنه في الصحف ويقيمون له السرادقات، ويحضرون القراء وينحرون الذبائح.
ويفد المعزون فيشكر منهم من حضر ويلام من تخلف ولم يعتذر وتقيم السيدات بجانب ذلك مأتما آخر في ضحوة النهار للنحيب والبكاء وتجديد الأسى والعزاء.
ولا سند لشيء من ذلك في الشريعة الغراء، فلم يكن من هدي النبوة ولا من عمل الصحابة ولا من المأثور عن التابعين بل لم يكن معروفا عندنا إلى عهد غير بعيد
وإنما هو أمر استحدث أخيرا ابتداعا لا اتباعا وفيه من المضار ما يوجب النهى عنه
فيه التزام عمل ممن يقتدى بهم وغيرهم، ظاهره أنه قربة وبر، حتى استقر في أذهان العامة أنه من المشروع في الدين
وفيه إضاعة الأموال في غير وجهها المشروع، في حين أن الميت كثيرا ما يكون عليه ديون أو حقوق الله تعالى أو للعباد لا تتسع موارده للوفاء بها مع تكاليف هذا المأتم، وقد يكون الورثة في أشد الحاجة إلى هذه الأموال، ومع هذا يقيمون مأتم الأربعين استحياء من الناس ودفعا للنقد، وكثيرا ما يكون في الورثة قصر يلحقهم الضرر بتبديد أموالهم في هذه البدعة.
وفيه مع ذلك تكرير العزاء وهو غير مشروع لحديث (التعزية مرة) لهذا وغيره من المفاسد الدينية والدنيوية أهبنا بالمسلمين أن يقلعوا عن هذه العادة الذميمة التي لا ينال الميت منها رحمة أو مثوبة.
بل لا ينال الحي منها سوى المضرة إذا كان القصد مجرد التفاخر والسمعة أو دفع الملامة والمعرة.
وأن يعلموا أنه لا أصل لها في الدين قال تعالى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا الحشر: ... [الحشر:7] . اه
وفي فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:
الاجتماع عند مضي أربعين يومًا على وفاة الميت بدعة، وقراءة القرآن أو ما يسمى بالختمة للميت بدعة ثانية، وأكل هؤلاء القراء ما قدم لهم من الطعام وأخذهم الأجرة على القراءة حرام.
وعلى ما سبق فلا حرج فيما فعله من أشرت إليهم إذا كنت تقصد بهم الورثة الشرعيين؛ لأنهم إنما تصرفوا في مالهم بحق وأدوا واجبا ومنعوا باطلا؛ فلا شيء عليهم، بل ويؤجرون إن كانوا قصدوا ذلك واحتسبوه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(12/6088)
كتابة الزوج ما يملكه باسم زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[قرر زوجي أن يكتب باسمي كل ما يملكه والذي يملكه قليل جدا ولكن لأنه يخاف علي من الدنيا وذلك لأنه لا يستطيع الإنجاب ونحن نحب بعضنا كثيرا ولأن والديه وإخوته لديهم المال الكثير وهم من الطبقة الغنية ولكن لا يعطونه شيئا من المال مع العلم بأنه أكبر إخوانه وأخواته ولكن أمه تفضل الجميع عليه فقط لأنه تزوجني وكم من مرات سرقت أمه مني أشياء ولكن أنا وزوجي نسكت عن الأمر لأنها أمه وكم من مرة فعلت كثيرا من الأمور لتفرقنا وفعلت أمورا كثيرة هي وبناتها وأولادها لتجعل زوجي مهانا أمام الكل فقرر زوجي ما يملكه يكون باسمي لأنه يخاف علي منهم ولأني وحيدة بهذه الدنيا من غير أولاد أو مال ولكن عندما ذهب ليسجل ما يمكله من سيارة وقليل من المال باسمي رفضت المحكمة لأنه لا يمكن توريث ما يورث فماذا يفعل زوجي وما حكم الإسلام في ذلك علما بأن أهله لديهم المال الكثير الكثير وهم من الجشعاء والمنافقين؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ليس لك أن تسبي أهل زوجك، وعلى زوجك البر بأمه، وليس له حرمان ورثته من الإرث، ولا يصح أن يوصي لك بشيء من ماله؛ لأنك وارثة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فللرد على هذا السؤال نريد أن ننبه إلى ما يلي:
1 - أنه لا ينبغي، بل ولا يجوز لك سب أهل زوجك؛ فذلك من الغيبة التي حرمها الله.
2 - أن من واجب زوجك أن يبر أمه ولو كانت على الوصف الذي ذكرته عنها.
3 - أنه ليس من الجائز لزوجك أن يحرم قرابته من الإرث ولو كانوا أغنياء.
4 - أن كتابة الأملاك باسم الزوجة إذا لم تكن معها حيازة منها لتلك الأملاك فإنها تكون مجرد وصية، وهي لا تصح لوارث.
5 - أن الزوجة إذا حازت تلك الممتلكات في حياة زوجها فإنها تصير ملكا لها، وبالتالي فإذا توفيت قبل زوجها فإنه لا يرث من تلك الممتلكات إلا فريضته الشرعية.
6 - أن المحكمة إذا كانت هي المختصة بمثل هذا الموضوع فإن رفضها له يفيد أنه لم يستوف شروط القبول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1429(12/6089)
كل ما فعله أبوك مجرد وصايا ولا تصح الوصية لوارث
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يملك دارين في موقع (س) ودار ثالثة في موقع (ص) . قام أبي بتقسيم الدارين في موقع (س) على أساس الهبة لإخوتي وأخواتي ووالدتي حصص بالتساوي وسجلت رسميا باسمهم واستثناني من هذه القسمة بدون تعويضي بشيء آخر وفعل ذلك لأنني خرجت عن طوعه في أمره لي لطلاق زوجتي التي لدي منها أبناء ومقيمة للصلات أحسن مني وكان ذلك سنة 1992.وفي سنة 1998 قام أيضا بهبة الدار في الموقع (ص) وتسجيله رسميا كالسابق باستثنائي وهذه المرة بحجة خوفه من أني سوف أقوم ببيع حصتي في الدار. ولكن هذه المرة اخبرني بأن حصتي موضوعة باسم أخي الأصغر. وأخبرته وأخي الأصغر بعدم رضاي عن ذلك وأن هذا يعتبر حرمانا من الميراث ناهيك عن إثارة البغضاء والعداوة وقطع للرحم بيني وبين أخي في احتمالية نكران الحق من قبل أخي أو ورثته إن مات. وأن هناك مصاريف ضريبية لإرجاع الحصة لاسمي بعد وفاته (أبي) والذي ادعى (أبي) أنه مسؤول عنها وتكون من التركة التي يتركها. في 2002 -2004 أراد الوالد إصلاح خطئه الذي وقع فكتب وثيقة بالتراضي معي تشير أن حصتي في دارين الموقع (س) هي نفسها حصة أمي وتحول باسمي بعد موتها وهذا بالاتفاق طبعا مع الوالدة. وكذلك ذكر أن حصتي من الدار في الموقع (ص) هي باسم أخي الأصغر وتحول باسمي بعد مماته وذكر أن جميع المصاريف المترتبة على ذلك تؤخذ من التركة. وأشهدني واثنين من الأخوات على هذه الوثيقة والتي حرص أن يجعل منها نسخا على عدد الورثة وجعلنا (الشهود) نوقع على جميعها وأجهل لحد الآن عدم توقيع أخي الأصغر عليها رغم عرضها عليه من قبل أبي. توفي الوالد في 2007. ووقع ما كنت أخشاه من عمل الشيطان بيني وبين إخوتي ووالدتي (المحرض الأول والمحرك لوالدي لفعل عمل الشيطان هذا) . فالوالدة ادعت أن الدار تعود لها وهي وهبت هذه الحصص والحصة المتبقية باسمها هي مالها ويحق لها التصرف بها كيفما تشاء تارة وتارة أخرى تقول إن المال لها وهي تهبني هذه الحصة من عندها مما يجعل الحصة قابلة للتقسيم على الورثة بعد مماتها. أخي الأصغر لا ينكر حصتي في الدار ولكنه ينكر الوثيقة التي كتبها الوالد وخصوصا الفقرة التي تتعلق بمصاريف تحويل الملكية (وهكذا الأخوات) رغم أنه هو من يجب أن يتحمل المصاريف لكونه أطاع أباه في ما ليس له طاعة فيه (حرمان أخيه من شرع الله) وأوقع الضرر رغم أنه يدعي أن طاعته لأبيه كانت بسبب خروجي عن طوع أبي. إنني واقف أمامهم بقوة مانع إياهم أن يحدثوا أي تغيير أو إضافة لهذه الدور حتى لو لزم ذلك استخدام السلاح دفاعا عن مالي لعدم وجود قانون يحمينا في بلدنا. وبنفس الوقت فاتحا الحديث معهم بالنصح والنصيحة ولكن لا فائدة. أفتوني جازاكم الله خيرا. علما بأن هذه المسألة ترتب عليها الكثير من الإثم سابقا ويترتب عليها الكثير الآن ومستقبلا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تجب طاعة الوالدين في المعروف، ولا يحق لأي منها أن يأمر ابنه بتطليق زوجته، وليس على الابن طاعتهما في ذلك. وما قام به الوالد يعتبر وصية للأبناء والزوجة، وهي لا تصح. وينبغي حل هذه الأمور بالتفاهم أو عن طريق المحاكم الشرعية، لا عن طريق السلاح.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فللإجابة عن جميع ما ذكرت تجدر ملاحظة الأمور التالية:
1. أن وصفك لما قامت به والدتك بعمل الشيطان ليس من القول الكريم الذي أمر الله به لها. فالواجب أن تتوب إلى الله من ذلك.
2. أن طاعة الوالدين من أوجب الواجبات التي أمر الله تعالى بها، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا. {الإسراء: 23} . ولكن هذه الطاعة مقيدة بالمعروف لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف، وبالتالي فإن كانت الزوجة مستقيمة الأحوال وذات دين ولك منها أبناء، وإنما أمرك أبوك بطلاقها لهوى في نفسه أو لغرض شخصي، فلا يلزمك طلاقها.
3. أن ما ذكرته من تسجيل أبيك العقارات بأسماء إخوتك، ثم إرادته بعد ذلك إصلاح الخطأ بكتابة وثيقة تشير إلى أن حصتك في داري الموقع (س) هي نفسها حصة أمك وتحول باسمك بعد موتها، وأن حصتك من الدار التي في الموقع (ص) وهي باسم أخيك الأصغر، تحول باسمك ... وأن جميع المصاريف المترتبة على ذلك تؤخذ من التركة ... إلى غير ذلك مما فصلت القول فيه، يفيد أن الإجراءات التي قام بها أبوك هي مجرد وصايا وليست هبات، والوصية لا يصح أن تكون لوارث. فجميع متروك أبيك يعتبر إرثا بينك وبين بقية الورثة على الفريضة الشرعية.
4. أن هذه الأمور ينبغي أن تحل بالتفاهم والتناصح، أو عن طريق المحاكم الشرعية إذا لم يُجدِ التفاهم والتناصح.
ومن هذا تعلم أن قولك إنك واقف أمامهم بقوة ... حتى لو لزم لذلك استخدام السلاح ... هو قول لا يليق مثله.
ونسأل الله أن يعينكم على حل مشاكلكم وتجاوز هذه العقبات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1429(12/6090)
هل يوصي للصغار تحقيقا للعدل مع إخوتهم الكبار
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أولاد كبار، قمت بالإنفاق عليهم حتي أتموا تعليمهم والتحقوا بوظائف وتزوجوا. ولي أيضاً أطفال صغار جدأ لم يبلغوا العاشرة. فهل لي أن أكتب لهم جزءا من التركة زيادة، مقابل ما أنفقته على الكبار.
أعلم أنه لا وصية لوارث، ولكن كيف أعدل بينهم جميعاً، وأيضاً أنا أخشى أن يظلمهم إخوانهم الكبار؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز تخصيص الأبناء الصغار بكتابة شيء من التركة لاعتبار أن الأب قد أنفق على الكبار أكثر..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على الأبوين أن يعدلا بين أبنائهما ويسويا بينهم في العطية- وذلك على الراجح من أقوال أهل العلم- كما سبق بيانه ومذاهب أهل العلم فيه وأدلتهم في الفتوى: 6242.
وأما ما أنفقه الأب على من يحتاج من أبنائه للدراسة أو الزواج أو العلاج أو غير ذلك من المسوغات فلا يلزم التسوية فيه بين الأبناء لأن كل واحد وحاجته؛ ولأن تتبع ذلك من الحرج والمشقة المرفوعين في هذا الدين.
ولذلك فإذا لم تكن قد وهبت لأبنائك الكبار هبة بدون مسوغ أو أنفقت عليهم إنفاقا زائدا عن العادة وبدون حاجة فلا يجوز لك أن تكتب للصغار شيئا من التركة.
أما إذا كنت قد ملكت أولادك الكبار شيئا من ممتلكاتك فإن عليك أن تملك مقابله للصغار ويكون التمليك ناجزا لا يتوقف على موتك وتأخيره لموتك يصيره وصية لوارث ولا تصح كما أشرت- إلا إذا أجازها بقية الورثة.
وأما تحقيق العدل بين الأبناء فيكون بالتسوية بينهم في العطية وفي الإنفاق حسب الحاجة.
وأما تحقيق العدل بينهم في التركة بعد وفاتك فقد تكفل به أحكم الحاكمين - سبحانه وتعالى- ولم يكله إلى أحد من خلقه فوزعها بين الورثة توزيعا محكما عادلا، لا وكس فيه ولا شطط.
وللمزيد انظر الفتوى: 68053، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1429(12/6091)
جدتهم أوصت لهم بأرضها دون إخوتها
[السُّؤَالُ]
ـ[جدتي كتبت لنا أرضها قبل أن تتوفى وحرمت إخوتها، فهل تحاسب على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
أمر محاسبة العباد إلى الله تعالى، ووصية جدتكم صحيحة نافذة إذا كنتم غير وارثين بشرط أن لا يزيد الموصى به إليكم على الثلث، فإن زاد صح في الثلث فقط، وإذا كنتم وارثين فوصيتها باطلة غير نافذة إلا بإجازة الورثة إذا كانوا جميعا بالغين رشداء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ف إذا كنتم غير وارثين لجدتكم وكانت الأرض المشار إليها تساوي ثلث تركة الجدة أو أقل فالوصية صحيحة ونافذة، والجدة مأجورة إن شاء الله لا مأزورة؛ لأنه يستحب أن يوصي الميت لأقاربه من الأحفاد غير الوارثين، وخاصة إذا كان يملك خيراً كثيراً، كما قال الله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ {البقرة: 180} .
وأما إذا كنتم وارثين فالوصية غير صحيحة ولا تنفذ إلا بإجازة الورثة، وكذا إذا كنتم غير وارثين وكانت الأرض المشار إليها تزيد عن الثلث، أو كانت هي كل ما تملكه الجدة، فإن وصيتها لا تنفذ إلا في مقدار الثلث منها فقط، وما زاد على الثلث لا ينفذ إلا بإجازة الورثة، لأنه لا يجوز لمن كان له وارث أن يوصي له بشيء، ولا أن يوصي بماله كله أو بأكثر من الثلث لغير وارث إلا بإجازة الورثة، وإذا كانت جدتكم تعلم الحكم الشرعي وخالفته فهي آثمة، وإذا كانت جاهلة بالحكم الشرعي وخالفته فلا إثم عليها إن شاء الله تعالى، وانظر للأهمية في ذلك الفتوى رقم: 97193، والفتوى رقم: 103831، والفتوى رقم: 100630.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1429(12/6092)
الوصية الجائرة وحكم حرمان الابن من الإرث لكونه يملك أرضا
[السُّؤَالُ]
ـ[يرجى إطلاعكم وإجابتي لطفاً والله المستعان ... اشترى والدي ووالدتي قطعتي أرض كل واحدة أقل من دونم عام 1980 وكانت غير مفروزة، وبعد تخرجي من الجامعة اشتريت بمشورة والدي قطعة أرض جديدة مع أراضي والدي وذلك عام 1993، علماً بأن والدي لم يساعدني مالياً، حيث كان لدي بعض المال حيث كنت أعمل حينها بالإضافة إلى بعض المدخرات حيث كنت آخذ قروضاً تعليمية أثناء الدراسة الجامعية، وكان والدي يساعد في تدريسي بالجامعة، قام والدي بتعليم جميع إخواني في الجامعات على نفقته، قال والدي في وقت سابق إن أرضه لإخوتي دوني، وأرض والدتي لأخواتي البنات، وذلك بسبب أن لي قطعة أرض باسمي، علماً بأن القطع لم تفرز بعد حتى الآن والعمل جار على فرزها، توفي والدي بعد ذلك ولم يتم الفرز للأراضي، السؤال: هل توزيع الأراضي بالشكل المقترح من والدي رحمه الله جائز شرعاً ولا أستحق أي جزء من الأرض من ميراث والدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
التوزيع الذي أشار به أبوكم لا يجوز شرعاً، لأنه وصية لوارث، وحرم بها بعض الورثة، ومخالف لجعل نصيب الذكر ضعف ما للأنثى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقسمة التي أوصى به والدكم قسمة جائرة باطلة، وليست قسمة شرعية؛ لأنه حرم أحد الورثة من نصيبه الشرعي (وهو الابن السائل) وأوصى بالأرض لأبنائه الآخرين دون بناته، وهذه وصية باطلة لأنها وصية لوارث، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. فالابن المحروم له حق في أرض أبيه بعد وفاته ولو كان يملك خزائن قارون، وحرمانه من الإرث لكونه يمتلك أرضاً لا يجوز، وينبغي لكم جميعاً قسمة الأرض القسمة الشرعية التي رضيها لكم الله تعالى فهو سبحانه وتعالى أحكم الحاكمين ودعوكم من القسمة الضيزى التي أوصى بها أبوكم.
أما أرض الوالدة فهي ملك لها ما دامت على قيد الحياة، فإن ماتت قسمتموها بينكم، وإن شاءت هي قسمتها بينكم، فإن لها ذلك بشرط أن تقسمها بالعدل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1429(12/6093)
أوصى بكامل تركته
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي جد والدي للأم عن أربع إناث وأخ شقيق وقد أوصى لوالدي بصفته ابن البنت بكامل التركة علماً أن التركة 100 فدان، أرجو من فضيلتكم التكرم بالإفادة بالتوزيع الشرعي للتركة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما فعله هذا الجد من الوصية بكامل تركته لا يصح ولا ينفذ؛ فلا تصح الوصية بأكثر من الثلث إلا إذا أجازها الورثة وكانوا رشداء بالغين، وذلك لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:.. الثلث والثلث كثير.
وعلى ذلك فإذا كان ورثة هذا الجد محصورين فيمن ذكر ولم يجز الورثة وصيته كاملة فإن تركته تقسم على النحو التالي:
يخرج منها الثلث أولا للوصية، وما بقي بعدها فلبناته ثلثاه فرضا لتعددهن، قال الله تعالى: فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ {النساء: 11} .
وما بقي بعد فرض البنات فهو للأخ تعصيبا، وذلك لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر.
وهذا إذا كان قصد السائل بقوله أخ شقيق أن هذا الأخ أخ للميت كما ظاهر السؤال.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1429(12/6094)
الوصية لبعض الورثة دون سائرهم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
نحن 6 أولاد و5 بنات ووالدي رحمه الله كان يملك بيتا وبجانب البيت بنى مشتملا صغيرا. وعندما رأى إخوتي الأولاد الثلاثة الكبار لا يخافون الله فينا عمل على كتابة وصية مصدقة بالمحكمة بأن المشتمل يبقى لأخي الصغير ولكل بنت لا تتزوج وذلك خوفا علينا من ظلم إخوتي الكبار. وبقينا الآن بنتين غير متزوجات ووالدتي كبيرة في السن. فهل إذا طالبنا في حقنا في هذه الوصية يكون في ذلك ذنب على والدي رحمه الله علما بأن إخوتي جميعهم عرفوا بالوصية قبل وفاته بسنين ولم يتكلموا عنها خوفا من والدي.علما بأن الآن جميع إخوتي يملكون بيتا وقسم منهم يملكون عمارات ونحن أيضا الحمد لله وفقنا الله واستطعنا أن نبني بيتا صغيرا ولكن في منطقة غير جيدة (من ناحية الأمان) ولكن أخي الصغير فقط لا يملك بيتا.
أرجو أن توضحوا لنا علما بأن كل ما تفتونا به من خلال شبكتكم نعمل به لثقتنا الكبيرة بكم وندعو الله أن يوفقكم في الدارين وأن يجعلها في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
هذه الوصية لا تصح إلا إذا أجازها بقية الورثة برضاهم وكانوا رشداء بالغين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما فعله أبوكم يعتبر وصية لبعض الورثة وتخصيصا لبعض الأبناء بالعطية.. ولذلك فهو لا يصح إلا إذا أجازه الورثة برضاهم.. وكانوا رشداء بالغين، فقد روى الترمذي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث.
ولما في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: فاتقوا الله وأعدلوا في أولادكم.. الحديث.
ولا فائدة من علم إخوتكم بالوصية قبل وفاة الأب وسكوتهم على ذلك، وخاصة إذا كان الذي حملهم على السكوت هو الخوف من الأب، فلا يعتبر تنازلهم ورضاهم إلا بعد استحقاق الإرث بعد وفاة أبيهم.
وللمزيد انظري الفتاوى: 1445، 16881، 35618.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1429(12/6095)
الوصية تنفذ في حدود ثلث التركة
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي توفي وأوصى بمحلات تجارية يملكها أن تباع بعد موته ويبنى بثمنها مسجد، وبعد وفاته تم استلام مبالغ من ريعها هل تضاف هذه المبالغ إلى مبالغ ما بعد بيع المحلات، أو يوزع ريع هذه المحلات على الورثة حتى يتم بيع المحلات ويبنى بثمنها مسجد؟ علماً أنه لم يوضح بالوصية موضوع ريع المحلات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن المحلات المذكورة أصبحت وصية بموت صاحبها، فإن كانت قيمتها في حدود ثلث التركة أو أكثر وأجازها الورثة وكانوا رشداء بالغين فإن التركة تقسم على الورثة بدونها، وما خرج منها يعتبر تابعا لها فيصرف فيما أوصى به الميت، أو يضم إلى ثمنها إذا تم بيعها لأنها بمنزلة الوقف.
أما إذا كانت أكثر من الثلث ولم يجز الورثة الزيادة فإن نسبة الزيادة من الأصل ومن الريع ترجع إلى الورثة.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1429(12/6096)
الوصية بكل المال
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة لم تتزوج وليس لها أطفال وتكفل بها ابن أختها وعاشت معه إلى أن ماتت وقبل أن تموت أوصت بمالها كله لأبناء ابن أختها، فهل يقسم هذا المال على أخواتها أو يقدم لأبناء ابن أختها كما أوصت؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الوصية بالمال كله أو بما زاد على الثلث لا تشرع، ولا تنفذ إلا إذا أجازها الورثة وكانوا رشداء بالغين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الوصية لا تصح ولا تنفذ إلا في حدود الثلث؛ إلا إذا أجاز الورثة، أو ما زاد على الثلث، فإن أجازوها كاملة أو أكثر من الثلث مضى ذلك فيما أجازوا بشرط أن يكونوا بالغين رشداء، وذلك لما جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ... الثلث والثلث كثير. ولا تأثير لكفالة ابن أختها لها على هذا الحكم، أما ما بقي بعد الوصية (الثلث) فهو للورثة.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1429(12/6097)
أحوال الوصية لبنات الابن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل أن يوصي لبنات ابنه المتوفى قائلاً (هم مكان أبيهم في كل شيء، يعني نصيبهم من الإرث كنصيب أبيهم لو أنه كان حيا) بحيث إنه بعد وفاة جدهم -الموصي- يأخذون من الإرث نصيب أبيهم لو كان حياً؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوصية لبنات الابن المتوفى فإن كان بنات الابن المشار إليهن غير وارثات -محجوبات بالابن المباشر أو باستكمال البنات المباشرات الثلثين- جاز للجد أن يوصي لهن بجزء من التركة بمثل نصيب أبيهن لو كان حياً وبما لا يزيد عن الثلث، بل يستحب له أن يوصي لهن بذلك، وأما إنزال الأحفاد منزلة والدهم في قدر الموصى به فلا يستقيم إذا كان نصيبهم سيزيد على الثلث، فالواجب أن تكون الوصية لهم إن حصلت فيما لا يزيد على الثلث إلا أن يأذن الورثة في الزيادة عليه، وانظر التفصيل في ذلك الفتوى رقم: 22734 حول أقوال الفقهاء في الوصية للقريب غير الوارث، وكذا الفتوى رقم: 74653، والفتوى رقم: 16812.
وأما إن كان بنات الابن وارثات فلا يصح أن يوصي لهن بشيء من التركة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث ... رواه البخاري.
وأخيرا ننبه إلى أمر مهم وهو أنه إذا كان بنات الابن غير وارثات فأوصى لهن الجد ثم صرن عند موت جدهن وارثات شرعاً بطلت الوصية، وإن أوصى لهن في حياته وهن وارثات ثم صرن عند موت الجد غير وارثات صحت الوصية، فالعبرة في نفاذ الوصية وصحتها بحال بنات الابن عند موت جدهن، قال صاحب الروض المربع: وإن أوصى لوارث، فصار عند الموت غير وارث كأخ حجب بابن تجدد صحت الوصية اعتباراً بحال الموت، لأن الحال الذي يحصل به الانتقال إلى الوارث والموصي له، والعكس بالعكس فمن أوصى لأخيه مع وجود ابنه فمات ابنه بطلت الوصية إن لم تجز باقي الورثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1429(12/6098)
الوصية بجمع رجال يختمون القرآن بأجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[وصاني أبي قبل وفاته أن أجلب كل عام رجالا للبيت كي يقرؤوا القرآن كما كان يفعل كل عام مع الذكر أنهم يتقاضون أجرا على هذا وعندما سألت أناسا قالوا لي إنها بدعة ولا يجب علي فعله فبقيت حائرا أمام وصية أبي رحمه الله وكلامهم وما يبقى لي إلا التوجه نحو أهل الذكر بالسؤال لإرشادي وجزاكم الله كل خير وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد فإن كان الوالد تعود جمع حفاظ في البيت ليختموا في البيت ويعطيهم أجرا ويكرمهم فالظاهر أنه لا بأس بالعمل بوصيته لكم أن تعملوا هذا كل عام، إن لم يكن في العمل محظور شرعي، ويدل لجواز أخذهم الأجر الذي يعطى لهم ما ثبت في حديث البخاري: إ ن أحق ما أخذتم عليه أجر كتاب الله. ويدل لمشروعية الإجتماع لتلاوة القران حديث مسلم: ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن من عنده.
ثم إن اجتماع الناس للتلاوة يكون على عدة أنواع، وقد كره بعض العلماء بعضا من تلك الأنواع فراجع في ذلك وفي المزيد عما ذكرنا الفتاوى التالية أرقامها: 47704، 27933، 38895، 76305، 79246.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1428(12/6099)
حكم وصية الزوج لزوجته أن تحج عنه من ماله كل عام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق للمتوفي أن يوصي للوريث (الزوجة) أن يكون لها جزء من التركة بصيغة التوصية بالحجة كل عم للوارث، مع العلم بأن للمتوفى عدة أبناء من عدة زوجات وأن يخص أحد الأبناء بالوقف للإدارة حتى يضمن الريع فقط لأبناء إحدى الزوجات دون الآخرين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتبين لنا المقصود من السؤال على وجه الدقة نظراً للأخطاء الإملائية التي فيه، ولكننا نقول: إن كان المقصود هل يحق للرجل أن يوصي بجزء من التركة لزوجته بعد موته، لكي تحج كل عام لنفسها؟ فجوابه أنه لا يحق لأحد أن يوصي بالتركة ولا بجزء منها لأحد من الورثة سواء كان زوجة أو ابنا أو غيرهما من الورثة، وانظر التفصيل في ذلك في الفتوى رقم: 74154، والفتوى رقم: 95975.
وإن كان المقصود أنه يوصي لها بجزء من المال لتحج عنه هو كل عام فإن كان لم يحج هو حجة الإسلام صحت الوصية فيخرج من تركته ما يحج به عنه، ولو زاد على ثلث التركة لأنه حق واجب، وإن كان قد حج حجة الإسلام صحت الوصية في ثلث المال فقط، فيحج عنه بثلث التركة، وانظر لذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 75845، 100554، 51540.
ويجب على الوالد أن يعدل بين أولاده في العطية، ويحرم عليه الجور فيها. وانظر الفتوى رقم: 101286.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1428(12/6100)
الوصية للبنات بكل المال
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ثلاث فتيات فقط ولدينا بيت ثلاث شقق وهو الملكية الوحيدة لنا، عمله أبونا وعمنا من تعب عمرهم وهو الآن مكتوب نصفه باسم أبينا ونصفه باسم أمنا، وهما يريدان كتابته باسمنا بعد وفاتهم، وسألنا وقالوا لا بد من رضا الأقارب فهل نأخذ رأيهم وموافقتهم لتتنقل الملكية باسم الأبناء، مع العلم أن هذا البيت هو كل ممتلكاتنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنية الوالدين كتابة الشقق باسمكن لتكون لكن بعد موتهما من غير أن تستلمن الشقق في حياتهما هذا يعتبر من الوصية لوارث، والوصية للوارث ممنوعة في الشرع لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه النسائي والترمذي وأبو داود.
وإذا أوصى أحد لوارثه بشيء من التركة فالوصية لا تنفذ إلا بإجازة بقية الورثة بشرط أن يكونوا بالغين رشداء، فإذا كان للوالدين أب أو أم أو إخوة أو أخوات أو غيرهم من الورثة وأوصى لكن بالشقق الثلاث فالوصية لا تنفذ إلا برضى الورثة، بل لو لم يكن لوالديكن من الورثة أحد سواكن فوصيتهما لكن ممنوعة للحديث المذكور، وقد يحدث الله تعالى أمرا فيصير من كان وارثا غير وارث أو يوجد وارث آخر غيركن لم يكن وارثا، ولا ينبغي للعاقل أن يشغل نفسه بشيء في المستقبل قد يقع بخلاف ما يظن لاسيما وأن الله تعالى قد بين في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بأحسن بيان كيف تقسم التركة بين الورثة، وانظري للفائدة الفتوى رقم: 12549.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1428(12/6101)
يريد أن يوصي ببيته الذي يملكه لابنه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أولا نحييكم تحية طيبة من أرض تونس.
السؤال: هذا أب له من الأولاد 2 بنت وولد وله من الممتلكات بيته الذي بناه على طابقين (الطابق الأرضي والطابق الأول) .
يود الأب أن يقسم الميراث بين أبنائه ما دام على قيد الحياة، فهو اختار أن يكتب الطابق الأرضي لابنه والعلوي لابنته، ولكن البنت تنازلت عن حقها وطلبت ترك ما يريد أن يكتبه لها أبوها لأخيها.
فما حكم ما فعلته البنت وهل يحق للأب أن يكتب كامل البيت لابنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ومرحبا بأسئلة إخواننا من تونس التي روت لنا كتب التاريخ الكثير عن عبق أرضها الطيبة، ومن ذلك ما ذكره ابن كثير في البداية والنهاية في تفاصيل سنة خمسين للهجرة من أن عقبة بن نافع الفهري افتتح بلاد إفريقية واختط القيروان وكان غيضة (غابة ملتفة الأشجار) تأوي إليها السباع والوحوش والحيات العظام، فدعا الله تعالى فلم يبق فيها شيء من ذلك، حتى أن السباع صارت تخرج منها تحمل أولادها والحيات يخرجن من أجحارهن هوارب، فأسلم خلق كثير من البربر فبنى في مكانها القيروان، وفي رواية حسن إسنادها الحافظ ابن حجر في الإصابة أن عقبة وقف على القيروان فقال: يا أهل هذا الوادي إنا حالون فيه إن شاء الله فاظعنوا، ثلاث مرات، قال فما نرى حجرا ولا شجرا إلا يخرج من تحته دابة حتى هبطن بطن الوادي ثم قال: انزلوا باسم الله.
ونحن نسأل الله تعالى أن يعيد أهل تلك البلاد وسائر بلاد الإسلام إلى ما كان عليه أسلافهم من الهدى والتقى والعفاف والخير.
وأما عن السؤال فلا يجوز للأب أن يكتب شيئا من أمواله لأحد من ورثته على أن يأخذه بعد موته لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث.
فإذا أوصى الأب لابنه بشيء من التركة فالوصية باطلة ولا تنفذ إلا إذا أجازها الورثة وكانوا بالغين رشداء.
ونحن ننصح الأب المشار إليه بأن لا يشغل باله بما لم يقع بعد، فإن الأمور تجري بقضاء الله وقدره، وقد يقدر الله الأمر على خلاف ما يظن ذلك الأب، وإذا توفي وله ابن وبنت فليقتسموا التركة على ما جاء في الشرع، وعندها إذا أرادت البنت أن تتنازل عن نصيبها لأخيها وهي بالغة رشيدة مختارة فإن لها ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1428(12/6102)
حتى تكون الهبة أو الوصية صحيحة نافذة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة غير متزوجة عندها ملك وهو عبارة عن عقار ولها ثمانية إخوة أربعة ذكور وثلاث إناث وتريد أن تكتب ما لديها إلى أبناء أختها ذكر وأنثى لأن أختها مطلقة وليس لديها من يعينهاعلى تربيتهما.
ما حكم الإسلام في ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا تصح هذه الكتابة لأنها ليست هبة، وتأخذ حكم الوصية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الكتابة المذكورة لا تنفذ إلا بعد وفاة صاحبتها فإنها تأخذ حكم الوصية فتكون في حدود الثلث لأبناء الأخت، وما بقي بعد الثلث يكون للورثة. قال ابن قدامة في المغني: والعطايا المعلقة بالموت؛ كقوله: إذا مت فأعطوا فلانًا كذا، أو أعتقوا فلانًا. ونحوه؛ فوصايا حكمها حكم غيرها من الوصايا.اهـ
أما إذا كانت الكتابة هبة تامة بشروطها ورفعت عنها يدها حتى أصبح أبناء أختها- أو وليهم- يتصرفون فيها تصرف المالك في ملكه، وكان ذلك في حال أهليتها للتصرف، ولم يقصد بها الإضرار بالورثة وحرمانهم من حقهم في الإرث، فإنه لا ما نع من ذلك شرعا؛لأن للشخص حرية التصرف المشروع في ماله حال أهليته للتصرف من الهبة والصدقة.
قال ماك في الموطإ:.. إن أمر الصحيح جائز في ماله كله.
والظاهر من معطيات السؤال أن هذه الكتابة لا تصح ولا يعمل بها إذا وقعت لأنها ليست هبة تامة، ولا وصية محددة، ويكون المنع أشد إذا كان القصد منها الإضرار بالورثة وحرمانهم من حقهم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطإ
وإذا ماتت هذه المرأة فإن هذه الكتابة تكون بمنزلة الوصية؛ كما تقدم.
وللمزيد من الفائدة وأقوال أهل العلم انظر الفتويين: 41872، 62168، نرجو أن تطلع عليهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1428(12/6103)
حكم الوصية لأحد الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدى بنت واحدة فقط هي كل ما رزقت به من ذرية، فهل يجوز أن أوصي لها بجزء من تركتي غير نصيبها الشرعي، وما هو مقدار ما يوصي به، وهل يجوز لي أن أبيع بعضا مما أملك لابنتي بيعا وشراء، مع العلم بأني لن أتقاضى منها ثمنا للبيع، ومن أقاربها سوف يشاركها في الميراث، مع العلم أن لي أما وثلاثة أشقاء ذكور وثلاث شقيقات إناث، فأرجو الإفادة بالتفصيل؟ ولكم وافر التحية.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا تجوز الوصية للوارث أصلاً ولا تجوز لغيره بأكثر من الثلث إلا إذا أمضى الورثة ذلك وكانوا بالغين رشداء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجوز الوصية للوارث أصلاً، ولا يجوز لغيره بأكثر من الثلث، ولا تصح إذا وقعت إلا إذا أجازها الورثة الرشداء البالغون، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أحمد وأصحاب السنن.
ولذلك فلا يجوز لك أن توصي لابنتك لأنها وارثة، وأما مقدار ما يوصى به لغير الوارث فهو الثلث فما دونه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم. رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني. ولما في الصحيحين من حديث سعد رضي الله عنه: ... الثلث والثلث كثير.
وأما البيع لابنتك بالكيفية المذكورة فلا يصح لأنه ليس بيعاً حقيقة، وإنما هو بيع صوري يقصد به حرمان بعض الورثة من حقوقهم التي فرضها الله تعالى لهم، ولكن لا مانع أن تبيع لابنتك بيعاً حقيقياً أو تهب لها جميع ممتلكاتك أو ما شئت منها هبة صحيحة تامة الشروط، وبذلك تملك هي ما بيع لها أو ما وهب لها ولا يحق لغيرها من الورثة المطالبة به.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1428(12/6104)
حكم الرجوع عن الوصية أو تبديلها
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم على الاهتمام وقد قرأت الفتوى جزاكم الله كل خير عنا وأرجو إفادتي بخصوص نفس الفتوى ماذا لو لم أنفذ الفتوى، هل هناك إثم علي علما بأنها غير مكتوبة كما أنها تنقص من حقي في الميراث وتعطيه لمن هو ليس في حاجة له، وهل يمكن أن آخذ منهم ثمنه، فأرجو الفتوى أثابكم الله ... ملاحظة: سؤالي السابق رقمه 2159207 ورقم الفتوى هو: 99796.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا حرج على الموصي في الرجوع عن وصيته كلها أو بعضها أو التعديل فيها بما يراه مناسباً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً من أن يرجع الموصي عن وصيته بالكلية لسبب أو لغيره أو يعدل فيها حسب ما يراه، وقد نقل بعض أهل العلم الإجماع على ذلك، قال مالك في الموطأ: الأمر المجتمع عليه عندنا أن الموصي إذا وصى في صحته، أو في مرضه بوصية فيها عتاقة رقيق من رقيقه، أو غير ذلك فإنه يغير من ذلك ما بدا له، ويصنع من ذلك ما شاء حتى يموت، وإن أحب أن يطرح تلك الوصية ويبدلها فعل.
وقال الباجي في المنتقى: لا خلاف في الرجوع في الوصية بالقول والفعل.
وبناء على هذا، فإن لك مطلق الحرية في الرجوع عن وصيتك وتعديلها على الكيفية التي تراها ولو كانت مكتوبة وموثقة فإن ذلك لا تأثير له، هذا إذا كنت أنت الموصي، أما إذا كانت الوصية من غيرك فلا يحق لك تغييرها ما دامت مشروعة ولو كانت تنقص من نصيبك من التركة أو كان الموصَى له غنياً لأن الوصية من حق الموصي وحده فلا يجوز تغييرها أو تبديلها من غيره، قال الله تعالى: فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {البقرة:181} ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم. رواه أحمد وغيره. وقال الشيخ الألباني: حسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1428(12/6105)
أوصت أمها بألا تدهن شعرها فهل يلزمها الوفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بنت يتيمة الأم توفيت أمي قبل أربع سنين والمشكلة أنها قبل أن تموت أوصت عمتي بوصية ألا وهي أني لا أستخدم أي شيء بشعري من مواد منعمة (الفرد أو التمليس) أو حتى أني لا أصبغه بأي لون آخر وبصراحة يا شيخ وصية أمي صعبة كثيرا لأن شعري مجعد وأحب أن أنعمه وأغير فيه على ما أرغب، لكن كل ما استأذنت من عماتي أو خالاتي يمنعوني بحكم وصية أمي فهل أستطيع أن آخذ إذنا من أبي وأعمل ما أحب بشعري، أتمنى أن تفيدوني وبسرعة مثل ما تعرفون العيد قريب وأنا أحب أن أعدل في شعري بطريقة تريحني وتجعلني أجمل أكثر مثل بقية البنات، وبصراحة يا شيخ أنا عندي رغبة قوية في أن أملس شعري وأكفت نفختة. فهل هناك ذنب علي إذا أنا خالفت وصية أمي وعملت الذي أحب، طبعا بعد إذن أبي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في استعمال الأدهنة وتمشيط الشعر وصبغه يغير السواد هو الجواز ما لم يكن في استعمال ذلك محذور شرعي كما بينا في الفتوى رقم: 50727، والفتوى رقم: 586.
وبناء عليه فلا حرج عليك في دهن شعرك لإزالة تجاعيده وتنعيمه أو صبغه بما عدى السواد، ووصية أمك لا يلزمك الوفاء بها، فليس فيها غرض شرعي، كما أنها لم توصك أنت بذلك ولم تطلبه منك وإنما أوصت عمتك ألا تأذن لك بذلك ولا يلزمك استئذان عمتك أو ابيك في ذلك مادام مباحا.
وننصحك بالإكثار من الاستغفار والدعاء والصدقة عن أمك فذلك من صلتها وبرها بعد موتها وهو ما فيه النفع لها لا ترك شعرك مجعدا أو ناعما أو غير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1428(12/6106)
الوصية للقاصر الذي ترث أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الوصية لقاصر علما بأن أمه أحد الورثة ولديها مال كثير؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا حرج في الوصية للقاصر غير الوارث ولو كان أحد أبويه وارثا أو غنيا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وصية الميت للقاصرين لا حرج فيها إن توفرت فيها شروط الوصية ولو كانت أم الموصى له وارثة أو غنية، لأن الوصية تشرع للأقارب بغض النظر عن غناهم وفقرهم، والأفضل تقديم الفقراء كما يدل له عموم قوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ {البقرة:180} ، وقد كانت هذه الوصية واجبة ثم نسخ وجوبها عند الجمهور, ويدل لإباحة الوصية للقريب ولو كان أحد أبويه وارثا ما ثبت عن الزبير بن العوام رضي الله عنه أنه أوصى لبني ولده عبد الله بن الزبير بثلث ماله، والقصة مبسوطة في صحيح البخاري، وقد ذكر ابن حجر في الفتح أن فيها جواز الوصية للأحفاد إذا كان من يحجبهم من الآباء موجودا.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 19103، 59309، 17791، 94451، 80072.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1428(12/6107)
الوصية للكافر.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم متزوج من نصرانية يونانية مطلقة ولها بنت من زواجها الأول، ولقد رزقت منها ولداً ولزوجتي سؤال: لقد تاب الله عليها ودخلت الإسلام ورزقت حج بيته وهي إن شاء الله على صراطه المستقيم، ولكن أبواها وابنتها وجميع أقربائها هم نصارى.. والسؤال هو: هل من حقها أن ترث من أي أحد منهم وهل ترث حسب قوانينهم فكيف ترث، ومن له الحق بأن يرث منها وما هي الحصص، فإن كان لا يحق لابنتها الإرث فهل يجوز أن تكتب لها وصية أو تعطيها في حياتها وما هو الحد الأعلى، فأرجو إجابتي عن هذه الأسئلة بالتفصيل ليسهل علي شرحها لزوجتي علما أنها لا تجيد العربية؟ ولكم الشكر أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
المسلم لا يتوارث مع الكافر وهو مذهب الجمهور، وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن المسلم يرث قريبه الكافر ما لم يكن حربياً دون العكس، فلا يرث الكافر المسلم على كل حال، ويجوز لكل منهما أن يوصي للآخر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة عن السؤال نشكر السائل الكريم وزوجته على اهتمامهما بدينهما ونسأل الله لهما التوفيق والثبات.. مع ترحيبنا باستقبال كل ما يرد منهم من أسئلة ... وبخصوص هذا السؤال فقد ذهب جمهور أهل العلم ومنهم أهل المذاهب الأربعة إلى أنه لا توارث بين المسلم والكافر، وذهبت طائفة أخرى من أهل العلم إلى أن المسلم يرث من مورثه الكافر غير الحربي، وهذا هو قول معاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان ومحمد بن الحنفية ومحمد بن علي بن الحسين وسعيد بن المسيب ومسروق بن الأجدع، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 20265.
وإذا قلنا بإرث زوجتك -على قول من ذكر- فإن ذلك يكون بحسب الشريعة الإسلامية، وأما من له الحق أن يرث منها؟ فهم أقاربها المسلمون دون غيرهم من الكفار، فلا يحق لأبويها ولا لابنتها غير المسلمة أن يرثوها؛ إلا إذا أسلموا.
وأما الوصية لهم أو منهم فجائزة شرعاً، فيجوز لها أن توصي لهم بشيء من تركتها بشرط ألا يتجاوز حد الثلث، ويجوز لهم أن يوصوا بما شاءوا دون تحديد لقدر معين، قال ابن عاصم المالكي:
في ثلث المال فأدنى في المرض * أو صحة وصية لا تعترض.
حتى في السفيه والصغير * إن عقل القربة في الأمور..
إلى أن يقول:
وهي من الكافر ليست تتقى *
أي أنها نافذة من الكافر مطلقاً ما لم يوص لمسلم بمحرم كخمر وخنزير.
وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل أكثر في الفتوى رقم: 56357، فنرجو أن تطلع عليها.
كما ننبهك إلى أن عبارة امرأة نصرانية ليست في محلها، وكان الأولى أن تقول كانت نصرانية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1428(12/6108)
هل يجب تنفيذ الوصية بالزواج من فلانة
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب يحب فتاة وتواعدا على الزواج وفجأة علم من والدته بأن خالته المتوفاة رحمها الله قد أوصت بأن يتزوج ابنتها التي تكبره في العمر يعني فلان يتزوج بفلانة ابنة خالته والشاب يحب الفتاة ويريد الزواج منها وليس الزواج بابنة خالته وهو حائر في اتخاذ قراره لأنه صلى الاستخارة ثلاث مرات ليحدد زواجه من الفتاة ارتاح في الأولى شعر بالضيق في الثانية والثالثة بالرغم من محبته للفتاة وهو ما زال متعلقا بها ولم ينصرف قلبه عنها ولديه الرغبة بالزواج منها وما زال حائراً هل ينفذ الوصية أو يتزوج الفتاة التي يرغب بها؟ وهل شعوره في الاستخارة يحدد قراره؟ وهل تنفيذ الوصية التي توصي بالزواج من فتاة من أقاربه قد لا يرتاح معها في الزواج ولا يرغب بها واجب تنفيذها؟ وبالرغم من معرفته أن الوصية يجب تنفيذها وخاصة إصرار أهله عليه بالزواج من ابنة خالته وهو قلبه متعلق بأخرى ويريد الزواج من الفتاة التي يحبها وحيرته جعلته يغض النظر عن موضوع الزواج في الوقت الحالي حتى لا يترك من يحبها ويحاول تجاهل إصرار أهله عليه فما الواجب عليه أن يفعله؟
وما الحكم في الزواج بتوصية من المتوفى سواء كان من الأقارب أو الوالدين بالرغم من عدم وجود الميول أو التكافؤ والرغبة ويكون الزواج بداعي الواجب وقد ينتج عنه مشاكل أو عدم استمرار هذا الزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجب تنفيذ وصية الخالة بالزواج من ابنتها، ولا يعول على ما يشعر به المرء بعد الاستخارة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب عليك أخي السائل الزواج من ابنة خالتك تنفيذا لوصية خالتك، وراجع الفتوى رقم: 9965، ففيها مزيد إيضاح، واعلم أن ما شعرت به بعد الاستخارة من الارتياح ثم الضيق لا ينبغي أن يحول بينك وبين المضي فيما تريد ولا يعول عليه، بل امض إلى ما ترى أنه أصلح لك، وإن كان خيرا فسوف ييسره الله لك بإذنه تعالى، وراجع الفتوى رقم: 1775، والفتوى رقم: 19343، والفتوى رقم: 23921، والفتوى رقم: 41605.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1428(12/6109)
الأصل في الوصية قسمتها بالتساوي بين الذكور والإناث
[السُّؤَالُ]
ـ[نص الرسالة: توفيت جدتي وتركت وصية الثلث لأبناء وبنات ابنتها، فهل تقسم الوصية للذكر مثل حظ الأنثيين، أو سواسية للذكر مثل حظ الأنثى؟ وشكراً جزيلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوصية المذكورة في السؤال وصية صحيحة؛ لأنها في حدود الثلث، ولأنهم غير وارثين، وإذا كانت الجدة لم تفصل أو تخصص أحداً منهم بشيء فإنها تقسم بينهم بالتساوي؛ لأن التضعيف في نصيب الذكر على نصيب الأنثى خاص بالتركة، وأما الهبة أو الوصية فالأصل فيها التساوي ما لم ينص الواهب أو الموصي على شيء خاص، وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 25556.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1428(12/6110)
حكم كتابة شخص لآخر مبلغا من المال على أنه دين عليه يؤدى له بعد وفاته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في أن يكتب شخص لآخر مبلغا من المال على أنه دين عليه يؤدى له بعد وفاته؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أقر لآخر بمال ديناً يؤدى عنه بعد وفاته -والواقع أنه ليس ديناً- فإن هذا يعتبر هبة منه لهذا الشخص، وبما أنه أضافها إلى ما بعد الوفاة فتأخذ حكم الوصية، وراجع في الوصية وأحكامها وشروطها الفتوى رقم: 52810.
وعلى من كتب له الميت هذا الكتاب أن يتقي الله تعالى، وليعلم أنه لا يستحق شرعاً من التركة إلا ما أعطاه الشرع للموصَى له، فهذا الكتاب الذي بيده لا يحل حراماً في الباطن وإن كان يقدر أن يأخذ به في الظاهر ما ليس له، ولكن إن فعل فإنما يأخذ مال الورثة بغير حق، والله تعالى يقول: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ البقرة:188} ، جاء في تبصرة الحكام لابن فرحون المالكي: حكم الحاكم لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً على من علمه في باطن الأمر ... وهذا إجماع من أهل العلم في الأموال. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1428(12/6111)
حكم الوصية إذا كانت للوارث وبأكثر من الثلث
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى أبي منذ خمس سنوات وهو لا يملك شيئا تقريبا إلا البيت الذي نسكنه وقد كتبه قبل وفاته (أثناء مرضه) لأمي كله فما موقف الدين من هذا، مع العلم بأن جدتي أم والدي لا زالت على قيد الحياة، وما العمل إذا كان هذا لا يجوز؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما فعله أبوك لا يصح لأنه وصية لوارث وبأكثر من الثلث، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ... الثلث والثلث كثير. رواه البخاري وغيره، ولقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. وفي رواية الدارقطني: إلا أن يشاء الورثة. رواه أصحاب السنن.
ولذلك فإن هذه الكتابة لاغية إلا إذا أجازها الورثة لأمك برضاهم وطيب أنفسهم وكانوا رشداء بالغين، وإذا لم يقبل الورثة فإن البيت يقوم ويوزع ثمنه على جميع الورثة بمن فيهم أمك، ونصيبها الثمن، إذا كان أبوك لم يخلف زوجة غيرها، فإن خلف معها غيرها من زوجة وارثة كانت شريكة لها في هذا الثمن. وللمزيد من الفائدة يمكنك أن تطلعي على الفتوى رقم: 68554، والفتوى رقم: 74285.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(12/6112)
حكم الوصية للأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة توفى زوجها وترك لها وصية لأولاده من زوجته الأولى وطلب إليها إرضاءهم ثم توفى الزوج وهي عبارة عن عقارات وقد دعت الزوجة أولاد زوجها لأخذ الوصية، ولكنهم لم يقبلوا بها في ذلك الوقت وقد مضى 25عاما والآن يريدون الوصية، ولكن مالا وليس عقارات ولكن زوجة أبيهم رفضت ألا أن تعطيهم إياها كما هي رغم أن أولاد زوجها لم يعودوا قادرين على البيع والشراء لأنهم كبروا في السن، فهل بقي على زوجة أبيهم إثم أم لا، وهل وجب عليها إرضاؤهم؟ أفيدوني أفادكم الله، وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وصية هذا الرجل لا تصح لأنها وصية لوارث فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أحمد وغيره.
وسبق بيان شروط نفاذ الوصية وحكم الوصية للورثة وغيرهم في الفتوى رقم: 9088، والفتوى رقم: 14175 فنرجو أن تطلعي عليهما، وجميع ما تركه هذا الرجل من أموال ثابتة أو منقولة تعتبر تركة لجميع ورثته من الأولاد والزوجة والأبوين إن كانوا موجودين، ونصيب زوجته من التركة هو ثمنها إن لم تكن معها زوجة أخرى، فإن كانت معها شاركتها في الثمن، لقول الله تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم {النساء:12} .
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1428(12/6113)
من أوصى لقرابته الفاسدين الذين يتعاطون المخدرات
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي جدي وأوصى بقطعة أرض لأولاد ولده المتوفى وهم أربعة إلا أنهم كلهم فاسدون يتعاطون المخدرات والمسكرات بأنواعها، فإذا سلمناهم الأرض باعوها وأكلوا بثمنها المخدرات والمسكرات، فما هو الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتنفيذ وصية الميت واجب في ثلث ماله، وعدم تنفيذها مع توفر شروط صحتها لا يجوز، ومرتكب ذلك آثم عند الله تعالى، لقول الله تعالى: فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {البقرة:181} ، قال القرطبي: والضمير في (إثمة) عائد على التبديل، أي إثم التبديل عائد على المبدل لا على الميت.
ويستثنى من هذا ما إذا كان الموصَى له وارثاً، فإن الوصية له حينئذ لا تصح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه.
وأولاد الأولاد لا يرثون مع وجود الأولاد المباشرين، وعليه فهذه القطعة التي أوصى بها جدك لأولاد ولده يجب تنفيذ وصيته بها، إذا لم يكونوا وارثين، ولا يغير من هذا كونهم فاسدين ويتعاطون المخدرات والمسكرات بأنواعها، ولكنهم في هذه الحالة لا تسلم لهم القطعة، وعلى القضاء الشرعي أن يعين ناظراً عليهم وعلى أموالهم، ولا يعطون من ممتلكاتهم إلا قدر الحاجة، مما علم أنهم لن يستعينوا به على معصية الله، ثم إن عليكم أنتم أن تسعوا في انتشالهم من الضياع وجرهم إلى الخير والاستقامة، فإن هذا واجب على المسلم تجاه أخيه المسلم ولو كان النسب بينهما منعدماً أو بعيداً، فما بالك إذا كان منه على المستوى المذكور من القرابة!!.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1428(12/6114)
حكم تنازل الأب عن بيته قبل وفاته لأحد أبنائه
[السُّؤَالُ]
ـ[تحية طيبة وبعد:
سؤالي لفضيلتكم يتعلق بتوزيع الميراث:
توفي والدي وترك وراءه ثلاثة أولاد ذكور وثلاث إناث وكان رحمه الله قد تنازل أثناء حياته لأخي الأكبر عن منزل العائلة -لدى الدوائر القانونية- والذي ولدنا به جميعا وترعرعنا فيه جميعا حتى تزوجنا واستقل كل منا في بيته ولم يعلمنا بذلك وكانت حجته في ذلك أن أخانا الأكبر هو الذي كان يصرف عليه بعد تقاعده حيث خصص له مبلغا شهريا يكفيه وزيادة وهذا صحيح فإن أخانا الأكبر يعمل في السعودية ودخله ممتاز جدا، أما أنا وترتيبي الأوسط بين إخوتي فكنت أعطيه بين فترة وأخرى ولكن ليس بشكل منتظم وأحيانا أتحسس حاجته لغرض ما مثل جهاز تلفاز أو مدفاة وغير ذلك فأشتريه له لأنه رحمه الله لم يكن ليقوم بشراء مثل هذه الأمور، وبالمناسبة فأنا كنت أعيش في مدينة تبعد عنه ما يقارب 100كم أما أخي الأصغر والذي كان يعيش معه في نفس البلدة فهو الذي كان يرعاه ويلبي معظم احتياجاته اليومية، وأخيرا وأثناء مرضه هو الذي كان يتنقل به بين الأطباء والمستشفيات وهو الذي كان يتولى دفع فواتير الماء والكهرباء والهاتف طيلة فترة سكنه معه كما كانت تكاليف علاجه مغطاة بالتأمين الصحي الخاص بي كوني موظفا حكوميا، بقي أن اذكر لفضيلتكم أن إحدى أخواتي لم تتزوج وبقيت في البيت وهي التي تقلقنا، وبالمناسبة لو أننا جمعنا جميع ما دفعه أخي الأكبر لوالدي لا يكاد يساوي ثمن البيت، فهل ما قام به والدي شرعا صحيح وإذا كان يريد أن يعاقبنا نحن أبناؤه الذكور علما أننا لم نقصر به -حيث إن حكمة الله وزعتنا كما نحن الأكبر في السعودية صاحب الدخل الكبير والأوسط موظف حكومي - أمن له علاجا من مرض السرطان مجانا ولولا ذلك لكلف علاجه أكثر من ثمن البيت-والأصغر هو الذي كان يتنقل به ويقوم على رعايته، لكن رحمه الله قيمنا حسب ما كنا ندفع له ماديا فما حكم ما قام بعمله والدنا وما ذنب أخواتنا الإناث وخاصة أختنا التي لم تتزوج بالحرمان من الميراث وهو بالمناسبة قليل، ولكن الله يقول في كتابه العزيز " للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا" صدق الله العظيم
فماذا يجب -علينا وخاصة أخانا الأكبر- فعله حتى نجنب والدنا إثما يمكن أن يكون قد اقترفه بعمله ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبلُ حكم إيثار الأب لبعض أولاده دون بقيتهم، وذكرنا أن ذلك لا يجوز إلا إذا كان له مبرر شرعي: كأن يحتاج الولد لمرض أو لكثرة عيال أو لاشتغال بطلب العلم دون البقية، أو يصرف العطية عن بعض ولده لفسقه أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله ونحو ذلك، ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 6242.
ولكن الذي يظهر مما أوردته هنا في سؤالك هو أن أباكم لم يعط المنزل لأخيكم الأكبر، وإنما ذكرت أنه تنازل له عنه لدى الدوائر القانونية فقط.
وقولك: إنه لم يعلمكم بذلك يفيد أن والدكم لم ينجز هبته هذه ولم يحزها الابن الأكبر، ولكنه سجلها له كوصية منه بذلك، ومعلوم أن الوصية للوارث لا تصح، لما أخرجه الإمام أحمد والترمذي وأبو داوود وابن ماجه وغيرهم عن أبي أمامة الباهلي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته عام حجة الوداع: إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث.
فلو كان الوالد قد أخلى المنزل تماما وسلمه للابن، وحازه الابن حيازة شرعية، لاحتاج الأمر إلى النظر فيما إذا كان هذا الفعل يجوز شرعا أم لا.
أما والحال على ما ذكرته، فالمنزل لا يعدو كونه وصية للابن وقد علمت حكم ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1428(12/6115)
الوصية لابني البنت
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد التحية وفائق التقدير، أدعو الله تعالى أن يثيبكم وأن يسددكم ويحفظكم ويجزيكم خير الجزاء، سؤالي هو كالتالي: توفي والدي قبل أكثر من خمس سنوات, أسأل الله له الرحمة ولجميع موتى المسلمين، وترك لنا نحن ورثته، شيئا من المال وبيتا نسكن في بعضه ونؤجر بعضه، ونحن الورثة أربعة من الأبناء الذكور واثنتان من البنات ووالدتنا بالإضافة إلى زوجة لأبي، السؤال يخص زوجة أبي: كان لزوجة أبينا ابنة، هي أختنا من أبينا توفيت منذ زمن طويل في حياة أبينا، ولها من تلك الابنة اثنان من الأبناء يواصلان السؤال عنها بين الحين والآخر وفي المناسبات، كما أن لزوجة أبينا من الأقارب أيضا، أخ يعيش في بلاد أخرى وأخت تعيش في مدينة أخرى، بعد وفاة أبينا بعام تقريبا طلبت زوجة أبينا أن تهب نصيبها من الإرث في البيت لابني بنتها الاثنين، وكنا أنا وبقية إخوتي على رغبتها تلك من الشاهدين، وحصل في مرة حينها أن حضر أخوها لزيارتها في بيتنا في المدينة فأخبرته برغبتها في أن تهب نصيبها من الإرث في البيت لابني بنتها الاثنين، فلم يمانع وأبدى موافقته، إن زوجة أبينا امرأة كبيرة في السن ولربما جاوزت الآن الثمانين عاما، وخفنا عليها من كثرة النسيان وعوارض كبر السن، فأردنا إثبات هبتها وطلبت من بعض أقاربنا الاتصال بأخيها لتثبيت هبتها ولتثبيت علمه وموافقته، إلا أنه قال بأن هذا لا يجوز ولا يرضى الله عنه، مما جعلنا في حيرة نتساءل، ما هو رأي الشرع في هبة زوجة أبي لحصتها في البيت لابني بنتها الاثنين، وما مدى أحقية أخيها وأختها وابني بنتها في الإرث الشرعي منها بعد وفاتها؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن ننبهك إلى أن الذي يرث أختكم من أبيكم -إذا كانت قد تركت إرثاً- هو أمها وأبوها، ولكل منهما السدس، قال الله تعالى: وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ {النساء:11} ، وإذا لم يكن لها ورثة غير من ذكرت فباقي مالها يكون لولديها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر. كما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فما ذكرت أن زوجة أبيكم أرادت بعد وفاته بعام أن تهب نصيبها من الإرث في البيت لابني بنتها، لا يخلو من أن تكون أرادت الوصية به لهما، أو أرادت هبته لهما حقيقة، فإن كانت أرادت الإيصاء به لهما، فلا حق للورثة في منعها من ذلك إذا لم يكن نصيبها من البيت يجاوز ثلث متروكها، وأما لو كان ذلك يزيد على ثلث متروكها فالذي لها الحق في الإيصاء به منه هو الثلث فقط، والباقي يرد ما لم يجزه ورثتها، وبشرط ن يكونوا بالغين رشداء، وإن أرادت تمليكه لهما بهبة ناجزة، فإن حصل ذلك في مرضها الأخير، -فإنه أيضاً- يعتبر في حكم الوصية، وإن حصل في صحتها ومضي تصرفها، فإنه -حينئذ- يعتبر هبة، يملكه الموهب له إذا حازه حيازة شرعية، ولم يكن الباعث للواهبة عليه هو منع الورثة من حقهم في الإرث. ولا عبرة هنا بما ذكرته من أن أخا الواهبة لما جاء لزيارتها وأخبرته برغبتها في أن تهب نصيبها من الإرث في البيت لابني بنتها، لم يمانع وأبدى موافقته، لأن هذا إسقاط حق قبل وجوبه، وذاك غير لازم عند أهل العلم، فالحاصل -إذاً- أن ابني أختكم لا يرثان من زوجة أبيكم، لأنهما من ذوي رحمها، ولكن لها أن توصي لهما بما لا يزيد عن ثلث متروكها، ولها أن تهب لهما كل متروكها أو بعضه بالشروط التي حددناها، ثم إن الذي يرثها ممن ذكرت هما أخوها وأختها كيف كان نوع أخوتهما لها، إلا إذا كانا أخويها من الأم فقط دون الأب، فإن لكل منهما سدس متروكها، وباقيه يكون لأقرب عصبتها، أو إلا أن يكون الأخ شقيقاً والأخت من جهة الأب فقط، فالأخ الشقيق حينئذ يرث جميع المال.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1428(12/6116)
الترغيب في الوصية للأقارب المحتاجين ولطلبة العلم واليتامى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لي بيت وليس لي أولاد بل زوج وأختان وابن أخ وأريد أن أوصي بإيجار البيت وصرف جزء منه لتعليم اليتامى، كما أن البيت تشرف عليه بنت أختي لأني خارج البلد وبنت أختي يجب أن أوصي لها بصيانة البيت وما تتحمله من مصروفات في هذا الأمر، فماذا يجيز لي الشرع إذا أردت أن أكتب لها شئياً وأن أوصي بصرف جزء منه لليتامى، أريد أن أعرف قبل أن أكتب وصيتي.. ملحوظه: إني تنازلت عن نصيبي في بيت والدي لأختي المحتاجة، أما أختي الأخرى فالحمد لله لها بيت وكذلك ابن أخي، أما زوجي سوف يكون المتصرف في البيت ما دام حياً، وأريد نصيحتكم والله الموفق؟ ودام فضلكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر السائلة الكريمة على اهتمامها بدينها ورغبتها في الوقوف عند حدوده، ونسأل الله لها الثبات وطول العمر في طاعة الله تعالى وما ينفع عباده، وفيما يخص السؤال فإنه يشرع لك أن توصي بثلث مالك فما دونه لغير وارث، ولا تصح الوصية بأكثر من الثلث ولا لوارث إلا إذا أجازها الورثة وكانوا رشداء بالغين، والأفضل أن تكون الوصية للأقارب المحتاجين ولطلبة العلم واليتامى ... وسبق بيان ذلك بالأدلة وأقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 17791.
وعلى ذلك فإذا كان البيت المذكور يساوي ثلث مالك أو أقل فيجوز لك الوصية بجزء منه لبنت أختك، والجزء الآخر يكون لليتامى، ولا مانع شرعاً أن تكون النسب بينهما متساوية أو متفاوتة، فالأمر في ذلك يرجع إليك، فهذه وصية صحيحة لم تتجاوز الثلث ولم تكن لوارث، وأما تنازلك عن نصيبك من بيت والدك لأختك المحتاجة فأمر إحسان تشكرين عليه وتؤجرين إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1428(12/6117)
الوصية لليتيمة بمثل ميراث البنت
[السُّؤَالُ]
ـ[إن جدي رحمه الله كان له ابن وبنتان من صلبه وكفل طفلة أخرى يتيمة الأب دون أن يتبناها توفي جدي فقرر ابنه أن يدع إيراد السيارة الأجرة التي كانت لجدي لجدتي والأخوات ليعشن في راحة وكان كذلك والحمد لله بعد مرور 35 سنة توفيت جدتي وبقي البيت فبيع وأخذ أبي ما له وكذلك الأختان، لكن في هذا الوقت أعطيت لأبي وثيقة عنوانها 'تنزيل' وقد وقعها شاهدان مع جدي منذ 40 سنة ومضمونها أن جدي قد قرر أن ينزل البنت التي كفلها منزلة ابنته من صلبه وبالتالي تأخذ ما تأخذه بناته من صلبه من كل ما يتركه من أموال وعقارات، فهل يترتب على أبي أن يعطيها مما ورثه من البيت على أساس أن البنت الكفيلة وارثة جديدة بحكم هذا التنازل، مع العلم بأن هذه الوثيقة حررت بمحكمة في المغرب؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن كفالة الأيتام من أعظم القربات إلى الله تعالى، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا ... وأشار بأصبعية السبابة والوسطى. رواه البخاري.
فهذه منزلة عظيمة ينبغي لكل مسلم أن يسعى لنيلها ونرجو أن يكون جدك ممن نال هذه المنزلة الرفيعة، وأما ما ذكرته من أمر الوثيقة التي حررت في المحكمة ووقعت من طرف جدكم وشاهدين معه، فإنها تعتبر بمنزلة الوصية للطفلة المذكورة وهي وصية صحيحة لتوثيقها وعدم إرث صاحبتها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة لكم في أعمالكم. رواه أحمد وابن ماجه.
ومقدار الوصية هنا يكون قدر نصيب إحدى بناته من التركة إن كان ثلث التركة أو أقل منه، ولا يدفع لها ما زاد على الثلث لما في الصحيحين وغيرهما من أن الوصية لا تتجاوز الثلث، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:.... الثلث، والثلث كثير.
ولذلك فإن على أبيك أن يدفع لهذه البنت ما أوصى به جدك ما لم يتجاوز ثلث ما له ما دام ذلك على سبيل الوصية وما دام جدك لم يتبنها ولم يعطها ذلك على سبيل الإرث، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 3152، والفتوى رقم: 17791.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1428(12/6118)
الوصية بوقف بيت ما على إخراج الأضاحي
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإجابة على سؤالي حيث إن والدي حفظه الله مريض ولا يملك سوى منزلنا المتهالك ومنزلاً آخر ويقول إنه سيجعل المنزل الآخر ثلثاً له ويوكل على ثلثه أخي الأكبر وكما هو معلوم هو يريد بالثلث إخراج (الأضاحي) فقط والمنزل إيجاره 50.000 ريال والأضاحي لا تتجاوز قيمتها الـ 2.000 ريال بالسنة بمعنى أن أخي سيبقى له ما تبقى من الإيجار له لوحده، أليس في هذا ظلم لبقية الإخوة الذكور، وهل هذا جائز، وهل يستطيع أخي الأكبر التصرف في هذا البيت بالبيع وأكل ثمنه مثلاً، وهل يحق لنا الاعتراض، وهل من يحدد (الثلث) الموصي أم اتفاق الورثة في المحكمة، أريد شرحاً مفصلاً للموضوع؟ جزاكم الله خير الجزاء.. وجعل ذلك في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والدك يريد أن يوقف هذا البيت بعد موته على إخراج الأضاحي فإن هذا يعتبر وصية، والوصية لا تصح إلا في حدود الثلث إلا أن يجيز ذلك الورثة بشرط أن يكونوا بالغين رشداء، والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد حين قال: أوصي بمالي كله؟ قال: لا، قال: فبالثلثين؟ قال: لا، قال: فبالنصف؟ قال: لا، قال: فبالثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير. متفق عليه.
وعليه، فينظر فإذا كانت قيمة هذا البيت تساوي ثلث التركة أو أقل من الثلث فلا بأس بأن يوصي بوقف البيت، ولا يجوز الاعتراض عليه في ذلك، أما إذا كانت تزيد فلا يصح ذلك، إلا أن يجيز ذلك الورثة البالغون الرشداء؛ لأن الحق في عدم الزيادة عن الثلث لهم فإذا أسقطوه سقط، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 52810.
وفي حالة صحة الوصية وتبعاً لذلك صحة الوقف فلا يجوز لأخيك أن يأخذ من ريعه شيئاً لنفسه، اللهم إلا أجرة الوكالة، ويشترط أن تكون في حدود المعتاد لئلا تكون حيلة على أكل المال بالباطل، ولا يجوز له أن يبيع البيت بل عليه أن يتبع فيه شرط الواقف بإخراج ريع البيت في الأضاحي.
أما إذا كان والدك يريد أن يوقف البيت بعد موته على إخراج الأضاحي وعلى أخيك معاً فبالإضافة إلى ما تقدم من وجوب كون قيمة البيت تساوي ثلث التركة أو أقل، فلا بد أن يجيز بقية الورثة ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه، وفي رواية للدارقطني والبيهقي: لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة. فما لم يجز الورثة فلا يصح أن يختص من هذا الوقف بشيء دونكم؛ لما في ذلك من الظلم لكم ولباقي الورثة، وإذا أجزتم الوقف عليه فلا يجوز له أن يبيع هذا البيت لأن الوقف لا يباع. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 41296.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1428(12/6119)
حكم الرجوع بالهبة والوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[.قام أب له ثلاث بنات وابن"متوفى". بكتابة أرض لابن ابنه المتوفى، وقد ولد هذا الحقد بين أبناء الأب وقد طالبوه بالمساواة ولكنه رفض. هل ما قام به حلال أم حرام؟
قام أب له ثلاث بنات وابن"متوفى". بكتابة أرض لابن ابنه المتوفى ثم قرر الرجوع في الهبة
بعد أربع سنوات ف هل الرجوع في الهبة حلال أم حرام؟
قام أب له ثلاث بنات وابن"متوفى".بكتابة أرض مباني لأبناء إحدى بناته بعقد بيع موثق ويقول على سبيل الهبة، وقد ولد هذا الحقد بين أبناء الأب وقد طالبوه بالمساواة ولكنه رفض. هل ما قام به حلال أم حرام؟
أرجو الأدلة من القرآن والسنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما فعله الرجل المذكور يعتبر وصية، والوصية لا تصح لوارث ولا بأكثر من الثلث إلا إذا أجازها الورثة وكانوا رشداء بالغين.
وعلى هذا.. فإن كان ابن الابن وارثا يعني أنه ليس للميت أبناء مباشرون فإن هذه الوصية غير صحيحة لأن ابن الابن وارث في هذه الحالة ويأخذ ما بقي بعد فرض البنات وهو الثلث، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أحمد وغيره.
وفرض البنات هو الثلثان؛ لقول الله تعالى: فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك.
أما إذا كان ابن الابن غير وارث فإن الوصية صحيحة ما لم تتجاوز الأرض المذكورة ثلث التركة أو يجيزها الورثة، ولا حق لأبناء الابن في الاعتراض على وصية أبيهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم. رواه ابن ماجه وغيره.
هذا إذا كانت الكتابة معلقة على وفاة الجد، فإن كانت ناجزة فإنها تعتبر هبة إذا تم حوزها، فيجوز للمسلم أن يهب ما يشاء من ماله دون تحديد بثلث أو غيره. والتسوية إنما تجب بين الأبناء، ولذلك فلا حق للأبناء في الاعتراض على أبيهم.
وأما رجوع الجد فيما وهب لحفيده فإن كان بعد قبض الحفيد له وحوزه فإنه لا يجوز ولا يحق له الاعتصار، قال البخاري: باب لا يجوز لأحد أن يرجع في هبته وصدقته، ثم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالعائد في قيئه.
هذا إن كانت هبة وقبضها بالفعل، أما إن كان أوصى له بها بعد موته فيجوز له الرجوع فيها. قال ابن عاصم المالكي في التحفة: وللذي أوصى ارتجاع ما يرى من غير ما بتل أو ما دبرا.
وأما كتابة الجد لأبناء بناته بشيء من ماله على سبيل الهبة فلا مانع منها شرعا إذا كان أهلا للتصرف ويمضي فعله إذا تمت حيازة الهبة.
وكذلك إذا كان ذلك على سبيل البيع لأن من حق المالك التصرف في ملكه ما دام أهلا لذلك، أما إذا كان البيع أو الهبة في الصورة فقط ويقصد به حرمان الورثة أو يتوقف على موت الجد فإن ذلك لا ينبغي، وتعتبر الهبة وصية وفي حدود الثلث؛ إلا أن يجبر الورثة ما زاد على الثلث كما قدمنا. وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتاوى: 71894، 35142، 62132، 79080.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1427(12/6120)
حكم الوصية لولد الولد مع وجود ولد الصلب
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي أبي وترك 6بنات وذكران وكان يملك 14هكتارا أوصى لولد ابنه بالثلث مع العلم أنه ترك بنتين بدون زواج الأولى عمرها أربع وخمسون عاما والثانية خمسون عاما، ما حكم الإسلام في هذه الوصية.
أفيدونا يرحمكم الله وجزاكم الله خيرا كثيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الوصية صحيحة ولا اعتراض عليها لأنها ليست لوارث ولا بأكثر من الثلث.
فقد روى الإمام أحمد وابن ماجه وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم.
وقال ابن عاصم المالكي في تحفة الحكام:
في ثلث المال فأدنى في المرض أو صحة وصية لا تعترض
وصححت لولد الأولاد والأب للميراث بالمرصاد
يعني أنها تصح لولد الولد مع وجود ولد الصلب.
ولذلك فحكم هذه الوصية الصحة والنفوذ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1427(12/6121)
حكم الوصية للورثة بشراء عمارة وتحديد مبلغ للصيانة
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي توفي ونحن 4 أولاد و2 بنات ووالدتنا وترك لنا والدنا عمارة دخلها السنوي 156000 ألف ريال وترك رصيدا في البنك 1700000 ريال وطلب في الوصية شراء عمارة أخرى وأن نخرج من المال 10% منها للصيانة ومثلها في الأعمال الخيرية أرجو من فضيلتكم الإفادة عن طريقة توزيع الإرث لكل واحد منا وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كيفية تقسيم تركة والدكم يكون على النحو التالي: فبعد أداء الحقوق المتعلقة بالتركة من قضاء ديون وتنفيذ وصية.. تحصر الممتلكات وتوزع على ثمانية أسهم فهي أصل التركة لوجود فرض الثمن فيها للزوجة كما قال تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ {النساء: 12}
فتأخذ أمكم سهما واحدا هو ثُمُن التركة.
والباقي يقسم بين الأبناء والبنات للذكر منهم ضعف نصيب الأنثى؛ كما قال الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11}
ويصحح القاسم المسألة لانكسار سهام الأبناء عليهم ثم يعطى كل واحد نصيبه.
وأما وصية أبيكم اللازمة شرعا فهي عشرة في المائة فقط تصرف في أعمال الخير كما حدد والدكم ولا تغير ولا تبدل.
وأما شراء عمارة أخرى أو إخراج مبلغ للصيانة وما أشبه ذلك فهو غير ملزم لكم شرعا، وإنما هو من باب الإرشاد، فإن رأيتم أن في ذلك مصلحة لكم فعلتموه على سبيل الاختيار ولستم ملزمين بشيء من ذلك لأن المال أصبح ملكا لكم.
وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 8970، 9108، 16812.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1427(12/6122)
هل تمضي وصية الأب لابنه
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو: ما حكم الإسلام فى رجل كتب تركة عبارة عن منزل لابنه دون بنته، وهل يأثم الابن المكتوب له تركة الأب، علما بأن الأب قد توفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس للأب أن يوصي أو يكتب بشيء من تركته لبعض ورثته دون بعض لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أحمد وأهل السنن.
وعليه فإذا كان الأب المتوفى قد كتب وصيته لابنه بالبيت دون بنته فلا عبرة بتلك الوصية، ولا يصير البيت بها ملكاً للابن إلا إذا رضيت البنت وبقية الورثة بذلك، وكانوا بالغين رشداء وتم رضاهم بدون إكراه بدني أو نفسي، وانظر الفتوى رقم: 7060، بعنوان لا تصح الوصية للوارث إلا بإجازة الورثة، وكذلك الفتوى رقم: 7275، والفتوى رقم: 25102.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1427(12/6123)
حكم الوصية للكنائس ومستشفيات الكلاب
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل خدم امرأة لمدة ثلاثين عاما وقبل وفاتها طلبت منه الزواج لكي تورثه مالها وزوجته على علم، ولكنه رفض للشعور بالحرمة لهذا، وهذه السيدة تعيش فى أمريكا منذ أربعين عاما وعندما كانت تأتي مصر كان يقوم بخدمتها، بعد وفاتها أوصت له بمبلغ وأوصت بباقي أموالها لمستشفيات الكلاب والكنائس بأمريكا مع العلم بأنها مسلمة وكان لهذا الرجل الفضل في دفنها على الشريعة الإسلامية بأمريكا، والسؤال: الآن هذه المتوفاة تملك شقة بمصر بمبلغ يتجاوز المليون ومن المفترض أن يأخذ الرجل نصيبه منها ويرسل باقي المبلغ لأمريكا، لكي توزع على مستشفيات الكلاب والكنائس، الكثير يقولون إن عليه أن يبيع الشقة ويأخذ الأموال ويقيم بها مشروعات خيرية ببلده أو أن يقوم ببيع الشقة بتاريخ قبل الوفاة ويأخذ نصيبه ويتبرع بالباقي في أعمال الخير، مع العلم بأنه رجل صالح ويراعي الله فى كل أموره، ومنذ أكثر من 7 شهور وهو ينتظر إرسال نصيبه من أمريكا ... فماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أن ننبهك إلى أن هذا الرجل إذا لم يكن محرما لتلك المرأة فليس مباحاً ما قام به من خدمتها طيلة الفترة المذكورة، إذا كان سيترتب على تلك الخدمة محظور من الخلوة بها وملامستها ورؤية عورتها وغير ذلك مما يحرمه الشرع.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن للمرء أن يوصي بشيء من ماله لا يزيد عن الثلث لغير وارثه، ففي الصحيحين من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: قلت يا رسول الله أوصي بمالي كله؟ قال: لا، قلت: فالشطر؟ قال: لا، قلت: الثلث، قال: فالثلث، والثلث كثير. إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس.
ثم إن الوصية للكنائس لا تصح، لأنها وصية بمعصية، قال الشيخ تقي الدين السبكي رحمه الله تعالى: إنه لم يكن قط شرع يسوغ فيه لأحد أن يبني مكاناً يكفر فيه بالله، فالشرائع كلها متفقة على تحريم الكفر، ويلزم من تحريم الكفر تحريم إنشاء المكان المتخذ له، والكنيسة اليوم لا تتخذ إلا لذلك، وكانت محرمة معدودة من المحرمات في كل ملة، وإعادة الكنيسة القديمة كذلك، لأنه إنشاء بناء لها وترميمها أيضاً كذلك، لأنه جزء من الحرام ولأنه إعانة على الحرام.
وقال السبكي أيضاً: فإن بناء الكنيسة حرام بالإجماع وكذا ترميمها، وكذلك قال الفقهاء: لو وصى ببناء كنيسة فالوصية باطلة، لأن بناء الكنيسة معصية وكذلك ترميمها، ولا فرق بين أن يكون الموصي مسلماً أو كافراً، فبناؤها وإعادتها وترميمها معصية -مسلماً كان الفاعل لذلك أو كافراً- هذا شرع النبي صلى الله عليه وسلم.
كما أن الوصية لمستشفيات الكلاب لا تصح أيضاً، لأن الكلاب لا يصح تملكها وما لا يصح تملكه لا يصح أن يوصى له، قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله: صح إيصاء حر مميز مالك وإن سفيها أو صغيراً.... إلى أن قال: لمن يصح تملكه.
وإذا افترضنا أن الوصية هي للمستشفيات وليست للكلاب فإن المستشفيات لا تملك أيضاً، ولا يمكن قياسها على المساجد والمدارس ونحوها، لأن ما يوصى به للمساجد والمدارس إنما يقصد به نفع عمارها، فهو إذاً موصىً به لمنافع بشرية، وليس كذلك مستشفيات الكلاب، وعليه فإذا توفيت المرأة المذكورة فمن حق الرجل الموصى له أن يستفيد مما أوصي به له إذا كان ثلث متروك المتوفاة أو أقل، وإن كان أكثر من ذلك فليس له منه إلا الثلث، إلا أن يجيز الورثة له ما زاد على الثلث، وباقي المال يرجع إلى ورثة المرأة إن كان لها ورثة مسلمون، وإلا كان مصرفه بيت مال المسلمين، وإذا لم يوجد بيت مال للمسلمين، أو كان ما يوضع فيه يصرف في غير مصارفه الشرعية، فإن باقي المال يصرف في مصالح المسلمين العامة إذا لم يكن ثمت ورثة، ومن مصالح المسلمين العامة إقامة مشروعات خيرية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1427(12/6124)
وصية موافقة للشرع في عمومها
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أتأكد من حضراتكم أن هذه الوصية التي قمت بكتابتها هل تستوفي شروط الوصية الشرعية، وهل فيها مخالفات شرعية، وإن كان فما هي وما تصحيحها، روي البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده. هذا ما أوصي به الأخ الصديق عبد الرحمن (أبو إلياس) أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ويشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور، أوصي من تركت من أهلي أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، أوصيهم بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب "إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون" وقد أوصيت بما يأتي:
* أن يحضرني بعض الصالحين قرب الموت لكي يكرمني الله بكلمة التوحيد لا إله إلا الله.
* تغميض بصري بعد خروج الروح والدعاء لي بالخير لأن الملائكة تؤمن على الدعاء عند الموت.
* تغيير الثوب الذي مت فيه وتجهيزي.
* الكفن في ثلاثة أثواب للرجال ويحرم تكفيني في ثوب غالي وحرير.
* يمنع رفع الصوت بالنياحة والندب ولطم الخدود وشق الجيوب.
* يبدأ بقضاء ما علي من دين بعد الموت مباشرة (حبذا قبل الدفن) .
* الشروع بالدفن مباشرة عند حلول أول صلاة بعد الوفاة مهما كانت الأسباب.
* يمنع خروج النساء مطلقا إلى المقابر سواء عند الجنازة أو بعدها.
* الصلاة علي وإكثار عدد صفوف المصلين مع الدعاء لي بإخلاص.
* من يضعني في قبري يقول (بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويوجه وجهي إلى القبلة.
* بعد دفني يقف أحدكم على قبري ويدعو الله عز وجل لي بالتثبيت على التوحيد والشهادة (مقدار ذبح وسلخ جزور 1 ساعة) .
* أوصيت بجزء من مالي للفقراء بحيث لا يزيد عن الثلث (1/3) .
* أنا برئ ممن يأتي ببدعة من عمل الخميسية أو الأربعينية أو سنوية أو كل عمل يخالف الشرع بالجملة لأنني بريء من كل قول أو فعل يخالف الشرع، (فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم)
الشاهد الأول/
الشاهد الثاني/
تحريرا في]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نلاحظ في هذه الوصية ما يخالف الشرع فهي وصية موافقة للشرع على العموم، ولكن إطلاق المنع على خروج النساء إلى المقابر غير دقيق، والصواب أن النهي ورد عن اتباع الجنائز خاصة ولم يؤكد، ولذلك كرهه أهل العلم، ففي الصحيحين وغيرهما عن أم عطية رضي الله عنها قالت: نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا.
وأما زيارتهن للقبور بالضوابط الشرعية فقد أجازها أهل العلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:..... نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها.. الحديث رواه مسلم وهو عام، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 3592، والفتوى رقم: 42615 فنرجو أن تطلع عليهما للمزيد من التفصيل وأقوال أهل العلم، ومن الملاحظ كذلك أنه ينبغي أن تحدد الجزء الذي أوصيت به من مالك والجهة أو الجهات التي يصرف لها أو عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1427(12/6125)
الإضرار في الوصية عقوبته وحكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وترك لنا قطعتين من الأراضي الزراعية (مساحة الأولى فدانان ونصف الفدان) (والثانية ثمانية قراريط) ونحن أسرة مكونة من (ثلاث بنات) (وولدين وأمنا وأم أبينا) وقبل أن يموت كتب وصية قال فيها (إن الفدانين ونصف الفدان للبنين) وأن (الثمانية قراريط للبنات) وبناء عليه قام أخونا الكبير بعمل عقد بيع للأرض الكبيرة ووقعنا عليه بدون أخذ أي مال منه، وبعد ذلك بفترة عمل عقد بيع للأرض الصغيرة ووضعوا معنا في إرث هذه الأرض فهل هذا من الشرع وهل أبونا سيحاسب على هذه الوصية؟ أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من الذنوب التي يحرص الشيطان على أن يوقع العبد فيها قبل موته ذنب الإضرار في الوصية، وفي الحديث: إن الرجل ليعمل أو المرأة بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار. رواه أبو داود
وما قام به والدك من الوصية لبعض الورثة وحرمان بعضهم يعد من هذا الباب، وفي تصرفه كذلك عقوق عظيم بأمه إذ قصد حرمانها من حقها من التركة أو من بعضها.
وعليه، فالوصية المذكورة باطلة والعقد الصوري الذي كتبه أخوك الأكبر باطل لا قيمة له لأنه مجرد غطاء على عمل باطل، ويجب عليه رد كل المال حتى يقسم بين جميع الورثة حسب ما حكم الله عز وجل به في آيات المواريث.
وراجعي للمزيد الفتوى رقم: 58608، والفتوى رقم: 63162.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1427(12/6126)
الوصية بإحراق قصائده هل تنفذ
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي توفي وكان مولعاً بالشعر وكان لديه بعض القصائد التي أوصى أن تحرق، فما الحكم فيها بالرغم من أن بعض الورثة يقولون لا تحرق ويجب أن تكون لدى كل واحد نسخة والقصائد الأخرى يطالب بها بعض الورثة، فما الحكم فيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حكم تنفيذ الوصية يختلف باختلاف الوصية نفسها، فإن كان الموصَى به واجباً أو مندوباً فالواجب تنفيذ الوصية، وإن كانت الوصية بجائز أو ما لا قربة فيه فقد اختلف أهل العلم في وجوب تنفيذها، وذلك مثل الوصية ببيع شيء أو شرائه ... ولعل قصائد أبيكم من هذا النوع إن كانت لا تتضمن مخالفة شرعية أو حثاً على واجب أو ما أشبه ذلك.. ولذلك فوصيته ينبغي تنفيذها وذلك لأن الشعر ربما تضمن هفوات وسقطات ... وأشياء لا يحب المؤمن أن يراها في صحيفته، فقد قال الله تعالى: مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ {ق:18} ، وقال صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت. رواه البخاري ومسلم.
هذا إذا كانت القصائد المذكورة في الأمور العادية، أما إذا كانت بها مخالفات شرعية فيجب إتلافها، وإذا كان بها فوائد وحكم وما أشبه ذلك مما ينفع الناس فلا مانع من الاحتفاظ بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1427(12/6127)
حكم تعليق الوصية على أمر ما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في من توفيت أمه من بعد زوجها المتوفى، وقد تركت مبلغا ماليا في أحد البنوك، بعد أن تركت وصية لأولادها مبلغا من المال ولأحد -كان يعدها- مبلغا من المال كهدية على أن يجد لهم عملا. والسؤال المطروح هو أنها منذ وفاتها لم يقسم المال وأنه كان أولادها غير المتزوجين والذين يعيشون في بيت واحد إلا واحد فهو متزوج كانوا يقتسمون مال الزكاة المودع في البنك بعد أن يحول عليه الحول بين العاطلين عن العمل فقط، تركت الأم المتوفاة شيئا من الذهب وأوصت به لبناتها فقط، ولكن منذ وفاتها فإنه كان يزكى كلما حال عليه الحول ولم يقسم ولم يلبس لأحد، الآن أرجو من سيادتكم الجواب الشرعي، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وصية الأم لأبنائها وبناتها لا تصح سواء كان ذلك بمبلغ من المال أو بالذهب ... لأنهم ورثة، والوصية لا تصح لوارث، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث.
والأمر في هذه الوصية يرجع إلى الورثة فإن أجازوها فلهم ذلك، وهي بمنزلة الهبة والتنازل لبعضهم. وإن لم يجيزوها بطلت ولا تنفذ.
وأما ما أوصت به لمن كان يعدها.. فإنه ينفذ ما لم يكن الموصَى له وارثا ولم تتجاوز الوصية الثلث لما قدمناه، ولما في الصحيحين وغيرهما مرفوعا: والثلث كثير. فإن تجاوزت الثلث والموصَى له غير وارث فلا تنفذ فيما زاد على الثلث إلا برضى الورثة.
هذا إذا كانت الوصية غير معلقة بتحصيل ما ذكر من العمل للأبناء، فإن كانت معلقة على ذلك أو مشروطة به فإنها لا تمضي حتى يتم ما علقت عليه.
قال صاحب تبيين السالك وهو مالكي المذهب: وتبطل الوصية بتعليقها على شيء لم يقع لأن المسلمين على شروطهم.
وأما تقسيم زكاة مال التركة على الورثة فإنه لا يصح لأن المال أصبح ملكا للورثة بموت صاحبته فلا يصح أن يأخذوا زكاة مالهم.
ولذلك ننصح أصحاب هذه التركة بتعجيل تقسيمها بعد استكمال الإجراءات اللازمة للتقسيم حتى ينال كل ذي حق حقه وحتى يتجنبوا هذه المحاذير.
وبعد تقسيمه فلينظر كل وارث نصيبه فإن كان بالغا نصابا في السنوات الماضية فعليه أن يخرج منه زكاة تلك السنوات جميعا.
وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتاوى: 9108، 55140، 1996.
ولمعرفة حكم زكاة حلي النساء تراجع الفتوى رقم: 29555.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1427(12/6128)
الوصية المعلقة على شرط
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة أوصت بنصيبها الذي ورثته من والدها هي وإخوانها وأخواتها في بيت العائلة
أوصت في وصيتها أن نصيبها في البيت أن يعمّر به البيت ولا أحد له شيء إلا الذي سيعمّر وإن الذي يعمّر سعيد وهو أحد إخوانها فنصيبها له. وماتت بعد ذلك , وبقي أخوها في البيت هو وأولاده ولم يقم بأي تعمير في البيت ولا أي إصلاحات مع العلم أن الذي قام بالتعمير والإصلاحات بعد ذلك في البيت هو أحد أبناء أخيها. فهل تنطبق عليه الوصية ويكون نصيبها في البيت له لقولها في وصيتها ما أحد له شي إلا الذي سيعمر.
أفيدونا أفادكم الله ,,,]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المرأة أوصت بنصيبها لمن يعمر البيت ووصيتها صحيحة؛ لأن الوصية المعلقة على شرط عوض صحيحة وما دام ابن أخيها قد نفذ الوصية فعمر البيت فقد استحق الوصية قال الشهاب الرملي في فتاويه (وقد قالوا لو قال أوصيت لزيد بألف إن تبرع لولدي بخمسمائة صحت إذا قبل لزمه دفعها إليه) اهـ
وقولها في وصيتها لمن يعمر البيت يعتبر تعيينا للموصى له على المعتمد وقد قال الشيخ ابن حجر الهيتمي رحمه الله في الفتاوي الكبرى فيمن أوصى لمن يحج عنه: (فلا فرق فيه بين أن يقول لمن يحج عني أو بحجة مثلا لاستواء الكل في المعنى المعلل به وهو أن الزائد وصية لمن لم يعين فتبطل , وعلى ما رجحه الأذرعي وهو المعتمد إذ هو الموافق لثاني وجهي الجواهر المنقول عن قضية نص الأم , وتصريح الماوردي , واختيار ابن الصلاح ولثاني أوجه البحر ولثاني وجهي أدب القضاء المنقول عن تصريح الرافعي يستحق الحاج بقية الألف إذا وفى بها الثلث ; لأن ثاني وجهي أدب القضاء علل الاستحقاق بأنه وصية لشخص موصوف بأن يحج عنه فأفهم هذا تقييد استحقاقه للزيادة باتصافه بالحج عنه، والحاج في صورة السؤال متصف بذلك فليستحق الزيادة عملا بقضية هذه العلة التي صرح بها الرافعي وإذا كانت العلة في استحقاقه اتصافه بما ذكر وهذا الاتصاف موجود في كل من تلك الصور فظهر أن المعتمد في صورة السؤال أن الحاج يستحق الزيادة مطلقا لما علمت أنها وصية له بشرط اتصافه بالحج عنه وقد وجد فيه هذا الوصف) اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1427(12/6129)
يعامل من أوصى للإضرار بالورثة بنقيض فعله
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق توفي والده وترك ميراثا كبيرا، وقد كان متزوجا من أخرى وله أبناء منها وقبل وفاته كتب كل ثروته باسم والدة صديقي حتى لا ترث الزوجة الأخرى هي وأولادها، والآن تقوم والدة صديقي بتفضيل ابنها الأكبر على باقي إخوانه، حيث قامت بشراء بعض العقارات والممتلكات باسمه، وللعلم لديهم إخوة صغار لم يبلغوا الـ 15 سنه وثروتهم عبارة عن مجموعة محلات تجارية، وبسبب هذه التفرقة أصبح كل منهم يأخذ من وراء الآخر، والآن صديقي يسأل هل هذا جائز أم لا، وإن كان غير جائز فما هو وضع الأموال التي سبق له وأخذها، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعله والد صديقك من كتابة كل ثروته باسم زوجته أم صديقك بقصد حرمان الزوجة الأخرى وأولاده منها يعد عملاً محرماً يستوجب النار، كما في الحديث: إن الرجل ليعمل أو المرأة بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار. رواه أبو داود والترمذي وحسنه.
وعليه؛ فيجب معاملته بنقيض قصده وإبطال هذا العمل فيرد كل ما كتبه باسم زوجته تركة، ولا تأخذ هذه الزوجة إلا حصتها من الثمن مع الزوجة الأخرى، وما زاد على الثمن يقتسمه أبناء المتوفى منها ومن الزوجة الأخرى وبقية الورثة إن وجدوا على ما جاء في كتاب الله تعالى.
وبهذا تعلم أن تصرف صديقك وأمه وإخوانه في هذه الأموال تصرف باطل لأنها ملك لجميع الورثة ويجب أن يتحاصوا جميعاً، فينظر فيما أخذه صديقك وأمه وإخوانه من هذه الأموال، فما كان من نصيبهم من الميراث ترك لهم، وما زاد على ذلك أخذه بقية الورثة كل حسب نصيبه الشرعي، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 74285، والفتوى رقم: 59954.
وأما مسألة تفضيل الأم أحد أولادها في العطية على بقية إخوانه لغير مبرر شرعي من حاجة ونحوها فلا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1427(12/6130)
وصية لا يجب تنفيذها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا اشترك الإخوة في العمل وتوفي أحدهم ووصى هذا المتوفى أبناءه أن يجعلوا الأمر كما كان عليه الحال قبل موته. ويصلنا راتبه الذي كانوا متفقين عليه عند الشراكة. فهل تعتبر هذه الوصية مشروعة؟ وهل هذا الراتب يعتبر من التركة، علما بأن بعض بناته وأولاده متزوجون.
أفتوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأب قد أوصى أبناءه بترك ماله (تركته) في شركة إخوانه كما كان في حياته على أن يدفع لهم إخوانه راتبا شهريا كما كان يدفع لأبيهم في حياته، فإن كان الأمر كذلك فإن هذه الوصية لا اعتبار لها شرعا ولا يلزم تنفيذها لأن عقد الشركة بينه وبين إخوانه قد انفسخ بموته، وانتقلت ملكية المال إلى الورثة بمجرد موت مورثهم، ولكن بإمكان الأبناء أن يبرموا عقد شراكة جديدة مع أعمامهم، ولا يصح أن يشترط في الشركة راتب معين لغير العامل من الشركاء، ولا مانع أن يعطى المشترك جزءا من الربح في كل فترة معينة كل حسب حصته وبعد التصفية ينظر فيما تم سحبه وتسوى الحسابات على ذلك فهذا داخل فيما يسمى بالتنضيض الحكمي، وسبق بيانه بالتفصيل في الفتوى رقم: 71688، نرجو الاطلاع عليها للفائدة.
والذي ننصح به المبادرة بتقسيم التركة بعد إتمام حصرها وإكمال الإجراءات المتعلقة بها من قضاء الديون وإخراج الوصية إن كانت موجودة حتى لا يحصل نزاع أولبس أو تناسخ في التركة.
ومن رأى أن مصلحته في ترك نصيبه في الشركة تركه فيها باسمه، ومن رأى غير ذلك فله ما أراد.
وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 36762.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1427(12/6131)
من أحكام الهبة والوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت خالتي وليس لها أولاد ولها زوج وثلات أخوات واثنان إخوة ذكور.. خالتي المتوفاة كانت متزوجة من رجل آخر وطلقت منه قبيل زواجها من زوجها الذي ماتت في عصمته.. خالتي كانت قد وهبت لي ولأختي قطعتي أثاث كانت قد ورثتهما من أمها لأنها كانت تعتبرني وأختي كابنتين لها، ولكن لأننا نقيم في الخارج وبيتنا مؤجر ... قبلنا منها الأثات، ولكن قلنا لها سنبقيهما عندها إلي أن نعود إلي بيتنا ونأخذهما.. الآن توفيت خالتي وأخذت أنا وأختي قطعتي الأثات.. فهل تصرفي صحيح؟
سؤالي الثاني بخصوص معطف من الفراء كان لخالتي المتوفاة وكانت قد أعارته لإحدى أخواتها ثم استرجعته وبعد وفاتها شهدت زوجة أخي المتوفاة أنه كان في نية خالتي المتوفاة أن تعيده إلى أختها التي كانت قد استعارته في وقت سابق.. بناء عليه قمت بإعطاء المعطف إلى خالتي التي تريده، ولكني ندمت بعد أن علمت أنه تركة ولا يجوز لي التصرف فيها.. رجاء ما الحل؟
السؤال الثالث بخصوص متعلقاتها الشخصية من ملابس وأثاث منزلها وأقصد بالأثاث الخاص الذي أخذته من زوجها الأول والذي كانت تستعمله في بيت زوجها الحالي، علما بأنها وقبل وفاتها بأسبوع طلبت من خادمتها الاتصال بابنة أخيها كي تأتي وتفرز ملابسها بغرض توزيعها علي الجمعيات الخيرية.. هل تعتبر هذه وصية علما بأنه لا توجد أي وصايا مكتوبة، الرجاء الرد بأسرع وقت ممكن.. وعلما بأن أبويها متوفيان ولا أولاد لها؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا مات الواهب قبل أن يقبض الموهوب له الهبة فهل تبطل الهبة أم يقوم الورثة مقام الواهب في الإذن بالقبض والفسخ، مسألة اختلف فيها أهل العلم، كما جاء في المغني: وإذا مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة. وقال أبو الخطاب إذا مات الواهب قام الورثة مقامه في الإذن في القبض والفسخ وهذا قول أكثر أصحاب الشافعي. وعليه فقبضكما قطعتي الأثاث بعد موت خالتكما لا عبرة به، إلا أن يجيز ذلك الورثة على القول الثاني. وعلى القول الأول لا حق لكما فيه ولو أجاز ذلك الورثة.
أما عن معطف الفراء المذكور فيجب إرجاعه إلى التركة، وعليك إخبار من أعطيتها إياه بأن ترده إلى التركة، فإنه لا يحل لها أن تتملكه لأنه ملك للورثة، وبالنسبة لوصية المتوفاة بأن توزع ثيابها أو أثاثها على الفقراء، فإذا كانت هذه الوصية قد استوفت شروط الوصية التي تثبت بها شرعاً من الإشهاد عليها أو من قولها هذه وصيتي فنفذوها أو ما أشبه ذلك، فإنها تعتبر وصية شرعية يجب تنفيذها في حدود الثلث.
أما مجرد نيتها أن توصي بدون إيجاب صريح كأوصيت لها بكذا أو أعطوها بعد موتي كذا فلا تصح أن تكون مجرد النية وصية، فالوصية يشترط لها صيغة إما إيجاب صريح أو كناية مع النية ومنها الكتابة كما جاء في مغني المحتاج: وصيغتها أوصيت له بكذا أو ادفعوا إليه أو أعطوه بعد موتي ... وتنعقد بكناية والكتابة كناية. انتهى.
ولا يشترط أن تكون مكتوبة وإن كان يستحب ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
قال الإمام النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم: قال الشافعي رحمه الله تعالى: معنى الحديث ما الحزم والاحتياط للمسلم إلا أن تكون وصيته مكتوبة عنده ويستحب تعجيلها وأن يكتبها في صحته ويشهد عليه فيها، ويكتب فيها ما يحتاج إليه فإن تجدد له أمر يحتاج إلى الوصية به ألحقه بها. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1427(12/6132)
أوصى بأن يبنى بيته مسجدا ويوزع بعض ماله للمساكين
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى ابن خال أبي، وليس له والدان أو زوجة أو ذرية أو إخوة، وله ابن خالة اتصل بنا وأخبرنا بأنني وإخواني (أنثى و6ذكور) ورثة شرعيون، والمتوفى له أقرباء (عيال ابن العم من أب المتوفى=اثنان من الذكور واثنتان من الإناث) وأب أبي أيضا ابن عم أبي المتوفى، وأبي قد توفي أيضا. وقد أوصى المتوفى ابن خالته شفهيا بأن بيته يبنى مسجدا، وجزء من ماله يوزع للمساكين والباقي للورثة. فرجاء أفيدونا في توزيع هذه التركة إذا كان لنا حق فيها؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح بما فيه الكفاية، ولكن نقول: إذا كان الرجل المذكور ليس له ورثة من أصحاب الفروض فإن تركته تكون لأقرب عاصب من أبناء عمه الذكور دون الإناث؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر. متفق عليه.
وذلك بعد أن تخرج وصيته من ثلث المال؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الثلث، والثلث كثير. رواه البخاري ومسلم
فإذا أحصيت التركة وكان ثلثها يتحمل تخصيص البيت للمسجد وتوزيع بعض المال على الفقراء والمساكين فإن هذه الوصية يجب تنفيذها، وإن كان الثلث لا يسع ذلك بأن كان الموصى به أكثر من الثلث فإنها لا يمضي منها إلا ما كان في حدود الثلث، وما زاد على ذلك لا ينفذ إلا إذا أجازه الورثة وكانوا رشداء بالغين.
والحاصل أن تركة الرجل المذكور للأقرب من أبناء عمه الذكور بعد أن تخرج منها الوصية، ولا شيء لأبناء خالة أبيه ولا لأبناء عمه الأباعد.
ولكن يستحب لورثته أن يرزقوا منها أقاربهم وخاصة أخواتهم كما قال الله تعالى: وَإِذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُو القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا {النساء:8} .
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1427(12/6133)
الوصية للأبناء وأبناء الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب في استجلاء الأمر الشرعي في الوضعية التالية: اشتركت مع أحد أبنائي في مشروع يتمثل في الآتي: قطعة أرض للبناء مساحتها 1200 م ² أنشأنا في جزء منها حماما تم تموين إنجازه بنسبة 50% على عاتق ولدي أما القطعة الكلية للبناء فقد سدد ثمنها ولدي المذكور أعلاه من ماله الخاص؛ أ - فهل يجوز لي أن أحدد له نصيبه الخاص من هذا المشروع المشترك وأنا على قيد الحياة؟ ب - هل يجوز أن أوزع نصيبي الخاص من هذا العقار على ورثتي دون غيره من ممتلكاتي على صيغة وصية تنفذ بعد وفاتي. جـ - توفي أحد أبنائي وخلف أولادا فهل يجوز لي أن أوصي لهم بنصيب من مالي في حدود الثلث أو أنزلهم في منزلة والدهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ولدك دخل معك في هذا المشروع شريكا لك لا متبرعا فإن له حقوق الشركة وما يتعلق بها، ومن هذه الحقوق أن يميز نصيبه من رأس المال ومن الأرباح حسب الاتفاق بينكما، فتحديدك لنصيبه مما يحفظ عليه حقه ويقطع النزاع بينه وبين إخوته.
أما حكم توزيع نصيبك من هذا العقار أو هذا المشروع على ورثتك في حياتك على شكل وصية تنفذ بعد وفاتك فإن ذلك غير جائز، إذ لا وصية لوارث لما رواه أحمد وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث، لكنه يجوز لك أن توزع هذا الجزء من مالك على أولادك بالعدل في حال حياتك كما يجوز لك أن تهبه لمن شئت كذلك في حال حياتك وصحتك، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 7685 , وأما مسألة الإيصاء للأحفاد بشيء في حدود الثلث، فنقول إنه يستحب للجد أن يوصي بما لا يزيد على الثلث لأحفاده غير الوارثين، لا أنه يجب عليه ذلك، يقول ابن عبد البر: أجمعوا على أن الوصية غير واجبة إلا على من عليه حقوق بغير بينه وأمانة بغير إشهاد إلا طائفة شذت فأوجبتها.
وأما إنزال الأحفاد منزلة والدهم في قدر الموصى به فلا يستقيم إذا كان نصيبهم سيزيد على الثلث، فالواجب أن تكون الوصية لهم إن حصلت فيما لا يزيد على الثلث إلا أن يأذن الورثة في الزيادة عليه. وراجع للمزيد الفتوى رقم: 16812.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1427(12/6134)
مصرف غلة الأرض الموصى بها لغرض محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[سبق واستفتيتكم في هذه الفتوى القديمة الجديدة، ألا وهي كيف أفي بالنذر: جدي أوصى والدي وعمي بإقامة مولد له أو حضوره وقراءة جزء من القرآن الكريم بعد موته مقابل قطعة من الأرض 0 الآن والدي توفي منذ زمن ولي إخوة وكذلك عمي له أولاد متزوجون وكل واحد في حاله (بالنسبه لي أنا مغترب منذ 25 سنة مع أولادي والأرض مستغلة من قبل البعض وأنا ليس لي لا في الناقة ولا في الجمل خاصة وأني مغترب) ، السؤال كيف أتخلص من هذا النذر وتكون ذمتي بريئة؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 73763، أن الوصية بإقامة مثل هذا المولد غير نافذة لأنها وصية بمحرم، وأن غلة قطعة الأرض الموصى بها لذلك الغرض تصرف لمن يقرأ القرآن ليصل ثواب ذلك إلى الموصي، ويدل لما ذكرنا ما ذكر ابن قدامة في المغني حيث قال: وإن وصى له بجرة فيها خمر صحت الوصية بالجرة وبطلت في الخمر لأن في الجرة نفعا مباحا والخمر لا نفع فيه مباح، فصحت الوصية بما فيه المنفعة المباحة، كما لو وصى له بخمر وخل، وإن وصى له بخمر في جرة لم تصح لأن الذي أضاف الوصية إليه الخمر ولا تصح الوصية به. انتهى.
ولكن لا تكون القراءة على شكل مولد بل يتفق مع القارئ على قراءة جزء أو سورة يوميا أو نحو ذلك مقابل ما يدفع له، علما بأن في جواز أخذ الأجرة على مجرد قراءة القرآن خلافا بين أهل العلم كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 67314، أما الأخ السائل فإنه يشترك مع إخوته وأبناء عمه في المسؤولية عن حفظ القطعة الموصى بها وصرف غلتها في الوجه الذي قدمنا أنها تصرف فيه، لكن إذا قاموا هم بذلك عنه كفى ذلك عنه لأنه في الحقيقة ليس وصيا منصوصا عليه، وإنما المهم أن لا يضيع المال الموصى به ولا يصرف في غير مصرفه، وفي حال ما إذا خيف ضياع الوصية المذكورة فإن عليهم أن يضعوها تحت يد القاضي ليولي عليها ناظرا يصلحها، هذا كله إذا لم يكن والد الأخ السائل وعمه قد أوصيا أحدا بالقيام مقامهما في شأن الوصية، فإن كانا قد فعلا ذلك اعتبر ذلك الشخص وحده وصيا دون غيره، بناء على أن الوصي له أن يوصي وهو مذهب الأحناف خلافا للشافعية، وهنا يعتبر الأخ السائل أيضا من جملة ورثة أبيه يشترك معهم في نصيب والدهم من الأرض الموروثة عن جدهم، ومن حقه أن يطالب بنصيبه من غلة الأرض المشتركة بينه وبين إخوته، وله أن يتصدق عليهم بما مضى وهو مأجور على ذلك إن شاء الله تعالى، وننبه على أن الوصية لا تجوز بأكثر من ثلث مال الميت ولا ينفذ منها ما زاد على الثلث إلا إذا أجازه الورثة، وانظر الفتوى رقم: 16812.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1427(12/6135)
وصية الميت بالحج والعمرة عنه من تركته
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت أرملة ليس لديها أولاد توفاها الله وكانت تعمل في مصلحة حكومية وبعد استلام مستحقاتها من المصلحة تم توزيعها على الورثة الشرعيين، وقد كتبت وصية تقول فيها إن لديها مبلغا حوالي مائة ألف جنيه مصري تصرف كصدقة جارية وحيث إنني أعمل في السعودية طلبت في الوصية أن أحج وأعتمر لها وأنا والحمد لله حججت واعتمرت لها، والسؤال هل آخذ من المبلغ قيمة الحجة والعمرة وقد أبلغني المشتركون معي في الميراث أن آخذ قيمة الحجة والعمرة كأني سافرت لأحج وأعتمر عنها من مصر، علماً بأنني محتاج لبعض المال أرجو الإفتاء؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما طلبته منك أختك في وصيتها من الحج والعمرة عنها يصح، وهو نافذ من ثلث تركتها. قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى: ونفذت الوصية به [أي الحج] من الثلث. وأما ما زاد عن الأجرة المعتادة للحج بالنسبة لمن هو مقيم في السعودية فهو خارج عن مضمون الوصية وليس لك فيه حق لأنك لم تسافر من مصر، ولو افترضنا أنها صرحت بذلك لكانت الزيادة على الأجرة المعتادة في حكم الوصية وهي لا تصح لوارث. قال الشيخ خليل بن إسحاق: ودفع المسمى وإن زاد على أجرته لمعين لا يرث.
وما ذكرت أن المشتركين معك في الميراث أبلغوك بأنهم يسمحون لك بأخذ قيمة الحجة والعمرة كأنك سافرت لتحج وتعتمر لها من مصر، فهذا يعتبر تبرعا منهم لك بتلك الزيادة.
وعليه، فإن كانوا جميعا بالغين رشداء، فلك أن تأخذ ما سمحوا لك به. وإن كان فيهم من هو محجور عليه للسفه أو الصغر، فليس لك أن تأخذ قسط أولئك المحجورين من تلك الزيادة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1427(12/6136)
مخالفة وصية الزوجة بعدم الزواج من امرأة معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة توفيت أمي منذ 10 سنوات بمرض خطير كانت تعلم أنها سوف تفارق الحياة وقد أوصت أبي إذا تزوج أن لا يختار 3 نساء كانت تعرفهم فحرمهم على نفسه ووعدها بأن لا يتزوج إحداهن, ولكن شاءت الأقدار وتزوج أبي إحداهن وبعدها تدهورت أوضاعه المادية علما بأن الزوجة لا تصلي وأبي غير ملتزم تماما, أنا أخاف أن يكون قد خالف وصية ميت؟ وهي أمي رحمها الله وبذلك لحقه الضرر، أبي طيب جدا وانا احبه كثيرا ولا أدري هل زواجه بهذه المرأة ليس عليه شبهات، علما بأن له الآن 5 أطفال منها وهي كانت تعلم أن أمي رحمها الله أوصت أبي بعدم الزواج منها، فما رأيكم جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على والدك تنفيذ وصية والدتك بعدم الزواج من المرأة المذكورة.
وأما تحريمه على نفسه الزواج بها، فهو من تحريم الحلال، وسبق أن من حرم على نفسه شيئا من الحلال، فإنه لا يصير حراما بذلك، وإنما الخلاف في وجوب الكفارة عليه، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 24416.
وعليه فلا علاقة بين تردي أوضاع والدك المادية، وبين زواجه بهذه المرأة من هذه الناحية.
وينبغي لك نصح والدك وزوجه بشأن الصلاة، وتحذيرهما من التهاون فيها، ولعل ما أصابه من تدهور مادي سببه التهاون في الصلاة قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشُّورى:30} .
ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1427(12/6137)
الوصية بما لا يملك المرء لاغية
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي رحمها الله لم تكن تملك شيئا والدي رحمه الله كان يعمل طبيبا ومن ماله الخاص والدتي بجمع ماله أصبحنا نملك عمارتين والخ قامت قبل وفاتها بتقسيم الذهب الى البنات وقالت الموجود في البيت للأولاد مقابل الذهب أنا أخذت حصتي توفيت والدتي ولكن أبي لم يلتزم بالوصية باعتباره ماله الخاص فلم يعط أخواتي حصتهم كله وسرق من الذهب الله أعلم وبعد وفاة والدتي بعشر سنوات توفي والدي وفي هذه السنوات اشترى أشياء كثيرة للبيت فهل يحق لنا أن نأخد حصتنا من هذه الأغراض علما أننا 3بنات 2ولد. ... ... ... والسؤال 2- هنا في قانون العراق يقولون حسب الشريعة أن والدتي توفيت أمام والدتها فإن والدتها تدخل معنا في الورث علما أن والدتي أوصتها أن لا تأخذ شيئا بعد وفاتها لأن هذا مال زوجها وليس مالها كتبها باسمها لأن والدي ليس عربيا ولايجوز له أن يشترى ملكا في عهد صدام ولكن خالاتى وأخوالي دخلوا في الميراث وحرمونا من الميراث غصبا هل يجوز ذلك؟ هذا ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت أن والدتك لم تكن تملك شيئا وأن جميع الأموال هي لوالدك ولكنه كتبها باسم زوجته لأن القانون لا يسمح له بالتملك, ثم بينت أن والدتك قد توفيت قبل زوجها مما يفيد أنها لا ترث شيئا من تركته فالأموال كلها إذاً هي لأبيكم ولا يغير ملكيته لها أنه كتبها باسم زوجته. وعليه فليس من حق جدتكم ولا أخوالكم أن يرثوا من هذا المال شيئا ليس بسبب وصية الأم فإنها وصية لاغية, ولكن بسبب أن المال ليس لها، كما أن من حق أبيكم أن يتصرف في المال كيفما أراد لأنها أمواله، ولا يجوز أن يوصف تصرفه فيها بأنه سرقة, مع أنه ليس من البر بالأب أن يصفه أحد أبنائه بالسرقة, ثم ما أخذتِه أنتِ من الذهب لا يجوز أن تستبدي به دون سائر إخوانك وأخواتك؛ إلا أن يكون قدر نصيبك من تركة أبيك أو أقل.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1427(12/6138)
خطورة المضارة والحيف في الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[عمي توفي ولم يكن له ولد ولديه أربع بنات فقام بتهريب تركته إلى بناته الأربعة قبل وفاته بأيام لأنه كان مريضا بالمرض الخبيث وفى الصراع الأخير كما أنه كان طبيبا وترك ثروة طائلة.السؤال (1) هل هذا التصرف حلال وليس من حق أي أحد أن يشارك بناته في هذا الميراث؟ وما عقوبتة عند الله سبحانه وتعالى؟ وهل النية في هذا الموضوع يحاسب عليها.السؤال (2) هل لي الحق أن أرث في عمي المتوفى بالرغم من أن والدي قد توفي قبله.أفتوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس للأب في مرض موته تصرف, وإذا وهب هبة أو أعطى عطية فإنها تأخذ حكم الوصية، وقد بينا المعتبر في مرض الموت وضابطه وحكم الهبة فيه سواء كانت لوارث أو غيره في الفتوى رقم: 47439
وتصرف الأب هنا غير صحيح عفا الله عنه, فالهبة في مرض الموت تعتبر وصية, قال ابن عرفة هي: هبة الإنسان غيره عيناً أو ديناً أو منفعة على أن يملك الموصى له الهبة بعد موت الموصي، أو هي تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع.
والوصية للوارث باطلة ولاتنفذ إلا إذا أجازها بقية الورثة، لكونها وصية لورثة يرثون بأصل الشرع, وقد ثبت النهي عن ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه, فلا وصية لوارث. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه.
وفاعل ذلك متوعَد بعقوبة شديدة لما في فعله من الحيف والجور في الوصية والتعدي على حدود الله، فالذي يعطي بعض الورثة، ويحجب البعض قد اعترض على شرع الله وتعدى حدوده، وقد قال الله تعالى بعد بيان أحكام المواريث: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم ُ* وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ {النساء:14} .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله ستين سنة, ثم يحضرهما الموت, فيضاران في الوصية فتجب لهما النار، ثم قرأ أبو هريرة رضي الله عنه: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ [النساء:12] . إلى قوله تعالى: ذلك الفوز العظيم. رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
ورواه الإمام أحمد وابن ماجه بلفظ: إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة، فإذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار. وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة، ثم قال: واقرءوا إن شئتم: تلك حدود الله.... إلى قوله: عذاب مهين.
فالواجب على العباد هو أن يتقوا الله تعالى في السر والعلن، وأن يرعوا حدوده وشرعه الذي أمر به، فلا صلاح ولا فلاح للعباد في دنياهم ولا آخرتهم إلا باتباع أمره واجتناب نهيه.
وعلى بنات ذلك الرجل تدارك الأمر فلهن حقهن كاملا وهو الثلثان فقط، والباقي بعد ذلك يعطى لباقي الورثة.
ولم تذكر لنا في السؤال أحدا غيرك, فإن لم يكن للميت وارث مع بناته غيرك فالباقي لك تأخذه تعصيبا سواء أكنت ابن أخ شقيق أو لأب ما لم يكن هنالك من هو أولى منك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها, فما بقي فلأولى رجل ذكر " كما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما" وللفائدة انظر الفتويين رقم 62168 / 47439.
وأما مجرد النية دون قول أو فعل فلا مؤاخذة عليها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. رواه البخاري ومسلم.
ثم إننا ننبهك أيها السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1427(12/6139)
الوصية للقرابة الذين لا يرثون.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة متزوجة ليس لها أولاد وزوجها على قيد الحياة وليس لها أب ولا جد , توفيت ولها أخ غير شقيق وأبناء أخ آخر شقيق (أخوها الشقيق متوفى) عندما تم سؤال أكثر من مفت عن توزيع الميراث قالوا إن للزوج 50%وللأخ غير الشقيق 50% وهو يحجب أبناء الأخ الشقيق. والصحيح أن هذه الفتوى فاجأتنا جميعاً فالأخ غير الشقيق غير متوقع ذلك فالمتوفاة كانت محسوبة على أبناء الأخ الشقيق وعندما مرضت حوالي ثلاث سنوات قضت معظمها بين بيت زوجها وبيت أبناء الأخ الشقيق حيث كان أخوها غير الشقيق يتضايق منها ولا يقبلها في بيته إلا أياماً قليلة.
الآن ألا يوجد فتوى أو حتى أي رأي فقهي واحد يجيز تقاسم الـ50% بين الأخ غير الشقيق وأبناء الأخ الشقيق علماً بأن هذا الحل مقبول لدى الطرفين ولا يوجد أي مشكلة في تطبيقه.
في النهاية نحن ملتزمون بالحكم الشرعي مهما كان وراضون به.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحكم الشرعي لتلك المسألة هو كما علمتم: للزوج نصف التركة فرضا, وللأخ غير الشقيق الباقي تعصيبا إذا كان لأب, وأما أبناء الأخ الشقيق فهم محجوبون بالأخ لأب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألحقو الفرائض بأهلها, فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر. متفق عليه. قال النووي في شرحه للصحيح: قال العلماء: المراد بأولى رجل أقرب رجل.. وليس المراد بأولى هنا أحق؛ بخلاف قولهم: الرجل أولى بماله؛ لأنه لو حمل هنا على أحق لخلا عن الفائدة لأنا لا ندري من هو الأحق.
وترتيب العصبة في الأولوية والقرب هو كما قال الجعبري:
فبالجهة التقديم ثم بقربه * وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا
وقد تساوى الأخ وأبناء الأخ الشقيق في الجهة فيقدم أقربهم إلى الميت وهو الأخ لأب إذ ليس بينه وبينه واسطة, وينزل منزلة الشقيق هنا, وقد قال تعالى: إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ {النساء: 176} ومع هذا فإنه يستحب للورثة أن يعطوا أبناء الأخ الشقيق شيئا من مجمل التركة قبل قسمتها امتثالا لقول الله تعالى: وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا {النساء: 8} ولم نقف فيما اطلعنا عليه على خلاف هذا الأمر سوى ما ذكره بعضهم من القول بوجوب الوصية للأقربين من غير الورثة, وإذا لم يوص لهم بشيء أعطوا من التركة ما تراضى عليه الورثة. قال ابن حزم رحمه الله تعالى في المحلى: وفرض على كل مسلم أن يوصي لقرابته الذين لا يرثون إما لرق وإما لكفر وإما لأن هناك من يحجبهم عن الميراث أو لأنهم لا يرثون، فيوصي لهم بما طابت به نفسه لا حد في ذلك، فإن لم يفعل أعطوا ولا بد ما رآه الورثة أو الوصي، برهان ذلك قول الله تعالى: الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ * فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {البقرة: 180-181} فهذا فرض كما تسمع فخرج منه الوالدان والأقربون الوارثون، وبقي من لا يرث منهم على هذا الفرض، وإذ هو حق لهم واجب فقد وجب لهم من ماله جزء مفروض إخراجه لمن وجب له إن ظلم هو ولم يأمر بإخراجه, وبوجوب الوصية للقرابة الذين لا يرثون يقول إسحاق وأبو سليمان. انتهى منه باختصار. وقد بينا طرفا من ذلك في الفتوى رقم: 22734.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الإكتفاء فيه ولا الإعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1427(12/6140)
هل يشترط موافقة الورثة على الوصية بثلث المال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة في ال 60 من عمري أريد أن أكتب وصيتي ولا أملك سوى عقارين الأول نسكن فيه أنا وزوجي وابنتي العاجزة وعقار آخر في الريف (مزرعة مع مسبح) ولأني أتمنى أن أتبرع بربع مالي للفقراء وعندي 4 أولاد وزوج وأولادي غير موافقين على تبرعي بثلث المال علاوة على أنهم يقولون ماذا نصنع بأبي وأختي المقيمين بالبيت وعلينا أن نبيع البيت لكي نتمكن من توزيع الثلث وهذا عذاب علينا ومشقة في إيجاد بيت آخر والنقلة ومشاكلها ويجب أن تنظري بأحوالنا وهم حالياً غير محتاجين فماذا أعمل؟ أفتوني بالجواب مشكورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوصية مشروعة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة قال الله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:12} وفي الصحيحين عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أنا ذو مال كثير, ولا يرثني غير ابنة واحدة, أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا. قلت: أفأتصدق بشطره؟ (نصفه) قال: لا. قلت: أفأتصدق بثلثه؟ قال: الثلث والثلث كثير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير لك من أن تذرهم عالة يتكففون الناس. وموافقة الورثة على الوصية لا تشترط لصحتها، ما دامت الوصية في حدود الثلث أو دونه. ثم إنه قد ورد في الخبر أن الصدقة مع الفقر أكثر أجرا من الصدقة حال الغنى. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبق درهم مائة ألف درهم، فقال رجل: كيف ذلك يا رسول الله؟ قال رجل له مال كثير أخذ من عرضه مائة ألف درهم فتصدق بها، ورجل ليس له إلا درهمان فأخذ أحدهما فتصدق به. رواه النسائي وابن خزيمة والحاكم. وعليه فمن الحسن أن تتصدقي بشيء مما تملكينه من المال، أو توصي بذلك, ويتأكد استحباب هذا لك بما ذكرتِه من عدم احتياج أولادك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1427(12/6141)
وصية الزوج بماله كله لزوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة مات زوجها الذي أوصى لها بمنزله كله وعندها معه بنت وهو له مع امرأة أخرى بنتان قد تزوجتا في حياته.
طالبت البنتان بإلغاء الوصية ولكن المرأة رفضت بدعوى أنها كانت تتكلف بالنفقة على والديهما لأنه لا يستطيع العمل بعد ما تعرض لإعاقة. وهما لم يساعداها بأي شيء, وهو فعل ذلك لتعويضها. فما حكم الشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوصية لا تصح للزوجة ولا تمضي لأنه لا وصية لوارث ولا بأكثر من الثلث إلا إذا أجاز الورثة ذلك وتنازلوا لها عن حقهم وكانوا رشداء بالغين، وذلك لما رواه الترمذي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. وفي رواية: إلا أن يشاء الورثة، ولذلك فإذا لم يرض بقية الورثة بالوصية لهذه الزوجة فإنها لا تصح، بل ترد إلى عموم التركة لتقسم معها على جميع الورثة كل حسب نصيبه المقدر في كتاب الله تعالى، ولم نفهم مراد السائل بقوله: كانت تتكلف بالنفقة على والديهما. وبالتالي فإننا نرجو من السائل بيان ذلك حتى تتسنى لنا الإجابة عليه. وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتويين: 33925، 70313. وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1427(12/6142)
الوصية للميت لا تصح
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة لها تركة ولها أربعة من الأبناء الذكور وبنت واحدة توفي في حياتها اثنان من أولادها الذكور وصدر إعلام وراثة من المحكمة بأنهم يتمتعون بالوصية الواجبة فكيف تقسم هذه التركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كيفية تقسيم تركة هذه السيدة تكون على النحو التالي: إذا كان ورثتها محصورين فيمن ذكرت وهم ابنان وبنت، تقسم التركة إلى خمسة أسهم، لكل واحد من الأبناء الذكور سهمان، وللبنت سهم واحد. وذلك لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11} وأما من توفي قبلها من الأولاد أوغيرهم من الورثة فلا حظَّ له من التركة؛ لأن من شروط الإرث استقرار الوارث بعد موت مورثه، وأما صدور إعلام من المحكمة بالوصية لمن مات فلا يصح لأنه تصرف في مال الغير، ولأن الوصية للميت لا تصح لأنه لا يتأتى منه ملك، وإذا كنت تقصد أنها وصية لأبنائهم أو لورثتهم فإنها لا تصح إذا لم تقم بينة شرعية أنها صادرة من الميتة صاحبة المال، فإذا ثبت ذلك فإنها تمضي في الثلث أوما دونه. ولا يمكن للمحكمة أن توصي بمال الغير.
إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الإكتفاء فيه ولا الإعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1427(12/6143)
الوصية بإقامة مولد سنوي يقرأ فيه القرآن وتنشد المدائح
[السُّؤَالُ]
ـ[جدي أبو والدي أوصى والدي وعمي عند وفاته أن يكون من الأرض الذي يملكها نذر بمقدار معين مقابل قراءة الفاتحة وجزء من القرآن على روحه على شكل مولد أو حضرة كما كانوا يسمونها أن يأتي شخص معه دُف في كل سنة ويقوم والدي وعمي بذبح شاة ويعزمون أناسا على الغداء وأثناء السمرة يقوم الشخص المدعو بقراءة الفاتحة وبعض السور كذلك بأناشيد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما رأي الشرع في ذلك؟ كذلك كيف أوفي بالنذر وأفتك منه علما بأن والدي متوفى والأرض لا زالت لم تقسم بين والدي وعمي كذلك أنا خامس إخوتي ومقيم في قطر مع عيالي منذُ خمس وعشرين عاماً ولم أنتفع بغلال الأرض ولا عيالي غير إخواني فقط الذين هناك أفيدوني؟
جزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن يوصي الشخص بشيء من أرضه مقابل أن يقرأ عليه القرآن أو بعضه كالفاتحة ونحوها.
وأما الوصية بأن يقام مولد سنوي يقرأ فيه شيء من القرآن, وتنشد فيه شيء من المدائح النبوية, ويصنع فيه الطعام ونحو ذلك فمبتدع ولا تنفذ فيه الوصية, بل تصرف لمن يقرأ له القرآن فقط ولا تورث عنه, كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 58658.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1427(12/6144)
الوصية بأكثر من الثلث وهل تكتب عند محام
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن اسأل عن حكم الشرع في حالة أن هناك سيدة تملك ذهبا بمقدار 25 ألف ريال وهي تلبسه وتتزين به طيلة حياتها، ولها خمسة أبناء وخمس بنات وكلهم في حالة مادية جيدة إلا ابنها البكر فهو يعاني من بعض الظروف الصعبة حتى أنه هاجر على بلد آخر وأهله ليس لديهم أخبار عنه أي أن أخباره قد انقطعت ولديه 3 أبناء وهم أيضا يسكنون مع والدتهم في بلد غير البلد الذي يعيش فيه أبوهم وجدتهم، السؤال هو: أن هذه السيدة تقول دائما لأبنائها أن كل ذهبي بعد وفاتي أعطوه لأولاد أخيكم المهاجر، فهل يجوز أن توصي بثروتها لأشخاص معينين، وهل عليها كتابة الوصية عند محام، وعند بيع الذهب بعد وفاتها هل يجب إخراج زكاة المال عليه قبل إعطاء المال لأولاد ابنها؟ وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع في الشرع من أن يوصي المرء بشيء من ماله لأشخاص معينين، لكن الوصية لا تجوز بأكثر من الثلث، إلا أن يجيزها الورثة البالغون الرشداء، أي يقبلوا بذلك، واستدل العلماء على منع الوصية بأكثر من الثلث بالحديث الصحيح الذي رواه مالك وغيره عن ابن شهاب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه قال: جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي، فقلت: يا رسول الله، قد بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، فقلت: فالشطر؟ قال: لا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الثلث، والثلث كثير. إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ... إلى آخر الحديث.
ولا يلزم أن تكتب الوصية عند محام ولا غيره، وإنما يكفي أن يُشهد عليها، ثم إن الحلي المعد للزينة لا تجب فيه الزكاة عند جمهور أهل العلم، ولك أن تراجع في هذا الفتوى رقم: 1325.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1427(12/6145)
أوصت أن لا يقسم ميراثها إلا بعد زواج أولادها
[السُّؤَالُ]
ـ[أوصت أمي قبل وفاتها بأن لا يتم توزيع مالها كميراث إلا بعد زواجنا جميعا لأن هذا المال نصرف منه على الأسرة حيث لا يوجد مورد رزق ثابت للأسرة، فهل هذه الوصية صحيحة ويجب العمل بها؟ أم يتم توزيع المال حسب الشرع؟ وكذلك أوصت بمبلغ من المال لأخي الذكر لمساعدته عند الزواج بحيث لا يتم الاقتراب من هذا المبلغ إلا عند زواج أخي، فهل هذه الوصية صحيحة أيضا؟ علما بأنه لا يوجد اعتراض على الوصيتين من قبل الورثة، ولكن نحن نرجو إرضاء الله بالتصرف الصحيح وتنفيذ شرع الله وأن لا تقع أمي في ذنب من جراء هذه الوصايا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوصية أمك بعدم تقسيم مالها غير لازمة التنفيذ، وذلك لأن المال بمجرد موت صاحبه يصبح ملكاً لورثته.
كما أن وصيتها بمبلغ من المال لأخيك لمساعدته عند الزواج، تعتبر وصية لوارث ولا تجوز إلا بإجازة الورثة، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه. إلا أن يكون أخوك هذا ليس ابنا لأمك، بل أخوك من جهة الأب فقط، فحينئذ يكون له الحق فيما أُوصي له به ما لم يجاوز ثلث متروكها. ولك أن تراجعي في بعض أحكام الوصية فتوانا رقم: 2609.
فالحاصل أن ما أوصت به أمك من الوصايا غير لازم، إلا ما استثنيناه من احتمال أن يكون الموصى له غير وارث، ولكن الورثة إذا اتفقوا على تنفيذ هذه الوصايا فلا مانع من ذلك ما لم يكن من بينهم من هو في الحَجر لصغر أو سفه. فإن كان فيهم من هو كذلك، فإنه لا يُمضى عليه إلا ما لا ضرر عليه فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1427(12/6146)
حق الموصى له إذا كانت الوصية جزء مشاعا من التركة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه ... وبعد:
أسأل الله تعالى أن يجزي القائمين على هذا الموقع خير ما يجزي به عباده الصالحين، فلقد وجدت في إجاباتكم على هذه الفتاوى ما لم أجده في مواقع أخرى وذلك من جهة تحري الدقة في الإجابة وذكر ما قاله أهل العلم في المسألة والإحالة على الفتاوى السابقة كل هذا دعاني إلى الكتابة إليكم راجياً الإجابة على السؤال الآتي: توفي والدي -رحمه الله- قبل سنتين ونصف، وكان قد أوصى بثلث ماله، والتركة منها عقار ومنقول، ومن المنقول مبلغ نقدي متوفر في المصرف يقارب ثلث التركة كلها من عقار ومنقول -علماً أن العقارت لم يتم تقييمها من قبل العقاريين بعد- وحيث إني الوصي على تنفيذ هذه الوصية إضافة إلى أني وكيل عن الورثة فقد عقدت النية على أن يكون المال المتوفر في المصرف ـ-والذي يشكل ثلث التركة- هو المال الموصى به، وحيث إن التركة لم تقسم بعد على الورثة، ومن ضمن هذه التركة عقارات تؤجر، فهل يلزم إخراج ثلث أجرة هذه العقارات -الحاصلة بعد الوفاة- وإدخالها ضمن الثلث الموصى به، أم أن الأجرة كلها للورثة بناءً على أن العقارات آلت إليهم، أرجو ذكر الإجابة مقرونة بما ذكره أهل العلم -إن تيسر ذلك- حيث إني بحثت عن هذه المسألة فلم أجدها في مظانها؟ حفظكم الله ونفع بكم وبعلمكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوصية الميت إما أن تكون مبلغا من المال محدداً، نحو: 5000 أو 10000 مثلاً، وإما أن تكون سهما من التركة، كالثلث والربع والخمس، فإن كانت مبلغاً من المال محدداً، فإنه يخرج من التركة قبل قسمتها إذا كان ثلثا فأقل، وليس لصاحبه حق فيما يحصل لمال التركة من النمو بعد موت المورث أو قبله، لأنه لا يزاد على ما حدده له الميت.
وإن كانت الوصية جزءاً شائعا من التركة، فإنه يكون لصاحبها سهم كسائر سهام التركة، ويكون مخرج وصيته هو مقام التركة عند التقسيم، ثم يوفق بينه وبين ما تصح منه المسألة، قال خليل: وإن أوصى بشائع كربع، أو جزء من أحد عشر، أخذ مخرج الوصية، ثم إن انقسم الباقي على الفريضة كابنين وأوصى بالثلث فواضح، وإلا وفق بين الباقي والمسألة، واضرب الوفق في مخرج الوصية، كأربعة أولاد، وإلا فكاملها كثلاثة..
وبالتالي يكون الموصى له في هذه الحالة شريكاً في جميع مال التركة، وما يحصل من النمو أو الخسارة في المال يكون له وعليه، كسائر الورثة، وعليه فحق الموصى له في المسالة المسؤول عنها ثابت في جميع المال، إلا أن يرضى بأخذ شيء معين عن حصته، وبالتالي فهو شريك فيما يحصل من أجرة العقارات ما لم تقسم التركة.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1427(12/6147)
حكم وصية البنت لأمها بما أهدته لها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أهدتني أمي جزءا من مالها حتى أستطيع أن أجهز نفسي به للحياة الزوجية إن شاء الله حين يأتي موعدها الذي قدره الله، فهل يجوز لي في كتابة الوصية أن اوصي بأن يرجع هذا المبلغ لأمي إذا قدر الله لي أن أموت قبلها وقبل أن أتزوج وأتصرف في هذا المبلغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما أهدت إليك أمك أو وهبته لك هبة شرعية تامة أصبح ملكا لك يجوز لك التصرف فيه بأنواع التصرف المشروعة, ولكن الوصية به للوالدة أو لغيرها من الورثة لا تصح إلا إذا أجاز ذلك بقية الورثة وكانوا رشداء بالغين, وذلك لما رواه الدارقطني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا وصية لوارث؛ إلا أن يجيز الورثة. وفي رواية: إلا أن يشاء الورثة. فالوصية لا تصح لوارث ولا بأكثر من تلث التركة.
وللمزيد نرجو أن تطلعي على الفتاوى: 29186، 45941، 25102.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1427(12/6148)
الوصية للأحفاد وإبطالها قبل الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنجبت أم ولدين وبنتا , البنت تزوجت وأنجبت أولادا ثم ماتت في حياة أمها وكان لهذه الأم تركة لكن باعتبار أن الأحفاد من البنت لا يرثون لأنهم ليسوا من أهل التعصيب ولا من أهل الفروض إلا أن الأم أوصت لأحفاد بنتها هؤلاء بـ 20 ألف جنيه ترضية لهم، الآن أبو الأولاد يرفض أخذ المبلغ ويريد أن يلجأ للقضاء حيث إن القانون الوضعي في مصر يورثهم بما يعرف بالوصية الواجبة رغم أن الأم باعت كل ما تملك للولدين الذكرين كي تتفادى حكم الوصية الواجبة، ماذا يصنع الولدان في الـ 20 ألف جنيه وصية الأحفاد وقد رفضوا أخذها علما بأنهم الآن قصر والأمر بيد أبيهم، ومما يزيد الأمر تعقيدا أن الأم في آخر أيامها أوصت الولدين بتقسيم هذا المبلغ بينهم وعدم العمل بالوصية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أبناء البنت لا يرثون من جدتهم، ولكن يستحب لها أن توصي لهم بشيء من التركة لا يتجاوز الثلث لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الثلث والثلث كثير. وإذا لم توص لهم بشيء فيستحب للورثة أن يرزقوهم من التركة كما قال الله تعالى: وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا {النساء: 8} وما دامت جدتهم قد أوصت لهم بعشرين ألفا فإنها تمضي لهم ما لم تتجاوز ثلث التركة، فإن كانت أكثر من الثلث فإنها تمضي إذا أجازها الورثة وكانوا رشداء بالغين، ولذلك فلا حق لأبيهم في المطالبة بغير ذلك.
وأما ما يسمى بالوصية الواجبة فإنه لا قيمة له شرعا لأن الله تعالى قسم الميراث بنفسه وأعطى كل ذي حق حقه ولم يكن في ذلك ما يسمى بالوصية الواجبة، ولمعرفة ما يؤخذ على الوصية الواجبة نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 22734.
وأما ما يصنع الولدان في العشرين ألف جنيه التي أوصت بها أمهما لأحفادها فإنها تعتبر ملكا لأبناء أختهما ويجب عليهما حفظها حتى يسلماها لهما أو لولي أمرهما.
بقي أن ننبه على شيء ورد في آخر السؤال وهو قول السائل (ومما يزيد الأمر تعقيدا.... إلخ) فإن كان المراد به ما هو ظاهر من أن المتوفاة ألغت وصيتها لحفيديها قبل موتها، فإن كان ذلك في حالة حضور عقلها وتمام إدراكها فإنه يعتبر إبطالا للوصية أصلا وعلى ولديها أن يثبتا ذلك أمام القضاء ما دامت الوصية الأولى موثقة.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(12/6149)
شروط نفاذ وصية الجدة لأحفادها
[السُّؤَالُ]
ـ[أمتلك شقة وأريد أن تكون بعد وفاتي لولد الولد لا تباع ولا يفرط فيها ولذلك سوف أبيعها لأحد أبنائي الذي ائتمنه على تنفيذ وصيتي بعدم بيعها أو التفريط فيها بعد وفاتي بإذن الله وهل يجوز هذا أو لا يجوز وأرجو الرد سريعا؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا أن توصي الجدة ببعض ممتلكاتها لأحفادها إذا كانوا غير وارثين وكانت الوصية لا تتجاوز الثلث، بل يستحب لها ذلك، وتجدين تفاصيله وأدلته في الفتوى رقم: 59309.
أما إذا كان الأحفاد وارثين أو كانت الوصية بأكثر من الثلث فإنها لا تصح إلا إذا أجازها الورثة وكانوا رشداء بالغين، ولذلك فيمكن لك أن توصي لحفيدك بالشقة المذكورة بعد وفاتك ما دام لا يرث لوجود الأبناء المباشرين إذا كانت لا تتجاوز ثلث التركة، أما إذا تجاوزت الثلث فإن ما زاد على الثلث لا بد من إجازته من الورثة، وذلك لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسعد: الثلث والثلث كثير.
وأما بيع الشقة لأحد أبنائك فإنه يمكن أن تترتب عليه محاذير ينبغي تجنبها من البداية، فما دمت تريدين الوصية لأحفادك بالشقة أو غيرها من ممتلكاتك فلا داعي لبيعها لغيرهم لأن بإمكانك تنفيذ ذلك مباشرة بالشروط التي ذكرنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1427(12/6150)
الوصية بحرمان الابن من التركة حتى يطلق زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: أتوجه بالشكر الجزيل لكل العاملين في هذا الموقع الرائع وأسأل الله تعالى أن يوفقكم لما فيه الخير والنفع للأمة.
سؤالي هو كالآتي: امرأة قبل وفاتها قسمت كل أملاكها على أولادها وسمت لكل واحد منهم نصيبه. وواحد من أولادها سمت له نصيبه ولكنها أوصت ابنها الأكبر أن لا يسلم لأخيه نصيبه إلا بعد أن يطلق زوجته المنحرفة على حسب زعمهم وحتى يرجع إلى الجادة وطريق الحق. فإن هو نفذ هذا سلم له نصيبه وإن لم ينفذ هذا حرم من نصيبه. ما حكم هذه الوصية هل يقبلها الشرع أم يرفضها. أفتونا مأجورين بارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحق لهذا الأخ أن يمنع أخاه من نصيبه من تركة أمه بحجة أنها أوصته بذلك أو اشترطت له طلاق زوجته، فالتركة حق ثابت لجميع الورثة فرضه الله تعالى لا يحق لأحد منعهم منه إلا بمانع من موانع الإرث الشرعية المعروفة، وليس منها عدم طاعة الولد بطلاق زوجته، قال الله تعالى: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً {النساء:7} فنصيب كل وارث فرضه الله تعالى له، ولهذا فإن على هذا الأخ أن يسلم أخاه نصيبه من التركة وأن ينصحه وينصح زوجته بالاستقامة على طريق الحق.
وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 17146.
وأما عن تقسيم التركة قبل الوفاة وشروط صحة ذلك فقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 35440، وما أحيل عليه فيها فنرجو الاطلاع عليه.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1427(12/6151)
إقامة البنت في بيت عمتها ووصية عمتها لها بمالها كله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج ولي ستة أطفال، ولي أخت متزوجة وليس لها أطفال، وقد طلبت أختي مني أن تأخذ واحدة من بناتي تعيش معها وتوصي بمالها كله لابنتي، فهل يجوز ذلك شرعاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مقام بنتك مع عمتها له حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون في البيت زوج عمتها، أو غيره ممن لا محرمية بينها وبينه بنسب أو رضاع، وكانت بنتك قد بلغت سنا تشتهى فيه عند أصحاب الطباع السليمة، ففي هذه الحالة لا يجوز مقام بنتك مع عمتها، لما يترتب عليه من الاختلاط والخلوة والنظر بينها وبين زوج عمتها أو غيره.
الحالة الثانية: أن يكون مقام بنتك مع عمتها ولا أجنبي في البيت، فيجوز حينئذ مقامها معها، ولكن دون أن تتبناها بأن تنسب هذه البنت إلى زوجها مثلاً، فإن الإسلام حرم التبني.
وأما الوصية من أختك لبنتك بجميع ما تملك، فتصح بشرط إنفاذ الورثة، وإلا نفذت في الثلث فقط، فإن وافق البعض ورفض البعض نفذت في نصيب من وافق دون نصيب من أبى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1427(12/6152)
أقوال العلماء فيما إذا وجدت وصية بخط الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد فوجئت بعد موت أخي, رحمة الله عليه, أنه كتب اسمي مع اسم زوجته في المستفيدين بمبلغ مالي يعطى بعد موته من طرف إدارة عمله, عبر التأمين الخاص, هذا الأخير الذي يتكلف أيضا بالتأمين الصحي للعائلة. ولم يكتب أي وصية لي بهذا المال.
سؤالي:
هل يجوز لي أن أحج بهذا المال- مع العلم أنني حججت عن نفسي- عن الأخ المتوفى مع العلم أنه كان يصلي إلى أن توفي. أم أتركه لأولاده بعد وصولهم سن البلوغ أو أستثمره لهم.
أفتونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكتابة أخيك لاسمك واسم زوجته بالاستفادة من المال الذي يعطاه من قبل التأمين بعد موته دون أن يعترف بذلك نطقا في حياته لا يعد وصية صحيحة إلا إذا اعترف بها ورثته بعد موته وهم رشداء. قال الشمس الرملي: والكتابة كناية فتنعقد بها مع النية ولو من ناطق، ولا بد من الاعتراف بها نطقا منه أو من وارثه، وإن قال هذا خطي أو ما فيه وصيتي. وأما إذا كان في الورثة صغير فليس لوليه أن يعترف عنه، ففي حاشية الشرواني قوله: أو من وارثه قضيته عدم قبوله من ولي الوارث، وهو موافق لما قدمناه من أنه الأقرب قوله من وارثه أي بعد موته. اهـ.
وذهب آخرون ومنهم الحنابلة إلى صحة هذه الوصية.
قال المرداوي: وإن وجدت وصية بخطه صحت. هذا المذهب مطلقا. قال الزركشي: نص عليه الإمام أحمد رحمه الله، واعتمده الأصحاب وقاله الخرقي، وقدمه في المغني والشرح والمحرر والرعايتين والفروع وغيرهم.
هذا عن الكتابة، أما عن الوصية لك ولزوجته؟ فالوصية لك صحيحة لأنك غير وارث، أما لزوجته فغير صحيحة إلا إذا كان الورثة كلهم راشدين، وأجازوا هذه الوصية.
وأما دخوله في التأمين الخاص فلا يجوز إلا إذا كان تأمينا تعاونيا، وأما غيره من أنواع التأمين فلا يجوز إلا إذا اضطر لذلك، وفي حالة دخوله فليس له أن يأخذ إلا بقدر ما دفع، وما زاد على ذلك فلا يستحقه ولا تقبلونه أنتم بعد وفاته.
وعليه؛ فما أخذ من جهة التأمين مقابل ما دفعه فإن كان ما أوصى به منه لغير الورثة يعتبر ثلثا فأقل بالنسبة لمجموع ماله فتنفذ وصيته لغير الورثة، وإن كان أكثر فلا ينفذ منه إلا الثلث والباقي للورثة، وأما نصيبك من الوصية فلك أن تتصرف فيه كما تريد، فلك أن تحج به عنه، ولك أن تدخره لأولاده أو تستثمره لهم حتى يبلغوا فتدفعه إليهم.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 8215.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1427(12/6153)
الوصية بالمنافع والوصية للأحفاد بميراث أبيهم المتوفى
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة العلماء الأفاضل حياكم الله، أفتونا في سؤالي هذا جزاكم الله خيراً، كان لجدي ثلاثة أبناء توفي منهم اثنان في حياته (أي مازال الجد على قيد الحياة ومات أولاده الاثنان قبله، وأحد الأبناء لديه ولد وبنت وأوصى لهما -أي الولد والبنت- جدهم أن يأخذوا ما كان لأبيهم من إرث أي حق أبيهم كاملاً ... والابن الآخر لديه ابنتان أوصى لهما الجد بقطعة أرض معيشة لهن إلى حين وفاتهما -أرض زراعية- ولم يوص لهما بأخذ إرث أبيهن ... أما الولد الثالث لم يمت إلا بعد أبيه ولا يوجد خلاف عليه ... هل ما قام به الجد بوصيته للولد والبنت بأخذ ما لهما من حق أبيهم المتوفى قبل أبيه صحيحة حسب الوصية، وهل ما قام به الجد بوصيته للبنتين بقطعة الأرض معيشة لهما فقط! من دون أخذ إرثهن من حق أبيهن صحيح، أي هل وصية الجد صحيحة، أفيدونا وفقكم الله لما يحب ويرضاه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أوصى به الجد لابني ولده الأول المتوفى بقدر نصيب أبيهم من الميراث لو كان حياً يعتبر وصية صحيحة، فإنها وصية لغير وارث، لأنهما محجوبان بابن الصلب، وكذا وصيته لابنتي ابنه الثاني بمنفعة قطعة الأرض مدة حياتهما، فهي وصية بالمنافع، والوصية بالمنافع صحيحة عند جمهور الفقهاء، وتنفذ هاتان الوصيتان إذا كان مجموع مقدارهما الثلث فأقل، ولا تنفذان فيما زاد عن الثلث من مجموعهما إلا بإجازة الورثة، إذا كانوا بالغين رشداء، ويرجع إلى أهل الخبرة في تحديد ما يمكن أن يكون عليه نصيب البنتين في انتفاعهما بقطعة الأرض حياتهما، وتوزع الوصية وهي الثلث بالنسبة على مستحقيه.
وننبه إلى أن مثل هذه المسائل محلها المحاكم الشرعية أو الجهات المختصة بالنظر في الأحوال الشخصية في البلاد غير الإسلامية كالمراكز الإسلامية ونحوها، لاسيما وأن بعض المسائل التي ذكرنا محل خلاف بين الفقهاء كالوصية بالمنافع، وكيفية تقدير الموصى به في هذه المنافع ونحو ذلك، وحكم القاضي يرفع الخلاف في المسائل الاجتهادية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1427(12/6154)
ما يكتب في الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو تزويدي بنموذج لوصية لمسلم تنفذ بعد مماته من حيث طريقة التعامل مع الجثمان من جميع الوجوه والدعاء له وكل شيء مما يفيد الميت بعد وفاته. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوصية مشروعة بنص كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعمل الصحابة والسلف الصالح، وتتجاذبها الأحكام الخمسة فقد تكون واجبة، وقد تكون مستحبة، وقد تكون مباحة، وقد تكون مكروهة، وقد تكون محرمة. فتجب على المسلم في حالة ما إذا كان عليه حق شرعي يخاف أن يضيع إذا لم يوص به كأمانة أو دين.
وكذا من علم أن أهله ينوحون عليه ويرتكبون مخالفات شرعية في جنازته فإن عليه أن يوصي بعدم فعل ذلك وإلا عذب فقد روى مسلم وغيره عن عبد الرحمن بن يزيد وأبي بردة بن أبي موسى قالا أغمي على أبي موسى وأقبلت امرأته أم عبد الله تصيح برنة قالا ثم أفاق قال ألم تعلمي وكان يحدثها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا بريء ممن حلق وسلق وخرق.
وفي الصحيحين أن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إِنَّ الْمَيِّت لَيُعَذِّب بِبُكَاءِ أَهْله عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَة: بِبَعْضِ بُكَاء أَهْله عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَة: بِبُكَاءِ الْحَيّ. وَفِي رِوَايَة: يُعَذَّب فِي قَبْره بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَة: مَنْ يُبْكَ عَلَيْهِ يُعَذَّب. وقد قيل إنه من لم يوص بعدم النوح عليه إذا كان يعلم أنه يناح عليه، قال الإمام النووي رحمه الله: وَقَالَتْ طَائِفَة: هُوَ مَحْمُول عَلَى مَنْ أَوْصَى بِالْبُكَاءِ وَالنَّوْح أَوْ لَمْ يُوصِ بِتَرْكِهِمَا. فَمَنْ أَوْصَى بِهِمَا أَوْ أَهْمَلَ الْوَصِيَّة بِتَرْكِهِمَا يُعَذَّب بِهِمَا لِتَفْرِيطِهِ بِإِهْمَالِ الْوَصِيَّة بِتَرْكِهِمَا، فَأَمَّا مَنْ وَصَّى بِتَرْكِهِمَا فَلَا يُعَذَّب بِهِمَا إِذْ لَا صُنْع لَهُ فِيهِمَا وَلَا تَفْرِيط مِنْهُ. وَحَاصِل هَذَا الْقَوْل إِيجَاب الْوَصِيَّة بِتَرْكِهِمَا, وَمَنْ أَهْمَلَهُمَا عُذِّبَ بِهِمَا.
وأما الوصية بثلث ماله فأقل لمن تصح لهم الوصية فمشروع.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده.
قال ابن عمر: ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك إلا ووصيتي عندي. رواه البخاري ومسلم.
فيستحب له أن يوصي للأقربين والفقراء والصالحين إذا لم يكن في ذلك ضرر على الورثة، وتحرم الوصية إذا كان فيها ضرر على الورثة، وتكره إذا كان الموصي قليل المال وله وارث يحتاج له، وتباح للغني، فهذا حكم الوصية فهي واجبة في الواجب، مستحبة في المستحب، محرمة في الحرام.
ووصية المسلم بما يتعلق بجثمانه بعد موته كأن يوصي بأن يغسله شخص معين، وأن يدفن في مكان معين ونحو ذلك فجائزة في الأصل، فقد روى الدارقطني عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها أن فاطمة رضي الله عنها أوصت أن يغسلها علي رضي الله عنه، وروى البيهقي أن أبا بكر أوصى امرأته أسماء بنت عميس أن تغسله، فضعفت فاستعانت بعبد الرحمن بن عوف.
وإذا أوصى ورثته أن يدعوا له ويقرءوا عليه شيئا من القرآن فلا بأس به فقد روى مسلم في صحيحه من حديث عبد الرحمن بن شماسة المهري قال: حضرنا عمرو بن العاص هو في سياق الموت، فبكى طويلا وحول وجهه إلى الجدار، فجعل ابنه يقول: ما يبكيك يا أبتاه؟ أما بشرك رسول الله بكذا، فأقبل بوجهه، فقال: إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإني على أطباق ثلاث ... ثم ذكر الحديث، وفيه: فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني فسنوا على التراب سنا، ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور، ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم، وأنظر ما أراجع به رسل ربي، ثم قال: فدل على أن الميت يستأنس بالحاضرين عند قبره، ويسر بهم.
وقد ذكر عن جماعة من السلف أنهم أوصوا أن يقرأ عند قبورهم وقت الدفن، قال عبد الحق: يروى أن عبد الله بن عمر أمر أن يقرأ عند قبره سورة البقرة، وقال: ويدل على هذا أيضا ما جرى عليه عمل الناس قديما، وإلى الآن من تلقين الميت في قبره ولولا أنه يسمع ذلك وينتفع به لم يكن فيه فائدة، وكان عبثا. وقد سئل عنه الإمام أحمد رحمه الله فاستحسنه واحتج عليه بالعمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1427(12/6155)
حكم الوصية للورثة لظروف ما
[السُّؤَالُ]
ـ[1- إذا أراد المرء أن يوصي بشئ لورثته بنسب تختلف عما حدده الشرع هل يجوز ذلك أم لا إذا كانت هناك ظروف خاصة دعته لذلك؟
2- أرجو إفادتنا بأدعية ترفع عنا البلاء والهم والحزن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد الشرع بالنهي عن الوصية للوارث، وإذا قُدِّر أن أوصى الميت لأحد الورثة قبل موته توقف تنفيذ هذه الوصية على إذن الورثة، وتراجع الفتوى رقم: 22687، ووجود شيء من الظروف لا يسوغ الوصية لوارث.
وأما بخصوص أدعية البلاء والهم والحزن، فتراجع الفتوى رقم: 53348.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1426(12/6156)
الوصية بثلث المال وهبة البيت قبل الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[ماتت أمي رحمها الله قريبا ومن مدة عشرين عاما كتبت وصية بثلث تركتها ولكنها قبل وفاتها وهبت بيتها لي وقد أخبرتها أنني سأقوم بعمل خيرلها ولم تشترط أمي أي شيء والتركة عبارة عن 3منازل صغيرة علما بأني كنت العائل الوحيد لها ولم أقصر وأمي لها أخت غنية وأولاد إخوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوصية الأم نافذة في ثلث تركتها ويجب إخراجها قبل قسمة التركة لقوله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء: 12} ولكن شريطة ألا تكون الوصية لوارث كما بينا في الفتوى رقم: 2535 // 17028، وكذلك ألا تكون قد رجعت عنها قبل وفاتها، ولك أن تتبرعي عنها كما وعدتِها بما تشائين من أعمال الخير وهو من البر بها بعد موتها، وكلما كان العمل دائم النفع كان ثوابه أكثر، وأما البيت الذي وهبتك إياه فإن كنت حزتِه وقبضتِه قبل موتها فهو لك ولا يدخل في التركة، وانظري شروط صحة الهبة في الفتوى رقم: 2333، مع التنبيه إلى أن بيت السكنى لابد لصحة هبته من إخلائه وعدم عودة الواهب إليه قبل مضي سنة ولو بكراء ففي الجواهر: عن ابن وهب: أن أبا بكر وعثمان وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم قالوا: لا تجوز صدقة ولا عطية إلا بحوز إلا لصغير من ولد المتصدق فإن أباه يحوز له، وهذا في غير دار السكنى (بيت السكنى) (ومنزل السكنى) أما هذا فلا يكفي في صحة هبته للولد حيازته من الأب الواهب له والإشهاد على ذلك، بل لا بد مع ذلك من خروجه منه وإخلائه من أثاثه. وفي الأحكام شرح تحفة الحكام: (وفي المتيطية) إذا تصدق الرجل على ابنه الذي في حجره بدار يسكنها الأب فلا بد من إخلائها من نفسه وثقله وأهله وتعاينها البينة خالية فارغة من أثقالها، ويكريها الأب للابن من غيره، فإن مضت سنة فلا بأس بعودة الأب لها إلى سكناها.. .اهـ
وأما الوارث لها ممن ذكرت فهو أنت ولك نصف التركة والباقي للأخت إذا كانت شقيقة أو لأب لأن الأخت مع البنت عصبة، وليس لأبناء الإخوة شيء لأن الأخت تنزل منزلة أخيها فتحجبهم ولا يمنعها من ذلك كونها غنية، وأما إن كانت أختها لأمها فقط فلذلك افتراضات كثيرة نعرض عنها للمقام ويجب إيضاح ذلك إن كان، مع بيان درجة أبناء الإخوة: وهل هم أشقاء أو لأب أو لأم؟
ولمعرفة كيفية قسمة التركة انظري الفتوى رقم: 66593.
ثم إننا ننبهك أيتها السائلة الكريمة إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1426(12/6157)
إذا أوصى الميت ببناء مسجد فزيد في البناء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ/د. عبد الله الفقيه المشرف على مركز الفتاوى حفظه الله
والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبعد سؤالي هو:
لقد أوصى مورثنا في وصيته بأن يصرف المبلغ من باقي ثلث ماله في بناء مسجد، وعليه أرجو من فضيلتكم التكرم بتوضيح بعض الأمور الآتية عن بناء المسجد:
معلومة:
مورثنا وصى حسب وصيته بأن يصرف المبلغ من باقي ثلث ماله في بناء مسجد معتقدا بأن مبلغ باقي ثلث ماله سيكون كافيا لبناء مسجد واحد مع أنه بالإمكان بناء أكثر من مسجد كما سيأتي ذكره أدناه.
• بناء مسجد هنا هل يعنى بناء مسجد واحد فقط أو أكثر، حيث إن مبلغ باقي ثلث مال مورثنا يمكننا من بناء أكثر من مسجد وهل هذا مخالف للوصية.
• هل بالإمكان وليس مخالف للوصية بناء عدد واحد مسجد من مبلغ باقي ثلث مال مورثنا بالإضافة لملاحق سكن للإمام وللمؤذن ومكتب للدعوة والإرشاد وتوعية المسلمين والمسلمات الجدد من فصول لتحفيظ القران الكريم وقاعة لإعطاء المحاضرات الإرشادية.
• وهل بالإمكان وليس مخالف للوصية بناء عدد ثلاثة مساجد صغيرة مع ملاحق سكن للإمام وللمؤذن من مبلغ باقي ثلث مال مورثنا.
• وهل بالإمكان وليس مخالف للوصية بناء عدد اثنين مساجد وسط مع ملاحق سكن للإمام وللمؤذن من مبلغ باقي ثلث مال مورثنا.
هذا وجزاكم الله خيرا والقائمين معكم على موقع مركز الفتاوى لما فيه من خدمة للإسلام والمسلمين، والقائم على التمويل المحسن/ قاسم درويش فخرو رحمه الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان مورثكم قد أوصى بثلث ماله وقال يبنى به مسجد فإن عليكم أن تنفذوا هذه الوصية على النحو الذي قال مورثكم، وذلك ببناء مسجد يتناسب مع المبلغ الموصى به، فإذا كان المبلغ يسع بناء جامع كبير مع ملحقاته من سكن القائمين عليه ومركز للتعليم وتحفيظ القرآن الكريم والدعوة والإرشاد فإن عليكم أن تبنوا مسجدا بهذه المواصفات لأن مال الوصية يسعه والوصي قد نص على بناء مسجد ولم يقيد ذلك بصفة معينة والمساجد تتفاوت في تكلفتها وأدائها فلزم أن يكون المسجد الموصى ببنائه يتناسب مع مال الوصية وفي حال زيادة المبلغ عن بناء مسجد جامع وملحقاته فإن على القائمين على الوصية أن ينظروا في المصلحة والأكثر نفعا للمسلمين وللإسلام.
فإذا وجدت عدة أماكن وأهلها أحوج إلى مساجد متوسطة ويمكن أن تؤدي دورا أكبر وخدمة أعظم للإسلام والمسلمين فلا مانع والله أعلم من توزيع مبلغ الوصية عليها ما دام يسعها، فهذا زيادة في الخير وتعميم للمنفعة وتعدد للصدقة الجارية، وليس فيه ما ينافي شرط الواقف ولا تغيير الوصية وهو أقرب إلى المقصد الشرعي بتعميم الفائدة وتحقيق ما يريده الوصي.
وللمزيد من الفائدة والتفصيل وأقوال أهل العلم والأدلة نرجو الاطلاع على الفتويين 31284، 65216 وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1426(12/6158)
كتب أملاكه باسم زوجته ثم مات
[السُّؤَالُ]
ـ[كتب زوجي معظم أملاكه باسمي وله ابنة من غيري فأعطيتها ميراثها من كل ما أملكه لي إلا الفيلا اعتبرتها حلالا لي من باب الهبة ومن باب أني شقيت جدا بالعمل معه، علما بأنه كتب ما كتبه لي من أملاك دون ضغط مني زد على ذلك أني أخبرته قبل وفاته أني سأعطي ابنتك من كل الأملاك التي هي باسمي إلا الفيلا لن أعطيها منها ولم يعترض، فهل الفيلا من حقي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما كتب لك زوجك من أملاكه باسمك على طريق الوصية بعد وفاته فإن هذه الوصية لا تصح إلا إذا أجازها بقية ورثته بعد وفاته وكانوا رشداء بالغين لأنها وصية لوارث، والوصية لا تصح لوارث، ولا بما زاد على ثلث التركة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الثلث والثلث كثير. رواه البخاري وغيره، ولقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. وفي وراية الدارقطني: إلا أن يشاء الورثة. روه أصحاب السنن.
أما إذا كانت الكتابة هبة ناجزة وتم حوزها من قبلك قبل حصول مانع من زوجك كالدخول في مرض موته فإنها تعتبر هبة صحيحة؛ إلا إذا كان القصد منها الإضرار بالورثة وحرمانهم من حقهم فإن الضرر يزال -كما قال أهل العلم- والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطأ. وفي حال صحة الهبة فإن لك الحق في التصرف فيها بهبة بعضها أو كلها لابنته أو لغيرها فقد أصبحت ملكا لك تتصرفين فيه كيف شئت.
أما إذا كانت غير صحيحة بحيث كانت وصية بعد الوفاة أو تجاوزت الثلث ولم يجزها الورثة فإن ما يحق لك منها هو الثُمُن فقط وهو نصيب الزوجة من تركة زوجها إذا كان له ولد، وما زاد عن الثُمُن فعليك أن ترديه إلى بقية الورثة ليقسم بينهم على ما جاء في كتاب الله تعالى، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 52512، 51986، 28886.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(12/6159)
الوصية بما يزيد عن الثلث
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل مسن لي زوجة وليس لي أبناء وعندي مال وعقارات وليس لي من الأقارب إلا ابن عم أبي فهل هو من الورثة أم لا؟ وأنا أريد أن أوصي بما يتبقى من التركة لشخص صالح من أهل الدين فما حكم الشرع في ذلك.
أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه في حالة وفاة الشخص عن وزجته وابن عم أبيه، فإن لزوجته الربع فرضا لعدم وجود الوارث، كما قال الله تعالى: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ {النساء: 12} .
وما بقي بعد فرض الزوجة فلابن عم أبيه تعصيباً ما دام هو أقرب العصبة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر. رواه البخاري ومسلم.
ولا مانع شرعاً أن توصي بثلث مالك لأهل الصلاح والفقراء والمساكين، بل إن الوصية مستحبة لمن ترك خيراً، وقد أوصى الصحابة والسلف الصالح رضوان الله عليهم، ولكن الوصية لا تصح بأكثر من ثلث المال، ولا يمضي أكثر من الثلث إذا أوصي به إلا إذا أجازه ورثتك (زوجتك وابن عم أبيك) .
وننصحك إذا كان لك خير أن تعمل وقفاً (صدقة جارية) يجري عليك أجرها وثوابها بعد الوفاة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. رواه مسلم وغيره.
وقد نصح النبي صلى الله عليه وسلم عمر رضي الله عنه بأن يوقف أرضا له غالية ثمينة فقال له: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها فتصدق بها عمر -لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث- في الفقراء والقربى والرقاب وفي سبيل الله والضيف وابن السبيل لا جناح على من وليها أن يأكل بالمعروف منها أو يطعم صديقاً غير متمول فيه. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1426(12/6160)
الوصية للزوجة بجزء من المال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج منذ أكثر من 32 عاما ولم أرزق بأولاد وأريد ترك مبلغ لا يتجاوز الـ 20% من إجمالى ما أملكه في المنزل لأي ظرف من الظروف وفي حالة وفاتي تنتفع به زوجتي وخاصة أنها من مرضى السكري وعلاجها ثمنه غال، وعلاوة على ذلك أنها شاركتني الحياة في كل ظروفها وخاصة بدايتها، فهل في ذلك حرمة علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أنك تُريد أن توصي لزوجتك بالنسبة المذكورة من ممتلكاتك بعد وفاتك، وهذا الأمر غير جائز شرعاً، لأن الزوجة هي أحد الوارثين لك، وقد جاء في النص النبوي الشريف: لا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وغيرهم، وراجع في هذا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1543، 1632، 18136.
أما إذا وهبتها الجزء المذكور حال صحتك ومضى تصرفك، وصار في حيازتها، فإنها هبة نافذة لا مانع منها شرعاً، وقد بينا تفصيل ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11389، 28886، 33403.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1426(12/6161)
الإضرار في الوصية محرم شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تكتب وصية بكل المال دون أن تأخذ بعين الاعتبار الورثة (هذا إذا لم تكن متزوجة) ، إذا كانت متزوجة ولم يكن لها ولد، فهل يجوز أن تكتب وصية بكل مالها لمن تريد أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 17791 حكم الوصية وشروطها.
والوصية بكل المال لمن كان له وارث لا تصح ولا تنفذ إلا في الثلث، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الثلث، والثلث كثير إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس. متفق عليه من حديث ابن أبي وقاص رضي الله عنه.
كما أن الوصية للوارث لا تجوز لأن الله سبحانه وتعالى قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث، ولا تنفذ إلا إذا أجازها الورثة ورضوا بها، كما بينا في الفتوى رقم: 26630.
مع التنبيه إلى أن الإضرار في الوصية محرم شرعاً، كما قال الله تعالى:.... مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ {النساء:12} ، ومن الإضرار فيها الوصية بأكثر من الثلث، والوصية لأحد الورثة بقصد حرمان الآخرين أو نقص أنصبائهم، فإن الله سبحانه وتعالى قد تولى قسمة التركات بنفسه ولم يكلها إلى نبي مرسل ولا ملك مقرب، وتصدق على صاحب المال بثلث ماله يضعه في وجوه البر والخير، فيجب على المسلم أن يلتزم بذلك ولا يبتعد عن حدود الله، قال تعالى: وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ {النساء:14} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1426(12/6162)
حكم رجوع الورثة عن إجازة وصية الموصي
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا لما تبذلونه من مجهود جعله الله في ميزانكم إن شاء الله
سؤالي هو: أبي رحمة الله عليه كان يملك منزلا مناصفة مع أمي وتحته ثلاثة محلات وبعد وفاته فوجئت بالآتي: يوم الوفاة قال لإخوتي أشعر أني سأموت اليوم وأنوي أن أعطي أخاكم (أنا) محلا وأختكم محلا (الوحيدة) وأمكم محلا وبرر ذلك بأن شقتي أصغر الشقق وأنهم مستقرون في أعمالهم وأنا غير مستقر وأن اختنا وحيدة لا بد من تأمينها وكذلك الأم فقالوا افعل ما تريد لا مانع عندنا. استمر ذلك خمس سنوات وذات مرة كنت أتجادل مع أخي الأوسط في مسألة فقهيه فتغاضبنا فقال لي إذا كنت فقيها فما رأيك في حديث لا وصيه لوارث قلت وما شأنه بما نتحاور فيه قال المحل ألست وارثا فكيف قبلت المحل فسقط في يدي فقلت أليس بالتراضي قال أبوك قال لي سأموت اليوم فأحببت أن أرضيه هنا دارت الدنيا في عيني لأني لا اقبل أبدا مالا حراما فلم أنم وأخبرت أخي الأكبر فعندما تحدثت معه فوجئت به يتصل بي يعتذر ويقول زلة لسان لم أقصد لأني كنت غاضبا وها أنا أنوي بيع المحل أفيدوني أفادكم الله هل أنعم بالمال أم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحديث الوالد يعتبر وصية، والوصية للوارث لا تتم ولا تصح إلا إذا أجازها بقية الورثة، فإن أجازوها فهي عطية منهم تحتاج إلى الحوز قبل حصول مانع، فإن حازها الموصَى له فاز بها. قال ابن عاصم في تحفته:
وامتنعت لوارث إلا متى إنفاذ باقي الوارثين ثبتا
وذلك لما في الحديث: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أحمد وأبو داود والترمذي والدارقطني وزاد: إلا أن يشاء الورثة. وبناء عليه، فما دام بقية الورثة راضين بوصية الأب وقد أجازوها قبل موته بالموافقة وبعد موته بالسكوت والإقرار فلا حرج عليك في حيازة المحل والتصرف فيه بما تشاء، وليس لأحدهم الرجوع عن ذلك بعد ما ثبت واستقر بإذنه ورضاه.
وللاستزادة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 34151 والفتوى رقم: 1445 والفتوى رقم: 7034.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1426(12/6163)
وصية في صورة هبة
[السُّؤَالُ]
ـ[جدتي لها أربع بنات أمي وثلاث خالات، ولها ابن توفي منذ سنين وتمتلك أرضا زراعية ولها أبناء إخوة ذكور, وتريد كتابة الأرض لأمي وخالاتي حتى لا يشاركهن في الإرث أبناء إخوتها بعد مماتها، على أن تظل تستفيد من ريع الأرض لحين انتهاء أجلها، فما رأي الدين في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا تجوز الهبة أو الوصية بقصد الإضرار بالورثة وحرمان بعضهم من الحق الذي شرعه الله سبحانه وتعالى له في التركة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. أخرجه ابن ماجه والبيهقي وابن حبان ومالك، وصححه الألباني.
وما ذكرته في السؤال صيغته صيغة هبة وحقيقتة حقيقة وصية، وبيان ذلك أن الهبة هي تمليك ذي منفعة لوجه المعطي بغير عوض، ومحل صحتها ولزومها إن وقعت في حال الصحة وعدم إحاطة الدين بالمال وحازها الموهوب له.
والوصية كما قال ابن عرفة هي: هبة الإنسان غيره عيناً أو ديناً أو منفعة على أن يملك الموصى له الهبة بعد موت الموصي، أو هي تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع.
وهذا ينطبق تماما على ما ذكر في السؤال من كون الواهب يستغل غلة الموهوب وريعه إلى أن يموت، ولا ينتنفع به الموهوب له إلا بعد موت الواهب، فهي وصية لا عطية، والعبرة بالمعاني لا بالألفاظ والمباني، والوصية للوارث لا تصح ولا تنفذ إلا إذا أجازها الورثة، فتكون عطية منهم؛ كما قال الشيخ أحمد الشنقيطي:
وإن يك استثناؤه له على * بقائه بملكه لن يدخلا
إلا بعيد موته في هبته * فذاك قد يجعل في وصيته
إن كان غير وارث وحمله * ثلث ماله قد يصح له
وإن يكن يرث وقف على * إجازة الباقين ما قد فعلا
إذاً فحال المسؤول عنها لا يخلو إما أن تكون وهبت لبناتها هبة صحيحة بشرطها المعتبر من تخليتها للموهوب وحوزهن له، ووقع ذلك منها في كمال صحتها ورشدها وعدم إحاطةالدين بمالها فهبتها صحيحة نافذة؛ لأن الأصل في تصرف البالغ الرشيد اللزوم والنفوذ، والله حسيبها على نيتها إن كانت حسنة فلها الأجر، وإن كانت سيئة فعليها الوزر، وإن كانت هبتها لهن لا تنفذ إلا بعد موتها ولا يستغلها الموهوب له إلا حينئذ فهي وصية كما ذكرنا (ولا وصية لوارث) كما في الحديث الذي أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي، وتتوقف على إجازة الورثة لها. وقد فصلنا القول في شأن الهبة والوصية في الفتوى رقم: 12579، والفتوى رقم: 28292.
وننصح الجدة أن تتقي الله سبحانه وتعالى وتحذر ذلك اليوم العظيم: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا {آل عمران:30} ، والإضرار بالورثة من محرمات الشرع؛ لما أخرجه الأربعة إلا النسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله تعالى ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار. وعند عبد الرزاق وأحمد بلفظ: فإذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1426(12/6164)
حكم الوصية للبنت المعاقة لرعايتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تتفضلوا ببيان حكم الشرع في المسألة التالية: توفي رجل عن زوجة وولدين و10 بنات أصغرهن عمرها حوالي 30 سنة، وكانت قد ولدت معاقة عقلياً مما يستوجب توفير رعاية طبية دائمة لها وشراء علاجات مدى الحياة، تتضمن تركة المتوفى أموالا على هيئة أسهم كان قد اشتراها الرجل كاستثمار بعدة شركات ومصانع مساهمة، ولما كانت أنظمة العديد منها تحدد سقفاً لعدد الأسهم التي يمكن أن يمتلكها المساهم الواحد فقد قام ذلك الرجل بتسجيل جزء من تلك الأسهم بأسماء بعض أولاده وبناته، وأبلغ من سجل الأسهم بأسمائهم وبأسمائهن بأنه في حال وفاته تخصص تلك الأسهم لتغطية مصاريف علاج ورعاية أختهم المعاقة، وكان التبليغ في جلسات عادية في منزله دون أن يكتب وصية خطية بذلك كما أن بعض الورثة لم يسمعوا منه ذلك مباشرة، عند المباشرة بتوزيع التركة طالب الورثة ممن لم تسجل بأسمائهن أية أسهم بأن توزع قيمتها بين جميع الورثة، بينما رغبت الوارثات ممن سجلت الأسهم لهن بإنفاذ وصية والدهن ونقل الأسهم للأخت المعاقة والتي تولى الوصاية عليها رسمياً أخوها الأصغر وعمره حوالي 40 سنة لكون الأخ الأكبر مغتربا خارج الوطن، فما العمل في هذا الحال، هل تعتبر الوصية الشفهية ملزمة، وهل تعتبر الوصية للورثة بالصورة المذكورة شرعية، وما حكم عدم الإيفاء بها، وهل يعتبر عقوقاً وأكلاً للسحت، وهل يكون تخصيص الأسهم للبنت المعاقة بالكامل، أي قيمة الأسهم وعوائدها السنوية أم فقط العوائد دون بيع الأسهم نفسها باعتبارها مدرة للربح، أفتونا بحكم الشرع؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلو ثبتت هذه الوصية فإنها لا تصح لأن البنت الموصى لها وارثة، والوصية للوارث لا تصح ولو كان معاقا إلا أن يجيزها الورثة بشرط أن يكونوا رشداء بالغين أهلاً للتصرف، لما رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا وصية لوارث. وفي رواية الدارقطني: إلا أن يشاء الورثة.
وعلى ذلك؛ فإذا أمضى الإخوة الوصية جازت، وإلا فلا تجوز، وليس في ذلك عقوق، ومن أجاز منهم الوصية مضى ذلك في نصيبه دون غيره، وإذا تنازل الإخوة برضاهم لأختهم فلوكيلها التصرف في مالها بما هو أصلح من الاحتفاظ بالأسهم وأخذ ربحها ليصرف منه عليها ... أو بيعها.
وهذه التركة تقسم حسب الآتي: للزوجة الثمن فرضا لوجود الفرع الوارث، لقول الله تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم {النساء:12} ، وما بقي بعد فرض الزوجة يقسم على الأبناء للذكر منهم ضعف نصيب الأنثى، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:11} .
وأخيراً نوصيكم جميعاً بالتفاهم والتصالح في هذه القضية، واحذروا أن تكون سبيلاً للشيطان ليوقع بينكم العداوة والبغضاء، وإن أمكنكم حلها بأنفسكم أو بمساعدة الصلحاء الرشداء من ذويكم فذلك الأفضل، وإن لم يمكن ذلك فارفعوا الأمر إلى المحاكم الشرعية فهي صاحبة الاختصاص في هذا الأمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1426(12/6165)
شروط تنفيذ الوصية بالحج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ابنة وحيدة لأبوي ولي زوج وأبناء وقد مرضت أمي مرضا شديدا أقعدها في الفراش 5سنوات حتى توفيت رحمة الله عليها وكنت أقوم برعايتها تاركه أولادي وزوجي معظم الأيام وقد أوصت لي المرحومة بقطعة أرض بحق الخدمة بجانب الورث الشرعي مع العلم أن الورثة أبناء عم وأن الوصية لا تتجاوز الثلث
السؤال 1 هل الوصية صحيحة شرعا؟
السؤال2 هل يرث والدي مع العصبة كونه زوجا وابن عم؟
السؤال3 كانت والدتي وعدت أصغر أبنائي إذا قام بتجهيزها عند موتها وأداء الحج عنها وقد فعل إعطاءه قطعة أرض أخرى
هل أنفذ رغبتها وأعطيه ما وعدته علما أن الوصية كانت شفهية واعتراض الورثة وأولادي؟
جزاكم الله خير الجزاء ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وصية الوالدة لك بقطعة الأرض أو بغيرها لا تصح ولا تمضي إلا إذا أجازها بقية الورثة وكانو رشداء بالغين أهلا للتصرف. لما رواه أحمد وأصحاب السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. وفي رواية الدارقطني: إلا أن يجيز الورثة.
وعلى ذلك، فإذا أجازها الورثة مضت، وإلا، فإنها ترجع إلى عموم التركة، وفرضك أنت النصف، وأما والدك فإن فرضه الربع من زوجته لوجود الفرع الوارث، فإن كان أقرب العصبة استحق ما بقي بعد أصحاب الفروض بالتعصيب وهو هنا الربع، فيأخذه مع فرضه. قال الخرشي المالكي عند قول خليل في المختصر: ويرث بفرض وعصوبة.. فإن كان ابن العم زوجا أخذ النصف بالفرض والباقي بالتعصيب إذا لم يكن من يشاركه فيه أو هو أولى منه. اهـ. فإن كان مساويا لبقية العصبة اشترك معهم فيما بقي للعاصب. وإن كان فيهم من هو أقرب منه فلا شيء له بعد الفرض من نصيب العاصب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر. متفق عليه
وأما وعد أمك لحفيدها بقطعة الأرض إذا حج عنها فإن ذلك يمضي ويوازن قيمتها عن تكاليف الحج ما دامت في حدود الثلث، فإن زادت القطعة المذكورة عن الثلث رد ما زاد إلى مجموع التركة وأخذ الولد الثلث، وعلى ذلك، فإن كان ابنك قد حج عن أمك فله قطعة الأرض إذا كانت تساوي ثلث تركتها أو أقل.
قال العلامة خليل المالكي في المختصر ممزوجا بالشرح: ونفذت الوصية به الحج من الثلث.. ودفع المسمى وإن زاد على أجرته لمعين لا يرث فهم إعطاؤه له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1426(12/6166)
تسجيل شيء من الميراث أو الوصية لبعض الورثة لا ينفذ
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي استفسار عن موضوع وأرجو أن أجد الإجابة الشافية لديكم إن شاء الله.. أنا من الكويت, والدي حي لله الحمد وهو متزوج من والدتي منذ أكثر من 35 سنه ولي من الإخوة والأخوات عشرة ووالدتي موجودة أيضا على قيد الحياة، وقبل عشر سنوات تقريبا تزوج والدي من إحدى البلدان العربية امرأة أخرى وأنجب منها ولدا وبنتين وهم الآن يعيشون معنا في ملحق بنفس البيت وأعمارهم دون العشر سنوات, ولكن للأسف هذه المرأة أخلاقها سيئه ولسانها طويل ودائما تشتكي والدي ووالدتي وإخوتي عند الشرطة والمحاكم بدون سبب ووالله أتعبتنا جدا، ودائما تتكلم بصوت عال وتهدد وتلعن الكل بدون سبب لا لشيء إلا أنها تريد منزلا لوحدها وسائقا وخادمة، وتتوعدنا إن مات والدي سوف تطردنا من المنزل بحكم أن ابنها هو أصغر الأبناء والقانون يسجل البيت باسمه، ووالدي الآن محتار ويريد أن يسجل المنزل باسم الوالدة حيث يصبح ملكا لها ولأبنائها فقط دون غيرها مع مراعاة سكن المرأة الأخرى معنا بالمنزل دون طردها أبدا، لأن الأبناء هم إخوة لي وهم صغار لا يعلمون شيئا، ما حكم الشرع في هذا الموضوع، وهل يمكن لوالدي أن يسجل المنزل باسم والدتي خوفا من الضياع خاصة أن لي إخوة صغارا أو أنه لا يجوز تسجيل المنزل باسم الوالدة، وما هو الحل في نظركم؟ جزاكم الله خير الجزاء، وأرجو المساعدة لأن الموضوع عاجل جداً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان القصد بستجيل المنزل باسم والدتكم حرمان بعض الورثة، فإنه لا يجوز لوالدكم تسجيل منزله أو غيره من ممتلكاته كوصية يخص بها بعض الورثة دون بعض، وإذا فعل ذلك فإنه لا يصح ولا يمضي إلا إذا أجازه بقية الورثة وكانوا رشداء بالغين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وغيره، وفي رواية الدارقطني: إلا أن يشاء الورثة.
ولا يصح أيضاً إذا كان هبة ناجزة على الراجح من أقوال أهل العلم -لما فيه من عدم العدل بين الأبناء والزوجات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:.... فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري ومسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط. رواه أحمد وأصحاب السنن.
وقد سبقت الإجابة في حكم تفضيل بعض الأبناء على بعض في العطية وكذلك الزوجات، ولتفاصيل ذلك وأقوال أهل العلم حوله نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 53096، والفتوى رقم: 11389.
وعلى ذلك فلا تصح الهبة إلا إذا أعطى مقابلها للزوجة الأخرى وبقية الأولاد.
ولهذا فإنه لا فائدة من تسجيل المنزل باسم أمكم أو الوصية به بعد وفاة أبيكم لأنه لا يحقق لكم ملكا شرعياً، وربما زاد الأمور تعقيداً وسبب الكراهية والبغضاء بينكم، والحل الصحيح لمثل هذه الأمور اتباع شرع الله تعالى والقناعة به، فهو الذي ينصف الجميع ويعطي كل ذي حق حقه دون محاباة ولا تفريط.
وما دمتم في بلد مسلم فيه محاكم تحكم بشرع الله تعالى فلن تستطيع زوجة أبيكم ولا غيرها طردكم من البيت بعد وفاة أبيكم، لأن جميع ما ترك الأب من ممتلكات ثابتة ومنقولة تعتبر ملكاً لجميع الورثة، فلا فرق بين صغير وكبير أو غني وفقير، وقد تكفل الله عز وجل بتقسيمها تقسيما عادلاً، ولهذا نوصيكم بتقوى الله عز وجل، ونذكركم بقوله تعالى: وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة:237} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1426(12/6167)
الإصلاح في الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو رأي الشرع في وصيه زوج لزوجته قبل وفاته وهما يقيمان في أمريكا بأن تعلم أبناءه أحسن علم أي في أمريكا وبعد وفاته هي تود أن ترجع بهم لبلدها العربي للمحافظة على اللغة العربية والدين فهل في عودتها لبلدها عدم طاعة في تنفيذ وصيه الزوج؟ أرجو الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على هذه الزوجة من العودة بأولادها إلى بلدها للحفاظ على لغتهم العربية والحفاظ على دينهم وهذا لا يتنافى مع ما أوصى به أبوهم، ويكون فعلها ذلك من الإصلاح في الوصية، فلا شك أن تعلم لغة القرآن وأمور الدين أحسن تعليم وآكده.
قال تعالى: فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {البقرة:182} .
قال ابن كثير في تفسيره: وقوله تعالى: فمن خاف من موص جنفاً أو إثماً، قال ابن عباس وأبو العالية ومجاهد والضحاك والربيع بن أنس والسدي: الجنف الخطأ، وهذا يشمل أنواع الخطأ كلها بأن زادوا وارثاً بواسطة أو وسيلة، كما إذا أوصى ببيعة الشيء الفلاني محاباة أو أوصى لابن ابنته ليزيدها أو نحو ذلك من الوسائل، إما مخطئاً غير عامد بل بطبعه وقوة شفقته من غير تبصر، أو متعمداً آثماً في ذلك، فللوصي والحالة هذه أن يصلح القضية ويعدل في الوصية على الوجه الشرعي، ويعدل عن الذي أوصى به الميت إلى ما هو أقرب الأشياء إليه وأشبه الأمور به جمعاً بين مقصود الموصي والطريق الشرعي، وهذا الإصلاح والتوفيق ليس من التبديل في شيء، ولهذا عطف هذا فبينه على النهي عن ذلك، ليعلم أن هذا ليس من ذلك بسبيل. والله أعلم انتهى كلامه
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1426(12/6168)
رفض الورثة الزيادة عن الثلث في الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ثلاثة إخوة وثلاث أخوات توفي اثنان من إخواتنا الذكور في حياة أبينا وتركا خلفهما أبناء ومنعا للخلاف قرر أبونا توزيع أملاكه علينا وكان نصيب أبناء الأخوين اللذين توفيا في حياة أبينا جدهم (وصية واجبة) يزيد عن الثلث بكثير ربما نصف ما يملكه والدي. اعترض إخواتي وأنا على هذه القسمة من والدي على أساس أنها منافية للشرع والسنة.
هل يجوز تنفيذ ما أوصى به والدنا لأحفاده مع العلم أن البعض منا غير موافق عليه أم ماذا نفعل؟
الوالد لا يزال على قيد الحياة ولكنه مريض جدا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما فعله أبوكم في حياته من توزيع ماله على أبنائه وأحفاده تمليكا تاما، بحيث يرفع يده عن المال، ويتصرف كل واحد منكم بنصيبه تصرف المالك في ملكه ولا يعلق ذلك على وفاته، فإن هذه تعتبر هبة صحيحة يملك بموجبها كل واحد منكم ما وهب له.
أما إذا كان يعلق ذلك على وفاته فإنه لا يصح ولا يعتبر تقسيما للتركة، فإن من شروط تقسيم التركة تحقق موت المورث أو الحكم بها.
أما وصيته لأحفاده فليست واجبة على الراجح من أقوال أهل العلم، بل هي مستحبة، وذهب بعضهم إلى وجوبها، وإذا أوصى لهم بشيء فيجب على الورثة القبول به ما لم يتجاوز الثلث، فإذا تجاوز الثلث كان من حق الورثة أن يقبلوا أو يرفضوا ما زاد على الثلث. لقول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد: والثلث كثير. رواه البخاري وغيره.
وعلى هذا، فإن كان ما تم مجرد وصية فمن حقكم رفض ما زاد على الثلث، ولو كان ذلك بعد وفاة والدكم.
وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى: 24919، 23513، 22734، 27494.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(12/6169)
الوصية تصرف للشخص المعين ما لم يكن وارثا
[السُّؤَالُ]
ـ[أب أوصى بمبلغ 10000 دينار تدفع من ماله للفقراء ومات الأب وأراد الأبناء تنفيذ وصية أبيهم وذلك ببيع عقار من مال الأب المتوفى بمبلغ الوصية المذكور. هل يجوز إعطاء المبلغ المذكور لأخ لهم فقير أم أن المبلغ يوزع حسب وصية الأب للفقراء وعدم إعطائه لهذا الأخ أفيدونا بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لا ندري ما هو مرادك بقولك " أخ لهم فقير" فما دام الشخص المذكور ممن تنطبق عليهم الصفات التي ذكرها صاحب الوصية فلا مانع من دفعها إليه أو بعضها، وربما كان أولى بها من غيره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة: أرى أن تجعلها في الأقربين. رواه البخاري.
هذا إذا كان صاحب الوصية أطلق بالوصف ولم يعين أحدا.
أما إذا كان عين أحدا فإن الوصية تكون لذلك الشخص بعينه ما لم يكن وارثا، فإذا كان وارثا فلا وصية لوارث، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. رواه أصحاب السنن.
وللمزيد من الفائدة والتفصيل والأدلة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 50624.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(12/6170)
الوصية تمضي لغير الوارث في حدود الثلث
[السُّؤَالُ]
ـ[جدة توفيت عن ابن وبنتين أحياء وبنتين ميتتين لهما أبناء.
تركت هذه الجدة رحمها الله 6 قطع ذهبية متساوية القيمة ومبلغ مالي 10000 دينار وأوصت بقطعتين ذهبيتين لولدها وأخريين لولد بنتها وقطعة قطعة لولدي ابنها.
علما شيخنا -حفظك الله- أنَ ولدا الابن تخلَيا عن قطعتيهما حتَى لا تتجاوز الوصية الثلث, فكيف تقسَم التركة؟
وهل التأخُر في تقسيم التركة ينافي الشَرع؟
أفيدونا أفادكم الله وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوصية تمضي في حدود الثلث فما دونه ما دامت لغير وارث، أما إذا تجاوزت الثلث أو كانت لوارث فلا يصح منها ما زاد على الثلث، وما كان لوارث إلا إذا أجازه بقية الورثة.
وعلى هذا؛ فلا تصح وصية هذه المرأة لولدها لأنه وارث؛ إلا إذا أجازت ذلك البنتان برضاهما وطيب أنفسهما وكانتا رشيدتين بالغتين.
وأما وصيتها لولد بنتها وولد ابنها فصحيحة ماضية ما لم تتجاوز الثلث، ولا يلزمهما رد ما أوصت لهما به ما لم يتجاوز الثلث لأنهما لا يرثان مع الأبناء المباشرين.
وأما ما بقي بعد الوصية فإنه يقسم على ابنها وبنتيها الأحياء للذكر منهم ضعف نصيب الأنثى؛ كما قال تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:11} . وإذا كان معهم صاحب فرض أعطي فرضه أولا.
ولا شيء لمن توفي قبلها من أبنائها لأن شرط الإرث تحقق موت المورث قبل الوارث، ولا شيء أيضا لأبناء ابنها وأبناء بناتها مع وجود الأبناء المباشرين.
وأما تأخير تقسيم التركة فلا شيء فيه في حد ذاته ما لم يترتب عليه إثم أو مفسدة، فللورثة أن يؤخروا تقسيم التركة لمصلحة أو ظروف خاصة، والأمر في ذلك واسع إن شاء الله تعالى.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1426(12/6171)
حكم الوصية لغير المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتعلق بالإرث، أنا كندي مسلم والحمد لله ومتزوج من مسلمة ولم نرزق بأولاد بعد، ووالديّ (أمي وأبي) على قيد الحياة، ولي أختان, أود أن أعرف في حالة لو لم يهب لنا الله تعالى أبناء, والأعمار بيده سبحانه، هل يحق لأمي وأبي وأختاي أن يرثوني (علما بأنهم غير مسلمين ولا فقراء) ، وإذا كان يحق لهم ذلك، وعلما بأن لا وصية لوارث، كيف يمكنني الاحتفاظ بما أملك لزوجتي فقط؟ وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه في حالة وفاة الشخص المسلم عن زوجته المسلمة وأبويه وأخته غير المسلمين فإن غير المسلمين لا يرثونه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ولا يرث الكافر المسلم. رواه البخاري ومسلم.
ولكن يجوز له أن يوصي لهم بشيء من ماله، فقد نص أهل العلم على جواز الوصية لغير المسلم ما لم تكن بمصحف، فقد نقل صاحب التاج والإكليل في شرحه لمختصر خليل المالكي عن مالك قوله:..... إن الوصية للكافر الذمي فيها أجر على كل حال، والكراهة إنما لإيثار الذمي على المسلم لا بنفس الوصية.
أما الزوجة في حالة عدم وجود الولد فنصيبها من زوجها الربع؛ لقول الله تعالى: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ {النساء:12} ، وما بقي بعد ذلك فلأقرب عاصب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر. رواه البخاري ومسلم.
وإذا لم يكن له عصبة مسلمون فإن ما بقي بعد أصحاب الفروض يكون لبيت مال المسلمين ليصرف في المصالح العامة، وإذا لم يكن للمسلمين بيت مال منتظم فإنه يرجع لجماعة المسلمين.
وأما كيف يمكن لك الاحتفاظ بمالك لزوجتك خاصة دون غيرها فلا يصيح ذلك إلا بطريق الهبة التامة المستوفية لشروطها من حصول الهبة في حال أهليتك للتصرف، وحوزها هي للمال حتى يكون كمالها الخاص الذي تحت يدها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1426(12/6172)
وصية الجد لأحد الحفدة دون غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفي له أبناء وحفدة وترك وصية بالثلث لأحد حفدته واحتج الورثة لأنه لم يوص لأبنائهم وأحسوا بالضرر فهل تنفد هذه الوصية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوصية المذكورة تعتبر صحيحة ونافذة لأنها ليست لوارث، وليست بأكثر من الثلث.
فقد روى الإمام أحمد وأصحاب السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم.
وإذا كان الحفيد الموصى له يتيما فلا شك أن هذه الوصية مؤكدة، ولا شك أن الأيتام الذين فقدوا آباءهم أحوج وأولى بالشفقة والرعاية.
وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتاوى: 24919، 48430، 59309.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1426(12/6173)
الفرق بين الوصية والهبة وحدود التصرف في كل منهما
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة الأفاضل أثابكم الله عنا كل خير، أود الاستفسار عن شروط الوصية:
وفيما إذا كان بمقدوري أن أوصي بنصف ما أملك للجمعيات الخيرية الإسلامية وحركات الجهاد الإسلامية؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوصية هي التبرع بمال معلقا على موت المتبرع، والهبة هي التبرع بالمال في حال الحياة، فإن كنت تعني بقولك (أوصي بنصف ما أملك) الوصية بمعناها السابق فيجوز في الثلث، وقد اتفق الفقهاء على أن الوصية في أكثر من الثلث لا تمضي بدون إجازة الورثة، وذلك لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد سعد بن أبي وقاص فقال سعد: يا رسول الله؛ قد بلغ بي الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مالي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، فقال سعد: فالشطر؟ قال: لا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الثلث، والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس.
فإن أجازها الورثة نفذت، كما سبق في الفتوى رقم: 6271.
وأما إن كنت تعني الهبة، فلك أن تهب نصف مالك أو أكثر من ذلك أو أقل، فإن للإنسان حق التصرف في ماله حال حياته في كل الأوجه المشروعة، وله التصرف فيه ببيع أو شراء أو هبة أو صدقة ونحو ذلك من أنواع التصرف، ولك أن توصي بالثلث، أو تهب ما تشاء للجهات المذكورة أو لغيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(12/6174)
من أوصت برد قطع الذهب لمن أهدى إليها ذهبا
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي هي أن أمي توفيت وتركت ذهبا فاقترحت على والدي أن أشتريه كله وأدفع المال بدلا عن هذا الذهب ثم يوزع علينا كما شرع الله، فسؤالي هل هذا يجوز أم لا؟
وقبل أن أشتريه أو نقسمه بيننا، فكان على والدتي (دين من هذا الذهب) قالت لي قبل وفاتها بأن أخرج بعض القطع حتى أردها إلى من أهداها ذهبا، فهل أخرج منه ثم يقسم أم أشتري من المال ذهبا آخر وأهديه لمن أهداها؟
الرجاء الرد السريع خلال هذه الأيام لأن الإجراءات في طريقها إلى التنفيذ وجزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من بيع الذهب لك أو لغيرك ليرد ثمنه إلى بقية التركة حتى يقسم على جميع الورثة كل حسب نصيبه.
ولكن لا يجوز قسم تركة والدتكم حتى تقضوا ما بذمتها من الديون أولا، وتنفذوا وصيتها في حدود الثلث إلا إذا رضيتم بالزيادة عليه إذا كان الورثة رشداء بالغين.
وبخصوص قطع الذهب التي أوصت قبل وفاتها أن ترد إلى من أهدى إليها ذهبا، فإذا كانت العادة جارية أن هذا النوع من الهدايا والهبات يتطلب عوضا من الموهوب له، فإن عليكم أن تردوا القطع إلى من أهدى إلى أمكم، أو تهدوا له هدية أخرى بدلا منها، فالظاهر أن ذلك عوض عن الهدية.
قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: والموهوب للعوض إما أثاب القيمة أو رد الهبة، فإن فاتت فعليه قيمتها، وذلك إذا كان يرى أنه أراد الثواب من الموهوب له.
قال العلماء: ويعرف ذلك بالقرائن والأعراف لأن المعروف كالمشروط.
ويحتمل أن يكون وصية منها لهم إذا كان حصل تعويض قبل ذلك، أو لم يكن التعويض مطلوبا أصلا.
وفي هذه الحالة تنفذ أيضا ما لم تتجاوز قيمة القطع ثلث التركة أو يكون الموصَى لهم ورثة، وفي حالة تجاوز الثلث أو إرث الموصَى لهم لا بد أن يجيز الورثة الوصية بشرط أن يكونوا رشداء بالغين.
وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتويين التاليتين: 27406، 30568.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(12/6175)
ليس من الوصايا المشروعة عمل الولائم للمعزين
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد توفي والدي رحمه الله قبل فترة، وقبل الوفاة ترك بعض المال مع والدتي وطلب منها دفع جميع تكاليف العزاء من ذلك المبلغ، بما فيها مصاريف الطعام للأقارب أثناء فترة العزاء، فهل هذا جائز أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما ترك والدكم من المال يعتبر تركة، ولا يصرف منه قبل قسمته على ورثته إلا مؤن تجهيزة ودفنه وقضاء ديونه ووصاياه المشروعة، وما بقي بعد ذلك يقسم على الورثة. وليس من الوصايا المشروعة عمل الولائم للمعزين فهذا خلاف السنة، ويكون الأمر أعظم إذا كان بعض الورثة لا تطيب نفسه بما أنفق من المال، ويكون أشد إذا كان فيهم أيتام أو قُصَّر.
فصنع الطعام والتجمع عند أهل الميت من البدع المحدثة التي يجب الابتعاد عنها، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. وفي رواية: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد.
وقال جرير بن عبد الله البجلي: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة. رواه الإمام أحمد، ونرجو الاطلاع على الفتاوى التالية: 4271، 140، 56082.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1426(12/6176)
وصية الزوج بعدم إدخال امرأة بيته بعد وفاته
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة تسأل: أوصاها زوجها إذا توفي ألا تسمح لزوجة أخيه بدخول المنزل لأنها قامت بالتفريق بين الأخوين وقطعت صلة الرحم.هل تنفذ وصية زوجها ?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تم الإجابة على هذا السؤال في الفتوى رقم: 58460.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1425(12/6177)
الوصية بمنع امرأة من حضور الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة أوصاها زوجها ألا تسمح لزوجة أخيه بحضور جنازته إذا توفي علما أن زوجة أخيه فرقت بينهما وقطعت صلة الرحم. هل تنفذ وصيته أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ندرى المقصود بالحضور في وصية هذا الرجل، ولا يخلو ذلك من احتمالات ثلاث: 1ـ أن لا تحضره عند الاحتضار 2ـ أن لا تعزي أهله فيه 3ـ أن لا تمشي في جنازته، ففي الاحتمالين الأولين لا يلزم تنفيذ هذه الوصية وذلك لأن حضور المرأة للمحتضر مشروع في الأصل مالم تكن حائضا أو نفساء، وبالتالي منعها منه ليس فيه قربة، وكل ماليس بقربة لا يلزم الوفاء به، قال الدسوقي عند قول خليل بن إسحاق: وإيصاء بمعصية، المراد بالمعصية الأمر المحرم إلى أن قال: وتنفيذ الوصية بالمكروه مكروه وفي تنفيذ الوصية بالمباح قولان وأما الوصية بالمندوب فتنفذ وجوبا وعلى هذا فالمراد بالمعصية ماليس بقربة. اهـ. وأما التعزية فلأنها حق للأحياء وليس للميت فيه دخل، ودليل هذا ما رواه الترمذي وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من عزى مصابا فله مثل أجره. واما الاحتمال الثالث وهوأن المراد منعها من المشي في جنازته فهذه وصية مشروعة فينبغي تنفيذها لأن تشييع النساء للجنازة منهي عنه في الحديث، وأدنى مراتبه عند الجمهور الكراهة وانظر الفتوى رقم: 8104.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1425(12/6178)
وصية المسلم للكافر ووصية الكافر للمسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إجابتي في أقرب وقت ممكن لحاجتي له في الدراسة، هل يستطيع الكافر أن يوصي للمسلم والعكس صحيح، بتركة وما هي موانع الوصية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وصية المسلم للكافر في حدود الثلث جائزة ونافذة، ووصية الكافر للمسلم تصح شرعاً، وقد أوصت صفيه بنت حيي رضي الله عنها لبعض أقاربها وهم يهود.
وأما تقسيم التركة فإنه لا يحتاج فيه لوصية، وإنما يرجع فيه إلى تقسيم الله للمواريث الذي هو مبين في القرآن والسنة، ولا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم، كما في حديث الصحيحين.
وأما موانع الوصية فإنها تمنع بما هو محرم في الشرع ولا تنفذ، كما تمنع الوصية لوارث، أو بأكثر من الثلث ولا تنفذ إلا إذا أجازها الورثة ويدل لهذا قوله صلى الله عليه وسلم لسعد: الثلث والثلث كثير. وقوله صلى الله وسلم: لا وصية لوراث إلا أن يشاء الورثة. رواه الدارقطني وحسنه ابن حجر، وراجع الفتويين التاليتين: 2609، 52810.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1425(12/6179)
مسائل في الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[لحضرة صاحب السماحة فضيلة المفتي الموقر،
الدكتور والشيخ عبد الله الفقيه حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
المستفتي: فواز عدنان خطيب هوية رقم (055843106) من قرية جديدة.
الموضوع:استفتائكم لنا بفتوى شرعية بشأن (تفسير وصية وكيفية تقسيمها بين الورثة) .
صاحب السماحة والفضيلة أرفع لسماحتكم ولفضيلتكم الموقرة نسخة من الوصية الخطية للمرحوم عبد المطلب صالح خطيب الذي كان يحمل الهوية رقم (055843106) والمتوفى بتاريخ 01/03/1997 م من قرية جديدة – المكر، التي كانت مُسجلة لدى محكمة عكا الشرعية بقضية تسجيل وصية رقم (51/89) بتاريخ 30/1/1989 م والتي تقرر تثبيتها لدى محكمة عكا الشرعية بقضية تثبيت وصية رقم (777/97) بتاريخ 07/10/1997 م وذلك بعد أن أجازها جميع الورثة، ملتمساً من سماحتكم وفضيلتكم إفتائي بفتوى شرعية بشأن تفسيرها من الناحية اللغوية والشرعية من حيث مضمونها، وكيفية تقسيمها بين الورثة التسعة الموصى لهم بموجبها لكون أن هنالك سوء فهم فيما بينهم حولها ولكي يتم العمل بذلك من
... قبلهم جميعاً، أملاً من الله وراجياً من سماحتكم وفضيلتكم الاستجابة لطلبي بإعطائي فتوى
شرعية بالشأن المُستفتى به ولكم جزيل الشكر سلفاً، تحريراً في يوم السبت (08) شوال لسنة 1425هـ الموافق لتاريخ 20/11/2004 م.
المستفتي
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... فواز عدنان خطيب
مبرزات:
1. نسخاً عن الوصية المُسجلة لدى المحكمة الشرعية في عكا،
2.، قرار تثبيت الوصية الصادر عن المحكمة الشرعية في عكا،
...
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... (انظر مضمون الوصية)
بسم الله الرحمن الرحيم
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... وصية ... ... ... ... ... ... ملف أساس 89/51
أنا الموقع أدناه عبد المطلب صالح خطيب الحامل هوية رقم 2101565 من سكان قرية الجديدة قضاء عكا ومن حيث لا أدري متى يستخيرني الله إلى جواره، وأنا متمتع بكامل قواي العقلية والجسمانية وبدون أي إكراه أو ضغط من أي مصدر كان، أوصي كما يلي:
1) أوصي بجميع أملاكي وأموالي المنقولة والغير منقولة والتي ورثتها عن والدي، تقسم بالتساوي بين زوجتي السيدة كلثوم عمر خطيب وأبناء أشقائي الذكور منهم
... ... أ) المرحوم عدنان صالح خطيب
ب) أبناء توفيق صالح خطيب
2) أوصي بجميع محتويات البيت من أي نوع كان لزوجتي السيدة كلثوم عمر خطيب.
3) هذه وصيتي وهذا توقيعي أرجو أن يعمل بها.
4) أطلب تعيين السادة علي أحمد حدرج وحسن إبراهيم سروان بأن يكونا منفذين لوصيتي هذه.
تحريراً 20 جماد الآخرة سنة 1409 هـ وفق 29/01/1989 م.
توقيع الموصي عبد المطلب ---------
نحن الموقعين أدناه حسن إبراهيم سروان الحامل هوية رقم 20711309 وعلي أحمد حدرج الحامل هوية رقم 2069136 نصرح بأن السيد عبد المطلب صالح خطيب المذكور أعلاه وقع على هذه الوصية أمامنا وبدون أي ضغط من أي طرف كان.
تحريراً 20 جما الآخرة سنة 1409 هـ وفق 29/01/1989 م.
توقيع حسن سروان -------- ... ... ... ... ... ... ... ... توقيع علي حدرج -------- ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
أنا الموقع أدناه محمد حبيشي قاضي عكا الشرعي أصادق على هذه الوصية وآمر بحفظها في ملفات المحكمة الشرعية بعكا.
تحريراً 22 جماد الآخرة سنة 1409 هـ وفق 30/01/1989 م
محمد حبيشي
قاضي عكا الشرعي
توقيع القاضي--------
خاتم المحكمة الشرعية عكا
... ... ... ... ... ... ... (انظر مضمون قرار تثبيت الوصية)
المحكمة الشرعية في عكا ... ... ... ... ... ... ... ... ... ملف تثبيت وصية أساس 97/777
المستدعية: كلثوم عمر خطيب – هوية رقم (20256798) من قرية جديدة – المكر.
بناءً على طلب المستدعية وموافقة باقي ورثة المرحوم عبد المطلب صالح خطيب الذي كان يحمل الهوية رقم () المتوفى بتاريخ 01/03/1997 من قرية جديدة – المكر تثبيت وصية المرحوم عبد المطلب المذكور والتي كانت مسجلة لدى هذه المحكمة تحت رقم (89/51) بتاريخ 1989/01/30 والمحفوظة في ملف هذه القضية والموسومة بالحرف (أ) وإعطائهم الصلاحية لهذه المحكمة بإصدار قرار بتثبيت الوصية المذكورة والتي هي لصالح زوجته كلثوم المذكورة وأبناء شقيقيه المرحومين عدنان وتوفيق صالح خطيب الذكور وهم:
... ... الاسم ... ... ... ... ... ... رقم الهوية ... ... ... ... ... درجة القرابة
1) فواز عدنان خطيب ... ... ... 5584310 ... ... ... ... ابن شقيق المرحوم
2) عاصم عدنان خطيب ... ... ... 5687723 ... ... ... ... ابن شقيق المرحوم
3) مصطفى عدنان خطيب ... ... 5857868 ... ... ... ... ابن شقيق المرحوم
4) فايز عدنان خطيب ... ... ... 2750740 ... ... ... ... ابن شقيق المرحوم
5) تيسير عدنان خطيب ... ... 2637804 ... ... ... ... ابن شقيق المرحوم
6) أدهم توفيق خطيب ... ... 059454595 ... ... ... ... ابن شقيق المرحوم
7) أيمن توفيق خطيب ... ... 033055625 ... ... ... ... ابن شقيق المرحوم
8) هيثم توفيق خطيب ... ... 03433630 ... ... ... ... ابن شقيق المرحوم
وعليه فإني أقرر تثبيت وصية المرحوم عبد المطلب المذكور والموسومة بالحرف (أ)
واعتبارها جزءاً لا يتجزأ من هذا القرار وألزم الورثة المذكورين بما ورد فيها.
تحريراً في 5 جمادى ثان سنة 1418 هـ وفق 1997/10/07 م
قاضي عكا الشرعي
داوود زيني
توقيع القاضي--------
خاتم المحكمة الشرعية عكا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوصية بأكثر من الثلث لا تمضي إلا أن يجيزها الورثة، وقد كنا بينا ذلك في فتاوى سابقة، فراجع فيه فتوانا رقم: 6271.
وإذا أوصي المرء لأحد ورثته، فإن ذلك لا يمضي ولو كان بأقل من الثلث، إلا أن يجيزها الورثة أيضاً. روى الترمذي وأبو داود وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. والوصية التي بين أيدينا قد اشتملت على الإيصاء بجميع المال، وعلى أن الزوجة من بين الموصَى لهم وهي وارثة.
وأما أبناء الإخوة الموصَى لهم فلم يبين السائل ما إذا كان للميت أبناء أو أبناء أبناء أو أب أو إخوة فلا يكونون وارثين، أو أن الميت لم يخلف من هو أقرب منهم فيكونون وارثين.
وعلى أية حال، فإن الورثة إذا أجازوا هذه الوصية بعد وفاة مورثهم، وكانوا جميعاً بالغين رشداء، فإنها تمضي على النحو الذي بينه الموصي، وإن لم يجيزوا أو بعضهم أو كان بعض من أجاز غير بالغ أو غير رشيد، فإن من لم يُجِز ومن كانت إجازته غير معتبرة لا تنفذ الوصية في نصيبه، وإنما ينفذ منها في حقه الثلث فقط بشرط أن يكون أبناء الإخوة غير وارثين.
وإذا قلنا بصحة الوصية ونفاذها على التقدير المذكور، فإن تقسيمها يكون بين جميع المذكورين بالتساوي لا فرق بين الزوجة وبين أي واحد من أبناء الأخوين المذكورين إلا فيما تختص به الزوجة من محتويات البيت.
والحاصل أن الوصية إذا كانت باطلة بالسبب الذي بيناه فالأمر واضح، وإن كانت نافذة على التقدير الثاني فطريقة التقسيم هي أن يعطى للزوجة محتوى ما في البيت من أي نوع كان.
وباقي المال يقسم بينها وبين أبناء أخوي الميت بالسوية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(12/6180)
حكم الوصية لبعض الأحفاد دون بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[جدة أمي لها قطعة أرض أوصت قبل أن تموت بأن تكون هذه الأرض لاثنين من أحفادها فقط إذا قاما بإطعام الناس يوم الجمعة في المسجد على سبيل الصدقة (بدعة) وتوفيت الجدة، مع العلم بأن لها أحفادا أو حفيدات عديدين، فهل نحن مجبرون بالأخذ بالوصية وهل الحفيدان يأثما إذا أخذا هذه الأرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأحفاد الموصى لهم بالقطعة المذكورة من الورثة فلا تصح هذه الوصية إلا إذا أجازها بقية الورثة وكانوا بالغين رشداء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أصحاب السنن وصححه الألباني.
أما إذا لم يكونا وارثين فإن الوصية ثابتة في حدود الثلث إذا قام الموصى لهم بالشرط المذكور، فإن كانت القطعة تزيد عن الثلث فلا بد من إجازة ما زاد على الثلث من الورثة، وإن لم يسامحوهم بالزيادة وجب رد ما زاد على الثلث لهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ... الثلث، والثلث كثير. متفق عليه، ولا مانع شرعا من الوصية لبعض الأحفاد دون البعض وخاصة إذا كان ذلك لمبرر معتبر.
والحاصل: أنه يلزمكم تنفيذ الوصية إذا كانت مستوفية للشروط المذكورة، ولا يجوز لكم تبديلها أو تغييرها لقول الله تعالى: فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {البقرة:181} ، وننبه السائل الكريم إلى أن إطعام الطعام والصدقة يوم الجمعة عند المسجد أو غيره ليس ببدعة، بل هو من أعمال البر والخير التي حث عليها الإسلام، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام. رواه أصحاب السنن وله أصل في صحيح مسلم.
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: كنا نفرح يوم الجمعة، فقال الراوي ولم؟ قال: كانت لنا عجوز تأخذ السلق فتجعله في قدر لها فتجعل فيه من شعير ... فإذا صلينا الجمعة سلمنا عليها فتقدمه إلينا.... الحديث رواه البخاري وغيره.
وعلى هذا فهذه الصحابية كانت تقدم الطعام للمصلين يوم الجمعة بعد الصلاة، وهو من أعمال الخير فلا أقل إذا من أن يكون جائزاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1425(12/6181)
التصرف الوصية بالمال كله.. الجائز والممنوع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة ليس لي زوج أو أبناء وأملك منزلا من يرثني بعد مماتي وهل لي أن أكتب وصية لمالي وأتصرف فيه كيف أشاء مع أني لا أرغب في إرث أي أحد من أهلي لأن إخواني وأخواتي لا يستحقون أن يرثوني لأنهم لم ينفعوني بأي شيء في حياتي بل أود أن أجعله سبيلاً لوجه الله تعالى بعد وفاتي ولو لم أكن أستفيد منه وأصرف على نفسي مما أحصل عليه من الإيجار لكنت تصرفت به منذ الآن وبعته وعملت بدلا منه أي عمل خيري وفي حالة إن كان لي زوج فهل يرثني؟ وما مقدار الورث بالضبط؟ وإن كان لي بنت أو ولد فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يشرع للإنسان أن ينفق جميع أمواله في مصارف الخير في حال صحته، إذا كان ممن يصبر على الاضطرار، ولم يكن لأهله فيه حاجة، ويدل لذلك أن أبا بكر رضي الله عنه أنفق في سبيل الله جميع ماله، وأقره النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما في الحديث الذي أخرجه أبو داود والترمذي وصححه الترمذي.
وأما وصيته بجميع المال بعد موته، فإنها لا تشرع ولا تنفذ إلا إذا أجازها الورثة، ويتأكد المنع إذا كان الموصي يريد حرمان الورثة من ميراثهم.
ويدل لمنع الوصية بجميع المال منع الرسول صلى الله عليه وسلم سعداً من الوصية بما زاد على الثلث، فقال: الثلث والثلث كثير. كما في حديث الصحيحين.
ويدل لمنع الإضرار بالورثة في الوصية قول الله تعالى: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ {النساء: 12} .
وقد بينا تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 32364.
وبناء على ما تقدم، فليس للسائلة أن توصي بجميع مالها وإذا أوصت به، فلا تنفذ وصيتها إلا في الثلث أو برضى الورثة.
وأما في حالة ما إذا كان لك زوج، فإنه يرث النصف عند عدم وجود الولد، كما يرث الربع في حال وجود الولد، وإن كانت لك بنت وحيدة، فإنها ترث النصف، وإن كان لك ولد ذكر، فإنه يرث جميع ما بقي بعد أصحاب الفروض، وقد سبق أن بينا تفصيل وأدلة ذلك في عدة فتاوى تراجع في فقه المواريث عند البحث في العرض الموضوعي بمركز الفتوى، ومنها على سبيل المثال الفتاوى التالية أرقامها: 15136، 30629، 32446، 21316، 15939، 23853.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1425(12/6182)
من مسائل الوصايا
[السُّؤَالُ]
ـ[في منطقة من المناطق كان أبي يملك ثلاث قطع من الأراضي وحدثني مرة أن قطعتين من هذه الأراضي لأحد إخوتي وسماه. ودارت بنا الأيام ثم عندما كان أبي على فراش الموت تذكرت كلامه فسألته عن أي قطعتين من هذه القطع الشمالية أوالجنوبية وهكذا، ولكنه إشار إلي بيده واطلق أصابعه الخمس ثم بعدها نطق الشهادة ومات رحمه الله، ثم أخبرت اخوتي بوصية أبي وماحدث أيضا لحظة وفاته، فقالوا ليس لأخينا إلا قطعتين وليعلم الله تعالى أني لا أعلم ماقصد والدي إشارته باصابعه الخمس، أفتوني في أمري جزاكم الله خيرا، هل لأخي الموصى له الحق في اختيار أي القطعتين من الثلاث قطع أو أخذها كلها، أريد أن أبرئ ذمتي ابرأ الله ذممكم يوم الدين ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إشارة والدك وهو في الحالة التي ذكرت لا يصح أن يبنى عليها حكم، وبالتالي فالقطعتان ملك لذلك الأخ لأن الذي يظهر هو أن الورثة يقرون بملكية أخيهم لهما ولا ينازعونه في ذلك، أما ما زاد عليهما فهو ملك لجميع ورثة الميت. وإذا لم تكن قطعتا الأرض المقر بهما معروفتين بل اختلطتا بباقي القطع ولا يمكن التمييز بينها فليس له (أي صاحب القطعتين) ولا لغيره الخيار في أخذ ما شاء من القطع إلا برضا الجميع، ويمكنكم أن تحلّوا المسألة بالتراضي والتصالح أو بالقرعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1425(12/6183)
الوصية في مرض الموت بإنفاق المال كله في سبل الخير
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة ليس لها أب ولا إخوة توفيت بمرض السرطان وقبل الوفاة بيوم تنازلت عن كل أموالها لابنة خالتها لإنفاقها في سبيل الخير، ومع العلم بأنها قبل الوفاة أرضت أعمامها، ما حكم فعلها هذا، إذا كان هذا مخالفاً للشرع ما نصيب أعمامها ووالدتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتنازل عن الأموال لتنفق في سبيل الخير في مرض الموت يعتبر في حكم الوصية، فلا ينفذ ما زاد على ثلث المال إلا أن يجيزها الورثة، وعليه فإن أجاز الورثة ما فعلته مورثتهم فإنها تنفذ إن كانوا بالغين رشداء أو ينفذ نصيب المجيز منهم إن كان كذلك، وإن لم يجيزوا الوصية كان الثلث منها نافذاً، لأنهم لا يملكون إبطاله والباقي يقسم بين الورثة.
وطريق التقسيم إن انحصر الورثة فيمن ذكر هي على النحو التالي: فبعد إخراج الثلث لابنة الخالة لتنفقه في سبيل الخير تأخذ الأم فرضها وهو ثلث الباقي بعد الوصية، قال الله تعالى:
فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ {النساء:11} ، والباقي يكون لأعمامها الذكور تعصيباً، روى الشيخان من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1425(12/6184)
لا بد في الوصية من لفظ أو إشارة تدل عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة توفيت أمها وكان بينهما شراكة يعني جمع قدر من المال معاً وكانت الأم قبل وفاتها تقول سأبني بيتا بسهمي من المال ولكنها توفيت رحمها الله، والآن جميع المال مع ابنتها ولم تخبر أحدا من إخوتها، السؤال: ماذا تفعل بمال أمها أي نصيبها وهل يكون إرثا وهل تخبر إخوتها، أيضا للأم بيت في بلد غير البلد الذي توفيت فيه، وقالت قبل وفاتها إنها ستعطي هذا البيت حفيدها البالغ من العمر 11 سنة، وهو ابن المرأة السائلة، السؤال هل البيت يكون ملكا للإبن أم ماذا، علما بأن الأم لم تترك أي وصية لأنها كانت في العناية المركزة ولم يكن معها أحد في وقت وفاتها، أفيدونا أفادكم الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ورثة الأم المذكورة يستحقون جميع ما تركته من الأموال يقتسمونه حسب الفرائض والسهام المعروفة شرعاً، وليس لبعض منهم الحق دون البعض. قال تعالى: لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا {النساء:7} .
وعليه، فالواجب على هذه البنت أن تخبر إخوتها وسائر الورثة الآخرين إن كان ثم ورثة آخرون بكل ما تركته مورثتهم، ويكون لها هي منه نصيب أنثى، وهذا طبعاً بعد عزل حصتها هي عن المال المتروك، فليس للورثة حق فيما كان خاصاً بها هي.
ويكون البيت الذي كانت تريد أن تعطيه لحفيدها من جملة المال المقسوم بين الورثة، إذ كونها كانت تنوي إعطاءه لا يكفي لاعتباره وصية، والوصية لابد لها من لفظ أو إشارة دالة عليها. قال في منح الجليل: ويصح الإيصاء بلفظ يدل عليه ولو من غير مادته أو بإشارة مفهمة للإيصاء. وكل هذا لم يوجد منه شيء ولو افترضنا وجوده لكان يحتاج إلى الثبوت أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1425(12/6185)
حكم الوصية بحرق الجثة بعد الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أوصي بحرق جثتي عندما أموت، وهل يشعر الميت بما يحصل لجثته؟
جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز أن يوصي المرء بحرق جثته بعد الموت، لأن حرق الجثة محرم، ومن الممنوع أن يوصي المرء بمحرم، وقد استدل أهل العلم على تحريم حرق جثة الميت بما أخرجه أبو داود وابن ماجه وأحمد من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كسر عظم الميت ككسره حيا. قال الباجي في المنتقى:..يريد أن له من الحرمة في حال موته مثل ماله منها حال حياته، وأن كسر عظامه في حال موته يحرم، كما يحرم كسرها حال حياته. وإذا امتنع كسر عظامه، فالإحراق أولى بالتحريم، وراجع فيه الفتوى رقم: 45300. وأما عن شعور الميت بما يحصل لجثته، فإنه من الأمور الغيبية التي لا يصح الكلام فيها إلا بدليل من الكتاب أو السنة. ومع ذلك فقد استدل بعض أهل العلم بالحديث السابق على أنه يتألم ويحس، ففي عون المعبود، لما ذكر أن في الحديث إشارة إلى أن الإنسان لا يهان ميتا كما لايهان حيا، قال:.. قال ابن مالك: وإلى أن الميت يتألم. قال ابن حجر: ومن لازمه أنه يستلذ بما يستلذ به الحي ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1425(12/6186)
لا يجب إنفاذ الوصية بعدم زواج البنات من شخص معين
[السُّؤَالُ]
ـ[مات خال من أخوالي وله ثلاث بنات تقدم إلى إحدى بناته ابن عمتها فقالت له زوجة خاله إن خالك قد وصى قبل مماته بعدم زواج بناته من أقربائه يقصد أقارب الأم وأقارب الأب فهل يجوز مخالفة تلك الوصية ... ... ... وجزاكم الله خيرا. ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من البر بالأب بعد موته إنفاذ وصيته، فقد أخرج الإمام أحمد وغيره، أن رجلا قال: يا رسول الله، هل بقي علي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به، قال: نعم. خصال أربع: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما، فهو الذي يبقى عليك من بعد موتهما. وهذه الأنواع من البر مستحبة وليست بواجبة. وكنا بينا من قبل أن إنفاذ وصيتهما بعدم الزواج من شخص معين ليس واجبا، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 52317. وعليه فلا مانع من مخالفة تلك الوصية، وتزويج البنات ممن له الكفاءة وخاصة إذا كان ذا دين وخلق أو خشي عليهن الفساد أو العنوسة إن لم يتزوجهن من الأقارب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1425(12/6187)
الوصية.. شروطها.. وما يجوز منها وما لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لفتاة بكر أن تكتب وصيتها أو ميرثها إلى شخص واحد دون إخوانها وأخواتها أو إلى والدتها
افتونا في هذه الأمور ووفقكم الله لكل خير ولكم الأجر والثواب والله الموفق.
جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلهذه الفتاة أن توصي بثلث مالها لغير وارثها، فإن أوصت بأكثر من ذلك فلا ينفذ الزائد إلا إذا أجازه الورثة، قال ابن قدامة: رحمه الله في المغني: ومن أوصى لغير وارث بأكثر من الثلث، فأجاز ذلك الورثة بعد موت الموصي، جاز، وإن لم يجيزوا، رد إلى الثلث.
وجملة ذلك أن الوصية لغير الوارث تلزم في الثلث من غير إجازة، وما زاد على الثلث يقف على إجازتهم، فإن أجازوه جاز، وإن ردوه بطل في قول جميع العلماء. والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد حين قال: أوصي بمالي كله؟ قال: لا، قال: فبالثلثين؟ قال: لا، قال: فبالنصف؟ قال: لا، قال: فبالثلث؟ قال: الثلث، والثلث كثير. وقوله عليه السلام: إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند مماتكم. يدل على أنه لا شيء له في الزائد عليه. وحديث عمران بن حصين في المملوكين الذين أعتقهم المريض، ولم يكن له مال سواهم، فدعا بهم النبي صلى الله عليه وسلم فجزأهم ثلاثة أجزاء، وأقرع بينهم، فأعتق اثنين، وأرق أربعة، وقال له قولا شديدا، يدل أيضا على أنه لا يصح تصرفه فيما عدا الثلث، إذا لم يجز الورثة، ويجوز بإجازتهم، لأن الحق لهم.
وأما الوصية لوارثها كوالدتها ولو قلَّ الموصَى به فلا تنفذ إلا برضى بقية الورثة، قال العلامة ابن قدامة في المغني: ولا وصية لوارث، إلا أن يجيز الورثة ذلك. وجملة ذلك أن الإنسان إذا وصى لوارثه بوصية، فلم يجزها سائر الورثة، لم تصح بغير خلاف بين العلماء. قال ابن المنذر، وابن عبد البر: أجمع أهل العلم على هذا. والدليل على نفاذ الوصية للوارث إذا أجازها بقية الورثة قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي والدارقطني وزاد: إلا أن يشاء الورثة. قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام: إسناده حسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1425(12/6188)
حدود الوصية المسموح بها للمريض بمرض مخوف
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل عن شخص قال له الطبيب أنه لن يعيش أكثر من سنة أو سنتين هل له الحق أن يتصدق من ماله أم لا، أم يجب عليه أن يستشيرهم على الحق من ماله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من كان في مرض مخوف عادة أو أخبره الطبيب بذلك لا يحق له التصرف في ماله إلا في حدود الثلث، إلا إذا أجاز الورثة ما زاد على الثلث، قال الإمام مالك في الموطأ:..... إذا كان المرض المخوف عليه لم يجز لصاحبه شيء إلا في ثلثه. وذكر ابن عبد البر إجماع أهل العلم على ذلك.
وعلى هذا؛ فإن لهذا الشخص أن يتصدق بثلث ماله، وأما ما زاد على الثلث فيتوقف على إجازة ورثته، وعليه أن يستشيرهم في ما زاد على الثلث إن أراد التصدق بذلك، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 19503.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1425(12/6189)
مسائل متنوعة في الوصية والهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أب له أربعة أولاد وبنتان وله زوجة وهي أم أبنائه وهي تمتلك بيتا وزوجها كذلك يمتلك بيتا وقد انفصل الزوج عن زوجته منذ ثلاثين سنة بدون طلاق فهو يعيش في بيته وهي تعيش في بيتها وقبل أن يموت الأب بحوالي 9 سنوات نظر الأب في حال أبنائه فوجد حالتهم المادية لابأس بها إلا واحدا كان فقيرا فأراد الأب أن يهب له بيته [أي بيت الأب] بشرط ألا ينتفع به إلا بعد موته علما بأن هذا كل ما يمتلك الأب وطلب الإذن من أبنائه الآخرين فأذنوا إلا واحدا اشترط عليه أن لا يرث من بيت الأم [علما أن بيت الأم أغلى ثمنا من بيت الأب] فقبل الأخ شرط أخيه وتم توثيق كل هذا عند الموثق لكن ما بين فترة التوثيق إلى وفاة الأب تحسن حال الابن الفقير وأصبح أحسن حالا من إخوته
1ـ هل على الأم عدة بعد وفاة زوجها
2ـ هل الأب فعل محظورا بهبته هذا البيت
3ـ هل اشتراط الأخ على أخيه عدم الإرث من بيت الأم معتبر
4ـ هل يسقط انتفاع الابن من هذا البيت ويرث فيه كل الأبناء لارتفاع علة الوهب وهي الفقر
5ـ إذا سقط الانتفاع هل يرث من بيت الأم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عدة المتوفى عنها واجبة، ولا تسقط بابتعاد زوجها عنها وغيبته عنها فترة طويلة.
وأما الهبة المعلقة على الموت فإنها تعتبر وصية كما قال ابن قدامة في المغني. والأصل أنه لا يحق للوالد أن يفضل أحد أولاده في العطية، أو أن يوصي لواحد منهم لأن الوصية للوارث لا تجوز ولا تنفذ إلا إذا أجازها الورثة، فإن أجازها بعضهم وأبى بعضهم نفذ نصيب ما أجازه البعض دون غيره بشرط أن يكون المجيزون بالغين رشداء، كما في الحديث: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أصحاب السنن وصححه الألباني، وفي رواية للبيهقي والدارقطني حسنها ابن حجر: لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة. ثم إنه لا تجوز الوصية بأكثر من الثلث ولا تنفذ إلا إذا أجازها الورثة، فإن أجاز بعضهم وأبى بعضهم نفذ ما أجازه البعض فقط بشرط أن يكونوا بالغين رشداء.
فإذا تقرر هذا فإن الأب أخطأ في الوصية لأحد بنيه بجميع ما يملك لأنها أولا: وصية لوارث، وثانيا: وصية بجميع ما يملك، ولكنه إذا كان استأذن باقي الأبناء وتنازلوا أو أكثرهم عن حقهم طواعية منهم فإن الإثم يرتفع عنه وتنفذ وصيته، وأما إن لم يكن عن طيب نفس منهم فإنه لا عبرة بإذنهم إلا أنه لا بد من إثبات ذلك بالبينة، ويدل لعدم اعتبار إذنهم بغير طيب نفس ما في الحديث: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد وصححه الألباني. والأحوط استئذانهم أيضا بعد وفاة الأب لأن بعض أهل العلم أجاز لهم الرجوع في إذنهم بعد وفاة الوالد، كما أن بعضهم لم يعتبر الإذن إلا بعد وفاة الأب لأن إجازتهم تعتبر هبة، ويشترط فيها القبول بعد وفاة الأب لأنهم لم يملكوها إلا بعد وفاته، ثم إنه يجب أخذ الإذن من الأم لأنها وارثة ولا بد من اعتبار إذنها عملا بالحديث السابق: إلا أن يشاء الورثة. فإن وافقت فذلك المطلوب وإلا فإنه ينفذ ما أجازه الإخوة بقدر حقهم في الميراث ويعطى للأم ثمن البيت.
وأما اشتراط الأخ عدم الرضى بوصية الأب إلا إذا تنازل الأخ الثاني الموصَى له عن حقه في ميراثه من بيت أمه فإنه لا حرج فيه، لأن له الحق في رفض الوصية بقدر حظه من ميراثه من أبيه، فإذا اتفق مع الموصى له على قبول ذلك بشرط تنازل ذلك عن حقه من ميراثه من أمه لم يعد في الأمر أي مانع يمنع منه.
ولا يبطل وصية الوالد تغير الحالة المادية للموصَى له، لأن تغير حالته حصل في حياة الوالد ولم يرجع الوالد عن وصيته. وراجع الفتوى رقم: 19503، 8147، 52076، 26277.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1425(12/6190)
لا يتوقف تنفيذ الوصية على وفاة الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي (رحمه الله تعالى) وترك ميراثاً وقد كان في حياته رحمة الله عليه قد أعطى لكل ولد ذكر من أبنائه الثلاثة منزلاً وعمل (لكل واحد منهم مشروعاً) وكانت نيته رحمة الله عليه أن أبناءه يعملون في بلدهم ولا يخرجون خارجها طلباً للرزق وقد توفي الابن الأكبر في حياة والده رحمة الله عليهما ووالدي ووالدتي تركوا ميراثهم لأبنائه والثاني دكتور فتح له عيادة شقتين والثالث مدرس يعمل بنجارة الأثاث وبعد ذلك سألنا نحن البنات عن حقوقنا (من مبدأ المساواة بيننا وبينهم) ، فترك لنا العمارة الخاصة به وصية لنا و (دون تسجيل ذلك قانونياً) والآن للدكتور شقتين في هذه العمارة وللمدرس أيضاً شقتين في نفس العمارة، فقال الذكور هذا ليس حقا لكم إلا بعد وفاة الوالدة فما هي حقوقنا الآن يا ترى ونحن شاعرين بالظلم؟ وشكراً جزيلاً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العدل بين الأولاد في العطية أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، كما في حديث الصحيحين: اتقوا الله واعدلوا في أولادكم. وفي الحديث أيضاً: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحدا لفضلت النساء. رواه سعيد بن منصور وحسنه ابن حجر.
وقد اختلف أهل العلم في وجوب العدل واستحبابه، والقائل بوجوب العدل يبطل العطية الجائرة ما لم يكن هناك مبرر للتفضيل، بينما يجيزها القائل بالاستحباب، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5348، 14254، 1242، 47387، 8147، 33348.
وأما وصية الأب للبنات بالعمارة الخاصة، فإن الظاهر أنها وصية لوارث، والوصية للوارث لا تجوز ولا تنفذ إلا إذا أجازها باقي الورثة، لما في الحديث: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أحمد وأصحاب السنن والحاكم، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
وفي رواية للبيهقي والدارقطني حسنها ابن حجر في البلوغ والتلخيص: لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة.
ثم إنه إذا رضي الإخوة والأم تنفيذها فإن وفاة الأم ليست شرطا في التنفيذ، فإن سكنها في منزل الزوجية زمن عدة الوفاة حق لها، وبعد ذلك فإن إسكانها حق على جميع الأولاد، فكما لا يتوقف تقسيم الميراث على وفاة الأم فإنه لا يتوقف تنفيذ الوصية على وفاتها، وننصحكم بمراجعة المحكمة الشرعية للنظر في ملابسات الموضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1425(12/6191)
وجوب الوصية عند تحقق عدم وصول الميراث لمستحقه إلا بذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي لفضيلتكم عن زوج مسلم وزوجته غير مسلمة وله منها ولد وبنت الولد على دين أبيه أما البنت فعلى دين أمها - مسيحية - وقوانين البلد التي يعيشون فيها تقسم الورثة بين الأم والابن والبنت علماً أنه طلق زوجته وما نعلمه أن الكافر لا يرث المسلم فهل عليه أن يوصي بممتلكاته لابنه أم أنه يترك الأمور تقسم بين الورثة كما هي القوانين المعمول بها في بلده الذي يقيم فيه؟ وهل يأثم في حالة حرمة إرث زوجته وابنته أم لا؟ أجيبونا بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أن الولد يحكم بإسلامه إذا أسلم أحد أبويه، والاتفاق على الحكم بإسلامه إن أسلما معاً أو كان الأب هو المسلم، قال عبد الرحيم العراقي في طرح التثريب: فإن كانا مسلمين فمسلم، وقد أجمع المسلمون على ذلك، إنما اختلفوا فيما إذا أسلم أحد أبويه، فقال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد والجمهور يتبع أيهما أسلم، سواء كان هو الأب أو الأم.
وقال مالك: يتبع أباه خاصة دون أمه، حتى لو أسلمت أمه وأبوه كافر استمر على الحكم له بالكفر. (7/233) .
وإذا ارتد الصبي العاقل، فإنه لا يعطى شيئاً من الإرث. قال في شرح التلويح على التوضيح: إذا ارتد الصبي العاقل أو استرق، فإنه لا يستحق الإرث.
ومفهوم العاقل أن غير العاقل بسبب الصغر أو الجنون لا يحرم من الإرث وهو كذلك عند أهل العلم.
وعليه؛ فالبنت المذكورة محكوم عليها بالإسلام، ولكنها إذا تركته وهي عاقلة، فإنها لا تستحق الإرث، وأما أمها فهي لا تستحقه بالاتفاق، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم. رواه الأربعة من حديث أسامة بن زيد.
وإذا كان الأب المذكور لا يستطيع أن يحفظ لابنه حقه هذا إلا بالوصية له بالمال، فالواجب أن يوصي له به، لأن القاعدة: أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. والأصل أن الوصية للوارث باطلة، ولكن الموضوع هذا لا يعتبر وصية، وإنما تحايل على أن يصل الحق إلى صاحبه.
وإذا قلنا بوجوب الإيصاء المذكور، فإن الأب إذا علم أن الحق لا يصل إلا به وفرط في الإيصاء، فإنه يأثم، لأن ترك الواجب لا يجوز إلا للعاجز عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1425(12/6192)
من أوصى أن يحج عنه تطوعا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح وصية الشخص بأن يحج عنه ورثته، وما الحكم إن كان قد سبق له الحج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على من توفرت فيه شروط الاستطاعة المبينة في الفتوى رقم: 6081 أن يحج إن لم يكن قد حج من قبل على الفور، وهذا قول مالك وأحمد وأبي حنيفة رحمهم الله، ولا يجوز له أن يتكاسل عن هذا الواجب ويوصي أن يحج عنه ورثته وهو قادر في حياته على الحج، قال الله تعالى: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران:97] .
فإن مات بعد تمكنه من الحج ولم يحج وترك مالاً وجب على ورثته أن يخرجوا من ماله (التركة) ما يُحَجُّ به عنه، وهذا مذهب أحمد والشافعي والحسن وطاووس.
قال صاحب الروض: وإن مات من لزماه (أي الحج والعمرة) أخرجا من تركته من رأس المال، أوصى به أو لا. انتهى.
وقال مالك وأبو حنيفة: يسقط فرض الحج بالموت، فإن وصى بها فهي من الثلث، وبهذا قال الشعبي والنخعي.
والقول الأول أحوط، فيخرج مال الحج من التركة، هذا من كان قادراً على الحج ولم يحج.
وأما من لم يكن قادراً على الحج لعجزِ من مرضِ لا يرجى برؤه أو لكبرِ ونحوه، وكان له مالٌ، فإنه يلزمه أن يقيم من يحج عنه، وبهذا قال أحمد وأبو حنيفة والشافعي.
وإن لم يجد مالاً يستنيب به فلا حج عليه بلا خلاف، وانظر الفتوى رقم: 10177، والفتوى رقم: 28979.
ومن كان حج في عمره مرةً، فقد سقط عنه الواجب وبرئت ذمته، لأن الحج إنما يجب في العمر مرة، وإذا أوصى أن يُحَجَّ عنه تطوعاً صرف من الثلث، قال ابن قدامة في المغني: وإن كان تطوعاً أخذ الثلث لا غير إذا لم يجز الورثة ويحج به ... انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1425(12/6193)
الوصية بمنع الورثة من التصرف في التركة لا تعتبر
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت عمتي، كانت آخر من مات من أهل أبي، ووصتني قبل وفاتها ألا يباع منزل والدها الذي هو جدي لشخص بعينه هو جار مباشر للمنزل، والآن مر أكثر من 10 سنوات وأنا أخالف أبناء أعمامي وعماتي الآخرين وأمنعهم من بيع المنزل، وقد نذرت أن أهبه لله، وهم يتضررون من ذلك حالياً لأنهم يرغبون في البيع، وأنا غير قادر على شراء أنصبتهم للوفاء بنذري، والسؤال: ما حكم إصراري على وصية عمتي وعدم بيع البيت لهذا الشخص بعينه، ما حكم نذري الذي أنا غير قادر على الوفاء به الآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوصية هي وصية الإنسان بإخراج جزء مأذون في إخراجه في سبل الخير بقصد كثرة الأجر، وزيادة الثواب ويجب الوفاء بها لقول الله تعالى: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:11] .
أما الوصية بغير ذلك كمنع الورثة من التصرف في التركة بأي نوع من أنواع التصرف فهذه الوصية لا يجب الوفاء بها لأنها تحكُّم في مال الغير، فإن الميت ينقطع ملكه بالوفاة وينتقل الملك إلى الورثة، فليس للميت مال يضاف إليه إضافة ملك بعد موته، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: يقول ابن آدم مالي مالي، وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟. رواه مسلم وغيره.
ويقول أيضاً صلى الله عليه وسلم: أيكم مال وراثه أحب إليه من ماله؟ قالوا: يا رسول الله، ما منا أحد إلا ماله أحب إليه، قال: فإن ماله ما قدم، ومال وارثه ما أخر. رواه البخاري.
فإذا تقرر أن الميت ليس له مال فليس له حق الوصية في منع أي نوع من أنواع تصرف الوارث في ماله، وعليه.. فوصية عمتك ليس لها اعتبار لأن فيها الحد من تصرف أهل الملك في مالهم، فللورثة بيع المنزل إلى ذلك الرجل الذي أوصت المتوفاة عدم بيع المنزل له أو لغيره.
وليس لك حق في منع الورثة من بيع أنصبتهم من البيت، فإما أن تشتري أنصبتهم، وإما أن تدعهم يتصرفون في ملكهم كما يشاؤون ببيع ونحوه، وليس لك حق أن تنذر ما لا تملك لأن النذر يوجبه الإنسان على نفسه فيما يملك، ونذرك للمنزل نذر في ما لا تملكه، فعند أبي داود يقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا وفاء بالنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملكه ابن آدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(12/6194)
أوصى بمال لفقراء ويريدون أن يدفعوه لخالتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت جدتي منذ سنة وقبلها جدي ولهما سبع بنات وأربع ذكور، وكان جدي قد وصى قبل وفاته بتوزيع 200 ألف ليرة سورية على روحه هو وزوجته أي جدتي، من قيمة البيت الذي تركاه لأولادهم بعد وفاتهم إلى الفقراء والمحتاجين وعند بيع البيت من قبل الأولاد، والسؤال لحضرتكم: هل يجوز إعطاء مبلغ الـ200 ألف أو جزء منه لأحد الورثة، وهي خالتي حيث إنها مطلقة وكانت تسكن في بيت جدي وعند بيع البيت سوف تكون بلا مأوى وحصتها من الإرث لن تكفيها لشراء منزل متواضع لها ولأولادها الصغار، مع العلم بأن أخوتها الذكور لا يمكنهم إسكانها معهم؟ هدانا الله، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت خالتك ممن تنطبق عليهم المواصفات التي ذكرها جدك فيمن يريد التصدق عليهم أو الوصية لهم بالمبلغ المذكور فلا مانع من دفع بعضه لها أو كله، وربما تكون أولى به من غيرها لأن الصدقة على ذي الرحم صدقة وصلة، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة: أرى أن تجعلها في الأقربين. رواه البخاري.
وقد روى البخاري عن معن بن يزيد بن الأخنس رضي الله عنهم قال: كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها فأتيته بها فقال: والله ما إياك أردت، فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لك ما نويت يا يزيد ولك ما أخذت يا معن.
ووجه الدليل فيه أن يزيد أطلق فيمن يستحق الصدقة بالوصف فكان معن ممن يستحقها بالوصف فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لك ما نويت يا يزيد من أجر الصدقة ولك ما أخذت يا معن لأنك داخل في وصف الفقراء، وجدك أطلق وصف الفقر والحاجة.. وخالتك داخلة في ذلك الوصف فله أجر الصدقة ولها الحق في الأخذ منها، فهذا كمن وقف أو تصدق على طلبة العلم ... فلأبنائه الحق في ذلك الوقف إن كانوا من طلبة العلم.. قال الحافظ ابن حجر في الفتح تعليقاً على الحديث: فأمضى النبي صلى الله عليه وسلم الإطلاق لأنه فوض للوكيل بلفظ مطلق فنفذ فعله، وفيه دليل على العمل بالمطلقات على إطلاقها.. وجواز دفع الصدقة للفرع والأصل ...
هذا إذا كان جدك أطلق في وصيته أما إذا كان جعلها لخالتك أو لغيرها من الورثة فإن الوصية لا تصح لوارث ولا بأكثر من الثلث إلا إذا أجازها الورثة بشرط أن يكونوا بالغين رشداء.. وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 22687.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1425(12/6195)
لا تمضي الوصية في نصيب الأخ المتخلف عقليا
[السُّؤَالُ]
ـ[أب لديه أربع بنات وولدين أحدهما متخلف عقليا كتب الأب للسليم قطعة أرض أقل من ثلث الميراث بدلا من أن يفنح له مكتبا كمساعدة من الأب لابنه ونظرا لأنه العائل الوحيد لأخيه المريض وتوفي الأب وباقي ثمن الأرض لم يسدد. هل يسدد من الميراث قبل توزيعه بصفته دينا علي المتوفى أم يقوم بتسديده الابن صاحب الأرض من ميراثه. أفيدونا سريعا أفادكم الله لأنهم يريدون نقسيم الميراث ولا ندري أين الصواب وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أن الأب كان قد اشترى هذه الأرض بثمن مؤجل بعضه ثم وهبها لابنه ومات الأب قبل أن يسدد باقي الثمن.
وعليه، فإن كان الأب سجل هذه الأرض باسم الولد على سبيل الهبة وتمت حيازة الولد لها قبل موت والده حيازة شرعية بأن باشر التصرف فيها ورفع والده يده عنها فإن هذه الأرض تصير ملكا خاصا للولد الموهوب له، ولا حق لباقي الورثة فيها، وما بقي من ثمنها يسدد من الميراث قبل قسمته، لأن باقي الثمن دين على المتوفى.
أما إن كانت هذه الهبة معلقة بموت الوالد أو لم يتم حيازة الولد لها حتى مات والده فإنها تأخذ حكم الوصية، ولا تنفذ هذه الوصية إلا إذا أذن الورثة، سواء كانت الأرض دون ثلث التركة أو فوقه أو مثله، لحديث: لا وصية لوارث. رواه الترمذي. وزاد الدارقطني: إلا إن يشاء الورثة. فإذا أجاز الورثة كلهم هذه الوصية صحت وسدد باقي ثمنها من التركة ثم اقتسموا الباقي حسب أنصبتهم الشرعية، وإن أجازها البعض ممن كان جائز التصرف نفذت فيما يخصه دون ما يخص غيره، وجائز التصرف هو البالغ الرشيد، فعلم من هذا أن هذه الوصية لا تمضي في نصيب الأخ المتخلف عقليا لعدم أهليته في التصرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1425(12/6196)
تركت مالا كانت تنوي أداء العمرة به
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت زوجتي وتركت مبلغ 490 ريالا سعوديا كانت تنوي عمل عمرة بهذا المبلغ. فهل أوزعه على الورثة الشرعيين أم يصبح من حقي علما بأني إن شاء الله سوف أقوم بعمرة في شهر رجب وفي نيتي عمل عمرة للمرحومة زوجتي بعد أداء العمرة الخاصة بي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر -والله أعلم- أن المبلغ المذكور تركة لزوجتك يجب تقسيمه على الورثة حسبما في كتاب الله عز وجل، إلا إذا كانت زوجتك لم تؤد العمرة الواجبة وهي مستطيعة، فإن عليكم أن تؤدوا عنها العمرة من مالها الخاص على الراجح من أقوال أهل العلم، أو كانت وصية منها فإنها تنفذ في حدود ثلث مالها.
وعلى هذا، فليس من حقك أن تأخذ هذا المبلغ دون غيرك من الورثة، إلا إذا كان ذلك على وجه القيام بالعمرة عن زوجتك إذا قلنا بلزوم أداء العمرة عنها حسبما تقدم، ويشترط لذلك إذن بقية الورثة.
وننبهك إلى أنه لم يرد نص في فضل العمرة في رجب عن غيره من شهور السنة وإن كان من الأشهر الحرم، إلا في رمضان فهو الذي ورد الدليل بفضل العمرة فيه عن غيره على وجه الخصوص، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عمرة في رمضان تقضي حجة معي. رواه البخاري وغيره.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية: 5938، 27528، 23950.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1425(12/6197)
حكم من وقف منزلا لا يملك سواه
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يرغب في أن يوقف منزله أو (يسبله) بقصد الأضحية والحج له بعد وفاته مع آخرين يذكرهم في وصيته 0وسيتولى ذلك أحد أبنائه بعد وفاته 0الرجل لا يملك سوى هذا المنزل ولديه أبناء بعضهم بحاجة إلى المال 0هل يجوز له أن يقوم بهذا العمل أم أن الوقف أوالسبيل يقتصر على الثلث فقط؟ مع الشكر الجزيل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوقف في ذلك له حالتان:
الأولى: أن يكون منجزا في حال الحياة غير معلق بالوفاة، وفي هذه الحالة للشخص أن يوقف ماله بشرط ألا يضيع من تجب عليه نفقتهم، قال صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وغيره، وأصله في مسلم.
والثانية: أن يكون الوقف معلقا على الوفاة، وفي هذه الحالة لا يجوز للشخص أن يوقف أكثر من الثلث، لأن الوقف حينئذ وصية، وقد قال صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عندما أراد أن يوصي في مرض ظن أنه هو مرض موته (الثلث والثلث كثير) متفق عليه.
وعليه، فلا يجوز للشخص أن يوقف بيته الذي لا يملك غيره مطلقا إذا كان الوقف معلقا على الوفاة، وإذا فعل ذلك فلا ينفذ وقفه إلا في الثلث، إلا إذا قبل بذلك الورثة وكانوا بالغين رشداء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1425(12/6198)
اشترى أرضا ثم أتى من يدعي أنها وصية له
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا اشتريت أرضا من17عاماً من الجد وجاء أولاد ابنه وأظهروا وصية من جد أبيهم بهذه القطعة لأبيهم والأب مجنون فهل يحق لهم مطالبة المشتري بعد هذه المدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوصية الجد لابن ابنه غير الوارث نافذة إذا وسعها ثلث المال، ولم يكن رجع فيها قبل موته، وعليه فإذا كانت الوصية المذكورة قد استوفت هذه الشروط فهي لازمة، ولا يفيتها بيع غير مالكها ولو طال الزمن، ففي الدردير عند قول خليل: ثم ادعى حاضر ساكت بلا مانع عشر سنين، قال: فإن نازع أو جهل كون الشيء المحاز ملكه أو قام به مانع من إكراه ونحوه لم يسقط حقه، ومن العذر الصغر والسفه. (4/234) ولا شك أن المجنون أولى بأن يكون معذورا من الصغير والسفيه.
والحاصل أن أولاد هذا الرجل الذي وصف بالجنون لهم الحق في الأرض التي أوصى بها لأبيهم، ولم يقدر على تسلمها أو إخراج وثيقتها لما كان متصفا به من غياب العقل، وإذا حكم لهم بالأرض فإن من استحقت منه يرجع على بائعه بما كان دفع عنها من ثمن.
واعلم أن أمور الاستحقاق لا يمكن أن يحسم الكلام فيها بفتوى، بل لا بد فيها من الرجوع إلى المحاكم الشرعية التي ستحقق في صحة الوصية وفي عذر الموصى له بالسكوت هذه المدة، وهل في أبنائه من له أهلية التكلم في الموضوع أم لا؟ ونحو ذلك.
تنبيه: عرف الفقهاء الاستحقاق بأنه رفع ملك بثبوت ملك آخر قبله، قال: صاحب الكفاف:
... ... ... ... ورفع ملك بثبوت آخرا ... قبل الاستحقاق حد قد جرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1425(12/6199)
تنازل الأب عن ديون أولاده.. بين النفاذ وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي كان له علي دين بحوالي مبلغ 10000 د. ك وكذلك أخي حوالي 14000 د. ك وأخوين آخرين بحوالي 4000 د. ك..
وقبل وفاته كرر للوالدة أنه قد سامحنا بما علينا من ديون.. والشاهدة الوحيدة هي الوالدة وأحد الإخوة كذلك شاهد ,,,,
يرجى التفضل بالإفادة..هل تعتبر هذه وصية يعمل بها, وما هو المطلوب من الوالدة عمله.. وكذلك الأخ الشاهد ... وحيث أننا نخاف الله لا نريد إجحاف الورثة ,,,أفيدونا وجزاكم الله خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الوالد قد تنازل لكم عن هذه الديون وهو بكامل صحته، فلا شيء عليكم، ولا يجب عليكم رد المال للورثة، أما إذا كان قد تنازل عنها في مرض موته، فإنه لا يجوز لكم ذلك، لأنها تعتبر وصية، إذا كانت موقوفة على الموت، والوصية لا تجوز للورثة، وتعتبر هبة إن كانت ناجزة، والهبات في مرض الموت لا تنفذ، لما فيها من شبهة حرمان الورثة الآخرين، وهذا ما لم يمضها سائر الورثة بشرط أن يكونوا بالغين رشداء.
وفي هذه الحالة يجب رد المال إلى تركة المتوفى وقسمتها بالعدل بين الورثة، وراجع الفتوى رقم: 37637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1425(12/6200)
وصية الفضولي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يوصي المتوفى بمنزل لا يملكه ويدخل في الإرث وهو باسم إحدى بناته؟ نرجو الرد سريعا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالموصي بمال غيره يسمى فضولياً، وقد اختلف الفقهاء في حكم وصيته على قولين: الأول للحنفية، وهو القديم عند الشافعية، وهو قول عند الحنابلة: وهو أنه تصح وصيته لكنها تكون موقوفة على إجازة المالك، فإن أجاز نفذت وإلا فلا.
والثاني للمالكية: وهو الأصح عند الحنابلة، والجديد عند الشافعية، وهو أن وصية الفضولي لا تصح مطلقاً، لأنه تبرع ممن لا ملك له ولا ولاية، ولا نيابة، فيكون باطلاً، وهذا هو الأرجح.
وعليه؛ فالوصية باطلة كأنها لم تكن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1425(12/6201)
الوصية الصحيحة تنفذ بإجازة الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: عندي عمة واحدة وتوفيت جدتي وتركت لأبي وأخته يعني عمتي هذه محلاً وليس ملكية بل هو كراء ووصت قبل أن تموت أن تأخذ عمتي كل ما عند جدتي من ذهب ويأخذ أبي المحل المستأجر، ثم إن عمتي بعد سنوات من موت جدتي جاءت تطلب حقها من المحل، فهل يعتبر هذا المحل وراثة وهل لها الحق فيه افتونا مأجورين وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته جدتك رحمها الله تعالى يسمى وصية لوارث، حيث أوصت لابنها وابنتها بما عندها من مال، وحكم هذه الوصية أنها باطلة، إلا أن يقوم الورثة بقبولها وإمضائها.
فإذا لم يكن لجدتك من الورثة غير عمتك وأبيك، وأبوك وعمتك قد قبل كل منهما ما أوصت به الأم واقتنع كل منهما بنصيبه، فإن كلاً منهما يختص بما عنده من مال، ولا تحق له مطالبة الآخر بشيء.
قال ابن قدامة في المغني: وفائدة الخلاف أن الوصية إذا كانت صحيحة فإجازة الورثة تنفيذ، وإجازة محضة يكفي فيها قول الوارث: أجزتُ أو أمضيت أو نفَّذْت، فإذا قال ذلك لزمت. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 7275.
وعليه؛ فإذا كانت عمتك المذكورة قد وافقت على وصية الأم، وكانت في ذلك ممن يصح تصرفهم بأن كانت بالغة رشيدة عاقلة، فلا حق لها في المطالبة بشيء في ما يتعلق بالمحل المذكور، ومما يتأكد رفع هذه المسألة إلى المحاكم الشرعية إن كانت هناك محاكم شرعية للنظر فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(12/6202)
متى تأخذ الهبة حكم الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
بداية أرجو أن يتسع صدركم لي: أنا أحد أخوين اثنين، وكان أخي هوالأيسر حالا، وكان يعمل في دولة خليجية, منذ أربعين عاما اشترى مع صديقين له قطعة أرض مساحتها ثلاثون دونما, إلا أن أخي رحمه الله أصر على أصدقائه على أن توزع على أربعة أشخاص تسعة لكل واحد منهم وبقي ثلاثة تكون لي، وبقيت الأرض دون فرز حتى عام 1996م إلا أن الشركاء حين تم الفرز أصروا على الفرز على ثلاثة 9:9:12 وهذا لاعتبارات جودة الأرض والموقع, أعود لي فقد أنجبت أبناء منهم البنون ومنهم البنات, منهم من تعلم ومنهم من لم يحالفه الحظ منهم من تزوج وأنجب أطفالا ومنهم من لا بقي عندي من العزاب ثلاثة ذكور وأنثيان, في سنة 1996م كان أخي في زيارتنا حين تم الفرز وهنا قال عبارة (أن الدونمات الثلاثة هي للأولاد العزاب الثلاثة والبنتين، عموما أخي توفاه الله برحمته، وأنا الآن في خواتيم أيامي ولست أدري إن كان قول أخي هذا وصية أنا ملزم بتنفيذها أو أن هذه الأرض تعتبر ضمن ممتلكاتي توزع كتركة حسب قوانين الميراث في شريعتنا الإسلامية؟ أفيدونا أفادكم الله ورحمكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر -والله أعلم- أن قول أخيك: إن الدونمات الثلاثة هي للأولاد العزاب والبنتين هو هبة منه لهؤلاء، فإن كانوا حازوا هذه الهبة أو حيزت لهم قبل موته، فقد تم تملكهم لها، وإلا بطلت وصارت تركة كسائر أمواله، وكذا الحال فيما لو كانت وهبت لك أنت ولم تحزها، وذلك لأن الهبة لا تلزم إلا بقبضها أو حوزها.
قال في الإنصاف: وتلزم بالقبض، يعني ولا تلزم قبله. 7/120.
وقال خليل: وبطلت إن تأخر (يعني الحوز) لدين محيط.... أو جُنَّ أو مَرِضَ واتصلا بموته....
ولا يمكن اعتبارها وصية إلا إذا كان وهبها وهو في مرض موته فحينئذ تصير في حكم الوصية، تخرج من الثلث وتعطى للموهوب لهم، قال مالك: ما تصدق به المريض أو أعتق فهو في ثلثه. انظر المدونة 4/394.
كما أنها تعتبر وصية إذا كان الواهب قال إنها تكون ملكاً بعد موته للأولاد والبنات المذكورين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(12/6203)
من شروط نفاذ وصية الجدة لأحفادها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي قبل موت جدتي فأوصت جدتي بأن يجعل حقها الذي آل إليها عن والدي إلينا بعد موتها ولكن بعد وفاتها قام الورثة بتوزيع هذا الميراث على الورثة حسب الشرع ولم ينفذوا الوصية
فما حكم الدين في هذه الأموال التي أخذها الورثة وهل هي حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يخلو حالكم مع هذه الجدة المتوفاة من أحد أمرين:
الأول: أن تكونوا وارثين منها، ووصيتها لكم في هذه الحالة غير نافذة إلا أن يجيزها الورثة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث. وظاهر السؤال أن الورثة لم يجيزوا الوصية.
والثاني: أن تكونوا غير وارثين منها، وفي هذه الحالة لا بد من النظر إلى قدر هذا المال الذي أوصت به، فإن كان يبلغ بانضمامه إلى جميع مالها قدر الثلث فأقل، فالوصية صحيحة نافذة، والواجب على من سلبكم إياها من الورثة أن يردها إليكم، وإن كانت الوصية أكثر من ذلك، فليس لكم إلا قدر الثلث، وما زاد فهو للورثة، وعليكم بالرجوع إلى المحاكم الشرعية للنظر في الموضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(12/6204)
الحد المأذون به شرعا في الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة لديها بعض المال ولها بنت واحدة وهي في آخر عمرها وتسأل مامقدار سهم بنتي من هذا المال في حين هي تريد إعطاء نصف هذا المال إلى مشروع خيري، ولها مجموعه من الإخوة والأخوات؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المقصود تحديد سهم البنت من الميراث فذلك غير ممكن الآن، إذ لا يكون المال ميراثاً إلا بعد موت صاحبه، ومعلوم أن البنت إذا انفردت فلها النصف فلو ماتت المرأة عن بنت وإخوة فللبنت النصف، وللإخوة النصف الباقي تعصيباً، ويجوز لها أن تهب ابنتها شيئاً من هذا المال هبة منجزة تملكها البنت وتتصرف فيها تصرف الملاك، وكذا يجوز لها التبرع من هذا المال، لكن ينبغي أن تترك شيئاً من المال لورثتها، لاسيما إن كانوا محتاجين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: الثلث والثلث كبير أو كثير إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس. رواه البخاري ومسلم.
وبهذا يتبين أن التبرع إذا كان على سبيل الوصية التي تنفذ بعد الموت أنه لا يجوز فيما هو أكثر من الثلث، بل كلما نقصت عن الثلث فهو أفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1424(12/6205)
الوصية لأحد من الأبناء إذا لم يوافق الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[مات أبونا ونحن 7 أبناء وبنت وزوجه فنذر نصف البيت نذرا معلقا بموته لابنين شقيقين وأختهم والنصف الآخر للخمسة الأبناء الباقين الأشقاء وأمهم. فهل ذلك جائزا شرعا؟
مع العلم بأن ثلاثة من الأبناء ساعدوا أباهم في بناء البيت: واحد من الخمسة الأشقاء وهو يشعر أنه لم يعوض والاثنين من الأشقاء أصحاب النصف الأول]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العدل بين الأبناء في العطية واجب كما يدل له الحديث: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري ومسلم.
ولا تجوز الوصية لأحد من الأبناء لأنهم ورثة، للحديث الذي رواه أصحاب السنن: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث.
وإذا حصل أنه أوصى لهم وآثر بعضهم، فإن هذا الأمر لا ينفذ إلا إذا وافق باقي الورثة عليه، بل الواجب أن يقسم الميراث تقسيم التركة المعروف لما في الحديث السابق: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث.
وأما مساعدة الأبناء لوالدهم فلا أثر لها، ما لم يثبت بالبينة أنهم قاموا بمساعدته لمشاركته في البيت.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 8147 / 7275 / 1632.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(12/6206)
من أنفق في تجهيز ميت هل يرجع على الورثة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذ أبي 500 جنيه من حقيبة خالته المتوفية، على الرغم من أن أولاد أخيها هم الذين يرثونها، وهو ليس له في الإرث واستخدم بعد ذلك المبلغ، فأخرجه في إصلاح المدفن الذي تدفن فيه، ولكن ليس بالطبع نفس الـ500 جنيه، وسؤالي: هل هو تخلص من الذنب بإخراج المبلغ على المدفن، وإذا كان لم يتخلص منه فماذا يفعل للتخلص منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان أبوك أنفق هذا المال في المدفن المذكور بعد ما تم الدفن، بأن صرفه في أعمال إضافية مما لا يلزم فعله أو قد يكون منهياً عنه، كالبناء على القبور والتحويز ونحو ذلك، فإن هذا الفعل لا يبرئه إطلاقاً.
وإن كان صرفه في تجهيز خالته، في حفر القبر مثلاً ونحو ذلك، ففي ذلك تفصيل.
فإن كان الورثة غائبين أو كانوا صغاراً لا يستطيعون القيام بأمر الميت ولا وصي ولا حاكم، فإن تجهيز الجنازة حينئذ يتعين على جماعة المسلمين، ومن قام به منهم فله أن يرجع بما أنفق على التركة أو على من تلزمه تلك المؤنة، بشرط أن ينوي الرجوع، ولا فرق بين الرجوع به على التركة وبين تركه مقابل الحق الذي عليه.
قال ابن مفلح في الفروع: ومن مات ببرية ولا حاكم ولا وصي فلمسلم حوز تركته وبيع ما يراه، وقيل: إلا الإماء، ويكفنه منها ثم من عنده، ويرجع عليها أو على من تلزمه نفقته إن نواه ولا حاكم ... 4/717.
وأما إن اختل شيء من ذلك بأن كان الورثة حاضرين بالغين أو بعضهم، أو كان ثمت وصي أو حاكم ولم يستأذنه أو أنفق متطوعاً ونحو ذلك، فليس له الرجوع، وبالتالي لا تبرأ ذمته من المبلغ الذي أخذ من الخالة إلا برده للورثة، بأية طريقة يراها مناسبة أو باستحلالهم منه مع التوبة، ويمكن أن تراجع الفتوى رقم: 22921 للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(12/6207)
وصية الأخ ألا تحضر أخته وفاته لا تنفذ
[السُّؤَالُ]
ـ[أوصى أبي في حالة وفاته ألا تحضر إحدى عماتي، وإذا حضرت ألا تدخل عليه أو تراه
فهل في تنفيذ تلك الوصية حرمة تقع علينا؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لأبيك أن يوصي بمثل هذه الوصية، ولا يجوز لكم تنفيذها، لما فيها من قطيعة الرحم والإساءة إليها، ولعمتكم أن تحضر أباكم بعد وفاته وقبلها، ولها أن تدخل عليه وتراه، وراجع الفتوى رقم: 28463.
وإذا كان أبوكم ما زال حيا، فلا بد من تنبيهه إلى أنه لا يجوز له قطع أخته، وإلى ضرورة إصلاح ذات البين.
نسأل الله أن يصلح أحوال الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1424(12/6208)
التفضيل بين الأولاد أو الوصية للوارث حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا والحمد لله عندي ستة أطفال اثنان منهما من زوجة ألمانية يبلغان من العمر 30- و24 عاماً أنفقت عليهم حتى أنهيا دراستهما الجامعية ويعيشون مستقلين عني مع العلم أن أمهم مطلقة، و4 أطفال من زوجتي المسلمة السؤال: هل يحق لي أن أسجل البيت باسم زوجتي وأولادي الذين لا يتجاوز كبيرهم عن الخمس سنوات حتى أضمن لهم معيشة طيبة بعد الوفاة أفتونا؟ جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تسجيل البيت باسم زوجتك وأولادك منها خاصة لا يجوز لما فيه من تفضيل بعض الورثة على بعض إن كان هذا التسجيل مصحوبا بتمليكه لهم من الآن، أو الوصية لوارث إن كانوا لا يملكونه إلا بعد موتك، وكلتا الحالتين لا تجوزان، لما يترتب عليهما من التفضيل بين الأولاد أو الوصية للوارث كما قدمنا، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 26426، والفتوى رقم: 8133.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1424(12/6209)
تصرف المرء في ماله حال حياته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرء أن يصرف الوصية في حياته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن للإنسان حق التصرف في ماله حال حياته ما لم يصل إلى حد الإسراف والتبذير، وله التصرف فيه ببيع أو شراء أو هبة أو صدقة ونحو ذلك من أنواع التصرف، وإذا أراد أن يوصي بشيء من ماله قبل وفاته وهو صحيح فله ذلك، بشرط أن تكون بالثلث فأقل، لقوله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص لما أراد أن يوصي بماله كله: الثلث والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس. رواه البخاري.
وإذا أراد أن يصرف هذا الثلث في حياته قبل وفاته ويعجله لمن أوصى لهم به فله ذلك، وتسمى حينئذ هبة لا وصية، ويسن أن تكون الوصية لأقاربه المحتاجين غير الوارثين، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(12/6210)
الوصية للوارث لا تجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت جدتي وتركت وراءها تركة، ومن ضمنها مال، وقالت لامرأة أن تترك هذا المال عندها لابنها المريض، وهو مختل عقليا، وابنها الآخر عاقل وهو محتاج لهذا المال، فهل يجوز أن يأخذ العاقل المال؟ علما بأن ابنها المريض موجود في أفضل المستشفيات على حساب الحكومة ويتلقى أفضل الخدمات؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمال الذي تركته جدتك عند المرأة، يجب أن يضاف إلى التركة ويقسم بين الورثة على حسب أنصبتهم فيها، ذلك أن الوصية للوارث لا تجوز، لحديث: لا وصية لوارث. رواه الترمذي.
إلا أن يتراضى جميع الورثة على ترك هذا المال للولد المريض، فلا بأس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1424(12/6211)
لا تنفذ هذه الوصية إلا بإجازة الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سألتني إحدى السيدات عن حكم مجوهرات من ذهب أوصت والدتها لها ولأختها بها بعد وفاتها وكذلك مبلغ من المال فقام الإخوة الذكور بأخذ المبلغ من المال وأعطوهما المجوهرات فقط فهل هذا يجوز؟ وأيضا هل تنفذ الوصية أم لا تنفذ لأنهما ورثتهما من أمهما ولا وصية لوارث علماً بأنهما قامتا بتقدير الذهب وتصدقتا بثمنه هي وأختها لأمهم.
أفيدونا وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تصح الوصية ولا تنفذ لأنها لوارث، إلا إذا أجازها الورثة البالغون الرشداء، والواجب هو ضم المجوهرات والمال الموصى به إلى التركة، وتقسيم الجميع على الورثة حسب القسمة الشرعية، فإذا رضي أحد الورثة بالتنازل عن حقه أو بعض حقه في التركة لغيره، فلا حرج في ذلك ما دام غير فاجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1424(12/6212)
وصية الوالد أن لا يصلي عليه ابنه لا تنفذ
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت والدتي وهي غاضبة على أخ لي، وكانت قد أوصتني قبل الوفاة بأن لا يقف على غسلها أو يمشي في جنازتها، ولقد أمكنني تنفيذ الشق الأول دون مشاكل ودون أن يلحظ أحد أني أخرجت الجميع، ولكنني لم أستطع تنفيذ الشق الثاني لاعتبارات كثيرة، برغم عدم وجود أية علاقات بين أخي هذا وجميع إخوته، علما بأنه للأسف الجميع يسكنون في عمارة واحدة، ماهو حكم الشرع في هذه الوصية؟ وهل علي أية ذنوب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من البر أن ينفذ الولد ما عاهده عليه أحد أبويه في حياته، وذلك لما روى الإمام أحمد وغيره من حديث أبي أسيد: أن رجلاً قال: يا رسول الله هل يبقى علي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به؟ قال: خصال أربع: الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما، فهو الذي يبقى عليك من بعد موتهما.
وقد أحسنت في تنفيذ الشق الأول من وصية أمك، وأما الشق الثاني فليس في مقدورك ولست مؤاخذاً به، بل لا يجوز لك منع أخيك ولا غيره منه لأنه حق للمسلم على أخيه المسلم.
ثم إن عليك أن تعظ أخاك هذا وتأمره بالتوبة، فإن من أكبر الذنوب عند الله عقوق الوالدين، ففي الصحيحين عن أبي بكرة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئاً، وقال: ألا وقول الزور، قال: فمازال يكررها حتى قلنا ليته سكت. وليكثر من الاستغفار والدعاء لوالدته، عسى أن يكون في ذلك تكفير لبعض تقصيره في حقوقها عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(12/6213)
وصية الميت بعدم تقسيم ماله غير ملزمة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى والدي وأوصانا أنا وإخوتي بعدم تقسيم الورثة والعمل جماعيا لتنمية ثروته الطائله وحماية ومساعدة بعضنا البعض خاصة إخوتنا الصغار القصَّر وبعد الوفاة عملنا بوصيته عدداً من السنين والآن وبعد أن كبر الصغار أصبح البعض يطالب بنصيبه في الثروة والميراث فبماذا توصونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وصية الميت بعدم تقسيم ماله من بعده غير لازمة التنفيذ، وذلك لأن المال بمجرد موته يصبح ملكاً لورثته، لكن لا مانع شرعاً من الوفاء بالوصية إذا حصل إتفاق من الجميع بقبول ذلك، هذا إذا لم يوجد من الورثه من يطالب بالتقسيم في الحال وإلا وجب، ولا شك أن المبادرة إلى القيام بتقسيم المال بين أصحابه أحسن، وخصوصاً إذا لم تكن هناك مصلحة تدعو إليه، وتقسيم المال لا يمنع من استفادة القُصَّر من الورثة من مساعدة إخوتهم الكبار.
وننبه هنا إلى أنه إن وقع تأخير لتقسيم التركة لأي سبب، ثم مات أحد الورثة، فإن نصيبه يعطى لوارثه من بعده، والحاصل أن على هؤلاء الإخوة أن يشرعوا في تقسيم التركة، وذلك نزولاً عند رغبة المطالبين منهم بذلك، ولا عبرة بوصية الوالد في ذلك، لأنها غير لازمة شرعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1424(12/6214)
حكم الوصية لغير المعين المعروف بالوصف
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي توفيت وتستحق بعد وفاتها من النقابة إعانة وفاة، وقد كتبت الإعانة لمرضى السرطان من المهندسين وبدون تحديد الأسماء، وقانونا يحق الطعن في هذه الكتابة باعتبار أنها لم تحدد الأسماء.
سؤالي هل تعتبر هذه وصية وحرام الطعن بها؟
أرجو إفادتي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في الوصية لغير معين، بأن كان معروفا بالوصف، كالطلبة المحتاجين مثلا، فذهب الجمهور إلى أنها تنفذ فيمن وجد منهم وقت موت الموصي فقط، وقاسوا الوصية هنا على الميراث فقالوا: كما لا يثبت الميراث إلا لمن كان موجودا عند وفاة الموصي، فالوصية كذلك.
وذهب بعض الفقهاء إلى عدم اشتراط وجود الموصى له غير المعين وقت الوصية، ولا وقت موت الموصي، فصححوا الوصية للمعدوم، وقاسوا الوصية هنا على الوقف، فقالوا: إن الوقف على من سيوجد في المستقبل جائز، فكذلك الوصية.
والذي يظهر أن مذهب الجمهور أقوى، قال الرملي في نهاية المحتاج: واعتمد جمع الفرق بأن من شأن الوصية أن يقصد معها معين موجود، ولا كذلك الوقف، لأنه للدوام المقتضي لشموله للمعدوم ابتداء. انتهى.
وعلى هذا، فإن وصية هذه المرأة تنفذ فيمن كان من هؤلاء المهندسين مصابا بسرطان وقت موت الموصي، سواء كانوا موجودين وقت الوصية أم لا، ولا يحق الطعن فيها ولو لم تذكر أسماءهم لأنها وصية شرعية.
وننبه في ختام هذا الجواب على ثلاثة أمور:
الأول: أن هذه الإعانة المذكورة في السؤال إن كانت على سبيل التبرع لأهل الميت بعد وفاته أو كان جزء منها كذلك، فما كان منها على هذا الحال، فهو لمن منح له، فلا يدخل في الوصية أصلا، وتراجع في هذا الفتوى رقم: 9045.
الثاني: أن الوصية لا تنفذ إلا في الثلث، وما زاد على ذلك فبإجازة الورثة له.
الثالث: أن شأن التركات عظيم وخطير، فالأولى مراجعة المحكمة الشرعية، فهي أجدر بالنظر فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1424(12/6215)
الوصية بالتبرع بالأعضاء هل يجب تنفيذها
[السُّؤَالُ]
ـ[تركت أمي وصية لنا قبل موتها، وهي التبرع بكليتيها للمستشفى، لم نفعل ذلك لأسباب، فما حكم الشريعة في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن نقل الأعضاء من الأحياء والأموات مسألة اختلف فيها العلماء، فمنهم من أجازه، ومنهم من منعه، والراجح -والله أعلم- هو جواز نقل الأعضاء من الأحياء بشرط ألا يتضرر المتبرع، وأن يكون طالب العضو في حالة اضطرار له، بحيث يتحقق له نفع حقيقي بنقل هذا العضو، أما نقل العضو من الميت فالراجح جوازه أيضا، لما فيه من المصالح الكثيرة التي راعتها الشريعة، وقد ثبت أن مصالح الأحياء مقدمة على المحافظة على حرمة الأموات، وبما أننا رجحنا جواز التبرع بها من الأحياء لمثلهم، كانت الوصية بها مباحة أيضا، لأنه إذا جاز له التبرع به حال حياته، جازت له الوصية به بعد وفاته، وكان من الواجب عليكم أيها السائلون أن تنفذوا وصية أمكم لأنها وصية مشروعة، وبما أنكم لم تفعلوا ذلك.. فإن كان عدم فعلكم له لأسباب خارجة عن إرادتكم، فلا شيء عليكم -إن شاء الله- وإن كنتم تمكنتم من ذلك، ولكن لم تفعلوه، فإن عليكم التوبة، وعلى كل، فإنه لا يلزمكم تعويض المستشفى المذكور بشيء، لأن الأعضاء ليست محلا قابلا للمعاوضة.
ونسأل الله تعالى لأمكم المغفرة والرضوان، وأن يثيبها على قدر نيتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6216)
الوصية للوارث غير جائزة عند جمهور العلماء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الوصية لوارث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الوصية للوارث لا تصح، لما رواه الترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجه وأحمد، من حديث أبي أمامة الباهلي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنّ اللهَ قَدْ أَعْطَى كُلّ ذِي حَقَ حَقّهُ وَلاَ وَصِيّةَ لِوَارِثٍ.
والوصية للوارث غير جائزة عند جمهور العلماء، وانظري تفصيل القول في ذلك مع أدلته في الفتوى رقم: 26630.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6217)
متى تكون الوصية ظلما؟
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي عمل وصية في حياته، وظن بعض الإخوة أنه قد ظلمهم، فما حكم الدين في ذلك؟ وجزاكم الله خيرًا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان والدك- عليه رحمة الله- قد أوصى بثلث ماله أو أقل لغير وارث، فهذه وصية صحيحة، وهي مستحبة. وليس فيها ظلم لكم؛ لأن الله تعالى ندب إلى ذلك بقوله: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ [البقرة:180] .
ثم نسخ حكم الوصية للوالدين وغيرهم من الورثة، وبقي الاستحباب للأقارب من غير الورثة أو لغيرهم. قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية: اشتملت هذه الآية الكريمة على الأمر بالوصية للوالدين والأقربين، وقد كان ذلك واجباً قبل نزول آية المواريث، فلما نزلت آية الفرائض نسخت هذه، وصارت المواريث المقدرة فريضة من الله، يأخذها أهلوها حتماً من غير وصية ولا تحمل مِنَّة الموصي، ولهذا جاء في الحديث: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث) .
وإنما يكون ظلمًا إذا أوصى بأكثر من الثلث، أو أوصى لبعض الورثة، ولا تنفذ الوصية حينئذ إلا بإجازة بقية الورثة لها، وكذلك إذا كان المقصود بالوصية العطية لبعض أبنائه في حياته مفضلاً إياه على غيره، فهذا ظلم، إن لم يكن للتفضيل مسوَّغ شرعي.
وقد سبق بيان حكم ذلك بأدلته في الفتوى رقم: 14254.
كما سبق الكلام على الوصية وشروطها في الفتويين التاليتين: 16881، 17791.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1424(12/6218)
الدين مقدم على الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[لي عم قد توفي ولا يوجد له ورثة إلا أخ وأخت (أشقاء) له ما زالا على قيد الحياة. وعند حصر الإرث وجد أنه يملك سيارة، وكان قد أوصى بأن تكون لابن أخت له متوفاة، مع العلم بأن هذه الوصية غير مكتوبة، ولكن هناك شهود قد سمعوا منه تلك الوصية. وقد اتفق الورثة (الأخ والأخت) على إعطاء تلك السيارة لابن الأخت تنفيذا لوصيته.
السؤال هنا هل يجوز هذا التصرف (إعطاء السيارة لابن الأخت) مع أن على هذا العم المتوفى دين عبارة عن أقساط سنوية يجب أن يدفعها للدولة (صندوق التنمية العقاري) حيث أنه قد اقترض من ذلك الصندوق مبلغا من المال لبناء بيت له، ولكنه توفي قبل أن يتم رد ذلك الدين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أول ما يؤخذ من تركة الميت تجهيزه ثم قضاء ديونه، ثم بعد ذلك تكون الوصية من ثلث الباقي. وما بقي بعد التجهيز وقضاء الديون والوصية يقسم على الورثة؛ لقول الله تعالى بعد ذكر الورثة: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:11] .
وعليه؛ فإذا كان ما تركه الميت من المال بما فيه البيت يفي بقضاء ديونه أو يزيد، فيجب تنفيذ وصية الميت بدفع السيارة للموصى له بها، وهو ابن الأخت؛ لأنه ليس بوارث، ولا يقدح في الوصية عدم كتابتها، ويكفي ثبوتها بالشهود.
هذا بشرط أن تكون الوصية (السيارة) في حدود ثلث ما بقي من مال الميت، أو أقل بعد قضاء الدين، أو زادت عليه وأجاز ذلك الورثة إن كانوا بالغين رشداء. وذلك لما في صحيح البخاري وغيره، من حديث سعد بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الثلث والثلث كبير أو كثير.
أما إذا كان مال الميت لا يفي بقضاء دينه فإن الوصية لا تصح أصلاً؛ لأن الدين مقدم على الوصية كما أسلفنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1424(12/6219)
الوصية لأي من الورثة باطلة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
توفيت امرأة عن زوج وأم وبنتين وأربعة أولاد، وتركت منزلا وذهبا ومبلغا من المال، وقد أوصت قبل وفاتها بأن يترك المنزل لتقيم فيه أمها، وأوصت كذلك بأن يتم تقسيم الذهب على البنتين بالتساوي دون
الأولاد ... فما مدى صحة ونفاذ هذه الوصية في مواجهة الورثة؟؟
وجزاكم الله خير عن هذا الموقع المبارك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. ورواه كذلك أحمد في المسند، وأبو داود في سننه.
فلا يجوز لأحدٍ أن يوصي لورثته بشيء ويجب أن تُقسم التركة على حسب شرع الله تعالى، فيكون للزوج الربع لوجود الفرع الوارث، وللأم السدس لوجود الفرع الوارث كذلك، والباقي من التركة للأولاد ذكورًا وإناثًا للذكر مثل حظ الأنثيين.
أما عن سكن الأم في هذا البيت خاصة فلا يجب إنفاذه؛ لأنه وصية والوصية للوارث لا تجوز كما سبق، لكن يجب على هؤلاء الأبناء أن يوفروا لجدتهم - أم المتوفاة - مسكنًا يناسبها إن لم يكن لها من المال ما يكفي لإيجاد مسكن لها، لأن نفقتها واجبة عليهم عند حاجتها للنفقة، وذلك في قول جمهور العلماء. قال ابن قدامة في المغني: ويجب الإنفاق على الأجداد والجدات وإن علوا، وولد الولد وإن سفلوا، وبذلك قال الشافعي والثوري وأصحاب الرأي. اهـ
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 8133، 20118، 23853.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1424(12/6220)
الطريق الشرعي لمن أراد أن يكافئ أحد ورثته
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي، السلام عليكم، وبعد:
ما هو حكم الدين في موضوع الإرث التالي:
لي أربعة أطفال: ولد و3 بنات، مع زوجتي الأولى التي طلقتها منذ سنة 1976، وضعيتي الحالية: متزوج منذ عام 1992، من امرأة عاقر، وساكن بشقة في ملكي، أولادي الأربعة تجاوزوا العشرين من عمرهم، أنهوا دراستهم الجامعية، وهم الآن يعملون خارج البلد.
إلا أن زوجتي الحالية، محتارة وتتساءل عن مصيرها بعد وفاتي، والله يعلم من سيموت قبل الآخر. ومع ذلك، تطلب مني أن أكتب عدليأً لصالحها 50/100 من ملكية المنزل الذي نعيش فيه الآن، فكرت جيدا في الموضوع ولم أجد حلاّ، لكن مع ذلك، ونظرا للرعاية والعناية التي تكنها لي هذه الزوجة، أريد منكم فتوى في هذا الموضوع، وهل يجوز لي أن أكتب لصالحها ما تطلبه مني؟
وشكراً لكم، والسلام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان قصدك بالكتابة هو الوصية لزوجتك بنصف البيت، وغيره من ممتلكاتك الأخرى - وهذا هو المتبادر - فهذا لا يجوز لما فيه من الوصية للوارث. وانظر الفتوى رقم: 28976.
أما أن قصدت به الهبة المعروفة، فلا مانع من ذلك، إن كان ذلك في حياتك وتمام صحتك، وتمت الحيازة من قبل الموهوب لها الحيازة الشرعية. وانظر الفتوى رقم: 30926.
وعليه، فمن أراد أن يكافئ أحدًا من ورثته على ما خصه به من العناية والرفق، فالطريق إلى ذلك هو أن يملكه ما أراد أن يخصه به في حال حياته، ولا بد من أن يحوزه الموهوب له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1424(12/6221)
العطايا المعلقة بالموت لها حكم الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل متوفى ولديه ابنة واحدة فقط وكانت هذه الابنة عاقة له في حياته وهذه الابنه لديها بنت هي حفيدة للرجل المتوفى وكان يحبها لأنها كانت تبره دون أمها التي تعقه فكتب هذا الرجل أملاكه في حياته باسم هذه البنت ولم يكتب شيئا لابنته ولم يعلم أحد بهذا إلا بعد سنين عدة اكتشفت البنت هذه الحقيقة وهي الآن امرأة كبيرة ولديها أبناء يتامى فما الواجب على هذه البنت الآن؟ علما بأن الأم لا تعرف حقيقة أن والدها كتب كل أملاكه باسم حفيدته ولم يكتب شيء باسمها فما هو واجب البنت؟ وهل يجوز لها أخذ هذا المال؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر أن كتابة الجدّ أملاكه لحفيدته المذكورة أراد نفاذها بعد موته، أي أن حيازة الحفيدة وقبضها لأملاكه لا يكون في حياته وإنما هو موقوفاً على موته.
وعلى هذا، فلها حكم الوصية.
قال ابن قدامة في المغني: والعطايا المعلقة بالموت؛ كقوله: إذا مت فأعطوا فلانًا كذا، أو أعتقوا فلانًا. ونحوه؛ فوصايا حكمها حكم غيرها من الوصايا.
والوصية لا تنفذ في أكثر من الثلث، وعليه فإن للحفيدة الثلث من تركة جدها، وما كان أكثر من الثلث فهو لورثته، فإن لم يكن هناك ورثة عصبة أو غير عصبة إلا ابنته، فإنها تأخذ جميع ما تبقى من المال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(12/6222)
لا وصية لوارث
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لسيدة أن تكتب ميراثها بالكامل لابنتها الوحيدة؟ علما بأن زوجها متوفى وليس لها إلا أخ وأولاده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لهذه المرأة أن توصي لابنتها بشيء من مالها، إذ لا وصية لوارث.
وللفائدة يراجع الفتوى رقم: 1996.
والوصية للورث باطلة، ولا تنفذ إلا إذا وافق الورثة الباقون كما في الجواب رقم: 7034.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1424(12/6223)
لا بد من التقيد بوصية الموصي
[السُّؤَالُ]
ـ[أوصى والدي رحمه الله بدفع مبلغ معين من المال دون التحديد إن كان نقداً أم لا فهل يجوز تقديم مواد عينية بدلاً من المال للمصلحة العامة؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك التقيد بما أوصى به والدك ودفع المبلغ المعين الذي حدده إلى الجهة التي أوصى لها، ولا يجوز العدول عما نص عليه، ولو رأيت في العدول مصلحة أكبر من وجهة نظرك لقوله تعالى: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ [البقرة:181] .
واعلم أن من برِّك بوالدك تعجيل ما أوصى به في أقرب وقتٍ ممكن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(12/6224)
يجب إنفاذ الوصية حسب عهد الموصي بشروطها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي كالآتي: أوصت جدتي لأمي عند وفاتها بثلاثة قراريط أرض كان ثمنهم في ذلك الوقت (600 جنيه) لكي تخرج ثمنهم لها في أعمال الخير، وقد باعت أمي هذه الأرض بسعر (1400 جنيه) للقيراط بعد وفاة جدتي بعشر سنين، وتريد أمي أن تخرج هذا المبلغ الآن فهل تدفع سعر هذه الأرض عند وفاة جدتي، أم تدفع ثمن هذه الأرض عندما باعتها، أم تدفع ثمنها بسعر الوقت الحالي؟ أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
إذا كانت هذه القراريط الثلاثة من الأرض التي أوصت بها جدتك في أعمال الخير قيمتها تزيد على ثلث التركة، فإن ما زاد على الثلث لا يصح إلا بإجازة الورثة لها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد سعد بن أبي وقاص أن يوصي بشطر ماله نهاه وقال: الثلث، والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس. رواه البخاري.
وأما إن كانت قيمة القراريط الثلث أو أقل أو أكثر وأجازها الورثة فيجب إنفاذ الوصية فيها ببيعها ودفع ثمنها بالغاً ما بلغ في للأعمال الخيرية التي أوصت الجدة بصرفه فيها، ولا عبرة بارتفاع سعر القراريط أو انخفاضه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(12/6225)
لا تجوز الوصية لوارث
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة متزوجة من رجل يعمل في البلاد العربية منذ فترة طويلة، وله ولدان من مطلقته، وله مكافأة نهاية خدمة كبيرة، ولكن ليس له الحق في أخذها إلا بعد استقالته، وهو يريد أن يكتب وصية لهذه الزوجة في حالة الوفاة بأن يخصص نصف المكافأة لها، فهل يحق له حيث إنها لا مورد لها آخر بعد وفاته لا قدر الله، فهل يحق له هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا تجوز الوصية لأحد الورثة، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الترمذي عن عمرو بن خارجة وإسناده صحيح.
وهذا المال إذا توفي الرجل دخل في الميراث، لأن من مات واستحدث مالا ولو دية دخل في الميراث، فلا يجوز أن يوصي لأحد من الورثةمنه ولا من غيره من ماله، ولكن له أن يوصي بالثلث لغير الورثة، كالفقراء وأعمال الخير، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطاكم ثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في أعمالكم. حديث حسن رواه الطبراني عن خالد بن عبيد الأسلمي.
وعلى هذا، فلها نصيبها من الميراث فقط، وهو الثمن، وإن كان له زوجات أخريات، شاركنها فيه.
وأما إذا أخذت نصيبها من الميراث ولم يرتفع عنها وصف الفقر، أي لا تزال فقيرة وليس لها دخل يكفيها للمسكن والملبس والمأكل فلا مانع شرعا أن تعطى من ثلث الوصية ما دامت في حاجة، وأما إذا بانت منه قبل وفاته، فله أن يوُصِيَ لها بالثلث فما دون، لأنها صارت غير وارثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(12/6226)
لا يلزمكم إلا ما أوصاكم به والدكم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان والدي رحمه الله له صديق عزيز وكان الرجل قد أعطى لأبي مبلغ 1980 جنيها مصرياً لشراء قطعة أرض مساحتها قيراط واحد ولم يكتب بها عقدا، وظل أبي يطالب الرجل باستلام أرضه حتى توفي أبي ولم يستلم الرجل أرضه، وأوصانا أبي على فراش موته قبل نطق الشهادة بأرض الرجل ومات أبي وطلبنا من الرجل الحضور لاستلام أرضه وجاء ليخبرنا أنه كان شريكاً أساسياً فى كل أرض أبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يلزمكم تجاه هذا الرجل إلا ما أوصاكم به والدكم أو ما تعلمونه في أنفسكم من حقيقة الأمر، هذا من حيث الديانة أما من حيث القضاء فالأمر خاضع للحجج والبينات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1424(12/6227)
متى تنفذ الوصية للوارث
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي زوج جميع إخوتي ما عدا أنا حيث أنا الصغير وقبل وفاته أوصى بقطعة أرض تكون لزواجي حيث زوج كل إخوتي على نفقته وباعها لي صوريا فقط، وأشهد على العقد كل إخوتي وأمي وهم كل الورثة وكانوا راضين بذلك، فهل ذلك صحيح من أبي أم في ذلك شبهة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الوصية للوارث لا تجوز اتفاقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث. أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه وأبو داود وصححه الأرنؤوط والألباني.
ولكنها تنفذ إن أجازها الورثة وكانوا بالغين رشداء عند الجمهور لما في سنن الدارقطني ومسند الشاميين: لا وصية لوارث إلا إن شاء الورثة. حسنه ابن حجر في التلخيص، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24693، 26277، 25102.
تنبيه: البيع الصوري لا أثر له ولا اعتبار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1424(12/6228)
أهدتها خاتما وأوصت ابنها أن يعيده لها بعد موتها
[السُّؤَالُ]
ـ[لم يكن لأمي من الذهب سوى خاتم قد أهدته لها أختي، وقد أوصت أمي أن أعيده لأختي بعد وفاتها
فما رأي الدين في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد شرع الله تعالى الوصية في حدود الثلث لغير الورثة زيادة في عمل العبد وأجره، وعلى ذلك.. فإذا كان لأمك مال غير خاتم الذهب المذكور وكانت قيمة الخاتم لا تتعدى ثلثه فيجوز لها الوصية به لغير وارث، والأفضل أن يكون من الأقربين لها، فإذا كانت أختك من غير أمك -يعني من زوجة أخرى لأبيك- فلا مانع من الوصية لها لأنها لا ترث من أمك.
وأما إذا لم يكن لها مال غيره وكان أكثر من الثلث أو كانت الأخت الموصى لها من أمك (وارثة) فإن الوصية لا تصح إلا إذا كانت أمك لم تحزه ولم تتملكه أصلاً عندما أهدته لها أختك فأوصت به لئلا يكون تركة، فهو في هذه الحالة لم يخرج عن ملك أختك لأن الهبة لا تمضي إلا بالحوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1424(12/6229)
مسائل في الوصية للأهل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله كل الخير عن جميع المسلمين ووفقكم الله
أرجو أن تفيدوني في مسألة الميراث إنني فتاة متزوجة ولي 3 أخوة ذكور غير متزوجين و3 أخوات إناث متزوجات ولهن أولاد وبنات ووالدتي أطال الله في عمرها وليس لدي أولاد وعندي مبلغ من المال فكيف يكون توزيع الإرث في مثل هذه الحالة؟ وزوجي هجرني منذ زمن ولا يصرف عليّ ولم يفتح لي بيتا منذ البداية فهل يستحق الإرث؟ وهل يجوز أن أكتب وصية أوصي بمالي لأهلي دون زوجي المتخلي عني؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 14909 حكم تقسيم التركة في حياة المورث.
أما تقصير الزوج في الحق الواجب عليه فلا يسوغ الاحتيال لإسقاط حقه من الميراث، كما هو موضح في الفتوى رقم: 11364.
وأما الوصية للأهل، ففيها مسائل:
- الوصية لا تجوز لوارث، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث. أخرجه الترمذي وابن ماجه والدارقطني، وصححه الألباني.
وفي رواية البيهقي والدارقطني: لا تجوز الوصية لوارث إلا إن يشاء الورثة.
وهذه الزيادة متكلم فيها إلا أن الجمهور على العمل بها، وقد حسنها ابن حجر في بلوغ المرام، وضعفها الألباني في الإرواء والجامع.
- نص الفقهاء على أن الموصي إذا قصد بوصيته الإضرار بأحد الورثة يعامل بنقيض قصده الفاسد، ولا تنفذ وصيته، ومُثِّل لذلك بالموصي لوارث لقصد الضرر بوارث آخر.
ويستدل لذلك بقوله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ. وقد فسر القرطبي الإضرار في الوصية بالزيادة على الثلث أو الوصية لوارث.
وقال صاحب المنهج في القواعد الفقهية: وبنقيض القصد عامِلْ إن فسد في قاتل موصٍ....
فينبغي الحذر من الإضرار في الوصية، فقد صح عن ابن عباس -كما قال ابن حجر- أنه قال: الإضرار في الوصية من الكبائر رواه الطبري وسعيد بن منصور.
وننبه إلى أن الوصية للوارث تنفذ إذا أجازها باقي الورثة، كما سبق هذا ولك أن تطالبي زوجك بحقوقك الواجبة عليه بما فيها المسكن، وتستدعيه عند المحاكم الشرعية، والمسامحة أفضل إن كنت غنية عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1424(12/6230)
هل يجب على وصي الأولاد إطلاع والدتهم على أموالهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة وقد توفي زوجي منذ 3 أشهر وقد قامت الشركة بوضع مبلغ من المال لي ولأبنائي،
وقام عم الأبناء باستلام المبلغ ووضعه في البنك باسمه، لكي يضمن حق أبناء أخيه ولا يطلعني على أي مبلغ يأتي لي ولأبنائي ويضيفهم إلى المبلغ الذي وضعه من قبل باسمه، فهل هذا جائز والحجة خشية أن أعطي المال لأهلي، وأن المحكمة وضعته وصياً على الأبناء وهو يطلع أمه وأخته
على المبالغ التي تأتي إلينا لكي لا يشعر أمه بأن ابنها قد توفي أفيدني بالرأي لو سمحتم ... هل هذا عدل أن تكون أمه التي كانت في بلد وهو في بلد لها الرأي، وأنا أكون على الهامش بعدما كان كل شيء بيدي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا المبلغ الذي قامت الشركة بدفعه لا يخلو من واحد من أمرين:
الأمر الأول: أن يكون من حقوق المتوفى.
الأمر الثاني: أن يكون تبرعاً من الشركة.
فإن كان من حقوق المتوفى فهو تركة وأنت ترثين منه الثمن، ولا يجوز لعم أولادك أن يمنعك من حقك، بل لا يجوز له أن تجول عليه يده إلا بإذن منك، لأنه ليس وصياً عليك ولا ولياً من أوليائك.
أما وضعه لحصتك في البنك باسمه فهو ظلم لك وتعد على حقوقك، فلك أن ترفعي أمره إلى القاضي أو إلى جماعة المسلمين ليأخذوا لك حقك منه.
أما إذا كان المبلغ المذكور تبرعاً من الشركة لورثة المتوفى فأنت أيضاً منهم، وحقك فيه يجري عليه ما جرى على حقك في الصورة الأولى.
أما إن كان التبرع مقصوراً على أولاد المتوفى دون زوجته، فلا حق لك في هذا المال، لأنه ليس تركة ومن تبرع به أخرجك منه.
وهذا يعرف بالرجوع إلى الشركة أو معرفة قوانينها.
وعلى كل حال.. فمال الأولاد يقوم برعايته وإصلاحه عمهم ما دام وصياً عليهم، ولا يجب عليه أن يطلعك على سيره، لكنه من باب حسن الخلق والرفق ينبغي له أن يخبرك بحاله جبراً لخاطرك وإيناساً لك ورعياً لمشاعرك.
والله عز وجل أسأله أن يوفقنا جميعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1424(12/6231)
حكم الوصية المعلقة على الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى جدي منذ 50 عاما وعنده 11 بنت وولد واحد هو أبي قام جدي بكتابة ما يملك (18 فدان) لأبنه وحرم بناته، ورضي أبى بذلك هل يقع الأثم على جدي وأبي معاً أم على جدي فقط؟ توفى أبي حديثا وعنده 4 بنات وولدان أنا واحد منهم قام أبي ببيع 10 أفدنه لإنفاق وبقي 8 فقط، هل يقع شيء من الإتم علينا أنا وإخوتى؟ هل يجب علينا رد شيء من الأرض لعماتي علما بأن معظمهمن قد توفى؟ إذا كنت قد نويت أن أرد كل ما ورثت عن أبي لأولاد عماتي حتى يغفر الله لأبي فهل أنا على صواب أم خطأ؟ كيف توزع التركه؟ هل من عمل تنصحون به حتى يرضى الله عن أبي وعني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أخطأ جدكم ووقع في الإثم حينما فضل الذكر على الإناث، سواء كان ذلك بهبته له حال حياته، أو بالوصية له به بعد موته كما يأثم من رضي بذلك وأقره وهو أبوكم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الهبة حال الحياة للأولاد: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه
وأمر برد الهبة الجائرة.. ولقوله في الوصية بعد الموت: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الترمذي والنسائي وغيرهما وصححه الألباني.
وما فعله جدكم يعتبر وصية، وقد اتفق أهل العلم على بطلان الوصية للوارثين سواء كانت في مرض الموت أو موقوفة على الموت، ووجوب إعطاء كل ذي حق حقه، وأنها لا عبرة بها.
وللورثة أو ورثتهم في هذه الحالة اللجوء إلى القضاء للحصول على حقهم.
أما إذا سلم الموصي "الجد" الأرض للموصَى له في حياته، وحازها حيازة حقيقية فعلية فهذه عطية أو هبة جائرة، يجب على الموصَى له ردها إلى الورثة ديانة، كما يجب على الموصي الرجوع فيها كذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ـ للنعمان بن بشير: فاردده. وفي راوية: فأرجعه.، فإن لم يفعل الموصي والموصَى له، فلا يحق لأحد من الورثة المطالبة بحقه قضاء، وإن كان يجب رد الحق ديانة على الموصي والموصَى له، وهذا قول جماهير العلماء، كما بينا ذلك واضحاً في الفتاوى ذات الأرقام التالية:
17791، 27771، 5348.
وبناء على ما سبق، فإذا كان جدكم قد كتب الأرض لأبيكم وعلق ذلك على موته، فالواجب قسمة الميراث حسب الشرع بين أبيكم وأخواته الإحدى عشرة ولا عبرة لهذه الوصية ثم يقسم نصيب أبيكم بعد ذلك حسب الشرع أيضاً، أما إذا كان جدكم قد سلم هذه الأرض لأبيكم حال حياته، فهي عطية نافذة، وكان يجب على أبيكم ردها ديانة، وإن كان لا يحق لاخواته طلبها منه قضاء، وبما أن أباكم لم يفعل، فالواجب عليكم ديانة رد باقي هذه الأرض إلى مستحقيها لعلمكم بأنها حق خالص لهم، وما باعه أبوكم سابقاً لا شيء عليكم فيه، وعليكم أن تطلبوا السماح لأبيكم من عماتكم، مع الإكثار من الدعاء له بالمغفرة والتصدق عنه ونحو ذلك مما ينفع الميت.
وليعلم أن أمر التركات شائك وخطير، لا يكتفى فيه بفتوى مفتٍ أو جواب عالم، ولكن لا بد فيه من الرجوع إلى الجهات المختصة بذلك، نسأل الله لنا ولكم الهداية والتوفيق والسداد والرشاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1424(12/6232)
من شروط قبول قول الوصي
[السُّؤَالُ]
ـ[بصراحة أنا أستفسر عن شيء.. أنا والدي توفي منذ خمس سنين وترك لنا محلاً تجارياً وبعد وفاته توليت أنا إدارة المحل وجمعت مبالغ جيدة في هذه المدة وكنت أحفظ الأموال مع والدتي وأنا لي ثلاث أخوات وأمي هي الوصية على أخواتي القصر، بعد فترة أحببت أن أعرف رصيدنا وصل كم ورأس مالنا وصل كم ولما طلبت من أمي الفلوس لم أجد شيئاً عندنا ولا مليما مع أنني كنت أكسب في اليوم الواحد مبالغ تكاد تصل مائة ومائة وخمسين جنيها في اليوم فأين ضاعت هذه المبالغ، أسأل نفسي وليس من السهل علي أن أتهم أمي بالسرقة ولما سألتها أين الفلوس قالت لي صرفوا، أننا كبرنا ومصاريفنا كثرت. ما رأي الدين في هذا وكيف أتصرف؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإيصاء هو: تفويض الشخص التصرف في ماله ومصالح أطفاله بعد موته، ويعتبر الوصي نائباً عن الموصي، وتصرفاته نافذة، ويده على مال المتوفى يد أمانة، فلا يضمن ما تلف من المال بدون تَعدٍ أو تقصير.
فإن لم يوص الشخص بذلك قبل موته عُين وصي لأطفاله عن طريق القضاء ونحوه.
وبما أن يد الوصي على مال الولى عليه يد أمانة، فإنه لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط، وقد نص العلماء على أنه يُصدَّق بدون بينة إذا نازعه المولى عليهم فيما أنفق عليهم من أموالهم ما لم يكن مسرفاً، لكنهم اختلفوا هل يصدق بيمينه أم بدون يمين؟
فمذهب الشافعية والمالكية والحنابلة على أنه يصدق بيمينه - وهو الراجح - قال زكريا الأنصاري في شرح روض الطالب: يقبل قول الوصي بيمينه إذا نازعه الولد بعد كماله في دعوى التلف والإنفاق عليه وعلى مُمَوِّنه. انتهى.
وقال المواق في التاج والإكليل: يصدق الولي في الإنفاق على الأيتام وإن كانوا في حجره ما لم يأت بَسَرف. انتهى.
وقال في مجمع الضمانات - وهو حنفي -: ويقبل قول الوصي فيما يدعيه من الإنفاق بلا بينة. انتهى.
وقال في غمز عيون البصائر: قول الوصي بلا بينة في دعوى الإنفاق هي إحدى المسائل العشر التي يقبل فيها القول بلا يمين. انتهى.
والحاصل أن قول الأم يُقبل فيما قالت، بيمينها على الراجح، أي تحلف أنها أنفقت هذا المال على أولادها، فإذا حلفت صُدقت.
وإن تسامحتم - أنتم الكبار- معها في اليمين كان أولى، رعاية لحق الأم، وعملاً ببرها، أما الإخوة الصغار الذين لم يبلغوا راشدين، فأمرهم موقوف على البلوغ والرشد، فإما أن يَطلبوا حقهم عندها، وإما أن يتنازلوا عنه، كل هذا إذا كان الوصي لم يظهر منه سرف ظاهر.
أما إذا كان الوصي قد أنفق عليهم بإسراف - وهو ما يخالف العادة والعرف - فالقول قول المولى عليهم؛ لأنه مأمور بأن ينفق عليهم النفقة المعتادة، فإذا تجاوزها فقد فرط، وهو ضامن بتفريطه.
وإننا لننصح السائل وإخوانه بأن يتسامحوا مع أمهم فيما مضى، ويأخذوا حذرهم فيما يستقبل، لعموم الأدلة الدالة على وجوب بر الأم ولزوم خدمتها والإحسان إليها، كما في الجواب رقم: 25001، والفتوى رقم: 23257، والفتوى رقم: 22420، والفتوى رقم: 22356.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1423(12/6233)
حكم وصية الجد لأولاد ابنه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
توفي والدي في حياة جدي وأنا أخ لأربع بنات فنشأت أجتهد مع أعمامي ثم قام جدي بتوزيع ميراثه علي أعمامي وأعطاني وإخوتي نصيب والدي ولكنه خصني من تركة والدي بـ 5 قراريط من أصل 60 قيراطا والباقي بيني وبين إخوتي فماحكم الشرع في ذلك؟ وما فتوى الدين في وضع المال في البنوك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي سؤالك أخي الكريم مسائل:
الأولى: أن والدك لا يرث من أبيه شيئاً لأنه توفي قبله، ولكن أباه (جدك) يرث منه لأنه مات في حياته، ونصيبه من تركته السدس لوجود الفرع الوارث وهو أنت وأخواتك، لقوله تعالى (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) (النساء: من الآية11) وهذا يشمل الأب والجد وإن علا فما بقي من تركة والدك يقسم بينك وبين أخواتك للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْن)
(النساء: من الآية11)
الثانية: تقسيم جدك لتركته بين ورثته في حياته له حالتان:
الحالة الأولى: تقسيمها على سبيل الهبة فلا بأس بذلك.
الحالة الثانية: تقسيمها على سبيل الميراث؛ فلا يصح. وسبق بيان هذا في الفتوى رقم 14893
وعليه؛ فإن المال الذي صرفه جدك إليك وإلى أخوتك لا حرج عليكم في أخذه لأنه يعتبر هبة لكم لا إرث والدكم.
ولا حرج عليه في زيادتك على أخواتك. وإن كان أوصى لكم بشيء من ماله فلا حرج عليكم أيضاً في أخذه بعد موته وتوزيعه بينكم حسب وصيته، إذا كنتم حال وفاته غير وارثين، أما إذا كنتم حالة وفاته من الوارثين فلا تصح لكم الوصية ولا تنفذ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا وصية لوارث " رواه أبو داود والترمذي.
الثالثة: إيداع المال في البنوك وهذا يختلف باختلاف البنوك المودع فيها فإن كانت ربوية حرم الإيداع فيها والإدخار. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم 3856
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(12/6234)
وصية الزوجة ألا يحضر زوجها جنازتها لا تنفذ
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في أن توصي زوجة قبل وفاتها ألا يحضر زوجها جنازتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد شرع الله تعالى الوصية، وجعل فيها لصاحبها الأجر والثواب، والوصية تعتريها الأحكام الخمسة: الوجوب، والندب، والحرمة، والكراهة، والإباحة.
وإيصاء الزوجة قبل وفاتها ألا يحضر زوجها جنازتها لا يجوز، ولا يجب على الزوج تنفيذه، لأن تشييعها والصلاة عليها حق له، فلا يجوز لأحد إسقاطه، قال النووي في المجموع: لو أوصى ميت أن يصلي عليه أجنبي, فهل يقدم الموصى له على أقارب الميت؟ فيه طريقان (أصحهما) وبه قطع جمهور الأصحاب لا يقدم، ولا تصح هذه الوصية، لأن الصلاة عليه حق للقريب وولاته، فلا تنفذ وصيته بإسقاطها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(12/6235)
بين الوصية للوارث المعلقة على الموت والهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[والد زوجي قرر حرمان زوجي من الأرض التي ورثها هو بدوره عن والده وذلك بسبب خلاف بسيط بينهما وقرر إعطاء الأرض لأخيه (أخ زوجي) الأكبر منه وهو بدوره أي الأخ يعلم بما يدور ويحاول الحصول على حصة أخيه، ما هو حكم الشرع في الأب وفي الابن الأكبر علما بأن والد زوجي وهو جاره يحاول أن يقطع عليه أسباب رزقه أيضا وذلك لأنه خالفه في أمر بسيط جداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على الوالد -في الحالة المذكورة- أن يتوب إلى الله تعالى مما حصل منه، وذلك بتمزيق هذه الوصية، والندم على فعلها، والعزم على عدم العودة إليها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وصححه الألباني، وقال البخاري في صحيحه: "باب لا وصية لوارث. انتهى
ويجب على الأخ الموصى إليه، أن يرفض هذه الوصية، وأن لا يعاون أباه عليها، قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
كما أننا نوصي الأخ الذي حرمه أبوه من الميراث، أن يبره وأن يتجنب إغضابه في كل الأحوال، ما لم يكن ذلك في أمر محرم، قال الله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] ، ولعموم الآيات والأحاديث الواردة في فضل بر الوالدين وطاعتهما في غير معصية الله تعالى، ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها:
1632 -
7034 -
25102 -
7275.
هذا إذا كانت الوصية معلقة على موت الأب، أما إذا أعطى الوالد الأرض لولده حال الحياة، فهي هبة وعطية خصه بها دون إخوانه، والحكم في هذه الحالة فيه تفصيل قد بيناه في الفتوى رقم:
6242 - والفتوى رقم: 14254.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1423(12/6236)
لا يجوز صرف الوصية إلا حسب ما حدد الموصي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
توفي والدي منذ أربع سنوات وقد أوصى بالثلث وقال إن ثلثي على فلان ولا يوجد عندي مال بل يوجد عندي عقار مستأجر يبلغ إيجاره الشهري 5000ريال ولا أستطيع أن أجمع المبلغ لأن عندي إخوة أصرف عليهم من الإيجارات مع أنهم موظفون ولكن برواتب بسيطة وأخي الأكبر مدين وكل ماجمعت شيئاً أصرفه على إخوتي فكيف أجمع هذا الثلث مع العلم بأنه مقدر بأكثر من ثلاث مائة ألف ريال]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك تنفيذ وصية والدك وصرف ثلث ماله إلى من أوصى له به بعد تجهيزه وقضاء دينه، ولا يجوز لك أن تأخذ من هذا الثلث شيئاً -ولو كنت محتاجاً- أو تصرفه على إخوانك المحتاجين، ولذا فإما أن تعطي الموصى له عقاراً إذا كان الموصى له معيناً، إلا إذا أراد بدله نقداً وكان بالغاً رشيداً، وقدرت على ذلك فلا حرج.
وإذا كان الموصى له غير معين فلا يجوز لك إلا أن تسلم الجزء الموصى به إلى الجهة المسؤولة عنه لتتولى إدارة شؤونه، فإن كان أبوك قد عينك أنت مسؤولاً عن هذا الوقف فعليك أن تبادر بفصله عن بقية التركة، وتصرف ريعه فيما أوصى به أبوك.
واعلم أنك على خطر عظيم إن لم تبادر بذلك، وما صرفته على نفسك وإخوانك من ريع الوقف قبل الآن فإنك ضامن له يجب عليك دفعه إلى أصحابه، ولا تبرأ ذمتك إلا بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1423(12/6237)
لا يجوز للأب أن يوصي لأولاده بالميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأب الذي لا يوصي لأولاده بالميراث في حياته وإذا كان الأولاد من أمهات مختلفة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز أن يوصي المورث لأحد من الورثة، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث.
وعليه؛ فلا يجوز للأب أن يوصي لأولاده بالميراث، لأن الميراث حق للورثة من الأولاد وغيرهم، كما قال تعالى: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيباً مفروضاً [النساء:7] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر. [متفق عليه عن ابن عباس رضي الله عنهما.]
وأما كون الأولاد من أمهات شتى فلا أثر له في الميراث حيث إنهم جميعاً يدلون إلى أبيهم ويرثونه على اختلاف أمهاتهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1423(12/6238)
تنفذ الوصية حسب ضوابط الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي توفيت من فترة قصيرة وقد أوصت بصدقة جارية هل يجب إخراجها من مالها الخاص أم يجوز من مال ابنها علما أنها تركت مبلغاً لهذا الغرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصدقة التي أوصت بها والدتك يجب إخراجها من مالها، إن كانت ثلث المال أو أقل، وكذا إن كانت أكثر وأجاز الورثة ذلك.
فإن لم يجزه الورثة يبطل الزائد على الثلث، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد حين قال: أوصي بمالي كله؟ قال: لا، قال: فبالثلثين؟ قال: لا، قال: فبالنصف؟ قال: لا، قال: فبالثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير. متفق عليه.
,لحديث: " إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند مماتكم." رواه أحمد وابن ماجه ويجوز لك أن تعمل صدقة جارية من مالك، وتهب ثوابها لوالدتك، ويمكن أن تكمل الزائد على الثلث إن امتنع الورثة، ولكن لا بد من إنفاذ وصيتها وفق الضوابط المتقدمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1423(12/6239)
تنفيذ الوصية واجب حسب شرط الموصي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم , أوصاني والدي ببناء مدرسة لتعليم القرآن للأطفال في قريتنا ولكن المشكلة أني أعيش في المدينة ولا أستطيع الإشراف عليها , خاصةً إن قريتنا أصبحت شبه مهجورة وأخشى أن يعلم فيها بعض المعتقدات الخاطئة , لذلك أفكر بالتبرع بالمبلغ لبعض المساجد التي تعلم القرآن أو مشاركة في بناء مسجد وهل أكون بذلك نفذت وصية والدي. أستحلفك بالله الرد على رسالتي وعدم تجاهلها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تنفيذ الوصية واجب في ثلث المال حسب شرط الموصي، فلا يجوز تغييرها أو تبديلها أو تأخيرها.
وعدم تنفيذها على وفق الوصية مع توفر الشروط وانتفاء الموانع يوقع في الإثم العظيم عند الله تعالى، قال تعالى: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:181] .
وعلى هذا؛ فإن عليك تنفيذ الوصية حسب ما أوصاك به الوالد، وإذا لم تستطع القيام على المدرسة بنفسك فبإمكانك تعيين من يقوم مقامك من الأكفاء الأمناء الأقوياء ليقوم بتصحيح المعتقدات وتقويم الأخطاء.
ولعل والدك اختار قريتكم بالذات لأن القرى مهملة –في أغلب الأحيان– ولا يتوفر فيها التعليم والخدمات العامة، ولسبب آخر وهو أن الأقربين أولى بالمعروف، فهم أولى بالتعليم وتصحيح العقيدة.
هذا إذا كانت القرية لم تهجر بالكلية، أما إذا كانت مهجورة بالكلية فإن عليك أن تحول المدرسة إلى أقرب قرية إليكم إذا كانوا يحتاجون إليها، وإلا ففي أي مكان آخر يحتاج إلى مدرسة قرآنية، فقد نقل عمر رضي الله عنه وقفًا بالكوفة للمصلحة، فكان إجماعًا من الصحابة رضي الله عنهم.
وهذا كله إذا كان أبوك أوصى ببناء المدرسة من ثلث ماله أما إذا كان ما صدر منه هو مجرد وصية منه لك أنت فلا شك أن من بره تنفيذ وصيته من بعده، لكن لا تأثم إن شاء الله تعالى إذا بنيت المدرسة في المكان الذي تراه الأصلح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1423(12/6240)
حكم تنفيذ الوصية بقيمتها لا بعينها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت امرأة وعند وفاتها أوصت بما لديها من الذهب للمجاهدين في سبيل الله ولكن زوجها لم يقدم الذهب وإنما قام بتقديم ثمن الذهب واحتفظ بالذهب، فما قولكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان القائم على تنفيذ الوصية يعلم أن للمتوفاة غرضاً في تعيين الذهب، فلا يجوز له العدول عنه إلى غيره، امتثالاً لتعيين الموصي، إلا أن يرضى من أوصت لهم بذلك، فإن رضوا فلا مانع من إعطائهم قيمة الذهب بالعملة التي يرضونها.
قال الجصاص في أحكام القرآن في تفسير آية الوصية: وفيها الأمر بإمضائها وتنفيذها على الحق والصدق. انتهى
أما إذا لم يكن للمتوفاة غرض من تعيين هذا الذهب، فلا مانع من إعطاء قيمته للموصى لهم؛ لأن الغرض من الوصية هو نفعهم وهو حاصل بالنقود، كما يحصل بالذهب.
قال ابن نجيم في البحر الرائق: وفي نوادر ابن سماعة عن محمد: إذا أوصى أن يتصدق عنه بألف درهم فتصدق بقيمتها دنانير يجوز. انتهى
وننبه إلى أنه لا يجوز تأخير شيء من قيمة الذهب كله؛ لأن ذلك من ربا النسيئة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1423(12/6241)
كيف توزع وتقسم الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى والدي وأوصى بثلث ماله لأعمال الخير، السؤال: هل يجوز توزيع هذا الثلث بالتساوي عليهم ويقوم كل بالتوزيع بمعرفتة الخاصة، وما الفرق بين عمل الخير والوقف؟ جزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان والدك أوصى لمعينين ولم يفرق بينهم فعليك أن تقسم الثلث بينهم بالتساوي، سواء كان المعينون أفراداً أو مؤسسات؛ إلا إذا كان الموصى لهم ورثة فلا تصح إلا إذا أجازها بقية الورثة.
أما إذا كانت الوصية بأعمال الخير عموماً فلعل الأفضل لك والأعظم في الأجر لأبيك أن تجعلها في وقف يدر أرباحاً تنفق في وجوه الخير ويحتفظ بأصلها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. رواه مسلم.
والصدقة الجارية هي الوقف. وهذا ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم عمر رضي الله عنه عندما جاءه يستشيره في مال أصابه وأراد أن ينفقه في وجوه البر.
ففي الصحيحين وغيرهما أن عمر رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره في مال أصابه، فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط أنفس عندي منه فما تأمر به؟ قال: إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها فتصدق بها عمر غير أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث....
قال العلماء: وهذا هو أصل الوقف في الإسلام.
وأما الفرق بين الوقف وأعمال الخير: فإن الوقف: حبس الأصل وتسبيل المنفعة، وهذه المنفعة تصرف في وجوه الخير وأعمال البر.
وأعمال الخير تشمل الوقف والصدقة والإنفاق وعمارة المساجد وبناء المدارس والمستشفيات وكفالة الأيتام......... وغير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1423(12/6242)
يستحب للجد أن يوصي بشيء لأحفاده
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في ميراث ابن الابن من الجد المتوفى في حالة وجود أعمام له يحجبونه عن الإرث كيف يعيش هذا الابن الابن فقيرا وجده ترك مالاً وفيرا ألا يكون له مقدار الوصية الواجبة حتى يتسنى له أن يعيش عيشة كريمة ويتم تعليمه مثل باقي أفراد اسرته؟ وهل يجوز للأبناء توزيع التركة قبل الوفاة حتى لا يكون لابن الابن أي نصيب في هذه الوصية الواجبة؟
دلني أفادك الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى وزع الميراث بين المستحقين له توزيعاً عادلاً حكيماً، بحيث جعل أحق الناس بتركة الميت أقربهم إليه، ولاشك أن الأبناء أقرب إلى الأب من الأحفاد، فكانوا أحق بتركة أبيهم منهم.
ولكنَّ ذلك لا يعني ترك الأحفاد بلا مواساة أو إحسان، فيستحب للجدِّ أن يوصي بشيء لأحفاده بما لا يزيد عن الثلث.
فإذا لم يوص الجد لهم بشيء استحب للورثة أن يعطوهم شيئاً من التركة استحباباً لا وجوباً، لقوله تعالى: (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) [النساء:8] .
وقد ذهب طائفة من العلماء إلى أن الآية منسوخة بآية المواريث، والراجح أنها محكمة، وأن الأمر فيها للندب.
وللوقوف على تفاصيل أكثر فيما يُسمى بالوصية الواجبة انظر الفتوى رقم: 22734.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1423(12/6243)
شروط جواز الوصيةعلى الأولاد لقاء أجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل أن يوصي بأن يكون أخوه وصيا على أولاده بعد وفاته وهل يجوز له أن يوصي لهذا الأخ ببعض من تركته كراتب شهري لتمكينه من رعاية أيتام أخيه الموصي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس أن يوصي الرجل أخاه بالقيام على أولاده القصر بعد وفاته، ولا بأس أن يجعل له أجرة على ذلك إما مقطوعة أو كل شهر أو كل سنة، لكن يشترط أن تكون من الثلث الذي يجوز له التصرف فيه.
قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: لو جعل الموصي للوصي أو المشرف عليه جعلاً، فهو من الثلث، وليس للقاضي عزله بمتبرع بالعمل.
وسئل شهاب الدين الرملي عن شخص أسند إليه وصيته الشرعية على بنتيه القاصرتين لشخص آخر، وأذن الموصي للوصي المذكور أن يستنيب شخصاً آخر معيناً ليساعده في خدمة المال وتنميته، وجعل الموصي للوصي في مقابل خدمته ونظره وحفظه لمال بنتيه المذكورتين مبلغاً معيناً قدره يأخذه من مالهما في كل سنة لا من ثلثه الذي يتصرف فيه بعد موته، وجعل لنائب وصيته المذكورة أيضاً في مقابلة مساعدته للوصي مبلغاً قدر نصف المبلغ الذي عينه للوصي المذكور يأخذه من مالهما في كل سنة أيضاً، لما رأى في ذلك من الحظ والمصلحة لحفظ مال بنتيه المذكورتين، فهل للموصي فعل ذلك؟ وينفذ فعله لذلك شرعاً إذا رأى في ذلك حظاً ومصلحة أو لا؟
فإن بعض علماء العصر اختلفوا في ذلك.
فأجاب رحمه الله: بأنه قد قالوا: لو جعل الموصي للوصي أو المشرف عليه جعلاً، فهو من ثلث ماله، وقد جعل الموصي في هذه المسألة المبلغ المذكور من غير ثلث ماله، فيتوقف على إجازة الوارث.
والإجازة من الوارث ووليه متعذرة، ولا يمكن تفويض أن ذلك مصلحة إلى رأي الوصي لاتهامه، وحينئذٍ فالوصية إما موقوفة على إجازة الوارث بعد تأهله أو باطلة احتمالان أرجحهما أولهما. ا. هـ
أي أن الإجازة لا تنفذ، ولا يعطى هذا الوصي شيئاً من المال إذا كان من تركة الوارث إلا بعد أن يبلغ الرشد هؤلاء الأبناء، ويجيزوا وصية مورثهم، فإن لم يجيزوا فلا تنفذ الوصية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6244)
حكم الوصية من النصراني وبالعكس
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لا يجوز لمسلم أن يأخذ وصية أوصت بها له جدته النصرانية؟ أقول وصية وليست ميراثا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمسلم قبول الوصية من قريبه الكافر سواء كان حربياً أو ذمياً أو مستأمناً، لأن الذي ورد فيه المنع هو الإرث دون الوصية، وتجوز الوصية أيضاً من مسلم لكافر سواء كان قريبه أو لا، وسواء كان ذمياً أو حربياً في دار الحرب. قال ابن قدامة في المغني: وتصح وصية المسلم للذمي والذمي للمسلم والذمي للذمي روي إجازة وصية المسلم للذمي عن شريح والشعبي والثوري والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي ولا نعلم عن غيرهم خلافهم ... وقال: " فإذا صحت وصية المسلم للذمي فوصية الذمي للمسلم، والذمي للذمي أولى، ولا تصح إلا بما تصح به وصية المسلم للمسلم، ولو أوصى لوارثه أو لأجنبي بأكثر من ثلثه وقف على إجازة الورثة كالمسلم سواء
والمسلم ليس وارثاً لقريبه الذمي عند جماهير أهل، العلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم " متفق عليه.
وعليه؛ فلو أوصى الكافر لقريبه المسلم أو غيره بالثلث فأقل صحت الوصية ولا يتوقف إنفاذ الوصية على إجازة ورثته.
وقال ابن قدامة رحمه الله: وتصح الوصية للحربي في دار الحرب نص عليه أحمد، وهو قول مالك وأكثر أصحاب الشافعي، وقال بعضهم: لا تصح، وهو قول أبي حنيفة لأن الله تعالى قال (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ *إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الممتحنة:8، 9] فيدل ذلك على أن من قاتلنا لا يحل بره. ولنا أنه تصح هبته فصحت الوصية له كالذمي، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى عمر حلة من حرير فقال: يا رسول الله كسوتنيها وقد قلت في حلة عطارد ما قلت! فقال: " إني لم أعطكها لتلبسها " فكساها عمر أخاً مشركاً له بمكة. ثم قد حصل الإجماع على جواز الهبة والوصية في معناها. انتهى
وعليه فلا حرج عليك في أخذ ما أو صت به جدتك لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1423(12/6245)
حكم من أوصى بماله لأخته دون سائر الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى الله خالي وترك تركة كبيرة وليس له من الورثة غير أمي وأولاد عمه حيث إنه لم يتزوج وكانت هناك مشاكل بينه وبين أولاد عمه فكتب كل التركه لأمي قبل الوفاة برغبته ودون ضغط من أحد فهل تصرفه سليم وإن كان غير ذلك فهل ما بحوزتنا حلال أم حرام وما العمل إن رفضت أمي وأخواتي التنازل بحجة أن خالي قام بذلك برغبته؟ ملحوظة خالي تولى تربيتنا أنا وإخوتي الخمسة منذ الصغر لوفاة والدي ونحن صغار وكنا نقوم بخدمته وكان يعتبرنا أولاده؟ شكرا لكم وأعتذر للإطالة....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكتابة خالك التركة باسم أمك إن كان على وجه التمليك لها، وفي حال الصحة والرشد منه، وقبضت أمك التركة في حال حياة الواهب الذي هو خالك، فهذه الهبة صحيحة، وإن كان كتبها حال مرض الموت أو عدم الرشد أو على أنها لا تملكها إلا بعد موته هو، فلا تصح هذه الهبة، وكذا إن كتبها حال الصحة والرشد، ولكن لم يتم قبض المال حال حياته لأنها إما هبة لم تقبض قبل حصول المانع وهو الموت، أو وصية لوارث. وفي كلتا الحالتين لا يجوز لكم تملك هذا المال بل الواجب أن يقسم حسب الاستحقاق الشرعي، فللأخت -وهي أمك- النصف إن لم يكن هناك من أهل الفروض أحد غيرها، والباقي حق لأبناء عم الميت الذكور منهم خاصة.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1423(12/6246)
السبب في منع الوصية للورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الوصية بالتركة كلها للأبناء فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الوصية لا تجوز بحال بل هي باطلة، لكونها وصية لورثة يرثون بأصل الشرع وقد ثبت النهي عن ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه.
كما أنها اعتراض على الله تعالى في عدله وحكمته، فالذي يعطي بعض الورثة، ويحجب البعض قد اعترض على شرع الله وتعدى حدوده، وقد قال الله تعالى بعد بيان أحكام المواريث: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ* وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ [النساء:14] .
والغرض من تلك الوصية هو الإضرار ببعض الورثة وحجبهم عن حق أوجبه الله لهم، ومن فعل ذلك فقد استوجب غضب الله وعقابه الأليم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار، ثم قرأ أبو هريرة رضي الله عنه: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ [النساء:12] . إلى قوله تعالى: ذلك الفوز العظيم. رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
ورواه الإمام أحمد وابن ماجه بلفظ: إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة، فإذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار. وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة، ثم قال: واقرءوا إن شئتم تلك حدود الله إلى قوله: عذاب مهين فالواجب على العباد هو أن يتقوا الله تعالى في السر والعلن، وأن يرعوا حدوده وشرعه الذي أمر به، فلا صلاح ولا فلاح للعباد في دنياهم ولا آخرتهم إلا باتباع أمره واجتناب نهيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1423(12/6247)
متى تنفذ الوصية للوارث
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن 7 اأناء ذكور وإناث ماتت الوالدة منذ سنتين وتزوج الأب وأنجب توأماً ثم مات وفوجئنا بكتابة وصية لزوجته بما يزيد عن ثلث الميراث فهل هذه الوصية واجبة التنفيذ علما بأنها غير مسجلة بالشهر العقاري وأن زوجته لها معاش يفوق 500 جنيه شهريا وأنها ورثت كل حقها وحق أولادها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه الوصية غير واجبة التنفيذ، لا في الثلث ولا في غيره، قيدت بالسجل العقاري أم لا، وسواء أكان لزوجته مرتب أم لا، لأنها وصية لوارث والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: " لا وصية لوارث " رواه أحمد وأبو داود والترمذي. وانظر الفتوى رقم 9088 والفتوى رقم 14175
فإن أجازها الورثة مضت، وإن أجازها بعضهم مضت في حصته دون حصة من لم يجزها بشرط أن يكون المجيز في كلتا الحالتين بالغاً رشيداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(12/6248)
الوصية لبعض الأولاد دون بعض ... نظرة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص له أولاد ذكور وأناث ويرغب فى أن يوصي بثلث ماله لواحد منهم دون الباقين أي أن ثلاثة أرباع الباقي من المال يقسم بين الإخوه بما فيهم من وصى له بالثلث نرجو التكرم بالإفتاء وشكرا لكم وجزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالعدل فيما يعطيه الأب لأولاده، ففي الصحيحين عن النعمان بن بشير قال: تَصَدّقَ عَلَيّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ فَقَالَتْ أُمّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لاَ أَرْضَىَ حَتّىَ تُشْهِدَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقَ أَبِي إلَى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم لِيُشْهِدَهُ عَلَىَ صَدَقَتِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلّهِمْ؟ " قَالَ: لاَ، قَالَ: "اتّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلاَدِكُمْ" فَرَجَعَ أَبِي، فَرَدّ تِلْكَ الصّدَقَةَ. وهذا لفظ مسلم.
فأمره صلى الله عليه وسلم، بالعدل بين أولاده ونهاه عن تفضيل بعضهم على بعض، لما يورث ذلك بينهم من الحسد والبغضاء وقطيعة الرحم.
فإن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل فلا بأس، هذا كله في العطية أي ما يعطيه الأب لولده في حياته حال الصحة، والوصية مثل العطية في هذا المعنى، بل أولى. فلا ينبغي للأب أن يوصي لبعض أولاده دون بعض، فإن فعل فالصحيح من أقوال أهل العلم وهو قول الجمهور كما قال ابن قدامة في المغني: أن الوصية موقوفة على إذن الورثة فإن أجازوها نفذت وإلا لم تصح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث. رواه أبو داود والترمذي وحسنه.
والوارث المعتبرة إجازته هو من كان وارثاً عند وفاة الموصي، ولا تعتبر الإجازة إلا بعد وفاة الموصي على الصحيح من أقول العلماء، ثم إنه لا تعتبر إجازة إلا من كان بالغاً رشيداً، فمن كان قاصراً أو سفيهاً أو مجنوناً فلا تعتبر إجازته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1423(12/6249)
أوصى لفلان وماتا في حادث..حكم الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
هناك رجل توفي وكتب في وصيته بأن يعطى فلان بن فلان مبلغاً وقدره وهذا المبلغ ليس حقاً على المتوفى وإنما مساعدة منه لصديقه وشاءت الأقدار بأن يتوفى الرجل هذا وصديقه الموصى له في حادث واحد هل المبلغ يذهب لورثة الصديق أو يبقى عند أهل الموصي وشكراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأمر في هذه المسألة لا يخلو من أحوال ثلاث:
الحالة الأولى: أن يتيقن أو يغلب على الظن موت الموصَى له قبل الموصِي، ففي هذه الحالة تبطل الوصية عند جمهور العلماء، وقد علل بعض الفقهاء ذلك بأنها عطية صادفت المعطَى ميتاً، فلم تصح، كما لو وهب ميتاً.
الحالة الثانية: أن يتيقن أو يغلب على الظن موت الموصى له بعد موت الموصي، وقبل القبول أو الرد، فإن ورثة الموصى له يقومون مقامه في قبول الوصية أو ردها، وهذا قول فقهاء الحنابلة، وعللوا ذلك بأنه حق ثبت له، فكان لورثته من بعده.
الحالة الثالثة: ألَّا يعلم أيهما مات أولاً، فتبطل الوصية أيضاً، قال صاحب كتاب تحفة المحتاج: فإن مات الموصى له قبله -أي قبل موت الموصي- وكذا لو مات معه بطلت الوصية لعدم لزومها وأيلولتها للزوم حينئذ. انتهى.
هذا ما أمكن الوقوف عليه في هذه المسألة.. وإننا نرى أن الأولى مراجعة المحكمة الشرعية إن وجدت، لأن حكم القاضي ملزم ورافع للخلاف في المسألة الاجتهادية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1423(12/6250)
أقوال العلماء في حكم الوصية، ومتى تكون واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم الوصية الواجبة (توريث أبناء الابن من الجد في حال موت أبيهم في حياة جدهم) وما هي أدلتكم في الإثبات أو النفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجمهور العلماء ومنهم الأئمة الاربعة على أن الوصية مستحبة، إلا إذا تعلق بذمة الإنسان حق لله كزكاة أو حج أو كفارة، أو حق للعباد في دين أو وديعة أو غير ذلك، فتجب الوصية حينئذ كوسيلة للخروج من الحق الواجب.
وذهب جماعة من السلف كعطاء والزهري وسعيد بن المسيب والحسن البصري وطاووس إلى وجوب الوصية على من ترك مالاً، وبهذا قال ابن حزم أيضاً.
وبالنظر في أدلة الفريقين يتضح رجحان مذهب الجمهور، ولهذا قال ابن عبد البر رحمه الله: أجمعوا على أن الوصية غير واجبة، إلا على من عليه حقوق بغير بينة، وأمانة بغير إشهاد، إلا طائفة شذت فأوجبتها.
والقائلون بإيجاب الوصية جعلوا ذلك عاماً في الأقارب غير الوارثين، ولم يخصوه بأحفاد المتوفى، كما ذهب إليه قانون الوصية المصري.
وحاصل ما عليه هذا القانون أن الوصية تجب لأهل الطبقة الأولى من أولاد البنات، ولأولاد الأبناء من أولاد الظهور وإن نزلت طبقاتهم، وصية بمثل ما كان يستحقه أبوهم ميراثاً في تركة أبيه لو كان حياً عند موت الجد، في حدود الثلث، بشرط أن يكون الحفيد غير وارث، وألا يكون الجد الميت قد أعطاه بغير عوض عن طريق تصرف آخر قدر ما يحب له.
واستند القانون إلى قول من أوجب الوصية من السلف، وإلى قول ابن حزم رحمه الله.
والحق أن المتقدمين من السلف لم يقصروا الوصية على الأحفاد، ولم يقدروها بنصيب الأب لو كان حياً.
وثمة مؤاخذات عدة على هذا القانون، نذكر منها:
1 -أنه قد يوجد من الأقارب غير الوارثين من لا يقل حاجة عن الأحفاد، وهؤلاء لم يعتبرهم القانون المذكور. ومن ذلك ما إذا مات الرجل عن أم وإخوة لأم، وأم لأب، فإن الجدة أم الأب في هذا المثال محجوبة بالأم، وقد تكون، محرومة لا عائل لها.
2- أن هذا القانون يترتب على تطبيقه وجود حالات شاذة لايمكن قبولها، ومن ذلك:
أ- أن بنت البنت قد تأخذ أكثر مما ترثه بنت الابن، فلو مات شخص عن بنت، وبنت بنت، وبنت ابن، وترك 30 فداناً فإن مقدار الوصية الواجبة لبنت البنت هنا هو ثلث التركة وهو 10 أفدنة نصيب أمها لو كانت حية.
وتأخذ البنت وبنت الابن الباقي فرضاً ورداً بنسبة 1:3، فيكون نصيب بنت الابن خمسة أفدنة أي نصف ما أخذت بنت البنت.
ب - أن تأخذ بنت الابن أكثر من البنت، وذلك فيما إذا مات شخص عن بنتين، وبنت ابن، وأخت شقيقة، وترك 18 فداناً فإن مقدار الوصية لبنت الابن ثلث التركة وهو 6 أفدنة، أما الباقي فيقسم بين البنتين والأخت الشقيقة، فتأخذ البنتان الثلثين 8 أفدنة، لكل منهما 4 أفدنة، وتأخذ الأخت الشقيقة الباقي وهي 4 أفدنة.
وهذا الشذوذ والاختلاف دليل على نقص البشر، وتصديق لقوله تعالى: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء:82] .
وقد تولى الله سبحانه وتعالى قسمة الميراث بنفسه سبحانه وتعالى، وهو أعلم بحال خلقه وما يصلحهم، فالواجب الاقتصار على ذلك، والصواب هو مذهب جمهور العلماء ولا شك، وقانون الوصية الواجبة خارج عن قول الجمهور، وخارج أيضاً عن قول من أوجب الوصية للأقارب غير الوارثين، وهذا الأخير مذهب مرجوح كما سبق.
وقولنا بعدم وجوب هذه الوصية لا يتنافى مع حثنا لصاحب المال أن لا ينسى أقاربه المحتاجين، وبالأخص حفدته ممن لا يرث، يستحب أن يوصي لهؤلاء بما لا يزيد عن ثلث التركة.
وللوقوف على تفصيل هذه المسألة ينظر أحكام الوصايا في الفقه الإسلامي للدكتور علي بن عبد الرحمن الربيعة وقد اعتمدنا عليه في هذه الفتوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(12/6251)
لا وصية لوارث؛ إلا أن يشاء الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[شكرا على الجواب السابق المتعلق بصلاة المرأة في بيتها
توفي رجل وترك زوجة وأبناء ذكورا وإناثا وأمه التي ورثت السدس من ولدها المتوفى فأوصت بنصيبها في الإرث لأولاد المتوفى شرط الاعتناء بها طيلة حياتها لأنها امرأة مسنة. فتوفيت هده المرأة المسنة وتركت بنتها المتزوجة وأحفادها من الابن المتوفى قبلها.هل هده الوصية جائزة أم على الأحفاد إعطاء نصيب من تركة أمها من ابنها المتوفى قبلها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا لم يكن لهؤلاء الأحفاد من يحجبهم عن الإرث من جدتهم فإن وصية هذه المرأة المذكورة لهم وصية باطلة، لأنها وصية لوارث، وقد جاء في حديث أبي أمامة الباهلي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا وصية لوارث " رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
قال الصنعاني في سبل السلام عند شرحه لهذا الحديث: وفيه دليل على منع الوصية للوارث. وهو قول الجماهير من العلماء.
ومحل هذا المنع هو ما إذا لم يجزها الورثة، فإن أجازوها فهي جائزة، لما رواه الدارقطني عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا وصية لوارث؛ إلا أن يشاء الورثة ".
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1423(12/6252)
هل تبطل الوصية بفقدان الذاكرة المتصل بالموت
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي كان مريضاً بمرض الزهايمر (فقدان الذاكرة المبكر) منذ فترة طويلة وبعد وفاته اكتشفنا الوصية ومكتوبة منذ زمن بعيد حتى إنها كانت بالعملة المستخدمة وهي (القرش) وبها عدة أمور منها الحج علي الرغم أنه حج قبل وفاته واعتمر فهل يجب تطبيق ما جاء بالوصيه على الرغم أنه ليس بإمكانه تغييرها لأنه كان مريضا وجزاكم الله عني وعن جميع المسلمين كل الخير وشكرا.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أوقع الوصية حال أهليته بأن كان بالغاً عاقلاً صحت الوصية ووجب تنفيذها فيما لا يزيد على الثلث، وما زاد على الثلث فموقوف على رضى الورثة. وبشرط أن يكونو بالغين رشداء.
وقد اختلف العلماء -رحمهم الله- فيما لو طرأ الجنون على الموصي أو أصيب بالوسواس حتى صار معتوهاً، هل يبطل ذلك وصيته أم لا؟ فالجمهور على أن ذلك لا يبطل الوصية ويجب الوفاء بها في حدود الثلث.
وذهب الحنفية -رحمهم الله- إلى أن الجنون المطبق أو العته إذا اتصلا بالموت بطلت الوصية، والراجح القول الأول.
وهذا المسؤول عن وصيته قد فهمنا من السؤال أن ما أصيب به ليس جنوناً، ولكنه فقدان للذاكرة، ونسيان الوصية ليس مبطلاً لها.
والخلاصة أن هذه الوصية يجب الوفاء بها فيما لا يزيد على ثلث التركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1423(12/6253)
يتصرف القائم على الوصية بالأنفع للموصي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل عندي وصايا قطيع من الماعز كانت على زوجتي ولما مرضت جعلتها علي وكانت قليلة ثم كثرت وأنا أقوم بإطعامها وأبيع منها وأشتري طعاما لها وأشرك معها غنمي وآخذ لي ولكنني أضحي للموصية من عندي بخروف كل سنة وأنا على هذا الحال لمدة تتجاوز الخمسة عشر سنة ثم عزمت على بيع أغنامي وكذلك الوصايا وهي لا تتجاوز سبعة ماعز وأضحي بقيمة الوصايا كل سنة ضحية لها سؤالي: هل علي شيء إذا زدت عدد السنين لكي أضمن إنفاق قيمة الوصايا وهل علي شيء فيما فعلت في البيع منها فيما سبق أرجو التفصيل في ذلك
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا لم يتضح لنا المراد من السؤال على وجه الدقة ومع ذلك نقول: الأصل أن للقائم على الوصية التصرف فيها بما هو أنفع وأصلح للموصي، فعلى هذا فإن كانت المصلحة تقتضي بيع أغنام الوصية فلا حرج إن شاء الله في بيعها، وإن كانت المصلحة في عدم بيعها فلا يجوز لك بيعها.
ولا حرج عليك أيضاً في كل تصرف تقتضيه مصلحة الوصية كالبيع منها من أجل القيام عليها بما يصلحها، وكذا ما تأخذه لنفسك بالمعروف مقابل قيامك عليها، ولا شك أن من مصلحة الوصية استثمار أثمان الشياه التي بيعت للمصلحة من أجل امتداد هذا المشروع الخيري لأكثر وقت ممكن.
وأما زيادة عدد السنين في الأضحية، تبرعاً منك وإبراء لذمتك، فأمر حسن تؤجر عليه إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1423(12/6254)
رصد مبلغ لبعض الأولاد يعتبر وصية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا رجل موظف على وشك التقاعد، لي تسعة أبناء (4 أولاد و 5 بنات) وأمهم. لا يوجد لي ورثة آخرون لوفاة والدي ووالدتي. أعانني الله وله الحمد على تعليم الخمسة الكبار (ولد و 4 بنات) تعليما جامعيا، وأرغب في إعطاء نفس الحق للأربعة الآخرين (ولدان وبنت في المرحلة الثانوية وولد عمره عشر سنين) . فهل هناك مانع شرعي على أن أفتح لكل واحد من الثلاثة حساباً خاصاً باسمه في بنك إسلامي بمبلغ يكفي لإنهاء دراسته الجامعية على ألا أمكن أحدا منهم من حق السحب إلا بعد وفاتي؟ . أما الطفل الأخير فسأوصي إخوته الكبار به خيرا. ومقصدي من هذا كله هو المساواة بين الإخوة في العطاء، ولا اعتراض لأمهم على ذلك.
أفيدونا بالرأي الشرعي حول هذا الأمر وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا وجوب المساواة بين الأولاد في العطية بالتفصيل في الفتوى رقم:
6242
وعليه فالواجب على الأب أن ينفق على أولاده بالمعروف وأن يقوم بما يحتاجون إليه من تكاليف الدراسة وتبعاتها.. هذا بالنسبة لمن بلغ منهم الدراسة في حياته هو، أما أن يرصد مالاً لمن لم يصل إلى سن الدراسة -أصلاً- أو لم يصل إلى مرحلة معينة من مراحلها -يقصد مساواته مع من أنهى دراسته في حياة الأب وتحت نفقاته فهذا ليس من المساواة المطلوبة شرعاً، إذ الشرع لا يلزم الشخص بأمر قبل وجوب سببه، ثم إن رصد هذا المبلغ الذي ذكرت والتحجير فيه على أهله في حياتك يعطيه حكم الوصية، والوصية لا تصح لوارث.
ناهيك عن ما فيه من جور على الأخ الأصغر، الذي لم تقم بتكاليف دراسته ولم تنزله مع أخوته، لهذا فالأولى لك أن تقسم المال الموجود بين جميع الأولاد القسمة الشرعية للذكر منهم مثل حظ الأنثيين، أو تتخلى عن الفكرة كلها. ولعل الله أن يمد في عمرك حتى تعلم الصغير ولا تظلم الكبير.
ونسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياك لما فيه خير الدنيا والآخرة، وأن يزيدك حرصاً على العدل والاستقامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1423(12/6255)
وصية الوالد لبعض أولاده دون بعض لا أثر لها
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل مات وكان قد أوصى بالإرث للبنين من أولاده دون البنات فهل يحق لبناته المطالبة بحقهن ولو قضاءً؟ أم ليس لهن الحق إذا لم يوص لهن صراحة بذلك؟ وما حكم من مات ولم يوص لأحد من الورثة بشيء من الميراث؟ وكيف يقسم بينهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأولاد والبنات يرثون من أبيهم ما تركه مع غيرهم من الورثة بحسب ما هو مقدر في شرع الله.
ولا أثر لكون الوالد لم يوص للبنات أو لأحد في الإرث، لأن حق الأولاد ذكوراً وإناثاً وغيرهم من الورثة ثابت في الشرع، سواء أوصى بذلك أو لم يوص.
فمن حق البنات أن يطالبن بنصيبهن من تركة أبيهن، ولو بالرجوع إلى القضاء، كما أن وصية الوالد لأولاده باطلة ولا أثر لها، إذ لا وصية لوارث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1423(12/6256)
لا وصية لوارث إلا أن يأذن الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت لي زميلة تصلي معي بالمسجد وأصابها مرض خطير فنقلت إلى المستشفى وأثناء زيارتي لها تركت لي مبلغاً من المال ثلاثة ألاف ومئتان جنيها وقالت لي تصدقي بالثلث والباقي لابني ذو الست سنوات وتوفيت بعد ذلك والمبلغ معي حتى الآن وأنا حائرة هل أنفذ ماقالته لي أم اضعه في دفتر توفير للطفل كنفقات تعينه على الحياة؟ ومع العلم أن أباه حي ومتزوج بأخرى.
أفيدوني وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا العمل من هذه المرأة يعد وصية، لأنه حصل في مرض الموت، وكما هو معلوم أنه لا وصية بأكثر من الثلث، ولا وصية لوارث؛ إلا أن يأذن الورثة.
فعليك أن تخبري والد هذا الصبي، وبقية الورثة بما حصل، فإن صدقوك فيما قلت، وأجازوا هذه الوصية فذاك، وإلا فإن الابن يأخذ نصيبه الشرعي حسب حصته من الإرث، ويسلم لوالده لأنه المسئول عنه، والباقي للورثة الآخرين، ولا يلزمهم التصدق بالثلث لعدم ثبوت الوصية شرعاً.
أما عن دفتر التوفير، فقد تقدم الكلام عليه في الفتوى رقم: 5942.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1423(12/6257)
حكم الوصية بجميع المال
[السُّؤَالُ]
ـ[تركت سيدة مالا لدى والدتي كأمانة قائلة لها ربما أحتاج هذا المال يوما ما فإذا مت قبل ذلك فتصدقي به كله ولا تعطي لأولادي شيئا منه ثم ماتت هذه السيدة فهل تتصدق بالمال كله أم بالثلث فقط ونعطي الباقي لأولادها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال ابن قدامة في المغني: والعطايا المعلقة بالموت كقوله: -إذا مت فأعطوا فلاناً كذا، أو أعتقوا فلاناً ونحوه،- وصايا حكمها حكم غيرها من الوصايا. انتهى
وهذا يعني أنه ينطبق على ما ذكر في السؤال أحكام الوصية، فلا يجوز أن تكون، لوارث لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه أبو داود وصححه الألباني، ورواه النسائي والترمذي وابن ماجه.
ولا يجوز أن تزيد الوصية على الثلث لقول النبي صلى الله عليه وسلم، لسعد بن أبي وقاص حينما أراد أن يتصدق بكل ماله: فالثلث والثلث كثير، إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس.... رواه البخاري وغيره.
وبناء على ذلك، فإنه ينظر في جميع ما تركته المتوفاة، فإن كان هذا هو جميع ما تملكه فلا يجوز التصدق به كله، ولكن بالثلث فقط، فإذا أجاز الورثة ما أوصت به أمهم جاز إذا كانوا بالغين رشداء، وراجع الفتوى رقم:
8147 والفتوى رقم: 16916.
أما إذا كان لها مال أخر، وكان هذا القدر المودع عندكم ثلثاً فما دونه فهو وصية نافذة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1423(12/6258)
الوصية ... مشروعيتها ... شروطها ... حدها
[السُّؤَالُ]
ـ[لمن تجوز الوصية في الميراث وكم قيمتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتجوز الوصية لكل إنسان بشرط أن يكون ممن تصح لهم الوصية شرعاً، فلا يكون وارثاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود. ولا يكون ميتاً؛ بل لابد أن يكون حياً حياة حقيقية أو حكمية كالحمل، أما الميت فالوصية له باطلة عند الأئمة الثلاثة، وقال مالك: تصح له، والأفضل أن يقدم في الوصية قرابته الفقراء.
قال ابن قدامه: والأفضل أن يجعل وصية لأقاربه الذين لا يرثون إذا كانوا فقراء في قول عامة أهل العلم. قال ابن عبد البر: لا خلاف بين العلماء -علمت- في ذلك إذا كانوا ذوي حاجة. وذلك لأن الله تعالى كتب الوصية للوالدين والأقربين، فخرج منه الوارثون بقول النبي صلى الله عليه وسلم "لا وصية لوارث" وبقي سائر الأقارب على الوصية لهم، وأقل ذلك الاستحباب. انتهى.
فإن ترك أقاربه وأوصى لغيرهم صحت وصيته في قول أكثر أهل العلم.
وأعلى حد للوصية الثلث، ولا حد لأقلها. وراجع الفتوى رقم:
2331 ... والفتوى رقم: 6271.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1423(12/6259)
المعتبر في موافقة الورثة على الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل موافقة الورثة على الوصية تكون قبل الوفاة أو بعدها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الوصية مشروعة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، قال الله تعالى: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ) [النساء:12] . وفي الصحيحين عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: "قلت: يا رسول الله، أنا ذو مال كثير، ولا يرثني غير ابنة واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا. قلت: أفأتصدق بشطره؟ (نصفه) . قال: لا. قلت: أفأتصدق بثلثه؟ قال: الثلث، والثلث كثير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير لك من أن تذرهم عالة يتكففون الناس".
وموافقة الورثة على الوصية لا تشترط لا قبل الوفاة ولا بعدها ما دامت الوصية في حدود الثلث أو دونه.
ويوضح هذا حديث آخر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله تعالى تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة لكم في أعمالكم. وفي رواية: في حسناتكم". قال ابن حجر: ضعيف، وله طرق يقوي بعضها بعضاً.
أما إذا تجاوزت الوصية الثلث، فلابد لإنفاذ ما زاد على الثلث من موافقة الورثة.
وننبه هنا إلى أن الورثة الذين تعتبر موافقتهم هم الورثة البالغون الرشداء، أما غير البالغين الرشداء فلا يجوز التصرف في حقهم بما ليس فيه مصلحة لهم، ولا تعتبر موافقتهم لو وافقوا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1423(12/6260)
حكم الوصية وأنواعها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل توجد وصية شرعية معينة يجب على كل مسلم أن يوصي بها قبل الوفاة؟ وما هي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الوصية هي: تصرف في التركة مضاف إلى ما بعد الموت. هذا التعريف هو أشمل ما عرفت به الوصية.
فتدخل فيه الوصية الواجبة وهي: ما تعلق بها حق واجب للغير كأداء الديون، ورد الودائع، ونحو ذلك، ويدخل فيه أيضاً الوصية المستحبة، وهي وصية الإنسان بإخراج جزء مأذون في إخراجه في سبل الخير بقصد كثرة الأجر، وزيادة الثواب، كما تدخل فيه أيضاً الوصية المحرمة، وهي الوصية بحرامٍ كالوصية ببناء كنيسة، أو دار لهو، أو كان القصد بالوصية الإضرار.
وبناء على ما تقدم، فإن وصية الإنسان بجزء من ماله غير واجبة على رأي الجمهور، وقد رأى جماعة من السلف وجوب الوصية على من ترك مالاً، مستدلين بأدلة لم يسلمها الجمهور.
وبهذا يعلم السائل أن الوصية بإخراج جزء من المال لا تجب، وإنما هي مستحبة إذا كانت بقصد القربة، وطلب الثواب.
أما الوصية بإخراج الحقوق الواجبة، فهي واجبة تبعاً لذلك، وعلى كل حال فالوصية ليست لها صيغة معينة، بل كل عبارة تدل على مقصود الموصي تكفي فيها، فلو قال الشخص: أوصيت لفلان بكذا، أو أعطوه من مالي بعد موتي كذا، أو جعلت له كذا من مالي بعد موتي، أو هو له بعد موتي. كان هذا كله كافياً في الوصية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1422(12/6261)
الوصية للابن لا تنفذ إلا بإذن الورثة.. والوصية للحفيدة جائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[إن أمي رحمها الله جاءت أقاربها في حياتها وهي بكامل قواها العقلية وأوصت بوصيتين وعاشت بعد الوصية سنين عديدة ثم توفيت وكتب الوصية أحد أقاربها وقالت له اكتب وصيتي لابني لقاء ما قدمه لي من رعاية وإن كان ذلك من حقي عليه ووصيتي هذه كل ما أخلفه بعد حياتي له تقديرا لما قدمه لي من رعاية وخدمة وحج وعمرة متكررة والوصية الثانية لإحدى حفيداتها المسماة باسمها أوصت لها بقطعة زراعية لاتتجاوز مساحتها 30في30م قدماً. هذا الاستفتاء نقدمه لفضيلتم لما يخالج الورثة من شكوك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فوصية الأم لابنها لا تجوز إلا بموافقة بقية الورثة، لأن الابن وارث، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "ولا وصية لوارث" رواه أبو داود والترمذي.
وما قدمه الابن لأمه من رعاية، وخدمة، فهو أمر مطالب به شرعاً، فلا يحق له أن يأخذ شيئا من تركتها عوضاً عنه باسم الوصية.
وأما وصيتها لحفيدتها فلا بأس بها، لأنها غير وارثة، بشرط أن يكون ما أوصت به أقل من ثلث المال، لمنعه صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص من أن يوصي بأكثر من ثلث ماله. كما في الصحيحن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1422(12/6262)
تنفذ الوصية بما يغلب على الظن
[السُّؤَالُ]
ـ[1-السلام عليكم ورحمة الله
سيدة (أ) أعطت نقودا أمانة لسيدة (ب) وأوصتها ألا تعطي هذة النقود لابنتها أي بنت السيدة (أ) ثم توفت السيدة (أ) وورثتها بنتها الوحيدة فماذا تفعل السيدة (ب) هل تنفذ الوصية أم لا تنفذ الوصية وتعطي المال للبنت الوارثة؟ وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فلا بد من النظر في قرائن الحال، فإن غلب على ظن السيدة المؤتمنة "ب"أن السيدة "أ" أوصتها بأن لا تعطي ابنتها المال مطلقا، في حال حياتها وبعد وفاتها، فهذا له حكم الوصية، فينظر إلى مقدار هذا المال بالنسبة إلى التركة، فإن كان ثلثاً فما دون، لم يكن للبنت الحق في شيء منه، وكان سبيله الصدقة والإحسان، أما إن زاد على الثلث، فيرد ما زاد إلى التركة، ويقسم على ما فرض الله، أما إن غلب على ظن السيدة المؤتمنة "ب" أن مراد السيدة " أ" هو منعها حال الحياة فقط؛فيرد المال إلى التركة ليقسم على أسهمها.
وما لم يترجح أحد الأمرين؛ المنع مطلقا، أو تقييد المنع حال الحياة، عمل بالثاني إذ هو المتبادر عند انتفاء القرينة الصارفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1422(12/6263)
تنفيذ الوصية حسب شرط الموصي، بما لا يخالف الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي وترك وصية بمبلغ من المال لأخته ثم من بعدها ينتفع به المسلمون. وعندما كانت تحتضر أخته أوصت بنفس المبلغ الخاص بها من الوصية الأولى لأخيها الغير محتاج. فما رد سيادتكم
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الوصية واجبة التنفيذ حسب شروط الموصي بلا تغيير، ولا يجوز تبديلها ولا مخالفتها، فمن بدل فيها أو خالف أثم.
ويشترط لاستحقاق الأخت للوصية أن تكون لا ترث أخاها الموصي، فإن كانت ترثه فلاحق لها في الوصية، والظاهر -حينئذ- انتقالها إلى الفقراء مباشرة، كما يشترط في الموصى به أن لا يكون أكثر من الثلث. أما وصية الأخت لأخيها فهي باطلة على كل حال لأنها أوصت بما لا تملكه، فالحق المذكور للفقراء فلاحظ فيه لأخيها إن كان غنياً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1422(12/6264)
شروط نفاد الوصية للوارث
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفي ولديه ثلاثة أبناء وأربع بنات بالإضافة لزوجته. وبعد وفاته وجدت وصية مكتوبة منه قبل أن ينجب ولم يذكر فيها شيئا عن أمواله لأبنائه. فهل يتم العمل بها أم تلغى الوصية. علما بأنه لايوجد غيرها.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الوصية واجبة التنفيذ إذا كانت في حدود الثلث فما دون، ولم تكن لوارث، أو كانت له وأجاز الورثة، أو بعضهم بالنسبة، فتمضي في حصة من أجازها، دون غيره.
فإذا كانت كذلك وقبلها الموصى له إن كان أهلاً للتملك، سواء كان معيناً كزيد -مثلاً- أو غير معين كالفقراء والمساكين، وكانت مما يصح الانتفاع به شرعاً، فإنه تتم حينئذ وتخرج من رأس مال التركة، إذ لا حق للورثة فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1422(12/6265)
لا تجوز الوصية بحرمان صاحب حق في الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة متزوجة ولها ولد، وزوجها معها، ولها ميراث من أبيها المتوفى وهذا المال عند إخوتها يحفظونه لها طلبت من إخوتها ألا يعطوا هذا المال لأحد في حالة وفاتها (المقصود زوجها أوأهل زوجها) وذلك لثقتها بأنهم سوف يأخذون هذا المال لأنفسهم ولايصرفونه على ولدها ولأن زوجها لا شخصية له مع أهله الطامعين.
فكيف يكون الوجه الشرعي في هذا رعاكم الله وحفظكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على هذه المرأة في أن تترك مالها عند إخوتها يحفظونه ويستثمرونه لها مادامت حية.
أما وصيتها لهم أن لا يعطوه لأحد بعد وفاتها، فليس لها ذلك، لأن المال بعد وفاتها يخرج عن ملكها، ويصير ملكاً للورثة.
وليس لها أن توصي بحبس شيء منه عنهم، إلا أن توصي بثلثه فما دونه لغير وارث منها، كأن توصي به لينفق على الفقراء والمساكين، وفي أوجه البر المختلفة، فلها ذلك، وهو صدقة من الله تعالى على المرء لتزداد بها أعماله بعد انقطاعها بموته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم" كما في المسند وسنن ابن ماجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1422(12/6266)
حكم الوصية كأمانة لأحد الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي تريد أن تكتب بيتنا على اسمي كأمانة حتى لا تكون مشاكل بين الإخوة في المستقبل وحتى لا ينفرد به أحد لأنه يؤوينا جميعا. علما بأنني عائل أسرتي ولست متزوجاً وأنا أصغر إخوتي؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لوالدتك أن تكتب البيت على اسمك كأمانة، لأن ذلك ربما أدى إلى النزاع الذي تخشاه والدتك، ولو أوصت والدتك رجلاً صالحاً أو رجلين صالحين، بفعل ما يلزم وفق شرع الله بعد وفاتها حسماً للاختلاف والنزاع، وأشهدت على تلك الوصية، ووثقتها عند جهة من جهات التوثيق المعتبرة في البلد، لكان ذلك أمراً حسناً كافياً في تفادي ما تخشاه من نزاع، وبه يؤول البيت لمن يستحقه حقاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1422(12/6267)
وصية الوالد لبعض الأبناء دون البعض باطلة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا سيدة متزوجة وكان لي والد غني جدا وقد تزوج بامرأة أخرى وطلق والدتي وأنجب منها 8أطفال وعند وفاته لم يوص لي بشيء وزوجته وأطفاله احتكروا الأموال كلها وأعطوني عشر ما أستحقه بعدما ذكرتهم بالآخرة وبعد ذلك سامحتهم بالباقي بيني وبين نفسي لم أصارحهم به ولكن عندما أمر بأوقات صعبة وأحتاج فيها الى نقود
لا أحللهم بنصيبي من الميراث علما بأن زوجي وضعه المالي ليس على ما يرام، ومرت الأيام وهم
يقاطعونني علما أنني أختهم الكبرى وفي مثل عمر أمهم وخفت ربي وبدأت بزيارتهم حتى لا تنقطع صلة الرحم ولكن عندما أزورهم ومعي بناتي لا يستقبلوننا استقبالا جيدا وأنا محتارة وأريد مقاطعتهم ولكن أخشى أن أكون قد ارتكبت إحدى السبع الموبقات أفيدوني أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
لحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا أثر لكون والدك لم يوص لك بحقك؛ فحقك في الإرث ثابة سوء أوصى لك أم لم يوص؛وإذا كان قصدك أنه أوصى بإعطاء ماله لزوجته وأولاده دونك فإن هذه وصية باطلة يجب تغييرها، لأنها وصية لوارث، وقد منع الشرع من الوصية للوارث، فقد روى الترمذي وابن ماجه من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أنه قال قال: صلى الله عليه وسلم: " إن الله تبارك وتعالى قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث" فيمكنك رفع الأمر إلى المحاكم -إن شئت- ليرفع ما وقع عليك من جور بحرمانك من ميراث أبيك. وقطعية الرحم أمر عظيم، وكبيرة من الكبائر، لكن قطيعة الرحم ليست من السبع الموبقات التي وردت في قوله صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات" متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. فلم يعد منها (قطيعة الرحم) . وفيما يتعلق بقطع الرحم راجعي الفتوىرقم 2352
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1422(12/6268)
عطية الأب لبعض ولده في مرض موته تأخذ حكم الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشرعي بالنسبة للأب الذي يحرم أحد أبنائه من الميراث فى حياته. وسبب الحرمان هو أن الابن زار أخا له من إخوته كان الأب غاضباً منه عليه والنتيجة أنه حرم الاثنين وسجل أكثر الأموال بأسماء أبنائه الباقين وذلك لما اشتد عليه المرض، وكان ذلك قبل وفاته بفترة قصيرة لا تتجاوز الثماني شهور، علما بأن الميراث كثير وفيه عقارات وشركات وبيوت وأراضي وأموال فى البنوك وكثير من الأثاث والمحرومان هما ذكر وأنثى وهي أرملة وعندها ولد ذكر وأربع إناث.
الرجاء الإفادة وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للأب أن يفاضل بين أولاده في العطية على الصحيح من قولي العلماء، قال ابن قدامة في المغني (فإن خص بعضهم بعطية أو فاضل بينهم أثم، ووجبت عليه التوبة بأحد أمرين، إما برد ما فضل به البعض، وإما إتمام نصيب الآخر) .
قال: (ولنا ما روى النعمان بن بشير قال: تصدق علي أبي ببعض ماله، فقال أمي عمرة بن رواحة: لا أرضى حتى تشهد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقته فقال: أكل ولدك أعطيت مثله؟ قال: لا. قال: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. قال: فرجع أبي، فرد تلك الصدقة". وفي لفظ قال: فاردده" وفي لفظ قال: "فأرجعه" وفي لفظ " لا تشهدني على جور" وفي لفظ " فأشهد على هذا غيري" وفي لفظ "سو بينهم" وهو حديث صحيح، متفق عليه، وهو دليل على التحريم لأنه سماه جوراً، وأمر برده وامتنع من الشهادة عليه، والجور حرام، والأمر يقتضي الوجوب، ولأن تفضيل بعضهم يورث بينهم العداوة والبغضاء وقطيعة الرحم، فمنع منه) انتهى من المغني.
فإن مات الأب قبل أن يرجع عن جوره، فلا يخلو من حالين:
الأول: أن تكون عطيته قد حصلت منه في حال صحته: فتثبت العطية على ما فيها من الجور والمفاضلة، عند أكثر أهل العلم، لكن يدعى الورثة إلى تحقيق العدل وتصحيح القسمة، ويرغبون في ذلك.
وقال أحمد في رواية: إن لسائر الورثة أن يرتجعوا ما وهبه، وهو قول عروة بن الزبير وإسحاق.
الثاني: أن تكون عطيته وقسمته الجائرة قد حصلت في حال مرض الموت أو المرض المخوف الذي يكثر حصول الموت منه فلا تنفذ، ويعاد تقسيم التركة كما أمر تعالى: (للذكر مثل حظ الأنثيين) لا يحرم منها وارث.
قال ابن قدامة رحمه الله: (وقوله" إذا كان ذلك في صحته" يدل على أن عطيته في مرض موته لبعض ورثته لا تنفذ، لأن العطايا في مرض الموت بمنزلة الوصية في أنها تعتبر من الثلث إذا كانت لأجنبي إجماعاً، فكذلك لا تنفذ في حق الورثة.
قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن حكم الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب: حكم الوصايا، هذا مذهب المديني والشافعي والكوفي) انتهى.
والوصية لوارث لا تنفذ إلا إذا أجازها بقية الورثة.
وبناء على هذا نقول: إن كان ما حدث من التفضيل والحرمان قد وقع أثناء مرض الأب مرض الموت، أو المرض الذي يخاف منه الموت، فعمله هذه يأخذ حكم الوصية، فيكون قد أوصى لبعض الورثة دون بعض، والوصية لوارث لا تنفذ إلا إذا أمضاها وأجازها بقية الورثة، فإن منعها أحدهم استحق نصيبه من الميراث كاملاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1422(12/6269)
لا تنفذ الوصية للوارث إلا برضا باقي الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[كان أبي قد كتب ملكية أرض لي ولأختي دون أمي وزوجته الأخرى مع احتفاظه من خلال عقد البيع بحقه في التصرف في الأرض بالبيع طوال حياته مما يعني أن هذه الكتابة ليست علي سبيل الهبة وإنما على سبيل الوصية والآن هناك من يريد شراء هذه الأرض وعقد البيع من الناحية القانونية يعطي لأختي الحق في نصف المبلغ الذي سيدفعه المشتري بينما يؤول النصف الآخر لي والآن فأنا أشعر بالظلم الشديد، وأختي تصر على التقسيم بالتساوي مدعية أن هذه الكتابة تعتبر هبة. أريد من حضراتكم توضيح كيفية التقسيم الشرعي للمبلغ المدفوع من قبل المشتري بالتفصيل وعقاب الله لمن لا يلتزم بهذا التقسيم؟ علما بأنني نويت مقاطعة أختي في حالة التقسيم بالتساوي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي يبدو أن تصرف هذا الوالد وصية، وعلى ذلك فنقول: إن هذه الوصية غير نافذة، وغير ملزمة لباقي الورثة، لأنك وأختك وارثان.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث" قال ذلك في خطبة الوداع، كما في سنن الترمذي وأبي داود وغيرهما.
ومعنى كونها غير ملزمة لباقي الورثة: أن لهم ردها، ولكن إذا أجازوها جازت، لأنهم أصحاب الحق، فإذا أسقطوا حقهم سقط.
وعلى ذلك فيجب عليكما أن تعلما أن تلك الأرض ليست لكما، وأن ما فعله والدكما لا أثر له شرعاً، وعليكما أن تبلغا بقية الورثة بذلك، فإن أجازوا وصية والدكما لكما بالأرض صارت لكما، وتقتسمانها بينكما حسبما يفهم مما هو مكتوب، والظاهر أنه التسوية.
وأما إن لم يُجز بقية الورثة تلك الوصية، فيجب عليكما أن ترداها حتى تنالها قسمة التركة، كما شرع الله تعالى. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1422(12/6270)
لا تنفذ الوصية للوارث إلا بإذن بقية الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[أوصت سيدة بشقتين مختلفتين فى السعر لأبنائها (3 بنات وولدين) فما نصيب كلا منهم فهل نصيب الذكر مثل الأنثيين فى الوصية أم أنهم متعادلون فى الأنصبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث" رواه الإمام أحمد والأربعة إلا النسائي، ورواه الدارقطني من حديث ابن عباس، وزاد في آخره: "إلا أن يشاء الورثة" وإسناده حسن.
وقد تلقى العلماء هذا الحديث بالقبول، وأجمعت العامة على القول به والعمل بمقتضاه، فمن أوصى لورثته فوصيته باطلة، إلا أن يجيزها كل واحد منهم ممن إجازته معتبرة شرعاً.
فإن أجازوها كلهم صحت، وإن أجازها البعض ممن كان جائز لتصرف نفذت فيما يخصه دون ما يخص غيره، وعلى هذا فالشقتان اللتان أوصي بهما لأبناء المورِث وبناته هما في حكم المال الموروث للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا أثر لوصية تخالف هذا، اللهم إلا أن يتراضى الورثة على شيء فلهم ذلك لأن الحق حقهم، فإن بقي منهم من لم يرض بغير القسمة الشرعية، أو كان منهم من لم يكن جائز التصرف فله ذلك. وجائز التصرف هو البالغ الرشيد. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1421(12/6271)
لا تصح الوصية للوارث إلا بإجازة الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[1-بالنسبة للأرض التي أشرت إليها في السؤال الأول (فتوه رقم 8716) فان الأب كان قد كتب ملكيتها بيني (الأخ الأصغر) وبين شقيقتي (الأخ الأكبر) وذلك حتى لا يكون لزوجتيه نصيب فيها بعد وفاته وكان في نيته أن تقسم حسب الشرع آي الثلثين لي والثلث لأختي وذلك بشهادة أمي والآن الموقف القانوني وهو ما تتمسك به أختي أن يكون التقسيم بالتساوي فما هو رأي الشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أخي السائل وفقك الله أن الأرض التي كتب والدك ملكيتها بينك وبين شقيقتك، إما أن تكون تلك الكتابة على وجه الهبة في حياته، أو الوصية بعد مماته، فالهبة تفضيلا لبعض للولد جائزة مع الكراهة عند الجمهور، ومنعها الإمام أحمد تحريماً، وهو الأقرب.
وإن كانت على وجه الوصية، فهي وصية لوارث لا تجوز إلا بإجازة الورثة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث" رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه.
فإن أجاز الورثة هذه الوصية " بمن فيهم زوجتا أبيك" جازت، فإن أجاز البعض جازت في حقهم دون حق من منع، ذلك أن المال بعد موت المورّث ملك للورثة، وليس للمورِّث إلا ثلث ماله عند وفاته يوصي به لغير الورثة، أو للورثة بشرط إجازتها، وتنفذ الوصية ـ إن أجازها الورثة ـ على ما أوصى به الموصي "والدكم" إن كانت مناصفة أو أقل أو أكثر.
إما إن كانت كتابته الأرض لكما من قبيل قسمة الميراث قبل وفاته، فالتقسيم إن وافق الشرع أنفذ، والتقسيم بمعنى أن الأرض لهؤلاء، والبيوت لهؤلاء لا يجوز إلا بإجازة الورثة. وبهذا التفصيل يتضح جواب مسألتك، ويمكن توجيه الإشكال، وتكييف القسمة بناء على هذا التفصيل. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1421(12/6272)
إذا أوصى بكل ثروته لشخص وارث أو غير وارث
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لي عم ليس عنده أولاد وقد أوصى بكل ثروته لي بعد عمر طويل - وله إخوة وأخوات - فهل يجوز لي أن آخذ هذه الفلوس أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالوصية هي التبرع بمال معلقا على موت المتبرع
وهي جائزة في الثلث.
وقد اتفق الفقهاء على أنه لا تجوز الوصية في أكثر من الثلث.
وذلك لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد سعد بن أبى وقاص فقال سعد: يا رسول الله قد بلغ بي الوجع ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مالي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا.
فقال سعد: فالشطر؟.
قال: لا.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الثلث والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس".
فلا تجوز الوصية بأكثر من الثلث إلا أن يجيزها الورثة.
فإن كان عمك قد أوصى لك بجميع ماله، فإذا مات أخذت الثلث، وصار الباقي موقوفاً على إجازة الورثة، فإن أجازوا فهو لك، وإلا كان إرثا يتقاسمونه بينهم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1421(12/6273)
تمضي الوصية بما لا يزيد عن الثلث.
[السُّؤَالُ]
ـ[أخت لها شقيقتان متوفيتان وأخ على قيد الحياة وتمتلك شقة ونصيبا فى منزل، عند مرضها تنازلت عن الشقة لاحدى بنات اختها على ان تقوم بعد وفاتها ببيع هذة الشقة وتقسيم ثمنها على ابناء وبنات اختاها (الذكر مثل الانثى) مع عدم اعطاء اخيهااى نصيب من هذه الشقة كما اوصت بالتنازل عن نصيبها من المنزل لاخيها دون اعطاء اولاد اختيها اى نصيب فما هى القسمة الشرعية فى مثل هذة الحالة وهل تجوز هذه القسمة ام لا وماذا تفعل هذة الاخت حتى لا تغضب ربها ثم لاتغضب خالتها وقد توفيت بالفعل وحتى لا تغضب اخواتها واولاد خاها وخالتها وجزاكم اللة كل خير والسلام عليكم ورحمة اللة وبركاتة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنما صدر من هذه المرأة الموصوفة بأن لها أخاً وأبناء وبنات أخواتٍ يعتبر وصية منها لأبناء وبنات أختيها بثمن الشقة المذكورة، والوصية لهؤلاء المذكورين بالثلث ماضية لأنهم غير وارثين، ولا عبرة بالمرض.
وبما أن هذه المرأة لها وارث وهو الأخ إذا كان شقيقاً أو لأب، فلا تمضي وصيتها بما زاد على الثلث من المال الذي تركته، بعد إخراج ما تعلق به من الحقوق من ديونٍ أو غيرها، إلا بإمضاء الوارث الجائز التصرف، أما القسمة فهي واضحة: وثلثه المال للأخ وثلثه الباقي لأبناء وبنات الأخوات للذكر مثل حظ الأنثى كما أوصت بذلك صاحبة المال الموصية، وفي الأخير فإننا نقول للسائل الكريم إن موضوع الوصايا والتركات أمرٌ خطير جداً وشائك للغاية، وما يعطي المفتي فيه من الحكم إنما يعني الجانب النظري فقط.
أما من الناحية العملية والتطبيقية فالواجب أن تحال على المحاكم الشرعية كي تحقق في الموضوع وتقوم بكل الإجراءات اللازمة لذلك. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6274)
شراء الوصي ما أوصي ببيعه
[السُّؤَالُ]
ـ[ارجو التفضل بالرد على هذا السؤال. أمرأة تملك حليا ذهبية أوصت أنه بعد وفاتها يباع من الحلي ما يكفي لشراء ذبائح توزع على الفقراء. بعد وفاتها تولى هذه المهمة أخت وأخ لها لكن عند عرض الحلي في السوق كان السعر المعطى أقل من قيمة شراء الذهب بكثير فقامت الاخت بشراء الذهب ودفعت فيه أكثر من السعر المعطى في السوق. هل فيما قامت به هذه الاخت بأس وإذا كان هناك حرج فماذا تفعل الان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
بيع الوصي لنفسه ما هو موصى ببيعه اختلف العلماء في جوازه فأجازه الإمام مالك إذا لم يحاب الوصي نفسه، وقيل عنه بعدم الجواز وأجازه الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه بشرط أن يزيد على ثمنه، وأن يتولى النداء غيره لتنتفي التهمة. وعلى مقتضى هذه التعليلات فما قامت به الأخت من شراء الذهب الموصاة ببيعه بأكثر من ثمنه في السوق صحيح ولا بأس به، لما فيه من مصلحة الفقراء بإيصال حقهم إليهم مع زيادة عليه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6275)
تصرف الوصية المطلقة فيما هو أنفع للمسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة ما إذا توفي شخص ما وترك مالاً وأوصى بأن ينفق هذا المال في أعمال البر والإحسان.
ما هي المصارف الأكثر نفعاً للمسلمين نفعاً مباشراً؟
هل يجوز أن تصرف مشاريع دعوية لكن ذات تكلفة عالية يهدر معها الكثير من الأموال في أبنية فخمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه وسلم أما بعد:
فالمراد بوجوه البر والإحسان في وصية الرجل تلك الأعمال التي يرجع نفعها إلى المسلمين، وهي وجوه كثيرة منها ما هو خاص ومنها ما هو عام.
وتتفاوت هذه الوجوه من حيث الأهمية والأفضلية، فالشخص الذي يكون وكيلا عن الميت يجب أن يحدد أهمية ذلك بحسب الزمان والمكان، ففي بعض البلاد الأفضلية لبناء المساجد لحاجتهم إلى ذلك، وفي بعض الأماكن الأفضلية للمدارس، وفي بعضها الأفضلية في التعليم ونشر الثقافة الإسلامية، وفي بعض آخر في تزويج الشباب، وفي بعض آخر تقديم الخدمات الطبية وهكذا، فصاحب العلاقة يجب أن يحدد ذلك، وعليه أن يتقي الله تعالى، وأن يتجنب ما لا يعود بالنفع على المستحقين، ويجوز أن تصرف هذه الأمور في أمور دعوية إذا كانت لها أهمية في نشر الإسلام شريطة أن لا تهدر الأموال وأن تكون الأبنية في حدود المعقول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6276)
تنفذ الوصية للوارث إذا أجاز ها بقية الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة اللة وبركاتة لقد توفى والدى وكان يمتللك سيارة راس مالة من والدتى وهى اعطتة المال هبة منها دون انتظار لردة ولكنة قبل الموت بفترة كبيرة اوصى ان تكون السيارة لى لانةانفق على اخواتى اكثر منى فى التعليم والزواج ولكنة طلب ان اسدد لأامى مبلغ 13الف جنية وهى قيمة ما دفعتة امى فى السيارة وان لا امتللك هذا المال والسيارة لاتساوى هذا المبلغ الن وامى قالت انها لاتريد شيا ولكن ذللك يعتبر دين على واخواتى متنازلين لى اريد ان اعرف راى الدين هل هذة وصية ام لا وهل ابى ارتكب بها اى اثم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فإذا ثبت أن أمك غير مطالبة بشيء وأن أخواتك متنازلات عن حقهن لو فرض أن لهن حقاً فالسيارة لك على كل حال سواء قلنا إنها وصية لك من أبيك أم قلنا إنها تركة لورثة أبيك الحق فيها. وأبوك رحمة الله عليه غير آثم إن شاء الله تعالى لأنه لم يقصد جوراً ولا ظلماً لأخواتك بل قصد إعادة توزيع ما عنده عليكن بالقسط فالحاصل أن الوصية للوارث متى ما أجازها جميع بقية الورثة وكانوا رشداء عاقلين بالغين فهي ماضية لأنها في معنى الهبة للموصى له وهبة الرشيد البالغ ماضية والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6277)
متى تجازالوصية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لأحد أقاربي أن يخصني بامتلاك أمواله بعد موته؟ وما هو مفهوم الهبة، علماً بأنه له أخا إلا أنه وكلني بمباشرة المال على أنه هدية من عنده؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المراد أن قريبك المذكور سيهب لك شيئاً من المال معلقاً ذلك على موته، كأن يقول: إن مت فلك كذا من المال، فهذه وصية. وللرجل أن يوصي بشيء من ماله لا يزيد عن الثلث لغير وارثه.
ففي الصحيحين من حديث سعد بن وقاص رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أوصي بمالي كله؟ قال: "لا". قلت: فالشطر؟ قال: "لا". قلت: الثلث. قال: "فالثلث، والثلث كثير، إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس".
فإن زادت الوصية عن الثلث أو كانت لأحد الورثة، فهي موقوفة على إجازة الورثة. لحديث: "إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث" رواه الترمذي والدارقطني وزاد: "إلا إن يشاء الورثة" قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام: إسناده حسن. وقال في الفتح: رجاله ثقات لكنه معلول فقد قيل: إن عطاء الذي رواه عن ابن عباس هو الخراساني وهو لم يسمع من ابن عباس. أهـ.
وقد أخذ بهذا الحديث جمهور أهل العلم، فأمضوا الوصية للوارث، وبما زاد عن الثلث إذا أجاز الورثة ذلك.
وإن كان قد وهبه لك في صحة منه ومُضي تصرفٍ، وحزته فهو لك، رضي الورثة أو أبوا، فالحاصل أن الهبة: ما يعطيه الإنسان لغيره في حياته، ويشترط لإمضائها أن يكون الواهب قد وهبها في صحة منه ومُضي تصرفٍ بأن كان رشيداً عاقلاً ليس مريضاً مرضاً مضنياً، كما يشترط في استمرارها أن يحوزها الموهوب له قبل موت الواهب أو إفلاسه، فإن مات أو أفلس قبل حوز الموهوب له للهبة ردت إلى الورثة في الموت، وإلى الغرماء في الفلس. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6278)
لا وصية لوارث
[السُّؤَالُ]
ـ[تركت أمي القليل من الذهب بعد وفاتها وأوصت ببعض القطع لبناتها. نحن ستة ذكور وبنتان وحالتنا المادية دون المتوسط وأنا وأخي مازلنا بدون زواج فهل نستعمل الذهب للزواج أم لا؟ وكيف نتعامل مع هذا الإرث مع العلم أن قيمة الذهب لا تتجاوز 4000؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: وصية والدتك غير معتبرة لأن البنتين ترثان منها ولا وصية لوارث. والذي ينبغي أن تفعلوه هو أن تقسموا ما تركته أمكم بينكم للذكر منكم مثل حظ الأنثين كما قال الله تعالى وهذا إذا لم يكن معكم وارث غيركم كزوج الأم أو أبيها أوأمها فإن كان معكم وارث أخذ فرضه وتقتسمون الباقي بعد ذلك بينكم على الصفة المتقدمة (للذكر مثل حظ الأثنين) [النساء: ... ] فما وصل لأحدكم بهذه الطريقة فهو ماله يتصرف فيه في حدود الشرع كيف شاء ومن ذلك أن يتزوج به. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6279)
الحرص على تنفيذ الوصية من الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أوصاني بأن أنصح أبناءه وأرشدهم إلى دين الحق قبل وفاته وأنا لا أستطيع ذلك لبعدي عنهم، فماذا أفعل تجاه هذه المشكلة، مع العلم أنني لو تكلمت أثناء قبض روحه لما استمع إلي لخلل في سمعه. وجهوني أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فإن كان الأمر كما يقول السائل فلا يشترط لإسداء النصيحة والإرشاد إلى دين الله حياة أحدٍ أو موته، بل يصح بعد ذلك في أي وقت كان والاستعجال أولى والمسارعة إلى بذل النصيحة والإرشاد إليها أمر عظيم، ومنصب جليل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يهدي الله على يدك رجلاً، خير لك من أن يكون لك حمر النعم" [متفق عليه] . فكن أخي المسلم حريصاً على تنفيذ هذه الوصية قبل موته وبعده حرصك على حياتك، وبأي وسيلة أمكنك، بالتليفون، بالإنترنت، بالفاكس، بالرسالة بالزيارة، بالمحاضرة على الأشرطة، فالله تعالى قد وسع على عباده المؤمنين بكثرة الوسائل المعينة على نشر الدعوة ولله الحمد والمنة. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6280)
لا تجوز وصية لوارث إلا إذا أجاز الورثة ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أمابعد: السؤال: نحن ثلاثة إخوة من الذكور وأخت والوالد يرحمه الله ترك لنا بناية عمارة وفيلا والوالدة يرحمهاالله تركت مجموعة من الذهب والحلي ,ولكن الوالدة أوصت باعطاء جميع الحلي والذهب لاختي. وكذلك فأنا أكبر إخواني ولقد ساعدت الوالد بالمال أثناء بنائه الفيلا، وإخوتي وقتها كانوا يدرسون, وهنا أسالكم كيف يكون تقسيم هذين العقارين حسب القوانين لإسلامية في الإرث وكذلك هل يصح لأختي أخذ جميع الحلي والذهب للوالدة دون أن تخضع للتقسيم الإسلامي في الإرث ,وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد: ...
وصية والدتكم رحمة الله عليها. بالذهب والحلي لأختكم لا اعتبار لها لأنه وصية لوارث، وأختكم سترث من الأم. إلا أن يجيز الورثة تلك الوصية. ثانياً: المال الذي كنت تساعد به في بناء الفيلا يختلف حكمه باختلاف قصدك فإن كنت تقصد به مساعدة أبيك فقط بحكم أنك أكبر أولاده وأنت الموظف منهم فقط كما يفهم من كلامك فلا شيء لك من الفيلا وأنت وباقي الورثة فيها سواءٌ. وإن كنت تقصد به المشاركة في امتلاك الفيلا فلك منها بقدر ما شاركت به وعليك أن تثبت ذلك بالبينة الشرعية وحاول أن لا يحصل بينك وبين إخوتك أي نزاع ولا شحناء وإن حصل بينكم نوع مشادة فالجؤوا إلى الصلح وتحكيم المصلحة أما قسمة ما تركه أبوكم من عقار وغيره فهي كالتالي: فإن كان أبوكم مات قبل أمكم فمعنى ذلك أنه ترك زوجة (وهي أمكم) وثلاثة بنين وبنتا للزوجة الثمن لوجود الفرع الوارث لقوله الله تعالى: (فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم) . [النساء: 12] ، والباقي بعد الثمن بين الأبناء الثلاثة والبنت. للذكر منكم مثل حظ انثيين لقول الله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) . [النساء: 11] ، فهو مقسم على سبعة أجزاء لكل ابن جزأين وللبنت واحد. وأن ماتت الأم بعد ذلك فما تركته للأبناء الثلاثة والبنت للذكر منهم حظ أنثيين كما تقدم. ... وأن كانت أمكم ماتت قبل أبيكم فمعنى ذلك أنها تركت (زوجاً) وهو أبوكم. وثلاثة بنين وبنتاً. للزوج الربع لوجود الفرع الوارث لقول الله تعالى: "فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن". والباقي بعد الربع بين الأبناء الثلاثة والبنت. للذكر منهم مثل حظ الانثيين للآية السابقة. فإن مات الأب بعد ذلك فما تركه للأبناء الثلاثة والبنت. للذكر منهم مثل حظ الأنثيين. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6281)
لا تنفذ الوصية لوارث إلا بإجازة الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... توفي والدي رحمه الله، وترك ثلث ماله للمحتاج من أولاده وقد استلفت جزءاً منه لشراء منزل لي، وقد طلبت من أخي المسؤول عن الثلث أن يتنازل لي عن جزء من المبلغ، حيث أني أحد الأولاد وهذا المبلغ دينا فأنا كذلك محتاج. علما أني أسدد نصف راتبي لبعض الديون الأخرى خلال شهرين أو ثلاثة. ... فهل لي الحق في هذا الطلب شاكرا ومقدرا تجاوبكم معي رجاء أن يذكر الدليل على ذلك والله يحفظكم. وأخذت جزءا من المال من ثلث.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلىآله وصحبه وسلم أما بعد: إذا كان قصدك أن الوالد أوقف ثلث ماله لمصالح المحتاج من أولاده بحيث يتموله، ولا يرده فهذه وصية فاسدة، لأنها وصية لوارث وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث". [رواه الترمذي وأبو داود، وابن ماجة وحسنه السيوطي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه] . وحكم الشافعي بوصوله إلى درجة التواتر، وعلى هذا فما أوصى به أبوك يقسم تركة كغيره من بقية المال، إلا إذا تارضى جميع الورثة على ترك المال لهذه المهمة وكانوا بالغين رشداء فلا حرج. والعلم عند الله.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6282)
حكم الاقتراض وقبول هدية من يعمل ببنك ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[اقترضت مبلغا من المال لأكمل عليه لشراء سيارة من زوج أخت زوجتي، كما أنه يأتي لنا بهدايا وطعام هدية على الدوام، ولكنه يعمل بأحد البنوك الربوية، وقد حدثت أعطال كثيرة بالسيارة وأشياء تحدث لنا، هل لهذا علاقة بالمال المقترض منه وللطعام الذي يحضره لنا؟ وما العمل لتطهير هذا المال؟ مع العلم أني سوف أؤديه إليه في نهاية العام إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الرجل الذي اقترضت منه ليسَ له مصدرٌ للدخل إلا عمله المحرم، فاقتراضُك منه محرم، وكذا قبولك هديته، وأما إذا كان ماله مختلطاً فيه الحرام والحلال فتعاملكَ معه بالاقتراض وقبول الهدية مكروه؛ إلا إن كان التعامل في عين المال المحرم فحينئذٍ تكون المعاملة محرمة، وقد فصلنا هذه الأحكام في فتاوى كثيرة وانظر الأرقام التالية: 9645، 32526، 26600، 44975.
وإذا علمتَ هذا، فاعلم أنه لا يبعد أن يكون ما يصيبك من سوءٍ وشر هو بسببِ أكلك للمال الحرام على فرضِ كون تعاملك مع هذا الرجل محرماً لا مكروهاً على التفصيل المتقدم، وذلك لأن أكل المال الحرام معصية، والمعاصي مجلبةٌ لتعسير الأمور وتنغيص العيش، قال الله عز وجل: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى:30} فالواجبُ عليكَ التوبة النصوح إلى الله عز وجل، والكفُ عن جميع الذنوب سواءٌ هذا الذنب أو غيره إذ كل ما يصيبُ الناس من بلاءٍ وشر سببه معاصيهم وما عملته أيديهم، قال الله عز وجل: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ {الروم:41} .
والتوبة والاستغفار وتقوى الله عز وجل والرجوع إليه بالإنابة سبب تيسير الأمور وصلاح الأحوال. قال تعالى على لسان نوحٍ عليه السلام: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا {نوح:10-12} وقال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4} .
وعليك بنصيحة هذا الرجل في الله، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، والكف عن قبول شيءٍ منه في المستقبل لعله ينزجر بذلك.
نسأل الله أن يرزقنا وإياك التوبة النصوح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1430(12/6283)
هل يلزم بيع الشقة المشتراة بقرض ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قام زوجي قبل 5سنوات بأخذ قرض ربوي بنكي لشراء شقة وكنت أنا من كفله وأنا نادمة على ذلك أشد الندم، وأنا دائما على خلاف مع زوجي حتى يبيع الشقة والخلاص منها ولكنه يقول لي إنه لا يستطيع لأن الإيجار سيكون أكثر من الدفعة البنكية ماذا أفعل فليس هناك من يقرضنا بالأقساط والبنوك الإسلامية تشترط أن يكون الراتب محولا عندها ولكن راتب زوجي محول لبنك آخر ليس برضاه لقد أصبحت حياتنا ضنكا وصعبة لدرجة أننا أحيانا لا نملك مصروفا بعد 10أيام من الراتب ولا نملك أقساط أولادي الجامعية وهذا أقول أحيانا ربما الله ليس راضيا عنا، أرجوكم ماذا أفعل أريد التوبة ورضي الله عنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك هو التوبة من إعانة زوجك على القرض الربوي وعليك القيام بنصحه أن يتوب عن هذا القرض، والتوبة النصوح هي المشتملة على: الندم على ما سلف من الذنوب، والإقلاع عنها خوفاً من الله سبحانه وتعظيماً له، والعزم الصادق على عدم العودة إليها، ومن تاب من الاقتراض بالربا فالواجب عليه هو رد المال المقترض، وإن استطاع أن لا يرد الفوائد فلا يردها، وإذا كان في تعجيل تسديد القرض الربوي مصلحة إسقاط الفوائد عنه فعليه أن يبادر إلى ذلك حسب الإمكان، وإن لم توجد هذه المصلحة فلا يلزمه تعجيل السداد، ولا يلزم زوجك بيع الشقة لأن القرض بعد قبضه يدخل في ملك المقترض ويصير ديناً عليه، وسواء في ذلك القرض الربوي أو غيره إلا أنه في القرض الربوي يأثم لتعامله بالربا.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 16659، 25156، 95558، 97703، 99553.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1429(12/6284)
جمعية خيرية تعطي قروضا وتفرض مبلغا شهريا على تلك القروض كمصاريف إدارية
[السُّؤَالُ]
ـ[جمعية خيرية تعطى قروضا للأسر الفقيرة لعمل مشروعات صغيرة وتضيف مبلغ 8 جنيهات شهريا على قيمة القرض وذلك لتغطية المصروفات الإدارية من (راتب المحصل وقيمة الورق والمواصلات) مع ملاحظة أن هذه القروض دوارة يتم إخراج المتحصلات منها إلى قروض بعد تحصيلها لزيادة عدد المشروعات والمستفيدين بعد تجنيب جزء من الأقساط, حيث إن هذه القروض هي قرض من إحدى مؤسسات الدولة يتم سداده على أقساط سنوية ويجب أن يعاد كما هو, بجانب عند إيجاد فائض من مبلغ المصرفات الإدارية يتم توجيهه لسداد ديون المتوفين من المقترضين، فهل يجوز ذلك، وهل يجوز تحصيل مبلغ غرامة تأخيرية عند التأخر في السداد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت المؤسسة تعطي قروضا دون فائدة، وإنما تضيف تكلفة المصروفات الإدارية الفعلية التي هي مبلغ مقطوع لا يرتبط ارتفاعه وانخفاضه بالمبلغ المقترض، فإن ذلك يعد من القرض الحسن الذي ندب الشرع إليه. وأما إذا كانت ترتبط في ذلك بالمبلغ المقترض فإنها حينئذ ستار للإقراض بفائدة، والإقراض بفائدة حرام إجماعا.
جاء في قرار المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي 1421هـ- 2000م بشأن النسبة المأخوذة على السحب النقدي بالفيزا لذوي الرصيد المكشوف ما نصه: السحب النقدي من قبل حامل البطاقة اقتراض من مصدرها ولا حرج فيه شرعاً إذا لم يترتب عليه زيادة ربوية، ولا يُعد من قبيلها الرسوم المقطوعة التي لا ترتبط بمبلغ القرض أو مدته مقابل هذه الخدمة، وكل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة لأنها من الربا المحرم شرعا. انتهى.
وبخصوص سؤالك: هل يجوز تحصيل مبلغ غرامة تأخيرية عند التأخر فى السداد.
فالجواب أنه لا يجوز؛ لأن الغرامة التأخيرية هي عين ربا الجاهلية، حيث كانوا يقولون للمدين إذا حل دينه: إما أن تقضي، وإما أن تربي.
وللمزيد تراجع الفتويان: 104074، 57334.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1429(12/6285)
حكم أخذ سلفة من المصرف
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذ سلفة من المصرف هل هو حرام، ومتى تكون السلفة حلالا؟، ومتى تكون السلفة حراما، وخاصة إذا كانت الأرباح الزائدة هي عبارة عن مصاريف للعاملين في المصرف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسلف من البنك إن كانت بفائدة فهي ربا محرم وإن سميت هذه الفائدة بغير اسمها الحقيقي كأن تسمى مصاريف إدارية أو أجور موظفين فهذا من باب تزيين الحرام وإخراجه في صورة مستحسنة، ولوكان البنك صادقا في ذلك لحدد مبلغا مقطوعا يكون أجرة فعلية على الإجراءات الإدارية، ولم تكن نسبة مضافة إلى رأس المال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1429(12/6286)
معنى القرض في القرآن واللغة، وحكم الاقتراض لأجل العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى القرض والدين والوديعة والاستثمار؟ وهل يجوز للمسلم الاقتراض في غير ضروريات الحياة؟ كأن يقترض لبناء مصنع، وما معنى القرض في القرآن الكريم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يحسن التعريف بهذه العبارات من حيث اللغة، بالإضافة إلى ما هو متعارف عليه، ولعل السائل يسأل عن معناها السائد عند البنوك.
أولاً: القرض، وقد ذكر التعريف به مفصلاً في الفتوى رقم: 25889.
أما الوديعة، فقد قال ابن منظور في لسان العرب في تعريفها ما يلي: واستودعه مالاً وأودعه إياه: دفعه إليه ليكون عنده وديعة. وأودعه: قَبِلَ منه الوديعة. فهي إذاً دفع المال إلى مَن يحفظه بلا عوض.
أما الدَّيْن فمعناه كما في لسان العرب أيضًا: دنت الرجل وأدنته: أعطيته الدين إلى أجل. اهـ
فالدَّين أخذ مال ليرد إلى صاحبه بعد مدة يتفق عليها العاقدان.
وبالنسبة للاستثمار فهو: طلب زيادة المال وتنميته. قال في مختار الصحاح: وأثمر الرجل كثر ماله. فهو البحث عن طريقة زيادة المال ونمائه. وللتعرف أكثر على معناه عند البنوك الآن يرجع إلى الفتوى رقم:
1220.
ولمعرفة أحكام هذه المعاملات بالنسبة للبنوك يرجع إلى الفتاوى التالية:
29129، 6933 5230، 25889.
أما الاقتراض من أجل بناء مصنع أو غيره من أسباب تنمية المال، فإن كان القرض مباحًا خاليًّا من الربا فلا بأس به، بل هو من التكسب المشروع الذي يطالب به المسلم، فعن رافع بن خديج قيل: يا رسول الله أي الكسب أطيب؟ قال: عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور. رواه الإمام أحمد وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
ولكن على مَن يريد أخذ هذا القرض المباح أن يكون ناويًا إرجاعه إلى صاحبه، فإن الله تعالى يوفقه للأداء؛ ففي صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله.
أما معنى القرض في القرآن الكريم، فالذي رجحه العلامة ابن كثير يشمل كل نفقة في سبيل الله تعالى مع الإخلاص، حيث قال عند قوله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً [البقرة:245] : روى عمر رضي الله عنه أنه الإنفاق في سبيل الله. وقيل: هو النفقة على العيال. والصحيح أنه أعم من ذلك، فكل من أنفق في سبيل الله بنية خالصة وعزيمة صادقة دخل في عموم هذه الآية. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1424(12/6287)
لا حرج في الادخار المذكور إذا تحقق ضابطان
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ فترة وأنا أعمل في شركة مرافق الكهرباء والمياه بالجبيل وينبع الصناعية وعرض عملي علي الادخار وقالوا لي يخصم من مرتبك كل شهر مثلأ (500) ريال ونضعها لك في بنك الجزيرة بينما تقوم الشركة كل شهر بوضع زيادة على المبلغ المخصوم عليك 10% يعني بمقدار خمسين ريال شهريا وبعد عشر سنوات تصبح الزيادة 100% مثل ما يخصم من مرتبي للادخار تدفع الشركة مثلي بالضبط ولكن لا أعلم إن كان هذا حلالا أو حراما، ولكني رأيت فتوى من أحد المشايخ جزاه الله خيرا، ولكني لا أتذكر اسمه يقول إذا كان الادخار مثل شركة أرامكو وسابك فإنه حلال لأنه تشجيع للموظف.. فأفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما وعدوك به مقابل ادخار المبلغ المذكور جائز إذا كان البنك المذكور تقوم معاملاته وفق الشريعة لأنه تبرع محض من المؤسسة تشجيعا لعمالها، هذا إذا لم تكن مستفيدة مما تدخره أنت، وإلا كان ذلك من باب سلف جر نفعا، والسلف إذا جر نفعا كان حراما، وقد حكى الإجماع على تحريمه أكثر من واحد.
قال ابن المنذر في الإجماع: وأجمعوا على أن المسلف إذا شرط عشر السلف هدية أو زيادة فأسلفه على ذلك أن أخذه الزيادة ربا.
وبناء على هذا فلا حرج في الادخار المذكور إذا تحقق الضابطان المذكوران وهما: موافقة معاملات البنك للشريعة، وعدم استفادة الشركة مما تدخره.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2722، 3023، 5706.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1429(12/6288)
تسمية البنك الزيادة على القرض ب (خدمات) حيلة شيطانية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم توثيق عقد رهن عقار (كموثق رسمي) بقرض من الدولة أشك أنه ربوي، فالدولة تبرم مع المواطن عقدا لاسترجاع مبلغ 30000 على دفعات مثلا بينما تسلمه وفق العقد 28000 أيضا على دفعات بحجة الخدمات؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.... أما بعد:
فهذا العقد هو عين السلف بمنفعة، وقد تقرر أن كل سلف جر نفعا فهو محرم، فالدولة في هذا العقد دفعت ثمانية وعشرين وأخذت مقابلها ثلاثين، ومحاولة تسويغ شرعية هذه الزيادة بوصفها بأنها خدمات مقدمة للزبون أو نحو ذلك إنما هو تحايل على الربا، وتسمية الشيء بغير اسمه، وهذا لا يغير من الحكم الشرعي شيئا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1423(12/6289)
لا حرج في استلاف القوت ورد مثله في الزمن المتفق عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعيش في قرية زراعية في فلسطين وتشتهر بزراعة القمح وإنتاج زيت الزيتون ومن عادة أهل قريتنا أن يأخذ شخص تنكة زيت ليرجعها بعد القطف للمحصول تنكة -دون -زيادة -ومن المعلوم أن الزيت والقمح هما القوت الدارج عندنا كبقية البلاد والدول المجاورة وإذا كان من الأقوات فهل يدخل هذا في حديث يدا بيد ولا يجب التأخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما تقومون به من أخذ ما أسميته تنكة الزيت أو غيرها من المقاييس المعروفة ورد مثله بعد أجل، هو القرض، وهو مستحب، لما فيه من تفريج كرب المسلمين وقضاء حوائجهم، وهو مشروع في كل ما يضبط بوزن أو كيل أو عد أو وصف. ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أسلف في تمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم" والإسلاف يدخل فيه القرض الذي لا نفع فيه للمقرض؛ إلا الشكر والأجر، انظر شرح سنن النسائي للسندي عند شرح الحديث المذكور.
وقد اقترض النبي صلى الله عليه وسلم من رجل بكراً -أي فتياً من الإبل- فأتاه يتقاضاه بكره، فقال لرجل: "انطلق فابتع له بكراً" فأتاه فقال: ما أصبت إلا بكراً رباعياً، فقال: "أعطه، فإن خير المسلمين أحسنهم قضاء" وبهذا يعلم السائل أن أخذ كمية معلومة من القمح أو من الزيت وإرجاعها في الزمن المتفق عليه هو من باب القرض ولا حرج فيه، بل فيه الأجر إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1423(12/6290)
حكم رد الدين من اللقطة، وهل يجوز قبوله
[السُّؤَالُ]
ـ[استدانت امرأة من أخرى مبلغا من المال ثم ردت لها ذلك الدين ولكنها تعتقد أن هذه النقود التي قد ردتها عليها قد وجدتها في مكة فهل هي آثمة أم لا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمقرض أن يأخذه ماله من المقترض إذا كان على علم تام أن ما قضاه به من عين الحرام، إذ معاملة الآخرين في عين الحرام محرمة.
لكن إذا لم يكن يعلم من أين اكتسبه؟ أو كان مختلطاً -حلالاً وحراماً- دون تمييز بين عين الحرام وعين الحلال فلا حرج في أخذ الدين منه.
وهذه المرأة إذا كانت عرَّفت لقطة الحرم سنة فيجوز لها أخذها، وقضاء دينها منها، وإن لم تعرفها فلا يجوز لها تملكها ولا قضاء الدين منها، كما هو مبين في الجواب رقم: 14308
ويكون ما أخذته حراماً، ولا يجوز للمقرضة أخذه منها إذا كانت تعلم ذلك، أما إذا كانت تشك في الأمر فقط فلا حرج عليها في أخذه منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1423(12/6291)
استدانة أحد الشركاء مبلغا ورده للشركة مع فوائد لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أعمل في شركة ويقوم أحد الشركاء – الذي يعمل مديراً بنفس الشركة – بسحب مبالغ تزيد على رواتبه ويأتي في نهاية السنة ويطلب مني حساب فائدة للشركة على المبالغ الزائدة بسعر الفائدة السائد في البنوك على اعتبار أن هذا هو حق باقي الشركاء مع أن الشركاء لم يطلبوا ذلك ولم يعلموا ذلك من أساسه.. فهل هذا التصرف صحيح أم أنه ربا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لهذا الشخص أن يأخذ من الشركة إلا ما تم الاتفاق عليه مع شركائه، ما لم يستأذنهم فيأذنون له بذلك، وأما حسابه فائدة لهم على ذلك مثل فائدة البنوك الربوية، أي فائدة ثابتة، فإنه لا يجوز ذلك، وهو من الربا، ولو أذنوا له بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1423(12/6292)
تسديد الدين بالمثل وليس بالقيمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو السداد المثلي للدين، والسداد القيمي للدين وما هو وجه الاختلاف.
وهل إذا كان عليَّ دين أسده بالمثلي أم القيمي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سداد الديون التي يتحملها الإنسان يكون بأداء كل ما تحمل، سواء كان مثلياً أو مقوماً، ولذلك لا بد من ذكر الأوصاف التي تخرج ما يتحمله الإنسان في ذمته من الجهالة، وتضبطه ضبطاً يقطع النزاع والاختلاف فيه، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من أسلف في شيء ففي كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم" أخرجه البخاري. وقال العلماء كل ما ضبط بصفات تنفي عنه الجهالة جاز أن يسلم فيه.
أقول: ما في الحديث من الأمر بعلم كيل المكيل أو وزن الموزون، وما اشترطه العلماء من وجوب ذكر الصفات التي ينضبط بها المبيع ويتميز، يدل على أن تسديد الدين بالمثل وليس بالقيمة، وهذا أمر لا خلاف فيه حسب علمنا، لكن إذا استهلك الإنسان شيئاً لغيره من العروض أو الحيوانات فقد اختلف العلماء في ما يجب عليه رده في هذه الحالة، فمنهم من قال: تلزمه القيمة إذا كان المستهلك مقوَّماً، مثل الحيوان ونحوه، والمثل إذا كان مثلياً، مثل المكيل والموزون، وهذا مذهب الإمام مالك وأبي حنيفة، ومنهم من قال: يلزمه المثل ولو كان مقوماً، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم لما كسرت عائشة رضي الله عنها إناء لإحدى أمهات المؤمنين غَيْرة: "إناء كإناء، وطعام كطعام" رواه البخاري. وهذا الأخير هو مذهب الإمام الشافعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1423(12/6293)
لا بد من أداء القرض ولو كان لغير المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[1-في الحقيقة أنا شاب مسلم أخاف الله سبحانه وتعالى كنت أعمل في أحد الدول الخليجية ووقعت لي القرعة الأمريكية وهاجرت إلي أمريكا لأن لي رغبة في الدراسات العليا في علوم الكومبيوتر. وهنا في أمريكا الحكومة تقدم منحاً وقروضاً للأمريكيين والذين في حوزتهم إقامة دائمة مثلي وقدمت لهذه المنح والقروض وواقفت الحكومة على منحي قرضاً يدفع بأقساط مريحة تصل إلى خمسة عشر عاما وأنا أكمل دراستي خلال عامين إن شاء الله وليس لدي الرغبة أن أعيش بظهر الكافرين ولا أدري كيف سوف أسدد هذه المبالغ الباهظة بعد الانتهاء إن شاء الله وهل يحق لي أن آخذ هذه الأموال?وأنا أعمل خمس ساعات في اليوم لأصرف على أهلي ونفسي أفتوني جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا القرض حسناً وهو ما كان بغير فائدة فلا بأس به، وإن كان بفائدة فهو رباً. وراجع الفتاوى:
1297 1215 13433
ولا يجوز لك الإقدام عليه، وإن كنت قد أخذته فالواجب عليك رده، لكن لا ترد الفوائد الربوية، لأنها ليست لهم شرعاً، إلا إذا خشيت على نفسك عقوبة بدنية أو مالية.
فإن كنت قد استهلكته أو كان قرضاً بلا فائدة، وأردت الرجوع إلى بلدك فإما أن تقضيهم الباقي دفعة واحدة، وإما أن تواصل دفع الأقساط من بلدك. أما أن تأخذ المال ولا تقضيه، فإن ذلك لا يجوز، لأنك دخلت بلادهم على عهد وذمة وأمان، وتعاقدت معهم على ذلك، فيجب عليك أن توفي بعقدك، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أو فوا العقود) [المائدة:1]
والمسلمون هم الأولى بالوفاء بالعقود، والأجدر بالوقوف عند الالتزامات والمواثيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1422(12/6294)
حكم الإنفاق من القرض على الأقارب
[السُّؤَالُ]
ـ[1-أعمل في إيطاليا وقمت بشراء منزل في إيطاليا ب 100000 جنيه إيطالي واقترضت 10000جنيه إيطالي من البنك بضمان المنزل بغرض تجديده. صرفت 5000 لهذا الغرض ووفرت 5000 حيث كنت أعمل بيدي.هل يجوز أن أنفق هذا المبلغ على إخوتي في مصر حيث هم في حاجة إليه ولكنني لست العائل لهم. وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا القرض إن كان بغير فائدة فإن لك أن تنتفع به بما تشاء، ومن ذلك أن تنفق منه على إخوتك، بل ذلك يعد من صلة الرحم التي تؤجر عليها، وبسببها يوسع الله رزقك، ويطيل عمرك، أما إن كان هذا القرض بفائدة فالواجب هو التوبة والتخلص منه بإبطال العملية من أصلها، فإن أبوا وأجبرت على إتمام العملية فأتمها، وإرجاع الفوائد حينئذ يعد ضرورة ليس عليك فيه إثم، والإثم عليهم هم، ولكن يجب أن لا تعود لمثل هذه المعاملة الربوية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1422(12/6295)
حكم أخذ قرض من شركة على أن تسدد الشركة الفائدة مساعدة لموظفيها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا موظف في شركة وهذه الشركة أرادت مساعدة موظفيها في الحصول على سلف شخصية من المصرف الذي تتعامل معه الشركةعلماً بأن هذه السلف بالفائدة ولكن تدفع الفائدة من قبل الشركة بمعنى أن الموظف يأخد 100 ويرجع 100 والشركة تدفع الفائدة فهل هذا حلال أم حرام؟
أفيدونا بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما قامت به الشركة من عقد مع المصرف محرم لا يجوز، لأنه قرض ربوي، وإن كانت تريد مساعدة موظفيها، فليكن بالطرق المشروعة لا المحرمة، فإن ما عند الله لا ينال بمعصيته.
ولا يجوز للعاملين في هذه الشركة أخذ ذلك القرض، لما في أخذه من الإعانة على الربا والرضا به، وهذا محرم، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه هم فيه سواء" رواه مسلم وأحمد والنسائي عن جابر.
قال المناوي عن الكاتب والشاهد: واستحقاقهما اللعن من حيث رضاهما به وإعانتهما عليه.
وعليك بنصح زملائك في العمل، وإطلاعهم على هذه الفتوى، وإن احتجتم إلى القرض فابحثوا عمن يقرض قرضاً حسنا، ولا تلجئوا إلى الحرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1422(12/6296)
الاقتراض بالربا للكماليات أولى بالمنع
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ألجأت الظروف بعض الإخوان للعيش في بلاد الكفار، ويقوم هؤلاء بدفع إيجارات المساكن التي يسكنونها، غير أنه يمكنهم تملك هذه المساكن والطريقة التي يتم بها ذلك كالتالي: يقوم أحد البنوك بتسديد رسوم الإيجار عن المستأجر بعد اتفاقه مع المالك، ويقوم المستأجر الأصلي بدفع الأقساط إلى البنك بعد التفاهم معه على القيمة الإجمالية للبيت، غير أن المشتري من البنك إذا تأخر في تسديد أقساطه فإن البنك يزيد في المبلغ. علماً بأن هذه الطريقة هي الطريقة الغالبة لأصحاب الدخل المحدود، والغالبية من المسلمين لا يمكنهم تملك منزل إلا بهذه الوسيلة. وهل هناك فرق بين استعمال هذه الطريقة في الحاجات الضرورية للناس مثل السكن وبين غيرها من الكماليات أم الحكم عام في الجميع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم حكم الاقتراض من البنوك لشراء البيت والملابسات المتعلقة بذلك، في الفتاوى التالية 1215 10540 13433 6689
وما هو دون البيت من الكماليات فالمنع فيه من باب أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1422(12/6297)
حكم الاقتراض من البنك لشراء عضو بشري
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل يجوز الاقتراض من البنك لشراء عضو من أعضاء الجسم لرجل غير قادر على شراء هذا العضو علما بأن ثمن العضو خمسة وخمسون ألف جنيه ويعاني من فشل كلوي قد يؤدي إلى الوفاة
وهل يجوز لشخص آخر أن يقترض من البنك ليساعد هذا المريض لأنه هو الآخر ليس لديه القدرة المادية على المساعدة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن اضطر إلى شراء عضو كالكلية ونحوها وخشي على نفسه الهلاك؛ إن لم يشترها ولم يجد ما يشتريها به، ولم يجد من يعينه أو يقرضه إلا بالربا، فلا حرج عليه في أن يقترض بالربا ولا إثم عليه في هذه الحالة لأنه مضطر، والله تعالى يقول: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفوررحيم) [البقرة:173] ويقول: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) [الأنعام:119]
وأما اقتراض شخص بالربا ليعينه فغير جائز ما دام الشخص ذاته قادراً على الاستدانة، لأن الاقتراض بالربا من كبائر الذنوب، وإعانته لهذا الشخص مستحبة، فلا يرتكب كبيرة لأجل فعل مستحب، أما إذا كان الشخص المريض غير قادر على الاقتراض فلا بأس أن يقترض غيره لإنقاذه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1422(12/6298)
لابد من سداد الدين لصاحبه، إلا إن رضي بما فعلت
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تداينت دينا قبل حوالي 10 سنوات وبعد حوالي 7 سنوات أردت سداد الدين ولكن الدائن انقطعت أخباره ولذلك تصدقت بالمبلغ والآن بعد عشر سنوات وجدت طريقه لكي أرد له المبلغ المطلوب هل الصدقة التي تصدقت بها تفي بالغرض أم لا؟ أم يجب علي أن أسدد الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
- فإنه يجب عليك سداد الدين لصاحبه، لأن حقه لا يسقط بما فعلت، وذمتك لا تبرأ إلا بالسداد، إلا إذا رضي الدائن بما فعلت، ووافق على صدقتك عنه بهذا المال، فإن لم يرض انصرف ثواب هذه الصدقة إليك، ووجب عليك دفع ماله إليه، لأنه هو الأصل، ولأن الحقوق لا تسقط بالتقادم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6299)
تبرأ ذمة الميت بإسقاط صاحب الدين حقه
[السُّؤَالُ]
ـ[1-رجل توفي منذ مدة وعليه ديون لأمه وأبيه لكن أمه وأباه تنازلوا وقالوا إنهم قد سامحوه ولا يريدون المال هل يجوز ذلك وهل يعذب الميت عن هذا الدين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدين حق لصاحبه، وله الحق في التنازل عنه والعفو عن المدين، وإذا أسقط هذا الحق برئت ذمة المدين، وارتفع عنه الإثم، ومن ثم فإن الميت لا يعذب بالدين الذي أسقطه أصحابه.
أما كون هذا العفو جائزاً فهذا لا شك فيه، فهو عفو وإحسان، والله جل وعلا يقول: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) [آل عمران: 134] .
فما قام به هذان الأبوان معروف وإحسان فجزاهما الله تعالى خير الجزاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6300)
حكم بيع سلعة بأرخص من سعرها بشرط دفع السعر الأصلي، ورد الفارق بعد مدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن ما يسمى "تنزيلات" وصورته كالآتي:
أحياناً بعض الشركات الكبيرة تقدم أشياء رخيصة إذا قورن سعرها بسعره الأصلي، ولكن يجب على المشتري أن يدفع السعر الأصلي أولاً وهم يدفعون الفارق بعد شهرين، ويدعون أنهم يعملون خلال هذين الشهرين للتأكد من هو أهل للحصول على هذا العرض كما أن إرسال الفارق (الخصم) واستلام المال يأخذ وقتاً، وسؤالي هل هذا يشبه الربا أم فيه شبهة الربا مثل ما توجد في صفقات البنوك؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر أن المبلغ الزائد عن ثمن السلعة الذي يبقى عند الشركة لمدة شهرين حكمه حكم القرض.
والمقرض في هذه الصورة هو المشتري، والمقترض الشركة، والقرض جرَّ على المشتري نفعاً، وهو رخص ثمن السلعة عما هي عليه في الأماكن الأخرى، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قرض جر نفعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6301)
تعريف المعسر
[السُّؤَالُ]
ـ[من هو المعسر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمعسر هو: من لا يقدر على النفقة، أو أداء ما عليه بمال ولا كسب، وقال بعضهم: المعسر من زاد خرجه عن دخله.
وبعض أهل العلم يجعل المعسر قسمين:
الأول: معسر يستحب إنظاره وهو المعسر الذي ليس بمعدم، لكن في الحكم عليه بتعجيل القضاء أضرار، كمن عنده أصول أو عروض، أي عمارات أو تجارات، ولكن ليس في يده نقود.
الثاني: معسر يجب إنظاره وهو المعسر المعدم. وهذا التقسيم قاله علماء المالكية، وهو تقسيم وجيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6302)
شروط جواز اقتراض الشريك من الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي محل أنا وشركاء وفي بعض الأحيان أقترض بعض النقود لي أو لبعض الأصدقاء من حصيلة البيع فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يحل للشريك أن يقترض من الشركة له أو لغيره إلا برضى شريكه، لأن الاقتراض يؤثر على الشركة، والشريك أمين يجب أن يراعي الأصلح.
وبهذا تعلم أنه لا يحل أن تقترض من الشركة لك أو لغيرك، إلا إذا استأذنت شريكك في ذلك، أو كان العرف جارياً جرياناً عند كل الناس بأن لك فعل ذلك، فيجوز القرض في حدود ما هو مسموح به عرفاً، والأفضل والأحوط ألا يقدم على شيء من ذلك دون الإذن الصريح من الشريك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6303)
بذل الوسع لأداء الدين واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[1اقترضت مبلغاً من شخص ولكن لا أعرف مكانه الآن فهل أتصدق بالمبلغ نيابة عنه ويكون هذا سداداً للدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في أداء الحقوق وقضاء الديون أن تعطي لأصحابها ولا ينبغي التفريط في ذلك، فقد شدد النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الحقوق وأدائها، فقال صلى الله عليه وسلم: " لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء " رواه مسلم.
وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن العبد يحجب عن الجنة بسبب دينه حتى الشهيد فروى أحمد ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يغفر الله للشهيد كل ذنب إلا الدين فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك ".
فعلى السائل الكريم أن يبذل ما في وسعه لأداء دينه وإيصاله إلى صاحبه، فإن عجز عن ذلك فله أن يتصدق بذلك المال عن صاحبه ليصل ثواب الصدقة إليه -إن شاء الله تعالى- فإذا جاء صاحبه بعد ذلك وأمضى الصدقة فبها ونعمت، وإلِّا فيجب أداء حقه إليه، ويكون أجر الصدقة للمتصدق.
وأعلم الله.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6304)
حكم القروض الخاصة بالبناء من الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ما حكم القروض الخاصة بالبناء التي تصدر من المصارف أو عن طريق الدولة إذا كانت القيمة التي أخذها ثلاثون ألفاً وترد 34 ألفاً لمدة عشر سنوات، ما الحكم في جميع الأحوال إذا ما كنت أقيم في بيت غير صحي وغير مناسب ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المصرف أو الدولة تشتري لك مواد البناء ثم تبيعها لك بأكثر من قيمتها الحالية في السوق، فإن ذلك لا حرج فيه -إن شاء الله تعالى- أما إن كانت تلك الجهة تقرضك المال لترده عليها مع زيادة، فهذا عين الربا الصريح المجمع على حرمته الشنيعة، فلا يجوز الإقدام عليه إلا عند الضرورة القصوى التي لا مدفع لها إلا ذلك. وراجع الأجوبة التالية أرقامها: 1986 6501 6689
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1422(12/6305)
الإقراض مقابل العمل لدى الجهة المقرضة يعتبر ربا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم العمل لدى قطاع إيراداته عن طريق إعطاء قروض ثم إلزام المقترض بعمل دراسات له يقوم بها القطاع ويحصل بذلك على مقابل ويخصم من هذا الإيراد كل المصاريف ومنها الرواتب ثم يضاف على الربح المتبقي الإيرادات الأخرى علما بأن الإيرادات الأخرى ربوية كلها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا القطاع يقوم بإقراض من جاءه مقابل أن يشترط على المقترض كون القطاع هو الذي يقوم بالدراسة للمشروع مقابل مبلغ أو نسبة، فهذا من باب القرض الذي جر على المقرض نفعاً وهو الربا المحرم، والمال المكتسب من هذا حرام، وذكرت في سؤالك أن الإيرادات الأخرى ربوية أيضاً.
وعليه، فلا يجوز العمل عند هذا القطاع، لأن العمل معه يدخل في التعاون على الإثم والعدوان، والله تعلى يقول: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة:2] .
وفي صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم: "لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1422(12/6306)
من استدان باسم غيره فعلى من قضاء الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[1-أبي أخد دين باسمي لكني لم أنتفع به بل انتفع هو به ولم يسدده وأنا لا أملك المال لسداده هل أحاسب على هذا الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه المسألة فيها تفصيل: فإن كان أبوك قد أخذ هذا الدين باسمك وانتفع به دون إذنك، فإنه وحده ملزم بسداده، أي يجب عليه أن يقضي دينه، وإن لم يسدد هذا الدين مع قدرته على القضاء، فهو معرض لعقاب الله يوم القيامة وحسابه على هذا الدين، ما لم يسدد من تركته -إن ترك وفاءً- أو يعف عنه صاحب الدين.
وإن كان قد أخذ هذا الدين بإذنك فأنت ملزم بسداده إن لم يسدده، لأنك في هذه الحالة بمثابة الضامن له. هذا بالنظر إلى وجوب قضاء الدين، أما بالنظر إلى مراعاة حق الأب والإحسان إليه، فأداء دينه عنه قربة عظيمة، يرجى فيها أكبر الأجر، وأفضل الثواب عند الله يوم القيامة، لمن كان قادراً على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1422(12/6307)
الزيادة على القرض نظير الأجل ربا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من سلف مبلغاً من المال لشخص يستثمره أو يستعين به بالفوائد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك أن تأخذ من المقترض زيادة مشروطة على ما اقترضته، إذ الزيادة المشروطة التي يأخذها الدائن من المدين نظير التأجيل هي عين الربا المحرم بالكتاب والسنة والإجماع.
وإذا أعطيته المبلغ ليستثمره لك على أن لكل منكما نسبة شائعة من الربح إذا حصل، وإن حصلت خسارة فتكون في رأس المال، فإن هذه مضاربة مشروعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1422(12/6308)
حكم الاقتراض من جهة غير مسلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[1-أنا طالب فقير تقدمت إلى إحدى الجمعيات التي تقدم قروضا مالية لطلاب الجامعات دون فوائد (قرض غير ربوي) على أن يتم تسديد هذا القرض بالتقسيط خلال مدة محددة دون زيادة
ولكن هذه الجمعية هي جمعية نصرانية ولا يترتب على أخذ القرض من هذه الجمعية أي شيء
فما الحكم الشرع في أخذ مثل هذا القرض من مثل هذه الجمعية؟؟؟
الرجاء الاجابة بأسرع وقت ممكن وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من أخذ القرض من جمعية نصرانية أو يهودية أو غير ذلك؛ ما لم يكن القرض ربوياً. أو يكون ثمناً لِدِين مسلم، أو مميلاً لقلبه إلى هؤلاء، فعند ذلك يحرم الاقتراض.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1422(12/6309)
القرض المرجو من ورائه منفعة هو ربا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أسألكم عن حكم الشريعة في "الرهن" عندنا في المغرب (خصوصاً في مراكش) يدفع المختار مبلغاً من المال (50000 إلى 120000درهم) كسلفة ويخفض صاحب المنزل من الإيجار إلى نصف أو ثلث ثمن الإيجار العادي، على أن يكتبا عقد سلف (قرض) بينهما في المبلغ المذكور هل هذا جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أن صورة ما يجري هي كالتالي:
أن شخصاً مَّا ولنسمه المختار -مثلا- يقرض شخصاً آخر ولنسمه -مثلاً- عماراً مبلغاً من المال على أن يؤجر عمار بيته للمختار بإيجار أقل مما يؤجر به مثل ذلك البيت محاباة للمختار مقابل إقراضه ذلك المبلغ.
وهذه الصورة لا تجوز، لما تشتمل عليه من انتفاع المقرض (المختار) بما أقرضه للمقترض (عمار) وذلك محرم، ومعدود من صنوف الربا وأنواعه، وليس هذا من باب الرهن المشروع لأن الرهن المشروع هو أن يضع من له حق على شخص يده على مال لذلك الشخص ليستوثق به من حقه، فإذا سدد له حقه ردَّ الرهن إليه، وليس للمرتهن المقرض أن ينتفع بالمرهون لقاء قرضه.
وقد سبق أن أجبنا على سؤال مشابه لهذا السؤال فليراجع السائل جوابه المنشور تحت رقم:
9866 فإن فيه مزيد فائدة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1422(12/6310)
زوجك أحق من تصدقت عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة أقرضت زوجها مبلغاً تخرجه لله ولا يرضى سداده فما حكم الإسلام؟
وماذا تفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المراد بالإخراج لله الإخراج من أجل القرض الحسن لا من أجل الصدقة، فإن القرض الحسن مرغب فيه شرعاً مندوب إليه، وخاصة إذا كان المقترض محتاجاً، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه". أخرجه مسلم وغيره.
وأولى الناس بهذا المعروف هو الأقرب فالأقرب، وعلى ذلك فإذا كانت هذه السيدة أقرضت زوجها هذا المبلغ قرضاً حسناً، فقد فعلت ما تحمد عليه، ويرجى لها ثوابه عند الله تعالى.
وعلى زوجها - إن كان موسراً - أن يسدد لها ذلك القرض عندما تطلب ذلك منه، ولا يماطلها لأن مطل الغني ظلم، كما ثبت في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم.
إما إن كان معسراً، فعليها أن تنظره إلى أن يتيسر حاله، وإن تصدقت عليه بذلك كان خيراً لها وأفضل، لقول الله تعالى: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة:280] .
وإن كان المراد أنها أخرجت مبلغاً لتتصدق به فاقترضه منها الزوج، فإن كان معسراً فلتتصدق به عليه، وإن كان موسراً فليرده إليها لتتصدق به على غيره. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1422(12/6311)
المحاولة الجادة لإيجاد البديل الحلال مندوحة عن الاقتراض بالربا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف حكومي براتب بسيط وعائلة مكونة من 11 فردا. صلاحية إقامة العائلة ستنتهي هذا الشهر وهذا يتطلب مني دفع رسوم قدره 2500-3000 ريال ولا استطيع ذلك دفعه مرة واحدة. لا أجدإلى الآن من هو مستعد لإقراضي هذا المبلغ على أن أدفعه بشهور لاحقة. سؤالي هو هل يحق لي أن استقرض هذا المبلغ من البنوك الربية؟ وما البديل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن التعامل بالربا من أكبر الكبائر وأشنعها وأشدها عقوبة، وأوخمها عاقبة، ولا يعلم ذنب توعد الله صاحبه بإعلان الحرب بين الله وبينه غير الربا، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا لله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله) [البقرة:278-279]
والربا مهلك لصاحبه، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: " اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات" متفق عليه.
والمتعامل بالربا ملعون، ففي صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه. وقال: " هم سواء " وإن أمراً بهذه الدرجة من الخطورة، وتوعد الله عليه بهذا الوعيد الشديد، واستحق صاحبه هذه العقوبات؛ لحري بالمؤمن العاقل الذي يؤمن بالله وكتابه، وبما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم ويرجو لقاءه -أقول:- حري به أن لا يفكر فيه أصلا، ناهيك أن يطرحه حلا لمشكلة عارضة ألمت به، يمكن أن تحل بطرق أخرى مباحة، ولو كان في تحصيلها بعض الصعوبة.
لذلك؛ عليك أيها الأخ الكريم أن تبتعد كل البعد عن التعامل بالربا، والتفكير فيه، فإنه لا تنحل به المشاكل وإنما يزيدها أضعافا مضاعفة.
ومن كسر الحاجز بينه وبين التعامل به هان عليه بعد ذلك أن يتعامل به في كل حال، وهذا مشاهد مجرب كثيراً، فاتق الله تعالى يجعل لك من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ويرزقك من حيث لا تحتسب، كما وعد سبحانه وتعالى حيث قال: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً * ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً) [الطلاق:2-3]
وعليك أن تعرض مسألتك هذه على الجهات المختصة، وتفهمهم حقيقة وضعك المادي، ولا بأس أن تؤكد ذلك لهم بشهادة براتبك مثلاً. كما أنه لا حرج أيضا أن تعرضها على أهل الخير والمساعي الحميدة، ولن تعدم -بإذن الله تعالى- حلا مرضيا لمسألتك هذه إن اتقيت ربك، وسعيت في حلها بطرق مباحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1422(12/6312)
قروض الدولة المشروطة بزيادة وغير المشروطة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في الجزائر بدأت ظاهرة جديدة وهي تدعيم للشباب من طرف الدولة, وهذا التدعيم يكون كالتالي:نسبة معينة من المال تدعمك بها جهة معينة وهي لجنة تتابع المستفيد في مشروعه وهي لا تأخد مقابل عن عملها.
ونسبة أخرى يساعدك بها البنك عن طريق تلك اللجنة لكن بأرباح ضعيف (5%) والدفع يكون بعد 5سنوات وهذه الظاهرة تعممت في بلادنا وقد استفاد منها كثير من الشباب خاصة، وكانت رخصة بعض الإخوة عدم وجود الشغل أو الفقر.
-إن كان عدم الجواز كيف يكون عمل المستفيدين؟
-يوجد من استفاد لكن لم يدفع لحد الآن ولو مليما كيف يتصرف؟
-مع العلم أن العمل في بلادنا ضئيل جدا
إن أمكن الإجابة موقعة كي نستطيع طباعتها وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت هذه الصفقة متلازمة لا ينفك جزء منها عن الآخر فلا يجوز الدخول فيها لأنها مشتملة على الربا، وهو الجزء الذي يقدمه البنك للمستفيد قرضاً بفائدة قدرها 5، وعلى ذلك فمن حصل على شيء منها فعليه أن يتقي الله تعالى حق التقوى، ويبتعد عن هذه الصفقة المشتملة على الربا، فإن الربا مشؤوم على المرء في عاجله وفي آجله، ولا يكون في مشروع إلا نزعت منه البركة والخير. ثم عليه أن يرد ذلك الدعم جميعاً لمقدميه، ويطلب الرزق من حله، يبارك له فيما آتاه الله تعالى، ويرزقه من حيث لا يحتسب، قال الله تعالى (ومن يتق اليجعل له مخرجاً* ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً.) [الطلاق:2-3] وراجع الجواب رقم: 3833
أما إن كانت الصفقة غير متلازمة، بحيث يستطيع أن يأخذ المبلغ الذي تدفعه الجهة التي لا تأخذ فوائد على ما تعطيه ويترك المبلغ المدفوع من البنك بفوائد، فإن استطاع أن يستفيد من برنامج الدعم بهذه الطريقة فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1422(12/6313)
خوف الزنا هل يبيح الاقتراض بالربا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أخذ قرض من البنك وأرجعه على أقساط مع الزيادة في المبلغ وذلك لاحتياجى الشديد للزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن هذه الصورة من أنواع الربا لأنها (سلف بزيادة) والاقتراض بالربا محرم، لا يجوز الإقدام عليه إلا لضرورة ملجئة، وليست الرغبة في الزواج ضرورة تبيح الربا، لأن الضرورة في مفهوم الشريعة هي:
الحالة الملجئة لتناول الممنوع شرعا، ومما ساقه الفقهاء تطبيقاً لهذه القاعدة ما لو خشي أحد الهلاك جوعا أو عطشا أو غصصا في مكان ما، ولم يجد إلا الميتة أو الخنزير، أو الخمر، أو مال شخص آخر غير مضطر مثله جاز له، بل وجب عليه أن يتناول منه لدفع الهلاك، وعلى هذا يقاس غيره.
وبما أن الضرورات تقدر بقدرها، فلا يباح بالضرورة محظور أعظم محذورا من الصبر عليها، ولا شك أن الصبر على عدم الزواج أهون من الإقدام على الربا، لأن الشريعة تعده من أكبر الكبائر، وحسبك أنه المعصية التي
تجعل صاحبها في حرب مع الله تعالى، ولا تعرف كبيرة غيرها نال مقترفها مثل هذا الوصف، وليس من تذرع لأخذ الربا بضرورة العفة وخوف الوقوع في الحرام، إلا كالمستجير من الرمضاء بالنار، ولينظر الجواب رقم 6933، والجواب رقم 6689.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1422(12/6314)
إعسار المدين أو موت الدائن لا يسقط الدين عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن خلاص دين بعد وفاة صاحبه (الدائن) علماً بأن المتوفى (رحمه الله) كان يعلم أن المدين ليس بوسعه تسديد دينه آنذاك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على من بذمته دين لشخص أن يسدده له عند حلول أجله إن كان مؤجلاً، فإن مات صاحب الدين دفع الدين لورثته، لأنه قد صار من جنس الأمانة، والله تعالى يقول: (فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ) [البقرة:283] .
وعلم الدائن بأن المدين ليس في وسعه قضاؤه لا يسقط عن المدين وجوب أداء ما في ذمته متى قدر على تسديده، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ألا ولا يحل لامرئ من مال أخيه شيء إلا بطيب نفس منه" رواه الإمام أحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1422(12/6315)
طول المدة لا يسقط الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[كان عندي مجموعة من الأصدقاء يمنون على ببعض النقود منهم على سبيل المساعدة ومنهم علي سبيل الدين وقد طالت المدة فنسيت بعضه وأتذكر بعضه. هل يجب تسديد ما علي أم لا.
وما حكم مانسيت؟
أو أسأل كل واحد منهم هل له عندي دين أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب عليك أن تسدد جميع ما ثبت شرعاً أنه بذمتك من الدين، لقول الله تعالى: (فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ) [البقرة:283] .
أما ما لم تذكره من الدين، ولم يثبت شرعاً، فلا يلزمك رده إذ الأصل براءة الذمة، لكن الأحوط والأولى للإنسان لا سيما إذا كان ينسى كثيراً أن يرضي كل من يدعي أن له عليه حقاً، ممن يتعامل معه، ويطلب منه المسامحة في حقه.
أما ما أخذته من أصدقائك على سبيل المساعدة، فالظاهر أنهم إذا لم يشترطوا التعويض عنه أنه لا شيء عليك فيه، لأن الهبة المطلقة لا تقتضي عوضاً على ما ذهب إليه الإمام أحمد، وهو قول ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1422(12/6316)
أنواع القروض البنكية
[السُّؤَالُ]
ـ[زودونا من فضلكم بجميع المعلومات والشروط الخاصة بالقروض ن الابناك الإسلامية وكيف يتصرف واحد منا إذا لم يكن ببلاده بنك إسلامي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقرض نوعان:
الأول قرض حسن، وهو أن يأخذ العميل مبلغاً من إنسان أو بنك، على أن يرد مثله بلا زيادة، فهذا مشروع، وفيه أجر عظيم للمقرض، فإنّ قرض درهمٍِ مرتين كصدقته مرة، كما جاء في صحيح السنة.
والثاني: قرض ربوي وهو أن يأخذ العميل مبلغاً من إنسان أو بنك، على أن يرده مع زيادة، وهو رباً محرم.
سواء اقترض ليستثمر، أو لحاجته إليه. وانظر ما سبق تحت الفتوى رقم 4546
ويجوز للبنك أن يشتري سلعة يرغب فيها العميل، ثم يبيعها له مرابحة، بشروط تم تفصيلها تحت الفتوى رقم
1608، 5937
وعدم وجود بنك إسلامي في بلدك لا يبيح لك الاقتراض من البنك الربوي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1422(12/6317)
من أخرج الدين عن والده بنية سداده لدائن مجهول
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد: أشكركم من كل قلبي على هذا الموقع الجميل.. فأنا لي حاجة عندكم وأرجوا منكم أن تساعدونني فيها وهي:
والد زوجي استدان مبلغاً من المال من قبل سنة 1948 م، ولم يكن لديه مال لسداده وتوفى صاحب المال، وحصلت نكسة فلسطين وطردنا منها. واستمر سوء حال والد زوجي المادية ثم توفي والد زوجي ولم تكن حال زوجي المادية جيدة. والآن أريد سداد هذا الدين أنا وزوجي، علماً بأننا موجودون في السعودية من سنة67م، ولا نعلم شيئاً عن ورثة صاحب المال، وزوجي له أخ ليس لديه عمل ولديه أسرة وأطفال معاقين وبصره ضعيف جداً ولا يقدر على العمل فهل يصح إعطاء هذا الدين إلى أخي زوجي بنية سداد هذا الدين عن المرحوم ويكون صدقة عن الذي له المبلغ. أفيدوني جزاكم الله عني كل خير وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سداد الدين واجب، وذمة المدين تبقى مشغولة بالدين حتى يسدد ما عليه من مال، روى الإمام أحمد أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أخيه مات وعليه دين؟ فقال: " إن أخاك محبوس بدينه فاقض عنه" فقال: يا رسول الله قد أديت عنه إلا دينارين ادعتهما امرأة وليس لها بينة. قال: " فأعطها فإنها محقة".
فالذي ينبغي لكم فعله الآن هو:
1- أن تجتهدوا في البحث عن الدائن، أو عن ورثته لإيصال الحق إليهم،
2- فإن بحثتم ولم تعثروا على ورثة الدائن فلكم أن تتصدقوا بهذا المال على الأخ المذكور وأهله، أو على غيرهم، فإن عثرتم بعد ذلك على ورثة الدائن فخيروهم بين إمضاء الصدقة عنهم وسقوط حقهم في مال مورثهم، وبين استرجاع مالهم، فإن طلبوا استرجاع المال وتطوع زوجك بذلك فليرجع المال لهم، وله أجر الصدقة.
... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1422(12/6318)
لا يجوز الاقتراض بالربا لسداد دين آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم الاقتراض من البنك لغرض تسديد دين لم أستطع تسديده في الوقت المحدد نظراُ لظروفي المالية، علما بأن البنك يخصم فائدة على المبلغ حوالى 7%
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن القروض الربوية لا يجوز أخذها إلا في حال ضرورة ملجئة لا يمكن دفعها إلا بأخذ تلك القروض، وليس سداد الديون المستحقة بضرورة تبيح ذلك، لأن الله جل وعلا ألزم الدائن إذا كان دينه على معسر بأن ينتظر حال يسره، بل أرشده إلى أن عفوه عن أصل الدين والتصدق به على المدين المعسر خير له، قال تعالى: (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون) [البقرة: 280] .
وعليك أن تنتبه إلى أن شأن الربا عند الله عظيم، فهو إعلان حرب مع الله، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ... ) [البقرة: 278، 279]
والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1422(12/6319)
حكم الاقتراض ممن يتاجر بالمحرمات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاستلاف من الأموال التي تباع منها الخمور والمحرمات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العلماء قسموا معاملة حائز المال الحرام إلى قسمين: حرام ومكروه.
الأول: أن تكون معاملة حائز المال الحرام في عين المال الحرام الذي لم يخالطه مال حلال، فإذا وقع العلم بأن هذا المال من كسب حرام وجب اجتنابه، وحرمت معاملة صاحبه بأي وجه من وجوه المعاملة، سواء كانت بيعاً أو شراء أو قبول هدية أو قرضاً. وعللوا حرمة معاملته بما فيها من إقراره على الفعل، فصار المعامِلُ كآخذ المال الحرام لأن المأخوذ من الحرام حرام ولأن الله تعالى إذا حرم شيئاً حرم ثمنه. والإعانة على المعصية معصية.
القسم الثاني: معاملة صاحب الحرام إذا اختلط بما عنده من مال حلال وهذا القسم مختلف في جواز معاملة صاحبه، فقال بعضهم: تجوز إذا غلب الحلال على الحرام، وتحرم إذا غلب الحرام على الحلال.
وذهب بعضهم إلى كراهة معاملته - وهو الراجح- لمكان الاشتباه في وقوع التعامل في ما هو حرام، واستدلوا له بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث النعمان بن بشير المتفق عليه " فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه" ووجه استدلالهم بالحديث: أن وجود المال الحرام مختلطاً بالمال الحلال يورث شبهة أن يكون التعامل قد وقع في المال الحرام، فإذا قام الاشتباه في وقوع التعامل بالمال الحرام، فالأولى للمسلم أن يستبرئ لدينه وعرضه، ويترك هذا التعامل مخافة أن يكون وقع في المال الحرام دون أن يدري، ودون أن يقصد.
وبما أن الحديث يطلب الاستبراء دون النهي الدال على التحريم، كان القول بكراهة معاملة من في ماله حرام أقرب إلى العدل من القول بالتحريم. والعلم عند الله تعالى
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1422(12/6320)
قضاء الله عمن عجز حقيقة عن أداء الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل عليه دين كبير وقد باع جميع مايملك ولكنه لم يستطع إلا سداد جزء من الدين فماذا يجب عليه هل يستجدي الناس لسداد الدين؟ علماً بأنه لايملك أية مصلحة أوعمل بعد الكارثة التي أصابته ولو مات الرجل وعليه الدين فهل تعلق روحه بهذا الدين، علماً بأنه لم يدخر جهداً في سبيل الوفاء ولكنه لم يستطع وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحقوق الناس خطيرة، والله سبحانه وتعالى أكَّد في أدائها وردها إلى أصحابها، ومن فرط في أدائها فعليه تبعتها يوم القيامة.
ولذلك ينبغي لمن يأخذ أموال الناس سلفاً أن يجتهد في ردها إليهم قبل أن يموت، وأن يحتاط في أن لا يأخذ منهم ما قد يعجز عن أدائه.
والذي ننصح به هذا الأخ -إذا كان حاله طبق ما ذُكر- هو:
1/ أن يلتجئ إلى الله تعالى أولاً، فهو الذي بيده خزائن الأرزاق، ومفاتيح الفرج، وأن يكثر من الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، ففي المسند وسنن الترمذي أنه أتى علياً رضي الله عنه رجلٌ فقال: يا أمير المؤمنين إني عجزت عن مكاتبتي، فأعنِّي، فقال علي رضي الله عنه: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل صير دنانير لأداه عنك، قلت: بلى، قال: قل: "اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك".
فليقل هو هذا الدعاء إيماناً وتصديقاً، وسيقضي الله عنه دينه.
2/ لا بأس أن يذكر حالته لأصحاب الأموال الذين يزكونها، أو إلى هيئة من الهيئات الخيرية التي تعنى بجمع الزكوات، ليعطى من سهم الغارمين - وهو أحد مصارف الزكاة الثمانية المذكورة في القرآن- ما يقضي به دينه، أو يعينه عليه.
وإذا مات هذا الشخص قبل أن يقضي ما عليه من دين، وكان قد أخذه وهو عازم على قضائه، واتخذ الأسباب لذلك، فإن رحمة الله تعالى ولطفه وواسع جوده كل ذلك يقتضي أن لا يؤاخذ بذلك، بل يتولى الله تعالى أصحاب الحقوق حتى يرضيهم، فقد ثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله تعالى".
وفي المسند عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يدعو الله بصاحب الدين يوم القيامة حتى يوقفه بين يديه فيقال: يا ابن آدم فيم أخذت هذا الدين، وفيم ضيعت حقوق الناس، فيقول: يا رب إنك تعلم أني أخذته فلم آكل، ولم أشرب، ولم ألبس، ولم أضيع، ولكن أتى على يدي إما حرق وإما سرق، وإما وضيعة، فيقول: الله عز وجل صدق عبدي، أنا أحق من قضى عنك اليوم، فيدعو الله بشيء فيضعه في كفة ميزانه فترجح حسناته على سيئاته فيدخل الجنة بفضل رحمته".
وهذا المعنى المشار إليه في هذين الحديثين وغيرهما مقيد لما في الحديث الذي في سنن الترمذي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1422(12/6321)
القرض يؤدى كما استلفه صاحبه إلا إن تعذر فتحتسب القيمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أقرضت شخصاً مبلغاً من المال سنة 1990 ويريد الشخص أداءه الآن سنة 2001.
كان المبلغ الذي أقرضته قرابة 150000 دولار والآن هذا المبلغ أصبح 1500 دولار فقط
أود أن أخبركم بأني لم أتفق معه على طريقة الدفع عندماً أقرضته، فهل سيدفعه بالدولار أم بالعملة المحلية. علماً أن اسم العملة المحلية آنذاك الجنيه السوداني وأصبح اسمها الآن الدينار.
شكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيبدو من سؤالك أنك أقرضت هذا الشخص مبلغاً من الجنيه السوداني يساوي في ذلك الوقت 150.000 (مائة وخمسين ألف دولار) ، وأنه بسبب انخفاض قيمة الجنيه السوداني الآن صار ذلك المبلغ يساوي ألفاً وخمسمائة دولار فقط، وعلى ذلك فهل القضاء يكون بنفس المبلغ الذي أقرضته، بصرف النظر عن قيمة المبلغ في الحالتين؟ أم يكون بمراعاة قيمته؟.
والجواب: أن الفقهاء قرروا أن المدين إنما يلزمه قضاء ماثبت فى ذمته وقت التحمل، بغض النظر عن قيمته وقت الأداء، سواء ارتفعت قيمته بعد وقت التحمل، أو انخفضت.
ولكن إذا انعدم جنس المال الذي كان في الذمة بأن كان فلوساً ـ مثلاً ـ وأبطلها السلطان، أو ثياباً فانقرضت، أو نحو ذلك، فاللازم حينئذ قيمة الدين وقت الانعدام والاستحقاق.
وعلى ذلك فالذي يلزم مدينك هذا هو قيمة ما كنت تطالبه به من الجنيه السوداني، وتعتبر القيمة وقت ما أبطلت الحكومة التعامل بالجنيه واستبدلته بالدينار. وهنالك نقطتان لابد أن يتنبه لهما كل من المتعاملين في باب القرض، ويعملان بمضمونهما على الوجه الأكمل والأحب إلى الله تعالى ابتغاء مرضاته، وتعرضاً لرحمته في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول: "رحم الله عبداً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا قضى، سمحاً إذا اقتضى".
أما النقطة الأولى فهي: أن القرض من أعمال البر التي يتقرب بها إلى الله تعالى، ويرجى ثوابها عنده مضاعفاً، لما فيه من الإرفاق بالمسلمين ومواساتهم وقضاء حوائجهم وتفريج كروبهم، فالمقرِض المسلم ينظر إلى القرض هذه النظرة، ويقصد منه هذا الهدف، ولا ينظر إليه نظرة مادية، ولا يقصد به هدفاً إنمائيا.
ولذلك عليك ـ أيها المقرض ـ أن تحتسب الأجر عند الله تعالى، ولا تأس على ما نقصت به قيمة المبلغ في الظاهر، رجاء أن يكون مضاعفاً لك عند الله تعالى مدخرا لك عنده ليوم أنت أحوج إليه فيه من الآن.
وأما النقطة الثانية: فإنه يجمل بالمقترِض أن يحسن القضاء، ويكون سمحاً فيه مكافأة منه لجميل صنع المقرِض، وتعرضاً لرحمة الله تعالى في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم، واقتداء به صلى الله عليه وسلم في فعله.
ففي صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم استسْلف من رجل بَكْراً (بعيراً صغير السن) فجاءته إبل من إبل الصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره، فرجع إليه أبو رافع فقال: لم أجد فيها إلا جملاً خياراً رباعياً، فقال: "أعطه إياه، إن خيار الناس أحسنهم قضاءً".
وعلى ذلك فلا بأس أن يراعي مدينك ما حصل من نقص في قيمة المبلغ، ويعطيك ما تيسر له مما تسمح به نفسه، ويتناسب مع ظروفه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1421(12/6322)
المستطيع الذي يؤخر سداد الدين آثم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن للمرء أن يؤجل سداد دين كان قد أعطاه له أبوه من مال أخيه القاصر (حيث كان الأب قد قسم ماله بين أبنائه وأعطى الأخ الأكبر هذا الدين من مال الأخ الأصغر وذلك قبل وفاة الأب وكان الأب قد طلب منه أن يرد هذا الدين بعد بيع قطعة أرضٍ يملكها الأب في حالة عدم بيع الأرض في حياة الأب) حيث يتعلل الأخ الأكبر بأن الأرض لم تبع حتى الآن خاصة وأن هذا الأخ يماطل في البيع طمعا في ارتفاع سعرها -على الرغم من حاله الميسور وحال أخيه الصعب-.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على من بذمته مال لغيره من دين حالٍ أو وديعة أو غير ذلك أن يبادر بأدائه لأهله، وأن يتخلص منه حيث كان قادراً على ذلك، أي: لم يكن معدماً. قال تعالى: (فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه) [البقرة283] فقد أمر الله تعالى في هذه الآية من عليهم الحقوق بأدائها وترك المماطلة فيها. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لي الواجد يحل عرضه وعقوبته" رواه أبو داود، والنسائي، وعلقه البخاري وصححه ابن حبان. وهو دليل على حرمة مراوغة ومماطلة أصحاب الحقوق ممن عنده وفاء بها، بل من العلماء من عده من كبائر الذنوب. ولاسيما إذا كان الحق ليتيم صغير. وكون من عليه الحق عنده أرض لم تبع لا يبرر له تأخير أداء ما عليه مادام عنده وفاء به من غير ذلك. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1421(12/6323)
المماطلة من القادر على سداد الدين حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت من أخي مبلغا من المال (كدين) ووضعتة مع المبلغ الذي بحوزتي في شراء شاحنة للنقل منذ 4 أعوام، ومن شغل وإنتاج (الأجور) هذه الشاحنة والشاحنات الأخرى التي اُمتلكها استطعت شراء عدد 3 شاحنات أخرى، ولم أسدد لأخي المبلغ حتى الآن رغم مطالبتة لي منذ سنتين ولم أستطع سداده لعدم توفر السيولة النقدية لدي في الوقت الحاضر.
السؤال: 1- ما كيفية تسديد المبلغ لأخي وكيف أحسبه مع العلم بأن أخذ المبلغ منه كان على أساس ونية الدين وليس مبدأ المشاركة
2- يدعي أخي بأنه أصبح الآن (منذ مطالبتة للمال) شريكاً ويجب أن يكون شريكا في الشاحنات ويجب احتساب المبلغ الذي دفعه (اقرضني إياه) في كافة الشاحنات المشتراة بعد تاريخ دفعه للمال مع العلم بأنه من ناتج الشاحنات استطعت شراء الشاحنات الأخرى. أفيدونا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أنك قد ظلمت أخاك في مطلك حقه وأنت قادرعلى أدائه، فقد أخرج النسائي وأبوداود وابن ماجه عن عمرو بن الشريد عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لَيُّ الواجد يحل عرضه وعقوبته " وعقوبته - كما قال أهل العلم -:حبسه، وعرضه: القول فيه كيا ظالم، أو ظلمني ومطلني ونحوه. وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "مَطل الغني ظلم" وهذا يدل على تحريم المطل. والمراد به هنا تأخير ما استحق أداؤه بغير عذر، وليس لهذا التأخير ثمن مالي. وعليه فليس لأخيك شرعاً إلا ما أقرضك إياه، ولا يعتبر شريكاً فيما اشتريته، إلا إذا أعطيته أنت شيئاً من باب الإحسان إليه فيجوز لك، بل ربما كان أفضل جبراً لخاطره. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(12/6324)
كيف يسدد القرض إذا كان بعملة قد ألغي التعامل بها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كان عند ولدي لشخص عشرة آلاف ريال قطري ديناً ثم إني طلبت من هذا الشخص مبلغ ألف دينار يمني ديناً فقال لولدي إن أباك طلب مني ألف دينار يمني قرضا فأرسل له مما عندك لي وكان قيمة الألف الدينار اليمني في الوقت عشرة آلاف وستمائة ريال قطري وقام ولدي وأرسل لي الدولارات وأخذ الألف دينار وما زاد منها فهو لك مني والآن الشخص يطلب مني بعد سنوات أن أرد له ما استلفته منه إما عشرة آلاف قطري أو ما أرسله ولدي من الدولارات أو ما يعادل أحدهما بالريال اليمني بسعر اليوم.
وأنا أقول له سأعطيك ألف دينار يمني أو ما يعادله من الريالات اليمنية بسعر البنك اليمني.
فهل أنا ملزم شرعاً أن أسدد بالريال القطري أو الدولارات أم أسدد بما يعادل الألف دينار اليمني من الريالات أفتونا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اللازم في مثل هذه الحالة هو دفع الدينار اليمني.
وذلك لأنه هو الذي طلب أولاً وتسلم أخيراً من وكيل المقرض، وعمرت به ذمة المقترض. أما الريال القطري فإن المقترض لم يطلبه ولم يستلمه، فكيف يلزم برد ما لم يطلبه ولم يستلمه.
نظير هذا ما لو طلب شخص من آخر أن يقرضه شيئاً ما، ثوباً مثلاً أو غيره، فدفع المطلوب منه ثمن ذلك الشيء لوكيله ليشتري للطالب المقترض الثوب الذي طلب، فاشتراه الوكيل ودفعه للمقترض، فمن المعروف أن المقترض هنا لا يلزمه إلا رد الثوب. ويستأنس لهذه المسألة بما رواه الأربعة وصححه الحاكم من أنه صلى الله عليه وسلم قال: "على اليد ما أخذت حتى تؤديه" فنقول تأكيدا: لست ملزماً إلا برد الدينار اليمني الذي أخذته إن كان موجوداً. ولو بلغت قيمته ما بلغت انحطاطاً أو ارتفاعاً. وإن لم يكن موجوداً فالواجب هو: تقييمه يوم فقد، ويقوم بما يساويه من عملة مستقرة القيمة، كالدولار مثلاً. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1421(12/6325)
الإقراض بزيادة هو عين الربا.
[السُّؤَالُ]
ـ[أمر بضائقة مالية وأحتاج حاجة ماسة لمبلغ من المال وعرض عليّ شخص ما بأن يقرضني هذا المبلغ بشرط استردادة بعد عام بزيادة تمثل نسبة 20% من المبلغ الاصلي. أنا أعرف أن هذا الشخص فى حكم المرابي ولكن ما الوزر الذي يقع على عاتقي فى حالة قيامي بأخذ هذا المبلغ مع العلم بأن هذا الشخص هو ملجئي الوحيد لفك الضائقة المالية التي أمر بها. وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أيها الأخ الكريم لا يخفى عليك أن هذه الصفقة هي عين الربا وصريحه، وكل الأطراف فيها آثمون ملعونون، كما ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم: "لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه. وقال هم سواء". كما في صحيح مسلم. وعليه ـ أخي ـ فلا تقدم على هذه الصفقة. واتق الله تعالى واجعله ملجأك الوحيد. واعتمد عليه وحده. فمن فعل ذلك جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب. كما وعد في محكم كتابه حيث يقول: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً* ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً) [الطلاق: 2، 3] .
ويقول أيضاً: (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا * ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجراً) [الطلاق: 4، 5] .
ثم إن هذا المرابي ـ كما ترى ـ قد استغل حاجتك أسوأ استغلال، ألا تراه يطلب منك زيادة 20 لسنة واحدة. وهذا غبن فاحش، والمتوقع أنك لو أقدمت على ذلك فلن تستطيع الوفاء، فتتراكم عليك الديون، وتبوء بالإثم. فأغلق هذا الباب، واستعن بالله وحده، واستشر من تثق بخبرته وتجربته. نسأل الله لك الإعانة والتيسير. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6326)
حكم سداد الدين بعملة مغايرة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وبعد: استدان رجل مبلغ 800 شيكل وهو عبارة عن وحدة العملة اليهودية وهي المتداولة عندنا في غزة فهل يجوز أن يؤديها بما يعادلها بالدينار الأردني أي بمبلغ وقدره 140 دينارا علما بأن الـ140دينارا تساوي 805 شيكل وأراد الطرف الآخر إرجاع الـ5 شيكل الزائدة للمستدين الذي قضى دينه بالدينار فهل هذا جائز وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن من اقترض من شخص مالاً فعليه أن يرد له مثل عين ما اقترض من عنده من غير زيادة ولا نقصان، ولكن إذا اتفق الطرفان عند قضاء ذلك الدين -وليس عند القرض- على أن يقضي المدين للدائن دينه بما يساويه من غير جنسه فلا حرج في ذلك شرعاً بشرط أن يكون ذلك سعر الصرف يوم السداد، وأن لا يفترقا وبينهما شيء، وما زاد يكون من باب الصرف الذي يشترط فيه التقابض. والأصل في ذلك حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في المسند والمستدرك والسنن قال: كنت أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ بالدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ بالدنانير فوقع في نفسي من ذلك، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيت حفصة أو قال حين خرج من بيت حفصة فقلت يا رسول الله رويدك أسألك إني أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وأخذ الدنانير فقال: " لا بأس أن تأخذهما بسعر يومهما ما لم تفترقا وبينكما شيء".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1421(12/6327)
خذ بأسباب الرزق الحلال، ولا تقترض بالربا
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي الذي اصطفى، أما بعد: أشكركم على هذا المتنفس (البرنامج القيم) السؤال: نحن شابان ولا تتوفر عندنا فرص العمل أو حتى مبلغ من المال الكافي للمبادرة في مشاريع ولو صغيرة قد تمر السنون وتكثر الفتن - وقد كثرت - فهي كقطع الليل المظلم ولا يجد أحدنا ولو مبلغا لكي يسد به رغبته في الاستعفاف ولقد عملنا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يحث علىالصيام أي -الوجاء- ولكن إلى متى يدوم هذا الحال وسؤالنا فضيلة الشيخ: هل من الممكن اللجوء إلى الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب التي تدفعنا إلى التعامل أو الاقتراض من البنوك (التعامل الربوي) ولكي لا نكون أنانيين لسنا الوحيدين الذين نعاني من هذا.. بل معظم إن لم نقل جل الشباب وهناك من لجأ إلى السرقة والسطو على أملاك الناس أو التعدي على بنات الناس بالأماني الواهمة (يمنونهن بالزواج) شيخنا الفاضل هذه حقيقة نحن نعيش داخل مجتمع نخير فيه بين أمرين أحلاهما مر. والرجاء منكم إفادتنا بالجواب الكافي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بين الله سبحانه وتعالى أنه إذا ضاق مكان على عبد في الرزق فإن في الأرض متسعاً له، قال تعالى: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) [الملك: 15] .
وقال تعالى: (إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) [الذاريات: 58] .
وقال تعالى: (يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون) [العنكبوت: 56] .
فلئن ضاق الرزق الحلال في مكان فلابد أن يتسع في آخر، ولا يأمر الله عباده بأكل الحلال ثم يضيقه عليهم، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون) [البقرة: 172] .
وقال تعالى: (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) [البقرة: 168] .
واعلم ـ أخي الكريم ـ أنت وأمثالك من الشباب الذين ضاق عليهم أمر معاشهم أن عليهم أن يلتزموا ما أحل الله لهم وما أمرهم به إلى أن يفتح الله عليهم من بركاته، لا سيما إن صدقت نواياهم وأخلصوا أمرهم. خاصة في أمر الزواج الذي ما أقدم عليه إنسان صادق يريد العفاف إلا أعانه الله على مؤنته. قال صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف" رواه الترمذي وحسنه.
فعليك أن تأخذ بالأسباب المشروعة اللازمة لذلك وتتوكل على الله. قال صلى الله عليه وسلم: "لو توكلتم على الله حق توكله لزرقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا" رواه الترمذي. فهذه الطير ترزق، ولكنها تأخذ بالأسباب كما وصف في الحديث.
فعليك الأخذ بالأسباب، ومنها أن تعملوا في أية حرفة أو مهنة مباحة ولو بأجر قليل. وأن تمتنعوا من الأعمال التي تقضي على جزء من دخلكم إن كنتم واقعين فيها، كالتدخين، وشراء أشرطة الأغاني.. ونحوها مما يضركم في دينكم ودنياكم.
وكل ما يفعله الشباب مما ذكرت لا يرضى عنه الله سبحانه وتعالى، بل هو من المحرمات الجالبة لسخط الله، سواء أكان تعاملاً بالربا أو السرقة أو خداع بنات الناس. فاتق الله يرزقك الله تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) [الأعراف: 96] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6328)
القرض بزيادة ربا سواء كان استثماريا أو استهلاكيا.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر تحريم الربا في الشرع الحنيف تحريما يحفظ الجانب الضروري من المال أم الحاجي؟ وهل تفرقة بعض العلماء المحدثين بين القروض الاستهلاكية والقروض الاستثمارية معتبر من بعض الوجوه في تحقيق مناط التحريم أم لا؟ والله الموفق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المعروف أن الشريعة الإسلامية حرمت الربا بجميع أنواعه وفي نفس الوقت أباحت البيع قال الله تعالى: (وأحل الله البيع وحرم الربا) [البقرة: 275] .
ومن أنواع الربا المحرم القرض بزيادة، سواء كان استهلاكيا أو استثمارياً، فكل قرض اشترطت فيه الزيادة فهو حرام لا خلاف فيه بين العلماء.
يقول ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا اشتراط على المستسلف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا.
ويقول ابن عبد البر: أجمع المسلمون نقلاً عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف رباً ولو كان قبضة من علف ـ كما قال ابن مسعود ـ أوحبة واحدة.
فالأدلة التي تحرم القرض بزيادة تتناول بعمومها القروض الاستهلاكية والاستثمارية معاً ولا يمكن إخراج بعضها إلا بدليل شرعي يرجع إليه.
فالعلة في هذا النوع من الربا هي الزيادة بشرط فهي مناط التحريم.
وما ذكره بعض الباحثين المعاصرين من التفرقة بين القرض الاستثماري والاستهلاكي، ومن الفرق بين القليل والكثير فغير صحيح لما تقدم.
فالإسلام لا يعرف إلا القرض الحسن أما القرض بزيادة فهو حرام، استهلاكياً كان أو استثمارياً.
فالإقراض بالربا محرم لا تبيحه حاجة ولا ضرورة، والاقتراض بالربا محرم كذلك، ولا يرتفع إثمه إلا إذا دعت إليه الضرورة فالضرورة تبيح المحظور، ولكن الضرورة التي تبيحه كما يقول بعض العلماء هي الضرورة الملجئة لتأمين الأمور الضرورية من المأكل والمشرب، ونحو ذلك، وبعضهم يقول لا يجوز إلا إذا وصل الشخص المضطر له إلى الحالة التي تباح له فيها الميتة، وهي الخوف على نفسه من الهلاك. والأصل في هذا قوله تعالى: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) [الأنعام:119] أما الذي يريد أن ينشئ مصنعاً أو يبني عمارة أو يستورد سلعاً أو نحو ذلك فهذا لا يتناوله اسم المضطر بحال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1422(12/6329)
من أسقط قرضا فليس له أن يطالب به.
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطيت شخصاً مبلغاً من المال علي سبيل القرض يرده لي حين ميسرة، توفي هذا الشخص قبل أن يرد لي المبلغ، وعندما علمت بوفاته قلت لأهلي اني سامحته في هذا المبلغ (القرض) وبعد مدة علمت أن أولاده حصلوا على مبالغ كبيرة مكافأة من عمله وأصبح حالهم ميسراً جداً هل من حقي أن اطلب منهم هذا المبلغ؟ أم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنقول لك أولاً: إناّ نسأل الله تعالى أن يجازيك أحسن الجزاء، وأن يغفر لك ويتجاوز عنك كما تجاوزت عن هذا الرجل.
ونبشرك أنه ورد في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء، إلاّ أنه كان يخالط الناس وكان مؤسراً، فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر. قال: فقال الله عزوجل لملائكته: نحن أحق بذلك منه، تجاوزوا عنه ". أخرجه مسلم وغيره.
فاحتسب ما فعلته عند الله تعالى ليوم تكون أحوج إلى مالك ولا تطالب ورثة هذا الرجل بالدين الذي كان لك عليه، فإن ذلك ليس لك شرعاً لأنك قد أسقطته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6330)
لا تنتفي حرمة القرض كونه في بلاد الغرب.
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز شراء بيت في أمريكا علماً بأن البيوت تباع بالفائدة وهي غالية الثمن ولا أقدر على شراء بيت دفعة واحدة. علماً بأن أجرة البيت في حالة الاستئجار هي نفس القسط الشهري تقريباً في حالة شراء البيت بالفائدة. في هذا منفعة وتيسير على المسلمين ومحافظة على أموالهم. أعلم أن فضيلة الشيخ القرضاوي افتى بجوازها بغير قصد التجارة. فهل تؤيدون هذه الفتوى علماً بأني لا أنوي التجارة ولكن لتوفير أجرة السكن. أفتوني جزاكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يخفى على المسلم حرمة الربا الغليظة وخطورته على المرء في الدنيا والآخرة. فقد قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين* فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله) [البقرة:278-279] . وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: "هم سواء ". إلى غير ذلك من النصوص الصريحة الصحيحة في تحريم الربا ولعن كل من له به صلة.
ولا شك أن التعامل بالفائدة بمعناها المعروف الآن في عالم المال والأعمال هو عين الربا، وبناء على هذا فإننا ننصحك بأن تبتعد كل البعد عن الربا، والتعامل به بأي وجه من وجوه التعامل ما وجدت لذلك سبيلاً، وأن تراقب الله تعالى في ذلك وتتقيه فهو سبحانه وتعالى يعلم ما في الصدور ويعلم السر وأخفى، وسيرزقك من حيث لا تحتسب إن صبرت على طاعته وابتغاء مرضاته، وتوكلت عليه، كما وعد سبحانه في قوله: (ومن يتق الله يجعله له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً) [الطلاق: 2-3] .
وننصحك بمفارقة هذه البلاد التي أنت فيها فإن الإقامة فيها لا تجوز للمسلم إلا للضرورة التي لا تدفع إلا بها.
وقد تقدم بيان ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 2007 714 20063
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6331)
إذا جر القرض نفعا لازما فهو ربا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم انا مواطن مقيم في بريطانيا. اشتغل كمهندس كومبيوتر واريد ان اشتري بيتا. لا اريد ان آخد قرضا ربويا , احد اصدقائي دلني علي مؤسسة تابعة الي بلدية مانشستر تقوم بالاشتراك معك في شراء البيت بحيث ان هذه المؤسسة يمكن ان تدفع 75% من قيمة البيت وانا ادفع 25% الباقية. ثم بعد ذلك يقدرو قيمة اجار البيت وعادة مايكون المبلغ بسيطا مقارنة مع قيمة الايجار في السوق, وعليه اقوم بدفع 75% من قيمة الايجار كل شهر. السؤال الاول هل هذه الطريقة جائزة, ان كان الجواب بنعم فسؤالي الثاني هو انني لا املك قيمة 25% التي يجب ان ادخل بها كشريك في البيت, هل استطيع ان اطلب من صديق ان يدينني هذا القسط على ان ادفع له 25% من قيمة الاجار شهرياً حتى اجمع قيمة ال 25% ومن ثم ارجع له امواله التي دفعها لى كاملة. وبالتالى فهو يستفيد من 25% قيمة الايجار التى ادفعها له شهرياً. ارجوا ان يكون السؤال واضحا, آسف على الاطالة وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاك الله خيراً ووفقك لامتناعك عن أخذ قرض ربوي، ونسأله سبحانه أن ييسر لك أمرك ويرزقك من حيث لا تحتسب.
أما الشق الأول من سؤالك، فجوابه أن تلك العملية جائزة، إن كانت تتم حسبما فهمنا، وهو أنك ستكون شريكاً لتلك المؤسسة في نصيب بنسبة ما شاركت به من ثمنه، وهو الربع في مسألتك هذه، ثم تقوم المؤسسة بإيجار حصتها من البيت لك،، وتكون بهذا مالكا ربع البيت، ومستأجرا ثلاثة أرباعه، فهذا لا حرج فيه، إن لم يكن إيجارا منتهياً بالتمليك، بأن يكون ما تدفعه للمؤسسة قسطاً من ثمن البيت بحيث تبقى حصتك في ازدياد مطرد وحصتهم في نقصان إلى أن تستقل أنت بملك البيت. وقد سبق جواب مفصل عن حكم الإيجار المنتهي بالتمليك برقم 3689
وأما الشق الثاني من السؤال: فجوابه أنه لا يجوز، لأن صديقك سيقرضك قرضاً يجر له نفعاً، وذلك لا يجوز من غير خلاف بين أهل العلم، وهو من أنواع الربا التي لا يجوز لمسلم أن يدخل في عقد يتضمن شيئاً منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6332)
لا يجوز الاقتراض بفائدة لتمويل مشاريع خيرية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاقتراض بالفائدة لتمويل مشروع خيري في بلاد إسلامية يقل فيها كثيرا هذا النوع من المشاريع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فلا يجوز الاقتراض بفائدة لتمويل مشاريع خيرية ولا غيرها لأن الاقتراض بفائدة هو عين الربا الذي حرم الله في محكم كتابه تحريماً مغلظاً. وإنشاء المشاريع الخيرية عمل بر يتقرب به إلى الله تعالى والله سبحانه وتعالى طيب لا يقبل إلا طيباً فعلى من أراد إنشاء مثل هذه المشاريع أن ينشأها من مال طيب فإن لم يجده فلا يجوز له أن يرتكب محرماً لهذا الغرض لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم "كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6333)
لا يجوز أخذ القروض من البنوك الربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم أنا تاجر وقد وقعت في دين كبير ولم يبق لدي إلا أحد حلين، الأول أن أقترض من البنك لكن بالربا، أو أن أعطي رشوة حتى أتمكن من الحصول على طلب شراءٍ مهم من إحدى الشركات؟ فأرجوا أن ترشدوني يرحمكم الله، وأن تنصحوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: أخي السائل الكريم: اعلم وفقك الله تعالى أنه لا تنزل مصيبة بأحد إلا بكسب يده أو بذنب اقترفه كما قال تعالى في محكم كتابه (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) . [الشورى: 30] . فعليك أخي أن تكثر من الاستغفار وأن تكثر من قول "لا حول ولا قوة إلا بالله " وقد قال عليه الصلاة والسلام " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً ومن كل هم فرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب ". [رواه أبو داود وابن ماجة من حديث ابن عباس رضي الله عنهما] . ثم اعلم أخي الكريم أنه ينبغي لك أن تحمد الله على أن المصيبة لم تكن في الدين فهي وإن عظمت إلا أن مصيبة الدين أعظم وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا ". [رواه الترمذي عن ابن عمر وهو صحيح] ، وصدق عليٌ قال: إذا أبقت الدنيا على المرء دينه فما فاته منها فليس بطائل واعلم أخي الكريم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أرشد رجلاً اشتكى إليه عجزه في تأدية ما عليه أن يقول: " اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك ". [رواه الترمذي وقال عنه إنه حسن] . فأنت تلمس أخي الكريم من إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل إلى إن يدعو بهذا الدعاء أن فيه إشارة إلى أنه يخشى على هذا الرجل حينما تضيق عليه السبل أن يلجأ إلى الحرام، فقال له قل: " اللهم اكفني بحلالك عن حرامك". [رواه الترمذي وقال عنه إنه حسن] ، وفيه لفتة عجيبة إلى أنه ينبغي على من وقع في مثل ما وقع فيه هذا الرجل أن يتقي الله وأن لا يلجأ إلى ما حرمه الله عليه فيكون بذلك قد خسر الدنيا والآخرة. واعلم يا أخي الكريم أنه لا يخفى على أحد الذل الذي يلحق بالمدين والهم الذي يصيبه فلذا كثر تعوذ النبي صلى الله عليه وسلم منه فكان يقول: " اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال". [رواه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه] . فالذي توصى به أخي الكريم هو ما يلي: 1 - أن تكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله. 2 - أن تدعو بالدعاء المأثور الوارد سابقاً في الإجابة. 3 - احذر أن تقع فيما يغضب الله وذلك بأخذ الديون الربوية أو المعاملات التي فيها رشاوى فتكون قد أغضبت ربك. 4 - اعلم أن الله متى ما علم منك أنك ستحاول قضاء الديون التي عليك بالطرق المشروعة، فإن الله سوف يعينك ويغنيك من فضله، نسأل الله لنا ولك أن يقضي عنا الدين وأن يغنينا من الفقر. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6334)
حكم الهدية إذا كانت في مقابل القرض
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق اراد ان يستدين من شخص بعض من المال (700دينار اردني) وصديقي يعلم ان هذا المال هو قرض من البنك واتفق مع الدائن بان يرجعها 700دينار كما هي اي لا يدفع له فوائدهاإلا انه وعده بهدية؟ هل يجوز له الاستدانة وإذا جاز فما الحكم إذا كانت الهدية عوضا عن القرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على صديقك في استدانة هذا المال، لكن وعده بالهدية هنا لا يجوز. فالقرض عقد تبرع لا يجوز أن يجعل في مقابل المنفعة، وقد قرر أهل العلم أن كل قرض جر نفعاً فهو ربا، والواجب نصح الأخ المتعامل بالربا، وحثه على إعادة ما أخذه من البنك، وتذكيره بالوعيد الشديد المترتب على جريمة الربا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6335)
لا يجوز أخذ قرض بفائدة ربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله أما بعد فقد اقترضت مبلغا من المال من المصرف لغرض شراء سكن وقد كانت قيمة القرض 25 ألف دينار استلمتها على دفعتين الدفعة الأولى كانت بقيمة خمسة عشر ألف دينار وقد احتسب المصرف عليها فوائد بنسبة 1بالمائة والدفعة الثانية كانت بقيمة عشرة آلاف دينار واحتسب المصرف فائدة على هذه الدفعة بقيمة 2بالمائة سؤالي هو ما حكم الشرع في الفوائد المحتسبة هل يعتبر ربا أم لا؟ مع العلم أن الفوائد تم احتسابها تحت بند الخدمات المصرفية للزبون علما بأنني اقترضت المبلغ لغرض شراء منزل والزواج ومن دون هذا القرض لا يمكنني شراء المنزل نظراً لغلاء الأسعار مقارنة بدخلي فأرجوا منكم الرد على استفساري هذا ولكم مني جزيل الشكر والعرفان؟]ـ
[الفَتْوَى]
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فإن مما يجب العلم به أن الفائدة التي تتبع القرض هي من الربا المحرم، الذي توعد الله أهله بالحرب، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بلعن صاحبه. وأخذ المصرف منك نسبة 1بالمائة أو 2بالمائة مقابل إقراضك، هو من هذا الباب. والدعوى بأنها أجرة للخدمة المصرفية لا يغير من حقيقة كونها فائدة ربوية. وأجر الخدمة المصرفية لا بد أن يكون ثابتا، لا يختلف باختلاف المبلغ المقترض، وإلا كان حيلة مذمومة يتوصل بها إلى الربا. ... وليس لأحد التعامل بالربا إلا عند الضرورة التي تبيح أكل الميتة وشرب الخمر، ومن لم يستطع شراء منزل اكتفى بسكنه بالأجرة، فإن السكن من باب الضرورة، وامتلاك بيت للسكنى فيه من باب الحاجة، والحاجة لاتبيح أكل الربا. (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا) . ومن ترك شئياً لله عوضه الله خيراً منه. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1421(12/6336)
الحصول على الراتب بالسحب المكشوف عند تأخره قد يكون قرضا ربويا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا موظف حكومي لي حساب فى البنك أستلم من خلاله مخصصي، أحيانا نضطر لأخذ الراتب بالسحب المكشوف لعدم نزول الراتب أفيدونا فتح الله عليكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: ...
فإن السائل لم يبين في سؤاله هل يأخذون من راتبه زيادة على ما بذلوا له في المبلغ أم لا؟ فإن كان المبلغ الذي يدفعون إليه أقل مما يأخذون منه فذلك حرام لأنه ربا، حيث أقرضوه مبلغاً قدره ألف ريال مثلا، ثم استقطعوا من راتبه ألفاً وخمسين فهذا ربا ولا يجوز التعامل به، لأنه إثم فليحذر السائل من مثل هذه المعاملات. وإن كان الأخذ من راتبه بقدر ما دفع له سابقاً فلا حرج وهو ما يسمى بالقرض الحسن. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1422(12/6337)
لا يجوز أخذ قرض بفائدة ربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في المغرب ليست لنا بنوك إسلامية ولهذا نضطر للتعامل مع البنوك الربوية. وكموظف حكومي لا أستطيع اقتناء بعض الأشياء الضرورية (منزل - سيارة -..) إلا عن طريق سلف بنكي ربوي.
السؤال: هل يجوز لي ذلك؟ إذا كان الجواب بلا كيف يمكن لي قضاء حوائجي الضرورية كالمسكن مثلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
لا يجوز لك أن تقترض من بنك ربوي حيث عد هذا العمل من الأمور التي لعن صاحبها قال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه" وقال: "هم سواء" ويكون محاربا لله ورسوله (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون) [البقرة: 278، 279] . وما يأخذه من أموال يكون ممحوقا "يمحق الله الربا ويربي الصدقات" وعليك أخي الكريم أن تتقي الله في نفسك وولدك. وطرق الحلال كثيرة، فلعلك تجد أحدا يقرضك قرضا حسنا، أو توفر من معاشك أو تشترك أنت ومجموعة من الناس في مبلغ يدفعه كل منكم كل شهر، ويأخذه أحدكم على ترتيب معلوم بينكم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6338)
ليس للمقرض طلب زيادة على ماله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمقرض أن يطلب من المقترض الفارق الناتج عن التضخم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فلا يجوز للمقرض أن يطلب من المقترض أكثر مما أقرضه إلاّ إذا سمح المقترض بذلك من غير اشتراط من المقرض أو مواطأة منهما فلا بأس وذلك من باب الإحسان، وقد روى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن خيار الناس أحسنهم قضاءً". ولأن القرض عمل خير شُرِع للإرفاق فإذا طلب منه الزيادة ينقلب إلى عقد معاوضة كالبيع والإجارة، فلا يجوز له أخذ الفارق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/6339)
تسقط ملكية المال بالإبراء
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطى والدي قرضا لزوج أختي، وكتب عليه ورقة بقيمة الدين، وبعد عدة سنوات قطع والدي الورقة، وأشهد والدتي وأختي أنه تنازل عن هذا الدين. ثم توفي والدي رحمه الله بعدها بمدة طويلة، بعد الوفاة أصر زوج أختي أن يقضي الدين بعد أن تيسر له ذلك، فهل يصح أن نأخذ هذا المال، وإن أخذناه فهل يعتبر إرثاً، أم يعتبر أننا نعدل في عطاء أبينا لبناته، بأن نقسم المبلغ علينا نحن بناته الأربعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدين إذا ثبت في ذمة المدين فإنها تبقى مشغولة بالدين، ولا تبرأ إلا بحصول أحد أسباب انقضاء الدين، ومنها الإبراء، وهذا يتم بإيجاب من الدائن، ولا يحتاج إلى قبول من المدين غير أنه يرتد برده، لأن الإبراء عن الدين إسقاط من وجه، وتمليك من وجه آخر، فمن جهة كونه إسقاطاً لا يتوقف على القبول، وباعتباره تمليكاً يرتد بالرد، لأن المرء لا يجبر على إدخال شيء في ملكه بغير رضاه إلا في الإرث، كما في الموسوعة الفقهية، وجاء في مجلة الأحكام العدلية: لا يتوقف الإبراء على القبول ولكن يرتد بالرد فلذلك لو أبرأ أحد آخر فلا يشترط قبوله، ولكن إذا رد الإبراء في ذلك المجلس بقوله: لا أقبل الإبراء يكون ذلك الإبراء مردوداً، يعني لا يبقى له حكم. لكن لو رده بعد قبول الإبراء فلا يرتد الإبراء. انتهى.
وقد حصل -كما هو ظاهر السؤال- قبول لهذا الإبراء من المدين في حياة الدائن، وعليه فلم تعد ذمة هذا الزوج مشغولة بدين، حتى لو أن الوالد نفسه في حياته تراجع عن تنازله وإبرائه بعد قبول المبرأ والإشهاد عليه لم يكن له ذلك.
وعلى ذلك فلا يصح أن يؤخذ من زوج الابنة هذا المال على أنه دين لأبيكم عنده، لأن أباكم لم يعد مالكاً له في حياته بعد الإبراء.. وبالتالي فليس هذا المال من تركته أو ميراثه.. ولكن إن أحب هذا الزوج أن يكافئ ويجزي الحسنة بمثلها، فوهب لورثة من أحسن إليه بالقرض شيئاً من المال مساوياً أو أكثر أو أقل من قدر الدين فله ذلك، ولا يلزمه أن يسوي بين الورثة ولا أن يلتزم بأنصبتهم في الميراث، أما مسألة العدل بين الأبناء في العطية فلا تتأتى هنا، فإن هذا المال إنما أعطاه الوالد لزوج ابنته لا لابنته، ثم إنه كان على سبيل القرض لا العطية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(12/6340)
حكم شراء أضحية من مبيعات بدين استقرت في ذمة البائع
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أشكركم على الموقع الجميل فعلاً ونفع الله بكم الإسلام والمسلمين وجعل ذلك في ميزان حسناتكم. آمين.
أنا أريد أن أشتري أضحية ولي عند البائع نقود قد تتجاوز ثمن الأضحية وقد لا تتجاوز. فهل يجوز أن أشتري الأضحية بثمن تلك الأشياء التي بعتها للبائع قبل ذلك ولم يدفع ثمنها؟ هل يجوز أن أشتري الأضحية ولا أدفع ثمنها بما لي عند البائع من نقود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في شراء الأضحية أو غيرها من المبيعات بدين قد استقر في ذمة البائع.
فقد جاء في الموسوعة الفقهية في مسألة: تمليك الدين للمدين: أن ما يكون الملك عليه مستقراً من الديون كغرامة المتلف وبدل القرض ... وثمن المبيع.. أن هذا النوع من الديون لا خلاف بين الفقهاء في جواز تمليكه لمن هو عليه بعوض أو بغير عوض. انتهى.
وقال الشيرازي في المهذب: أما الديون فينظر فيها فإن كان الملك عليها مستقراً كغرامة المتلف وبدل القرض جاز بيعه ممن عليه قبل القبض، لأن ملكه مستقر عليه فجاز بيعه كالمبيع بعد القبض. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(12/6341)
حكم اقتراض الذهب ورده بمثله يوم الأداء
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على المجهود العظيم لخدمة الإسلام والمسلمين، وجعله الله في ميزان حسناتكم..
السؤال: أردت اقتراض قرض حسن بدون فائدة من أختي على أن أسدده خلال عام، ولكن لا يوجد معها نقود، بل يوجد معها ذهب، فقالت لي أعطيك الذهب على أن أرده بعد عام ذهبا أيضا بنفس القيمة الجرامية، يعني مثلا أخذت منها 100جرام أرده أيضا 100 جرام. فهل ذلك يجوز أم أنه ربا؟ حيث إني سوف آخذ الذهب أبيعه وأنتفع به، وأرده ذهبا فى ميعاد السداد فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.. وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في اقتراضك الذهب من أختك، ويجب عليك رد مثله، ولا ربا في ذلك، وإذا كان المقترض حلياً ذهبياً فلا حرج في اقتراضه على الراجح من أقوال العلماء، فإذا كان هذا الحلي مما تنضبط صفته ويوجد له مثل في الأسواق، فالواجب رد المثل، وإذا كان مما لا تنضبط صفته فترد قيمته يوم قبضه.
وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 49094، 103811، 113477.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1430(12/6342)
اقترض بعملة فحول إليه المال بعملة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسأل عن تحويل النقود من عملة إلى عملة سلفا: هل يجوز لي مثلا أن أستلف من رجل في موريتانيا مبلغ37.000 ألف أوقية يرسله لي عن طريق المغرب فأستلمه بالدرهم المغربي؟ وما هي الطريق المثلى في مثل هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقيام الرجل الذي تقترض منه بتحويل هذه العملة من بلده إلى بلدك هو ما يعرف بالصرف، ويشترط لجواز الصرف أن يتم القبض أو ما يقوم مقامه في مجلس العقد مثل أن تكون العملات المشتراة تدخل في حساب المشتري، ويدخل ثمنها في حساب البائع مباشرة عقب إتمام المعاملة، فإن هذا في مقام القبض، وراجع في ذلك الفتويين: 3702، 71612.
وإذا قام هذا الرجل بتحويل هذا المبلغ إلى الدرهم المغربي وإقراضك إياه، فالواجب عليك سداد مثل المبلغ الذي اقترضته بالدرهم المغربي. أما إن كان حصل القرض على المبلغ بالعملة الموريتانية ثم قام المقرض بتحويل مبلغ القرض نيابة عنك إلى درهم مغربي فالذي يلزمك هو رد الدين بالعملة الموريتانية، لأن هذا هو الذي ثبت في ذمتك بعقد القرض، ولكن يجوز عند السداد أن يتفق الطرفان على سداد الدين بما يساوي قيمته بعملة أخرى بشرط أن يكون ذلك بسعر الصرف يوم السداد وأن لا يفترقا وبينهما شيء، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 117302.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1430(12/6343)
لا أثر لاقتراض الرجل بالربا على ما ينفقه على أهل بيته
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي قد اقترض من البنك مبلغا لمساعدة أخويه فى بناء شقق للزواج وهو الذى يتم سداده من مرتبه الشهري، فهل فى ذلك شيء من الأخطاء بالنسبة لمصروف البيت علي أنا وابنتي؟ وهل هناك شك في تحريمه أو تحليله؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاقتراض بالربا من المحرمات المجمع عليها، ولا يباح القرض الربوي إلا لضرورة معتبرة شرعاً، بحيث لو لم يقترض المرء بالربا لهلك أو أشرف على الهلاك، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله ويجب على من وقع في هذه الكبيرة أو أعان عليها أن يبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى، ومساعدة زوجك لأخويه أمر محمود شرعاً، ولكن لا يجوز مساعدتهما بوسيلة محرمة، فعليك نصح زوجك برفق وحسن أدبٍ ويمكنك الاستعانة في ذلك بالمحاضرات والأشرطة وفتاوى أهل العلم.
ولا أثر لاقتراض زوجك بالربا على ما ينفقه في بيته ولا ما ينفقه عليك ولا على ابنتك، لأن الإثم يتعلق بذمة المقترض بالربا ولا أثر له على ما يكتسبه من وجوه مباحة، وراجعي في كيفية التوبة من الاقتراض بالربا الفتوى رقم: 112282.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1430(12/6344)
من القرض الربوي أن يدفع شخص تكاليف البناء لغيره ثم يأخذ منه أكثر مما دفع
[السُّؤَالُ]
ـ[قام شخص ببناء منزل، وبعد قطع مرحلة من البناء اضطر للتوقف؛ لعدم توفر المال..
عند ذلك عرض عليه أحد أقاربه أن يكمل عنه البناء، حيث يتكفّل بدفع أجرة العمالة وشراء المواد حتى النهاية، ثم يقوم صاحب المنزل بسداد المال له أقساطا مع الاتفاق على نسبة ربح معينة (40 %) مثلا..
هل يجوز ذلك إذا اتفقا على نسبة ربح معينة من البداية، على أن يكون السداد مع الانتهاء من العمارة، وحصر المبلغ النهائي الذي تم دفعه من قبل قريبه، ثم إضافة نسبة الربح عليه، وتقسيمه على أقساط..
هذا، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للشخص المذكور أن يبرم مع الآخرعقد استصناع بشروطه وأحكامه المتقدمة في الفتويين رقم: 112452، 48996.
أو يقوم بشراء مواد البناء وبيعها على صاحب المنزل بأكثر مما اشتراها به.
أما أن يتكفل بدفع تكاليف البناء أو أجور العمال وغير ذلك، ثم يرجع على صاحب البيت بأكثر مما دفع فهذا قرض ربوي غير جائز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1430(12/6345)
اقترض بالربا ثم فصل من عمله ظلما فما موقفه من القرض
[السُّؤَالُ]
ـ[زوج أختي يعمل بجهة حكومية وراتبه 25 ألف ريال قطري وأخذ قرضا ربويا مع الفوائد وقيمته 360 ألف ريال ويتمثل في قرض مالي وقرض سيارة وملتزم بسداد الأقساط الشهرية، وبسبب خلاف مع بعض المسؤولين بجهة عمله أوقف عن العمل فقام بتقديم تظلم فلم ينصف، فلتجأ للقضاء فعوّض مبلغ 12 ألف ريال فقط استلمها بشيك ونهاية الخدمة 60 ألف ريال خصمت لصالح البنك، طلب تحويل الإقامة فرفض طلبه، وطلب إذنا للخروج كذلك فرفض فعاود الطلب أكثر من مرة متعلّلا بمرض والده فأحد المسؤولين وافق فخرج من هذه المصيبة ولم يرجع بسبب تآمر جهة عمله ـ حسب قوله ـ فما حكم القرض المالي؟ وما حكم السيارة في هذه الحالة التعسفية؟ مع الشكر مسبقاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم الاقتراض بالربا، لما في الحديث الشريف من لعن آكل الربا وموكله، وبهذا تعلم أن زوج أختك قد أساء إساءة بالغة بأخذه قرضاً ربوياً، فيجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً، وراجع شروط التوبة في الفتوى رقم: 5450.
وما حدث له من فصل من العمل ـ ربما ـ كان نتيجة لهذه المعصية، فالمعاصي قد تكون سبباً في المصائب، كما قال الله تعالى: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ {الشورى:30} .
وإن كان لزوج أختك حق عند جهة العمل فله الحق في المطالبة به، وله أن يوكل من يطالب له بذلك، وأما البنك فيجب عليه أن يرجع إليه أصل القرض، وأما الزيادة الربوية فلا يجوز له دفعها إلا إذا أجبرعلى ذلك، وإن كانت السيارة موجودة فيمكنه بيعها لرد الحق لأصحابه وكونه قد فصل من العمل تعسفياً لا يعني أن لا يرد إلى البنك حقه، إلا إذا قامت جهات أخرى بسداد الدين عنه فإنه يسقط عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1430(12/6346)
حكم الاقتراض لشراء شقة الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت اتقفت مع مقاول على تسليمي شقة، وأخذ مني مقدما قليلا لعلمه بحالتي المادية ورغبته في مساعدتي، لكنه حتى الآن لم يبن حتى الأساس، ولدي مبلغ في البنك يبلغ حوالي 50 ألف جنيه، وأبحث عن شقة، وهذا المبلغ لا يكفي سوى مقدم، وكان لي إرث من المحتمل أن يأتي منه حوالي 30 ألف جنيه بإذن الله، لكنه سيتأخر قليلاً بسبب بمشاكل، وكنت أفكر أن أحاول الاقتراض من أحد الأقرباء على حساب الإرث وأدفع مقدما لشقة، والباقي يكون من ريع المال الذي بالبنك، ومن ناحية أخرى عدم جمع البيض في سلة واحدة، لأنني حاليا أقيم بالخارج، وأود ادخار مبلغ أستطيع استغلاله بشيء إذا عدت إلى بلدي، ولا أعلم ماذا أفعل حيال هذا، فقد سمعت بأحد الدروس أن الرسول كان ينهى عن التداين إلا للحاجة، فهل أدفع كل ما لدي بالشقة، مع العلم بأن هذا المبلغ لا يصلح إلا لشقة بمكان لا آمن ترك زوجتي فيه باعتبار ما سيكون بإذن الله، وسؤالي: بماذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام سينصحني أو كان سيفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاقتراض مباح في حق المقترض، قربة في حق المقرض، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: لا خلاف بين الفقهاء في أن الأصل في القرض في حق المقرض أنه قربة من القرب، لما فيه من إيصال النفع للمقترض، وقضاء حاجته وتفريج كربته.. أما في حق المقترض فالأصل فيه الإباحة، وذلك لمن علم من نفسه الوفاء، بأن كان له مال مرتجى وعزم على الوفاء منه. انتهى. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 124927.
فالاستدانة لحاجة غير مذمومة إذا كان في نية صاحبها الوفاء، ولكن الأولى بالمرء أن يترك الاستدانة إلا لحاجة شديدة، وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 118715 عدة أحاديث فيها ما يكفي لترهيب المرء من أن يموت وعليه دين لم يترك له وفاء.. وعلى هذا فالأولى لك أن تشتري السكن الذي يناسبك بما لديك من مال، وإن أردت أن تقترض مبلغاً من المال كما ذكرت فذلك جائز.
أما سؤالك عن ماذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم سينصحك به أو كان سيفعل، فلا علم لنا بذلك.. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إمام الأتقياء، حريصاً على طاعة ربه، زاهداً في الدنيا. ولا شك أن نصحه لأي أحد سيكون حسبما يقتضيه الشرع، وبما يتناسب مع حالة كل شخص، وننبهك إلى أن إيداع الأموال في البنوك لا يجوز إلا في البنوك الإسلامية التي تلتزم بالضوابط الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1430(12/6347)
ضوابط الاقتراض بالربا لسد الديون
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم أخذ قرض ربوي لسداد دين لدائرة حكومية، حيث إنني موظف وتم توريطي بقضية عن طريق زملاء لي في العمل تركوا الوظيفة وانتقلوا إلى دولة عربية للعمل بها ويجب علي تسديد أقساط شهرية لمدة عام بمبلغ:600 ـ إلى:800ـ دينار أردني شهريا أي ما يعادل:6000ـ ستة آلاف دينار ولا أملك هذا المبلغ
والآن مهدد بترك وظيفتي وانقطاع مصدر رزق أبنائي وعائلتي بسبب هذه القضية وسأقوم بسداد أقساط هذا القرض من راتبي الذي لا يتجاوز: 350ـ دينارا أردنيا ـ والله على ما أقول شهيد.
فأرجو منكم الرد السريع، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاقتراض بالربا من المحرمات المجمع عليها، ولا يباح القرض الربوي إلا لضرورة معتبرة شرعاً، بحيث لو لم يقترض المرء بالربا لهلك أو أشرف على الهلاك، أو وقع في ورطة يعجزعن تحملها، فإذا عجزت عن إسقاط هذا القرض ـ ولو بالتحايل إذا كنت مظلوماً ـ ولم تجد سبيلاً مباحاً لسداد هذا القرض، وكان التهديد حقيقياً وفورياً، ولم تجد عملاً أو وظيفة أخرى بحيث إذا فصلت من عملك لا تجد سبيلا لإطعام نفسك أو لباسا أو مسكنا يؤويك ولو بالأجرة، إذا تحقق ذلك جاز لك الاقتراض بالربا بقدر الضرورة، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 24683، 52142، 115210، 116878.
ونسأل الله تعالى أن يفرج كربك وأن ينصرك على من ظلمك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1430(12/6348)
ممتلكات المفلس التي لا تباع لسداد دينه
[السُّؤَالُ]
ـ[علي من الديون ما يقارب المليون جنيه، وقضيت فى السجن حكما، لعدم قدرتي على سداد هذه الديون، والآن لا أملك شيئا لسداد الديون سوى عقار أعيش من دخله، وليس لدي مصدر رزق آخر سواه، فكرت في بيعه، لأسدد ما علي، ولكن قيمته لا تتجاوز 150 ألف جنيه مصري، وديوني تقارب مليون جنيه مصري، وهي مستحقة لعدد من الأشخاص. فماذا أفعل؟ هل أبيع العقار لأسدد جزءا مما علي؟ وفي هذه الحالة، كم أدفع لكل دائن؟ وكيف أعيش دون دخل؟ علما أنني تجاوزت الستين عاما ولا أجد عملا مناسبا.
أرجو الافادة، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن عليه دين لا يستطيع قضاءه وعُلم إعساره، فلا يجوز حبسه، قال الله تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة: 280} .
وإذا أفلس المدين وكان عاجزاً عن سداد ديونه، وكان له ممتلكات زائدة عن الحاجات الأساسية كبيت وسيارة ونفقة له، فيجب عليه أن يبيع هذه الممتلكات ويسدد ما عليه من الديون، وراجع بعض أحكام الإعسار في الفتاوى التالية أرقامها: 12311، 22300، 35128.
أما هذه الدار التي تؤجرها ولا نفقة لك إلا من إيجارها، فإذا كنت عاجزاً عن العمل والاكتساب كما هو الظاهر من سؤالك، فالذي يظهر لنا أن حكمها كحكم آلة الصانع ورأس مال التاجر، وهذه الأشياء تترك للمفلس لينفق منها على نفسه على قول الحنابلة، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما ملخصه: يترك للمفلس من ماله ما يأتي: د ـ آلات الصانع: قال الحنابلة وبعض المالكية: تترك للمفلس آلة صنعته، ثم قال المالكية من هؤلاء: إنما تترك إن كانت قليلة القيمة، كمطرقة الحداد: وقال بعضهم: تباع أيضا. ونص الشافعية أنها تباع. هـ.
ـ رأس مال التجارة: قال الحنابلة وابن سريج من الشافعية: يترك للمفلس رأس مال يتجر فيه إذا لم يحسن الكسب إلا به، قال الرملي: وأظنه يريد الشيء اليسير، أما الكثير فلا، ولم نر نصا في ذلك للحنفية والمالكية. انتهى.
وعلى هذا، فلا حرج في أن تحتفظ بهذه الدار لتنفق من إيجارها على نفسك، وإذا تيسر لك الحصول على عمل لزمك بيع هذه الدار، وإن لم يكف ثمنها لسداد جميع الديون فإنك تعطي لكل مدين نسبة من دينه عن طريق المحاصة، فإذا كانت قيمة الدار ربع قيمة الديون فإنك تعطي لكل دائن ربع دينه، هذا إذا لم يكن هناك سبب موجب لتقديم أحد الدائنين كأن يكون لأحد الدائنين رهن لازم.
وننصحك بأن تبين للدائنين أنك معسر وتطلب منهم أن يتجاوزوا عنك، ويمكنك أن تذكر لهم ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: كان رَجُلٌ يُدَايِنُ الناس فَكَانَ يقول لِفَتَاهُ إذا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزْعنه لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا فَلَقِيَ اللَّهَ فَتَجَاوَزَ عنه.
وما رواه مسلم أيضا عن عبد اللَّهِ بن أبي قَتَادَةَ: أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ طَلَبَ غَرِيمًا له فَتَوَارَى عنه ثُمَّ وَجَدَهُ فقال: إني مُعْسِرٌ فقال: آللَّهِ قال: آللَّهِ قال: فَإِنِّي سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: من سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ الله من كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ عن مُعْسِرٍ أو يَضَعْ عنه.
نسأل الله تعالى أن يفرج كربك، وأن يكفيك بحلاله عن حرامه، وأن يغنيك بفضله عمن سواه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1430(12/6349)
لا حرج في الاقتراض بضمان مكافأة نهاية الخدمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أكملت عامين من العمل في شركتي الحالية، ويحق لي في حالة رفضي التجديد أن تدفع لي الشركة مبلغ نهاية خدمتي وهو شهر شامل من مرتبي.
وأنا الآن ذاهب إلى إجازتي السنوية، وقد اتخذ قرار برفضي تجديد عقدي وعدم الرجوع مرة أخرى، وبالتالي أستحق في هذه الحالة أن تدفع لي الشركة مبلغ نهاية الخدمة، وحقيقة الأمر أني أحتاج هذا المال حاليا، وهناك نظام في الشركة يسمح بالحصول على سلفة بضمان مبلغ نهاية خدمتي- مبلغ السلفة لن يزيد عن 75 في المائة من مبلغ نهاية خدمتي المستحق لى- فهل إذا أخذت هذه السلفة ولم أعد إلى عملي ثانية رافضا تجديد عقدي يكون هذا المال حلالا لي. مع العلم أنه في هذه الحالة يكون مستحقا لي مبلغ شهر كامل وليس هذه النسبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في أخذ تلك السلفة مع ضمان استيفائها من مبلغ نهاية الخدمة المستحق لك. فأنت إما أن تعود إلى عملك وتسددها مباشرة، أولا تعود فيتم استيفاؤها من ذلك المبلغ المستحق لك.
وبناء عليه فلن يضيع حق الشركة فيما ستقرضه لك، وبذلك تنجو من الوعيد الوارد في الحديث: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(12/6350)
قضاء المدين دينه لورثة الدائن بعد موته
[السُّؤَالُ]
ـ[اقترض علي مبلغا ماليا من شركته لإقراضه لصالح. توفي علي وقررت الشركة إسقاط دينه فهل يتم صالح تسديد المبلغ لأهل علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإسقاط الشركة المبلغ عن علي لا دخل لصالح فيه من قريب أو بعيد، بل هذا إبراء لذمة علي ولورثته من بعده، وإذا كان على قد أقرض المبلغ لصالح فإن ذمة هذا الأخير قد انشغلت به، وصار مدينا لمن أقرضه له، ولورثته من بعده.
وعليه فلورثة عليّ أن يطالبوا صالحا المذكور في السؤال بسداد دينه الذي اقترضه من علي قبل وفاته، فهذا الدين من المال الموروث لهم، وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ. رواه البخاري ومسلم.
ولا يجوز لصالح أن يترك سداد دينه إن كان يجد وفاء، بل هذا من الظلم، وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ. رواه البخاري ومسلم.
وقد بينا أن المماطلة من القادر على سداد الدين حرام في فتاوى سابقة منها: 6562، 15937.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1430(12/6351)
هل يجب التخلص من الشقة المشتراة من القرض الربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[كان عندنا بيت في مشاع في منطقة غير مخدومة صحياً وصغير، وكنت أخشى على أولادي في هذه المنطقة من كل شيء، وعندما سمعت إفتاء بسماح شراء سكن في حالة الضرورة عن طريق البنك العقاري وهو بنك ربوي, حاولت أن أشتري بهذه الطريقة ونجحت بذلك واشتريت شقة عن طريق البنك العقاري، وقد ظهر الآن بنك إسلامي لبيع العقارات أو الإكساء، وعندها فكرت في بيع شقتي وشراء شقة جديدة عن طريق هذا البنك ولكنني أجد صعوبة في إقناع زوجي بهذا الأمر فهو غير مقتنع بالبنك الإسلامي، ولا يريد التعب من جديد رغم أن البيت باسمي, وأولادي يشترطون أن يكون المنزل الجديد في مكان راق, وربما أستطيع أن أشتري بمستوى شقتي وأكسيها عن طريق البنك الإسلامي. ارشدوني إلى ما يرضي الله تعالى فهذا هو الشيء الأهم عندي وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت لاضرورة فيه، وإقدامك على القرض الربوي لأجله حرام لأنك تجدين بيتا تسكنين فيه، وإذا كان لا يمكن سكناه فيمكنك إيجار بيت حيث شئت، ولا يجوز الإقدام على الربا أوغيره من المحرمات إلا عند الضرورة. وتعرفّ الضرورة بأنها بلوغ المكلف حداً إن لم يتناول الحرام هلك أو قارب على الهلاك. ومن وجد مسكناً يسكنه ولو بالأجرة لم يكن مضطراً إلى الربا.
قال بعض أهل العلم مبينا حد الضرورة: هي أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس أو بالعضو -أي عضو من أعضاء النفس- أو بالعرض أو بالعقل أو بالمال وتوابعها، ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام أو ترك الواجب أو تأخيره عن وقته دفعاً للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع. انتهى. من نظرية الضرورة الشرعية.
وقال الشيخ المودودي: لا تدخل كل ضرورة في باب الاضطرار بالنسبة للاستقراض بالربا، فإن التبذير في مجالس الزواج ومحافل الأفراح والعزاء ليس بضرورة حقيقية، وكذلك شراء السيارة أو بناء المنزل ليس بضرورة حقيقية، وكذلك ليس استجماع الكماليات أو تهيئة المال لترقية التجارة بأمر ضرورة، فهذه وأمثالها من الأمور التي قد يعبر عنها بالضرورة والاضطرار ويستقرض لها المرابون آلافاً من الليرات لا وزن لها ولا قيمة في نظر الشريعة، والذين يعطون الربا لمثل هذه الأغراض آثمون. انتهى.
وخلاصة الأمر أن الاقتراض بالربا من المحرمات القطعية الثابتة التي لا مجال للتلاعب بها، ولا يباح الاقتراض بالربا إلا في حالة الضرورة، وأن الضرورة تقدر بقدرها، ولا يدخل تملك المسكن في ذلك ما دام المرء يجد سكناً يؤيه هو ومن يعول ولو بإجارة، بدون أن تلحقه مشقة يعجز عن تحملها.
فعليك أن تتوبي إلى الله تعالى مما وقعت فيه من الربا، ومتى استطعت التخلص من ذلك القرض فتجب عليك المبادرة إليه سيما إن كان في استعاجلك إسقاط للفوائد المترتبة عليه.
أما الشقة المشتراة من القرض الربوي فلا يجب التخلص منها.
وأما البنك الإسلامي فإن كان يلتزم الضوابط الشرعية في معاملاته فلاحرج في الدخول معه في عقد استصناع أو مرابحة أو نحوها من المعاملات الشرعية. وإن كان لا يلتزم بالضوابط الشرعية فلا يجوز ذلك معه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1430(12/6352)
موضوع: فسخ الدين في الدين.
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي تورق من بنك الرياض وباقي منه 26000 على سنة ونصف، فذهبت للبنك قال لي: نعطيك تورقا جديدا وتقدر أن تستلم البضاعه وتبيعها أو توكل أي شخص يبيعها وسوف نحسم القرض القديم من التورق الجديد إذا نزل في حسابك بدون فوائد السنة الأخيرة. فما الحكم؟ وهل ختم الهيئة الشرعية على العقود يكفي في الحكم على التورق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعاملة المذكورة هي مما يسمى بجدولة الدين وهي من صور فسخ الدين في الدين المحرم شرعاً.
جاء في قرار المجمع الفقهي ما يلي: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته الثامنة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من 10-14/3/1427هـ الذي يوافقه 8-12/4/2006م قد نظر في موضوع (فسخ الدين في الدين) :
وبعد الاطلاع على قرار المجمع بشأن موضوع بيع الدين في دورته السادسة عشرة المنعقدة في مكة المكرمة في المدة من 21-26/10/1422هـ الذي يوافقه 5-10/1/2002م والذي جاء فيه ما نصه:
ثانياً: من صور بيع الدين غير الجائزة:
أ- بيع الدين للمدين بثمن مؤجل أكثر من مقدار الدين، لأنه صورة من صور الربا، وهو ممنوع شرعاً، وهو ما يطلق عليه (جدولة الدين)
وبعد الاستماع إلى البحوث المقدمة، والمناقشات المستفيضة، والتأمل والنظر في الصور التي ذكرت في البحوث والمناقشات في موضوع: فسخ الدين في الدين. أو ما يسميه بعض أهل العلم (قلب الدين) قرر المجمع ما يأتي:
يعد من فسخ الدين في الدين الممنوع شرعاً كل ما يفضي إلى زيادة الدين على المدين مقابل الزيادة في الأجل أو يكون ذريعة إليه ويدخل في الصور الآتية:
1- فسخ الدين في الدين عن طريقة معاملة بين الدائن والمدين تنشأ بموجبها مديونية جديدة على المدين من أجل سداد المديونية الأولى كلها أو بعضها، ومن أمثلتها: شراء المدين سلعة من الدائن بثمن مؤجل ثم بيعها بثمن حال من أجل سداد الدين الأول كله أو بعضه. فلا يجوز ذلك ما دامت المديونية الجديدة من أجل وفاء المديونية الأولى بشرط أو عرف أو مواطأة أو إجراء منظم، وسواء في ذلك أكان المدين موسراً أو معسراً وسواء أكان الدين الأول حالاً أم مؤجلاً يراد تعجيل سداده من المديونية الجديدة، وسواء اتفق الدائن والمدين على ذلك في عقد المديونية الأول أم كان اتفاقاً بعد ذلك، وسواء أكان ذلك بطلب من الدائن أم بطلب من المدين، ويدخل في المنع ما لو كان إجراء تلك المعاملة بين المدين وطرف آخر غير الدائن إذا كان بترتيب من الدائن نفسه أو ضمان منه للمدين من أجل وفاء مديونيته ... إلخ.
وبناء عليه فلا يجوز الدخول في المعاملة المذكورة ما دام سداد الدين الأول شرطاً للتورق الثاني وسبباً فيه، وما علم الإنسان بحرمته من المعاملات أو غيرها حرم عليه الإقدام عليه ولا يفيده فتوى عالم بجوازه بل ولا حكم قاض، لأن حكم القاضي لا يحل الحرام فأحرى توقيع هيئة أو فتوى مفت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1430(12/6353)
خصم الفائدة من حوافز العمل لا يغير الحكم بحرمتها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريب يعمل في شركة حكومية، وتقدم الشركة للعاملين بها قرضا حسنا علي أي عدد من السنين ويخصم من المرتب بدون أي فوائد، ولكن يتم خصم ما قيمته 1.5% من المكافأة أو الحوافز أو الأرباح لنفس الشخص ولكن لا تخصم هذه النسبة من المرتب، أرجو الإفادة، هل هذا حلال أم حرام؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا فرق بين وضع فائدة مباشرة على القرض المذكور وخصمها من الراتب أو خصمها من مستحقات العمل الأخرى كالحوافز والمكافآت ونحوها، فكل ذلك محرم ويؤدي بالقرض إلى أن يكون قرضا ربويا لايجوز للعامل أخذه، لأنه قرض ربوي بذلك الاعتبار، جاء في المغني: قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا.
وأما الأرباح المذكورة للعامل عند جهة عمله فلا ندري سببها فإن كانت فوائد ربوية تدفع له على راتبه أوغيرها فلا يجوز الانتفاع بها ولا دفعها فائدة لأخذ القرض أو غيره، وإن كانت الأرباح بسبب استثمار أموال العامل في أمور مباحة على سبيل المضاربة ونحوها، فلا حرج عليه في أخذها وتمولها، لكن لايجوز له أن يقبل القرض المذكور بشرط خصم تلك النسبة من مستحقاته ـ سواء أكانت راتبا أو غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(12/6354)
هل يبذل القرض من عليه ديون
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان رجل عليه ديون طائلة، وتأخذ عدة سنوات لقضائها؛ لأنه لا يملك شيئا لسدادها إلا أنه يعمل ساعات طويلة ويدخر كل شهر حتى يجمع مبلغا يسدد به أحد الدائنين. فهل يجوز إذا طلب رجل مريض قرضا من هذا المديون أن يقرضه أم أن المدخر معه أولى للديون؟ أرجو الرد سريعا حيث إن هذا العمل يتوقف على ردكم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الدين الذي في ذمة هذا الرجل غير حال، فلا حرج عليه في أن يقرض ما بيده من مال لذلك المريض، سيما إن كان يعلم أنه سيسدد له القرض في وقته أو عند الحاجة إليه. وذلك أولى من ادخاره. وأما إن كان الدين حالاً فيجب عليه أن يبادر بسداد دينه أولاً، ولا يقرضه إلا إذا أذن له أصحاب الدين في ذلك، أو غلب على ظنه حصول الوفاء من جهة أخرى، إذ لا يتنفل من عليه القضاء كما يقال. وأداء الديون واجب، وبذل القرض تطوع، والواجب مقدم على التطوع.
وللإمام النووي تفصيل جميل في ذلك نذكره حيث قال رحمه الله في المجموع: إذا أراد صدقة التطوع وعليه دين فقد أطلق المصنف -الشيرازي- وشيخه أبو الطيب وابن الصباغ والبغوي وآخرون، أنه لا تجوز صدقة التطوع لمن هو محتاج إلى ما يتصدق به لقضاء دينه. وقال المتولي وآخرون: يكره، وقال الماوردي والغزالي وآخرون: لا يستحب، وقال الرافعي: لا يستحب، وربما قيل: يكره. هذا كلامه، والمختار أنه إن غلب على ظنه حصول الوفاء من جهة أخرى فلا بأس بالصدقة وقد تستحب، وإلا فلا تحل، وعلى هذا التفصيل يحمل كلام الأصحاب المطلق. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(12/6355)
لا يجوز للمقرض أخذ الفائدة ولا يلزم المقترض دفعها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من سيادتكم الإفادة: تم اهداء ابنتي مبلغا من المال من جدها منذ ثلاث سنوات، وفي السنة الماضية اقترضت منها ـ مبلغا من المال وبداخلها الأرباح ـ فماذا أفعل؟ وحتي الآن لم أستطع سداد المبلغ الأصلي، وتم بها شراء أصل من الأصول، فما حكم هذه الأرباح؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي السؤال غموض، لكن إن كان المقصود بقولك ـ مبلغ من المال بداخلها الأرباح ـ أنها أقرضتك المبلغ بأرباح زيادة عليه، فذلك ربا صريح يجب عليكما أن تتوبا إلى الله تعالى منه، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ {البقرة: 278 ـ 279} .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات.. فذكرمنهن: أكل الربا.
وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم: آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه وقال: هم سواء. رواه مسلم.
ولا يلزمك أن ترد إليها سوى أصل القرض، وأما الربح فباطل محرم لا يجوز لها أخذه ولا يلزمك دفعه. قال تعالى: فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:279} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(12/6356)
إن كان في تعجيل السداد تقليل للفوائد أو إسقاطها فافعل
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أريد أن أشتري موبايل ولم يكن معي أموال، فقررت أن أشتريه بالتقسيط، وسألت فعلمت أن القسط ليس بحرام، وذهبت لرجل نصراني وأبلغته بالموبايل وسعره وكان سعره 1100 جنيه، وأعطيته مقدم 700 جنيه حتى أقلل عدد الأقساط وأقلل الفائدة. ثم قام بحسب فوائد التقسيط على الأربعمائة جنيه المتبقية فقط، وقال لي من 400 إلى 530 واتفقت على أن أقسطهم على 11 شهرا، وأخبرني بأنه سيشتريه لي، ولكن الخبيث كذب وتحجج لي وأعطاني 1100 جنيه، وطبعا محتوية على 700 جنيه التي أخذها مني. وقال لي اذهب اشتريه انت وحسب ما يطلع، وخذ الباقي لك، وأخذت الأموال وكان من الممكن أن لا أشتري بهم موبايل أصلا, المهم اشتريته بـ1090 وتبقى 10 جنيه وصرفتها ولم أرجعها للرجل لأنه هكذا سيأخذها مني. فهل هذا ربا؟ علما بأني لم أكن أعرف أن هذا ربا وظننته تقسيطا مباحا. فكيف التوبة الكاملة؟ وهل إذا أرجعت الأقساط كلها دفعة واحدة ويقلل الفائدة هل سيكون أفضل؟ علما بأني دفعت له 200 جنيه على أربعة أشهر من 530 جنيه. وهل أرجع له العشرة جنيه المتبقية من ثمن الموبايل التي صرفتها؟ وبجد حالتي الدينية تحولت من ساعة ما اشتريت هذا الموبايل وادعوا الله أن يغفر لي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الرجل حتى لو كان هو المتولي لشراء الموبايل بعد أن باعه لك فإن ذلك لا يصح، لأنه يكون قد باع لك ما ليس في ملكه، وقد ورد النهي الصريح عن ذلك في الحديث الشريف. وأما هذا الذي وقعتما فيه فإنه ربا صريح، لأن الرجل إنما أعطاك أربعمائة بخمسمائة وثلاثين وهذا عين الربا ولم يبع لك الجوال، والتقسيط المباح هو أن يبيع لك سلعة -جوالاً- أو غيره مملوكاً لديه، أو يشتريه فيدخل في ملكه وضمانه ثم يبيعه عليك ولو بأكثر من ثمنه.
وأما ما حصل بينكما فهو الربا، قال الله تعالى: وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا. {البقرة:275} .
والواجب عليك الآن هو التوبة إلى الله تعالى مما وقعت فيه، والمبادرة إلى التخلص من ذلك القرض المحرم، وإن كان في تعجيل السداد إليه تقليل للفوائد أو إسقاطها بالكلية فعليك أن تفعل ذلك، وإذا استطعت التحايل على الفوائد المحرمة وإعادة مبلغ القرض فحسب وهو 400 فلا حرج عليك إذ لا يلزمك أن تسدد إليه سوى ما دفع إليك.
وأما العشر ريالات فهي ماله هو والأصل أنه يجب إرجاعها إليه، لكن إذا أرغمك على دفع الزيادة الربوية فلك أن تحتفظ بها ولا تردها إليه.
ولمعرفة شروط جواز بيع التقسيط وضوابطه انظر الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 100114، 123652، 12927.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1430(12/6357)
الواجب أداء المبلغ نفسه لا قيمته أو قيمة جزء من المحل
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدى وترك محلا تجاريا كان قد ابتدأ به1998 بمال من صديق أجنبي-أمريكي-على سبيل السلف وليس تشغيل مال، وسافر هذا الصديق وانقطعت أخباره ولا نعرف له أي أقارب، سألنا كثيرا ولم نستدل على أحد. المهم نصيبه من المال الآتي من البيع هل يكون مساو للقيمة التى استلفها والدي؟ وهل يجوز أن ننشئ أي منفعه كصدقة جارية بقيمة المبلغ مسجد مثلا أرجو الإفاده أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام المبلغ الذي أخذه والدك من ذلك الرجل هو سلفة وليس مضاربة، فالمبلغ دين في ذمته له حتى يؤدى إليه. والواجب هو أداء المبلغ نفسه لا قيمته أو قيمة جزء من المحل ونحوه. لما قرره الفقهاء من أن المدين إنما يلزمه قضاء ماثبت في ذمته وقت التحمل، بغض النظر عن قيمته وقت الأداء، سواء ارتفعت قيمته بعد وقت التحمل، أو انخفضت. لكن إن لم يمكن الوصول إلى الرجل لانقطاع خبره، وغلب على الظن الإياس منه فيتصدق بالمبلغ ويصرف في مصالح المسلمين، وإن جاء الرجل يوما من الدهر خير بين إمضاء الصدقة أو رد المبلغ إليه.
قال صاحب الزاد: وإن جهل ربه تصدق به عنه مضموناً.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولو أيس من وجود صاحبها فإنه يتصدق به، ويصرف في مصالح المسلمين. وكذلك كل مال لا يعرف مالكه من المغصوب، والعوادي، والودائع، وما أخذ من الحرامية من أموال الناس، أو ما هو منبوذ من أموال الناس كان، هذا كله يتصدق به، ويصرف في مصالح المسلمين.
وحتى لو كان صاحب الدين كافرا فإن الصدقة به عنه تنفعه في حياته لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يظلم مؤمناً حسنةً، يُعطى بها في الدنيا، ويُجزى بها في الآخرة، وأما الكافر: فيُطعم بحسناته ما عمل بها لله في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزي بها.
قال الطبري رحمه الله: من عمل عملاً صالحا في غير تقوى يعني من أهل الشرك أعطي على ذلك أجراً في الدنيا: يصل رحماً, يعطي سائلاً, يرحم مضطرّا في نحو هذا من أعمال البرّ يعجل الله له ثواب عمله في الدنيا, ويوسع عليه في المعيشة والرزق, ويقرّ عينه فيما خوّله, ويدفع عنه من مكاره الدنيا في نحو هذا, وليس له في الاَخرة من نصيب.
وننبه هنا إلى أنه يجب إخراج ذلك المبلغ وغيره من ديون الميت مما ترك قبل قسمة تركته، لقول الله تعالى: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللهِ. {النساء:12} . وتجب المبادرة إلى ذلك لأن نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه لما روى أحمد في المسند عن جابر قال: توفي رجل فغسلناه وحنطناه وكفناه ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصلي عليه، فقلنا: تصلي عليه. فخطا خطوة، ثم قال: أعليه دين؟ قلنا: ديناران، فانصرف فتحملهما أبو قتادة، فأتيناه فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحق الغريم، وبرئ منهما الميت؟ قال: نعم، فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم ما فعل الديناران؟ فقال: إنما مات أمس، قال: فعاد إليه من الغد، فقال: قضيتهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، الآن بردت عليه جلدته. وصححه الأرنؤوط.
قال الشوكاني: فيه دليل على أن خلوص الميت من ورطة الدين وبراءة ذمته على الحقيقة ورفع العذاب عنه إنما يكون بالقضاء عنه. انتهى.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1430(12/6358)
يدعي عليه البنك أنه لم يسدد كل الأقساط ويظن هو أنه سددها
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: أخذت قرضا من البنك وأديته على أقساط حتى بقي قسط واحد ـ حسب ادعاء البنك ـ وهو مبلغ مهم، أما أنا فيغلب علي ظني أنني أديت كل الأقساط، علما بأن هذا البنك لم يعلمني بأن القسط الأخير لم يقع تسديده إلا بعد مرور خمس سنوات، واشتكى مني إلى المحكمة التي قررت تعيين خبير مالي، ولم يدل البنك بحجة ثابتة لعدم الخلاص، فحكمت المحكمة لصالحي، فاستأنف البنك الحكم ولا تزال القضية إلى الآن، أنا عندي شك بنسبة 20 بالمائة أنه غيرمسدد ولكن البنك ليس له دليل مادي على أن هذا القسط غير مسدد، فإن كان الحكم المقبل لصالحي - وحتى أزيل هذا الشك- فهل يمكنني أن أتبرع بهذا المبلغ للفقراء وأريح ضميري؟ أم أعطيه إلى البنك ولا حجة له في عدم السداد؟.
فأفيدوني يرحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولاً إلى وجوب التوبة من التعامل مع هذا البنك بالاقتراض منه إن كانت المعاملة ربوية كما هو الغالب، ثم إن كان هذا القسط الذي يطالبك به البنك زائداً على أصل المال الذي اقترضته فليس عليك شيء، لأن دفع الربا لا يجوز فضلاً عن أن يكون واجباً، وأما إن كان هذا القسط الذي يدعي البنك أنك لم تدفعه غير زائد على أصل المال فالقول قوله في كونك لم تدفعه، لأن الأصل أنه لم يقبضه وأنت تدعي خلاف الأصل فعليك البينة.
قال ابن قدامة في المغني: وجملته أن الرجل إذا وكل وكيلاً في قضاء دينه، ودفع إليه مالاً ليدفعه إليه، فادعى الوكيل قضاء الدين ودفع المال إلى الغريم، لم يقبل قوله على الغريم إلا ببينة لأنه ليس بأمينه، فلم يقبل قوله عليه في الدفع إليه، كما لو ادعى الموكل ذلك، فإذا حلف الغريم فله مطالبة الموكل. انتهى.
فإذا ثبت كون الدين مستقراً في ذمتك إذا لم تأت بالبينة على قضائه لم ينفعك حكم الحاكم بخلاف ذلك، لأن حكم الحاكم لا يحل حراماً، وانظر لذلك الفتوى رقم: 21994، ويجب عليك في هذه الحال دفع المال إلى البنك ولا يجوز لك التصدق به، فإن المال إذا علم مالكه وجب دفعه إليه، وانظر لذلك الفتوى رقم: 118693.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1430(12/6359)
لا يجوز أن يشترط المقرض على المقترض شرطا فيه منفعة له
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن قرض سأطلبه من شركة تبيع الدقيق للمخابز في فرنسا بدون فائض لشراء مخبزة، لكن علي أن أشتري منهم الدقيق حتى خلاص الدين، مع العلم بأنني أشتري منهم منذ مدة لمخبزة أخرى كنت مستأجرا لها، هل في هذا القرض ربا؟. أرشدوني بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح، والذي فهمناه منه أنك تريد أن تأخذ قرضاً بلا فائدة من الشركة المذكورة بشرط أن تشتري الدقيق منهم حتى سداد الدين، فإن كان الأمر كذلك فهذا القرض غير جائز، لأن اشتراط عقد البيع في عقد القرض لا يجوز، لورود النهي عنه، ولأن كل قرض جر نفعاً فهو رباً، وهذا القرض يجر منفعة للشركة المقرضة، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: إذا شرط في عقد القرض أن يبيعه المقرض شيئاً، أو يشتري منه، فقد نص المالكية والشافعية والحنابلة على عدم جواز هذا الاشتراط، واستدلوا على ذلك: بما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل سلف وبيع، قال ابن القيم: وحرم الجمع بين السلف والبيع، لأن القرض ليس من عقود المعاوضة، وإنما هو من عقود البر والمكارمة، فلا يصح أن يكون له عوض، فإن قارن القرض عقد معاوضة كان له حصة من العوض، فخرج عن مقتضاه، فبطل وبطل ما قارنه من عقود المعاوضة. انتهى.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع في شروط القرض ما ملخصه: أن لا يكون فيه جر منفعة فإن كان لم يجز، نحو ما إذا أقرضه وشرط شرطاً له فيه منفعة، لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه: نهى عن قرض جر نفعاً، ولأن الزيادة المشروطة تشبه الربا، لأنها فضل لا يقابله عوض، والتحرز عن حقيقة الربا وعن شبهة الربا واجب هذا إذا كانت الزيادة مشروطة في القرض. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1430(12/6360)
فالفائدة المذكورة على القرض وليست مقابل الخدمات
[السُّؤَالُ]
ـ[يقوم الصندوق الاجتماعى للتنمية بمصر- وهو تابع لرئاسة مجلس الوزراء المصرى- بإقراض شباب الخريجين الذين لا يجدون فرص عمل قروضا ميسره بفائدة 9% لعمل مشاريع اقتصادية صغيرة، ويوفر الصندوق أيضا دراسات الجدوى للمشاريع، ويقوم بتدريب الشباب على كيفية إدارة المشروع، وكذلك المساعدة فى التسويق ويعفي الشباب من الضرائب. فهل تعتبر الفائدة-القرض-هنا حراما أم أنها مقابل الخدمات التي يقدمها الصندوق (التدريب- التسويق- الإعفاء الضريبي) ؟ وهل يجوز عمل مشروع بتمويل من الصندوق بهذة الكيفيه أم أنه حرام، مع العلم بأنه يساعد فى حل مشكلة البطالة لصاحب المشروع، وكذلك من سيعملون فى المشروع وكذلك يساهم فى تنمية الاقتصاد العام للمجتمع ككل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفائدة المذكورة إنما هي على القرض وهي في مقابله وليست في مقابل الخدمات المذكورة، وبذلك يكون قرضاً ربوياً محرماً لا يجوز أخذه إلا عند الضرورة، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ. {البقرة:279} . وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات.. فذكر منهن: أكل الربا. وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم: آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه وقال: هم سواء. رواه مسلم.
وتلك الخدمات من تدريب وتسويق وغيرها إنما هي تبرع من الدولة لأولئك هذا هو الظاهر، ولذا فإن من أخذ القرض ولم يستفد من تلك الخدمات فإن الفائدة ثابتة عليه لأنها على القرض لا أجرة لتلك الخدمات. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 17966.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1430(12/6361)
الشرط الجزائي.. الجائز والمحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل أنا وزملائي في إحدى شركات القطاع الخاص بمصر وتوجد بالشركة سلف طويلة الأجل للعاملين بمبلغ: 25000ج ـ تسدد بأقساط من المرتب الشهري بدون فوائد، ولكن تلزم الشركة الموظف ـ طالب السلفة ـ عند استلام المبلغ بالتوقيع على 5 إيصالات أمانة بـ25000ج، وإيصال سادس بـ4500ج،.ليصبح إجمالي المبلغ الموجود بإيصالات أمانة:29500ج، بينما المستلم فعلياً 25000ج.
الجدير بالذكر أنه طوال مدة عملي بالشركة لم تستخدم الشركة الإيصال السادس الموجود به المبلغ الزائد ضد أي موظف.
والسؤال هنا، هل تعتبر هذه السلف بهذه الإجراءات حلالا أم حراما؟ مع العلم بأن منا من يحتاج السلف لظروف ضروية كالزواج مثلاً، وغير ضرورية كشراء سيارة أو استثمار المبلغ في مشروع.
أفادكم الله وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحكم يترتب على معرفة الغرض من ذلك الإيصال السادس الزائد على قدر مبلغ القرض فإن كان بمثابة الشرط الجزائي ويؤخذ به عند تأخر المقترض في سداد باقي القرض ونحوه، فلا يجوز اشتراطه ولا القبول به لأن الباقي من القرض دين في ذمة المقترض، وأي زيادة مشروطة على الدين عند التأخر عن السداد هي ربا باتفاق العلماء، وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: يجوز أن يشترط الشرط الجزائي في جميع العقود المالية ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دينا، فإن هذا من الربا الصريح.
وأما إن كان الوصل يستخدم فيما إذا اقتضى الأمر مقاضاة المقترض عند تأخره عن سداد القرض حال إيساره فلا حرج؛ إذ لهم إلزامه بتحمل كافة المصاريف اللازمة للتقاضي، فيستوفون من ذلك الوصل ويعيدون إليه الباقي إن بقي شيء وهكذا، كما هو مبين في الفتوى رقم: 97791.
وعلى كل فإن الحكم ينبني على سبب أخذ الوصل الزائد بالمبلغ فقد يكون محرما وقد يكون جائزا كما بينا.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1430(12/6362)
من كانت عليه ديون لأشخاص فأيهما أولى بتسديد دينه أولا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد لدي استفسار عن المعاملات المالية.
أحيطكم علما بأنني أخذت مبلغا من المال من أحد أقاربي كقرض على أن يتم سداده بعد يومين مقابل حصولي على أتعاب من شركة أتعامل معها، ولكن الشركة تأخرت إلى يومنا هذاعن السداد لي وقامت بسداد جزء فقط من المال وجزء بسيط، ولكن أبلغت الشخص الذي أخذت منه المال بأنني فقط حصلت على جزء بسيط، فهل أودعه لك بالحساب على أن أسدد الباقي حين استلامي للمال؟ فطلب منى أن أحتفظ بالمال وأسدده له حين إكمالي للمبلغ، ولكني اضطررت لأخذ المال الذي كان مخصصا له والمحفوظ عندي لأقرضه لشخص طلب مني شراء بضاعة على أن يرده لي بأسرع وقت، ولكن بعد أن تم شراء البضاعة لم يستطع أن يرده لي، ودخلت كشريك معه بالمحل بمبلغ البضاعة التي تم شراؤها به وأيضا بمبلغ نقدي آخر، إلى يومنا هذا لم أستلم باقي المال من الشركة حتى أسدده للمقرض، وقد طلب منى حين اكتمال المبلغ أن أسدده له كاملا، فهل المال الذي أخذته غير شرعي وغير حلال؟ وأيضا تراكمت علي مبالغ عن استخدامي للبطاقة المصرفية الأمريكية ويتم أخذ فوائد شهرية عليها، وأيضا عندي أسهم بالسوق ولكن تعرضت للخسارة بأكثر من النصف، فهل أبيع أسهمي التي خسرت فيها لأسدد ديوني وبأيهم أبدأ؟ علما بأن المبلغ بسيط ولن يغطى إلا أحد القرضين؟.
يرجى إفادتي وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك هو سداد القرض الذي أخذته من قربيك، ولا يتعين سداده من المبلغ الذي لك على الشركة، فبادري بسداده من أي مبلغ تحصلين عليه طالما أنك موسرة به، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: مطل الغني ظلم. متفق عليه.
وأما ما رفض استلامه منك من قرضه حتى يكتمل جميعه فهو لك، ولا حرج عليك في تصرفك فيه، وما أقرضك إياه باق في ذمتك حتى تؤديه، واحذري مماطلة صاحبه والتواني في سداد ما عليك من الدين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه. رواه أحمد وأصحاب السنن، وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين. رواه مسلم.
وفي مسند أحمد وغيره عن جابر قال: قال: توفي رجل فغسلناه وحنطناه وكفناه، ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عليه، فقلنا: تصلي عليه، فخطا خطوة ثم قال: أعليه دين؟ قلنا: ديناران، فانصرف فتحملها أبو قتادة، فأتيناه فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أوفى الله حق الغريم وبرئ منها الميت، قال: نعم، فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم: ما فعل الديناران، فقال: إنما مات أمس قال: فعاد إليه في الغد، فقال: لقد قضيتهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآن بردت عليه جلدته.
كما ننبهك على حرمة التعامل بالفيزا التي تترتب عليها فوائد ربوية، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ {البقرة:278-279} .
وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء.
وانظري الفتوى رقم: 2834.
فتوبي إلى الله تعالى مما كان منك وتخلصي من تلك البطاقة وشرورها، وإذا بعت أسهمك أو غيرها ولم يتسع ثمنها لسداد جميع ديونك وكانت جميعها حالة، فالواجب هو المحاصة بين قرض الرجل وقرض البطاقة ولا تجعلي المبلغ في أحد الدينين دون الآخر إذا ليس أحدهما أولى بالوفاء من الآخر إلا إذا كان أحدهما مؤجلا والآخر حالا، فيبدأ بالحال، أوإن أمكن استئذان أحدهما في التأخير في سداد دينه وقبل بذلك فلا حرج، وكذا إن كان في تأخرك عن سداد قرض الفيزا زيادة ربوية فالأولى أن تبدئي بسداد قرضها للتخلص من فوائدها المحرمة، وضررها الماحق، وينبغي لك استئذان صاحب القرض الأول تطييبا لخاطره، ومتى استطعت سداد دينه بادرت إليه وأحسنت له الوفاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1430(12/6363)
ما يقبضه أحد أعضاء الجمعية دين لابد من قضائه لبقيتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال: نحن عشرة أشخاص دخلنا في جمعية آخر الشهر. هل إذا مات شخص وكان ترتيبه الأخير في الاستلام هل يكون دينا علينا؟ وإذا كان ترتيبه الأول في الاستلام وبعده مات هل هو دين عليه ووجب على أهله قضاؤه لنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولا إلى أن هذه الجمعية جائزة كما بينا في الفتوى رقم: 1959.
وأما من مات من أعضائها قبل أن يصل إليه الدور فيجب على الأعضاء دفع مستحقه إلى ورثته، وما يستحقه هو ما دفعه، وكذلك إذا كان أخذ أولا ثم مات فعلى ورثته أن يعيدوا إلى أعضاء الجمعية حقوقهم من تركته قبل قسمتها؛ لأنها تكون دينا في ذمته حتى تؤدى عنه كسائر ديونه. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 94089.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1430(12/6364)
القرض الحسن مباح للمقترض مندوب إليه للمقرض
[السُّؤَالُ]
ـ[هل قروض جمعيات رجال الأعمال حلال أم حرام؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم طبيعة ونظم الجمعيات المذكورة، لكن إذا كان القرض خاليا من فائدة محرمة ولم يجر نفعا لمقترضه فهو قرض حسن يجوز أخذه ويندب فعله، لأن الشارع رغب فيه ووعد عليه بالأجر الجزيل، قال الله تعالى: وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {الحج:77} .
وقال السرخسي في المبسوط: والإقراض مندوب إليه في الشرع. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: والقرض مندوب إليه في حق المقرض مباح للمقترض، لما روينا من الأحاديث، ولما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.
وقال أبو الدرداء: لأن أقرض دينارين ثم يردان ثم أقرضهما أحب إليَّ من أن أتصدق بهما، ولأن فيه تفريجا عن أخيه المسلم فكان مندوبا إليه كالصدقة عليه. انتهى.
وأما إن كان القرض بفائدة أو يجر نفعا مشروطا لصاحبه فلا يجوز، جاء في ـ المصنف ـ عن ابن سيرين قال: أقرض رجل رجلا خمسمائة درهم واشترط عليه ظهر فرسه، فقال ابن مسعود: ما أصاب من ظهر فرسه فهو ربا. اهـ.
ومن المفيد هنا نقل ما قال الكرخي في مختصره في كتاب الصرف قال: وكل قرض جر منفعة لا يجوز، مثل أن يقرض دراهم غلة على أن يعطيه صحاحا، أو يقرض قرضا على أن يبيع به بيعا، لأنه روي أن كل قرض جر نفعا فهو ربا، وتأويل هذا عندنا أن تكون المنفعة موجبة لعقد القرض مشروطة فيه، وإن كانت غير مشروطة فيه فاستقرض غلة فقضاه صحاحا من غير أن يشترط عليه جاز.
وللفائدة انظر الفتوى رقم: 44598.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1430(12/6365)
رد الدين بأكثر منه إذا لم يكن شرطا أو تواطئا ليس من الربا
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت إلى مطعم مع أحد الأصدقاء، وبعد الانتهاء دفع صديقي عني 18 درهما، وفي اليوم الثاني أعطيت صديقي 20 درهما ولم أطالب بالباقي، إما حياء، أولأنه ليس لديه الباقي.
فهل هذا نوع من الربا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا ليس ربا؛ لأنه لم يشترط عليك أن تعطيه أكثر مما دفع، ولاتواطأتما على ذلك، وقد قضيته أكثر من حقه، فإن كنت متبرعا بالزائد فلا حرج عليك، لأن هذا من الهدية أو حسن القضاء، وقد ثبت في البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم: يتقاضاه فأغلظ، فهمّ به أصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه فإن لصاحب الحق مقالا، ثم قال: أعطوه سنا مثل سنه، قالوا: يا رسول الله إنا لا نجد إلا أمثل من سنه، فقال: أعطوه، فإن خيركم أحسنكم قضاء. وراجع الفتوى رقم: 18212.
وإن كنت غير متبرع بالزائد فلك حق المطالبة به وعليه أن يؤديه إليك.
وكونك أعطيته عشرين ليأخذ منها حقه لا ربا فيه أيضا عند كثير من أهل العلم، لأن المصارفة إنما وقعت بين ما كان في الذمة وما تم التقابض فيه، والباقي يكون أمانة بيده.
جاء في مطالب أولي النهى ممزوجا بكلام المنتهى: وصارف فضة بدينار إن أعطى فضة أكثر مما بالدينار ليأخذ رب الدينار قدر حقه مما أعطيه، فأخذ صاحب الدينار من الفضة قدر حقه، جاز هذا الفعل منهما - ولو كان أخذه قدر حقه بعد تفرق ـ لوجود التقابض قبل التفرق، وإنما تأخر للتمييز، والزائد عن قدر حقه أمانة لوضع يده عليه بإذن ربه. وكذا في كشاف القناع وغيره من كتب السادة الحنابلة رحمهم الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1430(12/6366)
الذهب المقترض يرد بقيمته يوم الأداء لا يوم القرض
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة طلب منها زوجها بيع حزامها الذهبي لضائقة أصابته – على أن يكون دينا - قبل عدة سنوات، فذهبا إلى الصائغ وبيع بـ 8000 ريال سعودي، ثم وضع المبلغ المذكور بيد زوجته، ثم بعد شهرين طلب منها المبلغ المذكور فأعطته إياه.
اليوم وبعد تلك السنوات أعاد الزوج لزوجته مبلغ 8000 ريال سعودي، لكنها طلبت من زوجها أن يعيد لها 15000 ريال؛ لأن سعر الذهب اليوم ارتفع وهي بهذا المبلغ تستطيع أن تشتري مثل حزامها الذي باعته من أجله.
فأين هو الحق؟. أفتونا في ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الزوج قد طلب من زوجته أن تقرضه ذهبها وأمرها ببيعه ووكلها في ذلك، فيلزمه رد مثله لا قيمته، إلا أن يتم التراضي على دفع قيمته فلا حرج في ذلك، ويقوم يوم الأداء لا يوم القرض، وللمزيد انظري الفتوى رقم: 49094.
وأما إن كان ما اقترض منها هو ثمن الذهب وهو الثمانية آلاف التي بيع الذهب بها فلا يلزمه غير تلك الآلاف الثمانية لا قيمة الذهب يوم الأداء، لأنه إنما اقترض الآلاف الثمانية لا غيرها، وللمزيد انظري الفتاوى التالية أرقامها: 33456، 58383، 79274، 113477.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1430(12/6367)
الطريق لمعرفة شرعية معاملات بنك ما هو سؤال أهل العلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل قرض الإجارة من أجل تمليك السكن حلال أم حرام؟ كيف نعرف أن البنك يطبق الشروط الشرعية لهذا القرض؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي السؤال بعض الغموض، ونقول على سبيل الإجمال إذا كان القرض قرضا حسنا بلا فوائد ربوية فهو جائز ولا حرج في استخدام القرض في شراء سكن أو استئجاره، أما إذا كان القرض ربويا فهو حرام بإجماع العلماء، ولا يجوز الاقتراض بالربا إلا للضرورة، ومن وجد مسكنا يؤويه ولو بالأجرة وهو قادر على دفعها فلا يجوز له الاقتراض بالربا.
ويمكن معرفة تطبيق البنك للشروط الشرعية للقرض بسؤال أهل العلم الموثوقين ببلدك، أو بالاطلاع على شروط القرض، وهل توجد به زيادة ربوية تحت أي مسمى أم لا توجد؟.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 101422، 107531، 113283.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1430(12/6368)
حكم القرض من أجل الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من اقترض مالا من أفراد عائلته من أجل تسديد مصاريف الحج على أن يرده قبل ذهابه إلى الحج، لأن المبلغ لم يتوفر لديه في الوقت الذي طلب فيه منه تسديده من طرف السلطات المكلفة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في اقتراض المال قرضاً حسناً لتسديد مصاريف الحج، وسواء كان المقترض سيرد ذلك قبل ذهابه إلى الحج أو بعده، فإن القرض الحسن من الأمور المشروعة.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: لا خلاف بين الفقهاء في أن الأصل في القرض في حق المقرض أنه قربة من القرب، لما فيه من إيصال النفع للمقترض، وقضاء حاجته، وتفريج كربته، أما في حق المقترض، فالأصل فيه الإباحة، وذلك لمن علم من نفسه الوفاء، بأن كان له مال مرتجى، وعزم على الوفاء منه. اهـ.
أما إذا كان قصد السائل الاقتراض بالفائدة فإن ذلك لا يجوز لأنه هو الربا الوارد تحريمه في الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لحج بيته الحرام، وأن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1430(12/6369)
حكم الإقراض مقابل بذل الجاه
[السُّؤَالُ]
ـ[عبد الرحمن استفاد من مبلغ مالي سلفة على أن يرجعها بالتقسيط شهريا لصاحبها السيد أبي القاسم ـ موظف حرـ مقابل دفع ملف باسم عبد الرحمن ـ موظف بالحكومة ـ لشراء سيارة بالتقسيط إلى السيد أبي القاسم، علما أن الذي يدفع الأقساط هو السيد أبو القاسم لمدة 5 سنوات ثم تنتقل له الملكية.
بعد تكوين الملف سلمه السيد أبو القاسم إلى البنك الذي يتعامل مع مؤسسة بيع السيارات، ولكن وللأسف دفع الملف إلى بنك ربوي بدل بنك البركة الذي كنت أقصده أنا وتسلم أبو القاسم السيارة.
وجد عبد الرحمن ابن عمه- محمد- لدفع المبلغ الأول الذي دفعه أبو القاسم لهذه السيارة ويكمل الباقي ابن عمه- محمد- لمدة 5 سنوات بدل أبي القاسم وخرج منها أبو القاسم نهائيا والذي كان السبب في التعامل مع بنك ربوى.
الآن السيارة موجودة وبحوزة ابن عمه- محمد. وهو الذي سوف يملكها عند الانتهاء من الدفع.
بما أن ابن عمه – محمد- تسلم السيارة وكانت بحوزة البنك أي عند أبي القاسم، فهل من مخالفة هنا؟ علما أن ملكية البنك لأي شيء يخرجه من الربا.
هل السلفة التي أخذها عبد الرحمن فيها مخالفة؟
ما هو العمل حتى ينال عبد الرحمن المغفرة في حالة الخطأ؟
خلاصة القول: هو أن محمد حل محل أبي القاسم، والفرق أن السيارة كانت بحوزة البنك أي عند أبي القاسم أثناء إحلال محله. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما القرض الذي أخذه عبد الرحمن من أبي القاسم فيعتبر قرضا محرما لكونه قد جر نفعا إلى صاحبه، وكل قرض جرنفعا فهو حرام، وأبو القاسم إنما بذل القرض مقابل بذل الجاه له.
كما أن عبد الرحمن باع جاهه بذلك القرض، وثمن الجاه منهي عنه في قول كثير من أهل العلم، يقول أبو عبد الله القوري: اختلف علماؤنا في حكم ثمن الجاه، فمن قائل بالتحريم بالإطلاق، ومن قائل بالكراهة بالإطلاق، ومن مفصل فيه وأنه إن كان ذو الجاه يحتاج إلى نفقة وتعب، فأخذ أجر مثله فذلك جائز، وإلا حرم. انتهى. قال أبو علي المسناوي: وهذا التفصيل هو الحق.
ثم إن عبد الرحمن قد أعان أبا القاسم على أمر محرم وبذل جاهه في أمر لا يجوز، ألا وهو التعاون مع البنك الربوي وأخذ السيارة منه، ومن المعلوم أنه لا يجوز التعامل مع البنك الربوي إلا عند الضرورة حيث لا يوجد بديل شرعي عنه، وذلك لأن التعاون معه تعاون على الإثم والعدوان، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2} .
والغالب في البنوك الربوية أنها لا تجري المعاملات المباحة دون إدخال شرط محرم كأخذ زيادة أو فائدة عند التأخر في السداد ونحوه.
وفي السؤال فقرات غامضة مثل حلول محمد مكان أبي القاسم في شأن السيارة.
وكون ملكية البنك يخرجه من الربا.
لكن ما ذكر يكفي لحرمة المعاملة من أساسها.
وأما التوبة من ذلك فإنما تكون بالندم عليه والاستغفار منه والإقبال على الله بطاعته والإكثار من عبادته، فقد قال تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114} . وقال: فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {المائدة:39} .
وللفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 4335، 15952، 6919.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1430(12/6370)
حكم الاقتراض بالربا للسفر لزيارة الأبوين
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أقطن بدار المهجر ولم أر والداي مند 3 سنوات وأنا في أشد الاشتياق لرؤيتهم، وليس لي مال كاف للسفر وليس لي إلا القرض الربوي. فهل أكون بذلك مذنبا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج همك وأن يجمع شملك بوالديك، واعلم أنه لا يجوز لك الاقتراض بالربا لأنه محرم بالكتاب والسنة وإجماع العلماء، ولا يستثنى من ذلك إلا حالة الضرورة المعتبرة شرعاً، وحد الضرورة هو ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أو أن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل، أو لا يتمكن المرء معها من تحقيق الحد الأدنى من حياة الفقراء، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 6501.
وما ذكرته من شدة الشوق لرؤية والديك لا يبيح لك الإقدام على مثل هذه الكبيرة التي يجب الحذر منها، فقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله، وفي الاقتراض بالربا ضررعظيم على دين المرء ودنياه، فننصحك بالصبر على ما أنت فيه والاكتفاء بما يتيسر لك من التحدث مع والديك هاتفياً أو عن طريق الإنترنت حتى يتيسر لك السفر إليهما بوسيلة مشروعة.
وراجع حكم الإقامة في بلاد الكفر في الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1430(12/6371)
الحكم ينبني حسب الاتفاق: قرض أم مشاركة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أستفسر عن قصة حدثت لقريب لي اسمه هيثم، والقصة هي:
منذ 6 سنوات أراد أخو هيثم أن يشتري بيتا بمبلغ مليون ومئتين وخمسين ألفا فلم يستطع ثمنه كاملا فاتفق مع هيثم أن يدفع هيثم المبلغ المتبقي وهو: أربعمائة ألف ليكمل شراء البيت، ثم استدان بثمانين ألفا واتفق مع هيثم أن يرجع له الثمانين ألفا بعد مدة محددة قصيرة.
ولكن أخا هيثم سافر خارج القطر وترك البيت الذي اشتراه فاضيا لا يسكنه أحد، فبادر هيثم مع زوجته وسكن في البيت، فسكن في ثلاث غرف من البيت المكون من خمس غرف وبعد ست سنوات توفي هيثم وقرر أخوه بعد أن عاد من السفر أن يبيع البيت.
السؤل: كيف يقسم البيت؟ ـ علما أن ثمنه الآن بين مليونين ونصف وثلاثة ملايين ـ
فكم من المبلغ تستحق زوجة المتوفى هيثم من المال؟. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السائل لم يوضح لنا حال المبلغ الذي كمل به هيثم ثمن البيت فهل أعطى الأربعمائة لأخيه على سبيل السلف أم على سبيل المشاركة في ثمن البيت؟ فإن كان أعطاه المبلغ على سبيل القرض فيجب على أخيه أن يرد له المبلغ الذي أخذ منه، وأما البيت فهو ملك للأخ ونماؤه له ولا حق لهيثم في ارتفاع قيمة البيت.
واما إذا كان أعطاه المبلغ على سبيل المشاركة في ثمن البيت فإن البيت يكون بينهما بحسب مشاركة كل منهما.
وينبغي الرجوع للمحاكم الشرعية للنظر في ملابسات الأمر والنظر في أمر سكن هيثم بالبيت ست سنوات فيمكن للأخ أن يطلب حقه فيها.
أما ميراث الزوجة من مال زوجها فهو الربع إن لم يكن له ولد والثمن إن كان له ولد، لقوله تعالى: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء: 12} .
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1430(12/6372)
حكم أخذ قرض إسكاني للتخلص من القرض الربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل 12 سنة كنت أعمل لدى البنك المركزي، وحصلت على قرض إسكاني بدون فوائد، وبعد 8 سنوات استقلت من البنك مما حتم علي دفع فوائد عن القرض المتبقي-بقية المبلغ تقريبا 20 ألف ريال-استلفت من أحد البنوك التجارية-طبعاً بفائدة- لتغطية مبلغ القرض بنسبة فائدة أقل. والآن بعد 4 سنوات من الدفع اكتشفت أنني لم أسدد أي شئ من المبلغ الأصلي-بقية المبلغ الآن 20,955-أي بزيادة 955 ريال بعد 4 سنوات من الدفع. المهم أنا الآن أعمل في إحدى الشركات ويوجد لديها نظام القروض السكنية أيضا بدون فوائد-أو بمعنى آخر الشركة تدفع نسبة الفائدة. ولا يلزم الموظف بدفع سوى صافي المبلغ المستقرض. سؤالي هو: أني نويت أخذ القرض الإسكاني من الشركة لدفع المبلغ الذي علي والتخلص من الفائدة المفروضة علي من البنك التجاري. فهل يجوز لي:
1. أخذ هذا القرض علماً بأنه لا يلزمني تحمل الفائدة لأن الشركة تتحمل دفع نسبة الفائدة؟
2. حسب قانون الشركة يحق لي أخذ مبلغ 60 ألف ريال وهي كامل مستحقاتي غير قابلة للتجزئة أو الإستقطاع وهذا يعني أني لا أستطيع أخذ 20 ألف فقط لسداد المبلغ المتبقي.
3. وفي حالة أني أخذت مستحقاتي الكاملة-قدرها 60 ألف ريال- فنيتي الآتي:
- إستخدام 20 ألف لتسديد القرض من البنك التجاري.
- استخدام بقية المبلغ لتسوية القروض الربوية التي يتكبدها أفراد عائلتي. وبهذه الطريقة نتخلص جميعاً من القروض الربوية بإذن وتوفيق من الله.
جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت بترك العمل في البنك، فالعمل في البنوك الربوية محرم، وعليك المبادرة إلى التوبة من الاقتراض بالربا، والواجب عليك هو رد المال المقترض، وإن استطعت أن لا تردي الفوائد فلا ترديها، وإذا كان في تعجيل تسديد القرض الربوي مصلحة إسقاط الفوائد عنه فيجب المبادرة إلى ذلك حسب الإمكان، وإن لم توجد هذه المصلحة فلا وجه لتعجيل السداد، وراجعي في بيان التوبة من الاقتراض بالربا فتوانا رقم: 112282. وما أحيل عليه فيها.
أما بالنسبة لما تنويه من أخذ القرض الإسكاني من الشركة، فلا يجوز لك أخذ هذا القرض لأنه قرض ربوي، والقروض الربوية محرمة بالكتاب والسنة والإجماع، وكون الشركة تقوم بدفع الفوائد لا يبيح لك الدخول في هذه المعاملة سواء دفعت أنت الفوائد أو دفعت عنك، وراجعي في ذلك الفتويين: 117326، 121323.
نسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك وأن يغنيك بحلاله عن حرامه.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1430(12/6373)
حكم إحالة الدين للبائع بالأقساط على المدين
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بإقراض أحد الأشخاص مبلغا من المال، وكان موعد الرد في شهر يناير، ولكن الرجل لسوء الأحوال الاقتصادية لديه لم يستطع الرد، ولم أضغط عليه حتى جاءت ظروف لدي أنا الآخر، ولكن لا يوجد لديه المال ليعطيه إلي، فاقترح علي هو اقتراحا قال إنه سوف يقوم بشراء الأشياء التي أود أنا شراءها بالتقسيط، وتكون الكمبيالات عليه ويسدد هو القسط، وبذلك يكون قد رد دينه ولم يشغل نفسه بدفع المال مرة واحدة، فأنا قلت له اتركني أستشير بعض الشيوخ أهذا حرام؛ لأنه يعتبر ربا على اعتبار أن هذا الشخص الذي سيسدد لي الأقساط سوف يقوم بدفع الفرق بين القسط والفوري وإن لم يدفع الفرق بين القسط والفوري فهل هذا حلال ولا أحد يقول لي اتركه يقسط، وذلك بما لا يتجاوز أصل المبلغ المقرض له؛ لأن هذا الاقتراح سوف يؤدي بالخسارة لي فلو أعطاني هو النقود دفعة واحدة لاشتريت أشياء أكثر من لو اشتريتها بالقسط. وكلنا نعلم كم يزيد التقسيط عن الفوري؟ فما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود هو أنك ستشتري ما تريد شراءه بالتقسيط، ثم يتولى صاحبك السداد فيدفع الأقساط التي عليك، وهي أكثر مما في ذمته فهذا لايجوز إن شرط عليه أو حصل الصلح على ذلك؛ لكونه ربا محرما، وأما إن كان سيدفع من الأقساط مقدار ما في ذمته فحسب، أو تبرع هو من عند نفسه بزائد على ما في ذمته فلا حرج في ذلك، وأنت في هذا تحيل دينك للبائع بالأقساط على صاحبك المدين لك، وكذا إن كان المقصود أنه سيشتري حاجتك من البضاعة ثم يبيعها لك بما يوازي الدين الذي في ذمته ليقع التحاص بين الثمن والدين الذي في ذمته فلا حرج في ذلك أيضا إن قبلته ورضيت به، ولو كان هو سيشتري تلك الأغراض بثمن أكثر أوأقل مما سيبيعها عليك به، أوأنه يشتريها بالتقسيط أوغيره. بل المهم والمعتبر هو أن يشتري تلك الأغراض وتدخل في ملكه وضمانه ثم يبيعها عليك بيعا مستقلا.
وننبهك إلى أن المعسر يجب إنظاره إلى حين ميسرة. كما قال تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ {البقرة:280}
فلا يجوز إلجاؤه إلى تلك الوسيلة لسداد الدين، بل يجب إنظاره حتى يقدر على السداد. ومن تصدق عليه بالدين كله أو بعضه فهو خير، لكن إن عرض هو تلك الوسيلة واقترحها للسداد ورغب فيها فلا حرج في قبولها وإجابته إلى ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1430(12/6374)
هذا العقد ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب مني أحد عمالي مبلغ 100 ألف ليفتح بقالة باسمي ولكنه هو الذي يديرها بشكل كامل، من إيجار، وبضاعة ورواتب عمال. وسوف يقوم بإعطائي مبلغ 4000 ريال كل شهر بدون زيادة أو نقصان.
فهل هذا حلال أم حرام؟
وسوف يقوم برد 100 ألف عند الانتهاء من العمل كليا حتى لو بعد عشرين سنة. فهل هذا جائز أيضا أم لا؟
أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز ذلك العقد إذ حقيقته أنه قرض ربوي، وقد قال تعالى: وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ. {البقرة:278} .
وإذا أردت عقدا مشروعا فلتدفع إليه المبلغ المذكور أو غيره على سبيل المضاربة الشرعية بأن يستثمر ذلك المال بجهده ويكون الربح بينكما بنسبة شائعة من الربح مبلغا معلوما بحسب ما تتفقان عليه، ولايضمن رأس المال أو خسارته دون تعد أو تفريط.
وإذا انقضت الشركة أخذت راس مالك أو ما بقي منه بالخسارة إن وجدت خسارة.
وللفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 5314، 3023، 5480.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1430(12/6375)
حكم إعلان الإفلاس للتخلص من الديون والفوائد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إعلان الإفلاس للتخلص من الديون والفوائد المترتبة للبنك من جراء شراء بيت بالربا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإعلان الإفلاس لا يسقط الديون ولا يبرئ ذمة صاحبها منها، وإنما تبرأ بأدائها أو بالإبراء والإسقاط من قبل الدائن.
وكون الديون نشأت من ربا لا يجيز إسقاط رأس المال فيها وإنما يجوز التحايل على الفوائد الربوية وإسقاطها ما أمكن ذلك. قال تعالى: وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ. {البقرة: 279} .
وبناء عليه، فإن كان القانون هناك يبرئ المفلس حقيقة من ديونه دون رضا الدائن صراحة أو عرفا، فليس لك فعل ذلك إلا إذا لم يبق في ذمتك سوى الفوائد الربوية فإنه يشرع لك اللجوء إليه إسقاطا لتلك الفوائد المحرمة. وراجع في مسألة إعلان الإفلاس الفتويين رقم: 67834، 78888.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1430(12/6376)
حكم تحمل الدين لدى البنك الربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي حصل على أرض من أبي فأخذ قرضا من بنك ربوي وأ تم بناء عليه من القرض وتأجيره والسداد من إيجاره، وبعد سنتين حدثت أمور تم من خلالها أن يتم وضع الأرض مناصفة بيني وبين أخي، ولكن القرض يحتاج ما لا يقل عن 6 سنوات لسداده، ويجب أن أوقع أوراقا في البنك لتحويل القرض على اسمي واسم أخي، فما حكم تحويل القرض على اسمي؟ مع العلم أن أبي ـ الله يهديه ـ هو الذي يتولى الدفع من العقار، فما الحكم الشرعي؟ وما هو الحل الشرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لم يكن في تحملك لنصف ذلك الدين وكتابته باسمك عند البنك زيادة ربوية فلا بأس به ولا يلحقك إثم بذلك، لأنها مجرد حوالة بالدين عليك، إذ في ذمتك لأخيك ذلك المبلغ، ولا فرق بين أن تدفعه إليه أو تدفعه إلى من أحاله عليك، وأما إن ترتب على ذلك التحمل فائدة، فلا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1430(12/6377)
حكم من سئل القرض فلم يقرض
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب يريد أن يتقدم لطلب الزواج مني وهو يعمل بالتجارة، في محادثة بيننا أخبرته بأني أملك مبلغاً من المال وديعة بالبنك، وأني أحتفظ بها بغرض شراء بيت أو قطعة أرض، وأنني أقسمت أنني لن أمس هذا المبلغ مهما كانت الظروف وقد حافظت على ذلك, المشكلة هي أنه دائم الطلب أن أقرضه هذا المبلغ أو جزءا منه لتوسيع تجارته، وقد رفضت، مما أدى الخصام بينا لعدة مرات.
هذا الشاب الذي أسمع عنه أنه على دين وخلق وسيرته طيبة بين أهل الحي الذي نسكنه.
فماذا أفعل؟ هل أنا على صواب؟ علما بأنه في أحيان كثيرة ينقصني بعض المال، أو يكون هنالك أحد أفراد أسرتي في حاجة لبعض المال فأقوم باستدانة ما ينقصني من زملاء العمل دون السحب من تلك الوديعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولاً إلى أنّ هذه الوديعة إذا كانت ببنك ربوي، فذلك محرّم غير جائز، ويجب عليك سحب هذا المال من البنك وحفظه في مكان آخر، وانظري الفتويين رقم: 9537، 20420.
كما ننبّهك إلى أنّ كلام المرأة مع الرجل الأجنبي لا يجوز لغير حاجة معتبرة، فما تفعلينه من محادثة هذا الرجل غير جائز ولو كان بهدف الزواج، وحتى لو تقدم لخطبتك، فإنّ الخاطب حكمه حكم الأجنبي عن الفتاة التي خطبها ما دام لم يعقد عليها، وانظري الفتوى رقم: 17486.
وأمّا عن امتناعك عن إقراض هذا الرجل أو غيره فهو جائز.
قال ابن قدامة: قالَ أَحْمَد: وَلَا إثْمَ عَلَى مَنْ سُئِلَ الْقَرْضَ فَلَمْ يُقْرِضْ. المغني.
وإذا أردت أن تقرضي هذا الرجل فينبغي أن يكون ذلك عن طريق محارمك بعد استشارة عقلائهم والتثبت من دين هذا الرجل وأمانته، والأولى أن يُكتب ويُشهد عليه، وإذا كان هذا الإقراض من الوديعة فعليك حينئذ كفارة يمين. وانظري الفتوى رقم: 459.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1430(12/6378)
أذنت له أم زوجته في بيع ذهبها وأخذ قيمته فهل يرده ذهبا أم مالا
[السُّؤَالُ]
ـ[تحية طيبة وبعد:
السؤال: زوجتي تحتفظ بذهب خاص بوالدتها، ومن حوالي شهرين احتجنا إلى مبلغ من المال وكان الحل أن عرضت علينا والدة زوجتي بأن نبيع الذهب ونأخذ ثمنه، وبالفعل تم ذلك، وبعدها ناقشت زوجتي بخصوص رد هذا الدين، وتصر زوجتي بأن أرد الذهب، وأنا أقول لها لو الذهب ثمنه نقص أو زاد فهناك شبه، ولكن أرد إليها المبلغ الذي قبضناه مقابل الذهب، وعليه أود منكم الرأي الصائب لموضوعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت أم الزوجة صاحبة الذهب قد أمرتكما ببيعه على سبيل التوكيل، بأن قالت لكما: خذا الذهب وبيعاه وانتفعها بالثمن. فهذه وكالة، ولا يلزمكما غير ثمن الذهب إذ هو ما أقرضتكما إياه وليس الذهب، وأما إذا لم يحصل ما يفيد الوكالة فيلزمكما رد مثل الذهب لا قيمته، إلا أن يتم التراضي على دفع قيمته فلا حرج في ذلك. ويقوم يوم الأداء لا يوم الأخذ، وللمزيد انظر الفتوى رقم: 49094.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1430(12/6379)
تأخذ المال من زوجها دون علمه وتقرضه لأهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت أختي مند سنوات، وكانت تأخذ المال من زوجها دون علمه لتدعمنا في بناء محل تجاري، كانت تعطينا نقودا لأي شيء نريده، كنا نظن أن هذا المحل سوف يشتغل ويوفر المال لنرده، لكن لم يكن كذلك، فقمنا بوضعه للبيع لتسديد الدين لكن لا يزال على حاله، استمر الوضع لست سنوات. أرجو منكم إجابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأموال الخاصة بالزوج لا يجوز للزوجة أن تتصرف في شيء منها إلا بإذنه، ولو كان التصرف صدقة أو قرضا أوغيره، لما روى الترمذي من حديث أبي أمامة الباهلي في خطبة الوداع: لا تنفق امرأة شيئاً من بيت زوجها إلا بإذن زوجها.
ويستنثنى من ذلك الشيء اليسير الذي جرت العادة بالتسامح فيه، فهذا إن تصدقت المرأة به دون إذن من زوجها، كان لها نصف الأجر، ولزوجها النصف الآخر.
روى مسلم عن عائشة قوله صلى الله عليه وسلم: إذا أنفقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئاً.
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه، وما أنفقت من كسبه من غير أمره فإن نصف أجره له.
قال النووي رحمه الله: وأما قوله صلى الله عليه وسلم: وما أنفقت من كسبه من غير أمره فإن نصف أجره له. فمعناه: من غير أمره الصريح في ذلك القدر المعين, ويكون معها إذن عام سابق متناول لهذا القدر وغيره، وذلك الإذن الذي قد أولناه سابقا إما بالصريح وإما بالعرف، ولا بد من هذا التأويل؛ لأنه صلى الله عليه وسلم جعل الأجر مناصفة، وفي رواية أبي داود: فلها نصف أجره، ومعلوم أنها إذا أنفقت من غير إذن صريح ولا معروف من العرف فلا أجر لها، بل عليها وزر، فتعين تأويله. انتهى.
وأما أن تأخذ من ماله فتقرضه أهلها أوغيرهم دون إذنه فلا يحل لها، ولا يحل لهم أخذ ذلك المال إن علموا أنها تأخذه دون إذن من زوجها، وعليهم إعادته إلى صاحبه وهو لزوم مباشرة أو عن طريق زوجته، مع التوبة الصادقة، وعليها هي أن ترد ما أخذته من مال زوجها، وتستسمح منه إن لم يترتب على ذلك ضرر أكبر، فإن كان فلتعد المال إليه دون أن يشعر به، وتحسن التوبة فيما بينها وبين الله عز وجل، وتستسمح من زوجها دون أن تخبره بما كان منها.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1430(12/6380)
حكم استخدام سلفة السيارة في أغراض أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أنني اشتغل بشركة تقوم بإقراض العاملين فيها مبلغا ماليا (بدون فوائد) من أجل شراء سيارة وتقوم باسترجاع المبلغ من العاملين عن طريق خصم شهري من الراتب على سنوات، وسؤالي هو ما الحكم الشرعي في من يقدم طلبا لأخذ هذا المبلغ المخصص لشراء سيارة لكن يقوم باستعمالها في أغراض أخرى كالبناء أو شراء تجهيزات للبيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد فإن كانت الشركة تشترط بذل القرض في سيارة أو غيرها فلا يجوز مخالفة شرطها، إذ المسلمون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا.
وأما إذا كانت الشركة لا تشترط ذلك وإنما تبذل القرض للعاملين تحت مسمى قرض السيارة أو غيرها من باب الترتيب الإداري أو المالي للشركة ونحوه ولا تمانع في صرفه فيما يريد العامل فلا حرج في الانتفاع به في غير السيارة.
ويمكن معرفة ذلك كله بالاستفسار من جهة العمل وإخبارهم بقصد العامل بأخذ القرض هل هو لشراء سيارة أو غيرها فإن أذنوا جاز وإلا فلا يحل التحايل عليهم وخداعهم في ذلك
وللمزيد انظر الفتويين رقم: 19215، 31221.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1430(12/6381)
اقترض مبلغا ونسي قدره وتراضى هو والدائن على سداد مبلغ معين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحيانا أقوم بأخذ بعض النقود من أخي الأصغر بدون علمه؛ لأني أكون محتاجاً، ولكن عندما أراه أخبره بأني أخذت مبلغاً من المال ويحسبه دينا علي. ولكن سؤالي يتعلق بأننا أحيانا لا نسجل الدين فننسى كمية الدين المستحق فنقدره تقديراً (علما بأنه مبلغ بسيط) ثم نتسامح فيما بيننا إذا كان هناك خطأ في الحساب بزيادة أو نقصان، فهل هذا يجوز أو يعتبر ربا أجيبوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أخوك يأذن لك في الأخذ من نقوده بلا علمه فلا حرج في ذلك، أما نسيان قدر الدين في هذه الحالة فالواجب أن يكون قدر الدين معلوماً ابتداءً، قال ابن قدامة في المغني: وإذا اقترض دراهم أو دنانير غير معروفة الوزن لم يجز لأن القرض فيها يوجب رد المثل، فإذا لم يعرف المثل لم يمكن القضاء. انتهى.
فإذا اقترضت مبلغاً معلوماً ثم نسيتما قدره وتراضيتما على سداد مبلغ معين فلا حرج في ذلك إذا تراضيتما عليه، قال ابن قدامة في المغني: فإن أقرضه مطلقاً من غير شرط فقضاه خيراً منه في القدر، أو الصفة، أو دونه، برضاهما جاز. انتهى.
أما إذا كان أخوك لا يأذن لك في الأخذ من نقوده بلا علمه، فلا يجوز لك أن تأخذ شيئاً من نقوده، وإذا أخذت شيئاً من نقوده وجب عليك ردها، فإذا جهلت قيمتها وجب عليك الاجتهاد والعمل بغلبة الظن، وإن تراضيتما على مبلغ معين فلا حرج في ذلك لأن الحق لكما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1430(12/6382)
من تمام توبتك أن ترد المال إلى أصحابه عندما تتيسر أمورك
[السُّؤَالُ]
ـ[نشكركم على هذا الموقع وبعد.. فإنني قمت بالذهاب في رحلة مع مجموعة من أصدقائي واتفقنا على مبلغ معين، فدفعت جزءاً من المبلغ المحدد على أن أدفع الباقي عند وصولنا مكان الرحلة، ولكنهم نسوا أنني لم أدفع لهم فتناسيت أنا أيضاً لحاجتي الشديدة للمبلغ، ونويت سداده لهم فيما بعد، فهل يجوز أن أتصدق بالمبلغ علما بأن المبلغ 1200 ريال، وأن اثنين منهم سافرا للإجازة الصيفيه، وأنا في حرج من البقية، فأرجو شاكراً ردكم السريع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك التوبة النصوح إلى الله عز وجل، فإنه لم يكن يجوز لك أن تترك دفع ما وجب عليك دفعه من المال، فإن هذا من أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {النساء:29} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه. رواه مسلم.
وكونك كنت محتاجاً إلى هذا المال لا يسوغ لك غشهم، وإيهامهم بأنك دفعت هذا المال، بل كان الواجب عليك أن تذكر لهم عذرك وحاجتك، وتطلب منهم الإنظار إلى ميسرة، ومن تمام توبتك أن ترد المال إلى أصحابه، ولا يجوز لك أن تتصدق به، فإن المال إذا كان له مالك معين وجب رده إليه، ولم يجز التصدق به، قال النووي في المجموع: قال الغزالي: إذا كان معه مال حرام وأراد التوبة والبراءة منه، فإن كان له مالك معين وجب صرفه إليه أو إلى وكيله، فإن كان ميتاً وجب دفعه إلى وارثه. انتهى.
فمن كان حاضراً منهم فالواجب عليك أن تدفع إليه حصته من هذا المال، ومن كان غائباً منهم فإن أمكنك أن تتصل عليه وتخبره بما له في ذمتك فتفعل ما يأمرك به في شأن هذا المال فافعل، وإن لم يمكنك ذلك انتظرت حتى يعود فتدفع إليه حصته من هذا المال، فإن ذلك هو ما تقدر عليه، والله لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولا يشترط أن تخبرهم بسبب استحقاقهم لهذا المال، لا سيما إن كنت تخشى ترتب مفسدة على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1430(12/6383)
حكم ترك الإقراض لكون المقترض لا يسدد ما عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الأصدقاء والأقارب يقومون بطلب مبالغ من المال كسلفة، ولكن لا يقومون بردها لي ويطلبون مرة أخرى، وأعطيهم ولكن لم يتم الاسترداد أيضا، وقد تكرر ذلك. ما الحكم إذا رفضت أن أعطيهم نسبة لعدم السداد بالرغم من توفر المبلغ لدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن القرض الحسن من أفضل الطاعات وأعظم القربات، وخاصة إذا كان للمحتاجين من الأصدقاء والأقارب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.. الحديث رواه مسلم.
وقد رغب الشرع في التجاوز عن المعسر، وجعل ذلك سببا للتجاوز عن الغريم يوم القيامة، فقد جاء في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان رجل يداين الناس فكان يقول لفتاه إذا أتيت معسرا فتجاوز عنه لعل الله يتجاوز عنا، فلقي الله فتجاوز عنه.
ويجب على من اقترض من أخيه أن يبادر بقضاء ما أخذ منه عند ما يتيسر له ذلك، فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من مطل الغني فقال: لي الواجد يحل عرضه وعقوبته. قال ابن المبارك: يحل عرضه يغلظ له وعقوبته يحبس له. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
وبناء على ما تقدم فإن القرض من المندوبات وأفعال الخير التي رغب فيها الشرع، وليس بواجب ولو توفر لصاحبه ما يقرضه، ولذلك لا إثم عليك ولا حرج في منعه، ولكن القادر يفوت على نفسه خيرا كثيرا.
فلا ينبغي أن تسمحي لنفسك بفوات هذا الخير، إلا إذا غلب على ظنك إن المقترض لن يعيد القرض.
وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى التالية أرقامها: 40499، 15937، 71741.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1430(12/6384)
هل الأولى قضاء الدين أم إرسال الوالدين للحج
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل أنا وزوجي بإحدى البلاد العربية، ورزقنا الله رزقا العام الماضي توجهنا به لأداء فريضه الحج، وحاولنا إرسال والدينا لأداء فريضه الحج، ولكن لم يكتب الله لهم ذلك، والآن معنا مبلغ محدد من المال وتغيرت الظروف ولم يعد نفس باب الرزق مفتوحا، وعلمت من زوجي أن علينا دينا يستحق سداده بعد عام من الآن وهذا الدين حوالي 3 مرات المبلغ المتوفر معنا الآن، بالإضافه إلى أني مريضة ولا أنجب وننفق شهرياً مبالغ كبيرة لمحاولة الإنجاب، ويريد زوجي إرسال والدينا لأداء فريضة الحج هذا العام معللاً ذلك بأنه يمكن تقسيط مبلغ الدين وأن الله سيرزقنا من حيث لا نعلم، وأقول له دعهم هذا العام حتى تتحسن أحوالنا ونسدد ديننا وبعدها نرسلهم لأداء الحج، وإن لم يمهلهم الأجل نؤديها عنهم من أول رزق يأتي لنا. فهل أنا مخطئه فى ذلك؟ أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن بر الوالدين والإحسان إليهما من أعظم القربات ومن أهم أسباب رضا الله، كما أنه سبب للبركة في العمر والرزق.
أما عن سؤالك فإن إعانة الوالدين على أداء الحج سواء كانا مستطيعين أم لا، هو من أفضل أنواع البر، لكن ذلك ليس بواجب على الولد وإنما هو تطوع، فإذا تعارض هذا التطوع مع قضاء الدين الحالي فيقدم الدين بلا شك. وأما إذا كان الدين غير حال فينظر إن كانت إعانة الوالدين على الحج هذا العام ستؤدي إلى العجز عن سداد الدين في وقته المستحق، فيقدم الدين أيضاً.
وأما إذا كان ذلك لا يؤثر على أداء الدين في وقته المستحق أو رضي صاحب الدين بتأجيله أو تقسيطه فلا بأس بإحجاج الوالدين على وجه الاستحباب لا اللزوم، إلا أن الأولى المبادرة بقضاء الدين إبراءاً للذمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1430(12/6385)
حكم عمل تسوية يدفع المدين بمقتضاها بعض الدين لا كله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت أعمل في شركة وساطة لبيع وشراء الأسهم تابعة لبنك ربوي، وكانوا يسمحون لي بشراء الأسهم دون أن أدفع ثمنها وبدون فوائد، على شرط أن أبيعها في نهاية الأسبوع وآخذ الأرباح أو أدفع الخسائر، وفي مرة اشتريت أسهما بكمية كبيرة، وبعدها نزل سعر السهم بصورة كبيرة ولم أتمكن من بيعها في ذلك الأسبوع وبقي حسابي مدينا بكامل قيمة الأسهم، وصاروا يطالبونني إما بدفع قيمة الأسهم أو بيعها ودفع قيمة الخسارة، وبقي الموضوع على حاله لثمانية أشهر، وبعهدها قاموا ببيع الأسهم ومطالبتي بقيمة الخسارة وهي 30000 دولار وأنا لا أملك شيئا منها الآن؟
سؤالي هو: هل يجوز أن أعمل معهم تسوية وأدفع لهم 10000 مقابل الخسارة وهي30000، أو أن أجعلهم يشترون لي نفس الأسهم مرة ثانية وأسدد قيمتها بالأقساط وبدون فوائد مع أن قيمتها كبيرة 60000 دولار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت التسوية بمعنى أنهم سيتنازلون لك عن بعض حقهم برضاهم فلا حرج في ذلك ولهم أن يبرؤوك منه كله، وأما إن كان المقصود أنك ستشترط عليهم ذلك فهو محرم فقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
يرى جمهور الفقهاء أنه إذا كان لرجل على آخر دين مؤجل فقال المدين لغريمه: ضع عني بعضه وأعجل لك بقيته، فإن ذلك لا يجوز عند الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وكرهه زيد بن ثابت وابن عمر والمقداد وسعيد بن المسيب وسالم والحسن وحماد والحكم والثوري وهيثم وابن علية وإسحاق، فقد روى أن رجلاً سأل ابن عمر فنهاه عن ذلك، ثم سأله فقال: إن هذا يريد أن أطعمه الربا. وروي عن زيد بن ثابت أيضاً النهي عن ذلك، وروي أن المقداد قال لرجلين فعلا ذلك: كلاكما قد أذن بحرب من الله ورسوله. اهـ.
واما شراء الأسهم بالتقسيط فقد بينا حكمه وضوابطه في الفتوى رقم: 29893
وننبهك إلى أن الأسهم منها ما هو مباح يجوز التعامل به ومنها ما هو محرم لا يجوز شراؤه، كما بينا في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 3099، 18894، 1214، 499.
كما ننبهك على أن المعاملة المذكورة التي أقدمت عليها مع شركة الوساطة فيها غموض وتحتاج إلى استفصال واستيضاح عن جملة من جوانبها، ولذا أعرضنا عن الخوض فيها والاكتفاء بمحل السؤال تجنبا للإطالة وتحاشيا لكثرة التفريعات والاحتمالات إذ الحكم على المسائل فرع عن تصورها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1430(12/6386)
هل يقرض صديقه لإتمام عرسه مع علمه أنه سيرتكب منكرا
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب مني صديقي نقودا لأساعده في زواجه، فإذا عمل الفرح أو زفة واستعمل الأغاني المحرمة، فهل أقع في الإثم إذا أعطيته النقود وساعدته على المحنة المالية؟ رجاء عدم تحويلي إلى سؤال آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتيسير على المعسر وإقراض المسلم من فضائل الأعمال، ومن المنجيات في الدنيا والآخرة، فقد قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. رواه البخاري ومسلم.
وعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ السَّلَفَ يَجْرِي مَجْرَى شَطْرِ الصَّدَقَةِ. رواه الإمام أحمد وأبو يعلى وصححه الألباني.
فإذا كنت تعلم أن هذا القرض إنما اقترضه صاحبك لفعل منكر فانصحه ألا يفعل، فإن أصر فلا تقرضه حتى لا تعينه على الإثم، فإن الله سبحانه يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة: 2} .
أما إن كان في ضائقة، ويحتاج هذا القرض ليكمل به مستلزمات الزواج المباحة، وتأكدت من أنه لن يصرفه في محرم أو غلب ذلك على ظنك فلا حرج عليك في إقراضه، بل يستحب ذلك كما سبق، ولا إثم عليك بعد هذا إن كان سيرتكب منكرا، أو يقيم زفة محرمة بماله هو أو مال غيره.
وينبغي لك أن تقوم بنصحه وعظه حتى لا يبدأ نعمة الزواج بهذه المنكرات، فليس هذا من شكر النعمة، فالموسيقى من المحرمات المجمع عليها كما بينا في الفتاوى التالية أرقامها: 16261، 36144، 74214.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1430(12/6387)
هل يلزم المدين بيع بيت لا يستعمله للسداد
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تزوجت من رجل كان متزوجا من قبل، وطلق، لديه ديون للحكومة وهو يتباطأ فى دفعها، وهو لديه بيت لا يستعمله، قالت له أمي بعه وسدد ديونك، لأنها هي والأولاد يعانون من هذه الديون. قال لها لا أبيع وإذا بعت سوف أعطي لوالدي نصيبا، علما أن والديه غنيان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أشارت به أمك على زوجها لا حرج فيه، وهي إشارة طيبة كي يتخلص من تلك الديون التي في ذمته، وينبغي أن يجيبها إلى ذلك سيما وهو لا يستعمل البيت ولا يستخدمه، وسداد الدين يضيق عليه وعلى عياله، هذا إن كان الدين غير حال، أما إن كان حالا فيلزمه سداده والمبادرة إلى ذلك ببيع هذا البيت أو غيره إبراء لذمته، إذ مطل الغني ظلم، ولا ينبغي أن يعطي والديه ما دموا أغنياء حتى يسدد دينه. ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 76201.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1430(12/6388)
اقترض بالربا ثم ندم.. ما العمل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[اقترضت قرضا بفائدة من إحدى الشركات وندمت على ما فعلت. فما الحل وهل هناك كفارة لذلك؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت بندمك على الوقوع في هذه المعصية، ونبشرك بأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، واعلم أن من تاب من القرض الربوي يجب عليه رد المال المقترض بدون فوائده إن استطاع أن لا يردها، فإن لم يستطع كأن ألزم بحكم القانون الوضعي برد الفوائد فيدفعها ويستغفر الله تعالى، وإن كان قد اشترى شيئاً بهذا القرض فقد صار هذا الشيء ملكاً له ولا حرج عليه في الانتفاع به، وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 65261، 112572، 115516.
واعلم أن التوبة النصوح إذا لم يكن الذنب معلقاً بحق لآدمي هي المشتملة على الندم على ما سلف من الذنوب، والإقلاع عنها خوفاً من الله سبحانه، وتعظيماً له، والعزم الصادق على عدم العودة إليها، ولا توجد كفارة معينة لهذه المعصية، ولكن ننصحك بالإكثار من الطاعات وفعل الخيرات فإن الحسنات يذهبن السيئات، نسأل الله تعالى أن يتقبل منك توبتك وصالح عملك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1430(12/6389)
اقترض بالربا ثم ندم.. ما العمل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[اقترضت قرضا بفائدة من إحدى الشركات وندمت على ما فعلت. فما الحل وهل هناك كفارة لذلك؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت بندمك على الوقوع في هذه المعصية، ونبشرك بأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، واعلم أن من تاب من القرض الربوي يجب عليه رد المال المقترض بدون فوائده إن استطاع أن لا يردها، فإن لم يستطع كأن ألزم بحكم القانون الوضعي برد الفوائد فيدفعها ويستغفر الله تعالى، وإن كان قد اشترى شيئاً بهذا القرض فقد صار هذا الشيء ملكاً له ولا حرج عليه في الانتفاع به، وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 65261، 112572، 115516.
واعلم أن التوبة النصوح إذا لم يكن الذنب معلقاً بحق لآدمي هي المشتملة على الندم على ما سلف من الذنوب، والإقلاع عنها خوفاً من الله سبحانه، وتعظيماً له، والعزم الصادق على عدم العودة إليها، ولا توجد كفارة معينة لهذه المعصية، ولكن ننصحك بالإكثار من الطاعات وفعل الخيرات فإن الحسنات يذهبن السيئات، نسأل الله تعالى أن يتقبل منك توبتك وصالح عملك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1430(12/6390)
كيف يرد القرض في حال انخفاض العملة بشكل كبير
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: قبل تقريبا ثلاث سنوات كان عندي محل يقدم خدمات وخدمت أحد الزبائن لكنه لم يدفع لي، وكانت المعاملة بالدين وبالعملة الصومالية، لكن الآن وبعد هذه الفترة صارت العملة الصومالية في الحضيض، والمبلغ الذي عليه لا يساوي نصف قيمته عند الخدمة، علما أني كنت أشتري الخامات بالدولار فهل يجوز لي أن أطالبه بقيمة الدين عند الخدمة، يعني قيمتها قبل ثلاث سنوات؟ أم يلزمني قبول المبلغ بالعملة الصومالية مع كل تلك الخسارة؟ وهل إذا طالبته بالقيمة بالدولار بسعر الصرف قبل ثلاث سنوات أكون أكلت مالا حراما (ربا والعياذ بالله) أرجو التفصيل في الجواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب إنما هو أداء ما ثبت من الذمة وقت التحمل لا وقت الأداء، سواء ارتفعت قيمته أو انخفضت، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه في حال انخفضت العملة جدا، فالواجب القيمة. وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 20224.
والراجح المفتى به عندنا هو أنه لا اعتبار لتغير القيمة ما دام النقد متعاملا به. وبناء عليه، فالواجب على المدين هنا إنما هو دفع ما لزمه من عملة البلد المذكور (الصومال) يوم ثبوته في ذمته، لكن إن تراضيتما على أن يدفع لك قيمة الدين بالقيمة فلا مانع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1430(12/6391)
الديون.. ومدى المسؤولية عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في الشخص الذي عليه ديون لا ذنب له فيها بسبب مشاريع حكومية لم تلتزم الدولة بسداد مستحقات هذا الشخص، والتأخير في السداد لفترات طويلة الأمر الذي جعله يغرق في الديون. هل تظل روحه معلقة بين السماء والأرض؟ وما الحكم في من كانوا السبب في ذلك (أقصد الدولة وأجهزتها) ؟ أرجو الرد لأن هذا يؤرقني منذ فترة ولا أزال أسدد هذه الديون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي السؤال غموض، لكن إن كان المقصود منه أن الرجل قد عينته الدوله على تنفيذ بعض المشاريع وأمرته بأخذ قروض لتنفيذ تلك المشاريع، وأخذ تلك القروض باسمه وضمانه فعليه أن يسددها لأصحابها.
قال الكرابسي: لأن حق العقد يتعلق بالعاقد. اهـ وهو يرجع على الدولة والجهة التي كلفته بذلك لأنه وكيل عنها وقد اقترض لما أمرته به.
قال الحموي في غمز عيون البصائر: كالوكيل بالشراء إذا نقد الثمن من مال نفسه كان له أن يرجع في ذلك على الموكل انتهى.
وقال الكرابسي: والوكيل بالشراء له أن يرجع على الموكل بالثمن قبل أن يؤدى الثمن، ومفاد ذلك النقل هو أن الوكيل له الرجوع على موكله ولو باشر العقد بصفته أصيلا لا وكيلا. اهـ
وأما إن كان أخذ تلك الديون بصفته وكيلا عن الدولة أو الجهة التي يعمل بها فلا ضمان عليه، وإنما على موكله، ولا تكون نفسه معلقة به، والمطالبة تتجه إلى الجهة التي وكلته لا إليه.
قال ابن قدامة في المغني: ولنا أنه دين أذن فيه السيد فلزم ذمته كالذي استدانه الوكيل. اهـ. يعني أن ما استدانه الوكيل بصفته وكيلا يكون في ذمة موكله لا في ذمته.
وهذا كله على فرض أن الرجل قد أخذ تلك الديون بالوكالة عن الدولة لتنفيذ مشاريعها.
وأما إن كان المقصود أن الدولة هي التي تحملت تلك الديون والتزمت سدادها وقدمتها إليه تبرعا منها. ثم ألزمته بسدادها بعد ذلك ظلما، فلا يلزمه سدادها، وله التحايل عليها والتهرب منها إن أمكنه ذلك ولو مات فلا تكون في ذمته ولا تعلق نفسه بها.
وإن كان المقصود غير ما ذكر فنرجو من السائل بيانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1430(12/6392)
التعامل مع شركات الوساطة التي تقرض بفائدة يسيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشراء بالهامش في الأسهم المباح التعامل معها مثل المنتجات المنزلية والغزل، ومع العلم بأن الشركة تأخذ في مقابل المال الذي تقرضه للعميل فائدة قليلة جداً جداً 100 جنيه مقابل إقراض 35000 لمدة ثلاثة أيام 14%، مع العلم بأن هذه النسبة أقل بكثير من نسبة عمولة البيع والشراء وهي.05%]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت شركة الوساطة تأخذ فائدة على عملية الإقراض فهي ربا ولو كانت الفائدة قليلة، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 1230، 42437.
وأما التعامل بأسهم الشركات المباحة فلا حرج فيه، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 1214، والفتوى رقم: 3099.
لكن المشكلة هنا ليست في أسهم الشركات المباحة، إنما في الفائدة التي تأخذها شركة الوساطة على القرض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1430(12/6393)
المصاريف الإدارية إذا كانت نسبة مرتبطة بالقرض
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في شركتنا صندوق إسكان جميع أمواله من الشركة حيث تقدم الشركة قروضا للموظفين لغايات شراء سكن أو بنائه أو توسيع السكن القائم وفقا لما يلي:
القرض لا يزيد عن خمسين ضعف الراتب وبحد أقصى خمسون ألف دينار السداد لمدة لا تزيد عن 15 عاما تتقاضى الشركة 10 % من قيمة القرض كمصاريف إدارية هل هذا القرض حلال؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأخذ المقرض زيادة على القرض غير جائز لأن ذلك من الربا المحرم بالاتفاق، ولكن يجوز للجهة المقرض أن تأخذ من المقترض المصاريف الفعلية للقرض، والمصاريف الإدارية أو مصاريف الخدمة الفعلية التي يجوز أخذها تعتبر أجرة، ويشترط في الأجرة تحديدها قبل البدء في العمل، ولا يصح أن تكون نسبة مرتبطة بالقرض، كما أنه يلزم أن تكون تلك المصاريف متناسبة مع العمل والجهد الذي يبذل، أما إن ارتبطت المصاريف الإدارية بالقرض، فكانت تزيد بزيادة المبلغ المقترض وتنقص بنقصانه، فإن ذلك يكفي دليلاً على أنها فائدة وليست أجرة، وبالتالي فإنها تكون حراماً.
وقد بينا ذلك في الفتاوى الآتية أرقامها: 93421، 112321، 118964.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(12/6394)
هل يأثم من ترك كتابة الدين الذي له
[السُّؤَالُ]
ـ[أقرضت زوج أختي مبلغاً من المال، ثم عاد واقترض مبلغاً آخر بعد عام تقريباً، والآن مر على القرضين عامان، وقد أقرضته عن طيب خاطر، وبدون علم أحد من أهله، وذلك وفق طلبه حيث إنه رفض أن يعلم زوجته (أختي) باقتراضه خشية أن ترفض ذلك، والمشكلة أنني لم أكتب القرضين أي أنه ليس هناك ما يثبت قانوناً اقتراضه رسمياً، والسبب وراء ذلك يرجع إلى العرف بين الناس الذي ينهي عن التشكيك بالآخر، وأنني إذا اشترطت كتابة الدين قد يظن بي أني أخونه، وهو يبلغ الآن من العمر حوالي 65 عاما وأنا 59 عاما وأخشي أن يحاسبني ربي عن إهمالي كتابة الدين.. فهل كتابة الدين فرض وأمر إذا أسقطته أصبح ذنبا في عنقي أحاسب عليه، حتى ولو أن القرض رد إلي، وهل إذا فارقت الحياة أنا وهو ولم يسدد الدين، وطالب أبنائي بسداد الدين ورفض أبناء أختي أن يوفوا بالدين لعدم ثبوت صحة الادعاء، فهل هذا يقع على عاتقي وأحاسب عليه أمام رب العالمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله تعالى بكتابة الدين فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ... {البقرة:282} ، وهذا الأمر على سبيل الاستحباب لا الوجوب، فلا يأثم من ترك كتابة الدين، قال أبو بكر بن العربي رحمه الله في أحكام القرآن: ولا خلاف بين فقهاء الأمصار أن الأمر بالكتابة والإشهاد والرهن المذكور جميعه في هذه الآية ندب وإرشاد لنا إلى ما لنا فيه الحفظ والصلاح والاحتياط للدين والدنيا، وأن شيئاً منه غير واجب. انتهى.
فمن ترك كتابة الدين فإنه لا يأثم، ولكن الأولى للمسلم أن يكتب الدين الذي عليه أو له امتثالاً لأمر الله تعالى وحفظاً للحقوق، ولا عبرة بالعرف المخالف لكتاب الله تعالى والمؤدي لضياع الحقوق، فلا ذنب عليك ولا حرج في ترك كتابة الدين، وإن لم يوف زوج أختك أو ورثته الدين فإن الإثم على قريبك إلا إذا أبرأته من الدين ... وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 14532، 22632، 41575.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(12/6395)
القرض مقابل أرض يملكها بالبيع إذا لم يدفع المدين
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص استدان مبلغا من المال من شخص لفترة معينة، وكتب له بذلك قطعة أرض على أنها بيع قطعي مقابل ذلك المبلغ إذا لم يرد له الدين خلال الفترة المتفق عليها. فما حكم هذا البيع علما بأن ثمن الأرض يفوق المبلغ المستدان؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تم عقد البيع معلقاً على شرط عدم السداد، فهذا البيع غير جائز لوجهين:
1- أن في هذه الصيغة تعليقا للبيع، وهو غير جائز، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
لا يجوز في الجملة تعليق البيع على الشرط بالاتفاق، وذلك لأن البيع فيه انتقال للملك من طرف إلى طرف، وانتقال الأملاك إنما يعتمد الرضا، والرضا يعتمد الجزم، ولا جزم مع التعليق. اهـ.
2- اشتراط القرض في عقد البيع، وهو غير جائز لورود النهي عنه، قال ابن قدامة في المغني:
ولو باعه بشرط أن يسلفه أو بقرضه، أو شرط المشتري ذلك عليه، فهو محرم والبيع باطل. وهذا مذهب مالك والشافعي ولا أعلم فيه خلافا، إلا أن مالكا قال: إن ترك مشترط السلفِ السلفَ صح البيع، ولنا ما روى عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ربح ما لم يضمن، وعن بيع ما لم يقبض، وعن بيعتين في بيعة، وعن شرطين في بيع وعن بيع وسلف. أخرجه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح وفي لفظ: لا يحل بيع وسلف. اهـ.
ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 119452.
فهذا البيع الذي تم الاتفاق عليه باطل، وعلى المقترض أن يرد دينه للمقرض إذا حل وقت السداد.
أما إذا كانت هذه الأرض على سبيل الرهن توثيقاً للقرض فمتى حل أجل الدين لزم الراهن الإيفاء وسداد ما عليه من دين، فإن امتنع من وفائه أو غاب ولم تعرف جهته باع الحاكم الرهن، فإن فضل من ثمنه شيء عن الدين فلمالكه، وإن بقي شيء فعلى الراهن، فعن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه. رواه البيهقي.
فلا يجوز أن يتملك الرهن إلا بعد أن يحل أجل الدين، ويمتنع المقترض عن سداد الدين أو غاب المقترض ولا تعرف جهته، ولا بد من عرض المسألة على المحاكم الشرعية لتقوم ببيع الرهن وإعطاء المقرض حقه من ثمن الرهن.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 48318.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1430(12/6396)
حكم القرض بفائدة إذا تحملت جهة أخرى الفوائد
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي قدم على قرض ولكنه لا يرغب في استلامه؛ لأن القرض فيه فوائد، ولكن إحدى الوزارات قررت أن تتحمل الفوائد عن المقترضين لزيادة المشاريع الإعمارية خاصة في مدينة الموصل، لأن جميع أهالي الموصل امتنعوا عن استلام القروض خوفا من تحمل إثم الفوائد؛ لذا لم يتم إنشاء أي مشروع إعماري في هذه المدينة. لذا قررت إحدى الوزارات أن تتحمل هذه الفوائد عن المقترضين والمقترض يستلم مبلغا من الدولة، ويسدد هذا المبلغ بدون فوائد. فهل هذا المبلغ حلال؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسن زوجك في ترك هذا القرض، فالاقتراض بالربا محرم، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله، وكون إحدى الوزارات هي التي تقوم بسداد الفوائد الربوية لا يغير من حقيقة القرض الربوي شيئا، فإن الاقتراض بالربا حرام شرعا، سواء كان الشخص المقترض هو من يقوم بدفع الفوائد، أو كان الدافع لها أي جهة أخرى، كما أن في هذا التعامل رضا بالربا وإعانة عليه، وذلك محرم. نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالكم ويفرج كروبكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1430(12/6397)
حكم احتساب الأمانة في قضاء الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[اقترض أبي من صاحب له في بلد شقيق مبلغا من المال قبل أكثر من 40 عاما، ثم عاد إلى بلده، وكان وقتها قد أودع صاحبه هذا لدى مغادرته البلد أمانة مجموعة من الأجهزة المنزلية التي مجموع قيمتها في وقتها أكثر بكثير مما اقترضه. ويريد أبي الآن أن يعيد المال إلى صاحبه غير مهتم بتلك الأجهزة، ولكنه لا يعرف لصاحبه طريقا ولا عنوانا. فهل تسد قيمة تلكم الأجهزة التي ترك قيمة القرض؟ أم ماذا عليه أن يفعل؟ مأجورين وشكر الله لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على أبيك هو البحث عن صاحبه حتى يعيد إليه ما اقترضه منه، وإلا بقي في ذمته، ولا يمكن احتساب الأمانة في قضاء ذلك الدين، إذ يجب على صاحبه أن يحفظ أمانته عنده ولا يتصرف فيها. ولو خالف ذلك وخان أمانته فلا يجوز لأبيك معاملته بمثل ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. رواه أبو داود.
ولكن إذا وجده فإنه يمكنه أن يتفق معه على احتساب ثمن الأجهزة التي ترك عنده في مقابل دينه إن رضي، وإلا سلم كل واحد منهما إلى صاحبه حقه، مع أن صاحب الوديعة لا يضمنها إن تلفت بغير تفريط منه. أما صاحب الدين فهو باق في ذمته حتى يؤديه إلى صاحبه أو ورثته إن كان قد مات، أو يتصدق به عنه إن عجز عن الوصول إليه، ولم يرج لذلك سبيلا، فإذا جاء صاحبه بعد ذلك وأمضى الصدقة فبها ونعمت، وإلِّا فيجب أداء حقه إليه، ويكون أجر الصدقة للمتصدق. وللمزيد انظر الفتويين رقم: 13535، 7390.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1430(12/6398)
حكم الدخول في هذه السلفة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب من تونس أعمل في شركة خاصة، وأريد أن آخذ سلفة من الشركة التي أعمل فيها، وأسددها على أقساط.
الشركة حددت مبلغا ماليا يجب دفعه قبل اخذ السلفة، وهذا المبلغ هو عبارة عن معلوم فتح ملف السلفة إداريا (ترتيبات وحوالات مالية ... ) وهذا المبلغ يختلف من شخص لآخر حسب مبلغ السلفة ومدة السداد..
مع العلم بأن مبلغ السلفة (لا يحتوي على معلوم فتح ملف السلفة) هو وحده الذي سوف أرجعه بأقساط شهرية قارة وعلى مدة قارة. أي 2000 دينار تسدد على مدة 10 أشهر. كل قسط 200 دينار.
السؤال: هل عملية السلفة هذه تعتبر ربا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المبلغ المحدد المدفوع مسبقا أجرا فعليا على قدر الخدمات المقدمة، فلا حرج فيه، ولا يكون القرض به ربا، لكن يشترط في المبلغ المدفوع ألا يتجاوز القيمة الفعلية للعمل المقدم بأن يكون أجرا مقطوعا لا ينظر فيه إلى حجم المبلغ المقترض، بل ينظر فيه إلى حجم العمل وما يتطلبه من جهد وقد يزيد وينقص حسب الجهد والخدمات، أما زيادته بحسب المبلغ والمدة فالذي يظهر أنها زيادة ربوية، وليست مصاريف إدارية. وعليه، فلا يجوز الدخول في هذه السلفة. وللمزيد انظر الفتويين: 7813، 21227.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1430(12/6399)
حكم سداد الدين من مال اعتاد أن يتصدق به
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن أسدد ديوني من صدقة اعتدت أن أخرجها شهرياً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الصدقة التي تخرجها صدقة مستحبة ولم تكن صدقة واجبة ـ كالصدقة الواجبة بالنذر مثلا فلا حرج عليك أن تصرفها في سداد ما عليك من دين بدل إخراجها كصدقة، بل قد يكون هذا هو الأولى، ومجرد النية أو التعود على إخراج الصدقة كل شهر لا تصير به الصدقة واجبة ولا نذرا.
وأما إذا كانت صدقة واجبة فلا يجوز أن تصرفها في سداد دينك، وانظر الفتوى رقم: 35172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1430(12/6400)
اقترض قرضا حسنا من البنك بواسطة وزارة المالية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم عقد قرض بين شخص مقرض وبنك بدون فائدة بحسب اتفاق بين البنك ووزارة المالية، والمقرض لا يعلم هل وزارة المالية تدفع أي فائدة للبنك أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجواب أنه ما دام البنك أقرضك بدون فائدة فذلك جائز إلا إذا غلب على ظنك أن الوزارة اقترضت من البنك بفائدة ربوية، فلا يجوز لك أخذ هذا القرض، وذلك أن القرض على نوعين:
الأول: قرض بفائدة، فهذا حرام لا يجوز، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ. {البقرة:278-279} .
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه: لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه. وقال: هم سواء. رواه مسلم.
النوع الثاني من القرض: قرض بدون فائدة، وهو جائز، بل إنه قربة وفضيلة عظيمة، لما روى ابن ماجه عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يقرض قرضاً مرتين إلا كان كصدقتها مرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1430(12/6401)
اقترض لتسديد المهر فتبين له أن على القرض فوائد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مقبل على الزواج، اضطررت أن أقترض من البنك لتسديد المهر، مع العلم أنه بنك إسلامي، اضطررت لذلك نظرا للظروف الصعبة التي أمر بها، وليس عندي مال كاف لتسديد المهر، مع العلم أن المبلغ بسيط 12 ألف ريال، وتفاجأت بأن المبلغ عليه فائدة ألفان وأربعمائة ريال على أن تقسط علي شهرياً من راتبي، شعرت بتأنيب ضمير لذلك، لكن يعلم الله أنني اضطررت لذلك لظروفي المادية الصعبة، وأن زواجي اقترب موعده، ولا أملك المال لتسديد المهر، أفيدوني جزاكم الله خيراً. ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك إلى أن الأصل في البنوك الإسلامية أنها لا تعطي قروضا بالربا، فلعل ما كان منها معك هو تورق عن طريق المرابحة، وهو مشروع إن كان وفق ضوابط الشرع. فينبغي التأكد من المعاملة التي جرت بينك وبين البنك، والطريقة التي حصلت بها على النقد إن كانت مشروعة فبها ونعمت، وإن كنت قرضا ربويا كما ذكرت وأقدمت عليه، وأنت تعلم أنه ربا أو كنت مفرطا في السؤال عن حكمه الشرعي فالواجب عليك هو التوبة إلى الله تعالى مما وقعت فيه. وإذا أمكن إبطال هذا المعاملة فهو المطلوب، وإلا فحسبك التوبة، وليس فيما ذكرته ضرورة إلى الاقتراض بالربا.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 13024، 15430، 1608، 5937.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(12/6402)
أعطاه صاحبه قرضا على أن يرده مقسطا فخسر المال كله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تاجر أستورد مواد غدائية من تركيا، أخدت مبلغا من صديق60000 ألف وقال لى اعطنى مبلغ 1500 كل شهر، وليس لى علاقة بك فى الربح أو الخسارة، أنا الآن خسرت كل المبلغ ولا زلت أدفع له كل شهر نفس المبلغ وأحاول بكل جهد أن أرجع له المبلغ كاملا وأنهي معه التعامل وندم ندما شديدا. أرجو منكم النصح فيما ترونه خيرا، أرجوكم أن تفيدونى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان صديقك قد أعطاك قرضا حسنا بالمبلغ المذكور على أن تسدده بدون زيادة على دفعات كل شهر قسطا معينا-1500- فهذا لا حرج فيه، بل هو مما ندب إليه الشارع ورغب فيه ووعد عليه بالأجر الجزيل.
قال الله تعالى: وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. {الحج:77} .
وقال السرخسي في المبسوط:
والإقراض مندوب إليه في الشرع. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني:
والقرض مندوب إليه في حق المقرض مباح للمقترض لما روينا من الأحاديث، ولما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه. وقال أبو الدرداء: لأن أقرض دينارين ثم يردان ثم أقرضهما أحب إليَّ من أن أتصدق بهما. ولأن فيه تفريجا عن أخيه المسلم فكان مندوبا إليه كالصدقة عليه.. . انتهى.
لكن إن كان المقصود أنه دفعه إليك على سبيل المضاربة أو الاستثمار لترد المبلغ ومعه هذا القسط الشهري على أن تضمن رأس المال فهو عقد باطل يجب فسخه، والتوبة منه، وإذا حصلت خسارة بدون تفريط منك فليس لصاحب رأس المال إلا ما وجد، ولا يحل له إلزامك برده فضلا عن رده بزيادة فكل ذلك ربا، كما لا يحل لك أنت ضمان هذا المال بذلك الشرط الباطل، وإن حصلت الخسارة بسبب تفريطك وتعديك فأنت ضامن للخسارة في رأس المال فقط، وراجع في المضاربة الفاسدة الفتوى رقم: 80055.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1430(12/6403)
اقترض بالربا وأقرضه لأمه.. هل يأخذ منها فائدة القرض؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتني في أمري. أمي على قدر كبير من الالتزام والصلاح، ولكن بسبب مشاكل عائلية يصعب شرحها كانت تحتاج إلى مبلغ من المال لحل مشكل قض مضجعنا جميعا، فطلبت مني أن أقترض لها مبلغا من المال من البنك، ووعدتني أن ترد لي المبلغ بجميع فوائده، كأنها هي من أخذت القرض وليس أنا، فأنا مجرد وسيلة حسب رأيها، ووافقت فدعت لي كثيرا. سؤالي: هل إذا أعادت لي المبلغ زائد الفوائد التي اقتطعت لي أكون قد اشتركت في الإثم؟ أم آخذ المبلغ الأصلي ولا أطالبها بالفوائد المقتطعة كي لا أكون آثما؟ مع العلم أني وافقت بعد إلحاح كبير منها، وبعد أن كثرت المشاكل في بيتنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاقتراض بالربا محرم لا يجوز الإقدام عليه إلا لضرورة لا يمكن دفعها إلا به، لقول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا. {التغابن: 16} . وقوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {البقرة 173} ، وحد الضرورة هو: ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أو أن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل، أو لا يتمكن المرء معها من تحقيق الحد الأدنى من حياة الفقراء، والضرورة تقدر بقدرها، وحيث زالت الضرورة فلا يجوز التعامل بالربا ويرجع الأمر إلى أصله وهو التحريم القاطع. وراجع الفتوى رقم: 6501.
وأما بالنسبة لك أيها السائل فإن طلب أمك منك الربا لا يبيحه لك، لأن بر الوالدين شرطه أن يكون في المباح،أما إذا أمرا بممنوع فلا طاعة لهما فيه، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنما الطاعة في المعروف. وأنه قال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وراجع الفتوى رقم: 96064.
ولست في هذا الاقتراض مجرد وسيلة، بل أنت المقترض حقيقة من البنك، فالبنك سيطالبك أنت بالدين، ولن يطالب أمك، ولو فرض أن ما قلته صحيحا فلا يحل لك أن تكون وسيلة في الحرام.
وعليه، فإن كنت لم تقم بالاقتراض فالواجب عليك أن لا تفعل، وإن كنت اقترضت وأقرضته بعد ذلك لوالدتك فلا يحل لك أن تأخذ منها إلا ما دفعته إليها، وإلا كنت أنت والبنك الربوي سواء في أكل الربا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(12/6404)