ما وهبه الأب لأبنائه وتمت حيازته في حياته لا يعد من التركة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين..
هل يعتبر ما ينفقه الأب على أبنائه أثناء حياته جزءا من ميراث باقي الأبناء، توفي رجل وله أربعة أبناء وأثناء حياته اشترى بيتا لابنه الأكبر والذي يليه كل عندما حان موعد زواجه، وترك الأب مبلغا من المال عند وفاته فهل تعتبر البيوت التي اشتراها الأب في حياته جزءا من التركة، علما بأن الأب قام بتسجيل هذه البيوت لكل ولد باسمه، وكيف يتصرف الأبناء الكبار وهم يشعرون بأن الأب فرق في التعامل مع الأبناء بدون قصد أي لو أن الله أمد في عمر أبيهم لاشترى لكل من الإخوة الباقين بيتا عندما يحين موعد زواجهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما ينفقه الأب على أبنائه من النفقات الواجبة وغيرها في حياته لا يعد من التركة ولا يحسب عليهم منها عند قسمها، لأن التركة هي ما تركه الميت بعد وفاته، وما تصرف فيه من ماله أو استهلك أو أنفق ... قبل ذلك لا يعد تركة.
وفيما يخص الهبة للأبناء فإن التسوية بينهم في العطية واجبة على ما رجحه بعض المحققين من أهل العلم إلا إذا كان التفضيل لمسوغ شرعي فإنه يجوز، ومذهب جمهور العلماء أنها مستحبة وليست واجبة.
ولذلك فإن هذه البيوت التي اشتراها الأب ووهبها لأبنائه في حياته عندما احتاجوا لها من أجل الزواج لا تعتبر من التركة ولا تعد منها ما دامت قد تمت حيازتها من قبلهم في حياته لأنها لم يقصد بها تفضيل بعض الأبناء، وإنما كانت لسبب شرعي وهو حاجة الأبناء إلى السكن عند الزواج، والظاهر من السؤال أن هذا الأب يقصد سد حاجة أبنائه عندما يكون الواحد منهم محتاجاً ولا يقصد تفضيل بعضهم على بعض، ولا يلزم الأبناء الكبار شيء، لكن إن أعانوا إخوانهم الصغار على تحصيل السكن فذاك صدقة وصلة ومن البر بأبيهم بعد موته، وللمزيد من الفائدة والتفصيل وأقوال أهل العلم وأدلتهم نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 16216، والفتوى رقم: 14254 وما أحيل إليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1426(12/5139)
أخذ ما تبقى من وجبة الغداء المصروفة للعاملين من الشركة إلى البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد جوابا جزاكم الله خيرا
أنا أعمل في شركة خاصة للدولة ويحضرون لنا وجبة الغداء في العمل لكل سبعة أشخاص أحيانا نكون اثنين أو ثلاثة، هل يجوز أخذ الطعام المتبقي معي إلى البيت علما بأنه زائد
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الشركة تعطي هذا الطعام للعاملين فيها على سبيل التمليك فلا مانع من أخذ ما تبقى منه لأكله بعد ذلك أو هبته أو بيعه، ويعرف أن الشركة قد ملكته لهم تمليكا تاما أو أنها أباحت لهم الأكل منه فحسب عن طريق ما ينص عليه عقد العمل أو ما جرى به العرف إن لم ينص العقد على ذلك.
وننبه هنا إلى أنه يجب رد الوجبات الزائدة عن العدد الموجود من المستحقين، فإن لم يمكن ردها للشركة احتفظ بها الحاضرون للغائبين إذا أمكن حفظها، فإن لم يمكن حفظها جاز لهم الانتفاع بها مع استئذانهم إن أمكن ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد والدارقطني والبيهقي وغيرهم وصححه الألباني.
أما إذا كانت الشركة تبيح لهم الأكل منه دون ملكه فلا يجوز لهم أخذ شيء مما تبقى منه، لقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما. رواه الترمذي في سننه.
لكن في هذه الحالة إذا تيقن العامل أو علم من قرائن الحال أن الطعام المتبقي سيلقى في القمامة أو سيترك حتى يتلف فلا مانع حينئذ من أخذه لحفظه من التلف.
وراجع الفتوى رقم: 55576.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1426(12/5140)
تفضيل أحد الأبناء لإدارته للمؤسسة على إخوته الموظفين فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي تابع للسؤال رقم 277706 بخصوص إنشاء الوالد مؤسسة للابن الكبر. وقد استفدنا من الفتوى جزاكم الله خيرآ. ولكن هل يجوز للابن الأكبر أن ينتفع من أرباح المؤسسة بنسبة أكبر من باقي أفراد الأسرة وبدون قيود علما أنه يوجد ثلاثة أخوة يعملون في نفس المؤسسة وبراتب محدد كأي مستخدم. والوالد مازال على قيد الحياة وهو على علم بما يجري ولكن خوفا من حدوث التفرقة ما بين الإخوة يفضل أن يبقى الوضع على ما هو عليه. علما أنه من أرباح المؤسسة ومن راتب الوالد التقاعدي تم بناء شقة لكل فرد من أفراد الأسرة ولكن وكما يقال الأخ الأكبر له نصيب الأسد. ولكل فرد من الأسرة شقة وراتب مقابل عمله ولاشيء من الأرباح التي بدورها من نصيب الأخ الأكبر. فهل تجد في ذلك عدلا. أفيدونا جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاستحواذ أخيكم الأكبر على أرباح المؤسسة كلها على مرأى ومسمع من الأب إما أن يكون على سبيل الهبة وقد بينا في الفتوى رقم: 6242، والفتوى رقم: 14254. أنه لا يجوز للأب تخصيص أحد الأبناء بهبة أو تفضيله على إخوته في العطية لغير موجب أو مسوغ شرعي. وأما إذا كان ذلك في مقابل إدارته للمؤسسة فلا حرج فيه لأنه يستحق أكثر من راتب أي موظف عادي كما هو حال كل المؤسسات فالمديرون لهم ميزات ورواتب تفوق رواتب العمال البسطاء. ويكون ذلك من باب الأجرة لا من باب الهبة والعطية. وهذا كله على اعتبار أن المؤسسة ملك الأب. وأما إذا كانت ملكا للأخ لكون الأب منحه رأس المال على سبيل القرض فالأرباح كلها له يتصرف فيها كيف يشاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1426(12/5141)
ينبني الحكم على حسب النية في التقسيم
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤل الأول هو أولا قسم الوالد بين أولاد الزوجة الأولى وأولاد الزوجة الثانية البيت بينهم بالتساوي مع العلم أن الزوجتين متساويتان في الأولاد ذكورا وإناثا ومع العلم أن الزوجة الأولى توفاها الله قبل الزوج وعندما قسم كان لا يعرف أن الزوجة الثانية لها الحق في الثمن في البيت كله فما حكم الإسلام في هذا وهل يحق لأولاد الزوجة الثانية أن يطالبوا به؟ .
السؤل الثاني: توجد بنت قاصر في هذه الأسرة مخطوبة وعلى وشك الزواج وكان المفروض على والدها أن يزوجها مع العلم أن جهازها يتكلف الكثير وتوفى الله والدها فهل يحق لها أن يكون جهازها من تركة مال والدها قبل توزيعها أو ماذا نفعل أفادكم الله وكرم الله وجهكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان توزيع هذا الرجل لبيته على أبنائه على أساس أنه تركة فلا يصح لأن تقسيم تركة الحي لا يجوز، فمن شروط صحة الإرث تحقق موت المورث وحياة الوارث بعده. وكذلك إذا كان تنفيذ هذه القسمة معلقا على موته فإنه لا يصح لأنه كالوصية، والوصية لا تصح لوارث. وهذا البيت يقسم بين جميع الورثة كل حسب نصيبه على ما جاء في كتاب الله تعالى. فتأخذ الزوجة التي توفي عنها وهي لا تزال حية، وفي عصمته ثمن ما ترك. أما إذا كانت القسمة المذكورة هبة ناجزة ورفع الوالد يده عن ما وهب لأبنائه وبناته وتمت حيازته من طرفهم حوزا شرعيا تاما فإن هذه هبة ماضية صحيحة لاستيفائها شروط الهبة ولحصول المساواة في العطية بين الأبناء. وللمزيد من التفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتويين: 47722، 6242 وما أحيل عليه فيهما. وأما جهاز البنت التي توفي عنها والدها قبل البلوغ ثم تزوجت فإنه لا يؤخذ من التركة إلا إذا رضي بذلك جميع الورثة وكانوا أهلا للتصرف، ومن رضي منهم بذلك كان في نصيبه دون غيره ممن لم يرض. ونرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 28733. ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1426(12/5142)
القسمة عن تراض ماضية وجواز رجوع الوالد فيما وهب لولده
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
توفي والدنا (طيب الله ثراه) العام 1979 وانحصر إرثه في والدتنا ثلاثة أولاد وخمس بنات (إحداهن متخلفة عقليا) وكانت تركته كما يلي:
1/ عمارة في الخرطوم بحري مكونة من ثمانية شقق.
2/ منزل في الخرطوم بحري.
3/ مجمع دكاكين ومخازن بسوق أم درمان.
4/ قطعة أرض في الخرطوم شارع الجامعة.
5/ أرض زراعية في العقليين.
6/ أرض زراعية في الكرمتة.
7/ قطعة أرض في الفتيحاب.
8/ أسهم في شركة تجارية.
9/ مصنع في المنطقة الصناعية بحري.
وكانت وصيته المكتوبة كما يلي:
1/ لكل ولد وبنت شقة في العمارة.
2/ مجمع الدكاكين والمخازن كان من نصيب ثلاثة بنات.
3/ قطعة أرض شارع الجامعة كانت من نصيب الثلاثة أولاد.
4/ المصنع كان من نصيب البنت الرابعة.
5/ أرض العقليين كانت من نصيب البنت الرابعة وأحد بنات إخوته.
6/ أرض الكرمته كانت من نصيب بنتي أختي.
7/ أرض الفتيحاب وزعت طبقا للشرع.
8/ أسهم الشركة كذلك وزعت طبقا للشرع.
9/ المنزل كان من نصيب الوالدة.
وفي أثناء تنفيذ الوصية التي ارتضاها الجميع دون أي جدل تقدمت والدتنا (طيب الله ثراها) بطلب للمحكمة لتسجيل المنزل بأسماء الأولاد هبة منها لهم والكل ارتضى ذلك ولم نع حينها حكمتها في تلك الهبة وكان ذلك في العام 1980 وعلمنا بعدها سبب تسجيل المنزل للأولاد، وهو (خوفها من رجال البنات) .
ومضت السنون وكل استلم نصيبه بل الأولاد تنازلوا عن شققهم للبنت الرابعة مقابل المصنع خوفا من أن يبيعه زوجها والذي تطلقت منه لاحقا وقنعوا بالمنزل سكنا لهم ووطنوا أنفسهم على ذلك.
في العام 1990 مرضت والدتنا بسرطان الثدي وتدهورت حالتها الصحية في نهاية التسعينات تقريبا وبدأ البنات يطلبن منها أن ترجع في هبتها وتستعيد المنزل باسمها وبالفعل أفلحن وطلبت مني والدتي إرجاع المنزل الذي وهبته لنا بإرادتها وكامل قواها ووعيها فلم أرفض وكيف لي أن أرفض طلبها وهي في تلك الحالة (علما أنني ما كنت أستطيع تنفيذ طلبها إلا في نصيبي لأن الآخرين كانا خارج الوطن وكذلك ماكنت أستطيع مقابلة المصاريف اللازمة لذلك وكنت حقا مصدوما جراء هذا الطلب ورجوع والدتي في هبتها وأنا وإخوتي قد كيفنا حياتنا وعشنا لأكثر من تسعة عشر عاما على أن هذا المنزل ملكنا وقد كنا قائمين عليه طوال هذه السنين من صيانة وعوائد وخلافه توفيت والدتنا (رحمها الله) قبل سنتين وبدأ البنات يطلبن بحقهن في المنزل الذى ما زال في اسم الأولاد وإن الطلب الذي طلبته والدتنا مني هو وصية ويجب تنفيذها (علما أن كل واحدة منهن تسكن في ملكها بل إحداهن تسكن في نفس المنزل ومؤجرة شققها) يقيني إذا ما تم تنفيذ ما يطلبن لن يكون هنالك منزل وسيأتي كل يطالب بنصيبه (لا طاقة لنا بشراء أنصبتهن) وستشتعل نار الفتنة ويتفرق شمل هذه الأسرة والضحية جراء ذلك أنا وإخوتي وقد كنا قانعين أن هذا المنزل ملكنا طوال هذه السنين ولم نسع لامتلاك غيره بل تنازلنا عن شققنا للأخت الرابعة مقابل المصنع سؤالي:
هل يحق لوالدتنا الرجوع في هبتها بعد أكثر من تسعة عشر عاما شرعا؟
هل طلبها لي بإرجاع المنزل وصية واجبة التنفيذ شرعا؟
الرأى الشرعي في وصية الوالد المكتوبة؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القسمة التي تراضيتم عليها ورضيتم بها لتركة أبيك تعتبر ماضية، ولا يحق لأحد الرجوع فيها ولو حصل له غبن ما دام الجميع قد رضوا بها أولاً، وكانوا بالغين راشداء، ويشرط في نصيب غير البالغ الرشيد أن لا يكون مغبونا فيه، وعلى هذا فإن كان نصيب الأخت المعاقة عقلياً يساوي نصيبها لو قسمت التركة تقسيماً شرعياً فالأمر ماض ولا إشكال فيه، وإلا فإنه يجب عليكم أن تعيدوا إليها ما فات من حقها هذا، قال ابن عاصم المالكي في التحفة عن قسمة الرضا والاتفاق:
ومدع غبنا بها أو غلطاً ... ... ... مكلف إن رام نقضا شططا
فهذا النوع من القسمة لا يرد لأنه وقع بالتراضي، وليس لأنه وصية من أبيكم، فالوصية للورثة لا عبرة بها كما قال النبي صلى الله عيله وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وغيره.
وأما عن رجوع أمكم فيما وهبت لكم فيجوز لها ذلك بشروط، فقد نص أهل العلم على أن للأبوين أن يعتصرا ما وهباه لأبنائهما من العطايا التي لم تكن لعوض أو صدقة عليهم، وذلك لما رواه أحمد وأصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي لولده.
وهذا بشرط أن لا يتصرف الأبناء في الهبة بتفويت أو تغيير بين أو حدوث مرض مخوف للواهب أو الموهوب له.
قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة ممزوجاً بشرح النفرواي: وله أي الأب (وكذلك الأم) أن يعتصر ما وهب لولده الصغير أو الكبير ما لم ينكح لذلك أو يداين أو يحدث في الهبة حدثاً ينقصها في ذاتها أو يزيدها فإنها تفوت عليه.
وهو ما درج عليه ابن عاصم في التحفة حيث يقول:
ولا اعتصار بعد موت أو مرض له أو النكاح أو دين عرض.
ولهذا، فإن كانت والدتكم في مرض مخوف فإنه لا يحق لها اعتصار هبتها في حال المرض المخوف، وكذلك إذا كنتم أحدثتم تغييرا بينا في المنزل ولا عبرة بطول المدة لأنه ليس من موانع الاعتصار.
وننبه إلى أنه ينبغي لوالدتكم أن تسوي بين أبنائها وبناتها في العطية، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 6242 ومذاهب العلماء فيه، فنرجو الاطلاع عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1426(12/5143)
لا يرجع في الهبة بعد الحيازة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي متزوج منذ 20 سنة ولم يرزق بأطفال وعندما قرر أن يتزوج مرة ثانية رفضت الزوجة الأولى وبما أن القانون في العراق كان يوجب موافقة الزوجة الأولى عند الزواج مرة ثانية ولأنه لم تحصل مشاكل مع الزوجة الأولى قام بتسجيل ورقة في المحكمة يعطي الزوجة الأولى ثلث دار السكن. هل يحق له أن يلغي هذه الورقة في المحكمة وبدون علم الزوجة الأولى؟ مع العلم أنه رزق بأطفال من زوجته الثانية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما صدر من أخيك يعتبر هبة لا يجوز الرجوع فيها بعد القبض لما في الحديث: لا تعد في صدقتك. رواه مسلم
فإذا كانت الزوجة قد حازت حصتها من البيت فليس للزوج الرجوع في الهبة أو إلغاؤها، وأما قبل القبض والحيازة فله الرجوع عن هبته وهي باقية في ملكه يتصرف بها كيف شاء على ما هو الراجح عندنا.
جاء في المبسوط: ثم الملك لا يثبت في الهبة بالعقد قبل القبض عندنا. اهـ.
ومن أهل العلم من يرى أن الهبة بمجرد القول لا يجوز الرجوع فيها، وكونه فعل ذلك لتجنب المشاكل مع الزوجة لا يؤثر على صحة الهبة، وتراجع الفتوى رقم: 57730.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1426(12/5144)
تفضيل بعض الأبناء بالعطية لمبرر شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما هو حكم الشرع في أب لا يمتلك إلا منزلا يسكنه بصحبة بناته، الأولى أرملة ولها طفلان وقد تركها زوجها بدون أي مصدر رزق والثانية مطلقة والثالثة معاقة فقام قبل موته بالتفويت في هذا البيت لهن فقط لأنه متأكد بأن ابنه الذكر سيجبرهم على بيعه ويصبحن بدون مأوى
فهل يكون بذلك قد ارتكب إثما بأن حرم أحد أبنائه من ميراثه
جزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل عدم جواز حرمان بعض الورثة من نصيبهم الذي قدره الله تعالى لهم في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد قسم الله عز وجل التركة في محكم كتابه وعقب على ذلك بقوله سبحانه وتعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ {النساء: 13-14}
ولهذا فيحرم على المسلم الاحتيال على تفويت حق بعض الورثة، ومن فعل ذلك عومل بنقيض قصده وقسمت تركته على جميع ورثته كما جاء في كتاب الله تعالى.
هذا إذا كان قصدك بالتفويت أن الأب تصرف في البيت المذكور بقصد حرمان ابنه فقط من نصيبه من التركة هو وغيره من الورثة.
أما إذا كان قصدك بالتفويت أنه وهب البيت لبناته في حياته وخصهن به دون غيرهن نظرا لما أشرت إليه من ظروفهن الخاصة واحتياجهن للسكن وعدم اهتمام أخيهن بأمرهن لسفهه أو لغير ذلك، فإن الأصل وجوب التسوية في العطية بين الأبناء في الحالات العادية على الراجح من أقوال أهل العلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم. رواه البخاري ومسلم
أما إذا كان تفضيل بعضهم له ما يبرره شرعا فإنه جائز ولا مانع منه، وقد نص على ذلك أهل العلم.
ولذلك فإن كان الأب خص بناته بهذا البيت وأعطاه لهن في حياته عطية ناجزة مستوفية لشروط الهبة نظرا لحالهن المذكور فإنه لا مانع من ذلك شرعا إن شاء الله تعالى، ولا إثم عليه في عدم التسوية بين أبنائه في العطية في هذه الحالة.
وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى: 22966، 58262، 58362.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1426(12/5145)
التسوية بين الأولاد بين الوجوب والاستحباب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
... ... ... ... ... أما بعد
سؤالي لفضيلتكم هو أنني قمت ببناء شقة في منزل والدي وكلفتني مبلغ 10000 من الجنيهات ولي أخ وستة بنات أخوات ولم يقم أي منهم بمثل مافعلت ولكن والدي سألني أن أحسب له تكاليف بناء الشقة حتي يحاسبني عليها ليكون من بعد وفاته أطال الله لنا في عمره لكل واحد منا نصيبه الشرعي في المنزل المكون من خمسة طوابق ولي شقة فيه بنيتها كما أوضحت لفضيلتكم ولم يحاسبني عليها والدي وقال لي إن الشقة تكلفت 3000 جنيه فقط ولم يحاسبني رغم ذلك ثم أعطاني شقة في نفس المنزل وقال لي إن هذه الشقة بدل من شقتك التي بنيتها ولاتحدثني عن أي مبالغ بعد ذلك علماً بأن أخي أخذ شقة أيضاً في نفس المنزل ولم يدفع لوالدي سوى ألفي جنيه فقط لاغير وفي هذه الحالة أكون قد تساويت مع أخي هذا في نظر والدي ولكن أخي لم يبن ولم يصرف المصاريف التي صرفتها أنا في بناء تلك الشقة.
أفيدوني بالله عليكم لأنني هكذا أكون قد ظلمت من والدي ومن أخي لأنه لم يحرك ساكناً
ولفضيلتكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التسوية بين الأبناء في العطية واجبة على ما رجحه المحققون من أهل العلم.
وذهب الجمهور إلى أن التسوية مستحبة، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 6242 نرجو الرجوع إليها للوقوف على أدلة الفريقين، ولذلك فإن على والدكم أن يساوي بينكم جميعا ذكورا وإناثا، فالأمر بالتسوية يشمل الجميع لقول النبي صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء. رواه الطبراني في الكبير والبيهقي في السنن.
وفيما يخص تقويم الشقة والمبالغ التي كلفتك فإننا ننصحك بالتصالح فيه مع أبيك بطريقة ودية، ولو تنازلت في ذلك إلى رغبة أبيك أو قريب منها فلا شك أن ذلك أقرب إلى بره وحصول رضاه، وإذا لم ترض بذلك فمن حقك أن تطالب بما زاد، ولكن ذلك يحتاج إلى إثبات شرعي معتبر مما قد يؤدي إلى النزاع بينك وبين أبيك، فإذا أثبت ذلك بالأدلة الشرعية فعليه أن يعمل على ما يجعلك مساويا لإخوانك الآخرين فيما خرج من يده هو وهذا على القول بوجوب التسوية وهو الذي نرجحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1426(12/5146)
من الأحوال التي لا يحق للأبوين استرجاع الهبة من الولد
[السُّؤَالُ]
ـ[عند أمي شقة أعطتني إياها منذ حوالي 10 سنوات ولي 3 أخوات وصرفت على الشقة مبالغ كبيرة بالاضافة إلى مصاريف اتحاد الملاك وركبنا مصعدا للعمارة وأشياء أخرى تبلغ حوالي 40 ألف جنيه ودفعت قسطا من الشقة وهذه الأشياء زادت قيمتها تقريبا الضعف في الوقت الحالي بالإضافة إلى أني أخذت مبلغا في حدود 8000 دولار وحولت المبلغ آنذلك بقيمة 27000 جنيه والآن المبلغ يساوي 46800 جنيه ومع العلم أعطيت أختي مبلغا لكي تشتري شقة مع أنها متزوجة ومنذ فترة طلبت مني استرداد الشقة فبلغتها أني أنا الآن ليس عندي مبالغ كبيرة كي أشتري شقة جديدة وأنا متزوج وأعول فقلت لها أريد كل المصروفات التي دفعتها في تصليح وتركيبات فعلتها في الشقة بالاضافة إلى المبلغ السؤال الأول:
هل يجوز أخذ المبالغ التي صرفت على الشقة بنفس المبالغ القديمة أو تقوم بنفس الأسعار الآن؟
السؤال الثاني:
هل يجوز إعطاء أختي مبلغا كبيرا لشراء شقة لها مع العلم أنها متزوجة وما زالت على عصمة زوجها؟
السؤال الثالث:
هل آخذ المبلغ الذي أخذته بالدولار 8000 بنفس سعر تحويله أم آخذ منها بنفس سعره اليوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز للأبوين أن يعتصرا ما وهباه لأبنائهما من العطايا التي لم يقصدا بها الصدقة عليهم أو لم تكن لعوض. ما لم يتزوج الأبناء أو يفوتوا الهبة أو يغيروها أو يداينوا عليها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه أحمد وأصحاب السنن وغيرهم وصححه الترمذي.
وفي حالتك الخاصة فالظاهر من السؤال أنه لا يحق لأمك الرجوع في الشقة التي وهبت لك إلا برضاك، لأنك أحدثت في الهبة تغييراً بينا قبل أن تسترجعها منك، وقد نص أهل العلم على أن ذلك من الأمور التي تفوت اعتصار هبة الوالد من ولده.
قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: وله أي الأب أن يعتصر ما وهب لولده الصغير أو الكبير (وكذلك الأم) ما لم ينكح لذلك أو يداين أو يحدث في الهبة حدثاً، قال العدوي: أي حادثاً ينقصها في ذاتها أو يزيدها فإنها تفوت عليه. اهـ ممزوجاً بشرح النفرواي.
ولذلك، فإن اعتصار الأم لهذه الشقة من ابنها فات عليها بما أحدثه فيها من التغيير البين، وإذا تنازل عنها فله الحق في الرجوع بما صرف عليها من أموال، ولا اعتبار في ذلك بتحول السوق أو ارتفاع العملة وانخافضها....، فلا يحق له إلا ما صرف على الشقة من مال دون النظر إلى تحول السوق أو ضعف العملة، لقول الحطاب عند قول خليل المالكي في المختصر: وإن بطلت فلوس فالمِثْل، أو عدمت فالقيمة فإنه يجب له الفلوس ما دامت موجودة ولو رخصت أو قلَّت.
وأما الهبة للبنت المتزوجة أو لغيرها فلا مانع منها شرعاً، فزواج أختك لا يمنع أمها أو غيرها أن تهب لها مبلغاً كبيراً، إذا وهبت الأم مقابله لبقية أبنائها وبناتها، لأن التسوية بين الأولاد واجبة على الراجح من أقوال أهل العلم، ولتفاصيل ذلك وأدلته نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 6242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1426(12/5147)
حكم تفضيل بعض الأقارب على بعض في الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي القسمة العادلة للمال بين الأهل؟ الأهل هم الوالدان والإخوان الذكور والإناث؟ لا نقصد الميراث وإنما ونحن على قيد الحياة.
في أمان الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أراد أن يقسم ماله على أقاربه من الأبوين والإخوان في حياته فله ذلك، والأمر بيده إن شاء ساوى بينهم في العطية، وإن شاء فضل بعضهم فيها على بعض، فلا يلزم العدل في العطاء بين الأقارب إلا في الأبناء خاصة فهم الذين ورد فيهم النص، ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم.
وإن كان الأولى هو العدل بين الأقارب وأقرب إلى الألفة والمحبة، فإنه لا يلزم شرعاً.
وقد كره بعض أهل العلم أن يقسم الشخص ماله كله في حياته، ولم يترك منه شيئاً لنفسه؛ لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن مالك: أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك.
وقال مالك في المدونة: إذا جعل ماله كله في سبيل فإنه يكفيه أن يجعل ثلثه في سبيل ويحتفظ بالباقي. وليس هذا على جهة المنع، فقد تبرع أبو بكر رضي الله عنه بجميع ماله وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وذك في غزوة تبوك.
وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 18823.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1426(12/5148)
حكم هدية من لا يصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[حالياً أبي لا يصلي وقد صلى في حياته إلا قليلا (شهور قليلة متفرقة) والآن عمره تقريبا 56 سنة فهل بقي مجال للتوبة؟ وهل ما يعطيني إياه من نقود تعتبر بالنسبة لي حلالا ولا إثم علي إن أخدتها؟ ساعدوني أرجوكم..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجال التوبة مفتوح دائماً ما لم تطلع الشمس من مغربها أو تصل روح العاصي إلى الحلقوم عند قبض روحه، وذلك لما في حديث مسلم: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه. وفي حديث الترمذي: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر.
وأما ما يعطيك الأب من المال فلا إثم عليك في أخذه، فإن الشرع أباح أخذ هدايا الكفار فمن باب أحرى من دونهم، ويدل لذلك قول الله تعالى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ {المائدة: 5} . ويدل له ما في الحديث: أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها. رواه مسلم. وفي الحديث: أن يهودياً دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجابه. رواه أحمد وقال الأرناؤط: إسناده صحيح على شرط مسلم. ووجه الاستدلال أنه صلى الله عليه وسلم قبل هدية الشاة من المرأة واستجاب لدعوة اليهودي وأكل من طعامه.
وعليكم بنصح الوالد والسعي الجاد في توبته واستعمال ما أمكن من الوسائل في تحقيق ذلك، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 17277، 12032، 55781، 57268، 2674.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1426(12/5149)
حم التنازل عن الراتب الضماني مقابل الحصول على هبة معجلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحييكم على هذا المجهود الذي بذلتوموه فى إنجاح هذا الموقع الرائع والداعي للخير، أنا من ليبيا وأحب أن أسأل عن شيء يخصني أنا إنسان معاق إعاقة الأقزام أنا قزم وأتقاضى راتب ضمان يساوي 90 دينارا ليبيا والنظام فى ليبيا أن كل سنة من الضروري تجديد أوراق نسبة إعاقتي يعني إذا كان فيه تحسن ينقص المرتب، وإذا كانت فيه زيادة للحالة لا يزيد بل يبقى كما هو، وأنا والله تعبت من هذه القصة كل سنة أمشي وأتعب وأجيب ورقة من المؤسسة هذه والمؤسسة هذه تقول لي الثانية والمؤسسة الثانية تقول للمؤسسة الثالثة وأنا تعبت، وأنا على العموم أريد فتواكم فى صندوق الضمان الاجتماعي فى ليبيا حيث يخصص شيئا لكل من يريد التنازل عن مرتبه الضماني وبطاقته يأخذ ثلاثين ألف دينار ليبي مقابل التنازل ويسحب اسمه من المصرف ولا يعود يأخذ المرتب بعد الثلاثين ألفا، هل هذا فيه ربا أو محرم أو فيه خلاف، أفيدونا بارك الله فيكم وأفادكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الراتب الضماني هبة من الصندوق الاجتماعي ليس مقابل اشتراك تبذله أنت أو تبذله أي جهة أخرى، فلا حرج عليك في أن تأخذ هذه الثلاثين ألفاً وتنسحب من هذا الصندوق، لأن الهبة لا تملك إلا بالقبض، وحيث إنك لم تقبض هذه الرواتب بعد، فأنت لا تملكها، وبالتالي فالتنازل عن قبضها ليس من قبيل مبادلة مال بمال حتى يحرم ذلك لأجل ما فيه من الغرر والربا، وغاية الأمر أن هذا الصندوق خيرك بين قبض هبة مؤجلة، وهي هذه الرواتب التي يهبها لك شهرياً، وبين قبض هبة أخرى معجلة وهذا لا محظور فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1426(12/5150)
حكم التبادل في الشقق الممنوحة من الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن لدينا مجمعات سكنية تمتلكها الدولة وهي عبارة عن قديم وجديد. أنا استلمت في السكن القديم بحكم أنه استهلك السكن الجديد من قِبل أشخاص كانوا قبلي في الانتظار. وأريد أن أبدل مع زميل لي في السكن الجديد على أن أدفع له مبلغاً من المال قُرابة عشرة آلاف إلى خمسة عشر ألف. علماً أن شقتي القديمة تحتاج ترميما كاملا وعلى حسابي. بعض الزملاء استفتوا شخصاً فقال لهم يجوز لأن هذا الرجل القديم باع لك مدة الانتظار التي انتظرها قبلك. أفتونا مأجورين مع بيان اسم الشيخ الذي يجيب عن هذا السؤال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سألت عنه له حالتان: الحالة الأولى: أن تكون الدولة قد وهبت لكم هذه الشقق، ففي هذه الحالة أنتم أحرار في التصرف بها كيفما تشاءون، ومن ذلك أن تتبادل مع آخر ممن تحصل على شقة جديدة وتعطيه الفارق بحسب الاتفاق ويعد ذلك ذلك حينئذ من البيع. والحالة الثانية: أن تكون الدولة قد وهبت لكم فقط حق السكنى دون العين، ولهذه الحالة حالتان: الأولى أن تكون الدولة غير ممانعة من أن تحصل عملية التبادل المذكورة في السؤال فلا حرج في ذلك، ولا حرج في أخذ صاحب الشقة الجديدة مقابل هذا التبادل مبلغا من المال لأن قيمة السكنى في الشقة الجديدة أكثر من قيمتها في القديمة. والثانية: أن تكون الدولة تمنع من هذا التبادل فلا يجوز لكم ذلك إلا إذا استأذنتموها فلم تمانع. أما عن اسم المفتي فراجع الفتوى رقم: 1122.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1426(12/5151)
كون البنت متزوجة لا يلغي حقها في العدل في الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة وحالة زوجي المادية متوسطة وأمي متوفاة وأبي متزوج من أخرى ولي أخ واحد، المشكلة تكمن في أبي لا يعدل بيني وبين أخي وزوجته في الأمور المادية والعاطفية بالرغم أن حالته المادية متيسرة جدا جدا وهو رجل متصدق كثيرا وعندما أطالبه بالمساواة بيني وبينهم يقول إن لي زوجا وهو غير مطالب بشراء أي شيء لي. فلكل واحد منهم شقه فارهة وعربة فخمه ويعيشون في بذخ. السؤال:هل لأني متزوجة لا يحق لي مطالبة أبي بشراء شقة وعربة مساواة بيني وبين أخي وزوجته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتسوية بين الأبناء في الهبة والرعاية والعطف واجبة على الراجح من أقوال أهل العلم، بدليل حديث النعمان بن بشير وفيه: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه. والعلة في هذا بينة وهي أنه أدعى إلى بر الأبناء بآبائهم وأرفع للشحناء بينهم، ويشهد لهذا رواية مسلم: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء. وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 57882.
وعليه، فالواجب على أبيك أن يعدل بينك وبين أخيك في العطايا والحنان، وكونك قد تزوجت لا يلغي ذلك حقك في العدل ولا يبرر إيثار أخيك من غير موجب شرعي، وإن كانت نفقتك ساقطة عنه لكونك متزوجة.
هذا، وننبهك إلى أمرين:
1- ... أنه ينبغي إطلاع والدك على هذه الفتوى وتذكيره بقول النبي صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء. رواه البيهقي في سننه.
2- ... أنه لا وجه لمقارنة نفسك بزوجة أبيك، فتلك حقها عليه واجب في النفقة وتوابعها، ولو زاد على القدر الواجب في ذلك لكان فعلا حسنا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1426(12/5152)
لو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً عنا وعن المسلمين، أخي أبعث إليك هذه الرسالة وتحتوي على ما يلي: أنا شاب أبلغ من العمر (40) سنة ولدي أولاد ذكور وإناث عدد (7) ولي أب وأم على قيد الحياة ولي أخ واحد ولديه (8 أولاد) ولي أخوات عددهن (6) متزوجات، كنت أعمل في إحدى الدول واستثمرت مالاً يقارب (100000) مائة ألف ريال وكانت الأموال ترصد عند الوالد وقام ببناء بيت لي من ممتلكات الوالد وبعد عودتي من الغربة طالبت بمالي فقال أنت ومالك لأبيك فقد زوجتك وبنيت لك بيتا وجعلتك رجلا فذهبت لأخي وطالبته بمالي الذي لديه فقال أعطيته لوالدي وخرجت من الغربة بلا مال، فالتحقت بالعمل بإحدى الدوائر الحكومية ولم أقصر من جهة الوالد والوالده والأخ والأخوات حتى الآن وقام الوالد والأخ بالاتفاق سوياً وإنشاء متاجر ومؤسسات بهذه الأموال وأتقرب إليهم ليس طمعاً وإنما خشية من الله وخوفاً وليتعلم أبنائي رغم هدر الحقوق، ولكن للوالدين تذهب الحقوق وتنحني الطاعة لهما وقد جاء موعد عيد الفطر وابنائي يشاهدون أبواي كيف يعطفون ويهدرون الأموال على أبناء أخي وأخواتي، وأبنائي عندما يتقربون لهم ينفرون منهم ففي الليله السابعة والعشرون من رمضان خرجت إلى سطح البيت وقلت بما يلي: اللهم إن كان لي حق عندهم فأذهب عنهم هذا الثراء -وكان هذا الدعاء من شدة الألم حيث إنني طلبت منهم ما يقارب ألف ريال وأني مسامح بالباقي وذلك لشراء ملابس للأولاد حيث يرون أبناء عمهم يرتدون ويمتلكون الأموال -وحكمة الله في ذلك تناثرت الأموال وأصبح الفقر يعم عليهم- وقد ندمت على ذلك، وفي نهاية هذا الأمر تبين لي بأن أخي قد امتلك الأرض والمنزل الذي يقطن به دون علمي وعلم أخواتي وبعد أن دب الخلاف بين والدي وأخي وقام أخي وأهل بيته بإخراج الوالد والده من بيتهم (أبلغوني أهل بيتي الحق أبويك فأن وجوههم متقدرة فأتيت وإذا بهم يتألمون من تصرف الأخ فراضيتهم بالكلام وقمت بتقديم راتبي الشهري لهم وبدأت آخذ مصروفي ومصروف أبنائي منهم لمدة الثلاثة أشهر تقريبا، وقام الوالد بإعادة الراتب، وهم ما زالوا يقطنون عندي- وبعد ذلك قام الوالد بالطلب مني بان أذهب معه لأسجل هذا البيت والأرض التي عليها فرفضت لأن لدي أخوات، فقال فقد سألت أخواتك ووافقن على ذلك فرفضت وبدأ يرسل لي من سيكون له سيطرة على رأيي فلم أستجب وفي النهايه قال أنا قد سجلت لأخيك بيته وأرضه وبقي أنت فرفضت وجلب أخواتي لي وقمن بإقناعي فوافقت على ذلك شريطة أن يسجل بوصية لهن بتعويضهن مالاً حال الاستطاعة بذلك وليس لي المقدرة على تقديم المال الكافي لهن حيث أستطيع أن أقدم ما يقارب 500 ريال لكل واحدة منهن والمبلغ الذي قمت بكتابته لهن ما يقارب 5000 ألف ريال، أعينوني أعانكم الله بفتواكم، وأريد أن أعطيهن حقهن قبل اللقاء والحساب (ملاحظه) : أبواي يقيمان عندي وهم في عناية رب العالمين وأنا قائم على إرضائهم ولا أرى منهم إلا كل الخير والدعاء المستمر لي؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتسوية بين الأبناء في العطية في أحاديث صحيحة، حملها بعض أهل العلم على الاستحباب وحملها بعضهم على الوجوب وهو الراجح إن شاء الله تعالى، تجد ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 6242.
وعلى ذلك فإن كان والدك قد أعطى لأولاده الآخرين شيئاً مقابل ما أعطاك من البيت وأرضه أو كانوا رضوا بذلك عن قناعة وطيب نفس فلا مانع من ذلك إن شاء الله تعالى إذا كانوا أهلاً للتصرف.
وما دام والدك قد وهب لأخيك بيتاً ورضيت أخواتك بالتعويض فلا بأس إن شاء الله تعالى بهذه العطية، ولكن على أبيك أن يعوض أخواتك أيضاً عن البيت الذي كتب لأخيك حتى يحصل العدل بين الأبناء، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. رواه الطبراني في الكبير والبيهقي في السنن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1426(12/5153)
حكم طلب بيت من الزوج مقابل البقاء معه
[السُّؤَالُ]
ـ[باختصار توجد لدى مشكله وأريد أن أعرف رأي الدين فيها:
وهي أن زوجي غير قادر على الإنجاب وأهلي يخيروني بين أمرين إما الطلاق أو أن أجعله يمنحني شقة الزوجية ويكتبها باسمي وسؤالي هو أنني أريد أن أصبر وأحتسب الأجر والثواب عند الله عز وجل فهل أنا مثابة على ذلك أم لا خصوصا أن الله أعطاني فرصه الطلاق وهل إذا طلبت الطلاق تحت أي ظرف من الظروف هل علي وزر خصوصا أن زوجي ليس له يد في هذا الموضوع وإنما هو أمر الله سبحانه وتعالى وهل يحق لي أن أطلب منه الشقة مقابل تضحيتي والعيش معه بدون أولاد أم أن هذا سيضيع أجري عند الله عز وجل خصوصا أن أهلي نيتهم خير وهى أنهم يفكرون انه لأي حال من الأحوال إذا حدث مكروه لزوجي أهله سيقومون بإخراجي من الشقة وسيكون حقهم خصوصا انى ليس عندي أولاد
أرجوكم افيدونى فانا في حيرة كبيرة من أمري
وهدفي قبل كل شيء إرضاء الله عز وجل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من طلب الطلاق من هذا الرجل إذا أثبت الأطباء عقمه وذلك لأن طلب الولد من أهم مقاصد الزواج، ويدل لهذا نهيه صلى الله عليه وسلم رجلا أراد التزوج بامرأة عقيمة وأرشده إلى الزواج من الولود. أخرج أبو داود وصححه الألباني عن معقل بن يسار قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال وإنها لا تلد أفأتزوجها؟ قال: لا، ثم أتاه الثانية فنهاه ثم أتاه الثالثة فقال: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم. وراجعي الفتوى رقم: 28106
هذا فيما يتعلق بحكم الطلاق أو البقاء.
أما بخصوص طلب الشقة من الزوج فلا حرج فيه، ونرجو أن لا يكون فيه نقص لأجر صبرك عليه علما بأن هبة بيت السكن لا تتم إلا بخروجه منه وحيازتك له، أما لو ظل ساكنا فيه حتى مات فإنه يرجع إرثا. قال خليل في مختصره على مذهب الإمام مالك ما معناه: أن هبة الزوجة لزوجها دار سكناها صحيحة بخلاف هبته لها دارا لسكناها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1426(12/5154)
والد أسس لأحد أولاده مؤسسة.. بيان حالات هذا الأمر
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي أسس لأكبر إخوتي مؤسسة فهل هذه المؤسسة تدخل في ميراث الوالد؟ علمآ أن أخي اجتهد في العمل وطوره بتوفيق من الله، والمؤسسة مسجلة باسم أخي وهل ما كان يدفعه أخي للوالد يكون في مثابة سداد لتأسيس المؤسسة.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مصير تلك المؤسسة ينبني على حسب ما جرى عليه الاتفاق بين الأب وابنه وتم العقد عليه ولا يخلو مما يلي:
فإما أن تكون تلك الأموال التي دفعها إليه وفتح بها المؤسسة دفعها إليه على أساس أنها قرض، فتكون دينا في ذمة الأخ والمحل ملك له، وما دفعه إلى الوالد من الأموال يكون سدادا لذلك الدين الذي عليه، وإن كان بقي عليه منه شيء فيجب عليه أن يدفعه إلى الورثة، ويكون من تركة الأب يوزع على ورثته وهو أحدهم.
وأما أن تكون الأموال قد دفعها إليه على سبيل الهبة والعطية له خاصة، ولم يهب لإخوته مثل ذلك، فالهبة باطلة لوجوب العدل فيها، وعليه أن يدفع تلك الأموال إلى الورثة لتوزع مع تركة الأب، كما بينا في الفتوى رقم: 41123، والفتوى رقم: 6242.
وأما إذا كانت المؤسسة لا تزال ملكاً للأب وإنما أعطى ابنه ولاية العمل فيها وإدارتها بأجر أو كان الابن متبرعا، فإنها من أملاك الأب وتضم إلى تركته وتقسم بين ورثته، وما دفعه إليه الابن من أموال يعتبر من أرباح المؤسسة ولا يكون سدادا للدين.
كما أنه لا عبرة بتسجيلها باسم الابن إن لم يكن ذلك على سبيل التمليك، وإنما كان تسجيلاً صورياً لتسهيل بعض المعاملات ونحو ذلك، والفيصل في هذا كله ما تم عليه الاتفاق بين الأب وابنه، وقد بينا ما نرى أنه هو الحكم الشرعي لكل احتمال من الاحتمالات المفترضة لما جرى عليه الاتفاق بينهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1426(12/5155)
لا بأس بأخذ المشرف على مشروع هبة بشرط عدم المحاباة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق مهندس ويشرف على شركة أجنبية لتنفيذ الطرق وطلبت منه الشركة جرار تسوية واتفق مع شخص يملك ذلك الجرار واتفق كل من الشركة وصاحب الجرار وبعد الاتفاق أتى صاحب الجرار للمهندس وقال له سوف أعطيك نسبة من المبلغ الذي سوف أتقاضاه من الشركة ومن بدون أن يشترط عليه من قبل فما حكم الشرع في ذلك المبلغ هل يأخذه منه أو لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمبلغ الذي يريد صاحب الجرار أن يعطيه لصاحبك هو من قبيل الهبة والهدية والمكافأة، لأنه لم يكن عن شرط ولا اتفاق.
وعليه، فلا حرج على صاحبك في قبول ذلك المبلغ.
لكن لا بد ألا يكون في ذلك محاباة لمن أعطاه بما يضر بالشركة. قال الحافظ في الفتح في حديث ابن اللتبية: وفيه إبطال كل طريق يتوصل بها من يأخذ المال إلى محاباة المأخوذ منه، والانفراد بالمأخوذ. اهـ
ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 52244.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1426(12/5156)
إعطاء الولد الفقير لا ينافي العدل عند ترك الغني
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفتائي في المسألة التالية:
رجل له عدد من الأولاد والبنات وقد قام ببناء بناية وأعطى كل واحد من أولاده الذكور شقة منها ليسكن فيها وقد قام بتزويج جميع أبنائه على نفقته فهل يحق لأي من البنات المطالبة بحصة من البناية قياسا على مبدأ العدل في الهبة مع الأبناء علماً بأن جميع البنات متزوجات والأولاد الذكور فقراء لا مال لهم وهل يحق للبنات المطالبة بأجرة المثل للشقق بعد وفاة الوالد وهل ما فعلة الوالد صحيح من الناحية الشرعية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن العدل في العطية والهبة بين الأولاد واجب على الصحيح، لما بيناه في الفتوى رقم: 6242 فتجب التسوية بينهم خصوصاً إذا خيف من عدمها الضرر وقطيعة الرحم، وهو أمر متوقع الحصول في غالب الأحوال، وإذا كانت التسوية واجبة بين الأولاد، فإنه يحرم على الوالد أن يميز أحدهم بشيء إلا بإذنهم ورضاهم.
وقد أجاز بعض العلماء، ومنهم الإمام أحمد جواز المفاضلة بينهم إذا كان أحدهم أكثر حاجة وأشد فقراً أو ذا دين لا يقدر على سداده ونحو ذلك، فيجوز حيئنذ أن يخص ويفضل في العطية لحاجته. نقل ذلك الشوكاني في نيل الأوطار وابن قدامة في المغني.
وما ذكرت من حاجة الأولاد وفقرهم، وكون البنات متزوجات لعله مما يدخل في ذلك الباب، إلا أنه ينبغي للأب أن يرضي البنات ويشعرهم بأن ذلك ليس لحبه للأبناء أكثر من حبه لهن، وإنما هو لحاجتهم، ونحو ذلك مما يحفظ به ودهم وعدم حصول فرقة وقطيعة رحم بينه وبينهم أو بينهم وبين الأبناء، فقد قص الله علينا خبر إخوة يوسف فقال: لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آَيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ * إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ {يوسف: 6-9} . فحسدوه لمجرد توهمهم وجود عاطفة زائدة من أبيه نحوه دونهم، ولذلك نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى مبدأ العدل بين الأبناء، وقال: أتريد أن يكونوا إليك في يالبر سواء؟ وعند مسلم: أليس تريد منهم البر مثل ما تريد من ذا؟ قال: بلى.
فإن كان الأولاد فقراء -كما ذكرت- والبنات متزوجات، فإن ذلك مما يستثنى من حالة وجوب العدل، إذ لا منافاة حينئذ بينهما، فإعطاء الفقير لا ينافي العدل عند ترك الغني، فليس للبنات حينئذ المطالبة بعوض أو أجر بعد وفاة الوالد لكونه فعل ما يجوز له.
وإن كانت الهبة للأبناء على سبيل التميلك بأن كان الأب ملك كل واحد منكم الشقة التي يسكنها، فإنها تكون ملكاً له ولا تدخل في الميراث بعد موت الوالد، وأما إذا كان ذلك على سبيل المنحة والعارية فستؤول بعد موته إلى التركة، ويعطى كل وارث حقه منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1426(12/5157)
مسألة نزاع ومناكرة في الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[في جزء من أملاك جدتي قامت بكتابته لأبي بالاتفاق معه شفاهة: أي شريطة أن يقوم بتحجيجها (أي دفع مصاريف الحج لها) بعد أن كان في نيته أن يحججها برا بها، ولكن كانت هناك بعض الخلافات بينهما، فطلب منها أن تكتب له جزءا من أملاكها نظير الحج، ثم احتدم الخلاف بينهما فقامت بكتابة جزء آخر كبير جدا لعمتي وحرمت أبي من نصيبه الشرعي ثم تصالحا بعد ذلك إلا أنها لم تتراجع عما كتبته لعمتي. ثم توفي أبي أولا ثم توفيت جدتي بعده: فما حكم توزيع التركة الآن: (1) هل بالقسمة الشرعية أم بما كتبته جدتي لعمتي ونحرم نحن من الميراث وذلك يخالف الحديث المشهور للنبي صلى الله عليه وسلم فيما معناه: \" فأنا لا أشهد على جور \" وحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \" سووا بين اولادكم في العطية.......\"إلى آخر الحديث؟ (2) وما حكم ما كتبته جدتي لأبي نظير الحج؟ علما بأن عمتي تقول: \" لقد صرفت أنا أيضا على أمي الكثير والكثير وأعطيتها أموالا لتصرفها خلال الحج وأعطيتها من العطايا ما يساوي أو يزيد عما كتبته أمي لي \" بمعنى أنها تعتبر ما كتب لها من أملاك مقابل ما كتبته جدتي لأبي نظير الحج، رغم أن هذه الأملاك أكثر مما كتب لأبي ولكنها ـ أي عمتي ـ تبررها بما صرفته على أمها (جدتي) ؟ (3) هل نعيد القسمة بما كتب لأبي وعمتي قسمة شرعية؟ (4) أم نعيد القسمة الشرعية فيما كتب لعمتي فقط بدعوى أن مصاريف الحج كانت شرط أو مقابل ما كتب لأبي (وذلك بالاتفاق بين أبي وجدتي) ، وبدعوى أن عمتي لم تتفق مع جدتي فيما أعطتها من مصاريف الحج، واعتبار أن هذه المصاريف من باب البر بوالدتها؟ (5) أم نترك الأمر كما هو رغم ما في ذلك من جور وظلم لحرماننا وعدم التسوية بين أبي وعمتي؟ وإذا اعتبرنا أن أبي قام بتحجيجها برا بها، فهل يذهب ثواب ذلك اليه رغم أنه في الحقيقة لم يفعل ذلك برا وانما بمقابل وهو ما كتبته له جدتي رغم أنه كان ينوي أولا البر بها كما ذكرت؟ (6) وإذا اعتبرنا عدم المساواة بين الأولاد أو حرمان بعضهم حراما وذلك بنص الحديث: \"سووا بين اولادكم \"، فلماذا لم يأخذ القانون بهذا وبرأي الشريعة الإسلامية وأجاز أو انفذ ما يكتبه بعض الناس لبعض أولادهم وحرمان البعض الآخر؟ (7) بمعنى هل إذا رفضت عمتي القسمة الشرعية لما يوجد معها من أوراق تملكها مما كتبته لها جدتي فهل ينفذها كل من الشريعة والقانون أم يبطلانها أم يبطلها الشرع وينفذها القانون.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التسوية بين الأبناء في العطية واجبة على الراجح من أقوال أهل العلم للأحاديث التي أشرت إلى بعضها، وذهب بعض أهل العلم إلى حمل الأحاديث على الاستحباب، وليس الوجوب. وقد بينا ذلك في عدة فتاوى نحيل إلى بعضها برقم: 6242، ورقم: 33348. وما دامت مسألتكم هذه مسألة نزاع ومناكرة ... فإننا ننصحكم بتقوى الله تعالى وإصلاح ذات البين. ونذكركم بقول الله تعالى: وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة: 237} . وإذا لم تستطعوا الاتفاق والمصالحة فننصحكم بالرجوع إلى المحكمة الشرعية في بلدكم، فلاشك أن لديها من الوسائل ما تستطيع به الوقوف على جوانب المسألة وبالتالي حلها حلا شرعيا عادلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1426(12/5158)
حكم الهبة على سبيل منع الورثة من نصيبهم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم، وفقكم الله تعالى لما فيه الخير للإسلام والمسلمين تمتلك والدتي منزلا آل إليها من والدي قبل وفاته بخمسه أعوام وكان به شقه فارغة كان والدي قبل وفاته قد خصصها لكي أتزوج فيها وبعد وفاة والدي تقدم شاب للزواج من شقيقتي الصغرى ولم يكن لديه مسكن فقمت بعد مشاورة والدتي بالاتفاق مع شقيقتي بإعطائهم الشقة لحين تدبير مسكن لهم بمعرفتهم فيما بعد وللحق لم نحدد لهم مدة محددة وبعد ذلك قام شقيقي الأصغر بمفاجأتنا بخبر زواجه ودون أن يحصل على موافقة أمه أو موافقتي على هذا الزواج وكان يبلغنا فقط بموعد الخطبة قبلها بيومين ثم موعد عقد القران قبله بيوم فموعد الزفاف قبله بيومين وكنا في هذا الوقت نقيم مع والدتنا وقام هو باصطحاب عروسه وأقام بفندق تابع لجهة عمله بمدينه أخرى لحين حصوله على مسكن وبعد مرور عام أتى إلينا بعروسه ليقيما معنا في شقة والدتي وكانت طبيعة عملي تجعلني أسافر إلى مناطق بعيده لمده من2-3 أسبوع كل شهر ولا أستقر في المنزل أكثر من خمسه أيام متصلة وفوجئت بوالدتي تثور على أخي وتطلب منه أن يردع زوجته التي باتت تتصرف في الدار وكأنها هي التي تستضيف والدتي وأن الدار دارها وتم الصلح ولكنه لم يدم أكثر من أسبوع فاضطر شقيقي لأخذ زوجته ومغادرة الدار ولكنها أخذت تحرضه على أمه وتطلب منه أن يعيدها إلى دارها التي تزوجت بها (دار أمه) ومن ناحية أخرى بدأت تحرض شقيقتي وزوجها المقيمين مؤقتا في شقه أخرى في نفس الدار حتى تحرر لهم والدتي عقد إيجار دائم باسم زوج شقيقتي وبدأت تحرك شقيقتي الكبرى ضد والدتي لكي تعطيها شقه كنت قد استطعت أن أتفق مع سكانها على إخلائها في مقابل مبلغ كان هو كل مدخراتي ونتيجة إشعالها لهذه النيران وكنت خلال هذه الفترة متغيبا بالخارج فوجئت بأن أشقائي الثلاثة اجتمعوا عند والدتي وتعدوا عليها وتدخل الجيران وأنقذوها منهم وأنهم استولوا على شقة والدتي لصالح شقيقي الأصغر وعلى الشقة التي قمت بإخلائها من السكان لصالح شقيقتي الكبرى علما بأنها متزوجة قبل وفاة والدي بعشر سنوات ولها منزلها وحياتها مستقره في مدينة أخرى وأصبحت أنا ووالدتي ليس لنا مأوى سوى عند الأقارب وكل متعلقاتي الشخصية والتي كنت أحضرها معي من أسفاري المتعددة استولوا عليها وحتى يبعدوني عن مساندة والدتي لفقوا لى اتهاما ظالما واتفقوا جميعا هم وأزواجهم وزوجة أخي علي ولكن من ينصره الله فلا غالب له واستطعت بإذن الله أن أعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه وسامحتهم بشرط أن تسامحهم أمهم وقامت والدتي بنقل ملكيه الدار بالكامل إلي وكان ذلك عقب تلك الواقعة مباشرة وقبل انتهاء القضايا التي أقاموها ضد والدتي وضدي ورغم ذلك لم أقم بمباشرة أي حق من حقوق الملكية (تحصيل الإيجارات وتعامل مع السكان وخلافه) وكنت أترك كل هذه الأمور لوالدتي ورغم مرور 15 عاما على ذلك لم بعرف أحد بذلك وقد تزوجت وباركت والدتي زواجي ولم يحضره أحد من إخوتي وأعطتني والدتي شقتها وأخذت هي الشقة التي أخليتها أنا وقمت بتجديد الشقتين على نفقتي وهما متساويتان في المساحة وعدد الغرف والآن والدتي على فراش المرض وتقوم زوجتي برعايتها مثل أمها تماما وأختي الصغرى تساعدها في الرعاية وشقيقي الأصغر يحضر لزيارتها كلما تسنى له ذلك وشقيقتي الكبرى زارتها مرتين خلال شهر وما زالت والدتي تذكر لهم ما اقترفوه من إثم وعقوق حيالها خلال ال15 عاما الأخيرة. أرجو أن أعرف هل ملكيتي لهذه الدار شرعية 100%أم لا علما بأنني لا أسأل عنها من الناحية القانونية لأنها سليمة 100%.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للولدين تفضيل بعض الأبناء في العطية دون البعض على الراجح من أقوال أهل العلم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء. رواه البيهقي وغيره.
وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم، نرجو الاطلاع عليه في الفتويين: 6242، 33348.
وعلى ذلك، فلا يجوز لأمك أن تخصك بالدار دون غيرك من أبنائها إلا إذا كانت أعطتهم شيئا آخر مقابل ذلك.
ويشتد المنع إذا كان القصد بالهبة منع الورثة من حقهم والإضرار بهم، هذا إذا كانت الهبة تمت بشروطها بحيث حصلت في حال صحتها وأهليتها للتصرف، وتمت حيازتها من قبلك بحيث رفعت هي عنها يدها، وبقيت أنت تتصرف فيها تصرف المالك.
أما إذا كان ذلك في كتابة فقط بحيث تملكها أنت بعد وفاتها فإن ذلك يعتبر بمنزلة الوصية، والوصية لا تصح لوارث إلا إذا أجازها الورثة بطيب أنفسهم وكانوا رشداء بالغين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه أبو داود والترمذي، وفي رواية الدارقطني: إلا أن يشاء الورثة.
وعلى هذا، فملكيتك للدار دون غيرك من الورثة لا تكون شرعية إلا إذا استوفت الشروط التي ذكرنا، وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتويين: 22966، 50150.
ثم إن على إخوانك وزوجاتهم أن يتقوا الله تعالى في والدتكم ويراعوا حقها ووجوب برها، فحق الوالدين عظيم قرنه الله تعالى بحقه مباشرة، فقال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء: 36} ويتأكد الأمر بالنسبة للأمهات وهذا معلوم لدى كل مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1426(12/5159)
من مسائل الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي وأبي متوفيان ولقد تزوج أبي بعد وفاة أمي ثم طلق زوجته بعد مدة 10 سنوات وأراد أن يسترجعها بعد حوالي 9 أشهر من الطلاق لكنه قبل أن يسترجعها قام ببيع شقته لأولاده (ثلاثة ذكور وأنثى) ونص في العقد على أن للذكر مثل حظ الأنثيين مع العلم أن والدته على قيد الحياة عند كتابته لهذا العقد وكان بنيته أن يسترجع زوجته التي طلقها منذ 9 أشهر وأنا ابنه الآن معي العقد ولا يعلم أحد من إخوتي أنه معي ويسألونني عنه فأقول لهم لا أعلم مكانه لأني أخاف أن يكون أبي قد أخطأ عندما قام ببيع شقته وهو على قيد الحياة لأولاده دون أمه أو زوجته التي كان في نيته أن يسترجعها
فهل هذا حرام لأنه قد منع زوجته وأمه من أن يأخذوا حقهم من الميراث بعد وفاته أم ماذا؟ مع العلم أني قد قلت له أن هذا حرام لأنك ستحرم زوجتك من الميراث الذى هو حقها بعد وفاتك فقال لي إني أريد أن أطمئن عليكم وعلى حقكم، وأن زوجته لم تكن في عصمته أثناء كتابته لعقد البيع (كانت مطلقة منه منذ 9 أشهر) وأنه أثناء حياته يكون حرا في التصرف في أمواله يعطيها لمن يشاء وأن حقها مضمون في الأملاك الأخرى وأنه باع هذه الشقة بالذات لنا نحن أولاده حتى يطمئن علينا.
فهل هذا حرام أم حلال وماذا أفعل بعقد البيع الذى معي؟
أفيدونى أفادكم الله.
أرجو من الله أن يصلنى ردكم سريعاً حيث أن هذا الموضوع منذ شهر ولا أستطيع إخفاؤه أكثر من هذا.... هل أظهر العقد ببيع الشقة لنا نحن أولاده.. أم أخفيه تماماً وأتخلص منه لأنه حرام فعله؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان البيع المذكور وقع مستوفياً لشروط البيع ولم يعلق تنفيذه على وفاة أبيكم، ولم يقصد به الإضرار ببعض الورثة، فإنه يعتبر بيعاً صحيحاً تملكون بموجبه الشقة.
وعليكم أن تردوا ثمنها إلى عموم التركة ليقسم معها على جميع الورثة إذا لم تكونوا قد دفعتموه من قبل، أو كان قد أعفاكم منه في حال أهليته للتصرف. ورجوع زوجة أبيكم وعدمه لا تأثير له على هذا البيع ما دام مستوفياً الشروط.
أما إذا كان البيع مجرد بيع صوري بقصد المحاباة والإضرار ببعض الورثة، ولم يستوف شروط البيع، أو كان معلق الإنفاذ على وفاة والدكم، فإن ذلك لا يصح، وعليكم أن تردوا الشقة إلى عموم التركة لتقسم معها على جميع الورثة.
وللمزيد من الفائدة والتفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 63633 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1426(12/5160)
هل يجوز للأب هبة الذكر ضعف نصيب الأنثى
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد فتوى في علم المواريث
لجدتي ولدان أبي وعمتي فقط، ولقد قامت جدتي بإعطاء أبي أعطية أو هبة لمساعدته في شراء منزل، وهذه العطية هي أطيان زراعية، ثم أعطت عمتي الشقيقة الوحيدة ما يعادل نصف ما وهبته لوالدي من أطيان زراعية أخرى، ثم توفى والدي أولا ثم توفيت جدتي بعده، فما حكم هذه الهبات: علما بأن هذه الأطيان لم تعد موجودة الآن، فلقد باع كل من أبي وعمتي نصيبه، هل يصح كما وهبته جدتي، أم كان عليها أن تساوي بين أبي وعمتي، وعليه يجب علينا أن نعيد توزيع هذه الأطيان بالقسمة الشرعية لعمتي النصف فرضا ولي ولأخي النصف الباقي تعصيبا، وذلك بأن نعيد القسمة تقديرا بما لدينا من أملاك الآن، وذلك لعدم وجود هذه الأطيان الآن، وهل نأخذ في الاعتبار أسعار الأطيان وقت أن وهبتها جدتي أم بأسعار الزمن الحالي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العدل بين الأولاد في العطية واجب على الصحيح لحديث بشير بن النعمان رضي الله عنه في الصحيحين، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. وفي رواية: ... فلا تشهدني إذن، فإني لا أشهد على جور.
إلا أن بعض العلماء قد حمل وجوب العدل بينهم فيما إذا لم يكن هنالك مقتض لتفضيل بعضهم على بعض في العطية، فإن كان هنالك داع إلى التفضيل جاز، ومن ذلك فقر أحدهم أو كثرة عياله أو سفره أو زواجه أو طلبه للعلم ونحو ذلك من المقاصد المشروعة.
وعلى كلٍ فإن هبة الجدة صحيحة على ما هي عليه، ولا يجب عليكم نقض ذلك ولا العوض عما فضل به الأب على أخته، فقد ذكر بعض أهل العلم أن البنت تعطى نصف ما للذكر؛ كما في التركة وإن كان ذلك خلاف الأولى.
وينبغي للبنت مسامحة أمها إن كانت وجدت في نفسها شيئاً من ذلك، وتبالغ في الدعاء لأمها وأنتم كذلك تدعون لها ولأبيكم لأن المرء إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث كما في الحديث عند مسلم وغيره، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1426(12/5161)
أقوال العلماء في حكم التمييز في الهبة ونحوها بين الزوجات
[السُّؤَالُ]
ـ[لي زوجتان وأعمل أقصى جهدي في العدل، وهناك مواقف منها إذا كانت إحداهن تحتاج إلى مبلغ مالي لشراء هدايا لعرس أختها فهل يلزمني إعطاء الأخرى نفس المبلغ رغم أنه لا توجد مناسبة لذلك لديها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على وجوب العدل بين الزوجات في المبيت وما دعت إليه الحاجة من النفقة والكسوة، واختلفوا فيما زاد على النفقة وتوابعها ونحو ذلك من الهدايا على قولين:
أحدهما: الجواز وعدم التسوية. قال ابن قدامة في المغني: وليس عليه التسوية بين نسائه في النفقة والكسوة إذا قام بالواجب لكل واحدة منهن. قال أحمد في الرجل له امرأتان: له أن يفضل إحداهما على الأخرى في النفقة والشهوات والسكنى إذا كانت الأخرى في كفاية، ويشتري لهذه أرفع من ثوب هذه، وتكون تلك في كفاية.
والقول الثاني: وجوب التسوية مطلقا، ولا شك أنه طريق الورع، وراجع الفتوى رقم: 11389.
وبناء على قول من يجيز عدم التسوية فيما زاد على الواجب يجوز لك أن تخص زوجتك المذكورة بتلك العطية، وإن أعطيت الأخرى مثلها عند حدوث مناسبة كان ذلك أسلم وللعدل أقرب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1426(12/5162)
من وهبت مالها لإخوتها الذين أنفقوا عليها وحرمت الممتنعين
[السُّؤَالُ]
ـ[صرف أعمامي الاثنان على عمة لي قعيدة كبيرة غير متزوجة فكتبت لهم ميراثها كله وحرمت باقي عماتي ووالدي رحمه الله فهل يجوز ذلك؟ (مع العلم أن الميراث أراض بحوالي ستين ألف جنيه) وهل يجوز حساب فرق المصاريف وتوزيع الباقي إرضاء للجميع؟ أم الصرف عليها هو مسؤوليتهم كنفقه؟ (كان يوجد 4 عمات+2عم) حين كتابة هذه العقود وقد توفي أبى وعمة واحدة)
فكيف تكون الأنصبة في حالة رأي سيادتكم؟؟
مع العلم بأن عمتي هذه توفيت منذ حوالي سنتين وترك هذا الموضوع أثرا كبيرا لدى الأسرة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت عمتك فعلت ذلك على وجه الهبة الناجزة المستوفية الشروط من التمكين والحوز التام من قبل أعمامك فإن هذه الهبة صحيحة ماضية إذا كان ذلك حصل وهي في حال أهليتها للتصرف، بحيث تكون تتمتع بقواها العقلية ولم تكن في مرض مخوف (مرض الموت)
فإذا وقعت الهبة بالشروط المذكورة فلا حق لبقية الورثة فيما وهبت عمتك لإخوتها، وإذا اختل منها شرط فإن ما تركت يعتبر تركة بين جميع الورثة.
وفيما يخص الصرف عليها.. فإن كان ذلك على جهة الهبة والتبرع فلا حق لعميك عليها ولا بالرجوع بما أنفقا على تركتها.
أما إذا كان ذلك بنية السلف والرجوع عليها فيما بعد فإن من حقهما أخذ ما أنفقا عليها من التركة لأنه بمنزلة الدين عليها.
وإذا كانت الهبة غير مستوفية الشروط فإن ما بقي بعد الدين أو الوصية إذا كانت موجودة فإنه يقسم على ورثتها الذين توفيت قبلهم، ولا حظَّ لمن مات من الورثة قبلها.
ونصيب كل واحد من إخوتها إذا كانوا أشقاء كلهم أو لأب كلهم ضعف نصيب الأنثى، كما قال سبحانه وتعالى: وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 176}
ونرجو الاطلاع على الفتويين: 9022، 50676.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1426(12/5163)
حكم أخذ العامل ما يتركه الزبون كهبة أو صدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو كالأتي: أنا أعمل كمراقب تقني للسيارات بالجزائر وحينما يقوم الزبون بدفع الفاتورة بعد فحص السيارة وتكون هذه الأخيرة في حالة جيدة يترك لي بعض النقود الزائدة على أساس أن أشرب بها قهوة فإذا أخذت تلك النقود فهل يحق لي ذلك أم لا؟ وجزاكم الله كل خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أخذ العامل ما يتركه الزبون كهبة أو صدقة عليه إذا أذن صاحب العمل بهذا أو جرى به عرف، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 63691.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1426(12/5164)
ماتت قبل إنجاز معاملة الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب توفي أبي وأنا صغير وإخوتي أصغر مني وجدتي والدة أبي موجودة وطبعاً هي ترث من أبي لأنها أمه ولكن هي قالت لأولادها أنا لا أريد نصيبي من تركة ابني وأريد أن أهب حصتي لأولاده، وطبعاً وقالت لهم اذهبوا بمعاملة التنازل حتى أتنازل لهم قبل ما أموت، ولكن قبل ما تنتهي المعاملة توفيت، فالسؤال هل الوصية شرعية أم لا، علماً بأن أولادها الذين يرثونها يشهدون على الوصية، وهل إذا لم يوافق أولادها على هذه الوصية يكونون أخذوا مالا حراما؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الجدة المذكورة تنازلت عن نصيبها من تركة ابنها لأحفادها (أبناء ابنها) في حال أهليتها للتصرف وقبلها الأحفاد أو وكيلهم وحازوها الحيازة الشرعية، فإن هذه الهبة ماضية لاستيفائها شروط الهبة، ولا عبرة بكتابتها حينئذ لأن الكتابة إنما هي لمجرد التوثيق، وإذا اختل شرط من شروط الهبة فإنها لا تمضي.
أما إذا كانت أوصت لهم بها بعد وفاتها أو كانت الهبة في حال مرضها المخوف (مرض الموت) فإن حكم هذه الهبة هو أنها تأخذ حكم الوصية وتكون في ثلث مالها، وما زاد على الثلث إذا أجازه الورثة للأحفاد فهو لهم، وإذا لم يجيزوه رجع إلى عموم تركتها.
ولا حق لأولادها في عدم الموافقة على الهبة المستوفية للشروط، وكذلك لا يجوز لهم الاعتراض على الوصية إذا كانت في حدود الثلث؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في حسناتكم ... رواه أحمد وغيره، وأما ما لم يستوف الشروط من الهبة أو ما زاد على الثلث من الوصية فلهم الحق في الاعتراض عليه، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1996، 17791، 55172.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1426(12/5165)
الهبة المعلقة بالموت تؤول وصية
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي عمى وليس له ولد ولا بنت وترك زوجة وأختا فقط وكان قبل موته ترك ما يملك من مال عندي قائلا هذا المال لي ولزوجتي، من يبقى بعد موته أو موت زوجته يكون باقي المال للآخر فراجعته في ذلك قائلا الشرع يقول إنك لو مت فإن لأختك النصف فإن كنت تنوى إعطاء زوجتك شيئا فاذكر لي ما مقدار ما لها بحوزتك من اليوم، فأجاب ما عندك هو مناصفة بيني وبين زوجتي، وسألته إن كان عنده مال آخر فأجاب لا وبعد موته ناولت زوجته نصف المبلغ الأساسي ثم ربع المبلغ الباقي وأعطيت النصف لأخته، أما الربع الباقي فأعطيته لأقرب عصبة وهم أنا وإخوتي السبعة ثم بعد موته بشهر قالت لنا زوجته أنه ترك نقودا أخرى كان ينوي إعطاءها لكم (أبناء أخيه) نظرا لخدمتنا له ولكنه خاف أن يعطيها ثم تنفد نقوده ويحتاج لها وأضافت إنه قال منه لفلان (واحد منا) مبلغ ألف دولار وحتى الآن أخشى توزيع هذا المبلغ لأن أحد المفتين قال لنا: لا وصية لوارث وصحيح أنكم ورثتم بالتعصيب ولكن ورثتم على أي حال فهل إذا وافقت عمتي على ذلك تجوز تلك الوصية لأن زوجته بالطبع موافقة؟
أفتونى جزاكم الله خيرا، كيف أتصرف في هذا المبلغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النية في الهبة والعطية ونحو ذلك غير معتبرة شرعاً ما لم يصحبها قول أو فعل وحوز من الموهوب له أو وليه للهبة أو العطية في حياة الواهب أو المعطي.
كما أن الهبة المعلقة بالموت تؤول وصية، فتصح بشروط الوصية، لأن العبرة بالمعاني لا بالمباني، وبناء على ما تقدم، فإذا كان قول الميت قبل وفاته (لفلان ألف دولار) أو لأبناء أختي كذا وكذا ونحو ذلك من الألفاظ إذا كان قصد به الهبة والتمليك لكنه لم ينفذ ذلك خشية نفاذ ماله حتى مات، فالهبة باطلة كما ذكرنا.
وإن كان قصد الوصية، فإنها لا تصح للوارث ولا تنفذ إلا إذا أجازها بقية الورثة أو بعضهم، فتنفذ في حق من أجازها لما رواه أبو داود والدارقطني والبيهقي من حيث ابن عباس مرفوعاً: لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة.
فإذا رضي الورثة، وأجازوا الوصية أو خصوا بعضهم ببعض التركة جاز ذلك، وقد بينا في الفتوى رقم: 25102، والفتوى رقم: 9088 شروط جواز الوصية للوارث، ومتى تصح ومتى لا تصح، كما بينا في الفتويين التاليتين: 569، 2333، الفرق بين الوصية والهبة، ومتى تنفذان وشروط ذلك.
وننبه السائل إلى أن الذي يظهر من مسألة الزوجة أن الزوج قد أوصى لها بنصف ماله، لأنه قد مات والمال بيده وعلى ذمته، فإن كانت الزوجة مشاركة للزوج بمال أو لها وديعة عنده أو نحو ذلك، فعليها أن تثبت ذلك بالبينة إن كانت تدعيه، وإن كان الأمر كما ذكرنا وأن ذلك وصية من الزوج أو هبة معلقة بالموت فسبيلها سبيل الوصية كما بينا، والوصية إذا كانت لوارث، فإنها لا تنفذ إلا بما ذكر في الفتاوى المحال إليها سابقاً.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1426(12/5166)
حكم ما أهداه مدير شركة لبعض موظفيه من هدايا أهديت له من شركة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل نائب مدير بشركة اتصالات وفي يوم من الأيام ناداني مدير الإدارة التي أعمل بها واعطاني هدية، وقال لي إن شركة أجنبية نتعامل معها أعطتني بعض الهدايا وطلبت مني أن أوزعها على موظفي الإدارة دون تحديد فشكرته وأخذت الهدية، السؤال: ما حكم هذه الهدية، وإن كانت حراما ما الذي علي فعله هل أعيدها إلى المدير أو أتصدق بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في قبول هذه الهدية إذا لم تكن ذريعة إلى محاباة هذه الشركة التي بذلت هذه الهدية وتقديمها على من هو أحق منها، أما إذا كانت ذريعة إلى ذلك فلا يجوز قبولها، وفي هذه الحالة يجب عليك ردها على هذه الشركة ولو بطريقة غير مباشرة، فإن عجزت عن ذلك أو خشيت ضرراً، فلتنفقها في مصالح المسلمين، وراجع للأهمية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8043، 28614، 28968، 26963، 62076.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1426(12/5167)
لا يجوز أخذ المال ما دام يخالف شرط الجهة المانحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة في الجامعة وتم ابتعاثي لإكمال الدراسات العليا في إحدى الدول ودولتي تمنحني مبلغا من المال شهرياً نظراً لظروف خاصة تدني مستواي الدراسي وكان نظام الدراسة في تلك الدولة يحتم علي الطالب الحصول على معدل معين وإلا لا يسمح له بإكمال الدراسة ولم أكن اعلم بتلك الشروط..... فبعد دراستي لمدة سنة ونصف قررت الجامعة فصلي لأني لم أحصل علي المعدل المطلوب وذلك والله دون تقصير مني وقد حاولت بطرق كثيرة أن أعود للدراسة لأنني جادة فعلا في طلب العلم ولكن دون فائدة في تلك الفترة كنت قد تزوجت وتوفق زوجي بمنحة معي ولكن المشكلة الآن أني لا أستطيع إخبار مقر عملي بفصلي لأنهم سيطلبون مني العودة أو فصلي من العمل وأنا متزوجة وزوجي ظروفه الصحية لا تسمح بأن أتركة وأعود ... في هذه الحالة مازلت استلم المبلغ المالي لأني لو طلبت منهم إيقافه سيعلم مقر العمل مع العلم أنه عندما أعود (بعد ما ينتهي زوجي) سيتم خصم تلك المبالغ من مرتبي ... فهل تلك المبالغ التي آخذها حرام؟ وفي حال أنها ستخصم من راتبي أو لن تخصم فما الحكم؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال الذي تأخذينه مشروط بدراستك في الجامعة المذكورة، وعليه فلا يحل لك الاستمرار في أخذه إذا اختل الشرط، ويجب عليك إخبار جهة العمل بموضوع فصلك من الجامعة، ثم تتركين لهم الخيار في إبقاء المرتب أو قطعه عنك، وسواء كانت جهة العمل ستخصم ما تدفعه لك من مرتبك أو لا، فيجب إعلامها بحقيقة الأمر، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1426(12/5168)
حكم ما يدفعه الزبون من مال إضافي للأجير في محل
[السُّؤَالُ]
ـ[فقد سبق لي أن طرحت عليكم سؤالا خاصا بحكم قبض المال الإضافي من الزبون كأن يقول لي الزبون احتفظ بالباقي ... وقد أجبتموني بأن ذلك يرجع إلى ما اتفق بين مالك المحل والعامل، لكن سؤالي هو: هل أقبض المال الزائد، مع العلم بأني لما بدأت أعمل في المحل لم نذكر ولم نتفق على قبض المال الزائد.. فهل يجوز لي أخذه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبما أنه ليس بينك وبين صاحب المحل اتفاق على مثل ذلك فهذه المبالغ الإضافية هي لك من باب الهبة من الزبائن ما لم يكن قصد الزبون هو الاحتفظ بها إلى مرة قادمة فإذا كان القصد هو ذلك فهي أمانة عندك للزبون.
ولا تنس أخي الكريم أن تقرأ جيداً الفتوى التي أحلنا عليها والتي فيها حكم فتح مقهى إنترنت وحكم العمل فيه وضوابط جواز ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1426(12/5169)
إهداء جهاز فيديو بين الإباحة والحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إهداء أختي جهاز فيديو وأشترط عليها استخدامه في طاعة الله، هل أكون بريئا أمام الله لو استخدمته في غير ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أجهزة الفيديو في حد ذاتها لا يتعلق بها تحريم أو إباحة، وإنما التحريم والإباحة يتعلقان بما تنشره الفيديو من البرامج، فإذا كانت تبث ما فيه مجون وكشف عن العورات ومعتقدات فاسدة ودعوة إلى الرذيلة وأغان ونحو ذلك مما هو ممنوع شرعاً، فإن استعمال الأجهزة في استقبال هذا حرام، ولا يجوز اقتناؤها في هذه الحالة ولا إهداؤها لشخص آخر.
وإن كان يقتصر فيها على البرامج الدينية والحلقات الثقافية والألعاب المباحة فلا مانع من اقتنائها وإهدائها إلى الغير.
وعليه؛ فإذا كنت تعلم أو تظن أن أختك ستستخدم الفيديو في النوع الأول فإنه يحرم عليك أن تهديها لها، ولا قيمة للشرط إذا علم أو ظن أنها لا تعمل به، وإن كنت لا تتوقع أنها تستخدم هذا الجهاز إلا فيما هو مباح فلا مانع من إهدائه لها، وإن كنت تشك فيما سيكون عليه أمرها، فالاحتياط الترك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1426(12/5170)
هبة الأم دارها لبناتها الصغار
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة مات زوجها وترك ثلاث بنات وأخذت ميراث زوجها الشرعي وقامت ببناء منزل كبير وتريد معرفة من سوف يرثها إذا ماتت، فاذا كان لوالدها حق في الميراث بعد وفاتها فهي لا تريده أن يرث حيث إنه سبق أن حرمها وكتب أملاكه لأخواتها وتركها، فهل إذا كتبت المنزل باسم أولادها البنات يكون ذلك حراما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأب هو أحد الورثة ولا يسقط بحال من الأحوال، إلا أن يكون متلبساً بمانع من موانع الإرث، كالكفر والقتل المتعمد للمورث ونحو ذلك، وفرضه السدس حيث كان للميت ولد ذكر أو أنثى، قال تعالى: وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ {النساء:11} ، وللبنات الثلثان فرضاً، لقول الله تعالى: فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ {النساء:11} , وإن لم يكن لهذه المرأة من الورثة وقت موتها غير من ذكرت، فإن باقي المال يأخذه أبوها تعصيباً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر. كما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما.
واعلمي أن إرادة تلك المرأة حرمان أبيها من الميراث تعد لحدود الله وعقوق، ولا يبيحه ما ذكرت من أنه سبق أن حرمها وكتب أملاكه لأخواتها وتركها، فهو قد أخطأ فيما فعل، ولكن الخطأ لا يبرر الخطأ، وكل إنسان سيسأل يوم القيامة عن خطئه، قال الله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ {المدثر:38} .
وفيما يتعلق بأمر كتابة المنزل باسم بناتها، فإنها إن فعلت ذلك في حال تمام صحتها، وتمت الحيازة من قبل الموهوب له الحيازة المعتبرة شرعاً، ومن تمام ذلك إخلاء المنزل من سكن الواهبة، فإن الهبة ماضية ويختص الموهوب له بما وهب له دون بقية الورثة، وإن اختل شرط مما ذكر فالهبة لاغية، والمنزل تركة يقسم على الورثة كل حسب نصيبه، قال المواق في التاج والإكليل: المتيطي: شرط صدقة الأب على صغار بنيه بدار سكناه إخلاؤها من نفسه وأهله وثقله ومعاينتها البينة فارغة من ذلك ويكريها لهم، وقال في المدونة: من حبس على صغار ولده دارا أو وهبها لهم أو تصدق بها عليهم فحوزه لهم حوز إلا أن يسكنها أو جلها حتى مات فيبطل جميعها.
وننصح الأخت الكريمة بمعالجة أمر والدها بالرفق واللين، ومحاولة ترضيته قبل أن يموت وهو ساخط عليها، وأن لا تكتب المنزل باسم بناتها إلا إذا كانت لا تريد بذلك حرمانه هو من الإرث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1426(12/5171)
مسائل في تقسيم الشخص ماله حال الحياة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت والدتي منذ سنتين بعد ذلك أراد أبي أن يكتب لنا أملاكه بالتراضي بيننا أنا وأخواتي الخمسة، حتى لا يحدث بيننا بعد وفاته مشاكل، وأصر على ذلك ولكنه نسي الأمر لفتره وتزوج والدي من امرأة صالحة وأنجبت فتاة وهو مازال يريد أن يكتب لنا ممتلكاته دون أن يكتب لزوجته شيئا، وهو يريد عمل ذلك لأنه يقول أنه كان ناويا على ذلك قبل زواجه وهذه كانت نيته قبل الزواج، مع العلم بأن والدي متدين ويعاملنا بالمعروف كما أنه يعامل زوجته بالحسنى، وقال إنه لن يحرمها من الميراث ولكن سوف يكتب لها جزءا، فهل يجوز له ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نية والدك لا تأثير لها ولا اعتبار فلا يلزمه بها شيء، وأما الآن فإذا أراد تقسيم أملاكه فإما أن يكون ذلك على سبيل الهبة والتمليك الآن، وإما أن يكون على سبيل أنهم لا يملكون إلا بعد وفاته فتلك وصية وهي لا تجوز للوارث ولا تصح، وعلى الاحتمال الأول، أنه يريد الهبة والتمليك، فقد فصل العلامة ابن حجر الهيتمي القول في ذلك، فقال: إذا قسم ما بيده بين أولاده فإن كان بطريقة أنه ملك كل واحد منهم شيئاً على جهة الهبة الشرعية المستوفية لشرائطها من الإيجاب والقبول والإقياض أو الإذن في القبض، وقبض كل من الأولاد الموهوب لهم ذلك وكان ذلك في صحة الواهب جاز وملك كل منهم ما بيده ... وإن كان ذلك بطريق أنه بينهم من غير تمليك شرعي فتلك قسمة باطلة، فإذا مات كان جميع ما يملكه إرثا ً.
وبناء عليه فإذا كان مقصود الأب قسمة الأملاك بينكم على سبيل الهبة والتمليك فلا بد أن يعدل بينكم في ذلك ويعطي ابنته من الزوجة الثانية مثلما يعطيكم لأن العدل بين الأولاد في العطية واجب، كما بينا في الفتوى رقم: 6242.
ولا بد كذلك أن يتم الحوز منكم كما ذكرنا لأن الهبة لا بد فيها من الحوز وهو رفع يد الواهب ووضع يد الموهوب له على الهبة، أو حوز ذلك له من وليه إذا كان صغيراً.
كما أنه لا يجوز قصد الإضرار بأحد الورثة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما وصححه الألباني، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 52512 فلا يجوز له أن يضر بالزوجة ويحرمها، ولا يعتذر بالنية السابقة فإنها لاغية كما ذكرنا.
وأما إذا كان ذلك التقسيم من باب الهبة المعلقة بالموت بمعنى أنه لا يتم تملك ذلك إلا بعد موت الواهب فإنه يكون وصية وهي لا تصح للوارث، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. أخرجه أبو داود وغيره وصححه الألباني.
وللاستزادة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 41872 وما أحيل إليه من الفتاوى خلالها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1426(12/5172)
الهدية بين القبول أو التخلص منها
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد التزامي وتقربي من الله عز وجل صارت عند ي مشكلة حيازتي على بعض الهدايا من الذهب من شخص لم تعد لي به صلة من قريب أو بعيد فكيف أتصرف لكي لا تشكل عقبة في إخلاصي إلى الله عز وجل وحسن نيتي؟ مع العلم أن هذا الشخص لا أعرف طريقة لكي أردهم إليه.
أفيدوني جزاكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالهدية إذا خلت من الأغراض الفاسدة والمقاصد الخبيثة، فلا مانع منها ولو كانت من رجل لامرأة أجنبية أو العكس.
والهدية مستحبة بين الناس، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. أخرجه البخاري في الأدب المفرد، والبيهقي من حديث أبي هريرة بسند جيد.
ويستثنى من هذا الهدية في معصية الله تعالى، كمن يهدي لامرأة ليستميل قلبها إليه، أو يجرها إلى الوقوع فيما حرم الله من نظر أو لمس أو خلوة.... ونحو ذلك.
وعليه، فإذا كانت تلك الهدايا التي أهديت لك خالية من الأغراض الفاسدة، فلا مانع من تملكها، ولا ضرر عليك فيها.
وإن كان المراد غرضاً غير صحيح وهو المتبادر من السؤال، فنرى أن عليك أن تتخلصي منها بالتصدق بها أو نحو ذلك، ولا تحتفظي بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1426(12/5173)
لا تتم الهبة إلا بالحيازة
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوج مهندس مصري من سيدة أجنبية مسلمة وبعد وفاته جمعت أموالها وقررت العودة إلى بلدها وكان لها قضية ميراث متداولة بالمحاكم المصريه ولها معاش شهري من زوجها قيمته 500 جنيه فعملت توكيلا لي لمتابعة القضية وصرف المعاش وادخاره لها لحين حضورها وعندما قلت لها أن المعاش تحدث له زيادة سنوية قالت لا أريد هذه الزياده خذها أنت ثم اتصلت بي بعد ذلك وقالت أريد هذه الزيادة فقلت لها إن القضيه تحتاج إلى مصاريف لمتابعتها ومصاريف مقابل الجهد الذي أبذله لمتابعتها فقالت لي اصرف من هذه الزيادة فما الحكم في هذه الزيادة هل هي من حقي أم لا؟ وقبل سفرها اتضح أن لها معاشا شهريا آخر من النقابة التي كان مقيدا بها زوجها ولكنه كان يحتاج إلى سداد مبلغ للنقابة حتى يتم صرف هذا المعاش فلم تقبل أن تدفع شيئا من الدولارات التي جمعتها وقالت لا أريد هذا المعاش سأتركه للدولة فقلت لها أنا سآخذ هذا المعاش فقالت خذه (مع أنه كان لها مبلغ من المال لا تعرفه وضعته لها في حساب ادخارها ولم أخبرها به تحسبا لأي ظروف وهي غير موجودة ولو كنت أخبرتها به كانت إما حولته إلى دولارات وأخذته معها وإما سددت به المطلوب للنقابة لتأخذ المعاش الذي تركته لي حيث إن السبب الأساسي لتركها هذا المعاش أنها لم ترض أن تدفع شيئا من الدولارات التي جمعتها) فما الحكم في معاش النقابة الذي آخذه لنفسي؟
أرجو الإجابة وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطريقة الشرعية أن تتعامل مع السيدة المذكورة معاملة واضحة تتفقان بموجبها على تحديد أجر معلوم لك ولا مانع أن يكون معلوماً بالعرف، وتدفع هي مصاريف المعاملات أو تعوضها لك إذا دفعتها أنت.
وإذا لم يحصل شيء من ذلك فلك أجرة المثل على عملك إلا إذا سمحت هي لك بما يزيد على ذلك، أو تنازلت أنت لها عن حقك أو بعضه.
وبخصوص زيادة المعاش التي وهبت لك، فإن كانت من الفوائد الربوية، فإنها حرام لا تملكها هي ولا غيرها، وإنما يجب صرفها في مصالح المسلمين العامة، وعلى الفقراء والمساكين.
أما إذا كانت من الحلال فما أخذت منها وتمت حيازته بالفعل فهو لك لأنه هبة استوفيت شروطها وتمت حيازتها.
وما لم تتم حيازته منها بعدما اتصلت بك، فإنه يعتبر ملكاً لصاحبته.
قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة.
ومثل ذلك يقال في معاش النقابة، فإن كان مباحاً ومستحقاً من التعاون والإرفاق فهو جائز، وما تمت حيازته منه بالهبة فهو جائز، وما لم تتم حيازته فهو لصاحبته.
وأما إذا كان مستحقاً من تأمين المعاوضة، فإنه لا يجوز لها منه إلا ما دفع زوجها أصلاً، وأما الباقي، فإنه يتخلص منه بالصرف على الفقراء والمساكين ومصالح المسلمين العامة كغيره من المال الخبيث.
وللمزيد من الفائدة والتفصيل والأدلة، نرجو الاطلاع على الفتويين: 8308، 31901 وما أحيل إليه فيهما، ثم إننا ننبهك على أنه ما كان يجوز لك أن تأخذ من مال هذه السيدة شيئا بغير إذنها، فيجب عليك رد المال الذي كنت أخذته منها فوراً والتوبة إلى الله من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1426(12/5174)
الهبة التي يستحق الابن أن يتملكها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو التكرم بالإفتاء الموفق فيما يلى:
أمتلك قطعة أرض صحراوية وكان والدي رحمة الله عليه يساعدني أحياناً بالمال في استصلاحها كما كان يساعد كافة إخوتي في احتياجاتهم الخاصة بهم وبعد وفاته وتوزيع الميراث ومرور سنوات توفي أحد إخوتي وله أبناء مما أحزن والدتى على أحفادها بعده ثم بعد خمس سنوات من وفاة والدي وعند بيعي لقطعة الأرض فوجئت بوالدتي تقول بأن والدي رحمه الله حادثها في إحدى الجلسات بينهما وقال عن أرضي: (لو أبني باع أرضه سآخذ منه عشرين ألف جنيه) بالرغم من عدم علمه أن قيمة الأرض في زمن حياته لم تكن تحصل هذا المبلغ ومع العلم بأنه لم يكن هناك أى اتفاق أو علم شفهي أو كتابي بين الأب والابن عن هذا الوضوع أو أن ما يساعده به من مال هو دين أو سلفة أو مشاركة فهل يعتبر هذا المبلغ دينا على الابن وجزءا مما يورث عن الأب يوزع على الورثة؟
برجاء التكرم بالفتوى الموثقة طلباً لرضا الله ثم الأم والمودة بين الإخوة ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان والدك قد أعطاك المال لاستصلاح أرضك على سبيل الهبة وأعطى إخوانك أيضاً عطية أخرى أو مبالغ أخرى مقابل ذلك، أو كنت أنت على وضع تستحق فيه المساعدة دون إخوانك كأن تكون فقيراً ذا عيال، فإن هذه العطية صحيحة تستحق بها ما وهب لك والدك ما دام العدل حاصلاً بين الأبناء في العطية.
وأما إذا كان خصك بالهبة دون إخوانك، فإنه لا يجوز له ذلك على الراجح من أقوال أهل العلم، لما في ذلك من تفضيل بعض الأبناء على بعض في العطية، وعليك أن ترد المبلغ الذي أعطاك لأنه يعتبر من تركة أبيك لجميع ورثته، وكذلك إذا كان ساعدك به على وجه السلف وعندما يتيسر أمرك أو تبيع أرضك ترد إليه المبلغ، ففي هذه الحالة أيضاً يعتبر المبلغ ديناً عليك، ويجب عليك أن ترده ليوزع على أهل التركة.
وللمزيد من التفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم نرجو الإطلاع على الفتاوى: 6242، 32659، 28381.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1426(12/5175)
مساواة الأولاد في الهبات والعطايا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أعطى والدي محلا فى بيته، قام أخي بتأجيره لحسابه، ومن هذا الإيجار قام بتكملة بناء شقه له في بيت والدي وظل أخي يستنفع بهذا المحل لمدة خمسة عشر عاما وإلى الآن يستنفع به، ثم توفى والدي بعد أن وهب بيته لأمي، فقالت لي أمي ليس لك حق فى أي شيء فى بيت والدك وما أعطاه والدك لأخيك هو مقابل ما أنفقه والدك عليك في التعليم، وتجهيزك للزواج مع العلم بأنني أزيد عن أخي بست سنوات فقط في التعليم وأن هذا التعليم هو تعليم حكومي مجاني وأن جهازي كان عبارة عن طقم صالون عادي جدا، فهل يحق لأمي أن تحرمني من حقي في بيت والدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على الأبوين أن يعدلا بين أبنائهم في كل شيء، وخاصة في العطية كما رجح ذلك المحققون من أهل العلم، لحديث النعمان بن بشير المشهور في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم. وقال صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلاً أحدا لفضلت النساء. رواه الطبراني والبيهقي، وللمزيد من التفصيل ومذاهب أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 6242.
ولذلك فإن كان المحل الذي أعطاه والدك لأخيك إنما أعطاه له في مقابل نفقات الدراسة والتجهيز فإن الهبة صحيحة ولا يحق لك المطالبة بشيء منها، إذا كانت قيمة المحل وقت هبته له مساوية أومقاربة لما صرف عليك في التجهيز أو الدراسة، أو كان هنالك سبب لتفضيله عليك في العطاء كأن يكون ذا عيال غير قادر على نفقتهم ...
وكذلك إذا كانت هبة البيت لأمك قد تمت بصورة شرعية بحيث إنه وهبه لها في حال أهليته للتصرف وتمت حيازتها له قبل إصابته بمرض الموت ولم يقصد بذلك حرمان بعض الورثة فإن الهبة صحيحة.
أما إذا لم تتحقق شروط الهبة أو كانت بقصد حرمانك منها فإنها هبة باطلة، ومن حقك أن تطالبي بنصيبك منها، وبإمكانك أن تطلعي على المزيد من التفصيل والأدلة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 27901، 58262، 61143.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1426(12/5176)
بيع الشقة لأحد الأبناء بنصف ثمنها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب مصري ولي أخوان وأقيم مع والدي ووالدتي، والدي لديه شقة أخرى غير الشقة الني نقيم فيها، هذه الشقة تكاليف بنائها الفعلية الشاملة لسعر الأرض حوالي 30000 ألف جنيه تقرببا لكن نظراً لموقعها الجميل فإن ثمنها لو أردنا بيعها يصل إلى 60000 ألف جنيه أنا الآن في سن الزواج وطلبت من والدي أن أتزوج في هذه الشقة فطلب مني أن أدفع له ثمن الشقة لكيلا أظلم إخواني لذلك اتفقنا على أن أدفع له سعر تكلفة الشقة 30000 وحررنا عقد بيع بذلك فهل ما فعلته يعتبر حراما وكان ينبغي علي أن أدفع السعر التجاري للشقة 60000 مع العلم أنني لا أملك هذا المبلغ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ظاهر هذه المعاملة بيع وشراء وحقيقتها منحة من الوالد لأحد أولاده دون الآخرين، ذلك أن قيام الوالد بيع الشقة التي تساوي ستين ألف جنيه لولده بثلاثين ألفاً يعتبر في حقيقة الأمر منحة.
فما حكم تفضيل الوالد لأحد أولاده في العطية، الجواب أن ذلك حرام في قول طائفة من أهل العلم، لحديث: فاتقوا الله وأعدلوا بين أبنائكم. رواه البخاري ومسلم.
وذهب الجمهور إلى كراهية ذلك، وفصل بعض العلماء فقال يجوز إذا كان هناك سبب كأن يكون الولد مريضاً أو ذا عيال أو نحو ذلك.
والذي ننصح به الأخ السائل هو طلب السماح من أخويه في هذه المسألة، فإن رفضا فالأولى له أن يفسخ البيع ويرد الشقة إلى والده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1426(12/5177)
التسوية بين الأولاد في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
عندي ولد وبنت فقط وقد قام زوجي ببناء شقة لابنى من زمن بعيد تكلفت أربعة آلاف جنيه ولم يعط ابنتي شيئا مقابل ما أعطاه لابني وبناء شقه الآن تتكلف ستة عشر آلاف جنيه فهل يجوز أن أعطى ابنتي الأربعة آلاف جنيه التي كلفت بها شقة ابنى من مال زوجي أم لابد أن أبني لها شقة كما قام والدها ببناء شقة لابنى وبخاصة أنه قد توفي قبل أن يعطيها أي شيء0]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الراجح من أقوال أهل العلم على ما رجحه المحققون أن التسوية في العطية بين الأبناء واجبة.
وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 6242 ولذلك، فإن عليكم أن تبنوا شقة لابنتكم كما بنيتم شقة لابنكم، ومادام زوجك قد توفي فإن عليك أن تبني لابنته شقة من تركته تساوي شقة الابن بغض النظر عن ثمنها، فالمهم هو العدل بين الأولاد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء. رواه الطبراني والبيهقي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1426(12/5178)
هدية الأم من بيعها ما يخشى ألا يكون ملكها
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تقول لي إن الأرض التي باعتها ملكها وأنا سمعت مند الصغر أن هذه الأرض فيها مشكلة ملكية (مع بعض الأقارب) فهل أقبل منها بعضا من المال علما بأنني أسكن بعيدا ولا يمكنني العودة حاليا
(لمناقشة الأمر والتثبت) وما حكم الاتصال بهاتف أخي الذي اشتراه من هذا المال قبل أن أتثبت في مشروعية المال الرجاء الإجابة بسرعة لأن أخي يغضب علي إن لم أجبه عبر الهاتف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من قبول الهدية من أمك ولو كانت من عين المال الذي باعت به الأرض المذكورة، وأحرى أن تكون من غيره من أموالها الخاصة، لأنها إنما باعتها على اعتبار أنها ملك لها وفي حوزتها، والأصل بقاء ما كان على ما كان استصحابا للأصل حتى يثبت خلافه. فإذا ثبت خلاف ذلك بالأدلة الشرعية ـ بعد ما باعت الأرض على اعتبار أنها ملك لها ـ لا يحرم عليك أيضا أخذ الهدية منها إن شاء الله تعالى، وحق الغير يصبح متعلقا بذمتها هي بعد ثبوته عليها دون غيرها.
وكذلك لا مانع من استقبال المكالمات من الهاتف المشترى من ثمنها أو استخذامه في الإرسال.
واعتبار ذلك سدا لذريعة الحرام لا معنى له لأن القائلين بسد الذرائع من أهل العلم لم يجيزوا التوسع في سدها لأن ذلك يؤدي إلى التشدد والتنطع والحرج في الدين.
والله تعالى يقول: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج: 78} ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: هلك المتنطعون. رواه مسلم وغيره.
ويمثلون لذلك بمنع زراعة العنب لئلا تعصر خمرا، أو منع طعام الكفار خشية أن يكون فيه ميتة أو لحم خنزير.
ولهذا، فإن الامتناع من قبول هدية الأم أو الكلام بالهاتف خشية أن تكون الأرض التي باعت ليست لها أو الهاتف من ثمنها لا اعتبار له شرعا فهو من الذرائع الملغية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1426(12/5179)
الاشتراط في الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[قام والد زميل لي بإعطاء ابنه مبلغ 2000 دينار على أن يقوم الابن بشراء بيت, وسامح الوالد الابن بالمبلغ على أساس شراء البيت, وتوفي الوالد بعد فترة ولكن الابن لم يشتر البيت ولكنه اشترى سيارة بدل البيت، سؤالي هو: هل المبلغ الذي أخذه الابن والمسامح به من والده يعتبر ملكا للابن، وهل يجوز التصرف به بأي شيء يريده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الوالد قد وهب الهبة المذكورة لابنه وتمت حيازتها من طرفه قبل احتضار والده أو إصابته بما يمنع التصرف، فإن الهبة صحيحة، ولو قال له اشتر بها بيتاً على سبيل الإرشاد فإن له أن يشتري بها بيتاً أو غيره لأنها أصبحت ملكاً له بالهبة الصحيحة.
أما إذا لم تتم الحيازة من الولد قبل ما ذكرنا، أو كان الوالد قد اشترط في الهبة أن يشتري بها البيت وإلا رجعت إليه ففي هذه الحالة فإن المال يرجع إلى عموم تركة أبيه ليوزع على الورثة.
فقد روى مالك في الموطأ: أن أبا بكر رضي الله عنه وهب لابنته عائشة عشرين وسقا من ماله بالغابة فلم تقبضها حتى حضرته الوفاة، فقال لها: يا بنية والله ما من الناس أحد أحب إلي غنى بعدي منك وأني كنت قد نحلت جذاذ عشرين وسقا فلو كنت جذذتيه واحترزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1426(12/5180)
لا تتم الهبة إلا بالحيازة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند زواجي اشترى لي والدي شقة بقرض تعاوني سدد هو مقدم الشقة وأسدد أنا باقي الأقساط وحتى الآن, توفي والدي رحمة الله عليه وتم توزيع الميراث حسب الشريعة بيني وبين أختي وأمي ولم ندخل الشقة فى حساب الميراث, وذلك لأن الشقة هي لزواجي من أبي وذلك ما قالتة لي أمي ولم يحدث أي خلاف بيننا على ذلك، وقد قمت مؤخرا بنقل ملكية الشقة باسمي بعد تنازل أختي وأمي عن حقهما فى الشقة أمام الجهة المختصة بذلك، السؤال: ما هو رأي الدين فى عدم دخول الشقة ضمن الميراث، وهل هذا حلال أم حرام، وإن كان حراما كيف لي أن أصححه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر -حسب ما يبدو من السؤال- أن الشقة المذكورة خاصة بك لأن والدك اشتراها لك بمناسبة الزواج وهي مناسبة تستدعي المساعدة عادة، ولم يذكر في السؤال أنه علق ذلك بموته بحيث تكون وصية لوارث.
وإقرار الأم بخصوصيتها لك وعدم مطالبة بعض الورثة بإدخالها في التركة يدل أيضاً على أن والدك وهبها لك هبة تامة في حياته، وعلى ذلك فإن كنت قد حزت الشقة حيازة تامة قبل موت أبيك فإنها من حقك دون غيرك.
أما إذا لم تتم حيازتها إلا بعد وفاته فإن الهبة لم تتم وتكون الشقة ضمن التركة إلا إذا تنازل عنها بقية الورثة برضاهم وكانوا رشداء بالغين، فقد روى مالك في الموطأ: أن أبا بكر رضي الله عنه وهب لابنته عائشة عشرين وسقا ولم تقبضها حتى حضرته الوفاة فقال لها: والله يا بنية ما من أحد من الناس أحب إلي غني بعدي منك وإني كنت قد نحلتك عشرين وسقا فلو كنت جذذتيه واحترزتيه كان لك وإنما هو اليوم مال وارث.. .
وقال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة.
وعلى احتمال أنها تمت حيازتها في حياة والدك فلا إشكال، أما إذا لم تتم حيازتها إلا بعد موته فإنها تعتبر تركة ترجع إلى عموم التركة، وما دفعت أنت فيها من الأقساط يرد لك من عموم التركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1426(12/5181)
حكم استلام المنحة قبل التاريخ المحدد لمنحها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أتلقى منحة دراسية بواسطة قسيمات أعطيت لنا من طرف المسؤولين وعلى كل قسيمة يشار إلى التاريخ الذي يجب فيه تسلم المنحة، مع العلم بأنهم كتبوا على كل قسيمة ملاحظة بضرورة تسلم المنحة في التاريخ المشار إليه، المسؤولون موجودون في العاصمة ويكلفون مسؤولا في كل مدينة بتوزيع المنح، المسؤول في مدينتي قرر إعطاء المنح في بداية الشهر بغض النظر عن التاريخ
وذلك مراعاة لحال الطلبة، فمادا أفعل الرجاء الإجابة بسرعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الجهات المانحة قد حددت هذه التواريخ لأغراض معتبرة شرعاً، فلا يجوز تعجيل المنح عن تلك الآجال التي حددتها تلك الجهات، لأن نصوص الشرع قد دلت على وجوب الالتزام بشرط الواهب والواقف إذا كان لا يخالف الشرع، قال خليل بن إسحاق المالكي: واتبع شرطه إن جاز.
وإن لم تكن قد حددت هذه التواريخ لأغراض معتبرة شرعاً، مثل أن يكون الأمر مجرد روتين لم تراع فيه مصلحة الطلاب، ولا ضرر على الجهة المانحة في تأخيرها، فلا مانع حينئذ من تعجيل تلك المنح عما حدد لها تبعاً للمصلحة، وكذلك إذا خول مسؤول التوزيع بذلك حيث رأى المصلحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1426(12/5182)
من وهب مالا لمريض لإجراء عملية فمات قبل إجرائها
[السُّؤَالُ]
ـ[أحسن الله إليكم وعفا عنكم، يا شيخ عندي سؤال مهم ومستعجل إذا تفضلتم، كان لي قريب مريض ومحتاج لمبلغ كبير من المال لإجراء عملية جراحية على القلب، قمت أنا وأخ لي بجمع مبلغ من المحسنين لهذه الغاية، بعضهم صرح وقال خذ هذا المال لصالح فلان، والباقي لم يشترط منهم أحد إعادة المال في حالة لم تتم العملية.
1- هل يصير المال المحصل في ملكية المريض مباشرة بعد تسلمه، فقد تُوفي رحمه الله قبل إجراء العملية والمال بقي عندنا، فقمنا لأجل براءة الذمة باستشارة أغلب المساهمين حول المال، فبعضهم قال خذ حصتي وأعطها لأرملة الفقيد وبنته اليتيمة، وبعضهم قال أعطوا المال لأسرة الفقيد، والبعض قال استعينو بالمال لأجل مصاريف الدفن و ... ألخ.
2- فهل من حقنا أن نستشير المساهمين أم هل يجب علينا ذلك، أم أن المال أصبح في ملكية الميت ولا حق لهم فيه؟
3- وهل يلحق المال بالتركة ويوزع على الورثة بشرع الله، والميت له أب وبنت وزوجة وأخ وأخوات، فكم نصيب كل واحد في هذه الحالة.
4- أم هل نوزع المبلغ على حسب رغبة كل مساهم ... نصيب كل واحد يوجه إلى الوجهة التي أراد ... وفي هذه الحالة كيف نصنع بالأموال التي أصحابها مجهولون أو لا نستطيع الاتصال بهم ... نحن محتارون والمال أمانة في أعناقنا فنرجوكم أن تجيبونا عن الأسئلة؟ ونسأل الله أن يلهمكم السداد، ويجزيكم خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المال المذكور يعتبر تركة لورثة الميت الموهوب له، فيوزع عليهم جميعاً كل حسب نصيبه المقدر في كتاب الله تعالى، ولا يحق للزوجة والبنت أخذه دون غيرهما من الورثة إلا إذا تنازل لهم بقية الورثة عن نصيبهم بطيب أنفسهم وكانوا رشداء بالغين، وأهلاً للتصرف.
قال مالك في الموطأ: من أعطى عطية لا يريد ثوابها ثم مات المعطَى فورثته بمنزلته. وهو ما درج عليه ابن أبي زيد المالكي في الرسالة حيث قال: ولو مات الموهوب له كان للورثة القيام فيها على الواهب.
وعلى ذلك فلا دخل للمحسنين في هذا المال لأنهم وهبوا هبة تامة، وأصبح المال خارج ملكهم، هذا هو الأصل إلا إذا كانوا خصصوا المال بالعلاج دون غيره، واشترطوا أنه إذا لم يصرف في العلاج يعود إليهم، أو خصوا به الموهوب دون غيره، فلهم الحق فيه بالرجوع أو الهبة لشخص آخر من ورثة الميت أو من غيرهم، قال النفراوي المالكي في شرح الرسالة: ... إلا إذا كان الواهب خص بها الموهوب له بعينه بأن قال: هي لفلان دون غيره ودون ورثته ... فإنها تبطل بموت الموهوب له.
وفي هذه الحالة: فمن خص منهم الزوجة والبنت فإن ذلك يكون في نصيبه دون غيره، وهذا نعني حق الرجوع للواهبين ما لم يكن الموهوب له قد وكل الجامعين لهذا المال بالقبض عنه فإنهم حينئذ يقومون مقامه، وليس للواهب الرجوع في هبته بعد قبض الموهوب له للهبة بإذنه، وعلى اعتبار أن المال تركة -وهو الأصل كما أشرنا- فإنه يصرف منه على تجهيز الميت ودفنه.... وما بقي تقضى منه ديونه ثم وصاياه إن كانت له وصية أو عليه دين -كما هو الحال في تركة كل ميت، ولا يحتاج ذلك إلى استشارة المساهمين لأن المال أصبح ملكاً للميت بتمام الهبة يستوي في ذلك من علمتم منهم ومن لم تعلموا، لأن من وهب شيئاً في هذه الحالة لا يرجع فيه عادة، وما بقي بعد ذلك يقسم على جميع الورثة كبقية ممتلكات الميت فيضم إليها.
والورثة هنا -إن كان أقارب الميت محصورين فيمن ذكرت- هم: الزوجة والبنت والأب، ولا شيء للإخوة لأنهم محجوبون بالأب، وتفصيل ذلك أن للزوجة الثمن فرضا لوجود الفرع الوارث، لقول الله تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم {النساء:12} ، وللبنت النصف فرضا لانفرادها، قال الله تعالى: وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ {النساء:11} ، وما بقي بعد فرض الزوجة والبنت فللأب بالفرض والتعصيب، وعلى ذلك فالمسألة من أربعة وعشرين، للزوجة ثمنها ثلاثة، وللبنت نصفها اثنا عشر، وللأب سدسها فرضاً أربعة، والباقي وهو خمسة للأب أيضاً تعصيباً.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1426(12/5183)
من أحكام الهبة الصورية
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع: امرأة تنازلت تنازلا شرعيا ورسميا لابن أختها عن قطعة أرض من أجل إنقاذها من التخصيص (وهو تخصيص قامت به الدولة لأراضي الناس لبعض المستحقين بدون تعويض أصحاب الأرض) لأن قوانين البلد لا تسمح لابنها الوحيد بامتلاك أكثر من قطعة أرض واحدة ومع ذلك تم تخصيصها من قبل الدولة لشخص آخر، ولم يتمكن ابن أختها رغم حاجته من الحصول عليها أثناء حياتها، وبعد عشر سنوات ماتت هذه المرأة ولم يتمكن ابن أختها من استرجاع قطعة الأرض، إلا بعد وفاتها بخمس عشر سنة، إذ استجاب المستفيد من قطعة الأرض بدفع تعويض مالي بسيط مقابل أن يتم له التنازل على قطعة الأرض هذه ... فقبل صاحب الأرض (ابن الأخت) بذلك ... وتحصّل على مبلغ مالي من (المستفيد) ... ولكن بعد أيام من هذا البيع جاء ابنها وطالب ابن خالته بالمبلغ المذكور ... بحكم أن أمه تنازلت له مضطرة ... وعندما رفض ابن الخالة ذلك، وأصر على اللجوء للشرع ليبت في هذه القضية، رفض ابن المرأة المتنازلة ذلك وأصر أن المال من حقه ... علما أن ابن خالته هذا كان دائما يسعى في استرداد هذه الأرض أو الحصول على تعويض فيها، ولم يتدخل ابن المرأة المتنازلة في أي شيء إلا بعد سماعه بالتعويض ...
السؤال: من أحق بالتعويض ... ابن المرأة المتنازلة؟ أم الرجل الذي تنازلت له خالته؟
... ... أفيدونا أفادكم الله، كاتب التنازل أخ المرأة وشاهداه ابنها ووالد الشخص المتنازل له، أرجو الرد كتابة (حتى يتسنى للجميع الاطلاع عليه) ولا مانع أيضا من أن يكون مشافهة إلى جانب الكتابة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من قرائن الأحوال ـ حسب السؤال ـ أن ابن أخت المرأة الواهبة هو الذي يستحق التعويض، لأنها تنازلت تنازلا شرعيا ورسميا وخلت بين الهبة والموهوب له وبذلك تتم حيازة الأراضي وما شابهها، وعدم اهتمامها واهتمام ابنها بالموضوع في فترة حياتها وما بعدها يوحي بأنه لا شأن لهما بها. ومتابعة ابن أختها للموضوع في حياتها وما بعدها يعني أنها وهبت له هبة حقيقية، إلا إذا كان هناك استرعاء من طرفها أو دليل بأن الهبة صورية وأنها تريد تسجيلها باسم ابن اختها في الظاهر عند الجهات الرسمية حتى لا تصادرها الحكومة مع احتفاظها بالملكية في نفس الأمر.
جاء في الموسوعة الفقهية نقلا عن غير واحد من أهل العلم: إذا خاف شخص أن يأخذ آخر ماله ظلما جاز له الإقرار صورة بما يدفع الظلم ويحفظ المال لصاحبه. وجاء مثل هذا في المواق عن الإمام مالك ـ رحمه الله تعالى. فإن كانت المرأة قالت للحكومة هذه القطعة لابن أختي وأشهدت ولو سراً على أن الهبة صورية ... فإن القطعة أو ثمنها يرجع لورثة المرأة المذكورة. ويبقى لابن أختها حقه في التعويض عن الجهود التي بذلها في الحصول على القطعة أو التعويض عنها. وهذا كله على افتراض أن تلك المرأة قد ملكت تلك الأرض ملكا شرعيا قبل مصادرة الدولة لها.
ثم إننا ننصح هذا الذي أخذ ملك الغير بقهر الحكومة واغتصاب ممتلكات الناس أن يتقي الله تعالى ويرد ما أخذه إلى أهله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من ظلم قيد شبر من أرض طوقه من سبع أرضين. متفق عليه. وظلم الدولة أشد تحريما لأنها المسؤولة عن ممتلكات الناس والعدل بينهم. ونرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 52720.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1426(12/5184)
لا يجوز للأب الرجوع فيما وهبه لابنه بعد موت الابن
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل وعد ابنه بغرفتين من بيته، وبعد مدة طلق الابن زوجته مما دعاها أن تأخذ أبناءها وترحل وتحرم زوجها من رؤية أبنائه سنوات، وبعدها توفي الابن فجاء الأب ليعطي الغرفتين لابن آخر من أبنائه، لكن الزوجة علمت بذلك مما دعاها للعودة والمطالبة بالغرفتين على اعتبار أنهم الورثة، فهل يحق للأب أن يسحب وعده لابنه بعد وفاته ويتصرف بالغرفتين بإعطائها لابن آخر من أبنائه، وهل ترث المرأة أو أبناؤها شيئاً من ذلك، أجيبونا بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما حصل من الأب هو مجرد وعد لابنه بالغرفتين ولم يتم تنفيذ ذلك الوعد، فإن هذا لا يعتبر هبة لأن من شروط الهبة رفع الواهب يده عن الهبة وحيازتها من الموهوب له حيازة تامة، قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة.
أما إذا كانت الهبة تمت بشروطها في حياة الابن بحيث رفع الأب يده عنهما وسكن فيهما الابن أو تصرف فيهما تصرف المالك في ملكه فإن الهبة ماضية، ولا يحق للأب الرجوع فيما وهبه لابنه بعد موت الابن، فقد قال صاحب مسالك الدلالة على الرسالة: يعتصر الوالد ما وهب لابنه ما لم يداين الناس أو ينكح أو يموت ابنه. وهو ما درج عليه ابن عاصم في التحفة حيث قال: ولا اعتصار بعد موت أو مرض ...
وعلى هذا.. فإذا كانت الهبة تمت فإن ورثة الابن هم الأحق بالغرفتين، ولا يحق للوالد الرجوع فيهما، وورثة الابن في هذه الحالة هم أبناؤه وأبوه وأمه إن كانت على قيد الحياة، وأما المرأة التي كانت زوجة لهذا المتوفى فلا حق لها في التركة لأنها قد طلقت وانقضت عدتها، وإذا كانت الهبة مجرد وعد فإن للوالد الحق في التصرف فيهما لأنهما لم يخرجا عن ملكه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1426(12/5185)
حكم الهدية لأجل تقدير جهود الموظف
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: رجل من أهل الكتاب يعمل كطبيب في إحدى المستشفيات الحكومية المجانية فهو يعمل بجد وإخلاص ويقدم لي العون والمساعده من دون أي مقابل فهو مجبور بذلك، فهل يجوز لي إعطاؤه هديه مقابل ذلك والله يعلم أني لا أقصد بها شيئا كرشوة أو غيرها ليقدم لي المساعدة، إنما جزاء له وهو أيضا يعلم الكثير عن الإسلام، وبإعطائه الهديه يمكن أن يرق قلبه للواحد الأحد ويعتنق الإسلام، أفيدوني أفادكم الله؟ وجزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فرق أهل العلم بين الهدية والرشوة، فالهدية المحرمة التي تعتبر رشوة هي ما يهدى لإبطال حق أو لإحقاق باطل ... وهي من كبائر الذنوب، وهي التي جاء فيها قول النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله الراشي والمرتشي. وفي رواية: والرائش. وهو الوسيط بينهما، والحديث رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن وصححه الألباني.
وأما الهدية فإنها مستحبة ومرغب فيها شرعاً، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. رواه مالك في الموطأ.
وعلى هذا فإن كان إهداؤك للرجل المذكور ليس لإبطال حق أو إحقاق باطل ... وإنما تقديراً لجهوده وترغيبه في الإسلام ... فنرجو ألا يكون بذلك بأس إن شاء الله تعالى، بل ربما يكون في الهدية له تأليف لقلبه واستمالته إلى الإسلام والمسلمين فيكون في ذلك من الأجر والخير ما لا يخفى.
وفي هذه الحالة يكون هذا النوع من الهدية مما رغب فيه الشرع وحث عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وللمزيد من التفصيل عن الفرق بين الهدية والرشوة نرجو الاطلاع على الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 5794، 8043، 26803.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1426(12/5186)
الهبة للأولاد في مرض الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[قام جدي بتوزيع ميراثه على أولاده قبل وفاته إلا أنه لم يعط بناته حقهن كاملا، حيث أعطى كل ابن ذكر ثلاثة أفدنة ولم يعط كل بنت سوى نصف فدان ومات جدي منذ أكثر من خمسين عاما ومات معظم أعمامي وتوزع الميراث على أكثر من أربعين فردا من أولاد أعمامي فما هو الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قيام جدك بتوزيع ماله على النحو الذي ذكرت هبة، فإن كان في مرضه الذي مات فيه فإن الهبة في هذه الحالة تأخذ حكم الوصية، والوصية لا تصح لوارث ولا تمضي إلا إذا أجازها الورثة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث. وفي رواية: إلا أن يشاء الورثة. رواه أصحاب السنن.
فإذا رضي أصحاب الحق بالتنازل عن حقهم بطيب أنفسهم وكانوا رشداء بالغين أهلا للتصرف فلا مانع من ذلك.
أما إذا كان قام بذلك في حال صحته وأهليته للتصرف، وحازه الموهوب لهم، فإن ذلك يعتبر تفضيلا لبعض الأبناء على بعض، وهذا لا يجوز أيضا على الراجح من أقوال أهل العلم في المسألة، لحديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما المشهور في الصحيحين وغيرهما، ولما رواه الطبراني والبيهقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء.
ولهذا فإن على أبناء أعمامك أيضا أن يردوا ما زاد على نصيب آبائهم إلى مستحقيه من العمات أو ورثتهن، فإذا رضي أصحاب الحق بالتنازل عنه وكانو أهلا لذلك فلا مانع شرعا، وجمهور أهل العلم يقولون باستحباب العدل بين الأولاد في العطية والهبة لا بوجوبه.
وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 8147.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1426(12/5187)
الهبة لا تبطل بالشرط الفاسد
[السُّؤَالُ]
ـ[تعطي الجامعة هنا بكندا إعانات للطلبة تتمثل في قرض مصاحب بمنحة, أي ضروري أخذ القرض إذا أراد الطالب الانتفاع بالمنحة, شريطة أن يعيد مال القرض فقط (لا المنحة) فورا إثر نهاية الدراسة وإذا تجاوز السنة بعد إتمام الدراسة ولم يُعِد الطالب المال , أضيفت الفوائد , لكن هل من الممكن الانتفاع بالمنحة وإعادة مال القرض فور تسلمه (أي عدم استعمال مال القرض وإعادته سريعا لتجنب الفوائد , وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت وكنت متيقنا من إمكان رد القرض الربوي بعد تسلمه فورا لتستفيد من الهبة مع تجنب الوقوع في الربا، فيجوز لك إجراء تلك المعاملة، وتصح الهبة ويبطل القرض لأنه شرط فاسد لمخالفته مقتضى الشرع، وراجع الفتوى رقم: 57190.
قال ابن نجيم في الأشباه والنظائر: ومنها الهبة وهي لا تبطل بالشرط الفاسد. اهـ.
وقال صاحب كنز الدقائق: وما لا يبطل بالشرط الفاسد القرض والهبة و ... اهـ.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 54909، 52051، 49776.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1426(12/5188)
الهبة تثبت بالحيازة
[السُّؤَالُ]
ـ[اشترى لي أبي شقة ودفع فيها مبلغا من المال كمقدم وتبقى مبلغ أقوم بتسديده حتى الآن وكتبت الشقة باسم والدي لكونها تابعة للعمل الذي كان يعمل فيه والدي وقد اعتبرت أنا أن هذه الشقة سكن لي ولأولادي من بعدي.
وبعد وفاة والدي رحمة الله بحوالي عشر سنوات من تاريخ شراء الشقة تم توزيع الميراث على حسب شريعة الله سبحانه وتعالى وعلى حسب ما أوصى به أبي رحمه الله من وصية وعندها لم يتم إدخال هذه الشقة في الميراث , وذلك حسبما قالت لي أمي إن هذه الشقة لك من أبيك في حياته لتتمكن من الزواج كما هي الحال مع أختي التي أحضر لها أبي كل ما تحتاجه في بيتها من أثاث. ما اريد أن اسأل عنه ما الحكم في هذه الشقة فأنا أشعر أنه يجب علي أن يتم تقسيم هذه الشقة على حسب الشريعة أيضا ولكنى لا يمكننى حساب ما يخص أختى وأمي منها علما بأنني أعلم ما قد دفعه أبي رحمه الله كمقدم للشراء وأعلم ما ينبغي لي سداده وما سددته كأقساط.
وجزاكم الله خير الجزاء. ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الشقة التي اشتراها لك أبوك قد وهبها لك في حال حياته ورشده وكمال عقله ودخلت في ملكك في تلك الحال، وتم امتلاكك لها، فإنها تكون هبة صحيحة. وأما إذا لم تحز حال صحة الواهب فإنها تبطل. روت عائشة رضي الله عنها: أن أبا بكر رضي الله عنه نحلها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما مرض قال: يا بنية، كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا، ولو كنت حزتيه أو قبضتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث، فاقتسموه على كتاب الله. أخرجه مالك في الموطأ.
فإن لم تكن قد حزت هذه الشقة إلى ملكك حتى مات والدك فإنها تكون تركة كغيرها، إلا إذا تنازل لك بقية الورثة عن نصيبهم من الشقة. والذي تستحقه أنت في حالة عدم تنازلهم هو ما ثبت أنك دفعته من ثمن الشقة، أو ما اعترف به الورثة منه إن لم تكن ثمت بينة به. ولكن الأولى في مثل هذه الحالة مراجعة المحاكم الشرعية لمعرفة تفاصيل المسألة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1426(12/5189)
هبة العقار إلى الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[تمتلك زوجتي بيت سكن ولها ابنتان قاصرتان في السن وتريد أن تهبه إليهما بطريقة تضمن لها أن تسكن معهما ولا تتعرض للطرد لا سمح الله بعد أن يكبرا.. ونظرا لأنه ليس لديها ولد فإن إخوانها وأخواتها سيشاركون هاتين الطفلتين في الميراث وهي لا تريد ذلك لأن ابنتيها في أمس الحاجة بينما أخواتها ليسوا في مثل حاجتها.. فماذا تعمل بحيث تحفظ لهاتين اليتيمتين حقهما دون مشاركة من أحد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع شرعا أن يهب الإنسان لابنه هبة، وتصح منه وتلزم إن وقعت في حال الصحة وحازها الموهوب له الحوز الشرعي، ولا يضر بقاء الموهوب تحت يد الواهب إذا كان الموهوب له صغيرا وكان الواهب وصيا على الموهوب له كما في ميارة وهو أحد كتب الفقه المالكي نقلا عن الجواهر أن ابن وهب رحمه الله روى أن أبا بكر وعثمان وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم قالوا: لا تجوز صدقة ولا عطية، إلا بحوز إلا لصغير من ولد المتصدق، فإن أباه يحوزه له.
واستثنى بعض العلماء من ذلك بيت السكنى فقالوا لا يكفي في صحة هبته للوالد حيازته من الأب أو الأم، بل لا بد من خروجه عنه وإخلائه من أثاثه، ولا يعود إليه ولو بكراء إلا بعد مضي سنة ليتحقق الحوز ويتم رفع اليد.
قال ميارة: أما هذا فلا يكفي في صحة هبته للولد حيازته من الأب الواهب له والإشهاد على ذلك، بل لا بد مع ذلك من خروجه منها وإخلائها من أثاثه.
وقال أيضا في الإتقان والأحكام في شرح تحفة الحكام: وفي المتيطية إذا تصدق الرجل على ابنه الذي في حجره بدار يسكنها الأب فلا بد من إخلائها من نفسه وثقله وأهله وتعاينها البينة خالية فارغة من أثقالها، ويكريها الأب للابن من غيره، فإن مضت سنة فلا بأس بعودة الأب لها إلى سكناها.. إلى آخر كلامه.
ونفس الكلام ينطبق على الأم، وعليه، فإذا أردت أن تهبي البيت لبناتك هبة صحيحة فإنه لا بد أن ترفعي يدك عنه، ولا بد من إخلائه من متاعك والإشهاد على تمليكه لهن، ويغني عن الإشهاد التوثيق عند الجهات المختصة.
وإذا كنت تخشين أن تتعرضي للطرد بعد أن يكبرا فلك أن تهبي لهن البيت كله وتخليه وتشهدي على ذلك وتستثني منه حجرة تسكنينها وتكون هذه الحجرة تركة بعد وفاتك.
كما ننبه على أنه لا يجوز للمسلم الإضرار بالورثة وحرمان بعضهم، وللاستزادة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 27901.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1426(12/5190)
رجوع الزوجة فيما وهبته لزوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة من رجل مصري للأسف زواجا عرفيا بسبب أننا نعيش في بريطانيا ولا يسمح لنا الزواج الإسلامي الشرعي إلا أن يكون من قبل السلطات والذي منه فلذلك لجأنا للزواج العرفي وهو ما كان وهما بعد أن حملت السنة الماضية وأقنعني بأن أتخلص من الجنين وبالفعل تخلصت منه والآن أنا حامل للمرة الثانية ويطلب مني أن أجهض وأنا مصممة أن أتمسك به مهما حصل المشكلة أنني للأسف اكتشفت أنه كان لا يريدني أنا زوجة بل كان يريد النقود التي معي وقد أخذ جميع ما أملك والآن يطالبني بالإجهاض أرجو أعطائي النصيحة على الرغم من أنني متمسكة بهذا الطفل وأيضا متمسكة بنقودي التي أخذها وللأسف أنا أعيش لوحدي ولا يوجد أحد من عائلتي معي هنا في الغربة.
جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤال الأخت على عدد من المسائل أولها: ما يسمى بالزواج العرفي، فإن كان المقصود منه ما اشتمل على أركان وشروط النكاح الشرعي، لكنه لم يسجل في المحكمة وبطريقة رسمية فهو زواج صحيح. وإن كان المقصود منه أن يقوم الرجل والمرأة بإجراء عقد بينهما دون وجود ولي ولا شهود فهذا ليس زواجا شرعيا، بل هو زنا. ثاينا مسألة الإجهاض وقد تقدم حكمها في الفتوى رقم: 5920. وعليه فإن لم يكن الزواج صحيحا بالشروط السابقة فعليها مفارقة هذا الرجل فورا، أو إجراء عقد جديد مستوفي الشروط، والتوبة إلى الله من هذه العلاقة غير الشرعية التي جمعتها بهذا الرجل. وعليها التوبة إلى الله من الإجهاض السابق وعدم تكرار هذا الفعل. وننصحها أن يكون معها زوج أو ذو محرم، وأن لا تبقى في بلاد الغربة وحدها لما فيه من خطر عظيم عليها. وأما ما أخذه هذا الرجل من مالها إن كان أخذه منها بطريق الاحتيال أو الغصب أو القرض فلها المطالبة به، ويجب عليه رده إليها، فإن لم يفعل فيبقى في ذمته لها، وإن لم تستوفه منه في الدنيا فستأخذه من حسناته يوم القيامة، أما إذا كانت وهبته إياه برضاها ففي رجوعها عليه خلاف. فمذهب الجمهور الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عن أحمد أنه ليس لها الرجوع، وفي رواية عن أحمد أن لها الرجوع بما أعطته من مالها. وفي رواية ثالثة عن أحمد أن لها الرجوع في حال سألها هذا المال وهي الأصح في مذهب أحمد. قال ابن قدامة في المغني: أما هبة المرأة لزوجها، فعن أحمد فيه روايتان إحداهما: لا رجوع لها فيها. وهذا قول مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي. والثانية، لها الرجوع. قال الأثرم: سمعت أحمد يسأل عن المرأة تهب، ثم ترجع، فرأيته يجعل النساء غير الرجال. وذكر حديث عمر: إن النساء يعطين أزواجهن رغبة ورهبة، فأيما امرأة أعطت زوجها شيئا، ثم أرادت أن تعتصره، فهي أحق به. رواه الأثرم بإسناده. وعن أحمد رواية أخرى ثالثة، نقلها أبو طالب، إذا وهبت له مهرها، فإن كان سألها ذلك، رده إليها، رضيت أو كرهت، لأنها لا تهب إلا مخافة غضبه، أو إضرار بها بأن يتزوج عليها. وإن لم يكن سألها وتبرعت به فهو جائز. فظاهر هذه الرواية أنه متى كانت مع الهبة قرينة، من مسألته لها، أو غضبه عليها، أو ما يدل على خوفها منه، فلها الرجوع، لأن شاهد الحال يدل على أنها لم تطب به نفسها، وإنما أباحه الله تعالى عند طيب نفسها، بقوله تعالى: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً {النساء: 4} .انتهى مختصرا. قال في الإنصاف: وترجع المرأة فيما وهبت لزوجها بمسألته. على الأصح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1426(12/5191)
الأحق بالهبة الحكومية عند إنجاب الأسرة مولودا
[السُّؤَالُ]
ـ[المعروف أنه لا يحق للرجل أخذ مال زوجته. وهناك شيء يسمى بـ \\\"حق الأم\\\" وهو عبارة عن مبلغ مالي تعطيه حكومة بلدي عند إنجاب أي مولود تشجيعا لازدياد سكانها. هل يجوز أخذه وهل هو حق للأم أم للأب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في قبول تلك العطايا الممنوحة من تلك الدولة، ويدخل ذلك ضمن الهبات التي يجوز للمسلم أخذها وإن كانت من جهة كافرة، وانظر الفتوى رقم: 47046 والفتوى رقم: 7680.
أما من أحق بهذه الهبة هل هو الزوج أو الزوجة؟ فهذا تسأل عنه الجهة المانحة، فإن خصتها بأحدهما دون الآخر فهو أحق بها، وإن جعلتها بينهما على السوية فهي بينهما، وإن جعلتها من حق الطفل فيجب على أبيه أن يصرفها في مصلحته أي مصلحة الطفل، ولتراجع في ذلك الفتوى رقم: 31108 والفتوى رقم: 28545.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1426(12/5192)
المكافأة على الهدايا التي تقدم في المناسبات
[السُّؤَالُ]
ـ[يا فضيلة الشيخ عندي استفسار عن:
أني سيدة متزوجة وعندما جئت إلى هنا للإقامة مع زوجي من موطني الأصلي قامت زوجات أصحاب زوجي بإعطائي هدايا وما شابه ذلك وعند ولادتي في طفلي الأول البعض منهن أعطوني مبالغ نقدية قمت طبعا وبطلب من زوجي بكتابة أسمائهن والمبلغ أمام كل واحدة.المهم أنه عندما تلد واحدة منهن أو يكون عندها مناسبة
من المفروض علي أن أقوم بدوري برد ما يقابله مبلغا أو شراء مستلزمات لها المهم أن زوجي قد لا يطلب مني غير الاتصال والتهنئة وعندما أطلب منه أنه يجب علينا الذهاب للتهنئة قد يقول لي \"أنا أيضا عملت معهم هكذا وليس عليك أنت حرج أو أنهم يأتون من أجله هو أو قد يتحجج بأنهم سيكونون في أماكن بعيدة الصراحة كنت في بادئ الأمر عندما يبرر بذلك كنت أقتنع بكلامه وأسكت وأقول إنه الادري \"يعلم أكثر مني إلا من فترة وفي أكثر من مرة وجدت زوجي يذهب بنا إلى البيكنيك أو حفلة غداء حتى وإن كانت بعيدة
وكنت عندما تسألني إحداها وأنا أتحدث إلى إحداهن أبدي غضبي بسبب بعد المكان بعدما رأيت زوجي يقوم بذلك ويثور ويشكو.المهم أصبحت هكذا لفترة إلا أنني تنبهت في أحد الأيام ووسوست لي نفسي بأنه كيف لنا الذهاب وقطع مسافات بعيدة من أجل البيكنيك أو حفلة غداء ولا نذهب للتهنئة ونجامل الناس مما أدخلني هذا التصرف في إحراج حيث أشعر وكان الناس يوجهون لي هذا السؤال وخاصة هم لا يعلمون بأني قمت بتسجيل أسمائهن وأن زوجي أيضا يعرف قيمة المبلغ التي تعطيني إياه الواحدة منهن.
السؤال هو هل يعتبر هذا المال دين علي؟ وماذا أفعل مع زوجي فعندما تأتي مناسبة لفتح هذا الموضوع أقوم بمخالفة رأيه ويشتد معنا النقاش.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يقدم من هدايا ومال في بعض المناسبات كالزواج والولادة ونحوها يعتبر من باب الهدية والهبة وليس دينا هذا هو الأصل.
فلا تجعلي من هذا الموضوع السهل مصدر خلاف بينك وبين زوجك إلا في حال ما إذا جرت العادة ودلت القرائن على أن المهدين في هذه المناسبات يريدون من وراء هداياهم المكافأة عليها عند حدوث مناسبة تقتضي ذلك.
فيكون دينا حينئذ، وفي هذه الحالة حاولي إقناع زوجك بأن يرد إليهم ما قدموه لكم عند المناسبة لذلك، ولا يحق له هو أن يمنعك من مكافأة من أهدى إليه لتكافئيه ويرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 36024
والله الموفق
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1426(12/5193)
هبة الأرض لليتامى
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قطعة أرض وهبتها كاملة لغلامين يتيمين هل يلحقني إثم بوهبها لهما كاملة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بنيهما شيئا. متفق عليه. ومعنى كفالة اليتيم: القيام بأمره ومصالحه من نفقة وكسوة وتأديب وتربية وغير ذلك. والكفالة تقوم على أساسين هما: التمويل والإشراف، فمن جمع بينهما فقد جمع بين الحسنيين، ومن تولى القيام بالجانب المادي أو ساعد فيه فقد قام بالركن الأساسي من عملية الكفالة. وبناء على هذا فإنك إذا وهبت قطعة أرض ليتيم أو يتيمين فإنك تكون قد شاركت في كفالة الأيتام ولك الأجر من الله في ذلك. وهذا على تقدير أن القطعة التي وهبت ليست هي كل ما تملكه. وأما إن كنت لا تملك سواها فالأفضل أن تبقيها لنفسك لما روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير الصدقة ما كان على ظهر غني. وعلى كلا التقديرين فإنك لست آثما فيما فعلته بل أنت مأجور فيه إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1426(12/5194)
قبول هدية الموظف الذي يتاجر في المعسل
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ يشتغل موظّفا حكوميا وهو في نفس الوقت تاجر في بيع المعسّل المادة الأساسيّة للشّيشة، وقد يسّر لنا الله أن ذهبنا معا إلى الحجّ في مناسبتين, ففي المرّة الأولى وبعد أن أتممنا مناسك الحجّ قدم لي مبلغا من المال يقارب ثمن تذكرة الطائرة وأصرّ على أن آخذه ولمّا عدنا إلي البلد بادرت بإرجاعه فغضب ورفض أخذه وفي المناسبة الثانية وبعد أن اشتريت التذكرة أرسل لي إلى بيتي ثمنها وكان ذلك قبل سفرنا وتصرّفه هذا هو من باب الإكرام لي وليس من باب الصّدقة لأنّني والحمد لله ميسور الحال، فبماذا تنصحونني هل أتصدق مثلا بهذا المال عليه أو أنتظر مناسبة وأرجعه له أو لأحد أبنائه في قالب إكرام، مع العلم بأنّي أحتفظ بكامل المبلغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التجارة في المعسل حرام شرعاً لأن ما حرم أكله وشربه حرم بيعه، وقد تقدمت لنا فتاوى كثيرة في حرمة بيع الدخان والشيشة وأمثالهما، راجع ذلك في الفتوى رقم: 28589.
وأما حكم قبول هدية شخص له مال حلال وآخر حرام كحال الشخص المسؤول عن هديته، فلا مانع من قبولها، وراجع في هذا الفتوى رقم: 18867، والفتوى رقم: 32526، والفتوى رقم: 42081.
هذا ولتعلم أن الواجب عليك القيام بنصح أخيك بالكف عن المتاجرة في الدخان ومشتقاته، وفي الحديث: الدين النصيحة. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1426(12/5195)
دفع الهدية للتوظيف
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطيت شخصا هدية مقابل أن يقوم باستثنائي وتعييني في مصلحة حكومية (علماً بأن رئيس المصلحة تمنحه الدولة الحق في أن يستثني عددا معينا في كل مسابقة) هل هذا حرام. وماذا لو قام باستثنائي وعينت في هذه المصلحة دون أن أمنحه هذه الهدية.
فهل استثنائي هذا حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص الذي سيقوم باستثنائك في التعيين قد فوض إليه ذلك دون قيود أو ضوابط يلتزم بها في الاختيار، فلا مانع من دفع شيء من المال إليه نقودا أو أعيانا للحصول على هذه الوظيفة إن لم تجد سبيلا للحصول على الوظيفة إلا بذلك، والإثم حينئذ عليه لا عليك.
أما إذا كان الاختيار له ضوابط لا بد أن تتوفر في الأشخاص الذين فوض في اختيارهم وكنت أنت ممن توفرت فيهم هذه الضوابط والشروط، فلا مانع أيضا من دفع شيء إليه للحصول على الوظيفة، والإثم عليه فيما أخذ، أما إذا كنت لست أهلا لتلك الوظيفة فلا يجوز لك دفع شيء للحصول عليها لأنها حينئذ تكون رشوة محرمة.
أما إذا قام المسؤول باستثنائك دون دفع شيء إليه وكان مخولا بهذا الاستثناء كما ذكرت فلا شيء عليك ولا عليه في ذلك، إلا أن المسؤول لا يجوز له أن يستثني من لا يصلح للعمل الذي عينه فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1426(12/5196)
وهبته الشركة ثمن نصف سيارة والباقي عليه.. فهل يجوز له بيعها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أشتغل بشركة وتم الاتفاق على شراء سيارة لي للاستعمال وتسجيلها باسمي على أن تدفع الشركة المبلغ بالكامل وهو 16000 د. ل ستة عشر ألف دينار النصف من الشركة والنصف يخصم من مرتبي، ولكن بعد فترة قررت بيع السيارة بنفس الثمن هل الثمن يصبح كله ملكا لي لاستعماله في شيء آخر ولكن توجد لدي سيارة أخرى للتحرك بها في شغلي، والنقطة الثانية وهى: الشركة دفعت مبلغا ستمائة دينار للتأمين وبعد بيع السيارة استرجعت مبلغ التأمين فهل هو ملك لي، مع العلم بأن إجراءات السيارة تدفع من قبل الشركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أن الشركة تهب الموظف نصف قيمة السيارة ويقوم هو بتقسيط النصف الآخر من مرتبه، فالسيارة بهذا الاعتبار ملك للموظف، وإذا باعها فالثمن ملك له، وهنا مسألة وهي ما لو كانت الشركة تشترط في هذه الهبة أن لا يقوم الموظف ببيع السيارة، ما دام لم يسدد جميع الاقساط، فإذا كانت تشترط هذا الشرط، فإنه يلزمه الوفاء به لحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 22761.
وبالنسبة لمبلغ التأمين فهو راجع إلى ما تقدم فإذا كان من ضمن الهبة أو كان بخصم من مرتب الموظف فهو ملك له، وإلا يكن كذلك فهو ملك للشركة، هذا ولتعلم أن التأمين إذا كان تأميناً تجارياً فإنه حرام، وليس للمؤمن إلا ما دفع، وراجع في هذا الفتوى رقم: 30085.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1426(12/5197)
أفضل هدية تقدم للأم
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أردت إهداء أمي هدية ماذا سأهدي لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك أن تتخيري أحب الهدايا إلى أمك وما يدخل السرور إلى قلبها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم. رواه الطبراني في الأوسط، وهو حديث حسن كما قال الألباني.
ويمكنك أن تسألي أمك عما تتمنى الحصول عليه، وقدميه لها هدية، إن كان ذلك في استطاعتك، وهذا يختلف باختلاف حالتك المادية من يسر أو غيره، وخير ما يقدم لها دعوة صالحة في ظهر الغيب، قال الله تعالى: وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:24} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1426(12/5198)
لا تشترط موافقة الإخوة لمن وهب لأولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنجبت أربع بنات فقط كتبت لهم أرضي بموافقة إخوتي ثم توفي إخوتي ولهم أبناء، هل يجوز لأبناء إخوتي المطالبة بأي حق في الأرض التي كتبتها لبناتي؟ وما شرعية ذلك؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما قد كتبته للبنات إن كان على سبيل العطية والهبة فقد ملكنه إذا تم حوزهن له في حياتك ومضي تصرفك الحوز الشرعي ولو بالوكالة كأن تحوزه أنت لهن إذا كن غير بالغات رشيدات. ولا يشترط في ذلك إذن الإخوة ولا أبنائهم من بعدهم، ولا حق لهم في المطالبة به. وإن كان على سبيل الوصية به بعد الموت فلا يصح، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. حديث صحيح أخرجه أصحاب السنن وغيرهم.
والعطية للأولاد جائزة شريطة العدل بينهم؛ لما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: إن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأرجعه. وعند النسائي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا أشهد على شيء، أليس يسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى قال: فلا إذاً. صححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1426(12/5199)
ارتجاع الأم ما وهبته لولدها
[السُّؤَالُ]
ـ[كتبت لنا أمي قطعتين من الأرض بيعا أنا وأخي أشهدت على نفسها أنها حازت المال أمام العدولين، ولما وقع سوء تفاهم بيني وبين هذا الأخ حرضها علي فقدمت بي شكاية إلى المحكمة مدعية أني كتبت عنها هذه القطعة زورا، وأنها تركت عندي أمانة تقدر بثلاثة ملايين فرنك ولما ألغت المحكمة دعوتها رفضت أن تكلمني وأن تأخذ ما أشتريه لها ولو أضحية العيد فهدفها هو إرجاع القطعة الأرضية لها وأن تعطيها لأخي وهذا ما لا أسمح به، فهل أخاف من عقوقها؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان البيع المكتوب في الوثيقة بيعا حقيقياً فليس لأمك الحق في المطالبة بإرجاعه إلا بالإقالة.
وأما إن كان بيعاً صوريا قصدت به الأم تثبيت القطعتين لابنيها، فإن كان لها غيرهما من الأبناء فإن الهبة لا تصح -على القول الراجح من أقوال أهل العلم في المسألة- إلا إذا أعطت لغيرهما مقابل تلك الهبة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 28381.
وعلى هذا.. فإذا كانت الهبة صحيحة بحيث لا يكون فيها تفضيل بعض الأبناء على بعض فلا يحق لأمك الرجوع فيها إلا على سبيل الاعتصار: وهو ارتجاع الوالدين ما وهباه لأولادهما بقصد المحبة.
ولا يصح الاعتصار من الأبوين إذا تغير حال الولد بتزويج أو خطبة أو تحمل دين أو حتياج ... قال ابن عاصم المالكي في التحفة:
ولا اعتصارَ بعد موت أو مرض * له أو النكاحِ أو دين عرض
وفقرُ موهوب له ما كانا * لمنع الاعتصار قد أبانا
ومحل جواز الاعتصار هو ما إذا كان لغرض شرعي أو عادي، أما إذا كان بقصد انتزاعه من أحد الأبناء وإعطائه لآخر فهذا لا يجوز لما فيه من تأثير بعض الأبناء على بعض، وقد سبق بيان حكمه، ولما فيه أيضاً من إثارة الشحناء والبغضاء بينهم، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 48686.
والواجب عليك هو بر أمك والإحسان إليها، ومحاولة إرضائها بكل وسيلة ممكنة ليس عليك فيها ضرر أو ظلم أو إجحاف، فقد روى النسائي وغيره: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك؟ فقال: هل لك من أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1426(12/5200)
تخصيص الابناء بالعطية وحرمان البنات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا قسم الأب ما لديه من أرض على أبنائه الذكور دون الإناث وهن متزوجات ثم توفي يجب على الأبناء الذكور أن يعطوا أخواتهم الإناث من الأرض لكي يكفر عما فعله الأب في القسمة في حالة أنه حرام.... وهل هذا حرام يقع على الأب وهل يعتبر هذا هبة لأبنائه الذكور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان قصد السائل الكريم أن الأب المذكور خص أبناءه بالأرض دون مقابل لبناته فهذا لا يجوز على الراجح من أقوال أهل العلم، ويعتبر مردودا لا يجوز تنفيذه، وذلك لما في الصحيحين وغيرهما عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن أباه خصه بعطية دون إخوانه فأرادت أمه أن يشهد على ذلك عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. قال: فرجع أبي فرد تلك الصدقة. وفي رواية: فإني لا أشهد على جور.
وروى الطبراني في الكبير والبيهقي في السنن عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء.
وعلى هذا، فإن على أبناء هذا الرجل أن يدفعوا للبنات (أخواتهم) نصيبهن من الأرض التي خصهم بها أبوهم، ونصيب كل واحدة منهن نصف نصيب الذكر.
وإذا فعلوا ذلك فنرجو أن يكون كفارة للخطأ الذي وقع من أبيهم.
وإذا تنازل البنات عن نصيبهن بطيب أنفسهن وكن بالغات رشيدات فلا مانع من ذلك شرعا.
وعلى الجميع أن يستغفروا لأبيهم ويدعو له بالرحمة والغفران، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: وذكر منها ولدا صالحا يدعو له. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1426(12/5201)
حرمان بعض الأبناء من العطية لغرض شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي مطلقة منذ 20 سنة وقد تولت تربيتنا بكل ما تستطيع (الأب لم يقم بواجبه) ، والسؤال إنّ أخي الأصغر منّي غريب الأطوار وغير بار بوالدته فهو يشتمها أحيانا وقد قاطعني منذ 10 سنوات تقريبا دون سبب رغم أنني أحسن معاملته إلى اليوم وقد طلب من أمي أن تساعده في أن تنفق عليه في دراسته في التعليم العالي فاشترطت عليه أن يصالحني ويقطع مقاطعته لي على الأقل لتمكنه من المساعدة المالية (نوع من التربية والضغط لمحاولة إصلاحه) فرفض، فهل تعتبر أمي غير عادلة بين أولادها في العطية حيث إنها ساعدتنا أنا وأختي أكثر مما ساعدته؟ .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته أمك من الحرمان من بعض المزايا لولدها كنوع من التأديب له على عقوقه وعدم بره بها وقطيعة رحمه فإنه صواب، ولا يتنافى -إن شاء الله تعالى- مع الأمر بالعدل بين الأبناء المأمور به شرعا.
فقد نص أهل العلم على جواز تخصيص بعض الأبناء بالعطية وحرمان بعضهم إذا كان ذلك لغرض شرعي معتبر.
قال ابن قدامة في المغني: فإن خص بعضهم لمعنى مثل: اختصاصه بحاجة، أو زمانة، أو عمى، أو كثرة عيال، أو اشتغاله بالعلم، أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه، أو بدعته، أو كونه يستعين بما يأخذه على معصية الله تعالى، أو ينفقه فيها، فقد روي عن الإمام أحمد جواز ذلك.
وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية: 59707، 44592، 29000، 58765
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(12/5202)
قبول الهدايا المقدمة بسبب الوظيفة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسؤول تجاري في شركة، بعض المرات تهدى إلي بعض الهدايا من طرف الزبائن، إما قبل أن أقدم لهم الخدمات أو بعدها، هل يجوز في ديننا أن نقبل الهدايا بسبب المنصب الذي نشغله؟ لأنني إن لم أكن في هذا المنصب لم أحصل على هذه الهدايا؟ أرجوالإجابة لأن هذا الموضوع يسبب لي مشاكل كبيرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك قبول الهدايا التي تقدم إليك من قبل العملاء مادامت تدفع إليك بسبب الوظيفة ولولاها ما أهدوا إليك، لأن ذلك مظنة استمالة القلب والمحاباة في العمل، وقد بوب الإمام البخاري: باب من لم يقبل الهدية لعلة وقال عمر بن عبد العزيز: كانت الهدية في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم هدية، واليوم رشوة. يعني هدايا العمال.
وقد روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا من الأزد يقال له: ابن اللتبية على الصدقة فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وتكلم وكان مما قال: فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر أيهدى له أم لا؟
نسأل الله تعالى أن يزيدك حرصا على الخير وأكل المال الحلال، وأن يبسط لك في رزقك، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 8321 والفتوى رقم: 34768.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(12/5203)
العدل بين الأبناء في الهبة والمنافع
[السُّؤَالُ]
ـ[الأساتذة الأفاضل جزاكم الله كل خير.
نحن أسرة مكونة من 5 أفراد علاوة على الأب والأم 2 ذكور وثلاث بنات قام والدي بإعطائي أنا وأخي كل واحد منا شقة مساعدة لنا في تكاليف الزواج ولم يكتب أي شيء باسمي أو باسم أخي كما وصى الشرع على اعتبار أن يتم التقسيم حسب الشرع، مع العلم بأنه توجد شقتان لإخوتي البنات، مع العلم بأنه بعد العمر الطويل لوالدي سوف يتم توزيع الميراث حسب الشرع، للذكر مثل حظ الأنثيين للذكر شقة وللأنثى نصف شقة، السؤال: هل انتفاعنا بالشقق الخاصة بنا قبل انتفاع إخوتنا البنات بمدة كبيرة يعتبر ظلما لهم، مع العلم بأنهم يسكنون الآن في شقق جيدة وسوف يأخذون حقهم في المستقبل إن شاء الله، هل مساعدة أبي لنا في شراء بعض الأثاث أمر يحتم عليه مساعدة إخوتي البنات بنفس المقدار على اعتبار أن هذه المساعدة هبة ويجب أن توزع بالتساوي؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الأب مأمور بالعدل بين أبنائه ذكوراً كانوا أو إناثاً، سواء كان ذلك في الهبة أو المنافع، واختلف أهل العلم هل ذلك على الندب؟ وهو ما ذهب إليه الجمهور، أو على الوجوب؟ وهو ما ذهب إليه الحنابلة، وانظر الفتوى رقم: 6242.
وعلى كلٍ؛ فإن كان لهذا التفضيل مسوغ شرعي جاز حتى عند القائلين بوجوب التسوية، قال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: فإذا خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل.
وعلى هذا؛ فلا مانع -إن شاء الله تعالى- من الانتفاع بالسكن في تلك الشقق دون باقي أخواتكم وذلك لأننا نجد أن حاجة الابن للسكن من أجل الزواج مسوغ لتفضيله على أخواته في هذا الجانب، لأنهن يسكن مع أزواجهن إن كان لهن أزواج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1426(12/5204)
الهبة تحصل بما يتعارفه الناس هبة
[السُّؤَالُ]
ـ[صادفني في مرة من المرات أني اشتريت من عامل البوفيه بمبلغ معين وقلت له اترك الباقي معك، أقصد أني سوف آخذه منه فيما بعد، ولكني حينما أتيت له فيما بعد أحسست أنه نسيه واعتبره هبة له، فهل أحكم بنيتي أم بنيته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الهبة تنعقد بالتعاطي مع قرينة الهبة، كما تنعقد بالإيجاب والقبول، فلو أن شخصا أعطى فقيراً نقوداً وأخذها الفقير دون أن يتفوه أحد الطرفين بشيء تنعقد هبة، المهم أن توجد قرينة تدل على التمليك.
جاء في الإنصاف: وتحصل الهبة بما يتعارفه الناس هبة من الإيجاب والقبول والمعاطاة المقترنة بما يدل عليها. انتهى.
وعليه؛ فإذا كان العرف جاريا على أن هذه البقية هبة للعامل فهي كذلك، وإن لم يكن العرف جارياً بهذا فيلزم العامل رد الباقي إلى صاحبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1426(12/5205)
هبة الأب ماله كله لابنته الوحيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي فلوس في البنك وعندي بنت واحدة هل ممكن أكتب الفلوس باسمها بعد استئذان الورثة الشرعيين في ذلك وللعلم الورثة موافقون ولا يريدون أي حاجة مني وهم أبي وأمي فقط الورثة وللعلم نصف الفلوس دية لزوجتي باعتبار أننا نصرف نصف الراتب ونضع النصف الباقي في البنك لأن زوجتي تعمل مثلي وتعودنا نشيل نصف الراتب لدروس البنت أو العمرة أو أي شيء نحتاجة في منزلنا، أفيدوني هل حقنا أنا وزوجتي أن نضع الفلوس باسمها......نعم أو لا؟ وإذا كان (لا) ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا من تنازل أبيك وأمك أو غيرهما من ورثتك عن نصيبهم من تركتك لصالح ابنتك أو غيرها إن كانوا أهلا للتصرف، ولو حصل ذلك بطلب سابق منك أو من غيرك؛ لكن لا يكون هذا صحيحا معتبرا إلا إذا تم بعد موتك أنت، وحوز البنت له الحوز الشرعي الكامل، أما قبل هذا فإنه يكون مجرد وعد، فإذا حصل التنازل برضاهم بما سبق من ضوابط أصبح نصيبهم من التركة ملكا لها دون غيرها. وأما مجرد كتابتك لممتلكاتك باسم ابنتك فلا يسقط حق غيرها من الورثة في تركتك؛ إلا إذا كان ذلك هبة تامة مستوفية الشروط بحيث ترفع يدك عن المال فعلا، وتمكينها هي من التصرف فيه إن كانت أهلا للتصرف، فإن لم تكن أهلا له حزته أنت عنها وأشهدت على ذلك، ويتم الحوز بالفعل قبل حصول مرض مخوف للواهب، لما رواه مالك في الموطأ: أن أبا بكر رضي الله عنه وهب لابنته عائشة هبة ولم تقبضها حتى مرض مرض موته فرده وقال: إنما هو الآن مال وارث.
وتحصل الحيازة الشرعية من الوالد لولده الصغير الذي لا يحسن التصرف. وقال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: وما وهبه لابنه الصغير فحيازته له جائزة. ونقل صاحب مسالك الدلالة على الرسالة الإجماع على ذلك عن ابن المنذر.
والحاصل أنه لا ما نع من أن تهب من مالك لابنتك ما تشاء وتحوزه أنت لها إذا كانت غير بالغة رشيدة وتشهد على ذلك، وأما إن كانت أهلا للتصرف فلا بد من حيازتها للموهوب لأثر أبي بكر في الموطأ. وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتويين: 27394، 51680.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1426(12/5206)
التمليك التام والإشهاد من شروط صحة الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري 53. توفيت زوجتي ولي ولدان أنا الوصي عليهما ولي أملاك وأموال من فضل الله ورزقه. أفكر في الزواج وأخشى مشاكل الميراث فالزوجة الجديدة لن تتصرف بحرص ولمصلحة الولدين كما لو كانت أمهم. مثلا..الأولاد يقيمون في بيت مملوك لي وإن أرادت الزوجة الجديدة نصيبها فيه فلا بد من بيعه ويكون في ذلك تشريد للأولاد هذا بخلاف ما يتبع ذلك من إجراءات قضائية نعلم جميعا إشكالاتها. وقتها لن يدعو لي أولادي بالرحمة. وأفكر قبل أن أتزوج بتحويل بعض الأملاك لأولادي تجنبا للمشاكل لكني أخشى أن أكون مخالفا للشرع. الحل الثاني أن أبقى بدون زوجة. أرجو إفادتي وبالأدلة الشرعيه. وصلى الله علي سيدنا محمد وآله وسلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا أن تهب البيت أو غيره من ممتلكاتك لأبنائك في حياتك وحال صحتك أو لغيرهم، فإذا تمت الهبة بشروطها بحيث ترفع يدك عن الموهوب للأبناء أو غيرهم وتتركهم يتصرفون فيه هم أو من تعينه للقيام بذلك ولو كان أنت نفسك بشرط إخلائك له مع الإشهاد بذلك فإن الهبة صحيحة، ولا يحق لزوجتك الجديدة ولا لغيرها من الورثة المطالبة بشيء مما وهبت في حياتك وحال صحتك وتم حوزه بالفعل، وراجع الجواب رقم 49539
أما إذا لم تتم الهبة بشروطها فإن الهبة تعتبر تركة في حال وفاة الواهب، ولهذا قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة.
وعلى هذا، فإن كنت تخشى على الأبناء من التشريد في حال مطالبة الزوجة الجديدة بنصيبها من البيت فبإمكانك أن تملك البيت للأبناء تمليكا شرعيا تاما، وليس في ذلك مخالفة للشرع ما دام لم يقصد به التحايل على إخراج بعض الورثة، وبذلك لا يحق لأحد أن يخرجهم منه.
وأما الحل الثاني، فلا داعي له شرعا ولا طبعا.
وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 52507.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1426(12/5207)
الميل إلى إحدى الزوجتين وأبنائها
[السُّؤَالُ]
ـ[الأخوة الأجلاء في مركز الفتوى
أفيدونا أثابكم الله في هذه المشكلة.
أنا من أصل أردني وأقيم حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية ولله الحمد والمنة كما يقولون بالعامية مستور. أنا فرد من أسرة مكونة من أب وأم وأخت وأبناء أخي الذي توفاه الله (ولدان وبنت) .تعيش أختي مع أمي وأبناء أخي اليتامى في الأردن في منزل مملوك لأمي ساعدت أنا بمالي الخاص في إضافة طوابق إليه ليسعهم.
تزوج أبى من أخرى وأنجب منها ولدين وبنتا ومنذ أن تزوج وهو مهمل لحقوقنا تماما وأعنى أمي وأختي وأخي المرحوم بإذن الله وأبنائه من بعد وفاته في حين أنه يغدق بالكثير على أبنائه من الزوجة الثانية بمعنى أنه أنفق على التعليم والزواج والتجارة.
اتصلت بي أختي من الأردن لتخبرني أن والدي قام ببيع نصف أرض له يملكها بمبلغ كبير من المال ووكل أحد السماسرة لشراء عقار في الشام لزوجته الثانية وأخواتي منها وأنها قد اتصلت بمحام في الأردن أخبرها أن هناك قانونا يمنع أبى من القيام بمثل هذه الأعمال وتطلب منى الاشتراك معها في رفع مثل هذه القضية وأنا في حيرة شديدة هل أوافقها على هذا حيث أنى أشاركها الرأي في أن أبى غير عادل ومخالف لشرع الله حين يقوم بالتفريق في المعاملة بين أبنائه من صلبه وبين حقوقه علي كأب أوصاني الله بحسن صحبته وحيرتي ليست لأني منتظر أي شيء من القانون إن حكم لصالحنا ضد أبى ولكني حريص على أمي وأختي وأبناء آخي اليتامى المهضوم حقهم حيث إن أبى كبير في السن وكل ما يملكه الآن إما مكتوب باسم زوجته الثانية وأبنائه منها أو تحت تصرفهم. وأخشى في حالة وفاته أن يهضم حقهم مرة أخرى بعد وفاته كما كان مهضوما في حياته مع العلم بأني حينما حدثته من قبل عن حقوق أمي وأختي وأبناء أخي اليتامى قال لي ولما لا تأخذ أنت حقك من أمك في البيت الذي بنيته لها ومازال تحت اسمها حيث إن إجراءات تحويل الملكية لي سوف تستغرق بعض الوقت لأني مقيم في أمريكا.
أرجو سرعة ردكم على سؤالي هذا أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأمر كما ذكرت فإن عليك أن تستمر في نصيحة والدك بأحسن أسلوب وتذكره بأنه لا يجوز له أن يضيع حقوق زوجته وأبنائه، ولا يجوز له أن يؤثر بعض أبنائه على بعض في العطية، وعليه أن يعدل بين زوجتيه. فقد روى أصحاب السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل.
وفي الصحيحين وغيرهما عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن أباه جاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله إني نحلت ابني هذا نحلة (أعطيته عطية) قال: هل نحلت أولادك كلهم مثله؟ قال: لا قال فرده، وفي رواية فإني لا أشهد على جور، وفي رواية فاتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم، قال: فرجع فرد عطيته.
وعلى هذا، فلا يجوز لأبيكم تضييع ما عليه من الحقوق أو إعطاء بعض الأبناء دون بعض، فإذا أعطى بعض أبنائه دون بعض فإنها تعتبر عطية فاسدة لا تمضي.
وأما تصرفاته من بيع وشراء وغير ذلك فإنها تعتبر ماضية مادام أهلا للتصرف، ومادامت في حدود الشرع، ولا يحق لكم الاعتراض عليها.
وفي حال وفاته فإن كل ما آثر به بعض الأبناء أوتحايل لكتابته بأسمائهم أو باسم الزوجة فإنه يرد إلى أصل التركة ليوزع على جميع الورثة كل حسب نصيبه من التركة.
ولهذا ننصح السائل الكريم بتقوى الله تعالى ومعالجة أمر والده بالنصح له والإحسان إليه والرفق معه، فما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه.
وللفائدة نرجو الاطلاع على الفتويين: 1465، 36473.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1426(12/5208)
مسألة في الهبة لها تعلق بالميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أسرة من 3 بنات وولدين توفي الوالد منذ 8 سنوات وترك لنا بيتا مكونا من 3 طوابق الدور الأخير للأخ الأكبر هو الذي تكلف به بمساعدة الوالدة والأخ الأصغر حصل على الدور الثاني مع مبلغ من المال من الوالد لمساعدته في الزواج دون الآخرين توفيت الوالدة منذ شهر وتركت بعض الذهب، فهل يكون من حق البنات إرضاء لهن وكيف يكون توزيع الميراث نحن في حيرة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت مساعدة الوالدين لولديهما في الحصول على الدورين المذكورين تقابلها مساعدة أخرى للبنات في التجهيز للزواج مثلاً فإنه لا يحق لهن أخذ الذهب دون أخويهن.
وأما إن كانت البنات لم تحصل على مقابل ما حصل عليه الأبناء فمن حقهن أن يكون لهن مقابل ما حصل الأبناء من الذهب أو من غيره، أو يرد الأبناء ما حصلوا عليه من الوالدين إلى عموم التركة ليقسم بين الجميع كل حسب نصيبه من التركة لأن العدل بين الأبناء واجب -على الراجح من أقوال أهل العلم- لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
وقد سبق تفصيل ذلك وأقوال أهل العلم، في الفتوى رقم: 5348.
وأما كيفية توزيع ميراث أبويكم إذا لم يكن معكم وارث غيركم من أصحاب الفروض فإن التركة تقسم للذكر ضعف نصيب الأنثى؛ لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:11} ، وإن كان معكم صاحب فرض أخذ فرضه وقسم الباقي على ما ذكرنا.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1426(12/5209)
لا مانع من قبول معونة الآخرين ماديا ما لم يكن حراما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج من أجنبية، ونظرا للوضع الصعب الذي أجده في بلدي (بلد مسلمة) من حيث العمل، أفكر للذهاب إلى بلد زوجتي للعمل لفترة محددة، هل يجوز قبول المساعدة من والدة زوجتي مثل توفير المسكن وبعض المساعدات المادية في أول الأمر إلى أن أبدأ في كسب العيش؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من ذلك ما لم يكن مال والدة زوجتك حراما كله، أما إذا كان مالا مختلطا فيه حلال وحرام فلا مانع من قبول مساعدته عند الحاجة وعند غير الحاجة أيضا، ولكن مع الكراهة، وانظر الفتوى رقم: 25310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1426(12/5210)
تخصيص أحد الأولاد بالعطية لسبب يقتضي ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ واحد فقط وقد كتب والدي بيته لأمي قبل وفاته وهو عبارة عن طابقين كل طابق شقة والطابق الأرضي فيه محلان وغرفه تحت سلم البيت0وهذه الكتابة كانت بدون مقابل من أمي فقامت أمي بكتابة طابق لأخي بدون مقابل من أخي ولكن قد قام أخي بتشطيبه فقط وأعطت له محلا كبيرا يستأجره لحسابه والغرفة التي توجد تحت السلم يعمل بها0وبعد وفاة والدي رفضت أمي أن تعطيني أي شيء من البيت وقالت إنه ليس لي حق في أي شيء إلا بعد وفاتها وأن ما أعطته لأخي لأنه هو الذي ينفق عليها0فما رأي الشرع في ذلك؟ ... ... ... ... ...
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للأبوين أن يؤثرا أحد الأبناء في العطية على بعض، والواجب عليهما أن يعدلا ويسويا بينهم في العطية ذكورا كانوا أو إناثا، لما في الصحيحين وغيرهما من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن أباه خصه بعطية دون إخوانه فأرادت أمه أن يشهد على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم. قال: فرجع أبي فرد تلك الصدقة. ولما رواه البيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء.
وعلى هذا، فلا يجوز لأمك أن تخص أخاك بالعطية إلا إذا أعطتك مقابل ذلك، هذا في الحالة العادية.
أما إذا كان لأخيك ظروف خاصة تقتضي تخصيصه بمساعدة فقد نص أهل العلم على جواز التخصيص حينئذ.
وعلى ذلك، فإن كان أخوك هو الذي يسعى عليكم وينفق فلا مانع من تخصيصه بشيء للقيام بهذه المهمة ومساعدته.
كما ننبه على أنه لا يصح لأبيكم أن يوصي لزوجته بالبيت لأنها وارثة إلا إذا وافق بقية الورثة على هذه الوصية، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث. رواه أصحاب السنن وصححه الألباني.
أما إذا كانت الكتابة المذكورة هبة نافذة وتمت حيازتها وكان أبوكم أهلا للتصرف حال الهبة فإنها تعتبر هبة صحيحة تملك بها البيت ملكا شرعيا.
وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتويين التاليتين: 893، 14611
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1426(12/5211)
كون المال وصل بالإرث لا يبرر عدم العدل بين الأبناء في الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[والد زوجتي رحمه الله تزوج مرتين فأنجب من الأولى عدداً من البنات والبنين وكذلك الثانية وهي أم زوجتي وتوفيت الأولى وتركت أرضاً زراعية لا أعلم مساحتها فعندما قرب أجله رحمه الله وزع تركته بين أبنائه عموما بما يرضي الله عز وجل إلا أنه خص أبناء الزوجة الثانية بميراثه من زوجته الأولى في الأرض الزراعية التي تركتها كي يسددوا لإخوانهم باقي حقوقهم في التركة، مع العلم بأن نصيبه من الأرض أعلاه لا يقارب ثمن التركة، فهل يجوز ذلك، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للوالد أن يفضل بعض أبنائه على بعض في العطية دون مبرر شرعي -على الراجح من أقوال أهل العلم- ومن فعل ذلك فإن هبته ترد، لما في الصحيحين وغيرهما من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبيه بشير: لا تشهدني إذاً، إني لا أشهد على جور. وفي رواية: فأرجعه، فرده بشير. وفي رواية: فاتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم.
وعلى ذلك.. فلا يجوز لوالد زوجتك أن يخص بعض أبنائه بهبة دون الآخرين، ولا عبرة بمصدر هذه الهبة.. فكونها وصلت إليه بالإرث لا يبرر عدم العدل بين الأبناء، وهذا مذهب المحققين من أهل العلم. أما المذهب الآخر فإن التسوية فيه مستحبة، فإن فضل بعضا صحت مع الكراهة، وللمزيد من التفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم ومذاهبهم نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6242، 14254، 38488.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1426(12/5212)
الفرق بين الوصية والهبة وحدود التصرف في كل منهما
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة الأفاضل أثابكم الله عنا كل خير، أود الاستفسار عن شروط الوصية:
وفيما إذا كان بمقدوري أن أوصي بنصف ما أملك للجمعيات الخيرية الإسلامية وحركات الجهاد الإسلامية؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوصية هي التبرع بمال معلقا على موت المتبرع، والهبة هي التبرع بالمال في حال الحياة، فإن كنت تعني بقولك (أوصي بنصف ما أملك) الوصية بمعناها السابق فيجوز في الثلث، وقد اتفق الفقهاء على أن الوصية في أكثر من الثلث لا تمضي بدون إجازة الورثة، وذلك لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد سعد بن أبي وقاص فقال سعد: يا رسول الله؛ قد بلغ بي الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مالي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، فقال سعد: فالشطر؟ قال: لا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الثلث، والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس.
فإن أجازها الورثة نفذت، كما سبق في الفتوى رقم: 6271.
وأما إن كنت تعني الهبة، فلك أن تهب نصف مالك أو أكثر من ذلك أو أقل، فإن للإنسان حق التصرف في ماله حال حياته في كل الأوجه المشروعة، وله التصرف فيه ببيع أو شراء أو هبة أو صدقة ونحو ذلك من أنواع التصرف، ولك أن توصي بالثلث، أو تهب ما تشاء للجهات المذكورة أو لغيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(12/5213)
هبة الزوج لزوجه نصف ماله وهبة الانتفاع
[السُّؤَالُ]
ـ[ألا يحق للزوجة أن تطالب زوجها بأن يكتب لهامن ممتلكاته التي من ماله الخالص.. نصفها..حيث إنه يمتلك أربع شقق تمليك..والزوج يرفض ذلك بحجة أن هذا تحايل على الشارع لمنع الإرث أن يصل لمن أوقفه الله سبحانه له..ولكوني قد ابتلاني ربي بعدم الإنجاب لمدة 19 سنة..مع موافقته على تخصيص شقة منها كهبة لي غير مشروطة..مع العلم أني زوجته الوحيدة..ووالداه أحياء. وهو ينوي أن يوقف لي شقة أخرى..وقفا للانتفاع دون التملك لي بشرطين ألا تؤول إلى ورثتي بعد منيتي بل إلى ورثته الشرعيين والثاني أن تعود إليه إن كانت منيتي قبله ... فهل هذا جائز شرعا. أفتوني جزاكم الله عنا وعن أمة الاسلام خيرا لأني حائرة..وفي خلاف شديد مع زوجي..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا أن يهب الرجل لزوجته أو لغيرها من الأقارب أو الأجانب أو يتصدق عليهم بماله كله أو بعضه ما دام أهلا للتصرف ولم يقصد بذلك حرمان الورثة من نصيبهم. فإذا استوفت الهبة شروطها من الحوز وعدم التعليق بالوفاة فإنها تعتبر هبة شرعية نافذة يستحق بها الموهب التصرف فيها كما يتصرف في بقية ممتلكاته، وأما هبة الانتفاع فهي منحة أو عرية أو إسكان.. ولا مانع منها شرعا، وللمانح رد منحته أو عريته متى شاء. وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتويين التالية أرقامهما: 36473، 56253.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(12/5214)
من يريد أن يهب أولاده أرضا على أن يحلف أنه لا يملك أرضا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أحول قطعة أرض إلى أولادي حتى لا أقسم بأن ليس لي قطعة أرض تريد الحكومة أن تعطيها لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك هو أن الدولة تمنح أرضا لمن ليس عنده أرض على أن يحلف أنه لا يملك أي أرض، وأنت تريد أن تهب أولادك أرضاً لديك حتى تحلف عند الدولة أنك لا تملك أرضا ليعطوك من الأراضي التي يمنحونها، فإذا كان الأمر كذلك فإنه لا حرج عليك في ذلك بشرط أن يكون تمليكك الأرض لأولادك حقيقياً وليس مجرد حيلة، هذا ما لم تكن الدولة تستثني من هو كحالك من هبات الأراضي، كأن يكون مقصود الدولة إعطاء الفئات الفقيرة التي لا تملك ما تشتري به الأرض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(12/5215)
تمكين الموهوب له من التصرف يعد قبضا
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي مرتبط بالفتوى رقم 58686
كما ورد بالسؤال فلم تتم إجراءات التنازل الخاصة بالهبة كاملة، وكان المقصود بأنه لم يتم تسجيل التنازل بالشهر العقاري، ولكن هناك ورقة عليها تنازل الواهب إلى الموهوب له، ولم تسجل بالشهر العقاري وهذه الورقة بحوزة الورثة، ويريد الواهب أن يرجع فى هبته، فهل يجوز، وما التصرف المفروض أن يتم؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أن الواهب قد مكن أخاه رحمه الله من التصرف في تلك العقارات ويدل عليه ورقة التنازل المذكورة في السؤال وهذا يعد قبضاً حكماً، كما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم (55/4/6) وقد جاء فيه: قبض الأموال كما يكون حسياً في حالة الأخذ باليد، أو الكيل والوزن في الطعام، أو النقل والتحويل إلى حوزة القابض، يتحقق اعتباراً وحكما بالتخلية مع التمكين من التصرف ولو لم يوجد القبض حساً.
وعلى هذا فيمكن القول إن من ورثتموه قد حاز الهبة التي وهبها له أخوه، وليس من حق الأخ أن يطالبكم بشيء من تلك العقارات؛ لأن الهبة قد تمت بحوز أخيه لها ولا يجوز له الرجوع فيها؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه. متفق عليه من حديث ابن عباس، وراجع الفتوى رقم: 13302، والفتوى رقم: 11760، والفتوى رقم: 6797.
لكن لو أعطيتموه شيئاً مما ورثتموه مراعاة لصلة الرحم ومراعاة لتدهور حاله كما أشرتم إليه في سؤالكم السابق- لو فعلتم ذلك- لكان حسنا على أن يكون من نصيب كل وارث بالغ راشد أجازه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1426(12/5216)
من مات وقد وهب لبعض أبنائه دون الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع: أبي في حياته قام بتسجيل 7 شقق من أصل 8 لسبعة من أولاده التسعة وبعد وفاته رحمه الله فإن الست بنات تنازلن عن حقهن في العمارة فهل يجب تقسيم المسجل في حياته مرة أخرى على جميع أولاده؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على الآباء أن يتقوا الله تعالى ويعدلوا بين أبنائهم ذكوراً كانوا أو إناثاً، وأن يساووا بينهم في العطية.
فقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم العطية لبعض الأبناء دون البعض بأنها جور، وامتنع من الإشهاد عليها وأمر بردها، كما جاء في حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما في الصحيحين وغيرهما.
ولهذا، فإن الراجح من أقوال أهل العلم وهو رأي المحققين منهم أن هذا النوع من العطايا الخاصة يرد إلى عموم التركة، ويقسم معها بين الورثة جميعاً كل حسب نصيبه من التركة المقرر شرعاً.
هذا إذا لم يكن الوالد قد وهب للأبناء الآخرين شيئاً مقابل ذلك، أو كان تخصيصهم به لغرض شرعي معتبر. أما إذا كان قد وهب الآخرين شيئاً آخر أو كان لغرض شرعي، فإن العطية المذكورة تعتبر ماضية وخاصة بمن وهبت له، ولا تقسم مع بقية التركة.
وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية: 6242، 28381.
ولا مانع شرعاً أن يتنازل بعض الورثة ذكوراً كانوا أو إناثاً عن حقهم في العمارة أو غيرها إن كان ذلك بطيب أنفسهم، وكانوا رشداء بالغين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1426(12/5217)
من وهب بعض ولده بدون مبرر شرعي فإنه يرد إلى عموم التركة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل اقتطع جزءاً من عقاره لولد دون الباقين في حياته ثم توفي الرجل، هل للولد الاحتفاظ بذلك الجزء والمطالبة بحصته من الميراث إضافة لما أخذ، أم يؤخذ منه ويضاف إلى التركة وتقسم؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للأب أن يفضل بعض أبنائه في العطية على بعض إلا إذا كان ذلك لمسوغ شرعي أو رضي به الآخرون.
أما إذا لم يكن ذلك لمسوغ أو لم يرض به البقية من الأبناء فإنه يرد على الراجح من أقوال أهل العلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لبشير بن سعد رضي الله عنه: أكل ولدك نحلت مثله؟ قال: لا، قال: فأرجعه.
وعلى هذا؛ فإن كان الاقتطاع الذي فعل الرجل لابنه بدون مبرر شرعي ولم يرض به بقية الإخوة فإنه يرد إلى عموم التركة، ويقسم معها على جميع الورثة كل حسب نصيبه المقرر شرعاً، وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 6242، والفتوى رقم: 28381.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1426(12/5218)
تخصيص البنت بهبة برضا سائرالأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لي أخ يكبرني بثلاث سنوات وخمس أخوات إناث تزوجوا جميعا عدا إحداهن لم تتزوج ولا تعمل وليس لها مصدر دخل سوى نصيبها من معاش والدي وبحكم إقامتها مع والدي (رحمهما الله) قامت برعايتهما حتى وفاتهما وقبل وفاة والدي طلبت والدتي من والدي أن يكتب لأختي هذه شقة مكونة من حجرتين وصالة مأوى لها بعد وفاة والدي ليجنبها بذلك المضايقات المحتمل أن تتعرض لها أختي من باقي أخواتها عند تقسيم التركة ووافقنا جميعا على ذلك فحرر والدي عقد بيع الشقة بينه وبين أختي مقابل مبلغ (عشرة آلاف جنيه) مصري ووقعنا جميعا على ذلك هل يعتبر هذا التعاقد مخالفا للشريعة على أساس أنه صورة من الوصية؟ وإذا كان غير مخالف هل يحق لها أن ترث في باقي المنزل مثلها مثل أخواتها؟
يرجى الإفادة جزاكم الله عنا كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما جرى من بيع والدك الشقة لأختك لا يعد من باب الوصية إذ الوصية تتعلق بما بعد موت الموصي، والذي تم كما هو ظاهر السؤال عقد بيع وشراء في حياة البائع (الوالد) وإذا لم يكن هناك ثمن دفعته الأخت حقيقة، فيكون العقد عقد هبة في صورة بيع شكلي، وتم برضا جميع الأبناء، وبالتالي تكون الهبة جائزة.
ويلزم لنفاذ الهبة أن يحوز الموهوب له الهبة حيازة فعلية، إما بتخلية الدار، أو بتسجيلها باسم الموهوب له، أو بما يعد حوزاً عرفاً، فإذا كان الأمر كذلك فالأخت المسؤول عنها تشارك بقية الورثة في التركة مع تملكها الشقة الموهوبة من قبل والدها، وراجع الفتوى رقم: 10390.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1426(12/5219)
قبول الأطفال هدايا عيد الميلاد من زملاء الدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا اسكن في ألمانيا وأطفالي في المدرسة فيحدث أن طفلا من الأطفال يحتفل بعيد ميلاده فيوزع على الأطفال الآخرين بعض الحلوى فهل يجوز أكلها؟ يعني هل يجوز لأطفالي أكل هذه الحلوى باعتبارها حلوى عيد ميلاد الطفل؟
وجزاكم الله عنا كل الخير.
أختكم أم عبد التواب من ألمانيا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الاحتفال بأعياد الميلاد من البدع والمحدثات التي تسربت إلى المسلمين من غيرهم.
والواجب على الآباء أن يرفضوا هذا التقليد الأعمى ويعودوا أبناءهم على ذلك، ويرفضوا الهدايا المقدمة بهذه المناسبات المحدثة، فهذا هو الأولى، إلا إذا كان ذلك يترتب عليه ضرر أكبر من ضرر قبوله فيجوز القبول حينئذ ارتكابا لأخف الضررين.
وعلى ذلك، فإذا لم يترتب ضرر على رفض أبنائك لقبول ما أهدي إليهم بتلك المناسبة فالأولى رفضه وعدم قبوله، وإن كان أكل الهدية والحلوى ليس بحرام في حد ذاته.
وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 33968 والفتوى رقم: 52991.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1426(12/5220)
نية الهبة تحتاج شرطين لصحتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة عندي ثلاثة أولاد وبنت. أولادي يستدينون وكنت أدبر لهم المبلغ على أساس من ناس ولما يعطوني أضيف فوقه ما يتيسر وأشتري بيتا وأضمر في نفسي أن هذا البيت لمن نقوده فيه (من وفاء الدين) حتى صار لكل واحد بيت دون أن يعلم أحد مكتوبة باسم إخواني. وبيت آخر هو الأكبر مكتوب باسمي وفي ضميري هذا للورثة من بعدي.بالإضافة عندي ذهب فهمت بنتي هو لها من بعدي وأن تعطف على نساء إخوانها بشيء منه مما تجود به. أنا خائفة أكون أخطأت السؤال هل عملي فيه إثم إن زوجي لا يعلم ولا يعلم بصدقاتي.وإن المال حرصت أن يكون من عملي إلا ما اختلط عن غير قصد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه بداية إلى أن السؤال لم يتضح لنا بصورة كاملة، وسنجيب في حدود ما ظهر لنا منه، فإن كنت تقصدين أن أولادك كانوا يستدينون منك فتخبرينهم أنك اقترضت لهم من أناس آخرين بينما أن حقيقة الأمر هي أنك لم تقترضي من أحد وأقرضتهم من مالك، وعندما كانوا يردون لك مبلغ القرض كنت تكملين عليه وتشترين به بيتا وتنوين أن هذا البيت هبة لمن اقترض منك- فإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز لك الكذب على الأولاد إلا لضرورة أو حاجة لا تتحقق بدون الكذب، وراجعي الفتوى رقم: 25629.
أما ما يتعلق بشرائك للبيت ونيتك أنه هبة لمن اقترض منك فلا حرج في ذلك بشرطين:
الأول: أن تعدلي بينهم فتعطي كلا منهم مثل ما تعطين الآخر، وسواء في ذلك من اقترض منك ومن لم يقترض منك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: فاتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم. متفق عليه، ولقوله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء. أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي من طريقه، وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن.
الثاني: أن تُقبضي كلا منهم ما وهبت له في حياتك، وإلا كان ما تركت ميراثا يقتسمه الورثة على حسب الفريضة الشرعية، والقبض يكون برفع يدك عن البيت ووضع الموهوب له اليد عليه، بحيث يصبح هو الذي يباشر التصرف فيه بيعا وإجارة وإصلاحا
ومما تقدم تعلمين أنه لا يجوز أن تخصي بنتك بذهبك دون إخوتها، ولا أن تخصي إخوتها ببيوت دونها، إلا أن تعطي الباقين ما يعادل ذلك، ولا يضر كون زوجك لا يعلم بما فعلت إذا كان هذا المال الذي وهبته لهم مالك وليس مال زوجك، وإذا كان قد دخل في ذلك شيء من مال زوجك دون أن يعلم فعليك بتقديره ثم أنت فيه بالخيار بين أن تعُلمي زوجك وتطلبي منه أن يجيز ما فعلت، فإن أبى أعطيته هذا المال، وبين أن تعطيه هذا المال ولو بطريقة غير مباشرة دون أن تعلميه، وراجعي الفتوى رقم: 1693.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1426(12/5221)
هدية النقود عند ولادة المولود
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد لدينا بليبيا عادات مثل: عند ولادة المرأة مولود تقوم النساء بزيارة هذه المرأة وتضع للمولود مبلغا ماليا إما خمسة أو عشرة دنانير فما هو الحكم في هذا المبلغ؟ وما الحكم إن لم يرجع هذا المبلغ؟ وهل تكون إعطاء هدية بدلا من المبلغ أحسن حتى وإن لم ترجع؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تقديم الهدايا للمرأة بمناسبة ولادتها لا حرج فيه كما لا حرج في كونه نقودا أو غيرها من الهدايا، فقد رغب الشارع في تناول الهدايا والتعاون، وحث على ذلك وبين آثاره المفيدة، ففي سنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تهادوا، فإن الهدية تذهب وحر الصدور ولا تحقرن جارة لجارتها ولو شق فرسن.
وقوله صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا.
فتبادل الهدايا بين الجيران وخصوصاً عند المناسبات التي تقتضي ذلك سبب قوي من أسباب التواصل التي تؤكد المودة وتغرس المحبة، ولا شك أن هذا مطلب عظيم وهدف منشود.
هذا عن حكم هذا النوع من التهادي أولاً.
أما هل على المهدي إليه إرجاعه أم لا؟ فالظاهر والله تعالى أعلم أن المرجع في ذلك إلى العرف والعادة الجارية في ذلك البلد، وتراجع الفتوى رقم: 36024.
وعلى كل حال، فمكافأة المهدي من الأخلاق الفاضلة، فقد كان صلى الله عليه وسلم يثيب على الهدية، ويجازي عليها، وقال: ومن أتى إليكم معروفاً فكافوؤه، فإن لم تجدوا فادعوا له حتى تعلموا أن قد كأفأتموه. رواه النسائي وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1426(12/5222)
هدية المصحف بمناسبة عيد الميلاد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لقد أهدت فتاة أخي القرآن كهدية في عيد ميلاده وهي على علاقة غير شرعية معه لقد نصحته كثيرا الله يهديه ويصلح أمره. وهو أعطاني القرآن لأنه لا يصلي رغم أننا عائلة محافظة. هل أقبله منه رغم أنني أعلم مصدره.
جزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه قد سبقت لنا فتاوى في عدم جواز احتفال الشخص بعيد ميلاده وعدم جواز الإهداء بتلك المناسبة، وعدم جواز العلاقة بين الرجل والمرأة إلا عن طريق الزواج وخطورة ترك الصلاة، فتراجعي منها على سبيل المثال الفتاوى التالية أرقامها: 1319، 3930، 21200، 24134، 49597، 53375.
وراجعي وجوب الصلاة وحكم تاركها في العرض الموضوعي على فتاوى الشبكة، فعليك أن تواصلي نصح أخيك بقطع العلاقة ورد المصحف لهذه البنت والمواظبة على الصلاة في المسجد ورغبيه في البحث عن صحبة صالحة تساعده على نفسه، وأما المصحف فلا مانع من أخذك له بل إن ذلك أولى من تركه عند من لا يقدر حقه ولا يعمل بمقتضى ما فيه وإذا كنت أنت غير محتاجة به لكونك عند مصحف آخر فننصحك بإهدائه إلى من يقرأ منه، فإن لم يوجد فقومي بوقفه على أحد المساجد التي يرتادها الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1426(12/5223)
تخصيص بعض الأبناء بالعطية
[السُّؤَالُ]
ـ[أب له مجموعة أبناء درس أحدهم في جامعة خاصة وكلفت دراسته 40 ألف دينار أردني وباقي أولاده لم يدرسوا في الجامعة وذلك لعدم رغبتهم في الدراسة رغم تشجيع الأب لهم، هل يجب على الأب أن يدفع نفس المبلغ لباقي أولاده (غير الدارسين) وذلك من أجل العدل والمساواة بينهم، إذا كان للأب ابن أصغر وربما يفلح ويلتحق في جامعة حكومية ولنفرض أن دراسته كلفت والده 10 آلاف دينار أردني، هل على الأب أن يدفع لهذا الابن مبلغ 30 ألف دينار لكي يتساوى مع أخيه خريج الجامعة الخاصة والذي كلفت دراسته 40 ألف دينار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم الأب دفع المبلغ المذكور لأبنائه الذين لم يدرسوا، ولا للابن الذي سيدرس في جامعة حكومية، فقد نص العلماء على أنه لا بأس أن يخص الأب ابنا دون غيره بالعطية لمعنى يقتضي تخصيصه كدراسة ونحوه إن لم يكن على طريق الأثرة، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 57882.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1425(12/5224)
الحوز التام من شروط نفاذ الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً جزاكم الله خيراً عنا فيما تفيدوننا به من فتاوى، سؤالي يتلخص في الآتي:
أخان وأختان ورثوا عقارين من أبيهم، وبعد عدة سنوات اتفق الإخوة جميعاً على تقييم التركة وإعطاء الأختين نصيبهما، وبذلك أصبحت التركة من حق الأخوين، وبعد فترة أبدى الأخ الأصغر رغبته في التنازل عن نصيبه في التركة لأخيه الأكبر بدون مقابل حيث إن الأصغر ميسور الحال، وأبلغ أخاه الأكبر بذلك ولكن لم يقم بعمل إجراءات التنازل، وتوفي الأخ الأكبر قبل إتمام إجراءات التنازل، وبعد فترة تدهور حال الأخ الأصغر وفي هذه الأثناء ظهر مشتري للعقارات فصرح الأخ الأصغر لورثة أخيه بأنه حيث إن إجراءات التنازل عن نصيبه لهم لم تتم بعد فإنه يعدل عن رغبته هذه ويريد نصيبه في التركة عند البيع، فهل هذا من حقه، أفيدونا برأيكم أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الهبة إذا كانت قد تمت بشروطها بحيث كان الواهب مؤهلاً للتصرف وقت الهبة وتمت حيازتها من طرف الموهوب له حيازة تامة بحيث يصبح متصرفا فيها تصرف المالك في ملكه، ويرفع الواهب عنه يده تماماً، وتم كل هذا قبل موت أحدهما أو فلس الواهب فإنها تمضي، ولا يحق للواهب الرجوع فيها، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس لنا مثل السوء، العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه.
أما إذا لم تستوف الهبة شروطها فإنها ترجع إلى صاحبها، فقد روى الإمام مالك في الموطأ: أن أبا بكر وهب لعائشة رضي الله عنها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما مرض مرضه الذي توفي فيه، قال لها: كنت قد نحلتك عشرين وسقا ولو كنت قبضتيه أو حزتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث فاقتسموه على كتاب الله تعالى.
وقال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحوز. وعلى هذا؛ فإن كان الموهوب له لم يحز الهبة حوزاً تاماً حتى مات فإنها ترجع إلى صاحبها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1425(12/5225)
تفضيل الذكور دون الإناث في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لجدتي قطعة أرض تقدر بحوالي 1 دونم وقبل وفاتها بأكثر من 20 عاماً قامت بتسجيل ملكية الأرض في دائرة المالية باسم أبنائها الأربعة دون بناتها، وبعد موتها تبين الأمر بأن مالكي الأرض الإخوة الأربعة دون الأخوات، وجاء وقت تقسيم التركة والتي تقدر بحوالي 100 دونم، فما رأي الشرع:
1- هل ما فعلته الجدة يجوز شرعاً؟
2- هل هناك كفارة لما فعلته إن لم يكن شرعياً؟
3- هل هذه القطعة المملوكة للإخوة قانوناً حرام امتلاكها شرعاً؟
4- هل يجب تقسيم القطعة على جميع الورثة الشرعيين مع الإخوة، أفيدونا ما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الأم قامت بتسجيل الأرض للأبناء بهبة مستوفية الشروط، بأن حاز الأبناء الأرض في حياة الأم حيازة معتبرة شرعاً، وهي التي ترفع فيها الأم يدها عن الأرض ويتولى الأبناء التصرف الكامل فيها، وكان ذلك في حال تمضي فيها تصرفات الأم وهي حال تمام العقل والرشد، فإن إمضاء ذلك محل خلاف بين أهل العلم فمذهب الجمهور هو أنه يمضي مع كراهة تفضيل بعض الأبناء على بعض، وتشتد الكراهة عند هؤلاء إذا كان المفضل في العطية الذكور دون الإناث، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحدا لفضلت النساء. رواه البيهقي وغيره.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يرد ولا يمضي وهو الذي رجحه المحققون لحديث النعمان المشهور، وهو الذي نفتي به نحن في الشبكة الإسلامية لقوة دليله، أما إذا كانت قامت بذلك كوصية منها لهم بعد موتها فإنه لا يصح ولا يمضي بل يرد حتى يقسم على جميع الورثة إلا إذا تنازل بقية الورثة عن حقهم بطيب نفس منهم وكانوا رشداء بالغين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث. رواه أصحاب السنن.
فالحاصل أن ما فعلته هذه المرأة من تفضيل بعض الأبناء في العطية أو الوصية لهم لا يجوز لنهي الشرع عن ذلك، وعلى أبنائها جميعاً أن يدعو لها ويتصدقوا عنها ويسامحوها فيما حصل منها، وعلى الأبناء الذين خصتهم أمهم أن يردوا ما خصتهم به ويقسموه بين الورثة على ما جاء في كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
وليعلموا أن استبداد الأبناء الذكور بالتركة دون البنات من عادات أهل الجاهلية الممقوته التي أبطلها الإسلام، وعليهم أن يتقوا الله تعالى ويردوا الحقوق إلى أهلها عسى الله تعالى أن يغفر لأمهم ما صدر منها، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 51693، 50676، 37123، 55172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1425(12/5226)
من فاضل بين أولاده في الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[كتب والدي بيته لأمي وقامت أمي بكتابة شقة منه لأخي قام بتشطيبها فقط وأعطت له محلا كبير يستأجره لحسابه وغرفه تحت السلم يعمل بها وبعد وفاة والدي لم تقبل أن تعطيني أي شيء في البيت وقالت إن ما أعطته لأخي هبة وأن ليس لي حق في أي شيء إلا بعد وفاتها فما رأي الشرع في ذلك 0]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان والدك قد كتب لأمك بيته كوصية لها بعد وفاته فإن ذلك لا يصح لأنها وارثة والوصية لا تصح لوارث. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث. وفي رواية: إلا أن يجيزها الورثة. رواه أصحاب السنن.
فإذا لم يجز الورثة هذه الوصية فإنها باطلة، ولا تصح الإجازة إلا إذا كانوا بالغين رشداء.
أما إذا كان قصدك أنه وهبه لها في حياته وصحته وأهليته للتصرف وتمت حيازته من الأم حيازة كاملة شرعية في حال صحته فإنها تعتبر هبة شرعية صحيحة يحق لها التصرف فيه.
ولكن لا يجوز لها أن تفاضل بين أبنائها في العطية على الراجح من أقوال أهل العلم؛ لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم.
وعلى ذلك فلا يجوز أن تؤثر بعض أبنائها إلا إذا كان لبعضهم ظروف خاصة أو حاجة تقتضي ذلك.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتويين التالية أرقامهما: 6242، 32613.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1425(12/5227)
حكم تمليك منفعة عقار لأولاده مدة حياتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أمتلك شقة ومحلا وعندي ثلاث بنات ولا يوجد ذكور وأنا في كامل صحتي فهل يجوز لي أن أكتب عقد إيجار لبناتي مع الاحتفاظ بحق الملكية للورثة لأني أريد أن أخصهم بحق الإقامة في الشقة والمحل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تريد حقيقة الإيجار فعلا أي أنك ستبرم مع بناتك عقد إيجار حقيقي يحدد فيه مدة الإيجار والأجرة، فهذا لا مانع منه، وتجري عليه أحكام الإجارة المعروفة.
أما إن كنت تريد تمليك منفعة الشقة والمحل لبناتك مدة حياتهم، ويكون هذا التمليك تحت غطاء عقد إيجار شكلي لا حقيقي، فإن هذا التصرف هو في حقيقته نوع من الهبات الجائزة، وهل هذا النوع من الهبة ينقل الملك إلى الموهوب له أم لا ينقل، وإنما يتملك المنفعة فإذا مات عادت الهبة إلى الواهب أو إلى ورثته إن كان ميتا.
جاء في المغني لابن قدامة: العمرى والرقبى نوعان من الهبة، يفتقران إلى ما يفتقر إليه سائر الهبات من الإيجاب والقبول والقبض، أو ما يقوم مقام ذلك عند من اعتبره.
وصورة العمرى أن يقول الرجل: أعمرتك داري هذه أو هي لك عمري، أو ما عاشت أو مدة حياتك أو ما حييت أو نحو هذا، إذا ثبت هذا فإن العمرى تنقل الملك إلى المعمر، وبهذا قال جابر بن عبد الله وابن عمر والشافعي وأصحاب الرأي. وقال مالك والليث: العمرى تمليك المنافع لا تمليك رقبة المعمر بحال.. ويكون للمعمر السكنى، فإذا مات عادت إلى المعمر، وإن قال: له ولعقبه كان سكناها لهم، فإذا انقرضوا عادت إلى المعمر.
والصحيح أن العمرى تمليك للرقبى والمنفعة، لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حيا وميتا ولعقبه. رواه مسلم.
أما إذا كنت تريد ذلك مدة محددة كسنة أو خمس سنوات ونحو ذلك فإن ذلك جائز أيضا، وإذا انقضت المدة عادت المنفعة والرقبى إلى الورثة جميعا بما فيهن بناتك.
هذا، ولتعلم أن الهبة لا تكون نافذة إلا بالقبض والحوز كما مر في كلام ابن قدامة، فإذا تأخر القبول والقبض إلى ما بعد الموت كان ذلك وصية لا هبة، والوصية لوارث غير جائزة، وراجع في هذا الفتوى رقم: 1996.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1425(12/5228)
إذا رد المال الموهوب لواهبه بعد سنين يزكي عنه مرة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني في الله أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يفقهكم في الدين وأن يعلمكم التاؤيل وأن ينفع بكم المسلمين وأن يجعلكم في صحبة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى من الجنة.
سؤالي يتعلق بالزكاة لدي مبلغ من المال أدخره من أجل الزواج أقوم بأداء حق مالي كل عام لم أوفق في الزواج حتى الآن برغم محاولاتي الكثيرة بعد أن أخرجت زكاة مالي عن هذا العام طلب أخ لي أن أقرضه مبلغاً من المال لكي يفتح صالون حلاقة وكان بحاجة ماسة للمال فأعطيته ثلث مالي على سبيل الهبة ولكني لم أصرح له بذلك حتى يجتهد في عمله وأن لا يضيع المال ولكنه وعد أن يرد المال بعد سنة لن أقوم بمطالبته بالمال ولكن ربما تتحسن تجارته ويصر على أن يرد المال لي كذلك هنالك أخت لي تدرس في الجامعة راتبها هي وزوجها لا يكاد يكفيها وكنت قد أعطيتها ثلث مالي الآخر من أجل أن تدفع الأقساط, لا أنوي مطالبتها بالمال ولكنها وعدتني أن ترد المال إذا حصلت على عمل بأجر أعلى من عملها الحالي وهذا أمر متوقع إن شاء الله ولكني قد أسامحها في المال وقد تصر على إرجاعه لي هل يجب علي أن أخرج زكاة المال عن المبالغ التي أعطيتها لأخي وأختي وأنا لا أدري إن كان ذلك على سبيل القرض أم على سبيل الهبة علماً بأني قرأت فتوى للدكتور يوسف القرضاوي عن زكاة الديون ولكنها أشكلت علي ولم أجد فيها ما ينطبق على حالتي, الفتوى موجودة على الرابط التالي
http://www.islamonline.net/zakaat/Arabic/display.asp?hquestionID=3059
سؤالي الآخر يتعلق بالصيام. ما زلت أعزب وحاولت الزواج كثيراً ولكني كنت أجد الرفض لأسباب تشبه تلك الموجودة في العصر الجاهلي مع أنني والحمد لله حسن المظهر سوف أنهي الدكتوراة قريباً إن شاء الله وبعدها سأعود إلى بلدي لأعمل في وظيفة مرموقة الحمد لله يظن بي الناس الصلاح ولا أزكي نفسي على الله وقد وفقني ربي في تبليغ دعوته لمئات الأشخاص من أهل هذا البلد كنت قبل سنتين أصوم صيام داوود عليه السلام ولكن بسبب حاجتي الملحة للزواج فأنا منذ سنة أواصل الصيام إلا لمرض أو سفر وأظن أني سأواصل حتى أتزوج إن شاء الله وبعدها أما أن أعود لصيام داوود أو الإثنين والخميس وذلك بالتشاور مع زوجتي هل مواصلتي للصيام حتى أتزوج جائز شرعا؟
أسأل الله العظيم أن يهب لكم من علمه الذي وسع كل شيء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وعذرا على الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يتضح من السؤال هو أنك أعطيت هذا المال لأخيك وأختك، وتخشى أن يصر كل منهما على رد المال إليك، فأنت لا تريده منهما ولا تلزهما ضمانه إذا خسر أو تلف.
فأنت -إذا- وهبت المال، والهبة إنما تتم بالحوز والقبول، فإذا لم يقبلها المدفوع له البالغ الرشيد فإنها تبطل، ويعود المال إلى ملك صاحبه، وبما أنك لا تلزمهم ضمان المال لو خسر أو تلف، فإنه يكون عليك زكاته إذا رجع إليك عن سنة واحدة، ولو طالت مدة إقامته عند أخويك.
قال خليل: ومدفوعة على أن الربح للعامل بلا ضمان.
قال الخرشي: يعني أن العين إذا دفعها ربها لمن يتجر فيها، والربح كله للعامل ولا ضمان عليه إن تلفت ثم قبضها ربها بعد أعوام، فإنه يزكيها لعام واحد ...
وإذا كنت تعني بمواصلة الصيام أنك لا تفطر في الأيام التي نهى عن صومها، كأيام العيد وأيام التشريق، فهذا مما لا يجوز، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: لا صام من صام الدهر. رواه البخاري.
وأما إن كنت تفطر في الأيام المنهي عن صومها فهذا مباح، وقد اختلف أهل العلم في الأفضل منه، ومن صيام يوم والإفطار يوم، وراجع فيه فتوانا رقم: 23939.
ولاشك أن الموجب الحامل لك على سرد الصيام مبرر كاف لأفضليته في حقك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1425(12/5229)
حكم كتابة عقار أو غيره باسم الزوجين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل أن يشتري مثلا منزلا. أو قطعة أرض أو سيارة أو غير ذلك ويكتب عقد الشراء باسمه واسم زوجته.
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان مقصود السائل أنه يشتري الشيء ثم يهب نصفه أو بعضه لزوجته ويثبت ذلك بأن يسجل عقد الشراء باسمه واسمها، فلا مانع، وهي هبة جائزة يشترط لنفاذها أن يقبض الموهوب له الهبة ويحوزها، وراجع في هذا لزاماً الفتوى رقم: 49632. وإن كان يقصد أنه يكتب العقد باسمها لا للتمليك لكن لشيء آخر فلا بأس بذلك من حيث الأصل. لكنا نرى أنه لا ينبغي لما يترتب عليه من الخصومة، ومن إهدار حقوق لآخرين، ووجه ذلك أن هذه المرأة قد تدعي التمليك ولديها به وثيقة.. الأمر الذي يجر إلى النزاع والشقاق، وقد تموت فيقوم ورثتها بالمطالبة بحقوقهم مما هو مكتوب باسمها. وقد يموت الرجل فتدعي المرأة ملكية جزء من المنزل -مثلا- وبالتالي لا يدخل في تركة الميت. وعلى العموم فكتابة المنزل ونحوه باسم الزوجة أو غيرها لا بقصد التمليك قد تترتب عليها أمور لا تحمد عقباها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1425(12/5230)
حكم تفضيل الابن المتفوق في العطية عن سائر الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[قد يتفوق بعض الأبناء في الامتحان دون غيرهم، فهل يجب على الأب العدل في الهدية كما هو الشأن في العطية، وهل العدل في العطية واجب على الأب فقط أم على الأب والأم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم تفضيل بعض الأبناء بالعطية دون البعض، وسبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 6242 وبيان أن الراجح قول من قال بوجوب التسوية.
لكن لا بأس أن يخص الأب ابنا دون غيره بالهدية والعطية لمعنى يقتضي تخصيصه كتفوق في دراسة ونحوه إن لم يكن على طريق الأثرة. قال ابن قدامة في المغني: فصل: فإن خص بعضهم لمعنى، مثل اختصاصه بحاجة، أو زمانة، أو عمى، أو كثرة عائلة، أواشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه، أو بدعته، أو كونه يستعين بما يأخذه على معصية الله، أو ينفقه فيها، فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك، لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف: لا بأس به إذا كان لحاجة، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة. والعطية في معناه.
ويحتمل ظاهر لفظه المنع من التفضيل أو التخصيص على كل حال، لكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفصل بشيرا في عطيته، والأول أولى إن شاء الله، لحديث أبي بكر، ولأن بعضهم اختص بمعنى يقتضي العطية، فجاز أن يختص بها، كما لو اختص بالقرابة، وحديث بشير قضية في عين لا عموم لها، وترك النبي صلى الله عليه وسلم الاستفصال يجوز أن يكون لعلمه بالحال، فإن قيل: لو علم بالحال لما قال: ألك ولد غيره؟ قلنا: يحتمل أن يكون السؤال ها هنا لبيان العلة، كما قال عليه السلام: للذي سأله عن بيع الرطب بالتمر: أينقص الرطب إذا يبس؟ قال: نعم، قال: فلا إذاً. وقد علم أن الرطب ينقص، لكن نبه السائل بهذا على علة المنع من البيع، كذا ها هنا. انتهى كلامه يرحمه الله.
والأم كالأب في حكم التسوية بين الأبناء في العطية والهبة ونحوها، قال في حاشيتي قليوبي وعميرة: ويسن للوالد العدل في عطية أولاده بأن يسوي بين الذكر والأنثى، وقيل كقسمة الإرث. فإن لم يعدل فقد فعل مكروها زاد في الروضة أن الأم في ذلك كالأب، وكذلك الجد والجدة، وكذا الولد لوالديه. قال الدارمي فإن فضل فليفضل الأم. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: وظاهر كلام الخرقي أن الأم كالأب في الرجوع في الهبة لأن قوله: وإذا فاضل بين أولاده، يتناول كل والد ثم قال في سياقه، أمر برده. فيدخل فيه الأم. وهذا مذهب الشافعي، لأنها داخلة في قوله: إلا الوالد فيما يعطي ولده. ولأنها لما دخلت في قول النبي صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم. ينبغي أن يتمكن من التسوية، والرجوع في الهبة طريق في التسوية، وربما تعين طريقا فيها إذا لم يمكن إعطاء الآخر مثل عطية الأول، ولأنها لما دخلت في المعنى في حديث بشير بن سعد، فينبغي أن تدخل في جميع مدلوله، لقوله: "فاردده"، وقوله "فأرجعه" ولأنها لما ساوت الأب في تحريم تفضيل بعض ولدها، ينبغي أن تساويه في التمكن من الرجوع فيما فضله به، تخليصا لها من الإثم، وإزالة للتفضيل المحرم، كالأب. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1425(12/5231)
شروط الهبة النافذة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد وهب لنا والدنا منزلاً أنا وأخواتي بما أننا 3 بنات ولم نتزوج بعد على أن يرث الولدان نصيب أبي من إرثه في والده من منزل آخر، هل الهبة في هذه الحالة حرام، مع العلم بأن الذي فعله والدي هو إجراء احترازي من أخي لكثرة مشاكله المادية والتي بسببها دخل السجن عدة مرات ولتأكده من حرصنا على عدم ذلك المنزل لكونه مصدر عيشنا الوحيد بعد نزول والدي للمعاش وكبر سنه ومرضه ومرض والدتي، الرجاء الإفادة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هبة والدكن لمنزله لكنَّ مستوفية لشروط الهبة، بحيث تكون في حال صحته وأهليته للتصرف، وتكون ناجزة بحيث يرفع يده عن المنزل ويمكنكم من التصرف فيه تصرف المالك في ملكه، ويعطي لبقية أولاده مثله أي يساوي بين أبنائه جميعاً في العطية، فهذه العطية تعتبر شرعية نافذة.
وأما إذا كانت الوصية متوقفة على موته أو لم يكن أهلاً للتصرف حال الهبة ولم يسو بين الأبناء أو لم يتم حوزها فإنها تعتبر هبة لاغية لا تصح شرعاً، والواجب على الوالدين العدل والتسوية بين أبنائهم في العطية وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 6242.
علماً بأنه لا يصح تقسيم التركة في حياة المورث، ولتفاصيل ذلك ومعرفة أقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 14893.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1425(12/5232)
حكم اشتراط الدولة إعطاء بعض الطلاب منحة وفق شروط تحددها
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك طلاب يريدون أخذ منحة من الدولة التي تشترط أن يكون دخل الوالدين أقل من 2500 دينار ولكن الدخل يتجاوز هذا المبلغ ويقولون إن ذلك من حقهم لأن الدولة تأخذ المنح من المنظمات الأممية لتعطيها للطلاب وبالتالي فهي من حقهم فهل يجوز هذا؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الجهات المانحه لهذا الشرط ـ منظمات كانت أو دولاـ تشترط هذا الشرط وقد وكلت الدولة على توزيع هذه المنحه حسب شروط تراها، وكانت الشروط هذه عادلة فينبغي التزام الشرط، ولا يحق لأحد من الطلاب مخالفته؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1425(12/5233)
حكم من كان على علاقة مع فتاة كانت تعطيه هدايا ومال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتزم ولله الحمد قبل التزامي كانت لي علاقه مع بنت أكلمها وكانت تعطيني الفلوس والهدايا فماذا أفعل بالهدايا والفلوس الآن؟ مع العلم أن الفتاة عندما تركتها التزمت بعدي لأني رأيتها وحسن التزامها ثبتها الله بإذن الله وثبتنا جميعا أفيدوني جزاكم الله خيراً بأسرع وقت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الإسلام حرم أي علاقة حب تنشأ بين رجل وامرأة أجنبيين إلا في ظل الزواج الشرعي الذي أباحه الشرع ورغب فيه، وما أخذت من مال أو هدايا من هذه البنت إن كان من أجل تلك العلاقة المحرمة، فإنه أخذ بباطل وبغير وجه شرعي لا يحل لك أكله والانتفاع به، لأن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {النساء: 29} .
وفي هذه الحالة تتخلص منه بصرفه على الفقراء والمساكين ووجوه الخير ومصالح المسلمين العامة.
قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى: ومن باع خمراً لم يملك ثمنه، فإذا كان المشتري قد أخذ الخمر فشربها لم يجمع له بين العوض والمعوض، بل يؤخذ هذا المال ويصرف في مصالح المسلمين، كما قيل في مهر البغي وحلوان الكاهن وأمثال ذلك مما هو عوض عن عيب أو منفعة محرمة إذا كان العاصي قد استوفى العوض.
وأما إذا كانت الهبة المذكورة ليست لأجل العلاقة المحرمة، فإنك تملكها بذلك، ويحق لك التصرف فيها حيث شئت، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 9431.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1425(12/5234)
الهبة لا تقبل التعليق
[السُّؤَالُ]
ـ[تم كتابة قائمة مفروشات لزوجة مشروطة أن تسلم إليها بعد سنة إذا التزمت بالمعيشة بدون مشاكل مع زوجها ولكنها لم تلتزم من أول شهر وفي كل مرة تكون هي المدانة فما موقف الوسيط الذي تم إيداع القائمة أمانة عنده أرجو رأي الدين في ذلك وتم أيضا كتابة وصل أمانة على الزوج لصالح الزوجة بمبلغ عشرة آلاف جنيه وتم كتابة وصل أمانة على الزوجة لصالح الزوج بمبلغ عشرة آلاف جنيه أي أن كلا منهما كتب وصل أمانة وتم إيداع الوصلين عند طرف وسيط بشرط من يقوم منهم بالتعدي أو الغلط في الآخر وتثبت إدانته يعاقب بأن وصل الأمانة يكون من حق المجني عليه أو المعتدى عليه سواء بالسب أو القذف وثبت إدانة الزوجة أيضا نرجو توضيح رأي الدين في كيفية تصرف الوسيط وما هي حقوق تلك الزوجة التي ثبت اتصالها بمطلقها القديم والاتفاق معه على العودة بعد الخلاص بالطلاق من زوجها الجديد أرجو التوضيح وذكر أدلة شرعية وسرعة الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما تمت كتابته من قائمة المفروشات للزوجة، على أن تسلم لها بعد سنة بشرط أن تلتزم بمعايشة الزوج بدون إحداث مشاكل معه، وما تمت كتابته من وصل لصالح الزوجة أو لصالح الزوج تعتبر كلها هبات معلقة على زمان مستقبل، وعلى حصول شروط معينة، والهبة لا تصح إلا ناجزة، وتعليقها يبطلها، قال الشيخ علي حيدر الحنفي في درر الحكام على مجلة الأحكام: الهبة المضافة ليست بصحيحة، مثلاً لو قال: وهبتك الشيء الفلاني اعتبارا من رأس الشهر الآتي لا تصح. وقال الرحيباني الحنبلي في مطالب أولي النهي: ولا يصح تعليقها أي الهبة على شرط مستقبل؛ كإذا جاء رأس الشهر أو قدم فلان فقد وهبتك كذا. وفيه أيضا: والهبة لا تقبل التعليق. وقال في مغني المحتاج: ولا يجوز تعليقه؛ كقوله إذا جاء زيد فقد وقفت كذا على كذا لأنه عقد يقتضي نقل الملك في الحال.. فلم يصح تعليقه على شرط كالبيع والهبة.
وعليه؛ فهذه الهبات ليست صحيحة فهي راجعة لمن وهبها سواء حصل المعلق عليه أو لم يحصل، فقائمة المفروشات والعشرة آلاف جنيه لم تخرج عن ملك الزوج إلا أن يرى الآن تمليكها لزوجته، والعشرة آلاف الثانية لم تخرج أيضا عن ملك الزوجة إلا أن ترى الآن تمليكها ناجزة لزوجها. وعلى الزوجة أن تراعي حقوق الله وحقوق زوجها، وتبتعد عما حرمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1425(12/5235)
حكم الهبة تحت الإكراه
[السُّؤَالُ]
ـ[في ظروف غامضة، وهب أبي إلى ابن خالته قطعة أرضية لم تكن في حيازته آنذاك ولقد تم توثيق هذه الهبة في عقد بيع شكلي رغم أنه لم يكن هناك بيع بعد حيازته على الأرض تراجع أبي على هذا الأمر مبررا بأنه كان تحت تأثير نوع من الإكراه المعنوي وإلا فما كان ليهب لهذا الرجل شيئا وعرض عليه مبلغا تعويضا على سحب هذه الهبة منه مقابل تمزيق عقد البيع الشكلي ما رأي الشرع في هذه المسألة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالهبة لا تلزم بمجرد القول في قول أكثر أهل العلم، ولا تكون نافذة إلا إذا قبضها الموهوب له، أما قبل ذلك، فللواهب الرجوع عن هبته، وهي باقية في ملكه يتصرف فيها كيف شاء.
جاء في المسبوط: ثم الملك لا يثبت في الهبة بالعقد قبل القبض عندنا.
وجاء في بدائع الصنائع، وهو يذكر شرائط أركان الهبة ومنها القبض، قال: قال عامة العلماء بشرط (أي القبض) والموهوب قبل القبض على ملك الواهب يتصرف فيه كيف يشاء، وقال مالك: ليس بشرط، يملكه الواهب له من غير قبض. اهـ
وعليه، فرجوع والدك عن هبته لابن خالته قبل قبضه لها رجوع جائز، ولا يلزمه دفع شيء مقابل هذا الرجوع إلا بطيبة من نفسه، كما لا يجوز لابن خالته مطالبته بمبلغ من المال مقابل هذا الرجوع.
وقد أجبناك على أساس أن مرادك من قولك (لم تكن في حيازته آنذاك) وقولك (بعد حيازته على الأرض) هو أن هذه الأرض لم تكن في وقت الهبة تحت حيازة أبيك، وبعد أن وقعت تحت يد أبيك تراجع عن الهبة لابن خالته قبل أن يدفعها له، فإذا كان هذا هو مرادك فالجواب هو: ما أسلفناه، وإن كان المراد هو أن أباك قد تراجع عن الهبة بعد أن حازها ابن خالته (الموهوب له) فإن هذه الهبة نافذة ولا سبيل إلى التراجع عنها بحال ما دام الواهب بالغا رشيدا، وقد بذل مختاراً سالما من الإ كراه المعتبر، وليس من الإكراه المعتبر ما يسمى بالإحراج ونحوه، فالإكراه المعتبر هو التهديد بالقتل أو الحبس أو أخذ المال ظلماً....
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1425(12/5236)
دفع الدين لمن فضل في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والحمد لله.
وهب أبي الجزء الأكبر من أمواله لأخي الأكبر، ولمّا توفّي أبي لم يرجع هذا الأخ ما فضّله به أبي علينا، بل طالبنا بمنابه من بقيّة التركة كاملا، فأخذه.
ولهذا الأخ عليّ مبلغ يساوي أقلّ بكثير ممّا كان لي لو أرجع ما وهبه له أبانا. فهل أردّه له فأزيده على ما أخذ منّا أم أمسكه؟ أفتونا رحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن التسوية في العطية بين الأبناء غير واجبة، ولكنها تستحب، ويمضي عدم التسوية إذا وقع.
وذهب بعضهم إلى وجوب التسوية ورجحه المحققون، لحديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما في الصحيحين وغيرهما.
وعلى ذلك، فإن كان والدك وأخوك أخذا بالقول الأول وهو قول الجمهور فلا يحق لك أن تأخذ مما يطالبك به شيئا، لأن والدك وأخاك استندا فيما فعلا إلى قول فقهي معتبر، ويجب عليك أن تؤدي ما عليك له من حقوق.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل وأقوال أهل العلم وأدلتهم نرجو الاطلاع على الجوابين التاليين: 6242، 28403.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1425(12/5237)
لا مانع من الحصول على مبلغ مقابل عمل محدد
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض شركات الإعلانات على الإنترنت أقوم بالتسجيل عليها وأقوم بتنزيل البرنامج الخاص بالشركة وهو عبارة عن شريط يقوم بعرض الإعلانات طوال فترة بقائي على الإنترنت وتقوم الشركة بإضافة 0.7 دولار لكل ساعة حتى يكمل حسابي لديها 20 دولاراً فتقوم الشركة بإرسال شيك بالمبلغ على عنواني المسجل لديهم، ملحوظة: هذه الإعلانات أقوم أنا بتحديد مجالاتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى مانعاً من هذه المعاملة، لعدم وجود سبب للتحريم، فإن المبلغ الذي تحصل عليه محدد مقابل عمل معين وهذا لا شيء فيه، لكن يشترط عدم احتواء هذه الإعلانات على مخالفات شرعية، كالإعلان عن الخمور أو ملابس النساء التي لا تستر العورة أو لحم الخنزير ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1425(12/5238)
حكم رجوع الشركة في هباتها لعمالها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة استثمارية كبرى منذ أكثر من عشر سنوات0 ويحدث أننا نتقاضى راتبا شهريا0 كما أنه نتقاضى عن كل شهر مقابلا ماديا نظير كمية الأطنان الزائدة عن الكمية المحددة شهريا0وهذا ليس كل الشهور المهم ما يفوق الكمية المحددة0وذلك كحافز للعمال والموظفين على بذل الجهد0 كما أنه في عيد الفطر وعيد الأضحى نتقاضى من الشركة هدية للعيد0 ويحدث أن الموظفين بهذه الشركة يسعون للحصول على أي عمل آخر في شركة أخرى وذلك لأسباب كثيرة ضد الشركة0وعندما يترك الموظف الشركة يفاجأ بطلب الشركة منه بدفع كل ما تقضاه من مال غير المرتب الشهري وذلك من حوافز أو هدية لآخر 6 أشهر مضت0كما يفاجأ الموظف بخصومات مالية أخرى دون أسباب0أو عدم ترك الشركة والاستمرار في العمل تحت الضغوط وعدم العدل0فهل حلال أن يؤخذ مال مضى عليه شهور وتم صرفه على أولادنا ويستدين البعض لإرجاع المال للشركة مقابل أخذ أوراقه للعمل بمكان أفضل في المعاملة والحقوق0]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما تعطون من هدايا وهبات من شركتكم له حالتان، الأولى: أن يكون على سبيل الإحسان إليكم بدون قصد الإثابة عليه، ففي هذه الحالة لا يجوز للشركة الرجوع في هباتها ولا يلزمكم ردها. لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الراجع في هبته كالعائد في قيئه. رواه البخاري ومسلم. ونقل ابن حجر الاتفاق على عدم جواز الرجوع في الصدقة بعد القبض. الحالة الثانية: أن يكون بقصد الإثابة والمجازاة ـ وهذا القصد قد يكون في هدايا الكميات الزائدة أظهر منه في هدايا العيدين.
وعلى كلٍ فالهبة التي يريد واهبها أن يثيبه الموهوب له يجوز له الرجوع فيها. ولكن ننبه إلى أمر وهو أنه يجوز الرجوع في حال بقاء عين الهبة، أما إذا استهلكت فلا رجوع. جاء في المصنف عن الشعبي وطاووس قالا: إذا استهلكت الهبه فلا رجوع فيها.
وعليه؛ فلا يجوز للشركة الرجوع في هباتها لعمالها في حال استهلاكهم لهذه الهبات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1425(12/5239)
حكم الهدية أو البيع للمدرس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب في إحدى المدارس وحصل أن كان المدرس يحتاج إلى تمر وخفت إن أعطيته التمر يعتبر من باب الرشوه وأنا طالب أريد النجاح وخائف أن أقع في لعنة الله وأحضرت له التمر وبعته إياه بريالين لكي لا أقع في الرشوة هل عليّ شيء في هذا؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشارع الحكيم قد أمر بالهدية، وندب إلى قبولها، روى الإمام مالك في الموطأ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تهادوا تحابوا. وروى البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: ولو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت، ولو أهدي إلى ذراع أو كراع لقبلت.
فلا حرج على الطالب في الهدية إلى مدرسه، ولا على المدرس في قبول الهدية من الطالب، ويشترط في كل ذلك أن يصح القصد.
وأما لو كان الطالب يعطي الهدية لمدرسه طلباً لأن يمنحه درجات لا يستحقها في الامتحان، أو لينال منه أمراً ليس من حقه، فإنها حينئذ تكون رشوة ويجب الابتعاد عنها، وقد قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعنة الله على الراشي والمرتشي. رواه ابن ماجه والترمذي وأبو داود وأحمد.
وعليه، فما قمت به من بيع التمر إلى المدرس لا حرج فيه، مع أنك لو أعطيته له من غير بيع لكان ذلك أدعى إلى تحصيل المحبة بينك وبينه، ولا يعتبر رشوة طالما أن القصد لكل منكما صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1425(12/5240)
التكييف الشرعي لعدم جواز قبول هبة البنك الربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[أهداني صديقي آلة صغيرة لتخزين المعلومات أعطاه إياها البنك عندما فتح حسابا فيه، فما حكم الانتفاع بهذه الهدية علما أن هذا البنك ربوي
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز قبول هذه الهدية، والواجب هو صرفها في مصالح المسلمين، لأنها لا تخرج عن حالتين:
الأولى: أن تكون هدية من البنك الربوي مقابل الإيداع فيه، والتكييف الشرعي أن المودع مقرض لهذا البنك، ينتفع بالمبلغ الذي في الحساب انتفاع المقترض بقرضه، ومن قواعد الشريعة الإسلامية أنه لا يجوز انتفاع المقرض من المقترض منه، وذلك لما روي من حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن كل قرض جر منفعة فهو ربا. رواه الحارث بن أبي أسامة من حديث علي بن أبي طالب. وضعفه الألباني. وروى البخاري عن أبي بردة قال: أتيت المدينة فلقيت عبد الله بن سلام رضي الله عنه فقال: ألا تجيء فأطعمك سويقا وتمرا وتدخل في بيت، ثم قال: إنك بأرض الربا بها فاش، إذا كان لك على رجل حق فأهدى إليك حمل تبن أو حمل شعير أو حمل قت فلا تأخذه، فإنه ربا.
وقال ابن قدامة في الكافي: وإن أهدى له قبل الوفاء من غير عادة أو استأجر منه بغير الأجرة أو أجره شيئا بأقل أو استعمله عملا فهو خبيث، إلا أن يحسبه من دينه، كما روى الأثرم: أن رجلا كان له على سماك عشرون درهما فجعل يهدي إليه السمك ويقومه حتى بلغ ثلاثة عشر درهما، فسأل ابن عباس فقال: أعطه سبعة دراهم. وروى ابن ماجه عن أنس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أقرض أحدكم قرضا فأهدى إليه أو حمله على الدابة فلا يركبها ولا يقبله، إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك. فإن كان بينهما عادة بذلك قبل القرض أو كافأه فلا بأس، لهذا الحديث.
الحالة الثانية: أن تكون هدية من البنك الربوي لتشجيع العميل على وضع المال فيه أو الاقتراض منه، فالغرض منها الإيقاع في معصية الله، ومثل هذه الهدية لا يجوز قبولها سدا لذريعة الوقوع في الحرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1425(12/5241)
حكم تصرف الزوجة في ما يعطيها زوجها من مال
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى وصحبه أجمعين.
هل يجوز لي أن أتصدق أو أقرض من مالي الذي يعطينيه زوجي كمصروف لي وذلك بدون علم زوجي وماذا لو كان من أقرضهم أو أتصدق عليهم ممن لا يرضى زوجي أن أقرضهم أو أتصدق عليهم، أجيبونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخلو هذا المال المعطى للزوجة من أن يكون واجباً على الزوج كالنفقة الواجبة، أو غير واجب عليه، فإن كان نفقتها الواجبة عليه، فلها التصرف فيه بما شاءت من التصرفات المالية المباحة من تصدق وإقراض كسائر أملاكها بعلم الزوج وبدون علمه، ما لم تكن سفيهة لا تحسن التصرف في المال.
وأما إن كان يعطيها المال لتنفق منه على نفسها وأولادها وبيتها، فإنها تكون وكيلة حينئذ ليس لها التصرف في المال، إلا بعلم وإذن الموكل وهو الزوج، وفي هذه الحالة ليس لها أن تتصدق منه أو تقرض إلا بعلم زوجها وإذنه.
وهذا كله إذا كان المقصود بالمصروف ما يصرف للنفقة والملبس. أما إذا كان المقصود هبة مال للزوجة فإن لها التصرف فيه على كل حال ما لم تكن سفيهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1425(12/5242)
حكم التمييز بين الإخوة في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن أميز بالمعاملة بين إخوتي في النواحي المادية فقط، لأن بعضهم يعطوني من المال والهدايا ما يفرح قلبي أنا وأمي والآخرون لا يتذكرونني بشيء، مع العلم بأنني أكون بحاجة للمال أحياناً وهم وضعهم المالي أفضل ممن يعطونني المال والهدايا وهل لي الحق بأن أميز في النواحي المادية بين من يعطيني ولو كان ما معه آخر قرش في جيبه ومن معه ولا يعطيني لا أنا أو أمي، مع العلم بأنني غير متزوجة ولا أعمل؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا من التمييز بين الإخوة في المعاملة وخاصة إذا كان لذلك داع أو سبب من الإحسان والرعاية وتقديم الهدايا والمساعدات من بعضهم دون البعض، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعو له حتى تروا أنكم قد كافأتموه. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما.
وإنما تجب التسوية بين الأبناء في العطية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فاتقوا الله واعدلوا في أولادكم. رواه مسلم وغيره، وأما الإخوة فيجوز التمييز بينهم، وخاصة إذا كان ذلك من باب المكافأة ورد الجميل كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1425(12/5243)
هل يعلم سائر الأبناء إذا كتب أرضا لأحدهم سدادا لدينه
[السُّؤَالُ]
ـ[ثانيا في الفتوى رقم (55476) هل يشترط لكتابة مقابل الدين لابني أن أعلم أبنائي بذلك.
منتظر ردكم بالله عليكم سريعاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
2- فإذا كانت الأرض التي ستعطيها لابنك بمقدار دينه الثابت في ذمتك دون زيادة فلا يشترط إعلام بقية أبنائك بذلك، أما إذا زادت عن مقدار دينه، فالواجب هو إخبارهم وموافقتهم، لأن العدل بين الأبناء في العطية واجب، إلا إذا وافقوا على التفضيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1425(12/5244)
من أهديت له هدية من مال حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[جاءت لي هدية من إحدى أقاربي وبعد مدة عرفت أنها من نقود حرام فهل أنا علي ذنب، ولو أردت أن أخرج ثمن هذه الهدية أخرجه بثمنها وقتها أم ثمنها الآن مع العلم أنها هدية ذهب. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الهدية مغصوبة أو مسروقة بعينها أو تم شراؤها بمال معين مسروق أو مغصوب، فالواجب عليك ردها إلى المهدي إن علمت أنه سيردها إلى أصحابها، أما إذا علمت أنه لن يردها إلى أصحابها فالواجب عليك ردها بنفسك إلى مالكها الأصلي إن استطعت الوصول إليه، فإن تعذر عليك الوصول إليه تصدقت بثمنها عنه في سبيل الخير ومصالح المسلمين، وكذلك الحكم إذا كان مال المهدي حراماً صرفاً، أما إذا كانت هذه الهدية اشتراها المهدي من مال مختلط فالراجح هو مشروعية أخذها مادامت من غير عين المال الحرام. ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16538، 18867، 26600، 28849.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1425(12/5245)
قبول الهبة ممن يريد الرقية الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شرعا أن آخذ مالا من شخص حصل عليه عن طريق قراءة القرآن على شخص مريض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في أخذ الأجرة على رقية المريض، ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ما ملخصه: أن نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اشترطوا قطيعاً من الغنم على رقية رجل مشرك كان لديغا، فلما قدموا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: قد أصبتم، اقتسموا واضربوا لي معكم سهماً. قال ابن تيمية رحمه الله: وأذن لهم في أخذ الجعل على شفاء اللديغ بالرقية. اهـ.
وبناء على هذا فلا مانع من أخذ المال الذي حصل عليه الراقي سواء كان على سبيل العوض، أم كان على سبيل الهبة أو الصدقة أو غير ذلك، وراجع الفتوى رقم: 6125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1425(12/5246)
حكم العامل الأجير إذا حصل على مبلغ زائد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عامل في مقهى وأتقاضى راتبا شهريا, وعند تحاسبي مع مالك المقهى يفضل مبلغ ما فمثلا يجب تسديد 1000 ريال ويفضل200ريال فهل آخذ هذه 200 ريال]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المبلغ الزائد غير مستحق لصاحب المقهى فلا يشرع تسليمه إليه، ولا يخلو هذا المبلغ حينئذ من حالتين:
الأولى: أن يكون الزبائن قد أعطوه لك على سبيل الهبة، فلا حرج في أن تأخذه وتنتفع به.
الثانية: أن يكون الزبائن قد تركوه عندك على سبيل الخطأ أو النسيان، وفي هذه الحالة يجب رده إليهم، فإن تعذر رده إليهم لتعذر الوصول إليهم بسبب عدم معرفتهم أو غير ذلك تصدقت به عنهم، كما بيناه في الفتوى رقم: 23850.
ولمعرفة حكم العمل في المقهى راجع الفتوى رقم: 27533 والفتوى رقم: 31477.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1425(12/5247)
هل تكتب بيتها لأمها وإخوتها لسكنهم فيه زمنا طويلا
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة لها خمسة إخوة وأخت واحدة اشترت أرضا وأقامت عليها منزلا في حياة أبيها وأمها. لا تزال أمها قاطنة بالمنزل ساهم أخ واحد بزجاج وأطر النوافذ بما قيمته ربع ثمن المنزل بينما ساهم أخ آخر ب 6.5% من
القيمة. علما أن السائلة لم تسكن بالمنزل قط وتحملت مصاريف الضريبة والنظافة لمدة 30سنة بما يعادل مجموع المبلغ المساهم به من طرف الأخوين. علما أن جميع الإخوة والأم استغلوا هذا المنزل البيت كل هذه المدة والسائلة قاطنة مع زوجها ولم تسكن بالبيت أبدا. هل تأثم السائلة إذا لم تدفع المبلغ الذي ساهم به الأخوان? علما بأن هذا المنزل يسبب إزعاجا للسائلة نظرا لأن جميع الأخوة والأم يطالبون أن يكتب المنزل بأسمائهم لقيمته العائلية ولأنهم سكنوا به مدة طويلة. ويقولون إنها في غنى عن البيت. فماذا يقول الشرع في هذه المسألة؟ جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور:
الأمر الأول: ما يتعلق بما ساهم به إخوان السائلة في بيتها من نوافذ وغيرها، وذلك راجع للاتفاق بين السائلة وبين إخوانها، فهل كان الاتفاق على أنهم شركاء في البيت بقدر ما دفعوا؟ أم على أن ما دفعوه هو دين لهم على أختهم؟ أم على أن ذلك أجرة مقدمة للسكنى لفترة محددة؟ أم أن ذلك تبرع منهم؟ لم يبين لنا شيء من ذلك في السؤال. وعلى العموم فإنه إن لم يحصل اتفاق على شيء ولم يجر عرف بشيء فإن ذلك يعد تبرعا منهم لها فلا يلزمها اتجاه ذلك لإخوتها شيء، والبيت لها دونهم لأن الأصل براءة الذمة فلا تعمر إلا بمحقق. والأمر الثاني: ما يتعلق بسكنى الإخوان في البيت كل هذه السنين، وذلك أيضا راجع للاتفاق بين السائلة وإخوانها فهل كان الاتفاق على أن ذلك بأجرة؟ أم على أن ذلك تبرع من الأخت لهم؟ أم أن ذلك كان مقابل ما ساهموا به في البيت؟ وكذلك هنا لم يبين لها شيء من ذلك في السؤال. ونقول هنا كما قلنا هناك إنه إذا لم يحصل اتفاق على شيء فإن ذلك يعد تبرعا من الأخت لإخوانها. والأمر الثالث: ما يتعلق بمطالبة الأم والإخوان للسائلة بكتابة البيت بأسمائهم، وذلك لا يحق لهم إلا أن تطيب نفس السائلة لهم بذلك. وكونهم سكنوا في البيت مدة طويلة، وكون السائلة في غنى عن البيت كل ذلك لا يلزم السائلة بكتابة البيت بأسمائهم، بل الأمر راجع لها إن شاءت فعلت ذلك وإن شاءت لم تفعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1425(12/5248)
وهب أرضا لابنه الذي أحياها دون باقي أولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[قام والدي بزراعة قطعة أرض نخيل بالشراكة مع مجموعة أخرى من الناس وتم الاتفاق على أن يمتلك نصف الأرض المزروعة بالنخيل ثم ظهر تقسيم أرض جديدة على غرار هذه القطعة فقام أحد إخوتي بزراعة القطعة الجديدة في انشغال الآخرين بأمور أخرى تاركين الأمر لأخي هذا لزراعتها وبعد فترة أعلن والدي أن هذه القطعة هي لأخي شريكا بالنصف مع الشركاء الآخرين وليس لي أنا وأخوتي الباقين الحق فيها ويتساءل والدي عن مدى صحة ذلك من الناحية الشرعية وهل للأبناء الآخرين الحق فيها. وهل إذا وافق الأبناء الآخرون على ذلك براً بوالدهم يعد صحيحا شرعاً؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نفهم سؤالك ـ أخي السائل ـ على وجه التحديد حيث لم تبين لنا لمن هي الأرض قبل القيام بزراعة النخيل، فهل هي موات مباح؟ أم هي ملك للشركاء المذكورين؟ أم أن الدولة قد وهبتها لوالدك والشركاء؟ وعلى العموم فإن الذي فهمناه هو أن الأرض قد وهبتها الدولة لوالدك والشركاء المذكورين، ثم إن والدك قد اتفق مع الشركاء على أن يحيوها على أن له نصف الأرض بما فيها بعد الإحياء. فإذا كان الأمر كذلك فما قام به أخوك من إحياء للأرض الأخرى لا يجعله مالكا للأرض، لأنه إما تبرع بعمله أو عامل بأجرة.
وعليه.. فتمليك والدكم الأرض لأخيكم الذي أحياها دونكم راجع إلى مسألة تفضيل الأبناء في العطية، وقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتوى رقم: 6242. والخلاصة أن الجمهور على أن ذلك مكروه، وأن الحنابلة وبعض المالكية والبخاري وإسحاق والثوري وآخرين على أن ذلك حرام، وعلى قول الحنابلة ومن وافقهم الفتوى عندنا في الشبكة، لأن ظاهر الأدلة مع هذا القول، ولكن الجميع متفق على أن ذلك جائز إذا كان برضى بقية الأولاد. فإذا كنتم راضين بما فعله والدكم فلا حرج عليه وعليكم في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1425(12/5249)
من حق الشخص أن يهب ما شاء من ماله ما دام أهلا للتصرف
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يريد أن يهب عمارته لزوجته وبناته الأربع مع العلم أن أبويه ميتان؟ بعض أهل العلم ممن استفتيناهم قال بأنه يجوز أن يهب كل أو بعض ماله ويكره ذلك إذا كان أبواه حيين أرجو من فضيلتكم إجلاء الإشكال أعلاه وجزيتم عنا خير الجزاء.
ملاحظة: كيف تقسم التركة بين زوجة المذكور وبناته الأربع علماً أن أبوي المذكور متوفيان وله ثلاثة إخوة أشقاء وشقيقة واحدة؟ هل للزوجة الثمن وللبنات الثلثان والباقي للإخوة الأشقاء للذكر مثل حظ الأنثيين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الهبة نافذة لا تعلق لها بوفاة الواهب فلا مانع من ذلك شرعاً، ومن حق الشخص أن يهب ماله كله أو ما شاء منه ما دام أهلاً للتصرف.
ولا تتم الهبة إلا إذا تم حوزها من الموهوب له حتى تصبح تحت يده بحيث يمكن له التصرف فيها تصرف المالك في ملكه، ويكون ذلك في حال صحة الواهب وتمتعه بأهلية التصرف.
أما إذا كانت الهبة معلقة على الوفاة، فإن ذلك بمنزلة الوصية ولا تصح إلا إذا أجازها بقية الورثة.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث. رواه ابن ماجه والترمذي وأبو داود.
فإذا أجاز بقية الورثة الوصية للوارث صحت بشرط أن يكونوا بالغين رشداء.
وأما ما ذكرت من كيفية تقسيم تركة الرجل المذكور، فإن كان ورثته محصورين فيمن ذكرت، فإن القسمة صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(12/5250)
الهبة التي لم تحز في حياة الواهب
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن رجل كان يبني بيتا وكان يقول إنه يبني لكل واحد من أبنائه شقة في هذا البيت وتوفي هذا الرجل تاركا ولدين وبنتا وتاركا البيت وهو عبارة عن دور أرضي به شقة قام بعمل مشروع بها ومحلات ودور أول به شقتان ودور ثان به شقتان لم ينتهي من بناائهما
هل لكل ابن من أبنائه أن يأخذ شقته قبل تقسيم الميراث؟ أم ماذا عليهم أن يفعلوا؟
أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد قول هذا الرجل إنه سيبني لكل واحد من أبنائه شقة لا يجعل هذه الشقق ملكا لهم دون غيرهم من الورثة، لأن الهبة لم تحصل في حياة أبيهم، فلا بد في الهبة من التمكين من الواهب والحوز من الموهوب له. فقد روى الإمام مالك في الموطأ عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن أباها أبا بكر وهب لها شيئا من ماله في حال صحته ولم يتم حوزها له فلما أصيب بمرضه الذي توفي فيه قال لها: إني كنت قد نحلتك جذاذ عشرين وسقا فلو كنت جذذتيه واحترزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث.
وعلى ذلك، فإن الشقق المذكورة تضم لتركة الميت وتقسم على كل الورثة كما جاء في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1425(12/5251)
من أهدت هدية دون رضا زوجها ثم مات
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أردت أن أهدي أختي هدية ولكن زوجي لم يكن راضيا عن ذلك, ومع ذلك أهديتها الهدية دون علمه، الآن بعد موته هل يمكن أن يسامحني على عدم إخباره بذلك.
وجزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الهدية من مالك فلا يشترط فيها علم الزوج ولا رضاه، وليس عليك شيء في إعطائها لأختك وإن لم يرض زوجك، وإن كانت من مال زوجك فكان عليك أن لا تتصرفي في ماله إلا بإذنه، وحيث إن الزوج قد توفي ولم تطلبي منه المسامحة فتكون هذه الهدية أو قيمتها من التركة التي تركها الزوج، فعليك طلب المسامحة من الورثة، فإن تنازلوا عنها فلا شيء عليك حينئذ، وإن لم يتنازلوا عن حقهم فتخصم من نصيبك من التركة، فإن كان الورثة قد أخذوا أنصبتهم من التركة فتأخذين نصيبك من هذه الهدية أو قيمتها وتعيدين الباقي للورثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1425(12/5252)
حكم تخصيص الأب أحد أبنائه بحصة في شركة له
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يملك شركة مع مجموعة من الأشخاص وهو يمثل طرفا أولا والآخرون يمثلون طرفا ثانيا وهم أكثر من واحد وقام بإنشاء فرع آخر بنفس الطريقة ولكنه جعل أحد أبنائه طرفا أولا مكانه في الفرع الجديد هل لإخوته حق عند الميراث في الفرع الجديد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الرجل قد وهب لأحد أبنائه حصته في هذا الفرع الجديد، دون مسوغ شرعي، فهذه الهبة لا تجوز، ولا تصح، وعليه أن يفعل واحدا من أمرين فإما أن يعطي باقي أولاده، مثل ما أعطى هذا الولد، وإما أن يسترجع ما وهبه له، وإذا لم يفعل حتى مات دخل نصيبه في هذا الفرع، ضمن الميراث المستحق للورثة. وراجع للتفصيل الفتوى رقم: 6242، والفتوى رقم: 34562، والفتوى رقم: 33348.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1425(12/5253)
هل يقبل الهبة الممنوحة له من المورد
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مجال الشراء من السوق الخارجي من أوروبا وأمريكا، أحد الموردين الأجانب المسلمين أثناء زيارة له للقاهرة أعطاني بعض المال بدون أن أطلب منه ذلك، مع العلم بأنني لا أقدم له أي محاباة في العمل قبل ذلك أو بعد ذلك، مع العلم أيضا أن ذلك يعتبر من الأمور المتعارف عليها في هذا المجال في الخارج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من قبول هذا المال إذا كنت تعمل في هذا المجال لنفسك، أما إن كنت موظفا مسؤولاً عن الاستيراد في شركة ما مثلا، فلا تأخذه إلا بإذن صاحبها، وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 17863، والفتوى رقم: 3816.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1425(12/5254)
الهبة تحت طائلة الخوف
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعبر لكم عن كل شكري وتقديري على هذا المجهود الرائع لتوصيل العلم إلى من لا يعلم وأسأل الله أن يجازيكم عن ذلك خيراً إن شاء الله.
كان أخي يقوم بزراعة أرض الأسرة كلها (حتى بعد أن قُسمَت بالميراث) ثم توفي أخي هذا واتفقت الأسرة على توزيع الأرض على مستحقيها حسب الشرع وتم ذلك فعلاً........ إلا أن أولاد أخي اشترطوا عليّ وساوموني على أن أترك قيراطا لأبناء أخي الصغار (على الرغم من أن أبناء أخي الكبار لم يتنازلوا عن شيء من حقهم لإخوانهم الصغار) لكي أحصل على حقي من الميراث ووافقت ثم بعد ذلك بدأوا يساوموني على أن أترك قيراطين ثم بعد أن وافقت ساوموني على أن أترك أربعة قراريط ووافقت على ذلك وتسلمت الأرض ولكن هذه القراريط مازالت باسمي (قانوناً) ومن الممكن أن ألجأ إلى المحكمة وأحصل عليها بسهولة....... فهل يمكن أن أتنازل عن هذه القراريط الأربعة وأحتسب قيمتها نقداً من مبالغ الزكاة المستحقة علىَّ (علماً بأنني مستحق علىَّ زكاة على جملة ما لدي من مال) . أفيدونا أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبما أنك وهبت القراريط لأبناء أخيك وتمت لهم حيازتها -كما هو ظاهر السؤال- فقد صارت ملكا لهم، لأن الهبة تملك بالقبض، ولا عبرة بالوثائق التي تثبت لك ملكيتها ولو اعتمدتها المحكمة، فالله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} . وراجع الفتوى رقم: 50471، وهذا ما لم تكن قد وافقت على طلبهم تحت طائلة الخوف على حقك من الضياع وكانت نيتك في الباطن أن الموافقة لفظية فقط، وأنك متى ما ضمنت الوصول إلى حقك رجعت عما كنت وافقت عليه.
ولا يجوز حسابها من الزكاة، لأنه لا بد من النية عند إخراجها، وقد فاتت النية، وراجع الفتوى رقم: 25273.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1425(12/5255)
بنى طابقا في بيت أبيه بماله الخاص فهل لأبيه التصرف فيه بغير إذنه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قام الوالد ببناء منزل من ثلاثة طوابق وقمت أنا ببناء الطابق الرابع علي نفقتي الخاصة
ونحن ثلاث رجال وبنتين وقد قام بكتابة طابق لكل رجل وطابق للبنتين بعقود تمليك مع العلم بأنه مازال علي قيد الحياة
مع عدم الأخذ في الاعتبار ما أنفقته في بناء الطابق بالكامل علي نفقتي الخاصة
مع الرغم أنني قد طلبت منه احتساب ما أنفقته في البناء علي إخوتي الذين أخذوا حصتهم بدون إنفاق أي مبالغ في البناء ولكنه رفض.
هل هذا التوزيع عادل من الناحية الشرعية؟
وجزاكم الله خيرًا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطابق الذي بنيته بمالك الخاص إذا لم يكن هبة منك لوالدك فإنه يعتبر ملكا خاصا بك ولا يحق لوالدك التصرف فيه أو وضعه أو توزيعه على الأبناء ضمن ممتلكاته الخاصة إلا بإذنك وطيب نفسك.
وقبوله لبنائك فوق بنائه يعتبر هبة منه لهواء منزله لك ومادمت لا تقبل بالقسمة المذكورة فإنها غير صحيحة شرعا.
ثم إن تقسيم والدك لماله في حياته إذا كان على سبيل الهبة والتمليك بحيث يتصرف كل واحد منهم فيما وهب له تصرف المالك في ملكه فإنه يعتبر صحيحا إذا كان عدل في القسمة.
أما إذا كان تنفيذ الملك يتوقف على وفاته فإن ذلك لا يصح، لأنه بمنزلة الوصية للوارث أو تقسيم تركة الشخص في حال حياته، وكل ذلك لا يصح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1425(12/5256)
تبرع الأب لأحد أبنائه بشقة ثم مات فما الحكم
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة المحترمين في دار الإفتاء: لم أقصر مع السيد الوالد طيلة حياته في الوقت الذي كنت فيه أملك شيئا قليلا أو كثيرا وأعتقد أن هذا ما دفع السيد الوالد في العام 1999 أن يسجل نصف منزله باسمي والنصف الآخر باسم السيدة الوالدة. طلبت منه أن يسأل إخوتي وأخواتي عن ذلك قبل التسجيل فكان رده أن هذا مالي وأنا حر فبه. رغم ذلك فقد سألهم الوالد ولم يمانع أحدهم في الأمر وأنهم جميعا مسامحون بحصصهم. بعد ثلاث سنوات توفي السيد الوالد رحمه الله فقررت العائلة أن نبيع المنزل حتى نشتري لأمي منزلا لها قريبا من الإخوة والأخوات, عندها سجلت أمي بقية المنزل باسمي ولم أكن أعلم بالأمر. ولا زالت أمي رعاها الله تعيش بالمنزل الجديد. السؤال الآن هل يحق شرعا أن يقول أحدهم أنني لا أسامح أبي عما فعل في يوم القيامة؟ وأن يطالبني أحد من إخوتي أو أخواتي بحصتهم من المنزل, وإذا يحق لأحدهم ذلك ما مقدار حصة كل واحد منهم علما أننا أربعة أخوة وأربع أخوات, وهذه الحصة ستكون من سعر المنزل الجديد أم من سعر المنزل القديم؟
جزاكم الله خيرا وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد علينا هذا السؤال بنصه من السائل نفسه باللغة الانجليزية، ونص جوابنا هو: فإن هذه المسألة من مسائل الدعاوى التي تتطلب السماع من الطرفين، ولا يمكن الحكم فيها بالسماع من طرف واحد، فالأجدر بالنظر فيها المحكمة الشرعية إن كنت في بلد مسلم، أو إحدى الجمعيات الإسلامية إن كنت في بلد غير مسلم، ولكننا على وجه العموم نفيدك بما يلي: إذا ثبت إقرار إخوتك بهذا التبرع الذي صدر من أبيك، فإما أن يكون هذا التبرع على سبيل الهبة، ونفذت حال حياة أبيك وحزتها، فحينئذ تكون الشقة ملكاً لك، ولا عبرة برجوع إخوتك عن إقرارهم. وإما أن يكون هذا التمليك غير نافذ بمعنى أن الشقة ظلت تحت يد الوالد حتى مات فإنها تأخذ حكم الوصية وتكون حينئذ للورثة كلهم إذ لا وصية لوارث لكن سكوت إخوتك لغير عذر على تصرفك المذكور في الشقة بالإصلاح والبيع لصالحك قرينة على رضاهم بذلك التبرع وإجازة للوصية، فتستحق هذه الشقة بذلك. وننبه إلى بعض الأمور وهي: الأمر الأول: أنه على تقدير استحقاقك لهذه الشقة، فلو تنازلت عن بعض ما هو حق لك، لأجل الصلة والبعد عن الخصام، لكان ذلك حسنا، ولك الأجر من الله تعالى. الأمر الثاني: أن المعتبر السعر الحالي للشقة الثانية. الأمر الثالث: أن ما ذكرناه في تبرع أبيك لك يقال في تبرع أمك لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1425(12/5257)
لا بأس بتخصيص الأب بعض الأولاد بهبة في حياته بموافقة البقية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
تحية إسلامية وبعد,
لأبي منزلان واحد منهما ذو طابقين يقطن في الطابق العلوي أخي الأكبر وفي الطابق السفلي أبي وأمي ولي ثلاث أخوات متزوجات منهن واحدة متوفاة منذ عشر سنوات وعندها بنت وكل من الثلاث بنات يسكن مع أزواجهن في بيت ملك أي ليسوا مؤجرين؛ عند زواجي طلب مني أبي أن أسكن في المنزل الثاني كأنه ملك لي (دون عقد او أي شيء) لكني رفضت لأن المسكن يوجد في حي شعبي جداً علماً أن المسكن الأول هو كذلك في حي شعبي لكن أقل شعبية طلبت من أبي أن يعرض المنزل للبيع وعن طريق ثمنه أزيد بعض المال وأشتري منزلا آخر أو أرضا أبني عليها ووافق أبي وكذلك إخوتي على هذه الفكرة والآن البيت معروض للبيع
فسؤالي هو: هل أن هذه الفكرة جائزة في ديننا أم أني أعتبر أني قد فككت لإخوتي إرثهم؟ علما أنهم موافقون.
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق الوالد أن يهب لأبنائه ما يشاء من ماله في حال صحته، وكمال تصرفه ... ولكن يجب أن يساوي بينهم في العطية على الراجح من أقوال أهل العلم، ولا يجوز له تفضيل بعضهم على بعض إلا لمسوغ شرعي إلا إذا رضوا بذلك، فلا مانع من تخصيص بعضهم بالهبة.
وعلى ذلك، فما دام إخوانك راضين وموافقين على هبة والدهم لبعضهم، فلا مانع من ذلك شرعاً إن شاء الله.
ولمزيد من الفائدة، نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 48877.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1425(12/5258)
حكم التفرقة بين الأولاد في المدارس لاختلاف استيعابهم
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي ثلاثة أبناء منهم اثنان في التعليم الابتدائي الأول مستوى تحصيله جيد جداً والآخر تحصيله ضعيف ويدرسان النظام البريطاني وهما في مدرسة واحدة الأول في الصف الخامس والثاني في الصف الرابع أسأل عن مدى جواز تحويل ابني الثاني لمدرسة أخرى ولدراسة نظام آخر وذلك لعدم استيعابه الجيد وهل هذا يمثل تفرقة في المعاملة بين الأبناء؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الوالد هو أن يعلم أولاده العلوم الشرعية التي يحتاجونها لدينهم كعلم العقيدة والفقه والقرآن والحديث والسير، ويؤدبهم بالآداب الإسلامية، امتثالاً لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم: 6} .
فإن آنس منهم أنهم تمكنوا من ذلك فلا بأس أن ينقلهم إلى حيث يتعلمون العلوم الأخرى التي تفيدهم في أمور دنياهم، وليس فيها ما يتنافى مع الدين.
وإذا كان أحدهم أقل استيعاباً للدروس من غيره فلا مانع من نقله إلى حيث يتمكن من معرفة البرامج المدروسة والمقررات التعليمية، فإن مراعاة الفروق الفردية مبدأ من مبادئ علم النفس التربوي.
وعليه، فليس عليك حرج في نقل الابن الأقل استيعاباً للدروس إلى حيث يستفيد ويتمكن من المتابعة، وليس في ذلك تفرقة في المعاملة بين الأبناء، وإنما هو مراعاة للخصائص والفروق التي هي موجودة بينهما.
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 34291.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1425(12/5259)
حكم توريث الأبناء تركة أبيهم في حياته
[السُّؤَالُ]
ـ[يرجى إيضاح الفتوى رقم: 53596 الجهالة تفسد الإجارة، والسؤال هو: إذا كان التعامل بالبيع أي التمليك للعين وتوريثها للأبناء؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 53596 أنه لا يجوز إجارة العين مدى حياة المستأجر، لما في ذلك من جهالة المدة، وجهالة المدة تفضي إلى جهالة الأجرة، لأنه لا يُدرى متى يموت، فقد تطول المدة وتقد تقصر، فيتضرر المستأجر بقصرها والمؤجر بطولها.
فإذا كان المقصود في السؤال توريث الأبناء تركة أبيهم وهو حي بقسمتها عليهم، وتسليمهم إياها تمليكاً، فهذا جائز، ويُعد هبة نافذة.
أما إذا كان المقصود من ذلك أنه يبيعها لهم بيعاً صورياً حال حياته، ويحتفظ بها حتى يموت ثم تؤول إليهم بالعقود التي كتبها لهم، فهذا غير جائز وحكمه حكم الوصية للوارث، ولا وصية لوارث، وراجع الفتوى رقم: 14893، والفتوى رقم: 27494.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1425(12/5260)
تفضيل الأولاد على البنات في العطية مخالف للعدل
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تملك قطعة أرض مساحتها 1500 مترا وأبي يملك بيت صغير كتبت أمي قطعة الأرض باسمي واسم أخي الثاني، وللعلم عندي 9 أخوات حيث اتفق أبي وأمي على أساس أن يكون البيت القديم للبنات معللين ذلك أن البنات سوف يتزوجن، فهل يجوز لأمي فعل ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي فعلته الأم مخالف للعدل بين الأولاد في العطية الذي جاءت الأحاديث الصحيحة الصريحة تحض عليه، فعليها أن تعدل بين الأبناء والبنات في العطية، وقد سبق أن بينا ذلك بالتفصيل مدعما بالأدلة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1227، 6242، 33348، 33994.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1425(12/5261)
المعيار الشرعي لنفاذ الهبة للأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة من الإخوة والأخوات قبل أن يتوفى والدنا رحمة الله عليه وعلى جميع المسلمين وافق والدنا على طلب ابنه الأكبر لتخصيص جزء من أرضه باسمه على أساس أن يبني بها بيتا ليتزوج فيه مستقبلا ولكن أخانا لم يقم ببناء هذا البيت بل اشترى شقة بالتقسيط قام الوالد بدفع القسط الأول منها4000 جنيه فهل تعتبر هذه الأرض حقاً لأخينا أو أنها للورثة جميعا؟ كما تنازال الوالد كتابيا لابنه الآخر على قطعة أرض أخرى لأجل أن يقوم هذا الابن بدلا عن الوالد بمتابعة قسمة هذه الأرض لأن هذه الأرض التي تنازل عنها بها ورثة آخرون ّ أبناء عمومة لوالدنا فهل هذه الأرض للورثة أو من حق أخينا هذا فقط؟ أصدرت الدولة قانونا بتمليك العقارات للمستأجرين دون تعويض أصحابها وبعد سنوات من مطالبة أصحاب العقارات بأملاكهم حاولت الدولة مراوغة المطالبين بحقوقهم فسمحت لهم بتقديم دعاويهم إلى محكمة خاصة أنشئت لهذا الغرض كانت هذه المحمكة تحكم لصالح المدعي وفق مجموعة من القوانيين التعجيزية معدة لذلك مثلا:
- أن يوضح المالك كيفية حصوله على العقار فإن كان قد ورثه فعليه أن يحضر الوثائق التي تبين ذلك وأن كان قد اشتراه فعليه أن يبين كيف تحصل على مال الشراء.
- أن يكون هذا العقار معدا لتزويج أحد أبنائه بشرط أن يكون الابن غير مالك لأي عقارا آخر وأن يقدم المالك للمحكمة تنازلا خطيا عن هذا العقار لصالح هذا الابن وغيرها من القوانين الأخرى.
فقام الوالد بكتابة تنازل خطي للشقق التي كان قد ورثها عن أبيه لعدد من أبنائه الذين لا يملكون عقارات فما حكم هذه الشقق في الإرث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان والدكم قد وهب لكل أبنائه وبناته هبة كما وهب للأبناء المذكورين وتمت حيازة الهبة حوزاً شرعياً بحيث أصبح الموهوب له يتصرف فيها تصرف المالك في ملكه في حياة الواهب وفي حال تمتعه بمؤهلات التصرف ولم يصب بمرض مخوف.
ففي هذه الحالة، فإن الهبات المذكورة ماضية، وتعتبر ملكاًَ لأصحابها خاصاً بهم دون غيرهم من الورثة. أما إذا لم تتم حيازة الهبة في حالة أهلية الواهب للتصرف، فإنها لا تمضي، فقد روى مالك في الموطأ أن أبا بكر رضي الله عنه وهب لعائشة رضي الله عنها هبة ولم تقبضها حتى أصيب بمرضه الذي توفي فيه، فقال لها: إنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك، فاقسموه بينكم على كتاب الله تعالى.
وهو ما درج عليه أهل العلم في كتبهم. قال ابن أبي زيد في الرسالة: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بحيازة.
وكذلك إذا لم يكن الوالد وهب شيئاً لأولاده الآخرين، فإن تخصيص بعض الأبناء بالهبة دون البعض لا يصح على الراجح من أقوال أهل العلم.
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. رواه البيهقي، وحسنه الحافظ في الفتح.
ولحديث النعمان بن بشير المشهور في الصحيحين.
وعلى ذلك، فإن لم تستوف الهبات المذكورة الشروط التي أشرنا إليها، فإنها تعتبر تركة تقسم بين الورثة كغيرها من ممتلكات أبيكم على ما جاء في كتاب الله تعالى، وإن كانت قد استوفت شروط الهبة، فإنها تعتبر ملكاً خاصاً لمن وهبت له.
ولمزيد الفائدة في الموضوع تراجع الفتوى رقم: 14611.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1425(12/5262)
هل تقبل هدية من تعتريه نوبات لا يدري خلالها ما يفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة مسلمة, أرملة, أم ليتيمين, اضطرتني ظروف الحياة الصعبة في بلدي للهجرة إلى بلد أجنبي غير مسلم بحثا عن لقمة عيش حلال وحياة كريمة لي ولأبنائي, المهم أنني استطعت والحمد لله العمل في إحدى دور العجزة في هذا البلد كموظفة مسؤولة عن رعاية المسنين, سؤالي يتمحور حول موضوع طرأ مؤخرا في عملي وهو أن إحدى نزيلات دار العجزة أهدتني خاتما رفيعا من الذهب الخالص كهدية منها ومكافأة لي على حسن أدائي وإتقاني لعملي كما قالت لي, المشكلة تكمن في أن هذه السيدة العجوز\\\"وهي غير مسلمة\\\" تعاني من مرض عضال يعرضها للقيام بأعمال وأقوال لا تعيها من خلال نوبات تعترضها ثم تعود بعدها إلى طبيعتها, علما أن هذه النوبات لا تعرضها لهياج أو اضطراب! أي أنها تفعل ما تفعل خلال النوبات بكل هدوء حتى أنه لا يبدو عليها أثر المرض خلال تعرضها لبعض النوبات!
المشكلة هي أنني أخشى أن تكون قدأعطتني الخاتم وهي في غير وعيها أي خلال نوبة من نوباتها فأكون بذلك قد أخذت شيئا بغير حق من غير إدراك صاحبه وفي نفس الوقت تبدو لي وكأنها كانت أثناء إعطائها لي هديتها في أتم وعيها! علما أنها ذكرت لي في مابعد في يوم آخر الخاتم وسألتني عن مدى إعجابي بهديتها, والآن أسألكم هل أقبل هديتها أم أردها لها, أفيدونا يرحمنا ويرحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن هذه المرأة قد أعطتك هذه الهدية وهي مدركة لما تفعله.
وعليه؛ فلا مانع من تملك ما أعطتك إن لم تكن أرادت بها الرشوة، وراجعي في الفرق بين الهدية والرشوة الفتوى رقم: 5794.
وفي الختام ننبه إلى مسألتين:
الأولى: هي أن الهجرة إلى بلاد الكفر لا تجوز للمسلم وأحرى المسلمة إلا تحت ضرورة ملحة أو لقصد الدعوة إلى الله، وبشرط أن يغلب على ظن الشخص أنه سيسلم من الوقوع في المنكرات، وسيتمكن من إقامة شعائر دينه.
وعليه؛ فإذا كان في إمكانك أن تجدي وسيلة للعيش في بلد مسلم، فالصواب أن تتركي الإقامة في بلاد الكفر.
والثانية: أن عمل المسلمة في خدمة الكفار فيه إذلال لها، وقد نهى شرعنا الحكيم عن خدمة المسلم للكافر فيما فيه إذلال له، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 29125.
وعليه؛ فالواجب عليك إذا كان لابد من إقامتك في هذا البلد أن تبحثي عن عمل غير هذا العمل، وفي انتظار وجوده فلك أن تواصلي إذا كنت مضطرة إليه من باب أن الضرورات تبيح المحظورات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1425(12/5263)
الغالب اعتباره هدية
[السُّؤَالُ]
ـ[في ليلة زفافنا بعد عودتنا من العرس، وجدت أنا وزوجتي في كيس هدايا المصاغ الذهبي المقدمة لزوجتي قرطين من الذهب لم تذكر زوجتي أنهما مقدمات لها من أحد، وتم سؤال جميع الأقارب الذين قدموا هدايا عنهما فلم يعرفهما أحد، هل يعتبر هذان القرطان بحكم اللقطة وبالتالي تجري عليهما أحكام اللقطة، أم يتم اعتبارها هدية يمكن الانتفاع بها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الغالب عندكم أن لا يكون في هذا الكيس إلا الهدايا المقدمة للزوجة، ولا يطرح فيه عادة غير ذلك، فإن هذين القرطين يمكن اعتبارهما هدية للزوجة ولها الانتفاع بهما، لأن الأحكام تبنى كثيرا على الأمر الغالب ويلغى فيها النادر، قال السرخسي في المبسوط: والحكم ينبني على العام الغالب دون الشاذ النادر ... والشاذ يلحق بالعام الغالب.
وإذا كان في الإمكان أن يوضع في الكيس المذكور غير الهدايا المقدمة للزوجة، وهي لم تجد من ذكر أنه قدم لها هذين القرطين، فإنهما حينئذ يعتبران في حكم اللقطة يعرفان سنة ثم تفعل بهما ما تشاء، وفي كلا الاعتبارين إذا جاء الشخص المالك يوما من الدهر وادعى ضياعهما عليه وجاء بما يثبت ذلك فإنهما يدفعان إليه، وراجع في أحكام اللقطة الفتوى رقم: 28350.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(12/5264)
حكم من أراد من أحد أولاده أن يتنازل عما وهبه له لصالح أخيه
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ أكثر من 12 سنة قسم أبي بعضا من أملاكه على أولاده وبناته عفويا وكان نصيبي أنا وأحد إخوتي بيتا بحديقته، طوال هذه المدة سكن أخي البيت ولم أطلب منه أي شيء، وفي الشهر الماضي اتصل بي أخي وقال لي أن أباك يريدك أن تتنازلي عن حصتك مقابل مبلغ بسيط، وحيث إنني لست بحاجة للمال في الوقت الحالي ولأني أقيم في بلد أوروبي مع أطفالي وزوجي وأريد أن أحتفظ بنصيبي وفي نفس الوقت لا أريد أن يغضب علي أبي ولا أريد قطيعة أخي، فماذا أفعل جزاكم الله خيراً، علماً بأن وضع أخي المادي ممتاز وله أملاك أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان أبوك قد قسم أملاكه عليكم على سبيل الميراث، فلا يصح هذا التقسيم، وأملاكه -بما فيها هذا البيت- باقية على ملكه، يجوز له أن يتصرف فيها كيف شاء، لكن لا يجوز له أن يهب لبعض أولاده دون بعض، أو أن يفضل بعضهم على بعض في الهبة إلا لمسوغ شرعي.
أما إذا كان تقسيمه لأملاكه عليكم قد تم على سبيل الهبة وتحرى في ذلك العدل بينكم وحاز كل واحد منكم ما قسم له، فهذه الهبة صحيحة، وقد ملك كل واحد منكم نصيبه بذلك، فإن طابت نفسك بالتنازل عن نصيبك في البيت بثمن دون ثمن المثل برا بأبيك وإحسانا إلى أخيك، فهذا لا شك أفضل، وستثابين عليه إن شاء الله، وإن لم تط ب نفسك بذلك فلا يلزمك إجابة طلب أبيك، لأنه لو لزمك لكان ذلك في معنى أخذه منك مالا ليعطيه أخاك، وقد نص العلماء على المنع من ذلك، وراجعي للتفصيل الفتوى رقم: 47722، والفتوى رقم: 50435، والفتوى رقم: 46692، والفتوى رقم: 19673.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1425(12/5265)
الحصول على منحة دراسية بالواسطة.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا خريج ثانوية وقد فرطت في الدراسة بسبب رفقاء السوء وغيره من الأسباب ومع هذا وفقني الله أن حصلت على معدل 80% والآن أنا قد نويت نية صادقة بأن أغير نمط حياتي بجدية حيث أن الله من علي بذكاء ونويت أن تكون دراستي وعلمي لله في مجال الهندسة والمنح المقدمة من الحكومة لا تؤخذ إلا عن طريق الوساطة (الوجاهة) ولا يمكن لأحد أن يأخذ منحة إلا بتوفيق من الله ثم الوساطة ويتطلب الرشوة دائما حيث مهما بلغ المعدل لا يأخذ به وتوزع الدولة المستضيفة (المانحة) المنح على حسب من ترشحهم دولتنا ودولتنا توزع المنح على أصحاب الوساطات الأثقل مهما كان مستوى الطالب أو معدله، وحصلت على وساطة فهل يجوز لي أن أستخدم هذه الوساطة، حيث إن هذه الوساطة هو من سوف يحجز لي المقعد عن طريق عمله في التعليم العالي لدولتنا مجانا (حيث إني لو حجزت أنا المقعد سيتطلب مني حوالي 3000 دولار) وفي حال وافقت الجامعة فإن دولتنا لا تمانع في إخراج المنحة المالية مهما كان مستوى الطالب أو معدله حيث الأهم أن يحجز الطالب له مقعد وتتكفل الدولة بعد ذلك في منحته المالية وفي وحيث أن من كانت لديه وساطة في أغلب الأحيان يحصل على منحة جاهزة حيث تقوم الدولة بحجز المقعد والتكفل بكل شيء ومن لم يكن لديه فإنه لا يؤبه له هل هذه الوساطة في الحالتين بحجز المقعد أو الجاهزة إحقاق حق أم أخذ منح من ليس لديهم وساطة حيث أن الحال هنا الوساطة فوق القانون وكيف أعرف أنني أولى من غيري ما هو المقياس حيث أنني لا أعرف من تقدموا للمنح وما كفائتهم وكما ذكرت أن من لديه وساطه نادرا ما يرفض والمنافسة تكون بالنسبة للوساطات الأثقل فالأخف وقد صليت استخارة في هذه المنحة وتيسرت الأمور من أول يوم وأنا الآن أدعو الله إن كانت باطلا أن يبطلها وإن كانت حقا أن يوفقني إليها أرجو عدم إحالتي إلى فتاوى سابقة لأنني قرأتها ولم أجد الجواب الشافي. واعذرونا على الإطالة لأن الغرض توضيح المسألة وجزاكم الله عني خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن استحقاق الطالب للمنحة ينبني على معايير، يأتي على رأس هذه المعايير الدرجة التي حصل عليها الطالب، واحتياج الدولة إلى التخصص الذي يريده الطالب، أو غير ذلك من المعايير، فإذا استوى الطلاب في الاستحقاق وعجزت الدولة عن استيعابهم جميعا فالعدل هنا هو الاقتراع بينهم.
قال ابن رجب: الفائدة الستون بعد المائة: تستعمل القرعة في تمييز المستحق إذا ثبت الاستحقاق ابتداء لمبهم غير معين عند تساوي أهل الاستحقاق، فإذا لم تك قرعة وخشي الطالب المستحق أن يضيع حقه في المنحة فلا مانع من التوصل إلى هذا الحق بالواسطة ولو أدى إلى حرمان غيره ممن استوى معه في الاستحقاق، لأنه هنا لا يأخذ حق غيره، ولكنه يأخذه حقه، المهم أن يستوي هو وغيره في الحق، ويدل على ذلك كلام الغزالي، إذ يقول: لو لم يدفع السلطان إلى كل المستحقين حقوقهم من بيت المال فهل يجوز لأحدهم أخذ شيء من بيت المال؟ قال: فيه أربعة مذاهب:
أحدها: لا يجوز أخذ شيء أصلا ولا هبة لأنه مشترك ولا يدري حصته منه، فهذا غلول.
والثاني: يأخذ كل يوم قوت يومه فقط.
والثالث: يأخذ كفايته سنة.
والرابع: يأخذ ما يُعطى وهو حصته، والباقون يظلمون، وهذا هو القياس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1425(12/5266)
فتح محلا لعامل وجلب له عمالا فأعطاه العامل مالا
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بفتح ترخيص تجاري لعامل لدي على أن آخذ منه مبلغا معينا كل سنة وهو يقوم بجميع التكاليف من دفع الرسوم والإيجار وأعمال الديكور وأيضا الأجهزة المتعلقة بالمحل والعمال, ولم أفرض عليه أي مبلغ معين , وبعد حين أخبرني بأنه لم يستطع أن يجلب عمالا على المحل بسبب القوانين المفروضة بالدولة وطلب مني أن أجلب له عمالا باسمي الشخصي فقمت بذلك وأعطاني مبلغا من دون أن أطلب منه ذلك.
هل هذا جائز وهل آثم عليه أرجو الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على أمرين:
الأمر الأول:
ما يتعلق بأخذك أجرة سنوية مقابل فتحك المحل للعامل باسمك وقد تقدم - في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 51382 – 30367 – 5264 - أن ذلك داخل في ثمن الجاه، وذكرنا في الفتاوى المشار إليها أقوال أهل العلم في ثمن الجاه والراجح منها.
والأمر الثاني:
ما يتعلق بما أعطاكه العامل من مال بعد إسدائك له الخدمة المذكورة من غير شرط ولا اتفاق سابق: والحكم في ذلك أنه لا حرج عليك في أخذ ذلك المال والاستفادة منه لأنه عبارة عن هبة من العامل لك ردا على الجميل الذي أسديته إليه, المهم أن ذلك لم يكن بشرط واتفاق, أما إذا كان ذلك بشرط واتفاق فهو راجع إلى ما سبق الكلام عنه في الأمر الأول
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1425(12/5267)
ما يهدى للعروس في العرس لا يكون دينا
[السُّؤَالُ]
ـ[جرت العادة عندنا أنه في حفلات الزواج يقدم المدعوون من أصدقاء وأقرباء العروسة لها هدايا مالية بسيطة تتراوح يبن خمسة إلى عشرين جنيهاً مصرياً وتقوم العروسة بتسليم هذه المبالغ لأسرتها بعد انتهاء الحفل ويقوم الأهل بسداد هذه المبالغ في مناسبات الزواج وغيرها لمن قاموا بدفع هذه المبالغ، والسؤال هو: هل إذا توفيت العروسة تكون هذه المبالغ من قبيل دينها الواجب سداده أم أنه دين على أهلها حيث إنهم هم الذين أخذوا هذه النقود وهم الذين يقومون بالسداد في حياة العروسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يقدمه المدعوون للعروس يعتبر هدية منهم إليها، والهدية تملك بالحيازة الشرعية كسائر الهبات، وإذا دلت القرينة أو العادة أن المهدي يريد من وراء هديته المكافأة عليها إذا حدثت له مناسبة مماثلة فذلك له، وتصير حينئذ من باب هبة الثواب، وراجع في هذا الفتوى رقم: 36024.
وإذا توفيت العروس فإن هذه المبالغ لا تكون ديناً عليها، لأن المهدين إنما يقصدون المكافأة عند حدوث المناسبات لا قبل ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1425(12/5268)
حكم التصرف بالمنحة من الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل عما إذا كان هناك شخص منحته الدولة شيئاً ما وكان له منه اثنان أي زوجان وله الحرية كيف ما يستعمله وهذا الحق أعطته له الدولة، فهل يحق له أن يعطي أحدهما ليستعمله شخص آخر ليس له علاقة بعمله، مع العلم بأن المسؤول بالدولة، يعلم أنه لا يمكن لشخص استعمال الشيئين في مرة واحدة مثال ذلك سيارتين أو اثنين من الهواتف النقالة فما حكم ذلك مع علم الدولة به؟ ولكم ألف جزاء بالخير إن شاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه المنحة هبة من الدولة لهذا الشخص فله أن يفعل فيها ما شاء، والهبة في الشرع هي كما يقول صاحب تبيين الحقائق: تمليك العين بلا عوض.
فإذا كانت الدولة ملكت الشخص شيئاً فردياً كان أو زوجياً فإنه يحق له بيعه وإهداؤه وغير ذلك من التصرفات المشروعة، أما إن لم تكن ملكته إياه وإنما أعطته إياه لمصلحة العمل ونحو ذلك، فهذا الشيء ملك للدولة لا يحق للشخص التصرف فيه إلا حسب شروط الدولة وبإذنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1425(12/5269)
يجوز إيثار من تحمل أعباء العمل مع أبيه بالعطية
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتوني جزاكم الله خيرا
أبلغ من العمر 71 عام ولدي من الأبناء 4 ذكور وبنتان وعندي محل حلاقة قمت في بداية حياتي بالاعتماد على نفسي وأنشأت منزلا يالقاهرة وكبر الأولاد وتزوجت البنات. وتزوج الابن الأول سنه 1988 وقد شاركني في تأسيس الشقة الخاصة بزواجه نتيجة عمله معي بالمحل ونتيجة أيضا سفره وعمله بإحدى الدول العربية.
وتزوج الابن الثاني عام 1992 0
ولكن لكثرة مشاكله العائلية فقد ترك المنزل والعمل معي في المحل وقد أعطيته مبلغا من المال لكي يحصل على شقة جديدة.
وتزوج الابن الثالث 1995 وقد شاركني أيضا في تأسيس شقته نتيجة عمله بالخارج
وتزوج الابن الرابع عام 2001 ولم يعد ورائي أي مسؤولية والحمد لله وقد حججت إلى بيت الله تعالى.
هؤلاء الأبناء يعملون معي منذ طفولتهم فلولا عملهم معي لما استطعت أن أزوجهم ولا قمت بتأسيس شقة لكل واحد منهم، ولكن الآن يعمل معي ثلاثة أبناء فقط وذللك منذ عام 1994
وكنت أبلغ من العمر في هذا الوقت 61 سنة، ولأن هذا العمل يحتاج إلى الشباب دائما كنت أقوم بالإشراف فقط مع العلم بأن جميع الأبناء لا يتقاضون الأجر المناسب لهذا العمل إلا مقابلا رمزيا كان ثلاثة جنيهات ثم أصبح بعد ذلك خمسة جنيهات.
ولقد عاد الابن الذي خرج من المنزل مرة ثانية بعد أن فشل في حياته الخارجية وتم توفير شقة له بالمنزل نظير خروج أحد الساكنين من المنزل مقابل عشرين ألف جنيه لم يقم بدفع جنيه واحد منها.
وتم توفيرها بالكامل مني ومن إخوته الذكور.
ونتيجة توافر بعض المال وهذا في عام 1998 أي بعد أن تركني أحد الأبناء بأربع سنوات اتفقت مع الأبناء الثلاثه أن أشتري لهم منزلا ويكون خاصا بهم فقط نظير وقوفهم بجواري طوال هذه السنوات وتعويضا لهم عن تعبهم معي ولكن أحد الأبناء أشار علي أن يتم شراء هذا المنزل ويقسم إلى أربعة أجزاء لكل ابن من الأبناء الثلاثة جزء (نصيبه) والجزء الرابع يكون لي (نصيبي) على أن يورث بعد ذلك بين جميع الأبناء
السؤال
ما حكم الشرع في البيت الأول الذي تركته للقسمة الشرعية بين الورثة؟
وهل يجوز ما فعلته في البيت الثاني للأبناء الثلاثة؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك هذا يتلخص في أنك أنشأت منزلا في القاهرة، وأن ثلاثة من أبنائك كانوا يعملون معك، والابن الرابع خرج عنك لكثرة مشاكله، وكنت زوجت كل ولد وأسست له شقة بالتعاون معهم، ثم إن الابن الرابع عاد إليك محتاجا وتعاونتم جميعا على توفير شقة له.
والظاهر أنك تريد إنشاء شقق ثلاث لأولادك الثلاثة مع شقة رابعة لك أنت لتورث عنك، ثم إنك سألت سؤالين.
فأما جواب السؤال الأول فهو أن منزلك الأول إذا أبقيته على ملكك ولم تبعه ولم تخص به أحدا من ورثتك إلى وفاتك فإنه يصير إرثا بين جميع ورثتك، لا فرق فيه بين من كان يعمل معك ومن لم يكن، مثله مثل سائر متروكاتك. قال الله تعالى: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا {النساء: 7} .
وبالنسبة للبيت الثاني فإن أهل العلم اختلفوا في تفضيل بعض الأولاد على بعض في العطية، فمنهم من رآه غير جائز، ومنهم من كرهه، والراجح وجوب التسوية بينهم، إلا لموجب يقتضي تفضيل البعض على غيره، وراجع في هذا فتوانا رقم: 6242.
وعليه، فطالما أن هؤلاء الأبناء الثلاثة هم الذين قاموا معك بأعباء العمل وساعدوك ووقفوا بجوارك، وذكرت أنه لولا عملهم لما تمكنت مما قمت به فإن هذا يسوغ إيثارك لهم بالبيت الثاني.
واعلم أن كون البنتين متزوجتين وهما يقيمان خارج الأسرة لا يسوغ حرمانهما من الإرث، وراجع في موضوع الحلاقة فتوانا رقم: 25396.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1425(12/5270)
حكم تعليق الهبة أو توقيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[بداية جزاكم الله خير الجزاء على ما تقدمونه للأمة الإسلامية والمسلمين ونفعنا الله بعلمكم ورفع من شأنكم وأعز الإسلام بأمثالكم.... أرجو توضيح الفرق بين الهبة والوقف، وما هي الصيغة الشرعية، مع توضيح بنودها، المقررة قانوناً، لحالة هبة مشروطة لزوجة بشرطين:
الأول: أن تظل في العصمة الزوجية، الثاني: ألا تؤول ملكيتها إلى ورثتها بل تعود إلى الواهب أو إلى ورثته من بعدهما، وهل للوصية المدونة خطياً اعتداد قانوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوقف لغة: الحبس، يقال: وقفت كذا أي حسبته، وشرعاً حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه بقطع التصرف في رقبته على مصرف مباح. انتهى من أسنى المطالب، وقال في مواهب الجليل: لغة: الحبس، وشرعاً: حبس عين لمن يستوفي منافعها على التأبيد. انتهى.
أما الهبة لغة فهي التبرع والتفضل بما ينفع الموهوب له مطلقاً، وشرعاً تمليك عين بلا عوض، قال في تحفة الحبيب على شرح الخطيب: وهي -الهبة- تمليك تطوع في حياة، فخرج بالتمليك العارية والضيافة والوقف، فإن الأوجه أنه لا تمليك فيه، وإنما هو بمنزلة الإباحة، كما صرح بذلك السبكي فقال: الأوجه للاحتراز عن الوقف، فإن المنافع لم يتملكها الموقوف عليه بتمليك الواقف بل بتسليمه من جهة الله تعالى. انتهى.
وأما تعليق الهبة أو توقيتها على الوضع المذكور في السؤال فلا يجوز، جاء في أسنى المطالب: فرع: لا يجوز تعليقها (الهبة) ولا توقيتها. انتهى.
وجاء في المغني: ولا يصح تعليق الهبة بشرط لأنها تمليك لمعين في الحياة فلم يجز تعليقها على شرط، وإن وقَّت الهبة فقال: وهبتك هذا سنة ثم يعود إلي لم يصح لأنه عقد تمليك لعين فلم يصح مؤقتاً كالبيع. انتهى، وذهب ابن تيمية إلى جواز تعليق الهبة على شرط كما ذكر ذلك عنه صاحب الإنصاف.
وجاء في الإنصاف أيضاً: ظاهر كلام الإمام أحمد في رواية أبي الحارث صحة دفع كل واحد من الزوجين إلى الآخر مالاً على أن لا يتزوج.. ومن لم يوف بالشرط لم يستحق العوض، لأنها هبة مشروطه بشرط منتف بانتفائه. وقال المجد: لو شرط أحد الزوجين على الآخر أن لا يتزوج بعده فالشرط باطل في قياس المذهب، ومن جهة أنه ليس في ذلك غرض صحيح بخلاف حال الحياة. انتهى.
هذا.. ومحل الرجوع في الهبة على قول من يجيز ذلك إذا لم يتصرف الموهوب في الهبة، أما إذا تصرف فيها أو أتلفها فإن حق الواهب يسقط فيها مع سقوط الضمان أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1425(12/5271)
هل يقبل الموظف هبة من مسؤول بالشركة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل في شركة وقد ظلمت وأهينت كرامتي من أحد الأشخاص بأنه قال عني كلاماً لم أقله وفي اليوم التالي أتى مسؤول الموقع وقال لي مانقله له الشخص ولكن أنا لم أقله ووصفني بالكذب وقد سالت دمعتي لأني بريء وقد قمت بكتابة استقالتي وكتبت بها السبب، وأنا منذ 8 شهور جالس عن العمل وتراكمت علي الديون وأنا أسعى للحصول على عمل آخر وقد حاولت الوصول إلى مسؤول الشركة عدة مرات ولكن بعض الأشخاص لا يريدون أن أصل إليه والحمد الله لقد وصلت إليه ووعدني بالنظر في موضوعي واتصل بي لأذهب إلى الموقع ليرى السبب والنظر في المشكلة وأعاد إلي كرامتي وأعطاني مبلغاً من المال لسد ديوني طيلة المدة التي جلستها من غير عمل، سؤالي هل لي أن أخذ المال الذي سوف يعطني أيها؟
هل هو حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سألت عنه له حالتان: الحالة الأولى: أن يكون هذا المسؤول هو المالك للشركة ففي هذه الحالة لا حرج عليك في أخذ هذا المال لأنه عبارة عن هبة من جائز التصرف في ملكه. والحالة الثانية: أن يكون هذا المسؤول ليس مالكا للشركة ولهذه الحالة حالتان: الأولى: أن يكون من صلاحيات هذا المسؤول أن يصرف لك هذا المال، أو تكون مستحقا له وفقا للوائح الشركة فالمال حينئذ حلال لك. والثانية: ألا يكون من صلاحيات هذا المسؤول أن يصرف لك هذا المال فلا يجوز له الإقدام على ذلك، ولا يجوز لك أن تقبل ذلك منه لأنه يتصرف في غير ملكه بغير إذن المالك فتصرفاته غير نافذة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1425(12/5272)
الهبة التي لم تحز في حياة الواهب تعتبر لاغية
[السُّؤَالُ]
ـ[فنريد من فضيلتكم حلا لهذه المسألة - توفي أب وترك بيتا من طابقين وهذا الأب المتوفى لديه أربعة أولاد وثلات بنات كلهم متزوجون وأمهم لا تزال على قيد الحياة وهذا الأب توفي سنة 1985 ولقد سكنت في الطابق الاول أمهم، وفي الطابق الثانى الابن الأصغر وزوجته وفي سنة 1997 قال الابن الأصغر إن أبى قد أعطانى هذا الطابق فى حديث بينهما وحلف بذلك على المصحف فجمعت الأم الاخوة وقالت لهم إن أباكم قد أعطى الطابق الثاني لأخيكم الأصغر فمنهم من رضي بذلك ووقع على ورقة ومنهم من لم يرض من وفي سنة 2000 توفيت الأم فرجع الذين وقعوا على الورقة في كلامهم وقالوا نريد حقنا في الطابق الأول والثاني مثل الإخوة الباقين وفي سنة 2004 حدث شقاق بين الإخوة بسبب الطابق الثاني فطردهم الأخ الأصغر الذى يقطن الطابق الثاني من البيت لأنه كان قد سجل البيت باسمه عام 1997 وقال لهم لو دخل أحد إلى البيت سأحضر له الشرطة فلم يدخل أحد إلى البيت بعد ذلك من إخوته فنريد أن نعرف ياشيخ من فضيلتكم هل الطابق الثاني من البيت للابن الأصغر أم لا حسب قوله إن أباه قد أعطاه إياه ولا يوجد شهود على ذلك وحسب شهادة أمه وماذا يطبق على الذين وقعوا وعلى الذين لم يوقعوا وإن كان البيت ليس له ويريد أن يغتصبه بالقوة فماذا تقول له ياشيخ أرجو التعجيل بالرد على هذا السؤال.
_________________________________________________
]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الهبة من الواهب لم تثبت في حياته وهو في حال أهليته للتصرف أو لم تتم حيازتها في حال صحته وأهليته للتصرف فإنها لا تثبت بعد ذلك. قال ابن أبي زيد الماكي في الرسالة: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة. وروى مالك في الموطأ عن عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان نحلها (وهبها) جذاذ عشرين وسقا من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة قال: والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلي غنى بعدي منك، وإني كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا فلو كنت جذذتيه واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك فاقتسموه على كتاب الله....
وعلى هذا؛ فإن الهبة إذا لم يتم حوزها في حياة الواهب، وفي حال صحته فإنها تعتبر لاغية إلا إذا كان الإخوة بعد ذلك وهبوا لأخيهم الطابق المذكور، فإن من وهب نصيبه من الإخوة بعد ذلك فلا رجوع له لأن الهبة تم حوزها....، أما من لم يهب نصيبه فإن حقه باق، وعلى الأخ أن يرضيهم أو يعوضهم عن نصيبهم.
ومجرد الدعوى أن الأب وهب له لا قيمة لها. والحاصل أن هذا الولد ملك حصة من وقع له من الأبناء ورضي بذلك إذا كان الموقعون بالغين رشداء، أما من لم يرض بذلك، أو لم يكن بالغا رشيدا وقت التوقيع فله الحق بالمطالبة بحقه، وعلى هذا الولد أن يتقي الله تعالى ويعيد الحقوق لأهلها قبل أن يأتي يوم لا درهم فيه ولا دينار.
نسأل الله تعالى أن يصلح الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1425(12/5273)
شروط صحة الهبة للزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن جواز أن يسجل الرجل جزءا من أملاكه لزوجته بحجة أنها تريد ضمان مستقبلها وأطفالها؟
وهل يؤثر هذا على الميراث في حال توفي هذا الرجل علما بأن له أبا - وهي في ما اعتقد تخاف من هذا- لذلك تريد أن تمتلك شيئا ثابتا لا يتأثر بوفاته أو حتى بالطلاق إن حدث.
وكيف يمكن إزالة هذه المخاوف بطريقة مقبولة شرعا؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً أن يهب الرجل لزوجته ما شاء من أمواله وممتلكاته ما دام أهلاً للتصرف ويتمتع بقواه العقلية ... وكان ذلك عن طيب نفس ولو كان ذلك بقصد إرضائها وطمأنتها ... إلا إذا كان القصد من ذلك حرمان الورثة والإضرار بهم فإن الضرر يزال، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطأ.
فإذا تمت الهبة وحصل الحوز فقد أصبح الموهوب ملكا لها، وإذا لم يتم الحوز منها وحدث أن مات زوجها فإن ما وهب يرجع تركة على ورثته، قال ابن أبي زيد المالكي: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بحوز.
وإذا كانت معها زوجة أخرى أو زوجات فإن عليه أن يملكها أيضاً من باب العدل بينهن، وذهب بعض أهل العلم إلى أن التسوية في العطية بين الزوجات غير لازمة، ولتفاصيل ذلك وأقوال العلماء نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 28886، والفتوى رقم: 12579.
وأما عن إزالة مخاوف الزوجة فتكون بطمأنتها وكسب ثقتها ... وقبل ذلك وبعده بزرع الثقة بالله تعالى والتوكل عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1425(12/5274)
مسائل متنوعة في الوصية والهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أب له أربعة أولاد وبنتان وله زوجة وهي أم أبنائه وهي تمتلك بيتا وزوجها كذلك يمتلك بيتا وقد انفصل الزوج عن زوجته منذ ثلاثين سنة بدون طلاق فهو يعيش في بيته وهي تعيش في بيتها وقبل أن يموت الأب بحوالي 9 سنوات نظر الأب في حال أبنائه فوجد حالتهم المادية لابأس بها إلا واحدا كان فقيرا فأراد الأب أن يهب له بيته [أي بيت الأب] بشرط ألا ينتفع به إلا بعد موته علما بأن هذا كل ما يمتلك الأب وطلب الإذن من أبنائه الآخرين فأذنوا إلا واحدا اشترط عليه أن لا يرث من بيت الأم [علما أن بيت الأم أغلى ثمنا من بيت الأب] فقبل الأخ شرط أخيه وتم توثيق كل هذا عند الموثق لكن ما بين فترة التوثيق إلى وفاة الأب تحسن حال الابن الفقير وأصبح أحسن حالا من إخوته
1ـ هل على الأم عدة بعد وفاة زوجها
2ـ هل الأب فعل محظورا بهبته هذا البيت
3ـ هل اشتراط الأخ على أخيه عدم الإرث من بيت الأم معتبر
4ـ هل يسقط انتفاع الابن من هذا البيت ويرث فيه كل الأبناء لارتفاع علة الوهب وهي الفقر
5ـ إذا سقط الانتفاع هل يرث من بيت الأم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عدة المتوفى عنها واجبة، ولا تسقط بابتعاد زوجها عنها وغيبته عنها فترة طويلة.
وأما الهبة المعلقة على الموت فإنها تعتبر وصية كما قال ابن قدامة في المغني. والأصل أنه لا يحق للوالد أن يفضل أحد أولاده في العطية، أو أن يوصي لواحد منهم لأن الوصية للوارث لا تجوز ولا تنفذ إلا إذا أجازها الورثة، فإن أجازها بعضهم وأبى بعضهم نفذ نصيب ما أجازه البعض دون غيره بشرط أن يكون المجيزون بالغين رشداء، كما في الحديث: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أصحاب السنن وصححه الألباني، وفي رواية للبيهقي والدارقطني حسنها ابن حجر: لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة. ثم إنه لا تجوز الوصية بأكثر من الثلث ولا تنفذ إلا إذا أجازها الورثة، فإن أجاز بعضهم وأبى بعضهم نفذ ما أجازه البعض فقط بشرط أن يكونوا بالغين رشداء.
فإذا تقرر هذا فإن الأب أخطأ في الوصية لأحد بنيه بجميع ما يملك لأنها أولا: وصية لوارث، وثانيا: وصية بجميع ما يملك، ولكنه إذا كان استأذن باقي الأبناء وتنازلوا أو أكثرهم عن حقهم طواعية منهم فإن الإثم يرتفع عنه وتنفذ وصيته، وأما إن لم يكن عن طيب نفس منهم فإنه لا عبرة بإذنهم إلا أنه لا بد من إثبات ذلك بالبينة، ويدل لعدم اعتبار إذنهم بغير طيب نفس ما في الحديث: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد وصححه الألباني. والأحوط استئذانهم أيضا بعد وفاة الأب لأن بعض أهل العلم أجاز لهم الرجوع في إذنهم بعد وفاة الوالد، كما أن بعضهم لم يعتبر الإذن إلا بعد وفاة الأب لأن إجازتهم تعتبر هبة، ويشترط فيها القبول بعد وفاة الأب لأنهم لم يملكوها إلا بعد وفاته، ثم إنه يجب أخذ الإذن من الأم لأنها وارثة ولا بد من اعتبار إذنها عملا بالحديث السابق: إلا أن يشاء الورثة. فإن وافقت فذلك المطلوب وإلا فإنه ينفذ ما أجازه الإخوة بقدر حقهم في الميراث ويعطى للأم ثمن البيت.
وأما اشتراط الأخ عدم الرضى بوصية الأب إلا إذا تنازل الأخ الثاني الموصَى له عن حقه في ميراثه من بيت أمه فإنه لا حرج فيه، لأن له الحق في رفض الوصية بقدر حظه من ميراثه من أبيه، فإذا اتفق مع الموصى له على قبول ذلك بشرط تنازل ذلك عن حقه من ميراثه من أمه لم يعد في الأمر أي مانع يمنع منه.
ولا يبطل وصية الوالد تغير الحالة المادية للموصَى له، لأن تغير حالته حصل في حياة الوالد ولم يرجع الوالد عن وصيته. وراجع الفتوى رقم: 19503، 8147، 52076، 26277.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1425(12/5275)
الهبة المعلقة بالوفاة لها حكم الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني في أشد الحيرة منذ فترة قريبة ... وحيث إنني لم أعقب من زوجتي الوحيدة وقد أخذت بعزيمة الصبر والاحتساب للأجر من الله عز وجل ما يقرب من عشرين سنة..ولأنني الآن 47 عاما فليس لدي نية بالزواج مرة ثانية حيث إنني أظن أن مشوار العمر قد مضى منه الكثير.. ونزولا على رغبة زوجتي أن أؤمن لها حياتها إذا ما كانت منيتى قبل منيتها طالبتني هي بأن أكتب لها أكثر من نصف ما أملك لها مؤكدة أن هذا من حقها ... وهو ما أدى الى نشوء خلاف واضح بيني وبينها بعد طول الحياة الزوجية وحسن العشرة والحب الكبير الذي ربط بيننا وألقى بظلاله علينا فأسدل سكينة الصبر على فؤادي فرفضت فكرة الزوجة الثانية لطلب نعمة الأولاد.. سؤالي إليكم أعزكم الله وأنطق الحق على ألسنتكم..هل يجوز لي أن أقوم بحبس بعض ممتلكاتي لزوجتي حيال حياتها وبعد مماتي..والا يجوز لها التصرف فيها لا حيال حياتي أو بعد مماتي. ولها الانتفاع بها وبأرباحها فقط ... أريد أن لا أخالف شرع ربى لهوى فى أنفسنا..ولا أريد أن يعتصرني الندم والألم على طول صبرى..فأنا الآن تحت ضغط نفسي شديد يدفعني إلى حد قطع هذا الصبر والبحث عن الأولاد بالزواج مرة أخرى..ولكن أين ومتى ... ولماذا أوقع بابنة عمي ما يجرحها ويشقيها..اسدوا إلي بالنصيحة..عاجلا لأني أعيش الآن حالة من حالات النشوز هداها الله إلى ما يحب وهداني الله إلى اتخاذ القرار السديد بمساعدتك.
والله الموفق ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي أن الله تعالى قد أباح لك الزواج بثانية وثالثة ورابعة شريطة العدل بينهن، ولهذا التشريع حكم عظيمة، من ذلك ما ألمحنا إليه في الفتاوى التالية برقم: 13275، ورقم: 13276، ورقم: 2600، وتركك لطلب الولد لا تطالب به شرعا، بل أنت مطالب بعكس ذلك، وانظر الفتوى رقم: 7774 والفتوى رقم: 15931 وليس من حقها أن تكتب لها نصف ما تملك، ولك أن توصي لها بما تحب، إلا أن هذه الوصية لا تعتبر نافذة إلا بإذن الورثة بعد الموت، فإن لم يأذنوا فالوصية غير معتبرة، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما. ولك أن تهب لزوجتك في حياتك ما تشاء، بشرط أن ترفع أنت عنه يدك، وتقبضه هي وتحوزه الحيازة الشرعية، وأما بعد الموت، فالمال مال الورثة.
وأما الهبة المعلقة بالوفاة فإنها تعتبر وصية، وقد سبق حكم الوصية للوارث، لأن من شرط الهبة أن ُتقبض وتُملك في حياة الواهب كما قدمنا.
ونرى أن الأمر أسهل مما تتصور، فيكفي هذه الزوجة ما تنفقه عليها وما تهبه لها، وعليها أن تتقي الله، ومن تقوى الله تنفيذ أمره، حيث أمر بطاعة الزوج والإحسان إليه، وترك النشوز عن طاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1425(12/5276)
الهبة تملك بالقبض
[السُّؤَالُ]
ـ[وضع لي زوجي مبلغاً من المال في حسابي في البنك وقال إنه لي ولكن يقول لي لا تصرفي منه، فهل يجوز أن أصرف من هذا المبلغ دون أن يدري لأن المال أصبح لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك قد ملكك هذا المال ووضعه في حسابك فلا مانع من أن تتصرفي فيه كيف شئت، وليس لزوجك منعك من التصرف فيه لأن وضعه في حسابك قبض والهبة تملك بالقبض، كما قد ذكرنا ذلك في فتاوى سابقة من ذلك الفتوى رقم: 18923.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1425(12/5277)
رجوع الوالد في الهبة ليشرك فيها كل الأولاد هو الصواب والعدل
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدنا رحمه الله وطيب ثراه، بعد أن كتب وصيته بواسطة محامي وحضور شهود، ووصى فيما وصى أن يؤول منزله لوالدتنا رحمها الله وطيب ثراها، والكل ارتضى هذه الوصية، وفي أثناء إجراءات تسجيل الوصية لدى جهات الاختصاص بالدولة، قررت والدتنا أن تهب المنزل للأولاد، وبرضا الجميع تم تسجيل المنزل في أسماء الأولاد، وبعد أكثر من ثلاثة عشر عاما وأحوال والدتنا الصحية تدهورت، بدأ البنات يطلبن منها استعادة المنزل من الأولاد وأنه حرام عليها أن تفضل بين أبنائها ... و ... وبالفعل تأثرت بكلامهن وطلبت مني (بقية إخوتي كانوا خارج الوطن) ، استعادة المنزل، فقلت لها حاضر (وكان لا يمكن أن أقول لها وهي في تلك الحالة الصحية ضغط، سكري، قلب) ، وأنا في قرارة نفسي غير راض، علما بأن القرار ليس لي وحدي، توفيت والدتي العام الماضي وبدأ البنات يطالبن باسترداد المنزل، وأن ما طلبته مني والدتي باستعادة المنزل هو وصية يجب تنفيذها، ومنهم من يقول لي إن والدتي سينالها العذاب لأنها فضلت بين أبنائها وأنه يجب تنفيذ وصيتها لإراحتها في قبرها وتجنيبها العذاب، أفتوني يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوصية للوارث لا تجوز شرعاً، ولا تنفذ إلا إذا أجازها باقي الورثة، لما في الحديث: إ ن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وصححه الألباني، وفي رواية للبيهقي والدارقطني: لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة. وهذه الزيادة حسنها ابن حجر في بلوغ المرام.
وظاهر سؤالك أن الورثة أجازوا وارتضوا وصية الوالد، وبناء عليه فإنه لا حرج في تنفيذ تلك الوصيه، وهذا عن الوصية الأولى، ونعني بها وصية الوالد بأن يعطى المنزل للوالدة.
وأما تنازل الوالدة لأبنائها الذكور عن ذلك المنزل فإنه مخالف لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالعدل بين الأولاد في العطية، حيث يقول في حديث الصحيحين: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. وفي الحديث الآخر: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحدا لفضلت النساء. رواه سعيد بن منصور في سننه وحسن سنده ابن حجر.
وبناء عليه؛ فإن لها أن ترد عطيتها الجائرة كما رد بشير بن سعد عطيته لولده النعمان كما في حديث الصحيحين؛ بل إن العطية للولد يجوز لأبيه الرجوع فيها، كما يدل له الحديث: لا يحل للرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.
وبناء عليه؛ فإن الأم إذا قررت الرجوع في عطيتها ليشترك فيها جميع الأولاد رجوعاً منها إلى الصواب والعدل بين الجميع، فإن عليكم أن تطيعوها في ذلك نظراً لوجوب طاعتها، ولإيجاب بعض أهل العلم رجوع الوالد في عطيته الجائرة حتى يعدل بين الأولاد.
ثم إن عليكم من باب المروءة والإحسان إلى الضعفاء والأرحام أن تكونوا أحرص إلى إيصال الحق لأخواتكم إن لم تتنازلوا لهن عن حقكم الخاص بكم، وننصحكم بمراجعة المحاكم الشرعية وفقهاء بلدكم للنظر في ملابسات الموضوع، ولا مانع من أن تطلع تلك الجهات على هذه الفتوى وما معها من إحالات، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28274، 5348، 38399.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1425(12/5278)
تخصيص الأب ابنه بالهبة مقابل تمريض زوجته لأمه
[السُّؤَالُ]
ـ[مرضت والدتي وقامت زوجتي بخدمتها ورعايتها فترة سبعة أشهر وتوفيت ولها قطعة أرض مشتركة مع والدي فهل يحق لوالدي أن يخصني بهذه القطعة دون إخوتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نصيب والدتك من قطعة الأرض المشتركة بينها وبين أبيك أو غير ذلك من ممتلكاتها لا يحق لأبيك التصرف فيه أو هبته ... إلا بإذن ورثة أمكم وطيب أنفسهم، فإذا قبلوا ذلك جميعاً وكانوا بالغين رشداء فلا مانع شرعاً أن يخصك بها أو بغيرها، وعليه كذلك أن يسوي بين أبنائه في العطاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اتقو الله، واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري.
وأما كون زوجتك كانت تقوم على خدمة أمك وتمريضها ورعايتها.... فهذا إحسان يشكر لها وخير تؤجر عليه عند الله تعالى فجزاها الله خيراً، وإذا أراد والدك مكافأتها على ذلك فقد أحسن؛ ولكن لا يكون ذلك من مال زوجته بعد وفاتها لأنه أصبح تركة مشتركة لا يملك منها إلا الربع وهو نصيبه من التركة.
والحاصل أن ما تركت أمكم من ممتلكات أصبح تركة يجب أن يقسم على الورثة على ما جاء في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1425(12/5279)
الطريقة الشرعية لتقسيم أموال الشخص حال حياته
[السُّؤَالُ]
ـ[أمتلك عمارة مكونة من 9 شقق متساوية في المساحة وبها 4 محلات وبدروم وحولها حديقة، وأولاد أربع بنات وثلاث بنين، فكيف تقسم هذه العمارة بما فيها من محلات وبدروم على الأولاد تقسيما شرعياً، مع العلم بأن البدروم يؤجر وكذلك المحلات، وهل يجوز توزيع التركة قبل الوفاة، أشكركم كثيراً على هذا الباب الرائع.]ـ
[الفَتْوَى]
المد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع للمرء من أن يقسم تركته على ورثته، ولكن هذا التقسيم لا يسمى إرثا، وإنما هو هبة منه لهؤلاء، لأن موت المورث وتحقق حياة الوارث بعده شرط من شروط الإرث المتفق عليه.
وإذا قسم الشخص أمواله بين من يفترض فيهم أن يكونوا ورثته وحازوا تلك الأموال قبل وفاة الواهب وقبل مرض موته الحيازة المعتبرة شرعاً كانت تلك الهبة ماضية، وإن لم يقع حوز من بعض الورثة، فإن الهبة تبطل لمن لم يجز حصته، وراجع في هذا فتوانا رقم: 14893.
والطريقة الشرعية لتقسيم هذه الأموال هي كل طريقة لا يكون فيها تفاضل بين الأولاد في العطية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التفاضل بينهم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 8147.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1425(12/5280)
الهبة.. الإشهاد عليها.. تسجيلها في السجل العقاري
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق والده قبل وفاته كتب بعض أملاكه لبناته من العقارات كنصيب لهم في ماله وأراد أن يكتب تجارته باسم أولاده الذكور وأعلم على ذلك غيره إلا أنه مات قبل تسجيل ذلك في الشهر العقاري هل يعتبر ذلك قسمة أم وصية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الوالد كتب بعض أملاكه من العقار للبنات وأشهد على ذلك على سبيل الهبة لهن وحازها البنات وكان الأب غير محجور عليه، وكان ذلك قبل مرض الموت فإنه تنفذ هبته لهن عند الجمهور، إلا أنه كان يتعين عليه العدل أولاً في العطية بين الأبناء والبنات، لما في الحديث: اتقوا الله واعدلوا في أولادكم. رواه البخاري ومسلم. ويستحسن للأولاد الذين ميزهم في العطية أن يردوا ما آثرهم به الوالد إلى إخوانهم الآخرين.
وإن كان في مرض الموت فإنه يعتبر وصية ويوقف تنفيذها على إجازة الورثة، لما في الحديث: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة. رواه الدارقطني وحسنه ابن حجر.
وإن لم يشهد على ما كتبه فلا يعتبر ما وجد مكتوبا دون إشهاد عند الجمهور، ولأحمد رواية بقبول ما كتبه.
وإن لم يحز البنات الهبة حتى مات الأب، فلا تنفذ الهبة أيضا لعدم استكمال الشروط، إلا إذا كن صغيرات وعلم أن الأب حاز لهن نظرا لصغرهن.
وأما ما أراد كتابته لبنيه الذكور فإن أردت بإعلامه على ذلك أنه أعلم أي أشهد الشهود وعليه فإنه يعتبر هبة، ولا يشترط تسجيلها في السجل العقاري.
فإن كانت هذه الهبة قبل مرض الموت وحازها الأبناء فإنها تنفذ كما قدمنا.
وإن كانت في مرض الموت فإنها تعتبر وصية لا تنفذ إلا إذا رضي باقي الورثة، كما تقدم.
وإن أردت أنه أعلم بعزمه على ذلك ومات ولم يشهد على إعطائه لهم فإنه لا عبرة بعزمه، وراجع للمزيد من التفصيل في الموضوع الفتاوى التالية ارقامها: 7034، 30349، 23103، 37319، 43150، 7275، 43819، 49539، 9084، 569، 50067، 32519، 3303.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1425(12/5281)
حكم إعطاء هاتف من قبل جهة حكومية إلى أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل ما حكم إعطاء شيء من أملاك الدولة أي مثال إعطاء هاتف مكتب من جهة ما من الدولة إلى جهة أخرى تتبع الدولة وذلك لغرض استخدامه في المكتب.... مع العلم بأنه ملك من أملاك الجهة الأولى، فهل يحق لشخص أن يتصرف في إعطاء شيء ليس من أملاكه من جهة إلى جهة في الدولة؟ ولكم عني كل خير إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأملاك التي لدى الدولة تدخل في نطاق الأموال العامة، وشأن هذه الأموال يوجب المحافظة عليها، لما لها من تعلق بحقوق عامة الناس، فحرمتها أعظم والمحافظة عليها أوجب من غيرها من الأموال الخاصة، ولا يجوز لأحد أن يتصرف فيها أي تصرف إلا إذا كان مخولاً بذلك من الجهة القائمة عليها، ففي مستدرك الحاكم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون عند شروطهم ما وافق الحق من ذلك. وصححه الألباني.
والعادة جارية بأن ما يُعطى لكل جهة حكومية هو خاص بها دون غيرها من الجهات، إذ لكل جهة ميزانيتها الخاصة بها، وبناء على هذا، فلا يجوز إعطاء هاتف مكتب مثلاً من جهة عمل إلى جهة عمل أخرى إلا إذا أباح القانون ذلك، أو جرى العرف بالتسامح في مثله، فالمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، وراجع الفتويين: 16114، 24097.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1425(12/5282)
من شروط صحة الهبة لمن هم في حجر الشخص
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا مأجورين في الرجل يتوفى، ويتبين أنه توجد أسهم شركات مسجلة باسم أولاده القصر بل وحتى الرضع، وهم لا يعرفون بكسب أو دخل ولا بفائدة من ميراث دخل عليهم من قبل، ولا هبة من أحد قبضها أبوهم لهم ... الخ، هل تعتبر هذه الأسهم لهم أم أنها تعتبر من أعيان التركة لما سبق، علما بأن عادة الناس قد جرت على الدخول في الأسهم والاكتتاب فيها بأكبر عدد من الأسماء ـ وبالأخص أسماء أولادهم ومن يثقون فيه من القرابة ـ تحسبا لما يكون بعد انتهاء الاكتتاب من تخصيص.... وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأب يصح أن يهب لأبنائه القصر أو الرضع أو الذين هم في أية صفة أخرى، ولكن هبته لمن هم في حجره لا تصح إلا أن تحاز لهم حيازة معتبرة عرفاً كأن يُشهد عليها مثلا. قال الشيخ الدردير في "بلغة السالك": إن أشهد الواهب لمحجوره أنه وهبه كذا فالإشهاد قائم مقام الحوز في غير المحجور، فهذا الإشهاد لا بد منه، ولا يشترط معاينة المحجور لها.
وقال الصاوي: فمتى قال الولي للشهود اشهدوا أني وهبت الشيء الفلاني لمحجوري كفى، سواء أحضر لهم أم لا.
وأما مجرد تسجيل الأسهم بأسمائهم على الأوراق دون إشهاد على التمليك فإنه لا يعتبر هبة لهؤلاء الأولاد، وخاصة إذا كانت عادة الناس تسجيل الأسهم بأسماء أولادهم بغية الفوز بأكبر عدد من الأسهم، وراجع في هذا الفتوى رقم: 19365.
وعليه، فهذه الأسهم إنما تعتبر تركة كسائر متروكات المتوفى، ولا يختص بها الذين كتبت بأسمائهم إلا أن توجد شهادة على ذلك أو يدل له دليل معتبر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1425(12/5283)
حكم تقسيم الأملاك على الأولاد دون الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
\"فاسألوا أهل الذكر أن كنتم لا تعلمون\"
أسأل الله أن تُقرأ رسالتي بصبر، وأعتذر إن أطلت لسبب إيضاح ما يجول في خاطري.
السؤال: أنا امرأة كبيرة في السن وشاء الله أن يمن علي بأربع بنات دون ذكور. وله الحمد والمنة على ذلك ولهذا السبب كنت أحاول أن أزيل الهم والغم عن بال زوجي حتى أني ساعدته على الزواج من أخرى (من بلد آخر) أملا في الله أن يرزقه البنين وتقر عينه بهم وحصل ما ذكرت وبالمقابل فقد أهملت من قبل زوجي حتى من أبسط حقوقي الزوجية وصبرت سنين عديدة وكبرت بي السن وغزتني الأمراض والأوجاع. فكل شيء أصبح للزوجة الأخرى وأولادها (الزوج وما يملكه الزوج) فلم يكن لي معيناً سوى الله ومن بعده بناتي المتزوجات وخاصة ابنتي الكبرى التي لا زلت أسكن عندها وعند زوجها جزاهم الله عنا كل خير.
ومن ناحية أخرى فقد كان لأمي بعض الدونمات من الأراضي الزراعية والتي كانت تحت أيدي أقارب لنا من ناحية الأم منذ زمن بعيد وفي النهاية تملكت الأرض دون إمكان حق الانتفاع منها بنفسي أو غيري بسبب أقاربي وقمت بكتابة وتسجيل هذه الدونمات القليلة والتي وإن قسمت بين بناتي الأربعة يكون حصة كل واحدة منهن اليسير. فهل هذا حرام أم حلال؟
وان كان حراما فهل من العدل أن يقاسم زوجي هذه الدونمات مع بناتي اللاتي كن عونا لي بعد ربي ولم يلتفت زوجي لي ولا لبناتي حتى ولا للزيارات الاجتماعية وإن كان بالمقابل يشارك زوجته الجديدة وأبناءه وأنسابه وأنساب أبنائه وأقارب زوجته (رغم أنها من بلد آخر) .
أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفيك ويكشف كربتك.
وبخصوص ما نسبت إلى زوجك من الحيف وعدم العدل بينك وبين ضرتك وتركك بلا مأوى ولا نفقة ولا كسوة فإنه ظلم ومنع للحق الواجب، لأن الله تعالى لما أباح للرجل التعدد شرط العدل في ذلك حيث قال سبحانه: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً [سورة النساء: 3] . وأخرج أبو داود في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل. ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 1342.
وعليه؛ فالواجب على زوجك أن يتق الله تعالى فيك ويعدل بينك وبين زوجته الثانية، وليتذكر فضلك عليه في المساعدة في وجودها، وقد قال تعالى: هَلْ جَزَاءُ الْأِحْسَانِ إِلَّا الْأِحْسَانُ [سورة الرحمن:60] .
ولا شك أن الشرع والخلق يأبيان مقابلة الإحسان بالإساءة. وعلى كلٍ؛ فإننا ننصحك بالصبر والاحتساب في هذه المصائب، واعلمي أن الله تعالى يقول: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [سورة الزمر: 10] .
ولا يتنافى هذا مع السعي في محاولة إقناع زوجك بضرورة العدل بينك وبين ضرتك، ولو وسطت أهل الخير والصلاح في هذا فلا بأس، فإن قبل النصح وعادت الأمور إلى طبيعتها فبها ونعمت، وإن استمر على معصيته فلك أن تطالبي بحقوقك عند القاضي.
وأما فيما يتعلق بتوزيع الأرض على بناتك وحرمان زوجك منها، فإن كان هذا على سبيل الهبة المنجزة وحزته الحوز الشرعي فهذا لا شيء فيه لأنك حرة في مالك، تتصرفين فيه بما شئت من هبة أو بيع أو نحوهما.
وإن كانت القسمة على جهة الوصية فهي باطلة لما فيها من الوصية للوارث، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث.
وانظري الفتوى رقم: 24547 والفتوى رقم: 14893.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1425(12/5284)
خصه أبوه هو وأمه بمال فطالبه به الورثة بعد موته
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريب منحه أبوه مبلغا من المال ليصرفه على نفسه وأمه التي تركها أبوه منذ زمن طويل شاعراً بالندم على فعلته. وبعد 6 أشهر توفي الأب ويطالب الآن إخوته من أبيه بهذا المبلغ متهمينه بالاحتيال والنصب على مال أبيهم..وهو يريد أن يعرف هل المال حلال عليه أم هو نوع من الإضرار أو ما شابه ... أفيدونا أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن الأب المتوفى قد أعطى هذا المال لابنه لينفق مه على نفسه وعلى أُمه تعويضاً عما لحقها من ضرر بسبب تركه لها وإهماله لحقها، وهذا النوع من العطية مباح عند بعض العلماء، ومنهم الإمام أحمد -رحمه الله- حيث يرى جواز تفضيل بعض الأبناء على بعض إذا وُجد ما يُسوغ ذلك، وقد بيناه وافياً في الفتويين رقم: 6242، ورقم: 14254 هذا إذا كانت هذه العطية قد حصلت حال الصحة، أما إذا كانت قد حصلت في مرض الموت، فإنها لا تصح، ويجب ردها إلى التركة لتقسم على جميع الورثة بحسب أنصبائهم. ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1425(12/5285)
أعطاه أبوه مالا فطالبته به أمه بعد ممات الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي منذ 5 سنوات؛ وتم توزيع تركته على الورثة شرعيا، ً وكان والدي يعطينا جميعا في حياته أي مال يطلبه منه أي منا كأبناء له نفعل به ما نشاء من شراء شقق أو سيارات أو نتزوج به, دون أن يداين أحدا منا بقيمة، وكنت أنفق من ما أعطاني على زراعة قطعة أرض مملوكة لي، وفوجئت بعد 5 سنوات من وفاته وعند رغبتي في بيع تلك الأرض بأمي تقول: إنها سمعت والدي مرة فى حياته يقول: لو صالح باع أرضه خذي منه مبلغ 20 الفا، قلت لها: ماذا تعنين يا أمي؟ فقالت: يعني تقسم هذا المبلغ على الورثة، فسألتها: هل قال لك أني مدان له بهذا المبلغ؟ فكررت ماسبق، فقلت لها: كيف يكون هذا المبلغ ميراثا فى حين أنه لم يحدثك أنه دين علي, وربما كان يريد هذا المبلغ لاستخدامه فى شيء وقنها.
وللعلم؛ كان أبي شديد الدقة في معاملاته المالية، وعادل وكريم ولا يفوته ماعليه أو ما له.
فهل يعتبر هذا المبلغ ميراثا يوزع على الورثة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل والدك اعتبر المبالغ التي كان يعطيك للتصرف فيها سلفا، أو هذا المبلغ الذي صرفته على مزرعتك، وكان يصبر عليك وينتظر حتى تكون في سعة أو تبيع مزرعتك. وأمك غير متهمة بالنسبة لك لأن الأم جبلت على حب الخير لأبنائها طبعا.
ولهذا؛ فإن عليك أن تتخلص من هذا المبلغ الذي ذكرت لك أمك أن والدك كان يريد استرجاعه منك في حياته، فهذا دليل على أنه لم يكن هبة منه وإنما كان سلفا.
والتخلص من هذا المبلغ وتقسيمه على الورثة هو الأحوط لدينك والأوصل لرحمك والأبر بأبيك والأبرأ لذمتك ...
وأقل ما يقال عنه إنه موضع شبهة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1425(12/5286)
لا حق للأسرة فيما وهبه الأب لغيره من ممتلكاته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج ولي ابن وتسكن معي أسرتي الكبيرة اضطررت لبيع قطعة أرض كنت أمتلكها لمساعدة شقيقي الأكبر، فهل لأسرتي الصغيرة نصيب في ثمن هذه القطعة أم لا، وإذا كان لهم فكيف أحدده؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للشخص المؤهل للتصرف كامل الحرية في التصرف في ماله بالهبة أو الصدقة أو البيع ما دام يتمتع بكامل قواه العقلية، وعلى ذلك فما دامت القطعة المذكورة ملكاً خاصا بك فلا مانع من بيعها أو هبتها أو التصدق بها على شقيقك أو غيره، ولا حق لأسرتك الصغيرة أو لغيرها في ممتلكاتك الخاصة.
ولكن إذا لم تكن تملك غيرها فقد كره بعض أهل العلم أن يتصدق الرجل بماله كله في وقت واحد وإنما يكتفي بثلثه، هذا ما رواه الإمام مالك في المدونة عن جمع من السلف رضوان الله عليهم، وذهب بعض أهل العلم إلى جواز التصدق بجميع المال، وللمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 35914.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1425(12/5287)
من كتب لابنه الصغير كل ما يملكه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا البنت الوسطى ولي أخت تكبرني وأخ عمره 25 عاماً والمشكلة أنني منذ تزوجت فقد فرق أبي بيني وبين أختي حيث أعطاني شقة في عمارته أصغر من شقة أختي على الرغم من أن أختي الآن خارج مصر، وكان من الممكن أن يطلب منها أن تترك شقتها لي وحجز لأخي شقة كبيرة مثل شقة أختي وهو غير متزوج ولا يحتاجها الآن، وأبي يعيش في شقة واسعة وكان قد وعدني بها قبل أن أتزوج وهو يتعلل دائماً بأن ذلك حظي ولم أشتك غير أنني أشعر أحياناً بالمرارة والآن كتب أبي كل ما يملكه من مال لأخي الأصغر متعللاً بأنه مريض هو فعلا مريض بمرض مزمن يجعل مجهوده أقل من الطبيعي ولكن هل كان عليه أن يكتب كل ما يملك له وهل هذا حلال، أنا أشعر أن أبي لا يخاف علي من المستقبل وأحزن في داخلي فأفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعدل بين الأولاد أمر مطلوب باتفاق الفقهاء رحمهم الله، وإنما اختلفوا هل هذا العدل واجب أم مندوب؟ والراجح أنه واجب، كما في الفتوى رقم: 28381.
ولكن إذا كان التفضيل بين الأولاد لمبرر كمرض الولد أو حاجته أو قيامه بخدمة والديه أو أحدهما فهو جائز لا حرج فيه، وراجعي الفتوى رقم: 28403.
وكتابة والدك كل ما يملك لأخيك.. فإن كان على وجه الوصية فإنها لا تنفذ لأنه لا وصية لوراث إلا إذا أجازها الورثة، فإن رضي بعضهم وامتنع البعض مضت الوصية في نصيب من رضي، وإن كان قد كتب كل ما يملك على وجه الهبة وكان ذلك لمسوغ فلا بد من القبض، وقبض كل شيء بحسبه، فقبض الدور والعقار بالتخلية أي أن يخلي بينه وبين الدار، وقبض المنقول من نقود أو سلع أو أثاث بنقله، وقد بين الفقهاء رحمهم الله ذلك عند حديثهم عن قبض المبيع، قال الشربيني في الإقناع: وقبض غير منقول من أرض وشجر ونحو ذلك بالتخلية لمشتر بأن يمكنه منه البائع ويسلمه المفتاح، وبتفريغه من متاع غير المشتري نظرا للعرف في ذلك، وقبض المنقول من سفينة وحيوان وغيرهما بنقله مع تفريغ السفينة المشحونة بالأمتعة نظرا للعرف فيه، ويكفي في قبض الثوب ونحوه مما يتناول باليد التناول. انتهى.
ونوصي والدك بالعدل بين أولاده وأن لا يفضل بعضهم بعطاء أو هبة ما لم يكن لذلك مبرر مقبول، ونذكره بقوله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
وأنه قال لمن نحل ابنه دون سائر أولاده: اردده. رواه مسلم، وقال أيضاً: سوِّ بينهم. رواه أحمد، ونوصيك بالصبر وعدم التضجر، وحق والدك عليك كبير ولا يغير في الأمر عطاؤه أو منعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1425(12/5288)
قسمت هبة أبيها بين أمها وإخوتها وزادت لنفسها شيئا
[السُّؤَالُ]
ـ[كتب لي والدي كل أملاكه حرصا من أمي على أن لا تضيع أمواله إلى أحد من إخوانه الذكور، مع العلم بأنه لا يوجد لدى والدي أبناء من ذكور فنحن أربع بنات، وأمي كافحت مع والدي طول حياته لنصل إلى ما نحن عليه، فعند موته طلبت مني أمي أن توزع أموال والدي بالتساوي علينا، 4 بنات+أمي فوافقت مباشرة.
المشكلة الأولى: الحقيقة في هذا الموضوع أن والدي كان لا يوافق على أن يعطى أي من أمواله إلى أختي لأنها عصته ولكن تم التقاسم بيننا.
والمشكلة الثانية: في هذا الموضوع أني أنا الأخت التي لم تتزوج من الثلاثة فقررت عند أخذ الأموال من البنك بأن أحتفظ بجزء من الأموال دون علمهم لجهازي والإعداد للزواج لأني كان وقتها عمري 37 سنة والآن سوف أقوم بإجراء عملية خطيرة ولا أعرف هل ما فعلته حلال أم حرام؟ ولكن بالفعل النصيب الذي أخذته سهل لي فرصة للزواج. وللعلم، فأنا كتبت في وصيتي بأن يعطى لكل واحد من أبنائهم الكبار (أولاد أخواتي) جزء من الميراث لأني لا أقدر الآن أن أصرح بهذا الكلام لهم مع العلم بأني لم أنجب إلى الآن. فهل ما فعلته حلال أم حرام؟ مع العلم بأني راعيت والدي في شدته كثيرا وكنت بمثابة البنت البارة له فهو طلب مني صراحة إذا أردت أن آخذ كل أمواله ولا أعطيها لأحد فهو لا يغضب مني ولكن حرصا مني على الشكل العائلي وحاجتي إلى دعاء أمي فوافقت على شروطها واحتفظت بهذا المبلغ.
يرجى الإفادة ولكم جزيل الشكر لما تقوموا به من توضيح.
رجاء، سرعة الرد. ... ...
... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الأب يسوي بين أبنائه في الهبة دون تمييز ما لم يوجد موجب شرعي لذلك، وإن حصل ذلك فالجمهور على صحة الهبة، وإن كان الإقدام على ذلك مكروها أو محرما على خلاف بين أهل العلم في ذلك، كما هو مبين في الفتوى رقم: 6242.
وعلى كل؛ فإن كان أبوك كتب ما له باسمك على سبيل الهبة وهو في حال يصح منه ذلك وحزت هذا المال حوزا شرعيا بأن رفع يده عنه ووضعت أنت يدك عليه إن كنت رشيدة أو أشهد على الهبة وتصرف فيه لمصلحتك بإشهاد أيضا إن كنت صغيرة أو سفيهة فإن جميع هذا المال أصبح لك وحدك دون بقية الورثة، ويعد ما أعطيت لأخواتك من ذلك هو مجرد هبة منك وليس نصيبا من التركة.
أما إن كان الأب كتب ذلك وهو في حال لا تصح منه الهبة أو كانت الهبة غير مستوفية شروط الصحة فالمال ملك لجميع الورثة كل بحسب نصيبه، وبالتالي؛ فلا يجوز لك أخذ ما زاد على نصيبك من هذا المال، وإن حصل ذلك فالواجب عليك رده إلا أن يتنازل أصحابه لك عنه. وانظري الفتوى رقم: 19365.
وإياك ثم إياك أن يحملك الخجل أو الخوف من كلام الناس على الاحتفاظ بما أخذت من المال دون علم ورضى بقية الورثة إن كانت الهبة لم تتم على نحو ما قدمنا، فبادري بإرجاع الحقوق إلى أهلها واستحليهم من تأخيرها عنهم وانتفاعك بها، ولا يلزم أن ترديها لهم على أنك كنت تعديت عليها من حقهم، بل أرجعيها بأي وسيلة تبرأ بها ذمتك.
وننبه إلى أنه إذا تقرر أن المال تركة فلا بد أن يقسم وفقا لكتاب الله تعالى وإن كان ذلك مخالفا لما كانت تريد أمك أو أبوك، وفي تلك الحالة عليكم بمراجعة المحاكم الشرعية عندكم لحصر الورثة وإعطاء كل ذي حق حقه.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1425(12/5289)
تريد مقاضاة أبيها لمفاضلته بين أبنائه
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي ثلاثة أسئلة أرجو الإجابة عليها وجزاكم الله خيراً
1- كان أبي متزوجاً من امرأتين، الثانية هي أمي، عندما تزوج أمي ترك الزوجة الكبيرة في بلده الذي لا يقيم فيه وكان يرسل لها النفقة الشهرية، وعندما عاد ومكث معها في نفس البلد كنا نحن نسأله أن يذهب لينام معها حتى يعدل بينها وبين والدتي، ولكنه كان يقول لنا إن زوجته تلك قد عفت له هذا الأمر، فما رأي الدين؟
2- الآن قبل سبع سنوات توفيت تلك الزوجة الكبيرة، أبي له أربعة أبناء منها ومن والدتي له ثمانية أبناء، أبي يملك أربعة منازل بين الرخيص والغالي، أحدهم يقيم فيه إخوتنا غير الأشقاء، أما نحن فنقيم في منزل هو مسجل باسم والدتي منذ شرائه وأشقائي ساهموا في بنائه، الآن أبي قد سجل للأربعة إخوتي غير الأشقاء منزلاً باسمهم، ونحن لا، فهل هذا هو العدل بين الأبناء؟
3- تحملنا أنا وأشقائي الكثير من ظلم معاملة أبي لنا وكانت أمي دوما تهدينا أن نكون أفضل منه، ولكنه دوماً كان يخرجنا عن طورنا، وأنا الآن أفكر برفع دعوى قضائية إن أصر والدي للفرز في الورثة بين جميع الأبناء، فهل أكون ابنة عاقة إن فعلت ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعدل بين الزوجتين أو الزوجات من الأمور الواجبة، ويأثم الزوج بتركها، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 2967.
إلا أنه إذا تنازلت إحدى الزوجات عن بعض حقوقها كالمبيت مثلاً سقط حقها في ذلك، وانظري الفتوى رقم: 20775، والفتوى رقم: 30743، والفتوى رقم: 47387.
وعلى هذا، فإن كان ما قال أبوك صحيحاً من أن زوجته الأولى تنازلت له عن حقها في المبيت لضرتها، فليس على أبيكم في ذلك شيء، وإن كان الأمر غير صحيح، فلا شك أنه أتى إثماً عظيماً يجب عليه منه التوبة والاستغفار.
أما فيما يتعلق بتخصيص والدك بعض إخوتك بشيء دون الآخرين، فهذا فيه تفصيل، فإن كان ذلك لمسوغ شرعي ككونهم ذوي عوائل ونحو ذلك فهذا جائز، وإن لم يكن لغرض شرعي فهو محل اختلاف بين أهل العلم، والراجح فيه الحرمة، وقد مضى تفصيل هذا في الفتوى رقم: 6242.
وعلى كل، فإننا ننصحك وإخوتك بمحاولة إقناع والدكم بالرجوع عن هذا الأمر إن كان مخطئاً فيه، وتنبيهه إلى أن الشرع أوجب عليه أن يسوي بينكم جميعاً في الهبة، وليكن خطابكم له بأدب واحترام لما للأب من حقوق البر، ثم إنه لا بأس بتوسيط الأهل والأقارب وكل من له تأثير على أبيكم حتى يتراجع عن خطئه إن كان مخطئاً، فإن قبل النصح فلا إشكال، وإن أبى فليس لكم إلا الاستمرار في نصحه والتلطف به حتى يعدل بنفسه عن قراره الجائر.
أما رفعه للقاضي فهو عقوق، لأن أهل العلم نصوا على أن مجرد تحليف الوالد في حق لابنه عقوق، فأحرى غير ذلك، قال الدسوقي في حاشيته: قوله فللوالد أن يحلف ولده لا العكس.
أي ليس للولد أن يحلف الوالد لأنه عقوق ولا يقضى للولد بتحليف والده إذا شح الوالد وكذلك ليس له حده إن قذفه، لأن الحد أشد من اليمين. هذا هو قول مالك في المدونة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1425(12/5290)
حكم إعطاء الأب مفتاح بيت أسرته لأقربائه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أسرة مكونة من 4 أفراد أم وأب وطفلين نعيش في بلدة ولنا بيت في بلدة أخرى تبعد عنا مسافة 100كم وتسكن في هذه البلدة أسرة أبي (ويسكنون في بيت مستقل في نفس البلدة التي فيها بيتنا) وأراد أبي أن يعطي مفاتيح هذا البيت إلى أسرته (مع العلم بأن أسرة أبي تدخل البيت ونحن غير موجودين) ، فهل يجوز هذا أم لا أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخلو حال هذا البيت المذكور أن يكون ملكاً لوالدكم أو غيره فإن كان ملكا له فله أن يتصرف فيه بما شاء من بيع أو هبة أو نحو ذلك، ما دام عاقلاً رشيداً مختاراً، أما إن كان هذا البيت ليس ملكاً له بل هو لكم فهذا يفصل فيه، فإن كان الأب محتاجاً إلى سكنه أو الانتفاع بأجرته فلا ينبغي أن يحال بينه وبين ما أراد لما للأب من فضل عظيم على أبنائه من نفقة وتربية وما شابهه مما يجعل له الحق في مال أبنائه، لما رواه الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم. وفي سنن ابن ماجه أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي اجتاح مالي، فقال: أنت ومالك لأبيك. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أولادكم من أطيب كسبكم فكلوا من أموالهم.
أما إن كان الأب غير محتاج ولم توجد مصلحة للتصرف في البيت فليس من حق الأب التصرف إلا بإذن مالكي البيت، والذين أباحوا مال الابن لوالده قيدوا ذلك بشرطين نص عليهما ابن قدامة بقوله: أحدهما أن لا يجحف بالابن ولا يضربه ولا يأخذ شيئاً تعلقت به حاجته، الثاني ألا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر نص عليه أحمد. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(12/5291)
هل يجب على الأب إنكاح أبنائه
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل تزوج باثنتين الأولى أنجب منها ثلاثة أولاد والثانية أنجب منها أربعة أولاد وقد قسم بينهم قسمة شرعية الثلاثة الذين من الأولى تزوجوا وكان زواجهم كالتالي (الأول زوجه أبوه من قبل أن يقسم بينهم والثاني زوج نفسه بعد القسمة والثالث زوج نفسه بعد القسمة) والذين من الثانية أربعة الأول زوج نفسه وساعده أبوه بمبلغ معين وباقي الثلاثة بدون زواج) على من زواجهم؟
أفتونا مشكورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أن يزوج الرجل نفسه، وليس على أبيه أن يزوجه إلا إذا كان الولد عاجزاً عن ذلك، وكان أبوه قادراً عليه، ويتحمل نفقته بالفعل.
قال ابن قدامة في المغني: ... وعلى الأب إعفاف ابنه إذا كانت عليه نفقته، وكان محتاجاً إلى إعفافه.
وعلى هذا، فإن على هذا الأب أن يزوج باقي أبنائه إذا كانوا محتاجين، وكانت له المقدرة على ذلك. وهو أيضاً من باب التسوية بين الأبناء المأمور بها شرعاً.
وأما إذا كان الأبناء لهم القدرة المالية على تزويج أنفسهم أو كانوا قادرين على التكسب، فليس على أبيهم تزويجهم إلا من باب الإكرام والإحسان، وهو هنا مطلوب لتوثيق أواصر المحبة والمودة بين الجميع.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 14193.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(12/5292)
هل يجوز حرمان الولد العاق من الميراث أو الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً: أشكركم على الفتوى التي أفدتموني بها بخصوص والدي والتعامل البنكي، مما شجعني للاستمرار معكم وأرجو أن لا أثقل عليكم، وجزيل الشكر والتقدير لكم وبعد، سؤالي هو: أيضاً يتعلق بوالدي الحبيب أرجو له الرضا والمغفرة من الله عز وجل، إن له ولدا من زوجة سابقة قبل أمي، وهذا الأخ هو البكر لوالدي ولكنه لا يراعي الله في أبيه، يبغضه كثيراً وينصر الخصوم عليه ولا يزوره فكم من رمضان مضى وأعياد ومناسبات إنه يكرهنا نحن إخوته ووالدتنا، والدي حاول معه كثيراً، فشل في إصلاحه والآن والدي قام بتسجيل أملاكه وتقسيمها علينا أنا وإخوتي ووالدتي، وهو إرضاء لله سبحانه وتعالى يريد أن يعطي هذا الولد العاق مبلغاً لا بأس به، سؤالي هو: هل والدي خرج على الشريعة بتقسيم أملاكه ليحمي أولاده وزوجته من أذى ابنه العاق وأعوانه، وإن كان يجب على أبي أن يعطيه حقه الشرعي فأين العدل وهل الوالد هو فقط مصدر للنقود والماديات، لكي يورث مالاً، أين العلاقة الأبوية والرحمة، أين بر الوالدين، فوالدي غاضب عليه فهو ابن يقاطع أباه سنين طويلة ويبغضه ويناصر خصومه، ويتمنى الضرر لأبيه وزوجته وأولاده وحين موعد الميراث يصبح هذا أبوه في ليلة وضحاها لكي يرث ماله، فوالدي لا يستطيع أن يكتب له في ليلة وضحاها حصاد سنين طويلة من التعب والعمل وكان هذا الابن يرفض أن يساعده وهو يعمل لوحده ونحن لا زلنا أطفالاً ويتمنى له الفشل، ولو لم يكن والدي نجح في عمله بفضل الله وبعد أن كبرنا وعاوناه كثيراً ما كان هذا الابن لينفق على أبي قرشاً، فكيف يرثه بعد النجاح وعملنا معه، أين الإنصاف لوالدي المسكين، على فكرة أخي هذا موضوع الحديث بلغ الخامسة والخمسين سامحوني على الإطالة، بانتظار إجابتكم الشافية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان والدكم قد قام بقسمة ما يملك من أموال عليكم وعلى والدتكم في حال صحته، ومع كمال عقله، ولم يعلم عنه قصد الإضرار ببعض ورثته فلا حرج عليه في ذلك -إن شاء الله- ولكن الواجب عليه التسوية بين الأولاد في القسمة، ولا يجوز التفضيل بينهم إلا لمسوغ شرعي كمرض ونحوه، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 6242.
وعلى هذا.. فالواجب على والدكم إعطاء أخيكم نصيبه من هذا المال، ومساواته لكم في القسمة، ولا يجوز تفضيلكم عليه لمجرد ما وقع منه من عقوق، وتراجع الفتوى رقم: 28403، وما ذكرت من تصرفات قد وقعت من أخيكم فلا يسوغ حرمانه من نصيبه أو نقصانه شيئاً منه.
فعلاقتكم أنتم بأبيكم هي نفسها علاقة أخيكم به وعقوقه لوالده وقطعه لرحمه لا يحرمه من حقوقه الشرعية في أبيه من إرث وغيره، والواجب عليكم بذل النصح لأخيكم وتذكيره بالله تعالى، وبخطورة ما أقدم عليه من عقوق وقطيعة رحم، وأوردوا له نصوص الكتاب والسنة في تحريم ذلك، وقد ذكرنا بعضها في الفتوى رقم: 11287، والفتوى رقم: 13912.
واستعينوا في إصلاحه بالله تعالى أولاً بدعائه والتضرع إليه، ثم بكل من ترجون أن يكون لقوله تأثير عليه، وبكل وسيلة صحيحة، ولعل من أعظم ما يعينكم في إصلاحه، إحسانكم إليه وحسن معاملتكم له، قال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت:34] ، فابذلوا له هذا المتاع الزائل رجاء ما فيه خير الدنيا والآخرة.
وننبه إلى أن والدكم إن كان قد قسم إملاكه على أنها تركة، فلا يصح، وكذا إن كان هبة فلا بد من حوزتها الحوز المعتبر شرعاً، بأن يرفع يده عنها، ويتصرف كل واحد في نصيبه تصرف المالك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1425(12/5293)
أوفدته الجامعة إلى مؤتمر فأهدي حقيبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت الى مؤتمر علمي لنشر بحث علمي باسم الجامعة التي أدرس بها وقد دفعت الجامعة كل المصاريف من مصاريف التسجيل للمؤتمر والسفر والأقامة وخلافه، وقد أعطى المؤتمر لكل باحث شنطة عليها شعارالمؤتمر كهدية، فهل تعتبر هذه الشنطة من الناحيه الشرعية، ملكا شخصيا لي أم ملكا للجامعة، علما بأن الجامعة لا تطالب بها والمتعارف عليه هنا أن هذه الأشياء تكون للباحث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعول عليه لمعرفة المستحق لهذه الحقيبة هي الجهة المانحة لها، فإذا كانت تمنحها للباحث فهي له، وإن كانت تمنحها للجامعة فهي لها إلا أن تتنازل عنها للباحث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1425(12/5294)
وهبت له الحكومة أرضا فنازعه أخوه فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله عنى كل الخير
سؤالى هو: عمي كان في حرب اليمن وعندما عاد أعطته الدولة عدد 2 فدان من الأرض الزراعية ولكن بعد أن طلبت منه عدد أفراد الأسرة وأسمائها وقيدوا في الكشوف وكان أفراد الأسرة علاوة على زوجته وأمه أيضا أبي وأمي وأخي الأكبر ثم زرعو جميعا الأرض حتى عزل كل واحد منهم في بيت بمفرده وأصبحت الأرض مع عمي يستنفع هو بها ولكن بعد مرور عدة سنوات أراد عمي بيع الأرض ولكن ظهر أبي ليطالبه بحقه وحق زوجته وابنه الأكبر في هذه الأرض واضطر عمي ليدفع له بعض المال ليستطيع هو التصرف في الأرض ولكن يبقى أبي أمام الجميع أخذ شيئا ليس من حقه ولا من حق زوجته ولا من حق أخي الأكبر فهل هذا صحيح أما أن له ولهم نصيبا في هذه الأرض؟ ... ...
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن الدولة منحت عمك هذه الأرض له خاصة وطلبت منه كشفا بأسماء أسرته حتى تقدر كم من الأرض يمكن منحه ليزرعها وينفق منها على نفسه ومن يعول، وعلى هذا فمطالبة أبيك له بجزء منها مطالبة بشيء ليس له وخصومة منه في باطل، وما أخذه من مال من عمك حرام عليه ويجب رده إلى صاحبه، قال تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ [سورة البقرة: 188] . وفي الحديث: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه. رواه البيهقي.
ومع ما تقدم نقول: إذا كان توصيفنا للمسألة غير صحيح، وكانت هذه الأرض صرفت لأفراد الأسرة الموجودين في ذلك الوقت جميعهم بأعيانهم وأسمائهم المسجلة في ذلك الكشف المقدم من قبل عمك، فإن لكل واحد منهم فيها حقا، وعلى عمك دفع هذا الحق كاملا إليهم، وينبغي الرجوع في تفاصيل هذا الحكم إلى المحاكم الشرعية عندكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1425(12/5295)
كتب اسم امرأته في عقد بيت اشتراه بقرض وسدده فهل لها حق فيه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طلقت زوجتي بعد طلبها إياه ولنا ثلاثة من الولد، لكن كنا قد اشترينا معا بيت بالقرض ووضعت اسمها في العقد، لكن أنا الذي كنت أسدد القرض، لكن الآن هي تطالبني بحقها، فهل لها الحق في ذلك، وأحيطكم علماً بأني لم أطلق أدارياً وهي تزوجت الآن وأولادي عندي؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنتما قد اشتريتما البيت شركة بينكما وقمت أنت بالتسديد فالبيت ملك لكما جميعاً، ولك عليها الأقساط التي قمت بتسديدها عنها هذا إن لم تقصد عند تسديد الأقساط التبرع لزوجتك، أما إن قصدت التبرع فليس لك شيء وعليك تسليم نصيبها من البيت.
أما إن كنت اشتريت البيت لك ونويت أن تهب لزوجتك نصفه أو بعضه فإنها لا تستحق هذا النصف أو البعض إلا إذا قبضته وانتقل إلى ملكها، حيث إن الهبة لا تملك إلا بالقبض، كما بيناه في الفتوى رقم: 18923، والفتوى رقم: 19549.
فإن كانت لم تقبضه فليس لها حق فيه ديانة أي فيما بينها وبين الله، وأما من حيث القضاء فإن الأمر يرجع إلى الوثائق والبينات.
وأما قولك فإني لم أطلقها إدارياً، فاعلم أن الطلاق لا يشترط في وقوعه أن يتم في مكان حكومي ولا أن يوثق في دائرة حكومية، بل لو كنت في غرفة بمفردك وتلفظت بالطلاق فهو واقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1425(12/5296)
الاعتراض على هبة الأب لأولاده بين الجواز وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ثلاثة أسئلة تحيرني منذ سنة تقريباً ولم أجد لها جواباً، ولكن الحمد لله نصحني أحد الأصدقاء أن أكتب لكم لعلي أجد جواباً لمشكلتي، السؤال الأول: أنتمي إلى أسرة متكونة من أب وأربعة أخوات بنات غير متزوجات مع العلم أن الوالدة متوفية (رحمها الله) يملك أبي رقعة أرض مساحتها 1500 متر مربع فيها منزلان قيمتها100 ألف دولار أمريكي تقريباً، ممتدان على مساحة 600 متر مربع، وتقطن أخواتي مع أبي في المنزلين المذكورين، علما بأني مهاجر بفرنسا للقيام بأطروحة دكتوراه ولا أزور بلدي إلا في بضعة أيام خلال فصل الصيف، فكر أبي في تقسيم هذه الأرض علينا جميعاً قبل وفاته لخوفه من حدوث بعض مشاكل الميراث التقليدية، فأعطى 800 متر مربع بما فيها المنزلان لأخواتي وأعطاني 700 متر مربع، أرض بور، حتى أبني فيها منزلي، ولكن أزواج أخواتي انتقدوا أبي انتقاداً شديداً مدعين أنه لم يكن عادلاً ولم يحسن القسمة، فهل لهم الحق في ذلك، وهل تصبح قطعة الأرض حراماً علي؟ السؤال الثاني: أراد أبي أن يبدأ في بناء بيتي من مال مرتب تقاعده ومن مال تجارته، فعارضه أزواج أخواتي مدعين أنه ليس من باب العدل أن يبني لي ولا يبني لزوجاتهم، فهل يصبح بيتي مبنياً من مال حرام؟ السؤال الثالث: بتوفيق من الله عينتني وزارة البحث الفرنسية كباحث مدرس بمرتب محترم جداً ولله الفضل في ذلك، فقام زوج إحدى أخواتي بالضغط علي مستعملاً حبي الكبير لزوجته حتى أقبل بأن يأتي ابنه 18 عاماً ليواصل تعليمه هنا على كفالتي (إقامة، أكل ... ) فوجدت في ذلك حرجاً كبيراً لأني لا أستطيع تحمل هذه المسؤولية المالية لبضع سنوات، فاعتذرت لهم ولكنهم اتهموني بالبخل، فهل في رفضي عدم المعروف للأقارب كما يزعمون؟ شكراً لكم، وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الوالد قد قسم هذه الأرض عليكم على سبيل الميراث فلا يصح هذا التقسيم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 47722.
أما إن كان قد قسمها على سبيل الهبة فهذا التقسيم صحيح بشرط أن يكون قد عدل في هذه القسمة، بحيث تكون قيمة ما أعطاك مساوية لقيمة ما أعطى لكل أخت من أخواتك، وهذا على الراجح من أقوال أهل العلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. رواه سعيد بن منصور، وحسن الحافظ ابن حجر إسناده، وراجع الفتوى رقم: 33348.
وعليه؛ فإذا كان قد عدل في هبته فهي نافذة ولا حق لأحد في الاعتراض عليها، وإذا كان لم يعدل أمر بأن يرد ما فضل به البعض أو أن يتم نصيب الآخر، فإن لم يفعل لم تصح هذه الهبة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 28274، ولا يجوز لك البناء على هذه الأرض -في هذه الحالة- لأنك بهذا تبني على ما لا تملكه ملكاً شرعاً.
ولا يجوز لأبيك أن يخصك بشيء من المال إلا أن يعطي نظيره لكل واحدة من أخواتك، سواء كان هذا المال ليبني لك بيتاً أو غير ذلك، ولا يجوز لك أن تتملك شيئاً فضلت به كما تقدم، ولا يلزمك أن تتحمل مصاريف دراسة ولد أختك، لأنك لست مكلفاً بالإنفاق عليه وليس في ذلك بخل أو إساءة للأقارب.
والذي ننصح به أن تحاول أن تصل مع أبيك وأخواتك -في هذه الأمور التي ذكرت- إلى شيء يرضي الجميع ولا يخالف الشرع، ونسأل الله أن ييسر أمركم وأن يصلح ذات بينكم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1425(12/5297)
شروط نفاذ هبة الأم لأولادها في حياتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أم لابن وأربع بنات لها منزل مكون من ثلاثة طوابق، الطابق الأرضى مقسم لشقتين (شقة مساحتها غرفتان وصالة إلخ، والشقة الأخرى من ثلاث غرف وصالة إلخ) وهكذا في كل طابق حتى الطابق الثالث، يسكن الابن وزوجته وأبناءه الطابق الثاني الشقة ذات الثلاث غرف ويستخدم الابن الشقة الصغيرة في الطابق الأرضي لتعليم التلاميذ، وتسكن الأم الطابق الثالث وابنتها الصغرى، أما البنات الثلاث فهن متزوجات، مع مراعاة أن البنت الكبرى طبيبة، وترغب الطابق الأرضي لعمل عيادة، والثانية مدرسة، والثالثة تحمل مؤهلا عاليا ولا تعمل، والصغرى تدرس الطب وتقيم مع والدتها، فما هي القسمة العادلة لهؤلاء الأبناء مع تنازل الأم عن نصيبها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتقسيم المال في حياة مالكه على أنه تركة لا يصح، فمن شروط صحة تقسيم التركة التحقق من وفاة المورث.
وإذا ماتت الأم وانحصر الورثة فيمن ذكروا فإن التقسيم العادل لهذا المال بعد وفاة الأم هو أن يقسم على كتاب الله تعالى بين الابن والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين، قال الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [سورة النساء: 11] .
وللأم أن تهب لأبنائها ممتلكاتها ويكون ذلك بالعدل بينهم وعلى سبيل التمليك المستوفي لشروطه من الحوز والتصرف فيه تصرف المالك في ملكه، ويكون نصيب كل واحد منهم لورثته إذا توفي هو قبل أمه مثلا.
وأما ما تحت يد الأبناء وما ينتفعون به من ممتلكات أمهم في حياتها فلا يملكون به ما تحت أيديهم، فإذا توفيت أمهم فإنه يكون تركة يرجع إلى باقي مالها ليقسم على ورثتها حسبما أشرنا.
هذا؛ وقد اختلف فيما يطلب من العدل عند القسمة في حال حياة الواهب من الوالدين إذا كان الأبناء خليطا من الذكور والإناث، فقيل: تجب التسوية، وقيل: يعطى الذكر نصيب أنثيين.
ولمزيد من الفائدة، نرجوا الاطلاع على الفتوى رقم: 14611، والفتوى رقم: 14893، والفتوى رقم: 33348، والفتوى رقم: 33994.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1425(12/5298)
كتب الأرض بأسماء أبنائه الخمسة ثم مات بعد أن رزق بسادس
[السُّؤَالُ]
ـ[في الخمسينات من القرن الماضي قامت دائرة تسجيل الأراضي (الطابو) بتسجيل أراضي الناس على أسمائهم وأصدرت لهم سندات تسجيل، وأحد الناس سجل الأرض التي يملكها وهي ستون دونما على أسماء أولاده الخمسة فأصبح لكل ولد اثنا عشر دونما، وبعد ذلك بسنوات رزق الأب بولد سادس ثم توفي الأب، فهل للولد السادس أي حق عند إخوته حيث إن أباهم سجل الأرض بأسمائهم قبل مولده ... ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان تسجيل هذا الرجل هذه الأرض لأولاده على سبيل الهبة حال صحته، وقبض الموهوب لهم هذه الأرض بأنفسهم إن كانوا بالغين أو بقبض أبيهم لهم إن كانوا صغارا فالهبة حينئذ هبة صحيحة، ولا نصيب للولد السادس في هذا المال.
وإن كان هذا التسجيل على سبيل الوصية، أي أنه تبرع ينفذ بعد الموت، فلا تنفذ هذه الوصية إلا إذا أجازها الورثة، وحينئذ يأخذ هذا الولد نصيبه في الميراث.
وبقي احتمال ثالث وهو أن يكون قد سجل هذه الأرض لأولاده لمعنى آخر غير الهبة أو الوصية، بحيث تكون له ولا تخرج عن ملكه فهي في هذه الحالة ميراث يقسم بين ورثته على مقتضى الشرع الحكيم.
وفي ختام هذا الجواب نوصي هؤلاء الإخوة بالإحسان إلى أخيهم هذا، ولو امتلكوا هذه الأرض عن طريق الهبة، لاسيما إن كان صغيراً، أو فقيراً محتاجاً، لأن في ذلك صلة للرحم، وبراً بأبيهم.
وتراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 21316.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1425(12/5299)
تلزم الهبة بالقبض في حياة الواهب
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: هذا سؤال من أخت عزيزة أتمنى الإجابة عليه للأهمية وجزاكم الله عنا وعنها كل خير، إنني الابنة الوحيدة لأمي وليس لي إخوة، توفي والدي منذ 30 عاما وترك أمي ولها شقة صغيرة تسكنها ولها أرض صغيرة أيضاً، وعندما توفي والدي سكنت أنا وزوجي بجانب أمي وأصبحنا نرعاها ونصرف عليها فليس لها وارد أبدا ولم نتركها بحاجة لشيء، وأنا وزوجي نعمل في وظيفة حكومية وعندما رأت معاملتنا كتبت الشقة باسمي، ثم باعت الأرض ومرضت بفقدان الذاكرة وأصبحت بحاجة للعناية أكثر ولشخص بجانبها ليل نهار فأصبحنا نتناوب على رعياتها أنا وزوجي وأولادي مع كشفها على الأطباء ومعالجتها أما نقود الأرض بقيت كما هي معي فهل يحق لي أن آخذ النقود وأتصرف بها أم أتركها للورثة، مع العلم بأن لها أختين متزوجتين وبعيدتين عنها وإخوتها ماتوا ولهم أولاد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الشقة التي كتبتها أمك باسمك قد وهبتها لك في حال حياتها ورشدها وكمال عقلها ودخلت في ملكك في تلك الحال، وتم امتلاكك للشقة فإنها هبة صحيحة، وذلك لأن الهبة إذا قبضها من وهبت له في حياة الواهب لزمت، كما قال صاحب الزاد: وتلزم بالقبض بإذن واهب. ثم ذكر الشارح في الروض المربع حديث عائشة رضي الله عنها: أن أبا بكر رضي الله عنه نحلها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما مرض قال: يا بنية، كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا، ولو كنت حزتيه أو قبضتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث، فاقتسموه على كتاب الله. رواه مالك في الموطأ.
وأما بالنسبة لنقود الأرض التي ما زالت عندك فهي ملك للوالدة ما دامت حية يصرف عليها منها في نفقتها وكسوتها وجميع حاجاتها، وإذا بقي منها شيء بعد وفاتها كان للورثة، ولا يلزمك أنت أن تصرفي عليها من مالك الخاص ما دامت عندها ما يغنيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1425(12/5300)
حكم استرداد الهبة.. مشروطة أو غير مشروطة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا آنسة أسال عن أموال اكتسبها الإنسان من شخص آخر عن رضى منه ولكن عن طريق المحايلة لأنه هناك شخص كنت على علاقة به وأعمل معه وكنت أنا صاحبة المكان ولم يكن يملك شيئا به وساعدته على أننا نبني المستقبل ولكنه غدر ولا تعتقدوا أنني غير ملتزمة إنني ملتزمة جدا ولكنني كنت أريد الحلال معه وهو قد استغلني وأريد أن أعرف هل ما أخده مني حلال له أم لا أفيدوني جزاكم الله خيرا علما بأنه عندما أخده مني برضاي وحسن نيتي ولكنه أظهر غير ذلك. وبارك الله بكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك وفقك الله ـ إلى أن العلاقة بين الرجل والمرأة على الوضع الشائع الآن لا تجوز إلا في ظل زواج شرعي، كما ننبهك إلى أنه لا يجوز الا ختلاط بين الرجل والمرأة في العمل على وضع يمكن أن ينشأ عنه محرم من خلوة أو غيرها، وراجعي للأهمية الفتوى رقم: 10522 والفتوى رقم: 37015 والفتوى رقم: 3539 وأما بالنسبة لحكم المال الذي أخذه هذا الشخص منك ففيه تفصيل.
فإن كان قد أخذ هذا المال على شرط أن يتزوجك ولم يفعل، فلك الحق أن تستردي هذا المال منه، ولا حق له فيه لأن الهبة المشروطة لا تملك إلا إذا تحقق شرطها، فإذا تخلف الشرط امتنع أخذها؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني.
أما إن كان قد أخذه بسبب تظاهره بالرغبة في الزواج منك دون أن تشترطي عليه أن يتزوجك فالمال ملك له، وهو حلال له، لأنك وهبته إياه برضاك دون أن تشترطي شيئاً، علماً بأن هذا التظاهر الذي فعله لا يجوز وهو من الغش المحرم، نسأل الله تعالى أن يوفقك إلى طاعته وأن يشرح صدرك ويعيذك من الفتن ما ظهر منها وما بطن إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1425(12/5301)
حكم هبة الأب منزله لابنه الصغير
[السُّؤَالُ]
ـ[أصحاب الفضيلة بعد تحية الإسلام: تنازل لي والدي عن منزل كان يسكنه، وكان عمري في ذلك الوقت سبع سنوات، وهذا التنازل لم يكن لي به علم إلا بعد وفاته، علما بأنني كنت أقيم معه في ذلك المنزل حتى وفاته، وبعد أن علمت به عرضته على بعض أهل الفتوى في مدينتي، فأفتوني بأن هذا التنازل باطل شرعا نتيجة لخطأ في التوثيق بأن لم تذكر فيه الحيازة والتصرف من قبل والدي علي لأن ابن السبع سنوات لا يستطيع أن يحوز ولا يتصرف، حيث ورد في وثيقة التنازل النص التالي: وقد أذن المتنازل للمتنازل له بقبول ذلك وحوزه، وعليه يشهد بذلك من سمع منه وأشهده به عارفاً له وهو بحال كمال ... السؤال: ما هو رأي الشرع في هذا التنازل مع إيراد الحجج في ذلك ولكم فائق التقدير والاحترام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يحوز للولد الصغير هو أبوه أو من يقوم مقامه، أما حوز الولد أو الإذن له في الحوز أو القبول فلا عبرة به ولا تصح به الحيازة، فمن وهب لولده الصغير عقاراً أو غيره مما يعرف بعينه وحازه هو نيابة عن ولده وأشهد على الهبة كفت تلك الحيازة وتمت الهبة، ولا يضر بقاء الموهوب تحت يد الأب الواهب.
قال ميارة في شرحه لتحفة الحكام: أما حوز الأب لما وهب أو تصدق به على ولده الصغير ففي الجواهر روى ابن وهب أن أبا بكر وعثمان وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم قالو: لا تجوز صدقة ولا عطية إلا بحوز إلا لصغير من ولد المتصدق فإن أباه يحوز له، وهذا في غير دار السكنى (بيت السكنى) (ومنزل السكنى) ، أما هذا فلا يكفي في صحة هبته للولد حيازته من الأب الواهب له والإشهاد على ذلك، بل لا بد مع ذلك من خروجه منها وإخلائها من أثاثه.
قال ميارة أيضا في الإتقان والأحكام في شرح تحفة الحكام: (وفي المتيطية) إذا تصدق الرجل على ابنه الذي في حجره بدار يسكنها الأب فلا بد من إخلائها من نفسه وثقله وأهله وتعاينها البينة خالية فارغة من أثقالها، ويكريها الأب للابن من غيره، فإن مضت سنة فلا بأس بعودة الأب لها إلى سكناها ... إلى آخر كلامه.
والخلاصة أن البيت الذي تنازل لك عنه أبوك إن كان بيت سكناه -كما هو الظاهر من السؤال- فلا تتم هبته لك وأنت في تلك السن إلا بانتقال الأب عنه أو عن أكثره وإفراغه لك من جميع أمتعته سنة كما قال الفقهاء مع الإشهاد على ذلك وعلى الهبة كما سبق، أما إن لم يخله جميعاً وظل ساكناً فيه أو في أكثره إذا كان يحتمل التقسيم حتى مات فإن الهبة تبطل ويكون البيت من التركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1425(12/5302)
لا يحمل إذن الآباء في انتفاع أولادهم بأموالهم على الهبة إلا بالتصريح
[السُّؤَالُ]
ـ[في عام1989 عرض علينا الوالد (رحمة الله عليه) قطعة أرض مساحتها خمسون مترا للانتفاع بها والبناء عليها وكنا خمسة أشقاء (أربعة ذكور وأنثى واحدة) فلم يرغب (الشقيقان الأول رضا والثاني أسامة) الاشتراك فيها وقبل الأشقاء (يسري ومجدي والأخت تيسير) الاشتراك فيها وتم البناء على قطعة الأرض مشاركة بين الثلاثة من مالهم الخاص وقبل وفاة الوالد بعام وذلك في عام 1995 وأوصى للشقيقين رضا وأسامة بإعطائهم عشرين مترا من قطعة أرض أخرى مقام عليها عقار مكون من خمسة طوابق نظير عدم اشتراكهم مع إخواتهم الثلاثة0
وبعد وفاة الوالد أي بعد عام 1996 اعترض الشقيقان على حرية تصرف الأشقاء الثلاثة في قطعة الأرض التي أعطاها لهم الوالد وفي البناء الذي أقاموه من مالهم الخاص عليها بحجة أنها أصبحت ميراثا وأفادوا بأنهم غير معترفين أيضا بوصية الأب علما بأنهما لم يعارضا ما فعله الأب طوال السبع سنوات وهي الفترة من 1989-1996 والتي تم فيها البناء. يرجى الفتوى هل قطعة الأرض التي أعطاها الوالد في حياته والتي تم البناء عليها من أموال الأشقاء الثلاثة (يسري ومجدي والأخت تيسير) تدخل في تركة الوالد أم لا تدخل في التركة نرجو اإفادة بالتفصيل ... جزاكم الله عنا خيرا ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتصرف الأب المذكور مع أبنائه وعرضه عليهم قطعة الأرض إذا كان على وجه الهبة المنجزة وشهدت بذلك بينة أو عرف فإنه يعتبر هبة، وبما أنها صدرت منه وهو جائز التصرف وحيزت في حياته فقد ملكها من حازها من الأبناء الذين وهبت لهم ولا كلام لغيرهم من الورثة.
أما إذا كان هذا العرض على وجه العارية والانتفاع بقطعة الأرض المذكورة فقط فإنها تعتبر عارية من الأب لأبنائه ولا يختص بها أحد من الورثة دون غيره، وبما أن الآباء جرت عادتهم بالتوسع في مساعدة أبنائهم وفتح الباب لهم في ممتلكاتهم إعانة لهم وإرفاقا بهم فلا يحمل إذنهم لهم بل ولا أمرهم لهم في الانتفاع بأموالهم على الهبة إلا بالتصريح بها، ولذلك نص أهل العلم على أن قول الأب لابنه: ابن هذه العرصة دارا أو اغرس في هذا المكان غرسا أو جنانا لا يعتبر تمليكا له وليس للابن إلا قيمة عمله منقوضا. قالوا: وإنما لم يعتبر هذا تمليكا لجريان العرف بذلك للأبناء مع عدم إرادة التمليك.
وعلى هذا فنقول للسائل الكريم: بما أن هذا المسألة يرجع فيها للعرف فنرى أن المرجع فيها إلى المحاكم الشرعية في بلدكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1425(12/5303)
عدم العدل بين الأولاد يثير العداوة والشحناء بينهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تظلمني ظلما شديدا وتعطي لأخوتي مالاً وأشياء كثيرة على سبيل المثال علما بأن مرتبي بسيط عنهم ولكن أبي وأمي يفضلون إخوتي عني والسبب هو أني لا أتكلم وهم يقولون أنني مختل عقليا والسبب أنني مواظب على جميع الصلوات وعلى قيام الليل وقراءة القرآن والاذكار الصباحية والمسائية ولكن هم يقولون إن الإسلام غير ذلك مثل أخي الكبير يصلي أولاده كبار عندهم 16 سنة 13 سنة ولم يصلوا ويقول عندما يكبرون وأبي يقول أنت مخك تعبان وأنت لا تعرف شيئا في الدين علما بأنني والله أعلم بما أقول. إنني أحس بطعم الإيمان ورأيت من النفحات الكثير منها رأيت في المنام الكعبة وبعد شهرين قال لي أحد الأصدقاء الأثرياء سوف أجعلك تعمل عمرة على حسابي الخاص وكان بالفعل وذهبت لأداء العمرة ولي من النفحات الكثير في المنام وفي اليقظة وأنا متزوج لي ولد وبنت وزوجتي محجبة وتواظب على جميع الصلوات وقراءة القرآن والأذكار ولكن أنا ازيد عليها بقيام الليل الذي أحس فيه بمتعة ما بعدها متعة لا تقدر بمال الدنيا كله والسؤال هنا أنا مرتبي بسيط جيد وأخوتي مرتبهم أكثر مني بكثير ولا حسد والله أعلم ولكن أمي وأبي يعطونهم الكثير من مرتبهم مثلا يدفعوا لأخي فاتورة الكهرباء ويقومون بإطعامهم يوميا وجبة الافطار وزوجتي تحس بذلك ولكن أنا أقول لها لا بأس لنا الآخرة ولكن نفسي تحدثني في بعض الأوقات وأخذ من وراء أمي مثل بيضتين مثلا كي نأكلهم أنا وزوجتي فهل هذا حرام أم حلال علما بأن إخوتي يأخذون الكثير من ذلك بكثير جدا جدا جدا جدا وعلى سبيل المثال يعطون لهم التموين (السلع الغذائية) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعدل بين الأبناء في العطايا أمر مطلوب عند جمهور الفقهاء بل ذهب الحنابلة إلى وجوبه، ولذا فعلى الآباء أن يعدلوا بين أبنائهم، فإن التفضيل بين الأبناء لغير مبرر سبب لإثارة الشحناء والبغضاء بينهم، وقد سبق الكلام عن العدل بين الأولاد في الفتوى رقم: 28403
وأما بشأن الأخذ من مال أحد الأبوين بدون إذنه فلا يجوز إلا إذا كان يرضى بذلك لو علم، وعليك أن ترد ما أخذته
وانظر الفتوى رقم: 21859.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1425(12/5304)
خاف على نفسه الموت فسجل قطعة أرض باسم زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل سجل قطعة أرض باسم زوجته رغم أنه اشتراها من ماله الخاص وأولاده يعلمون ذلك، وسبب تسجيلها باسمها خوفه على نفسه من الموت بسبب مرضه وأولاده كانوا صغارا، وقد توفيت المرأة الآن وزوجها حي، فهل قطعة الأرض هذه تعتبر للزوج أم تقسم على الورثة..؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الرجل قد سجل هذه الأرض باسم زوجته على وجه التمليك بحيث يحق لها التصرف فيها كباقي أموالها، والحال أن ذلك تم في صحة المعطي وتمام عقله، فإن هذه الأرض صارت فعلا ملكاً لهذه الزوجة المتوفاة تقسم على أهل تركتها كسائر أموالها.
أما إن كان ذلك مجرد تسجيل يقصد به حفظ تلك القطعة لا التمليك فالأرض لا تزال ملكاً لصاحبها، وانظر الفتوى رقم: 19365.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(12/5305)
حكم من أهدى لمديره لكونه وجد له عملا
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي يعمل بالسعودية وأحد الأشخاص وجد له عملا وهو يعتبر مديره في العمل، وبعد أن استلم العمل طلب منه عمي أن يعطي هدية لهذا الشخص الذي هو مديره في العمل، ولكن بدون أن يحس زملاؤه في العمل حتى لا يكون هنالك إحراج لهذا الشخص، فهل هذا يعد من قبيل الهدية أم يدخل تحت نطاق الرشوة، نرجو الإفادة
نرجو التفريق بين الهدية والرشوة، وما الحالات التي يكون فيها هدية أو رشوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالهدية تكون رشوة إذا أخذها الشخص مقابل عمل يلزمه أداؤه، أو مقابل عمل باطل يجب عليه تركه، فبهذا تكون الهدية رشوة، ويستحق معطيها وآخذها الوعيد الذي وعد الله تعالى به الراشي والمرتشي في القرآن وفي السنة، فقد قال الله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:188] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله الراشي والمرتشي. رواه الترمذي وفي رواية: والرائش. وهو الوسيط بينهما.
وعلى هذا؛ فإن كانت الهدية المذكورة تؤدي إلى إبطال حق، أو كانت تدفع في مقابل أداء واجب فإنها رشوة لا يجوز دفعها ولا أخذها، أما إذا لم يكن وراءها شيء مما ذكر فنرجو ألا يكون بها بأس، ومع ذلك فلا ننصح بدفع هذا النوع من الهدايا سدا للذريعة، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 26897، والفتوى رقم: 38402.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(12/5306)
ما يتعلق بالمهر والهدايا للمطلقة قبل الدخول
[السُّؤَالُ]
ـ[جزيتم خيرا على هذا الموقع المتميز وجعله الله في ميزان حسنتاكم..
السؤال:-
خطبت لأحد أقاربي السنة الماضية.. وأُعطيت خلال هذه الخطوبة (دبلةألماس وساعة ماسية وعقدا من الذهب الأبيض ومبلغا من المال وكسوة وعطورات) .. بعدها تم عقد القران وأعطيت المهر.. مرت خمسة شهور على العقد ثم تم الطلاق قبل العرس (أي قبل الدخول) وأعطيت خمسة آلاف درهم ولا أعرف عن ماذا هذا المبلغ!! ولم يطلبوا شيئا مما أعطوني!!..السؤال هو هل علي إرجاع شيء مما أعطيت مما سبق ذكره؟؟ .. علما بأن عند تخرجي من الجامعة أهداني هدية رمزية للمناسبة!!.. أنا في حيرة من أمري ولا أعرف هل علي إرجاع شيء مما أخذت؟؟ أرجوكم أجيبوني عن سؤالي!! جزيتم خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة تملك نصف المهر المفروض بمجرد العقد الصحيح، فإن وقع الطلاق قبل الدخول أخذت نصف الصداق المسمى، سواء كانت قبضت المقدم فقط أو قبضته كله فليس لها إلا نصفه؛ لقوله تعالى: [وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ] (البقرة: 137) .
ويستحب لكل من الزوجين أن يعفو عن النصف الواجب له لصاحبه، بدليل الآية المتقدمة.
وأما الهدايا التي قدمت للزوجة زمن الخطوبة فإن كان العرف السائد في البلد أنها من المهر فإنها تتنصف بالطلاق قبل الدخول مثل المهر فتأخذ نصفها وترد نصفها، وإن كان العرف أنها ليست من المهر وإنما هي هدايا يقدمها الخاطب إلى مخطوبته أو الزوج إلى زوجته من غير شرط، فإنها حينئذ تكون ملكا للزوجة، ولا ترد منها شيئا، سواء وقع الطلاق قبل الدخول أو بعده، فهي هبة بغير عوض تم قبضها، ولا يجوز الرجوع فيها على الصحيح، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه أصحاب السنن، وقال التسولي في شرح تحفة الحكام لابن عاصم عند قوله: وكل ما يرسله الزوج إلى زوجته من الهدايا والحلي، فإن يكن هدية سماها فلا يجوز أخذه إياها. قال: وهذا كله في الهدية المتطوع بها ولم تشترط ولا جرى عرف بها، وأما إن اشترطت في العقد وقبله أو جرى عرف بها فهي كالصداق، لأن العرف كالشرط. اهـ.
وعليه، فإن على الأخت السائلة أن ترد نصف المهر إلى الزوج، فإن عفا عنه فقد أحسن، وإن أخذه فهو حقه وأما المبلغ الذي أعطي بعد الطلاق فعلى الزوجة إرجاعه إلا أن يكون هبة لها منه، وذلك لأن المطلقة قبل البناء المفروض لها قدر الصداق لا تستحق إلا نصف المسمى ولا متعة لها.
ولتوضيح هذا يرجى مراجعة الفتوى رقم: 22068.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1425(12/5307)
حكم أكل المعلم من مأدبة حفلة الطلاب نهاية العام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا معلم وفي آخر العام يقوم الطلاب بعمل حفله في الصف فيحضرون معهم كيك وجاتوه وغيرها كثير وطبعا المعلمون يشاركونهم الأكل والشرب ولكني أرفض ذلك وأريد أن أعرف هل ما فعلته صحيح أم خطأ، وهل أكل المعلمين من هذا الأكل بل وأخذ بعضهم منه إلى بيوتهم حلال أم حرام أم مكروه أم مباح، وللعلم الأولاد يحضرون كميات كبيرة في بعض الأحيان يرمى منها الكثير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيعتبر ما يقوم به الطلاب آخر كل سنة دراسية بمثابة مأدبة، ولا حرج في الأكل من المآدب لمن دعي إليها، ويمكن أن تصنف أيضاً في إطار هدية الطالب لمدرسه وليس فيها من حرج ما لم تؤخذ مأخذ الرشوة، وراجع فيها الفتوى رقم: 11156.
واعلم أن رمي الطعام الذي يمكن أن ينتفع به أمر محرم لأنه من إضاعة المال المنهي عنه في حديث الشيخين:..... وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1425(12/5308)
حكم قبول الهبة من قرض ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلمة فرنسية وأمي كافرة أسأل الله لها الهداية تريد أن تهبني بيتا عن طريق قرض ربويي تقوم به هي فهل يجوز لي قبول هذه الهبة؟ أفتوني جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في قبول البيت الذي ستهبه لك والدتك، ولا يؤثر على ذلك كونها كافرة لأن قبول الهدية من الكافر جائز، ولا يؤثر أيضاً كونها قد اشترته بقرض ربوي لأن الاقتراض بالربا حرام؛ ولكن من اقترض بالربا ثبت القرض في ذمته والواجب عليه رد مثله، ولا حرج عليه أن يشتري بالمال المقترض بيتاَ أو غيره لأنه لا يتعين عليه رد نفس النقود التي اقترضها إذا كان عنده غيرها، وإنما الواجب عليه التخلص من العملية الربوية برد ما أخذ أو مثله إلى المرابي. فهذا إذا كانت قد اشترت البيت إما إذا كانت تنتظر موافقتك على قبول هبتها ثم ستذهب للاقتراض وشراء البيت المذكور فلا يجوز لك موافقتها على ذلك لأن في موافقتها إعانة لها على الحرام، وقد نهى الله عن ذلك؛ بل ينبغي لك نصحها بالا بتعاد عن هذا العقد مع دعوتها للإسلام عسى لله أن يكتب هدايتها على يديك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1425(12/5309)
وهبت له والدته دارها دون إخوته بسبب رعايته لها
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن عائلة مكونة من أربع بنات وأربعة أولاد، ترتيبي هو الأخ السابع، يمتلك والدي داراً باسمه وتمتلك والدتي داراً أخرى، توفي والدي سنة 1983م وعاشت والدتي معي منذ ذلك الوقت حيث قمت برعايتها منذ ذلك الوقت حتى بعد زواجي سنة 1988 وقدومي إلى العمل في الإمارات ولغاية تاريخ كتابة هذه الرسالة، لقد ألحت والدتي على تسجيل الدار الذي تمتلكها باسمي منذ وفاة والدي ولكني رفضت ذلك إلا بشرط معرفة إخوتي البقية بذلك ومقابل تنازلي عن حصتي في دار والدي إلى بقية إخوتي وكذلك حصتها في دار والدي ولم تشأ الظروف إلا في سنة 2002 بعد أن تم إطلاع الجميع على رغبة والدتي وعند تسجيل الدار فقد كان على شكل هبة من والدتي حسب رغبتي لكي لا أتمكن من التصرف بالدار إلا بعد وفاتها بعد عمر طويل، لكن بعد معرفة إخوتي بأني قمت رسمياً بتسجيل الدار اعترض قسم من إخوتي وقرروا مقاطعتي إذا لم أعد الدار ولا تزال والدتي عند رغبتها بتمليكي الدار رغم معرفتها عدم رغبة قسم من إخوتي بذلك تقديراً منها لرعايتي وزوجتي لها، ما هو الحكم الشرعي في جواز قبول الدار من والدتي حسب رغبتها، وكذلك وجوب تنازلي عن حصتي في دار والدي المتوفى لبقية إخوتي بالإضافة إلى حصة والدتي في دار والدي، الرجاء الاستفسار في حال عدم الوضوح في أي فقرة من فقرات الرسالة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق والدتك أن تهب لك في حياتها ما تريد، وتعتبر هبة صحيحة إن قبضتها في حياتها وانتقلت إلى ملكك، وليس لإخوانك الاعتراض على ذلك ما دام هناك مسوغ شرعي لتفضيلك على بقية إخوانك، كما في الفتوى رقم: 29186.
ولا يجوز لهم مقاطعتك بسبب ذلك، أما تسجيل الدار باسمك وتعليق قبضها والتصرف فيها بموت والدتك فليست هبة شرعية نافذة، بل هي وصية خاضعة لموافقة الورثة، فإن ارتضوها جميعاً نفذت أو بعضهم نفذت في نصيبهم فقط، وإن رفضوها فلا وصية لوارث، ولا يلزمك التنازل عن نصيبك في دار أبيك، فإن فعلت فلا شك أن ذلك من الإحسان الذي تؤجر عليه، ولمعرفة شروط الوصية النافذة انظر الفتوى رقم: 18923، والفتوى رقم: 19549.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1425(12/5310)
مفاسد المفاضلة بين الأبناء في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مهندسا والحمد لله ميسور الحال ولكن لي أخ يعمل مدرساً بالسعودية ويملك قطعة أرض مقام عليها دوران وشقة تمليك وأخرى إيجار ومحل تمليك وسيارة ومع ذلك يدعي قلة الدخل وضيق ذات اليد، ويطلب من والدي ووالدتي دائماً المساعدة المالية بمبالغ كبيرة إلى درجة أنهم يشترون له ولأولاده بعض اللحوم والأطعمة، وأنا لأني لا أشتكي أبداً يوجد فارق كبير في المعاملة بيننا وهذا جعلني عندما أردت أن أشتري شقة جديدة وحتى لا يفسر ذلك بأني من أغنياء القوم طلبت من والدي مبلغاً على سبيل المساعدة على أن أرده عندما أتمكن من ذلك، ووافق والدي وكذلك والدتي، فهل تصرفي هذا به شبهة حرام أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الوالدين أن يعدلا في العطية والهدايا بين أولادهما؛ لما ثبت من حديث النعمان بن بشير أن أباه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشهده على موهبة وهبها لابنه النعمان فقال له: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، فقال: فلا تشهدني إذاً فإني لا أشهد على جور. رواه البخاري ومسلم.
ومن أخطر مفاسد المفاضلة بين الأبناء بلا مسوغ شرعي حدوث الحسد والكراهية ونشوء العداوة والبغضاء بين الأولاد، ويبدو أن شيئاً من ذلك قد وقع بين الأخ السائل وبين أخيه، وعليه فإننا ننصح الوالدين بالعدل بين أولادهما في العطايا والهدايا، كما ننصح الأخ بترك تتبع ذلك واستقصائه، وإذا احتاج إلى مساعدة من والده فلا بأس بأن يطلبها منه، أما إذا لم يحتج فلا ينبغي له ذلك، وليعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر. رواه الإمام أحمد والترمذي، وقال الترمذي حسن صحيح، وصححه الألباني أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1425(12/5311)
مسائل في هبة الوالد لأبنائه
[السُّؤَالُ]
ـ[وهب لي أبي الهواء فوق أحد منزليه وصرح لي بأن الأمر دون مقابل. وساق سببا مقنعا بأنه يريد استبقاء أبنائي قريبين منه.فبعت شقة لي في مدينة أخرى وأرضا في ملك زوجتي وقمت بالبناء. ولكن أبي رفض أن يوثق لي الهبة. بل دفع ابنا آخر للبناء فوق منزله الثاني ووثق له. ووزع باقي الشقق على بقية أبنائه بشكل لم يبق لي سوى ما ابتنيته بمالي.فهل يجوز له أن يعود في هبته لي بعد تغير البناء وترتب الديون علي؟ وهل يجوز له أن يفضل أخي علي بشقة زائدة؟
وهل يجوز له أن،، يورثني،، ما بنيته بمالي الخاص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك قد اشتمل على عدة أمور:
الأول: ما يتعلق بهبة الوالد لأولاده، حيث إنه يشرع للوالد أن يسوي بين أولاده في العطية وأن يفاضل بينهم، وقد ذهب الجمهور إلى أن التسوية مستحبة، وذهب الحنابلة إلى أن التسوية واجبة إلا بإذن بقية الأبناء وهذا هو المفتى به في الشبكة، كما في الفتوى رقم: 28381.
وعليه، فلا يجوز لأبيك أن يعطي بعض أبنائه دون بعض، ولا حرج في أن تكون العطية مختلفة من جهة الذات، لكن لا بد أن تكون متساوية من جهة القيمة تقريبا.
الأمر الثاني: ما يتعلق برجوع الوالد في هبته لابنه، حيث إن الوالد مستثنى من المنع، إلا أن يكون الابن قد تصرف بالهبة أو تتغير الهبة، ومن ذلك إذا وهب الأب لابنه هواء بيت فبنى فيه.
قال البجيرمي في حاشيته على الخطيب: قال مالك: إن له الرجوع ولو بعد القبض في كل ما وهبه لابنه على جهة الصلة والمحبة، ولا يرجع فيما وهبه على جهة الصدقة، قال: وإنما يسوغ الرجوع إذا لم تتغير الهبة في يد الولد.. . وراجع الفتوى رقم: 6797.
الأمر الثالث: ما يتعلق بما بنيته حيث إنه ملك لك لا يدخل في الميراث، فإذا حصلت الوفاة لوالدك فلك في التركة مثل ما لغيرك من إخوانك الذكور، وليس لهم شيء في ما بينته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1425(12/5312)
بيع الأب بعض أملاكه لتجهيز بناته ليس من باب التفضيل
[السُّؤَالُ]
ـ[أب لديه 3 بنات وولدان ولديه منزل به 2 شقة بالدور الأرضي وشقة بالدور العلوي وسيارة أراد أن يزوج بناته وليس لديه أموال فباع شقة من الدور الأرضي تمليكا ليصرف على زواجهن هل هو بذلك قد ظلم الولدين (مع العلم بأن الولدين لا يزالان صغيري السن) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 6242، التفصيل في حكم الهبة لبعض الأولاد وتفضيل بعضهم على بعض، وأنه يجب على المسلم أن يسوي بين أولاده فيما يعطيهم، واستثنى العلماء من وجوب التسوية ما كان التفضيل فيه لمسوغ شرعي مثل أن يكون أحدهم كثير العيال أو يكون طالب علم فيه كلفة، أو مريضا يحتاج إلى علاج ولا يقدر على شرائه، ونحو ذلك.
وعليه، فما قام به الأب هنا من بيع شقة من الدور الأرضي ليصرف على زواج بناته مسوغ شرعي، ولا يكون ذلك من باب تفضيل بعض الأبناء على بعض، لأنه ما أعطى البنات دون الأولاد وإنما باع الشقة ليصرف على تكاليف زواجهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1425(12/5313)
اشتري بيتا ووهبه لأبيه بغير علم من زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي اشترى بكل مايملك منزلا وسجله باسم والده علما بأن زوجي لايملك منزلا وقد وعدني بأن يشتري لنا منزلا ولكنه لم يوفق حتى الآن رغم مرورست سنوات وهو بصدد ترك عمله وهو الآن لا يملك شيئا هل ما قام به زوجي دون علمي يعتبر عملا جائزا شرعا؟ وهل تحق لي المطالبة باسترجاع ذلك المنزل؟ أرجو الإفادة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الزوج قائما بما يجب عليه لكم من السكن ولو بالإيجار والنفقة بالمعروف، فما فعله زوجك من هبة هذا المنزل لأبيه وهو عاقل رشيد مختار أمر جائز لا يلام عليه، بل هو من البر بأبيه، ولا يلزمه أن يعلمك بذلك، كما لا يلزمه أن يشتري لكم منزلا، إنما الذي يلزمه أن يوفر لكم السكن والنفقة بالمعروف، فما دام قائما بهذا الواجب فلا تثريب عليه.
أما إذا لم يكن قائما بما بجب لكم عليه ولا يمكن القيام بهذا الواجب إلا بإمساكه لبيته والانتفاع به فلا يجوز له ما فعل سواء كان ذلك بعلمك أو لا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود.
ويحق لك في هذه الحالة أن ترفعي الأمر للقضاء ليلزمه بأداء الواجب أو يحكم بالتفريق، أما مطالبتك له بأن يعود في هبته لوالده إذا تعين العود في الهبة طريقا للقيام بالواجب نحوكم فتجوز، ما لم يكن قد فات جواز العود بقبض والده لهذا المنزل وحيازته الحيازة الشرعية.
والله أعلم. ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(12/5314)
حكم الهدية التي تعطى لصاحب المشروع عقب انتهائه
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم عنا كل خير ما حكم الهدية التي تهدى عند نهاية إنجاز مشروع مقاولاتي تعطى إلى صاحب المشروع من غير شرط مسبق؟ وهل تجوز إقامة مشروع استثمارى بشراكة أحد المسؤولين عن توزيع الصفقات على أن يساهم هو بنصيب من المال ويتكلف هو بإجراءات حيازةالمشاريع وبالإجراءات الإدارية
بارك الله في جهدكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالهدية مندوب إليها في الشرع، وقد كان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم قبولها والإثابة عليها، كما روى البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها، والإهداء لهذا الشخص يندرج تحت عنوان الهدية المستحبة لعدم وجود معنى يمنع ذلك.
وأما جواب الشق الثاني من السؤال، فإنه لا مانع من مشاركة الشخص المسؤول عن توزيع المناقصات عموما.
وينبغي التنبه إلى أن الشخص يعتبر في منصبه هذا وكيلا عن الجهة التي يعمل بها وأخذه المشاريع لنفسه يدخل في باب شراء الوكيل لنفسه وهي مسألة اختلف فيها أهل العلم، والراجح من أقوالهم المنع إلا بإذن الموكل.
وراجع الفتوى رقم: 34600.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(12/5315)
ما يهدى للعروسين هل يجب رد مثله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام فيما يعرف بالنقوط التي تقدم للعروسين بمناسبة الزفاف أو في المناسبات الاجتماعية الأخرى.هل تعد هذه الأموال دينا واجب الأداء لمن قدمه أم تعتبر هدية غير واجبة الأداء.
بارك الله فيكم ووفقكم إلى ما فيه خير المسلمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يعرف بالنقوط التي تقدم للعريسين بمناسبة الزفاف يعتبر هدية ولهما أخذها والمكافأة عليها عند المناسبة، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه إن قامت القرائن على أن ما يهدى للعروسين يقصد به الثواب فعلى المهدي له أن يرد مثله عند حصول مناسبة للمهدي.
وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 36024.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(12/5316)
حكم هبة السكران
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم قبل فترة طويلة كان هناك شخص يتعامل مع أخي بالعمل ويوجد بينهم نقود ومصالح وأخي يريد منه مالا المهم أني كونت علاقة مع هذا الشخص وفي إحدى المرات طلبت منه أربعين دينارا كهبة ولم أحدد بالتفصيل أو بصريح العبارة كهبة لكن مجمل الكلام كان بهذا المحور من طرفي المهم بالموضوع أتاني بالليل وأعطاني الأربعين دينارا لكن لاحظت عليه أنه ليس بوعيه يبدو أنه كان مخمورا لكن ليس فاقد الصواب تماما يبدو أن لسانه ثقل المهم أعطاني الأربعين دينارا وقال لي هل أخصمهم من نقود أخيك فسكت أنا فقال لي وهو يضحك خذهم هدية أو هبة مني
ومر على هذا الكلام مدة طويلة ولم نعد على علاقة مع هذا الشخص أنا أو أخي منذ سنوات الآن هل تعتبر الأربعون دينارا دين في ذمتي أم ماذا بناء على ما تقدم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من حال الواهب هنا أنه كان وقت الهبة غير كامل الإدراك بسبب السكر، وإذا كان الأمر كذلك، فإن هبته لا تصح، قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل: وأما هبته فلا تصح. اهـ.
وقال في "مجمع الأنهر" وهو حنفي: وشرائط صحتها في الواهب العقل والبلوغ. اهـ.
وقال في "كشاف القناع" وهو حنبلي: الهبة تمليك جائز التصرف وهو الحر المكلف الرشيد مالا معلوما منقولا أو عقارا. اهـ.
وعلى هذا يكون هذا المال على سبيل القرض، ويجب في القرض رد المثل إلى المقرض، فإن مات فإلى ورثته، فإن تعذر الوصول إليه تصدق به عنه، فإن وجده بعد ذلك خير المقرض بين أن يأخذ ماله وبين أن يرضى بالصدقة عنه، هذا على احتمال اليأس من الوصول إليه، أما إذا كان الوصول إليه ممكنا فلتذهب إليه وجوبا، ولتستوضح منه إن كان هذا المال هبة أم قرضا، وتتصرف بناء على ما يخبرك به، لأن تصرفه حال سكره غير معتبر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1425(12/5317)
تنازل المغبون يفيد إمضاء إيثار الوالد لمن آثرهم
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن عائلة مكونة من (5) ذكور و (7) إناث توفي والدنا قبل (3) سنوات تاركا عقارا مكونا من (4) طوابق مع العلم بأنه قد قام قبل وفاته (رحمه الله) (ب 10سنوات) بتسجيل ملكية هذا العقار لصالح الذكور دون الإناث مع وجود الملاحظات التالية:
1) عند سؤال الإناث عن رأيهن بالمشكلة أجبن بالإجماع وعن طيب خاطر بالسماح بحقوقهن
2) المبنى مسكون من قبل الذكور وعائلاتهم منذ أكثر من (20) سنة ولا يوجد لدى معظمهم القدرة على السكن في بيت مستأجر لقلة ذات اليد
3) مساهمة الذكور بجزء يسير من البناء
4) عدم قدرة بعض الذكور دفع المستحقات للإناث للنقاط السابقة الذكر
أفتوني بجواب شاف عن كل نقطة جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالعدل بين الأولاد في العطية فقال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري ومسلم.
ولكن إذا سامح المغبون في حقه عن طيب نفس منه وكان الموهوب له قد حاز الهبة فلا مانع من ترك ما عمله الوالد على حاله، لأن تنازل المغبون يفيد إمضاء إيثار الوالد لمن آثرهم، وننصح الإخوة بالحرص على تكريم أخواتهم حسب المستطاع، وللمزيد من التفصيل في المسألة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 6242، 19673، 31202، 5348.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1425(12/5318)
من أهدى لامرأة هدية قبل البناء ثم طلقها قبله أو بعده
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بخطبة فتاة من والدها وتم الاتفاق حول مهر معين قدره 700 دولار فقط، كما أني قدمت لها بعض القطع الذهبية لكننا بعد الزواج لم نتفاهم وكانت القطيعة وقررت زوجتي استرجاع أدباشها، وكان لها ذلك وتم رفع للأدباش بحضور عدول إشهاد وأذكرها برفع جميع أدباشها، وكذلك القطع الذهبية إلا أنها أعلمته أنها ليست لها بل هي على ملك زوجها وكان الانفصال والطلاق، ولكن بعد فترة قدمت شكاية تطالب بالقطع الذهبية، إلا أنني تمسكت بأملاكي معتبرا أنهم ليسوا من المهر، فما هو حكم الشرع؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الهدايا التي يقدمها الزوج إلى زوجته عند العقد أو بعده من الحلي وغيره يرجع الحكم فيها إلى العرف أو الشرط، فإن جرى العرف بها أو اشترطت في العقد أو قبله فهي كالصداق تملكه كله بالدخول وتملك نصفه بالعقد الصحيح، أما إذا لم يكن هناك عرف ولا شرط فإن سماها هدية فلا يرتجعها مطلقا، سواء طلق قبل البناء أو بعده، أو مات قبل البناء أو بعده، وإن سماها عارية وأشهد سرا أو جهراً فله استرجاع ما بقي منها قائماً، سواء طلق أو مات أو فسخ النكاح أو كانت العصمة باقية، قال في فقه السنة ما معناه: أن الهدية التي يقدمها الزوج لزوجته تعتبر من الهبة، والهبة لا يجوز الرجوع فيها على الصحيح إذا كانت هبة لا لأجل العوض، والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه أصحاب السنن.
قال التسولي في شرح تحفة الحكام لابن عاصم عند قوله:
وكل ما يرسله الزوج إلى زوجته من الهدايا والحلي: فإن تكن هدية سماها فلا يجوز أخذه إياها، قال: وهذا كله في الهدية المتطوع بها ولم تشترط ولا جرى عرف بها، وأما إن اشترطت في العقد أو قبله أو جرى بها عرف فهي كالصداق لأن العرف كالشرط، قال الشيخ أحمد الدردير عند قول خليل بن إسحاق المالكي: وفي تشطر هدية بعد العقد وقبل البناء، ولا شيء له وإن كانت قائمة لم تفت، قال: وهو المذهب، فإن بنى بها فلا شيء له منها ولو قائمة وهذا في النكاح الصحيح، قال الدسوقي: فإن بنى بها وطلقها فلا شيء له -يعني من الهدية- ولو قائمة لأن الذي أهدى لأجله قد حصل -وهو النكاح-.
هذا وننبه السائل إلى أنه عليه أن يعرض هذه المسألة على المحكمة الشرعية في بلده -إن وجدت- من أجل الاستماع من الطرفين والوقوف على حقيقة ما يجري به العرف في مثل هذه الهدايا من القطع الذهبية في ذلك البلد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1425(12/5319)
حكم تبادل الهدايا بين الخطيبين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في المال الموهوب من الخطيبة إلى خطيبها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد دعا الإسلام إلى التمسك بالأخلاق الحميدة والتحلي بالفضائل النبيلة ومن جملة ذلك أمره بالتهادي إدراكاً منه لأثر هذا الخلق العظيم في إشاعة المحبة وتصفية النفوس بين المتهادين، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: تهادوا فإن الهدية تذهب مرض الصدر، ولا تحقرن جارة لجارتها ولو شق فرسن شاه. رواه الترمذي، وروى البخاري في الأدب المفرد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تهادوا تحابوا.
وعلى هذا؛ فإذا كان غرض هذه الخطيبة بهذه الهدية إلى خطيبها سليماً بحيث لا يحمله ذلك على ارتكاب محرم معها كالخلوة والنظر أو نحوهما؛ بل بغرض كسب وده واستمالته فلا مانع منها بل إن فعل ذلك مستحب وفضيلة وبشارة طيبة على صدق مودتها، وذلك لعموم الأدلة السابقة، وانظر الفتوى رقم: 29146.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1425(12/5320)
خصه والداه هو وشقيقه بأرض دون سائر إخوانهما
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخوات من الأب وأخوات من الأم ولي أخ واحد شقيق، لي الوالد والوالدة اشتريا قيراط أرض مناصفة بنيت عليه أنا وأخي الشقيق منزلا من مالنا الخاص وبعد ذلك ومنذ عشرين عاماً تنازل الوالد والوالدة لي أنا وأخي عن القيراط بالكامل المقام عليه المنزل وأنا في حدود علمي هذا لا يجوز، فماذا أفعل لتصحيح ذلك الوضع؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا حكم تفضيل بعض الأولاد على بعض في العطية وذكرنا أن ذلك لا يجوز لغير مسوغ شرعاً، وأنه لا ينفذ، وذلك في الفتوى رقم: 14254، وعليه فإن الواجب عليك وعلى أخيك أن تتخلصا مما زاد على حقيكما من القيراط أو ترضيا بقية الورثة هذا إذا لم يكن تخصيصكما بالقيراط له مبرر شرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1425(12/5321)
ساعد أباه بحر ماله في بناء البيت فهل يعطى من ثمنه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[س رجل توفي عن زوجة وأربع بنات وولدين وهذا الرجل المتوفى اشترى بيتا قبل فترة بسعر 7000$ دولار واليوم سعر البيت ما يقارب (80الف دولار) السؤال هو أن الولد قال إنه عمل في البيت مع والده بعد الشراء وخسر فيه هو من ماله ففي أي سعر يثمن البيت وكيف نخرج مال الولد) جزاكم الله خيرا أرجو أن ترسل عبر الإيميل
في أقرب وقت مهم مهم مهم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخلو عمل هذا الولد وما بذله من مال لترميم بيت والده أو صيانته من أحد احتمالين: الاحتمال الأول: هو أن يكون متبرعا لوالده بعمله أو بما بذله من ماله الخاص في إصلاح بيت والده، وفي هذه الحالة لا رجوع له بشيء، لا على الوالد في حياته، ولا على الورثة بعد موت والده، وهذا أعني التبرع هو الذي يحمل عليه عمل الولد لوالده أو هبته له، ما لم يكن هناك عرف بخلافه، وانظر الفتوى رقم: 32659.
الاحتمال الثاني هو: أن يكون عمل غير متبرع ودفع ماله ليرجع به، وفي هذه الحالة له أجرة مثله في العمل، وله مثل ما بذله من ماله غير زائد، أما أن يكون شركا في البيت فلا، وذلك لأن البيت ملك للوالد، ولا يصح أن يملكه غيره أو يشاركه فيه إلا بهبة أو بيع أو نحوهما من أسباب نقل الملك، وهذا لم يقع شيء منه، وعليه، فإن هذا البيت يوزع على الورثة حسب التقسيم الشرعي، ولا يختص الولد الذي عمل فيه أو خسر شيئا من ماله فيه على الاحتمال الأول، أما على الثاني، فإنه يختص بأجرة مثله، وبمثل ما بذله من ماله من التركة قبل قسمتها لأنه بمثابة الدين على الميت، ثم توزع التركة –البيت- وغيره على الورثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(12/5322)
هبة الوالد ولده في مرض الموت لها حكم الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو مرض الموت الذي يعتد به..فلو وهب أحد الوالدين لأولاده هبة وهو مريض وفي كامل وعيه ... وكررها مرارا ...
ومتى تعتبر الهبة وصية....
... وجزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمرض الموت الذي يحجر على صاحبه يختلف بحسب الزمان والمكان، فقد يكون المرض خطيراً ولا يسلم المصاب به في زمان أو بالنسبة لمجتمع معين، وهو خفيف عند أهل بلد آخر، وفي زمن آخر، فالمدار إذاً على حكم أطباء البلد.
قال خليل في باب الحجر: وعلى مريض حكم الطب بكثرة الموت به كسل وقولنج وحمى قوية ... فذكر ضابط المرض الذي يحجر على صاحبه، وهو أن يحكم الطب بكثرة الموت به، ولكنه لما مثل لذلك ذكر أمراضاً صارت الآن سهلة العلاج، كالسل والحمى الشديدة لأنها كانت خطيرة جداً في زمان المؤلف.
والهبة في المرض الذي اتصل به الموت تعتبر في حكم الوصية، فلا تصح لوارث ولا بأكثر من الثلث إلا أن يجيز ذلك الورثة، قال ابن قدامة في المغني: وحكم العطايا في مرض الموت المخوف حكم الوصية في خمسة أشياء أحدها أن يقف نفوذها على خروجها من الثلث أو إجازة الورثة، الثاني أنها لا تصح لوارث إلا بإجازة بقية الورثة، الثالث: أن فضيلتها ناقصة، الرابع: أنه يزاحم بها الوصيا في الثلث، الخامس أن خروجها من الثلث معتبر حال الموت لا قبله ولا بعده. (6/100) .
وبناء على هذا فالوالد الذي وهب لأولاده في مرض موته المعتبر طبياً، وهو في كامل وعيه لا تمضي هبته تلك إلا أن يجيزها الورثة، ولو كررها مراراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(12/5323)
تنازل أبوه عن أملاكه له ولإخوته الذكور دون الإناث
[السُّؤَالُ]
ـ[أعينوني أعانكم الله لقد تنازل والدي لي ولجميع إخوتي الذكور عن أملاكه دون علمي بذلك وحرم أخواتي من هذا بناء على طلب أخي الأكبر هل يكون علي حرام لأني وافقت على هذا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تنازل الأب لأولاده عن ماله يعتبر هبة منه لهم، وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتسوية بين الأولاد في العطية، ففي الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: تصدق عليَّ أبي ببعض ماله فقالت أمي عمرة بنت رواحة لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقتي فقال: أفعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا، قال: فاتقوا الله وأعدلوا في أولادكم، قال: فرجع أبي فرد تلك الصدقة. رواه الشيخان واللفظ لمسلم، وفي لفظ: لا تشهدني على جور. رواه البخاري ومسلم.
وفي لفظ: سو بينهم. رواه النسائي وصححه الألباني.
وقد سبق أن بينا في الفتاوى المبينة أرقامها لاحقاً أن الراجح وجوب التسوية بين الأولاد في العطية، وبناء عليه فإنه يحرم عليك الموافقة على عدم العدل، لأن الرضى بفسق الفاسق فسق كما بينه أهل العلم، فعليك أن تبين الحكم للوالد، وأن تنصحه وترغبه في العدل بين الأبناء، فإن لم يفعل فحرض إخوتك على إعطاء الأخوات حقوقهن، فإن لم يفعلوا فاترك أنت لهم من نصيبك ما ليس حقاً لك، وأما الفتاوى المشار إليها فأرقامها: 3658 / 6242 / 33348 / 38399.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(12/5324)
لا يمنع العاقل الرشيد من التصرف في ملكه
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي رجل مسن عمره 89 سنة يملك قطعة من الأرض وبصفتي ابنه الكبير عملت على تسوية الوضعية العقارية للأرض، وشهادة الملكية هي الآن بحوزتي، لكن إثر خلاف بيني وبين زوج أختي، أصبح هذا الأخير يحرض زوجته وأخواتها البنات وكذلك أبي ضدي، وأصبح أبي يطلب مني الملفات العقارية لتحويل ملكية الأرض لأخواتي البنات وحرماني أنا، السؤال: ما هو حكم الأب الذي يحرم أحد أبنائه، هل أمتنع عن إعطائه الملف، وأصبح عاقاً لوالدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يحرم على الأب المفاضلة بين أبنائه وتخصيص بعضهم بهبات وعطايا وحرمان الآخرين بدون مسوغ شرعي، وقد سمى الرسول صلى الله عليه وسلم هذا التصرف ظلماً كما في حديث النعمان بن بشير، وراجع للمزيد من هذا في الفتوى رقم: 1465، والفتوى رقم: 13612، والفتوى رقم: 13612.
وننصح الأخ الكريم بمحاولة ثني والده عن هذا الأمر بالحكمة والموعظة الحسنة، بأن يبين له أن هذا التصرف حرام وأنه يوغر صدور الإخوة، ويجلب عليهم الفتن والأحقاد، عسى الله أن يهديه، فإن أصر على أخذ أوراقه العقارية فليس لك الامتناع عن إعطائه إياها لأنه حقه ولا يمنع الشخص من التصرف في ما يملك، ولست أنت الجهة التي تمنعه عن ذلك إن جاز منعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1425(12/5325)
هدية الرجل الشيء يرجو أن يثاب أفضل منه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أبناء قبيلة تضم حوالي ثلاثة آلاف عائلة، اجتمعنا لإنشاء صندوق للتكافل الاجتماعي، حيث تدفع كل عائلة سنويا مبلغا محددا من المال، حتى تستفيد من خدمات الصندوق، والتي منها: دفع نصف دية القتيل الخطأ، والتعويض على حرائق البيوت، وإعانة مرضى الفشل الكلوي، والأفراح الجماعية، ونحو ذلك، إلا أن هناك بعض البنود الخاصة، التي تحتاج إلى رأي الشارع فيها وهي:أنه في حالة أخذ العائلة المشتركة في الصندوق للدية من قبيلة أخرى فإن للصندوق أن يخصم نسبة (25%) منها لصالحه حتى يتمكن من تأدية نصف الدية إذا طلبت من القبيلة لأنها ستعامل بالمثل من القبائل الأخرى، وكذلك الحكم في التعويضات التي تأخذها العائلة من القبائل الأخرى. ثم إن هذا الصندوق يستفيد منه المنتسبون إليه دون غيرهم فهل هذا جائز أم لا؟ أفتونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن التعاون على الخير والبر مما أمر به الشرع وحث المسلمين عليه، قال تعالى: [وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى] (المائدة: 2) . وقال صلى الله عليه وسلم: المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا. وفكرة هذا الصندوق فكرة خيرة نبيلة، ولكي تكون موافقة للشرع يجب أن يكون قائما على التبرع، يعني أن المشترك في هذا الصندوق يدفع المال تبرعا ولا يشترط العوض إن أصابه شيء، ولا مانع أن ينوي ذلك في نفسه، لكن لا يتلفظ باشتراط العوض، فإن اشترط خرج عن كونه متبرعا إلى كونه معاوضا، يوضح ذلك ما قاله صاحب "دليل الطالب" الحنبلي قال: والهبة هي التبرع بالمال في حال الحياة، وشرط كونها من جائز التصرف، وكونها بغير عوض، فإن كانت بعوض معلوم فبيع، وبعوض مجهول فباطلة ... ومن أهدى ليهدى له أكثر فلا بأس. اهـ.
فظهر أن المتبرع إذا اشترط عوضا معلوما مقابل تبرعه أو هبته أن تصرفه ذلك يشترط فيه ما يشترط في البيع، وهذا طبعا غير متوفر في فكرة الصندوق موضوع السؤال.
وإن اشترط عوضا مجهولا لم يصح، لفقدان شروط عقد البيع الصحيح، ولكن من تبرع وفي نفسه التعويض فلا بأس ولا أجر له، قال الطبري في قول الله تعالى: [وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَ] (الروم: 39) .
قال ابن عباس: يريد هدية الرجل الشيء يرجو أن يثاب أفضل منه، فذلك الذي لا يربو عند الله ولا يؤجر صاحبه ولكن لا إثم عليه، وقال ابن عباس وابن جبير وطاووس ومجاهد: هذه الآية نزلت في هبة الثواب، قال ابن عطية: وما جرى مجراها مما يتصدق له الإنسان ليجازى عليه، فهو إن كان لا إثم عليه فلا أجر فيه ولا زيادة عند الله تعالى.
قال الجصاص في "أحكام القرآن": فأما الربا الحلال فهو الذي يلتمس به ما هو أفضل منه. اهـ.
فالمقصود أنه لا يجوز النص عند تبرع على العوض، فلا تدفع مبلغ كذا ليدفع لها مبلغ كذا عند حدوث سبب سواء أكان مصيبة من وفاة أو غيرها، أم كان مناسبة فرح مثلا.
وننبه هنا إلى أن دية قتيل الخطأ يتحملها إلزاما عاقلة القاتل، وهم عشيرة الرجل وعصبته، ولا يتحمل القاتل منها إلا ما يتحمله واحد منهم، لحديث المغيرة بن شعبة أن امرأة قتلت ضرتها بعمود فسطاط فأتي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى على عاقلتها بالدية. رواه مسلم. كما ينبغي أن يعلم أن هذه الدية ملك لورثة الميت، فلا يحق أن يخصم منها شيء لصالح الصندوق إلا بإذن الورثة إن كانوا بالغين رشداء، فإن لم يكونوا كذلك، لم يجز التعرض لها.
وخلاصة الجواب أن الدافع إلى هذا الصندوق مع اشتراط العوض يخرجه عن صفة التعاون والتكافل إلى صفة التجارة والمعاوضة، ويجعل المشارك فيه داخلا في غرر فإنه يدفع مبلغا ثم ينتظر التعويض وقد يكون هذا التعويض أكثر أو أقل مما دفع أو لا يأخذ شيئا أصلا، وبهذا يتجه القول إلى المنع من إنشاء هذا الصندوق بتلك الشروط، وأما انفراد المشاركين بمنافع هذا الصندوق دون غيرهم فجائز، ذلك أن للشخص أن يخص بتبرعه أو صدقته جماعة دون غيرهم، المهم أن يقوم الصندوق المذكور على التبرع وأن يشارك فيه الشخص بدون اشتراط التعويض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1425(12/5326)
يلزم التقيد بما حددته الجهة الواهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة أرملة لها ولد وبنت تبرع لها أهل الخيربمنزل0
لها بنت من رجل آخر وهي متزوجة.
كيف يوزع البيت في الحالتين.
الأولى بيع البيت في حالة حياة الأم؟
الثانية توزيع البيت على الورثة؟
* هل ترث البنت من الرجل الآخر لأنها لم يقصد أهل الخير
التبرع لها بشئ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الجهة المانحة للمنزل قد أعطته لتلك المرأة تمليكا لها وليس لولديها ذينك اليتيمين أو أنهما يشاركانها فيه أو غير ذلك، فإنها بحيازتها لهذا البيت يصير ملكا لها هي وإذا أرادت بيعه في حياتها وتوزيع ثمنه بين قرابتها فلها أن تخص به من شاءت بشرط أن لا تفاضل بين أولادها في العطية، كما سبق أن بينا ذلك، وراجع فيه الفتوى رقم: 1465.
وبعد موتها يكون لسائر ورثتها مثل سائر متروكها، وللزوج منه الربع. قال تعالى: [فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ] (النساء: 12) . وإذا لم يكن لها ورثة غير المذكورين، فإن باقي المال بعد فرض الزوج يكون لجميع أولادها، لا فرق فيه بين البنت التي هي من الرجل الآخر وبين غيرها، ويكون لكل بنت سهم، وللولد سهمان، وأما إذا كانت الجهة المانحة قد خصصته لبعض دون بعض أو أعطته للأرملة ويتيميها مثلا ونحو ذلك، فإن ما حددته تلك الجهة يلزم التقيد به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1425(12/5327)
الحكمة في عدم هبة بعض الناس الذرية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي حكمة الله عز وجل من أن بعض الأزواج لم يشأ الله لهما بالذرية؟ هل هو امتحان، أو غضب منه عليهما؟؟ وهل يحق أن ندعو الله بدعاء الرزق بالذرية رغم علمهم من أن ذلك لم يكن لسبب أراده الله. الرجاء إفادتنا، أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكمة الله في عدم هبته لبعض الناس ذرية في الفتوى رقم: 31702.
وأما دعاء العقيم بأن يرزقه الله الذرية فمشروع كما بيناه في الفتوى رقم: 15268، والفتوى رقم: 43435.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1425(12/5328)
أعطى أبوه قريه أرضا ليسكنها فهل له أن يشتريها منه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أريد منكم أن تفتوني في هذه المسالة وهي أن أبي أعطى قطعة أرض إلى أحد الأقارب لغرض السكن، لأن أباه حرمه من الإرث، وبعد أن تم بناء المسكن وهي عبارة عن غار، وفي هذا الزمن أنا قمت بردم الغار وقلت له قدر قيمة الغار كيف ما تريد، وسوف أسدد لك القيمة، وبعد أن أقيم الغار وأعطيته المبلغ بعد أسبوع أرجع إلي المبلغ، وقال لي لن أسامحكم أبداً ولا نعرف ماذا يريد علماً بأن أبي أعطاه الأرض بدون مقابل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أبوك قد أعطاه هذه القطعة من الأرض على سبيل العارية، فلا حرج فيما فعلت، وله تكاليف ما بناه كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 42430.
وإن كان أعطاه إياها على سبيل الهبة وحازها حيازة شرعية في حياة والدك الواهب فلا يجوز لك ما فعلت، لأن هذه الأرض قد أصبحت ملكاً له يقيناً، والواجب عليك أن تعيد له هذه القطعة، وتصطلح معه على تعويضه عن المسكن الذي قمت بردمه، إما بأن تينيه له كما قال، أو تعطيه من المال ما يمكنه من بنائه، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 3582.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1425(12/5329)
الهبة في مرض الموت تأخذ حكم الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرسل إلى سيادتكم بخالص التحية، وأرجو من الله سبحانه وتعالى أن يوفقكم دائماً إلى خدمة الإسلام والمسلمين، وأود أن أسأل سيادتكم عن الموضوع التالي:
فقد توفي خالي منذ حوالي عام ونصف وكان ذلك الخال رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته إن شاء الله تعالى، بمثابة والد لي وكان يعتبرني ابنا له بالرغم من وجود ابنين آخرين له لدرجة أنه كان يعتمد علي في قضاء مصالحه وكانت والدتي رحمها الله تعتبره مثل ابنها حيث إنها هي التي قامت بتربيته بعد وفاة والدتها، وهو في سن صغيرة وحدث أن مرض ذلك الخال مرضاً شديداً وتطلب ذلك إجراء جراحة له بأحد المستشفيات تطلب ذلك مني القيام بإجازة من عملي لمدة أسبوع وذلك للمبيت معه كمرافق وأثناء ذلك قال لي: يا خالد لو حدث وحل قضاء الله وتوفيت فاعتبر المبلغ الذي قد أعطيته لك على سبيل السلف كهدية لك، وكنت قد اقترضت منه مبلغاً لكي أتم إجراءات زواجي، ثم توفي رحمه الله بعد ذلك بخمسة أشهر، وبعد ذلك قال لي أحد الأخوال إنه لا بد من رد ذلك المبلغ إلى ابن خالك المتوفى، وعندما أخبرته أنه قال لي عن اعتبار ذلك المبلغ كهدية إذا توفي سخر مني وأخبرني أنه لا يوجد أحد يعطي أحداً ألفي جنية كهدية، وإن ذلك الخال المتوفى رحمه الله قد أخبره أنني مدين له بذلك المبلغ وأنه يريده (أي الخال المتوفى) مني لأنه محتاج له، لذا أجد نفسي في حيرة شديدة من ذلك الأمر لأن ذلك الخال الذي أخبرني بضرورة رد ذلك المبلغ أفعاله وأقواله ليست فوق مستوى الشبهات، وإنني لا أصدق كلماته لذا أرجو من سيادتكم إرشادي إلى السبيل الصحيح حتى أكون مرتاح الضمير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشخص إذا مرض مرض الموت ووهب غيره هبة، فإن حكم هبته تلك كحكم الوصية، والوصية إن كانت ثلث مال الموصي أو أقل وكانت لغير وارث فإنها تمضي، وإن كانت أكثر من ثلث ماله فإنما يمضي منها الثلث فقط ويرد الباقي إلا أن يجيزه الورثة، وراجع الفتوى رقم: 2609.
وعليه؛ فإذا ثبت بالبينة أن خالك قد وهبك الدين المذكور، وكان ثلث ماله فأقل، أو كان ورثته مقرين بهذه الهبة وهم بالغون عقلاء غير محجورين لسفه أو مرض موت فإن هبته تلك ماضية.
وإن كان مجرد دعوى منك فإن الحقوق لا تثبت بمجرد الدعاوى، ولكنك إن كنت تعلم حقاً أنه وهب لك الدين ولم يرجع في هبته تلك حتى توفاه الله فإنه لك فيما بينك وبين الله، ولكن الأحكام إنما تجري على الظاهر، وأما الباطن فلا يعرف الصدق فيه من الكذب إلا الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1425(12/5330)
تنازل الأب عن ديون أولاده.. بين النفاذ وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي كان له علي دين بحوالي مبلغ 10000 د. ك وكذلك أخي حوالي 14000 د. ك وأخوين آخرين بحوالي 4000 د. ك..
وقبل وفاته كرر للوالدة أنه قد سامحنا بما علينا من ديون.. والشاهدة الوحيدة هي الوالدة وأحد الإخوة كذلك شاهد ,,,,
يرجى التفضل بالإفادة..هل تعتبر هذه وصية يعمل بها, وما هو المطلوب من الوالدة عمله.. وكذلك الأخ الشاهد ... وحيث أننا نخاف الله لا نريد إجحاف الورثة ,,,أفيدونا وجزاكم الله خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الوالد قد تنازل لكم عن هذه الديون وهو بكامل صحته، فلا شيء عليكم، ولا يجب عليكم رد المال للورثة، أما إذا كان قد تنازل عنها في مرض موته، فإنه لا يجوز لكم ذلك، لأنها تعتبر وصية، إذا كانت موقوفة على الموت، والوصية لا تجوز للورثة، وتعتبر هبة إن كانت ناجزة، والهبات في مرض الموت لا تنفذ، لما فيها من شبهة حرمان الورثة الآخرين، وهذا ما لم يمضها سائر الورثة بشرط أن يكونوا بالغين رشداء.
وفي هذه الحالة يجب رد المال إلى تركة المتوفى وقسمتها بالعدل بين الورثة، وراجع الفتوى رقم: 37637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1425(12/5331)
هبة الجدة العاقلة الرشيدة لحفيدها صحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أعطتني أمي قطعة أرض لابني حتى يقيم عليها بيت الزوجية لأن حالتنا المادية لا تسمح بذلك، وأنا عندي خمسة أخوات واثنان إخوة ذكور ولقد وافقوها على ذلك لإعطائي الأرض، هل هذا حلال، وإن كان لا ماذا علي أن أفعل، علما بأن أمي لازالت على قيد الحياة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهبة الجدة المذكورة لابن ابنتها صحيحة نافذة إذا كانت تلك الجدة عاقلة رشيدة وليس على السائلة في ذلك شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1425(12/5332)
مصرف المنحة الممنوحة من الدولة لزوجة المتوفى
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي جدة تستفيد من منحة لأنها زوجة شهيد، وقد ترك لها زوجها الشهيد ثلاثة أولاد (عمر، خرفية، موسى) وقد تزوجت بشخص أخر (عمار) ، ولها منه ثلاثة أولاد (عبد القادر، عبد الرحمن، حورية) ، علماً بأن منحتها تقدر بـ 55000 دينار جزائري وهي تقسمها كالآتي: عبد الرحمن يأخذ 30000 د. ج، باقي الإخوة: 5000 د. ج، هل قسمتها عادلة، هل يحق لباقي الإخوة (من الزوج الثاني) أخذ المال، علما بأنها تقطن عند عبد الرحمن وهي تقول بأنها تأكل من مالها، وهي مرتاحة عنده، ملاحظة: أرجو إيضاح الشيخ المفتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المنحة المذكورة لا تخلو من حالات: الأولى والثانية، أن تكون من صندوق الضمان الذي كان يخصم من راتب زوج جدتك المتوفى وكانت بالقدر الذي خصم منه أو تكون من حقوقه التي نالها بسبب العمل، ففي هاتين الحالتين هي تركة له، تقسم على ورثته فقط ولا حق فيها لغيرهم، ولا يجوز لجدتك أو لغيرها تقسيمها على بقية أولادها من غيره، وليس لها منها إلا نصيبها من التركة وهو الثمن، والبقية لأولاده للذكر مثل حظ الأنثيين.
أما الحالة الثالثة: أن تكون تبرعاً من جهة الحكومة أو غيرها لجدتك مواساة لها لكون زوجها شهيداً، ففي هذه الحالة تعتبر ملكاً لها تتصرف فيها حيث شاءت كبقية أملاكها، وهذا الإشكال تحله الجهة المانحة.
الحالة الرابعة: أن يكون هذا المال مساعدة من الدولة لأبناء الشهيد وزوجته، وقد بينا حكم هذا في الفتوى رقم: 1809، فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1425(12/5333)
حكم كتابة الجدة وصية بالتنازل عن مالها لأحفادها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي ابن عمي وورثه كل من أمه وزوجته وأبنائه (3 بنات وولد)
أم المتوفى لها ابنة على قيد الحياة ومتزوجة ويرغب أولاد المتوفى أن تقوم جدتهم بكتابة وصيه بالتنازل لهم عن نصيبها في ميراث ابنها أو عمل عقد بيع صوري لهم بهذا الميراث لمنع دخول أي أشخاص آخرين في أملاك أبيهم والسؤال هو:
-هل يجوز شرعا أن تقوم جدتهم بأي من الأمرين؟
- في حال وفاة جدتهم بدون هذا الإجراء- ماهو التوزيع الشرعي لميراثها؟
جزاكم الله كل خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق المرأة المذكورة أن تهب حصتها من تركة ابنها لأحفادها إذا كان ذلك بإرادتها وطيب نفسها، فإذا قبضها الأحفاد قبل موتها فإنهم يملكونها بذلك، هذا إذا كان ذلك حال صحة هذه المرأة، أما إذا كان ذلك في مرضها المخوف فهبتها في حكم الوصية تنفذ في الثلث لا في أكثر منه، إلا بإذن الورثة، أما ما سماه السائل بيعاً صورياً فإن هؤلاء الأحفاد لا يملكون به تلك الحصة، وفي حال وفاة المرأة المذكورة فإن تركتها جميعا -ما ورثته من ابنها وما ملكته من طريق آخر- تقسم على النحو التالي:
للبنت النصف لقول الله تبارك وتعالى: وَإِنْ كَان َتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ (النساء: من الآية11) ، وأما النصف الباقي فهو لأبناء ابنها بالعصبة للذكر مثل حظ الأنثيين، لأن أبناء الابن يتنزلون منزلة أبناء الصلب عند عدمهم، وقد قال الله عز وجل: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَر ِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (النساء: من الآية11) .
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 6242 / 33147 / 2131.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(12/5334)
هل يحق للابن أن يسترد ما أنفقه على علاج أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل وترك زوجة وأربعة أولاد وثلاث إناث وكان يملك قطعة أرض عليها أساسات وجزء من شقة دفع الابن الأكبر بعض المال لاستكمال الشقة وبعد فترة دفع الابن الثاني جزء من المال والوالد جزء من المال لبناء شقة أخرى لهذا الابن الثاني ثم مرض الأب فقام الابن الأول بدفع جزء من مصروفات العلاج ثم قام ببناء شقة أخرى بمسطح أكبر وعمل أساسات جديدة للبيت ثم مات الأب فقام الابن الأصغر ببناء شقة أخرى ولم يتم توزيع الميراث حتى الآن فما نصيب كل فرد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم السائل الكريم أن ما كان من القضايا فيه حقوق مشتركة مثل التركات ودعاوى الاختصاص ونحو ذلك، يجب أن يكون مرجعه ومرده إلى المحاكم الشرعية، فهي التي بإمكانها الاطلاع على الحقائق والنظر في المسائل الغامضة، ولا يصح فيه الاعتماد على فتوى، لأن المفتي إنما يعتمد على ألفاظ السؤال، وقد تكون ثمة أمور لو ذكرت لكان الجواب يختلف عما هو عليه.
والتركة المذكورة تقسم على النحو التالي: للزوجة الثمن. قال تعالى: [فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ] (النساء: 12) .
وباقي التركة بين أولاده وبناته، للولد سهمان وللبنت سهم. قال تعالى: [يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ] (النساء: 11) .
والذي يقسم من المال هو ما كان للميت، أما ما ثبت بالبينة أو إقرار الورثة أنه خاص ببعضهم، فإنه لا يقسم، بل يستبد به مالكه.
وعليه، فإذا كان الأبناء متبرعين بما بنوه زمن حياة أبيهم أو بعد موته، فالأمر واضح، لأنه سيصبح جزءا من التركة، وإن لم يكونوا متبرعين بذلك، فهم شركاء في البناء، كل بنسبة ما أحدثه منه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 13856.
ثم ما أنفقه الابن الأكبر في علاج الأب إن كان غير متبرع به، له الحق في الرجوع بعد أن يحلف. قال الدسوقي: فإذا ادعى المنفق عليه أن الإنفاق صلة وادعى المنفق أنه لم يقصد صلة، بل قصد الرجوع أو لم يقصد شيئا، فالقول قول المنفق بيمين ... فيحلف أنه أنفق ليرجع.. ومحل حلفه ما لم يكن أشهد أنه حين الإنفاق أنفق ليرجع، وإلا فلا يمين. (2/518) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(12/5335)
التفريق في العطية يؤدي إلى الضغينة والتنافر
[السُّؤَالُ]
ـ[قام والدي ووالدتي ببيع أرض لهم ولا يوجد غير هذه الأرض وقاموا بشراء شقتين بكل المبلغ وتسجيلها باسم أختي غير المتزوجة لضمان حقها وحرماني أنا رولا (متزوجة) وأختي المتزوجة وأخي المتزوج من هذه الأموال فما حكم الشرع في ذلك؟ وهل نقوم بالمطالبة بحقنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان من واجب والدك ووالدتك أن لا يخصا أختك بالعطية ويحرما بقيتكم، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتسوية بين الأولاد في العطية، ونهى عن إيثار بعضهم على البعض، ومن العلماء من حمل هذا الأمر على الوجوب والنهي على التحريم، وعليه، يكون الفاعل آثما وتكون الهبة غير ماضية، وراجعي الفتوى رقم: 5348.
وبناء عليه، فالأولى لك أن تعظي أبويك وتذكريهما بأن ما فعلاه غير مشروع ولا تؤمن معه الضغينة والتنافر بين الأولاد، فإن لم ينثنيا عن ذلك فليس لك إلا التسليم.
ثم اعلمي أن أبويك قد يكونان معذورين بتخصيصهما من هو أكثر احتياجا، فإن من العلماء من يقول بصحة ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(12/5336)
مآل هدايا الخاطب إذا مات
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف إذا كان يجوز لي الاحتفاظ بهدايا وأغراض من شخص كنت معه على صداقة ووعد بالخطبة لكن دون معرفة أهلي فقد توفي قبل أن يأتي لخطبتي بفترة وأنا قد تبت لأني عرفت أن هذه العلاقة لا تجوز
أرجو إفادتي هل إذا تبرعت بالهدايا جميعها لن يحاسب عنها هو مع أن نيته هي الخطبة والزواج]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أنك قد وقعت في معصية بإنشاء علاقة صداقة مع رجل أجنبي عنك، لأن الشرع لا يبيح إقامة أي علاقة من هذا النوع خارج نطاق الزواج، وانظري الفتوى رقم: 20459، وعلى هذا، فالواجب عليك التوبة.
أما بخصوص تلك الهدايا التي أخذت، فهي سحت لا يجوز لك تملكها، وإنما هي ملك لورثة ذلك الرجل، وذلك لأنه إذا كان أكثر أهل العلم يقول بعدم صحة هبة المخطوبة إلا بعد الزواج منها، فمن باب أولى ما يدفع قبل الخطبة، قال العجيلي في حاشيته: وإذا دفع الخاطب بنفسه أو وكيله أو وليه شيئا من مأكول أو مشروب أو نقد أو فلوس لمخطوبته أو وليها ثم حصل إعراض من الجانبين أو من أحدهما، أو موت لهما أو لأحدهما، رجع الدافع أو وارثه بجميع ما دفع إن كان قبل العقد مطلقا. اهـ.
وللحنفية في هدية الخاطب قولان: نص عليهما ابن عابدين في "تنقيح الفتاوى الحامدية" فقال ما نصه: حاصل ما في البحر حكاية قولين صحيحين: الأول: الرجوع مطلقا شرط الزواج أو لا، وسواء تزوجته أو لا، وعللوه بأنه رشوة، والثاني: الرجوع إذا أبت شرط التزوج. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(12/5337)
أعانوه فلما طلب الاستقالة طلبوا رد الإعانة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل في شركة عندما دخلت زوجتي رحمها الله المشفى لمرض أصابها ثم توفاها الله عز وجل، وترتب علي مبلغ كبير فوعدت شركتي بتغطية النفقات لكوني من الموظفين الذي خدموا الشركة بأمانة وإخلاص لما يزيد على 6 سنوات وبعثت الشركة كتاب التزام للجهة المطالبة بالمبلغ للقيام بتسديد المبلغ من قبلها وكنت قبل دخول زوجتي المشفى بوقت طويل قد أجريت مقابلة لعمل في السعودية وجاءت الموافقة بعد وفاة زوجتي وقدمت استقالتي من الشركة، وبعدها تم إخباري بأنهم يريدون مني دفع المبلغ لأنني استقلت، فهل يوجد حرمة من عدم دفع المبلغ لهم (هل آكل مالاً حراماً) ؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الشركة قد أعطتك هذه المبلغ على سبيل الهبة وهو الظاهر من السؤال، فإنه لا يجوز لهم الرجوع في هبتهم، والأدلة التي تنهى الشخص عن الرجوع في هبته كثيرة، وفي هذه الحالة لا يلزمك رد المبلغ إذا طلبوه، وإن كانت هذه الشركة قد أعطتك المبلغ على أنه دين فهو دين في ذمتك يجب أن توفيه لهم ولا تبرأ ذمتك إلا بذلك، وإذا كانت هذه الشركة قد أعطتك هذا المبلغ واشترطوا عليك أن تستمر في العمل معهم، فإن قلنا إنها هبة مطلقة فلا يجوز الاشتراط في الهبة، وإذا قلنا إنها هبة ثواب فمن شروط صحتها أن يكون الثواب معلوماً، والثواب هنا مجهول ففي كلتا الحالتين لا تصح هذه الهبة، وهذا هو مذهب الشافعية والحنابلة، وراجع الفتوى رقم: 35675.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(12/5338)
لا يجوز أخذ مقابل الهبة من الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[عملت لمدة عشر سنوات وكنت أضع رواتبي عند الوالد، وعند انتهاء العشر سنوات أعطاني الوالد مبلغاً من المال يعادل ثلث رواتبي خلال الفترة التي عملت بها، وعندما رآى حساباتي وأن المبلغ لا يعادل سوى ثلث تعبي طلب مني مسامحته بالباقي، فسامحته وهو في نيتي دون غيره من باب الحياء رغم عدم حاجته للمبلغ المتبقي لي وهو لا يمثل سوى 5 بالمائة مما لديه من المال، فهل يحق لي إن أبقاني الله مطالبة الورثة بعزل المال المتبقي لي عند والدي قبل اقتسامها، الرجاء إفادتي بالسرعة الممكنة؟ ولكم كل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يهبه المرء حال صحة منه ومضي تصرف، بأن كان رشيداً عاقلاً، ليس مريضاً مرضاً مضنياً وحيز عنه قبل موته أو إفلاسه، فليس له بعد ذلك الرجوع فيه.
وعليه؛ فالمال الذي سامحت فيه أباك وتركته له، صار ملكاً له، فليس لك منه بعد موته إلا ما ينوبك من تركته، ولا تأثير في هذا الموضوع لنيتك بأنك تخصه هو به دون غيره، ولا في كثرة أمواله، لأن الهبة إذا حيزت بشروطها صارت ملكاً للموهوب له كسائر أمواله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(12/5339)
حكم إجارة الكافر والإهداء له
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة من سكان حي بفرنسا وفقنا الله للحصول على محل اتخدناه مسجدا للصلاة لكن للأسف للحصول على رخصة للجمعية وراءنا شخص فرنسي يظهر لنا أنه باستطاعته مساعدتنا، هل يجوز لنا أن ندفع له هدية نقدية أم غير ذلك مع العلم بأننا مهددون بالإغلاق إن لم نوفق للحصول على الرخصة
أفتوناولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من إعطاء هذه الهدية للشخص المذكور بغية مساعدتكم في حل مشكلتكم، إذ الهدية للكفار مباحة كما هو مبين في الفتوى رقم: 26116.
وإن كنتم تعطونه ذلك من باب الإجارة فلا مانع منه أيضاً، فالكافر يجوز استئجاره، وقد استأجر النبي صلى الله عليه وسلم في هجرته دليلاً مشركاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1425(12/5340)
لا يجوز أخذ المساعدات لمن لم تتوافر فيه شروطها
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب يعمل في مصلحة حكومية وفي المصلحة يتم صرف مساعدات علا جية لأحد الأبوين ولديه والدته كانت مريضة ولكنها توفيت ماحكم تقديم طلب عون علا جي واستخدامه في أن يعف نفسه؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدولة إنما تعطي هذه المساعدات لمن توافرت فيه شروط معينة ولأغراض معينة، فإذا لم تتوافر هذه الشروط فإنه لا يجوز التحايل لأخذ هذه المساعدات إلا في حالة الضرورة، وقد تقدمت لنا فتاوى كثيرة في تفصيل ذلك، فراجع مثلاً الفتاوى التالية: 9285 / 39671 / 43344 / 32118 / 44536.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1425(12/5341)
حكم بيع الوالد لممتلكاته لأحد أولاده محاباة
[السُّؤَالُ]
ـ[طلق والدي والدتي بعد أن أنجب 4 أبناء، ثم تزوج بثانية وأنجب 2، وهو من أغنياء المدينة، وقرر بيع ممتلكاته لابنه من زوجته الثانية وحرمانا من كافة عقاراته وأمواله، بدون سبب شرعي، مع العلم بأنه حج 3 مرات وأنه حالياً فقد تقريباً مداركه العقلية، ما هو حكم الشرع الإسلامي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والدك المذكور قد قرر بيع ممتلكاته لابنه من زوجته الثانية ولم يقدم بعد على فعل ذلك وصار الآن غير مكتمل الإدراك، أو أقدم على البيع المذكور وهو مختل العقل، فإن تصرفه هذا مردود غير ماض لعدم أهليته للتصرف، قال الشيخ المواق في التاج والإكليل: ابن رشد: لا يصح للإنسان أن يتصرف في ماله إلا بأربعة أوصاف وهي: البلوغ والحرية وكمال العقل وبلوغ الرشد، ولا يصح رشد من مجنون لسقوط ميزه وذهاب رأيه. انتهى.
وإذا كان البيع للابن في حال كمال تصرف الأب إلا أنه يشتمل على محاباة وتسامح، فهذا يعتبر بمثابة تخصيص أحد الأبناء بهبة لم تحصل للآخرين وبالتالي فيكون البيع المذكور باطلاً، لأن الراجح قول من قال من أهل العلم بوجوب التسوية بين الأولاد في الهبات والعطايا، وكون تفضيل بعضهم على بعض في العطاء جوراً وظلماً يجب رده، وراجع الفتوى رقم: 6242.
أما إذا كان البيع في حال صحة تصرف الأب وكان خالياً من المحاباة فهو عقد معاوضة يمضي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1425(12/5342)
من شروط الهبة والواهب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أم ولدي أربعة أطفال تتراوح أعمارهم بين (سنتين ونصف وعشر سنوات) وأعمل منذ عام 1997 في وظيفة حكومية لمساعدة زوجي وتحسين أوضاعنا المادية حيث إننا نعمل في دولة خليجية كوافدين ومغتربين عن وطننا. وطيلة هذه السنوات كنا نصرف من راتبي وراتبه دون قيود أو تحديد لتفاهمنا المطلق حول ذلك ونعتبر رواتبنا الاثنين كوحدة واحدة.
وقد أخذني معه قبل أيام لأداء فريضة الحج والحمد لله أنعم علينا وأعاننا على أداء مناسك العمرة والحج وعدنا إلى الدولة بسلام. وقبل السفر قام زوجي بكتابة وصيته اقتداءاً بالرسول صلى الله علي وسلم وفي وصيته اكتشفت بعد عودتنا من الحج أنه خصص لوالدته مبلغاً يعادل (18%) من المبلغ الإجمالي في رصيده لكي تستخدمه في علاجها وأمور حياتها في الوطن بالرغم من وجود والده على قيد الحياة كمعيل لها. أمّا المبلغ المتبقي فأوصى أن يوزع حسب قانون الإرث في الشريعة الإسلامية، وأحيطك علما سيّدي الشيخ أنّ زوجي لا ينكر علي حقوقي وقد وضع في حسابي في البنك مبلغا يزيد عن مبلغ والدته بمرّة ونصف كون أنني أعمل في الوظيفة منذ سنوات (وهذا أعتبره من حقي) .
لذا فضيلة الشيخ أودّ أن أستفسر هل ما قام به زوجي يرضي الله خصوصاً بما كتبه لوالدته أم أنّ ذلك يخالف شرع الله، وأصدقك في القول أنني أشعر بالظلم حيال هذا الأمر لأن هذا المبلغ قد جاء من توفير راتبي وراتبه ولا سمح الله إن توفى فإنّه سيكون لدي التزامات في تربية وتعليم الأولاد لذا أفيدوني أفادكم الله.
وجزاكم الله عنّا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أولاً أن ما أنفقت وما كنت تنفقينه في بيت زوجك إن كان على وجه الهبة والتبرع فليس لك الرجوع في شيء منه، وإن كان على وجه القرض فلك المطالبة به، والقول قولك بيمين أنك ما أنفقت ذلك إلا لترجعي به على زوجك. وراجعي الموضوع في الفتوى رقم: 34771.
وأما ما خصصه هو لأمه لتستخدمه في علاجها، وما وضعه في حسابك أنت، فإن كانت هذه التصرفات قد صدرت منه حال صحته وتمام عقله فإنها هبات تمضي بحوزها، وله أن يهب من أمواله ما أراد بشرط أن لا يخل ذلك بالحقوق المترتبة عليه، وأن لا يضر بأصحاب الديون إن كانت ثّمَّ ديون.
وأما إن كانت هباته هذه وقعت بعد أن أصبح مريضاً مرضاً يخشى منه الموت عادة ومات في ذلك المرض، فإن هبة هذا النوع من المرضى تعتبر في حكم الوصية، والوصية للوارث لا تصح، لما روى الإمام أحمد وأصحاب السنن من حديث عمرو بن خارجة وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا وصية لوارث.
وبناء عليه؛ فإن ما أعطاه لأمه وهو مريض مرضاً من أمراض الموت عادة، وما جعله في حسابك لا يمكن أن يمضي إلا إذا أمضاه الورثة، إلا إذا صح من مرضه صحة بينة فإنه حينئذ يمضي، ونريد أن ننبه هنا إلى أنه ما فهمنا من سؤالك أن زوجك قد أنجز هبته لك لأنه وضع المبلغ الذي عينه لك في حسابك.
وأما أمه فإن ما خصصه لها يتردد عندنا بين الوصية والهبة الناجزة، وذلك لأنك لم توضحي الموضوع جيداً.
وعليه؛ فإذا كان قد أنجز الذي خصصه لها فالحكم بالنسبة لها هو ما ذكرنا، وإن كان إنما يوصي لها به لتأخذه بعد موته، فإن الوصية للوارث باطلة إلا أن يُميضها الورثة بشرط أن يكونوا بالغين رشداء، فغير البالغ الرشيد لا يعتبر إمضاؤه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1425(12/5343)
التفاضل في العطية لموجب جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[عند تزويج الأولاد هل يجب إعطاؤهم بالسوية رغم تغير الحالة المادية، ولو كانت الحالة لم تتغير ...
هل يجب الإعطاء بالمثل أم هناك فرق بين الذكر والأنثى؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التسوية بين الأولاد في العطية أمر واجب لما صح من إبائه -صلى الله عليه وسلم- الشهادة على تمليك بعضهم دون البعض ووصفه ذلك بأنه جور.
هذا إذا لم يكن التفاضل بينهم لموجب، وأما لو كان لذلك سبب كأن يكون بعضهم طالب علم أو ذا عيال ونحو ذلك، فقد رأى بعض أهل العلم أن لا مانع من التفاضل بينهم حينئذ، ثم إن العلماء اختلفوا في كيفية التسوية بينهم، هل يكون للذكر سهمان وللبنت سهم كما في التركة أم غير ذلك، وراجع هذا كله في الفتوى رقم: 6242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1425(12/5344)
من وهبت مبلغا لطفل في حياتها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة متزوجة ولم يرزقها الله بطفل مما اضطرها هي وزوجها إلى تبني أحد الأطفال من المستشفى بعد توافر الشروط عليهما وقد كان المولود لا يتعدى عمره الشهرين ولله الحمد والمنة الآن بلغ 5 سنوات وحيث إن هذه المرأة التي ربته رأت بأن تضمن له حياة مستقبلية كريمة فقد اشتركت في جمعية بمبلغ 100000 ريال وسوف تقبضها كآخر شخص بمعنى أنها لم تقبضها حتى الآن ووهبتها له عند استلامها في حياتها أو إذا حان وقتها وقد توفاها الله، مع العلم بأن لها زوجاً ولها إخوة ذكور وأخوات إناث وهؤلاء الإخوة لهم أولاد وبنات، وسؤالي: ما هو الحكم الشرعي في تلك الهبة وكيف يمكن إثبات الهبة هل بكتابة وصية أم أن هنالك طرق أخرى؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه المرأة قد وهبت هذا المبلغ لهذا الطفل في حياتها وهي عاقلة رشيدة بصحة جيدة وحاز أبو الطفل هذا المال أو وصيه أو من في حكمهما، فهذا المال قد صار من نصيب هذا الطفل، قال الخرقي: ويقبض للطفل أبوه أو وصيه أو الحاكم أو أمينه بأمره. انتهى.
أما إذا لم يتم القبض حتى ماتت فقد اختلف العلماء هل ينفسخ هذا العقد أم أنه باق؟ لكن لا يملك الموهوب الهبة إلا بإذن الورثة بالقبض، فإذا لم يأذنوا له لم يملكها، وهذا الثاني هو الراجح.
وعليه، فلا يملك الطفل هذه الهبة في هذه الحالة إلا إذا أذن الورثة له بالقبض، هذا كله إذا كان هذا المال هبة.
أما إن كانت أوصت بهذا المال للطفل ليقبضه بعد موتها فليس لهذا الطفل من هذا المال إلا قدر الثلث في حال ماتت المرأة، والباقي لورثتها ما لم يجيزوه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1425(12/5345)
الموهوب له يمتلك الهبة بالحيازة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: جدي لوالدي رحمه الله كان له ولدان وثلاث بنات، زوج عمتي الكبرى سنة 1950 وأعطاها مبلغا كبيرا وقتها 160 جنيها، وهو ما يوازي فدان من الأرض الزراعية وقتها لمساعدتها في زواجها، سنة 1970 تزوج والدي ولم يساعده في زواجه بأي مبلغ، سنة 1972 تزوجت عمتي الوسطى وساعدها بمبلغ حوالي600 جنيه (قد يقل أو يزيد قليلاً) ، وهو ما يوازي تقريباً ثمن فدان من الأرض الزراعية، سنة 1973 توفي عمي في الحرب مع اليهود (نحتسبه شهيدا عند الله سبحانه وتعالى) ، وكان عمر جدي وقتها 73 سنة، سنة 1975 تزوجت عمتي الصغرى وساعدها بمبلغ حوالي600 جنيه (قد يقل أو يزيد قليلاً) ، وهو ما يوازي تقريباً ثمن فدان من الأرض الزراعية، سنة 1975 أعطت الدولة لجدي مبلغ وقدره 7000 جنيه كمكافأة أو كدية عن وفاة عمي في الحرب، في تلك الفترة كان والدي ووالدتي يعملان بمنطقة بعيدة عن مكان إقامة جدي وكان راتبهما في تلك المنطقة يزيد عن راتبهما في مكان إقامة جدي حوالي مرة ونصف ولما مات عمي وبناء على رغبة جدي في وجود والدي بجواره لرعايته فقام والدي على الفور بنقل عمله لمكان إقامة جدي ويعلم الله أنني أحسب والدي كان باراً بجدي حتى وفاته سنة 1992، سنة 1975 أعطى جدي لوالدي مبلغ ال 7000 التي حصل عليها جدي كمكافأة لوفاة عمي في الحرب وذلك لعدة أسباب كما قال ذلك جدي منها:
1- أنه لم يساعده في زواجه.
2- تعويضاً له عن انخفاض مرتبه هو ووالدتي عند نقلهما بناء على رغبة جدي.
3- ليقوم بعمل مشروع يساعده.
4- ليكون بجواره تخفيفاً لحزنه على وفاة عمي.
5- ليقوم برعاية أرض جدي والأشراف عليها حيث كانت مساحتها كبيرة، أخذ والدي المبلغ الذي كان يوازي حوالي 10 أفدنه من الأرض الزراعية وقام بشراء 14.5 فدانا وسدد من إيراد الأرض باقي الثمن، تلك الأفدنه (14.5) بالإضافة لما كان يمتلك جدي (20 فدانا) كانت في حيازة جدي الفعلية حيث كان هو المتصرف في إيراد كل تلك الأراضي مع ضعف إيراد الأراضي الزراعية وقتها، قام والدي برعاية جدي وجدتي حتى وفاتهما (أحسبه كذلك) ، قام والدي بالتضحية بمنصب هام سنة 1983 ليرعى جدي، قام جدي سنة 1984 بكتابة البيت الذي يسكن به جدي باسم والدي، توفي جدي سنة 1992 عن عمر 92 سنة، تم توزيع باقي تركة جدي (20 فدان) حسب نصيب الميراث الشرعي لكل فرد، لم تطالب أي من عماتي بتلك الأرض إلا بعد وفاة جدي بحوالي 9 سنوات، فضيلة الشيخ أفتونا فيما يلي:
أولاً: حكم الهبة التي أعطاها جدي لوالدي 7000 جنيه، فلقد أفتاني بعض العلماء بجواز ذلك على أساس أنها هبة مسببة، وأفتاني بعض العلماء بعدم جواز ذلك لأن جدي لم يهب لعماتي مثل أو ما يقارب ما وهبه لوالدي.
ثانياً: إذا كانت الفتوى بعدم جواز ذلك فهل.
1- يتم توزيع أصل المبلغ 7000 جنيه على الورثة.
2- يتم حساب قيمة النقود ذهب بسعر وقتها وتوزيع كمية الذهب على الورثة.
3- يتم توزيع جملة الأرض (14.5 فدان) بالتساوي.
4- يتم توزيع جملة الأرض (14.5 فدان) حسب الميراث الشرعي لكل فرد.
5- يتم توزيع الـ 10 أفدنه وهي أصل الأرض قبل سداد ثمن الباقي من الإيراد.
6- أن يقوم والدي بحساب ما يوازي مصاريف زواجه ومصاريف شراء شقة للسكن وهو ما يوازي حوالي 2000 جنيه لأن جدي ذكر أن ذلك من أسباب الهبة ويقوم بخصمه من القيمة الأصلية للهبة.
7- هل ذلك على سبيل الاستحباب أم الفرض.
8- هل يستفيد جدي من ذلك بعد وفاته لأنني أعلم أنه فعل ذلك وهو يظن عدم مخالفة ذلك للشرع.
9- وهل يستفيد في حالة افتراضية أنه كان يعلم الحكم ومات وهو مصر على ذلك.
ثالثاً: حكم كتابة المنزل باسم والدي، أفتونا أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخلاصة جواب هذا السؤال ما يلي:
المال الذي دفعه جدك لأبيك هبة سائغة فيما يظهر، وليس فيها ظلم لأنه أعطى بقية أولاده هبات كلاً حسب حاجته، وهذا التصرف كافٍ في رفع وصف الجور في هبة الوالد لأولاده، بل لو أفرد الوالد ولده بهبة لمسوغ لكان ذلك جائزاً، وراجع في هذا الفتوى رقم: 14254.
والموهوب له يمتلك الهبة بالحيازة ومن الحيازة التي تفيد الملك تصرف الموهوب له في الهبة بيعاً وشراء، جاء في شرح مختصر الخرشي على خليل: من شرط صحة الاعتصار للهبة (الرجوع عنها) ، أن لا تفوت من عند الموهوب له ببيع أو غصب. انتهى.
وقد قام أبوك بشراء الأرض من المال الذي وهبه إياه جدك، وبهذا صارت الأرض المشتراة ملكاً لأبيك وليس للورثة فيها حق، وإنما حقهم فيما تركه جدك من أرض تخصه، فيقتسمونها مع أبيك حسب أنصبتهم الشرعية.
وأما البيت الذي سجله جدك باسم أبيك فيقال فيه ما قيل في الأرض وحيازته تكون بنقل ملكيته إلى أبيك في الأوراق الرسمية أو بما تعورف عليه أنه حيازة.
وبقيت هنا مسألة لم يتعرض لها السائل وهي أن جده أخذ الدية التي دفعتها الدولة له عن ابنه المقتول، وهذه الدية تعتبر ميراثاً للابن المتوفي تأخذ منه أمه السدس فرضاً والباقي للأب تعصيباً، والإخوة محجوبون بالأب، وهذه القسمة في حال ما إذا لم يكن للابن المقتول وارث غير ما ذكر.
فإذا كان جدك وجدتك دفعا هذا المبلغ هبة لوالدك فالمسألة على حالها الذي سبق ذكره، وإن لم تك جدتك دفعت نصيبها لوالدك فإن سدس تلك الدية يعود تركة لجدتك فينظر في من ورثها عند موتها ويعطى له.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية، وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(12/5346)
يعمل في شركة مقاولات ويعطيه المقاولون هدايا فهل يقبلها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل فى شركة مقاولات ونتعاقد مع مقاولي تركيب من الباطن، ومن ضمن مهامي البحث والتعاقد مع أولئك المقاولين، فهل إذا قدم لي أحدهم هدايا عينية أومالية كعمولة حرام أم حلال، علما والله العظيم أنا لا أؤثر أحدا على أحد ولا أفرق مطلقا بين من يعطيني ومن لا يعطينى، وهم تقريبا 8 مقاولين ثابتين والعبرة عندي إنهاء المقاول للمشروع لكي أسند إليه مشروعاً جديداً، أفيدونا؟ جزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهؤلاء المقاولون عندما يدفعون لك ما تسميه عمولة فإنما يفعلون ذلك لأنك موظف في هذه الشركة، فلو جلست في بيتك لما دفع لك أحد شيئاً، وعلى هذا فهذه العمولة ليست من حقك بل هي حق للشركة التي تعمل فيها، ولا يحل لك أخذها إلا بإذن من الشركة، وقد بسطنا أدلة ذلك في الفتوى رقم: 17863 فراجعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(12/5347)
تفضيل بعض الأولاد لسبب سائغ
[السُّؤَالُ]
ـ[ (2) هل يجوز للأب أو للأم أن يعطي أحد أبنائه أرضاً أو مالاً (كأن يساعده في التعليم أو بناء بيت له أو في النفقة أو ... إلخ) دون أن يعطي باقي الأبناء؟ وهل يجوز ذلك حتى لو كان باقي الأبناء لا يحتاجون فلوساً وإنما قام الوالد بإعطاء المحتاج من أبنائه فقط؟ وإذا قام أحد الأبناء بمساعدة والده في بناء بيت للوالد وقام بالنفقة عليه دون باقي إخوانه فهل يجوز أن يهبه قطعة أرض مثلاً أو يعطيه شيئاً آخر مما يملك دون أن يعطي باقي إخوانه؟ باختصار ما هي الحالات التي يجوز بها للأب أو الأم أن يميز أحد أبنائه دون الآخرين بإعطائه مالاً أو أرضاً قبل مماته؟ وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبالنسبة لحكم مفاضلة الأولاد في العطية لسبب سائغ، راجع الفتوى رقم: 14254، والفتوى رقم: 25211، والفتوى رقم: 28403 والفتوى رقم: 32659
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1425(12/5348)
حكم توزيع التركة حال الحياة على الذكور دون الإناث
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل وزع تركته على ولديه في حياته بشهادة شاهد واحد بعلم بناته, توفي بعد عامين من قسمة التركة ولم تطلب أي واحدة من بناته إعادة القسمة، لكن بعد أكثر من خمس سنوات من وفاته حدث شجار بين ولده وزوج بنته أدى إلى رفع دعوى لتقسيم التركة، هذه المشكلة أدت إلى مقاطعة الأخوات وعائلاتهن لهذا الأخ حتى بإفشاء السلام بينهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الرجل قد ملَّك ولديه في حياته وقبض الولدان ما ملكهما أبوهما فهي هبة نافذة.
أما إن وهبهما في حياته ولم يقبضا أو أوصى لهما بالتركة فلا تنفذ الهبة ولا الوصية إلا إن رضي الورثة بذلك.
وعلى افتراض أن الهبة مقبوضة صحيحة أو الوصية نافذة أجازها الورثة فمسلك الأب في ذلك غير سديد لأمور:
أولها: أن في فعله هذا حيلة على بعض الورثة.
ثانيها: أن فعله هذا قد يثير الضغائن بين الورثة.
ثالثها: أن فعله هذا مخالف لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعدل بين الأولاد.
وعموماً فالتركة -قلَّت أو كثرت- لا تستدعي شجاراً وخصاماً وقطيعة رحم، فانظروا إلى ما كان منها نافذاً صحيحاً فأمضوه وما لا فيقسم بين الورثة كما أمر الله، وانظر للمزيد من التفصيل والفائدة الفتوى رقم: 43987، والفتوى رقم: 33868.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1425(12/5349)
حكم شبكة الخطوبة إذا فسخت الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[نشكركم على الرد على السؤال بشأن إذا انفسخت الخطبة بسبب المخطوبة لمن تكون الشبكة للخطيب أم للخطيب؟
السؤال ما هو الدليل من الكتاب أو السنة على هذا السؤال؟
أي ما هو الدليل من الكتاب أو السنة على أنه إذا كانت الخطبة قد انفسخت بسبب المخطوبة ترد الشبكة إلى الخاطب على أساس أن الشبكة نوع من المهر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يسمى بشبكة الخطوبة لا تخلو من أن تكون هدية من الخاطب للمخطوبة أو تكون جزءا من المهر إن تم الاتفاق على ذلك، أو جرى العرف باعتبارها جزءا منه.
فإذا كانت هدية فإنه تجري عليها أحكام الهبة والهدية وهي تلزم بالقبض، وتكون ملكا للمخطوبة، ولا يحق للخاطب الرجوع فيها لحديث: لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وإن قدمت على أنها جزء من الصداق عرفا أو اتفاقا، وانفسخت الخطبة، فإنها من حق الخاطب، لأنه من المعلوم أن المهر لا يتقرر إلا بالعقد، وليست الخطبة عقدا، فوجب إرجاع الشبكة إلى الخاطب، إلا أن تطيب نفسه بها. وراجع الفتوى رقم: 905، و 6066.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1425(12/5350)
العدل بين الأولاد في الهبة واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[قام والدي ببناء منزل مكون من طابقين اثنين وقمت أنا وأخي ببناء طابقين آخرين لكل منا طابق علي نفقتنا الخاصة بعلم وموافقة والدنا وإخوتنا.
والأسرة مكونة من ثلاثة أولاد وبنتين ويريد الوالد تقسيم المنزل علينا في حياته حسب الشريعة الإسلامية.
... ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت نيتكما عند بناء الطابقين أنهما لكما فهما كذلك، وإذا كانت النية أنهما للوالد، فهما له، ويدخلان حينئذ في القسمة، وراجع الفتوى رقم: 7579.
وقسمة الوالد بيته على أولاده في حياته هو من الهبة، وقد استحب الجمهور العدل بين الأولاد في الهبة، وأوجب ذلك الحنابلة، وعليه الفتوى في الشبكة الإسلامية.
والعدل بين الأولاد في الهبة يعني التسوية بينهم ذكورا وإناثا، وليس كالميراث، وذلك هو الراجح من أقوال أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(12/5351)
الإنفاق على دراسة أحد الأولاد.. والعدل بينهم
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا تم الإنفاق على دراسة أحد الأبناء في إحدى الجامعات الخاصة تقريباً 75000 جنيه هل يجب إعطاء باقي الأولاد مبلغاً مماثلاً إذا لم يتم الإنفاق عليهم في جامعات خاصة مماثلة أم لا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الدراسة ضرورية للولد، لا يمكنه الاستغناء عنها، وهو عاجز عن الوفاء بمصروفاتها، إما بكسب وإما بما له من مال، فالإنفاق على ما يعجز عنه من نفقات تلك الدراسة من النفقة الواجبة على الأب، والنفقة الواجبة على الأب تكون بقدر حاجة كل ولد، فلا يلزم أن يعطي كلاً منهم مثل ما أعطى الآخر، أما إذا لم تكن الدراسة ضرورية أو كان الولد قادراً على الوفاء بمصروفاتها، فيلزم للأب إعطاء باقي الأولاد مثل ما أنفق على دراسة هذا الولد، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1425(12/5352)
ما أعطته الزوجة لزوجها قبل موتها من حليها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت زوجتي رحمها الله ولم تترك أملاكا خاصة بها سوى بعض الأثاث كانت قد اشترته بقيمة 140 دينارا أردنيا وكانت قد باعت حليها بقيمة 2000 دينار أردني وأعطتني المبلغ لحاجتي له وأخبرتها بأنني إن شاء الله سوف أشتري لك بدلا من الحلي متى تيسرت أموري ولم أتمكن من ذلك حتى لحظة الوفاة ,
أنجبت منها رحمها الله طفلة واحدة عمرها الآن سنتان ولها أم وأب وكان المهر المؤجل حسب العقد بقيمة 3000 دينار أردني , فما هي الأشياء التي تدخل في الميراث وكيف يتم توزيعها وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتركة زوجتك رحمها الله هي ما تركت من ذلك الأثاث ومؤجل مهرها وقدره ثلاثة آلاف دينار، أما ما أعطته لك من ثمن حليها وقدره ألفا دينار، فإن كانت قد أعطته لك هبة فلا يدخل في الميراث، أما إن كانت قد أعطته لك على أن ترد لها مثله متى ما تيسرت أمورك، فهو دين عليك يدخل في تركتها.
وأما تقسيم ذلك، فإن انحصرت الورثة فيمن ذكر، فهو على النحو التالي:
للبنت النصف، ولك الربع، ولأمها السدس، ولأبيها السدس، فتعول المسألة إلى ثلاثة عشر وأصلها من اثني عشر، فللبنت ستة أسهم، ولك ثلاثة أسهم، وللأم سهمان، وللأب سهمان.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(12/5353)
الهدية التي تعطى مع السلعة المشتراة من حق من اشتراها
[السُّؤَالُ]
ـ[تم بيع منتج لشركة والمنتج تم شراؤه من شركة أجنبية وقد أرسلت الشركه الأجنبية هدية مع الجهاز عبارة عن كمبيوتر وشاشة جميلة بغض النظر عن مواصفاتها، وعندما أوردتها للشركة التي اشترت الجهاز ووضعت الأجهزة حدثني أكثر من شخص أنه يريد أخذ الشاشة إذا بقيت، فتأملت في كلامهم ووجدت أن الشاشة سوف تؤخذ من المكتب على أي حال، ففكرت بأن آخذها أنا ولقد أخذتها فعلا وهي الآن معي في بيتي والله الغافر، وأريد استشارتكم في هذا الموضوع، وما حكمها، لأني لا أقبل على نفسي ما هو حرام، وأرجو منك إفتائي بما علي فعله، وإن شاء الله سأفعله مهما كان، لأني أرجو رضاء الله ولهذا قمت بسؤالكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت موظفاً في هذه الشركة أو وكيلاً عنها في الشراء، وقمت بشراء هذا الجهاز لها، فهذه الشاشة ملك للشركة لأنها قد أهديت لها بسبب شرائها للجهاز.
وعلى هذا فيجب عليك إرجاع هذه الشاشة للشركة، وإذا كنت تخشى أن يأخذها أحد فأخبر المسؤول لكي يقوم بمنع من أراد أخذها، أما إذا لم تكن موظفاً أو موكلاً في الشراء وإنما اشتريت الجهاز ودخل في ملكك ثم قمت ببيعه على الشركة، فهذه الشاشة من حقك أنت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1425(12/5354)
أعطوا ابنتهم مالا فهل يعطون سائر الأبناء مثلها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أم أعطينا البنت مبلغ 15 ألف جنية في زواجها فهل يجب أن نعطي باقي أولادنا مثلما أعطيناها؟ مع العلم بأن عدد الأسرة ثلاثة ذكور وبنت غير المتزوجة
وهل هو واجب عند عدم الاستطاعة؟؟؟؟؟؟ وهل هناك فرق
بين الولد والبنت؟؟؟؟؟
وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان إعطاؤكم هذا المال لهذه البنت لأجل مسوغ شرعي، كأن تكون لا تنكح إلا ببذل هذا القدر من المال لكونها مريضة أو ذات عاهة ونحو ذلك، فليس عليكم أن تعطوا إخوانها وأختها مثل ما أعطيتموها، وإن لم يكن هناك مسوغ شرعي، فالواجب -إن لم يرض الأولاد بتفضيل البنت عليه وهم بالغون راشدون- أن تعطوا باقي الأولاد مثل ما أعطيتموهاـ لقوله صلى الله عليه وسلم: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري.
فإن عجزتم عن ذلك، فقوموا باسترداد المبلغ من البنت إن أمكن، ثم أنتم بالخيار إن شئتم أبقيتموه في حوزتكم، وإن شئتم قسمتموه بالتساوي على الأولاد، وإن لم يمكن استرداده، فليكن دينا على البنت يخصم من حصتها من الميراث، وأما هل هناك فرق بين الولد والبنت في التسوية في الهبة، ففي ذلك خلاف بين العلماء، بيناه مع ذكر الراجح في الفتوى: 33348، وراجعي للأهمية الفتوى رقم: 14254، والفتوى رقم: 33994، والفتوى رقم: 38488.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1425(12/5355)
التسوية بين الأولاد مندوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[جدي لأمي ثري وله ابنتان غير أمي وأخ وحيد وهو خالي وقد حثته جدتي أن يكتب كل ما يملك لخالي الوحيد وقد نفذ ذلك بالفعل بحجة أن خالي بعد تخرجه تولى العمل مع جدي وطور العمل ونماه وبنى مصنعا خاصا به، وتم مسح اسم جدي تماما من على أي إعلانات وأصبح باسمه فقط، ونحن نشعر بفارق فى المستوى المادي بيننا وبين خالي إذ أنه يعيش فى عمارة جدي تلك العمارة التي يوجد لكل ابنة شقة بها ولكننا ممنوعون من السكن فيها بحجة كرههم لأزواج بناتهم كما يركب خالى العربات الفارهة، ولا يجرؤ أحد على المطالبة بأي شيء خوفا من بطش جدتي، وفى الحقيقة نعيش حياة صعبة ولكن الحمد لله على كل شيء ولكني أشفق على أمي من الهموم التي تتحملها، مع العلم بأن جدي ثري ويستطيع تخصيص مبلغ شهريا من أجلنا ويكون من حقنا فى الحقيقة، يا سيدي نحن لا نطمع فيهم ونحب خالنا كثيراً ونتمنى له الخير، ولكننا نخاف عليه من العذاب وعلى جدي وجدتي أيضاً، ولم نعد نريد شيئا من مالهم ولكن سؤالي: هل ما فعل جدي حلال أم حرام، أرجو الإفادة، ملحوظة هامة: لكي لا أكون ظالمة فى الأعياد أو فى بعض المناسبات تخصص جدتي لنا مبلغا من المال ولكنه ينقص كل سنة نظراً لأحوال السوق، وتعطي إحفادها مبلغا ضئيلا كل أسبوع كمصروف، وتشتري لنا بعض الثياب، ولقد خرجت للعمل لكي أعول نفسي على الأقل ولا أحتاج لأحد؟ وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وردت أحاديث تنهى عن المفاضلة بين الأولاد في العطية، وأخرى تحث على التسوية بينهم، واستدل بعض أهل العلم بها على وجوب التسوية وحرمة المفاضلة، ولكن الذي عليه جمهور العلماء هو أن التسوية بين الأولاد مندوبة وليست واجبة، وعلى ذلك حملوا الأحاديث الواردة في الأمر، كما حملوا تلك التي في النهي على التنزيه، وكنا قد أجبنا عن فتاوى في هذا الموضوع، فيمكنك أن تراجع منها الفتوى رقم: 5348.
وبناء على ذلك فإن ما فعله جدك ليس حراماً، خاصة أنه تأول كون خالك هو الذي نمى العمل وطوره، وكان الأفضل له أن لا يخصه بكل المال، وأن يعطي بناته مثل ما أعطى ولده، وتنبغي ملاحظة أن الذي أفتينا به إنما هو على تقدير أن تمليك جدك ماله لابنه ذاك قد حصل حال صحته، وأما لو كان فعل ذلك وهو في مرض أو بعد أن ضعف عقله وصار لا يحسن التصرف في الأمور، فإن هبته حينئذ تكون باطلة، وننصح بمراجعة المحاكم الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(12/5356)
لا يستقر ملك الموهوب إلا إذا حيز في حياة الواهب
[السُّؤَالُ]
ـ[تنازل زوج عن قطعة أرض بورقة عرفية كالتالي (أنا فلان الفلاني أتنازل عن قطعة الأرض والكائنة بشارع الجمهورية والتي ورتثها عن والدتي إلى زوجتي فلانة وهدا اقرار مني بدلك) مع العلم بأنه لا يوجد شهود ولا تاريخ ولا تحديد موضعي للعقار. أي لا شرقا ولا غربا. كما أنه يوجد عدة شهائد عقارية يرث بها المورثة الأصلية أم المورث الزوج. والتي كانت سببا في ملكيته التي لم يكمل إجراءات تسجيلها باسمه. علما بأنه لم ينجب أطفالا كما يوجد أخ غير شقيق يرث الزوج. فما حكم الشرع في هده الحالة مع الدليل في السنة. وما حكم الشرع في التنازل؟ وهل يصح وهناك وريث آخر؟ علما بآن التنازل المدكور لوريثة هي الزوجة. وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يستقر ملك هذه الأرض للزوجة إلا إذا كانت حازتها في حياة الزوج وأقامت البينة على ذلك أو أقر لها به بقية الورثة، لأن الشيء الموهوب لا يكون ملكا لمن وُهب له إلا بالحوز والإشهاد على ذلك، وبما أن هذا لم يحصل للزوجة المذكورة، فإن هذه القطعة من الأرض تدخل ضمن تركة الزوج المتوفى، ويكون للزوجة الربع لعدم وجود الفرع الوارث، ويرث الأخ الباقي من المال تعصيبا إذا كان أخا لأب، والأولى في هذا الأمر أن يُرجع فيه للمحاكم المختصة، لأنه شائك وخطير، ولا يكتفى فيه بفتوى.
ولتراجع الفتوى رقم: 12579.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(12/5357)
إعطاء أحد الأولاد تعويضا له عما قدمه ليس من الجور
[السُّؤَالُ]
ـ[أب لديه عشرة أولاد وخمس بنات بأعمار مختلفة يعمل من الذكور ستة وواحد يدرس في الجامعة وثلاثة دون سن البلوغ والفتيات فيهن الصغيرة والكبيرة.. القضية أن الذكور العاملين لا يعطون والدهم شيئا من رواتبهم إلا واحد فقط - ونحن في الأردن يعطى للمتقاعدين من الخدمة في القوات المسلحة بعد نهاية خدمتهم مبلغا من المال بعد فترة تعويضا لهم ويشترط لمن يعطى المال أن يبني بيتا به والقضية أن الأب يريد أن يبني البيت لابنه الذي يعطيه راتبه في نصف مساحة الأرض التي يملكها -دونم واحد- والذي يعيش عليه 12 من أفراد هذه الأسرة مع العلم بأن الآخرين قد خرجوا من هذا البيت والسبب الذي دفع الأب إلى هذا الأمر أن ابنه هذا يعطيه كل راتبه -على حد قوله، وهذا الأمر صحيح - فسؤالي هل يجوز للأب هذا الفعل لذاك السبب؟ ... ... ... ... واقبلوا فائق الاحترام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأب يريد إعطاء بعض مساحة أرضه لابنه المذكور تعويضا عما كان يستلمه من راتبه أو مكافأة له على إحسانه إليه، فلا مانع من ذلك، ولا يعد هذا من الجور وعدم التسوية في العطية بين الأولاد، لأن الممنوع من هذا ما كان بدون سبب يقتضي ذلك.
ويجدر التنبيه إلى أن الأصل وجوب التسوية في العطية بين الأبناء وعدم تفضيل بعضهم على بعض من غير سبب يقتضي ذلك امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(12/5358)
الزكاة لازمة في الهبة التي حيزت
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال حيث إننا: منذ صغرنا قسم أبى علينا أنا وإخوتي أمواله ووضعها في بنك بأسمائنا. ولكن المبلغ منه ما يضعه أبى من كسبه ومنه ما هو فوائد من البنك.
وعند زواجي أخذت جزء منها لجهازي واعتبرت أنه من الحلال الذي في المال. ثم ما تبقى أكثر من نصاب الزكاة.وأنا زوجة ولا أعمل وليس لي دخل خاص. وهذه الأموال يرفض أبى أن أسحب منها لشراء شيء لنفسي أو تسديد ديون زوجي حتى تكون لي مثل الميراث بعد والدي.
وإذا سحبت من هذه الأموال كل سنة الزكاة ستنقص كثيرا لأن حتى فوائد البنك قليلة لا تكفى ولا أعرف مدى حلال هذه الأموال وسمعت فتوى تقول:
بأنه يجوز إخراج الزكاة على الفوائد فقط. وليس اصل المال وكأنها عروض تجارة. فماذا أفعل؟
فمثلا إن المبلغ 25 ألف جنيه مصري (بعد تحويل العملات الأخرى)
فإنه عليه 625 جنيه زكاة
أما بتلك الفتوى فإنه عليه زكاه 125 جنية فقط
وبالمناسبة حتى دفتر هذه الأموال مع أبى ولا أستطيع التصرف فيها بغير إذنه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا المال الذي سجله أبوك في البنك باسمك وإخوتك هو هدية منه لكم وقمتم بحوزه الحوز الشرعي، فإنكم بذلك تملكونه.
قال ابن حجر الهيثمي: إذا قسم الأب ما بيده بين أولاده فإن كان بطريق أنه ملك كل واحد منهم شيئا على سبيل الهبة الشرعية المستوفية لشرائطها من الإيجاب والقبول والإقباض والإذن في القبول وقبض كل من الأولاد الموهوب لهم ذلك وكان ذلك في حال صحة الواهب، جاز ذلك وملك كل منهم ما بيده لا يشاركه فيه أحد من إخوته، ومن مات منهم أعطي ما كان ما بيده من أرض ومغل لورثته.. وإن كان ذلك بطريق أنه قسم بينهم من غير تمليك شرعي، فتلك القسمة باطلة، فإذا مات كان جميع ما يملكه إرثا لأولاده. اهـ.
وعلى هذا، فإذا تم الحوز منك لهذا المال على الوجه الذي أشرنا إليه، فإن الزكاة تلزمك في هذا المال كلما حال عليه الحول وهو بالغ نصابا بنفسه أو بما انضم إليه من نقود أخرى أو عروض تجارة.
أما إذا كان الهدف من تسجيل أبيك لهذا المال باسمك وإخوتك إنما هو مجرد وصية لكم بذلك بعد موته، فهذا لا يعد هبة، وإنما هو وصية لوارث وهي محرمة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث. رواه أحمد، وزكاة هذا المال على أبيكم.
وعلى كل، فإن على من كان مالكا لهذا المال أن يتوب إلى الله عز وجل ويبادر إلى سحبه من هذا البنك الربوي فورا، وما تحصل عليه من فوائد ربوية فلا يجوز له الانتفاع بها بأي وجه من الوجوه، بل عليه التخلص منها بصرفها إلى الفقراء والمساكين.
وبخصوص ما سمعت من جواز إخراج الزكاة على الفوائد فقط فغير صحيح، لأن المال الحرام لا تجب فيه الزكاة، لأنه ليس ملكا لمن هو بيده، بل يجب عليه التخلص منه بالكامل ولا يمسك إلا رأس ماله، قال تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (البقرة: 279) .
وأخيرا، ننبه والدك إلى أنه ينبغي له إن كان صادقا بالفعل في إعطائك هذا المال أن يدعك تتصرفين فيه بما ترينه مناسبا خاصة ما تنوين فعله من مساعدة زوجك المدين على قضاء دينه، لأن ذلك أمر محمود شرعا، ولاحتمال أن يكون أحد دواعي زواج زوجك بك هو مساعدته في تحمل مصاعب الحياة بما تملكينه من مال وهو ما أشير إليه في الحديث: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه. ...
... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(12/5359)
يلزم رد المال غير الموهوب للورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كلفت من طرف أخي المغترب بأن أقوم بشؤون الميراث الذي ورثه عن أمه المرحومة لأنه أخ لي من الأب فقط. ويجهل ما تركته أمه
وقد أعطاني وكالة مطلقة في التصرف به.
وبعد الجهد والبحث وجدت أموالا للمرحومة وقد تصرفت في بعضها وهذا مما تتطلبه مثل هذه الحالات من مصاريف المحامي والموثق والخزينة والخبير ... ألخ وبعض المال الآخر تصرفت به لصالحي على أساس إعادته لصاحبه مع علمي أنه كان لا يريد شيئا ولكن من أجل تبرئة الذمة.
توفي أخي فجأة وترك زوجة أجنبية وولدا وقد قالا لي تصرف في ميراث أخيك كما تشاء فلا حاجة لنا به.
والسؤال هو ماهي طبيعة تصرفي في هذا الميراث.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما أنفقته على نفسك من مال موكلك مما لم يكن قد وهب لك يجب عليك رده إلى هذا الموكل أو إلى ورثته مع ما بقي من الميراث، فإن سامحك الورثة بما أنفقت على نفسك ووهبوك ما بقي من الميراث وكانوا أهلا للتصرف جاز لك أن تقبل ذلك منهم لأنهم ورثوه عن أخيك بعد موته، فأصبح تصرفهم فيه تصرفا صحيحا، فلك أن تقبله منهم إذا كان الولد بالغا رشيدا، وننصحك بالإهداء والدعاء لهم عملا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: من أتى إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تعلموا أنكم قد كافأتموه. رواه أحمد والحاكم وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي والأرناؤوط والألباني.
وعملا بما روى البخاري عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(12/5360)
شروط جواز توزيع المال بين الأبناء حال الحياة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم توزيع أمواله المنقولة وغير المنقولة بين أبنائه في حياته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا التوزيع على سبيل الهبة، فلا بأس به بأربعة شروط:
الأول: أن يكون من جائز التصرف، ليس من محجور عليه لفلس أو سفهٍ أو نحو ذلك.
الثاني: أن يعدل في هذا التوزيع ولا يفضل بعض الأبناء على بعض إلا لمسوغ شرعي، وراجع لمعرفة مزيد من التفصيل الفتوى رقم: 33348، والفتوى رقم: 14254.
الثالث: أن يكون هذا التوزيع في حالة صحة الموزع وليس في مرض موته، لأنه إذا كان في مرض موته، فهو بمنزلة الوصية، والوصية لا تجوز لوارث؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث. رواه ابن ماجه، وراجع الفتوى رقم: 8147.
ويشترط لنفاذ هذا التوزيع أن يتم قبض كل واحد منهم لنصيبه من المال في حال حياة الوالد وصحته، أما إن كان القبض معلقاً على حال الوفاة فهذا التوزيع وصية ولا تجوز لوارث كما قدمنا، وهذا كله إذا كان توزيع المال على سبيل الهبة، فإن كان على سبيل قسمة الميراث فهو باطل ولا يجوز، لأن الحي لا يورث، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 35440.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(12/5361)
من دفع مبلغا لآخر دون اشتراط أو اتفاق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
عندي موضوعان متشابهان وهما:
لي عم قام خلال فترة دراستي في الجامعة بإرسال مبالغ من المال لي كمصروف وذلك مساعدة لوالدي الذي كانت ظروفه صعبة في تلك الفترة 1988 ــ 1991م، عمي لم يكن له أي شرط أو أي اتفاق بيننا على هذه الفلوس من حيث كونها ديناً أو مساعدة أو غير ذلك، ووالدي أمضى فترة طويلة من حياته يشتغل في الزراعة في الأرض التي هي مشتركة لجميع أعمامي التسعة على أن يكون نصيب والدي النصف ونصيب جميع الأعمام النصف الآخر من الانتاج، بناء على الاتفاق الذي بين والدي وجدي، المهم أن الوالد اعتبر مساعدة هذا العم لي على أنها طبيعية وأنها نتيجة طبيعية لما قدمه والدي لإخوانه من خدمة، وفي هذه الفترة قام عمي بطلب هذه الفلوس مني شخصيا، في ذلك الوقت وصلتني الفلوس بشكل شيكات شهرية قيمة كل شيك 2000 روبية هندية لأن دراستي كانت في الهند، ومجموع المبلغ الذي وصلني هو 60000 روبية، هذا المبلغ يعادل 1250 ريال سعودي في هذه الايام، وعمي في ذلك الوقت كان يعمل في السعودية ودفع مقابل هذه الروبيات الهندية ريالات سعودية ولا يتذكر سعرها بالريالات أو كم المبلغ الذي دفعه، وعندما طلب السداد كان المبلغ الذي طلبه مني هو 16000 ريال وهذا المبلغ يساوي حاليا 180000 روبية هندية،
فهل يجب أن أسدد 16000 ريال أم 60000 روبية وهل الفلوس التي يأخذها عمي حلال عليه؟ علما بأن والدي قال لي بالحرف الواحد لا تدفع أي فلس لعمك واتركه لي، وأنا تفاديا للمشاكل والقطيعة بدأت بتسديد عمي دون علم والدي ولغاية الآن قمت بتسديد 8000 ريال أي حوالي 90000 روبية هندية
أرجو افادتي وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا المال الذي دفعه إليك عمك دون اشتراط أو اتفاق، لا يخرج -من حيث الأصل- عن حالين:
الحال الأول: أن يكون صدقة، وعلى هذا.. فلا يحل له الرجوع فيها، ولا يلزم ردها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ترجعن في صدقتك. رواه البخاري، قال ابن قدامة: لا يجوز للمتصدق الرجوع في صدقته في قولهم جميعاً.
الحال الثاني: أن يكون هبة، وعلى هذا -أيضاً- لا يحل له الرجوع فيها إلا أن تكون بنية الثواب، وقد سبق بيان ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 20625.
وحيث إنك لم تبين في السؤال ما إذا كان عمك قد أعطاك هذا المال بنية الثواب أم لا، ففي حكم رد هذا المال تفصيل ذكره أهل العلم، جاء في حاشية العدوي: والقسم الثالث من أقسام الهبة لم يذكره الشيخ وهو ما لم يقيد بثواب ولا عدمه، ونص عليه في الجلاب بقوله: ومن وهب هبة مطلقاً وادعى أنه وهبها للثواب نظر في ذلك وحمل على العرف، وإن كان مثله يطلب الثواب على الهبة صدق مع يمينه، وإن كان مثله لا يطلب الثواب على هبته فالقول قول الموهوب له مع يمينه، وإن أشكل ذلك واحتمل الوجهين فالقول قول الواهب مع يمينه. انتهى.
وعلى هذا، فحيث لزم الرد، فإنما ترد إليه ستين ألف روبية أو ما يعادلها بالريال السعودي بسعر يوم السداد لا بسعر يوم القرض، وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 27496.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(12/5362)
اشترى قطعة أرض سجلها باسم أمه وماتت.. هل هي ميراث أم هبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك شخص قام بشراء قطعة أرض من ماله ثم سجل هذه الأرض باسم والدته، فهل يعتبر إخوته ورثة في هذه الأرض بحكم أن الأرض باسم والدتهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا الشخص الذي اشترى قطعة الأرض سجلها باسم أمه على سبيل الهبة، وحازتها الأم في حياتها حوزاً تاماً، فقد تمت الهبة وصارت الأرض ملكاً لها وتورث عنها كسائر ممتلكاتها، وإن كان صاحب القطعة إنما سجلها باسم أمه لشيء من الأغراض الأخرى غير الهبة، فإن ذلك التسجيل لا ينقلها عن ملكه، إذ العبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني، وبالتالي تكون القطعة في هذه الحالة خاصة بمشتريها ولا حق لإخوته فيها.
وعليكم بمراجعة المحاكم الشرعية في هذا الأمر، فهي أقدر على دراسته ومشافهة جميع الأطراف والوقوع على حقيقة الأمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(12/5363)
لا تنعقد الهبة بمجرد النية
[السُّؤَالُ]
ـ[أدى لي شخص عملا ونويت نية أكيدة أن أعطيه مبلغا كبيراً من المال، ثم تراجعت في نيتي وأعطيته مبلغا أقل، ولكنه كان أكثر مما يتوقع أخذه بكثير وكان سعيدا جداً، فهل علي شيء إن تراجعت في نيتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك إن شاء الله في تراجعك عند نية دفع المبلغ الكبير، ما دمت أنك أعطيت هذا الشخص ما طابت به نفسه ورضيتْ، قال الله تعالى: مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [التوبة:91] .
ونيتك السابقة لا يترتب عليها استحقاق هذا العامل شيئاً، لأن الهبة لا تنعقد بمجرد النية، بل تنعقد بالإيجاب، ولم يحصل منك قول يدل على الإيجاب، وتلزم بالقبض ولم يحصل هذا، وعليه فلا حرج عليك في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(12/5364)
الهبة لا تتم إلا بالحوز
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي توجد لديها أسهم لشركة الراجحي، كنا جالسين مع أمي وإخوتي نتناقش عن الحلال والحرام، فقلنا إن أسهم الراجحي حرام، فقالت أمي: أنا والله إذن لا أريدها فقال أحد إخوتي: أنا يا أمي أريدها، فقالت أمي: تراهن لك وكان عدد الأسهم ستة عشر سهما ولم نكتب هذا الكلام ولم يقم أخي بنقل الأسهم إلى اسمه، وأمي الآن متوفاة، هل تكون هذه الأسهم من حق أخي؟ أم من حق الورثة؟ وهي الآن ثمانية وأربعون سهما.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر من سؤالك أن هبة هذه الأم لولدها باطلة لم تتم، حيث لم تصحبها حيازة، بدليل أن الولد الموهوب له لم يقم بنقل الأسهم الموهوبة له إلى ملكه الخاص.
ومن المعروف شرعا أن الهبة لا تتم إلا بالحوز.
هذا إضافة إلى عدم الإشهاد على هذه الهبة وتوثيقها، وعليه، فإن هذه الأسهم هي من جملة تركة تلك الأم المتوفاة.
إلا إذا قام الورثة كلهم بإمضاء هبة الأسهم، بشرط أن يكون الورثة كلهم بالغين رشداء، فيكون هذا تنازلا عن حقهم لأخيهم المذكور.
وراجع الجوابين التاليين: 27854، 18432.
وفيما يتعلق بشركة الراجحي المصرفية، نحيلك إلى الفتوى رقم: 10369.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1424(12/5365)
حكم الهبة المعلقة بالوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء إفادتى هل يجوز شرعاً لرجل أن يكتب مبايعة لزوجته لبعض أملاكه على أن تكون نافذة فى حالة وفاته فقط، ولا تستخدمها حال حياته، وذلك لمساعدتها على حرية التصرف فيها بعد وفاته دون الرجوع إلى المجلس الحسبي (والذي يكون وصياً على التصرف في أموال أبنائه القصر في حالة وفاته) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تجوز لك كتابة الأملاك لزوجك بالصورة المذكورة، لأن العطايا المعلقة على الوفاة تأخذ حكم الوصية، وهي للوارث حرام على الصحيح من أقوال أهل العلم، وهو معتمد مذهب الحنابلة، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث. رواه الترمذي وغيره، وهو حديث صحيح.
أما إذا تمت كتابة هذه الأملاك مع تسليمها للزوجة حال الحياة، فهذا لا شيء فيه، لأنه عطية، والعطية حال الحياة جائزة، ما لم يكن القصد منها حرمان الورثة، وراجع في هذا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 27995، 36569، 35142.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(12/5366)
حكم الانتفاع بهدية من حصل الظن بحرمة ماله
[السُّؤَالُ]
ـ[أرسل لي قريبي المقيم في أميركا مبلغاً من المال كهدية من باب صلة الرحم، وأنا أعلم أن لديه بقالة هناك ربما يبيع فيها لحم الخنزير والخمر، فهل هذا المال حلال لي أشتري به ما شئت، فقد تصدقت بنصفه وبقي النصف لم أتصرف فيه حتى أعرف رأي الشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز قبول هدية ممن ماله كله حرام أو كانت الهدية عينها حراماً، أما من ماله مختلط من الحلال والحرام فإن قبول هديته مكروه وليس بحرام، ومثل ذلك من حصل الظن بحرمة ماله ولم يعلم ذلك على وجه اليقين، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28849، 6880، 35548.
وعليه؛ فقد أحسنت في تصدقك بنصف المبلغ، وأنت مأجور عليه إن شاء الله، ولا إثم عليك في الانتفاع بالمبلغ المتبقي، لكن إن كان يغلب على ظنك أنه من مال مختلط من الحلال والحرام، فالورع هو التصدق به هو أيضاً وليس ذلك بلازم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1424(12/5367)
حكم قبول المال من غير المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندي سؤال شديد الحساسية: هل يجوز أخذ المال من الابن أو الأخ غير المسلم (المرتد) حتى ولو من باب صلة الرحم؟ مع العلم بأنه في بلد أجنبي ولا تستطاع إقامة الحد عليه، وهو أمر مناط بولي الأمر الشرعي!!؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من قبول المال من الأخ أو الابن غير المسلم سواء كان مرتداً أو كافراً أصلاً، ما لم يؤثر ذلك سلباً على دين الآخذ، وقد مضى بيان هذا في الفتوى رقم: 7680، والفتوى رقم: 37312.
علماً بأن المرتد لا يرث المسلم ولا يرثه المسلم، إلا إذا عاد إلى الإسلام قبل تقسيم التركة على الراجح من قولي العلماء، كما بيناه في الفتوى رقم: 29852.
ونوصي الأخ السائل وإخوانه، بأن يجتهدوا في إنقاذ أخيهم من الكفر، وذلك بدعوته وحسن معاملته والإحسان إليه بالهدية ونحوها، والدعاء له بالهداية والعودة لحظيرة الإسلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1424(12/5368)
حكم قبول هدايا الدعاية والإعلان في رأس السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قبول هدايا رأس السنة من نتائج وأجندات وغيرها، من شركات خدمات تتعامل مع الشركة التي نقوم بالعمل فيها، وهي تقدم هذه الهدايا لجميع أفراد الإدارة التي أعمل بها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أما بعد فلاحرج على الموظفين في قبول الهدايا التي تقدم لهم من شركات الخدمات عبر شركاتهم التي يعملون فيها، إذ المراد من ذلك هو الدعاية والإعلان، ما لم تكن رشوة يراد منها التوصل إلى ما لا تستحقه هذه الشركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(12/5369)
هدايا رأس السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قبول هدايا رأس السنة من نتائج وأجندات وخلافه من شركات خدمات تتعامل مع الشركة التي أقوم بالعمل فيها، وهي تقدم هذه الهدايا لجميع أفراد الإدارة التي أعمل بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نرى بأساً في قبول هذه الهدايا المذكورة بمناسبة رأس السنة، مع أن اتخاذ رأس السنة عيداً والاحتفال به من البدع، وفيه تشبه بالنصارى إذا كان هو رأس السنة الميلادية، كما هي العادة الآن، ولكن لما كانت هذه (الأجندات) والمفكرات والتقاويم غير مرتبطة بمعنى العيد لم تدخل في النهي، وكانت من جملة الهدايا التي تهدى في موعد معين لفائدة مرتبطة به، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 14656.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1424(12/5370)
الهبة غير المستحقة ترد إلى الورثة المستحقين
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل له خمسة أولاد، ثلاثة ذكور، وبنتان، زوّج ابنه الأكبر وبنى له بيتا وقال له "عش حياة مستقلة"، كما زوّج ابنته الكبرى على نفقته.. ثم مات الرجل ... ، والسؤال هنا كيف تقسم التركة، هل البيت الذي بنى لابنه الكبير يدخل في تركته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النفقات التي ينفقها الوالد على أولاده حال حياته، تكون بحسب حاجة كل واحد منهم، فلا يشترط فيها التساوي، وما أنفقه الأب على أولاده لسد حاجاتهم لا يعتبر هبة لهم دون الآخرين، ولا يأخذ حكمها، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 26426.
أما العطايا مثل البيوت والأراضي ونحوهما من العقارات، فإنه يجب على الأب أن يسوي فيها بين أبنائه، ومن فعل خلاف ذلك فقد وقع في المحرم على الراجح، ووجب عليه أن يرد ذلك الجور والظلم، فإن لم يفعل فإن على من وهب له أن يرده إلى مستحقيه من الورثة، وراجع الفتوى رقم: 27231، والفتوى رقم: 37123.
وبناء على هذا فإن البيت الذي وهبه والدكم لأخيكم الأكبر ينبغي لأخيكم أن يدخله ضمن تركة والدكم، ويقسم ضمنها القسمة الشرعية للميراث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1424(12/5371)
حكم تفضيل إحدى بنتيه بسبب ضعف دخل زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة وميسورة الحال ولي أخت متزوجة ولكن دخل زوجها أحسن من دخل زوجي، فأعطاني أبي مبلغاً من المال أضعه فى البنك بدون علم أحد لكي يكون سندا لي فى المستقبل، هل بجوز ذلك أم لا مع العلم بأن شغل زوج أختي غير مستقر دائماً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن الأب مطالب بالتسوية بين أولاده في العطية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
وبعض أهل العلم يرى جواز تفضيل الأب بعض أولاده على بعض إذا كان ذلك لسبب ككون الولد المخصوص بالعطية أشد حاجة، ولعل هذا السبب هو الذي دفع الأب هنا إلى إعطائك المبلغ المذكور، نظراً لانخفاض دخل زوجك بالنظر إلى دخل زوج أختك الأخرى، وعليه فيكون ما فعله مباحاً عند بعض أهل العلم، وراجعي الفتويين التاليتين: 6242، 28274.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1424(12/5372)
حكم التصدق من الهدية
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي أعطاني مبلغا من المال فهل لي أن أتصدق منه أو أشتري أضحية العيد مثلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ندب الشرع إلى التهادي بين الناس، وجعل قبول الهدية من المستحبات، وذلك لأنها طريق المحبة بينهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. أخرجه البخاري في "الأدب المفرد،" والبيهقي قال الحافظ: إسناده حسن، وعلى هذا، فلا مانع من قبول الهدية من أبيك، فإذا قبلتها أصبحت جزءا من مالك، يجوز لك التصدق به أو شراء الأضحية أو التبرع أو البيع وغيرها من التصرفات المشروعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1424(12/5373)
حكم قبول هبة المدير من سلع المحل
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي تعمل في صيدلية للأدوية البيطارية صيدلية عامة مدير العمل يعطي لموظفيه كل بعض الوقت طلبيات أدوية مساعدة لهم وهذه الأيام باع طلبية وأعطى لأختي حصتها وهي لا تعلم بقصة هذه الطلبية، نرجو النصيحة في هل تأخذ هذا المال أو لا؟
ولكم منا جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا المدير هو صاحب الصيدلية أو لديه الصلاحية من قبل الجهات المختصة بأن يهب للموظفين هذه الطلبات، فإنه لا بأس على أختك في أن تأخذ ما يعطيها إياه.
أما إذا لم يكن مالكا ولا مخولا من قبل الجهات المختصة، فإنه لا يجوز له هذا العمل، ولا يجوز لأختك أن تقبل منه ذلك، بل عليها الامتناع عن ذلك ونهيه وتبليغ الجهات المختصة إن لزم الأمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1424(12/5374)
حكم هبة المال للأولاد دون الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
لي اولاد بنين وبنات توفيت الأم وتزوجت بغيرها وأريد أن أهب لأولادي شيئا من المال فهل يحق لي دون إعطاء الزوجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من هذه الهبة لأولادك ذكوراً وإناثاً ولا يلزم إعطاء الزوجة معهم شيئاً، وانظر في شروط الهبة الفتوى رقم: 12549، والفتوى رقم: 6242.
ومحلّ الجواز هنا إذا لم تقصد حرمان الزوجة من الميراث فإن كان قصدك ذلك لم يجز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1424(12/5375)
عدم العدل بين الأولاد يورث الضغائن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين فى أم زوجها متوفى تميز وتفرق أبناءها الذكور عن بناتها فى جميع الحالات المادية والطبيعية رغم أنهم جميعا متزوجون، ودائما تسب والدهم المتوفى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على الأب أو الأم العدل بين الأولاد في المعاملة والإحسان والهدية ونحو ذلك، حتى لا تنشأ الضغائن بينهم أو كراهية والديهم، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالعدل بين الأولاد بقوله الذي رواه البخاري: اعدلوا بين أولادكم في العطية.
ولكن واجبكم نحو أمكم هو البر والإحسان والتغاضي عما يبدر منها، مع النصح لها بالرفق، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 3449، والفتوى رقم: 34059.
أما سبها لزوجها المتوفى فلا يجوز، والواجب أن يذكر الأموات من المسلمين بما فيهم من المحاسن وأن تستر مساوئهم، فإن الميت قد أفضى لما قدم، وإذا كان سب المسلم بغير حق لا يجوز وهو حي فكيف به ميتاً؟ وكيف به إن كان قريباً أو زوجاً؟.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1424(12/5376)
حكم كتابة عقد لغير مسلم يتضمن هبة لبعض أولاده دون بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل محاميا وقد حضر إلي شخص نصراني وطلب مني أن أكتب له عقد بيع حيث إن والده سيبيع له وأخته المنزل الذي يملكة فقط دون أن يكتب لأخيه الآخر، أي أن الأخ الثالث لن يدخل ضمن البيع دون أن يكون هناك قبض للثمن، هل إذا قمت بكتابة هذا العقد أكون آثما ولم أقم حدود الله، ولسيادكم وافر الشكر والإجلال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح -والله أعلم- أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 20318.
وعليه فلا يجوز أن تعقد هذا العقد، لما فيه من مخالفة الشرع الآمر بوجوب العدل بين الأولاد في العطية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1424(12/5377)
عدم التسوية في العطية إذا كانت برضا الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي65 سنة ولي 3 ذكورو3 بنات وقد اخترت أكبرهم (ذكر) لكي يقوم بشؤونهم ويصلح بهم وكتبت له البيت، وأريد أن أعرف هل أنا مخطئة بحق الباقين؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حكم التسوية بين الأبناء في العطية، وذلك في الفتاوى التالية: 6242 / 36553 / 14611 / 14759
ولكن إذا كان ما سألت عنه برضا جميع الأبناء فإنه لا بأس بذلك.
وتمكنك مراجعة الفتوى رقم:
34562
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1424(12/5378)
لا يشترط إذن الزوج لقبول الهدية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما الحكم الشرعي للزوجة التي تتقبل الهدايا (عبارة عن مبالغ مالية) ولا تخبر زوجها بذلك، أرجو الإفادة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قبول الزوجة لهدايا مالية له حالتان:
الحالة الأولى: إذا كانت الهدايا مقابل عوض محرم كالخلوة أو التلذذ بها، فهذه الهدايا محرمة خبيثة داخلة في عموم النهي الذي ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن.
الحالة الثانية: أن تكون الهدايا على وجه مباح ككونها من أحد أقاربها، أو صديقة لها -مثلاً- بقصد إنماء المحبة والمودة، فلا حرج في قبولها بدليل ما ثبت في صحيح البخاري وغيره عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها.
فقبول هذه الهدية لا يشترط فيه إذن الزوج حتى ولو كانت الزوجة ستدفع عوضاً عن تلك الهبة، لأن الزوجة يباح لها التصرف في مالها بما شاءت من معاوضة بلا خلاف إذا كانت رشيدة، بل يجوز لها التصرف فيها بالصدقة والهبة ولو بجميع مالها بدون إذن زوجها عند بعض أهل العلم، كالحنفية والشافعية ورواية عن الإمام أحمد، وعن الإمام مالك ورواية عن الإمام أحمد: لا تتصرف في أكثر من الثلث بغير عوض إلا بإذن زوجها، كما في المغني لابن قدامة.
لكن من باب دواعي الألفة ومحاسن الأخلاق إطلاع زوجها على ما تقبله من هدايا وتوضيح مصدرها وأسبابها، حتى تتضح الأمور وتبتعد الوساوس والشكوك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1424(12/5379)
حكم هبة الطعام من المطعم للسائقين
[السُّؤَالُ]
ـ[لدى قريب يعمل سائق سيارة رحلات مسافة 1000 كم، وعندما يصل إلى مطعم يأكل هو والركاب، وعند الدفع لا يأخذون منه ثمن الأكل لأنه سائق ويأتيهم بالزبائن، هل يجوز الأكل من ذلك أم لا يجوز، أفيدونا حفظكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما يقدمه المطعم للسائقين من الطعام لا حرج فيه، لأنه عطية وهبة ترغيباً لهم في جلب الزبائن إليهم، وليس ذلك حقاً واجباً على المطعم، ولا هو عقد جعالة حتى نشترط فيه إبرام عقد بصيغةٍ، ومعلومية الأجر وغير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(12/5380)
حكم قبول الهدية من امرأة يعمل زوجها في بنك ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قبول هدية من زوجة الشخص الذي يعمل في البنك الربوي؟ وإن قبلت ما هو المصرف لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت الهدية من مال مصدره حلال، فأمرها واضح، ولا مانع من قبولها، سواء كانت من مالها الخالص، أو من مال زوجها، ولا يمنع من قبولها كونه يعمل في عمل حرام، فوزر ذلك عليه.
أما إذا كانت الزوجة لها مال حرام ومال حلال، وقد اختلطا، فإن كان الأكثر حلالا، فلا مانع من قبول الهدية، وإن كان الأكثر حراما، فقد كره بعض أهل العلم قبول هدية من هذا حاله، ومنعها بعضهم.
ولتفاصيل أقوال العلماء في ذلك، نحيلك إلى الفتوى رقم: 6880.
وإذا كانت الهدية من الحرام، فبإمكانك أن تتخلص منها في أوجه الخير، كالإنفاق على الفقراء والمحتاجين، أو في مصلحة من مصالح المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1424(12/5381)
تصرف المرء في ماله حال حياته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرء أن يصرف الوصية في حياته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن للإنسان حق التصرف في ماله حال حياته ما لم يصل إلى حد الإسراف والتبذير، وله التصرف فيه ببيع أو شراء أو هبة أو صدقة ونحو ذلك من أنواع التصرف، وإذا أراد أن يوصي بشيء من ماله قبل وفاته وهو صحيح فله ذلك، بشرط أن تكون بالثلث فأقل، لقوله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص لما أراد أن يوصي بماله كله: الثلث والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس. رواه البخاري.
وإذا أراد أن يصرف هذا الثلث في حياته قبل وفاته ويعجله لمن أوصى لهم به فله ذلك، وتسمى حينئذ هبة لا وصية، ويسن أن تكون الوصية لأقاربه المحتاجين غير الوارثين، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5382)
حكم هبة القرآن لشخص حي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم هبة قراءة القرآن لشخص على قيد الحياة (عاجز عن النطق لأسباب مرضية) ، حكمه ومشروعيته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف في إعطاء الثواب للغير، والظاهر -والله أعلم- أنه لا بأس بإهداء ثواب قراءة القرآن لشخص حي، فقد قال البهوتي في كشف القناع: وكل قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها أو بعضها كالنصف ونحوه لمسلم حي أو ميت جاز، ونفعه لحصول الثواب له حتى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، من تطوع وواجب تدخله النيابة كحج ونحوه، أو لا كصلاة ودعاء واستغفار، وصدقة وأضحية، وأداء دين وصوم، وكذا قراءة وغيرها. انتهى.
وينبغي أن تجتهد له في الدعاء بالشفاء، وأن يتصدق عن نفسه إن أمكن، أو يتصدق عنه غيره، لأن الصدقة سبب لعلاج الأمراض، كما قال صلى الله عليه وسلم: داوو مرضاكم بالصدقة.، حسنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير، وراجع الفتوى رقم: 3406.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1424(12/5383)
حكم تقسيم الإنسان ماله بين أولاده إرثا أو هبة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد الإذن منكم، أبسط عليكم ما يلي:
بعد أن تقدمت السن بوالدي وهو يمتلك قطعا من الأرض أراد أن يفوت فيها بدون مقابل إلى أبنائه السبعة (4 ذكور و3 إناث) ، على قاعدة للذكر مثل حظ الأنثيين، فهل هذا العمل شرعي، وإلا فماهي القاعدة الشرعية؟ جزاك الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق حكم تقسيم الإنسان ماله بين أولاده على سبيل الإرث في الفتوى رقم: 14909.
وأما تقسيمه بينهم على سبيل الهبة فهو جائز، ويمضي إذا حاز الموهوب له حصته، وراجع في تفصيل حكم ذلك وكيفيته الفتوى رقم: 6242، والفتوى رقم: 30926.
ونحيطك علما بأن هذا الموقع تابع للشبكة الإسلامية بوزارة الأوقاف بدولة قطر، وليس تابعاً للشيخ القرضاوي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1424(12/5384)
التفضيل في الهبة إذا رضي به سائر الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله فضيلة الشيخ الكريم:
أرجو من فضيلتكم الرد على تساؤلي هذا مشكورين:
والدتي الكريمة تنازلت لي عن سيارتها والتي تقَدّر بحوالي مليون ونصف ليرة سورية، فهل يحق لي ذلك؟ وهل هي آثمة بذلك؟ لأنها لم تخص إخوتي بمثل ذلك مع أنهم موافقون على ما فعلت وعن طيب خاطر وهم بحمد الله مكتفون وحالتهم المادية جيدة
وجزاكم الله كل خير
د. ياسر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العدل بين الأولاد في العطية واجب، وقد تقدمت بذلك فتوى برقم: 6242، والفتوى المذكورة وإن كانت بخصوص الأب، إلا أن الأم كالأب في هذا الحكم، لأنها أحد الأبوين، فتسري عليها أحكام العطية لهم، ولأن ما يحصل بتخصيص الأب بعض أولاده لعطيته من الحسد والعداوة فيما بينهم يحصل مثله في تخصيص الأم بعض أولادها بعطيتها، فيثبت لها مثل أحكامه في ذلك. انتهى، من كلام ابن قدامة في المغني.
ومع ما تقدم، فإنه إذا رضي جميع الأبناء بهذا التفضيل، فلا مانع منه، ومما يدل على ذلك ما روى مالك في الموطأ بإسناد صحيح أن أبابكر نحل عائشة دون غيرها من أبنائه، وما روي كذلك أن عمر نحل عاصما دون غيره.
قال الحافظ ابن حجر: وقد أجاب عروة عن قصة عائشة بأن إخوانها كانوا راضين بذلك، ويجاب بمثل ذلك في قصة عمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1424(12/5385)
تريد أن تقسم ذهبها على بناتها دون ولديها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة لديها أربع بنات واثنان من الذكور ولديها ذهب، وتريد تقسيم هذا الذهب على البنات، فهل يدخل هذا الذهب في الميراث أم لا؟ وما الحكم الشرعي في هذا العمل، وبما ننصح هذه الأم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يدخل هذا الذهب في الميراث إلا إذا ماتت هذه المرأة وهي تملكه، ولا يجوز لها أن تقسم ذهبها على البنات دون الذكور، إلا أن تعطي كل ذكر منهما ما يعادل نصيب أخته، وهذا على الراجح من قولي العلماء، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ... متفق عليه.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. رواه سعيد بن منصور، وحسن الحافظ ابن حجر إسناده، وقد ذكرنا مذاهب العلماء مع بيان الراجح في صفة التسوية بين الأولاد في الفتوى رقم: 6242.
ويستثنى من وجوب التسوية بين الأولاد في العطية، ما إذا كان التفضيل لمن يقتضيه، كأن يكون بعض الأولاد به عمى أو عاهة تعوقه عن الاكتساب أو مرض شديد أو كثرة عائلة ونحو ذلك، فيجوز حيئنذ التفضيل، ولمعرفة المزيد من الفائدة والتفصيل حول ذلك نحيلك على الفتوى رقم: 25211.
ونصيحتنا لهذه المرأة أن تترك تفضيل بناتها على ولديها إلا إذا كان لمعنى يقتضي التفضيل، ولتعلم أن هذا التفضيل إذا لم يكن له ما يسوغه مما قدمنا، فهو حيف وظلم وسبب لنشر الحقد والبغضاء بين أولادها، فلتتق الله ولتدع هذا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، ولتراجع الفتوى رقم: 1242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1424(12/5386)
لا حرج على الزوجة مطالبة زوجها أن يسلمها ما وهبه لها
[السُّؤَالُ]
ـ[قام الوالد بكتابة عمارة باسم أمي بدون أن يأخذ منها نقودا، ولم يقم بختم ورقة المبايعة عند الدوائر المختصة،
وبعد مرور أربع سنوات تزوج بامرأة ثانية، ورزق منها بولد، والآن طلبت أمي من أبي أن يقوم بختم ورقة المبايعة عند الدوائر المختصة، هل يعتبر هذا الفعل صحيحا ولا ثأثم أمي بهذا؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر -والله أعلم- أن ما جرى من كتابة العمارة باسم أمك يعتبر هبة من أبيك لها، وعليه، فلا حرج عليها في أن تطلب منه تسليم ما وهبه لها، ولا إثم عليها في ذلك، بل من العلماء من قال بأن الواهب يجبر على تسليم ما وهبه إذا طلب ذلك الموهوب له قبل حصول مانع للواهب من موت أو فلس ونحو ذلك.
وهذا هبة من أبيك لزوجته التي لم تكن له زوجة غيرها عند الهبة، فتسليم الزوج لها أو مطالبته بتسلمها بعد وجود زوجة أخرى، لا يعتبر جورا على الزوجة الثانية، لأنه تصرف سبق الزواج بها.
علما بأن بعض أهل العلم يرى أن العدل بين الزوجات لا يجب إلا في الحقوق الواجبة.
ولمزيد من الفائدة، تراجع الفتوى رقم: 11389.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1424(12/5387)
موقف الشرع من قبول المسلم جائزة نوبل
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وبعد
شيخنا الحبيب، ما حكم جائزة نوبل التي قد يستلمها بعض المسلمين؟ .. وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في قبول هذه الجائزة، بشرط أن لا تكون سببا لمودة الكافرين والتأثر بما هم عليه من الكفر والباطل.
والكلام في حكم قبول هذه الجائزة داخل في حكم قبول هدايا الكافرين، وقد فصلنا الكلام في حكم قبول هداياهم في الفتوى رقم: 32462، والفتوى رقم: 28513.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1424(12/5388)
أخذ مالا من والدته وسامحته ثم ماتت
[السُّؤَالُ]
ـ[قد أخذت مالا" من والدتي ولم أعد أذكر إن كان بصيغة الدين أم لا، ولكنها قد سامحتني به بعد ذلك وهو بيني وبينها فقط، وقد توفيت والدتي، فهل للورثة إخوتي حق في هذا المال أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت والدتك - وهي في كامل صحتها- قد ملكتك المال الذي كنت أخذته منها، فإنه يصير ملكاً لك، وليس للورثة فيه من حق.
وانظر في ذلك الفتوى رقم: 14759
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1424(12/5389)
حكم إرجاع الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعطتني إحدى السيدات مبلغا من المال على سبيل الهدية لتسديد دين عليّ ثم انقطعت صلتي بها فأردت أن أعيد لها المال فقالت تصدق به ومرت الآن أربع سنوات على هذا الموضوع ولم أخرج المال حتى الآن فهل عليّ شيء في التأخير وهل يجب أن أخرجه دفعة واحدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دامت هذه المرأة قد أعطتك هذا المال على سبيل الهدية فلا يلزمك رد بدله، ولكن تسن لك مكافأتها عليها، لما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها.
وما دامت لم تقبض منك المكافأة بل طلبت منك التصدق بها، فالأولى أن تتصدق بها ولا تؤخرها، ولكن لا يلزمك ذلك لأن المال لا يزال ملكاً لك، ولك الرجوع عن المكافأة ما لم تقبضها منك.
أما إذا كانت قبضتها منك ثم أرجعتها إليك وطلبت منك التصدق بها، فقد لزمك ذلك فوراً بقدر ما تستطيع وحرم عليك الانتفاع بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1424(12/5390)
للأم أن تهب أملاكها لابنتها الوحيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وحيدة أمي بعد وفاة أخي وأيضا أبي متوفى، سؤالي أنا ووالدتي هو هل يجوز من ناحية الدين والشرع أن تكتب لي أمي كل أموالها وأملاكها بكامل إرادتها وهي على قيد الحياة أم لا وما هو التفسير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الجواب رقم: 36569 حكم كتابة المورث أملاكه لوارثه، وذكرنا هنالك أنه لا مانع من ذلك، بشرط مذكور في الجواب المحال عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1424(12/5391)
حكم الهبة للزوجة الثانية مع وجود أولاد من أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل تسجيل عقار باسم زوجته الثانية مع وجود أولاد له من الأولى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان الحكم في هبة الرجل زوجته مع وجود أخرى، وذلك في الفتوى رقم: 11389.
وأما هبته لزوجته مع وجود أولاد من زوجة أخرى فجائزة، إذا وقعت هذه الهبة حال صحته، وأُمِنَ قصد حرمان هؤلاء الأولاد من الميراث بعد وفاته، ورفع هو يده عن هذا الموهوب، وحازته زوجته الحوز المعتبر شرعاً، بحيث تصرفت فيه تصرف المالك في ملكه، فإذا توافرت هذه الضوابط صحت الهبة، وإن تخلف شيء منها كانت الهبة باطلة، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 3303.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1424(12/5392)
أحكام الأعطيات
[السُّؤَالُ]
ـ[أدرس في أمريكا وأحضر الدكتوراه، وحصلت على منحة دراسية، وهؤلاء يؤدون جميع الرسوم ويعطون لي مكافأة شهرية، وسؤالي الآن هل يجوز لي أن آخذها وأستفيد منها، حتى ولو علمت أن هذه الأموال تأتي إلى الجامعة من اليانصيب ومن الربا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت الجامعة لها موارد مختلفة، فيها الحلال والحرام، فلا حرج عليك في أخذ ما يقدمونه لك من مكافأة، وإن لم يكن لها إلا هذا المصدر المحرم، اليانصيب والربا فلا تأخذ من مكافأتهم شيئاً، لأنه مال خبيث محرم.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح مبينا حكم الأعطيات التي يدفعها السلطان: والتحقيق في المسألة أن من عُلم كون ماله حلالاً فلا ترد عطيته، ومن عُلم كون ماله حراماً فتحرم عطيته، ومن شك فيه فالاحتياط رده، وهو الورع، ومن أباحه أخذ بالأصل، قال ابن المنذر: واحتج من رخص فيه بأن الله تعالى قال في اليهود: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ [المائدة:42] ، وقد رهن الشارع درعه عند يهودي مع علمه بذلك، وكذلك أخذ الجزية منهم مع العلم بأن أكثر أموالهم من ثمن الخمر والخنزير والمعاملات الفاسدة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1424(12/5393)
ساهمت مع زوجها في شراء عقارات، فهل لها أن تتملك بعضها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق للمرأة العاملة امتلاك جزء من العقارات التي ساهمت في إنشائها مع زوجها بفضل مرتبها المحترم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما أنفقته الزوجة من مالها على نية الرجوع به في المستقبل أو مشاركة زوجها في ما يمتلكانه بهذا المال، فإن لها أن تطالب به، أو بحصتها من العقارات التي وضع فيها المال.
قال في التاج والإكليل شرح مختصر خليل: لم يختلف قول مالك أن الرجل إذا أكل مال زوجته وهي تنظر ولا تغير، أو أنفقت عليه ثم طلبته بذلك، أن ذلك لها، وإن كان عديمًا في حال الإنفاق، ويُقضى لها عليه بعد يمينها أنها لم تنفق ولم تتركه يأكل إلا لترجع عليه بحقها. اهـ
وهذا يعني أن الزوج إذا أبى إشراك زوجته في عقاراته فإن القاضي يقضي لها بحقها، بعد أن تحلف يمينًا أنها إنما دفعت مالها على نية أن تطالب به فيما بعد، أو أن تكون شريكة لزوجها، ولم تدفعه على نية الهبة المحضة لزوجها، فإن المرأة الرشيدة لها أن تهب من مالها لزوجها ما شاءت.
وينبغي أن يعلم أن من وهب مالاً لغيره، لم يجز له الرجوع في هبته إذا قبضها الموهوب له، إلا أن من أهل العلم من رأى أن للمرأة الرجوع في هبتها لزوجها إذا وجدت قرينة تدل على عدم طيب نفسها بهذه الهبة، وهذه رواية عن أحمد رحمه الله.
قال ابن قدامة في المغني: فظاهر هذه الرواية أنه متى كانت مع الهبة قرينة، من مسألته لها، أو غضبه عليها، أو ما يدل على خوفها منه، فلها الرجوع؛ لأن شاهد الحال يدل على أنها لم تطب بها نفسًا، وإنما أباحه الله تعالى عن طيب نفسها بقوله تعالى: (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) [النساء:4] . اهـ
وعن أحمد رواية أخرى، أن للمرأة أن ترجع في هبتها لزوجها مطلقًا. قال في المغني: قال الأثرم: سمعت أحمد يسأل عن المرأة تهب، ثم ترجع، فرأيته يجعل النساء غير الرجال، ثم ذكر الحديث: (إنما يرجع في المواهب النساء وشرار القوم) ، وذكر حديث عمر: (إن النساء يعطين أزواجهن رغبة ورهبة، فأيما امرأة أعطت زوجها شيئًا، ثم أرادت أن تعتصره، فهي أحق به) رواه الأثرم بإسناده. اهـ
وينبغي أن يحرص الزوجان على أسباب المودة والألفة، وأن يتجنبا ما يسبب الخلاف والشقاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(12/5394)
استفادة الأولاد من مال والدهم التي ميز بها في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[جدي أعطى لأحد أبنائه ثروة أكبر من إخوته وهذا الابن استثمر الثروة ولها عائد ويوزع هذا العائد على أبنائه المتزوجين (الأحفاد) فما حكم الشرع في هذا العائد؟ مع العلم بأن هناك خلطاً في الصرف على الأحفاد بين معاش والدهم وعائد الثروة المشتبه فيها.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم في الفتاوى التالية:
5348، 6242، 33348 أن الراجح من أقوال العلماء هو أن التفضيل بين الأبناء في العطية حرام.
أما عن استفادة الأحفاد من أموال والدهم المذكور، فإنه لا بأس بذلك، حيث يمكن أن يعتبروا ما يعطيهم والدهم من أمواله الأخرى غير العطية، كما يمكن أن يعتبروها من العطية التي تقابل ما أعطاه الجد لبقية أبنائه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1424(12/5395)
التسوية في العطية لا تجب إلا بين الأولاد.
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل كتب كل أملاكه لابنتيه وله من الإخوة والأخوات الكثير، فهل هذا يجوز شرعا بحجة أن هؤلاء الإخوة قادرون وغير محتاجين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من أن يُملِّك المرء جميع ممتلكاته لبنتيه إذا لم يكن عنده من الولد غيرهما، إذ التسوية في العطية لا تجب إلا بين الأولاد.
قال ابن قدامة في المغني: وليس عليه التسوية بين سائر أقاربه، ولا إعطاؤهم على قدر مواريثهم، سواء كانوا من جهة واحدة كإخوة وأخوات وأعمام وبني عم، أو من جهات كبنات وأخوات وغيرهم. وقال أبو الخطاب: المشروع في عطية الأولاد وسائر الأقارب أن يعطيهم على قدر ميراثهم، فإن خالف وفعل فعليه أن يرجع ويعمهم بالنِحْلة، لأنهم في معنى الأولاد فثبت فيهم مثل حكمهم، ولنا أنها عطية لغير الأولاد، فلم تجب عليه التسوية، كما لو كانوا غير وارثين.. (5/389) .
وهذا إذا كان التمليك حصل في حال الصحة وحصل الحوز من البنات، أما لو كان حصل بعد أن مرض مرض موته، فإنه حينئذ يكون حكمه حكم الوصية، والوصية للوارث غير جائزة إلا إذا أمضاها بقية الورثة.
روى الترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد من حديث أبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث ... الحديث.
ومثلها الوصية بأكثر من الثلث. روى الدارمي من حديث شريح: في الرجل يوصي بأكثر من الثلث قال: إن أجازه الورثة أجزناه، وإن قالت الورثة أجزناه، فهم بالخيار إذا نفضوا أيديهم من القبر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1424(12/5396)
العدل بين الأولاد في العطية واجب إلا لمسوغ شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[أود في البداية أن أشكركم على هذا المجهود الرائع الذي تبذلونه في هذا الموقع، أما عن سؤالي فهو: لقد أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأن نعدل بين الأبناء، ونحن الآن نريد أن نشتري مسكنا (شقه) للابن، ومع ذلك فلا يتوافر لدينا من المال الكافي سوى لشراء شقة واحدة للابن فماذا عن البنت وإذا أحضرنا شقة للابن فهل نحن آثمون لأننا لم نعدل في الإنفاق بين الابن والبنت ولكم جزيل الشكر والسلام عليكم ورحمه الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم في الفتاوى التالية: 5348، 6242، 12563، 28274، 28403.
أن الراجح من أقوال العلماء أن العدل بين الأولاد في العطية واجب إلا لمسوغ شرعي.
وعليه فلا يجوز للوالد أن يشتري الشقة لابنه دون ابنته، وإذا كان لا يستطيع شراء شقتين فليشتر شقة واحدة ويهبها لهما جميعًا لا للابن وحده، ويمكن للبنت أن تؤجر نصيبها منها للابن، أو تسمح له بالسكن فيها بدون أجرة، أو يتناوبا على السكن فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1424(12/5397)
حكم تفضيل الأب بين أولاده في العطية والمعاملة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قول القرآن الكريم في أب يفرق بين أبنائه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود هو التفريق بين الأولاد في العطية فراجع الفتاوى التالية: 5348، 6242، 12563، 28274، 28403.
وإذا كان المقصود هو التفريق بين الأولاد في المعاملة فراجع الفتويين التاليتين: 19505، 23580.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1424(12/5398)
للزوج أن يهب جميع ماله لزوجته وبناته، بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل له زوجة وأربع بنات وليس له ولد، وأمه موجودة وأبوه متوفى، وله أخ وثلاث أخوات، وله أعمام وعمات، ويريد أن يبيع أملاكه من أطيان وعقارات ومبالغ نقدية بالبنوك إلى بناته فقط وزوجته، فهل يجوز ذلك؟ مع العلم بأن هذه الأموال آلت إليه عن طريق السفر للخارج والغربة وحرمان زوجته وبناته من وجوده معهم في فترة الغربة وكيف توزع هذه التركة بما يرضي الله ورسوله وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا الرجل له أن يهب جميع ماله لزوجته وبناته، بشروط:
الأول: أن يفعل ذلك في أثناء صحته، لا في مرض موته.
الثاني: أن يسوي بين البنات في الهبة.
الثالث: أن يرفع يده عن هذا المال، بحيث تتصرف الزوجة والبنات فيه تصرف الملاك فيما يملكون بعد قبض هذا المال وحيازته.
أما إن ظل هذا المال في يده، ولم يتمكن من التصرف فيه، فإنه يأخذ حكم الوصية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود، ورواه الدارقطني وزاد: إلا أن يشاء الورثة.
أي يتوقف نفاذ هذه الوصية على موافقة بقية الورثة، وهم هنا: الأم والأخ والأخوات، أما الأعمام والعمات فلا شيء لهم.
وأما قولك: إنه يريد أن يبيع أملاكه، فهذا بيع صوري لا يجوز، وإنما السبيل هو أن يعطيهم ذلك هبة على الصفة التي ذكرنا.
والأولى له أن يترك الأمر على حاله، أو أن يترك شيئاً من المال لورثته، لا سيما أنه قد يموت قبل أمه فترثه، ولأنه لا يدري لعل الله يرزقه ولداً، وقد ذهب بعض العلماء إلى تحريم إخراج الوارث والتحايل على ذلك، لأن الإرث أمر قدره الله تعالى وقسمه بنفسه، فليرض الإنسان بما قسم ربه جل وعلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(12/5399)
مجرد القول أو الكتابة لا يكفي في التمليك
[السُّؤَالُ]
ـ[عقد الأب مع أحد أبنائه عقد إيجار لشقة وعقد إيجار لشقة أخرى لابن آخر وكان دائما يقول لهم بالكلام إن لكل منكم شقته يتزوج فيها وأيضا قبل ميعاد موته بثلاثة أيام كتب لابن آخر وديعة السؤال: ما هو وضع الوديعة والشقتين بعد موت الأب بالنسبة لباقي الورثة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكل من الشقتين والوديعة تركة، توزع مع باقي التركة على الورثة، كل حسب حصته الشرعية، وذلك لأن مجرد قول الأب لولده: تزوج في الشقة الفلانية مثلاً، لا يعد تمليكًا. وكذلك مجرد الكتابة لا يكفي في التمليك، بل لابد من التمليك بالفعل والحيازة في حياة الوالد. وثبوت ذلك، قال في مختصر خليل المالكي، عاطفًا على ما لا تثبت به الهبة: لا بابْنِ مع قوله داره.
قال في الخرشي شارحًا لكلام خليل: أي لا يقول الإنسان لولده ابن هذه العرصة مع قوله: دار ابني.. للعرف في قول الآباء للأبناء ذلك. وقال صاحب التاج والإكليل المعروف بالمواق: قال ابن مزين: من قال لابنه: اعمل في هذا المكان كرمًا أو جنانا، أو ابن فيه دارًا، ففعل الولد في حياة أبيه والأب يقول: كرم ابني وجنان ابني، أن القاعة لا تستحق بذلك وهو موروث، وليس للابن إلا قيمة عمله منقوصًا.
ومن هذا يتبين للسائل أن قول الوالد لابنه: إن لك أن تتزوج في شقتي. لا يعد تمليكًا. وأما الكتابة المجردة عن الحيازة فلا عبرة بها، بل لا بد من وجود أمرين: هما أولاً: التمليك بصيغة، أو ما يدل عليها عرفًا. ثانيًا: الحيازة قبل موت الواهب أو مرضه أو فلسه.
وفي الأخير ننبه إلى خطورة تفضيل بعض الأولاد على بعضهم في العطية وحكمه إذا وقع في الفتوى رقم: 27738.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(12/5400)
هل يجوز التصرف بالتبرعات العينية العامة إن خشي عليها التلف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل بمستشفى حكومي وتأتيني تبرعات عبارة عن أدوية ولكن المستشفى موفرة لكل هذه الأدوية بوفرة فتظل التبرعات عندي حتى انتهاء صلاحيتها هل يحق لي أن أنتفع من هذه الأدوية؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت هذه التبرعات لخاصة نفسك، فقد سبق الجواب عن حكمها في الفتوى رقم: 3157، والفتوى رقم: 4100.
وإن كانت تبرعات للمستشفى، فلا يجوز لك التصرف فيها أو الانتفاع بها إلا بإذن الجهة المسؤولة، وإن ترتب على ذلك تلفها فالإثم يلحق بهم إن كان ذلك عن تفريط.
والواجب عليك بذل النصح لهم في هذه الحالة وتنبيههم للانتفاع منها قبل حصول التلف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(12/5401)
لا حرج في قبول الهدية إن أذنت الجهة للمهدي
[السُّؤَالُ]
ـ[عمي يعمل في أحد الأندية الرياضية، أهدى لي ملابسا رياضية من النادي الذي يعمل به، كما أهدى لعدد من الأقارب، وأنا كنت معه في النادي وانتقيت ما أريد من الملابس الرياضية، ولست أدري إن كان هذا الفعل حلالا أم حراما وماذا أفعل بالملابس؟ خاصة وأنه في دولة أخرى وأنا قد استعملت الملابس من قبل، والآن لا أدري ما أفعل بها؟ لأن بها شبهة حرام، لكني أظن أيضا أن الأندية الرياضية قد تهدي بعض الملابس كتوزيع لشعارها. هل يصح أن ارتديها وأتصدق ببعض المال أم أحرقها؟ خاصة وأنني لا أقدر أن أعيدها له خاصة وأن إعادتها قد تكون من أمر سخيف وكأني أرفض هديته أو أتهمه بأكل الحرام خاصة وأنه رجل يصلي.
الرجاء الإفادة علماً باني كما أشرت لا أستطيع إعادة الملابس له لأنه في دولة أخرى كما لا أدري ماذا أفعل بها
شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حِلَّ هدية عمك أو حرمتها متوقف على إذن النادي الذي يعمل به أو عدمه، فإن كان مأذونًا له في إهداء الهدايا للغير، أو كان ما أهداه إليكم قد أعطي له هو، فهديته جائزة حلال، وإلا فهي محرمة ويحرم قبولها إن علمت أنت بذلك؛ فإن تأكدت أو غلب على ظنك أنه مأذون له في الإهداء أو أن الملابس التي أهداها قد أعطيت له، فلا حرج عليك إن شاء الله، وإلا فلا يحل لك الانتفاع بهذه الملابس بعد أن علمت الحكم، وإن لم تتمكن من رد الهدية للاعتبار المذكور في السؤال، فلك أن تتخلص من هذه الملابس. لكن لا بحرقها ولا بإتلافها، بل بالتصدق بها عن أهلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1424(12/5402)
تسجيل الأملاك باسم الزوجة بدون نية التمليك لا يعتبر هبة
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت امرأة ولها ثلاثة أولاد من زوجها الأول ولم أنجب منها وكتبت ثروتي لها لظروف خاصة وكانت دائما تقول لأولادها أن كل ما أملكه هو ملك زوجي وأولادها يعرفون ذلك وتوفيت زوجتي وطالب أولادها بحقهم في إرث أمهم فهل هذا حق لهم؟ وما هو موقف أمهم أمام الله؟ مع العلم بأنهم يعرفون أن كل ما تملكه الأم هو من أموالي مما أفقدني كل ثروتي.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الواقع هو ما ذكر، فإن تسجيل ثروتك باسم زوجتك بدون غرض التمليك لا تعتبر به هذه الثروة هبة لها في حال حياتها، وبالتالي فإنها لا يدخل في إرثها وليس لأولادها حق في المطالبة بها. فإن العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني.
وعلى هؤلاء الأولاد أن يتقوا الله عز وجل في المطالبة بنصيبهم من هذه الأموال، إلا أن تكون لها أموال أخرى، فإن كانت عندك بينة تثبت أن هذه الثروة هي لك وليست لزوجتك المتوفاة حقيقة أقمتها، وإلا فإن الحكم سيكون بالظاهر.
أما زوجتك- عليها رحمة الله- فقد برئت ذمتها إن شاء الله، مادامت قد بينت في حياتها لأولادها أن هذه الأموال المسجلة باسمها لا تملكها حقيقة، بل هي ملك لك، ويقع الإثم على أولادها في حال أخذ المال بحق أو ادعائه زورًا وباطلاً.
والله تبارك وتعالى يقول في كتابه الكريم، زاجرًا عن أكل أموال الناس بالباطل: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:188] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيّ وَلَعَلّ بَعْضَكُم يَكُونَ ألْحَنَ بِحُجّتِهِ مِنْ بَعْضٍ وَإنّمَا أنَا بَشَرٌ أَقْضِيَ عَلَى نَحْوِ مَا أسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيءٍ مِنْ حَقّ أَخِيهِ فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئاً، فَإنّمَا أَقْطَعَ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النّارِ. أخرجه الدارقطني، والطبراني في الكبير، وابن أبي شيبة.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 7685.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1424(12/5403)
وهبت زوجها مالا لتأثيث المنزل فمات قبل الدخول
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أعطت الزوجة مالا لزوجها (وقد مات قبل الدخول) للمساعدة في تأثيث المنزل بها فهل تجوز المطالبة بهذا المال من ورثة هذا الزوج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر -والله أعلم- أن لهذه المرأة أن ترجع فيما أعطته لزوجته من أجل المساعدة على تأثيث بيت الزوجية إذا كان قائما أو تعدى عليه هو في حياته وغيبه، وذلك لأن المقصود من الهبة لم يحصل، والعلة إذا فقدت فقد المعلول وهو هنا نفاذ الهبة ومضيها.
كما أن كون الهبة من أجل المساعدة على تأثيث البيت قرينة دالة على أنها هبة مفيدة ومحصورة في أمر يعود عليها هي بالنفع، وبالتالي فهي ليست هبة حقيقية ولا يقصد منها التمليك المطلق، ففي الدردير على شرح مختصر خليل المالكي ما معناه أن المرأة إذا أعطت زوجها مالاً غير الصداق على دوام العشرة فظهر أن النكاح فاسد وفسخ، فإنها ترجع عليه بما أعطته لعدم حصول غرضها، ومن باب أولى لو طلق اختيارا
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1424(12/5404)
هدايا الزهور في شتى المناسبات.. إباحة أم حرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وبعد.
1. ما حكم تقديم أحد الزوجين للآخر باقة من الورد تعبيرا على المودة والرحمة لدى الطرفين ... هل هذا له سابقه في القرون المشهود لها بالخير؟ أم أنه فعل طارئ دخل علينا من قبل الكفار؟
2. وأيضا إعطاء الزهور للمريض ...
3. وأيضا وضع الزهور داخل القبر مع الميت
4. وأيضا تعليق الزهور في الأعراس كما هو معلوم ومشاهد ... بارك الله في اجتهاداتكم ونفع بكم طلاب العلم.. والحمد لله رب العالمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تبادل الهدايا بين المسلمين مطلوب ومرغَّب فيه شرعًا، وخاصة بين الأزواج؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء. رواه مالك في الموطأ، وفي رواية لأحمد: تهادوا فإن الهدية تذهب وغر الصدر.
وعلى هذا فإن تقديم أحد الزوجين للآخر هدية من الورود أو غيرها تعبيرًا عن المودة والرحمة، لا مانع منه شرعًا، ولا يمنع من ذلك كون الصحابة والقرون المشهود لهم بالخير لم يتبادلوا الهدايا بهذا الشكل، فالعبرة بالأصل وهو الهدية، وقد فعلوها كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يمنع منها أيضًا أن غير المسلمين يتبادلون الهدايا في مناسباتهم، ما لم يكن من يفعل ذلك قاصدًا تقليد الكفار متشبهًا بهم؛ لأن التشبه بالكفار مذموم ومحرم شرعًا، وقد حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما، فيجب على المسلمين أن يتميزوا عن غيرهم؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: ومن تشبه بقوم فهو منهم. رواه أبو داود والترمذي.
وأما إعطاء الزهور للمريض، فإن كان لإدخال السرور عليه والتخفيف عنه والتفاؤل له بالشفاء، فلا مانع منه، بل ويؤجر من فعل ذلك إن كان لمقصد حسن إن شاء الله تعالى. ومن فعل ذلك تشبُّهًا بالكفار وتقليدًا لهم فهو على خطر عظيم كما أشرنا.
وأما وضع الزهور مع الميت أو داخل القبر، فإنه لا معنى ولا أصل له، ولعله من العادات الدخيلة على المسلمين، ومن بدع الدفن التي يجب على المسلمين الابتعاد عنها.
وأما وضع الزهور النباتية والرياحين والأغصان والأشياء الرطبة على القبر أو غرسها عنده، فقد اختلف أهل العلم في مشروعيته وعدمها، ومستند القولين حديث ابن عباس رضي الله عنهما، في الصحيحين وغيرهما، أنه صلى الله عليه وسلم، دَعَا بجريدة فَكَسَرَهَا كَسْرَتَيْنِ فَوَضَعَهُمَا عَلَى قَبْريْنِ سَمِعَ صَوْتَ صَاحِبَيْهِمَا يُعَذَّبَان. فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: لَعَلّهُ أَنْ يُخَفّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا أَوْ إلَى أَنْ يَيْبَسَا. رواه البخاري ومسلم والنسائي.
ولتفاصيل ذلك وأقوال العلماء فيه نحيلك إلى الفتوى رقم: 24505.
وأما تعليق الزهور في الأعراس وما أشبهها في المناسبات السارة فلا مانع منه شرعًا إن شاء الله تعالى؛ لأنه مظهر من مظاهر الزينة والبهجة والسرور، وهذا شيء مطلوب شرعًا في مثل هذه المناسبات، ما لم يكن ذلك تشبها أو تقليدا للكفار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1424(12/5405)
جواز إنفاق القوي المكتسب جميع ماله
[السُّؤَالُ]
ـ[ورث والدي وعمي من والدهما (جدي) وهما الوحيدان له جميع ما ترك من منازل وأراضي زراعية، فكان لكل واحد منهما النصف، وقام والدي بمنح جميع ما كان لديه من الإرث لأولاد عمي ولم يبق لي أنا وإخوتي سوى بعض الأملاك التي اشتراها والدي ولم تكن من الإرث الذي ورثه.
فهل يحق لنا شرعا المطالبة بإرث والدي الذي أعطاه والدي لأبناء عمي هذا وجزاكم الله خيرالثواب]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يحق لكم المطالبة بما أعطاه والدكم لأبناء أخيه إذا كان أعطاه لهم وهو رشيد مختار صحيح، وحازوه هم وهو على ذلك الحال؛ لأن الوالد له التصرف في ما يملك، سواء كان ميراثه من أبيه أو غيره. وقد نص العلماء على جواز إنفاق القوي المكتسب جميع ماله، كما عمل أبو بكر رضي الله عنه، حيث أتى بكل ما عنده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله. رواه أبو داود والترمذي والحاكم وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424(12/5406)
حكم قضاء الحاجات باشتراط هدية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع وبعد:
فهل من يأمر بعض الناس إذا أحبوا أن يحصلوا على شيء أن يهدوا له هدية لكن غالبا لا تهدى له إلا بعد أن يحصل المطلوب هل يدعو الناس لعبادة نفسه؟ وهل من يقول له الناس (نهدي لك كذا لتعمل لنا كذا) ويقبل ذلك راض بأن يعبد من دون الله عز وجل؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن قال لشخص أو أشخاص: من أراد أن أقضي له حاجة فليهدِ لي هدية، فلذلك ثلاث حالات:
الأولى: أن يقوم بعملٍ لقضاء هذه الحاجة، كأن يذهب للبئر ليحضر لهم الماء مثلاً، فهذا ليس من دعوة الناس إلى عبادة النفس، بل هو عقد معاوضة فاسد؛ لأن الهدية هنا تسمى هبة ثواب، ولا بد فيها وفي ثوابها من انتفاء الجهالة والغرر. قال المواق المالكي في التاج والإكليل: ومن المدونة ... الغرر في الهبة لغير الثواب يجوز اهـ أي أنه لا يجوز الغرر في الهبة إذا كانت للثواب.
وقال ابن قدامة في المغني: فأما إذا شرط ثوابًا مجهولاً لم يصح وفسدت الهبة وحكمها حكم البيع الفاسد. اهـ
والثانية: أن تكون هذه الهدية في مقابل الدعاء لهم بقضاء هذه الحاجة، وهذا لا يصح. قال ابن الشاط في شرحه على الفروق للقرافي: فلا يجوز الإجارة على إخراج الجان والدعاء وحل المربوط، ونحو ذلك، لعدم تحقق المنفعة. اهـ
الثالثة: ألا يعمل لهم شيئًا ولا يدعو لهم، فهذا إما أن يقول: أنا الذي أقضي لكم هذه الحاجة، فهذا كفر وردة وادعاء للألوهية، وفيه دعوة الناس لعبادته، وإن كان يقول: الله هو الذي يقضي لكم هذه الحاجات ببركتي، فهذا مبتدع كذاب يريد أكل أموال الناس بالباطل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1424(12/5407)
شروط نفاذ إعطاء المال لأحد الورثة حال الحياة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفي وترك ولدا وبنتين وزوجة، كيف يتم تقسيم الميراث بينهم؟ علما بأن الأب قام بتزويج الولد واشترى له سيارة، والبنات إحداهن في سن التعليم، تحتاج إلى مصاريف، وكان قد قام بتقسيم أمواله بزيادة تلك البنت الصغيرة علي نصيبها والبنت الأخرى دون الولد على أساس أنه تمتع بميزات لم تتمتع بها البنات في حياته، علما بأن البنت الكبيرة غير متزوجة، أفيدونا أفادكم الله بكيفية تقسيم التركة، علما بأنه قد أعطى لزوجته مبلغا من المال قبل الوفاة!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الآباء مأمورون بالعدل بين أولادهم، منهيون عن إيثار بعضهم على بعض في الهبات وغيرها. كما سبق في الفتوى رقم: 5348.
وما أعطاه الإنسان لأحد ورثته، ولدًا كان أو زوجة في حال حياته وحازه الموهوب له، فإنه نافذ.
أما ما قام به هذا الرجل من تقسيم أمواله في حياته، فإنه إن كان خاليًّا من الجور وإيثار بعضهم على بعض، وحاز كل واحد نصيبه بمن فيهم الزوجة في حياة المورث فالقسمة نافذة.
وأما إن كانت القسمة مجرد كلام والمال ظل بيد الرجل حتى توفي فإن القسمة الأولى باطلة، ويقسم المال من جديد على الورثة.
وكيفية قسمه كالتالي: الزوجة لها الثمن، لقوله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ [النساء:12] . والباقي يقسم نصفين: للولد الذكر نصفه، والنصف الباقي للبنتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1424(12/5408)
التسوية بين الذكور والإناث في الهبة واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ابنتان متزوجتان ساعدت في زواجهما أنا ووالدهم بحوالي 20000 جنيه لكل ابنة ولي ولد طبيب أسنان سوف نساعده في زواجه بمبلغ من المال سوف يصل إلى حوالي 30000 جنيه ولكنه يطالب بشقة تمليك أو عيادة فكيف نتصرف دون أن نغضب الله؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب التسوية بين الأولاد في العطية، سواء في ذلك الذكور والإناث على الراجح، ويحرم تفضيل بعضهم على بعض من غير مسوغ من حاجة أو عوز، ونحو ذلك.
وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 6242.
وعلى هذا، فما زاد على مقدار ما أُعطي للابنتين، ولم يكن له مسوغ شرعي، فلا يجوز أن يعطى للولد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1424(12/5409)
العيدية تقوية لأواصر الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[جرى العرف فى بلدنا بأن يقوم الآباء بإعطاء أبناءهم مبلغاَ من المال في عيدي الفطر والأضحى في ما يعرف باسم "العيدية" فما حكم الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالعيدية التي يعطيها الآباء والأمهات لأولادهم شيء حسن وهو من باب بر الأبناء، ولا يخفى ما تثمره من تطييب لخواطرهم وتقوية لأواصر الرحم فيهم. ولكن تنبغي مراعاة العدل بينهم في ذلك، إلا إن تطلب الأمر إعطاء بعضهم أكثر لكبر سنه ونحو ذلك، والعدل بينهم في العطية واجب لعموم الأدلة في ذلك، وللحديث الشريف الذي أخرجه الشيخان وغيرهما عن النعمان بن بشير رضي الله عنه، وقد أعطى أحد أولاده عطية، ثم جاء يشهد النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك فقال: أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ قال: لا. قال: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. قال: فرد عطيته.
وفي رواية لمسلم: فليس يصلح هذا، وإني لا أشهد إلا على حق.
وفي رواية أخرى: فإني لا أشهد على جور.
كما يجب على الأب معرفة الأوجه التي يصرف فيها أبناؤه هذه العدية، فإن كانت مباحة فبها ونعمت، وإلا منعهم من صرفها في ما يرحم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1424(12/5410)
حكم الهبة المترتبة على الوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أب سجل منزله باسم ابنته في ظل وجود إخوة لها وذلك قبل وفاته وقد أخذ منهم موافقة خطية إلا أن أحدهم وافق وفي نفسه عدم رضا الآن وقد توفي والدهم هل هذا الإجراء الذي اتخذه صحيح شرعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بيَّنَّا في فتوى سابقة برقم: 14611 أن المفاضلة بين الأولاد في العطية بحيث يعطى بعضهم دون بعض حرام، فلتراجع الفتوى المذكورة. والذي ظهر لنا من السؤال أن الوالد لم يملك ابنته هذا البيت حال حياته، بل كان مجرد تسجيل وبقي الحال على ذلك حتى مات، وفي هذه الصورة يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقد سئل عن: رجل له أولاد ذكور وإناث فنحل البنات دون الذكور قبل وفاته، فهل يبقى في ذمته شيء أم لا؟ فقال رحمه الله: الجواب: لا يحل له أن ينحل بعض أولاده دون بعض، بل عليه أن يعدل بينهم كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم.
وكان رجل قد نحل بعض أولاده وطلب أن يشهده، فقال: إني لا أشهد على جور وأمره برد ذلك، فإن كان ذلك بالكلام ولم يسلم إلى البنات ما أعطاهم حتى مات أو مرضَ مرض الموت فهذا مردود باتفاق الأئمة - وإن كان فيه خلاف شاذ - وإن كان قد أقبضهم في الصحة، ففي رده قولان للعلماء. والله أعلم. انتهى كلامه رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1424(12/5411)
الأصل وجوب العدل بين الأولاد في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتونا جزاكم الله خيراً
يوجد أب وأم يمتلكان عقاراً بالمناصفة ولهم عدد من الأولاد (بنين وبنات) وقد تم تزويج جميع البنات (أربع بنات منهن ثلاثة عاقات لوالديهن) أما الرجال فيتمتعون بقدر عالٍ من الرحمة بوالديهم في الإحساس والمعاملة ويحتاجون للمساعدة منهم من لا يمتلك شقة للزواج وغير قادر على مصروفات وتجهيزات الزواج ففكر الأب والأم في بيع العقار ومساعدة أولادهم الرجال كلاً في ما يحتاج وبخاصة لأن بناتهم المتزوجات يتمتعن بقدر عالٍ من الغباء والحقد وسوء المعاملة لوالديهن فهل يجوز للأب والأم أثناء حياتهما بيع العقار ومساعدة أولادهم الرجال الذين بالفعل يحتاجون هذه المساعدة؟
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل هو وجوب العدل بين الأولاد في العطية والهبة، ولكن لو وجدت حاجة لبعضهم فلا بأس بإعطائه ما يقضي به حاجته، ولا يلزم إعطاء الآخرين لعدم حاجتهم، وما دام هذا الأب والأم قد زوجا البنات دون الأولاد فلا حرج عليهما في بيع العقار أو غيره وتزويج البنين منه.
وأما عقوق البنات لوالديهن فحرام، والواجب عليهنَّ برهما وطاعتهما في المعروف، وينبغي للأب والأم أن ينظر في سبب العقوق ويسعيان في إصلاحه، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى رقم: 14254.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1424(12/5412)
هدية صاحب المال الحرام أو المختلط
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاكم الله خيرا
أود أن أسألكم عن حكم قبول هدية من شخص اختلط ماله بفوائد البنوك، علما بأن هذه الهدية هي عبارة عن شرائط إسلامية لأحد الدعاة، وهو أتى بها من السعودية أثناء الحج.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق حكم قبول الهدية من صاحب المال الحرام أو المختلط في الفتوى رقم: 32526 والفتوى رقم: 6880.
ولا أثر لكون الهداية شرائط إسلامية أو غيرها، فالمهم أن يكون المال حلالاً والهدية مباحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1424(12/5413)
ينبني الحكم على حسب الإعطاء هل هو عارية أم هبة
[السُّؤَالُ]
ـ[يملك جدي قطعة أرض وله فيها ثلاثة أخماس 3/5 ويملك أبي الخمس 1/5 ويملك عمي الخمس 1/5 وقد قام عمي ببناء منزل على جزء من قطعة الأرض بعد أن تنازل له جدي عن ذلك الجزء لكي يقيم المنزل في عام 1987 تقريباً وقام عمي بعد ذلك بإحاطة ذلك المنزل بسياج مساحته أكبر من المنزل بأضعاف وقد أقام عمي بذلك المنزل ومعه جدي والآن ستتم القسمة فكيف نتصرف؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان جدك قد أعطى عمك هذه القطعة من الأرض ليبني عليها إعارة فيترتب عليها حكم العارية، فإن كانت مؤقتة بأجل، فإنه ينتفع بها حتى ينقضي الأجل، وإن كانت مطلقة غير مقيدة بوقت فيرجع إلى المعتاد في مثلها، فينتفع بها على ما جرى به العرف والعادة، ولا يجوز له بعد ذلك الانتفاع بها، بل حكمه حكم الغاصب. قال عليش في "منح الجليل" تعليقًا على قول خليل: وإن انقضت مدة البناء والغرس فكالغصب (في تخيير مالكها في تكليف الباني والغارس بقلع بنائه وغرسه، ونقل نقضه وتسوية الأرض، ودفع قيمته مقلوعًا لبانيه وغارسه مطروحًا منها أجرة القلع والتسوية، إن كان الباني والغارس لا يتولاهما بنفسه ولا بخدمه) . اهـ
هذا فيما إذا كان الأمر على سبيل العارية. أما إن كان على سبيل الهبة فيترتب عليه حكم الهبة، فإن كان جدك أبًّا لأبيك وعمك فوهب عمك هذه القطعة من الأرض دون رضا أبيك وغيره من أولاده، فلا تجوز هذه الهبة؛ لأن الراجح وجوب التسوية بين الأولاد في العطية، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 1242.
ويستثنى من هذا ما إذا كان تفضيله لسبب كمرض أو كثرة عيال أو نحو ذلك، فتصح الهبة في هذه الحالة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 6242.
وإن كان جدك ليس أبًّا لأبيك وعمك - كأن يكون جدك من أمك مثلاً - فالهبة صحيحة، ويشترط لنفاذها وقوعها في حال الصحة، وحيازة عمك لها الحوز المعتبر شرعًا، برفع جدك يده عنها وتصرف عمك فيها، كما سبق أن بيَّنَّا في الفتوى رقم: 10390.
وخلاصة الأمر أن هذه القطعة من الأرض إن كانت على سبيل العارية أو كانت هبة على وجه غير شرعي، فلا تزال في ملك جدك، وتكون القسمة على ما هي عليه أولاً، وإن كانت هبة على الوجه المشروع زاد نصيب عمك بقدر هذه الهبة، ونقص نصيب جدك بقدرها، ويبقى نصيب أبيك على الخمس.
وننصح بمراجعة المحاكم الشرعية في مثل هذه الأمور فإنها أدرى بالملابسة التي لا يستغني عنها من أراد الفصل فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5414)
إيثار بعض الأولاد على بعض عن طريق الحيلة لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أربعة بنين وأربع بنات، وباع الوالد للبنين فقط دون البنات كل واحد منهم مساحة قيراط، وأخذ ثمنهم من أبنائه البنين، ولكن هذا البيع بثمن رمزي وليس الثمن الحقيقي للسعر، فهل يجوز ذلك؟ وهل هو حرام أم حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إيثار الوالد بعض أولاده على بعض لا يجوز. روى الشيخان والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجه ومالك وأحمد من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: أعطاني أبي عطية فقالت عمرة بنت رواحة لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله. قال: أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ قال: لا. قال: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. قال: فرد عطيته.
وكما أنه لا يجوز بشكل صريح فإن التحايل عليه أيضًا بصفقات وهمية لا يجوز، وعليه فإذا كان الذي حصل بين الأب وأبنائه في الصورة المذكورة بيعًا حقيقيًّا فلا حرج، وإن كان ما حصل هو مجرد حيلة على إيثار بعض الأولاد على بعض فإن ذلك لا يجوز، وقد اختلف العلماء في مضيه إذا وقع. وانظر أقوالهم وأدلة كل فريق منهم في الفتوى رقم:
6242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1424(12/5415)
إنفاق الزوجة على الزوج والأولاد بين حق الرجوع وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي النفقة الواجبة للمطلقة التي لديها طفلة غير رضيعة أي لم تعد ترضع من أمها؟ علماً بأن الزوجة كانت تعمل وتساعد زوجها حيث إن راتبه حوالي 12600 ريال يدفع منه10000 ريال إيجار للمنزل والباقي فواتير للكهرباء والماء بينما تصرف راتبها عليها وعلى طفلتها وهو يعادل راتبه علماً بأنه في الوقت الحاضر يتواجد في مدينة مجاورة لإكمال دراسته ويقوم بزيارتها شهرياً بمعدل أسبوع وربما أكثر في الشهر ويتحصل على مبلغ بسيط بالكاد يكفيه لمصاريفه الخاصة كالأكل والشرب والمواصلات وليس لديه مصدر آخر للدخل.
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما يتعلق بالنفقة سبق بيانه في الفتوى رقم: 20270، والفتوى رقم: 8845.
وننبه إلى أن النفقة الواجبة على الزوج تجاه زوجته المطلقة، إنما هي زمن العدة على التفصيل السابق في الفتويين المحال عليهما، أو في حال الحمل، أما بعد انقضاء العدة فلا نفقة لها، ويجب عليه أن ينفق على بنته فقط، فإن كانت المطلقة مرضعاً فلها أجرة الرضاع، كما هو مبين في الفتوى رقم: 9746، والفتوى رقم: 3386.
وأما ما أنفقته الزوجة على زوجها أو ما دفعته مصروفًا لنفسها وأولاده، فإن كان على وجه التبرع والهبة، فليس لها الرجوع في ما أنفقته، وإذا كان على وجه القرض فلها الرجوع عليه ومطالبته، والقول قولها وعليها اليمين.
قال الخرشي المالكي في شرحه على مختصر خليل: ورجعت الزوجة على زوجها بما أنفقته عليه، حال كون ما أنفقته عليه غير سرف بالنسبة إليه وإلى زمن الإنفاق، وإن كان حال الإنفاق عليه معسرًا، كما يرجع من أنفق على أجنبي.
وقال المواق المالكي في "التاج والإكليل": لم يختلف قول مالك إن الرجل إذا أكل مال زوجته وهي تنظر ولا تغير، أو أنفقت عليه ثم طلبته بذلك، أن ذلك لها، وإن كان عديمًا في حال الإنفاق، ويقضى لها عليه بعد يمينها أنها لم تنفق ولم تتركه يأكل إلا لترجع عليه بحقها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1424(12/5416)
يجوز الرجوع في الهبة إذا كانت بنية الثواب.
[السُّؤَالُ]
ـ[وهب لي أحد الأصدقاء مبلغ 25000 جنيه مصري كمساعدة منه لإتمام زواجي، وكان في نيتي رد هذه الهبة إذا رزقني الله، وبعد أربع سنوات تعثر هذا الشخص ماليا، وطلب مني رد هذه الهبة، ولكني لا أملك هذا المبلغ ولا جزءا منه، فقمت ببيع بعض ممتلكات زوجتي الذهبية، وأعطيته قيمتها، وهي 8600 جنيه مصري، مع العلم بأن هذا كل ما أملك، وإني موظف بسيط دخلي محدود، والسؤال الآن: هل أنا ملزم برد باقي المبلغ أم لا؟ وإذا لم أرده ما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يلزمك رد هذه الهبة لهذا الواهب، لأن الأصل عدم جواز رجوع الواهب في هبته، لثبوت النهي عنه بالسنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا فيما إذا لم يهبك إياها بنية الثواب، فإن وهبك إياها بنية الثواب جاز رجوعه، ولزمك رد باقي المبلغ إليه.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
20625.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1424(12/5417)
حكم قبول هدية الحليب ممن يعمل في شركة الألبان
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد أن أسأل فضيلتكم هل يجوز لنا أن نأخذ حليب أطفال يقدمه لنا أحد أصدقاء زوجي الذي يعمل في إحدى شركات الألبان دون مقابل، وقد سألت وقيل لي لا بد من معرفة ولي الأمر، ولكن هذه الشركة ليس لها مالك واحد وهو غير معروف، وما الحكم فيما مضى، هل أتخلص منه أم ماذا؟ وكذلك حكم أخذنا لبعض الأشياء المتبقية في مخزن العمل الذي يعمل به زوجي والتي قد تكون من الأجهزة الكهربائية التي يقوم هو بتوزيعها على الأطباء بحكم عمله كمندوب، مع العلم بأنها إذا تخلفت تصبح لا فائدة منها، وتظل بالمخزن دون فائدة، نرجو الإفادة أعزكم الله وسدد خطاكم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبحصوص الشق الأول من السؤال فإن الأمر لا يخلو من حالين:
الأول: جهلكم بالطريقة التي يتحصل بها هذا الرجل على هذا الحليب، فيجوز لكم قبول هديته. قال النووي في المجموع: ويجوز الشراء من هذا المجهول وقبول هديته وضيافته، ولا يجب السؤال، بل لا يجوز والحالة هذه؛ لأنه إيذاء لصاحب الطعام، فإن أراد الورع فليتركه، وإن كان لابد من أكله فليأكل ولا يسأل، فإن الإقدام على ترك السؤال أهون من كسر قلب المسلم وإيذائه. اهـ
الثاني: أن يكون عندكم علم أو غلبة ظن بحصوله على هذا الحليب بطريقة غير مشروعة، فلا يجوز قبول هديته حينئذ، بل يجب سؤاله للتأكد من حله. قال النووي في المجموع أيضًا: الضرب الثالث: أن يعلم بممارسة ونحوها بحيث يحصل له ظن في حل ماله أو تحريمه، بأن يعرف صلاح الرجل وديانته، فهنا لا يجب السؤال ولا يجوز، أو يعرف أنه مرابٍ أو مغنٍّ ونحوه فيجب السؤال. اهـ
وبخصوص الشق الثاني من السؤال فإن الأصل عدم جواز أخذ هذه الأدوات إلا بإذن من له الإذن في ذلك، وكون هذه الأدوات ستكون عرضة للتلف ليس مسوغًا لاستخدامها، فتركها أولى. لاسيما أن بعض الفقهاء قد نص على أن ترك اللقطة أفضل من التقاطها مع أنها قد تكون عرضة للتلف أو الضياع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(12/5418)
يصبح المال تركة بعد موت صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[قام جدي في عام 1991 بمنح جزء من أرضه لعمتي لكي يقوم ابنها ببناء سكن عليها وتقول بقية عماتي إنه أعطاها ذلك الجزء من الأرض كنصيب لها في الميراث في حين أنها تقول إنه منحها ذلك الجزء كهبة مشروعة وتوفي جدي في عام 1996 والآن نحن في 2003 وسيتم تقسيم الميراث وجدي يملك العديد من الأراضي فكيف نتصرف:
1) هل نعتبر أن ذلك الجزء كهبة لها وتأخذ نصيبها من باقي الإرث؟.
2) هل يتم ترجيع ذلك الجزء الذي أخذته عمتي وتعاد عملية القسمة ويحسب ذلك الجزء الذي أخذته من نصيبها؟.
3) هل نعتبر أن ما أخذته هو نصيبها من الإرث ونمنعها من باقي الإرث وفي هذا ظلم لها علي ما أعتقد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما وقع من جدك إنما هو هبة وليس بميراث، إذ أن المال لا يحكم بكونه إرثًا إلا بعد موت صاحبه، وأما الهبة فهي تبرع ينفذ حال حياة الواهب. ويبقى النظر في مدى صحة هذه الهبة من عدمها، وفي هذا تفصيل على النحو التالي:
فإن كان جدك أبًا لعمتك، وقد وهبها هذه القطعة من الأرض دون رضا غيرها من أولاده، فلا تصح هذه الهبة؛ لأن الراجح هو وجوب العدل في التسوية بين الأولاد، وبهذا تدخل هذه القطعة ضمن الميراث. وإن كان برضا غيرها من أولاده فالهبة صحيحة. علمًا بأن المسألة فيها خلاف قوي لابد من الرجوع فيه إلى المحاكم الشرعية.
وإن كان جدك ليس أبًا لعمتك، وقد وهبها هذه القطعة حال صحته، وحازتها الحوز المعتبر شرعًا بأن باشرت التصرف فيها، ورفع هو يده عنها، فالهبة صحيحة، ولا تدخل ضمن الميراث.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 10390، والفتوى رقم: 5348.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(12/5419)
حكم قبول الهدية ممن ثبتت ردته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع وبعد:
فكيف يعامل من ثبتت ردته أو ثبت كفره وهل تقبل هدايا المرتد وكيف يعامل في دولة لا تطبق فيها الشريعة؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان شيء من أحكام التعامل مع المرتد في الدول التي لا تطبق الشريعة وفي الدول التي تطبقها في الفتاوى التالية أرقامها: 15238، 17707، 13987، 21766، 25611.
والراجح هو توبته إذا تاب وندم على ما صدر منه، كما بيناه في الفتوى رقم: 8927.
أما بالنسبة لحكم قبول هداياه فهو كحكم قبول هدايا الكافر الأصلي، وقد بينا حكم ذلك في الفتوى رقم: 28513، ومنها تعلم أن الأحوط عدم قبول هداياه إلا إذا كانت في قبولها مصلحة كتأليفه ودعوته للإسلام، وأنه إذا ظهر أنه يريد بهذه الهدايا فتنة المسلم عن دينه، فلا يجوز للمسلم أن يقبلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1424(12/5420)
الهبة في مرض الموت لها حكم الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو عندي عمة أبي متزوجة منذ أكثر من 35سنة من رجل ولم ينجبا طوال هذه الفترة وقد أصيب زوجها بمرض قال له الأطباء إنه مرض خبيث وظللنا حوله نذهب به إلى الدكتور كل يوم، ولم يسأل عنه أحد من إخوته من الأم حيث إنه ليس له إخوة أشقاء، وكانو يودونه قبل ذلك وفجأة انقطعوا عنه، ووصل إليه أنهم انقطعوا عن زيارته، لأنه وصل إليهم كلام أنه كتب كل ما يملك لزوجته، وهو لم يفعل ذلك، ولما عرف الرجل المريض هذا الكلام أصر على أن يكتب البيت الذي يعيشان فيه لزوجته ليحميها، ويجد لها مأوى تعيش فيه بعد وفاته نظراً لعدم وجود أولاد لها وخوفاً عليها من إخوته من الأم بعد وفاته، وبعد أن فعل ذلك قال له بعض الناس إن ما فعله حرام شرعاً فما ردكم على هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشخص إذا مرض مرض الموت ووهب غيره هبة فحكم هبته كحكم الوصية.
وعليه؛ فإن هبة زوج عمتك هذا البيت لزوجته لا تصح إلا إذا أمضاها ورثته لأنها في حكم الوصية، والوصية للوارث لا تصح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه عن عمر بن خارجة.
وراجع الفتوى رقم:
16216
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(12/5421)
يجوز للوالد أن يرجع فيما أعطاه لولده
[السُّؤَالُ]
ـ[اشترت أمي فدادين لي ولأختين لي بنية بناء عدد ثلاث فيلات عليها لكل واحد منا فيلا، وقامت بكتابة عقد ملكية الأرض مباشرة باسمنا حيث قالت لنا إن عمرها وصل 67 عاما، فليس له معنى أن تكتب عقد ملكية الأرض باسمها هي وهي في هذه السن المتقدم، وفعلا تمت كتابة شهادات حيازة الأرض حسب الشرع على أساس أن للذكر مثل حظ الأنثيين، فأخذت أنا 2.5 فدان والأختان 2.5 فدان. ولكن بعد مرور أسبوعين من كتابة شهادات الحيازة طلبت مني أمي أن تعيد تقسيم الأرض بالتساوي بيني وبين الأختين على أساس لكل واحد منا الثلث، أفيدوني في الموقف الشرعي من هذا، جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجوز للوالد أن يرجع فيما أعطاه لولده عند جماهير العلماء، لما في الحديث:
ليس للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها؛ إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه أحمد وحسنه الأرناؤوط.
وبمعناه عند الحاكم وأصحاب السنن، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.
والأم مثل الأب في هذا الحكم عند الجمهور إذا كان الولد كبيرا كما في المغني، وبعض شروح خليل.
فالحاصل أن الوالدة يجوز لها الرجوع فيما أعطتك، ويتأكد رجوعها إذا كانت تنوي العدل بينك وبين إخوانك، لأن التسوية بين الأبناء مأمور بها على خلاف بين العلماء في الوجوب والاستحباب.
وقد ذهب الجهور إلى التسوية بين الأبناء والبنات في العطية وعدم تفضيل الذكر على الأنثى، واحتجوا بالحديث: سووا بين أولادكم في العطية، ولو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء. رواه البيهقي وسعيد بن منصور وحسنه ابن حجر في الفتح.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها للزيادة في الموضوع:
33348، 6242، 27543، 5348.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(12/5422)
حكم تقديم الهدية من أجل الاحتفال بعيد الميلاد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذ يعلم أطفالا لأخ مسلم ولكنه غير ملتزم البتة، وبمناسبة ذكرى ميلاد ابن الأستاذ أقام الوالد حفلة وقدم للأستاذ هدايا للطفل، هل يجوز أخذ هذه الهدايا، من باب التقرب من الأب وتنبيهه على حرمة الأمر فيما بعد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الاحتفال بعيد الميلاد بدعة من البدع المحدثة، وتشبه بمن نهى الله عن التشبه بهم من الكافرين، فلا يجوز للمسلمين تقليدهم في ذلك، وقد سبق أن بينا المنع منه في الفتوى رقم: 2130.
وأما الهدية فهي مشروعة في أصلها ومرغب فيها، لما تؤدي إليه من مقاصد شرعية، إلا أن تقديمها من أجل هذه المناسبة، أعني الاحتفال بعيد الميلاد لا يجوز، ولعل الامتناع عن أخذها في هذه الحالة هو الأليق بالحكمة، والأبلغ في التنبيه، والأدعى لتحقيق المصلحة الشرعية بالزجر عن هذا الفعل، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
21200.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(12/5423)
شروط نفاذ الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تخلت عن حقها في ورثة أبيها قبل ما يقارب 25 سنة لإخوتها وقبل ما يقارب 5 سنوات وقعت على عقد تتنازل فيه عن حقها في إرثها أبيها لإخوتها.
اليوم تريد حقها في ورثة أبيها وأن تتراجع عن تنازلها.
أريد أن أعرف من ناحية شرعية-هل يحق لها فعل ذلك؟ .أليس ذلك حقها الشرعي ويجوز لها المطالبة به متى شاءت]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الوالدة إن كان تنازلها بعد وفاة أبيها وتملكها ميراثها منه، وكان ذلك عن طيب نفس منها لا عن حياء ولا إكراه، فإنه يعتبر هبة منها لإخوتها، فبمجرد قبضهم وحيازتهم له تمت الهبة.
ولا يجوز الرجوع في الهبة بعد أن يقبضها الموهوب له؛ لما في الحديث: لا تعد في صدقتك. رواه مسلم.
وفي الحديث: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه. رواه البخاري ومسلم
وفي الحديث: لا يحل للرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد في ما يعطي ولده. رواه الحاكم وأحمد وأصحاب السنن، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.
وإن كان تنازلها قبل موت أبيها أو كانت تراجعت قبل أن يحوز إخوتها حقها ويقبضوه، فلا مانع من تراجعها فلا تمضي بذلك الهبة، لأنه يشترط في لزوم الهبة أن تقبض وأن تكون منجزة؛ وإلا كانت وعداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1424(12/5424)
حكم هبة الوالد دار سكناه لولده الرشيد
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد رأي الشرع في منزل للعائلة كتب باسم الابن دون الأم والأخوات.. حيث إن الأب قبل وفاته استدعى البنات والزوجة وأعلمهم بأنه تنازل لابنه الوحيد عن المنزل بتراضي الجميع، الابن يسأل هل عليه التزام تجاه الأم والأخوات.. أم لا؟ ما هو رأي الشرع في ذلك؟ ولكم فائق الاحترام والأجر والثواب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم:
5348 حكم ما لو فاضل الأب بين أولاده في العطية أو خص بعضهم بشيء في حال صحته ورشده.
وعليه.. فإذا كان الوالد أخلى هذا البيت لولده وحازه الولد في حالة صحة الوالد ورشده، فإنه يملكه على قول الجمهور، قال الدردير في شرحه لمختصر خليل: وأما لو وهب دار سكناه لولده الرشيد فما حازه الولد ولو قلَّ صح، وما لا فلا كالأجنبي. انتهى كلامه.
وعليه فإذا كان الذي حصل إنما هو مجرد كتابة أو هبة ولم يحز الولد البيت، بأن ظل الوالد يسكنه حتى مات، فإنه يعتبر تركة توزع بين جميع الورثة كل بحسب إرثه الشرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1424(12/5425)
حكم الهبة من المال المعد للحج
[السُّؤَالُ]
ـ[حجزت للحج (بالطائرة) مع إحدى شركات السياحة واتضحت لي زيادة التكلفة هذا العام مما لا يمكنني من الحج مع هذه الشركة، وقد أغلق باب الحجز الآن أي لا أستطيع الحجز مع شركات للنقل البري أو البحري فهل يجوز لي سحب أموالي واستخدامها في شراء شقة لطفلي يستخدمها حين يكبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دمت لم تتمكن من أداء الحج هذه السنة فلا حرج عليك في صرف ما أعددته من المال للحج في أي حاجة من حوائجك، سواء كانت هبة لبعض أولادك أو غيرها.
وننبهك إلى أنه لا يجوز لك تفضيل بعض أولادك في الهبة على بعض دون مسوغ شرعي، كما سبق بيانه في الفتوى رقم:
14254
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1424(12/5426)
حكم رجوع الإنسان في هبته لذي رحم منه
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل وضع مبلغا من المال في حساب بنت ابنه البالغة من العمر 10 سنوات ثم سحب هذا المبلغ خوفا من تصرف أمها المطلقة به وصرفه في ترميم وصيانة مسجد فما هو الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأهل العلم مختلفون في جواز رجوع الإنسان في هبته لذي رحم منه، فذهب الأحناف إلى عدم جواز رجوعه.
جاء في الهداية: وإن وهب هبة لذي رحم محرم منه، فلا رجوع فيها، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا كانت الهبة لذي رحم محرم منه لم يرجع فيها. ولأن المقصود فيها صلة الرحم وقد حصل.
والحديث الذي استدل به الأحناف، حديث منكر كما قال الزيلعي في تخريج أحاديث الهداية.
وذهب الشافعية إلى جواز الرجوع للأب وسائر الأصول إذا بقيت الهبة في ملك الموهوب له، لحديث: لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها؛ إلا الوالد فيما يعطي ولده.
أما المالكية: فذهبوا إلى جواز الرجوع للأب والأم دون غيرهما، مع بعض التفصيل عندهم.
والراجح هو قول الشافعية للحديث: لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها؛ إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه الترمذي والحاكم وصححاه.
والوالد يشمل كل الأصول.
جاء في أسنى المطالب: فصل وللأب وكذا سائر الأصول، ومن الجهتين، ولو مع اختلاف الدين، لا غيرهم كالإخوة، الرجوع من دون حكم الحاكم بالرجوع في الهبة والهدية والصدقة للولد سواء أقبضها الولد أم لا، غنيا كان أو فقيرا، صغيرا كان أو كبيرا، لخبر: لا يحل لرجل.... والولد يشمل كل الأصول إن حمل اللفظ على حقيقته ومجازه، وإلا ألحق به بقية الأصول بجامع أن لكلٍ ولادة.
وعليه، فرجوع هذا الجد عن هبته لحفيدته جائز ما دامت الهبة في ملك الموهوب له، أما إذا زالت عنه، فلا يصح الرجوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1424(12/5427)
حكم الهبة إذا كانت لمقصد محدد
[السُّؤَالُ]
ـ[قمنا بجمع مبلغ من المال من أنفسنا وبعض المعارف لعلاج صديق لنا، وحدث أن وجد فائض من هذا المال بعد علاج المريض، فهل يجوز للمريض أن يمنح هذا الفائض لمرضى آخرين، أم يتوجب علينا سؤال أصحاب المال إن كانوا يريدون استرجاع جزء منه أو التصدق به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا المال ينظر فيه إلى نية الواهبين، فإن كان قصدهم الصدقة على المريض، فإن الفاضل عن الحاجة هو ملك للمريض يتملكه أو يمنحه لمرضى آخرين، وليس للمعطين استرجاعه، روى ابن عباس وابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد لولده، ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب، يأكل فإذا شبع قاء ثم عاد في قيئه. أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي وقال حسن صحيح.
وإن كانوا إنما قصدوا به علاجه فقط أولا قصد لهم، فلهم أن يسترجعوه أو يفعلوا به ما يريدون، قال الدردير: وإن أعانه جماعة أو واحد فأدى وفضلت فضلة، فإن لم يقصدوا بما أعانوه به الصدقة بأن قصدوا فك الرقبة أولا قصد لهم رجعوا بالفضلة على العبد.... وإلا بأن قصدوا الصدقة على المكاتب فلا رجوع لهم بالفضلة. 4/404، وذلك حكم كل من وهب لمقصد محدد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1424(12/5428)
لا حرج في هبة بعض المال للزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصري أعمل في أحدى دول الخليج -متزوج ولم أنجب وأكفل يتيماً وزوجتي موجودة معي هنا في الخليج منذ فترة طويلة حوالي 9 سنوات ولا تعمل، فهل يحق لي أن أعطي لها بعض الأموال نظراً لوقوفها بجانبي وتغربها معي، مثلا هل يمكن أن أعطي لها مبلغ 5000 ريال عن كل سنة قضتها معي هنا؟
سؤال أخر: بخصوص اليتيم هل من الممكن أن أكتب له مثلا شقة باسمه حتى يستطيع أن يتغلب على مصاعب الحياة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت صحيحاً جائز التصرف فلا حرج عليك في هبة بعض مالك لزوجتك، بل لا حرج عليك إذا وهبتها مالك كله، إلا إذا كان لك ورثة فالأولى أن تترك لهم ما يغنيهم، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
18215، والفتوى رقم: 12579.
ولا حرج عليك في أن تكتب لهذا اليتيم شقة باسمه فإذا حازها هو أو حازها له وكيل عنه في حياتك فهي ملكه، ليس لأحد أن ينازعه فيها، ولمزيد من الفائدة حول كفالة اليتيم والفرق بينها وبين التبني، ووضع ذلك اليتيم في بيتك راجع الفتوى رقم:
9544، والفتوى رقم: 17630.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1424(12/5429)
المفاضلة في العطية بغير مسوغ شرعي ظلم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نرجو منكم أن تفيدونا في قضية رجل مفادها كالآتي:
لقد كان الرجل عنده خمس بنات وولد واحد وكان صاحب بساتين وأموال، لكنه كتب كل ما يملك من البساتين للولد دون البنات إلا بستانا واحدا، والبستان تتعلق به قضية سيأتي تفصيلها، المهم أنه بعد سنوات طويلة أراد أن يرضي البنات بشيء فأراد أن يعطيهن البستان المتبقي، لكن البنات رفضن أن يقبلن البستان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمفاضلة الأب في العطايا بين الأولاد ذكورا كانوا أو إناثا، لا تجوز بدون مسوغ شرعي، إذ هي من الظلم الذي حرمه الله تعالى وتوعد أهله بالعقاب، وفي الحديث: الظلم ظلمات يوم القيامة. رواه البخاري.
والدليل على أن المفاضلة المذكورة ظلم، حديث النعمان بن بشير: أن أباه وهبه شيئا ثم أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهد على ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال لا، فقال: فلا تشهدني، فإني لا أشهد على جور. رواه البخاري ومسلم.
هذا، وليعلم أن تفضيل الذكور على الإناث لأنهن إناث، من خصال الجاهلية التي جاء الإسلام ليطهر الناس منها.
قال الله تعالى: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِه) [النحل: 58-59] .
وعليه، فالواجب على هذا الأب أن يتوب إلى الله تعالى ويصلح ما أفسد، بأن يعدل في توزيع العطايا، فيعطي بناته كما يعطي ابنه.
وقال بعض العلماء كمحمد بن الحسن وأحمد وإسحاق وبعض الشافعية والمالكية: العدل أن يعطي الذكر مثل حظ الأنثيين كالميراث، والقول بالتسوية بين الذكر والأنثى في العطية هو الأظهر والأقوى، لحديث: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء. أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي، وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1424(12/5430)
هدية شركات الأدوية للأطباء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيب تقوم شركات الأدوية بزيارات متعددة لكل الأطباء للتعريف بأدويتها لعلاج مختلف الأمراض وتقوم هذه الشركات من خلال ميزانية خاصة لديها بتقديم بعض الهدايا العينية للأطباء وبعضها يقوم بتحمل تكاليف مؤتمرعلمي طبي لبعضهم مما يعود بالفائدة العلمية عليهم ومرضاهم فما حكم هذا؟ علما بأنه لا يترتب على هذا العمل أي التزام بأدويتهم دون غيرهم من الشركات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحب هـ أما بعد:
فإذا كانت هذه الهدايا والمؤتمرات لا تؤدي بالشخص إ لى المحاباة والكذب بوصف أدوية هذه الشركة بما ليس فيها، أو بدلالة الناس عليها مع وجود عيب، أو ما هو أفضل منه، فإنه لا بأس بذلك، وراجع التفاصيل في الفتوى رقم:
3157
والفتوى رقم:
4100
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1424(12/5431)
حكم هدية المرأة لأجنبي بنية المصادقة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ...
باختصار لقد أرسلت لي إحدى الفتيات هدية متمثلة في مصحف (القرآن الكريم) وهذا من أجل أن أصادقها وقد رفضت ذلك النوع من الصداقة لأنه لا توجد صداقة بين شاب وفتاة ... لكن لم أستطع رد الهدية، فهل أقبلها أم ماذا أفعل بها؟ أرجو منكم الإجابة في أسرع وقت؟ وجزاكم الله خيراً، شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وع لى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المقصود بهذه الصداقة إيقاعك في علاقة محرمة فالواجب رد هذه الهدية إليها إن أمكن ذلك، فإن لم يمكن فاجعل المصحف في مكان ينتفع به فيه، وعل ى كل فإن عليك قطع الصلة بها، وإن كان المقصود بها ترغيبك في الزواج منها فلا يلزمك ردها، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
11587
ثم إننا ننصحك في ختام هذا الجواب بالزواج من هذه الفتاة إن كانت على دين وخلق، إذ أن الزواج من أنفع الأدوية للعشق؛ كما سبق أن بينا في الفتوى رقم:
9360
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1424(12/5432)
مجرد الإذن بالهبة يعتبر عارية تنتهي بموت الواهب
[السُّؤَالُ]
ـ[اشترى والدي قطعة أرض وبنى عليها بيتا ونحن ثلاثة إخوة وثلاث أخوات وقمنا أنا وأخي الأوسط ببناء أربع شقق في الدور الثاني والثالث لغرض الاستنفاع من دخلها، فما هو نصيب كل من الأبناء الذكور والإناث وهل الشقق الأربع المبنية على نفقة الابن الأوسط والأصغر في الدور الثاني والثالث تدخل ضمن الإرث؟ أفيدونا أفادكم الله؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الأب أعطاكما هواء بيته لتبنيا عليه الدورين المذكورين وتمت شروط الهبة المعروفة وأشهد على ذلك فإن الدورين والهواء لكما ولا يدخلان ضمن الميراث، أما مجرد الإذن لكما في البناء فلا يجعل الهواء ملكاً لكما، فقد ذكر خليل في مختصره وذكر شراحه أن الهبة لا تنعقد بمجرد قول الوالد لولده ابنِ في هذا المكان داراً أو اعمل فيه مزرعة إلا بإشهاد على الهبة، بل هو عارية تنتهي بموت الأب، فإذا مات الأب شارك الابن الورثة في القطعة، وللابن قيمة بنائه منقوضاً.
وقد نقل المواق عن ابن مزين أنه قال: من قال لابنه اعمل في هذا المكان جنانا أو ابن فيه داراً، ففعل الابن في حياة أبيه، وصار الأب يقول جنان ابني، فإن القاعة لا يملكها الابن بذلك، وتورث عن الأب، وليس للابن إلا قيمة عمله منقوضاً.
فالحاصل أن الهواء لا تملكانه بمجرد الإذن بالبناء دون إشهاد على الهبة الصريحة، وأن مجرد الإذن يعتبر عارية تنتهي بموت الأب، فإذا مات اشتركتما مع الورثة في ميراث ذلك الهواء، وأما البناء فهو ملك لكما فتتفاهما مع الإخوة في الهواء، فإما أن يجعلوه من ميراثكما، أو يعطوكما ثمن الدورين منقوضين.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية، وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(12/5433)
حكم تقديم هدية لمن يريد نكاحها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ما حكم من يرغب في الزواج من فتاة تصغره بـ12 سنة، وهل يجوز أن أبعث لها بهدية عن طريق إحدى القريبات بمناسبة النجاح، وهل يجوز تأخير الزواج بحجة إكمال البنت لتعليمها؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من الزواج بمن تصغرك بالسن الذي ذكرت. وانظر الفتوى رقم:
21361.
وإكمال التعليم ليس عذراً لتأخير الزواج بل يمكن الجمع بينهما، وانظر الفتوى رقم: 18626، والفتوى رقم: 26890.
وأما تقديم الهدية لمن ترغب في نكاحها فلا مانع منه، بل هو سبب للمودة والقبول بك، ولكن لا يخفى أن هذه المرأة قبل عقد النكاح عليها أجنبية لا تحل الخلوة بها ونحو ذلك من المحرمات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1424(12/5434)
الحد الأقصى المسموح به في الهبة لبعض الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يهب الرجل لأحد أولادها فى حياته، وما الحد الأقصى من ممتلكاته لهذه الهبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم عدم جواز تفضيل بعض الأولاد على بعض للأدلة الصريحة على ذلك، وراجع لمعرفة التفصيل في الفتوى رقم:
28174.
أما الحد الأقصى المسموح به في هبة الوالد لبعض أولاده، فإن جاز التفضيل لحاجة بعضهم إليه كحاجة الطالب الجامعي أكثر من طالب الإعدادي أو حاجة الكبير للزواج بخلاف الصغير فحينئذ تقدر الحاجة بقدرها وليس هنالك تحديد شرعي بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1424(12/5435)
تنفذ الهبة بالحيازة قبل موت الواهب
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ وأخت ولنا إخوة آخرون غير أشقاء (من أم أخرى) وقد مات والدنا، وقام والدنا رحمه الله بتزويج إخوتنا منذ فترة طويلة وأنفق عليهم جميعاً بما يكفيهم وزيادة وترك لنا بيتاً لكي نبيعه ليساعدنا على تكاليف المعيشة والزواج أنا وإخوتي وليس لدينا مصدر مادي آخر، وإخوتنا غير الأشقاء بعد وفاة والدنا يريدون تقسيم هذا البيت بيننا وبينهم، فهل هذا من حقهم وهل يحاسب أبي على عدم حفظ حقوقنا قبل وفاته؟ أفيدونا أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان أبوكم قد وهب لكم هذا البيت في حياته في وقت كان فيه جائز التصرف وقمتم بحيازته قبل مماته، فهو ملك لكم وليس لإخوانكم حق فيه، أما إذا لم يكن الأمر كذلك فالبيت إذن ملك لكم جميعاً أنتم وإخوانكم لأبيكم، ويقسم بينكم على نحو ما ذكر الله في كتابه الكريم: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْن [النساء:11] .
ولا يؤثر في هذا الحكم كون أبيكم قد وهب لإخوانكم غير الأشقاء مالاً قلَّ أو كثر في حياته، فتلك هبة صحيحة، وإن كان رحمه الله قد فرط من جهة أنه لم يعدل بينكم في العطية، ولمزيد من الفائدة نوصي بمراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية:
3303، 5348، 6242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1424(12/5436)
هدية الطالب للمعلم - رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تقبل هدية الطالب للمعلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هدية الطالب إلى المعلم إذا كانت بقصد محاباته في رفع درجاته في الامتحان أو غيره، فيحرم على المعلم أخذها، لأنها تعتبر في حكم الرشوة التي بين رسول الله صلى الله عليه وسلم الوعيد فيها حيث قال: لعن الله الراشي والمرتشي رواه أحمد وأبو داود.
فيجب على المعلم أن يقوم بأداء أمانته، لأنه مسؤول عنها، وسيحاسب على تضييعها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة رواه مسلم.
كما أن الهدية لهذا الغرض السيئ قد تكون أيضاً داخلة في الغلول، فقد قال صلى الله عليه وسلم: هدايا العمال غلول صححه الألباني.
وللمزيد من التفصيل في الموضوع يمكن الرجوع إلى الفتوى رقم: 5794.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1424(12/5437)
يمكن قبول هدية الكافر بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي زميل نصراني وأنا مسلمة وهو يساعدني مادياً بدون مقابل ولا دين هل حرام أن آخذ منه الفلوس؟ وللعلم فإن ظروفي صعبة وأنا أحاول سدادها عن طريق الهدايا لولده وزوجته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك في قبول هبة الكافر بشرط ألا تكون هذه الهبة سبباً للمودة، والتأثر بما عليه هذا الواهب من الباطل، والأفضل الاستعفاف عن ذلك.
وقد سبقت لنا فتوى برقم: 38513 فيها حكم قبول هدية الكافر.
وفتوى برقم: 24742 فيها حكم وصيته للمسلم ومثلهما الهبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1424(12/5438)
الهبة لا تتم إلا بالحيازة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعطي أمي مبلغا شهريا من راتبي وكانت تأبى أن تصرف منه جنيهاً واحداً وتقول إنها تدخره لزواجي ولا يعلم أحد عنها شيئا سوى أنا وأختي الكبرى الآن توفيت أمي فما مصير تلك النقود؟ هل هي ملك لي أم ميراث للأسرة كلها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الأمر كما ذكرت، فهذا يدل على أن أمك لم تأخذ النقود منك لنفسها، وإنما أخذتها وادخرتها لك، فلم يحصل منها حوز الهبة لنفسها، والهبة لا تتم إلا بحيازة.
وعلى ذلك، فإن هذا المال يعتبر خاصاً بك، ولا يدخل في تركة أمكم، لأنها لم تحزه لنفسها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1424(12/5439)
حكم تقديم المرأة هدية لطبيبها النفسي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة تعرضت لمشكلة في حياتي تعبت على إثرها نفسيا وقد استشرت طبيبا نفسيا في مشكلتي ولأنه كان مخلصا معي في المشورة واستمع لمشكلتي بإخلاص حيث إن مكالماتي له لم تتعد أربع مكالمات ولكنها كانت مكثفة أرسلت له هدية عبر بريده الخاص، وهي لوحة فنية زيتية حيث إنني فنانة تشكيلية ولكن يا فضيلة الشيخ بعدما أرسلت له الهدية أحسست بتأنيب الضمير، وأن الله قد غضب علي فهل إرسالي للهدية له حرام وهل أنا آثمة بذلك، وماذا أفعل لأنال مسامحة الله لي؟ أرشدوني لأنني أتألم من شدة تأنيب الضمير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا الطبيب موظفاً يتقاضى راتبه من جهات رسمية فلا يجوز لك الإهداء له، ولا يجوز له هو أن يقبل منك لأن ذلك من باب الرشوة المحرمة، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي لي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فهلاّ جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر أيهدى إليه أم لا.
وأما إذا كان لا يأخذ راتباً من المال العام على عمله وقد تبرع لك إحساناً منه، فلا مانع من إعطائه مكافأة على جهده وعمله الذي قدم لك، وهذا من جزاء الإحسان بالإحسان، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من صنع إليكم معروفاً فكافئوه..... رواه أبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1424(12/5440)
حكم دفع العينات للعميل للترويج
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
سؤالي هو: أن زوجي يعمل في إحدى شركات الأدوية ولكن يقوم بتوزيع بعض الهدايا على الأطباء والتى تشجعهم على وصف منتجات هذه الشركة وما أسأل عنه هل هذه رشوة؟ وأيضا ما الحكم في أن ملاك هذه الشركة يهود لأنها شركة عالمية (انترناشيونال) ؟
نسألكم الهداية في أمرنا وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حكم هذه الهدايا قد سبق بيانه في الفتوى رقم: 4100، والفتوى رقم: 3157.
وأما التعامل مع الكفار، فإنه لا حرج فيه إن شاء الله، ما لم تترتب على ذلك مفسدة أعظم، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 28387.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(12/5441)
لا يجب على من زيد له في العطية أن يعيده إلي التركة
[السُّؤَالُ]
ـ[من عام 1995 تقاعد والدي وراتبه 1300 دولار وله أنا وثلاث بنات وتصرف في معاشه ويعطينا أنا وأخواتي المتزوجات، وزاد بعضنا على بعض، وتوفي رحمه الله، والآن كل واحد منا يقول هو أعطاك أكثر مني، وقد ثبت أنه أعطى أختي الصغيرة خمسة آلف دولار زيادة علينا فما حكم هذه الزيادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن يعدل الوالد بين أولاده في العطية والهبات، وأن لا يفضل بعضهم على بعض في ذلك، لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري ومسلم.
وأجاز بعض العلماء التفاضل إن كان هناك سبب، كأن يحتاج الولد لمرض، أو كثرة عيال، أو نحو ذلك.
ومع ما تقدم، فإذا فاضل الوالد بين أولاده بأن أعطى بعضهم أكثر من بعض أو خصهم بشيء، فإن ذلك يمضي وينفذ إذا كان في حال صحة الآب ورشده، وكان الولد قبض الهبة قبضاً صحيحاً، ولا يجب على من زيد له في العطية أو خُص بشيء أن يرجعه إلى التركة، إلا أن يتطوع بذلك وتطيب به نفسه، وللمزيد في هذه المسألة تراجع الفتوى رقم: 5348، والفتوى رقم: 6242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1424(12/5442)
الهبة تنفذ إذا حيزت قبل حصول المانع
[السُّؤَالُ]
ـ[قام شخص ما في حياته بتقسيم أملاكه العقارية على أبنائه وبناته بموجب عقود هبة ولم يتم تسليم هذه العقود لهم قبل الوفاة وبعد الوفاة أختلف أبناؤه على هذا التقسيم والسؤال هو: هل هذا الاجراء سليم من الناحية الشرعية؟ وإذا كان غير ذلك فهل تعتبر تركة يعاد تقسيمها عليهم حسب الفريضة الشرعية؟
أفيدوني أفادكم الله والسلام عليكم ورحمة الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تقسيم الشخص أمواله على ورثته في حياته إذا كان على وجه الهبة، وحاز كل واحد حصته قبل موت الواهب أو حصول مرض يمنعه من تصرفه فهذا التقسيم نافذ، لأنه عبارة عن هبة حيزت قبل حصول المانع، وعقود الهبة -أي وقائعها- لا أثر لها، لا لتسلمها قبل الوفاة ولا لتأخرها عن الوفاة، بل المعتبر هو الحيازة، فمتى ما ثبتت الهبة وحصلت الحيازة، فقد تم الأمر، وإذا لم تحصل الحيازة فلا عبرة بالوثائق ولو تسلمت قبل الوفاة، ويبقى المال تركة.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 14893.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1424(12/5443)
كيفية التصرف في الهدية المسروقة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد تلقيت من شخص هدية ولكن هذه الهدية من مصدر غير شرعي -يعني مسروقة أو مشتراة ببطاقة ائتمان مسروقة- هذه الهدية حرام، ماذا يجب أن أفعل فيها وهي بحوزتي الآن مع العلم أن الذي أهداها لي قريب مني ولكن أنا متاكد أنه لن يرجعها إلى أهلها إذا أعطيته أياها، هل يجوز شرعا أن أبيعها وأتصدق بثمنها؟ هل تعد هذه صدقة لأني علمت أن التصدق بمال مسروق حرام؟ أفيدوني بدقة يرحمكم الله لأني أريد إبراء ذمتي من هذا الأمر كليا؟ وشكراً.
ولكم مني الشكر ومن الله عز وجل الجزاء والسلام عليكم ورحمةالله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم:
16538 كيفية التصرف في مثل هذه الهدية وأن آخر الوسائل هي التخلص منها بصرفها في وجوه الخير على سبيل التصدق بها عن صاحبها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1424(12/5444)
لا يجوز للابن أن يعود فيما وهبه لأبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
أرجو من الله أن يحفظكم ويرعاكم
منذ عامين أعطيت أبي مبلغ 2200 ريال ليستعين بها على أداء فريضة الحج وعامها تقدم بأوراقه للجهات المختصة ليحصل على تأشيرة الحج ولكنها لم تيسر له ذلك العام وفي العام التالي تقدم مرة أخرى للحصول على التأشيرة فلم تيسر له أيضا وبعد ذلك أخذت ذلك المبلغ الذي أعطيته له مسبقا لأستعين به على زواجي فما هو حكم أخذي لذلك المبلغ وماذا علي أفتوني مأجورين وجزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراجح عند أكثر أهل العلم أن رجوع الشخص في هبته لا يجوز ودليلهم عموم الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المجال، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه. رواه البخاري، وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لرجل أن يعطي عطية ثم يرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده رواه الترمذي
وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم كالحنابلة والمالكية وغيرهم، وعليه فنقول لهذا الأخ إن هبته لأبيه قد خرجت من يده وحازها الأب، فصارت من ماله، فلا يحق له الرجوع فيها إلا إذا وهبها له الأب من جديد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1424(12/5445)
هبة الأب لبناته حال حياته
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي ثلاث بنات، أنوي أن أبيع لهن كل ما أملك، لاسيما وأن لهن أقارب ذوو أطماع بهن، ما رأي الشرع في ذلك وهل عقد البيع هذا نافذ قانونياْ؟ وهل الوصية الشرعية التي أنوي أن أوصي لهن فيها بكل شيء وبالتساوي (مع حفظ حق زوجتي حتماْ) تنفي هذا البيع أو تلغيه؟ ودمتم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا وهبت لبناتك ما تملك أو جزءاً منه في حال صحتك واختيارك وقسمته بينهن بالتساوي وقبضْنَه في حال حياتك فتلك هبة جائزة ونافذة شرعاً، ولاشك أن الأولى والحالة هذه أن تسجل هذه الهبة متبعاً كافة الإجراءات القانونية المطلوبة حتى لا ينازعهن أحد في ذلك فيما بعد لا سيما وأنهن بنات، والمرأة لا تقوى غالباً على مجابهة الرجال في الخصومات، أما أن توصي لهن بمالك كله أو جزء منه فلا يجوز ذلك لكونهن وارثات، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، وحسنه الأرناؤوط وصححه الألباني، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 23853.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1424(12/5446)
حكم قبول هبة المال الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريب يرابي، وقد أعطاني ديكا روميا كهدية، فهل يجوز أن آكل منه؟ وإن كان لا يجوز فكيف أتصرف فيه؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه مما ينبغي لك فعله أن تقوم بنصح قريبك هذا وتحذره من الربا وتذكره بعقوبته الدنيوية والاخروية إذا لم يتب إلى الله عز وجل ويقلع عن التمادي فيه.
أما بخصوص ما أهداه لك فهذا ينظر فيه فإن كان له مال آخر حلال فإنه لا مانع من قبول هديته وإن كان الورع عدم ذلك.
أما إذا لم يكن له مال غير هذا المال الحرام فلا يجوز لك قبول هديته، وانظر الفتوى رقم: 7707.
وحيث ثبتت الحرمة فلك أن ترجع هذا الديك إلى صاحبه، وإن تعذر فأعطه للفقراء والمساكين بنية التخلص منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1424(12/5447)
بين الهبة والوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة ورزقني الله ببنت واحدة عمرها ثلاث سنوات فهل يجوز لى أن أكتب لها ميراثي عن أبى وهو جزء من عقار على المشاع مع إخوتي وأولاد عمتي مع العلم بأنني أمتلك قطعتي أرض أخريين إحداهما مباني والأخرى في مخصص قرية سياحية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المقصود أن تهبيها ما تريدين في حياتك بحيث ينتقل هذا الموهوب من ملكك إلى ملكها فلك ذلك.
وإن كان المقصود أن تهبيها ما سبق بعد وفاتك فهي وصية لاغية لا تنفذ إلا إن أقرها الورثة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا وصية لوارث. رواه الترمذي وغيره.
وانظري الفتوى رقم:
14759، والفتوى رقم: 12549.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(12/5448)
يتساوى الأولاد في هبة جدهم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
كان يوجد عندنا تقليد في الأرياف وهوالوالد (أبي) يعطي المولود الجديد لأحد أولاده بقرة صغيرة (عجلة) وهذا الشيء انطبق علي وأعطاني أبي أربع عجلات لكل واحد من أبنائي وبناتي عند ولادته وقمت بتربية هذه المواشي وتنميتها لأبنائي جميعا ولكن حدث عندنا ظرف وهو بناء بيتنا مما اضطررني لبيع الكثير من المواشي (رأس المال) بالإضافة إلى ذلك أمتلك خمسة أفدنة من الأراضي الزراعية والمحصول ينصب في المواشي وأعمل في التربيه والتعليم ومرتبي أيضا يضاف إليهم حيث أن زوجي لا يحتاج من مرتبي شيئاً هذا وتوجد فروق عمريه بين أبنائي، والسؤال هو: هل أقوم بتوزيع المواشي على أبنائي للذكر مثل حظ الأنثيين أو بالتساوي بينهم حيث أن رأس المال متساو]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل فيما وهب للأولاد أنه ملك لهم لا يجوز لأحد أن يتصرف فيه ولو بالمصلحة إلا بإذنهم إذا بلغوا راشدين، أما إذا لم يبلغوا راشدين فلا يجوز لمن تولى أموالهم أن يتصرف فيها إلا بما فيه المصلحة لهم، أما من ناحية النفقة التي أنفقت على المواشي المذكورة، فإن كانت بنية مساعدة الأبناء [هبة لهم] فلا حق لكم في الرجوع فيها، ويكون حكمها حكم أصل المال، أما إذا كانت بنية الرجوع عليهم فيها عند بيع المواشي أو عند امتلاكهم الأموال، فلا مانع لكم من أخذها ببيع بعض المواشي لاستيفاء حقكما.
وليعلم أن كل ما مضى ذكره يسري حكمه عندما لا يحتاج أحد الوالدين إلى النفقة الضرورية، فإن احتاج إليها جاز لهم الأخذ منها بقدر الحاجة فقط, وإن من أعظم حاجات المرء المسكن والمأكل والملبس، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. رواه ابن ماجه وأحمد، وعليه فإن الأولاد يصيرون شركاء في المسكن المذكور بقدر ثمن مواشيهم الذي صرف في بناء المسكن إذا فضلوا ذلك وكانوا بالغين رشداء.
أما إن كانوا قُصَّراً فلك أو لولي أمرهم أن ينظر في الأصلح لهم، فإن كان بقاؤهم في المسكن شركاء أصلح لهم بقوا كذلك، وإن كان الأ صلح لهم أن ترد إليهم قيمة مواشيهم ردت إليهم، وعلى كل حال فهم متساوون في ما وهبه إليهم جدهم الذكر والأنثى على السواء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1424(12/5449)
حكم الهدية بمناسبة الحمل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي فضيلتكم في موضوع بيبي شوا (الجلسة النسائية التي تنظمها النساء لتقديم الهدايا للمرأة الحامل قبل الإنجاب؟ وجزاكم الله عنّا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتهادي بين الناس سواء بمناسبة أو بغير مناسبة مما حث عليه الشرع ورغب فيه وجعله سبباً للمحبة التي هي سبب لدخول الجنة؛ كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. رواه البيهقي وحسنه الألباني.
وقال: تَهَادَوْا فَإِنّ الْهَدِيّةَ تُذْهِبُ وَحَرَ الصّدْرِ، ولا تَحْقِرَنّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ شِقّ فِرْسِنَ شَاةٍ". رواه الترمذي.
"وحر الصدر" (بفتح الواو والحاء) : غشه أو حقده أو غيظه أو نفاقه، بحيث لا يبقى فيه رين. أو العداوة أو أشد الغضب.
ففي هذين الحديثين الحث على التهادي ولو باليسير.
وعليه؛ فإن اجتماع النساء لتقديم الهدايا إلى المرأة الحامل داخل فيما ندب الشرع إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1424(12/5450)
حكم الاحتفاظ بهدية عن غرض غير صحيح
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
جزاكم الله خيراً على الموقع والخدمات..
الحمد الله الذي هداني ورجعت لديني وأسأل الله المغفرة، كنت على علاقة محرمة بإحدى الفتيات والحمد لله أنني اهتديت لله وابتعدت عنها.. فقد كانت تهديني هدايا في مناسبات عدة وأحتفظ ببعضها حيث إنني استخدمها فهل احتفاظي بهذه الهدايا حرام؟ وكيف أتصرف بها إن كانت كذلك مع العلم بأن الهدايا تذكرني بالفتاة وأنا والحمد لله أبحث حاليا عن زوجة لي.. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يحفظك من الفتن وأن يثبتك على الهدى حتى تلقاه، ولا يخفى عليك أنه يلزمك أن تقطع كل علاقة بهذه الفتاة وذلك من تمام التوبة.
وأما بشأن تلك الهدايا التي أهديت لك بغرض غير صحيح فنرى -والله تعالى أعلم- أن عليك أن تتخلص منها بالتصدق بها أو نحو ذلك، ولا تحتفظ بها خصوصاً إذا كانت تذكرك بفترتك السابقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1424(12/5451)
ينبني الحكم حسب القصد: هبة أو وصية
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي سفيه فهو ظاهريا عاقل وإنما هو يأكل بكل ما يدخل جيبه من أموال ولا يعلم قيمة المال أمي تريد أن تترك لي بعض المال لكي أصرف عليه بعد وفاتها وخايفة أموت أنا قبلها ويذهب المال لزوجي وهو لا يعلم هذه القصة فماذا نفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت الوالدة تقصد بما تجعل تحت يدك من المال رصيداً لولدها السفيه يختص به بعد موتها دون غيره من الإخوة فهذا لا يجوز، لأنه إما أن يكون وصية لوارث، أو تفضيلاً لأحد الأبناء على غيره في التركة.
وعلى هذه الأم أن ترضى بحكم الله تعالى في أمورها كلها وخاصة فيما يتعلق بتقسيم التركة، فإن الله سبحانه وتعالى لم يجعل تقسيم التركة لأحد من خلقه، وإنما أنزله في كتابه مفصلاً قطعي الثبوت قطعي الدلالة حتى لا يختلف اثنان.
وأما إذا كان مجرد هبة نظراً لحال ابنها وضعفه عن التدبير وحفظ المال، وجعلت له ذلك تحت يد أخته لتحفظه له فنرجو ألا يكون بذلك بأس.
والحل للمشكلة التي فرضت هو أن توثقي هذا المبلغ عند القاضي أو تكتبيه وتُشهدي عليه الشهود العدول، فإذا أصابك مكروه - لا قدر الله - كان الأمر واضحاً وبعيداً عن النزاع وضياع الحقوق.
ومن السنة أن يكتب المسلم وصيته دائماً وما عليه من حقوق. ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما حق امرئٍ مسلم له شيء يوصي فيه إلا ووصيته مكتوبة عنده. قال ابن عمر: ما مرت عليَّ ليلة منذُ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك إلا ووصيتي مكتوبة عندي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1423(12/5452)
حكم هدية الوالد لابنه الحاصل على شهادة تعليمية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام
لقد أعطاني والدي مبلغا من المال عند حصولي على الماجستير وأنا الوحيد من إخوتي الذي وصل لهذا المستوى
فهل هذا المبلغ حلال علي لأن إخوتي لم يأخذوا مثله لأنهم لم يتحصلوا على هذه الشهادة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على الأب التسوية بين أبنائه في العطية فلا يعطي بعضاً دون بعض على القول المعتمد من أقوال أهل العلم ما لم يكن ذلك لسبب وجيه، قال ابن قدامة في المغني: فإن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو أكثر عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل. انتهى.
وعلى هذا؛ فإن هبة الوالد لك على هذا النحو جائزة تقديراً منه على ما بذلته في تحصيل العلم، وانظر الفتوى رقم: 28403.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1423(12/5453)
تبادل الهدايا بين الرجل والمرأة.. حظر أم إباحة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال بختصار:
ماحكم إهداء الرجل هدية لامرأة لا تقرب إليه بأي صلة قرابة وكذلك بدون وجود أي مصلحة أو غاية في نفس الرجل تجاه هذه المرأة؟ وجزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه الهدية خالية من أي غرض محرم فلا مانع منها، وقد أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم هدايا من نساء أجنبيات عنه فقبلها، وقد أهدى هو صلى الله عليه وسلم هدايا لبعض النساء، وقد روى البخاري عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم عروسا بزينب، فقالت لي أم سليم: لو أهدينا لرسول الله صلى الله عليه وسلم هدية، فقلت لها: افعلي، فعمدت إلى تمر وسمن وأقط فاتخذت حيسة في برمة فأرسلت بها معي إليه فانطلقت بها إليه ... الحديث.
ولكن ننبه إلى أن مقصد الشرع في الحث على التهادي بين المسلمين هو ما نص عليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: تهادوا تحابوا. رواه البخاري في الأدب المفرد، والبيهقي في السنن الكبرى، وأبو يعلى في مسنده.
قال الإمام الباجي في شرحه على الموطأ: قوله صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا يريد -والله أعلم- أنها من أسباب التواصل التي تؤكد المودة، وقد قَبِل النبي صلى الله عليه وسلم الهدية وقال: لو أهدي إليَّ كراع لقبلت. انتهى.
ولا شك أن الحكم هو ما قدمناه؛ ولكن الغالب من أحوال الناس في هذا الزمان الضعف وقلة الدين ويخشى في التهاون بين الرجال والنساء الأجانب أن يفتح على كل من الرجل والمرأة باباً من الشر يعز غلقه، وقد قرر الأصوليون أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
فلو أمن السائل الكريم على نفسه من هواجس الشيطان فهل يأمن على هذه المرأة المسلمة وساوسه وهواجسه اللعينة.
فإذا غلب على الظن عدم خلو هذه الهدية من غرض محرم أو خلت وغلب على الظن أن تكون سبباً في الوقوع فيما حرم الله تعالى فحينئذ نقول بالمنع تقديماً لجانب الحظر على جانب الإباحة، إذ السلامة لا يعدلها شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1423(12/5454)
الإنفاق على أحد الأولاد للدراسة هل ينافي العدل
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد أولادي درس الجامعة بالخارج وكلفني مبلغاً كبيراً من المال هل يأخذ من التركة نفس حصص باقي الورثة أم يخصم منه مبلغ تكاليف دراسته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه المبالغ التي أنفقتها على ولدك أثناء دراسته الجامعية إما أن تكون هبة منك له.. وإن كانت كذلك فلا يجوز لك الرجوع فيها، وإن كان بعض أهل العلم أجاز للوالد الرجوع في هبته لولده، فإن هذه الهبة المسؤول عنها استهلكت، والهبة إذا استهلكت لا يجوز الرجوع فيها بالاتفاق.
وإما أن تكون أعطيته هذه المبالغ على سبيل القرض وأعلمته أنها دَين عليه، ففي هذه الحالة لك أن تتقاضاها منه حال حياتك، أما بعد موتك فيضاف هذا الدين إلى التركة، ثم الورثة بعد ذلك بالخيار إما أن يسامحوه وإما أن يخصموه من حصته من الميراث.
وننبه الأخ السائل إلى وجوب العدل في العطية بين الأولاد لحديث: اعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري.
ولا ينافي العدل أن تدفع لواحد منهم أكثر من غيره إذا كان ثمة سبب، كأن يحتاج الولد أكثر من إخوانه لاشتغاله بطلب العلم ونحو ذلك.
جاء في المغني: فإن خصَّ بعضهم - يعني بالعطية - لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عياله أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل.. فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك ... انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1423(12/5455)
لا يقبل الموظف الهدية إلا بعلم صاحب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل محاسباً بمكان معين ونفذت مهمة وبعد ما نفذت أتى لي صاحب المهمة وقال لك عندي هدية وأعطاني ظرفاً به مبلغ نقدي صغير مع الملاحظة بأن هذه المهمة نفذت مثل كل مرة أو ما يسبقها ولكن هو ميز عن باقي الشركات في أننا أخذنا منه بضاعة في حين أخذناها بنفس سعر السوق فهل هذا المبلغ حرام أم هدية لا ترد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالغرض من الهدية هو استمالة القلوب كما قال صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. أخرجه الإمام مالك في الموطأ.
ولا ريب أن المهدي ستكون له حظوة عند المهدى إليه، وهذا مما جبل الله عليه الناس، كما قال صلاح عبد القدوس:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ... فطالما استعبد الإنسان إحسان
ولهذا شدد النبي صلى الله عليه وسلم، في قبول الهدايا من العمال والموظفين، وراجع الفتوى رقم: 3816، والفتوى رقم: 14160.
وعليه، فإنه لا يجوز لك أن تأخذ هذه الهدية إلا إذا أعلمت صاحب الشركة أو المدير المسؤول وأذن لك بذلك، وراجع الفتوى رقم:
17863، والفتوى رقم: 8321.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1423(12/5456)
حكم هبة الصبي
[السُّؤَالُ]
ـ[صبي وهب صديقه ساعة ثمينة بإذن وليه ما حكم هذه الهبة أرجو منكم الإجابة وجزاكم الله ألف خير ووضع هذا في ميزان حسناتكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن شروط صحة الهبة والهدية أن يكون الواهب بالغاً عاقلاً مالكاً للموهوب، ولذا لا تصح هبة الصبيِّ لتخلف شرط البلوغ فيه، جاء في التاج والأكليل من كتب المالكية: لا خلاف بين مالك وأصحابه أن الصغير الذي لم يبلغ الحلم لا يجوز له من ماله معروف من هبة ولا صدقة ولا عتق؛ وإن أَذن له في ذلك الأب أو الوصي.
وجاء في الإنصاف من كتب الحنابلة: المحجور عليه لحظِّه، وهو الصبيّ والمجنون والسفيه فلا يصح تصدقهم قبل الإذن، وهذا المذهب في الجملة وعليه الأصحاب، وظاهره أن هبة الصبي لا تصح ولو كان مميّزاً وهو صحيح المذهب، وعليه الأصحاب، وسئل الإمام أحمد متى تصح هبة الغلام؟ قال: ليس فيه اختلاف إذا احتلم أو يصير ابن خمس عشرة سنة. انتهى
وإنما لم تصح هبة الصبي لأن هذا التصرف متمحض للضرر به فاشترط فيه البلوغ.
وننبه إلى أن عدم صحة هبة الصبي تكون فيما إذا وهب الطفل ماله، أما لو أحضر الصبي لأحدٍ هدية وقال له: أرسلني أبي بهذه إليك صحت ما لم يقع في قلب الموهوب له أن هذا الصبي كاذب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1423(12/5457)
كيف تمضي الهبة للزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله
ومن فضل الله وبتوفيق منه وبعد 10 سنين من الغربة في الخليج اشتريت قطعة أرض كبيرة جداً ببلدي، ونظرا لما أحس في نفسي من أن زوجتي تعبت معي وعانت وصبرت رأيت أن لها من هذه الأرض حقاً وجزاءً ذلك أننا تقاسمنا الأدوار أنا أعمل وهي راعية البيت.
سيدي ... هل لي ولو من باب الهدية والعرفان بالمعروف أن أكتب باسمها (أملكها) بعض من مما رزقنا الله (أي من قطعة الأرض) من فضله علما أن لي ولدان منها ووولد من زوجة ثانية، وهل يؤثر ذلك على أحكام الميراث؟ وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما وهبه الرجل لزوجته في حال حياته وتمام صحته جائز شرعاً، وتمضي هذه الهبة بحيازة الزوجة للهبة، ولا يؤثر ذلك في ميراثها.
وإذا كان للرجل زوجتان وأراد أن يهب واحدة منهما دون الأخرى فقد اختلف أهل العلم في جواز هذه الهبة.
وينظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم:
11389.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1423(12/5458)
حكم قبول الهدية ممن ماله حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أخذ الهدية من القريب الذى يعمل بمجال السياحة وهل يجوز ذلك مع القريب الذي يلعب الميسر مع العلم بأن هذا القريب له مصدر رزق آخر حيث إنه يعمل مع الأمراء العرب عند ذهابهم إلى سويسرا حيث أنه يعيش هناك ويعمل معهم كسائق على حد علمي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي لك نصح هذين الرجلين، وخاصة هذا الذي يعمل في الميسر وتذكيره بالآيات والأحاديث الواردة في ذلك.
أما بخصوص قبول الهدية منهما فإن كان لديهما مال حلال اختلط بذلك المال الحرام فيكره لك قبول هديتهما.
أما إذا علمت أنه لا مال لهما إلا الكسب الحرام فإنه يحرم عليك قبول الهدية منهما.
وانظر الفتوى رقم: 7707، والفتوى رقم: 27917.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(12/5459)
المكافأة على الهدية سنة نبوية
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا جاءتني إعانة زواج من قريب بملغ 1000 ريال وبعد ذلك تزوج ذلك الشخص ولم أقم بإعطائه إعانة كما فعل معي هل يعتبر ذلك المبلغ ديناً علي أم لا وما هو الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه الإعانة التي أعطاك إياها قريبك ليست بدين مستحق السداد، ولكن يسن لك أن تكافئه عليها بخير منها أو بمثلها أو بأقل منها بحسب حالك، ومتى ما استطعت.. فإن هذا كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، كما روى البخاري وأبو داود والترمذي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها.
فإن لم تجد فعليك بالدعاء لهذا القريب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه به فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه. رواه أبو داود وابن حبان عن عبد الله بن عمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1423(12/5460)
إذا لم يعدل الوالد هل يخصم الفارق من التركة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي قام بتجهيز أخوتي البنات، والحمد لله تم الزواج وعندما طلبت منه أن يساعدني فى الزواج قال لى زوج نفسك مع أنني أساعده فى المعاش وفى تجهيز البنات، فهل يخصم تجهيز البنات من الميراث الشرعي لهم أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن العدل بين الأولاد في العطايا وذلك في الفتوى رقم:
6242.
أما عن خصم تجهيز البنات من الميراث، فإذا كان المراد هو خصم ما أنفقته أنت في تجهيزهن، فلك ذلك إن كنت قد نويت الرجوع بما أنفقت عليهم، أما إذا كان في نيتك التبرع به لهن فإنه لا يجوز لك الرجوع فيه لأدلة ذكرناها في الفتوى رقم:
6797 - والفتوى رقم: 13302.
وإذا كان المراد هو خصم ما أنفقه أبوك فإن ذلك ليس لك، لأنه على فرض أن أباك قد جار ولم يعدل فإنه لا حق لكم في استرداد هبته الجائرة بعد ما يقبضها من وهبت له كما قرر ذلك أهل العلم، وراجع الفتوى رقم:
14759 - والفتوى رقم: 27738.
فقد ذكرنا فيهما خلاف أهل العلم في هذه المسألة مع بيان الراجح، وبناء على ذلك تقسم التركة في هذه الحالة على حسب ما جاء في الكتاب والسنة دون خصم المبالغ المذكورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(12/5461)
الهدية للموظف.. قبول أم رفض
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل محاسباً بشركة تجارية ومن مهام عملي تسليم الشيكات للموردين ولا يوجد عندي فرق بين مورد وآخر وقدم لي أحدهم هدية بمناسبة العام الميلادي الجديد وقد قبلتها ولكن ارتابني شك وخوف أن تكون رشوة علما بأن هذه الهدية لن تؤثر في معاملتي لهذا المورد بل على العكس أفكر في تأخير شيكاته بالذات حتى لا تكون هذه الهدية سببا في أنه يحصل على شيكاته أفيدونا وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمسلمين أن يتبادلوا الهدايا في مناسبات يعظمها الكفار كأعياد الميلاد ونحو ذلك، وراجع الفتوى رقم: 3930 والفتوى رقم: 25275
وبالنسبة للهدية فإن كانت هدايا ترويجة دورية غرض الشركة منها الإعلان وتعريف الناس على منتجاتها ويتم توزيع هذه الهدايا على فئات الناس وأنت من جملتهم فلا حرج عليك في قبولها إذا لم يترتب على ذلك محاباتك لهم وتقديمهم على غيرهم في استلام الشيكات المستحقة وإلا دخلت حينئذ في حكم الرشوة المحرمة، وإن كانت هذه الهدية قد أهديت لك خصيصاً فلا نرى أن تأخذها خشية أن يميل قلبك إلى دافعها فتقدمه على غيره. وراجع الجواب رقم: 4100 والجواب رقم: 3816
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(12/5462)
حكم قبول هدية المشرك الوثني
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قبول الهدية من زميل في العمل ليس له أي ديانة (صيني الجنسية) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وقع الخلاف بين العلماء في هدية المشرك هل تقبل أم لا؟ على عدة أقوال، وسبب اختلافهم في ذلك: وجود أحاديث تدل على جواز أخذ الهدية منهم، ووجود أخرى تمنع من ذلك، ومن هذه الأحاديث ما رواه البخاري في صحيحه وغيره عن أبي حميد قال: وأهدى ملك أيلة للنبي صلى الله عليه وسلم بغلة بيضاء، وكساه برداً، وكتب له ببحرهم ...
وقد كان نصرانياًّ واسمه يوحنا بن رؤبة كما في عون المعبود شرح سنن أبي داود كتاب الخراج.
وما رواه البخاري بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إن يهودية أتت النبي صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها.
ومن الأحاديث الصحيحة في المنع حديث عياض بن حمار قال: أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم ناقة فقال: أسلمت؟ قلت: لا. قال: إني نهيت عن زبد المشركين. رواه أبو داود وأحمد والترمذي وقال عنه: حسن صحيح، وصححه الألباني وشعيب الأرناؤوط.
وقد جمع الحافظ ابن حجر بين هذه الأحاديث المجيزة والمانعة فقال: قوله: "باب قبول الهدية من المشركين": أي جواز ذلك، وكأنه أشار إلى ضعف الحديث الوارد في رد هدية المشرك، وهو ما أخرجه موسى بن عقبة في المغازي عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ورجال من أهل العلم: أن عامر بن مالك الذي يدعى ملاعب الأسنة قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مشرك، فأهدى له، فقال: إني لا أقبل هدية مشرك. الحديث رجاله ثقات إلا أنه مرسل، وقد وصله بعضهم عن الزهري ولا يصح.
وفي الباب حديث عياض بن حمار أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما من طريق قتادة عن يزيد بن عبد الله عن عياض قال: أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم ناقة فقال: أسلمت؟ قلت: لا. قال: إني نهيت عن زبد المشركين والزبد بفتح الزاي وسكون الموحدة: الرفد. صححه الترمذي وابن خزيمة.
وأورد المصنف عدة أحاديث دالة على الجواز، فجمع بينها الطبري بأن الامتناع فيما أهدي له خاصة، والقبول فيما أهدي للمسلمين، وفيه نظر؛ لأن من جملة أدلة الجواز: ما وقعت الهدية فيه له خاصة، وجمع غيره بأن الامتناع في حق من يريد بهديته التودد والموالاة، والقبول في حق من يرجى بذلك تأليفه على الإسلام، وهذا أقوى من الأول.
وقيل: يحمل القبول على من كان من أهل الكتاب، والرد على من كان من أهل الأوثان.
وقيل: يمتنع ذلك لغيره من الأمراء، وأن ذلك من خصائصه.
ومنهم من ادعى نسخ المنع بأحاديث القبول، ومنهم من عكس.
وهذه الأجوبة الثلاثة ضعيفة، فالنسخ لا يثبت بالاحتمال ولا التخصيص. انتهى. انظر في فتح الباري (5/284 - 283 - 284) كتاب الهبة.
وممن قال بنسخ أحاديث المنع بأحاديث القبول ابن حزم، انظر المحلى (8/121) مسألة رقم 1641 كتاب الهبات.
وممن قال بقبول هدية الكتابي ورد هدية الوثني ابن القيم. انظر إعلام الموقعين (4/254) .
وعقَّب المباركفوري على كلام الحافظ ابن حجر فقال: قلت: يدل على قول من ادعى نسخ المنع بأحاديث القبول ما رواه أحمد عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال: قدمت قتيلة ابنة عبد العزيز بن سعد على ابنتها أسماء بهدايا: ضباب، وأقط، وسمن، وهي مشركة، فأبت أسماء أن تقبل هديتها وتدخلها بيتها، فسألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة:8] .
فأمرها أن تقبل هديتها وأن تدخلها بيتها، كذا في المنتقى.
ولا يبعد أن يقال: إن الأصل هو عدم جواز قبول هدايا المشركين، لكن إذا كانت في قبول هداياهم مصلحة عامة أو خاصة فيجوز قبولها. والله أعلم.
وبعد هذا التطواف السريع نقول: لا يمكن القول بالنسخ إلا بعد العلم بالتاريخ، فينسخ المتأخر المتقدم بشروط النسخ المعروفة في أصول الفقه.
وأما بخصوص الراجح في هذه المسألة فنقول للسائل الكريم: إن الأحوط هو عدم قبول هدايا المشركين إلا إذا كانت هناك مصلحة كتأليفهم إلى الإسلام والرغبة في هدايتهم، أما إذا لم تكن هناك مصلحة فلا، وكذلك إذا ما كانت هدية المشرك يريد بها فتنة المسلم أو تنازله عن شيء من دينه فلا يجوز قبولها، وبناء على ما تقدم فلا تقبل هدية هذا الصيني إلا إذا كانت هناك مصلحة من نوع ما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1423(12/5463)
التحقيق في مسألة من أعطي مالا
[السُّؤَالُ]
ـ[حاكم منطقة في دولة لا يهتم بأمور الناس والبلاد لديه مدير مكتب، هل يحل لمدير المكتب هذا قبول الأموال التي يعطيها له الحاكم والبيوت والسيارات وما شابه على هيئة ميزات لا يتمتع بها غيره من الناس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن جاءه مال بغير مسألة منه فأخذه فلا حرج عليه، لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت عمر يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء: فأقول: أعطه من هو أفقر إليه مني، فقال: خذه، إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك. متفق عليه.
والحديث ظاهر في جواز أخذ العطية إذا كانت بغير مسألة منه ولا استشراف أي تطلع. ولهذا ترجم له البخاري رحمه الله بقوله: باب من أعطاه الله شيئاً من غير مسألة ولا إشراف.
لكن إذا علمت أن مال المعطي كله حرام كأن يكون اكتسبه عن طريق الغصب أو الاختلاس أو الرشوة أو نحو ذلك، وأنه يستغل نفوذه وسلطاته ليأخذ ما ليس له، ثم يعطي من يشاء متبعاً لهواه.. إذا كان كذلك فلا يجوز لك أن تقبل عطيته، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: والتحقيق في المسألة أن من علم كون ماله حلالاً فلا ترد عطيته، ومن علم كون ماله حراماً فتحرم عطيته، ومن شك فيه فالاحتياط رده وهو الورع، ومن أباحه أخذ بالأصل. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(12/5464)
جواز تفضيل بعض الولد ببعض المال عند وجود مسوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم الشرع والدين الحنيف في أب أوصى لابنه الطالب، في الجامعة على سبيل الهبة منزلاً لا يملك سواه وهذا الابن والأب لا يوجد لهما سكن سوى هذا المنزل، مع العلم أن لهذا الأب أولاد من زوجة أخرى مطلقة وهؤلاء الأولاد كلهم ميسورون ماديا ولديهم بيوت، وأعمال أخرى، وهؤلاء الأولاد مقاطعون لأبيهم منذ زمن بعيد. أرجو من حضراتكم الإفادة والإجابة على هذا السؤال الهام، وكل الشكر الجزيل لكم يا سادة....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل وجوب العدل بين الأولاد في العطية على الراجح من أقوال أهل العلم، لما ثبت من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولما في التفضيل من إثارة الأحقاد والضغائن بينهم، إلا أن بعض أهل العلم قد رخص في هذا التفضيل عند وجود سبب مسوغ له، كالمرض أو كثرة العيال أو الاشتغال بطلب العلم ونحو ذلك، ونحيل السائل إلى الفتوى رقم:
6242، ففيها الجواب مفصلاً.
فعلى هذا فلا بأس في تفضيل هذا الأب لولده ببعض ماله -وليس كله- ما دام محتاجاً، لاسيما مع ما ورد في السؤال من يسر حال إخوانه، إلا أننا ننبه إلى أن مجرد العقوق من بعض الأولاد ليس مبرراً لتفضيل غيرهم عليهم، كما أننا ننصح هؤلاء الأولاد المقاطعين لأبيهم، ننصحهم بصلته وبره لأن ذلك واجب عليهم، وقطيعته عقوق ومنكر عظيم يجب عليهم التوبة منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1423(12/5465)
تنازل الزوجة عن شيء من حصتها في أرض لا بأس به
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي لها أرض أقمت أنا على هذه الأرض بيتاً حسب القانون في البلد التي أعيش فيها البناء وكل ما على الأرض هو لصاحب الأرض أنا لا يضرني ذلك إن كان حلالاً لكن زوجتي تريد التنازل لي بنصف الأرض كي نكون شراكة أو تسجيلها باسم أربع بنات لي ليس لهم أخ ذكر أنا وزوجتي والحمد لله المودة بيننا أفيدوني جزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا مانع شرعاً من البناء على أرض زوجتك برضاها ويكون ذلك مقابل نصف الأرض، وبذلك تكون الأرض والبناء شركة بينكما على التناصف، فهذا عقد صحيح -إن شاء الله تعالى- سواء سجل رسمياً باسمكما أو اسم أحدكما، ولو سجل باسم البنات فلا مانع من ذلك حسب ما تقضيه المصلحة وتتفقا عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1423(12/5466)
حكم هبة الأب حال حياته لأحد أولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أبي ورث قطعة أرض عن جدي فكتبها باسمي، دون إخوتي بحكم أني أكبرهم سنا حيث أنهم كانوا وقتها صغارا جدا في السن، ألا أنهم الآن بعد ماكبروا أصبحوا ينازعونني عليها بحجة أنها ليست من حقي بل من حقهم جميعاً مع العلم أننا من عائلة متوسطة الحال وأبي مازال على قيد الحياة، وأنني متزوج الآن وعندي أولاد ومحتاج ثمن هذه الأرض وأخاف أن تصرفت فيها أن أظلم إخوتي، وخاصة إني سمعت أن الوصية لأحد الأبناء غير جائزة؟
وشكراً جزيلاً لكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز للوالد أن يفضل بعض أولاده على بعض في العطية إلا برضا أولاده الآخرين، وذلك لما أخرج البخاري من حديث النعمان بن بشير أن أباه أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إني نحلت ابني هذا غلاماً، فقال أكل ولدك نحلت مثله؟ قال: لا. قال: فأرجعه".
وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك جوراً، فقال كما في الرواية الأخرى: "لا تشهدني على جور" ولأن ذلك يؤدي إلى العقوق وقطيعة الرحم وهما محرمان فما يؤدي إليهما يكون محرماً.
وعلى هذا، فمادام الأب على قيد الحياة فهو المالك، لهذا الأرض، ولا يعتبر ما نحله لك شرعاً، بل يجب عليه إن أراد أن يقسمها بينك وبين إخوتك أن يقسمها بالعدل، ولا يفضل أحداً منكم على أحد، وإلا أبقاها في ملكه، فإن مات ورثتموها من بعده كل بحسب نصيبه، وانظر الفتوى رقم:
14611 - والفتوى رقم: 27494.
وعلى كل حالٍ فعليك بإرجاع الأرض إلى أبيك، ولايجوز لك أن تأخذ ما فيه إعانة على الظلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1423(12/5467)
حجج أهل العلم في شأن التفضيل في الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
المشكلة هي أن لنا أب له أسرتان الأولى تتكون من أربعة أفراد بنتان وولدان والأسرة الثانية تتكون من ستة أفراد ثلاث بنات وثلاثة ذكور ومشكلتنا هي أن الأب مقيم مع الأسرة الثانية مند أربعين سنة أي منذ أن أقتسموا كل ما هو موجود الآن ويقول الأب إن الأسرة الأولى ليست لديها حق مع الأسرة الثانية ويقول أنه سيثبت ذلك بأوراق رسمية والأولاد من الأسرة الأولى يطالبون بحقهم علماً أنا الابن الثاني بدون زواج والبقية منهم متزوجون فبماذا تفتون إخواني بارك الله فيكم.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا لم نفهم المراد من السؤال على وجه الدقة ومع ذلك نقول:
لا يجوز للأب أن يفضل بعض أولاده على بعض، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه، وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم: إني لا أشهد على جور.
قال النعمان: فرجع أبي فرد تلك الصدقة.
وفي صحيح مسلم عن النعمان بن بشير قال: أتى بي أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً، فقال: أكل بنيك نحلت؟ قال: لا، قال: فاردده.
وقد اختلف العلماء في من فضل بعض أولاده على بعض هل ينفذ تصرفه أو يكون باطلا؟ على قولين:
الأول: أن هذا التصرف باطل، وبه قال الحنابلة، قال الخرقي: إذا فاضل بين ولده في العطية، أمر برده، وبه قال أهل الظاهر، وحجتهم ظاهر النصوص المتقدمة.
الثاني: يصح تصرفه، وبه قال الجمهور من الأحناف والمالكية والشافعية، واحتجوا بأن أبا بكر رضي الله عنه، نحل عائشة ابنته جذاذ عشرين وسقا، دون سائر ولده. رواه البيهقي. وبقول النبي صلى الله عليه وسلم، في حديث النعمان بن بشير: أشهد على هذا غيري.
فأمره بتأكيدها دون الرجوع فيها.
والقول الأول هو الصحيح الراجح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماه جوراً، وما كان جوراً فهو باطل لا يجوز، ولأمره صلى الله عليه وسلم بالرد، والرد ظاهر في الفسخ، كما قال عليه السلام: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. رواه مسلم أي مردود مفسوخ.
وقوله: أشهد على هذا غيري. ليس إذنا في الإشهاد وإنما هو زجر، لأنه عليه السلام قد سماه جوراً، وامتنع من الشهادة فيه، فلا يمكن أن يشهد أحد من المسلمين في ذلك بوجه. وأما فعل أبي بكر فلا يعارض به قول النبي صلى الله عليه وسلم، ولعله قد يكون نحل أولاده نحلا يعادل ذلك.
ثم إنه ينشأ عن ذلك العقوق الذي هو أكبر الكبائر، وذلك محرم، وما يؤدي إلى المحرم فهو ممنوع، وهذا كله ظاهر قوي، وترجيح جلي في المنع، فيجب على والدك أن يسوي بين أولاده من الأسرتين، بأحد أمرين: إما برد ما فضل به البعض، وإما بإتمام نصيب الآخرين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1423(12/5468)
حكم من تنازل عن حقه لغيره ثم بدا له أن يطالبه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالبة في الجامعه ولقد وردت إلى الجامعة منحة للطلبة الخريجين وأنا كنت من بينهم ولكن هذه المنحة عبارة عن أموال ولكني لن أحصل عليها لأني قد تخرجت من الجامعة وإنما يجب أن أتنازل لشخص ما ولقد تنازلت لابنة عمي ووقعت على ذلك واتفقت أنا وهي على إرجاع هذا المبلغ خلال فترات ومن ضمن الأوراق التي وقعت عليها تعهد بعدم مطالبة الشخص الذي تنازلت له عن المال وسؤالي: هل على إثم إذا طالبت بالمبلغ من هذا الشخص؟ مع العلم أنني أنا وهي متفقتان على استرداده خلال فترات معينه وإذا هي أرادت أن ترد جزءا من المال من دون مطالبة مني على سبيل رد المعروف بما أنني قد ساعدتها.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأنبه السائلة الكريمة إلى أن صورة سؤالها غير واضحة، لأن هذه المنحة لو كانت للخريجين كما ذكرت في السؤال، فما الذي يمنعها من أخذها بعد تخرجها دون اللجوء لمثل هذه الحيلة.
والذي يظهر أن هذه المنحة إنما هي للطلبة الذي شارفوا على التخرج للاستعانة بها في شراء كتب أو نحو ذلك مما يحتاجه الطالب، وليست للطلبة الذين تخرجوا كما يفهم من السؤال.
فإذا كانت السائلة لم تأخذ هذه المنحة حتى تخرجت، ونظام الجامعة يمنع من الاستفادة من هذه المنحة بعد التخرج، ولا يجعل لها إلا أن تتنازل عنها لأحد الطلبة فلا يجوز لها حينئذ مطالبة ابنة عمها التي تنازلت لها، لأن نظام الجهة المانحة قد أسقطت حقها، وجعلته لمن تنازلت له، وإذا أرادت ابنة عمها أن ترد لها جزءاً من المبلغ على سبيل المكافأة على الإحسان، فلا بأس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1423(12/5469)
العطية في حال مرض الموت وحال الصحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يملك بعضا من الإبل....فأهداني ناقه واحدة وتوفي أبي فقال لي بعض الناس هذه الناقة تحتسب من التركة ويجب عليك أن ترجعها وأنا عندي إخوة!!!! فهل لي إرجاعها بعدما أهداني إياها أبي قبل مماته؟؟ وهل تعتبر هذه الناقة من التركة؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تخلو هذه العطية من حالين:
الحال الأول: أن تكون هذه العطية قد حصلت في حال مرض الموت أو المرض المخوف الذي يكثر حصول الموت منه فلا تنفذ، ويجب ردها، ولا يحرم منها وارث.
قال ابن قدامة في المغني: وقوله: "إذا كان في صحته" يدل على أن عطيته في مرض موته لبعض ورثته لا تنفذ، لأن العطايا في مرض الموت بمنزلة الوصية في أنها تعتبر من الثلث إذا كانت لأجنبي إجماعاً، فكذلك لا تنفذ في حق الوارث.
قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم، أن حكم الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب، حكم الوصايا، هذا مذهب المديني، والشافعي، والكوفي. انتهى
والوصية لوارث لا تنفذ إلا إذا أجازها بقية الورثة، فإذا كانت هذه العطية قد حصلت عليها في أثناء مرض الأب مرض الموت فعمله هذا يأخذ حكم الوصية، فيكون قد أوصى لبعض الورثة دون بعض.. والوصية لوارث لا تنفذ إلا إذا أمضاها وأجازها بقية الورثة، فإن منعها أحدهم استحق نصيبه منها.
الحال الثانية: أن تكون هذه العطية قد حصلت من الوالد في حال صحته وحازها الولد قبل موت الوالد، فتثبت العطية على ما فيها من الجور والمفاضلة عند الحنفية والمالكية والشافعية، ومنع ذلك أحمد إلا إذا كان لهذا التفاضل سبب، كأن يحتاج الولد - لمرض أولكثرة عيالٍ أو لاشتغال بطلب العلم- دون البقية.
وليعلم أن التسوية بين الأولاد أمر رغب فيه الشرع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي وقال الحافظ في الفتح: إسناده حسن.
وعلى افتراض أن الهبة نافذة فالأولى للسائل الكريم أن يرد هذه الناقة، وأن يكون سبباً في تحقيق العدل، ورد الحقوق إلى أهلها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1423(12/5470)
تبادل الهدايا بين زميل وزميلة العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا غير متزوجة ولي زميل عمل يحبني وهو متزوج وله أولاد ويكبرني بعشرين سنة وكان دائما يعطيني أموالا ليعبر لي عن وقوفه بجانبي رغم رفضي لذلك مع العلم بأنه إنسان طيب جداً ولا يطالبني بغير حسن المعاملة وزوجته شديدة القسوة.
سؤالي هو: هل يجب أن أرد ما أعطاه لي؟ خاصة بعد أن إزداد إيماني بالله.
وهل يجوز أصلاً قبول مثل هذه العطايا من زميل؟
أرجو الإفادة وشكراً.
أنسة أمل/ مصر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلمي أن الشرع لم يجز الحديث والتعامل مع المرأة الأجنبية إلا للحاجة وبقدرها.
وعليه، فإذا كان حديثك مع هذا الزميل في حدود الحاجة مع الالتزام الكامل بآداب الإسلام، فلا خضوع في القول ولا خلوة ولا تبرج فلا بأس، وإذا خلت الهدية من الأغراض الفاسدة والمقاصد الخبيثة فلا مانع من إهداء الرجل للمرأة الأجنبية والعكس، فالهدية جائزة بين الناس إلا الهدية في معصية الله تعالى، كمن يهدي لامرأة ليستميل قلبها إليه، أو يجرها إلى الوقوع فيما حرم الله من نظر أو لمس أو خلوة.
والذي ننصحك به هو قطع العلاقة مع الرجال الأجانب جميعاً، والبعد عن مواطن الريبة والشبه، وترك ما اعتاده بعض الناس من التباسط في الحديث، وذكر أحوال البيوت وعوراتها، فإن هذا شر كبير، ووقوع فيما حرم الله من الغيبة، فليس لك أن تقولي في زوجته إنها شديدة القسوة، وليس له أن يقول ذلك أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5471)
تبادل الهدايا بين زميل وزميلة العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا غير متزوجة ولي زميل عمل يحبني وهو متزوج وله أولاد ويكبرني بعشرين سنة وكان دائما يعطيني أموالا ليعبر لي عن وقوفه بجانبي رغم رفضي لذلك مع العلم بأنه إنسان طيب جداً ولا يطالبني بغير حسن المعاملة وزوجته شديدة القسوة.
سؤالي هو: هل يجب أن أرد ما أعطاه لي؟ خاصة بعد أن إزداد إيماني بالله.
وهل يجوز أصلاً قبول مثل هذه العطايا من زميل؟
أرجو الإفادة وشكراً.
أنسة أمل/ مصر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلمي أن الشرع لم يجز الحديث والتعامل مع المرأة الأجنبية إلا للحاجة وبقدرها.
وعليه، فإذا كان حديثك مع هذا الزميل في حدود الحاجة مع الالتزام الكامل بآداب الإسلام، فلا خضوع في القول ولا خلوة ولا تبرج فلا بأس، وإذا خلت الهدية من الأغراض الفاسدة والمقاصد الخبيثة فلا مانع من إهداء الرجل للمرأة الأجنبية والعكس، فالهدية جائزة بين الناس إلا الهدية في معصية الله تعالى، كمن يهدي لامرأة ليستميل قلبها إليه، أو يجرها إلى الوقوع فيما حرم الله من نظر أو لمس أو خلوة.
والذي ننصحك به هو قطع العلاقة مع الرجال الأجانب جميعاً، والبعد عن مواطن الريبة والشبه، وترك ما اعتاده بعض الناس من التباسط في الحديث، وذكر أحوال البيوت وعوراتها، فإن هذا شر كبير، ووقوع فيما حرم الله من الغيبة، فليس لك أن تقولي في زوجته إنها شديدة القسوة، وليس له أن يقول ذلك أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1423(12/5472)
المرء له حرية التصرف في ماله حال حياته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيراً علي هذا المجهود وسؤالي إن شاء الله:
لي جدة عاشت معنا في منزلنا لمدة كبيرة بسبب ظروف خاصة وعندما رزقها الله شقة من الحكومة عرض علينا (إخوة والدتي) أبناؤها ووالدتي وخالتي وثلاثة من إخوانهم الذكور أخذ هذه الشقة وإلا ردها للحكومة فقررت جدتي التنازل لي شخصيا بهذه الشقة في حياتها حيث كان هذا التنازل سنة 1995 وتوفيت جدتي سنة 2001 ولم يعترض أحد من أولادها وبعد الوفاة بفترة قال أحد أبنائها أنه له حق في الشقة على الرغم أن معي عقد بيع وشراء موثق في الشهر العقاري بهذه الشقة فهل على جدتي إثم في هذا العقد وإن كان عليها إثم فماذا أفعل مع خالي الذي اعترض علي بالرغم أنني لا أملك ما أعطيه له إن كان له حق فماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت جدتك قد وهبت لك هذه الشقة حال صحتها ورشدها، واتنقلت ملكيتها إليك حال حياتها دون توقف على وفاتها، وحزت هذه الشقة حيازة حقيقية، فهي هبة صحيحة لا شيء فيها من جهة الشرع، لأن المرء له حرية التصرف في ماله حال حياته، ما لم يكن في ذلك إسراف أو تبذير، أو إنفاق في أوجه غير مشروعة.
وفي هذه الحالة لا يجوز للورثة المطالبة بشيء من هذه الشقة، لأنها صارت ملكاً خالصاً لمن وُهبت له.
أما إذا كان التبرع بهذه الشقة لك موقوفاً على موت الجدة، فإن لها حكم الوصية، فلا تنفذ في أكثر من الثلث على تفصيل بيناه في الفتوى رقم:
21316 - والفتوى رقم: 24020 - والفتوى رقم: 19503.
علماً بأن أمر التركات شائك وخطير، ولا ينبغي الاعتماد فيه على فتوى مفت أو إجابة سؤال، بل الواجب الرجوع فيه إلى المحاكم الشرعية المختصة التي تطلع على كل الجوانب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1423(12/5473)
هبة صحيحة بشرط
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أمتلك سوبر ماركت وأولادي ست بنات وولد واحد يساعدني في المحل.
أعطيت المحل هبة بدون مقابل لابني الوحيد بعد أن حصلت على موافقة بناتي على أن أعطيهم مقابل ذلك لكل واحدة منهن مبلغ عشرة آلاف جنيه وتم ذلك بالفعل.
وسؤالي هو ما شرعية ما قمت به من تصرف؟ - وجزاكم الله عني خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت البنات قد رضين بذلك من دون أن تمنعهن الرهبة أو الحياء من عدم القبول، فلا حرج في ذلك، وهذه الهبة صحيحة بشرط ألا يكون قد قصد من ورائها حرمان بعض الورثة، فإذا قصد بها ذلك فالهبة غير صحيحة وهذا القصد من المحرمات بل من الكبائر كما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: الإضرار في الوصية من الكبائر. رواه سعيد بن منصور بسند صحيح كما في الفتح.
وقد تقدم منا تفصيل الكلام في حكم تفضيل بعض الأولاد على بعض في الهبة في فتوى رقم:
6242 فانظرها.
والله الموفق.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1423(12/5474)
من شروط نفاذ الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رجل ماتت عنه أمه وتركت له مبلغاً من المال وله أختان وأولاد أخ متوفى وكان يقوم بخدمتها وقد وكل أحد أولاده بالجلوس معها بالمنزل وكان يقوم بإطعامها وإحضار جميع طلباته من مالها الموجود معه، وقد أوضح خلال حياتها أمام أمه وإخوته أن أمه قد قامت "بوهب" جميع أموالها لابنه، هل ذلك جائز شرعا وإن لم يكن كيف يكون التوزيع، وهل لأخته من أبيه حق في هذا الميراث؟ وجزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يشترط أن تثبت هذه الهبة بالبينة ولا تقبل شهادة الأب فيها، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا مجلود حدا ولا مجلودة ولا ذي غمر على أخيه ولا مجرب عليه شهادة زور ولا التابع مع أهل البيت لهم ولا الظنين في ولاء ولا قرابة. رواه الترمذي.
قال ابن قدامة في المغني: الظنين المتهم، والأب يتهم لولده لأن ماله كماله، ولأن بينهما بعضية فكأنه يشهد لنفسه.
ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاطمة بضعة مني يريبني ما أرابها. أخرجه البخاري.
ويشترط كذلك أن تكون الهبة قبضت قبل وفاة الأم، قال في المغني: إذا مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة. انتهى
وقال صاحب الكفاف:
والشرط في استمرار الحوز فإن ... يفَلس الواهب قبل أو يحن
ترد ما لم يك جد فيه ... متهب وعاقه معطيه
وهْو إذا أردت أن يعرفا ... إن يلي المتهب التصرفا
فيها ورفع واهب عنه بره ... وشرطه بينة مشاهده
ومعنى "يحن" في آخر البيت الأول: يموت.
فإن توفرت الشروط التي ذكرنا فإن الهبة صحيحة ويكون المال للولد.
وإلا فإنه يكون تركة بين الرجل المسئول عنه وبين أختيه للذكر مثل حظ الأنثيين، وليس لأولاد أخيه المتوفى شيء. وتكون القسمة كالتالي: النصف للرجل ولكل من أختيه الربع، أما الأخت من الأب فلا شيء لها لأن المتوفاة ليست أمها.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات. ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1423(12/5475)
الأدلة على ترجيح المنع في التفضيل بالعطية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لقد قام والدي ببيع منزله إلى إخواتي الغير أشقاء بيع وشراء ولم يترك لنا أي شيء ما هو حكام الدين في ذلك علما بأن لي 3 بنات وأنا فقط منهم بنات مصابة بشلل الأطفال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننبه السائلة الكريمة إلى أن سؤالها غير واضح وضوحاً تاماً، وسنجيب في حدود ما ظهر لنا من سؤالها، فنقول:
هذا البيع لا يخلو من صورتين:
الصورة الأولى: أن يكون هذا البيع بيعاً حقيقياً قد أبرمه والدكم وهو عاقل رشيد مختار، فهذا البيع صحيح، لأن له التصرف في ماله بما أحب ومن ذلك بيع منزله، وعليه في هذه الحالة أن يوفر لأهل بيته المنزل المناسب ولو بالأجرة.
الصورة الثانية: أن يكون هذا البيع بيعاً صورياً ليس حقيقياً وإنما هو عبارة عن حيلة لإعطاء بعض الأولاد وحرمان بعض، فلا يحل هذا التصرف ووالدكم آثم فيه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم، لمن أراد أن يفضل بعض أولاده على بعض: ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: لا تشهدني فإني لا أشهد على جور.
وفي رواية: أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذن.
وفي رواية أنه قال له: فاردده. رواه مسلم، وأصله في البخاري.
فدل ذلك على أنه يجب على المسلم أن يسوى بين أولاده فيما يعطيهم، واستثنى العلماء من وجوب التسوية ما كان التفضيل فيه لمسوغ شرعي مثل أن يكون أحدهم كثير العيال، أو يكون طالب علم فيه كلفة، أو مريضاً يحتاج إلى علاج ولا يقدر على شرائه، ونحو ذلك، وانظر لذلك الفتوى رقم:
6242.
وإذا تقرر هذا، فإن كان ذلك البيع قد اتخذ حيلة لتفضيل بعض الأولاد على بعض، وتم بالكلام، ولم يسلم إليهم والدكم البيت حتى مات أو مرض مرض الموت فهذا مردود باتفاق الأئمة، وانظر الفتوى رقم:
8174.
ولا يؤثر في ذلك كون هذا التصرف قد تم بلفظ البيع، لا بلفظ الهبة، لأن العبرة في العقود بالمعاني والمقاصد لا بالألفاظ والمباني، بل هذا مما يزيد هذا التصرف قبحاً وإثماً، لأن الله تعالى ذم المخادعين له بقوله تعالى: يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ [البقرة:9] .
والحيلة مخادعة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل. رواه ابن بطة وحسنه شيخ الإسلام.
وإن كان والدك قد أقبضهم هذا البيت في حال صحته ففي صحة هذه الهبة -أي صحة هبتهم البيت- قولان للعلماء:
القول الأول: صحة ذلك.. وإلى هذا ذهب مالك والشافعي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أشهد على هذا غيري. ولو كان حراماً أو باطلاً لما قال هذا، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: فأرجعه. ولو لم يكن نافذا لما احتاج إلى الرجوع، ولما روى البيهقي أن أبا بكر رضي الله عنه نحل عائشة ابنته جذاذ عشرين وسقا، دون سائر ولده.
القول الثاني: عدم صحة هذه الهبة وإلى هذا ذهب الحنابلة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فاردده. وفي لفظ قال: فأرجعه.
وهذا القول الثاني هو الراجح لصريح الأمر برد هذه الهبة، والرد ظاهر في الفسخ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. أي مردود مفسوخ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى ذلك جوراً، ولأن تفضيل بعضهم يورث بينهم العداوة والبغضاء وقطيعة الرحم، فوجب أن يمنع منه، كتزويج المرأة على عمتها أو خالتها، وأما قول أبي بكر فلا يعارض قول النبي صلى الله عليه وسلم لأنه يحتمل أن أبا بكر رضي الله عنه خصها بعطيته لحاجتها وعجزها عن الكسب والتسبب فيه، ويحتمل أن يكون قد نحلها، ونحل غيرها من ولده، أو نحلها وهو يريد أن ينحل غيرها، فأدركه الموت قبل ذلك.
قال القرطبي: وهذا كله ظاهر قوي وترجيح جلي في المنع.
فمن هذا تعلمين أن البيع لو كان حقيقياً فهو صحيح، ولو كان مجرد حيلة فهو غير صحيح، ولك أن تراجعي في ذلك المحاكم المختصة، أو توسطي بينكم وبين والدكم أحداً من أهل الخير والصلاح، وفقكم الله إلى ما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1423(12/5476)
مدى جواز تفضيل الذكر على الأنثى في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لي ثلاثة أولاد (ولد وبنتان) وأريد أن أفتح لهم دفتر توفير بأسمائهم في البنك أرجو توضيح جواز هذا العمل؟ وهل أسوي بينهم أم يميز الولد كما في الميراث؟
وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا خلاف بين أهل العلم في طلب التسوية بين الأولاد في العطية، وعدم مشروعية التفضيل بينهم فيها، إلا أن منهم من جعل طلب التسوية طلباً غير ملزم، ومنهم من جعله ملزماً وهو الراجح، وراجع لذلك الفتوى رقم: 5348.
وقد اختلف العلماء أيضاً هل يسوي الذكر بالأنثى أم يعطي له مثل حظ الأنثيين؟.
فبالأول قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وابن المبارك، واحتجوا برواية لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد وهو والد النعمان بن بشير: "أيسرك أن يكونوا في البر سواء. قال: بلى. قال: فلا إذن".
قالوا: إذا كانت البنت كالابن في برها، فكذلك في عطيتها.
واستدلوا أيضاً بحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سووا بين أولادكم في العطية، ولو كنت مؤثراً لأحد لآثرت النساء على الرجال". أخرجه البيهقي، وعزاه صاحب كنز العمال لسعيد بن منصور. ولأنها عطية في الحياة فاستوى فيها الذكر والأنثى كالنفقة والكسوة.
أما إعطاء الذكر مثل حظ الأنثيين، فقد قال به عطاء وشريح وإسحاق ومحمد بن الحسن وهو مذهب أحمد، واحتجوا بأن العطية في الحياة استعجال لما يكون بعد الموت، فينبغي أن يكون على حسبه، وبأن الذكر أحوج من الأنثى، لأنه إن تزوج يكون عليه الصداق والنفقة ... الخ.
أما المرأة، فإن تزوجت فلا شيء عليها.
والمذهب الأول هو الراجح من حيث الأدلة، وكثرة القائلين به.
وننبه الأخ الكريم إلى أنه يحرم فتح دفاتر التوفير في البنوك الربوية، ويجب الابتعاد عنها، والتوجه إلى البديل الإسلامي، وهو موجود ولله الحمد، فإن لم يوجد كما هو الحال في بعض البلاد، فإن ضرورة حفظ المال تجيز له فتح الحساب الجاري دون حساب التوفير، فإن الضرورة تندفع بذلك، وانظر الفتوى رقم: 3856، والفتوى رقم: 8157.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1423(12/5477)
تدوين التعريف بمناسبة الهدية لا بأس به
[السُّؤَالُ]
ـ[قدمت هدية الزفاف مع بطاقة الدعوة وهي عباره عن سي دي مع كل دعوة وكتبت عليها اسم القارئ واسم الآية وفي أسفل السي دي كتبت (أفراح عائلة فلان) وذلك لبقاء ذكرى الزفاف بين الأهل والأقارب فهل هناك ضرر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في ذلك بل إن هذا من أفضل ما يهدي المسلم لأخيه المسلم، وهو داخل في عموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً " رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1423(12/5478)
الهدية لمدير شركة بين القبول والرفض
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
زوجي يعمل مديراً في أحد الشركات وتأتيه هدايا من أصحاب المصالح على الرغم أنه لا يقدم أية تنازلات أي بدون مقابل وهم أيضا لا يطلبون شيئا يعني مجرد هدية. فما حكم هذه الهدايا من فضلكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه الهدية بذلت إليه لأمر يختص به لا لكونه مديراً للشركة فلا بأس أن يأخذها وله التصرف فيها بما أراد، وإن كانت تعطى له لأنه مدير لهذه الشركة فلا يجوز له أن يصرفها لنفسه إلا بإذن من مالك الشركة، وإلا وضعها في مصلحة الشركة ورصيدها كما هو مبين في الفتوى رقم:
17863.
وليحذر من استمالة هؤلاء العملاء فبعض الناس ضعيف العزم أمام المغريات المادية، فقد تسول له نفسه بقبول مثل هذه الهدايا، والحرص عليها ومن ثم يعطي أصحابها تسهيلات لا يعطيها لغيرهم، وسد هذا الباب والبعد عنه أسلم لدين المرء وأمانته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1423(12/5479)
هدايا الجن.. بين المشروعية وعدمها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أخذ هبة الجني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عالم الجن من الغيب الذي لا اطلاع لأحد على أحواله، إلا في حدود ما ورد من نصوص شرعية، كقول الله تعالى: إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ [الأعراف:27] .
وقوله تعالى: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً [الجن:1] .
وهم مكلفون بأحكام الشرع الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم كما ثبت ذلك بالقرآن والسنة، وقد سبق بيان مسألة تكليفهم في الجملة في الفتوى رقم:
5727 - والفتوى رقم: 18484.
أما عن إهدائهم وهباتهم للإنس، فهذا يحصل منهم بوجهين:
الأول: وجه غير مشروع، وهو أن الجني يطلب من الإنسي فعل أشياء محرمة ليحضر له الأشياء التي يطلبها منه، وذلك بسرقتها من إنسي آخر، وهذا هو الاستمتاع المذكور في قوله تعالى: وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْأِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ [الأنعام: من الآية128] .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: والإنسان إذا فسدت نفسه أو مزاجه يشتهي ما يضره ويلتذ به، بل يعشق ذلك عشقاً يفسد عقله ودينه وخلقه وبدنه وماله، والشيطان هو نفسه خبيث، فإذا تقرب صاحب العزائم والأقسام وكتب الروحانيات السحرية وأمثال ذلك إليهم بما يحبونه من الكفر والشرك صار ذلك كالرشوة والبرطيل لهم، فيقضون بعض أغراضه، كمن يعطي غيره مالاً ليقتل له من يريد قتله أو يعينه على فاحشة أو ينال معه فاحشة.
ولهذا كثير من هذه الأمور يكتبون فيها كلام الله بالنجاسة -وقد يقلبون حروف كلام الله عز وجل، إما حروف الفاتحة، وإما حروف قل هو الله أحد، وإما غيرهما- إما دم وإما غيره، وإما بغير نجاسة. أو يكتبون غير ذلك مما يرضاه الشيطان، أو يتكلمون بذلك.
فإذا قالوا أو كتبوا ما ترضاه الشياطين أعانتهم على بعض أغراضهم: إما تغوير ماء من المياه، وإما أن يحمل في الهواء إلى بعض الأمكنة، وإما أن يأتيه بمال من أموال بعض الناس، كما تسرقه الشياطين من أموال الخائنين ومن لم يذكر اسم الله عليه وتأتي به، وإما غير ذلك. انتهى
والتعامل مع الجن على هذه الصفة محرم ولا شك. وانظر ما يتعلق باستمتاع الجني بالإنسي في الفتوى رقم:
5701.
الثاني: وجه مشروع، وهو أن يأتي الجني بشيء من المباحات التي لم يتملكها أحد، كأخشاب من الغابات، أو فواكه من البراري أو الذهب والفضة من الجبال، ونحو ذلك، فهذا لا شيء فيه لعدم وجود الاعتداء الحاصل في الصورة الأولى، فإن للجن تصرفات وقدرة على إحضار الأشياء من أماكن بعيدة في أقل زمن ممكن، وقد حصل هذا مع نبي الله سليمان حينما طلب منهم إحضار عرش بلقيس، فقال الله عن ذلك: قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ [النمل:39] .
لكننا نقول للسائل: التعامل مع الجن يفضي في الغالب إلى أمور محرمة قد تصل بصاحبها إلى الشرك والعياذ بالله، وقد دلنا الله تعالى على طرق الكسب المشروعة، ففيها غنية وكفاية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5480)
حكم الرجوع بالهدية
[السُّؤَالُ]
ـ[أهدى لقريبه هدية كان تملكها كهبة لا يعرف قيمتها ثم تبين أنها ذات قيمة عالية جدا هل يجوز له المطالبة باسترجاعها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لك الرجوع في هديتك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالعائد في قيئه. وفي لفظ كالكلب يعود في قيئه. وفي رواية: إنه ليس لنا مثل السوء، العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه. متفق عليه.
والذي يجوز له أن يرجع في هبته الوالد إذا أهدى لولده شيئاً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه الترمذي وغيره، وقال حديث حسن صحيح، وهذا هو قول جمهور أهل العلم، وهو الراجح.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1423(12/5481)
حكم قبول الإنجيل كهدية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أنا أحمد من فلسطين التقيت بشاب فرنسي من أصل عربي وبعدها أهداني كتاب الإنجيل وأنا قبلت الهدية؟ فهل ما فعلت صح أم خطأ؟ وشكراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه الأناجيل الموجودة اليوم بأيدي النصارى أناجيل محرفه مليئة بالشرك والكفر، ويخشى على عقيدة المسلم من اقتنائها إذا لم يكن من أهل التخصص والعلم، وانظر حكم مطالعة المسلم للإنجيل في الفتوى رقم:
20030 - والفتوى رقم: 14742، وبالرجوع إلى تلك الفتاوى يعرف السائل ما يجب عليه فعله.
وكان ينبغي أن تستغل هذا الموقف لدعوة هذا الشاب إلى الإسلام، وإخباره أن الله تعالى أنزل القرآن مهيمناً على ما سبق من الكتب، وحاكماً عليها، وأن الله أغنانا به عن النظر فيما عداه، مما حرفه أهله وضيعوه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1423(12/5482)
حكم هبة ثواب العمرة لشخص ما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمقيم بالمملكة العربية السعودية أن يعمل العمرة ويهبها لغير المقيم بها على سبيل التطوع أو الهدية
وهل يقبل ذلك من المرأة للرجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان قصد السائل بأداء العمرة عمن ذكر على سبيل الاستنابة عنه فيها فهذا لا بد فيه من ثلاثة أمور:
1-إذن المستناب عنه إن كان حياً، أما إن كان ميتاً فلا حرج. قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز الحج ولا العمرة عن حي إلا بإذنه فرضاً كان أو تطوعاً، لأنها عبادة تدخلها النيابة فلم تجز عن البالغ العاقل إلا بإذنه كالزكاة، فأما الميت فيجوز عنه بغير إذن.
2-أن تكون قد أديت العمرة عن نفسك أولاً.
3-أن يكون من يحج عنه عاجزا عن الحج عجزا بدنيا لا يرجى زواله عادة.
أما إذا عملت العمرة بغير نية الاستنابة -وهذا هو المتبادر من سؤالك- ولكن بنية إهداء الثواب للشخص الذي تحب، فلا بأس في هذا إن شاء الله تعالى، حيث إن بعض أهل العلم ذهب إلى جواز جعل ثواب العمل للغير في الصدقة والعبادة المالية والحج، وممن قال بهذا مالك والشافعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1423(12/5483)
قبول الهدية بعد إتمام العمل جائز، ولكن..
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بوظيفه حكومية طبيعتها التفتيش على جهات حكومية وخاصة تفتيش مالي وإداري وعند انتهائي من تفتيش هذه الجهات دون تقديم أي تجاوزات في التفتيش يقوم صاحب الجهة بإعطائي مبلغاً من المال
ويقول إنها ليست على سبيل الرشوة ولكنها على سبيل الهدية نظير تعبي وجهدي في العمل معهم طول العام
فهل لو قبلت هذه المبالغ والهدايا تعتبر رشوة مع العلم بأني لا أقوم بأية تجاوزات في العمل الذي كلفت به
أفتونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك أن تأخذي ما أهداك صاحب الجهة التي تفتشين عليها إذا كانت هذه الهدية لا أثر لها على عملك، وخاصة أنك تتلقينها بعد الانتهاء منه.
ولكن ننبهك إلى أن الأحوط تركها لأن قبول مثل هذه الهدية قد يؤدي إلى تساهلك في المستقبل، وإن حصل ذلك فتكون من الرشوة التي يحرم قبولها لما ثبت عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الراشي والمرتشي. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1423(12/5484)
القرض يرد لصاحبه دون الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخدت نقودا من شخص مع العلم بأني لا أعلم من أين يأتي هذا الشخص بالنقود ومع هذا أنا وهو متفقان بأني لا أرد له هذا المال ولو طالبني بهذا المال لن أستطيع رده له وشكرأ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النقود التي أخذتها من الشخص إما أن يكون أعطاكها على وجه الهبة، وإما أن يكون أعطاكها على وجه القرض، وفي كلتا الحالتين لا يضر جهلك بمصدر هذه الأموال، ولست مطالباً بالبحث عن ذلك، كما لا يلزمك ردها إليه في الحالة الأولى إن كان الواهب غير محجور عليه، وفي حالة القرض يجب عليك قضاؤه فوراً إذا طالبك به وكنت موسراً، لأن مطل الغني ظلم كما في الحديث الذي رواه أبو هريرة " مطل الغني ظلم " متفق عليه.
وإن كنت معسراً فليمهلك حتى تجد ما تقضيه به لقول الله تعالى (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة:280)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1423(12/5485)
الهبة لا يمتلكها الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل كان نائماً هو وزوجته وثلاثة أولاد له وهم نائمون جاءت قذيفة وقضت عليهم ومات الأولاد الثلاثة والأم وبقي الرجل وضاع كل ما يملك له تحت الردم وجاءت له بعض المساعدات من الدول الأخرى فهل لأهل زوجته حق في هذه المساعدات وإذا كان لهم حق كم هو حقهم وهل يأخذ مؤخر وعفش بيت ومن ذهب كان لها، مع أن الرجل فقد كل ما يملك ولا يوجد شيء يورث غير المساعدات حتى ملابسهم لم نجد لهم أثراً أرجو الإجابة على السؤال في أقرب ما يمكن
والسلام عليكم ورحمةالله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه المساعدات حق خالص لهذا الرجل وليس لأهل الزوجة نصيب فيها، لأن هذه الأموال تبرعات وهبها أهل الخير لصاحبها، والهبة لا يمتلكها الميت، وليس صحيحاً أن يسمى ذلك إرثاً -كما ورد في سؤال السائل- لأن الإرث عرفه العلماء بقولهم: ما تركه الميت من أموال. فشرط المال الموروث أن يتملكه الإنسان قبل وفاته، فيصبح بعد ذلك إرثاً لأقربائه المستحقين بعد وفاته، ولكن إن دفع هذا الرجل إلى أهل زوجته شيئاً من قبيل الإحسان وتطييب خاطرهم، وجبراً لمصيبتهم، فلا بأس بذلك، وهو مأجور عليه إن شاء الله تعالى.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1423(12/5486)
لا يجوز استرجاع ما تبرع به الإنسان لعمل خيري؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استرجاع جزء من مبلغ تم التبرع به لبناء عدد من المساجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما تبرع به الإنسان لبناء مسجد ونحو ذلك من الأعمال الخيرية لا يجوز له استرجاعه ولا استرجاع جزء منه، لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا تشتره وإن أعطاكه بدرهم واحد، فإن العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه." قال ذلك لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما أراد أن يشتري فرساً كان قد قدمه في سبيل الله، والقصة في الصحيحين.
ولمزيد الفائدة يراجع الجواب رقم:
1934
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1423(12/5487)
للطبيب أن يقبل هدية الصيدلي بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صيدلي أسعى أن أكون من الملتزمين
سؤالي هو هل إذا أعطيت طبيباً ما أو العاملين بالعيادات أوالمستشفيات هدايا رمزية أو عملت لهم خصومات في الدفع وذلك لإيجاد نوع من التعاون في سبيل أن يدلوا المرضى على مكان صيدليتي أو لتوفير أدوية معينة تتوفر عندي ماذا ترون في ذلك مع اعتباري أن ذلك من الأخذ بالأسباب والسعي لجلب الرزق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود من هذه الهدايا هو ترويج الأدوية التي تحتوي عليها صيدليتك، فلا مانع من هذا، بشرط عدم الغش والتدليس على المرضى من جهة الأطباء بسبب ما يُقدم لهم من هدايا، وعليك -أيها السائل- أن تشترط ذلك على الأطباء عند تقديم الهدايا لهم، لئلا يصفوا الدواء الذي عندك مع وجود أجود منه عند غيرك ليحصلوا على هدايا أكثر.
وقد سبق بيان حكم هذه المسألة مفصلة في الفتوى رقم:
13588 - والفتوى رقم:
7487.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1423(12/5488)
حرمان الولد من الميراث لا يجوز عاصيا أو غير عاص
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو موقف الشرع من الرجل الذي يحرم أحد أولاده من الميراث لأنه لم يطعه في أمر زواج، وهل يجوز للمرء أن يقسم ماله، وأرضه بين أولاده وهو حي خوفا من أن يتنازعوا أو يحرموا البنات من الميراث بعد مماته؟ وجزاكم الله كل خير ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يستطيع الوالد حرمان أحد أولاده من ميراثه منه إلا إذا وهب جميع أمواله لأولاده الآخرين وهو في صحته وقبضوها، فيكون ما فعله هذا الوالد هبة فضل فيها بعض أولاده على بعض، وهي محرمة عليه خصوصًا إذا قصد بها الإضرار لمن لم يهب له من أولاده؛ ولو كان عاصيًا له في بعض الأمور.
وأما إذا قسَّمها بينهم ولم يقبضوها أو قسَّمها بينهم وقبضوها، وهو في مرض موته فإن تقسيمه هذا باطل، وبعد موته يقسِّمها جميع ورثته كل حسب نصيبه من الإرث فرضًا أو تعصيباً.
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم:
8147 - والفتوى رقم:
14893.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5489)
حكم من وهب لولده شيئا.. حازه أم لم يحزه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدنا وكان يملك المنزل الذي نعيش فيه أنا وإخوتي كل واحد في شقته وأثناء بناء المنزل أصيب أحد إخوتي في رأسه أثناء مشاركته في البناء والحمد لله شفي بعد فترة ولم يصب بأي عاهة وعاد سليما كما كان--- وأثناء إصابته كان والدي يقول إنه سيعطي أحد الدكاكين له لتعويضه عن الإصابة علما أن منزلنا يحتوي على دكانين فقط ونحن خمسة إخوة وأربع أخوات ووالدتنا---- ولكن منذ فترة طويلة لم نعد نسمع من والدنا ذلك الوعد
حيث إن أخانا المذكور قد توظف في الحكومة وبعد فترة توظفت زوجته أيضا وأصبح له دخل ثابت وجيد بالإضافة إلى أنه بصحة جيدة ولم تؤثر عليه الإصابة إطلاقا * ثم توفي والدنا دون أن يوصي بأي شيء شفويا أوكتابة وهنا طالب أخانا أن تكون الدكان له كاملا دون غيره فهل له الحق شرعا أفيدونا بارك الله فيكم --- وشكراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الكلام الذي قاله والدكم لا يخلو من أمرين:
1- أن يكون أمضى ذلك فعلاً وأعطى الدكان لولده وحازه الولد ولو لم يوثق ذلك في وثائق رسمية، فهذا الدكان خاص بالولد ويعتبر ملكاً له دون غيره من إخوانه وبقية ورثة الميت.
2- أن يكون مجرد وعد وكلام لم يقطع به أو قطع به ولم تحصل حيازة من الولد للدكان قبل وفاة الوالد، فهذا لا يعتبر ملكاً له، وإنما هو تركة كغيره مما ترك الميت يقسم على الورثة كما جاء في كتاب الله تعالى.
فقد روى الإمام مالك في الموطأ عن عائشة رضي الله عنها، أن أبا بكر الصديق كان نحلها جادّ عشرين وسقا من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة قال: والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إليّ غنى بعدي منك، ولا أعز علي فقراً بعدي منك، وإني كنت قد نحلتك جاد عشرين وسقا، فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1423(12/5490)
إذا اختص المعاق بعطية دون إخوانه فهل يجوز؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندي من الأبناء أربعة أحدهم معاق ولله الحمد، وأقوم بالصدقة عنهم بالتساوي فهل يجوز أن أدفع مبلغ أكثر عن ابني المعاق؟ وجزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن على الأب أن يساوي بين أبنائه في العطية وغيرها لحديث النعمان بن بشير المتفق عليه، وفيه: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم.
ألا أن أهل العلم ذكروا أنه لا حرج في أن يخص الأب بعض أبنائه دون بعض إذا كان ذلك لمعنى كالزمانة أو كثرة العيال، قال ابن قدامة في المغني: فإن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثر عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل.... إلى أن قال: فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك.
وبناء على هذا فإنه لا حرج على السائل أن يؤثر ابنه المذكور في الصدقة عنه، لكن ينبغي أن يكون ذلك على غير علم من إخوانه لئلا ينشأ عن ذلك ما لا يحمد عقباه من العقوق والحقد والحسد بين الأولاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1423(12/5491)
حكم من تنازل قبل موته عن حصته لأحد إخوته عن طريق البيع
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل قبل أن يموت بعامين قام بالتنازل عن نصيبه في بيت لأحد إخوته عن طريق عمل عقد بيع لهذا النصيب لكن دون أن يدفع الآخر له أية نقود، ثم مات هذا البائع فهل على الأخ الذي أخذ نصيبه إثم في هذا علما بأن لهم إخوة آخرين.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه الحصة التي تنازل عنها الأخ لأخيه إما أن تكون على سبيل الهبة فإذا قبضت في حياته فهي هبة مشروعة لا حرج على أخيه في تملكها دون سائر إخوانه. وأما إذا مات الواهب قبل قبضها، فهي تكون والحالة هذه بمثابة الوصية لوارث، وهي غير مشروعة إلا إذا أجازها الورثة، فإذا أجازوها فلا حرج على أخيهم في تملكها، أما إذا لم يجيزوها وأخذها بغير رضاهم فإنه يصير آثماً، ويكون مؤاخذاً حتى يتوب ويرد الحق إلى أصحابه، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم 19637 والفتوى رقم
21316
وإما أن يكون صاحب المال المتوفى قد باع هذه الحصة لأخيه بيعاً حقيقياً لكنه لم يقبض ثمن المبيع حتى مات، وفي هذه الحالة فالحصة المذكورة للأخ الذي اشتراها، لكن عليه أن يدفع الثمن للورثة وهو من جملتهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1423(12/5492)
يخلف الحكم في تقسيم الأم مالها بين أولادها: هبة أو تركة
[السُّؤَالُ]
ـ[ام لديها 4 بنات وولد قامت بتكاليف تزويج الأربع بنات كاملة وعند زواج الولد الأخير قامت بتقسيم ما تمتلكه بين الأبناء مع مراعاة إعطاء الولد جزءا ليساعده على الزواج غير محدد القيمة علما بأنها تمتلك أرضا في منطقتين فأعطت الولد نصيبه وبعض الزيادات للمساعدة في الزواج كما حدث مع باقي أخواته وتم عمل مبايعات في المحكمة وتم إنهاء كل شيء بحيث أن كل واحد نصيبه في يده وذلك في حياة الأم وبعد الوفاة بسنوات رجعت البنات وقلن يجب إعادة تقسيم التركة مع العلم أنه لم يعرف تحديدا المبلغ الذي صرف على زواجهن فهل يحق هذا لهن؟ علما بأنهن رضين في حياة الأم وذلك مسجل رسميا.
نرجو الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه الأم قد وهبت لأولادها مالها في حياتها في حال الصحة، وقسمته بينهم، فأعطت البنت وأعطت الابن، وقبض كل واحد ما وهب له بحيث أصبح قادراً على التصرف فيه إن حدث هذا، فقد أصبح كل واحد من الأولاد مالكاً لما وهب له لا يشاركه فيه غيره.
وعليه، فلا يجوز للبنات المطالبة بقسمة التركة، لأنه لا تركة لهذه الأم، فما في أيدي الأولاد أصبح ملكاً لهم في حياتها.
أما إذا كانت هناك أموال لم تقسم، وكانت باقية في ملك الأم، فيجب قسمتها.
أو كان التقسيم بين الأولاد ليس على سبيل الهبة، بل على سبيل التركة بمعنى أن الأم كانت لا تزال تحتفظ بملكيتها لأموالها في حياتها، وإنما مكنت أولادها من الانتفاع بالأموال ولم تهبها لهم، فإن هذا التقسيم باطل، والمال بعد موت الأم ملك لجميع الورثة يجب إعادة تقسيمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1423(12/5493)
إهداء الطبيب مقابل معروفه جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صيدلي ابتغي الطريق القويم إن شاء الله؟
أنا صيدلي إن شاء الله أكون من الملتزمين, جاري طبيب كبير ومن عادته أخذ هدايا وذلك لكتابة أصناف معينة من الدواء، فهل يمكنني إعطاؤه هدية معينة وذلك لأنه ممكن أن يدل المرضى على صيدليتي وذلك بدون أن ابخسهم حقوقهم ولا أزيد إن شاء الله عليهم، وللعلم أنه يدل الناس على توفر المطلوب لدي، فماذا ترون في هذا وهل هو من الأخذ بالأسباب، مع العلم إنني ليس بيني وبينه مصلحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نرى بأساً من إهدائك هذا الطبيب هدية مقابل المعروف الذي يسديه إليك وهو دلالة المرضى على صيدليتك للشراء منها، وفي الحديث: من صنع إليكم معروفاً فكافئوه. رواه أبو داود والنسائي بسند صحيح.
هذا إذا لم يترتب على ذلك إهدار لحق إخرين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1423(12/5494)
التسوية بين الأولاد واجبة في ما يستطاع
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم الشرع في معاملة الأب يفرق بين أولاده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على الأب أن يسوي بين أولاده فيما يقدر عليه كالمعاملة والعطية ونحوها، وقد سبقت لنا عدة فتاوى في ذلك فراجع منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية:
17002
893
11517.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1423(12/5495)
حكم عدم التسوية بين البنات في الجهاز ...
[السُّؤَالُ]
ـ[قد جهزني أبي وأنا ابنته حين تزوجت بحجرة نوم والرفائع والمفروشات وذلك بعد الاتفاق مع زوجي على ذلك على أن يكون مستوى الأساس على نفس مستوى أساس منزل أسرتي بناء على طلب والدتي ولم يتم عمل حفل خطوبة في مكان عام واحتفلنا به في منزل أسرتي وحين تزوجت أختي جهزها بحجرتين سفرة وصالون والرفائع وساهم في حفل خطوبتها وعقد قرانها بثلث تكلفته بناء على طلب حماتها حرصا على إتمام الزيجة وذلك بناء على اتفاق مع أهل زوجها فأصبح زوجي غاضباً من أهلي لإحساسه بالظلم ولم يعد يذهب إليهم في المناسبات والواجبات الاجتماعية كفرح أخي مثلا ويقول إنهم ضحكوا عليه فهل فعلا ظلموه؟ وهل يحق له أن يمتنع عن الذهاب إليهم في المناسبات؟ مع العلم أن أختي لم تكن تعمل قبل زواجها وأنا أعمل وهي تعيش بجوارهم في المحلة أما أنا ففي المنيا بصعيد مصر وشكراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يحق لزوجك أن يغضب مما حدث، لأنه قد تم الوفاء له بما اتفق عليه مع الوالد، وإن كان من حق فهو لك أنت أيتها السائلة، لأنه يجب على الوالد أن يسوي بين أبنائه في العطية، سواء كانوا ذكوراً أم إناثاً، وقد تعارف الناس على أن ما يعطيه الرجل لابنته من الجهاز إنما هو على سبيل الهبة التي يحصل امتلاكها بتسلمها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري.
وبما أنك قد سامحت الوالد في ذلك فلا شيء عليه، وإننا لننصح زوجك بعدم قطيعة أهلك، والإقبال على صلتهم، فالله تعالى قد وصف المؤمنين بالإخوة فقال: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10] .
وقال تعالى: وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً [آل عمران:103] .
وليراجع الزوج الكريم الفتوى رقم:
20950.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1423(12/5496)
شروط صحة تقسم التركة قبل الوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل وله ثلاثة أولاد وأربع بنات وحفيدتان من ابن متوفى.
ما هو نصيب الحفيدتين من إرث جدهما بعد وفاته؟
قبل وفاة الرجل، قام بتقسيم معظم أملاكه (أرض) إلى ثلاثة أقسام. كل قسم لولد وابنتين بما فيهما الحفيدتان.
هل هذه القسمة ملزمة علما بأنه لا يوجد شيء مكتوب بهذا الخصوص؟ وهل تعتبر هذه القسمة بمثابة الوصية الواجبة للحفيدتين؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحفيدتين لا ترثان من جدهما لحجبهما بأبناء الصلب، ولكن استحب بعض أهل العلم الوصية لهما إذا كانتا فقيرتين، قال: سيد سابق في فقه السنة: وتندب الوصية في القرابات، وللأقربين الفقراء
وأما القسمة التي قسمها: فهي غير ملزمة لأنها غير صحيحة إلا إذا كانت على سبيل الهبة، وكان هو في حال صحته، وكامل عقله، وتمت بحيث أصبحت ملكاً خاصاً للموهوب يتصرف فيه تصرف المالك في ملكه، ولو مات قبل الوارث كانت لورثته خاصة.
لما روى مالك في الموطإ عن عائشة رضي الله عنها قالت: (إن أبا بكر الصديق كان نحلها جاد عشرين وسقاً من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة قال: والله يابنية ما من الناس أحد أحب إلي غنى بعدي منك، ولا أعز علي فقراً بعدي منك، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقاً، فلو كنت جددتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك فاقسموه على كتاب الله ... )
قال الباجي في المنتقى يقتضي أن الحيازة والقبض شرط في تمام الهبة.. وأنها لما لم تحز ما وهبته في تمام صحته لم تتم الهبة ...
والحاصل أن هذه التركة تقسم على الأبناء الثلاثة والبنات الأربع للذكر مثل حظ الأنثيين.
ولا شيء للحفيدتين إلا إذا كان جدهما أوصى لهما بالثلث أو ما دونه، أو نحلهما نحلة في حال صحته، وتمام عقله، وتمت حيازتها قبل الوفاة.
ولمزيد من الفائدة عن تقسيم الرجل تركته في حياته نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 14893
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1423(12/5497)
مشاركة الأب لأحد أولاده دون الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد
هل الولد الذي يدخله والده معه شريكاً في التجارة بأن يضع له نصيبا من رأس المال بمقابل العمل معه دون باقي إخوانه غير آثم وماذا يكون على الوالد تجاه باقي أولاده ومنهم الذي لا يجد ما يكفيه مع أسرته وعليه ديون ووالدهم لا يسمع نصيحة ولا يريد إلا هذا الابن وحق باقي الأولاد لا يكون لا سمح الله، وتوفي والدهم هل يطلبوه في المحاكم الشرعية أم هذا حرام أم ماذا يفعلوا؟ وفقكم الله لما فيه الخير ودمتم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على الوالد أن يدخل أحد أولاده شريكاً معه في تجارته، وأن يعطيه جزءاً من الربح مقابل عمله، وجهده، وما شارك به من رأس مال إن كان له مال، والأولى أن يدخل جميع أولاده إذا أمكنه ذلك، وكانوا أهلاً للعمل الذي يزاوله.
أما إذا لم يمكنه ذلك لعدم حاجته إلى عاملين، أو عدم كفاءتهم لما يعمله، واقتصر على المناسب منهم للعمل فلا شيء عليه، ولو فرضنا أنه اختار واحداً للعمل معه دون غيره من أولاده دون أي مبرر، فإنه يكون قد فعل خلاف الأولى لمحاباته لهذا الولد، ولما قد يسببه هذا من النفرة بينه وبين إخوانه إلا أنه لا يحق لأولاده أن يعترضوا على أخيهم، ولا أن يرفعوا أمره إلى المحاكم الشرعية بعد وفاة والدهم ليحاصُّوه فيما حصل عليه من الأموال في مقابل عمله.
وإذا لم يكن لهذا الولد مال ودخل مع أبيه شريكاً بعمله، كان له نصيب من الربح حسبما يتفقان عليه، ولم يكن له شيء من رأس المال، وإذا فرض الأب له نصيباً من رأس المال كان بذلك ظالماً لأولاده الآخرين، وهذا من تفضيل الولد في العطية، وهو من الجور كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وانظر الفتوى رقم:
5348، والفتوى رقم:
6242.
وننبه على أنه إذا مات الأب كان لذلك الولد نصيبه المستقل من التجارة، وكان شريكاً لبقية الورثة فيما عدا ذلك، من التجارة وغيرها.
ولو فرض أن الأب فضل أحد أبنائه وميزه على بقيتهم بإعطائه مالاً أو غيره، دعي الابن إلى رد الحق لسائر الورثة، ونصح في ذلك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما الولد المفضَل، فينبغي له الرد بعد الموت -أي موت الأب- قولاً واحداً.
وهل تبطل العطية ويلزم بالرد أم لا؟
جمهور العلماء على أنه لا يلزم بالرد، بل يثبت له المال، وذهب أحمد في رواية: إلى أن العطية تبطل، وأن لبقية الورثة أخذ حقهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1423(12/5498)
حكم دفع مال إكراما لعامل في مكان ما
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... بسم الله الرحمن الرحيم ... ... ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... ... ...
ماهو الحكم في المال الذي يأتي من البخشيش الذي يعطى للعمال في المطاعم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الدافع لهذه الأموال قصد بها الإحسان إلى هؤلاء العمال لصنيعهم وحاجتهم وقلة مرتباتهم فهو قصد حسن، وهو مأجور على ذلك إن شاء الله.
ولا حرج على العمال أن يأخذوها ما لم يترتب على ذلك غش لصاحب المحل أو المطعم، أو محاباة للزبائن بتخفيض ثمن ما يشترونه، أو مما يظن عدم رضى صاحب المحل به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1423(12/5499)
هدية البنك هل يجوز قبولها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[وضعت أنا وزوجتي مبلغاً من المال في بنك ربوي بدون فوائد لبناء مسكن وقدم البنك لنا جائزه مقدارها500 ريال عماني ونحن لا نعرف أهذا ربا أم لا مع العلم أن بلادنا لا يوجد فيها بنك إسلامي ونحن لم نشترك في مسابقة ولا أي شيء من هذا القبيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز وضع المال في البنك الربوي ابتداءً لا بفائدة ولا بغير فائدة. وانظر الفتوى رقم:
19701.
وأما الجائزة التي حصلتم عليها مقابل وضعكم المال بدون فائدة -وهو ما يعرف بالحساب الجاري- فالظاهر أنها هبة من البنك وليست ربا.
وعلى ذلك فإن حكم أخذها مندرج تحت مسألة حكم التعامل مع من أكثر ماله من حرام سواء بالبيع أو الهبة أو القرض، وهذا ما بيناه في الفتاوى التالية أرقامها:
9645
6880
21758
21886
18559.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1423(12/5500)
حرمان بعض الأبناء من الإرث أو الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[تفكر والدتي بأن تكتب بيتها لأولادها كلهم ما عدا واحدة لعصيانها وإلحاقها بناالضرر. وقررت أنا أن يحذف اسمي من القسمة إذا ما حدث هذا. فهل موقفي صحيح؟ علما بأن والدي متوفى. وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا البيت قد تركه الأب فإنه لا يجوز للأم أن تحرم أحداً من الورثة من نصيبه منه.
وإذا كان البيت بيتها هي فإنه لا يجوز لها تفضيل بعض الأبناء على بعض على الراجح من أقوال العلماء، كما تقدم في الفتوى رقم 6242 وقرارك بحذف اسمك من القسمة غير الشرعية قرار سليم خصوصاً إذا كان الباعث عليه هو الضغط على الأم لتغيير رأيها. وحاولوا إقناعها بلطف، وإطلاعها على هذا الجواب، والجواب المحال عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1423(12/5501)
حكم الأموال التي تمنح لأهل الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[.هل الأموال التي تأخذها الأرملة كمنحة لضحايا الحرب أو للتقاعد هي ميراث أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأموال التي تمنح لأهل الميت لا تخلو من حالين:
الأول: أن تكون مساعدة من الجهة المانحة، فهذه تقسم حسب ما قررته تلك الجهة.
الثاني: أن تكون جزء منقطعاً من راتبه في حياته، فهذه تقسم على ورثته.
وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم 1809 والفتوى رقم 18770
هذا من حيث الحكم العام، لذا فلا بد من الرجوع إلى النظام الخاص بجهة العمل في تحديد طبيعة هذه المنحة، وإن كان الغالب في التقاعد أنه مقتطع من راتب المتوفى، حال حياته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1423(12/5502)
إهداء الهدية ... رؤية نفسية اجتماعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك زكاة على الذهب والألماس الذي للبس علماً بأن بعضه كان هدية وقد أضطر لبيع بعضه للاستفادة من المال وما حكم بيع الهدايا التي لا ألبسها أو إهدائها؟ وشكراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمجوهرات غير الذهب والفضة، كاللؤلؤ والألماس ونحوهما لا تجب فيها الزكاة إذا كانت للزينة، أما إذا كانت للتجارة ففيها زكاة عروض التجارة، وراجعي الفتوى رقم:
6237.
أما عن إهداء الهدية أو بيعها، فلا نعلم مانعاً من ذلك، لأن الهدية صارت ملكاً لمن أهديت إليه، فمن حقه أن يتصرف فيها بأي وجه من الوجوه المشروعة، كالبيع أو الإهداء، لكن لو علم أن من أهداها إليه سيغضب لذلك، وتتأثر نفسه، ولم تكن هناك حاجة لبيعها أو إهدائها، فالأفضل في هذه الحالة أن لا يفعل مراعاة لشعور المهدي، وحفاظاً على الروابط الاجتماعية التي شهدت للحفاظ عليها قواعد الشريعة وآدابها العامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1423(12/5503)
المعونات لأسر الشهداء ... هبة أم ميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر المعونات الممنوحة لأسر شهداء الانتفاضة بمثابة إرث شرعي أم دية توزع حسب الشرع للورثة جميعا أم من المستفيد منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمنح التي تعطى لأسر الشهداء، تملك لهم على أنها هبة من الجهة التي منحتها، لا على أنها ميراث الشهيد، لأن الميت ليس أهلاً للتملك.
وعلى هذا يكون تقسيمها على من يستحقونها بحسب ما تحدده الجهة المانحة، لأن مرجع تقسيم الهبة هو الواهب، وراجع في هذا الفتوى رقم:
21603 والفتوى رقم:
18770.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1423(12/5504)
الهدية ملك لمن أهديت له
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة مطلقة من الإمارات بعد الطلاق دفع لي زوجي المؤخر هل يحق لي آخذ الذهب الذي كان لدي
وكان هناك أيضا ذهب أهدي لابنتي عند مولدها هل أستطيع أخذه؟ وشكرا......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم الهدايا التي يعطيها الزوج لزوجته في الفتوى رقم:
10560 مفصلة.
أما بخصوص ما أهدى للبنت فهو ملك لها دون غيرها، وللأب التصرف فيه حسب المصلحة باعتباره هو المسؤول الأول عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1423(12/5505)
لا بد لصحة الهبة من التمليك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
السؤال: لي أخ أكبر مني توفي قبل شهر وفي آخر أيامه التزم وأصبح رجلاً مستقيماً. وكان يعطيني ثيابه وأنا أحب أن أدعو له بعد وفاته عند كل صلاة. فهل ألبس الثياب التي أعطانيها رغم استغنائي عنها أم أتصدق بها على الفقراء، فأيهما الأفضل؟ جزاكم الله ألف خير، وأرجو الرد سريعا......ً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لأخيك الرحمة والمغفرة، ونرجو أن يكون ممن ورد فيهم الحديث الثابت في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:..................فإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة.
أما بخصوص سؤالك عن الثياب التي أعطاك إياها؟ فإن كنت قد حزتها فهي ملك لك تتصرف فيها كبقية مالك، ولك أن تتصدق بها عن أخيك فلا حرج في ذلك لاتفاق أهل العلم على وصول ثواب الصدقة والدعاء إلى الميت.
أما إذا لم تكن قد حزت هذه الملابس فإنها تصبح تركة لورثة الميت، فإذا تنازلوا عنها فلا بأس بالتصدق بها بشرط أن يكونوا بالغين رشداء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1423(12/5506)
يجوز تفضيل بعض الأولاد بالعطاء لمسوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[سيده لها ثلاثة أولاد الكبير أكمل دراسته في الجامعة والاثنان دبلوم متوسط والكبير يعمل في دولة عربية ويأخذ مرتباً عالياً والآخران يعملان في بلدهم والمرتب متوسط فهل يجوز أن تعطي للصغار مبلغاً ليبدؤوا به حياتهم أم تعطي لهم جميعا بما فيهم الأكبر بالرغم من أنه في عيشة مرتفعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا في جواب سابق برقم 6242 أن الراجح من أقوال العلماء وجوب التسوية بين الأولاد في العطايا، إلا إذا وجد عذر مسوغ لتفضيل بعضهم كمرض أو كثرة عيال أو الاشتغال بطلب العلم، فليراجع الجواب المذكور.
وعليه.. فإذا كانت بهذين الولدين حاجة تدعو إلى تفضيلهما على أخيهما الأكبر فلا بأس، وإلا فلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1423(12/5507)
حكم قبول المساعدة أو الهبة ممن ماله حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطاني شخص مبلغاً من المال كمساعدة. لكني أعلم أن مصدر هذا المال حرام. هل أقبل هذا المال؟ وإذا كانت الإجابة لا ماذا أفعل به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم:
6880 حكم الأكل من مال صاحب المال الحرام، ومثل الأكل قبول الهدية منه أو المساعدة.
ومن جالت يده على مال حرام سواء كان عن طريق أخذه من صاحب المال الحرام أو ناله هو بعملية محرمة وجب عليه أن يتخلص منه في صرفه في المصالح العامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1423(12/5508)
متى يصح الرجوع أو تبديل النية في الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطاني زوجي بعض المال لأقدمه للمساكين خلال هذا الشهر ولكن لم تات أي مسكينة خلاله ثم احتاج زوجي للمال فأخذ المال مني واستعمله ومن ثم أعطاني مالاً غيره للمساكين هل يجوز استعمال مال كان محددا للمساكين وإبداله بغيره؟ هل يجوز استبدال نية المال أنه كان للمساكين ثم صرفناه لبناء مسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الهبة لا تلزم إلا بالقبض، وقد تقدمت التفاصيل في الفتوى رقم:
19549 والفتوى رقم: 18923.
وعليه فإنه لا بأس بالرجوع في الهبة ما لم يقبضها الموهوبة له، ولا يلزم إخراج البدل ولكن يستحب، ولا بأس على من نوى مالاً للمساكين ثم صرفه في بناء مسجد ما لم يقبضه المساكين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1423(12/5509)
يصرف المال حسب تعيين الواهب
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك مريض عرضت حالته على أحد المقتدرين فأمر بصرف مبلغ نقدي كبير وذلك بعد أن تأكد من صحة الأوراق وقد طلبت منه توزيع المبلغ مع حالة أخرى تعاني من نفس المرض القاتل ولكنني لا أملك لها أوراقا فطلب أن يكون هذا المبلغ لهذه الحالة فقط وعندما يرسل الشخص الآخر بأوراقه سوف نعطيه مبلغا آخر له ولكنني أعلم أنه بحاجة شديدة للمال ولكن عفة نفسه تمنعه من إرسال الأوراق الخاصة به رغم إلحاحي أنا وأهلي عليه فهل يجوز تقسيم هذا المبلغ على الحالتين؟ علماً بأن المبلغ كبير. وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا المال الذي صرف لشخص معين على وجه الصدقة لا يجوز التصرف فيه بغير إذنه بإشراك شخص آخر فيه ولا بغير ذلك لأنه ملكه بمجرد صرفه له، وبالتالي فالتصرف فيه بغير إذنه تعد على حق الغير، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: إنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد. وفي الصحيحين: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم.....
وعليه فيجب على من أمر بصرف مال لشخص ما أن يؤديه إليه حسبما أمره الواهب، ولا يجوز له هو التصرف فيه ولو بإشراك فقير آخر محتاج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1423(12/5510)
حكم منحة لشهيد كتبت باسم أمه المتوفاة قبله
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ استشهد في الحرب وقد منحت الدولة قطعة أرض باسم أم الشهيد والتي قد سبق وأن توفيت قبله فمن هو الوارث لهذه المنحة مع العلم بأن الشهيد له والده مازال حيا ولديه إخوان وأخوات أشقاء ومن أبيه أيضا (غير أشقاء) وجزاكم الله خيراً.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تم الحصول على هذه الأرض مع علم الدولة بوفاة أم المتوفى، فإنه يجوز للورثة تملكها، إذ لا عبرة بكتابة هذه الأرض باسم الأم المتوفاة، لأن الميت ليس أهلاً للتملك بعد موته، فهي عطية صادفت المعطى ميتاً فلم تصح، ولأن الظاهر من قرائن الأحوال أن الدولة تعطي هذه الأرض لورثة الشهيد، لكن تكتبها باسم الأم لاعتبارات أخرى، وبناء على ذلك فإنها تقسم على ورثة الشهيد بحسب ما تراه الدولة، لأنها لم تكن ملكاً للمتوفى في حياته، فلا تأخذ حكم الميراث.
أما إذا كانت هذه الأرض لا تمنح إلا للأم، ولكن الورثة تحايلوا على الدولة بطرق غير مشروعة للحصول على هذه الأرض فإنه يجب عليهم، ردها إلى الدولة، لأن ذلك من الغش والتدليس المحرمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1423(12/5511)
شروط وجوب رجوع الأب في هبته إذا جار، وهل يقتطع من أرض موقوفة لمن لم يوهب له
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل له أبناء من زوجتين وله قطعة أرض كبيرة. وهب لكل بنت من إحدى زوجتيه قطعة صغيرة وبقيت قطعة واحدة نوى أن يجعلها مسجدا. ولكن بنت الزوجة الأخرى لم تنل شيئا. فهل يجوز اقتطاع نسبة معينة من الأرض المعدة للمسجد ووهبها إلى تلك البنت (للعدل) أم لا يجوز التصرف فيها؟ مع العلم بأن جامعا كبيرا يقع على بعد 400 متر من تلك الأرض؟ وفقكم الله وزادكم علما وتقى ونفع بكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تخصيص بعض الأبناء بالهبة أو العطية دون بعض محرم على الصحيح من أقوال أهل العلم، كما هو مبين في الفتوى رقم: 6242.
ويجب على الأب في حال حياته أن يرجع في هبته ولو قبضها الموهوب له، لكن بشروط أربعة:
أولاً: أن تكون الهبة ما زالت في ملك الابن، فإن خرجت من ملكه ببيع أو إرث أو غير ذلك لم يكن له الرجوع.
ثانياً: أن تكون الهبة باقية في تصرف الولد، فإن كانت مرهونة مثلاً لم يكن له الرجوع، فإن زال المانع من التصرف فله الرجوع.
ثالثاً: أن لا يتعلق بها حق لغير الولد، فإن كان الناس رغبوا في معاملة الولد لأجل الهبة بحيث أدانوه ديوناً أو زوجوه إن كان ذكراً أو تزوجت إن كانت أنثى، لذلك فليس له الرجوع.
رابعاً: أن لا تزيد الهبة زيادة متصلة كالسمن والكبر ونحو ذلك، فإن زادت فليس له الرجوع.
فإذا لم يتمكن الأب من استرجاع الهبة لوجود أحد الموانع المذكورة سابقاً وجب عليه إن كان له مال أن يعطي من لم يعطه من أولاده كما أعطى إخوانه.
لكن يراعى في التسوية بين الأولاد في العطية أن تكون كحظ كل منهم في الميراث.
فإن كان الرجل قد توفي بعد أن وهب بعض أبنائه، فالصحيح من أقوال أهل العلم أنه يجب على الأولاد المفضلين أن يرجعوا ما فضلوا به ويقتسموه مع بقية إخوانهم قسمة الميراث الشرعية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولا يجوز للولد الذي فضل أن يأخذ الفضل، بل عليه أن يرد ذلك في حياة الظالم الجائر وبعد موته، كما يرد في حياته في أصح قولي العلماء.
وأما قطعة الأرض التي أرادها الرجل لمسجد، فإن كان أوقفها في حياته أو أوصى بذلك قبل موته، فإن الوقف ينفذ على شرطه، ولا يجوز لأبنائه أو لأحد مخالفة ذلك، وإن كان يوجد مسجد قريب من الأرض التي خصصها لبناء مسجد فإن لم تكن هناك حاجة إلى بناء مسجد في ذلك المكان بيعت واشتري بها أرض لبناء مسجد في مكان يحتاجه الناس.
أما إذا كان ما حصل من الأب هو مجرد أنه كان ينوي ذلك ولم يوقفها أو يوصي بها، فإن الأرض ما زالت في ملكه وإن مات أصبحت من حق ورثته، وإن كان الأولى لهم أن يصرفوها حيث كان يرغب أبوهم أن تصرف، براً به وإحساناً إليه بشرط أن يكونوا بالغين رشداء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1423(12/5512)
الثواب على الهدية سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المكافأة على الهدية؟ وهل هي على الفور أم على التراخي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيسن لمن أهديت إليه هدية أن يثيب عليها، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها " أخرجه البخاري.
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك كما في سنن أبي داود ومسند أحمد " ومن آتى إليكم معروفاً فكافئوه ". وفي مسند أحمد " ومن أهدى إليكم فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له ".
والأمر لا يستلزم الفورية، ولكن المسارعة إلى الخيرات أفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1423(12/5513)
هل ينفذ التبرع لغير الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك امرأة كبيرة في السن قد تبرعت وكتبت ما تملكه من بيت وأراض تخصها لأبناء عم العم ممن لا يستحقون الإرث منها في حال وفاتها، والسؤال هو: هل يجوز تصرفهاهذا رغم أنها قامت به وهي في كامل قواها العقلية وباختيارها علماً بأن لها أبناء وبنات عم العم آخرين يستحقون الإرث منها في حال وفاتها، فهل يجوز لهؤلاء الأقارب الموهوب لهم الانتفاع بالبيت والأراضي؟ وفي حال مطالبة ورثتها بالبيت والأراضي هل يحق لهم ذلك؟ وهل لهم نصيب أو حق في هذه الممتلكات؟ الرجاء الإجابة بالتفصيل والأدلة، لأننا سنعتمد على هذه الفتوى في بيان الحق في المسألة وإبراء الذمة. كما نرجو الإجابة في أسرع وقت وفقكم الله لطاعته.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه المرأة قد تبرعت بهذا المال حال صحتها ورشدها على أن التبرع ينفذ أثناء حياتها، ودون توقيف على موتها وحيز حيازة حقيقية للموهوب لهم، فهو هبة صحيحة لا شيء فيها من جهة الشرع؛ لأن الإنسان له حرية التصرف في ماله، ما لم يكن في ذلك إسراف أو تبذير، أو إنفاق في أوجه غير مشروعة، وقد حصل ذلك من الصحابة - رضي الله عنهم - وأقرهم الرسول صلى الله عليه وسلم على فعله، ولأن ذلك داخل تحت قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ [البقرة:254] ، وقوله تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ [آل عمران:133، 134] .
وغير ذلك من الآيات التي تأمر بالإنفاق وتحض عليه، وليس في مثل هذا الإنفاق شبهة الإضرار بالورثة؛ لأن المال ينتزع من المنفق في حياته، فما كان من ضرر فإنه سيعود عليه أولاً.
وفي هذه الحالة لا يجوز للورثة المطالبة بشيء مما تبرعت به المتوفاة، لأنه صار ملكاً خاصاً للموهوب لهم.
أما إذا كان التبرع بهذا المال الذي تبرعت به المرأة للمذكورين موقوفاً على موتها، فإن له حكم الوصية، قال ابن قدامة في المغني: والعطايا المعلقة بالموت، كقوله - إذا مت فأعطوا فلاناً كذا، أو أعتقوا فلاناً ونحوه - فوصايا حكمها حكم غيرها من الوصايا. اهـ
وهذا يعني أنها تأخذ حكم الوصية، فلا يمضي منها ما كان أكثر من الثلث، ولا يصح أن تكون لوارث، وقد مضى بيان ذلك في الفتوى رقم:
19503.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1423(12/5514)
حكم إهداء الممثلات ثيابا طويلة لغرض الدعاية
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي محل تجاري لبيع الملابس النسائية الطويلة والفضفاضة، الفاخرة السؤال: ما حكم إهداء تلك الملابس للممثلات لكي تعرض في المسلسلات التلفزيونية الاجتماعية على سبيل الدعاية التجارية لمحلي، علما بأن تلك الممثلات يظهرن أكثر الأحيان بملابس قصيرة جدا ومكشوفي الرأس وفي حالة إهدائي لهن فإنهن أيضا سيبقون مكشوفي الرأس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إهداءك هذه الملابس للممثلات فيه محاذير شرعية:
- منها أن فيه إكرامًا وإجلالاً للفاسقات، والواجب هو أن يهجَرنَ ويصغّرن ويحقرن، لا أن يكرمن.
- ومنها أن الممثلة ستظهر بهذه الملابس أمام الناس، وهذه الملابس لا تتوفر فيها شروط الحجاب الشرعي، وهذا يعد تعاونًا منك على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. [المائدة:2] .
وعليه فإنه، لا يجوز لك الإقدام على هذا الأمر: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ. [الطلاق:2، 3] . ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه.
ووسائل الدعاية والإعلان المباحة كثيرة جدًا..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1423(12/5515)
لا حرج على المطلقة أن تأخذ ما تنازل عنه الزوج طواعية
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع باختصار: تزوجت امرأة ثم طلقتها لطلبها، وذلك أني لم أفض بكارتها، وكانت مدة زواجنا سنة، ومكثت معها أول شهر من الزواج، وتركتها وسافرت وتركتها مدة عشرة أشهر، وبدأت المشاكل عندما عدت ولم تستجب لي في اضجاعها، ثم طلبت الطلاق وتركت لها كل شيء، هل هذا من حقها، علمًا أني تزوجت مرة ثانية والحمد لله أنا بخير وأنجبت وسعيد مع زوجتي، السؤال هل من حق الزوجة الأولى شرعًا أن تأخذ كل شيء؟ أفديوني يرحمكم الله مأجورين..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه المرأة تعتبر ناشزا وقد تقدم تعريف النشوز وعلاجه في الفتوى رقم:
1103.
لأن امتناع المرأة من فراش زوجها من أعظم مظاهر النشوز ثم يضاف إلى ذلك طلبها الطلاق. وقد ثبت من حديث ثوبان رضي الله عنه، أنه صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أصحاب السنن وقال الترمذي حديث حسن.
وقد كان من حق الزوج أن يمسك عصمتها حتى تفتدي منه، ولكن ما دام قد تنازل عن حقه وطلق بلا عوض فلا يلزم المرأة حينئذ شيء إلا التوبة والاستغفار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1423(12/5516)
حكم استرجاع هدية كانت بنية الثواب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إذا أعطت أخت أخاها مبلغا من المال لتساعده على الزواج وهو غير فقير ويعمل عملا يدر عليه دخلا طيبا ولكنه لا يملك تكاليف الزواج وقد أخذ المال على أنه هدية فإذا حدث بعد سنوات خلاف بينهما وطالبته برد المال لأنها قصدت أن يكون من أموال الزكاة بينما سألت بعض العلماء الذين نفوا أن يصح ذلك المال في أوجه صرف زكاة المال فهل يحق لها المطالبة برد المال؟ مع العلم أن أخاها قد صرف المال في زواجه وقد ادخر مبلغا من المال يغطي رد ذلك المال ولكنه ليس بموسر وإذا كان هذا الأخ قد أدى بعض الخدمات لأخته بنية رد الجميل بينما أنكرت أخته هذا الجميل فهل يجوز له احتساب أجر مقابل تلك الخدمات لأنه لم يجد مقابل نيته عند أخته؟
رجاء أفادتي وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لهذه الأخت مطالبة أخيها بردِّ هذا المال، سواء كان هدية أو زكاة مال، لأنه لا يجوز الرجوع في الهبة بعد القبض لغير الأب، وكذا لا يجوز الرجوع في الصدقة بعد القبض بالاتفاق.
قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز للمتصدق الرجوع في صدقته في قولهم جميعاً.
وكذلك نقل الحافظ ابن حجر الاتفاق على عدم جواز الرجوع في الصدقة بعد القبض.
وقد عقد البخاري باب: لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته، وأورد تحته حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "العائد في هبته، كالعائد في قيئه".
ورواية عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "فإن العائد في صدقته، كالكلب يعود في قيئه".
ودفع الزكاة لمن يريد الزواج إذا كان محتاجاً جائز، ويجوز لهذا الأخ احتساب أجر مقابل الخدمات التي قدمها لأخته بنية رد الجميل ولم تثبه عليها، لأن الهبة بنية الثواب يجوز الرجوع فيها إذا لم يثب عليها واهبها.
روى مالك في الموطأ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه صدقة، فإنه لا يرجع فيها. ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها إذا لم يرض منها.
وإلى هذا القول ذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد في رواية عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1423(12/5517)
لا بأس بتخصيص مال لولد ذي عاهة مزمنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب في تخصيص مبلغ من المال في بنك باسم أحد ابنائي يعالج من مرض مزمن لمساعدته في تكاليف علاجه مستقبلا. وهذا المبلغ سيكون زائدا عن الميراث الشرعي بين الأبناء. هل يجوز هذا شرعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام بأحد أولادك عاهة مزمنة فلا حرج في تخصيص مبلغ من المال له لمعالجته ونفقاته ونحو ذلك، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم:
6242.
وما دمت ترغب في وضعه في بنك فالواجب عليك وضعه في بنك إسلامي يحفظه له إلى وقت حاجته إليه أو يستثمره له استثماراً صحيحاً. وأما وضعه في بنك ربوي فحرام، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم:
9537.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1423(12/5518)
حرمان بعض الأولاد من العطية لعارض ... نظرة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل لديه ولد وثلاث بنات وكتب الرجل للولد الشقه التي يجلس فيها والمحل لثلاث بنات وهو يعيش مع ابنه في الشقه ومع زوجة ابنه وهذا الابن عاق"ولا ينجب أطفالاً مع تكرار زواجه" لأبيه فيهينه ويسبه ويريد أن يترك له الشقة هو وزوجته تعاونه على ذلك ويوجد مبلغ من المال مع الأب وكتبه لبنتين فقط دون الثالثة لأنها لا تحسن معاملته ولا يريد أن يكتب شيئاً لابنه أيضا ويقول أنه أخذ حقه وأكثر وتخاف الابنتان الصالحتان أن يكون هذا حراماً فتسألان ما حكم ذلك؟ علما بأن الأخ والأخت التي لم يكتب لهما النقود إذا علما بهذا فلن يتركا أباهما ولا أختيهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الوالد مطالب شرعاً بالتسوية في العطايا والهبات بين أولاده، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري ومسلم.
إلا أنه إذا وجد مسوغ مقبول لتفضيل بعضهم على بعض فلا بأس، وفي هذا يقول ابن قدامة -رحمه الله-: فإن خص بعضهم بالعطية، لمعنى يقتضي تخصيصهم مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو أكثر عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله تعالى أو ينفقه فيها، فقد روى عن أحمد ما يدل على جواز ذلك. انتهى المغني 5/605
وننبه هنا إلى أن جواز هذا التفضيل هو في حياة الوالد بنحو هبة أو عطية، أما أن يوصى لوارث لكي يحرم آخر فغير جائز، والوصية باطلة شرعاً، ولا تنفذ إلا بإذن الورثة، وعليه فما كتبه أبوكم من شقة لابنه ومحل لبناته ونقود لبعض البنات إذا لم يكن على وجه التمليك في حياة الأب، وحيز، وتصرف فيه من كُتِب له تصرف المالك في ملكه يعد وصية، ولا ينفذ، لأنه وصية لوارث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1423(12/5519)
هبة الجد لحفيده وموته قبل جده.. هل تنفذ الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الى العلماء الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،،
أرسل لكم هذه الرسالة لأول مرة وأرجو أن تفتوني
في سؤالي وهو:-
منح جدي البالغ من العمر 79 سنة هدية إلى حفيده الذي هو أخي من أمي وأبي شقة صغيرة مكونة من ثلاث غرف وصالون وحمام (أجلكم الله) قبل تسعة أعوام بورقة مصدقة من نقابة المحاميين، وبعد سبع سنوات توفي أخي رحمه الله، وفوجئنا بأن أعمامي يطالبون بالشقة بحجة أن صاحبها موجود على قيد الحياة (الذي هو جدي)
السؤال: لمن الشقة هل لنا لأنها ملك أخي رحمه الله
بموجب الورقة التي معنا والمصدقة من نقابة المحاميين وعليها بصمة جدي
أم الشقة ملك جدي لأنه على قيد الحياة
أم لمن الشقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان جدك وهب لحفيده الشقة وهو في حالة يصح فيها تبرعه، وقبضها أخوك أو من ينوب عنه، وتصرف بها تصرف المالك، فإن الشقة انتقلت إلى ملك أخيك بعد أن قبضها، لكن يجوز للجد عند بعض أهل العلم الرجوع في هبته لولد ولده وإن قبضها، ما لم تخرج من ملك الحفيد بإرث أو بيع أو غيرهما، وبما أن الحفيد الموهوب له قد مات قبل رجوع الجد في الهبة فإن الجد لا يملك الرجوع في هبته حينئذ وتصبح لورثة أخيك، فإن كان أخوك لم يقبضها حتى مات، وكانت الشقة طيلة الفترة الماضية في حوزة جدك وتصرفه فإن الشقة تعود لجدك لأن الموهوب له إذا مات قبل القبض بطلت الهبة، ولمعرفة حقيقة الأمر، وما تم بين جدك وأخيك عليكم بالرجوع إلى القضاء الشرعي لفصل النزاع بينكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(12/5520)
شروط جواز هبة الأب لأبنائه جميع أملاكه
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل مسن ولديه بنتان ويريد أن يكتب كل ما يملك من عقارات وأراضٍ زراعية باسم بناته أي يملكهم كل ممتلكاته وذلك حتى لا يرث معهن أقرباؤهن الذين يكرهوهن ويكرهون الرجل المسن ويتمنون موته بالرغم من أنه يساعدهم كثيراً ويحنو عليهن فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على الأب أن يهب كل ما يملك لبنتيه بشرط أن يعدل بينهما، والهبة ماضية إذا قبضتاها في حياة الأب، وتصرفتا فيها تصرف المالك.
أما إذا لم يقبضاها قبل موته، فإنها باطلة في المشهور من مذاهب الأئمة الأربعة، فهي بمثابة الوصية للوارث، وهي باطلة إلا إذا أمضاها بقية الورثة.
لكن الأولى بهذا الرجل أن يهبهن البعض، ويبقي البعض حفاظاً على الود بينه وبين أقربائه، وابتعاداً عن تعمد إخراج وارث، فقد نص بعض أهل العلم على أن تعمد ذلك لا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1423(12/5521)
لا يحصل الملك في الموهوب إلا بالقبض
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة نوت إخراج ذهبها لوجه الله تعالى واحتاجت له فقامت ببيع جزء منه لإجراء عملية لابنها ثم احتاجت إلى المال وقامت ببيع الباقي وفي نيتها إخراج قيمة الذهب والزيادة عليه لوجه الله تعالى هل يصح عملها هذا؟ وماذا عليها؟ مع العلم بأنها حتى الآن لم تحصل على المال حتى تخرج ما في نيتها.
أفيدوني أفادكم الله.
مع خالص شكري.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في التبرع أن لا يتم إلا بالقبض، ودليل هذه القاعدة ما رواه مالك في الموطأ أن أبا بكر رضي الله عنه كان قد نحل عائشة رضي الله عنها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما مرض قال: يا بنية، كنت قد نحلتك جذاذ عشرين وسقا، ولو كنت حزتيه أو قبضتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث، فاقتسموه على كتاب. وفي الموطأ أيضاً عن عمر رضي الله عنه مثله.
فكل ما كان متبرعاً به من هبة أو هدية أو صدقة لا يتم الملك فيه إلا بقبضه، فيجوز للمتبرع الرجوع فيه.
قال النووي -رحمه الله- في روضة الطالبين: وأما شرط لزوم الهبة فهو القبض، فلا يحصل الملك في الموهوب أو الهدية إلا بقبضهما هذا هو المشهور.
وفي المقنع في كتاب الهبة قوله: وتلزم بالقبض، وهذا إحدى الروايتين، وهي المذهب مطلقاً.
وفي مواهب الجليل: المعروف من الأدلة أن الهبة يشترط في ملكها الحوز.
فعلى هذا فلا حرج عليك -إن شاء الله- في رجوعك عن هذه الصدقة، ولا إثم عليك في ذلك، ولا يلزمك إخراج صدقة غيرها، وإن يسر الله أمرك فتصدقت بعد ذلك، فهو حسن وتؤجرين عليه -إن شاء الله تعالى-.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1423(12/5522)
هدايا عروض الشركات تابعة للأصل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل موظفاً في شركة وأحيانا يطلبون مني شراء بعض الأغراض للشركة فيكون مع هذه الأغراض عروض خاصة مثل كرة أو كأس.....ألخ، فهل يحق لي أخذ هذه العروض؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك أخذ هذه العروض لنفسك لأنها لم تدفع لك أنت وإنما هي تابعة للأصل وهو البضائع التي اشتريتها، فحكمها حكم الأصل، والأصل ملك للشركة، فيكون التابع ملكاً للشركة كذلك فلا يجوز لك التصرف فيه، فإن دفعت لك على أنها للشركة فخذها وادفعها لأهل الشركة، وإلا فلا تأخذها أصلاً، وراجع الفتوى رقم: 3816.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1423(12/5523)
يجوز أخذ العطية من الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله
لي أخ يعيش في بلاد الغرب صاحب منصب صار مؤخراً ينفق على أمي أي يعطيها كل مرة مبلغاً مالياً لكي تتقوت به هي وأولادها لكونها أرملة ليس لها مدخول يكفيها لكن هذا الأخ ليس على دين الإسلام حسب مافهمته منه بعد تحاوري معه بحيث يعتقد أشياء يعتقدها الكفار وربما الملحدون ولا يقيم الصلاة إذا كان هذا الأخ للأسف كافرا أو نحو ذلك هل هذا المال الذي تأخذه أمي منه حلال جائز أخذه؟
أفتونا جزاكم الله خيراً مع الدليل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا المال حلال، لأنه يجوز أخذ العطية من الكافر، لذلك عقد البخاري -رحمه الله- باب قبول الهدية من المشركين، وأورد فيه أحاديث منها حديث أنس رضي الله عنه: أن يهودية أتت النبي صلى الله عليه وسلم بشاه مسمومة، فأكل منها.
والواجب عليكم القيام بواجب النصيحة لأخيكم، ودعوته إلى الدين، وترغيبه في الإيمان، وإعانته بالدعاء خاصة دعاء الوالدة، فإنه مستجاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(12/5524)
حكم قبول الهدية من متعاطي الرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم وبعد
لي قريب يعمل في مؤسسة حكومية أهدى لي هدية قيمة "ثلاجة"مع العلم أن العلاقة بيننا حميمة جدا. المشكلة أنني اكتشفت بعد ذلك أنه يأخذ الرشوة في بعض الأحيان والآن أنا حائر هل هذه الهدية حلال أم حرام علي؟ في حالة ما إذا كانت حراما كيف أعمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا علمت أن هذه الهدية بعينها استفاد بها قريبك بطريق محرم، رشوة أو غيرها، فلا يجوز لك أخذها، وانظر الفتوى رقم:
7707.
وإن لم تعلم ذلك، وكان له مال حلال مختلط بالحرام فيكره لك قبول هديته، وحيث إنك قد أخذت هديته فلا حرج عليك في ذلك ولا يلزمك ردها إليه.
واجتهد في نصحه وتوجيهه إلى الخير، فإن الدين النصيحة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1423(12/5525)
العدل في الإعطاء للإخوة والأخوات هل هو واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة وما زلت بنتا (لم أتزوج سابقاً) وأعيش مع إخوتي الذكور ولي إخوة: اثنان من الذكور وثلاثة أخوات من الأناث لقد اشترى إخوتي الذكور قطعة أرض بأسمائهم وساعدتهم بثمن هذه القطعة وكان معظم ثمن هذه القطعة مني لكن أخواتي البنات لم أساعدهن بأي مبلغ سوى الهدايا هل هذا حرام أم حلال؟
أرجو أن تفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يلزمك إعطاء أخواتك مثل ما قدمته لإخوانك من المساعدة، لأنه لا يوجد دليل على وجوب العدل في الإعطاء للإخوة والأخوات.
أما وجوب العدل، فقد ورد في حق الوالد مع الأولاد، كما في حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" متفق عليه.
وعليك بالمواصلة في الإحسان إلى أخواتك، لأن ذلك من باب البر والصلة.
روى الطبراني في الأوسط بإسناد حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صدقة ذي الرحم على ذي الرحم صدقة وصلة".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1423(12/5526)
حكم هبة الدولة المشروطة بشراء أسهم والتعامل مع البنوك
[السُّؤَالُ]
ـ[جعلت الدولة هبة للفلاحين ولكن يشترط فيهم شراء أسهم من شركة التأمين والتعامل مع بنوك ربوية
فهل يجوز أخذ هذه الهبة؟ علما بأن الفلاح لا يرجع مما أخذ شيئاً. أفيدونا بالجواب جزاكم الله خيرا. ودمتم في خدمة الإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اشترطت الدولة لإعطائكم الهبة شرطين:
أما الأول: فشراء أسهم من شركة التأمين، وحكم هذا الشرط متوقف على نوعية التأمين، فإن كان إسلامياً جاز شراء الأسهم وإلا لم يجز. وانظر الفتوى رقم:
3319.
وأما الثاني: فالتعامل مع البنوك الربوية ولا شك أن ذلك محرم. وانظر الفتوى رقم:
2420.
والحاصل أنه إن كانت الهبة المذكورة لا يتوصل إليها إلا بمقارفة أمر محرم فلا يجوز أخذها، وما عند الله خير وأبقى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1423(12/5527)
المشاركة في مسابقة دعائية ... رؤية فقهية
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل اشترك في مسابقة دعاية وإعلان في التلفزيون وأخذ على ذلك مبلغاً وأصبحت صورته تظهر في ذلك الإعلان ما حكم أخذ هذا المبلغ من المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحكم في هذه المسألة يرجع إلى حكم الشيء الذي تمت الدعاية له والإعلان عنه، والطريقة التي تم بها الدعاية والإعلان، لأن ما ذكر في السؤال وسيلة، وهذا الشيء الذي أعلن هو المقصد، فإذا كان هذا الشيء جائزاً شرعاً والوسيلة المتخذة للإعلان جائزة، فالدعاية تكون مشروعة، ويكون هذا المبلغ حلالاً، وإذا كان ليس بجائز شرعاً، كانت الدعاية محرمة، فيكون هذا المبلغ من الكسب المحرم.
ويدخل هذا كله تحت القاعدة الفقهية:"الوسائل لها أحكام المقاصد" وهي قاعدة مستنبطة من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل أمرئ ما نوى. الحديث متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1423(12/5528)
حكم هدايا الشركات للمندوبين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعمل في إحدى الشركات كأمين سر في لجنة مهمتها استقبال العروض التجارية التي تطرحها شركتي وفي نهاية العام يقوم مندوبو بعض الشركات بتقديم هدايا دعائية تحمل اسم الشركات التابعين لها وتتمثل هذه الهدايا في أقلام ومفكرات وكنت أقبل تلك الهدايا فهل يجوز قبول تلك الهدايا علما بأنها لا تؤثر على أمانتي لمهنتي ولا تجعلني أتحيز لمن قدم تلك الهدايا.
وجزاكم الله عنا كل خير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه الهدايا هدايا مقدمة لشركتك التي تعمل فيها فلا مانع لكم من قبولها، أما إذا كانت مقدمة لك أنت شخصياً فالظاهر أنه لا ينبغي لك قبولها لأنها يخشى أن تكون كالرشوة، وأن يكون الغرض منها استمالتك للتعامل مع هذه الشركات التي تقدم لك الهدايا دون غيرها. وقد سبقت لنا فتاوى بهذا المعنى وهي بالأرقام التالية:
8321
3816
17863.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1423(12/5529)
كل ما خلفه الزوج عند زوجته مما يخص النساء فهو لها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر المصوغات (الذهب) ملكا للزوجة بعد وفاة زوجها إذا لم يوضح ذلك صراحة في وصيته؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل أن تكون الأشياء والممتلكات التي تخص النساء في البيت ملكاً للزوجة، ويشمل ذلك الحلي وغيره من الأثاث.
أما ما يخص الرجال، فالأصل فيه أن يكون للزوج.
هذا هو الأصل العام، ويمكن أن يخصصه عرف أو شهادة أو وثيقة.
فإذا كان الزوج قد أهدى هذا الذهب لزوجته في حياته ولم يشهد أحداً على أنه عرية، ولم يكتب ذلك، ولم يكن العرف عندهم يقتضي أن الذهب يكون عرية، فهو في هذه الحالة ملك للزوجة خاصة، ولا يدخل في عموم التركة التي تقسم على الورثة.
قال ابن عاصم في التحفة: وإن يكن عرية وأشهدا من قبل سراً، فله ما وجدا.
يعني أن هدية الزوج لزوجته إذا كان يقصد بها العرية وأشهد على ذلك سراً أو وثقه في كتابه، فله ما وجد منها، ولا تضمن هي ما فات أو استهلك.
أما إذا لم يوثق ولم يشهد، فتبقى ملكاً لها على الأصل.
والحاصل: أن هذا الذهب الذي تركه الزوج عند زوجته أو غيره من الممتلكات التي تخص النساء، وهي تحت يد الزوجة تعتبر ملكاً لها ما لم تقم بينة بخلاف ذلك، أو تقر الزوجة بأنه كان عندها عرية وليس ملكاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1423(12/5530)
حكم من وهب ماله لبناته في حياته متعمدا
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم الشرع فيمن يتعمد تقسيم أمواله على بناته في حياته حتى لا يشاركهن أحد في الميراث بعد موته؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان وهب لبناته ماله ولم يقبضْنَه إلا بعد موته، فإن هذه الهبة باطلة في المشهور من مذاهب الأئمة الأربعة، إلا إذا أمضاها بقية الورثة البالغين الرشداء.
أما إن قسم أمواله بينهن وملكها لهن تملكاً تاماً في حياته، بحيث قبضن المال وتصرفن فيه تصرف المالك، فإن هذا أيضاً لا يجوز على الصحيح من أقوال أهل العلم إذا كان لهن إخوة أو أخوات، لحرمة تخصيص بعض الأولاد بالعطية دون بعض، كما هو مبين في الفتوى رقم: 6242.
أما إذا كان الوارثون غير الأبناء، وكان الواهب ممن يجوز تبرعه، فإن هبته صحيحة، سواء رضي الورثة أو لم يرضوا، وهذا ما لم يكن قصده من الهبة إخراج بعض الورثة.
ولمزيد الفائدة والإيضاح تراجع الفتوى رقم: 12549.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1423(12/5531)
حكم الهبة للورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
لي 4بنات وأخ وأخت من أبي و3إخوان من أمي وإني أعمل وأشتري من أجل بناتي وخوفا من الله لم أكتب شيئا باسمهم. هل أستطيع أن أكتب ماعندي ومااشتريته باسم بناتي وزوجتي تلح علي باستمرار ولكني أرفض خوفا من الله.هل أنا على حق.أم أكتب ما أملك لبناتي؟ ولكم الشكر ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك في أن تهب ما لديك من مال لبناتك، بشرط أن تعدل بينهن في هذه الهبة، ولو وهبت بعضه وأبقيت البعض الأخر محافظة على الود بينك وبين إخوتك كان أولى وأفضل، لكن هذا لا يلزمك، إذ يجوز للإنسان أن يتبرع في حال الصحة ومضي التصرف بجميع ماله لورثته أو لغيرهم
واعلم أن هذه الهبة ما لم تُقبض ويتصرف البنات فيها تصرف الملاك، أو تبقى عندك كوكيل لهم في حفظها فقط، فإنها تدخل في التركة ويتقاسمها جميع الورثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1423(12/5532)
هدايا الزوج لزوجته بعد وفاتها هل تدخل ضمن الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوج رجل من امرأة من مدة تقدر بـ 37 سنة وكان قدر المهر 4000 ريال سعودي وأحضرت الزوجة معها بعض الذهب الذي تلبسه للزينة بمبلغ ما يقارب 3000 ريال سعودي وبعد مدة من زواجها حصلت مناسبة لتغيير هذا الذهب وكان لا يكفي لشراء الذهب الجديد وزيد عليه مبلغ من المال وقد استمرت هذه الطريقة حتى وصل ما عند المرأة من الذهب ما يقدر بمبلغ 20000 ريال وزوجها يدفع الفرق وقد توفيت هذه المرأة يرحمها الله وتركت من الأبناء تسعة أفراد (خمسة أولاد وأربع بنات) ووالدها على قيد الحياة فإذا كان هذا الذهب لا يخص زوجها لأنه كان يدفع الزيادة في الاستبدال إلى أن وصل إلى هذا المبلغ فهل يكون من أملاك هذه المرأة وإذا كان كذلك فما نصيب والدها وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى المسلم أن يتقي الله تعالى، ولا يطلب من غيره إلا ما استحقه، فقد حذر الله تعالى من أكل أموال الناس بغير حق، فقال تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [البقرة:188] وقال صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين يستحق بها مالاً وهو فاجرٍ لقي الله وهو عليه غضبان. فأنزل الله تصديق ذلك: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [آل عمران:77] . رواه البخاري.
فعلى الطرفين السائلين عن هذا المال أن يتقيا الله، فإن الصبر على قلة المال في الدنيا أهون من الصبر على عذاب الله في الآخرة.
والظاهر في هذه المسألة -والله أعلم- أن هذا الذهب من حق ورثة الزوجة، وليس لزوجها منه شيء، سواء سمَّاه هدية أم لم يسمه عند إعطائها إياه، لأن الأصل أنه أعطاه لها على سبيل التمليك، إذ ليس بين الرجل وزوجته ثواب على الهدايا والهبات، إلا إذا شهد له العرف أو قامت بينه على أنه أعطاها ذلك نظير مقابل أو ثواب، فإن الذهب في هذه الحالة يكون من حقه إن ثبت أنها لم تثبه عليه، قال ميَّارة -مالكي- في شرحه على تحفة الحكام:-: وفي الوثائق المجموعة: فإن لم يُسم هدية ولا أعلن بها، وادّعى أنه أرسل لها ثياباً ليُكافأ عليها، فإنه يُنظر إلى حال أهل البلد، فإن كان المتعارف عندهم أن الرجال إنما يُهدون إلى نسائهم ليكافئوا على ذلك، كان القول قوله، فإن لم تكن في البلد سيرة بالمكافأة، ولا رُئي من الزوج أنَّ ذلك كان منه على طلب المكافأة، ولا ذكر وجها غير طلب المكافأة ولم يُر في وقت الهدية ما يدل على إرادته التي ذكر لم يكن له فيها قيام إن شاء الله تعالى. انتهى.
هذا إذا كان الزوج حياً، أما إذا كان ميتاً هو الآخر، فإن ورثته يقومون مقامه في الاستحقاق وعدمه.
فإذا ثبت بناءً على ما ذكرناه سابقاً -أن هذاالذهب من حق ورثة الزوجة، وكان الزوج موجوداً، فهو أحد الوارثين فيكون نصيبه الربع لوجود الفرع الوارث، وهو ما يساوي 4999 ريالاً سعودياً، وثمان هللات، وللأب السدس لوجود الفرع الوارث وهو مايساوي 3333 وهللتان، والباقي للأولاد يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. أما إذا كان الزوج غير موجود، فيكون للأب نفس المبلغ السابق، ويُقسم الباقي على الأولاد، للذكر مثل حظ الأنثيين.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1423(12/5533)
ما تم هبته حال الحياة ينفذ
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تمتلك أختي قطعة أرض قامت ببناء شقة عليها، وعندما خطبت ابنتها قام خطيبها ببناء دور كشقة للزوجية (تحمل نفقات البناء والتشطيب وكافة المصاريف من جيبه الخاص) والحمد لله تم الزواج وهما يعيشان فيها في سعادة وهناء.
وعندما رغب ابن أختي في الزواج قامت والدته ببناء شقة له فوق شقة أخته.
والسؤال هو كيف يتم تقسيم هذا المنزل بين أبناء أختي الولد والبنت شرعاً بما يرضي الله. مع الأخذ في الاعتبار أن الدورين الأول والثالث تم بناؤهما على نفقة أختي، أما الدور الثاني فتم بناؤه على نفقه زوج ابنتها. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه المرأة قد وهبت هواء البيت الذي بنته لزوج بنتها ليبني له بيتاً فقد أصبح ذلك الهواء ملكاً له والشقة التي بناها ملكه، وهذا على مذهب من يجيز التصرف في الهواء من أهل العلم وهو الراجح، وهو مذهب المالكية والحنابلة.
وأما الدور الثالث الذي بنته المرأة لولدها فإنه ملك لها، فإن كانت قد وهبته له في حياتها وقبضه بإذنها فقد صار ملكاً له، وإن لم تكن وهبته له وذلك بأن بنته ثم أذنت له أن يسكن فيه فإنه لا يزال في ملك المرأة، وبعد موتها يعد من جملة الميراث فيقسم مع سائر التركة على الورثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1423(12/5534)
قبول الهدية من الزبائن..بين الإباحة والحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[اني أعمل في بقالة وبعض الأحيان يعطيني الزبائن كتباً دينية دون علم صاحب البقالة هل يجوز أن أمتلكها علما أنني قلت لصاحب البقالة بأن بعضهم يعطيني هدايا فسمح لي بأخذها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التهادي مشروع مرغب فيه لما فيه من تأليف القلوب وتوثيق عرى المحبة بين الناس، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها، وكان يدعو إلى قبولها ويرغب فيها. فقد جاء عنه أنه قال: من بلغه معروف من أخيه من غير مسألة ولا إشراف نفس فليقبله ولا يرده، فإنما هو رزق ساقه الله عز وجل إليه. رواه أحمد وفي صحيح مسلم: باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير مسألة ولا إشراف. وقال صلى الله عليه وسلم: ولو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت، ولو أهدي إلى ذراع أو كراع لقبلت. رواه البخاري.
وانطلاقاً من هذه الأحاديث الصحيحة التي ترغب في الهدية وتحض على قبولها نقول للسائل: لا حرج عليك في قبول ما أهدي إليك من كتب ولو كان ذلك بدون علم صاحب البقالة ما لم يكن هذا الإهداء ممن هو مدين لك فيكون إهداؤه حينئذ من أجل التغاضي عنه، أو التساهل في قضاء الدين منه فيمنع حينئذ قبول الهدية لسببين: السبب الأول: أن فيه خيانة وغشا لصاحب المحل، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: من غش فليس مني. رواه مسلم من حديث أبي هريرة.
الثاني: أن المؤخر لما في الذمة مسلف، وكل سلف جر نفعا فهو ربا.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1423(12/5535)
حكم الهدية من عامل المزرعة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا مزرعة بجوارها مزرعة أخرى وأحد عمالها يأتي لنا ببعض ما تنتجة من تلقاء نفسه وبمحض إرادته فهل في ذلك شي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان ما يأتيكم به أحد عُمال المزرعة المجاورة لكم ملكا له، أو كان مفوضاً من صاحب المزرعة في التبرع بما شاء أو بمثل ما يأتيكم به فلا بأس بقبوله منه، وإن كان غير ذلك فلا يجوز أخذه منه ولا قبوله، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس. رواه الإمام أحمد والبيهقي. وإن لم يتبين هل هو حق له أم لا فالأفضل تركه والتورع عنه، لأن من اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1423(12/5536)
حكم قبول الهبة المسروقة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد تلقيت من شخص هدية وهي عبارة عن حذاء، ولكن عندي شك كبير يصل إلى اليقين أن هذه الهدية من مصدر غير شرعي_ يعني مسروقة أو مشتراة ببطاقة ائتمان مسروقة.
هل هذه الهدية حرام؟ وإن كانت كذلك ماذا يجب أن أفعل فيها وهي بحوزتي الآن مع العلم أن الذي أهداها لي في بلد غير الذي أسكنه ويبعد عني بالآف الكيلومترات.
ولكم مني الشكر ومن الله عز وجل الجزاء والسلام عليكم ورحمةالله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تعلم أن المال مسروق فإن الهبة باطلة، ولا يدخل الموهوب لك في ملكك بها، وكان الواجب عليك أن تنصح هذا المهدي وتخوفه من عقاب الله وتدعوه إلى التوبة، والواجب عليك الآن رد هذا المال إلى أهله إذا استطعت، فإن لم تستطع فرده إلى السارق؛ إن كنت تعلم أنه سيعيده إلى أربابه.
فإن تعذر عليك ذلك فخير سبيل إلى التخلص منه هو أن تنفق ثمنه في سبيل الله فهو أنفع أبواب الإنفاق لرب المال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1423(12/5537)
حكم الهبة لأحد الورثة حال الصحة
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي كتب لزوجته الثانية معظم أملاكه والباقي كتبه لأولاده وقال قبل موته لنا ليس لكم عندي شيء وهي تعامله أسوأ معاملة حتى توفي ولقد نصحه الكثير بعدم التفرقة ولكنه أبى بحجة أننا أكبر منهم فهل يحاسب والدي على ذلك مع العلم أننا شكوناها للمحكمة ولم تستجب لحكم الله هل يعاقب والدي على ذلك؟ مع أننا حاولنا إفهامها بالحسنى ونخشى القطيعة أرشدونا سريعا لأنا كل يوم في مشاكل معها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز تفضيل بعض الأبناء على بعض في العطية وحكم ذلك مبين في الفتاوى التالية أرقامها:
14254 14611 10390 9084
وبينا حكم تفضيل بعض الزوجات على بعض في العطية في الفتوى رقم: 11389
وخلاصة ما ذكر أنه إن وهب ما وهب في حياته وتمام صحته لأحد ورثته وتمت الحيازة من قبل الموهوب له الحيازة المعتبرة شرعاً فإن الهبة ماضية يختص الموهوب له بالهبة. وهذا هو مذهب الجمهور وراجع الجواب رقم: 5348، فإن اختل شرط مما ذكر فالهبة لاغية، والمال تركة يقسم على الورثة كل حسب نصيبه.
وننصح الإخوة الكرام بمعالجة الأمر بالرفق واللين والتذكير بالله وبحقارة الدنيا وأنها لا تستحق الخصام والنزاع. والله يرعاكم ويصلح ذات بينكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1423(12/5538)
لا بد من إثبات تمليك الهبة في حالة صحة الواهب
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة مسنة تعيش بشقة تمتلكها ولديها ثلاث من البنات المتزوجات توفيت إحداهن بعد إنجابها لبنتين فقامت الجدة بكتابة عقد ملكية الشقة باسم إحدى الحفيدات مع إخفاء ذلك عن باقي بناتها وذلك بدعوى أن هذه الحفيدة هي التي تعيش معها وتتولى رعايتها كما أن والدها قد هجر الأسرة فكأنها يتيمة الأب والأم وقد توفيت الجدة وتزوجت الحفيدة وتنوي الإقامة بالشقة المذكورة غير أن خالاتها يطالبن بحقهن في الشقة ويرفضن إقامتها بها00فهل تصرف الجدة مقبول شرعاً باعتباره في حكم الهبة أو الوصية الجائزة أم هو تحايل على أحكام المواريث الشرعية00نرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان لدى هذه الحفيدة وثيقة تثبت أن جدتها ملَّكتها الشقة في حالة صحة منها ورشد، وتمت حيازة الشقة الحيازة المعتبرة شرعاً من قبل هذه البنت في حياة الجدة، فإن تلك العطية نافذة والشقة لها خاصة، لا حق لباقي الورثة فيها.
أما إن لم يكن لديها إثبات من شهود أو وثيقة منها، أو كانت لها وثيقة ولكنها لم تحز الشقة أثناء حياة جدتها، فإن الشقة تكون تركة كغيرها، إلا إذا تنازل لها بقية الورثة عن نصيبهم من الشقة.
والذي يظهر من خلال السؤال أن الشقة لم تحز إلى ملك البنت حتى موت جدتها. ولكن الأولى في مثل هذه الحالة مراجعة المحاكم الشرعية لمعرفة تفاصيل المسألة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1423(12/5539)
حكم منح هدايا من الإنترنت مقابل ألعاب الحظ
[السُّؤَالُ]
ـ[مواقع في الإنترنت تعلن عن هدايا باهظة مقابل بعض ألعاب الحظ.أهذا ميسر أم حلال؟
الرجاء سرعة الرد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا الأمر بمقابل من المشارك فإنه قمار وميسر، وحقيقة القمار: هي أن الشخص يدور فيه بين غنم وغرم، وهذا منها، وإذا كان بغير مقابل فلا بأس به إذا كانت هذه الألعاب مباحة في ذاتها. ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم:
15397 والأجوبة المربوطة بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1423(12/5540)
مخصصات الدولة للأبناء العجزة ملك لهم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال:
رجل يعمل في إحدى المؤسسات الحكومية ويتقاضى مرتباً شهرياً قدره 200 دينار وله عشرة أبناء ومن بين العشرة اثنان معوقان (أي بهما تشوه بدني) هذان المعاقان يتقاضى كل منهما مرتياً شهريا من صندوق العجزة والمعوقين قدره 45 ديناراً أي مجموع ما يتقاضيانه 90 دينارا هل يجوز للرجل أن يأخذ هذه القيمة (90 ديناراً) ويضيفها إلى مرتبه وينفقها على بقية الإخوة؟ مع العلم بأن 200 دينار لوحدها لا تكفي لعائلة.
أفيدونا رحمكم الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما خصصه صندوق العجزة لهذين الولدين المعاقين يعتبر ملكاً لهما، لأن الصبي له حق التملك.
وعليه، فلا يجوز لك أن تصرف شيئاً من المبلغ المخصص لهما في غير مصلحتهما، اللهم إلا إذا كان الأب مضطراً للنفقة على نفسه أو على من تلزمه نفقته، فله حينئذ أن يأخذ من مال ولديه ما يزيل به الاضطرار عن نفسه، وعن من تلزمه نفقته، ويراجع الجواب رقم 12789
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1423(12/5541)
حكم تحصيل الهبة الموعود بها دون علم صاحب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف وسبق وقد وعدني صاحب العمل بمكافأة مالية عن جهودي في العمل وعندما ذكرته بها أكثر من مرة قال لي: ما دمت أنت تعمل عندنا الآن مافي مشكل خليها بعدين. السؤال: هل بإمكاني أخذها بدون علمه؟ وإذا أخذتها فما هو الحكم الشرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....
أما بعد:
فإن كان وعدك بمكافأة معلومة نظير أن تعمل له عملاً زائداً عما أنت موظف من أجله، وبناءً على وعده قمت بإنجاز ذلك العمل ثم مطلك بمكافأتك التي حددها لك فلا حرج عليك أن تأخذ من ماله بدون علمه قدرها دون أن تزيد على ذلك، لأن هذا من باب ظفرك بحقك الذي ظلمك به.
وإن كنت قمت بالأعمال التي هي داخلة في وظيفتك أو خارجة عنها ولكن قمت بها من تلقاء نفسك ثم وعدك بالمكافأة لذلك ورجع في وعده ولم يعطك فليس لك حق أن تأخذ منه شيئاً لأنه وعدك بهبة منه ثم رجع عنها، ومجرد الوعد بالهبة لا تملك به شرعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1423(12/5542)
حكم التصدق والحج والانتفاع من مساعدات دول الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعيش في بريطانيا ونحصل مساعدات من الحكومة , طالما لم نجد وظيفة , فهل يجوز لنا أن نأكل من هذه المساعدات , وهل يجوز لنا أن نتصدق مما يفضل من هذه المساعدات , وهل نستطيع أن نحج بها أفتونا وجزاكم الله خيرا؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليكم في أخذ هذه المساعدات والانتفاع بها والإنفاق منها في سبيل الله أو الحج ونحو ذلك، ما دمتم لم تجدوا عملاً، ولم تعلموا أن عين هذه المساعدات مكتسبة بطريقة محرمة. والأولى لكم التنزه عنها لأن فيها مَنَّة لأعداء الله تعالى عليكم.
وإذا ألزموكم بفعل شيء محرم مقابل هذه المساعدة، أو أحسستم من أنفسكم مودة لهم أو ميلاً إلى ملتهم وما هم عليه من كفر ونحو ذلك، فلا يجوز لكم أخذها حينئذ. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم 9813 والفتوى رقم 14815
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1423(12/5543)
حكم قبول مال من صديقة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم روحمة الله وبركاته أنا كنت شاباً عاصياً والعياذ بالله والحمد لله هداني الله ونور لي دربي ورجعت إلى طاعة الله وأيام ما كنت عاصياً كانت لي صديقة وكنت آخذ منها النقود فاشتريت سيارة وغيرها من الأشياء، وكانت تقول إنها هدية من عندها ولما التزمت يراودني الشيطان أني كيف التزمت وأنا كنت آخذ الفلوس من البنات؟ فأرسلت رسالة للبنت وقلت لها: أبغيك تسامحيني على الفلوس التي أخذتها منك فردت علي وقالت أنا لما أعطيتك الفلوس كنت مسامحتك والله يوفقك، فما أدري ما هو قول الشرع بهذا؟؟ مع أنها سامحتني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت أخذت هذا المال من هذه الفتاة مقابل زنى بها فهو مال خبيث، لا يحل لك الانتفاع به، ولو أذنت لك بذلك، بل الواجب عليك رده لها، فإن أبت قبوله فاصرفه للفقراء والمساكين أو في المشاريع الخيرية، وإن كنت أخذته منها على سبيل التبرع والهبة منها لك فلا حرج عليك في الانتفاع به. وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه، وثبتنا وإياك على طاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1423(12/5544)
ليس في إعطاء الوالد أحد الأبناء مالا بشرط رده ما يخل بالعدل
[السُّؤَالُ]
ـ[1- أمتلك مشروعا تجاريا في بلد ما وهو بطبيعة الحال سوف يؤول شرعا للورثة الشرعيين بعدالوفاة، عرضت على أبنائي المشاركة لمن يرغب بحيث يدفع حصته من دخله الخاص، والذي لا يملك ما يدفعه عرضت عليه أن يدخل شريكا بأي نصيب يريده وذلك بقيد قيمة هذا النصيب دينا عليه يسدده في المستقبل عندما يتوفر لديه المبلغ سواء بالتقسيط أو النقد أو تُحسم القيمة من نصيبه في الميراث إذا حانت الوفاة قبل السداد
والسؤال هو: هل هذا التصرف صحيح؟ أي المشاركة النقدية من قبل أحد الأبناء والمشاركة على سبيل الدين من قبل الآخربحيث يُسدد هذا الدين مستقبلا عندما يتوفر المبلغ أو بنصيبه من الميراث إذا حانت الوفاة قبل التسديد؟ بارك الله فيكم مع وافر الشكر والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من أن تعطي أبناءك الذين لا يجدون مالاً - مبلغاً من المال ليشاركوا في هذا المشروع الذي دفع فيه أبناؤك الآخرون -الواجدون للمال- حصصهم، بشرط أن يسددوه في المستقبل عندما يتوفر لهم المال أو من نصيبهم من الإرث إذا توفيت قبل أن يسددوا الدين. وهذا يعتبر إحساناً منك لهؤلاء الأبناء، وليس فيه ما يخل بالعدل المطلوب بين الأبناء في العطية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1423(12/5545)
حكم تمول ما تركه الزبائن من مال زهيد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم......
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.....
أريد من فضيلتكم إفتائي في الآتي:
أنا أعمل دكتورة صيدلانية وتعاملي مع الناس يحتم أحياناً ترك بضعة قروش وعدم أخذها من الزبائن لعدم توافر الفكة. فهل يتحتم علي دفعها لصاحب العمل حتى لا يقع علي وزر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر هو أن الناس قد تركوا هذه الأموال القليلة زهداً فيها، ولا يجب عليك دفع هذه الأموال- ولو كثرت عندك- لصاحب المحل، والأولى لك صرفها في وجوه البر والخير.
هذا إذا كان قصدك أن الناس قد تركوا عندك الجزء المذكور، أما إذا كان القصد هو أنك أنت التي تتركين الأموال القليلة لعدم وجود الصرف، فالذي يظهر أنه لا شيء عليك لأنها أموال قليلة يتسامح فيها الناس غالباً، والأفضل إخبار صاحب المحل بذلك.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1423(12/5546)
هل يجوز للمدين أن يتصدق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز لي إخراج الصدقة وأنا عليّ دين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصدقة منها ما هو واجب وهو الزكاة، ومنها ما هو مستحب، وهو غير الزكاة من صدقة التطوع، فالصدقة بالمعنى الأول وهو الزكاة لا تجب على من عليه دين يستغرق ماله، بحيث لا يبقى منه بعد الدين قدر النِّصاب. وقد سبقت الإجابة عليها في الفتوى رقم: 6336.
أما صدقة التطوع، فإذا كانت تُخِلُّ بأداء الديون الواجبة، بحيث لو تصدق المدين لم يبق عنده ما يسدد به دينه، فلا تجوز حينئذ لأنها تطوع، وأداء الديون واجب، والواجب مقدم على التطوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1423(12/5547)
الرشوة لإبطال حق أو حد أعظم جرما
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد رأيكم فيما يتعلق بالرشوة، هل يمكن تقديمها إذا كان الأمر يتعلق بدرء حد من حدود الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرشوة هي دفع المال لإبطال حق أو إحقاق باطل، وهي حرام بالقرآن والسنة وإجماع الأمة، أما القرآن فقد قال الله تعالى: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة:188] .
وأما السنة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم" رواه أحمد، وصححه الألباني، وهذا الوعد يشمل تحريم الرشوة لتضييع حقوق الخلق، أو لتعطيل حدود الله، ودفع الأموال لأجل ذلك حرام، وأخذها سحت.
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من السعي لإبطال الحدود بعد وصولها إلى السلطان، كما في الصحيح من حديث أسامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له حين شفع في حد المرأة التي سرقت - وهي من بني مخزوم من قريش - فقال صلى الله عليه وسلم مغضباً: "أتشفع في حد من حدود الله؟!! "، ثم قال: "إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد" رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1423(12/5548)
حكم تقسيم التركة قبل الوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أملك عقارا مساحته 92مترا مكونا من محل بمساحة 30مترا ومخزن بدروم مساحته 40مترا ومكتب بالدور الأرضي مساحته 30 مترا وعدد 4 شقق سكنية ولي ثلاثة أولاد وثلاثة بنات وجميعهم متزوجون يسكن منهم ثلاثة ذكور وبنت لعدد أربع شقق السكنية وذلك بعقود إيجار والمكتب والمخزن بعقد إيجار لأحد الأبناء الذكور والمحل بعقد إيجار للابن الثاني وبالتالي فهناك بنتان من بناتي لم يستفيدوا من العقار وذلك بسبب زواجهم وإقامتهم في شقق إيجار خارج العقار وأنا أريد أن أترك وصية شرعية لكيفية تقسيم هذا العقار أو يتم توزيعها في حياتي الآن خوفا من حدوث أي خلافات بين أبنائي.
أفيدوني أفادكم الله وجزاكم الله خير الجزاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمطلوب منك هو تثبيت هذه الأموال في ملكك، بحيث لا يمكن أحداً من أبنائك ادعاء ملكية شيء منها مما هو تحت يده بعد وفاتك.
ولا يحتاج منك إلى وصية في كيفية تقسيمها، بل كل وارث يأخذ نصيبه المقدر له شرعاً: إما بالفرض وإما بالتعصيب، لأن أموالك قد تزيد وقد تنقص، وقد ينعدم بعضها، وقد يفقد أحد الورثة قبل وفاتك، فتكون هذه الوصية حينئذ عديمة الفائدة.
وأما تقسيم التركة للورثة قبل وفاتك، فإن كان على سبيل الهبة فلا بأس، وإن كان على سبيل الإرث فلا يصح، لأنك لا تزال حياً والحي لا يورث، ولذا قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى: إذا قسم - الأب - ما بيده بين أولاده، فإن كان بطريق أنه ملك كل واحد منهم شيئاً على جهة الهبة الشرعية المستوفية لشرائطها من الإيجاب والقبول والإقباض أو الإذن في القبض، وقبض كل من الأولاد الموهوب لهم ذلك، وكان ذلك في حال صحة الواهب جاز ذلك، وملك كل منهم ما بيده لا يشاركه فيه أحد من إخوته، ومن مات منهم أعطي ما كان بيده من أرض ومُغّل لورثته ... ، وإن كان ذلك بطريق أنه قسم بينهم من غير تمليك شرعي، فتلك القسمة باطلة، فإذا مات كان جميع ما يملكه إرثاً لأولاده للذكر مثل حظ الأنثيين. ا. هـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1423(12/5549)
لو فضل الوالد بعض ولده بعطية ومات قبل أن يسترده ثبت ذلك له وليس لبقية الورثة الرجوع
[السُّؤَالُ]
ـ[1السلام عليكم ... أرجو أن تفتوني في هذه المسألة. أولاد عمي سبعة أربعة ذكور وثلاث إناث...... وقد بنى عمي للولد الأكبر والخامس منزلا لهما وكتبه باسم الولد الأكبرأما الولد الثالث فاشترى له منزلا في البلد الذي يعيش فيه وهم متزوجون.... وأما الولد الأخير فلم يتزوج بعد..... وبعد وفاة والده تزوج..... وسؤالي هو هل لأي من الأخ الثالث والأخير مع الأخوات والأم حق في منزل الأخ الأكبر والخامس علما بأنهما الاثنان فقط قائمان بالعمل منذ شبابهما مع والدهما وملتزمين بها. ومازالا إلى الآن وهما يريدان الآن أن يبيعا المنزل فهل لأخواتهما أي حق فيه.... ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه يجوز للوالد أن يهب لبعض أولاده دون بعض أو يفضل بعضهم على بعض في الهبة، ولو لغير سبب معتبر كفقر ونحوه، وإن كان الأولى له أن يعدل بينهم فيها. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم 5348 وما دام أن الوالد قد وهب لبعض أولاده دون بعض في حال صحته وحازها أبناؤه الموهوب لهم قبل موته فليس للورثة الآخرين منها شيء.
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: إذا فاضل بين ولده في العطايا أو خص بعضهم بعطية ثم مات قبل أن يسترده ثبت ذلك للموهوب له ولزم، وليس لبقية الورثة الرجوع. هذا هو المنصوص عن أحمد في رواية محمد بن الحكم والميموني وهو اختيار الخلال وصاحبه أبي بكر وبه قال: مالك والشافعي وأصحاب الرأي وأكثر أهل العلم.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1423(12/5550)
حكم قبول هدية الكافر في المناسبات
[السُّؤَالُ]
ـ[1-أعمل في مصلحة حكومية وبفضل الله أتقلد منصباً جيداً وأسأل عن حكم الشرع في هدايا رأس السنة الميلادية التي تهدى من الشركات وهل ترفض أم تقبل ... وشكراَ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من قبولك لهذه الهدايا في المناسبة المذكورة في السؤال، إذا لم تكن على وجه الرشوة، وانظر الفتوى رقم:
8044 لأن قبول الهدية من الكفار جائز دون فرق بين ما أهدوه بمناسبة العيد أو في غيره من المناسبات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1423(12/5551)
شروط جواز هبة الأب بعض أولاده دون بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[1-والدي لديه محل تجاري (ايجار واستئجار) وليس ملكا، وأحد إخوتي يدير هذا المحل معه وقد تعب فيه وأسسه مع الوالد. والوالد الآن مريض جدا وقد أحس أخي بتدخل أزواج أخواتي في المحل.
لذلك فهو يرغب وبإلحاح بأن يكتب الوالد هذا المحل باسمه وجميع إخوته. علما بأن الأخوات موافقات على ذلك جميعهن وعددهن 6.
وأنا أخشى أن يكون ذلك فيه ظلم لأخواتي.
فما رأي الشرع في ذلك وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على الأب أن يعدل بين أبنائه -ذكورهم وإناثهم- في الهبة، وتخصيص البعض من الأولاد بشيء لغير سبب سماه النبي صلى الله عليه وسلم جوراً، كما في حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه- المشهور. لهذا نقول للسائل: الأصل أن هذا العمل المذكور لا يجوز للحديث الذي أشرنا إليه، ولا يخفى ما فيه من الظلم، لكن إذا كان الأخوات بالغات رشيدات ورضين بما فعل الأب فلهن ذلك، لكن ينبه إلى أنه لا بد أن يكون مع الكتابة المذكورة تمليك حقيقي، بأن يأخذ كل واحد من الأبناء حصته ويتصرف فيها مثل ما يتصرف في سائر ممتلكاته. أما إذا كان المقصود من الكتابة إنما هو سد الطريق أمام الآخرين وقطع أطماعهم، وليس المراد منه التمليك الحقيقي، فإن العملية -حينئذ- تدخل في باب الوصية، وهي باطلة إذا كانت لوارث كما في مسألتنا، إلا إذا أجازها بقية الورثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1423(12/5552)
ما يدفعه أهل الخير للأيتام الأغنياء....يقبل أو يرد حسب نية صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الأكارم ركن الفتوى سلام الله عليكم.
تقول السائلة ((توفي عني زوجي وترك لي ثلاثة أبناء وبنتين، وترك لي ما يبعدني عن الفاقة والعوز، إضافة إلي أنني معلّمة أتقاضى مرتباً شهرياً، ولذلك فإن أبنائي في رغد من العيش، كما هم في حياة والدهم، ووفاته جعلت الكثير من الخيرين يعطفون علينا ويمدوننا بمال لسنا بحاجة له، فكيف أفعل بما يقدّمه الخيرون من أموال، هل أذكر لهم بأن لا حاجة لي به، وهل علي أن أقبله؟ أم ماذا أفعل؟ أفيدوني فيما يتوجّب علي أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان ما يدفع للأخت السائلة ولأبنائها من أموال الزكاة فلا يجوز لها أن تقبله والحالة هذه، لأن الأغنياء ليسوا من مصارف الزكاة الثمانية التي بينها الله عز وجل في كتابه، وأما إن كان ما يدفع من صدقات التطوع، أو هدايا التودد ونحوه، فيجوز لها أن تقبل ذلك، لأنها تجري مجرى الهبة، قال أهل العلم: ويستحب للغني التنزه عنها. هذا ونسأل الله عز وجل أن يجزي الأخت السائلة خيراً على رعايتها لأيتامها، ولتحتسب الأجر عند الله تعالى، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى، وفرَّج بينهما شيئاً" رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1423(12/5553)
حكم ما يأخذه الموظف من العملاء بدون طلب
[السُّؤَالُ]
ـ[1-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنني أعمل في مصلحة حكومية وبعد القيام بالعمل يقوم العميل بصرف بعض المبالغ على سبيل الإكرامية وبالطبع تزيد هذه الإكرامية تبعا للتيسيرات الممنوحة له ولكني لا أشترك في هذا فكان ذلك مثارا للسخرية وخصوصا أنني أرى من يشترك هو أكثرنا حرصا على الصلاة في أوقاتها بل على العكس من ذلك لقد تمت مكافأته من قبل المصلحة بإرساله لأداء فريضة الحج على نفقة الحكومة والبعض يقول إنه يأخذها ولا ينفقها على بيتة بل يجعلها صدقة للمساجد مما جعلني أخيرا أمتنع عن الذهاب إلى العمل وأظل في إجازة وخصوصا بعد رجوعي من العمرة. وأنا في أمس الحاجة لأنني متزوج وعندي أطفال ماذا أفعل؟
هل أشاركهم بدون عمل أي تسهيلات للعميل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالموظف في جهة حكومية أو غيرها كالعامل بالأجرة مؤتمن على ما وكل إليه من عمل، وملزم بالقيام بما نيط به وفوض إليه على الوجه الذي تطلبه الجهة التي يعمل بها مقابل ما يتقاضاه من أجرة على ذلك. وليس له أن يأخذ من أحد العملاء منحاً أو هدايا مقابل ما يقدمه له من تسهيلات دون غيره من العملاء، وعليك أن تنصح زملاءك بهذا الأمر، ولا حرج عليك أن تعمل معهم بشرط أن لا تميز أحداً من العملاء بتسهيلات دون الآخرين، بل تعاملهم بما هو لهم ووفق معايير جهة العمل، فإن جاءك بعد ذلك منهم شيء دون مقابل، وأذنت فيه جهة العمل فلا حرج عليك في أخذه، وإن كان الأولى لك البعد عنه سداً للذريعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1422(12/5554)
التفضيل في العطاء بين الأبناء دون مسوغ شرعي جور
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ,لوالدي مال كثير وهوالآن يكتب أمواله بالسر لإخواني الرجال وأخواتي الغير متزوجات ولقد أعطاني الشيء القليل لكي يرضي ضميره ولا يقبل المناقشة في هذا الموضوع لأنه حر في ماله وأخي متدين ويقول لأبي أن يتصرف بثلث أمواله كما يشاء والثلث الآخر هدية لمن يشاء , وعندما أتكلم معه يقاطعني حتى أخي لا يزورني إلا في الأعياد مع أنه يسكن بمقابل منزلي , وأمي لا تودني ولا تسأل عني وتود أختي الصغرى كل هذا لأنني طالبت بالعدل بين الأبناء وأصبحت بلا أهل يسألون عني , ماذا أفعل فأنا لا أستطيع أن أتنازل عن حقي وأضحك في وجوههم وأنا بداخلي أشعر بالظلم من أهلي , وأفكر في عدم زيارتهم في العيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز تفضيل بعض الأبناء على بعض في العطية دون مسوغ شرعي، لما في الصحيحين أن النعمان بن بشير نحل ابنه النعمان نحلاً، وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك، فقال له: "يا بشير لك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفكلهم وهبت لهم مثل الذي وهبت لابنك هذا؟ " قال: لا، قال: "فلا تشهدني إذاً، إني لا أشهد على جور، إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم" وفي بعض الروايات أنه أمره بإرجاعه.
ومثال المسوغ الشرعي الذي يجوز به التفضيل بينهم في العطية أن يكون أحدهم كثير العيال، أو يكون طالب علم فيه كلفة، أو مريضاً يحتاج إلى علاج ولا يقدر على شرائه، هذا إذا كان الإعطاء في حال حياة المورث، أما إذا كان هذا الإعطاء موقوفاً على وفاة الوالد، فلا ينتفع به أبناؤه إلا بعد وفاته، فهذا وصية، وليست عطية، والوصية لا تجوز للوارث، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث" رواه ابن ماجه وغيره.
ويجب على الإخوة الذين فُضِّلوا بالعطاء أن يردوا ما زاد عن حقهم إلى إخوانهم، وألا يفرحوا بهذا العرض الزائل، الذي لا يغني عنهم من عذاب الله يوم القيامة شيئاً، وأن ينصحوا أباهم، ويخوفوه الله تعالى، وانظر الفتوى رقم:
6242 والفتوى رقم:
6975
وكون أبيك لا يعدل بينك وبين بقية أولاده لا يسوغ لك هجره هو ولا أمك، فإن حقهما عليك عظيم.
وراجعي الأجوبة التالية أرقامها: 3575 4296 2352 1764 4417
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1422(12/5555)
هل يلزم الأب مساعدة الابن في زواجه
[السُّؤَالُ]
ـ[فصيلة الشيخ الجليل
هل يجب على الوالد مساعدة ابنه (سواء كان الإبن قادر أو غير قادر) فى نفقات الزواج مثل البنت؟
أرجو الرد على العنوان التالى
hesham_2000eg yahoo.com
OR
hzaly islam-online.net
المرسل
هشام سلامه
جمهورية مصر العربية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
- فإذا كان الولد غنياً غنىً يسقط عن الوالد وجوب النفقة عليه فلا يجب على الوالد حينئذ تزويجه، ولا مساعدته في أمور الزواج.
أما إن كان فقيراً بحيث تجب على الوالد نفقته، فإن الوالد في هذه الحالة مطالب شرعاً بتزويجه إن كان مستطيعاً لذلك. وراجع الجواب 295
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1422(12/5556)
شرح حديث: "هذا لكم، وهذا أهدي إلي"
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء الشرح الوافي لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن (الهدية إلى المسؤول رشوة) والذي رواه أبو حميد الساعدي والذي قال فيه عليه السلام (ما بال عامل أبعثه فيقول هذا لكم وهذا أهدي لي ... الخ) . والسلام عليكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث المسؤول عنه في الصحيحين عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة، فقال: هذا لكم، وهذا أهدي إلي، فقام النبي صلى الله عليه وسلم: فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "ما بال العامل نبعثه فيجيء فيقول: هذا لكم، وهذا أهدي إليّ؟ . ألا جلس في بيت أبيه فينظر أيهدى إليه أم لا!! والذي نفس محمد بيده، لا نبعث أحداً منكم فيأخذ شيئاً إلا جاء يوم القيامة يحمله على رقبته، إن كان بعيراً له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر، فرفع يديه حتى رأيت عفرة إبطيه فقال: اللهم هل بلغت ثلاثاً".
ومعنى الحديث: أن من تولى ولاية وقدمت له هدية من أجل ولايته لم يجز له قبولها، لأنها كالرشوة.
فأما إن كانت الهدية قد أهديت له ممن كان يهدي إليه قبل ولايته، فإنه يجوز له قبولها منه بعد الولاية، لأنها لم تكن من أجل الولاية لوجود سببها قبل الولاية، بدليل وجودها قبلها.
وانظر الجواب رقم: 8321.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1422(12/5557)
حكم التبرع بالكفن على الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التصدق بالكفن على ميت في كلتا الحالتين؟
1- في حالة ما إذا كان الميت فقيرا.
2- في حالة ما إذا كان الميت ميسور الحال.
هل يوجد في هذه المسألة خلاف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التبرع بالكفن على الميت من المستحبات، وقد يكون من الواجبات، وذلك فيما إذا لم يترك الميت ما يُشترى به كفن.
ويستوي في التبرع بالكفن الفقير والغني، فإذا تبرع به على فقير سمي صدقة، وإذا تبرع به على الغني سمي هبة، أو هدية.
ولا نعلم في ذلك خلافاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1422(12/5558)
شروط جواز الهدية لقاء الدلالة على محل حلاقة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
أنا أعمل في محل لكراء أزياء العرائس وفي بعض الأحيان تسألني إحدى الحريفات عن حلاقة ماهرة فأدلها على محل أثق به فتأتي صاحبة هذا المحل وتعطيني مكافأة مالية فهل ما أفعله حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في قبول تلك الهدية، أو أخذ أجرة على هذا العمل، ويسمى هذا عند الفقهاء أجرة الدلال، أو السمسار.
ويشترط لحِل هذه الهدية أن تدلي من سألتك عن ذلك إلى المحلات التي لا يوجد فيها محاذير شرعية، كاختلاط وغناء، واطلاع على العورات، وممارسة لما حرم الله من نمص الشعر (أخذ شعر الحاجبين) ووصله (وهو ما يسمى بالباروكة) لأن الدلالة على تلك الأماكن نوع من التعاون على الإثم والمعصية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5559)
حكم تقديم الشركات هدايا لترويج البضائع
[السُّؤَالُ]
ـ[تقوم شركات الأدوية بتقديم هدايا للأطباء ما الحكم فيها إذا كانت بعلم صاحب المستوصف مع العلم أنها تكون في إحدى هذه الصور - هدية عليها اسم المنتج كدعاية له-هدية للطبيب كشكر له على اقتناعه بالدواء ووصفه للمريض عند حاجته له فقط ومراعاة مصلحة المريض أولا- بعض الشركات تقدم عرضا معينا أو نسبة معينة عند وصف عدد معين من المنتج دون اشتراط وقت معين- هدية على دراسة قام بها الطبيب لصالح الشركة مع العلم أنها تكون على منتج يقوم الطبيب بوصفه قبل هذه الدراسة - العزائم التي تقوم الشركات بدعوى الأطباء لها للدعاية لمنتجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه الهدايا التي سألت عن حكمها، والتي تقدم تارة في صورة هدية عينية، وتارة أخرى تقدم في صورة دعوة تكريم ونحوها إذا كان الغرض من تقديمها هو ترويج هذه الأدوية، وإطلاع الناس عليها بما لا غش فيه، ولا تدليس، وكان مقدم هذه الهدية يأمن من أن يحابيه الأطباء من أجل ما قدم إليهم، فيكتبون عن الأدوية مواصفاتٍ غير حقيقية، فلا حرج في تقديم هذه الهدايا حينئذ بالضوابط المذكورة، وذلك لأن الأصل في الإهداء الجواز، بل الاستحباب جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة.
أما في الحالة الثانية: وهي كون الغرض هو الترويج، ولو بغير الحق، فإن الهدية هنا تأخذ حكم الرشوة، ومن المعلوم أن الرشوة من كبائر الذنوب، ويستوي في إثمها آخذها ودافعها والوسيط بينهما.
أما دفع أجرة لطبيب قام بدراسة معينة، فلا حرج فيه لأن هذا عمل مباح قام به، فلا حرج عليه إذا في أخذ الأجرة مقابله، كما لا حرج على من دفعها إليه عوضا عن العمل الذي قدم إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5560)
التسوية بين الأولاد تقتضي خصم المصاريف الزائدة لأحدهم
[السُّؤَالُ]
ـ[1- أرسلني والدي إلى بلد أجنبي للدراسة على نفقته، والآن هو يريد أن يقسم ماله بيني وبين إخوتي، ولكنه يريد خصم مصاريف دراستي من حصتي، فهل يجوز له ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على أبيك في خصم مصاريف دراستك عندما يريد أن يقسم المال بينك وبين إخوتك، وذلك لأن التسوية المطلوبة شرعاً لا تتحقق بينك وبين إخوتك إلا بخصم المصاريف التي صرفها عليك زمن دراستك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5561)
حكم الرجوع بالهبة بعد قبضها
[السُّؤَالُ]
ـ[1-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي لفضيلتكم أن أحد أقربائي أعطاني مبلغاً من المال في فترة زواجي وقال لي بالحرف الواحد (خذه هدية مني إليك لزواجك) ولكن بعد مرور سنة من الزواج وقد حدث خلاف مع زوجته وتقاطعنا لفترة. ثم جاءني يطالبني بهذا المال! فما رأي فضيلتكم في هذا ألأمر؟ هل أرجع له المال؟ أرجو الرد بسرعة لأني في حيرة من أمري ... والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العائد في هبته كالعائد يعود في قيئه" وقد استدل بهذا الحديث جمهور أهل العلم على أن الواهب لا يجوز له الرجوع في الهبة بعد أن يقبضها الموهوب له بإذنه، وعليه فلا يلزم الأخ السائل شيء لهذا الذي أهدى له ثم رجع بعد قبض الهدية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1422(12/5562)
دفع الرشوة للنجاح في الدراسة ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[1-درست في مدرسة خاصة - بمبلغ مالي كل شهر - لمدة 3 سنوات وفي الامتحان الأخير طلبوا منا مبلغا ماليا مقابل النجاح -إذا دفعت أنجح وإذا لم أدفع لا أنجح - فوقعت بين أمرين التخلي عن تعبي وخسارتي للأموال الكثيرة أو الدفع أفيدوني أثابكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فطلب إدارة المدرسة - خاصة أو عامة- من الطلاب مبلغاً من المال مقابل نجاحهم محرم بكل حال، لأنه إما أن يكون الطالب تجاوز الامتحان بنجاح ولا يعطاه إلا بمال فهذا ظلم له من قبلهم، وإما أن يكون الطالب لم يتجاوز الامتحان بنجاح فإنجاحه بالمال رشوة وغش، وهو محرم على الإدارة وعلى الطالب معاً، وعلى الطالب إعادة دراسته - إذا أراد - بجد واجتهاد لينال الشهادة بحق، والتي إذا عمل بها عملاً مباحاً كان رزقه حلالاً، بخلاف ما إذا أخذها بغير حق، وحيث كان الطالب مستحقاً النجاح بحق ومنع منه ما لم يدفع رشوة، وكان سيناله بذلك ضرر -كما هو حال السائل- فإن له أن يدفع المبلغ المذكور، والإثم على الآخذ دون الدافع. وراجع الجواب رقم: 1713
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1422(12/5563)
إرسال المساعدات عبر الصليب الأحمر ... البديل المر الصعب
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم إعانة الصليب الأحمر عن طريق الهلال الأحمر وهذا حتمي مثلما يحصل في الإعانات العالمية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا أمكن إرسال مواد الإغاثة عن طريق الهلال الأحمر أو غيره من المؤسسات ذات الطابع الإسلامي فإن ذلك متعين. ولا يجوز الإرسال -حينئذ- تحت راية الصليب الأحمر لما في ذلك من التغرير بضعفة المسلمين وجهلتهم، أما إذا سدت الأبواب ولم تكن ثمة طريق لإعانة المسلمين وإنقاذهم مما هم فيه، إلا هذا الطريق: طريق الصليب الأحمر، فإن مفسدة التغرير أصغر من مفسدة هلاكهم جوعاً، أو انفراد الصليب بإغاثتهم بمواده الخاصة، مما قد يجعل في نفوسهم انطباعاً بأن إخوانهم المسلمين تخلوا عنهم، وحيث قلنا بجواز إرسال المساعدات -عبر الصليب ضرورة- فإن على الجهة المانحة للمساعدات (الهلال الأحمر والمتبرعين) أن تضع الطوابع والعلامات التي تميز ما بذلته عما بذله الصليب. نسأل الله جل وعلا أن يعز الإسلام أهله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1422(12/5564)
التصدق على الكافر ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[1-بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد. أنا رجل مسلم (رقيق القلب جدا) أعيش في أمريكا. كلما سمعت شكوى من أحد كأن يكون في ضائقة مالية مثلا أهب بمساعدته، سواء بإعطائه قرضا أو هبة. وضمن من يخدمني في مكان عملي عمال نظافة (غير مسلمين بطبيعة الحال) ، فإن شعرت بأن أحدهم في ضيق مالي أساعده على الفور بإعطائه مالا كهبة (ليست من الزكاة بالطبع) . سؤالي الآن، هل هذا حرام أو مكروه، وإن كان فهل معنى ذلك ألا أساعد إلا المسلمين فقط؟ أفيدوني أفادكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في جواز صدقة التطوع على الكافر، وسبب الخلاف هو أن الصدقة تمليك لأجل الثواب، وهل يثاب الشخص بالإنفاق على الكافر؟
1-فقال الحنابلة وهو المشهور عند الشافعية، ومحمد بن الحسن من الحنفية: إنه يجوز دفع صدقة التطوع للكفار مطلقاً، سواء كانوا من أهل الذمة، أو من الحربيين: مستأمنين أو غير مستأمنين، لعموم قوله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً) قال ابن قدامة: ولم يكن الأسير يومئذ إلا كافراً، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "وفي كل كبد رطبة أجر" رواه البخاري ومسلم، ولحديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أنها قالت: "قدمت عليَّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: إن أمي قدمت وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال: "نعم، صلي أمك" رواه البخاري.
2-وفرق الحصكفي الحنفي في الدر المختار بين الذمي وغيره فقال: وجاز دفع غير الزكاة وغير العشر والخراج إلى الذمي -ولو واجباً- كنذر وكفارة وفطرة، خلافاً لأبي يوسف، وأما الحربي ولو مستأمناً فجميع الصدقات لا تجوز له. اهـ
ونحوه ما ذكره الشربيني الشافعي في مغني المحتاج حيث قال: قضية إطلاق حل الصدقة للكافر أنه لا فرق بين الحربي وغيره، وهو ما في البيان للصيمري وغيره، والأوجه ما قاله الأذرعي من أن هذا فيمن له عهد أو ذمة أو قرابة، أو يرجى إسلامه، أو كان بأيدينا بأسر ونحوه، فإن كان حربياً ليس فيه شيء مما ذكر فلا. اهـ
ولعل الراجح هو القول الأول لعموم أدلته، وعليه فلا بأس أن تتصدق على من ذكرت تطوعاً.
وأما الصدقة الواجبة (الزكاة) فلا تدفع لهؤلاء بحال، وراجع الفتوى رقم:
8468
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1422(12/5565)
حكم ما يأخذه العامل من هبات من الزبائن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أخذ البقشيش وهو المبلغ الذي يعطى للعاملين بالفنادق مثل السفرجية وموظفي الاستقبال من قبل نزلاء الفندق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس في أن يأخذ موظف الاستقبال في الفندق ما يعطيه له نزلاء الفندق من الهبات والصدقات التي لا تكون في مقابل خدمة هو ملزم ببذلها لهم، إلا إذا كان المسؤولون عن الفندق يمنعونه من ذلك، فإن منعوه فلا يأخذ لأنه متعاقد معهم، والله تعالى يقول: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالقعود…) [المائدة:1]
وليراجع السائل مسألة حكم العمل في الفنادق في الفتوى رقم:
9512
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1422(12/5566)
حكم إعطاء هبة لبعض الأبناء دون بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[1-- لي إخوة موظفون وأخوات متزوجات وأنا أصغرهم وموظف احتجت إلى مبلغ من المال لشراء سيارة فأعطتني أمي مبلغ عشرين ألف ريال ولم تعط إخواني وأخواتي شيئاً فأردت أن أرجع المبلغ إليها بعد أن توفر عندي ولكنها رفضت وقالت بأنها سامحتني فهل عليها شيء؟ وماذا يجب عليّ. مع العلم أنه ليس لديها مال سوى أرض باعتها من ورثتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للوالد -أبا أو أماً- أن يهب عطية لبعض أولاده دون بعض، أو يفاضل بينهم في العطية فيعطي بعضهم أكثر من بعض لغير مسوغ، وقد سبق تفصيل هذا في الفتوى رقم:
6242 وأما واجبك الآن فهو أن ترد المال الذي وهبته لك والدتك، وتحاول إقناعها بقبوله، وتبين لها أن العطية لبعض الأولاد دون بعض دون مسوغ لا تجوز، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم ظلماً وجوراً، فإن وافقت فقد أحسنت، وإن لم توافق فبرك بها وإحسانك إليها يقتضي أن تقسم هذا المبلغ بينك وبين إخوانك بالسوية، إن لم تطب أنفسهم بالتنازل لك عنه.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1422(12/5567)
شروط جواز هبة جميع المال للأولاد قبل الوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[1-سيدة مسنة لهاأربعة بنات متزوجات وتملك أراض زراعية وعقارات.. تريد أن تهب جميع ما تملكه لبناتها قبل وفاتها حتى لا يرث معهن أحد من الأقارب الذين لا يصلون رحما ولا يوقرونها ولا تراهم بالسنين.. مع العلم بأن زوجها متوفى.. فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز لهذه المرأة أن تهب جميع مالها لبناتها قبل وفاتها بشروط:
الأول: أن يكون ذلك في صحتها.
الثاني: أن تقسمه بينهن بالسوية.
الثالث: أن يَحُزْنَ المال قبل موتها أو مرضها مرض الموت، وترفع هي عنه يدها، ويتصرفن فيه تصرف الملاك فيما يملكون.
ولمزيد فائدة تراجع الفتوى رقم:
9084
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1422(12/5568)
حكم أخذ المنحة الدراسية في حالة تجميد الطالب
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... ... ... بسم الله الرحمن الرحيم
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته \ اما بعد\
هل يجوز أخذ المنحة الجامعيّة في حالة تجميد العام الدّراسي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حكم أخذ المنحة الجامعية في حالة تجميد العام الدراسي، فإنه ينظر فيه إلى قصد الجهة التي تعطي المنحة، وقانونها في ذلك، فإن كان ذلك يقتضي أن تصرف تلك المنحة للطالب مدة اتصافه بالطالبية سواء كان يمارس الدراسة بالفعل، أو كانت دراسته مجمدة تجميداً مؤقتاً، وسواء كان ذلك التجميد منه أو من المؤسسة التعليمية التي يدرس فيها فإن للطالب -في هذه الحالة- أن يأخذ تلك المنحة ولا حرج.
وبالجملة فإذا كانت الجهة المانحة تشترط لاستحقاق تلك المنحة شروطاً معينة، فإنه لا يجوز للطالب أخذ المنحة، إلا إذا كانت تلك الشروط متوفرة فيه.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1422(12/5569)
حكم ما يتبقى من مال لدى المحاسب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لدي سؤالين أرجو الإجابة عليهما:
1- أنا موظفة أعمل في مجال الطباعة على الحاسوب في مؤسسة حكومية، أحصل أحيانا على عمل خاص بي فأقوم باستخدام جهاز الحاسوب والطابعة فقط المخصصة لي في العمل لطباعة بعض المذكرات والتقارير نظير مبلغ مالي، وأقوم أنا بشراء الورق وأخصم أجر استخدام الجهاز والطابعة من المبلغ المتحصل عليه.
2- أنا موظفة في إحدى الدوائر الحكومية أعمل على الخزينة أي استلم نقوداً من العملاء وأسلمهم إيصالات أحيانا يعطيني بعض العملاء نقودا زيادة عن المحددة فتواجهني مشكلة إما في رد الباقي (لا توجد فكة) وأحيانا يقولون لي خذيها لك. فماذا أعمل بهذه النقود هل آخذها وأتصدق بها أو أبقيها في الخزينة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم استخدام الموظف لأدوات المكاتب برقم: 5763، ورقم: 4140.
وذكرنا فيها أنه من الغش والخيانة في الأمانة، ونضيف هنا أنه إذا كان استخدام الموظف لأدوات المكتب خيانة، فإن ما نشأ عنه من مال حرام على الموظف لأنه مال نشأ عن تعد على مال الغير، واستقطاع نسبة من هذا المال الحاصل من الاستخدام المذكور، ودفعها لصالح مالك الجهاز لا يبيح هذا العمل لحرمة مال المسلم، فيجب عليك أيتها السائلة أن تكفي عن هذا العمل في المستقبل، وذلك المال المتحصل قد اختلف العلماء في مرجعه هل هو كله لرب الجهاز أم هو للمتعدي نتيجة لعمله، سبق تفصيل ذلك برقم: 10486.
وأما بالنسبة لما يتبقى عند المحاسب نتيجة لتجمع مبالغ تركها أصحابها، فهذه إذا قال أصحابها للمحاسب خذها، فهذا تمليك منهم لها للمحاسب نفسه، فله حق التصرف فيها مثل غيرها من أملاكه.
وأما إذا لم يقولوا له شيئاً بل تركوها إذ لم يجدوا صرفها فهذه حق لهم، وتجري عليها أحكام اللقطة، وقد سبقت الإجابة عليها برقم: 11132
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1422(12/5570)
مصرف المال الزائد عن بناء المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[1-قمت بتجميع مال من الناس لبناء مسجد في منطقة تبعد عن منزلي ساعة وكنت مستور الحال وأتممت والحمدلله بناء المسجد وبقي من المال مبلغ متوسط فهل يجوز أن أتبرع به على نية أصحابه الذين لا أعرفهم إلى من يستحقه خاصة الإخوة في فلسطين أفيدوني جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دمت لا تعرف أصحاب المال الذي جمعته لبناء المسجد فعليك أن تصرفه بنية الأجر لأصحابه، والأفضل أن يكون ذلك في بناء مسجد أو المشاركة فيه، ولا ينبغي أن يصرف في جهة أخرى، إلا إذا تعذر صرفه في هذه الجهة، فإن تعذر صرفه فيها فليصرف في أحوج الجهات الخيرية إليه، سواء كانت المجاهدين في سبيل الله، أو فقراء البلد، أو غير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1422(12/5571)
حكم المنحة من جهة العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[تم إعطائي تذكرة سفر مجانا من قبل الإدارة بشكل استثنائي ولم يتم صرف المبلغ ولا تسويته ماليا بشكل أصولي. تقديرا على اجتهادي في العمل. إلا أن طريقة تسوية المبلغ تركت في نفسي الشك إذا كان المبلغ حلالا. علما أن الشركة مساهمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت إدارة الشركة مفوضة من المساهمين أن تعطي جوائز تشجيعية لمن يؤدون عملهم على الوجه الأكمل، فإن التذكرة التي أعطيت لك حلال، ولك بعد ذلك أن تسافر عليها، أو تردها إلى شركة الطيران التي أصدرتها لتأخذ قيمتها.
ونلفت انتباهك إلى أن سؤالك فيه شيء من الغموض بالنسبة لنا، لذلك إذا كان جوابنا على غير مرادك فبين لنا ما تقصد ليتسنى لنا جوابك على حسب قصدك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1422(12/5572)
الرجوع في الهبة لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أربعة إخوة وأخت نملك قطعة أرض ورثناها عن والدتنا وبعد فترة من الزمن حصل خلاف بيننا وبين أخينا الأكبر ليس على قطعة الأرض إنما لأسباب أخرى وحصلت فرقة لأكثر من سنة وبعدها جاء إلينا ابن خالنا وأخبرنا بأن أخانا الأكبر يطلب منا أن نتنازل له على كامل قطعة الأرض فما كان منا إلا أن قمنا بكتابة ورقة تنازل منا له وكتبنا في آخر الورقة أن هذا التنازل يعبر تعبيراً صادقا على من سكنوا القلوب وجمعا لا فرقة واختلافا وكتبت هذه الورقة بيننا دون حضور أي شاهد وقمنا بإعطاء الورقة لابن خالنا الذي قام بدوره بتسليمها لأخينا الأكبر فقال له حين سلمه ورقة التنازل: هم تنازلوا لي وأنا أتنازل بها لله لبناء مسجد أو مدرسة قرآنية هذا ما قاله ولم يأتنا ليقول لنا إنه قبل الهبة وبيت الفرقة بيننا حتى بعد هذا التنازل مع العلم بأن حالة أخينا الأكبر المادية ممتازة وأنه صاحب خلق ودين أما نحن في وقت التنازل كنا في بداية تكوين أنفسنا وكان منا اثنان غير متزوجين وليس لهم بيت وبعد مضي عشرة سنوات على التنازل أردنا أن نعود في تنازلنا مع العلم بأنه لم يقم بعمل أي شيء بقطعة الأرض بحجة أنه لم يتحصل على سعر عال هل يجوز لنا أن نعود في هذه الهبة كما نأمل توضيح الدليل.
والله الموفق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما صدر منكم يعتبر هبة لحصتكم من الأرض لأخيكم، وتنازله هو عنها لله لبناء مسجد أو مدرسة قرآنية يعتبر حوزاً منه لها، ويخرجها من ملكه إلى تلك الجهة، فإذا كنتم بالغين رشيدين، أوان حيازته للهبة، فلا رجوع لكم فيها، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه" رواه البخاري.
ومن هذا الحديث أخذ الجمهور حرمة العود في الهبة بعد أن تقبض، فالحاصل أنه لا يجوز لكم الرجوع في قطعة الأرض هذه، ولو ظلت على حالتها، كما لا يجوز أيضاً للأخ أن يتصرف فيها، إلا لمصلحة المسجد أو المدرسة اللذين خصصها لهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1422(12/5573)
لك أجر الصدقة، ولزوجك أجر الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السؤال:
أريد التصدق بمبلغ مع العلم أني لا أعمل وأنه مبلغ أعطاه زوجي لي وأريد التصدق به؟ هل لي في ذلك ثواب أم لزوجي؟
وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتصدقك بالمبلغ من أفضل القربات التي تنالين بها الأجر كاملاً، إذا خلصت النية لله، لأن المال أصبح ملكاً لك بعد أن وهبه لك زوجك، ولك أن تتصرفي فيه بما ترينه من أوجه التصرف المشروع.
فلك أجر صدقتك، ولزوجك أجر هبة المال لك، وفضل الله واسع، وهو لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1422(12/5574)
حكم هدية المرأة الأجنبية للرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم: توجد صديقة لأختي وكانت تحبني ولكني لم أكن أبادلها نفس الشعور وعندما جاء يوم ميلادي أهدتني ساعة قيمة ولكني لم آخذها منها شخصياً ولكن أعطتها لأختي ولكني أحسست بالذنب وكانت الفتاة تريد مني رداً عن شعوري نحوها فقابلتها بصحبة أختي وفهمتها أننى لن أفكر بالزواج حاليا وعندما قلت لها أنى لن أستطيع أن آخذ الساعة لأنه لايوجد سبب لأخذها رفضت أخذها فلاححت عليها لأخذها ورفضت والساعة مازالت عندي ولاأدري ماذا أفعل بالساعة أرجو إفادتنا بالرد مع العلم بأن أختي قطعت علاقتها مع الفتاة وهل إذا اقتنيت الساعة ماذا يكون الحكم شرعا لأني لا أرتدى الساعة منذ جاءتنى من شهر 3/7/2001 وجزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا أحسست أن هذه المرأة قد أهدت إليك (الساعة) لترغبك في الزواج بها، وقد أبت إلا أن تأخذها، فلا حرج شرعاً في انتفاعك بها، باللبس أو البيع… إلخ. وأما إذا كانت تقصد بها إغواءك، وإيقاعك في علاقة محرمة.. إلخ. فيجب عليك عندئذ ردها بأي وسيلة، مع قطع صلتك بها تماماً، علماً بأنه لا يجوز للمسلم الاحتفال بعيد ميلاده، ولا ميلاد غيره، لأن كل ذلك من البدع المحدثة، وراجع الفتوى رقم:
9463 والفتوى رقم: 1319
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1422(12/5575)
حكم التصدق على المتسولين
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال حيرني كثيرا وسمعت الكثير فأريد من سيادتكم ان تفيدوني (هل أعطاء المال للمحتاج حرام) والمحتاج هنا الذي يسأل في الشارع أو الذي يدق الباب. وجزاكم الله عني وعن المسلمين خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما سمعته غير صحيح، بل من أعطاهم يظن حاجتهم فتبين له خلاف ذلك، فهو مأجور إن شاء الله، يدل على ذلك ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال رجل لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون تصدق على سارق! فقال: اللهم لك الحمد، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي زانية، فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على زانية! فقال: اللهم لك الحمد على زانية لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي غني، فأصبحوا يتحدثون تصدق على غني! فقال: اللهم لك الحمد على سارق، وعلى زانية، وعلى غني، فأتي فقيل له: أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني فلعله يعتبر، فينفق مما أعطاه الله".
قال الحافظ ابن حجر: وفي الحديث دلالة على أن الصدقة كانت عندهم مختصة بأهل الحاجة من أهل الخير، ولهذا تعجبوا من الصدقة على الأصناف الثلاثة، وفيه أن نية المتصدق إذا كانت صالحة قبلت صدقته، ولو لم تقع الموقع، واختلف الفقهاء في الإجزاء إذا كان ذلك في زكاة الفرض، ولا دلالة في الحديث على الإجزاء، ولا على المنع، ثم قال: فإن قيل إن الخبر إنما تضمن قصة خاصة، وقع الإطلاع فيها على قبول الصدقة برؤيا صادقة اتفاقية فمن أين يقع تعميم الحكم؟ فالجواب: أن التنصيص في هذا الخير على رجاء الاستعفاف هو الدال على تعدية الحكم، فيقتضي ارتباط القبول بهذه الأسباب، وفيه فضل صدقة السر، وفضل الإخلاص، واستحباب إعادة الصدقة إذا لم تقع الموقع، وأن الحكم للظاهر حتى يتبين سواه. ا. هـ.
فظاهر هؤلاء الذين ذكرتهم الحاجة، ولا شك إن إعطاء الفقير الذي لا يسأل الناس إلحافاً أفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1422(12/5576)
حكم تفضيل أحد الأولاد في العطية لأجل مساعدته لوالده
[السُّؤَالُ]
ـ[كان أبي يملك مصنعا صغيراً وسمعة طيبة وعندما كبر أحد إخوتي أرسله لدراسة مهنة تتعلق في هذا المصنع على حسابه الخاص عاد أخي وبدأ بالعمل مع أبي وطوروا العمل بمال أبي وسمعته، وتعب الاثنان واتفقا أن يكون لكل منهم النصف من المشروع، بعد فترة وجيزة انضم أخي الذي يلي الأكبر إلى العمل واتفقوا أن يكون لكل منهم الثلث بحجة أن إخوتي يتعبون في العمل علما أن الأب لم يترك العمل فهل هذا جائز وهل يعتبر ظلما لمن يصغرهم من الاخوة؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على الوالد أن يعدل بين أولاده في العطية، وقد تقدمت الفتوى بذلك برقم: 6242 ورقم: 5348 ولكن إذا كان بعض الأولاد يقوم بمساعدة الوالد بجهد وعمل لا يقوم به البعض الآخر، فللوالد أن يعطي من يقوم بذلك أجرة المثل، أو يفرض له راتباً، ويمكن أن يجعل له مقابل ذلك نصيباً من المصنع، ولكن يجب أن لا يخرج كل ذلك عن طور المتعارف عليه في مقابل ما يقوم به، فإن خرج عن طور المتعارف عليه في مقابل ما يبذل من جهد كان محاباة في العطية، وهي محرمة بين الأولاد، كما تقدم في الجواب المحال عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1422(12/5577)
حكم تفضيل بعض الزوجات على بعض في الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كتب الأب قطعة من الأرض أي حقلا به 4000 مترا لأربعة ذكور ولم يترك لبناته الأربعة شيئا سوى المنزل الذي نشأ فيها الإخوة الثمانية، وقبل مماته كتب المنزل باسم الأم علما بأن له ابنا من زوجة ثانية.
فالسؤال هو هل تجوز هذه القسمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أما حكم ما كتبه الأب باسم بعض أولاده أو ملكهم إياه ووهبه لهم، فسبق جوابه في الفتوى رقم: 6242، ولكن بقيت مسألة وهي: حكم ما كتبه باسم زوجته إن كان له زوجة أو زوجات غيرها، وهل يجب عليه العدل في الهبة والعطية غير الواجبة؟
اختلف العلماء على قولين:
الأول: ليس لمن أعطيت حقها أن تمنع زوجها من الزيادة لضرتها.
قال الإمام سليمان بن خلف الباجي المالكي في المنتقى: والضرب الثالث من الإيثار: أن يعطي كل واحدةٍ منهما من النفقة والكسوة ما يجب لها، ثم يؤثر إحداهما بأن يكسوها الخز والحرير والحلي، ففي العتبية من رواية ابن القاسم عن مالك: أن ذلك له، فهذا ضرب من الإيثار ليس لمن وفيت حقها أن تمنع الزيادة لضرتها، ولا يجبر عليه الزوج، وإنما له فعله إذا شاء.
وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: الثاني ظاهر قوله: (وعليه أن يسوي بين نسائه في القسم) أنه لا يجب عليه التسوية في النفقة والكسوة إذا كفى الأخرى، وهو الصحيح وهو المذهب، وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين (ابن تيمية) رحمه الله: يجب عليه التسوية فيها أيضاً.
الثاني: أنه يجب العدل في النفقة الواجبة وغيرها، واستدلوا بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما دون الأخرى جاء يوم القيامة وشقه مائل" رواه أصحاب السنن عن أبي هريرة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وتنازعوا في العدل في النفقة هل هو واجب أو مستحب؟ ووجوبه أقوى وأشبه بالكتاب والسنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1422(12/5578)
حكم الهدية للمرشد الديني للحجاج
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم الهدية أوالمال الذي يقدمه الحجاج أو المعتمرون للمرشد الديني الذي يرافقهم في الحافلة مع العلم أنه لايطلب منهم ذلك وهو موظف في الأوقاف يأخذ أجره من وظيفته ولكنهم في بعض الأحيان أو الغالب يصرون على إعطائه هذه الهدية أو المال فهل هو حلال وإن كان بالإيجاب فما هوالحكم إن هو طلب منهم أو لمح لهم بذلك، وجزاكم الله خيراً وأرجو الإسراع بالإجابة على ذلك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرشد الديني الذي يرافق الحجاج والمعتمرين في تلك الرحلة المباركة هو في الحقيقة داعية إلى الله تعالى، مرشد للناس إلى الخير والهدى، مرغب لهم في الآخرة، مزهد لهم في الدنيا.
ولتكون دعوته مقبولة عند المدعوين، وكلامه مسموعا عندهم، عليه أن يكون متصفاً بالأخلاق الفاضلة، والصفات النبيلة، ممتثلاً لما يأمر به، منتهياً عما ينهى عنه. ومن جملة ذلك: أن يكون متصفاً بغاية التعفف عما في أيدي الناس من حطام الدنيا، زاهداً فيه، راغباً فيما عند الله تعالى، فإن ذلك من أقوى أسباب محبتهم له، وانفتاح قلوبهم لدعوته، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس". كما في مستدرك الحاكم، وسنن ابن ماجه.
وعلى ذلك فلا ينبغي له أن يسأل أحداً من الحجاج أو المعتمرين شيئاً، ولا أن ينزل بهم حاجته، وإنما ينزلها بربه الجواد الكريم، وإن أعطوه شيئاً من غير سؤال، ولا استشراف نفس، فلا حرج في أن يأخذه، وخاصة إذا كان في ذلك تأليف لهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1422(12/5579)
تحويل التبرع لغير الجهة المحددة لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسئول في مدرسة رسمية، تشترط رسوم محددة للدراسة، ولدينا طلاب بالمدرسة بحاجة إلى كفالة لتغطية رسوم الدراسة. أرسلت أسماءهم إلى جهة خيرية فوافقت وأرسلتْ كفالتهم إلينا بالمدرسة. فهل يجوز لي أن أستبدل بعض هذه الأسماء بأخرى غير مسجلة بالقائمة المكفولة اجتهادا مني، مع العلم أنهم طلاب بالمدرسة أيضا، أم لابد من إشعارالجهة الكافلة بهذا التغيير، أم ماذا؟
أفيدونا أفادكم الله
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبعد أن وهبت الجمعية الكفالات للأسماء المحددة فإنه لا يجوز لكم تحويلها إلى غيرهم ولو وافقت الجمعية على ذلك، لأن الهبة أو الكفالة خرجت من تصرفها، وأصبحت حقاً للموهوب له وهو المكفول، فلا تحول إلى غيره إلا بإذنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1422(12/5580)
تخصيص أحد الأبناء بالعطية لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للأم أن تعطي جميع الأموال التي تعد للورثة إلى أحد أبنائها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأم لا يجوز لها أن تخص أحد أولادها بجميع ما تملكه، بل يجب عليها المساواة في العطية، ولا يجوز لها أن تعطي أحداً من الأبناء أكثر مما تعطي غيره، ومثلها الأب.
وانظر ما كتبناه في الجواب رقم: 6242
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1422(12/5581)
حكم الهدية للمعلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الإهداء للمعلمة من باب الذكرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالهدية للمعلمة أو المعلم جائزة؛ بل مستحبة إذا لم تكن على وجه الرشوة، كأن تؤدي الهدية إلى محاباة الطالبة في الدرجات، أو تفضيلها على غيرها من الطالبات، وقد تقدم الفرق بين الهدية والرشوة في الجواب رقم: 5794
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1422(12/5582)
العدل في العطية: إعطاء الذكر مثل حظ الأنثيين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والدي لديه مؤسسة وهذه المؤسسة أعمل بها أنا وأخي مع العلم أن أبي قد ورث هذه المؤسسة من والده هو وأخوه وقام والدهم بتعويض إخوتهم الإناث بأن أعطاهم مكان المؤسسة عقارات فهل إذا تنازل والدي لي ولأخي على المؤسسة وعوض إخوتي الإناث بعقارات فهل هذا يجوز أفيدونا يرحمكم الله والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على الأب أن يعدل بين أولاده في العطية وقد تقدمت فتوى بذلك برقم 8147 وسبيل ذلك بأن يعطي الذكر مثل حظ الأنثيين كما في الميراث، وهذا مذهب الجمهور لقوله تعالى: (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) (النساء:11)
وعليه فإن كان قيمة ما أُُعطي لكل أنثى يساوي نصف ما أعطي لكل ذكر فلا بأس بذلك، وإن كان أقل فلا يجوز؛ إلا أن يكون برضاهن وعن طيب نفس منهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1422(12/5583)
المساواة في العطية ... للذكور والإناث
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي يدخل لنا مبلغاً في البنك وعنده ولدان وبنت ويدخل المبلغ بالتساوي بيننا وبرضى الولدين والوالدة فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العدل بين الأولاد في العطية واجب، وقد تقدمت فتوى بذلك برقم: 6242.
وهل يُعطى الذكر مثل الأنثى، أم مثل حظ الأنثيين؟ قولان للعلماء، ومن قال بأن الذكر يعطى مثل حظ الأنثيين لم ير باساً بأن يعطى مثل حظ الأنثى إذا كان برضى الجميع، وعلى كل فلا بأس بما يفعله والدك ما دام برضى منكم جميعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1422(12/5584)
أعطي مبلغا ليصرفه على الفقراء ... فأخذ بعضه لحاجته إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أعطيت مبلغاً بسيطاً لصرفه على الفقراء والمحتاجين الذين يحضرون للمحل في يوم الخميس ولكن في أحد الأيام لم يصرف المبلغ بالكامل وتبقى منه 80 ريال ثمانون ريال سعودياً وانتظرت ولكن لم يأتيني أحد وكنت مديونا ولم أجد ما أسد به الحاجة ولم أجد من أستلف منه فتصرفت في المبلغ المتبقي (الـ80 ريال) وصرفتها على نفسي لحاجتي الماسة لها فهل يجوز لي ذلك، أم ماذا أفعل؟ علما أنني مديون.
وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل أن ما خصص لجهة لا يجوز صرفه لغيرها، لتعينه لها دون غيرها.
وعليه، فإذا كان هذا المبلغ المذكور خصص للفقراء والمحتاجين من دون تعيين، فلا شك أن من تحققت فيه صفة الاحتياج، له الحق في أخذه إذا لم يكن هو المتصدق.
وعليه، فإذا كان المتصدق غير السائل، فلا حرج عليه في الأخذ من هذه الصدقة لتحقق صفة الاحتياج فيه. أما إذا كان السائل نفسه هو المتصدق، فلا نرى له أن يأخذ من تلك الصدقة ولو كان محتاجاً، لما في صحيح البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: حملت على فرس في سبيل الله، فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه منه، وظننت أنه بائعه برخص، فسألت عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لا تشتره، وإن أعطاكه بدرهم واحد، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه".
وقد أخذ بعض العلماء من هذا التشبيه حرمة العود في الصدقة والهبة، اللهم إلا أن يكون المتصدق بلغ درجة الاضطرار، إذ من المعروف أن الضرورة تبيح المحظور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1422(12/5585)
حكم الهدايا التي يقدمها الزوج لزوجته، وهل له الرجوع فيها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
امرأة عقد قرانها على رجل وبعد أن زفت له أعلمها بإصابته بمرض معدي، وظلت معه قرابة الشهر من دون أن يقربها، وقررا بعدها الطلاق فاستحل لنفسه أخذ الهدايا التي قدمت لها من دون موافقتها فما هو الحكم الشرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للزوج أن يأخذ شيئا من هذه الهدايا التي قدمت لهذه الزوجة إلا برضى منها وطيب نفس.
وذلك لأن هذه الهدايا إما أن تكون جاءت للزوجة من غير الزوج، فهذه لا سبيل له عليها أصلا.
وإما أن تكون جاءتها من طرف الزوج، ولذلك حالتان:
الحالة الأولى: أن تكون تلك الهدايا ليست من الصداق، ولا تبعاً له، وفي هذه الحالة فإن الزوجة تملك الهدية بمجرد قبضها لها، ثم بعد ذلك لا سبيل للزوج عليها.
الحالة الثانية: أن تكون تلك الهدايا من جملة الصداق أو من تبعاته، وهذه حكمها حكم الصداق، فللزوجة نصفها إذا طلقت قبل الدخول، ولها الجميع إذا طلقت بعده.
وعلى ذلك، فهذه الهدايا -المسؤول عنها- إن كانت من هذا النوع فهي -أيضاً -للزوجة جميعاً، لأن اختلاء الزوج بها طيلة هذه الفترة يعتبر بمثابة الدخول الذي تملك به كل الصداق ومتعلقاته.
فالحاصل أن هذا الزوج لا يحق له أن يأخذ شيئا من هذه الهدايا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1422(12/5586)
مساعدة الأخ لأخواته لا يبرر لأبيه تفضيله في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[عندى ولد واحد وسبع بنات فهل يجوز أن أدخله شريكا فى ثلث ما أملك بحكم أنه هوالذي يساعدني بعد الله فى طلباتهم وما يحتاجون إليه؟
كما أسأله أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن تسوي بين أبنائك في الهبة والعطية، لحديث بشير لما نحل ابنه النعمان نحلة، وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك، فقال له: "يا بشير لك ولد سوى هذا؟ " قال: نعم. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "فلا تشهدني إذاً، إني لا أشهد على جور، إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم" رواه البخاري ومسلم.
وكون ولدك يساعد أخواته، ويقوم بطلباتهن لا يعد مسوغاً لتفضيله عليهن في العطية خشية أن يحدث ذلك الكراهية بينهم.
وقد تقدم جواب مفصل بخصوص ذلك برقم: 6242 نحيلك عليه للفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1422(12/5587)
شرط نفاذ الهبة والعطية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بنت وحيدة توفي والدي قبل ثماني سنوات، ترك شقة وسيارة ومبلغاً صغيراً من المال، وألفي جنيه في البنك كانت معاش والدي وهو مريض كان دائما يقول: الشقة لابنتي، هل يعتبر هذا هبة وهل يحق للورثة شيء في أموال المعاش التي لم تصرف للمرأة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان لديك إثبات على أن والدك قد أعطاك تلك الشقة في صحته، وتم حوزك لها الحوز المعتبر شرعاً، بأن تكوني قد باشرت أنت التصرف في شؤنها، ورفع هو يده عنها، فإن تلك العطية نافذة، والشقة لك خاصة، لا حق لباقي الورثة فيها.
أما إن لم يكن لديك إثبات من شهود، أو وثيقة منه، أو كان ولم ينضم إليه الحوز حتى مات الوالد، فإن الشقة تكون تركة كغيرها؛ إلا إذا تنازل لك باقي الورثة عن نصيبهم منها.
وأما المبلغ الذي تركه والدك وكذلك الألفان اللذان كانا معاشاً له فإن الجميع تركة توزع على الورثة جميعاً.
وننصحك بمراجعة المحاكم الشرعية في البلد الذي أنت فيه. أو أحد المراكز الإسلامية إن لم تكن في بلدك محاكم شرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1422(12/5588)
حكم صرف المال في غير ما حدده المتبرع
[السُّؤَالُ]
ـ[هنالك مجلس أمناء مشكل لبناء مستشفى، وقد حصل على مبلغ من المال من متبرعين للمشروع، وقد تم صرف جزء من هذا المبلغ على المشروع وبقي جزء آخر. علماً أن هذا المشروع لم يكتمل نتيجة ظروف خاصة بالمشروع، فهل يحق لأعضاء مجلس الأمناء التبرع بهذا المبلغ المتبقي لمشروع عام آخر في البلدة مثل المدرسة علما أن المتبرعين عبارة عن لجان شعبية من خارج البلاد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في الأموال المتبرع بها أن تصرف على الجهة التي خصصت لها من طرف المتبرع، فإذا تبرع - مثلاً - فاعل خير ببناء مستشفى لقرية، ثم منع من بنائه مانع، فالأصل أن لا يصرف ذلك المال في شيء آخر إلا بعد موافقة المتبرع.
لكن إذا كان التبرع لصالح القرية عموماً دون تعيين مشروع خاص، فلا حرج - في هذه الحالة - في جعل ذلك المال في الأصلح للقرية، والأعم لها نفعاً والأكثر فائدة: مدرسة أو غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1422(12/5589)
حكم تمول مساعدات اللاجيئن
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم أخذ المساعدة المالية التي تقدمها الدولة لللا جئ إليها علما بأنه لدي مبلغ من المال ولكن أريد الدراسة ولدي عائلة تتكون من خمسة أشخاص ولا دخل لدي في الوقت الحالي وكذلك هذا المبلغ ثمن شقتي التي بعتها في بلدي فهى ثمن مأوى أطفالي، وإذا كان الأمر لايجوز فما الحل علما بأني استلمت المساعدة لفترة شهرين أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت بحاجة إلى تلك المساعدة حاجة معتبرة، وتنطبق عليك الشروط التي تشترطها الجهة التي تقدم المساعدة، فلا حرج في أخذك لها.
والمبلغ الذي عندك لا نرى أن له أثراً في هذه المسألة، لأنه لا يسد الحاجة في مثل هذه الظروف عادة.
أما إن لم تكوني محتاجة لتلك المساعدة، ولم تنطبق عليك الشروط، فلا تأخذيها، واقنعي بما آتاك الله تعالى، وإن كنت قد أخذت شيئاً من ذلك فرديه إلى الجهة التي قدمته لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1422(12/5590)
باع أرضا لأحد أولاده ولم يأخذ ثمنها
[السُّؤَالُ]
ـ[باعني والدي أرضاً ولكن لم يأخذ مالها أي عفى عنه ولكن طلب مني مقابل ذلك أن أحج عنه إذا مات إن أنا استطعت ذلك وإذا لم أستطع قال لي أنت مسامح (لي أخوة وأخوات) فما رأيكم جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على الأب أن يسوي بين أولاده في العطية في قول جماعة من أهل العلم، كما دل عليه حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه، وقد مضى بيان ذلك مفصلاً تحت الفتوى. رقم: 6242.
ومن العلماء من أجاز التفضيل إن كان له سبب، كأن يحتاج الولد لمعالجة، أو لكثرة عياله، ونحو ذلك.
والأولى تجنب ذلك، وتحقيق العدل بين الأولاد.
وكون الأب أعطاك أرضاً، ولم يأخذ ثمنها يورث شبهة ظاهرة في كونه وهبها لك، ولم يبعها حقيقة، فيكون تصرفه هذا حيلة على التفضيل في الهبة، لا سيما وقد أخبر أنه مسامح لك لو قُُدر عدم حجك عنه، إلا أن يكون والدك قد باعك الأرض دون قصد التحايل على التفضيل، لكنك عجزت عن سداد الثمن فعفا عنك، امتثالاً لقوله تعالى: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة:280] .
فلا حرج في ذلك، لدخولك في عموم من يستحق العفو عند الإعسار.
فإن لم تكن معسراً، أو كان قصده تفضيلك على إخوانك فنرى أن يأخذ الأب منك ثمن الأرض، ثم يدفعه لك، أو لغيرك لتحج عنه، أو أن يجعل ثمنها ديناً عليك تسدده متى استطعت، فإن مات قبل أن يستوفيه حسم هذا الدين من نصيبك من الإرث.
وننبه إلى أن الأب إذا لم يكن قد حج حجة الفريضة لزمه الحج الآن بنفسه إن كان مستطيعاً بدنيا، فإن عجز عن ذلك لمرض لا يرجى برؤه، أو لكبر لزمه أن ينيب من يحج عنه، ولا يشترط في النائب أن يكون من أبنائه، ولا من أقربائه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1422(12/5591)
هبة الوالد.. وحكم اشتراط عدم التصرف بها إلا بعد موته
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أربع شقيقات فقط لأبينا ويريد أن يهبنا فى حياتة منزلا مكونا من أربع شقق ومبلغا من المال على أن لا نتصرف فيهم إلا بعد وفاته مع العلم بأنه يملك أرضا زراعية وثلاثة أضعاف مبلغ الهبة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الهبة بهذا الشرط لها حالتان فإما أن يقصد بها الأب الوصية -وهذا هو المتبادر - وعلى ذلك فهي لاغية إلا إذا أمضاها بقية الورثة، ودليل كون هذه الوصية باطلة - بما تقدم من قيد- هو قول النبي صلى الله عليه وسلم " إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث" أخرجه الترمذي وأبو داود في سننهما، وأخرجه الدارقطني وزاد فيه " إلا أن يشاء الورثة".
أما إن قصد الوالد الهبة المعروفة، فعليه حينئذ أن يخلي بين كل واحدة منكن وبين ما وهبها لكي تحوزه الحيازة الشرعية، وتتصرف فيه تصرف المالك في ملكه، هذا إذا كانت رشيدة الرشد الذي يجعل لها الحق في الحوز والتصرف.
أما إذا كانت غير متصفة بتلك الصفة، ولا مؤهلة لممارسة ذلك الحق، فعليه أن يحفظ لها ما وهبها، كما يحفظ باقي ما لها.
والحاصل أنه عليكن أن تستوضحن الأمر الآن من أبيكن قبل أن تتعذر معرفة قصده بعد موته فيزداد الأمر إشكالاً وتعقيداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1422(12/5592)
حكم أخذ المنحة الدراسية
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كنت قبل أشهر طالباً أدرس في الصين وآخذ منحة شهرية من قبل الحكومة الصينية 100 دولار أما الآن فأنا موجود في الإمارات وأعمل بها حيث إنني تركت الصين لصعوبة الحياة وما زالوا يعطونني المنحة وهم لا يعرفون أنني تركت الدراسة هناك فهل هذه النقود حلال أم حرام.علما أن صديقي في الصين هو الذي يأخذ النقود ويرسلها إليّ في الإمارات كحوالة. حرام أم حلال؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه المنحة تعطى للدارسين لمساعدتهم على مواصلة التعليم- وهذا هو الذي يغلب على الظن - فإنك لا تستحقها إذا تركت الدارسة، لزوال السبب الجالب لها، سواء علموا أم لم يعلموا. وإن كانت هذه المنحة لسبب آخر ما يزال قائماً فلا حرج من أخذها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1422(12/5593)
حكم قبول الموظف الهدية دون طلب منه
[السُّؤَالُ]
ـ[موظف تتطلب طبيعة عمله كثرة الانتقال بالمواصلات وتوفيرالأدوات اللازمة لأداء عمله وأحيانا العمل أكثر من مواعيد العمل الرسمية وذلك دون مقابل إضافى من جهة العمل الحكومية، والأعمال المطلوبة هى أعمال خدمية تتطلب التعامل مع المواطنين وأداء مصالحهم وأحيانا يتم تقديم بعض المبالغ المالية منهم رغم عدم طلبها أو اشتراط تقديمها مقابل أداء الخدمة فما حكم أخذ هذه الأموال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لهذا الموظف أن يقبل ما يعطيه له من يتعامل معهم، لأنه لولا الوظيفة التي يشغلها هذا الموظف لما أهدي إليه شيء، ولما أعطي أي مبلغ من المال.
وقد بوب الإمام البخاري باباً فقال: (باب من لم يقبل الهدية لعلة. وقال عمر بن عبد العزيز: كانت الهدية في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية، واليوم رشوة) .
وفي الصحيحين عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأزد يقال له: ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم، وهذا أهدي لي. فقام النبي صلى الله عليه وسلم وتكلم، وكان مما قال: فهلا جلس في بيت أبيه، أو بيت أمه فينظر أيهدى له أم لا"؟.
ويتأكد ذلك في حق كل من تكون وظيفته التعامل مع الجماهير، لأن قبوله تلك الهدايا والعطايا علة قوية في استمالته إلى من أهدى إليه، وتقصيره في حق من لم يعطه شيئاً.
ولو كان يعلم من نفسه أنه لن يستمال -وهو صعب التحقق- بهذا المال، فلا يحق له أيضاً أن يأخذه لأنه مال في غير عوض، سببه وجود هذا الموظف في وظيفته تلك.
وهذا من أكل أموال الناس بالباطل. قال تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون) [البقرة:188] .
وكون الموظف يعمل ساعات إضافية دون مقابل لا يكون مسوغاً لقبوله تلك الهدايا، لأن ساعات العمل الإضافية حقه على صاحب العمل، فله أن يتفق معه على أجرها، أو تطيب نفسه بها دون مقابل. أما حق من يتعامل معهم فهو أن يؤدي عمله لهم على أكمل وجه دون مقابل منهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1422(12/5594)
التمييز بين الهدية والرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[لو طلبت من إنسان عملا معينا - ولا يكون على حساب الآخرين - وقدمت إليه هدية معينة بقصد تشجيعه على هذا العمل لا بقصد الرشوة فما الحكم في هذا؟ جزاكم الله خيرا ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الهدية المحرمة - والتي هي بمعنى الرشوة- هي: ما يهدى لإبطال حق، أو لإحقاق باطل.
وهي التي جاء فيها أنه صلى الله عليه وسلم: "لعن الراشي والمرتشي" رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح.
وروى الإمام أحمد والأربعة قوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم".
وفيما يخص سؤالك: علينا أن نميز بين كون ذلك العامل يعمل لحساب جهة أخرى، أم أنه حِرفيٌّ له عمله الحر الخاص به كالنجار مثلاً، فإن كان حرفياً فالهدية إليه لا بأس بها.
أما إن كان موظفاً أو عاملاً لحساب جهة أخرى، فلابد من التفصيل في ذلك:
1/ إن كان قد طلب هو منك الهدية، فلا ينبغي إهداؤه، فطلبه للهدية فيه معنى إنجاز العمل مقابل الهدية، فهو رشوة.
2/ وإن كان لم يطلبها، لكنك تعلم أنه لا ينجز العمل إلا بإهدائه هدية ما، وكنت مكرها على إعطائها له، وليس فيه إحقاق باطل، أو إبطال حق، أو تقديمك على من سواك، فلا شيء عليك، والإثم عليه، فقد ورد في الأثر: أن ابن مسعود كان بالحبشة فرشا بدينارين حتى خلي سبيله، وقال رضي الله عنه: إن الإثم على القابض دون الدافع.
3/ وإن لم يكن العامل قد طلبها هو، ولا يتوقف إنجاز العمل عليها، ولا ضرر في إنجاز العمل لك، ولم تكن نويت بهديتك الرشوة، فلا بأس بالهدية، وإن كان الأولى أن لا يهدى لمثله في حال إنجاز عمل للمهدي، كي لا يعتاد مثله على ربط إنجاز الأعمال بالإهداء لهم، فيبقى أحدهم متشوقاً للهدية، وكي لا تعتاد أنت على الإهداء مقابل إنجاز الأعمال، ولئلا يتوهم الآخرون أن هذا مقابل هذا فيشيع السوء، والظن به بين الناس. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1422(12/5595)
التمييز بين الهدية والرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[لو طلبت من إنسان عملا معينا - ولا يكون على حساب الآخرين - وقدمت إليه هدية معينة بقصد تشجيعه على هذا العمل لا بقصد الرشوة فما الحكم في هذا؟ جزاكم الله خيرا. ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الهدية المحرمة - والتي هي بمعنى الرشوة- هي: ما يهدى لإبطال حق، أو لإحقاق باطل.
وهي التي جاء فيها أنه صلى الله عليه وسلم: "لعن الراشي والمرتشي" رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح.
وروى الإمام أحمد والأربعة قوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم".
وفيما يخص سؤالك: علينا أن نميز بين كون ذلك العامل يعمل لحساب جهة أخرى، أم أنه حِرفيٌّ له عمله الحر الخاص به كالنجار مثلاً، فإن كان حرفياً فالهدية إليه لا بأس بها.
أما إن كان موظفاً أو عاملاً لحساب جهة أخرى، فلابد من التفصيل في ذلك:
1/ إن كان قد طلب هو منك الهدية، فلا ينبغي إهداؤه، فطلبه للهدية فيه معنى إنجاز العمل مقابل الهدية، فهو رشوة.
2/ وإن كان لم يطلبها، لكنك تعلم أنه لا ينجز العمل إلا بإهدائه هدية ما، وكنت مكرها على إعطائها له، وليس فيه إحقاق باطل، أو إبطال حق، أو تقديمك على من سواك، فلا شيء عليك، والإثم عليه، فقد ورد في الأثر: أن ابن مسعود كان بالحبشة فرشا بدينارين حتى خلي سبيله، وقال رضي الله عنه: إن الإثم على القابض دون الدافع.
3/ وإن لم يكن العامل قد طلبها هو، ولا يتوقف إنجاز العمل عليها، ولا ضرر في إنجاز العمل لك، ولم تكن نويت بهديتك الرشوة، فلا بأس بالهدية، وإن كان الأولى أن لا يهدى لمثله في حال إنجاز عمل للمهدي، كي لا يعتاد مثله على ربط إنجاز الأعمال بالإهداء لهم، فيبقى أحدهم متشوقاً للهدية، وكي لا تعتاد أنت على الإهداء مقابل إنجاز الأعمال، ولئلا يتوهم الآخرون أن هذا مقابل هذا فيشيع السوء، والظن به بين الناس. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1422(12/5596)
ما أنقته على أبيك لا يجوز استرداده من التركة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد توفي والدي منذ فترة قصيرة وكان يعاني من مرض. وقد تكلفت عملية مرض والدي ووفاته مايقارب ألفين وخمسماية دينار أردني وقد قمت بدفع هذه التكاليف عن طيب خاطر وبكل نفس راضية ولكن والدتي طلبت مني أن آخذ هذا المبلغ من مال والدي قبل توزيع التركة بحيث تكون كل هذه التكاليف دفعت من مال والدي الخاص وليس مني. هل يجوز لي أن آخذ من مال والدي قبل توزيع التركة قيمة المبلغ الذي دفعته عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أنفق نفقة على جهة البر والإحسان - تبرعاً- فلا يجوز له الرجوع فيها، لقوله صلى الله عليه وسلم: "العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه، ليس لنا مثل السوء" متفق عليه.
ولأبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لرجل أن يعطي عطية، أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده، ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب يأكل، فإذا شبع قاء، ثم عاد في قيئه".
وبناء على ذلك فلا يجوز لك أن تأخذ من تركة والدك ما دفعته لعلاجه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1422(12/5597)
حكم الهبة في الصحة والمرض
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى عمى والد زوجى وترك قطعة أرض وعقار ملك تسكنه الأسرة وهى الزوجة وبنتان وأربع ذكور وهم جميعا معاقون عدا زوجي أكبرهم وشقيقه الذى يليه ولكنه لم يكمل تعليمه مثل زوجى الذي يشغل مركزاً مرموقاً قامت الزوجة بعد وفاة عمى الذي كان قد كتب لها أملاكه قبل الوفاة لسهولة التصرف فيها كيفما شاءوا بعد وفاته بكتابة جميع الأملاك لشقيق زوجي الذي يلية بحجة أنه يتولى الإنفاق عليها وعلى أشقائه وذلك بعد موافقة زوجي الذى لم يقبل أن يغضبها ونحن فى حاجة لحقنا فى هذا المال فما التصرف الشرعي الذي يمكنا من الحصول على حقنا دون إغضاب الوالدة مع العلم بأنها خالتى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه ينبغي أولاً: النظر في مكتوب هذا الرجل لزوجته، فإن كانت الصيغة التي كتبها لا تقتضي إلا مجرد التسهيل في التصرف - كما في نص السؤال- فإن هذا المال ما زال تركة، ليس للزوجة منه إلا نصيبها فقط، وهو الثُمن إذا لم تكن معها زوجة أخرى أو زوجات، وإلا فهي شريكة لمن معها من الزوجات في الثُمن، أما الباقي بعد الثمن فهو مقسم على أولاد الميت للذكر مثل حظ الأنثيين، لا فرق في ذلك بين غنيهم وفقيرهم وسالمهم ومعوقهم، وإن كان كتب لها بصيغة التمليك التام، فيفرق فيه حينئذ بين حال الصحة والمرض، لأن حكم الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب حكم الوصايا، فيكون من الثلث إذا تم قبض الهبة.
وإن كان وهبه لها صحيحاً مختاراً بصيغة يحق بها التمليك شرعاً، نظر أيضا في حال هبة الزوجة لابنها، فإن كانت لمجرد تسهيل التصرف، فليست هبة أصلاً، وإن كانت لقصد إيثاره هو وبعض الإخوة دون بعضهم، فإن ذلك محل خلاف بين العلماء: هل هو جائز فتمضي الهبة، أم حرام فتبطل؟ فذهب بعضهم إلى أنه حرام لما فيه من زرع العداوة، وقطع الصلات التي أمر الله بها أن توصل، واستدلوا على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث النعمان بن بشير مخاطباً بشير والد النعمان: "لا تشهدني على جور" رواه مسلم، وعنه أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ "، فقال: لا، فقال: "فأرجعه" رواه البخاري، وقالوا: إن الحديث يدل على وجوب التسوية بين الأولاد في الهبة، وإنها باطلة مع عدم التسوية، وذهب إلى هذا القول الإمام أحمد وبعض العلماء،
وخالف في ذلك الجمهور، فقالوا: بعدم بطلان الهبة، واستحباب التسوية فقط.
واتفقوا على جواز التخصيص بعد إذن البقية ورضاهم.
وإذا تقررت صحة الهبتين بأن كانت من الميت بصيغة الجزم، وفي حال الصحة، ولم تكن من الزوجة على سبيل التسهيل، فالظاهر - والله تعالى أعلم- أن هذا الزوج الذي استؤذن من قبل أمه، ورضي بإعطاء نصيبه لأخيه، واختار بر أمه سقط حقه - ولو افترضنا وجوب التسوية، وبطلان الهبة بالتفضيل- لأن مذهب أحمد الذي خالف في المسألة هو جواز التفضيل إذا كان هناك داع، أو مقتض له كزمانةٍ أو عمى، أو كثرة عائلة، فإذا كان هذا الأخ يتولى الإنفاق على أسرته المعاقة حقاً، كان ذلك معنى يقتضي جواز التخصيص. وينبغي لمن انتقل إليه الحق أن يعدل ويقسط: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) [النحل: 90] ، ويجب أن لا يكون أخذه لهذا المال ذريعة لأخذ حقوق إخوته الضعفاء، فالله يعلم المفسد من المصلح. والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1422(12/5598)
حكم قبول مساعدة الكنائس المالية للطلاب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم المساعدة المالية التي يتلقاها الطالب المسلم من الكنيسة في الدول الأوروبية،علماً أن الكنيسة تعلن عن استعدادها للمساعدة وعلى الطالب أن يتقدم بالطلب؟ جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم هدايا الكفار: فقبل هدية قيصر، وهدية المقوقس، كما أهدى هو الكفار الهدايا والهبات.
قال الشوكاني: (وقد أورد البخاري في صحيحه حديثاً استنبط منه جواز قبول هدية الوثني، ذكره في باب قبول الهدية من المشركين من كتاب الهبة والهدية. قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وفيه فساد من حمل رد الهدية على الوثني دون الكتابي..) .
لهذا فإن مساعدة الطالب المالية لإكمال دراسته التي تساعده بها هيئة الكنائس العالمية يجوز له أخذها، إذا لم يشترط عليه رد المال بزيادة ربوية، ويحذر من أن يكون في ذلك مقابل من تنازل عن شيء من دينه، أو تعاون معهم في مخططاتهم وألاعيبهم، كما أن عليه أن يحذر من الميل بالقلب إليهم، فإن أكثر النفوس تميل حباً إلى من أسدى إليها معروفاً، وإذا أنس من نفسه ميلاً بسبب الهبة فعليه أن لا يأخذها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1422(12/5599)
ما يقدم للأطباء والصيادلة من أدوية وأموال من شركات الأدوية رشوة محرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[اعمل فى مجال الدعاية في شركات الأدوية" أستفسر عن الآتي:
1-الهداياالعينية للأطباء وذلك لتشجيعهم على كتابة الدواء.
2-الهدايا من أجل شكرهم على وصف الدواء.
3-الهدايا للصيادلة فى المستشفيات لطلب الدواء
مع العلم بأن المستشفى يحتاج هذا الدواء.
والحكم فى حالة ان المستشفى لا يمثل لها اولوية جلب هذا الدواء خاصة.
4-الأموال التى يطلبها بعض الأطباء جزاء وصفهم لدواء الشركة وإلا لا يكتبونه فى وصفاتهم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السبب في تقديم الهدية واحد من أمرين: الأول مستحب، والثاني محرم.
فالأول: هو لإشاعة المودة بين المسلمين، كما قال صلى الله عليه وسلم: " تهادوا تحابوا" رواه البخاري في الأدب المفرد، وحسنه ابن حجر
والثاني: الرشوة، التي لولا الحاجة المادية الدنيوية عند من يملك سد هذه الحاجة ما قدمت له الهدية (الرشوة) .
فالهدايا من الدواء الوارد ذكرها في السؤال - خصوصاً في قطاع الخدمات العامة - تصنف في باب الرشوة التي قال فيها صلى الله عليه وسلم: " لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم" أخرجه أحمد والترمذي، وصححه السيوطي.
وكذلك الأموال التي يطلبها الأطباء مقابل وصف ذلك الدواء للمرضى.
لكن لو أعطي الطبيب عينة لاختبار جودتها دون مشارطة، أو معاوضة، فلا حرج، بل قد يكون مطلوباً، لأن الطبيب مؤتمن على أرواح الناس، ومسؤول عن اختياره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1422(12/5600)
أخذ المال بغير وجه حق لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل يجوز أن أقبل مالا من شركة هنا في بريطانيا التي تساعد الناس الذين لا يشتغلون، فقد كان طلبي من أجل رقم للتأمين فأرسلوا إليي حتي يساعدوني رغم أن زوجي يشتغل والحمد لله ويصرف علي.
أفيدوني جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحيث إنك لست من المحتاجين لا ستغنائك بنفقة زوجك، فينبغي إعلام الشركة بذلك، فإن جاءك شيء منهم بعد ذلك فلا حرج عليك في أخذه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1421(12/5601)
من يستثنى في الرجوع في الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في أحد أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم
أن العودة في الهبة كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه لما في ذلك من إشاعة العداوة والبغضاء بين الناس. ولكن هل هذا ينطبق على عودة الأب في هبته لابنه؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "العائد في هبته كالكلب يقيء، ثم يعود في قيئه" متفق عليه من حديث ابن عباس.
وبهذا الحديث استدل جمهور العلماء على حرمة العود في الهبة، إلا أن هبة الوالد مستثناة من ذلك، عملاً بما رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم وصححه الألباني من أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده ... " وهذا مذهب الجمهور: مالك والشافعي وأحمد في أظهر الروايات عنه، لأن الوالد لا يتهم في رجوعه، لأنه لا يرجع إلا لضرورة، أو مصلحة للولد، ومحل جواز رجوع الأب في هبته لولده ما لم يتعلق بها حق للغير، أو تخرج من ملكه، أو يكون قد دخل بسببها في بعض الالتزامات، كأن يخطب ويحدد وقت الزواج، أو نحو ذلك، وحينئذ فلا رجوع فيها. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1421(12/5602)
جمع الصدقة لإنسان معين فلم يأخذها فأعطاها لغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[جمعت إحدى قريباتنا صدقة لمدرسة مريضة تعمل معها في نفس المدرسة التي تعمل فيها قريبتنا فرفضت المدرسة المريضة الصدقة فقامت قريبتنا بإعطاء الزكاة لأختها الفقيرة فما حكم هذه الصدقة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما جمعته قريبتك لزميلتها إما أن يكون من صدقة النفل وإما أن يكون من صدقة الفرض (الزكاة) ، فإن كان من صدقة النفل، فالواجب على قريبتك أن ترجع إلى صاحب الصدقة - إذا تيسر ذلك - لتعلمه بأن من تصدق عليها لم تقبل صدقته، فله حينئذ أن يرجع؛ إذ الصدقة لا يحرم العود فيها إلا بعد القبض، وله أن يتصدق بها على شخص آخر، وهو الأفضل.
وإن كانت الصدقة التي جمعتها قريبتك من صدقة الفرض (الزكاة) فإن الأولى مراجعة صاحب الصدقة حتى ينظر في صرفها. وعلى هذا فالواجب على قريبتك أن تعلم صاحب الصدقة فيما فعلت إن كانت من صدقة النفل، فإن أمضى تصرفها مضى، وإلا ضمنت له ما تصدقت به، أما إن كانت صدقة فرض (زكاة) وكانت أختها مصرفاً للزكاة بالفعل فلا يلزمها شيء إن شاء الله. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1421(12/5603)
حكم الهبة لبعض الأولاد وتفضيل بعضهم على بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن شرعا تمليك الأبناء القصر أو وهبهم أملاك الأب أو أكثرها في حياته وليس بالوصية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم تفضيل بعض الأبناء بالعطية دون البعض. فذهب جماعة إلى أن ذلك لا يجوز، وبه صرح البخاري وهو قول طاووس والثوري وأحمد وإسحاق، وقال به بعض المالكية. ثم المشهور عن هؤلاء أنها باطلة وعن أحمد تصح ويجب أن يرجع، وقال أبو يوسف تجب التسوية إن قصد بالتفضيل الإضرار.
وذهب الجمهور إلى أن التسوية مستحبة، فإن فضل بعضاً صح مع الكراهة، واستحبت المبادرة إلى التسوية أو الرجوع، والراجح قول من قال بوجوب التسوية وأن تفضيل بعض الأبناء على بعض في العطاء باطل وجور ويجب على فاعله إبطاله، لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد لما نحل ابنه النعمان نحلاً وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك فقال له: "يا بشير لك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفكلهم وهبت لهم مثل الذي وهبت لابنك هذا؟ قال: لا. قال: رسول الله صلىالله عليه وسلم: فلا تشهدني إذا، إنى لا أشهد علىجور، إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم". وقال له أيضا: "فأرجعه". فرده بشير وقال له أيضا: "فاتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم".
وحمل الجمهور الأمر على الندب والنهي على التنزيه لقوله صلى الله عليه وسلم لبشير في رواية: "أشهد على هذا غيري". وردّ عليهم بإن هذا للتوبيخ لا للأمر بالإشهاد الذي هو متضمن للإذن في التفاضل، وهذا الأسلوب في اللغة أعنى إطلاق الأمر والمراد منه التهديد أسلوب معلوم، وإذا لم يكن للتهديد فلم امتنع النبي صلى الله عليه وسلم عن قبول الشهادة عليه وقد أنزل الله عليه: (ولا يأبى الشهداء إذا ما دعوا) ؟. هذا ومن العلماء من أجاز التفاضل إن كان له سبب، وإلى هذا ذهب الإمام أحمد كأن يحتاج الولد ـ لمرض أو لكثرة عيال أو لاشتغال بطلب العلم ـ دون البقية، أو يصرف العطية عن بعض ولده لفسقه أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله ونحو ذلك.
ثم إن العلماء اختلفوا في صفة التسوية بين الأولاد فقال محمد بن الحسن وأحمد واسحاق وبعض الشافعية والمالكية: العدل أن يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين كالميراث. وقال غيرهم يسوى بين الذكر والأنثى، وهذا القول الأخير هو الأظهر إن شاء الله، لقوله صلى الله عليه وسلم: "سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحداً لفضلت النساء" أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي من طريقه وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن.
والحاصل أن تفضيل الأبناء بعضهم على بعض من غير مسوغ من حاجة أو عوز هو نوع من الظلم الذي يورث تنافراً في قلوب الإخوان، ويذكي العداوات بينهم فالواجب على الوالد أن يحفظ الود في قلوب أبنائه فيما بينهم باجتناب ما يضاد ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1422(12/5604)
الاستفادة من هبة الدولة الدراسية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرجاء من فضيلتكم الاجابه على هذا السؤال:
أنا طبيبه مرافقه لوالدي في الخارج (حيث يعمل مبعوثا من قبل الدولة) ولقد حصلت
على موافقة الدوله بالتكفل بمصاريف الدراسة في هذا البلد وأقصى مبلغ يمكن أن
تتكفل به الدولة هو 8000 وتقدر تكاليف الدراسه في الجامعة التي قمت بالتسجيل
بها 2000 تقريبا. فهل يجوز لي أخذ المبلغ الذي توفره الدولة كاملا ليساعدني
الفائض منه في شراء مستلزمات الدراسة كالكتب والمواصلات وبعض أغراضي الشخصية.
أفيدوني أفادكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن شراء الكتب والأوراق وتكاليف المواصلات وإجارة السكن وما يتعلق به، ولا سيما إذا كان في الخارج، كل هذه المذكورات من مستلزمات الدراسة ومن مقوماتها الضرورية وعليه فإذا تكفلت الدولة لطالب ما بمصاريف دراسته في الخارج وعينت لذلك مبلغاً فلا حرج في شراء هذه الأمور كلها منه، كما لا حرج في الإنفاق وشراء الأغراض الشخصية الضرورية منه، هذا هو ما يقتضيه التكفل بمصاريف الدراسة، اللهم إلا إذا حددت الدولة نوع ما تتحمله من مستلزمات الدراسة ونصت عليه، فحينئذ لا يجوز أن يحسب عليها غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5605)
الفرق بين الهدية والرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أريد السؤال عن الحكم الشرعي لقبول الهدية في مكان العمل؟ فهل يجوز قبول الهدية من زميل مسن مثلاً أو طالبة (علماً بأنني أعمل في معهد تدريبي) ؟؟ حيث أنهم أحياناً يعودون من سفر أو يرسلون لي هدية من مكان بعيد وأجد فيها نوعاً من عدم الارتياح علماً بأنه لا يكون لهم أي غرض أو مقصد من ذلك "مثلا: ترسل لي طالبة كانت تدرس في المعهد الذي أعمل به وانقطعت عن الدراسة رسالة وهي في بلد آخر تستفسر مني عن إمكانية عودتها للدراسة، وتريد مني أن أسأل المدير وأجيبها برسالة أخرى، وترسل مع الرسالة هدية، فأخذتها لأنني خجلت أن أردها للشخص الذي أحضرها، وشعرت بأن فيها نوعا من الرشوة فلم أدر ما أفعل وأهديتها لإنسانة أخرى) ، الرجاء إيضاح الحكم الشرعي في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "تهاد وتحابوا" أخرجه الإمام مالك في الموطأ، وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: "لو أهدى إلي ذراع أو كراع لقبلت"، فقد أفاد الحديث الأول استحباب تهادي الإخوان بعضهم لبعض، وأنه يجلب المحبة بينهم، ويزيل الحقد والحسد من قلوبهم، كما أفاد الحديث الثاني أن الهدية لا ينبغي أن ترد ولو كانت حقيرة، وقد خرج من هذا الاستحباب الإهداء للقاضي ومن في معناه ممن لم يكن يهدى له أصلاً سداً لذريعة الرشوة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم" رواه الإمام أحمد والأربعة وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان، فالهدية إنما يحرم أخذها ويستحق آخذها الوعيد إذا كان يأخذها مقابل حق يلزمه أداؤه، أو مقابل عمل باطل يجب عليه تركه لأن ذلك هو الرشوة، وإذا تقرر هذا علمنا أن أخذ الهدية ممن طابت بها نفسه وليس له من وراء دفعها غرض سيئ ولا مقصد غير صحيح لا حرج فيه، وعلى كل حال ينبغي للموهوب له أن يثيب من أهدى إليه، لحديث جابر رضي الله عنه: "من أعطي عطاء فليجزه فإن لم يجد فليثن به"…الحديث أخرجه أبو داود والترمذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1422(12/5606)
الغارم الذي لا يجد وفاء يصح سداد ديونه من أموال أهل الخير ولو كانوا أجداده.
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من عائلة كريمة وغنية ولكن بسبب صغر سني في ذلك الوقت تراكمت عليّ الديون لأسباب كثيرة وأنا أعترف بأني مخطئ ولكن لم تكن تلك الديون في معصية الله سبحانة وتعالى وأنا الآن متزوج ولي عدد من الأولاد الذين يجب أن أعيلهم وأنا محال إلى التقاعد وراتبي لا يفي بمتطلبات الحياة الزوجية. لي جدان من ناحية الأب والأم قد توفيا إلى رحمة الله وهم أغنياء وقد تركوا أموالا طائلة لعمل الخير ((ثلث مالهم)) السؤال = هل يجوز للقائم على أموال جدّيَّ أن يسدد الديون التي علي بالكامل حتى أستطيع أن أعيش عيشة طيبة مع عائلتي أفيدونا أفادكم الله وجزاكم الله خيرا"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت من أنك ذو عيال وراتبك لا يفي بمتطلبات حياتك الضرورية، وعليك ديون لا تستطيع الوفاء بها فأنت إذن من الغارمين المعدودين من الأصناف الثمانية المذكورة في الآية الكريمة من قوله تعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين) [التوبة: 60] .
فمن استدان لحاجته أو مصلحة نفسه فهو من الغارمين، حتى ولو استدان في معصية تاب منها، فيعطى من الزكاة بقدر ما يفي بدينه، وعليه فإنا نرى أنك أولى من غيرك بتسديد الديون التي ليس عندك ما تستطيع سداد ها به وذلك من الأموال الخيرية التي خصصها جداك لذلك.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5607)
حكم من ميز بين أولاده في العطية حال حياته
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل وفاة والدي (عليه رحمة الله) أعطاني وأخي الأصغر دون باقي إخوتنا قطع أراضي (كل واحد تقريبا ستة دونمات) وقد أعطى لإخواني الكبار في أوقات سابقة قطع أراضي من أجل البناء أو باع لهم من أجل الزواج. المشكلة أنه قبل وفاته قام بتقسيم ما بقي من الأرض على جميع الأولاد والبنات ولكن ليس بالضبط وفق النسب الشرعية، وإني أظن أن أخواتي قد ظُلمن بهذه القسمة وإن كن لا يصرحن بذلك، أفكر في أن أقتطع جزءاً من أرضي وأعطيها لأخواتي. هل يعتبر هذا تكفيرا عن خطأ والدي، وماذا علي أن أفعل عموما مع صعوبة تحري حق كل واحد من الأبناء في الوقت الحاضر، وجزاكم الله خيرأ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التسوية بين الأولاد في العطية هي الأصل، ويدل لها ما جاء عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأرجعه. وفي لفظ: فانطلق أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقته فقال: فعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا. قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. فرجع أبي فرد تلك الصدقة: متفق عليه. وفي رواية لمسلم قال: فأشهد على هذا غيري ثم قال: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء.
قال: بلى؟ قال: فلا إذن".
وقد استدل بعض أهل العلم بهذا الحديث على وجوب التسوية بين الأولاد في العطية، وعلى بطلانها إذا هي وقعت على خلاف ذلك، وممن قال بهذا إسحاق والثوري وصرح به البخاري، وهو قول عن الإمام أحمد. وذهب الجمهور إلى أن التسوية بين الأولاد مندوبة، وحملوا الأمر الوارد بها في الأحاديث على الندب، كما حملوا النهي الثابت في رواية مسلم بلفظ أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء قال: بلى.؟ قال: فلا إذن. حملوا هذا النهي على التنزيه.
وعلى ما ذهب إليه الجمهور فمن فاضل بين أولاده في العطية أو خص بعضهم بشيء في حال صحته ورشده وطوعه فإن تصرفه ذلك ماض. وليس لبقية الورثة الرجوع فيه. وهذا هو المنصوص عن الإمام أحمد في رواية محمد بن الحكم، والميموني. وهو اختيار الخلال وصاحبه ابن أبي بكر، وهو الذي ذكره الخرقي، وهو قول الإمام مالك والشافعي وأصحاب الرأي وأكثر أهل العلم. وعمدة الجمهور فيما ذهبوا إليه هو أن الإجماع منعقد على أن للرجل أن يهب في صحته جميع ماله لأجنبي، فإذا كان ذلك جائزاً للأجنبي فهو للولد أحرى، كما احتجوا أيضا بما روي عن أبي بكر رضي الله عنه من أنه كان نحل عائشة جذاذ عشرين وسقا من مال الغابة، فلما حضرته الوفاة قال: والله يابنية ما من الناس أحد أحب إلي منك غنى ولا أعز علي فقراً بعدي منك، وإني كنت نحلتك عشرين وسقا. فلو كنت جذذتيه واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث" رواه الإمام مالك في الموطأ.
وعلى كل حال فلو اتفق الورثة على أن يقسموا المال قسمة صحيحة بعد وفاة أبيهم الذي قد قسمه في حياته قسمة غير عادلة فلا شك أن ذلك أحوط وأورع، وإذا أراد بعض الورثة أن يرضي من ظلم في القسمة تكفيراً لما ارتكبه أبوه من جور في قسمة ماله فنرجوا أن يكون ذلك التكفير ينفعه لما في البخاري عن ابن عباس أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إن أمي نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال: " نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته، اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء،" ولما رواه الترمذي وحسنه وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه" وجه الاستدلال من هذين الحديثين هو أن قضاء ما على الميت من حق الله تعالى أو حق للناس يبرئه. وأما الجواب عن ماذا تفعل مع صعوبة تحر حق كل ذى حق؟ فهو أن المسألة فيها ما علمت من الخلاف، ونرى أن الأخذ بمذهب الجمهور فيها أقطع للنزاع، وأقل إثارة للخصومة، إذا لم يقبل الورثة إعادة القسمة على جهة المصالحة بينهم. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1422(12/5608)
لا تحل الهبة إلا بطيب نفس صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[سلعة ساومت البائع عليها، فأصر أنه الوحيد الذي يبيعها رخيصة بالسعر الذي طرحه فقلت له إذا أتيت بها أرخص من السعر الذي تطرحه فقال لي: خذها عندئذ مجانا من المحل وبالفعل وجدت محلا آخر يبيعها أرخص من هذا المحل فأخبرت البائع الأول بذلك فكان وفيا وقدم لي السلعة مجانا فهل علي إثم إذا أخذتها بدون مقابل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن الغالب في مثل هذا المقال أن يقصد به صاحبه إغراء الزبون على الشراء منه، وإقناعه أن سلعته أرخص سلعة من نوعها في السوق، لا أنه يقصد بكلامه هذا الهبة الحقيقية، إذا وجد ما هو أرخص منها في نوعها. وعلى هذا فإذا كان صاحب السلعة إنما دفعها لك محافظة على الوفاء بما صدر منه، وخوفاً من أن يلحقه عار إذا لم يف بما قال، ونفسه غير طيبة بهبتها فلا يجوز أخذها، فقد نص الفقهاء على أن من قدمت إليه هدية وعلم من حال مقدمها أنه إنما قدمها له حياء فإنه لا يجوز له أخذها، ويجب عليه ردها لصاحبها.
أما إذا كان قصد صاحب السلعة بكلامه الهبة الحقيقية، وكان من أهل التبرع وطابت نفسه بدفعها فلا إثم ولا حرج في أخذ السلعة حينئذ إذ المدار على طيب نفس الواهب، لقول صلى الله عليه وسلم: "إنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه"، جزء من حديث رواه الإمام أحمد. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5609)
يجوز أن تأخذ من راتبك دون علم أبيك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشكلتي أنني كنت وما زلت شريكا مع أبي في الأموال أي أني أعمل وكل راتبي الشهري أودعه مع أبي ونحن على هذا الحال قرابة ال 13 عاما تقريبا. أبي يعطي إخوتي الأصغر مني سنا مئات الاضعاف مني ولقد قمت مؤخرا بإخفاء نصيب قليل من راتبي. هل هذا حلال أم حرام؟ وما هو الحل حسب الشرع مع أبي؟ ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن راتبك ملك لك فيجوز لك أن تأخذ منه وتعطي لأبيك حسبما شئت، إلا أنه تطييباً لخاطره ينبغي إذا أردت أن تأخذ شيئاً لنفسك أن تصارحه وتقنعه به، فإن كان ذلك يؤدي إلى عدم رضاه فيمكنك أن تأخذ من الراتب ما أردت خفية، بشرط أن تترك منه ما يغطي الذي ينوبك مما تشتركون فيه من النفقة، ولا يلزمك أن تكون مشتركاً معه بل يجوز أن يكون كل منكما منفرداً عن الآخر بماله وجميع شؤون حياته.
والذي يجب عليك هو بره والإحسان إليه، وأن تعطيه من مالك ما يعينه على القيام بواجباته ومتطلبات حياته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5610)
الرشوة من أجل التعلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة في الدراسات العليا السنة الثانية ولقد طلبت مني مبالغ مالية من قِبل الأساتذة مقابل النجاح ولقد لبى أبي ذلك وأنا أريد التوقف لأجل ذلك وأبي لا يريد فهل دفع هذا المبلغ حلال أم لا؟ مع العلم بأني أبذل جهدي في الدراسة.
أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فما دفعه والدك لهؤلاء الأساتذة يعتبر رشوة لا يجوز دفعها لهم، إلا إذا علم أنهم سيظلمونك وليست لديه أي طريقة لرفع الظلم عنك إلا بدفع ذلك المبلغ لهم، ويشترط أن لا يترتب على ذلك ظلم للآخرين، ولا هضم لحقوقهم، ولا إعطاؤك أنت أكثر مما تستحقين.
والأفضل والأبرأ للدين الابتعاد عن دفع الرشوة على كل حال، لما يترتب على دفعها من مفاسد في المستقبل، ولذلك شدد النبي صلى الله عليه وسلم في الزجر عنها حيث قال: " لعنة الله على الراشي والمرتشي" كما في المسند والسنن عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما. وعلى كل حال فلك أن تستمري في دراستك إذا لم يكن هنالك ما نع شرعي كالاختلاط بالرجال أو الخلوة المحرمة أو نحو ذلك.
... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5611)
للجد أن يقسم ماله بين أولاده وأحفاده قبل وفاته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم توفي والدى قبل جدى ونحن ثلاثة أولاد وقبل وفاة جدى قام بتقسيم التركة وأعطانا نحن أحفاده الثلاثة وبقية أولاده الذكور سواء بسواء ولم يعط عماتى شيئا جريا على العادة عندنا وهى أن تمنع الفتاة من الميراث والآن وبعد وفاة جدى بسنوات أردت أنا أحد الأحفاد بيع بعض ما ورثته عن جدى فهل أعطى لعماتى منه أم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فابن الابن مع وجود الأبناء المباشرين يعتبر أجنبياً، فيجوز للجد أن يعطيه ما شاء من ماله، بدليل أنه لا يرث كما هو معلوم، وبدليل صحة الوصية له في هذه الحالة ونفوذها إذا مات الجد في حياة أبنائه الذين لا يرث معهم الحفيد، فوجوب التسوية بين الأولاد في العطية وحرمة التفاضل بينهم خاص بالأولاد المتساوين في الدرجة لا يدخل معهم في ذلك الحفدة، ولا يتناولهم حديث النعمان الوارد في ذلك والذي هو أصل وجوب التسوية بين الأولاد في العطية، إذ للجد أن يقسم ماله على أولاده ويترك حفدته، ولا يسمى فعله هذا جوراً لأنه هو الحكم الشرعي في ماله لو مات، ومن هذا تعلم أيها السائل أن هبة جدك لك في حال صحته ووجود أبنائه هبة جائزة ونافذة، إذا استكملت باقي شروط صحة الهبة ونفوذها.
وننبه هنا على شيء مهم وهو أن هذا الجد قد جار على بناته وهن عماتك حيث قسم هذا المال بدون أن يجعل لهن فيه أي نصيب فلم يعدل بينهن وبين بقية أولاده العدل الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ولا شك الآن أن الأفضل لك ولغيرك من أنباء هذا الجد وأحفاده أن تعيدوا قسمة المال مرة أخرى فتجعلوا لهؤلاء البنات منه نصيباً مساوياً لنصيبهن في الأرث فإن لم يرض إخوانك وأعمامك بذلك فلعماتك أن يرفعن الأمر إلى المحاكم حتى تدفع عنهن ما وقع عليهن من ظلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5612)
المتبرع لهيئة خيرية لكفالة الأيتام يناله فضل كافل اليتيم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كفالة اليتيم التي تتبناها هيئة الإغاثة الإسلامية تدخل تحت حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم"أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين" وهو يقوم بدفع المبلغ للهيئة والهيئة تقوم بالإشراف عليه. نرجوا الإيضاح وشكراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي يقوم بدفع المبالغ المالية لهيئة الإغاثة الإسلامية أو غيرها من الهيئات أو الأشخاص الموثوق بهم لصالح كفالة الأيتام يتناوله حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أشار إليه السائل ويدخل تحته بالدرجة الأولى.
إذ هو الكافل لليتيم حقيقة، فالكفالة تقوم على أساسين هما: التمويل والإشراف، فمن جمع بينهما فقد جمع بين الحسنيين، ومن تولى القيام بالجانب المادي فقد قام بالركن الأساسي من عملية الكفالة، فلولا توفيق الله له ولأمثاله لدفع تلك المبالغ ما تكونت هيئة إغاثة إسلامية تقوم بتوفير الاحتياجات واللوازم لتلك الأعداد الهائلة من يتامى المسلمين في جميع أنحاء المعمورة.
... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5613)
إذا كانت الهدية طريقا لمعصية فهي رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الهدايا وعينات الأدوية والدعوات بالفنادق من شركات الأدوية والتى نتلقاها بحكم عملنا كأطباء، وما حكم التصرف فى الهدايا بأى صورة مثل الإهداء أو البيع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أولا: إذا كان مقصود الشركة بذلك الدعاية لما تنتجه، وإيقاف الأطباء عليه وتجربته والتأكد من فاعليته فلا حرج في قبول ذلك منها.
أما إن كان يترتب على ذلك محاباة الطبيب لها ووصف دوائها بما ليس فيه، أو تقديمه على ما هو أنفع منه وأفضل، فتدخل هذه الهدايا حينئذ في حكم الرشوة المحرمة.
ثانياً: ومن جاءته هدية جاز له التصرف فيها ببيع أو إهداء ونحو ذلك، لأنها صارت ملكاً له. وما يقوله بعض الناس من أن الهدية لا تهدى ولا تباع ليس صحيحاً. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5614)
الهدية للموظف رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يعمل في جهة حكومية كمحاسب حيث يقوم بحكم وظيفته بالتعامل مع الشركات وتقوم بعض الشركات في نهاية السنة وفي بعض المناسبات بتقديم بعض الهدايا له. هل يجوز للموظف تقبل الهديا من الشركات علماً أنه لا يقوم بتقديم أي خدمات لتك الشركات ما عدا ما يتطلبه منه عمله فقط. وفي عدم جواز ّذلك كيف يتصرف مع مندوب الشركة لرفض تلك الهدية وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس لهذا الشخص أن يأخذ هدية من تلك الشركات مخافة أن يستميلوه بها فيعطيهم تسهيلات ليس له أن يعطيها لهم، ومعروف أن الإنسان ضعيف العزم أمام المغريات المادية، فالسلامة في الابتعاد عن ذلك سداً للذريعة.
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً من الأزد يقال له: ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي لي، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " هلا جلس في بيت أبيه أو أمه فينظر يهدى له أم لا ".
وإذا جاءه مندوب إحدى هذه الشركات، فليتصرف معه بحكمة وليعتذر له عن قبول تلك الهدية، وليبين له أنه إنما عدل عن قبولها مخافة على دينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1422(12/5615)
الهبة إذا مات من وهبت له قبل وصولها له ردت إلى واهبها
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك رجل لديه عدد من الأولاد والبنات، وتوفي هذا الرجل وبعد وفاته جاءته هبة عبارة عن مبلغ من المال من أحد أصدقائه ولم يعلم هذا الصديق بوفاته، فهل يتم تقسيم المال على الورثه قسمة حسب الميراث، أم يتم تقسيم المبلغ بالتساوي بين الأولاد؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت هذه الهبة وصلت لهذا الرجل المتوفى في حياته وقبلها وحازها فهي جزء من ماله سواء بسواء، يفعل بها ما يفعل بماله، ولا يضر كون الواهب لم يعلم بوفاة ذلك الرجل، أما إن كانت وصلتكم تلك الهبة بعد وفاته، ولم يحصل للمتوفى علم بها ولا قبول لها في حياته فهذه الهبة ترد إلى من وهبها، لأن الهبة لا يملكها من وهبت له إلا بقبوله لها وحيازتها، وذلك لم يحصل في مثل هذه الحالة.
وعلى ذلك ترد هذه الهبة إلى من وهبها، ويخبر بأن من وهبها له توفي قبل أن يعلم بها ويقبلها.
وإن شاء الواهب بعد ذلك أن يجعلها لأبناء ذلك الميت وبناته أو لمن شاء منهم فله ذلك، وتقسم عليهم حسب ما يأمر هو به.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5616)
يجوز للمضارب إعطاء شريكه هدية من ماله إذا لم يشترط الشريك ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمضارب أن يهب رب المال من ماله أو من مال المضاربة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فاعلم أخي السائل أن الربح من مال المضاربة على ما يصطلح عليه العامل ورب المال، وأما أن يهب المضارب رب المال من ماله الذي ربحه من مال المضاربة أو من غيره فله ذلك، لأن المال أصبح ملكا للعامل، والهبة من التصرفات الجائزة. ولكن ذكر الفقهاء أنه لا يصح أن يشترط صاحب رأس المال- أي مال المضاربة- أن يكون له جزء معين من الدراهم يزيد على ما يصطلحان عليه من تلك الشركة، فمثلا لا يقول: المال بيننا مناصفة ولي مائة درهم زيادة على النصف. فهذا الشرط من صاحب المال لا يجوز، وهو يفسد العقد. والسبب في ذلك هو احتمال أن لا يربح غير هذه الزيادة فيحصل على جميع الربح، وفي ذلك ضرر وغرر بالآخر، والشريعة تأباه، أما إعطاؤه من مال المضاربة نفسه فإذا كان بعد قسمته فلا بأس، وإن كان قبل قسمته، فإن كان برضا المضارب بغير اشتراط مسبق فلا شيء فيه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5617)
الأصل في التبرعات العموم إلا إذا حدد المتبرع أوجه الإنفاق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هى كيفية التصرف المشروع نحو التبرعات في المساجد. قيل إن هذه التبرعات لا يصح استعمالها إلا فيما يتعلق بأمور المساجد فقط، فلا يجوز توزيع بعضها على اليتامى والفقراء وإعانة المحتاجين وما إلى ذلك!! مع العلم أن المتبرعين حين تبرعوا كان قصدهم ابتغاء وجه الله أو الحصول على الصدقة الجارية كما في الحديث. أرشدوني في هذا الأمر، حيث إنه قد وقع في بلادي، مسجد يكنز 92,000 جنيها تقريبا فلا ينفقها إلا لمصلحة المسجد فقط! أليس هذا يتنافى مع روح الزكاة أو مانعا من الصدقة الجارية؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل في أموال التبرعات أن تنفق فيما حدده المنفق من أوجه البر، فإن لم يحدد عملاً معيناً وكانت الجهة التي تقبل التبرعات تأخذه مثلاً لغرض محدد معلن عنه أو لصندوق يتولى بعض الأعمال الخيرة، فلا يصح أن يتعدى هذه الجهات أو الأغراض. فإن كانت هذه التبرعات لأعمال صيانة المساجد والإنفاق منها عليه فلا تتعدى إلى غيرها لأن تلك الأموال لها حكم الوقف. وأما إذا كانت تبرعات عامة ولم يقصد بها غرض محدد من أعمال البر فلا شك أن كل من احتاج لها من المساكين والفقراء فله فيها حق. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5618)
يجوز للزوج أن يهب أثاث المنزل لزوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم كتابة الزوج لقائمة الأثاث لزوجته هل يصبح شرعاً لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: لا يجب على الزوج أن يكتب للزوجة أثاث البيت الذي هو ملك للزوج أصلاً، وإن فعل ذلك باختيار جاز ومضى كباقي تصرفاته في ماله، وهذا فيما اشتراه الزوج من خالص ماله. أما ما اشترته المرأة من مالها الأصلي أو من صداقها أو وهبه لها واهب فهو لها سواء أكتبه الزوج أو لم يكتبه. هذا وقد نص الفقهاء على أنه إذا اختلف الزوجان في أثاث البيت، فادعى كل واحد منهما أنه له وعجز عن إقامة البينة أو أقامها وكانت متكافئة فإنه يحكم للزوجة بما من شأنه أن يختص بالنساء وللزوج بباقي المتاع. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1422(12/5619)
متى تجازالهبة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لأحد أقاربي أن يخصني بامتلاك أمواله بعد موته؟ وما هو مفهوم الهبة، علماً بأنه له أخا إلا أنه وكلني بمباشرة المال على أنه هدية من عنده؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المراد أن قريبك المذكور سيهب لك شيئاً من المال معلقاً ذلك على موته، كأن يقول: إن مت فلك كذا من المال، فهذه وصية. وللرجل أن يوصي بشيء من ماله لا يزيد عن الثلث لغير وارثه.
ففي الصحيحين من حديث سعد بن وقاص رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أوصي بمالي كله؟ قال: "لا". قلت: فالشطر؟ قال: "لا". قلت: الثلث. قال: "فالثلث، والثلث كثير، إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس".
فإن زادت الوصية عن الثلث أو كانت لأحد الورثة، فهي موقوفة على إجازة الورثة. لحديث: "إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث" رواه الترمذي والدارقطني وزاد: "إلا إن يشاء الورثة" قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام: إسناده حسن. وقال في الفتح: رجاله ثقات لكنه معلول فقد قيل: إن عطاء الذي رواه عن ابن عباس هو الخراساني وهو لم يسمع من ابن عباس. أهـ.
وقد أخذ بهذا الحديث جمهور أهل العلم، فأمضوا الوصية للوارث، وبما زاد عن الثلث إذا أجاز الورثة ذلك.
وإن كان قد وهبه لك في صحة منه ومُضي تصرفٍ، وحزته فهو لك، رضي الورثة أو أبوا، فالحاصل أن الهبة: ما يعطيه الإنسان لغيره في حياته، ويشترط لإمضائها أن يكون الواهب قد وهبها في صحة منه ومُضي تصرفٍ بأن كان رشيداً عاقلاً ليس مريضاً مرضاً مضنياً، كما يشترط في استمرارها أن يحوزها الموهوب له قبل موت الواهب أو إفلاسه، فإن مات أو أفلس قبل حوز الموهوب له للهبة ردت إلى الورثة في الموت، وإلى الغرماء في الفلس. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5620)
الوصية والهبة للقريب بين النفاذ وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لأحد أقاربي أن يخصني بامتلاك أمواله بعد موته وما هو مفهوم الهبة، علما بأن له أخا إلا أنه وكلني بمباشرة المال على أنه هدية من عنده؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المراد أن قريبك المذكور سيهب لك شيئاً من المال معلقاً ذلك على موته، كأن يقول: إن مت فلك كذا من المال، فهذه وصية. وللرجل أن يوصي بشيء من ماله لا يزيد عن الثلث لغير وارثه. ففي الصحيحين من حديث سعد بن وقاص رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أوصي بمالي كله؟ قال: "لا". قلت: فالشطر؟ قال: "لا". قلت: الثلث. قال: "فالثلث، والثلث كثير. إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس".
فإن زادت الوصية عن الثلث أو كانت لأحد الورثة، فهي موقوفة على إجازة الورثة. لحديث: "إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث" رواه الترمذي والدارقطني وزاد: "إلا إن يشاء الورثة" قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام: إسناده حسن. وقال في الفتح: رجاله ثقات لكنه معلول، فقد قيل: إن عطاء الذي رواه عن ابن عباس هو الخراساني وهو لم يسمع من ابن عباس. أهـ. وقد أخذ بهذا الحديث جمهور أهل العلم، فأمضوا الوصية للوارث، وبما زاد عن الثلث إذا أجاز الورثة ذلك. وإن كان قد وهبه لك في صحة منه ومُضي تصرفٍ، وحزته فهو لك، رضي الورثة أو أبوا، فالحاصل أن الهبة: ما يعطيه الإنسان لغيره في حياته، ويشترط لإمضائها أن يكون الواهب قد وهبها في صحة منه ومُضي تصرفٍ بأن كان رشيداً عاقلاً ليس مريضاً مرضاً مضنياً، كما يشترط في استمرارها أن يحوزها الموهوب له قبل موت الواهب أو إفلاسه، فإن مات أو أفلس قبل حوز الموهوب له للهبة ردت إلى الورثة في الموت، وإلى الغرماء في الفلس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5621)
لا وصية لوارث
[السُّؤَالُ]
ـ[شرعاً هل يستطيع المسلم أن يتحكم بماله قبل الوفاة (مثلاً بكتابته لزوجته) مع وجود ورثة شرعيين بعد وفاته وماهي النسبة الشرعية لذلك إن كان هناك تحديد لذلك، وهل التحديد بالثلث مقتصر على الوصية؟ أفيدونا جزاكم الله خيراًً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا وصية لوارث" [رواه الدارقطني وهو صحيح] . وعليه فليس لهذا الرجل أن يوصي لزوجته بشيء يخصها لأنها من الورثة فإن أوصى لها بشيء آل الأمر إلى بقية الورثة فإن أجازوا فلها وإلا فلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5622)
الوصية للوارث موقوفة على إجازة الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ابنة من ضمن 6 بنات و 3 أولاد قد توفي والدي منذ 3 سنوات، وقبل وفاتة كتب وصية يوصي فيها بثلاثة أرباع أملاكة إلى إثنين من اولاده علماً بأنة قبل وفاتة كان مريضاً لدرجة نسيانه وعدم تعرفه على أبنائه. وعندما طالب باقى الأبناء بأداء الفريضة في التركة أبرز أحد الأخوين هذه الوصية وأقر أن الفريضة تتم على الربع الباقي من الاملأك.. فاعترض باقى الأبناء استنادا على أنه لا وصية لوارث ... علماً بأن هذا الأب كان يعلن عن هذة الوصية قبل وفاته. ويتعلل هذا الأخ الموصى له بأنه عاهد أباة بأن ينفذ هذه الوصية. فما حكم الشرع فى هذة القضية؟ ولكم منا جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 1 -فإن الوصية لغير الوارث بالثلث فما دونه جائزة بالإجماع، ولا يفتقر إلى إجازة، وأما للوارث فجائزة، ولكنها موقوفة على إجازة الورثة، فإن كان جميع الورثة راضين وقالوا بأنا نرضى بهذه الوصية فهي جائزة أيضاً، أما إذا رفضوا الوصية فلا تصح، ولا تنفّذ بحال، قليلة أو كثيرة، ولا يجوز للموصى له أن يأخذ شيئاً من هذا المال دون إذن بقية الورثة. 2 -فلو نفذ شئ من قبل أحد الورثة ولكن لم يعلم بذلك الباقون، فهذا التنفيذ باطل، ويجب رد المال ويقسم على الورثة حسب الاستحقاق، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5623)
لا يجوز أن يعطى الوالد بعض أولاده ويمنع بعضهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز كتابه بيت أبي باسمي وبرضى أبي ولكن دون علم باقي اخوتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
... الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه محمد وآله وصحبه ومن والاه وبعد: إذا كان قصدك أن أباك سيجعل لك بيته دون بقية بنيه فهذا لا يجوز لأنه سيؤدي إلى عقوق بقية الأولاد فقد روى البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير أن أباه: بشيرا وهبه هبة فذهب ليشهد النبي صلى الله عليه وسلم عليها فقال: أكل ولدك نحلت مثله؟ قال: لا قال: وارجعه، وفي رواية: فأشهد على هذا غيرى ثم قال: أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواءً؟ قال بلى قال فلا إذا. والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5624)
إعطاء بعض الأولاد دون بعض حيف وجور
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة اخوات لنا 4 اخوان رجال , والدنا رجل ميسور , حرمنا من معظم الارث بأن قام بنقل معظم املاكه الى ملكية ابنائه , فهل ما قام به ابونا جائز شرعا ? وان لم يكن جائزا فهل لنا الحق في ان نطالبه بحقوقنا ونواجهه بدلك علما انه مريض ونحن نخشى ان واجهناه ان نتسبب في زيادة مرضه؟ افتونا في امرنا هدا وجزاكم الله خير الجزاء والسلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: ...
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:" إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أكل ولدك نحلته مثل هذا" فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فارجعه" وفي رواية: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أفعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا، قال:"اتقوا الله واعدلوا في أولادكم" فرجع أبي، فرد تلك الصدقة. وفي رواية: قال:"يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ " قال: نعم، قال:"أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال:"فلا تشهدني إذا، فإني لا أشهد على جور" فعلى والدكن أن يتوب ويرجع عما فعل، كما فعل بشير الصحابي الجليل لأن ذلك جور يجب أن يرجع ويرد، أو يعطي لكل واحدة منكن، مثله، والرجوع إلى الحق فضيلة. وعليكن أن تبلغنه بالحسنى أو توسطن من يقوم بإبلاغه والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5625)
الجائزة: تعريفها وأنواعها
[السُّؤَالُ]
ـ[مامعنى الجائزة في اللغة وفي الاصطلاح الشرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجائزة في اللغة: العطية، يقال: أجازه أي: أعطاه جائزة، والجمع جوائز. وأصلها أن أميراً واقف عدواً وبينهما نهر، فقال: من جاز هذا النهر له كذا، فكلما جاز منهم واحد أخذ جائزة، قاله صاحب اللسان.
ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم".متفق عليه.
وأما في الاصطلاح: فهي لا تخرج عن المعنى اللغوي، ويختلف حكمها باختلاف موطنها، فمنها ما هو مندوب، ومنها ما هو مباح. ومنها ما هو محرم.
فمن الجوائز المندوبة: جائزة الضيف، كما في الحديث: "الضيافة ثالثة أيام وجائزته يوم وليلة وما زاد فهو صدقة". أي يضاف ثلاثة أيام، ثم يعطى ما يجوز به مسافة يوم وليلة، وهي قدر ما يجوز به المسافر من منهل إلى منهل، فما كان بعد ذلك فهو صدقة ومعروف.
ومن الجوائز: جائزة السلطان، وجائزة السباق، ولمزيد من التفصيل في ذلك يمكنك الرجوع إلى الموسوعة الفقهية الكويتية مادة "جائزة" والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5626)
العدل بين الأبناء واجب في العطايا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله إذا كان الوالد يملك شقة تمليك ويريد أن يكتبها بيعا وشراء لأحد ولديه علما بأنه وفر للأبن الآخر شقه تأجير مناسبة، فهل هذا يجوز شرعا أم يعتبر تغييراً في طريقة توزيع الإرث أو ما سيصبح إرثاً. وشكرا أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: يجب على الوالد أن يعدل بين أولاده في العطيات والهدايا ونحو ذلك لما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير لما جاءه ليشهده على موهبة وهبها لابنه النعمان. قال له: "يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال نعم فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال لا فقال: فلا تشهدني إذاً فإني لا أشهد على جور". وفي رواية أنه قال له: "أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال بلى قال: فلا إذا". فعلى هذا الوالد أن يملك كلا من ابنيه أو بنيه شقة إن استطاع وإن لم يستطيع ذلك فلا يعط لأحد منهم شيئاً دون الآخر. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5627)
الفرق بين الوصية والهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم أحييكم على هذا البرنامج السؤال: ما الفرق بين الوصية والهبة؟ ... شكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد: ... فالفرق بين الهبة والوصية يتضح فيما يلي: 1. الهبة ما يدفعه الواهب إلى الموهوب له في حياته ويصير للموهوب له كامل التصرف فيه بشرط أن يحوزه الموهوب له (يقبضه) قبل موت الواهب أو إفلاسه، فإن مات الواهب أو أفلس قبل الحوز فالهبة مردودة إلا إذا كان الموهوب له جد في طلبها ومنعه الواهب. 2. أما الوصية فلا تنفذ إلاّ بعد موت الموصي، وتصير ملكاً للموصى له بمجرد الموت. 3. لا تجوز الوصية إلاّ بمقدار الثلث أو أقل، ويجوز أن يهب المرء كامل ما يملك. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/5628)
يجوز هبة ثواب ما يقرأ من القرآن للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قراءة القرآن ووهبها إلى أمي المتوفاة؟
هل يجوز قراءة القرآن الكريم دون لبس ملابس الصلاة؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإنه يجوز قراءة القرآن وأن يوهب ثوابها للمتوفى، لأن القارئ له أن يجعل أجر قراءته لمن يشاء وهو مذهب الحنابلة والشافعية وغيرهما. ولا حرج في قراءة القرآن دون لبس ملابس الصلاة، فإنه لم يكن يحجز النبيَّ صلى الله عليه وسلم شيء عن قراءة القرآن سوى الجنابة، كما صح ذلك في الحديث. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1422(12/5629)
إحدى عينيه ضعيفة فهل له دفع رشوة لاستخراج رخصة سياقة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بامتحان السياقة ـ وقد اجتزت قبل هذا امتحاني سياقة وبنجاح ولم يهتموا لعيني ـ واجتزته بنجاح وأنا أسوق جيدا، لكن عندي عين لا أرى بها جيدا فمنعوني جواز السياقة حتى أثبت طبيا أن نظري فوق المستوى المطلوب طبعا، وأنا لا أرى بعيني جيدا وهي إلى عدم الرؤية أقرب، والأخرى ـ والحمد لله ـ عشرة على عشرة والذي منعني الجواز يعلم أنني أسوق جيدا، إلا أنه طلب مني رشوة حتى يعطيني الجواز الجديد والاثنين الآخرين المحجوزين؟ فهل أعطيه إياها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت القوانين واللوائح المتعلقة باستخراج جواز القيادة، تنص على كون كل من العينين سليمة، فلا تجوز مخالفتها، لأن هذه المعايير إنما وضعت للمصلحة العامة والخاصة، مصلحة الناس ومصلحة السائق، وأشد من ذلك بذل المال في سبيل المخالفة والاحتيال على القانون، وما يبذله الشخص من مال في هذا السبيل يعد رشوة محرمة من الراشي والمرتشي.
أما إن كان المعتبر لاستخراج الجواز هو الرؤيا الجيدة ولو بعين واحدة، وإنما امتنع الموظف المختص من إعطائك الجواز ليجبرك على الرشوة، فحينئذ يجوز لك إعطاؤه إياها إن لم تجد طريقا غيرها، ويكون الإثم عليه دونك.
وانظر الفتويين رقم: 1713، ورقم: 2487.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(12/5630)
حكم دفع رشوة للحصول على سكن منع منه ظلما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب من الجزائر متزوج وأب لطفل أستأجر مسكنا منذ أن تزوجت بتاريخ 21-06-2007 بقيمة 8000 دج ودخلي الشهري هو: 20200 دج وليس لدي مسكن، حيث يتم في ولايتي تقسيم السكنات الاجتماعية علي حساب المحسوبية وأصحاب النفوذ وعائلات أصحاب القرار وفئة قليلة من أصحاب الحقوق، فطلب مني أحد المسؤولين مبلغا من المال حتي يمنحوني مسكنا، علما بأنني بحاجة لسكن يأويني وعائلتي ودخلي محدود ولا أملك سكنا، فهل هي رشوة؟ وهل يجوز إعطاؤها للمسؤول ليمنحني سكنا؟.
أدامكم الله في خدمة الدين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت مستحقاً لهذا المسكن بأن انطبقت عليك الشروط التي حددتها الجهة المسؤولة عن الإسكان، وإنما لم تمنح مسكناً بسبب ظلم المسؤولين ونحو ذلك، فلا حرج عليك في دفع الرشوة إلى المسؤولين للوصول إلى حقك ويكون الإثم عليهم دونك، شريطة أن لا يكون في ذلك ضرر على أحد من أخذ حقه أو التقدم على دوره في الإسكان ونحو ذلك، وراجع للمزيد من الفائدة الفتويين رقم: 54936، ورقم: 109350.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1430(12/5631)
حكم دفع رشوة لاستخراج جواز سفر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في العراق إذا أراد شخص أن يحصل أو يستخرج جواز سفر ـ باسبورت ـ بصورة قانونية يحتاج إلى مدة قد تصل إلى سنة كاملة ـ 12 شهرا ـ لكي يحصل عليه، ولكن إذا دفع رشوة أو عمولة إلى بعض الموظفين فإنه يحصل عليه في مدة أسبوع أو أسبوعين، والسؤال: أنا أنوي الحج أو العمرة، فهل لي أن أدفع رشوة كي أحصل على جواز سفر يمكنني من إتمام الحج والعمرة؟ أي السفر إلى السعودية بهذا الجواز الذي دفعت رشوة كي أحصل عليه، وهل تكون هذه العمرة أو هذا الحج مقبولا وصحيحا وكاملا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الرشوة محرمة، فقد روى الإمام أحمد والأربعة، وحسنه الترمذي من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: لعن رسول الله الراشي والمرتشي في الحكم. وأخرج الطبراني بسند جيد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: الراشي والمرتشي في النار.
ودافع المال وآخذه سواء في الذنب والعقوبة، لكن إذا كان سبب التأخير هو مماطلة الموظفين، وليس فعل الإجراءات الصحيحة اللازمة، فحينئذ يجوز دفع الرشوة ويكون الإثم على الموظفين المماطلين، وفي كل الأحوال الحج صحيح، وإن كان قد يحصل إثم دفع الرشوة على الحاج في الحالة التي لا يجوز فيها دفع الرشوة لاستخراج الجواز.
وانظر للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 62414، 43875، 114973.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1430(12/5632)
حكم العمولة للموظف من الجهة التي اختارها للتعاقد مع شركته
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا: أنا محاسب في شركة استثمار عقاري، وطلب مني المدير البحث عن سمسار لبيع الأرض، وعندما ذهبت لأحدهم أبلغني أن لي نصيبا إذا تم الموضوع من خلاله، لأنني أنا الذي أحضرته - جلس السمسار مع المدير وتم تحديد نسبة العمولة بين السمسار والمدير بدون أي تدخل مني في النسبة، وقبل أي اتفاقات جادة بيني وبين السمسار - بعدها جلست أنا والسمسار وحررنا عقدا بما اتفقنا عليه في بداية الأمر أنا والسمسار، والآن يوجد عرض جدي لبيع الأرض. فهل هذه العمولة التي سآخذها من السمسار حلال؟ وهل يجب علي إبلاغ المدير؟ علما بأن مسألة إبلاغه تمثل عائقا لأنه أجنبي. أرجو منكم الإفادة وسرعة الرد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان البحث عن سمسار من عملك المكلف به فلا يجوز لك أخذ العمولة من السمسار؛ لأنها حينئذ من هدايا العمال التي ثبت النهي عنها، ففي الصحيحين عن أبي حميد الساعدي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا!! والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه. الحديث.
فهذه العمولة لا تجوز إلا إذا أذن صاحب العمل أو المدير المخول بالإذن فيها. ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 28968، 78478، 110044، 115072.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1430(12/5633)
حكم دفع رشوة للحصول على مشاريع يتم التنافس عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف بشركة وأقوم بدراسة المناقصات، وصاحب العمل يطلب مني كتابة قيمة الرشوة المراد إعطاؤها عند رسو المناقصة على الشركة، وفي بعض الأحيان يقوم صاحب العمل بإحضارعروض ـ أسعارـ المنافسين قبل ترسية المناقصة وأقوم بدراستها وإخراج المنافسين وإعطاء التوصيات بشأن كل شركة حتى تكون بشكل رسمي، وأنا تعبان من هذه الحالة ولا أريد الاستمرار بها، وعقدي مع الشركة ينتهي ـ إن شاء الله ـ في شهر 2 القادم، فهل أقدم على تغيير مسمى الوظيفة من مهندس ميداني وأبقى بنفس الشركة، مع أن أغلب مشاريعها عن طريق الرشاوي؟ أم أقدم استقالتي الآن؟ أم أبقى إلى نهاية عقدي؟.
وجزاكم الله كل خير عني وعن جميع المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرشوة محرمة لا يجوز دفعها ولا الإعانة على دفعها بأي وجه من الوجوه، والرشوة هي ما يعطى للتوصل إلى إبطال حق، أو إحقاق باطل.
أما ما يعطى لدفع ظلم أو ضرر أو للوصول إلى حق تعين طريقا للوصول إليه فلا حرج في ذلك، فإذا كان القصد أنكم تدخلون في المنافسة مع مجموعة من الشركاء وأنكم تدفعون رشاوى لتفوزوا بالمشاريع التي تتنافس عليها الشركات، فالجواب أنكم إذا كنتم لا تستطيعون الحصول على المنافسة إلا بالرشوة وكنتم أحق بها من غيركم جاز لكم دفع الرشوة، ويكون الإثم على الآخذ دون المعطي.
أما التحايل لإخراج المنافسين من المناقصة فلا يجوز، فالواجب ترك المناقصة للمنافسة.
وبناء على التفصيل المتقدم لا يجوز لك الاستمرار في هذا العمل إذا كان في عملك مباشرة أو إعانة على الحرام كالرشوة المحرمة والتحايل على الشركة في المناقصات، أما إن كان يمكنك الاستمرار في الشركة مع البعد عن ممارسة المحرمات أوالإعانة عليها فيجوز لك البقاء في الشركة ـ وإن كان العمل في شركة خالية من المخالفات الشرعية أولى ـ ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 79518، 93958، 95933، 114136، 117235.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1430(12/5634)
لا بأس بدفع رشوة في حال غلبة الظن باستحقاق الوظيفة وعدم التكمن منها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سبق لي أن طرحت سؤالا برقم: 2241713، وتمت إجابتي بأن أحلتموني إلى أسئلة مشابهة سبقت الإجابة عليها، ووجدت في إجابتكم الجواز لكن بقيود، حيث قولكم في المسألة رقم: 11046
فإن كانت الوظيفة مباحة، وكنت على يقين من أحقيتك بهذه الوظيفة، وليس غيرك أولى بها، فلا بأس أن تعطي مالاً إذا لم تُمَكَّن منها إلا بذلك.
والوظيفة التي أطلبها مباحة ويغلب على ظني أني أستحقها، لكن يختلط علي الأمرفي معرفة أني الأحق بها وأني لن أضيع من هو أحق مني ـ إن وجد ـ وأنه ربما تكون هناك فرص ضئيلة جدا لبلوغ هذه الوظيفة دون إعطاء المال، فما العمل؟.
أفيدونا أكرمكم الله وأعزكم وجزاكم عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبذل المال للحصول على الوظيفة من الرشوة لا يجوز إلا إذا كانت الوظيفة مستحقة لباذل المال بأن كان هو الأولى بها ولم يستطع الوصول إليها إلا بذلك، ويكفي في ذلك غلبة الظن، كما قال العلوى في مراقيه: بغالب الظن يدور المعتبر.
فإن غلب على ظنك استحقاقك لتلك الوظيفة وعدم وجود من هو أولى بها منك ممن تقدم إليها أو يغلب على الظن تقدمه إليها، فلا حرج عليك حينئذ في بذل المال للوصول إلى تلك الوظيفة إن لم تستطع الوصول إليها إلا بتلك الوسيلة، ويكون الإثم على من أخذها لا عليك، لأن الرشوة هي ما يُدفع لإبطال حق أو إحقاق باطل، قال صاحب تحفة الأحوذي بشرح الترمذي: فأما ما يعطى توصلا إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه.
روي أن ابن مسعود أُخذ بأرض الحبشة في شيء، فأَعطى دينارين حتى خلِّي سبيله.
وروي عن جماعة من أئمة التابعين، قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم.
. وفي المرقاة شرح المشكاة: قيل: الرشوة ما يعطى لإبطال حق أو لإحقاق باطل، أما إذا أعطى ليتوصل به إلى حق أو ليدفع به عن نفسه فلا بأس به.
وللفائدة انظر الفتويين رقم: 14208، ورقم: 61187.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1430(12/5635)
وسيلة التحلل من الرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مندوبا لدى شركة عقارات ولديها قطعة أرض وبها بعض الحفريات، وقبل استلامي للعمل بالشركة كان المقاول القائم بالحفريات يقوم بعمل المستخلص لنفسه وصرفه من الشركة دون مراقب لمدة عام، وتم تعييني بهذه الوظيفة وإعطائي مبلغا من المال لكي يساعدني على الزواج، فقمت بالاتصال بمديري المباشر وأخبرته عن المبلغ، وبعد ذلك كنت أتلقى بعض المبالغ المالية من هذا المقاول على سبيل المساعدة ولم أبلغ مديري عن هذه المبالغ ـ رغم علمي بأن ما أفعله يحوطه بعض الشبهات ـ وذلك مقابل بعض التسهيلات في المستخلص، مع العلم أن قيمة الأعمال التي يقوم بها المقاول من حيث الثمن بنصف أسعار السوق ويقوم بأعمال أخرى لم يتم الاتفاق عليها في العقد بينه وبين الشركة وحجم هذه الأعمال كبير وله الحق في أن يطالب بالمقابل المادي لهذه الأعمال، ولكنه لا يفعل نظير التسهيلات التي أقوم بها في المستخلص، مع العلم بأن هذه التسهيلات أقل من حجم الأعمال ـ نوعا ما ـ من وجهة نظري، والسؤال: ما هو الطريق الصحيح الواجب أن أتبعه؟ وما حكم المبالغ التي أخذتها؟ وإن كانت بها شبهة، فما هو طريق التكفير عنها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للعامل أن يأخذ هدية على عمله الواجب ما لم يأذن له من هو مخول بالإذن في الجهة التي يعمل بها بأخذ تلك الهدايا والهبات، لأنها من جنس هدايا العمال التي هي غلول ولا يجوز قبولها وأخذها إلا بإذن جهة العمل، لقوله صلى الله عليه وسلم: من استعملناه على عمل فليأت بقليله وكثيره، فما أوتي منه أخذه، وما نهي عنه انتهى. رواه أبو داوود.
وقال لرجل كان عاملا على الزكاة وقد أهديت له هدية: ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟ والذي نفس محمد بيده؛ لا ينال أحد منكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه. رواه البخاري ومسلم.
وللفائدة انظر الفتويين رقم: 17863، ورقم: 111784.
وللتحلل من ذلك يجب إخبار المسؤول المخول بالإذن في الجهة التي تعمل بها، فإن أبرأك منها وسامحك فيها فبها ونعمت وإلا رددتها إلى جهة العمل.
وأما كون المقاول يتغاضى عن بعض أجره لجهة عملك ونحو ذلك فلا يبيح لك أن تأخذ منه هدية أوغيرها كي تحابيه في العمل ونحوه.
ويشكر لك يقظة الضمير وإحساس النفس اللوامة بما أقدمت عليه واستجابتك لذلك الداعي الإيماني المتقد بين جوانحك لتتوب إلى الله تعالى وتتبصر في أمور دينك وتحاسب نفسك قبل محاسبتها، وقد كان عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يقول: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتزينوا ليوم العرض الأكبر: ثم يتلو قول الله تعالى: يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ {الحاقة:18} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1430(12/5636)
حكم الهدية لأجل التأثير على العامل ومحاباته للطرف الثاني
[السُّؤَالُ]
ـ[طرف أول: مهندس يعمل بشركة مقاولات (مقاول رئيسي)
طرف ثاني: مقاول باطن يعمل بجزء من الأعمال. وقد وافق على عمله الطرف الأول.
السؤال: هل يجوز أن يعطى الطرف الأول مبلغا من المال كهدية من الطرف الثاني بعد إنجاز الأعمال وحساب المكسب لهذا الجزء من الأعمال؟ علما بأن الطرف الأول لم يطلب أي مبلغ من الطرف الثاني، وقد أودع المال في حساب الطرف الأول من الطرف الثاني دون أن يعلم، إلا بعد أن أودع المبلغ. هل تعتبر هذه رشوه أم هدية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذة تعتبر رشوة بينة إذ يقصد بها التأثير على المهندس واستمالته، فلا يجوز دفعها ولا قبولها لما ثبت عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الراشي والمرتشي. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
كما أن المهندس المذكور يعمل في شركة وما أهدي إليه لأجل عمله فهو من هدايا العمال وفيها يقول صلى الله عليه وسلم: هدايا العمال غلول. صححه الألباني. وقال لرجل كان عاملا على الزكاة وقد أهديت له هدية: ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟ والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه. رواه البخاري ومسلم.
فليس له أخذها إلا إذا أذنت له جهة عمله في ذلك.
مع أن الظاهر مما ذكر كون تلك الهدية لأجل التأثير على العامل ومحاباته للطرف الثاني وكسب وده فهي رشوة لا يجوز للمهندس قبولها ولا دفعها له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1430(12/5637)
حكم الهدية للموظف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف في مؤسسة حكومية قمت بمساعدة صديق زميلي وأنجزت له معاملته، كما أنجز معاملة أي شخص آخر، إلا أني استقبلته برحابة صدر، وذلك لأجل زميلي، فقام بإهدائي مسبحة من العاج دون أن أطلب منه ذلك ودون أن يكون هذا غاية في نفسي، فهل يجوز لي قبول هذه المسبحة؟.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أهدي للموظف لأجل عمله هو من هدايا العمال، ولا يجوز له أخذه إلا إذا أذنت له في ذلك جهة عمله، لقوله صلى الله عليه وسلم: هدايا العمال غلول. صححه الألباني.
وقال لرجل كان عاملا على الزكاة وقد أهديت له هدية: ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟ والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه. رواه البخاري ومسلم.
فلم يستفصل منه عن الهدية، هل كانت لبشاشته ورحابة صدره؟ أم لكونه عاملا على تلك المسؤولية؟ لأنه لم يهد إلا لذلك، لكن لو كانت من صديقه أو ممن تعوَّد أن يهدي إليه هدية قبل عمله فله أخذها لضعف التهمة حينئذ وإلا فلا.
وانظر الفتاوى التالية أرقمها: 17863، 34768، 60670.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1430(12/5638)
يعمل بشهادة حصل عليها برشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب ماجستير في القانون، ولدي مشكلة أنني في شهادة الثانوية قمت بتقديم رشوة مالية حتى أحصل عليها، علما بأن الجميع يفعل ذلك في بلدي وذلك لعدم وجود عدالة عند تصحيح الأوراق، والشهادة هي مصدر رزقي لا أدري ما أفعل هل أترك الوظيفة العامة وهي مصدر رزقي علما بأن مستواي العلمي جيد، وأنا أحضر الماجستير خارج بلدي، ويمكن أن أكون أستاذا جامعيا قريبا؟ هل أستمر في عملي؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في استمرارك في العمل الذي تعمل فيه إذا كانت مهاراتك وكفاءتك تؤهلك لتولي هذا العمل. أما الرشوة التي قمت بدفعها فإذا كنت قد دفعتها لتحصل على ما ليس من حقك، فإنك تكون مخطئا بذلك ولكن ذلك لا يمنعك من الاستمرار في عملك، وعليك أن تتوب إلى الله مما فعلته، وإن كان الأمر -كما ذكرت في سؤالك- وقمت بدفع هذه الرشوة لتحصل على حقك لا أكثر فلا إثم عليك في ذلك، فإن الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه، أو لدفع ظلم عنه أو ضرر، جائزة عند جمهور العلماء، ويكون الإثم على المرتشي دون الراشي.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 8045، 118696، 121462.
وراجع للأهمية الفتوى رقم: 50312.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1430(12/5639)
من صور التحايل على الرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: أنا أعمل في شركة كشريك بنسبة متفق عليها ولي خمسة شركاء، وظيفتي في الشركة مدير الصيانة. وهذا العمل هو ما أتقنه وما يتوافق مع شهادتي.
عملنا يتطلب الكثير من العلاقات، وقبل فترة أتانا رجل مسؤول عن أحد المناطق وقدم لنا عرضا وهو أنه سوف ـ يعمدنا ـ بكثير من البنود بشرط أن نخرج له نسبة، وهذه النسبة لن تضر بنسبة ربحي، لأنني سوف أحسب نسبة ربحي ثم أزيد عليها نسبته ثم أتقدم بعرض السعر وهو بدوره سوف يوافق عليه، علما بأنني أتقدم ببضاعة وبسعر لا غبار عليهما.
وبما أن الرجل المسؤول هو صاحب السلطة المطلقة بقبول أورفض العروض، إذا إما أن أوافق أو لن أحصل على ـ تعميد ـ من هذه المنطقة أبدا، لأن هذا المسؤول سوف يذهب إلى غيري ويعقد معه الاتفاق، بل وسوف يعاملني بكره، لأنه كشف نفسه أمامي.
وللأسف الشديد ـ وبدون مبالغة ـ هذا حال أكثر من 50% من السوق.
أفيدوني جزاكم الله خيرا، كيف أتصرف؟ علما بأنني لست صاحب القرار بوقف نوع معين من العمل أو سيره.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك قبول تلك المعاملة والدخول فيها، لأنها من التعاون على الإثم والعدوان المنهي عنه، فالرجل إنما هو وكيل عن الجهة التي انتدبته لشراء البضاعة، وسيوحي إليها بأنه اشتراها بما ستعرضه أنت من سعر والحقيقة أن ذلك السعر قد تضمن العمولة أو الهدية التي تريد رشوته بها، وليس هو الثمن الحقيقي للبضاعة وهو ضامن لتلك الزيادة، جاء في دليل الطالب: فصل وإن باع الوكيل بأنقص من ثمن المثل أو عن ما قدر له موكله أو اشترى بأزيد أو بأكثر مما قدره له صح وضمن في البيع كل النقص، وفي الشراء كل الزائد. اهـ
ولا تجوز إعانته على خيانته واعتدائه، قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} . وقال: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188} . وفي الحديث: من غشنا فليس منا. رواه مسلم.
كما أنه رشوة محرمة لذلك الرجل، وفي الحديث عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الراشي والمرتشي. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
ولو أنه أهدي إليه شيء أو تمت محاباته في السعر فعليه أن يؤدي ذلك إلى جهة عمله، لأنه مجرد وكيل عنها ولا يملك شيئا مما أعطي له.
وبناء عليه، فلا يجوز لك الدخول في تلك المعاملة ولو سخط عليك ذلك الرجل، فسخط الله أولى بالاجتناب، فقد ثبت في صحيح ابن حبان بإسناد صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من التمس رضى الله سبحانه بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1430(12/5640)
إذا توقف قضاء المصلحة على الرشوة فالإثم على المرتشي دون الراشي
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض المصالح الحكومية في مصر يطلب بعض الموظفين مالاً ـ هدايا ـ لقضاء المصالح، وإذا رفض ذلك تعطلت المصالح، فهل يجوز إعطاؤهم عند الحاجة والضرورة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه أو لدفع ظلم عنه أو ضرر جائزة عند جمهور العلماء إذا لم يمكن دفع الظلم بدونها، وفي هذه الحال يكون الإثم على المرتشي دون الراشي، وانظر إلى الفتويين رقم: 17929، 111089.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1430(12/5641)
هذه رشوة محرمة لا شك فيها وإن سميت هدية
[السُّؤَالُ]
ـ[مورد للشركة التي أعمل بها وله مستحقات لدينا: عبارة عن فواتير من شهر 1 إلى 4، ونظرا لظروف السوق لم أتمكن من تجهيز مستحقاتة، وعرض علي المورد أن يعطيني 4000 مقابل أن أعطيه المبالغ المستحقة علينا وقال لي أنا أعرف ظروفك وتقبلها مني كهدية أومساعدة، وبالفعل وقعت جميع الشيكات المستحقة له ولكني أحببت أن أختبره، هل هذه رشوة أو مساعدة؟ فقلت له سوف أعطيك فقط مستحقات من 1 إلى 3 ـ رغم أنني وقعت فواتير شهر 4ـ وسوف أضع تواريخ الشيكات التي أراها مناسبة لظروف شركتي وسوف أتصل بك لإيقاف أي شيك إذا ظهرت أي مشكلة عندي في حساب البنك، ووافق على كل شروطي، فهذا المورد دفع المال لي كهدية أو مساعدة أو محبة لي، وذلك للوصول إلى أمر مستحق له وهو الحصول على أمواله التي تأخرنا في دفعها له، فهل هذه تعتبر رشوة؟ لأنه كان من الممكن أن لا أعطيه أمواله المستحقة علينا في هذا الوقت وأنتظر حتى يتحسن وضع الشركة التي أعمل بها، ولكن إذا تأخرت في السداد له ربما يوقف علينا توريد البضاعة للشركة التي أعمل بها.
الخلاصة:1-هذه الأموال حق له ومستحقة له وسوف يأخذها الآن أو في أى وقت آخر.
2- هل المبلغ الذي عرضه علي ليأخذ حقه وهو في حاجة إليه، حرام أم حلال؟.
3- المورد وافق على كل شروطي حتى لا أضر الشركة التي أعمل بها، وذلك بإيقاف الشيكات وبذلك لا يخصم قيمة الشيك من حسابنا في البنك، هل يعتبر ذلك رشوة أو مساعدة منه لي؟ وخصوصا أنه يعرف ظروفي التي أمر بها واستقبالي لمولود جديد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه رشوة، ومما لا شك فيه أن الرشوة من كبائر الذنوب، ملعون صاحبها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم: فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي.رواه أحمد وأبو داود، وهو عند الترمذي بزيادة: في الحكم. وقال: حديث حسن صحيح. وفي رواية: والرائش. وهو الساعي بينهما. وقال تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ {المائدة:42} . قال الحسن، وسعيد بن جبير هو: الرشوة. وقال تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة: 188} .
إذاً فدفع الرشوة حرام، وقبولها حرام، وهذا في الرشوة التي يتوصل بها صاحبها إلى ما ليس له، وأما الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه، أو لدفع ظلم عنه أو ضرر، فإنها جائزة عند الجمهور، ويكون الإثم فيها على المرتشي دون الراشي.
قال ابن الأثير: فأما ما يُعطى توصلاً إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه، روي أن ابن مسعود أُخذ بأرض الحبشة في شيء فأعطى دينارين حتى خُلي سبيله، ورُوي عن جماعة من أئمة التابعين أنهم قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله، إذا خاف الظلم. انتهى.
إذن فالإثم هنا عليك إن قبلت تلك الرشوة وصاحب الحق معذور إن لم يستطع الوصول إلى حقه إلا بتلك الطريقة، وعليكم أن تدفعوا إليه حقه مادمتم موسرين، وتعطيل حقه عنه ظلم، لقوله صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم. متفق عليه.
وأنت لم تفعل إلا ما يجب عليك فليس لك أخذ عوض عنه ـ هدية كانت أوغيرها ـ فاتق الله عز وجل ورد إلى صاحب الحق ما أخذت منه، وأد إليه حقه إن كنت المسؤول عنه، وإياك والظلم فإنه ظلمات يوم القيامة، وإياك وأكل الحرام فكل جسم نبت من حرام فالنار أولى به، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت. رواه أحمد وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1430(12/5642)
لا يأخذ الموظف هدايا لقيامه بعمله إلا بإذن جهة العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل بمؤسسة أجنبية بتونس مسئول بقسم لقطع الغيار، وفي أغلب الأحيان نشتري قطع الغيار من البلدان الأجنبية بأسعار باهظة، ولكن باجتهادي الخاص أتمكن من شراء بعض قطع الغيار من بلادنا ذات جودة عالية وبأسعار تعادل نصف رسوم الأجنبية، في هذه الحالة، هل يمكن أن أتمتع بمنحة تشجيع من البائع؟ مع العلم أنني أدخلت ربحا إلى المؤسسة والبائع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمنحة التشجيعية المذكورة هي من هدايا العمال، وفيها يقول صلى الله عليه وسلم: هدايا العمال غلول. صححه الألباني.
وقال لرجل كان عاملا على الزكاة وقد أهديت له هدية: ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟ والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه. رواه البخاري ومسلم.
وبناء عليه، فلا يجوز قبولها وأخذها إلا بإذن جهة العمل، لقوله صلى الله عليه وسلم: من استعملناه على عمل فليأت بقليله وكثيره، فما أوتي منه أخذه، وما نهي عنه انتهى. رواه أبو داوود.
وأما كون السائل قد حصل على عرض سعر أقل بكثير مما كانت الشركة تشتري به فذلك من عمله الواجب عليه وليس له أن يأخذ عليه منحة أوغيرها.
وللمزيد من التفصيل في الموضوع يمكن الرجوع إلى الفتويين رقم: 5794، ورقم: 62076.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1430(12/5643)
لا يجوز التحايل على القوانين الموضوعة للمصلحة العامة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متخرج من جامعة خاصة، وفي فترة الدراسة الشهادة كانت معتمدة رسميا من الدولة، وبعد التخرج صدر قرار بعدم الاعتراف بها إلا بعد إجراء امتحان شامل لكل المواد في الجامعات العامة، ولكن إجراء الامتحان موقوف نهائيا مند 5 شهور، وأنا الآن موظف في شركة وطلبوا مني الاعتماد والاعتماد موقوف وما لم أعتمد الشهادة المرتب يكون ضعيفا ومحروم من الميزات العامة مثل التعيين وغيره من الامتيازات.
السؤال: يوجد شخص يستطيع أن يخلص لي الاعتماد بتاريخ رجعي يعني من قبل 5 شهور مقابل مبلغ من المال. فهل يجوز ذلك أو لا يجوز مع أني محتاج لهذا الموضوع كل الاحتياج ولي فيه منفعة إدارية ومادية كثيرة جداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أن القوانين التي تضعها الدولة إذا كانت موضوعة لأجل المصلحة العامة فلا يجوز مخالفتها ولا دفع رشوة من أجل مخالفتها، وإن كانت هذه القوانين بعيدة عن المصلحة، وأمن الإنسان على نفسه وماله في مخالفتها فلا حرج في التحايل عليها، وإذا اضطر المرء إلى أن يدفع الرشوة ليتوصل إلى حقه أو إلى دفع الضرر عنه جاز له دفعها ويكون الإثم على المرتشي، وراجع تفصيل ذلك في الفتويين: 110672، 116029.
فإن كان القانون المذكور لا مصلحة فيه ظاهرة وإنما وضع لجباية الأموال أو ظلماً للناس فلا حرج عليك في التحايل عليه إذا أمنت وقوع الضرر عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1430(12/5644)
لا يجوز إعانة دافع رشوة للحصول على شهادة لا يستحقها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يريد مني مساعدته بمالي-عن طريق بيع ذهب- في الحصول على شهادة لغة إنجليزية، مع العلم أنه تقدم للامتحان أكثر من مرة ولم يحصل على العلامة المطلوبة وينوي تكرار المحاولة-الامتحان-ولكن يخاف أن تضيع عليه فرصة الدراسة في الخارج حتى هو متردد، ولكن ما شجعه على ذلك أن مدير المعهد الذي يعطي الشهادات هو من عرض عليه ذلك بأن خوفه من الفشل مرة أخرى وخسارة رسوم الامتحان، مع العلم أنها غالية
وأنا الآن في حيرة من أمري فقليلا ما يلجأ إلي ويطلب المساعدة، وأخاف إن رفضت إعانته أن يستلف المال من الغير ويتخذها حجة علي أني لم أعنه ولم أقف بجانبه، مع العلم أني مازلت أنصحه بأنه لا يجوز فعل ذلك
أفتوني في أمري؟
هل أكون مشتركة معه في الإثم إن أعطيته المال؟ وأرجوا النصح وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك أن زوجك يريد أن يدفع مالا لمدير المعهد ليحصل على شهادة دون دخول الامتحان أو دون أن ينجح في الامتحان، فإذا كان الأمر كذلك، فهذا الأمر غير جائز وهو غش وخداع، والمال الذي يدفعه هو رشوة يحصل بها على غير حقه فلا يجوز إعانته على ذلك، لأنه من التعاون على الإثم والعدوان، وعليك نصحه بالبعد عن هذا الأمر وسلوك الطريق المشروع للحصول على الشهادة، اللهم إلا أن يكون مستحقا لتلك الشهادة ولم يجد وسيلة إليها إلا ببذلك المال، فإنه في هذه الحالة يجوز له بذل المال لذلك، ويكون رشوة بالنسبة للآخذ لا بالنسبة له هو.
وعلى كل حال، فلا يجب عليك إعانة زوجك بمالك إلا أن تتبرعي به عن طيب نفس، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 19189. ولمعرفة حكم الدراسة بالخارج انظري الفتوى رقم: 76312.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1430(12/5645)
حكم طلب الموظف من المورد هدية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة مقاولات، في أحد المشروعات تم التعاقد مع أحد الموردين على الماكينات المطلوبة عن طريقي، وتم الاتفاق النهائي على السعر. سؤالي هو: هل يمكن أن أطلب أو أن أقبل من المورد الذي تم الاتفاق معه مبلغا ماليا أو هدية عينية؟ مع العلم أنه لم يتم ذكر أي شيء يتعلق بهذه النقطه بيني وبين المورد نهائيا حتى تم التعاقد النهائي على السعر المتفق عليه بين الطرفين, وتم الاتفاق على السعر النهائي عن طريق مدير الشركة وليس عن طريقي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لك أن تطلب من المورد هدية أوغيرها، ولو أعطاك شيئا من ذلك فلايجوز لك أخذه، إلا إذا أذنت له جهة العمل المخولة بالإذن في أخذ تلك المكافأة. لقوله صلى الله عليه وسلم: هدايا العمال غلول. صححه الألباني.
وهدايا العمال كالموظفين ونحوهم هي ما يعطون على عملهم الواجب.
وقال النبي لرجل كان عاملا على الزكاة وقد أهديت له هدية: ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟ والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه. رواه البخاري ومسلم.
وللفائدة انظر الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 28968، 3816، 8321.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1430(12/5646)
حكم قبول الرشوة بقصد إنفاقها لصالح الفقراء
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص عرضت عليه رشوة لكنه لم يأخذها.
السؤال: هذا الشخص حائر في أمره هل يأخذها ويوظفها بأكملها في مصلحة لسكان قريته علما أن هذه المنطقة في أمس الحاجة إلى مثل هذه المصالح؟ أم يبتعد عنها ولا يأخذها بتاتا؟ ماذا يقول الشرع؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليه أن لا يقبل تلك الرشوة مهما كان غرضه، لما ثبت عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الراشي والمرتشي. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
واللعن هو الطرد من رحمة الله والعياذ بالله، وهذا يدل على قبح الرشوة أخذا وإعطاء والتنفير منها. والقصد الطيب لا يبيح الوسيلة المحرمة وإلا فهل يباح للمرأة أن تزني من أجل أن تتصدق على فقير؟ أو يحل لأحد أن يسرق أو يغصب مال غيره ليتصدق به؟ ويحكى أن أبا حنيفة سأله رجل فقال له أريد أن أسرق ثم أتصدق بما سرقت، فبالسرقة تكتب علي سيئة وبالصدقة تكتب لي عشر حسنات فأنا أتاجر مع الله؟ فقال له أبو حنيفة رحمه الله: بل إذا سرقت كتبت عليك سيئة وإذا تصدقت لم تقبل منك صدقتك لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا.
وللفائدة انظر الفتوى رقم: 77999.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1430(12/5647)
حكم أخذ المقاول حصة من قيمة المشروع مقابل عن إسناده إلى الأكفأ والأصلح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمهندس المشرف على المشاريع الانشائية التابعة للدولة أن يعطي المشروع للمقاولين المقربين، أو الذين هم على صلة به وهم على كفاءة عالية لتنفيذ المشروع؟ وهل يجوز له أخذ حصة في قيمة المشروع من المقاول؟ أو يتفاهم معه على النصف مقابل أن يرسي المشروع عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمنهدس المشرف على مثل هذه المشاريع مؤتمن عليها، ولا يجوز له أن يسندها إلا للأكفأ والأصلح دون محاباة، سواء أكان من يسندها إليه قريبا أو بعيدا، وإسنادها لغير الأكفاء نوع من الخيانة والتقصير في المسؤولية لا يجوز، كما بينا في الفتويين رقم: 6257، 51401.
كما لا يجوز أخذ مقابل عن إسنادها إلى الأكفأ والأصلح، لأن هذا هو الواجب على المسؤول هو من صميم عمله، كما أن دفعها مقابل مبلغ مع ما فيه من الخيانة للمسؤولية يعتبر في هدايا العمال المنهي عنها. وللفائدة انظر الفتويين رقم: 94851، 34768.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1430(12/5648)
حكم دفع الهدايا لمسؤولي المشتريات لإتمام العقود
[السُّؤَالُ]
ـ[أفكر في إنشاء شركة توريدات تجارية تقوم فكرتها على الآتي: تقوم شركة ما بإرسال فاكس تطلب فيه عروض أسعار بعض المواد إلى عدد من شركات التوريدات. تقوم كل شركة من شركات التوريدات بإرسال عروض بأسعار المواد للشركة الطالبة. تقوم الشركة الطالبة باختيار إحدى شركات التوريدات لإتمام المعاملة التجارية وتقوم بإرسال فاكس بطلب شراء كميات محددة من كل صنف. فنفترض أن شركتي هي من وقع عليها الاختيار، فعند وصول أمر أو طلب الشراء أقوم بشراء الأصناف المطلوبة، وتوريدها بالسعر المسبق إرساله في عرض الأسعار للشركة. تقوم الشركة بفحص الأصناف، فإذا كانت مطابقه تتسلم البضاعة والتوقيع على الفاتورة ليتم السداد لاحقا. أما إذا كانت الأصناف غير مطابقة لا تقوم الشركة باستلام البضاعة ولا تتم المعاملة. فهل في ذلك شيء مع العلم أني ليست لدي بضائع، وأقوم بشراء الأصناف بناء على طلب الشراء إذا وقع الاختيار على شركتي مع الوضع فى الاعتبار إمكانية عدم إتمام الشراء من قبل الشركة لأي سبب. وفيما يتعلق بهذا فإن بعض الشركات لا تقوم بالتعامل مع الموردين إلا إذا حصل القائمون في المشتريات بها على ما يسمونه بالعمولة أو الإكرامية أو ما شابه فهل في ذلك شبهة رشوة. فعلى سبيل المثال لو كان هناك عرضان للأسعار متماثلان من شركتين وكانت إحداها تقوم بدفع عمولة فسوف يرسو عليها أمر الشراء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما إنشاء شركة للغرض المذكور فلا حرج فيه، مع التنبيه على ضرورة التزام الضوابط الشرعية في تلك المعاملات، سواء أكانت وعدا بالبيع أو سمسرة أو سلما موازيا. وللمزيد انظر الفتوى رقم: 97413، والصورة المذكورة في السؤال جائزة، إذا كان البيع لا يتم إلا بعد دخول السلعة في ملك شركة التوريدات كما ذكر. وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 9432.
وأما بخصوص دفع الشركات إكرامية لمسؤولي المشتريات وكونهم يقومون بترسية العطاء على من يدفع، فهذا لا يجوز وهو رشوة محرمة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعنة الله على الراشي والمرتشي رواه ابن ماجه وغيره وصححه الألباني، ولمزيد فائدة راجع الفتويين التاليتين: 32616، 62020.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1430(12/5649)
حكم طلب العامل في شركة من البائع نسبة من المشتريات لنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حرام إذا ذهبت لشراء مواد للشركة، وقد قمت بأخذ أرخص سعر بالسوق، ثم قلت لصاحب المحل أريد منك نسبة من هذه المشتريات، وأكدت عليه أنني أريد النسبة منه هو ليس من مال الشركة، فوافق البائع على أمل أن أشتري من عنده مرة ثانية، فأفيدوني أفادكم الله؟ وكل شكري لكم ولموقعكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تطلب من البائع نسبة من المشتريات لنفسك، إذ لا حق لك في ذلك، لأنك تقوم بهذا العمل مقابل أجر من الشركة، وإذا حصل أن دفع إليك البائع شيئاً فهو من حق الشركة، إلا أن تأذن لك في تملكه. وراجع تفصيلاً أكثر في الفتوى رقم: 78458.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1430(12/5650)
حكم دفع المال لمن يأتي بآخر سعر للمزاد
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعمل في شراء وبيع حديد الخردة، وهناك شركة ترغب في بيع خردة عن طريق مزاد، وجاء لنا شخص يعمل في الشركة، وقال لنا سآتي لكم بآخر سعر للمزاد حتى يتسنى لنا أن نضع سعرا أكثر حتى يرسي المزاد علينا، وفي المقابل طلب هذا الشخص نسبة من سعر الحديد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإخبار هذا الشخص لكم بآخر سعر للمزاد من الخيانة المحرمة، والمال المدفوع مقابل ذلك رشوة. والرشوة من كبائر الذنوب، وذلك لما رواه أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. وهو عند الترمذي بزيادة: في الحكم. وقال: حديث حسن صحيح. فطلب الرشوة حرام ودفعها حرام، وقبولها حرام، وراجع في ذلك فتوانا رقم: 111540.
فإذا وضعت الشركة التي ترغب بيع الخردة شروطاً للمزاد، وكان من هذه الشروط تقديم عروض الأسعار في ظروف مغلقة، ولم تكن المزايدة علنية، فيجب الالتزام بهذه الشروط، لدخولها في عموم الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقاً وأبو داود وحسن إسناده ابن الملقن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(12/5651)
مسألة رد الهدية التي تهدى للموظف إذا كان يتأذى المهدي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف في الدولة ومن مسؤلياتي أن أتعامل مع الشركات والمقاولين لتجهيزنا بالمواد اللازمة في عملنا-كوسيط بين دائرتي وبينهم ولا يتعداها إلى الأمور المالية- فأعينهم وأقدم لهم التسهيلات، وأتصل بهم باستمرار، وكل هذا من باب حسن التعامل مع الآخرين وليس على حساب عملي وكشف أسرار دائرتي التي أعمل بها، ولم أطالبهم في يوم من الأيام مقابل ذلك بأي شيء أو ألمح لهم بذلك، وأشهد الله على ما أقول، فجعلهم تعاملي يقدمون لي الهدايا-أو الأموال- لقاء تعاملي الحسن معهم، وما يدر عليهم من الربح لقاء ما أقدمه لهم من التسهيلات ولكني أرفض قبولها منهم. ولكن إصرار أحدهم علي وتحرجي من الموقف جعلني أقبلها ولكن بعد أن أخذت منه الأيمان على أن ما يقدمه لي لا يقصد به شيئا سوى الهدية وليس شيئا آخر، وهو أقسم بالله على أنها هدية منه لي ولا يقصد بها غير ذلك. فهل يصح لي ذلك على أنها هبة؟ وإن لم يصح هذا ماذا أفعل بما أخذته إن تعذر علي ردها إلى صاحبها؟
أجيبونا جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكم ما يأخذه الموظف من هدايا حكم هدايا العمال وهي لا تجوز إلا بإذن صاحب العمل، وهو هنا الجهة المسؤولة عن هذا الأخ السائل أي الدولة، وبما أن الإذن منها متعذر فإن أخذك للهدية هذه لا يجوز بحال، وقد ورد النهي عن هدايا العمال في الأحاديث الصحيحة، ففي الصحيحين عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما بال العامل نبعثه فيأتي فيقول: هذا لك وهذا لي، فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى له أم لا؟.
فالهدايا التي تدفع للموظف لا يجو له أخذها، لأن ما يدفع له من ذلك إنما يدفع لأنه موظف في تلك المصلحة، ولو جلس في بيته لما دفع له أحد شيئا.
فالواجب عليك رد الهدية إلى صاحبها، وإن تأذى صاحبها بالرد فأعطه قيمتها، وإذا تعذر العثور على صاحبها فتصدق بها عنه، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ومن الهدايا المحرمة: هدايا العمال، وأرباب الولايات من قاض وغيره من الذين يتولون وظائف عامة للمسلمين، سواء كانت الهدية عينا أو منفعة أم تمت في صورة محاباة.
ولا يجوز للقاضي ونحوه قبول هدية ويجب عليه ردها، وإن تأذى المهدي بالرد يعطى قيمتها، وإن تعذر ردها لعدم المعرفة أو بعد مكانه وضع في بيت المال إلى أن يحضر صاحبها فيدفع إليه وهي بمنزلة اللقطة. اهـ.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 17863، 74512، 120835، 121039.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(12/5652)
حكم إهداء عامل المضاربة لرب المال
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو بيان الحكم الشرعي فى هذه المسألة وصحة الاستدلال بما أورده من قرار ندوة البركة، وهل هذا الأمر من المشتبهات والأولى تركه أم أنه لا خلاف فيه:
حساب "الغنى" يعتبر حسابا استثماريا كسائر حسابات المصرف التي تقوم على صيغة المضاربة الشرعية، وتتطابق آليته الاستثمارية مع حساب التوفير الذي يقوم أيضا على صيغة المضاربة، ويتميز عنه بتمتع أصحابه بحقهم -حسب شروط معينة- في الدخول في السحب على بعض الجوائز النقدية، وقد عرض هذا التساؤل على اللجنة التنفيذية للهيئة الشرعية لمصرف أبوظبي الإسلامي وأجازته حسب الشروط المبينة في القرار أدناه، وهو ما يتفق أيضا مع قرارات ندوة البركة الثالثة والعشرين بشأن الجوائز على أنواع الحسابات المصرفية رقم 23/2/ب، وفيما يلي نص القرارين:
قرارات ندوة البركة الثالثة والعشرين 23/2 الجوائز على أنواع الحسابات المصرفية:
ب- يجوز تقديم البنك جوائز إلى أصحاب حسابات الاستثمار لأن أرصدة هذه الحسابات مملوكة لأصحابها والبنك مضارب لهم فيها بحصته من الربح، على أن لا يؤدي منح هذه الجوائز إلى ضمان رأس مال المضاربة أو جزء منه كما في حالة حدوث خسارة، وذلك لأن ضمان المضارب لرأس مال المضاربة لا يجوز شرعا، على أن يكون دفع هذه الجوائز من أموال البنك، لا من أرباح حسابات الاستثمار لأن المضارب ليس له التبرع من أموال المضاربة.
وهو ما ينسجم مع الشروط التي أقرتها اللجنة التنفيذية للهيئة الشرعية للمصرف في قرارها رقم (32/2/2009-2) التالي نصه:
البرنامج بتفاصيله مقبول شرعا، حيث ستطبق على الحساب شروط وأحكام حساب التوفير العادي، ومنها طريقة حساب وتوزيع الربح، فما يدفع على حساب التوفير العادي سيدفع على هذا الحساب، كما أن الجوائز ستدفع على أساس القرعة من حصة المساهمين في الربح، بالإضافة إلى أن دخول العميل في القرعة ليس مشروطا في عقد فتح الحساب-عقد المضاربة- ولا يعد بالتالي التزاما على المصرف، وهو متروك في النهاية لتقدير المصرف وما يراه مناسبا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبنوك الإسلامية تعتبر عامل مضاربة في حسابات التوفير، وإهداء عامل المضاربة لرب المال محل خلاف عند أهل العلم، وقد ذكرنا هذا في الفتوى رقم: 73199، وكانت تلك الفتوى جواباً على مثل سؤال الأخ فنرجو مراجعتها، وأيضاً مراجعة الفتوى رقم: 98006.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1430(12/5653)
حكم العمولة التي يدفعها المتعاملون مع الشركة لموظفيها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة، هل يجوز أخذ عمولة من المتعاملين مع الشركة، أوالتربح من علاقتي كموظف بدون الإضرار بالشركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعمولة التي يدفعها المتعاملون مع الشركة لموظفيها إذا كانت بغير إذن الشركة فهي غير جائزة، لأنها تدخل في معنى هدايا العمال التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين عن أبي حميد الساعدي قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من بني أسد يقال له: ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي لي، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا!! والذي نفس محمد بيده؛ لا ينال أحد منكم منها شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر. ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه ثم قال: اللهم هل بلغت مرتين.
وأما إذا كان ذلك بإذن الشركة فلا حرج فيه بشرط ألا يؤدي إلى مخالفة شرعية، وأما عن حكم التربح من علاقتك كموظف فلم يظهر لنا المراد منه ويمكنك مراجعة الفتويين رقم: 50535، 17863. وإلا فبين لنا المراد حتى يتضح لنا حكمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1430(12/5654)
حكم رشوة عمال الفحص حتى يجيزوا سيارته
[السُّؤَالُ]
ـ[لي سيارة فيها أعطاب وإصلاحها يتطلب وقتا وأموالا، وكلما أصلح عطبا يقول لي أعوان الفحص الفني هناك عطب، وكل من أسأله يقول لي بأنهم يحبون أخذ الرشوة، وهذا واقع في بلادنا ولا أستطيع السير بها إلا بهذه الشهادة. هل تعتبر هذا رشوة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يدفعه الشخص ليتوصل إلى حق أو يدفع به ظلماً لا يعد رشوة محرمة في حقه إذا لم يستطع أن يتوصل إلى حقه إلا بذلك، ويكون الإثم على المرتشي دون الراشي، وإنما الرشوة هي: ما يدفع لإبطال حق أو إحقاق باطل، أو دفعها دون ضرورة ملجئة إلى ذلك بحيث يقدر على أخذ حقه دون تقديم رشوة حتى لا يساعد على انتشار هذه الرذيلة الأخلاقية التي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحبها، وللمزيد من الفائدة راجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 104741، 32788، 8045، 7824.
فإذا كانت سيارتك تستحق بحسب المواصفات المقررة في هذه الشأن الحصول على شهادة سير فتعنت الموظفون في إصدار هذه الشهادة، ولم تجد بداً من دفع رشوة للوصول إلى هذا الحق، فلا حرج عليك في بذلها.
وأما إن كانت سيارتك فعلاً بها خلل لا يخولها الحصول على الشهادة فبذلك للرشوة محرم، لأنك تتوصل بها إلى ما لا تستحق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1430(12/5655)
الهدايا التي تدفع للمدراء مقابل التعامل مع شركتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في تشاركية تموين، ويقال عنها إنها تتعامل بالرشوة بينها وبين الشركات النفطية التي نمونها، وهذا حتى لا يتم التعامل مع تشاركية أخرى غيرنا.
وأنا أعمل في قسم الشؤون المالية، أي مسئولة عن أي قرش يصرف داخل العمل.
وسؤالي هو: أنني أشك في المال الذي أقبضه كل نهاية شهر، هل هو حرام أم لا، مع العلم أنني أتعب وأبذل جهدا لا يوصف والعمل صعب جدا بالنسبة لي، وأنا أرى بأنني أكسب مالا حلالا بسبب التعب، والجهد الذي أبذله يوميا، وأنني أجمع المال من تعبي وليس لأنه أتى من مصدر حرام أو حلال؟
ملاحظة: في يوم طلب مني مديري أن أصرف له مبلغا كي يشتري به ساعة غالية الثمن إلى أحد مدراء الشركات التي نتعامل معها يقول بأنها هدية، ولكن أصبح الشك يتلاعب بي منذ أن سمعت بأنه يتعامل بالرشوة.
ولكن هل هذا يعد من الرشاوي أم لا؟
أرجو الرد سريعا، أرجوكم فانأ لا أنام من شدة التفكير في هذا الموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تدفعه شركة السائلة للمسؤولين والمدراء من شركات النفط مقابل تعامل هؤلاء مع الشركة يعد رشوة محرمة، سواء سميت هدية أو غير ذلك، فالعبرة بالحقائق لا بالاسماء، وراجعي الفتوى رقم: 73502
وبالنسبة لعمل الأخت السائلة في الشركة فهو عمل مباح شرعا، والراتب الذي تتقاضاه مباح، لكن إن علمت أن ما تصرفه من مبالغ سيدفع كرشوة لم يجز لها فعل ذلك، لحرمة الإعانة على إعطاء الرشوة، فما حرم أخذه حرم إعطاؤه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1430(12/5656)
هددهم المسؤول بإفشال مشروعهم إذا لم يدفعوا له رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء التكرم بإبداء الفتوى بخصوص شركة تتعامل ببرامج الحاسوب، وبعد فوزها بمشروع لإحدى الشركات تفاجأت بأن مدير الحاسب الآلي يبلغنا أنه إذا لم ندفع له مبلغ 5% من قيمة المشروع دون علم إدارته، فإنه سيعمل على إفشال المشروع. فهل نأثم إن قمنا بذلك؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأخذُ هذا المدير عمولة منكم دون علم إدارته أمر محرم شرعاً؛ لما يشتمل عليه من خيانة الأمانة وغش للشركة، وعلى هذا فلا يجوز لكم أن تدفعوا لهذا الرجل ما يطلبه، لأن هذا من الإعانة على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} ، واعلموا أن رزق الله لا يسوقه حرص حريص ولا يرده كراهية كاره، والذي ننصحكم به أن تبلغوا إدارة هذا المدير ليتخذوا معه الإجراء اللازم، ويكون ردعاً له ولأمثاله عن تعدي حدود الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1430(12/5657)
حكم مساعدة شخص للحصول على بعثة دراسية لقاء مال
[السُّؤَالُ]
ـ[المسألة مصيرية بالنسبة لي ألا وهي:
هناك شخص يتمكن من إلحاقي في بعثة دراسية في دولة أوروبية حيث إنه هناك من أقاربه من يعمل في الملحقية الثقافية هناك حيث إنه سوف يستصدر لي تأشيرة طالب، وسوف يكمل لي إجراءات الالتحاق بالبعثة من تسجيل في المعهد (معهد لغة إنجليزية) وغير ذلك مما يتطلبه إلحاقي بالبعثة، وهو على حسب قوله وكيل لقريبه بالسعودية أي أنه بمثابة مكتب لإلحاق الطلاب بالخارج، حيث إنه طلب مني السفر إلى تلك الدولة لمدة (10) أيام لتسجيلي بالمعهد واستكمال الإجراءات، ومن ثم العودة، وطلب مني مبلغ قدرة # 10,000 # ريال تعاد لي في حالة عدم حصولي على البعثة في مدة أقصاها شهرين من تاريخ تقديمي الأوراق، علماَ بأن الـ (10,000) ريال مقسمة بينهم (أي الأشخاص الذين سوف يقومون باستكمال إجراءاتي هناك) .
السؤال يا فضيلة الشيخ:
هل المبلغ الذي سأدفعه لهم يكون رشوة لهم أو أنه نظير أتعابهم ومتابعتهم للبعثة وأمورها وجهودهم في الحصول عليها. وهل أني أخذت شيئا ليس من حقي.
أفيدوني جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب السائل في نقاط:
الأولى: إذا أمكن تحصيل العلم النافع في بلاد المسلمين فلا وجه للسفر والإقامة ببلاد الكفار.
الثانية: إذا كان المبلغ الذي ستدفعه للشخص المذكور يعطي منه جزءا للمسؤول في البعثة، فهذه رشوة محرمة، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه أحمد وأبو داود، وهو عند الترمذي بزيادة: في الحكم. وقال: حديث حسن صحيح. وفي رواية: والرائش. وهو الساعي بينهما.
الثالثة: إذا كان الحصول على بعثة دراسية بهذه الطريقة على خلاف قانون البعثات وهو الظاهر المعروف فالمنع آكد، ويجتمع في هذه الصورة السفر إلى بلد الكفر بلا مسوغ شرعي مع دفع الرشوة ومخالفة الشروط والقوانين المرعية، وأخذ ما ليس لك حق فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1430(12/5658)
حكم دفع الرشوة للحصول على تأشيرة الدخول
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديق تعرف على ألمانية أسلمت فتزوجها وعند سفره معها إلى بلدها دفع رشوة لكي يتحصل على الفيزا. وهو الأن إسلامه حسن أفضل مما كان فهو يسأل هل تقبل توبته؟ وهل يعتبر ان كل ما يفعله هنالك من حسنات مبني على حرام فلا يقبل منه نظرا لأنه سافر إلى ذلك المكان عن طريق الرشوة؟ إن كان الجواب تقبل حسناته وتوبته. فما هي شروط التوبة هنا. هل يتصدق أم ماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حِلَّ السفر إلى بلاد الكفر مشروط بأمن الفتنة والقدرة على إقامة شعائر الدين، فإن كان السفر المسئول عنه من هذا النوع، فشراء تأشيرته جائز، وإن كان الحصول على هذه التأشيرة لا يتم إلا بدفع رشوة، فلا بأس على الدافع عندئذ في دفعها ـ إن شاء الله ـ ما لم يحصل إضرار بالغير. وقد سبق تفصيل ذلك مع بيان الضابط في كون المال المدفوع رشوة أم لا، في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 79659، 52351، 59587، 66698.
فإن كان ما سبق ينطبق على صاحبك فلا حرج عليه ولا إثم، وهذا هو الظاهر من السؤال. فإن لم تكن الحال كذلك، فعليه أن يتوب من كل ذنب بحسبه، فإن كان يقيم في بلاد الكفر دون الشرط السابق فعليه أن يرجع ليعيش في بلاد المسلمين، وإن كان دفع المال على سبيل الرشوة بالفعل، من غير ضرورة إلى ذلك، أو من غير استحقاق للتأشيرة، فعليه أن يتوب بحصول الندم على ذنبه، والعزم الصادق على عدم العودة إليه أبدا، وقد سبق بيان شرط التوبة عموما في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5450، 75958، 29785.
كما سبق بيان أن التوبة بشروطها كفارة للرشوة في الفتويين: 12670، 19073.
وأما بالنسبة لحسنات صاحبك التي عملها فإنها مقبولة إن شاء الله، ما دامت خالصة لوجه الله موافقة لشرعه، حتى وإن كان أخطأ في وسيلة سفره؛ فإن الله تعالى يقول: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ {البقرة: 286}
وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 35296. أثر الذنوب على قبول العمل الصالح
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1430(12/5659)
دفع الرشوة للتوصل إلى التعويض المستحق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيب وأرغب في إكمال دراستي بالخارج علي حسابي الخاص وكان أبي قد تحصل علي تعويض مالي من شركة عامة بالدولة مقابل تضرره منها وعند قيامه بالإجراءات الخاصة بالحصول على المبلغ (40000 دولار, أربعون ألف) تمت عرقلته من قبل موظف بالشركة ثلاث مرات بشكل واضح فقام أبي بإعطاء الموظف رشوة من أجل إتمام الإجراءات والحصول على المال، ويريد أبي أن يقتطع جزءا كبيراً منه لأجل دراستي بالخارج مع العلم بأن أبي قد أخبرني بأنه سيدفع الرشوة حتى لو لم يعطني جزءا من المال للدراسة بالخارج، وفي حالة أنه لا يجوز لي أخذ المال، هل يجوز لي أخذه كدين منه وإرجاعه له بعد ذلك، (مقدار الرشوة 100 دولار وقد يدفع غيرها) ، فأفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والدك يستحق مبلغ التعويض فلا حرج عليك أن تعامله في هذا المال بالهبة أو الدين ونحو ذلك، ولا يضرك أنت ما سيدفعه من رشوة ليتوصل بها إلى التعويض، علماً بأنه لا يأثم بدفع الرشوة إن كان لا يمكنه أن يصل إلى حقه إلا بدفعها، وراجع في معنى الرشوة المحرمة الفتوى رقم: 17929، وراجع في حكم التعويضات من جهة العمل الفتوى رقم: 103266.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1430(12/5660)
لا تجوز إلا بإذن المسؤول الحكومي المخول بالإذن
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكر الإخوة القائمين على هذا الموقع، وأسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتهم.. السؤال: أنا أشتغل في مصلحة حكومية، وهذه المصلحة التي أشتغل فيها طلبت مني أن أكون مشرفا على المطويات والمذكرات وأية مطبوعات أخرى تطلبها المصلحة، وعندما ذهبت إلى صاحب المطبعة واتفقت معه على العمل قال لي: لك نسبة في كل عمل تجلبه إلى المطبعة، وتم هذا الاتفاق دون علم المصلحة التي أشتغل فيها، وكل المستندات والفواتير المطلوبة سليمة وقانونية، فهل هذه النسبة التي آخذها تعتبر من الاختلاس والسرقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكم النسبة التي تأخذها من صاحب المطبعة حكم هدايا العمال، وهي لا تجوز إلا بإذن المسؤول الحكومي المخول بالإذن، وقد ورد النهي عنها في الأحاديث الصحيحة، ففي الصحيحين عن أبي حميد الساعدي قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا! . فهذه النسبة وإن لم تكن من الاختلاس أو السرقة إلا أنها محرمة إلا بإذن المسؤول.. وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17863، 112296، 115400، 116346.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1430(12/5661)
حكم عمل محاسب في شركة تعطي عمولات ليرسو العطاء عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الأفاضل ... بارك الله فيكم عندي سؤال: أنا محاسب أعمل بشركة في بلد عربي، هذه الشركة تعطي عمولات ومبالغ مالية لأشخاص وجهات معينة حتى يرسو العطاء عليها فى مزاد أو فى مناقصة، وتستفيد بالطبع الشركة من ذلك العطاء أو المناقصة، وبما أنني محاسب فهذه العمولات تأتيني في الجرد اليومي تحت مسمى حساب جاري (أي مسحوبات من الصندوق لأصحاب الشركة كأنها مصاريف) ، السؤال هو: هل هذه رشاوى؟ وإن كانت كذلك هل علي ذنب في العمل بهذه الشركة، فأفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمبالغ التي تدفعها الشركة التي تعمل بها قد تكون رشوة محرمة في حق الراشي والمرتشي، وقد تكون محرمة في حق المرتشي. كأن تكون الجهات المعنية بالمناقصة تمنع المستحقين لها إلا بدفع رشا، ولا تجد الشركة بداً من الوصول إلى حقها إلا بدفع ذلك، فهذه تحرم على الآخذ لا المعطي. وبالتالي لا حرج عليك في تسجيل وحساب هذه العمولات.
وإن كانت الشركة تدفع هذه العمولات للوصول إلى ما لا تستحق، فالمعطي والآخذ آثمان، ولا يجوز الإعانة على هذا الحرام بكتابة أو تسجيل ونحو ذلك.. وينبغي لك أن تنصح مسؤوليك بهذا الخصوص، وعليك الامتناع عن حساب ما علمت أنه رشوة محرمة، وأما ما كان مباحاً في حق المعطي فلا مانع من حسابه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1430(12/5662)
دفع صديقه رشوة للفاحص لينجح في اختبار السياقة
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري 29 سنة تقدمت لامتحان الحصول على رخصة سياقة وكنت قد أوصيت أحد أقاربي بعمل واسطة، فاتصل علي قبل الامتحان بيوم وطلب مني مبلغا من المال للممتحن كمقابل لنجاحي، يعلم الله أني عندها رفضت وقلت له أبلغ الممتحن أن ينسى الأمر هذه رشوة واضحة وأنا على استعداد لإعادة الفحص مئة مرة على أن أقع في الحرام. صباح الامتحان فوجئت بشخص ما ليس قريبي الذي كنت قد أوصيته في دائرة السير وقال لي إن شاء الله الأمور على خير، حينها لم أعط الأمر أهمية لما قاله. تقدمت للامتحان وبعد الانتهاء سألت المدرب عن مستوى أدائي فقال لي جيد وقد يحالفك الحظ بالنجاح. عدت إلى البيت لأنتظر موعد النتيجة واتصل علي المدرب للحصول عليها لكني فوجئت بقريبي هذا يتصل علي ويقول لقد نجحت وقد دفعت عنك المبلغ للفاحص وهو دين عليك، رده لي ولولا تصرفي هذا لظل الممتحن يرسبك في كل مرة، لأنك رفضت التعامل معه بعدما عرفت أنه يتعامل بالرشوة. أقسم بالله أني خائف من الله ونادم أشد الندم وأحس أني دخلت في لعنة الرشوة بطريق غير مباشر. فما العمل؟ أرجوكم أفيدوني وما علي فعله؟ وما هي كفارتي عما اقترفت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حرم الله الرشوة، وجاء التحذير منها في كتاب الله بالنهي عنها وبذم أصحابها. فقال سبحانه: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188} وقال: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ {المائدة:42} .
وجاء لعن الراشي والمرتشي والوسيط بينهما على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
وفي رواية: والرائش وهو الساعي بينهما، واستثنى العلماء جوازها للراشي إذا تعينت طريقا لحصوله على حقه كما في الفتوى رقم: 2487.
وبناء على هذا، فلا يجوز لك أن تدفع الرشوة أو أن يدفعها قريبك عنك إذا كنت تستحق الرخصة، وكان بإمكانك الحصول عليها دونها، وإلا جاز لكما ذلك، وعلى كل فلست آثما في حالتك هذه لأن قريبك تصرف بغير علم منك وبغير رضاك، فإذا كان فيها إثم فإنما يتحمله هو، ولا يلزمك تعويض الأخ عما دفعه عنك لحرمته شرعا. والصحيح أن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا. كما أن رفضك أصلا دفعها، وإصرارك على التقدم للشهادة ولو مائة مرة يعني أن ما قام به قريبك قام به دون إذن ولا رضى منك، فلا يلزمك تعويضه عنه.
وللمزيد راجع الفتوى: 18289.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1430(12/5663)
لا شبهة للرشوة في هذه الهدية
[السُّؤَالُ]
ـ[أراد زوجي أن يكرم المسؤول في العمل (الشاف) حين قررت الإدارة نقله إلى موقع آخر وسينقطع عنهم, ففكر زوجي أن يشترك مع زملائه في إعداد وليمة وشراء هدية غير أني اعترضت على الهدية لأني رأيت أن يتحرز من شبهة الرشوة، أما الوليمة فيعدها زوجي ولا يكلف بها زملاءه حتى لا يجبرهم أو تضيق صدورهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى حرجاً فيما يريد زوجك القيام به من إعداد وليمة أو شراء هدية لهذا المسؤول، قال ابن قدامة في المغني: من أعطى شيئا ينوي به إلى الله تعالى للمحتاج, فهو صدقة. ومن دفع إلى إنسان شيئا للتقرب إليه, والمحبة له, فهو هدية. وجميع ذلك مندوب إليه, ومحثوث عليه ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تهادوا تحابوا. انتهى.
والحديث المذكور رواه البخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة رضي الله عنه وحسنه الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير.
قال ابن عبد البر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية وندب أمته إليها وفيه الأسوة الحسنة به صلى الله عليه وسلم، ومن فضل الهدية مع اتباع السنة أنها تورث المودة وتذهب العداوة. هـ.
ولا نرى شبهة للرشوة في هذه الهدية لأن الرشوة ما يدفعه الإنسان لإبطال حق أو إحقاق باطل، أو ليتوصل بها إلى ما لا يستحق، وهي من كبائر الذنوب، وما يريد زوجك فعله ليس من ذلك في شيء خاصة أن هذا المسؤول سينتقل إلى مكان آخر.
أما بخصوص الوليمة فإن كان سيشق على زملائه أو سيضيق عليهم بذلك فالأولى أن يعدها بنفسه ولا يضيق عليهم، بل يحرم عليه ذلك إن دفعوا الأموال بغير طيب نفس منهم.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 1713، 8128، 21200، 22209.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1429(12/5664)
هدايا العمال لا تجوز إلا بإذن الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل لدى شركة وأتقاضى منها معاشا شهريا، وهذه الشركة لها أكثر من مجال، وفي المجال الذي أعمل به داخل الشركة شيء من الهالك أو الخردة داخل العمل فكان هناك بعض الأشخاص يترددون لشراء هذه الخردة ولكني أرى أن الثمن الذي يدفعونه لهذه الخردة قليل جدا، فبدأت البحث عن أسعار أعلى وفائدة أكثر للشركة وبتوفيق من الله عثرت على ذلك وكان أضعافا لما كانوا يدفعونه واتفقت مع الشركة على السعر الذي وجدت أحد الأشخاص يريد الشراء به وكان أفضل الأسعار وعند عملية التنفيذ والبيع الفعلي قام المشتري بعرض فرق سعر على غير الذي قلته للشركة وليكن على الطن مبلغ معين لي دون حساب الشركة وخارج الفاتورة على العلم أن الفاتورة تعطي بنفس السعر المتفق عليه مع الشركة قبل إجراء أي شيء، فالسؤال هنا هل إذا أخذت هذا المبلغ لنفسي يكون مالا حراما أو لا؟ والأولى أنني أضعه داخل الفاتورة على أنها زيادة في السعر ما بين حين وآخر؟ أو أرفض هذا الشيء نهائيا؟ فبالله عليكم أفيدونا في أمرنا هذا وأفتوني فيه خير الفتوى وجزاكم الله عنى وعن المسلمين خير الجزاء والثواب ووفقكم دائما إلى الخير والصلاح ولا تنسونا بدعائكم والدعاء لكافة المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الزيادة لا يجوز لك أخذها إلا بإذن الشركة، لأن حكمها حكم هدايا العمال التي ورد النهي عنها في الأحاديث الصحيحة.
ففي الصحيحين عن أبي حميد الساعدي قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من بني أسد يقال له: ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي لي، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال: ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا!! والذي نفس محمد بيده؛ لا ينال أحد منكم منها شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر. ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه ثم قال: اللهم هل بلغت مرتين.
ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 17863.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(12/5665)
حكم من لا يستطيع تسويق بضاعته إلا بتقديم عمولات للموظفين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في تجارة القطع وأتعامل مع شركات التأمين وأنا أدفع للموظفين عمولة شهرية وإن لم أدفع لن أبيع القطع والبضاعة 70% لا تباع إلا إلى شركات التأمين وأنا أحاول التخلص من العمل معهم ولكن أحتاج إلى وقت فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت لا تتمكن من تسويق هذه القطع للجهة التي تشتريها إلا بتقديم عمولات للموظفين فإنه يجوز لك ذلك لأن العلماء نصوا على أن الرشوة إذا تعينت طريقاً للوصول إلى الحق جازت للراشي مع بقاء حرمتها على المرتشي، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 1713.
وبناء على هذا فلا حرج عليك في دفع هذه العمولة الشهرية للحصول على بيع القطع المذكورة، لكن عليك البحث عن وسيلة أخرى مباحة، فالضرورة تقدر بقدرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1429(12/5666)
دفع المال للمسؤول ليتخلى عن العقوبة المقررة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا اعمل بإحدى الشركات الخاصة بالمملكة العربية السعودية وأنا مسؤول عن الفرع الذي أعمل به وجاءني مسؤول من مكتب العمل للتفتيش فوجد عندي عامل نظافة ليس على كفالة الشركة فقال لي إنه سوف يقوم بترحيل العامل وعمل غرامة على الشركة تقتضى إيقاف نشاطها لمدة خمس سنوات والغرامة تصل إلى مبلغ 20000 ريال فقلت له إننا سنقوم بنقل كفالة وتعديل وضعه فوافق وقال لا بد من ضبط وضعه وقال إنه في حالة وجود المخالفات مرة أخرى سيحدث للشركة مشكلة كبيرة وألمح بأنه يريد مبلغا من المال وقدره 2000 ريال فأعطيته له، فهل هذا المبلغ يعتبر رشوة وماذا علي أن أفعل في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المبلغ الذي قمت بدفعه إلى مسؤول مكتب العمل ليتخلى عن العقوبة المستوجبة نظاميا إن كانت مستوجبة نظاميا حقا يعتبر رشوة لأن الرشوة هي ما يدفع لإحقاق باطل أو إبطال حق, وهي محرمة كتابا وسنة وإجماعا بل هي من الكبائر, فقد قال تعالى في شأنها: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188} .
وعن عبد الله بن عمر قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وأما إذا كانت العقوبات غير مستوجبة نظاميا فإنها وإن كانت رشوة إلا أنها جائزة لدافعها لأنه يريد بها دفع ظلم لا يستطيع دفعه إلا بها, ومحرمة على آخذها لأخذه إياها ظلما وعدوانا. وراجع الفتوى رقم: 14645.
وبناء على هذا فإنه يجوز لك إن تحقق الاحتمال الثاني دفع الضرر بتقديم الرشوة إليه, ويتحمل هو وزرها.
وللمزيد راجع الفتويين: 20974، 108139.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1429(12/5667)
حكم تقديم المقاول هدية للمهندس المسؤول عن المشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مهندسة من المعروف أن الوزارة تقدم للمقاول سيارات حتى يعطى المهندس المشرف على المشروع سيارة ولكن هذا المقاول أعطاني سيارة من جيبه الخاص وقال لي إنها هدية ولا يريدها أو يريد مقابلا، مع العلم أن العمل يتم بشكل رسمي ولا يوجد أي مخلافات أو مراوغات، فهل تعتير الهدية حلالا أم حراما, أي أني لا أقوم بأي شيء خاطئ بالعمل أو اختلاس أو تزوير, تصحيحا لسؤالي السابق حيث المقاول أعطاني السيارة وأنا المهندسة المشرفة على المشروع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المقاول لا يعطي المهندس المشرف على المشروع مثل هذا العطاء إلا وهو يريد منه محاباته على حساب العمل، وفي الحديث: هدايا العمال غلول. رواه أحمد وصححه الألباني. وفي الحديث:.. هلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى له أم لا. رواه البخاري ومسلم.
فلا موجب لهذه الهدية إلا العمل الواجب، والذي يأخذ العامل أجره مقابله من جهة عمله لا من غيرها، وعليه فترد السائلة السيارة الخاصة وتطلب سيارة العمل، وراجعي في حكم عمل المرأة كمهندسة الفتوى رقم: 5807.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1429(12/5668)
حكم أخذ مراقب الأغذية مالا من أصحاب المحلات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل مراقبا صحيا على المحلات التي تبيع الأغذية والمأكولات والتفتيش على النظافة، وخلال عملي أتعرض للحصول على مال الرشوة بشكل كبير، حيث كان الموظف الذي قبلي يأكل مال الحرام بشكل كبير, أما أنا فأخاف الله, لكن في بعض المحلات عندما أرفض أخذ المال لا يدعوني أخرج من المحل حتى آخذ المال ويقولون لي هذه أجرة السيارة التي قدمت بها أوهذا سعر فنجان قهوة، ويقومون بتحليفي بالله على أن آخذها ويحلفوني بصلاة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.... فلا أستطيع أن أردهم.
مع العلم أن الراتب لا يكفي لأجرة التاكسي فقط وبعض المحلات يقولون خذها لوجه الله تعالى....
أفيدونا جزاكم الله عنا كل خير.... لأن هذا الموضوع لا يجعلني أنام الليل ودائم التفكير فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الأموال التي يقدمها أصحاب المحلات إليك لقصد التساهل في الرقابة عليهم تعتبر رشوة يراد بها التأثير عليك, وقد حرم الله سبحانه وتعالى الرشوة, فقال: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188} , وورد لعن الراشي والمرتشي على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
وبناء على هذا لا يحل لك أخذها على أي وجه لأنها محض رشوة, ويجب عليك رد تلك الأموال إلى دافعيها ونهيهم عما ارتكبوه من إثم, وإذا تعذر عليك ذلك وجب عليك التخلص منها بصرفها في مصارف البر بنية التخلص من الحرام لا بنية الإنفاق في سبيل الله لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا.
وللمزيد راجع الفتويين: 3697، 44039.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1429(12/5669)
حكم الإكرامية التي تدفع للموظف ليسرع في عمله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل بإحدى الشركات الخاصة فى وظيفة أخصائي شؤون عاملين أقوم بإنهاء أعمال التأمينات والتعامل مع مكاتب العمل والتأمين الصحي وفى إنهاء مصالح الشركة يتطلب دفع مبالغ مالية كإكرميات للعاملين من أجل سرعة إنهاء مصالح الشركة، فهل هذا العمل يضعنى فى حكم الرائش وهل هذا يعتبر رشوة وهل أسعى للحصول على عمل آخر، فأرجو الرد وبسرعة بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بذل المراجع مالاً للموظف لكي يسرع في إنهاء عمله يعد رشوة محرمة في حق الطرفين.. وفي حال امتنع الموظف عن إنجاز العمل أو ماطل في إنجازه على خلاف المعروف فلا مانع من بذل شيء ليقوم الموظف بعمله الواجب عليه أصلاً إن لم يفعل إلا بهذا، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 112837.
وننبه السائل إلى مسألة أخرى وهي أنه إذا كان التأمين الذي تجريه الشركة لعمالها تأميناً تجارياً، فلا يجوز العمل فيه لأن التأمين التجاري حرام شرعاً، فالعمل في متابعته وإنجازه إعانة على الحرام، وإذا كان هذان المحذوران (الرشوة والتأمين) لازمين في عمل السائل بهذه الشركة فعليه ترك العمل فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1429(12/5670)
دفع الرشوة للحصول على تأشيرة الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شراء فيزا للحج من السفارة خاصة أنني قد أديت حجة الفرض ولله الحمد. ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تأشيرات الحج ليست محلا للبيع والشراء لأنها تبذل بالمجان من الجهات المختصة.
وإذا كان بعض الموظفين يتاجر بهذه الفيز فهو يأخذ ما لا يحق له فيأكل سحتا.
واما من يريد الحج ولم يجد بدا من دفع هذه الرشا فلا يلحقه إثم سواء كان حجه تطوعا أو فرضا، وراجع في حكم بذل الرشوة في حج الفريضة الفتوى رقم: 30483.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1429(12/5671)
حكم أخذ نسبة مالية من المراجعين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل بمؤسسة صحية بإحدى إدارات المرور بالرياض, نقوم بفحص فصيلة الدم كعمل أساسي ونقوم أيضا بسداد المخالفات والرسوم والرخص للمراجعين من خلال خدمة مباشر الإلكترونية لبنك الراجحي وفى المقابل نأخذ مبلغا معينا مقابل تلك الخدمة فمثلاً عند تسديد رسم الرخصة والتي هي 400 ريال نقوم بأخذ قيمة الخدمة 40 ريالا وكذلك باقي الخدمات بعد الاتفاق مع المراجع، فهل في ذلك أي نوع من المعاملات الربوية أو حرمة في ذلك العمل؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما تقومون به من أخذ نسبة تتفقون مع المراجع عليها جائز إذا كانت جهة العمل العليا تأذن فيه، وإذا كانت لا تأذن فيه كان حراماً لأنه يدخل في هدايا العمال وهو أيضاً رشوة، وقد حرم الله الرشوة، حيث قال: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188} ، وورد لعن متعاطيها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن عبد الله بن عمر قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي.. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وزاد: في الحكم.
ويحرم كذلك إذا كان الموظف يسدد هذه الرسوم ببطاقته الخاصة ثم يتقاضى مبلغ الرسوم من المراجع بالآجل، لأن ما يأخذه في هذه الحالة نظير ذلك هو زيادة ربوية، وعلى فرض أنها رشوة أو ربا تجب عليك التوبة منها، ومن مقتضياتها رد تلك الرسوم إلى أصحابها إن أمكن التوصل إليهم -والظن أن ذلك أمر ميسور- وإن لم يمكن وجب التخلص منها بصرفها في مصارف البر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1429(12/5672)
لا يتعاقدون إلا مع من يدفع الرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب شركة توريد عمال للشركات الكبيرة بعقود شهرية وسنوية ونحصل على العقود بإرسال مندوبنا إلى مسؤولي التعاقد في هذه الشركات واغلبهم من أجانب غير المسلمين وهم يطلبون عمولة منا وهم لا يتعاقدون إلا مع من يدفع بغض النظر عن الجودة إذا كانت أنا وغيري سواء في البضاعة والتوريد ولا مفاضلة بيني وبين غيري في جودة البضاعة ولا يوجد مناقصة وقمت بالدفع لهم هل يأثم الجميع؟ أم ماذا؟ أرجو التوضيح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرشوة المحرمة هي ما يتوصل بها صاحبها إلى ما ليس له، وأما ما يتوصل بها إلى حقه أو لدفع ضرر أو ظلم فهو جائز في حق الراشي محرمة في حق المرتشي، وإذا كان الأمر كما يصف السائل من أنه لا مناقصة ولا مفاضلة بسبب الجودة والأسعار ونحو ذلك فلا مانع من دفع رشوة لهؤلاء إذا كانوا لا يتعاقدون إلا لمن يدفع لهم ذلك. والإثم عليهم دون الدافع إذا لم يجد بداً من ذلك، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 106020.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1429(12/5673)
عقد إيجار وهمي وتمريره لقاء مال
[السُّؤَالُ]
ـ[يا سماحة الشيخ: أنا أشتغل في الإمارات والآن سأشتري رخصة عمل ويتوجب علي استئجار مكتب فقط للكشف وإغلاقه طول العام وبحثت فلم أجد أرخص من مكتب اجاره8000، ولكن هناك موظف قال لي احصل على عقد وهمي وأنا سأمرر لك الأمور وتكلفك القصة فقط 3000، فما رأيكم سماحة الشيخ؟ مع العلم أنني سأستدين لأتمم مشروعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قبول هذا العرض المقدم من الموظف المذكور غير جائز لاحتمال أمرين محرمين فيه:
الأول: أن فيه غشا وتزويرا وهما محرمان في الشرع.
الثاني: أن هذا الغش سيحصل عن طريق رشوة الموظف، ودفع الرشوة في هذه الصورة محرم. وفي الحديث: لعن الله الراشي والمرتشي. رواه أحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1429(12/5674)
حكم الرشوة للتوصل إلى الحقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مهندس قمت بتأسيس شركة منذ سنوات نشاطها الرسمي تركيب وتشغيل المعدات الكهروميكانيكية وتوكلت على الله وقمت ببعض الأعمال وقد فرطت في كثير من الأعمال نظراً لامتناعي عن دفع عملات أو رشاوى مما جعل وضع الشركة حساسا لضمان الاستمرار، وتفاديا لذلك أضفت نشاطا ثانيا ألا وهو تكوين أصحاب الاختصاصات التقنية، قمت بدورة تكوينية واحدة، والآن وقع اختيار مكتبنا واحداً من المكاتب القليلة المصادق عليها من الوزارة لإنجاز مثل هذه العمليات التكوينية? ولكن يبقى على الإدارة المعنية بالأمر الاتصال بالمكتب الذي تختاره هي، تبعا لذلك قمنا باتصالاتنا بالإدارات المعنية بالأمر في عديد الجهات وكان الجواب دائما "آسف عندنا مكتب نتعامل معه" وبعد عناء وافقت إحداهم بأن تمنحنا الثقة لانجاز التكوين وقمنا بتوقيع العقد ثم فوجئنا بطلب المسؤول بهذه الإدارة لنسبة من قيمة المشروع نسبة للإدارة ونسبة له، أريد أن أؤكد بأن شركتي جديرة بالقيام بهذه الخدمات ولا أتحصل على مشاريع لأني أرفض إعطاء عمولة أو رشوة? في حين أنه تقوم شركات أخرى بكفاءة أقل أو في نفس المستوى من الكفاءة بأعمال كثيرة في نفس الميدان، فأنا في حيرة من أمري فإن لم أعط البعض من المال لن يمنحوني أي مشروع وبذلك تصبح الشركة مهددة بالإفلاس? وإن فعلت ذلك وأعطيت مالاً فأنا أخاف الله رب العالمين، وطبعا ككل مؤمن أريد أكل مال حلال لا شبهة فيه، فأرجو منكم تبيين الحكم الشرعي وما يجب القيام به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرشوة المحرمة هي التي يتوصل بها صاحبها إلى ما ليس له، وأما الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه، أو لدفع ظلم عنه أو ضرر، فإنها جائزة عند الجمهور ويكون الإثم فيها على المرتشي دون الراشي، فإذا لم يمكنك التوصل إلى حقوقك أو القيام بأعمالك التي من حقك القيام بها إلا بدفع الرشوة ولم يترتب على ذلك إضرار، فيجوز لك دفعها ويكون الإثم على آخذها وما تأخذها من مال مقابل هذه الأعمال يكون حلالاً، لكن إن أردت ألا تدفع الرشوة وتصبر على ما وقع عليك من الظلم فهو أفضل، نسأل الله عز وجل أن يغنيك بحلاله عن حرامه وأن يبارك لك في مالك.
وللمزيد من الفائدة يمكنك أن تراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1713، 3697، 2487، 9529.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1429(12/5675)
إثم الرشوة يلحق الواقعين بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في دولة الفساد فيها شريعة ... منظم ومنتشر بشكل رهيب والله المستعان ... ومشكلتي أنني أعمل في وظيفة تنتشر فيها هذه الظاهرة بشكل كبير حتى أنني أرى أمام عيني الظلم والرشاوى يمارسها زملائي في العمل ولا أملك أن أفعل شيئا فحتى المسؤولون هنا متواطئون ... فإلى أين المشتكى ... ومشكلتي الأعظم أنني لا أستطيع ترك هذا العمل لأن إيجاد عمل هنا من المستحيلات إذا لم تدفع رشوة، فما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل لا يأخذ الرشوة ولا يتعامل بها فلا يلحقه إثم هؤلاء المتعاملين بها، فإن التبعة شخصية، كما قال تعالى: وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:112} وقال تعالى: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164} .
وعلى السائل أن يغير المنكر ما استطاع إلى ذلك سبيلاً بالقدر الذي لا يحلقه به ضرر في نفسه وماله وعمله؛ لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16} ، وقوله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1429(12/5676)
أحوال الرشوة وحكم الرائش
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم على مساعدة أي شخص يحتاج إلى مساعدة وجزانا الله وإياكم الفردوس الأعلى....
سؤالي هو: البلد التي أعيش فيها لا تعمل لنا إقامات وهناك أشخاص يأخذون مبالغ من المال جزء يذهب ضرائب والجزء الأكبر إلى الرجل الواسطة والشخص الذي يساعده، ما رأيكم هل هذه رشوة؟ ولو أن الشخص سافر بهذه الإقامة لقضاء مصالحه خارج البلد أو لأداء عمرة أو زيارة أهله فى بلدة أخرى أرجو إفادتي
لأني مشتاقة إلى أهلي كثيراً ولكن زوجي يرفض عمل إقامة بهذا الشكل ويقول إنها رشوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرشوة من كبائر الذنوب، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه أحمد وأبو داود وهو عند الترمذي بزيادة: في الحكم. وقال: حديث حسن صحيح.
وفي رواية: والرائش. وهو الساعي بينهما، فطلب الرشوة حرام وقبولها حرام، كما يحرم عمل الوسيط (الرائش) بين الراشي والمرتشي، هذا في الرشوة التي يتوصل بها صاحبها إلى ما ليس له.
وأما الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه أو لدفع ظلم عنه أو ضرر، فإنها جائزة عند الجمهور، ويكون الإثم فيها على المرتشي دون الراشي، لكن من أراد ألا يدفع الرشوة ويصبر على ما وقع عليه من الظلم فهو أفضل، ويمكنك أن تراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1713، 3697، 2487، 9529.
فعليك أن تبيني لزوجك جواز دفع الرشوة إذا تعينت طريقاً للحصول على حقكم، فإن لم يرض بذلك فالواجب عليك طاعته، نسأل الله عز وجل أن ييسر لك أمرك ويفرج كربك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1429(12/5677)
ضابط إباحة هدايا العمال
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك من سألني فقال بأنه يشتغل في مصنع لمواد البناء وأنه مكلف رفقة بعض زملائه بإيصال الطلبات إلى الأماكن التي توجد فيها حظائر البناء ... الأصل أنهم يوصلون الطلبات ويفرغونها كدسا واحداً ويعودون إلى المصنع (وأحيانا يفرغون الطلبية في أماكن متفرقة كمساعدة منهم لعمال الحظيرة) ، في المرة الأخيرة ذهبوا لإيصال إحدى الطلبيات وهناك طلب منهم المقاول المسؤول أن يقسموا هذه الكمية على أكداس كثيرة متفرقة وعرض عليهم مكافأة مالية.... فنفذوا له طلبه وأعطاهم مكافأتهم.. لكن هذا السائل أراد أن يطمئن ويسأل عن حكم هذا المال علما بأنهم لم يتأخروا كثيرا بتقسيم التنزيل (أقل من ثلث ساعة) ، فأرجوك يا شيخ إجابته بدلاً عني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المكافأة حكمها حكم هدايا العمال، وهي لا تجوز إلا بإذن صاحب العمل، وقد ورد النهي عنها في الأحاديث الصحيحة، ففي الصحيحين عن أبي حميد الساعدي قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من بني أسد يقال له ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي لي، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال: ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا!! والذي نفس محمد بيده؛ لا ينال أحد منكم منها شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر، ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه ثم قال: اللهم هل بلغت مرتين. ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 17863.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن هؤلاء حكمهم حكم الأجير الخاص، والأجير الخاص هو من قدر نفعه بمدة زمنية.
وعليه؛ فلا يحق له أن يعمل في أوقات الدوام لغير صاحب العمل إلا بموافقته، لأن وقت الأجير الخاص خلال مدة الدوام ملك لمستأجره، ويستثنى من ذلك ما استثناه الشرع كالصلوات الخمس مع شروطها وسننها المؤكدة، أو ما استثناه العرف كأوقات الأكل والشرب وقضاء الحاجة ونحو ذلك، أو ما استثني بشرط، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 68664، والفتوى رقم: 106045 ...
فإذا أذن صاحب المصنع في أخذ هذه المكافأة فلا بأس بذلك، وإن لم يأذن فلا يجوز أخذ شيء من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1429(12/5678)
أحوال الرشوة في الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتعلق بتوضيح الفتوى رقم 12670 توضيحا وافيا وهل المقصود بها أن الشخص إذا دخل العمل عن طريق رشوة ولو على سبيل الظلم بحرمانه الأحق بها ثم أراد التوبة مما فعله يجب عليه أن يترك العمل الذي تحصل عليه عن طريق الرشوة وإن كان يؤديه بشكل صحيح وسليم وجزاكم الله خيرا على ما تبدلونه من جهد في خدمة الإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفتوى المشار إليها واضحة ومقتضاها أن الرشوة إذا تعينت للحصول على حق يستحقه الشخص جاز له دفعها للحصول على حقه مع حرمتها على المرتشي، وأما إذا كانت الرشوة للحصول على حق يوجد من هو أحق به فهذه تبقى على أصلها وهو الحرمة لقول الله تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188} ولحديث عبد الله بن عمر قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم االراشي والمرتشي. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وللتوبة من ذلك يجب على الإنسان أن يتوب إلى الله مما ارتكبه من الرشوة وأن يترك العمل لمن هو أحق به ولو كان يقوم به على الوجه المطلوب لأنه توصل إليه بظلم آخر، ومن شأن التوبة من المعصية إذا كانت في حق من حقوق العباد أن يبرأ التائب من حقهم بأن يرجعه إليهم.
قال النووي في رياض الصالحين: قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط:
أحدها: أن يقلع عن المعصية.
والثاني: أن يندم على فعلها.
والثالث: أن يعزم على أن لا يعود إليها أبدا.
فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته. وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة وأن يبرأ من حق صاحبها فإن كانت مالا أو نحوه رده إليه وإن كانت حد قذف ونحوه مكنه منه.
وللمزيد راجع الفتوى رقم: 15294.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1429(12/5679)
حكم أخذ البقشيش بدون طلب
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يعمل سائقا على سيارة نصف نقل، كل شغله في نقل الأسماك من المزارع السمكية.
أصحاب هذه المزارع يعطونه بقشيشا نقدا أو سمكا مع العلم أنه لا يطلب منهم ذلك أبدا وصاحب السيارة يعلم ذلك.
ما حكم هذا المال والسمك؟
أتمنى أن تهتموا بسؤالي لأننا لا نريد أبدا أكل الحرام ولو كانت تمرة ولو كان هذا المال حراما فماذا نفعل فيما مضى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك أن والدك يعمل سائقاً بالأجرة على السيارة، وعلى هذا فإن ما يأخذه والدك من أصحاب المزارع السمكية حكمه حكم هدايا العمال، وهي لا تجوز إلا بإذن صاحب العمل، وقد ورود النهي عنها في الأحاديث الصحيحة. ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 17863.
فإذا أذن صاحب السيارة لوالدك فيما يأخذه فلا بأس بذلك، وإن لم يأذن فلا يجوز له أخذ شيء من ذلك.
نسأل الله تعالى أن يبارك لكم، وأن يغنيكم بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1429(12/5680)
أخذ العمال للهدايا رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تفيدوني جزاكم لله خيرا أنا عندي شركة تجارية أبيع قطع الغيار فوجد زبون قد اعتمدنا في مشترياته وهو المدير العام وبعد فترة طلب منا جزءا بسيطا من المال (في الحقيقة طلبه من الموظف الذي عندي وأعطيت أمرا بأن يعطى من مالي الخاص فتم ذلك فهل هذا حرام وما هو عقابه؟ حيث إنني ملتزم بكل ما يطلبه مني ربي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يظهر لنا المراد من سؤالك بوضوح، وإن كنت تعني أن هذا الزبون وهو المدير العام يقوم بشراء مشتريات للشركة التي يعمل بها من شركتكم ويطلب منكم مالاً، فإن هذا يعد من قبيل أخذ العمال للهدايا وهو رشوة، والرشوة من كبائر الذنوب، ملعون صاحبها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم: فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه أحمد وأبو داود وهو عند الترمذي بزيادة: في الحكم. وقال: حديث حسن صحيح. وفي رواية: والرائش. وهو الساعي بينهما.
وقال تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ {المائدة: 42}
قال الحسن، وسعيد بن جبير هو: الرشوة. وقال تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة: 188}
إذاً فطلب الرشوة حرام، وقبولها حرام، كما يحرم عمل الوسيط (الرائش) بين الراشي والمرتشي.
ويمكنك أن تراجع في ذلك الفتاوى الآتية أرقامها: 1713، 3697، 2487. وعلى هذا فيجب عليك التوبة من هذا الذنب، ويمكنك أن تراجع في بيان التوبة وشروطها الفتوى رقم: 29785.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1429(12/5681)
حكم دفع الرشوة لتسير الأمور الحياتية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفع الرشوة لتسير الأمور الحياتية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز دفع الرشوة ولا قبولها ولا التوسط في قبولها، لأن الرشوة من كبائر الذنوب.
وأما الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه أو لدفع ظلم أو ضرر فإنها جائزة عند الجمهور، ويكون الإثم على المرتشي دون الراشي.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1713، 2487، 3697.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1429(12/5682)
هدايا العمال لا تجوز إلا بإذن صاحب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بإدارة حجز الغرف بفندق بمكة المكرمة, أثناء موسم الحج ورمضان يقوم الفندق بتأجير جميع غرفه إلى مجموعة من شركات السياحة، بعد عملية تأجير جميع غرف الفندق يتم استمرار اتصال شركات سياحة أخرى أو أشخاص بالفندق للحجز -وعلما بأنه قد تم حجز جميع الغرف إلى الشركات الآنف ذكرها- فإننا نخبرهم بعدم إمكانية تأكيد حجزهم، في بعض الأحيان يكون الزبون متشبثا بالحجز في فندقنا ويطلب منا إمكانية إيجاد غرفة له أو أكثر ويكون مستعداً وعالما أنه سيدفع ثمنا مرتفعا على الذي يقترحه الفندق, لأن الغرف في هذه الأثناء ستباع بالسعر الذي تعرضه شركات السياحة الحاجزة لدينا، نحن وكعاملين بهذا الفندق نعرض الصفقة على الشركات الحاجزة لدينا مقابل عمولة يتم الاتفاق عليها معهم وقد يعطينا أيضا الزبون الراغب في الحجز قدراً ماليا أو هدية للتعبير عن امتنانه وشكره وعن طيب خاطره من دون أي اشتراط أو طلب منا، فماذا ترون فضيلتكم في هذه المعاملة وفي تلك العمولة وفي البقشيش والهدية وجزاكم الله عنا خيراً وعن سائر المسلمين، فنرجو من فضيلتكم إجابة مفصلة مبينة أسباب التحريم إذا كان في الأمر حرمة أو شبهة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لكم أخذ العمولة من الشركات الحاجزة ولا من الزبون إلا إذا رضي بذلك صاحب الفندق، لأن ذلك من هدايا العمال وهي لا تجوز إلا بإذن صاحب العمل، وقد ورد النهي عنها في الأحاديث الصحيحة، وقد سبق في الفتوى رقم: 17863 بيان أن العمولة التي تعطى للعامل في شركة لا يحل لك أخذها إلا بعلم صاحب الشركة التي يعمل بها أو مديرها المخول بالإذن في ذلك.
فإن لم يأذن بذلك فلا يجوز أن يؤخذ منها شيء لدخولها في هدايا العمال التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين عن أبي حميد الساعدي قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من بني أسد يقال له: ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي لي، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال: ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا!! والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر، ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه، ثم قال: اللهم هل بلغت مرتين.
وروى أبو داود من حديث عدي بن عميرة الكندي أن رسول الله صلى الله عليه وقال: يا أيها الناس من عمل منكم لنا على عمل فكتمنا منه مخيطاً فما فوقه فهو غل يأتي به يوم القيامة، فقام رجل من الأنصار أسود كأني أنظر إليه، فقال: يا رسول الله اقبل عني عملك. قال: وما ذاك؟ قال: سمعتك تقول كذا وكذا. قال صلى الله عليه وسلم: وأنا أقول ذلك، من استعملناه على عمل فليأت بقليله وكثيره، فما أوتي منه أخذه، وما نهي عنه انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1429(12/5683)
الهدايا من شركات الترويج
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بقسم العناية المركزة ورئيسها يضع جزاءات مالية لمن يغلط في علاج مريض ما أو لا يطبق ما طلبه منه فما الحكم في ذلك ... وكذلك ما حكم الطعام الذي تحضره شركات الأدوية للأطباء عندما تقدم وتعرض دواء معينا لمعرفة عمله وطريقة استخدامه وأعراضه الجانبية، علما بأن المستشفى لا تجبر على شراء الدواء والقرار الأخير للطبيب المعالج، فبعض الأدوية قد اشترتها المستشفى وتستخدمها وأخرى ليست بعد، فأرجو توضيح الأكل الذي تأتي به هذه الشركات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن فرض رئيس قسم العناية وغيرها ممن له ولاية جزاء مالياً على المخطئ فيه خلاف بين العلماء، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 34484.
وأما الأطعمة أو غيرها من الهدايا التي سألت عن حكمها فإذا كان الغرض من تقديمها هو ترويج أدوية هذه الشركات وإطلاع الناس عليها بما لا غش فيه ولا تدليس، وكان يؤمن من محاباة الأطباء من أجل ما قدم إليهم، فيروجون لما لا يستحق أو لما هو مفضول، فلا حرج في تقديم هذه الأطعمة ونحوها من الهدايا، أما في الحالة الثانية وهي كون الغرض هو الترويج ولو بغير الحق فإن هذه الهدية من طعام أو غيره تأخذ حكم الرشوة، ومن المعلوم أن الرشوة من كبائر الذنوب، ويستوي في إثمها آخذها ودافعها والوسيط بينهما.. وللفائدة في ذلك راجع الفتوى رقم: 25789، والفتوى رقم: 13588.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1429(12/5684)
رشوة للأطباء لتحويل المرضى للمختبر
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل فني مختبرات في مختبر خاص وأصحاب المعمل يتعاملون مع الأطباء بإعطاء نسب عالية لهم مقابل تحويل المرضى إلى المعمل بكمية تحاليل كثيرة وحكم خبرتي أعلم أن أكثر من 90 % منها بدون فائدة ولكنها لرفع نسبة الطبيب ولا أعرف ماذا أفعل أنا كل عملي هو التعامل مع العينات فقط ... أفيدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما يبذل للأطباء هو في مقابل غش المرضى وطلب تحليلات لا يحتاجون إليها فإن ذلك يعتبر رشوة ولا يجوز بذله كما أنه أكل لمال المرضى بالغش، وكلا الأمرين محرم.
فعن عبد الله بن عمرو قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي..رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح، وبوب مسلم فقال: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا..
وبناء على هذا؛ فالواجب عليك أن تنهى أصحاب المختبر عن هذا العمل فإن انتهوا فذلك المطلوب، وإن لم ينتهوا فالواجب أن تترك العمل معهم وسيعوضك الله خيرا، فمن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، فقد قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2،3} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1429(12/5685)
لا تقبل الهدية إلا بعد إذن جهة العمل.
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في منشأة وتلاقت الآراء على أنه من الضروري وجود مستشار قانوني (محامي) للمنشأة ولصاحبها فأخذ الجميع في البحث عن المستشار القانوني وجلب عروض أسعار، وقد جلبت أنا عدة عروض وبعد أن جمعنا العروض كلها تبين أن أقل العروض سعرا هو العرض الوارد عن طريقي، وتم التعاقد مع المستشار القانوني بناءً على أقل عرض، وبعد مضي ما يقارب الخمسة أشهر تم سداد الدفعة الأولى من قيمة العقد، وبعد أيام طلبني المستشار القانوني وأعطاني مبلغا من المال وسماه هدية، فهل يجوز أخذها؟ علما أنني لم أشترط عليه ذلك كما أنني إذا أخذته انوي عرضه على صاحب المنشأة أو ولده الوكيل الشرعي لينظر فيه، فله أن يأخذه كله أو يأخذ بعضه ويدفع إلي وإلى غيري من الزملاء البعض الآخر أو يدفع إلى غيري ويحسب البعض الذي يأخذه والده أو هو وكالة عنه خصم مكتسب أو إيرادات أخرى؟ أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الهدايا التي تقدم إلى العمال محرمة ما لم تأذن لهم فيها جهة العمل، فعن أبي حميد الساعدي قال: استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً على صدقات بني سليم، يدعى ابن اللُّتبيَّة، فلما جاء حاسبه، قال: هذا مالكم وهذا هدية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فهلا جلست في بيت أبيك وأمك، حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقاً) . ثم خطبنا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (أما بعد، فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله، فيأتي فيقول: هذا مالكم وهذا هدية أهديت لي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته، والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلأعرفنَّ أحداً منكم لقي الله يحمل بعيراً له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر) . ثم رفع يده حتى رئي بياض إبطه، يقول: (اللهم هل بلَّغت) . بصر عيني وسمع أذني. رواه البخاري ومسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: هدايا العمال غلول. رواه أحمد وصححه الألباني.
رواجع الفتوى رقم: 17863. وبناء على هذا فلا يجوز لك أخذ هذه الهدية إلا بعد إذن جهة العمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1429(12/5686)
حكم استغلال الوظيفة للمشاركة في مشاريع خاصة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل أعمال بصفتي مهندسا زراعيا عرض علي مشروع زراعي (زراعة واستصلاح) من طرف الدولة التي أقيم بها، ولكن بعض الموظفين المسؤولين بالدولة والقائمين بالإشراف على إنجاز العمل وتسلمه مني بعد استكماله اشترطوا علي أن يقاسموني في تنفيذ المشروع إذا أردت أن يكون هذا المشروع من نصيبي في التنفيذ، أي بمعنى أني آخذ العمل كاملا من الدولة في الإجراءات كاملا وهم يشاركوني في تنفيذه حسب الاتفاق، مع العلم بأنهم هم من يستلمون مني ويعتمدون مراحل العمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن استغلال هؤلاء لوظائفهم من أجل اشتراط أن يشاركوك في المشروع المذكور مخالف للشرع، فما يأخذونه من امتياز مقابل مركزهم الوظيفي يعتبر رشوة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لعن الله الراشي والمرتشي والرائش. رواه أحمد.. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 1713.
وبناء على هذا فلا يجوز لك إعطاؤهم هذا الامتياز إلا إذا تعين سبيلاً للحصول على حقك، كأن تكون أولى بهذا المشروع من غيرك لكون الأسعار التي تقدمها أقل من غيرك أو المواصفات أجود وأنت قادر على تنفيذ المشروع على حسب هذه المواصفات بحيث لا يلحق الجهة صاحبة المشروع أي ضرر، فعندئذ يجوز لك إعطاؤهم إياه، ويحرم عليهم هم ذلك لأن العلماء نصوا على جواز الرشوة من الراشي وحرمتها على المرتشي، فقد ورد في الأثر أن ابن مسعود رضي الله عنه كان بالحبشة فرشا بدينارين حتى خلي سبيله، وقال: إن الإثم على القابض دون الدافع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1429(12/5687)
حكم من يدفع مالا لصاحب النفوذ ليسلم له بقية ماله
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أعطاه الله مالا كثيرا وأقام بهذا المال شركات تجارية لاقت بفضل الله نجاحات كبيرة، الأمر الذي حسده عليه ضعاف النفوس من أصحاب النفوذ فدبروا له المكائد وأرادوا تدمير كل ما أقامه فسجنوه، واشترطوا عليه للإفراج عنه أن يدفع لهم مبالغ مالية كبيرة، إلا أنه رفض وآثر البقاء في السجن.
ولكنه إذا ما استمر في معاندتهم فسيستولون على كل ما يملكه ويبقونه سجينا إلى ما شاء الله.
وسؤالي: هل يجوز له دفع جزء من أمواله مقابل المحافظة على الباقي؟ أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أصحاب النفوذ الذين ذكرتهم لا يجوز لهم أخذ مال هذا الرجل بغير حق، لقول تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة: 188} وما يريدون أخذه من المال ليتركوا لمالكه الباقي هو من الرشوة المحرمة عليهم؛ لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم. رواه الترمذي وصححه الألباني. ومعطي الرشوة لا يأثم في هذه الحال لأنه يستثنى من حرمة الرشوة ما إذا تعينت لإحقاق حق فتجوز للراشي، وتبقى محرمة أبدا على المرتشي.
قال الصنعاني في سبل السلام: الراشي هو الذي يبذل المال ليتوصل إلى الباطل، مأخوذ من الرشاء، وهو الحبل الذي يتوصل به إلى الماء في البئر، فعلى هذا بذل المال للتوصل إلى الحق لا يكون رشوة. انتهى.
وبناء على هذا، فإنه يجوز للرجل المذكور أن يدفع مالا إلى صاحب هذا النفوذ مقابل سلامة بقية ماله.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 100145، 62299، 44815، 32788.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1429(12/5688)
لا طاعة للرئيس في أخذ رشوة من الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسان أبلغ من العمر 24 سنة عملي هو شرطي في مدينتي ومشكلتي تكمل في أن رئيسي يطلب مني أخد الرشوة من المواطنين، وأنا ضميري لا يسمح بذلك وإذا رفضت القيام بذلك فإنه سيعمل لي قواليب لكي يطردني من عملي. أتمنى جوابكم في أقرب وقت. وشكرا....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأخذ الرشوة من الكبائر لورود النص بلعن معطيها وآخذها، ففي الحديث: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
ورجل الأمن والشرطي مهمته حماية الناس وصيانة أموالهم وأعراضهم لا أن يكون المعتدي عليهم فإن هذا خيانة عظيمة للأمانة، واعتداء على أموال الناس بدون وجه حق، والله تعالى يقول: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ {البقرة: 188}
وبناء على ما تقدم لا يحل لك طاعة رئيسك في الاعتداء وأخذ رشوة من الناس، فإنما الطاعة في المعروف، ولو أدى إلى فصلك من العمل، فخير لك أن تترك هذا العمل إذا كان يلزم منه ظلم الناس والاعتداء على أموالهم، وإذا أمكنك أن ترفع الأمر إلى من هو أعلى من رئيسك هذا ليأخذ على يديه فافعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1429(12/5689)
محل حرمة الرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مدينة بعيدة عن عائلتي وفي نفس الوقت أريد إتمام دراستي الجامعية بها وللحصول على ذلك يلزمني إعطاء رشوة للحصول على شهادة السكن بهذه المدينة مع العلم أني أكتري فعلا بيتا بها ولكن في حي بعيد قليلا عن الجامعة، وبالتالي عن الحي الذي أريد الحصول فيه على شهادة السكن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرشوة من كبائر الذنوب، فقد تضافرت النصوص والسنة على حرمتها، فمن الكتاب قوله تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188} وقوله تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ {المائدة: 42} .
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله الراشي والمرتشي. رواه أحمد وأبو داود، وهو عند الترمذي بزيادة: في الحكم. وقال: حديث حسن صحيح. وفي رواية: والرائش وهو الساعي بينهما.
ومحل ذلك إذا كان دافعها يدفعها لإحقاق باطل أو إبطال حق، أما إذا تعينت وسيلة لإثبات حق فقد أجازها أهل العلم. قال ابن الأثير: فأما ما يعطى توصلا إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه، روي أن ابن مسعود أخذ بأرض الحبشة في شيء فأعطى دينارين حتى خلي سبيله. وروي عن جماعة من أئمة التابعين أنهم قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم.
وبناء على هذا، فإذا لم يكن لك حق في دخول الجامعة فيحرم عليك دفع الرشوة، أما إذا كان دخولها من حقوقك حسب الأنظمة المتبعة ولم تجدي وسيلة لدخولها إلا دفع الرشوة فلا حرج عليك.
هذا وننبه إلى أن هناك ضوابط لعمل المرأة وسفرها وقد فصلناها في الفتوى رقم: 3859، فراجعيها للأهمية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1429(12/5690)
حكم دفع الرشوة للحصول على شقة عن طريق الحكومة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج حديثا، وقد رزقنا الله طفلة في الشهور القليلة الماضية. المشكلة أننا نسكن في شقة إيجار قانون جديد، أي لها زمن محدد، بالإضافة إلى أن المنطقة التي نسكن فيها مليئة بالتلوث بسبب مصانع الأسمنت القريبة منا، ولهذا نريد أن ننتقل إلى مكان أفضل بأسرع وقت. وبما أننا لسنا نملك المال الكافي لذلك فليس أمامنا سوى الشقق التي توفرها الحكومة. ولكن تظهر مشكلة أخرى، وهي أن كل من نعرفه يؤكد أن هذه الشقق الحكومية لابد فيها من الواسطة والمحسوبية والتي تستلزم دفع مبلغ من المال لهؤلاء الموظفين الذين يسهلون عملية تسليم الشقق، ومن لم يدفع تكون فرصته صغيرة جدا في الحصول على شقة، وإن حصل عليها تكون أسوأ الشقق المتوفرة من حيث الموقع والمساحة وغير ذلك. سؤالي هو: هل يجوز لي أن ألجأ إلى دفع مبلغ من المال لأحد الموظفين ليساعدني في الحصول على الشقة باعتبار أنني مضطر، أم أن ذلك يدخل تحت باب الرشوة؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن الرشوة من كبائر الذنوب، لقول الله تعالى في ذم اليهود: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أكالون للسحت {المائدة:41} ، قال الحسن وسعيد بن جبير: هو الرشوة، وللأحاديث الواردة في لعن الراشي والمرتشي والرائش، وأن ذلك كله في الرشوة التي تدفع لإبطال حق أو إحقاق باطل.
وأما الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه أو لدفع ظلم أو ضرر، فإنها جائزة عند جمهور أهل العلم، ويكون الإثم على المرتشي دون الراشي؛ فقد ورد في الأثر أن ابن مسعود رضي الله عنه كان بالحبشة فرشا بدينارين، حتى خلي سبيله، وقال: إن الإثم على القابض دون الدافع. راجع الفتوى رقم: 71938.
وعلى ما سبق فان كنت مضطرا حقيقة لهذا السكن بحيث لا تستطيع تحمل السكن الأول ويصيبك ضرر محقق من البقاء فيه وليس من سبيل آخر للحصول على سكن بدون دفع هذا المال فنرجو أن لا يكون حرج عليك إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1429(12/5691)
حكم إعطاء مال لممرضة تعمل عند طبيبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعالج أسناني عند طبيبة مختصة وتقوم ممرضة تلك الطبيبة بتقديم بعض الخدمات لي والتي هي من واجبها لكني في نهاية الزيارة أعطيها نقودا على ذلك هل يعدُّ هذا من الرشوة؟ علما بأن معاملتها الجيدة لي تزداد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان إعطاؤك لها هذا المال بعلم وإذن الطبيبة أو الجهة التي تعمل عندها هذه الممرضة فلا بأس، وإلا فلا يجوز لدخول ذلك في هدايا العمال وهي رشوة محرمة، وراجعي الفتوى رقم: 67905.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1429(12/5692)
حكم شراء كروت الهاتف المكتسبة بالرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل فى مجال الموبايلات وقد عرض علي صاحب إحدى المحلات أن أدخل معه شريكا بالمال في شراء كروت الشحن التي تجلبها فتاة بسعر أقل من سعر الكروت الطبيعية وقد علمنا أن هذه الفتاة تجلب الكروت من زوجها أحد ضباط الشرطة الذي يأخذها رشوة من الناس والربح يقسم بيني وبين صاحب المحل، فهل هذا الربح حرام، وماذا أفعل بالربح الذي أخذته قديما، مع العلم بأنني كنت أعلم مصدر الكروت من البداية؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا علم الشخص أن ما في يد الآخر رشوة فلا يجوز له التعامل معه فيها، فالرشوة لا تملك، وإذا كان الراشي استوفى منفعته المحرمة بها لا ترد إليه وتنفق في منافع المسلمين العامة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرشوة من المحرمات العظيمة التي استحق آخذها ومعطيها بدون وجه حق اللعنة، وفي الحديث: لعن الله الراشي والمرتشي والرائش. رواه أحمد.
وإذا كان السائل يعلم أن الكروت التي تجلبها هذه الفتاة هي من تلك الرشى التي يأخذها الضابط المذكور، فلا يجوز له شراؤها أصالة أو توكيلاً عن طريق شريكه صاحب المحل فإنه بهذا يكون متصرفاً في مال غيره بالباطل كحال المرتشي نفسه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ما في الوجود من الأموال المغصوبة والمقبوضة بعقود لا تباح بالقبض إن عرفه المسلم اجتنبه، فمن علمت أنه سرق مالاً أو خان في أمانة أو غصبه لم يجز أن آخذه منه لا بطريق الهبة ولا بطريق المعاوضة. انتهى.
وبناء على ما تقدم فإن هذه الكروت لا تنتقل إلى ملك المشتري لها لعدم انتقال ملكيتها إليه بوجه سائغ شرعاً، ولا ترد إلى المرتشي ولا إلى الراشي إذا كان استوفى منفعته المحرمة التي بذل في سبيل تحصيلها الرشوة، فلم يبق لها مصرف إلا أن ينفق ثمنها في منافع المسلمين العامة، وأما ما زاد على قيمتها من ربح فهو للبائع مقابل جهده وضمانه، وراجع المزيد في الفتوى رقم: 53640.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1429(12/5693)
حكم دفع المال لتجاوز امتحان السياقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أتعلم السياقة بإحدى المدارس المخصصة لذلك، أصبحت أجيد أداء المناورة مع المعلم حين كنت أتعلم في سيارة جديدة حيث كان بإمكاني تكييف الكرسي حسب الوضع الذي يناسبني لأنني قصيرة القامة أما في السيارة الامتحان فلا يمكنني الجلوس بالوضع المناسب فأرسب دائما بالامتحان، فهل يجوز لي أن أدفع مالاً حتى أتجاوز هذا الامتحان، وأمر للامتحان التالي علما بأنه لا يوجد نسبة محددة للناجحين أو الراسبين فبإمكان الجميع الفوز كما بإمكان رسوب كل الممتحنين، أي أنني بذلك لن آخذ حق غيري إذا دفعت مالاً، أنا بحاجة لرخصة السياقة هذه لكنني خائفة من أن يحسب ذلك رشوة، فماذا أفعل؟ جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تعليم الرجل المرأة السواقة فيه محاذير شرعية منها أنه قد يخلو بها عن أعين الناس، وإذا لم تحصل خلوة فجلوسه معها في السيارة يعد في معنى الخلوة؛ لما قد ينتج عن ذلك من مفاسد كبعض المفاسد التي قد توجد عند الخلوة الشرعية، ولذا نقول إنه إذا لم تكن المعلمة امرأة فلا يجوز الإقدام على هذا الأمر إلا لضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، فتلتزم المتعلمة آداب الإسلام وحدوده في تعاملها مع المعلم.
وأما عن مسألة دفع مال لتجاوز الامتحان الأول في السواقة وهل يعد هذا رشوة أم لا؟ فالجواب: أن ظاهر الأمر أنه رشوة لأنه لا يحق للسائلة الحصول على رخصة سواقه إلا بتجاوز هذا الامتحان، فبذلها المال لتجاوزه يعتبر توصلاً إلى ما ليس حقاً لها، وهذه هي الرشوة المحرمة في حق الدافع والآخذ، وإذا كانت السائلة تعتقد أن سبب رسوبها في الامتحان هو عدم صلاحية سيارة التعليم فلتطلب من المدرسة التي تتعلم القيادة فيها أن تهيئ له سيارة تناسبها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1429(12/5694)
حكم بذل المورد المال ليختاره المسؤول دون غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بائع قطع الغيار وأجزاء السيارات، أتعامل مع بعض الإدارات من بين تعاملاتي أنني أحصل على طلبات من بعض الإدارات العمومية من أجل تموين سياراتها عند الحاجة، أعراف المهنة عندنا تقضي لكي أحصل على بعض هده الطلبات لا بد لي من شخص واسطة غالبا ما يكون هو الموظف المسؤول عن قسم التموين في تلك الإدارة أو الشركة، مما يضطرني في آخر المطاف لأن أعطيه (يعني للموظف) قدراً من المال يختلف حسب حجم الصفقة كعمولة له مقابل اختياره لي وتخصيصي بتلك الطلبات من غير الزملاء الآخرين، وهذا أمر أصبح متعارفا عليه بيننا حتى أصبح لكل منا إداراته التي يتعامل معها، فما موقف الشرع من العمولة المعطاة مقابل الحصول على بعض تلك الطلبات، ولا حول ولا قوة إلا بالله، نورونا؟ جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بذل المال للمسؤول أو الموظف نظير أن يقوم بعمله الواجب يعد رشوة محرمة بلا شك، وفي الحديث: لعن الله الراشي والمرتشي. رواه أحمد وغيره، وشيوع هذه الرشوة وانتشارها من البلاء والفساد الذي ينبغي أن يدفع بالردع والأخذ على أيدي المتعاملين بها لا أن يستمرئ الناس ذلك حتى يكون عُرفاً لا يُنكر.
فالحاصل أنه لا يجوز للأخ السائل بذل هذه الأموال التي يسميها عمولة للجنة المناقصات أو للمسؤول فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1429(12/5695)
رشوة محرمة إلا إذا أذن فيها صاحب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا أعمل فورمان بإحدى شركات المقاولات وأقوم بشراء أغراض للشركة من خلال عهدة نقدية وأحيانا أشتري أغراضا بقيمة 300 ريال مثلاً ويستخرج البائع فاتورة بالمبلغ وعندما أعطية إياه يرجع إلي 10 ريالات مثلاً فما حكم هذه الـ 10 ريالات؟ وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الريالات رشوة محرمة إلا إذا أذن فيها صاحب العمل، لأن البائع يعطيها لك بسبب وظيفتك ليستميلك للشراء منه، ولو كان ذلك على حساب مصلحة العمل، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 37434، والفتوى رقم: 67905.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1429(12/5696)
حكم ما يقدمه المراجعون للموظفين من مال
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتمحور حول مسألة دنيوية ألا وهي أني استلمت مبلغا كتأدية لفواتير من شخص في العمل لكن بعد حسابي للمبلغ أتناء وجود المعني بالأمر أي الشخص الحامل لهذا المبلغ وجدت زيادة عن المبلغ المحصل عن قيمة الفواتير مثلا قيمة الفواتير 1000 درهم ومبلغ الشخص هو 1200 درهم يعني هناك زيادة 200 درهم وقد أعلمت الشخص بالفرق لكنه أبدى عدم اهتمامه بالفرق ما دامت القيمة غير كبيرة بالنسبة له وقد قررت له هناك فرق لكن كما ذكرت قال لي ليس مهم والأمر الذي حيرني هل ذلك الفرق من نصيبي وهل تلك القيمة لا تدخل ضمن عملية الرشوة، علما أنني لم أفعل له المستحيل من الخدمات فما رأيكم فأفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز للموظف أن يأخذ شيئاً من المراجعين مقابل قيامه بعمله الواجب لأن ذلك يعد في حقه رشوة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالموظف لا يجوز له أن يأخذ شيئاً من المراجعين مقابل ما يقوم به من عمل واجب عليه بحكم وظيفته، وسواء سمي ما يأخذه هدية أو هبة أو غيرهما، لحديث: هدايا العمال غلول. أخرجه أحمد.. ويدخل في هدايا العمال ما يقدمه المراجعون للموظفين ونحوهم من أجل تقديمهم على غيرهم أو محاباتهم أو القيام بالعمل المنوط بهم، ولا يلزم أن يكون العمل أو الخدمة التي يقدمها الموظف عظيمة أو مستحيلة كما أشارت الأخت السائلة في سؤالها. فكل عمل صغيراً كان أو كبيراً يجب على الموظف القيام به فإن أخذه مالاً مقابل ذلك يعد رشوة.
وبناء على ما تقدم وحسب ما ظهر لنا من السؤال وهو أن المراجع بذل المال للأخت السائلة لتقديمها خدمة له بحكم وظيفتها فإن هذا المال يعد رشوة في حقها، وعليها رده إلى من بذله، فإن تعذر رده تصدقت به. وراجعي في ضوابط عمل المرأة في الفتوى رقم: 26821.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1429(12/5697)
حكم عمل مأدبة غداء لمن توسط في توظيفه
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتوني يا أهل العلم بارك الله فيكم
أنا كنت أبحث عن عمل لأكثر من 4 سنوات فتحصلت على عمل عن طريق صديق لي في أحد الأماكن الحكومية مع أني لم أطلب منه ذلك ولله الحمد وأنا سعيد جدا بهذا العمل
سؤالي يا فضيلة الشيخ هو
أريد أن أعمل مأدبة غداء لهذا الشخص وباقي الأصدقاء في مزرعتي هل هذه تعتبر رشوة أو لا
مع أنه هناك من يشككني في أمري؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الظاهر من معطيات السؤال أن ما ذكر ليس من الرشوة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق تعريف الرشوة وبيان حكمها وأنها من كبائر الذنوب، وأن على المسلم أن يحذر منها، ويبتعد عنها.. وذلك في عدة فتاوى منها الفتوى: 103209، فنرجو أن تطلع عليها.
وما دامت المأدبة المذكورة لا يقصد بها الحصول على ما ليس لك أو إبطال حق أو إحقاق باطل.. أو غير ذلك مما يتنافى مع الشرع فإنها لا تعتبر رشوة.
بل إذا قصد بها إطعام الطعام وإكرام الناس والإحسان إلى من أحسن إليك بدون سؤال أورد المعروف إلى أهله.. فتكون أمرا مرغبا فيه شرعا.
فقد قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام " رواه ابن ماجه وغيره وصححه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سأل بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه" رواه الإمام أحمد وغيره وصححه الألباني
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تَصَافَحُوا يَذْهَبْ الْغِلُّ، وَتَهَادَوْا تَحَابُّوا، وَتَذْهَبْ الشَّحْنَاءُ" رواه مالك في الموطإ وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1429(12/5698)
استأجر شركة شحن فدفعت رشوة فهل يؤاخذ
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أستورد البضائع من الصين مع شركات للشحن حيث إنني أشتري البضاعة وأدفع ثمنها وأرجع الى الجزائر وأتفق مع الشركة بالتكفل بإتمام كل الإجراءات الإدارية اللازمة في الصين وفي بلدي حتى أنها تدفع كل الرسوم والضرائب المترتبة عن دخول هده البضاعة الى البلاد مقابل مبلغ من المال نتفق عليه مسبقا يدفع عند استلام البضاعة في الجزائر والسؤال هو ...
هل أتحمل المسؤولية عن دفع الرشوة إن دفعتها الشركة مقابل تخليص البضاعة من الميناء مع العلم احتمال كبير أن يكون هناك دفع للرشوة وللعلم أيضا أن البضاعة مسموحة وغير ممنوعة وأيضا لا أعلم المبلغ المدفوع.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من استأجر شخصا على منفعة مباحة شرعا لا يؤاخذ بما ارتكبه هذا الشخص من مخالفة في عمله كدفع رشوة ونحو ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يقوم به الأخ السائل من الاتفاق مع شركة الشحن لنقل البضاعة من الصين إلى بلده وما يستلزم ذلك من إجراءات وما يتبعه من إخراج البضاعة من الميناء وتسليمها إليه يعد نوعا من الإجارة الجائزة إذا كان المعقود عليه مما يباح في الشريعة، وكانت الأجرة على هذا العمل معلومة محددة للطرفين.
فإذا قامت شركة الشحن بدفع رشوة في عملها فإن السائل غير مسؤول شرعا عن هذا التصرف لأنه استأجرها على نقل البضاعة ولم يستأجرها أو يوكلها في دفع الرشوة.
كما أنه يباح لشركة الشحن إذا اضطرت لدفع رشوة لتخليص البضاعة أو لدفع ضرر ونحوه أن تفعل ذلك إذا لم يكن هناك وسيلة أخرى.
وراجع المزيد من الفتويين التاليتين: 12346، 31992.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1429(12/5699)
مشاريع البناء التي لا يحصل عليها إلا بالرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة المشايخ جزاكم الله ألف خير هذا سؤالي:
أنا شاب أمتهن مهنة المقاولة في البناء مند 3 سنوات إلا أنه وفي الآونة الأخيرة طغت على هذه المهنة في بلادنا مفاهيم جديدة تتمثل في الرشوة والمحاباة والمشاركة في المشاريع وقد تقدمت لإحدى المؤسسات العسكرية من أجل وضع ملف قصد الحصول على مشاريع البناء وهذا عن طريق الوساطة من أحد الأصدقاء لكن قيل لي إن المسؤول المباشر عن تقديم المشاريع وكما عوده السابقون وربما اللاحقون يأخذ مكافآت مالية بعد الانتهاء من إنجاز المشاريع مع العلم أنه لا يشترط مبلغا معينا بعينه ولكنه بعد أي إنجاز ينتظر من المقاول مكافآت مالية مقابل مساعدته على الحصول على مثل هدا النوع من المشاريع.
لهذا أريد من سيادتكم الفاضلة تنويري هل ما سأقوم به مستقبلا هو رشوة؟ وما حكم مثل هذه المعاملات؟ وهل أتوقف عن مهنة المقاولة في حالة اشتراط مثل هذه الشروط. وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن تقاضي المسؤول مكافأة مالية من المقاولين أو اشتراطه أن يشاركهم مقابل مساعدتهم في الحصول على مشروع يعتبر رشوة يحرم بذلها وقبولها، لما في ذلك من خيانة الأمانة وظلم الآخرين، هذا من حيث الأصل، لكن إذا كنت أحق بهذه المشاريع من غيرك نظراً لجودة المواصفات التي تقدمها ورخص الأسعار ونحو ذلك، وكنت على يقين من أنه ليس في المتقدمين من هو مساو لك فيما ذكر، ولم تجد وسيلة للحصول على المشروع إلا بدفع رشوة، فلا حرج في ذلك لأنك تتوصل بذلك إلى حقك دون أن تبطل حق غيرك، والإثم في ذلك على الآخذ دون المعطي. وراجع في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 6257، والفتوى رقم: 1713.
وبهذا تعلم أنه لا يلزمك التوقف عن مهنة المقاولة، إنما يلزمك أن تتوقف فقط عن الرشوة حيث لا يجوز لك بذلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1429(12/5700)
دفع الرشوة للوصول إلى حق أو دفع ضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تاجر أشتري الأحجار الكريمة من أفريقيا وتواجهني مشكلة في تخليص المعاملات الرسمية، حيث الشعب في حالة شديدة من الفقر ويترجى مني الموظفون هناك مالا بسيطا للأكل ويقومون بتوزيع المال بينهم، في حالة لم أعطهم المال المعاملة سوف تتأخر ولا أعلم إلى متى سوف تتأخر المعاملة مع العلم بأن المعاملة لا تأخذ أكثر من 10 دقائق، وليس هناك مكان أقوم بتقديم شكوى حيث إني لست من أهل هذا البلد، والمعاملة سليمة وليس بها أي شبهة أو حرام، ويترتب على تأخيري هناك دفع مصاريف أكثر من مواصلات وأكل وإيجار سكن وإيجار مندوبين، فأرجو منكم المساعدة إنني في حيرة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا اضطر الشخص إلى دفع رشوة توصلاً إلى حقه أو لدفع ضرر فهي مباحه للدافع وحرام على الآخذ.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لهؤلاء الموظفين أن يأخذوا من المراجعين شيئاً في سبيل إنجاز معاملاتهم على الوجه المطلوب، لأن هذا هو عملهم الواجب الذي يتقاضون عليه أجراً، فما يأخذونه من المراجعين زيادة على ذلك يعتبر رشوة محرمة.
وأما الدافع لهذا المال فينظر فيه، فإن كان لا يستطيع الوصول إلى حقه أو لا يستطيع دفع الضرر عن نفسه وماله إلا بدفع الرشوة فيباح له ذلك، ويبوء بالإثم الموظف، لأن الرشوة المحرمة ما توصل به الشخص إلى ما ليس من حقه، أما إذا حيل بينه وبين حقه ولم يجد بداً من بذل المال، فلا إثم عليه. وراجع في معنى الرشوة المحرمة الفتوى رقم: 2487.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1429(12/5701)
دفع المال للحصول على الخبز بغير طابور
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإفادة جزاكم الله خيرا ... فى ظل الزحام الشديد على طابور العيش (الخبز) والصعوبة البالغة فى الحصول عليه يوميا من جميع الأفران والمخابز
هل يجوز أن أدفع لصاحب الفرن على سبيل المثال 50 جنيها شهريا بما يعادل كل يوم جنيها واحدا خبزا (فى الشهر 30 جنيها) وأعطى له 50 جنيها على أنه يجهز لى كل يوم بجنيه واحد كما ذكرت. وهل هذا حرام أم حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي يقصدون الأفران والمخابز المدعومة من الدولة لشراء الخبز يستوون في هذا الحق فلا يصح أن يأتي شخص لتجاوزهم فيأخذ حاجته من الخبز قبلهم مقابل أن يدفع مبلغا لصاحب الفرن أو للعامل.
وبذل هذا المال من قبل هذا الشخص الذي لا يريد أن يقف مع غيره من المستحقين غير جائز لأنه يتوصل به إلى ما لا حق فيه وهو تقديمه على غيره بدون مسوغ، ولا يجوز قبوله من العامل ويعتبر في حقه رشوة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1429(12/5702)
حكم بذل رشوة لإخراج سجين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إعطاء رشوة لشخص من أجل إخراج سجين مظلوم؟ وهل يعتبر من الزكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى الحق، أو لدفع الظلم أو الضرر، جائزة عند الجمهور.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الرشوة من المحرمات الكبيرة فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. وفي رواية: والرائش. وهو الساعي بينهما، فيحرم طلب الرشوة وقبولها وبذلها. هذا في الحالات العادية.
وأما الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه الذي لا يستطيع الوصول إليه إلا بها، أو يدفع بها ظلما أو ضررا عنه أو عن مسلم لا يستطيع دفعه إلا بها فهي جائزة عند جمهور العلماء.
وربما تكون واجبة في بعض الأحيان، ويكون الإثم على المرتشي دون الراشي. وبناء على ذلك، فإذا لم توجد وسيلة لإنقاذ المظلوم غير الرشوة فإنها تجوز في مثل هذه الحالة وربما تجب.
وأما اعتبارها من الزكاة فلا يصح؛ لأن الزكاة لا تجزئ إلا بدفعها لأحد الأصناف الثمانية المذكورين في قول الله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. {التوبة:60}
وإذا كان السجين المراد الإفراج عنه فقيرا فإن لك أن تدفع له زكاة مالك، وله أن يوكل من يقبضها نيابة عنه، ولا حرج أن يجعلك أنت وكيل قبض، ومن جعله وكيل قبض فإن عليه أن يتصرف وفق توجيهاته هو. فإن كنت أنت الوكيل وأمرك بدفعها رشوة لدفع الظلم عنه فلا حرج في ذلك.
وللمزيد انظر الفتويين: 47622، 97709.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1429(12/5703)
أمره مديره بدفع رشوة لتسهيل الحصول على وثيقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أشتغل بشركة وطلب مني المدير إحضار وثيقة من الجهة المسئولة ولتسهيل العملية أمرني بإعطاء رشوة - متداول بها في هذا النوع من الإدارات.
مادا أفعل علما أني عندما أرفض يمكن أن أخسر الوظيفة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الرشوة من كبائر الذنوب، ولا تجوز في حال الاختيار. وإذا تعذر على المرء تحصيل أمر يتعلق به جلب مصلحة معتبرة شرعا وكان هو مستحقا لها أو دفع مفسدة، ولم يتمكن منه إلا بدفع مبلغ من المال كان ذلك مباحا له، محرما في حق الأخذ.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إن الرشوة من كبائر الذنوب وملعون صاحبها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه أحمد وأبو داود وهو عند الترمذي بزيادة: في الحكم. وقال: حديث حسن صحيح. وفي رواية: والرائش. وهو الساعي بينهما. وقال تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ. {المائدة42} .
قال الحسن، وسعيد بن جبير هو: الرشوة. وقال تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: 188] .
فطلب الرشوة حرام، وقبولها حرام.
هذا في الرشوة التي يتوصل بها صاحبها إلى ما ليس له. وأما الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه، أو لدفع ظلم عنه أو ضرر، فإنها جائزة عند الجمهور، ويكون الإثم فيها على المرتشي دون الراشي.
قال ابن الأثير: فأما ما يعطى توصلا إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه. روي أن ابن مسعود أخذ بأرض الحبشة في شيء فأعطى دينارين حتى خلي سبيله، وروي عن جماعة من أئمة التابعين أنهم قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله، إذا خاف الظلم. انتهى.
وعليه، فإذا كان في الإمكان إحضار الوثيقة دون دفع شيء فذلك هو المتعين، ولا يجوز لك دفع الرشوة في هذه الحال، ويشترط أن يكون المدير ممن يستحقون هذه الوثيقة.
وإذا لم يمكن التوصل إلى الوثيقة المذكورة إلا بدفع رشوة، وكان يتعلق بها جلب مصلحة أو دفع مفسدة، فإن دفع المال حينئذ لا يعد رشوة في حق الدافع، وبالتالي فهو جائر، والإثم فيه على الآخذ.
والله أعلم. ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1429(12/5704)
حكم الأكل والصلاة في بيت المرتشي
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي جزاكم الله خيراً، ما هو حكم الأكل والصلاة فى بيت المرتشي وأخذ القرض، فأفيدوني؟ جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان أخذ القرض المسؤول عنه بهل يجوز القرض؟ فإن الاقتراض جائز لمن علم من نفسه العزم على القضاء ويدل لهذا ثبوت الاقتراض عن النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحاديث، كما يدل له قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ... {البقرة:282} ، ويشترط في هذا القرض مراعاة سلامة المعاملة مما يخدش في مشروعيتها فلا يكون فيها رد القرض بفائدة ولا اشتراط منفعة، وإن كان المراد السؤال عن الأكل في بيت المقترض فإن كان طريقة الاقتراض مشروعة فهو مباح، وإن كانت غير مباحة فإنه ينظر فيه وفيمن يرتشي، هل كل مالهما محرم أم أنه اختلط فيه المال المحرم بالمباح، وقد قدمنا الكلام على تفصيل المسألة في كثير من الفتاوى السابقة فراجعي منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 71204، 96308، 32526، 104059، 97757.
وأما الصلاة في بيت هذا الرجل فإن كان أصل البيت معروف أنه بني بالمال الحرام فإن الصلاة تصح فيه عند الجمهور خلافاً للحنابلة، كما ذكره شراح جمع الجوامع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1429(12/5705)
حكم ما يأخذه الناخب من المرشح
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد شخص أعطاني عطية ما، وأظن أن سبب إعطائها لي منه هو أنه يريد مني أن أعطيه صوتي (أى أنتخبه) في انتخابات قادمة، حيث إنه ليس لي به معرفة مسبقة فهذا أول تعامل.
فهل هذه تعتبر رشوة، وهل إذا أخذت هذه العطية ولم أنتخبه أصلا. وهذه نيتي ... فهل ذلك رشوة أيضا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
بيع الصوت الانتخابي حرام شرعا، والمال المأخوذ عليه سحت.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يأخذه الناخب من المرشح يعتبر رشوة يتوصل بها المرشح إلى شراء صوت الناخب، وأن مرشحا يبذل ماله لمن يرشحه غير مستحق وغير أمين، وهذا كاف في عدم اختياره.
وليعلم الأخ السائل أن التصويت في الانتخابات يعتبر شهادة وتزكية وأمانة، فإذا بيعت الأمانة والشهادة بالمال نتج عن ذلك فساد عظيم، واجتمع فيها الكذب والبهتان وأكل المال بالباطل. فما يدفعه المرشح من مال للناخبين يعد رشوة. وفي الحديث: لعن الله الراشي والمرتشي. رواه الترمذي.
وجاء في فتاوى الدكتور وهبة الزحيلي: يحرم أخذ المال على الانتخابات فهي رشوة، ولا يحل بيع الصوت الانتخابي، والثمن المأخوذ على هذا حرام وسحت. انتهى
وجاء في سؤال موجهة للجنة الشرعية بقطاع الإفتاء بالكويت: إذا أراد الناخب أن يتوب مما كسبه من مال للإدلاء بصوته. فأجابت: على الناخب أن يتوب إلى الله، وأن يخرج هذا المال الخبيث الذي أخذه لبيع صوته إلى صاحبه، فإن لم يتمكن من ذلك فليضعه في شيء من وجوه الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1429(12/5706)
حكم تخليص معاملات الشركة مقابل عمولة للمسؤول
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي شركة تعمل فى مجال الشحن والتخليص الجمركي، وقد عرض علي أحد المسؤولين بإحدى الشركات أن أستلم جميع معاملات التخليص لشركتة نظير أن أدفع له على كل معاملة مبلغا من المال كعمولة له، مع العلم بأنني أضيف هذه العمولة على الفاتورة التي أقوم بإصدارها لشركته أي أن كل أتعابي في التخليص أضيف لها مبلغ العمولة التي حصل عليها وتدفعها كلها شركته، فهل هذه تحتسب رشوة وما حكم الإسلام فى ذلك مع العلم بأن معظم الشركات تفعل المثل؟ وشكراً جزيلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما يأخذه الموظف من العملاء مقابل عمله الواجب رشوة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم الأخ السائل أن الواجب في حق الموظف والمسؤول في شركة أو جهة ما هو أن يعمل لمصلحة هذه الشركة لأنه وكيل عنها، والوكيل يعمل لمصلحة موكله على ما هو مقتضى الأمانة، فإذا طلب منك المسؤول المذكور عمولة مقابل تسليمك معاملات شركته فإن ذلك محرم، ولو كانت العمولة مدفوعة منك أنت دون أن تضاف إلى تكلفة التخليص فتدفعها شركته التي وكلته، فما بالك إذا كان يعلم أن هذه العمولة ستتحملها الشركة التي اتمنته، فمثل هذا لا شك أنه يعد من أسوأ أنواع الخيانة، إضافة إلى أنه رشوة محرمة، لا يحل له أخذها كما لا يحل لك دفعها له، وفي الحديث: لعن الله الراشي والمرتشي. رواه أحمد.
وكون الرشوة شائعة بين هذا النوع من الشركات لا يصلح أن يكون مبرراً لسلوك هذا السبيل، فالله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ {المائدة:105} ، أي اجتهدوا في إصلاح أنفسكم وإلزامها سلوك الطريق المستقيم مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على قدر الطاقة، فإذا فعلتم ذلك فلا يضركم ضلال من ضل، فكل نفس ستجزى بما كسبت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1429(12/5707)
أخذ الموظف المال مقابل إقناع المدير بقبول عرض العميل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف في شركة أجنبية، الشركة ترغب في نقل معداتها خارج البلاد، طلب مني المدير أن أحضر له أسعار النقل فأحضرتها له وقال إنها جيدة ثم سافر، فقمت بالاتصال بالعميل ليقوم بالعمل، مع العلم بأن المدير كان يتعامل مع شخص غيره، قال لي العميل قبل تقديم العرض إنه سوف يعطيني بعض المال إذا وافق المدير على العرض، وعند تقديم الفاتورة وافق عليها المدير، وللعلم فإن المدير لايعلم بأني سوف آخذ هذا المال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المبلغ الذي عرضه عليك العميل مقابل موافقة المدير على العرض الذي قدمه يعتبر في حقك رشوة لأنك تقوم بهذا العمل بمقتضى وظيفتك في الشركة التي كلفتك به وتتقاضى عليه أجرا، فما تأخذه زيادة على أجرك يعد من هدايا العمال المحرمة، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 17863.
وإذا أذن لك مالك الشركة أو من هو مخول منه بالإذن في أخذ هذا المبلغ فلا مانع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1429(12/5708)
دفع المال للطبيب مقابل اختياره أدوية الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعمل في مجال الدعاية الطبية، وعملنا يوجب علينا أن نقدم للأطباء هدايا من أقلام حتى سفريات تكلف آلاف الريالات وأحيانا ندفع من حسابنا الشخصي مقابل أن يكتب أصناف الشركة وأحيانا يطلب كاش ونحن مطلوب منا أرقام آخر السنة، وكما هو معلوم أننا هنا لأسباب عديدة منها مادية ونحن نقع بين نارين المحافظة على العمل بالشركة أو أن نرفض لعدم تحقيق الأرقام، فهل تقديم هذه الهدايا مقابل العمل معنا حرام وهل نتحمل نحن الإثم أم الطبيب أم شركتنا، وللعلم نحن شريحة واسعة والكل يهمه معرفة الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن في قيام شركات الدعاية الطبية بدفع ما سماه السائل هدايا للأطباء قد تصل إلى آلاف الريالات من أجل أن يقوم الطبيب بكتابة أدوية الشركة التي تقدم له هذه الهدايا، يعد من الرشوة المحرمة، وفي ذلك من المفاسد ما لا يخفى، فالطبيب الذي يشترط أن يدفع له شيء مقابل كتابة أصناف الشركة لا شك أنه سيتأثر بها عندما يصف الدواء، ولن ينظر إلى الأفضلية ولا إلى السعر الأنسب للمرضى، وإنما تكون عينة على المال والهدايا التي ينتظرها أو يشترطها على الشركة.
وبهذا يتحول الطبيب من شخص ناصح أمين إلى مسوق لأدوية الشركات حسب ما تدفعه كل شركه له من الرشا، ولو فتح هذا الباب لعم الفساد ولتنافست الشركات في اجتذاب الأطباء ... والمتضرر من هذه المنافسة هو المريض أولاً وآخراً، فيتضرر بأن يوصف له دواء وغيره أفضل منه، ويتضرر كذلك بارتفاع ثمن الدواء لأن ما يأخذه هؤلاء الأطباء يتحمله في النهاية المريض، فهذه الرشا تراعى عند وضع السعر للدواء.
وعليه فلا يجوز لكم ولا لشركتكم ولا للأطباء فعل هذا الأمر لعموم حديث النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله الراشي والمرتشي والرائش. رواه أحمد. والرائش هو الساعي في الوساطة للرشوة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1428(12/5709)
الفرق بين الرشوة والإكرامية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن أعرف الفرق بين الرشوة والإكرامية، هل هما شيء واحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرشوة قد عرفها ابن حزم رحمه الله في المحلى بقوله: هي ما أعطاه المرء ليحكم له بباطل، أو ليولى ولاية، أو ليظلم له إنسان.
وعرفها السبكي في الفتاوى بقوله: ما يعطى لدفع حق أو لتحصيل باطل.
وقال بدر الدين الزركشي في كتابه المنثور في القواعد: الرشوة أخذ المال ليحق به الباطل أو يبطل الحق، فأما إذا كان مظلوماً فبذل لمن يتوسط له عند السلطان في خلاصه وستره فليس ذلك بإرشاء حرام، بل جعالة مباحة.
والإكرامية إذا كان ينطبق عليها شيء من التعريفات السابقة، بأن كانت مالا أعطي لتحقيق باطل أو إبطال حق، فهي الرشوة بعينها، ولا عبرة بتغيير اسمها، وإن كانت شيئاً يهديه المرء إلى صديقه أو قريبه ونحوهما، فإنها تكون هدية، وقد رغب فيها الشارع الحكيم حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. أخرجه البخاري في الأدب المفرد، والبيهقي من حديث أبي هريرة بسند جيد.
وإن كانت مالا يعطيه المرء ليتوصل به إلى حقه، حيث لم يتمكن من تحصيل حقه بدونها، فإنها في حق الآخذ تكون رشوة حراماً، وفي حق المعطي مباحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1428(12/5710)
حكم المال الذي يبذله صاحب القضية للخبير
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي مهندس والآن خبير محكمة في القضايا الهندسية وأحيانا تجيء له قضية وصاحب القضية يعطيه فلوسا لكي يساعده في قضيته ولكن زوجي يخبره بأن القضية سيحلها على ما في الأدلة الموجودة في الأوراق أو في أرض الواقع، طبعا زوجي يأخذ الفلوس هذه وعندما أكلمه لماذا تأخذ الفلوس هذه يقول بأنهم أعطوني من دون أن أطلبها منهم فلا تخافي لأني أقول لهم بأني لن أغير من نيتي شيئا التي نويت قبل أن تأتيني هذه الفلوس وسأكتب تقريري الذي أحس أنه صحيح ولكني خائفة من هذه الفلوس كثيرا فما الحكم؟ رغم أني قنوعة ومرتاحة بحياتي ودائما أذكره بأننا لا نصبرعلى النار ولا نريد إلا حلالا، فأرجو الرد في أقرب وقت ممكن حتى أطمئن ولا أريد زوجي أن يحاسب أمام الله تعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المال الذي يبذله صاحب القضية للحاكم أو الخبير ونحوهما من أجل مساعدته في قضيته يعدّ رشوة محرمة شرعا في حق المرتشي مطلقا سواء كان الراشي يطلب حقا أم باطلا لأن الحاكم أو الخبير في هذه المحاكم يتقاضى راتبا مقابل القيام بهذا العمل فقبوله للمال من أصحاب القضايا يعتبر رشوة، وأكلاً للمال بالباطل ولو لم يطلبه هو، ولو لم يغير من الوقائع أو يميل في الحكم لجهة من بذل له المال، وفي الحديث: هدايا العمال غلول. رواه أحمد، والخبير ونحوه في هذا المحاكم داخل في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: العمال.
يقول النووي: فإن أهدى إليه " القاضي" من له خصومة أو لم يهد أي لم تكن من عادته الهدية له قبل ولايته حرم قبولها. اهـ.
وبهذا تعلمين أنه لا يجوز لزوجك قبول المال المبذول على هذه الصفة ويجب عليه رده إلى من دفعه إليه، والتوبة إلى الله عز وجل، وأما إذا كان يأخذه ليحكم لصاحبه بغير حقه فالأمر أعظم والذنب أشد. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1428(12/5711)
عمولة الموظف رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص أريد أن أتوب إلى الله ولكني ارتكبت بعض المعاصي مثلا: (قبل أن أتزوج كنت أعمل بلجنة للمشتريات فى إحدى الهيئات الحكومية وكنت آخذ على كل فاتورة عمولة خاصة بي شخصيا مثلا كنت أشترط على المورد لكي يرسى عليه العطاء أن يجلب لي جهاز موبايل أو مبلغا نقديا، مع العلم بأنه لا يوجد نص قانوني يسمح لي بأخذ هذه النقود أو الهدايا) ، جزاكم الله خيراً أفتونا مأجورين ماذا علي فعله لكي أرتاح نفسيا وتكون توبتي صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أخذ هذه العمولة يعتبر رشوة، وقد سبق بيان كيفية التوبة من ذلك في الفتوى رقم: 64384.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1428(12/5712)
حكم المال المدفوع مقابل الحصول على عمل إضافي
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد شخص يكلف أي شخص من الزملاء بأداء عمل إضافي ويأخذ منه نظير ذلك 20 % من الأجر مع العلم بأن الشخص الذي يكلف بالعمل الإضافي هو الذي يختار أي شخص آخر وليس له مواصفات بعينها، فهل إذا أنا وافقت على ذلك تكون رشوة وحراما علي؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال غير واضح تماما ولكن إذا كان المقصود منه أن هذا الشخص مسؤول في جهة عمل ما ويناط به اختيار الموظفين للعمل الإضافي في هذه الجهة فإنه لا يحل له أخذ شيء من أجورهم مقابل هذا الاختيار وما يأخذه يعد سحتا، وفي الحديث: هدايا العمال غلول. رواه أحمد.
وإذا كان ما يأخذه يعد رشوة فإنه لا يحل لك دفعها إليه ما لم يكن لك حق في هذا العمل لا تتوصل إليه إلا ببذلها لحديث: لعن الله الراشي والمرتشي. رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
وراجع في معنى الرشوة المحرمة الفتوى رقم: 2487.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1428(12/5713)
حكم أخذ الموظف هدية من البائع برضاه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق يعمل في إحدى الدوائر الحكومية وقام بشراء مواد لصالح دائرته الحكومية وطلب من البائع إضافة مبلغ له ولأصدقائه على قائمة البيع وبعد أن أحس أن هذا مخالف للشرع قام بإعادة المبلغ إلى البائع، فتدخل شخص آخر سائلا البائع أن يعيد إلى الشخص الأول المبلغ على أنه هدية من البائع ووافق البائع مسروراً وغير مرغم، فما الحكم في هذا وما هو الحكم في المبلغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما سماه هذا الشخص هدية من البائع لهذا الموظف لا يغير من حقيقة الأمر شيئاً، وهي أن هذا المبلغ يعدّ رشوة محرمة، فما يأخذه الموظف على عمله الواجب الذي يتقاضى عليه أجراً يعتبر رشوة سواء دفع برضى الدافع أو أكره على دفعه، وفي الحديث: هدايا العمال -الموظفين- غلول. رواه أحمد.
فهذا الحديث وغيره يدل على أنه لا يجوز للموظف أن يأخذ على وظيفته إلا راتبه المخصص له، وأن أخذ ما زاد على ذلك حرام، وهذا كله في مجرد الهدايا، فما بالك إذا كان الموظف هو من أشار في الأصل على البائع برفع ثمن السلعة التي هو وكيل عن جهة عمله في شرائها حتى يأخذ هو الفارق، إن هذا غلول واضح وحيلة مقيتة، وسبيل التخلص من تبعته هو أن يعاد المبلغ إلى جهة العمل بأي وسيلة ممكنة ولو بطريق غير مباشر حفاظاً على سمعة هذا الموظف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(12/5714)
حكم الزيادة في قيمة البضاعة ودفعها للموظف الحكومي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل مجهزا لأجهزة الكومبيوتر وقام أحد الأشخاص بشراء أجهزة مني إلى الدائرة الحكومية التي يعمل بها فقمت بإضافة مبلغ من المال على قائمة الشراء واستقطعت هذا المبلغ وأهديته إلى هذ الشخص فهل هذا جائز أم لا، وإذا كان لا، فكيف السبيل إلى إرجاع المبالغ المضافة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الشخص الذي جاء يشتري منك الأجهزة يعدّ وكيلاً عن دائرته الحكومية التي يعمل فيها ويتقاضى على عمله هذا أجراً، فالإهداء إليه فيما يتصل بأداء عمله الواجب يعدّ رشوة محرمة شرعاً، وقد تقدمت لنا فتوى بهذا الخصوص فراجعها وهي تحت رقم: 34768.
وعليه فالواجب عليك التوبة إلى الله عز وجل والعزم على عدم العود لمثل هذا الذنب الذي فيه بذل المال فيما لا يجوز، وإعانة الآخرين على الرشوة وأكل المال بالباطل، وإذا استطعت أن تسترد ما دفعته من ذلك الشخص فهذا هو المطلوب، وتقوم أنت بدفعه للشركة بأي وسيلة أمكنت فإن ذلك متعين عليك، وإلا دفعت إليها من مالك بقدر الزيادة وأوصلتها إليها ولو برسالة بريدية، أو حوالة مصرفية أو عبر وسيط، المهم أن تبرأ ذمتك بالتخلص من هذا الحق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1428(12/5715)
حكم دفع مال للحصول على مقعد دراسة في الجامعة
[السُّؤَالُ]
ـ[في العام الماضي نجح ابني في الثانوية العامة وحصل على معدل 96.7 ولم يتمكن من الالتحاق بإحدى الجامعات الفلسطينية لدراسة الطب لارتفاع الأقساط وأسباب أخرى وعليه اضطر للتقدم بطلب إلى إحدى الجامعات في الخارج مقابل دفع مبلغ 5000 دولار لشراء المقعد، السؤال: هل هذا المبلغ المدفوع يعتبر رشوة وبالتالي فهو حرام، وإذا كان حراما فما العمل الآن حيث إن الولد يدرس في الجامعة؟ وبارك الله في جهودكم دائما.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان مقعد الدراسة يعطى منحة للطالب بدون مقابل -كما هو المعروف في هذه الجامعات- لمن كان في مثل حالتكم، فإن هذا المبلغ الذي تم دفعه هو عبارة عن رشوة للمسؤولين عن توزيع هذه المنح، لكن إذا كان الولد يستحق هذه المنحة حسب الشروط، ولكن لا يتوصل إليها إلا بدفع رشوة لهؤلاء فإن الإثم عليهم لا عليه، لأنه دفعها ليتوصل إلى حقه، وفي هذا الحالة لا حرج عليه في الاستمرار في الدراسة.
أما إذا كان لا يستحقها فإنه يشاركهم في الإثم، ويجب أن يبين للمسؤولين في هذه الجامعة حقيقة ما جرى لينظروا فيه ويتخذوا القرار المناسب، وليعلم بأن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 70574، والفتوى رقم: 20974.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1428(12/5716)
ليس من الرشوة دفع ما يتوصل به الشخص لحقه
[السُّؤَالُ]
ـ[قام عمى بشراء قطعة أرض من أحد الأشخاص وكانت تلك الأرض في إحدى المدن العمرانية الجديدة وحصل عليها ذلك الشخص عن طريق أنه تقدم لشرائها من جهاز المدينة وخصصت له وقام بسداد عدد 3 أقساط منها ثم بعد ذلك باعها لعمى وأخذ فوق الأقساط التي دفعها مبلغا آخر من المال ولكن في هذا الوقت كان لا يتم نقل ملكية الأرض إلا بعد أن يتم سداد باقي أقساط الأرض إلى جهاز المدينة وبالتالي كانت تعاملات عمى كلها تتم عن طريق توكيل من صاحب الأرض وفي نفس الوقت زوجة هذا الشخص كانت تمتلك قطعة ارض في نفس المدينة وقامت أيضا ببيعها لشخص آخر وكل ذلك كان في عام 2006 ثم في عام 2007 أصدرت الحكومة قرارا أنه لا يجوز أن يمتلك الرجل وزوجته قطعتي أرض وفي حالة حدوث ذلك أو اكتشافه يتم سحب قطعة أرض منهما سواء من الرجل أوزوجته وهكذا ظهرت تلك المشكلة لعمى إلا أنه قانونا عندما قام بشراء الأرض كان لا يوجد هذا القانون وهكذا عندما أراد أن يستخرج رخصة البناء أبلغوه في الجهاز أنه لا يمكنه ذلك لان مالك الأرض الأصلي زوجته لديها قطعة أرض أخرى وأنهم لا زالوا يبحثون حول أي من قطعة الأرض سوف يتم سحبها إلا أن بعض العاملين بالجهاز أظهروا له أنهم يمكن أن يستخرجوا له تلك الرخصة في حالة أن دفع لهم مبلغا من المال وعمي لا يدري ماذا يفعل يدفع لهم المال ويحتفظ بقطعة الأرض وفي تلك الحالة أتعتبر رشوة أم يتركهم يسحبوها بعد أن دفع المال لصاحبها وقام بشرائها ويخسر الأرض وجزءا من ماله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرشوة المحرمة هي ما أوصلت إلى باطل أو أبطلت حقا، وأما ما يتوصل به الشخص إلى حق له أو يدفع به ضررا فإنه لا يعد رشوة محرمة في حقه إن تعين هذا طريقا لأخذ حقه أو لدفع الضرر عنه. وراجع في بيان ذلك الفتوى رقم: 68904.
وعليه، فإذا تعين دفع المال لبعض هؤلاء العاملين في الجهاز المذكور وسيلة لحفظ الأرض المذكورة فلا حرج عليه في فعل ذلك، والإثم على من أخذ منه المال بالباطل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1428(12/5717)
دفع مال زائد في مقابل الحصول على رخصة بناء
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلدي هناك منطقة أراض لاتعطي المحافظة رخصة للبناء فيها وذلك لأسباب غير معروفة.
وقد تعرفتُ على شخص ما، يستطيع أن يُحضر لي ترخيصاً نظامياً من المحافظة مُقابل ثمن الأرض زائد مبلغ له شخصياً.
ما الحكم في كوني دخلتُ وسيطاً بين هذا الشخص وبعض الناس الراغبين في الحصول على ترخيص للبناء في تلك المنطقة؟
وهل يجوز لي الحصول على مبلغ من المال مُقابل هذه الوساطة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الرشوة المحرمة بذل مال لإبطال حق أو إحقاق باطل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص الذي يطلب رخصة بناء في المنطقة المذكورة مستحقا لهذه الرخصة ومنعت عنه بدون وجه حق فله أن يبذل مالا لمن يأخذ له هذا الحق، ولا يعد هذا من الرشوة المحرمة؛ لأن الرشوة المحرمة ما بذل من مال لإبطال حق أو إحقاق باطل. وبالتالي فالوساطة في هذه الصورة جائزة والأجرة عليها كذلك. أما إن كان الشخص غير مستحق لهذه الرخصة فلا يجوز التوسط له ولا بذل المال في ذلك لدخوله في الرشوة المحظورة، وراجع للمزيد: 17929.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1428(12/5718)
دفع الرشوة لتسهيل حصول الشركة على مستحقاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدوني جزاكم الله خيراً.. أعمل في تسويق خدمة معينة في إحدى الشركات، ونتعامل في هذه الشركة مع عملاء من جهات حكومية وشركات كبيرة يهم الشركة التي أعمل بها إرضاؤهم، فأحيانا يأتي أحد موظفي هذه الجهات الحكومية والشركات الكبيرة إلى الشركة التي أعمل بها وغالبا يكون من قسم المحاسبة ويطلب خصما كبيراً على هذه الخدمة أو مجانياً لمصلحته الخاصة، فتضطر الشركة إلى إرضائهم حتى لا يتم إعاقة أو تأخير أي دفعات مستحقة، فهل ينال الشركة التي أعمل بها حرام، وهل إذا تم توجيهي من قبل الإدارة بإعطاء هذا الشخص خصما أو أعطيه الخدمة مجاناً ينالني شيء من الحرام؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فإجابة هؤلاء الموظفين إلى ما يطلبون لدفع ضررهم يدخل في الرشوة، وعليه إذا وجدت وسيلة لمنع هؤلاء الموظفين من ذلك دون إضرار بشركتكم فلا يجوز إجابتهم فيما يطلبون وإلا جازت إجابتهم وإثم ذلك عليهم دونكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هؤلاء الموظفون الذين يطلبون خصماً على الخدمة أو يطلبونها بالمجان متى منعوا من ذلك تسببوا في إعاقة أو تأخير دفع مستحقات الشركة، ولم تكن هناك وسيلة لمنعهم من ذلك إلا بإجابة طلبهم فلا حرج في إعطائهم ما يطلبون بشرط ألا تتحمل جهاتهم الحكومية وشركاتهم ثمن تلك الخدمة، وتعتبر إجابتهم في ذلك رشوة، لكنها إنما تحرم على الآخذ دون المعطي التي يتوصل بها إلى حقه.
أما إذا وجدت وسيلة لمنع هؤلاء الموظفين من ذلك دون إضرار بشركتكم فلا يجوز إجابتهم فيما يطلبون، وحينئذ فإن شركتكم يلحقها إثم بإجابتهم وكذلك يلحق الموظف الذي ينفذ ذلك نصيب من الإثم، وذلك لعموم قوله تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} ، وراجع في ذلك للأهمية الفتوى رقم: 43624.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1428(12/5719)
دفع الرشوة إذا لم يمكن استيفاء الحق إلا بها
[السُّؤَالُ]
ـ[وقعت في مشكلة وأشعر بالأسى والحزن الشديد، ذلك أن أحد زملاء الدراسة في الماضي جاءني وطلب مني مبلغا من المال وهو يظن أني أملكه باعتبار أني أشتغل ولكني أجبته بكوني لا أملك إلا مبلغا صغيرا يمثل سبعا وعشرين بالمئة من المبلغ الذي يحتاجه وقلت له سأدينه إياك على أن تعيده متى استطعت. المشكل أن هذا الزميل تخرج منذ سنوات ولم يتحصل على عمل، وقد قال لي أثناء الحوار إنه بصدد جمع مبلغ يساوي أجر شهري عمل، يجمعه لأنه لا يملكه، ليقدمه لشخص ليدخله يعمل.
أثناء الحوار غيب عني الشيطان أن هذا رشوة لذا وعدته بمنحه تقريبا كل المبلغ الذي أملك ليستعين به لأني عادة لا أرد من يحتاجني، ثم اكتشفت بعد ذلك أن هذا حرام رشوة ولكن رغم ذلك أعطيته إياه ولم أجترئ على رده.
هذا الزميل على دين ولا أظنه دفع الرشوة استحلالا لها وإنما مضطرا ليحصل على العمل خاصة وأنها أصبحت منتشرة.
الرجاء توجيهي ومساعدتي فأنا في هم وغم. شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد عظم الإسلام حرمة الرشوة، واعتبرها من كبائر الذنوب التي يستحق صاحبها اللعنة والطرد من رحمة الله عز وجل، ففي الترمذي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي.
لكن أهل العلم نصوا على أنه إذا كان للإنسان حق لا يستطيع أن يستوفيه إلا بها جازت في حقه، وحرمت على المرتشي.
وعليه، فإن كنت تعلم أن زميلك هذا أهل للعمل الذي يريد التوظيف فيه، ولم يقدم بسب دفعه للرشوة على من هو أحسن منه كفاءة أو مساو له فإنه يجوز لك مساعدته بالمبلغ الذي طلبه منك، ولو كان سيدفعه رشوة؛ لأن هذا والحالة هذه مساعدة للمرء على نيل ما هو حق له، وليس من التعاون على الإثم والعدوان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1428(12/5720)
حكم هدايا الموظفين
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل محاسبا في إحدى الشركات وتوكل إلي في بعض الأحيان مهمة حجز وإصدار تذاكر السفر من وكالات السفر إلا أن بعض هذه الوكالات تعرض علي نسبة في التذكرة المصدرة على أساس أن هذه النسبة تعطى من النسبة الخاصة بالوكالة ولا علاقة لها بسعر التذكرة أي لا تكون هنالك زيادة في قيمة التذكرة مقابل (العمولة) التي تعطى..........
أفتونا، وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يحق لك باعتبارك موظفا تقوم بعملك الواجب أخذ هذه النسبة المعروضة عليك من قبل بعض وكالات السفر هذه، وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا من الأزد يقال له: ابن اللتبية، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر يهدى له أم لا. اهـ
فدل هذا الحديث على أن هدايا الموظفين رشوة.
وفي حال أذنت لك الشركة التي تعمل فيها بأخذ هذه النسبة فيجوز لك أخذها لأن الحال في هذه الصورة أن وكالة السفر أعطت خصما لشركتك وهي بدورها منحتك هذا الخصم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1428(12/5721)
دفع المحامي رشوة لتخليص موكله من العقوبة لكونه بريء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من بلد يعيش تحت حكومة غير إسلامية, ومسلم في إحدى الجمهوريات حيث الأقليات الإسلامية، أريد أن أعرف ما حكم العمل محاميا عندنا في بلدنا للمسلم, وإذا كان جائزاً فهل يجوز أن يتوسط هذا المحامي بين المتهم والقضاء بالرشوة حتى ينقذ هذا المتهم من العقوبة (التي لا يستحقها بالفعل لكونه وقع ضحية في جريمة) ، ومن المعلوم أن القاضي لن يساعد في ذلك إلا إذا أعطي مبلغا من المال (لتعودهم على هذا في عملهم) فإذا ما انتهى القضاء لصالح المتهم يعطيني مكافأة زائدة، فوق ما يعطيني على خدمتي له كمحامي. فما حكم ذلك كله أفتوني مأجورين وفقكم الله تعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجوز المحاماة في المحاكم الوضعية الكافرة ولا التحاكم إليها إلا عند الضرورة أو تحقيق مصالح كبرى معتبرة، وأما دفع المسلم رشوة للتخلص من جريمة اتهم بها وهو بريء منها فجائز سواء كان دفعها منه مباشرة أو عبر المحامي عنه.
والمحامي أجير لا بد أن تحدد له الأجرة له قبل الشروع في العمل، سواء تم الحكم لصالح من استأجره أم لا، لما رواه أحمد عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره. وفي رواية النسائي: إذا استأجرت أجيراً فأعلمه أجره.
وإذا تمت القضية في صالح من يحامي عنه وزاده باختياره مالا بطيب نفس منه فلا حرج في ذلك، وأما تعليق الأجرة على نجاح القضية أو عدمه فلا، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 1028، والفتوى رقم: 18505.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1428(12/5722)
لا يجوز دفع رشوة لاستخراج شهادة طبية مخالفة لحالة الشخص
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يعمل مدرسا وتقدم للامتحان في مهنة التدريس لدى الوزارة ونجح وتم تعينية مدرسا بالوزارة ومن إجراءات التعيين يجري الكشف الطبي وهو كان مصابا بفيرس الكبد سي ولم يستطع الحصول علي الكشف الطبي إلا عن طريق دفع مبلغ من المال لشخص فأحضر له هذه الشهادة فهل ما فعله حلال أم حرام، وهل الراتب الذي يتقاضاه فيه شيء، مع العلم أن هذا الكشف وهذا الفيروس لا يضر في أي شيء، وهذه الإجراءات لم تكن موجودة من قبل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لهذا الشخص ما أقدم عليه من رشوة مقابل الحصول على شهادة الكشف الطبي فإن ذلك كذب وغش، والظاهر أن الوزارة المذكورة -حرصا منها على سلامة المدرسين والطلاب- تشترط لعمل أي مدرس فيها سلامته من مثل فيروس الكبد المعروف بكونه من الأمراض المعدية، والواجب الالتزام بالشروط المشروعة لقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود وغيره، وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح، ولا يبرر ما فعله كون هذه الإجراءات لم تكن موجودة من قبل، وبناء على ما سبق فلا يجوز له البقاء في هذه الوظيفة إلا إذا أذنت الوزارة ببقائه فيها، وبالنسبة للفترة السابقة فإذا كان يقوم بالتدريس فيها فله أجرة المثل، وراجع الفتوى رقم: 3297، والفتوى رقم: 51776.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1428(12/5723)
المدرس الذي لا يعطي الطلاب ما يستحقونه من درجات إلا بحضورهم دروس تقوية عنده خائن للأمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الآن متوجه إلى الصف الثالث ثانوي وأنا من الإمارات وكما تعلمون فإن نظام المدارس تغير في الدولة ...
والآن العلامات مع الأستاذ وغالبية الأساتذة لا تضع لك علامتك الصحيحة إلا إذا حضرت معهم التقوية، وسؤالي هو هل يجوز لي أن أذهب للتقوية أم هي حرام لأن الحال صار مثل الرشوة، وللعلم فإن أكثر من92% من الأساتذة لا تضع لك علامتك التي تستحقها إلا إذا حضرت التقوية.
وإذا لم تحضر التقوية وصديقك أكسل منك وأنت متفوق سيضع لك علامة لا تزيد عن 75% وصديقك الكسول لا يحصل على علامة أقل من 95% فماذا أفعل الآن؟
وشكرا لكم على مجهودكم الكبير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التعليم مهمة الأنبياء والرسل، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا، ولكن بعثني معلما ميسرا. لذلك فإن التعليم من أشرف المهن وأعظم الأمانات فلا يتولاه إلا الأمناء الأكفاء.
وما أشرت إليه مما يفعله الأساتذة -إن ثبت- يعتبر خيانة للأمانة التي حملوها والوظيفة التي ائتمنوا عليها، فلا يجوز لهم أن يربطوا بين إعطاء الطلاب ما يستحقون من درجات وبين تلقيهم للدروس الخصوصية عندهم، فإن فعلوا فإنهم ظالمون، وما يأخذونه قد يكون رشوة، وخاصة إذا لم يكونوا يقدمون للطلاب دروسا فعلية.
وأما الطلاب فإذا كانوا لا يستطيعون دفع الظلم عنهم ولا أن ينالوا حقهم بأي حيلة إلا بالتعامل مع الأساتذة بهذه الطريقة فلا إثم عليهم.
وللفائدة راجع الفتويين التاليتين: 1713، 43624.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1428(12/5724)
يجب رد المال المأخوذ بغير حق إلى صاحبه أو صرفه في المصالح العامة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال في فقه المعاملات التالية، أتمني أن أتلقى ردا منكم عليه وهو كالتالي: كنت أعمل في فندق كموظف استقبال والفندق لا يقدم الخمور ولا المسكرات بل السكن والطعام ومقهى انترنت، ولكن لا يخفى عليكم أن بعض مرتادي الفنادق حتى هنا في بلاد الحرمين سلكوهم سيء، وقصتي كانت مع أحد النزلاء على النحو التالي: في البداية كنت لا أعرفه بل كان هناك من موظفي الفندق من يشيرون إليه بأنه شاذ جنسيا وتصرفاته غير سوية وقد كان هذا الرجل يشحذ الأموال ويحضر من يسدد عنه وكان يعطي بعض المال لموظفي الفندق كلما كان معه مال أو حضر أحد وسدد عنه المال وأحيانا كان يكذب موظف الاستقبال ويرفع المبلغ وكنت دائما أرفض أن أكذب وأقول له إن سألني أحد عن حسابك سأقول له حسابك بالضبط إلا في مرتين كذبت ورفعت حسابه وكان مقدار الرفع يسيرا مثل 1800 أو 1600 أقول 2000 وكان معي القائم بأعمال مدير الفندق بجانبي مرة وموظف أقدم مني في الاستقبال حثني على ذلك، علما بأن هذا الشحاذ لديه تقارير طبية تقول أنه مريض وكان عطاؤه لي على النحو التالي:
1- 50 ريال أعطاها لي في أول ما عملت بالفندق دون طلب شيء.
2- 50 أخرى أعطاها دون طلب عمل شيء.
3- 100 دون طلب عمل شيء.
4- 200 سدد عنه شخص فأعطاني إياها.
5- 300 أعطاه أمير سعودي 100000 فأعطاني إياها وأنا لا أعرف الأمير ولم أتدخل بالمرة في الموضوع.
6- 200 لا أتذكر أعطاني هو أم لا بعد 300 الأمير لأنني قلت له 300 قليلة حيث أعطى زملائي والقائم بأعمال مدير الفندق أكثر.
7- 100 طلبتها منه في عسرة ولم يأخذها قائلا ما بيننا شيء.
8- 200 أعطاها لي عندما سددت عنه شركة.
9- 58 أعطاني هو عند مغادرته ذات مرة.
10- 100 أعطاني هو عندما أقرضته مالا على ما أتذكر.
أنا أتالم من هذا المال وأريد أن أطهر نفسي ولكن كيف علما بأنني قمت بعمل سقف لمنزلي من رواتبي بعد اختلاطها بهذا المال أو بجزء منه وهناك بعض الاستثمارات في سوق الأسهم السعودي من الممكن أن يكون دخل عليها هذا المال، فهل أتصدق بهذه المبالغ في مصالح المسلمين، وكيف أحسب نسبتها إن زاد مالي، علما بأنني خسرت في سوق الأسهم الكثير فإن أخرجتها من مال سوق الأسهم فسوف تخرج ناقصة وبالتالي سوف آخذ خيار إخراجها كما هي أم آخذ سلعة من مواد البناء ولتكن الأغلي وأقارن سعرها على مبدأ القيمة السوقية أم ماذا، أرجو أن تفتوني وجزاكم الله عنا خيراً وأتمنى على الله يوم العرض إن سألني مالك من أين اكتسبته يكون من حلال وفيما أنفقته في حلال والحمد لله ويارب التوبة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبول ما أهداه لك ذلك الرجل محرم ويجب عليك أن تتخلص منه وتتوب إلى الله تعالى، وذلك لأنه إما بسبب الغش الصريح وشهادة الزور التي قدمتها له من أجل احتياله على الآخرين بشكل مباشر، وإما بسبب الطمع في الكذب له مستقبلاً وتسهيل وسائل الغش والخداع له وتمكينه من الآخرين ليغشهم، فإذا أردت أن تطهر مالك وتبرئ ذمتك مما علق بها فلترد مثل ذلك المال الذي وصل إليك على من علمت أنه أخذ منه بمساعدتك أو بشهادة الزور الحاصلة منك إن كنت تعرفه وأمكن ذلك، وإلا فلتصرفه في مصارف الأموال العامة، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 28968، والفتوى رقم: 3519.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1428(12/5725)
تحرم الرشوة والوساطة لإنجاح الطالب المخطئ في إجابة الامتحان
[السُّؤَالُ]
ـ[من غير المعقول أن الدكتور المسؤول عن مادتي الأخيرة في الجامعة سيقوم بوضع علامة الرسوب للامتحان الذي قمت به منذ عدة أيام بسبب ما يدعيه أنني أخطات في فهم السؤال ولم أجب على ما أراد، فبماذا تنصحوني هل أقدم وساطة أم أدفع له مبلغا من المال أم لا أهتم وأرسب في هذه السنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت لم تجب عن السؤال الذي قدم إليك وكان السؤال محددا في معنى وأجبت في معنى آخر فإنك تتحمل مسؤولية خطئك، ولا يجوز أن تقدم واسطة أو تدفع مالا للمدرس لينجحك بل تصبر وتعيد السنة، والوساطة في هذه الحالة محرمة لقول الله تعالى: وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا {النساء: من الآية85} أي نصيب من الوزر.
وأما دفع المال فهو رشوة محرمة لأنه يترتب عليها الحصول على أمر لا تستحقه لحديث ثوبان رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش - يعني - الذي يمشي بينهما. رواه أحمد وغيره.
وأما إذا كان السؤال غير محدد للمعنى الذي يدعيه المدرس واتفق على ذلك معظم الطلبة فإن لك ولغيرك الحق في رفع القضية إلى المسؤول في الجامعة لينظر في الأمر ويتخذ القرار المناسب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1428(12/5726)
المساعدة ماليا في المناقصة بين الجعالة والرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد التجار يريد أن يدخل في مناقصة, مناقصة تأجير بناية للمواقف وصعب عليه الأمر, لأنه ليس بالسهولة دخول هذه المناقصة، فقلت له أنا بإذن الله تعالى أستطيع أن أساعدك في دخول هذه المناقصة.. قال لي إذا سأدفع لك مبلغا لهذه المساعدة واتفقنا على المبلغ، المهم كلمت أحد الأشخاص بخصوص هذه المناقصة وأكد لي بأنه يستطيع المساعدة، لكن يريد مبلغا تقريبا 25 ألف درهم كضمان وفي حال إذا قدر الله أنه لم يستطع أن يتم الإجراءات سوف يرجع المال 25 لف إلي، فهل في هذا رشوة ... للعلم نحن متفقون على كل شيء قبل بدء هذه الإجراءات؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعروف في المناقصات أن كل شركة تقدم مواصفات عملها الذي ستقوم به وتحدد الثمن بناءً على ذلك، وصاحب المشروع يكلف لجنة تنظر في تلك العروض وتختار ما يناسبه جودة وسعراً، ومن ثم فلا يجوز أن يقوم أحد بدفع مال لمن بيده القرار في قبول العروض ليقدم شركة على غيرها لما في ذلك من الرشوة والظلم للآخرين، والتعدي على مستحقاتهم، وغش صاحب المشروع.
وعليه؛ فإذا كان الشخص الذي سيقدم معاملة التاجر سيقدم رشوة فلا يجوز، أما إذا كان لن يفعل ذلك وغاية ما سيفعله هو القيام بإعداد المواصفات وتكاليف بنائها وسيقدمها إلى المناقصات فإن قبلت استحق هذا المبلغ (25000) ألف درهم، وإن لم تقبل لم يستحقه، فهذه جعالة جائزة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1428(12/5727)
حكم دفع مال للشرطة لعدم تجديد الرخصة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يمتلك سيارة نصف نقل ويعمل في نقل بضاعة عبارة عن مباسم تستخدم في تدخين الشيشة كذلك يضطر لدفع أموال لأمناء شرطة باللجان المرورية حتى لا يوقفوه لأن رخصة سيارته غير صالحة (هل تعتبر رشوة) وما الحكم في الحالتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن شرب الشيشة حرام وذلك في الفتوى رقم: 1328.
وعليه؛ فلا يجوز له نقل المباسم المستخدمة في تعاطي الشيشة لما في ذلك من التعاون على الإثم، وقد قال الله تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}
أما دفع الرشوة لأمناء الشرطة لكي لا يخالفوه على عدم تجديد الرخصة ففيه تفصيل.. فإذا كان المقصود بتجديدها فحص المركبة والتأكد من توفر أسباب السلامة والأمان فيها فلا يجوز له دفع الرشوة؛ لأن تجديد الرخصة في هذه الحالة من الأمور التي يلزم السائق احترامها وعدم التهرب منها، لما في مخالفتها من تعريض النفس والآخرين للهلاك والضرر، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 45585.
وإن كان المقصود بتجديدها دفع ضرائب على السيارة؟ فإذا كانت هذه الضرائب تؤخذ بحق في مقابل خدمة فعلية تقدم لمالك السيارة فلا يجوز التهرب منها أيضاً وتحرم الرشوة، وإن كانت تؤخذ بغير حق ودون تقديم خدمة فعلية لمالك السيارة فلا حرج في التهرب منها ولو بدفع رشوة، والإثم في ذلك على الآخذ دون المعطي، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 34438.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1428(12/5728)
حكم أخذ مسؤول المناقصة نسبة من المورد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عرض نسبة 10% من مقايسة أسعار قطع غيار حلال أم حرام، علماً بأن المورد هو الذي عرض النسبة وليس أنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود بكلمة المقايسة الواردة في السؤال هو المناقصة، وكان الأخ السائل مسؤولاً أو عضواً في لجنة إقرار المناقصة فإن قبوله لهذا العرض لا يجوز شرعاً لأنه رشوة ظاهرة، سواء طلبها أو عرضت عليه، وفي الحديث: لعن الله الراشي والمرتشي. رواه أحمد وغيره.
والواجب في المناقصات أن تخضع للشروط المرعية المعروفة، وأن لا تكون هناك وساطة فيها، فضلاً عن وساطة مدفوعة الأجر، فهي رشوة يحرم بذلها وأخذها والتوسط فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1428(12/5729)
بذل مال من أجل رسو المناقصة سحت
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في إحدى شركات القطاع الخاص استشارات هندسية وإشراف على المباني،،، أحياناً أطلب من المقاول، (كوميشن) يعني بعضاً من المال لقاء ترسية المشروع عليه أو ترشيحه من ضمن المقاولين، في نتيجة المناقصة، قد يضطر في أغلب الأحيان إلى عمل خصم آخر للسيد المالك من السعر الأساسي الذي كان قد أقره في المناقصة، وأنأ أجتهد بدوري في أن أجعل السعر قريباً إلى تصور المالك، رغم أن المبلغ لا يتعدى، (10 آلاف درهم في جميع الأحوال وأنا بدوري لا أطلب منه أن يقوم برفع سعر المناقصة واحتساب نسبتي من العملية بل في أغلب الأحيان يكون هناك أكثر من 10 مرشحين، فهل هذا المال أو (الكوميشن) مثلما يقال، مال حرام أم مشبوه.
أفيدوني وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا العمل الذي تطلب مقابل القيام به عمولة هو من ضمن اختصاصك وصلب عملك في الشركة التي تعمل بها، فإن هذا المال يعد رشوة محرمة لا يجوز لك طلبها ولا أخذها إن أعطيت لك بدون طلب منك لحديث: هدايا العمال غلول. رواه أحمد.
والموظفون يدخلون في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: العمال.
فهذا الحديث وغيره يدل على أنه لا يجوز للموظف أن يأخذ على وظيفته إلا راتبه المخصص له، وأن أخذ ما زاد على ذلك حرام.
وإذا أذنت لك الشركة بأخذه فلا بأس بشرط أن يكون العمل الذي تقوم به عملا مشروعا. وبالنسبة للمناقصات فالواجب في شأنها أن تترك للمنافسة المعتمدة إلى الخبرة والجودة والسعر المناسب، وكل تدخل على حساب هذا المعايير يعتبر غير جائر، وإذا بذل من أجله مال فهو سحت وخيانة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(12/5730)
الطريق إلى مكافحة الرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الجواب.. كيف نكافح الرشوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرشوة من المحرمات التي ورد الوعيد الشديد في الشرع في حق الراشي والمرتشي والرائش بينهما وهو الساعي بينهما بالرشوة، وفي الحديث عن ثوبان مرفوعاً: لعن الله الراشي والمرتشي والرائش الذي يمشي بينهما. أخرجه الحاكم في المستدرك.
وأما كيف تكافح الرشوة فذلك يتم عبر وسائل منها:
1- تربية الموظفين والمسؤولين على مراقبة الله تعالى وخشيته في السر والعلن، فهذه هي الضمانة الأكيدة والأساسية في مكافحة الرشوة.
2- سد حاجات هؤلاء الموظفين المعيشية من مأكل ومسكن ومركب حتى لا يلجؤوا تحت تأثير الحاجة إلى مد أيديهم للرشوة.
3- الأخذ على أيدي المرتشين ومعاقبتهم بالعقوبة العادلة الرادعة حتى يكونوا عبره لغيرهم من الموظفين، وفي الأثر: إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. ومعنى يزع: يكف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1428(12/5731)
حكم دفع الرشوة لموظف شركة التأمين
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل منذ 9 أشهر بشركة خاصة لنقل البضائع كمحاسب وبعد فترة من العمل تم تكليفي بمأمورية ملخصها كما يلي:
1- الذهاب إلى توكيل السيارات واستلام توالف سيارات الحوادث.
2- الذهاب الى شركة التأمين لتسليمها التوالف ويستلم مني شخص هذه التوالف بإمضاء منه على الورق الخاص بالتوالف.
3- الذهاب لشركتي لتسليمهم ما يفيد تسليم هذه التوالف إلى شركة التأمين.
المشكلة هي أن الموظف الذي يستلم التوالف مني بشركة التأمين يريد أن يأخذ مبلغا ماليا نظير إمضائه على الورق. مع العلم أن التوالف التي أسلمها تكون كاملة دائما.
ماذا افعل بالله عليكم؟؟ أغيثوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العمل الذي كلف به الأخ السائل يشتمل على محذورين:
الاول: الإعانة على الإثم، فإن عمل شركة التأمين غير جائز شرعا إن كانت هذه الشركة شركة تأمين تجاري تقليدي، لقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}
أما إن كانت شركة تأمين إسلامي تعاوني فلا بأس، وراجع في بيان حكم التأمين التجاري والعمل فيه في الفتوى رقم: 2593.
المحذور الثاني: هو دفع الرشوة لموظف شركة التأمين وهي رشوة محرمة؛ لأنه لا يجوز للموظف أخذ مال مقابل عمله، كما لا يجوز لك بذله إلا مضطرا، ولا ضرورة فيما يظهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1428(12/5732)
الفرق بين الرشوة والهدية
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديق يعمل فى شركة وعلم عيد ميلاد مدير الشركة فأحضر له هدية قدمها فى عيد ميلاده، لأنه يريد تعزيز العلاقة به، فهل هذه تعتبر رشوة، وإن كانت نعم فماذا يفعل للتكفير لأنه أحس أنها من الممكن أن تكون رشوة ويخاف أن يلعنه الله حيث قال الرسول: لعن الله الراشي والمرتشي. فأرجو الرد فى أقرب وقت؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فثمت فرق ظاهر بين الهدية والرشوة، فالرشوة هي ما يتوصل به إلى إحقاق باطل أو إلى إبطال حق ونحو ذلك من المقاصد السيئة، سواء صرح بها الراشي أو أضمر ذلك في نفسه، وسواء أراد غرضه الفاسد الآن أو في المستقبل فهي والحال هذه رشوة في حقه، ويندرج عمله تحت الوعيد الوارد في لعن الراشي، ومن فعل ذلك فعليه أن يتوب إلى الله عز وجل، ويعزم على عدم العود لمثل هذا الذنب، وأن لا يسعى وراء مراده الفاسد الذي بذل في سبيله رشوته تلك.
جاء في فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، قال: قال العلماء: أن من أهدى هدية لولي الأمر ليفعل معه ما لا يجوز كان حراماً على المهدي والمهدى إليه وهذه من الرشوة. انتهى.
وأما الهدية فيقصد بها إكرام الشخص إما لمحبة أو لصداقة أو لعلم أو صلاح أو لطلب حاجة مباحة ليست واجبة البذل على المهدى إليه وهي مستحبه إذا كانت على الصفه الشرعية، أما عن الإهداء للشخص فيما يسمى بعيد ميلاده، فيراجع بشأن ذلك الفتوى رقم: 33968، والفتوى رقم: 24134.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1428(12/5733)
حكم دفع المال لاستخراج رخصة قيادة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصري مقيم بدولة ما وأريد استخراج رخصة قيادة وحسب اللوائح والقوانين لا يصلح لي استخراج رخصة قيادة بالرغم من حاجتي الشديدة لها ومن خلال السؤال عن كيفية استخراجها وجدت شخصا أخبرني بأنه يستطيع استخراج هذه الرخصة مقابل مبلغ من المال، فهل إن استخرجتها تكون هذه رشوة، فالرجاء الإجابة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الرخصة رخصة قيادة عادية، وأنت على علم بالقيادة وقادر عليها، فلا يحق للدولة أن تمنعك من الحصول عليها، ولا حرج في هذه الحالة في بذل بعض المال للحصول عليها، والإثم في ذلك على الآخذ دون المعطي، كما هو موضح في الفتوى رقم: 8045.
وأما إذا كانت رخصة قيادة للسيارات الأجرة والنقل وما شابه ذلك، ورأت الدولة لمصلحة معتبرة شرعاً منع البعض من الحصول عليها، فلا يجوز التحايل في ذلك ولا بذل المال للحصول عليها. وراجع في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 59248.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1428(12/5734)
هل يحج مع من يشك في تعامله بالرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[بلغني أن رجلا ينظم دوريا رحلات للحج والعمرة برّا في سيارته الخاصة، وهو يطالب بدفع مبلغ معين يضم تكاليف السكن وأجرة النقل ومعاليم التأشيرات، سؤالي هو أني أشكّ في أن الحصول على التأشيرات قد يكون عن طريق الرشوة، فهل عليّ أن أتثبّت من كيفية حصوله عليها أو أدع ذلك لأنه مجرّد شكّ؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فصلنا الكلام في حكم دفع الرشوة للحصول على تأشيرة الحج، ومثلها تأشيرة العمرة، وبينا متى يجوز ذلك، ومتى لا يجوز، وذلك في الفتوى رقم: 30483.
وعلى فرض أنك تشك في تعامله بالرشوة التي لا يجوز له دفعها، فما دام الأمر لا يعدو أن يكون شكاً وليس غالباً على ظنك فليس عليك أن تتحقق من ذلك، بل ولا يشرع لك ذلك؛ لأن الأصل في المسلم هو السلامة، وأن يحسن به الظن. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 19659.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1428(12/5735)
حكم طلب مسئول في شركة مالا من المؤجر ليوافق على الاستئجار بقيمة عالية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب عمارة للإيجار واتفقت مع شركة لاستئجارها، والمسؤول المكلف طلب مني مبلغاً شهرياً ليوافق على قيمة إيجار مرتفع، فما الحكم في ذلك؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز ذلك لما فيه من غش هذه الشركة والتعامل بالرشوة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من غش فليس مني. رواه مسلم، وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: لعنة الله على الراشي والمرتشي. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1428(12/5736)
دفع المقاول رشوة للحصول على المشاريع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مقاول وملتزم لكن في بلادنا لا أقول من الصعب بل من المستحيل الحصول على أي مشروع دون مقابل دفع مبلغ من المال، مع العلم بأنني لا أنتزع المشروع من غيري فإذا كان هذا المشروع قد أخذ من طرف غيري أبحث على مشروع آخر لا أدفع مقابل الحصول عليه لأن هذا بطبيعة الحال إبطال حق فأنا أدفع للحصول على مشروع لكي أخذه أنا أولاً لا أنتزعه من غيري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تتساوى مع غيرك في استحقاق هذا المشروع أو كان هنالك من هو أحق منك، فلا يجوز لك أن تدفع رشوة لتحصل عليه لما في ذلك من إبطال حق غيرك والتقدم عليه بغير وجه، أما إذا كنت أحق به منه نظراً لجودة المواصفات التي تقدمها ورخص الأسعار ونحو ذلك، وكنت على يقين من أنه ليس في المتقدمين من هو مساو لك فيما ذكر ولم تحصل على المشروع إلا بدفع رشوة للمسؤولين عنه، فلا حرج في ذلك لأنك تتوصل بذلك إلى حقك دون أن تبطل حق غيرك. وراجع في ذلك للتفصيل الفتوى رقم: 6257، والفتوى رقم: 1713.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1428(12/5737)
حكم دفع الرشوة للحصول على الراتب
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت أنا وأمي لراتب التقاعد في منطقة سنية كمنطقتنا فلم نستلم الراتب وقالوا إ ن اسم أمك غير موجود ويجب عليك الذهاب إلى الدائرة العامة للتقاعد لمعرفة لماذا اسمها غير موجود ويجب أن تكون أمك معك لكي تبصم والدائرة العامة في منطقة شيعية ونحن نعيش بحالة رعب في بغداد ما بين السنة والشيعة، أمي خافت وحاولنا الكثير لكي لا نذهب وقلنا حتى لو بالمال لأن أمي مريضة وكبيرة في السن والوضع خطر فلم نستطع سوى أن شخص يتابع المعاملة وقال يجب أن تحضر أمك وأنا سوف أنتظركم لكي أسهل لكم المعاملة، وقال إنه اتفق مع موظفات ويردن مالا، المعاملة روتينية ليس فيها غش ولكن صعوبة الوضع وأخلاق الموظفين الذين اعتادوا على الرشوة هي التي تعرقل متابعة المعاملة، المهم ذهبنا أنا وأمي رغم خوفنا، وأنا كارهة فكرة الرشوة، ولكن خوفي على أمي وهي امرأة كبيره في السن والطريق جعلني مضطرة لأن أساير الموضوع، والذي حدث أننا لم نجد الشخص الذي يريد انتظارنا لأنه كان مشغولا فقمت وحدي بالمعاملة لأمي وامرأة ساعدتني بالمعاملة وهي موظفة متفقة مع هذا الشخص من قبل، قالت لي إن الموضوع منته وسوف ننزل اسمها في الحاسب وأن السبب في عدم أخذ الراتب أنكم تأخرتم عن الموعد في أخذه وهي أكيد تظن في نفسها أنني سوف أرسل لها مالا مع الشخص شكرتها وأكدت عليها في إنزال اسم أمي في الحاسب وأخذت الراتب، ورجعنا والحمد لله بعد مشوار صعب أنا وأمي لأن المنطقه شيعية، وأوقفنا تاكسي لا نعرفه سنيا أم شيعيا المهم أنا قررت أن لا أعطي رشوة للشخص ولا للموظفة أولاً لأنه حرام، وثانياً: لأننا ذهبنا أنا وأمي وقمت بالمعاملة لوحدي، ولكن أمي اختلفت معي لأنها تقول إن الراتب الجديد في الشهر الخامس وربما سوف لا تنزل اسم أمي تقصد لنا وأن أمي لا تستطيع أن تذهب مرة ثانية للمعاملة لأنها امرأة مريضة وتخاف الطريق وإنها كانت معنا لطيفة في المعاملة وسهلت لنا المعاملة رغم أنها والله روتينية وتضع اللوم علي إن لم ينزل اسمها في الحاسب لأنني لم أدفع للشخص أو للموظفة، فماذا أفعل يا شيخنا أدفع للشخص وللموظفة مالا لكي أخلص أمي من التعب ومن خطورة الطريق أم لا أدفع، علما بأن راتبها الجديد في الشهر الخامس وقد يكون نزل اسمها، أو لم ينزل أن تريد الموظفة أن تؤذينا لأننا لم ندفع لها أو لا تؤذينا حسب ضميرها والله أعلم ولا أستطيع أن تذهب أمي مرة ثانية لنفس المكان وهنا أيضا لا أنكر أن الشخص ذهب عدة مرات للدائرة للمعاملة من قبل لأجل المعاملة لأن محله قريب من الدائرة وهو شخص معوق أرجوك يا شيخنا أن تجيبني بالتفصيل لأنني أخاف على أمي وفي نفس الوقت لا أريد أن أرتشي برشوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما لا شك فيه أن الرشوة من كبائر الذنوب، ملعون صاحبها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم: فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه أحمد وأبو داود وهو عند الترمذي بزيادة: في الحكم. وقال: حديث حسن صحيح. وفي رواية: والرائش. وهو الساعي بينهما، وقال تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أكالون للسحت {المائدة:41} ، قال الحسن وسعيد بن جبير هو: الرشوة، وقال تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188} ، فطلب الرشوة -إذاً- حرام، وقبولها حرام، ودفعها حرام، كما يحرم عمل الوسيط (الرائش) بين الراشي والمرتشي.
هذا في الرشوة التي يتوصل بها صاحبها إلى ما ليس له، وأما الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه، أو إلى دفع ظلم عنه أو ضرر، فإنها جائزة عند الجمهور، ويكون الإثم فيها على المرتشي دون الراشي، قال ابن الأثير: فأما ما يعطى توصلا إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه. روي أن ابن مسعود أخذ بأرض الحبشة في شيء فأعطى دينارين حتى خلي سبيله، وروي عن جماعة من أئمة التابعين أنهم قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله، إذا خاف الظلم. انتهى.
وعليه فما ذكرته من حال أمك ومن صعوبة ظروف البلد، يفيد أنك معذورة في دفع الرشوة لتخليص نفسك وأمك من جميع ذلك، ولكن ينبغي أن تعلمي أنك إذا كنت تستطيعين تخليص مهمتك بدون رشوة وبدون تعرض إلى خطر أو مشقة زائدة فإن دفع الرشوة لا يجوز لك، ولا يجوز أن تطيعي فيه أمك، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإن غلب على ظنك أنك لن تتمكني من تحصيل مهمتك إلا بدفع رشوة، أو تكبدك وتكبيد أمك مشقة وخطراً، فلا حرج عليك حينئذ في دفعها، ويكون الإثم على الآخذ دونك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1428(12/5738)
هل يعطى المندوب مكافأة مقابل قبول عرض مؤسسته
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مؤسسة تسند إليها أعمال من جهات مختلفة وعن طريق من يمثلوها وليس أصحابها مباشرة وهذا الإسناد يكون مباشرا وليس كمناقصة تشترك فيه شركات أخرى إنما توجه إليها الدعوة لتقديم عرضها ويوافق عليه صاحب العمل نفسه ومن ثم يتابع في العمل ممثل صاحب العمل وبعد الموافقة يطلب الممثل مبلغ مالي كمكافأة لقيام المؤسسة بالعمل، السؤال: هل هذا المبلغ الذي يعطى لممثل صاحب العمل يعتبر رشوة أو فيه مخالفة للشريعة على المؤسسة، لو كان العمل تم في مناقصة اشتركت فيها عدة شركات والمبلغ المدفوع للممثل لا يؤثر في عدم قبول عروضهم فهل يعتبر هذا محرما، يرجى الإفادة ووفقكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يطلبه مندوب أو ممثل الشركة من مؤسستك يعدُّ رشوة محرمة، وإن سميت مكافأة لأن هذا المندوب يعتبر وكيلاً عن شركته التي كلفته بالقيام بهذا العمل وتدفع له مقابل عمله هذا أجراً، فإذا طلب من مؤسستكم أو من غيرها مالاً مقابل عمله الواجب المدفوع الأجر، فإنه يطلب سحتاً ولا يجوز لكم إجابة طلبه، ولا فرق بين أن تكون المعاملة مناقصة أو غيرها، إلا أنه في حال كانت المعاملة مناقصة وتوصل الدافع لهذا المال إلى أخذ ما لا يستحق يكون الإثم أعظم لاجتماع مفسدتين مفسدة أخذ الوكيل ما لا يستحق وأخذ الراشي كذلك ما لا يستحق.
والمخرج الامتناع عن دفع أي شيء لهؤلاء المندوبين، إلا أن يضطر صاحب المؤسسة للدفع إذا خشي أن يضيع حقه، وراجع في تفصيل هذا الفتوى رقم: 79518.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1428(12/5739)
دفع الرشوة للتخلص من خلع الحجاب أمام الناس أو السجن
[السُّؤَالُ]
ـ[في أحد البلدان العربية التي يمنع قانونها الحجاب، يقوم رجال الشرطة بمضايقة المحجبات، وأحيانا يبتزون منهن الرشاوى مقابل إطلاق سراحهن، فماذا تفعل المرأة في هذه الحال، هل تأثم بدفع هذه الرشوة، أم هل عليها أن ترفض وتعرض نفسها للسجن ولخلع حجابها أمام الناس؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما لا شك فيه أن الرشوة عمل محرم، وأنها من كبائر الذنوب، قال الله تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ {المائدة:42} ، قال الحسن وسعيد بن جبير: هو الرشوة، وروى ابن جرير عن علقمة ومسروق أنهما سألا ابن مسعود عن الرشوة فقال: من السحت.
وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي، وهو من يدفع الرشوة، والمرتشي: وهو من يأخذها، والرائش: وهو الساعي بينهما، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وفي رواية لأحمد والحاكم (والرائش) ، ولكن التعريف الصحيح للرشوة أنها ما يعطى لإبطال حق أو إحقاق باطل، أو ليتوصل بها إلى ما لا يستحق.
فإذا لم يجد المرء بدا من دفع شيء من المال لينجو من فتنة أو يخلص من ورطة فإن ذلك لا يحرم عليه حينئذ، بل يكون هو المتعين في حقه، لأن من القواعد الشرعية ارتكاب أخف الضررين إذا لم يمكن تجنبهما.
وعليه فالمتعين لمن وقعت في مثل ما ذكرته أن تدفع المال دون ذلك، وفي هذه الحالة لا يعتبر رشوة في حقها، وإنما في حق الآخذ، ولا شك في أن دفع المال أخف من تعرضهن للسجن أو لخلع الحجاب أمام الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1428(12/5740)
ما يعتبر رشوة وما لا يعتبر منها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا مشكلة دينية عملية.. هناك شركات تتعامل بالرشوة لتيسر أمورها وخصوصا إذا كان الطرف الآخر من الحكومة أي أن مال الربح مال حكومة.. ونحن نكون فقط الوسيط بينهما لا يدخل لنا شيء.. المشكلة أنه لا بد من التعامل بهذه الطريقة.. لقد استفتينا عدة شيوخ وكان ردهم أنه هناك شبه، ولكن لا بد من وجود موظف نظيف قد يتسطيع تغيير الحال.. وعلى كلام الشيخ القرضاوي إذا كان العمل مريحا ومستقرا والراتب جيدا ولا يدخل للموظف أي شيء فلا مشكلة.. أتمنى أن أكون قد وضحت الصورة بشكل جيد.. أرجوكم أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن قدمنا أن الرشوة هي المال الذي يعطى لإحقاق الباطل أو إبطال الحق، أما ما يعطى لإبطال الباطل وإحقاق الحق فليس من الرشوة بالنسبة للدافع، وهو رشوة بالنسبة للآخذ، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 2487، والفتوى رقم: 4245، والفتوى رقم: 1713.
وحيث حرمت الرشوة على الراشي حرمت المساعدة عليها بأي وجه من الوجوه؛ لقوله تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} ، وفي مسند أحمد من حديث ثوبان: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش. يعني الذي يمشي بينهما.
وننبه إلى أنه لا علم لنا بما ذكرت عن فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله ورعاه، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1428(12/5741)
أحكام ما يأخذه الموظف من مصاريف من لجنة المشتريات
[السُّؤَالُ]
ـ[عملت في لجنة المشتريات في إحدى الوزارات بحيث نشتري أثاثا إلى مبنى الوزارة حسب الطلبات وبحيث يوجد عندنا مصاريف غير مرئية من أكل ونقل وأجور عمال وبقشيش وكارتات الهاتف وأن الشركة التي آخذ منها تعطي لي نسبة من المال يكتب في وصل الشراء, سؤالي: هل هذا المال حرام أم حلال؟ وإذا كان هناك مبلغ معطى مني على الوصل حلال أم حرام؟، وأين يكمن الحرام والحلال في هذا الشأن عندما أعطي أنا النسبة أو صاحب الشركة يعطيها لي؟ الرجاء الإجابة السريعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال الذي تعطيه لكم الشركة التي تشترون منها إذا كان متميزاً عن سعر المشتريات ومأذوناً لكم فيه من جهة الوزارة التي تعملون فيها فلا حرج عليكم في قبوله، كما هو موضح في الفتوى رقم: 8043، والفتوى رقم: 28968.
أما إذا كان مضافا إلى سعر المشتريات كما هو الواقع غالباً بحيث يكون الدافع له في الحقيقة هو الوزارة دون علمها، فلا يجوز ذلك لما فيه من الغش لها في سعر المشتريات، وأكل المال العام بغير حق، وأخذ الرشوة من هذه الشركة لتقدموها على غيرها في الشراء منها.
وأما بالنسبة إلى المال الذي تدفعونه.. فإن كان عبارة عن مصروفات نقل وأجور عمال وكان بإذن الوزارة فلا حرج في ذلك.
وأما إن كان عبارة عن رشاوى للموظفين في الشركات التي تتعاملون معها ففيها تفصيل: فإن كانت لإبطال حق أو إحقاق باطل، أو ليتوصل بها إلى ما لا يستحق، فبذله حرام سواء سمي بقشيشاً أو غير ذلك، والأصل في ذلك أن أخذ الرشوة ودفعها من كبائر الذنوب، لما رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لعنة الله على الراشي والمرتشي.
وأما إذا كانت للتوصل إلى حق لا يمكن الوصول إليه بدونها فيجوز بذلها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 8128 وما كنتم مأذونين فيه من الوزارة من هذه المصروفات وقمت بدفعه نيابة عنها، فلكم الحق في المطالبة به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1428(12/5742)
حكم دفع مال لإحقاق حق أو رفع ضرر أو ظلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد رأي الشرع في موضوعي وهو كالتالي: أنا عامل في شركة لكن بدون تسوية وضعيتي اتجاه الخدمة الوطنية وعملي مرهون بها، ونظراً للمماطله المتعمدة من المسؤولين والتأجيل المتكرر، السؤال هو: هل يجوز الحصول على تسوية الوضعية (الإعفاء من الخدمة الوطنية) مقابل مبلغ مالي؟ وفقكم الله لخدمة الاسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المسؤولون يماطلون في إنهاء معاملتك، ولا يمكنك الحصول على حقك إلا بدفع مبلغ من المال فلا مانع من ذلك ولا يعدّ هذا رشوة محرمة في حقك، وإنما هو رشوة محرمة في حق الآخذ، فالرشوة المحرمة هي ما يتوصل به لإحقاق باطل أو إبطال حق، أما ما يُعطى لإحقاق حق أو رفع ضرر أو ظلم فليس برشوة بالنسبة للدافع. وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 2487.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1428(12/5743)
حكم من دفع مالا ليدفع عن نفسه مفسدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعجبت بفتاة فتقدمت لخطبتها ووعدت أهلها بالعقد عليها في الصيف القادم فوافقوا ولكنني لم أستطع أن أصبر إلى الصيف القادم فطلبت من والدها بأن أعقد عليها الآن لكنه رفض وقال لي حتى الصيف وخرجت معها مرات كثيرة بدون علم أهلها وفي إحدى المرات ضبطت أنا وهي في السيارة من طرف الشرطة فطلبوا منا أوراق السيارة فأعطيناهم الأوراق ووجدوا بأن السيارة لم تخضع للفحص التقني لهذا العام ففرضوا علينا ضريبة ثم سألني الشرطي من هذه التي معك فكذبت عليه وقلت له بأنها زوجتي فقال لي ستذهبون معنا إلى مركز الشرطة ثم ننادي والديها ووالديك لكي نتأكد إن كانت فعلا زوجتك ففكرت في العواقب التي ستكون فعلا وخيمة فقمت برشوته وانتهى الموضوع وانصرفنا لحالنا ولم ندفع أي غرامة أنا أعرف بأنني عاص لله وقد تبت من معصيتي هاته فسؤالي هو: هل أنا ملعون لأنني قمت بالرشوة كما جاء في الحديث أم أن هذا من باب دفع المفسدة الكبرى بالمفسدة الصغرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرشوة سبق حكمها في الفتاوى التالية: 1713، 12346، 14645، 22992. وفيها أن الرشوة هي ما توصل به إلى إحقاق باطل أو إبطال حق.
ولا نرى أنك أحققت باطلا أو أبطلت حقا أو توصلت لما لا تستحق بدفعك تلك الرشوة، لا سيما إذا كنت فعلت ذلك بعد توبتك من الخلوة بتلك الفتاة.
ثم اعلم أن المخطوبة أجنبية عنك حتى يتم عقد النكاح بينكما، فلا يجوز لك الخروج معها ولا الخلوة بها، وينبغي لوالدها أن يعجل في تزويجها، أو على الأقل تعجيل العقد، فإن من السنة تعجيل زواج الأيم إذا وجدت كفؤا، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 77030.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1427(12/5744)
حكم دفع مال لقاء الحصول على تأشيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 29 سنة كنت أعمل بمجزرة أنا وإخوتي ولكن مؤخرا الأوضاع المالية لا تسر إلى درجة خسارة رأس المال فقررت السفر إلى فرنسا للحصول على عمل وبما أن الحصول على التأشيرة أمر صعب في بلادنا هناك من دلّني على شخص يمدّني بهذه الأخيرة مقابل مبلغ من المال. هل يعتبر هذا رشوة أم لا؟ أرجو إجابتي في أقرب وقت مع الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ضاقت عليك سبل العيش في بلدك ولم تجد عملا يفي بحاجتك فلا مانع من السفر إلى البلد المذكور بشرط أن تأمن على نفسك من الفتن فيه، وأن تقدر على إقامة شعائر دينك، وأن يكون العمل الذي ستعمل فيه عملا مباحا شرعا.
أما إن كنت تعلم من نفسك أنك ستفتن في دينك أو خلقك فالزم بلدك واصبر حتى يفرج الله عنك، أو ارحل إلى بلد آخر تأمن فيه على دينك. قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2-3}
وأما عن حكم دفع مال للشخص مقابل الحصول على التأشيرة؟ فينظر أولاً في حكم السفر.. فإن كان سفرا جائزا فلا بأس بالبحث عن من يستخرج لك هذه التأشيرة.
ثم هل ما تدفعه إليه من مال رشوة أم لا؟ ينظرفي ذلك فإن كان هذا الشخص موظفا في الجهة التي تصدر التأشيرة ويقوم بعمله الواجب فما تدفعه إليه يعد رشوة، وفي حال استحقاقك للتأشيرة وامتناع الموظف عن بذلها إلا برشوة فلا حرج في الدفع إليه، وأما إن كان غير موظف في الجهة المصدرة للتأشيرة ولكنه يتوسط لك ويبذل جاهه عند من يمنحك التأشيرة فلا مانع من أن تدفع له المال مقابل توسطه، وهو ما يعرف عند الفقهاء بثمن الجاه، وقد تقدم بيان المسألة في الفتوى رقم: 4714.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1427(12/5745)
مسائل في الرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[مقدمة: أعمل في شركة في مجال مبيعات أجهزة الالكتوميكانيكية الكبيرة وكما تعرفون فالبيع في هذا الزمان اختلط به المحرم بشكل كبير وبالذات إذا كان البيع للمشاريع الضخمة وكل مشروع يتراوح سعر أجهزة الكهربائية من مليون إلى عشرة ملايين وطبعا مثل هذه مشاريع يكون فيها مكتب استشاري يمثل المالك وبالذات في المشاريع الحكومية يكون هناك شخص أو أشخاص من الوزارة لمتابعة المشاريع ومقاول يشتري البضاعة ومعظم هذه المشاريع فيها دفع فلوس.....
- بالنسبة للاستشاري أو من يمثل المالك يكون الدفع حتى يقوم بتوصيف أجهزتنا واعتمادها
- بالنسبة للمقاول حتى يستخدم أجهزتنا ويقنع المالك بها.
طبعا الفلوس تدفعها شركتنا لكن الذي يصير أن الشركة تقوم برفع سعر المواد لتغطية هذه المدفوعات وزيادة هامش الربح أيضا (لكن ليس دائما يتم رفع السعر يعني أحيانا تدفع الفلوس من هامش ربح الشركة مقابل الحصول على المشروع بدون زيادة على السعر المقدم أثناء دراسة العطاءً) .
ماهو دوري في الموضوع: أنا مهندس مبيعات والنظام عندنا يعطي عمولة على شغل القسم ككل يتقاسمها الجميع ويكون منها ماجاء بشكل سليم ومنها ماجاء عن طريق الدفع؟ هل وضحت الصورة؟ يعني ممكن أنا أشارك أو ما أشارك في متابعة المشروع من أوله إلى آخره لكن يكون لي جزء من العمولة فما الحكم؟
طبيعة عملي لحد الآن هي في الأمور الفنية مثل إعداد العروض والمتابعات للتوريد والفواتير ... الخ والذي فهمته أن هناك أحد مهندسي القسم هو الذي يتولى الاتفاق مع الذي يريد فلوسا ويرفع بذلك تقريرا للإدارة تحت مسمى أتعاب استشارية التي تقوم بصرف المبلغ يعني لحد الآن أنا لا أتدخل في هذا الجانب المظلم؟ وأحيانا يتصل ممثل الوزارة أو مسؤول المشتريات مباشرة بنا ويقول هل تريدون هذا المشروع أنا مستعد أطلب موادكم وأجهزتكم مقابل نسبة معينة؟ بعضهم مثلا لا يطلب فلوسا لكن مثلا يطلب زيارة للمصنع خارج المملكة على حساب شركتنا؟ في الشركة يبررون ذلك بأنه إذا ما دفعت فلن نحصل على المشروع مثلا مشروع حكومي كان سعرنا 2 مليون ريال والمنافس لنا 2 مليون دولار وقد رسي العطاء على المنافس على الرغم من أن سعره أعلى مننا أربعة أضعاف وجودة بضاعته أقل أو مساوية لنا فما الحكم دام فضلكم؟
1. طبعا أسأل عن الحكم في الراتب الذي نستلمه؟
2. وفي العمولة التي أحصل عليها من شركتي مقابل المبيعات؟
3. وفي طبيعة هذا العمل؟
4. حدود الحلال والحرام مثلا لو طلب مني مثلا توصيل الشيك أو المبلغ أو طباعة الطلب أو التعامل به؟؟؟
5. وماهو الأسلوب الأمثل للتعامل مع من يطلب الرشوة أو مع الإدارة إذا طلبت من متابعة هذه الأمور؟
ملاحظة:
أنا هنا مشوش وأبحث عن جواب شاف فقد سألت بعض طلبة العلم لكن كانوا يطلبون مني سؤال من هو أعلم منهم ومن له دراية بما يجري في الواقع فقد قال لي أحدهم شغلك كله حرام ولعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما.... وعندما ناقشته وقلت له أنا ما رشيت ولا ارتشيت لم أكن رائشاً ولكن جاءتني فلوس سواء راتب أو عمولة نتيجة هذا العمل فغير رأيه وقال إن المال الذي تحصل عليه حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرشوة من كبائر الذنوب، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: لعن الراشي والمرتشي. رواه الترمذي وقال حسن صحيح، وفي رواية: والرائش. وهو الساعي بينهما، فيحرم طلب الرشوة وقبولها وبذلها كما يحرم عمل الوسيط بين الراشي والمرتشي، ولكن محل ذلك هو الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى إحقاق باطل أو إبطال حق أو أخذ ما ليس له. أما الرشوة التي يتوصل بها إلى حقه أو لدفع ظلم أو ضرر فإنها جائزة والإثم على المرتشي دون الراشي. وإذا تقرر هذا فالأصل في المشاريع التي تعرض في صورة مناقصة أو نحو ذلك أن تكون من نصيب الأفضل جودة وسعرا، فإذا كانت شركتكم أفضل جودة وسعرا ممن يتنافسون معها ولم يمكنكم الوصول إلى حقكم في الحصول على العطاء في هذه المناقصة إلا ببذل مال للموظفين المسؤولين جاز لكم ذلك والإثم عليهم لا عليكم، لكن يشترط لذلك أن لا تزيدوا على التكاليف المتعارف عليها لمثل هذا المشروع لما في ذلك من الإضرار بصاحب المشروع الأصلي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه، وراجع الفتوى رقم: 51401، أما إذا كان هناك من ينافسكم وهو أولى بالعمل منكم أو مساو لكم فلا يجوز لكم أخذ هذه المقاولة بهذه الصورة لأنه يعد اعتداء على حق الغير، وراجع الفتوى رقم: 6257.
أما حكم الراتب الذي تحصلون عليه فينبني على العمل الذي تقومون به.. فإذا كان عملا مباحا لا يتضمن الإعانة على محرم من رشوة ونحوها فلا بأس به، وإلا فقد دخل فيه من الحرام بقدر ممارستكم للحرام أو إعانتكم عليه، ومثل ذلك يقال في العمولة؛ إلا أن العمولة تزيد عن ذلك بضرورة أن تكون معلومة لصاحب الشركة وموافقا عليها حتى لا تكون رشوة لكم.
وأما طبيعة عمل الشركة فينبني على التفصيل المتقدم وعلى قدر التزام الشركة بالمواصفات المشترطة فإن التزمت بها فعملها حلال، وإن أخلت بشيء من ذلك دخل عملها من الحرام بحسب ذلك.
وأما التعامل مع من يطلب رشوة فإذا أمكن الوصول إلى الحق دون بذلها فيحرم بذلها له؛ وإلا فلا بأس ببذلها له والإثم عليه لا على المعطي، وإذا طلب منك توصيل الشيك أو المبلغ أو طباعة الطلب أو التعامل به مع من يطلب رشوة فالحكم في ذلك تابع لحكم الرشوة، فإذا جاز بذلها فلا حرج عليك وإلا حرم؛ لعموم قوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب {المائدة: 2} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1427(12/5746)
تسمية الرشوة بغير اسمها لا يغير من حكمها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سائق لسيارة محملة , مرات أحمل بضاعات من بلادي إلى بلد آخر (في حين أواصل نقاط سيطرات جمركية قرب حدود بلادنا) فالموظفون في الجمارك سيطلبون مني نقودا غير ثمن جمركة البضاعة المحمولة, يسمونها الحلاوة ,هل يجوز ذلك أم لا ونحن لن نرضى بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العبرة بالمضامين والحقائق لا بالأسماء والعناوين، فتسمية هؤلاء الموظفين للرشوة بالحلاوة لا يغير من حقيقتها وهي أنها رشوة محرمة في حق الآخذ وهو هنا الموظف الذي يأخذ على وظيفته أجرا، فما يأخذ زيادة على ذلك من المراجعين يعد سحتا وأكلا للمال بالباطل، وفي الحديث الذي رواه البخاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر يهدى له أم لا.
وإذا قلنا إن هذه الرشوة حرام في حق الآخذ فهي كذلك في حق الباذل لها (الراشي) إلا أن لا يجد من بذلها بدا لدفع ضرر عن نفسه أو ماله، أو ليتوصل بها إلى حق لا يصل إليه إلا بها، ففي هذه الصورة تحرم في حق المرتشي دون الراشي، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 2487.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1427(12/5747)
حكم إعطاء الموظف إكرامات مالية لقاء الموافقة على الشراء
[السُّؤَالُ]
ـ[أتاجر بالزيت البلدي ولي صديق يعمل في فندق رئيسا للمشتريات والفندق يحتاج الزيت دائما فاتفقت معه على تزويد الفندق بكمية من الزيت شهريا وأنا مقابل ذلك أعطي هذا الزميل بعض الإكراميات المالية لقاء موافقتة على الشراء مني طواعية دون أن يشترط هو هذا الأمر هل في ذلك حرمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالهدية إذا أخذها المرء مقابل حق يلزمه أداؤه، أو مقابل عمل باطل يجب عليه تركه كانت رشوة، واستحق كل من الباذل لها والآخذ لها وعيدا شديدا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم. رواه الإمام أحمد والأربعة وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان. وأنت ذكرت أنك تعطي زميلك هذا بعض الإكراميات المالية لقاء موافقته على الشراء منك، ولا شك أن هذا داخل في التعريف الذي عرفنا به الرشوة.
وعليه، فالواجب أن تتوب إلى الله مما اقترفته ويتوب زميلك أيضا، ومن تمام توبتكما أن تسترجع منه المال الذي أخذه منك، والأحسن أن تتصدق به على المحتاجين وأبناء السبيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1427(12/5748)
الوساطة بين المنع والجواز
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف ما هو نص الحديث الذي يحرم العمل بالمحسوبية والوساطة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوساطة لا تمنع بإطلاق ولا تباح بإطلاق، وإنما تجري عليها الأحكام الخمسة الوجوب والحرمة والإباحة والكراهة والاستحباب.
فتحرم الوساطة إذا بذلت في باطل ويدل على ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم لمن جاءه يشفع في إسقاط حد من حدود الله وجب تنفيذه: أتشفع في حد من حدود الله. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
ومعنى أتشفع في حد.. أتتوسل أن لا يقام حد فرضه الله. فهذه شفاعة ووساطة محرمة.
وقد تكون الشفاعة مستحبة كما في الشفاعة في الحدود إن لم تبلغ السلطان. جاء في عون المعبود: قال ابن عبد البر: لا أعلم خلافا أن الشفاعة في ذوي الذنوب حسنة جميلة مالم تبلغ السلطان.
هذا وإذا انضم إلى الشفاعة المحرمة مال يعطى للشفيع كان الإثم أعظم.
وفي الحديث: لعن الله الراشي والمرتشي. رواه ابن ماجه.
جاء في شرح سنن ابن ماجه: والرشوة بالكسر والضم وصلة إلى حاجته بالمصانعة. اهـ.
وجاء في تحفة الأحوذي: قيل الرشوة ما يعطى لإبطال حق أو لإحقاق باطل، أما إذا أعطى ليتوصل به إلى حق أو ليدفع به عن نفسه ظلما فلا بأس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1427(12/5749)
دفع المال لمندوب المشتريات لإتمام البيع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة كمندوب مبيعات وأحيانا تأتي طلبيات من بعض الشركات ولإتمام عملية البيع يطلب المشتري مبلغا من المال وسياسة شركتي لا تمانع من دفع المبلغ، إذا رفضت أن أدفع ولم تتم عملية البيع فإنني أعاقب من شركتي، تصل العقوبة أحيانا إلى حرماني من بعض حقوقي المادية كمكافأة نهاية العام.
ولا أستطيع ترك العمل لأنني لا أستطيع الحصول على نقل كفالة من شركتي؟
أفيدوني جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المراد بقول السائل (يطلب المشتري مبلغا من المال) هو أن المندوب عن الشركة مريدة الشراء يطلب مبلغا من المال لنفسه لكي يشتري من الشركة التي يعمل بها السائل دون سواها من الشركات، فإنه ينظر في هذا الطلب، فإن كان بعلم وإذن شركة مندوب المشتريات هذا فلا مانع من أن يعطى مبلغا ويعتبر ذلك تخفيضا في السعر في حقيقة الأمر كما لو كان هذا المبلغ يذهب إلى الشركة المشترية نفسها، أما إن كان يطلب ذلك بدون علم الشركة كما هو حال أكثر مندوبي المشريات فإنه يطلب رشوة محرمة، والرشوة المحرمة يأثم فيها الراشي والمرتشي، فلا يجوز لك دفعها ولا التعامل بها، وإذا كان يلزم من عملك بهذه الوظيفة أن تتعامل بالرشوة فعليك ترك العمل، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 35040.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1427(12/5750)
دفع الرجل المال ليتقدم على من سبقوه هل يعد رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل الفيش اللازم للتجنيد فوجدت طابورا طويلا من الناس فأعطيت العسكري 5 جنيهات ليقدمنى فى الطابور فهل هى رشوة؟ وكيف أكفر عنها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكره السائل من دفع 5 جنيهات ليقدمه العسكري فى الطابور على من سبقوه، لأجل الحصول على مراده بسرعة هو عين الرشوة، لأن الرشوة عبارة عن دفع مال من أجل إبطال حق، أو إحقاق باطل، ولا شك أن أسبقية من تقدموا حق لهم، فدفع مال لسلبهم ذلك الحق وإعطائه لمن جاء متأخرا عنهم يعد رشوة.
والرشوة تعتبر من أسوإ أكل أموال الناس بالباطل، ومن كبائر الذنوب، وصاحبها مطرود من رحمة الله، ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد روى الإمام أحمد والأربعة وحسنه الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي في الحكم. وأخرج الطبراني بسند جيد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الراشي والمرتشي في النار ".
وعلى أية حال، فإن التوبة محبوبة عند الله، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ {البقرة: 222} . وهي تكفر الذنوب جميعا، قال جل من قائل: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزُّمر:53} {الزمر:53} .
والتوبة النصوح هي المشتملة على: الندم على ما سلف من الذنوب، والإقلاع عنها خوفا من الله سبحانه وتعظيما له، والعزم الصادق على عدم العودة إليها، مع استحلال أهل المظالم من مظالمهم، أي: طلب المسامحة منهم.
وبما أن أصحاب الحق في موضوعك لا يمكن حصرهم وطلب المسامحة منهم، فعليك أن تجتهد لهم في الدعاء والاستغفار، فعسى أن يكون في ذلك تكفير عن بعض حقوقهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1427(12/5751)
حكم تغيير المسمى الوظيفي لقاء مبلغ مالي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الآن في الأداب إنجليزي وعملي أخصائي اجتماعي بإحدى المدارس، الطرق الرسمية مغلقة لتغيير المسمى الوظيفي، بالرغم من أنه قد تم تغيير المسمى للكثير، ويوجد قانون بذلك، فهل لو دفعت مبلغا من المال لتخليص هذا الموضوع يعد ذلك رشوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان من حقك أن تغير المسمى الوظيفي وحال دون ذلك مانع ولم تجد بداً من دفع مال لمن يؤدي لك هذا الحق فلا مانع، وراجع في معنى الرشوة المحرمة الفتوى رقم: 17929.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1427(12/5752)
أخذ المال مقابل الموافقة على إكمال الموظف دراسته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مهندس اتصالات أعمل بشركة حكومية وأُدرس في الجامعة خارج أوقات العمل بعد موافقة رئيسي في العمل، ولكن هذا الأخير دائماً يتلكأ في الموافقة بدون سبب لأنه عنده شيء من الحسد لي ولبعض زملائي الذين يدرسون مثلي، وذات مرة قال لي أعطوني شيئاً مما تكسبون من التدريس فوافقت على ذلك دون تردد، وعند العودة الدراسية طلبت منه الموافقة فبدأ يتلكأ ويرفض كعادته وبعد أسبوع من التلكؤ وافق، بعد الموافقة قلت له سأعطيك شيئاً مما غنمت السنة المنقضية، وأعطيته شيئاً من المال، هل يعتبر ذلك رشوة أم هدية، إذا كنت أقصد من وراء ذلك أن لا يرفض طلبي للتدريس مستقبلاً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يطالبك به رئيسك هذا يعتبر في حقه رشوة محرمة لا يحل له طلبها ولا أخذها، لأن موافقته على عملك هذا، إما أنها حق لك فالواجب عليه بذل هذا الحق بدون مقابل، وإما أن يكون لا حق لك فيها فهو بطلبه هذا يأكل السحت ليحق به باطلاً. أما دفع هذا المال من قبلك فينظر إن كنت لا تصل إلى هذا الحق إلا بدفع ذلك، فيجوز أن تدفع له ويبوء هو بالإثم، أما إن كنت تصل إلى حقك بدون ذلك فلا يجوز لك أن تدفع له شيئاً، وراجع في معنى الرشوة المحرمة الفتوى رقم: 70407. وراجع لمعرفة الفرق بين الهدية والرشوة الفتوى رقم: 8044.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1427(12/5753)
الرشوة وتزوير الشهادات الدراسية
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أخت متزوجة من رجل يحضر ماجستير في أصول الدين والدعوة والعقيدة وهي في الإعدادية وتريد أن تزور شهادة إعدادية ودفعت رشوة 200 دولار لذلك وزوجها موافق ويساعدها في ذلك ويقول هذا حلال مادام هو يساعدها كي تدرس وأنا تشاجرت معها من أجل هذا وتخاصمنا وكانت المشكلة كبيرة وحصل فيها سب وشتم متبادل لأني لا أريدها أن تغش وأنا الآن حائرة هل أنا على خطأ، أفيدوني أفادكم الله، وكل من حولي خطأني لأن زوجها رجل دين وهو موافق على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتزوير الشهادات حرام، لما فيه من الكذب والغش، ويزيد الأمر إثما على إثم دفع رشوة على ذلك، وقد قال الله تعالى: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ {الحج:30} ، وفي الحديث الذي رواه البخاري عن أنس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكبائر، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وشهادة الزور. وفيه أيضا: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه أبو داود وغيره.
وعليه، فما أرادته أختك منكر، وما كان ينبغي لزوجها –وقد ذكرت أنه يحضر ماجستير في أصول الدين والدعوة والعقيدة- أن يساعدها على هذا الفعل.
ومع هذا، فإنه كان من واجبك نحو أختك أن تنصحيها وتبيني لها خطأ ما أرادت الإقدام عليه، فإن استجابت فالحمد لله رب العالمين، وإن لم تستجب فلست حسيبة عليها بل الله حسيبها، وما كان لك أن تتشاجري معها أو تتخاصمي، ولا أن تحدثي ما ذكرت أنه حصل من السب والشتم المتبادلين.
فقد روى الشيخان عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1427(12/5754)
دفع صاحب الشركة المال لموظفي شركة لكي يشتروا بضاعته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب شركة تجارية وأقوم في بعض الأحيان بدفع عمولات لموظفي الشركات الأخرى حتى يقوموا بالشراء من بضاعتي بعلم وبدون علم أصحاب تلك الشركات مع أنني لا أغش نهائيا في مواصفات البضاعة ويتم الشراء على هذا الأساس في جميع الحالات؟
السؤال الثاني: في حال أنني استقطبت موظفا من شركة منافسة وكان هذا الموظف مهما جدا فهل هذا خطأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أن هذه العمولات التي تدفع لموظفي الشركات مقابل أن يشتروا من هذه الشركة تعتبر من قبيل الرشوة المحرمة فلا يجوز إعطاؤها أو أخذها، لما روى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه الترمذي وقال حسن صحيح، وفي رواية: والرائش. وهو الساعي بينهما.
ثم إن الموظف إذا كان بينه وبين الشركة عقد لم تنته مدته بعدُ، فلا يجوز له ترك العمل بها قبل نهاية أمد ذلك العقد إلا بإذن من أصحاب الشأن. ولا يجوز إغراؤه بترك العمل ولا مساعدته في ذلك.
وأما إن كان العقد بينه وبين الشركة منتهيا أو أذن له أصحاب الشأن فلا مانع من تركه العمل بها متى أراد.
ولا نرى حرجا على من عرض عرضا ليستقطبه أو مثله من العمال، غيرَ أن المؤمن ينبغي أن يظل نصب عينيه دائما قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1427(12/5755)
دفع المرء الرشوة لرفع الظلم عن نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على هذا المجهود العظيم، لكن قبل أن أطرح السؤال عليكم أرجو منكم عندما يتم الإجابة عليه أن تكون إجابة تفصيلية لأني دخلت على مواقع كثيرة ولكني لا أستفيد من الفتوى
السؤال هو: أني كنت أعمل بشركة قطاع عام حوالي ستة سنوات ولكن بدون تثبيت وكنت أعمل بإدارة من إدارات الشركة ففي الصباح كنت أعمل بمكتب الملفات الخاص بهذه الإدارة والمساء الوقت الإضافي كنت أعمل بالمطبعة الخاصة بتلك الإدارة لكي يزيد راتبي *أتمنى أن يكون كلامي واضحا لحضراتكم *أكمل* فبعد عملي بهذه الإدارة بسنتين تحولت من قطاع صغير إلى إدارة كبيرة وكانوا يحتاجون إلى حوالي 200 شخص ليتعينوا بهذه الإدارة وأنا كنت أعمل بها وكنت أسعى لكي يتم تعييني من ضمن هؤلاء الأشخاص ولكن مدراء الإدارة قالوا لي عندما تأتي بشهادة الجيش سيتم تعيينك فوراً وعندما أتيت بها كأنها لم تأت وكنت أحاول جاهداً مراراً وتكراراً ليتم تعييني ولكن للأسف تعيين هؤلاء الأناس جاء بالواسطة وأنا لأني ليس عندي واسطة لم يتم تعييني ولكني مكثت بها على أمل أني أتعين فيها فعملت ستة سنوات وتوفي الرجل الذي كنت أعمل معه بمكتب الملفات الخاصة بالإدارة وكنت على دراية كاملة بجميع العمل الذي كان يقوم به وكنت أنتظر أن يتم تعييني مكان هذا الشخص أسأل الله أن يدخله فسيح جناته، ولكن للأسف الواسطة كانت مستولية على كل شيء أتوا بشخص مكانه من الخارج لا دراية له بالشركة ولا بأعمال الشركة وظللت ماكثاً معهم وبعد ذلك جاء لي سفر إلى دولة من الدول العربية * أنا آسف لأني أطلت عليكم ولكني محتار * أكمل * فعملت بتلك الدولة بمكتب محاماة كطباع للمذكرات ولكن تبين لي أن هذا المكتب أحياناً يكون عمله للدفاع عن مجرمين وأخذ المال من غير حق وأحياناً يكون دفاعاً عن أصحاب حق، سؤالي من شقين:
الأول في حالتي تلك التي كانت بالشركة والتي تتبين لكم من هذا الكلام هل لو دفعت رشوة لأتعين بهذه الشركة يكون ذلك جائزا أم لا ...
الثاني: هل إذا جاز لي أن أدفع رشوة وأن أتعين بهذه الشركة فهل يجوز أن آخذ من المال الذي عملت به في مكتب المحاماة الذي كان يدافع أحياناً عن مجرمين ... ... ... ... ... ...
سؤالي انتهى، لكن لا أدري هل استطعت أن أوصل ما أريد.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما لا شك فيه أن الرشوة من كبائر الذنوب، ملعون صاحبها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم: فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه أحمد وأبو داود وهو عند الترمذي بزيادة: في الحكم. وقال: حديث حسن صحيح. وفي رواية: والرائش. وهو الساعي بينهما. وقال تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ {الأنعام: 41} . قال الحسن، وسعيد بن جبير هو: الرشوة. وقال تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188} .
إذاً فطلب الرشوة حرام، وقبولها حرام، كما يحرم عمل الوسيط (الرائش) بين الراشي والمرتشي.
هذا في الرشوة التي يتوصل بها صاحبها إلى ما ليس له. وأما الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه، أو لدفع ظلم عنه أو ضرر، فإنها جائزة عند الجمهور، ويكون الإثم فيها على المرتشي دون الراشي.
قال ابن الأثير: فأما ما يُعطى توصلاً إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه. روي أن ابن مسعود أُخذ بأرض الحبشة في شيء فأعطى دينارين حتى خُلي سبيله، ورُوي عن جماعة من أئمة التابعين أنهم قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله، إذا خاف الظلم. انتهى.
وبناء على ما ذكر، فإن كانت الشركة التي كنت تعمل بها تابعة للقطاع العمومي، وقد ظُلمت من طرف المسؤولين فيها، ولم تجد وسيلة إلى التوصل إلى حقك إلا بالرشوة فلا بأس بأن تبذل المال لنيل ما لك من حق، ويكون الإثم حينئذ خاصا بمن أخذ المال منك.
وأما إن كانت الشركة مملوكة من طرف شخص أو أشخاص معينين، فإن من حق أصحابها أن يعينوا في الوظائف من يريدون ويتركوا من يريدون، ولا يسمى هذا ظلما، لأنهم يتصرفون في ملكهم الخاص. وبالتالي فليس يباح لك أن تدفع رشوة للحصول على تعيين فيها.
هذا عن سؤالك الأول، وفيما يخص سؤالك الثاني، فإنه لا يجوز الدفاع عن المجرمين أو المخاصمة عنهم بحيث يفلتون مما يستحق عليهم من حقوق أو عقاب منضبط بضوابط الشرع الحنيف، لعموم قول الله تعالى: وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً {النساء:105} ، وقوله تعالى: وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً
{النساء:107} . وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ {النحل: 90} ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: من خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع. رواه أحمد.
ويعظم الإثم إذا كان ذلك الدفاع أو المخاصمة عن طريق تزوير المستندات أو إحضار شهود زور، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من غش فليس مني. رواه مسلم، وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئاً فقال: ألا وقول الزور، قال: فمازال يكررها حتى قلنا ليته سكت. متفق عليه.
وعليه، فلا يجوز أن تعمل في مكتب المحاماة الذي قلت إنه يدافع أحياناً عن مجرمين، وإذا كنت قد عملت به بالفعل، فالذي يباح لك مما أخذته من المال هو ما كان في مقابل الدفاع عن الحق. وأما الذي أخذته في مقابل الدفاع عن الباطل فهو حرام عليك، ويجب أن تتخلص منه في وجه من وجوه الخير، وما أخذته في مقابل الحق فلك أن تتصرف فيه التصرف المشروع ومن ذلك دفعه لرفع ظلم عنك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1427(12/5756)
دفع المال لتأخير موعد سداد الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[دفع مبلغ من المال لموظف بشركة ليقوم بتأخير موعد سداد الدين على شركة أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا المبلغ المدفوع لهذا الغرض يعد رشوة محرمة؛ لأن هذا الموظف إما أن يكون له الحق في تأخير موعد سداد الدين فيكون الدفع له رشوة على عمله الواجب وهذا محرم شرعا، وفي الحديث: هدايا العمال غلول. رواه أحمد، وإما أن لا يكون له الحق في ذلك وقام بهذا العمل احتيالا وكذبا فيجتمع في حقه أكل الرشوة والخيانة في العمل, وكل ذلك من الآثام العظام.
فعلى من رشا وارتشى التوبة إلى الله عز وجل, وإصلاح ما أفسد من الحقوق, فإن تسديد الدين في موعده حق للشركة وملاكها, وفي هذا العمل إبطال لهذا الحق وخيانة لأصحاب الشركة, ولا تتم توبتهما إلا برد الحقوق إلى أهلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1427(12/5757)
مشاركة من يدفع رشوة لتعلية البناء
[السُّؤَالُ]
ـ[أمتلك عقارا وأريد أن أشارك مقاولا في هدمه وبناء عمارة جديدة وعلمت أن كل المقاولين يقومون ببناء أدوار أزيد مما هو مصرح لهم وذلك بدفع (إكرامية) إلى بعض المسئولين بالحي الذى يقوم بالتصريح له ثم بعد الانتهاء يقومون بالتصالح مع الحي ودفع قيمة غرامة متفق عليها طبقا للقوانين مع الحي فعلا فهل اشتراكي في مشروع كهذا مع أحد المقاولين حلال مع العلم بأني لا أستطيع أن أقوم بهذا المشروع وحدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الجهة المنظمة للبناء قد حددت قدرا لا تبيح مجاوزته، وكانت تريد بذلك توفير المصلحة والأمن للمواطنين، فإن التحايل لمجاوزة ما حُدِّد يعتبر خيانة وغشا، وهو حرام. قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27} . وأخرج الإمام مسلم وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ومن غشنا فليس منا.
وإذا دُفع المال في مثل هذا الغرض كان الدافع راشيا وكان الآخذ مرتشيا، وقد لعنهما معا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ما رواه ثوبان قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش - يعني - الذي يمشي بينهما. رواه أحمد.
وأما إن كان منع الناس من تطويل أبنيتهم لا تراد منه أية مصلحة، وإنما هو وسيلة أريد بها أكل الأموال بالباطل، فلا نرى حينئذ مانعا من تحايل الشخص لتحصيل ما هو من حقه، ولكن الاحتمال الأول أقرب عندنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1427(12/5758)
حكم دفع رشوة للحيلولة دون نسبة ولد الزنا للرجل الزاني
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال " لي صديق من الله عليه بالتوبة والرجوع إلى طريقه المستقيم وقد تزوج بعد هذه التوبة ورزقه الله زوجة صالحة وذرية طيبة ولكن هناك شيء يؤرقه وينغص عليه حياته رغم أنه يسعى ما بوسعه لإرضاء الله قدر ما استطاع والشيء الذي ذكرت أنه يؤرقه هو أنه ومنذ ما يقرب عن العشر سنوات وقع في عملية زنا مع امرأة عاهرة بمعية بعض رفقاء السوء وقد حملت هذه المرأة وولدت طفلا وحملته حملها من دون بقية الرفاق فأنكر ما نسبته له وقد سجن من أجل ذلك مدة أربعة أشهر ولازالت المشكلة لم يحسم فيها وأخيرا صدر قرار من المحكمة يقضي بأن يقوم بفحص للتثبت من الجينات للحسم في نسبة الولد. وقد قام باستشارة بعض أئمتنا فأشاروا عليه بعدم الرضوخ لإجراء الفحص, وإن أرغم على ذلك أباحوا له تقديم الرشوة للجنة الفحص لتغيير نتيجة الفحص إذا ثبتت نسبة الولد له علما بأن الأمر قد يتسبب في تدمير أسرته ولهذا يرجو أن تمدوه بنصائحكم وكيف له أن يتصرف"..
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه. ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر على ما ذكر فإن هذا الولد لا ينسب إلى هذا الرجل, ولكنه ولد زنى ينسب إلى أمه. والفحص المذكور لا يثبت أو ينفى به النسب أصلا وهو هنا لا يغير الحكم في كون هذا الولد ولد زنى ولو تطابقت الجينات. فعلى هذا الرجل بذل الحيلة في سبيل الحيلولة دون أن ينسب هذا الولد إليه, وإن تعين ما أشار به هؤلاء الأئمة المذكورون بالسؤال سبيلا إلى ذلك فلا بأس. فإن ما أعطي للتوصل إلى حق أو دفع ظلم لا يعتبر رشوة في حق هذا المعطي. ولا يخفى أنه ينبغي للمؤمن أن يكون كيسا فطنا فلا يفعل ما يذل به نفسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1427(12/5759)
العمل هذا كذب وتزوير ورشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان شخص مستفيد من منحة سكن حكومي وفي وقت لاحق يطلع له قطعة أرض حكومية آخر ويعطي مبلغا رشوة 4000$ لموظف الكومبيوتر كي يكتب بأنه غير مستفيد وتمشي المعاملة فما هو حكم الشريعة تجاه هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الشخص غير مستحق لقطعة الأرض هذه بموجب استفادته من السكن الحكومي ـ فإن قيامه بتزوير وتغيير بياناته في الكمبيوتر عن طريق رشوة الموظف المكلف لكي يغير ويبدل يعد عملا محرما من جهتين:
الجهة الأولى: الكذب والتزوير. والجهة الثانية: دفع الرشوة ليتوصل إلى باطل.
والواجب على من فعل ذلك التوبة إلى الله عزوجل, وأن يُعلِم الجهة المسؤلة بحقيقة وضعه؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسم: المسلمون على شروطهم. رواه أحمد. فإذا كان استحقاق قطعة الأرض الحكومية لا يتم إلا بشرط عدم استفادة الموظف من سكن حكومي فيلزم الوفاء بهذا الشرط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1427(12/5760)
دفع المال للموظفين ليحابوا الشركة على حساب الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل فى إحدى الشركات وأقوم بتوصيل مبالغ مالية شهرية لموظفين فى الجهة التى نتعامل معها وعندما سألت عن هذه المبالغ قالوا لي إنها ليست رشوة وإنما هى إعاشات مكتوبة فى العقود المبرمة بيننا وبينهم ولكنى استفتيت قلبي فوجدت أنها أقرب إلى الرشوة فهل علي وزر من نقلها؟ أرجو الإجابه السريعة.
... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرشوة هي ما يدفع ليتوصل به إلى إبطال حق أو إحقاق باطل جاء في الفتاوى للسبكي: والمراد بالرشوة التي ذكرناها ما يعطى لدفع حق أو لتحصيل باطل. اهـ وعليه فإذا كانت المبالغ التي تحملها إلى هؤلاء الموظفين الغرض منها الوصول إلى ما ليس للشركة حق فيه أو هي مقابل أعمال واجبة عليهم بحكم عملهم في تلك الجهة, وإنما تدفع لهم هذه المبالغ ليحابوا شركتك على حساب الآخرين, فإن هذه رشوة يحرم عليك إيصالها لما في ذلك من الإعانة على الإثم، وهذا هو ظاهر السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1427(12/5761)
العمولة على المناقصة رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[المرجو أن توضحوا لي فتواكم عن سؤالي رقم (2111702) لأني لازلت مشوشاً؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في جوابنا على السؤال رقم (2111702) أن تدخل شخص ما وتأثيره في رسوِّ مناقصة على شركة ما, أن ذلك العمل محرم, وأن أخذ عمولة عليه يعد رشوة محرمة.
فالواجب في شأن هذه المناقصات أن تترك للمنافسة المعتمدة على الخبرة والجودة والسعر المناسب، وتستبعد عنها الوساطة والرشا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1427(12/5762)
القيام بتسليم الرشوة للمرتشين إعانة على الإثم
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت استخارة للعمل بأحد الأماكن فحدثت صعوبات شديدة في إتمام هذا الموضوع ولكن مع ضغط الأهل عليَّ أصررت فتم الموضوع وعند الوصول للعمل للمرة الأولى قام صاحب العمل بتخفيض الراتب والمزايا المتفق عليها بشكل إجحافي وتحملت وصبرت ولكني عرفت بعد ذلك أن صاحب العمل يدفع مبالغ رشاوي كثيرة جدا وأنا محاسب فيجعلني أحضر له هذه المبالغ وأضعها في أظرف للمستلمين وأنا أشعر بحسرة شديدة وألم نفسي رهيب بسبب هذا الوضع غير السوي، أرجوكم دلوني ماذا أفعل أترك العمل أم ماذا أفعل مع العلم بأنه ليس لدي أي عمل آخر حتى الآن ومع العلم أيضا أني عندي يقين كبير في الله سبحانه وتعالى بأني لو تركت هذا العمل فالله هو الرزاق الكريم أفيدونا؟
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على من استأجر شخصا ليعمل له عملا أن يتقي الله تعالى فيه وأن يعطيه كامل أجرته المتفق عليها، فإن من أشد الناس مقتا عند الله رجلا استوفى من الأجير العمل ولم يعطه حقه كاملا، هذا وكان الأجدر بك وقد تعسر موضوع عملك بعد صلاتك الاستخارة أن تنصرف عنه لأن تعسره إشارة إلى أنه لا خير لك فيه.
أما وقد وقع ما وقع فإنه لا يجوز لك أن تقوم بتسليم الرشا للمرتشين لأن ذلك إعانة على الإثم، والله تعالى يقول: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}
وإن ألزمك صاحب العمل بهذا فيجب عليك ترك العمل فورا، واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1427(12/5763)
اشتراط الموظف على الناس دفع مال لكي ينجز ما كلف به
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا رجل مسئول عن فتح وغلق مياه الري ويطالبنا بأخذ مبلغ من المال أو من المحاصيل الزراعية لفتح المياه لنا وإلا يسد المياه عنا فيموت الزرع عطشا. وأبلغنا المسئولين ولكن دون جدوى فهل إعطاؤنا له المال يعتبر رشوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحرم على هذا الشخص إن كان موظفا لدى الدولة أن يأخذ منكم شيئا مقابل عمله الواجب؛ لأن ذلك منه أكل لأموالكم بالباطل وهذا ما نهى الله تعالى عنه فقال: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة: 188} هذا ولكم أن ترفعوا أمره إلى من ينصفكم منه ويأخذ على يديه فإذا لم تجدوا من ينصفكم وتأخذون حقكم فلا مانع ويبوء هو بالإثم. وراجع في معنى الرشوة المحرمة الفتوى رقم: 32788.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1427(12/5764)
جواب شبهة حوال جواز الرشوة لدفع الظلم عن النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت بعض الفتاوى المتعلقة بالرشوة ولا أكذب عليكم صدمت بإجابتكم، كيف تجيزون شيئاً كهذا، أليس الرشوة هي مصدر الظلم في المجتمع، هل الإسلام يجوز دفع الظلم بالمال، هذا يعني أن الفقير مصيره الظلم في المجتمع الإسلامي، وهذه هي الحقيقة مع الأسف التي نعيشها، الشباب المسلم يعيش أزمات نفسية بسبب عدم القدرة على الزواج، لماذا لا تجيزون الممارسة الجنسية لدفع الضرر عن النفس، طبعاً يأخذ كل الاحتياطات لمنع الحمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرشوة من الكبائر المحرمة في شريعة الإسلام لما فيها من الاعتداء وأكل أموال الناس بالباطل، قال الله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188} ، ولقد عاب الله تعالى على اليهود أكلهم الربا والرشوة، فقال: وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ {النساء:161} ، وقال: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ {المائدة:42} .
ولما فيها كذلك من أضرار عظيمة وبالغة بالمجتمع، فإن الرشوة إذا انتشرت وعمت وصارت هي الطريق الموصل للحقوق انسدت الأبواب أمام الفقراء والعاجزين وضاعت حقوقهم، وفي الحديث: لا قدست أمة لا يأخذ ضعيفها حقه غير متعتع. رواه ابن ماجه.
هذا وإذا كان بعض أهل العلم أجاز أن يدفع صاحب الحق شيئاً للوصول إلى حقه أو لدفع ضرر عنه فإنما أجاز ذلك للضرورة بحيث لا يستطيع أن يصل إليه إلا بدفع رشوة، فهذه الحالة استثناء من القاعدة وهي تحريم الرشوة، وهذا من واقعية الفقه الإسلامي، فماذا يفعل شخص لم يجد بداً ولا حيلة إلا أن يدفع عن نفسه أو ماله أو عرضه بمال يدفعه لهذا المعتدي.
وأما ما أشارت إليه السائلة في موضوع الزنا فشيء مختلف جداً فالضرر الحاصل على العازب بسبب عدم قدرته على الزواج لا يدفع بإباحة ارتكاب المعصية، فهذا لم تأت به الشريعة ولا تقول به العقول السليمة، قال الله تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ {النور:33} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. رواه البخاري.
فأرشد العاجز عن الزواج إلى بديل يخفف عنه ما يجده من الشهوة ولم يأذن له بالزنا خشية الضرر فإن ضرر الفاحشة أعظم وأكبر من الضرر النفسي الذي قد يصيب العاجز عن الزواج، على أن هذا الضرر لا ينال إلا ممن عرض نفسه للفتنة، أما من عمر قلبه بذكر الله وغض بصره عن محارم الله فإنه يسلم من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1427(12/5765)
دفع الرشوة للإسراع في فحص وترخيص البضائع
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
شركة للتفتيش على السلع والبضائع ومطابقتها للمواصفات المتعاقد عليها، اتجهت نيتها إلى التعاون مع جهة ما وهذه الجهة هي المخولة بإصدار الإفراجات على السلعة عند وصولها إلى موانئ الوصول وأسباب الاتجاه إلى هذه الجهة كالتالي:-
1- لديهم مختبرات معتمدة لتحليل السلعة لابد من إجراء التحاليل بها.
2- الخوف من تباطئهم أو تقاعسهم في إعطائنا الموافقة المطلوبة عمدا أو من غير عمد وبالتالي تنتج أضرار مالية نتيجة عدم الافراج على الشحنات لأطراف عدة.
3- الخوف من وقوع التأخير المذكور قد يؤدي بنا الى استدراك الموقف لرفع الضرر بدفع (رشوة) .
السؤال هل يمكن الاستعانة بهذه الجهة وذلك بإرسال خبير مختص منهم للتفتيش على السلعة في بلد أوربي ومطابقة المواصفات وبالتالي التسريع بالموافقة الداخلية من مختبرهم المذكور آنفاً.
نأمل التوضيح بعد دراسة السؤال جيدا ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ظهر لنا من السؤال أن الشركة تتعامل مع الجهة المشار إليها في موضوع ترخيص استيراد السلع حسب مواصفات معلومة، ويكون الفحص والاختبار لهذه السلع في معامل هذه الجهة، ولكي تسرع الشركة في عملية الترخيص والفحص هذه أمامها طريقان:
الاول: دفع رشوة للجهة المعنية.
الثاني: أن تطلب من الجهة إرسال شخص خبير إلى بلد المصدر للنظر في السلع هناك دون الحاجة إلى فحصها في المختبرات، وجواب هذا فيه تفصيل، فمن حيث حكم دفع الرشوة مقابل تسريع العملية يجوز في حالة تعنت الجهة المذكورة ومماطلتها في الفحص حتى تحصل على هذه الرشوة، وتكون الرشوة في حق الآخذ دون الدافع، أما في الحالات العادية فلا يجوز، وراجع في حكم دفع الرشوة للحصول على حق أو دفع ضرر الفتوى رقم: 1713.
واما قيام الشركة بطلب إرسال خبير للنظر في السلع دون إحضارها إلى المختبرات فينظر هل هذا سائغ في العقود المبرمة أم لا، فإن كان سائغا ويكتفى به فلا حرج، وإن كان غير ذلك فغير جائز لأن هذا على خلاف الاتفاقات والعقود، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} كما أن فيه غشا وتزويرا وقد يلحق الضرر بالناس، وقد نهى الله ورسوله عن ذلك، وفي الحديث من غش فليس منا. رواه مسلم وفي الحديث أيضا: لا ضرر ولا ضرار. راه ابن ماجه وحسنه السيوطي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1427(12/5766)
لا حرج في ارتكاب شيء من المنهيات للضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أشتغل من ثلاث سنين في منطقة بعيدة عن بيتي ووجدت عملا بجانب البيت ولكن المشكلة أنهم لن ينزلوا المرتب إلا بعد فترة غير معروفة وشغلي هو مصدر الرزق الوحيد لدىَّ مع العلم أن والدي متوفيان من سنين طويلة ففكرت أن أواصل عملي إلى نهاية الفصل الدراسي ولكن المسؤول عن عملي الجديد طلب مبلغا ماليا حتى يسكت عني لأنه ممنوع العمل في وظيفتين في نفس الوقت ولو أي جهة عرفت سيتم فصلي من الجهتين يعني الخلاصة مطلوب مني أن أعطيه رشوة حتى يغض النظر عني عدة شهر ولا أدري ما أفعل أفيدونى؟
جزاكم الله وبارك فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى عدة أمور هي:
1 ـ أن ما ذكرتِه من بعد محل عملك عن بيتك، إذا كانت مسافته تعتبر سفرا في عرف البلد الذي أنت فيه فإن أهل العلم قد أجمعوا على تحريم سفر المرأة بدون محرم إذا خيفت الفتنة، ولك أن تراجعي فيه فتوانا رقم: 3096.
2 ـ أن الموظف أو العامل ملزم شرعا بالقيام بعمله بحسب العقد وشروطه المتفق عليها مع جهة العمل، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1}
3 ـ أن الرشوة من الحرام البين، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
ومع هذا فإن سماحة الإسلام تقتضي أنه إذا وجدت ضرورة معتبرة شرعا تدعو إلى ارتكاب شيء من المنهيات فإنه لا حرج في فعلها حينئذ؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات، ويلزم أن لا يزاد على قدر الضرورة لأن الضرورة تقدر بقدرها، قال تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ {البقرة: 173} ولك أن تراجعي في حد الضرورة التي يباح لها ما هو محظور فتوانا رقم: 6501،
وبناء على هذا فإذا غلب على ظنك أنك ستقعين في الهلكة أو تلحقك مشقة لا تستطيعين تحملها فلا حرج في أن تفعلي ما يزول عنك به الضرر مما ذكرتِ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1427(12/5767)
حكم الهدية إذا كانت فيها مظنة استمالة قلب الموظف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من تقبل السفر والإقامة على حساب شركة خاصة تبيع أجهزة للمؤسسة الحكومية التي تعمل بها وهي أحد الذين يسألون عن الحاجة لهذه الأجهزة وضرورة شرائها للمؤسسة - سواء أعلم مدير هذه المؤسسة بهذا السفر أم لا..هل هذه رشوة أو غلول - أفيدونا جزاكم الله خيرا-]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى ضوابط سفر المرأة وعملها. ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 3859.
ثم إن الرشوة قد عرفها أهل العلم بأنها دفع مال من أجل إبطال حق أو إحقاق باطل ...
والغلول هو الأخذ من الغنيمة قبل قسمها، وفي معنى ذلك أكل المال العام بغير حق ...
وإذا كان منح السفر والإقامة للموظفة المذكورة، إنما يكون بسبب الوظيفة، ولولاها ما منحوها ذلك، فلا نرى إباحة قبولها لهذا السفر والإقامة، لأن ذلك مظنة استمالة القلب والمحاباة في العمل، وهو بذلك يقرب من الرشوة. وقد بوب الإمام البخاري: باب من لم يقبل الهدية لعلة، وقال عمر بن عبد العزيز: كانت الهدية في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم هدية، واليوم رشوة. يعني هدايا العمال.
وقد روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وتكلم وكان مما قال: فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر أيهدى له أم لا؟
فالصواب أن تترك تلك الموظفة هذه المنحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1427(12/5768)
دفع الرشوة للزيادة في البناء المملوك له
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي قام ببناء عقار بطريقة قانونية ثم زاد دورا مخالفا لكي أتزوج فيه، وعند قيام إدارة الحي الذي أسكن فيه والذي تكثر فيه الرشاوي برفع قضية دفع والدي رشوة لكي لا يقوموا بهدم هذا الدور، ولكن بقي أن ندخل الكهرباء إليه وقد تزوجت فيه فعلاً مع مد وصلة للكهرباء من شقة أخرى بالعقار، سؤالي هو:
هل حرام أن أسكن في هذه الشقة، الآن معروض علي أن أدفع رشوة مرة أخرى لإدخال الكهرباء، فهل هذا يجوز لأني لا أملك شقة أخرى، معروض أيضاً على أن أدفع رشوة، لكي أبني فوق العقار أدوارا مخالفة أخرى بطرق قانونية، فهل هذا يجوز وإن لم يكن جائزا فهل على أن أمنع إخوتي من هذا إذا أصروا.
مع العلم: أن هذا الحي لو اتبعت الطرق الشرعية لإدخال الكهرباء فسيطلبون غرامة كبيرة جداً ليست معي، هذا هو الحال في كل أمور هذا الحي؟ عذراً للإطالة. وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرشوة من كبائر الذنوب، لقول الله تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أكالون للسحت {المائدة:41} ، قال الحسن وسعيد بن جبير: هو الرشوة. وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، وفي رواية: والرائش وهو الساعي بينهما. فيحرم طلب الرشوة وقبولها وبذلها، كما يحرم عمل الوسيط بين الراشي والمرتشي. وهذا كله في الرشوة التي تدفع لإبطال حق أو إحقاق باطل.
وأما الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه أو لدفع ظلم أو ضرر، فإنها جائزة عند الجمهور ويكون الإثم على المرتشي دون الراشي، فقد ورد في الأثر أن ابن مسعود رضي الله عنه كان بالحبشة فرشا بدينارين، حتى خلي سبيله، وقال: إن الإثم على القابض دون الدافع.
وهذا الدور الذي زاده والدك، إما أن يكون له الحق أصلاً في زيادته، بأن يكون بناه في ملكه، وليس فيه ضرر على المصالح العامة وكان تأسيس البناية محتملاً له بشهادة من تعتبر شهادته من أهل الخبرة، وإما أن لا يكون له الحق في زيادته، بأن يكون قد تخلف أحد الشروط المتقدمة.
فإذا كان له الحق في زيادته ولم يترتب عليه ضرر ولم يمكن توصله لذلك إلا بتقديم رشوة، فقد علمت مما قدمناه من النصوص أن له ذلك، وعليه فإنه من المباح لك أن تستمر في سكناه، وإن لم يكن له الحق في ذلك، فما فعله هو الرشوة المحرمة، وعليه أن يبادر إلى التوبة منها، ومن تمام ذلك أن يعيد الأمر إلى صوابه.
وما قلناه في هذه النقطة ينطبق تماماً على موضوع الكهرباء، وعلى الأدوار التي تريد بناءها فوق العقار.
وعلى تقدير عدم إباحة ما سألت عنه، فإن من واجبك أن تمنع منه إخوتك ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم وأحمد وأصحاب السنن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1427(12/5769)
الوساطة إذا كانت الشركة المشترية تدفع رشاوى
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي شركة تعمل في مجال الوساطات التجارية وأتجنب ما استطعت الدخول في الشبهات وقد تيسر لي الوساطة بين جهتين لبيع مواد غذائية وهاتان الجهتان هما شركات خاصة وليستا جهات حكومية وبعد الاتفاق على الصفقة أفصح مدير الجهة المشترية أنه سيبيع للجهة الحكومية التي ستفتح الاعتماد مباشرة للبائع وأنه مرتب أموره مع مسؤول هذه الجهة الحكومية بإعطائه نسبة من الأرباح لذلك لن تكون أمامنا عقبات، فانتابني الشك في شرعية الأمر، علماً بأن الرشاوي قد استفحلت كما لا يخفى عليكم في عالم التجارة اليوم ويعلم الله أنني أتلاشى كل ما يعرض لي منها لذا أرجو تحديد موقفي من الناحية الشرعية في هذا الأمر لأنني لا أريد أن أضيق على نفسي واسعاً لو كانت حدود وساطتي بعيدة عما سيقوم به المشتري من رشاوي من خلف الستار مع الجهة الحكومية وذلك لأنني وبصريح القول أعاني تدهورا مالياً في تجارتي وتراكمات للديون بسبب قلة الموارد لأنني دائماً أرفض الدخول في الصفقات التي تحتم على دفع الرشاوي وما أكثرها!! ولو أني أجزت لنفسي التعامل بالرشاوى لكنت منذ زمن أمتلك الملايين، ولكن قناعتي بأن ما عند الله خير وأبقى لذا أفيدوني مأجورين بما ترونه أتقى لله عز وجل في هذه المسألة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على تحري الحلال، ونسأل الله أن يوسع رزقك، وأن يغنيك بحلاله عن حرامه، وأن يقضي عنك الدين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وإذا كان دور شركتك قد اقتصر على الوساطة بين هاتين الشركتين، ولا علم لك قبل التوسط بينهما بالاتفاق الذي بين الشركة المشترية والجهة الحكومية فلا حرج عليك، لأنك لم تباشر حراما ولم تُعِن عليه.
وأما بالنسبة للصفقات التي يتحتم على شركتك للتوسط فيها دفع رشاوي فاعلم أن الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه أو لدفع ظلم أو ضرر بغير حق فإنها جائزة، والإثم فيها على المرتشي دون الراشي، قال صاحب تحفة الأحوذي بشرح الترمذي: فأما ما يعطى توصلا إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه، روي أن ابن مسعود أخذ بأرض الحبشة في شيء فأعطى دينارين حتى خلي سبيله، وروي عن جماعة من أئمة التابعين قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم.. وفي المرقاة شرح المشكاة: قيل الرشوة ما يعطى لإبطال حق أو لإحقاق باطل، أما إذا أعطى ليتوصل به إلى حق أو ليدفع به عن نفسه فلا بأس به.. انتهى
وعليه فإذا كانت شركتك أحق بالتوسط من غيرها كأن تكون البضاعة التي تتوسط في بيعها هي الأجود والأوفق، فلا حرج عليك في دفع هذا المال، والإثم على الآخذ، وأما إذا لم تكن أحق بالتوسط من غيرها، كأن تكون البضاعة التي تتوسط في بيعها مثل بضاعة غيرها أو أقل، فلا يجوز أن تدفع هذا المال ويكون الإثم عليك وعلى الآخذ سواء، وراجع الفتوى رقم: 1713.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1426(12/5770)
تقديم السجائر للكفار كرشوة لتسيير الأمور
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله في جهودكم، وسؤالي هو: في بعض الدول الكافرة وهنا أقصد (رومانيا) نقدم في بعض الأحيان رشوة عبارة عن (السجائر) ، فهل يجوز أن نقدم السجائر رشوة لتمشية أمورنا، رغم قناعتنا بحرمتها في ديننا الإسلامي، ولكن هم يتعاطون المخدرات فضلا عن السجائر، وعندهم فساد كبير، فماذا ستزيد السجائر على فسادهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل هذا السؤال على عدة أمور:
1- حكم الرشوة: فإن كان دفعها يتوصل بها إلى إبطال حق أو إحقاق باطل فهو محرم بل من الكبائر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله الراشي والمرتشي. رواه أحمد وابن ماجه، ورواه أبو داود والترمذي بلفظ: لعن رسول الله الراشي والمرتشي. وصححه الألباني وشعيب الأرناؤوط.
وأما إن كان دفعها لأخذ حق أو دفع ظلم فهو جائز في حق الدافع ومحرم في حق الآخذ، وللمزيد من الفائدة والتفصيل راجع الفتوى رقم: 2487.
2- حكم الدخان: وهو محرم، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 1671.
3- شراء الدخان ونحوه من المحرمات للظالم لأخذ حق أو دفع ظلم: والأصل في ذلك التحريم لأن في ذلك إعانة على الإثم، ويمكن أن تقدم لهم أشياء غير محرمة، إلا إذا تعين الدخان لأخذ الحق أو دفع الظلم، فلا بأس بذلك حينئذ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1426(12/5771)
من اشترى كتبا لجهة عمله وأهداه المؤلف منها
[السُّؤَالُ]
ـ[يتطلب مني عملي كمدرس أن أشتري بعض الكتب لمكتبة المدرسة، وقد واجهني في هذا الأمر موضوعان:
1. قمت بشراء 20 نسخة من كتاب معين للمكتبة، واشترطت على البائع أن يوقعها من المؤلف الذي كان موجوداً في المعرض، فقام المؤلف بإهدائي نسختين من الكتاب (كهدية) بعد أن اشتريت الكتب العشرين ودفعت ثمنها. أنا أخذت الكتابين ولكن حاك في صدري أن ذلك رشوة وليست حقا لي، فهل: أقبل ذلك كهدية حلال، أم أدفع ثمن الكتابين للبائع، أم أعيد الكتابين، أم أضعهما في مكتبة المدرسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر -والله تعالى أعلم- أنه يجوز لك اخذ هذين الكتابين كهدية من مؤلفهما وذلك لعدم وجود معنى يمنعك من قبولهما، فإنها لم تُدفع لك مقابل عمل واجب تؤديه، فقد أديت واجبك وقمت بشراء الكتب قبل هذه الهدية، وليس لها تأثير في عملية الشراء بحيث يتصور أنك حابيت المؤلف أو البائع على حساب عملك. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 5794.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1426(12/5772)
دفع ما اكتسب من الرشوة للقريب الفقير
[السُّؤَالُ]
ـ[في ما مضى أخذت من شركة نقودا لكي أسرع في إنجاز عمل ما وأعتقد أن هذا المال يعتبر رشوة أخذتها من هذه الشركة ولكي أكفر عن خطئي أنا مستعد أن أتصدق بهذا المال بالعلم أن استرجاعه لهذه الشركة شىء شبه مستحيل أرجو سعادتكم أن تفيدوني إن كان ما أود فعله مطابقا لشريعتنا وأن إعطاءه لأخي الذي في أمس الحاجة إليها هل هو جائز أم لا؟ ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أخذ رشوة فقد أخذ ما ليس له والواجب عليه أولاً التوبة إلى الله عز وجل والندم على ذنبه، والثاني إن كانت الرشوة دفعت للتوصل إلى باطل وتحقق للراشي فلا ترد إليه الرشوة حتى لا يجمع له بين تحقيق غرضه المحرم ورجوع ماليه إليه، كما لا يحل للمرتشي تملك الرشوة وسبيلها التصدق بها على الفقراء والمحتاجين.
أما إن كانت الرشوة دفعت للتوصل إلى حق فعلى المرتشي رد الرشوة إلى الدافع له، فإن لم يمكن ذلك تصدق بها على الفقراء، وإذا كان القريب المذكور فقيراً محتاجاً فلا مانع من دفعها إليه، وإن جاء صاحبها وأمضى الصدقة فذاك، وإلا لزمك دفعها إليه ويكون الأجر لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1426(12/5773)
حصول مندوب الشركة عن هدية بدل التخفيض رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال محتار
سيدي وأخي في محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، جزاكم الله خيرًا عميما بقدر ما تنفعون الناس وتقربونهم من الله رب النلس، وزادكم الله من نوره وعلمه وخيراته. وبعد فإني أسترشدكم في مسألة وهي: إني أعمل بمؤسسة وبحكم مسؤوليتي الوظيفية أتصرف في رأس مال معين لاقتناء وتوفير حاجيات تهم الجمعية الرياضية للشركة التي أمثلها إدارة ونشاطا.. قمت أنا وزميل لي في الشركة بشراء مستلزمات للجمعية بدلات و ... إلخ، ولما طالبت البائع بتخفيض تدخل زميلي وقال: لم لا تهدينا شيئا عوضا عن ذلك بدلة رياضية لكل واحد من أولادنا مثلا؟ فلم يمانع البائع، وكان كذلك.
هل يعتبر ذلك العمل رشوة أو غلولا أغل به يوم لا ينفع مال أوبنون؟ أو كما قيل لي: هي مجرد هدية قدر الله الذي ساقها لنا بدون سابق معرفة بهذا البائع من قبل. نبئني بعلم إني أراك من المحسنين.
وإذا لم يحق لي هذا العمل ماذا يجب علي فعله؟ هل أتصدق بثمنه أم أحاول إرجاعه؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يأخذه الموظف من الناس على عمله الواجب يعد رشوة، ولا عبرة بتسميتها هدية ونحو ذلك، إذ العبرة بالحقائق لا بالأسماء والعناوين. وراجع للمزيد الفتوى رقم: 13423.
هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن السائل الكريم صرح بأن ما أخذه هو وزميله كان عوضًا عن التخفيض الذي تحصل عليه الشركة.
وعليه.. يجب إرجاع ما أخذاه إلى التاجر والحصول على التخفيض المستحق للشركة، وإذا كان لا يمكن رده دفعا ما أخذاه إلى الشركة أو قيمته إذ لا حق لهما فيه. وعليهما بالتوبة إلى الله تعالى، وليضعا نصب أعينهما ما رواه أحمد عن ثوبان قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش. وليراجعا الفتوى رقم: 49889.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1426(12/5774)
من طرق محاربة الرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف حارب الإسلام الرشوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حارب الإسلام الرشوة بما ذكره من الزجر عنها ولعن فاعلها؛ كما بينا في الفتوى رقم: 1713، والفتوى رقم: 3697، وحاربها أيضاً لما رغب في بذل الجاه ومساعدة الإخوان وتنفيس كرباتهم واحتساب أجر ذلك عند الله، إلى غير ذلك من الوسائل والطرق الكثيرة التي حارب الإسلام بها الرشوة، ويصعب استقصاؤها في فتوى كهذه؛ إذ يحتاج ذلك إلى بحث كامل. والموقع مشغول بالفتاوى الشرعية والنوازل الفقهية التي تعرض للمسلم في أمور دينه ودنياه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1426(12/5775)
الرشوة المحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يا فضيلة الشيخ حول مصدر المال الذي أجتنيه من جراء دفع رشوة.
قضيتي كما يلي:
وظفت في منصب عمل في مؤسسة إدارية بتاريخ 2000 لكن في غير المنصب الذي يوافق شهادتي الجامعية وبالرغم من ذلك حاولت بمرور الشهور أن أرتقي عن طريق إجراءات مسابقات في هذا الشأن، إلا أن كل محاولاتي باءت بالفشل مع علمكم فضيلة الشيخ أنني كنت أعاني من ضغط من طرف رئيس المصلحة.
بتاريخ 2002 أجريت مسابقة ترقية لـ 50 منصب وعرض علي أحد الأصدقاء أن أدفع مبلغا من المال للفوز بأحد المناصب وقد فعلت من جراء الضغط الرهيب الذي كنت أعيشه في وظيفتي بدون أن أقصد إزاحة أي شخص من الممتحنين، مع علمكم فضيلة الشيخ أن كل الفائزين بهذه المناصب من أصحاب النفوذ.
هل المال الذي أتقاضاه من خلال ما ذكرت لكم هو حرام بالرغم من أنني أكد وأجد في عملي. وإذا كان حراما هل أتوقف عن العمل في هذه المؤسسة مع علمكم أن المناصب عندنا في الجزائر قليلة جدا، أو ماذا أفعل.
في الأخير تبت إلى الله وتضرعت له أن يبارك في مالي، كما أعلمكم أنني أتصدق كل شهر بمبلغ من المال.
في انتظار جوابكم فضيلة الشيخ تقبلوا مني جزيل الشكر ووفقكم الله لما هو خير للأمة الإسلامية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرشوة المحرمة هي ما توصل به إلى إحقاق باطل أو إبطال حق، أما ما يدفعه الشخص للوصول إلى حق لا يصل إليه إلا بذلك فليس هذا برشوة محرمة على المعطي وإنما يحرم على الآخذ. وعليه، فإذا كان من حقك الوظيفي أن تكون في منصب كذا ولم تستطع الحصول عليه إلا بمال دفعته لشخص أو جهة فلا نرى مانعا من ذلك، ما دام ذلك لم يتم على حساب من هو أولى منك بتك الوظيفة.
وإذا لم تكن من أهل الاستحقاق لذلك المنصب فما دفعته يعد رشوة محرمة، والواجب عليك التوبة إلى الله عز وجل والعزم على عدم العودة لمثلها.
وأما عملك ومرتبك فحلال ما دمت أهلا لهذا المنصب، وتؤدي واجبك على الوجه المطلوب منك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1426(12/5776)
حكم أخذ عمولة ممن رست عليه المناقصة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لشركة أن تدفع مبلغا من المال لموظف في شركة أخرى إذا رست مناقصة على الشركة الأولى، علما بأن الموظف لا يعمل في الإدارة التي توافق على المناقصات في الشركة الثانية، ولكنه يعمل في إدارة أخرى، علما بأن هذا الموظف كان له دور في تعريف الشركة الأولى على مدير قسم المناقصات في الشركة الثانية، ومع العلم أيضا بأن هذه الموظف يمكن أن يكون له تأثير على اتخاذ القرار بالنسبة للمناقصة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه المناقصات يجب أن ترسو على الأصلح والأفضل من المتقدمين لها، وبالتالي لا يحق لموظف في الشركة سواء كان في إدارة المناقصات أو في غيرها أن يأخذ عمولة ممن رست عليه المناقصة، فكيف بشخص قام بدور أقل ما يقال فيه أنه دور مشبوه في هذه المناقصة من تعريف الشركة على مدير المناقصات، واحتمال تأثيره على قرار المناقصة. فهذا الشخص إن كان تسبب في رسو المناقصة على من لا يستحقها من المتقدمين فقد ارتكب إثماً ويجب عليه التوبة إلى الله عز وجل، وإذا أخذ مع ذلك عمولة فهي رشوة محرمة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 1713.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1426(12/5777)
حقيقة الرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أهداني أحد معارفي جهاز دي في دي في إحدى المناسبات، مع العلم بأنه يعمل كمهندس معماري في مشروع تابع للإدارة التي أعمل بها، لم أقدم له أي شيء لا قبل ولا بعد، بل وقد غيرت الإدارة التي أعمل بها وحتى المدينة، فهل هذه رشوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحقيقة الرشوة هي ما يهدى لإبطال حق أو لإحقاق باطل، كمن يهدي لموظف أو مسؤول هدية لينجز له عملاً واجباً عليه أو ليحابيه على حساب الآخرين ونحو ذلك من المقاصد، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 8044.
وعليه؛ فلا نرى ما يجعل من الهدية التي أهداك إياها أحد معارفك رشوة إذا لم يكن فيها محذور من المحاذير المتقدمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1426(12/5778)
دفع المال لاستخراج رخصة قيادة لضعيف البصر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في وظيفة تحتاج لتنقل كثير، ولم أستطع الحصول على رخصة قيادة بسبب ضعف النظر، ولا يوجد علاج علمي لهذا القصر لأنه ناتج عن مرض يسمى الكسل البصري، وقد كنت قد تقدمت بامتحان النظر في بلد آخر، وكان القانون هناك أن فحص النظر يتم بعد دروس القيادة، وكنت بشهادة المدرب أقود بطريقة جيدة جداً، ولم يلحظ ضعف نظري، لكن النتيجة كانت في ذلك البلد وهنا واحدة حيث لم يتم السماح لي بالقيادة بسبب قصر النظر، حاولت أن أجد مساعدة للحصول على الرخصة فلم أستطع، فعرض أحدهم علي مساعدتي باستخراجها مقابل مبلغ من المال، السؤال هو: هل يجوز هذا العمل -دفع المال لهذا الشخص- علما بأني ألقى معاناة شديدة بدون سيارة، وأنا أنوي إن جاز ذلك أن أتوخى الحذر الشديد بإذن الله وأن أستعملها في أضيق الحدود إن شاء الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يحدد استحقاقك لأخذ رخصة قيادة السيارة أو لا هو قانون المرور والمعايير التي وضعها لذلك، وهذه المعايير وضعت للمصلحة العامة والخاصة، مصلحة الناس ومصلحة السائق، وعليه فلا يجوز مخالفتها، وأشد من ذلك بذل المال في سبيل المخالفة والاحتيال على القانون، وما يبذله الشخص من مال في هذا السبيل يعد رشوة محرمة من الراشي والمرتشي.
فالمتعين على الأخ السائل الابتعاد عن هذا وتحمل ما عسى أن يصيبه من التعب في التنقل فهو خير من أن يعرض نفسه ومن حوله للحوادث، ونسأل الله أن يشفيه، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 18289.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1426(12/5779)
دفع الرشوة للحصول على الحق
[السُّؤَالُ]
ـ[عند صديق يقوم ببناء بيت بمجهوده الذاتي والآن أصبح سعر الأسمنت في بلدنا يقارب14 دينارا في الأسواق بينما سعره في المصنع يساوي 7 دينار تقريبا، والآن أصبح المصنع محتكرا من قبل أشخاص في المصنع ومن يريد الحجز في المصنع فعليه دفع رشوة إلى هؤلاء ألاشخاص الموجودين والعاملين في المصنع وإلا فلن يقوم بالحجز، فهل إذا قام هذا الشخص بدفع رشوة لهؤلاء العمال عليه إثم، علما بأنه إذا قام بالشراء بسعر 14دينار فإنه سيكلفه الكثير من المال وقد لا يستطيع إكمال بناء البيت بسعره وقد يستغرق وقتا طويلا، أفتوني؟ جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان من حق صديقك الشراء بهذا السعر دون تعدٍ على حق غيره فيه ولم يتمكن من الوصول إليه إلا بدفع رشوة لمن ذكرتهم فلا نرى مانعاً من ذلك ويكون الإثم عليهم لا عليه.
أما إذا كان دفع الرشوة لهم سيدفعهم إلى تقديمه على غيره ممن سبقوه في الترتيب أو نحو ذلك فلا يجوز له الحصول على الأسمنت مع دفع الرشوة لذلك، لما فيه من الظلم والإعانة عليه، وراجع الفتوى رقم: 34768، والفتوى رقم: 18038.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1426(12/5780)
حكم من حصل على وظيفة برشوة بدون علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 24 سنة موظفة درست سنتين بعد الباكالوريا وحصلت على دبلوم يؤهلني إلى شغر وظيفة محترمة اجتزت عدة مباريات مهنية وأخيرا قبلت في إحداها ولكني اكتشفت بعد ذلك أن لقبولي قدم والدي لأحد المسؤولين هدية ليست نقدية. ومنذ ذلك الحين وأنا أتساءل هل ذلك يعتبر رشوة، هال المال الذي أتقاضاه مقابل عملي حرام كل هذه الأسئلة تؤرقني وتجعلني أحس بالذنب مع العلم أنني كنت دائما ولا زلت ضد الرشوة والمال الحرم وسأظل. أرجو منكم أن تساعدوني على توضيح الأمر واتخاذ القرار الصائب؟
شكرا جزيلا وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الوظيفة التي تم قبولك فيها حقاً لك فلا إثم عليك ولا على والدك في الرشوة التي دفعها إذا علم والدك أنك لن تحصلي على حقك إلا بهذا، والإثم هنا يكون على الآخذ لا المعطي، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 46713، والفتوى رقم: 62299.
أما إذا لم تكوني أهلاً لهذه الوظيفة أو كان غيرك أولى بها منك فلا يجوز لك ولا لوالدك دفع رشوة للحصول عليها، وبما أن الأمر قد حصل دون علم منك فنرجو ألا يكون عليك في ذلك إثم، ولكن الإثم على والدك، والواجب عليه هو أن يتوب إلى الله تعالى مما حصل منه وذلك بالندم عليه والعزم على عدم العودة إليه.
أما بالنسبة لك إذا كنت تقومين بالعمل الذي تكلفين به على الوجه المطلوب فلا مانع من استمرارك في العمل ولا شيء عليك فيه، وإن كنت لا تحسنين القيام بالعمل الذي تكلفين به فالواجب عليك هو إخبار المسؤولين بذلك، فإن أقروك فالحمد الله، وإن لم يقروك فهذا حقهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه، وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد والبيهقي وغيرهما. وراجعي الفتويين: 37476، 11046، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 65331.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1426(12/5781)
لا تجوز هدايا العمال ما لم يأذن صاحب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت إلى عيادة أسنان قبل شهرين وذلك لكي أقوم ببعض الأعمال للشركة التي أعمل بها وبعد ما انتهيت من العمل قال لي الدكتور إذا أردت أي شيء لأسنانك فسوف يكون ذلك مجانا مني لك وبدون أي إحراج لأن هذا الدكتور يكون المدير العام لهذه العيادة.
ثم ذهبت إليه ليقلع لي ضرسي فقال لي إنه مشغول الآن سيقوم بهذا العمل دكتور آخر فقلت له أنت وعدتني بأنه مجانا فقال لا تخف لا نريد أية أجور وقلع الدرس واستغرق ذاك أكثر من ساعتين.
تيقنت أن الدكتور الذي قلع لي هذا الضرس ربما ليس ذا خبرة لأنه قام بتخريب اللثة عندي وما شفيت إلا بعد شهر وتبين أنه الدكتور قد نسي أجزاء من الضرس شهرا كاملا وأنا أعيش على المسكنات.السؤال هو بعد ما أن أنهى خلع الضرس أخبرني الدكتور بأن مثل هذا العمل نأخذ 1500 ريال على شانك سنأخذ 500 ريال لأن هذه عملية كبيرة إذا لم يتوفر معك الآن ادفع 250 ريال الآن والباقي آخر الشهر فقلت له إنه لا يتوفر معي الآن اصبر علي لآخر الشهر وذلك من إحراجي لم أستطع أن أعترض وأنا مخدر من العملية ومن شدة الألم بعدها لم أرجع اليهم وهم لم يتصلوا بي إطلاقا لقد تألمت أكثر من 10000 ريال سيادة الشيخ ولم أدفع لهم ما أرادوا لغاية الآن ماذا افعل رغم أنه وعدني أنه مجانا، أعرف صدقا سيادة الشيخ أنهم لا يستاهلون ريالا واحد ولكني أخاف الله ولا أريد أن أحكم من عندي فأنتم الحكم بارك الله فيكم وفي من عمل على هذا البرنامج ومن قرأه......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا العمل الذي وعد به من قبل مدير عام العيادة يدخل ضمن هدايا العمال التي تدفع لهم بسبب عملهم ووظائفهم، ولولاها ما أهدي إليهم شيء، وقبول هذه الهدايا لا يجوز إلا بإذن صاحب الشركة لأن قبولها مظنة استمالة قلب العامل ليحابي في عمله، وراجع الفتوى رقم: 17863.
وفي حال إذن صاحب العمل للعامل بأخذ هدية فإنه لا يلزم العامل في الصورة المفروضة أن يدفع أجرة قلع الضرس لأنه وعد من قبل المدير العام بأن يكون ذلك مجانا، وبناء على هذا الوعد باشر الموظف قلع ضرسه، والوعد إذا باشر الموعود بسببه عملا أو دخل في شيء كان لازما.
وفي كل الأحوال فإن الخطأ في العلاج الذي يشكو منه السائل ينظر فيه هل هو خطأ طبيعي يقع فيه أي طبيب أم أن الطبيب المعالج لا يعرف الطب وخطأه غير مبرر؟ فإن كان الثاني فإنه ضامن وراجع بيان ذلك في الفتوى رقم: 5852.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1426(12/5782)
حكم دفع مال لا سترداد رخصة السياقة
[السُّؤَالُ]
ـ[تم سحب رخصة السياقة وقمت باسترجاعها عن طريق بعض التدخلات مع تقديم هدية للشخص الذي قام بهذه الخدمة، مع العلم بأنه لم يقبل الهدية، ما حكم الشرع في هذا العمل إذا أمكن؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الرخصة قد تم سحبها بسبب مخالفة حقيقة للقواعد المرورية التي سنتها الدولة، فلا يجوز لأحدٍ أن يُعين أحداً على التهرب منها سواء كان ذلك بمقابل أو بدون مقابل، وذلك بناء على أن هذه القوانين إنما وُضعت للصالح العام، وما تفرضه الدولة غرامة على المخالفين لنُظم المرور يدخل في باب العقوبة بالمال، وقد رجحنا قبل ذلك جواز العقوبة بالمال إذا كان لها سبب مشروع وكان بأمر الحاكم أو من ينوب عنه، وذلك في الفتوى رقم: 39101. وبينا خلاف العلماء بالتفصيل في حكم العقوبة بالمال في الفتوى رقم: 34484.
أما إذا كانت هذه الرخصة قد تم سحبها ظلماً وعُدواناً فلا مانع مما فعله الشخص المذكور، كما أنه لا مانع من أن يأخذ مقابل ذلك شيئاً إذا كان ما فعل خارج نطاق عمله، وقد بذل فيه جهداً، أما إذا كان من عمله فلا يجوز له أخذ شيء أبداً لئلا يدخل في باب الرشوة، وراجع الفتوى رقم: 65361.
وقد أحسن هذا الشخص حينما رد الهدية عليه إذا كان ذلك ليس من حقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1426(12/5783)
حكم مشاركة الموظف لمقاول الشركة التي يعمل بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مهندسة بمديرية الطرق، هل يجوز أن أستثمر مبلغا من المال أعطيه للمقاول الذي تم اختياره بعد مناقصة وطنية للقيام بأشغال لصالح المديرية، مع العلم بأن هذا المقاول قبل طلبي بدون أي ضغوط وأنني لا دخل لي في المشروع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن لك أي علاقة بهذا المشروع سواء من ناحية تخصيصه للمقاول أو الإشراف على التنفيذ، أو المسؤولية عن تسلُّمه عند انتهائه، فلا نرى مانعاً من مشاركته بمبلغ من المال على أن يكون الربح بينكما على ما تتفقان عليه، وهي مضاربة مشروعة لم يعترها شيء من الشبهة، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 62618، والفتوى رقم: 17870.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1426(12/5784)
توبة المرتشي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل أعمل في إحدى الدوائر الحكومية استدركني الشيطان وأخذت أموالا من الرشوة، ولدي الآن سيارتان وبعض الأثاث والمواد المنزلية الأخرى وحتى جهاز الكمبيوتر والإنترنت الذي بفضل الله ثم بفضل المواقع الدينية التي شاهدتها عن طريقه فهي من أموال الرشوة وبفضل الله جل وعلا تبت إلى ربي وامتنعت عن أخذ المال الحرم، ولكن سؤالي هو: ماذا أفعل بما اشتريته من المال الحرام، فهل يجوز أن أتصدق من مالي الحلال عن أهل أصحاب الأموال أم أبيع السيارات وأنفق مالها كيف، وبالنسبة لجهاز الحاسوب فوالله فائدته عظيمة لي فماذا أفعل به، علما بأن راتبي لا يمكنني من أن أشتري بدلاً منه، أفتوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن فصلنا الكلام فما يجب على المرتشي إذا تاب وذلك في الفتوى رقم: 64384 فنرجو مراجعتها.
والحاصل من ذلك أن الواجب عليك هو الاجتهاد في تقدير المال الذي أخذته عن طريق الرشوة ثم صرفه إلى من يستحقه شرعاً، ولو لم تتمكن من ذلك إلا ببيع السيارتين والأثاث المنزلي والكومبيوتر، وإذا لم يكف ثمن هذه الأشياء في سداد هذا المبلغ بقي في ذمتك إلى حين القدرة على السداد، أما إذا تمكنت من أداء المال إلى مستحقه دون أن تضطر لبيع السيارتين والأثاث المنزلي والكومبيوتر، فلا يجب عليك بيع شيء من هذا، واعلم أنه إذا عرفت أصحاب المال الذي أخذته منهم رشوة وطلبت منهم أن يسامحوك فسامحوك برئت ذمتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1426(12/5785)