الراجح وجوب رد العطية التي لم يعدل فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مشكلة وأرجو حلها، ومشكلتي هي: أنا ابن لأب عنده ثلاث إخوة، توفي أحد الإخوة وترك قطعة أرض من ضمن أرض أبي وعمي الآخر، لأن عمي الثالث أرضه تبعد مسافة عن إخوته، بينما الثلاثة إخوة الآخرين من ضمنهم أبي أرضهم مجتمعة في نفس المكان. أبوهم متوفى وعمي توفي قبل أمه وترك الأرض، وكانت الأم على قيد الحياة، ويدعي عمي أن أمه التي هي جدتي قالت له بأن الأرض له. هل يجوز للأم أن تعطي الأرض لأحد الأبناء وتترك الباقين؟ علما أن الابن الذي هو والدي لم يقبل بهذا الشيء ولكن أخوه يقول له إن الأرض أرضه ولا يعطي شيئا منها، علما أنه إذا أخذ الأرض فسوف يضيق على أخيه الذي هو والدي. وبدأ يعمر فيها المنازل ولم يأخذ برأي أحد أبدا، باعتبار أن الأرض له أعطتها له أمه. أرجو الإجابة على سؤالي وجزاكم الله خير الجزاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نفهم هل العم الذي أعطته الأم الأرض هو الذي توفي أم غيره، ولكننا نفيدكم أن الراجح هو وجوب العدل بين الأبناء في العطية لما في حديث الصحيحين: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. وفي حديث البيهقي: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء.
وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن الراجح وجوب رد العطية التي لم يعدل فيها.
ثم إنه إذا كان العم المتوفى هو الذي آثرته الأم، ولم يكن له وارث إلا إخوته، فالأولى السكوت عن القضية، لأن ماله سيرجع عليهم بالتركة، وأما إن كان له ولد أو لم يكن هو المتوفى فإنه يشرع لإخوته أن يطالبوا بحقهم. ولكن الأولى هو حرصهم على عدم التشاح فيما بينهم فيما يتعلق بالأموال، فالمال عرض زائل وبقاء الألفة والمودة بين الإخوان لا يعوضه مال ولا غيره.
وراجع الفتوى رقم: 107832.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1430(12/4608)
لا يجوز لمن تنازل عن نصيبه لغيره وحازه أن يرجع فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي ويوجد لي 6 إخوة و 6 أخوات. البيت الذي تركه والدي مساحته 420 م مربع، وكذلك يوجد حول البيت أرض بمساحة 1000 م مربع، حيث كانت تسكن أمي في منزل أبي لوحدها. بالنسبة إلى إخوتي كل منهم بنى فوق بيت أبي مسكنا له. بالنسبة لي كنت متغربا في طلب العلم ورجعت إلى وطني لأستقر، فقمت بتقسيم البيت الذي تسكن فيه أمي إلى قسمين برضا الجميع، أخواتي قمن بالتنازل عن جميع حصصهن في البيت والأرض برضائهن وبدون إجبار في المحكمة الشرعية، ثم بدأت المشاكل العائلية تتطور شيئا فشيئا، تعقدت المشاكل، وتريد أخواتي حصصهن في الميراث من جديد، وكذلك تريد أمي حصتها في البيت والأرض معا. لا أدرى كيف يتم تقسيم البيت الذي تركه والدي بسبب البناء الذي تم فوق البيت من قبل إخوتي. اقترحت على إخوتي ببع كل شيء، ومن ثم إعطاء كل واحد وواحدة حقها. منهم من عارض البيع ومنهم يريد البيع. بالنسبة لي أريد حقي والخروج من كل هذه المشاكل كلها. أرجو إفادتي ما هي حصتي في الميراث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأعلم أخي السائل أولا أن مثل هذه المشاكل هي أحوج إلى القضاء الشرعي لحلها من مجرد فتوى، والذي يمكننا قوله هو أن من تنازل من الورثة عن نصيبه لك وحزت نصيبه، فقد تمت الهبة وصارت لازمة، فإنه لا يجوز له بعد ذلك المطالبة بما تنازل عنه، لأنه لا يجوز الرجوع في العطية لقوله صلى الله عليه وسلم: ليس لنا مثل السوء، العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه. رواه البخاري ومسلم والترمذي واللفظ له.
وأما الطوابق التي بناها الأبناء، إن كانوا بنوها في حياة أبيهم بإذنه فانظر حكمها في الفتوى رقم: 120724. وإن كانوا بنوها بعد وفاة أبيهم فانظر لحكمها الفتوى رقم: 61163.
ولك الحق في المطالبة ببيع البيت إذا لم يمكن قسمته بينكم إلا بالضرر على أحدكم، ومن امتنع من الورثة من البيع فإن للقاضي أن يجبره على البيع إلا إذا أراد أن يأخذ البيت بالثمن الذي رسى عليه، فإن له ذلك إن كان قادرا على السداد، وراجع الفتوى رقم: 104153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1430(12/4609)
تعود الهبة إلى التركة مالم يحزها الموهوب له قبل وفاة الواهب
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي أثناء قيامه ببناء بيت لي من ماله الخاص، وقد شاركته بقدر من المال في بناء البيت الذي كان ينوي تزويجي فيه، مع العلم أنه عند الوفاة كان هناك بعض المبالغ التي لم تسدد مثل مستحقات عامل الكهرباء الذي لم ينه عمله بعد، وهناك مستحقات لأحد العمال أنهى عمله.
هل البيت لي أم أنه خاضع للميراث؟ هل مستحقات العمال ديون على والدي أم ديون علي أنا؟ هل يتم إكمال بناء البيت من أموال والدي؟ مع العلم أننا أربع إخوة ذكور، وثماني إناث متزوجات، وزوجتان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الوالد توفي قبل تمليكه البيت لك، وحيازتك له، فإن البيت يكون تركة ويشاركك فيه جميع الورثة، وتكون الديون المستحقة ديونا عليه إذا كان هو الذي تعامل مع العمال، ويتعين تقديم قضاء الدين والبدار به لقوله تعالى: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ. {النساء:11} .
وأما المال الذي شاركت به في بناء البيت من مالك الخاص فهو ملك لك، فأنت لم تتبرع به لأبيك بل أنفقته على أن البيت لك فلك الرجوع به على التركة.
ويدل لعدم تنفيذ الهبة إذا مات الوالد قبل حيازة الابن لها ما روى الإمام مالك في الموطأ أن أبا بكر رضي الله عنه وهب لعائشة رضي الله عنها فقال: يا بنية كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا، ولو كنت حزته أو قبضته كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث، فاقتسموه على كتاب الله.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1430(12/4610)
حكم قبول هدية صاحب المال المختلط
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ: خالتي تزوجت شخصا يحكى أنه كان تاجر مخدرات، والآن يملك مقاولته الخاصة به، والمشكلة أنهم أحيانا يبعثون لنا هدايا: أكلا ونقودا وملابس كوجه من أوجه الإعانة، لأن والدي متوفى.
السؤال هو: هل يجوز أن نقبل هذه الأشياء منهم؟ وإذا لم يكن كذلك، فما العمل في حال دعينا إلى منزلهم وطلبوا منا الأكل؟
مع العلم أننا نخجل أن نصارح خالتي برفضنا لعطاياهم، لأنها من مصدر مشبوه، وإذا أخبرناها ستحدث قطيعة بيننا، كما أنها تزوجته وهي تعلم بحاله، أي لن يتغير موقفها. وهل يجوز أن نستلف منهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك إلى أنه لا يجوز اتهام هذا الشخص بمجرد الحكاية وبدون بينة شرعية، والأصل أن مال المسلم حلال، وإذا ثبت ببينة أن الرجل المذكور كان يتاجر في المخدرات، فحكمه حكم صاحب المال المختلط؛ لما ذكرت من أنه يعمل بالمقاولات، ولا حرج في الأكل من ماله أو قبول هديته أو الاقتراض منه، وإن كان ترك ذلك أفضل، ويمكنك إذا أردت رد هداياهم أن تتلطف في الاعتذار لخالتك أو تتصدق بما أخذت من مالهم.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 6880، 7707، 21139، 56191.
نسأل الله تعالى أن يغنيكم بفضله عمن سواه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1430(12/4611)
تفضيل الذكور على الإناث في العطية من أفعال الجاهلية
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل هل يحق للأهل أن يعطوا الذكر أكثر من الأنثى في حياتهم، إن كانت الأنثى متزوجة؟ يعني مثلا أهلي أعطوا لإخوتي الذكورالمتزوجين أماكن ليبنوا عليها بيوتا ودكاكين مما عندهم، علما أن دخل كل واحد من هؤلاء الإخوة جيد إلى ممتاز، أما أنا وأخواتي البنات فجميعنا متزوجات ونعيش بالإيجار وبحالة مادية سيئة إلى عادية، ولكن يعاملوننا وكأننا لاحق لنا في أرض ولا بيت، لأننا تزوجنا وخرجنا عن مسؤوليتهم، فهل في هذا عدل؟ وهل نتقبل أنا وأخواتي البنات الأمر بصمت؟ أم على الأقل نوضح أن لنا حقا قد ضيعوه؟.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إيثار الأبناء على البنات في العطية من أفعال الجاهلية، ولا يسوغ للمسلم فعل ذلك، بل يجب العدل بين الأبناء والبنات في العطية، فذلك أدعى لبرهم بالوالد جميعا وأرفع للشقاق بينهم، ففي الحديث: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه. وفي الحديث: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء. رواه البيهقي وحسنه ابن حجر.
وفي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد لما جاءه ليشهده على موهبة وهبها لابنه النعمان. قال له: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال نعم. فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، فقال: فلا تشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور. وفي رواية أنه قال له: أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذا.
وقد اختلف العلماء في صفة العدل بين الأولاد في العطية، فقال بعضهم العدل أن يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين كالميراث، وقال آخرون يسوى بين الذكر والأنثى، وهذا القول الأخير هو المرجح في موقعنا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء.
وبناء على هذا فإذا لم يكن هناك مسوغ شرعي لما وقع من تفضيل فيسوغ، لكن تكليم الأهل في الموضوع، ويجب رد هذه الهبة أو تعديلها بحيث يسوي بينكم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن أراد أن يفضل بعض أولاده على بعض: ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: لا تشهدني فإني لا أشهد على جور. وفي رواية: أنه قال له: فاردده. رواه مسلم وأصله في البخاري.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: يجب عليه أن يرد ذلك في حياته كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضاً طاعة لله ولرسوله، ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل؛ بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به. انتهى.
وراجعي الفتوى رقم: 21597، والفتوى رقم: 6242.
هذا، وننصحك بإطلاع الأب والأم على هذه الفتوى، وإطلاع الصالح من إخوانكن عليها، فلعل الله جل وعلا يشرح الصدور للحق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1430(12/4612)
يدفع لزوجك قيمة الإصلاح، أو يأخذ قيمة الجهاز إن لم يرض الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي أبي رحمه الله، وكان لديه كمبيوتر محمول يخص صديقه، وبعد وفاته اتصل أخي بصديق والدي ليعيد له الكمبيوتر، ولكنه رفض أن يأخذه وبشدة حاول أخي عدة مرات أن يعيده إليه، ومازال يرفض حتى أنه قال في آخر مرة (خذه واعمل به ما شئت حتى لو أردت أن ترميه عندي بدله ستة أجهزه) وكان الجهاز معطلا قامت أمي بإعطائه لزوجي كهبة لأنه يخدمها دائما مثل ولدها وأصلح العطل بمبلغ 350 ريالا من ماله الخاص.
فهل يجوز له تملكه؟؟ أم أنه يعتبر من الإرث وللورثة حق فيه؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجهاز المذكور ليس من التركة ولا حق للورثة فيه. وإنما هو لأخيك لأن صاحبه قد وهبه إياه وأمره بالتصرف فيه كيف يشاء. وبناء عليه فإن أقر ما فعلته أمه من هبة الجهاز لزوجك صحت تلك الهبة، وهو ما ينبغي له برا بها وإنفاذا لعطيتها. وإذا لم يرض بذلك، وكان الإصلاح قد زاد في قيمة الجهاز، فهو بالخيار بين أن يدفع إلى زوجك قيمة الإصلاح، أو يأخذ قيمة الجهاز يوم أخذ الأم له، ويدعه بيد زوجك.
قال ابن القاسم في المدونة في من غصب ثوبا وصبغه وزادت قيمة الثوب بالصبغ: وأراه مخيرا بين أن يدفع إلى الغاصب قيمة صبغه ويأخذ ثوبه، وبين أن يسلمه إلى الغاصب ويأخذ قيمته يوم غصبه. وللمزيد انظر الفتوى رقم: 52586.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1430(12/4613)
يلتزم في هذه المنحة بالشروط الموضوعة من قبل الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ أكبر مني عنده مرض يسمى بالغدد ويتقاضى منحة من الدولة لغرض العلاج كل شهر من المصرف، وبعد فترة تحصل على عمل في شركة. السؤال:هل يجوز له أن يتقاضى هذا المرتب بعد أن تحصل على عمل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب في هذه المنحة الالتزام بالشروط الموضوعة من قبل الدولة، لما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقاً وأبو داود وحسن إسناده ابن الملقن في خلاصة البدر المنير.
فإذا كان يشترط في هذه المنحة عدم العمل فيجب الالتزام بذلك ولا يجوز لأخيك بعد العمل أن يتقاضى هذه المنحة، أما إذا كان عدم العمل ليس شرطاً في الحصول على هذه المنحة فلا حرج في أخذها، ويمكن الاستفسار من المسئول المختص عن شروط هذه المنحة.
نسأل الله العظيم أن يشفي أخاك وأن يبارك له في ماله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1430(12/4614)
يدفع لزوجك قيمة الإصلاح، أو يأخذ قيمة الجهاز إن لم يرض الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي أبي رحمه الله، وكان لديه كمبيوتر محمول يخص صديقه، وبعد وفاته اتصل أخي بصديق والدي ليعيد له الكمبيوتر، ولكنه رفض أن يأخذه وبشدة حاول أخي عدة مرات أن يعيده إليه، ومازال يرفض حتى أنه قال في آخر مرة (خذه واعمل به ما شئت حتى لو أردت أن ترميه عندي بدله ستة أجهزه) وكان الجهاز معطلا قامت أمي بإعطائه لزوجي كهبة لأنه يخدمها دائما مثل ولدها وأصلح العطل بمبلغ 350 ريالا من ماله الخاص.
فهل يجوز له تملكه؟؟ أم أنه يعتبر من الإرث وللورثة حق فيه؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجهاز المذكور ليس من التركة ولا حق للورثة فيه. وإنما هو لأخيك لأن صاحبه قد وهبه إياه وأمره بالتصرف فيه كيف يشاء. وبناء عليه فإن أقر ما فعلته أمه من هبة الجهاز لزوجك صحت تلك الهبة، وهو ما ينبغي له برا بها وإنفاذا لعطيتها. وإذا لم يرض بذلك، وكان الإصلاح قد زاد في قيمة الجهاز، فهو بالخيار بين أن يدفع إلى زوجك قيمة الإصلاح، أو يأخذ قيمة الجهاز يوم أخذ الأم له، ويدعه بيد زوجك.
قال ابن القاسم في المدونة في من غصب ثوبا وصبغه وزادت قيمة الثوب بالصبغ: وأراه مخيرا بين أن يدفع إلى الغاصب قيمة صبغه ويأخذ ثوبه، وبين أن يسلمه إلى الغاصب ويأخذ قيمته يوم غصبه. وللمزيد انظر الفتوى رقم: 52586.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1430(12/4615)
يلتزم في هذه المنحة بالشروط الموضوعة من قبل الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ أكبر مني عنده مرض يسمى بالغدد ويتقاضى منحة من الدولة لغرض العلاج كل شهر من المصرف، وبعد فترة تحصل على عمل في شركة. السؤال:هل يجوز له أن يتقاضى هذا المرتب بعد أن تحصل على عمل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب في هذه المنحة الالتزام بالشروط الموضوعة من قبل الدولة، لما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقاً وأبو داود وحسن إسناده ابن الملقن في خلاصة البدر المنير.
فإذا كان يشترط في هذه المنحة عدم العمل فيجب الالتزام بذلك ولا يجوز لأخيك بعد العمل أن يتقاضى هذه المنحة، أما إذا كان عدم العمل ليس شرطاً في الحصول على هذه المنحة فلا حرج في أخذها، ويمكن الاستفسار من المسئول المختص عن شروط هذه المنحة.
نسأل الله العظيم أن يشفي أخاك وأن يبارك له في ماله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1430(12/4616)
يشترط لصحة الهبة رضا الواهب
[السُّؤَالُ]
ـ[أب اشترى لابنه المتوسط قطعة أرض وبدأ الأب في البناء بمساعدة ابنه المتوسط والعاق له، وبعد مدة حدثت مشاكل في الأسرة فأمر الأب ابنه المتوسط العاق أن يتنازل عن نصف المنزل للابن الأصغر رغما عنه وبالإكراه، وبعد إتمام التنازل قال الابن لأخيه الأكبر لا تفكر في الموضوع سوف أرجعه لك ليطمئنه، والمنزل يتكون من شقة وصالة، وبعد مدة أكمل بناء الصالة الابن الأصغر بناء على التنازل من أخيه عن نصف المنزل قال له الابن المتوسط ألم تقل إنك سترجع لي نصف المنزل فقال الابن الأصغرأتريدني أن أضع أسرتي في الشارع،علم الوالد بالقصة فقال لابنه الأصغر لا تتنازل له وإن تنازلت لن أسامحك حيا أوميتا، وبعد وفاة الوالد رحمه الله قال الابن الأصغر للابن المتوسط ما رأيك أن نشتري أنا وأنت منزل الأسرة القديم من الورثة مقابل أن أترك لك المنزل الجديد، مع العلم أن المنزل الجديد قدر بثمن وقدره: 380 ألف دينار، والمنزل الجديداشتريناه ب190 ألف دينار وتم البيع والتراضي، وبعد مدة تحسن دخل الابن الأصغر ماديا ودون سابق إنذار وفجأة، قال الابن المتوسط للأصغر أعطني ما دفعته معك في شراء المنزل القديم لأنك قلت لي أن أرجع لك نصف المنزل: س1. هل يرجع الابن الأصغر الثمن الذي دفعه معه الابن المتوسط أم لا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشمتل سؤالك على عدة أمور يترتب حكم بعضها على بعض ونجيبك عليها بالتفصيل التالي:
1- شراء الأب قطعة أرض لابنه المتوسط هو من هبة الوالد لأولاده، والراجح هو وجوب التسوية بين الأولاد في العطية، ولا يجوز تخصيص أحد الأولاد بالهبة بدون مسوغ شرعي، وإذا كانت الهبة بغير مسوغ شرعي فيجب نقضها في حياة الأب أو بعد موته، وراجع في بيان ذلك فتوانا رقم: 110480، وما أحيل عليه فيها.
2- بدء الأب في البناء بمساعدة ابنه والعاق له ... إذا كان الأب يبني المنزل لابنه، فالحكم في ذلك كالحكم في هبة الأب لأحد بنيه على التفصيل السابق، وإذا كان الأب يبني لنفسه المنزل صار المنزل ملكاً له، وينظر فيما دفعه الابن إن لم يكن متبرعاً بذلك فله الحق في المطالبة بما أنفقه في البناء.
3- إجبار الابن على التنازل عن نصف المنزل لأخيه الأصغر ... إذا كان المنزل ملكاً للأب فلا حرج في أن يجبر ابنه المتوسط على ذلك، وإن كان المنزل ملكاً للابن فله احتمالان:
أحدهما: أن يكون ذلك تحقيقاً للتسوية بين الأولاد في العطية وهذه التسوية واجبة، وفي هذه الحالة يكون هذا التصرف صحيح شرعاً، ولكن يجب أن ينظر فيما دفعه الابن المتوسط في تكاليف البناء فهذا حقه الخالص وليس للأب أن يأخذ منه إلا ما وهبه إياه لتحقيق التسوية.
الثاني: أن تكون الهبة السابقة صحيحة بأن كان فيها تسوية بين الأولاد أو كان هناك مسوغ شرعي للتخصيص، وفي هذه الحالة فإجبار الابن المتوسط على التنازل عن نصف المنزل لأخيه الأصغر غير جائز شرعاً، لأنه يشترط لصحة الهبة رضا الواهب، جاء في درر الحكام ما حاصله: يلزم رضا الواهب في نفاذ الهبة والهدية والصدقة والإبراء ويكون عدم رضا الواهب بالجبر والإكراه بناء عليه لا تصح الهبة التي وقعت بالجبر والإكراه بدون رضاء. اهـ.
ويجب على الابن الأصغر في هذا الاحتمال أن يرد نصف المنزل لأخيه المتوسط سواء وعده بذلك أم لا.
4- وعد الأخ الأصغر لأخيه بأن يرجع له نصف المنزل.. فإذا كان التنازل باطلاً وجب عليه رد نصف المنزل، وإن كان التنازل صحيحاً فيستحب له أن يفي بوعده، فالوفاء بالوعد مستحب عند جمهور أهل العلم، لكن من وعد آخر فدخل الموعود بسبب الوعد في ورطة أو عمل ونحو ذلك فهو ملزم بالوفاء بالوعد إلا من عذر، وهذا القول هو المشهور عند المالكية ورجحه كثير من الباحثين المعاصرين، وقد تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 117916.
5- وصية الأب الابن الأصغر بعدم رد نصف المنزل لأخيه المتوسط غير لازمة، ولكن حكم الرد فيه التفصيل السابق.
وننبهك أيها السائل إلى أن مسائل النزاع ينبغي حلها بالصلح والتراضي أو برفعها للمحكمة الشرعية لتفصل فيها، وننصح هذه الأسرة بالحفاظ على صلة الرحم وألا تجعل أمور الدنيا سببا للخصام والنزاع فيما بينها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1430(12/4617)
مذاهب العلماء في رجوع الأب فيما وهبه لولده
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي وهبني قطعة من الأرض منذ سنوات، بنيت عليها بيتا بعد عدة سنوات، أراد أبي الرجوع عن الهبة، ذهبت إلى أحد العلماء، أفتى لي أنه لا يجوز لوالدك الرجوع في الهبة لأنها تغيرت وفقا للمذاهب الأربعة، لكن شيخ آخر أفتى أنه يجوز لوالدي الرجوع وفقا للمذهب الشافعي. أفتونا رحمكم الله ووفقكم لرضاه أنا على كل حال سأرضي والدي كما يريد، ولكن اختلاف الفتوى بين العالمين أربكتنا أنا ووالدي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز رجوع الوالد فيما وهبه لولده، لما رواه أحمد وأصحاب السنن عن ابن عُمَرَ وابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي لولده. قال الترمذي: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
إلا أن هناك موانع للرجوع في الهبة. اختلف الفقهاء هل البناء في الأرض الموهوبة من موانع الرجوع في الهبة أم لا، فمذهب الجمهور أن البناء في الأرض الموهوبة يمنع الرجوع في الهبة، وهذا هو المذهب الذي نراه راجحاً، أما على مذهب السادة الشافعية فالبناء في الأرض ليس من موانع الرجوع.
جاء في درر الحكام: إذا حصل في الموهوب زيادة متصلة كأن كان أرضا وأحدث الموهوب له عليها بناء أو غرس فيها شجرا ... لا يصح الرجوع عن الهبة حينئذ. اهـ.
وقال الخرشي في شرح مختصر خليل: من شرط صحة الاعتصار للهبة – يعني رجوع الوالد في هبته - أن لا تفوت من عند الموهوب له ببيع أو غصب أو عتق أو تدبير أو بزيادة أو نقص كما إذا كبر الصغير أو سمن الهزيل أو هزل الكبير أو بجعل الدنانير حليا أو بوجه من وجوه المفوتات، فإن حصل شيء من ذلك فلا اعتصار لواهبها حينئذ. اهـ.
وفي بيان مذهب الشافعية قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: ويتخير الوالد بعد رجوعه في الأرض الموهوبة وقد غرس فيها الولد أو بنى في الغرس أو البناء بين قلعه بأرش أو تملكه بقيمة، أو تبعيته بأجرة. اهـ.
فعلى مذهب الجمهور الذي نراه راجحاً لا يجوز لوالدك الرجوع في الهبة، وعلى مذهب الشافعية يجوز له الرجوع.
وإذا كنت تريد إرضاء والدك فلا حرج في أن تتنازل له عن الأرض التي وهبها إياك، والبر بالوالدين من أعظم الطاعات وأفضل القربات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1430(12/4618)
هل للخاطب الرجوع فيما أهداه لخطيبته إذا تم فسخ الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة تمت خطبتها ولم تخبر الخاطب أن صدرها به آثار حرق من الصغر، ثم قامت بعمل عملية تجميل، وعندما علم قرر فسخ الخطبة، واجتمع والده وثلاثة من أقارب الفتاة وتقرر أن يرد إليه الهدايا ونصف الذهب، وقبل الأب على مضض. فما الحكم؟ وإن كان له الحق في الذهب كله. فهل علي وزر كوني واحدا منهم؟ وماذا أفعل؟ هل أدفع الثلث وتبرأ ذمتي؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أهداه الخاطب لخطيبته من ذهب وغيره، إن كان جزءا من المهر نصا أو عرفا فله استرجاعه بفسخ الخطبة على كل حال، وإن لم يكن جزءا من المهر فله استرجاعه أيضا عند الشافعية وعلى قول عند الحنابلة ووافقهم الحنفية إن كانت الهدية لم تستهلك.
وقال بعض المالكية للزوج الرجوع في تلك الهبة إن كان الفسخ من جهة الزوجة، وهو قول للحنابلة أيضا. واختار شيخ الإسلام ابن تيمية الرجوع في هذه الهبة مطلقا سواء كان الفسخ من جهة الزوج أو من جهتها وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 122345.
ومن هنا تعلم أن من حق الخاطب استرجاع الهدايا المذكورة.
وعليه، فتنازل والده عن نصف الذهب مقبول إذا كان وكيلا عن ولده في هذا الأمر أو قبل الخاطب بهذا التنازل. وبالتالي فلا إثم على السائل فيما حصل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1430(12/4619)
حكم هبة المال للبنت بقصد حرمان أخيها من التركة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أحرم أخي الفاسد جدا من أن يرثني، وبدلا من أن يأخذ المال ويهدره -كما يفعل دائما-أهب المال الآن وعلى حياة عيني لابنتي القاصر حيث إنني أريد شراء بيت وأكتبه باسم ابنتي القاصر على أن أحتفظ بحق المنفعة مدى الحياة حتى أضمن أنها لن تحتاج أحدا بعدي، وأقع هنا في مشكلة أخرى حيث أنني لا أملك مالا يكفي لشراء بيت يكافئه تماما بل أقل منه ثمنا لأهبه لابنتي المتزوجة بنفس الطريقة. فماذا أفعل؟ هل الضرورات تبيح المحظورات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هبة المال للبنت بقصد حرمان الأخ من التركة أمر محرم شرعا، والحل الأمثل لمثل قضيتك أن تسعى في هداية أخيك، وتبذل ما أمكن من الوسائل في إقناعه وحمله على سلوك طريق الهدى والبعد عن طريق الغي، فلأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم. كما في حديث البخاري.
واعلم أن الهبة للبنت تكون نافذة صحيحة إذا حازت البنت الموهوب وصارت تتصرف فيه تصرف المالك في ملكه.
أما إذا بقي في حوزة الأب حتى مات فلا تصح لأنها تعتبر وصية لوارث، والوصية للوارث لا تنفذ إلا إذا أمضاها الورثة الآخرون لما في الحديث: لا تجوز الوصية إلا أن يشاء الورثة. رواه البيهقي، وحسنه ابن حجر في البلوغ.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 75564، 112948، 49539، 106777، 122241، 117431، 117337.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1430(12/4620)
لا تنفذ الهبة إذا لم يحصل الحوز حتى مات الواهب
[السُّؤَالُ]
ـ[توفت زبيدة محمدأحمد وتركت من الأبناء: كامل، وكماله، وهدى، وتوفيق، وبعد الوفاة وجدنا تنازلا منها لأحد الأبناء عما يخصها في الإصلاح الزراعي من ميراث، فهل هذا صحيح أم لا؟ علما بأن كماله وهدى من الورثة شاهدتين على هذا التنازل وهذا العقد من 1970، ولم يظهر إلا الآن على الرغم من أننا زرعنا الأرض؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في عدة فتاوى سابقة أن العدل في العطية بين الأبناء واجب على الراجح لحديث: اتقوا الله واعدلوا في أولادكم.
ولما في الحديث: سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء. أخرجه البيهقي وحسنه ابن حجر.
ثم إن تنازل الأم لولدها عن ميراثها يعتبر هبة منها له، والهبة يشترط في صحتها أن يحوز الموهوب له ما وهب له، وأما إذا لم يحصل الحوز حتى مات الواهب فلا تنفذ الهبة بل تكون تركة، ويدل لهذا ما رواه الأمام مالك في الموطأ: أن با بكر رضي الله عنه وهب لعائشة رضي الله عنها هبة، فقال: يا بنية كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا ولو كنت حزته أو قبضته كان لك فإنما هو اليوم مال وراث فاقتسموه على كتاب الله.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 6242، 107832، 100862.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1430(12/4621)
العود في الهبة محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يرد الدين في مثل هذه الحالة: هناك شخص في سنة 1970 أعطى لأصدقائه الثلاثة مبلغا وقدره 20 ألف جنيه استرليني لكل منهم، الصديق الأول اشترى به شقة في عمارة، الصديق الثاني اشترى فيلا في منطقة سكنية، الصديق الثالث اشترى قطعة أرض هكتار. كان الأصدقاء كلما أرادوا مخاطبته بإرجاع المبلغ يرفض الرفض التام، ويتجاهل. بعد فترة ثلاثين عاما طالب كلا منهم بإرجاع الدين. الصديق الأول شقته أصبحت في عمارة قديمة لا تساوي 50ألف جنيه استرليني، الصديق الثاني أصبحت فيلته لأنها في موقع ممتاز تساوي 500 ألف جنيه استرليني، الصديق الثالث أصبحت أرضه لأنها في موقع ممتاز تساوي 4 مليون جنيه استرليني. طالب الصديق الدائن كل شخص بإرجاع مبلغ ما يساويه عقاره. فهل هذا صحيح أم هو ربا؟ أفتونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي النظر في حال ونية هذا الرجل، هل أعطى المال لأصدقائه هبة منه لهم وقرضا، فإن كان وهبه لهم فلا يحق له أن يطالبهم بالمال مؤخرا لأن هذا من العود في الهبة وهو محرم. لما في الحديث: لا يحل لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وفي حديث الصحيحين: العائد في هبته كالعائد في قيئه.
وأما إن كان أعطاه لهم على سبيل القرض ثم اشتروا به عقارا فإن العقار يكون ملكا لهم، ويكون نماؤه كذلك مكلا لهم، فإذا أرادوا قضاء الدين فلا يجب عليهم إلا سداد المبلغ الذي أخذوه، ولا يجوز للدائن أن يطلب أكثر منه.
ويحسن بالفريقين أن يكون كل منهما سمحا في تعامله مع الآخر ليحصلا على الرحمة التي في الحديث: رحم الله عبدا سمحا إذا باع، سمحا إذا اشترى، سمحا إذا قضى، سمحا إذا اقتضى.رو اه مالك في الموطأ.
ولو أن الأصدقاء أهدوا بسخاء مما أعطاه الله لهم فأكرموا صديقهم وأهدوا له لكان طيبا، فقد حث الشرع على التهادي والمكافاة؛ كما في الحديث: تهادوا تحابوا. رواه مالك وصححه الألباني.
وفي الحديث: من صنع إليكم معروفا فكافئوه. رواه أبوا داود وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1430(12/4622)
حكم هبة الأم لابنها لأجل خدمته إياها
[السُّؤَالُ]
ـ[جدتي كتبت لولدها تنازل عن أرضها الزراعية التي تتبع الإصلاح الزراعي، حيث كان يرعاها في مرضها، وله أخ آخر وبنتان وتوفي أخوه بعده ولم تكتب له شيئا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هبة الأم لابنها هبة جراء خدمته إياها تنفذ إذا حصلت الحيازة في حياتها، وقيام الابن ببر أمه من المسوغات المبيحة لتكريمه، ومن كرم ابنه لمبرر لا يلزمه أن يعطي الآخرين مثله، إن لم يكونوا اتصفوا بالصفة التي استدعت تكريم الأول.
هذا، وننبه إلى أن العدل في العطية بين الأبناء مختلف في وجوبه واستحبابه، والراجح عندنا أنه واجب.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 99407، 77648، 96830، 110017، 111384.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1430(12/4623)
تنازل لأخيه عن أرضه ليبنيها ثم بدا لأخيه بيعها فهل يشاركه الربح؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أستفتي سيادتكم في موضوع حدث بيني وبين أخي: سنة 2002 رجعنا من الولايات المتحدة للاستقرار في مصر موطننا، كان أخي ميسور الحال، وكان يريد بناء منزل للمعيشة على 2000 متر، مع العلم أن الحكومة المصرية جهزت أراضي للبناء مقسمة إلى قطع كل منها 500 متر، وليس للمواطن الحق في شراء أكثر من قطعة واحدة مدى حياته، وطلب مني أخي خدمة، أن يشتري قطعة باسمي، وأن أتنازل له عنها لبناء بيت أحلامه وبالفعل استطاع أن يشتري 4 قطع باسمه واسمي واسم زوجته واسم أختي لبناء بيت أحلامه وليس للتجارة، مع العلم أنه يعمل بمجال العقارات بالخارج.
كانت العلاقة جيدة بيني وبين أخي في هذه الأثناء، وكان قد وعدني بأن البيت سيكون مفتوحا لي ولأطفالي للاستفادة من حمام السباحة، وأيضا وعدني أن يدخل شريكا معي في عملي وتمويل شركتي الصغيرة.
مرت الأيام وساءت العلاقة بيننا، ورجع في وعده بالدخول كشريك معي، وكان هذا عاملا من عوامل وقوع الشركة وإغلاقها وغرقي في الديون الناتجة عن ذلك، وفي نفس الوقت علت أسعار الأراضي 6 أضعاف، فقرر أخي دون الرجوع إلي تحويل الأرض إلى تجارة ليس منفعة خاصة، كما كان الأساس الذي وافقت بناء عليه أن أتنازل له عن حقي الذي أعطته لي الدولة، فأنا لم أوافق على التنازل لأجل أن يزيد أخي ثراء، ولكن تنازلت مساعدة له كي يستطيع أن يستقر في مصر.
الآن السؤال: هل أساس اتفاقنا وهو أن أتنازل له عن حقي الذي منحته لي الدولة ليبني بيتا للمعيشة، وليس للاتجار يعتبر عقدا أم لا؟
هل لي الحق في مطالبته بنصف الربح الناتج عن بيعه للأرض التي اشتراها على اسمي بناء علي أنه لم يلتزم بأساس الاتفاق بيننا أم لا؟
أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الدولة تعطي الحق لكل أحد من مواطنيها في امتلاك قطعة أرض واحدة باسمه دون اشتراط وصف فيه كفقر ونحوه، وقد تنازلت لأخيك عن حقك في امتلاك قطعة أرضية باسمك ووهبته ذلك الحق دون شرط فليس لك الرجوع عنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه. متفق عليه.
ولو كان غرضه من الأرض ابتداء هو استغلالها في السكن، ثم بدا له أن ينتفع بثمنها أوغير ذلك، فلا حرج عليه إذ له التصرف فيها كيف يشاء، وليس لك مطالبته بنصف ثمن الأرض أو ما ربحه فيها، إذ هي ملك خالص له. لكن ينبغي أن يحسن إليك كما أحسنت إليه، ويعينك في سداد ديونك وقضاء التزاماتك التي كان سببا فيها، أو في بعضها لتراجعه عن وعده بالشراكة معك كما ذكرت.
وأما إذا كانت الدولة إنما تمنح ذلك الحق لمن يملكه في خاصة نفسه لفقر أو صفة معينة، وليس له التصرف فيه ببيع أو هبة أوغيرها، بل يأخذه إن احتاج إليه أو يدعه للدولة لتصرفه إلى مستحق غيره، إن كان الأمر كذلك فتنازلك لأخيك غير صحيح، ولابد من الرجوع إلى الدولة والجهة المسؤولة كي تأذن في ذلك أو تسترد الأرض. وللمزيد حول حق التنازل عن الحقوق المعنوية انظر الفتويين: 46177، 22157.
والذي ننصح به هو محاولة الإصلاح بينكما، وتوسيط بعض من لهم وجاهة عنده من الأهل والأصدقاء والمشايخ، ونحوهم للسعي في إزالة ما بينكما من جفاء، وليحل محل ذلك روح المودة والإخاء.
ولابد من التغاضي عما يمكن التغاضي عنه من هفوات الأخ وزلاته، وعدم محاسبته على كل صغيرة وكبيرة حفاظا على الأخوة وقد قيل.
إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى * ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1430(12/4624)
لا بأس بتبرع الأب بمسكن لابنته المتزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لوالد العروس أن يهدي لها بيت الزوجية؛ لأن الخاطب ليس عنده مسكن؟ وهل هذا يقلل من شأنها؟
وهل هناك دليل على وروده في شرعنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الزوج يجب عليه توفير مسكن لائق بزوجته، وإذا لم يستطع ذلك وتبرع والد الزوجة بالمسكن فلا دليل على منع هذا الأمر، بل هو داخل في عموم الهبة أو الصدقة، وكلتاهما مشروعة مرغب فيها، وفي الحديث: الصدقة على ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة. رواه الترمذي.
وبالنسبة لما قام به هذا الأب وما إذا كان يقلل من شأن الزوجة في مجتمعها، فهذا خاضع لعادات هذا المجتمع وتقاليده، ولا يلحقها إثم ولا حرج من الناحية الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1430(12/4625)
هل يشترط للهبة موافقة الورثة وعلمهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ابنة وحيدة لوالدي ووالدتي وليس لي أي إخوة ـ إناث، أو ذكور ـ ولم أتزوج..والدي بالمعاش، ووالدتي ربة منزل، ويريد والدي أن يسجل البيت الذي نسكنه باسمي وله أخوان، و7أخوات، ووالداه قد توفيا..فهل يجوز له فعل ذلك؟ وهل إذا علموا ووافقوا جاز له ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هبة الوالد لابنته أمر مباح إن لم يقصد حرمان الورثة، فلا تشترط موافقة الورثة ولا علمهم، ويدل لذلك هبة أبي بكر لعائشة رضي الله عنها، فقد روى مالك في الموطإ: أن أبا بكر رضي الله عنه نحلها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما مرض قال: يا بنية كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا، ولو كنت حزته أو قبضته كان لك، فإنما هو اليوم مال وراث فاقتسموه على كتاب الله.
وهذا الأثر يفيد أن حوز الموهوب له للهبة شرط في نفاذ الهبة، وبناء عليه فلا تكون الهبة نافذة إذا بقي الوالد ساكنا في البيت حتى مات، بل تعتبر تركة.
فقد قال الدردير في شرح مختصر خليل: لو وهب دار سكناه لولده الرشيد، فما حازه الولد ولو قل صح، وما لا فلا كالأجنبي. انتهى.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 49539، 52603، 33801، 66564، 59972، 100430.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1430(12/4626)
ننصحك أن تبرئي ذمة أمك من الهبة التي وعدتك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة ولدي أطفال صغار, ولى شقيق واحد، بعد زواجه أراد شراء سيارة ليذهب هو وزوجته إلى عمله ولقضاء الضروريات والتنزه، وكان لأمى مبلغ مالي فأعطته إياه فأكمل بما كان معه واشتراها, قالت لي أمي إن لى ثلث هذا المبلغ، عندما تتيسر أمورها ستعطيني إياه، وإذا توفيت فسيقضيه أخي، وقد عرض أن يكتب السيارة باسمى حفظا لحقي ولكني رفضت وباركت له بالسيارة، لكني في قرارة نفسي أشعر بالظلم، حدث ذلك منذ عامين ولم آخذ شيئا، حتى لو أعطتني الثلث فيكون نصيبى الربع، حتى لوأخذت نصف ما أخذ أخي فهذا ليس ميراثا، كنت أتمنى لو قسمت المبلغ بيننا، فكنت سأشتري سيارة صغيرة. فأنا الآن في إجازة من عملي لكن وقتها كنت أتنقل بين مواصلتين فى الذهاب ومثلهما فى العودة، وأحتاجها للتنقل أنا وأطفالي عندما يسافر زوجي، البيت لا يحتاج لراتبي وقد نصحني زوجي أن أستعمل مواصلة واحدة خاصة, لكن ذلك سيستهلك معظم الراتب، تظن أمي أنها عندما تعطيني ثلث ما أخذ أخي ولو بعد حين تكون عدلت بيننا. حيائي يمنعني أن أحدثها أو أوسط أحدا.
أشيروا علي أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الأم أن تعدل بين أولادها في العطية على الراجح، وتفضيل بعضهم على بعض من غير مسوغ من حاجة أو عوز هو ظلم. لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد لما نحل ابنه النعمان نحلاً وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك فقال له: يا بشير لك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفكلهم وهبت لهم مثل الذي وهبت لابنك هذا؟ قال: لا. قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تشهدني إذا، إني لا أشهد على جور، إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم. وقال له أيضا: فأرجعه. فرده بشير. وقال له أيضا: فاتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم.
فالأم كالأب في ذلك. لكن ما ظهر من السؤال يفيد أن نية الأم هنا حسنة وأنها إنما خصت الابن لحاجته، وإن كان كذلك فلا ظلم فيما فعلت ولا يلزمها أن تعطي البنت مثلما أعطت للابن على الراجح، لأن التخصيص هنا لمسوغ معتبر كما اتضح، مع أنها قد وعدت البنت بعطية وإن كانت أقل مما أعطت للابن، ولاحرج في ذلك إن كان التفضيل لمسوغ كما ذكرنا، وأما إن كان لغير مسوغ فلا يجوز ولا بد من العدل، لكن القائلين بوجوب العدل قد اختلفوا في كيفية العدل بين الذكر والأنثى في العطية، فمنهم من قال الحكم هنا كالحكم في التركة أن يعطى الذكر ضعفي ما للأنثى ومنهم من قال لا، بل يسوي بين الذكر والأنثى في العطية لقوله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحداً لفضلت النساء. أخرجه سعيد بن منصور، والبيهقي من طريقه وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن.
والقول الأخير هو الأظهر، وعليه لايتحقق العدل هنا إن كان التفضيل لغير مسوغ إلا إذا أعطت الأم ابنتها مثلما أعطت للولد، وأما إن كان التفضيل لمسوغ كما ذكرنا فلا إشكال.
وننصح السائلة الكريمة ألا يكون في نفسها على أمها أوأخيها شيء لما ظهر من حسن نياتهما، فقد وعدت الأم بعطية وإن كانت أقل، وعرض الأخ تسجيل السيارة باسمك إعرابا عن حسن النية وصدق الوعد، ثم إنك ذات شغل وزوج تستطعين أن توفري حاجتك بنفسك وتعيني أخاك وتحسني إلى أمك بصلتها بالمال وغيره. فالأولى أن تبرئي ذمة أمك من ذلك الالتزام الذي وعدتك به مبالغة في برها والإحسان إليها. وللمزيد انظري الفتاوي الآتية أرقامها: 6242، 119572، 43958.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1430(12/4627)
لا يجوز تخصيص بعض الأولاد بعطية إلا لمسوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل له ابنان، أحدهما متزوج ولديه أطفال ويعمل وكيل نيابة، والثاني طفل صغير عمره 12 سنة، ما زال بمراحل التعليم، وله أيضا أربع بنات متزوجات من أعضاء هيئات قضائية مستشارين، ويملك عمارة سكنية وأطيان زراعية، وكان يسكن في إحدى شقق هذه العمارة، وابنه المتزوج يسكن في شقق أخرى من ذات العمارة، وقد كانت العمارة صغيرة المساحة فقام ببيعها لتحقيق أغراض محددة بذاتها، وهي سداد ديون بنكية ربوية، وأداء فريضة الحج له وزوجته، وتوسعة الدار، ومواساة من يحتاج من أبنائه، وبيعت تلك العمارة بمبلغ 720 ألف جنيه، اشتري شققا له بمبلغ 320 ألف جنيه، وقام بأداء الحج وزوجته بنفقه 50 ألف جنيه، وسدد ديون 100 ألف جنيه، ثم أعطى إحدى بناته مبلغ 15 ألف جنيه لإعانتها في علاج مرضها شفاها الله، ثم أعطى ابنه الأكبر جزءا من ثمن شقة مبلغ 120 ألف جنيه للاستعانة به على شراء شقة بنظام اتحاد ملاك بسعر التكلفة، بمنطقه جديدة بدلا من الشقق المباعة، كما أن هذا الابن هو القائم على معظم شؤون البيت، وأعطى ابنه الأخير مثل أخيه 120 ألف جنيه لذات الغرض، وذلك لكونه صغير السن، ووالده رجل مسن 70 سنة ضمان حظ الصغار، ولم يعط البنات الثلاثة الباقين، وإثر ذلك احتجت إحدى البنات وزوجها، ووافقت الباقيتان على ال مبالغ، مع العلم أن نية الأب لم تتجه إلى التفضيل بين أبنائه في العطية أو تغيير مورايث الله، أو الإضرار بأية منهن ولكن المصلحة والحاجة.
السؤال: ما هو معيار الحاجة والمصلحة التي يجوز بمقتضاها التفضيل ومن يحددها؟ ما ورد في حالتنا المعروضة بغير أسباب شرعية وحاجه تجيز التفضيل للبنت المريضة والولد الصغير حال كون والده رجل مسن والابن الأكبر والذي كان يقيم بذات العمارة المباعة، وبيعت شقته وأعطي مبلغا كجزء من ثمن شقة للاستعانة به على شراء شقة يقيم بها وأولاده.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص العلماء على أن الإنسان مطالب بالتسوية بين أولاده في الهبة بدون محاباة وتفضيل لبعضهم على بعض دون مسوغ، لما روى النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا فقال: فأرجعه. وفي رواية: فلا تشهدني إذا، فإني لا أشهد على جور. وفي ثالثة: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. ولأن في التسوية بينهم تأليف قلوبهم، والتفضيل يزرع الكراهية والنفور بينهم فكانت التسوية أولى.
ولا يكره ذلك التفضيل -في المذاهب الأربعة- إذا كانت هناك حاجة تدعو إليه، مثل اختصاص أحد أولاده بمرض أو حاجة، أو كثرة عائلته، أو اشتغاله بالعلم ونحوه من الفضائل، أو اختصاص أحدهم بما يقتضي منع الهبة عنه لفسقه، أو يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها، فيمنع عنه الهبة ويعطيها لمن يستحقها.
ويكره عند غير الحنابلة إذا لم تكن هناك حاجة تدعو إلى ذلك. وقال الحنابلة: يحرم التفضيل حينئذ وتجب عليه التسوية إن فعل إما برد ما فضل به البعض، وإما بإتمام نصيب الآخر.
وقال الحنفية والمالكية والشافعية: لا يجب عليه التسوية، ويجوز التفضيل قضاءً، لأن الوالد تصرف في خالص ملكه لا حق لأحد فيه، إلا أنه يكون آثما فيما صنع بدون داع له، لأنه ليس بعدل وهو مأمور به في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ. {النحل: 90} . اهـ من الموسوعة الفقهية.
وقال ابن قدامة في المغني: إن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة، أو زمانة، أو عمى أو كثرة عائلة، أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه، أو بدعته، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها، فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك، لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف: لا بأس به إذا كان لحاجة، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة. والعطية في معناه. اهـ.
وبهذا يتبين أن ما أعطاه السائل الكريم لابنته المريضة نفقة لعلاجها لا حرج فيه، وكذلك ما أعطاه لابنيه الذكور على وجه الإعانة أو المساعدة في نفقات يحتاجونها، أو تسكينهم في بيوت دون أخذ أجرة ونحو ذلك. وأما إعطاؤهم هذا المال المذكور في السؤال ليمتلكوا بها شققا فلا مسوغ له، وقد سبق أن بينا أن حاجة الأبناء المتزوجين للبيوت ليست مسوغا شرعيا يبيح للوالد أن يملكهم إياها، وبإمكانه سد حاجتهم إذا لم يكونوا قادرين على استئجار بيوت بدفع الأجرة عنهم، وأما تمليكها لهم فهذه هبة فإذا لم يعط البنات ما يقابلها ويتحقق به العدل فالهبة باطلة، وراجع في ذلك الفتويين: 121206، 115386.
ولمزيد من الفائدة يمكن الاطلاع على الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 19673، 44984، 6242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1430(12/4628)
هل يصبح البيت ملكا للزوجة إذا سجله زوجها باسمها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة حكم الشرع وكيف نتصرف في هذه القضية: توفي والدي، وقد مضت سنتان على وفاته، وقبلها كان يريد أن يكتب المنزل الذي بناه في مدينة مسقط رأسه باسمنا نحن أولاده 6 من زواجه من والدتي بعد زواج دام 32 سنة. وقطعة أرض أخرى كان يريد أن يعطيها لأولاده الثلاث من الزوجة الأولى التي طلقها قبل زواجه بوالدتي، لكن أتت الساعة قبل وفاء والدي بوعده وبقيت الأرض والبناية باسم جدي الذي هو على قيد الحياة ولم يكن هناك عقد بالبيت والأرض، وبعدها تم قسمة التركة بموافقة جدي، وأعطانا المقدر من بيع المنزل الذي أخذه عمي بالقيمة التي حددها، وأعطى كل واحد حقه على حسب تقدير بيع المنزل دون الأرض ودون حضورنا، لعلمكم أن والدي لم يسجل له والده الأرض وبقيت باسم الجد، كذلك والدتي كانت تشتغل وحصلت على بيت من عملها لكنها لم ترد أن تسجله باسم امرأة فقط، فكان باسم أمي ووالدي رغم أن الوثائق الإدارية لم تثبت اسم أمي فقط حتى سداد أقساط كانت تدفعها وقليلا ما كان يساعدها والدي، وبعد مرضه طلبت منه أن يسددوا كافة تكاليفه حتى يكتبه هبة لنا، واليوم سددت أمي كافة التكاليف وتريد أن تهبه لنا. فهل يجوز ذلك؟ ولعلمكم أن البيت باسم والدتي في جميع الوثائق غير أن البعض منها لم يحذف منه اسم والدي. فهل يجوز لها فعل ذلك؟ للعلم أن البيت من تكاليف والدتي وطلبها، وجدي وباقي إخوتي من الزوجة الأولى لم يكونوا على عاتق والدي، وأخذوا حقهم الكامل في البيت التابع لوالدي هناك والأرض.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال يشتمل على بعض الغموض، وعلى أية حال، فإذا كان البيت ملكا لوالدتكم ولكن تم تسجيله باسم والدك ووالدتك في بعض الوثائق، فقد بينا من قبل أن مجرد كتابة المرء ما يملكه باسم غيره لا عبرة به إذا لم يكن على سبيل الهبة، وتحققت شروط الهبة الشرعية ومن أهمها القبض، والأولى أن لا يكتب المرء ممتلكاته باسم غيره حفظاً للحقوق ودفعاً للتنازع.
ولا حرج في أن تقوم والدتكم بهبة هذا البيت لكم، ولكن يجب التنبه إلى أنه يجب على الوالدة أن تسوي بين أولادها في العطية إن لم يكن هناك مسوغ شرعي لتخصيص بعض أولادها.
قال ابن قدامة في المغني: والأم في المنع من المفاضلة بين الأولاد كالأب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. اهـ.
وننبهك إلى أن بيع الجد لمنزل والدك إذا كان بموافقة الورثة، وكانوا بالغين رشداء فلا حرج في ذلك، أما إذا كان أحد الورثة قاصراً فلا يجوز التصرف في نصيبه إلا لوليه الشرعي، ويجب أن يكون تصرفه بما فيه المصلحة للقاصر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1430(12/4629)
تقسيم الأب ماله بين أبنائه في حال حياته يعتبر هبة ولا يعتبر تركة.
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي إلى شيخنا عن تقسيم الورثة، نحن أسرة نتكون من 8 أولاد و 4 بنات مع الأم والأب، ولكن أبي مصاب بمرض الشلل النصفي شفانا الله وإياكم.
فيريد أبي أن يوزع الورثة علينا حسب الشريعة الإسلامية، والمبلغ يقدر 28 مليون دينار عراقي، نرجو من سيادتكم أن تقدروا حصة الجميع، وهل للأب حصة من المبلغ كونه حيا؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تقسيم الأب ماله بين أبنائه وبناته في حال حياته يعتبر هبة، ولا يعتبر تركة؛ لأنه لم يتحقق موت الموروث، فإذا قسم ماله بينهم، وأعطى كل واحد بقدر حصته من الميراث، واستلم الموهوب له حصته فإنه تعتبر الهبة نافذة.
وله أن يقسم بينهم ما يشاء من ماله، ويمسك ما يشاء، وتقسيم المال حسب حصصهم في الميراث يتم بإعطاء زوجته الثمن، ويقسم الباقي على عشرين حصة، فتعطى كل بنت حصة واحدة، ويعطى كل ولد حصتين، للذكر مثل حظ الأنثيين.
ولكننا ننبه إلى أن أهل العلم اختلفوا في العدل بين الأولاد في الهبة، هل يكون بإعطاء الذكر ضعف ما للأنثى، أو يسوي بين الذكر والأنثى، وهذا القول الأخير هو الراجح لما في الحديث: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء. رواه الطبراني وحسنه ابن حجر.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 14893، 95789، 72946، 54264، 71788.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1430(12/4630)
حكم قبول هدية من يكتسب ماله من الشعوذة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتزم ومعف للحية وأخاف الحرام، ووالدي يعمل بأعمال الدجل والشعوذة، والنصب والسحر، وأراد والدي إعطائي هدية، ولكن هذه الهدية ليست من ماله الخاص ولكنها من رجل يعيش بالخارج، والعلاقة بين والدي وبين هذا الرجل هو أن هذا الرجل له حاجة عند والدي، تدخل في هذه الحاجة أعمال الدجل والسحر والشعوذة. فأراد والدي من هذا الرجل أن يرسل له من الخارج طلبا معينا أو هدية، ولكنها بناء على طلب والدي وهذا فضلا عن الأموال التي يأخذها والدي أي أنها عبارة عن هدية مهداة من هذا الرجل إلى والدي فقط. وأراد والدي إعطائي هذه الهدية بعد فتره من استعمالها. فهل من الحرام أن أقبلها من والدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك بما أعطاك الله من الالتزام، وننصحك بعدم قبول الهدية، فإنها إن كانت أعطيت لوالدك مقابل أعمال الدجل التي يعملها فيحرم عليك قبولها، وإن كانت لغير ذلك فهي مكروهة.
ولكن رفضك قبولها وتورعك عنها أبعد لك عن الشبهة، وربما يلفت الأمر نظر والدك فيراجع نفسه، ويتحاور معك في الأمر فتبدي ما تستطيع من النصائح، والتنبيه على خطر ما يعمله، ومسألة التعامل مع صاحب الكسب الحرام فيها تفصيل كثير، ولكن تحرم هديته إن علم أنه اكتسبها بطريق غير مشروع.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها للاطلاع على البسط في الموضوع: 67377، 109622، 97757، 97167، 95681، 6880، 7707.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1430(12/4631)
لا يشترط لنفاذ الهبة التوثيق عند الجهات الرسمية
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة لا زوج لها ولا أولاد، هلكت عن إخوة أشقاء، وإخوة من أم. وهبت لإحدى أخواتها الشقيقات منزلا وأشهدت على ذلك ولكن لم توثق ذلك رسميا، مع العلم أن الموهوب لها تسكن هذا المنزل. فما صحة ذلك شرعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت المتوفاة وهبت البيت في حال صحتها، وأشهدت على ذلك، وحازت الأخت البيت وسكنته، فإن الهبة تعتبر نافذة، لأنه حصل الحوز، وكانت المتوفاة قد أشهدت عليه، وليس التوثيق عند الجهات الرسمية شرطا في نفاذ الهبة، ويمكن للموهوب لها أن تطلب الشهود وأن يؤدوا شهادتهم أمام الجهات الرسمية لتويثق الهبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1430(12/4632)
كتبت أمها بيتها باسمها فلما ماتت نازعها إخوتها
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتى كانت ترعى أمها لفترة تزيد عن 15 عاما، وكانت مريضة، فكتبت منزلها لأمى كتعويض لها، وكانت أمى قبل زواجها تخدم إخوتها كلهم حتى بعد زواجهم البنين والبنات، وتركت التعليم من أجل خدمتهم ولم يساعدها أحد فى زواجها إلا أخ واحد منهم، ونتيجة لذلك قام أحدهم بسب أمه وإهانتها، وقام بمقاضاتها قضائيا ولكن لصحة العقود بالملكية والبيع سقطت القضية، وبعد وفاة جدتي حاولوا أخذ المنزل من أمي بالقوة ووصلت القضية إلى المحاكم بادعاء أن المنزل ملك والدهم وليس والدتهم، والشهود كلهم شهدوا أن المنزل لوالدتهم، وكل طرف متمسك برأيه، وإخوتها يعتدون عليها بالسب والإهانات إلا أخ واحد يساعدها ويحاول التصدى لهم ولذلك يسبونه أيضا، وهي متمسكة بحقها، مع العلم أنها حاولت أن ترضيهم وديا أكثر من مرة حتى قبل وفاة أمها ولكنهم رفضوا، والآن بعد ارتفاع الأسعار لا تستطيع حتى مراضاتهم،مع العلم أنهم ليسوا فى احتياج مادى فأمورهم ميسرة عكس أحوال أمي. فالسؤال: من منهم على حق؟ وهل أمي عليها ذنب أو على جدتي ذنب؟ وكيف يتم حل الموضوع وفقكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي السائل أولا أننا لسنا في مقام القضاء حتى نبين لك من المحق ومن المبطل، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عليا أن يقضي بين اثنين حتى يسمع من كليهما، والذي يمكننا قوله هو أن كتابة جدتك البيت باسم أمك يختلف حكمها باختلاف الحال، فإن كانت أمك استملت البيت في حياة أمها، وفي حال صحتها لا في حال مرض موتها، فهذه هبة، ومن المعلوم أنه يجب على الوالدة أن تعدل في عطيتها لأولادها الذكور والإناث، فإن لم تعدل فالهبة باطلة في المفتى به عندنا إلا إذا وجد مسوغ شرعي للتفضيل، وما ذكرته من أن أمك تركت التعليم لأجل خدمتهم..الخ، لانرى أن مجرد هذا يعد مسوغا للتفضيل، وقد ينازع الخصم في ذلك فيقول لم تترك التعليم لأجلنا وإنما لم تتح لها الفرصة، أو لم تكن ترغب في التعليم وبقيت تخدم أمها لكونها تعيش معها.
وأما إذا كانت أمك استلمت البيت في مرض أمها المخوف، أو استلمته بعد وفاتها، فإن تلك الكتابة تعتبر مجرد وصية، وهي وصية لوارث ولا تصح إلا إذا رضي الورثة بإمضائها، وكانوا بالغين رشداء، حتى لو كان البيت في الحقيقة لجدتك وليس لجدك فإن لورثتها الحق في المطالبة بنصيبهم من البيت إذا لم يرضوا بإمضاءها الوصية. وكون أمك كانت تقوم بخدمة أمها وإخوتها وأخواتها كل هذا لا يبرر إمضاء الوصية بدون إذن الورثة.
أما عن قولك إن الجدة كتبت البيت باسم أمك كتعويض عن الخدمة، فاعلم أنه لا يجوز أخذ الأجرة على خدمة الوالدين كما بيناه في الفتوى رقم: 74929.
ولا شك أن ما ذكرته عن أحد أخوالك أنه قام بسب أمه وإهانتها، لا شك أن هذا من أشد العقوق وأكبر الكبائر، فالواجب عليه أن يتوب الله إلى الله تعالى، وأما مقاضاة أمه، فإن مجرد مقاضاة الوالدين لا تعتبر عقوقا إذا لم يكن الابن ظالما كما بيناه في الفتوى رقم: 75076.
وإننا ننصحكم برفع الأمر إلى المحكمة الشرعية لتنظر في القضية من جميع جوانبها، وانظر الفتوى رقم: 114557. عن الوصية للوراث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1430(12/4633)
يرجع إلى شروط الاستحقاق من الجهة المانحة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كنت طرحت سؤالا فيما يخص التكفل عن إخوتي، ولكن لم أفهم حكم المال الذي تصرفت فيه خلال هذه المدة.
وهو أني كنت بحاجة إلى ورقة الكفالة عن إخوتي لوضعها في ملف هام، ولكني لا أتكفل عنهم ولا أنفق عليهم من مالي الخاص أو حتى من هذا المبلغ الذي أتقاضاه من هذه الكفالة، وهذا منذ اثني عشر عاما. فما هو الحكم في هذا المال الذي كنت أتقاضاه بسبب هذه الكفالة خلال هذه المدة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم 121597، بيان حكم هذه المنحة، وأنه يرجع فيه إلى شروط استحقاقها من الجهة المانحة، وحكم ما أخذته من مال المنحة أو الكفالة مبني على التفصيل المذكور في الفتوى السابقة، فإذا كانت هذه المنحة مقتطعة من راتب والدك، وكان والدك متوفى فالمنحة تركة للورثة الموجودين عند موته، فيجب عليك أن تعطي لكل وارث قدر نصيبه من مبلغ الكفالة الذي تقاضيته في الفترة السابقة.
وإذا كانت هذه المنحة لإخوتك إذا وجد من يقوم عليهم، فالواجب عليك أن ترد هذا المال الذي تقاضيته في الفترة السابقة إلى إخوتك إن كانوا أحياء، أو إلى ورثة من مات منهم دون أن تأخذ منها شيئا إلا بالشرط أو بالعرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1430(12/4634)
أبوها يفضلها هي وأختها على سائر إخوتهما بالعطية فماذا عليهما
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ: أبي يأخذ مني مالي ويضيف عليه من ماله ويضعه في حسابي، ويفعل مع أختي ذلك ولكن لا يفعل ذلك مع إخوتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الأب أن يعدل بين أولاده في العطية ذكوراً كانوا أو أناثاً، على الراجح.
وتفضيل الأبناء بعضهم على بعض من غير مسوغ من حاجة، أو عوز هو نوع من الظلم، لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد لما نحل ابنه النعمان نحلاً وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك فقال له: يا بشير لك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفكلهم وهبت لهم مثل الذي وهبت لابنك هذا؟ قال: لا. قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تشهدني إذا، إنى لا أشهد على جور، إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم. وقال له أيضا: فأرجعه. فرده بشير. وقال له أيضا: فاتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم.
وإن خص الأب بعض أبنائه بعطية أو فاضل بينهم بدون مسوغ شرعي أثم، ووجب عليه مع التوبة أن يرد ما فضل به البعض أو يعطي الآخر ما يتمم نصيبه، فإن لم يفعل ذلك فعلى من فضل أن يرد ما زاد عن نصيبه إلى إخوانه ليكونوا سواء في العطية وليردوا ظلم أبيه.
قال شيخ الإسلام: ولايحل للذي فضل أن ياخذ الفضل بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به.
وقال فيمن خص أحد بنيه بهبة وأقبضه إياها: وإن أقبضه إياه لم يجز على الصحيح أن يختص به الموهوب له بل يكون مشتركا بينه وبين أخويه.
وبناء عليه، فعلى أبيكم أن يسوي بينكم وبين باقي أبنائه فيما يعطيكم إياه، فإن لم يفعل وجب عليكم أن تشركوا إخوتكم معكم في ذلك المال ولا تختصوا به دونهم علي ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية ومن معه من العلماء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1430(12/4635)
حكم من وهب كل أملاكه لابنه دون بناته
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت زوجته وله ولد، وخمسة بنات. ولم يورث أحدا من البنات، وقام بتسجيل ما يملكه وتركة زوجته لولده الوحيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عن السؤال نريد أولا أن ننبه إلى أن الزوجة المتوفاة إذا لم يكن لها من الورثة غير زوج، وابن، وخمس بنات. فإن للزوج ربع تركتها والباقي يقسم بين الابن والبنات للذكر مثل حظ الانثيين.
ولا يجوز للأب أن يحرم البنات من ميراث أمهم، ولا أن يكتب ميراثهن باسم ابنه، ولا شك في أن هذا تعد لحدود الله تعالى وظلم للبنات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة. رواه البخاري ومسلم. بل ولا يجوز له أن يهب أملاكه لابنه دون بناته، لأن هذا خلاف العدل الذي أمر الله به وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم، ويجب على الوالد المشار إليه أن يتقي الله تعالى فإن عاقبة الظلم وخيمة، وليس له من ميراث البنات شيء، وإن كن قصرا فإنه يكون وليا عليهن يتصرف في مالهن بالمعروف، وأما حرمانهن من الميراث فهو ظلم كبير، ويجوز للبنات أن يرفعن الأمر إلى المحكمة الشرعية كي تعيد إليهن حقهن، ولا يعتبر هذا عقوقا، وبعض الآباء -هداهم الله- فيهم جاهلية ولا يجدي فيهم الوعظ والتذكير، ولكن يرتدعون بقوة السلطان، والله تعالى قد يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وانظر الفتوى رقم: 119048. عن حرمان الإناث من الميراث وعدم تسويتهن بالذكور في العطية، وكذا الفتويين رقم: 61237، 43086. عن التحاكم بين الأب والابن.
ومع هذا فإن على البنات أن تسدين لأبيهن كل ما يستحقه الأب من البر والإحسان، فإن ظلمه لهن لا يسقط حقه عليهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1430(12/4636)
وهب لزوجته حصته في البيت بشرط رده عند الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الفاضل أنا وزوجتي شركاء في منزل بالنصف، وقد وهبتها نصيبي في المنزل، وأصبح المنزل ملكها بالكامل، ولكنني اشترطت عليها وحلفتها بالله أنه في حال الطلاق فإن عليها أن ترجع إلي نصيبي، وهي الآن تريد الطلاق؟
فهل هذا الشرط صحيح وينعقد، ولي أن أطالب بنصيبي؟ أم هو شرط فاسد ولا يعتد به؟ وفي حال بطلان الشرط فهل عليها كفارة يمين مقابل حلفها على هذا الشرط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشرط المقترن بالهبة محل خلاف بين الفقهاء، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: الشرط المقترن بالهبة قد يكون صحيحا أو غير صحيح ... أما الشرط غير الصحيح فإنه الشرط الذي يخالف أحكام الهبة ومقتضاها، كما لو قال: وهبتك هذا بشرط أن لا تهبه ولا تبيعه لأحد، أو وهبتكه بشرط أن تعيده لي بعد شهر. فيرى جمهور الفقهاء: الحنفية والشافعية في قول والحنابلة في المذهب إلى أنه يبطل الشرط ويصح العقد ... وذهب المالكية في قول والشافعية في المذهب والحنابلة في وجه إلى أنه يبطل العقد والشرط. اهـ.
ولكن ننبهك إلى أنه من شروط صحة الهبة القبض، وإذا كان هذا المنزل هو منزل الزوجية الذي تعيشان فيه فلا تصح هبتك لها إلا أن تخلي البيت من أمتعتك وتتركه لها، فإذا كنت لم تخل لها البيت، فالبيت لا يزال في ملكك. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 114780.
أما إذا كانت الهبة قد تمت وقبضت زوجتك المنزل وحازته الحيازة المعتبرة شرعاً، فقد تمت الهبة ولا يجوز لك الرجوع فيها، ولا يلزم زوجتك أن ترد إليك نصيبك من البيت، ولكن يلزمها كفارة لليمين الذي حلفته.
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز تعليق الهبة على شرط، ونقله المرداوي في الإنصاف عن شيخ الإسلام ابن تيمية. وقال في الإنصاف أيضاً: ظاهر كلام الإمام أحمد في رواية أبي الحارث صحة دفع كل واحد من الزوجين إلى الآخر مالاً على أن لا يتزوج. ومن لم يف بالشرط لم يستحق العوض، لأنها هبة مشروطة بشرط فتنتفي بانتفائه وقال المجد: لو شرط أحد الزوجين على الآخر أن لا يتزوج بعده، فالشرط باطل في قياس المذهب، ومن جهة أنه ليس في ذلك غرض صحيح بخلاف حال الحياة. اهـ.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 52986. وعلى هذا القول فيكون من حقك أن تطالب زوجتك بأن ترد عليك نصيبك.
والله أعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1430(12/4637)
إذا كتب أملاكه باسم أحد أبنائه فهل الأب والابن يأثمان
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم من كتب له والده جميع ما يملكه وحرم إخوته الباقين؟ هل عليه إثم أم الإثم على أبيه فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكتابة الوالد جميع ما يملك باسم أحد أولاده إن كان على سبيل الوصية، فهذه وصية لوارث وهي ممنوعة شرعا، ولا تمضي إلا برضا الورثة، كما فصلناه في الفتوى رقم: 122111، والفتوى رقم: 100630.
وإن كانت تلك الكتابة على سبيل الهبة في حياته فإنه أي الوالد يجب عليه شرعا أن يعدل في الهبة بين أولاده، فلا يجوز أن يعطي بعضهم ويحرم آخرين من غير مسوغ شرعي، فإن فعل ذلك فالهبة باطلة وترد إلى التركة بعد مماته، كما فصلناه في الفتوى رقم: 107734.
وإذا كان الوالد فعل ذلك بقصد حرمان الورثة فهو عاص بتلك الكتابة ومرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب وهي الجور في الوصية.
ويجب على الولد أن يرد الممتلكات إلى الورثة، ويقتسمونها بينهم القسمة الشرعية، فإن لم يفعل فهو عاص أيضا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولا يجوز للولد الذي فضل أن يأخذ الفضل، بل عليه أن يرد ذلك في حياة الظالم الجائر وبعد موته، كما يرد في حياته في أصح قولي العلماء. اهـ
وانظر الفتوى رقم: 103413، والفتوى رقم: 100796، والفتوى رقم: 118820.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1430(12/4638)
تفضيل الأب في العطية لأبنائه من زوجته الثانية ظلم
[السُّؤَالُ]
ـ[الوالد متزوج من امرأة أخرى بعد وفاة والدتي رحمها الله، وأبي الآن باع الفيلا التي يسكن فيها، أعطى لأخي الكبير شقة ومبلغا من المال لكي يخرج من الفيلا قبل بيعها لأنه كان متزوجا وساكنا في الفيلا معه، وأبي يريد التخلص منه وإبعاده عن البيت الجديد، فاشتري أبي شقتين، واحدة له وواحدة لأخي الكبير، وكلنا نسكن مع بعض في شقه أبي، اقترضت أنا من أبي نفس المبلغ الذي أعطاه لأخي الكبير مع قليل من الكلام لأنه كان لا يريد أن يعطني المبلغ قال لي أبي أنا لم أبع الفيلا لأقسمها عليكم، وبعدها كتب لي رساله يقول لي فيها المبلغ سيصلك وهو 7000 يورو، وأنت تتكلم عن الميرات ليس كل ما يورث تورثه ولا تغضب، لا يوجد شي تورثه بعد عمر طويل، لأننا نحن كبار الآن وهو لا يفكر إلا بالأطفال من الزوجة الثانية، له بنتان وطفل عمره خمس سنوات، هو الآن زعلان من الشباب الذين هم من الزوجة الأولى لأنهم كبار وحياتهم كلها يطلبون النقود، والآن هو باع الفيلا واشترى شقتين بربع المبلغ، ونحن أربعه أصغرنا 20 سنة من الزوجة الأولى، قال لي لا يوجد شي تورثه بعد عمر طويل، وهو الآن يفكر فقط بالطفل والبنات من الزوجة الثانية، وأخي الصغير عمره 21 سنة أبي يتعامل معه بأسلوب الحرب النفسية أقصد يعاركه في كل شيء لكي يخرج من الشقة، إما أن يسافر أو يذهب يعيش مع إخوته من الزوجة الأولى لكن أخي يعود متأخرا لكي لا يقابله، وأنا وأخي الآخر ندرس في الخارج الآن على حسابنا أي نعمل وندرس، وكل هذا من أجل الابتعاد عن المشاكل والكفاح من أجل الحياة.
سؤالي فضيلة الشيخ:
بعد عمر طويل لمن أرجع المبلغ الذي اقترضته منه، وهل هو دين علي يلزم أن أرجعه إذا هو يقول لا يوجد شيء تورثه، وهذا المبلغ يقول لي هو دين لما ربي يوسع عليك ترجعهم وهو الآن عمره 69 سنة ونحن في الخارج مشوارنا طويل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمبلغ الذي أقرضك إياه يلزمك رده إليه إذ هو دين في ذمتك إلا أن يبرئك منه برضاه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال رجل مسلم لأخيه إلا ما أعطاه بطيب نفسه. أخرجه البيهقي في السنن.
وأما قوله (ليس هنالك ما ترثه) فذلك حديث قبل أوانه؛ لأن التركة والإرث إنما يكونان بعد موت المورث لا في حياته، فإن مات وترك مالا فهو يقسم على جميع ورثته كل حسب نصيبه المقدر له شرعا.
كما أنه يجب على الأب في حياته أن يعدل بين أبنائه في العطية، ولا يجوز له تفضيل بعضهم في عطية أو هبة، إلا أن يكون لذلك مسوغ شرعي معتبر، كحاجة المفضل إلى العطية دون غيره من إخوته كسفره أو طلبه للعلم أو زواجه ونحو ذلك مما يسوغ تخصيصه ببعض المال دون غيره في قول بعض أهل العلم. لأن تفضيل الأبناء بعضهم على بعض من غير مسوغ من حاجة أو عوز هو نوع من الظلم.
لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد لما نحل ابنه النعمان نحلاً وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك فقال له: "يا بشير لك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفكلهم وهبت لهم مثل الذي وهبت لابنك هذا؟ قال: لا. قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تشهدني إذا، إني لا أشهد على جور، إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم". وقال له أيضا: "فأرجعه". فرده بشير. وقال له أيضا: "فاتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم".
وإن خص الأب بعض أبنائه بعطية أو فاضل بينهم بدون مسوغ شرعي، أثم ووجب عليه مع التوبة أن يرد ما فضل به البعض أو يعطي الآخر ما يتمم نصيبه، فإن لم يفعل ذلك فعلى من فضل أن يرد ما زاد عن نصيبه إلى إخوانه ليكونوا سواء في العطية وليردوا ظلم أبيهم.
قال شيخ الإسلام: ولايحل للذي فضل أن ياخذ الفضل، بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به. اهـ وقال فيمن خص أحد بنيه بهبة وأقبضه إياها: وإن أقبضه إياه لم يجز على الصحيح أن يختص به الموهوب له بل يكون مشتركا بينه وبين أخويه.
وبناء عليه، فإن رأيتم ظلما من أبيكم وميلا إلى أبنائه من زوجته الثانية، فينبغي لكم نصحه وبيان الصواب له، لعله يفيء إليه ويرجع إلى الحق، ولو وسطتم بعض من له وجاهة عنده وشفاعة إليه في ذلك فهو أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1430(12/4639)
هل للابن الأكبر خصوصية في الشرع من حيث العطية ونحوها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الله تعالى أو رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم قد خص الابن الكبير بأية خصوصية؟
أي أنه في العادة هو الذي يكون اليد اليمنى لوالده، ويساعده للصرف على المنزل، فهل ورد في ذلك شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان مقصود السؤال هو أن الولد الأكبر أولى ممن هو أصغر منه بخدمة والده ومساعدته ونحو ذلك، فلا نعلم شيئا من القرآن والسنة بخصوص ذلك فكل الأولاد مأمورون ببر والدهم والإحسان إليه.
وإن كان المقصود أنه يجوز للأب تفضيل ولده الأكبر بعطيه ونحوها بسبب مساعدته له دون إخوانه، فهذا قد يكون من مسوغات التفضيل في العطية. وراجع للمزيد الفتوى رقم: 32659.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1430(12/4640)
عدم العدل في هبة الأبناء بغير مسوغ شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[وهب أبي لأخي الكبير منزلا، ولأخي الصغير منزلا، ووهب لي منزلا مناصفة مع أمي. فهل يعتبر أبي عادلا في هبته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الأب أن يعدل بين أولاده في العطية ذكوراً كانوا أو إناثا، على الراجح، وتفضيل الأبناء بعضهم على بعض من غير مسوغ من حاجة أو نحوها هو نوع من الظلم. لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد لما نحل ابنه النعمان نحلاً وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك فقال له: يا بشير لك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفكلهم وهبت لهم مثل الذي وهبت لابنك هذا؟ قال: لا. قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تشهدني إذا، إني لا أشهد على جور، إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم. وقال له أيضا: فأرجعه. فرده بشير. وقال له أيضا: فاتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم.
وإن خص الأب بعض أبنائه بعطية، أو فاضل بينهم بدون مسوغ شرعي أثم، ووجب عليه مع التوبة أن يرد ما فضل به البعض أو يعطي الآخر ما يتمم نصيبه، فإن لم يفعل ذلك فعلى من فضل أن يرد ما زاد عن نصيبه إلى إخوانه ليكونوا سواء في العطية وليردوا ظلم أبيهم، قال شيخ الإسلام:
ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل، بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به.
وبناء عليه، فإن كان ما وهبك أبوك يساوي ما وهب لأخويك أو فضلهما عليك لمسوغ معتبر كحاجتهما إلى الزواج قبلك ونحوه فلا حرج، وليس فيما فعل حيف. كما أن من أهل العلم من قال بأن الحكم هنا كالحكم في التركة فالعدل في الهبة أن يعطى الذكر ضعف ما للأنثى، وعلى هذا القول فلا حيف أيضا، وإن كان القول بالتسوية بين الذكر والأنثى في الهبة أظهر كما بينا في الفتوى رقم: 6242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1430(12/4641)
حكم الهدايا التي تمنح لموظفي القطاع العام
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم الهدايا التي أهديت للموظف، علما بأن الموظف لم يسألها، وهذه الهدية تدخل فى عهدة القطاع العام التي يعمل بها الموظف وينتفع بها جميع الموظفين والمراجعين، مثل المراوح والسجاد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الهدية له لوظيفته وعمله فهي من هدايا العمال، وقد بينا أنه لا يجوز أخذها إلا إذا أذنت في ذلك جهة العمل المخولة بالإذن في مثل تلك الأمور، ولا فرق بين كونه سيستخدمها في خاصة نفسه أو يشرك معه غيره من العمال فيها ما دامت أهديت له لأجل عمله.
وأما إن كانت أهديت إليه لا لعمله، ولا يقصد بها التوصل إلى محذور كإبطال حق أو إحقاق باطل، فلا حرج في قبولها، وقد فصلنا القول في ذلك وهذا في الفتويين رقم: 52923، 99213.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1430(12/4642)
لا يحل للذي فضله أبوه في العطية أن يأخذ الفضل؛ بل يقاسم إخوته
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريبة أعطاها أبوها نصف منزل، وأعطى لأخيها النصف الآخر، مع العلم أن له 12 ولدا وبنتا. اشترت من أخيها نصف المنزل ب 4 مليون، وبعد أشهر باعت المنزل بـ 12مليونا. هل يحل لها أن تتمتع بهذا المال من دون إخوتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الأب أن يعدل بين أولاده في العطية ذكوراً كانوا أو إناثاً، على الراجح. وتفضيل الأبناء بعضهم على بعض من غير مسوغ من حاجة أو عوز هو نوع من الظلم. لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد لما نحل ابنه النعمان نحلاً وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك فقال له: يا بشير لك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفكلهم وهبت لهم مثل الذي وهبت لابنك هذا؟ قال: لا. قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تشهدني إذا، إني لا أشهد على جور، إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم. وقال له أيضا: فأرجعه. فرده بشير. وقال له أيضا: فاتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم.
وإن خص الأب بعض أبنائه بعطية أو فاضل بينهم بدون مسوغ شرعي أثم، ووجبت عليه مع التوبة أن يرد ما فضل به البعض أو يعطي الآخر ما يحصل به العدل، فإن لم يفعل ذلك فعلى من فضل أن يرد ما زاد عن نصيبه إلى إخوانه ليكونوا سواء في العطية وليردوا ظلم ابيهم.
قال شيخ الإسلام: ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به. وقال فيمن خص أحد بنيه بهبة وأقبضه إياها (وإن أقبضه إياه لم يجز على الصحيح أن يختص به الموهوب له بل يكون مشتركا بينه وبين أخويه) .
وبناء عليه فليس للأخت أن تنفرد هي وأخوها بتلك العطية دون إخوانهما، بل عليهما أن يقاسما جميع الإخوة بالعدل المأمور به ما لم يعط الأب لباقي أبنائه مثل ما أعطى لهما، أو يكون قد خصهما بالعطية لغرض معتبر شرعا. وقد سبق بيان ذلك كله في الفتاوى التالية أرقامها: 6242، 14254، 8147.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1430(12/4643)
تخصيص البنت المحتاجة بعطية دون سائر إخوتها
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد الصلاة على المصطفى صلى الله عليه وسلم، ورثت والدتي ما يقرب من مبلغ عشرين ألف دولار تريد أن تبني لأختي منزلاً صغيراً، لكن إخوتي يرفضون ويريدون منها أن تسوي بينهم، إلا أن الإخوة ليست فيهم الطاعة وصلة الرحم، وأنا وافقت لأساعد أختي التي أهملها زوجها مع العلم بأن أخوتي لديهم ما يكفيهم وليسوا محتاجين. فأفتوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الشرع بالعدل بين الأولاد، ونهى عن التفضيل بينهم في العطايا والهبات، ما لم يكن لذلك مسوغ، والراجح عندنا أن العدل بين الأولاد يكون بإعطاء الذكر مثل حظ الأنثى، وانظر لذلك الفتوى رقم: 6242.
أما عن سؤالك فإذا كان إعطاء والدتكم لأختك دون بقية الإخوة لمجرد تفضيلها دون سبب يقتضي ذلك فهو غير جائز، وينبغي أن تنصح أمك بالعدول عن هذا الظلم وأن تعدل بين أولادها.
وأما إذا كانت أمك ستخص أختك بالعطية لحاجة أختك لذلك واستغناء باقي الإخوة أو عدم صلاحهم، فلا حرج عليها في ذلك ولا حق للإخوة في الرفض، قال ابن قدامة في المغني: فإن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف: لا بأس به إذا كان لحاجة وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة والعطية في معناه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1430(12/4644)
لا يلزم إتمام الهبة غير المقبوضة بعد موت الواهب
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب والدي من إخوتي تحت إلحاح زوجته أن يبيعوا منزله ويعطوا زوجته مبلغ 100 ألف درهم. ومضت شهور ولم يتم بيع البيت، ثم توفي والدي، فأراد الورثة أن يقتسموا الإرث، فطلبت الزوجة منهم أن يمكنوها من مبلغ 100 ألف درهم قبل اقتسام التركة. فهل نعتبر طلب الوالد لأولاده أمرا تجب طاعته، ويجدر بهم تنفيذه حتى بعد مماته؟ أم أن هذا الطلب أصبح بعد موته يعد من قبيل الوصية، والوصية لا تجوز لوارث. أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبما أن والدك قد مات قبل أن يباع البيت وتستلم زوجته المال فهذه هبة لم تتم، وليست لازمة، لأن الهبة لا تلزم إلا بالقبض، ولا يلزم إتمامها بعد وفاته لأن البيت صار حقا للورثة وخرج عن ملك أبيك، وانظر الفتويين رقم: 36473، 67015. حول الهبة التي لم تحز إلى أن مات الواهب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1430(12/4645)
الأفضل أن تكون الهبة للذكر مثل نصيب الأنثى
[السُّؤَالُ]
ـ[إن لأبي 3بيوت، و5 دكاكين قام هو ببنائها أي لم يرثها، ولديه أيضا قطع أرض ورثها عن أبيه، ويريد أن يقسم بيننا وهو ما زال على قيد الحياة- أسأل الله أن يجعل الحياة له زيادة في كل خير-نحن 4 نساء و 3 رجال يريد أن يعطي كل رجل بيتا ودكانا، ولكل بنت نصف دكان فهل يجوز له ذلك؟ وإن كان لا يجوز هل يجب أن أنصحه بذلك ولو أنه ظن أني أفعل ذلك لأدافع عن حقي؟ مع العلم أن أبي من الصعب جدا أن يقتنع بكلام أحد خاصة أنه لا يعرف القراءة ولا الكتابة مما يزيد في صعوبة إقناعه، فأنا أخاف إن نصحته أكون قد أقمت عليه الحجة لأني متأكدة بأنه لن يرجع عن رأيه. ولأني أردت كثيرا أن أقنعه بوجوب العدل بين إخوتي فهو مثلا يعطي لأخوي المتزوجين كل واحد 20 لتر من الزيت، ويعطي أخواتي كل واحدة 5 لتر فقلت لو تعطيهما كل واحدة 10 لتر فتكون عدلت فأبى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقسمة والداكم لأملاكه في حياته هذه تعتبر هبة وليست ميراثا، ويلزمه شرعا أن يعدل بينكم في العطية، ويتحقق العدل بينكم على قول الفقهاء بأن يعطي للذكر مثل حظ الأنثيين كالميراث وهذا مذهب الحنابلة كما قال صاحب الزاد: يجب التعديل في عطية أولاده بقدر إرثهم. انتهى.
وهو اختيار ابن القيم، وابن عثيمين رحم الله الجميع، أو يعطي للذكر مثل نصيب الأنثى على قول بعض الفقهاء وهذا هو المرجح في موقعنا كما في الفتويين رقم: 112748، 72946.
وما ذكرته السائلة من أنه يريد أن يعطي البنت نصف دكان، والابن بيتا ودكانا، وكذا قسمة الزيت، لا شك أن هذا مخالف للعدل، فينبغي نصحه بتقوى الله تعالى وبوجوب العدل وبأن قسمته ليست قسمة عادلة، وكونه صعب المراس هذا لا يمنع نصحه، وليتول نصحه من له منزله عنده من كبار السن كأصدقائه ونحوهم، فإن أصر فليقم الأبناء برد ما زاد على نصيبهم مما أخذوه على البنات كي يتحقق العدل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1430(12/4646)
مذاهب العلماء في رجوع الخاطب بما أهداه لمخطوبته
[السُّؤَالُ]
ـ[خطبت بنت خالتي وأحضرت لها هدايا غالية الثمن، وبعد ستة أشهر سافرت وفسخت الخطبة، وقال والدها إنه سيرد لي الأشياء عندما أرجع من السفر، وعدت بعد عامين ولكنه لم يرد لي أي شيء، والآن مر أكثر من خمسة عشر عاما وأنا غير مسامح في ذهبي، فهل أطالب به؟ وهل هو من حقي وهي تزوجت وأنجبت أولادا، وأنا كذلك، ولكن أخاف أن يكونوا حجة علي يوم القيامة إن لم أطالب به، لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس، وحتى لو لم آخذه، المهم أني قد طالبت به حتى لا أسأل أمام الله لماذا لم تطالب به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالهدايا التي يهديها الخاطب لمخطوبته إذا لم تكن من المهر اتفاقاً أو عرفاً فهي هبة من الخاطب، وقد اختلف العلماء في جواز استرجاعها عند فسخ الخطبة، فمذهب الحنفية أن الخاطب يسترد ما كان باقياً دون ما هلك أو استهلك، قال ابن عابدين الحنفي: وكذا يسترد ما بعث هدية وهو قائم دون الهالك والمستهلك، لأنه في معنى الهبة. حاشية ابن عابدين.
وعند المالكية قولان، قول بعدم جواز الرجوع، وقول بالتفصيل، فإن كان الفسخ من جهته فليس له الرجوع، وإن كان الفسخ من جهتها فله الرجوع، جاء في حاشية الصاوي على الشرح الصغير: وكذا لو أهدى أو أنفق لمخطوبة غير معتدة، ثم رجعت عنه -ليس له الرجوع- ولو كان الرجوع من جهتها إلا لعرف أو شرط وقيل: إن كان الرجوع من جهتها فله الرجوع عليها، لأنه في نظير شيء لم يتم. انتهى.
ومذهب الشافعية أن له الرجوع، قال القليوبي في حاشيته: فرع: دفع الخاطب بنفسه، أو وكيله، أو وليه، شيئاً من مأكول، أو مشروب، أو نقد، أو ملبوس لمخطوبته،أو وليها، ثم حصل إعراض من الجانبين أو من أحدهما، أو موت لهما أو لأحدهما، رجع الدافع أو وراثه بجميع ما دفعه إن كان قبل العقد مطلقاً. حاشية قليوبي.
وعند الحنابلة يرجع إذا كان الفسخ من جهتها ولا يرجع إذا كان الفسخ من جهته، قال ابن ضويان في منار السبيل: فما قبل العقد إن وعدوه ولم يفوا رجع بها. قاله الشيخ تقي الدين. فإن كان الإعراض منه أو ماتت فلا رجوع له. منار السبيل.
وحكى صاحب الإنصاف قولاً آخر في المذهب بالرجوع مطلقاً، قال: وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضاً: ما قبض بسبب النكاح فكمهر. قال في القاعدة الخمسين بعد المائة: حكى الأثرم عن الإمام أحمد -رحمه الله- في المولى يتزوج العربية يفرق بينهما، فإن كان دفع إليها بعض المهر ولم يدخل بها يردوه، وإن كان أهدى هدية يردونها عليه. قال القاضي في الجامع: لأن في هذه الحال يدل على أنه وهب بشرط بقاء العقد فإذا زال ملك الرجوع كالهبة بشرط الثواب. انتهى من الإنصاف.
والراجح أن الخاطب يرجع بما أهداه لمخطوبته سواء كان الرجوع عن الخطبة من جهته أو جهتها، لأن هبة الخاطب أشبه بهبة الثواب فإن دلالة الحال أنه يهب بشرط إتمام الزواج، وقال ابن تيمية معلقاً على قول الإمام أحمد الذي حكاه الأثرم: وهذا المنصوص جار على أصول المذهب الموافق لأصول الشريعة، وهو أن كل من أهدي له شيء أو وهب له شيء بسبب يثبت بثبوته ويزول بزواله. المستدرك على مجموع الفتاوى.
وعلى ذلك، فمن حقك استرجاع ما أهديته لها، لكن الأولى والأفضل ترك ذلك فإنه يكون من مكارم الأخلاق ومن الإحسان الذي يحبه الله، قال تعالى: ... وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. {البقرة:237} .
وأما قولك إنك تخشى من عدم المطالبة لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس، فليس الأمر كما تظن، وإنما هذه العبارة ذكرها بعض العلماء في من يسكت عن بيان الحق إذا انتهكت حرمات الله، وانظر لذلك الفتوى رقم: 58360.
وأما سكوت الإنسان عن مطالبته بحقه فليس من هذا الباب، بل قد يكون قربه وعملاً صالحاً يحبه الله ويثيب عليه بالأجر العظيم، إذا كان ابتغاء مرضاة الله، قال تعالى: فمن عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. {الشورى:40} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1430(12/4647)
لا يجوز للوالدين أن يأخذا من أحد أولادهما مالا ليدفعاه لولد آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[لزوجي أخ يقيم مع والديه، وهو متزوج، وله بنتان، ويعمل عملا جيدا، وأنا وزوجي مسافران لإحدى الدول العربية للعمل، ولنا ابنتان عندهم من العمر سنة أكرمنا بهن الله بعد 8 سنوات من الزواج، وزوجي بار جدا بوالديه والحمد لله، ولا يؤخر أبدا عنهم طلبا، ولكن لاحظت بدءا من حملي وطلباتهم زادت جدا، طلبوا الأول ان يشترى لهم زوجي وأخوه الآخر سيارة، وقد كان وكتبت باسم أخيه المقيم معهم (الصغير) والآن بدأوا في التلميح بشراء شقة جديدة أيضا له، وطبعا لابد أن يساعده الأخوان الآخران مع العلم أن له شقة منفصلة، لا يقيم فيها، وجاهزة ولا ينقصها شيء بحجة أنها بعيدة ويقيم مع والديه بصفة دائمة. وهكذا من طلبات للأخ الصغير.
سؤالي:هل يجوز أن يعطي زوجي ماله لأخيه بهذه الصورة، دون أن يكون على سبيل الدين، ويقوم الأخ برد المبلغ بعد ذلك، وقد تصل هذه المبالغ إلى مبالغ كبيرة؛ لأني حقا قد تعبت من هذه الأمور التي بدأت تصل إلى حد الاستغلال الواضح جدا، وأنا لست على اعتراض في مساعدة أخيه لكن اعتراضي أنه يمكن مساعدته لكن تكون المبالغ دينا عليه يقوم بردها بعد ذلك. والله يعلم كم نشقى ونتعب ونكد من أجل توفير حياة كريمة لأسرتنا، وأحيانا كثيرة يتم صرف رواتبنا كلها دون الادخار منها.
أرجو الإفادة جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للوالدين أن يأخذا من أحد أولادهما مالا ليدفعاه إلى ولد آخر، ولا يجب على الابن طاعتهما في ذلك، وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم: 110569، ومن هنا يتبين أن ما يفعله والدا زوجك من طلب مثل هذه الأشياء من سيارة وشقة ليأخذها ابنهما الآخر، ولاسيما مع غناه لا يجوز، ولا يجب على زوجك ولا باقي إخوته أن يطيعا والديهما في ذلك، بل ولا يجوز لهذا الأخ الأصغر أن يقبل هذه الأشياء طالما أنها بغير طيب نفس من أصحابها.
وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 25339، بالتفصيل شروط أخذ الأب من مال ولده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1430(12/4648)
حكم هبة الرجل ماله كله لبناته أو بنات أخيه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن الميراث: لو أن شخصا ليس له أولاد إنما اقتصرت ذريته على البنات، فهل يجوز له أن يكتب كل ماله للبنات أثناء حياته, مع العلم بأن الاستلام والتسليم لم يتم بينهم؟ وماهو الحكم لو أن شخصا ليس لديه أبناء نهائياً وكتب كل ما يملك باسم بنات الأخ، مع العلم بأن له وارثا ألا وهو الأخ والأخ الآخر، فهل يصح هذا العمل؟ وهل يعد تصرفه باطلا؟ أرجو الرد للأهميه؟
جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز تقسيم الأب ماله بين بناته في حياته، إذا قسمت بينهن بالسوية ولم يقصد بذلك حرمان باقي الورثة، ويصبح المال ملكاً لهن إذا أخذنه أو حيز لهن في حياة الأب وحال مضي تصرفه.
ويجوز كذلك أن يهب لبنات أخيه ما شاء من ماله إن كانت الهبة نافذة وليست معلقة بالموت، ولم يقصد حرمان الورثة من نصيبهم الشرعي، ولم يدفعه ذلك إلى الاحتياج للناس وسؤالهم.
وإذا وهبه لهن وحزنه أو حيز لهن في حال صحته ومضي تصرفه كان ملكاً لهن، وراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية للاطلاع على البسط في الموضوع: 36569، 112948، 106777.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1430(12/4649)
كتابة البيت باسم بعض الأولاد بدون سبب موجب ظلم وجور
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريب عنده 12 ولدا وبنتا، وقبل أن يتوفاه الله كتب المنزل الوحيد الذي يملكه ل2 من أولاده: بنت وولد، ولكن الولد باع نصيبه لأخته ب4مليون، وأصبحت البنت تملك المنزل كاملا، والبنت باعت المنزل ب12مليونا. فأصبح إخونها يطلبونها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل أنه لا يجوز للوالد أن يؤثر بعض أولاده بشيء من المال إلا لمسوغ، وراجع في هذا فتوانا رقم: 6242.
وعليه، فما فعله قريبك المشار إليه من كتابة البيت باسم بعض أولاده إذا لم يكن له مسوغ فهو ظلم وجور في الوصية، ولا يعتبر تمليكا للبيت لأولئك الأولاد سواء نوى بتلك الكتابة الهبة أو نوى الوصية، وتفصيل ذك أنه إن أعطاهم البيت في حياته هبة ولم يعط بقية أولاده ما يتحقق به العدل فإن تلك الهبة باطلة، لأنه يجب على الوالد أن يعدل في عطيته لأولاده، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
فإن لم يعدل حتى مات فإن لبقية الأولاد الحق في ذلك البيت ويكون تركة لجميع الورثة يقسم بينهم القسمة الشرعية، وإن كان قريبك أراد بكتابته أن يأخذ أولاده البيت بعد مماته فهذه وصية وهي ممنوعة شرعا لكونها وصية لوارث وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أحمد وأهل السنن.
ولا تمضي هذه الوصية إلا إذا رضي بقية الورثة بإمضائها، وبما أنهم على ما ذكرت يطالبون بحقهم في البيت فهم غير راضين، ولهم الحق في أخذ نصيبهم الشرعي في ذلك البيت، وإن لم يتمكنوا من أخذ نصيبهم في الدنيا فسيأخذون حقهم في يوم يجعل الولدان شيبا. يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ. {عبس: 34-36} .
فعلى أولئك الأولاد الذين باعوا البيت أن يتقوا الله تعالى، وأن يعلموا أن ما فعله أبوهم ظلم ولا تقره الشريعة، وأن غمسة واحدة في جهنم تنسي صاحبها نعيم الدنيا، وانظر الفتويين رقم: 105958، 120366.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1430(12/4650)
هل يتنافى مع العدل الصرف على بعض الأبناء أكثر للحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إعطاء أحد من الأبناء (ابن أو ابنة) مقدارا من المال من أجل التعليم أو الزواج أو البناء أو غير ذلك (الأب والأم على قيد الحياة) دون إعطاء الآخر - وهل يجب العدل في العطاء بين الأبناء مثلا تم تدريس البنت الكبرى طبا وكلف حوالي 30000 دولار أمريكي - هل هذا يحتم علي أن أعطي البقية من الأبناء مقابل ما تم صرفه على البنت التي درست الطب؟ أرجو التوضيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القول بوجوب التسوية بين الأبناء في العطية هو الراجح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري ومسلم.
وسبق بيانه بالتفصيل والأدلة في الفتوى رقم: 6242 فنرجو أن تطلع عليها.
ولا يتنافي العدل مع الصرف على واحد أكثر من غيره نظرا لحاجته أو لسبب يدعو لذلك، كأن يحتاج الولد أكثر من إخوانه لاشتغاله بطلب العلم ونحو ذلك.
قال ابن قدامة الحنبلي في المغني: فإن خصَّ بعضهم - يعني بالعطية - لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عياله أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل.. فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك.
ولذلك يجوز للوالدين إعطاء بعض الأبناء ممن يحتاج إلى التعلم أو الزواج أو العلاج أو السكن.. دون غيره ممن لا يحتاج إلى ذلك، ولا يجب عليهما إعطاء مقابل ذلك لمن لا يحتاجه من الأبناء.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 80813، 29000، 67790.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(12/4651)
أهدى لعمه ثوبا فاستبدله أخوه فهل يجوز الانتفاع بالثوب المهدى
[السُّؤَالُ]
ـ[أحضر أخي عند عودته من السفر هدية لعمي، ثوبا، فقام أخي الثاني بإعطاء عمي ثوبا آخر دون علم أخي. فما حكم الثوب الذي أحضره أخي من السفر، وهل يجوز ارتداء هذا الثوب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الثوب الذي أعطاه الأخ للعم بعد عودته من السفر يجوز للعم لبسه ويجوز له أن يفعل به ما يشاء، لأن الأصل في الهدية هو استحباب قبولها إن لم يكن هناك سبب يمنع قبولها، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية، وقد أهدى له أبو الجهم خميصة فلبسها كما في حديث الصحيحين، وأهدت له امرأة بردة فلبسها كما في حديث البخاري. وهذا الجواب فيما إذا كان العم قد وصل إليه الثوب.
أما إن كان الثوب لم يصل العم، وإنما أبدله أخو المهدي بثوب آخر، فإن هذا يعتبر تعدياً، ولا يجوز للأخ أن يتصرف فيه بلبس ولا غيره. إذ الواجب على من كلف بإعطاء شيء ما أن يفعل ما أمر به، لما في حديث البخاري: الخازن المسلم الأمين الذي ينفذ ما أمر به فيعطيه كاملاً موفراً طيبة به نفسه، فيدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 30744.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1430(12/4652)
مسائل حول الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الكريم: أريد أن تفتوني في مسألتي هذه وبارك الله فيكم.. جدة أبي قبل وفاتها كتبت لأبي قطعا من الأرض كانت تملكها بحكم أنه كان يعيلها، وقد وجد أبي وثيقة تبين أن إحدى القطع كان نصفها لجدته والنصف الآخر لعمه (وهو أخ لأبيه من زوجة جده الثانية) ، فلما قال لجدته قالت بأن تلك القطعة اشترتها كلها من زوجها ويبدو أن هذا الأخير قد كتب لها نصف هذه القطعة والنصف الآخر لابنه من الزوجة الأخرى، وهي لا تعلم بذلك؛ لأنها لا تعرف القراءة، وقد شهد بعض الناس على أن تلك القطعة كانت تتصرف فيها جدة أبي لوحدها، ولم يسبق لهم أن شاهدوا أحدا دونها يتصرف فيها. والجزء الثاني من القصة أن زوجة عم أبي تعلم أن نصف القطعة هو لزوجها المتوفى مع العلم بأنها لم تنجب أولاداً، وقالت لأبي بأنها متنازلة لذلك النصف له، وأبي يريد بيع هذه القطعة، فقلت له بأنه عليه أن يعيد الحقوق من نصف القطعة للورثة وهم أعمامه وأبناء أعمامه (المتوفون) الذين لا يعلمون بهذا الأمر، فقال إن جدته كتبت له القطعة كلها باسمه وهي ملك لها كلها، وإن جده قد خالفها دون علمها، وكتب لعمه النصف مع أنها أعطته المال على أساس أن يبيعها القطعة كاملة، لذلك فهو يعتبرها ملكا له وحده، فهل ما قلته لأبي صواب أم ما يعتبره هو الصواب؟ أرجو من الله أن تكون قد فهمتموني. أفيدوني بعلمكم جزاكم الله خيراً، وعذراً على الإطالة؟ دمتم بخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المسألة شائكة، ولا بد من الرجوع فيها إلى المحاكم الشرعية، لكن نزولاً عند رغبة السائل نبين بعض الأحكام بإيجاز:
أولاً: إن كان الزوج قد باع جميع قطعة الأرض لزوجته فإنها تكون ملكاً خاصاً بها، ولها التصرف فيها بما تشاء، ولا اعتبار لما كتبه زوجها باسم ولده، سواء أكان ذلك قبل بيعه للأرض أم بعده، لأنه إذا كان قبل بيعها فإنه يكون رجوعاً منه في هبته، وللأب الرجوع في هبته لابنه، وإذا كان قد كتب ذلك بعد بيعها لزوجته فإنه لا اعتبار لذلك لأنه لا يملكها.
وأما إذا لم يكن قد باع لها الأرض كاملة، وكان لورثة ابنه الثاني (عم أبيك) بينة على أنه لم يبعها سوى نصفها وأنه وهب النصف الباقي لمورثهم، فإنه ينظر حينئذ إذا كان الرجل قد أوصى بالنصف لابنه المذكور فتكون الوصية باطلة، ويقسم مع تركة الأب على جميع ورثته، كما في الفتوى رقم: 117659.
وإن كان وهبه إياه ليتملكه في حياته وحازه، ورفع عنه الأب يده فهي هبة ماضية، وعلى هذا الاحتمال الأخير فيكون النصف للابن الموهوب له ويقسم على جميع ورثته كل حسب نصيبه المقدر له شرعاً إن كان قد مات.. لكن ننبه إلى أن افتراض كون ما حصل من الأب ببيع زوجته جميع الأرض رجوع عن هبته الأرض لأن هو الأقوى والأظهر هنا، وللأب ذلك، ويمضي بيعه وتملك الزوجة جميع القطعة وهي تحت يدها، فعلى من يدعي غير ذلك أن يأتي ببينة صحة دعواه، وإلا فالأرض أرض الزوجة (جدة أبيك) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(12/4653)
الهبة المغطاة باسم البيع لبعض الأولاد ظلم وجور
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي جدي رحمه الله وقد كتب بيته لأحد أعمامي بيعاً مع أنه لم يتقاض عنه مالاً، وقامت جدتي وهي ما تزال على قيد الحياة بتوزيع بيتها على أعمامي وعماتي بيعاً مع أخذ جزء بسيط جداً من المال وحرمان بعض أعمامي بسبب بعض الخصومة وكتبت لأبي نصيباً من البيت وامتنع أبي لشكه فى حرمة الأمر، فما هو الحل السليم فى هذا الأمر، وكيف أتصرف لتصحيح الأمر إن كان فيه حرمة على جدي أو جدتي، فأ فيدوني؟ جزاكم الله عنا كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان جدك قد باع بيته لأحد أبنائه بدون ثمن فهذه هبة وليست بيعاً، فإذا كان قد فضل هذا العم في الهبة، فالراجح عندنا أن هذه الهبة باطلة ويجب ردها لجميع الورثة، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 6242.
وما قامت به جدتك من محاباة في بيع بيتها لبعض أولادها فهو أيضاً من الظلم الذي يجب رده، إذ الظاهر أنها هبة مغطاة باسم البيع وهي مشتملة على الجور وعدم التسوية بين الأولاد، وعليه فالبيت لا يزال على ملك الجدة ما دامت على قيد الحياة، فإذا ماتت فهو تركة توزع على فرائض الله، اللهم إلا ما وهبته لبعض أبنائها دون بعض لمسوغ يقتضي ذلك فإذا تمت حيازته فإنه يمضي ويملكه ملكاً شرعياً، وتراجع الفتوى رقم: 38399.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(12/4654)
وهب سيارة لصديقه ثم أراد أن يشتريها منه
[السُّؤَالُ]
ـ[فأسأل الله أن يعينكم على ما تقومون به من أعمال الخير، ويبارك لكم في أعماركم، ويجعلكم منارا للهدى والصلاح.
لي سؤالان
1) وهبت سيارتي لصديق لي، وبعد مدة من تسليمها له أراد أن يبيعها، فهل يجوز لي أن أشتريها منه، ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: العائد من صدقته كالكلب يعود من قيئه.... وقصة فرس عمر لما أهداه إلى بعض الناس مشهورة. ...
بارك لكم في عمركم، وآجركم الله على هذا العمل الصالح. إذا أمكن معرفة الشيخ الذي يجيب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشراؤك لهذه السيارة ممن وهبتها له فيه خلاف بين العلماء، فذهب الجمهور إلى كراهة ذلك ولم يروا التحريم، قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم في شرحه لحديث فرس عمر: قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَبْتَعْهُ وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتك. هَذَا نَهْي تَنْزِيه لَا تَحْرِيم، فَيُكْرَه لِمَنْ تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ أَوْ أَخْرَجَهُ فِي زَكَاة أَوْ كَفَّارَة أَوْ نَذْر وَنَحْو ذَلِكَ مِنْ الْقُرُبَات أَنْ يَشْتَرِيه مِمَّنْ دَفَعَهُ هُوَ إِلَيْهِ أَوْ يَهَبهُ، أَوْ يَتَمَلَّكهُ بِاخْتِيَارِهِ مِنْهُ. فَأَمَّا إِذَا وَرِثَهُ مِنْهُ فَلَا كَرَاهَة فِيهِ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانه فِي كِتَاب الزَّكَاة، وَكَذَا لَوْ انْتَقَلَ إِلَى ثَالِث ثُمَّ اِشْتَرَاهُ مِنْهُ الْمُتَصَدِّق فَلَا كَرَاهَة، هَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور وَقَالَ جَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء: النَّهْي عَنْ شِرَاء صَدَقَته لِلتَّحْرِيمِ. وَاللَّهُ أَعْلَم. انتهى.
وذهب جماعة من العلماء إلى التحريم لحديث عمر رضي الله عنه وقصة فرسه وهو في الصحيحين.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية عن سؤال مثل هذا وإليك السؤال والجواب:
س1: رجل أعطى أخاه سيارة هدية، فأراد الذي أهدي إليه أن يبيع السيارة، فهل للذي أهدى السيارة أن يشتريها أم لا يحل له أن يشتريها؟
ج1: لا يجوز للمهدي أن يشتري ما أهداه لأخيه، فعن عمر رضي الله عنه قال: حملت على فرس في سبيل الله، فأضاعه صاحبه، فظننت أنه بائعه برخص، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: لا تبتعه وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه. انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
فالأولى التنزه عن شراء تلك السيارة، خروجا من الخلاف السابق في المسألة. والله أعلم.
وأما عن سؤالك الثاني بخصوص من يجيب عن الفتاوى، فنعلمك بأنه تقوم على الفتوى لجنة شرعية متخصصة ذكرنا آلية عملها ومنهجها في الفتوى رقم: 1122 فراجعها، وراجع هذا الرابط في موقعنا ففيه ما يتعلق بآلية الإفتاء وفريق الفتوى.
: http://www.islamweb.net/ver2/archive/readArt.php?lang=A&id=13045
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(12/4655)
يستحب للأب أن يهب من ماله لابنه المدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر38عاما متزوج ولدي 9أبناء ولله الحمد ووالدي يسكن معي وعلي دين وذلك لخسارتي في مشروع ومشكلتي هي مع والدي حيث إنه يهتم بأختي وزوجها وإخوته من الناحية المادية أكثر مني أنا وأبنائي وكثيرا ما يشاورني عندما يريد أن يعطيهم شيئا وأنا أجيبه بأني أنا وأبنائي أحق بذلك وذلك لترأفي لوضعه المادي وكان يتضايق مني وفي يوم من الأيام حصل بيني وبينه خلاف وذلك عندما دخلت أختي أحد المستشفيات لإجراء عمليه كلفت مبلغا من المال وأعطى زوجها نصف المبلغ مع العلم بأن وضعهم المادي ممتاز وشاورني في ذلك فقلت له نحن أحق بذلك منهم وأنت وضعك ليس بالجيد فيتعذر بأن ذلك لأختك فقلت له الذي تريده لأختي لا نمانع فيه ولكن من المفترض أن تعطيها ما تريده لها بيدها وأنا مستعد لتكلفة العملية كاملة في حال عدم استطاعة زوجها ذلك فغضب. وأيضا كلما أتيت بشيء لأولادي يقول هذا كثير وعندما يأتون يأتي بكل شيء مع العلم أني أنا وأبنائي وزوجتي نعامله معامله أكثر من ممتازة ولله الحمد.
وسؤالي: كيف أتعامل مع والدي؟ وهل من نصح له؟ وهل يأثم على فعل ذلك؟ وهل آثم أنا عندما أخالفه في ذلك؟ أرجو الإفادة كاملة وأعتذر لإطالتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العدل بين الأولاد في العطية مما أمر به الشرع كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 115479.
أما بخصوص ما يقوم به والدك من تفضيل أختك في العطية فإن كان لمجرد التفضيل فإنه لا يجوز لما سبق بيانه في الفتوى المحال عليها آنفا.
أما إذا كان هناك مسوغ للتفضيل من حاجة أو مرض ونحو ذلك فهذا جائز, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 80813.
وعليه فليس لك أن تعترض على والدك فيما يدفعه لأختك بهذا الاعتبار.
أما ما ذكرت من حاجتك للمال بسبب ديونك وخسارتك في التجارة، فهذا سبب يسوغ لوالدك تخصيصك بعطيته ويستحب له أن يعينك على قضاء دينك فإن ذلك صدقة وصلة.
ففي سنن أبي داود عن أبي هريرة قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصدقة، فقال رجل: يا رسول الله عندي دينار فقال: تصدق به على نفسك، قال: عندي آخر قال: تصدق به على ولدك، قال عندي آخر قال: تصدق به على زوجتك أو قال زوجك، قال: عندي آخر قال: تصدق به على خادمك، قال: عندي آخر قال: أنت أبصر. حسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(12/4656)
تريد خالته أن تهب له ثلث أرضها ويأبى أبناء إخوتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرادت خالتي أن تهبني ثلث أرضها وليس لها ذرية وزوجها موافق، ولكن أبناء إخوانها وأبناء أخواتها غير موافقين فما حكم تلك الهبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على خالتك أن تهبك تلك الهبة، ولا اعتبار لعدم رضا أبناء أخواتها لأن مالها يجوز لها أن تتصرف فيه بما شاءت من هبة أو غيرها، فما وهبته منه في حال صحتها ورشدها فهو ماض نافذ، وما أوصت به أو وهبته في مرض موتها أو علقته على ذلك فهو وصية تجوز في الثلث إن كانت لغير وارث.
وعلى كل، فإن كانت خالتك في صحتها ورشدها وكمال عقلها فلا حرج عليها أن تهبك ثلث أرضها أو أكثر من ذلك، ولا اعتبار لاعتراض أبناء إخوتها أو غيرهم، انظر للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 18923 وما أحيل إليه من فتاوى خلالها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(12/4657)
لا ترد الهدية لمجرد سوء التفاهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في من أرجع الهدية لمجرد سوء تفاهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حكم الهدية وقبولها هو الاستحباب لما في ذلك من الصلة وجلب المحبة بين أفراد المجتمع المسلم وهو ما يسعى الإسلام إلى تحصيله بكل وسيلة مشروعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو أهدي إلى ذراع أو كراع لقبلت. رواه البخاري.
وأرشد صلى الله عليه وسلم أمته إلى تبادل الهدايا فقال: تهادوا تحابوا وتذهب الشحناء رواه مالك.
ولذلك يكره للمسلم رد الهدية من غير عذر كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 120077، والفتوى رقم: 63617. وما أحيل عليه فيهما.
ومجرد عدم التفاهم أو سوء الفهم لا نرى أنه يمنع من قبول الهدية لأن من فوائد الهدية جلب المحبة وإزالة الحواجز النفسية وعدم التفاهم والتواصل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1430(12/4658)
المنحة يرجع فيها إلى شروط استحقاقها من الجهة المانحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في سلك التعليم منذ 12 سنة ولي من الأب 6 إخوة وهو يتقاضى منحة تقاعد من دولة أجنبية كان من الضروري استخراج شهادة كفالة على 6 إخوة من حينها أتقاضى منحة عليهم مع أني لا أقوم على جميع حاجياتهم. ما هو الحكم الشرعي في هذه المنحة وكيف أتصرف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكم هذه المنحة يرجع فيه إلى شروط استحقاقها من الجهة المانحة؛ لحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أحمد وغيره.
والظاهر من سؤالك إن إخوتك يستحقون المنحة إذا وجد من يقوم عليهم ويكفلهم ولم تكن عند استحقاق المنحة كفيلا، فاستصدرت هذه الكفالة وصرفت المنحة إليك لتنفقها على إخوتك، وتقوم على شؤونهم.
فإذا كان توصيفنا صحيحا، فالواجب عليك القيام بما يلزمك القيام به، وإنفاق هذه المنحة على إخوانك دون أن تأخذ منها شيئا إلا بالشرط أو بالعرف.
مع ملاحظة أن هذه المنحة قد تكون مقتطعة من راتب والدك، وعلى هذا فإذا كان والدك متوفى فالمنحة تركة للورثة الموجودين عند موته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(12/4659)
حكم هبة الزوجين ما يملكانه لابني أخت الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[قرر زوج وزوجة أن يهبا منزلهما المكون من شقتين لابني أخت الزوجة وذلك لعدم وجود أبناء لديهما على أن يقيما في الشقة الأولى إلى أن يفارقا الحياة، أما الشقة الثانية فهي مؤجرة من السابق ويستلم الزوج إيجارها وقام الابنان بتحويل ملكية المنزل باسمهما، ومنذ فترة ليست ببعيدة توفيت الزوجة وانتقل زوجها للسكن مع أحد ابني أخت الزوجة وتم تأجير الشقة الأولى إلا أن الزوج منح إيجارها لابني أخت الزوجة برضى نفسه، ما حكم ذلك؟ وهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالهبة إنما تتم إذا حيزت في حياة الواهب، فإذا كان ما فعله هذان الزوجان هو مجرد كتابة المنزل باسم ابني أخت الزوجة دون أن تتم الحيازة من الموهوب لهما في حياة الواهب فإنها تعتبر بحكم الوصية، والوصية لا يصح أن تكون بأكثر من الثلث، إلا إذا أجازها الورثة وكانوا رشداء بالغين، فإذا لم يجز الورثة هذه الهبة فإنها ترد إلى عموم التركة لتقسم معها على الورثة كل حسب نصيبه المقدر له في كتاب الله تعالى، وراجع في ذلك فتوانا رقم: 112443، وما أحيل عليه فيها.
وإذا كانت الشقة الأولى ملكاً للزوج فلا حرج في أن يعطي إيجارها لمن يشاء.
أما إذا تمت الهبة بشروطها فتكون الشقتان ملكا للموهوب لهما ويكون لهما حق التصرف فيهما بما أراداه من أنواع التصرفات، لكن إن قصد الزوجان بذلك حرمان الورثة من نصيبهم الشرعي فالهبة صحيحة ويأثم الزوجان، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 62168، والفتوى رقم: 117337.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(12/4660)
حكم قبول هدية من يمتهن تهريب الأفراد في القوارب
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل عن حكم العمل في تهريب الأفراد بالقوارب؟ وهل يجوز التعامل مع الشخص الذي يعمل في ذلك المجال بمعني أن نقبل هديته من طعام وغيره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بتهريب الأفراد تهريبهم إلى بلاد لا تسمح لهم بدخولها، فقد سبقت الإجابة على ذلك في الفتوى رقم: 73008 وبينا هناك أن ذلك ممنوع؛ لما يسببه من تعرض هؤلاء الأفراد للمخاطر والمطاردات التي قد تنتهي بغرقهم، أو بإلقاء القبض عليهم وإهانتهم.
وكذلك إن كان المقصود بتهريب الأفراد تهريبهم ممن يطالبونهم بحق من ولاة الأمور وغيرهم، فهذا محرم؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان. قال تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله من آوى محدثا. رواه مسلم. أي: من نصر جانيا وآواه وأجاره من خصمه وحال بينه وبين أن يقتص منه. فتهريب المجرمين أو إيواؤهم بغير حق كلاهما محرم.
أما قبول هدية ذلك الشخص من طعام أو غيره، فإن كان جميع دخله من الحرام حرم الأكل منه، أما إن كان دخله مختلطا من الحلال والحرام فيكره الأكل، ولم يحرم حتى وإن كان أكثره من الحرام،. وقد سبقت فتوى مفصلة في ذلك برقم: 6880 فراجعها للأهمية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1430(12/4661)
حاجة الابن للسكن لأجل الزواج هل تسوغ تفضيله على أخواته
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أسرة مؤلفة من ذكور وإناث وأب وأم، والدي زوج إخوتي البنات كلهن قبل الذكور، واطمأن عليهن في بيت أزواجهن.
أما الذكور فقد كانوا صغارا فعلمهم وصرف عليهم، وعندما يصبح الذكر في سن الزواج يزوجه ويعطيه بيتا ليسكنه بعد أن يسجله باسمه. الآن وبعد وفاة والدنا هل تدخل بيوت الذكور المذكورة في التركة، وهل على الذكور فسخ عقد التسجيل، وإعطاء الإناث من حصص هذه البيوت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمذهب جمهور العلماء أن من فاضل بين أولاده في العطية أو خص بعضهم بشيء في حال صحته ورشده وطوعه، فإن تصرفه ذلك ماض، وليس لبقية الورثة الرجوع فيه. فما دامت هذه البيوت قد حازها الأبناء في حال صحة الوالد ورشده فإنهم يمتلكونها على قول الجمهور، ,والمفتى به عندنا هو وجوب العدل بين الأبناء -ذكورا وإناثا - في العطية، فإذا فضل بعضهم على بعض - كأن يعطي الأبناء دون البنات - من غير مسوغ شرعي فالهبة باطلة، وترد البيوت إلى التركة بعد وفاة الوالد إن مات قبل أن يسوي بينهم، كما بيناه في الفتوى رقم: 114813، والذي نراه أن حاجة الأبناء المتزوجين للبيوت ليست مسوغا شرعيا يبيح للوالد أن يكتب البيوت بأسمائهم ويملكهم إياها، وبإمكانه سد حاجتهم - إذا لم يكونوا قادرين على استئجار بيوت -بإسكانهم البيوت دون إيجار، وأما تمليكها لهم فهذه هبة فإذا لم يعط البنات ما يقابلها ويتحقق به العدل فالهبة باطلة وترد البيوت إلى التركة بعد وفاة الوالد، هذا وكون الوالد قد قام بتزويج البنات في حياته أيضا لا ليس مبررا لأن يكتب البيون باسم الأبناء إذ أنه قام بتزويج الأبناء أيضا، حتى لو كان ما أنفقه على البنات أكثر مما أنفقه على الأولاد، فإن باب النفقة لا يدخل فيما يؤمر به من المساواة لأن النفقة تكون بحسب الحاجة والعرف فما يحتاجه هذا قد لا يحتاجه هذا، فإنما ينفق على كل واحد على قدر حاجته، قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: لو احتاج أحد الأبناء إلى زواج فزوجه فإنه لا يلزمه أن يعطي الآخرين مثل ما أعطى هذا لزواجه، ولكن عليه إذا بلغ الآخرون سن الزواج وأرادوا أن يتزوجوا أن يزوجهم كما زوج الأول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1430(12/4662)
الرجوع في الهبة إذا كانت على سبيل الإحسان
[السُّؤَالُ]
ـ[ثلاثة إخوة (ذكر واحد وأنثيان) توفي والداهم، وبعد أن أخذ كل نصيبه بقيت أخت مع أخيها (غير متزوّجة أمّا الأخرى متزوّجة) ، تكفّل الأخ بأخته التي معه في جميع مصاريفها، لا سيما وأنّها مرضت بالقلب ولزمها دواء كثير، وتكفّل بمصاريف عمليّتين، ولم يدعها تنفق من نصيبها في التركة، وكان هذا من باب الإحسان لأخته، قدّر الله أن توفّيت، ونشأت مشاكل في قسمة تركتها بعد أن سمع الأخ كلاما مؤذيا من زوج أخته (كلاما باطلا ومؤذيا حقا) فقرّر أن يأخذ المصاريف التي أنفقها على أخته الفقيدة من التركة قبل القسمة، فالسّؤال: هل يجوز له ذلك؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إنفاق الأخ على أخته والقيام بتكاليف أخته من دواء وغيره هو أمر حسن، نسأل الله تعالى أن يجزل له الأجر والثواب، خاصة وأنها كانت مريضة رحمها الله تعالى وأسكنها فسيح جناته.
وأما حكم أخذه للأموال التي أنفقها على أخته فإنه أنفقها بقصد الإحسان، وهذا يدل على أنها هبة، ولم ينو الرجوع، وأن نية الرجوع طرأت بعد كلام زوج أخته، فليس له إذا الرجوع بما أنفق.. قال في الروض المربع شرح زاد المستقنع: ولا يجوز لواهب أن يرجع في هبته اللازمة، لحديث ابن عباس مرفوعاً: العائد في هبته كالكلب يقئ ثم يعود في قيئه. وللمزيد من الفائدة حول أنواع الهبة وأحكامها.. راجع الفتوى رقم: 97146.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(12/4663)
المباح وغير المباح من الهدايا
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص-موظف- يعمل بمصلحة عامة حكومية، وكان هناك عقد عمل- مشروع تعديني للبحث عن المواد الأساسية الداخلة في صناعة الإسمنت- بين هذه المصلحة وشركة خاصة مساهمة، وفي نهاية العمل طلب مدير الشركة الخاصة عملا إضافيا ولظروف معينة لا تستطيع هذه المصلحة الحكومية تنفيذه، ونتيجة لضرورة التسريع بهذا العمل قام هذا الشخص-الموظف- بتقديم نصيحة لهذا المدير- مدير الشركة الخاصة- بطلب هذا العمل من مكتب خاص، وتم الاتصال بهذا المكتب ونفذ العمل في مدة أسبوع.
وبعد انتهاء العمل قام هذا المكتب بتقديم جهاز كمبيوتر لهذا الشخص كهدية، وعندما رفض وقال لهم إنه لم يرد إلا الإسراع بتنفيذ العمل، قال له أصحاب المكتب الخاص إنها هدية منا، علماً بأن هذا العمل لصالح الشركة الخاصة المساهمة وهي التي سوف تدفع تكاليفه وليس للمصلحة الحكومية العامة، وبعد فترة اتضح لهذا الشخص أن المكتب يشتغل بأجهزة لجهة عامة قام أحد موظفي المكتب الخاص بإخراجها والعمل بها لحساب هدا المكتب الخاص. فما حكم أخد الكمبيوتر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالهدايا منها ماهو رشوة وغلول لايجوز قبولها وهو ما كان لإحقاق باطل أوإبطال حق، أوللتاثير على العامل لمحاباة العميل ونحوه، وفيها يقول صلى الله عليه وسلم: هدايا العمال غلول. صححه الألباني.
وقال لرجل كان عاملا على الزكاة وقد أهديت له هدية: ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟ والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه،.... رواه البخاري ومسلم.
ومن الهدايا ماهو مباح بل مرغب فيه شرعا لما يورثه من المحبة والألفة بين المسلمين، وفيه يقول النبي صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. أخرجه الإمام مالك في الموطأ.
وقال أيضاً: لو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت.
وهذا النوع هو مالم يكن فيه إحقاق باطل أوإبطال حق أوطمع في التأثير على المهدى إليه لمكانته في العمل والطمع في محاباته.
وبناء عليه، فينظر في الهدية المذكورة إن كانت للتأثير على العامل كي يحابي الشركة الخاصة في معاملاتها مع جهة عمله فهي هدية محرمة، لأنها من جنس هدايا العمال التي هي غلول ولايجوز قبولها وأخذها إلا بإذن جهة العمل، لقوله صلى الله عليه وسلم: من استعملناه على عمل فليأت بقليله وكثيره، فما أوتي منه أخذه، وما نهي عنه انتهى. رواه أبوداوود.
وأما إن كانت الهدية مكافأة للعامل أوغيره على ما قدمه من جهود وبذله من نصح لشركته بحكم خبرته لا للتاثير عليه في المستقبل واستمالته لغرض محذور فلاحرج في قبولها.
لكن السائل ذكر في سؤاله الثاني أن الهدية -الجهاز- مملوك لجهة عامة فلا يجوز التصرف فيه دون إذنها. فإن أذنت بإهدائه فلا بأس بقبوله وإلا فيجب رده إلى الجهه التي تملكه.
وللمزيد من التفصيل في الموضوع يمكن الرجوع إلى الفتويين رقم: 5794، 62076.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1430(12/4664)
المباح وغير المباح من الهدايا
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص-موظف- يعمل بمصلحة عامة حكومية، وكان هناك عقد عمل- مشروع تعديني للبحث عن المواد الأساسية الداخلة في صناعة الإسمنت- بين هذه المصلحة وشركة خاصة مساهمة، وفي نهاية العمل طلب مدير الشركة الخاصة عملا إضافيا ولظروف معينة لا تستطيع هذه المصلحة الحكومية تنفيذه، ونتيجة لضرورة التسريع بهذا العمل قام هذا الشخص-الموظف- بتقديم نصيحة لهذا المدير- مدير الشركة الخاصة- بطلب هذا العمل من مكتب خاص، وتم الاتصال بهذا المكتب ونفذ العمل في مدة أسبوع.
وبعد انتهاء العمل قام هذا المكتب بتقديم جهاز كمبيوتر لهذا الشخص كهدية، وعندما رفض وقال لهم إنه لم يرد إلا الإسراع بتنفيذ العمل، قال له أصحاب المكتب الخاص إنها هدية منا، علماً بأن هذا العمل لصالح الشركة الخاصة المساهمة وهي التي سوف تدفع تكاليفه وليس للمصلحة الحكومية العامة، وبعد فترة اتضح لهذا الشخص أن المكتب يشتغل بأجهزة لجهة عامة قام أحد موظفي المكتب الخاص بإخراجها والعمل بها لحساب هدا المكتب الخاص. فما حكم أخد الكمبيوتر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالهدايا منها ماهو رشوة وغلول لايجوز قبولها وهو ما كان لإحقاق باطل أوإبطال حق، أوللتاثير على العامل لمحاباة العميل ونحوه، وفيها يقول صلى الله عليه وسلم: هدايا العمال غلول. صححه الألباني.
وقال لرجل كان عاملا على الزكاة وقد أهديت له هدية: ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟ والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه،.... رواه البخاري ومسلم.
ومن الهدايا ماهو مباح بل مرغب فيه شرعا لما يورثه من المحبة والألفة بين المسلمين، وفيه يقول النبي صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. أخرجه الإمام مالك في الموطأ.
وقال أيضاً: لو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت.
وهذا النوع هو مالم يكن فيه إحقاق باطل أوإبطال حق أوطمع في التأثير على المهدى إليه لمكانته في العمل والطمع في محاباته.
وبناء عليه، فينظر في الهدية المذكورة إن كانت للتأثير على العامل كي يحابي الشركة الخاصة في معاملاتها مع جهة عمله فهي هدية محرمة، لأنها من جنس هدايا العمال التي هي غلول ولايجوز قبولها وأخذها إلا بإذن جهة العمل، لقوله صلى الله عليه وسلم: من استعملناه على عمل فليأت بقليله وكثيره، فما أوتي منه أخذه، وما نهي عنه انتهى. رواه أبوداوود.
وأما إن كانت الهدية مكافأة للعامل أوغيره على ما قدمه من جهود وبذله من نصح لشركته بحكم خبرته لا للتاثير عليه في المستقبل واستمالته لغرض محذور فلاحرج في قبولها.
لكن السائل ذكر في سؤاله الثاني أن الهدية -الجهاز- مملوك لجهة عامة فلا يجوز التصرف فيه دون إذنها. فإن أذنت بإهدائه فلا بأس بقبوله وإلا فيجب رده إلى الجهه التي تملكه.
وللمزيد من التفصيل في الموضوع يمكن الرجوع إلى الفتويين رقم: 5794، 62076.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1430(12/4665)
حكم الهبة إذا كانت بلفظ العطية أو التنازل
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قام الوالد رحمه الله أثناء حياته بالتنازل عن بعض أملاكه، قطعة أرض زراعية وقطعة أرض سكنية وذلك بموجب صكوك شرعية موثقة من المحكمة الشرعية لأبنائه القصر من زوجته الثانية منذ فترة زمنية طويلة ما يقارب 18 سنة فأعطى لوالدتي الصكوك الشرعية فور قيامه بالتنازل في المحكمة، وأما الأبناء من الزوجة الأولى فهم كبار بالغون يعملون والكل متزوج ولهم أبناء ولهم منازل خاصة بهم والوالد رحمه الله لم يبخل علينا بجهده ولا ماله اللذين سخرهما لنا لأبنائه كافة سواء من زوجته الأولى أو زوجته الثانية, وبعد وفاة الوالد رحمه الله أتى الإخوة الكبار وقالوا بأن هذه الأوراق وصية وليست هبة وعلى قولهم لو أراد المرحوم هبة لأبنائه لقام فورا بتسجيلها في دائرة السجل العقاري، والمذكور في الصكوك الشرعية كلمة (تنازل، وأعطى) وعند بلوغ بعضنا سن الرشد تصرفنا في المزرعة والمنزل تصرف المالكين في حياة المرحوم فهل هذه هبة صحيحة؟ وهل التنازل الذي قام به الوالد رحمه الله في المحكمة وبتوقيع وختم من القاضي سليم قانونيا أفيدوني أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعله الأب يعتبر هبة وقد تم حوزها وقبضها كما ذكرت، وكونها بلفظ العطية أوالتنازل ونحوها لايؤثر لأن العبرة في العقود للمعاني لاللألفاظ والمباني، قال الرحيباني في المطالب: ويعم جميعها لفظ العطية لشمولها لها أي أن جميع التبرعات تصح بذلك اللفظ لكن بعض أهل العلم نص على حرمة تخصيص الأب بعض أبنائه دون الآخرين بهبة ونحوها مالم يكن هنالك مسوغ معتبر.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: فإن خص بعضهم بالعطية، لمعنى يقتضي تخصيصهم مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو أكثر عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله تعالى أو ينفقه فيها، فقد روى عن أحمد ما يدل على جواز ذلك. انتهى.
لكن ذلك يمضي بموت الأب قبل التعديل على الراجح.
قال الرحيباني في مطالب أولي النهى ممزوجا بغاية المنتهى: (فإن مات) معط (قبله) أي: التعديل (وليست) العطية (بمرض موته) المخوف (ثبتت العطية لآخذ) فلا يملك بقية الورثة الرجوع, نص عليه في رواية محمد بن الحكم والميموني; لخبر الصديق, وتقدم, وكما لو كان الآخذ أجنبيا; لأنها عطية لذي رحم; فلزمت بالموت كما لو انفرد.
وبناء عليه فالذي نراه هو مضي تلك الهبة ويمكن الرجوع إلى القضاء لأن حكم القاضي يرفع الخلاف، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 103810.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(12/4666)
حكم التصرف في الهبات المشروطة من الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[تقوم الدولة الجزائرية بمنح هبات للفلاحين والمتمثلة في بناء مساكن ريفية، غير أن بعض الناس يتحايلون على الدولة-سدد الله خطط ولي أمرها- يتحايلون ببيع هذه المساكن لأشخاص آخرين يقومون ببناء هذه المساكن في أراضيهم، أي أن الشخص الذي وهبته الدولة يقوم ببيع سكن في أرض غير الأرض التي أمرته الدولة بالبناء فيها، ويقبض ثمنا من الشخص الذي انتفع بالسكن، علما أن الدولة لم تمنح هذا السكن للشخص الثاني، أي أن الشخص الأول لايبيع إلا وثائق الاستفادة من السكن والثاني يشتري من الأول ويستفيد من السكن.
ما حكم هذا التعامل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طبيعة هذه المنح غير واضحة لنا، ولكن إن كانت هذه الهبات المقدمة للفلاحين لها شروط معينة فيجب الالتزام بها، روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقاً وأبو داود، وحسن إسناده ابن الملقن.
وهذا في غير الشروط التي تحل حراماً أو تحرم حلالا فهذه الشروط لا عبرة بها، لما رواه البخاري عن عائشة قالت: قام رسول الله صلى الله عليه على المنبر فقال: ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له وإن اشترط مائة مرة. . وراجع في هذا المعنى فتوانا رقم: 119087، وما أحيل عليه فيها.
وعلى هذا ينظر في أمر هذه الهبات وما وضعته الدولة من شروط فيجب الالتزام بها ما لم تخالف الشرع، علماً بأن الهبة بعد قبضها تكون ملكاً للموهوب له ويجوز له التصرف فيها بما شاء من بيع أو غيره، أما بيع الهبة قبل قبضها فمحل اختلاف عند أهل العلم، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 93258.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1430(12/4667)
كلفت بمتابعة المرضى فهل تقبل الهدايا التي يقدمونها لها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة في طب الأسنان، أحيانا بعض المرضى يعطوننا المال للاهتمام بهم هكذا يتهيأ لهم، مع العلم أننا مطالبون مجانا بمداواتهم في برنامجنا الدراسي. أريد الإستفسار عن طبيعة هذا المال هل هو رشوة؟ مع العلم أنني لم أقبل بالمال رغم أنه معتبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز لك أخذ هذا المال ما دمت مكلفة من الدولة بعلاجهم، وقد أحسنت صنعا بعدم أخذك لهذه الهدية، لأن العامل إذا كان يتقاضي أجرا من الدولة على عمله فلا يجوز له أن يأخذ شيئا من الناس ولو في صورة هدية لما في الحديث أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْتَعْمَل رَجُلاً مِنَ الأَْسْدِ يُقَال لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى صَدَقَةٍ فَلَمَّا قَدِمَ قَال: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي. فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ: فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَال: مَا بَال عَامِلٍ أَبْعَثُهُ فَيَقُول: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي. أَفَلاَ قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِي بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لاَ؟ أخرجه البخاري ومسلم.
وقد أخذ العلماء منه أن العامل لا يجوز له أخذ ما أهدي له على العمل إلا إذا سبق له مثل تلك الهدية نوعا ومقدارا مما يبعد شبهة كون الهدية لأجل العمل. جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
وَمِنَ الْهَدَايَا الْمُحَرَّمَةِ: هَدَايَا الْعُمَّال وَأَرْبَابِ الْوِلاَيَاتِ مِنْ قَاضٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ وَظَائِفَ عَامَّةً لِلْمُسْلِمِينَ، سَوَاءٌ كَانَتِ الْهَدِيَّةُ عَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً، أَمْ تَمَّتْ فِي صُورَةِ مُحَابَاةٍ.
وَلاَ يَجُوزُ لِلْقَاضِي وَنَحْوِهِ قَبُول هَدِيَّةٍ وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهَا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1430(12/4668)
هل يقبل الرجل هدية المرأة الأجنبية عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[طالبة أحضرت صحن حلوى إلي القسم فأكلت هي وصديقاتها جزءا، والجزء الآخر جاءت به لنا أنا وصديقي. فماذا علي أن أفعل هل أرفضه تماما أم يجوز لي أكله؟ إذا كان يجوز فهل هناك شروط في ذلك؟ وماذا كان ينبغي على الطالبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبول الرجل لهدية المرأة الأجنبية عنه والعكس يرجع فيها إلى قرائن الحال، فإن كانت هناك ريبة أو خوف فتنة ونحو ذلك فلا تقبل تلك الهدية، وأما مجرد المهاداة بين الرجل والمرأة وقبولها فلا حرج فيها؛ فقد روى البخاري عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم عروسا بزينب، فقالت لي أم سليم: لو أهدينا لرسول الله صلى الله عليه وسلم هدية، فقلت لها: افعلي، فعمدت إلى تمر وسمن وأقط فاتخذت حيسة في برمة فأرسلت بها معي إليه فانطلقت بها إليه.. . الحديث. الأقط: اللبن المجفف، الحيس: طعام يتخذ من اللبن المجفف والسمن والتمر، برمة: قدر يصنع من حجارة أو نحاس أو غيره.
وروى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بأهله، قال: فصنعت أمي أم سليم حيسا فجعلته في تور، فقالت: يا أنس اذهب بهذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل بعثت بهذا إليك أمي، وهي تقرئك السلام وتقول: إن هذا لك منا قليل يا رسول الله ... إلخ الحديث. التور: قدر كبير يصنع من الحجارة ونحوها.
قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار عند شرح هذا الحديث: وفيه جواز إرساله الصغير إلى من يريد المرسل دعوته إلى طعامه، وقبول الهدية من المرأة الأجنبية، ومشروعية هدية الطعام.
وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى ذات الأرقام الآتية: 11587، 33033، 73299، 29146، 28121.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(12/4669)
حكم هبة الوالد سيارة لبعض الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة والحمد لله.. وعمري 24، وتزوجت عندما كنت 21 سنة بقناعة وسعادة والحمد لله، والدي زوجني إنسانا صاحب خلق ودين وأنا أحبه. والدي الكريم لم يقصر معي من الدعم المادي كون أنه ميسور الحال.. لكن هناك شيء واحد ... والدي يدفع لي أجور الجامعة ولإخوتي (الرجال) رغم أن جميعنا متزوجون.. ووفر لكل واحد منا سكنا. ووفر لإخوتي سيارة ولم يوفر لي سيارة.. فهل يحق لي أن أسأل نفسي لماذا لم يوفر لي سيارة في حال أن زوجي دخله محدود، وهل والدي غير مجبور على القيام بتلك الأمور؛ لأنه من واجب زوجي أن يقوم بهذه الأمور، وأنا أتكلم من باب العدالة، وأنا دائما أشعر بأن حال إخوتي أفضل من حالي، فما عساي أن أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.. ملاحظة: أنا فتاة ولي أخوان أكبر مني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أولاً أن تحمدي الله كثيراً أن من الله تعالى عليك بمثل هذا الأب الذي زوجك من رجل صالح، ووفر لك مسكناً، وظل يدفع عنك رسوم الدراسة، فجزاه الله خيراً ... والراجح من أقوال أهل العلم أنه يجب على الوالد التسوية بين أولاده في العطية، ولا يجوز له تفضيل بعضهم على بعض إلا لمسوغ شرعي، فإن رأى مثلاً أن بعضهم في حاجة إلى شيء وفضله به دونهم لم يكن ظلما للآخرين، فربما رأى أبوك أن أخويك في حاجة إلى سيارة فاشترى واحدة لكل منهما، وإذا كنت فعلاً في حاجة لمثل هذه السيارة فلك الحق في مطالبته بها، ولكن ليكن ذلك منك بلطف مع اختيار الوقت المناسب لعرض الأمر عليه، وظننا أنه لن يخذلك بإذن الله.. وننبه إلى أن زواج البنت ليس بمانع شرعي من التسوية بينها وبين بقية الأولاد في العطية، ولمزيد الفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 104592.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1430(12/4670)
حكم الهدايا الدعائية للموظفين والمشروب المقدم للضيافة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل مأمور ضرائب، ويقوم بعض الممولين ممن لهم ملفات عندى بتقديم هدايا العام الجديد كأجندة أو نتيجة أو ميدالية، فهل قبولها فيه مخالفة؟ علما بأن ذلك لا يوثر على عملي من قريب أو بعيد.
ثانيا: قد يقدم لنا مشروب كواجب الضيافة مثل الشاي أو القهوة فهل شربه فيه مخالفة؟ علما بأنني أقدم لهم أيضا عندما يأتون إلى مكتبي على حسابي الخاص.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولاً إلى أن العمل في الضرائب قد يكون محرماً، وقد يكون جائزاً، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتاوى الآتية أرقامها: 5811، 69979، 74284. فننبهك على أهمية مراجعتها.
أما بخصوص ما تسأل عنه، فحكم ما يأخذه الموظف ممن يتعامل معهم من هدايا كحكم هدايا العمال، وهي لا تجوز إلا بإذن صاحب العمل، وقد ورد النهي عنها في الأحاديث الصحيحة، ففي الصحيحين عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي فيقول هذا لك، وَهَذَا لي. فَهَلَّا جَلَسَ في بَيْتِ أبيه وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى له أَمْ لَا. فالهدايا التي تدفع للموظف لا يجوز له أخذها إلا بإذن جهة العمل؛ لأن ما يدفع من ذلك إنما يدفع لأنه موظف في تلك المصلحة، ولو جلس في بيته لما دفع له أحد شيئا.
هذا هو الأصل في هدايا العمال، فينبغي النظر في ما يقدم للموظف من هدايا إن كانت هذه الهدايا بسبب الوظيفة فلا يجوز له أخذها إلا بإذن جهة العمل، أما إذا كانت الهدايا ليست بسبب الوظيفة كأن تكون جرت عادة المهدي بأهداء الموظف، أو تكون الهدية مما يوزعه البعض للدعاية، وليس لذلك علاقة بكون المُهدَى إليه موظفاً أو لا، فلا حرج في أخذ الهدية في مثل هذه الأحوال، لأنها لم تقدم بسبب الوظيفة، وهذا محتمل فيما ذكرته من هذه الهدايا.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وأفاد بقوله فهلا جلس في بيت أمه أنه لو أهدي إليه في تلك الحالة لم تكره لأنها كانت لغير ريبة، قال ابن بطال: فيه أن هدايا العمال تجعل في بيت المال، وأن العامل لا يملكها إلا إن طلبها له الإمام. انتهى.
وقال أيضاً: وقال المهلب: فيه أنها إذا أخذت تجعل في بيت المال ولا يختص العامل منها إلا بما أذن له فيه الإمام، وهو مبني على أن ابن اللتبية – يعني العامل المذكور في الحديث المتقدم - أخذ منه ما ذكر أنه أهدي له وهو ظاهر السياق ... وقال ابن المنير: يؤخذ من قوله هلا جلس في بيت أبيه وأمه جواز قبول الهدية ممن كان يهاديه قبل ذلك كذا قال، ولا يخفى ان محل ذلك إذا لم يزد على العادة. انتهى.
وأما ما يقدم للموظف على سبيل الضيافة فلا نرى حرجاً فيه؛ لأنه يقدم له باعتباره ضيفاً لا باعتباره موظفاً في جهة عمله.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 17863، 74512، 112296، 115400، 116346، 117259.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1430(12/4671)
خصت ابنها الأكبر دون إخوته بعقار ثم تراجعت بعد موته
[السُّؤَالُ]
ـ[أم لديها أبناء ولديها عقار.. وهبته كله لابنها الأكبر، توفي الابن فتراجعت عن هبتها، فما هو حكم الشرع في هذه الهبة، وهل لها الحق في تراجعها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الأم وهبت العقار لأبنها الأكبر، وفضلته في هذه العطية دون مسوغ شرعي، فالهبة باطلة ويلزمها الرجوع في حياة الموهوب له أو بعد مماته لبطلان الهبة أصلاً.. وأما إذا كان هناك مسوغ شرعي فالهبة صحيحة إذا حازها الموهوب له قبل موته، وتعتبر بهذا الحوز تركة يرثها ورثته الموجودون عند موته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1430(12/4672)
الموظف الذي عمله بالإنتاج هل يقبل هدية العميل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مهندسا في مكتب خاص، وأعطاني زبون قلم شيفر وأنا أعمل له تصميما لعمارته. فهل أقبله مع العلم أني أعمل بالإنتاج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام أن عملك في المكتب بالإنتاج فلا نرى بأسا في قبولك هدية الزبون، لأن المحذور المتوقع من وراء قبول الهدية وهو الإضرار بصاحب المكتب غير وارد، فاعتناؤك بالتصميم أو بذل وقت وجهد أكثر فيه عائد عليك عزمه وغنمه، لكن يعود إليك تقدير تكلفة المخطط، فاحذر أن تحابي الزبون لأجل هديته، فإنها عندئذ تتحول من هدية إلى رشوة محرمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1430(12/4673)
هبة الوالدة لأحد أولادها دون الباقين لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تعطيني والدتي حصتها في ميراث والدي، وكذلك أخي المتوفى عن طيب خاطر، ولكنني أخاف من الله تعالى أن أقوم بهذا العمل؛ لأن لي أخا مع أربع أخوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لأي من الوالد أو الوالدة أن يهب بعض أولاده ويحرم آخرين لأن هذا خلاف العدل الذي أمر الله تعالى به في كتابه، وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته، وقد سبق لنا أن بينا أنه يجب على الوالد أن يعدل في عطيته لأولاده، فإن لم يعدل فالهبة باطلة على الصحيح من أقوال الفقهاء، كما في الفتوى رقم: 103527. والفتوى رقم: 101286.
ومن خلال ما تقدم تعلم أنه لا يجوز لوالدتك أن تهب لك نصيبها من الميراث وحدك دون بقية أبنائها وبناتها لأنها مأمورة بالعدل في عطيتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1430(12/4674)
حكم تخصيص بعض الأبناء بالعطية لحاجته إليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أكبر إخوتي، وأبي يملك منزلين: أحدهما تقيم فيه كامل الاسرة، ومنزل من طابق واحد منشأ منذ بداية عقد السبعينات. ويحتاج إلى أعمال ترميم كثيرة، وباعتباري المرشح الأول للزواج بين إخوتي فقد قام أبي بإعطائي هذا المنزل كهبة ودون اعتراض من كافة إخوتي وبموافقتهم، وقمت بصرف مبالغ طائلة لغرض ترميمه وإعادة تفصيله، حيث إن هذه المبالغ تتجاوز تكلفة بنائه في وقت إنشائه بأكثر من ضعفين، وحالياً أنا متزوج ومقيم بالمنزل مع أسرتي وأمتلك شهادة عقارية به، وسؤالي هو:
هل يأثم أبي لقيامه بهذا التصرف؟ علماً بأن تاريخ هذه الهبة وقع قبل 13 عاما ووالدي لازال بصحة جيدة، وهل يجوز لأحد من إخوتي الاعتراض مستقبلاً على هذا التصرف، أو أن يطالبني والدي بسداد ثمن البيت أو التراجع عن هبته؟
أرجو الإفادة وفقكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنرجو أنه لا يلحق أباك إثم بما فعل، لأنه إنما خصك بالبيت لحاجتك الخاصة إليه دون باقي إخوانك، هذا ما اتضح من السؤال، وقد نص بعض أهل العلم على جواز تخصيص بعض الأبناء دون بعض إذا كان هنالك سبب معتبر.
قال ابن قدامة في المغني: فإن خص بعضهم لمعنى، مثل اختصاصه بحاجة، أو زمانة، أو عمى، أو كثرة عائلة، أواشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه، أو بدعته، أو كونه يستعين بما يأخذه على معصية الله، أو ينفقه فيها، فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك، لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف: لا بأس به إذا كان لحاجة، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة. والعطية في معناه.
كما أنه إذا رضي الأبناء بالتفضيل جاز، ومما يدل على ذلك ما روى مالك في الموطأ بإسناد صحيح أن أبابكر نحل عائشة دون غيرها من أبنائه، وما روي كذلك أن عمر نحل عاصما دون غيره.
قال الحافظ ابن حجر: وقد أجاب عروة عن قصة عائشة بأن إخوانها كانوا راضين بذلك، ويجاب بمثل ذلك في قصة عمر.
وقد ذكرت رضا الأبناء بما فعل الأب فهي هبة صحيحة نافذة، وليس لأحدهم أن يعترض بعد ذلك ما دام الأمر كما ذكرت.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1430(12/4675)
إذن الوالد لولده بسحب مال من رصيده لا يجعله ملكا لها بعد مماته
[السُّؤَالُ]
ـ[انتقل رجل إلى رحمة الله وكان له ولد، وبنتان، وكان يقيم فى بلد أوروبي، وكانت إحدى بناته تزوره بشكل شبه سنوي فى ذلك البلد، ولذلك فقد تم فتح حساب مصرفى باسم كل من الوالد وابنته فى ذلك البلد، أى يحق لكل منهما السحب من هذا الحساب دون الرجوع للآخر، وقبل وفاته بفترة قصيرة أخبرها بأنه سيترك لها مبلغا ما يمكنها الاستفادة منه. فهل ما بقي فى هذا الحساب يعتبر من حق البنت أم أنه يدخل ضمن التركة ويوزع حسب الشريعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما بقي من مال ذلك الحساب وكان في الأصل مالا للبنت وليس لوالدها فإنه لا يدخل في التركة، وإن كان في الأصل مالا للوالد فإنه يدخل في التركة ويقتسمه الورثة جميعا، ولا تختص به تلك البنت، وإذن والدها لها بسحب المال من الرصيد لا يجعل ذلك المال ملكا لها بعد مماته، بل المال الذي وهبه لها والدها في حياته إن كان لم يعط بقية أولاده ما يتحقق به العدل فإن هبته لها تعتبر باطلة ويجب ردها إلى التركة على الصحيح من أقوال الفقهاء حتى بعد مماته، لأنه يجب على الوالد أن يعدل في هبته لأبنائه وبناته، فإن لم يعدل وفضل بعضهم على بعض من غير مسوغ شرعي فالهبة باطلة، وعليه أن يسوي بينهم برجوع في الهبة، أو يعطي من حرمهم ما يتحقق به العدل، وانظر الفتويين رقم: 103527، 101286.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1430(12/4676)
من تملك هدية هل له أن يهديها لغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[قدم لي شخص هدية وهو مصحف وطلب مني أن أقرأ منه، قرأت قليلا منه ولكني أحفظ القرآن على مصحف خاص بي ولا أستطيع تبديله، لذلك قدمته لشخص آخر أعرف أنه يحتاجه، وحتى يأخذ الذي أهدانيه الأجر فهل في ذلك شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج على الإنسان إذا تملك شيئا ما بهدية أن يهديه لمن شاء، إذا تم الملك بالحيازة للهدية، فإذا علمت أن من أهديت له المصحف سيقرأ فيه، وكنت أنت ممن يشتغل بتلاوة القرآن وحفظه فلا حرج فيما عملت.
وقد تحقق- إن شاء الله- ما يرغبه المهدي من التلاوة والقراءة في مصحفه.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 22303، 75817، 19549.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1430(12/4677)
وهب عقارات لبعض أبنائه فما حكمها بعد مماته
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي أبي وترك بعض العقارات وديونا، لكنه وقبل وفاته بسنين عديدة اشترى لي بيتا وزوجني فيه، واشترى لأخي الآخر بيتا آخر وزوجه فيه، ولأخي الآخر محلا تجاريا ليعمل به علما، بأننا سبعة إخوة ذكور، وما عاد بإمكانه متابعة تزويج باقي إخوتي (أي لم يعد يشتري عقارات لأحد) بسبب الديون المترتبة عليه في عمله،
وكان قبل ذلك كله اشترى بيتا لأمي وسجله باسمها كونه تزوج عليها، وأحب أن يعوضها، وأسكن أهلها فيه. والسؤال أنه وعند سؤال بعض علماء دمشق قالوا بأنه يجب ضم العقارات المشتراة لنا (أمي وأنا وأخي) للتركة ليتم توزيعها مع باقي التركة، فهل لهذا الرأي وجه صحيح؟ وما دليله؟ وهل مصاريف الزواج وأثاث المنزل والمصاغ الذهبي لزوجتي وزوجة أخي وأمي يجب إعادتها أيضا، وفيما إذا أضفنا قيمة المنزل على باقي التركة، فهل يجب تقييم المنزل أو المحل بسعره الحالي أم بسعره عند الشراء قبل عدة سنوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان واقع الحال ما ذكرت من أن أباك قد وهب لبعض أبنائه بيوتا ومحلا للتجارة، ولم يهب لآخرين فلا شك أن هذا خلاف العدل الذي أمر الله به في كتابه بقوله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {النحل:90} وأمر الله به رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
وقد اختلف أهل العلم في صحة هذه الهبة ونفاذها، فمنهم من قال هي هبة ماضية صحيحة لأن العدل مستحب وليس بواجب، ومنهم من قال هي هبة باطلة لأن العدل بين الأولاد واجب، والمفتى به عندنا أنه إذا لم يكن هناك مسوغ شرعي للتفضيل فإن الهبة باطلة وترد على التركة بعد وفاة الأب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى فيمن فضله أبوه بالعطية ومات الأب قبل أن يسوي بينه وبين إخوانه: الواجب على من فضل أن يتبع العدل بين إخوته فيقتسمون جميع المال الأول والآخر على كتاب الله تعالى للذكر مثل حظ الأنثيين. انتهى.
وأما البيت الذي وهبه لإحدى زوجتيه دون الأخرى فالظاهر والله أعلم أنها تختص به ما دامت قد حازته في حياته ولا يضم للتركة. علما بأن وجوب المساواة بين الزوجات في مثل هذا من مسائل الخلاف.
وأما هل تقسم بقيمتها الحالية أم بسعر الشراء، فالبيت من ضمن التركة ويقسم بما هو عليه الآن، وليس بسعر الشراء في حياة الأب. وأما الأموال التي أنفقها الأب في زواج ابنه فإنها لا تدخل في ذلك، ولا تعتبر من الجور في العطية؛ لأنها نفقة لها مسوغ، وهي الحاجة، وليست هبة، فلو احتاج أحد الأبناء إلى زواج أو علاج أو دفاتر للدراسة ونحوها فلا يلزم الأب أن ينفق مثلها على بقية أولاده، لأن تلك نفقة وليست هبة.
قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى: لو احتاج أحد الأبناء إلى زواج فزوجه فإنه لا يلزمه أن يعطي الآخرين مثل ما أعطى هذا لزواجه، ولكن يجب عليه إذا بلغ الآخرون سن الزواج وأرادوا أن يتزوجوا أن يزوجهم كما زوج الأول. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 114813.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1430(12/4678)
وهبت أرضا لأخيها ولم توثقها فانتحلت زوجته شخصيتها ووثقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ورثت والدتي قبل 40 عاما 120 دنم أرض من والدها، ويوجد لي خال وحيد فقررت والدتي التنازل عن الأرض لخالي الوحيد، وبالفعل ذهبت إلى دائرة الأراضي لعمل التنازل، لكن في اليوم الأول لم تتم معاملة التنازل، وقرر موظف الأراضي المراجعة في اليوم التالي لإتمام المعاملة، ولكن في تلك الليلة مرضت والدتي وذهبت إلى فلسطين للعلاج، وذهبت بدل والدتي زوجة خالي على أساس أنها والدتي، وبالفعل تم الأمر وأصبحت الأراضي باسم خالي، علما بان خالي قد مات وورثه أولاده، ووالدتي قبل فترة فكرت في رفع دعوة ضد زوجة خالي لاسترجاع الأراضي عن طريق المحكمة ولكنها ترددت ولم تفعل، هل يلحق خالي الميت وزوجة خالي إثم؟ وماذا على والدتي أن تفعل؟ وهل يلحق والدتي إثم؟ وهل خالي مرتاح في قبره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت والدتك من بداية الأمر قد أقرت بتنازلها عن نصيبها لخالك شفهيا ولم يتبق إلا إجراء المعاملات الرسمية لتوثيق ذلك، ثم أتمتها زوجة خالك على أنها والدتك، وبعد الإتمام أقرتها والدتك في حياة خالك على هذا التنازل ولم ترفضه، فلا حق لكم في هذه الأرض، لأنها قد خرجت من ملكية والدتك لأنها وهبتها لخالك وقبضها منها، فلا يحل رجوعها في ذلك فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ. رواه البخاري ومسلم. وفي رواية: مَثَلُ الَّذِي يَرْجِعُ فِي صَدَقَتِهِ كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ فَيَأْكُلُهُ. وتكون زوجة خالك قد أساءت بانتحالها شخصية والدتك وغشت المسؤولين في معاملتها وهذا لا يجوز لقوله صلى الله عليه وسلم: مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا رواه مسلم.
ولا يبطل ذلك الهبة لأنها تمت بموافقة والدتك، وكذلك لا يلحق والدتك إثم سواء في هبتها الأرض لخالك، أو عدم رفعها دعوى ومطالبتها بالأرض، بل لا يجوز لها رفع دعوى ما دامت وهبت خالك برضاها كما ذكرنا في التفصيل السابق. ولا أثر لهذا علي خالك في قبره فهو لم يرتكب إثما.
وأما إن كانت والدتك لما مرضت ولم تتم المعاملة غيرت رأيها في هبة الأرض لخالك فكان عليها ألا تقر بملكية خالك للأرض ولا بصحة تصرف زوجته باسمها، ولا يلام خالك على فعله إلا إن كان علم بذلك ولم يعطها حقها لأن أوراق الملكية صارت باسمه، وسكتت أمك حياء أو عجزا، وحينئذ فهم غاصبون للأرض، ويجب على الورثة إبراء ذمة مورثهم -خالك- بإرجاع الحق لكم، حتى لا يحاسب على ذلك، ففي صحيحي البخاري ومسلم عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ ظُلْمًا طَوَّقَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ.
ولا يلحق والدتك إثم، وإن سكتت فهو حقها فلها المطالبة به أو ترك ذلك، وتراجع الفتوى رقم: 115258
ولمعرف المزيد عن حكم الرجوع في الهبة تراجع الفتاوى التالية أرقامها: 11760، 20625، 33868.
وهذه الفتوى حسب ما علمنا من السؤال، وإلا فهذا الموضوع من مهام القضاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1430(12/4679)
حكم عدم قبول الهدية للعجز عن رد مثلها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز عدم قبول هدية من صديقتي بسبب غلاء ثمنها وعدم قدرتي على إهدائها هدية ثمينة كما فعلت هي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبول الهدية مستحب، لكون ذلك طريقا لحصول التحابِّ بين المسلمين، ولكون ردها مظنة لفساد ذات البين. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدايا، وقال صلى الله عليه وسلم: لو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت. رواه البخاري.
والأصل في الهدية أن لا يراد منها العوض، إلا أن يشترط ذلك الواهب أو يجري به عرف، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 50874.
فإذا كانت الهدية من هذا النوع الذي لا يراد منه العوض، فيستحب قبولها ويكره ردها؛ لما سبق. إلا إذا كنت تخافين المِنة من صديقتك هذه، فلا حرج عليك عندئذ من عدم قبول هديتها، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 73422.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1430(12/4680)
العدل في العطية وتنازل الابن عن ميراثه في حياة أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت الطابق العلوي من الوالد لتحسينه بمبلغ زهيد يساوي حسب التقريب سدس التقدير لثمن البيت، ولم أسدد هذا المبلغ لعدم قدرتي المادية، وذلك منذ سنة 2005.
ولكن في المقابل بنيت مسكنا صغيرا في فناء نفس البيت لأخت لي مطلقة وهي في كفالة الوالد.
كما أني تعهدت بعدم المطالبة بحصتي في الميراث فيما بعد. مع العلم أن والدي على قيد الحياة ونحن ولد و 4 بنات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قيام والدك ببيعك الطابق العلوي بسدس قيمته يعد نوعا من الهبة، والواجب في حق الوالد العدل بين أولاده في الهبة، ما لم يكن هناك مسوغ شرعي لهذه المفاضلة، وراجع في هذا الفتوى رقم: 76103.
كما ينبغي أن تعلم أن تنازلك عن الميراث في حياة والدك لا يصح أصلا؛ لأنه تنازل عن شيء لم يستحق بعد.
كما لا يصح أن تجعل ما أنفقت في بناء البيت لأختك مقابل دين والدك عليك بحجة أن والدك ملتزم بنفقة أختك، إلا إذا حصل اتفاق بينك وبين والدك على أن ما أنفقته في بناء بيت أختك يحسب من دينه عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(12/4681)
حكم تخصيص بعض الأولاد بعطية ومنع آخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت من أمي، ربتها أمي في بيت والد أختي الذي اشترت والدتي حق عم أختي، وبنت البيت، وتزوجت أختي من ابن خالي الذي طمع في حق أمي، وضغطت أختي علي أمي واشترت منها حق أمي الشرعي كزوجة دون حق ما اشترته أمي من عم أختي، ودون تكاليف البناء، وأعطت أمي أربعة آلاف جنيه فقط، علما بأن حق أمي يزيد على ذلك بما يقرب من ثلاثين ألف، ذلك تسبب بمشاكل وقطيعة، وتعدي من أختي بسب أمها وأخوتي، وظلت القطيعة لسنوات، زاد مرض أمي من حزنها عل تربيتها لابنة جاحدة، وبفضل من الله تكلمت مع أمي لتصفح عن أختي لتظل صلة الرحم بيننا موجودة، لكن الآن شقيقي يريد كتابة بيت ثان تملكه أمي وبناه إخواني، يريد كتابته لإخواني الأشقاء دون أن يعطي أختي من الأم شيئا، بحجة أنها أخذت أكثر من حقها في أمها، ويا شيخ أنا أخشى أن تسأل أمي أمام الله عن ذلك.
فهل ما يفعله أخي يجوز أم لا يجوز؟ وأمي ما تزال على قيد الحياة وأمي موافقة على رأي أخي لأن أمي مجروحة من أختي ومما فعلته بها من عدة سنوات.
وهل أوافق أخي على كتابة البيت لأشقائي، علما بأننا ثلاث بنات شقيقات وثلاث أولاد ذكور أشقاء من أم وأب واحد.
وأخشى أن أرفض التوقيع لأشقائي الذكور فتغضب والدتي، مع أني- والله يشهد علي- بارة بأمي، ولا أريد شيئا مما تملكه سواء في حياتها أو بعد موتها، لو كتب أشقائي البيت باسمهم بيعا وشراء بينهم وبين أمي هل يجوز أن أخرج حق أختي من الأم من مالي الخاص خوفا على أمي من السؤال أمام الله؟ وهل لو فعلت ذلك لا تأثم أمي لو كان عليها أصلا إثم، لأن أختي من الأم بالفعل آذت أمي بما فعلته وخاصة أن أمي لم تقصر في تربيتها أو تعليمها،أو في أي شيء معها، وللعلم يا شيخ أن والدي -رحمه الله- كان يعامل أختي كابنته ولم يهنها ولا مرة واحدة، ولم نعرف أنها أخت غير شقيقة إلا في كبرنا؟
أفيدوني بالله عليكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما حدث من أختك تجاه أمها هو من العقوق المحرم، وما أخذته من حقها بثمن بخس تحت الضغط والأذى حرام، ويجب عليها أن ترده، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما البيع عن تراض. رواه البيهقي، وصححه الألباني , وما دام هذا البيع قد تم دون رضا فهو غير صحيح ويجب رده.
فالواجب عليكم أن تنصحوها وتذكروها بالله وبعقابه, فإن تابت من فعلها وردت ما أخذته كرهًا من أمها فقد أحسنت صنعا، ونسأل الله أن يقبل منها توبتها, وحينئذ فلا يجوز لأمكم أن تعطيكم هذا البيت دونها لأنه يجب عليها العدل بين أولادها في العطية.
أما إذا رفضت ذلك، فإنه يجوز حينئذ لأمكم أن تعطيكم هذا البيت دونها, إذا كان نصيب كل واحد منكم يساوي ما أخذت هي, بل ولو زاد عن نصيبها فلا بأس بذلك إن شاء الله, فقد نص أهل العلم على أن الوالد إذا خص بعض ولده بعطية لمعنى يقتضي ذلك وحجب البعض الآخر لمقتضى من فسق أو نحوه فإنه جائز.
جاء في المغني: فإن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة، أو زمانة، أو عمى، أو كثرة عائلة، أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها، فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك. انتهى.
علما بأن مجرد الكتابة لا يكفي للتمليك بل لا بد من رفع الأم المالكة يدها عن البيت، وحوز الموهوب له بحيث يتصرف فيه تصرف المالك في ملكه، فإن فعلت ذلك فلا أثر لتوقيع السائلة أو غيرها من الأولاد أو عدم توقيعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(12/4682)
مصرف عطية الدولة للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي توفي منذ أكثر من سنة، وله 4 زوجات، اثنتان مطلقتان، واثنتان لا، و15 بين أبناء وبنات.
واليوم جاءت إلينا نقود من الدولة تسمى عندنا نقود العشاء، وقد جاءت باسم زوجاته الاثنتين وأبنائه الاثنين- لا يتجاوز عمرهما 18سنة-. للعلم أبي مات وعليه ديون.
فهل هذه النقود تسدد بها الديون، أم لكل واحد حقه أم هناك شيء آخر. من فضلكم أفيدوني؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنقود المذكورة إن كانت عطية من الدولة غير مستحقة للميت فسبيلها حيث عينت الدولة، وقد أعطتها لزوجتيه وابنيه فهي لهم.
وأما إن كانت مستحقة للميت على الدولة، بأن كانت تقتطع في حياته من راتبه ونحوه، فهي من ماله، ويجب سداد ديونه منها قبل قسمة الباقي على ورثته إن بقي منها شيء.
والمتبادر هو الاحتمال الأول، وهو كونها غير مستحقة للميت، وإنما هي هبة من الدولة، فسبيلها ما عينه الواهب. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 61190.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1430(12/4683)
حكم إهداء أدوات للزينة قد تستعمل بطريقة حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أأثم إن أهديت صديقتي العطور أو أدوات ومساحيق تجميل الوجه، مع العلم أنها قد تستخدم هذه الهدية في أمر غير مباح، كأن تستخدم العطر أو التزين لغير المحارم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن الوسائل لها حكم المقاصد، وأن الإعانة على المعصية حرام، وبناء على ذلك فلا يجوز لك إهداء أدوات التجميل والزينة لصديقتك المذكورة، إذا تحققت أو غلب على ظنك أنها ستستخدمها في أمر محرم، كاستعمالها الزينة وخروجها متبرجة متعرضة لنظر الأجانب ولقائهم.
أما إذا حصل يقين أو غلبة ظن بعدم استعمال تلك الأدوات في وسيلة محرمة أو جهلت الحال، فالأصل جواز إهدائها ما لم يطرأ مانع شرعي من ذلك.
وراجعي المزيد في الفتويين رقم: 32865، 26950.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1430(12/4684)
طالبت زوجها بالمال الذي كانت تنفقه برضاها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد تطليق زوجتي، وهي تطالبني بالمال الذي كانت تنفقه برضاها لحاجيات المنزل، وكانت تقول إننا زوجان مالها هو مالي، المشكلة هي عدم قدرتي على سداد هذا المال.
فهل لها الحق في ذلك، فأفيدوني أفادكم الله؟ ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت زوجتك تنفق مالها في حاجيات المنزل على وجه التبرع، فلا يحق لها الرجوع عليك بشيء، ولا تطالبك بدين.
وإن لم تقصد التبرع، وإنما قصدت الرجوع عليك، فما أنفقته في شؤون النفقة الواجبة ونحوها دين عليك، وراجع التفصيل في ذلك في الفتوى رقم: 39315، والفتوى رقم: 34771.
وفي حال كون ما أنفقته ديناً عليك وعجزت عن أدائه فلا يحق لها أن تطالبك بسداده قبل القدرة على ذلك، لقوله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ {البقرة:280} .
مع التنبيه على أن الإقدام على الطلاق له حالات: فقد يكون مباحاً، وقد يكون محرماً، وقد يكون مكروهاً إلى آخر الحالات المذكورة، وذلك في الفتوى رقم: 12963.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1430(12/4685)
حكم هبة المجهول
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أنا وأشقائي شركاء في شركة، ونظراً لخسارتها تنازل لي شقيقي عن حصته، ثم بعد سنة اكتشفت أن شقيقي مدين للشركة بمبلغ 5 مليون ريال، فلما طالبته بالدين قال أنا تنازلت بما لي وعلي، ولم نناقش ذلك قبل التنازل، وعقارات وأصول الشركة تغطي حصته مع دينه، فهل لي حق بمطالبته بالدين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أن أخاك إنما تنازل لك عما زاد على دينه من حصته من تلك الشركة، إذ إن الشركات لا تخلو من ديون في العادة، فالعرف قاض بما ذكرنا من أنه تنازل لك عن حصته بعد سداد ما عليه من الدين، وعليه فهذه المسألة تنبني على مسألة صحة هبة المجهول، فمذهب مالك وترجيح جماعة من المحققين منهم العلامة العثيمين صحتها، ومذهب الجمهور عدم صحتها، قال في المغني: قال أحمد، في رواية أبي داود وحرب: لا تصح هبة المجهول. وقال في رواية حرب: إذا قال: شاة من غنمي. يعني: وهبتها لك. لم يجز. وبه قال الشافعي، وقال مالك: تصح هبة المجهول، لأنه تبرع، فصح في المجهول، كالنذر والوصية، ووجه الأول أنه عقد تمليك لا يصح تعليقه بالشروط، فلم يصح في المجهول كالبيع بخلاف النذر والوصية. انتهى بتصرف.
ويمكنك مراجعة مذاهب أهل العلم والمرجح عندنا في ذلك في الفتوى رقم: 101467.. فإن قلنا بصحة هبة المجهول، فالواجب عليك قضاء دين أخيك من حصته، ثم لك ما زاد على ذلك، وإن قلنا بعدم صحتها فالواجب عليك أن ترد عليه حصته من الشركة، ويقوم هو بقضاء دينه وما فضل يكون له، وعلى كل حال فلا يجوز لك مطالبته بهذا الدين.. وننصحكم بالتصالح وعدم الاختلاف والنزاع بسبب حطام الدنيا الزائلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1430(12/4686)
حكم تعليق الهبة أو إضافتها إلى المستقبل
[السُّؤَالُ]
ـ[أود معرفة رأي الشرع في هذه المشكلة للمعاونة على حلها وتصفية النفوس إن شاء الله.. صاحبة السؤال هي سيدة في منتصف العقد الثالث من عمرها ولدت لأبوين غير متعلمين، وكان والدها ميسورا ويمتلك تجارة تدر ربحا وفيرا، فاستطاع تعليم أولاده الأربعة في المدارس الراقية الأجنبية حتى تخرجوا جميعا في مناصب مرموقة، وكان سخيا معهم في المأكل والمشرب والملبس ... حتى عند زواج البنت الكبرى استطاع أن يشتري باسمها شقة في منطقة راقية إلى جانب السيارة التي اشتراها أثناء دراستها في كلية الطب، وتكفل بنسبة كبيرة من الجهاز إلى آخره. أما الابنة الوسطى فكان نصيبها مساهمة كبيرة في شقة باسمها أيضا إذ إن أحواله المادية بدأت في التدهور، أما الابن الوحيد فلم يأخذ من مال أبيه شيئا حيث سافر إلى الخارج فترة، ولم يكن الأب سخيا معه بدرجة كافية، ثم تدهور الوضع المالي للأب شيئا فشيئا، وعند بلوغ الابنة الصغرى 19 عاما تقريبا كان الأب يجد صعوبة في توفير المعيشة اليومية، وقرر التفرغ لمشكلاته المالية، دونما اهتمام يذكر بهذه الابنة التي عاشت مع والدتها المريضة بعد زواج الجميع وخلو البيت، وفي هذه الفترة وافق الأخ على إعطاء والدته وأخته مبلغا شهريا يعينهم على المعيشة، وكافحت الابنة حتى تخرجت من كليتها بتفوق ووجدت عملا ثابرت فيه حتى تميزت واستطاعت الادخار لتجهيز نفسها، وبالفعل ارتبطت برجل كريم عرف بظروفها وقبلها بدون أن يساهم أهلها في أي شيء مطلقا، المشكلة هي أن الابنة الصغرى شعرت دوما بالدونية والحزن إذ إنها لم تأخذ حقها مثل أختيها اللتين تعيشان في مستوى مادي واجتماعي أفضل منها بكثير، وظلت في كل مناسبة تثير الموضوع وتطالب بحقها، ولم يبق إلا الشقة التي يعيش فيها الأبوان، والتي كتبها الأب باسم الأم، مع ملاحظة أن الابنة الصغرى ظلت مع والدتها المريضة التي تعرضت لعدة عمليات جراحية، بينما تنكر بقية الإخوة للأم والأب، ففي عام من الأعوام بعدما يئست الابنة الصغرى من الحصول على الشقة وكتابتها باسمها، وجدت أمها تقرر أن تهبها الشقة بشرط عدم تمكنها منها إلا بعد وفاتها ووفاة الأب كتعويض عن عدم المساهمة في زوجها، وذلك بموجب عقد بيع رسمي وليس عقد هبة، ففعلت ذلك سراً مع والدتها، وبعد فترة حدث خلاف بينها وبين أمها، فاشتكت الأم للأبناء الآخرين، وأرادت استرداد عقد بيع الشقة، وعبثا حاولت الابنة أن تقول أن هذه ليست إلا ورقة، وأنها لن تستخدمها ولا نعرف من الذي سيموت قبل من، ولكن الأم أفسدت العلاقات بين الأبناء الذين يريدون أن يرثوا - بعد وفاة الأم والأب - في الشقة، ولا يوافقون أن تأخذ أختهم الشقة وحدها، حيث إنها كبيرة وفي موقع متميز، مع ملاحظة أسعار العقارات الآن، السؤال الآن ما الذي على الابنة الصغرى فعله، هل تعيد الورقة، وفي هذه الحالة يمكن أن تكتب الأم الشقة للابنة الوسطى حيث إنها هي التي تدعمها مادياً، أم تتمسك بحقها في الشقة ... أم أنها ليس لها أي حق. مع ملاحظة موافقة الأب الذي اشترى الشقة موضوع الخلاف على إعطائها للابنة الصغرى، فأفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الراجح من أقوال أهل العلم أنه يجب على الأب العدل بين أولاده في الهبات والعطايا، لقوله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه. وأنت قد ذكرت أن أباكم لم يقصر حال يسره وغناه في تعليمكم ولا في تزويج أخواتك والقيام على سائر مصالحكم، وكان في ذلك كله سخياً غاية السخاء، ولكن قدر الله أن ينزل به من الفقر وضيق الرزق بعد ذلك ما منعه من القيام معك في زواجك بمثل ما فعل مع أختيك، ولذا فهو معذرو في ذلك، وليس لك أن تحمليه ما لا يطيق. فمن أين سيعطيك مثل ما أعطى أختيك وهو لا يجد.
أما بخصوص الشقة التي كتبها الأب باسم الأم، فإن كانت الأم قد حازتها بحيث تتصرف فيها تصرف الملاك، فهي ملكها، ولكنها ما دامت قد رغبت في استرجاعها منك بعدما كتبتها لك، فهذا حقها لأن الهبة إنما تملك بالقبض على الراجح من أقوال أهل العلم، ولم يكن منك قبض لهذه الشقة، هذا بالإضافة إلى أن هذه الهبة معلقة ومضافة إلى ما بعد موت والديك، وهذا يبطلها لأن الهبة من عقود التمليكات، والتمليكات لا تقبل الإضافة ولا التعليقات.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ولما كانت الهبة من عقود التمليكات، وإن مقتضى التمليك هو الجزم والتنجيز، لذلك فقد منع فقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة في المعتمد تعليق الهبة أو إضافتها إلى المستقبل، لأن الهبة تمليك في الحال، والتعليق والإضافة تنافيه. انتهى.
والتحايل على تحويل هذه الهبة بيعاً بكتابة عقد بيع لها، لا أثر له، إذ العبرة بالمعاني لا بالألفاظ والمباني، فهي إذاً هبة معلقة على الموت، بل لو افترضنا وقوع هذه الهبة صحيحة، وتم قبضها، فإن الأم يجوز لها الرجوع فيها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. والأم داخلة في قوله (إلا الوالد) كما ذهب إليه جمع من الفقهاء، أما إذا كان الأمر مجرد كتابة لها من والدك فقط ولم تقبضها، فإن أمك نفسها لم تملك هذه الشقة، وهي ما زالت على ملك الأب، لذا فإن عليك أن ترجعي هذا العقد لأمك حيث طلبته منك، لما ذكرنا ولأنه لا حق لك فيها، ولا يحملنك على التمسك بها خوفك أن تهبها أمك لأختك، فهذا ليس بعذر بل يجب أن تؤدي ما عليك وتسألي الله الذي لك، مع التنبيه أن الأم إذا فعلت ذلك فقد عصت الشرع وخالفت أمره بالعدل بين أولادها، فأمرها حينئذ لله وحسابها عليه.
ثم ليكن همك في الدنيا بعد طاعة الله هو بر والديك وإرضاءهما، فإن الدنيا متاع قليل وعرض زائل، والآخرة خير وأبقى، واعلمي أن من أعظم نعم الله عليك أن مد الله في أعمار والديك، فأدركتهما وهما على قيد الحياة، فهذه نعمة عظيمة حرم منها كثيرون. فعليك أن تستثمريها وتجعليها سلماً لبلوغ رضوان الله والفوز بجناته، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رضا الله من رضا الوالد، وسخط الله في سخط الوالد. رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك، وحسنه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه الترمذي. وصححه الألباني. وقال عليه الصلاة والسلام: ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1430(12/4687)
شروط صحة هبة الزوج لزوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[لي عمة توفي عنها زوجها وقد عاشا معا لأكثر من 50 عاما بدون أولاد بسبب مشكلة في زوجها.. وأراد أن يكافئها ويعوض عليها جزاء صبرها.. حيث قام ببيع منزله وأعطاها ثمن المنزل وطلبت منه شراء منزل آخر جديد ويسجله باسمها لكن البنك رفض بحجة أن تكون أرملة أو مطلقة مما اضطره بأن يسجله باسمه.. هل يدخل هذا البيت ضمن الإرث أم لا، إذا علمنا أن أصل المال موهوب للزوجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الزوج قد وهب زوجته المال في حال حياته وصحته وتم القبض والحيازة من قبلها ثم وكلته في شراء البيت فالبيت ملك الزوجة وليس تركة، وكون البيت مسجلا باسم الزوج لضرورة الإجراءات القانونية لا يؤثر في ملكية الزوجة للبيت، وأما إن كان ذلك حصل في مرض موت الزوج فهذا التصرف منه يعتبر وصية لوراث ولا تمضي إلا إذا أجازها بقية الورثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1430(12/4688)
الهبة من حيث صحة الواهب أو مرضه أو تصريحه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن 9 إخوة: 4 أولاد، 5 بنات، وزوجة الوالد، توفي الوالد مند عامين، وهو يملك قطعتي أرض: الأولى مقام عليها منزل من دورين مساحتها200م، الأرضي يقيم فيه الوالد، والعلوي يقيم فيه أخي، والقطعة الأخرى ملاصقة للأولى مساحتها180م أستغل منها بيتا بمساحة80م.
تعرض الوالد لمرض السرطان -عافانا الله جميعا- وكان يعالج بالكيماوي، والمشكلة في الشقيق الأكبر حيث استغل حالة الوالد واحتياجه للعلاج بالمستشفى وبدأ يضغط على الوالد بأن يعطيه الإذن بأن يبني فوق سطح القطعة التي أقيم فيها والتي مساحتها 180م، وما على الوالد إلا أن يوافق وذلك حتى يعتني به هذا الابن لأنه دكتور وله علاقات بالمستشفيات، يعني العملية كان بمثابة المقايضة: العلاج مقابل السماح له بالبناء -للأسف هذا الذي حدث- وحصل الابن على البناء وسيطر على كامل المساحة، وكذلك المساحة التي تعلوها أي أخذ طابقين، مع العلم بأن الوالد سمح له ببناء حجرتين مع المنافع فقط، ولكن وضع الوالد الصحي لم يسمح له ولا لنا بإيقافه عن ما يفعله، وما كان من الوالد إلا إن غضب عليه غضباً شديد وأخذ يدعوا عليه، لدرجة أنه طلب منا عدم تركه يأخذ العزاء عند وفاته.
أكمل هذا الابن الطابق الأول في عجل وقت مرض أبيه وسكن فيه، مع العلم بأن هذا الابن قد وسع عليه الله وله مسكنين آخرين، والآن وفي هذه الفترة عاد هذا الابن إلي بناء الطابق الثاني دون أن يرجع إلى أحد من الأشقاء، مع العلم أنه من نوع يصعب التفاهم معه لأنه ليس له حياء من أحد، وكلامه كله بالعصبية والثورة والصياح بشكل يستحيل مجارته في أي حديث أبدا.
سؤالي:
هل له الحق في السيطرة على كل هذه المساحة. ولو تم رفع الموضوع للقضاء- في رأيكم- ما وضعه من حيث الشرع في المبالغ التي أنفقها على البناء، سواء الذي قبل وفاة الوالد أو في والبناء الحالي.
هل يحسب من ضمن قيمة التركة، أو أنها ترجع قبل القسمة.
جزاكم عنا الله كل الجزاء.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حيث الحكم الشرعي- حسب ما ظهر لنا من السؤال- لا تخلو المعاملة المسؤول عنها من حالات:
الأولى: أن يكون الوالد في حال صحته وحياته قد وهب لولده علو بيته ليبني عليه كذا وكذا، فالهبة صحيحة في القدر الموهوب فقط،، ويتملك الموهوب له الهبة كسائر ملكه بشرط أن يكون لهذه الهبة مسوغ، أو يكون ساوى بين الموهوب له وبين غيره من أولاده في العطية، وأما ما أحدثه زيادة على ما وهب له فذلك يعتبر غصبا، وللورثة تخييره بين هدم ما بناه في حقهم أو الإبقاء عليه ودفع قيمته منقوضا، وراجع الفتوى رقم: 71323، والفتوى رقم: 73972، وما أنفقه في حال كونه غاصبا يذهب هدرا.
الحالة الثانية: أن تكون الهبة في مرض موت الوالد، -ومرض الموت هو: المرض المخوف الذي اتصل به الموت- فالهبة فيه تأخذ حكم الوصية باتفاق الفقهاء، وبما أن الولد وارث فالوصية له لا تصح حتى يجيزها الورثة، فإن لم يجزها الورثة كانت باطلة لا أثر لها، ويعامل فيما أنفقة في هذه الحالة معاملة الغاصب كما تقدم.
الحالة الثالثة: أن يكون الوالد أذن له في البناء دون أن يصرح أنها هبة، أو دون تصريح بالتمليك.
فهنا إذا لم يدل العرف على أن هذا التصرف من الوالد هبة فيكون حكمه حكم العارية، والعلماء مختلفون فيما يؤول إليه أمر البناء في العارية.
جاء في الأم للشافعي: قال الشافعي رحمه الله: وإذا أعار الرجل الرجل بقعة من الأرض يبني فيها بناء فبناه لم يكن لصاحب البقعة أن يخرجه من بنائه حتى يعطيه قيمته قائما يوم يخرجه، ولو وقت له وقتا وقال أعرتكها عشر سنين وأذنت لك في البناء مطلقا كان هكذا، ولكنه لو قال فإن انقضت العشر السنين كان عليك أن تنقض بناءك كان ذلك عليه لأنه لم يغر إنما هو غر نفسه.
وثمت أقوال وتفصيل لأهل العلم في هذه المسألة ليس المقام مقام سردها، والذي ننصح به هو رفع الأمر إلى القاضي الشرعي حتى يأخذ كل ذي حق حقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1430(12/4689)
الهبة من حيث صحة الواهب أو مرضه أو تصريحه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن 9 إخوة: 4 أولاد، 5 بنات، وزوجة الوالد، توفي الوالد مند عامين، وهو يملك قطعتي أرض: الأولى مقام عليها منزل من دورين مساحتها200م، الأرضي يقيم فيه الوالد، والعلوي يقيم فيه أخي، والقطعة الأخرى ملاصقة للأولى مساحتها180م أستغل منها بيتا بمساحة80م.
تعرض الوالد لمرض السرطان -عافانا الله جميعا- وكان يعالج بالكيماوي، والمشكلة في الشقيق الأكبر حيث استغل حالة الوالد واحتياجه للعلاج بالمستشفى وبدأ يضغط على الوالد بأن يعطيه الإذن بأن يبني فوق سطح القطعة التي أقيم فيها والتي مساحتها 180م، وما على الوالد إلا أن يوافق وذلك حتى يعتني به هذا الابن لأنه دكتور وله علاقات بالمستشفيات، يعني العملية كان بمثابة المقايضة: العلاج مقابل السماح له بالبناء -للأسف هذا الذي حدث- وحصل الابن على البناء وسيطر على كامل المساحة، وكذلك المساحة التي تعلوها أي أخذ طابقين، مع العلم بأن الوالد سمح له ببناء حجرتين مع المنافع فقط، ولكن وضع الوالد الصحي لم يسمح له ولا لنا بإيقافه عن ما يفعله، وما كان من الوالد إلا إن غضب عليه غضباً شديد وأخذ يدعوا عليه، لدرجة أنه طلب منا عدم تركه يأخذ العزاء عند وفاته.
أكمل هذا الابن الطابق الأول في عجل وقت مرض أبيه وسكن فيه، مع العلم بأن هذا الابن قد وسع عليه الله وله مسكنين آخرين، والآن وفي هذه الفترة عاد هذا الابن إلي بناء الطابق الثاني دون أن يرجع إلى أحد من الأشقاء، مع العلم أنه من نوع يصعب التفاهم معه لأنه ليس له حياء من أحد، وكلامه كله بالعصبية والثورة والصياح بشكل يستحيل مجارته في أي حديث أبدا.
سؤالي:
هل له الحق في السيطرة على كل هذه المساحة. ولو تم رفع الموضوع للقضاء- في رأيكم- ما وضعه من حيث الشرع في المبالغ التي أنفقها على البناء، سواء الذي قبل وفاة الوالد أو في والبناء الحالي.
هل يحسب من ضمن قيمة التركة، أو أنها ترجع قبل القسمة.
جزاكم عنا الله كل الجزاء.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حيث الحكم الشرعي- حسب ما ظهر لنا من السؤال- لا تخلو المعاملة المسؤول عنها من حالات:
الأولى: أن يكون الوالد في حال صحته وحياته قد وهب لولده علو بيته ليبني عليه كذا وكذا، فالهبة صحيحة في القدر الموهوب فقط،، ويتملك الموهوب له الهبة كسائر ملكه بشرط أن يكون لهذه الهبة مسوغ، أو يكون ساوى بين الموهوب له وبين غيره من أولاده في العطية، وأما ما أحدثه زيادة على ما وهب له فذلك يعتبر غصبا، وللورثة تخييره بين هدم ما بناه في حقهم أو الإبقاء عليه ودفع قيمته منقوضا، وراجع الفتوى رقم: 71323، والفتوى رقم: 73972، وما أنفقه في حال كونه غاصبا يذهب هدرا.
الحالة الثانية: أن تكون الهبة في مرض موت الوالد، -ومرض الموت هو: المرض المخوف الذي اتصل به الموت- فالهبة فيه تأخذ حكم الوصية باتفاق الفقهاء، وبما أن الولد وارث فالوصية له لا تصح حتى يجيزها الورثة، فإن لم يجزها الورثة كانت باطلة لا أثر لها، ويعامل فيما أنفقة في هذه الحالة معاملة الغاصب كما تقدم.
الحالة الثالثة: أن يكون الوالد أذن له في البناء دون أن يصرح أنها هبة، أو دون تصريح بالتمليك.
فهنا إذا لم يدل العرف على أن هذا التصرف من الوالد هبة فيكون حكمه حكم العارية، والعلماء مختلفون فيما يؤول إليه أمر البناء في العارية.
جاء في الأم للشافعي: قال الشافعي رحمه الله: وإذا أعار الرجل الرجل بقعة من الأرض يبني فيها بناء فبناه لم يكن لصاحب البقعة أن يخرجه من بنائه حتى يعطيه قيمته قائما يوم يخرجه، ولو وقت له وقتا وقال أعرتكها عشر سنين وأذنت لك في البناء مطلقا كان هكذا، ولكنه لو قال فإن انقضت العشر السنين كان عليك أن تنقض بناءك كان ذلك عليه لأنه لم يغر إنما هو غر نفسه.
وثمت أقوال وتفصيل لأهل العلم في هذه المسألة ليس المقام مقام سردها، والذي ننصح به هو رفع الأمر إلى القاضي الشرعي حتى يأخذ كل ذي حق حقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1430(12/4690)
التفضيل بين الأولاد في العطية يؤدي إلى الضغائن
[السُّؤَالُ]
ـ[أبى يملك عقارا مكونا من دور أرضي وستة طوابق، والطابق الواحد قائم على 4 شقق، والدور الأرضي محلات تجارية، وقد خصص أبي الطابق الأول كمخازن تخدم المحلات التجارية، وباقي شقق العمارة مؤجرة بإيجار شهري زهيد يتراوح بين 30 و40 جنيها شهريا حيث إن العمارة مشيدة منذ 30 عاما تقريبآ، والمنطقة المشيد بها العقار تجارية بالدرجة الأولى، والمحلات التجارية تجلب رزقا وفيرا والحمد لله، وفضل أبى أن نقف أنا وإخوتي الذكور ونحن جميعا حملة مؤهلات عليا معه في تجارته في المحلات التجارية، ويريد أبى الآن أن يكتب المحلات التجارية والدور الأول المخصص كمخازن لنا نحن الذكور دون الإناث بيعا وشراء، وتعويض البنات عن نصيبهم في المحلات بشقق، وهى بطبيعة الحال مؤجرة فاعترض أخواتي البنات، وللعلم نحن ثلاثة ذكور وبنتان، وصمم أبي على موقفة لتعويضنا نحن الذكور للوقوف بجانبه في تجارته مع العلم بأنه يعطينا مرتب المثل. والسؤال هنا ماذا لو صمم أبي على موقفه، وآلت إلينا نحن الذكور هذه المحلات. ماذا نفعل لكي نحافظ على بر أبينا وعدم قطيعة رحم أخواتنا البنات؟ وبم تنصحنا وتنصح أبانا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الشرع بالعدل بين الأولاد، ونهى عن التفضيل بينهم، فإذا كان أبوكم يريد أن يكتب لكم أملاكه، بمعنى أنكم تملكون التصرف فيها، ويرفع هو يده عنها، فتلك هبة يجب أن يعدل فيها بينكم، والراجح أن العدل بين الأولاد يكون بإعطاء الذكر مثل حظ الأنثى. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 6242.
فإذا أراد أن يعطي لثلاثتكم الذكور المحال التجارية والطابق الأول فعليه أن يعطي البنتين ما قيمته ربع قيمة المحال والطابق الأول، وإذا كانت قيمة الشقق التي يريد أن يهبها للبنات أقل من ذلك فتكون هبته لكم باطلة لما فيها من الجور، ويجب على والدكم رد ما أعطاكم على القول الراجح عندنا، فإذا أصرّ والدكم على تفضيلكم، فعليكم أن تنصحوه برفق وتخوفوه عاقبة هذا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، كما أنه يؤدي إلى الضغائن بين الأولاد، ويجب عليكم حينئذٍ رد ما فضلكم به صيانة لأبيكم من الظلم، وحفظاً للمودة بين أخواتكم، وللمزيد راجع الفتوى رقم: 8147، والفتوى رقم: 93877، والفتوى رقم: 111025.
وننبه إلى أن هذه الشقق المؤجرة إذا كانت مؤجرة بغير مدة محددة -كما هو الظاهر- فتلك إجارة باطلة، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 9057، والفتوى رقم: 27655. ويجب على المستأجرين تسليمها لوالدكم أو تجديد عقد محدد المدة بالتراضي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1430(12/4691)
كتب قطعة أرض باسم بعض أولاده لأنهم يعملون معه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال: لدي أب له تركة ولا يعمل في التركة إلا اثنان من إخواني، واثنان لم يعملا معه، فقام على كتب الأرض الذي يشتريها لإخواني الاثنين بأسمائهم، وكتب مكينة حراثه بأسمائهم، ونحن لم يكتب لنا شيئا، مع العلم أن هؤلاء إخوتي أشقاء، وبحجة أن إخواني الاثنين يعملان معه في المزرعة، ونحن مشتغلون في الوظيفة مع الدولة، وذلك لأن لدينا أسرا وعيالا، وهو غضبان علينا. فما حكم الشرع في ذلك؟ وهل دعوته تستجاب عندما يدعو علينا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعله أبوك من كتابة الأرض باسم إخوتك لا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن يكتبها باسمهم، ويملكها لهم حال الحياة، ويخلي بينهم وبينها حتى يحوزوها إلى أملاكهم فهذه هبة، وهي لا تجوز، لأنه يجب على الوالد أن يسوي بين أولاده في العطية والهبة لما في تفضيل بعضهم على بعض من إيغار صدورهم وإغراء بعضهم وزرع العداوة والبغضاء بينهم، جاء في حديث النعمان بن بشير قال: تصدق عليَّ أبي ببعض ماله، فقالت أمي عمرة: لا أرضى حتى تشهد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ قال: لا. قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
وفي لفظ لمسلم: ثم قال: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذن.
ولكن نص أهل العلم على أنه يجوز تفضيل بعض الولد بهبة لمعنى يقتضي ذلك.
جاء في المغني: فإن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك. انتهى.
وعلى ذلك، فإذا لم يكن هناك مقتضى للتخصيص من نحو ما ذ كر فإنه يحرم على أبيك ما صنعه، ويجب عليه استرداد هذه الأرض منهم، أو يعطيكم مثل ما أعطاهم. وكونهم يعملون معه في هذه الأرض لا يسوغ فعله؛ لأنه يقدر على بذل أجرة لهم مقابل العمل أو يخصهم بقدر من الأرض مقابل أجرتهم. أما أن يكتبها لهم هكذا فلا يجوز.
الحالة الثانية: أن يكون قد كتب لهم هذه الأرض وأضاف تمليكها لهم إلى ما بعد موته فهذه تعد وصية لوارث، وهي باطلة ما لم يجزها الورثة، لحديث: لا وصية لوارث. رواه أحمد.
أما بخصوص دعوة الوالد على ولده فالظاهر من النصوص أنها مستجابة إذا كان الولد عاقا أو ظالما لأبيه كما في الحديث: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة الوالد، ودعوة المسافر. رواه أحمد وأبو داود وحسنه الأرنؤوط والألباني.
ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الوالد على ولده، فقال: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم.. الحديث. رواه مسلم.
أما إذا لم يكن الابن عاقا ولا ظالما فإنه لا تستجاب دعوة الوالد عليه إن شاء الله؛ لأنها حينئذ من باب الإثم والعدوان، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. رواه مسلم.
وهذا لا يتعارض مع الجزم المفهوم من الحديث السابق الذي قطع بإجابتها؛ لأن الذي يظهر -والعلم عند الله- أن هذا مخصوص بالولد العاق المغالي في عقوقه وبغيه.
قال في فيض القدير عند شرح هذا الحديث: ثم الظاهر أن ما ذكر في الولد مخصوص بما إذا كان الولد كافرا أو عاقا غاليا في العقوق لا يرجى بره. انتهى.
وننصحك أيها السائل بالبر بوالدك والإحسان إليه والرفق به في كل الأحوال، حتى وإن ظلمك ومنعك حقوقك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1430(12/4692)
الزوجية والمحرمية مانعة من الرجوع في الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أهداني زوجي بعض أطقم الذهب قبل شهور وهو زوج طيب وخلوق ويخاف الحرام بشدة ويتحرى الحلال قدر مستطاعه، المهم أنه تبين الآن أنه كان ضحية عملية نصب كبيرة حيث شغل فلوسه مع رجل ولكنه ظهر أنه نصاب والأرباح التي وصلت لأضعاف رأس ماله وهو الآن بصدد إرجاع كل ممتلكاته الخاصة للحكومة لترجعها لأصحابها وقد طلب مني رد الهدية التي أهداني إياها ليسلمها للحكومة، ولكني رفضت ذلك باعتبار أنه بعد إهدائه لي أصبح الذهب من حقي ولا يملك التصرف فيه وهو في الأصل لما اشتراه لي كهدية وكان بمناسبة خاصة كان قد اشتراه مما كان يأخذه من الرجل على أنه أرباح وقد كانت في محل الحلال بالنسبة له والآن أنا لا أريد أن أرجع له الذهب وذلك لأننا الآن لا نملك ولا دولارا وحتى المصروف استدانه حتى لا يقع في الحرام كما أنه جعلني أستقيل من وظيفتي على أساس أرباحه التي تبين أنها وهمية وأنا سأعتبرها تعويضا لي عن خسارتي للوظيفة فهل أنا آثمة في ذلك أم أنني يجب علي إرجاعها ولا يجوز لي الاحتفاظ به علما بأن زوجي الآن يحاول استرداد ما يستطيع من هدايا وعطايا حتى من أمه وأخته وأخيه وأصحابه إذا كانت هدايا ذات قيمة, ولا يأبه بالإحراج ويقول إنه يريد أن يتحلل من كل ما يستطيع من هذا المال الذي ثبت أنه مال أناس آخرين كانت وضعت أموالها عند هذا الرجل النصاب.
وسؤالي الأساسي سيدي في ضوء ما سبق هل له الحق برد الهدايا التي أعطاها لي ولأهله وللآخرين, وهل عليه أصلا السعي في استردادها وهل يأثم من يرفض إرجاع هديته أوهبته له إذا اعلمه بمعطيات الوضع؟
وبارك الله فيكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحق لزوجك أن يسترجع هذه الهبات التي وهبها لك ولأهله؛ لعموم الأدلة القاضية بالمنع من رجوع الواهب في هبته، لقوله صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه، ليس لنا مثل السوء. متفق عليه.
وهذا مذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة، وأما الأحناف فإنهم وإن قالوا بصحة رجوع الواهب عما وهبه مع الكراهة بشرط أن يكون ذلك بتراض أو حكم حاكم إلا أنهم جعلوا الزوجية مانعا من جواز الرجوع، جاء في البحر الرائق: أي الزوجية مانعة من الرجوع (في الهبة) لأن المقصود فيها الصلة أي الإحسان كما في القرابة. انتهى.
وكذا هبة الشخص لرحمه المحرمة فإنها من المواطن التي لا يجوز فيها الرجوع عندهم، جاء في العناية شرح الهداية: وإن وهب هبة لذي رحم محرم منه فلا رجوع فيها؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: إذا كانت الهبة لذي رحم محرم منه لم يرجع فيها، ولأن المقصود فيها صلة الرحم وقد حصل. انتهى.
فبان بهذا أنه لا يحل لزوجك الرجوع فيما وهبه لك ولا فيما وهبه لأرحامه عند أصحاب المذاهب الأربعة، وما وقع عليه من احتيال لا يسوغ له الرجوع لأنه وقت تصرفه في الهبة كان أهلا للتصرف وصادف تصرفه محله فلم يجز له الرجوع.
ولكنا مع ذلك ننبه على أمرين:
الأول: يستحب لك أن تعطيه ما سأل وأن تبذلي له هبته هذه لأنه في موطن حاجة وفاقة وضيق وكرب، ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.
الثاني: لا يصح أن تجعلي هذه الهبة عوضا عما منعك منه من العمل لأن عمل المرأة وخروجها من البيت لا يجوز إلا بإذن الزوج، فلو منعها فليس لها مخالفته ولا يجوز لها أن تطلب على ذلك عوضا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1430(12/4693)
حكم إيثار الأبناء على البنات في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أرض وعندي ولد واحد وسبع بنات، فوددت أن أعطي تلك الأرض لابني، علما أن أخواته موافقات على ذلك. فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إيثار الأبناء على البنات في العطية من أفعال الجاهلية، ولا يسوغ للمسلم فعل ذلك، بل يجب العدل بين الأبناء في العطية، فذلك أدعى لبرهم بالوالد جميعا وأرفع للشقاق بينهم، ففي الحديث: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه. وفي الحديث: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء. رواه البيهقي وحسنه ابن حجر.
ولا ينبغي أن يكتفى بمجرد موافقة من البنات على إيثار الولد، إذ قد يكون الدافع لهن على تلك الموافقة الحياء، فإن لم يعلم أن الدافع لهن على ذلك الحياء فلا حرج في العمل بمقتضى ذلك التنازل منهن.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19505، 74406، 33348.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1430(12/4694)
الهبة والوصية إذا كانتا بقصد الإضرار بالورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجات إخوتي يعاملونني معاملة جدا سيئة لدرجة أنني محرومة من رؤية أبنائهم وهذا يعذبني. ماعدا واحدة فهي تخاف الله وطيبة، ولدي كذلك أخت واحدة لديها بنتان، أنا لست متزوجة ووالدي متوفيان. أعمل.
سؤالي: هو هل يجوز أن أعطي ما أملكه من مال أو ذهب أو غيره لبنات أختي. سواء قبل الممات أو بعد الممات؟ فهن الوحيدات اللاتي لم أحرم من رؤيتهن ومداعبتهن....إلخ. أفيدوني فلا أريد أن أخطئ. ولا أريد أن أعطي غيرهم بسبب سوء المعاملة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما مالك حال الحياة فقد أطلق الشرع لك حرية التصرف فيه، طالما كان التصرف مشروعا، وكنت بالغة رشيدة، فيحق لك أن تهبيه لمن تشائين، أو تتصدقي به على من تشائين. وعلى هذا فلا حرج عليك إن أنت أعطيت مالك كله أو بعضه لبنات أختك على سبيل الهبة والعطية، بشرط ألا يصحب ذلك قصد حرمان أحد أو الإضرار به. أما إن كان ذلك بقصد الإضرار وحرمان إخوتك من ميراثك بعد الموت، فهذا لا يجوز، لأن هذا الفعل يعتبر مشاقة لله ومناقضة لحكمته في تقسيم مال الميت بعد موته على ورثته، فإنه سبحانه قد قسم التركة قسمة عادلة، وأعطى كل ذي حق حقه.
فقال الله تعالى: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا {النساء:7} وقال تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ {النساء:13-14}
أما بخصوص الوصية به بعد الموت، فإن الوصية تجوز في حدود الثلث لغير الوارث، فلو أنك أوصيت لهن بشي من مالك فيما لا يتجاوز الثلث فإنه جائز، بشرط أن ينتفي قصد الإضرار بالورثة أيضا، فإن الوصية بقصد الإضرار بالورثة حرام وهو من الكبائر، قال تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ {النساء: 12}
قال ابن كثير: لتكون وصيته على العدل، لا على الإضرار والجور والحيف بأن يحرم بعض الورثة، أو ينقصه، أو يزيده على ما قدرَ الله له من الفريضة فمتى سعى في ذلك كان كمن ضاد الله في حكمته وقسمته. انتهى.
كما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: الإضرار في الوصية من الكبائر. رواه سعيد بن منصور بسند صحيح.
قال ابن القيم في كتابه "إعلام الموقعين": ومن الكبائر ترك الصلاة، ثم ذكر بعدها إلى أن قال: وقطيعة الرحم والجور في الوصية، وحرمان الوارث حقه من الميراث. انتهى.
فعليك أيتها السائلة أن تتقي الله سبحانه، وأن تذكري وقوفك بين يديه، ولا يحملنك ما كان من بعض إخوتك أو زوجاتهم من إساءة إليك أن تقصدي إضرارهم ومنعهم مما أوجبه الله لهم من المال، فإنك على الحقيقة لا تعطينهم شيئا لأن المال مال الله، والإنسان لا يملك ماله على الحقيقة، بل ما هو إلا مستخلف فيه ممتحن به هل سيضعه فيما أمر الله، أم يضعه فيما يخالف أمره.
قال سبحانه: آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ {الحديد: 7}
جاء في تفسير الألوسي: أي جعلكم سبحانه خلفاء عنه عز وجل في التصرف فيه من غير أن تملكوه حقيقة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1430(12/4695)
أعطاه أبوه أرضا فبنى فيها ثم عاد فأخذها منه
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل تفضلوا بالنظر في مسألتي التي طرأت بيني وأبي وأخي والتي جعلتني حيران كيف أتصرف. أبي أعطاني قطعة أرض منذ 14 سنة، وذلك لبناء مستودع لسيارتي فبنيت المستودع من مالي الخاص، ثم كنت أستغله طوال هذه الفترة، ولكنه منذ شهرين تراجع عما أعطانيه إياه وتنكر لي، وقال إنه هو الذي بناه وأني لم أبن شيئا، وأعطى المستودع لأخي فحاولت إقناعه بشتى الطرق، لكنه رفض بل في كل مرة يهددني بطردي من المنزل مع العلم أن أبي لم يعدل في القسمة بيننا، فقد جئنا بخبير في تقسيم التركات فتبين أن أخي يملك أكثر مني إلا أن أبي لم يقبل ويستهزئ بي لأني ملتح ويصف اللحية بالوسخ، ويصف زوجتي المنتقبة بالجاهلة ويستهزئ بعدم مخالطتها للرجال، مع كل هذا فإني صابر وأزوره يوميا وأدعو له بالخير، كما أنه سبق له أن طرد والدته أي جدتي من منزله، حيث كانت تقيم معه، وبقيت العلاقة مقطوعة مع والديه حتى وفاتهما، مع العلم أني أستغل مقر إقامة جدتي سابقا، والذي يملكه والدي للعمل به والاسترزاق منه. فالرجاء أن تجيبوا عن أسئلتي:
1. هل علي ذنب إذا اشتغلت في هذا المحل الذي طرد منه جدتي؟
2.هل يجوز أن أطالب بالمستودع الذي بنيته من مالي الخاص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
1- فهذا المحل قد ذكرت أنه ملك لوالدك، وطالما أنه ملك له فلا يجوز لك العمل فيه إلا بإذنه، لكن الذي يظهر أنه طالما أنك تعمل فيه وهو يراك ولم يطالبك بتركه فذلك إذن عرفي يجري مجرى الإذن القولي، لكن يبقى أنه إذا طلب منك أبوك مغادرته أو طالبك بأجرة فإنه يلزمك ذلك.
2- أما المستودع الذي وهبه لك أبوك ثم رجع في هبته، فينبغي التنبيه أولا إلى أن مجرد قول الأب لابنه ابن هذه القطعة مستودعا ونحو ذلك لا يكفي في اعتباره هبة كما بينا في الفتوى رقم: 36315، بل الواجب أن يشهد على أنه وهبها له حقيقة، وإذا ثبت أنه وهبها له حقيقة، فإنه وإن كان الأصل أن الوالد يجوز له أن يرجع فيما وهبه لابنه، إلا أن هذا ليس على إطلاق، بل هو مقيد بقيود، ومن هذه القيود ألا تتغير الهبة في يد الولد جاء في حاشية البجيرمي على الخطيب: وَإِنَّمَا يَسُوغُ الرُّجُوعُ إذَا لَمْ تَتَغَيَّرْ الْهِبَةُ فِي يَدِ الْوَلَدِ. انتهى.
وقال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: وله أي الأب أن يعتصر ما وهب لولده الصغير أو الكبير (وكذلك الأم) ما لم ينكح لذلك أو يداين أو يحدث في الهبة حدثاً، قال العدوي: أي حادثاً ينقصها في ذاتها أو يزيدها فإنها تفوت عليه. اهـ ممزوجاً بشرح النفرواي.
فطالما أن الهبة قد تغيرت ببنائك عليها من مالك فإنه لا يجوز له الرجوع، فإذا انضم إلى ذلك أنه أخذه منك وأعطاه لأخيك، فهنا يتأكد المنع لأن محل جواز رجوع الوالد إذا كان لغرض شرعي أو عادي، أما أن يرجع في هبته ليعطيها لولد آخر، فهذا لا يجوز لما فيه من إغراء الأولاد بعضهم ببعض وإلقاء العداوة بينهم، فأشبه تفضيل بعضهم على بعض في الهبة.
وبالتالي، فإنه يجوز لك أن تطالب أباك بهذا المستودع؛ لأنه قد تعلق حقك به، مع أن أمور المناكرة والخصام لا يفيد فيها إلا القضاء.
وفي النهاية فإنا ننبهك إلى ما هو أهم من هذا كله وأعظم، ألا وهو حال أبيك مع ربه، فإن ما ذكرته من حاله ووصفه للِّحية والنقاب بما وصف ليدل – والعياذ بالله – على خراب دينه، فإن اللحية والنقاب من شعائر الله، والاستهزاء بشرائع الله كفر مخرج من الدين، فاستنقذ – رحمك الله – أباك من عذاب الله، وانصحه وعظه وقل له في نفسه قولا بليغا، فإن أعرض عن كلامك ولم يستجب لك فاستعن عليه ببعض أهل العلم والخير في محيطكم، وأكثر من الدعاء له بظهر الغيب، فلرب دعوة تفتح لها أبواب الإجابة يغير الله بها الحال إلى أحسن حال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1430(12/4696)
أمها أعطتها هي وأخواتها البنات مالا دون إخوتهن الذكور
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ستة إخوة وأخوات وأمنا لديها مبلغ نقدي من المال وهبته لنا (البنات فقط) وأعطته لواحدة منا لتحفظه لديها بشرط أن لا تقسمه بيننا إلا بعد وفاتها ولا يعلم إخوتنا الذكور بذلك حيث إننا البنات أوضاعنا المادية بسيطة علما بأن أغلب مالها هو منقولات وعقارات وسوف تتركه يقسم وفقاً لحكم الشرع فهل يجوز ذلك أم أن فيه تعديا على حقوق إخوتنا الذكور؟
كما أنني وصيت أختي التي لديها المال بأن تحفظ نصيبي منه لديها إن توفيت ولا تعطي زوجي منه شيئاً فما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على وجوب العدل عموما، ووجوب العدل بين الأولاد ذكورا وإناثا في الهبة خصوصا، فقد قال تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ... {النحل:90} .
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمن أعطى أحد أولاده وحرم آخرين: اتقوا الله واعدلوا في أولادكم ... متفق عليه.
وعليه فإننا نرى أن ما فعلته أمك من هبة بعض مالها للإناث دون الذكور يعتبر هبة جائرة لم يتق الله فيها إذا لم يكن لها ما يبررها شرعا، فينبغي أن ترد، هذا إذا سلمت المال للإناث في حياتها لبناتها، وحزنه حوزا صحيحا.
وأما إذا لم تسلمهن المال ووكلت من يعطيهن المال بعد وفاتها فهذه تعتبر وصية ولا تمضي بعد مماتها إلا إذا رضى بقية الورثة بإمضائها.
وإننا ننصح السائلة أن تحث أمها على العدل في عطيتها، وتبين لها الحكم الشرعي فإن تفضيل بعض الأولاد على بعض يورث الأحقاد والضغائن بينهم، وانظري الفتوى رقم: 103527.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1430(12/4697)
بنى أخوهم لنفسه في بيت أبيهم في حياته فما موقفهم
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن6 بنات و2 ذكور كلنا متزوجون وخارجون من البيت، أخي ما زال يسكن في البيت لكن أخي هدم بعضا من البيت وبناه، وقال لن أحسدكم، أمنا متوفاة والأب مازال على قيد الحياة ووقفه جميع الناس وتوقف بعدما خسر بعضا من المال، وأحيطك علما بأن أبانا تزوج وليس له أولاد، السؤال كيف نعمل مع المشكلة بعد وفاة الأب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ندري: هل البيت المذكور ملك للأولاد جميعا أم هو ملك للوالد؟ فإن كان ملكا للأولاد جميعا فليس لأحدهم التصرف فيه بغير إذن الباقين, فإن تصرف بغير إذنهم فلهم رد تصرفه أو إجازته، فإن كان بنى بإذنهم فهو شريك لهم بقيمة ما بنى, وإن كان بنى بغير إذنهم فله قيمة ما بنى منقوضا لتعديه.
وإذا كان البيت – كما هو الأظهر -لوالدهم فهو المالك وليس لهم ولاية عليه حتى يتصرفوا نيابة عنه في ملكه برد تصرفات أخيهم أو إجازتها , لكن لهم مطالبة أبيهم بالاحتياط وضبط تصرفات ولده حتى لا تؤدي تصرفاته إلى نزاعهم بعد وفاته, ولهم كذلك المطالبة بعدل والدهم بينهم وأن لا يخصص أحد ولده بهبة أو محاباة دون سائرهم إذا فهموا أن والدهم محاب لأخيهم دونهم بلا مسوغ شرعي.
وللأهمية راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 60734، 53440، 116758، 96183.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1430(12/4698)
حكم رجوع الوالد في الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[يملك والدنا بيتا وأثناء حياته عرض علينا أن يتنازل لأحدنا عن سطح البيت ليبني عليه سكني بمجهوده أو بالاقتراض من البنك وبالفعل قبل أحد الإخوة ذلك وتنازل له الوالد وسجل سطح البيت باسمه لدى الجهات المختصة ولم يتيسر للأخ الحصول على قرض أو أي مبلغ للقيام بالبناء على نفقته فقام الوالد بالبناء من حسابه الخاص وأخي لم يدفع شيئا من عنده وكان الوالد يقول أثناء حياته لأخي لا تفكر أن تسجيلي للبيت باسمك يعطيك حق التملك والجميع يعلم ذلك لكثرة تكرار الوالد لهذا الكلام ويقول إن ذلك عرية فقط وكل شيء على أصله وأنا صاحب البيت كله توفي والدنا ونحن الآن نريد بيع هذا البيت وتوزيعة ثمنه على الورثة حسب الشرع.
وسؤالنا: هل لأخينا هذا حق في البيت العلوي والمسجل باسمه فقط أم نحن سواء في الإرث حسب المعلوم للجميع من كلام الوالد في حياته الأمر الذي يقر به حتى أخي المسجل البيت باسمه.
نريد إجابة شافية وفي أقرب وقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبيتُ حقٌ لكم جميعاً تتقاسمونه على ما فرض الله عز وجل، وليس لأخيكم في هذا البيت حقٌ زائدٌ على حقكم، لأن الذي يظهر من كلام والدكم هو أنه قد رجع في هبته تلك التي وهبها له، ورجوع الوالد في هبته للولد يعيدها إلى مُلكه، وهذا جائزٌ له.
فعن ابن عباس وابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي لولده، ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب يأكل فإذا شبع قاء ثم عاد في قيئه. رواه الخمسة وقال الترمذي: حسن صحيح.
وما دام والدكم قد صرح برجوعه في هذه الهبة فلا حق لأخيكم إذاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1430(12/4699)
حكم تصرف أحد الأبناء في مال أبيه دون إنكار من الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[أبى شيخ كبير في السن 90 سنة، له قطعة أرض حوالي 330 آ، له 3 بنات و 8 أولاد. هل يجوز أن يتصرف أو يأخذ أو يختار أحد من الأبناء منابه حسب التقريب للاستغلال، دون استشارة بقية الأبناء أو إعلامهم مستغلا بذلك كبر سن أبيه ونفوذه المالي. مع العلم أن الأرض متفاوتة في قيمتها عند الميراث. فيها الجيدة وفيها ما دون ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أباكم إما أن يكون كامل الأهلية فله التصرف في ماله بما شاء، وله أن يولي من شاء من أبنائه أو غيرهم على التصرف في ماله بما تقتضيه مصلحته، فإذا قام أحد الأبناء بذلك بحضرته ولم ينكر عليه ما قام به دل على رضاه بذلك، ولا حق لبقية الأبناء في الاعتراض عليه ما لم يصل الأمر إلى تخصيصه له ببعض الامتيازات التي تدخل في معنى الهبة؛ لأن الراجح من أقوال العلماء وجوب التسوية بين الأبناء في العطية لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمن أراد أن يفضل بعض أولاده على بعض: ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: لا تشهدني، فإني لا أشهد على جور. وفي رواية: أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذن. وفي رواية أنه قال له: فاردده. رواه مسلم، وأصله في البخاري. وراجع الفتوى رقم: 27738.
أما إذا كان الأب غير كامل الأهلية بأن وصل إلى درجة الخرف، فيكون ولي أمره القاضي الشرعي وليس لأبنائه التصرف في ماله دون أن يوكلهم القاضي على ذلك، فلا يجوز لأحدهم ولو رضي الباقون أن يتصرف في ماله لمصلحته الشخصية أو أن يأخذ منه ما يرى أنه حصته لو مات الوالد.
وللمزيد راجع الفتوى رقم: 47722.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1430(12/4700)
وهبها أبوها مصنعا قبل وفاته بمدة طويلة ويطالبها أعمامها بحصتهم منه
[السُّؤَالُ]
ـ[وهب لي أبي مصنعه الوحيد قبل وفاته بعشر سنين، علما أنا الوحيدة من نسله بعد وفاته، طالبني أعمامي بقسمتهم من المصنع الموهوب فهل لهم الحق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والدك قد وهبك المصنع في حال صحته، وكنت قد حزته حقيقة، وصرت تتصرفين فيه تصرف المالك فهذه هبة صحيحة نافذة، وانتقل بها المصنع من ملك أبيك إلى ملكك، ولا يحق لورثة أبيك أن يطالبوا بقسمته لأن المصنع في هذه الحالة ليس من جملة التركة.
وأما إذا كان والدك قد وهبك المصنع في مرض مخوف مات بسببه، أو وهبه لك حال صحته ولم تستلميه حتى مات، أو كتب لك المصنع وصية بعد مماته ففي كل هذه الحالات تعتبر هذه الهبة ليست نافذة، وتأخذ حكم الوصية، والوصية للوارث - وأنت وارثة لأبيك - لا تصح إلا إذا رضي الورثة بإمضائها؛ كما بيناه في الفتوى رقم: 113951، وإذا لم يرض أعمامك بإمضائها فإن لهم الحق في المطالبة بقسمة المصنع القسمة الشرعية لأنه من جملة تركة أبيك، وهم من جملة ورثته إن لم يكن له أب أو ابن ذكر وارث، وانظري للفائدة الفتوى رقم: 2609، والفتوى رقم: 105662، والفتوى رقم: 103413.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1430(12/4701)
وجوب العدل بين الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل أرجو من الله أن يصلك سؤالي وأنت في أتم الصحة والعافية.
تربَى ابني لمدة 9 أعوام في بيت جدَته من أمه، لكن خالته وجدته سببتا لي مشاكل عديدة بيني وبينه وحتى بينه وبين أمه، حيث إنهما تمنعاننا من ممارسة حقوقنا عليه كابن، ولا ترضيان بأي شيء أشتريه له.
ويشهد الله أنني لم أقصر معه في أي شيء يريده. فعندما أحسست أنهما تتحدثان أمامه بالسوء عن والديه أرجعته إلى بيتي، فبدأ يتأقلم بالعيش معنا. لكنهما لم ترضيا بهذا الوضع، فشجعاه وهرب من البيت ورجع إليهما!
هل أنا مذنب أمام الله في عدم قدرتي على العدل بينه وبين إخوته مادَيا؟
(مع العلم أن خالته وجدته تتحجَجان بأي شيء أشتريه له لتثيران به مشكلا أو تعيبان الشيء أمام ابني، فعوض أن أكسب محبته يكون الشيء سببا في كره ابني لي!!) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان ينبغي لكما أن تدعا ابنكما لدى من يفسد سلوكه ولا يربيه على الأخلاق الكريمة. والتربية كما أنها حق لكما فهي حق عليكما لرعاية الولد وحفظه وتعاهده بما يصلحه، وتقصيركما في ذلك تضييع للحق وتفريط فيه، فعليكما تدارك ذلك بحيازة الولد وتعليمه وتربيته التربية الصالحة، وغرس القيم في نفسه، ولا عذر لك فيما ذكرت من عدم العدل بينه وبين إخوته، فيجب عليك أن تعدل بينهم كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
وللمزيد انظر الفتاوى رقم: 14254، 28403، 50662، 23307، 26105.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1430(12/4702)
حكم قبول الهبة من مريض الزهايمر
[السُّؤَالُ]
ـ[تربيت عند عمتي ولم ترزق بأولاد وأحبتني هي وزوجها بشكل رهيب، والآن تزوجت وأنجبت طفلتين وأمي التي ربتني أصبحت وحيدة وأصيبت بالزهايمر فأحيانا تكون بوعيها وأحيانا لا تكون، ولا أحد يهتم بها سواي فهي طوال عمرها تحب أن تعطيني كل شيء والآن تصر علي أن آخذ نقودا لشراء أشياء لي ولبناتي كهدية منها وهي متعلقة ببناتي بشكل لا يوصف فهل يجوز لي ذلك فهي تقول لا أحد يهتم بي غيرك ولو أنجبت ابنة لما أحببتها كما أحببتك وهذا الكلام حتى قبل إصابتها بالمرض وهي تشك بكل الناس إلا بي وتقول أنا أسلمك روحي ولا أخاف فأرجو أفتوني سريعا لأني لا أريد أن آكل أو أطعم بناتي مالا حراما.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمرض الزهايمر أشبه ما يكون بالخرف الذي تحدث عنه الفقهاء بل لعله هو، وهذا المرض له حالتان:
الحالة الأولى: ما إذا اشتد بصاحبه حتى أفقده وعيه حينئذ يصير حكمه حكم المجنون، وإن كان ليس مجنونا في الحقيقة.
جاء في عون المعبود: بخلاف الخرف والجنون فإن أحكامهما واحدة وبينهما تقارب ويظهر أن الخرف رتبة متوسطة بين الإغماء والجنون وهي إلى الإغماء أقرب. انتهى.
ويسقط عنه حينئذ التكليف ولا تصح تصرفاته من بيع أو شراء أو هبة أو نحو ذلك.
الحالة الثانية: أن تعتريه هذه الحالة بعض الوقت وتفارقه بعض الوقت، وحكمه حينئذ أن يتعلق به التكليف في الوقت الذي يعود إليه تمييزه، ويرتفع عنه في الوقت الذي يفقد فيه التمييز، جاء في عون المعبود: ولو برئ في بعض الأوقات برجوع عقله تعلق به التكليف. انتهى.
وعليه فالهبات التي تهبها لك عمتك إذا وقعت في وقت تمييزها وإدراكها لأفعالها فلا حرج عليك في قبولها بل يستحب لك القبول وعدم ردها إذا علمت حبها لذلك كما ذكرت.
أما إذا كان حصل الإهداء وقت عدم التمييز فلا يجوز لك القبول لأنه لا تجوز أصلا تصرفاتها في هذا الوقت، وقد قدمنا في الفتوى رقم: 37606، أن مريض الزهايمر الذي لا يشعر يسقط عنه التكليف ولا تصح تصرفاته من بيع أو شراء ونحو ذلك.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1430(12/4703)
لها إخوة يرثونها فهل لها أن تهب بيتها لطفلين يتيمين
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة ليس لها أولاد ولا زوج لها قامت بتربية يتيمين ولها 6 إخوة منهم أشقاء ومنهم إخوة لأب وهي تريد أن تهب منزلها لليتيمين اللذين ربتهما حتى لا يتشردا من بعد موتها لأنهما ليسا وريثين ولقد وافق إخوتها كلهم إلا أخ واحد رفض وقال إنه لا يسمح بحقه من إرث البيت وهي تسأل إن كان يجوز لها أن تهب بيتها لليتيمين رغم رفض أخيها، جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لتلك المرأة إذا كانت رشيدة وفي حال صحتها وفي غير مرضها المخوف أن تهب بيتها لمن تشاء لأن للمرأة حق التصرف المطلق في حدود الشرع في مالها تبرعا أو معاوضة ما لم يقم بها مانع من جنون أو سفه أو حكم حاكم بإفلاس كما فصلناه في الفتوى رقم: 9116، والفتوى رقم: 76751.
وليس لأخيها الحق في الاعتراض على تصرفها في بيتها بحجة حفظ حقه من الميراث، فلا ميراث له منها ما دامت حية إذا وهبت بيتها في غير مرضها المخوف، وربما مات قبلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1430(12/4704)
وهبت لها خالتها ذهبها كله فهل تأخذه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عشت مع خالتي مند صغري لعدم وجود أطفال لها، وقد أعطتني ذهبها الخاص بها، هل أخذه حلال أم ما هو حكم الشرع والدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما وهبته خالتك لك من ذهبها الخاص إن كان حال صحتها ورشدها، وتمت حيازتك له فإنه حلال، فيجوز لك أخذه والتصرف فيه، إلا إذا ظهر لك أن ما أعطتك إياه كان تحت تأثير الحياء، فيحرم عليك أخذه؛ لأن المأخوذ حياء كالمأخوذ غصبا. وراجعي الفتوى رقم: 18923، والفتوى رقم: 27854.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1430(12/4705)
الهبة التي قصد بها حرمان الوارث
[السُّؤَالُ]
ـ[لي خالة أرملة ربتني منذ صغري دون أن تتبناني، ومحبة في سجلت بيتها وهو ملكها الوحيد باسمي، وقد تصرفت فيه كيفما أشاء بعته واشتريت غيره وهي حاليا تسكن معي، وأنا أرعاها بما يرضي الله، ومرة علمت أثناء حديثي معها أن السبب الرئيسي لإعطائي البيت هو لأنها تحبني، والسبب الآخر لأنها لا تريد للبيت أن يؤول لأحد ورثتها الذي سرقها يوما وهو ابن أخيها، علما أنه حاليا ليس الوريث لأن أباه الذي هو أخوها لازال على قيد الحياة، وهو الذي يرث ولكنها تقول بعد وفاة أخيها سيؤول له. فهل البيت حلال لي أم حرام؟ علما أن لديها إخوة آخرين متوفين، ولهم أولاد وأختان على قيد الحياة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الهبة الواقعة في صحة الواهب تنفذ مطلقا، سواء كان قصد بها حرمان الوارث أو لم يقصده بها، وأما ما وقع منها في حالة المرض فلا ينفذ.
جاء في إعانة الطالبين: والكلام في التبرعات المنجزة في مرض الموت أو المعلقة به، أما ما وقع منه في الصحة فينفذ مطلقا ولا حرمة وإن قصد به حرمان الورثة. اهـ
وبناء على هذا، فهذه الهبة هبة صحيحة، ولا يؤثر فيها قصد حرمان ابن الأخ ولو كان وارثا، ومن باب أولى إذا كان غير وارث لوجود أبيه الذي يحجبه حجب حرمان.
وللأهمية راجع الفتويين: 75564، 76456.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1430(12/4706)
تسوية الأب بين الذكور والإناث في نفقات الزواج.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا جهز الأب البنات عند زواجهن بمبلغ معين (مع محاولة الإنقاص من الجهاز قدر الإمكان حيث تقول الأم بأن الأب يقول لا أريد تجهيز بيت الصهر) ، علما بأنه جرت العادة الاجتماعية بتجهيز البنات بأكثر من ذلك، وعندما تزوج الولد تم شراء شقة له وفرشها بأثاث كامل، وتم دفع مهر العروس بالكامل وغيره من اللوازم، وكانت التكاليف ثلاثة أو أربعة أضعاف جهاز البنات، وعندما ألمحت الابنة للأم بتقصيرهم مع البنات قالت بأن المال الذاهب للابن غير ضائع، وليس كالمال الذي يذهب لبيت الصهر، ألا ينافي هذا العدل الذي أمر به الله، وألا يخلف مرارة في النفس بسبب التفريق الواضح، فقد كان من الإمكان تجهيز الابن بشكل كامل حسب العرف الاجتماعي مثل نظرائه بأقل من ذلك بكثير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان الأولى والأحرى بالأب أن يفعل مع ابنته في عرسها ما يرضيها ويطيب خاطرها، خصوصاً إذا كان غنياً موسراً صاحب مال وثروة، وإن كان هذا غير واجب عليه، ولم يقع في الظلم لتفريقه في الزواج بين ابنته وابنه، ذلك أن الشريعة المطهرة جعلت تجهيز بيت الزوجية والأثاث على عاتق الزوج وحده، ليس على المرأة ولا وليها من ذلك شيء، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 9494.
قال ابن قدامة في المغني: وعليه لها ما تحتاج إليه للنوم، من الفراش واللحاف والوسادة، كل على حسب عادته. انتهى.
أما بخصوص ما فعله الأب من تزويج ابنه من ماله -أي مال الأب- فهذا واجب عليه في أصح قولي العلماء إذا كان الابن غير قادر على تكاليف الزواج، قال المرداوي في الإنصاف: يجب على الرجل إعفاف من وجبت نفقته عليه من الآباء والأجداد والأبناء وأبنائهم وغيرهم ممن تجب عليه نفقتهم، وهذا الصحيح من المذهب -يعني مذهب الإمام أحمد-. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: قال أصحابنا: وعلى الأب إعفاف ابنه إذا كان عليه نفقته، وكان محتاجاً إلى إعفافه، وهو قول بعض أصحاب الشافعي، وقال بعضهم: لا يجب ذلك عليه. ولنا: أنه من عمودي نسبه، وتلزمه نفقته، فيلزمه إعفافه عند حاجته إليه، كأبيه. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: حاجة الإنسان إلى الزواج ملحة، قد تكون في بعض الأحيان كحاجته إلى الأكل والشرب، ولذلك قال أهل العلم: إنه يجب على من تلزمه نفقة شخص أن يزوجه إن كان ماله يتسع لذلك، فيجب على الأب أن يزوج ابنه إذا احتاج الابن للزواج ولم يكن عنده ما يتزوج به. انتهى.
لكن يبقى النظر في الأموال الزائدة التي دفعها زيادة لابنه على مهر قرينات زوجه وهو ما يعرف بمهر المثل، فالظاهر أن هذا القدر يلزمه فيه التسوية بين أولاده الذكور والإناث، فيعطيهم مثل هذا القدر الزائد لأن التسوية بين الأولاد واجبة على الراجح من أقوال أهل العلم. وللمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35212، 44984، 6242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1430(12/4707)
وهبت أمهم بيتها لاثنين منهم دون البقية ثم ماتت
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أربعة إخوة وخمس أخوات، أمي أعطت البيت إلى اثنين من إخوتي، نصف لأخي الصغير والنصف الثاني لأخي الثاني. مات أحد إخوتي الذي له نصف البيت، وكان متزوجا وله بنت.
أخي الصغير تزوج أرملة أخي لكي يحصل على نصف البيت الثاني، وأصبح له أولاد منها، وبعد مرور خمس سنوات من زواجه من أرملة أخي ماتت البنت لأنها كانت مريضة ومعوقة منذ الولادة، وبعد مرور خمس عشرة سنة ماتت أمي، وطالبنا في حقنا من البيت، ولكن أخي الصغير يقول: أنتم لا يوجد لكم حق في البيت، ويقول: أمي تنازلت عن نصف البيت لي والنصف الثاني لأخي والبنت ورثت أباها وعندما ماتت البنت ورث حصتها إخوتها من أمها، ويقول أنتم ليس لكم حق عندي. هل هذا صحيح أريد أن توضحوا لي ولإخوتي الباقين. أرجو الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المسألة تبنى على حيازة الولدين للبيت في حياة والدتهما، فإذا كانا حازا ما وهب لهما من البيت وتصرفا فيه تصرف المالك فهي هبة صحيحة، وإن لم يكونا حازا ذلك، وبقي البيت في ملك والدتهما حتى ماتت، فالهبة غير صحيحة، والبيت تركة بين الورثة الموجودين عند موت مورثتهم.
وفي حال كانت الهبة صحيحة فإن البيت ملك للموهوب له ولورثته من بعده، ولا حق للورثة الآخرين في منازعتهم.
وإن حصلت الهبة أصلا على وجه المفاضلة بين الأولاد، فإن أكثر أهل العلم على أنه بموت الواهب تلزم الهبة للموهوب له، وذهب آخرون إلى عدم لزومها، وأن من حق الورثة الرجوع على الموهوب له في حالة المفاضلة.
وعلى هذا القول فإن الهبة (البيت) تركة لورثة الوالدة، ولا ينتقل إلى أبنائها ولا أحفادها بالميراث لبطلانها أصلا.
وننبه إلى أن للإخوه والأم نصيبا في تركة الأخ المتوفى، ولا تحجبهم البنت من نصيبهم المتبقي بعد أخذها، وأخذ أمها - زوجة الميت - لنصيبهما، كما أن الإخوة للأم لا يحجبون العصبة، فالباقي من تركة البيت بعد نصيب أمها وهو السدس ونصيب إخوتها للأم وهو الثلث في حالة وراثة الإخوة لأم، وراجع الفتوى رقم: 46401.
وننصح بالرجوع إلى المحكمة في هذه القضية فهي أحوج إلى القضاء منها إلى الفتوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1430(12/4708)
وهب امرأته أرضا ثم احتال عليها فباعها وجحدها حقها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوج اشترى قطعة أرض شركة مع زوجته، وحين أراد البيع وعدها إعطاءها نصيبها، لكن بعد البيع رفض مدعيا أنه ماله وقد استرده.
هل كان على الزوجة أن تطالب المشتري بشيك منفصل بنصيبها قبل أن توقع عقد البيع؟ وتظهر زوجها أمام الأغراب بشخص غير أهل للثقة- زمان قالوا: من أمنك لا تخونه ولو كنت خائنا.
لولا هذه الخديعة ما استرد الزوج هديته –أتساءل في كيفية تطبيق حكم الله في سورة النساء -آية 19 وخاصة بعد زواج دام أكثر من 35 سنة، ومازال مستمرا؟ أرجو الإفتاء مع ذكر المصدر الديني للفتوى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أن الزوج وهب زوجته نصف قطعة الأرض، أو وهبها مبلغا وأرادت أن تشتري به نصف القطعة، ثم تراجع عن هبته فالتراجع عن الهبة محرم، إلا إذا كانت من الوالد لولده لحديث: لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه أصحاب السنن.
وإذا لم يحصل قبض للهبة من قبل الموهوب له، فإن الهبة غير لازمة عند جمهور العلماء، ويجوز الرجوع فيها، وذهب مالك إلى لزومها بمجرد عقد الهبة فلا رجوع عنده في الهبة قبل القبض وبعده، والقبض في الأرض بالتخلية، وتمكين الموهوب له بالتصرف في الهبة.
والذي يظهر أن هذا وقع فعلا، وإلا لما احتاج عقد البيع إلى توقيع الزوجة، وعليه فيجب على الزوج دفع ثمن الجزء الذي تملكه الزوجه من الأرض إليها، وإلا كان غاصبا.
ولا ريب أن ما فعله الزوج مناقض لقوله تعالى في سورة النساء: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1430(12/4709)
كتب أبوهم شقته لزوجته الثانية ثم لجأ للحيلة ليستردها منها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت والدتي رحمها الله منذ ثماني سنوات.. وبعد وفاتها بثلاث سنوات تزوج والدي بامرأة أخرى وبعد فترة قصيرة من الزواج قام بكتابة الشقة باسم زوجته الجديدة – ويقدر ثمن الشقة بحوالي مائتي ألف جنيه مصري – ولم نعلم نحن الأبناء من الزوجة الأولى بما حدث حتى أخبرنا والدنا به وأعلن لنا أنه أخطأ وأنه يريد الرجوع في عقد البيع لأنه يشعر أن ما فعله حرام وسيحرمنا من الشقة على المدى البعيد.. وبالفعل تم عقد جلسة مع أبي وزوجته وبعض الأقارب ممن لهم تأثير على أبي حيث قال أبي لزوجته في هذه الجلسة أنه كان قد باع الشقة إلى أحد أقاربنا - والذي كان حاضرا في المجلس - بتاريخ سابق على العقد الذي معها.. وبالطبع لم يكن هذا صحيحا بل كانت حيلة من أبي حتى يعود عن بيع الشقة لزوجته وللعلم في الفترة التي كتب أبي فيها الشقة لزوجته حتي تراجعه فإن زوجته لم تقبض الشقة بل ظلا فيها سويا ولم يخلها أبي لزوجته.. بمعنى أنها لم تحز الشقة.. المهم في أثناء الجلسة التي أخبر فيها أبي زوجته بأنه كان قد باع الشقة من قبل لأحد أقاربه وأن العقد الذي معها يعتبر لاغيا قانونيا أصرت زوجة أبي وحتى لا يتم تصعيد الأمر إلى المحاكم أن يقوم مالك الشقة وأبي كل على حدة بكتابة عقد إيجار لها لمدة عشرين عاما مدفوعة في مقابل تنازلها عن عقد بيع الشقة.. وقام أبي والمالك الصوري كل على حدة بكتابة عقد إيجار لها لمدة عشرين عاما مدفوعة الإيجار.. الآن توفي أبي رحمه الله وسؤالي هو: هل أخطأ أبي بكتابة الشقة لزوجته؟ وهل أخطأ بعودته في هذه الهبة؟ أيضا تصر زوجته أنها معها عقد إيجار موثق وترغب في الاستئثار بالشقة وحدها فهل يجوز لها ذلك شرعا؟ وهل يجب علينا نحن باقي الورثة الأبناء من الزوجة الأولى أن ننفذ عقد الإيجار أم يجوز لنا المطالبة بالشقة؟ هذا مع العلم بأن أبي رحمه الله لم ينجب من هذه السيدة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما صدر من أبيكم تجاه زوجته إما أن يكون على سبيل الهبة, وإما أن يكون على سبيل البيع, فإن كان على سبيل الهبة فإن من شروطها -يعني لزومها- قبض الموهوب له, فإذا لم يتم القبض فإن للواهب الرجوع في الهبة كما هو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة ورواية في المذهب المالكي لأن الهبة لم تنعقد بعد.
جاء في الإنصاف: وله أن يرجع في نفس الهبة قبل القبض على الصحيح من المذهب فيهما.
وفي الموسوعة الفقهية: وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ قَبْل الْقَبْضِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، فَإِذَا تَمَّ الْقَبْضُ فَلاَ رُجُوعَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلاَّ فِيمَا وَهَبَ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَجُوزُ الرُّجُوعُ إِنْ كَانَتْ لأَِجْنَبِيٍّ، أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَلاَ رُجُوعَ عِنْدَهُمْ فِي الْهِبَةِ قَبْل الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ فِي الْجُمْلَةِ، إِلاَّ فِيمَا يَهَبُهُ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ.
يتلخص من هذا أن الزوج له حق الرجوع في الشقة المذكورة لأن سكنى الزوجة فيها معه لا يعد حيازة، وتراجع الفتوى رقم: 116708.
وإذا كان على سبيل البيع فإن البيع ينعقد لازما لكلا الطرفين فلا يصح لأحدهما الانفراد بفسخه.
وبناء على هذا لا يجوز لأبيكم التوصل بالحيل لإبطال حق زوجته, وكان الواجب عليه أن يتوب إلى الله من ذلك, وأن يسلم إليها الشقة, وبعد موته يقوم الورثة بما كان عليه القيام به.
وما توصل إليه أبوكم من صلح مع زوجته لا يحل له تملك الشقة إذا كان عالما ببطلان دعواه, ويحل لها هي.
جاء في المغني: إذا ثبت هذا فلا يصح هذا الصلح إلا أن يكون المدعي معتقدا أن ما ادعاه حق والمدعي عليه يعتقد أنه لا حق عليه فيدفع إلى المدعي شيئا افتداء ليمينه وقطعا للخصومة وصيانة لنفسه عن التبذل وحضور مجلس الحاكم فإن ذوي النفوس الشريفة والمروءة يصعب عليهم ذلك ويرون دفع ضررها عنهم من أعظم مصالحهم والشرع لا يمنعهم من وقاية أنفسهم وصيانتها ودفع الشر عنهم ببذل أموالهم والمدعي يأخذ ذلك عوضا عن حقه الثابت له فلا يمنعه الشرع من ذلك أيضا سواء كان المأخوذ من جنس حقه أو من غير جنسه بقدر حقه أو دونه فإن أخذ من جنس حقه بقدره فهو مستوف له وإن أخذ دون فقد استوفى بعضه وترك بعضه وإن أخذ من غير جنس حقه فقد أخذ عوضه ولا يجوز أن يأخذ من جنس حقه أكثر مما ادعاه لأن الزائد لا مقابل له فيكون ظالما بأخذه، وإن أخذ من غير جنسه جاز ويكون بيعا في حق المدعي لاعتقاده أخذه عوضا.
وللأهمية تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 67015، 12579، 37062، 107876، 80162.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1430(12/4710)
حكم تنازل الأب عتن بيته لأبنائه الصغار دون الكبار
[السُّؤَالُ]
ـ[أصحاب الفضيلة, سؤالي باختصار: منزلنا الذي نسكن فيه حاليا أنا وإخوتي الصغار اشتراه والدي على دفعتين, الدفعة الأولى دفعها ثم توفي وقبل وفاته ذهب لمكتب عقاري وكتب ورقة تنازل عن المنزل لي ولإخوتي الصغار لكي لا يخرجنا إخوتي الكبار من جهة أبي من المنزل وأحضر شاهدين على ذلك.. الآن أريد دفع باقي المبلغ من نقود والدي التي حصلت عليها عن طريق حسابه بالبنك, المشكلة أن صاحب المنزل السابق رفض أن يفرغ المنزل باسمي واسم إخوتي الصغار قائلا إن هذا حرام وفعل والدكم لا يجوز, فقلت له هذه ليست وصية، فقال ولو, سؤالي يا شيخ: هل تنازل والدي عن المنزل لإخوتي الصغار غير معتبر شرعاً كما ذكر صاحب المنزل؟ والآن بعد وفاة والدي هل يجوز أن نفرغ المنزل باسمنا كما أراد والدي رحمه الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الراجح – كما في الفتوى رقم: 14254، والفتوى رقم: 19673، والفتوى رقم: 27494،- وجوب التسوية بين الأولاد في العطية فلا يجوز تفضيل بعضهم عن بعض إلا لمسوغ شرعي كحاجة بعضهم دون بعض لكونه ذا عيال.
وبناء على هذا فما فعله والدكم من التنازل لكم دون إخوتكم لا يجوز, فيجب نقضه لأن هذا التنازل إما أن يكون على سبيل الهبة فالهبة هبة باطلة لوجوب التسوية بين جميع الأبناء في العطية, وإما وصية إذا كان معلقا إلى ما بعد موته فلا تصح لكونها وصية لوارث إلا أذا أجازها بقية الورثة.
وحتى على قول من يقول بعدم وجوب التسوية بين الأولاد في الهبة فإن هبة المرء دار سكناه لا تصح إلا إذا أخلاها من جميع أمتعته قبل مرض موته وبالتالي فإن هذه الهبة لا تصح على شيء من التقديرات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1430(12/4711)
حكم هبة الزوج داره التي يسكنها لزوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت من أرملة ولها ولد وبنت من زوجها المتوفى وكتبت باسمها شقة لتكون بيت الزوجية في حين أنني أوفر لزوجتي الأولي شقة زوجية مماثلة ولكن لم أكتبها باسمها لعدم استقرار الحياة بيننا وخشية أن يتم الانفصال بيننا في أي لحظة وتأخذ الشقة ويذهب ملكي لغيري خاصة وأني طلقتها مرتين ودائما تثير المشاكل بسبب زواجي الثاني وتطلب الطلاق في كل مشكلة تحدث، وفكرت في أن أكتب الشقة لأولادي منها حيث لي ولدان وبنت منها فهل لو كتبت الشقة التي هي بيت الزوجية للزوجة الأولى باسم أولادي يكفي أم أكتبها باسم الزوجة الأولى ومعها الأولاد أم ماذا أفعل لأنني أخشى الظلم وأريد أن أكون عادلا فيما بينهما ولكن الزوجة الأولى هداها الله لم تعطني الفرصة لذلك، فماذا أفعل كي أرضي ربي ولا أظلم أيا منهما.
أفيدوني وجزاكم الله كل الخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعدل بين الزوجات واجب في المبيت بلا خلاف، أما العدل فيما زاد عن الواجب في النفقة والهدايا والعطايا، فقد اختلف أهل العلم في وجوبه، وللمزيد تراجع الفتوى رقم: 11389.
أما عن سؤالك فإن البيت الذي كتبته باسم زوجتك، إن كان وصية، بمعنى أنها لا تملكه إلا بعد موتك فهذه وصية غير جائزة، إلا بموافقة باقي ورثتك، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أبوداود وصححه الألباني في الإرواء.
وأما إن كان هبة بمعنى أنها تملك التصرف فيه، فبعض العلماء يرى عدم صحة هبة الزوج لزوجته داره التي يسكنها، قال الخرشي المالكي: وأما هبة الزوج دار سكناه لزوجته فإن ذلك لا يصح، والفرق أن السكنى للرجل لا للمرأة، فإنها تبع لزوجها.
وأكثر العلماء يشترطون لصحة الهبة القبض، فلا تصح هبتك لها إلا أن تخلي البيت من أمتعتك وتتركه لها، ورجع في ذلك الفتوى رقم: 114780. وعلى ذلك فإن كنت لم تخل لها البيت، فالبيت لا يزال في ملكك.
أما الهبة للأولاد فيشترط لها العدل بينهم، ولا يشترط أن تهب لزوجتك معهم، لكن على كل الأحوال لا يجوز لك أن تهب أو توصي بشيء من مالك بقصد الإضرار بأحد الورثة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 77531.
والذي نوصيك به أن تعدل بين زوجتيك وأن تترك مالك ولا تقسمه على ورثتك، ما لم يدع إلى ذلك سبب مقبول، فإنك لا تعلم ما في غد، قال الإمام أحمد: أحب أن لا يقسم ماله ويدعه على فرائض الله تعالى لعله أن يولد له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1430(12/4712)
لا حرج في التفضيل في الهبة للحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أن أبي يملك منزلاً نصفه مبني ويسكن فيه هو وأختاي وأخواي وأمي.. أما النصف الآخر فهو غير مبني ومساحته مثل مساحة النصف المبني وأنا لدي إخوة وأخوات متزوجون ويسكنون بيوتهم، كما أني متزوج لكن لا أملك إلى الآن بيتا.. والسؤال هو أن أبي وأمي وإخوتي الذين يسكنون معه اقترحوا علي أن أبني بمالي الخاص طابقا في النصف غير المبني ويكتبه أبي باسمي أي يصبح ملكي.. والأمر نفسه اقترحه علي أخواي الذان يسكنان معه أي يبنيان فوق الطابق الذي أبنيه طابقين بأموالهما ويسكنان ثم يكتب أبي باسمهما الطابقين.. وأنا أعلم أن اقتراح أبي جاء لأنني أعين والدي ماديا بعض الشيء كما أنه لا يحب إخوتي المتزوجين الذين لا يقطنون معه لأمور عدة.. كما أنني أعلم أن إخوتي الذين لم يقترح عليهم أبي الأمر سيغضبون.. فهل اقتراح الأمر علي من طرف أبي جائز أم أن هذا يعتبر حراما لأنني سأبني فوق ملك سيعود في حالة موت والدي إلى كل الورثة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أذن لك الأب بالبناء في أرضه فإن ذلك بمثابة هبة لهواء أرضه لك، ويجوز للأب أن يخصص أحد أولاده بالهبة إذا كان هناك مسوغ شرعي لذلك كمرض أو كثرة عيال أو اشتغال بطلب العلم أو نحو ذلك، والذي يظهر لنا من سؤالك أن تخصيص والدك لك ولأخويك بهذه الهبة له مسوغ شرعي وهو حاجتكم للمسكن، فإذا كان والدكم يقصد بذلك سد حاجة أبنائه عندما يكون الواحد منهم محتاجاً، ولا يقصد تفضيل بعضهم على بعض، فلا حرج فيه إن شاء الله، لأن حاجة الابن للسكن من أجل الزواج مسوغ لتفضيله على إخوانه في هذا الجانب، ولا عبرة بغضب إخوتك ما دام هناك مسوغ شرعي لهذا التخصيص، وننصحك بالمحافظة على صلة الرحم مع إخوتك والسعي في التأليف بينهم وبين والدك.
قال ابن قدامة في المغني: فإن خص بعضهم لمعنى مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو كونه يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك، لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف: لا بأس به إذا كان لحاجة، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة. انتهى.
وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6242، 43052، 48552، 55385، 57882، 60450، 65855، 96183، 107524.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1430(12/4713)
وهب ابنه بيتا دون سائر أولاده وبنى الابن البيت من جديد
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن تسعة أطفال من أب وأم واحدة وأبي يملك بيتين أحدهما يحتوي على شقتين يسكن فيهما إخوتي بدون أي مقابل فقام أبي بتنازل بيع وشراء للبيت الذي يجلس فيه لأخي الكبير بدون أن يقبض منه أي مبلغ وقام أخي بهدم بيت العائلة وبناه من جديد باسمه فوق كل هذا قام أبي بمساعدته ماديا ومن ذلك اليوم لا نستطيع أن ننسى ما فعله أبي بنا فما رأيكم انتم بهذا أفتونا ماذا نفعل هل نقاطعهم أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان تفضيل والدكم لأخيكم بغير سبب يقتضي التفضيل، فإنه ظلم قد نهى الشرع عنه، فعن النعمان بن بشير قال: أعطاني أبي عطية، فقالت عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية، فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله، قال: أعطيت سائر ولدك مثل هذا، قال: لا، قال: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، قال: فرجع، فرد عطيته. متفق عليه.
لكن هذا الظلم لا يبيح لكم مقاطعة والدكم أو التقصير في بره، فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالد المشرك الذي يأمر ولده بالشرك، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:14} .
وإنما لكم أن تنصحوه في ذلك بالرفق، أو تستعينوا بمن ينصحه ممن يقبل نصحه، كما لا يجوز لكم أن تقاطعوا أخاكم، فقد نهى الله عن قطع الرحم وأمر بصلتها، فعن جبير بن مطعم رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ. رواه البخاري ومسلم.
بل أمرنا بصلة من يقطعنا فعن عبد الله بن عمرو عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا. رواه البخاري.
وعليكم أن تنصحوا أخاكم ألا يقبل ذلك ولا يعين أباه على الظلم.
وننبه إلى أن هبة الوالد لولده دار سكناه، قد ذهب كثير من العلماء إلى عدم صحتها لعدم تحقق القبض، لكن ما دام الوالد قد أمكن ولده من هدم البيت وبنائه فقد صحت هبته إذا كان لمسوغ، وإذا كان الولد قد بنى البيت بماله فالبناء حق له على كل حال، وإذا افترضنا أن الهبة المذكورة ليس لها مسوغ فإنه يجب أن ترد لأبيه، ويستحق الابن قيمة البناء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1430(12/4714)
لا تعطي الزوجة شيئا من متاع زوجها إلا بإذنه ولو على سبيل الإعارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوجة إعطاء أي شيء من منزل زوجها لأهلها دون علم زوجها ولو على سبيل الإعارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتصرف الزوجة في مال زوجها معلق برضاه وإذنه المعلن أو المعلوم منه، وبالتالي فلا يجوز لها هبة شيء من مال زوجها أو إعارته لأهلها أو غيرهم إلا برضا زوجها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 22917، والفتوى رقم: 57075، والفتوى رقم: 36965.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1430(12/4715)
هل يحل للولد المفضل أن يأخذ ما فضل به دون إخوته
[السُّؤَالُ]
ـ[لجدي قطعة أرض هنا بالجزائر في الحقيقة هي لأبي فهو من جلبها لكنه أحضرها لجدي بغية المجيئ للجزائر لكن أبي.... مع العلم بأن جدي هو من دفع حق الأرض ... واليوم أبي في حاجة لها -قطعة الأرض- مع العلم بأن لأبي إخوة من أبيه فقط، فهل يجوز له بيعها وأخذ المال لوحده أم لا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال غير واضح ولم نعلم منه هل الأرض ملك للولد أم لوالده (جد السائلة) وهل جدها ما يزال حياً أم توفي، وعلى فرض حياته وأنه المالك للأرض وقد وهبها لابنه فإنه ينظر إن كان ذلك حصل دون أن يعطي بقية إخوانه مثله، فهذا تفضيل وتخصيص في العطية، وإذا لم يكن هناك مسوغ شرعي لهذا التفصيل فلا يجوز، ولا يحل للولد المفضل أخذه لأن ما حرم إعطاؤه حرم أخذه، وراجعي في التفصيل في العطية الفتوى رقم: 14254.
وعلى فرض موت الوالد ففي صورة الهبة الممنوعة ترد هذه الأرض إلى التركة يقسمها جميع الورثة حسب أنصبتهم الشرعية، عند طائفة من أهل العلم، وذهب الأكثر إلى أنه إذا مات الواهب قبل الرجوع أو التسوية ثبت للموهوب له ما وهب له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1430(12/4716)
مذاهب العلماء في الهبة الصورية
[السُّؤَالُ]
ـ[وهبت داري المتكونة من دارين بطابو واحد مع سيارتي إلى زوجتي كأمانة ولي الحق أن أعيدها متى ما شئت عند زوال الظروف القاهرة وأمام شهود أخيار، إلا أنها قامت ببيع إحدى الدارين والسيارة والتصرف بها لبناء دار لأهلها وتزويج أشقائها ... الخ، هل يجوز هذا التصرف ... وما هي الفتوى بهذا الخصوص.هل هي خيانة أمانه أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تعني أنك قمت بهبة دارك وسيارتك وتوثيق ذلك، وكانت الهبة صورية، فالذي يظهر لنا أن حكم ذلك حكم البيع الصوري ويسميه الفقهاء بيع التلجئة وهو بيع باطل على مذهب الحنفية والحنابلة، وهو القول الذي نراه راجحاً.
جاء في الفتاوى الهندية: التلجئة هي العقد الذي ينشئه لضرورة أمر فيصير كالمدفوع إليه وأنه على ثلاثة أضرب أحدها: أن تكون في نفس البيع وهو أن يقول لرجل إني أظهر أني بعت داري منك وليس ببيع في الحقيقة ويشهد على ذلك ثم يبيع في الظاهر فالبيع باطل. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: إذا أظهر العاقدان عقدا في الأموال، وهما لا يريدانه، أو ثمنا لمبيع وهما يريدان غيره، أو أقر أحد لآخر بحق وقد اتفقا سرا على بطلان ذلك الإقرار الظاهر، فقد قال بعض الفقهاء كالحنابلة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن: الظاهر باطل. وقال بعضهم كأبي حنيفة والشافعي: الظاهر صحيح، وقد فصل ذلك الفقهاء في كتاب البيوع عند كلامهم على بيع التلجئة، وسمى المعاصرون هذا العقد الظاهر بالعقد الصوري. انتهى.
وقال في كشاف القناع: وهبة التلجئة باطلة بحيث توهب في الظاهر، وتقبض مع اتفاق الواهب والموهوب له على أنه ينزعه منه إذا شاء، ونحو ذلك من الحيل التي تجعل طريقا إلى منع الوارث أو الغريم حقوقهم؛ لأن الوسائل لها حكم المقاصد. انتهى.
وقد استند الفقهاء القائلون ببطلان عقود التلجئة إلى ما رواه أبو داود والترمذي عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ: النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ. قال الترمذي: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وحسنه الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير، وذلك لأن حكم من يعقد هذه العقود ولا يريد إمضاءها حكم الهازل
قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وأما بيع الهازل ونحوه من التصرفات المالية المحضة فإنه لا يصح عند القاضي أبي يعلى وأكثر أصحابه وهذا قول الحنفية في ما أظن وهو قول المالكية ... وكذلك خرج بعض أصحاب الشافعي هذه المسألة على وجهين ومن قال بالصحة قاس سائر التصرفات على النكاح والطلاق والرجعة، والفقه فيه أن الهازل أتى بالقول غير ملتزم لحكمه وترتب الأحكام على الأسباب للشارع لا للعاقد ... ومن فرق بين النكاح وبابه وبين البيع وبابه قال الحديث والآثار تدل على أن من العقود ما يكون جده وهزله سواء ومنها ما لا يكون كذلك، وإلا لقيل إن العقود كلها والكلام كله جده وهزله سواء، وفرق من جهة المعنى بأن النكاح والطلاق والعتق والرجعة ونحو ذلك فيها حق الله سبحانه. انتهى.
وقال المناوي في فيض القدير: وخص الثلاثة بالذكر لتأكد أمر الفروج، وإلا فكل تصرف ينعقد بالهزل على الأصح عند أصحابنا الشافعية؛ إذ الهازل بالقول وإن كان غير مستلزم لحكمه فترتب الأحكام على الأسباب للشارع لا للعاقد، فإذا أتى بالسبب لزمه حكمه شاء أم أبى ولا يقف على اختياره، وذلك لأن الهازل قاصد للقول مريد له مع علمه بمعناه وموجبه، وقصد اللفظ المتضمن للمعنى قصد لذلك المعنى لتلازمهما إلا أن يعارضه قصد آخر كالمكره فإنه قصد المعنى المقول وموجبه فلذلك أبطله الشارع. انتهى.
وعلى هذا، فالقول الراجح لا تصح هذه الهبة ولا تترتب عليها آثار الهبة، فلا يصح تصرف زوجتك في الأشياء المذكورة إلا أن تجيز لها أنت ذلك التصرف.
وإذا كان الاتفاق قد تم على الهبة الصورية أو أنها مجرد وديعة فلا شك أن ما قامت به زوجتك هو من خيانة الأمانة.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة فتوانا رقم: 111846.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1430(12/4717)
الهبة الباطلة ترد ولو بعد موت الواهب
[السُّؤَالُ]
ـ[كتبت والدتي الحديقة الأمامية لأحد إخوتي لبناء عقار لكي يسكن فيه نتيجة خلاف بينه وبين شقيقتي الصغرى أيهما يسكن معها، ولم يدفع مقابل البيع والشراء أي مقابل مادي نقدي أو عيني، وقام بتسجيل البيت باسم زوجته وابنتيه الإناث حيث لم يرزق بصبيان، وقالت والدتي رحمها الله له هذا نصيبك، ولا تقرب للمنزل فإنه لإخوتك. ظهر اسمه في إعلان الميراث وقام بكتابة نصيبه في الميراث لأخته الصغرى التي كانت سببا في كتابة أرض الحديقة له، علما بأن البيت أصبح لا قيمة له لأن منزله الجديد أصبح على قارعة الطريق ولا يوجد منفذ سوى مدخل قدره متر ونصف بالرغم من أنه في منطقه حيوية. أرجو منكم الرد علي هذا السؤال لأننا كبرنا ونريد أن نلاقي الله بقلب سليم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديقة التي أعطتها الوالدة لأخيك إذا كانت من مال الوالدة فحكمها حكم الهبة، والواجب على الوالدين التسوية بين أولادهم في العطية، ولا يجوز تفضيل أحد الأولاد في العطية بغير مسوغ شرعي، فإذا كانت الهبة بغير مسوغ شرعي فهي باطلة وترد ولو بعد موت الواهب في قول بعض أهل العلم، وهذا هو المفتى به عندنا، ولا فرق بين الأب والأم في المنع من المفاضلة بين الأولاد.
قال ابن قدامة في المغني: والأم في المنع من المفاضلة بين الأولاد كالأب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. ولأنها أحد الوالدين، فمنعت التفضيل كالأب، ولأن ما يحصل بتخصيص الأب بعض ولده من الحسد والعداوة، يوجد مثله في تخصيص الأم بعض ولدها، فثبت لها مثل حكمه في ذلك. انتهى.
وهبة الحديقة على أن تكون ميراثاً لذلك الأخ لا تصيرها ميراثا، ولا ينقطع لها حقه في الميراث؛ لأن من شروط الإرث تحقق موت الوارث، فما فعلته والدتكم من هبة الحديقة له مقابل أن لا يرث غير جائز، ويجب عليه رد هذه الهبة ثم تقتسمون التركة بحسب القسمة الشرعية.
والأولى أن يتم التراضي بينكم في هذا الأمر، فإن وقع شيء من التنازع في ذلك فعليكم بالرجوع إلى المحكمة الشرعية للفصل فيه.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 50206، 101286، 103527، 104031، 111508، 112316، 116137.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1430(12/4718)
ما أنفقه الأب على بعض أبنائه لحاجته لا ينافي العدل
[السُّؤَالُ]
ـ[قام والدي بشراء شقة لي على سبيل المساعدة عندما كنت في الكلية لكي أتزوج فيها وبعد تزوجي فيها قام بخصم قيمة الشقة من ميراثي الشرعي مع العلم أن مبلغ الشقة ليس كبيرا وقام بمساعدة أخواتي البنات في جهازهم. فهل هذا التصريف بخصم ثمن الشقة من ميراثي يعتبر صحيحا أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى: 6242،أن التسوية بين الأبناء في العطية واجبة على الراجح من أقوال أهل العلم فيها.
لكن ما أنفقه الأب على أبنائه أو بعضهم في حياته عند حاجتهم لا يتنافى مع العدل بينهم، ولا يعتبر جورا على من لم ينفق عليه لعدم حاجته إلى ما أنفق على غيره، ولذلك فإن هذا النوع لا يخصم من تركة الأب عند تقسيمها بعد وفاته، كما بينا في عدة فتاوى منها الفتويين: 107524، 113558، بل يعتبر من مستهلكات الأب العادية، وتقسم التركة على ما جاء في كتاب الله تعالى.
وعلى ذلك فإن ما فعله والدك لايصح؛ فهو لا يمكن لا باعتباره اعتصارا أي رجوعا عن الهبة لأن الاعتصار لابد فيه من لفظ صريح في الدلالة عليه، وعلى افتراض إرادته به الاعتصار فإن ذلك لا يصح بعد زواج الابن معولا على هذه الهبة. قال ابن عاصم في التحفة:
ولا اعتصار بعد موت أو مرض له أو النكاح أو دين عرض.
ولا يصح أيضا أن يكون تقسيما للتركة قبل أن تكون تركة بموت صاحبها؛ لأن من شروط الإرث وصحة تقسيم التركة تحقق موت المورث، وتحقق حياة الوارث بعده؛ ولأن تقسيم التركة قد يتغير قبل وفاته..
والحقيقة أن هذا النوع من الهبة لا دخل له في التركة. والحل أن يعتبر الأب ما ساعدك به وجهز به أخواتك من مستهلكاته العادية ما دامت التسوية بين الأبناء قائمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1429(12/4719)
حكم الهبة مقابل التنازل عن الإرث
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج لي 6 أخوات وأخ وهبني أبي مسكنا بصفة البيع على أن لا أرث مع إخوتي شيئا.... هل يجوز ما فعل أبي؟ وهل تجوز لي المطالبة بنصيبي من الإرث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الوالد أن يسوي بين أولاده في العطية ولا يجوز له أن يفضل أحد أولاده في العطية بغير مسوغ شرعي، فإذا كانت الهبة بغير مسوغ شرعي فهي باطلة وترد ولو بعد موت الواهب، في قول بعض أهل العلم، وهذا هو المفتى به عندنا.
كما أنه لا يجوز أن يشترط في الهبة مثل هذا الشرط لأنه ينافي مقتضى الهبة، قال ابن قدامة في المغني: وإن شرط في الهبة شروطا تنافي مقتضاها نحو أن يقول: وهبتك هذا بشرط أن لا تهبه أو لا تبيعه أو بشرط أن تهبه أو تبيعه أو بشرط أن تهب فلانا شيئا لم يصح الشرط وفي صحة الهبة وجهان بناء على الشروط الفاسدة في البيع. اهـ.
كما أن هبة المسكن على أن يكون ميراثاً لك لا يصيره ذلك ميراثا؛ لأن من شروط الإرث تحقق موت الوارث.
فما فعله والدك من هبة المسكن لك مقابل أن لا ترث غير جائز، ويجب عليك رد هذه الهبة ثم تقتسم التركة أنت وإخوتك بحسب القسمة الشرعية.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 101286، 103527، 112316.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات خطير جداً، وشائك للغاية، وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، أو مشافهة أهل العلم بها إذا لم توجد محكمة شرعية، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(12/4720)
كتب الزوج البيت باسم زوجته قبل وفاته والأرض المبني عليها ملكها
[السُّؤَالُ]
ـ[كتب الوالد عليه رحمه الله قبل وفاته المنزل باسم زوجته الحالية لعلمه ومعرفته ببناء البيت من قبل أولادها والأرض اشتريت بثمن ذهب الزوجة فبعد الوفاة جاء الأولاد غير الأشقاء بمطالبة إخوانهم بحقهم في الميراث فهل يستحقون ذلك شرعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أن البيت أولا كان باسم الزوج وإنما كتبه باسم الزوجة قبل وفاته وأن الأرض اشتريت بمال الزوجة الحالية والبيت بني بمال أولاده من هذه الزوجة ثم مات وجاء أولاده من زوجة أخرى وطالبوا بميراثهم من ذلك البيت، فإن كان ما فهمناه صحيحا، فنقول أولا: إن كتابة البيت باسم الزوجة لا يصير به البيت ملكا للزوجة بمجرد الكتابة لأن الهبة لا تتم إلا بالقبض، فإذا كان الزوج مقيما في البيت الذي كتبه باسم زوجته حتى مات فإن القبض لم يتم ويكون البيت للورثة، وأما القول بأن البيت اشتري بمال الزوجة وبني بمال الأولاد فإنه يحتاج إلى إقامة البينة، فإن أقامت الزوجة وأولادها بينة على ذلك وأنه لم يكن على سبيل الهبة لوالدهم فإن البيت يكون لهم لأنه ليس ملكا لوالدهم، وإن لم يقيموا بينة على ذلك فالبيت للورثة جميعا، ويحق لأولاده من الزوجة الثانية أن يطالبوا بنصيبهم من الميراث.
واعلم أخي السائل أن مثل هذه الأمور تحتاج إلى نظر من القضاء الشرعي حتى يحاط بالقضية من جميع جوانبها، ولا يكفي فيها مجرد جواب على سؤال يكتنفه شيء من عدم الوضوح وكثير من الاحتمالات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(12/4721)
كتب أبوه البيت باسمه دون إخوته وظل يسكنه حتى مات
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل أن أخطب إلى زوجي قرر أخو زوجي الأكبر بالاتفاق مع أبيه كتابة المنزل باسم زوجي بحكم أنه هو الأصغر والأقل دخلا من بقية إخوته ومع ذلك كان يساهم في مصروف البيت قبل زواجنا ويساعد أخاه الأكبر في بناء منزله، ولزوجي ثلاث أخوات من الأب وأختان وثلاث إخوان أشقاء، كتب المنزل دون إعلام أحد، ولكن بعد سنوات وقع إعلام كل الإخوة غضبوا بسبب عدم إعلامهم لا طمعا في الإرث إلا أخواته من الأب قالوا إن هذا فعل زوجة أبينا لتحرمنا من أي شيء يخص والدهم، ثم قبلوا جميعا الوضع ولم يتسبب هذا في بغضاء بينهم بحكم أنهم جميعا والحمد لله وضعهم المادي مقبول وبعد موت والد زوجي ووالدته تتغير ظروف أخيه الثاني وتطلقه زوجته بعد 25 سنة وطردته من منزلها بسبب تكاسله وتواكله عليها لأنه في الحقيقة وهذا كلام كل إخوته إنسان متكاسل جدا ففي محنته ساعده إخوته لأنه لا يريد الشغل القار بل الحر ففي سنه هذا ليس له عمل قار، المهم أنه الآن يسكن في منزل أبويه أو بالأحرى منزل زوجي وتزوج مرة أخرى وهو الآن عاطل عن العمل والزوجة الثانية تشتغل منظفة في إدارة لتصرف عليه كل هذا على حسابنا، سأقول لكم كيف؟ لأنني أنا وزوجي اشترينا شقة بقرض ربوي منذ 8 سنوات ويستمر حتى 15 سنة ولقد أثقل هذا القرض كاهلنا مع مصاريف الأطفال، فاقترحت علي زوجي بيع المنزل لخلاص ديننا مع البنك والتخلص من الربا وإعطاء أخيه مبلغا يفتح به مشروعا ويحاول الاتكال على نفسه وبذلك يستطيع كراء منزل صغير هو وزوجته. هو موافق علي الموضوع بحكم أنه سيأخذ بعض المال مع العلم أنني أنا من يسدد دين المنزل وأصرف جميع راتبي بحكم أنني أتقاضي راتبا ممتازا، ولكن الآن تعبت من هذا الوضع والضيق المادي بسبب القروض لأن السيارة أيضا بقرض، رجاء اعذروني على الإطالة ولكن لأفسر لكم الوضعية جيدا لكي يرتاح ضميري لأنني رغم وضعي إلا أنني أخاف الله فهل في قرارنا هذا ظلم لأخي زوجي أم لا؟ وهل بامتلاك زوجي هذا المنزل بكل هذه المعطيات التي ذكرتها لم يتعد شرع الله؟ جعل الله عملكم هذا في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن والد زوج السائلة كتب البيت باسم ولده، وظل يسكن فيه مع زوجته وبعض أبنائه إلى حين وفاته، وهذا لا يعد هبة صحيحة لأن الولد لم يحز البيت حيازة شرعية حتى توفى والده.
وعليه فالبيت يعتبر شركة توزع بين جميع الورثة كل بحسب إرثه الشرعي، وإذا أراد الورثة التنازل لأخيهم عن إرثهم من البيت فلا مانع أو اصطلحوا على شيء برضاهم فلا مانع.
وراجعي في معنى الحيازة للهبة الفتوى رقم: 54264، والفتوى رقم: 105958.
وبالنسبة للقرض الربوي والتعجيل في سداده إلى البنك فنقول فيه إن التعجيل في سداد القرض الربوي إذا كان يسقط الفائدة فهذا هو المطلوب فعله، أما إذا كانت الفوائد ستدفع على كل حال فلا مصلحة في المسارعة في سداده، وحسب المقترض أن يتوب إلى الله توبة نصوحا، ويعزم على عدم العود لمثل هذه القروض. وليس شراء سيارة ضرورة تبيح الاقتراض الربوي. فعلى السائلة وزوجها الحذر من تعدي حدود الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(12/4722)
وجوب العدل في العطية بين الذكور والإناث
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو مساعدتي في معرفة الحل والرأي الشرعي في هذه المسألة:
جدتي كتبت ما تملك من أموال باسمها واسم والدتي في البنك أي لا يصرف منه شيء إلا بتوقيع الطرفين وكتبت في ورقة لا أدري اذا كتب عليها وصية أن يصبح لها وحدها حق التصرف فيها بعد وفاتها (أدام الله عمرهما) وكان شرطها بأنه عندما يحق لوالدتي التصرف بالمال وحدها أن تتصرف بالمال لها وحدها ولا يحق لأي منا أي أحفادها التصرف فيها (معتبرة أن أمي تعبت كثيرا من أجلنا وصرفت علينا كثيرا ولا تريد أن تصرف من هذا المال علينا وليس كرها لنا فسجلت الوصية أن تصرفها كما تشاء ولكن ليس على أحد منا) ، وللتوضيح أمي لها إخوة وأخوات ووضعهم جيد إلا أمي وأخت وضعها غير جيد ولكنها غير راضية عنها بتاتا، والدتي طلبت مني مراسلتكم في رأي الدين في كل ما ذكرت فهي تخاف أن لا يكون من حقها هذا المال ويجب لإخوانها مقاسمتهم فيه، أم هل تعتبر هبة منها لجدتي وذلك بأنها سجلت باسمها واسم جدتي وهي ما تزال موجودة (وأدام الله عمرها جدتي) ؟
وهي تسأل أيضا هل تطلب من والدتها أن تعتبرها هدية أو هبة لها في حياتها حتى يحل لها المال؟
والدتي قالت لجدتي أخاف أن أحاسب إذا تصرفت بهذا المال دون مشاركة الورثة معها فأجابتها جدتي افعلي ما تشائين بعد مماتي، بالرغم أن جدتي بكل إرادتها ودون أي ضغط عليها فعلت ذلك وأجبرت أمي على التوقيع على أوراق ليصبح المال في البنك باسمهما معا؟
جدتي تحب والدتي لأنها أكثرهم تقوى والتزاما وتعبت كثيرا من اجل وصرفت علينا الكثير فهي تريد أن عوضها عما تعبت.
أرجو أن أكون أوضحت الصورة كاملة لمعرفة رأي الشرع والصواب في كل ما ذكرت وما رأيكم في إيجاد الحل الشرعي في هذه المسألة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكتابة جدتك ما لديها من المال في البنك باسمها واسم والدتك إن كان هذا على سبيل الوكالة من الجدة لابنتها أم السائل في حياة الجدة فهذا جائز ولا يصير به المال ملكا لتلك البنت، ووصيتها بأن يصير حق التصرف في المال بعد وفاتها لتلك البنت هذه وصية باطلة ولا عبرة بها شرعا لأن المال بعد الوفاة يصير حقا للورثة جميعا، ومن كان من الورثة بالغا رشيدا فإنه وصي نفسه، ولا يحق للجدة أن تفرض وصيا عليه ما دام بالغا رشيدا، كما لا يجوز للجدة أن توصي بالمال لابنتها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوراث رواه الترمذي.
ولا تمضي هذه الوصية إلا إذا رضي الورثة بإمضائها، وأما طلب البنت من أمها أن تهبها المال في حياتها فيجب في الأصل على الجدة أن تعدل في عطيتها لأولادها الذكور والإناث، ولا يجوز لها أن تعطي تلك البنت دون بقية أولادها دون مسوغ شرعي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلو بين أولادكم. متفق عليه.
وإذا وهبت المال لتلك البنت دون مسوغ شرعي ولم تعط بقية أولادها فالهبة باطلة شرعا وترد إلى التركة بعد وفاة الجدة, وانظري الفتوى رقم: 1632، والفتوى رقم: 2331.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1429(12/4723)
الأب مطالب شرعا أن يعدل بين أولاده الذكور والإناث في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[والد قبل مماته باع بيت وقال لو مت ها يتقصم الفلوس عليكم بحق ربنا وأنا بنت واحد على 6 صبين قالي في فلوس فى البيت بابا شيلها دة ليكى ولى أمك علشان ما نحتجش لى حد من وراء أخواتك وبردة خد حقي فى الميراث فأرجو الفتوى ضروري جدا وياريت تبعتهالى على ايميلي بعد إذنكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح لما فيه من الأخطاء الإملائية، والذي فهمناه أن السائلة قد أعطاها والدها قبل مماته مبلغا لها ولأمها، وأوصى أيضا أن يقسم ثمن البيت الذي باعه بينهم القسمة الشرعية فإذا كان ما فهمناه صحيحا فيجب في الأصل قسمة ثمن البيت القسمة الشرعية بينكم سواء أوصى والدكم بذلك أو لم يوص، وأما المبلغ الذي أعطاه لك فإذا كان قد خصك أنت بذلك المبلغ ولم يعط أبناءه الذكور فإن هذه هبة جائرة ولا عبرة بها شرعا لأن الأب مطالب شرعا أن يعدل بين أولاده الذكور والإناث في العطية، فإذا لم يعدل بينهم كانت الهبة باطلة وترد إلى التركة بعد مماته والمبلغ الذي أعطاه لزوجته هو لها.
هذا إذا كانت البنت والزوجة استلمتا المبلغ في حياته وأعطاهما إياه في غير مرض موته، وأما إذا لم تستلما المبلغ حتى مات أو أعطاهما إياه في مرض موته فهذه الهبة تأخذ حكم الوصية ولا وصية لوراث إلا أن يمضيها الورثة، فإن شاء الورثة إمضاءها فذلك وإلا لم يمضوها فإن المبلغ يقسم القمسة الشرعية.
وانظري التفصيل في الفتوى رقم: 103527، حول حكم تخصيص البنات بالعطية دون البنين والفتوى رقم: 107734.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(12/4724)
فاضل أبوهم بينهم بغير داع وأوصى وصية لبعضهم
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في العائلة بنتان وأربعة أولاد أريد أن أبني لثلاثة أولاد مسكنا فوق بيتنا وله قطعة أرض فيها 470م أعطاني أنا وأختي كل واحدة منا 125م وتبقى من إخوتي الأولاد واحد أعطاه 220م وبقيت له قطعة أرض أخرى على طريق رئيسي فيها 575م انتزعوا منها 220م لإقامة منعطف على الطريق الرئيسي أقمنا شكوى للقضاء ربحناها والحمد لله وأخذنا مبلغا قيمته 140الف دينار قيمة الأرض المنتزعة بقي فيها 317م توفي والدي مع العلم أمي حية ترزق أخي الكبير قال بعد وفاته بثلاثة أيام إن والدي ترك له وصية ليست كتابيا بل شفهيا هي أن ما أعطاه لنا في الحياة شفهيا ينفذ وبيت العائلة يبقى للكل ولا أرضي عنكم إذا بعتم شيئا، أما قطعة الأرض التي بها 317م على الطريق الرئيسي هي للأولاد فقط وعندي شاهد هو صديق لأخي وأبي فلم أوافقه على حديثه ولا وصية لوارث، وأخي لم يذكر والدتي وهي لا تبالي بذلك المسكينة فأمي أمية فطلبت منها أن تطلب حقها فلها الثمن مما يملك أبي فمانعت بطلب حقها وأصر على كلامه، أما 140الف دينار قال لكم فيها كل واحدة 14الف دينار وهذا ما لكم مع العلم أخي يشتغل بوزارة العدل، طلبت من أخي أن نأتي بإمام مسجد لأني لست راضية على ما يقول بالنسبة لقطعة الأرض التي فيها 317م قلت له للذكر مثل الانثيين فلم يوافق على ذلك وأسر بأنه يريد أن ينفذ ما يدعي بأنها وصية وقال لي أبي لا أريد زوج ابنتي أو ابنها ان يشاركوا أولادي في تلك الأرض أريد أن يقام فيها مشروع للذكور فقط وهذا أراه أنا كمسلمة كلام جهل ليس إلا، وأبي كان طيبا جدا وحنونا علينا جميعا بنات وأولاد مع العلم أنا مطلقة وعندي بنت لها أربعة عشرة سنة في كفالتي وأختي لها 45 سنة وليست متزوجة ليس لدينا أولاد ومع ذلك هذه سنة الله في خلقة إذا كان أبي يفكر بهذه الطريقة لن يزوجني اقترحت على أخي بأن نأتي بإمام مسجد لنستشيره على ما يقول لم يرد ذلك, وأخي الأوسط اقترح علي قال نعطيك أنت وأختك تعويض لنا بجانب الفيلا التي نسكن استوديوا فيه بيت نوم صالون وبيت استقبال اتفقنا نحن الذكور أن نكتبه باسمك وفوقه سوف نبني لأختي كتعويض المهم قطعة الأرض التي هي على طريق رئيسي ليس لنا فيها والمصيبة في ذلك كل العائلة أيدوه إلا أنا، وقال لي إن لم يعجبك هذا أمامك القضاء وبيتي الذي أسكن فيه وهبه أبي لي، إ خوتي وأمي شهود على ذلك وسأكتبه باسمي وإن ذهبت للقضاء فانسي أن لك أخا وأمي قالت لي إن ذهبت لتشتكي إخوتك للقضاء لن أرضى عنك قالت لي 14الف د بني ثلاثة دكاكين بقطعة الأرض التي بها 125م واكريهم وتسكني معي بالبيت وهذا بيت العائلة كلها ولا تخسري أخيك وهذا ما كتب الله لك أنا في قلبي لست راضية فهذا أراه ليس عدلا، الله سبحانه وتعالى أعطى كل ذي حق حقه، لماذا أخي الكبير يصرعلى حرماننا من ميراث أبي كله، أنا لا أشتغل ملتزمة والحمد الله لبست الحجاب عندي تقريبا سنة لا أريد أن أشتغل في الاختلاط أريد أن أعيش بالذي تركه لي أبي طلبت الشرع في الميراث ليس إلا فهذا رزق من عند الله، أخي وكأنه سيعطيني من عنده، الكل من عند الخالق، أخي هذا يصلي، أنا غاضبة جدا عليه لا أستطيع حتى أن أنظر إليه لأنه ظلمنا أنا وأختي وأمي، فهل ما فعله يجوز شرعا هو لا يريد أن نقسم بالشرع مركزا على ما قال بأن أبي هو الذي أوصى بذلك،هل أتنازل طاعة لأمي وأكتفي بالذي أعاطاني إياه أبي شفهيا في حياته وأشكو أمري لله ويبارك لي الله فيه أم بماذا تنصحوني، أنتظر الإجابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على أمرين:
الأول: هبة الوالد لكم في حياته ما ذكرت من المسكن والأرض، فالواجب على الأب أن يعدل بين أولاده في العطية، وسبيل ذلك عند جمع من العلماء هو أن يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين كما في الميراث، كما أن تفضيل الأبناء بعضهم على بعض من غير مسوغ من حاجة أو عوز هو نوع من الظلم. وإن خص الأب بعض أبنائه بعطية أو فاضل بينهم بدون داع إلى ذلك أثم ووجبت عليه التوبة بأحد أمرين، إما برد ما فضل به البعض وإما بإعطاء الآخر ما يتم نصيبه.
قال ابن قدامة في المغني. فإن مات الأب قبل أن يرجع عن جوره ردت الهبة على الراجح.
وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 6242، 14254، 8147، 78654، 93877، 100796.
الأمر الثاني: وصية الوالد التي أوصاها لأخيك فالوصية للوارث لا تجوز إلا إذا أجازها الورثة، وقد روى الترمذي عن عمرو بن خارجة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب على ناقته فسمعته يقول: إِنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ولا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
والإضرار في الوصية محرم شرعاً كما قال الله تعالى: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ. {النساء:12} .
ومن الإضرار فيها الوصية بأكثر من الثلث، والوصية بقصد حرمان الآخرين أو نقص أنصبائهم، فإن الله سبحانه وتعالى قد تولى قسمة التركات بنفسه ولم يكلها إلى نبي مرسل ولا ملك مقرب، وتصدق على صاحب المال بثلث ماله يضعه في وجوه البر والخير، فيجب على المسلم أن يلتزم بذلك ولا يتعدى حدود الله.
قال تعالى: وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ. {النساء:14} .
فالذي ننصحك به أن تنصحي أخاك في رفق ولين وتبيني له الأدلة الشرعية على عدم جواز الوصية للوارث إلا بإذن الورثة ويمكنك الاستعانة بأهل الخير والصلاح في ذلك، وإن كنت محتاجة لهذا الميراث وكان في ترك المطالبة به ضرر عليك أو الوقوع في محظور شرعي كالعمل في مكان مختلط فالذي ننصحك به أن تطالبي به، وأما إن كنت في كفاية ولن تكوني مضطرة للعمل المختلط وغير محتاجة لهذا الميراث ورأيت أن تنازلك عن بعض حقوقك سيكون فيه إصلاح ذات بينكم فيجوز لك أن تتنازلي عن نصيبك من الميراث إذا طابت نفسك بذلك وفي ذلك أجر للهبة ولصلة الرحم، ولا مانع شرعاً من التنازل عن الميراث فهو كغيره من أنواع الهبة، إذا استوفى شروط الهبة مضى، وإلا فلا يمضي، ولا شك أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، ونسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك وأن يبارك لك في مالك.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 1445، 9088، 26630، 34146، 66519، 99714.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1429(12/4725)
حكم تسجيل الأب ما يملك لبناته وزوجته، دون أولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت والدتي وتزوج أبي زوجة أخرى وأنجبت بنتان وولدا, البيت أصبح غير طبيعي منذ فترة أسمع الجدة تقول السحر في البيت عندما كبرت ذهبت إلى شيخ يجلب السحر ويعالجه فقام بجلب السحر حتى أني لم أصدق ما أرى ورقه سوداء مكتوب فيها اسم أمي واسم أبي وزوجته وكلام كفر تحريض على الأولاد الزوجة الأولى حتى أني عندما رجعت إلى البيت لم أصدق ما أرى، أبي رجع حنونا على أولاده يتكلم معي كأب آخر وبعد فترة رجع كما كان لا يفكر إلا بالبنات والولد الصغير. أبي يقول بأن الشباب ليس عندهم عندي شيء وإذا ناقشته يحاول العراك، باع البيت الذي بناه في حياة والدتي وكان يريد أن يسجله باسم البنات لحرمان الشباب يقول بأن الشباب ليس عندهم عندي شيء، أخي الكبير أخرجه أبي بالقوة من البيت عن طريق الشرطة، أخي الكبير مرض نفسيا تكلمه لا يجيب إلا بعد ثوان اضطر أبي ليسكنه في الشقة بعد حبسه ثلاثة أيام من أجل كلام الناس فقط ونحن أربعه شباب وبنت اثنان في الخارج واثنان بقربه.
ماذا نفعل مع زوجته إذا توفي الوالد وسجل كل شيء لزوجته الثانية وبناتها ولا نعلم هل أمنا عندها نصيب في البيت الذي باعه أم لا. أفيدونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت حين ذهبت إلى ساحر، فإتيان هؤلاء منهي عنه، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل منه صلاة أربعين يوماً.
وإنما يكون علاج السحر بالرقى والأساليب المشروعة.
أما عن والدك فإنه يجب عليه العدل بين أولاده، ولا يجوز له أن يفضل بعض أولاده على بعض، فعن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً. فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لاَ أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُول اللَّهِ. قَال: أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْل هَذَا؟ قَال: لاَ. قَال: فَاتَّقُوا اللَّهُ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ قَال: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ. رواه البخاري.
وفي رواية عند مسلم: فَلاَ تُشْهِدْنِي إِذًا فَإِنِّى لاَ أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ، ولا يجوز أن يقصد حرمان البعض أو الإضرار بهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك وأحمد وابن ماجة وصححه الألباني.
أما عن تسجيله ما يملك لبناته وزوجته، فإن كان ذلك هبة في الحياة، بمعنى أنهم يملكون التصرف فيه، فذلك غير جائز لما ذكرنا من وجوب العدل بين الأولاد، والراجح عندنا عدم صحتها، وأما هبته لزوجته فإن استوفت شروط صحة الهبة وقبضتها، فقد ملكتها، لكن إن كان قصده بهبتها حرمانكم، فهو آثم.
وأما إذا كان تسجيله أملاكه لهم، بمعنى أنهم يملكونها بعد موته، فتلك وصية، والوصية لا تجوز للوارث، وحينئذ يكون تصرفه باطلاً، وتقسم تركته بين ورثته كما فرض الله، ما لم تجيزوا أنتم الورثة الوصية للوارث، وأما عن البيت الذي باعه في حياة أمكم رحمها الله فما دام قد بناه بماله، فلا حق لها فيه، وإنما هو ملكه.
وننبه السائل إلى أنه مهما كان من سوء خلق والدك وظلمه لكم، فإن ذلك لا يسقط حقه عليكم في البر وعدم جواز مقاطعته أو الإساءة إليه، فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالد المشرك الذي يأمر ولده بالشرك، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:14} .
وإنما لك أن تنصحه بالرفق، أو تستعين بمن ينصحه ممن يقبل نصحه، وتكثر له الدعاء بالهداية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1429(12/4726)
حكم تفضيل الولد في العطية جزاء لبره
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ 10 سنوات وزوجي مسافر بالسعودية منذ زواجنا يسافر ويرجع لمدة شهرين معنا فى العام ووالد زوجي رجل معاشه كبير وبعد وفاة حماتي طلب أن يتزوج كل أولاده رفضوا ماعدا زوجي فزوجة وأعطاه 1000 دولار و2000 جنيه واشترى له غرفة نوم فكتب له أبوه نصيبة من ميراث والدتة (الربع) وكان يقدر فى ذلك الوقت 1000 جنية وطلب أن يكون سر وكان ذلك منذ 16عاما وبعد مدة طلب منه أن يعطي زوجتة الجديدة 1000جنية فأعطاها وهذا الكلام منذ 16عاما والآن نصيب أبي زوجي أصبح 15000 لأن الأرض أصبحت مباني فقال له إرجعها لي لأنه سأل شيخا قال له المفروض أن توزعها على أولادك مع العلم بأن زوجي دفع أكثر من مرة ثمن هذا الربع فحماي رجل معاشة كبير وله أربعة أولاد وبنتان ولكن زوجي خجول جداً مع أبيه وهو يستغل ذلك ودائما يظلمه وباع كل أملاكه لابنه الصغير زوجه ويصرف على أولاده ويدفع له غازا ومياها وكهرباء ودواء لأولاده شهريا ونصف معاشه لزوجته في البنك ويخاف من باقي أولاده ما عدا زوجي وابنه الكبير دائما يطلب منهم فلوسا كثيرة ليعطي أولاده الآخرين ويعامل أولادهم معاملة جيدة ما عدا أولادي وكل مدة قليلة فلوس من زوجي وأخيه، أولادي صغار السن فى إبتدائي وحضانة وحماي لا يشبع ولا يقنع ويستغل كسوف زوجي ويقول عليه كلاما كذبا للناس يشعرك أنه عاق والله هو جيد ودائما يقوله أنت ومالك لأبيك وبفرض عليه أن يعطي أخواته البنات بدون داعي، مع العلم بأنهم ميسورون مادياً فهل من المعقول ذلك، وأخيراً طلب منه أن يجدد له الموبيليا ويشتري له ثلاجة وأنتريت ويرجع الأرض لما غضب عليه ويدعو عليه بصراحة حماي ظالم عنده 75سنة وشقته وفرشه أحسن مما عندنا ويدعو على زوجي، الآن زوجي لا يذهب عنده وخايف أن يكون عاقا وخايف إذا لم يرجع الأرض يكون فعله حراما وهو يريد أن يأكل عياله حلالا ولا يكون عاقا لكن حماي مفتر وطلباتة كثيرة وأولادي صغار، وهو يريد أن يصرف على عيالة الثانية وزوجتة تدخر فى البنك فأفيدوني لأني أريد أن أعرف الصحيح، وهل كل دعاء الأم والأب مستجاب حتى لو كانا ظالمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم تفضيل بعض الأبناء بالعطية دون البعض، وسبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 6242، وبيان أن الراجح قول من قال بوجوب التسوية، لكن لا بأس أن يخص الأب ابنا دون غيره بالهدية والعطية لمعنى يقتضي تخصيصه إن لم يكن على طريق الأثرة.
قال ابن قدامة في المغني: فصل: فإن خص بعضهم لمعنى، مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه، أو بدعته أو كونه يستعين بما يأخذه على معصية الله، أو ينفقه فيها فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف: لا بأس به إذا كان لحاجة، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة والعطية في معناه. انتهى.
وبذا يتبين جواز ما فعله الأب مع ابنه -الذي هو زوجك- من تفضيل له في العطية جزاء لبره به ووقوفه معه في أمر زواجه ومواساته له في ذلك بالمال وغيره خلافاً لما فعل باقي إخوته من العقوق والعدوان بمنع أبيهم من حق أباحه له ربه جل وعلا.
وعلى هذا؛ فهذه الهبة هبة صحيحة، فلو كان زوجك قد حازها وأخذها فقد صارت ملكاً له، لكن إن أراد أبوه الرجوع في هذه الهبة فإن له الرجوع فيها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس لأحد أن يعطي عطية، فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه الترمذي وصححه الألباني ...
ولكن ليس حق الرجوع للأب على الإطلاق بل بشروط منها أن تكون باقية في ملك الابن، ومنها ألا يدخل في التزام بسببها كأن يتزوج أو يدخل في تجارة ونحو ذلك، ومنها ألا يدخل الناس معه في التزام بسببها كأن يداينوه أو يزوجوه بسبب هذه الهبة، ومنها ألا يحدث الابن فيها حدثاً بالزيادة والنماء ونحو ذلك.
جاء في رسالة ابن أبي زيد: وله -أي الأب- أن يعتصر ما وهب لولده الصغير أو الكبير ما لم تنكح لذلك أو يداين أو يحدث في الهبة حدثاً. انتهى. وقد سبق بيان هذه الشروط بالتفصيل في الفتوى رقم: 21597.
فإذا انتفت هذه الأمور جاز للأب الرجوع في الهبة، وأما ما ذكرت من أن الأب مع غناه وعدم حاجته يأخذ من بعض أولاده المال له ولأولاده الآخرين فهذا لا يجوز، وقد يتعلق بعض الآباء في مثل هذا التصرف، بما رواه ابن ماجه وصححه الألباني من قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. والجواب أنه لا متعلق لهم بهذا الحديث وذلك لأن اللام في الحديث ليست للملك بل للإباحة.
قال ابن القيم في إعلام الموقعين: واللام في الحديث ليست للملك قطعاً، ومن يقول هي للإباحة أسعد بالحديث، وإلا تعطلت فائدته ودلالته. انتهى.
ومما يدل على أنها ليست للملك أن الابن يرثه أولاده وزوجته وأمه، فلو كان ماله ملكاً لوالده لم يأخذ المال غير الأب، وليست الإباحة أيضاً على إطلاقها، بل هي بشروط بيناها بالتفصيل في الفتوى رقم: 25339.
فلو منعه الولد من أخذ الأموال في هذه الأحوال لا يكون عاقاً، أما دعاء الوالد على ولده بدون وجه حق فإنه حرام، ولا يستجاب إن شاء الله لقول النبي: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. رواه مسلم. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 26656.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1429(12/4727)
حكم التسوية بين الذكر والأنثى في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[اشترى أب وأم أرضا زراعية عندما كان الأبناء قاصرين وتم كتابتها مشاعا الربع للأب والربع للأم والثمن لكل واحد من الأبناء وهم ولدان وبنتان بالتساوي والآن بعد زواج جميع الأبناء ووفاة الأب ترغب الأم في تصحيح القسمة ليكون نصيب الذكر ضعف الأنثى وذلك عن طريق التنازل عن الربع الذي باسمها إلى الذكور ليكون التقسيم الربع لكل ذكر والثمن لكل أنثى ويبقى ميراث الأب طبقا للميراث الشرعي فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الراجح في العدل بين الأبناء في العطية أن يسوى الذكر بالأنثى، وذلك للحديث: سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. رواه الطبراني.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يعطى الذكر ضعف ما للأنثى، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 6242.
وبناء عليه فالواجب على الأم هو إبقاء الأمر على حاله، لأن إعطاءها نصيبها للأبناء يعتبر جوراً في حق البنات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1429(12/4728)
حكم تنازل الأب عن شقته المؤجرة لأحد أبنائه
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي يسكن شقة ليست ملكا له، شقة بالإيجار، أسرته تتكون من 2 ذكور وبنت، أحد الأبناء مستقل بسكن خاص به، الابن الثاني يعيش مع الأب لكن لديه نية شراء بيت خاص، الأب يريد التنازل عن البيت لابنته حتى تقوم هي بشرائه من الدولة_الشركة العقارية_، طبعا بمالها الخاص، حتى يصبح ملكها. هل هذا يجوز شرعا أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإجارة من العقود اللازمة التي يملك بموجبها المؤجر الأجرة فيتصرف بها بما شاء في حدود الشرع، ويملك المستأجر المنفعة طيلة المدة المتفق عليها فيتصرف فيها بما شاء في حدود الشرع كذلك.
وبناء على هذا فلأبيكم أن يتنازل عن بقية مدة الإجارة لبنته بعوض، وليس له أن يتنازل لها دونه لما يلزم من ذلك من تخصيص أحد الأبناء بالعطية بدون مسوغ لأن الراجح من أقوال العلماء في ذلك المنع لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمن أراد أن يفضل بعض أولاده على بعض: ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: لا تشهدني فإني لا أشهد على جور.
وفي رواية: أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذن.
وفي رواية أنه قال له: فاردده. رواه مسلم، وأصله في البخاري.
وراجعي الفتوى رقم: 27738.
وكذلك الحكم إذا كان البيت ملكا له، وأما إذا كانت مدة الإجارة منتهية فلا يملك حق التنازل بعوض أو بغيره لأنه لم يعد يملك المنفعة، وإنما ترجع كأصلها ملكا للمالك.
وننبه إلى أن الأب ملزم بتوفير السكن لأهله فإذا لزم من تنازله هذا تركهم دون سكن لعدم توفر ما يسكنهم فيه بالإيجار أو بغيره امتنع عليه التنازل لئلا يلزم منه تضييع من يعول، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت رواه أحمد وأبو داود وصححه السيوطي والنووي وحسنه الألباني.
وللمزيد راجع الفتوى رقم: 94581، والفتوى رقم: 27738.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1429(12/4729)
هل يجوز للأب تمليك ابنه المحتاج لسكن دون بقية إخوته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب وحيد لوالدي ولدي ثلاث أخوات بنات، وأبي لديه ثلاث بيوت غير البيت الذي يسكن فيه، وأبي حالياً قد أسكنني في أحد هذه البيوت ولكن دون تسجيل البيت باسمي، ولا يريد أن يسجل ويعتقد أن الشرع يقول بأن يترك كل شيء باسمه حتى تكون التركة بعد عمر طويل, فهل الشرع يحتم علي والدي أن يساعدني كونه قادار علي ذلك ويشتري لي بيتاً مناسباً أو يسجل لي أحد البيوت التي لديه، وفي حال ذلك فهل يحق لي شرعاً تقاسم ما تبقى من التركة الشرعية (بعد عمر طويل) مع إخوتي دون أن يعتبر البيت الذي قد سجله باسمي (افتراضاً) خلال حياته من ضمن هذه التركة، فأرجو منك يا سيدي إجابتي علي هذا السؤال وإرسال الجواب إلى بريدي الإلكتروني لكي أصبح على بينة برأي الشرع بذلك؟ ولكم منا فائق الاحترام والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على الأب -إذا كان ابنه محتاجاً- أن ينفق عليه، والنفقة تستلزم المسكن، ولكن لا يتعين عليه تمليكه المسكن بل يكفيه أن يسكنه فيما يملكه أو فيما يستأجره له، لكن يجوز له إذا كان المحتاج الوحيد من بين إخوانه أن يؤثره بالإسكان، ولا يجوز له أن يؤثره بالتمليك لاندفاع حاجته بتوفير السكن له في المسكن الذي يملكه الأب أو يستأجره، لأن الراجح وجوب التسوية بين الأبناء في العطية لقول النبي صلى الله عليه وسلم، لمن أراد أن يفضل بعض أولاده على بعض: ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: لا تشهدني فإني لا أشهد على جور. وفي رواية: أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذن. وفي رواية أنه قال له: فاردده. رواه مسلم وأصله في البخاري ... وراجع في ذلك الفتوى رقم: 27738.
وبناء على هذا فليس لك الحق في أن يملكك الأب سكناً دون أخواتك، ولا يجوز له ذلك لوجوب التسوية بين الأولاد في العطية، وإنما يجب عليه أن يوفر لك سكناً إذا كنت محتاجاً سواء كان ملكاً له أو مستأجراً.
وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1242، 5348، 33348، 111127، 72856.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1429(12/4730)
وهب أبوهم ماله لبنيه دون البنات ثم مات
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أربعة إخوة وأختان قام والدنا بقسمة المواشي التي يملكها علينا نحن الأربعة دون البنات وأخذ لنفسه حصة مثلنا ثم رد حصته إلى أحد ابن أبنائه مع احتفاظه بقليل منها، وبعد مدة من القسمة توفي الوالد لكن أنا أحد الأبناء بعد مدة أخرى فكرت كيف تحرم أخواتنا من هذه المواشي، نريد أن نعيد القسمة رجعيا ويدفع كل واحد من ما أخذه للأختين، علما بأنى أعرف على وجه التقريب ثمن الشاة في تلك الفترة، فهل هذا جائز وكاف أم لا، وماذا يلزمنا فأفيدوني أفادكم ألله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما فعله أبوكم من هبة المواشي للذكور وعدم الهبة للإناث يعتبر جوراً وخلاف العدل الذي أمر الله به في كتابه وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته، وتعتبر تلك الهبة باطلة على الصحيح من أقوال الفقهاء، كما فصلناه في الفتوى رقم: 63465، والفتوى رقم: 103527.
وما يريد الأخ السائل فعله من إعادة القسمة بالعدل هو عين الصواب، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى فيمن فضله أبوه بالعطية، ومات الأب قبل أن يسوي بينه وبين إخوانه: الواجب على من فضل أن يتبع العدل بين إخوته فيقتسمون جميع المال الأول والآخر على كتاب الله تعالى للذكر مثل حظ الأنثيين ... انتهى.
فالذي ننصح به الأخ السائل هو إصلاح ما فعله أبوه، وأن يعيدوا قسمة تلك المواشي بالعدل بحيث يعطون لكل أخت من أخواتهم نصف ما يأخذه كل ذكر، ونرى أن هذا العمل يدخل في برهم بأبيهم بعد مماته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1429(12/4731)
أخذ من مال أولاده لتعليم أحدهم ثم طالبوا أخاهم بما أخذه أبوهم بعد موته
[السُّؤَالُ]
ـ[درست في الجامعة قبل 30 عاما على حساب والدي الذي كان يأخذ النقود من إخواني الأربعة الموظفين في ذلك الحين. وبعد وفاة والدي ومرور زمن طويل بدأ بعض إخواني يطالبونني بالمبالغ التي أخذها والدي منهم من أجل دراستي ويقولون بأن هذه النقود دين علي يجب سدادها. أرشدونا بارك الله فيكم إلى الحكم الشرعي في هذا الموضوع مع العلم أني لم أتلقى أي مبلغ من المال مباشرة من إخواني بل كانت تصلني من الوالد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشترط لجواز أخذ الأب من مال ابنه أربعة شروط هي:
ألا يكون في أخذه ضرر على الابن، وألا تتعلق بما يأخذه حاجة الابن، وألا يأخذ من مال ابنه إلا ما كان بحاجة إليه، وأن لا يأخذ المال مِن أحد أبنائه ليعطيه لابنٍ آخر؛ لأن في ذلك إلقاء للعداوة بين الأبناء، ولأن فيه تفضيلاً لبعض الأبناء على بعض. قال ابن قدامة في المغني: ولأبٍ أن يأخذ من مال ولده ما شاء، ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه ومع عدمها، صغيراً كان الولدُ أو كبيراً، بشرطين: أحدهما: أن لا يُجحف بالابن، ولا يضر به، ولا يأخذ شيئاً تعلقت به حاجتُهُ. الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيُعطيه الآخر، نص عليه أحمد، وذلك لأنه ممنوعٌ من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه، فلأن يُمنع من تخصيصه بما أخذ من مال ولده الآخر أولى. اهـ.
إذا ثبت هذا فإن كان والدك رحمه الله يأخذ المال من إخوتك ويعطيك إياه فما فعله كان غير جائز، وما دفعه إخوتك من مال إذا كان على سبيل التبرع والهبة فلا يجوز لهم الرجوع فيه، وإذا كان على سبيل القرض أو أخذه منهم على وجه لا يجوز ولم تطب نفوسهم به وأقاموا بينة على ذلك فيجوز لهم الرجوع فيه والمطالبة به، وفي هذه الحالة يكون حكم هذا المال هو حكم الدين يستوفى من تركة الوالد قبل قسمة الميراث.
لكن ليس من حق إخوتك مطالبتك بهذه الأموال، لأن هذه الأموال لم تأخذها أنت منهم.
وننصحك بالمحافظة على صلة الرحم بينك وبين إخوتك والتلطف معهم في حل هذا الخلاف، نسأل الله العظيم أن ييسر لكم أمركم ويصلح ذات بينكم.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 7490، 25339، 46692، 51310، 112088.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1429(12/4732)
بالهبة أو البيع تنتقل الملكية
[السُّؤَالُ]
ـ[ورثت والدتي من جدي حوالي 100 دونم أرضا ولها أخ وحيد وقررت عام 1946 بتطويب الأرض إلى خالي بالفعل ذهبت إلى دائرة الأراضي للطاب في اليوم الأول لم تكتمل المعاملة وطلب موظف الأراضي الحضور غدا لإتمام المعاملة ولكن والدتي في تلك الليلة مرضت وذهبت إلى فلسطين للعلاج وقد ذهبت زوجة خالي بدل أمي لإتمام المعاملة وبالفعل ذهبت وتمت المعاملة وتوفي خالي قبل خمس سنوات وأولاده يلعبون بالفلوس لعبا هل يلحق زوجة خالي حرام؟ وماذا على والدتي أن تفعل علما ما زال نفسها في الأراضي بعد ارتفاع أسعار الأراضي. ملاحظة لم يكن هناك في ذلك الزمان هويات شخصية بل كان هناك ختم باسم أمي أخذته زوجي خالي وختمت به على معاملة الطاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان مرادك من تطويب الأرض هو كتابتها باسم خالك، وأن والدتك قد عزمت على ذلك بغرض تسهيل الإجراءات أو نحو ذلك من الأغراض، ولكنها لم تتم هذه المعاملة، ولم تهب والدتك نصيبها من الأرض لخالك، فإن مجرد كتابة الأرض باسم الغير لا ينقل ملكيتها له، وعلى هذا إذا كانت الأرض ملكا لوالدتك ولكنها مكتوبة باسم خالك فهي ملك لوالدتك، ولها أن تطالب بها ويلزم ورثة خالك رد الأرض إليها، وعلى زوجة خالك أن تبين للورثة حقيقة الأمر وتأمرهم بأداء حقوق والدتكم.
أما إذا كانت والدتك قد وهبت الأرض لخالك ووكلت زوجة خالك في إتمام إجراءات نقل الملكية، وقام خالك بحيازة الأرض الحيازة الشرعية، فالأرض في هذه الحالة تكون ملكا لخالك ولا حق لكم فيها.
والله أعل م.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(12/4733)
هل يلزم الابن المفضل في العطية أن يشرك إخوته في المال
[السُّؤَالُ]
ـ[أود سؤالكم بخصوص رجل متوفى قام قبل موته بتوزيع أملاكه على أولاده دون أن يراعي المساواة بينهم، فكل واحد منهم أخذ بنسبة تختلف عن الآخر وكان لواحد منهم نصيب الأسد فأخذ أغلب مال أبيه، والسؤال الآن عن هذا الأخ هل عليه أي إثم لأنه قد أخذ نصيب إخوته أم أن الإثم على الوالد فقط كما يقول هو خاصة أن الوالد قد سجل له الأملاك (بيعا وشراء) فنرجو منكم التوضيح فنحن نرجو له الخير ونخشى عليه من غضب الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قدمنا في فتاوى سابقة أن الراجح وجوب العدل بين الأبناء في العطية، وأن إيثار بعضهم على البعض يعتبر هبة باطلة، إذا لم يكن لذلك مسوغ فيلزم رد الهبة وتوزيع المال بالعدل بين الأبناء، وذهب كثير من أهل العلم إلى أن العدل بينهم مستحب وليس واجباً، ولكن الراجح ما ذكرناه أولاً.. وراجع في هذا الفتوى رقم: 6242.
وبناء عليه فيلزم الأخ المذكور بأن يشرك إخوته في المال وإن لم يفعل كان آثماً، وقد بينا حكم تقسيم التركة والشخص على قيد الحياة في الفتوى رقم: 113760 فلتراجع..
كما نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 101286، 113934، 111114.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1429(12/4734)
كيفية توزيع العادة السنوية الممنوحة من الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أسعد الله أوقاتكم بكل خير ...
سؤالي: يا سماحه الشيخ يخص نصيب الشخص الواحد من العادة السنوية التي تمنحها الدولة للمواطن وحيث إن الوالد متوفى وعادته السنوية 4000 ريال وحسب نظام الجهة المانحة أن من لديهم عادة من الأبناء غير مستحقين لها وأنه لا يتم صرف المبلغ إلا عند تقديم المستندات ووكالات من أربعه أشخاص من العائلة وهم الزوجة وابن قاصر وابنتان قاصرتان وان البنات المتزوجات لا يطلب عليهن وكالة وليس لهن عادة سنوية كما أنه يوجد ابن غير قاصر ولكن ليس لديه عادة سنوية ولا يتم طلب وكالة من الجهة المانحة عليه فهل له حق بالعادة.
أفيدونا حتى يتسنى لنا إعطاء كل ذي حق حقه من العادة ومعرفه حصة كل شخص حتى يتم إعطاؤها له وذلك حسب الشرع. وذلك بأنه هل يتم تقسيم المبلغ بالتساوي على الأربعة ممن طلب عليهم الوكالات؟
أم هل يتم تقسيم المبلغ لمن ليس لديه عادة سنوية ممنوحة من الدولة؟
أم أنها تعتبر تركة وتصرف حسب صك حصر الورثة، أفيدونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه العادة السنوية إذا كانت منحة أو هبة من الدولة – كما ظهر لنا من سؤالك - فإنه يرجع في كيفية توزيعها إلى الشروط والكيفية التي تحددها الدولة، ولا تعتبر تركة، وذلك لوجوب الالتزام بشرط الواهب إذا كان لا يخالف الشرع، وعلى ما ذكرته من نظام الجهة المانحة من أن هذه العادة تعطى لمن ليس له عادة سنوية من الأبناء فيجب عليكم الالتزام بذلك، أما مسألة تقديم الوكالات فالذي يظهر لنا أن هذا من باب إتمام الإجراءات وليس له علاقة باستحقاق العادة، والأحوط أن تستفسر من الجهة المانحة عن المستحقين لهذه العادة بالتفصيل وتلتزم بذلك.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 9045، 28640، 95253، 114560.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1429(12/4735)
الهبة في مرض الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[لي عمة ليس لها زوج أو أولاد تمتلك فدان أرض زراعية ونحن أولاد أخيها الوحيد 3 ذكور وثلاثة إناث في آخر أيامها وهى مريضة كتبت الفدان بعقد عرفي للأخ الكبير وأخذ الأرض وباعها لنفسه ما رأى الدين هل حقه على أساس من حكم في ماله ما ظلم؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم السائل أن الهبة في مرض الموت تأخذ حكم الوصية كما يقول ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن حكم الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب حكم الوصايا. اهـ.
وعليه، فإذا كان مقصود السائل أن المتوفاة وهبت الأرض لأحد أبناء أخيها فابن الأخ غير وارث من عمته، وبالتالي، فالوصية تصح له في حدود الثلث، وما زاد على الثلث يحتاج إلى إذن من الورثة.
وإذاكانت المتوفاة كلالة وهي من ليس له وارث من أصوله ولا من فروعه فميراثها كله لأخيها وإليه يرجع الإذن في مجاوزة الوصية للثلث من عدمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1429(12/4736)
الأولاد المفضلون في الهبة هل يلزمهم رد ما فضلوا به
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم وفي كل من يساهم في نشر دين الله.
هل السكن يدخل في قسمة الميراث؟ توفي والدي وترك لنا شقة نعيش فيها أنا وأخي وأمي لأن باقي إخوتي وأخواتي متزوجون ويعيشون في أماكن منفصلة. بعض إخوتي يريدون أن نبيع الشقة ونقسم ثمنها علما بأنه في حالة القيام بذلك فإن الأنصبة المتبقية لا تكفي لشراء سكن يأوي والدتي وأخي الصغير الذي لا يزال يدرس ويحتاج إلى الاستقرار.
مع العلم أن والدي له أرض زراعية متنازع عليها ضد طرف آخر أمام القضاء وله أيضا حوالي سهم كميراث في بيت عائلة لم يقسم بعد؟
مع العلم أن والدي اشتري لإخوتي البنين الذين تزوجوا شقة لكل واحد ولكنهم فرطوا فيها وباعوها وساعدهم في زواجهم ومول مشروعاتهم التي أيضا أبادوها وعندما يقول البعض لهم لقد أعطاكم أبوكم في حياته يقولون هذه كانت هبة؛ وبعد وفاة والدي لم يترك شيئا سوى دين سددناه عنه.
فما هو حالي أنا وأخي الصغير الذين لم يتبق لنا شيء سوى مسكن يأوينا مع والدتنا المسنة.
نحن خمسة ذكور وثلاث إناث وأم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن سكن الميت يدخل في التركة التي يقتسمها الورثة من بعده كما بيناه في الفتوى رقم: 105567، وما ذكره الأخ السائل أن والده زوج أولاده الآخرين واشترى لهم سكنا وأعانهم بالمال فجوابه أن تزويج الأولاد المحتاجين لا يعد مخالفا لما جاء به الشرع من العدل بين الأولاد في العطية، لأن العدل المطلوب شرعا في غير ما يكون دفعا للحاجة، فأما ما كان دفعا للحاجة فإنه يعطى كل إنسان مقدار حاجته. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لو احتاج أحد الأبناء إلى زواج فزوجه فإنه لا يلزمه أن يعطي الآخرين مثل ما أعطى هذا لزواجه، ولكن يجب عليه إذا بلغ الآخرون سن الزواج وأرادوا أن يتزوجو أن يزوجهم كما زوج الأول ... انتهى.
وأما إعطاؤهم السكن فإن كانوا قادرين على السكن بالإيجار فهم ليسوا محتاجين. وإعطاؤهم السكن حينئذ دون بقية الأولاد يعتبر جورا في العطية. والمفتى به بطلان هذا النوع من العطايا التي لم يعدل الوالد فيها كما بيناه في الفتوى رقم: 101286، وفي هذه الحال إذا لم يرد الأولاد المفضلون ما وهبه لهم والدهم فإنه يخصم من نصيبهم من التركة مقابل ذلك، وعند الخصومة يرجع إلى المحكمة الشرعية، ونصيحتنا لأولئك الأولاد أن لا يستعجلوا في المطالبة بقسمة البيت مادامت أمهم تسكن فيه مع إخوتهم الصغار ما دامت محتاجة إلى السكن فيه، وليس عندها ما تشتري به سكنا آخر، ويمكنهم أن يقسموا البيت من غير أن يخرجوا أمهم وإخوانهم بحيث يعرف نصيب كل واحد من الورثة في البيت، وتبقى أمهم في البيت، وإن أرادوا بيعه ليأخذ كل واحد حقه فلهم ذلك، ولكن يلزمهم شرعا سكنى أمهم مادامت فقيرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1429(12/4737)
حكم أخذ المدرسين وجبات حملوا الطلاب على إحضارها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تناول المدرسين وجبات غذائية يطالبون التلاميذ بإحضارها معتقدين بأن ذلك من باب الهدية ومبررين سلامة موقفهم بأن الهدية لا ترد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيصح أن تكون هذه الوجبات التي يقدمها الطلاب للمدرسين هدايا إذا فعلوا ذلك إكراما وتوددا بدون طلب من المدرسين. وأما إذا بادر المدرسون بطلبها فليست هدية بل هي من باب أكل أموال الناس بالباطل، فالطلاب يدفعونها خوفا أو حياء، والأخذ بهذين السببين حرام.
وإذا أراد المدرسون السلامة فليتركوا للطلاب حرية الإعطاء والمنع، ثم لينظر أيهدى لهم أم لا. وفي حديث عبد الله بن اللتبية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاه على عمل فلما قدم بالمال قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي فقال صلى الله عليه وسلم: فهلا جلس في بيته أبيه وأمه فينظر يهدى له أم لا. رواه البخاري.
والخلاصة أنه ليس للمدرسين إلا أجرتهم أو ما طابت به أنفس التلاميذ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1429(12/4738)
حكم هبة الزوج بيته لإحدى زوجاته
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص تزوج من الأولى وطلقها وله منها أبناء فلم يسمح في الأبناء رباهم ودرسهم وبحث على شغل لهم وزوج واحدا منهم والآن يعيشون بخير وتزوج الثانية وطلقها وأنجب منها لكنها طلبت منه أن يسمح في الأبناء لها وهي تسمح في النفقة عليهم فوافق وأخذتهم. وتزوج الثالثة وهو عايش معها الآن وله منها الأبناء.وهم يعيشون في بيت واحد وهو متقاعد والمنزل الذي يعيشون فيه تعب هو وزوجته الأخيرة في بنائه أي كان لها دور في البناء من مجهود عضلي، فهو يسأل هل هذا البيت يدخل في الميراث. أي هل لأبنائه من الزوجات السابقات حق في هذا البيت. مع أنه هو المأوى الوحيد لهذه الزوجة كما أنه يريد أن يكتبه باسمها. هل هذا جائز أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا توفي الرجل فإن أولاده من الزوجة الأولى ومن الزوجة الثانية هم من جملة الورثة الذين لهم الحق في تركته بما في ذلك البيت الذي يسكن فيه مع الزوجة الثالثة، ولا عبرة بكونه منفقا على الأولاد الآن أو غير منفق عليهم.
وأما حكم كتابة البيت باسم الزوجة الثالثة فإن كتب البيت باسمها على أنه وصية تأخذه بعد مماته، فهذه وصية لوارث وهي ممنوعة شرعا، ولا يكون البيت لها إلا إذا أذن الورثة بذلك، وكذا إن كتب البيت باسمها على أنه هبة لها في حياته، ولكنها لم تحزه فهذه هبة لم يتم قبضها حتى مات فتأخذ حكم الوصية الآنفة الذكر.
وأما إن حازته فهذه هبة لازمة وصحيحة في الأصل، ولكن إن فعل ذلك بقصد حرمان بقية الورثة فهو عاص لأن هذه الهبة وإن كانت أصلها مباحة لكنها حيلة إلى أمر محرم وهو حرمان الورثة، على أن هبة الزوج سكناه لزوجته محل خلاف بين الفقهاء، فمنهم من قال تصح، ومنهم من قال لا تصح. وطريقة حيازة المرأة للبيت إذا وهبه لها زوجها على القول بجوازه أن يخلي البيت من أمتعته ويتركه لها.
جاء في الموسوعة الفقهية: ولا يجوز أن يهب الزوج دار سكناه لزوجته عند المالكية لأن السكنى للرجل لا للمرأة، فإنها تبع لزوجها، وذهب الشافعية إلى أنه لا بد من خلو الدار الموهوبة من أمتعة غير الموهوب له، فإن كانت مشغولة بها واستمرت فيها فإن الهبة لا تصح. انتهى.
وانظري التفصيل في الفتوى رقم: 106777.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1429(12/4739)
نقل الشخص أملاكه لزوجته وبنتيه بغرض أن لا يرث إخوته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فى الخامسة والأربعين من عمري، توفى والدي ولم يترك لي إلا القليل أنا وإخوتي، ولكن ربي رزقني من حيث لا أعلم رزقاً حلالا طيباً وكما عودني والدي أنني وإخوتي جسد واحد فقد ساعدت إخوتي فى حياتهم إلى أن استقروا جميعاً وتزوجوا وأنجبوا كما أنني وهبت لكل منهم قطعة أرض بدون أن أحمل أحدا منهم أي جزء من ثمنها أي أنني باختصار قد وهبت إخوتي تقريبا نصف ما أملك ليس لشيء إلا لحبي لهم، وحيث إنني متزوج ولي ابنتان فقط وليس لدي أبناء فإنني أرى أنه من غير العدل أن يرث إخوتي فى الجزء الآخر من أملاكي التي احتفظت بها لنفسي وفى نفس الوقت لا أريد أن أغضب الله سبحانه وتعالى بأن أنقل كل ما أملك إلى ملكية بناتي وزوجتي، وسؤالي هو: ما هو حكم الدين فى موقفي هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول السائل الكريم (أرى أنه من غير العدل أن يرث إخوتي في الجزء الآخر من أملاكي) كلام ظاهر الخطأ، فإن إخوتك إنما يرثون بشرع الله، وشأن شريعة الله تعالى التي نزلت بالهدى ودين الحق أن لا يترتب على تطبيقها إلا الحق والعدل والخير والحكمة.
ولذلك نلفت انتباه السائل الكريم إلى أن الهبة وإن كانت مشروعة في الأصل، إلا إنها إن كانت بقصد حرمان بعض الورثة من نصيبهم فإنها لا تجوز، بل هي حينئذ كبيرة من الكبائر، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 75564، 71872، 76456.
وأما إن خلت الهبة عن هذا القصد فلا حرج عليك أن تنقل كل ما تملكه أو بعضه إلى زوجتك وبناتك بشرط أن تخلي بين كل واحدة منهن وبين ما وهبتها، لتحوزه حيازة شرعية، وتتصرف فيه تصرف المالك في ملكه، وترفع أنت يدك عن هذه الأملاك، وبشرط أن تعدل بين بنتيك في القسمة، كما سبق بيان في الفتوى رقم: 12549، والفتوى رقم: 9084.
وأما إن كانت هذه الهبة موقوفة على وفاتك فهذه وصية، والوصية لا تجوز لوارث، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.
وأخيراً لا بد أن يتذكر السائل الكريم أن ما وهبه لإخوته فيه من معاني التواصل والتراحم والتعاون ما يكفي ثوابه للاحتساب والاغتباط، فلا تعرض جميلك للضياع، ولا ثوابك للنقصان، ثم إن الآجال بيد الله تعالى، ومحل سؤالك أن تسبق وفاتك وفاة إخوتك، وهذا ليس بالأمر الحتم، وإن حصل ذلك فما يدريك فلعل إخوتك هؤلاء ينفعون بناتك من بعدك ويحوطونهن بما لا يأتي لك على بال، حفظاً لجميلك معهم، وصيانة لحقك عليهم، وقد قال الله تعالى: آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا {النساء:11} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1429(12/4740)
مآل المنحة يرجع فيه إلى شروط الجهة المانحة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أعطتني الجامعة منحة تفوق وكفلني أبي، وبعد فترة تبين لي أن هذه المنحة هي عبارة عن الرسوم وقد أعيدت إلي فرأيت من الأمانة أن أخبر أبي بذلك فوقعنا في الحيرة هل المال من حق أبي لأنه من دفع الرسوم، أم هو من حق أمي لأن أبي يتكفل برسوم الجامعة فقط بينما أمي تدفع نقود الكتب والملخصات وتوصلني بسيارتها للجامعة وتدفع ثمن البنزين وتدفع رسوم الانترنت لأدرس عليه وأحضر البحوث وتدفع لوازم المختبرات وقد جمعت هي مقدار ما تدفعه علي للدراسة فوجدت أنه أكثر من الرسوم كما أنها تساعدني في دراستي، أم أن المال من حقي لأنهم أعطوني إياه بسبب تفوقي أي أني بذلت جهدا للحصول على المال، كما أنهم يشترطون علي أنه مقابل كل سنة يعيدون رسومها أن أعمل سنة مقابلها في الحكومة دون أن يكون لي حق الاعتراض على الوظيفة أو مكان التعيين وإن لم أقبل بالوظيفة ألزم بدفع المال أو يخصم من راتبي في المستقبل، أي أن بيني وبين الحكومة عقدا أعطوني المال من أجله، سؤالي هل المال من حقي أم من حق أبي أم من حق أمي؟ مع العلم أن أمي وأبي لا يريدان المال على أساس أنت ومالك لأبيك بل لن يأخذاه إلا إذا كان حقهما مع أني أريد أن أعطيهما المال ولكن أريد أن أعرف هل هو حقي لأعرف هل تحسب لي صدقة وكيف أوزعه بينهما وهل أستبقي لنفسي شيئا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حكم هذه المنحة يرجع فيه إلى شروط الجهة المانحة فهي التي تفصل فيها، فإذا كانت هذه المنحة تعطى على أساس أنها للرسوم الدراسية التي سبق أن دفعت لها فيجب ردها إلى أبيك لأنه هو الذي قام بدفعها، وإن كانت هذه المنحة هي مكافأة للمتفوقين فيه ملك لك، ويجوز أن تتصرفي فيها بما تشائين، فإن أردت إعطاءها لأبيك أو أمك فإن ذلك من البر بهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1429(12/4741)
هبة الزوجة مالها لزوجها بقصد حرمان ورثتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شرعاً أن يقوم الرجل قبل وفاته بنقل ملكية زوجته إلى ملكيته - طبعاً بموافقتها طمعاً برضى زوجها لأنه من رضى الرب - ثم يقول: بعد وفاتي توزع الورثة بالشرع - مخافة منه أن يحصل أهل زوجته على إرثهم من زوجته بعد مماتها - سواء كان هو المتوفى أولاً أم هي , لأنه وعلى حد قوله هذه الأملاك سواء أملاكي أو أملاك زوجتي هي لأبنائنا فلماذا تذهب للغير - يقصد أهل الزوجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز في الأصل أن تهب الزوجة ما تملكه إلى زوجها ما لم تكن في مرض الموت، ولكن فعلها ذلك لأجل حرمان ورثتها من الإرث عند وفاتها هو من الحيل المحرمة ولا يجوز لأنه سعي لإبطال حق شرعي ثابت في الشرع، وقول الزوج لماذا تذهب أملاك زوجته للغير جوابه أن الله الحكيم الخبير هو الذي جعل لأهلها نصيبا من ميراثها فجعل لكل من أبيها وأمها وهما سبب وجودها أصلا السدس إن كان لها ولد ذكر أو أنثى، فلا يجوز له السعي لحرمانهما حقهما الذي وهبه الله لهما، ولا يجوز للزوجة أن تطاوع زوجها في ذلك.
وقد قال الله تعالى عقب آية المورايث في سورة النساء: تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ* وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ. {النساء:13، 14}
فالسعي لحرمان الورثة من نصيبهم بالحيل هو من تعدي حدود الله، وانظري للأهمية الفتوى رقم: 106777.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1429(12/4742)
يريد أبوه أن يمكله سيارة دون إخوته لحاجته إليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج ولي أخوان أعزبان وأخت متزوجة وأنا أصغرهم, يريد أبي أن يملكني سيارته حيث إنني بحاجة لها لاستخدامي العائلي وأيضا أذهب بها إلى العمل، ولكن ليس كل الأوقات، أخي الأول في إيطاليا والثاني يعيش في محافظة أخرى لطبيعة عمله, ويأتي يوما أو يومين كل أسبوعين وهو لا يقود أي سيارة إلى الآن، وأبي وأمي يعيشان في منزل بالقرب من منزلي وأبي يحتاج السيارة في المناسبات فقط فهو رجل كبير يقرب السبعين من عمره، يريد أبي أن يملكني السيارة بحكم حاجتي لها, فهل في ذلك إثم على أحد منا؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في وجوب التسوية بين الأولاد في العطية، فمذهب الحنفية والمالكية والشافعية أن التسوية بينهم في العطية مستحبة وليست واجبة، واستدل هؤلاء بأن الصديق رضي الله عنه فضل عائشة رضي الله عنها على غيرها من أولاده في هبة، وأن عمر رضي الله عنه فضل ابنه عاصماً بشيء من العطية على غيره من أولاده، واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم في بعض روايات حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما: فأشهد على هذا غيري. فلو كان عدم التسوية ممنوعا لما أمره بإشهاد غيره.
وذهب الحنابلة وأبو يوسف من الحنفية، وهو قول ابن المبارك، وطاووس وهو رواية عن الإمام مالك رحمه الله: إلى وجوب التسوية بين الأولاد في الهبة.
فإن خص بعضهم بعطية أو فاضل بينهم فيها أثم، ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين إما رد ما فضل به البعض وإما إتمام نصيب الآخر، لخبر الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: وهبني أبي هبة. فقالت أمي عمرة بنت رواحة رضي الله عنها: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إن أم هذا أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها، فقال صلى الله عليه وسلم: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، قال: كلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: فأرجعه. وفي رواية قال: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. وفي رواية أخرى: لا تشهدني على جور. إن لبنيك من الحق أن تعدل بينهم. وفي رواية: فأشهد على هذا غيري.
والراجح وجوب التسوية بينهم لأن تفضيل بعضهم على بعض يثير الضغائن والأحقاد، إلا أن بعض أهل العلم قد رخص في هذا التفضيل عند وجود سبب مسوغ له، كالمرض أو كثرة العيال أو الاشتغال بطلب العلم ونحو ذلك، كما في الفتوى رقم: 28403.
وبناء على هذا الرأي فلا حرج في أن يهبك أبوك من ماله ما تدفع به الحاجة عنك، لكن نرى أن حاجتك في السيارة تندفع بالإعارة وليس بالتمليك، والقاعدة أن الضرورة تقدر بقدرها، وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22065، 59972، 15525.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1429(12/4743)
الهدية لا ترد ولا تضمن
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم لي شخص ولكنه لم يحدث نصيب بيننا وحينما أتى أحضر معه علبة جاتوه، أنا أخاف أن تكون هذه العلبة من حقوق العباد علي والله لا يسامح في حقوق العباد فبماذا تنصحوني، هل أحضر أختها ونرسلها له أم ماذا؟ ولكم جزيل الشكر.. وأ رجو أن تدعوا لي بالزوج الصالح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطعام المذكور جرى العرف على تقديمه على سبيل الهبة، والهدية لا ترد ولا تضمن، وعليه فليس على الأخت رد مثل الطعام المذكور، ونسأل الله عز وجل أن يرزقها زوجاً صالحاً، وذرية طيبة إنه سميع الدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1429(12/4744)
الهبة المشروطة إذا تخلف شرطها
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت منتدى وكان فيه مسابقة المهم دخلت وشاركت في المسابقة وفاز في المسابقة ثلاثة أشخاص وأنا لست منهم، وبعد فترة من المسابقة صاحب الموقع أعطاني مبلغا من المال وقال لي بشرط أن لا تترك المنتدى وأخذت المال وبعد فترة تركت المنتدى وأنا الآن أبغي أن أرجع المبلغ إلى صاحب المنتدى ولكنه مغلق، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المال الذي أعطاك إياه صاحب الموقع هو عبارة عن هبة مشروطة، والهبة المشروطة لا تملك إلا إذا تحقق شرطها، فإذا تخلف شرطها امتنع أخذها لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني.
وعليه فما دمت تركت هذا المنتدى فعليك بإرجاع هذا المال إلى صاحبه، فإن تعذر رده إليه أو إلى ورثته في حال موته فلك التصدق به عنه، فإن عثرت عليه بعد التصدق خيرته بين الصدقة وبين أخذ المال ويكون أجر الصدقة لك، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 23698.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1429(12/4745)
حكم قبول الطالب هبة دولته التي تتعامل بالربا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تركي الجنسية وأدرس في الجامعة والدولة تعطيني شهريا مبلغا من المال مساعدة بدون مقابل، والدولة تتعامل بالربا وهي دولة علمانية، فما حكم هذا المال في الدين فهل هو حرام؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في أخذ هذا المال من الدولة بحسب الشروط التي تضعها الدولة، أما كون الدولة تتعامل بالربا وكونها دولة علمانية فلا يمنع من قبول المنح والهبة منها، لأن مال هذه الدولة يحتوي على أموال محرمة من الربا وغيره كما يحتوي على أموال حلال مكتسبة من الأوجه المباحة، فيكون حكم هذه الدولة هو حكم صاحب المال المختلط، وقد نص جمع من أهل العلم على جواز قبول هديته ما لم تكن مشتملة على عين المال الحرام، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل هدايا الملوك ويتعامل مع اليهود والمشركين، قال البخاري في صحيحه: باب قبول الهدية من المشركين، وقال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم هاجر إبراهيم عليه السلام بسارة فدخل قرية فيها ملك أو جبار فقال: أعطوها آجر وأهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم، وقال أبو حميد أهدى ملك أيلة للنبي صلى الله عليه وسلم بغلة بيضاء وكساه برداً وكتب له ببحرهم. أي بلدهم.
فلا حرج في أخذ هذا المال والانتفاع به في طاعة الله عز وجل أو في الأمور المباحة، ونسأل الله عز وجل لك التوفيق والسداد ...
وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6880، 27735، 28513، 112077.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1429(12/4746)
يريد كتابة أملاكه لزوجته خوفا عليها وابنتيها
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي لا تحب زوجتي وتعاملها معاملة سيئة بدون أي سبب مع أن زوجتي تعاملها بكل الأدب والود والحب على الرغم من أننا بغربة ولسنا مع أهلي بنفس البلد وكل ما يحدث من مشاكل يحدث في فترة الإجازة وهي شهر كل سنة فقط، ولذلك فإن زوجتي تريدني أن أكتب لها كل ما أملك (الشقة, السيارة ومبلغ بالبنك) وتقوم هي بعمل توكيل عام لي بكل شيء, حتى إذا توفاني الله لا يأخذ أحد من عائلتي (أبي, أمي, أخي وزوجته وأولاده) شيئاً من ميراثي ويبقى كل شيء لها هي وبناتي الاثنتان (حيث إن لدينا بنتين فقط ولا يوجد أولاد) ، فهل يجوز أن أفعل ذلك وهل ذلك يخالف الشرع أم لا ... هل ترون أن أوافقها مع أني أعلم تمام العلم بأنها صادقة جداً وتفعل ذلك من أجل الخوف على مستقبل بناتي وهي لا تهتم إطلاقاً بالأمور المادية وتحبني حباً كثيراً ومتأكد أنها لن تمنع عني شيئاً من هذه الأموال أو تأخذ منها أي شيء بدون علمي، فأرجو مساعدتي في اتخاذ القرار حيث إن هذا الموضوع سبب لي العديد من المشاكل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً أن يهب الرجل لزوجته أو لغيرها بشرط ألا يقصد بهذا التصرف حرمان الورثة من نصيبهم، لأن هذا ظلم لهم، إذ التركة حقهم الذي فرضه الله سبحانه لهم، قال الله تعالى: لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا {النساء:7} ، وبناء على ذلك فإنه لا يجوز لك أيها السائل أن تفعل هذا طالما أن قصدك الإضرار بالورثة ومنعهم من الميراث.
على أنا ننصحك أن لا تفعل هذا فإنك لا تدري ما يكون بعد ذلك فإن القلوب تتقلب والنفوس تتغير ولو انتفى قصد الإضرار فهل تضمن أن تبقى زوجتك لك على هذا الحب والوفاء؟ فلربما تغيرت عليك بل ولربما أوقعتها أنت في الفتنة بفعلك هذا إذ أنها ستجد نفسها غنية عنك وعن إنفاقك فربما زين لها الشيطان التعالي عليك والاستغناء عنك، وقد قال الله جل وعلا: وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا {النساء:5} ، والسفهاء هنا هم النساء والأولاد الصغار على ما فسره به غير واحد من المفسرين، وهو تأويل حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عباس، فقد جاء في تفسير القرطبي عند هذه الآية: قال ابن عباس: لا تدفع مالك الذي هو سبب معيشتك إلى امرأتك وابنك وتبقى فقيراً تنظر إليهم وإلى ما في أيديهم، بل كن أنت الذي تنفق عليهم، فالسفهاء على هذا هم النساء والصبيان، صغار ولد الرجل وامرأته. انتهى.
وجاء في تفسير ابن كثير عند هذه الآية: عن ابن عباس يقول (تعالى) لا تعمد إلى مالك وما خولك الله وجعله معيشة فتعطيه امرأتك أو بنيك ثم تنظر إلى ما في أيديهم، ولكن أمسك مالك وأصلحه وكن أنت الذي تنفق عليهم من كسوتهم ومؤنتهم ورزقهم.
فيا أيها السائل أمسك عليك مالك فهو خير لك وأدعى لقوامتك على أهل بيتك، فقد قال سبحانه: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ {النساء: 34} ، علماً بأن الهبة المعلقة على الوفاة تأخذ حكم الوصية، وهي لا تجوز لوارث كالزوجة والأولاد إلا بإذن الورثة.
وللفائدة في الموضوع تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19637، 102484، 58686، 41872.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1429(12/4747)
حكم هبة الأب ماله لبناته بقصد حرمان الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت بكتابة كل ما أملك لبناتي الأربعة حيث إنى لم أنجب ولدا وذلك من خلال كلام زوجتي حتى لا يتدخل أحد من الأقارب على أي ميراث وعلمت بعد ذلك أني قمت بعمل جلل وحاولت مرارا وتكرارا أن أعيد كل شيء إلى أصله ولكن الزوجة قالت بالحرف الواحد على جثتي أن تقوم بذلك حيث إنها تمتلك توكيلات من البنات ولكني لا أمتلك شيئا ولا أستطيع أن أتحكم في إعادة الأملاك إلى سابق عهدها. ما الحكم الشرعي على هذه الزوجة وعلى من يقع الإثم. أرجوكم إفادتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا أن يعطي الرجل لزوجته أو لأولاده أو لغيرهم من الأقارب أو الأجانب ماله كله أو بعضه سواء كان على سبيل الهبة أو الصدقة ما دام أهلا للتصرف، بهذه الشروط:
الأول: أن يفعل ذلك في أثناء صحته، لا في مرض موته.
الثاني: أن يسوي بين أولاده في الهبة.
الثالث: أن يرفع يده عن هذا المال، بحيث يتصرف فيه من أخذه تصرف الملاك فيما يملكون بعد قبض هذا المال وحيازته.
أما إن ظل هذا المال في يده، ولم يتمكنوا من التصرف فيه، فإنه يأخذ حكم الوصية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود، ورواه الدارقطني وزاد: إلا أن يشاء الورثة.
الرابع: ألا يقصد بهذا التصرف حرمان الورثة من نصيبهم؛ إذ التركة حقهم الذي فرضه الله سبحانه لهم، قال تعالى: لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا {النساء:7} .
فإن فعل فهو ظالم لهم لأن هذا من الحيل المحرمة، جاء في عمدة القاري لبدر الدين العيني عن محمد بن الحسن تلميذ أبي حنيفة رحمهما الله قال: ليس من أخلاق المؤمنين الفرار من أحكام الله بالحيل الموصلة إلى إبطال الحق.
الخامس: ألا يوقعه هذا التصرف في الحرام من سؤال الناس والتسخط على أقدار الله، وتضييع من تلزمه نفقتهم.
فإن تحققت هذه الشروط فلا بأس ببذل المال، أما إذا لم تتحقق كلها أو لم يتحقق واحد منها فيمنع, وبناء على ذلك فإن ما فعلته أيها السائل حرام طالما كان قصدك الإضرار بالورثة ومنعهم من الميراث.
واعلم أن الله قد نهى عن إعطاء المال للنساء والأولاد بقوله جل وعلا: وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا {النساء:5} ، والسفهاء هنا هم النساء والأولاد الصغار على ما فسره به غير واحد من المفسرين، وهو تأويل حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عباس فقد جاء في تفسير القرطبي عند هذه الآية: قال ابن عباس: لا تدفع مالك الذي هو سبب معيشتك إلى امرأتك وابنك وتبقى فقيرا تنظر إليهم وإلى ما في أيديهم، بل كن أنت الذي تنفق عليهم. فالسفهاء على هذا هم النساء والصبيان، صغار ولد الرجل وامرأته. انتهى.
وجاء في تفسير ابن كثير عند هذه الآية: عن ابن عباس يقول [تعالى] لا تَعْمَد إلى مالك وما خَوَّلك الله، وجعله معيشة، فتعطيَه امرأتك أو بَنيكَ، ثم تنظر إلى ما في أيديهم، ولكن أمْسكْ مالك وأصلحْه، وكن أنت الذي تنفق عليهم من كسْوتهم ومؤنتهم ورزقهم.
كما أن إمساكك لمالك أدعى لقوامتك على أهل بيتك فقد قال سبحانه: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ {النساء: 34} .
ولكن أما وقد حدث منك ما حدث فحاول بكل طريق أن ترجع هذا المال إلى ما كان عليه الأمر قبل ذلك فتسترد تلك الهبة من بناتك، وهذا جائز لا حرج فيه، وهو مستثنى من النهي عن الرجوع في الهبة.
جاء في المغني لابن قدامة: فصل: وقول الخرقي: أمر برده. يدل على أن للأب الرجوع فيما وهب لولده. وهو ظاهر مذهب أحمد، سواء قصد برجوعه التسوية بين الأولاد أو لم يرد، وهذا مذهب مالك، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأبي ثور. انتهى.
وليس لامرأتك ولا لغيرها منعك من تصحيح خطئك هذا ولو كانت موكلة من قبل البنات فإن لبناتك أن يقمن برد هذه الهبة بأنفسهن دون حاجة إلى التوكيل الذي مع الأم.
ونسأل الله سبحانه أن يعفو عنك وأن يتجاوز عن سيئاتك، وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 71872، 97454، 106777.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1429(12/4748)
حكم قبول الهدية من من أودع ماله في بنك ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أنه قبل سنوات طويلة تقريبا عشر سنوات كان أبي قد سافر إلى بلاد أجنبية في مهمة شغل للشركة التي يشتغل فيها وقد أودع قيمة من المال في أحد البنوك بنية أنه سوف يبعث أخي للدراسة هناك ويصرف من هدا المال لكن ما حدث أن أخي لم يذهب لظروف معينة وبقيت هذه الأموال طيلة هذه السنين وقد قام باسترجاعها الآن أي أن البنك تعرف عليه رغم هده السنوات ولكن لا زالت لم تحول إليه كاملة، المشكلة أن البنك كان يستثمر المال ويعطيه نسبة من الأرباح وقد أعلمناه أنه يجب التخلص من هذا المال الزائد، وفعلا استجاب للأمر وكذلك بالنسبة للزكاة سأل وعرف كيف يخرجها، لكن سؤالي هو أنا مقيمة في هذا البلد الأجنبي وعندما جاء لاسترجاع المبلغ أعطى أحفاده مبلغا بسيطا هدية منه لأنه أول مرة يراهم، فما حكم هدا المال بالنسبة لنا?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإيداع في البنوك الربوية غير جائز إلا لمحتاج إلى ذلك، ويشترط أن يكون حسابا جاريا لا تترتب عليه فوائد، ومن أودع في حساب ذي فائدة فالواجب عليه التوبة إلى الله عز وجل وسحب الوديعة والتخلص من الفوائد في وجوه الخبر ومصالح المسلمين العامة.
وبخصوص المبلغ الذي دفعه والد السائلة إلى أحفاده كهدية لا حرج فيه لأن مال هذا الرجل مال مختلط - أصل الوديعة والفوائد معا- ويجوز معاملته فيه وقبول هديته ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1429(12/4749)
صفة العدل بين الأولاد في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو أن والدي عنده أراض كثيرة وهذا من فضل الله عليه وعلينا وله من الأبناء 3 والبنات 6 وهو متقاعد عن العمل منذ عشرين عاماً وأبناؤه منذ ذلك التاريخ ينفقون عليه من مأكل ومشرب وعلاج وسفر وخلافه وهو بحاجة إلى بعض المال للعلاج وقد تم قرض بعض من أبنائه وبناته وإذا تم بيع بعض هذه الأراضي كيف يتم توزيع هذه الأموال بين الأبناء والبنات وهو على قيد الحياة، فأفيدونا؟ جزاكم الله كل خير.. وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي له الحق في تقرير بيع بعض هذه الأراضي وتوزيع ثمنها هو مالكها وهو هنا والدك، فإذا أراد الوالد أن يقسم أملاكه -أو ثمن الأراضي- على أولاده في حياته حال صحته فله ذلك، ويجب عليه أن يعدل في عطيته لأولاده الذكور والإناث، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ... فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم.. متفق عليه.
وقد اختلف العلماء في صفة العدل بين الأولاد في العطية، فقال بعضهم العدل أن يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين كالميراث، وقال آخرون يسوى بين الذكر والأنثى، وهذا القول الأخير هو المرجح في موقعنا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي من طريقه، وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن.
وعليه؛ فإذا قسم الأب في حياته ثمن الأراضي فإنه يعطي جميع أولاده الذكور والإناث، ويجعل نصيب البنت مساوياً لنصيب الابن، وكون الأبناء ينفقون عليه هذا ليس مسوغاً فيما نرى لأن يعطي الأبناء ويحرم البنات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1429(12/4750)
حكم تعليق الهبة بشرط
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أمي وتركت بنتين وولدا وأبناء بنت متوفاة، وقد أعلمت ابنتها التي تعيش معها عن مكان المال وقالت لها هذا المبلغ عند الطوارئ لو حدث لي شيء يوم الجمعة أو السبت والبنوك مغلقة وإذا لم يستخدم فهو لك ولأختك بالتساوي تعويضا عن ثمن بيع أرض سبق بيعها وأخذ الابن ثمنها كاملة لتفريج ضايقة مالية مر بها سابقا، فما حكم هذا المال هل يحق لنا مناصفة لي ولأختي دون أخي الذي أخذ ثمن الأرض، وهل لأبناء أختي المتوفاة حق في هذا المال مع العلم أن هناك تركة معلومة للجميع ولا يختلف عليها أحد، أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الهبة باطلة لحصول التعليق فيها، فالهبة لا تقبل التعليق على شرط، قال في المغني: ولا يصح تعليق الهبة بشرط لأنها تمليك لمعين في الحياة فلم يجز تعليقها على شرط. انتهى.
وعلى القول بصحة تعليق الهبة- كما هو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية - فإنه يشترط حوز الموهوب له قبل موت الواهب، فإذا لم يحز الهبة حتى مات الواهب بطلت، وتصير من ضمن تركة الميت، وبناء على القول الأول بفساد الهبة بالتعليق، وعلى القول الثاني بصحتها مع عدم حصول القبض حتى ماتت الأم فلا حق لكما إلا في نصيبكما من التركة، لأنها على كلا القولين باطلة، ففي الأول لوجود التعليق، وفي الثاني لانتفاء حصول القبض حتى ماتت الأم الواهبة، وأما إذا كان القبض حصل قبل موتها فالهبة صحيحة على القول الثاني.
وننبه إلى أنه في حالة عدم صحة الهبة للبنتين فإن لهما أن تأخذا من التركة ما تحصل به التسوية بينهما وبين الولد، اللهم إلا إذا كان تخصيص الولد بالهبة لحاجة معتبرة شرعا لا تندفع إلا بالهبة، فإذا كان تفضيله لحاجة -كما ذكرنا- فالهبة السابقة صحيحة، وبالتالي فليس لهما الأخذ من التركة بقدر ما تحصل به التسوية كما هو مبين في الفتوى رقم: 93877، والفتوى رقم: 102163.
أما أبناء البنت المتوفاة فلا حق لهم في الهبة لأن عقدها لم يشملهم، ولا حق لهم في التركة لأنهم محجوبون بأبناء الصلب، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 32519، والفتوى رقم: 77462.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1429(12/4751)
حكم كتابة الممتلكات باسم أحد الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والد زوجتي وعند الوفاة تم اكتشاف أن جميع ممتلكاته وأمواله السائلة باسم أختها الصغرى غير الشقيقة ماعدا بعض الأشياء الصغيرة التي كانت باسمه والتي كانت أمها قد تزوجته بعد أن انفصلت والدة زوجتي عنه فما حكم الدين وما حكم علاقة زوجتي مع أختها وأمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الأب أن يعدل بين أولاده في العطية، إذ إن تفضيل الأبناء بعضهم على بعض من غير مسوغ من حاجة أو عوز هو نوع من الظلم، وإن خص الأب بعض أبنائه بعطية أو فاضل بينهم بدون داع إلى ذلك أثم ووجبت عليه التوبة بأحد أمرين، إما برد ما فضل به البعض، وإما بإعطاء الآخر ما يتم نصيبه، قاله ابن قدامة في المغني.
ف إن مات الأب قبل أن يرجع عن جوره، فلا يخلو من حالين:
الأول: أن تكون عطيته قد حصلت منه في حال صحته، فتثبت العطية على ما فيها من الجور والمفاضلة عند أكثر أهل العلم، لكن يدعى الورثة إلى تحقيق العدل وتصحيح القسمة، ويُرَّغبون في ذلك. وقال أحمد في رواية: إن لسائر الورثة أن يرتجعوا ما وهبه.
الثاني: أن تكون عطيته وقسمته الجائرة قد حصلت في حال مرض الموت أو المرض المخوف الذي يكثر حصول الموت منه فلا تنفذ، ويعاد تقسيم التركة طبقاً للقسمة الشرعية لا يحرم منها وارث. وقد سبق بيان ذلك كله في الفتاوى التالية أرقامها: 6242، 14254، 8147.
ثم إن الظاهر من السؤال أن ما فعله والدكم هو مجرد كتابة الممتلكات باسم الأخت الصغرى دون أن تتم الحيازة من الموهوب لها في حياة الواهب، والهبة إنما تتم إذا حيزت في حياة الواهب، وإذا لم تحز فإنها تعتبر بحكم الوصية، والوصية لا يصح أن تكون لوارث، إلا إذا أجازها بقية الورثة برضاهم وطيب أنفسهم وكانوا رشداء بالغين، فإذا لم يجز الورثة هذه الهبة فإنها ترد إلى عموم التركة لتقسم معها على جميع الورثة، كل حسب نصيبه المقدر له في كتاب الله تعالى.
وعليه؛ فالكتابة المذكورة إن لم تصحبها حيازة فهي لاغية. وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 60450، 75782، 105648.
وبما أن هذه المسألة فيها نزاع فيجب أن ترفع إلى المحكمة الشرعية أو يشافه أهل العلم بطرحها عليهم حتى يستوضحوا من أهلها جميعا ويطلعوا على حقيقة الواقع.
أما علاقة زوجك بأختها وأم أختها؟ فالواجب عليها أن تحافظ على صلة الرحم مع أختها، وكذلك البر بأم أختها التي هي زوجة أبيها؛ لأن ذلك من البر بالأب وزوجة الأب بمقام الوالدة، ويمكنك أن تراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1914، 7683، 10138، 11449.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1429(12/4752)
حكم قبول الهدية من الطائفة الأحمدية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تقبل الهدية من طائفة الأحمدية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الهدية يجوز للمسلم أن يقبلها من الكفار والعصاة، ويدل لذلك قبول النبي صلى الله عليه وسلم لهدايا الملوك، وقد بوب البخاري في الصحيح فقال: باب قبول الهدية من المشركين.
وأسند في ذلك حديثا عن أنس: أن يهودية أتت النبي صلى الله عليه وسلم بشأة مسمومة فأكل منها.
وقد أسند حديثا آخر عن أبي حميد الساعدي في باب خرص التمر فروي عنه: أنه أهدى ملك أيلة للنبي صلى الله عليه وسلم بغلة بيضاء وكساه بردا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1429(12/4753)
حكم قبول الطبيب هدية من المرضى بالمشفى
[السُّؤَالُ]
ـ[طبيب مختص يعمل ويتقاضى راتبه من المشفى وعادة ما يهدي له المرضى بعد شفائهم أو أثناء مداواتهم هدايا من فواكه أو ملابس فهل يقبل بها أو يردها علما أن ردها قد يحز في قلب المريض أما الطبيب فلا يطلب شيئا من المريض. أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للطبيب أو غيره من الموظفين والعمال قبول هدية ممن يتعاملون معهم مقابل ما يقومون به من أعمالهم المنوطة بهم أصلا، لثبوت النهي عن ذلك في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 3816، وكون رفضها يحز في نفس المريض أو المهدي لا يبرر قبولها، وعلى الطبيب أن يطيب خاطر مريضه، ويعتذر له بأن سبب رفضه لقبول هديته إنما هو لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا النوع من الهدايا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1429(12/4754)
هل يجب العدل بين الأحفاد في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وأنا طفل صغير فقامت جدتي لأبي بإعطائي حقها في ميراث أبي وذلك بموافقة أولادها (أعمامي) وموافقة إخوتي والآن يطالبني إخوتي باقتسام ما أعطتني جدتي فهل لهم حق في ذلك؟ وهل أتحمل وزرا إن لم أعطهم؟.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم ابتداء أن العلماء اختلفوا في العدل في العطية للأحفاد، هل هو كحكم العدل في العطية للأولاد المباشرين، فذهب الحنابلة إلى وجوب العدل بين الأحفاد كما يجب في العدل بين الأولاد. قال المرداوي الحنبلي: وهذا المذهب وهو ظاهر كلام الأصحاب وقدمه في الفروع. اهـ
وكذا يستحب عند الشافعية العدل بين الأحفاد كما هو الحال بين الأولاد المباشرين. جاء في نهاية المحتاج للرملي الشافعي: إذا وهبت الأم لأولادها، فهي كالأب في العدل بينهم في كل ما ذكرنا، وكذلك الجد والجدة. انتهى.
وذهب الحنابلة في وجه عندهم إلى عدم وجوب العدل بين الأحفاد، وهذا هو المفتى به عندنا كما في الفتوى رقم: 77744، فلا إثم على هذه الجدة، وليس لهم الحق في المطالبة بإعادة اقتسام ما وهبته لك جدتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1429(12/4755)
أعطت عطية لولديها ثم رزقت ببنت
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي أنجبت اثنين من الذكور وعندما كبروا أرادوا الزواج فأعطت أمي لكل منهم شبكة ذهبا ومالا وبعدها تفاجأت أمي أن ألله سيرزقها طفلا آخر وهي في هذا السن المتأخر ورزقت بطفلة هي الآن عروسة وقالت الأم لها ما في يدي من ذهب، فهو لك كي أساويك بأخواتك أما الباقي من ذهبي فهو لإخوتك فما رأي الشرع في هذا الكلام؟ وهل تعتبر وصية تنفذ وهل هذا من حقي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء لا يلزم الأم أن تعطي ابنتها كما أعطت أبناءها سابقا لأن البنت لم تكن موجودة في ذلك الوقت، فهي في حكم المعدوم، والمعدوم لا شيء له كما في الميراث، وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: لا يلتفت- أي في العدل بين الأولاد- إلى ما سينجبه بعد إلا إذا كان حملا فيؤخر ما أراد قسمته حتى يستهل. انتهى.
وأما قول الأم لابنتها الآن ما في يدي من ذهب فهو لك، إن كانت تعني أنها تأخذه بعد وفاة الأم فهذه وصية وليست هبة، وهي وصية ممنوعة شرعا لأنها لوارث، ولا تمضي إلا إذا أجازها الورثة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أهل السنن.
ولذا فإنه يجب على الأم أن تعدل في عطيتها وهي حية صحيحة فتعطي لا بنيها وابنتها ما يتحقق به العدل في عطيتها، وقولها أما الباقي من ذهبي فهو لإخوتك، يقال فيه ما سبق من أنها إن كانت تقصد بعد مماتها فهو وصية، وإن كانت تعني أنهم يأخذونه في حياتها فالواجب على الأم أن تتقي الله وتعدل في عطيتها لأولادها الذكور والإناث طاعة للنبي صلى الله عليه وسلم.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 103527، 101286، والفتوى رقم: 70268.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1429(12/4756)
الهبة لزوجة الابن المتوفى
[السُّؤَالُ]
ـ[المتوفى ثم توفيت عن زوج وأخ السؤال: هل يحق للزوج والأخ للزوجة في الشقة التي جعلها أو وهبها الأب لزوجة ابنه المتوفى قبل أبيه، مع العلم أن هذا التصرف من الأب غير مسجل قانونا أي غير موثق - وما توفي رجل عن أب وزوجة بدون أولاد وإخوة ذكور وإناث، قال الأب إنه قد أعطى زوجة الابن المتوفى مثل أولاده، شقة في عقار مشترك مع الأبناء، ثم توفي الأب، ثم تزوجت زوجة الابن، أثار السؤال من قبل الأخوة هو أن أخ الزوجة المتوفاة يثير المشاكل معهم ويطالبهم بمبلغ 45000جم لكي يترك الشقة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح كما ينبغي وستكون الإجابة في حدود ما ظهر لنا فيه، فإذا كنت تسأل عن حكم هبة والد الزوج لزوجة ابنه شقة في بيته، وعن حكم وراثة هذه الشقة عنها بعد وفاتها، فالجواب أن الهبة إذا كانت قد تمت بشروطها بحيث كان الواهب مؤهلاً للتصرف وقت الهبة وتمت حيازتها من طرف الموهوب له حيازة تامة بحيث يصبح متصرفا فيها تصرف المالك في ملكه، ويرفع الواهب عنه يده تماماً، وتم كل هذا قبل موت أحدهما، أو فلس الواهب فإنها تمضي، ولا يحق للواهب الرجوع فيها.
فقد جاء في الصحيحين وغيرهما عن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس لنا مثل السوء، العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه.
أما إذا لم تستوف الهبة شروطها فإنها ترجع إلى صاحبها، وأما التسجيل في السجل العقاري فليس من شروط صحة الهبة، وإنما هو لمجرد التوثيق أو الزيادة فيه أو قطع النزاع.
فعلى هذا إذا كانت الهبة قد تمت بشروطها فإن هذه الشقة أصبحت ملكاً لزوجة الابن المتوفى وبموت هذه الزوجة فإن ورثتها يرثون هذه الشقة عنها طبقاً للقسمة الشرعية، فإن كان ورثتها هم زوجها وأخاها فللزوج النصف فرضاً وللأخ الباقي تعصيباً.
أما إذا كانت الهبة لم تستوف شروطها فإنها ترجع إلى ملك الأب ويرثها عنه ورثته طبقاً للقسمة الشرعية، وينبغي أن يعلم أن مسائل النزاع لا يرفعها إلا قضاء القاضي الشرعي أو بالتحكيم الشرعي إن لم توجد ببلدكم محاكم شرعية.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 15525، 2333، 58686، 67015.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1429(12/4757)
أهدى لفلان هدية ليقضي له حاجة فلم يفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في إنسانة أهدتني هدية قيمة حتى أساعدها في الزواج من أخي وهى من أجل كسب ودي ووقوفي إلى جانبها وأنا تقبلتها على مضض ولكن لم أسع لمساعدتها في ذلك الأمر لأنها غير كفء له ولم أرجع الهدية والآن تعذر الوصول لها ماذا افعل لتخرج من ذمتي هذه الهدية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أهديت إليه هدية ليقوم بأمر فلم يقم به وجب عليه أن يرد الهدية إلى مهديها إن كانت قائمة، ومثلها أو قيمتها إن تلفت.
جاء في حاشيتي عميرة وقليوبي: فرع: أهدى له هدية على أن يقضي له حاجة أو يخدمه فلم يفعل وجب ردها إن بقيت، وبدلها إن تلفت. اهـ
وعلى هذا؛ يجب عليك أن تبذل جهدك لإيصال الهدية لصاحبها، فإذا تعذر وجودها فسلمها لورثتها، فإذا تعذر وجودهم فتصدق بها عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1429(12/4758)
حكم الإشهاد على الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: ما صحة هذا العقد.. لقد تم عقد هبة بين طرفين حيث وهب أب لابنه قطعة أرض, وتم هذا العقد في مكتب لشاهدي عدل معترف بهما من طرف السلطة ولكن عند كتابة هذا العقد كان أحد الشاهدين غائاب وعندما سأل الأب الشاهد (الوحيد الحاضر على هذا العقد) أجابه لا حرج عليك عندما يأتي زميلي (الشاهد الثاني) سيقرأ هذه الوثيقة ويوقع في أسفلها، أريد من حضاراتكم أن تمدني بجواب حول هذا العقد، هل هو صحيح أم باطل، في صورة بطلان هذا العقد ما حكم ما قام به الابن داخل قطعة الأرض؟ بارك الله في علمكم وعملكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الهبة لا تفتقر ديانة إلى شهادة ولا إلى توثيق، فمتى قبض الموهوب له الموهوب بإذن الواهب كان ذلك كافياً ديانة فيما بين العبد وربه.
فعن عائشة رضي الله عنها: أنا أبا بكر رضي الله عنه نحلها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما مرض قال: يا بنية، كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقاً، ولو كانت حزتيه أو قبضتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث فاقتسموه على كتاب الله. رواه مالك في الموطأ.
وقال في الزاد: وتلزم بالقبض بإذن واهب. أما قضاء فلا بد لإثباتها من بينة، والبينة كما تحصل في الأموال بشهادة عدلين فإنها تحصل كذلك بشهادة رجل وامرأتين, وشهادة رجل عدل ويمين صاحب الحق, كما هو مذهب الجمهور، أو إقرار الواهب أو إقرار وارثه بعد موته.
وبناء على هذا فإن الهبة هنا ثابتة ديانة، وبموجبها يجوز للولد التصرف في الأرض الموهوبة، وتثبت كذلك قضاء إن ثبتت البينة على نحو ما تقدم، فإذا ما وهب الأب لابنه هبة وقبضها فقد تمت الهبة لكن ينظر هل هذا الأب أعطى لبقية أبنائه أو بناته مثل ما أعطى لولده هذا أم لا ... فإن كان آثر هذا الولد لغير مسوغ فالراجح أنه يجب عليه أن يعطي مثل ذلك لغيره من أبنائه أو ينزعها منه، وقد سبق حكم هذه المسألة في الفتوى رقم: 107734.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1429(12/4759)
ضوابط قبول الهدية من الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من العراق محافظة الأنبار توجد شركات لا نعرف هويتها فقط أنها شركات إغاثه تقوم بإعطاء مبالغ لبناء مشاريع أو محلات تجارية أو أي شيء تريد والمبالغ التي تعطى مثلا تقوم بإعطاء مبلغ 60 دولارا محل تجاري للكهربائيات أو الغذائية أو موقع للانترنت وكذلك مبالغ أعلى من ذلك في بناء حقول للدواجن والأبقار بدون مقابل يعني أنت لا تسدد ولا تدفع لهم أي مبلغ نهائيا وهذه الشركات تدار حسب ما روى لي أحد الثقات من قبل يهود ونعرف اليهود من خلال الطاكيه الصغيرة التي توضع فوق رؤوسهم وكذلك لحاهم ونحن هنا نعتقد أنها شركات يهودية هل يجوز أخذ هذه المبالغ وبناء مشاريع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه المبالغ - كما ذكرتم- تمنح مجانا من هذه المؤسسات الإغاثية وليست قروضا تؤخذ عليها فوائد فلا حرج في أخذها ولو كان مقدموها من اليهود، فقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم هدية قيصر وهدية المقوقس.
وفي الحديث: أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها. رواه مسلم.
وفي الحديث: أن يهوديا دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجابه. رواه أحمد وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
لكن على الآخذ لهذه المبالغ منهم أن يحذر من أن يكون في ذلك مقابل من تنازل عن شيء من دينه أو تعاون معهم في مخططاتهم وألاعيبهم، كما أن عليه أن يحذر من الميل بالقلب إليهم، فإن أكثر النفوس تميل حبا إلى من أسدى إليها معروفا، وإذا أنس من نفسه ميلا بسبب الهبة فعليه أن لا يأخذها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1429(12/4760)
هبة الجد للابن
[السُّؤَالُ]
ـ[جدي كتب جميع الأراضي المملوكة له خلال حياة والدي باسمي في السجل العقاري، ربما لأنني أنا الذي دفعت ثمنها من مالي الخاص أثناء حياته وحياة والدي، حيث كانت هذه الأراضي مرهونة وأنا قمت بدفع ثمن الرهن فقام جدي بتسجيل الأراضي باسمي، فهل يجوز شرعا أن أتصرف بها كما أشاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد تسجيل الجد الأراضي باسمك لا يثبت لك ملكية الأرض لأنه ليس بيعاً ولا يعتبر هبة، ولو افترض أنه هبة، فالهبة لا بد لنفاذها من حيازة الموهوب له الشيء الموهوب حيازة تامة قبل موت الواهب، فإذا لم تحصل هذه الحيازة حتى مات الواهب كان الموهوب من ضمن تركة الميت.
ففي الموطأ: أن أبا بكر وهب لعائشة رضي الله عنها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما مرض مرضه الذي توفي فيه قال لها: كنت قد نحلتك عشرين وسقا ولو كنت قبضتيه أو حزتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث فاقتسموه على كتاب الله تعالى.
وفي رسالة ابن أبي زيد القيرواني: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحوز.
وبناء على هذا فليس لك أن تتصرف بما شئت في هذه الأراضي ما لم تثبت أنها هبة، وأنك حزتها الحيازة المطلوبة شرعاً قبل موت جدك، ولا يخولك دفعك ثمن الرهن أن تتصرف فيها، وإنما غاية ما يخولك ذلك أن ترجع بالثمن الذي دفعت على التركة إن كنت دفعته بنية الرجوع وأثبت ذلك ببينة أو بإقرار الورثة، ويستفاد المزيد بمراجعة الفتوى رقم: 58686، والفتوى رقم: 77756.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1429(12/4761)
وضع له جده مالا في البنك باسمه قبل موته
[السُّؤَالُ]
ـ[وضع لي جدي رحمه الله مبلغا في البنك قبل وفاته باسمي، المشكلة أني أشك أن فيه مالا حراما فهل يعتبر هذا المال ميراثا أم ماذا؟
وهل آخذ المال كله (طبعا من دون فائدة) أو بعضه حسب ما أظن من حرام فيه؟
لمن أعطي مال الفائدة؟
أفيدوني جازاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الجد وضع هذا المال في البنك باسمك على أنه هبة، وكان ذلك في حال صحته وقمت بحيازة تلك الهبة في حياة جدك أو حازها ولي أمرك فالمال مالك، وما شككت أنه مال حرام فلا يلزمك التخلص منه بمجرد الشك، ما لم يكن هناك يقين أو غلبة ظن بأنه حرام، وإن كان الأولى أن تتخلص بصرفه في وجوه البر عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. رواه الترمذي وصححه.
أما إذا كانت الهبة وقعت في مرض الموت فهي وصية، فإن كنت وارثا فالوصية موقوفة على إجازة بقية الورثة، وإن لم تكن وارثا فهي وصية صحيحة إذا لم تكن أكثر من الثلث، وإلا فما زاد على الثلث فهي على إجازتهم، وأما إن كانت هبة في صحته ولم تحزها حتى مات فإنها تعتبر جزءا من تركة الميت؛ لحديث عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر رضي الله عنه نحلها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما مرض قال: يا بنية كنت نحلتك جذاذا عشرين وسقا ولو كنت حزتيه أو قبضتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث، فاقتسموه على كتاب الله. رواه مالك في الموطأ.
وعلى كل حال، فلا ينبغي أن تترك الفوائد للبنك بل تؤخذ منه وتصرف في وجوه البر بنية التخلص من الحرام.
وللمزيد راجع الفتويين: 50150، 41.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1429(12/4762)
إهداء ثواب العمرة للأحياء
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ، أنا أقدر جهود الشبكة الإسلامية وما تقوم به، فهل يمكنني مثلا أن أقوم بإخراج أحد بعض المعتمرين من مالي الخاص نيابة عن فريق عمل الموقع أم أن هذا لا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نشكر الأخت السائلة على شعورها وتقديرها للعاملين بموقعنا ونسأل الله تعالى أن يجزيها خيراً، وأما عن الجواب فإن كان المقصود هو إهداء ثواب العمرة للعاملين بالشبكة -وليس الاستنابة عنهم بالعمرة- فإن إهداء ثواب العمرة للشخص الحي جائز في قول كثير من أهل العلم، كما بيناه في الفتوى رقم: 26516.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1429(12/4763)
لا حق لك فيما وهبه لك أبوك ما لم تقبضه قبل موته
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت سببا في استفادة أبي من منحة التقاعد من الدولة الفرنسية ببذلي مجهودات مادية وفكرية، فعرض علي أبي أخذ النصف من منحة تقاعده عرفانا بما بذلت من مجهودات فرفضت ذلك لكنه ألح مرارا وأقسم أن لا يسامحني إن لم آخذ الثلث على الأقل، وإرضاءا له قبلت بذلك, وقد توفي وهو يصر على أن لا أخالف ما أمرني به وأنا الآن في حيرة من أمري حيث لم آخذ لحد الآن ولو دينارا واحدا، مع العلم أن أمواله كلها مودعة لدي, فهل يحق لي أخذ ما أعطاني قبل توزيع التركة أم ليس لي الحق في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما عرض عليك أبوك يعد هبة, والهبة لا بد لنفاذها من قبض الموهوب له, فإذا كان القبض لم يتم حتى توفي الواهب فإنها تصير من ضمن تركة الميت.
جاء في الموسوعة الفقهية: يعتبر جمهور الفقهاء من الحنفيّة والشّافعيّة والحنبليّة وبعض المالكيّة الصّدقة ونحوها، كالهبة والرّهن والقرض والإعارة والإيداع، من عقود التّبرّعات، الّتي لا تتمّ ولا تملّك إلاّ بالقبض.
وقال في المغني: إذا مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة.
وبناء على ما فهمناه من أنك لم تقبض هذه الهبة فإنه لا حق لك فيما وهبك أبوك ما دمت لم تقبضه حتى مات , وإنما يعتبر ذلك من ضمن تركته, التي ليس لك منها إلا نصيبك الشرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1429(12/4764)
الهبة هذه تعتبر تركة يرثها كل الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[جدتي رحمها الله كانت تملك مبلغا من المال وعندها ثلاثة ذكور وثلاث إناث وقد وزعت المال قبل وفاتها على الإناث ولكن فضلن بقاء المال دون صرفه حتى إذا احتاجته في مصاريف علاجها يكون معهن من المال ما يجدونه لدوائها وتوفيت جدتي وقامت الإناث بتوزيع المال بينهن دون الذكور هل هذا حلال أم حرام؟ علما بأن الذكور لا يعرفون شيئا عن هذا المال وجدتى رحمها الله قد أوصت بشدة بعدم معرفة الذكور أنها تملك من المال شيئا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يتجاوز عن جدتك فيما ارتكبت من مخالفات تمثلت فيما يلي:
1- عدم العدل بين أبنائها في الهبة، والراجح أن العدل بين الأبناء في الهبة واجب؛ لما في الصّحيحين عن النّعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: وهبني أبي هبةً فقالت أمّي عمرة بنت رواحة رضي الله عنها: لا أرضى حتّى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إنّ أمّ هذا أعجبها أن أشهدك على الّذي وهبت لابنها، فقال صلى الله عليه وسلم: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. قال: كلّهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا. قال: فأرجعه.
وفي رواية قال: اتّقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. وفي رواية أخرى: لا تشهدني على جور. إنّ لبنيك من الحقّ أن تعدل بينهم. وفي رواية: فأشهد على هذا غيري.
2 – وصيتها أن لا يعلم أبناؤها الذكور شيئا عن مالها لما تستلزمه تلك الوصية من حرمانهم من الإرث الذي أوجبه الله لهم.
وبناء على هذا؛ فإنه يحرم تنفيذ وصيتها لما فيها من المخالفة الشرعية الواضحة، وما وهبته لبناتها يعتبر تركة يرثها كل الورثة لما اشتملت عليه الهبة من جور، ولعدم حوزهن - فيما يبدو- لهذه الهبة حتى ماتت الواهبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1429(12/4765)
الهبة إذا لم تحز تعتبر بحكم الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أسرة مكونة من 7 بنات وولد توفي أبي منذ 3 سنوات كان لديه منزل 80م مكون من 6 أدوار منهم 5 مسكونة دائما ومكتوب مناصفة بين أبي وأمي ومنزل آخر 105م خال، علمنا بعد وفاة أبي أن هذا المنزل كتبه أبي قبل وفاته باسم أخي دون علمنا، كان أخي وقتها غير متزوج ولا يعمل ولكنه صحيح والحمد لله من أي مرض وأنهى تعليمه الجامعي والآن قد تزوج ويعمل، غضبت أخواتي البنات من فعل أبي ذلك، علما بأن البنات منهن 6 متزوجات قبل وفاة أبي وواحدة ما زالت غير متزوجة وأمي على قيد الحياة، السؤال إذا كان ما فعله أبي حرام فماذا يجب فعله، علماً بأنه حتى الآن لم توزع تركة والدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما فعله والدكم من كتابة المنزل لبعض الأبناء لا يصح، ولذلك فإنه يرد إلى عموم التركة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العدل بين الأبناء واجب -على الراجح من أقوال أهل العلم- كما سبق بيانه بالأدلة وأقوال أهل العلم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 6242.
ثم إن الظاهر من السؤال أن ما فعله والدكم هو مجرد كتابة للمنزل باسم أخيكم دون أن يحوزها الموهوب له في حياة الواهب، والهبة إنما تتم إذا حيزت في حياة الواهب، وإذا لم تحز فإنها تعتبر بحكم الوصية، والوصية لا يصح أن تكون لوارث، إلا إذا أجازها بقية الورثة برضاهم وطيب أنفسهم وكانوا رشداء بالغين.
وعليه؛ فإذا لم يجز الورثة هذه الهبة فإنها ترد إلى عموم التركة لتقسم معها على جميع الورثة كل حسب نصيبه المقدر له في كتاب الله تعالى، وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 60450، 75782، 105648.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1429(12/4766)
الهبة في مرض الموت تأخذ حكم الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[خالي توفي 30:07:2008 وهو فقير أي ليس لديه مال إلا بيت متواضع وهو بيت ريفي بسيط جدا, وهذا البيت ساعدته البلدية في إنشائه وكانت تساعده البلدية بمبلغ كي يعيش؛ لأنه لا يستطيع العمل المتعب....
وهو لديه ابنة عمرها 12سنة وزوجة وله أخت شقيقة وأخ شقيق وهو يعيش في ظروف جيدة. وله أخ وأختان من أبيه. وفي أيامه الأخيرة وهو على فراش الموت طلبوا منه أن يكتب البيت باسم بنته أو زوجته وكتب البيت لا أعرف لمن بالضبط لبنته أم زوجته لأني لم أسألهم؛ لأن ابنته وزوجته ليس لديهم أي مكان آخر يعيشون فيه وشكرا. ... ...
وقالوا: إنهم سألوا إمام المسجد في هذا الأمر وسؤالي هل يجوز فعل هذا أم لا؟ مع العلم أن أخته الشقيقة موافقة على هذا الأمر وأخوه الشقيق مازال لم يقل شيئا وهو غير محتاج لهذا البيت إلا حب أن يغيظ زوجة أخيه لأنه لا يحبها رغم أنها امرأة مكسورة الجناح لا علم ولا شغل ولا أي شيء؟ ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء أعظم الله أجركم في مصيبتكم، وغفر لميتكم، ثم اعلم أن كتابة خالك للبيت وهو في مرض الموت لأحد ورثته تعتبر هبة، والهبة في مرض الموت تأخذ حكم الوصية كما بيناه في الفتوى رقم: 109761.
وهذه الوصية لا عبرة بها ولا يصير بها البيت ملكا لمن كتب له لأنه وصية لوارث.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث.. رواه أهل السنن.
وعليه، فإن البيت المشار إليه إن كان ملكا لخالك في حياته فهو لورثته بعد مماته.
فإن كان توفي عن زوجة وابنة وأخ شقيق وأخت شقيقة ولم يترك وارثا غيرهم، فإن لزوجته الثمن، ولا بنته النصف، والباقي للشقيق والشقيقة للذكر مثل حظ الأنثيين.
ومن أراد منهم إمضاء الوصية والتنازل عن نصيبه وهو بالغ رشيد مختار فله ذلك. وانظرالمزيد في الفتوى المشار إليها سابقا، وكذا الفتوى رقم: 107938.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1429(12/4767)
حكم تنازل الأم عن ميراثها لأحد أبنائها دون باقي إخوته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجور لوالدتي التنازل عن ميراثها من والدي لي؟ علما بأننا شقيقان وأخى الكبير عاطل عن العمل، وقال إنه سوف يبيع نصيبه وخافت الوالدة أن يضيع جزء كبير من البيت وقامت بذالك التنازل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لأمك التنازل لك عن نصيبها من الميراث إلا إذا وجد سبب يسوغ لها ذلك كفقرك أو كثرة عيال عندك أو احتياج إلى علاج أو تعلم أو نحو ذلك، لأن التنازل نوع من الهبة، ويجب على الأم التسوية بين أولادها في الهبة، وإن كان الدافع لها لهذا التنازل خوفها من تصرف ابنها ببيع نصيبه فهذا بمجرده لا يسوغ هذه الهبة وراجع الفتوى رقم: 38488.
ولا يحق لأمك منع أخيك من بيع نصيبه إن رغب في ذلك ولم يكن عليه حجر بسبب سفه أو صغر ...
كما أنه ليس له هو الحق في بيع نصيب أمه من غير رضاها، ولو قدر أنه باع نصيبه فلكم الحق في الشفعة وراجع الفتوى رقم: 9039.
وينبغي التراضي والاتفاق بينكم في هذا الأمر، فإن وقع شيء من التنازع في ذلك فعليكم الرجوع إلى المحكمة الشرعية للفصل فيه.
ولمزيد الفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 109860.
ثم إننا ننصح أخاك بالسعي في البحث عن عمل حلال، والاستعانة بالله في ذلك فقد ييسر الله له من أسباب الرزق ما يغنيه عن بيع نصيبه في هذا البيت، ونوصيكم بالتعاطف معه والشفقة عليه ومساعدته بقدر الإمكان حتى ييسر الله له سبيلا للعمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1429(12/4768)
حكم رجوع الأب فيما وهبه لابنه
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي أعطاني دارا مؤلفة من أربعة غرف على العظم مع فسحة أرض تابعة للدار بمساحة 800 م مربع هبة بدون عوض عام 1983م كوني مصابا بشلل أطفال وكوني نجحت بدخول كلية الطب البشري في جامعة حلب عام 1982م زيادة عن أشقائي الباقين وعددهم أربعة من دون تسجليها في السجل العقاري باسمي خلال هذه المدة الطويلة لم أطلب من والدي تسجليها باسمي في السجل العقاري كونه والدي ولا أشك أنه سيظلمني وحقا كنت أستحي أن أطلب منه تسجيلها باسمي في عام 1989 تخرجت طبيبا عاما وفتحت عيادة في داري مع إجراء إصلاحات من مالي الخاص في عام 1992 أضفت بناء أكبر من الذي أعطانيه والدي وغيرت بمواصفات البناء القديم كمؤن البناء الجديد كمتمم للبناء القديم وذلك من أجل الزواج ومن ثم تزوجت عام 1994 ولدي خمسة أبناء خلال هده المدة لا يوجد أي خلاف مع والدي وإنما أبره بما يأمر الله ما حصل كان مفاجئا أن قام والدي سرا بتمليك داري وذلك بتاريخ 24-5-2006 لأشقائي في السجل العقاري بمدينة حمص عند علمي بهذا طلبت من والدي تحكيم الشرع - مفتي مدينة حمص - فشتمني وضربني رافضا الشرع بحجة أنه هو الأب وهو الشرع وأن المفتي لايفهم بهذا الموضوع الخاص به وخوفا من أن يخرجوني من داري وعيادتي التي أعيش من ورائها لجأت للقانون المدني السوري بمدينة حمص كدعوى تثبيت تنازل والدي الحقيقي أو الهبة التي حصلت من الوالد علما أن أشقائي يعلمون ويشهدون بذلك ووالدتي تشهد ووالدي أعلن هدا للملأ وفي كل مناسبة كان يقول إن هذه الدار أعطيتها لعمر أو الدكتور ومنذ قيامه بتسجيل الدار بالسجل العقاري باسم أشقائي الباقين علما أن لديهم دورا يسكنونها ولا حاجة لهم بداري ووالدي يملك أراضي زراعية منتجة وثمنها كبير جدا حاليا أنا أعمل في مؤسسة حمد الطبية كطبيب في مؤسسة الرعاية هربا من المشكلة علما حاولت طرق كل الحلول الودية مع أشقائي دون جدوى ووالدي غاضب علي بحجة أني أقمت عليه دعوى في القضاء المدني كنت مضطرا خوفا من أن يخرجوني من داري التي مضى على سكني فيها لوحدي لمدة تزيد عن 27 عاما أطلب من مقامكم الكريم حكم الشرع بهذه المشكلة وماذا أعمل لكي يرضى والدي علما أن طلبه أن أخرج من داري وأعطيها لإخواني وحقا لو أعلم أن والدي يريد لنفسه لخرجت منها من دون أي تردد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا في حرصك على برك بوالدك، ومن برك به: صبرك على ما قد يصدر عنه تجاهك من أذى، فإذا احتسبت ذلك زادك الله به رفعة، وجعل بينك وبين أبيك مودة ورحمة وذلك على الله يسير.
وبخصوص هذه الهبة فان كان الواقع ما ذكرت من أن أباك قد وهبك هذه الدار لإعاقتك وبسبب دخولك كلية الطب فهي هبة معتبرة إذ يجوز للأب أن يفضل بعض أبنائه في العطية أن وجد مسوغ لذلك كما بينا بالفتويين: 25211، 57882.
وما دمت قد حزتها وتصرفت فيها بناء على ذلك، فقد أصبحت ملكا لك فلا يضر عدم تسجيلها في السجل العقاري.
وإن صح ما ذكرت من أنك قد أحدثت في هذه الدار تعميرا وتغييرا فلا يجوز لأبيك الرجوع في هذه الهبة، وراجع الفتوى رقم: 6797.
ومقاضاتك لأبيك في مثل هذه الحالة لا يعتبر عقوقا، ولكن الأولى السعي في البحث عن سبيل للحل دون اللجوء للقضاء كالاستعانة بأهل الفضل والعقلاء من الناس ومن ترجو أن يكون له جاه عند أبيك؛ ليحاولوا إقناعه بأن يرد لك هذه الدار أو على الأقل التوصل لصيغة للصلح يرتضيها الجميع، فيغلق الباب على الشيطان حتى لا يشتت شمل الأسرة أو يؤدي إلى قطيعة الرحم.
وإن كان الله قد يسر أمرك وفتح لك أبواب الرزق، ورأيت التنازل نهائيا حفظا للمودة في القربى وكسبا لرضا أبيك كان ذلك أعظم لأجرك وأرضى لربك مع أنه لا يلزمك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1429(12/4769)
حكم حرمان الأب أحد أبنائه من العطية لمسوغ معتبر
[السُّؤَالُ]
ـ[خصّص والدي مبلغا من المال بالتساوي لي ولإخواني لشراء سيارة، وقد منع هذا المبلغ عن أحد إخواني لسبب أنه تسبب في بعض الخسارة له منها أنه أصاب سيارات - بحادث سيارة- كان وراءها خسائر كثيرة، فهل هذا جائز؟ وسألت السؤال لأني أعتقد أن هناك عدم عدل في الموضوع لأن مسألة الخسائر هذه قدرية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التسوية بين الأولاد في العطية أمر واجب على الراجح، وهو الذي تعضده الأدلة وهو المفتى به عندنا، ولكن إذا كان هناك مسوغ يقتضي إيثار بعض الأولاد على بعض فلا حرج فيه، وعليه فإن كان والدك إنما منع هذا المبلغ عن أخيك لا ستهتاره وإهماله وعدم محافظته على المال لأنه أتلف سيارة الوالد مثلا أو لكونه تحمل عنه تكاليف الحادث التي يلزم الولد أداؤها كما هو ظاهر الحال، فإن ذلك يعتبر مسوغا شرعيا لعدم التسوية بينه وبين غيره، أو منعه من المبلغ الذي أعطاه إياه، وذلك لكون الأب لا يتحمل جناية الولد في مال الغير، ولمزيد الفائدة في حكم تفضيل بعض الأبناء على بعض في العطية وما يترتب عليها تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 14254، 8147، 3575.
وننبهك إلى أن قولك عن هذه الخسائر أنها قدرية قد يوهم معنى فاسدا، فإن كل شيء بقضاء الله عز وجل وقدره، وكل ما يقع في هذا الكون إنما يقع بتقدير الله عز وجل له كما سبق تقرير ذلك في الفتوى رقم: 16183.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1429(12/4770)
تقسيم الأب منزله على أبنائه قبل موته
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن عائلة متكونة من 3 إخوة ذكور وبنت. والدي رحمه الله قبل وفاته قام بتقسيم منزل العائلة على 3 إخوة الجزء الأكبر كان لأختي؛ لأنها غير متزوجة والتي تبلغ من العمر 40 عاما وعاطلة عن العمل ولحمايتها من الأخ الرابع الذي لم يكن راضيا عنه, لا أقل كان عاقا لوالديه لأنّها كلمة كبيرة ولكن مات وهو غير راض عنه.
أرجو منكم معرفة الصحيح والخطأ وحكم الشرع, مع العلم أن الأخ الأكبر بعد هروبه من البيت ووفات والدي رجع حسب كلامه ليصلح ما فات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عن السؤال نريد أولا أن ننبه إلى أن عقوق الولد لوالده ليس له تأثير في حقه من الإرث، أو حقه في التسوية بينه وبين إخوته في الهبة، وفي خصوص ما سألت عنه، فإن كان المقصود بقولك: قام بتقسيم المنزل أنه كتب على سبيل الوصية تنفذ بعد مماته بذلك، فهذه وصية لا عبرة بها لأنها وصية لوارث، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أهل السنن والدارقطني، وزاد: إلا أن يشاء الورثة.
وعليه، فوصية أبيكم بقسم البيت على أولاده لا تنفذ إلا إذا رضي الورثة بذلك، ومثل هذا ما إذا كان قد قسم المنزل بين أولاده، ولكنهم لم يحوزوه في حياته، وإن كان المقصود بقولك قام بتقسيم المنزل أنه وهبهم المنزل في حياته وحال صحته واستلموه، وصاروا يتصرفون فيه تصرف الواهب فهذه هبة صحيحة ماضية بشرط أن يكون قد عدل في هبته بين أولاده، فإن لم يعدل بين أولاده فالهبة باطلة في المفتى به عندنا إلا إذا كان التفضيل لمسوغ شرعي. وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 111114، والفتوى رقم: 110951.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1429(12/4771)
حكم رجوع الأب في هبته لابنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أب منح أحد أبنائه قطعة أرض ثم استردها منه هل له الحق فيها؟ وإذا لم يوف الابن بحق الأب ما حكمه الشرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حق الوالد أن يسترد ما وهبه لولده لما ورد عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه أحمد وأصحاب السنن وغيرهم وصححه الترمذي وصححه الألباني. وهذا مذهب الجمهور: مالك والشافعي وأحمد في أظهر الروايات عنه، لأن الوالد لا يتهم في رجوعه، لأنه لا يرجع إلا لضرورة، أو مصلحة للولد، ومحل جواز رجوع الأب في هبته لولده ما لم يتعلق بها حق للغير، أو تخرج من ملكه، أو يكون قد دخل بسببها في بعض الالتزامات، كأن يتزوج أو يتحمل دينا على أساسها أو نحو ذلك، وحينئذ فلا رجوع فيها.
فإذا طلب الأب استرداد ما وهبه لولده ولم يكن هناك سبب يمنع الرجوع، فالواجب على الابن أن يرد ذلك إلى أبيه، والواجب على الولد في جميع الأحوال أن يحافظ على بر والده، ونذكره بما رواه البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله قال: الصلاة على وقتها. قال ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين. قال: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 6797، 65302، 98269.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1429(12/4772)
من شروط نفاذ الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[كتب أبي أرضه لنا أربع بنات في حياتة ووقع على ذلك إخوته الذكور برضاهم ثم توفي إخوته وتركوا أبناء ذكور ثم توفي أبي فهل لأبناء أعمامي حق في التركة، وما شرعية ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأبناء الأخ لهم حق في تركة عمهم إذا لم يترك عمهم ابنا ولا أبا ولا جدا وارثا ولا أخا شقيقا ولا أخا من الأب، ويكون لهم الباقي تعصيبا بعد أخذ أصحاب الفروض فروضهم.
والبيت الذي كتبه المتوفى باسم بناته يصير ملكا لهن بشرطين:
الأول: أن يكون كتب ذلك في حال صحته وليس في مرض موته، فإن كتبه في مرض موته لم تصح الهبة وتعتبر وصية لوارث لا تنفذ إلا إذا أجازها الورثة وهم أبناء الأخ والزوجة إن كانت موجودة.
الثاني: أن يكن قد استلمن البيت في حال حياته وحزنَه وصرن يتصرفن فيه تصرف المالك، فإن لم يحزن البيت في حياته لم تصح الهبة وتعتبر وصية كما مضى ولا تمضي إلا بإجازة الورثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1429(12/4773)
اختلاف العلماء في حكم التسوية بين الأولاد في العطية (عطية الأب)
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن توضح لي الفرق بين جواز الهبة بأن يعطى الواهب مثلا أحد أبنائه شيئا وهو على قيد الحياة, وبين تعارض ذلك مع رفض الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن يشهد على ما قام به أحد الصحابة من وهب ابنه الأصغر قطعة ارض دون إخوته وقوله (صلى الله عليه وسلم) : أنا لا أشهد على جور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه من المتفق عليه بين الأئمة أن الأصل في عطية الوالد لأولاده هو العدل بينهم في القسمة والعمدة، في ذلك حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما -أي: عبدا- كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأرجعه. وفي لفظ: فانطلق أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقته فقال: فعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا. قال: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. فرجع أبي فرد تلك الصدقة. متفق عليه. وفي رواية لمسلم قال: فأشهد على هذا غيري. ثم قال: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: بلى. قال: فلا إذن. وفي لفظ: فلا تشهدني فإني لا أشهد على جور. رواه البخاري ومسلم.
وقد استدل بعض أهل العلم بهذا الحديث على وجوب التسوية بين الأولاد في العطية، وعلى بطلانها إذا هي وقعت على خلاف ذلك، وممن قال بهذا إسحاق والثوري وصرح به البخاري، وهو قول عن الإمام أحمد.
وذهب الجمهور إلى أن التسوية بين الأولاد مندوبة، وحملوا الأمر الوارد بها في الأحاديث على الندب، كما حملوا النهي الثابت في رواية مسلم بلفظ: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء قال: بلى.؟ قال: فلا إذن. حملوا هذا النهي على التنزيه.
فصححوا عطية الوالد لأحد أولاده أو لبعضهم دون بعض في حياته وصحته، وهي ما يسمى بعطية الصحيح وهي ناجزة في الحال. والراجح هو وجوب التسوية بين الأولاد في العطية إلا إذا كان لمسوغ شرعي من فقر بعض الأولاد أو عجزه أو نحو ذلك من الأسباب.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 107734،، 33348، 38399.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1429(12/4774)
هبة أم انتفاع
[السُّؤَالُ]
ـ[قام والدي في حياته بشراء مستلزمات شقة كاملة لأختي بمبلغ 7000 آلاف جنيه عند زواجها وقام بشراء شقة لي بمبلغ 53000 جنيه وهي باسمي كنت مغتربا وأعيش في هذا الوقت بمدينة أخرى غير التي فيها الأسرة وقام بشراء شقة لأخى الأصغر بمبلغ 16000 جنيه وهى باسم والدتي توفي والدي بعد ذلك فما حكم الشرع في الميراث وحقوقنا بعضنا على بعض وإ ذا مر الآن حوالي 4 سنوات فكيفيه التقسيم والحساب هل بنفس المبالغ عند العطاء أم ماذا؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان والدك قد وهب لكم ما ذكرت في سؤالك، فقد كان الواجب عليه التسوية في العطية إلا أن يكون هناك مسوغ شرعي لعدم التسوية، فإن لم يكن هناك مسوغ شرعي وجب على من زاد نصيبه أن يرد الزائد حتى يتم التسوية بينكم في العطية.
بيان ذلك كله في الفتاوى التالية أرقامها: 6242، 14254، 8147.
أما إن كان والدكم قد أباح لكم الانتفاع بهذه الأشياء ولم يُملِّكها لكم، فالواجب أن تقسم التركة كلها بما فيها هذه الأشياء بالقسمة الشرعية، وتحتسب قيمتها يوم القسمة.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1429(12/4775)
حكم وصية الأب لأحد أبنائه بشيء من التركة يأخذه بعد مماته
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: أب ترك 4 أبناء وبنتين وكان قد أوصى قبل مماته بل وفي حياته قام بتسجيل أحد العقارات باسم ولده الأكبر, وأثناء حياته لم يكتمل التسجيل وبعد وفاته تمت الإجراءات كاملة وأصبح المنزل باسم أحد أولاده، فهل يرث هذا الابن مع باقي الإخوة فيما بقي من مال، وهل يعد تسجيل البيت بعد وفاة الأب وصية أم هدية أم هبة، وما الفرق في كل الحالات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوصية الأب لأحد أبنائه بشيء من التركة يأخذه بعد مماته تعتبر وصية باطلة ولا تنفذ إلا بإجازة الورثة لها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث.. رواه أبو داود والترمذي. وعند الدارقطني: إلا أن يجيزه الورثة.. وكذلك مجرد تسجيل الوالد للبيت باسم أحد أبنائه لا عبرة به ولا يصير ذلك البيت ملكا لذلك الابن إلا إذا حاز الولد البيت في حياة أبيه وصار يتصرف فيه تصرف الواهب، وحينئذ يصير البيت ملكا له في قول كثير من الفقهاء، ويرث الابن مع إخوته من التركة، وقال آخرون لا يصير البيت ملكا له وتعتبر هبة باطلة إذا لم يعدل الأب في الهبة ويعطى بقية أولاده مثلها، وهذا هو الراجح والمفتى به عندنا لقول النبي صلى الله عليه وسلم لبشير والد النعمان لما أراد أن يخص ولده النعمان بهبة دون بقية أولاده، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على تلك الهبة قال له: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري ومسلم.
وفي لفظ للنسائي: فلا تشهدني فإني لا أشهد على جور. وعلى هذا، فالواجب على الابن رد البيت إلى التركة ويقتسمها جميع الورثة القسمة الشرعية بينهم، وانظر لمزيد من التفصيل الفتوى رقم: 101286، والفتوى رقم: 103527.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1429(12/4776)
حكم تفضيل بعض الأبناء في العطية لكونهم أطفالا ولكونهم لم يتعلموا كإخوانهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي متزوج من ثلاث زوجات وله 22 ولدا من الذكور والإناث، أعطى زوجته الأخيرة وثلاثة من أولادها فقط منزلا دون الآخرين بحجة أنهم أطفال ومقابل تعليمه للأولاد الآخرين مع العلم أن الكل يأخذ حقه في فرصة التعليم حسب تحصيله العلمي وأن هؤلاء الثلاثة أولاد لم يكونوا ناجحين في الدراسة هذا فضلا عن أن بعضا من أولاده الآخرين تنطبق عليهم نفس الحال. فما حكم ذلك وما حكم قبولهم بالعطية مع علمهم أن فيها ظلما وليس عدلا وفيها تقطيعا للأرحام وحبال المودة بين الإخوة وما الواجب عمله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم تفضيل بعض الأبناء بالعطية دون البعض, والراجح من أقوال أهل العلم-هو وجوب التسوية بين الأبناء والبنات في العطية إذا لم يكن هناك مسوغ معتبر للتفضيل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري ومسلم.
وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد لما نحل ابنه النعمان نحلاً وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك فقال له: يا بشير لك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفكلهم وهبت لهم مثل الذي وهبت لابنك هذا؟ قال: لا. قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تشهدني إذا، إني لا أشهد على جور، إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم.
فتفضيل الأبناء بعضهم على بعض من غير مسوغ نوع من الظلم وذريعة للتباغض والتناحر بينهم، وإذكاء لنار العداوة والبغضاء في نفوسهم، فالواجب على الوالد أن يحفظ الود في قلوب أبنائه فيما بينهم باجتناب ما يضاد ذلك.
أما إذا وجد سبب للتفضيل كأن يكون مشتغلا بطلب العلم، أو كان فقيرا كثير العيال ونحو ذلك حينئذ يجوز للأب أن يخصه بشيء من المال دون إخوته نظرا لظروفه وإلى هذا ذهب الإمام أحمد.
وبناء على ما ذكرته أيها السائل من تفضيل أبيك لبعض أولاده مع اشتراك غيرهم معهم في نفس الظروف فهذا نوع من الظلم والجور، لا بد للأب أن يستغفر الله منه، ويبادر إما بأخذ هذا المال ممن أعطاه لهم، وإما بإعطاء باقي أولاده مثل من أخذ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: يجب عليه أن يرد ذلك في حياته كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضاً طاعة لله ولرسوله. الفتاوى الكبرى.
ويجب على الإخوة الذين فُضِّلوا بالعطاء أن يردوا هذا العطاء وألا يفرحوا بهذا العرض الزائل، الذي لا يغني عنهم من عذاب الله يوم القيامة شيئاً، وأن ينصحوا أباهم، ويخوفوه الله تعالى.
ولكنا مع ذلك نذكرك بحق أبيك عليك حتى وإن ظلم وجار، فلا ينبغي أن يؤثر هذا على برك به وصلتك له.
أما الزوجة فله أن يعطيها عطاء يخصها به دون غيرها.
وللفائدة تراجع الفتويين رقم: 6242، 28403.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1429(12/4777)
حكم تفضيل الوالدين بعض الأبناء على بعض في جميع الأمور
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد تفرقة من الأب والأم بيني وبين أخواتي في كل شيء من حيث المعاملة من جميع الاتجاهات حتى بين أبنائي وأبناء أخواتي تفرقة ملحوظة جدا أخشى أن تؤدي هذه التفرقة إلى الحقد بين الأولاد وبعضهم أرجوكم دلوني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للأبوين التفرقه بين الأولاد في العطايا والهبات وغيرها ما لم يكن لذلك مسوغ شرعي معتبر كحاجة بعضهم لنفقه خاصة أو رعاية دون الآخرين، ولك نصح أبويك بالرفق واللين وبيان الحكم الشرعي في ذلك، وتوسيط بعض أهل الصلاح والفضل للتأثير عليهم، وليعدلوا عن تلك الأفعال التي تؤدي إلى تحاسد الأبناء والتفرقة بينهم، وإن كان سبب ذلك منك فينبغي مراجعة نفسك في معاملتك لأبويك لمزيد الإحسان إليهم والخضوع لهم وغير ذلك مما يجلب حبهم وعطفهم وحنانهم.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19505، 38488، 68885، 103699.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1429(12/4778)
حكم إهداء المسلم للكافر ماء زمزم
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب مني أحد الجيران النصارى أن أحضر له ماء زمزم للاستشفاء به فهل هذا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإهداء للكافر جائز وخاصة إذا كان لمصلحة راجحة كتأليفه على الإسلام أو دفع شره، وفي الصحيح أن عمر أهدى أخاً له مشركاً حلة من حرير، وانظر لذلك الفتوى رقم: 99348.
ولم يرد ما يفيد منع الكافر من الشرب من زمزم، وقد فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة وبقي فيها جماعة على شركهم تأخر دخولهم في الإسلام ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم منع أحداً منهم من الشرب من زمزم، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن في ماء زمزم شفاء من الأسقام، فقد روى البزار في مسنده أنه صلى الله عليه وسلم قال: زمزم طعام طعم وشفاء سقم. قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح، وصححه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية ...
وهذا الحديث بعمومه يشمل المسلم والكافر، وإن كان المسلم إذا شربها بنية صالحة رُجي أن تكون أنفع له بإذن الله، ولذا فلا نرى مانعاً شرعياً من أن تُهدي لجارك النصراني من ماء زمزم..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1429(12/4779)
الفرق بين البيع والهبة وأيهما أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي استفسار بارك الله فيكم.. عن الهبة والبيع والشراء ... والدتي تسأل وتستفسر.. حيث إن والدي وهب لها أحد البيوت التي يمتلكها بهبة.. ولا تفهم حقها بذلك وهل يكون لها للأبد، فهل يمكن الرجوع عن الهبه وأيهما أفضل الهبة أم البيع والشراء وما الفرق بينها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبيع هو لغة مصدر باع، وهو مبادلة مال بمال، أو هو دفع عوض وأخذ ما عَوّض عنه، ولفظ البيع من الأضداد وهو كذلك يطلق على الشراء.
والهبة لغة: إعطاء شيء غيره بلا عوض، وشرعاً: تمليك عين بلا عوض في حال الحياة تطوعاً..
وبذلك يكون الفرق بين الهبة والبيع، فالبيع يكون على عوض، وأما الهبة فلا تكون بعوض، وإذا وهب الزوج زوجته شيئاً حال الحياة وهو جائز التصرف وحازته الحوز الشرعي فهذه الهبة جائزة شرعاً ولا تؤثر في ميراثها.. وإذا ثبتت هذه الهبة فهي تكون للموهوب له للأبد، وذلك لأن الهبة لا تقبل التأقيت.
قال النووي من الشافعية: إ ن الهبة لا تقبل التعليق على الشرط، ولا تقبل التأقيت على المذهب.
وذكر ابن قدامة في المغني أنه لو وقت الهبة بأن قال: وهبتك هذا سنة ثم يعود له: لم يصح لأنه عقد تمليك لعين فلم يصح مؤقتاً كالبيع.
فبهذا يكون تبين للأخ السائل أنه لو وهب والدك إلى والدتك شيئاً فهو يكون للأبد، وأما عن الرجوع في الهبة فقد ذهب الجمهور إلى أنه يحرم الرجوع في الهبة بعد القبض إلا الوالد فيما يعطي ولده لما ثبت عند البخاري ومسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه.
ولما في مسند أحمد وأصحاب السنن عن ابن عمر وابن عباس وصححه الألباني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده.
وراجع للتفصيل في ذلك الفتوى رقم: 33403، والفتوى رقم: 13302، والفتوى رقم: 6797.
وأما عن أيهما أفضل الهبة أم البيع؟ فلا شك أن الهبة أفضل من البيع وذلك لأن الهبة مثل الصدقة فهي كلها معاني متقاربة، ولكنها تمليك في الحياة بلا عوض بخلاف البيع فهو تمليك بعوض، فإذا كانت الهبة بمعنى الصدقة كما ذكر ذلك ابن قدامة في المغني فإن الصدقة قد ورد في فضلها أكثر من أن يمكن حصره، ولكن لا يثاب المرء على الهبة إلا إذا نوى بها وجه الله، أما غير ذلك فلا يثاب عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1429(12/4780)
حكم قبول هبة منظمة الإغاثة العالمية لفتح مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب أكملت الكلية وأبحث عن عمل وتوجد في منطقتنا منظمة تسمى منظمة الإغاثة العالمية, وهذه المنظمة تعطي للطالب الخريج مبلغ عشرة ملايين دينار عراقي لفتح مشروع ما، منهم من يقول: يسترجع المبلغ ومنهم من يقول: لا يسترجع المبلغ، والمنظمة لا تفيدنا بأي جواب لا حلال ولا حرام، ولا فائدة ولا غير فائدة، أفيدونا عن أي معلومة تعرفونها عن هذة المنظمة كونها دولية وتوجد في معظم أنحاء العالم وهل هذا المبلغ أخذه حلال أم حرام، أفيدونا بالجواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم عن هذه المنظمة ما يسمح لنا بتزويدك بمعلومات كافية عنها، لكن بإمكانك أن تتعرف عليها من خلال استفسار موظفيها أو الرجوع إلى دوائر الدولة المختصة بالتعامل مع المنظمات الإغاثية.
أما بخصوص سؤالك عن أخذ المبلغ المذكور منها فإن كان على وجه القرض دون زيادة أو على وجه الهبة فلا حرج فيه، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل هدية المقوقس وغيره، وقد أهدى هو أيضا للكفار، لكن على الآخذ لهذه الهدايا منهم أن يحذر من أن يكون ذلك مقابل تنازل عن شيء من دينه، أو تعاون معهم في مخططاتهم وألاعيبهم، كما أن عليه أن يحذر من الميل بالقلب إليهم، فإن أكثر النفوس تميل حبا إلى من أسدى إليها معروفا، وإذا أنس من نفسه ميلا بسبب الهبة فعليه أن لا يأخذها.
وإن كان على وجه القرض بزيادة لم يجز لأن القرض يراد به الإرفاق فلا يجوز اشتراط نفع فيه للمقرض.
وللمزيد راجع الفتوى رقم: 32462، والفتوى رقم: 15840.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1429(12/4781)
الرقبى.. تعريفها.. وحكمها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة منذ زمن ولم أرزق بذرية لعلة عند زوجي, وأنا صابرة ومحتسبة. وبسبب ما ينتابني من القلق والخوف من المستقبل, ومن خلال قراءتننا في كتب الفقة أنا وزوجي وجدنا ضالتنا. في "هبة الرقبى".
وذلك بأن يقول لي زوجي " أرقبتك هذه الدار فإن مت قبلي عادت إلي وإن مت أنا قبلك فهي لك ولعقبك" (أي أن الملكية الحقيقية ستكون لآخرنا موتاً) ولتحقيق ذلك وكون المحاكم الشرعية في الأردن لا تعمل بالرقبى, فقد اتفقت أنا وزوجي على أن يقوم هو بتسجيل البيت بإسمي لدى دائرة الأراضي, وذلك لضمان الشق الأول من الرقبى, شريطة أن يقوم إخوتي الذكور والإناث بالإقرار خطياً بالرقبى وبما يفيد بتنازلهم عن حقهم بالميراث إذا مت أنا قبل زوجي وذلك كون المحاكم الشرعية في الأردن لا تعمل بالرقبى وسيؤول قسم من هذا البيت لهم كورثة. وذلك لضمان الشق الثاني من الرقبى.
ولكن إخوتي بين موافق ومعارض مدعياً بعدم جواز الرقبى. فلقد سألت وقرأت بأن الرقبى جائزة وعلمت أن هناك من يعمل بها لمن هم في مثل حالتي.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك لم تطرحي سؤالا محددا، ولعلك كنت تريدين بيان حكم الرقبى حتى تقنعي بجوازها من لم يقتنع به من إخوتك.
فإن كان هذا هو السؤال.. فالرقبى عند أبي حنيفة ومحمد أن يقول الرجل: إن متّ قبلك فهو لك وإن متّ قبلي رجعت إليّ، وعند الشافعية أن يقول: وهبت لك كل هذه الدار عمرك على أنك إن مت قبلي عادت إلي وإن مت قبلك استقرت لك، وعند الحنابلة: وَهَبْتُك هَذِهِ الدَّارَ، وَهِيَ لَك عُمْرَك عَلَى أَنَّك إنْ مِتَّ قَبْلِي عَادَتْ إلَيَّ أَوْ إلَى فُلَانٍ، وَإِنْ مِتَّ أَوْ مَاتَ قَبْلَك اسْتَقَرَّتْ عَلَيْك, وعند المالكية أن يقول الرّجل للآخر: إن متّ قبلي فدارك لي، وإن متّ قبلك فداري لك.
وبناء على هذه التعريفات فإن الصورة التي ذكرت داخلة في الرقبى عند الجمهور خارجة عند المالكية.
أما بخصوص حكم الرقبى فقد اختلف العلماء فيه، فمذهب الشافعية والحنابلة إلى جوازها، وأنها لمن أرقبها، والشرط لاغ، وهو قول أبي يوسف، ومذهب أبي حنيفة بطلانها، وكذلك المالكية.
جاء في الموسوعة الفقهية: واختلف العلماء في جوازها.. فذهب الشّافعيّة والحنابلة وأبو يوسف إلى أنّها جائزة، وهي لمن أرقبها، ولا ترجع إلى المرقب، ويلغى الشّرط، واستدلّوا بخبر: من أعمر شيئًا فهو لمعمره محياه ومماته، ولا ترقبوا، فمن أرقب شيئًا فهو سبيله.
وفي حديثٍ آخر أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: الرّقبى جائزة. وفي روايةٍ: العمرى جائزة لأهلها، والرّقبى جائزة لأهلها. وقالوا: فهذه نصوص تدلّ على ملك المعمر والمرقب بالفتح في كلٍّ منهما وبطلان شرط العود إلى المرقب.
وقال أبو يوسف: قول المرقب: داري لك، تمليك، وقوله: رقبى شرط فاسد فيلغى.
وقال أبو حنيفة ومحمّد: إنّ الرّقبى باطلة ; لأنّ معنى الرّقبى: إن متّ قبلك فهو لك وإن متّ قبلي رجعت إليّ، وهذا تعليق التّمليك بالخطر أي الأمر المتردّد بين الوقوع وعدمه فيبطل.
ولخبر أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أجاز العمرى وردّ الرّقبى، وإلى هذا ذهب المالكيّة، وإذا لم تصحّ الرّقبى تكون العين عاريّةً لأنّه يتضمّن إطلاق الانتفاع به.
وقال خليل في مختصره: وجازت العمرى ... لا الرقبى؛ كذوي دارين قالا: إن مت قبلي فهما لي وإلا فلك.
ولعل الراجح هو القول بجوازها وإلغاء الشرط، وأنها لمن أرقبها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من أَعْمَرَ شَيْئًا فَهُوَ لِمُعْمَرِهِ مَحْيَاهُ وَمَمَاتَهُ، وَلَا تُرْقِبُوا فَمَنْ أَرْقَبَ شَيْئًا فَهُوَ لِسَبِيلِهِ رواه أبو داود والنسائي، وصححه الألباني
ولقوله صلى الله عليه وسلم: الرقبى جائزة. رواه النسائي، وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1429(12/4782)
أعطى زوجته مالا لمساعدتها ثم طالبها به فهل يلزمها سداده شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل زواجي كنت اشتريت شقة بالتقسيط بغير تأثيث ولا تشطيب, وبعد الزواج اقترح علي زوجي تشطيبها وتأثيثها لنمضي الصيف فيها, فأخبرته أن ظروفي المادية لا تسمح لأني ملتزمة بدفع الأقساط, ولن أتمكن من التشطيب إلا بعد السداد؛ فأعطاني مبلغ التشطيب والتأثيث على أننا واحد ولم يذكر أنه دين, وبعدها أرادني أن أسجل الشقة باسمه فلم أوافق, وبدأ يطالبني بتسديد المبلغ على أنه دين وطلبت منه أن يمهلني حتى أسدد ما علي من أقساط وأسدد له. فهل هذا دين فعلا بذمتي وأحاسب على عدم تسديده علما بأن معه مفتاح الشقة ونصيف فيها ويذهب لها متى شاء يعني منتفع بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
اعلمي أن ذمتك وذمة زوجك المالية ذمتان مستقلتان كل واحد منكما يحاسب عما له وعليه عند الناس. على هذا الأساس فالشقة موضوع السؤال شقتك ولو كان مع زوجك مفتاحها, والمال الذي أعطاك إن كان قصد به القرض أو هبة الثواب فهو ماله، وله أن يطالب به متى شاء، وعليك سداده وهو دين في ذمتك أمام الله تعالى، وليس معنى الانتفاع بالشقة أنه له جزء منها، فمن الناحية الفقهية والقانونية هي ملكك، ولك حق التصرف فيها كيف تشائين طالما أن العقد باسمك. وأسال الله تعالى لكما دوام المودة والرحمة.
وننصحكم بالرجوع لبعض المراكز الإسلامية الموجودة ببلدكم للتأكد من معرفة كونه أراد بإعطائك المال القرض أو هبة الثواب أو هبة غير مشروطة أراد بها مجرد المساعدة لك أو التبرع.
وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 78294، 20625، 43773.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1429(12/4783)
ليس من حقكم استرداد ما وهبه أبوكم لإخوته حال صحته وحيازتهم له
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي توفي رحمه الله منذ 10 أعوام تقريبا, ولديه من الأبناء 6 والبنات 1، قبل وفات الوالد توفي جدي وترك خيرا لأبنائه وقام الوالد بالتنازل عن حقوقه لأخواته بغرض الزواج علما بأن أخوات أبي لديهم ما يكفيهم من تركة جدي وأراد الوالد المساعدة لهم, علما بأن الوالد تنازل عن حقوقه شفهيا وقد أوصانا نحن الأبناء بعدم مطالبتهم بأي شيء, علما بأن أكبر إخواني يعتبر قاصرا حين وفاة الوالد، ولا يوجد أي دخل آخر سوى الراتب التقاعدي وهو لا يكفي أبدا، وبعد وفاته لم يقم الأعمام بزيارتنا ومقاطعتنا بشكل رئيسي، وبعد مرور الأعوام قام أحد الأقارب يدعونا إلى أخذ حقوقنا منهم ونحن لا نعلم ماذا نفعل ... أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعله والدك من التنازل عن حقه في ميراث جدكم هو تبرع صحيح منه إن كان قد فعل ذلك في حال صحته وحصل الحوز الشرعي اللازم لنفاذ الهبة، وقد أكد ذلك بوصيته لكم بعدم مطالبتهم بشيء، وما فعله والدكم هو من العمل الصالح الذي يرجى له أن يثاب عليه، ولكن كان الأولى له أن يترك لكم ما يكفيكم من المال عملا بما رواه البخاري عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني عام حجة الوادع من وجع اشتد بي، فقلت: إني قد بلغ بي من الوجع وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة، فأتصدق بثلثي مالي قال: لا، فقلت بالشطر، فقال لا، ثم قال: الثلث والثلث كبير أو كثير؛ إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل فيّ امرأتك.
وأما ما قام به أعمامكم فهو مخالف لما أمروا به من صلة الرحم، وقد كان ينبغي لهم مقابلة إحسان والدكم إليهم بصلتكم والإحسان إليكم، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك -كما في سنن أبي داود ومسند أحمد -: ومن آتى إليكم معروفا فكافئوه.
وعلى هذا فليس من حقكم استرداد ما وهبه أبوكم لأخواته إن كان فعل ذلك في حال صحته وحصل الحوز منهن لأنها هبة قد تمت.
والذي ننصحكم به هو المحافظة على البر بأعمامكم ومخاطبتهم في ذلك باللين ومحاولة توسيط أهل الخير للإصلاح بينكم.
وراجع للأهمية الفتوى رقم: 19549. والفتوى رقم: 52603.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1429(12/4784)
حكم رجوع الابن في هبته لأبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري 48 سنة ولي ثلاثة أولاد، أعمل وأسكن مع والدي منذ الصغر إلى يومنا هذا لقد استفدنا قطعة أرض 760م مربع 400 لأبي والأخرى لي وقمنا ببنائها وتجهيزها الحمد لله سنة 1990، ولكن بعدها طلب مني التنازل عن القطعة ويوفر لي سكنا آخر فتنازلت كما أمر، هل أستطيع الرجوع في الهبة لأنه لم يف بما تعهد به لأنني لا أملك سكنا غيره....... فأفيدوني يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 49869 بيان أن الهبة المشروطة لا تملك إلا إذا تحقق شرطها، فإذا تخلف الشرط بطلت الهبة، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني.
وسبق في الفتوى رقم: 7490 بيان أن الولد يجب عليه مواساة أبيه من ماله، والقيام بالإنفاق عليه إذا احتاج لذلك، وللأب أن يأخذ من مال ابنه ما يحتاج إليه، ويتصرف فيه من غير إضرار بالولد، وذلك لما في المسند عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن أعرابياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي يريد أن يجتاح مالي، فقال: أنت ومالك لوالدك. إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أموال أولادكم من كسبكم فكلوه هنيئاً.
وفي سنن ابن ماجه عن جابر رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي مالاً وولداً، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي، فقال: أنت ومالك لأبيك.
وأما إذا كان ما يأخذه الوالد يلحق الضرر بالابن فلا يلزم الولد طاعته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. أخرجه الإمام مالك.
والذي ظهر لنا من سؤالك أن أخذ الوالد مالك فيه ضرر ظاهر لك، كما أنه لم يف لك بالشرط الذي شرطه لك، فعلى هذا يجوز لك الرجوع في هذه الهبة، ولكن يجب عليك مراعاة حق الوالد والتلطف معه والمحافظة على بره وطاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1429(12/4785)
مسائل في المفاضلة بين الأولاد في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوج أبي امرأة وأنجب منها 3 أولاد وبنتين وسافر للعمل فكان يعمل ويرسل لها لتنفق على أبنائها وتشتري أراضي وعندما عاد ردت له قسما منها وبقي له عندها 10 دونمات ورثها أبناؤها بعد وفاتها ثم تزوج أمي وأنجب منها 4 بنات وولدين أنا وأخي فكتب لنا أبي أنا وأخي 45 دونما عندما كنا في سن 6 سنوات وعندما بلغنا أخبرنا أبي أنه كتب لنا هذه الأرض لكي ننفق على أخواتنا الشقيقات وليس (غير الشقيقات) لأنهن كن متزوجات،أما أخواتي فكن صغيرات وقد أنفق أبي على إخوتي الذكور حتى درسوا وتزوجوا واستقروا أما أنا فلم أدرس وقد كنت أنفق على أخواتي حتى تزوجن وأمي وأبي العاجز منذ سن 19 سنة حتى سني هذا 33 سنة، مع العلم بأن أخي الثاني لا ينفق على أخواتي حتى إنني كنت أنفق عليه أيضا وعندما بلغت سن 25 سنه توفي أبي وبقيت أنفق عليهم وعندما بلغت سن 23 سنه باع أبي من أرضه التي باسمه وساعدني بالمصروف وساعدني ببناء بيتي الصغير وعندما كنت أطلب من إخوتي المساعدة بالمصروف رفضوا بحجة أن أبي كتب لي الأرض لكي أنفق على أهلي وبعد وفاة أبي ورثنا جميعا من أبي الذي كان له 10 دونمات، فهل يجب علي رد هذه الأراضي لإخوتي جميعا حسب الشريعة والميراث أم تبقى لي أم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الأب أن يعدل بين أولاده في العطية ذكوراً كانوا أو أناثاً، وتفضيل الأبناء بعضهم على بعض من غير مسوغ من حاجة أو عوز هو نوع من الظلم.
وإن خص الأب بعض أبنائه بعطية أو فاضل بينهم بدون مسوغ شرعي أثم ووجبت عليه مع التوبة وأن يرد ما فضل به البعض أو يعطي الآخر ما يتمم نصيبه، قاله ابن قدامة في المغني، وقد سبق بيان ذلك كله في الفتاوى التالية أرقامها: 6242، 14254، 8147، 3575، 4296، 2352، 1464، 4417.
وقد قال ابن قدامة في المغني: قال أحمد: أحب أن لا يقسم ماله، ويدعه على فرائض الله تعالى، لعله أن يولد له، فإن أعطى ولده ماله، ثم ولد له ولد، فأعجب إلي أن يرجع فيسوي بينهم. يعني يرجع في الجميع، أو يرجع في بعض ما أعطى كل واحد منهم ليدفعوه إلى هذا الولد الحادث، ليساوي إخوته. انتهى.
وعلى هذا؛ فإن رضي إخوتك الأشقاء وغير الأشقاء بطيب نفسٍ منهم بما كتبه لك ولأخيك والدكما من الأرض وكانوا جميعاً بالغين رشداء فلا حرج عليك في استيفاء ذلك، وإن لم يرضوا أو كان رضاهم غير معتبر للصغر أو السفه فلا بد من تقسيم جميع متروك الأب بما فيه ما كتبه باسم بعض أولاده لغير مسوغ، ولا يؤثر في هذا كون أبيك قد كتب لك ولأخيك هذه الأرض لكي تنفقا على أخواتكما الشقيقات لأن مثل هذا لا يبرر الجور وعدم العدل في الهبة بين الأبناء.
وأما ما أنفقته على إخوتك فيجوز لك الرجوع عليهم وأخذ مقدار ما أنفقته عليهم من مال إذا لم تكن متبرعاً بتلك النفقات عليهم، وسبق في الفتوى رقم: 96917 بيان حكم النفقة على الأقارب بنية الرجوع بها، وأنه قد نص جماعة من أهل العلم على أن للمنفق أن يأخذ بقدر ما أنفق إذا نوى الرجوع، ونسأل الله أن يجزيك خير الجزاء ويبارك لك لحرصك على رد الحقوق لأصحابها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1429(12/4786)
حكم التنازل عن المنحة مقابل مبلغ من المال
[السُّؤَالُ]
ـ[يا فضيلة الشيخ سؤالي كما يلي: أنا مرشح على بعثة سنتين بالخارج لعمل جزء من رسالة الدكتوراه, مع العلم بأني يمكن أن أنتهي منها في مصر، لي زميل يريد أن يعطيني مبلغاً من المال لكي أتنازل عنها له لأن موضوع دراسته صعب يتتطلب السفر وهو الذي عرض علي هذا الموضوع، ويعلم الله أني محتاج هذا المال لكي أساعد أختي فى زواجها وسترها، فهل إذا فعلت هذا أعتبر نفسي مرتشيا وأدخل في سياق اللعن، فأفيدوني أفادكم الله، منتظر ردكم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب أن يراعى في المنحة المقدمة من الدولة الشروط التي تشترطها الدولة؛ لما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقاً وأبو داود وحسن إسناده ابن الملقن في خلاصة البدر المنير، والغالب أن الدولة تعطي هذه المنح للاستفادة منها بصورة شخصية ولا تجيز لأصحابها بيعها، فلا يجوز لك أن تتنازل عن هذه المنحة مقابل مبلغ من المال.
وننبهك إلى أنه لا تجوز الهجرة من بلاد المسلمين إلى بلاد غير المسلمين لمن لا يستطيع أن يقيم شعائر الدين، ولا يأمن على نفسه الوقوع في الفتنة، وذلك لما يترتب على السكنى بين ظهراني الكافرين من محاذير جسيمة ومخاطر عظيمة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 2007.
ويجوز للمسلم الإقامة بدار الكفر لحاجة ماسة أو مصلحة راجحة شريطة أن يأمن على دينه وخلقه ودين وخلق من هم تحت رعايته ومسؤوليته من زوجة وأبناء ونحوهم، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 51334. ونسأل الله عز وجل أن يرزقك الرزق الحلال ويبارك لك فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1429(12/4787)
الهبة لبعض الأولاد دون بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[قام والدي رحمه الله بتزويج أخي الأكبر 3 مرات لأنة كثير الطلاق وقيمة كل زواج لا تقل عن 130 ألف ريال وقام قبل حوالي 7 سنوات بإعطائه بيتا بناء على طلبة مع العلم أننا لا نملك إلا بيتين ومبلغ مائة ألف ريال والآن بعد وفاة والدي قام بمطالبتنا بنصيبه من الإرث، ولكنا قلنا أرجع البيت الذي وهبك إياه الوالد ورفض قائلا هذا بيتي أعطانيه الوالد ونحن حائرون ماذا نفعل مع العلم أن العائلة مكونة من 3 أولاد وأربع بنات والأم وشكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في وجوب التسوية بين الأولاد في الهبة، فذهب الحنفية والمالكية والشافعية إلى أن التسوية بينهم في العطايا مستحبة وليست واجبة، وذهب الحنابلة وأبو يوسف من الحنفية وهو قول ابن المبارك وطاووس وهو رواية عن الإمام مالك رحمه الله إلى وجوب التسوية بين الأولاد في الهبة، فإن خص بعضهم بعطية أو فاضل بينهم فيها أثم، ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين: إما رد ما فضل به البعض، وإما إتمام نصيب الآخر، وهذا هو الصحيح لما في الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: وهبني أبي هبة، فقالت أمي عمرة بنت رواحة رضي الله عنها: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله علية وسلم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله صلى الله علية وسلم: إن أم هذا أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها، فقال صلى الله عليه وسلم: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. قال: كلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: فأرجعه. وفي رواية قال: اتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم، وفي رواية أخرى: لا تشهدني على جور، إن لبنيك من الحق أن تعدل بينهم. وفي رواية: فأشهد على هذا غيري.
وبناء على هذا فإن أباكم إذا كان وهب أخاكم لمعنى كالاحتياج فالهبة صحيحة، ولا حق لكم في مطالبته برد البيت، وإن كان وهبه لغير احتياج وجب عليه رد البيت ليقسم بين الورثة مع غيره من مال أبيكم، وإذا حصل النزاع بينكم -والمسألة كما ترون محل خلاف بين العلماء- فإنه لا يرفع الخلاف إلا القاضي الشرعي، وعليكم رفع الأمر إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1429(12/4788)
التسوية بين الأولاد في العطية.. وجوب أم استحباب
[السُّؤَالُ]
ـ[كان والدي رحمة الله عليه يتحمل تكاليف زواجي أنا وإخوتي وأنا الابن الأكبر.
وعند تدبير تكاليف زواجي لم يكن هناك أموال سائلة عنده وعرض قطعة ارض للبيع من الأرض التى يملكها وتقدم مشتر لقطعة الأرض ولكن المشتري لم يكمل عملية الشراء وطلب والدي مني أن أبيع شقة خاصة بي ملكي وبالفعل قمت ببيع الشقة وأعطيت والدي جزءا من ثمنها كما أمرني.
ثم جاء زواج إخوتي بعد ذلك وتحمل والدي مصاريف زواجهم. والآن وبعد وفاة أبي هل لي أن أستقطع جزءا من قطعة الأرض (الميراث) بما يكافئ المبلغ الذي أخذه والدي مني أم لا بعد التفاهم مع إخوتي، وهل الاستقطاع يكون بسعر الأرض اليوم أم بسعر وقت زواجي وبيع الشقة ودفع المبلغ لوالدي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في وجوب التسوية بين الأولاد في العطية، فمذهب الحنفية والمالكية والشافعية أن التسوية بينهم في العطية مستحبة وليست واجبة، واستدل هؤلاء بأن الصديق رضي الله عنه فضل عائشة رضي الله عنها على غيرها من أولاده في هبة، وأن عمر رضي الله عنه فضل ابنه عاصما بشيء من العطية على غيره من أولاده، واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم في بعض روايات حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما فأشهد على هذا غيري. فلو كان عدم التسوية ممنوعا لما أمره بإشهاد غيره.
وذهب الحنابلة وأبو يوسف من الحنفية وهو قول ابن المبارك وطاووس، وهو رواية عن الإمام مالك رحمه الله إلى وجوب التسوية بين الأولاد في الهبة، فإن خص بعضهم بعطية أو فاضل بينهم فيها أثم ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين: إما رد ما فضل به البعض، وإما إتمام نصيب الآخر، لخبر الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: وهبني أبي هبة فقالت أمي عمرة بنت رواحة رضي الله عنها لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أم هذا أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها، فقال صلى الله عليه وسلم يا بشير ألك ولد سوى هذا قال نعم. قال كلهم وهبت له مثل هذا؟ قال لا. قال: فلا تشهدني إذا فإني لا أشهد على جور. وفي رواية: قال: فأرجعه. وفي رواية قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. وفي رواية أخرى: لا تشهدني على جور، إن لبنيك من الحق أن تعدل بينهم. وفي رواية: فأشهد على هذا غيري.
وبناء على القول بعدم وجوب التسوية وعلى عدم وجوب تزويج الأب ابنه -كما هو الصحيح- كما في الفتوى رقم: 50915، والفتوى رقم: 27231، لم يجز لك استقطاع المبلغ الذي أعطيت أباك من ثمن شقتك من تركته، وإنما ترث من ماله كبقية الورثة، فإن أعطاك الورثة شيئا من مالهم برضاهم فهي هبة منهم، فمن كان منهم بالغا رشيدا فهبته صحيحة لك أن تأخذها منه.
وأما على القول بوجوب التسوية بين الأولاد -وهو الذي رجحناه في فتاوى سابقة كثيرة- فإن على الأولاد أن يردوا ما أعطاهم الوالد إلى التركة أو يردوا قدره أو يخصم من نصيب كل واحد منهم بقدره.
وبهذا تعلم أن المسألة محل خلاف فإن تراضيتم على العمل بأحد الأقوال فذاك، وإلا فالحاكم الشرعي هو الذي يرفع النزاع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1429(12/4789)
القدر الذي يسمح للأب أن يهبه لأولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي بنتان فما هو المسموح بإيداعه لهما من أموال سائلة باسميهما لمواجهة الحياة بعد موتي، قمت بسداد مصروفات تخص أخي عن نصيبه في مبلغ دفعه لمستأجر محل حتى يترك المحل بالتراضي ونبيع الأرض بالمبنى بعد ذلك، هذا المبلغ، كان مودعا بالبنك وأتقاضى عليه عائدا، فهل يجوز مطالبة أخي بهذا العائد الذي سأخسره حتى يتم بيع الأرض وأخذ المبلغ منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأب مطالب شرعاً بالعدل بين أولاده في العطية، لقوله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. وعليه.. فإذا كان للأخ السائل أبناء غير هاتين البنتين، فالواجب إذا أعطاهما شيئاً أن يعطي الجميع، ولا حد للقدر الذي يسمح للأب أن يعطيه لأولاده طالما أنه لم يقصد حرمان بقية الورثة من التركة، ولم يؤثر بعض الأبناء على بعض، ويلزم أن تكون هذه العطية على وجه الهبة في حال حياته وصحته بشروط الهبة المعروفة، وراجع الفتوى رقم: 8147.
وننبه إلى عدم جواز إيداع المال في البنك الربوي لأن الإيداع فيه لا يخلو من أمرين: الأول: أن يودع مقابل فائدة، فهو صريح الربا وهو حرام بلا شك، والفائدة مال خبيث لا يحل للمودع بل يصرفه في منافع المسلمين العامة.
الثاني: أن يودع في حساب لا فائدة عليه وفي هذا إعانة للبنك في معاملاته المحرمة، فالأموال المودعة لدى البنك تستعمل الإقراض بالربا.
وأما جواب الشق الثاني من السؤال فلا يحل لك مطالبة أخيك بهذا العائد الذي كنت تتقاضاه من البنك، لأن ما دفعته صار ديناً في ذمة أخيك ولا يحل لك اشتراط زيادة على الدين، كما لا يحل لك إيداع مالك في البنك مقابل فائدة كما سبق بيانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1429(12/4790)
تزويج الأب بعض أبنائه دون بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[قام والدي بتزويج أخي 3 مرات على نفقتة الخاصة وهو يطالب بالرابعة، مع العلم بأن أخي ليس بحاجة إلى المال فهو موظف ونحن لم يزوجنا ولا مرة 3 أولاد وبنتان، فهل لنا الحق بالمعارضة على الزواج لأن فيه تبذيرا لأموال والدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الراجح من أقوال أهل العلم أنه يجب على الأب أن يعدل بين أولاده، فلا يجوز له له تفضيل بعضهم على بعض في العطية، ولكن إن وجد مسوغ شرعي للتفضيل فلا حرج، ومن ذلك حاجة أحد الأبناء للزواج ولو بأكثر من واحدة، مع عدم حاجة غيره من إخوانه له ولا يسمى هذا تبذيراً، وكون هذا الأخ يعمل موظفاً قد لا يعني عدم حاجته إلى الإعانة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 75735.
ومن كان منكم في حاجة إلى الزواج فلا مانع من أن يطلب ذلك من أبيه، وينبغي للأب مساعدته، خاصة وأن من أهل العلم من ذهب إلى أنه يجب على الأب أن يزوج من ليس له مال من أبنائه كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 23574.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1429(12/4791)
الهبة في مرض الموت تأخذ حكم الوصية.
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل ترك ثلاث بنات وإخوة وأخوات وفي مرض موته أعطى البنات جزءا من ماله، الآن إخوته يطالبون بأن يخضع هذا المال الذي بأيدي بناته لحصر الإرث كي يوزع على الجميع حسب الشرع ...
أفيدونا جزاكم الله خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما وهبه الرجل المشار إليه لبناته إن كان وهبه لهم في مرض الموت فهذه هبة لها حكم الوصية؛ لأن الهبة في مرض الموت تأخذ حكم الوصية.
قال ابن قدامة رحمه الله:.... عطيته في مرض موته لبعض ورثته لا تنفذ؛ لأن العطايا في مرض الموت بمنزلة الوصية، في أنها تعتبر من الثلث إذا كانت لأجنبي إجماعا، ف كذلك لا تنفذ في حق الوارث.
قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم، أن حكم الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب، حكم الوصايا، هذا مذهب المديني، والشافعي، والكوفي. انتهى.
والوصية لوارث لا تنفذ إلا إذا أجازها بقية الورثة، وبناء عليه فما وهبه ذلك الرجل إن كان وهبه في مرض موته فإنه يرد إلى التركة ما دام الورثة لم يرضوا بتلك الهبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1429(12/4792)
تريد أن تهب شقة لولدها وشقة لبناتها الثلاث
[السُّؤَالُ]
ـ[أعينوني أعانكم الله -أنا وزوجي وثلاث بنات متزوجات وولد واحد- لنا شقة تمليك أود بيعها وأشتري بثمنها 2شقه واحدة للولد ليتزوج فيها باسمه هو والثانية باسم البنات الثلاثة أعيش فيها أنا ووالدهم إلى أن يتوفانا الله تصبح لهم تحسبا للظروف التي يمكن أن تطرأ على حياتهم في الكبر ويظل بيت أبيهم مفتوحا لهم، فهل أكون آثمة في فعل هذا؟ حفظكم الله للأمة الإسلامية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن ننبه إلى أن الشقة المذكورة إذا كانت ملكاً للزوج فإنه ليس من حق السائلة أن تتصرف فيها إلا بإذنه، وعلى أية حال فإن هبتها لأولادها في حال حياتها وصحتها أمر مشروع بشرط العدل، لقوله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
واختلف العلماء في معنى العدل بين الأولاد هل هو التسوية بين الذكور والإناث في الهبة أم أنه يتحقق بأن يعطى للذكر مثل حظ الأنثيين كما هو الشأن في الميراث الشرعي والراجح الأول.
وعليه فهبة شقة للولد وشقة للبنات الثلاث ليس عدلاً على كلا القولين، إلا أن تأذن بذلك البنات عن طيب خاطر منهن، ما لم يكن الولد متصفاً بوصف يستحق بموجبه أن يؤثر عليهن كالفقر أو عدم القدرة على مصاريف الزواج ونحو ذلك، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 6242..
وراجعي في شروط تملك ونفاذ الهبة الفتوى رقم: 66564، والفتوى رقم: 52603، والفتوى رقم: 33801.
ومنها تعلمين أن تعليق نفاذ الهبة للبنات بحال الوفاة أو تأخر قبضها إلى حال الوفاة لا يصح ولا تنفذ به الهبة، بل تكون عبارة عن وصية لوارث ولا تنفذ حينئذ إلا بإجازة باقي الورثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1429(12/4793)
حكم الهدية التي تعطى لمدير الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إعطاء الهدية للمدير في العمل محرم على الإطلاق؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى.
لا يجوز للموظف قبول هدية ليس لها سبب إلا كونه موظفا لثبوت النهي عن ذلك في الحديث الصحيح، وليس المنع خاصا بالعامل أو الموظف فقط بل يتناول معه المهدي أيضا، أما إذا كان للهدية سبب لا يتعلق بكونه موظفا كقرابة أو مصاهرة قديمة أو حديثة فلا بأس بها حينئذ لبعدها عن معنى الرشوة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للموظف قبول هدية ليس لها سبب إلا كونه موظفا لثبوت النهي عن ذلك في الحديث الصحيح، وكما لا يجوز للعامل قبول الهدية التي ليس لها سبب خارج عن الوظيفة فكذلك لا يجوز دفعها له أيضا، فليس المنع خاصا بالعامل أو الموظف فقط بل يتناول المهدي أيضا، أما إذا كان للهدية سبب لا يتعلق بكونه موظفا كقرابة أو مصاهرة قديمة أو حديثة فلا بأس بها حينئذ لبعدها عن معنى الرشوة.
ففي سنن أبي داود وغيره عن أبي حميد الساعدي: أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة فجاء فقال هذا لكم وهذا أهدي لي، فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال ما بال العامل نبعثه فيجيء فيقول هذا لكم وهذا أهدي لي، ألا جلس في بيت أمه أو أبيه فينظر أيهدى له أم لا، لا يأتي أحد منكم بشيء من ذلك إلا جاء به يوم القيامة إن كان بعيرا فله رغاء أو بقرة فلها خوار أو شاة تيعر ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه، ثم قال اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت. رواه مسلم.
قال النووي عند شرح هذا الحديث: وفي هذا الحديث بيان أن هدايا العمال حرام وغلول لأنه خان في ولايته وأمانته ولهذا ذكر في الحديث في عقوبته وحمله ما أهدى إليه يوم القيامة كما ذكر مثله في الغال، وقد بين صلى الله عليه وسلم في نفس الحديث السبب في تحريم الهدية عليه وأنها بسبب الولاية بخلاف الهدية لغير العامل فإنها مستحبة، وقد سبق بيان حكم ما يقبضه العامل ونحوه باسم الهدية وأنه يرده إلى مهديه فإن تعذر فإلى بيت المال. انتهى.
وفي فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، قال: ولهذا قال العلماء: إن من أهدى هدية لولي أمر ليفعل معه ما لا يجوز كان حراما على المهدي والمهدى إليه وهذه من الرشوة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله الراشي والمرتشي..إلى أن قال..فأما إذا أهدى له هدية ليكف ظلمه عنه أو ليعطيه حقه الواجب كانت هذه الهدية حراما على الآخذ وجاز للدافع أن يدفعها إليه. انتهى.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 49247.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1429(12/4794)
ما يلزم الأب الذي لم يعدل بين أولاده في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[أب وأم لهم خمسة أبناء (ثلاثة ذكور وبنتان) ولديهم أربع شقق فقام الأب بتوزيع ثلاث شقق على ثلاثة أولاد حتى يساعدهم في الزواج والشقة الباقية هي الشقة التي يعيش بها الأب والأم حاليا فأوصى الأب أولا أن تكون هذه الشقة مناصفة بين البنتين وبعد ذلك قال إنه سوف يتركها ميراثا يوزع على جميع الأبناء الذكور والإناث (للذكر مثل حظ الأنثيين) بعد الوفاة علما بأن إحدى البنتين مطلقة وتسكن مع والديها في نفس الشقة ولديها ابنة والأخرى متزوجة والمشكلة الآن أن البنات تشعر بظلم من الأب مما أثر على علاقتهما وتريد أن تنصحه ولكن بدليل شرعي أن ما فعله خطأ، وهو يقول إنه ذهب لدار الإفتاء قبل أن يقدم على هذا وهو لم يكتب الثلاث شقق رسميا في الشهر العقاري حتى الآن، نريد من سيادتكم الإفادة. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الأب أن يعدل بين أولاده في العطية، وقد بينا في فتاوى سابقة أن سبيل ذلك عند جمع من العلماء هو أن يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين كما في الميراث.
كما بينا أن تفضيل الأبناء بعضهم على بعض من غير مسوغ من حاجة أو عوز هو نوع من الظلم الذي يورث تنافرا في قلوب الإخوان ويذكي العداوات بينهم، والواجب على الوالد أن يحفظ الود في قلوب أبنائه فيما بينهم باجتناب ما يضاد ذلك، وأن كون الأب لا يعدل بين أولاده لا يسوغ هجره أو عقوقه فإن حقه أعظم من أن يسقط بسبب ذلك.
وإن خص الأب بعض أبنائه بعطية أو فاضل بينهم بدون داع إلى ذلك أثم ووجبت عليه التوبة بأحد أمرين، إما برد ما فضل به البعض وإما بإعطاء الآخر ما يتم نصيبه قاله ابن قدامة في المغني.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 6242، 14254، 8147، 3575، 4296، 2352، 1464، 4417.
وأما بخصوص ما فعله الأب من تمليكه الشقق الثلاثة لأبنائه الذكور فالأولى أن يرجع في ذلك ويترك الشقق حتى تورث عنه وله أن يمضي الهبة بشرط أن يعدل فيها بين أبنائه، فالواجب عليه حينئذ أن يملك للبنتين الشقة الباقية مناصفة بينهما أو أن يبيعها ويقسم ثمنها عليهما، وإن كانت إحداهما وهي المطلقة تحتاج إلى سكن فليسكنها معه حيثما سكن، وأما إذا كان هذا الإعطاء موقوفا على وفاة الوالد بحيث لا ينتفع به البنات إلا بعد وفاته فهذه وصية وليست عطية، والوصية لا تجوز للوارث كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1429(12/4795)
مسألة تنازل الزوج عن نصيبه في البيت لزوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن اعرض على سماحتكم مشكلتي والتي أعاني منها منذ ما يقارب السنة. الرجاء أفتوني في أمري وساعدوني لإيجاد الحل.
منذ حوالي السنة تقريبا أراد زوجي الزواج من أخرى. ولم يكن الأمر بالهين وبعد السؤال عن هذه المرأة تبين أنها كانت متزوجة وأنها بطريقتها استطاعت أن تأخذ من زوجها الأول ما استطاعت قبل خلعه لتتزوج زوجي تخطيط مسبق. كل ما نملكه هو بيت حديث البناء من آمال الزوجين لم نسكنه بعد، خشيت أن تفعل بزوجي ما فعلته مع الأول سيما وأنه متمسك بالزواج بها فطلبت منه أن يكتب لي البيت فوافق على طلبي وسجله لي بالمحكمة (بيعا وشراء) عن طريق وكالة دورية غير قابلة للعزل بسبب تعلق الغير فيها. وتقدم رسميا لخطبة هذه المرأة واشترطت عليه أن يطلقني قبل الدخول بها وافق على ذلك ولكنه لم ينفذه لا قولا ولا فعلا. والآن هو يشترط لكي يعود للحياة معي أن أعيد له نصف البيت علما بأن الزوجة الثانية مصرة على شرطها لغاية الآن وهو طلاقي وهو الآن هاجرني منذ عشرة أشهر) .بالله عليكم أفتوني هل أعيد له نصف البيت بالرغم من الخطر المحدق بي إلا وهو الطلاق. وهل أقع بالحرام واخذ ما ليس لي به حق حيث إنني لم ادفع تكاليف البناء وحدي مع العلم إنني أريد الاستمرار بالحياة معه وهل له الحق شرعا بمطالبتي بأي جزء من البيت بعد أن باعه لي أرجوكم أفيدوني وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب هذا السؤال في عدة نقاط:
الأولى: مسألة تنازل الزوج عن نصيبه في البيت لزوجته.. وفي هذا نقول: إذا كان واقع التوكيل المذكور هو أن الزوج وهب زوجته نصيبه في البيت فالهبة صحيحة لازمة بالقبض من قبل الموهوب له، ولا يملك الزوج الرجوع فيها. علما بأننا لم نفهم قصدك بقولك إن الزوج وافق على طلبك وسجله عن طريق وكالة دورية غير قابلة للعزل بسبب تعلق الغير، فإن كانت لا تعدو كون الزوج وثق لك هبة نصيبه عن طريق محكمة فذاك ما أفتينا على ضوئه، وإن كانت تعني شيئا آخر فبينيه لنا.
الثانية: اشتراط المخطوبة على الخاطب طلاق زوجته لا يجوز ولا يلزم الوفاء به اتفاقا. وفي الحديث: لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفئ صفحتها ولتنكح فإنما لها ما كتب الله لها. متفق عليه. وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 59904.
الثالثة: هجر الزوج زوجته بدون مسوغ شرعي حرام، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 12969.
الرابعة: إذا لم تكن الوكالة المذكورة تفيد الهبة أو كانت تفيدها وتراجع الزوج قبل قبض الزوجة للهبة فعلى الزوجة تمكين زوجها من حقه في البيت ولا يحل لها الاستيلاء على نصيبه سواء طلقها أو أبقاها على ذمته؛ لحديث: لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد
وراجعي الفتوى رقم: 65392.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1429(12/4796)
حكم تفضيل الذكور في العطية والهبة للابن الفاسق
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل باع بيته وقسم المال بين أولاده وكل ولد (ذكر) أعطاه مبلغا كبيراً، ولكنه أعطى مبلغا قليلاً جداً مقارنة مع حصص الذكور للبنات وقيل له لو تقسم حسب شرع الله أو تقسم حسب القانون المدني والذي لا يفرق بين الذكر والأنثى قال أنا أقسم برأيي لا أعمل بكليهما، وللعلم أن له ابنا فاسقا لا يصلي ويزني باستمرار وأخذ حصة الأسد من المال فما هو ذنب هذا الرجل الذي كتب اسمه للحج هذا الموسم وهو يدري أن ابنه زاني وهو يدعمه بماله وطلق زوجته طلاقاً لا رجعة فيه، ولكنه أرجع زوجته بداعي أنها أم لأطفال ثلاثة، وما حكم الزوج أيضا الذي ينام مع زوجته المطلقة، فأفتونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز تفضيل بعض الأبناء على بعض في الهبة والعطية دون سبب شرعي، فعلى هذا الأب أن يتقي الله عز وجل ويعدل بين أبنائه، ولا يجوز له إعانة العاصي منهم على معصيته، بل حري به أن يحرمه لا أن يفضله على بقية أبنائه، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 104914، والفتوى رقم: 97609.
وأما الطلاق الذي وصفه السائل بالطلاق الذي لا رجعة فيه، فلا ندري بأي لفظ كان، ولكن على العموم ربما كان الرجل المذكور قد استفتى وأفتاه بالمراجعة من يرى عدم بينونة الزوجة بذلك اللفظ، فإن كان الأمر كذلك فلا ينكر عليه في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1429(12/4797)
حكم الهبة المعلقة بموت الواهب
[السُّؤَالُ]
ـ[جدتي تركت لوالدتي أثناء حياتها مبلغا من المال وقالت لها اتركيه لديك فإذا احتجت منه شيئا اعطيني (لأنها كانت تثق بها أكثر) وإذا توفيت خذيه لك ثم توفيت جدتي وأخذت أمي المال وبعد زمن طويل (أكثرمن10سنين) عرفت أمي أنه لا يجب أخذ المال لها (فهل هذا صحيح؟) المهم أنها تريد توزيع المال إلى خالتي وإذا قالت لخالتي لن تصدق أن هذا هو المبلغ كله أو لماذا لم تقل عنه كل هذه الفترة فنحن نريد أن نرد المبلغ ولكن دون قطيعة رحم أو خصام أو بمعنى آخر دون القول لهم فما الطريقة لذلك؟
وهل لو أعطينا المال لأولادها على سبيل المساعدة أو الهدايا يكون ذلك ردا للمال.
نرجو من حضراتكم طريقة ميسرة لأن الصراحة فعلا ستؤدي إلى الخصام وإلى ضياع حقوق أخرى لنا
وما المبلغ المفروض أن يرد علما بأن المبلغ له فوائد فهل يرد المبلغ الأصلي أم بفوائده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الهبة المعلقة بموت الواهب تعتبر وصية وهي هنا وصية لوارث فلا تصح إلا بإذن الورثة، ففي الحديث: لا وصية لوارث. رواه أهل السنن. وفي رواية الدارقطني: إلا أن يشاء الورثة.
وعليه فالمبلغ الذي كان عند والدة السائل من حق ورثة جدتها الموجودين حين موتها، وإذا كان هؤلاء منحصرين في أم السائلة وخالتها فالمال بينهما فتدفع إليها والدتها نصيبها منه ولا يصح أن يدفع هذا المال إلى أبناء خالتها لأنهم ليسوا أصحابه، وإذا كان هناك خشية من حدوث قطيعة رحم وخصام أو ضرر يلحق بوالدة السائلة لو علمت خالتها أن هذا المال مال والدتها فلا بأس في أن يدفع إليها دون إخبارها بأنه كذلك ويدفع إليها نقدا أو يرسل إليها عن طريق حوالة بريدية ونحو ذلك.
أما عن فوائد هذا المال فإذا كان المقصود أن المال موضوع لدى بنك ونحوه وتترتب عليه فوائد ربوية فهذه الفوائد مال حرام لا تملكها والدة السائلة ولا خالتها والواجب فيها إنفاقها في منافع المسلمين العامة كدور الأيتام أو إنفاقها على الفقراء والمساكين مع وجوب سحب المبلغ من البنك.
وإن كانت تقصد أنه قد حصل ربح مشروع من تحريك المال طيلة هذه الفترة فإنه يكون للوالدة لأنها ضامنة للمال، والخراج بالضمان كما في الحديث الشريف، وراجعي الفتوى رقم: 109191.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1429(12/4798)
حكم الهبة إذا مات الواهب ومات الموهوب له قبل قبضها
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد الأشخاص فى دولة ما أرسل مبلغا من المال معي إلى خاله في دولة أخرى وحين ذهبت إلى خاله وجدته قد توفي فتركت المبلغ معي إلى عودتي حتى أعيده إلى الشخص الذي أعطاني إياه وحين عدت وجدت هذا الشخص قد توفي فتصدقت بهذا المبلغ، فما حكم الشرع في ذلك؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان لهذا الرجل الذي أعطاك المبلغ ورثة، فالواجب هو دفع هذا المبلغ إليهم لأنه من جملة تركته التي يجب تقسيمها على ورثته، إذ هي هبة لم يتم قبضها قبل موت الواهب، فإذا جهلتهم ولم تستطع التعرف عليهم فيشرع لك حينئذ أن تتصدق به عنهم على أنك إذا عرفتهم بعد خيرتهم بين إمضاء الصدقة أو إعطائهم المال ويكون الأجر لك كما هو الشأن في كل مال يجهل صاحبه، أما إذا لم يكن لهذا الرجل ورثة بمعنى أنك تأكدت أنه لم يخلف وارثاً، فالمشروع هو إنفاق هذا المال في مصالح المسلمين كإعانة الفقراء والمساكين ونحو ذلك، وراجع الفتوى رقم: 58480، والفتوى رقم: 19739.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1429(12/4799)
هبة الأرض لبعض الأبناء دون بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[أبو زوجي أعطانا قطعة أرض لكي نبني فوقها منزلنا وقال إنه سوف يقوم بوصية تضمن حقنا في تلك الأرض وحق باقي الأطراف في بقية أملاكه. مع العلم أن له 6 بنات وولدين باحتساب زوجي.
فهل الشرع يضمن حقي وحق ابني في كل الحالات؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح ولكن نقول على سبيل الإجمال، إن الشرع يضمن لكل ذي حق حقه إن ثبت له الحق، فإن كان ما ذكرت من إعطاء الأب قطعة أرضية هو من باب الهبة، ووعده بوصية تضمن حقكم في تلك الأرض يقصد به توثيق هذه الهبة، فالهبة صحيحة إذا سوى بين أبنائه اتفاقا، فإن لم يسو بينهم فهي صحيحة عند الجمهور فاسدة عند بعض العلماء.
وإن كان يقصد بالوصية الحق الذي يثبت بعد الموت فهي وصية لوارث تتوقف على إجازة الورثة لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1429(12/4800)
الهبة للأحفاد والأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[أبو زوجي أعطانا قطعة أرض لكي نبني فوقها منزلنا وقال إنه سوف يقوم بوصية تضمن حقنا في تلك الأرض وحق باقي الأطراف في بقية أملاكه. مع العلم أن له 6 بنات وولدين باحتساب زوجي. فهل الشرع يضمن حقي وحق ابني في كل الحالات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تبين لنا السائلة لمن العطية هذه أهي للابن زوج السائلة أم لأبنائه أحفاد المعطي أم لها نفسها أم لهم جميعا.
فحيث كانت الهبة للسائلة أو أولادها فالعطية لهم في حال حياة الجد جائزة والوصية بها جائزة أيضا لأن السائلة ليست وارثة وكذلك الأحفاد في حال وجود ابن للجد عند موته.
أما إن كانت العطية للولد فالمطلوب من الوالد العدل بين أولاده في العطية ولا يفاضل بينهم إلا لمسوغ شرعي، وإذا أعطى الوالد ولده شيئا وأضاف هذه العطية إلى ما بعد موته فهي وصية لوارث ولا تصح إلا إذا أجازها الورثة.
وأما إن وهبه في حال حياته وصحته وتم قبض الولد للهبة ولم يسترجعها الوالد في حياته فهي هبة صحيحة نافذة ولو فاضل فيها كما هو مذهب جمهور أهل العلم، وذهب آخرون إلى أنه إن فاضل بين أولاده فإن ذلك يرد ولا يمضي ولو مات الواهب وهذا هو الراجح عندنا.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5348، 61143، 14759.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1429(12/4801)
حكم هبة الزوج جميع ماله لزوجته وبناته
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي خالتي ليس لها ذكور وإنما 3 بنات فقط وزوجها أصبح مريضا (ليس مرض الموت، لكن أصبح يحس باقتراب أجله) وإخوته يتحدثون عن وراثته وهو حي بما أنه لديه البنات فقط. وهو أصبح خائفا أكثر من أي وقت مضى بأنه حين يفارق الحياة سيطردون زوجته وبناته من البيت. علما أنهم يعيشون في نفس المنزل الواسع جدا.
السؤال ... هل يجوز له أن يكتب حصته على زوجته أو بناته ما دام على قيد الحياة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بقول السائل يكتب حصته أي هل يجوز له أن يكتب وصية لزوجته وبناته فالجواب: لا يجوز لأن الوصية للوارث ممنوعة شرعا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أهل السنن.
ولأنه لو أوصى لهم وصحت الوصية على ما يقوله العلماء فإنها لا تنفذ إلا برضى الورثة الباقين، وإن كان المقصود بذلك أن يهب لهم ممتلكاته في حال حياته فإن كان ذلك في مرض الموت أو المرض المخوف فلا لأن الهبة في هذه الحال تأخذ حكم الوصية، كما قال ابن قدامة في المغني: فصل وحكم العطايا في مرض الموت المخوف حكم الوصية. انتهى.
وإن كان في حال صحته فإن للإنسان البالغ الرشيد أن يهب في حال صحته ما يشاء من ممتلكاته لزوجته وبناته وتعتبر هبة لازمة إذا حازوها في حياته وصاروا يتصرفون فيها تصرف المالك، ولكن لا ينبغي له أن يفعل ذلك بقصد حرمان إخوانه من الإرث لأن هذا الفعل حينئذ يصير حيلة على إبطال حق شرعي ولو كان ظاهره الجواز.
وانظر للأهمية الفتوى رقم: 106777.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1429(12/4802)
حكم إعطاء المأذون الشرعي إكرامية
[السُّؤَالُ]
ـ[عند إجراء عقد الزواج يتم إعطاء المأذون إكرامية خارجة عن أجرة العقد الرسمية هل في ذلك شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من إعطاء المأذون الشرعي إكرامية زيادة على أجرته الرسمية ما لم يكن هذا المأذون موظفا يأخذ على عمله راتبا من الدولة، ولم تأذن الدولة له بأخذ شيء من الناس زيادة على راتبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1429(12/4803)
تصرف الولد في الهبة يفوت على أبيه الرجوع فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعيش مع جدي وجدتي لأمي لأن أبي وأمي منفصلان وطبعا أبي رافض تماما أن يصرف علي فجدي قبل أن يتوفى وزع أراضيه على أبنائه وتبقى جزء من الأرض فقرر أن يعطيني جزءا منها لكي أضمن مستقبلي ولكن خالاتي وأخوالي رفضوا تماما فقرر جدي ان يأخذ جزءا من أمي ويكتبها باسمي والآن بعد ما توفي جدي تريد أمي أن تأخذها منى. أنا طالبة جامعية وأبي لا يدفع لي سوى 150 جنيها فقط وهذا لا يكفي للكتب والملابس وعلى فكرة أمي موظفة ولديها راتب كبير وكانت تشترى لي الملابس ولكن الآن امتنعت تماما وهى متزوجة ولديها أربعة أطفال وتشتري لهم الملابس وأنا لا. والآن اوفر100جنيه للكتب والملابس وأصبح مصروفي 50 جنيها ولا يكفى للمواصلات والمذكرات فهل أعطيها الأرض التي هي مستقبلي الوحيد لأن أبي كتب كل شيء لزوجته وأبنائه؟ ماذا أفعل؟ ساعدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
إذا وهب الوالد لولده هبة فقام الولد بالتصرف في الهبة بالبيع أو بالمداينة أو نحو ذلك فلا رجعة للأب في هبته وتفوت عليه بهذا التصرف.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مسألة امتناع والدة السائلة عن تسليمها الجزء من الأرض المذكورة ينبني على لزوم هذه الهبة من عدمه، ففي حال كان جد السائلة وهب أمها الأرض محل النزاع، ثم تراجع عن هبته لبعضها قبل أن تتصرف الأم في الأرض ببيع أو نحو ذلك فرجوعه صحيح، وعلى الأم تسليم الجزء الذي وهبه والدها لحفيدته.
وإن كان تراجع عن هبته بعد أن تصرفت الأم في الأرض بنحو تلك التصرفات المشار إليها فلا يصح رجوعه.
جاء في رسالة ابن أبي زيد: وله -أي الأب- أن يعتصر ما وهب لولده الصغير أو الكبير ما لم تنكح لذلك أو يداين أو يحدث في الهبة حدثا. اهـ
وراجعي في نفقة الأب على ولده البالغ الفتوى رقم: 66857، والفتوى رقم: 75757.
وفي حكم المفاضلة في العطية بين الأولاد الفتوى رقم: 34795.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1429(12/4804)
هبة الأب هواء بيته لبعض بنيه دون بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب أنشأ بيتا في عمارة أهله من تعبه وساعده أبوه وأمه في إنشاء البيت ببعض النقود ومات الأب وكان يريد أن يكتب البيت باسم ابنه الذي أنشأه من تعبه، وكذلك زوجته تريد أن يكتب البيت الذي بناه ابنه باسمه وبعد موته تريد الأم أن يكتب البيت لابنها على وصية والده ولكنها تخاف أن تكون ميزت بين الإخوة هل يجوز ذلك أم هو حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل أن المفاضلة بين الأولاد في العطية لا تجوز إلا إذا كان لها ما يسوغها، ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 6242.
ثم إن الأب إذا توفي فإن جميع ممتلكاته تكون لورثته، ولا يصح أن يخصص بعضهم منها بشيء دون البعض.
وعليه، فإن كنت بما ذكرته تعني أن الأب قد وهب لابنه هواء في عمارته، فإن كان لتلك الهبة ما يسوغها فإن الولد يكون قد ملك ذلك الهواء، وبالتالي يكون ما بناه عليه ملكا له. وإن لم يكن للهبة مسوغ لم يكن ذلك له.
وإن كنت تعني أن الأب قد أعار الابن ذلك الهواء فإن الإعارة إذا انتهى أمدها، أو بلغت ما هو معتاد لها إذا لم يكن لها أمد فإن المستعير يكون بمنزلة الغاصب يستحق قيمة بنائه منقوضا بعد نزع تكلفة النقض.
وعلى هذا الافتراض ينظر فيما يمكن أن يصلح من البناء بعد النقض، فإن كان يزيد على تكلفة النقض أخذ المستعير الزيادة. وإن لم يكن يزيد عليها لم يكن له شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1429(12/4805)
الهبة في مرض الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في رجل توفي وقبل الوفاة بشهر قام بعمل هبة نقل عقار إلى زوجته الثانية وبدون علم الزوجة الأولى وأولادها مع العلم بأن الرجل كان على فراش الموت وكان مريضا وكان عمره أكثر من خمسة وتسعين سنة تقريبا وقبل وفاته بسنتين قام بقطع النفقة عن الزوجة الأولى ولا يزورها، ولذا نرجوا منكم الإفادة والتوضيح، فهل يمكن بطلان هذه الهبة لما يترتب عليها من الأضرار العظيمة التي لا يجهلها أحد ففيه إلقاء العداوة بين الورثة الذي ينتج عنه الحسد وقطيعة الرحم وغيرها من مشاكل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الهبة في المرض تعتبر وصية، وهي لا تصح لوارث، ومن حق الزوجة إذا امتنع زوجها من الإنفاق عليها وهو موسر أن تستوفي نفقتها منه أو من تركته إذا توفي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الزوج قد فعل ما ذكر من الهبة في مرض موته كما ذكرت فلا يصح، لكون ما وهب في مرض الموت يعتبر وصية، والوصية للوارث باطلة، إلا إذا رضي باقي الورثة بها وأقروها فتكون عطية منهم لا من الميت، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه. وحسنه السيوطي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه، وحكم الشافعي بوصوله إلى درجة التواتر.
كما أن ما ذكرته من قطع الزوج للفقة عن زوجته الأولى لا يجوز، ومن حقها -إذا كان موسراً زمن امتناعه من الإنفاق عليها- أن تستوفي نفقتها من تركته قبل قسمها، لأنها ترتبت في ذمته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1429(12/4806)
هل يجب على الوالد تمليك الشقة التي شطبها ابنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أب لديه ولد وعدد من البنات قام ببناء شقه لابنه في البيت مقابل أن جهز الأب بناته ليساوي بينه
وقام الابن بتشطيب الشقة هل يجب على الأب أن يكتب هذه الشقة لابنه شرعا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يطلب من الوالد أن يعدل بين أبنائه وبناته في العطية واختلف العلماء في العدل المطلوب فقيل هو التسوية بينهم في العطية ذكورا وإناثا، وقيل العدل أن يعطي الذكر مثل حظ الأنثيين، ولا بأس بالمفاضلة لسبب سائغ كحاجة وفقر ومرض ونحو ذلك.
وأما مسألة قيام الولد بتجهيز الشقة التي بناها والده وهل هذا يوجب على الوالد تمليك الشقة للولد فالجواب: أن هذا بمفرده لا يوجب على الوالد تمليك الشقة لولده ما لم يكن الوالد وهبها لولده هبة صحيحة شرعا بأن يكون قد بذل مثلها أو ما يساويها لكل واحد من أبنائه وبناته أو يكون التخصيص له سائغا شرعا.
وإذا لم يكن وهبه إياها فإنما يستحق الولد على والده قيمة ما أنفق في الشقة إن كان أنفق ذلك ليرجع به على والده، أما إن أنفقه تبرعا فلا يرجع عليه بشيء، وراجع الفتوى رقم: 47572.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1429(12/4807)
من مات وقد بنى بعض أولاده على سطح بيته
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى والدى وله زوجة و7 أولاد (5 ذكور، 2 إناث) وترك منزل من أربعة أدوار. الدورالثالث بناه أحد الأبناء الذكور من ماله الخاص وكذلك الدور الرابع بناه أحد الأبناء الذكور من ماله الخاص. ولم يقم الوالد بكتابة عقد تمليك للأبناء الذين قامو ببناء الدور الثالث والرابع. فهل يعتبر البيت (الأربعة أدوار) كله ميراثا أو ماذا يكون نصيب كل فرد من الورثة. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأب رحمه الله قد وهب الهواء – سطح البيت – لولديه فإن ما بنيا لا يدخل في التركة، ويكون ملكا لهما بشرط أن يكون وهب لبقية أولاده ما يقابل هبة سطح البيت لولديه لأنه مطالب بالعدل بين جميع أولاده، وإذا لم يهب الأب السطوح لولديه، وإنما أذن لهما فقط في البناء فهذه عارية تنتهي بموت الأب وتكون الأدوار جميعا للورثة، وللولدين الذين بنيا الأدوار قيمة البناء منقوضا. ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32937، 79315، 18014.
وكذا إذا كان خص ولديه بهبة سطح البيت ولم يهب لبقية أولاده شيئا فهذه هبة باطلة ترد بعد الموت ولا يكون ما بنيا ملكا لهما، ولهما قيمة البناء منقوضا كما في العارية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1429(12/4808)
وهب ماله قبيل موته لزوجته الثانية فهل يحق للورثة إبطال الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفى وخلال شهر قبل الوفاة عمل هبة عقار نقل الملكية باسم زوجته الثانية وكان مريضاً ولديه زوجة وأولاد كبار، فما حكم القانون والشرع في ذلك، فهل من حق الورثة إبطال الهبة وإعادة الملكية إلى اسم المتوفى، فنرجو التوضيح وأفيدونا أفادكم الله من علمه منتظرين ردكم العاجل؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إن كانت الهبة تمت بشروطها فهي ماضية ولا يحق لأحد ردها ... ، وأما إذا كانت لم تتم بشروطها فإنها ترجع إلى عموم التركة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هبة الرجل المذكور قد تمت في حال صحته أو مرضه مرضاً غير مخوف وفي حال أهليته للتصرف وتمت حيازة الهبة من قبل الزوجة حيازة تامة بحيث يكون الرجل قد رفع يده عنها وترك لزوجته حرية التصرف فيها فإن هذه الهبة تكون صحيحة ماضية شرعاً ولا يحق لأولاده ولا لغيرهم ردها.
أما إذا كانت الهبة وقعت في مرضه المخوف (مرض الموت) أو قبل ذلك ولم تتم حيازتها -على نحو ما ذكرنا- أو تمت ولكن بعد موت الواهب أو دخوله في مرض الموت، فإن هذه الهبة غير صحيحة وترجع إلى عموم التركة لتقسم معها على جميع الورثة، كل حسب نصيبه المقدر له في كتال الله تعالى..
قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحوز. وذلك لما رواه الإمام مالك في الموطأ: أن أبا بكر وهب لعائشة رضي الله عنها جذاذ عشرين وسقاً من ماله بالعالية، فلما مرض مرضه الذي توفى فيه، قال لها: كنت قد نحلتك عشرين وسقاً ولو كنت قبضتيه أو حزتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث فاقتسموه على كتاب الله تعالى.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 102458، والفتوى رقم: 66751 وما أحيل عليه فيهما.
هذا وننبه إلى أن هذا الحكم إنما هو فيما إذا علم أن الرجل المذكور وهب الهبة لزوجته وهو يريدها هي بها أما إذا كان يريد من وراء ذلك تفضيل أبنائه منها على أبنائه من الزوجة الأخرى فإن الهبة مردودة قطعاً ويعامل الواهب بنقيض قصده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1429(12/4809)
كيف تقسم الهبة الباطلة بعد الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف توفي أبي وقد ترك ميراثا لنا أنا وأخي واثنتين من الأخوات وأمي الميراث عبارة عن مبالغ نقدية وفي حياة أبي كان يملك قطعة أرض مبان كتبها باسمي أنا وأخي ولكنه قبل وفاته كان يفكر أن يكتب لأخواتي البنات نصيبا في هذه الأرض خوفا من أن يكون قد ظلمهما ولكنه كان مجرد تفكير وتوفي أبي وتركنا في هذه الورطة في بادئ الأمر تنازلت الأخوات عن نصيبهن في الأرض لو كان لهن نصيب وبعد مرور عام كامل عادتا وطالبتا بنصيبهن في الأرض طبعا تزايدت قيمة الأرض في هذا العام وجعلتاني أنا وأخي في ورطة كبيرة.
السؤال هو: هل لأخواتي البنات نصيب في الأرض؟ وهل يتحمل أبي وزرا لو لم نعطهم أي نصيب من الأرض أم نتحمل نحن الوزر أم الوزر مشترك بيننا وبين أبينا رحمه الله ولو كان هناك تعويض لأخواتي هل يكون ذلك التعويض بقيمة الأرض في الوقت الحالي أم بقيمة الأرض وقت وفاة أبي؟ كل ما أحتاج إليه أنا وأخي هو شقة للسكن فأنا أسكن في شقة إيجار وأخي ليست لديه شقة للسكن علما بأن أخواتي البنات لسن في حاجة إلى هذه الأرض نظرا لأن الله أنعم عليهن من نعمه ولا يحتجن إلى شيء.
أنا في حيرة أفيدوني جزاكم الله خيرا.
ملحوظة: قيمة الأرض وقت وفاة أبي كانت تعادل ثلث ميراث أبي!!!!]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فقد كان الواجب على والدك أن يعدل في هذه الهبة بين أبنائه وبناته، وألا يفضل أحدا على أحد إلا لمسوغ شرعي؛ وبناء على هذا، فإذا لم يكن هناك مسوغ شرعي لما وقع من تفضيلك وتفضيل أخيك على أختيك ولم يكن تنازل أختيك عن حقهما تنازلا صحيحا مبنيا على العلم والاختيار، فيجب رد هذه الهبة، وأن تضم الأرض إلى باقي التركة وتقسم قسمة الميراث، وإذا فعلتم ذلك فنرجو أن يكون كفارة للخطأ الذي وقع من أبيكم، وإلا كان عليه وزر الظلم لبناته، وعليكم وزر الاستمرار فيه.
وإذا كنت قد تصرفت أنت وأخوك في هذه الأرض بالبيع فيجب رد الثمن إلى التركة ليقسم معها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان الواجب على والدك أن يعدل في هذه الهبة بين أبنائه وبناته؛ وألا يفضل أحدا على أحد، لقوله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه، وقوله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحداً لفضلت النساء. أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن، ومحل ذلك ما لم يكن هناك مسوغ شرعي للتفضيل من مرض أو كثرة عيال أو اشتغال بطلب العلم ونحو ذلك، كما هو موضح في الفتوى رقم: 33348، ووراجع الفتوى رقم: 27543.
وبناء على هذا، فإذا لم يكن هناك مسوغ شرعي لما وقع من تفضيلك وتفضيل أخيك على أختيك، ولم يكن تنازل أختيك عن حقهما تنازلا صحيحا مبنيا على العلم والاختيار، فيجب رد هذه الهبة، وأن تضم الأرض إلى باقي التركة، وتقسم قسمة الميراث؛ لأن الهبة التي وقعت من والدكم، وقعت باطلة لا يعتد بها. والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن أراد أن يفضل بعض أولاده على بعض: ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: لا تشهدني، فإني لا أشهد على جور. وفي رواية أنه قال له: فاردده. رواه مسلم، وأصله في البخاري.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-: يجب عليه أن يرد ذلك في حياته كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضا طاعة لله ولرسوله، ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل؛ بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به. اهـ.
وإذا فعلتم ذلك فنرجو أن يكون كفارة للخطأ الذي وقع من أبيكم، وإلا كان عليه وزر الظلم لبناته، وعليكم وزر الاستمرار فيه.
وإذا كنت قد تصرفت أنت وأخوك في هذه الأرض بالبيع فترد قيمتها إلى التركة لتقسم حسب الشرع. وراجع الفتوى رقم: 79649.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1429(12/4810)
حكم الهبة لبعض الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم عقد الهبة لبعض الورثة بالقول فقط مع وجود شهود عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا مانع شرعاً أن يهب الإنسان ما شاء من أمواله وممتلكاته لمن يشاء من ورثته وغيرهم ما دامت الهبة مستوفية لشروطها وعدم وجود موانعها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الهبة المذكورة مستوفية لشروطها من صحة الواهب وأهليته للتصرف حال الهبة وتمام حوزها من الموهوب له أو وكيله.. وليس هناك ما يمنعها من عدم التسوية إذا كانت الهبة لبعض الأبناء فإنها تعتبر هبة صحيحة ولو لم تسجل في السجلات الرسمية..
أما إذا كانت الهبة متوقفة على موت الواهب أو لم يكن أهلا للتصرف وقت الهبة أو لم تتم حيازتها حتى مرض الواهب مرضا مخوفا أو كانت لبعض الأبناء دون بعض من دون مسوغ فإنها لا تصح ولا اعتبار لها شرعا.
هذا وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة والتفصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12549، 57824، 93542، 94327.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1429(12/4811)
التفضيل في الهبة بين الأبناء ترد أو تعدل طاعة لله ولرسوله
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي له أخ وأختان أمهم بنت بيتا لهم من أربع أدوار (الدور الأول شقتان أعطت للأخت الأولى شقة والأخرى أجرتها لخالهم، أما الدور الثاني فأعطت شقة لزوجي وشقة لأخته الثانية ثم أعطت الدور الثالث لأخيه الأصغر فبنى ثلاث شقق يؤجرهم، الشقة الأولى مفروشة والثانية لشركة كبيرة، أما الشقة فأجرها ويعطي من ثمنها لأمه قليل القليل من النقود وهي راضية (فلما زوجي أراد أن يبنى فى الدور الثالث له رفضت وكتبت وصية بالاتفاق مع الأختين أن تعطي لكل من الأخت دورا وباعت لهم الأدوار على ورق وكأنها أخذت المال عن كل دور 10 آلاف جنيه وكتبت لزوجي الدور الخامس والبيت هو أربع أدوار من غير علمه لأن زوجى مريض، لكن عندما طالب بحقه قالت أخته الأكبر أنا لا يهمني شيء لأن أمك راضية بذلك، وعلى العلم اتفق مع أختك الأخرى وهى تبقى تعطيك نصف حقها فى الدور الخاص بها، ولما عرف أخوه الثاني بذلك اعترض هو وقال هذا حرام لأن له نصيب بعد موتها رغم أنه في حياتها أخذ من البيت دورا كاملا مع شقة خارج البيت من أبيه عندما توفي والشقة من أحسن الشقق وفي أحسن منطقة فبالله عليكم أين نصيب زوجي وكيف أتصرف لأنه قعيد وكيف يحافظ على نصيبه، ومع العلم بأن الأم عندما كتبت الوصية منذ عشر سنوات، أما الآن فهي كبرت وتقول أنا لم أفعل هذا وحرام رغم أننا رأينا الأوراق الخاصة بالوصية عند المحامي الخاص بها من قبل الأختين، فماذا نفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فيجب على هذه الأم أن تعدل بين أولادها ذكورهم وإناثهم فيما تهب لهم، ويحرم عليها أن تفضل بعضهم على بعض دون مسوغ شرعي، وبناء على هذا فإذا لم يكن هناك مسوغ شرعي لما وقع من تفضيل فيجب رد هذه الهبة أو تعديلها بحيث يأخذ كل واحد من الأولاد مثل الآخر، والوصية التي أوصت بها الأم على النحو المذكور وصية لوارث وهي لا تصح إلا بإذن باقي الورثة، وبشرط أن يكونوا بالغين رشداء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على هذه الأم أن تعدل بين أولادها ذكورهم وإناثهم فيما تهب لهم، ويحرم عليها أن تفضل بعضهم على بعض دون مسوغ شرعي من مرض أو كثرة عيال أو اشتغال بطلب العلم ونحو ذلك، والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن..
وراجعي الفتوى رقم: 27543، والفتوى رقم: 33348.
وبناء على هذا فإذا لم يكن هناك مسوغ شرعي لما وقع من تفضيل فيجب رد هذه الهبة أو تعديلها بحيث يأخذ كل واحد من الأولاد مثل الآخر، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن أراد أن يفضل بعض أولاده على بعض: ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: لا تشهدني فإني لا أشهد على جور. وفي رواية: أنه قال له: فاردده. رواه مسلم وأصله في البخاري.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: يجب عليه أن يرد ذلك في حياته كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضاً طاعة لله ولرسوله، ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل؛ بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به. انتهى ...
وراجعي في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 21597.
وننبه إلى أن الوصية التي أوصت بها الأم على النحو المذكور وصية لوارث وهي لا تصح إلا بإذن باقي الورثة لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه. وفي رواية للدارقطني والبيهقي: لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة. ولا يعتبر إذنهم إلا إذا كانوا بالغين رشداء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1429(12/4812)
المفاضلة في العطية بين الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي له 3 أخوات، أمه تريد أن تعطيه أرضا اشترتها في الماضي بتمن قليل والآن تريد أن تعطيها لابنها الذي هو زوجي.
أنا وزوجي نريد معرفة حكم الشرع في ذ لك نحن نخاف أن يكون هذا حراما في حق أخواته. أمه ولله الحمد في صحة جيدة ولها أملاك أخرى وتريد أن تعطيه فقط هذه الأرض.
علما أن هذه الأرض أصبحت قيمتها مرتفعة حاليا لأن العقار ارتفع، هل إذا أعطاها مبلغا بقيمتها الأولى جائز.
علما أنه هو لم يطلب منها شيئا هي التي أرادت أن تعطيها له.
وهل بما أنها مازالت والحمد لله في صحة جيدة لها الحق أن تتصرف في إحدى ممتلكاتها كما تريد؟
جزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
الوالدان مطالبان شرعا بالعدل في العطية بين أولادهما، ولا يشرع لهما تفضيل بعض الأولاد على بعض في العطية إلا لمسوغ شرعي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يحق للمرء في حال حياته وصحته أن يتصرف في أملاكه كيف يشاء، لكن على وجه مشروع؛ لأن المال الذي في يده إنما هو مال الله تعالى وكله في التصرف فيه، فيجب أن يكون تصرف الوكيل حسب أمر موكله.
وليس من التصرف المشروع أن تفاضل الأم في العطية بين أولادها؛ لحديث: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه. فالعدل في العطية مما أمر الله به، إما على سبيل الوجوب أو الاستحباب على قولين عند أهل العلم.
وبناء على ما تقدم فإن أمام أم زوج السائلة أحد أمرين:
إما أن تعطي بقية أخوات زوجها مثل ما أعطته، أو تبيع له الأرض بيعا حقيقيا بثمن مثلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1429(12/4813)
الكتابة دون قصد التمليك لا تعتبر
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي توفي وعنده عمارة كتبها باسم والدتي لأنها في مصر وقال لها (مش مسامح أي أحد من أهلك يورث فيها لأني كتبتها باسمك على الورق فقط لاستكمال الإجراءات لأن أمي مصرية أريد العمارة لابنتي فقط مع أنك تستنفعي منها في حياتك ولكن بعد الوفاة تبقى لابنتي وهي لا تريد الآن نقلها لي باسمي لأن إذا بقيت باسمها سيورثون فيها أهلها طبعا وكل مرة تطلعلي حاجز جديد يعيق تسجيل العمارة فأرجوكم أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تعتبر هذه العمارة إرثاً يشترك فيها جميع ورثة الأب، كل بحسب حقه من التركة، ولا أثر لما أوصى به لك ولا بكتابتها باسم أمك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قام به أبوك من كتابة العمارة باسم والدتك دون تمليكها لها، وإرادته أن تكون لك أنت بعد وفاته لا ينبني حكم على شيء منه، لأن الكتابة دون قصد التمليك لا يترتب عليه ملك، كما أن إرادته أن تكون ملكاً لك بعد وفاته يعتبر وصية منه لك بها، والوصية لا تصح لوارث، فقد ثبت عن نبيناً صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود والدارقطني وهو صحيح ... وعليه فالعمارة تعتبر إرثاً يشترك فيها جميع ورثة أبيك، كلٌ بحسب حقه في التركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1429(12/4814)
خص ولده بعطية ليعيش معه في القرية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
إلى شيخنا الوالد عبد الله الفقيه -حفظه الله-
أشكل على البعض منا مسألة القسمة وأعددنا هذا السؤال متوجهين إلى فضيلتكم لتحلوا هذا المشكل وجزاكم الله خيرا وأثابكم مثوبة كبرى وهي في ولد رغب والده في السكنى معه في القرية فلبّى أمره وزوجه والده فبنى في قطعة من داره بأمر والده عيادة له ليمارس مهنته -وذلك بمال الولد الخاص-، وأعطى له البيت القديم، فمات الوالد رحمه الله بعد 15 سنة، فجاء أحد أبنائه ليطلب حقه، وكان الوالد قد وسع لنفسه فبنى وللباقي من الأولاد السبعة أيضا قدر وسعه -فكان الولد هو الذي باشر ذلك-، ولا يزال في البيت بعض السعة لمن أراد أن يبني، وليس بالممكن للجميع أن يفعلوا مثل الولد لضيق المكان، وأيضا هم ليسوا بحاجة إلى ذلك إذ يقطنون العاصمة، فهل هذا العطاء يصح من الوالد أعني قطعة الأرض والبيت القديم من أجل حاجة الوالد ليبقى ولده معه أم يجب التسوية، فإن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول في المجموع:30/341: "ولا يخص بعضهم بالإعطاء من غير سبب يوجب ذلك لحديث النعمان بن بشير وغيره" ويظن الولد أنه أحسن لما لبّى أمر الوالد في السكنى معه وفي البناء وفي التزويج، وسبب هذا العطاء من الوالد بيّن واضح، فإن جميع أبنائه فضلوا أن يبقوا في العاصمة بخلاف الولد الذي لبى أمره وسكن معه في القرية ليقوم بشأنه وأبونا شيخ كبير. هذا بإختصار وعسى أن أكون قد وفقت لطرح هذه المشكلة؟ نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كانت هبة الوالد المذكور تمت بشروطها وعدم موانعها فإنها صحيحة إن شاء الله تعالى لاستنادها لمسوغ شرعي، وإذا لم تستوف الشروط فهي لاغية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الراجح من أقوال أهل العلم وجوب العدل والتسوية بين الأبناء في العطية، ولا يصح تفضيل بعضهم على بعض إلا لمبرر شرعي، وانظر تفاصيل ذلك وأدلته وأقوال أهل العلم فيه في الفتوى رقم: 94101 وما أحيل عليه فيها.
والذي فهمناه من معطيات السؤال أن هذا الوالد إنما خص ولده بالهبة المذكورة لمبرر شرعي وهو البقاء معه في القرية في الوقت الذي تركه بقية أولاده وذهبوا إلى العاصمة ... وعلى ذلك تكون الهبة صحيحة إذا كانت قد تمت بشروطها ودون موانعها، فمن شروط مضي الهبة وصحتها الحيازة التامة للشيء الموهوب وفي حال أهلية الواهب للتصرف.
قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة.
وروى مالك في الموطأ وغيره عن عائشة رضي الله عنها: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان نحلها (وهبها) جذاذ عشرين وسقاً من ماله بالغابة فلما حضرته الوفاة قال: والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلى غنى بعدي منك، وإني كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقاً فلو كنت جذذتيه واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك فاقتسموه على كتاب ال له ...
ومن شروط مضي هبة البيت المسكون وصحتها أن يخرج منه الواهب، قال ابن جزي المالكي في القوانين الفقهية: فإن وهب لابنه داراً فعليه أن يخرج منها..
وقال ابن عاصم في التحفة:
ومن يحبس دار سكناه فلا * يصح إلا أن يعاين الخلا
إن كان ما حبس للكبار * ومثل ذاك في الهبات جار
وعلى ذلك فإن كانت الهبة قد تمت في حال أهلية الوالد للتصرف وخرج من البيت بالفعل –إذا كان يسكنه- وتمت الحيازة من قبل الابن حيازة تامة بحيث يستطيع التصرف فيها تصرف المالك في ملكه فإنها تعتبر صحيحة ما دامت مستندة إلى المسوغ المذكور، أما إذا كانت لم تثبت في حياته وفي حال أهليته للتصرف أو لم تتم حيازتها في حال صحته وأهليته للتصرف فإنها لا تصح، بل ترجع إلى عموم التركة لتقسم معها على جميع الورثة.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 65313، 65788، 75735.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1429(12/4815)
حكم الإنفاق من المنحة على الكماليات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا جامعية متحصلة على منحة أستغلها للإنفاق على الكماليات فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الجهة المانحة لم تشترط أن تُنفق هذه المنحة في غرض معين فلك أن تتصرفي فيها كما شئت مما هو مباح.
أما إذا كانت قد اشترطت إنفاقها في غرض ما فلا يجوز لك أن تنفقيها في غيره، وذلك لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1429(12/4816)
يجوز أن تهب لزوجتك ما تشاء من مال
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت شابا في الثالثة والعشرين من عمري تزوجت ورزقت ببنت، ولخلافات عائلية طلقت زوجتي وأعطيتها جميع حقوقها وتزوجت بأخرى وعشت معها تقريباً ثلاث سنوات ورزقت خلالها ببنت، ثم سافرت إلى إحدى دول الخليج للعمل بها، ثم رزقت بولدين وبنت خلال إجازاتي السنوية، أصبح لي بنت من طليقتي وأربعة من زوجتي الحالية (بنتين وولدين) ، أصرف عليهم جميعاً بما يرضي الله، وخاصةً بنتي الكبرى التي تعيش مع أمها المطلقة، وصرفت عليها حتى دخلت الجامعة وزوجتها بعد أن جهزتها من كل شيء، بعد زواجها تخلفت عن الجامعة وتركتها، رغم أني كنت مستعدا لدفع كل المصاريف والرسوم المطلوبة وهذا كان اتفاقي معها، أولادي الأربعة من زوجتي الحالية في التعليم أكبرهم في السنة الثانية من الجامعة وأصغرهم في الصف الأول الابتدائي، قامت زوجتي بدور الأب والأم معاً لأولادي وتحفظني في كل شيء والحمد لله ومخلصة جداً، حيث إني ما زلت في الغربة وأتردد عليهم كل سنة تقريباً، عمري حالياً 49 عاماً، ولا تدري نفسُُ متى أجلها ... فكرت كثيراً أن أكافئ زوجتي على صبرها وتحملها لغربتي ولتعبها في تربية أولادي تربية حسنة والحمد لله، لجهلي بأحكام المواريث فكنت أفكر أن أكتب لها وصية بثلث تركتي، ولكن عندما سألت وعرفت أنه لا وصية لوارث فأنا الآن في حيرة من أمري، علماً بأن طليقتي لديها بيت سوف ترثه بنتي الكبرى حيث إنها وحيدتها، وأن زوجتي من عائلة بسيطة وليس لها ميراث يذكر لكثرة إخوتها، لذلك أريد أن أكافئها وأميزها وأرد الجميل لزوجتي المخلصة، وخاصة أني قمت ببيع ذهبها عند بناء منزلنا، فأرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الوصية لها فكما ذكرت فلا وصية لوارث إلا إن أجازها الورثة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأما الهبة فيجوز لك أن تهب لزوجتك شيئاً من مالك، وراجع في الهبة للزوجة الفتوى رقم: 52512.
وإن كان ترددك في أمر الهبة لها بسبب ما أمر به الشرع من العدل بين الزوجات، فالزوجة الأولى لم تعد زوجة لك بعد أن طلقتها، وبخصوص نصيب ابنتك من البيت إن ماتت أمها فهو النصف فرضاً، وإن لم يوجد عاصب أخذت الباقي رداً، فتبين أنها لا تأخذ التركة كاملة في كل حال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1429(12/4817)
لا يستحق المنحة من لم تنطبق عليه شروط الجهة المانحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب دراسات عليا (دكتوراة) وقد أنهيت مناقشة
رسالتي للدكتوراه وحاليا أقوم بعمل التصحيحات المطلوبة من قبل لجنة المناقشة وفي أحد الأيام أخبرني المشرف على رسالتي بأن لديه مشروعا وحصل على دعم مالي من إدارة الجامعة وقال لي إذا تريد مساعدة سأعطيك من الدعم المالي لهذا المشروع فقلت له لا أريد لأن لدي دعما ماليا من جامعتي التي أرسلتني للدراسة وبعدها تأزمت العلاقة بيني وبينه وفجأة وفي أحد الأيام طلب مني بواسطة أحد الطلاب أن أوقع على طلب المساعدة المالية فاستغربت واضطررت للتوقيع لكي لا يؤذيني وفعلا بعد التوقيع أبدى حسن المعاملة لي. ولكي أعرف السبب سألت بعض الطلاب الذين يستلمون مثل هذه المساعدات المالية التابعة للمشاريع فقال لي أحدهم بأنه يبدو أن مشرفك سجل المشروع باسمك وحدك أو مع آخرين ولهذا يريدك أن توقع على طلب المساعدة المالية لكي يذهب هذا الطلب إلى الجهات المختصة من أجل إثبات وجودك في المشروع. وللعلم فقد سجل لي المشرف في الطلب الحصول على مساعدة مالية لمدة ثلاثة أشهر تبدأ من يناير وتنتهي في هذا الشهر مارس وإلى الآن لم أستلم أية مبالغ. والسؤال هو هل يجوز لي استلام أي مبلغ إ ذا تم صرفه باسمي أم لا يجوز؟ مع العلم أن المشرف لم يكلفني بأي عمل ضمن هذا المشروع.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا منحت جهة منحة بشروط فلا يستحقها أحد حتى تتوفر فيه هذه الشروط.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن استحقاقك لهذا المبلغ من عدمه راجع إلى شروط الجهة التي تبذل هذا المال؛ لحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أحمد.
فينظر في شروط استحقاق الطالب المبلغ، وهل يلزم أن يؤدي الطالب عملا ما أم أن المبلغ مجرد مساعدة للطالب ولو لم يبذل أي عمل؟
ومعرفة هذه الشروط ممكنة بسؤال إدارة الجامعة أو من هو مخول من قبلها بالتصرف في المبلغ.
وعلى ضوء معرفة شروط الجهة المانحة يعرف السائل هل يحل له استلام المبلغ بدون عمل أم لا؟ وهل الدكتور المشرف عليه مخول بالتصرف في المال حسب ما يراه أم لا؟ وفي حال كان ذلك لا يحل له وتم صرف المبلغ فإنه يلزمه رده إلى الجهة التي صرفته إن أمكنه ذلك؛ وإلا صرفه في مصالح المسلمين العامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1429(12/4818)
لا يجوز للأمر إيثار بعض أولادها دون بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أبلغ من العمر 47 سنة عملت كثيرا وتغربت أخذت مني أمي بعض الفلوس أنا وأخي واشترت بيتا وبعد مدة أصبح ثمن البيت مرتفعا جدا جدا وتريد أن تعطي كل شيء إلى أخي الصغير وأن تحرمني من كل شيء علما أنني لا يوجد عندي بيت فأرجو منكم أن تقولوا لي ماذا أفعل علما بأنه كل ما أتكلم معها تغضب علي وإذا لم أتكلم معها أصبح في الشارع أنا وأولادي علما بأن حالتي المادية ليست جيدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب على الولد بر أمه واحترامها، وليس لها هي أن تؤثر عليه بعض إخوته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن تعلم أولا أن من واجبك بر أمك والإحسان إليها على كل حال؛ فالله تعالى أمر بذلك في قوله سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء: 23} . وقوله سبحانه: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا {الأحقاف: 15} إلى غير ذلك من الآيات الدالة على وجوب بر الوالدين.
ومع كل هذا فلا يجوز للأم أن تؤثر بعض أولادها على البعض، ولا أن تعطي أحدهما مال الآخر.
ولكن ما ذكرته من أنها أخذت منك ومن أخيك بعض الفلوس واشترت بها بيتا فليس فيه عليها من حرج، وهي بذلك تكون مالكة للبيت إذا كانت اشترته لنفسها.
ويحسن بها أن تسمح لك بالسكن معها فيه إذا كان يتسع لكما، ولا يجوز أن تؤثر به أخاك.
وعلى أية حال، فننصحك بحل المسألة معها بشكل لا يثير غضبها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1429(12/4819)
من شروط لزوم الهبة وتمامها القبض
[السُّؤَالُ]
ـ[توضيح حالتي التي أريد أن تفتوني فيها جزاكم الله عنى وعن المسلمين خيرا
إن زوجي مسافر منذ حوالي 15 سنه وأنا معه في الغربة منذ حوالي 9 سنوات الله رزقنا ثلاثة أطفال ولدين وبنتا أعمارهم على التوالي 11، 8، 4،سنوات الله رزقنا بيتا من طابقين وهذا حصيلة الكد والغربة ويعتبر هذا البيت بيت الزوجية وليس لنا غيره فكرنا أنا وزوجي أن نوهبه باسم الأطفال وأن نكتب أن هذا لأولادنا جميعا لعل الله يرقنا بنات أو أولاد آخرين هل لكى لا نظلم أحدا استفساري هنا الذي خطر على بالنا أن زوجي له أم وأخوات ذكور وإناث مع علمنا أن شريعة الله أن الإنسان الذي يولد له ذكور ليس لإخوته شيء سواء ذكور أو إناث العبرة في وجود الأم يعلم ربنا أننا لا نقصد حرمانها فإنها لديها شقة ومحل ملك وزوجي لا يقصر في الإنفاق عليها وهي تعترف بذلك دون إخوته الذين يتجاهلون المصاريف عليها او حتى على أنفسهم يعتبر زوجى قائم على المصاريف ولوساهموا ساهموا بالقليل العبرة التى نريدها انا وزوجى من كتابة البيت باسم الأبناء جميعهم هو تأمين البيت لهم والاطمئنان عليهم بعد وفاتنا إن قدر الله تعالى "كل نفس ذائقة الموت " وزوجى يقول إنه متغرب علشان الأولاد وإلى الحين لن نستقر فى الوطن لكى يرزقنا الله ونؤمن للأبناء ما يحتاجونه ونيتنا لا نريدهم يطلعوا مثلما طلعنا نحن تعبانين ماديا مما أثر على مستوى التعليم نريد أن يكونوا فى مستوى تعليمى يرقى بهم كمسلمين ولا ترهقهم الحياة بالمصاريف نريد ان نؤمن السكن لهم ولا ينازعهم فيه أحد بعد التعب والكد لأنهم عانوا مثلي ومثل أبيهم من الغربة وقلوبنا أحيانا تتألم عليهم لأنهم محرومون من أشياء كثيرة في الغربة بعكس الأطفال الذين في أرض الوطن أفتونى جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أنك تقصدين الوصية لهم بالبيت بعد وفاتكما لأن الهبة المعلقة بالموت وصية، ولا اعتبار لتسجيل البيت باسمهم الآن، ومن شروط صحة الوصية ألا تكون لوارث، والأبناء من الورثة.
وأما لو أردتما هبة البيت للموجودين بالتساوي وتم قبضه منهم أو من وليهم بالنيابة عنهم إن كانوا صغارا وأشهد بها على ذلك فالهبة صحيحة ولا حرج في ذلك؛ لأن من شروط لزوم الهبة وتمامها القبض، فإن لم يتم القبض قبل موتكما فإنها تبطل، ويكون البيت تركة.
ولمزيد انظر من الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35615، 63684، 51923، 66872.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1429(12/4820)
حكم هبة الأم ثمن دارها لأبنائها دون بناتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للأم أن تبيع داراً خاصة بها وإعطاء مبلغه للذكور من أولادها لغرض شراء حصة البنات في تركة والدهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لأحد الوالدين أن يخص بالعطية بعض ولده دون الآخرين؛ لأن هذا خلاف ما أمر الله به من العدل في كتابه وخلاف ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم من العدل بين الأولاد، كما ذكرناه في الفتوى رقم: 3658.
وعليه، فلا يجوز للأم المشار إليها أن تعطي أولادها الذكور من مالها ولا تعطي بناتها، بل عليها أن تعدل في العطية فتعطي البنين والبنات، ثم إذا شاءت البنات بعد ذلك أن يبعن نصيبهن من الميراث لإخوتهن فلهن ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1429(12/4821)
حكم الهبة على سبيل الحيلة لحرمان بعض الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شرعا أن يهب الأب جميع ثروته كاملة لأولاده البنات فى حالة عدم وجود أبناء ذكور حتى لا يورث أبناء إخوته وذلك عن طريق عقود البيع والشراء؟ وما هي الآية القرآنية التي تنص على توريث أبناء الأخ في تركة عمهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز في الأصل أن يهب الأب جميع أمواله لأولاده، وتكون هبة صحيحة إذا ملكهم إياها في حياته وفي حال صحته وصاروا يتصرفون فيها تصرف المالك، ولكن لا ينبغي فعل ذلك على سبيل الحيلة لحرمان بعض الورثة كأبناء الأخ أو غيرهم، جاء في عمدة القاري لبدر الدين العيني عن محمد بن الحسن تلميذ أبي حنيفة رحمهما الله قال: ليس من أخلاق المؤمنين الفرار من أحكام الله بالحيل الموصلة إلى إبطال الحق.
وقد نص العلماء على أن الحيل محرمة في الشريعة وأنها من أفعال اليهود التي استحقوا بها اللعن، وأن النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعا كانت الأفعال موافقة أو مخالفة؛ كما نص عليه الشاطبي في الموافقات وقال عن الحيل: حقيقتها المشهورة تقديم عمل ظاهر الجواز لإبطال حكم شرعي وتحويله في الظاهر إلى حكم آخر، فمآل العمل فيها خرم قواعد الشريعة في الواقع كالواهب ماله عند رأس الحول فرارا من الزكاة فإن أصل الهبة على الجواز.... صار مآل الهبة المنع من أداء الزكاة وهو مفسدة ولكن هذا بشرط القصد إلى إبطال الأحكام الشرعية انتهى
وهذا ينطبق تماما على حال السائل فإنه يريد أن يهب أمواله لبناته وهذا جائز في الأصل؛ لكنه قصد بذلك حرمان بعض الورثة وهذا حرام، ولا شك أن أبناء الأخ هم من جملة الورثة، والدليل على توريثهم جاء في السنة في قوله صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر. متفق عليه. وانظر الفتوى رقم 66564، والفتوى رقم: 71872، والفتوى رقم: 75564.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1429(12/4822)
كتابة المنزل بيعا لبعض الأولاد دون بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[أرملة لها ثلاث بنات وأربعة ذكور بعد أن أخد الجميع ميراثه في حق والدهم، اشترت الأم منزلا جديدا وعاش معاها اثنان من الذكور في نفس المنزل هم وأبناؤهم، أما الأخرون فلكل واحد والحمد لله منزله وحالتهم المادية ميسورة، مما اضطرها إلى كتابة المنزل بيعا إلى الاثنين اللذين يعيشان معاها، خوفا عليهم مما قد يخلفه موتها من صراع بين الإخوة.
فهل ما قامت به هذه السيدة حرام أم حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود أن الأم باعت البيت لولديها بيعا حقيقيا في حياتها فهذا جائز ما دامت الأم رشيدة بشرط أن لا تكون قد باعته لهما بصورة تعتبر حيلة لهبة البيت للولدين دون سائر أولادها.
وأما إن كان المقصود أنها كتبت البيت باسمهما ليصير لهما بعد وفاتها فهذه وصية باطلة لا عبرة بها؛ لأنها وصية لوارث، ولا تنفذ هذه الوصية بعد موتها إلا إذا أجازها بقية الورثة.
وكذا إن كان المقصود أنها وهبت البيت لهما في حياتها فهذه هبة باطلة على الصحيح من أقوال العلماء؛ لأنه لا يجوز تفضيل بعض الأولاد على بعض في العطية إلا لمسوغ شرعي، وليس ما ذكر من أن بقية الأولاد مستقلون في السكن ليس هذا مسوغا يبرر لها هبة البيت لهما دون سائر أولادها وانظر الفتويين رقم: 71524، 75782.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(12/4823)
رد الهدايا للمهدي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت أرتكب الكثير من المعاصي والآن تبت من بينها أنني كنت آخد مالا من رجل كان يريد الزواج بي ولكن كنت دائما أقول له الزواج إن أراد الله كان يعطيني المال والهدايا بدون أي شئ أبدا لكن نيته يعني أنني عندما أتزوج به لن أحتاج شيئا ولا أدري ما حكم هذا إن لم يكن من نصيبي هو هل يجب علي إرجاع له المال علما بأنني لا أدري مقداره ولا أشتغل ولا أقدر على سداده؟ وهل يجب علي في المستقبل إن اشتغلت أن أرده له أرجو الرد لأنني بصراحة لا أريد الزواج به ولا أتحمل أن أتزوج به؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يلزم رد الهدايا ما لم يكن المهدي قد اشترط بها غرضا لم يحصل عليه. وما أهدي منها لنيل غرض غير مشروع فإنه يجب التخلص منه يصرفه في شيء من وجوه البر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يتوب عليك وأن يتقبل توبتك، وأن يعينك على الثبات عليها.
وفيما يخص موضوع الهدايا التي كنت تأخذينها من ذلك الرجل فإنه إما أن يكون أهداها إليك لينال منك ما ذكرت أنك كنت ترتكبينه من المعاصي، وإما أن يكون أهداها لك لمجرد حصول الألفة وتوطيد المحبة بينك وبينه لما يأمله من الزواج بك، وإما أن يكون أهداها لك مشترطا بها الزواج منك.
ففي الحالتين الأوليين لا يلزمك ردها إليه، إلا أنك في الحالة الأولى يلزمك التخلص من مثلها في بعض وجوه البر متى قدرت على ذلك؛ لأن ما أخذ بوجه غير مشروع لا يجوز تملكه.
وأما الحالة الأخيرة فإن من حقه أن يسترجع منك ما كان قد صرفه إذا لم يتحقق الشرط الذي صرفه من أجله.
وفي ما يخص جهلك لقدر هذه المبالغ فإن عليك أن تبذلي ما يغلب على ظنك أنه محتاط بها، إلا أن يرضى هو بأقل من ذلك في الحالة التي قلنا برد المال إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(12/4824)
هل يرد العطية إذا لم يكن محتاجا إليها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنا نعيش أنا وإخوتي الأربعة وأمي علما بأن أبي متوفي ودخلنا هو 90 دولار، وكنا كلنا ندرس فلم تكن تكفينا فجاء رجل صديق أبي قال لنا كل شهر 100 دولار لكم وهو يعطيها لنا كل شهر إلى الآن ولكن إخوتي تخرجوا وأصبحوا يعملون وبقيت أنا وأمي في البيت لوحدنا وما زال يعطينا إياها لكن إخوتي لا يعطونا لأن كل واحد له مصاريفه، فهل أطلب منه أن يقطعها أو أنا أهل لهذه العطية لأننا في بلاد الغربة وأنا مازلت أدرس؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من أعطي مالاً من غير استشراف إليه لم يكن عليه حرج في أخذه ولو لم يكن محتاجاً إليه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن جاءه مال بغير مسألة منه فأخذه فلا حرج عليه، لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت عمر يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء، فأقول: أعطه من هو أفقر إليه مني، فقال: خذه إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك. متفق عليه.
وعليه فلا حرج عليكم في أن تستمروا في أخذ هذا المال، ولو كان بعضكم أو كنتم جميعاً في غنى عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(12/4825)
حكم تفضيل الابن على إخوته البنات في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[والدة زوجتي لديها ابن وأربع بنات وزوجها متوفى. باعت المنزل الذي كانت تسكنه بمبلغ مليونين وتسعمائة ألف ليرة سورية أعطت منها مليوناً وأربعمائة ألف لابنها أي النصف تقريباً بحجة أن والده أوصى بذلك. والآن تريد أن تبيع البيت الذي تسكنه لإحدى بناتها وتعطي ابنها أيضاً نصيبه على قاعدة (للذكر مثل حظ الأنثيين) . في المرة الأولى بناتها وافقن على العطية ولكن في المرة الثانية لا يوافقنها الرأي لأن هذه ليست وراثة وقد أخذ نصيبه وزيادة في المرة الأولى.
ما الحكم في ذلك جزاكم الله خيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما فعلته والدة زوجتك لا يصح شرعا؛لأنه إما أن يكون وصية لوارث أو تفضيلا لبعض الأبناء على بعض دون مسوغ شرعي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما فعلته والدة زوجتك لا يصح ولا يمضي ولو كان بناء على وصية زوجها؛ فتفضيل بعض الأبناء على بعض دون مسوغ لا يجوز، وتفضيل الذكور على الإناث من أعمال الجاهلية الذي يجب على المسلم أن يبتعد عنه، كما أن الوصية لا تصح لوارث إلا إذا أجازها الورثة بطيب أنفسهم وكانوا رشداء بالغين.
ولهذا فإن كان المنزلان المذكوران من تركة زوج أم زوجتك فالواحب عليها أن تتقي الله تعالى وتضمهما إلى جميع ممتلكات زوجها ليقسم الجميع على ورثته.
فإن كانوا محصورين فيمن ذكر فإن لزوجة الميت الثمن لوجود الفرع، وما بقي بعد فرضها يقسم بين أبنائه وبناته تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين.
وإن كان المنزل ملكا خاصا بها فلها أن تتصرف فيه، لكن يجب عليها أن تسوي بين أبنائها وبناتها في العطية- على الراجح من أقوال أهل العلم- كما سبق بيانه في الفتوى: 6242.
وإذا تنازلت الأخوات أو بعضهن عن حقهن برضاهن وطيب أنفسهن وكن بالغات راشدات فلا مانع من ذلك وتصح الهبة.
وللمزيد انظر الفتاوى: 102839، 74406، 97751.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1429(12/4826)
رجوع الأب في هبته لولده إذا تعلق بها حق للغير
[السُّؤَالُ]
ـ[البداية عندما طلبت من عمي (شقيق الوالد ,وحماي في نفس الوقت) ,شراء سطح منزله فرفض البيع وأعطاني إياه كهبة بشرط أن يتم تسجيل الشقتين التين كنت أنوي بناءهما باسم زوجتي التي هي ابنته فوافقت ولم يكن له أي شروط أخرى علما بأنه أخبرني بأن أحد أولاده وبناته لم يمانع في ذلك بدأت العمل مند خمس سنوات وأكثر بالبناء وقد استحكمت على الشقتين وقاربت على الانتهاء على أن اسكن إحداها وأقوم بتأجير الأخرى وتحسين الدخل ولم يبقى سوى القليل من التشطيب فحضر مستأجر واستعد إكمال إحداهما والسكن مقابل الإيجار (علما يا إخوان أنني لم أقم بتسجيل العقار وبقي باسمه ولم يتنازل عن السطح لابنته حسب الاتفاق) فأبلغني بأنه لا يمكنني تأجيرها وأنه سوف يأخذها لابنه مقابل أن يرجع لي ما تكلفته على الشقة فرفضت الأمر أنا وكذلك ابنته فقام بالإكراه والتهديد بأنه سوف يأخذ الشقتين ولن يسجل أي منها فوافقنا والله العظيم بالإكراه خوفا من أن يضيع تعبي أنا وابنته (علما يا إخوان أنه يملك في نفس العمارة ثلاث شقق) ولم يكن يملك المال لإعطائي حقي فقام ببيع إحدى الشقق التي يملكها لشخص غريب ,وأرجع المال لي وحجته في الأمر أن الأسعار ارتفعت وأنه ندم على إعطائنا السطح كاملا وأن ابنته لا تستحق حسب الشرع سوى نصف سطح علما يا إخوان بأن إحدى بناته قد قامت بالبناء فوق الشقتين التي بنيتهما وحصلت على السطح كاملا علما بأنني عرضت عليه عندما أخبرنا بأن ابنته لها فقط نصف سطح عرضت عليه الشراء بالسعر الذي يطلبه فرفض. وسنده في ذلك بأن الشارع الكريم يسمح له باستعادة ما وهبه للابن فهل يحق له ذلك بعد استحكامنا على السطح الفارغ وقمنا بالبناء وهل الضرر الذي حصل معي وتعطيل مالي لمدة أكثر من خمس سنوات والارتفاع المخيف في أسعار مواد البناء والأجور خلال هذه الفترة وحرماني من الاستفادة منها بشيء آخر ليس له ثمن, وأن الأسعار ارتفعت عليه وعلي.
ملاحظة بأنه يسمح له ببناء دور آخر وأنا لم أقم بالتعطيل على ابنه بالبناء؟ أفتونا أثابكم الله وكيف أتصرف بمصيبتي جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يحق للأب الرجوع في هبته لولده إذا تصرف الولد في الهبة ببناء وغرس ونحوهما أو تعلق بها حق الغير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الوالد في السؤال المعروض قد وهب لابنته سطح منزله ثم رجع عن هبته بعد أن أحدثت البنت عن طريق زوجها أو غيره في هذه الهبة بناء، أو تعلق به حق الغير كالزوج في المثال المذكور فلا يحق له الرجوع عن هذه الهبة.
جاء في المبسوط: وإن كانت الهبة دارا أو أرضا مبتنى في طائفة منها فلا رجوع له من شيء من ذلك. انتهى
وعليه فيلزم الأب رد الشقة التي أخذها من ابنته وزوجها لنفاذ الهبة وعدم صحة رجوعه فيها، وإن اصطلحوا برضى منهم على أخذ عوض ما بني فلا مانع. بشرط أن يتم ذلك بطيب نفس منهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1429(12/4827)
من حصل على مكافأة لا تنطبق شروطها عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتركت قبل ثمان سنوات في مسابقة دولية في حفظ القرآن وتجويده، وكانت الشروط المشترط توفرها في المشترك متحققة فيّ إلا شرطا واحدا، وهو ألا يكون المتقدم للمسابقة من القراء المشهورين في بلده أو ممن يعمل في مجال تدريس التلاوة والتجويد، وأنا كنت أعمل مدرسا للتلاوة والتجويد في أحد المؤسسات التعليمية، ومع ذلك تقدمت للمسابقة، وبقيت طيلة أيام المسابقة أحاول إخفاء أمري وطبيعة عملي، علما بأنني قد فزت في المسابقة وحصلت على جائزة مالية كبيرة. كما أنه قد توجه إليّ سؤال من لجنة التحكيم بعد إنهائي للقراءة والتسميع أمامها عن عملي، فقلت للجنة بأنني لا أعمل؛ حتى لا يكشف أمري وأخسر المسابقة وحقي في المشاركة فيها، وحتى لا تعاقب البلد التي خرجت منها فتحرم من الدعوة للمشاركة في السنة التالية، علما بأن جوابي هذا بأنني لا أعمل لم أكن أقصد منه الكذب، وإنما كان عقدي المبرم مع المؤسسة التي أعمل فيها قد انتهى ولم أكن بعد قد وقعت العقد الجديد، وبناء على ذلك قلت بأنني لا أعمل، بناء على أنني حينذاك من الناحية الرسمية أو القانونية لست موظفا أو متعاقدا مع تلك المؤسسة، فأنا في ظاهر الأمر لا أعمل وإن كنت في الحقيقة أعمل؛ لأن المؤسسة لم تفصلني أو تستبدلني بغيري، وبعد عودتي من المشاركة في المسابقة أبرمت العقد الجديد مع المؤسسة وواصلت العمل فيها. فما الحكم الشرعي في مشاركتي في المسابقة ابتداء وما أجبت اللجنة التحكيمية به؟ وأهم من ذلك، ما الحكم الشرعي في المبلغ المالي الذي حصلت عليه من المسابقة؟ علما بأنني قد تصرفت في أكثره، فمنه ومن راتبي ومن أموال أخرى حصّلتها من مسابقات مشابهة تزوجت واشتريت قطعة أرض وسيارة وأكملت دراستي وأنفقت والحمد لله.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا تجوز المشاركة في المسابقة لمن لم تتوفر فيه الشروط المطلوبة لها. ومن أخذ بمشاركته جائزة ليست من حقه فعليه تسليمها لمن هو مستحق لها فعلا، فإن تعذر عليه معرفته والوصول إليه فعليه التصدق بقيمتها بنية الأجر لصاحب الجائزة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد دلت النصوص الفقهية على وجوب الالتزام بشرط الواهب إذا كان لا يخالف الشرع. جاء في الحديث الشريف: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود.
وعليه، فكان من الواجب أن لا تشارك في المسابقة المذكورة، طالما أن من الشروط المطلوب توفرها في المشترك أن لا يكون ممن يعمل في مجال تدريس التلاوة والتجويد، وأنت ذكرت أنك تعمل مدرسا للتلاوة والتجويد ...
فأنت بهذا الاشتراك قد أخذت جائزة ليست من حقك، ولو أمكن إرجاعها إلى من هي له كان ذلك هو المتعين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم قال: " على اليد ما أخذت حتى تؤديه " رواه أحمد. قال شعيب الأرنؤوط: حسن لغيره.
وإذا كان إرجاعها لمن هي له متعذرا لأنه مجهول ولا سبيل إلى معرفته، فالذي نراه فيها هو أن من واجبك أن تتصدق بقيمتها بنية الأجر لصاحبها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(12/4828)
من آثر بعض الأولاد دون مسوغ كان للبقية المطالبة بالمشاركة
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقتي وهبتها أمها شيئاً من الحلي برضا منها، وبعد وفاة الأم رحمها الله، رفضت أخواتها ذلك وطالبنها بما وهبتها الوالدة من ذهب، هي تسأل عن حكم الشرع في ذلك وما يتوجب عليها فعله لإرضاء الله تبارك وتعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
التسوية بين الأولاد في العطية واجبة ولا يجوز العدول عنها إلا لمسوغ، ومن آثر بعض الأولاد دون مسوغ كان للبقية المطالبة بالمشاركة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التسوية بين الأولاد في العطية واجبة على الآباء والأمهات؛ لحديث: واتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم. رواه البخاري ومسلم. فإن وجد مسوغ شرعي للمفاضلة فلا مانع منها كأن يكون الولد فقيراً أو محتاجاً أو يكون في غيره فسوق، وإلى هذا ذهب طائفة من أهل العلم، جاء في الإنصاف: إن أعطاه لمعنى فيه من حاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عائلة، أو منع بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يعصي الله بما يأخذه ونحوه جاز التخصيص. انتهى.
وعليه؛ فإذا لم يكن للأم مسوغ في تخصيص صديقتك بما خصصتها به من الحلي فمن حق بقية أولادها أن يشاركوها في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(12/4829)
حكم حمل الموهوب له على التنازل عما وهبه له أبوه بمسوغ معتبر
[السُّؤَالُ]
ـ[كان أبي يملك أربعين دونما
وقام بالتنازل لأخي عن ستة دونمات قبل وفاته بداعي أنه لم يكمل تعليمه وأن إخوته قد أكملوا تعليمهم وبالتالي هذا بدل التعليم.
توفي أبي وإخوتي يطلبون من أخي صاحب الستة دونمات أن لا يشاركهم بقسمة التركة من الأرض بداعي أنه أخذ حصته وافق أخي ولم يأخذ نصيبه من الأرض وتنازل لنا به واعتبر أن ما عمله الوالد رحمه الله وهو إعطاؤه حصته بداعي أنه غير متعلم ويعتني بالأرض بنفسه من دون الحاجة لمشاركة إخوانه الذين لا يعتنون بالأرض هل أوافق على ما عمله أخي أم هل أرجع له حصته؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل أن تفضيل الأب لبعض أبنائه في الهبة دون البعض الآخر لا يجوز، إلا أن يكون له مسوغ؛ ككثرة العيال والاشتغال بطلب العلم دون البقية، ونحو ذلك ... ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 6242.
وهذا يقتضي أن الأب إذا آثر من آثره منهم لموجب مسوغ لذلك فليس لمن لم يتوفر فيه ذلك الموجب أن يعوض له عما أعطي لغيره.
فما قام به أبوك من التنازل لأخيك عن الدونمات الستة قبل وفاته بداعي أنه لم يكمل تعليمه وأن إخوته قد أكملوا تعليمهم، فإن كانوا قد أكملوا تعليمهم بصرف الأب عليهم ولم يكمل هو تعليمه وبالتالي فما صرف عليهم أكثر مما صرف عليه فإننا نرى أن ذلك يعد مسوغا كافيا لتفضيله عليهم بالدونمات الست، وبالتالي فإن هذا الأخ يكون مشاركا لبقية الورثة في جميع ما يورث على الأب من أرض أو غيرها، ولا ينبغي لإخوانه السعي في حمله على التنازل عن هبة وهبها له أبوه بمسوغ معتبر شرعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(12/4830)
حكم قبول المعلمة هدايا طلابها
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي معلمة وقد يأتيها بعض التلاميذ سنهم حوالي 10 سنوات أحيانا بهديّة كقلم أو ما شابه ... في السابق كانت تأخذه إن كانت تحس أن دافع التلميذ ليس إلا المودة لا الرشوة ... إلا أننا سمعنا من أحد المشايخ رفض ذلك في الشرع قائلا كلاما لست أدري إن كان حديثا هو كالآتي ## لو بقيت في بيت أهلك ## أي لو لم تكن لك هذه الوظيفة والمنزلة هل كانت سيفكر هذا الفتى أو البنت في إهدائك إلى جانب التعلل أن هذا الأمر قد يؤدي إلى المفاضلة بين التلاميذ ... وهذا الرفض أصبح يحز في نفس التلميذ إلى درجة البكاء أحيانا....
أفتونا أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
لا مانع من قبول المسلمة لهدايا تلاميذها ما لم يكن ذلك سببا لمحاباة بعضهم على حساب بعض أو كانت لا تؤدي عملها على الوجه المرضي إلا إذا أهدي لها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرشوة المحرمة هي ما يبذل لمن يحكم بغير حق أو يمتنع عن الحكم بالحق ويدخل فيها كذلك ما يأخذه الموظف مقابل قيامه بعمله الواجب عليه بمقتضى وظيفته التي يأخذ عليها أجرا.
فإذا فرض أن هذه المعلمة لا تقوم بواجبها على النحو المرضي إلا إذا بذلت لها الهدايا فإن الهدية في حقها رشوة محرمة ويصدق عليها حديث: من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فما أخذه من ذلك فهو غلول. رواه أبو داود
وكذلك يصدق عليها حديث عبد الله بن اللتبية المشار إليه في السؤال.
وأما إذا كانت المعلمة تقوم بعملها على وجه التمام والكمال ولا تحابي الطالب المهدي على حساب غير المهدي فمن أهل العلم من يرى أنه لا مانع من قبول هدايا أولياء الأمور التي يرسلونها مع أبنائهم خصوصا إذا كان ردها إلى الطالب يسبب حرجا في مشاعرهم كما ذكر في السؤال.
جاء في درر الحكام: الهدية في المال الذي يعطى لأحد أو يرسل إليه إكراما له وخرج بقيد الإكرام الرشوة لأن الرشوة لا ترسل إكراما بل تعطى شرط الإعانة أي تعطى توصلا بها إلى تلك الأغراض المتقدمة الذكر ولا تعطى لمجرد الإكرام والإجلال، ومع كل هذا فإذا أرادت أمك التورع والبعد عن موطن الشبهة فإن لها ذلك وعليها حينئذ أن تبين الأمر لطلابها بيانا شافيا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(12/4831)
المفاضلة بين الأولاد والبنات في الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[في عام 1985 اشترى أبي بيتا وكتبه باسمي واسم أخي الأكبر وقال إن هذا للأولاد، وهناك بيت آخر لكن أقل أرخص منه قال للبنات، ونحن أخوان وخمسة بنات ومنذ شهر تقريبا توفى أبي رحمة الله عليه، فهل هذا يعد ظلماً لأخواتي البنات؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز للأب أن يفاضل بين أولاده في الهبة إلا لمسوغ يجيز له ذلك، وإن فاضل بينهم دون مسوغ كان ظالماً لمن آثر عليه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الواجب على الآباء أن يسووا بين أبنائكم في الهبة، ولا يؤثروا بعضهم على بعض إلا لمسوغ، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 6242.
وعليه فالحكم على ما إذا كان الذي فعله أبوكم من إيثار الأولاد على البنات فيه ظلم منه للبنات يتوقف على معرفة ما إذا كان لفعله هذا مسوغ شرعي أم لا، وقد علمت مما ذكرناه أنه إن لم يكن له مسوغ كان ظلماً ولم يجز، وتجدر الإشارة إلى أن مجرد كتابة البيت باسم الأولاد أو البنات دون أن تحصل حيازة ممن وهب له قبل وفاة الأب لا يفيد ملكيته، وأما إذا تمت الحيازة للشيء الموهوب قبل حصول المانع فإنه يملكه من وهب له، لكن بشرط أن يكون للأب في ذلك مسوغ كما بينا، وإلا وجب رده إلى التركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(12/4832)
هبة الإنسان لذوي رحمه المحرم غير ولده لا رجوع فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أخت قامت بإعطاء أخيها قطعة ذهبية تقدر في وقتها بـ (425 دينار) عام 1977 على سبيل الهبة وبعد أن توسع الأخ قام بإعطائها المبلغ "ثمن القطعة الذهبية" رفضت وقالت إنها هبة لك وبعد مرور قرابة العشرين سنة أي عام 2008 طالبت هذه الأخت من أخيها ثمن القطعة الذهبية حيث بلغ سعرها الأن (3500 دينار) ، وبعد كر وفر قالت الأخت إنها تريد مبلغ (1000) دينار، فأرشدوني ماذ أفعل هل أدفع ثمنها عند استلامها هو (425) دينار أم أدفع (3500) ثمنها الحالي في السوق أم أدفع (1000) ما تطلبه أختي، مع العلم بأنها أعطتها لي هبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من وهب لذي رحم محرمه لا يجوز له الرجوع في هبته؛ إلا الوالد فيما وهبه لولده.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حق لأختك في الرجوع عن هبتها هذه، ولا يلزمك رد القطعة الذهبية ولا قيمتها ولا ثمنها إن كنت بعتها، والعلماء متفقون على عدم جواز الرجوع في الهبة لذي الرحم المحرم كالأخت والعمة ونحوهما باستثناء رجوع الأب عن هبته لولده بشروط مذكورة في كتب أهل العلم، وفي الحديث: لا يحل لرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يُعطي ولده. رواه أحمد وغيره.
جاء في المغني: فحصل الاتفاق على أن ما وهبه الإنسان لذوي رحمه المحرم غير ولده لا رجوع فيه. انتهى. ومع هذا فلو أردت أن تعطيها شيئاً من عندك فإن ذلك أمر مستحسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1429(12/4833)
الهبة التي لم يقبضها الولد الصغير في حياة والده
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل حملني مبلغا من المال كأمانة، وقد أوصاني أن أعطي هذا المال لولده العاجز حينما أراه يقدم على زواج أو أي أمر نافع، وبعد وفاة هذا الرجل أخذ أهله يطالبونني ويلحون في طلب هذا المال ويريدون أن يأخذوه بأي وسيلة، وقد رأيت في خالة هذا الولد صلاحاً، فدفعت إليها المبلغ وأخبرتها بما أوصاني به أبو الولد، وقد تعهدت هي بحفظ هذا المال بل واستثماره أيضاً، ثم لم أتابع الأمر بعد هذا، فهل أنا أديت الأمانه أم قصرت في حفظها، وإن كنت قد قصرت فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا وهب الوالد لولده الصغير هبة فقبضُ الوالد قبض عن الولد، فإذا مات الوالد قبل بلوغ ولده رشيداً فالهبة صحيحة نافذة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الوالد قد توفي والولد الموهوب له صغيراً فإن الهبة صحيحة نافذة ولو لم يقبضها الولد حتى مات الواهب، ولا حق للورثة أن يطالبوا برد هذه الهبة إلى التركة، جاء في الفروق كتاب الهبة 462: إذا وهب الأب لابنه الصغير شيئاً وأعلمه جاز، وإن لم يقبضه غيره للصغير منه، ولو وهب لابنه البالغ لم يجز، وإن كان في عياله ما لم يسلمه إليه، والفرق أن للأب ولاية على ابنه الصغير، فوقع قبضه له، ألا ترى أن أجنبيا لو وهب للصغير شيئاً فالأب هو الذي يتولى القبض، فإذا جاز قبضها من أجنبي جاز قبضها من نفسه، وليس كذلك البالغ.
وجاء في الأم: وإذا وهب الرجل لابنه جارية وابنه في عياله فإن كان الابن بالغاً لم تكن الهبة تامة حتى يقبضها الابن وسواء كان في عياله، أو لم يكن كذلك روي عن أبي بكر وعائشة وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم في البالغين وعن عثمان أنه رأى أن الأب يحوز لولده ما كانوا صغاراً فهذا يدل على أنه لا يحوز لهم إلا في حال الصغر.
فهذا في حيازة الوالد لولده الصغير، فإذا بالغ الوالد لولده في الاحتياط كما في الصورة المسؤول عنها فسلم الهبة إلى أمين ليدفعها إلى ولده كان هذا أبلغ في الصحة والنفاذ، وأما إذا كان الوالد توفي والولد بالغاً رشيداً ولم يتحقق منه قبض حتى مات والده فالهبة باطلة وترد إلى التركة، جاء في الفواكه: (وأما) ما وهبه لابنه (الكبير فلا تجوز حيازته له) وإنما يحوز لنفسه حيث كان رشيداً، وأما السفيه فقد قدمنا أنه كالصغير يحوز له أبوه، ويفهم من كلامه أنه لو وهب لابنه في حال صغره شيئاً واستمر حائزاً له حتى بلغ رشيداً ولم يحزه قبل موت أبيه أنها تبطل، وأما لو بلغ سفيها فإنه يستمر حائزاً له، واختلف لو بلغ الصغير وجهل بعد بلوغه واستمر أبوه حائزاً حتى مات، فهل يحمل على السفه فلا تبطل أو على الرشد فتبطل؟ لعدم حيازته لنفسه بعد بلوغه قولان. انتهى.
وجاء في المنتقى: قلت: فإن وهب الأب لولده -وهم صغار- ثم أشهد لهم، أهو الحائز في قول مالك؟ قال: نعم، قلت: فإن بلغوا فلم يقبضوا حين بلغوا هبتهم أو صدقتهم حتى مات الأب، أيكون أولى بها في قول مالك وتكفيهم حيازة الأب لهم إذا كانوا صغاراً أم لا؟ قال: قال لي مالك: إذا بلغوا وأنس منهم الرشد فلم يقبضوا حتى مات الأب فلا شيء لهم. قال: وما داموا في حال السفه وإن بلغوا فحوز أبيهم لهم حوز، وكذلك قال لي مالك: لأن السفيه وإن احتلم بمنزلة الصغير، يحوز له أبوه أو وصيه. انتهى.
وعليه، ففي الصورة الأولى يلزم السائل حفظ المبلغ وتسليمه للولد إن كان راشداً، وإن لم يكن راشداً حفظه له حتى يرشد، ولا يحق له تسليمه لخالة الولد لأن الوالد استودعه هذه الأمانة ولم يستودع غيره، وإذا تلفت أو ضاعت هذه الأمانة عند هذه المرأة فهو ضامن، كما لا يصح منه أو من غيره استثمار المبلغ المؤتمن عليه، فالأب أودع عنده المال ليدفعه إلى ولده ولم يأذن له باستثماره، وليس السائل ولا من وضع عندها المال بولي على الولد ولا بوصي عليه حتى يصح لهما تنمية مال القاصر واستثماره إن فرض أن هذا الولد ما يزال قاصراً، والتصرف في مال الغير لا يجوز إلا بولاية أو وكالة، وهذا المعنى غير موجود في السائل ولا في خالة الولد، وخلاصة القول أن السائل بدفعه المال الذي اؤتمن عليه إلى المرأة المذكورة قد فرط في الأمانة من حيث لا يشعر، وعليه أن يستدرك ذلك بأخذ المال وحفظه، وتنفيذ ما أمر به من قبل الوالد المتوفى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1429(12/4834)
شروط صحة هبة البيت للأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أكتب منزلي لابنتي الصغيرتين قبل مماتي حيث إنني لم أنجب أولادا ذكورا.
أنا امرأة متزوجة ولدي بنتان صغيرتان أعمارهن 9 سنوات و8 سنوات وإحداهن لديها إعاقه حيث إنها مصابة بشلل دماغي يفقدها القدرة على الحركة وكذلك فهي عديمة الأهلية حيث إن عقلها وتفكيرها لا يتناسب مع عمرها الحالي ولدي منزل ملك لي ومسجل باسمي وقد بنيته أنا وزوجي من مالنا الخاص الذي رزقنا به الله خلال السنوات الماضية. وقد وافق زوجي أن أكتب المنزل لابنتي قبل مماتي حيث إنه قال تعالى (كل نفس ذائقة الموت) والهدف من تسجيل البيت لهن لتأمينهن وخاصة أن البنت المريضة لا تستطيع اخذ حقوقها بنفسها، وهل من الضروري أن أخبر والدتي وإخواني وأخواتي وأحصل على موافقتهم بهذا الإجراء قبل القيام به حتى لا أقع في الحرام حيث إنني كما علمت بأن المرأة التي ليس لها أولاد ذكور يرثها إخوتها وأخواتها بعد مماتها علما بأنني لا أقصد بهذا الإجراء الوصية وإنما تسجيل المنزل في دائرة الأراضي والمنازل لابنتي وبشكل رسمي.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا تصح هبة البيت الذي تسكنه الأسرة إلا بإخلائه من أمتعتها، وتصح الهبة للبنات بشرط أن لا تعلق على الموت، وأن لا يقصد منها حرمان الورثة من حقهم في الإرث.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن البيت الذي تسكنه الأسرة لا تصح هبته إلا إذا أخلوه من أمتعتهم وسكنوا غيره؛ لأن الهبة لا تتم إلا بحوز الموهوب له أو الحيازة له في حياة الواهب. وسكن الواهب للبيت يتنافى مع تحويزه للموهوب له، اللهم إلا أن يسكن الواهب أقله ويكري الباقي لصالح الموهوب له، ففي هذه الحالة تصح الهبة. قال الشيخ خليل بن إسحاق –رحمه الله تعالى- عاطفا على ما لا تصح هبته: ... ودار سكناه, إلا أن يسكن أقلها ويكري له الأكثر. وإن سكن النصف بطل فقط, والأكثر بطل الجميع. اهـ
وإذا أخليتم البيت المذكور من أمتعتكم، أو سكنتم أقله على التفصيل المبين فلا حرج في هبته للبنتين بشرط أن لا يقصد بذلك حرمان الورثة من الإرث، وبشرط أن تكون الهبة نافذة، لا أن تكون معلقة على موتك؛ لأنها بذلك تكون وصية، والوصية للوارث لا تصح؛ لما روى الترمذي وأبو داود وابن ماجه من حديث أبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا وصية لوارث".
وإذا توفرت شروط صحة الهبة فإنه ليس من الضروري أن تخبري والدتك أو إخوتك بذلك؛ لأن موافقتهم ليست شرطا لصحة الهبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(12/4835)
الهبة إذا لم تتم حيازتها في حياة الواهب
[السُّؤَالُ]
ـ[كان أبي رحمه الله قد اشترى أطيان زراعية في "أبوحمص" بحيرة عبارة عن 175 فدان، وقد قام بنقلها بموجب مكلفة باسم أختي (غير شقيقة) . وعندما رزق بي بعد ذلك قام بإبرام وصية أوضح فيها أن هذه الأطيان قد تم شراؤها من ماله الخاص، وبموجب ولايته الطبيعية علي أنا وأختي فإنه أوصي بأن تكون هذه الأطيان مناصفة بيني وبينها وأنه سوف يعمل على تسجيلها عندما تسمح الظروف. ولكن حال قانون الإصلاح الزراعي دون ذلك، حيث نص على أن الحد الأقصى للملكية مائة فدان، وبالتالي لما حاولت أختي (رحمها الله) أن تبيع لي نصيبي من الأرض وتسجله لي حال هذا القانون دون ذلك. ونفس الوضع بالنسبة لأبي حيث كان هناك مكلفة أخرى باسمه عبارة عن 108 فدان وبرغم أنه كان قد باع من هذه الأرض ما مجموعه 97 فدان بعقود ابتدائية إلا أن المكلفة لم تكن تزال باسمه، وبالتالي بدا أمام القانون وكأنه يمتلك أكثر من مائة فدان وبالتالي لا يحق له التصرف في أي أطيان أخرى. وتوفى أبي والوضع على ما هو عليه، حتى قامت أختي بمحاولة أخرى لضمان حقي في الأطيان وإنفاذاً لوصية الوالد، حيث قامت بعمل عقد هبة بنصف الأطيان، وتم عرض هذا التصرف على ما يسمى بلجنة الفتوى المشكلة من وزارة الأوقاف بموجب قانون الإصلاح الزراعي للنظر والبت، وانتهت اللجنة برفض التصرف بزعم أنه "تصرف غير مستوف للأركان القانونية" حيث كان لأختي ميراث عن والدتها في منطقة النخيلة بصعيد مصر لم يكن قد تم حسم أمره وبالتالي كانت بموجب القانون حائزة لأكثر من النصاب القانوني ولا يحق لها أي تصرف. وشهدت الأوضاع جموداً عند هذا الحد حتى فجعنا بوفاة أختي وللأسف ترتب على ذلك انقطاع الصلة بيني وبين أبناء أختي حيث إنني كنت آنذاك صغيرا. ولم أنس طوال هذه السنين ما حاق بنا من جراء ذلك القانون اللعين وكنت أعتزم اتخاذ أي إجراء قانوني للمطالبة بتعويض عما لحق بي من أضرار ولاسيما أن هذا القانون قد ثبت عدم دستوريته بحكم من المحكمة الدستورية العليا في منتصف التسعينيات، حتى تلقيت اتصالا مفاجئا من ابنة أختي، حيث اكتشفت أن لها خالا إذ بالفعل لم تكن تعرف. واستمر بيننا التواصل عبر الهاتف حتى التقيتها في القاهرة في أجازتي في شهر سبتمبر الماضي، وكنا قد تحدثنا معاً في هذا الشأن وأوضحت لها ما حدث وكيف ضاعت هذه الأرض وكنت أعرف منذ زمن أن والدها، قد باع ما يقرب من مائة فدان بعد وفاة أختي. وعرضت على ابنة أختي أن نتعاون فيما بيننا على استرداد هذه الحقوق الضائعة والمتمثلة تحديداً في المساحة التي يفترض أن الاصلاح قد استولى عليها والتي تبلغ 75 فدانا على أن أتحمل أتعاب المحامي والإنفاق على القضية وما نغنمه يقسم بيننا بالتساوي ومعنا أخوها خالد. ووافقت ابنة أختي على هذا المبدأ ووقعت على اتفاق أعده محام وقد تضمن شرطا جزائيا بمليون جنيه لمن يحنث أو يتراجع. وانتهت الأجازة ولم ألتق ابن أختي لضيق الوقت، وتحدثت إليه أخته بعد سفري لينضم إلينا في هذه المساعي ويقوما معاً بعمل توكيل قضائي للمحامي، ولكن ابن أختي رفض وحذر أخته من المضي قدماً. وبناء على نصيحة ابنة أختي تكلمت مع أخيها تليفونيا وشرحت له وجهة نظري فبدا عليه الاقتناع، وطلب مهله للتفكير. وعلمت من ابنة أختي أنها تعرضت للوم شديد من والدها وأخيها بسبب التنسيق معي في الموضوع مدعين أنني ليس لي حق في الأرض وأنها تمثل ثروة هم أولى وأحق بها، وهنا أود تسجيل بعض الحقائق:
• إن العقد المسجل الذي تم نقل ملكية الأرض بموجبه من البائع إلى أختي قد وقع عليه أبي بصفته ولياً طبيعياً على ابنته (أختي) وقد دفع ثمن الأرض من ماله الخاص وكانت أختي آنذاك ما زالت "قاصرا"ً ولم أكن أنا قد ولدت بعد.
• بعد ولادتي قام أبي رحمه الله بعمل وصية تحت مسمى "إشهاد وإقرار" قرر فيها أن تكون الأرض مناصفة بيني وبين أختي رحمها الله وقد وقعت أختي على هذه الوصية، حيث كتبت كلمة "أوافق" ووقعت على ذلك.
• بذلت محاولات من جانب أبي وأختي لتسجيل الأرض باسمي ولكن حال دون ذلك قانون الإصلاح الزراعي.
• قامت أختي بعمل عقد هبة لي بنصف الأرض، إلا أن لجنة الفتوى التابعة للإصلاح الزراعي رفضت هذا التصرف.
ما أراه من ذلك هو أنني أصل في الموضوع وأبناء أختي ووالدهم يمثلون الفرع، فالمال في الأساس مال أبي فكيف ينكر علي حقي؟!
بناء عليه فهل بإمكاني رفع دعوى ضد الحكومة مطالباً بتمكيني من الأرض أو التعويض عما لحق بي من أضرار جسيمة جراء قانون الإصلاح الزراعي وهنا من المتوقع حدوث تصادم والدخول في نزاعات مع أولاد أختي لن نجني من ورائها إلا الخسران، وحتى الرابح فيكفي أنه لم يراع صلة الرحم وإذا ما تورط أي منا والعياذ بالله وأصبح قاطعا للرحم، فما قيمة أي مغنم أو مكسب في ظل هذا الإثم العظيم. لهذا أكتب إليكم وكلي أمل ورجاء أن توجهوا إلينا النصيحة إلينا نحن جميعاً أطراف هذه المشكلة وأن توجهونا إلى ما يجب عمله وتبنيه]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا لم تحز هبة الأب قبل موته فإنها تصير في حكم الوصية. وتسجيل الممتلكات باسم أحد الورثة لا يعطيه منها أكثر من حقه في التركة، وننصح بالرجوع إلى أهل الرأي والمعرفة لاستشارتهم في هذه القضية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فللرد على هذا السؤال يجدر أن نلاحظ ما يلي:
1. أن هبة الأب إذا لم تحز عنه في حياته فإنها تعتبر اعتبار الوصية، ولا يصح أن يوصي المورث لوارثه. وبالتالي فما تركه أبوكم يعتبر إرثا بينكم يجب قسمه على الفريضة الشرعية.
2. كون الأطيان الزراعية مكتوبة باسم أختك لا يعطيها فيها ولا لورثتها أكثر من حقها في التركة.
3. أن مثل هذه الأمور لا يصح أن يعتمد فيها على فتوى، وإنما الواجب أن تعرض على المحكمة الشرعية المختصة؛ لأنها هي المؤهلة للتحقيق في النزاعات، والبحث عن خفايا هذه الأمور، وهي التي يمكن أن ترد الحقوق إلى أصحابها.
4. أننا لا نملك الجواب عما إذا كان بإمكانك رفع دعوى ضد الحكومة مطالبا بتمكينك من الأرض أو التعويض عما لحق بك من أضرار؛ فتلك أمور محلية، وتابعة للنظم المعمول بها في البلد الذي فيه المسألة.
وكل ما نوصي به هنا هو السعي في حل الأمور بالحكمة، واستشارة أهل الرأي والخبرة في هذا المجال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1429(12/4836)
بنى لكل ولد غرفة ويريد أن يبني لأحدهم شقة كاملة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب 28 سنة لم أتزوج بعد ولي 3 إخوة وأخت واحدة كلهم والحمد الله متزوجون وكل واحد منهم قد تكفل أبى بنفقات الزواج من بناء مسكن كما هو متداول في ذلك الوقت أي قبل 30 سنة فقام ببناء مسكن يحتوى على غرفة واحدة وتكفل بنفقات الزواج، فأراد أبي أن يزوجني فقرر أن يبني لي مسكنا، كما هو متداول حاليا في عاداتنا ويتكفل بنفقات الزواج، فاعترض على ذلك بعض من إخوتي وطلبوا منه بناء غرفة واحدة مثل ما فعل لهم قبل 30 سنة، مع العلم بأن أبي قد قام بتقسيم كل ما يملك لتوفير العيش الكريم لهم وإخوتي لا يتكفلون بأي نفقات تتعلق بأبي، فهل يقوم أبى ببناء مسكن لي كما هو الحال عندنا أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليه أن يسوي بينك وبينهم فلا يزيدك عليهم ببناء شقة كاملة ولم يبن لهم إلا غرفاً، فالتفضيل بين الأبناء في الهبة والعطية محرم على الراجح، لما قد يؤدي إليه من حسد وعداوة بعض الأبناء لبعض، فليتق الله وليعدل بين أبنائه، لكن يمكن تطييب خاطرهم عن ذلك وإقناعهم بالحاجة اليوم إلى شقة كاملة ونحو ذلك مما يجلب التفاهم والتآخي. وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 79893، والفتوى رقم: 104914.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1429(12/4837)
هبة البيت للذكور دون البنات
[السُّؤَالُ]
ـ[أملك بعض العقارات والأطيان. بناتي بلغن سن الزواج فقمت بتجهيزهن على أحسن حال وزوجتهن. ثم بعد ذلك قمت أنا وبمساعدة أبنائي الذكور بشراء بيت، وقد ساهموا فيه بقدرٍ كبير وتحملوا معي سداد الديون التي نتجت عن شرائه. وأنا الآن أريد أن أخص أبنائي الذكور بهذا البيت، على أن تقسم بقية التركة بين أبنائي وبناتي كلهم للذكر مثل حظ الأنثيين. فهل هذا يعد ظلماً للبنات؟ وهل يجوز أن أكتب وصية بهذا؟ وما الحكم في حالة رضا البنات بهذا؟ وما الحكم في حالة رفضهن؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أنفقه أولادك في شراء البيت إن كان على سبيل المشاركة لك فهم شركاء في البيت، ولهم الحق في أخذ نصيبهم منه، ولا يدخل نصيبهم في جملة الميراث بعد مماتك، وإن خشيت أن يحرموا من نصيبهم بعد مماتك لكون البيت مسجلا باسمك، فاكتب وصية بأنهم شركاء في البيت فيأخذون نصيبهم من البيت شركة أولا، ثم يأخذون نصيهبم ميراثا أو أضفهم في سجل ملكية البيت.
وأما إن كان ما أنفقوه في شراء البيت أنفقوه على سبيل الهبة لك فالبيت كله لك، ولا يجوز لك أن تهب لهم البيت في حياتك دون البنات، كما لا يجوز إن تكتب لهم وصية بالبيت لأنها وصية لوارث وهي ممنوعة شرعا، وإذا كتبت وصية بذلك لم تصح إلا أن يرضى البنات بإمضائها بشرط أن يكن بالغات رشيدات، وكون الأبناء وهبوا لك مالهم لا يسوغ لك تفضيلهم على البنات أو كتابة وصية لهم. وانظر الفتوى رقم: 47572.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1429(12/4838)
مصرف المنحة المبذولة من الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن اسألكم عن سؤال يشغل بال بنت شهيد وجوابه عاجل من فضلكم أنا فى حيرة ... السؤال هو: أنا بنت شهيد أقبض منحة أنا وأخواتي البنات عندما توفي زوجي الدولة أعطت لي المنحة التي كانت تقبضها أمي المتوفاة الآن فهل أخواتي لهم حق فى هذه المنحة التي أعطتها لي الدولة لأن زوجي توفي ولم تعطها لأخواتي البنات اللواتي أزواجهن أحياء وإخوتي الرجال أم هي من حقي وحدي، فأرجو الجواب فى أسرع وقت من فضلكم وشكراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
المنحة المبذولة من الدولة تصرف حسب الشروط الخاصة بها ويعمل بموجبها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سؤال الأخت الكريمة غير واضح لنا تماماً، ولا ندري أتسأل عن منحة الشهيد أم منحة أخرى أعطيت لها بعد وفاة زوجها، وعلى كل حال فالمنحة التي تصرف لأبناء الشهيد الأصل أنهم في الاستحقاق فيها سواء ما لم تشترط الدولة المانحة شروطاً خاصة في المستحق، ولكي تعلم السائلة الصواب في المسألة يلزمها أن تسأل الجهة المانحة عن المستحقين لهذه المنحة وتعمل بموجب ذلك، لحديث: المسلمون على شروطهم ... رواه أحمد وغيره.
فإذا أفادت الجهة المعنية بأن المنحة حق خالص للسائلة فهي لها دون سائر إخواتها ما لم تطب لهم بشيء منها نفساً، وإن أفادت أن المنحة من حق الجميع فلا يحل للسائلة أن تستبد بها دونهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1429(12/4839)
كيف تنفع أحد ورثتك قبل موتك
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا علي بالتحديد، بالخطوات التفصيلية من فضلكم أن أفعل حتى أكتب وصية وأوصى فيها بعقار أملكه لزوجي، مع العلم بأن لي أخا واحدا، وأبي وأمي على قيد الحياة وأمي غير مسلمة وليس لي أطفال، فأرجو التوضيح بدقة هل أكتبها فى ورقة فقط، أم يجب الذهاب لمحامي حتى يتم الأخذ بها عند الوفاة أحسن الله ختامنا، أم ماذا، وهل يجوز لي كتابة العقار كله باسم زوجي، أم أنه لا يجوز إلا الثلث وإن كان ذلك كيف يقسم العقار؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا تصح الوصية لوارث، ولمن أراد نفع أحد ورثته بشيء أن يعطيه له في حال صحته ومضي تصرفه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يصح أن يوصي المرء لأحد ورثته، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وحسنه السيوطي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه.
ومن ذلك تعلمين فساد ما تريدينه من الإيصاء لزوجك، لأنه من جملة الورثة، وإذا كنت حريصة على تمليكه هذا العقار فلك أن تعطيه له من الآن، وإذا حازه في حال صحتك ومضي تصرفك فإنه يصير ملكاً له، ولكن ينبغي أن تعلمي أنه في هذه الحال لو مات قبلك، فإن العقار يصير ملكاً لجميع الورثة وأنت واحدة منهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1429(12/4840)
بيع الأم نصيبها الشرعي لأحد أولادها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي الوالد المالك للأصول من عقارات وأراض وأوصى كتابة ثم توفيت الوالدة وقامت بعمل عقود بيع لأحد أبنائها دون الآخرين ببيع عقار لا تملكه وتم إشهاره بالشهر العقاري (ليس حقا لأن حجة الملك للوالد المتوفى) وهذ الابن متمسك بذلك لمصلحته، فهل اللجوء للقضاء مخالف للشريعة حيث بذلك سيثبت واقعة التزوير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يبين لنا الأخ السائل ما الذي أوصى به والده، ولكننا نقول إذا تصرفت الوالدة في نصيبها الشرعي ببيع حقيقي لأحد أولادها وهي رشيدة فلها ذلك، أما إذا كان ذلك مجرد حيلة لتفضيل بعض الأولاد على بعض فهو حيلة ذميمة موصلة إلى مقصد ذميم وهو الجور في العطية وعدم العدل فيها بين الأولاد، ويجب على من صار إليه شيء من ذلك أن يعيده إلى التركة.
وأما إذا تصرفت في نصيب بقية الورثة من غير توكيل منهم فتصرفها بالبيع باطل ولا عبرة به، ولا حرج على الورثة في رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية لإبطال ذلك البيع ولتتولى النظر في القضية وإعطاء كل ذي حق حقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1429(12/4841)
العطية للأولاد من إحدى الزوجتين دون الأخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[أب كتب أمواله لزوجته وأبنائه منها وحرم أبناءه من زوجة أخرى من هذه الأموال، فما حكم الدين في ذلك، وما عقابه عند الله، وماذا تقول فى فتوى المفتي في حق الأب أن يورث من شاء ويحرم من شاء بدعوى أنه يحق له التصرف في ماله، فهل يجوز قياساً أن يتصرف الإنسان في عينه وبصره كيفما شاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحق للأب أن يفاضل بين أولاده في العطية لأن هذا خلاف ما أمر الله به من العدل عموماً وما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من العدل بين الأولاد خصوصاً، قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {النحل:90} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
وقد سبق لنا أن بينا هذا الحكم في عدة فتاوى فانظري على سبيل المثال الفتوى رقم: 35463، والفتوى رقم: 28274.
وكتابة الوالد ممتلكاته لبعض ورثته ليأخذوها بعد موته تعتبر وصية باطلة أيضاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. ولا عبرة بتلك الوصية إذا لم يجزها جميع الورثة، والقول بأن له أن يفعل ذلك لأنه يحق له أن يورث من شاء ويحرم من شاء هذا قول باطل مخالف لنصوص الشرع فلا عبرة به، ولو كان من أهل العلم، والله تعالى وحده له الحق في توريث من شاء وحرمان من شاء، ولا نظن أن أحداً من أهل العلم يقول بجواز الوصية للوارث، وقد نقل غير واحد من العلماء، كأبي الوليد الباجي في شرح الموطأ إجماع العلماء على العمل بالحديث الذي ذكرناه آنفاً: ... لا وصية لوارث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1429(12/4842)
التصرف في الهبة التي قبضت في حياة الواهب وصحته
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي هي الوحيدة لوالديها كان لها أخ وتوفي قبل زواجه (هل لها الحق في ميراثه)
حاليا زوجتي هي من تقوم بالإنفاق على والديها من مالي الخاص بى ولكن عن طيب خاطر منى وكامل الرضا وأنا من يأمرها بذلك
والد زوجتي له إخوة أشقاء ثلاث نسوة واحدة فقط على قيد الحياة وله إخوة من الأم فقط أخ وثلاث نسوة متوفى منهم واحدة
والد زوجتي منذ حوالي سنة تقريبا تنازل لزوجتي عن أرضه الزراعية والتي هي تقريبا كامل ميراثه نظرا لكونها لم تقصر معهم في أي شيء
زوجتي تفكر الآن في التبرع بجزء من قيمة هذه الأرض لبناء معهد ديني يقام حاليا كصدقة جارية تكون لوالدها ووالدتها بعد مماتهم وإعطاء جزء أخر لعماتها.
والسؤال هو كيف يتم توزيع ميراث والد زوجتي بعد مماته وهل ما تفكر فيه زوجتي صحيح وما هو النصاب الممكن إعطاؤه لعماتها؟
وفي حالة تم توزيع الميراث ككل هل يتم احتساب النفقات التي تنفقها عليهم الآن؟
أرجو تفهم الموضوع والرد باستفاضة من فضلكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزوجتك ليس لها حق في ميراث أخيها المتوفى مادام الأب موجودا لأن الأب يحجب الإخوة والأخوات جميعا من الميراث حجب حرمان. والأرض التي وهبها والد زوجتك لها إن كان قد وهبها لها في صحته أو مرضه غير المخوف وكانت زوجتك قد قبضتها في حياة أبيها، وصارت تتصرف فيها تصرف المالك فهي صحيحة نافذة، وصارت الأرض لها، ولها أن تتصرف فيها ببيع أو هبة ونحو ذلك، وأما إذا لم تقبض الأرض في حياة أبيها أو كان أبوها قد وهب لها الأرض في مرضه المخوف فهذه هبة غير نافذة، فإذا مات الأب كانت الأرض للورثة جميعا على حسب النصيب الشرعي لكل واحد منهم.
وأما ما تنفقه زوجتك على أبويها من مالك أنت إن كان على سبيل الهبة فليس لكم الرجوع فيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه. وإن كان على سبيل الدين فلكم الرجوع فيه وأخذه من التركة.
وإذا كانت زوجتك موسرة وكان والداها معسرين فإن نفقتهما واجبة على زوجتك، وليس لها حينئذ الرجوع مطلقا فيما تنفقه عليهما، لأنها نفقة واجبة عليها فليس لها أن تخصمها من الميراث بعد وفاة والديها.
وإذا توفي والدها عن ابنته وزوجته وإخوانه وأخواته المذكورين في السؤال ولم يترك وارثا غيرهم كأب مثلا فإن لزوجته الثمن، ولبنته النصف، ولأخته الشقيقة وإخوته الأشقاء الباقي تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين، إن كان له إخوة أشقاء كما قد يفهم من العبارة. وأما الإخوة والاخوات من الأم فليس لهم نصيب من الميراث لأنهم محجوبون حجب حرمان بالبنت.
وننبه الأخ السائل إلى أنه لا ينبغي الانشغال بموضوع إرث لم يمت صاحبه بعد، فربما مات من كان يظن نفسه وارثا فيصير مورثا، وقد كان السلف الصالح يكرهون الأسئلة عما لم يقع، فإذا سئلوا عن شيء لم يقع يقولون: دعوه حتى يقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1429(12/4843)
هدية الكفار المشتملة على شعار لهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أهدت لي زميلتي هدية تتمثل في خمار مكتوب عليه عبارة -أحب المسيح عيسى- فقبلت الهدية وبقيت حائرة في موضوع هل أرميه أم لا؟. وقالت لي زميلتي إنه بما أنني مسلمة وأؤمن بكل الأنبياء فلا بأس في ارتدائه. فما الذي علي فعله ,هل أرميه؟ أم أحتفظ به ولا أرتديه؟
افيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز لبس ما يوهم التشبه بالكفار أو فيه معنى رفع شعارهم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
زميلتك هذه التي أهدت لك هذا الخمار إما أن تكون كافرة (نصرانية) وإما أن تكون مسلمة، فان كانت كافرة فالظاهر أنها تحاول الدعوة إلى دينها إما لك أو بك، واستدراجك بأسلوب أو بآخر، وعليه فكان الأولى أن تردي هديتها، بل لا يجوز قبولها عند أهل العلم إذ قالوا: لا حرج في قبول هبة الكافر أو هديته بشرط ألا تكون هذه الهبة سبباً للمودة والتأثر بما عليه هذا الواهب من الباطل، وراجعي الفتوى رقم: 32462.
وحيث إنك قبلت ذلك فإما أن ترديها لها وتبيني لها سبب ذلك من كون هذا الفعل فيه دعوة لدين محرف مع محاولة دعوتها إلى الإسلام، وإما أن تتصرفي في هذا الخمار بغير اللبس منك أو من غيرك أو بلبسه بعد إزالة المكتوب عليه إن أمكن، ولا ينبغي لك أن ترميه لأنه مال يمكن الانتفاع به، ولأنه اسم عيسى وهو نبي من أنبياء الله.
وإما إن كانت مسلمة فالأمر أسهل في قبول هديتها، ومع ذلك يبقى الحكم في اللبس كما هو لئلا يتوهم أنك على غير الإسلام، إذ الظاهر أن لبس ذلك فيه معنى رفع شعار النصارى أو على الأقل قد يتوهم منه ذلك أو يفهم منه موافقتهم على دينهم المحرف والتشبه بهم، لذا يلزم تنبيهها إلى عدم جواز الإهداء بمثل ذلك أو لبسه لما ذكرنا.
والأصل فيما سبق ما رواه البخاري عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِحُلَّةِ حَرِيرٍ أَوْ سِيَرَاءَ فَرَآهَا عَلَيْهِ فَقَالَ إِنِّي لَمْ أُرْسِلْ بِهَا إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا إِنَّمَا يَلْبَسُهَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ إِنَّمَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ لِتَسْتَمْتِعَ بِهَا يَعْنِي تَبِيعَهَا.
قال الشوكاني في النيل قَوْلُهُ: (أُهْدِيَتْ إلَى النَّبِيِّ) أَهْدَاهَا لَهُ مَلِكُ أَيْلَةَ وَهُوَ مُشْرِكٌ.
وفي النيل أيضا: وَعَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قَدِمَتْ قُتَيْلَةُ ابْنَةُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ سَعْدٍ عَلَى ابْنَتِهَا أَسْمَاءَ بِهَدَايَا ضِبَابٍ وَأَقِطٍ وَسَمْنٍ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فَأَبَتْ أَسْمَاءُ أَنْ تَقْبَلَ هَدِيَّتَهَا وَتُدْخِلَهَا بَيْتَهَا، فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: لَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ إلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَقْبَلَ هَدِيَّتَهَا وَأَنْ تُدْخِلَهَا بَيْتَهَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
قال: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْهَدِيَّةِ لِلْقَرِيبِ الْكَافِرِ، وَالْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْهَدِيَّةِ لِلْكَافِرِ مُطْلَقًا مِنْ الْقَرِيبِ وَغَيْرِهِ
ثم ذكر أحاديث في امتناعه صلى الله عليه وسلم عن قبول هدية المشركين، ومنها قوله إني لا أقبل هدية مشرك ثم قال: قَالَ الْخَطَّابِيِّ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ مَنْسُوخًا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَبِلَ هَدِيَّةَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَقِيلَ: إنَّمَا رَدَّهَا لِيَغِيظَهُ فَيَحْمِلَهُ ذَلِكَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَقِيلَ: رَدَّهَا لِأَنَّ لِلْهَدِيَّةِ مَوْضِعًا مِنْ الْقَلْبِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَمِيلَ إلَيْهِ بِقَلْبِهِ، فَرَدَّهَا قَطْعًا لِسَبَبِ الْمِيلِ،...... ..إلى أن قال: وَجَمَعَ الطَّبَرِيُّ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ فَقَالَ: الِامْتِنَاعُ فِيمَا أُهْدِيَ لَهُ خَاصَّةً، وَالْقَبُولُ فِيمَا أُهْدِيَ لِلْمُسْلِمِينَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ أَدِلَّةِ الْجَوَازِ السَّابِقَةِ مَا وَقَعَتْ الْهَدِيَّةُ فِيهِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً، وَجَمَعَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الِامْتِنَاعَ فِي حَقِّ مَنْ يُرِيدُ بِهَدِيَّتِهِ التَّوَدُّدَ وَالْمُوَالَاةَ، وَالْقَبُولُ فِي حَقِّ مَنْ يُرْجَى بِذَلِكَ تَأْنِيسُهُ وَتَأْلِيفُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا أَقْوَى مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ. اهـ.
وهذا الجمع الأخير هو المتعين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1429(12/4844)
قسمة الأب ماله في حياته بطريقة غير شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب توفي أبي مند سنين نحن 3 إخوة و7 بنات ترك لنا أبونا أرضا لكنه قسمها علينا بغير ما شرعه الله على عباده، فأنا الابن الصغير أطلب من إخواني إعادة التقسيم قسمة شرعية لكن الإخوة الآخرين رفضوا..لكن البنات رفضن أن يأخذن حقوقهن إن لم يكن التقسيم شاملا، إذا لم يوفقني الله لتقسيم شرعا هل أنا مسؤول يوم القيامة أم أنا بريء؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتقسيم والدكم للأرض في حياته إن كان على سبيل الوصية بمعنى أن القسمة لا تكون نافذة إلا بعد وفاته فإنه لا عبرة بتلك القسمة إذا لم تكن موافقة للشريعة، لأنها وصية، والوصية للوارث ممنوعة شرعا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه أهل السنن.
وإذا لم تستطع إقناع إخوتك بوجوب قسمة الأرض قسمة شرعية فإنه لا يلحقك إثم إن شاء الله تعالى، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولكن إن أعطيت أكثر من نصيبك الشرعي فلا تأخذ إلا نصيبك الشرعي فقط، ورد الزائد إلى من نقص عن نصيبه الشرعي من الورثة.
وأما إن كان تقسيم والدكم للأرض في حياته على سبيل الهبة بمعنى أن كل واحد منكم أخذ نصيبه من الأرض في حياة أبيه وكانت القسمة شاملة لجميع ولده فهذه هبة صحيحة ماضية، ولا يلزمكم قسمتها القسمة الشرعية بعد وفاته لأنها ليست تركة لأبيكم وقد زال ملكه عنها في حياته بهبتها لكم، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 98381، والفتوى رقم: 47722.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1429(12/4845)
الهبة في حال الصحة وحال مرض الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي رجل بلغ من العمر أكثر من سبعين عاماً مرض مرضاً يرجى منه الشفاء وكان له ابن أخ أتى به إلى بيته وقام على خدمته وكان له أموال بالبنك فطلب من ابن أخيه أن يأتي بالمال من البنك قال له اشتر منها لك شقة واعتبر باقي المال مالك، ثم مات هذا الرجل، هذا الرجل له أخ حي وليس له أي فرع وارث ثان نريد أن نعرف هل الأخ له في هذا المال حق لأن ابن الأخ يقول إن هذا المال مالي قد وهبه لي عمي ... وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أقام ابن الأخ بينة وليس مجرد دعوى على أن عمه قد وهب له المال في حياته وفي مرضه غير المخوف، فالمال صار مالا لابن أخي المتوفى، وليس لأخي المتوفى حق فيه لأنه انتقل من أخيه المتوفى إلى ابن أخيه بهبة صحيحة نافذة، وأما إذا لم يقم ابن الأخ ببينة على دعواه فالمال يعتبر تركة للميت بناء على الأصل ويرثه عنه أخوه إن لم يكن له وارث غيره، ويبقى احتمال ثالث وهو أن يقيم ابن الأخ بينة على أن عمه المتوفى قد وهبه المال في مرضه المخوف المتصل بالموت فيعطى ابن الأخ حينئذ ثلث التركة لأن الهبة في مرض الموت تأخذ حكم الوصية؛ كما نص عليه الفقهاء. قال ابن قدامة في المغني: وإن كان في مرض مخوف اتصل به الموت فهي من ثلث المال في قول جمهور العلماء. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1429(12/4846)
حكم إعطاء الأب ممتلكاته لبعض أبنائه دون بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[والد ورث من أبيه عدد ثلاثة أفدنة وله ثلاثة أولاد وأربع بنات تم زواج الجميع وهو الآن يمتلك ثلاثين فدانا سجل منهم عشرة أفدنة للأولاد ويبقى له عشرون فدانا والأولاد يطالبون الوالد تسجيل سبعة عشر فدانا لهم مع العلم بأن الأولاد يعيشون مع الوالد، فأفيدونا؟ وجزاكم الله خيراًً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب على الأب أن يعدل بين أولاده ذكوراً كانوا أو إناثاً، ولا يجوز له أن يكتب ممتلكاته لبعضهم دون البعض.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التسوية بين الأبناء والبنات في العطية واجبة -على الراجح من أقوال أهل العلم- لقول النبي صلى الله عليه وسلم:.. اتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري ومسلم. ولقوله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي من طريقه وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن.
ومن هذا يعلم أنه يجب على هذا الوالد أن يسوي بين أبنائه وبناته في العطية، فلا يجوز له أن يكتب بعض ممتلكاته لأبنائه ويترك بناته، ولا يجوز لأولاده أن يطالبوه بذلك، وما فعله من الكتابة لبعضهم يعتبر باطلاً يجب رده كما جاء في حديث النعمان بن بشير في الصحيحين.
وانظر تفاصيل ذلك وأدلته وأقوال العلماء الفتوى رقم: 6242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1429(12/4847)
لا بأس بقبول الإعانة والهدية
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقة لي مشتركة في جمعية وهي تعطي دروسا في محو الأمية بأجر زهيد (60 درهما في الشهر) يمنح لها في آخر السنة مجموعا. وبعض النساء اللواتي يدرسن عندها ميسورات الحال يردن إعطاءها بعض المال كمساعدة لها نظير مجهوداتها تجاههن.وهي تسأل هل يمكن لها أن تقبل هذه الأموال أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أنه يشرع لها أخذ ما يهديه لها هؤلاء، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية من أصحابه، وهذا يعتبر من الإعانة والتهادي وليس من هدايا العمال التي هي غلول، اللهم إلا إذا كانت هناك امتحانات يخشى أنها تحابيهن فيها، فيحرم حينئذ عليها قبول مساعدتهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1429(12/4848)
التسوية بين الذكور والإناث في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[لي من الأبناء أربعة بنين وأربع بنات، أربعة منهم تخرجوا من الجامعة وثلاثة في الجامعة والأخيرة في الثانوية.
ولدي من الأسهم (إذا ما تم بيعهم) ما يكفى لتجهيز كل بنت مثلا بثلاثين ألفا وكل ولد بخمسين ألفا.
بالنسبة للبنات قد تكون الثلاثين ألفا كافية للمساعدة في تجهيزها في حدود العرف وهو مثلا نصف التأثيث حيث يتكفل المتقدم لها بالنصف الآخر بجانب أن عليه توفير المسكن اللائق.
أما بالنسبة للولد فسوف تكون الخمسين ألفا له غير كافية حيث إن علية الشبكة ونصف التأثيث والشقة
وهنا تكمن المشكلة الكبرى للولد حيث إنه أمام خيارات ثلاثة:
1- إ ما الإيجار الجديد وهذا ما يرهقه وقد يرفضه كثير من أهالي البنات.
2- وإما الإيجار القديم وهذا أيضا قد يستنفذ منه المبلغ المتاح له ويبقى أمامه مشكلة نقص في السيولة للشبكة والتأثيث.
3- وإما التمليك وهذا بالطبع أفضل الحلول حتى يستقر في حياته كما استقر حال أخواته من البنات ولكن هذا يحتاج على الأقل لكل ولد مائة وستين ألفا لشراء شقة ونصيبه من التأثيث والشبكة وخلافه
في هذه الحالة سيدي قد ألجأ إلى بيع منزل لي بالريف يوفر لي أن أساعد جميع الأبناء كل بحاجته بل ويتبقى الكثير كذلك.
السؤال فهل أكون قد عدلت في القسمة السابقة إذا أنفقت على زواج الولد مائة وستين ألفا تزيد أو تقل حسب المتاح وأنفقت على زواج البنت ثلاثين ألفا تقل أو تزيد حسب المتاح كذلك.
أم إنني يجب أن أخصص لكل بنت بعضا من المال يقربها قليلا من نصيب أخيها أو يساويها بنصيب أخيها أم ماذا؟ ما الحل الشرعي السليم الذي يجعلني أعدل بين أولادي وأرضي الله أولاً وقبل كل شيء وكذلك أرضي أولادي وأوسع عليهم مع العلم أنهم جميعم يتقبلون أي رأي مادام فيه مرضاة الله ومادام لا يوقعني في مسائلة عدم العدل في العطايا أو الهبات أو النفقات
ملحوظة:
الأم مطلقة (أقصد لا يوجد من يشارك الأولاد فى شيء.... كما أنني يمكن أن أحتفظ لنفسي بجزء من المتبقى.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تجب التسوية بين الأولاد في العطية إلا أن يكون لتفضيل بعضهم على البعض وجه شرعي. والمرجح في كيفية التسوية أن تتساوى الأنثى مع الذكر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
قبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن نحيلك إلى أقوال العلماء في حكم تزويج الأبناء، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 27231.
كما ننبهك إلى أن الشرع ليس فيه ما يسمى إيجارا قديما وإيجارا جديدا، بل الصحيح أن الإجارة عقد يتفق عليه طرفان على استغلال منافع في زمن محدد بأجرة محددة. وإذا لم تحدد مدة العقد اعتبر ذلك مشاهرة، وكان من حق كل من المتعاقدين أن يفسخ العقد متى أراد ذلك بشرط ألا يتم الفسخ وسط الشهر دون إذن من الطرف الآخر ويجوز في آخر كل شهر ولو بدون إذن.
وفيما يخص موضوع سؤالك، فإن التسوية بين الأبناء في العطية واجبة على الآباء؛ لما ثبت في ذلك من السنة الصحيحة.
ويباح للأب أن يفضل بعض الأبناء في العطية على بعض إذا كان لذلك موجب، كأن يحتاج الولد ـ لمرض أو لكثرة عيال أو لاشتغال بطلب العلم ـ دون البقية، أو يصرف العطية عن بعض ولده لفسقه أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله ونحو ذلك.
وكيفية التسوية بين الأولاد قد اختلف فيها أهل العلم، فمنهم من قال إن العدل أن يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين كالميراث. وقال البعض الآخر يسوى بين الذكر والأنثى، وهذا القول الأخير هو الأظهر إن شاء الله، لقوله صلى الله عليه وسلم: "سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء " أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي من طريقه وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن.
وعلى هذا الحال يمكنك أن تقيس حال أولادك وبناتك، فأنت الأدرى باحتياجاتهم وقدراتهم، وبما تستطيعه أنت من البذل لهم ما داموا جميعا بالغين رشداء فالذي نشير به هو أن تجمعهم وتستشيرهم في الأمر وتطلعهم على حقيقة الأمر فمن تنازل منهم عن حقه في التسوية وعلم أن ذلك وقع منه طواعية وبطيب نفس فلا حرج في الأمر في حقه مادام بالغا رشيدا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1429(12/4849)
حكم تفضيل الأب أحد الأولاد في العطية بسبب ما بذله له من هدايا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب كنت أعمل في الخارج وساهمت في إنشاء المنزل الخاص بنا أي الأسرة ككل واستقللت بطابق وأخي بطابق وبنينا في قطعة مجاورة منزل لوالدي بناء على رغبتهم ومرت الأيام وفي أثناء حواري مع والدي عن إرهاقي في تكاليف المنزل وكيف أن بعد عمر طويل سيتقاسم الكل سواسية بدون فروق فقام الوالد بكتابة المنزل بيعاّ وشراء إلي ولأخي وللعلم المنزل مقام على مساحة150 م وتبقى باقي مساحة الأرض 150م أيضا ونحن ولدان وأربعة بنات وبناء عليه قام والدي بكتابة الأرض الفضاء باسم البنات الأربعة بحيث أصبحنا متساويين في الأرض لكن الفرق في المبني فما الحكم في ذلك وما الوزر على والدي وشكراّ؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز للوالد أن يفاضل بين أولاده في العطية إلا بمسوغ شرعي، وليس من المسوغ لذلك ما يبذله بعض الأولاد لأبيهم من النفقة ومن الهدايا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
للجواب على هذا السؤال ينبغي تبيين ما يلي:
1. أن إنفاق الولد الموسر على والديه المعسرين واجب عليه، وليس له أن يعادَّ به ليخصص له الأب شيئا من ممتلكاته دون بقية إخوته.
2. أن ما يفعله الولد لوالديه من معروف كالبناء لهما مثلا، يعتبر هبة يملكانها بالحيازة.
3. أن من واجب الأب أن يسوي بين أولاده في العطية، ولا يجوز تفضيل بعضهم على بعض إلا إذا كان لذلك مسوغ مقبول. يقول ابن قدامة -رحمه الله-: فإن خص بعضهم بالعطية، لمعنى يقتضي تخصيصهم مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو أكثر عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله تعالى أو ينفقه فيها، فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك. انتهى المغني 5/605.
وبناء على هذا، فما ذكرته من كتابة المنزل بيعا وشراء بينك وبين أخيك ... إذا كنت تقصد منه أن أباك أراد بالبيع مجرد بيع صوري بقصد المحاباة لك ولأخيك على حساب أخواتك فإن ذلك لا يجوز، إن لم يكن له مسوغ غير ما ذكرته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1429(12/4850)
الهبة لا تقبل التأقيت ولا التعليق
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة مساهمة مجال عملها في الإنشاءات، وتقوم الشركة في نهاية كل عام بإعطائنا حوافز تكريمة عن أعمال السنة في صورة أسهم.
وشروط الشركة أنه لا يمكن للموظف أن يبيع الأسهم التي يمتلكها إلا بعد مرور ثلاثة أعوام على استلامها على أنه لا يبيع إلا نصف الكمية المسموح بيعها، مع العلم أن البيع يكون للشركة نفسها وبسعر السوق بالإضافة إلى أن البيع مسموح به مرتين في العام في شهر مايو وشهر نوفمبر في أول خمسة أيام من الشهر.
السؤال: كيف أحتسب قيمة ما أخرجه من زكاة لهذه الأسهم؟
ولمزيد من التوضيح، لنفترض أن قيمة ما أملك من أسهم حاليا 50000 درهم، وكان بإمكاني بيع نصفها أي ما قيمته 25000 في أول شهر نوفمبر، فهل تجب الزكاة في المبلغ الكلي أم في المبلغ الذي كنت أستطيع أن أتصرف فيه وهو 25000.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما ذكرته من الشروط لا يصح في الهبة، وإذا وجد كان ملغى عند كثير من أهل العلم. وإذا لم تكن الشركة ممن تناله الأحكام كانت تلك الأسهم في حكم المال المغصوب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من أن الشركة التي تعملون فيها تقوم في نهاية كل عام بإعطائكم حوافز تكريمية عن أعمال السنة في صورة أسهم. وتشترط على الموظف أن لا يبيع الأسهم إلا بعد مرور ثلاثة أعوام على استلامها، وأن لا يبيع إلا نصف الكمية المسموح ببيعها، وأن البيع يكون للشركة نفسها، إلى آخر ما ذكرته ...
نقول: إن مثل هذه الشروط لا يصح أن تكون في الهبة؛ لأن الهبة لا تقبل التأقيت ولا التعليق.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما يلي: اتفق الفقهاء على أن الهبة لا تقبل التأقيت؛ لأنها كما قال الحنفية: تمليك للعين في الحال بلا عوض, فلا تحتمل التأقيت قياسا على البيع. ولأن تأقيتها أو تأجيلها يؤدي إلى الغرر كما قال المالكية. وذكر النووي أن الهبة لا تقبل التعليق على الشرط, ولا تقبل التأقيت على المذهب. اهـ.
وإذا تقرر أن هذه الشروط لا يصح أن تكون في الهبة فإن كثيرا من أهل العلم يرون بطلان الشروط الفاسدة ومضي الهبة. قال ابن نجيم في الأشباه والنظائر: ومنها الهبة وهي لا تبطل بالشرط الفاسد. اهـ.
وقال صاحب كنز الدقائق: وما لا يبطل بالشرط الفاسد القرض والهبة ... اهـ.
وقال في مطالب أولي النهى: (ولا) يصح (اشتراط ما ينافيها) أي: الهبة (كأن) يشترط الواهب على المتهب أن (لا يبيعها) أي: العين الموهوبة (أو لا يهبها أو لا يأكلها ونحوه) كلا يلبس الثوب الموهوب; فلا يصح الشرط; إذ مقتضى الملك التصرف المطلق, فالحجر فيه مناف لمقتضاه (وتصح هي) أي: الهبة المشروط فيها ما ينافي مقتضاها مع فساد الشرط كالبيع بشرط أن لا يخسر. اهـ.
وبناء على ما تقدم فإنكم -إذاً- قد ملكتم هذه الأسهم منذ أن وُهبت لكم، ولا اعتبار لشروط الشركة.
وعلى كل واحد منكم أن يزكي نصيبه منها إذا كان يبلغ النصاب بنفسه أو بما انضم إليه مما هو في ملككم من نقود أخرى أوعروض تجارة وحال عليه الحول وهو عندكم.
وهذا على تقدير أن الشركة المانحة هي ممن تناله الأحكام، وأما لو كان غير ذلك، وعرفتم أنها لن تقبل تصرفكم في هذه الأسهم إلا بالشروط التي أقرتها هي، فإن حكم زكاة الأسهم -حينئذ- هو حكم زكاة المال المغصوب. وقد بينا من قبل حكم زكاة المال المغصوب، ولك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 29749.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1429(12/4851)
زواج البنت لا يسوغ عدم تسويتها مع إخوتها في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة خرجت على المعاش من عملها وأخذت مكافأة نهاية الخدمة مبلغا من المال ولها بنتان إحداهما متزوجة وتعمل والأخرى غير متزوجة وتعمل أيضا ولها ولدان غير متزوجين ويعملان فقامت بتوزيع مبلغ المكافأة بالتساوي على الولدين والبنت غير المتزوجة وقالت إن ذلك مساعدة منها لتكوين أنفسهم للزواج وأن الابنة الأخرى تزوجت ومسؤولة من رجل وهذه الابنة لا تعلم شيئا عما فعلته أمها، السؤال هو: هل يجوز لهذه السيدة فعل ذلك من خلال وجهة نظرها السابقة ومن باب حرية التصرف في مالها الخاص أم يعتبر ذلك تفرقة بين الأبناء وهل يجوز للأبناء أن يأخذوا ذلك المال ويعتبر حلالا لهم دون أختهم، بالله عليكم أفيدونا حتى لا يقع محرم أو إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تجب التسوية بين الأولاد في العطية إلا أن يوجد موجب لعدم التسوية، ومجرد كون البنت متزوجة ليس سبباً يفقدها استحقاق التسوية مع إخوتها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التسوية بين الأبناء في الهبة والرعاية والعطف واجبة على الراجح من أقوال أهل العلم، بدليل حديث النعمان بن بشير وفيه: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
والعلة في هذا بينة، وهي أنه أدعى إلى بر الأبناء بآبائهم وأرفع للشحناء بينهم، ويشهد لهذا رواية مسلم: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء.
ومن العلماء من أجاز تفضيل بعض الأولاد دون البعض إن كان له سبب، وإلى هذا ذهب الإمام أحمد كأن يحتاج الولد لمرض أو لكثرة عيال أو لاشتغال بطلب العلم دون البقية، أو يصرف العطية عن بعض ولده لفسقه أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله ونحو ذلك.
وعليه فإذا كانت البنت المتزوجة ليست محتاجة إلى تلك المساعدة أو كان غيرها من الأولاد أشد احتياجاً فإن ما فعلته الأم قد يكون هو الصواب، وتجدر الإشارة إلى أن مجرد كون البنت متزوجة لا يخرجها عن استحقاق المشاركة فيما توزعه الأم على أولادها، لأن الزوج قد يكون فقيراً، أو يكون ذا عيال كثير، أو يكون بخيلاً معها، أو يكون على غير ذلك من الأحوال ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1429(12/4852)
حكم تخصيص المحل لأحد الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[جدي توفي وكان يملك الكثير من الأراضي الزراعية وأراضي بناء، وكان يملك جزءا من محل تجارى ورثه عن أخيه، جدي كتب هذا الجزء من المحل لوالدي، حدث هذا في حياة جدي وقبل وفاته بفترة طويلة، أي عندما توفي عم والدي الذي كان يملك هذا المحل، فعل جدي هذا لأن والدي كان الوحيد بين إخوته ليس له مورد رزق وله الكثير من الأولاد وكان والدي يعمل في هذا المحل مع عمه، وبعد وفاة عم والدي والذي لم يكن له أولاد ورث المحل أعمام أبي ومنهم جدي الذي هو أبو والدي، فكتب جدي نصيبه في هذا المحل لوالدي ليحميه من بطش أعمامه ويوفر له مورد رزق، عمل والدي في المحل وأصبح مسؤولا عنه وبمرور الوقت باع أعمام والدي نصيبهم لوالدي وأصبح المحل كله لوالدي، ترك والدي نصيبه في أملاك أبيه الأخرى لإخوته ولم يطالب بها، السؤال الآن هل ما كتبه جدي لوالدي من نصيبه في هذا المحل جائز أم لا، لأن جدي خص والدي فقط بهذا المحل دون بقية أبنائه، وترك بقية أملاكه لتقسم حسب الميراث الشرعي. ولم يأخذ والدي من ميراث أبيه أي شي وتركه لإخوته ... ]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الظاهر من معطيات السؤال أن أباك يملك حصة الجد من المحل دون غيره من إخوته؛ لأن تخصيصه بها كان لمسوغ شرعي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التسوية بين الأبناء في العطية واجبة على الراجح من أقوال أهل العلم في ذلك، ولا يجوز تفضيل بعضهم على بعض في العطية إلا لمسوغ مقبول شرعا كالمرض وكثرة العيال.. وسبق بيان ذلك بالأدلة والتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 6242.
ولذلك فإذا كان تخصيص جدك لأبيك بنصيبه من المحل لأجل حاجته وكثرة عياله وقلة موارده -كما في السؤال- فإن هذا سائغ ويملك بموجبه ما وهب له جده دون غيره ممن لا تتوفر فيه هذه الصفات من إخوانه.
وإذا لم يكن هناك مبرر شرعي لتخصيص الجد له بالهبة فإن أباك لا يملك من حصة جدك من المحل إلا مقابلها من عمله، وما بعد ذلك منها يرجع إلى جميع الورثة- وهو منهم- كل حسب نصيبه الشرعي؛ لأن العدل بين الأبناء واجب كما قدمنا.
وأما نصيب الأعمام الذي اشتراه والدك منهم فهو خاص به.
وإذا كان تًَرْكُ والدك لبقية أملاك أبيه للورثة مقابل نصيبهم من حصة أبيهم من المحل فلا مانع من ذلك- ولو حصل فيه غبن- إن كان برضاهم جميعا وكانوا رشداء بالغين فهذا من باب قسمة المراضاة وسبق بيانها في الفتوى: 63459.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1429(12/4853)
منع التفضيل بين الأولاد في الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[حررت والدتي رحمها الله عقد بيع لقطعة الحديقة أمام المنزل لأحد إخوتي، السبب في ذلك حدوث خلافات شديدة بينه وبين أختي الصغرى، علما بأن كلا منهما كان يسكن مع أمي بأسرتهما في نفس الشقة مع والدتي.
وقامت بهذا العمل للفصل بينهما.
فهل يجوز هذا البيع علما بأن الوالدة لم تأخذ أي مبالغ نقدية أو أي شيء مقابل البيع وكذلك سبب ذلك بانخفاض قيمته المادية بأكثر من عشر مرات وأصبح مرتبطا بمنزل أخي حيث العقار لا يطل على الطريق. أرجو الإفادة جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الوالدة باعت قطعة الحديقة لأحد أبنائها بدون ثمن فمعنى ذلك أنها وهبت هذه القطعة من الأرض له، فالعبرة بالحقائق والمضامين لا بالأسماء والعناوين، وقد تقدم في جواب الفتوى رقم: 104031، لنفس السائل حكم تفضيل الأم لبعض أبنائها فلا داعي لتكرار الجواب مرة أخرى، وما ذكره السائل من انخفاض قيمة منزل الوالدة بسبب هذه الهبة لا يغير من الحكم المتقدم شيئا، فالضرر حاصل لبقية الأبناء بتفضيل أحدهم في عطية والدته سواء بانخفاض قيمة المنزل أو باستبداد الولد المفضل بالعطية، ولهذا الضرر وما يجلبه من أحقاد وعداوات بين الإخوة صرح العلماء بمنع التفضيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1429(12/4854)
مشاركة بعض الأولاد لأبيهم في العمل دون الباقين لا يقاس على الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أب عنده عدة أبناء وله مصنع صغير بمرور الوقت انضم ابنه البكر للعمل مع أبيه في هذا المصنع وطلب من الأب إن يكون له نسبة خمسين في المائة من الإرباح (بحجة أنه لا يريد أن يضيع تعبه لغيره) وافق الأب على ذلك بعد وقت قصير انضم الأخ الذي يليه وبدؤوا باتفاقية جديدة وهي أن يكون لكل منهم الثلث (الأب ثلث والآخرين الثلثين)
ما سيقدمه الأبناء هو الجهد الجسماني فقط والباقي من مال ومصنع أصلا للأب
1_فهل هذا جائز شرعا من ناحية الأب؟
2-ألا يعتبر ذلك ظلما للإخوة الأصغر والأخوات؟ علما أن الأب إنما يجهل الأحكام الشرعية في تلك الأمور؟ وهل هناك من نسبة شرعية معينة وجب على الأب إعطاءها دون ظلم الإخوة الأخرين؟ إن كان ذلك ظلما؟؟
3-هل هناك من نسبه يحددها الشرع في هذه الحالة؟
الآن ومع مرور الوقت أصبح ناتج المصنع وأرباحه تقربا لأخوين فقط.
أفيدونا جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا حرج في أن يوظف الأب بعض أبنائه بنسبة من الربح، ولا توجد نسبة ثابتة يجب أن لا يعطي الأب أكثر منها لمن يأخذه للعمل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
من الواجب على الأب أن يعدل بين أولاده في العطية، ولا يفضل بعضهم على بعض، وكنا قد بينا هذا الحكم من قبل، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 6242.
لكن العدل بين الأولاد في العطية لا يقتضي منع الوالد من أن يدخل أحد أولاده شريكا معه في تجارته، وأن يعطيه جزءا من الربح مقابل عمله وجهده، وما شارك به من رأس مال إن كان له مال، والأولى أن يدخل جميع أولاده إذا أمكنه ذلك، وكانوا أهلا للعمل الذي يزاوله.
أما إذا لم يمكنه ذلك لعدم حاجته إلى عاملين، أو عدم كفاءتهم لما يعمله، واقتصر على المناسب منهم للعمل فلا شيء عليه في ذلك.
وليس ثمت نسبة من الربح ثابتة يلزم أن لا يتجاوزها الأب، وإنما المرجع في ذلك هو سعر البلد وما عليه الأولاد من الكفاءة والصلاحية للعمل، وما يتم عليه الاتفاق بينهم وبين أبيهم رب العمل.
وإذا تقرر هذا، علمت أن ما فعله الأب جائز شرعا، وأنه لا يعتبر ظلما للإخوة الأصغر والأخوات؛ لأن الإخوة الصغار والأخوات إذا لم يكونوا يصلحون لمثل هذا العمل فإن الأب لا بد أن يأخذ له الإخوة الكبار، أو يأخذ أشخاصا أجانب. ولا شك أن الأولاد أولى بمال أبيهم من أشخاص أجانب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1429(12/4855)
حكم هبة الأم ميراثها لأحد أولادها
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن 8 إخوة توفي والدي وترك منزلا وأرادت الأم أن تمنح نصيبها إلى أحد أبنائها. فهل يحق لها ذلك؟
للعلم فوالدتي تبلغ من العمر 82 سنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس للوالدين أو أحدهما أن يخص أحد أولاده من غير مسوغ شرعي بالهبة دون الآخرين على الصحيح من أقوال أهل العلم لأن هذا العمل خلاف ما أمر الله به في كتابه من العدل عموما وما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم من العدل بين الأولاد خصوصا، فقد قال الله تعالى: إ ِ نَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ {النحل: 90} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم.
وقد ذكرنا أقوال أهل العلم في حكم تفضيل بعض الأولاد على بعض في العطية في الفتوى رقم: 6242، فانظرها.
وبناء عليه، فليس لأمك الحق شرعا في هبة نصيبها من الميراث لأحد أبنائها دون الآخرين فإن وجد مسوغ جاز لها ذلك إذا كانت عاقلة رشيدة، وانظر الفتوى رقم: 14254 في بيان المسوغ الشرعي للتفضيل بين الأولاد في العطية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1429(12/4856)
يريد أبوه أن يهب له ماله كله برضا سائر أخواته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 28 سنة أعزب حاصل على شهادة وليس لي شغل، أراد والدي من تلقاء نفسه أن يكتب لي أملاكه وهي ليست بالكثيرة، وأنا لي 7 أخوات بنات وكلهن متزوجات وأعيش في المنزل أنا وأمي وأبي وقد تقدم في السن 74 سنة وأصبح غير قادر على العمل وخاصة على التحكم في المال.. فهل يجوز أن يكتب لي أملاكه، وهل أقبل منه أم لا، وكيف أتعامل مع أخواتي، مع العلم بأنهن غير رافضين الفكرة، أنتظر جوابا مفصلا وإن كانت هناك احتمالات فاذكروها لي؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا بأس أن تتنازل أخواتك عن حقهن في التسوية، ولكن لا يصح أن يتنازلن عن نصيبهن من التركة إلا بعد استحقاقها ولا يكون التنازل معتبراً شرعاً إلا إذا كن بالغات رشيدات.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان والدك سيكتب أملاكه باسمك على أن تملكها بعد وفاته فإن هذا لا يصح شرعاً لأنه بمنزلة الوصية للوارث، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، ألا لا وصية لوارث. أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم، والوصية للوارث لا تمضي إلا إذا أجازها الورثة بشرط أن يكونوا رشداء بالغين، وعدم رفض أخواتك هنا لا قيمة له لأنه تنازل عن شيء لم يجب لهن وهو من باب إسقاط الحق قبل استحقاقه أو وجوبه، ومن وهب ما لا يملك لم تصح هبته كما قال أهل العلم.
وأما إن كان سيملكها لك الآن ويرفع يده عنها ويمكنك من التصرف فيها تصرف المالك في ملكه فإن هذا يجوز إذا أعطى لبناته مثل ذلك أو يكن قد تنازلن عن حقهن في التسوية برضاهن وطيب أنفسهن إذا كن رشيدات بالغات لأن الأصل وجوب التسوية بين الأبناء في العطية -على الراجح من أقوال أهل العلم- وذلك لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. وقال صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. رواه البيهقي والطبراني في الكبير وغيرهما. وسبق بيان ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 6242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1429(12/4857)
لا يلزم البنت شرعا شيء من المال إلا على وجه الهبة والتبرع
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة كانت متزوجة من رجل ومنجبة منه ولدان وانفصلت عنه وتزوجت بآخر وأنجبت منه بنتا وتوفي وكانت هى الوصية على البنت وكانت تأخذ معاشا لها وللبنت وأخوات البنت من أبيها كانوا يساعدون زوجة أبيهم ولم تكتف السيدة بهذا فعملت بالتجارة وكان أساسها مال أبي البنت وعملت بوظيفة حكومية وقامت بجمع المال من أجل أن تشتري قطعة أرض واشترت الأرض وبنت عليها منزلا دورين وكان في ذلك الوقت قد كبر أولادها الصبيان فساعدتهما في زواجهما وكتبت المنزل للبنت على أساس أن أساس المال من أبي البنت ووصت البنت أنه عند وفاتها أن تعطي البنت لإخوتها من أمها ميراث أمها من أبيها أي جدها (أبو أمها) وكانت الأم قد اجرت عمليه قبل وفاتها وقام أحد أبنائها بدفع جزء من مصاريف العملية وكان من ضمن الوصية التى وصتها للبنت أن تدفع الجزء الذى قام بدفعه أخوها ولم تكن تعرف مقدار ما دفعه أخوها وأن تعطيه نقطة الحنة على أساس أنه صاحب عيال وتوفيت الأم وقامت البنت بسداد دين أمها من أقساط وجمعية وتنازلت لإخوتها عن حقها فى ميراث أمها من منزل جدها ولكن الإخوة لم يرضو بذلك وعندما سألت البنت أخاها عن تكاليف العملية طلب مبلغا كبيرا أكبر مما دفع بكثير فقواها المولى عزوجل على سداد ما قال من نقطة الحنة وقدمت قسيمة زوجها للمعاشات وأخذت سنة وذهبت لتقدم القسيمة لمعاش والدتها فقال لها أحد الموظفين إن أخاها قال إنها تزوجت قبل وفاة أمها وتعبت البنت حتى أثبتت الحقيقة ولكن بعد فوات الأوان فقد أخذ إخوتها جزءا كبيرا مما تستحق وقامت إدارة المعاشات بإعطاء البنت ورقه تثبت فيها حقها عند إخوتها وكان المتكفل بأخذ المال من البنت وتوصيله للأخ خالهما ولما أعطت البنت خالها الورقة التي تثبت حقها ويعتبر المبلغ الموجود بالورقة هو آخر جزء من المبلغ الذى يريده أخوها ولكن الخال أبى أن يعطي الورقه للولدين ودفع هو المبلغ من جيبه والآن تريد البنت أن تكمل وصية أمها وهي مبلغ الحنة فهل تقوم بدفعه لأخيها أم تعطيه لخالها وهو يعتبر أقل مما دفعه؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يلزم هذه البنت شرعا دفع مبلغ الحنة، وبإمكانها أن تتبرع به لأخويها أو خالها أو تقسمه بينهما.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا السؤال معقد والذي فهمناه من معطياته أن الإشكال بين الأخت وأخويها قد انتهى بدفع خالهما ما طلبه أبناء أخته من أختهم من ماله الخاص رفعا للنزاع وبقي الإشكال في إكمال وصية أمها بدفع مبلغ الحنة هل تدفعه لخالها مقابل ما دفع لأخويها أم تدفعه لهما تنفيذا لوصية الأم؟
الظاهر أنه لا يلزمها شرعا شيء من ذلك إلا على وجه الهبة والتبرع لأن وصية الأم غير لازمة فهي وصية لوارث، ولأن تركة الأم وقع عليها شبه صلح وتراض، وما دفعه الخال كان تبرعا للإصلاح بين أبناء أخته حسبما يبدو.
وعلى ذلك فإن كانت البنت ستدفع هذا البلغ فبإمكانها أن تدفعه لأيهما شاءت أو تقسمه بينهما تطييبا للخواطر، وخاصة الإخوة الذين حصل بينها وبينهم ما حصل، وبإمكانها أن تسشير من ترضى رأيه، وننصح هنا أن يكون الخال ممن تستشيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1429(12/4858)
الأم في المنع من المفاضلة بين الأولاد في الهبة كالأب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للأم أن تبيع لأحد أبنائها قطعة من أرض العقار ليشيد عليه بيتا له بدون مقابل مادي، وما الحكم بعد وفاتها رحمها الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب العدل بين الأبناء في العطية إلا لمسوغ شرعي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم تفضيل بعض الأبناء بالعطية دون البعض، فذهب جماعة إلى أن ذلك لا يجوز، وبه صرح البخاري وهو قول طاووس والثوري وأحمد وإسحاق، وقال به بعض المالكية، ثم المشهور عن هؤلاء أنها باطلة، وعن أحمد تصح ويجب أن يرجع، وقال أبو يوسف: تجب التسوية إن قصد بالتفضيل الإضرار.
وذهب الجمهور إلى أن التسوية مستحبة، فإن فضل بعضاً صح مع الكراهة، واستحبت المبادرة إلى التسوية أو الرجوع، والراجح قول من قال بوجوب التسوية، وأن تفضيل بعض الأبناء على بعض في العطاء باطل وجور ويجب على فاعله إبطاله، لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد لما نحل ابنه النعمان نحلا، وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك فقال له: يا بشير لك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفكلهم وهبت لهم مثل الذي وهبت لابنك هذا؟ قال: لا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تشهدني إذاً، لأني لا أشهد على جور، إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم. وقال له أيضاً: فارجعه. فرد بشير وقال له أيضاً: فاتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم.
وحمل الجمهور الأمر على الندب والنهي على التنزيه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لبشير في رواية: أشهد على هذا غيري. ورد عليهم بأن هذا للتوبيخ لا للأمر بالإشهاد الذي هو متضمن للإذن في التفاضل، وهذا الأسلوب في اللغة -أعني إطلاق الأمر والمراد منه التهديد- أسلوب معلوم، وإذا لم يكن للتهديد فلم امتنع النبي صلى الله عليه وسلم عن قبول الشهادة عليه وقد أنزل الله عليه: وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ {البقرة:282} ، هذا ومن العلماء من أجاز التفاضل إن كان له سبب، وإلى هذا ذهب الإمام أحمد كأن يحتاج الولد -لمرض أو لكثرة عيال أو لاشتغال بطلب العلم- دون البقية، أو يصرف العطية عن بعض ولده لفسقه، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله ونحو ذلك..
والحاصل أن تفضيل الأبناء بعضهم على بعض من غير مسوغ من حاجة أو عوز هو نوع من الظلم الذي يورث تنافراً في قلوب الإخوان، ويذكي العداوات بينهم، فالواجب على الوالدين أن يحفظاً الود في قلوب أبنائهما فيما بينهم باجتناب ما يضاد ذلك، وننبه إلى أنه لا فرق بين الأب والأم في المنع من المفاضلة بين الأولاد، جاء في المغني: والأم في المنع من المفاضلة بين الأولاد كالأب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. ولأنها أحد الوالدين فمنعت التفضيل كالأب، ولأن ما يحصل بتخصيص الأب بعض ولده من الحسد والعدواة يوجد مثله في تخصيص الأم بعض ولدها. انتهى.
فهذا في حكم العطية في حال الصحة والحياة، أما إذا اضيفت العطية إلى ما بعد موت المعطي أباً أو أماً، فتأخذ حكماً آخر وهو الوصية لوارث، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 23103.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1429(12/4859)
حكم إشراك الزوج زوجته في ممتلكاته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أشرك زوجتي بما أملك من أموال في حياتي وبعد موتي لتستفيد منها أم لا مع التفصيل في ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يصح إشراك الزوج لزوجته في جميع ممتلكاته أو في بعض منها، ويثبت ملكها لما أُشركت به إذا حازته حيازة تامة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
لا مانع من أن يشرك المرء زوجته أو غيرها معه في جميع ممتلكاته، ويعتبر ذلك هبة منه للقدر الذي أشركها به، والهبة تتم بالحيازة من الموهوب له أو القائم مقامه قبل حصول مانع من موت أو فلس ونحوهما ... ويمكنك أن تراجع في هبة الزوج لزوجته شيئاً من ماله، في الفتوى رقم: 59617.
وعليه، فإذا أشركت زوجتك فيما تملك، وحازت ذلك عنك حيازة شرعية، صارت مالكة لذلك، ومن الجدير بالملاحظة أن الدار التي يسكنها الزوج لا يصح أن يعطيها للزوجة أو يشركها فيها، إلا أن يخرج منها ويفرغها من جميع أمتعته، لأن حيازتها لا تتم إلا بذلك، ولك أن تراجع في هذا الفتوى رقم: 49632.
وقولك (في حياتي وبعد موتي ... ) إذا كنت تقصد منه أن ما تشركها فيه يكون ملكاً لها في حياتك وبعد مماتك، فهذا هو ما أجبنا عنه، وإن كنت تقصد أن بعض هذه الممتلكات تملكها الزوجة في حياتك وبعضها تملكه بعد مماتك، فإن ما يتأخر ملكه عن موتك يكون في حكم الوصية، وهي لا تصح لوارث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1429(12/4860)
مسائل حول الهبة للأولاد والميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب الفتوى رقم 101202 وأشكركم على اهتمامكم وردكم - ولكن أود أن أعرف كيف أن الورثة المقيمين بالعمارة الإرث قد أخذوا بذلك الوضع هبة من أبيهم على الرغم من أن الأب لم يعط أحدا من أولاده أي هبه أو عقد إيجار -مع علمى أن الهبة ليس لها عوض - وأن وضعهم في العمارة كباقي المستأجرين بها تابع القانون القديم الباطل شرعا - وأن ذلك الوضع قد أصبح حتى يتساوى الورثة جميعا في أخذ شقق مؤجرة تابع القانون القديم من بخارج العمارة الإرث من الورثة مع من بداخلها منهم.
وأنه لايمكن اللجوء لقاض أو محام لاتفاق الورثة جميعا على ذلك الوضع القائم بلا منازعات.
وأنه بناء على ذلك على الرغم من وجود أماكن بالعمارة الإرث الآن تكفي جميع الورثة كملاك إلا أنهم حرموا جميعا من ذلك واشتركوا جميعا في كل مكان بالعمارة الإرث - وأصبح البعض منهم بملكه كمستأجر قانون قديم والاخر منهم كمستأجر قانون جديد بسعر اليوم ولمدة محددة أقصاها 3 سنوات.
السؤال: هل تنازل الورثة لإخوتهم المقيمين بالعمارة الإرث على هذا الوضع جائز شرعا حتى يتساووا جميعا في الحرام ويحرموا أنفسهم جميعا من الحلال؟ وما حكم ذلك الاتفاق فى الشريعة الإسلامية واسمه الشرعي؟ أرجو منكم إيضاح الأمور جميعا للورثة لعل الله ينفع بكم ويصلح بكم جميع الأحوال.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
هبة الوالد لولده إذا لم تتوفر فيها شروط الصحة فإنها تعتبر من جملة الإرث. ويجب تغيير المنكر على من استطاع ذلك. وما لا يستطاع فعله فهو خارج عن مناط التكليف.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
من الممكن تقسيم سؤالك إلى الفقرات التالية:
1. قولك: كيف أن الورثة المقيمين بالعمارة (الإرث) قد أخذوا بذلك الوضع هبة من أبيهم، على الرغم من أن الأب لم يعط أحدا من أولاده أية هبة أو عقد إيجار، مع علمى أن الهبة ليس لها عوض ...
2. قولك: إن وضعهم فى العمارة كباقي المستأجرين بها تابع للقانون القديم الباطل شرعا، وأن ذلك الوضع قد أصبح حتى يتساوى الورثة جميعا فى أخذ شقق مؤجرة تابعة للقانون القديم: من بخارج العمارة الإرث من الورثة مع من بداخلها منهم ...
3. قولك: إنه لا يمكن اللجوء لقاض أو محام لاتفاق الورثة جميعا على ذلك الوضع القائم بلا منازعات.
4. قولك: إنه بناء على ذلك على الرغم من وجود أماكن بالعمارة الإرث الآن تكفى جميع الورثة كملاك، إلا أنهم حرموا جميعا من ذلك واشتركوا جميعا فى كل مكان بالعمارة الإرث، وأصبح البعض منهم بملكه كمستأجر قديم والآخر منهم كمستأجر جديد بسعر اليوم ولمدة محددة أقصاها 3 سنوات.
5. سؤالك عما إذا كان تنازل الورثة لإخوتهم المقيمين بالعمارة الإرث على هذا الوضع جائزا شرعا حتى يتساووا جميعا فى الحرام ويحرموا أنفسهم جميعا من الحلال.
6. سؤالك عن حكم هذا الاتفاق فى الشريعة الإسلامية واسمه الشرعى.
وجواب الفقرة الأولى هو ما كتبناه لك في الرد على سؤالك السابق، وهو أن ما وهبه الوالد لأحد أولاده من شقة أو غيرها في حياته وحازها الولد الموهوب له حيازة تامة في حياة والده فهو هبة صحيحة، إذا كان قد وهب مثلها أو ما يقاربها لبقية أولاده، أو كان هنالك سبب لتخصيص الموهوب له بهذه الهبة كأن يكون معاقا أو عليه ديون أو كثير العيال.
وإذا تخلفت هذه الشروط كانت الهبة باطلة، وكان الموهوب مضموما إلى التركة، يقسم كقسمتها.
ثم جواب هذه الفقرة يستمد منه جواب الفقرة الثانية، وهو أنه على تقدير صحة الهبة فإنها تعتبر ملكا للموهوب له، ولا دخل لبقية الورثة فيها. وعلى تقدير بطلان الهبة فإنها تكون من جملة التركة، ويجب أن تقسم بالتراضي أو المهايأة أو القرعة، مثلها في ذلك مثل سائر أموال التركة. ولك أن تراجع في أنواع القسمة فتوانا رقم: 66593.
ثم قولك في الفقرة الثالثة: إنه لا يمكن اللجوء لقاض أو محام لاتفاق الورثة جميعا على ذلك الوضع القائم بلا منازعات، فجوابه أن جميع الورثة إذا اتفقوا على أمر مشروع، ولم ينازع فيه أي منهم فما الداعي إلى اللجوء إلى قاض أو محام؟
وإذا كان المتفق عليه غير مشروع، فالواجب السعي في تغيير الاتفاق من باب تغيير المنكر، ومن لم يستطع تغييره سقط عنه الوجوب.
وجواب الفقرة الرابعة هو عين جواب الفقرة الثالثة؛ لأنها فيما يبدو شرح لها.
ثم سؤالك عما إذا كان تنازل الورثة لإخوتهم المقيمين بالعمارة (الإرث) على هذا الوضع جائزا شرعا حتى يتساووا جميعا فى الحرام ويحرموا أنفسهم جميعا من الحلال، فجوابه أن الحرام –من حيث المبدأ_ يجب تغييره ولا يجوز الاشتراك فيه.
ولكن الوضع المسؤول عنه، لا يخلو من أن يكون في الإمكان إصلاحه أو أن لا يمكن ذلك. فإن أمكن إصلاحه تعين ذلك، ولم يجز العدول عنه. وإن لم يمكن إصلاحه، بأن كان مستندا إلى قانون جائر، ولا يستطيع أحد تغييره، فإنه في هذه الحالة لا يوصف بالحرام؛ لأن ما لا يستطاع فعله كان خارجا عن مناط التكليف.
وجواب السؤال الأخير، أن حكم هذا الاتفاق تقدم في الرد على الفقرات السابقة، وأنه ليس لهذا الاتفاق اسم شرعي؛ ولا يتصور أن يكون لكل اتفاق اسم شرعي، وإنما توصف الاتفاقات بأنها مشروعة أو غير مشروعة حسب معطياتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1429(12/4861)
وهب لأبنائه شققا وأوصى لابنته بشقته التي يسكنها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي منذ سبع سنوات وترك لنا بيتا مكونا من عدة شقق قام بتوزيعها في حياته على إخوتي بدون تشطيب ولم يتبق لي شقة فقال لي هذه شقتك التي أقيم فيها مع والدتك وهي كاملة التشطيبات تأخذينها بعد وفاتي ووفاة والدتك. فوافقت علي ذلك.
بعد وفاة والدي تنازلت لأمي أن تبقي كما هي للإقامة في شقتي طوال حياتها طبقا لما أوصاني به والدي قبل وفاته مرضت والدتي وانتقلت للإقامة مع إحدى أخواتي بصفة دائمة.
تمسك إخوتي بوضع أيديهم على الشقة وعدم إعطائي إياها إلا بعد وفاة والدتي (أطال الله لنا في عمرها) وقاموا بتأجير الشقة للصرف منه على والدتي والباقي يأخذونه ويوزعونه علينا بالتساوي ويقولون ليس لك شيئا إلا بعد وفاة والدتنا فهذه الشقة ميراثها من والدنا (حيث قاموا بتوزيع التركة بالكامل بدون ترك ال1: 8 لها واحتسبوا هذه الشقة ميراثها من والدنا) وتكون هي نفسها ميراثك بعد وفاتها وليس لك أن تطلبيها الآن في حياتها أو تطلبي شيئا الآن.
بناء عن تنازلي لها منذ وفاة والدي بالإقامة في شقتي طول حياتها.
السؤال: هل إخوتي آثمون حيث إنني أرغب الآن في أخذ ميراثي مثلهم؟
- هل من حقي الرجوع عن التنازل حيث إن والدتي لا تحتاج الإقامة في شقتي الآن؟ أم ليس من حقي شيء طوال حياتها؟
هل علي أن أدفع لإخوتي ثمن التشطيبات التي وضعها والدي في الشقة قديما (لأنها تزيد عما أعطاهم والدي في شققهم غير المشطبة)
- هل على إخوتي التنازل لي عن زيادة ميراثي عنهم (تشطيب الشقة) مقابل حصولهم على ميراثهم قبلي بحوالي عشر سنوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بد من الرجوع إلى المحاكم الشرعية أو مشافهة أهل العلم في هذه القضية ومثيلاتها.
لكنا نقول من حيث العموم. إن ما كان من أبيك يعتبر وصية بتلك الشقة والوصية للوارث باطلة لا تنفذ ولا تجاز إلا إذا رضي بذلك بقية الورثة.
وما جرى منه في حياته من تقسيم للشقق على أبنائه دونك من الحيف في الهبة ولأهل العلم خلاف في صحتها ونفوذها، والراجح أنها مردودة، وينبغي لأبنائه إعادتها دفعا للإثم والجور عنه، فيقسمون تلك الشقق بين الورثة جميعهم ونحو ذلك مما يحصل فيه التراضي والتسامح بين الجميع. فلعل أباهم فعل ذلك عن جهل منه أو ظنا أن الوصية لك بالشقة نافذة، وليس الأمر كذلك كما ذكرنا إلا إذا أنفذها باقي الورثة. وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 68291، 69054، 8133، 5348، 76664، 68163.
وأما التشطيب فليس عليك دفعه لأنك لا تملكين الشقة كما ذكرنا وإنما هي جزء من التركة.
ثم إننا ننبه السائلة إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، سيما ما تعلقت به حقوق أخرى كالديون ونحوها وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه والاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق إذا كانت موجودة تحقيقا لمصالح الأحياء الأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1429(12/4862)
لا بأس بتفضيل من بذل المال وسعى وعمل مع والده
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن عائلة متكونة من 6 أفراد أبي وأمي عندي أخي متزوج وآخر يشتغل في الخارج وأختي مازالت في الدراسة..المهم اشترى أبي قطعة أرض 300 م2 اتخذنا نصفها بيتا ونصفا مستودعا مقسم علينا الثلاثة والطابق الأول قمت أنا وأخي ببنائه لاتخاذه بيتا لكل منا وهذا نظرا لعدم رغبة أخي الأكبر في البناء وعدم توفر المال فهو كان بصدد الإنفاق على تجارته هو تاجر حر، بعد ذلك وددنا القسمة لكي توضح الوضعية..فأعطى أبي الطابق الأول لي ولأخي ونصف مساحة الطابق الثاني لأخي المتزوج وأختي البيت الذي نسكن فيه الآن..فلم يقبل لأنه لا يريد السكن في مكان عال مع العلم أنه كان أبي سيساعده في البناء، وكذلك أحيطكم علما أنه عند شراء الأرض وعند البناء قدمنا العون المادي لأبي قدر المستطاع ماعدا أخي المتزوج، القسمة من الأول كانت شفوية عند شراء الأرض، فهل القسمة صحيحة أم علينا الإعادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
العرف والعادة محكمان في تملك الولد لما اكتسبه أو بناه في ملك والده.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأرض والبيت ملك للأب من دون الأولاد جميعا من شارك في الشراء والبناء ومن ولم يشارك، ما لم يحصل اتفاق بين الأب ومن شارك أو بنى منهم على أن ما بناه يختص به دون إخوته، وإن لم يوجد اتفاق فالعرف والعادة هما الحكمان، فإذا جرت العادة والعرف من بلد السائل أن الولد يختص بملكية ما يبني من ماله من ملك والده فذلك من حقه دون إخوته، وإذا لم تجر العادة بذلك فالأرض والبيت ملك للأب، فإذا أراد قسمة ذلك بين أبنائه فليعدل في القسمة ولْيُسَوِ بينهم العطية. لحديث: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
ولا بأس أن يفضل البعض لحاجة سائغة أو لمصلحة متحققة، وتفضيل من سعى وعمل مع والده وبذل المال في البناء أمر سائغ شرعا لأن صاحبه يستحق المكافأة، وأن يؤثَر على غيره.
وراجع في حكم تملك الولد المشارك للعمل مع والده أو تملكه لما بناه بماله من أرض والده، الفتوى رقم: 32659.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1429(12/4863)
وجوب الالتزام بشرط الواهب إذا كان لا يخالف الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش بلندن وقد ساعدت والدتي بأن تحصل على الإقامة بلندن وطلب معاش من الحكومة البريطانية لسد احتياجاتها لكن والدتي تجد صعوبة بالبقاء بلندن وتفضل العيش بالأردن وتقوم بسحب الفلوس من البنك باستخدام فيزا كارد، علماً بأن هذا مخالف للقوانين البريطانية ولو علمت الحكومة لوقفت دفع معاشها فوراً فهل استخدامها لهذه الفلوس حلال أم يعتبر غشا وحراما، وأنا أفكر أن أستخدم أنا هذه الفلوس وأخبرها بأنهم أوقفوا دفع راتبها ولكن سأقوم بإرسال ما يلزمها من الفلوس للعيش بكرامة وسأحتفظ بالباقي لي من دون علمها، فهل هذا يجوزعلما بأني أنا من سعى لها بهذا الشيء وهذا الرزق لكنها تذهب للأردن وتساعد كل إخوتي وتتركني خارجا بحجة أني أعيش بلندن ولا أحتاج، علما بأنني لا أعمل وأتلقى معاشا من الحكومة بسيطا والآن بعد أن أوقفوا راتبها منذ سنتين لعلمهم أنها بالأردن جاءت ثانية إلى لندن وأنا الآن أساعدها لاستعادة الراتب وهي معاملة صعبة للغاية لكنها تنوي الرجوع إلى الأردن حين انتهاء المعاملة ومعاودة استعمال الفلوس هناك وسوف تصرفهم على إخوتي وعلى الأقارب وأنا لن آخذ شيئا سوى التعب والمصاريف التي تكلفتها هنا، فهل يجوز أن آخذ منها من دون علمها، علما بأن هذا الراتب يدفعوه لمن يعيش بلندن وليس خارجها وأنا أخاف الله وأخاف الحرام ولا أتجرأ على السرقة، لكني أشعر بالغيرة من إخوتي وأحس أني أنا أتعب وغيري يتمتع وأمي لا تلاحظ ذلك وتميز بيننا دائما؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الدولة المذكورة تشترط في الإعانة التي تعطيها أن يكون المستفيد منها مقيماً فيها، فإن من لا يتوفر فيه ذلك الشرط لا يجوز له أخذها، لما هو مقرر من وجوب الالتزام بشرط الواهب إذا كان لا يخالف الشرع، ولك أن تراجعي في هذا الفتوى رقم: 68762.
وما هو محرم لا يجوز الإعانة عليه بحال من الأحوال، وإذا تقرر هذا فمن باب أولى أن لا يباح لك ما تفكرين فيه من استخدامك لهذه الفلوس أو الأخذ منها من دون علم الوالدة، إذ الواجب ردها إلى الجهة المانحة لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1429(12/4864)
الفرق بين التنازل والهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين التنازل والهبة في الشريعة الإسلامية -فهل يتفقان معا بألا يجب أن يكون بهما أي عوض مقابل، فإذا كان هناك مبادلة على شيء وإن كان ذهبا مثلا وقالت إحداهما لمن ذهبها أثقل من أختها تنازلت لك عن الفرق وأريد ما لديك فهل ذلك يعتبر تنازلا أم مبادلة، وإذا كان هناك ورث عمارة لإخوان -فقال من لا يقيم بها لأخيه المقيم بها تنازلت لك عن شقتك التي تقيم بها بإرثك على أن تكون بها كمستأجر قانون قديم (المحرم شرعا) ، ولست مالكا لها من نصيبك الشرعي- فهل هذا تنازل جائز شرعا- أم أن التنازل المؤدي إلى فعل محرم لا يجوز، وما حقيقه هذا التنازل؟ والله ولي التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تغير الألفاظ لا تتغير به الأحكام الشرعية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إن الهبة يصح أن يشترط فيها العوض، وتسمى حينئذ هبة الثواب، وأحكامها أحكام البيع، وإذا كانت بغير عوض فهي إنشاء تمليك متمول بغير عوض، والتنازل يصح أن يكون بعوض وبدون عوض، وإذا كان بغير عوض فإنه يعتبر نوعاً من الهبة، لكن ذكر الفرق بين الهبة والتنازل لا يتوقف عليه شيء مما سألت عنه، لأن العبرة هي بالحقائق والمعاني لا بالألفاظ والمباني، فإذا حصلت مبادلة بين ذهب وذهب فلا بد من تساويهما، ولا يصح أن يكون أحدهما أثقل، سواء كان ذلك بلفظ التنازل أو التبادل أو غيرهما من الألفاظ، لما في الصحيحين من قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائباً بناجز.
واستثنى المالكية في حال المبادلة خاصة أن تزيد كل قطعة عن التي تؤخذ عنها بسدس، وبشرط أن لا يكون الأنقص أجود أو أفضل سكة أو صياغة ... قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى: وجازت مبادلة القليل المعدود دون سبعة بأوزن منها بسدس سدس. والأجود أنقص أو أجود سكة ممتنع، وإلا جاز. انتهى.
كما أن قول أحد الورثة لأخيه (تنازلت لك عن شقتك التي تقيم بها بإرثك على أن تكون بها كمستأجر قديم (أي أخذا بقانون الإيجار المحرم) .... هو عقد يتضمن غرراً وتقريراً للباطل وجهالة ... وبالتالي فهو لا يجوز، سواء كان بلفظ التنازل أو بأي لفظ آخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1429(12/4865)
لا بأس بتفضيل أحد الأولاد بالهبة حال رضا الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصغر إخوتى الرجال والنساء كلهن متزوجات منذ زمن بعيد ونظرا لأني أصغرهم بكثير اشترى والدي قطعة أرض من ماله الخاص باسمى بحيث تكون عوضا عن زواجى حين أكبر وذلك لأنه هو الذى زوج إخوتى جميعا لأنه خشي أن يتوفى قبل زواجى وذلك كله بعلم إخوتى جميعا الرجال والنساء وهم غير معترضين على هذا الأمر وشاء الله أن أكبر وأزوج نفسى وساعدني والدي بعض الشيء فهل قطعة الأرض هذه تكون من حقى على الرغم أن والدى اشتراها من ماله الخاص ولم يدفع إخوتي فيها شيئا وهم منذ زواجهم في معيشة مستقلة عن الوالد وكل منهم منذ زواجه يعمل لنفسه ولا يعطي والدي شيئا؟
هذا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
العدل واجب بين الأولاد في العطية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عدل الوالد بين أولاده في العطية أمر مطلوب شرعا لحديث: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
وهل هذا مطلوب على وجه الوجوب أم الاستحباب، محل خلاف عند أهل العلم ويراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 28274.
وبالنسبة لمسألة الأخ السائل فإذا كان والده زوج جميع إخوانه فالعدل أن يزوجه أيضا كما زوج إخوانه من قبل.
وإذا كان خشي أن تدركه منيته قبل ذلك. فاشترى أرضا ووهبها لولده الذي لم يتزوج بعد حتى يساويه بإخوانه في عطيته فلا مانع إذا كانت قيمة هذه الأرض وقت الهبة تقارب أو تساوي ما أعطى إخوانه، فإن العدل يقتضي المساواة بالعطية. وعلى كل فإذا كان إخوة السائل راضين عن عطية والدهم لأخيهم فالأمر جائز، ولو زاده في العطية ما داموا بالغين راشدين.
وننبه الأخ السائل أن من شرط تملك هذه الهبة أن يحوزها قبل وفاة والده. وراجع الفتوى رقم: 27854.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1429(12/4866)
عاقبة عدم العدل بين الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما عقاب من لم يعدل بين الأولاد يوم القيامة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لم نقف على تحديد لعقاب من لم يعدل بين أبنائه يوم القيامة، وعدم العدل بين الأبناء سماه النبي صلى الله عليه وسلم جورا كما في الصحيحين وغيرهما من حديث النعمان بن بشير فقال صلى الله عليه وسلم: لا تشهدني على جور. وفي رواية: إني لا أشهد على جور.
وعلى ذلك فهو معصية ومخالفة شرعية إذا لم يتب صاحبه فهو في مشيئة الله تعالى إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه بما يستحق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1429(12/4867)
العدل في العطية بين الأولاد من سائر الزوجات
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالى عن الهبة، نحن سبعة إخوان من نفس الأب والأم وهب لنا والدنا منزلنا الذى نسكن فيه بالتساوى علماً بأن لنا ثلاثة إخوان من أبينا لا يسكنون معنا فى نفس المنزل ووالدنا لم يهب لهم معنا، والدنا حي يرزق والحمد لله، ماحكم الشرع أثابكم الله؟ علماً باننا نريد بيع المنزل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على أبيكم أن يعدل بينكم وبين أولاده من الزوجة الثانية في العطية، لأن الله تعالى أمر بالعدل في كتابه فقال تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. {النحل90}
وكذا رسوله صلى الله عليه وسلم أمر بالعدل بين الأولاد في العطية، وهبة الوالد البيت بعض أولاده دون الآخرين هو خلاف العدل الذي أمر الله تعالى به وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم، بل هذا التفضيل بين الأولاد سماه النبي صلى الله عليه وسلم جورا. وانظري لذلك الفتوى رقم: 63465، والفتاوى المرتبطة بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1429(12/4868)
حكم مساعدة بعض الأولاد في الزواج دون البقية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل عندي أولاد وأملك المال ومن أولادي من يريد أن يكمل دراسته الجامعية ومنهم من يريد أن يبني بيتا ويتزوج على نفقتي الخاصة، فهل يلزم أن أعطي بقية أولادي كما أعطيتهم أو هل هم ملزمون بالسداد لاحقاً، وهل يجوز لي أن أبيع أرضي أو جزءاً منها لأزوج أحد الأولاد وأبني له بيتا دون أن أعطي بقية إخوته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي جواب السائل مسألتان:
المسألة الأولى: حكم تفضيل بعض الأبناء على بعض في العطية، فهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم ما بين محرم للتفضيل مطلقاً وبين مبيح له مطلقاً، وتوسط آخرون فقالوا بجواز ذلك إذا كانت هناك حاجة لهذا التفضيل كفقر أحد الأبناء أو مرضه أو طلبه للعلم أو حاجته إلى بيت يسكنه أو نحو ذلك من المسوغات الشرعية، ونحن نذهب إلى وجوب التسوية بين الأبناء والبنات إلا إذا وُجد ما يدعو إلى التفضيل، وراجع تفصيل هذا الحكم في الفتوى رقم: 6242.
وعلى كل فإذا استطاع الأب التسوية بين أولاده كلهم فهذا هو المطلوب، فإن لم يقدر فضل من يحتاج، ويقدم الأحوج فالأحوج، فمريد العفاف مقدم على مريد إكمال الدراسة الجامعية وهكذا، وليعلم الأب أنه لا يلزمه شرعاً دفع مصاريف الجامعة لولده، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 59707.
المسألة الثانية: هل يلزم الأب شرعاً تزويج ولده الكبير الفقير أم لا يلزم، فجمهور أهل العلم يرون أنه لا يلزمه ذلك، قال النووي في روضة الطالبين: لا يلزم الأب إعفاف الابن. انتهى. وذهب الحنابلة إلى وجوب ذلك إذا كانت نفقة الولد على أبيه، قال في الإنصاف من كتبهم: يجب على الرجل إعفاف من وجبت نفقته عليه من الآباء والأجداد والأبناء وغيرهم ... وهو من مفردات المذهب. انتهى.
وعلى قول الجمهور إذا زوج الأب ولده فيجوز له أن يرجع عليه بما أنفق في زواجه ويلزم الولد السداد، وكذلك إذا أراد أن يرجع عليه بنفقة الدراسة الجامعية لأنها لا تلزمه شرعاً كما تقدم، وأما مسألة بيع الأب لأرضه أو لجزء منها ليزوج أحد أولاده أو ليبني له بيتاً دون بقية إخوانه فهذا داخل في التفضيل وقد تقدم القول فيه في صدر الجواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1429(12/4869)
حكم تخصيص البنات بالعطية دون البنين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لي 3 أخوات و6 إخوة وأبي كتب بأسمائنا نحن البنات منزلين للبنات فقط ولكن لضرورة زواج أخينا تنازل أخواتي البنات الثلاثة عن حصتهن وأخذت أنا حصتي نقداً، سؤالي هو: هل هذه الهبة التي أعطانا إياها أبي حلال أم حرام؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما وهبه لكن والدكن دون الذكور من أولاده يعتبر هبة باطلة على الراجح من أقوال أهل العلم، وعلى ما هو المفتى به عندنا، كما هو مبين في الفتوى رقم: 63465 والفتاوى المرتبطة بها، لأنه يجب على الأب أن يعدل بين أولاده الذكور والإناث في العطية لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله: ... فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ... متفق عليه من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، وقد أمر الله تعالى في كتابه بالعدل عموما، فقال: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {النحل:90} ، وهبة البيتين للبنات دون البنين هو خلاف العدل الذي أمر الله به وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم.
وبناء عليه فينبغي لك أختي السائلة أن تأمري والدك بالعدل بين أبنائه وبناته في العطية، فإن لم يفعل فاقتسمي المال بينك وبين إخوتك وأخواتك أو ردي المال الذي أخذتيه فهو أسلم لدينك وأفضل لك عند ربك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى فيمن فضله أبوه بالعطية ومات الأب قبل أن يسوي بينه وبين إخوانه: الواجب على من فضل أن يتبع العدل بين إخوته فيقتسمون جميع المال الأول والآخر على كتاب الله تعالى للذكر مثل حظ الأنثيين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1429(12/4870)
ينبغي دفع نصيب الأولاد عن طيب نفس
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أم أرملة, وهي تتقاضى مرتبا في كل ثلاثة أشهر من طرف الدولة كتعويض عن وفاة الشهيد، تضطر الأم في كل مرة أن تعطي لأولادها من الشهيد وهما اثنان عن كره لها مبلغا من المال رغم أنهما ميسورا الحال، فما الحكم في عدم إعطائهما هذا المبلغ من المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المال الذي تدفعه الدولة كتعويض عن وفاة هذا الرجل لا يخلو من حالات سبق تفصيل القول فيها في الفتوى رقم: 46320 فراجعها..
وبقي أن ننبه هنا إلى أمرين:
الأول: أنه إذا كان لهذين الولدين نصيب في هذا المال فلا ينبغي للأم أن تدفع إليهما هذا المال وهي كارهة، وهذا فيما إذا كان المقصود أنها تدفعه كارهة، وأما إن كان المقصود أنهما يكرهانها على دفع هذا المال فلا يجوز لهما أن يفعلا ذلك إن لم يكن لهما حق في هذا المال، بل لو كان لهما حق فيه فينبغي أن يتلطفا معها حتى يأخذا حقهما منها، والواجب عليهما الحذر من الإساءة إليها بأي نوع من الإساءة فإن هذا من العقوق، وراجع الفتوى رقم: 69786.
الثاني: أن كونهما ميسوري الحال لا يمنع من دفع حقهما إليهما إذا طلباه، وإن تنازلا أو تنازل أحدهما عن نصيبه أو عن جزء منه عن رضا منه فله ذلك وأجره على الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1429(12/4871)
تقسيم المحل المملوك للأب في حياته وبعد مماته
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا محل ملك لوالدي ولي أخ وأختان، وأنا أقوم بالعمل في المحل مع أبي، وأعرف كل شيء عن المحل، أخي له وظيفة أخرى، ولا يستطيع أن يساعدنا في العمل في المحل، وسؤالي هو: هل لي أن أقدر قيمة المحل بأن أقوم الأموال التي لنا والتي علينا وأحدد رأس المال بالضبط، وكم نصيب كل واحد منا، وفي كل يوم أقتطع جزءاً من دخل المحل وبعد فترة -كسنة مثلاً- يكون قد اكتمل عندي نصيب أحد إخوتي فأعطيه له وهكذا حتى يأخذ كل واحد منهم نصيبه، ثم يبقى المحل ملكاً لي أنا فقط، أم أن هذا لا يجوز لأن هذا المال الذي سأقتطعه يومياً هم أيضاً جميعاً لهم فيه حق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يفهم من السؤال هو أن هذا المحل ملك لأبيكم، وأنك تسأل عما إذا كان يمكن تقسيمه بينك وبين إخوتك بالطريقة التي بينتها، وإذا كان هذا هو الذي تقصده، فالجواب أن هذا المحل لا يمكن تقسيمه في حياة أبيكم إلا بإذن منه، وبطريقة لا يكون فيها جور على أي منكم، لأن تقسيمه في حياة الأب يعتبر هبة منه لكم، والواجب أن يسوي بينكم في العطية.
وإذا كنت تسأل عن تقسيمه بعد وفاة الأب، فالجواب أنه بعد وفاة الأب يكون تركة ويجب أن يوقف ويحال أمره إلى القضاء الشرعي ليعطي لكل ذي حق حقه، وبعد تقسيمه يمكن لكل صاحب نصيب أن يفعل بحصته ما يريد من تركها مخلوطة مع بقية الحصص أو إخراجها عن المحل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1429(12/4872)
لا تتم الهبة إلا بالحيازة قبل حصول المانع
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي كالآتي: منذ 20 سنة توفي زوجي وكان يعمل في شركة نفطية ولديه أعمال أخرى تدخل علينا بعض المال من حين إلى آخر، تم إشراك أخي معه في نفس العمل وأنا على علم بالتفاصيل، وأحياناً أعارضهم في بعض الأعمال، فيوم من الأيام تحدثوا عن الربح الذي سوف يتقاضونه عند نجاح المشروع وكان النقاش أغلب الأوقات فى البيت فاشترطت عليهم أن يضربوا لي بسهم عند نجاح المشروع وتمت الموافقة من الطرفين على أن يقسم الربح على ثلاثة أقسام وهم زوجي وأخي وأنا، ولما نجح المشروع استلم أخي الدفعة ألأولى، لأنه كان أعزب ويريد تسوية وضعه المادى، وقبل استلام الباقي من المال توفي زوجي وسبق أن أخذ أخي نصيبه من الدفعة الأولى وبقيت الدفعة الثانية على أن تقسم إلى سهمين وبعد الوفاة بأشهر تم استلام المال عن طريق أخي ووضعه في مصرف وأنا صرت الوصية على هذا المال، مع العلم بأن لدي راتب شخصي وكذلك راتب الأب وبقينا نصرف من هذه الأموال على العائلة حتى الآن وعدد أفراد ها ولدان وثلاث بنات وأنا والدتهم، علما بأن البنات قد تزوجن والحمد لله وبقي الأولاد، واحد طالب سنة خامسة طب بشري، والثاني سنة أولى هندسة، أريد من حضراتكم التوضيح التام فى هذه المسألة، كيف يقسم المال المتبقي، وهل يجوز لي أخذ السهم وحدي أم لا، مع العلم بأن أبوي الزوج متوفيان قبله بعدة سنوات؟ وجازاكم الله كل خير، أتمنى أن تجيبوا على سؤالي هذا لأني فى حيرة من أمري.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن المصرف الذي قلت إن أخاك قد وضع المال فيه، إذا كان مصرفا ربويا فإن ذلك لا يجوز؛ لما فيه من التعاون مع أهل المصرف على الإثم الذي يرتكبونه، والله سبحانه وتعالى يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} ، فالواجب أن تبادري في سحب ذلك المال من المصرف. وإذا كان قد ترتب على إيداعه فوائد فالواجب التخلص منها في بعض وجوه الخير، كأن تصرف على الفقراء والمحتاجين، أو أن تنفق في المصالح العامة للمسلمين.
وفيما يخص موضوع سؤالك، فما ذكرته من أنك في يوم من الأيام تحدث زوجك مع أخيك في الربح الذي يمكن أن يحققاه من المشروع، وأنك أنت اشترطت عليهما أن يضربا لك بسهم في المشروع إذا نجح، وأنهما قد استجابا لذلك ... إنما يفيد أنهما قد تطوعا لك بسهم من المشروع؛ لأنك لم تذكري موجبا تستحقين به أن تشترطي مثل هذا الشرط، فهو -إذاً- هبة قد وهباها لك، والهبة لا تتم إلا بالحيازة قبل حصول المانع.
وبما أن زوجك قد توفي قبل أن تحوزي هبته، فإنها بذلك تكون قد بطلت من جهته، وبقي ما وهبه لك أخوك، أي أنه قد بقي لك نصف سهم وليس سهما كاملا، فهذا جواب عن سؤالك الثاني، وأما سؤالك الأول فجوابه أن زوجك إذا لم يكن له جد ولا جدة فإن ورثته هم أنت وابناك وبناتك.
والمال الذي أودع على أنه بينك وبين زوجك نصفين، قد تبين أن هبة الزوج منه قد بطلت -كما بينا-، فلك منه -إذاً- ربع تختصين به، والباقي وهو ثلاثة أرباع هو من جملة تركة زوجك، وتركة زوجك تقسم إلى ثمانية أسهم، لك أنت منها سهم (ثمن) ، ولكل بنت سهم، ولكل ولد سهمان. قال الله تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ {النساء:12} ، وقال تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:11} .
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1429(12/4873)
مصير هدايا الخطيبين لبعضهما إذا لم يتم الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[في حال تم فسخ عقد الزواج من قبل الزوج في فترة الخطبة قبل الدخول, فما حكم الشبكة (مع العلم بأنها ليست من المهر) والهدايا التي أحضرها الخاطب لخطيبته؟ والهدايا التي أحضرتها الخطيبة لخطيبها؟ علما بحدوث خلوة شرعية بينهما عدة مرات في فترة الخطبة ولكن دون دخول. وهل هناك أي إثم شرعي في حال أقامت الخطيبة عند صديقتها المتزوجة لمدة أسبوع؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الشبكة هنا بحسب الوجه الذي قدمت على سبيله، والغالب أنها تكون هدية فتأخذ حكم الهدية هي وجملة ما أهداه الزوج لزوجته أو أهدته الزوجة لزوجها فتملك بالقبض ولا يحق الرجوع فيها، وللمطلقة هنا بعد ثبوت الخلوة الشرعية كامل مهرها، وعليها العدة.
وأما إقامة المرأة عند صديقتها المتزوجة أسبوعا ونحوه فلا تأثم بذلك؛ إلا إذا كان المكان لا يسعها بحيث يطلع زوج صديقتها على عوراتها، أو كانت ذات زوج ولم يأذن لها زوجها بذلك ونحوه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت الشبكة ليست من المهر فإنه ينظر في الوجه الذي قدمها الزوج على سبيله، أو العرف في ذلك، فإن كانت هدية منه لها فحكمها حكم الهدية، وكذا ما كان من هدايا أخرى من الزوج أو الزوجة، وحكم الهديه أنها تملك بالقبض ولا يحل الرجوع فيها، فما أهداه الخاطب لخطيبته وقبضته فإنها تملكه وليس له الرجوع فيه، وكذا ما أهدته هي إليه، وللمزيد انظر الفتوى رقم: 44658، والفتوى رقم: 6066.
وهنا ما دامت الخلوة الشرعية قد حصلت بينهما فعلى الزوج أن يدفع إليها كامل المهر، وعليها هي العدة ولو لم يحصل دخول ووطء على الراجح، وانظر الفتوى رقم: 22377، والفتوى رقم: 96298.
وأما حكم إقامة المرأة عند صديقتها المتزوجة فلا حرج في ذلك إذا كان المكان يسعها بحيث لا يطلع زوج صديقتها على عوراتها ولا يخلو بها، وما لم تكن هي أيضا عاصية بتلك الإقامة لوالديها أو زوجها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1428(12/4874)
تفضيل الذكور على الإناث من خصال الجاهلية
[السُّؤَالُ]
ـ[بنى والدي عمارة من 5 شقق، سكن واحدة وأسكن فيها إخوتي الذكور الأربعة وجميعهم متزوجون، وقد ساهموا بجزء من النفقات بما يعادل نصف كلفة الشقة لكل واحد باستثناء أصغرهم لم يدفع شيئاً، والباقي من والدي، ثم فرز والدي الشقق وسجلها بأسماء إخوتي وتحمل كل منهم حصته من الرسوم المترتبة على ذلك، فهل في ذلك حرام فيما فعل والدي من حيث حرمان البنات من حقوقهن وعددهن أربعة، أم أنه حر في التصرف بماله ما دام حياً، وأرجو بيان ما يقاس على ذلك من حيث أن تعطي المرأة مثلاً بعضا من حليّها لبناتها دون أولادها، وهي لا زالت على قيد الحياة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت أن أباك قد فعله من تسجيل الشقق بأسماء أولاده الذكور إلا واحداً، وحرمان جميع بناته منها، وتوليه هو دفع نصف تكلفة الشقق.. يعتبر تخصيصاً منه لبعض أولاده بالهبة دون بعض، ومفاضلة الأب في العطايا بين الأولاد ذكوراً كانوا أو إناثاً لا تجوز بدون مسوغ شرعي.
روى النعمان بن بشير: أن أباه وهبه شيئاً ثم أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهد على ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا، فقال: فلا تشهدني، فإني لا أشهد على جور. رواه البخاري ومسلم.
ثم إن تفضيل الذكور على الإناث هو خصلة من خصال الجاهلية التي جاء الإسلام ليطهر الناس منها، اللهم إلا إذا كان تخصيص أولئك بالهبة له مسوغ شرعي، كأن يكونوا فقراء دون من سواهم، أو يكونوا أكثر عيالاً، أو نحو ذلك ... فالواجب على هذا الأب أن يتوب إلى الله تعالى -إذا لم يكن له مبرر شرعي- ويصلح ما أفسد، بأن يعدل في توزيع العطايا، فيعطي بناته كما أعطى أبناءه.
وقال بعض العلماء كمحمد بن الحسن وأحمد وإسحاق وبعض الشافعية والمالكية: العدل أن يعطي الذكر مثل حظ الأنثيين كالميراث، والقول بالتسوية بين الذكر والأنثى في العطية هو الأظهر والأقوى لحديث: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن.
ثم قوله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية. يشمل الأمهات فلا يجوز للأم أن تفاضل بين أولادها ذكوراً كانوا أم إناثاً لا في الحلي ولا في غيره، إلا أن تكون بعض البنات بحاجة إلى الزينة فتعطيهن شيئاً يسيراً يسد حاجتهن دون مبالغة أو زيادة على قدر الحاجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1428(12/4875)
الهدايا للزوجة تملكها بالحيازة كالمهر
[السُّؤَالُ]
ـ[متزوجة منذ سنة ونصف أثناء كتابة عقد القران سأل القاضي والدي عن قيمة المهر ولكن والدي رفض أن يحدد قيمة المهر فقد اتفق أبي مع والد زوجي وقال له إن البنت بنتكم والولد ولدكم ونحن لا نطلب مهراً القاضي أصر أن نحدد قيمة معينة حتى تكتب في ورقة العقد، الخلاصة أنه تم كتابة ثلاثين ألف ريال أي ما يعادل مائة وخمسين دولارا بعد الزواج قمت أنا وزوجي بحساب قيمة الكسوة والذهب وهي بقيمة ستمائة ألف ريال أي ما يعادل ثلاثة الآف دولار أمريكي، ومن المعلوم أن المهر هو حق المرأة شرعا ولها التصرف فيه، زوجي دائما يقول لي مازحاً إن المهر الذي هو ملكي ولي الحق في التصرف فيه هو فقط المائة والخمسين دولار المكتوبة في ورقة العقد وأن الذهب والذي تقدر قيمتة بألفي دولار ليس ملكي وأنه ملك له، زوجي ولله الحمد ذو خلق ودين ويخاف الله وأنا لا أظن أنه سيفكر بيوم من الأيام بظلمي وأخذ حقي، سؤالي هو هل حقا أن ما أملكه فقط هو ما هو مكتوب على ورقة العقد وأي زيادة على ذلك تعتبر من باب الهدية والهبة وليس مهراً، وهل حقا إذا أراد زوجي أن يتراجع عن هبته واسترداد هديته له الحق بذلك ما هو الحكم هنا شرعا، فأنا لا أسأل خوفا على ذهبي فقد أخبرت زوجي ولا زلت أكرر على مسامعه أن ما أعطاني هو من ذهب بعد العقد وما كنت أملكة قبل الزواج كله تحت أمره وخدمته، أريد فعلا التأكد من مصداقية أن مهر المرأة فقط هو ما هو مكتوب على ورقة العقد؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشرع الحنيف لم يحدد المهر بمقدار معين، وقد ورد الترغيب في تخفيفه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: خير الصداق أيسره. رواه الحاكم والبيهقي، وصححه الألباني في صحيح الجامع، وذهب بعض أهل العلم إلى تحديد أقل المهر بربع دينار أو ثلاثة دراهم، ولكن المرجح عند العلماء أنه لا حد لأقله، للحديث الذي في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التمس ولو خاتما من حديد. وتستحق الزوجة على زوجها النفقة والكسوة والمسكن بحسب المعتاد في البلد الذي هما فيه.
وإذا تطوع الزوج لزوجته بذهب أو غيره من الهدايا، وحازت ذلك منه، فإنها تكون قد ملكته ملكا تاماً مثل ملكها للمهر، ولها أن تتصرف فيه بحرية كما تتصرف بسائر ممتلكاتها.
ومن هذا يتبين لك أن عقد زواجك إذا كان قد تقرر فيه أن المهر هو المبلغ الذي ذكرته في السؤال فإن ذلك هو المهر الذي تستحقينه على زوجك، ولكن الذهب الذي قلت إن قيمته تقدر بألفي دولار هو ملك لك إذا كنت قد حزته، وليس من حق الزوج أن يسترجعه بعدُ منك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1428(12/4876)
كتابة الأملاك بين الهبة والوصية لوارث
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن خمس أخوات بنات وليس لنا أخ والدنا رجل ميسور، لدينا عقارات بما يقدر بمليون ونصف كتب لنا منذ فترة بعيدة منزلا يقدر بثلث الممتلكات أو أقل قليلاً، ومع أنه تاجر فكان يدخر مبلغا بنيتنا في البنك على أساس أنه يوزعه علينا، وفكر في ضم هذا المال مع مال والدتي ليشتري لنا قطعه أرض ويكتبها لنا، ولكن بعد فترة فكر أن الموضوع يمكن أن يتخلله شبه حرام وأنه بهذا سيكتب لنا كثيرا مما قد يكون مانعا من أن يأخذ أولاد عمتي وعمنا نصيبهم في الميراث بعد ذلك، مع أن والدي له غير العقارات أموال أخرى في تجارته ومبالغ كبيرة.
فما حكم الدين فيما يكتبه الأب لبناته، مع العلم بأنه قرر أن يعطي أمي أموالها التي دفعتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج أن يكتب والدكن بعض ما يملك إذا قمتن بقبضه في حياته، وتصرفتن فيها تصرف المالك، وتعتبر الكتابة في هذه الحالة هبة نافذة، أما إذا لم تقبضنه حتى مات، فإن هذه الكتابة لا تعتبر هبة إنما هي وصية لوارث، وهي لا تصح إلا إذا أمضاها بقية الورثة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه.
وفي رواية للدارقطني والبيهقي: لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة.
وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 36133، 58686، 66564.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1428(12/4877)
حكم كتابة الزوج أملاكه باسم زوجته وابنته
[السُّؤَالُ]
ـ[متزوج ولي بنت وزوجة وأمتلك أكثر من شقة وحصة عقارية وعدة محلات، وكتبت معظم ممتلكاتي باسم زوجتي وابنتي، علما بأن لي أختا شقيقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ذلك بقصد حرمان أختك أو غيرها من الورثة الآخرين من الميراث منك فإنه لا يجوز، لأنه تحايل على إبطال ما فرض الله في محكم كتابه، وفاعل ذلك يعامل بنقيض قصده ويرد فعله وتقسم تركته بعد موته على ما جاء في كتاب الله تعالى، وراجع الفتوى رقم: 66564.
وإن لم يكن بهذا القصد فلا تعتبر كتابة هذه الأملاك لزوجتك وابنتك هبة صحيحة شرعاً حتى تتوفر فيها شروط نفاذ الهبة من القبض والحوز الشرعي من الموهوب لهما بحيث يخلى بينهما وبين هذه الأملاك يتصرفان فيها تصرف المالكين وإلا اعتبرت وصية، والوصية لا تجوز لوارث إلا أن يجيز ذلك الورثة، وذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه، وفي رواية للدارقطني والبيهقي: لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 36133، والفتوى رقم: 58686.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1428(12/4878)
ليست من الهبة الصحيحة في شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قام جدي بإيداع مبلغ من المال أمانة عند والدي وقد توفي والدي وتبقى المال معنا وقام جدي برفع العديد من القضايا علينا يطلب حقه في الميراث، مع العلم بأن والدي قد كتب كل شيء لنا قبل وفاته وقد استطاعوا الحصول على مبلغ من المال من قطعه أرض نمتلكها (بدون وجه حق) ، وهذا المال أكثر من مبلغ الأمانة، فهل هكذا تكون الأمانه قد وصلتهم حتى أطمئن على أبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه بداية إلى أن كتابة والدك أملاكه باسمكم إذا قصد بذلك حرمان بعض الورثة من نصيبهم من الميراث، أو لم تتوفر فيها شروط نفاذ الهبة فإنها لا تعتبر هبة صحيحة شرعاً، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 36133، والفتوى رقم: 58686، والفتوى رقم: 66564.
وتعتبر هذه الأملاك داخلة في الميراث ويجب أن تقسم حسب القسمة الشرعية، ويعطى جدك حقه منها، ولا يجوز لكم أن تمنعوا هذا المبلغ الذي أودعه جدكم أمانة عند والدكم، فإن ذلك خيانة للأمانة وقطيعة للرحم، اللهم إلا إذا أخذ شيئاً من مالكم بغير حق فلكم أن تأخذوا من هذا المال بقدر حقكم وتعطوه الباقي، وهذا ما يعرف عند أهل العلم بمسألة الظفر، وقد تقدم الكلام فيها في الفتوى رقم: 28871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1428(12/4879)
العدل في العطية ووفاء الوالدين بوعدهما لولدهما
[السُّؤَالُ]
ـ[عند زواج ابنتي الطالبة بالسنة النهائية بالكلية قررت مساعدتها بنصف ثمن الشقة التمليك، مضي عام ونصف على زواجها وكان جملة ما دفعته 90 بواقع ألف جنيه شهريا وأقساط نصف سنوية قدرها 12 ألف جنيه وباقي 25 ألف جنيه (ألف جنيه شهريا وقسط أول يناير بـ 12 ألف جنيه) ، وزوجها يدفع ألف جنيه شهريا من وقت ما أخذنا الشقة وعليه آخر قسط كبير في يونيو 12 ألف جنيه تم توظيف ابنتي بمرتب 1500 جنيه بمصنع والدها فقرر والدها أن عليها تحمل القسط الشهري ألا وهو الألف جنيه علي أن ندفع لها القسط الكبير 12 ألف جنيه، فهل نحن مخطئون هل نكون نكثنا عهدنا معها، أم من واقع الذمة المالية الخاصة بها من حقنا أن نطلب منها هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي جواب هذا السؤال مسألتان:
الأولى: حكم تفضيل بعض الأبناء على بعض في العطية وهي مسألة فصلنا القول فيها في الفتوى رقم: 6242 , وانتهينا إلى أنه لا يجوز تخصيص بعض الأبناء بالعطية إلا لمسوغ شرعي.
المسألة الثانية: وحيث وقع العدل بين الأولاد أو كان هنالك تفضيل لهذه البنت بسبب يسوغ ذلك شرعاً فالمطلوب من الأم الوفاء بوعدها تجاه ابنتها لعموم الأمر بالوفاء بالوعد لجميع الناس، ولا يؤثر في هذا أن صار للبنت كسب ومال. وراجعي في حكم الوفاء بالوعد وهل يلزم أو لا يلزم الفتوى رقم: 12729.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1428(12/4880)
هل يأخذ من الميراث ما تحصل به التسوية في الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أقرضت أبي مبلغا (5) من المال وقبل وفاته طالبته به فأخبرني أنه إذا وافته المنية سأجد مالي في مكان أعرفه وحدي وبالفعل وجدته بزيادة (6) فأخدته ولم أخبر سوى أمي، كل إخوتي يعلمون بالدين كما أن أبي لديه أموال في البنك وعقارات (بعضها باسمه وكتب بعضها لإخوتي) ، وقد وعدني أن يشتري لي شقة خصوصا أنه اشترى لكل إخوتي ولم يبق غيري، فهل أخذي مالي من حقي أم لا، وهل إخوتي يجب عليهم أن يشتروا لي شقة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلك أن تأخذ دينك من هذا المال الذي تركه والدك ودلك على مكانه، أما الزيادة فإن كان هناك قرينة قوية على أنه أعطاك إياها ليسوي بينك وبين إخوتك في الهبة فلك أن تأخذها أو تأخذ منها ما تحصل به هذه التسوية، وإذا لم تكف لذلك أُخذ من إخوانك ما تحصل به.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيمن فضل بعض أولاده في الهبة: يجب عليه أن يرد ذلك في حياته كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضاً طاعة لله ولرسوله، ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل؛ بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به. انتهى. وراجع في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 78654، والفتوى رقم: 93877، والفتوى رقم: 100796.
وننبهك إلى أن مجرد كتابة الوالد أملاكه باسمك أو اسم إخوتك بدون نية التمليك وبدون توفر شروط نفاذ الهبة لا يعتبر هبة صحيحة شرعاً، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 36133، والفتوى رقم: 58686، وتعتبر هذه الأملاك داخلة في الميراث وتقسم حسب الأنصبة الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1428(12/4881)
كتب أملاكا باسم امرأته ثم ماتت فما الحكم
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل: تزوجت امرأة لها أم وأب وخمسة إخوة ذكور وأخت واحدة، وكلهم على قيد الحياة، وكان الأب قد سجل بالسجلات الرسمية عند الدولة باسم أم زوجتي بعض ممتلكاته من عقارات وذلك بهدف أنه إن مات قبلها فلا تحتاج لأحد ولا يستطيع أن يتحكم بها أولادها (كانت تصغره 15 عاماً) كما أنها لم تكن امرأة عاملة وإنما ربة منزل فقط وليس لها دخل شهري من أحد، وشاء الله أن توفيت أم زوجتي (رحمها الله) ، وبقي هو على قيد الحياة، فهل هذه الممتلكات التي كان قد سجلها باسمها تحسب من تركتها أم يجب علينا أن نتنازل عن حصتنا في تركة الأم بما يخص هذه الممتلكات لصالح أبيها؟ أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ف إذا كان واقع الحال ما ذكر من أن والد زوجتك قد كتب تلك الممتلكات باسم زوجته على أنها وصية تنفذ بعد موته وكانت أم زوجتك قد توفيت ولم تستلم تلك الممتلكات في حياتها ولم تحزها وتتصرف فيها تصرف المالك، فاعلم أن تلك الممتلكات ما زالت في ملك الزوج وليست ملكا للزوجة المتوفاة، وليس لورثتها حق فيها لأنها لم تتسلمها في حياتها، والهبة لا تلزم إلا بالقبض‘ كما أن وصيته لزوجته بشيء من التركة بعد موته تعتبر وصية باطلة لأنها وصية لوارث، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث. رواه أحمد وأهل السنن.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1428(12/4882)
مسألة حول التسوية بين الأولاد في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أربعة أبناء ثلاثة ذكور وبنت وأبونا على المعاش، أبي اتفق معنا أنه سيخصص مبلغا سيدفعه لنا بالتساوي في شقة لكل ذكر وبالنسبة للبنت سيقوم بتجهيزها، فمنذ أربعة سنوات اشترى أبي شقتين بالتقسيط لكنها أزيد من المبلغ المتفق عليه، فاتفق معي أنا وأخي الأصغر على أن يدفع من ثمن الشقة المبلغ المتفق عليه لكل واحد منا على أن نكمل نحن باقي الأقساط بالنسبة لي نفذت الاتفاق وبدأت أدفع الأقساط في الوقت المتفق عليه فحول أبي الشقة باسمي، أما بالنسبة لأخي الأصغر فتعثر في عمله فلم يستطع دفع ما عليه مما جعل أبي يتورط في دفع باقي الأقساط حتى النهاية، ولكن هذه الشقة مازالت باسم أبي، وبالتالي لم يستطع أبي أن يشترى شقة لأخي الثالث الذي مازال يدرس، فبعد الأربع سنوات تضاعف سعر الشقة ثلاثة أضعاف، فهل إن دفع أخي الأوسط نفس المبلغ الذي كان متفقا عليه في السابق يكون هناك ظلم لأحد، وإن كان هناك ظلم ماذا من المفترض أن يحدث؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الوالد لم يهب هذه الشقة التي لا زالت باسمه إلى أخيك فإن هذه الشقة مملوكة له وله أن يبيعها بحيث يتمكن من إعطاء إخوانك وأختك مثل ما أعطاك فإن التسوية بين الأولاد في الهبة واجبة إلا لمسوغ شرعي يقتضي التفضيل.
أما إذا كان قد وهبها لأخيك على أن تكون قيمة الأقساط التي دفعها دينا على أخيك وحازها أخوك بحيث يكون له أن يتصرف فيها تصرف الملاك فهذه الشقة مملوكة لأخيك وعليه أن يسدد لأبيك قيمة الأقساط التي دفعها الأب نيابة عنه، وليس في ذلك ظلم لأحد، وراجع الفتوى رقم: 19673.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1428(12/4883)
القسمة بين الأولاد إذا كانت دون مقتضى العدل
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص له أرض قسمها بين أولاده دون عدل، وذلك التقسيم كان أساسه إنتاج الأرض حين ذاك ولم يقم بتقسيمها حسب المساحة الأرضية حسب القانون الآن يحق لابني الابن صاحب الحصة الأكبر أخذ حصة أبيهم كاملة أي 1/3 فهل هذا حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن هذا الشخص قد عدل في قسمة الأرض بين أولاده بحيث فضل بعضهم على بعض دون مسوغ شرعي لهذا التفضيل فإنه يجب أن يعاد تقسيمها بالعدل، وافق ذلك القانون أم خالفه، ولا يحل لمن فضل في هذه القسمة أن يأخذ ما فضل به وكذلك أولاده.
وراجع في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 78654، والفتوى رقم: 93877، والفتوى رقم: 100796.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1428(12/4884)
تنازل الأختين لأخيهما عن ميراثهما متى يكون معتبرا
[السُّؤَالُ]
ـ[امتلك جدي مزرعة وبعد وفاته تمت قسمتها علي والدي وعمي وثلاث عمات القسمة الشرعية والحمد لله.
عمتان تنازلتا عن حصتهما لوالدي بعد رضا من عمي دون إكراه، والعمة الثالثة رغبت في البيع
فاشتريت أنا منها.
السؤال:هل الحصتان لعمتي الاثنتان أصبحتا من ملك والدي الشرعي وتدخلان من ضمن الميراث بالإضافة لحصته الأصلية والحق لجميع أولاده وبناته فيهما أم هما (الحصتان) تعتبران كهبة.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت عمتاك قد تنازلتا عن نصيبهما من الميراث لأبيك من غير إكراه وهما بالغتان رشيدتان، وتسلم أبوك حصتيهما وحازهما وصار يتصرف فيهما تصرف المالك فهذه هبة صحيحة صارت لازمة، وقد صارت ملكا لأبيك وتكون من بعده لورثته من جملة تركته.
وأما إذا كان تنازلهما عن إكراه أو كانتا غير بالغتين أو غير رشيدتين أو لم يتسلم والدك ما وهبتاه له حتى مات هو أو ماتتا هما أو أفلستا أو فقدتا عقليهما فهبتهما غير نافذة وليست لازمة.
واعلم أخي السائل أن ما اعتاده بعض المجمتعات من تعنيف المرأة وتوبيخها إذا أخذت حقها في الميراث بحجة أنها نازعت إخوتها فيه، مما جعل النساء يتنازلن عن ميراثهن ابتداء لعلمهن بما يترتب على أخذ حقهن من اللوم والعتاب والتعنيف، واعتبارهن خارجات عن التقليد الجاهلي المتبع في المجتمع فهذا التنازل لا عبرة به، ولا يصير به مال المرأة المتنازلة حلالا لأنه عن غير طيب نفس، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه منه. أخرجه الدارقطني وأحمد والبيهقي وصححه الألباني. وانظر للأهمية الفتوى رقم: 97300.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1428(12/4885)
هبة الوالد للذكور دون الإناث حال حياته
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل حفظكم الله ورعاكم:
أبونا رحمه الله تعالى كان يفرق كثيرا بين أبنائه وبناته, حيث إنه سعى من أجل دراستهم حتى أنهوا تعليما عاليا والآن يتمتعون بمناصب عمل راقية, ساعدهم رحمه الله في شراء سيارات وأراضي لبناء سكن, أقام لكل منهم حفل زفاف كبير في زواجه وساعدهم كذلك بفتح حسابات بنكية لإرجاع الديون التي كانت عليهم جراء شراء بعض الكماليات وساعدهم كثيراً في تسديد ديونهم، بينما نحن البنات كان رحمه الله لا يعير لنا أي اهتمام على أساس أننا متزوجات ولا يجب عليه أي شيء تجاهنا، وإخواننا لا يمانعون ذلك. ... ... ... ... ... ... ... قبل 10 سنوات أعطى لكل منهم نصيبه وسجله باسمه وترك وصية مكتوبة على أساس أن هذا تقسيم للميراث، ونحن البنات أوصى لنا بقطعة أرض أقل قيمة مما أعطاه وأوصى به لإخواننا، وكتب في الوصية كذلك أنه لا يحق للبنات أن يتمتعن بحقهن ما دامت أمنا حية حفظها الله، علما بأننا نحن البنات لم نطلع على هذه الوصية إلا بعدالوفاة. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... وأسئلتنا نلخصها في الآتي: هل يؤخذ بهذه الوصية، هل ما تمتع به إخواننا في حياة أبينا رحمه الله حق شرعي لهم، هل يدخل ما أعطاه لهم في حياته في الميراث، هل يجوز تأخير قسمة الميراث مع العلم بأن البنات يعارضن ذلك، هل يجوز لنا تقديم شكوى لدى المحاكم الوضعية في حالة رفض إخواننا الحل الشرعي؟ ... ... ... ... نسأل الله أن تكون الإجابة وافية شافية ... جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن تفضيل الأب للذكور دون الإناث في العطية -على نحو ما ذكرت السائلة- هو خلاف ما أمر الله به في كتابه، وخلاف ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته من العدل بين الأولاد ذكوراً وإناثاً، قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {النحل:90} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ... رواه البخاري ومسلم، وعند أبي داود بلفظ: اعدلوا بين أولادكم، اعدلوا بين أبنائكم ...
وإذا كان الأب أوصى للأولاد بشيء من ماله أو أملاكه يأخذونه بعد موته فإن هذه وصية باطلة لا يجوز العمل بها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، ولا وصية لوارث. رواه النسائي. فلا يجوز للوالد أن يوصي لأحد من الورثة بشيء سواء كان الموصى له ذكراً أو كان أنثى، فالوصية للوارث ممنوعة في الشرع لأن الله قسم التركة بينهم بالعدل، وانظري للأهمية الفتوى رقم: 78032.
وأما وصية الأب بأنه ليس للبنات حق في التركة ما دامت أمهن حية، فإن من كانت من البنات بالغة رشيدة فلها الحق في التركة بعد وفاة أبيها مباشرة، ووصية أبيها بالحجر عليها باطلة لا عبرة بها، وكذلك من كانت من البنات قاصرة لصغر سنها أو عدم حسن تصرفها فإن لها الحق في التركة؛ ولكن لا تتصرف في مالها حتى تصير بالغة رشيدة، ويتصرف في مالها وصيها المعروف بالنزاهة والاستقامة، فإن لم يكن لها وصي فالقاضي المسلم، وأما الأم فليس لها ولاية على مال الصغير في قول الجمهور، وانظري الفتوى رقم: 68530.
وأما ما وهبه الوالد للذكور حال حياته، فإن كان الموهوب له قد ملك الهبة في حياة أبيه وحازها وصار يتصرف فيها تصرف المالك فقد اختلف فيها هل تمضي أم لا؟ فمن أهل العلم من قال هي هبة صحيحة وقد صارت ملكاً له ولا تدخل في التركة بعد وفاة أبيه، ومن أهل العلم من قال هي هبة باطلة إذا لم يكن الوالد قد عدل بين أولاده، والقول الأخير هو الأقرب للحق والعدل، وتشهد له نصوص الشرع وقواعده ومقاصده، هذا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث حسن إسناده ابن حجر: سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. وفي البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: لبشير بن سعد وقد أراد أن يُشهده على هبة خص بها ابنه النعمان: لا تشهدني على جور. وفي مسلم أنه أمره بإرجاع الهبة.
ولا يجوز أن يمنع أحد من أخذ حقه من الميراث بعد وفاة الوالد لا من الذكور ولا من الإناث، ولا يجوز أن يؤخر إذا طلب نصيبه الشرعي وأمكن دفعه إليه، ومن فعل ذلك فهو ظالم آثم تلزمه التوبة إلى الله تعالى.
وأما التحاكم إلى المحاكم التي تحكم بالقانون الوضعي لأخذ المستحق حقه.. فالتحاكم لغير شرع الله لا يجوز في أي زمان ومكان، ولكن إن تعين التحاكم إليه لاسترداد الحق ولم يتمكن صاحب الحق من أخذ حقه إلا بالرجوع للقانون الوضعي فلا حرج في ذلك إن شاء الله، فيجوز التحاكم إليها للضرورة، فإذا انتفت الضرورة رجع للأصل، وراجع الفتوى رقم: 16466.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1428(12/4886)
أجر من أهدى لصديقه مصحفا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا أهديت صديقا مصحفا، هل لي أجر كلما قرأ به، وماذا لو كان لم يقرأ به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيرجى لمن أهدى مصحفاً أن يكتب الله له أجرين، أجر الهدية لأنها سنة كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 95117، وأجر تلاوة الشخص أو غيره في ذلك المصحف الذي أهدي إليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من دل على خير فله مثل أجر فاعله. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1428(12/4887)
وهب لكل زوجة بيتا ويريد الرجوع في هبته
[السُّؤَالُ]
ـ[زوج وهب لزوجاته كل واحدة بيتها الذي تسكن فيه مخافة أن يقوم وارثوه من أبنائه بإخراجهن من منازلهن ولكنه خاف أن يكون بعض المنازل أفضل في القيمة من بعضها بكثير فهل يجوز له الرجوع عن ما وهبهم إياه وهو في حياته مع العلم أنه لم يسلم واحدة منهن صك منزلها بعد الهبة.... أفيدوني والله يحفظكم ويرعاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز الرجوع في الهبة بعد القبض، وقد قال البخاري باب: لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته، وأورد تحته حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " العائد في هبته، كالعائد في قيئه ".
وقد انقسم أهل العلم في هذا إلى مذهبين. فقد جاء في الموسوعة الفقهية: أما القبض فلا بد منه لثبوت الملك, وذلك عند الحنفية والشافعية; لأن الملك لو ثبت بدونه للزم المتبرع شيء لم يلتزمه وهو التسلم, فلا تملك بالعقد بل بالقبض ... والرأي الآخر للحنابلة: أن الهبة تملك بالعقد, فيصح التصرف من الموهوب له فيها قبل القبض، كذا في المنتهى وشرحه, وهو الذي قدمه في الإنصاف ... وعند المالكية: تملك الهبة بالقبول على المشهور, وللمتهب طلبها من الواهب إن امتنع ولو عند حاكم ليجبره على تمكين الوهوب له منها.
لكن هبة الزوج لزوجته دار سكناه أو جزءا منها لا يصح عند كثير من أهل العلم، ما لم يخلها من أمتعته وينتقل عن السكن فيها. قال في منح الجليل: (و) صحت (هبة زوجة دار سكناها لزوجها، لا العكس) أي هبته دار سكناه لزوجته إن مات وهو ساكن بها فيها لبطلان الحوز; لأن السكنى تنسب للزوج وهي تابعة له ...
وقد علمت مما ذكر أن الرجوع في الهبة قبل أن تقبض يصح عند بعض أهل العلم، ولا يجوز ولا يصح عند البعض الآخر، وإنما الحوز عند هذا البعض شرط تمام وليس شرط صحة، وهذا هو الذي نرى رجحانه لموافقته للحديث الشريف.
وعليه، فلا نرى للزوج الرجوع في تلك الهبات إذا كان في إمكانه إخلاء المنازل المذكورة من أمتعته وأغراضه لتتمكن الزوجات من الحيازة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1428(12/4888)
حكم من طالب بميراثه بعد تنازله عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي متوفى وقبل وفاته بـ 4 سنين ذهب يعطي عمتي حقها ورفضت وسامحته وابنها شاهد وبعد وفاته بـ 7 سنين جاءت تطالب بحقها ثانية وتنكر أنه عرض عليها، فهل أبي عليه ذنب، وهل هي لها حق عندنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ثبت أن عمتك تنازلت لوالدك عن حقها من الميراث برضى منها وهي في حال أهليتها للتصرف، وحاز والدك ما وهبته وتنازلت له عنه، فإنه لا يحق لها المطالبة به بعد ذلك، وليس على والدك ذنب وتعد تلك الهبة التي تنازلت عنها بعد وفاة والدك من ضمن تركته التي يمتلكها ورثته كل حسب نصيبه الشرعي من الميراث، وراجعي للمزيد من الفائدة في ذلك الفتوى رقم: 99862.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1428(12/4889)
الهبة بهذه الكيفية غير نافذة
[السُّؤَالُ]
ـ[الأب توفي وله ابن وثلاث بنات وهو في حياته لم يكن يكتب أي شيء باسمه أو يضع النقود في البنك باسمه بل بأسماء أولاده كان يكتب الأشياء باسم ابنه وكنا نعلم أنها لهذا الابن مثل شقة سيارة أو قطعة أرض للبناء وكان يضع مبالغ في دفاتر توفير بأسماء بناته ولكن هو وحده له حق في الإيداع والسحب وكان له أرض زراعية فأراد أن يقسمها على أولاده بالتساوي واشترى للابن أرضا زراعية أخرى وكان يوجد في المزرعة جرار وعربة باسم ابنه ولكن الأب هو وحده له حق التصرف بهما وكان الأب على فراش الموت بدون علمه. السؤال هو: هل الأشياء التي كتبت بشكل سطحي مثل العربة والجرار أو المبالغ في دفاتر توفير البنات هل كل فرد من حقه ما كتب باسمه أو تقسم حسب الشرع في حين أنه سحبت المبالغ من دفاتر التوفير للصرف على مرضه وهل أمنية الأب في تقسيم الأرض الزراعية الأولى بالتساوي فيها ظلم للابن في حين أن الابن قد اتفق مع الأب في ذلك بدون أوراق رسمية وإيراد هذه الأرض كان يتمنى الأب أن تكون لبناته ولكنه توفي قبل تحقيق ذلك وقسم الابن الإيراد للذكر مثل حظ الأنثيين نرجو الإفتاء في ذلك الأمر. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يشترط لنفاذ هبة هذا الأب لأبنائه وبناته شرطان:
1. أن تحاز عنه الهبة حوزا شرعيا بحيث يصبح الموهوب له يتصرف فيها تصرف المالك في ملكه في حياة الواهب، وفي حال تمتعه بمؤهلات التصرف ولم يصب بمرض مخوف. أما إذا لم تتم حيازة الهبة في حالة أهلية الواهب للتصرف، فإنها لا تمضي، فقد روى مالك في الموطأ أن أبا بكر رضي الله عنه وهب لعائشة رضي الله عنها هبة ولم تقبضها حتى أصيب بمرضه الذي توفي فيه، فقال لها: إنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك، فاقسموه بينكم على كتاب الله تعالى.
2. تسوية الأولاد في الهبة، فإن تخصيص بعض الأبناء بالهبة دون البعض لا يصح على الراجح من أقوال أهل العلم. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلا أحداً لفضلت النساء. رواه البيهقي، وحسنه الحافظ في الفتح. ولما في الصحيحين عن النعمان بن بشير أنه قال: نحلني أبي نحلا ثم أتى بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشهده فقال: أكل ولدك أعطيته هذا؟ قال: لا. قال: أليس تريد منهم البر مثل ما تريد من ذا؟ قال: بلى. قال: فإني لا أشهد. وهذا لفظ مسلم.
والظاهر أن هذين الشرطين لم يتوفر أي منهما فيما ذكرته؛ لأنك ذكرت أن الأب هو وحده الذي له الحق في الإيداع والسحب، وأنه كان يريد قسمة الأرض الزراعية بين أولاده بالتساوي، وكان وحده الذي يملك حق التصرف في المزرعة والجرار والعربة ... أي أن أيا شيء من هذه الأمور لم يحز عنه.
وأنه أيضا لم يسو بين الأولاد في هذه الهبات.
وعليه، فإنها تعتبر جميعها باطلة، والواجب قسمة جميع متروكه على الفريضة الشرعية.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1428(12/4890)
الهبة الباطلة بعد موت الواهب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا واحد من خمسة ذكور وأربع بنات توفيت إحداهن قبل وفاة والدتنا وبعد وفاة والدنا.
كانت والدتنا تملك مبنى يتكون من منزل ومستودع تبلغ مساحته حوالي ربع مساحة المنزل.
وهبت أمي الطابق الأول وهو غير مبني (أو الهواء كما نسميه في بلادنا) لاثنين من إخوتي ولما أتما البناء وهبت الطابق التالي لي ولأخ آخر لي. وبما أن أخي الأصغر فقير الحال فقد وهبت له الطابق الأرضي (المنزل فقط دون المستودع) . وقد تم هذا كله دون رضا أي من أخواتي البنات.
من الناحية القانونية للجميع الحق في ما بقي من التركة (المستودع) فهل ما فعلته أمي صوابا؟ وهل يجوز لي المطالبة بحقي في ما بقي من التركة؟
أفيدونا جزاكم الله عنا وعن جميع المسلمين كل خير وبارك الله لكم في ما تقمون به من خدمة للإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الوالد والوالدة أن يعدلا بين أولادهما، ذكورهم وإناثهم في الهبة، وألا يفضلوا أحدا على أحد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه، وقوله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحداً لفضلت النساء. أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن، ومحل ذلك ما لم يكن هناك مسوغ شرعي للتفضيل من مرض أو كثرة عيال أو اشتغال بطلب العلم ونحو ذلك؛ كما هو موضح في الفتوى رقم: 33348.
وبناء على هذا، فإذا لم يكن هناك مسوغ شرعي لما وقع من تفضيل الذكور على الإناث فيجب رد هذه الهبة، ويأخذ الأبناء قيمة ما بنوه من مالهم الخاص، ويقسم البيت بجميع طوابقه إضافة إلى المستودع على الذكور والإناث جميعا قسمة الميراث لأن الهبة التي وقعت وقعت باطلة لا يعتد بها، والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم، لمن أراد أن يفضل بعض أولاده على بعض: ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: لا تشهدني فإني لا أشهد على جور. وفي رواية أنه قال له: فاردده. رواه مسلم، وأصله في البخاري.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: يجب عليه أن يرد ذلك في حياته كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضا طاعة لله ولرسوله، ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل؛ بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به. اهـ.
وإذا فعلتم ذلك فنرجو أن يكون كفارة للخطأ الذي وقع من أمكم. وراجع الفتوى رقم: 21597.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1428(12/4891)
هبة المرأة نصف مالها لابنة أختها
[السُّؤَالُ]
ـ[أود الاستفسار حول إمكانية التصرف بالمال الخاص والسؤال كالتالي: أنا في عمر الـ 4 سنوات أخذتني خالتي وربتني عندها لأنها لم تنجب أولاداً وهي متزوجة من رجل متزوج ولديه أولاد من الزوجة الأخرى كانت خالتي ترث من أهلها أموالا يعني مالها الموروث وليس من زوجها عندما كبرت وقبل وفاتها بـ 4 أو 5 سنوات كانت بكامل قواها العقلية وبكامل رضائها قامت بإعطائي بيتا وأرضا وقسما من أثاث بيتها يعني ما يقرب نصف تركتها ومن دون وصية أخذتها بحياتها، فهل يحق لي ذلك أم يعتبر أني حرمت الورثة من مالها، فأفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
هذه هبة تامة بناء على ما يبدو من معطيات السؤال.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الهبة المذكورة تمت في حال أهلية للتصرف، وتمام شروط الهبة، من رفع يد الواهبة عنها وتمام حوزها من قبلك وهي في حال أهليتها للتصرف، فإن الهبة صحيحة إن شاء الله تعالى، وتملكين بموجبها ما وهب لك ولو كان جميع المال، ذلك لأن المالك حق التصرف المشروع في ماله من الهبة والصدقة والحبس والبيع ... قال مالك في الموطأ: ... أمر الصحيح جائز في ماله كله. ولا فرق بين أن يكون مصدر مال الواهبة من تركة أيبها أو زوجها أو يكون من غير ذلك، ولذلك فالظاهر من معطيات السؤال أن هذه الهبة صحيحة، وللمزيد من الفائدة في ذلك انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 94327، 16207، 71872.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1428(12/4892)
الهبة من قريب ماله مختلط
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أقبل من قريبي الذي اختلط ماله حلالاً وحراما أن يعينني في مصاريف الزواج والوليمة خاصة؟ وما حكم استدعاء القريب غير المسلم للوليمة، علما بأن ذلك طلب من الوالدين؟ ... ... ... ... ... ... ... ... وهل أسبق الوليمة على الأضحى أو العكس، علما بأن ظروفي لا تسمح إلا لشاة واحدة، فأرجو الإفادة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا بالتفصيل حكم معاملة حائز المال الحرام وذلك في الفتوى رقم: 7707، ومنها تعلم أن المساعدة المذكورة إذا كانت من عين المال الحرام فيحرم، فالأصل أنه يحرم قبولها ما لم يكن الشخص فقيراً أو مسكيناً فله قبولها، ما لم يكن تحريمها ناتجاً عن تعلق حق بها كأناس معينين يمكن ردها إليهم كأن تكون مسروقة أو مغصوبة منهم، أما إذا كانت من مال مختلط بين الحلال والحرام فقيل تكره فقط وقيل تباح بدون كراهة.
ولا حرج في دعوة القريب غير المسلم -إذا كان غير محارب- إلى وليمة الزواج، وخاصة إذا تضمن ذلك دعوته إلى الله تعالى، قال الله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة:8} ، قال القرطبي: هذه الآية رخصة من الله في صلة الذين لم يعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم.
ويجوز لك أن تضحي بشاة ثم تولم لعرسك بلحمها كما نص عليه طائفة من أهل العلم، كما هو مبين في الفتوى رقم: 80837، علماً بأن وليمة العرس لا يشترط لها ذبح شاة خصوصاً إذا كان الإنسان عاجزاً عن شراء شاة، لما روى البخاري عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: اعتق صفية وتزوجها وجعل عتقها صداقها وأولم عليها بحيس. قال ابن حجر في الفتح: قال أهل اللغة: الحيس يؤخذ التمر فينزع نواه ويخلط بالأقط أو الدقيق أو السويق. انتهى. وراجع للأهمية الفتوى رقم: 29843.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1428(12/4893)
حكم قبول هبة من له أموال حلال وحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم جزيل الشكر على هذا الموقع القيم فكنت قد سألتكم في السؤال 2153984 وأحلتموني على الفتوى رقم 13116 والفتوى رقم 9532، لكن إذا كان من الممكن أن تفيدوني أكثر وسأفصل السؤال: فإذا كنا في الماضي عملنا عملا فيه شبهة وكانت الدولة تقتطع من راتبي جزءا منه لفائدة مصالح حكومية تقوم بتقديم إعانات للمواطنين على حسب دخلهم والآن وقد عملت عملا آخر تستمر الدولة في إعطائي الإعانات وتستمر أيضا في اقتطاع جزء من الراتب الجديد لتمويل الإعانات التي تعطيها لي وقد أكون ما أستفيد منه أكثر مما يقتطع من راتبي وذلك أن الدولة هي التي تمول حسب احتياجات الفرد، فهل يحرم علي الاستفادة من تلك الإعانات طيلة حياتي لمجرد تمويلي لهم فترة 7 أشهر خلال مزاولتي للعمل المشبوه وأنا قد تبت منه وأعمل عملا آخر، مع العلم بأنه لا يشترط تمويل هذه المصالح للاستفادة من الإعانات التي تقدمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينظر في مصدر هذه الإعانات الحكومية فإن كانت من أموال مختلطة منها ما هو حرام ومنها ما هو حلال بما فيها تلك الأموال المقتطعة من الأعمال غير المباحة كعمل السائلة قبل، فإنه لا حرج على السائلة في قبول الإعانات التي تمنح لها.
وقد سبق لنا في فتاوى عدة أن قلنا أنه لا بأس بقبول هبة من له أموال حلال وحرام أو كان غالب أمواله حراما، أما إن كان مصدر هذه الإعانات أموالا محرمه تحريماً صرفاً بحيث لا يخالطها حلال فلا يجوز قبولها إلا لفقير أو محتاج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1428(12/4894)
رد المفضل في العطية ما فضل به على إخوته
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن 07 إخوة والوالد شيخ كبير اشترى منزلا ووضعه باسم أخينا الأصغر وأصبحت عائدات الكراء ترجع إلى حساب أخي الأصغر لأنه مازال طالبا جامعيا ثم عاد الوالد واشترى سكنا آخر ووضعه باسمي حيث إنني الابن ما قبل الأخير وعائدات الكراء توضع بانتظام في حسابي الخاص كل هذا بأمر من الوالد لكن إخوتي الخمسة لم يستفيدوا شيئا من هذا الإجراء الذي اتخذه الوالد.
وخوفا من أكل هذا المال لم أستعمل هذا المال وتركته في حسابي الجاري بنية استعماله للمنفعة العامة للأسرة.
سؤالي هو: هل يأثم الوالد على فعله هذا؟
وهل أستطيع إذا أطال الله في عمري وعمر الوالد أن أدخل هذا المنزل في إطار تركة الوالد ويقسم على إخوتي بالشرع مخالفة لأمر الوالد.
أفيدونا جعلكم الله ذخرا لهذه الأمة.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز المفاضلة بين الأولاد في العطية إلا لمسوغ شرعي، ومن فضل على غيره دون مسوغ ندب في حقه إرجاع ذلك إلى التركة، وقيل يجب ذلك عليه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوالد مطلوب منه شرعا أن يعدل بين أولاده في العطية، فإن فاضل بينهم بلا مسوغ شرعي كمرض أحدهم وحاجته أو نحو ذلك من المسوغات الشرعية فإنه آثم لحديث النعمان بن بشير: أشهد على هذا غيري فإني لا أشهد على جور. متفق عليه. قاله النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم لوالد النعمان بن بشير لما جاء يشهده على نحلة خص بها النعمان دون سائر الأولاد. ومعنى جور ظلم.
فالمطلوب من والدك أن يعطي بقية إخوانك مثل ما أعطاك وأخاك فإن لم يقدر استرد ما أعطاكما.
وأما ما فعلته أنت وتنوي فعله فإنه أمر حسن طيب، وإن خالف أمر والدك فإنما الطاعة في المعروف، بل إن من أهل العلم من أوجب عليك رد المال إلى التركة عند وفات والدك، وهذا القول بالوجوب له حظ كبير من النظر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1428(12/4895)
هل تنفذ الهبة إذا مات الواهب قبل قبضها
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تملك شقة باسمها وكانت تقول إن هذه الشقة لأخي الصغير حينما يكون مقبلاً على الزواج وهذا دائماً كان حديثها بينها وبين أفراد العائلة كلها عندما نذكر مستقبل هذه الشقة فيما بعد وكانت تقول إنها سوف تترك هذه الشقة للعيش في أخرى حينما يأتي اليوم الذي يحتاجها ابنها الصغير، مع العلم بأنها لم تتنازل عن الشقة بالوثائق الرسمية المكتوبة ولم تقل إن ذلك وصية بالحرف شفهياً أو كتابياً، ليس أكثر من إظهار نيتها شفهياً بتنازلها عن هذه الشقة أمام العائلة للابن الأصغر، ثم توفاها الله ومن بعد الوفاة كل واحد في العائلة يعلم أن هذه الشقة أصبحت للابن الأصغر وما يوجد شيء مكتوب يثبت ذلك، ثم حصل شجار كبير بين الأب وهذا الابن في مشروعية الشقة هل تقسم حسب الشرع أم هي للابن الأصغر فقط؟ فأرجو من سيادتكم الرد على استفساري هذا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
شرط نفاذ الهبة قبضها قبل موت الواهب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الظاهر من السؤال أن هذا الولد لا يملك الشقة المذكورة لعدم توفر شروط الهبة الصحيحة فيها، فمن شروط الهبة النافذة أن يقبض الموهوب له الهبة قبل موت الواهب، وهذا ما لم يحدث في الصورة المعروضة، وجاء في المغني: إذا مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة. انتهى.
ومما استدل به على ذلك بحديث عائشة رضي الله عنها: أن أبا بكر رضي الله عنه نحلها جذاذ عشرين وسقاً من ماله بالعالية فلما مرض قال: يا بنية كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقاً ولو كنت حزته أو قبضته كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث، فاقتسموه على كتاب الله. رواه مالك في الموطأ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1428(12/4896)
حكم إذن الوالد لأولاده بأخذ ما يحتاجونه من غلة أرضه التي يعملون فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[والد زوجي على قيد الحياة ولكنه رجل على البركة زوجي له أخ وحيد يصغره بثلاث سنوات تقريبا، ولدى والدهم أرض بحاجة إلى جهد خاصة في أيام المواسم مثل الزيتون، زوجي متفان في العمل في أرض والده لكن أخاه بخلافه يعمل ولكن ليس بنفس القدر والإخلاص، علما بأنه متزوج وينتفع من الأرض مثل زوجي وبنفس القدر إذ أن كلا من الأخوين يأخذ كفايته من الزيت والزيتون وبقية المحصول ينتفع به الوالد، فما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في أن يأذن الوالد لولديه بأخذ ما يحتاجانه من غلة الأرض التي يعملان فيها، وليس في ذلك تفضيلاً في عطية أو منحة من الوالد لواحد منهما دون الآخر.
وينبغي للأخت السائلة أن تشتغل بما يعود عليها بالنفع في دنياها وآخراها ولا تهتم بتقييم عمل أخي زوجها ومقدار إخلاصه في هذا العمل، ففي الحديث: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1428(12/4897)
حكم الادخار للأبناء والزوجة وهل يتعارض مع الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الادخار من أجل الأولاد يتعارض مع قواعد المواريث
تحية طيبة..
وبعد: لكم خالص الشكر وجزاكم الله كل الخير لما تبذلونه من جهد من أجل إرشاد الأمة وتوجيهها إلى طريق الحق.
أنا متزوج من سيدة فاضلة ولي ابنتان (إناث) أقوم بادخار بعض الأموال في بنك للمعاملات الإسلامية في حسابات خاصة لكل فرد منا (حساب باسم زوجتي، حساب باسم ابنتي كل على حدة وحساب باسمي أيضا) .
أقسم ما أريد أن أدخره على هذه الحسابات البنكية –ليست بالتساوي ولكن كما يتراءى لي- وتكون نيتي ادخار ما ينفعهم للمستقبل.
وأراعي استخراج الزكاة كل عام عن مجموع هذه الأموال ولكني أخشى بأن يتعارض هذا مع قواعد المواريث حيث إنني أقسم أموالي على أسرتي دون اتباع هذه القواعد.
فهل هناك أي تعارض بين توزيع الأموال كيفما أشاء وأنا حي مع قواعد المواريث؟
عذراً إن كنت أطلت عليكم؟ ولكم خالص الشكر، والجزاء من عند الله.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا مانع من الادخار للأبناء والزوجة، ولا يتعارض ذلك مع أحكام المواريث.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الادخار للأبناء لا يتعارض مع أحكام الميراث إذا كان هبة تامة ووقع العدل والتسوية بينهم في العطية
ولذلك فإن ما تفعله من ادخار لأبنائك وزوجتك لا مانع منه شرعا وهو صحيح-إن شاء الله تعالى- ويملكون بموجبه ما ادخرت لهم بشرط أن تتم فيه شروط الهبة المبينة في الفتوى: 12549، والتسوية بين الأبناء في العطاء؛ كما هو مبين في الفتوى: 6242.
وأما التسوية بين الأبناء والزوجة فغير لازم؛ كما سبق بيانه في الفتوى: 40551.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى: 71058.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1428(12/4898)
حكم رجوع الوارث عما تنازل عنه برضاه
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة الأفاضل علماء مركز الفتوى بالشبكة الإسلامية، جزاكم الله الحنان المنان خير الجزاء على ما تقومون به في هذا الموقع الذي استفدت منه كثيراً في مواضيع متعددة لم يكن عندي أدنى فكرة عنها إلا من خلال موقعكم البعيد كل البعد عن التشدد في عرض فتواكم بل تستخدمون أسلوبا بسيطا هاديا مقنعا، فأرجو من فضيلتكم إرسال الأحاديث والمواقف التي تمنع رجوع الوريث في هبة مورثه؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
وردت في ذلك أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما ي عطي ولده. ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب يأكل فإذا شبع قاء ثم عاد في قيئه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال غير واضح لعل السائل الكريم يسأل عن حكم رجوع الوارث عن التنازل عن حصته من التركة إذا تنازل عنها، فإذا كان الأمر كذلك.. فإن الوارث إذا تنازل عن حصته من التركة برضاه، وكان رشيداً بالغاً وتمت حيازتها من قبل من تنازل له عنها فإن هذا يعتبر بمنزلة الهبة التي تمت بشروطها فلا يصح الرجوع عنها، ومن الأدلة على ذلك ما جاء في صحيح البخاري، قال: باب لا يجوز لأحد أن يرجع في هبته وصدقته، ثم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالعائد في قيئه. وقال صلى الله عليه وسلم: لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب يأكل فإذا شبع قاء ثم عاد في قيئه. رواه أبو داود والنسائي وغيرهما وصححه الألباني.
هذا إذا تمت الهبة بشروطها المذكورة، أما إذا لم تتم فله الرجوع متى شاء، قال ابن أبي زيد المالكي: ولاتتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة. وفي موقف أبي بكر رضي الله عنه من هبته التي وهبها لعائشة دليل على ما ذكر، فقد روى الإمام مالك في الموطأ: أن أبا بكر وهب لعائشة رضي الله عنها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما مرض مرضه الذي توفي فيه، قال لها: كنت قد نحلتك عشرين وسقا، ولو كنت قبضتيه أو حزتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث فاقتسموه على كتاب الله تعالى. وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23853، 58686، 80162.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1428(12/4899)
وهب لها بيتا ولم يسجله باسمها رسميا
[السُّؤَالُ]
ـ[وكلتني أختي في الله أن أسأل لها وهي في حالة استعجالية.
هي تقول لقد رباها عمها عندما كانت صغيرة، ولقد بنى لها بيتا ولكنه لم يسجله باسمها لأنه توفي قبل هذا، هل يحق لها ملكيته مع العلم أنه يوجد شهود يثبتون نيته قبل الممات منهم زوجته أم أنه ميراث يجب اقتسامه مع العلم أن أعمامه الآخرين قد رفعوا القضية إلى المحكمة.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كانت هبة البيت تمت بشروطها وقامت البينة الشرعية على ذلك فإن البيت يعتبر ملكا لهذه البنت ولو لم يسجل باسمها رسميا، وإن لم تتم الهبة أو تقم البينة فإنه يعتبر تركة على ورثة الميت المذكور.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان العم قد وهب البيت المذكور لهذه البنت في حال صحته وأهليته للتصرف وتمت حيازته من قبلها حيازة شرعية قبل دخوله في مرض موته فإن هذا يعتبر هبة صحيحة تستحق بموجبها البيت ولو لم يسجل باسمها رسميا فلا يحق لأعمامه المطالبة به.
أما إذا كانت الهبة وقعت في حال مرض موته فإنها تعتبر بمنزلة الوصية فتنفذ في حدود الثلث؛ إلا إذا أجاز الورثة ما زاد على الثلث.
وإن وقعت في حال صحته وأهليته للتصرف ولكنها لم تتم حيازتها من قبل البنت أو من ينوب عنها في حال صغرها.. فإنه يعتبر تركة لأن الهبة لم تتم في هذه الحالة، قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة.
ولذلك فإن الذي يمكن أن يقطع بأحقية أحد الطرفين للبيت هو المحكمة الشرعية لإمكان معرفتها بحقيقة الأمر وملابسات القضية.
هذا وبإمكانك أن تطلعي على المزيد من الفائدة والتفصيل في الفتويين: 16207، 51988، وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1428(12/4900)
حكم التراجع عن الهبة الصحيحة شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ثلاث بنات شقيقات توفي أبونا منذ عام ونصف تقريبا وعند وفاته تنازل لنا عمنا عن نصيبه في الميراث بمحض إرادته ودون أي ضغوط وهو في كامل صحته، ثم هو الآن بعد توزيع الميراث بعد عام ونصف يريد استرجاع نصيبه الذي تنازل عنه لنا، وعندما سألناه السبب قال إن تنازله كان مشروطا بشيء كان في ضميره، وعندما قلنا له إنه لم يعلن عن أي شروط عند التنازل قال إن ذلك كان في نيته وأن الأعمال بالنيات، فهل يجوز له استرجاع نصيبه في الميراث بعد أن تنازل عنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الظاهر من معطيات السؤال أنه لا يحق لعمكم الرجوع عن هذا التنازل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأمر كما جاء في السؤال فإنه لا يحق لعمكم الرجوع عن تنازله لأنه هبة تمت بشروطها فلا يجوز الرجوع عنها، وذلك لما رواه أبو داود والنسائي وغيرهم وأصله في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها؛ إلا الوالد فيما يعطي ولده، ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب يأكل، فإذا شبع قاء ثم عاد في قيئه.
فما دامت الهبة تمت بشروطها ولم يعلن عمكم تعليقها بشيء فلا يجوز له الرجوع، وبإمكانكم الرجوع إلى المحكمة الشرعية إذا لم تستطيعوا تسوية الموضوع بطريقة ودية وهو ما ننصح به (أي التسوية الودية) حفاظاً على صلة الرحم.. وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 93691، 75554، 97597.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1428(12/4901)
أقوال أهل العلم في قبول هدية حائز المال الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[تلقيت هدية من قريبة لي تعمل في صالون حلاقة بفرنسا، فهل يجوز لي قبولها، فأفيدونا؟ جزاكم الله عنا كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجوز قبول الهدية ممن يعمل عملاً محرماً إذا لم تك عين الهدية محرمة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في قبول الهدية من حائز المال الحرام لوصفه، مع أنهم اتفقوا على المنع من قبول هدية حائز المال الحرام لذاته (كالمسروق والمغصوب) ، وعلى القول بجواز أخذ هدية الحائز للمال الحرام لوصفه فلا مانع من قبول هدية قريبتك التي تعمل في صالون حلاقة بفرنسا، واحتج هؤلاء بأن النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهدية من اليهود والمشركين وأثابهم عليها فهذه أولى.
وذهب كثير من أهل العلم إلى أن من كان ماله حراماً كله لم يجز قبول هديته، ولم يفصل هؤلاء بين ما كان حراماً لذاته وما كان حراماً لوصفه، ولا شك أن الأخذ بهذا القول أحوط للدين، وراجع تفصيلاً أكثر في الفتوى رقم: 27917.
وإذا كانت قريبتك تعمل في صالون حلاقة يحلق للرجال أو يفعل فيه ما لا يحل، فإن هذا عمل محرم، ومن الواجب عليك أن تنصحيها بترك هذا العمل والقرار في البيت، أو العمل في مجال لا حرمة فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1428(12/4902)
الهبة لبعض الأبناء برضاهم جميعا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للأب أن يتنازل عن ملك من أملاكه سواء المنزل أو المحل لأحد أبنائه، مع العلم بأن أبناءه أي الورثة من بعده لا مانع لديهم من ذلك لسبب ما ورغبة منهم بمساعدة هذا الأخ الذي تم له التنازل أو الأخت التي بقيت عانسا بدون زواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجوز تنازل الأبناء عن حقهم في التسوية في العطية لغير مسوغ إذا كانوا رشداء بالغين، ولا يصح تنازلهم عن التركة إلا بعد استحقاقها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان القصد بتنازل الأب -عن بعض أملاكه لبعض ولده أو غيرهم برضى الورثة- أن يكون ذلك بعد موته فإن رضى الورثة بذلك لا يصح ولا اعتبار له شرعاً لأنه تنازل عن حق قبل استحقاقه فهو هبة لما لا يملكون، ويكون تنازل الأب هنا بمنزلة الوصية للوارث وهي نافذة بشرط أن يجيزها الورثة البالغون الرشداء، فإن كان فيهم غير بالغ أو غير رشيد لم يمض ما يقابل حصته.
وإن كان القصد أنه يتنازل لهم عنه في حياته وحال أهليته للتصرف فهو بمنزلة الهبة، فإذا كان لبعض الأبناء وتمت الهبة بشروطها فإنه يصح إذا كان لسبب معتبر شرعاً ولو لم يرض بقية الأبناء، أما إذا كان لغير مسوغ فإنه يصح أيضاً إذا تنازل بقية الأبناء عن حقهم في التسوية في العطية وكانوا رشداء بالغين لأن الراجح وجوب التسوية بين الأبناء في العطية، كما سبق بيانه بالتفصيل والأدلة ومذاهب أهل العلم في الفتوى رقم: 6242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1428(12/4903)
كتابة الأب بعض أملاكه لبعض أولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما حكم كتابة البيت أو المحل لأحد الأبناء أو البنات اللاتي لم يتزوجن خوفاً عليهم من بعد ممات الأب والأم، وحرمان الآخرين من نصيبهم في هذا الذي كتب؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
العدل بين الأبناء في العطية واجب إلا لمسوغ شرعي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القضية المذكورة في السؤال تحتمل أكثر من وجه، فمن ذلك أن يقوم الأب أو الأم بهبة البيت أو المحل لأحد أولاده أو بناته دون غيرهم، ويملكه هذا البيت في حياته، ويتم القبض من قبل الموهوب له، فهنا تعتبر هبة وعطية، وإذا لم يك لها مسوغ شرعي كفقر الولد أو مرضه ونحو ذلك فإنها هبة ظالمة، وعلى الأب أن يعود فيها قبل وفاته أو يعطي بقية الإخوة مثل ما أعطى ولده هذا، لحديث: اتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري ومسلم.
الوجه الثاني أن يكتب الأب أو الأم بذلك كتاباً ويضيفه إلى ما بعد موته فهذه تعد وصية لوارث وهي وصية باطلة ما لم يجزها الورثة، لحديث: لا وصية لوارث. رواه أحمد.
وأولى بالأب والأم أن يعدلا بين أولادهما في حياتهما وأن لا يضارا أحداً في الوصية بعد موتهما وليتذكرا قوله تعالى: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا {النساء:9} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1428(12/4904)
هل تقبل الهدية من مسلم يشك في حل ماله
[السُّؤَالُ]
ـ[قدمت لي جلبابا هدية لكن أشك في مصدر فلوسها أهي حلال أم حرام.هل ألبسها؟
ملاحظة إذا أعطيتها بدوري هدية لأتخلص من الجلباب، ثوب فيه فتنة ولن يلبس تحت العباية مخفي فقط مع النساء. في المقابل أنا لو لبسته لن أظهره إلا مع النساء بمعنى تحت العباية.
المهم ماذا أفعل بهذا الجلباب أريد الورع إذا كذلك هل يجوز قصه بالمقص ورميه أرجوكم أريد حلا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في قبول ذلك الجلباب منها ولبسه بالصفة التي ذكرت، ولا إثم عليك لأن مجرد الشك لا ينبني عليه شيء، والأصل في مال المسلم حله فيبقى على ذلك الأصل، وإذا تيقنت حرمة مالها أو حصل لك به ظن غالب فلا يجوزلك قبولها كما بينا في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 25563، 28849، 41804، أما قصه بالمقص ورميه فلا يجوز على كل حال لما فيه من إضاعة المال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1428(12/4905)
تفضيل بعض الأولاد في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي لها مال خاص بها أعطتني منه 2000 جنيه وقالت لي هذا المبلغ خذه لك ولم آخذه منك وأنا لي إخوة فما حكم الدين والسبب في إعطائها لي هذا المبلغ أنني أقوم على خدمتها ورعايتها دون غيري من أخواتي ذكور وإناث.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجوز تفضيل بعض الأولاد في العطية لوجود مسوغ شرعي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على الأبوين أن يعدلا بين أولادهما في العطية؛ لحديث: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه. وقد تقدم شرح هذا الحديث في الفتوى رقم: 5348، فتراجع، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا مانع من تفضيل بعض الأولاد في العطية إذا كان هناك مسوغ شرعي كفقر أو مرض أو بر وخدمة يميز به المفضل على بقية إخوانه، وعليه فلا نرى مانعا من قبول هذا المبلغ من والدتك على ما أفتى به جمع من أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1428(12/4906)
جواز الهبة والهدية للكافر غير المحارب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن يواد الكافرين وإذا كان لا، فكيف تفسرون إهداء عمر بن الخطاب لأخيه المشرك قطعة من حرير أعطاه إياه النبي صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا مانع شرعاً أن يهدي المسلم لأخيه الكافر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة:8} ، فالنهي إنما هو عن موالاة الكفار ومودتهم والرضى عن منهجهم وكفرهم ... ويكون الأمر أشد إذا كان ذلك على حساب المسلمين.
وأما محبة الكافر من أجل قرابته مع بغض كفره ومعتقده.. فلا مانع منه وهو ما كان يفعله الصحابة وعمر منهم، وقد أباح الإسلام الزواج من الكتابية وأمر بالإحسان إلى الوالدين الكافرين ... فلا مانع من محبتهم والإهداء لهم من هذه الناحية، والنبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أمر عمر أن يكسو القطعة المذكورة لأحد أقاربه أو يبيعها كما في الحديث: إنما أهديتها إليك لتبيعها أو لتكسوها، فأهداها عمر لأخ له من أمه مشرك.
وقد نص أهل العلم على جواز الهبة والهدية والوصية ... للكافر غير المحارب بغير المصحف، ومعلوم أن هدية عمر كانت بعد صلح الحديبة، هذا وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 22048، والفتوى رقم: 25510.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1428(12/4907)
ادعى أخوها أن ماوهبته لها أمها ملك له
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطتني والدتي خلال حياتها سواراً من ذهب وبعد سنوات من وفاتها رحمها الله جاءني شقيقي الأكبر وأخبرني بأنه سبق وأن أعطى والدتي سواراً على سبيل الأمانة ولا يدري أين السوار الآن، ولاني أشك في هذا الادعاء.... فماذا أفعل أن اخبرته إن والدتي أعطتني إياه ربما يأخذه مني وإن لم أخبره أشعر بخوف وبأني قد أكون مذنبة، علما بأن الأمر مضت عليه أكثر من عشر سنوات والآن تذكره أخي، فأفتوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الأصل أن ما في يد الإنسان ملك له، وله أن يتصرف فيه بالهبة والبيع وسائر التصرفات المشروعة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي جواب هذا السؤال نقطتان:
الأولى: أنه لا يلزمك دفع هذا السوار لأخيك حتى يأتي ببينة على أن هذا السوار ما يزال في ملكه ولم يخرج عن ملكه بهبة أو شراء ونحو ذلك، فإذا جاء ببينة فيجب دفعه إليه، لقول الله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58} .
النقطة الثانية: إذا كانت أمك تملكت في حال حياتها هذا السوار تملكاً صحيحاً وخصتك به دون سائر إخوانك وأخواتك وبدون مسوغ شرعي فيستحب في حقك أن تردي هذا السوار إلى التركة ليأخذ كل وارث منه بقدر نصيبه الشرعي من الميراث إلا أن يتسامح في ذلك الورثة.
وإنما قلنا إن ذلك يستحب في حقك ولا يجب؛ لأن الوالد إذا فاضل بين ولده في العطية أو خص بعضهم بعطية ثم مات قبل أن يسترده ثبت ذلك للموهوب له ولزم، كما جاء في المغني لابن قدامة قال: إذا فاضل بين ولده في العطايا أو خص بعضهم بعطية ثم مات قبل أن يسترده ثبت ذلك للموهوب له ولزم وليس لبقية الورثة الرجوع هذا هو المنصوص عن أحمد وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي وأكثر أهل العلم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1428(12/4908)
حكم الهبة في مرض الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[جدي من أبي عنده ست بنات وأربعة أولاد، جدي مريض ولا يتحرك كثيراً وجدتي مصابة بمرض الزهايمر، كل الأولاد والبنات متزوجون ولديهم أولاد إلا ثلاث بنات، واحدة منهن كانت تعمل في مدينة أخرى وستتزوج قريبا، البنتان الأخريان غير متزوجتين وتخدمان جدي وجدتي المريضان، مؤخراً قرر جدي شراء منزل وهبته لابنتيه اللتين تسكنان معه لكونهما غير متزوجتين ولا تعملان بل تفرغتا لخدمة والديهما المريضين، البنتان رفضتا أول الأمر لكنه أقنعهما وذكر ذلك لأولاده فاعترض على الأقل أحدهم ووافق بعضهم، فحضر بعض الموافقين وتم العقد بإشراف الموثق الذي لم ير مانعا شرعيا في ذلك، الآن اشتد مرض جدي وأصبح ينسى وأحيانا لا يدرك الوقت أو الأيام، وأمام إعتراض البعض على ما كان قررت البنتان اعتبار ذلك قرضا من الوالد وتسديده من ثمن كرائه، ما حكم الشرع فيما حدث، وهل اعتباره قرضا حل مناسب إن كان ما حدث غير جائز، وما هو الحل المناسب شرعا، ف أرجو التعجيل بالجواب؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
هبة المريض في مرض موته تعتبر وصية، والوصية لا تصح للوارث ما لم يجزها الورثة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ما ذكرته من مرض جدك وأنه لم يعد قادراً على التحرك، إذا كان القصد منه أنه في مرض مخوف فمعنى ذلك أنه قد أصبح محجوراً عليه في ماله، إلا ما تعلق بنفقته وعلاجه ونحو ذلك، من لوازمه، وإلا ما وهبه لغير ورثته بشرط أن لا يتجاوز ثلث ماله.
وبالتالي فإن شراء المنزل وهبته لابنتيه اللتين تسكنان معه لم يعد ممكناً ما لم يصح من مرضه صحة بينة، وذلك لأن حكم الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب حكم الوصايا، والوصية للوارث لا تجوز، لما روى الإمام أحمد وأصحاب السنن من حديث عمرو بن خارجة وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا وصية لوارث.
وإذا تقرر ذلك فإن الهبة المذكورة لا تصح، وما قررته البنتان من اعتبار الهبة قرضاً من الوالد، وإرادة تسديده من كراء المنزل لا يصح أيضاً، لأن كراء المنزل يعتبر جزءاً من الهبة، كما أن ما ذكرته من موافقة بعض الأولاد على هذا الأمر لا يفيد شيئاً ما بقي الواهب حياً، وأما لو استمرت موافقتهم بعد موت المورث فإن ذلك حينئذ يعتبر إجازة منهم، وبالتالي يكونون قد أسقطوا حقهم في المنزل لصالح البنتين، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 77648.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1428(12/4909)
من كتب لزوجته وبعض أولاده البيت قبل وفاته دون بقية ورثته الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة الأفاضل ... مسألة في الميراث.. تزوجت من رجل مطلق وله أولاد ذهبت هي وأولادها وعشنا نحن سويا ذهبت إلى الخليج معه مكان عمله اشترينا أرضا وأقمنا عليها منزلنا في بلدنا أنجبت منه أربعة أولاد كتب لي ولأولادي هذا المنزل توفي زوجي وترك لي أنا وأولادي هذا المنزل وبعض الأشياء وقال قبل وفاته إلى جميع العائلة إن هذا المنزل هو حقي وحق أولادي، والكل يعرف ذلك أنا خائفة هل لأولاد زوجي السابقين حق في هذا المنزل أفتوني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إن هذه الكتابة لا اعتبار لها شرعاً، والواجب إعطاء باقي الأولاد حقهم في الميراث؛ إلا إذا كانت هبة صحيحة شرعاً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنما فهمناه من السؤال أن زوجك المتوفى كتب لك ولأولادك البيت قبل وفاته دون بقية ورثته الآخرين، فإن كان الأمر مجرد كتابة لتحصلوا بها على تركته دون بقية أولاده فإن ذلك لا يصح؛ لما فيه من تقسيم التركة قبل الوفاة وحرمان بعض الورثة ... وإن كان ذلك هبة منه في حال صحته وأهليته للتصرف فإنه لا يصح أيضاً لما فيه من تفضيل بعض الأبناء على بعض في العطية، وعدم تمام الهبة من الحوز ورفع يده عنها ... ولذلك فإن هذه الكتابة لا اعتبار لها، ويظل حق أبناء زوجك في تركة أبيهم قائماً ما لم يتنازلوا عنه برضاهم وطيب أنفسهم بشرط أن يكونوا رشداء بالغين، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة في الفتوى رقم: 73358، وما أحيل عليه فيهما.
لكن إذا فرض أن هذه الهبة لبعض الأولاد دون بعض كانت لمسوغ شرعي كأن يكونوا صغاراً لا مال لهم، بينما الكبار لهم أموال يستغنون بها، وتم حوز البيت من قبل زوجة المتوفى وأولادها ورفع الزوج يده عنه وتركه لهم يتصرفون فيه تصرف الملاك، فإن الهبة تصح في هذه الحالة ويترتب عليها آثارها كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 51201.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1428(12/4910)
تستحق الهبة إن استكملت شروطها وترث
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالى فى الميراث.. رجل تزوج وأنجب ثم توفيت زوجته, وتزوج بأخرى وأنجب منها ثم قام بكتابة بعض أملاكه لزوجته الحالية بيعا وشراء حال حياته, وقد توفي الآن فهل ما كتبه لزوجته الحالية يعتد به, ويتم خصمه من تركته, وهل بعد ذلك تدخل الزوجة الحالية فى باقي التركة أيضا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
أن مجرد الكتابة لا قيمة لها ولا تملك بها هذه الزوجة ما كتب لها ما لم تستوف الهبة شروطها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوج المرأة المذكورة كتب لها ما كتب في حياته وتمام صحته ورفع يده عنه وتمت حيازته من قبلها حيازة معتبرة شرعاً بحيث أصبح تحت يدها تتصرف فيه تصرف المالك في ملكه قبل دخول زوجها في مرض الموت فإن هذه الكتابة صحيحة والهبة ماضية تستحق بموجبها الزوجة ما كتب لها، ولها الحق بعد ذلك في نصيبها من تركته وهو الثمن لوجود الأولاد.
أما إذا اختل شرط من شروط الهبة التي ذكرنا وكان ماحصل هو مجرد الكتابة لتحصل بموجبها على ما كتب لها بعد وفاته فإن ذلك لا يصح، لعدم تمام الهبة ولأنه بمنزلة الوصية للوارث، وعلى ذلك فإن ما كتب لها يرد إلى عموم التركة ليقسم معها على جميع الورثة وهي منهم كما قدمنا، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 16216 وما أحيل عليه فيها.
يبقى أن ننبه إلى أنه إذا قصد من وراء الهبة لهذه الزوجة تفضيل أولاده منها على أولاده من غيرها فإن ذلك لا يجوز لأنه من تفضيل بعض الذرية على بعض دون مسوغ شرعي، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 6242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1428(12/4911)
حكم قبول هدية من تعمل مزينة للنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[تلقيت هدية وهي عبارة عن ثياب وأمور أخرى من إحدى قريباتي التي تعمل كمزينة (حلاقة سيدات) بفرنسا، فهل يجوز لي أخذها والاستفادة منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا مانع من قبول الهدية المذكورة إذا كانت مقدمتها متقيدة بشروط إباحة تجميل النساء، وإن لم تكن متقيدة بذلك كان في قبولها التفصيل المبين في الفتوى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
لقد بينا من قبل حكم العمل في مهنة تجميل المرأة بنات جنسها، وقلنا إنه يباح بشروط يمكنك أن تراجع فيها الفتوى رقم: 2984.
فإذا توفرت شروط الإباحة في المهنة التي تمارسها قريبتك كان قبول الهدية المذكورة مباحاً، وإذا لم تتوفر شروط الإباحة اعتبرت الهدية المذكورة هدية من حائزة مال حرام، وحائز المال الحرام لا يجوز قبول هديته إذا كان ماله كله حرام، أو كانت الهدية عينها حراماً، أما من ماله مختلط من الحلال والحرام فإن قبول هديته ليس بحرام، ومن أهل العلم من كرهه، ومثل ذلك من حصل ظن غير راجح بحرمة ماله ولم يعلم ذلك على وجه اليقين أو الظن الغالب، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28849، 6880، 35548.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1428(12/4912)
على الزوج أن يراعي نفسية زوجته ولا ينسى إحسانها السابق إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة وعمري الآن 55 سنة قضيت عمري في العمل كنت أملك مصنع ملابس وكنت أعمل من أول يوم بزواجي لسن 45 أفنيت شبابي بالعمل لتحسين وضع أسرتي ومساعدة زوجي الموظف البسيط لي منه 6 أولاد جميعهم متزوجون، المهم قد اشتريت أرضا مساحتها فدانان بالأقساط من قريب لنا وبدون فوائد والدفعة الأولى دفعتها من حر مالي، وبدأنا ببناء المنزل ولم نستطع سداد باقي الأقساط فبعنا السيارة والباص بخسائر وتعبت أنا ومرضت فأغلقنا المصنع بعد تراكم الخسائر قمت بتسجيل فدان باسمه حتى لا يصغر بنظر بيت أهله وإخوته وحتى لا يشعر بانتقاص من قدره، وقمت بتسجيل السيارة والباص باسمه أيضا وبقي فدان باسمي فقط وهكذا طالبنا صاحب الأرض بباقي المبلغ وطبعا زوجي لا يملك المال لبناء المنزل كاملا قمت ببيع حصتي الفدان وبالمبلغ بنيت البيت وبعد سنين الأولاد أصبحوا بضيق منا بعدما تزوجوا وتراكمت عليهم أثقال الهموم ولم يعودوا بذاك الاحترام والحنان علينا وأصبحنا نذوق منهم الويلات والصراخ والإهمال فخفت على نفسي إن هو توفي أين سأذهب وكيف سأعيش وهو كان دائما يقول لي لا أعرف إن مت ماذا سيحل بك فقلت له سجل لي معك ولو الربع من حصتك هكذا أتحصن للزمن فرفض وقال أمك ما زالت حية وإن مت قبلي سترث منك ويرث إخوتك فقلت له ولكن هذا الشرع فصرخ وقال هذا مالي وأنا حر به وقلت له لكنه تعبي وسنين عمري قال أنت كتبت لي برضاك لم أطلب منك وكسر قلبي ليس من أجل أنه لم يرد أن يكتب لي بل لأنني أحسست بأنه مادي هو الآن طلب مني عدم فتح الموضوع معه مرة ثانية وقال بأنه يصلي ويقوم الليل ويصوم لأنه يعرف بأني يوم القيامة سآخذ من حسناته لذلك هو يزيدها ويضاعفها.
الآن السؤال الأول:
هل لي حق بعدم مسامحته؟
السؤال الثاني:
هل لي حق في مطالبته ببعض حصته؟
السؤال الثالث:
ما حكم الشرع في ما يفعل هو؟
وما حكم الشرع في ما أفعل أنا حيث قلت له لن أسامحك أبدا؟
وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن راتب الزوجة وجميع ممتلكاتها ملك خاص بها، ولا يجوز للزوج أخذ شيء من مالها إلا برضاها وطيب نفسها.
والزوجة لا تتحمل شرعا شيئا من النفقات، بل المسؤولية المالية كلها من نفقة وكسوة وسكنى هي من مسؤولية الزوج وحده مهما كان غنى زوجته وكثرة مالها. ومع ذلك فلا شك أن مساعدة الزوج في هذه الأمور والتعاون بين الزوجين في الأمور المالية وغيرها من أهم ما يوثق عرى الألفة والمحبة واستمرار الحياة الزوجية بينهما دون مشاكل.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه من المقرر شرعا أن الهبة تملك بالقبض والحيازة.
وبما أن زوجك -أيتها السائلة الكريمة- قد قبض وحاز ما كتبته باسمه فإنه بذلك يكون ملكا له، وليس ملزما بأن يرد لك منه شيئا، وإن كان الأولى أن يراعي جميل معروفك.
وعلى أية حال، فإننا ننصح السائلة الكريمة بأن تتفاهم مع زوجها في هذه الأمور، وذلك من باب حسن المعاشرة.
وننصح الزوج أيضا بأن يحسن معاملة زوجته، ويراعي نفسيتها واحتياجها، فالله تعالى يقول: وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة: 237} .
فلا ينبغي أن تفكري في عدم مسامحته، ولا في أن تحبي له الضرر يوم القيامة، كما أنه لا ينبغي أن يفكر هو في حرمانك من معروفه لسبب احتمال موتك قبل أمك وإرثها مما تتركينه، فإن التفكير في أي شيء من ذلك ينافي الفضل المأمور به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1428(12/4913)
أنواع الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أحد الفقهاء على إحدى القنوات يقول بأن الإنسان إذا تلقى هدية في إحدى المناسبات فهي دين وأنا أعرف أن الرسول أوصى بالهدية، ولكن أحسبها بقدر الاستطاعة، فإن أهدى الغني الفقير هدية قيمة لمساعدته فلا يستطيع الفقير أن يردها وبهذا واستنادا إلى هذه الفتوى لن يكون هناك تآزر بين المسلمين بما أن الفقراء لا يمكنهم تأدية ديونهم، فما رأيكم أفيدوني من فضلكم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يستحب لمن أهديت إليه هدية أن يكافئ صاحبها اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجب عليه ذلك إلا إذا كانت الهدية بقصد الثواب فتجب مكافأتها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد رغبنا النبي صلى الله عليه وسلم في الهدية وحثنا على تبادلها، فقال صلى الله عليه وسلم: تهادوا فإن الهدية تذهب وحر الصدر، ولا تحقرن جارة لجارتها ولو شق فرسن شاة. وفي رواية: تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء. رواه مالك والترمذي وغيرهما.
وكان صلى الله عليه وسلم يهدي ويقبل الهدية وربما كافأ عليها، وكذلك كان أصحابه والسلف الصالح، وكان يقول: من صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه به فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه. رواه أبو داود وابن حبان.
وعلى ذلك فالمكافأة على الهدية مستحبة وليست بمنزلة الدين على من أهديت له، ولعل ما سمعت من الفقيه يقصد به ما يسميه أهل العلم (الهبة لأجل الثواب فهذه بمنزلة البيع تجب المكافأة عليها بالقيمة أو أكثر أو أقل إن رضي الواهب، ولا يلزمه قبول أقل منها) ، وقد قسم أهل العلم الهبة إلى ثلاثة أقسام: هبة لوجه الله تعالى وهي الصدقة، وهبة للمحبة والتودد وهي بين الأقارب والأصدقاء، والثالثة هبة الثواب فلا يجب العوض عن شيء من ذلك إلا في هبة الثواب التي هي بمنزلة البيع كما قدمنا، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلعي على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28761، 47109، 94105.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1428(12/4914)
لا يصح للواهب الرجوع في هبته بعد قبضها في حياته ولا ورثته بعد مماته
[السُّؤَالُ]
ـ[سبق وأن أرسلت استفسارا عن الهبة ولكن بسبب خطأ مني لم أتلق الرد على الموضوع.
وهبت خالة والدتي لي شقة بحصة أرض مشاع قدرها 20سهما 4 قيراط تم قبضها في نفس اليوم 31/10/1991 لم يتم تسجيل الهبة نظراً لخطأ في أوراق الواهبة التي لم تسطع إشهار ملكية الأرض لنفسها من عام 1956 لعدم وجود سند ملكية البائعين، واستمر الوضع كما هو دون تغير قط ولم تطلب الواهبة الرجوع في الهبة نهائيا، توفيت الواهبة في 26/2/2006، وجاء الوارث الوحيد لها وهو ابن ابن شقيق الواهبة وحجب بنات الأخ وبنات الأخت وابن الأخت، وطلب الوارث بطلان الهبة لأن الهبة غير مسجلة وليست على ورقة رسمية مستندا للمادة 488 من القانون المدني المصري، فهل يحجب ابن ابن الشقيق بنات الأخ وبنات الأخت وابن الأخت، وما هو حكم القرآن والسنة في رجوع الوارث في الهبة، هل يحق له ذلك، وما حكم القانون المصري في الهبة المقبوضة المنفدة في 31-10-1991.
المطلوب: إرسال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الدالة على الإحابة، إرسال نص مواد القانون المصري وأحكام النص المؤيدة للإجابة، وأرجو من الله أن يتسع صدركم للإجابة على السؤال، ولكني في أمس الحاجة للإجابة؟ جزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على سؤالك في الفتوى رقم: 97773.
وجاء في سؤالك الجديد بعض الإضافات وهي:
1- سؤالك هل ابن الابن الشقيق يحجب بنات الأخ والأخت وابن الأخت؟ والجواب: نعم يحجبهم جميعاً لأنهم من ذوي الأرحام وهو عاصب يحوز المال كله عند عدم وجود صاحب فرض لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر. متفق عليه.
2- حكم رجوع الواهب؟ وقد بينا في الفتوى السابقة أنه لا يصح رجوع الواهب في هبته في حياته إذا كان قد قبض الموهوب له الهبة، ولا ورثته بعد مماته إلا إذا كان والداً ووهب لولده فله الرجوع في حال الحياة وقبل تصرف الموهوب له فيها ببيع ونحوه، وليس لبقية الورثة الرجوع في هبة الوالد لولده بعد موته.
3- طلب المادة التي في القانون المصري وحكمها؟ ونحن نعتذر عن نصها لعدم وقوفنا عليها.
4- طلب الأدلة على عدم صحة رجوع الواهب في هبته؟ وقد بيناها في الفتوى السابقة فارجع إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1428(12/4915)
بعض الأحوال التي لا يصح فيها رجوع الوالد عن هبته لولده
[السُّؤَالُ]
ـ[أم لها ثلاث بنات وولد وعندها عمارة ومحلات في الدور الأرضي, وهبت لكل بنت دورا ومحلا وللولد الضعف مع العلم بأن الأدوار كانت غير مبنية في ذلك الوقت، وعملت قرعة بترتيب الأدوار مضى على هذا ثلاث سنوات تقريبا ولم يتم البناء أرادت الأم مساعدة البنت الصغرى في بناء دورها نظراً لظروفها (من وجهة نظر الأم) فطلبت من الكبرى تبديل الأدوار حتى يتم البناء للصغرى أولاً ولكن الكبرى رفضت بشدة لأنه دورها في القرعة وطلبت منهم الانتظار لكي تبني هي أولاً، ولكن أعطوها مهلة للبناء وبالفعل بدأت في البناء فبنت نصف الدور ولكنها لم تنته قبل المهلة فوضعوا أيديهم على الدور كله وبدأوا بالتشطيب لتسكن فيه الصغرى وأعطيت البنت الصغرى الدور كله بما في ذلك النصف الذي بنته أختها الكبرى، زادت المشاكل لدرجة المحاكم بعد فشل كل محاولات الصلح من أهل الخير في البلد ومع وجود مشاكل كبيرة وخلافات قديمة بين الأخ وزوج البنت الكبرى قرر أنها لا تدخل العمارة أبداً وتأخذ نصيبها نقودا (بمعنى تقدير الدور والمحل وثمن البناء الذي بنوه) رفضت الكبرى بشدة وأصرت على حقها في العمارة لكن دون جدوى لأن الأم بعد ذلك كتبت للكل نصيبه بيعا وشراء ما عدا الكبرى فإنها لم تكتب لها شيئا ورجعت الأم في الهبة الخاصة بالبنت الكبرى فقط واكتفت بإشهاد (شفوي غير مكتوب) لنصيب البنت الكبرى (الفلوس) بعد بيع نصيبها حتى لا يدخل زوجها تلك العمارة خوفا من حدوث مشاكل مع ابنها، السؤال: هل للأم الحق في الرجوع في الهبة وتبديل الأدوار وهل يختلف الوضع بعد البناء، وهل يجوز إجبار الكبرى على قبول الثمن بدل العقار (نظراً لاستحالة اجتماع الأخ مع زوج الأخت الكبرى في عمارة واحدة بزعمهم طبعا وهذا من وجهة نظر الأخ الذي أجبر الأم على اتخاذ هذا القرار وبسبب تصرفات زوج البنت الذي اشتكاهم في المحاكم) ، والآن بعد أن تفاقمت المشكلة وأدت إلى عقوق وقطيعة رحم ما الحل وما المخرج وبماذا تنصحوننا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهبة الوالد لأولاده جائزة بشرط العدل بينهم جميعاً بأن يعطى الذكر مثل الذكر والأنثى مثل الأنثى، وإذا كانوا ذكوراً وإناثاً فقيل يسوي بينهم وهو مذهب أكثر أهل العلم، وفي قول أن للذكر مثل حظ الأنثيين كالإرث والأول أصوب، ولا حرج على من عمل بالقول الثاني وهو ما حصل من والدتك، وقد نص العلماء على أن للوالد أن يرجع في هبته لولده لما رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم أنه صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده ... وهذا مذهب الجمهور، لأن الوالد لا يتهم في رجوعه، لأنه لا يرجع غالباً إلا لضرورة، أو مصلحة للولد، ومحل جواز رجوع الوالد في هبته لولده ما لم يتعلق بها حق للغير، أو تخرج من ملكه، أو يكون قد تصرف فيها أو دخل بسببها في بعض الالتزامات.
وعليه، فليس للوالدة الرجوع ما دامت البنت الكبرى قد بنت فيما وهب لها، ولو أنها رجعت قبل ذلك لصح رجوعها، ولا يؤثر في ذلك كونها لم تسجل لها الدور لأنه هذا التسجيل لمجرد التوثيق فقط، والحل الشرعي أن تأخذ الأخت الصغرى قيمة ما بنته في دور الكبرى -إن رضيت الكبرى بذلك- وهذا ما ننصح به حرصاً على جمع الشمل وصلة الرحم، وإلا فإن للكبرى أن تطالب الصغرى بهدم ما بنته في دورها، والأصل في ذلك ما ثبت في سنن أبي داود: أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، غرس أحدهما نخلاً في أرض الآخر فقضى لصاحب الأرض بأرضه وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله منها، قال فلقد رأيتها وإنها لتضرب روؤسها بالفؤوس وإنها لنخل عم.. قال الشوكاني في نيل الأوطار: قال ربيعة: العرق الظالم يكون ظاهراً ويكون باطناً، فالباطن ما احتفره الرجل من الآبار أو استخرجه من المعادن، والظاهر ما بناه أو غرسه.
وقيمة ما بنته الصغرى إن لم تكن به بينة يكون حسب تقدير أهل الخبرة، فإن لم يحصل التراضي على ذلك فالمحكمة هي التي تفصل في مثل هذه النزاعات، وليس لأخي الكبرى منعها من دخول دارها لأنه ملكها، ولا إجبارها على قبول الثمن بسبب ما حصل منها أو من زوجها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1428(12/4916)
لا حرج في قبول الرجل هبة زوجته إن كانت بطيب نفس لا حياء
[السُّؤَالُ]
ـ[وفقكم الله على ما تعملون
زوجتي تحصلت على ميراث من أبيها، هل يحق لي تخليص ديون علي من هذا المال، مع العلم بأن جميع الدين صرفته على الفرح وهي تعلم ذلك وهي من عرضت علي ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا رضيت الزوجة وطابت نفسها بهبة بعض مالها لزوجها فلا مانع من ذلك شرعاً، ولا حرج على الزوج في قبوله سواء كان مصدر المال الإرث أو العمل أو الصداق أو غير ذلك، وسواء صرفه في دينه أو على بيته ... قال الله تعالى: وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا {النساء:4} ، أما إذا كان ذلك بغير طيب نفس أو حياء منها، فإنه لا يجوز لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه. أخرجه الدارقطني. وللمزيد عن هذا الموضوع انظر الفتوى رقم: 33803 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1428(12/4917)
هدية الموظف إذا لم يأخذها وأخذها أخوه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا الموظف أخذ هدية من شخص وهو ليس راضيا عن الهدية لأجل أنها تعتبر رشوة وأخذها أخوه فما الحكم الشرعي بالنسبة للأخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للموظف قبول هدية ليس لها سبب إلا كونه موظفا لثبوت النهي عن ذلك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما دام الشخص المذكور هنا قد قبل الهدية التي سببها أنه موظف فإنه قد أخذ ما يحرم عليه، سواء أخذها أخوه أو غيره، ففي سنن أبي داوود وغيره عن أبي حميد الساعدي: أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة فجاء فقال هذا لكم وهذا أهدي لي، فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال ما بال العامل نبعثه فيجيء فيقول هذا لكم وهذا أهدي لي، ألا جلس في بيت أمه أو أبيه فينظر أيهدى له أم لا، لا يأتي أحد منكم بشيء من ذلك إلا جاء به يوم القيامة إن كان بعيرا فله رغاء أو بقرة فلها خوار أو شاة تيعر ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه، ثم قال اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت. رواه مسلم. قال النووي عند شرح هذا الحديث: وفي هذا الحديث بيان أن هدايا العمال حرام وغلول لأنه خان في ولايته وأمانته ولهذا ذكر في الحديث في عقوبته وحمله ما أهدى إليه يوم القيامة كما ذكر مثله في الغال، وقد بين صلى الله عليه وسلم في نفس الحديث السبب في تحريم الهدية عليه وأنها بسبب الولاية بخلاف الهدية لغير العامل فإنها مستحبة، وقد سبق بيان حكم ما يقبضه العامل ونحوه باسم الهدية وأنه يرده إلى مهديه فإن تعذر فإلى بيت المال. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1428(12/4918)
ليس لبقية الورثة استرداد ما وهبه والدهم لأحدهم بعد موته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنفقت امرأة قيمة نصف فدان على أحد أولادها، علما بأن لها ولدا آخر وبنتا، وبعد وفاتها أراد الإخوة أن يقسموا الميراث، فقال الأخ والأخت يجب خصم نصف فدان من ميراث الأخ الأصغر
الذي أنفق عليه النصف فدان في حياة أمه، فما رأي الشرع في ذلك.
وأرجو أن ترسلوا لي فتوى الشيخ محمد عبد المقصود إذا كان له فتوى في مثل هذه المسألة لثقتهم في رأي الشيخ.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تخصيص بعض الأولاد أو تفضيله على بعض في الهبة وما شابهها محرم، دل على ذلك الحديث الثابت، ويجب على الواهب الرجوع عن هذه الهبة إن أمكن، أو إعطاء الجميع حتى تحصل التسوية والعدل إذا لم يكن لها مسوغ شرعي، وإذا توفي ولم يرجع عن هبته الظالمة تلك فهل ترد بعد موته أم لا، على قولين عند أهل العلم، وجمهورهم على أنها لا ترد، وليس لبقية الورثة الرجوع على الموهوب له. جاء في المغني لابن قدامة: فإن مات الواهب ولم يرده فقد ثبت لمن وهب له إذا كان ذلك في صحته وليس لبقية الورثة الرجوع، هذا منصوص أحمد وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي وأكثر أهل العلم.
ومن هذا يعلم أنه في مثل الحالة المسؤول عنها ليس لبقية الورثة خصم قدر ما أنفقته أمهم على أخيهم دونهم ولا مطالبته بشيء لأنه بموت أمهم تم له ملك ما خص أو فضل به، ولا رجوع لهم عليه بشيء لو كان الموهوب قائما بعينه، فإذا لم يكن قائما بل أنفق على الولد في حياة أمه أو بعد موتها فأولى أن لا يكون لهم رجوع عليه.
ولمزيد من الفائدة حول هذا الموضوع تراجع الفتوى رقم: 23475، والفتوى رقم: 8147.
هذا وننبه الأخ السائل إلى أن هذا الموقع تابع لوزارة الأوقاف القطرية، والشيخ المذكور ليس لنا تواصل مباشر به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1428(12/4919)
متى يتملك الابن ما بناه في بيت أبيه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أبلغ من العمر 70 سنة اشتريت قطعة أرض مساحتها 65 مترا بنيت الدور الأرضي والأول علوي وبنى ابني الثاني علوي وتزوج به والثالث بنى الثالث علوي وتزوج به، فكيف أحسب ميراث الابناء حسب الشرع، فأرجو الإفادة؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من معطيات السؤال أن ميراث الأبناء يكون في الدور الأرضي والأول فقط، فما بناه كل واحد من الأبناء يعتبر ملكاً خاصاً به ما لم يكونوا قد وهبوه لأبيهم، وإذن الأب لهم بالبناء يعتبر بمنزلة هبة الهواء، وسبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 43052، 52603، 55385. فنرجو أن تطلع عليها للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1428(12/4920)
تثبت الهبة بشهادة عدلين أو إقرار الوارث أو بالتوثيق لدى الجهات الرسمية
[السُّؤَالُ]
ـ[وهبت خالة والدتي لي شقة بحصة 20سهما 4 قراريط فى 31/10/1991حررت عقدا بذلك لم يتم إشهاره لخطأ فى أوراقها لم تتمكن من إشهار ملكيتها وبالتالي لم أتمكن من إشهار عقد الهبة رغم المحاولات العديدة من الواهب والواهبة توفيت الواهبة في 26/2/2006 طلب الوارث الوحيد لها ابن ابن شقيقها بطلان عقد الهبة في26/4/2007 بعد مرور 16 عاما من تحرير عقد الهبة وبعد مرور عام وشهرين من الوفاة مستندا على المادة 488 القانون المدني المصري الذي يعتبر الهبة باطلة ما لم تتم على ورقة رسمية، الحمد لله أنني قمت بخدمتها من قبل الهبة وحتى الوفاة أثناء كتابة الهبة عرضت عليها أن أدفع 8000 جنيه صرخت فى وجهي وأقسمت بالله أنها لن تأخذ مليما واحدا، وعدتها بعمل عمرة للمرحوم ابنها أو زوجها وعندما أكرمني الله بالذهاب لأداء عمرة لنفسي أديت عمرتين لابنها ولزوجها، مع العلم بأنها أدت 21 عمرة، 3 حجات، الوارث الوحيد لم يسأل عنها مرة واحدة منذ وفاة الابن والزوج من17 عاما على الرغم من أن والدته تسكن فى منزل الواهبة، لحقد الوارث الوحيد اتهمني أنا ووالدي ووالدتي بسرقة مورثته حتى ملابسها، الحمد لله صدر حكم القضاء بالبراءة لأن الادعاء مجرد كلام مرسل ليس له ثمة دليل يسانده، حكم الشرع فى الرجوع فى الهبة بالنسبة للوارث، حكم القانون المدني المصري في بطلان الهبة كطلب الوارث على الرغم من تنفيذ الهبة في نفس يوم تحريرعقد الهبة، حكم الشرع في طلب تعويض للاتهامات الباطلة لي ولأبي ولأمي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت لا تملك بينة بالهبة فإنك لا تستحقها قضاء، وللوارث المطالبة بها، وأما حكم تخصيص القانون للبينة في إثبات الهبة بتوثيقها في الجهات الرسمية فقط فغير صحيح شرعاً، بل تثبت بشاهدين أو إقرار الوارث أيضاً، وإليك تفصيل ما سبق إجماله..
فنقول: الهبة تملك بالقبض ويحل شرعاً لمن وهبت له أن يتصرف فيها بعد القبض بإذن الواهب ولا يشترط توثيقها ولا الإشهاد عليها وهذا من حيث الجواز الشرعي فيما بين العبد وربه، قال صاحب الزاد: وتلزم بالقبض بإذن واهب. ثم ذكر الشارح في الروض المربع حديث عائشة رضي الله عنها: أنا أبا بكر رضي الله عنه نحلها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما مرض قال: يا بنية، كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا، ولو كنت حزتيه أو قبضتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث، فاقتسموه على كتاب الله. رواه مالك في الموطأ.
وأما من حيث القضاء فإنه إذا كان معلوماً أنها ملك لشخص فلا يسلم القضاء بأنها لآخر يدعي أنها وهبت له إلا ببينة شرعية لأن الأصل أنها باقية لمن كان معلوماً أنها ملكه، والبينة إما أن تكون بشهادة عدلين وإما بإقرار الوارث وإما بتوثيق ذلك في الجهات المختصة، ولا يحق للمحكمة الشرعية أن تقتصر في البينة على التوثيق فقط، ولكن لو حصل ذلك فهم يتحملون تبعة ما أقدموا عليه.
وأما طلب تعويض مالي على مجرد التهمة فلا يحق ذلك، إلا إذا كان قد لحق بالمتهم ضرر مادي، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 29497.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1428(12/4921)
حكم أخذ الهبة من الدولة للقيام بمشاريع خيرية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل ومجموعة من الأخوات على إدارة مدرسة غير ربحية لتعليم اللغة العربية والقرآن والدراسات الإسلاميه يوما واحدا من الأسبوع طوال العام فى إحدى الدول الغربية والتي تنتشر فيها مثل تلك المدارس من أجل الحفاظ على اللغة والدين وهذه المدرسة تم تسجيلها منذ البداية في برامج الحكومة كمدرسة لتعليم لغة التراث مما قد يساعدها في استحقاق لأي منح أو مشاريع تقدم للمؤسسات غير الربحية من قبل الحكومة والتي توفر المبالغ الطائلة لهذه المؤسسات، والآن الحكومة توفر منحة لمن يتقدم ويطابق الشروط والتي لدينا العديد منها ولكن هذه المنحة مجملها من ضرائب القمار والمعتاد في كل ما تقدمه الحكومة هنا أن يكون المال خليطا من كل الضرائب المجموعة من كل شيء وحتى نحن كأفراد أيضا يجمع منا ضرائب كبيرة مما يعرف عن هذه الولاية من الدولة تحديداً والمدرسة في حاجه للمال لكي ننشئ لها مبنى لأن الإيجار يزيد يوما بعد يوم ولأننا نطالب بدفع تأمين عال في أي مبنى نستأجره لأننا يكون لدينا أطفال وغيرها من المتطلبات التي نحتاجها لإعلاء شأن المدرسة، وسؤالي هو هل يحق لنا الأخذ من هذه المنحة أم لا ولن يكون منها أي استخدام سوى للمبنى والمستلزمات الأخرى لإنشاء المبنى؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأموال التي بيد الدولة أموال مختلطة بين الحلال والحرام كما هو معلوم، وما كان كذلك فإنه لا يحرم قبول الهبة والمساعدة منه، وحتى ما كان محرماً من هذه الأموال فإن المصرف الذي تصرف فيه هو المشاريع الخيرية النافعة لعموم الناس في هذا البلد، ولذلك لا نرى مانعاً من أخذ المال الذي يدفع إليكم وصرفه في دعم هذا المشروع النافع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1428(12/4922)
من مبيحات تفضيل بعض الأولاد دون غيرهم في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله عنا كل خير وسؤالي هو:
لدي أخوين وأختين وكل منهما متزوج ويعيش كل في منزله ماعدا أخي الأصغر فهو مازال يعيش في بيت العائلة وأنا أعمل وأقوم بدفع مصروف لأمي ولأبي لأن أبي لا يعمل وكذلك أخي لكن أنا أعطيهم أكثر، ولذلك والدتي لها بعض الذهب وتريد أن تعطيه لي بدل الأموال التي أصرفها على المنزل فهل هذا جائز أم لإخوتي الآخرين حق في هذا الذهب وخاصة أن أخي الأكبر لا يصرف شيئا على والدي أو والدتي حتى أنه لا يأتي لهم بكوب عصير أو أقل شيء يمكن أن يأتي به ابن لوالده وهو دائم المشاكل معنا بسبب زوجته،
وبالنسبة لأخي الأكبر فهل على أمي أي إثم في أنها لم تعد توده بأي شيء لأنه لا يصرف عليها وهو كثير المشاكل، وكذلك قامت والدتي عندما تزوج أخي الأصغر بإعطائه بعض الذهب لأنه يريد أن يتزوج ويكمل دراسته فهل يجوز لها فعل ذلك؟
وأعتذر عن طول الرسالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على أمك في تفضيلك وتفضيل أخيك في العطية على غيركما من أبنائها للأسباب التي ذكرت، وذلك لأن تفضيل بعض الأولاد على بعض في العطية جائز إذا كان لمسوغ معتبر كفقر أحد الأبناء دون غيره، أو مرضه، أو سبب خاص به يقتضي إيثاره كالزواج وطلب العلم، وإليك التفصيل.
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على وجوب العدل بين الأبناء في العطايا والهبات، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأرجعه. وفي لفظ: فانطلق أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقته فقال: فعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا. قال: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. فرجع أبي فرد تلك الصدقة. متفق عليه. وفي رواية لمسلم قال: فأشهد على هذا غيري. ثم قال: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: بلى. قال: فلا إذن.
فأخذ بعض أهل العلم من ذلك وجوب العدل في العطية للأبناء -وهو الراجح إن شاء الله تعالى- لكن استثنى منه بعضهم جواز تفضيل بعضهم في ذلك إن كان له سبب، وإلى هذا ذهب الإمام أحمد -رحمه الله- كأن يحتاج الولد ـ لمرض أو لكثرة عيال أو لاشتغال بطلب العلم ـ دون البقية، أو يصرف العطية عن بعض ولده لفسقه، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله ونحو ذلك.
وبناء عليه.. فإن كان ما ستصرفه أمك إليك من الذهب هو لإعانتك على ما تتحملينه من النفقة عليها وعلى أبيك وأخيك فلا حرج فيه، كما لا حرج عليها فيما صرفت لأخيك بغية إعانته على الزواج لأن ذلك كله له مقتض ومسوغ يبيحه. ولمزيد من الفائدة انظري الفتويين رقم: 6242، 22617.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1428(12/4923)
النهي عن الهبة لأحد الورثة بقصد حرمان باقي الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلدنا شاعت ظاهرة جديدة وهي أن الرجل الذي ليس له أولاد أو له بنت فقط يكتب كل رزقه على زوجته لكي يبقى كل رزقه لزوجته بعد وفاته ثم لا يبقى شيء لإخوته من الميراث. فهل يجوز هذا الفعل؟ جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للزوج أن يهب لزوجته في حال صحته ما يشاء من ممتلكاته، ولا يجوز له أن يوصي لها بشيء بعد مماته ما دامت زوجته، كما لا ينبغي له أن يعطيها عطاء حال صحته يقصد به حرمان ورثته كإخوته أو بنته.
وبيان ذلك أن الشخص البالغ الرشيد يجوز له التصرف في ماله حال صحته بما يشاء من هبة أو صدقة ونحو ذلك، ولكن لا يجوز له أن يوصي بشيء من ماله لأحد ورثته بعد مماته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث. رواه أهل السنن، وانظر مزيدا من التفصيل في الفتوى رقم: 2331، والفتوى رقم: 2535، والفتوى رقم: 7275.
وكذا لا ينبغي أن يهب بعض ورثته أو غيرهم حال حياته قاصدا حرمان ورثته أو بعضهم بعد وفاته، وهذا قد يدخل في الحديث: من قطع ميراثا فرضه الله ورسوله قطع الله به ميراثه من الجنة. رواه ابن ماجه والبيهقي واللفظ له.
والمفتى به عندنا في الفتوى رقم: 63684، أن هذا العمل لا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1428(12/4924)
مسألة في الهبة والميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[• فى عام 1975 قام والدي بشراء منزل بالمعادي من ماله الخاص مكون من 4 طوابق وكتبه بالتساوى بين أبنائه [آمال – أحمد – تغريد] وقام بتأجير الدورين الثالث والرابع لبعض المستأجرين بإيجار شهري25 جنيه للمنزل
• وفي عام 1983 تم زواجي دفع زوجي المهر المطلوب منه لشراء أثاث في حدود مبلغ المهر وقام والدي بشراء الأثاث كما هو العرف السائد في أسرتنا وأعطى زوجي شقة فىي العقار بالطابق الثاني بالإيجار [25جنيه شهرياً] بدون تحرير عقد إيجار أو إيصال استلام للإيجار ويتم سداد الإيجار من زوجي لوالدي شهرياً وحتى الآن.
• فى عام 1986 تزوج أخي رحمه الله وأعطى له والدي شقة في العجوزة والتي كان يسكنها وانتقل والدي ووالدتي رحمها الله للإقامة في بيت المعادي في شقة بالطابق الأرضي لرغبة أخي رحمه الله في السكن بالقرب من عمله.
• وفي نفس العام 1986 تزوجت شقيقتي واتفقت والدتي رحمها الله مع زوج شقيقتي أن يقوم هو ببناء شقة على سطوح المنزل مقابل عدم قيامه بدفع مهر مع التزام والدي بتجهيزها من ماله الخاص.
• وقد طلب زوج شقيقتي من والدي تحرير عقد إيجار لهذه الشقة المستحدثة ليتمكن من إدخال الكهرباء للشقة، وبالفعل حرر والدي عقد إيجار باسم زوج شقيقتي مدته 25 عاما ولم يقم بسداد إيجار عن هذه الشقة طوال هذه الفترة وحتى الآن، ملحوظة: يقيم والدي في شقة بالطابق الأول، وأقيم أنا في شقة بالطابق الثاني [يدفع زوجي إيجارها حتى الآن بدون عقد إيجار] ، الطابق الثالث مؤجر، الطابق الرابع مؤجر، الطابق الخامس تقيم فيه شقيقتي [تم بناؤه بمعرفة زوجها بقيمة مهرها وقام والدي بتجهيزها من ماله الخاص أسوة بتجهيزي] .
• ملاك المنزل هم [والدي- أنا– ورثة أخي زوجتان وثلاثة أبناء- شقيقتي] السؤال هو: الشقة بالطابق الخامس التي بناها زوج شقيقتي بديلاً عن دفع المهر هل تعتبر في حكم التمليك بالنسبة لشقيقتي، حيث إنها تريد تقسيم أربعة طوابق فقط وخروج الخامس عند إجراء التقسيم، المراد معرفة التوزيع الشرعي لهذا العقار مع ملاحظة أن أولاد شقيقي المتوفى قصر ووالدي هو الوصي عليهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه بداية إلى أن كتابة هذا البيت بأسماء الأولاد لا تعتبر هبة نافذة إلا إذا حاز الأولاد البيت وخلي بينهم وبينه يتصرفون فيه تصرف الملاك بالبيع والتأجير ونحوه، وظاهر السؤال أن ذلك لم يقع، وعليه.. فهذا البيت لا يزال باقياً على ملك والدكم، ولا عبرة بإجراءات التسجيل لأن الهبة لا تتم شرعاً إلا بالقبض، وإذا عرفت هذا فالشقة التي بناها زوج أختك كبديل عن مهر أختك تعتبر ملكاً لأختك مع الأخذ في الاعتبار أنها لا تملك إلا البناء فقط، أما الأرض التي بني عليها البيت فلا تملكها، وإذا كان والدك قد وهبها حق التعلية على سطوح البيت بدون مقابل لزمه أن يهب ما يساوي ذلك لكل واحد من أولاده، أو يسترد هبته ويطلب منها لهذا الحق مقابلاً مناسباً لوجوب التسوية بين الأولاد في العطية، وفي هذه الحالة يعتبر ثمن حق التعلية أو بعبارة أخرى ثمن الهواء ديناً له عليها، وإذا مات دون أن يستوفيه دخل في سائل أملاكه التي تورث عنه.
وأما بالنسبة للتوزيع الشرعي للعقار فباقي البيت ما عدا بناء الشقة التي بناها زوج أختك ملك لوالدك ما دام حياً، أما إذا مات فإذا لم يكن هناك ورثة غير من ذكر، فإن لك ولأختك الثلثين، وما بقي فهو لأبناء أخيك الثلاثة يقسم بينهم بالسوية، وليس لزوجة أخيك شيء لأنها لا ترث من أبيك، كما أنه ليس لأخيك المتوفى شيء من ميراث والده لأنه مات في حياته.
وننبه إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية، وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصاياً أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذا قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 52138، 71975، 19549.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1428(12/4925)
يبطل كل ما ينبني على الهبة غير المقبوضة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب من السعودية من أهل السنة ووالدي وعد رجلا شيعيا بمنحه أرضا وبالفعل تم منحه الأرض في حياته وبعدها قمت أنا بإقناع الوالد بأن هذه الأرض وسط أراضي لنا وأننا يمكن استغلاها بشكل أفضل إذا كانت كاملة وبالفعل تم تسعير الأرض الممنوحة له في وقتها وبلغت 300000 ألف ريال وقلنا له ابحث عن أرض أخرى وبالفعل حضر بعدها بأيام ووجد أرضا في القطيف بمبلغ 140000 ألف ريال وتم شراؤها له، وقال والدي بيني بالباقي لك وهو 160000 واتفقا على ذلك فذهب لاستخراج رخصة ومخطط، وفي هذه الأيام توفي والدي رحمة الله عليه فقال أخي الأكبر إنه شيعي ولا يجوز له الصدقة، وأنا أقول أنها عملية بيع وشراء فلو كانت مع يهودي فعلينا تكملة ما على والدي، فما رأي الشرع حفظكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والدك قد وهب هذا الرجل قطعة الأرض وسلمها له ثم اشتراها منه فيجب تسليمه ثمنها أو ما تبقى من ثمنها لأن هذه الأرض قد أصبحت مملوكة له كسائر أملاكه، أما إذا لم يسلم له الأرض الموهوبة حتى مات فقد بطلت الهبة لأن الهبة لا تتم إلا بالقبض، وبطل كذلك ما بني عليها من البيع والشراء لأن الشراء ورد على ما يزال في ملك المشتري، كما أن البيع ورد على ما لا يملكه البائع، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 75554، والفتوى رقم: 19549، والفتوى رقم: 58686.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1428(12/4926)
مسائل في الرجوع في الهبة والإثابة عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[تحية طيبة لكل العاملين في الموقع وكل من ساهم وأرشد لطريق الهداية بإذن الله....
أنا سني 59سنة بنت وضريرة ومريضة بالقلب وعلى المعاش ومنذ ستة سنين ابن أخي قعد معي ليأخذ بأيدي وأعطيته من معاشي وهو كان يعمل يوما و10 أيام لا يعمل، وكنت أصرف عليه الأكل والشرب وهو عمره 31 سنة، قررت أن أزوجه من فتاة حتى يكمل حياتة الطبيعية ويبقى معي وأتيت له بشقة وأغراض وشبكة، قعد فترة وأتى وقعد معي ونقلنا الأجهزة التي كانت عنده والأغراض إلى بيتي حتى يقيموا معي، وبعد ما ولدت لهم مولودة صغيرة طلبت منه زوجته الرحيل عن بيتي والعودة لمنزلهم، فهل أرجع له الأجهزة الكهربية والشبكة التي اشتريتها له، وأنا الآن علي ديون من مساعدتي له في إتمام زواجه، فهل لو تصرفت في الشبكة والأجهزة الكهربية يكون حلالا أم حراما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إنفاق الأخت السائلة على ابن أخيها والقيام بتكاليف زواجه ومنحه شبكة وأثاثا ومواد كهربائية ونحو ذلك أمر حسن نسأل الله تعالى أن يجزل لها الأجر والثواب، ونتمنى منها أن لا تعود فيما قدمته له مطلقا لاسيما إذا كان لا يزال فقيرا معدما.
وأما حكم تصرفها فيما وهبته له هل هو حلال أو حرام؟
فجوابه: أنه ينظر إلى قصدها فإن قصدت إباحة انتفاعه بما سلمته إليه فقط فهو لا يزال في ملكها، ويجوز لها أخذه متى شاءت، وإن قصدت الصدقة به فليس لها الرجوع في عينه ولا طلب عوض بدله مطلقا إذا كان قد قبض الصدقة، قال الجلال المحلي رحمه الله: وَلا يَجِبُ فِي الصَّدَقَةِ ثَوَابٌ بِكُلِّ حَالٍ قَطْعًا. صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
وأما إذا لم يكن قد حازها فلها الرجوع في عين صدقتها.
وإن قصدت الهبة فلها حالات:
الأولى: أن تنفي العوض أو لا تقصده عند الدفع فليس لها طلبه بعد ذلك ولا الرجوع في عين الهبة.
الثانية: أن تقصد العوض فلها طلبه وهو قيمة الموهوب يوم القبض على الأصح، فإن رفض الموهوب له من دفع القيمة فلها الرجوع في عين هبتها، وهو ما ذكر من الأعيان في السؤال.
الثالث: أن تطلق فلا تقصد شيئا ففيه خلاف، والأصح أنه ليس لها طلب العوض ولا الرجوع مطلقا.
الرابع: أن تكون قد قصدت العوض وحددته، وهذه الحالة لها صورتان:
الأولى: أن يكون العوض المحدد معلوما فلا بد منه وهو بيع.
الثانية: أن يكون العوض مجهولا فالهبة باطلة ويبقى المال في ملك الواهب.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في المنهاج: ومتى وهب مطلقا فلا ثواب إن وهب لدونه, وكذا لأعلى منه في الأظهر, ولنظيره على المذهب, فإن وجب فهو قيمة الموهوب في الأصح، فإن لم يثبه فله الرجوع, ولو وهب بشرط ثواب معلوم فالأظهر صحة العقد, ويكون بيعا على الصحيح, أو مجهول فالمذهب بطلانه.اهـ
والسبب في عدم جواز التصرف في عين الموهوب بعد قبضه هو أنه بالقبض قد خرج من ملك الواهب ودخل في ملك الموهوب له، فإن رفض الموهوب له أن يعطي العوض فللواهب الرجوع في عين هبته حسب التفصيل السابق. قال العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله في التحفة: فإن وجب الثواب ... فهو قيمة الموهوب: ولو مثليا أي: قدرها يوم قبضه في الأصح، فلا يتعين للثواب جنس من الأموال؛ بل الخيرة فيه للمتهب، وقيل يثيبه إلى أن يرضى ولو بأضعاف قيمته للخبر الصحيح {أن أعرابيا وهب للنبي صلى الله عليه وسلم ناقة فأثابه عليها، وقال له: أرضيت؟ قال: لا، فزاده إلى أن قال نعم} واختاره جمع، فإن قلنا تجب إثابته ولم يثبه هو ولا غيره فله الرجوع في هبته لخبر {من وهب هبة فهو أحق بها ما لم يثب منها} صححه الحاكم؛ لكن رده الدارقطني , والبيهقي بأنه وهم، وإنما هو أثر عن ابن عمر. انتهى.
والحاصل: أن هذه المرأة أعرف بقصدها وقد فصلنا أحكام كل نوع فيما مضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1428(12/4927)
الهبة للأولاد في مرض الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت أعطيت والدتي عدة مصوغات ذهبية بنية الهدية وعند وفاتها قلت لأخواتي أن أمنا أعطتها لنا على سبيل الهدية بعد أن حصلن عليها أثناء الوفاة، فهل أعتبر هذه المصوغات حقا لي وأستردها بعد الوفاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال غير واضح والذي فهمنا منه أن السائل الكريم كان قد أهدى لأمه مصوغات ذهبية وعند وفاتها أخبرته أخواته أن الأم أعطتهن المصوغات على سبيل الهدية لهن، فإن كان الأمر كذلك فإن هذه المصوغات ترجع إلى عموم تركة أمكم لتقسم معها على جميع الورثة، لأنها دخلت في ملكها بالهبة التامة والحوز. ودعوى البنات الهبة تحتاج إلى دليل، ولو ثبتت فإنها لا تصح لوقوعها في مرض الموت، كما لا يحق لك الرجوع فيها لثبوت الهبة، وسبق بيان ذلك في بالتفصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 93601، 26656، 20045، 27854، 58686.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1428(12/4928)
حكم الهبات المالية من المسئول لبعض الموظفين دون بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[مدير مؤسسة عمومية يخول له القانون التصرف في ميزانية معينة. فيبادر غالب الأحيان إلى إعطاء بعض الموظفين المقربين له هبات مالية، مما يثير غضب باقي الموظفين فيطالبونه بحقهم في هذا التعويض الجزافي، السؤال: هل هذا المبلغ المتحصل عليه بهذه الطريقة حلال أم حرام؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان جميع الموظفين مستحقين لهذه الميزانية حسب قانون المؤسسة فإن محاباة المدير لبعضهم على حساب البعض الآخر حرام شرعا لأنه ظلم وجور، والعدل أن يقسم بينهم هذا المال بالسوية ما داموا يستحقونه جميعا، فإن كان المال قليلا لا يسع جميع الموظفين أجريت بينهم القرعة لأن الحق ثبت لبعضهم ولا يمكن تمييز هذا البعض إلا بالقرعة؛ كما جاء في قواعد ابن رجب: تستعمل القرعة في تمييز المستحق إذا ثبت الاستحقاق ابتداء لمبهم غير معين عند تساوي أهل الاستحقاق.
فإذا لم تك هناك قرعة وخشي الموظف من ذهاب حقه من هذا المال فإنه يأخذه ولو حرم غيره، فهو هنا لا يأخذ حق غيره وإنما يأخذ حقه لأنه مستحق لهذا المال، أما إن لم يك من أهل الاستحقاق فلا يجوز له أخذه.
وقد ذكر الغزالي رحمه الله في السلطان إذا لم يدفع إلى كل المستحقين حقوقهم فهل يجوز لأحدهم أخذ شيء منه؟ قال: يأخذ ما يعطى وهو حصته والباقون يظلمون، وقال: هذا هو القياس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1428(12/4929)
العدل بين الأبناء في الهبة مذهب المحققين من أهل العلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفتاء هذا الرجل: يقول: أنا رجل سبعيني (أرمل) لدي ولد وخمس بنات اشتريت قطعة أرض ساهمت فيها زوجتي (رحمها الله) وثلاث من بناتي (ولدي وابنتاي المتبقون لم يساهموا بشيء) مساهمة زوجتي وبناتي الثلاثة كانت عطية لا قرضا ولا بنية الشراكة بعد مرور زمن بعت الأرض واشتريت بثمنها منزلا، كتبت هذا المنزل لاثنتين من بناتي (قد بقيتا معي في المنزل إذ لم تتزوجا، إحداهما كانت قد ساهمت في شراء الأرض سابقا والأخرى لم تفعل) ولم أكتب حصة في المنزل لأولادي الآخرين لأنهم لكل منهم منزل، لاحظت أن باقي أولادي غير راضين رغم أنني أعطيت كلا منهم مبلغا ماليا (غير كبير ولا يساوي حصصهم) في سبيل إرضائهم وقبلوه في البداية ثم وبعد مدة بان عدم رضاهم، أنتظر فتواكم في هذا الأمر حتى أصلح بما يرضي الله أي ذنب أو خطأ اقترفته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيبدو من السؤال أن هذا الرجل لم يسو بين أبنائه في العطية عندما أعطى لبعضهم مبالغ صغيرة وخص اثنتين من بناته بالبيت الذي تفوق قيمته تلك المبالغ، والتسوية بين الأبناء في العطية اختلف أهل العلم في حكمها فذهب الجمهور إلى أنها مستحبة، وذهب بعضهم إلى أنها واجبة وهو ما رجحه المحققون وذلك لما جاء في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فاتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم. وقال صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي من طريقه وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن. وقد سبق بيان ذلك بتفصيل أكثر في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 6242.
وعلى ذلك فإن على هذا الرجل أن يعطي مبالغ مالية لمن لم يعطها له من أبنائه وتكون مساوية لما أعطى للآخرين -إذا كان يستطيع- وإلا فإن عليه أن يرد ما أعطى للجميع.
ثم إن كتابة البيت لابنتيه إذا لم تكن هبة ناجزة وتتم حيازته من قبلهما بالفعل فإنها لا تصح ولا تمضي شرعاً؛ بل يكون البيت تركة على جميع ورثته إذا توفي، وكذلك إذا كان القصد منها أنهما تأخذانه بعد وفاته فإنه لا يصح أيضاً ولا يمضي لأنه بمنزلة الوصية، والوصية لا تصح لوارث، ولذلك فالحل أن يترك المنزل لنفسه ولورثته من بعده، وأن يعوض ابنتيه مبلغاً مساوياً للمبالغ التي أعطى لإخوتهما حتى يتم العدل بينهم كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1428(12/4930)
تبادل الهدايا بين المواساة والمباهاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة العلماء:
ما حكم الدين في إنسان إذا حدثت له مناسبة اجتماعية من زفاف أو مرض أو غير ذلك بادرت الناس بإعطائه مبالغ مالية لمساعدته حتى إذا حدث لغيره مناسبة اجتماعية أيضا التزم برد ضعف ما أخذه منه حتى لو كان في ضيق مادي ثم العكس وهكذا دون انقطاع وإلا كان قاطعا للرحم والعلاقات الاجتماعية وهو ما يسمى بنظام النقطه في مصر وهل تعد هذه الزيادات ربا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإسلام دين الصلة والرحمة والتعاون يسعى إلى بناء مجتمع مسلم متماسك متآلف متعاون على البر والتقوى في السراء والضراء، ويحث على كل ما يوثق الصلة والمحبة والألفة بين أبنائه؛ فقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}
وقال صلى الله عليه وسلم: تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا، وتذهب الشحناء. رواه مالك في الموطإ وغيره، وفي رواية: فإن الهدية تذهب وحر الصدر. رواه الترمذي
وعلى ذلك، فإن كان ما يقع من تبادل الهدايا بين الأشخاص أو ما يعطى لأحدهم أو يهدى له بقصد المساعدة على نوائب الدهر أو صلة الرحم والمواساة والتعاون.. فإن هذا محمود شرعا مقبول طبعا، ولو زادت هدية بعضهم أو نقصت فإن هذا لا يعتبر ربا لأنه ليس بيعا ولا سلفا.
أما إذا كان ذلك على سبيل المباهاة والرياء والتكلف المذموم فإن هذا لا خير فيه، فالإسلام يكره هذه الأمور وينهى عنها.
كما ننبه إلى أن من وهب هبة يقصد منها العوض والثواب فله أن يسترجعها ممن وهبت له إذا لم يرض بالثواب أو العوض الذي أهدي إليه مقابلها. فقد روى مالك في الموطإ عن عمر رضي الله عنه قال: ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها إذا لم يرض منها.
وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتويين: 20625، 18610.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1428(12/4931)
حكم هبة الوالد لأحد أولاده لحاجة خاصة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وقبل موته وضع مبلغا من المال في حسابي لأجل بناء بيت لي فوق بيته وقال لي بأن المال الذي في حسابك لإتمام المنزل ومصاريف الزواج لي ولأخي، فهل هذا المال يدخل من ضمن الإرث أم لا، علما بأنه لم يطلع إخوتي على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم بأنه يجوز للأب إعطاء مال لأحد أبنائه إذا كان سبب ذلك حاجة خاصة، ومثلوا لذلك بمساعدته في عقيقة أو زواج، وبناء عليه فنرجو أن لا يكون هذا من باب التفضيل بين الأبناء في العطية، ونرجو أن تراجع المحاكم الشرعية إن وجدت، وإلا فأقرب عالم ثقة لينظروا في ملابسات المسألة، فهل هو ملكك المال وذكر أن سبب التمليك مساعدتك في بناء السكن وفي الزواج، أم هو أودع المال في الحساب ليصرف منه في البناء وفي مساعدتك ومساعدة أخيك على الزواج.
والحاصل أنه يحتاج في هذا للقاضي أو من يقوم مقامه ليطلع على الصيغة هل هي هبة أم إيداع وما علاقة الأخ بالسكن، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية للاطلاع على المزيد من أحكام المسألة: 76810، 6242، 75735، 74933، 72534، 71212.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1428(12/4932)
لا يليق بعد إحسان والدك إليك أن تبخل عليه بعائد من الإيجار
[السُّؤَالُ]
ـ[اشترى لي والدي شقة بالتقسيط واتفق معي أنه سيدفع جزءا من ثمن الشقة وأكمل أنا باقي ثمنها وفعلا دفع الجزء الذي يخصه ونقل ملكية الشقة لي فأردت أن أؤجر الشقة فقال لي إنه سيأخذ جزءا من الإيجار بقيمة النسبة التي دفعها فهل هذا إجبار علي أم من حقي أن أرفض وهل لو رفضت أصبح عاقا لوالدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإجابة في هذا السؤال تتضمن النقاط التالية:
النقطة الأولى: إذا كان للأخ السائل إخوة وخصه والده بهذه العطية بدون مسوغ شرعي فإن هذا غير جائز؛ لحديث: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه مسلم. وراجع في هذه المسألة الفتوى رقم: 77648.
الثانية: الهبة إذا قبضها الموهوب له وحازها حوزا صحيحا فإنه يتملكها ويتصرف فيها كيف شاء بالإيجار أو البيع ونحو ذلك من التصرفات الجائزة.
الثالثة: إذا أراد الوالد الواهب أن يرجع في هبته لولده فله ذلك ما لم تخرج عن ملك الولد ببيع أو وقف ونحوه. وراجع في هذه المسألة الفتوى رقم: 21597.
الرابعة: يحل للوالد أن يأخذ من مال ولده ما يفي بحاجته بدون أن يستأذن منه؛ لحديث: أنت ومالك لأبيك. رواه ابن ماجه. وبشرط أن لا يجحف بالولد، ومنع الولد لأبيه في هذه الحالة يعد عقوقا.
وبخصوص قضية السائل نقول له إن الله تعالى يقول: هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ {الرَّحمن:60} فوالدك أحسن إليك واشترى لك شقة، فكيف يكون جزاؤه منك المنع من بعض العائد من غلة إيجارها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1428(12/4933)
تفاوت نسب الصرف بين الذكور والإناث
[السُّؤَالُ]
ـ[عندى ولد وبنت وبطبيعة الحال فالبنات تتزين بالذهب وملابس أغلى من ملابس الأولاد، فهل يعتبر هذا تفرقة وظلما بين الأبناء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل وجوب التسوية بين الأبناء في العطية -على الراجح من أقوال أهل العلم- ولا يجوز التفضيل بينهم في العطية إلا لمسوغ معتبر شرعاً كما هو مبين بالأدلة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6242، 80025، 62948، نرجو أن تطلعي عليها، وبالنسبة لكون بعض الأولاد أكثر احتياجا طبعاً أو شرعاً -ومثلوا لذلك بكثرة العيال أو المرض أو التفرغ لطلب العلم- وبعضهم أقل حاجة ... فإن التسوية بينهم تعتبر بسد حاجتهم جميعاً على السواء وكل حسب حاجته الطبيعية أو الشرعية ولا يضر تفاوت حاجاتهم فإن هذا من المسوغ الجائز شرعاً والمقبول طبعاً.
ولذلك فإنك إذا صرفت على الابن والبنت ما يحتاجانه بطبيعة كل منهما ولو تفاوتت نسب الصرف بينهما بحسب الحاجة لا بقصد التمييز بينهما فإن ذلك لا حرج فيه إن شاء الله تعالى ولا يعتبر جوراً أو تفريقاً بينهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1428(12/4934)
التفضيل بين الأولاد في الهبة بدون مبرر شرعي لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصدقة وإن كانت صدقة جارية من رجل ميز بين أبنائه وهو مقتدر فأعطى الأبناء أملاكا بملايين وحرم البنات إلا واحدة رفعها فوق أخواتها وهي أصغرهن بل أخذت ما أخذت مقابل نميمة وغيبة لأخواتها الأكبر منها مما دفع الأب لقطع رحم ابنته الكبرى وقذفها دون مراعاة لشعورها ولا لزوجها ولا لأبنائها بكل كلمة بذيئة، وهل تعتبر بذلك مقصرة في حقوق الوالدين، علما بأنها تحاول زيارته ولكنه لغيبة ونميمة لها ولزوجها طردهما من منزله أربع مرات مما دفع الزوج لوقف الزيارة، ولكن هي عندما تزوره يتهكم عليها ويتعامل معها بقسوة وصلت إلى حد الطلب منها ترك زوجها كل هذه المعاملة لوقوع الزوج بضائقة مادية في تجارته، فأرجو بيان كيف يمكن التصرف والحكم الشرعي بذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الأب المساواة بين أولاده في الهبة ولا يجوز له أن يفضل الأبناء على البنات أو بعض البنات على البعض الآخر في العطية، كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 1242.
كما أن الغيبة والنميمة كلتاهما من الأمور المحرمة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 40863.
كما يحرم أيضاً على الأب المذكور قطع رحم ابنته أو أذيتها أو قذفها هي أو زوجها، وتراجع لذلك الفتوى رقم: 17640، والفتوى رقم: 5339.
وعلى كل حال فإذا كان الأب المذكور يُقدم على هذه الأمور المحرمة السابقة أو غيرها ثم قام بصدقة جارية أو غيرها من مال مباح فإنها تقبل منه إن شاء الله تعالى، وإن كان قبولاً ناقصاً ليس مثل القبول ممن لا يرتكب المعاصي، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 64902.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1428(12/4935)
من وضع له أبوه في حسابه مالا هل يأخذ منه بدون علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[صديق يسأل ... وضع له أبوه مالاً في البنك باسمه وأخذ منه بدون علم الأب، فهل هذا حرام أم حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأب وضع هذا المال في حساب ولده على وجه الهبة فإنه له الحق في أخذه لأنه صار بالهبة والقبض ملكاً له، وأما إن كان وضعه لغرض آخر فيجب استئذانه في الأخذ، لحديث: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد. وما أخذه الولد من مال أبيه يجب رده إليه إلا أن يسامحه فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1428(12/4936)
حكم الأموال التي وضعها الأب في حسابات أولاده قبل وفاته
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من سيادتكم الإفادة في ما يلي: توفي صهري (والد زوجتي) وترك أملاكا وعقارات ومن ضمن ما ترك حسابات بالمصرف لكل واحد من أبنائه الثلاتة وأوصى بالمصرف أن تسحب مبالغ هذه الحسابات كل حسب الحساب المقيد، فهل تدخل هذه المبالغ من ضمن الممتلكات الأخرى وتوزع حسب الشريعة الإسلامية أو أنه لكل شخص الحق في المبلغ الموجود بحسابه ولا يدخل في التوزيع, علما بأن الورثة (بنتان وولد وزوجة الزوجة ليست أما للأولاد، علما بأنه كان له الحق أن يسحب من هذه الحسابات لو احتاج لذلك؟ وبارك الله فيكم وجزاكم كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن ما ذكرت أن صهرك قد تركه في حسابات في المصرف لكل واحد من أبنائه الثلاثة، إن كان المصرف الذي تركه فيه ربوياً فالواجب على الورثة أن يسحبوه منه فوراً، ويتخلصوا من الفوائد التي حصلت منه، لأنها مال لا يحل الانتفاع به، لحرمة الطريق الموصل إليه، وطريقة التخلص منه هي بصرفه في أوجه الخير وسبل المنافع العامة ونحو ذلك، ثم تقسيم التركة إذا لم يكن له وارث غير المذكورين يتم على النحو التالي:
للزوجة الثمن لوجود الفرع الوارث، لقوله تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم {النساء:12} ، والباقي بعد الثمن بين الابن والبنتين، للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:11} .
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك فما قلت إن المتوفى تركه في الحسابات من المال لأبنائه ففيه تفصيل، فإن كانت الحسابات ملكاً للمتوفى فإن هبته لما فيها لا تعتبر هبة وإنما هي في حكم الوصية، وهي لا تصح لوارث، كما أن الهبة لا تصح إذا لم يكن الأب قد سوى بين أبنائه في العطية، ولك أن تراجع في إيثار بعض الأبناء على بعض الفتوى رقم: 6242.
وإذا لم تصح الهبة كان الموهوب إرثاً مشاعاً بين جميع الورثة، كل حسب سهمه من التركة بعكس ما إذا صحت فإن الموهوب له يختص بالهبة ولا تدخل ضمن التركة.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1428(12/4937)
تخصيص بعض الأبناء بهبة دون مسوغ شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن 6 أخوات والوالدة لقد قام الوالد رحمه الله بإعطاء كل فرد شقة تمليك إلا الأخت الكبيرة كان قد أعطاها شقة بمنزل آخر وسعرها يفوق الـ 6 شقق وتوجد الشقة فى المنزل الذي نرثه جميعا وقد حدث خلاف بيننا بأنها ليست ملكا لها وقد قمنا بحل المشكلة وأعطيناها شقه تمليك أخرى معنا منذ 11 سنة وما زالت تنتفع هي بأيجار الشقة الأصلية وحدها وكان الوالد يملك شركة سياحية وقد قام بهبة 25% لأخت و25% لأخ و25% لأخ آخر واحتفظ لنفسه بـ 25% وورثناها ونحن 4 بنات وأخوان والوالدة وقد اشترى باسم الوالدة وحدها قطعتي أرض وكتب لأخ محلا ونحن نريد جميعا تصحيح الأوضاع بما يرضي الله، فما هو حكم الدين والشرع فى ذلك؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على الأب أن يسوي بين أبنائه وبناته في الهبة، ولا يجوز له أن يفضل بعضهم على بعض -على الراجح من أقوال أهل العلم- إلا لمسوغ شرعي، وقد سبق بيان ذلك وأدلته في الفتوى رقم: 59521، والفتوى رقم: 6242، نرجو أن تطلع عليهما وعلى ما أحيل عليه فيهما.
ولذلك فما فعله والدكم من تمليك كل واحد من أبنائه شقة يعتبر تصرفاً صحيحاً، ولا يحق لأختكم الانفراد بأخذ إيجار الشقة التي تم الاتفاق على استبدالها لها بشقة أخرى، إلا إذا كان ذلك برضى الجميع وطيب أنفسهم وكانوا رشداء بالغين، وأما النسب التي ذكرت أن أباكم قد وهبها للإخوة من الشركة، فإن كان قصدك إخوة السائل (أبناء الميت) فإن هذه الهبة لا تصح لما قدمنا من وجوب التسوية بين الأبناء، وأما إن كان قصدك أنهم إخوة لأبيكم وقد وقعت الهبة في حال صحته وأهليته للتصرف وتمت حيازتها من قبلهم قبل وفاته ... فإنها تعتبر هبة صحيحة ويتم بموجبها تملكهم لتلك النسب، وبذلك يكون الباقي من الشركة بعد الهبة تركة بين أبنائه وزوجته.
وأما ما اشتراه باسم والدتكم (زوجته) أو كتبه باسمها فإن كان على سبيل الهبة لها وتمت حيازته من قبلها قبل موته فإنه يعتبر ملكاً لها بموجب الهبة الصحيحة، أما إذا لم تتم حيازتها له من قبل موته أو لم تكن هبة ناجزة بحيث تتوقف على موته فإن هذا بمنزلة الوصية، والوصية لا تصح لوارث، وفي هذه الحالة فإنها تعتبر تركة وتقسم مع ما ترك والدكم على جميع ورثته، وأما المحل الذي كتبه للأخ فإن كان من أبنائه فإنه لا يصح أن يخصه بهبة دون مسوغ لما تقدم، وعلى ذلك فإن المحل يرد إلى عموم التركة ويقسم معها على جميع الورثة، وإن كان المقصود أنه أخ للميت فإن ذلك يعتبر بمنزلة الوصية فيكون له ما لم تتجاوز قيمته ثلث التركة أو يرضى الورثة بما زاد على الثلث إذا كانوا رشداء بالغين.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1428(12/4938)
تسجيل القاضي الهبة باسم بعض الموهوب لهم دون بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
توفي والدي وترك لنا بيتا نسكن فيه وقد تبرعت الجدة بحصتها لنا فذهبنا للقاضي لإجراء عملية التخارج فرفض القاضي لأن أحد الورثة غائب فتبرع أحد الإخوة للقاضي بأن يقوم بتسجيل الحصة باسمه لحين حضور الغائب فوافق القاضي وسجل حصتها السدس باسمه, (عمر الجدة 100سنه) وعند عودة الغائب رفض إعادة الحصة إلى جميع الورثة بالتساوي وقد راجعت القاضي بذلك وقال ليس لكم عليه شيء فهذا حقه وقد أخذه بالقانون ولا يمكن إجراء عملية تخارج أخرى حتى وإن وافق على إعادة الحصة، فهي مسجلة باسمه للأبد ولا يمكنكم إعادتها بأية طريقة كانت، لا أعرف هل هذا الكلام صحيح وهل هذا جائز رغم أننا نحاول مع أخينا وقد عزلناه لنتمكن من إعادة الحصة للجميع، ولكنه يقول لنا بأنه سيسجلها لدى دائرة الأراضي والمساحة ليثبت حقه لولد الولد، فأ رجو إفادتي حول ذلك لطفاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن معطيات السؤال غير واضحة، وما ذكرت من رفض القاضي لإجراء عملية التخارج فإنه صحيح فإن للقاضي أن يوقف عملية التخارج -الذي هو تصالح الورثة على إخراج بعضهم من الميراث بشيء معلوم- لغياب أحد الورثة حتى يحضر أو يوكل غيره، ولكن غياب أحد الأبناء ليس مانعاً من الهبة من الجدة ولا من غيرها ما دام الأبناء قد قبلوا الهبة، ونصيب الغائب منهم تتوقف تمام هبته على قبوله وحوزه.
ولا يجوز للقاضي أن يسجل حصة الجدة باسم شخص غائب دون مستندات قطعية بهبة الجدة وأهليتها للتصرف، وإذا كانت الجدة قد وهبت نصيبها لأحد أحفادها وهي في حال أهليتها للتصرف -دون بقيتهم- وتمت حيازته من قبل الموهوب له فإن هذه الهبة تعتبر هبة صحيحة يملك بموجبها هذا الحفيد ما وهب له سواء سجل عند القاضي أو لم يسجل ومن حقه أن يمتنع من مشاركة غيره أو يقبل بها لأن هذا أصبح حقاً خاصاً به والجدة لا تجب عليها التسوية بين أحفادها، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 77744.
أما إذا كانت الهبة للجميع فإنه لا يجوز للقاضي تسجيلها باسم بعضهم دون البعض إلا إذا أقروا له بملكيته أو بأنه وكيل عنهم فيسجل ما تحقق عنده، وكذلك لا يجوز له تسجيلها مطلقاً إذا كانت وقعت في عدم أهلية الجدة للتصرف لمرضها أو كبر سنها ... وننصح السائل الكريم بالرجوع إلى المحكمة الشرعية وأهل الفتوى في بلده فقد يتضح لهم من هذه الأمور ما لا يتضح لغيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1428(12/4939)
حكم قبول المسؤولين والمديرين الهدايا من اللجان والمؤتمرات
[السُّؤَالُ]
ـ[في المناسبات قد تقدم هدايا من قبل لجان المؤتمرات ككتب أو ساعات أو غير ذلك للرؤساء أو المديرين، فهل في أخذها أو قبولها حرج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرؤساء والمديرين يشرع لهم كغيرهم قبول الهدية ما لم تك هذه الهدية رشوة في صورة هدية، وتكون رشوة عندما يراد بها التوصل إلى باطل، أو وضع حق عن المهدي، أو نحو ذلك من الأغراض الفاسدة، أو تكون مقابل عمل واجب يقوم به المسؤول في عمله.
ويعرف الفرق بين الهدية والرشوة إما بالتصريح أو بقرائن الأحوال، ولذا لما أهدي لعمر بن عبد العزيز هدية فردها، قيل له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية، فقال: كانت الهدية في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم هدية، وهي اليوم رشوة. أخرجه البخاري. وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 5794، والفتوى رقم: 8043.
وبخصوص قضية السؤال فإن الذي يظهر أنه لا حرج على المسؤولين والمديرين في أن يقبلوا مثل هذه الهدايا المقدمة من قبل المؤتمرات إذا خلت من تلك الأغراض الفاسدة التي أشرناً إليها في صدر جواب السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1428(12/4940)
ليس للزوجة الرجوع عما وهبته لزوجها برضا نفس منها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج من معلمة وتتقاضى راتبا شهريا، وهي تقوم بإعطائي من هذا الراتب برضى واختيار منها وطوعاً من تلقاء نفسها وحصل بيننا خلاف، فهل من حقها مطالبتي بالمبالغ التي تقاضيتها منها، علما بأنني لم أجبرها على إعطائي من راتبها، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أعطتك إياه زوجتك بطيب نفس منها فهو مباح لك، ويعد من باب الهبة، ويملك بالقبض، وليس لها الرجوع عن هبتها بعد أن قبضتها بإذنها. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 93943، والفتوى رقم: 65392.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1428(12/4941)
حكم الهبة للزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد منكم جزاكم الله خيرا الإجابة عن مشكلة احتار فيها أحد الأباء، وهي أنه قد تزوج مرتين الأولى سنة 1963وأنجب 6 أولاد وبنتين ثم توفيت زوجته فتزوج مرة أخرى فقامت الثانية بتربيتهم على أكمل وجه لكن يبقى النظر إلى زوجة الأب أنها متسلطة مهما تفانت حتى أن زوجها كان يقسم الاكل بنفسه مما سمع عن زوجة الأب ويشهد الله أنه اليوم نادم على عدم ثقته بزوجته المهم أنهما تعاونا على تربية الأولاد فكان يعمل الأب الساعات الإضافية من أجل طلباتهم وأيضا هي في المنزل ثم أنجبت هي الأخرى 3أولاد 4بنات وكبر الجيل الأول فتزوجت البنات وعندما حان وقت زواج الرجال اضطر الأب إلى بناء طابق فوقي ليتزوجوا فيه علما أن البناء التحتي غير مدعم جيدا وهذه حكاية أخرى نتيجة الإسراع في البناء وكان هؤلاء الإخوة يعملون مع أبيهم في محل تجاري للغذائيات الواحد بعد الآخر حسب السن وكان كل من يعمل فيه يقتطع من المال ما يبني مسكنا خاصا وعفشا خفية عن الأب فعندما يدخل يكون رأس المال كذا فيرجع كذا أي بالنقصان ويقول لأبيه قدر الله لقد خسرنا وبعد سنتين أو ثلاث ينتقل مع زوجته إلى مسكنه الجديد ويقول لأبيه لقد كنت أتاجر في شيء مستقل أو لا يقول له أصلا وهكذا رحلوا جميعا إلا واحدا بقي يشغل غرفة ومطبخا في الأعلى ثم كبر الجيل الثاني وعمل أيضا في المحل ويشهد الله أنه وجدها قاعا صفصفا فقد تسلم المحل وقد انخفض رأس المال بحوالي 75في المائة ولكنه بعد سنوات استطاع أن يحسن المستوى واليوم يعمل الإخوة الصغار في محل أبيهم ولا يعين ذلك الأخ الكبير أباه بأي شيء وأصبحوا اليوم في سن الزواج فقام الأب بالاجتماع مع الإخوة الكبار من أجل التعاون جميعا كبارا وصغارا من أجل إعادة بناء الأعمدة وتوسعة البناء حيث يكون لكل واحد الحق في السكن أو التنازل للإخوة الصغار في المسكن ويعملوا لإعادة تأهيله ويكون خالصا لهم خاصة وأن الكبار لهم أرزاق لا بأس بها وحتى هذا الذي يسكن معهم هو الآخر اشترى أرضا وهو يبنيها ليسكنها المهم أن 3 منهم وافقوا على التنازل أما هذا الأخ الذي معهم رفض وحرض الآخرين على الرجوع عن أقوالهم وفعلا تراجعوا ما عدا واحد رفض التراجع ونصحهم بطاعة أبيهم لكنهم قاطعوه، اليوم يسأل هذا الأب عن حكم هبة هذا المسكن لزوجته الثانية بعدما حاول معهم للقبول بأحد الأمرين، فأفيدونا رحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليه أن يهب لزوجته ذلك المسكن أو غيره شريطة ألا يكون قصده حرمان ورثته منه، وأن يكون خالصا له ليس لأحد الأبناء فيه نصيب.
وننبه هنا إلى أنها لا تملك المسكن لو وهبه إياها إلا بشروط معينة بيناها في الفتوى رقم: 52512، والفتوى رقم: 7686، والفتوى رقم: 49632.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(12/4942)
الراجح وجوب التسوية بين الأولاد في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[جدي غني وقبل أن تتزوج بناته لم يكن غنيا وقد أعطى بناته حقهم وهو حي علما أنه قليل بالنسبة لما يملكه وقد قال إنه سأل أهل العلم عن ذلك من قبل هذا لأن أولاده هم من نمووا الإرث ولأسباب إدارية فكل شيء الآن مكتوب باسم واحد من أبنائه فما حكم ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما وهبه الأب لأبنائه وبناته -أو لغيرهم- في حياته وحال أهليته للتصرف وتمت حيازته من قبلهم حيازة تامة يعتبر ملكا لهم ولا يخصم من نصيبهم من تركته إذا مات، إلا إذا كان الأب قد آثر بعض أولاده على بعض دون مسوغ شرعي، كأن يكون من تم إيثاره أشد خطرا أو أكثر عيالا أو مشتغلا بطلب علم شرعي.
ولا يصح للأب ولا لغيره تقسيم تركته في حياته؛ لأن من شروط صحة تقسيم التركة تحقق موت صاحبها أو الحكم بها.
ولذلك فإنما فعله جدك يعتبر خطأ يجب تصحيحه، فعليه أن يعدل بين أبنائه ويسوي بينهم في العطية -على الراجح من أقوال أهل العلم- لقوله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء. رواه الطبراني وسعيد بن منصور والبيهقي من طريقه وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن.
وسبق بيان ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتويين: 6242، 1242، نرجو أن تطلعي عليهما.
وأما أولاده الذين قاموا بتنمية المال فعليه أن يعطيهم حقهم مقابل عملهم إذا لم يكونوا متبرعين بعملهم له، ومجرد تسجيل المال بأسمائهم لا اعتبار له شرعا؛ لأن العبرة في الشرع بالحقائق والمضامين لا بالأسماء والعناوين. وقد بينا ذلك في الفتوى: 64679، نرجو أن تطلعي عليها للمزيد من الفائدة والتفصيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1428(12/4943)
حكم كتابة الأملاك باسم أبناء الأخ
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل لم يكن له أولاد وكان له أخ وتوفي وكان شريكاً له، ولكن كتب معظم أملاكه لأبناء أخيه وليست وصية وكتب أملاكه بعقود رسميه لأبناء أخيه وترك باقي أملاكه للورثة وكان لأخيه ابن وتوفي، فهل ما كتبه لأبناء أخيه حرام أم حلال وتوفي هذا الرجل الذي كتب كل ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد كتابة هذا الرجل ماله لأبناء أخيه لا قيمة لها ما دام لم يسلمهم ما وهب لهم في حياته وحال أهليته للتصرف وتتم حيازته من قبلهم أو من قبل وكيلهم حيازة شرعية، قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة، فإن مات قبل أن تحاز فهي ميراث.
ولذلك فإن ما كتبه هذا الرجل لأبناء أخيه ولم تتم حيازته في حياته يعتبر تركة على جميع ورثته فيقسم بينهم مع ممتلكاته كل حسب نصيبه المقدر له في كتاب الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1428(12/4944)
كتابة البيت باسم الأبناء هل يعد هبة نافذة
[السُّؤَالُ]
ـ[كتب لنا والدي منزلا لي وأخي وأختي عند زواجي سكنت فى المنزل ودفع زوجي إيجارا شهريا لوالدي ... عند زواج أختي قام زوجها ببناء شقة فى المنزل وطلب من والدي عقد إيجار للشقة فحرر له والدي عقد إيجار لمدة 25 عاما ولم يدفع أي إيجار منذ 1986 حتى الآن، ولم يدفع زوج أختي مهرا لبنائه الشقة وقام والدي بشراء جهاز الشقة من ماله الخاص، العرف السائد فى مجتمعنا يدفع العريس المهر ويقوم الوالد بتجهيز الشقة، الآن تطالب أختي بملكية الشقة وأن تلك الشقة ليست ملك الملاك جميعا، فما حكم الشرع فى ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أن والدك قد اتفق مع زوج أختك على أن الزوج يبني الشقة من ماله ويكون تكلفة البناء دينا على والدك يستوفيه زوج أختك باستئجار هذه الشقة لمدة خمسة وعشرين عاماً، فإذا كان الأمر كذلك فلا حق لأختك في المطالبة بملكية هذه الشقة وهذه الشقة ملك لوالدك، كسائر البيت، ولا يؤثر في ذلك كون والدك قد كتب البيت لك ولأخيك وأختك، لأن هذه الكتابة -كما هو مقرر شرعاً- لا تأخذ حكم الهبة النافذة ما لم يتصل بها القبض -أي تسليم البيت لكم تتصرفون فيه تصرف الملاك، والظاهر من السؤال أن هذا القبض لم يحدث، وراجع للتفصيل في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 54264، 93722، 95305.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1428(12/4945)
انتفاع الابن بهبة الأب الذي يعمل في الاعتمادات المستندية
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي كان يعمل في أحد البنوك في قسم الاعتمادات المستندية وقد جمع ماله من هذا العمل وبنى لي ولإخوتي شققا سكنية من هذا المال فما حكم السكنى في هذه الشقق؟ وهل يجوز مساعدته لنا في الزواج بهذا المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاعتماد المستندي منه ما هو جائز، ومنه ما هو محرم كما هو مبين في الفتوى رقم: 63191.
وعلى هذا، فإذا كان والدك يباشر النوعين الجائز والمحرم فإن راتبه مختلط بين الحلال والحرام، ومن كان كذلك لم تحرم معاملته بقبول هبة كالمعونة على الزواج أو هدية كهذه الشقق السكنية، وإنما يكره ذلك فقط كما هو مبين في الفتوى رقم: 7707.
وأما إذا كان يباشر النوع المحرم فقط أو كان هو الغالب على عمله بحيث يكون تعامله في النوع الجائز نادرا والنادر لا حكم له، فإنه لا يجوز قبول هبة منه أو هدية،لأنه يتعذر في هذه الحالة السلامة من الانتفاع بالمال الحرام. قال ابن رشد بعد كلام له في معاملة حائز المال الحرام: وسواء كان له مال سواه أو لم يكن لا يحل أن يشتريه منه إن كان عرضا، ولا يبايعه فيه إن كان عينا، ولا يأكل منه إن كان طعاما، ولا يقبل شيئا من ذلك هبة ... ومن فعل شيئا من ذلك وهو عالم كان سبيله سبيل الغاصب في جميع أحواله ".
واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2-3} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1428(12/4946)
العطية للأولاد دون واحدة منهم
[السُّؤَالُ]
ـ[المشكله خاصه بأمي، أبي بنى فى عمارة جدي فى الجراش وأدخل المياه والكهرباء لأنها كانت لا توجد فيها أي حاجة وعملها مكتبا وكان يدفع الإيجار الذي حدده جدي ودفعه بانتظام بعد ذلك أراد أبي بأن يترك الشقة فطلب من جدي مصاريف البناء والتوضيب مبلغا ما، اعترض جدي على قيمة المبلغ وقال له إنها لا تستحق المبلغ الذي أنت تطلبه فأراد أبي أن يأتي بآخر ويعطي له المبلغ وكمستأجر جديد فرفض جدي وأعطاه المبلغ المطلوب من جدي بعد الدعاء عليه، وبعد وفاته كانت المفاجأه على أمي أنها قالوا لها إن زوجك أخذ نصيبك فى الشقة والذي دفع نصف الثمن لزوجك هو زوج أختك، فكتب جدي عقد إيجار لخالتي وأختهم الثالثة أخذت شقة وأخوهم الرابع يعيش في شقة وكلهم يدفعون الإيجار إلا أمي لم تأخذ شقة مثلهم لأنهم يدعون أن والدي أخذ حق أمي، أما عن نصيبها الشرعي فهذا هو الحق الوحيد لها فأنا أريد أن أعرف إذا كانت أمي لها حق مثل أخواتها أم لا، وإذا كان جدي عادلاً أم ظالما؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أن أباك قد اتخذ الجراش من عمارة جدك مكتباً، وأدخل له المياه والكهرباء، وكان يدفع بانتظام الإيجار الذي حدده جدك، ثم لما أراد أبوك التخلي عن الشقة (الجراش) طلب من جدك المصاريف التي كان قد صرفها في المياه والكهرباء ونحو ذلك، فرفض جدك ولم يعطه ذلك، فلجأ أبوك إلى شخص آخر، وولاه استئجار الشقة (الجراش) طالباً منه أن يعطيه النفقات التي صرفها هو في تجهيز الشقة، فرفض الجد ذلك وأعطى لأبيك المبلغ الذي كان يطلبه.
ثم بعد وفاة الأب منع أخوالك أمك من أي نصيب من تلك العمارة بحجة أن زوجها كان قد أخذ نصيبها في الشقة، وأن زوج أختها هو الذي دفع له نصف الثمن، وأن الجد كتب عقد الإيجار للخالة، ثم ذكرت أن كل فرد من أبناء جدك قد استفاد من شقة يسكنها ويدفع إيجارها، إلا أمك فإنها لم تستفد من شيء من ذلك، وقد رجحنا في شرحنا لسؤالك أن الضمير في قولك: وبعد وفاته، تشير به إلى أبيك، لأن الجد لو كان هو المتوفى لما كان من المتصور أن يستمر دفع الإيجار له.
فإذا كان هذا التكييف لسؤالك هو ما قصدته أنت، فإن من حق أمك أن تحصل على شقة كسائر إخوتها، وإن لم يفعل جدك ذلك فإنه يكون قد ظلمها بتخصيصه لكل فرد من أولاده شقة يسكنها ويدفع إيجارها إلا هي، فالمرجح عند المحققين من أهل العلم هو أن العدل بين الأولاد في العطية واجب على الأب، لما في الصحيحين عن النعمان بن بشير أنه قال: نحلني أبي نحلا ثم أتى بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشهده، فقال أكل ولدك أعطيته هذا قال لا، قال أليس تريد منهم البر مثل ما تريد من ذا، قال بلى، قال فإني لا أشهد. وهذا لفظ مسلم.
وأما لو كان المتوفى الذي أشرت إليه بقولك: وبعد وفاته، هو جدك، فإن أمك لها الحق في تركته بقدر سهمها منها، وليس لأحد إسقاط ذلك الحق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1428(12/4947)
حكم هبة المريض
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل مريض ولديه أبناء ووالدان وإخوة يملك أموالا منقولة وغير منقولة يريد إعطاء الأموال المنقولة لأبناء أخيه المحتاجين لينتفعوا بها إن توفاه الله لأنه نذر نفسه لمساعدتهم حتى يبلغوا أشدهم ويخاف عليهم العيلة من بعده، فهل يصح له ذلك؟ مع الشكر الجزيل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المرض الذي أصيب به هذا الرجل مرضاً مخوفاً يتصل به الموت عادة في قول الأطباء، فإن هبة الرجل في هذه الحالة كوصيته فلا تصح لوارث، ولا بأكثر من الثلث إلا أن يجيز ذلك الورثة، ولما كان أبناء أخيه ليسوا من الورثة فلا تصح هبته لهم بأكثر من الثلث ما لم يأذن بذلك ورثته الموجودون وبشرط أن يكونوا بالغين رشداء، فإن وهب لهم دون الثلث جاز.
قال ابن قدامة: وحكم العطايا في مرض الموت المخوف حكم الوصية في خمسة أشياء أن يقف نفوذها على خروجها من الثلث أو إجازة الورثة ... انتهى.
أما إن كان المرض ليس مخوفاً فإن هبة الرجل صحيحة جاوزت الثلث أم لا إذا كانت ناجزه غير معلقة بالوفاة، لأنها إن علقت بما بعد الوفاة تصير وصية، وتقدم حكم الوصية أعلاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1428(12/4948)
حكم تقسيم الأب أمواله بين أولاده في حياته
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل له غنم كثيرة وأراد أن يعطي لأولاده الستة وبناته الخمس في كل سنة يعطي للذكر ثمانين شاة لكل واحد وللبنت أربعون شاة لكل بنت وهو يريد تقسيم ذلك في حياته حتى يأخذ كل واحد مسؤوليته بنفسه هل يجوز ذلك شرعا؟ وإن توفي وبقي له مال هل يقسم على ورثته من بعده بعد ما أخذ كل واحد حقه في حياته؟
وجزا كم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا أن يهب المسلم من ماله ما شاء لأولاده أو لغيرهم ما دام أهلا للتصرف، وفي غير معصية،
ولكن يشترط في صحة الهبة للأود التسوية بينهم على الراجح من أقوال أهل العلم.
وما يفعله هذا الرجل مع أبنائه إذا كان على سبيل الهبة، وتتم حيازته بالفعل من طرف الأبناء حيازة تامة فهو هبة صحيحة يملك بها كل واحد ما وهب له، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن على الأبوين أن يسويا بين الذكور والإناث في العطية وهو الراجح لقول النبي- صلى الله عليه وسلم- سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحداً لفضلت النساء. أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي من طريقه، وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن.
ولذلك فإن على هذا الرجل أن يسوي بين أبنائه وبناته.
وإذا توفي فإن ما ترك من المال ولم تتم هبته للأولاد أو لغيرهم فإنه يقسم على جميع ورثته الذين توفي عنهم بمن فيهم الأولاد الذين سبق أن وهب لهم، ويكون ذلك- طبعا- بعد أداء الحقوق المتعلقة بالتركة.
فحق الورثة في التركة لا يكون إلا بعد التحقق من موت مورثهم، وما وهبه لهم في حياته لا يعتبر من التركة.
أما إذا كان يريد بذلك تقسيم تركته في حياته فإن ذلك لا يصح لأن من شروط الإرث وصحة تقسيم التركة تحقق موت الموروث، وتحقق حياة الوارث بعده.
وللمزيد من الفائدة وأقوال أهل العلم نرجو أن تطلع على الفتاوى: 6242، 60734، 65717.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1428(12/4949)
التهادي وقبول الهدية سنة نبوية
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت أشرطة قرآن لخالتي (التي تحفظ القرآن) وأعطيتها لها كهدية وأنا أنوي بها في قلبي الصدقة الجارية فأخذتها مني ثم دعت لي وبعدها بيومين اتصلت بي وقالت لن أسامحك إن كنت دفعت فيها نقودا وسأسألك عليها يوم القيامة بين يدي الله, فهل أنا آثمة مع العلم بأني لا أريد أن آخذ منها ثمن الأشرطة حتى لا يضيع الثواب علي كما أني ميسورة الحال والحمد لله وهذه النقود القليلة التي دفعتها ثمناً للأشرطة لم تؤثر معي, فماذا أفعل لكي لا أخبرها بأني أشتريتها لها وأحتفظ بالثواب في نفس الوقت، فأفيدوني أفادكم الله؟ وجزاكم عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تكن خالتك قد اشترطت عليك عند قبولها لهذه الأشرطة كهدية ألا تكوني قد دفعت فيها مالاً فلا يلزمك إخبارها، وأما إذا كانت قد اشترطت عليك ذلك، فأعلميها بحقيقة الأمر؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني.
ووضحي لها أنك قد اشتريت هذه الأشرطة بمبلغ بسيط لا يؤثر عليك، ولا يساوي شيئاً في جنب الأجر الحاصل من استماع هذه الأشرطة والأجر الحاصل من برها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الخالة بمنزلة الأم. رواه البخاري.
كما أن عليك أن تخبريها أن التهادي وقبول الهدية سنة نبوية، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. أخرجه البخاري في الأدب. وفي شعب الإيمان للبيهقي عن خالد بن عدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من جاءه من أخيه معروف من غير إشراف ولا مسألة فليقبله ولا يرده، فإنما هو رزق ساقه الله إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1428(12/4950)
حكم رد الأبناء لما وهبه الأب لبناته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق للإخوة الذكور الرجوع في هبة وهبها أبوهم لأختين لهم في شقته التي كان يعيش فيها ويعتبرها ميراثا لهم، علما بأنه قد خصص لكل من الذكور ميراثا في نفس المنزل وهو مكون من خمسة طوابق وهم (4 ذكور، 2 بنات) والدور الأرضي مؤجر وخصص الدور الأول للبنتين ولكل واحدة منهما شقه مكونة من ثلاث غرف وصالة والدور المخصص للبنتين (شقة غرفتان وصالة وشقه ثلاث غرف وصالة) ، وعوض الذكور بشقة مؤجرة معا آخر شقتين (2 وصالة لكل شقة) وآخر دور شقتين غير كامل بالمرافق وأعطى واحداً منهم محل إيجار شقه وكذا محل تجاري بنفس العقار ومبلغ عشرة آلاف جنيه نظير أنه بنى شقته التي يسكن فيها وهل يحق للإخوة الذكور طلب تعويض من البنات إن كان قد حصلوا على أكثر من حقهم مع أن حكمة الأب اقتضت ذلك ليظل المكان للبنات أي يظل بيت أبيهم لهم بعد وفاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحق للأبناء رد ما وهبه أبوهم هبة شرعية مستوفية الشروط منتفية الموانع هذا من حيث العموم، وبخصوص ما وهبه هذا الأب لبناته وأبنائه فإن كان وهب لهم ما ذكر في حياته وحال أهليته للتصرف، وتمت حيازته من قبلهم حيازة تامة فإن الهبة تعتبر هبة شرعية صحيحة، ولا يحق للأبناء ولا لغيرهم ردها.
أما إذا كان أوصى بأن يكون ذلك بعد وفاته أو على أنه قسمة لتركته فإن ذلك لا يصح؛ لأنه وصية لوارث وتقسيم للتركة قبل وفاة صاحبها، وللمزيد من التفصيل عن الفرق بين الهبة والوصية وحكم تقسيم التركة قبل وفاة المورث نرجو أن تطلع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 569، 24547، 14909.
ولذلك فإذا كانت هذه الهبة أو القسمة غير صحيحة -كما يبدو- فإن المال كله (جميع ما ترك الأب) يعتبر تركة على جميع ورثته، وكيفية قسمته الشرعية تكون على النحو التالي: فإذا كان مع الأبناء والبنتين صاحب فرض مثل زوجة المتوفى أو أبويه أو أحدهما فإنه يُعطى فرضه أولاً، والباقي يقسم بين الأبناء والبنتين للذكر مثل حظ الأنثيين، فإذا لم يكن معهم صاحب فرض فإن جميع المال يقسم على الأبناء والبنتين للذكر منهم ضعف نصيب الأنثى.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1428(12/4951)
عودة أم الزوجة فيما وهبته لزوج ابنتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الشيخ أنا سألت قبل ذلك أن أم زوجتي أعطتني مبلغا بعد كتب الكتاب على ابنتها ولم أدخل بها وحدثت مشاكل والآن هي رافعة ضدي دعوى طلاق وأنا رافع دعوى طاعة وهي الآن تطلب مني المبلغ الذي أعطته لي قبل ذلك وكان على سبيل المساعدة وطلبته من أهلي، فهل يجوز رده؟ وجزاكم الله خيراً وأنا آسف للتكرار ولكن لكي يطمئن قلبي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت أم زوجتك أعطتك هذا المبلغ هبة فلا يجوز لها الرجوع عن هبتها ومطالبتك برد المبلغ، لحديث: العائد في هبته كالعائد في قيئه. رواه البخاري. وبوب له باب (لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته) .
ولا علاقة لأمر الطلاق بهذا، فلا يلزمك رد ما وهبته لك سواء أمسكت ابنتها أو طلقتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1428(12/4952)
حكم تسجيل الأب لممتلكاته بأسماء أولاده الذكور دون البنات
[السُّؤَالُ]
ـ[حرمنا أبي نحن البنات من حقنا الكامل في الإرث سجل العقارات بأسماء الذكور عندما كان عمرهم عامين، خص الأكبر بحصة أكثر من حصص الآخرين مجتمعين،اختلف الأخ الأكبر ع مع ص لأسباب مادية حكمت المحكمة لصالح ص، حجز على أموال ع ـ (في الأساس جزء كبير من أمواله إرث بالإضافة إلى أموال تجارة)
ـ1هل يجوز لـ ص أخذ حقه من مال ع على هذا النحو علما أن الوالد مازال حيا:
2ـ الأخ ع سجل عقارا باسمي وأثناء الخلافات المادية مع ص أخذ ص مني العقار قبل إصدار حكم المحكمة بحقه سجل وأخذ مني العقار وأنا لا حول ولا قوة لي كباقي كل بنات أمة محمد فالقرار ليس للبنت أخذ بحجه الحياء
ع قال لي إن احتجتِ للبيت يمكنك بيعه والاستفادة منه والدي خاف أن ينقص مال ع فقال لي إنه فعل ذلك فقط من أجل الضرائب، هل أنا خائنة للأمانة لإعطاء ص سند وكاله موجبة أخذ العقار،علما أن السند أخذ وأنا ضيفة عنده في بلد أجبني
3ـ ص يريد إعطائي عقارا فهل أقبله (إنه قال لي ليس بدل عن العقار الذي آخذه بل مكافئة منه لأني قمت بخدمة أبوي وتربية أولاد ع وعدم وجود مسكن حين زيارتي لبلدي فزوجي لا يمتلك بيتا هناك)
ملاحظة ـ والدي يمتلك أكثر من100 عقار وأعطى واحدا فقط لكل بنت وهي لا تغني ولا تسمن من جوع
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبلُ حكم المفاضلة بين الأولاد في الهبة، وذكرنا أن ذلك لا يجوز إلا إذا كان له مبرر شرعي؛ كأن يحتاج الولد لمرض أو لكثرة عيال أو لاشتغال بطلب العلم دون البقية، أو يصرف العطية عن بعض ولده لفسقه أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله ونحو ذلك، ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 6242.
ثم إن تسجيل العقارات والممتلكات بأسماء الأولاد الذكور دون البنات يعتبر منعا لهن من الإرث، ومنع البنات من الإرث هو إحدى عادات الجاهلية التي هدمها الإسلام، فليس لأبيكم أن يفعله، ولا تلزم طاعته فيه.
وعليه، فجوابنا هنا - بغض النظر عما حكمت به المحكمة، وعما قصصته في الموضوع- هو أن من حق أي منكم أن يأخذ الحق الذي جعله الله له بالكيفية التي يستطيع أخذه بها، بشرط أن يأمن حدوث فتنة في ذلك، ويأمن الوقوع في رذيلة. قال خليل بن إسحاق: وإن قدر على شيئه فله أخذه إن يكن غير عقوبة وأمن فتنة ورذيلة ...
وهذا هو الذي نراه راجحا في المسألة، مع أنه مختلف فيه بين أهل العلم، ولك أن تراجعي فيه فتوانا رقم: 28871. ونعتقد أن جميع أسئلتك مشمولة في هذا الجواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1428(12/4953)
هل للأب أن يعود في هبته التي وهبها لأبنائه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أمي وأحب أبي أن يتزوج امرأة خاف من طمع أهلها فكتب كل ما يملك لأخي ولي وللعلم كانت أمي تعمل معه وقد يكون أكثر منه في تجارته وبعدها تعدد زواجه وأنجب طفلين، وللعلم أبي يعانى من بعض المشاكل الصحية والنفسية وهو يريد الآن أن نرجع له كل ما كتبه لنا ليعيد تقسيمه بعد ان أنجب، أنا أوافق ولكن أخي يرفض علما أن أخي استفاد من كل ما كتبه والدنا له، أما ما كتبه لي وهو بيت ومحل لم أستفد منه شيئا على الإطلاق فالبيت يقيم فيه هو وابن له من إحدى زوجاته بعد انفصالهما والمحل يؤجره وينتفع بأجره، وسؤالي هل يجب أن أعيد لوالدي ما كتبه لي بالأوراق الرسمية ليعيد تقسيمه حتى إن كان قد كتبه لي قبل ان يتزوج أو يصبح له أولاد جدد علما بأن نصيب أمي في العمل والجهد كان يفوقه أضعافا؟ وإن لم أعده فهل هذا المال يعد حراما شرعا؟ أرجو إفادتي مع الأخذ في الاعتبار حالة والدي النفسية والتي بسببها تعرض للكثير ممن استغله واستولى علي ماله من زوجات وأيضا غير ذلك، أرجو إفادتي حيث طلبت من أخي أن يوافق هو الآخر على إعادة كل شيء لوالدي فلم يوافق وقال لي إنه سوف يضيعه كما ضيع الكثير وسوف يتزوج امرأة أخرى لعدة أيام أخرى كما يحدث وتضحك عليه وتنجب له ولدا آخر ترميه له وتطلب الطلاق ومن قبلها تسرقه كما يحدث دائما، فماذا أفعل أفيدوني بالله عليكم، ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الهبة المذكورة لا تصح، وعلى السائلة وأخيها أن يردا ما وهبه والدهما لهما، وأن يطيعاه في رجوعه عنها وذلك لأكثر من سبب:
السبب الأول: أن هذه الهبة قصد بها حرمان الزوجة من حقها الشرعي من الميراث فيعامل الزوج هنا بنقيض قصده.
السبب الثاني: أنه يجوز للأب الرجوع في هبته لولده لحديث: لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه أبو داود وغيره.
ويشترط لرجوع الأب أن تكون الهبة عينا باقية في ملك الابن، وعليه فإذا كانت الهبة باقية في ملك الابن فللأب الرجوع فيها ولو استفاد الابن أوانتفع بها.
السبب الثالث: بالنسبة لهبة الأخت السائلة فالواضح من السؤال أنها لم تقبضها ولم يرفع والدها يده عنها، وبالتالي فرجوعه عن هبته هذه رجوع صحيح، وعلى البنت رد الهبة، ولأنه إذا جاز للأب الرجوع عن هبته لولده بعد القبض فمن باب أولى قبل القبض.
وننبه الأخت السائلة وأخاها إلى وجوب برهما بوالدهما والقيام بحقه، وأن منعه من التصرف في ماله في المباح بدعوى أنه سيتزوج ويضيع ماله لا يحل لهما ويعد ذلك منهما عقوقا.
وننبه إلى أمر آخر وهو أن للأخت السائلة وأخيها حقا واجبا من تركة أمهما إذا كانت قد تركت شيئا، وعلى الأب دفع ذلك إليهما، ثم إذا احتاج إلى شيء من مالهما جاز له أن يأخذ منه بدون إجحاف ولا ضرر يلحق بهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1428(12/4954)
حكم استرداد الهدايا بعد الوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي متوفاة وكنت أهديها الإكسسورات والحلي الذهبية وبعد وفاتها قالت أختي إن الذهب من حق الابنة وسوف أرد لك هداياك لأنها من حقك راجيا الإفادة، هل هي ميراث وتوزع علينا بشرع الله أم الذهب من حق البنت وترد هداياي إلي، علما بأن قيمة الهدايا تعادل أكثر من خمسة آلاف جنيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما كنت تهديه لوالدتك من الحلي وغيره وتتم حيازته من طرفها يعتبر ملكاً لها كجميع ممتلكاتها التي تركت بعد وفاتها فيقسم الجميع على جميع الورثة، كل حسب نصيبه المقدر له في كتاب الله تعالى، ولا يحق للبنت أن تأخذ الذهب والحلي دون غيرها، إلا إذا سمح لها بقية الورثة بذلك برضاهم وطيب أنفسهم بشرط أن يكونوا رشداء بالغين، ولا مانع أن تأخذ البنت الذهب أو غيره مقابل نصيبها، كما يجوز ذلك لغيرها، أو تقسم التركة بالتراضي ولو حصل غبن إذا كان الجميع رشداء بالغين. وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 75563.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1428(12/4955)
قبول الأخ هدية أخيه
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على جهودكم، فهناك ثلاثة إخوة الأخ الأكبر أيسرهم حالاً، وهو يحب أن يعطي أخويه من ماله، لأنه يشعر أنه واجب عليه وأن ذلك يقربهم من بعض، ولكن الإخوان غالباً ما يرفضان أخذ المال ربما حياء أو لظنهما أن ذلك يشق على أخيهما الأكبر، ورفضهما هذا يؤذي الأخ الأكبر ويضايقه بشدة، لأن إعطاءهما من ماله لا يشق عليه بل يسعده كثيراً، لأنه كما ذكرت يشعر أن ذلك يقربهم من بعضهم البعض، فهل من نصيحة توجهونها إلى الإخوين الأصغرين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنصيحة التي نوجهها إلى الإخوين الكريمين هي أن يقبلا من أخيهما هديته وصلته، فإن من حق المسلم على المسلم قبول هديته وإدخال السرور عليه بقبولها، كما أن في قبولها إعانة على الخير، فالهدية تهذب الحقد وتجلب المحبة، وفي الحديث: تهادوا تحابوا. رواه الترمذي.
جاء في كشاف القناع: والهدية تذهب الحقد وتجلب المحبة ولا ترد: أي يكره ردّ الهدية وإن قلت مع انتفاء مانع القبول ... ويجوز ردها لأمور مثل أن يريد أخذها بعقد معاوضة، أو يكون المعطي لا يقنع بالثواب المعتاد، أو تكون الهدية بعد السؤال واستشراف النفس لها ... انتهى.
وعليه، فإذا خلت الهدية مما تقدم فلا وجه لردها، لا سيما وأن ذلك يتسبب في أذية المهدي وكسر خاطره، ومن حق الأخ على أخيه جبر خاطره وقبول هديته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1428(12/4956)
شروط الهبة النافذة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ بارك الله فى علمك وعملك، السؤال لأخت لي فى الله وكلفتنى لتعرف الإجابة، تقول أنا امرأة متزوجة عمري 36 سنة، عندما كنت صغيرة تبناني عمي الأكبر إذ لم يكن لديه أولاد، وقد بنى لي بيتا وقد أخبر الجميع بأنه بنى البيت لي، ولكنه توفي ولم يترك أي دليل على أن هذا البيت لي، والبيت ليست له أية وثيقة تثبت ملكيته، السؤال: هل يحق لي أن أسجل البيت باسمي باعتبار أن عمي قد وهبه لي في حياته وذلك بشهادة زوجته التي لازالت على قيد الحياة وبعض الجيران والأقارب.. أم أن البيت أصبح ميراثا ويجب اقتسامه بين الورثة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز للشخص في حال حياته وصحته أن يهب من ماله ما شاء، فإذا كان عمك وهب لك داراً وقبضت الدار قبل وفاته فإن هذه الدار ملك لك، ولا يحق لورثته منازعتك فيها بباطل، سواء وجدت أوراق ثبوتيه أم لم توجد.
أما إذا كنت لم تقبضي هذه الهبة حتى مات الواهب فإن الدار ترد إلى التركة؛ لحديث عائشة رضي الله عنها: أن أبا بكر رضي الله عنه نحلها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما مرض قال: يا بنية كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقاً، ولو كنت حزتيه أو قبضتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث فاقتسموه على كتاب لله. رواه مالك في الموطأ.
وجاء في المغني: إذا مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة. انتهى.
والقبض أو الحوز المراد به أن يلي الموهوب له التصرف في الموهوب ويرفع الواهب يده عنه، والصغير والسفيه يقبض لكل منهما وليه الشرعي أو من ينوب عن هذا الولي، فإذا كان هذا قد حصل من الأخت السائلة أو ممن هو مخول بالقبض عنها قبل موت عمها فقد ملكت الدار، أما إذا لم يحدث ذلك فتعود الدار إلى الميراث.
وأما عن قول السائلة أن عمها تبناها فنرجو مراجعة موضوع التبني وحكمه في الفتوى رقم: 72568.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1428(12/4957)
الرجوع عن الهبة بعد حيازتها
[السُّؤَالُ]
ـ[خالة باعت لبنت أختها شقتها بدون مال وكانت بنت الأخت تخدمها من حين لآخر وبعد حين كتبت وصية لآخر على عقدها، فما حكم الدين على بنت الأخت إذا كانت هذه الخالة أنكرت الشقة التي كتبتها لبنت أختها، فهل على بنت الأخت ذنب إذا أخذت الشقة ودفعت كل شهر مبلغ من المال غير محدد كصدقة لهذه الخالة بعد مماتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أن الخالة قد أعطت لبنت أختها شقة، لأن البيع بدون مال لا يعتبر إلا عطية، ولفظ البيع في ذلك مجاز، ثم ذكرت أن الخالة بعد حين كتبت وصية بالشقة لشخص آخر، وأنكرت ما كان قد حصل بينها وبين بنت أختها من أمر الشقة.... فإذا كان الذي تقصدينه هو على النحو الذي تصورناه فإن الهبة إذا تمت حيازتها من الموهوب لها قبل حصول المانع من موتٍ أو مرض مخوف للواهبة، فإنها تملك بذلك، ولا يمكن للواهبة أن تسترجعها بعد، ما لم تكن محجوراً عليها بسبب سفه أو جنون أو إفلاس.
وإن لم تحصل الحيازة من الموهوب لها، أو حصلت في وقت لم تعد فيه تفيد، فإن الهبة تكون قد بطلت بما فعلته الواهبة من الوصية بالشقة، وعلى كلا التقديرين، فإن بنت الأخت ليست مطالبة بدفع مبلغ كل شهر على سبيل الصدقة عن الخالة بعد مماتها، إلا أن تكون متطوعة بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1428(12/4958)
حكم تخصيص إحدى البنات بالهبة لفقرها وحاجتها
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي تملك منزلا ونحن رجلان وثلاث نساء وترغب والدتي بتسجيل المنزل باسم إحدى شقيقاتي نظراً لكونها لا تعمل ومتزوجة من رجل حالته المادية بسيطة ونحن كل واحد منا يملك منزلا وحالتنا جيدة والحمد لله، ونحن جميعنا موافقون على ذلك فهل يجوز ذلك شرعا، وإذا كان لا فهل يجوز وقف البيت بحيث لا يباع ويبقى بين الورثه بعد الوالدة أطال الله بعمرها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الأم تريد بتسجيل بيتها باسم البنت المذكورة هبته لها دون إخوتها نظراً لحالها ولحالهم -الذي أشار إليه السائل الكريم- فلا نرى مانعاً شرعياً من ذلك، إذا كانت الهبة ناجزة وتمت حيازتها من طرف البنت، فقد أجاز أهل العلم تخصيص بعض الأبناء بالعطية إذا كان لذلك مسوغ، وخاصة إذا كان بقية الأبناء راضين، وسبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة في الفتوى رقم: 6242، والفتوى رقم: 14254.
أما إذا كان القصد بالكتابة هو الوصية بالبيت لها بعد وفاة الأم فإن هذه الوصية لا تصح؛ لأنها وصية لوارث، والوصية لا تصح لوارث، ولا بأكثر من الثلث، إلا إذا أجاز ذلك الورثة، وكانوا بالغين رشداء، ولا يصح للورثة إجازة الوصية للوارث وبما زاد على الثلث إلا بعد وفاة مورثهم لأنهم لا يملكون التركة إلا بعد وفاته.
وأما وقف البيت بعد وفاة الأم فلا مانع منه شرعاً إذا كان ذلك باتفاق جميع الورثة، وكانوا رشداء بالغين، سواء كان الوقف على البنت المذكورة أو على غيرها، كما يجوز للأم أن توصي به وقفاً على أعمال الخير بعد وفاتها إذا كان في حدود ثلث تركتها، وإذا كان أكثر من الثلث وأجازه الورثة فلا مانع من ذلك إذا كانوا بالغين رشداء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(12/4959)
هبة الثواب إذا كانت مالا بمال
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي استفسار طالما شغلني، في منطقتنا وعند تبادل الزيارات بين النساء (الأقرباء والأصدقاء) في المناسبات سواء الأفراح أو المرض ... تعطي المرأة (الزائرة) نقوداً لصاحبة المناسبة، وعندما تأتي مناسبة بعد ذلك لهذه المرأة (الزائرة) ولا تُرجِعُ لها تلك المرأة (التي قامت بزيارتها سابقا) نقوداً أو تُرجعُ لها النقود بنفس المبلغ أي بدون زيادة (أي أعطتها ديناراً فأرجعت لها دينار) فإن المرأة تغضب وتُشهر بها وتعتبر ذلك عدم رغبة في مواصلة تبادل الزيارات بينهما، وسؤالي هنا: هل أن هذه الزيادة في النقود بين المتزاورات حلال أم أنه يدخل ضمن باب الربى، فأرجو الردّ على سؤالي: لأن هذه الظاهرة متفشية في منطقتي وأنا دائما أسعى لتفادي كل ما من شأنه أن يحيد عن منهج ديننا الحنيف؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الظاهرة التي يسأل عنها السائل تعرف في الفقه الإسلامي بهبة الثواب أي الهبة بقصد العوض، جاء في تعريفها من شرح حدود ابن عرفة ما يلي: هبة الثواب.. عطية قصد بها عوض مالي.. وحكمها حكم البيع. اهـ.
وإذا كان الواهب اشترط العوض أو جرى به العرف كما هو واضح في عرف الأخت السائلة فإن هذه الهبة بيع، وإن سميت هبة، فالعبرة بالحقائق لا بالأسماء، أما حكم هبة الثواب فهو الجواز في الجملة، وبالنسبة للصورة المعروضة والتي تؤدي إلى الربا فإنها غير جائزة إلا إذا اجتنب المحذور، والمحذور هنا هو بيع مال بمال من جنسه بدون تماثل ولا تقابض، فيجرى في هذه الهبة ربا الفضل والنسيئة معاً، وإن اختلف الجنسان بأن وهبت ريالات وعوضتها دولارات مثلاً بأنه يجري فيها ربا النسيئة دون ربا الفضل، واجتناب المحذور هنا بأن يرد الموهوب له بدل النقود عرضاً بقيمة تلك النقود، جاء في فتح العلي المالك: ما قولكم في رجل يواسي آخر في كفرح بحبوب أو مواش أو دراهم وذا يسمى في عرفنا نقوطاً فإذا حدث عند المواسي موجب يرد الآخر له مثل الذي واساه به أو أزيد أو أنقص، فهل يدخل ذلك الربا ... ؟ .. نعم يدخل ذلك ربا النساء والفضل إن اتحدا جنساً واختلفا قدراً وهما ربويان، وإنما يقضى فيها بالعروض التي فيها وفاء بقيمة الموهوب..
وسئل سيدي علي الأجهوري عما يفعله بعض الناس من أنهم يهادون بعضهم ويمتنع المهدى له من رد الإناء فارغاً ويرسله بشيء وإن لم يفعل ذلك حصل في نفس المهدي شيء، فهل يجوز ذلك أم يمتنع ذلك؟ فأجاب: وينبغي له أن يتحفظ من هذه العادة المذمومة التي أحدثت ... وكان سبباً لترك المهاداة بينهما، ولسان العلم يمنع من ذلك كله لأنه يدخله بيع الطعام بالطعام غير يد بيد، ويدخله أيضاً بيع الطعام بالطعام متفاضلاً ويدخل الجهالة ... فإن قيل ليس هذا من باب البياعات وإنما هو من الهدايا وقد سومح فيها، فالجواب: هو مسلم لومشوا فيه على مقتضى الهدايا الشرعية لكنهم يفعلون ضد ذلك لطلبهم العوض، فإن الدافع يتشوف له والمدفوع إليه يحرص على المكافأة ... انتهى.
والمقصود أنه إذا كان الأمر كما ذكرت السائلة فإنها تتحاشى الدخول في مثل هذا؟
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1428(12/4960)
تفضيل بعض الأبناء في الهبة يجوز في بعض الأحوال
[السُّؤَالُ]
ـ[سلام عليكم للمرة الثانية لسؤال آخر أنا حاليا أبني الدار ووالداي أرادا أن يعطياني مالا دون إخبار إخوتي
الذكور والإناث وأنا أرفض ذلك بحجة أقول دائما اعدلوا بين أولادكم ووالداي يقدمان لإخوتي من قبل أي ليراهوا محتاج فالآن يريدون معاونتي هل يجوز أن أقبل هذا الأمر رغم أنهم لم يخبروا إخواني وعلى كل حال إذا ما قدر أن يعلموا فلا حرج لأن أبي قدم لإخواني إعانات أمامي لا حرج علي وأخبركم يا شيخنا الكريم بأني سأقنع وسآخذ برأيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على الآباء التسوية بين أبنائهم في العطية. وقد اختلف أهل العلم في حكم ذلك، والذي رجحه المحققون منهم أن التفضيل لا يجوز إلا إذا كان له ما يسوغه من الاحتياج أو كثرة العيال أو طلب العلم أو ما أشبه ذلك. وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم في الفتويين: 6242، 28274. نرجو أن تطلع عليهما
وقد أحسنت وأصبت عندما نبهت والديك على هذا الحكم الذي يغفل عنه كثير من الناس، ولذلك فإذا كان ما قدمه لك والداك قد قدما مثله لإخوانك،أو كان لهذا التقديم ما يسوغه كمثل ما أشرنا إليه فلا حرج عليك في قبوله سواء أخبرا بذلك إخوانك أو لم يخبراهم؛ فلا يترتب على علمهم أو عدمه حكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1428(12/4961)
حكم رجوع الزوجة بالهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجه وأيضا عامله، كان زوجي سابقا يأخذ راتبي كله برضا مني، ولكن كان يبخل علي ويحاسبني على طلباتي ويعطي والده نقودا وإذا أردت أن أعطي والدتي مثلها يغضب مني، وفي الأخير بعد مشكلة رضي أن آخذ نقودي وأتصرف بها كما شئت وأصبح يأخذ مني نقودا لأي شيء أطلبه حتى لو كان بسيطا وأنا أصبحت مسؤولة على كل مصروفي ما عدا الأكل والشرب، وعلى الرغم أنه لم يعد لي النقود السابقة ولمدة 6 سنوات وهو يحاسبني على كل ريال يعطيني، أما إذا كان أي أحد من أهله يهني لهم حتى ولو كان معهم، فأرجو منكم التوضيح هل لي حقوقي منه في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للزوج الاستيلاء على مال زوجته إلا بطيب نفس منها؛ لحديث: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد، فإن أخذ شيئاً من مالها بدون رضى منها فهو معتد آثم، ويجب عليه رد ما أخذ إليها.
وأما أعطته إياه بطيب نفس منها فهو مباح له، ويعدّ من باب الهبة، ويتملك بالقبض، وليس لها الرجوع عن هبتها، وعلى الزوج أن ينفق على زوجته النفقة الواجبة بالمعروف، ولا تقتصر نفقة الزوجة على الأكل والشرب فقط؛ بل النفقة الواجبة أعمّ من ذلك من ثياب ومسكن ونحو ذلك، مما يقوم بحاجتها وكفايتها بالمعروف وبحسب يسار الزوج وعسره، ولا يسقط عنه هذه النفقة الواجبة يسار الزوجة وغناها، وفي الحديث: ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. رواه مسلم.
وفي حديث زوجة أبي سفيان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه، وراجع تفصيلاً أكثر في نفقة الزوجة، الفتوى رقم: 48166، والفتوى رقم: 50068.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1428(12/4962)
مقاسمة الورثة أخاهم فيما فضل به من مال
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد التحية:
والدي أعطى لأخي الأكبر مبلغا من المال يعتبر كبيرا نسبياً عندما كنا نحن صغارا فهل لنا أن نطالب والدي بمثل هذا المبلغ لنا أو أن يعيد أخي هذا المبلغ لوالدي؟
وهل عند وفاة والدي يكون لنا الحق أن نأخذ من تركته مثل ما أخذ أخي الأكبر والباقي من التركة نتقاسمه حسب الشريعة؟
أولا يحق لنا أخذ المال من أخي ويعتبر هذا المال هبة من والدي لأخي وكيف نتصرف في مثل هذه الحالة
وشكراً لكم؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المطلوب من الوالد أن يعدل بين أولاده في العطية لحديث: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
فإن وجد ما يدعو إلى المفاضلة لحاجة أو فقر أو دراسة أو مرض فلا مانع كما جاء في المغني: فإن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عياله أو اشتغاله بالعلم ونحو ذلك فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك. اهـ
أما إذا لم يوجد مسوغ شرعي لهذه المفاضلة فلا يجوز، وعلى الأب أن يعطي أولاده الآخرين مثل ما أعطى الأول أو يسترده منه.
فإن لم يفعل حتى مات الوالد فإن لبقية الإخوة مطالبة أخيهم ومقاسمته في ما أخذ.
جاء في فتاوى ابن تيمية رحمه الله ما يلي: يجب عليه أن يرد ذلك في حياته كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضا طاعة لله ولرسوله، ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1428(12/4963)
حكم هبة المرأة العجوز ما تملكه لبنتها
[السُّؤَالُ]
ـ[جدتي امرأة كبيرة تبلغ من العمر 85 سنة حين قامت ببيع ما ورثته عن أبيها ثم قامت جدتي بشراء بيت بهذه الأموال ولكن قامت بتسجيله باسم عمتي. توفيت جدتي منذ أيام وقررت عمتي بيع البيت والتصرف في الأموال. فما حكم الشرع فيما فعلته جدتي؟ وما يجب ان تفعله عمتي؟. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما قامت به جدتك من بيع ما ورثته وشراء بيت به وتسجيله باسم عمتك وهبته لها قد وقع بعد تغير عقلها ودخولها في حالة الخرف فلا يصح ويجب رده كله، ولكم أن ترفعوا الأمر في هذه الحالة إلى المحكمة لتنظر فيه.
وأما إذا كان ما قامت به قد وقع وهي عاقلة مختارة فإنه صحيح إلا فيما يتعلق بتسجيل البيت باسم عمتك وهبته لها ففيه تفصيل:
إن كان هذا التسجيل لم يتبعه تسليم البيت لعمتك تتصرف فيه تصرف الملاك فإن هبته لها تبطل بالموت، ولا حق لعمتك فيه وراجع الفتوى رقم: 52603.
أما إن كانت قد سلمت لها البيت بحيث تتصرف فيه تصرف الملاك فينظر:
فإن كانت هذه الهبة في حال صحتها، وليس لها أبناء آخرون غير عمتك، فهذه الهبة صحيحة. وأما إذا كان لها أبناء آخرون فلا تصح الهبة إلا إذا وهبت لأبنائها الآخرين كما وهبت لعمتك أو يتنازل الأبناء الآخرون عن حقهم في التسوية والعدل بينهم وبين أختهم - عمتك- وراجع الفتوى رقم: 66565.
وإن كانت هذه الهبة في حال مرض الموت فإنها عبارة عن وصية لوارث، قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم، أن حكم الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب، حكم الوصايا. اهـ
والوصية لوارث لا تنفذ إلا إذا أجازها بقية الورثة، وبشرط أن يكونوا بالغين رشداء لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجة، وفي رواية للدراقطني والبيهقي: لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1428(12/4964)
حكم قبول الهدايا من صديق يتعامل مع شركة المهدى إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مدير قسم بشركة كبرى لي صديق من الأجانب يتعامل مع الشركة وعند حضوره يحضر لنا بعض الهدايا معه ونحن بدورنا عند سفره نعطيه بعض الهدايا وهي طريقة نتعامل بها مع كل الأجانب المتعاملين معنا، عند حضور الأجنبي مرة من المرات ذكر لي أنه لم يتمكن من شراء هدية لي وللأسرة هذه المرة وترك لي ظرفا به نقود وأصر علي أن آخذه وأشتري به هدية لي ولطفلي الجديد، فأرجو الإفاده على وجود شبهة بالنقود أم لا، حقيقة هو لا يتعامل مع قسمي بطريقة أو أخري وقد جاءت الصداقة منذ حضوره للعمل مع الشركة لأنه جاء عبر قسمي، ولكنه يتعامل مع إدارة أخرى ويزورني كل ما يحضر للعمل مع الشركة، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الهدايا التي يهديها لك هذا الشخص -ومنها هذا المبلغ المالي- ليست بسبب وظيفتك بحيث لو لم تكن موظفاً في الشركة ما أهدى لك، وليست ذريعة إلى إعطائه ما لا يستحق من التسهيلات أو تقديمه على غيره، وإنما هي بسبب ما جرى بينكما من الصداقة وتبادل الهدايا، فلا حرج في قبولها، وإلا فلا يجوز لك قبولها، لدخولها حينئذ في حكم الرشوة المحرمة. وراجع للأهمية والتفصيل الفتوى رقم: 52923، والفتوى رقم: 63826، والفتوى رقم: 30760.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1428(12/4965)
هل يقبل هدية من يظن أنه ساهم في تعيينه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف وقد كلفني أحدهم أن أعيده إلى التعيين ومن دون تدخل مني تمت إعادته إلى الخدمة فأحضر لي هدية (مصحف مع حمالته) معتقدا بأني أنا من أعدته فقمت برفضه، فلم يقبل، فهل حرام أن يبقى بحوزتي وهل أعطيه إلى أحد المساجد القريبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أنه لا يجوز لك قبول هذه الهدية ولو كنت تدخلت للموظف وشفعت له -وأحرى إذا لم تكن شفعت أو بذلت جهداً- لأن الشفاعة لا يجوز أخذ الأجر عليها لأنها زكاة الجاه كما قال بعض الفضلاء:
القرض والضمان عوض الجاه * يمنع أن ترى لغير الله
وقد حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على الشفاعة للناس ورغبنا في مساعدتهم دون مقابل فقال: اشفعوا تؤجروا ... الحديث رواه البخاري ومسلم، وقال: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. رواه مسلم. وقال: من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه. رواه مسلم.
ولهذا فقد أحسنت عندما رددت تلك الهدية ورفضت قبولها، ولكن عليك أن تردها إلى مالكها، ولا يحق لك أن تضعها في المسجد كوقف أو غيره إلا إذا رضي بذلك صاحبها، كما ينبغي أن تطيب خاطره وتخبره أن الذي منعك من قبول المصحف هو ما أشرنا إليه من منع ذلك شرعاً، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 3816، والفتوى رقم: 28614.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1428(12/4966)
حكم الهدية للمدرس
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعمل بمدرسة خاصة إداريين ومدرسين، أحيانا يحضر لنا أولياء الأمور أو مشرفو الطلاب بعض الهدايا لنا، وأحيانا يقولون إن هذه هدية محبة وبصفة شخصية من باب التقدير، علما بأن اختبارات المدرسة تأتي من مدرسة حكومية وليس لنا دخل فيها وفي التصحيح لا يتم التعرف على ورقة الطالب وفي نفس المدرسة الحكومية، علما بأن هناك درجة تمنح للطالب على النشاط، وجرت العادة في المدارس الخاصة على منح الطالب درجة النشاط كاملة أو شبه كاملة، نرجو فتوانا في أحقية أخذ هذه الهدايا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في الهدية أنها مستحبة ولا ترد، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. أخرجه الإمام مالك في الموطأ، وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: لو أهدي إلى ذراع أو كراع لقبلت. فقد أفاد الحديث الأول استحباب تهادي الإخوان بعضهم لبعض، وأنه يجلب المحبة بينهم، ويزيل الحقد والحسد من قلوبهم، كما أفاد الحديث الثاني أن الهدية لا ينبغي أن ترد ولو كانت حقيرة، وقد خرج من هذا الاستحباب الإهداء للقاضي ومن في معناه ممن لم يكن يهدى له أصلاً سداً لذريعة الرشوة.
وهدية الطالب إلى المدرس إذا كانت بقصد محاباته في رفع درجاته في الامتحان أو لإعطائه ميزة على حساب غيره، كانت رشوة وحرم على المدرس أخذها، وإن لم يتعلق بها غرض سيء لم يحرم أخذها، ولكنه ينبغي للمهدى له أن يكافئ بمثل ما أهدي إليه به، فعن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أعطي عطاء فوجد فليجز به، ومن لم يجد فليثن. وليس من شك في أن المكافأة تبعد احتمال قصد الرشوة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1428(12/4967)
حكم رجوع الواهب عن الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ عشرين عاما قام والدي بشراء قطعة أرض للبناء وتشارك في دفع المبلغ كل من أبي وعمي (س وص) ثم تم تقسيمها على ثلاثة أفراد بالتراضي بينهم وعندما أتت مرحلة البناء قام أبي ببناء نصيبه وعمي ص ببناء نصيبة وتبقى الجزء الأخير في المنتصف لعمي س الذي كان يعمل في الخارج وأثناء البناء قام عمي ص بالتعدي على جزء من الجزء الخاص بعمي س فتدخل أبي لمنع ذلك ولكن عمي س كان ليس في حاجة إليها ورافضا السكن في هذه المنطقة فقال لأبي لو أنت عايز الجزء الباقي خذه فوافق أبي على هذا وقام عمي س بتحرير عقد بذلك أنه تنازل عن قطعة الأرض الخاصة به وبكامل إرادته لأبي مع شهادة الشهود منذ أكثر من 15 عاما وبعد مرور الوقت وجاء عمي في الوقت الحاضر يطالب بنصيبه من الأرض، علما بأنه ميسور الحال جداً جداً في ظل حاجتنا نحن إليها ويرفض أبي أن يعطيه، فأفيدونا هل ما فعله أبي حرام؟ وشكراً لسيادتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا صح أن عمّ السائل تنازل لأبيه عن حقه في الأرض فإن هذا التنازل يعد هبة صحيحة تملكها الموهب له بقبضها، ولا يحق للواهب الرجوع عنها، ولا يلزم الموهوب له دفعها إليه، لحديث: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه. رواه البخاري. وحديث: لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها؛ إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه الترمذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1428(12/4968)
هل يجب على مدير شركة أن يكافئ جميع العمال
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً أشكركم بشدة على هذا الموقع الرائع، موضوعي هو باختصار أنني أعمل في شركة يرأسها مدير يتصرف في مالها كما يشاء وكما يهوى ولا يكافئ من هم يبذلون جهدا كبيرا في نجاحها وهو على غير ملتنا وهو مكلف من المالك بإدارتها وعلاقتهم ببعض جيدة، سؤالي هنا: إن صارحت المالك ممكن أن يتغاضي عن تصريحي ويوطد العلاقة مع المدير وممكن تكون سبب الاستغناء عن خدماتي وأنا على عاتقي الكثير من المشاكل ولا أستطيع الاستغناء عن وظيفتي، فأخبروني يا أهل الذكر والعلم كيف أتصرف بحكمة؟ وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته عن مدير الشركة التي قلت إنه يتصرف في مالها كما يشاء وكما يهوى ولا يكافئ الذين يبذلون جهداً كبيراً في نجاحها، هو في الحقيقة ينافي ما ينبغي أن يكون عليه المسؤولون في إدارة المؤسسات، ولكن ما ذكرته من أنك إن صارحت المالك يمكن أن يتغاضى عن تصريحك ويوطد العلاقة مع المدير، ومن الممكن أن يكون ذلك سبب الاستغناء عن خدماتك، يفيد أن مالك الشركة يسمح لمديرها بما هو عليه من الحال، وبالتالي فلا ينبغي أن تتدخل في هذا الأمر الذي قلت إنه قد يضر بمصلحتك.
واعلم أن تصرف هذا المدير لا يعد ظلماً طالما أن المالك يسمح له به، وأنه لم يعتد على شيء من حقوق العمال، واعلم أيضاً أن من حق صاحب أية مؤسسة أن لا يكافئ أي أحد من العمال، أو أن يكافئ من يرغب هو في مكافأته، وليس في شيء من ذلك ظلم لأي أحد، لأن المكافأة تعتبر تبرعاً من المدير، ومن حق أي أحد أن يتبرع ببعض ما يملكه لمن يريد التبرع له، ويحرم منه من يريد حرمانه، فلا يجب على المتبرع العدل في تقسيم ما يتبرعه؛ إلا إذا كان والداً يتبرع لأولاده فيجب عليه العدل بينهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1428(12/4969)
لا حرج في قبول التبرع
[السُّؤَالُ]
ـ[وصلني إيميل من امرأة لا أعرفها من إنجلترا تقول إنها مصابة بالسرطان وقد ورثت عن زوجها مبلغا ماليا تريد أن تتبرع به لي (اختارت بريدي الإلكتروني بطريقة عشوائية من الانترنت) .لا أدري صحة ما تدعي أنا في تواصل معها.هل يجوز لي أخذ هذا المال (المبلغ كبير جدا) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم لنا في أكثر من فتوى التحذير من هذه الأساليب التي يسلكها بعض المحتالين لتوصل إلى أخذ أمول الناس من خلال معرفة رقم حسابهم أو رقم بطاقتهم الائتمانية ونحو ذلك مما يقدرون به على الاستيلاء على أموالهم وسرقتها، ولعل قصة الأخت السائلة من هذا الباب فينبغي الحذر وأخذ الحيطة.
أما من حيث أصل المسألة فإنه لا مانع من قبول تبرع هذه المرأة فالأصل أن ما بيد الإنسان ملك له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1428(12/4970)
من شروط الهبة النافذة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود سؤال فضيلتكم عن رجل وزع أملاكه على ابنته التي تبناها وبنات لزوجته وحرم إخوته من الإرث، فهل عليه إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً أن يهب الإنسان ما شاء من أمواله وممتلكاته لمن يشاء ما دام أهلاً للتصرف وفي حال صحته وكان عن طيب نفس، وإذا تسلم الموهب له تلك الهبة صارت ملكاً له، وأما إذا لم يتسلمها حتى مات الواهب أو كانت الهبة وقعت في مرض الموت فإن هذه الهبة لا عبرة لها، وهذا من الجور في الوصية لا سيما إذا كان بقصد حرمان الورثة، وقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في بيان تحريم الجور في الوصية، فانظري الفتوى رقم: 75564، والفتوى رقم: 77531.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1428(12/4971)
حكم الهبة للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الهبة للميت، والمشكلة هي أن الميت يستحيل قبولها، فهل يجوز ورثة الميت قبول الهبة بدلاً منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تصح الهبة إلى الميت ولا يجوز للورثة أن يقبلوها نيابة عنه لعدم صحة الهبة له أصلاً، لأن الميت لا يملك ولا يتملك، قال البهوتي في دقائق أول النهى: وإن مات موصى له قبل موصٍ بطلت الوصية لأنها عطية صادفت المعطى ميتاً، فلم تصح كهبته لميت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1428(12/4972)
مسائل فيمن حصل على منح للعلاج ولم يحصل قصد المانحين
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ حفظه الله تعالى تتلخص الواقعة التي أريد أن أسأل عنها فيما يلي.
أنا طالبة أدرس للحصول على الماجستير بألمانيا. ومنذ قرابة العامين والنصف مرض أخي مرضا مفاجئا. وبدأ رحلة العلاج بالجزائر وفي خلال خمسة أشهر تدهورت حالته إلي أقصي درجة دون أن يخبره الأطباء بحقيقة مرضه وفي هذه المدة كانت شركة التأمين بالجزائر تتحمل نفقة العلاج. وقدر الله وبعد مداولات قررنا أن يحضر هنا للزيارة والعرض على الأطباء. أخي المذكور عليه رحمه الله كان يعمل مديرا في شركة أدوية ووعده مدير الشركة وعدا شفويا بتحمل قيمة فاتورة العلاج في أي مكان بالخارج. وحضر أخي وهو في حالة صحية سيئة وفي نفس يوم حضوره أدخل إلى المستشفى على أساس أن الشركة التي يعمل بها سوف تتحمل قيمة فاتورة العلاج بناء على الوعد الشفوي من المدير وقمت أنا بالتوقيع على أوراق دخوله إلى المستشفى دون أي مسئولية شخصية بتحمل أي تكاليف. وبقي أخي بالمستشفى خمسة أيام وقبضه الله إليه. وإنا لله وإنا إليه راجعون. وبعد عدة أسابيع طالبتني المستشفى بقيمة الفاتورة التي تبلغ قرابة سبعة عشرة ألف أيرو 17000 وأنا شخصيا لأملك هذا المبلغ.
قامت شركة أدوية ألمانية لها تعاملات مع الشركة التي كان يعمل بها أخي بإرسال 5000 خمسة ألاف أيرو إليٍ. كما قامت شركة أخرى بإرسال 1000 ألف أيرو إلي. وقامت إحدى صديقاتي بإعطائي 1000 إيرو قامت بتجميعهم من صديقاتها في المركز الإسلامي. في حين تنصلت الشركة الأم التي كان يعمل بها أخي ووعده مديرها بتحمل نفقات العلاج من دفع أي قيمة للعلاج. بمعنى أن إجمالي المبلغ الموجود لدي هو سبعة ألاف " 7000 " أيرو.
تقدمت بطعن إلى المستشفى في قيمة العلاج وفي أحقية المستشفى بمطالبتي بالسداد وبأني طالبة ولا أمتلك المبلغ المطلوب وأني لست مسؤولة عن دفع قيمة الفاتورة. فأخبروني بأنهم سوف يدرسون الموقف ويخبروني بالنتيجة. وعاودت الاتصال بهم فأخبروني بضرورة الانتظار والصبر حتى يخبروني بالنتيجة. والسؤال هو
• هل تعتبر قيمة فاتورة العلاج دين واجب السداد؟ يعذب أخي عليه رحمه الله به.
• في حالة أن قبلت المستشفى الطعن وأعفتني من السداد فماذا أصنع بما لدي من مال لهذا الأمر وهو 7000 سبعة آلاف أيرو.
• في حالة أن رفضت المستشفى الطعن وطلبت مني السداد فهل تقتطع قيمة الفاتورة من تركته وتسدد إلى المستشفى؟ وإن كانت قد قسمت تركته فهل يعاد جمع قيمة الفاتورة بنسب توزيع التركة؟
أفيدوني أفادكم الله فأنا يوميا أرى أخي في الحلم وأخاف أن يعذب بسبب قيمة هذه الفاتورة.
جزآكم الله خيرا وبارك فيكم وتقبل منكم صالح الأعمال وجعل هذا الوقت والجهد في موازين أعمالكم. اللهم أمين.
ملاحظة!!
اسمح لي سيدي أن أوضح بعض النقاط ببعض من التفصيل والتي أعتقد أنها ذات أهمية في الإجابة.
• تقبل المستشفى هنا في ألمانيا أي إنسان في حالة الخطر مع السؤال عمن سيدفع تكاليف العلاج. وكانت الإجابة نحن الأسرة الذين سندفع التكاليف (من دون أن نوقع على أي أوراق بهذا المعنى وربما هذا هو خطأ المستشفى) وذلك اعتمادا على وعد مدير الشركة التي كان يعمل بها المرحوم. ولكن كان هذا الوعد وعدا شفويا ولذلك لا نستطيع أن نرفع دعوى على الشركة التي كان يعمل بها. ولم يتوقع أحد أنه عليه رحمه الله في مرض موت وموقف مدير الشركة تغير فقط بعد موت أخي عليه رحمة الله. ولذا فأعتقد أن العلاقة التعاقدية هي بيننا نحن أسرة المتوفى وبين المستشفى.
• الطعن المقدم مني إلى إدارة المستشفى يعتمد على أنني لم أوقع علي أي أوراق تلزمني بدفع تكاليف العلاج. وأني طالبة وليس لي مرتب ثابت أستطيع منه أن أدفع منه هذه التكاليف.
• إذا قبل الطعن فهذا يعني أنه لا أحد سوف يدفع إلى المستشفى وستتحمل المستشفى قيمة التكاليف
• هذه التبرعات قسمان الأول من خلال أخي عليه رحمة الله ومديره اللذين اتصلا بهاتين الشركتين واللذين تربطهم بالشركة التي كان يعمل بها أخي علاقات عمل وهذه الأموال مساهمة في العلاج وقال المدير لأبي عندما سأله أن يفي بوعده بسداد قيمة العلاج. لا نستطيع أن ندفع أكثر من ذلك قدموا الطعن ربما يقبل وإن قبل فهذه الستة آلاف أيرو التي أرسلتها الشركتان الألمانيتان مساعدة لابنتكم التي تدرس هناك.
أما القسم الثاني فهو ألف أيرو وهذا هو الذي جمع من المسجد للمساهمة في العلاج ولا يعرف من من. أرى أن نرجعه إلى إدارة المسجد لتتصرف فيه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى حكم التأمين الصحي، ولك أن تراجعي فيه فتوانا رقم: 3281.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فقد ثبت في الحديث الشريف أن الميت يعذب بالديون التي عليه، فعن جابر رضي الله عنه قال: توفي رجل فغسلناه وكفناه وحنطناه، ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فقلنا: تصلي عليه، فخطا خطوة ثم قال: أعليه دين؟ قلنا: ديناران، فانصرف، فتحملهما أبو قتادة، فأتيناه، فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أوفى الله حق الغريم وبرىء منهما الميت. قال: نعم؛ فصلى عليه. ثم قال بعد ذلك بيومين: ما فعل الديناران؟ قلت: إنما مات أمس. قال: فعاد إليه من الغد فقال: قد قضيتهما. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآن بردت جلدته رواه أحمد بإسناد حسن والحاكم والدارقطني، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. ورواه أبو داود وابن حبان في صحيحه باختصار. قال الشوكاني: فيه دليل على أن خلوص الميت من ورطة الدين وبراءة ذمته على الحقيقة ورفع العذاب عنه إنما يكون بالقضاء عنه، لا بمجرد التحمل بالدين بلفظ الضمانة. انتهى
ولكن ما ذكرته عن أخيك يفيد أنه ليس هو المطلوب بتلك الديون؛ لأنه ليس هو الذي التزم بها، أو تعاقد مع أصحابها، وإنما كان جميع ذلك منك أنت.
وفيما إذا كانت قيمة فاتورة العلاج تعتبر دينا واجب السداد؟ نقول: إن كان العقد الذي وقع بينك وبين الجهة التي تم عندها العلاج كان عقد جعالة، بأن اشتُرط فيه البرء، فإن تلك الجهة لا تستحق شيئا؛ لأن البرء لم يحصل، والجعل إنما يُستحق بالتمام.
وإن كان العقد عقد إجارة، وقامت فيه الجهة بجميع العمل المتعاقَد عليه، فإنها بذلك تستحق الأجرة كاملة، أو تستحق منها نسبة ما قامت به من العمل إذا كان الوفاة قد حصل قبل إكمال الأعمال المشترطة؛ لأن الإجارة عقد ملزم للطرفين، ولا يشترط فيها حصول النفع للمستأجر، وتنفسخ بموت المريض قبل إكمال العمل المتعاقَد عليه. ولك أن تراجعي في هذا فتوانا رقم: 79524.
ثم قولك: "إن أخاك فور حضوره أدخل إلى المستشفى على أساس أن الشركة التي يعمل بها سوف تتحمل قيمة فاتورة العلاج بناء على الوعد الشفوي من المدير، وأنك أنت قمت بالتوقيع على أوراق دخوله إلى المستشفى دون أية مسئولية شخصية بتحمل أي تكاليف"، إن كنت تعنين بهذا الكلام أن القائمين بالعمل في المستشفى قبلوا الحوالة على الشركة التي يعمل بها أخوك، وأنهم إنما طلبوا توقيعك كإجراء شكلي فقط، فإنهم بذلك لا يكون لهم حق عليك، وإنما عليهم أن يطلبوا حقهم ممن رضوا بالحوالة عليه.
وإن كنت تعنين أنك أنت الضامنة لهذا الحق، ولكنك ذكرت لهم خبر الشركة ليثقوا من ضمانك، فإنك بذلك تكونين أنت المسؤولة عن جميع تلك التكاليف.
وحول سؤالك عما تفعلين بتلك الأموال التي حصلت في حال ما إذا قبل المستشفى الطعن وعفاك من السداد نقول: إن الغالب أن المانحين لمثل هذا المال يعطونه على وجه الصدقة ولا يريدون استرجاعه ولو لم يحصل الغرض الذي جمع له في الأصل. وعليه يكون ما حصل لأخيك منه قد أصبح ملكا له، ومن حقك أنت أن تستعيني به في قضاء حقوق المستشفى؛ لأنك قمت عن أخيك بواجب. كما أنه يصرف لورثة أخيك إذا رضي المستشفى بتبرئتك من الدين.
ولكنه إذا علم أن المانحين إنما يعطون هذا المال ليستعان به في العلاج لا غير، فالواجب حينئذ أن يرد لأصحابه. ففي شرح الخرشي عند قول خليل: وإن أعانه جماعة.. فإن لم يقصدوا الصدقة عليه رجعوا بالفضلة، وعلى السيد بما قبضه إن عجز وإلا فلا ... قال: يعني أن المكاتب إذا أعانه جماعة بمال يستعين به على أداء نجوم كتابته فأداها وفضل بعد ذلك فضلة، فإن لم يقصدوا بذلك الصدقة عليه بأن قصدوا فكاك رقبته أو لا قصد لهم فإنهم يرجعون عليه بتلك الفضلة. فإن عجز المكاتب عن أداء نجوم الكتابة ورق لسيده فإنهم يرجعون على السيد بما قبضه من مالهم؛ لأنه لم يحصل قصدهم. وأما إن قصدوا بذلك الصدقة على المكاتب فإنهم لا يرجعون بالفضلة عن أداء النجوم، وكذلك إذا لم يفضل شيء بل ولا بما قبضه السيد إن عجز.
وعلى هذا التقدير الأخير، فإن المال الذي جمع من المسجد إذا تعذر إرجاعه لأصحابه بعد البحث والاجتهاد، فإنه يُتصُدق به عنهم.
وتجدر الملاحظة إلى أن الوعد الذي وعد به مدير الشركة التي كان يعمل عندها أخوك ليس ملزِما لمدير تلك الشركة؛ لأن الوعد قد ذهب جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة وبعض المالكية إلى أن الوفاء به مستحب وليس بواجب.
ونسأل الله العلي القدير أن يتقبل أخاك في فسيح جناته، وأن يعينك على حل ما علق بك من المشاكل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1428(12/4973)
هل يقبل الطبيب الحكومي هدية المريض
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيب في مستشفى حكومي أجريت عملية جراحية لرجل وبعد نجاح العملية جاء بهدية بسيطة فرفضت قبولها على الرغم من الحاجة الشديدة وبعد خروجه فوجئت بأنه ترك الهدية فهل أعيدها إليه؟ أم أتصدق بها؟ أم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان نظام العمل يسمح بقبول مثل هذه الهدايا، ولم تكن الهدية سبباً أو مظنة لمحاباة هذا المريض في المستقبل وتقديمه على من هو أحق منه، فلا بأس بقبولها وإلا حرم ذلك، ووجب ردها على صاحبها. وراجع للتفصيل في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5794، 52923، 70869.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1428(12/4974)
تفضيل أحد الولدين في العطية إذا كان لمسوغ مقبول
[السُّؤَالُ]
ـ[أم لها ولدان الأول عمره27 سنة ويعيش في الخارج احتاج نقودا فباعت لأجله ما تملك من أرض وذهب وأعطته الكثير من المال والآخر أصغر منه كان يعيش معها فلم تفكر قبل موت هذا الأخير أنها قصرت معه أو أنها لم تعدل بينه وبين أخيه لأنها تراه يأكل معها وينام في بيتها وتقول هو تحت عينها تراه وتطمئن عليه، لكن الآخر بعيد ... (وتقول لما يكبر ويحتاج سيساعده أخوه الأكبر) ولما مات الابن الصغير وعمره 20 سنة لا يكاد تأنيب الضمير ينفك عنها فتقول إنها لم تعدل وإن الله لا يرضى بما فعلت من تفضيل ابن على ابن (خاصة وأن الابن مات منتحراً والعلم لله وقد أخبر عنه أصدقاؤه أنه كان يقول نحن فقراء ... ) السؤال هو: هل ما فعلته لا يجوز، هل أذنبت حين أعطت لولد ما لم تعطه لولدها الآخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى كلام أهل العلم حول الانتحار، ويمكنك أن تراجعي فيه الفتوى رقم: 5671.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك فإنه ليس من شك في أن الوالد مطالب شرعاً بالتسوية في العطايا والهبات بين أولاده، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري ومسلم.
إلا أنه إذا وجد مسوغ مقبول لتفضيل بعضهم على بعض فلا بأس، وفي هذا يقول ابن قدامة رحمه الله: فإن خص بعضهم بالعطية، لمعنى يقتضي تخصيصهم مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله تعالى أو ينفقه فيها، فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك. انتهى.
وعليه، فبما أن الوالدة المذكورة كانت قد اجتهدت في موضوع ابنيها، وأدى بها اجتهادها إلى ما فعلته من إيثار الأكبر على الأصغر، فنرجو أن تكون معذورة في ذلك، وأن لا يلحقها إثم بسببه، وعليها أن تبادر إلى التوبة والاستغفار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1428(12/4975)
حكم تقسيم الأب أملاكه بين أولاده ومعارضة أحدهم
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي ووالدتي على قيد الحياة ولهما 4 أولاد (2 ذكور و2 إناث) ، أراد أبي أن يقسم أملاكه علينا، ولكن أختنا الكبرى لا ترضى بالقسمة، فهل يصح أن يقسم أبي أملاكه على 3 فقط، وهل يجوز له أن يضم نصيب أختنا الكبرى إلى نصيب أمي، ما هو حكم الشرع في ذلك، وهل هناك حل آخر؟ شكراً جزيلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان قصدك أن أباك يريد أن يقسم عليكم أملاكه على سبيل الهبة والتمليك ورفع يده عنها حتى تكون ملكاً لكم تتصرفون فيها تصرف المالك في ملكه فلا مانع من ذلك شرعاً، بشرط أن يعدل بين أبنائه ويساوي بينهم في العطية، وأن يكون هو أهلاً للتصرف، فإذا فعل ذلك وتم الحوز من قبل الأبناء فقد تمت الهبة، وإذا رفضت البنت أو بعض الأبناء أو غيرهم ما أعطي له فإن ما وهب لها يرجع إلى مالكه الأصلي وهو الأب، وله أن يتصرف فيه كيف شاء.
وأما إذا كان قصدك أن التقسيم يكون بعد موت والدكم فإن ذلك لا يصح، ولا اعتبار له شرعاً؛ لأن الله تعالى هو الذي قسم التركات وأعطى كل ذي حق حقه، ولأن التركة لا تقسم في حياة صاحبها، فشرط الإرث التحقق من موت المورث، ولما في ذلك من الوصية للورثة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني، فهذا النوع من التقسيم لا يجوز. وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 63633، والفتوى رقم: 43819.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1428(12/4976)
ما يفعل من شك أن ما وهب إليه مغصوب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا هو صاحب السؤال رقم هو: 72048 وسؤالي هو: هل يجوز لي إذا قال لي قبطان السفينة خذ هذا الكيس من السمك وقم ببيعه وانتفع بثمنه، فهل يجوز لي أخذه أم لا، وهل من الناحية الشرعية تعتبر ذمتي نقية من الذنب في هذه الحالة لأنني أخشي من السرقة خشية أن يكون القبطان غير مرخص من طرف الشركة بإعطاء السمك؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في تصرف الإنسان الصحة والسلامة، وأن ما في يده ملك له يتصرف فيه بالبيع والشراء والهبة ونحو ذلك من التصرفات المباحة، ولا ينقل عن هذا الأصل إلا بدليل، وبالتالي لا حرج على من يتعامل معه في ملكه أو ما هو مأذون له في التصرف فيه، ولا عبرة بالتوهم والشك ما لم يبلغ الأمر إلى غلبة الظن، أي الظن القوي أن هذا القبطان يتصرف في ملك غيره بدون إذن فعندئذ لا يجوز لك أخذ ذلك منه.
جاء في كتاب بريقه محمودية: الورع في زماننا - أي زمن المؤلف وقد عاش في سنة 1100 هـ فكيف بزماننا نحن- التحرز عن الظلم وإيذاء الغير بغير حق ... وأن يجعل -أي الورع في زماننا- ما في يد كل إنسان ملكاً له بلا سوء ظن، لأن اليد دليل الملكية ما لم يتيقن الظاهر أن غلبة الظن ملحقه ليقين فالشك والظن لا يُعتبران كونه يعينه مغصوباً أو مسروقاً ويلحقه نحو الربا والرشا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1428(12/4977)
هبة الزوجة لأبناء زوجها دون بناته
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ثلاثة إخوة ذكور وأختان من أب وأخت واحدة شقيقة وأبي لا يملك أرضا ولا أموالا في البنوك وهو على المعاش هو وأمي فقالت له أمي في يوم من الأيام اكتب البيت لأولادك الذكور وهو ثلاث منازل كل واحد من أخواتى متزوج فيه وبالفعل كتب المنزل لنا نحن الذكور وكتب على كل واحد منا ورقة إيصال أمانة عليه أنه يدفع لأخته 3 آلاف جنيه مصري لا غير كل واحد يدفع لواحدة من أخواته فقلت له يا أبي هذا لا يجوز شرعا فقال لا دخل لك وقالت أمي لي هذا البيت اشتريته أنا بحقي من ميراث أبي وهذا صحيح يا فضيلة الشيخ المكان الذي اشتريناه وبنيناه ثلاث منازل لنا حوالي أكثر من 70 % من مال والدتي لأنها كانت تعمل عملين وكان دخلها أكثر من دخل أبي بمرتين أو أكثر، ولكن عندما قمت أنا بقياس المنزل من وراء أبي وأمي وجدت أن حق كل واحدة من إخواتى 8 آلاف جنيه والأخري الشقيقة مثلا 10أو 11 ألف جنيه وأنا قلت لهم هذا لا يجوز قالوا لا دخل لك أنت تريد أن تدفع أكثر من 3 آلاف جنيه ادفع أنت حر، مع العلم أن والدي معه أكثر من 15 ألف جنيه يدخرهم من المعاش هو وأمي لأنهما كانا يعملان في الحكومة ويريدان ان يؤديا فريضة العمرة، مع العلم بأنهما كبيران في السن يبلغ أبي 73 سنة وأمي 74 سنة وهما لا يستطيعان أن يمشيا سوى إلي الحمام لقضاء الحاجة لأنهما مريضان فقلت لهم والله أفضل من العمرة أن تعطوا لكل واحدة من إخواتي 4 أو خمسة آلاف جنيه ونحن الباقي لأننا والله لا نملك أنا وأخواتى سوى لقمة العيش لأننا موظفون بسطاء وأقول لكم مرة أخري والله أعلم أن والدي ووالدتي لم يستطيعا أداء العمرة ولكن!!! والمهم ماذا علي أن أفعل لأنني لا أريد أن أغضب ربي ثم لا أريد أن أغضب أبي وأمي؟ والله يجزيكم خير الثواب.. وأخيراً أنا آسف على إطالة السؤال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر من السؤال هو أن أمك ليس لها من الأولاد غيرك وأختك، لأنك ذكرت أن لك ثلاثة إخوة وأختين من أب، وأختا واحدة شقيقة، وذكرت أيضاً أن أمك قد ساهمت بما هو في حدود 70 من تكلفة المنازل، وذكرت كذلك أن أمك هي التي أمرت أباك بأن يكتب البيت لأولاده الذكور، فهي -إذاً- واهبة لحصتها من المنازل، والظاهر أن موضوع سؤالك هو ما إذا كان هذا التمليك الذي أوثر فيه الذكور على الإناث صحيحاً أم لا.
وكجواب على ذلك نقول لك إن التسوية بين الأولاد في العطية واجبة لما روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما: أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكل ولدك نحلته مثل هذا، فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأرجعه. وفي رواية: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا، قال: اتقوا الله واعدلوا في أولادكم، فرجع أبي فرد تلك الصدقة. وفي رواية: قال: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، قال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: فلا تشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور.
وذكر أهل العلم أنه إذا وجد مسوغ شرعي للتفضيل بينهم في العطية كأن يكون أحدهم كثير العيال، أو يكون طالب علم فيه كلفة، أو مريضاً يحتاج إلى علاج ولا يقدر على شرائه ... ونحو ذلك، فلا حرج حينئذ في التفضيل حسب احتياجهم.
وإذا كان الموهوب لهم ليسوا أبناء فلا مانع من تفضيل بعضهم على بعض، وعليه فإذا كانت المعطيات التي ابتدأنا بها صحيحة، فلا مانع من أن تهب أمك لأبناء زوجها دون بناته، ولا تجب عليها التسوية إلا بينك وبين أختك الشقيقة.
وأما أبوك فيجب أن يسوي بين الجميع، لأنهم جميعاً أبناؤه، ومن هذا بتبين لك أن هذه المسألة معقدة، وتحتاج إلى تحديد القدر الذي يملكه كل من أبيك وأمك من المنازل، ليطبق عليه ما ذكر من الأحكام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1428(12/4978)
تلزم التسوية بين الذكور والإناث في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[أفاد الله الأمة الإسلامية بعلمك سؤالي يا شيخنا العزيز
" أب لديه خمسة من الأبناء جميعهم موظفون ومتزوجون لكل ابن شقة في بناية الوالد , ولديه خمس من البنات جميعهن متزوجات إلا واحدة عند الوالد
سؤال الأب هل يلزم أبناءه بالإيجار لإبراء الذمة والعدل بين البنات والأولاد أم لا.
حيث يتمنى الأب أن لا يثقل على أبنائه بالإيجار وهو ليس في حاجة إلى أخذ الإيجار منهم
أرجو الرد سريعا ومشكورا وأتمنى من الله العلي العظيم دوام الصحة والعافية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الوالد أن يعدل بين أولاده في الهبة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه، وقوله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحداً لفضلت النساء. أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن، ومحل ذلك ما لم يكن هناك مسوغ شرعي للتفضيل من مرض أو كثرة عيال أو اشتغال بطلب العلم ونحو ذلك، كما هو موضح في الفتوى رقم: 33348.
وبناء على هذا.. فإذا لم يكن هناك مسوغ شرعي لتفضيل الذكور على الإناث فيلزمه أن يسوي بينهم وبين الإناث في هذه الهبة، فإن كان قد ملًك هذه الشقق للذكور فإما أن يستردها منهم أو يقسمها بينهم وبين الإناث أو يعطي الإناث قيمتها، وإن كان قد وهب للذكور منفعتها فقط فإما أن يهب للإناث مثل هذه المنفعة أو قيمتها أو يسترد هذه الهبة من الذكور، ولو بأن يفرض عليهم إيجارا يتقاضاه منهم مقابل انتفاعهم بها مع عدم محاباتهم في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1427(12/4979)
حكم منع الأولاد العاقين من الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في مصر وأولادي في كندا. وزوجتي الأولى (المصرية) التي كانت تعيش في كندا تعيش في مصر حاليا بعد أن طلبت الطلاق ومنحته في كندا. وقد أخذت منزل كندا وكافة ما أمتلكه هناك (أربعون ألف دولار) وذلك لها وللصرف على الأولاد حتى يتخرجوا في الجامعة. ولكنها لم تصرف على الأولاد الذين اعتمدوا على أنفسهم حتى تخرج الابن الكبير من الجامعة أما الصغير فاكتفى بالثانوية العامة. وقد أثرت على الولدين أبنائنا بكلام غير صادق. ولم تستطيع التأثير على ابنتنا الكبرى. الابنة على ود واتصال بي ولذلك فقد قاطعتها أمها. الابنان على جحود معي ولا يتحدثون معي وقد سافرت إلى كندا منذ عامين ورفضوا أن يلتقوا بي مع وساطة الأصدقاء وشيخ الجامع في ذلك. وقد تركوا كندا إلى أمريكا من غير أن أعرف عنوانهم أو تليفونهم. وكذلك أختهم لا تعرف عنوانهم الجديد. وقد حاولت الاتصال بوالدتهم تليفونيا في مصر لإعطائي عنوانهم ولكنها تترك جهاز التسجيل على المكالمات ولا ترد على الرسالة الصوتية التي أتركها وبها تليفوني والتي طلبت منها أن تعطيني تليفون الابنين ليمكنني الصرف على الابن الأصغر حتى يتخرج في الجامعة. ومع أني بدأت من الصفر تقريبا بعد عودتي لمصر منذ 13 عاما إلا أنني والحمد لله ميسور الحال.
والسؤال هو: مع هذا العقوق هل يمكنني أن أترك ميراثي لابنتي الكبرى وزوجتي الحالية دون هذين الولدين. وذلك بأن يكتب لهما (ابنتي وزوجتي الحالية) . وبماذا تنصحون أن أعمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن العقوق من أكبر الكبائر وأقبح الأفعال وحسب فاعله إثما أنه لا يدخل الجنة، ولا ينظر الله إليه يوم القيامة، وتعجل له العقوبة في الدنيا قبل الآخرة والعياذ بالله. إلا أنه رغم ذلك لا يبيح للأب ولا للأم ظلم الابن وغمط حقه، فكل مسترعى وهو مسؤول أمام الله عما استرعاه فيه، ومحاسب عليه، وكل مظلوم سينصف يوم القيامة ممن ظلمه، ويؤتى حقه كاملا غير منقوص حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء كما في الحديث، فما بالك بحق الأب على ابنه وحق الابن على أبيه.
وهنا نقول: لا يجوز للأب أن يجور في هبته وعطيته لأبنائه فيعطي بعضا ويحرم بعضا، لما روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فارجعه وفي رواية: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا، قال: اتقوا الله واعدلوا في أولادكم. فرجع أبي، فرد تلك الصدقة. وفي رواية: قال: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، قال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: فلا تشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور.
فلا ينبغي إذن أن تعطي بعض أبنائك وتحرم البعض لتقصيرهم في حقك، والوصية بذلك لا تجوز أيضا عند كثير من أهل العلم، وهي باطلة إذ لا وصية لوارث. وقد فصلنا القول في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19960، 6242، 5348، 8260، وذكرنا في بعض هذه الفتاوى الحالة التي يجوز للوالد إيثار بعض الأبناء على بعض.
وننصحك بمحاولة الوصول إلى الأبناء فربما كانت الأم أغرتهم عليك بإهمالك إياهم ونحو ذلك مما أنت منه براء -كما ذكرت- فوجدوا عليك وهم جهلة لايعرفون حق الأبوة ولايقدرونها.
ولك أن توسط أمهم في ذلك ما داموا على اتصال بها فتكلمها لتستعطفهم لك أو تبعث إليها من أقاربها من له وجاهة عندها فهم أحرى بقبول كلامها ونصحها.
وأما زوجتك فلك أن تهبها من مالك ما تشاء ولايجب العدل بينها وبين أبنائك، ولكن شريطة ألا يكون ذلك بغرض حرمان بعض الورثة كما بينا في الفتويين رقم: 63684، 66390.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1427(12/4980)
التفضيل في عطية الأب لأولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة تزوجت ولم يساعدني والدي في مصاريف الزواج حتى مصاريف الحلويات كانت من مالي الخاص.أما أخواتي من أبي لأنه تزوج بعد طلاق أمي فقدرت مصاريف زواج إحدى أخواتي بثمانين مليون حيث جهز لها البيت بجميع مستلزماته.
هل يجوز للأب أن يفرق بين أبنائه؟ وهو عازم على أداء فريضة الحج هذا العام.
ما حكم الشرع في ذلك؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الوالد أن يعدل بين أولاده في العطيات والهدايا ونحو ذلك؛ لما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير لما جاءه ليشهده على موهبة وهبها لابنه النعمان. قال له: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال لا، فقال: فلا تشهدني إذاً فإني لا أشهد على جور. وفي رواية أنه قال له: أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذاً.
هذا هو الراجح، وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن العدل في العطيات والهدايا مستحب، وتركه مكروه، وسبق تفصيله في الفتوى رقم: 6242.
وعلى كل فيجوز التفاضل إن كان له سبب، كأن يحتاج الولد ـ لمرض أو لكثرة عيال أو لاشتغال بطلب العلم ـ دون البقية، أو يصرف العطية عن بعض ولده لفسقه أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله ونحو ذلك.
وعليه.. فإن كان الوالد فضل بعض بناته على بعض لغير مسوغ ولا سبب مقبول شرعا فإنه يكون آثما وظالما، وعليه أن يتوب إلى الله ويعدل بينهن.
أما الحج فيصح منه ولا يشترط له أن يتوب من كل المعاصي.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1427(12/4981)
حكم طلب الهدية من الذاهب إلى الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[جدتي ذاهبة إلى الحج هل يجوز لي أن أطلب منها أن تحضر لي هدية من الحج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن تطلب من جدتك الذاهبة إلى الحج أن تحضر لك من تلك البقاع الطيبة هدية لاسيما مما ثبت نفعه وبركته كتمر المدينة وماء زمزم، إن كانت ستعطيك ذلك عن طيب نفس منها وليس حياء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1427(12/4982)
هل تلزم النفقة على الأولاد مثل ما أنفق على الابن الجامعي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يوزع الرجل تركته على أولاده قبل موته؟؟ وهل يشترط العدل بين الأبناء في النفقة؟؟ فالابن الأكبر أنفق عليه حتى أنهى دراسته الجامعية؟ والأصغر في المرحلة الابتدائية فكيف يعدل بينهم في النفقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتقسيم التركة بين الورثة قبل وفاة المورث، قد بينا من قبل أنه إن كان على سبيل الهبة فلا بأس به، وإن كان على سبيل الإرث فلا يصح. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 14893.
والعدل بين الأولاد يكون في الهبات وعدم التمييز بينهم في التربية والتعليم والرعاية، وأما النفقة على الدراسة أوغيرها من الأمور الأخرى فإنها بحسب الحاجة.
فإذا كان أحدهم يدرس في مرحلة تتطلب نفقات أزيد من غيره، أو صرف عليه أكثر نظرا لحاله أو لظروف معينة فإن ذلك لا يعني عدم العدل بينهم، بل هو عين العدل، وليس على الأب أن يعوض بقية أبنائه ما زاد على نفقات بعضهم نظرا لحاجة من أنفق عليه، لما في ذلك من الحرج، ولأنه ليس المقصود أصلا تفضيل بعضهم على بعض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1427(12/4983)
حكم هبة المرأة مهرها إلى أهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق للمرأة ان تعطي مهرها بعد قبضه من الزوج إلى أهلها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا قبضت المرأة الرشيدة - بكراً كانت أو ثيباً - مهرها فقد ملكته، وإذا ملكته فلها أن تتصرف فيه بأنواع التصرف المأذون بها شرعاً، كأن تهبه لزوجها أو أهلها أو غيرهم، أو تتصدق به، قال ابن قدامة في المغني: وإذا عَفَتِ المرأة عن صداقها الذي لها على زوجها أو عن بعضه أو وهبته له بعد قبضه، وهي جائزة الأمر في مالها جاز ذلك وصح، ولا نعلم فيه خلافاًً، لقول الله تعالى: إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ [البقرة:237] .
قال في مواهب الجليل: فرع قال ابن عرفة: للزوجة التصرف في مهرها بالبيع والهبة والصدقة اتفاقاً. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1427(12/4984)
حكم أخذ مال لقاء تصفح الإعلانات في الإنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[هنالك بعض الشركات العالمية على الانترنت تعطيك نقوداّ مقابل أن تقوم بتنزيل برنامج (وهو عبارة عن شريط يقوم بعرض إعلانات لشركات أخرى) يكون في أعلى الشاشة وتقوم بتشغيله عندما تستخدم الأنترنت وحسب الوقت الذي تشغل فيه البرنامج يقوم بعد نقاط للمستخدم وكل شهر يتم عد النقاط وتحويلها إلى نقود (مثلا كل 1000 نقطة يعطونك عليها 5 يورو) ، فأريد من حضرتكم أن أعرف هل هذه النقود حرام أم لا؟
ولكم جزيل الشكر، ودمتم ذخراً للإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشركات صاحبة الإعلانات تريد تسويق منتجاتها وتسلك في سبيل ذلك طرقا منها: أن ترسل هذه الإعلانات مباشرة إلى المستهدفين، أو ترسل ذلك إليهم عن طريق شركات أخرى متخصصة في الإعلانات، وفي مقابل هذا تدفع لهذه الشركات أموالا، وهي بدورها تدفع لمن يقوم بتنزيل هذه الإعلانات والاطلاع عليها من عموم الناس.
والذي يظهر أنه لا مانع من قبول هذا المال سواء اعتبرناه من باب الهبة، فالشركة تهب مالا لمن يقوم بهذا العمل الذي يعود عليها بالمصلحة والفائدة، أو اعتبرناه من باب الأجرة على قبول الشخص لهذه الإعلانات وفتح الإنترنت من أجل ذلك فهذا عمل يستحق عليه الشخص أجرا، ويشترط لجواز ذلك أن يكون محتوى الإعلانات مباحا شرعا، أما الإعلانات التي تشتمل على ما يحرمه الشرع كإعلانات القمار والربا والخمور أو الإعلانات التي تظهر فيها النساء متبرجات ونحو ذلك، فهذه الإعلانات لا يجوز قبولها ولا قراءتها ولا أخذ مقابل عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1427(12/4985)
حكم الاستفادة من راتب الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج من امرأة عاملة وقد قلت لها بعد جدل وخلاف أن راتبك حرام علي أنا وأولادي إلا أنه وبعد إصرارها ورغبتها عدت وأخذت من راتبها فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاستفادة من راتب الزوجة بطيب نفسها من قبيل الحلال، وقد سبق في الفتوى رقم: 54951، حكم تحريم الحلال، فالرجاء مراجعتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1427(12/4986)
حكم هبة الأم لأحد أولادها دون الباقين
[السُّؤَالُ]
ـ[أما بعد: فإأنا طبيب متخرج حديثا, وقد اضطررت للسفر إلى أوروبا لأكمل تعليمي هناك، وقد تكفل والدي بمصاريف سفري جميعها, وقبل أن أسافر أعطتني أمي مبلغا من المال (غير المال الذي أعاطنيه والدي للدراسة) وقالت إن هذا المال هو هدية لي لأستعين به على معيشتي هناك, وقد اختصتني بهذا المال دون إخوتي لأني أول شخص أسافر لغرض الدراسة.
الآن وقد عدت, وجدت أنني لم أصرف من هذا المبلغ الذي أعطتني إياه والدتي إلا جزءا بسيطا, فهل علي أن أعيد المبلغ لها كي لا أكون اعتديت على حق إخوتي, أم هل يعتبر هذا المبلغ هدية لي أو ما يشابه ذلك.
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق تفصيل الكلام في مصاريف الدراسة، وهل يلزم فيها العدل بين الأولاد أم لا؟ وذلك في الفتوى رقم: 78654، فنرجو مراجعتها.
وأما بالنسبة للمبلغ الذي أهدته لك والدتك فهو هبة منها ويلزمها في ذلك العدل بينك وبين إخوتك، فإما أن تسترد منك هذا المبلغ وتتصرف فيه بما شاءت من التصرفات المباحة أو تسترده منك وتقسمه عليك وعلى إخوتك بالسوية، وإما أن تعطيهم مثل ما أعطتك، والأصل في ذلك عموم قوله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه. وقوله لمن خصص بعض أولاده بالعطية وأراد إشهاده: اردده. رواه مسلم وقوله: فلا تشهدني إذن فإني لا أشهد على جور. متفق عليه.
فإذا فعلت والدتك شيئا مما ذكرنا فالحمد لله، وإلا فيجب عليك رده إليها امتثالا لأمره صلى الله عليه وسلم برده وإرجاعه. قال صاحب الشرح الكبير من الحنابلة في معرض الاحتجاج لذلك: لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى ذلك جورا بقوله لبشير: لا تشهدني على جور. والجور لا يحل للفاعل فعله، ولا للمعطي تناوله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1427(12/4987)
الوعد بالهبة هل يعد تمليكا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أجمع الخبز وأجففه ولا أرميه وأعطيه لامرأة وهذه المرأة وضعت أمانة علي أن لا أعطيه لأحد غيرها وهي تقريبا لها الآن أكثر من 3 أشهر لم تأت وقد تجمع الخبز وأصبح كثيرا وأخاف أن أعطيه لأحد بسبب الأمانة وأنا من العراق وأنتم تعلمون ظروفنا وفي اليوم يقتل المئات وأنا لا أدري ماذا حل بهذه المرأة أفتوني ماذا أفعل هل أستطيع أن أعطي الخبز لأي أحد؟
وجزاكم الله تعالى خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حقك أن تتصرفي في هذا الخبز كما شئت لأنه ما زال ملكا لك ولا تملكه المرأة المذكورة إلا بعد حوزه كما هو حكم الهبة، قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحوز. وما دامت هذه المرأة قد تأخرت تأخرا غير عادي فإن الأفضل لك أن تتصدقي به على من هو محتاج إليه حتى لا يفسد أو يفوت الانتفاع به، ويتأكد الأمر إذا قوي الظن أنها لا ترجع، وبإمكانك معرفة ذلك بقرائن الأحوال وبما كانت عليه من التردد عليكم قبل هذه الفترة، وأما قولك (وضعت أمانة علي) فإن كان قصدك أنها أخذت عليك عهدا أو وعدا ألا تعطيه لأحد غيرها فمجرد هذا لا تملك به الهبة ما لم يتم حوزها، ولكن ينبغي الوفاء به ما لم يتعارض مع المقصود الذي هو الانتفاع.
وأما إذا كان قصدك أنها وضعت عندك أمانة فإن الواجب عليك حفظها حتى تعود إليها كما قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء: 58} وإذا لم تعد أو شككت في حياتها أو تعذر البحث عنها فيمكن أن تتصدقي عنها بالأمانة فإن جاءت وطلبتها رددت إليها الأمانة أو قيمتها ويكون لك أجر الصدقة بها، نسأل الله أن يجعل لكم من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا. وانظري تفصيل ذلك وأدلته في الفتويين: 7390، 40818.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1427(12/4988)
إذا وهب الأب أحد ولديه دون الآخر ثم مات فهل تمضي الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
رجل له ثلاثة هكتارات من الأرض وله ابنان، وهبها في حياته لأحد ابنيه دون الآخر، ومات هذا الرجل، فما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل وجوب العدل والتسوية في العطية بين الأبناء على ما رجحه المحققون من أهل العلم، وبناء على ذلك فإن كان الأب خص الابن المذكور بالعطية بدون مسوغ شرعي أو بدون رضى ابنه الآخر فإن هذه الهبة لا تصح وترجع إلى عموم التركة لتقسم معها على جميع الورثة كل حسب نصيبه المقدر له في كتاب الله تعالى، أما إذا كانت لمسوغ شرعي أو برضى الابن الآخر أو كان قد أعطى له مقابلها فإنها تمضي وتختص بمن وهبت له إن كانت وقعت في حال أهلية الأب للتصرف وتمام حوزها من قبل الابن في حياة الأب، وسبق بيان ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 55805، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1427(12/4989)
من أحكام التفضيل في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي يملك - والملك لله - قطعة أرض صغيرة وله من الأبناء الذكور ثمانية والإناث خمسة ووالدتنا متوفاة وله زوج غيرها. هل يجوز أن يسجل هذه الأرض لأبنائه الذكور علما بأن الإناث والزوجة موافقات وجزء كبير من هذه الأرض مشيد عليه بيوت من حر مال الأبناء الذكور؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تسجيل الأب بعض أملاكه لبعض الأولاد دون بعض إذا كان على سبيل الهبة فهو منهي عنه شرعا؛ لما رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري عن النعمان بن بشير قال: أعطاني أبي عطية فقالت عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله، قال: أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ قال: لا، وفي رواية عند النسائي: ألك ولد غيره؟ قال: نعم، قال: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. قال: فرجع فرد عطيته. وفي رواية لابن حبان: فإني لا أشهد على هذا، هذا جور، أشهد على هذا غيري.
فتفضيل بعض الأولاد على بعض في الهبة والعطية جور وظلم، والذي يظهر من الحديث أن التفضيل ممنوع ولو رضي المحرومون لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل بشيرا عن رضى المحرومين، ولو كان رضاهم معتبرا لسأل، ومن المعلوم أن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزل العموم في المقال.
ولكن نص بعض الفقهاء على أنه لو علم الأب رضى المحروم وخاف عقوق غيره لرقة دينه أو فقره لم يمنع التفضيل؛ كما في تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي رحمه الله: وكذلك إذا كان تسجيل الأب بعض أملاكه لبعض أولاده على سبيل الوصية لم تصح أيضا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. فإذا مات الأب لم تصح تلك الوصية إلا إذا رضي بقية الورثة المحرومين منها.
وأما بناء الأبناء بيوتا لهم فوق تلك الأرض فإن كان ذلك وقع في حياة الأب وبإذنه فينبغي أن يرجع عليهم بقيمة الأرض التي بنوا عليها بعد وفاة أبيهم أو تخصم من نصيبهم من الميراث إن حكمنا أن الهبة غير ماضية، وإن كان بناؤهم كان بعد وفاة الوالد ومن غير رضى الورثة فهم معتدون. وانظر أقوال العلماء فيمن بنى في أرض غصبا في الفتوى رقم: 71323، والفتوى رقم: 28307، وينبغي الرجوع للمحكمة الشرعية عند التنازع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1427(12/4990)
حكم هبة المال للبنات بغير قصد حرمان الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وزوجي نعمل ولنا بنتان, نريد أن نوفر باسمهما مبلغا شهريا (بالطبع بدون فائدة) وذلك لمصاريف الدراسات العليا إن شاء الله، فهل هذا حلال أم حرام ويعتبر حرمانا للورثة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا وجوب المساواة بين الأولاد في العطية بالتفصيل في فتاوى كثيرة، ويمكنك أن تراجعي فيها الفتوى رقم: 6242.
وإذا ساوى الأبوان بين الأولاد في العطية، فلا حرج عليهما فيما يهبانه لهم ما لم تكن نيتهم في ذلك حرمان بقية الورثة من الإرث، ولكن ينبغي أن تعلمي أن ما توفرانه باسم بنتيكما إذا لم تحوزاه أو يُحز لهما حيازة شرعية فإنه يعتبر في حكم الوصية، والوصية لا تصح للوارث، لما في الحديث الشريف من قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود، وابن ماجه وحسنه السيوطي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1427(12/4991)
مسائل في هبة الأب وصرفه على أولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل وفاة أبي قام بتقسيم قطعة أرض مملوكة له ولأمي بيني وبين أختي بالتساوي بل بزيادة لها طفيفة بحجة أنه اشترى لي شقه في حياته على الرغم أن قيمة الشقه كلها الآن 70 ألف جنيه وقيمة قطعة الأرض الآن 450 ألف جنيه وعلى الرغم أن أختي قد تعلمت في مدارس خاصة بخلافي فهل من الصحيح احتساب ما تم صرفه على كل ابن والتقسيم بهذا الشكل ثم هل يحق لأختي أن تبني دورين في الأرض دون أن تخبرني وأن تشترط علي ألا يتم بيع نصيبي لأحد غريب بحجة أنها لا تريد إدخال أحد غريب عليها في البيت وأنا أريد أن أتصرف في نصيبي فكيف؟
أفيدوني بالله عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والدك قد قسم قطعة الأرض هذه عليك وعلى أختك في حال صحته على النحو المذكور ورضيت بذلك أمك وقمت وأختك بحيازتها الحيازة الشرعية بحيث تستطيعان التصرف فيها تصرف الملاك فهذه هبة صحيحة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء. أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي من طريقه وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن.
أما الزيادة التي فضلت بها أختك فينظر هل تساوي ثمن الشقة التي اشتراها لك والدك وقت الشراء؟ فإن كانت مساوية فلا حرج في ذلك، وإلا عملت مقاصة بينها وبين هذه الزيادة بحيث تحصل التسوية المطلوبة.
أما إذا كان والدك قد قسم هذه الأرض في مرض موته أو قسمها في حال صحته ولكن لم تحوزاها إلا بعد وفاته فلا تلزم هذه الهبة. والواجب أن يقسم ما يخص والدك من الأرض القسمة الشرعية للميراث للذكر مثل حظ الأنثيين. وراجع الفتوى رقم: 47439، والفتوى رقم: 23513.
وأما احتساب ما تم صرفه على كل ابن على نحو ما فعل والدك ففيه تفصيل.. فإن كان ما صرف ضروري للولد لا يمكنه الاستغناء عنه وهو عاجز عن الوفاء بمصروفاته إما بكسب وإما بما له من مال فالإنفاق على ما يعجز عنه من النفقة الواجبة على الأب، والنفقة الواجبة على الأب تكون بقدر حاجة كل ولد، فلا يلزم أن يعطي كلا منهم مثل ما أعطى الآخر، أما إذا لم يكن ضروريا للولد أو لم يكن الولد عاجزا عن الوفاء به فيلزم للأب إعطاء باقي الأولاد مثل ما صرفه لأخيهم؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري.
وأما بناء أختك دورين لها على الأرض المشتركة بينك وبينها دون إذن منك فلا يجوز لما فيه من الاعتداء على حقك في هذه الأرض. وننصح بتوسيط أحد أهل الخير ليصلح بينكما ويوقف كلا منكما على حقه، فإن لم يتيسر ذلك فلا حرج في الرجوع إلى المحكمة المختصة لتفصل في ذلك.
وأما اشتراطها عليك أن لا تبيع لأحد غريب.. فإن كانت تريد هي الشراء وليس هناك حد بين أرضك وأرضها فلها ذلك وهو ما يعرف بحق الشفعة، أما إذا كانت لا تريد الشراء فليس لها أن تشترط عليك هذا الشرط، ولكن لو أجبتها إليه برأيها وإحسانا إليها فهو أولى. وراجع الفتوى رقم: 9039.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1427(12/4992)
نفقة الأب على دراسة أحد أولاده هل يلزم مثلها للباقين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإخوة مطالبة أخيهم الذي درس الطب من مال أبيه بنصيبهم مما دفعه الأب، بمعنى أنك درست الطب من مال أبينا فادفع لنا حقنا من هذا المال، فإذا كنا خمسة إخوة ودفع أبوك لك 35 ألف دولار فعليك دفع مبلغ 7 آلاف دولار لكل منا؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت مصاريف دارسة الطب ضرورية لأخيهم لا يمكنه الاستغناء عنها وهو عاجز عن الوفاء بمصروفاتها إما بكسب وإما بما له من مال، فالإنفاق على ما يعجز عنه من نفقات تلك الدراسة من النفقة الواجبة على الأب، والنفقة الواجبة على الأب تكون بقدر حاجة كل ولد، فلا يلزم أن يعطي كلا منهم مثل ما أعطى الآخر، وراجع الفتوى رقم: 44592، أما إذا لم تكن الدراسة ضرورية أو كان الولد قادرا على الوفاء بمصروفاتها فيلزم الأب إعطاء باقي الأولاد مثل ما أنفق على دراسة هذا الولد، أو أن يسترد من أخيهم ما أعطاه ويقسمه على جميع الإخوة بالسوية، هذا إذا كان يريد أن يعطي أحدا منهم؛ وإلا فليتصرف فيه بما شاء دون أن يخص أحدا منهم بعطية، والأصل في ذلك عموم قوله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. وقوله لمن خصص بعض أولاده بالعطية وأراد إشهاده: اردده، وقال: فلا تشهدني إذن فإني لا أشهد على جور. رواهما مسلم.
وإذا لم يفعل ذلك الأب حتى مات فلباقي الأولاد أن يطالبوا أخاهم بمقاسمته فيما فُضِّل به لأنه لا يحق له، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: يجب عليه أن يرد ذلك في حياته كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضا، طاعة لله ولرسوله، واتباعا للعدل الذي أمر به، واقتداء بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به. وقال صاحب الشرح الكبير من الحنابلة في معرض الاحتجاج لذلك: ولأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى ذلك جورا بقوله لبشير: لا تشهدني على جور. والجور لا يحل للفاعل فعله، ولا للمعطي تناوله، والموت لا يغيره عن كونه جورا حراما فيجب رده. أما قبل موت الأب فليس لهم أن يقاسموا أخاهم فيما فضل به، بل الواجب على أخيهم رده على أبيه امتثالا لأمره صلى الله عليه وسلم برده وإرجاعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1427(12/4993)
إنفاق الأم على زواج إحدى بناتها دون البقية هل يعد ظلما
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة لها ثلاث بنات، زوجت الاثنتين الأوليين دون مصاريف حيث تحمل الزوجان كافة المصاريف؛ أما الثالثة فكانت ظروفها مختلفة حيث إنها أنفقت على زواجها فهل فى ذلك ظلم للأوليين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتسوية بين الأولاد في العطية أمر مطلوب شرعاً، وأكثر أهل العلم على استحباب ذلك، وذهب الحنابلة إلى وجوبه، ويجوز التفضيل عندهم إذا وجد مسوغ له، وبما أن الظاهر أن تفضيل البنت الثالثة كان لمسوغ فلا حرج في ذلك إن شاء الله، ولا يكون قد وقع ظلم للأوليين، وراجع في ذلك للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 60450، والفتوى رقم: 74406.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1427(12/4994)
حكم هدايا العمال والربح الناشئ عن استثمارها
[السُّؤَالُ]
ـ[شحص يعمل في شركة سفريات، وطبعاً خطوط الطيران من كل مكان تتعامل مع هذه الشركة، المهم خطوط الطيران تقدم نظام حوافز للشركات التي تبيع أكبر عدد من التذاكر على متن خطوطها، وتعطي الشركة جوائز مالية، أحد الأشخاص يعمل في هذه الشركة، وخطوط الطيران يعطونه مالاً إضافياً غير ما يعطونه لشركته باعتباره مفتاح العمل، وهو لم يخبر شركته بذلك، والأدهى من ذلك أنه استخدم المال في تجارة فربحت التجارة ودرت مالاً وفيراً عليه. فماذا يفعل بالمال الذي معه؟ وهل إذا أخبر الشركة وطلب منهم أن يسامحوه بالمال السابق يكون قد أسقط ما عليه من حرمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن هذا السؤال ثلاث نقاط هي:
1. حكم أخذ الموظف هدية دون علم صاحب العمل.
2. هل تحل الهدية للموظف إذا أخبر صاحب العمل بها بعد أخذها.
3. حكم الربح الناتج عن الاتجار بتلك الهدية.
وحول النقطة الأولى فقد بينا من قبل أنه ليس من حق الموظف أن يقبل الهدية إلا بإذن صاحب العمل، ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 28968.
وبما أن إذن صاحب العمل هو الشرط في حل الهدية للعامل، فإذا أخبر الموظف بها رب العمل وأذن له في اقتنائها، فلا نرى عليه حرجا في تملكها.
وأما الربح الناشئ عن استثمار هذا المال فقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان يتبع المال فيُفعل به ما يفعل به أم يتبع الجهد المبذول فيبقى مع آخذه.
والذي نرى رجحانه -والله أعلم- هو القول القاضي بأنه تابع للمال. وكنا قد بينا ذلك من قبل، فلك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 10486.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1427(12/4995)
حكم إعطاء البقشيش لغير المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[البقشيش لغير المسلم (ولو كان قيمته صغيرة) هل حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكم إعطاء البقشيش لغير المسلم كحكم إعطائه للمسلم، وقد سبق بيان حكم ذلك في الفتوى رقم: 12640، وحيث جاز دفع البقشيش إليه فينبغي أن ينوي الدافع بذلك تأليف قلبه ودعوته إلى الإسلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1427(12/4996)
هبة الجد إذا لم يحزها الحفيد حتى مات
[السُّؤَالُ]
ـ[ادخر جدي مبلغاً من المال وأودعه في صندوق البريد باسمي (كنت صغيرة في ذلك الوقت) وأخبر والدتي به وقال عندما تريدين فعل كذا أو كذا أو كذا (حدد لها ثلاثة أشياء لتفعلها بهذه النقود) أخبريني لأعطيك النقود أو تكون للصرف عليَّ عند دخول الجامعة (لعلمه بحالتنا المادية وحالة أبي الصحية التي تتدهور) ولكن والدتي لم تطلب منه شيئاً وكانت تحاول أن تصرف على البيت بموادها المحدودة (من عملها) ثم توفي جدي رحمه الله وترك هذا المال باسمي وتم فك الوصاية عنه عند بلوغي سن الرشد وأخبرت أمي برفضي لهذا المال لأنه حقها فقالت ادخريه لجهازك لأن أبي كان قد توفي في ذلك الحين وقد أفتانا البعض في وقتها أن هذا المال طالما أنه مدخر للجهاز فلا زكاة عليه وكنت أستقطع منه من حين لآخر عند الحاجة الماسة ولكني قرأت من عدة أيام في فتوى أنه تجب عليه الزكاة
1- فكيف أحسب زكاة المال علما بأنه لم يكن لي حق التصرف به حتى أتممت سن الرشد ...
2- ولقد قمت بعمل عمرة أيضاً منه فهل هي مقبولة؟
3- هل يحق إعطاء هذه الزكاة لأخي (الذي ورث عن أبي نفس الحالة الصحية (أورام بالمخ) ولأنه لا يستقر في عمل بسبب مرضه ولأنها يمكن أن تعينه على الزواج إن وجد من ترضى بمرضه؟
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن جدك المذكور قد وهب لك ذلك المبلغ المدخر، ومن شروط نفاذ الهبة وصحتها أن يحوزها الموهوب له حوزا تاما كما سبق في الفتوى رقم: 58686.
وبما أنك حين الهبة كنت صغيرة لم تبلغي سن الرشد فكان بإمكان الأب أن يحوز لك تلك الهبة لأن حيازة الأب لما وهب لأبنائه غير البالغين مقبولة كما تقدم في الفتوى رقم: 60232.
وبما أن أباك كان موجودا وقت الهبة وبقي حيا حتى توفي جدك ولم يقم بحيازة تلك الهبة حتى مات الواهب فتكون الهبة حينئذ باطلة مردودة على واهبها وراجعي الفتوى رقم: 27854، وعليه فما دامت هذه الهبة باطلة لعدم الحوز فهي حق لورثة جدك فيجب عليك أن تردي لهم ما بقي عندك مع تعويض ما صرفتيه قبل ذلك في سفرك للعمرة أوفي غرض آخر، وإذا لم تضبطي قدر ما صرفتيه فعليك الاحتياط في قدره حتى يغلب على ظنك براءة الذمة.
والعمرة التي قمت بها مجزئة ومقبولة إن شاء الله تعالى، لكن عليك تعويض ما صرف فيها من المال المذكور.
وإذا كان أبوك هو الوارث الوحيد لجدك فالمال الموهوب يكون من تركته. وليس المال المذكور وصية لك لأن الواهب لم يشترط أن تملكيه بمجرد موته. وراجعي الفتوى رقم: 35142
وزكاة المال المسؤول عنه تجب على مالكه الشرعي إذا توفرت فيه شروط وجوب الزكاة فيزكيه، فإن علم أن الجد لم يكن يزكي هذا المال منذ أن رصده لك إلى حين وفاته وكان المال بالغا نصابا فيزكى عن كل سنة من تلك السنين، ثم بعد وفاة الجد فإن ملك المال ينتقل إلى الورثة كما أسلفنا، واختلف أهل العلم في المال الموروث الذي لم يقبضه الوارث إلا بعد سنين هل يزكيه عن تلك السنين التي مضت إذا توفرت بقية شروط الزكاة أم يزكيه بعد سنة من قبضه، ولا شك أن زكاته عن تلك السنين أحوط وأبرأ للذمة.
وإذا وجبت عليك زكاة فلا مانع من إعطائها لأخيك ما دام محتاجا ليس لديه ما يكفيه، بل إعطاؤه في هذه الحالة أفضل لاشتمال ذلك على صدقة وصلة، وراجعي الفتوى رقم: 829.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1427(12/4997)
هل تجب التسوية بين الأحفاد في الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من سماحتكم الإجابه على هذا السؤال المتعلق بموضوع الميراث: لي جدة (والدة أبي) توفي عنها زوجها (جدي) فورثت منه الثمن, وكان لها ولد واحد (أبي) وأربع بنات (عماتي) . بعد فتره من الزمن قامت جدتي بالتنازل عن حصتها الشرعية لأبي فقط في أقل من سنة مات أبي وكان له أم (جدتي سالفة الذكر) وزوجة (أمي) و8 أبناء ذكور و5 بنات إناث, وكان لجدتي السدس من ميراث أبي. في أقل 3 أشهر قامت جدتي بالتنازل عن هذه الحصة ل7 فقط من أحفادها الذكور (وأنا منهم) ولم تعط لأحد غيرهم. السؤال: هل هذا التنازل صحيح شرعا؟ وهل ما آل إلينا حلال شرعا؟ وإذا كان هذا التنازل حراما , وما آل إلينا حرام ,ماهو الحل برأيكم؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم تفضيل بعض الأبناء على بعض في العطية، والراجح من أقوالهم عند أهل التحقيق أنه لا يجوز؛ لما ورد في الأحاديث من النهي عن ذلك والأمر بالتسوية بينهم، ومن ذلك ما رواه البيهقي مرفوعا: سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء. ولذلك ما كان ينبغي لجدتك أن تخص ابنها دون بناتها بنصيبها من تركة زوجها إلا إذا كان ذلك لمسوغ معتبر شرعا مثل: كثرة العيال أو نحو ذلك، فإن كان لذلك القصد فقد أجازه أهل العلم ومنهم القائلون بوجوب التسوية، فإن كان التفضيل لمسوغ معتبر شرعا فإن ما آل إليكم منه يعتبر حلالا، وكذلك إذا كانت فعلته مقلدة فيه القائلين بعدم وجوب التسوية وفات ومضى وقته فإنه يمضي أيضا ويكون حلالا عليكم، وإلا فإن عليكم أن تردوه وتقسموه على جميع أبنائها (الذكور والإناث) بالسوية أو للذكر مثل حظ الأنثيين، تجد تفاصيل ذلك ومذاهب أهل العلم في الفتاوى: 6242، 27543، 33348، 44984.
وأما تنازلها عن نصيبها من تركة ابنها وهبته لبعض أحفادها فلا مانع منه شرعا وإن كان الأفضل التسوية بينهم، وذهب بعضهم إلى وجوب التسوية بين الأحفاد قياسا على الأبناء المباشرين وهو مرجوح، والصحيح عدم وجوب التسوية بين الأحفاد، فقد نقل المرداوي الحنبلي عن الحارثي: لا ولد بنيه وبناته. وقال ابن قدامة في المغني: وليس عليه التسوية بين سائر أقاربه. ولذلك فإن ما وهبته الجدة لبعض أحفادها يعتبر حلالا لهم إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1427(12/4998)
تفضيل الأم ابنتها في العطية لكونها ترعاها وتخدمها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أوصي لابنتي التي تقابلني، بارك الله فيك شيخنا الجليل على سعة صدرك ووفقك الله لما لما يحبه ويرضاه.
أخي في الله سألتني امرأة عجوز لديها ولدان موظفان ميسورا الحال ومتزوجان ومنعزلان عنها في منازلهم كما لديها ابنة وهذه الأخيرة هي التي تقابل هذه الأم وتوضؤها وتغسلها وتعمل على خدمتها هذه البنت يتقدم لها الأزواج وترفض وذلك لأنها ترفض ترك والدتها إلا أنها بدأت تكبر في السن والآن لديها 35 سنة ووالدتها لديها إرث من والدها ومنزل تسكن فيه مع ابنتها وقد قالت لأبنائها إنها تريد إعطاءهم الأرض في حين تكتب لابنتها هذا المنزل إلا أن أولادها رفضوا ذلك وهي تريد أن تؤمن مستقبل ابنتها لأنها تخاف عليها في حين موتها. فماذا تفعل هل تكتب لابنتها التي تقابلها هذا المنزل بدون إذن أولادها ميسوري الحال؟
المرجو الإجابة بسرعة لأنه ضروري.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أهل العلم قد اختلفوا في حكم تفضيل بعض الأبناء على بعض في العطية، فذهب بعضهم إلى أنه لا يجوز إلا لمسوغ معتبر شرعا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم. رواه أبو داود والنسائي وغيرهما.
وذهب الجمهور إلى استحباب التسوية، وسبق بيان ذلك بالتفصيل مع أقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 6242، ولذلك فإذا كان تفضيل البنت المذكورة أو تخصيصها بالمنزل أو غيره له ما يبرره من الحاجة والعوز أو من القيام بخدمة أمها ورعايتها فإننا لا نرى مانعا من ذلك شرعا، وإذا أرادت والدتها أن تهب لها شيئا من مالها فلا بد في ذلك من الهبة التامة المستوفية لشروطها من رفع يدها عن ما وهبت لها وتمكينها من التصرف فيه، ولا بد للبنت من حوزه، وأن تكون الأم في حال أهليتها للتصرف أي غير محجور عليها ولا في مرض مخوف (مرض الموت) ، وأما مجرد الكتابة أو الوصية لها بعد موتها فإنه يعتبر وصية، والوصية لا تصح لوارث إلا إذا أجازها الورثة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث، إلا إن يشاء الورثة. رواه الدارقطني وغيره.
والحاصل أنه لا مانع من أن تعطي هذه المرأة ابنتها ما شاءت من مالها إذا تم ذلك بشروط الهبة التي أشرنا إليها ما دام ذلك لمسوغ معتبر. وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 51988، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1427(12/4999)
العدل بين الأولاد في الهبة أفضل من العمرة النافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من سيادتكم سرعة الرد جزاكم الله خيرا والدي على قيد الحياة هو وأمي وهما كبيران في السن وأنا لي اثنان إخوة من الذكور غيري وثلاث أخوات بنات ولم نمتلك سوى ثلاث شقق اثنتان منها فوق بعض والأخرى لوحدها كل واحد من إخوتي الذكور يسكن في شقة وفي يوم من الأيام قالت أمي لأبي أكتب الشقق للذكور وبالفعل قام والدي بالكتابة والتسجيل في المحكمة وقلت لهم هذا حرام قالوا لي اسكت أنت لا تعرف شيئا أخواتك البنات ميسورات الحال وأنت وإخوتك الذكور لكم أولاد وأنا خائف عندما أموت يأتي أزواج أخواتك البنات ويقولون لكم أين الميراث علما بأن أبي جعل كل أخ من إخوتى الذكور يقوم بتحرير شيك بثلاثة آلاف جنيه لكل بنت وأعطاني الشيكات الثلاثة لأخي الكبير وقال هذه وصية عندما أموت أعطي كل بنت الشيك الخاص بها علما بأن هذا المبلغ قليل عن حقهم وكل واحدة تستحق حوالي من 10 إلي 12 ألف جنيه حسب قطعة الأرض المبني عليها الشقق الثلاثة فالسؤال هنا منذ أيام علمت أن أبي يدخر لكي يعمل عمرة ومعه مبلغ حوالي عشرة آلاف جنيه فقلت له يا أبي إنك كبير وأنا أريد أن تكون ذمتك بريئة أمام الله اجمع أخواتى البنات وقل لهن إنني قد أخطأت وكتبت للذكور الشقق وقمت بالتسجيل في المحكمة وإنني قد راجعت نفسي وإني أخاف الله فأنتن تعلمن أن إخوتكم الذكور حالهم المادي ضعيف وأني قد ادخرت مبلغا من المال لكي أقوم بعمرة رمضان القادم وعلمت أن هذا أفضل عند الله من العمرة كي أبرئ نفسي أمام الله وأصلح خطئي ويعطي كل واحدة ألفين أو ثلاثة آلاف جنية وأيضا يقوم بإعطاء كل واحدة الشيك الذي قد أخذه علينا بثلاثة آلاف جنيه ونحن سوف ندفع لهم الشيك فيما بعد ويطلب منهن أن يسامحنه على ما فعل كي يموت وهو مستريح الضمير وأنا متأكد أنهم سوف يسامحنه والسؤال هنا إن أبي غير مقتنع بهذا الحل الذي اقترحته عليه فقولوا له إن هذا حل حلال وأفضل من أداء العمرة لأنني سوف أطبع هذا الرد وأعطيه لأبي كي يقتنع جزاكم الله خيرا وأخيرا أرجو الرد بسرعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أنه لا يجوز للوالد أن يفاضل بين أولاده في الهبة إلا لمسوغ شرعي يقتضي ذلك، وسواء في ذلك الذكور والإناث. وذلك على الراجح من أقوال أهل العلم، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 33348، 14254، 60450، 60742، 65000.
وبناء على ذلك فإذا كان الوالد قد فضلك أنت وإخوانك الذكور على بناته في هذه الشقق بمقدار الفرق بين قيمة هذه الشقق وقيمة الشيكات التي أخذها منكم لمسوغ شرعي مثل أن تكونوا فقراء لا تستطيعون شراء شقق ولا تستطيعون السكن بالإيجار، وأخواتك البنات ميسورات الأحوال ولسن في حاجة إلى هذه الشقق فلا بأس فيما فعل، وإلا كان ذلك من الجور الذي يأمر برده كما هو موضح في الفتاوى المشار إليها، وعند ذلك عدله بين أولاده ورفع الظلم عنهم أفضل عند الله تعالى من أدائه للعمرة النافلة، أما الواجبة فيجب عليه أداؤها على كل حال إذا كان عنده ما يؤديها به. وراجع الفتوى رقم: 23942، والفتوى رقم: 28369.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1427(12/5000)
الرجوع في الهبة المشروطة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخي الفاضل لدي مشكلة تؤرقني وإن شاء الله أجد الحل عندكم لأبرئ ذمتي أمام الله عز وجل حيث إني لا أقبل بمال حرام على نفسي. المشكلة بدأت عندما توفي والدي في بريطانيا بحكم إقامته (متقاعد) هناك مع والدتي البريطانية النصرانية ونحن أبناؤه عددنا اثنان ذكور بالغان واثننان بالغتين، بعد دفنه أخذت أمي في البكاء والشكوى من ضيق الحال المادية وأن المال الذي تركه والدي لن يكفيها وفي لحظة حياء وضغط عاطفي وحزننا اندفعنا أنا (36 سنة) وأختي الكبرى (40 سنه) وقلنا إننا نتنازل (شفهيا فقط لا شيء مدون أو مكتوب) عن نصيبنا في الإرث لصالح والدتنا وأختنا الصغرى (22 سنه) حتى تستطيع أن تكمل دراستها رغم صعوبة حالتي المادية وتراكم الديون علي. ما حدث أنه مرت سنتان ووالدتي لم تسمح لأختي بالدراسة وأرسلتها لنا إلى السعودية خالية الوفاض فلما عرفت ما فعلته أمي مع أختي تراجعت عن تنازلي إذ أن أمي أساسا لا ترث لأنها غير مسلمة كما أنها أخلت بشرط تنازلي عن نصيبي واكتشافنا أن المبلغ الذي تركه والدي لم يكن قليلا كما ذكرت لنا هي يوم وفاته. عندما أبلغت إخوتي لم يعلقوا على قراري بالتراجع أما أمي فوضعت يدها على كل أموال والدي في بريطانيا وقالت هذا حقي حسب القانون البريطاني (الزوجه هي التي ترث زوجها فقط) وقد كان والدي ترك مبلغا صغيرا هنا في السعودية للحالات الطارئة فأخبرت إخوتي أنني سآخذ هذا المبلغ المتروك هنا كجزء من نصيبي في الإرث لأنه لا يمثل حقي الكامل في الإرث حسب الشريعة الاسلامية، هم لم يعترضوا!! ولم يعلقوا!! وإني والله لم ألجأ لهذا الحل إلا لحاجتي وضيق حالتي المادية ولكن رغم هذا لا أريد أن أجعل حاجتي سببا في أخذ مال ليس من حقي. أحب أن أضيف شيئا يا شيخنا الفاضل هو أن أخي الأصغر البالغ (31 سنه) وهو المدلل عند والدتي يعيش معها هو وزوجته وكلاهما لا يعمل فأمي تصرف عليهما (مسكن / مأكل....الخ) طوال هذه المدة ولا تشتكي من وجودهما معها. أرجو أن تفيدني يا فضيلة الشيخ إذا كنت ما قمت به صوابا (حلالا) أم خطأ؟؟؟ وإذا كنت قد أخطأت فما هو الحل السليم لحل هذه المشكلة؟ هل أقسم المال الذي تركه والدي هنا بيني أنا وإخوتي البنات بالعدل وحسب الشريعة؟ رغم أن أختي الكبرى والصغرى مصرتان على تنازلهما لنصيبهما لوالدتنا إذ أن أختي الكبرى ميسورة الحال وتعتبر رجوعها عن تنازلها لأمي بنصيبها فيه شيء من عقوق الوالدين وهي تريد رضاها. مع العلم أن أختي الكبرى قد أحضرت أختي الصغرى كي تقيم معها في بيتها مع زوجها دون محرم وعدم أخذ مشورتي وأ نا الأخ الأكبر لها وعندما واجهتهم بحكم الله في هذه المسأله وأنه لا يجوز أن تقيم أختي معهم لأن زوج أختي ليس محرما لها، فقال زوج أختي أنه سأل أحد الشيوخ وأفتى له أنه يجوز إذا كانت فترة مؤقته مع العلم أن أختي ليس لديها نية للعودة لتعيش مع والدتي وقامو بطردي وطلبوا مني أن لا أتدخل في حياتهم لأني أسبب المشاكل حسب رأيهم. فهل الناطق بالحق يسبب المشاكل في هذا الزمن أفيدونا بالصواب؟
جزاكم الله عنا وعن كافة المسلمين خيرا إن شاء الله،،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت لم تتنازل عن حقك في الميراث إلا بسبب ما ذكرت والدتك من قلة المال الذي تركه والدك وعلى شرط أن تكمل أختك تعليمها، فهذا التنازل عبارة عن هبة مشروطة بقلة المال وإكمال الأخت لدراستها، فإن لم يتحقق الشرطان كما هو الواقع كان لك الرجوع في هذه الهبة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني، وإلى هذا ذهب شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله كما في الإنصاف من كتب الحنابلة، وراجع الفتوى رقم: 49869، وإذا منعتك والدتك من نصيبك في الميراث في المال الذي في بريطانيا واستولت عليه كان لك أن تأخذ من مالها بقدر حقك، وهذا ما يعرف عند العلماء بمسألة الظفر، وراجع فيها الفتوى رقم: 28871، وأما المال الذي تركه والدك في السعودية فلك منه بقدر نصيبك من الميراث، أما بقيته فهو لبقية الورثة، ويجب أن يوزع عليهم على حسب القسمة الشرعية للميراث، ولا يجوز أخذ شيء منه إلا برضاهم، ولا يؤثر في ذلك رغبة أختيك في التنازل لوالدتك عن نصيبيهما لأنه لا ينتقل إلى ملك والدتك إلا بقبضها له، أما قبل ذلك فهو ملك لأختيك لا يجوز الاعتداء عليه.
والذي ننصحك به إذا كنت تستطيع سداد ديونك وتدبير معاشك مع الاستغناء عن نصيبك في الميراث أن تتركه أو تترك بعضه لوالدتك برا بها، ولا يمنع من ذلك كونها تفضل أخاك عليك فهذا ليس بأعظم من كفرها، ومع ذلك فقد قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 15} أما بالنسبة لأختك الصغرى فلا ريب أن الأفضل المشروع لها أن تقيم معك لأن ذلك أستر لها وأبعد عن الفتنة والمنة عليها، وعليها أن تطيعك في ذلك لأنك وليها المسؤول شرعا عنها، ويمكن أن توسط أحدا من أهل الخير والصلاح ليصلح بينكم ويقنع أختك بذلك، ولا يجوز لها أن تقيم في ذلك البيت إذا ترتب على ذلك شيء من المحرمات كخلوة الأجنبي بها أو اطلاعه على شيء مما لا يجوز لها أن تكشفه أمامه، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، وراجع الفتوى رقم: 2523.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1427(12/5001)
حكم من ترك لورثته أسهما بأسمائهم ليست بالتساوي
[السُّؤَالُ]
ـ[ترك لنا والدي رحمه الله عددا كبيرا من الأسهم بأسماء الورثة ولكن ليست بالتساوي لا بل إن البعض ليس له شيء منها ولم يوص رحمه الله بشيء عنها أو تفصيل لها فما حكم الشرع إذا لم يتفق الورثه عليها هل يأخذ كل نصيبه؟ أو توزع بمعيار شرعي؟
وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل في فتاوى كثيرة أن الراجح من أقوال العلماء أن العدل بين الأولاد في العطية واجب إلا لمسوغ شرعي، لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد لما نحل ابنه النعمان نحلا وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك، فقال له: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تشهدني إذاً، إني لا أشهد على جور، إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم. وقال له أيضا: فأرجعه. فرده بشير وقال له أيضا: فاتقوا الله، واعدلوا بين أبنائكم. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 6242.
وعليه، فإذا لم يكن لأبيكم مسوغ شرعي فيما فعله من عدم التسوية بينكم، فإن فعله ذلك مردود، والواجب أن تقسموا الميراث حسب المعيار الشرعي، وهذا كله على تقدير أن ما ذكرته من كون الأسهم بأسماء الورثة يقصد به أبوك تمليك تلك الأسهم لمن هي بأسمائهم، وأنها قد حازها المملكون حيازة شرعية أو حيزت لهم في حياة الواهب، وأما إذا لم يثبت أن أباك يقصد تمليككم الأسهم المذكورة أو أنها لم تُحَز عنه في حياته فإنها إذاً تكون باقية على ملكه، ويشترك فيها جميع ورثته حسب المعيار الشرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1427(12/5002)
من طرق ثبوت الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ورث أبي وإخوته منزلاً عن جدي وبقي المنزل كما هو لا يسكنه أحد بعد وفاة جدي ولم يتم به أي تعديل ثم قام ابن عمتي بشراء نصيب بعض أعمامي بطريقة ملتوية مما أغضب أبي غضباً شديداً ثم بعد عدة أعوام توفي أبي وقررت أنا وإخوتي التنازل عن نصيبنا في المنزل إلي ابن عمتي الذي اشترى نصيب بعض أعمامي حيث إنه قرر أن يهدم المنزل ويبني مكانه دارا لتحفيظ القرآن. وفجأه قالت إحدي عماتي (سناء) اللاتي لم يقمن ببيع نصيبهن إن أبي قد تنازل لها عن نصيبه فقلنا نترك لها نصيب أبي حيث إنها يفترض فيها الصدق ونظن أنها لن تكذب علينا ثم هداها الله إلي أن تبرعت بنصيبها ونصيب أبي إلى ابن عمتي الذي ينوي بناء دار التحفيظ وظل الأمر كذلك وأجل ابن عمتي بناء دار التحفيظ لظروف مادية ومرت الأيام ثم توفيت عمتي (ثناء) فقامت إحدي عماتي (أم محمد) وقالت وأقسمت أن أبي لم يترك نصبيه لعمتي سناء فقط وإنما لعماتي (سناء وأم محمد وكملية) وأن أم محمد لا تريد التبرع بنصيب أبي لدار التحفيظ وذلك لأن ابن عمتي الذي ينوي بناء الدار سوف يقوم بتسمية الدار باسم أبيه (ملحوظة) : من واقع تعاملنا مع عمتي الأخيرة أم محمد أنها ممكن أن تكذب نسأل الله لها الهدايه - لكنها أقسمت بالله-) ونحن الآن في حيرة من أمرنا هل نتبرع بالدار حيث لا يوجد شهود على إعطاء أبي نصيبه لعمتي ثناء سوي نفسها (سناء) كما لا يوجد دليل علي إعطائه نصيبه لعماتي الثلاثة سوى عمتي أم محمد أم نترك لها نصيب أبي حيث إنها أقسمت (ملحوظه أخيرة) إن أبي توفي قبل أن يعلم أن ابن عمتي سوف يقوم ببناء دار تحفيظ وأن أبي لو كان قد أعطي نصيبه لعماتي إنما فعل ذلك غضباً من الطريقة التي اشتري بها ابن عمتي نصيب بعض أعمامي؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطالما أنه لا يوجد شهود على إعطاء أبيكم نصيبه لعمتكم سناء سوى نفسها، وأنه لا يوجد أيضا دليل علي إعطائه نصيبه لعماتك الثلاث سوى دعوى عمتك الأخرى، ولم يكن لكم أنتم علم بشيء من ذلك، فلا بد لمن يدعي هذه الهبة من إقامة البينة الشرعية على دعواه، فإن لم تكن عنده بينة تثبت ذلك، فتحلفون أنتم على عدم العلم بذلك، وهذا هو ما يلزمكم قضاء. لأن القاعدة أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم، ولكن البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه. وفي رواية: واليمين على من أنكر. رواه البيهقي وغيره، وحسنه النووي في الأربعين وقال: وبعضه في الصحيحين.
ولا حرج في اليمين إن كان صاحبها على حق. ولكن الذي ينظر في البينات ويعتد بالحلف عنده أو النكول هو القاضي.
ونضيف أيضا أنه لو افترض وجود بينة تشهد بأن أباكم قد وهب نصيبه على أحد الوجهين المذكورين في السؤال، فإن الموهوب له لا يملك الهبة إلا بالقبض. وبالتالي فإن أيا من عماتك لا تملك ما وهبه الأب لها إلا بالقبض، فإن قبضت ما وهب لها أثناء حياة والدكم، وقامت البينة على ذلك فالهبة نافذة.
وإن لم تقبض الهبة في حياة الواهب فهي غير نافذة، ونصيب أبيكم من المنزل تركة يتقاسمه جميع ورثته، أو يتصرفوا فيه كيفما شاءوا.
فالحاصل أن هبة أبيكم لا بد أن تثبت بالبينة، وأن حيازتها في حياته لا بد أن تثبت أيضا، وإن اختل أحد الشرطين لم تنفذ الهبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1427(12/5003)
لا تتم الهبة إلا بالحيازة والتمكن من التصرف فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في رجل توفي وله أربعة أبناء، ولدان وبنتان، وكان قد كتب كل ما يملك لهم جميعا بأنصبة متساوية منذ زمن بعيد، ولكن دون أن يكون لهم حق التصرف، وقد كان يتصرف هو دون الاعتراض من الأبناء، فما الحكم في ذلك بعد وفاته حيث اختلف الورثة في كيفية توزيع الإرث، حيث يرى البعض أنه يجب أن يوزع حسب الشرع ويرى البعض أن يوزع كما كان الحال قبل الوفاة، أي بالتساوي؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تركة هذا الرجل تقسم على جميع ورثته كل حسب نصيبه المقدر في كتاب الله تعالى، لأن مجرد كتابة المال باسم الأبناء دون رفع يد أبيهم عنه وتسليمه إليهم حتى يتمكنوا من التصرف فيه ... لا يعتبر هبة تامة، فلا بد في الهبة من رفع يد الواهب عما وهب وتمام الحوز من الموهوب له، قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة.
وإذا اتفق الورثة على قسم التركة بالمراضاة أو تنازل بعضهم عن نصيبه أو جزء منه فلا مانع من ذلك شرعاً، وإذا لم يتم الاتفاق على شيء معين.. ولو كان فيه غبن وتفاوت، فلا بد من الرجوع إلى القسمة الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1427(12/5004)
هبة الأب ماله كله لبناته في حياته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قولكم في رجل عنده بنات فقط، وليس لديه زوجة وعنده إخوان وأخوات، وخوفاً منه من مطالبة إخوانه بالميراث بعد موته، قام بكتابة أملاكة بيعا وشراء لبعض من بناته، علماً بأن إحدى بناته رفضت هذه الفكرة من أبيها لعلمها بحقوق أعمامها في الميراث، وقامت بنصحه ولم ينتصح، فما حكم العمل الذي قام به هذا الرجل، هل هذه البيعة صحيحة، علماً بأنه لم يكن هناك قيمة حقيقة للبيعة، وأنما كانت بيعة صورية، وقامت البنت بإعلام أعمامها بما قام به أبوها بعد موته من بيع للأملاك حتى تبرئ ذمة أبيها مما عمله في حياته بحقهم، علماً بأن أعمامها لم يطالبوا بشيء من الميراث بعد معرفتهم بذلك، هل عليها شيء كونها أخبرت أعمامها بما فعله أبوها، وهل لهذه البنت الحق بالمطالبة الآن بحقها في الميراث من إحدى أخواتها، علماً بأن أباها طلب من الأخت الأولى التنازل لأختها عن أحد البيوت المباعة لها قبل موته، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هبة الرجل ماله لبناته في حال حياته جائزة، وتنفذ إن حزن الموهوب في صحته، ولا يهم كونه كتب ذلك بصفة البيع، وأما إعطاؤه لبعض البنات دون بعض فهو خلاف العدل الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
وقد قدمنا في عدة فتاوى تفصيل الأمر وبيان الخلاف بين العلماء في وجوب العدل واستحبابه، وذكرنا أن الجمهور يرون استحبابه وأنه رجح بعض المحققين وجوبه، وسنحيلك على بعض تلك الفتاوى لاحقاً.
وننصحك إن كنت ممن لم يعطهم الأب شيئاً من المال سابقاً أن تصبر وتصفح ولا تثير مشاكل بينك وبين أخواتك، فالمال ظل زائل والعلاقة الحسنة مع الإخوان أعظم مكسب، ومن صبر كان الله عوناً له، واعلم أنه إذا كان الوالد عمل هذا في مرض موته فإنه يعتبر فعله وصية لوارث وهي لا تجوز ولا تنفذ إلا أن يجيزها باقي الورثة، ونرجو أن لا يكون على هذه البنت إثم في إخبارها أعمامها إن كانت تريد إصلاح الخطأ وسلامة أبيها من أن يلحقه إثم، وننصح الأعمام بالتنازل لبنات أخيهم والتلطف بهن والإحسان إليهن، وراجع في موضوع العدل بين الأولاد والوصية للوارث وحرمان بعض الورثة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6242، 52160، 59072، 60742، 19637، 66450، 54348، 45224، 57882.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1427(12/5005)
من أحكام الهبة والوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت خالتي وليس لها أولاد ولها زوج وثلات أخوات واثنان إخوة ذكور.. خالتي المتوفاة كانت متزوجة من رجل آخر وطلقت منه قبيل زواجها من زوجها الذي ماتت في عصمته.. خالتي كانت قد وهبت لي ولأختي قطعتي أثاث كانت قد ورثتهما من أمها لأنها كانت تعتبرني وأختي كابنتين لها، ولكن لأننا نقيم في الخارج وبيتنا مؤجر ... قبلنا منها الأثات، ولكن قلنا لها سنبقيهما عندها إلي أن نعود إلي بيتنا ونأخذهما.. الآن توفيت خالتي وأخذت أنا وأختي قطعتي الأثات.. فهل تصرفي صحيح؟
سؤالي الثاني بخصوص معطف من الفراء كان لخالتي المتوفاة وكانت قد أعارته لإحدى أخواتها ثم استرجعته وبعد وفاتها شهدت زوجة أخي المتوفاة أنه كان في نية خالتي المتوفاة أن تعيده إلى أختها التي كانت قد استعارته في وقت سابق.. بناء عليه قمت بإعطاء المعطف إلى خالتي التي تريده، ولكني ندمت بعد أن علمت أنه تركة ولا يجوز لي التصرف فيها.. رجاء ما الحل؟
السؤال الثالث بخصوص متعلقاتها الشخصية من ملابس وأثاث منزلها وأقصد بالأثاث الخاص الذي أخذته من زوجها الأول والذي كانت تستعمله في بيت زوجها الحالي، علما بأنها وقبل وفاتها بأسبوع طلبت من خادمتها الاتصال بابنة أخيها كي تأتي وتفرز ملابسها بغرض توزيعها علي الجمعيات الخيرية.. هل تعتبر هذه وصية علما بأنه لا توجد أي وصايا مكتوبة، الرجاء الرد بأسرع وقت ممكن.. وعلما بأن أبويها متوفيان ولا أولاد لها؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا مات الواهب قبل أن يقبض الموهوب له الهبة فهل تبطل الهبة أم يقوم الورثة مقام الواهب في الإذن بالقبض والفسخ، مسألة اختلف فيها أهل العلم، كما جاء في المغني: وإذا مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة. وقال أبو الخطاب إذا مات الواهب قام الورثة مقامه في الإذن في القبض والفسخ وهذا قول أكثر أصحاب الشافعي. وعليه فقبضكما قطعتي الأثاث بعد موت خالتكما لا عبرة به، إلا أن يجيز ذلك الورثة على القول الثاني. وعلى القول الأول لا حق لكما فيه ولو أجاز ذلك الورثة.
أما عن معطف الفراء المذكور فيجب إرجاعه إلى التركة، وعليك إخبار من أعطيتها إياه بأن ترده إلى التركة، فإنه لا يحل لها أن تتملكه لأنه ملك للورثة، وبالنسبة لوصية المتوفاة بأن توزع ثيابها أو أثاثها على الفقراء، فإذا كانت هذه الوصية قد استوفت شروط الوصية التي تثبت بها شرعاً من الإشهاد عليها أو من قولها هذه وصيتي فنفذوها أو ما أشبه ذلك، فإنها تعتبر وصية شرعية يجب تنفيذها في حدود الثلث.
أما مجرد نيتها أن توصي بدون إيجاب صريح كأوصيت لها بكذا أو أعطوها بعد موتي كذا فلا تصح أن تكون مجرد النية وصية، فالوصية يشترط لها صيغة إما إيجاب صريح أو كناية مع النية ومنها الكتابة كما جاء في مغني المحتاج: وصيغتها أوصيت له بكذا أو ادفعوا إليه أو أعطوه بعد موتي ... وتنعقد بكناية والكتابة كناية. انتهى.
ولا يشترط أن تكون مكتوبة وإن كان يستحب ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
قال الإمام النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم: قال الشافعي رحمه الله تعالى: معنى الحديث ما الحزم والاحتياط للمسلم إلا أن تكون وصيته مكتوبة عنده ويستحب تعجيلها وأن يكتبها في صحته ويشهد عليه فيها، ويكتب فيها ما يحتاج إليه فإن تجدد له أمر يحتاج إلى الوصية به ألحقه بها. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1427(12/5006)
تفضيل الذكور على الإناث في العطية بدون مبرر من أمر الجاهلية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يتصدق الوالد أو يزكي عن الولد المتزوج، دون البنت المتزوجة إذاكانوا غير قادرين على إخراج الزكاة، وهل يعطي الوالد شققا ومشاريع للبنين، أما البنت فلا يعطيها بحجة أنها تزوجت وليس لها حق بعد زواجها، وهل على الوالد وزر إذا أرد أن يعطى بناته شققا خوفا عليهم من المستقبل أو مساوة بينهما وبين البنين وإن كانت الشقة مساحتها نصف مساحة شقة البنين.
أفيدونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تفضيل الذكور على الإناث في العطية سواء كانت هذه العطية شققا أو مشاريع أو دفع مبالغ مالية أو غير ذلك من العطايا والمنح لمجرد أن هؤلاء ذكورا وهؤلاء إناثا من أمر الجاهلية وآثارها الباطلة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 33348، أما التفضيل بينهما في العطية لمسوغ شرعي فيجوز عند طائفة من أهل العلم سواء كان المفضل هنا الولد أو البنت، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 6242، وراجعي في شروط دفع الزكاة عن الغير الفتوى رقم: 29587.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1427(12/5007)
تمكين الأب لأحد أولاده من استغلال محل دون الباقين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم والد يملك محلا فارغا وله 4 أولاد ذكور وسمح لأحدهم باستغلال المحل لمدة غير محدودة وأعفاه من إيجار المحل مع أن المحل يبقى باسم الأب أي لن يضيع حق الأولاد عند وفاة الأب، وهل على الابن دفع الإيجار لإخوته مع الأدلة وآراء العلماء.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقيام الوالد بتمكين ولده من استغلال المحل دون أن يدفع إيجارا يعد هذا الفعل من الوالد تفضيلا لهذا الولد على إخوته الآخرين في العطية، وقد سبق لنا أن بينا الحكم الشرعي في هذه المسألة فراجعها في الفتوى رقم: 6242، أما أن يقوم الولد بدفع الإيجار لإخوته في هذه الصورة فلا وجه له لأن المحل ليس ملكا لهم حتى يستحقوا أجرته إلا أن تطيب نفس الأخ لهم بشيء جبرا لخواطرهم فلا بأس.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1427(12/5008)
حكم الاحتيال للحصول على هدايا عن طريق بيع صوري
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مساهم في شركة مساهمة تقوم هذه الشركة بتوزيع هدايا لكل المساهمين كل عام وبغض النظر عن عدد الأسهم وأملك من الأسهم 2000000 سهم قمت ببيع صوري لبعض من أسهمي إلى عدد من الأشخاص كي أستفيد من الهدايا المقدمة للمساهمين دون علم هؤلاء الأشخاص هل عملي هذا حرام أم حلال؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما تصفه من أنه ليس هناك بيع، وإنما تحتال لتأخذ هدايا أكثر مما تستحق فالواجب عليك أن تتوب إلى الله عز وجل وتنزع عن هذا العمل الذي يدل على حب مفرط للدنيا يدخل صاحبه فيما لا يحل ولا يجمل. واسمع إلى رسولك صلى الله عليه وسلم يقول: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن يطلبه أحدكم بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه ابن ماجه.
فكان حسبك ما يأتيك من هدايا على أسهمك ولو كان قليلا، فالقليل المباح خير من الكثير الحرام. وهذه الهدايا التي أخذتها بهذه الطريقة حق لمن أخذتها منه وهي الشركة المساهمة فأرجعها إليها حتى تبرأ ذمتك. وراجع في شروط الاستثمار في الأسهم الفتوى رقم: 18894.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1427(12/5009)
قبول المرأة مالا من رجل أجنبي عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ليبية الجنسية ومقيمة فى ليبيا وكنت دائمة المشاركة في منتديات خليجية وآخرها منتدى سعودي وكنت دائما مشرفة لمنتدى إسلامى ويتم إختيارى وفقا لردودي ومواضيعي ولله الحمد، آخر منتدى شاركت به كانت بيني وبين مستشار المنتدى وهو سعودي الجنسية مراسلات بخصوص التواقيع وكان يحترمني جدا لأني كنت فارضة احترامي وهو يكبرني بكثير ومتزوج وعنده أطفال، المهم استشرته في مسألة خاصة وما قصر وطلبت منه رقم جواله لعلي أحتاجه لاستشارته وما قصر اتصلت عليه للسؤال عن حاله 3 مرات تقريبا وعلم من خلال حديثي بأن حالتي المادية ضعيفة.
سؤالي: طلب مني أن أسأل أحد المصارف عندنا عن الطريقة التى يتم بها إرسال مبلغ معين من السعودية لشخص في ليبيا أنا أعلم بأني المقصودة وقبل أن أرد عليه هل أوافق على عرضه من أجل سداد دين كاسر ظهري يعنى لو وافقت سأقوم بسداد ديني لا غير، مع العلم بأني أدري بأن الشرع لا يقر أي علاقة بين شاب وفتاة إلا في الإطار الشرعى وهو الزواج ولكن غلبت علينا شقوتنا فاللهم اغفر وارحم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في قبول المال من هذا الرجل، من باب الهدية، فالهدية جائزة عموما لما في البخاري وغيره عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يقبل الهدية ويثيب عليها. ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو دعيت إلى كراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت. وهي جائزة من الرجل الأجنبي إلى المرأة الأجنبية والعكس، روى مسلم عن أنس بن مالك: قال تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بأهله قال فصنعت أمي أم سليم حيسا فجعلته في تور فقالت: يا أنس اذهب بهذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل: بعثت بهذا إليك أمي وهي تقرئك السلام وتقول: إن هذا لك منا. قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار عند شرح هذا الحديث: (والحديث فيه جواز إرسال الصغير إلى من يريد المرسل دعوته إلى طعامه وقبول الهدية من المرأة الأجنبية ومشروعية هدية الطعام) انتهى.
وقال ابن العربي رحمه الله في أحكام القرآن: (وأما الهدية المطلقة للتحبب والتواصل فإنها جائزة من كل واحد، وعلى كل حال.) انتهى.
هذا من حيث قبول الهدية، يبقى مسألة العلاقة بينك وبين هذا الرجل الأجنبي، فننصحك بتقوى الله عز وجل، وقطع هذه العلاقة، وإذا كان هناك حاجة في الكلام معه، فلتكن على قدر الحاجة، مع التزام الأدب، والأخلاق الإسلامية في تخاطب المرأة مع الرجل الأجنبي، وكان الله في عونك. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 17502.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1427(12/5010)
الهبة التي حيزت في حياة الأم هل تعاد قسمتها بعد وفاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي الله يرحمها كان عندها أربعة صبيان وثلاث بنات وكانت تملك أربع قراريط من الأرض وزعتهم بمعدل ربع قيراط للبنت ونصف قيراط للولد بمبدأ للذكر مثل حظ الأنثيين.. وبقي لها قيراط وربع.
عندما أرادت الحج باعت نصف قيراط لأحد أبنائها ولم تتقاض مالا بل اشترطت عليه أن يحججها بقيمة النصف وبقي لها قيراط إلا ربع.. وكان لها ضمن أولادها الأربعة الصبيان ولد غير متعلم فمنحته ربع قيراط نظير أنه لم يحصل على حظه في التعليم.. وبقي نصف قيراط.. فمنحته لابنها الثالث نظير أنها كانت تحبه لأنه يعطف عليها.. لحظات مرضها بعد أن تزوج الجميع أما الابن الرابع وهو في الواقع كبيرهم فلم يحصل إلا على نصيبه فقط النصف قيراط وبنى عليه بيته قبل وفاة الأم بـ 15 سنة علماً بأنها ساعدته في موضوع المباني
والملاحظ أنه أثناء حياة الأم.. لم يتحدث الابن الرابع ,, بل وأثناء مناقشته من أحد إخوته أفاده بأن الموضوع هذا لا يسبب له أي مشكلة..ماتت الأم ولم يتحدث أيضا.. ومات الأب بعد الأم بسبع سنوات
فما كان من الابن الرابع إلا أن غير كلامه وقال أنا أريد أوزع الأرض مرة أخرى.
مع العلم بأن الجميع بنى على نصيبه حتى البنات فكيف يتم توزيعها؟
مع ملاحظه أن الأم قد وزعت الأرض بعقود بيع وشراء في حياتها بل وقبل وفاتها بـ 12 سنة، وكان ثمن القيراط بالعقد 6000 جنيه وأثناء وفاتها كان ثمن القيراط 13000جنيه وبعد موت الأب وهو أحد شهود العقود أصبح ثمن القيراط 70000 جنيه.
ما العمل؟ أردنا مراضاة أخينا منعاً لقطع الرحم فأراد محاسبته على أحدث سعر وإمكانياتنا لا تسمح ومعنا عقود بيع وشراء وموقفنا سليم.. لكن ما نخشاه موقف الأم.. هل هي مخطئه نشتري السماح لها ولو بكل ما نملك أم ليست مخطئة؟ أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته والدتك من قسمه قراريط أرضها على أولادها حسب حاجة البعض ولوجود سبب عند البعض وبرضى الجميع في وقته يعد عملا سائغا شرعا، مادام أنها فعلت ذلك حال حياتها وصحتها، وبقبض كل من الأولاد ما أعطته إياه أمه يعد مالكا لذلك، فلا يجوز للأخ الأكبر أن يطالب أحدا منهم بشيء، ومنازعته لهم فيه منازعة في باطل، ولكم أن تدفعوا ذلك عنكم بالطرق الشرعية، ولا يعد هذا منكم قطعا للرحم.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 11027.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1427(12/5011)
الهبة والوقف وتصدق المرء بماله كله
[السُّؤَالُ]
ـ[ابلغ من العمر 47 سنة ورثت من أبي بعض الحصص من ممتلكاته التي رزقه الله إياها وقامت والدتي بتحويل عقار (بيت) مناصفة بيني وبين شقيقي الأصغر وذلك كون إخوتنا الآخرين يمتلكون بيت سكن مستقل لكل واحد منهم والحمد لله، واشتريت أرضا من ادخاري من راتبي حيث إني موظفة قمت بالتنازل عن كل ما ورثته من أبي وما وهبتني أمي لأخي ألأصغر بمحض إرادتي وبرغم اعتراض أخي الصغير ولم يبق لدي سوى الأرض التي اشتريتها من راتبي، نويت أن أجعل هذه الأرض وقفا في حياتي لبناء ملجأ للأيتام وقفا لا رجعة فيه، فنصحني أخي أن يكون ذلك بعد حياتي لكني أحبذ أن تكون في حياتي لإحساسي أن أجره أكثر ورغبتي أن أقابل الله وليس معي أو في اسمي أي شيء، أفتوني ماذا أفعل ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سؤال الأخت الكريمة يتضمن عدة نقاط:
النقطة الأولى: تفضيل أمها لها ولأخيها الأصغر بعطية دون سائر إخوانها، وإن كان ذلك، فتفضيل بعض الأبناء على بعض مسألة تكلم فيها أهل العلم بين مجيز مطلقا ومانع مطلقا، ومجيز إن كان هناك مسوغ من حاجة أو فقر، وراجعي للمزيد في ذلك الفتوى رقم: 6242.
النقطة الثانية: هبتها لأخيها الأصغر أموالها النقدية والعينية وهو أمر جائز وتؤجر على ذلك.
ففي الحديث: الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة. رواه الترمذي وغيره.
النقطة الثالثة: وقفها أرضها لكي يبنى عليها ملجأ للأيتام، وهو من الأعمال الفاضلة الصالحة التي تؤجر عليها في حياتها وبعد وفاتها، كما في الحديث: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له. رواه مسلم.
والصدقة الجارية فسرها أهل العلم بالوقف، والأفضل للسائلة أن توقف هذه الأرض في حياتها لعموم استحباب المبادرة إلى فعل الخير. قال تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ {آل عمران: من الآية133} وفي الحديث: بادروا بالأعمال. رواه مسلم
النقطة الرابعة: قيامها بالصدقة بجميع ما تملك، وهو أمر فيه تفصيل:
فإن كانت الأخت لا وارث لها وأرادت أن تتصدق بجميع مالها فلها ذلك إن علمت من نفسها حسن التوكل والصبر، وجزم بعض العلماء بالاستحباب، والقول بالجواز مذهب جمهور العلماء.
أما إن لم تعلم من نفسها حسن التوكل والصبر إذا تغير حالها فلا يجوز لها التصدق بجميع مالها وقيل يكره.
وأما إن كان لها ورثة ولهم كفاية فيجوز وإلا لم يجز، فهذا ملخص ما ذكره أهل العلم في هذه المسألة.
ومما جاء من كلامهم في هذه المسألة ما ذكره ابن رجب في قواعده قال: نص أحمد فيمن تبرع بماله بوقف أو صدقة وأبواه محتاجان أن لهما رده. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1427(12/5012)
الحكم ينبني على ما إذا كانت الزيادة خطأ أو هبة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص تعاملنا معه على قسط شهري أعطيناه في القسط الأول مبلغا من المال فيه زيادة وفي الشهر الثاني أعطيناه المبلغ الذي يستحقه وقال لنا إنه في الشهر السابق أعطيتمونا مبلغا أكثر فقلنا له إننا لم نكن نعرف كم الملبغ المطلوب ثم بعد أيام توفي الشخص رحمه الله ثم جاء أهله وأعطونا الزياده في الشهر الأول فهل هذا المبلغ حرام أم حلال؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما أعطوكم هو مقدار الزيادة على قيمة القسط المتفق عليه والتي بذلتموها خطأ فلا حرج في ذلك لأن هذه الزيادة ملك لكم، والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني، وننبه إلى ضرورة أن تتوفر في هذه المعاملة الشروط العامة لجواز البيع بالتقسيط من كون البيع بسعر محدد والأقساط معلومة والأجل مسمى، وليس هناك فوائد عند التأخر في سداد الأقساط، وراجع للفائدة والتفصيل الفتوى رقم: 15844، اللهم إلا إذا كنتم أعطيتم الشخص المذكور المبلغ الزائد تكرما منكم ففي هذه الحالة لا يجوز لكم أن تأخذوه من تركته ولا ممن أعطاه لكم من أهله؛ لأنه يعتبر هبة حيزت، فإذا وهبه لكم الورثة بعد ذلك وكانوا رشداء بالغين فلكم قبوله، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1427(12/5013)
لا يجوز المطالبة بإعادة قسمة ما وهبته الأم في حياتها بعد إقراره
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي الله يرحمها عندها أربع صبيان وثلاث بنات وكانت تملك أربع قراريط من الأرض وزعتهم بمعدل ربع قيراط للبنت ونصف قيراط للولد بمبدأ للذكر مثل حظ الأنثيين.. وبقى لها قيراط وربع باعت نصف قيراط لأحد أبنائها ولم تتقاض مالا بل أشترطت عليه أن يحججها بقيمة هذا النصف وبقي لها قيراط إلا ربع.. وكان لها ضمن أولادها الأربع الصبيان ولد غير متعلم فمنحته هذا الربع نظير أنه لم يحصل على حظه في التعليم.. وبقي نصف قيراط.. فمنحته لابنها الثالث نظير أنها كانت تحبه لأنه يعطف عليها.. أما الابن الرابع فلم يحصل إلا على نصيبه فقط، نصف قيراط وبنى عليه بيته قبل وفاة الأم ب 15 سنة علماً بأنها ساعدته في موضوع المباني، أثناء حياة الأم لم يتحدث الابن الرابع , بل وأثناء مناقشته من أحد إخوانه أفاده بأن الموضوع لا يسبب له أي مشكلة..ماتت الأم ولم يتحدث أيضا.. ومات الأب بعد الأم بسبع سنوات
فما كان من الابن الرابع إلا أن غير كلامه وقال لا يهمني أنا أريد إعادة توزيع الأرض، مع العلم بأن الجميع بنى على نصيبه حتى البنات، مع ملاحظة أن الأرض وزعت بعقود بيع وشراء في حياة الأم، ومع ملاحظه أن ثمن القيراط بالعقد 3000 جنيه وأثناء توزيع الأرض كان 6000 جنيه وبعد موت الأب.. وهو أحد شهود العقود.. أصبح ثمن القيراط 70000 جنيه، ما العمل أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن هذه الأم قاربت بين أبنائها في العطية وإن لم تساو بينهم بالضبط لاعتبارات أشار لها السائل الكريم في السؤال، وإذا كان الأخ الرابع أو غيره قد تنازل لفظا أو ضمنا وأقر ما فعلته أمه من الهبة في حياتها فإنه لا يحق له ولا لغيره المطالبة بإعادة القسمة مرة ثانية.
وعلى كل فالذي ننصح به الجميع هو أن يتقوا الله تعالى، وأن لا يسعى أحد منهم فيما يثير المشاكل والخصومات بينه وبين إخوانه، ثم ليعلم الجميع أنه لا حل لهذه المسألة إلا بالتسامح أو التراضي، فإن أبوا ذلك فلا بد من الرجوع إلى المحاكم الشرعية لحسم النزاع وإعطاء كل ذي حق حقه. ولمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتاوى: 6242، 58686، 15525.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1427(12/5014)
تخصيص الوالد ولده بقرض دون سائر إخوته
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي قد من الله عليه ب8 أبناء و8 بنات والمال، أنا متزوج وأعمل وابتليت بالدين بما يقارب 600000 في البنوك, عندي فكرة أحب أن أستفتي فيها قبل عرضها على أبي، هل يجوز أن أقترض من أبي وأسدد دين البنوك وأسد إلى أبي من إيجار البيت علما بأني مستأجر عند أبي وكذلك بعض من إخوتي مستأجرون معه فهل إذا ساعدني بأخذه للإيجار وأسدد أنا الباقي من راتبي يكون في ذلك شيء, أعني بالتفرقة بيني وبين إخوتي هل يجوز ذلك أم لا , أنا أريد بمقصدي هذا الابتعاد عن البنوك الربوية التي أتعامل معها وأن أبدأ حياة جديدة , لأن البنوك الربوية لا يبقى فيها المال ولو كان المال حلالا فإن الله لا يبارك فيه, هل على أبي حرج في ذلك أم لا؟
هل يعتبر قد فرق بيننا بأن أقرضني المال وسددته إلى البنك ومن ثم أخذت من إيجار البيت وسددت له
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن الاقتراض من البنوك الربوية إثم عظيم وبلاء كبير، وأن على من تلبس بذلك التوبة إلى الله عز وجل والإقلاع فورا عن الاقتراض من هذه البنوك، وأن يندم على ما فات ويعزم على عدم العود لمثلها.
أما بشأن الديون السابقة فإنه لا يلزم ردها فورا إن كانت تقسط عليه، إلا أن يكون تسديدها فورا يسقط عنه الفوائد الربوية، أما إذا بقيت الفوائد على حالها فلا فائدة من المبادرة إلى السداد إلا فائدة يجنيها البنك الربوي نفسه، وهو أن يجتمع له سرعة السداد مع الفائدة.
أما مسألة أن يخصك والدك بالقرض دون إخوانك، فنقول إن الإقراض داخل في التبرع، فهو منيحة في اللغة، وسماه الشرع كذلك كما جاء في شرح النووي لمسلم، قال: قال أهل اللغة المنيحة ناقة أو بقرة أو شاة ينتفع بلبنها ووبرها وصوفها وشعرها زمانا ثم يردها. اهـ.
فهذا قرض في الحيوان كما يوجد قرض في النقد.
وجاء في إعلام الموقعين: فإن القرض من جنس التبرع بالمنافع كالعارية ولهذا سماه النبي صلى الله عليه وسلم منيحة فقال: أو منيحة ذهبا ومنيحة ورق. وهذا من باب الإرفاق لا من باب المعاوضات.
وإذا تقرر أن القرض من جنس التبرع فقد نص العلماء على أن المطلوب من الأب المساواة بين أولاده فيه جاء في فتوحات الوهاب: وكره لمعط تفضيل أي سواء كانت العطية هبة أو هدية أو صدقة أو وقفا أو تبرعا آخر. اهـ.
وللوقوف على أقوال أهل العلم في هذه المسألة بين من يمنع المفاضلة مطلقا ومن يجيزها للسبب أو المسوغ راجع الفتوى رقم: 6242، هذا وفي حال ما إذا كان تسديدك للديون يسقط عنك الفوائد أو ينقذك من فوائد أخرى عند التأخر عن السداد في أجله فلا ريب أن ذلك يعتبر مسوغا شرعيا لتفضيلك على إخوانك في هذه المنيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1427(12/5015)
عدم العدل بين الأبناء يؤدي إلى إثارة الشحناء بينهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الرجل الذى تزوج بأكثر من امرأة وأنجب منهم ذرية ثم توفي بعد ذلك وكان في حياته قد فضل أبناء إحدى زوجاته دون البقية بأن سجل لهم جزءاً من ممتلكاته ثم هؤلاء جآءوا وورثوا مع البقية فيما تبقى من ممتلكات فدخلوا المحاكم وحدثت بينهم الخلافات والمطاحنات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالعدل بين الأولاد مطلوب اتفاقا وليس بين العلماء خلاف في ذلك، وإنما وقع الخلاف بينهم هل هذا العدل واجب على الأب تجاه أولاده أو مستحب؟ وتفصيل القول في ذلك سبق في الفتاوى التالية برقم: 6242، 50435، 61143، فمن قال بوجوب العدل بين الأولاد وهم الحنابلة فإنهم يأمرون برد الهبة، ومن قال باستحباب العدل فإنهم يصححون الهبة، وانظر الفتوى رقم: 28274، وهذا إن كانت الهبة قد قبضت لأن الهبة لا تملك إلا بالقبض.
أما إذا كان الرجل قد سجل بعض ممتلكاته لبعض أولاده على أن يملكوا ذلك بعد موته فعمله هذا وصية، ولا وصية لوارث إلا أن يرضى بذلك الورثة قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد قسم لكل إنسان قسمه من الميراث فلا تجوز لوارث وصية. رواه أحمد والنسائي. ولمعرفة الفرق بين الهبة والوصية تراجع الفتوى رقم: 2333.
وننبه إلى أن عدم العدل بين الأبناء سبب أكيد لإثارة الشحناء والبغضاء بينهم، وسبب لتشتيت جمعهم وتفرق كلمتهم؛ ولذا نهى الشرع عنه. والذي نوصي به هؤلاء الإخوة الآن أن يتقوا الله تعالى في أنفسهم في الرحم الذي جعلها الله تعالى بينهم، وليتذكروا سرعة زوال الدنيا وحقارتها عند الله تعالى فهي بحذافيرها لا تساوي أن يضحي الإنسان في سبيلها بالرحم التي قال الله تعالى في حقها في الحديث القدسي: أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك. فبادروا رحمكم الله بإصلاح ما بينكم، واحذروا أسباب الشحناء والشقاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1427(12/5016)
الانتفاع بالمال المهدى في الحج والعمرة
[السُّؤَالُ]
ـ[في عادات الزواج لدى العائلات يقع تقديم بعض الأموال لأم العروس وهي تفعل بالمثل عند حضورها مناسبات هؤلاء ولكن بزيادة ضئيلة، فهل يجوز استغلال هذه الأموال في عمرة أو حج، علماً بأن الزيادة تقع من الطرفين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع شرعاً من إنفاق هذه الهدايا في تكاليف سفر الحج أو العمرة، لأنها صارت ملكاً للمهدى له, لا فرق بينهما وبين أمواله الأصلية من جهة الإباحة, سواء زادت هدية أحد الطرفين على هدية الآخر أم لا، لأنها هدايا تعارف الناس عليها من يزيد منهم على الآخر إنما يفعل ذلك طوعاً. وانظري في الفتوى رقم: 53338، والفتوى رقم: 48386 والفتوى المحال عليها فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1427(12/5017)
الهبة بقصد حرمان الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في والدة تعطي ما لديها لابن بنتها، علماً بأنها لديها بنتان وابن، لكي تحرم ابنها التي هي على خلاف معه، ولكي لا يأخذ أزواج بناتها من الإرث، حيث إن إحداهما ليس لها أولاد والأخرى هي أم الولد ولديها أيضاً أولاد آخرون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألتِ عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن على الولد أن يكون باراً بوالديه، وخصوصاً الأم لما ورد من تأكيد حسن صحبتها، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23} ، وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
كما نريد أن ننبهك إلى أن أزواج البنات ليس لهم نصيب في تركة أم زوجاتهم، وإنما الوارث البنات أنفسهن. وفيما يتعلق بموضوع سؤالك فإن من حق الشخص المؤهل للتصرف أن يوزع جميع ممتلكاته بهبة أو صدقة أو غيرهما، إذا كان ذلك على سبيل النفاذ بحيث يتصرف كل من وهب له شيء تصرف المالك في ملكه.
أما إذا كان ذلك معلقاً بموت الواهب فإنه يأخذ حكم الوصية فلا يجوز أن تكون لوارث ولا بأكثر من الثلث، إلا إذا أجاز ذلك الورثة وكانوا بالغين رشداء، ولا يجوز فعل أي من الفعلين بقصد حرمان الورثة من حقهم الذي فرضه الله تعالى لهم في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن فعل ذلك عومل بنقيض قصده.
وبناء على ما ذكر فما تفعله هذه الوالدة من إعطاء ما لديها لابن بنتها لا يجوز إذا ثبت أنه بقصد حرمان ورثتها مما فرضه الله لهم من الحقوق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1427(12/5018)
الهبة في المرض الذي يخشى منه الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة ولي أربع بنات، وأنا وزوجي نشتغل من بداية زواجنا، ولما تزوجنا لم يكن معه أية فلوس، تزوجنا بالدين والآن بحمد الله أصبح معنا فلوس من عملي ومن عمله، وهو الآن مرض وعمل عملية وطلبت منه أن يضمن حقي وحق بناتي ولكنه رفض قال لا أريد أن أغضب الله، ما العمل أرجوكم أفيدوني مع العلم أن له أخا وأختا، والاثنان متزوجان ولهم أولاد وبنات، ما الطريقة التي أضمن بها حقي وحق بناتي الأربعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعلك -أيتها الأخت الكريمة- تريدين من زوجك أن يهبك أو يهب بناتك بعض المال، أو أن يكتب لك وثيقة باعترافه بأن لك نصيبا في المال الذي في حوزته.
وللإجابة على ذلك نقول لك: إنه إذا كان ما ذكرته من مرض زوجك يخشى منه الموت عادة فإن هبته تعتبر في حكم الوصية، والوصية للوارث لا تجوز، لما روى الإمام أحمد وأصحاب السنن من حديث عمرو بن خارجة وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا وصية لوارث.
كما أن إقراره لمن يتهم عليه في مثل هذه الظروف غير معتبر أيضا، لأنه صار محجورا عليه.
وعليه، فالذي لك ولبناتك مما في حوزة زوجك إذا توفي هو حقكن في الإرث، وهو: الثمن لك أنت لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ [النساء:12] .
وللبنات الثلثان، لقول الله تعالى: فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ {النساء:11} .
وإذا صدقك الورثة في أن لك في المال مشاركة أو شهدت بذلك بينة، كان من حقك أن تستبدي بما يخصك من المال قبل قسمته.
وإن لم يصدقوك في ذلك ولم تشهد به البينة فلا يمكن اعتباره. ففي الحديث الشريف: لو يعطى الناس بدعواهم لا دعى رجال دماء قوم وأموالهم، ولكن البينة على المدعى واليمين على من أنكر. رواه البيهقي وحسنه النووي في الأربعين وقال: وبعضه في الصحيحين.
فالوسيلة لضمان حقك هو إثبات مشاركتك في المال، أما حق بناتك في الميراث فهو مضمون لهن، ولا يمكن لأحد شرعا أن يمنعهن من أخذ حقهن فيه وهو ما قدمنا.
وعلى أية حال، فإن مثل هذه الأمور لا يمكن حلها إلا بصلح يتراضى عليه جميع الأطراف، أو بحكم تصدره محكمة شرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1427(12/5019)
محاباة الأب ولده في البيع
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء الإجابة علي سؤالي: أنا وحيد والدي وأربع بنات والحمد لله، والدي يريد أن يكتب لي أرضا له باسمي ولكني رفضت حرصا علي عدم منع وارث من ميراثه، ولكن هل يجوز أن أعطيه ثمنها الذي دفعه عند شرائها في الماضي بغض النظر عن ارتفاع أو انخفاض ثمنها الحالي، أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن على الأب أن يساوي بين أبنائه في العطية وغيرها لحديث النعمان بن بشير المتفق عليه، وفيه: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم.
إلا أن أهل العلم ذكروا أنه لا حرج في أن يخص الأب بعض أبنائه دون بعض إذا كان ذلك لمعنى كالزمانة (الإعاقة) أو كثرة العيال، قال ابن قدامة في المغني: فإن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل ... إلى أن قال: فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك.
ومعلوم أن المحاباة في البيع تعتبر نوعا من الهبة.
وعليه، فإن كان لك موجب تستحق به التخصيص دون سائر أخواتك، فلا مانع من أن تستفيد من الأرض التي أراد والدك أن يكتبها باسمك، سواء كتبها باسمك مجانا أو عوضته عنها ثمنا أقل من قيمتها.
وإن لم يكن لك موجب تستحق به التخصيص، فليس لك أن تأخذها إلا بثمن يساوي أو يقارب قيمتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1427(12/5020)
هل تقبل المسلمة هبة أمها النصرانية
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قامت الأم المسيحية بكتابة ما تملكة لابنتها المسلمة في حال حياتها، فهل يجوز أن تأخذه البنت المسلمة؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمسلم قبول الهبة والوصية من قريبه الكافر سواء كان حربياً أو ذمياً أو مستأمناً، لأن الذي ورد فيه المنع هو الإرث دون الهبة والوصية. قال ابن قدامة في المغني: وتصح وصية المسلم للذمي والذمي للمسلم والذمي للذمي. روي إجازة وصية المسلم للذمي عن شريح والشعبي والثوري والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي ولا نعلم عن غيرهم خلافهم ... وقال: فإذا صحت وصية المسلم للذمي فوصية الذمي للمسلم، والذمي للذمي أولى، ولا تصح إلا بما تصح به وصية المسلم للمسلم، ولو أوصى لوارثه أو لأجنبي بأكثر من ثلثه وقف على إجازة الورثة كالمسلم سواء ... اهـ.
والمسلم ليس وارثاً لقريبه الذمي عند جماهير أهل العلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم. متفق عليه.
وعليه، فإذا كانت الأم المسيحية قد كتبت ما تملكه لابنتها المسلمة على سبيل الوصية فالذي يمضي لها من ذلك هو الثلث إلا أن يجيز لها الورثة ما زاد على ذلك.
وإذا كانت كتبت لها ذلك على سبيل الهبة، فإن من شرط تمام الهبة أن تحاز في حياة الواهب.
ويشترط لها كذلك أن لا يكون في هذه الهبة إيثار لتلك البنت على بقية أولادها إن كان لها أولاد غيرها. وذلك لما ورد من الأمر بالتسوية بين الأولاد في العطية، ولأن الراجح أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 20318.
وعلى أية حال، فلا مانع من تملك تلك البنت ما كتبته لها أمها، سواء كان على سبيل الهبة أو الوصية إذا توفر ما بيناه من الشروط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1427(12/5021)
الهبة إذا لم تحز في حياة الواهب
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أختان ليس لنا إخوة ذكور، ولدى أبي وأمي بيت بنوه بعد عملهم بالخارج، أعطى أبي كل واحدة منا شقة، وقال إن هذه الشقة هي مشاركته فى الزواج بدون أن يدفع فى الجهاز، ثم قبل وفاة والدي بسنتين تنازل أبي وأمي لنا عن العمارة كاملة، مع العلم بأن العمارة ليست كل ميراث والدي ولا أمي، وأبي وأمي لهما شقة في نفس العمارة ومؤجرين شقة أخرى تأخذ إيجارها أمي، وأبي كان يعتبر المتصرف في العمارة يفعل بها ما يشاء وأنا أخشى أن يكون ذلك أخرجها من كونها هبة لنا، والآن اقترح زوجي أن يبني في أعلى العمارة فرفضت أمي وقالت هذا بيت عائلة، وهي فى الأوراق باعت نصيبها لنا ولا تملك حتى التحكم فيه، وأنا لا يمكن أن أفعل ما يؤذيها، ولكن أخشى أن يكون اعتراضها هذا دليلا على بطلان الهبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما وهبه لكما والدكما أو والدتكما في حال صحتهما وأهليتهما للتصرف وتم حوزه من قبلكما قبل وفاة من توفي منهما، فإنه يعتبر ملكاً لكما، لأن هذه هبة صحيحة مستوفية الشروط، ولذلك فما دمتما قد حزتما الشقتين في حياة والدكما فإنهما تعتبران ملكا لكما، فللمالك أن يهب من ممتلكاته ما شاء لمن يشاء ما لم تكن في ذلك مخالفة شرعية.
وأما العمارة التي تنازل لكما عنها فإن هبتها لم تتم لكونه لم يرفع يده عنها بل بقي يتصرف فيها تصرف المالك في ملكه قبل وفاته -كما يفهم من السؤال- وذلك دليل على عدم حوزها من قبلكما، فإنها تعتبر من جملة تركة أبيكما، ولذلك فلا يجوز لزوجك البناء فوقها أو التصرف فيها بغير إذن الورثة.
وأما نصيب الأم منها فما دامت قد باعته لكم بيعاً صحيحاً فإنه يعتبر ملكاً لكم، أما إن كان ما كتبته في الأوراق ليس بيعاً حقيقياً، وإنما هو حيلة على حرمان بعض الورثة كما يفعل بعض الناس فإن الهبة لم تتم، وعلامة هذا الأخير أن لا يكون هناك ثمن وأن لا ترفع يدها عنه، وللمزيد من الفائدة والتفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم نرجو أن تطلعي على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 50150، 45079، 57824.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1427(12/5022)
تصرف المرء فيما وهب له ببيع أو غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أرسلت في دورة خارجية منذ فترة وأعطينا فيها لكوننا مهندسي كمبيوتر (جهاز كمبيوتر نقال) لكل فرد من طرف الشركة التي تدربنا، والآن أفكر في بيعه لعدم حاجتي إليه في العمل، فهل يجوز ذلك، علماً بأن الشركة التي أعمل بها ليس لها أي علم بالموضوع ولدي جهاز آخر قد منحتني إياه أتولى من خلاله تأدية عملي، فأفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الشركة التي منحتك الجهاز المذكور ملكتك إياه مطلقاً فلك الحق في التصرف فيه كيف شئت بيعاً وهبة وإجارة ونحو ذلك من التصرفات المشروعة، ولا يلزم أن تُعلم شركتك أو أو تستأذن منها في بيعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1427(12/5023)
كتابة البيت باسم بعض الأبناء دون الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
توفي والدي منذ زمن وقبل وفاته بفترة اشترى منزلاً بإحدى المدن المجاورة وبحسن النية والله أعلم كتب والدي هذا المنزل باسم أخي بعد الأكبر، وكان الغرض من شراء هذا المنزل هو أن تنتفع به العائلة من طلبة يدرسون، ومن لديه عمل في تلك المدينة..وعندما توفي والدي بقيت أنا واثنين من إخوتي في هذا المنزل لوحدنا نظرا لظروف عملنا التي ارتبطنا بها قبل وفاة والدي وبعلمه ... إلى أن جاء أخي الذي كُتب المنزل باسمه وقال اخرجوا من المنزل فإن والدي كتب لي المنزل باسمي، وابحثوا لكم عن منزل آخر وإذا فكرنا يوما في بيع المنزل فسوف نقسم ثمنه..سؤالي هو ما نظرة الشرع إلى ما فعله أخي هل يجوز له ذلك مع العلم أن عمله في هذه المدينة ليس بصورة رسمية ... ما هو الحكم الذي ينطبق على أخي؟؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولا أن ننبهك إلى أن إيثار الوالد بعض بنيه بالهبة دون بقيتهم لا يجوز إلا لمسوغ شرعي، وقد بينا هذا الحكم من قبل، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 6242، ثم ما ذكرته من كتابة والدك هذا المنزل باسم أخيك بعد الأكبر وما أتبعت ذلك من تفسير لا يدل دلالة صريحة على أنه يقصد به تمليكه له، ولو افترضنا جدلا أنه يقصد به تمليكه له لكان ذلك محتاجا إلى الحيازة منه، ولم تذكر في السؤال ما يدل على أنه حازه في حياة الواهب، ولو افترضنا أنه حازه في حياة الواهب لكان تخصيصه به من غير مسوغ شرعي لا يجوز كما بينا في الفتوى التي أحلنا عليها، وبناء على هذا فلا نرى أن من حق أخيك إخراجكم من المنزل المذكور وإنما أنتم وسائر الورثة فيه سواء.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1427(12/5024)
تفضيل بعض الأبناء بالعطية لإتمام زواجه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
كتبت لي أمي جزءا من ميراثها من أبى مقابل زواجي لأن إخوتي لا يقدروا أن يزوجوني كما أن إخوتي تزوجوا من ريع الأرض ومن ثمن بيع الأرض الذي تم بناء المنزل به ولم يكف.
فما حكم الدين في ذلك مع العلم بأن أمي لم تأخذ من ميراث أحد من إخوتي وكان ذلك من ميراثها من أبي حيث كان ميراثها الثمن.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على الأبوين أن يعدلا بين أبنائهما ويسويا بينهم في العطية كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: سووا بين أولادكم في العطية. رواه البيهقي، وقوله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله وأعدلوا بين أبنائكم. رواه البخاري ومسلم.
وقد بينا ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم ومذاهبهم في الفتوى رقم: 2331، 6242، 30117، 893، 10513. ولذلك فإن على أمك أن تسوي بين أبنائها في العطية.
وإذا كانت الهبة المذكورة قد تمت نظرا لحاجتك للزواج ولا تستطيع تحمل أعبائه، وكان إخوانك قد تزوجوا فلا بأس بذلك إن شاء الله تعالى، فقد قال أهل العلم: يجوز تفضيل بعض الأبناء في العطية لحاجة خاصة أو لظرف معين، وتجد تفاصيل ذلك واقوال أهل العلم حوله في الفتاوى المحال عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1427(12/5025)
هبة الأب بعض أملاكه لابنته الوحيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشرعي في تسجيل جزء من أملاكي باسم ابنتي الوحيدة؟
أنا رجل لي ابنة واحدة وعندي بيتان وثلاث قطع أرضية، وأرغب في تسجيل البيتين باسم ابنتي أي تنازل باسمها، فما الحكم الشرعي في ذلك، علما بأن بان لي أخا وأختا على قيد الحياة وابنتي متزوجة وتسكن هي وزوجها معي في نفس البيت؟ وجزاكم الله كل الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان تسجيل الممتلكات المذكورة أو غيرها على سبيل الهبة التامة ورفع يدك عنها وتسليمها لبنتك وتتم حيازة الهبة من قبلها فإن هذه الهبة تامة صحيحة، ولا مانع منها شرعا ما دامت هي البنت الوحيدة، ولو كانت متزوجة وتسكن معك فهذا لا يؤثر في الهبة الصحيحة، كما لا يؤثر عليها وجود ورثة آخرين من العصبة أو غيرهم، فيجوز للمسلم أن يهب ما شاء من ماله كله أو بعضه لأبنائه ولغيرهم إذا استوفت الهبة شروطها كما أشرنا، أما إذا كان التسجيل شكليا وعلى الأوراق فقط ويقصد به أن تؤول الممتلكات إلى البنت بعد وفاة الأب دون غيرها من الورثة فإن هذا لا يصح، ويعتبر التسجيل حينئذ من باب الوصية، والوصية لا تصح لوارث إلا إذا أجازها بقية الورثة وكانوا رشداء بالغين، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم في الفتاوى التالية أرقامها: 73208 / 51680 / 67651. نرجو أن تطلع عليها للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1427(12/5026)
توزيع الأملاك على الأولاد على سبيل الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[-سيدي الكريم أنا شابة أبلغ من العمر26سنة متزوجة وعندي بنت عمرها 8 شهور, زوجي يكبرني ب 30 سنة, هو يحبني كثيرا وأنا كذلك, المشكلة تكمن في مطلقاته الثلاث, أي أنه تزوج قبلي بثلاث نساء كلهن مطلقات, لكن لديه أولاد معهن, مع الأولى 9 أولاد (7 بنات وولدين) ومع الثانية ولد وبنت, ومع الثالثة ولد واحد, ولقد زرعت الأمهات الثلاثة الحقد في نفوس هؤلاء الاولاد فصاروا يكرهون بعضهم البعض , ويريدون موت أبيهم حتى يرثوه, لأن لديه أملاكا, وحدث أن أدخلته مطلقاته ألأولى السجن هي وأولادها ظلما لمدة شهر وكذلك الثانية لمدة أسبوع, وهم حاقدون علي ويريدون إبعادني عنه لأنني أحبه, وهو في كامل قواه العقلية ومتدين ويخاف الله كثيرا, فهو يسألكم هل يجوز له أن يحسب أملاكه ويعطي لكل واحد منهم حقه ما دام على قيد الحياة لأنه خائف من شر مطلقته ألأولى وأولادها بأن يستولوا على كل شيء لوحدهم, لو قدر الله ومات. أفيدوني أفادكم الله من علمه الواسع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على هذا الرجل في القيام بتوزيع أملاكه على أولاده وزوجته وغيرهم في حياته وحال صحته، إذا كان على سبيل الهبة الشرعية المستوفية لشروطها، وليس على سبيل الميراث، إذ لا يصح تقسيم الميراث في حال حياة المورث، وراجعي الفتوى رقم: 24547.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1427(12/5027)
الهبة بقصد حرمان بعض الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في مقتبل العمر ولي خالة تملك مساحة من الأرض الزراعية ولأنني أحب أفراد العائلة لخالتي هذه وأبرهم فوجئت بها ذات يوم وقد عزمت على كتابة عقد بيع بهذه المساحة من الأرض باسمي أي أن الأرض تصبح قانونا ملكي دون أن أدفع ثمن شرائها المدون بالعقد مع توصيتها لي بأن أستغل ثمن الأرض بعد وفاتها في عمل خيري ينفعها في الآخرة كصدقة جارية إلا أنني شعرت (اجتهادا مني) أن غرضها أيضا من ذلك أن لا ينتفع إخوانها من هذه الأرض كميراث بعد وفاتها بصفتهم الورثة الوحيدون الشرعيون لها وذلك بسبب عدم اهتمامهم بها وعدم العطف عليها وما إلى ذلك من التفريط في صلة الرحم على حد قولها خلال أحاديثها عنهم في مناسبات مختلفة.
وقد وجدت نفسي أمام إصرارها العجيب مرغم على قبول تحمل هذه الأمانة وتم بالفعل عمل العقد والتسجيل دون علم إخوانها (حسب طلبها)
وبعدها خلدت إلى نفسي أفكر في الأمر الذي أقحمت نفسي فيه فما مدى شرعيته؟ وماذا علي أن أفعل إذا طالبني أخوالي بميراث أختهم بعد وفاتها؟ وكيف يمكنني العمل بوصيتها إذا وافتني المنية قبلها مع ملاحظة أن أبي وإخوتي يعلمون بهذا وأن هذه الارض مجرد أمانة عندي وليست من ممتلكاتي التي أورثها.
لذا أرجو الإفادة بما يجب علي فعله كيلا أقع دون علم في مآخذ شرعية أحاسب عليها أمام الله في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للواهب أن يقصد بهبته أو وصيته حرمان بعض الورثة فإن ذلك من المحرمات بل من الكبائر كما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: الإضرار في الوصية من الكبائر. رواه سعيد بن منصور بسند صحيح كما في الفتح. ومن باع بيعا صوريا يريد من ورائه حرمان ورثته مما هو لهم فقد ظلم وتعدى حدود الله تعالى, فالله تعالى قد قسم التركة قسمة عادلة, وأعطى كل ذي حق حقه فقال الله تعالى: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا {النساء:7} وقال تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ {النساء:13-14} وعليه فما دمت تعلم أن خالتك هذه إنما أرادت بما فعلته من تسجيل الأرض باسمك أن تحرم ورثتها من الحق الذي جعله الله لهم فلا يجوز لك أن تساعدها على ذلك ولا أن تقبله منها. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 71872.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1427(12/5028)
نية الهبة قبل الوفاة هل يترتب عليها شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وترك لنا تركة منها نعيش إلا أنه قبل وفاته كان ينوي أن يتنازل عن نصيبه في إرثه من والدته التي توفيت ليعوض أخواته البنات حيث أحس (بعد مرور18سنةعلى وفاة والده) أنهن لم يأخذن نصيبهن كله. إلا أنه وافته المنية قبل أن يعمل بنيته هذه. (تجب الإشارة ألى أن عمي ألأكبر الذي تكلف بتقسيم التركة على الجميع بما فيهم والدي ويقول إنهم أخذوا حقهم كله) .فما حكم إرثنا هذا هل هو حلال أم حرام؟ مع العلم أننا لا نعلم هل هن أخذن نصيبهن كله أم لا. لأنه تم تقسيم التركة على أساس التقويم بالثمن (من أرادت المال أعطوه لها ومن أرادت المباني أعطوها لها بتقويمها بالمال....فما حكم إرثنا مع العلم أننا أخذنا الأراضي الفلاحية وهن المباني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ظلم بعض الورثة والنقص من حقهم أمر منكر لا يجوز للمسلم فعله، ويكون الأمر أشد إذا كان لشخص ضعيف، فقد قال صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة. رواه أحمد وابن ماجه وغيرهما وحسنه الألباني، ولذلك فإن عليكم وعلى عمكم بالدرجة الأولى الذي تولى تقسيم التركة التي حصل فيها الغبن لأخواته على ما أحس به والدكم أن يحقق في الأمر، فإذا كان نقصهن شيئا من حقهن فعليه أن يرده إليهن كاملا غير منقوص أو يستسمحهن حتى يرضين بالتنازل عنه بطيب أنفسهن إذا كن أهلا لذلك، ومن هو أهل لذلك هو البالغ الرشيد، فالحقوق إذا لم تؤد اليوم فستؤدى غدا من الحسنات في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء. رواه مسلم. وفيما يخص إرثكم من أبيكم فلا يمكن لنا القطع بحله أو حرمته، ولكن الظاهر أنه حلال حسبما يبدو من السؤال ما دامت القسمة التي ذكرت حصلت بالتراضي إذا كان الجميع رشداء بالغين، لأن قسمة التراضي لا يشترط فيها التعديل والتقويم، ولا يؤثر عليها كون البعض أخذ المباني دون الأراضي الزراعية أو العكس، ولو حصل تفاوت في الأنصبة أو غبن للبعض ما دام التراضي حاصلا من أصحاب الحقوق البالغين الرشداء، وأما مجرد نية والدكم بالتنازل عن نصيبه من تركة والدته لصالح أخواته فلا يترتب عليها شيء من قبله هو ولا من قبلكم (أنتم الورثة) ، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلعي على الفتوى رقم: 70139.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1427(12/5029)
الرجوع في الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي قبل جدي رحمهما الله وعندما توفي جدي أقر أعمامي أن يخصصوا نصيب الذكر من تركة جدي كهبة لورثة والدي (أنا وإخواني ووالدتي) وتمت كتابة ما أقروا به ووقعوا عليه وصدر صك شرعي يوثق هذه الهبة. وقد استلمنا جزءا من هذه الهبة وهي أموال سائلة ودخل سنوي من مركز تجاري. واستمر استلامنا نصيب الذكر من دخل المركز التجاري سبعة سنين. ثم توفي أحد أعمامي رحمه الله فقرر أبناؤه أن يتراجعوا عن هبة والدهم لنا ويحرمونا من الدخل السنوي بحجة أن والدهم توفي وانقطعت هبته. كما أن بعض الأعمام الأحياء أيضا قرروا التراجع عن هبتهم. فهل يحق لأي من ورثة جدي التراجع عن هذه الهبة. وهل نلام إذا لجأنا إلى الجهات الرسمية لضمان عدم حرماننا من الدخل السنوي؟
أفيدونا أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما حصل من الهبة والتنازل من قبل أعمامكم في حال أهليتهم للتصرف كما هو الظاهر من إصدار الصك الشرعي وتوقيعهم عليه واستمرار الأمر هذه المدة، فإنه لا يحق لهم الرجوع بعد ذلك عن هذه الهبة وأحرى أن يكون ذلك من ورثتهم لأن هذه هبة تامة بشروطها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه. رواه البخاري
ومنه أخذ العلماء حرمة الرجوع في الهبة بعد حوزها وأن الهبة نافذة، ولهذا فلكم الحق بالتمسك بهذه الهبة وليس عليكم لوم ولا حرج في رفع الأمر إلى الجهات المسؤولة لقطع النزاع وبيان الحق، إذا لم يرجع أعمامكم أو أبناؤهم بطريقة ودية. وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 68004.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1427(12/5030)
الخلاف بين الأخوين في البناء على الأرض الموهوبة لهما
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد وهب لنا أبونا نحن خمسة أولاد ذكور مع أختي الشقيقة في إطار اتفاق أرضا صالحة للبناء: أرضا ملكا له وهو الآن على قيد الحياة وأرضا ملكا لأمي المتوفاة فأخذت أنا وأختي الشقيقة أرض أمي مع العلم أن أختي متزوجة ولها مسكن، فشيدت أنا منزلا فوق تلك الأرض وتركت لأختي الطابق الثاني كي تبني عليه مسكنا، وبعد سنين أرادت أن تبني مسكنا فوق منزلي فعرضت عليها درءا لكل شراكة أو مشاكل أو ضيق بيع كل المنزل (أي ما شيدته) وإعطاؤها نصيبها من مال، فرفضت. ما العمل حسب الشرع وكم يكون نصيبها. مع العلم أنها هي الوحيدة من إخوتي البنات الخمس غير الشقيقات التي أخذت نصيبها، وهل ما تم من قسمة شرعي؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتقسيم الشخص ماله قبل وفاته بين ورثته على سبيل الهبة جائز, وهو ماض إذا حيز عنه حال صحته ومضي تصرفه. قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى: إذا قسم الأب ما بيده بين أولاده، فإن كان بطريق أنه ملك كل واحد منهم شيئا على جهة الهبة الشرعية المستوفية لشرائطها من الإيجاب والقبول والإقباض أو الإذن في القبض، وقبض كل من الأولاد الموهوب لهم ذلك، وكان ذلك في حال صحة الواهب جاز ذلك، وملك كل منهم ما بيده لا يشاركه فيه أحد من إخوته. ومن مات منهم أعطي ما كان بيده من أرض ومغل لورثته ... ، وإن كان ذلك بطريق أنه قسم بينهم من غير تمليك شرعي، فتلك القسمة باطلة، فإذا مات كان جميع ما يملكه إرثا لأولاده للذكر مثل حظ الأنثيين. اهـ.
وفيما يخص هذا الخلاف الذي صار بينك وبين أختك في شأن بيع العقار أو البناء فوقه، فالذي ننصحكما به هو أن تصطلحا في موضوعه، ولا تلجآ إلى الخصام. وكان ينبغى لك أنت أن تقبل لها البناء فوق منزلك، لأنك ذكرت في السؤال أنك شيدت المنزل فوق تلك الأرض وتركت لها الطابق الثاني كي تبني عليه مسكنا، فكان ينبغي أن تفي لها بهذا، ولا تدع مجالا للخصام والشحناء.
وإن كنت لا تقبل لها ما أرادت, وهي لا تقبل ما تريده أنت من بيع العقار كله، فاعلم أن لها الحق في الاشتراك معك في المبنى إن أرادت ذلك، بدفع نصف قيمته قائما أو منقوضا على خلاف في ذلك بين أهل العلم، ولها الحق أيضا في أن ترجع عليك بنصف كراء الأرض طيلة المدة التي كنت تستغلها خلالها، إلا أن تكون سكتت عن ذلك راضية بتركه لك. ففي منح الجليل عند قول خليل وهما من كتب المالكية: وإذا غرس أحد الشريكين أو بنى فللآخر الدخول معه ويعطيه قيمة ذلك قائما، قال: ... إما أن يكون الغرس أو البناء أو الحفر مع غيبة الشريك الثاني أو مع حضوره وسكوته عالما أو مع إذنه, فإن كان غائبا غير عالم فيتخرج فيه قولان, أن يكون له قدر حظ شريكه من قيمة عمله قائما لأن الشركة في الأرض شبهة إلا أن يزيد على قدر حظه من النفقة التي أنفقها فلا يزاد عليه, والثاني أن الشركة ليست شبهة فليس له سوى قيمة حظه منقوضا, وهذا قول ابن القاسم , وإن كان الغرس ونحوه مع حضوره وسكوته. فإن قلنا السكوت إذن فاختلف هل له كراء حصته فيما مضى قبل قيامه أم لا على قولين, وعلى الأول لا بد من يمينه أنه ما سكت راضيا بترك حقه, وإن قلنا ليس السكوت إذنا فله كراء الماضي قولا واحدا, وإن كان الغرس ونحوه بإذن الشريك فحكمه حكم ما تقدم في السكوت على أنه إذن.
وقد علمت من هذه النصوص أن الأفضل لك أن تسمح لأختك بالبناء فوق بيتك، قطعا للنزاع وتحصيلا للمودة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1427(12/5031)
الهبة في مرض الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[اشترى أبي قطعة أرض وسجلها باسم أمي وبنى عليها منزلاً وكل هذا باسم أمي، ولكن الممول الحقيقي هو أبي وكان عليه مبلغا من المال يجب دفعه للمقاول، ولكن أبي لم يكن معه سيولة في ذلك الوقت فطلب من المقاول أن يصبر عليه عدة أشهر لكي يوفر له المبلغ ووافق الرجل نظراً لثقته الكبيرة بأبي وبدون أي إيصالات وفعلا توفر مع أبي مبلغ يفوق المبلغ الذي عليه للرجل فقرر أبي أن يدفع له جزءا مما عليه ويقسط له الباقي حتى يتمكن أبي من استكمال باقي المنزل، ولكن مرض أبي مرضا شديداً ولم يعط للرجل ماله ولم يكمل بناء البيت، ولكنه كان ينوي فعل هذا وذاك ثم توفي أبي رحمه الله بهذا المرض، والسؤال الآن: هل هذا المبلغ الآن دين على أبي أم على أمي حيث إن المنزل باسمها وكذلك استكمال باقي التشطيبات عليه أم عليها؟
وسؤال آخر: ماذا يعني أن المريض بمرض الموت لا يعتد بهبته لأي شخص هل يعني ذلك أيام الاحتضار أم بمجرد حدوث المرض الذي من المفترض علميا أنه يسبب الوفاة كمرض السرطان مع تفاوت مدة المرض ثم حدوث الوفاة من شخص إلى آخر، وهل يختلف الحكم إذا كان المريض الذى يهب الشيء لا يعرف ما هو المرض الذي أصابه، ولكنه يرى فقط أن حالته تتدهور يوما بعد يوم، ولكنه قبل الوفاة بشهر كان قد اشترى لأختي غير المتزوجة سيارة حيث إن سيارتها قد تعرضت لحادث ودمرت تماما، فهل هذه الهبة صحيحة هو كان مريضا بالمرض الذي سبب الوفاة، ولكنه لم يكن يعلم بنوع المرض كما ذكرت، كما أن الوفاة تمت بعد شهر من شراء السيارة وكان واعيا ذهنيا عندما اشتراها؟ أعتذر عن الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتسجيل قطعة الأرض باسم الزوجة بدون غرض التمليك لا تعتبر به هذه القطعة هبة لها، فإن العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني.
وما ذكرته من الدين هو على أبيكم، والواجب عليكم أن تبادروا بقضائه ما دامت له أملاك تستطيعون سداد الدين منها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزال نفس ابن آدم معلقة بدينه حتى يقضى عنه. رواه الإمام أحمد وغيره وصححه الأرنؤوط.
وأما استكمال باقي التشطيبات في البيت فهو تابع للورثة، فإن شاءوا فعلوه من متروك الأب، وإن شاءوا دفع كل منهم ما ينوبه منه، وإن شاءوا تركوه أصلاً.
وأما مرض الموت فهو المرض الذي هو مظنة الموت، قال الخرشي في شرح مختصر خليل في شرحه لقول خليل: وعلى مريض حكم الطب بكثرة الموت به. قال: والمعنى أنه يجب الحجر على مريض نزل به مرض حكم أهل الطب أنه يكثر الموت من مثله. انتهى.
فإذا حصل للإنسان مرض يكثر الموت بسببه، سواء علم هو بذلك أو لم يعلم، فإن هبته تكون بمثابة الوصية، والوصية للوارث لا تصح إلا أن يجيزها الورثة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وحسنه السيوطي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه.
وعليه؛ فالسيارة التي اشتراها أبوك لأختك في الظروف التي ذكرت، ليس لها أن تستقل بها إلا أن يجيزها لها الورثة، وبشرط أن يكونوا بالغين رشداء، فإن كان فيهم من ليس بالغاً رشيداً فإن الإجازة في نصيبه لاغية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1427(12/5032)
أب يرغب بتسجبل جزء من أملاكه باسم بنتيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أب لديه أملاك ولديه بنتان ويود أن يسجل جزءا من أملاكه وهي قطعة أرض باسمهما مناصفة وهو الآن بصدد إقامة بناء على هذه الأرض فيرجى إفادتنا بالحكم الشرعي لذلك؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان تسجيل قطعة الأرض أو غيرها من أملاك الأب باسم بنتيه يقصد به أنها وصية لهما بعد موت أبيهما فإن هذه الوصية لا تصح وهي مردودة ولا تنفذ؛ إلا إذا أجازها بقية الورثة وكانوا رشداء بالغين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وغيره. وفي رواية: إلا أن يشاء الورثة.
أما إذا كان القصد بالتسجيل تمليكها لهما بالفعل بحيث يرفع الأب يده عنها ويمكن ابنتيه من التصرف فيها تصرف المالك في ملكه إن كانتا أهلا لذلك، أو يحوزها لهما إن كانتا قاصرتين وذلك بالإعلان والإقرار ولو بقيت تحت يده؛ كما قال ابن جزي المالكي في القوانين: ويحوز الوالد لولده الصغير ما وهبه له هو ما عدا الدنانير والدراهم، فلم يكف فيها الإقرار، ولا بد من إخراجها عن يده. اهـ، فإذا تمت الهبة بشروطها المعتبرة شرعا في حال أهلية الأب للتصرف وتسويته بين أبنائه في العطية إن كان له أبناء غيرهما فإنها ماضية. وبذلك تعتبر القطعة ملكا للبنتين، ولا يجوز للأب التصرف فيها إلا بما فيه مصلحة لهما إن كانت تحت يده, ولا يجوز البناء عليها لنفسه أو لغيره؛ لأنها خرجت عن ملكه.
أما إذا كان البناء عليها لصالح بناته فلا مانع منه شرعا إذا كانت تحت يده أو بإذنهما إذا كانتا أهلا للتصرف. وللمزيد نرجو أن تطلعي على الفتويين: 74163 / 9084.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1427(12/5033)
إثابة الواهب بمثل قيمة الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[قام خالي ببيع ميراث له من زوجته التي هي عمتي وكانت قد ورثت هذا الميراث من أبي حيث إني ابنته الوحيدة وكان هذا البيع صوريا وبموجب عقد بيع مع العلم بأن له أولادا وبنات وليس لديه ميراث آخر. وقد سألت أحد الفقهاء فقال إن ذلك يجوز ويعتبر هبة فهل هذا صحيح. وإذا قلنا هذا البيع حرام فهل يصلح أن أعطي لخالي وهو مازال على قيد الحياه قيمة هذا البيع حتى يصبح بيعا حقيقيا، وهل تتحدد قيمة الميراث عند البيع أي منذ 15 عاما أم يقدر ثمنه الحالي ويدفع له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال غير واضح ولعل السائلة الكريمة تقصد أن خالها (زوج عمتها) تنازل لها عن نصيبه من تركة زوجته التي ورثتها من أخيها (أبي السائلة) حين كانت بنته الوحيدة فورثته مع أخته (عمتها) فتنازل لها خالها عن نصيبه ببيع صوري، فإذا كان الأمر كذلك فإن هذا التنازل صحيح إذا كان خالك أهلا للتصرف وقت تنازله وتمت حيازته من قبلك ولو كان ذلك ببيع صوري لأنه ملك هذا الجزء من تركة زوجته بمجرد موتها ويحق له التصرف فيه بالبيع والهبة والصدقة، ولذلك فنصيب زوجة عمتك من تركتها أصبح ملكا لك بعد تنازله وتمام حوزك له ولا يؤثر في ذلك كونه له أولاد أو بنات ما دام طيب النفس بتلك الهبة، ولا مانع من تعويضه من باب الاحسان والمكارمة والمكافأة، والأولى أن يكون أكثر أو مساويا لنصيبه الذي وهب لك، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها كما في الصحيح، وقال صلى الله عليه وسلم: ومن منح إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه. رواه أحمد وغيره وصححه الألباني.
ثم إننا ننبه السائلة الكريمة إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1427(12/5034)
حكم هبة الزوج لزوجته منفعة مشروع ما دامت حية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يوصي الفرد بحق المنفعة لزوجته مثلاً حتى مماتها، بمعنى أن يكون العائد من مشروع تجاري يملكه في حياته عائداً خاصاً بها وحدها طوال حياتها هي حتى مماتها دون باقي الورثة سواء أبناء أو إخوة.
جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزوج إذا وهب منفعة مشروع أو عائده لزوجته أو لغيرها مدة الحياة فلا مانع من ذلك شرعا، وتختص هذه الهبة بمن خصصت له من قبل المالك دون غيره من الأقارب، وهذا نوع من أنواع الهبة يسمى عند أهل العلم بالعمرى، قال ابن جزي المالكي في القوانين الفقهية: أما العمرى فجائزة، وهي أن يقول الرجل لغيره: أعمرتك داري أو ضيعتي أو أسكنتك أو وهبت لك سكناها أو استغلالها. فهو قد وهب له منفعتها فينتفع بها مدة حياته، فإذا مات رجعت إلى ربها.
ولذلك فهذا النوع من الهبة جائز للزوجة ولغيرها، فإذا ماتت عادت تلك المنفعة إلى مالكها الأصلي إن كان حيا، أو إلى ورثته جميعا بما فيهم الزوجة إن كان ميتا. أما إذا كان قصدك أنه أوصى بذلك ولا يتم تنفيذه إلا بعد وفاته فهذا له حكم الوصية، والوصية لا تصح لوارث ولا بأكثر من الثلث إلا إذا أجازها الورثة وكانوا رشداء بالغين، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتاوى: 52512 / 66390 / 52214.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الإكتفاء فيه ولا الإعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1427(12/5035)
هل للزوجة حق فيما وهبه زوجها لأولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الشرع يلزم أن يكون للزوجة غير الأم للأولاد نصيب فيما وهبه الوالد لهم قبل زواجها منه، اشتريت قطعة أرض فضاء وهبتها لأولادي عام 1970 وبنيت لهم عليها بيتا يدر عليهم إيرادا، ثم سمحت لهم ببناء أدوار فوق بيت آخر آل إلي بالميراث عن والداي رحمهما الله، وذلك بعقد شركة توصية بسيطة مسجل عام 1980، ثم سجلت لهم نصيبا في العقار الأخير عام 1998، مقابل المباني التي أنشأوها فيه، واشتريت لهم فيه حصة زائدة بأموال تحصلت من بيع أجزاء من العقار الأول المسجل عام 1970، وقد تم الطلاق بيني وبين والدتهم عام 1990، وتزوجت من سيدة أخرى عام 1991، فهل الزوجة الأخيرة تستحق شيئا بالميراث عني حين وفاتي مما آل إلى أبنائي من هذه الهبات؟ أشكركم وجزاكم الله خيراً لإجلاء هذا الأمر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الهبة المذكورة تمت بشروطها بحيث كانت في حال صحة الوالد وأهليته للتصرف، وكانت ناجزة بحيث يرفع عنها يده ويمكن الأبناء منها حتى يستطيعوا أن يتصرفوا فيها تصرف المالك في ملكه، وتتم حيازتها من طرفهم ولم يكن فيها حرمان أو تفضيل لبعض الأبناء على بعض، فإنها تعتبر هبة تامة ولا يحق لزوجته ولا لغيرها من الورثة شيء من هذه الهبة سواء كانت الهبة قبل الزواج أو بعده، وإذا توفي هذا الأب فإن تركته تكون فيما سوى هذه الهبة من الممتلكات، وللمزيد من الفائدة والتفصيل والأدلة نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 57824، 33801، 48686، 52160.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1427(12/5036)
هل يجب العدل بين الأولاد في مصاريف التعليم
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي سافرت للبعثة إلى الخارج مع زوجها على نفقة الدولة ولم تعد وطالبت الدولة والدي بسداد المبلغ لأنه الضامن وهو مبلغ باهظ وبالفعل والدي يقوم الآن بالسداد السؤال1- ما حكم هذه الأخت؟
2-هل لي أنا وأخي حق في هذا المبلغ الباهظ أي يعطي أبي لي ولأخي مثله؟ أفيدوني أفادكم الله
3-هل يجوز حفظ القرءان للتسميع في حلقة الحفظ في وجود الدورة الشهرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الدولة قد منحت أختك منحة دراسية في الخارج، واشترطت عليها أن تعود بعد نهاية دراستها للخدمة الوطنية بمقتضى الشهادة التي ستعود بها، فإن من واجبها أن تفي بهذا الشرط، ولا يجوز أن تخل به. قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة:1} .
وقال صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم. رواه الحاكم وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه وهو صحيح.
وفيما يتعلق بسؤالك الثاني، فإن التمييز بين الأولاد في العطية لا يجوز إلا لمبرر شرعي، وكنا قد بينا ذلك من قبل فلك أن تراجعي فيه فتوانا رقم: 6242.
وبما أن الأب هو الضامن لهذه المصاريف، وأن المتبادر من السؤال أنها مدفوعة عن مصاريف نفقات الدراسة، فإن هذه مبررات تكفي لجعل أبيك غير ملزم شرعا بصرف مبالغ مثلها عليك وعلى أخيك, بل يكفي في العدل في هذا الباب أن يوفر لكل منكما ظروفا ملائمة لما يحتاجه من دراسة حسب العرف, وعلى قدر استطاعته.
وفيما يتعلق بسؤالك الأخير، فلك أن تراجعي فيه فتوانا رقم: 12845.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1427(12/5037)
ثواب الهدية مرهون بالنية
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للعقيقة هل إذا كانت هناك قطيعة بيني وبين أخوات زوجي وقطيعة بين زوجي وأهلي، هل إذا بعثنا بلحم العقيقة إليهم، هل لنا الأجر حتى وإن كان ذلك رغما عنا أي وقلوبنا كارهة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم العقيقة وكيفية توزيعها وذلك في الفتويين التاليتين: 9172 / 49306، وأما حكم الهدية منها إلى الأصهار والأقارب ولو كانت بين المرء وبينهم قطيعة أو حقد فلا حرج فيها، بل ينبغي فعلها، لأن الهدية تبعث المحبة، وإن كانوا فقراء فينبغي التصدق عليهم، والصدقة على القريب صلة وصدقة ولكن الثواب والأجر في ذلك مرهون بالنية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. متفق عليه. فمن تصدق أو أهدى يبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة فأجره عند ربه، ومن فعله مكرها أو دفعا لشر شخض ما ونحوه فله ما أعطى لأجله، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله وسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه. متفق عليه، فأجر المرء على قدر نيته.
ولكن ننبهكم إلى أن هجر المسلم فوق ثلاث محرم شرعا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام. متفق عليه. فينبغي أن تصلحوا ما بينكم وتدفعوا بالتي هي أحسن كما قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت: 34} وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3293 / 12167 / 31904.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1427(12/5038)
الهبة إذا حيزت للموهوب له ثم مات الواهب
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطى أبى لأمي مبلغا من المال وطلب منها أن تحتفظ به حتى يحين موعد دفع مصاريف الكلية التي التحقت بها أختي وهي كليه خاصة، والمبلغ10000 جنيه، وكان باق على ميعاد الدفع ثلاثة أشهر، ولكن شاءت إرادة الله أن توفي أبى رحمه الله قبل ميعاد الدفع بأسبوعين، والسؤال هنا هل هذا المبلغ هو من حق أختي أم هو ملك لجميع الورثة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن هبة الأب لبعض أبنائه دون البعض لا تجوز إلا أن يكون لها ما يبررها، وقد بينا ذلك من قبل، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 6242.
والهبة يملكها الموهوب له ويختص بها دون سائر الورثة إذا حازها أو حيزت له قبل موت الواهب أو فلسه.
ففي مختصر خليل في موضوع الجهاز الذي يشتريه الأب لابنته قال: واختصت به إن أورد ببيتها, أو أشهد لها, أو اشتراه الأب لها ووضعه عند كأمها.
وبناء على ما ذكر، فإن أختك تختص بالمبلغ الموهوب ليدفع عنها في مصاريف الكلية، طالما أنه قد حيز لها قبل حصول المانع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1427(12/5039)
حكم أخذ مكافأة على خدمة الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[ياسيدي أنا أعيش مع أمي وأختي في السويد، أنا وأختي نخدم أمنا نغسل ملابسها ونطبخ ونعمل كل شيء لها وهنا في السويد الحكومة السويدية تعطيني أنا راتبا شهريا باعتبار أني أخدمها إذا أنا لا أخدمها الحكومة مجبرة على أن تؤجر شخصا لأمي لكي يخدمها، والحكومة طبعا تستفيد أني أنا أخدم أمي لأنها تدفع أقل راتب لي وأنا وأختي لا نخدم أمنا لأننا نأخذ راتبا بل هذا واجب علينا كما أمرنا الله ونحب أمنا جدا، ولكن سؤالي: هل هذا الراتب حق لي وأختي أم أعطيه لأمي، علما أن أمي لها راتبها الخاص تأخذه من الحكومة كل شهر، وعلما أني أعمل ولي راتبي وأختي لها راتبها أيضا، وأنا أعطي هذا الراتب الذي نأخذه من الحكومة لكي نخدم أمي كل شهر لها وهي تصرف جزءا منه لمصروف البيت، سؤالي من حقي أنا وأختي أن نأخذ هذا الراتب أم نعطيه لأمي؟ أمي تقول إن هذا الراتب لها ويعطوه لها حسب فهمها لأنها لا تعلم القوانين هنا ولكن لكي يطمئن قلبي هل هذا المال حلال لها أم من حقنا أنا وأختي، وأنا والله لا يهمني هذا الراتب، أنا أريد إرضاء أمي ولكن كل شهر أعطيها هذا الراتب وتعيرنا بأنها هي تصرف على البيت، وأنا مع هذا الراتب والله أعطيها مصروفي للبيت وكلامها يجرحني وهي تقول لي لا تشتري هذا وذاك صرفت كل الفلوس، صدقوني أنا متأكدة أن هذا الراتب يكفي لشهرين وليس لشهر واحد علما أن لي إخوة وأخوات لا يخدمون أمي، كل واحد منهم ببيته، وأرجو منكم أن لا تحيلوني لفتاوى سابقة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن أخذ الأجرة عن أمر مستحَق على الشخص لا يجوز. ولا شك في أن خدمة الوالدين مما يجب على الأبناء، وبالتالي فلا يجوز أخذ الأجرة عنها. فقد جاء في الموسوعة الفقهية: أما خدمة الولد لوالده فجائز بلا خلاف, بل إن ذلك من البر المأمور به شرعا, ويكون واجبا على الولد خدمة أو إخدام والده عند الحاجة, ولهذا فلا يجوز له أن يأخذ أجرة عليها, لأنها مستحقة عليه ومن قضى حقا مستحقا عليه لغيره لا يجوز له أخذ الأجرة عليه.
ولكننا لا نرى أن ما ذكرته في السؤال يدخل في باب الأجرة، وإنما هو مكافأة تهبها الجهة المانحة إلى من يقوم بالخدمة المذكورة، وبالتالي فإنها تكون لمن عينتها له الجهة التي وهبتها.
وعليه، فهذه المكافأة حق لك ولأختك إذا كانت الحكومة قد عينتها لكما. ولكن ينبغي أن تعلمي أن للوالدين الحق في الأخذ من مال الولد بالمعروف، لحديث: أنت ومالك لأبيك. رواه أبو داود، والحديث وإن ورد في الأب إلا أن الأم تدخل في الحكم لأنها أحد الأبوين ولأنها أعظم حقا من الأب، فإذا احتاجت الأم إلى الأخذ من مالك أو مال أختك فلها ذلك، وإذا لم تحتج فليس لها الأخذ منه، إلا أن إرضاءها والوقوف عند جميع رغباتها أفضل للولد وأكثر له ثوابا عند الله.
فنسأل الله أن يعينكما على البر بأمكما والنزول عند جميع رغباتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1427(12/5040)
الهدية التي لا يراد منها غرض صحيح
[السُّؤَالُ]
ـ[في البداية جزاكم الله خيراً على هذا الموقع النافع للأمة الإسلامية، وسؤالي هو وباختصار شديد، أني على علاقة عاطفية بإحدى زميلاتي في العمل ونتبادل الهدايا، وفي بعض الأحيان تمنحني مبلغا من المال كعطاء غير مردود، فهل هذا المال حرام أم حلال وما هو الموقف من الهدايا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن أية علاقة عاطفية بين رجل وامرأة خارج الزواج فهي محرمة، لما تشتمل عليه من الاستمتاع المحرم بالأجنبية والخلوة معها، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 32829.
وفيما يتعلق بموضوع الهدية، فقد بينا من قبل أنها إن كان المراد منها غرضا غير صحيح كما هو الحال هنا، فإنها لا تحل للمهدي له، وعليه أن يتخلص منها بالتصدق بها أو نحو ذلك، ولا يجوز له أن ينتفع بها، فننصحك -إذاً- بالتوبة من العلاقة التي ذكرت، وبالتخلص من جميع الهدايا التي وصلتك من هذه الجهة.
واعلم أن فتنة النساء من أعظم الفتن، وأكثرها خطراً وضرراً، كما في الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء.
وروى مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1427(12/5041)
عودة الواهب في هبته
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سافرت من بلدي الأصلي إلى بلد آخر عربي، حيث أختي تقيم مع زوجها فمكثت معهم لمدة شهر تقريباً فقد كنت أجلس مع أولادها يوم تذهب هي وزوجها إلى الشغل وأقوم ببعض ترتيبات المنزل ثم بعد 15 يوماً من السكن معهم تحصلت على شغل، وقد قلت لأختي لو أستمر معكم في العيش سأدفع لكم مبلغاً معيناً مصاريف الأكل والسكن فرفضت ورفض زوجها أيضاً أن أشاركهما في ذلك، فبعد 15 يوماً آخرى تحصلت على سكن فاخترت الذهاب للسكن في غرفة وحدي مع عائلة محترمة جدا والحمد لله حيث أكون مرتاحة أكثر، وواصلت الشغل والحياة بإذن المولى تعالى، وبعد سنة من كل هذه القصة وها نحن اليوم جاء زوج أختي يطالبني بمصاريف الأكل والشرب التي تقاسمتها معهم في ذلك الوقت، حيث حدد المبلغ ويقول إنه تراجع في كلامه ويريد الآن مبلغه، فجزاكم الله خيراً أفيدوني أفادكم الله، هل لديه حق في المبلغ الذي طالب به أم لا، علماً بأنني لم ولا أريد أن أطالبه -بعد ما طالبني- بما قمت به اتجاه عائلته من أشياء لا تحصى أتركها لله، فهل لديه حق علي أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أنك إن كنت قد سافرت دون محرم يرافقك، فإنك بذلك قد ارتكبت أمراً محرماً في الشرع، ولك أن تراجعي في هذا الفتوى رقم: 3096.
كما أن سكنك مع من ذكرت وتوظيفك إذا كان يمكن أن يؤدي إلى فتنة أو اختلاط بالرجال الأجانب أو خلوة فإنه لا يجوز، فعليك أن تتوبي إلى الله من كل ذلك، وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن كان زوج أختك قد رفض أن تشاركيه في مصاريف البيت كما بينت في سؤالك، فإن ذلك يعتبر منه هبة لما ينوبك من تلك المصاريف.
والهبة تلزم بالحيازة وتمضي إن كان الواهب مؤهلاً للتصرف غير محجور عليه، ولا يحق له الرجوع فيها بعد ذلك، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه. رواه البخاري، وعليه فليس له الحق في المبلغ الذي طالبك به، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 67218.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1427(12/5042)
قبول الموظف الهدية من شركة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[انا موظف فى شركه (ا) واشتريت فى احد المرات ادوات من شركه اخرى (ب) علما بان هذه الادوات لن يتم شراؤها مستقبلا مرة أخرى فى القسم الذى أعمل به وغير وارد أن أتعامل مع هذه الشركه (ب) مرة أخرى
وسؤالى هو انه اعجبتنى احدى الادوات التى تبيعها هذة الشركة فقررت ان اشتريها ان كان ثمنها مناسبا واتصلت فعلا بوكيل الشركة (ب) لاسال عن ثمنها لاشتريها لاستخدامى الشخصى
ولكن الوكيل رفض ان يعطنى السعر وقال ان ثمنها بسيط وانه سوف يعطيها لى ضمن الهدايا التى توزعها شركته (ب) على عملائها علما بان هذه الهديا تاتى من الشركة الام فى اوروبا ولاتتحمل الشركة (ب) اى مصاريف اونفقات وان الشركة (ب) لها الحق ان تطلب هذه الهدايا من الشركة الام دون ان تحدد اسم العميل وان لها الحق فى توزيعها على من تشاء
وسؤالى هو هل جائز شرعا ان اقبل هذه الهدية علما بانه لن يتم التعامل مستقبلا مع هذه الشركةالهدية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 74512.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1427(12/5043)
الحكم ينبني حسب نية المشاركة أم التبرع
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفادتى جزاكم الله خيرا.
نشأت فى أسرة فقيرة تتكون من 3 بنات + 2 صبيان كنا نعيش فى منزل مكون من غرفتين كان والدي يعمل بائعا متجولا وكنا راضين بالحياة والمعيشة يملأ المنزل الحب والتعاون كان نكبر فى السن كأننا نقول لوالدنا تحتاج أي شيء يقول كل واحد يعتمد على نفسه كل واحد يزوج نفسه أنا ليس عندي شيء الحمد الله رزقت بوظيفة فى مجال السياحة وعندما أردت الزواج قال لى أبي انا ليس عندي ما أزوجك به حل المشكلة بنفسك كان عندى مشكلة في أي مكان ممكن أتزوج وتكاليف الزواج أنا في بداية الحياة حتى المشكلة الأخرى ربما أنا تزوجت فهي نفس مشكلة إخوتى الأصغر مني سيواجهون مشكلة السكن فالمنزل مكون من غرفتين لعدد 7 أفراد عموما الحمد الله ربنا أكرمنى بمبلغ من المال مكافأة قررت أن لا أذهب بعيدا وأتزوج لوحدي وأبعد عن الأسرة حتى لا أبعد تستمر مشكلة المنزل فى إخوتى من بعدي ويبقى الوضع كما هو قلت لوالدي نبيع المنزل الصغير وأدفع أنا مبلغ حوالى 26 ألف جنية لشراء منزل كبير لي ولإخوتى لكل واحد يكون له شقة يتزوج فيها وفى نفس الوقت يكون المنزل مشاركة بيني وبين أبي حتى لا نتفرق وأنا أتزوج فى مكان وإخوتي في مكان آخر ونلم شمل الأسرة حتى من حقي أن يكتب لي والدي حقي في المنزل الكبير الذى قمت بالمساعدة في نصف ثمنه أرجو الاجابة على سوالي جراكم الله خيرا مع العلم أنا قد قمت بتحمل تكاليف زواجي بالكامل بدون مساعدة أحد معي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولا أن ننبهك إلى أن الأب ليس ملزما بتزويج أبنائه؛ كما هو مذهب جمهور أهل العلم. وقد بينا ذلك من قبل فلك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 27231.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك.. فإنك إذا لم تكن متبرعا بما دفعته من ثمن المنزل الجديد, وأعلنت ذلك لوالدك, فمن حقك أن يكتب لك القدر الذي دفعته من المال, وتكون شريكا في المنزل بتلك النسبة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه. أخرجه الترمذي, وقال: حسن صحيح. وأما إذا لم تبين لأبيك أنك تدفع المبلغ المذكور على سبيل المشاركة في البيت فيكون فعلك ذلك محمولا على التبرع لقوة شبهة الأب في مال ابنه، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. رواه ابن ماجه وأحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1427(12/5044)
حكم انتفاع من أهدي له شيء اشتري بقرض ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[لي زميل لم يحصل على عمل، فأهدته أمه منزلاً ليقوم بتسويغه لليبيين وينتفع بالثمن وحتى يكون الربح أكبر، قامت الأم باقتراض قرض ربوي واشترت الأثاث وهو يتوجه إلى فضيلتكم بالأسئلة التالية: هل يمكن له الانتفاع بهذا الأثاث على شكل هبة وهو يعلم مصدره، إذا كان الجواب بالنفي هل يمكن له شراء الأثاث بالتقسيط على أن يبدأ الانتفاع به فوراً ويدفع لها بعد حصوله على أول كراء، إذا كان الجواب أيضاً بالنفي، فهل يمكن له دفع مبلغ رمزي للأم فوراً مقابل الحصول على هذا الأثاث والانتفاع به؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أقدمت عليه تلك الأم من الاقتراض بالربا منكر عظيم وإثم كبير، فقد توعد الله أهل الربا بالحرب، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:278-279} ، وقال صلى الله عليه وسلم: درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلاثين زنية. رواه أحمد.
وروى مسلم من حديث جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء. يعني في الإثم. والأحاديث في بيان الوعيد على التعامل بالربا وعقوبة آكله كثيرة جداً.
ومع ما ذكر، فإن الإثم في الاقتراض بالربا يتعلق بذمة المقترض لا بعين المال، وإذا تقرر ذلك فإنه لا حرج على الابن المذكور في أن ينتفع بهذا الأثاث على شكل هبة أو على أي أساس آخر ولو كان يعلم أن مصدره هو القرض المذكور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1427(12/5045)
العدل بين الأحفاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تجيبوا على سؤالي وأنا لكم من الشاكرين، هل هذا الكلام صحيح أم لا:
هل صحيح أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم طلب منه حفيده الحسن لبنا حتى يشرب فأعطاه
وطلب منه حفيده الحسين لبنا فرفض.
فقالت له ابنته فاطمة هل تحب الحسن أكثر من الحسين. فأجاب من يطلب أولا يأخذ
شكري واحترامي لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نعثر على هذه القصة، والثابت في هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يرد سائلا كما في حديث البخاري، وثبت كذلك عنه الحض على العدل بين الأولاد والتسوية بينهم في العطية، وقد كان أتقى الناس لله وأسرعهم عملا بما يأمر به، ففي الحديث: سووا بين أولادكم في العطية، أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي وحسنه ابن حجر، وفي الصحيحين عن النعمان بن بشير أن أباه خصه بعطية دون إخوانه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1427(12/5046)
ضيافة العمال والهديا التي تقدم إليهم من الشركات الأخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتوني أفادكم الله في الأمور التالية والتي تتعلق بالهدايا:
1. أنا موظف فى شركة (أ) تشترى قطع غيار من شركة أخرى (ب) وفي المناسبات المختلفة توزع الشركة (ب) الهدايا على العاملين بالشركات التي تتعامل معها، وأنا أكون ممن توزع عليهم الهدايا فما حكم الشرع في الحالات الآتية:
• إذا كانت الهدايا أدوات كتابية بسيطة أو كانت ذات قيمة باهظة وإذا استخدمت الهدايا في العمل فقط أو في استخدام شخصي خارج العمل وإذا كانت بعلم صاحب العمل.
• إذا كنت أنا تابعا لقسم لا يشتري قطع غيار من هذه الشركة ومن يوزع الهدايا يعلم ذلك
• إذا سبق لي الشراء من هذه الشركة قبل قبول الهدية ولن يتكرر التعامل مع هذه الشركة
• إذا توجهت لهذه الشركة في عمل وقاموا بضيافتى بتقديم وجبة غداء علما بأننا نقوم بضيافتهم بشركتنا بإقامة كاملة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الهدايا التي تدفع لعمال الشركات سواء كانت أدوات تبيعها الشركات التي تتعامل مع الشركة التي يعمل فيها العامل أو كانت هدايا توزعها على العاملين بالشركات التي تتعامل معها أو كانت أدوات كتابية بسيطة أو كانت ذات قيمة باهظة أو كنت أنت تابعا لقسم لا يشتري قطع غيار من تلك الشركة والذي يوزع الهدايا يعلم ذلك أو كان قد سبق لك الشراء من هذه الشركة قبل قبول الهدية ولن يتكرر التعامل معها فإن جميع ما يدفع من ذلك إنما يدفع لمن يدفع له لأنه موظف في تلك الشركة ولوجلس في بيته لما دفع له أحد شيئا، وعلى هذا فهذه الهدايا ليست من حق من تدفع له من العمال وإنما هي حق للشركة التي يعملون فيها ولا يحل لهم أخذها إلا بإذن من الشركة، وأما موضوع الضيافة فإن كان متعارفا بين الشركتين أن كلا منهما تقدم الضيافة لمن يأتيها من عمال الأخرى أو كانت تقدم إلى العامل باعتباره ضيفا لا باعتباره عاملا في تلك الشركة فلا نرى بأسا فيها، وإن كانت تقدم إليه لأنه من هذه الشركة أو تلك بغية استمالته فهي حينئذ لا تختلف عن هدايا العمال التي تقدم الكلام عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1427(12/5047)
حكم تخصيص الابن القاصر بالعطية
[السُّؤَالُ]
ـ[لى مزرعتان تقدران ب 42 هكتارا وأنا متزوج بامرأتين الأولى متوفاة وتركت بنتين وولدا والثانية ثلاثة أولاد وبنتين، الأولاد أحدهم قاصر، هذه المزرعة عليها ديون للدولة تقدر بثمانين ألف دينار وليس عندي استطاعة تسديد الديون وفكرت أن أبيعها إلى الأولاد الأربعة كل منهم له سهم وأنا لي معهم سهم، هذا السهم يكون من بعدي للصغير القاصر -- هل يجوز شرعا أن أفعل ذلك والذي أريد أن أبيعه هو الإنشاءات التي عليها دين مثل مزرعة الدجاج وحديقة الأبقار وبئر وجابية , ومساحة هذه الإنشاءات 1500 متر
هذا ما أريد أن أفعله هل له دليل من الشرع
سؤال آخر كيف لي أن لا أحرم بناتي الأربعة من الإنشاءات علما بأن ثلاثا منهن متزوجات والأخرى مخطوبة
أفتوني مأجورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الواجب على الوالد أن يعدل بين أولاده في العطيات والهدايا ونحو ذلك لما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد لما جاءه ليشهده على موهبة وهبها لابنه النعمان. قال له: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال نعم. فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، فقال: فلا تشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور. وفي رواية أنه قال له: أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذا.
لكن أهل العلم قد خصصوا من هذا الأمر أنه إذا كان ثمت مسوغ شرعي للتفضيل بينهم في العطية كأن يكون أحدهم كثير العيال، أو يكون طالب علم فيه كلفة، أو مريضاً يحتاج إلى علاج ولا يقدر على شرائه، أو قاصرا أو نحو ذلك ... فلا مانع حينئذ من التفضيل بينهم.
وبناء على ما ذكر، فلا مانع من تخصيص الابن القاصر بشيء، وكذا الأبناء إذا كانوا متصفين بشيء مما ذكر وإلا فلا.
وتجدر ملاحظة ما يلي:
1. أن ما كان من الهبة موقوفاً على وفاة الوالد، فإنه يعتبر بمثابة الوصية، وليس عطية، والوصية لا تجوز للوارث، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث" رواه ابن ماجه وغيره.
2. أن حرمان البنات من الإرث هو عادة جاهلية ولا يجوز، وقد قال صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء. رواه البيهقي في سننه.
3. أن هذه الإجراءات التي تريد أن تقوم بها إذا كان الحامل لك عليها هو التهرب من قضاء ما عليك من الديون، فإن ذلك لا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1427(12/5048)
مسائل فيمن كتب أملاكه باسم زوجته الجديدة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وكتب أملاكة لزوجته الجديدة والتي تزوجها بعد وفاة والدتي وله منها أولاد وبنات، وأنا، ولي أخوان لم يكتب لنا شيئا، هل نأخذ منها حقنا، وكيف التصرف؟ وما حكم الدين في ما فعله والدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ينبغي أولا النظر في مكتوب هذا الرجل لزوجته، فإن كان ما كتب لها من أملاكه باسمها على طريق الوصية بعد وفاته فإن هذه الوصية لا تصح إلا إذا أجازها بقية ورثته بعد وفاته وكانوا رشداء بالغين لأنها وصية لوارث، والوصية لا تصح لوارث، ولا بما زاد على ثلث التركة؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: الثلث، والثلث كثير. رواه البخاري وغيره، ولقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. وفي رواية الدارقطني: إلا أن يشاء الورثة. رواه أصحاب السنن.
وأما إذا خلت من ذلك بأن كانت كتابته لها على سبيل الهبة الناجزة وخلى بينها وبين أملاكه وتم حوزها من قِبَلها قبل حصول مانع من زوجها كدخوله في مرض موته فإنها تعتبر هبة صحيحة، وليس لك ولا لغيرك من الورثة مطالبتها بشيء منها إلا إذا كان القصد منها الإضرار بالورثة وحرمانهم من حقهم، فإن الضرر يزال كما قال أهل العلم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطأ. فيعامل بنقيض قصده وترد هبته، وكذا إن كانت غير صحيحة بحيث كانت وصية لها بالأملاك بعد الوفاة أو تجاوزت الثلث ولم يجزها الورثة، فإن ما يحق لها من تلك الأملاك هو الثُمُن فقط، وهو نصيب الزوجة من تركة زوجها إذا كان له ولد، وما زاد عن الثمن فعليها رده لبقية الورثة، أبنائه منها ومن زوجته الأولى، ليقسم بينهم على ما جاء في كتاب الله تعالى للذكر مثل حظ الأنثيين، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 52512، 51986، 28886.
ومهما يكن من أمر ففعله غير رشيد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه: قال: قلت: يا رسول الله أوصي بمالي كله؟ قال: لا، قلت: فالشطر؟ قال: لا، قلت: الثلث، قال: فالثلث والثلث كثير، إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس.
وإن كان قصد بفعله حرمانهم من الإرث ففعله محرم وغير نافذ على الصحيح كما بينا.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1427(12/5049)
قبول عطية الأم من المال الذي لا يعلم مصدره
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد وفاة والدي بعدة سنوات فوجئت بأمي تخرج نقودا كثيرة جداً، وتعطيها لإخوتي، ليس لدى أمي مصدر رزق وهذه النقود يبدو أنها أخذتها خفية من والدي، كيف أتعامل معها؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أن ما في يد الإنسان ملك له حتى يثبت خلاف ذلك، وإن من الخطأ البين أن تظن بأمك هذا الظن السيئ، فلم لا يكون والدك أعطاها إياه منحة في حياته أو أنها حصلت على هذا المال بطريق مباح كأن يهبه لها واهب.
وكان بإمكانك أن تسأل والدتك بأدب ولطف عن هذا المال فقد تجد عندها جواباً يزيل عنك هذا الشك، وعلى كل فحكم تعاملك معها في هذا المال هو ما تقدم من أن الأصل أنه مالها، وبالتالي لا حرج عليك في قبوله وأخذه على وجه مباح كالهدية والعطية والنفقة.
أما إذا ظهر أنه ليس مالها وأنها أخذته بوجه محرم فيحرم عليك قبوله إذا علمت أنه هو عين المال المأخوذ بالوجه المحرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1427(12/5050)
التصرف في الهبة التي لم يقبلها الموهوب له
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت سيارة منذ 19 سنة، وبالرغم من أنها باسم زوجي واستعملها كل هذه السنين إلا أنه كان يعلم أنها ملكي، في شهر رمضان الماضي وهبتها له بنية الصدقة حتى أنال الأجر على ذلك، فرفضها وبقي يستعملها كما في الماضي، يحاول شراء سيارة بماله الخاص حالياً، فهل يمكنني بيعها وأخذ مالها ما دام يرفضه بهذه الصفة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من شروط مضي الهبة الحوز التام، وما دام زوجك قد رفض أخذ سيارتك وقبول هبتها فإن الهبة في هذه الحالة لم تتم والسيارة لم تخرج عن ملكك، ولا تأثير لاستعماله لها كما كان يستعملها ما دام لم يقبلها هبة، وعلى ذلك فيمكنك بيعها والانتفاع بثمنها أو التصدق به في وجوه الخير أو استخدامها..
ولا يعد ذلك من الرجوع في الهبة المذموم شرعاً كما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه. فهذا في الهبة التي تمت مستوفية الشروط ومنها الحوز، والهبة هنا لم تتم لفقدها للحوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1427(12/5051)
هبة الأب أمواله المختلطة بأموال زوجته لأولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالى هو أن والدي قد كتب أملاكه لي ولأخواتي لأننا بنات حرصا منه على مستقبلنا علما بأن أمي تعمل منذ أن تزوجا وأنها سافرت إلى إحدى الدول العربية وأموالها مخلوطة مع أمواله فهل في هذا شيء حرام؟ أرجو الرد ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للأب أن يهب ماله لأولاده بشرط أن يعدل بينهم في العطية, ولكي تصبح هذه الهبة ماضية يجب أن يقبضها الأولاد في حياة والدهم ويتصرفوا فيها تصرف المالك، أما إذا لم يقبضوها قبل موته فإنها تنقلب وصية, والوصية للوارث باطلة إلا إذا أمضاها بقية الورثة وراجع للمزيد الفتوى رقم: 71788، هذا وإذا قلنا أن للأب الحق في هبة ما يملك لأولاده فإنه لا يجوز له أن يهب ما لا يملك من أموال زوجته المختلطة بأمواله, كما لا يجوز للأولاد قبول هبته إذا كانت تستلزم أخذ مال أمهم بدون إذن منها, وإذا كانت أموال الوالدين مختلطة شائعة بينهما فهبة الواحد منهما نصيبه من تلك الأموال هبة صحيحة لكن لا تمضي إلا بالقبض وقد عرف العلماء القبض وقالوا أن يلي الموهوب له التصرف في الهبة, ويرفع عنها الواهب يده. ومن العلماء من يرى أن الهبة بجزء ما هو مشترك لا يصح القبض فيها إلا بعد القسمة وهذا رأي الأحناف, جاء في مجمع الضمانات من كتبهم: يشترط لصحة الهبة كون الموهوب مقسوما مقدرا وقت القبض لا وقت الهبة. اهـ وعند غيرهم يعتبر القبض في المشاع بإذن الشريك كما جاء في الإنصاف: يعتبر لقبض المشاع إذن الشريك فيه. اهـ فإن إذن الشريك فقبض الموهوب له الجميع كان نصيبه تحت الموهوب له وديعة أو أمانة بيده, وهذا الأخير هو الذي نرى رجحانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1427(12/5052)
العطية في مرض الموت بمنزلة الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت تزوجت عن سن 16 عاماً برجل أكبر منها بـ 30 سنة، وهو أعمى وله 5 أولاد من زوجته الأولى، أنجبت منه 5 أطفال هي الأخرى، كان يعمل محامياً، فجمع ثروة طائلة، وعندما مرض في أيامه الأخيرة تصدق على زوجته التي هي أختي وأولادها الخمسة بجل ثروته وترك ما يعادل ثمن الثروة إرثاً يتقاسمه الورثة جميعهم أي أولاده العشرة وزوجته، فهل لها الحق هي وأولادها في ذلك، وما حكم الشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الزوج قد فعل ذلك في مرض موته وأيامه الأخيرة كما ذكرت فلا يصح؛ لكون ما وهب في مرض الموت يعتبر وصية، والوصية للوارث باطلة، إلا إذا رضي باقي الورثة بها وأقروها فتكون عطية منهم لا من الميت، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه, فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه, وحسنه السيوطي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه. وحكم الشافعي بوصوله إلى درجة التواتر، وفي رواية عند الدارقطني: إلا أن يشاء الورثة.
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: ... عطيته في مرض موته لبعض ورثته لا تنفذ، لأن العطايا في مرض الموت بمنزلة الوصية في أنها تعتبر من الثلث إذا كان لأجنبي إجماعاً، فكذلك لا تنفذ في حق الورثة، قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن حكم الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب حكم الوصايا، هذا مذهب المديني والشافعي والكوفي. انتهى.
وبناء على هذا نقول: إن كان ما حدث من الهبة والعطية أو الصدقة قد وقع أثناء مرض الأب ـ مرض الموت، أو المرض الذي يخاف منه الموت ـ فعمله هذا يأخذ حكم الوصية، فيكون قد أوصى لبعض الورثة دون بعض، والوصية لوارث لا تنفذ إلا إذا أمضاها وأجازها بقية الورثة، فإن منعها أحدهم استحق نصيبه من الميراث كاملاً، وراجع في وجوب العدل بين الأولاد الفتوى رقم: 6242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1427(12/5053)
هبة المغصوب
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: لجدى بيت قد أخذته منه الدولة لأن له أكثر من بيت وقد أوصى وتنازل لي عن البيت شرط ان أقوم بإجراءات إرجاعه وبعد أن قام بمشورة أبنائه وفعلا وافقوا وبعد ثلاثة عشرة سنة تحصلت عليه وبعدها قام أبي وعمي وعمتي بمنازعتي على البيت وأنهم يطالبون بحقهم من الإرث، هل لهم الحق في ذلك، هل أتنازل لهم عن البيت أم لا ألتفت إليهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسألة السائل من باب هبة المغصوب لأن الدولة في أخذها للبيت بهذه الصفة تعتبر غاصبة، فهل تصح هذه الهبة أم لا؟
وبداية نقول إذا كان الموهوب له (السائل) استرجع وقبض الموهوب (البيت) في حياة الواهب (جده) فأمضى الهبة فإن الهبة صحيحة ماضية، وليس لأب السائل أو أعمامه وعماته منازعته فيها، جاء في المدونة: في الرجل يغتصب عبده ثم يهبه لرجل وهو عند الغاصب، قلت: أرأيت إن غصبني رجل عبدا فوهبته لرجل آخر والعبد مغصوب أتجوز الهبة في قول مالك؟ قال: نعم إن قبضها الموهوب له قبل موت الواهب. أهـ.
أما إن مات الواهب (الجد) قبل قبض الدار فالهبة باطلة لأن الهبة عقد جائز فبطل بموت أحد المتعاقدين، جاء في المغني: وإذا مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة. وقال أبو الخطاب: إذا مات الواهب قام وارثه مقامه في الإذن في القبض والفسخ. أهـ.
وفي هذه الحالة يحق للورثة إمضاء الهبة أو إبطالها، وعلى السائل تسليم الدار إليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1427(12/5054)
المكافأة على الهدية وردها خوفا من المنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب عليّ عند استفادتي من البرامج والخدمات المجانية للحاسب الآلي أن أكافئ أصحاب تلك البرامج والخدمات حيث إنني لا أريد أن يكون لأحد فضل أو مِنة علي، وهناك من يطلبون التبرع -إذا أراد الشخص وبدون إلزام- عند استفادته من تلك البرامج والخدمات, فهل يجب التبرع حتى لا يكون لأحد فضلا أو مِنة على المستفيد من تلك البرامج والخدمات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يسن ولا يجب لمن صنع له معروف أو أهديت إليه هدية أن يكافئ من فعل ذلك له، لعموم حديث: من صنع إليكم معروفاً فكافؤه فإن لم تجدوا ما تكافئون فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه. رواه أحمد.
وفي كشاف القناع: ويُسن لمن أهديت إليه أن يثيب عليها، فإن لم يستطع فليذكرها وليثن على صاحبها، ويقول جزاك الله خيراً. انتهى.
وجاء في مطالب أولي النهى: باب الهبة: ويكافئ المهدي له أو يدعو له ندباً فيها، أي في حال المكافأة وغيرها. انتهى.
فعلم من هذا أنه لا يجب عليك شرعاً مكافأة من ذكرت، وإنما يستحب لك فعل ذلك، هذا وإذا كنت تخاف المنة من أحد فلا تقبل منه الهدية والخدمة ابتداءً، فإن ترتب منة على المهدي إليه من وراء قبول الهدية يسوغ ردها، كما جاء في المرجع السابق: ويجوز ردها (الهدية) لأمور ... لقطع المنة إذا كان على الآخذ فيه منة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1427(12/5055)
الهدية بين شاب وفتاة أجنبيين.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على الاهتمام بموضوعي، ولكن الإجابة لم تكن واضحة، أرجو توضيح الآتي:-
أنا تلقيت هدايا من علاقات سابقة مع بنات للأسف، كانت هذه الهدايا إما هدية عادية في مناسبة مثل الأعياد أو مساعدات مالية لظروف صعبة مررت بها، فقد كانت هذه البنت أوضاعها أحسن من أوضاعي وكنت أمر أنا بظروف صعبة، فجزاكم الله خيرا أفيدوني أنا أستخدم هذه الهدايا او النقود، وقد منحت لي هذه الهدايا أو النقود ليس من باب العلاقة المحرمة بل عن طريق محبتها لي أو عن طريق أني كنت محتاجا للمساعدة المالية لظروف معينة، فأرجو أن تكون الفتوى واضحة وهي هل أستخدم هذه الأشياء أم ماذا، ومن ضمن هذه الهدايا سيارة فقد كنت عاجزا عن شراء سيارة أذهب بها إلى العمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الهدايا التي قلت إنك تلقيتها من علاقات سابقة مع بنات لا يمكن تصور أنها خالية من الأغراض الفاسدة. لأنها إذا كان موجبها هو احتياجك إليها، فإنك لست أحوج المحتاجين، طالما أن لك عملا. ولأنه من المستحيل أن يرتبط شاب بفتاة أو فتيات عن طريق المحبة، ولا يكون التهادي بينهم من باب العلاقة المحرمة.
ثم اعلم أن العلاقة المحرمة ليس معناها الوقوع في الزنا الموجب للحد، بل ثمت أنواع كثيرة من الزنا لا توجب الحد، وهي داخلة في عموم العلاقة المحرمة. فقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه. وهذا لفظ مسلم.
ثم اعلم أن فتنة النساء من أعظم الفتن، وأكثرها خطرا وضررا، كما في الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. وروى مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.
وهذه الفتنة لا ينبغي لأحد أن يأمنها على نفسه، فلربما فتن الصالح العابد بنظرة. لذا ننصحك -أيها الأخ الكريم- بالابتعاد عن كل هذا، وأن تتخلص من جميع هذه الهدايا بالتصدق بها على المحتاجين أو صرفها في وجوه البر ونحو ذلك، وأن لا تحتفظ بها، فإنا لا نرى إلا أنها أهديت لمقاصد غير سليمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(12/5056)
من شروط الهبة حوزها قبل حصول موانعها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رب أسرة تتكون من 2 بنات و2 أولاد من زوجتي الحالية. وبنت من امرأة مطلقة، أريد أن أكتب عقد شراء منزل عما قريب، وأمنيتي هي أن أكتب هذا العقد بالتساوي بيني وبين زوجتي أم الأبناء الأربعة أي باسمي واسم زوجتي. فهل هناك مخالفة لشرع الله في حق بنت المرأة المطلقة؟
أفتوني جزاكم الله خيرا وادعوا لي بالبركة والهداية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للوالد أن يفضل بعض أبنائه على بعض في العطية دون مبرر شرعي على الراجح من أقوال أهل العلم. ومن فعل ذلك فإن هبته ترد، لما في الصحيحين وغيرهما من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبيه بشير: لا تشهدني إذاً، إني لا أشهد على جور. وفي رواية: فأرجعه، فرده بشير. وفي رواية: فاتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم.
وأما كتابة بعض ممتلكاته باسم زوحته أو باسمه واسمها، فلا بأس به، إن لم يكن قصده من ورائه إيثار أولاد الزوجة المكتوب باسمها على غيرهم. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 37062.
والجدير بالملاحظة أن المنزل إذا بقي سكنا له ولأسرته حتى توفي، فإن ذلك يكون مبطلا لهبته. لأن من شرط تمام الهبة أن تحاز قبل حصول موانعها من موت أو فلس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(12/5057)
حكم رجوع الورثة عن إقرارهم
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري 82 عاما ولي من الأبناء 6 وزوجتى من بلوغ شبابي وأنا أعمل وكل أموالي ذاهبة إلى عائلتي وكنت الوحيد مصدر رئيسي لدخل العائلة وصرفت ما صرفت في زواج إخواني وعلاج أختي المتوفاة في حياة الوالد وكانت دائما تقول حصتي في الأرض إليك وكانت والدتي مثلها وبقيت إلى سن 47 إلى أن تزوجت وتوفي الوالد وتوفيت أختي ووالدتي إلى تبقى الميراث منذ زمن وأنا ساكن في البيت الذي ساهمت مساهمة كبيرة في بنائه وفي اجتماع للعائلة أقروا على إعطائي حصة شرعية حسب وصية والدنا (حصة ذكر) وكان الورثة مقرين بذالك وعند التقسيم التركة قالوا انس ما كتبناه ووقعنا ونسوا كل شيء حتى الرابط الأساس وهو أننا إخوة وفجأة باع أخي نصيبه حسب الشرع وليس الوصية التي هم أقروها مشاع ووقعت في مشاكل وتحت تهديد السلاح وأصبحت أعيش كل يوم في رعب على أبنائي وأرسلنا وجهاء البلد لرد القطعه المبيعة قال أخي بالحرف أبيع لليهود ولا أبيع لداود الذي هو أنا طبعا تأثرت كثيرا كانت أختي الصغيرة قد تنازلت عن قطعتها لي مقابل مال قليل لمعرفتها بالماضي ومدى مساهمتي في كل شيء وقررت بيع الأرض وتهجرت خارج بيتي وكلي ألم وحسرة على طمع الإنسان وكل الأرض لله وإلى اليوم وأنا في حيرة يا شيخنا.
أولا: مقاطعة أخي من قبلي على ما فعل بي وبعائلتي من تشرد.
ثانيا: ما وضع نصيبي في التركة التي هم أقروها.
ثالثا: أريد من فضيلتكم النصح لي في بقية عمري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يصلح ذات بينكم ويؤلف بين قلوبكم ويجمع كلمتكم على الحق وينزع ما في قلوبكم من الغل ونزغات الشيطان إنه سميع مجيب.
والذي نوصيك به هو تقوى الله تعالى في السر والعلانية, وإصلاح ما بينك وبين إخوانك بالتي هي أحسن, ولتتذكر أن ما بينك وبين إخوانك إلى زوال بل كل شيء في هذه الدنيا إلى زوال, ولا شك أنت شاهدت ذلك في حياتك نسأل الله تعالى لك الصحة والعافية وطول العمر في طاعته سبحانه وتعالى.
ولتعلم أن ما ساعدت به أبويك وإخوانك من النفقات والعلاج هو في ميزان حسناتك إن احتسبته عند الله تعالى, ولا يحق لك الرجوع فيه إذا كنت فعلته تبرعا وهبة لعائلتك.
وأما حصة أختك وحصة أمك من الأرض فإذا قامت البينة الشرعية على أنهما وهباها لك فإنهما تعتبران ملكا لك إذا استوفيا شروط الهبة، ومن أهمها الحوز في حال حياة الواهب ومضي تصرفه. والحوز في كل شيء بحسبه، وكذلك إذا أقر لك بقية الورثة بالهبة.
وأما ما أوصى به والدك؟ فإن الوصية للوارث لا تصح ولا بأكثر من الثلث إلا إذا أجازها بقية الورثة وكانوا رشداء بالغين.
وعلى ذلك.. فإن كان الورثة قد أقروا لك في اجتماع عائلي أو في غيره بعد وفاة الأب بهذه الوصية أو ما يقابلها فإنها تعتبر ملكا شرعيا لك, ولا يحق لهم الرجوع فيها بعد ذلك.
وللمزيد من التفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتويين: 19594، 59483، وما أحيل عليه فيهما.
ومرة أخرى ننصحك بتقوى الله تعالى فيما بقي من عمرك, فإن الأعمال بخواتيمها وخيرا العمر آخره, ومن أحسن فيما بقي يرجى أن يغفر له ما مضى، وحاول أن تصلح ما بينك وبين إخوانك فقد قال الله تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ {النساء: 128} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(12/5058)
تسجيل الأب بعض أملاكه باسم الذكور دون الإناث
[السُّؤَالُ]
ـ[رب أسرة سجل جزءا من ملكه للأولاد بعقد بيع والجزء الباقي موجود باسمه.
السؤال الأول:
هل يحق للبنات مقاسمة الأولاد بالجزء المسجل بأسماء الأولاد؟
السؤال الثاني:
هل يحق للأولاد أخذ نصيبهم من الجزء الذي تركه رب الأسرة باسمه؟ مع العلم أن رب الأسرة لم يوص بشيء في الجزء المتبقي على اسمه بشيء.
السؤال الثالث:
هل يحق للبنات أخذ الجزء الموجود على اسم رب الأسرة دون الأولاد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان عقد البيع الذي سجلت به بعض أملاك رب الأسرة لأولاده عقدا صحيحا ووقع البيع بالفعل بين الأب وأبنائه على تلك الممتلكات فإن هذا العمل صحيح ولو لم يسجل في السجلات الرسمية، فإذا لم يكن الأولاد قد دفعوا ثمن تلك الأملاك لأبيهم في حياته فإنها تكون دينا عليهم, ويجب عليهم أن يدفعوا الدين للورثة فيضم إلى بقية ممتلكات الأب ويوزع معها على جميع الورثة كل حسب نصيبه من التركة.
أما إذا كان العقد صوريا يقصد به إيثار الأبناء على البنات أو تفضيل بعض الأبناء على بعض فإن هذا منهي عنه شرعا، لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الله واعدلوا في أولادكم، ولقوله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم, فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء. رواه الطبراني في الكبير والبيهقي في السنن، وبناء عليه، فإن على الأولاد إعادة ذلك إلى التركة ليقسم الجميع بين جميع الورثة بحسب نصيبه الذي حدده الله له.
وإذا كانت الكتابة وصية للأولاد بعد وفاة الأب فإنها لا تصح أيضا ولا تنفذ إلا إذا أجازها بقية الورثة وكانوا رشداء بالغين، وذلك لما رواه الترمذي والبيهقي وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. وفي رواية: لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة. ولذلك، فإنه يحق للبنات مقاسمة الأولاد بما سجل بأسمائهم كوصية إلا أن يتنازلن عنه برضاهن وطيب نفس منهن.
وبخصوص أخذ الأولاد نصيبهم مما لم يسجله والدهم بأسمائهم وتركه باسمه هو فإن من حقهم أخذ نصيبهم من كل ما ترك أبوهم إذا كان عقد البيع الذي سجلت به ممتلكاته لهم صحيحا كما سبق، وإذا لم يكن العقد صحيحا وأخذ البنات ما بقي على اسم والدهن مقابل ما أخذه الأولاد بالوصية فلا مانع من ذلك شرعا إذا كان يفي بنصيبهن من التركة أو كان أقل وتنازلن بطيب أنفسهن عن ما زاد على ذلك لإخوتهن، فهذا النوع يسمى في الفقه قسمة التراضي وهي من أنواع القسمة الجائزة ولا يشترط في صحتها تقويم ولا تقدير بل يشترط فيها تراضي المشتركين فقط.
وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتاوى التالية أرقامها: 51988، 52160.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1427(12/5059)
الهدية لرب القراض.. نظرة فقهية
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد أرسلت إلى فضيلتكم بسؤال يتعلق بالصكوك الإسلامية، وقد أجبتم مشكورين عنها في فتوى بعنوان "الصكوك الإسلامية التي تدخل في سحب شهري على جوائز" رقم 72663، تاريخ الفتوى: 20 صفر 1427.
غير أن الدكتور حسين حامد حسن رئيس هيئة الفتوى والرقابة الشرعية في بنك دبي الإسلامي وهو يرأس هيئة الرقابية الشرعية لشركة الصكوك الوطنية محل السؤال، ذهب للقول بأنه يتحدى أن يثبت أحد شبهاً بين هذا المنتج واليانصيب بأي شكل من الأشكال. وقد نشر بيانا صحفيا في جريدة البيان الإماراتية في 18 و27/3/2006 قال فيه إنه يعمل منذ فترة على إيجاد منتج يستطيع من خلاله المستثمرون من جميع المستويات أن يشاركوا باستماراتهم وفقا لأحكام الشرع الحنيف في تطوير. وقال إن هيكلة هذا المنتج أي» الصكوك الوطنية «تعتمد على مبدأ المضاربة الشرعية، حيث يعتبر المستثمرون هم أرباب المال، بينما يعمل مدير الاستثمار بصفته مضاربا، يقوم باستثمار أموال المضاربة في مشاريع ومعاملات محددة ومدعمة بدراسة جدوى اقتصادية قابلة للتطبيق بعد أن توافق عليها هيئة الفتوى للشركة، ويتلقى المستثمرون حصصهم في الأرباح بشكل مستمر من خلال الأرباح التي تحققها المضاربة.
ويتم توزيع الأرباح بين المضارب وأرباب المال تبعاً للنسبة المتفق عليها بينهما، ويمكن للمضارب بمحض اختياره أن يقوم بتوزيع جوائز على بعض المستثمرين من خلال إجراء سحب دوري يعقد بكل شفافية.
وأكد أن المنتج لا يعتمد على مبدأ اليانصيب بتاتاً لأنه ببساطة عبارة عن أداة من أدوات الادخار الاستثماري، ففي اليانصيب لا يستطيع أحد أن يسترد ثمن ورقة اليانصيب بينما في الصكوك الوطنية يستطيع المستثمرون حملة الصكوك استرداد قيمة صكوكهم في أي وقت يشاؤون بعد مضي 30 يوماً من تاريخ إصدار الصكوك، وليس ذلك فقط، بل أيضا سيتلقون عوائد استثماراتهم طيلة مدة امتلاكهم لهذه الصكوك.
وبالإضافة إلى ذلك يمكن أن يفوزوا بجوائز من خلال السحب الذي يجريه المضارب تطوعاً من أمواله الخاصة. وقال إن الشريعة الإسلامية الغراء لا تجيز اليانصيب لأنه شكل من أشكال القمار، بينما تشجع على الاستثمار على أساس المضاربة الشرعية للمساهمة في عملية تنمية الدولة. أكد الدكتور حسان على مشروعية وإسلامية الجوائز الشهرية التي تقدم لحملة الصكوك والتي تأتي كحوافز تشجيعية من أموال الإدارة،
الرجاء من فضيلتكم أن تفيدونا حول الموضوع، سيما وأن الأمر يتعلق بأعداد كبيرة من المسلمين الذين لا يعلمون حقيقة الأمر ويذهبون إلى الشراء دون تبين كامل عن مدى مشروعية هذه المعاملات المالية. جزاكم الله خيرا. والرجاء أن تسرعوا في الفتوى]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن مهمة مركز الفتوى هي الرد على الأسئلة والاستفسارات الشرعية، وليس من مهمته الدخول في مناظرات ومجادلات مع الآخرين.
ثم إن ما ذكرته من كلام الدكتور المحترم لا نراه في الحقيقة يتعارض مع ما أفتينا به.
فنحن لم نثبت أن ما ذكرته في السؤال هو من اليانصيب أو له شبه باليانصيب، وإنما ذكرنا أن المرء إذا كان إنما يشتري الصكوك لينال الجائزة الشهرية، وليس له هم آخر منها غير ذلك، كان ذلك من الميسر (اليانصيب) .
والميسر -كما عرفه أهل العلم- هو كل معاملة دائرة بين الغنم والغرم، والغانم فيه يغنم بغير مقابل، أو في مقابل ضئيل.
والمشتري للصكوك إن كان هدفه هو الجائزة، ولم يكن هدفه الرئيسي من اشترائها هو التنمية والاستثمار، كان شبيها بمن يحاول الغنم دون مقابل، أو في مقابل ضئيل.
وذكرنا أيضا في نفس الفتوى أن المشترين لهذه الصكوك هم بمثابة أرباب القراض، وأنه إذا حصل أحدهم على الجائزة التي تنال بالسحب الشهري، كان ذلك مثل الهدية لرب القراض، وقد علم من النصوص التي سقناها أن الهدية لرب القراض محرمة ما لم يكن لها موجب آخر، وهذا مذهب المالكية. ففي الدسوقي عند قول خليل: (كرب القراض) ، قال: أي يحرم عليه إهداء العامل لئلا يقصد بذلك أن يستديم عمله، وكذلك يحرم هدية العامل لرب المال ولو بعد شغل المال. أما قبل شغل المال فبلا خلاف، لأن لرب المال أخذه منه فيتهم أنه إنما أهدى إليه ليبقى المال بيده, وأما بعد شغل المال فعلى المشهور, وقيل يجوز، وهما مبنيان على اعتبار الحال فيجوز لعدم قدرة المالك على انتزاعه منه حينئذ، أو المآل وهو أن يترقب من رب المال أنه بعد نضوض المال يعامله ثانيا لأجل هديته له.
ولا شك في أن فضيلة الشيخ الدكتور المحترم يعرف من هذا الأمر ما ذكرناه، ولعله يرى غيره أرجح منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1427(12/5060)
التسجيل هل هو من شروط صحة الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا بيت وقد جعل أبي صاحب البيت شقة من هذا البيت لأمه ولم يسجل لها شيئا، وأمه الآن تفكر أن تورثه إلى شخص آخر هل فعل ذلك من حقها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان قصدك بأن صاحب البيت جعل لأمه شقة من بيته أي وهب لها شقة من بيته ولم يسجلها باسمها فإن هذه الهبة صحيحة إذا حازتها الأم ولو لم تسجل باسمها لأن التسجيل ليس من شروط صحة الهبة بل هو لمجرد التوثيق وقطع النزاع، ومن حق هذه الأم أن تتصرف في شقتها بكل أنواع التصرف المشروعة ما دامت أهلا للتصرف.
ولا يحق لهذه الأم أن تورث الشقة ولا غيرها من مالها لشخص آخر غير وارث، فإن أصحاب الإرث وحصصهم كل ذلك في كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولكن يجوز لها أن توصي بثلث ما شاءت من مالها لغير وارث أو بأقل من الثلث، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الثلث والثلث كثير. متفق عليه.
وإن كان قصد بجعلها لها أنه خصصها لسكناها كما هو واجبه من غير هبة ولا تمليك فإنه لا يحق لها التصرف فيها لأنها ليست ملكا لها.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1427(12/5061)
لا يلزم رد الهدايا للخاطب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحبة السؤال رقم 2111476 وأردت أن أذكر أن بعد فسخ خطوبتي اتصلت بي والدة خطيبي وقلت لها أشياء ابنك عندنا في أي وقت ممكن يأتي ويأخذها ولكنها ردت بأنهم لا يريدون شيئا وبناء على ما قالته بعت الدبلة والمحبس واحتفظت بالخاتمين وبعد مرور عام بعث لي خطيبي السابق زميلتي وطلب مني الأشياء التي له عندنا قلت لها أن تبلغه بأنه ليس له شيء عندنا فقط هذا ما أردت إضافته حتى تكون الصورة واضحة، وأرجو منكم الإجابه الشافية، علما بأن هذه الدبلة والمحبس لم يكونا من المهر أو الشبكة وإنما هو شيء يقدم حتى يأتي وقت تقديم الشبكة ودليل بأن هناك كلاما رسميا من الخاطب على المخطوبة؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الأخت في عدم رد هذه الأشياء التي قدمها لها الخاطب على أنها هدية، وليس من المهر، وذلك أن الهدية تلزم بالقبض، كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 44658.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1427(12/5062)
المطالبة بالهبة بعد موت الموهوب له
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتعلق بتركة والدتي المتوفاة رحمها الله. كانت والدتي في حياتها قد تعرضت لسرقة مجوهراتها, ومن حبي الشديد لأمي وخوفا عليها من الصدمة قمت بشراء مجوهرات لها من مدخراتي تعويضا عما فقدت، هل يحق لي المطالبة بهذه المجوهرات وعدم إدخالها في التركة, خاصة أنني رب عائلة وفي أمس الحاجة لشراء منزل؟
بارك الله فيكم وجزاكم عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما قمت به من شراء مجوهرات لأمك حفاظا على سلامتها فإنه فعل حميد تشكر عليه وتؤجر إن شاء الله تعالى، فإن كان ذلك على سبيل الهبة والتبرع وتمت حيازته بالفعل من طرفها فإنه لا يحق لك بعد ذلك الرجوع فيه أو المطالبة به بعد موتها لأنه أصبح تركة ومن جملة ما تركت والدتك فيقسم مع عموم التركة على جميع الورثة حسبما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذه هبة تامة مستوفية الشروط كما يبدو من السؤال، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 12579.
وأما إن كان ذلك على سبيل العارية حفاظا على سلامتها من حدوث مكروه وقامت البينة الشرعية على ذلك فإن العارية مردودة إلى صاحبها, ولك أن تطالب باسترجاع ما كان إعارة من مالك لوالدتك أو لغيرها.
وفي غير هذه الحالة لا يحق لك استرجاعه إلا إذا تنازل لك الورثة عن حقهم فيه بطيب أنفسهم وكانوا رشداء بالغين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1427(12/5063)
على الآباء التسوية بين أبنائهم وبناتهم في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[عائلتي تتكون من أبي وأمي (على قيد الحياة) ، وأنا وأخي مع 4 بنات متزوجات، لكن واحدة توفيت وتركت أبناء، سؤالي هو: قام أبي بتحويل جميع ممتلكاته -أرض ومحلات تجارية- باسمي أنا وأخي دون البنات مع طلبه منا أن نسلم لكل بنت مبلغ ألف دولار وهو مبلغ لا يساوي عشر قيمة الأرض، مع العلم بأن بعض المحلات بنيتها أنا وأخي من مالنا الخاص وعائدات المحلات التي أنجزها أبي، فهل تجوز هذه المعاملة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوالدين مطالبان شرعاً بالتسوية بين أبنائهما في الهبات والعطايا ... وذلك لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. وقال صلى الله عليه وسلم: لو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. رواه البيهقي وغيره وحسنه الحافظ في الفتح.
ولذلك فالواجب على هذا الأب أن يرجع عما فعل ويتدارك هذا الأمر ما دام على قيد الحياة ويسوي بين أبنائه وبناته في العطية، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 60742 للمزيد من الفائدة والأدلة.
وبخصوص المحلات التي بنيتها أنت وأخوك من مالكما الخاص وعائدات المحلات التجارية التي أنجزها أبوك، فإن لكل واحد منكم نصيبه منها حسب ما دفع فيها؛ إلا إذا كنتما قد وهبتما نصيبكما منها لوالدكما فإنها عند ذلك تعتبر ملكاً له كباقي ممتلكاته، وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 7579.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1427(12/5064)
تفضيل الذكور على الإناث في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
سؤالي حول مشروعية حق الاستفادة من ملكية عقارية.
فضيلة الشيخ: في سنة 1975 اشترى والدي لكل أولاده (05 أولاد، ذكران وثلاث إناث, كلهم من أم واحدة) عقارا سكنيا ويتضح حسب عقد الملكية أن للأولاد حصتين وللبنات حصة واحدة من قيمة الملكية.
مند سنة 1977 حتى وقتنا الآن, لدينا إخوة جدد والوالدان على قيد الحياة والحمد لله.
السؤال:
هل يجوز لنا شرعا (أي للأولاد أصحاب الملكية العقارية) الاستفادة من هذه الملكية حسب ما هو مدون في عقد الملكية أوتكون الاستفادة من هذه الملكية حسب معيار شرعي آخر كون وجود أفراد (إخوة) جدد.
أرجو من فضيلتكم أن تجيبوني على سؤالي على البريد الإلكترونى التالي
Abel.
أوعلى عنوان البريد التالي
بلخير عبد القادر, 22 شارع فرطاس محمد, قمبيطة, وهران, 31025
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن أهل العلم قد اختلفوا في كيفية التسوية بين الأولاد، فقال محمد بن الحسن وأحمد وإسحاق وبعض الشافعية والمالكية: العدل أن يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين كالميراث. وقال غيرهم يسوى بين الذكر والأنثى، وهذا القول الأخير هو الأظهر إن شاء الله، لقوله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء، أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي من طريقه وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن.
وبناء على ما رجحناه، فالواجب عليكم أن تستووا مع أخواتكم في الهبة التي وهبها لكم أبوكم، إلا أن يكون تخصيصه للذكر سهمين وللأنثى سهما، كان له ما يبرره من كون الذكور أكثر احتياجا من الإناث.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فنقول فيه: إن الوالد إنما يطالب بالتسوية بين أولاده الذين هم موجودون وقت الهبة، لا من لم يوجدوا بعدُ.
وعليه، فإذا كنتم قد حزتم العقار الموهوب، فليس لمن يولد بعد ذلك من إخوتكم حق في المشاركة فيه. إلا أنكم إذا أشركتموهم معكم، كان ذلك أدعى للألفة والصلة بينكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(12/5065)
من وهب لرجل شيئا يستعين به على أمر معين فصرفه في غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أودعت مبلغا من المال في بنك إسلامي ويقوم هذا البنك في كل شهر بعمل قرعة على جائزة عمرة لمكة المكرمة، فكان لي نصيب حيث إنهم قاموا بتحويل مبلغ تكاليف العمرة إلى حسابي، فهل هذه الفلوس حلال، وإذا كانت حلالا فهل يجب علي أن أقوم بأداء العمرة بها أو يجوز لي أن أتصرف بها في أمور أخرى أرجو النصيحة؟
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن قواعد الشريعة الإسلامية أنه لا يجوز انتفاع المقرض من المقترض منه، لما روى الحارث بن أبي أسامة عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل قرض جر منفعة فهو ربا. والحديث ضعفه الشيخ الألباني.
واستثنى العلماء من هذا المنع ما إذا كان هذا الانتفاع لموجب آخر غير القرض.
وأصحاب الودائع هم -في الغالب- مقرضون للبنوك التي يمتلكون فيها حسابات، لأن البنوك تنتفع بالمبالغ التي تودع فيها، مثلما ينتفع المقترض بقرضه. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 47146.
وعليه، فإن كان البنك المذكور يعطي تلك الجوائز تشجيعا للعملاء على الإيداع واستثمار أموالهم بالطرق الشرعية، والابتعاد عن البنوك الربوية، فلا نرى حرجا في الإيداع عنده والاستفادة من جوائزه.
وإن كان الباعث له على تلك الهدايا هو طلب الربح وتكثير العملاء، فلا نرى حينئذ إباحة الإيداع عنده، ولا الاستفادة من جوائزه.
وعلى تقدير إباحة تلك الجوائز، فإن إباحة صرفها في غير العمرة وعدم إباحة ذلك، يتبعان لما يشترطه المانح. قال العدوي في تعليقه على الخرشي: فائدة: من وهب لرجل شيئا يستعين به على طلب العلم فلا يصرفه إلا في ذلك. اهـ
ولا فرق بين أن يوهب الشيء لطلب العلم أو للعمرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(12/5066)
منع الأب ابنه من التصرف بما وهبه له
[السُّؤَالُ]
ـ[قام والداي بشراء شهادات استثمار بفوائد ربوية من أجلي وهي الآن تبلغ الآلاف وسؤالي هو:
1- هل يجوز لي صرف الفوائد الربوية في مصارف الخير بدلا من تركها للبنك؟
2- بما أن هذه الشهادات هي هبة (هدية) من والدي فهل يجوز لي صرفها والتصرف فيها دون علمهما أو استئذانهما؟ حيث إنني أحتاج للنقود لأقوم بشيء مفروض علي فعله (أي آثم على تركه) ولكنه مفروض علي ولكن المشكلة هي أنني متأكد أنه لو علم والداي بحاجتي للنقود لأجل هذا الأمر فسوف يرجعون في الهبة ولن يسمحا لي بالتصرف في هذه الأموال، فهل يجوز لي التصرف فيها على اعتبار ما زالت في حكم الهبة (مع العلم أنني لو استأذنتهما في صرف هذه الأموال لأجل أمر آخر فسوف يوافقان) ولكن لو علموا الغرض الحقيقي من صرفها (وأؤكد هنا أن هذا الأمر آثم على تركه) فلن يسمحا لي بالأموال لأسباب خاصة؟
شكرا لكم على جهودكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن مايسمى بشهادات الاستثمار بنوعيها حرام شرعا، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 6013، وعليه.. فلا يحل لك تملك فوائد هذه الشهادات، ويجب عليك التخلص منها بصرفها على الفقراء والمساكين، ولا يصلح أن تتركها للبنك الربوي ينتفع بها في عمله المحرم أصلا.
وأما مسألة التصرف في هذه الشهادات بدون إذن والديك فينظر أولاً إن كنت قد قبضت هذه الهبة (ومن القبض أن تُسجل باسمك وتوضع في حساب خاص بك) فقد تملكتها ولك الحق في التصرف فيها بدون إذن والديك، وإذا لزمك دين ونحوه يجب عليك تسديده ولو رفض والداك، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإنما الطاعة في المعروف، كما يجب عليك وقد تملكت هذه الشهادات أن تبادر إلى سحبها من البنك الربوي والتخلص من فوائدها كما تقدم، ولك الانتفاع برأس المال فقط، أما إذا لم تكن قد قبضت الهبة فلا يعتقد أنه يمكنك أن تتصرف فيها إلا بإذن والديك، وينبغي عليك نصح والديك وتعريفهما بحرمة شراء هذه الشهادات وتخويفهما بعذاب الله تعالى للمتعاملين بالربا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(12/5067)
تخصيص البنت بعطية بلا مبرر شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[والد نحل ابنته مبلغا ماليا لكي تشارك زوجها في شراء قطعة أرض.هل يعتبر هذا العطاء بعد وفاة الوالد جزء من نصيب هذه البنت في الميراث في أي وجه من وجوه العطاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان لهذه البنت إخوة فإن على والدها أن يسوى بينهم وبينها في العطية، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب التسوية وهو الراجح، وذهب الجمهور إلى استحبابها تجد ذلك مفصلا في الفتوى رقم: 6242، ولذلك فإن كان الأب قد أعطى لبقية أبنائه مقابل ما أعطى لبنته فلا شك ولا خلاف أن هذه العطية ثابتة للبنت ولا تخصم من نصيبها من التركة بعد وفاة أبيها، وكذلك إذا كان خصها بالعطية دون إخوانها لمبرر شرعي كأن تكون محتاجة أو ذات عيال.
أما إذا لم يوجد مبرر ولم تحصل التسوية فإن الراجح أن على البنت إرجاع الهبة ولذلك يجب عليها أن تقبل بخصمها من نصيبها من التركة.
أما إذا لم يكن لها إخوة فإن ما أعطاها والدها في حياته يعتبر هبة صحيحة إذا تم حوزها في حياته وقبل دخوله في مرض الموت، ولا يجوز خصم شيء من نصيبها من التركة إذا كانت الهبة صحيحة ولو بلغت أكثر من نصيبها أو أتت على جميع ماله.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1427(12/5068)
حكم مطالبة الإخوة بتقسيم ما وهب لأخيهم
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن3 إخوة متزوجون و4 بنات متزوجات نعيش مع الوالد في بيت واحد قبل وفاة الوالد الأخ الأكبر استلم من الدولة بيتا ومزرعة باعتباره كان المتزوج الوحيد قبل زواجنا نحن وقام ببيع البيت وبنى بيتا آخر وسكن به لوحده ثم بعد ذلك قام ببيع المزرعة والمزرعة والبيت هبة من الدولة فقط باسمه هل من الجائز له شرعا بيع المزرعة والبيت دون القسمة على إخوته أريد منكم توضيح القسمة بين الإخوة بعد وفاة الوالد في ظل السؤال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان البيت والمزرعة هبة من الدولة لأخيكم فإن هذه الهبة تعتبر ملكا له خاصا به دون غيره يجوز له التصرف فيها بالهبة والبيع والاستعمال، والظاهر أن هذه الهبة كانت خاصة به لأنه متزوج، وإذا تزوج غيره وحصل على هبة فإنها تكون خاصة به أيضا، ولذلك فلا يحق للإخوة مطالبته بقسمة هذه الهبة عليهم، وإذا فعل ذلك من تلقاء نفسه فجزاه الله خيرا، وكونه يسكن في بيت آخر أو مع أبيه وإخوته فإن ذلك لا يؤثر على ملكيته لما وهب له، ونرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 53201، للمزيد من الفائدة
وأما كيفية تقسيم تركة والدكم بعد وفاته فإنها تكون على النحو التالي:
إذا كان ورثته محصورين فيمن ذكرت، فتكون التركة من عشرة أسهم تقسم بين الأبناء والبنات لكل ابن سهمان، ولكل بنت سهم، كما قال الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11}
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1427(12/5069)
حكم استرداد الواهب الهبة إذا لم يثب عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على هذا الموقع المفيد وجعله الله في ميزان حسناتكم.
لدي صديقة أخذت مني مبلغا وقدره 13,000 درهم إماراتي وكانت بيننا علاقة محبة وصداقة وكنا نتبادل الهدايا من فترة إلى أخرى ولكن حدثت مشكلة بيننا أدت إلى انقطاع العلاقة وبعد أن قطعنا العلاقة بيننا طالبتها بالمبلغ الذي أقرضتها في السابق ولكنها صدمتني عندما طلبت مني أن أعطيها قيمة بعض الهدايا التي أهدتني في السابق والتي تساوي 6500 درهم.
هل يجوز لها أخذ جزء من المبلغ الذي أقرضتها في السابق على أساس أنه قيمة الهدايا التي جلبتها لي؟
وإذا أخذت قيمة الهدايا هل سيبقى المبلغ الذي أخذته من مالي في ذمتها؟ أي أنني أطالبها بـ13,000 وهي ستُرجع لي 6500 والباقي ستأخذه على أساس أنه قيمة الهدايا التي جلبتها لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز لصديقتك هذه الرجوع في هديتها؛ لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: العائد في هبته كالعائد يعود في قيئه. رواه البخاري ومسلم. وقد استدل بالحديث المتقدم جمهور أهل العلم فمنعوا الواهب أن يرجع في هبته بعد أن يقبضها الموهوب له بإذنه.
هذا، وإذا كان الواهب أخذ مقابل هبته عوضا كما في الصورة المعروضة بين السائلة وصديقتها من تبادل الهدايا فإنه لا يستطيع الرجوع في هبته في قول العلماء جميعا.
وذهب المالكية إلى أن الواهب للعوض إذا لم يثب على هبته أن له أن يستردها ما لم تفت, فإن فاتت فعلى الموهوب له قيمتها, جاء في الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني: والموهوب للعوض إما أثاب القيمة أو رد الهبة, فإن فاتت فعليه قيمتها. قال في الشرح: فعليه قيمتها جبرا عليه، ثم بين محل استحقاق الواهب الثواب بقوله: وذلك أي لزوم القيمة للواهب بعد فوات الهبة مشروط بما إذا كان أي الحال والشأن يرى أي يظن أنه أراد أي قصد الهبة لأجل الثواب أي العوض من الموهوب له، ويعرف ذلك بقرائن الأحوال.
قال خليل: وصُدِّق واهب فيه إن لم يشهد عرف بضده، والحكم المذكور عام ولو كانت الهبة لأجل عرس أو عند قدوم من حج.
وعليه، فإذا لم تكن المهدية (صديقة السائلة) أخذت على هداياها عوضا فلها أن ترجع بها عليك أو بقيمتها إذا كانت وهبت بقصد أن تثيبها على هبتها حسب ما تقدم في قول المالكية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1427(12/5070)
هل يحق للأب أن يهب أمواله كلها لبنتيه
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي في الله: زوجي إنسان طيب جدا ويمتلك مبالغ مالية من عمله في التجارة الحلال والحمد لله، مشكلتي أنني أم لطفلتين فقط وليس لدينا ولد وفي سؤال طرحه زوجي علي حول ما يحق للأنثى (البنت) أن ترثه لم أعرف الإجابة، فلذا أرجو منكم إجابة مفصلة كي يتسنى لي أن أفهم.
سؤالي هو: هل يحق للأب أن يكتب كل أمواله لبناته إذا لم يكن لديه ولد (خصوصا وأنهن كما يقال النسل الضعيف) هل تعتبر الكتابة هنا حراما.علما بأن والديه وأخاه على قيد الحياة وعلما أيضا بأن عائلة زوجي لم تساهم ولو بفلس في الثروة البسيطة التي حققها زوجي وهم مستورون ماديا؟
شكرا على مجهودكم وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر السائلة الكريمة على تقديرها وثقتها بالموقع ونسأل الله تعالى لها التوفيق وأن يجعلنا عند حسن ظنها.
وبخصوص السؤال الذي طرحه زوجك حول ما يحق للأنثى من تركة أبيها أو أمها، فإن كانت واحدة فإن نصيبها النصف، وإذا تعددن كان نصيبهن الثلثين كما قال سبحانه: فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ {النساء: 11}
وبخصوص كتابة الأب أو الأم جميع ممتلكاتهما لبناتهما فلا مانع منه شرعا إذا كان ذلك هبة ناجزة غير معلقة بالوفاة، وفي حال الصحة والأهلية للتصرف والتسوية بينهما في العطية.
أما إذا كانت الكتابة وصية بالمال بعد وفاة أبيهما فإن ذلك لا يصح لأنه لا وصية لوارث ولا بأكثر من الثلث إلا إذا إذا أجاز بقية الورثة هذه الوصية فلا مانع من ذلك إذا كانوا رشداء بالغين.
وللمزيد من التفصيل وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 36569.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1427(12/5071)
هبة البيت للابن إذا استوفت شروطها
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وحده، والصلا ة على من لا نبي بعده، سؤالي في الميراث:
رجل ولد له صبي مباشرة طلق زوجته وأخذ يربي ابنه إلى أن بلغ 16 عاما تزوج والده، وترك ابنه يدرس في العاصمة، وهو ذهب يعيش مع زوجته في مكان آخر وعندما بلغ الابن 20 سنه جاءه والده ووهبه مالاً وقال له اشتر بيتا لك حتى تتزوج فيه، مع العلم بأن أباه كانت له بنتان وولد، فبحث عن بيت ثم اشتراه يعني الابن، وتزوج فيه وحضر أبوه وإخوته غير الأشقاء ثم رجع كل إلى بيته، وعاش الابن في بيته قام بترميمه وأخذ يصلحه بالكامل، وبعد سبع سنوات اتصل أبوه وقال له أنا الآن خرجت للتقاعد سوف آتي للعيش معك فرحب به ابنه وقال تعالى وقت ما شئت عاش معه أبوه وقال له يا ابني كبرت العائلة سوف نقوم بتوسيع البيت، فتفاهم الأب مع ابنه على أن يقوم الابن بقضاء كل حاجيات البيت، من مثل: الضرائب وشراء الملابس للأولاد الصغار، ويقوم الأب بمرتبه البسيط بتوسيع البيت وكان ذلك إلى أن مات الأب رحمه الله، وقام الابن بتربية أبنائه وإخوته غير الأشقاء وعلمهم وزوجهم والكل الآن يعيش في بيته ومنهم من يعيش في بلدان أوربية وحالهم والحمد لله ميسور، الآن كبر الابن وعمره 72 سنة، الآن إخوته غير الأشقاء يطالبونه بحقهم في البيت وهو يقول لهم هذا بيتي، وهم يقولون له إن أبانا هو الذي أعطاك المال كي تشتري البيت، نعم هو الذي أعطاني المال كنت أعيش وحدي في العاصمة للدراسة وأنتم كنتم تعيشون معه ثم جاء بكم عندي إلى المنزل ومنكم من ولد هنا في هذا البيت والآن بعدما ربيتكم وعلمتكم تفعلون معي هكذا؟!! الحمد لله، جاءني ابن هذا الرجل يسألني في هذه المسأله هنا بفرنسا وهو يقول بأن أبي كبر وساءه هذا الأمر وهو يريد حكم رب العالمين في هذه القضية، مع العلم أن هذا البيت مكتوب على اسمه قانونيا ولا يستطيع أحد أخذه منه، ولكن لورعه وخوفه من الله يحب أن يكون الحكم حكم الله وحده، فنرجو منكم الإجابة في أسرع وقت ممكن إن شاء الله والله ولي التوفيق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ثبت أن المال الذي أعطاه الرجل لابنه لشراء البيت كان هبة منه لولده -وهذا هو الظاهر- فإن البيت يعتبر ملكاً لهذا الولد لأنها هبة استوفت شروطها، وأما توسعة البيت التي تمت بعد ذلك من مال أبيه فإن كانت هبة له مقابل النفقات التي يبذلها الابن وينفقها على الأب وأبنائه فإن التوسعة تعتبر ملكاً للابن مع البيت، وهو ما يظهر من السؤال، وعليه فيكون البيت ملكاً خاصاً لهذا الابن ولا حظ فيه لإخوته، لأن ثمنه أعطي له مقابل سكنه ونفقاته التي كان إخوانه يحصلون عليها مع أبيهم، وكذلك التوسعة تكون مقابل ما ينفقه الابن من مصروفات، وبذلك يحصل العدل بين الأبناء بالنسبة لأبيهم.
أما إذا كان الأب لم يرد هبة المال لابنه وإنما أراد شراء بيت يسكن فيه ابنه ويسكنه هو أو يستعمله إذا احتاج إليه بعد ذلك فإن البيت يعتبر تركة لأبناء الأب وورثته لأن الهبة لم تحصل، ويرجع في إثبات ذلك إلى الأدلة والقرائن والعرف ... ولمعرفة تمام الهبة وثبوتها وحكم العدل بين الأبناء في العطية نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 52603، والفتوى رقم: 6242 للمزيد من التفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1427(12/5072)
لا حرج في انتفاعك بهذه الهدية
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: عبر لي شخص عن حبه لي راجيا أن أنتظره حتى يكوِّن نفسه مع العلم أنه متدين جدا فقبلت أولا ثم تراجعت بعد أن استخرت الله مرتين عندئذ طلب مني أن أحدثه للمرة الأخيرة فقبلت مادامت نيتي طاهرة طلب مني في هذا اللقاء قبول هدية فقبلت وبما أنه من العائلة فلأننا نلتقي كثيرا نتحدث في الأمور العامة ومرات يعيد سرد حكاية حبه رغم أني وضعت له حدا في اللقاء الذي طلبه مني في تلك الليلة، وأنا أصلي ركعات بعد العشاء انفجرت بالبكاء وأنا أحمل القرآن لأني أحسست بالذنب وأني خنت ربي لأني أمنحه الوقت ليحدثني ولأني قبلت الهدية رغم بساطتها تألمت ووعدت نفسي بأني لن أضيع حب ربي من أجل أي كان، وبالفعل صرخت عليه أن يبتعد وعدت إلى ربي والحمد لله إنه إذا أخطأت ينبهني ربي حالا
سؤالي الآن ما حكم الهدية؟، وما حكمي أنا التي قبلت ثم تراجعت وهي نقطة قوته يذكرني بها، وهل ربي راض عني الآن؟
الشكر الجزيل لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك الثبات والخير والصلاح، وأن يرزقك الله بالزوج الصالح، وما قمت به من قطع العلاقة بهذا الرجل هو الصواب والذي كان ينبغي أن تفعليه من أول الأمر، وعموما فلا مانع من إبقاء الهدية ولا إثم عليك في قبولها إذا لم يترتب على القبول أمر محرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1427(12/5073)
حكم طلب البنت من أمها أن ترد الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن ابنة أعطت ذهبا لأمها لبيعه وأخذ المبلغ ليتم صرفه على حفر بئر دون أي ضغط من الأم، وقالت إنها لا تريد أي مقابل أو استرجاع لهذا الشيء فحصل بينهم خلاف بعد مدة فقامت البنت بالتفضل بالعطاء وجرحت مشاعر الآخرين فقالت لها أمها سوف أرد لك ما أعطيتني فرفضت، ولكن بعد فترة من الزمن حصلت مشاكل من هذه البنت وقامت بطلب ما أعطتها.
أريد الرد سريعا جزاكم الله خيرا وإن كانت الإجابة بأن ترد الأم للبنت ذهبها هل تعطيها مقابله من المال أو ذهبا مثل ما أخذت منها وإن كان مبلغا ماليا فهل تعطي قيمة سعر الذهب قديما أم ماذا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبه تلك البنت إلى أن طاعة الوالدين من أهم أمور الدين، إذ قرن الله حقه في الشكر بحقهما، والأمر بالإحسان إليهما بالنهي عن الشرك، قال تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ. {لقمان:14} .
وقال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا. {النساء: 36} . وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا. {الأحقاف: 15} .
وننبهها أيضا إلى أن الشرع حذر من المنِّ، وجعله من أعظم الذنوب ومن المحبطات للصدقات، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى {البقرة:264} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة: المنان الذي لا يعطي شيئا إلا مَنَّه، والمنفق سلعته بالحلف الفاجر، والمسبل إزاره. رواه مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
وفيما يتعلق بموضوع المبلغ الموهوب للأم، فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العائد في هبته كالعائد يعود في قيئه. وقد استدل بهذا الحديث جمهور أهل العلم على أن الواهب لا يجوز له الرجوع في الهبة بعد أن يقبضها الموهوب له بإذنه، إلا في حالات قليلة ذكرها أهل العلم. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 6797.
وعليه.. فلا يلزم تلك الأم أن ترد شيئا إلى ابنتها بعد ما تمت حيازتها لذلك الذهب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1427(12/5074)
الهبة تصبح من ممتلكات الموهوب له
[السُّؤَالُ]
ـ[كتب زوج أختي لها قطعة أرض مساحتها/228م فقامت ببيع نصفها /114متر لأخيها فعند استلامها على الطبيعة لقيها 104م والعقد مسجل 114م فتراضى أخوها على الطبيعة مع إن العقد 114 فبعد ذلك توفيت هي وزوجها ولها أب وأم فأصبحوا يرثون في باقي الأرض ولكن قام والد الزوج بتمزيق العقد الأصلي من البائع الأول وكتابة عقد جديد باسمه لكي يحرم والد الزوجة ووالدتها ولكن أل 10 م الموجودة في عقد أخيها لم يقدروا ضمهم على العقد المزور فهل يحق لأخيها إعطاء 10م لوالد ووالدة الزوجة كجزء من نصيبهم حيث إنه باع أل 114م فهو معه ثمن 10متر فهل يعطيهم لوالد ووالدة الزوجة كجزء من حقهم؟ برجاء الإفادة وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أن زوج أختك قد وهبها القطعة المذكورة، وباعت هي نصفها لأخيها، ولكن هذا الأخ وجد القدر الذي سلم إليه ناقصا عشرة أمتار عن القدر الذي اشتراه على الورق، فرضي من أخته بذلك وسامحها في الأمتار العشرة. وبعد موت الزوجين قام والد الزوج بتمزيق الوثيقة التي كتبها ابنه لزوجته بهبة الأرض، وتزوير وثيقة أخرى يتملك بموجبها الجزء الذي بقي للزوجة، ولم يتمكن من ضم الأمتار العشرة التي تنازل عنها الأخ لأخته. وأنت تسأل عما إذا كان على هذا الأخ أن يعطي أبوي الزوجة المتوفاة تلك الأمتار العشرة كجزء من حقهم.
وإذا كان السؤال هو كما فهمنا، فنريد أولا أن ننبهك إلى أن ما قام به أبو ذلك الزوج منكر شنيع للغاية. فالله تعالى حرم الاستيلاء على مال الغير بدون وجه حق فقال: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة: 188} . وقال صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام. رواه البخاري ومسلم. وروى مسلم أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين.
فعلى هذا الرجل أن يتوب إلى الله مما اقترفه ويرد الحق إلى أهله.
وفيما يتعلق بالأمتار العشرة، فطالما أن الأخ قد تركها لأخته وبقيت في حوزتها إلى وفاتها، فإنها بذلك تكون من جملة مالها، وهي من حق ورثتها الشرعيين.
فعلى الأخ المذكور أن يسلمها إليهم.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1427(12/5075)
حكم من تنازل عن ميراثه لبنته
[السُّؤَالُ]
ـ[أخوان (عبد الرحمن ومحمد) عاشا في نفس المنزل، عبد الرحمن له تسعة بنات، ومحمد لم ينجب، فتبنى إحدى بنات أخيه ثم توفي فورثته هذه البنت، مع العلم بأن الوريث الشرعي (عبد الرحمن) لم يمانع (بما أنها ابنته) بل بالعكس قال للبنت بأنه هناك أرض ملك لأخيه محمد تم تسجيلها على وجه الخطأ باسمه وأنه سيردها لها، لكن مات قبل ذلك، هل ما تتمتع به هذه البنت (الآن هي سيدة عجوز) من أراض زراعية منذ 36 عام حلال أم حرام، أرجو الإجابة على سؤالي هذا، مع العلم بأني ابن هذه السيدة وأخاف أن يكون ما تقتات به عائلتي من الحرام؟ وشكراً على تفهمكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن التبني محرم في الإسلام، وهو إلحاق الرجل به طفلاً مجهول النسب أو معلومه، لقول الله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ {الأحزاب:5} ، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 7167.
وقد ثبت في البخاري ومسند أحمد وغيرهما من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من انتسب إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. وفي البخاري ومسلم عن أبي ذر رضي الله عنهما: ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر.
وفيما يتعلق بالإرث، فإنه حق لأخي المورث إذا لم يكن له من القرابة غير من ذكروا، ولا يسقط هذا الحق بالتقادم، وإذا كان الوارث قد تنازل عن حقه لصالح بنته تلك، يكون قد وهب لها هذا المال، فإذا كان قد وهب لكل من بناته مثل ذلك، أو كان لها هي من الخصوصيات ما يبيح إيثارها عليهن، كأن تكون أكثر عيالاً أو أضعف خلقة أو غير ذلك من أوجه الاحتياج فلا مانع من هذه الهبة، وإلا فإن ذلك لا يجوز، ولك أن تراجع في الهبة لبعض الأولاد دون البعض في الفتوى رقم: 6242.
هذا كله فيما تمت حيازته من المال، وأما الأرض التي قلت إنه تم تسجيلها باسمه، وأنه سيردها لها، ولكنه مات قبل ذلك، فإنها لا تكون لها إلا أن يجيزها لها جميع الورثة البالغون الرشداء.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1427(12/5076)
الهبة للأولاد بين الصحة والبطلان
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن 6 إخوة و 4 أخوات فوجئنا أن الوالد قد تنازل لأخواتنا البنات عن البيت الوحيد العائلي الذي هو القاعدة لنا جميعا في كل الظروف والمناسبات.
ما حكم الشرع في تصرف والدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تنازل الأب لبعض أولاده إناثا أو ذكورا عن ماله يعتبر هبة منه لهم، وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتسوية بين الأولاد في العطية، ففي الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: تصدق عليَّ أبي ببعض ماله، فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقتي، فقال: أفعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا، قال: فاتقوا الله واعدلوا في أولادكم، قال: فرجع أبي فرد تلك الصدقة. رواه الشيخان واللفظ لمسلم، وفي لفظ: لا تشهدني على جور. رواه البخاري ومسلم. وفي لفظ: سو بينهم. رواه النسائي وصححه الألباني.
وقد سبق أن بينا في الفتاوى المبينة أرقامها لاحقاً أن الراجح وجوب التسوية بين الأولاد في العطية، وبناء عليه فإن فعله حرام إلا إذا كان لمسوغ صحيح؛ كما استثنى ذلك بعض أهل العلم. وأما إن كان بغير مسوغ فلا يجوز، وتكون هبة باطلة يجب على الوالد ردها والعدل فيها، وعليك أن تبين الحكم له، وتنصحه وترغبه في العدل بين الأبناء، فإن لم يفعل فحرض أخواتك على إعطاء الإخوة حقوقهم، لبعث المحبة بينهم وإزالة ما قد يقع في نفوسهم من العداوة والبغضاء. فالمال فتنة، والأخوة أغلى منه، فلا ينبغي أن يكون سببا في إزالتها وقطعها. وأما الفتاوى المشار إليها فأرقامها: 3658، 6242، 33348، 38399.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1427(12/5077)
لا يجوز للواهب أن يقصد بهبته أو وصيته حرمان بعض الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز ما يفعله البعض من بيع التركة كاملة بيعا صوريا (أى دون وجود ثمن تم دفعه) للأبناء بهدف حرمان الإخوة أو أحد المستحقين دون الآخرين من الإرث تحت مسمى أن له مطلق الحرية في التصرف في ماله حال حياته كيف ما يشاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن البيع الصوري لا حقيقة له ولا ينقل الملك لعدم وجود الثمن فلا يعتبر بيعا، ولكن إن كان المقصود به الهبة وهو للتوثيق فلا حرج إذا توفرت شروط الهبة كما هي مبينة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2333 // 569 // 52512 // 27995، ولا يجوز للواهب أن يقصد بهبته أو وصيته حرمان بعض الورثة فإن ذلك من المحرمات، بل من الكبائر كما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: الإضرار في الوصية من الكبائر. رواه سعيد بن منصور بسند صحيح كما في الفتح.
وننبهك أيها السائل الكريم إلى أن هذه الصورة تخالف الصورة التي سألت عنها في سؤالك رقم: 421953 فلم تذكر هنالك وجود أبناء ذكور فلا ندري هل المسألة واحدة أم مسألة أخرى، ولذا فإن أمور التركات خطيرة جدا وشائكة للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيها ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1427(12/5078)
حكم البيع الصوري للأولاد قبل الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو: عن إرث رجل مات وله بنتان فقط وتوفيت زوجته قبله وإخوته الذكور والإناث متوفون ما نصيب أبناء أخويه المتوفين قبله وأخته المتوفاة مع العلم أن لكل منهم أبناء ذكورا وإناثا؟ وهل يصح أن يعتد ببيعه التركة لبنتيه بيعا صوريا قبل وفاته بحجة أن المال ماله وله حرية التصرف فيه أثناء حياته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم تنازل المورث لبعض ورثته عن تركته أو بعضها عن طريق الهبة أو البيع الصوري وذلك في الفتويين رقم: 19637، والفتوى رقم: 25154.
وننبهك أيها السائل الكريم إلى أن الميت قد يكون وهب بنتيه ماله ولكن أجرى ذلك بصورة البيع، ولا حرج على الأب أن يهب كل ما يملك لبنتيه إذا عدل في ذلك ولم يكن قصده حرمان بعض الورثة والإضرار بهم، والهبة ماضية إذا كانتا قد قبضتاها أو قبضت لهما في حياة الأب، وتصرفتا فيها تصرف المالك لها، أو من قبض لهما.
أما إذا لم يحصل قبض قبل موته فإنها باطلة في المشهور من مذاهب الأئمة الأربعة، فهي بمثابة الوصية للوارث، وهي باطلة إلا إذا أمضاها بقية الورثة.
وعلى فرض أنها هبة فهي تصح بشروطها ومنها: أن تكون في حال الصحة، وأن يعدل فيها، وأن يتم حوزها قبل الوفاة، ولا عبرة بصورة البيع إن كان المقصود الهبة؛ لأن العبرة في العقود بالمعاني لا للألفاظ والمباني. قال السيوطي في الأشباه والنظائر: القاعدة الخامسة: هل العبرة بصيغ العقود أو بمعانيها؟ ... خلاف والترجيح مختلف في الفروع فمنها إذا وهب بشرط الثواب فهل يكون بيعا اعتبارا بالمعنى أو هبة اعتبارا باللفظ؟ الأصح الأول. انتهى.
وإذا لم يكن قصد الهبة وإنما ستملكان المال بالإرث فقط وعملتا مع الوالد عقد بيع صوري على الورق لا ثمن فيه لحرمان باقي الورثة فهو لاغ لا اعتبار له، ولا يخرج المال من ذمة صاحبه، ويكون تركة لجميع الورثة؛ لأن العقد الصوري لا حقيقة له في الواقع إلا إذا كان قصد الهبة وعمل صورة البيع للتوثيق فقط فتكون هبة، وفصلنا القول فيها.
وعلى فرض كونه بيعا صحيحا فإن كان تسلم الثمن فقد انتهى الأمر، وإن كان الثمن باق في ذمتيهما فعليهما أداؤه وضمه إلى التركة، ولهما منه بحسب نصيبهما فيها، والباقي لباقي الورثة.
وإذا لم يكن للميت وراث غير من ذكروا في السؤال فإن لبنتيه الثلثان، والباقي لأبناء أخيه الذكور إن كانوا أبناء أخ شقيق أو لأب، وإذا تعددوا فكان منهم ابن الأخ الشقيق وابن الأخ لأب فابن الأخ الشقيق يحجب ابن الأخ لأب.. ولا شيء لبنات الإخوة مطلقا لأنهن من ذوات الأرحام، ولا لأبناء الأخت وبناتها، كما أنه لا شيء لأبناء الإخوة الذكور إن كانوا أبناء إخوة لأم، ولا للأخت إن كانت توفيت قبله، وإن كانت ماتت بعده فهي وارثة إن كانت شقيقة أو لأب وتحجب أبناء الإخوة، ويكون لها الباقي بعد نصيب البنتين تعصيبا، ويضم نصيبها إلى تركتها ويوزع على ورثتها. فمن شروط الإرث تحقق حياة الوارث بعد موت المورث ولو لحظة فيعتبر ذلك.
وعلى فرض عدم وجود عاصب من ابن أخ شقيق أو لأب أو عم شقيق أو لأب أو ابن عم شقيق أو لأب، وعلى فرض تقدم موت الأخت عليه فإن الباقي بعد ثلثي البنتين يرد عليهما أيضا فتأخذان جميع التركة فرضاً ورداً إن كان للميت تركة.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع لمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصيايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذا قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1427(12/5079)
حكم توزيع الأب ماله في حياته على أولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أراد رجل توزيع أمواله على أولاده خلال حياته، فهل يجوز له التوزيع كما في الإرث الشرعي للذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا كان لا يجوز له ذلك، فهل هناك حرج على أولاده الذكور إذا قبلوا بهذه القسمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل يعني بالتوزيع أنه يميز لكل من أولاده حصة من المال، ويبقى ذلك دون تنفيذ إلى موته، فإن هذا لا يصح، ويعتبر لاغياً إذا فُعل، لأنه في هذه الحالة إما أن يعتبر وصية لهم بذلك، والوصية للوارث لا تصح إلا أن يجيزها الورثة، وإما أن يعتبر إرثاً، وذلك أيضاً لا يصح، لأن من شروط الميراث التحقق من وفاة المورث.
وإذا كان يعني أن أولاده يملكون المال في حياته ويحوزونه أو يحاز لهم عنه، فلا بأس حينئذ بذلك إذا سوى بينهم فيه، وقد اختلف العلماء في صفة التسوية بين الأولاد، فقال محمد بن الحسن وأحمد وإسحاق وبعض الشافعية والمالكية: العدل أن يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين كالميراث. وقال غيرهم: يسوي بين الذكر والأنثى، وهذا القول الأخير هو الأظهر إن شاء الله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي من طريقه، وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن.
ثم إن أهل العلم قد اختلفوا أيضاً فيما إذا كانت التسوية بين الأولاد واجبة أو مستحبة فقط، ومن قال بوجوبها من أهل العلم يرى بطلان التوزيع إذا لم يكن فيه تسوية، وراجع في جميع ذلك الفتوى رقم: 6242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1427(12/5080)
الانتفاع بالمنح الجامعية المقدمة من الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المنح الجامعية التي تمنحها الدولة للطلاب دون مقابل؟ جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المنح الجامعية ينظر فيها إلى قصد الجهة التي تعطي المنحة وقانونها في ذلك، فإذا كانت تشترط لاستحقاقها شروطاً معينة، فإن لكل من توفرت فيه تلك الشروط أن يستفيد منها، ومن لم يتوفر فيه تلك الشروط فليس له الاستفادة منها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود وصححه السيوطي.
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه. أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح. ولا يشترط للمستفيد من المنحة أن يقدم مقابلها شيئاً إلا أن يكون ذلك من ضمن شروط الجهة المانحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1427(12/5081)
كتابة الأم البيت باسم أحد أبنائها قبل موتها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة ماتت وكان لها ثلاثة أولاد لكن واحدا منهم له مسكن لائق ولا يحتاج إلى تقسيم الإرث، والولد الثاني هو الذي اشترى المساحة التي بني عليها المسكن والولد الثالث ليس لديه أي شيء، ولها كذلك أربع بنات، فقامت قبل موتها بكتابة المسكن كله للولد الثاني.
سؤالنا هل فعلها هذا صحيح أم لا، نرجو أن تفيدونا وتفصلوا الأمر حتى ينجلى، ونصيحتكم للولد الثاني.
أحسن الله إليكم ونفعكم بما علمكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن للميتة وارث غير من ذكروا في السؤال فجميع تركتها تقسم على أبنائها الثلاث وبناتها الأربع للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا اعتبار في ذلك لغنى بعضهم أو فقره ولكن إذا شاء أحدهم أن يتنازل عن حقه أو بعضه لغيره من الورثة فلا حرج.
وأما ما قامت به الأم من تخصيص أحد أبنائها بكتابة البيت له فإن كان ذلك في مرض موتها أولم تنجزه وعلقته بموتها فهو وصية ولا تصح للوارث إلا إذا أجازها بقية الورثة كما بينا في الفتوى رقم: 8147، وإن كان ذلك حدث في تمام صحتها وكمال رشدها ونجزت ذلك وحازه الابن قبل موتها فهي هبة، وقد اختلف العلماء في حكمها إذا كانت لبعض الأبناء دون بعض فالجمهور على كراهتها، وذهب البعض إلى حرمتها، وقال بعضهم إن كان التخصيص لعلة معتبرة فلا حرج كإعانة المسافر ودواء المريض وتزويج البالغ ونحوه. وقد فصلنا القول في ذلك وبينا أدلته في الفتوى السابقة والفتويين رقم: 59521، 7686.
والحاصل أن تفضيل الأبناء بعضهم على بعض من غير مسوغ من حاجة أو عوز هو نوع من الظلم الذي يورث تنافراً في قلوب الإخوان، إذا لم يكن عن رضى منهم فننصح الأخ برد البيت وضمه إلى التركة مع اعتبار أرضه التي بني عليها البيت فإنها لا تدخل في التركة إذا كان الولد المذكور قد اشتراها بماله الخاص ولم يهبها للأم، فإن كان قد وهبها للأم فتضم إلى التركة أيضا. وننصح الإخوة جميعا ذكورا وإناثا بالحرص على التآلف والمودة بينهم والصلح، فالمال عرض زائل لا ينبغي أن يكون سببا في نبذ الصلات وعائقا دون المودات. واستوصوا بالنساء خيرا ولا تحرمونهن من حقهن في تركة أمهن.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1427(12/5082)
إعطاء الأولاد ما يتزوجون به إذا تفاوت المقدار
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن 4 إخوة (بنتان وولدان) والسوال هو: العدل بين الأبناء فقد تزوجت أختي الكبرى وقد قام أبي بتجهيزها على أكمل وجه ولم ينقصها شيء منذ 18 سنة ثم تزوجت أنا منذ 7 سنوات وطبعا في عصرنا هذا متطلبات زواج الابن أكثر بكثير من البنات من شقة ومهر وغيره مع الفارق الزمني بينى وبين أختي الأولى وقد تم زواجي على أكمل وجه والحمد لله وتزوجت أختي الصغرى أيضا على أكمل وجه ولكن بمبلغ أكبر بكثير من أختي الأولى وباقي أخي الأصغر الذى سوف يكون بمبلغ أكبر من أكيد فهل يجب العدل في حياة أبى بيننا في مسألة ما تم أخذه لزواج كل واحد أى الذكر مثل حظ الأنثيين أم طالما كلنا والحمد لله راضون فكل واحد على حسب ظروف وسنة زواجه؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعدل بين الأولاد واجب على الراجح، ولكن المفاضلة جائزة إذا كان هناك مسوغ لها قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: جاء في المغني: فإن خص بعضهم ــ يعني بالعطية ــ لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عياله أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل.. فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك. انتهى
وعليه فإعطاء كل واحد من الأبناء والبنات ما يتزوج به، وإن تفاوت المقدار المدفوع بحسب الزمان والمكان، ليس من الظلم بل هو عين العدل المطلوب منا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1426(12/5083)
العدل في العطية بين الزوجة والأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق للزوج أن يشتري لأولاده بيوتا دون والدتهم (أي زوجته) أم أنه يجب أن يشتري لها مثلهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على الرجل أن يعدل بين زوجته وأولاده، ولكن إن كان موسراً وأعطى زوجته كما أعطى أولاده فهو أمر حسن، وهو مأجور على ذلك، وأما العدل بين الأولاد ففي وجوبه واستحبابه خلاف سبق في الفتوى رقم: 6242، والفتوى رقم: 68885، والراجح لدينا وجوبه كما في الفتوى رقم: 65313، والفتوى رقم: 38399، وأما العدل بين الزوجات إن كان له أكثر من زوجة فسبق في الفتوى رقم: 70585، والفتوى رقم: 11389.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1426(12/5084)
موظف في مشفى ساعد مريضا فقدم له هدية
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة مريضة طلبت مني أن أساعدها بكل ما يتعلق بالأمور الإدارية بالمستشفى الذي أشتغل فيه. عملت كل ما بوسعي في سبيل الله. أجريت العملية الجراحية وتم شفاؤها, وبعد مرور عدة أسابيع عرضت علي قطعة أرض كهدية ما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز قبول تلك الهدية، إذا لم تكن المساعدة التي ساعدت بها هذه المرأة داخلة في عملك الذي تتقاضى عليه أجراً، ولم تكن سبباً في تقديم هذه المرأة على من هو أحق منها. وراجع لتفصيل ذلك الفتوى رقم: 52923.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1426(12/5085)
رد الجميل للزوجة وشروط صحة الهبة لها
[السُّؤَالُ]
ـ[أدعو الله العلي القدير أن يجزي كافة العاملين والمشاركين في بناء هذا الصرح الإسلامي الرائد، واستمرار هذا الموقع من علماء وفنيين واختصاصيين ... أن يجزيهم عن الإسلام والمسلمين أعظم الجزاء، وأن ينزلهم منازل الصديقين يوم لا ينفع مال ولا بنون، كما أرجو من المشرف على هذا القسم عدم نشر كنيتي أو العنوان المبين بعاليه، والمسألة التي أود عرضها للفتوى هي زوجتي وأنا فقد مضى على زواجنا ما يقارب عن 38 عاماً منها 9 أعوام في بلدي الأصلي و 27 في بلاد المهجر، والحقيقة أقول أنها ضحت معي بكل ما تملك من جهد أو مال من غال ورخيص في سبيل بناء الأسرة المكونة منا وسبعة أولاد (ستة أبناء، وابنه واحدة) ومعظمهم ولدوا في الغربة وأربعة أو خمسة منهم يستطيعون في وقت قريب أن يعتمدوا على أنفسهم إلى حد كبير، لقد عملت زوجتي منذ زواجنا مدة لا تقل عن 16 عاماً وأنفقت كل دخلها رغم محدوديته على البيت نظراً للحاجة ولكن دخلها بطبيعة الحال يمثل ربع دخلي نسبياً أو أكثر في معظم السنوات الأخيرة، وبما أنني مغترب لا أستطيع العودة لبلدي مكرهاً للنجاة من الظلم وانتهاك الحرمات وحيث إنني بصدد تجديد وصيتي ولي بيتان (واحد في ديار المهجر، والآخر في بلدي الأصلي) علماً بأن الزوجة لم تكن شريكة بدءاً ولم تنفق من أجل ملكية هذين البيتين فالذي يبدو لي أعتبره تقديراً أو عقلا أو حكما واجباً شرعياً هو أن تعتبر زوجتي شريكة في ملكية هذين البيتين ففي حالة إذا قدر الله وفاتي قبلها والله أعلم تعطى نصيبها وهو النصف من التركة ثم يتم تقسيم باقي التركة (البيتين) شرعياً أو على الأقل البيت في المهجر بين الورثة، ولكني في نفس الوقت إذا قدر الله أن يتوفاها قبلي فلا أرغب أن يكون أهلها شركاء وقد توفي والدها يرحمه الله، أرجو إفادتي هل أنا مخير، هل هذا الأمر جائز شرعاً أم واجب (أي يعتبر فرضاً) أم أنني صاحب الاختيار على نحو أخلاقي وليس شرعيا، علماً بأنها لم تطالب بذلك وأنه لا يوجد بيننا أي اتفاق وقيمته 20 أوقية بسعر عام 69 وقد عوضتها بـ 13 أوقية عام 77 ولم أسدد الباقي بعد، وقد ذكرت في عدة مرات بأنني إذا وافتني المنية فهي متنازلة وأيضاً مرة ذكرت بأنها متنازلة إطلاقاً والله أعلم، وهل أعوضها عنه بسعر اليوم للذهب في بلدي الأصلي أم بسعر السنة التي فيها استدنته منها والله وحده أعلم بالظروف المستقبلية من حيث عودتنا للبلد الأصلي، فالظروف التي أجبرتنا على الهجرة لا تزال كما هي وأغلب ظني بأنه إذا قدر الله وتوفيت قبلها فإنها قد لا ترجع وتبقى رهينة الظروف القاسية في الغربة خاصة أنها بلغت الستين ولن تعمر طويلاً في عملها بحكم السن وأيضاً لمحدودية الدخل أصلاً والله أعلم المهجر وليس لها بعد الله من أحد إلا الأولاد وهم في طور بناء أنفسهم ثم إنه لا يبدو أنه يمكن أن يعول عليهم كثيراً في دعمها رغم أن العلاقات الأسرية متماسكة بيننا جميعاً وجيدة ولا يزال ثلاثة منهم يعيشون في كنفنا أصغرهم 18 عاماً والرأي عندي أو السؤال ملخصه: أنني أرجح جعلها شريكة على تقدير أن هذا تعويض لها عن كل تضحياتها وبذلها ومشاركتها المادية تطوعاً بالمال والذهب أو أعوضها عن الأخير الآن إذا استطعت، فما هو الرأي الشرعي القاطع، وهل أنا صاحب خيارأم أن الأمر ملزم شرعاً، وماذا في حالة إذا أوصيت لها بالشراكة وتوفاها الله قبلي، فهل هذا يلزمني بوراثة إخوتها لها أم أنني يحق لي وضع شرط يمنع من ذلك؟ جزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المال الذي ساهمت به زوجتك في النفقة وغيرها مما يلزمك لا يخلو من حالين:
الأول: أن تكون قد تبرعت به صراحة أو ضمنا، أو لم تصرح لك بشيء وكان العرف جارياً بأن ما تنفقه الزوجة على هذا النحو يعتبر تبرعاً منها ولا يجوز لها المطالبة به في المستقبل، فهذا لا يجب عليك رده، كما لا يحق لها المطالبة به.
الثاني: أن تكون قد صرحت لك بأن هذا المال على سبيل القرض، أو لم تصرح لك بشيء وكان العرف جارياً بأن ما تنفقه الزوجة على هذا النحو يعتبر دينا في ذمة الزوج، فيجب عليك في هذه الحالة الوفاء به إلا إذا تنازلت عنه الزوجة باختيارها، هذا بالنسبة لما أنفقته من أموالها مما لا يجب عليها.
أما عن الدين الذي استدنته منها وهو 20 أوقية والذي وفيت من مجمله 13 أوقية فإن الواجب عليك هو الوفاء بما تبقى منه أيضاً وهو 7 أواق، إلا إذا تنازلت عنه، فإن التنازل عن الدين يبرئ المدين من المطالبة.
وقد ذكرت أنها تنازلت عنه مرة ثم قلت: والله أعلم، وهذا يعني ترددك في حصول تنازلها، وبما أنها لا تزال حية فبوسعك الرجوع إليها للتأكد من ذلك، وفي حالة الوفاء بهذه الأواق تحسب قيمتها بسعر يوم السداد لا بسعر يوم الإقراض، وذلك لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: إني أبيع الإبل بالبقيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ بالدنانير، فقال له صلى الله عليه وسلم: لا بأس أن تأخذ بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء. رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة، وراجع الفتوى رقم: 57053.
هذا ومن قواعد العلماء في الصرف: (الصرف على ما في الذمة بعد الحلول كالصرف على ما في اليد) .
أما عن كيفية السداد في حالة ثبوت شيء من المال في ذمتك فيمكنك الوفاء به بما تيسر معك من أجناس المال وذلك بالتراضي بينك وبين الدائن سواء كان الدائن زوجتك أو غيرها.
وفي حالة رغبتك في هبة زوجتك شيئاً من المال، فلا مانع من أن تهب لها ما تراه مناسباً لكفايتها في المستقبل، بشرط أن تكون الهبة منجزة تتسلمها في الحال، ولا يجوز أن تعلق الهبة على وفاتك لأن تعليق الهبة على الوفاة يأخذ حكم الوصية، وقد جاء في الحديث: لا وصية لوارث. رواه ابن ماجه والترمذي وأبو داود. وراجع للتفصيل في هذا الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 14175، 51986، 56253.
علماً بأن المال الذي تهبه لزوجتك يكون ملكاً لها كسائر أموالها، وفي حالة وفاتها يورث كغيره من الأموال، وإخوتها لا يرثون شيئاً من مالها في هذه الصورة لأنهم محجوبون بالأبناء الذكور، فلا يرثون منها شيئاً إلا إذا مات الأبناء الذكور جميعاً قبلها، ولا يحق لك وضع شرط يمنعهم من الميراث في هذه الحالة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1426(12/5086)
لا حرج في هبة الأب لأولاده بشرط العدل
[السُّؤَالُ]
ـ[عندى بنتان كتبت باسم كل بنت شقة تؤجر مفروشة ولا يحصلن على إيجارها بموافقتهم هل كتابة الشقق باسم بناتى حرام أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن ننبهك إلى أن الهبة للبنات أو غيرهن من الورثة إنما تمضي إذا قبضت في حياة المورث، وتَصرَّف فيها من وهبت له تصرف المالك، أما إذا لم تقبض قبل موته فإنها باطلة لأنها بمثابة الوصية للوارث وهي باطلة؛ إلا إذا أمضاها بقية الورثة وكانوا بالغين رشداء.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك فإنه لا حرج في هبة الأب شققاً أو غيرها لبناته إذا عدل بينهن في ذلك، ولك أن تراجع في موضوع العدل بين الأولاد فتوانا رقم: 6242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1426(12/5087)
حكم الحصول على مكافأة لمجرد التسجيل في مكتب ما
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: تحية طيبة وبعد.
أنا مهندس في الجمهورية العربية السورية مسجل في نقابة المهندسين ولم يتم توظيفي في الدولة بعد وكي يحسب لي قدم وظيفي إما أن أكون موظفاً أومسجلاً في أحد المكاتب الهندسية وهذا ضروري في سورية لذا فقد سجلت في مكتب هندسي إلا أنني لم أذهب إلى هذا المكتب أبداً وكنت أوقع أوراقاً تبين استمرار تدريبي كل شهرين والنقابة لديها علم أن لا أحد من المتدربين يذهب إلى المكتب الذي يتدرب فيه الآن صرفت لي النقابة مبلغاً لقاء فترة التدريب فهل يحق لي شرعاً التصرف في هذا المال وإذا لا يكن لي الحق في هذا المال فماذا أفعل به؟
أفتوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان مجرد التسجيل في مكتب هندسي كاف حسب قوانين النقابة للحصول على المكافأة المذكورة من نقابة المهندسين، فلا مانع من أخذه والانتفاع به، أما إذا كانت النقابة تشترط لمثل هذا أن ينتظم العضو في العمل في أحد المكاتب الهندسية للتدرب دون التسجيل الشكلي فقط، فلا يحق له أخذ شيء مقابل التسجيل الشكلي دون التدرب الفعلي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما.
ولذا فإننا نرى أنه من الواجب عليك في هذه الحالة أن ترد هذا المال إلى النقابة إذا لم يكن من حقك على النحو الذي سبق بيانه، فإن أذنوا لك في أخذه وكانوا مخولين بذلك جاز لك أخذه، وإن لم يأذنوا فلا حق لك فيه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد وغيره.
وننبه الأخ السائل إلى أنه إذا لم يتمكن من رد هذا المال للنقابة مباشرة وخشي على نفسه من العقوبة فيجوز له رده إليهم ولو بدون علمهم كأن يضعه في الحساب البنكي للنقابة ونحو ذلك، وراجع الفتوى رقم: 68563 ورقم: 48082.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1426(12/5088)
الهبة لبعض الأولاد في مرض الموت وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الفاضل: لقد طلبنا من أبينا أنا وأختي أن نرث فيه منزلنا في مرضه هذا حتى لا نشرد بعد موته لا قدر الله، لا أعرف هل هذا يجوز أم لا، وكل إخوتي تقريبا له منزل إلا أنا وأختي، فأود معرفة الشرع في هذا؟ وجزاك الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس للأب في مرض موته تصرف وإذا وهب هبة أو أعطى عطية فإنها تأخذ حكم الوصية، وقد بينا المعتبر في مرض الموت وضابطه وحكم الهبة فيه سواء كانت لوارث أو غيره في الفتوى رقم: 47439.
وعلى فرض أنه ليس في مرض الموت فلا يصح منه ذلك ولا يجوز له تفضيل بعض الأبناء على بعض في الهبة لغير مسوغ شرعاً، بل لا بد من التسوية بين جميع الأبناء في ذلك، كما بينا في الفتوى رقم: 5348، والفتوى رقم: 6242.
فلا يجوز له أن يوصي أو يهب بقصد الإضرار ببعض الورثة، ولا يجوز لكم أن تسألوه ذلك، فقد قال الله تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1426(12/5089)
أخذ القابلة المال والهدايا.. نظرة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مولدة (medwife:sage femme) .هل يعتبر أخذ النقود والهدايا حراما بعد القيام بعملية التوليد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصدين أنك تعملين في المستشفى أو في جهة معينة مولدة فلا يحق لك أن تطلبي ممن تولدين لهم شيئاً مقابل التوليد لأنك تقومين بعملك الواجب وتتقاضين عليه أجراً، فإن طابت أنفسهم بهدية ونحوها فلا نرى مانعاً من قبولها.
أما إن كنت لست موظفة وتعملين في هذه المهنة لمن يطلبها منك فلا يخلو أن تفعلي ذلك بأجر أو تطوعا، فإن كان بأجر فيجب أن يكون معلوماً للطرفين وإلا كانت إجارة فاسدة وتستحقين فيها أجرة المثل (وهي أجرة من يعمل مثل عملك) جاء في المدخل لابن الحاج: وإذا كان كذلك فيتعين عليه ترك ما أحدثه النساء من أن القابلة تأتي على غير معلوم -غالباً- فيحصل بسبب ذلك الجهالة والغرر والمنازعة والمغابنة والكلام الكثير بسبب مخالفة السنة في ترك الأجرة الشرعية.
هذا.. وفي حالة أن تكون بأجر معلوم وأراد من تولدين لهم أن يزيدوا لك شيئاً فلا مانع ويعتبر ذلك هبة منهم، أما إن كنت تفعلين ذلك تطوعاً فليس لك المطالبة بشيء، وإذا أعطيت شيئاً جاز لك قبوله، جاء في المصنف من حديث جعفر عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمر بالعقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن والحسين أن يبعثوا إلى القابلة برجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1426(12/5090)
حكم الهدايا التي أهداها الخطيب لمن أراد خطبتها ثم استنكف
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت على علاقة قديمة بأحد الأشخاص أراد خطبتي ولم يحصل نصيب بذلك. وكان قد أهداني بعض الحلي الذهبية. وبعدها تزوجت من شخص آخر وانتقلت إلى بلد آخر وأنجبت وقد تحجبت وأحاول كل جهدي إرضاء الله عز وجل..سؤالي ماذا افعل بالهدايا الذهبية هل أخبر زوجي عنها, أم هل أحتفظ بها وأتصدق بثمنها, أو أتصدق بها دون إخبار زوجي. أفيدوني ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما قد أهدى إليك خطيبك الأول لم يكن غرضه فيه محرما وإنما لتأليف القلب وبعث المودة ونحوه من الأمور المباحة فلا حرج عليك فيه وتتصرفين به كيف تشاءين كسائر ما تملكين.
وإن كان دفعها إليك مقابل استمتاع محرم فلا تجوز لك تلك الهدايا ولكن تتصدقين بها في مصالح المسلمين، وانظري الفتوى رقم: 57809، ولا يجب عليك أن تعيديها إليه إلا إذا كانت جزءا من الصداق أو متعلقات الزواج ووقع الاتفاق على ذلك كما بينا في الفتوى رقم: 6066، وأما زوجك فلا تخبريه بأمرها لأنه ربما يكون ذا غيرة زائدة فيبعث ذلك في نفسه الشك والريبة، ولا داعي إلى ذلك شرعا أو عرفا.
وننبهك إلى أنه لا يجوز لك أن تخبري أي أحد بتلك العلاقة سواء كان الزوج أو غيره لأن تلك العلاقة لا تخلو من أمر محرم -غالبا- والإخبار بالمعصية لا يجوز شرعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1426(12/5091)
هل يجوز للشخص أن يهب لحفدته دون أبنائه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل غني جدا له أب يريد هذا الأب أن يعطي حصته من تركة ابنه المتوفى - السدس، وهو مبلغ كبير إلى أبناء ابنه المتوفى مع العلم أن لهذا الرجل أبناء فقراء. فهل يجوز لهذا الرجل أن يعطي أبناء ابنه المتوفى هذا المال وهم أغنياء بسبب تركة أبيهم ويحرم أبناءه الفقراء وقد طالبوه بالمساواة في هذه العطية.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للأب أن يتبرع ببعض ماله أو أي حق من حقوقه الخاصة به لمن شاء سواء أكان ذلك على قريب له كابن ابنه ونحوه أو أجنبي عنه ما دام في صحته ورشده، ولا يجب عليه أن يعدل في ذلك فيعطي أبناءه مثله، فيجوز له أن يترك حقه في تركة ابنه لحفدته ولو كانوا أغنياء وورثته فقراء ما دام في صحته ورشده، وراجع الفتوى رقم: 4718، ولكن يجب عليه نفقة أبنائه الصغار وكذلك البالغين منهم إذا كانوا فقراء عاجزين عن الكسب، وانظر الفتوى رقم: 25339، وإن كان الأولى له والذي ننصحه به أن يسهم لأبنائه الفقراء في نصيبه من تركة ابنه لحاجتهم إلى ذلك، ولكون حفدته أغنياء بتركة مورثهم، أو يعطي أبناءه عطية من ماله تجبر كسر خواطرهم إن كان غنيا، لقوله صلى الله عليه وسلم: إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس. متفق عليه. وهذا مما يدخل في ذلك، وإن لم يفعل فلا حرج عليه.
وللاستزادة انظر الفتوى رقم: 6242، 23776.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1426(12/5092)
حكم وعد الأم أن تعطي أحد أولادها دون بقية إخوته
[السُّؤَالُ]
ـ[حضرة الشيخ الفاضل: إنّي أمّ لولد وبنت، قرّرت ابنتي الزّواج من شاب فلم أوافق أنا وأبوها عليه لأنّه لم يكن صادقا في حبّه لها وإنّما كان ذلك من باب الطّمع لا غير وهو غير كفء لها، إلاّ أنّها أصرّت فقلت لها إن هي تزوّجته فلن يكون لها نصيب في المنزل رقم (1) الّذي كانت تتمنّى أن أهبه إيّاها، مع العلم بأنّي أملك ثلاثة مساكن، فقالت لا حاجة لي بهذا المسكن وفضّلت الزّواج بالعريس الّذي اختارته، فقرّرت أن أهب المسكن رقم (1) لأخيها لأنّني وعدته بذلك إلاّ أنّه لم يتمّ تسجيل العقد بالدّفتر العقّاري الشّرعي إلى حدّ الآن، والسّؤال هو: هل حرمان ابنتي من المسكن السّابق ذكره كعقاب لتعنّتها وقولها لي لا حاجة لي به هو عمل غير شرعيّ أم لا، علما بأنّها سترث في بقيّة المساكن، وهل إخلافي بما وعدت به ابني والعدول عن إعطائه المسكن المذكور هو مخالف للشّرع إذ أنّ المؤمن إذا وعد وفى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوفاء بالوعد مستحب وليس بواجب عند جمهور الفقهاء، كما بيناه في الفتوى رقم: 17057. هذا إذا كان الموعود به مباحاً، أما إذا كان الموعود به غير مباح في ذاته أو لغيره فإنه لا يجوز الوفاء به أصلاً، ومن الوعد الذي لا يجوز الوفاء به الأمر المذكور في السؤال وهو وعد الأم ولداً من أولادها بأن تعطيه شيئاً دون بقية إخوته دون مبرر لتفضيله عليهم، وذلك لأن العطية لأحد الأولاد دون الآخر بلا مبرر للتفضيل أمر غير جائز شرعاً على ما رجحه كثير من أهل العلم، ومن ما يسوغ تفضيل بعض الأولاد في العطية أن يكون أحد الأبناء أكثر عيالاً من الآخر، أو يتعلم علماً يحتاج فيه إلى نفقات زائدة ونحو ذلك.
وبناء على التفصيل الذي ذكرناه فإنه لا يجوز لك الوفاء بما وعدت به ابنتك أولاً ولا ولدك ثانياً، إذا لم يكن هناك وجه لهذه العطية، فإن كان للعطية مبرر فالوفاء بالوعد مستحب في كلا الحالين، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 893، 1242، 14254، 32149.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1426(12/5093)
لا يجوز الرجوع في الهبة المستوفية الشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا ماتت امرأة وتركت ذهبا مهدى إليها من أبنائها, هل يجوز أن يأخذ كل ابن ما أهدى لأمه من ذهب دون تقسيم شرعي لهذا الذهب, مع العلم بأن هناك أبناء لم يهدوا إليها فى حياتها من هذا الذهب وبذلك سوف يحرموا من الأخذ منه، وإلى أي كتاب يمكنني أن أرجع لكي أثبت هذه الفتوى أيا كانت؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام هؤلاء الأولاد قد وهبوا لأمهم أو لغيرهم هبة وتم قبولها وحيازتها فإنه لا يحق لهم بعد ذلك الرجوع فيها حتى ولو كانت على قيد الحياة وأحرى إذا توفيت، لأنها بوفاتها تنتقل ممتلكاتها -بما في ذلك ما وُهِب لها في حياتها- إلى ورثتها.
والدليل على أنه لا يجوز الرجوع في الهبة ما جاء في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العائد في هبته كالعائد في قيئه. وفي رواية: كالكلب يعود في قيئه. وفي رواية: ليس لنا مثل السوء، العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه.
ولهذا فإن الذهب المذكور يقسم مع تركة هذه المرأة على جميع ورثتها، ولا يحق لأولادها الذين أهدوه لها الاستبداد به دون غيرهم من الورثة، إلا إذا تنازلوا لهم عن نصيبهم منه وكانوا رشداء بالغين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1426(12/5094)
هل تصح الهبة إذا علم بها بعد موت الواهب
[السُّؤَالُ]
ـ[لدى زوجي المتوفى قطعه أرض بنيت عليها دار بعد مرور 20 سنه اكتشفت أن والد زوجي المتوفى تنازل عن نصيبه لي ولبناتي الاثنتين وبعد وفاة الجد قام الورثه يطالبون بنصيب والدهم مع العلم أنه تنازل لي عن نصيبه ولم نعلم إلا بعد وفاته. السؤال هل أعطي نصيب الورثة من نصيب الجد أم لا حرام أم حلال؟ ... ... ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر وما يفهم من السؤال أن هبة والد زوجك وتنازله عن نصيبه من تركة ابنه لصالحكم لم تتم. لأنه لم يحصل منكن حوز لها في حياته ولم تعلمن بحصول الهبة منه إلا بعد وفاته ففي شراح مختصر خليل المالكي عند قوله: أو وهب لمودع ولم يقبل لموته. قالوا: من وهب شيئاً لمن هو في يده ولم يعلم الموهوب له حتى مات الواهب بطلت الهبة اتفاقاً إلا على قول شاذ وهو أن الهبة لا تفتقر إلى حوز أو قبول في هذه الحالة. فهذا ملخص كلام أكثر شراح المختصر في عدم علم الموهوب له إلا بعد وفاة الواهب.
ومن المعلوم أن الهبة لا تتم إلا بالحوز كما قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة وغيره: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة. وكما روى مالك في الموطأ عن عمر رضي الله عنه.
إلا إذا كانت الحيازة قد تمت من قبل الجد نفسه باعتباره يتنزل منزلة الأب في حال عدم وجوده أو باعتباره وصياً. فذلك جائز وبه تتم الحيازة وتثبت الهبة في هذه الحالة كما نص على ذلك أهل العلم كما في الموطأ عن عثمان رضي الله عنه أنه قال. من نحل ولدا له لم يبلغ أن يحوز نحله فأعلن بها وأشهد عليها فهي جائزة.
وقال الباجي في المنتقى شرح الموطأ. وروى يحيى بن يحيى عن ابن وهب فيمن تصدق على يتيم له أو صغير في حجرة هل يحوز له؟ فقال: لا يحوز له إلا الأب أو وصي الأب أو الأم وإن لم تكن وصية، والأجداد كالأب في عدمه والجدات كالأم ... .
وعلى هذا فإن كان الجد قد حاز لكن ما وهبه وأشهد عليه فإن الهبة صحيحة ولو لم تعلمن بها إلا بعد وفاته لتمام الحوز من قبله كجد أو وصي. ولا يحق لورثته المطالبة به بعد ذلك. أما إذا لم يكن قد حازها من نفسه لكنّ فإن الهبة لم تتم. وفي هذه الحالة فعليك أن تعطي نصيبه لورثته إلا إذا تنازلوا عنه برضاهم وكانوا رشداء بالغين. وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتويين التاليتين: 30926، 55172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1426(12/5095)
تصرف المالك في ملكه بما لا يخالف الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يسأل: عندي دار, أؤجرها وأعيش أنا وأسرتي على ريعها, وهو الدخل الأساسي للأسرة، أسرتي تتكون من زوجة وأحد عشر ابنا (خمس بنات) وأنا أعاني من مرض في القلب، أخشى -والأعمار بيد الله- أن يحصل نزاع بعد موتي فيباع البيت وتتشرد زوجتي، سؤالي هو: ماذا يمكن أن أفعل لضمان تصرف زوجتي في دخل هذا البيت لحين وفاتها دون أن أخالف الشرع، مع العلم بأن كل أبنائي تعدوا سن الرشد، ملحوظة: ليس المقصود حرمانهم من الإرث وإنما تأجيل تصرفهم فيه وذلك بموافقتهم حاليا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مرض أبيك مرضاً مخوفاً وصل به إلى توقع الموت في أي وقت، فإنه لا يحق له التصرف في ماله إلا في حدود الثلث يوصي به لغير وارث أو لوارث إذا أجازه الورثة وكانوا رشداء بالغين.
أما إذا لم يكن مرضه مرضاً مخوفاً فإن له الحق في التصرف في كل ماله أو بعضه كيف شاء ما لم يخالف الشرع، وأقرب حل شرعي لما سأل عنه أن يحبس الدار المذكورة على زوجته وأولاده بالتساوي أو التفاوت أو على قدر أنصبتهم من التركة حسبما يراه مناسباً فالأمر هنا واسع بالنسبة له، فقد قال أهل العلم: شرط الواقف كنص الشارع ما لم يخالف. وللمزيد من التفصيل والفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 29412.
ويمكن أن يهب الدار لزوجته هبة كاملة مستوفية الشروط من رفع يده عنها وتمكين زوجته منها حتى تحوزها حوزاً شرعياً، لأن التسوية في العطية لا تجب إلا بين الأبناء خاصة، وإن كنا لا ننصح بهذا الحل وخاصة إذا كان الأب ليس له أملاك غير الدار المذكورة، نسأل الله تعالى أن يرشدكم ويوفقكم لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1426(12/5096)
قبول عطية الأب إذا كان ماله مختلطا
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي تاجر ذهب وهو لا يتعامل بالربا ويخرج الزكاة ولكن له بعض التعاملات المشبوهة: دفع نسبة لمهربي البضائع عن طريق دبي وذلك للتهرب من الجمارك، بيع بضائع مستعملة على أنها جديدة، رفع السعر لإيهام المشتري بأنه يراعيه، استغلال المشتري الثري ومضاعفة السعر عليه، الكذب في البيع وكثرة الحلف الكاذب، بخس السعر لمن يريد أن يبيع ذهبه.
وقد اشترى لي سيارة باسمي وبعتها الآن، هل ثمن هذه السيارة حرام وبالتالي يحرم علي أخذه؟ وماذا أفعل به؟ وإن منحني والدي رأس مال للتجارة به أو ورثته، هل يعتبر ذلك مالا حراما أيضا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن في ما ذكرته من المعاملات التي يتعامل بها والدك مع الناس ما هو محرم شرعًا كالكذب في البيع وغش الناس والاحتيال عليهم وإيهامهم بأن السلعة جديدة وهي قديمة، والحلف على الكذب، ونحو ذلك من المعاملات المحرمة. وفي الحديث: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم. وذكر منهم: المنفق سلعته بالحلف الكاذب. رواه مسلم.
فالواجب عليك والحال ما ذكر هو أن تنصح والدك بأن يتقي الله ويقلع عن هذه المعاملات الآثمة، وأعلمه بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: اليمين الكاذبة منفقة للسلعة ممحقة للكسب. رواه أحمد وغيره.
أما مسألة قبولك لما يعطيك إياه من المال لتنتفع به في الوجوه المختلفة فلا حرج عليك في قبوله؛ لأن غاية أمر مال والدك أن يختلط حلاله بحرامه بحيث لا يتميز الحلال من الحرام، وما كان كذلك جاز معاملته فيه وأن يورث منه.
وراجع للمزيد الفتوى رقم: 6880، وراجع في حكم الضرائب الفتوى رقم: 5107.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1426(12/5097)
قبول هدية النصرانية وعطاياها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أقيم في بلد أجنبي ولقد تعرفت على امرأة نصرانية وهي أم لأولاد وزوجها متوفى وهذه المرأة متعلقة بي جداً وتحبني وتريد الزواج مني وأنا أيضا أحترمها جداً فهي طيبة لأبعد الحدود وتحب مساعدة الناس كثيراً، ولكني لا أريد الزواج منها لأني قررت أن أعود لبلدي والزواج منه وأنا في حيرة شديدة لأن هذه المرأة أعطتني بعض الأموال وساعدتني مادياً ووقفت بجانبي في محنتي، أريد أن أعرف أهذه الأموال حرام ويجب أن أعيدها للمرأة لأنها أم لأولاد وأخاف أن تدخل مسألتي في أكل أموال اليتامى رغم أنها هي التي أعطتني الأموال من نفس طيبة وحبا للمساعدة وهي ترفض أن أعيدها لها، وهي رغم كل هذا تقول لي إن احتجت لبعض الأموال أنا أريد مساعدتك ولو أنت في بلدك.. ولا أنكر أني أفكر بالزواج منها لأنها على استعداد لعمل أي شيء فمثلا تتمنى أن تصطحبني لبلدي وتعيش معي هناك وهي متقبلة حتى أن أتزوج غيرها وهي على استعداد للبس الحجاب في بلدي رغم أنها نصرانية وأنا قد ناقشتها كثيراً عن الإسلام فهي تقول أنها تؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ولكن هي لا تريد تغيير دينها.. فأرجو إفادتي، فهل علي شيء إن لم أعد الأموال التي أخذتها أو أن أقبل منها مساعدة مادية بغض النظر عن مصدر هذه الأموال فهي أموالها التي تكسبها من مصدر مطعم يباع فيه الخمور وأموال دفعتها شركة التأمين لها بعد موت الزوج، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما حكم الزواج منها فلك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 38027، والفتوى رقم: 65651.
وقد بينا أن الزواج بالمسلمة ذات الدين أفضل لما في الزواج بالكتابيات من خطورة، كما في الفتوى رقم: 58237، والفتوى رقم: 54660.
وأما قبول الهدية منها ومساعدتها لك فالأصل أنه لا حرج فيه وقد عقد الإمام البخاري رحمه الله لذلك باباً فقال: باب قبول الهدية من المشركين وأورد فيه أحاديث منها حديث أنس رضي الله عنه: أن يهودية أتت النبي صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها.
وعند الطبراني في الكبير: أن المقوقس ملك القبط أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم هدية وبغلة شهباء فقبلها صلى الله عليه وسلم. قال الهيثمي رواه البزار والطبراني ورجال البزار رجال الصحيح.
وقد قال صلى الله عليه وسلم لعمر: إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك. متفق عليه، قال العجلوني: وكان عبد الله بن عمر لا يسأل أحداً شيئاً ولا يرد شيئاً أعطيه.
فلا حرج عليك في قبول عطاياها وما تساعدك به من مال فقد أجاب صلى الله عليه وسلم دعوة يهودي وأكل من طعامه كما عند أحمد واليهود وصفهم الله بأكل السحت، وأغلب معاملاتهم بالربا وقد اشترى صلى الله عليه وسلم من يهودي طعاماً، ومن العلماء من كره ذلك إذا عُلمت غلبة الحرام على المال ومنهم الشافعي وأحمد رحمهما الله تعالى.
أما إذا استويا أو غلب الحلال أو جهل أصل المال فلا حرج في قبوله، إلا إذا أخبرتك أن ما تهديه إليك ليس من مالها وإنما هو من مال أولئك اليتامى أو أخبرتك أن مصدره حرام قطعاً مثل الربا فلا يجوز لك قبوله، وكذلك إذا كانت تلك العطايا لأجل استعطافك لفعل محرم أو الميل إلى دينها ونحو ذلك من الأغراض الفاسدة فلا يجوز قبولها، وأما ما كان عن إنسانية منها وحب لفعل الخير فينبغي قبوله تأليفا لقلبها وترغيباً لها في الإسلام.
مع التنبيه إلى أنه لا يجوز إقامة علاقة محرمة معها ولا مخالطتها مخالطة محرمة كالخلوة بها مثلاً أو النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه منها والحديث معها فيما لا يجوز، وللاستزادة راجع الفتوى رقم: 7680، والفتوى رقم: 32462.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1426(12/5098)
حكم إعطاء جهاز البنت الكبرى للأصغر منها
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة كانت تقوم بتجهيز ابنتها للزواج ولكن ابنتها هربت وتزوجت بدون رضى والديها ودون علمهما فقامت الأم بإعطاء الأشياء التي جهزتها لها إلى ابنتها الأصغر منها، فهل يكون على الأم وزر أو يكون على الأم دين لابنتها لدفع قيمة ما قامت بتجهيزها قبل هروبها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزواج البنت دون إذن وليها باطل، كما بينا في الفتوى رقم: 48730.
كما لا يجوز لوليها ولا لأمها إجبارها على نكاح من تكره، كما بينا في الفتوى رقم: 10286.
وأما سؤالك هل على الأم إثم فيما فعلت أو هل يبقى ذلك دينا في ذمتها، فالجواب: أنه لا إثم عليها ولا يثبت دينا في ذمتها، لأنه ليس ملكا للبنت، وإنما كان عطية من أمها أو أبيها، وقد هربت وتركته، والهبة والعطية لا يملكان إلا بالحوز، كما بينا في الفتوى رقم: 42419 ولم تذكر أنه حصل من هذه البنت حوز، فهي العاصية الآثمة، ويجب عليها التوبة إلى الله تعالى مما فعلت ونكاحها بدون إذن وليها باطل كما بينا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1426(12/5099)
حكم تقديم الهدايا للمدرسات لزيادة الاهتمام بالولد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تقديم الهدايا لمدرسات الروضة يعتبر رشوة, علما بأن النية هي ليست لإنجاح الطفل لأنهم روضة، ولكن النية هي الاهتمام بالطفل، وخاصة من حيث الحمام وغيرها من الأمور التي يحتاجها الطفل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الهدية لمدرسة الروضة ما لم يترتب عليها إهمال الأطفال الآخرين لأجل الاهتمام بولدك، وإلا كان لها حكم الرشوة المحرمة، وراجع في هذا الفتوى رقم: 11156، والفتوى رقم: 1713، والفتوى رقم: 18038.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1426(12/5100)
ماهية العدل بين الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[كثيراً ما يتساءل المرء عن الفروق بين الأولاد ذكوراً وإناثاً ويحتار في كثير من الأمور فتربية الشاب تختلف تماماً عن تربية البنت ... ومن هنا سؤال: هل هناك شروط في موضوع النفقة على البنت والشاب والفروق بينها إن وجدت ولصالح من؟ أم أن الأمر متروك لتقدير ولي الأمر؟
أفيدونا يرعاكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العدل من صفات الإسلام البارزة وقد أمر الله به في كل شيء، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ {النحل: 90} وحتى مع الأعداء قال تعالى: وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى {المائدة: 8} كما حرم الجور والظلم، وأولى الناس بالعدل هم الأبناء والأقربون. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه
والعدل بين الأولاد يكون في الهبات وعدم التمييز بينهم في التربية والتعليم والرعاية، وأما النفقة والعلاج والمستهلكات عموما فإنها حسب الحاجة.
فإذا كان أحدهم ذكراً أو أنثى أكثر حاجة أو صرف عليه أكثر نظراً لحاله أو لظروف معينة فإن ذلك لا يعني عدم العدل بينهم بل هو عين العدل، فليس على الأب أن يعوض بقية أبنائه ما زاد على نفقات بعضهم نظراً لحاجة من أنفق عليه. لما في ذلك من الحرج ولأنه ليس المقصود أصلاً تفضيل بعضهم على بعض.
وللمزيد من التفصيل وأقوال أهلم العلم في وجوب العدل في العطية بين الأبناء أو استحبابه نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 6242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1426(12/5101)
رجوع الأب عن هبته لولده
[السُّؤَالُ]
ـ[ابتنيت منزلا في مدينة غير المدينة التي أسكن فيها بمنزل والدي الذي يملك منزلا ثانيا قريبا منه. وحين عزمت على الرحيل قدر الله تعالى أن أفرغ أحد المكترين شقة بسيطة فوق سطح البيت الثاني. ورغبة من أبي – كما قال لي – في استبقاء أبنائي قريبين منه، اقترح علي أن أدمر تلك الشقة (بناء عشوائي: دون تصميم) وأبني عوضها سكنا لائقا بمالي الخاص (بعت من أجل ذلك منزلي وأرضا فلاحية في ملك زوجتي) وعبر لي صراحة بأنه لا يطلب مني أي مقابل. (لم يوثق لي الهبة) وبعد ست سنوات فاجأني بالتراجع عن الهبة وأصبح يقول لي سأوثق لك ملكيتها في صورة هبة ولكن على أن تكون نصيبك من الميراث ?? ووزع بقية شقق منزلية على إخوتي (ذكرين وانثيين) بدعوى المساواة ولكن بشكل لايحقق قسمة الله الشرعية وبالتالي لايحقق المساواة. كما تسبب في تعقيد العلاقة بيني وبين أخي (كانت سيئة من قبل وتحولت إلى عداوة.) - فما موقف الشرع من تراجع الأب عن هبته الأولى والتي كلفتني عدة ملايين؟ هل له الحق مطلقا في إخلاف الوعد مهما تغير شكل البناء ومهما علت تكلفته وطالت مدة استغلاله؟ - هل من حقي أن أطالبه بالتعويض عن الخسارة وخاصة ثمن أرض زوجتي؟ جزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوالد في الصورة المعروضة حسب ما فهمنا من السؤال وهب ولده هواء بيته ليبني فيه شقة مناسبة له، فقبل الولد الهبة وقبض الموهوب وبنى الشقة، ثم إن الوالد تراجع عن هبته هذه وأراد أن يجعلها من نصيب ولده من الميراث. وعليه فتصرف الوالد باطل لا يصح. وبيان ذلك أن الوالد لا يجوز له الرجوع في هبته لولده إذا أحدث الولد فيها تغييراً أو تعميراً أو استدان من أجلها ونحو ذلك من الموانع التي ذكرها أهل العلم وبيناها في الفتوى رقم: 60889، والفتوى رقم: 6797.
هذا وإذا أراد الولد التنازل عن حقه في ملكيته هذه الشقة مقابل عوض مالي يأخذه من الوالد فلا مانع.
وبخصوص توزيع الوالد شققاً على إخوة السائل فشيء حسن إذا عدل في العطية، ولا عدل هنا فيما يظهر لأن السائل بنى الشقة المذكورة بمال نفسه وإنما كان من الوالد الهواء، فالواجب على الوالد العدل في العطية بين أولاده فإن الجور يؤدي إلى الحقد والبغضاء بين الأبناء، هذا ويجب على الأخ السائل وصل رحمه وعدم قطيعتهم ولو أساؤوا إليه، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 58532، والفتوى رقم: 62260.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1426(12/5102)
حكم المال الذي يوهب لأرملة ثم تزوجت
[السُّؤَالُ]
ـ[قام أحد أقاربي بمخاطبة مدير في شركة ليعطيني مبلغا لتأخذه أختي عندما كانت أرملة والآن الحمد لله فقد تزوجت وأنا آخذ المبلغ لها وهي تعطيه لأمي، هل هذا المال يعتبر حلالا أم حراما، أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إعانة الأرامل والمساكين من أعظم القربات إلى الله تعالى، فقد روى الإمام البخاري عن صفوان بن سليم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو كالذي يصوم النهار ويقوم الليل.
لكن يجب التنبه إلى أنه إذا كان هذا المدير يصرف ذلك المبلغ لأختك من مال الشركة التي يعمل فيها، فلا يجوز ذلك إلا بإذن صاحب الشركة أو من له صلاحية الإذن في ذلك، وهذا لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه. رواه الدارقطني.
وأما إذا كان يصرفه من ماله هو، فلا حرج في ذلك، وإذا عرفت هذا، فإذا كان هذا المبلغ يوهب لأختك نظراً لكونها أرملة فقيرة بحيث لو لم تكن كذلك لم يوهب لها، فإن هذا الوصف ينزل منزلة شرط الواهب الذي يجب مراعاته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود.
فإذا تزوجت واستغنت بإنفاق زوجها، فلا يجوز لها أخذ هذا المبلغ، وما أخذت منه بعد زواجها فعليها أن ترده إلى هذا الرجل إلا أن يسامحها فيه، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 43344.
ولا يسلمها من الإثم كونها تدفعه لأمك حينئذ إلا إذا وافق الواهب على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1426(12/5103)
المكافأة هل يستحقها الموظف المستقيل
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو استطلاع رأيكم الفقهي فى المسألة التالية، علما بأنها تمس العديد من الزملاء العاملين معي في نفس الشركة وفي شركات أخرى، أعمل في شركة قطاع خاص، وقد أقرت إدارة الشركة مكافأة سنوية للموظفين بمقدار متغير للموظف حسب أدائه خلال السنة والذي يتم قياسه طبقا لعدة عوامل للتقييم، ونص القرار الإداري الخاص بإقرار المكافأة بأنه يتم صرف المكافأة في شهر يناير من العام التالي للعام الذى تصرف عنه المكافأة أي أن مكافأة عام 2004 يتم صرفها فى يناير 2005، وقد تم إرجاء صرف هذه المكافأة أكثر من مرة بسبب عدم توفر السيولة المالية اللازمة للصرف، ولكن مع التأكيد على صرفها وعدم إلغائها، وإلى الآن لم يتم صرف هذه المكافأة، وقد قام بعض الموظفين منذ شهور بتقديم استقالاتهم من العمل بالشركة وحين طالبوا بالمكافأة كان رد الشركة كما فى البيان التالى: \"تعليقا على ما يثار بخصوص المكافأة السنوية لمن يترك الشركة، فكما تعلمون فإن المعروف عرفا كالمشروط شرطا وهي قاعدة فقهية معروفة، وما جرى عليه العرف في الشركة وفي الشركات المثيلة بالسوق المصري أن من يترك الشركة برغبته قبل صرف المكافأة فإنه لا يستحق المكافأة والتي لا تصرف في المعتاد إلا للحفاظ على انتماء وولاء الموظف للشركة، ولكن حيث إن المكافأة كانت تتضمن التعويض عن ساعات العمل الإضافية، فإن الشركة ستقوم بصرف بدل نقدي عن هذه الساعات التي عملها الموظف الذي يترك الشركة وذلك عن العام الذي كان يستحق عليه المكافأة. وأدعو من يرى أن له حقا خلاف ذلك أن يقابلني ليبين لي مبرره لهذا الحق\" وبعد صدور هذا البيان حصلت على فرصة عمل في شركة أخرى وقبلتها وعليه قمت بتقديم استقالتي، وعند تسوية مستحقاتي أوضحت الإدارة أنني لا أستحق هذه المكافأة حيث إنه قد تم إعلام الجميع بالبيان السابق أن المكافأة يتم صرفها للموظفين المستقرين في الشركة ولا يستحقها المستقيلون حيث إنها حافز للموظف على البقاء في العمل، ويرى الموظفون المستقيلون أنه ما دامت المكافأة قد تم إقرارها، ولكن الصرف تأخر نظراً للمعوقات المادية، فهي أصبحت فى حكم الدين الذي يجب الوفاء به حين زوال العسرة وأن العرف يعتد به ما لم يتعارض مع الشرع، ورأي الشركة أن هذا العرف لا يتعارض مع الشرع وأن العبرة بالعرف السائد في السوق والذي تم إعلانه في البيان السابق والذي ينظر إلى المكافاة كأداة لزيادة انتماء الموظف لكي يظل بالشركة، والسؤال هو: هل يستحق الموظف المكافأة باعتبارها دين على الشركة واجب السداد عند توفر السيولة المالية، أم هو لا يستحق مكافأة باعتبار ما هو متعارف عليه في أنها لا تصرف إلا للموظف الذي يستمر بالشركة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أن جزءا من هذه المكافأة هو هبة من الشركة للموظف وهو ما زاد عن ساعات عمله الإضافي، أما أجر ساعات العمل الإضافي فإنه حق ثابت للموظف والشركة ملتزمة بدفعه، فإذا كان الأمر كذلك، فإن الهبة لا تملك إلا بالقبض، وللواهب الرجوع فيها قبل قبضها والتصرف فيها كما يشاء، كما هو مبين في الفتوى رقم: 65392، والفتوى رقم: 58686.
وعليه فليس للموظف المطالبة بهذه المكافأة لعدم ملكه لها قبل القبض، وسواء في هذا أكان المتعارف عليه أنها لا تصرف إلا للموظف الذي يستمر بالشركة أم لا، ولكن قد يستحق الموظف مكافأة أخرى إذا انطبقت عليه شروطها، وهو ما يعرف بمكافأة نهاية الخدمة، وراجع لذلك الفتوى رقم: 59906.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1426(12/5104)
كتب أملاكه باسم زوجته ثم مات
[السُّؤَالُ]
ـ[كتب زوجي معظم أملاكه باسمي وله ابنة من غيري فأعطيتها ميراثها من كل ما أملكه لي إلا الفيلا اعتبرتها حلالا لي من باب الهبة ومن باب أني شقيت جدا بالعمل معه، علما بأنه كتب ما كتبه لي من أملاك دون ضغط مني زد على ذلك أني أخبرته قبل وفاته أني سأعطي ابنتك من كل الأملاك التي هي باسمي إلا الفيلا لن أعطيها منها ولم يعترض، فهل الفيلا من حقي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما كتب لك زوجك من أملاكه باسمك على طريق الوصية بعد وفاته فإن هذه الوصية لا تصح إلا إذا أجازها بقية ورثته بعد وفاته وكانوا رشداء بالغين لأنها وصية لوارث، والوصية لا تصح لوارث، ولا بما زاد على ثلث التركة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الثلث والثلث كثير. رواه البخاري وغيره، ولقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. وفي وراية الدارقطني: إلا أن يشاء الورثة. روه أصحاب السنن.
أما إذا كانت الكتابة هبة ناجزة وتم حوزها من قبلك قبل حصول مانع من زوجك كالدخول في مرض موته فإنها تعتبر هبة صحيحة؛ إلا إذا كان القصد منها الإضرار بالورثة وحرمانهم من حقهم فإن الضرر يزال -كما قال أهل العلم- والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطأ. وفي حال صحة الهبة فإن لك الحق في التصرف فيها بهبة بعضها أو كلها لابنته أو لغيرها فقد أصبحت ملكا لك تتصرفين فيه كيف شئت.
أما إذا كانت غير صحيحة بحيث كانت وصية بعد الوفاة أو تجاوزت الثلث ولم يجزها الورثة فإن ما يحق لك منها هو الثُمُن فقط وهو نصيب الزوجة من تركة زوجها إذا كان له ولد، وما زاد عن الثُمُن فعليك أن ترديه إلى بقية الورثة ليقسم بينهم على ما جاء في كتاب الله تعالى، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 52512، 51986، 28886.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(12/5105)
قبول هدية السارق الذي له مال من مصدر حلال
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريبة عندها مرض السرقة (مرض نفسي) وهي الآن مسنة، والله أعلم إن كانت قد أقلعت عن هذا , السؤال أنها تعتمر كل عام وتأتي محملة بالهدايا لنا , ونحن نقبلها، ملابس وطعام و......
ما حكم هذا مع العلم أن لها مصدرا شهريا من المال الحلال؟
وإن كان هذا حرام , فكيف نكفر عن هذا الذنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم مطالب بتحري الحلال والبعد عن الحرام والشبهات، وبخصوص قبول الهدية ممن وصفت فالظاهر أنه لا مانع من قبولها شرعا إن شاء الله تعالى ما دام لها مصدر مالي من الحلال، وما دمت لا تعلمين أن ما أهدت إليك من الحرام بعينه، وخاصة أنك لا تعلمين هل هي ما زالت متلبسة بالسرقة، ولعلها تابت من ذلك عند ما تقدمت بها السن وأصبحت تؤدي العمرة كل سنة.
وإذا كنت تعلمين أن ما أهدت إليك من الحرام فلا يجوز لك قبوله، وإذا كان سبق شيء من ذلك فعليك أن ترديه إلى صاحبه إن كنت تعلمينه وإلا فإن عليك أن تصرفيه في وجوه البر للتخلص منه.
وللمزيد من التفصيل وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتاوى: 18559، 21886، 56934.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1426(12/5106)
مسائل في الهبة للأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجت ابنتي بعد وفاه أبيها وكانت آخر الأبناء زواجا فطلبت أن لا أعمل لها عرسا وأن يكون عائليا فقط فأخذت قيمة مصاريف العرس واشتريت بها قطعة أرض لها، هل تعتبر خارج التركة علما أن كلا من إخوتها صرف عليهم والدهم الكثير قبل وفاته؟
وكذلك أعطى زوجي لابني الأكبر مبلغا كبيرا ليتاجر فيه فهل أدخله في التركة ويحسب له من ميراثه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ثمن القطعة المذكورة من مال زوجك المتوفى فإنها لا حق فيها لابنتك الصغيرة دون بقية ورثته لأنها جزء من التركة؛ إلا إذا تنازل لها بقية الورثة عن نصيبهم منها وكانوا رشداء بالغين.
أما إذا كان ثمنها من مالك الخاص فلا مانع من تخصيص البنت بها إذا كنت قد وهبت مقابلها لبقية إخوانها لأن العدل بين الأبناء في العطية واجب على الراجح من أقوال أهل العلم، وسبق بيان ذلك وأدلة القائلين بالوجوب والقائلين بعدمه في الفتوى رقم: 6242.
وفي حالة إعطائها للبنت فلا بد أن ترفعي يدك عنها وتتم حيازتها بالفعل من طرف البنت، وقد سبق بيان شروط نفاذ الهبة في الفتويين: 9084، 10390.
وما وهبه زوجك في حياته لأبنائه عند الحاجة أو صرفه عليهم في زواجهم فهذا لا يعد من التركة بل من مستهلكاته الخاصة.
وأما ما أعطاه لابنه ليتاجر به فإذا لم يكن هبة منه ماضية أي أنها مجرد عملية تجارية فإنه يرد إلى عموم تركته ليوزع معها على جميع الورثة، ولابنه أخذ ما اتفق عليه هو وأبوه أو ما جرى به العرف مقابل عمله، وانظري الفتوى رقم: 32659.
وأما إذا كان أعطاه له مقابل ما أعطى لأبنائه الآخرين فهو حق له دون غيره. وكذلك إذا كان خصه به بناء على قول جمهور أهل العلم بعدم وجوب التسوية ثم مات ولم يسترجعه حتى مات الأب فإنه يعتبر خاصاً به دون غيره، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 5348.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1426(12/5107)
من حصل على هدية بواسطة الكذب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة منضمة إلى حلقة، ومرة عملوا لنا مسابقة من يصلي أكثر وكذبت وأخذت الهدية، والآن أنا تبت ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكذب كبيرة تجر صاحبها والعياذ بالله إلى النار؛ كما في الحديث المتفق عليه: إن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً. ويؤدي إلى اللعن والطرد من رحمة الله قال تعالى: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ {الذاريات: 10} أي لعن الكذابون، وقال: إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ {غافر: 28} وهو من خصال أهل النفاق، كما في الصحيحين: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان.
وبالجملة فإن الكذب محرم. والذي فعلته السائلة غش وخديعة زيادة على أنه كذب. والغش والخديعة خُلقان مذمومان لا يتصف بهما المؤمن الذي يخاف ربه، ولا ينبغي له أن يزاولهما أصلاً. وقد أخرج الإمام مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومن غشنا فليس منا. وفي رواية: من غش فليس مني.
وعليه؛ فواجبها الآن هو أن تتوب إلى الله توبة نصوحاً، ومن تمام توبتها أن ترد الهدية إلى مستحقها إذا كانت تعرفه، وإلا فلتردها إلى الجهة المنظمة للمسابقة لتردها تلك إلى المستحق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1426(12/5108)
هبة الأرض للولد إذا كان برضى سائر إخوته
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله الطاهرين الطيبين
لي صديق أرادت أمه أن تبيعه قطعة أرض صالحة لبناء مسكن بمساحة 140م دون مقابل ما يسمى عندنا في تونس بيعة وشرية، وهو أوسط إخوته الذكور عمراً، كما تنازلت للصغير منهم عن المنزل الأصلي وللكبير عن الفضاء فوقه والذي يخص السائل تم برضاء الأخوات، فما حكم ذلك في الدين حتى تبرأ ذمة الأم أمام الله؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا النوع من البيع لا يعتبر بيعاً شرعياً لأن العبرة في الشرع بالحقائق والمضامين لا بالألفاظ والعناوين، فالبيع من عقود المعاوضة التي لا بد فيها من الثمن مقابل المثمن، ولذلك فهذا لا يعتبر بيعاً.
وما دامت الأم قد وهبت أو تنازلت لأبنائها الآخرين عن بعض ممتلكاتها، فلها أن تتنازل لابنها الأوسط عن قطعة الأرض المذكورة بالهبة مقابل ما وهبت لأبنائها الآخرين.
لأن الواجب على الوالدين التسوية بين الأبناء في العطية على الراجح من أقوال أهل العلم، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل وأدلة القائلين بالوجوب وعدمه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6242، 35212، 11027، 36553، 54324 نرجو الاطلاع عليها.
وما دام بقية الإخوة والأخوات قد رضوا بما فعلت أمهم فلا مانع من ذلك شرعاً، ولو كان فيه تفضيل بعضهم على بعض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1426(12/5109)
حكم الهدايا بين العشيقين قبل أن يتوبا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الآن مخطوبة لرجل كانت تربطني به علاقة محرمة، ولكن هذه الخطوبة تمت بعد أن تركنا هذه الفاحشة العظيمة بسنوات وتأكدنا أن كلانا قد زجر وردع عن الرجوع إليها وأشهدنا الله الذي لا إله إلا هو على صادق توبتنا وندمنا الذي لا يعلمه إلا هو فقد صدق الله حين قال إنه كان فاحشة وساء سبيلا، سؤالي هو يا شيخ: أنه بعد فترة من خطبتي قرأت فتوى تحرّم الهدايا بين من كان بينهم علاقه محرمة وأنا لم أكن أعلم ذلك، فماذا أفعل بالهدايا التي أعطاني إياها خطيبي قبل التوبة والخطبة هل أعيدها له، وإن أعدتها له ثم قام بأخذها وتقديمها لي مرة أخرى على أساس أنها هدية من خطيب إلى خطيبته، فهل يجوز لي أخذها أم لا؟
وسؤال آخر: أنه قبل التوبة كنت قد دخلت المستشفى لإجراء عملية جراحية ولم يكن معي المبلغ فقام هو بدفع جزء من المبلغ وحين أردت أن أعيده له رفض وقال إنها مساعده منه، فهل أعتبر هذا المبلغ من ضمن الهدايا، والهدايا التي تم استهلاكها ولا أعلم ثمنها كيف أعيدها، ملاحظه: هو يقول إن هذه الهدايا لم تكن بنية ثمن لاستمتاعه المحرم، فبعضها كان بسبب مناسبة تخرج أو عيد ميلاد (أعلم ان أعياد الميلاد محرّمه تركتها أيضا) أرجوك إفادتي فأنا أريد التطهر من كل ما هو حرام؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تكن هذه الهدايا مقابل استمتاعه بك فلا مانع لك من تملكها والانتفاع بها، ولا حاجة إلى ردها إليه ليقدمها لك هدية مرة أخرى تحايلاً على حلها.
أما إذا كانت هذه الهدايا أو بعضها مقابل استمتاعه المحرم بك، فالواجب عليك هو التخلص مما كان منها مقابل ذلك الاستمتاع، وذلك بإنفاقه في مصالح المسلمين لأنه عوض في مقابل منفعة محرمة فلا يُرد إلى من استوفى المنفعة لئلا يجمع بين العوضين، ولئلا يُكافأ على معصيته، وكذا لا يجوز لك إمساكه لنفسك لأن المال المحرم لا يجوز لمكتسبه الانتفاع به.
وما أنفقتيه من هذا المال في الماضي في هذه الحالة لا شيء عليك فيه، والظاهر من السؤال أن هذه الهدايا لم تكن مقابل استمتاعه المحرم بك كما ذُكر على لسانه في نص السؤال، وراجعي الفتوى رقم: 57809، والفتوى رقم: 65891.
ونسأل الله تعالى أن يقبل توبتكما وأن ييسر لكما الخير، وأن يختم لنا ولكما بخاتمة السعادة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1426(12/5110)
حكم استيفاء المكافأة لمن سقط اسمه سهوا من جدول المكافآت
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في دائرة حكومية وفي كل عام يكون لدينا ضغط عمل في أشهر الصيف فيطلبون منا العمل بعد الدوام وفي أيام العطلة ويقولون لنا لن تأخذو إجازتكم السنوية قبل إنجاز العمل الذي معكم فنعمل ليل نهار لنذهب في إجازتنا للأهل حيث إننا وافدون، وبعد عودتنا يحاسبوننا بغير ما وعدونا وقد يتم دفع أقل من نصف ما كنا نستحق، وهذا تكرر عدة سنوات، سؤالي: هل يجوز لنا أن نزيد في عدد الساعات التي عملنا بها حين نقدم لهم القوائم حتى إذا حسموا نصفها بقي لنا ساعات قريبة لما عملنا بحيث نقترب من حقنا الفعلي، مع العلم بأنهم ظلمونا لعدة سنوات وبمئات الريالات، أفيدونا أفادكم الله.
ويوجد لي سؤال آخر: في العام الماضي تم منح جميع الموظفين بدائرتنا مكافأة بنهاية العام بلا استثناء، ولسوء حظي سقط اسمي سهوا من قائمة المكافآت وقد بعثنا أكثر من مرة مطالبة بالمكافأة وأخبرونا أن لا يوجد موازنة وعليك أن تنسى الموضوع وبالمناسبة المكافأة كانت راتب شهر وليست قليلة، فسؤالي: هل يجوز لي بعلم مدير دائرتي أن أضيف عدد ساعات إضافية مع ساعات العمل التي عملتها والتي سيدفعونها لي مقابل الظلم الذي وقع علي بعلم مدير دائرتي وليس من عندي، أفيدونا، أرجو إعطاءنا بعض النصائح في الاحتساب عند الله حيث إننا يشهد الله لمظلومون ونحتسب عند الله الأجر إن لم نأخذه بالدنيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما لم تتقاضوه من أجرة الدوام الإضافي مستحقا لكم استحقاقاً ثابتاً لا شبهة فيه، ولم تجدوا طريقاً للحصول عليه أو على بعضه إلا أن تزيدوا في القوائم في عدد الساعات التي عملتموها، فلا حرج في ذلك بشرط أن تقتصروا فقط على استيفاء حقكم دون الزيادة عليه، وذلك على الراجح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، وهي المعروفة عند أهل العلم بمسألة الظفر بالحق، وراجع الفتوى رقم: 36045، والفتوى رقم: 38796، والفتوى رقم: 57897.
ومحل استيفاء الحق بهذه الطريقة هو فيما مضى وثبت لكم من حقٍ ظلمكم المسؤولون في هذه الدائرة بمنعكم من تقاضيه، أما فيما يستقبل مما لم يتحقق فيه ظلم المسؤولين ولكن تخشون فقط من أن يجروا على عادتهم في ظلمكم، فلا يجوز أن يستوفى بذلك، إذ من الممكن أن لا يقع الظلم بسبب وجود مانع من الموانع، كما هو مبين في الفتوى رقم: 32134، والفتوى رقم: 66155.
هذا ما يتعلق بسؤالك الأول، وما يقال فيه يقال أيضاً في سؤالك الثاني، فإذا كانت هذه المكافأة مستحقة لك وليست هبة من الدائرة التي تعمل فيها ولم تجد طريقاً للحصول عليها، إلا أن تزيد في عدد الساعات التي عملتها، فلا حرج في ذلك، أما إذا كانت هبة من الدائرة -وهذا هو الظاهر- فلا يجوز لك هذا لأن الدائرة لها الحق في أن تهب لبعض الموظفين دون بعض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1426(12/5111)
حكم الرجوع بالهبة على ورثة الموهوب له
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل وله 3 بنات و3 ذكور وزوجة وكان يستأجر محلا لبيع بعض الأشياء ويساعده ابنه الأوسط وذلك لعدم تكملة تعليمه، وبعد فترة أراد الابن أن يستأثر بالمحل لنفسه فتنازل البعض له طواعية والآخر بمقابل زهيد نظرا لأنه ليس له مصدر دخل غير تلك التجارة ثم بعد ذلك توفي ذلك الابن فباع ورثته (أبناؤه) المحل نظرا لعدم تفرغهم وذلك بمبلغ كبير من المال، والسؤال هو: هل من حق باقي الورثة الأصليين (الإخوة) نصيب في ثمن التنازل عن المحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام هؤلاء الإخوة قد تنازلوا لأخيهم عن حصتهم من المحل المذكور في وقت رشدهم وأهليتهم للتصرف فلا يحق لهم بعد ذلك الرجوع، سواء في ذلك من تنازل منهم بعوض أو غيره ولو كان ذلك في حياة أخيهم الذي تنازلوا له، وأحرى إذا كان ذلك بعد وفاته وعلى ورثته، ولذلك فلا شيء لهم من ثمن المحل، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه. رواه البخاري، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20453، 54114، 6797، 11760.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1426(12/5112)
تخصيص الابن البار بعطية زائدة عن إخوته
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أب طاعن في السن وأم وأخ وأخت, أراد الأب أن يكرم أبناءه وزوجته (أي والدتي) ويساعدهم على مصاعب الحياة فأعطى لكل واحد منا جزءا مما يملكه وبصفة عادلة وترك الباقي باسمه بالرغم من أن الأخ والأخت لا يقدمان له ما ينبغي من الرعاية والاهتمام ولا يتفقدانه لا في الشدة ولا في الرخاء وكل المسؤولية ملقاة عليّ وعلى والدتي التي أصبحت غير قادرة على القيام بواجباتها نحوه باعتبار الضرر الحاصل لها في عينيها.
وبما أني أصبحت أنا الراعي الوحيد لوالدي ولوالدتي أقوم على خدمتهما وأواسيهما وأمد لهما يد المساعدة كلما دعت الحاجة لذلك رأى والدي أن يزيد في مساعدتي ويميزني عن إخوتي فرفضت ذلك وأعلمت والدي بأني أقوم بواجبي لا غير ملتزما بقوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا.
ولكن الذي حيرني هو موقف أمي الذي تريد من خلاله أن تسلمني ولوحدي الجزء الذي أخذته من أبي وهو بمثابة قطعة أرض فلاحية مقابل ما أقوم به نحوهما. وأكدت علي في العديد من المناسبات بل وأمرتني أن أبيع الأرض وأتسلم الأموال المتعلقة بتلك الأرض ولما أعلمتها بأن ذلك لايجوز وأنه علينا أن نصبر على عدم اكتراث إخوتي بهما وعدم رعايتهما لهما أبلغتني أن رضاها عليّ لا يكون إلا بالامتثال والطاعة لطلبها. وهنا أصبحت في حيرة من أمري هل أمي على حق أم على باطل وهل يجوز لي أن أرفض طلبها مقابل عدم رضاها. إن أمي تخشى أن يتوفاها الأجل وتترك ما تملكه للورثة الذين لا يريدون أن يهتموا بها وبزوجها. أفيدوني يرحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التسوية بين الأولاد في العطية مطلوبة شرعاً لحديث: واتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم. رواه البخاري ومسلم. فإن وجد مسوغ شرعي للمفاضلة فلا مانع منها كأن يكون الولد فقيراً أو محتاجاً أو يكون باراً بوالديه والآخرون على خلاف ذلك أو يكون فيهم فسوق وإلى هذا ذهب طائفة من أهل العلم، جاء في الإنصاف: إن أعطاه لمعنى فيه من حاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عائلة، أو منع بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يعصي الله بما يأخذه ونحوه جاز التخصيص.اهـ وعليه فإذا كان السائل باراً بوالديه قائماً بحقوقهما وإخوانه على عكس ذلك فلا نرى مانعاً من الاستجابة لطلب والدته وتخصيصه بتلك العطية من والدته.
وانظر في شروط تملك العطية والهبة الفتوى رقم: 50206.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1426(12/5113)
العطية للذكور دون البنات
[السُّؤَالُ]
ـ[يملك جدّي لأمّي مزرعة غرست بها أشجار الخوخ وبها بئر وتدر عليه سنويا أرباحا لا بأس بها، ولجدّي خمسة أولاد وأربع بنات فتعمّد كتابة هذه الأرض لأبنائه الذكور دون البنات على أن يقع اقتسام بقية أملاكه بين جميع أبنائه إثر وفاته، لقد تم اكتتاب الأرض للذكور سرّا منذ أشهر وذلك بالتأثير على الجد من الأبناء والجدة نفسها إلى أن علمت أمي وخالاتي بالأمر مما أغضبهن شديد الغضب إذ وقع التمييز بينهن وبين الذكور ومن شأن هذا أن يشعل الفتنة والفرقة في العائلة، أرجو منكم أعانكم الله، أن تبينوا لي إن كان هذا العمل مقبولا شرعا، وهل يحق للأب في حياته أن يحرم بناته من رزقه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما فعله جدك هو كتابة وصية للأولاد الذكور لا تنفذ إلا بعد موته فهي وصية فاسدة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وغيرهم، وراجع الفتوى رقم: 1543.
أما إذا كان ما أعطاه جدك لأولاده الذكور هبة تُملك لهم حال حياته وهو في كامل أهليته للتصرف، فإن كان ما فعله لمسوغ شرعي كحاجة ابنائه الذكور للمال نظراً لكثرة عيالهم ونحو ذلك ولم تكن هذه الحاجة قائمة بالإناث، فلا نرى منه مانعاً.
أما إذا كان ما فعله دون مسوغ شرعي فلا يجوز له فعله، ولا يجوز للأبناء إنفاذه، لما بيناه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17002، 65788، 63465، 61237.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1426(12/5114)
كتابة الأم منزلها باسم ابنتها البارة بها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: أن فيه أم ساخطة على أولادها يعني لها أولاد لا يزورونها إلا البنت التي تعتني بها والأم كبيرة في السن،أما بالنسبة للأولاد عندما توفي أبوهم يريدون البحث عن الحقيقة يقولون إن أباهم كان قاضيا والأم تقول إن أباكم لم يكن عنده شيء ولم يكن قاضيا، ولهذا الأولاد نفروا منها ولا يزورها إلا الأخ الكبير وهوالذي يساعدها في الحاجات المنزلية يعني يعطيها المال، أما بالنسبة للبنت فهي تقابلها، أما الأخ الأكبر فهو برجوازي، فما رأيكم الأم تقول للبنت إني سأكتب المنزل باسمك يعني إذا توفيت سيكون المنزل منزلك وكل الحاجات متاعك وإذا أعطيت لإخوتك أكون ساخطة عليك أنت كذلك، يعني وصية البنت لأمها السخط إذا أعطيت شيئا لإخوتك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا ريب أن عقوق هؤلاء الأولاد لأمهم مما يحرمه الشرع سواء كان ما يدعونه عليها صدقاً أو كذباً ذلك أن الله تعالى أمر بالإحسان إلى الوالدين ولو كانا كافرين، فكيف فيما دون ذلك، كما قال الله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} .
فالواجب عليهم التوبة إلى الله عز وجل والإحسان إلى والدتهم والقيام بحقها من الإنفاق والزيارة ونحو ذلك، وأما قيام الوالدة بكتابة المنزل باسم ابنتها البارة بها ففيه تفصيل فإن كانت ستهبها المنزل في حياتها وتقبضه البنت قبل موت والدتها فهذه هبة وعطية حال الحياة لا بأس بها لوجود مسوغ لهذه الأم في المفاضلة في العطية بين أولادها، وذلك لأن من منع المفاضلة بين الأولاد في العطية استثنى أن يكون صرف العطية عمن صرفت عنه لتلبسه بفسق، كما بينا في الفتوى رقم: 6242، ولا شك أن العقوق فسق.
وأما إن كانت هذه الهبة لن تنفذ إلا بعد موت الأم فهي وصية لوارث، والوصية لوارث لا تصح إلا بإذن الورثة، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 66565.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1426(12/5115)
مسائل في هدية الكافر من المطعومات
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني في الإسلام:
أعيش في بلد غير مسلم للدراسة وأحيانا أهدى بسكويت أو حلويات تحوي دهونا حيوانية لا يمكن لي أكلها فأقوم أحيانا بردها لمن أهداها وأحيانا أعطيها لزملائي غير المسلمين في الجامعة. هل ما أقوم به صحيح شرعا أم ما العمل؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما يهدى إليك يحوي مواد محرمة لا يجوز استعمالها كدهون الخنزير وشحومه أو الميتة ونحو ذلك فإنه لا يجوز لك أكلها ولا إهداؤها لأن ما يحرم أخذه يحرم إعطاؤه، والغالب في متنجات أولئك القوم أنها تحوي أمورا محرمة، وقد بينا حكم الطعام والمنتجات التي توجد في بلاد الكفار في الفتوى رقم: 2437.
ولكون الغالب على تلك الدهون أنها من الخنزير أو الميتة فالأولى لك أن تحتاط لنفسك فلا تقبلها ولا تهديها إلى غيرك.
وأما إذا كانت الهدية مباحة وكانت خالية من المواد المحرمة فلا حرج عليك في قبولها ولو كان المهدي كافرا، والأولى أن لا تردها إلى من أهداها إليك، فإما أن تطعمها إن لم تكن تحوي ما لا يجوز أكله أو تهديها إلى غيرك، وقد بينا حكم قبول هبة الكافر وهديته في الفتوى رقم: 32462، وتجوز الهدية إليه تأليفا لقلبه وترغيبا له في الإسلام، ورد الهدية إلى من أهداها قد يكسر خاطره، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لو أهدي إلي ذراع لقبلت، ولو دعيت إلى كراع لأجبت. رواه البيهقي وغيره، وصححه الألباني
ولكن لاحرج عليك أن لا تأكلها إن كنت لا تأمن خلوها مما لا يجوز أكله أو كانت نفسك تعافها، فقد أبى صلى الله عليه وسلم أكل لحم الضب الذي جاءت به أم حفيد بنت الحرث من نجد، وقال: طعام ليس في قومي، فأجدني أعافه. قال خالد بن الوليد: فاجتررته إلي فأكلته. والقصة في الصحيحين.
وينبغي للمسلم إذا شك في أمر ما أن يحتاط لنفسه ولدينه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، رواه الترمذي وصححه الألباني. وفي الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم: فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. واللفظ لمسلم. فاقبل الهدية ممن أهداها إليك ولو كان كافرا بالضوابط التي بيناها في الفتوى المحال إليها، ثم إن شئت فاهدها إلى غيرك ولو كان كافرا بنفس الضوابط المذكورة مع نية ترغيبه في الإسلام وتأليف قلبه لذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1426(12/5116)
قبول المرأة المساعدة ممن سبق وأخطأ معها
[السُّؤَالُ]
ـ[أما أنا تبت إلى الله والحمد لله وحده، فيما مضى كان لى صديق يعينني على كل متطلبات الحياة من مصاريف دراسة إلى آخره، لأن ظروفي المادية صعبة لكنه كان يقدم لى تلك المساعدات المالية مقابل الزنى.أنا الأن قطعت علاقتي معه والحمد لله لكنني أمر ببعض الظروف الصعبة (مادية) وأراد هذا الشخص أن يساعدني لكن بدون مقابل (الزنى) هل أقبل منه هذه المساعدة مع العلم أنني مضطرة لذلك المال للعلاج وكذلك لمصاريف الزواج لأن عائلتي لا يستطيعون مساعدتي ولأنني بكل صراحة أريد أن أتزوج وأعف نفسي خوفا من أن أقع في الحرام. أرجوكم أن تجيبونى بكل وضوح ماذا علي أن أفعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يتوب عليك وأن يتقبل توبتك، وأن يعينك على الثبات عليها، فإن الزنا فعل فبيح طبعاً ومحرم شرعاً لما فيه من الأضرار العاجلة والآجلة، نسأل الله نجاة المسلمين من شره وغوائله، وراجعي في هذا الفتاوى رقم: 10868، 296، 1095.
ولتعلمي أن من أعظم أسباب التوبة البعد عن موطن المعصية وما يُذكر بها أو يعين عليها، وذلك سداً لذريعة العودة إليها، ولا شك أن عودة الاتصال ولو بالكلام مع هذا الزاني الذي ذكرتيه في السؤال قد يؤدي إلى عودة ما كان بينكما من منكر وفاحشة، فإذا غلب على ظنك ذلك فلا يجوز لك أن تعيدي الاتصال به أو أن تقبلي مساعدته، وإن غلب على ظنك عدم حصول ذلك، فليكن قبولك للمال منه دون أن يحصل بينكما لقاء، وليكن تسليم المال لك عن طريق وسيط ترتضيانه، ولا مانع من قبول مثل هذا المال ما دام صاحبه قد اكتسبه من طريق مشروع، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 59870.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1426(12/5117)
هل ينتفع المدير بالهدايا المكتسبة من تحويل العمولات
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مديراً لمؤسسة تمارس نشاط جلب الخدم والمربيات والعمالة من خارج الدولة وأقوم بتحويل أموال (عمولات) إلى المكاتب التي أتعامل معها في الخارج وأنا أقوم بهذه التحويلات منذ حوالي 4 سنوات ولكن في بعض الأحيان تكون هناك جوائز أو هدايا أو مسابقات على هذه التحويلات وهذا بدون أي زيادة على عمولة التحويل أو نقصان في المبلغ المراد إرساله، وأنا لم أقم بتحويل هذه المبالغ لغرض الجائزة أو الهدية ولكنني أقوم بالتحويل دائماً وفي أغلب الأحيان لا يكون هناك أي جوائز أو هدايا أو مسابقات، فهل هذه الهدايا أو الجوائز أو المسابقات من حقي أم من حق المكتب وصاحبه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 67359.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1426(12/5118)
الهدايا المستفادة من تحويل العمولات
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مديراً ووكيلاً لمؤسسة جلب خدم وعمالة وهذا يتطلب مني أن أقوم ببعض تحويل العمولات للمكاتب التي أتعامل معها في خارج الدولة وعندما أرسل هذه العمولات -في بعض الأحيان– يكون هناك جوائز أو هدايا على كل تحويل أو كل مجموعة من التحويلات، فسؤالي هنا: هل هذه الجوائز أو الهدايا من حقي أن آخذها أنا شخصياً، أم هي من حق المؤسسة، على العلم بأنني أقوم بتحويل هذه العمولات باسمي وليس باسم المؤسسة التي أعمل بها؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الجوائز أو الهدايا هي ملك للمؤسسة التي تعمل فيها، لأن هذا التحويل الذي تقوم به إنما تقوم به وكالة عنها، فما ترتب عليه كان ملكا لها، وننبه إلى أنه إذا كان الحصول على هذه الجوائز أو الهدايا عن طريق ما يعرف بالسحب، فيشترط لجوازها أن لا تدفع مقابلاً للاشتراك فيها وإلا كانت حراماً، كما هو مبين في الفتوى رقم: 3817، والفتوى رقم: 696.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1426(12/5119)
الهبة لموظفي المسجد نظير خدمتهم للمعتكفين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إعطاء عمال المسجد بعد فترة الاعتكاف بعض الأموال من المعتكفين شكراً على خدمتهم للمعتكفين يعتبر من المال الحرام الذى يُعطى الموظف الذى تعينه الدولة فى مكان ما ويندرج عليه قول الرسول \"أو لو جلس فى بيت أبيه وأمه أكانوا أعطوه هذا\" أرجو البيان والإفادة، وكذلك لو قام أحد العاملين بشركة مقاولات خاضعة لقطاع البترول بدعوة إدارة المشروعات بشركة بترول أخرى \"الإدارة المتعاملة مع هذه الشركة\" على إفطار رمضان يكون هذا جائزاً، مع العلم بأن الفاتورة لن يتحملها الشخص ولكن ستتحملها شركة المقاولات على أنها نثريات، فهل هذا جائز أم يخضع تحت الحديث المذكور، وماذا لو كان الداعي شركة قطاع خاص إعتادت فعل هذا الفعل كل عام، وماذا يكون الحكم في هدايا رأس السنة كما يسمونها سواء كانت رمزية كقلم ونتيجة أو أجندة والتي تتدرج طبقا لوظيفة العامل حتى تصل إلى هدايا قيمة جدا لمديري الشركات، أرجو الإفادة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت خدمة المعتكفين غير داخلة في عمل أولئك العمال، فلا مانع من أن يطلبوا هم في مقابل ذلك أجراً، لأنه لا يدخل ضمن عملهم، بشرط ألا يكون ذلك في وقت عملهم الرسمي.
أما إذا كان ذلك يدخل ضمن عملهم الواجب الذي يتقاضون عليه راتباً فلا يجوز إعطاؤهم شيئاً ولا يجوز لهم أخذ شيء ولا المطالبة به إلا إذا أذنت لهم جهة عملهم في هذا، وكذلك حكم جميع الهدايا التي تُهدى لمن يُرجى من ورائه نفع للمُهدي وهو لا يستحقه، فإنها حرام لدخولها تحت مسمى الرشوة، ولما يترتب عليها من محاباة من يدفع دون غيره، وقد بينا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 37601، 8321، 14656.
وبناء على هذه الفتاوى يمكن للأخ السائل أن يستدل من واقع الحال على ما يجوز وما لا يجوز مما ذكر، سواء كان الأمر معتاداً أم غير معتاد، وسواء كان في مناسبة أو في غير مناسبة، ولمعرفة حكم الإهداء في رأس السنة الميلادية خاصة راجع الفتوى رقم: 41545، والفتوى رقم: 57623.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1426(12/5120)
التبرع بالعمل الزائد هل يسوغ قبول الهدية
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديقة تعمل بوكالة تجهز جوازات السفر لقاصدي بيت الله الحرام لأداء مناسك العمرة. الوقت المتاح لها بالوكالة يسمح لها بتجهيز 20 جوازا فقط يوميا وهي تتقاضى راتبا شهريا مقابل هذا العمل. لكن بسبب كثرة إقبال الناس على السفر للبقاع المقدسة وبإلحاح منهم، فإنها تقبل عددا كبيرا من الجوازات لتكمل العمل في البيت بالليل دون علم صاحب الوكالة، وهي تفعل ذلك عن طيب قلب ورأفة بمن يريد الاعتمار. وهناك من الحرفاء من يقدم لها الهدايا مكافأة لها على إعانتهم وتعجيل قضاء حاجتهم دون أن تطلب هي أي مقابل أو رشوة منهم.
أرجو من فضيلتكم أن توضحوا لنا إن كان هذا التصرف مباحا بسبب حسن نيتها ونية الحرفاء أم أن فيه شبهة حتى وإن رفضت هداياهم؟
جزاكم الله كل الخير عني وعنها وعن جميع المسلمين ونفعنا بعلمكم إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز قبول هذه الهدايا لأنها تحصلت بسبب الوظيفة التي تشغلها صديقتك، وتبرعها بالعمل في البيت لا يبيح لها أخذها لما يترتب عليها من استمالة لها نحو من يهديها في حاجته العاجلة أو الآجلة، لكن إن أذن لها صاحب العمل في أخذها فلا نرى مانعا لها من ذلك ما دام الأمر بلا طلب منها كما ذكر، وراجعي الفتويين: رقم: 8321، 28968.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1426(12/5121)
العدل في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[ساعدت ابني المهندس الشاب لشراء شقه للزواج وله أخت أكبر منه لم تتزوج بعد وهي طبيبة، وأعلم أن الأعمار بيد الله تعالى، فماذا أفعل للبنت حتى يرتاح ضميري، علما بأن المبلغ المتبقي لدي لن يبقى منه شيء يذكر إذا وهبت لابنتي مثل ما ساهمت به في شقة أخيها ووالدهم مقتدر ولكنه لا يعطيهم شيئا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 67068.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1426(12/5122)
لا بأس بالهبة لأحد الأولاد دون غيره لسبب معتبر
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدمت بموضوعي الآتي لفضيلتكم بتاريخ 22/8 وجاءني ردكم الكريم اليوم ولكني أرى وجود لبس ما فيه وأن الفتوى التي تفضلتم بإحالتنا إليها لا تنطبق على حالتي، فليس هناك تفضيل لابن على آخر ومن ثم فليس هناك عدم مساواة بين الأبناء، أرجو من فضيلتكم إعادة قراءة ما استفتيكم فيه وهي حالة تشرح وضعا خاصا لابن يخشى عليه من النشأة في مجتمع غير إسلامي ومن ثم تركه للدين، ولفضيلتكم خالص الشكر والامتنان: لي ولدان وبنت واحدة، الولد الأكبر تخرج من الجامعة ويعمل ومتزوج، البنت في نهاية الدراسة الجامعية وهما شقيقان طلقت أمهما منذ فترة طويلة وهي ميسورة الحال جداً والحمد لله، أما الولد الأصغر غير الشقيق فهو لأم أسلمت بزواجنا ولكنها أجنبية ولا تملك شيئا من متاع الدنيا، وهو لازال دون العاشرة من عمره، أملك فيلا مما تفضل الله به علي وأجد نفسي تنازعني أن أكتبها باسم ابني الصغير لا لشيء إلا لخوفي من أن تضطر الظروف أمه خاصة مع عدم توافر السكن من بعدي أن تصطحبه إلى موطنها الأصلي حيث لا يوجد إسلام (إلا فيما ندر) ، فهل يجوز لي ذلك، وهل يجب أن أستأذن أبنائي الآخرين أو أحدهما في مثل هذا التصرف؟
ردكم: أخي الكريم / أختي الكريمة: نحيلك على (سؤال/أسئلة) سابقة يتضمن الجواب عليها ما استفسرت عنه في سؤالك رقم الفتوى: 6242؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تريد بكتابة الفيلا لابنك الصغير أن توصي له بهذه الفيلا بعد موتك، فإن الوصية للوارث لا تجوز، وذلك بالنص الواضح الصريح، فقد روى النسائي وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث. وصححه الألباني.
وإن كنت تقصد تنجيز هبتها له دون أن تكتب مثلها لبقية إخوانه، فذلك هو ما ذكرنا حكمه في الفتوى رقم: 6242 والتي ذكرتها.
لكن إذا وُجد ما يُسوغ للأب أن يفضل أحد أبنائه في العطية دون الآخر، فلا مانع من ذلك، وأسباب هذا التفضيل كثيرة منها الفقر وطلب العلم والزواج وكثرة العيال ونحو ذلك.
ولا شك في أن حاجة ولدك الصغير لما ذكرت من سكن ونحوه حاجة معتبرة له دون أخويه، لاسيما إذا كان في ذلك حماية له من الفتنة في الدين والعودة إلى ديار الكفر حيث لا دين، لكن إذا أردت أن تعطيه هذا البيت فلتملكه له حال حياتك على صورة الهبة أو العطية المنجزة لا الوصية، لأن الوصية له به بعد موتك لا تجوز كما قدمنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1426(12/5123)
حكم بيع الهدية
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد الأشخاص أهداني هدية، هل يجوز بيعها لشخص آخر، علماً بأنه له دين علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لمن أهديت إليه هدية وقبضها أن يبيعها أو يقضي بها دينه أو غير ذلك من التصرف الجائز، لأنه ملكها فله التصرف فيها بجميع أنواع التصرف، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما ذكرت له أن لديها لحما تصدق به على بريرة فقال: هو عليها صدقة وهو لنا منها هدية. وانظر الفتوى رقم: 22303.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1426(12/5124)
حكم بيع المنحة
[السُّؤَالُ]
ـ[منحت الجمعية السورية للمعلوماتية كل معوق 150 ساعة مجانية على الإنترنت وبعض المعوقين ليس لديه حاسب فهل يجوز له شرعاً بيعها علماً بأنها تساوي تقريباً 70$ وهم يبيعونها بقرابة نصف قيمتها.
وشكراً لتعاونكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينظر في شرط صرف هذه المنحة، فإن كانت تصرف لينتفع بها المعوق في خاصة نفسه بحيث لا يحق له بيعها ولا إجارتها ونحو ذلك، ففي هذه الحالة لا يجوز له بيعها لأنه إنما أبيح له الانتفاع لا المنفعة.
أما إن كانت تصرف له ليفعل فيها ما يشاء بنفسه أو لغيره فله أن يبيعها بأي ثمن يتراضى عليه الطرفان البائع والمشتري.
والمنحة في هذه الحالة تعد هبة، والهبة كما يقول العلماء: تمليك العين بلا عوض، ومعلوم أنه يجوز بيع الهبة والمعاوضة فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1426(12/5125)
من أسس العدل بين الأبناء في الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت لابني -مهندس حديث التخرج- شقة ليتزوج فيها وله شقيقة طبيبة أكبر منه ولم تتزوج بعد فماذا علي أن أفعل لها حتى أكون عادلة؟ علما بأن المتبقي معي يزيد قليلا عن مثل ثمن الشقة المذكورة وعمري 62 سنة والأعمار بيد الله عز وجل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك طول العمر وحسن العمل، وجزاك الله خيراً على اهتمامك بأمر دينك وحرصك على إرضاء ربك، ولتعلمي أن الأصل في العطايا التي تعطى من الآباء للأبناء حال حياتهم أن تكون على وجه المساواة لحديث: اعدلوا بين أبنائكم. رواه البخاري.
ومن العدل بين الأبناء أن يعطى كل واحد منهم على حسب حاجته، فمن كان في مرحلة جامعية يعطى بمقدار، ومن كان دون ذلك يعطى بمقدار يناسبه، ومن يستعين بالمال على الزواج أو الإنفاق على الأسرة يعطى بحسب ذلك ...
فإذا كان ولدك المذكور لا يستطيع شراء مسكن ليتزوج فيه، وقمت أنت بمساعدته في ذلك فلا نرى عليك بأساً فيما صنعت، وهذا هو ما ذهب إليه بعض أهل العلم كأحمد بن حنبل وغيره، قال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: فإن خص بعضهم -يعني خص بعض الأولاد بالعطية- لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عياله أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، فقد روى عن أحمد ما يدل على جواز ذلك. اهـ
أما إذا كان ولدك مستغنيا ولا يحتاج إلى شيء من مالك، فالراجح أنه يجب عليك أن تسوي بينه وبين أخته في العطية، فتعطي البنت مثل ما أعطيت أخاها أو نصفه على خلاف بين أهل العلم في نوع التسوية، وراجعي في هذا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 29000، 6242، 33348.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1426(12/5126)
الهبة التي لم تحز إلى أن مات الواهب
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل خص أحد أبنائه بقطعة أرض وذلك بأن تنازل له عنها قبل وفاته, في ورقة وشاهدين يعني لم يسجلها في السجل العقاري, وبعد أن توفي الوالد أخرج هذا الابن الورقة, فلم يعترفوا بها, وقالوا له إنك لم تخبرنا, وكذلك لم تستصلحها، وكذلك لم تعد لها الوصفة الفنية المتعلقة بها, كالخريطة, وبناء سور حولها..... السؤال: هل يجوز لهذا الابن أن يأخذ هذه الأرض, أم يقوم بتقسيمها حسب الشرع على الورثة, بما فيهم هو؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن هذا الابن قد حاز هذه القطعة حيازة تامة ووضع يده عليها في حياة الأب، فإن هذه الهبة غير صحيحة، قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة....
وما دام الموهوب له لم يضع يده على القطعة المذكورة في حال صحة أبيه وأهليته للتصرف فإنها -والحالة هذه- تعتبر تركة تقسم على جميع الورثة مع عموم التركة، فقد روى مالك في الموطأ: أن أبا بكر وهب ابنته عائشة رضي الله عنها هبة ولم تحزها حتى حضرته الوفاة فقال لها: يا بنية إني قد نحلتك جذاذ عشرين وسقا فلو كنت جذذتيه واحترزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث. وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 52603، 59972، 10390.
وأما التسجيل في السجل العقاري فليس من شروط صحة الهبة وإنما هو لمجرد التوثيق أو الزيادة فيه أو قطع النزاع ... ولكن لا بد من التنبيه إلى أن الراجح من كلام أهل العلم هو وجوب التسوية بين الأولاد في الهبة، وأن الهبة لبعضهم دون بعض لغير سبب شرعي باطلة، انظر الفتوى رقم: 6242، والفتوى رقم: 36553.
وبناءً على ذلك فإن على هذا الابن إن كان فضل على بقية إخوته بهذه الهبة عليه أن يردها لتقسم مع بقية التركة إذا لم يرض إخوته باستئثاره بها عليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1426(12/5127)
وهبت أبناءها عقارا مقابل ما أعطت أحدهم من مال
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذ ابن من أمه مبلغا من المال ولم يرده فأرادت أن تساوي بينه وبين باقي الأبناء فكتبت لكل واحد منهم قيراطا من الأرض وزاد سعر الأرض عن الضعف وهي لا تزال حتى وقتنا هذا على قيد الحياة، وتريد أن تلغي كتابة قيراط الأرض وتكتب إيصال أمانة بنفس قيمة المبلغ من المال يأخذة باقي الإخوة عند وفاتها، فما حكم الدين في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العدل بين الأبناء والتسوية بينهم في العطية واجبة على الراجح من أقوال أهل العلم كما رجح ذلك المحققون، ومذهب الجمهور الاستحباب، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 6242.
ولذلك فإن ما فعلته هذه الأم من إعطاء كل واحد من أبنائها قيراطاً مقابل ما أخذه أحدهم هو الصواب، وإن كان هؤلاء الأبناء قد حازوا تلك القراريط حيازة تامة فإن الهبة صحيحة نافذة.
وعليه؛ فإن ردها لما وهبته لأبنائها من الأرض لأن سعرها زاد لا ينبغي إذا كانت متساوية وقت الهبة مع ما وهب للولد الأول، فالأسعار لا تستقر على حال.
وأما كتابة وصل بالمبلغ على أن يأخذه الأولاد بعد وفاتها فإنه بمنزلة الوصية، والوصية للوارث لا تنفذ إلا بإذن الورثة، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة في الفتوى رقم: 9084، والفتوى رقم: 14893 نرجو الاطلاع عليها، ولهذا فإن على هذه الأم أن تساوي بين أبنائها في حياتها، وما تركته بعد وفاتها فقد تكفل الله عز وجل بقسمته القسمة العادلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1426(12/5128)
من وهب أولاده من ماله وكان أهلا للتصرف
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي لها سبعة إخوة ذكور وأخت متوفاة بعد أبيها بحوالي خمس سنوات وتم تقسيم التركة بعد وفاة الأب بخمسة عشر عاما وجدتي ما زالت على قيد الحياة وهي مريضة منذ خمس سنوات ولها إرثها الخاص بها من أبيها وكانت ترفض أن تأخذ نصيبها من إرث زوجها حتى يتم تقسيمة بين أولادها ولا تحدث مشاكل بعد ذلك، ولكن الأولاد الذكور أصروا على أنها تأخذ نصيبها من الميراث ولا توجد مشكلة في ذلك، ولكن بعد ذلك بدأ الإخوة أولاً في تأجير قطعة أرض تدر عائدا كل شهر 2000 جنيه بدون علم أختهم وكذلك بدأوا الآن في بيع قطعة ثانية وسيتم تقسيم العائد منها على الإخوة الذكور فقط، علما بأنهم مسيطرون على الأم سيطرة كاملة، فما هو حكم الشرع في ذلك أرجو سرعة الإجابة؟
ملحوظة: أنا جدتي إنسانة مريضة وتحتاج إلى مجهود كبير وخاص لأنها جليسة الفراش وأمي لا تقدر على هذا المجهود أبداً ويلاحظ أن جدتي تفرق بين أمي وإخوانها منذ زمان وليس من بعد مرضها، ما حكم الدين في هذه التفرقة حتى في أموالها تقوم حالياً بتوزيعها على أخوالي فقط، وأريد أن أعرف كيف يتم التعامل معها مع الأخذ في الاعتبار ما تسببه هذه التفرقه من مشاكل خصوصاً وأن أمي تحتاج إلى هذه الأموال؟ ولكم الشكر وأرجو إفادتي في أقرب وقت ممكن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت جدتك تتمتع بقواها العقلية ولم يكن المرض الذي ألم بها مرضاً مخوفاً فإن لها حق التصرف في مالها بالبيع والإيجار والهبة والصدقة ... ولذلك فإذا كان تأجير أخوالك لأرضها أو بيع شيء منها بأمر أمهم أو صرفه عليها أو في مصالحها ... فهذا لا مانع منه شرعاً ولا يحق لأحد الاعتراض عليه.
لكن يجب عليها أن تسوي بين أبنائها في العطية على الراجح من أقوال أهل العلم كما رجحه المحققون، وذهب الجمهور إلى استحباب التسوية بين الأبناء، وسبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 6242.
ولهذا فإذا كانت جدتك توزع عائد الإيجار أو ثمن ما بيع من أرضها فإن عليها أن تعطي أمك شيئاً من ذلك كما أعطت لغيرها من أبنائها، هذا إذا كانت جدتك أهلاً للتصرف، أما إذا لم تكن أهلاً للتصرف بأن كان مرضها مخوفاً فإنه لا يجوز لأولادها التصرف في مالها إلا بالمصلحة، ولهم أن ينفقوا عليها منه ويصرفوا على علاجها ... ولا يجوز لهم أن يأخذوا شيئاً منه بغير حق شرعي أو يستبدوا به دون أختهم أو غيرها من الورثة، لأنه في هذه الحالة مال الوارث؛ كما قال أبو بكر رضي الله عنه عن ماله عندما مرض مرض وفاته فقال: وإنما هو اليوم مال وارث. رواه مالك في الموطأ.
وأما كيفية التعامل معها، فإنها تكون باللطف واللين، فإن حقها في البر لا يسقطه عدم تسويتها بين أبنائها في العطية، ولا مانع من تنبيهها برفق إلى وجوب التسوية، كما في الفتوى التي أحلنا عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1426(12/5129)
من شروط نفاذ الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل معروف بالصلاح والتقوى كان يعمل بالتجارة ومتزوج من ابنة عمه ولديه منها أولاد ثم تزوج من أخرى وأنجب منها ولدا ثم طلقها وكان لزوجته الأولى بيتان صغيران وبعض الذهب فباعتهم لمساعدة زوجها في تجارته وساعدته أيضا بمجهودها فلما تيسر حاله اشترى بيتين باسمها (أي زوجته الأولى) وتوفي هذا الرجل منذ فترة طويلة بعد أن خسر كل ممتلكاته فى التجارة حتى أنه رهن البيتين الخاصين بزوجته الأولى واستردهما أولادها بعد وفاته، وجاء ابن الزوجة الثانية الآن يطالب بحقه فى هذين البيتين مدعيا أن أباه قد اشتراهما باسمها ليتهرب من الحجز والضرائب مع أن الزوجة الأولى (وهى على دين أيضا -نحسبها كذلك ولا نزكي على الله أحدا) لم تسمع ذلك من زوجها طيلة حياته، فهل لهذا الابن أي حق، علما بأن الزوجة توفيت أيضا منذ أشهر؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الشخص قد كتب هذين البيتين للزوجة مقابل ما أخذ منها أو كتبهما لها على أنهما هبة ناجزة ورفع يده عنهما وحازتهما الزوجة في حياة الزوج ووضعت يدها عليهما فإنهما في هذه الحال ملك للزوجة ولا حق لغيرها فيهما سواء كان ذلك الولد الذي هو من الزوجة الثانية أو غيره.
ولكن هذه القضية هي من المسائل التي كلمة الفصل فيها للقضاء الشرعي، لأنها مسألة مناكرة يحتاج الفصل فيها إلى بينات وشهود ووثائق.. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم، لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر. رواه البيهقي وغيره وحسنه النووي.
ولهذا فإننا ننصح في مثل هذه الحالة بالرجوع إلى المحكمة الشرعية، فإن لديها من الوسائل ما تستطيع به الوصول إلى حقيقة الأمر، إن كان للابن المذكور حق في البيتين أو أنهما ملك خاص للزوجة المذكورة، وننصح الجميع بتقوى الله تعالى وإصلاح ذات البين، ونسأل الله تعالى أن يهديهم إلى طريقه المستقيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1426(12/5130)
قبول المال الموهوب من الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[تعهد شخص إلى شخص آخر بأنه إذا حدث له خير في موضوع ما يتعلق بمستقبله فإنه سوف يجزل له العطاء (أي يعطيه مالاً) وحدث ما كان متوقعا من خير للشخص الأول، فهل يحق للشخص الآخر استلام هذا المال، وهل هو حلال أم حرام وهل يعتبر هذا نذر؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا أن يأخذ المسلم من أخيه ما تعهد له من هبات أو عطايا إذا تيسر حاله، والظاهر من السؤال أن هذا ليس نذرا وإنما هو وعد من الشخص، ولمن أعطي له هذا المال أن يأخذه أو يتركه، فالأمر واسع وراجع إليه لأنه من المباحات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1426(12/5131)
حكم أخذ الأم المال من حسابات أبنائها
[السُّؤَالُ]
ـ[بالإشارة إلى سؤالي رقم 65465 والذي سألت فيه عن أخذ أموال من حسابات أبنائي علماً أن المبالغ التي توضع في حسابات الأبناء من راتبي الشهري وآخذ منه عندما أحتاج، السؤال يسأل زوجي دائما عن حسابات الابناء فأكذب بشأن المبالغ حتى أستطيع الصرف منه بدون مشاكل، وأكذب في قيمة راتبي، السؤال ماهو حكم الشرع في هذه الحالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا لك في الفتوى رقم: 65465، ضوابط الأخذ من أموال الأبناء، ويشترط توفر هذه الضوابط إذا كانت نيتك في المال الذي تضعينه في حساب الأبناء التبرع والهبة لأنه صار ملكاً لهم ولا يصح استرجاعه منهم إلا على سبيل الاعتصار، ولذلك شروط بيناها في فتاوى سابقة ولك أن تراجعي فيها فتوانا رقم: 60889. أما إذا كان وضعك لأموالك في حساب الأبناء ليس على وجه الهبة لهم بل على وجه الإيداع ونحوه فلا يلزم التقيد بهذه الضوابط بل يجوز لك أخذه سواء احتجت إليه أم لا لأنه مالك، أما عن الكذب على الزوج في بيان مقدار رصيد حسابهم لأجل سد حاجات البيت، فلا نرى به بأساً إن تعين الكذب طريقاً لذلك، لكن استخدام المعاريض في ذلك أولى لقول عمر رضي الله عنه: أما في المعاريض ما يكفي المسلم الكذب. رواه البخاري في الأدب المفرد. والمعاريض هي سوق الألفاظ العامةالتي يفهم منها الزوج ما تريدين إفهامه له وهو خلاف الحقيقة، كأن تقولي له حسابهم كذا وتقصدين حسابهم منذ عامين أو ثلاثة ونحو ذلك، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12844، 21487، 25879.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1426(12/5132)
حكم تخصيص إحدى البنات بالعطية لإعاقة فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الوصية وما الفرق بينها وبين الميراث، لدي أربعة أطفال (ثلاث بنات وولد) ، حيث إن البنت الكبرى ولدت ولديها إعاقة في يدها اليسرى.. هل تعتبر هذه الإعاقة بالدرجة التي يمكن أن أؤمن لها بعض المال أو العقار دون إخوتها الآخرين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد عرف أهل العلم الوصية بتعريفات كثيرة منها: أنها تمليك بلا عوض بعد الموت.
والوصية لا تكون لوارث ولا بأكثر من الثلث، وإذا وقعت لبعض الورثة أو بأكثر من الثلث فإنها لا تمضي إلا إذا أجازها بقية الورثة وكانوا رشداء بالغين، فقد روى أصحاب السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. وفي رواية البيهقي: إ لا أن يشاء الورثة.
وحكم هذا النوع من الوصية الاستحباب، فيستحب لمن له مال أن يوصي فيه، بمالا يتجاوز الثلث للأقربين والفقراء والصالحين.... ما لم يكن في ذلك ضرر على الورثة لقلة المال.
وأما الميراث فهو ما يتركه الميت من ممتلكات وحقوق مادية ومعنوية، وقد تولى الله عز وجل قسمة الميراث في محكم كتابه ولم يجعل ذلك إلى أحد من خلقه.
وبخصوص الأبناء فإن الشرع أوجب التسوية بينهم في العطية على الراجح من قولي أهل العلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري وغيره، إلا إذا كان لتفضيل بعضهم سبب يستدعي ذلك، ولذلك فإذا كانت البنت المذكورة عندها إعاقة تستدعي تفضيلها في العطية فلا مانع من ذلك شرعاً كما نص عليه أهل العلم، ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك بالوصية لأنها وارثة، والوصية للوارث لا تنفذ إلا بإذن الورثة، وإنما يكون بالهبة الناجزة المستوفية لشروطها، ولتفاصيل ما ذكرنا وأدلته وأقوال العلماء نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 41525، 26630، 27738، 44397 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1426(12/5133)
تصرف الواهب قي الهبة قبل قبضها
[السُّؤَالُ]
ـ[قام أحد المسؤولين بصرف أرضية (قطعة أرض) لوالدي وعندما ذهبنا لمتابعة استخراج الأرضية والأوراق الخاصة بها فوجئنا بأن الاسم المسجل على وثائق الأرضية هو نفس اسم والدي ما عدا الاسم الرباعي (رابع اسم) فهو مختلف وعندما سألنا المختصين عن سبب اختلاف الاسم الأخير أخبرنا الموظف أن الأرضية هي باسم شخص آخر لديه نفس اسم والدي ولكن المسؤولين طلبوا من الموظفيين أن تكون من نصييب والدي وعندها دخل الشك إلى نفوسنا فذهبنا نسأل المسؤول أو المدير هل هذه الأرض للوالد أم هي لشخص آخر؟ أكد لنا المدير أنه صرف الأرضية لوالدي وعدنا مرة أخرى إلى الموظفين الذين بحوزتهم الأوراق الخاصة بقطعه الأرض فوجدنا بين الأوراق أنها تخص شخصا آخر ولكن الموظفين أكدوا لنا أنه باستطاعتهم أن ينزعوا أوراق الشخص الآخر ويضعوا بدلا عنها اسم والدي وأيضا قالوا لي إنها كانت بالبداية مصروفة للشخص الآخر ولكن المدير وجه بتحويلها إلى والدي مع العلم بأن الشخص الآخر بدأ يسأل عن قطعة الأرض هذه وبدأ يتابع ويعرف أين هي بالضبط، المهم بأن الأوراق التي تخص قطعة الأرض هي الآن باسم الشخص الآخر، ولكن الموظفين يقولون بأنهم يستطيعون نزع أوراق الشخص الآخر ويضعوا بدلها أوراق واسم والدي، وأخبروني أنهم باستطاعتهم صرفها لوالدي، أنا الآن محتار ولا أريد أن أحمل نفسي أو والدي التراب ونريد أن نأكل الحلال، أفتوني ما هو الحل؟ هل نتابع الإجراءت ونأخذ الأرضية؟ أم نتركها للشخص الآخر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على تحري الحلال والبعد عن الحرام، والذي فهمناه من السؤال أن هذه الأرض هبة من الدولة، فإذا كان الأمر كذلك، فلا يجوز لوالدك أن يتملك هذه الأرض ما دامت باسم شخص آخر، لما في ذلك من الاعتداء على حقه في تملك هذه الأرض، لكن إذا تم استبدال اسم المستحق لهذه الأرض، باسم والدك من الجهة الواهبة قبل أن يقبضها هذا الشخص ويحوزها الحوز الشرعي، وتم ذلك بصورة رسمية تخلو من المحاباة والرشوة والظلم لهذا الشخص فلا مانع حينئذ من تملكها، لأن الهبة ـ أرضا كانت أو غير ذلك ـ لا تملك إلا بالقبض، وللواهب الرجوع فيها قبل قبضها والتصرف فيها كما يشاء، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 65392، والفتوى رقم: 58686، والفتوى رقم: 18722.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1426(12/5134)
الهبة إذا نقص الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله رحمته المهداة، جزاكم الله خيرا ونفعنا وإياكم بما تبذلونه من مجهود وهدانا وإياكم لما يحبه ويرضاه- سيدي الفاضل سؤالي يدور حول الميراث في حالة وجود بنات-..... بعد بعض البحث في موقعكم الموقر قرأت في بعض الفتاوى الأتي:.... (.....أما إذا تمت كتابة هذه الأملاك مع تسليمها للزوجة حال الحياة، فهذا لا شيء فيه، لأنه عطية، والعطية حال الحياة جائزة،........ ما لم يكن القصد منها حرمان الورثة،....) وكذلك في فتوى أخرى (..... إلا إذا كان القصد من ذلك حرمان الورثة والإضرار بهم.......) ....... كيف يمكن التوفيق بين العطية وعدم حرمان الورثة أو الضرر بهم؟؟؟ أو بصورة أكثر عمومية دون التأثير على الميراث؟؟؟؟ أرجوكم الاستفاضة أرجوكم التوضيح الزائد فالموضوع في غاية الأهمية لأناس كثر!!!! ومثال على ذلك - إذا كان عندي مبلغ في البنك فإنني عندما أهبه لبناتي بالتساوي ودون تمييز (هبة كاملة يستفدن منها في حياتي وليست موقوفة على وفاتي) .. فأنا -- وإن لم أشأ وإن لم يك هدفي -- قد حرمت منه الورثة أو بصورة أخرى أثرت على الميراث حال وفاتي -وكذلك إذا كان عندي شقة فأنا عندما أهبها لبناتي يكون نفس الحديث - أنني لو أردت المبالغة في الحديث فإنني سأقول لنفسي إن كل دولار يصرف بعد الأساسيات يؤثر سلبا على الميراث وبالتالي على الورثة نويت أنا ذلك أو لم أنوه - ولذلك أرجوكم الاستفاضة! أرجوكم إعطاء أي أمثلة لنهتدي بها وندعو غيرنا لها - كفانا الله وإياكم الفتن كلها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتوضيح ما ذكر أن من حق المسلم أن يهب من ماله أو يتصدق بما شاء منه على من يشاء من أبنائه وغيرهم من الأقارب والأباعد إن كان ذلك بقصد صلة الرحم أو رد معروف أو مكافأة على هبة أو بقصد التقرب إلى الله تعالى ونيل الثواب في الآخرة أو غير ذلك من المقاصد التي لا تتعارض مع الشرع، وهذا محمود طبعا ومرغب فيه شرعا ولو نقص المال أو أثر على ما سيتركه الواهب للورثة، وما زال السلف الصالح رضوان الله عليهم يهبون من أموالهم ما يشاءون لأقربائهم وغيرهم ويتبرعون بها لأعمال الخير، وقد حصل من ذلك ما حصل بمرأى ومسمع من النبي صلى الله عليه وسلم وربما حثهم على ذلك.
وقد ورد ذلك في صحاح السنة وكتب السيرة بل وفي كتاب الله تعالى.
أما المنهي عنه شرعا فهو الهبة بقصد حرمان الورثة مما أعطاهم الله تعالى من حق في مال قريبهم بعد وفاته.
فمن وهب ماله لا يريد بذلك إلا إبطال حق الورثة من المال بعد الوفاة فقد عطل ما فرض الله تعالى للأقارب،ولذلك يعامل بنقيض قصده وترد هبته، وكذلك من أوصى بأكثر من ثلث ماله فإنه لا تنفذ وصيته إلا في حدود الثلث إلا إذا قبل الورثة الزيادة على الثلث وكانوا رشداء بالغين، ولذلك فإن بإمكانك أن تهب لأبنائك ما تشاء من أموالك إذا استوفت الهبة شروطها من التسوية والحوز وعدم التعليق بالوفاة وعدم التفاضل بين الأبناء لغير مسوغ شرعي عند من يقول بوجوب العدل بينهم في العطية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1426(12/5135)
من أحكام الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أب لديه 4 أبناء (ولدان وبنتان) قام بشراء شقتين لأبنائه الذكور وهما صغار لمساعدتهما في المستقبل على الزواج وعقد التمليك الخاص بالشقتين باسم الأب ثم قام بتجهيز وتزويج البنات الولد الأكبر أتيحت له فرصة للعمل في إحدى الدول العربية وقام بشراء شقة جديدة خاصة به وتزوج بها ولم يقم بالشقة التي قام الأب بشرائها له بالنسبة للولد الأصغر قام الأب والأم بخطبة فتاة له وخلال التقدم للخطبة تم إبلاغ أهل العروس بأن هذا الابن لديه شقة خاصة به وفرها له والده وتم الزواج على هذا الأساس وأنجب الابن واستمرت الأمور مستقرة لمده 7 سنوات طوال حياة الأب وقام الأب بعمل عقد إيجار قديم مسجل في الشهرالعقاري لهذا الولد ثم بعد وفاة الوالد بدأت المشاكل بين الإخوة حول ملكية هذه الشقة وهل تندرج في الميراث أم لا بدعوى أنه لم يتم بيع الشقة رسميا للولد الأصغر، بعض الإخوة يريدون تقييم هذه الشقة وإدراجها في الميراث ويقوم هذا الابن بدفع الفرق بين قيمة نصيبه في الميراث وقيمة الشقة لباقي الورثة، أرجو الإفادة عن الأسئلة التالية مدعمة بالقرآن الكريم والأحاديث النبوية:
1- هل الشقة التي أقام بها هذا الابن الأصغر لمده 7 سنوات وتزوج وأنجب فيها في حياة الأب وقام الأب بعمل عقد إيجار قديم مسجل في الشهر العقاري لهذا الولد وبدون اعتراض أي من الإخوة تعتبر هبة/ عطية لهذا الولد لا تندرج في التركة أم لا؟
2- وهل يحق للإخوة البنات طلب مشاركة الأخ الأصغر في ملكية الشقة أم لا؟
3- هل هذا الابن الأصغر ينبغي عليه دفع القيمة الإيجارية المنصوص عليها في عقد الإيجار لباقي الورثة أم لا؟
4- هل الأخ الأكبر يحق له الشقة التي كان الأب قد أعدها له ولم يقم فيها أم تندرج في التركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن الشقتين المذكورتين ترجعان لعموم التركة، لأن الوالد لم يذكر صيغة من صيغ الهبة والتمليك، ولم يسجلهما باسمي ولديه، وكل ما فعله أنه قام بعقد إيجار لولده الصغير وأسكنه في الشقة وهذا وحده لا يكفي لتمام الهبة، وإنما يحتمل أنه وهب له منفعتها فتكون عارية أو عمرى للولد أن ينتفع بها على ما أراد الوالد من العارية أو العمرى، فإذا انتهت المدة عادت إلى ملك الوالد إن كان حياً أو لورثته إن كان ميتاً.
ويحتمل كذلك أن تكون إيجاراً للولد وعليه أن يدفع الإيجار لوالده أو لورثته، وتحتمل أن تكون هبة إذا كان العرف في البلد يقتضي أن هذا النوع يعتبر هبة وتمليكاً، وهذا بالنسبة للشقة التي تم حوزها وسكن فيها صاحبها، وأما التي لم يتم حوزها فلا شك أنها ترجع لعموم التركة، لأن مجرد إعدادها له لا ينقلها من ملكية الواهب إلا بعد تمام الحوز.
ونظراً للاحتمالات التي ذكرنا في الشقة الأولى، فإننا لا نستطيع القطع بأن هذه الشقة جزء من التركة أو أن على صاحبها دفع إيجارها للورثة إذا لم يكن قد دفعه للمالك، أو أنها ملك للولد.
ولهذا ننصح السائل الكريم بالرجوع إلى المحكمة الشرعية في بلده، فإنها أدرى بأعراف الناس وأقدر على الاطلاع على ما لم يطلع عليه المفتي من حقيقة ما حصل في نفس الأمر، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 58279.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1426(12/5136)
بيع الكوبون بأقل من ثمنه
[السُّؤَالُ]
ـ[نشكركم على هذا الموقع المتميز , وسؤالي هو: قد اشتريت من شخص بما يسمى ب (كوبون) أي:عبارة عن أوراق تباع في الجمعيات , بثمن أقل فهذا الشخص لا يريد أن يذهب إلى الجمعيات فاشتريتها منه بثمن أقل مثال ذلك: 100 درهم ورق اشتريتها ب: 90 درهم كاش أي قبض. ما حكم الشرع في ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه إلى أن السؤال لم يتضح لنا على وجه الدقة، وسنجيب عليه في حدود ما ظهر لنا منه، فإذا كنت تقصد أن هذا الكوبون عبارة عن منحة مقدمة لشخص من جهة ما يستحق هذا الشخص بموجبه أن يحصل مجانا من الجمعيات التي تعتمد هذا الكوبون على سلعة مما يباع في هذه الجمعيات في حدود مبلغ معين، وأن هذا الشخص لا يرغب في الحصول على هذه السلع فيقوم ببيع الكوبون لشخص آخر بمبلغ أقل من قيمة السلع التي يمكن الحصول عليها بهذا الكوبون، فبيع هذا الكوبون داخل في بيع الهبة قبل قبضها، وبيع الهبة قبل قبضها محل اختلاف بين أهل العلم والراجح عندنا هو جوازه كما هو مفصل الفتوى رقم: 59194 وعليه، فلا حرج في أخذ عوض عن هذا الكوبون على الصفة المذكورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1426(12/5137)
شروط نفاذ الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني في الله رجائي أن تبينوا لي الوجه الصحيح في هذه المسألة، تعيش معي خالتي منذ طفولتي وهي أرملة ليس لها أبناء وتملك قطعة أرض، والآن كبر سنها فطلبت منها أن تتصدق بها عني فوافقت دون تردد وأخبرت أخاها وأختها بالموضوع لأنهم ورثتها الشرعيون فوافقوا هم كذلك، هل هذا العمل جائز وخال من الشبهات، مع العلم بأننا جميعا محتاجون؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً أن تتصدق عليك خالتك أو تهب لك من أموالها ما تشاء ما دامت أهلاً للتصرف ولم تعلق ذلك بوفاتها.
أما إذا علقت ذلك بوفاتها أو كان ضعفها المذكور بسبب مرض مخوف فإن هبتها لا تمضي إلا في حدود ثلث مالها وما زاد على ذلك يتوقف مضيه على إجازة الورثة بعد موتها فإن أجازوه مضى وإلا فلا يمضي، لأنه في هذه الحالة يكون بمنزلة الوصية التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة لكم في أعمالكم. رواه أحمد وابن ماجه وغيرهما، ولقوله صلى الله عليه وسلم لسعد:.... فالثلث والثلث كثير. رواه البخاري ومسلم.
والظاهر أن هذه الهبة ماضية إذا حزتها الحيازة الشرعية ولا شيء فيها ما دامت خالتك تتمتع بقواها العقلية.
أما إذا كان قصدك أنها تصدقت عنك بها على شخص آخر فإنها تمضي أيضاً بالشروط التي ذكرنا، ولكن كان الأولى أن تتصدق بها على أحد أقاربها وخاصة أنهم محتاجون جميعاً -كما ذكرت- فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة. رواه أحمد وأصحاب السنن، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 2333 ففيها بيان الحيازة الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1426(12/5138)