لا تنشغل إلا بما يتعلق بعملك، إلا ...
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد:
أنا أعمل في مكتب محترم وأحياناً يأتي أفراد من خارج المكتب يطلبون تغيير دولارات أو عملات أجنبية فأقوم بتغييرها لهم من مكاتب تغيير العملة فهل هذا حرام، مع العلم أني أقوم بتغييرالعملة أثناء العمل هل هذا حرام أم حلال؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لك أن تنشغل عن العمل الذي كلفت به وتتقاضى عليه راتبًا بغيره من الأعمال؛ وإلا كنت آكلاً لأموال الناس بالباطل، وذلك محرم. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29] . ولأن هذا خيانة للأمانة التي أنيطت بك وتلك علامة من علامات النفاق.
وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، إذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان.
فيجب عليك أن تجلس ساعات الدوام في محل العمل الذي تعمل فيه لتؤدي عملك على الوجه المطلوب منك حتى يكون مطعمك حلال ولا تنشغل إلا بما يتعلق بعملك، إلا إذا أذن لك صاحب العمل بقوله أو جرى العرف أن القيام بمثل هذا العمل وقت الدوام مأذون به من قبل القائمين فلا حرج عليك في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1423(12/4002)
حكم إعفاء أحد الموظفين من الدوام دون تخويل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد كنت رئيساً لقسم في أحد المستشفيات وكان معنا في القسم رجل كبير في السن ولا يجيد الكتابة والقراءة ولديه أطفال، فقلت له لا تأتِ إلى العمل وإذا أردتك أوسأل عنك مدير الإدارة أقول له إنك موجود علما بأن مدير الإدارة لا يسأل عنه؟ والله يعلم أني أريد مساعدتة لكبر سنه وتقديراً له، وكان مرات يأتي إلي ببعض القهوة العربية من باب الهدية والله يعلم أني آخذها منه لا أرده حيث ولله الحمد أني غير محتاج، هل أنا مذنب علما بأني فعلت ذلك عن طيب نية والله يعلم؟ وإذا كنت مذنبا لا سمح الله ماذا أعمل ولكم الشكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما قمت به يعد حراماً ما لم تكن مخولاً بذلك من قبل الجهات المختصة وظاهر كلامك أنك غير مخول حيث ذكرت أنك تلجأ إلى الكذب وتقول للمدير عنه إنه موجود، والأمر ليس كذلك، وكذلك الهدايا التي يعطيكها هذا الشخص تعد حراماً لأنه إنما أعطاكها لما عملت له من إعفاء له من العمل أو تخفيفه عنه.
وكون نيتك حسنة وقصُدك الرفق بهذا الرجل لا يبرر لك ما صنعت، لكن إذا أردت الإحسان إلى هذا الرجل فاشفع له عند ذوي الاختصاص بالتقاعد أو الإعفاء من العمل أو التخفيف.
وراجع الفتاوى التالية: 17110، 26828، 9152،
8043.
والواجب عليك الآن هو أن تتوب إلى الله مما صنعت وأن تصلح الأمر بإرجاع الرجل إلى عمله؛ إلا إذا أعفاه من ذلك ذوو الاختصاص، وعليك أن تخبر ذوي الاختصاص بما صنعت وتتحمل النتيجة وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق: 2، 3] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(12/4003)
إجارة الدور إجارة مطلقة أمر مخالف للشرع، مفسد لعقد الإجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم بيع العتبة
عندنا في الجزائر طريقة في تأجير البيوت ومحلات التجارة كانت متداولة منذ الفترة الاستعمارية وهي كالتالي:
يستأجر شخص ما بيتا أو محلا تجاريا وبمرور الوقت والتقادم يصبح وكأنه ملك له وليس لصاحبه الأصلي إلا ثمن الكراء وبالسعر القديم (سعر رمزي بخس) . وتسمى هذه العملية عندنا بالعتبة أي عتبة البيت أو المحل. فإذا أراد صاحب المحل أن يسترجع بيته أو محله لا يستطيع بل عليه أن يشري ما يسمى بالعتبة ويكون ذلك بثمن باهظ، وبإمكان المُؤجَر له أن يبيع هذه العتبة لشخص ثالث، فما حكم هذه العملية؟ وهل في المشرق العربي ما يشبهها؟ وما هي تسمياتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمستأجر لا يملك ما استأجره بالتقادم، بل يبقى الأصل ملكاً لصاحبه له كامل التصرف فيه، فله منافعه، وله أخذه، وله رفع أجرته إذا انتهت مدة العقد على الإجارة الأولى، ولا يملك المستأجر إلا السكن فيه مدة العقد المتفق عليها بين المؤجر والمستأجر.
وما يجري في بعض البلدان من إجارة الدور أو المحلات إجارة مطلقة دون تحديد مدة للإجارة هو أمر مخالف للشرع، مفسد لعقد الإجارة، كما هو مبين في الفتوى رقم:
6819 - والفتوى رقم: 15524.
والواجب فسخ هذه الإجارة، وتمكين المالك من استرداد ملكه، ثم هو بالخيار بعد، فإن شاء أمسك ملكه، وإن شاء أجره مع تحديد مدة للإجارة.
وأما أن يستمر المستأجر منتفعاً بالعين المؤجرة سنين طويلة، لقاء أجرة زهيدة، هذا عين الظلم، واشتراطه أخذ ما يسمى بالعتبة أو الخلو مقابل التخلي عن العين المؤجرة، ظلم آخر.
وقد صدر من مجمع الفقه الإسلامي قرار مفصل حول بدل الخلو، جاء فيه: على أنه في الإجارات الطويلة المدة خلافاً لنص عقد الإجارة طبقا لما تسوغه بعض القوانين، لا يجوز للمستأجر إيجار العين لمستأجر آخر، ولا أخذ بدل الخلو فيها إلا بموافقة المالك.
وانظر نص القرار كاملاً في الفتوى رقم:
9528.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1423(12/4004)
لا يملك المستأجر إلا منفعة ما استأجره مدة العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[نرجو من سيادتكم موافاتنا برأي الدين في الآتي:
كنت مستأجرا لأرض زراعية مساحتها 18 قيراطا فطلب مني صاحبها أن أترك الأرض مقابل قيراطين وذلك كان قبل صدور القانون الجديد الذي يعطي المالك الحق في رد أرضه من المستأجر دون مقابل (حيث كان القانون القديم يمنع المؤجر من أخذ أرضه إلا بمقابل)
حدثت مفاوضات مع المالك حتى تم الاتفاق على أخذ قيراطين وثلث تقريبا مقابل التنازل
مع ملا حظة أن هذه الحادثة كانت منذ 12 سنة تقريبا
أنا في شك من هذا المال. فهل هو حلال أم فيه شبهة حرام
وإذا كان حراماً هل أرد ثمن الأرض بسعر وقت أخذها أم بثمن اليوم؟
على العلم أنها كانت أرض لورثة..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا المال الذي أخذته حرام لا يجوز لك أخذه، ولا يحل لك لأنه بني على باطل، وما بني على باطل فهو باطل، إذ القانون الصادر بشأن ذلك مخالف للشريعة الإسلامية، لأن المؤجر هو المالك الحقيقي للعين المستأجرة، ولا يملك المستأجر إلا منفعتها مدة العقد المتفق عليه بينهما، وبالتالي فعليك إرجاع ما أخذته إلى صاحبه، فإذا كانت الأرض موجودة في يدك، فيجب أن ترجع إليه الأرض إلا أن يبيعها لك، أو يهبها عن رضى منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1423(12/4005)
حكم النوم أثناء العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أعمل لدى شركة داخل السعودية بنظام الورديات كل يوم 8 ساعات، فأنا أدوام من مسافة 150كم تقريبا بواسطة حافلة خاصة بالشركة مسافة السير تقريبا ساعة ونصف، وعندما أصل إلى العمل أكون مرهقا من السفر فآخذ قسطاً من الراحة، قد يصل إلى ساعات وبشكل يومي، وربما لا أنجز أي عمل في هذا اليوم بسبب النوم، علما بأن الشركة قد هيأت السكن المناسب والخدمات، إلا أنها عملت بنظام التأجير وهو سعر قد لا يستطيع البعض الدفع.
السؤال: ماحكم النوم في العمل نوما عميقا؟ وهل يعتبر من إضاعة الأمانة التي كلفتني بها الشركة؟ وهل المبلغ الذي أحصل عليه أثناء تواجدي في العمل وأنا نائم حلال أم حرام؟ وجزاكم الله كل الخير....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود.
ومن المعلوم أن النوم في العمل يضيع الواجب الذي كلفت به في عملك، وهو من تضييع الأمانة، والأجر على العمل الذي لا تؤديه بسبب انشغالك بالنوم محرم لأنه أخذ مال الغير بغير مقابل، ومن دون رضاه.
وينبغي لك أن تنام مبكراً حتى تستطيع أن تتحمل هذا السفر، ولا تنام في عملك.
أما عن مسألة استئجار المسكن فلم يتحدد لنا المراد منها على وجه الدقة.. ولكننا نقول: إذا عجزت عن استئجار مسكن بجانب العمل أوعن القيام بعملك بموجب عقدك مع هذه الشركة، فيلزمك أن تترك هذا العمل والبحث عن عمل آخر يناسبك وتؤديه كما هو مطلوب منك، فإن الله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] .
أعانك الله ووفقك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1423(12/4006)
تأجير أرض لزراعة المخدرات حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[يملك والدي أرضا بمنطقة تعتمد على زراعة المخدرات فأرغمه أحد أبنائه على زراعتها لكن الوالد أمرنا باقتسام الأرض حتى لا يتحمل وزر ما فيها غير أنني بصفتي أحد أبنائه لا أعرف هل يحق كراءها لأخي وهو يتحمل المسؤولية أم ماذا أفعل علما أن لا أحد يريدها لغير مادة الكيف، فهل أكتب مع أخي عقد كراء يتحمل بموجبه كل مسؤولية أم لا حيلة مع الله عز وجل؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تيقنت أو غلب على ظنك -كما هو الظاهر من كلامك- أن أخاك سيستخدم أرضك في زراعة المخدرات فإنه لا يجوز لك أن تؤجرها له، لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]
وقد قرر الفقهاء -رحمهم الله- حرمة تأجير حانوت لمن يبيع فيه خمراً أو يعصر خمراً، وحرمة بيع العنب لمن عُلم أو غلب على الظن أنه يتخذه خمراً، وهكذا كل ما يستعان به على المعصية، وروى ابن بطة أن قَيِّماً لسعد بن أبي وقاص في أرض له أخبره عن عنب أنه لا يصلح زبيباً ولا يصلح أن يباع إلا لمن يعتصره، فقال سعد: بئس الشيخ أنا إن بعت الخمر.
قال ابن قدامة في المغني 4/207: وهذا الحكم في كل ما يقصد به الحرام كبيع السلاح لأهل الحرب، أو لقطاع الطريق، أو في الفتنة، وبيع الأمة للغناء أو إجارتها كذلك، أو إجارة دار لبيع الخمر فيها، أو لتتخذ كنيسة، أو بيت نار، أو أشباه ذلك فهو حرام، والعقد باطل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1423(12/4007)
حكم تأجير محل بما يحتوي من بضاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تأجير السوق المركزي (مواد غذائية) على عامل أجنبي، باشتراط مبلغ شهري مقطوع مقابل تجهيزات المحل، على أن لا ينقص من رأس المال أي مبلغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التأجير لمعدات المحل من أثاث وأجهزة ونحو ذلك قد سبق جوابه في الفتوى رقم:
13225.
وأما إن شمل التأجير المواد المباعة "المواد الغذائية" -كما فهمنا من السؤال- فلا تصح الإجارة، إذ من شروط الإجارة أن لا تستهلك العين المؤجرة في استيفاء المنفعة، كما أن هذا العقد لا يصح مضاربة لضمان رأس المال فيه، وتحديد ربح معلوم شهرياً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1423(12/4008)
حكم خروج الموظف قبل انتهاء الدوام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة في مدرسة بوظيفة إدارية وأحيانا نخرج قبل انتهاء الدوام بنصف ساعة أو أكثر علما أن المديرة هي التي تسمح لنا بذلك فهل في الأمر حرمة من ناحية الراتب الذي أتقاضاه على أساس الدوام الكامل أرجو إفادتي ولكم جزيل الشكر....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا حرج في خروج الموظف قبل الدوام بوقت يسير إن كان النظام يسمح بذلك ولم يترتب عليه إخلال بالعمل، وكذلك إذا أذن له المدير وكان مخولاً بذلك من أصحاب العمل، والراتب في هذه الحالة مباح لا شيء فيه.
أما إن كان الأمر بخلاف ذلك فالموظف ملزم بالبقاء إلى انتهاء الدوام ولا يجوز له الخروج قبل ذلك، فإن فعل فيحرم عليه من راتبه ما يقابله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1423(12/4009)
لا بد في الإجارة من معلومية الأجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[شركة تتولى مشروعاً إنشائياً وهي متعثرة في أدائها، ولدي خمسة مهندسين متميزين، وعرضت علي الشركة أن يعينوا أولئك المهندسين لديهم مقابل أن أتقاضى أنا نصف الأرباح التي تتحقق عن تعيينهم، الشركة وافقت على ذلك لكنها تريد أن أتحمل كافة الخسارة في حال حدوثها ... أنا لا مانع لدي لكن بعض الإخوة ذكروا لي أن ذلك لا يجوز شرعاً لأنه يدخل في باب الرهان والقمار ... فما رأيكم حفظكم الله....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن هؤلاء المهندسين يعملون عندك، بما يسمى في الشرع "الأجير الخاص" وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز إجارة المستأجر لغير المستأجر بمثل الأجرة أو أكثر أو أقل، قال ابن رجب الحنبلي في قواعده: إجارة المستأجر جائزة على المذهب الصحيح بمثل الأجرة وأكثر وأقل. انتهى
قال في كشاف القناع: لأن المنفعة لما كانت مملوكة له، جاز أن يستوفيها بنفسه ونائبه. انتهى
لكن لا بد في الإجارة من معلومية الأجرة، والأجرة بالصورة المذكورة غير معلومة، لأنها مربوطة بالربح، والربح مجهول، وما علق بالمجهول يكون مجهولاً، وهذا مما يفسد عقد الإجارة، فإن أردت إتمام العقد المذكور فعليك بتحديد الأجرة عند العقد، ولا شأن لك بالربح أو الخسارة، كما أنه يجوز لك بالاتفاق مع الشركة المذكورة أن تتولى القيام بجزء من المشروع بنفسك ومهندسيك نظير مبلغ معلوم، مع تحمل ما ينتج عنه من خسارة، ونيل ما يحصل فيه من ربح، وهو ما يسمى في الفقه المعاصر بالاستصناع الموازي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1423(12/4010)
من ملك منفعة جاز له أن يؤجرها كما شاء
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل استاجر بيت بمائة ريال وأجّره على ناس آخرين بمائة وثمانين ريالاً فهل يجوز له ذلك وإن كان لا يجوز له فماذا على هؤلاء الناس أن يفعلوا.. أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من ذلك لأنه قد ملك تلك المنفعة فيجوز له تأجيرها، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 13225.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1423(12/4011)
إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشرت ظاهرة في بعض المساجد أنهم يحضرون حافظاً للقرآن ليصلي بهم صلاة التراويح مقابل مبلغ من المال ما حكم الشرع في هذه المسألة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس في ذلك، وفيه تشجيع للحفاظ، ودفع لهم على المحافظة على كتاب الله، وقد ثبت عند البخاري وغيره أن جماعة من المسلمين نزلوا ببعض العرب فلدغ سيدهم (رئيسهم) فعالجه أحد الصحابة بالقرآن (رقاه) فشفاه الله، فأخذوا على ذلك أجراً فأخبروا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله." البخاري في الإجارة 2276 لكن يشترط ألا يكون هذا المال من الزكاة لأنه لا حظ فيها لغني.
وانظر الفتوى رقم:
25060
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1423(12/4012)
كون الإنسان يشتغل عند آخر لا يعني ذلك وجوب الاستمرار معه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا أعمل عند تاجر محاسبا وأضع بعض النقود عند هذا التاجر لتشغيلها والآن بعد اكتسابي الخبرة في نفس مجال التاجر هل يجوز أن أنفصل عنه وأعمل نفس العمل لوحدي أم يعتبر ذلك خيانة لصاحب العمل؟ مع العلم أنه صديقي وأني أصبحت أعرف جميع أسرار هذا العمل والتاجر يعلم أنه عندي الإمكانية المادية للعمل مالحكم الشرعي في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تخلصت من العمل عند التاجر، فلا حرج عليك في ممارسة أي نوع من أنواع التجارة، ولو كان نفس العمل الذي كنت تمارسه معه هو، ولا يعتبر هذا من الغش ولا الخيانة، فكون الإنسان يشتغل عند آخر لا يعني ذلك وجوب الاستمرار معه ولا التحجير على العامل والتضييق عليه، بل الإنسان الحر له أن يمارس ما شاء من وسائل الكسب الحلال، لكن قبل تنهي العمل معه يجب عليك نصح عمله وعدم ممارسة أي تجارة خاصة بك مستغلاً اسمه هو أو محله أو نحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1423(12/4013)
الإمام المعين من الدولة هل ينيب أخاه عنه ويتخلف عن الصلاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إمام مسجد ولكن بعض الفروض أتأخر عن الإمامه بالمصلين لبعض الظروف مثلا أذهب إلى السوق ولا أتمكن من الرجوع وقت الصلاة علما أن المسجد الذي أنا فيه يوجد به أخي وينوب عني عند تأخيري عن الصلاة فهل الراتب الذي أتقاضاه يدخل ضمن المال الحرام نسأل الله العفو والعافية أفيدوني عن ذلك جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن عين براتب لإمامة مسجد وجب عليه الالتزام التام بإمامة الناس، وعدم التغيب عنهم إلا لضرورة أو حاجة، فإن تغيب لغير ذلك فهو آثم لتفريطه في تلك الأمانة العظيمة، والمال الذي تحصل عليه من الأيام التي تخلف عنها بغير عذر مال خبيث محرم، لا يحل تملكه، إنما يجب أن يعود إلى أصحابه إن تيسر ذلك، وإن لم تتمكن من ذلك فيصرف في مصالح المسلمين العامة، ولا يعفيك من المسؤولية استخلاف أخيك إماماً على جماعة المصلين، ولا يصير بذلك المرتب الذي تتقاضاه حلالاً، لأن الجهة المسؤولة قد جعلتك أنت إماماً على القوم وليس أخاك.
وللفائدة راجع الجواب رقم:
6424
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1423(12/4014)
أخذ الإمام الراتب من قبل الدولة - رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: ...
أرجو من فضيلتكم أن تثلجو صدورنا بالحديث عن حكم الإمام الذي يعمل موظفاً في الدولة ويأخذ الأجر على عمله وبارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للإمام أن يأخذ الراتب المعين له من قبل الدولة، ولا حرج عليه في ذلك، لما له من الحق في بيت مال المسلمين، وهو معد لمصالح المسلمين، وعلى هذا جرى العمل من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، أن يصرف من بيت المال رواتب للأمراء والقضاة والأئمة والمؤذنين، ويسمى هذا بالرَّزق، أي دفع العطية إلى من ذكرنا، وهو يختلف عن الأجرة التي تدفع من مال مملوك لمعين، والجمهور من الشافعية والحنابلة ومتقدمي الحنفية على منع أخذ الأجرة على الإمامة ونحوها من أفعال القرب، خلافًا للمالكية ومتأخري الحنفية.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية بعد ذكر الخلاف في أخذ الأجرة: وهذا كله في الأجر. وأما الرزق من بيت المال فيجوز على ما يتعدى نفعه من هذه الأمور بلا خلاف؛ لأنه من باب الإحسان والمسامحة، بخلاف الإجارة فإنها من باب المعاوضة، ولأن بيت المال لمصالح المسلمين، فإذا كان بذله لمن يتعدى نفعه إلى المسلمين محتاجًا إليه كان من المصالح، وكان للآخذ أخذه؛ لأنه من أهله، وجرى مجرى الوقف على من يقوم بهذه المصالح. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1423(12/4015)
نص الفقهاء على حرمة تأجير ما يستخدم في بيع المحرم أو فعله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
سؤالي هو أن أبي قام بتأجير محل لشخص وهذا الشخص يستغل المحل في تجارة وبيع السجائر (الدخان) فهل الإيجار الذي يأخذه أبي جائز شرعا أم لا؟ علما بأنه ليس لأبي دخل في بيع الدخان وإنما يستلم إيجار المحل فقط
ونرجوا منكم إفادتنا ما الذي يجب علينا فعله بالمال الذي أخذناه في الشهور الماضية إذا كان هذا المال محرماً شرعاً وبارك الله فيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدخان يحرم تناوله لضرره العاجل والآجل، كما هو مبين في الفتوى رقم: 1671، 1819.
وما حرم تناوله حرم الإعانة عليه بأي وجه من الوجوه، وتأجير المحلات لبائعي الدخان من إعانتهم على بيع هذا المحرم وترويجه، وهو داخل في التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عنه قائلاً سبحانه: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة:2] .
وقد نص الفقهاء على حرمة تأجير الدور لمن يستخدمها في بيع المحرم أو فعله.
قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز للرجل إجارة داره لمن يتخذها كنيسة أو بيعة أو يتخذها لبيع الخمر أو القمار. انتهى
وعليه، فإذا كان أبوك يعلم بحرمة الدخان عند تأجيره للمحل، وكان يجزم أو يغلب على ظنه أن المستأجر سيبيع فيه الدخان، فقد ارتكب إثماً، ولا يجوز له أخذ هذه الأجرة، لأن عقد الإجارة فاسد، بل عليه أن يصرفها في مصالح المسلمين مع التوبة إلى الله وفسخ عقد الإجارة إن استطاع ذلك، فإن استهلك الأجرة، فتكفيه التوبة فقط من ذلك.
وإن كان يجهل حرمة الدخان أو بيع المستأجر له في المحل، فلا حرج عليه في تلك الأجرة، ويلزمه فسخ العقد أو إلزام صاحب المحل بعدم بيع الدخان إن قدر على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1423(12/4016)
أخذ الأجرة على تعليم القرآن ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مدرس في أحد الجوامع في جمعية خيرية, وأدرس الطلاب تحفيظ القرآن الكريم وأنا أطلب الأجر من الله سبحانه وتعالى على ذلك ,والجمعية تعطي مرتبا شهريا ... فهل يجوز لي أخذ المرتب أم حرام تدريس القرآن بمرتب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم أخذ الأجرة على تعليم القرآن ونحوه من الطاعات التي يتعدى نفعها للغير كالأذان والحج والعمرة ونحو ذلك مما لم يتعين:
- فذهب متقدمو الحنفية وهو معتمد مذهب الحنابلة إلى عدم الجواز.
- وذهب الشافعية والمالكية والظاهرية وهو رواية عن أحمد وبه يفتي متأخروا الحنفية إلى جواز ذلك، وهو الأقرب. ويدل على ذلك ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نفراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مروا بماء فيه لديغ، أو سليم، فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راق؟ إن في الماء رجل لديغاً أو سليماً، فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء فبرأ، فجاء بالشاء إلى أصحابه، فكرهوا ذلك وقالوا: أخذت على كتاب الله أجراً، حتى قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول الله، أخذ على كتاب الله أجراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله " والحديث وإن كان سببه هو الرقية، إلا أن اللفظ هنا عام، وقد نص العلماء على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
هذا في أخذ الأجرة على ذلك، أما إجراء الرزق من بيت المال أو من الأوقاف المخصصة لمن يقوم بهذه الأعمال فإنه لا خلاف بينهم في جوازه. ومثل ذلك الهبات والعطايا غير المشروطة.
وعليه؛ فإنه لا بأس عليك في أخذ الأجرة من الجمعيات الخيرية على تعلم القرآن، ولكن عليك بمراقبة نيتك دائماً فاجعل المقصد الأول هو نشر الخير والعلم، وإن استطعت ألا تأخذ تورعاً فافعل، نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(12/4017)
حكم أخذ المأذون أجرة على توثيق العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[الدولة عينت مأذونيين شرعيين لعقد عقود الزواج مقابل منحة مالية مقطوعة، وذلك نظير قيامهم بعقد العقد ثم كتابته من أربع نسخ، ثم يقوم المواطن بتوثيق العقد، ولكن إذا قام المأذون الشرعي بجهده الخاص بسداد الضرائب الخاصة بالعقد لدى الدولة؛ فهل يجوز له مقابل ذلك أن يأخذ بعض المال من المواطن صاحب العقد، وهل يعتبر هذا مكسا؟ وما هو المكس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا العمل الذي يقوم به كاتب العقد زائداً على عمله الذي يتقاضى عليه أجراً من الدولة فلا بأس أن يأخذ أجرة عليه، فإن ما يأخذه مقابل عمله الزائد على ما تحمل به للدولة يعتبر عوضاً شرعياً هو عبارة عن أجرة على عمل وليس مكساً، والمكس: هو ما يأخذه العشار، أو الرصدي وهو الذي يقعد على طريق الناس ليأخذ شيئاً من أموالهم ظلماً وعدواناً. ويقال للمكاس عشار لأنه يأخذ العشور في كثير من البلاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1423(12/4018)
هل يستلم راتب العمل الأول من انتقل منه لجهة عمل أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أرسل عن شخص كان يعمل في مكان ما ثم انتقل إلى عمل آخر ولكن مازال (معاش العمل) الأول ينزل في رصيده في البنك.. فما حكم المال الذي تحصل عليه من العمل الأول (المال الموجود في رصيدي السابق بالبنك) ..مع العلم بأني توقفت عن العمل الأول]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا الراتب الذي ينضاف إلى رصيدك في البنك مع نهاية كل شهر لا يخلو من أحد أمرين:
فإما أن يكون بعلم وبرضى من جهة العمل السابقة، وحينئذ فهو هبة منهم، ولا حرج عليك إذا قبضته وانتفعت به.
وإما أن يكون بغير رضى منهم، ولكن ينزل بطريق الخطأ، وحينئذٍ فلا يجوز لك أن تأخذ شيئاً منه ولو درهما واحداً.
وسواء كان هذا أو ذاك، فعليك أن تستفصل منهم لتعرف السبب الذي جعلهم لا يقطعون راتبك بعد تركك للعمل، وعلى ضوء ما سبق ستعرف بإذن الله ما الذي يتوجب عليك فعله، ولمزيد فائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية:
22569 17110 18146
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1423(12/4019)
حكم الأكل من ثمر شجر الدار المستأجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
استأجرت أختي وزوجها شقة مفروشة في إحدى المنتجعات السياحية في الهدا ولهذه الشقة فناء صغير به بعض الأشجار. وكانت بها شجرة رمان فقامت الخادمة بقطف ثمرة صغيرة من هذه الشجرة وأكلوا منها بدون أن يستأذنوا من أصحاب المنتجع بحجة أن الشقة التي استأجروها والفناء ومابه من زرع أصبح بإمكانهم استعمال كل ما فيه.هل يجوز هذا الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت العادة جرت بأن الشخص إذا استأجر بيتًا من المالك، وفي البيت شجر مثمر أو شيء ينتفع به، أن لذلك المستأجر الانتفاع بغير إذن خاص من المالك فهذا لا شيء فيه.
وإن كانت العادة جارية بأن لا ينتفع المستأجر إلا بالسكن، أو بما حدده له المالك، فهنا لا يجوز للمستأجر أن ينتفع بما سوى ذلك.
وعليكم أن تستسمحوا من المالك، وإذا طلب التعويض فذلك من حقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1423(12/4020)
زمن الطهارة والمكتوبة والراتبة مستثنى من الإجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال هو كما يلي: اتفقت مع رب العمل أن أعمل اثنتا عشرة ساعة في اليوم فهل علي أن أداوم عوضا عن أوقات الذهاب إلى الصلاة أفيدوني جزاكم الله خيراً.....
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجب عليك أن تعوض لمستخدمك عن أدائك الصلوات المفروضة، بل ولا السنن المؤكدة على الراجح؛ لأنها مستثناة من الإجارة.
قال أصحاب الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي: ويستثنى من الزمن المستأجر عليه الزمن الذي تستغرقه العبادات الواجبة التي لا تؤدى إلا في المدة المستأجر عليها، وكذلك أوقات الطعام المعتادة لدى الأجراء والمستأجرين.
وكذلك إذا كانت المدة مقدرة بزمن طويل استثنى أيام الأعياد الثابتة بالشرع، وأيام التعطيل الثابتة بالعرف، فإن الأجير يستحق الأجر على هذه الأيام وتلك الأوقات ولو لم ينص عليها في العقد، فلا ينقصه المستأجر شيئًا من الأجر المتفق عليه لليوم أو الشهر أو السنة. انتهى.
وقال صاحب أسنى المطالب - وهو شافعي: زمن الطهارة والمكتوبة ولو جمعة والراتبة مستثنى من الإجارة. انتهى
وقال ابن عابدين في رد المحتار وهو حنفي: قال في التاترخانية: وفي فتاوى الفضلي: وإذا استأجر رجلاً يومًا يعمل كذا فعليه أن يعمل ذلك العمل إلى تمام المدة، ولا يشتغل بشيءٍ آخر سوى المكتوبة. وفي فتاوى سمرقند وقد قال بعض مشايخنا: له أن يؤدي السنة أيضًا. واتفقوا أنه لا يؤدي نفلاً، وعليه الفتوى. انتهى.
وقال الحجاوي في الإقناع وهو حنبلي: يستحق المستأجر نفعه في جميع المدة المقدر نفعه بها سوى فعل الصلوات الخمس في أوقاتها بسننها - قال البهوتي تعليقًا على قوله بسننها: أي المؤكدات - وصلاة الجمعة وعيد. انتهى
أما إذا كنت تخرج من العمل لأداء الصلاة في المسجد، فالذي يظهر أنه يتوجب عليك أن تستأذن من صاحب العمل، فإن أذن لك، وإلا صليت في محل عملك وإن قدرت على أن تصليها جماعة مع زملائك في العمل فافعل، وقد قال البهوتي في كشاف القناع: قال المجد في شرحه: ظاهر النص يمنع من شهود الجماعة إلا بشرط أو إذن. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1423(12/4021)
ما يستحق الأجير على عمل لم ينجزه حسب الاتفاق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم وجزاكم الله خيرا،،،
لقد سبق وتعاقدت مع مهندس، بحيث يقوم بصيانة منزلنا، بشرط أن لا أدفع له في حالة ألا تكون الصيانة جيدة، وبالفعل قبل الانتهاء من الصيانة بدأ المنزل في التقشر.وبشهادته وشهادة الجميع فإن الصيانة لم تكن بصورة جيدة ولكنه طالب بمستحقاته ورجع في اتفاقنا. مع العلم بأني عرفته عن طريق صديقتي التي تعمل معه، لذا سددت له نصف المبلغ ووعدته بأن أسدد له بقية أتعابه على أقساط مريحة، ودلك فقط من أجل صديقتي وليس لأنه من حقه. مضى على هذا الموضوع أزيد من عام ولم أبدأ بالسداد.
سؤالي هو: هل أنا ملزمة بالسداد وماحكم الشرع في ذلك؟ وجزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إجارتك لهذا العامل من نوع الأجير العام، وهو الذي يستأجر على عمل معين يعمله، كالخياط والحداد وغيرهما، وفي هذا النوع من الإجارة تكون الإجارة على العمل ذاته، لا على المدة، ولذلك فإن الأجير لا يستحق الأجرة إلا بإنجاز العمل المتفق عليه بالصورة المطلوبة منه والتي تم الاتفاق عليها، فإذا حصل منه تقصير يؤدي إلى عدم إكمال عمله، أو أكمله لكن ليس على الوجه المطلوب، فللمستأجر أن يأخذ ما يقابل النقص الحاصل في العمل، ويحدد هذا المقابل أهل الخبرة بهذا العمل، كما يجوز لصاحب العمل أن يقبل الشيء المطلوب على نقصه من باب المسامحة وإقالة العثرة، وله على ذلك أجر وثواب.
وسؤال الأخت لا يخرج عن حالتين:
الأولى: أن تكون رضيت بالصيانة على ما فيها من نقص دون أخذ ما يقابل هذا النقص، والتزمت بالدفع، ففي هذه الحالة لا يجوز لها الامتناع عن الدفع بعد الرضا به، لأنه التزام مالي لا خيار لها فيه بعد الرضا به.
الثانية: أن تكون غير راضية بهذا النقص، ولم تلتزم بدفع كل المال، لكنها وعدت به، ففي هذه الحالة لا يجب عليها الوفاء بالوعد، ويجوز لها الرجوع فيه بمقدار النقص الحاصل في الصيانة، وإن كان الوفاء بالوعد أفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1423(12/4022)
غسل سيارته ولم يجد من غسلها..ما العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو قام أحد الوافدين بغسيل سيارتي بعد الاتفاق معه على ذلك وبعد خروجي لم أجد هذا الرجل ولم أستطع الوصول إليه فماذا أفعل بنقود هذا الرجل أرجو إفادتي وجزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أن تبحث عنه لتدفع له حقه، فإن لم تجده أو تعذر عليك الوصول إليه فتصدق بهذا المال عنه، فإن وجدته بعد ذلك وأمضى الصدقة مضت، وإلا فيلزمك دفعها إليه، ولك أجر الصدقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1423(12/4023)
أخذ الأجرة مرتين على العمل سحت منهي عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[عملت بالسعودية لفترة وانتقلت بين منطقين فيها وعند انتقالي أخذت راتبي الشهري من المدرسة الأولى وعند استلامي العمل في المدرسة الثانية أخذت مرتب نفس الشهر علما بأن هذه المدارس مدارس حكومية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يحل لك أن تأخذ أجرة عملك مرتين بغير رضى المستأجر وهو هنا الجهة المختصة، وأخذك للراتب الثاني من أكل أموال الناس بغير حق، ولا يسوغ لك الأخذ كون المدارس مدارس حكومية، بل الخطر في أخذ أموالها أكبر لأن أموالها من أموال المسلمين العامة فخصماؤك فيها كثير، فيجب على الأخ السائل رد ما أخذ زائداً عما يستحقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1423(12/4024)
هل يستحق من أصلح شيئا دون إذن أجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإفتاء مشكورين..
أخذت معي جهاز الفيديو إلى محل للصيانة ... (بسبب أن الصورة ليست واضحة) واشترطت على عامل الصيانة ألا يقوم بصيانة الجهاز فقط الكشف عليه وإبلاغي بالعطل وتكلفة صيانته المهم.. اتصلت عليه وأبلغني أنه يكلف مبلغا من المال.. أبلغته بعدم صيانة الجهاز وأني لا أريد صيانته حالياً.. في اليوم التالي ذهبت لإحضار الجهاز.. فتفاجأت أنه يطلب مني مبلغا من المال نظير صيانة الجهاز.. بعد جدل أخذت الجهاز ولم أدفع له شيئا وقال لي إن أجرة الصيانة في ذمتي.. وعندما عدت إلى المنزل.. فكرت في ما ينبغي مني عمله.. فأرجو أن تفيدوني مشكورين.. مع العلم أن الجهاز لم يكمل صيانته بالشكل المطلوب؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الأمر كما ذكرت من إبلاغك لمحل الصيانة بعدم رغبتك في صيانة الجهاز، فلا يلزمك دفع أجرة الصيانة، لأنه فعل ما لم يؤمر به، بل إن تصرفه في الجهاز يعد تعدياً منه، لكن إن تضمنت الصيانة إضافة قطع أو أجزاء جديدة، وجب ردها إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1423(12/4025)
حكم الإيجار المنتهي بالتمليك
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أود الاستفسار عن رأيكم في هذا النوع من شراء البيوت: أسكن في الخارج (وذلك لضرورة أحتفظ بها لنفسي) ،
أردت شراء بيت من خلال إحدى المؤسسات الإسلامية، ويكون ذلك بأنهم يشترون البيت ويبيعونه لي كأجرة شهرية لمدة محددة، ولكن يجب علي أن أدفع لهم مبلغاً حوالي 4000 ثمنا للعملية كلها كما يجب أن أضع حوالي 20% من ثمن البيت كدفعه أولى.... وسعر البيت طبعا أغلى من السعر الأصلي، فما رأيكم في ذلك وجزيتم خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن شراء البيت من جهة تملكه لا مانع منه شرعاً، ولا مانع من تقديم نسبة مئوية من الثمن وتأجيل الباقي وتقسيطه حسبما تراضى عليه الطرفان.
وأما مبلغ أربعة ألاف الذي تدفعه ثمناً للعملية كلها فهو إن كان ربحاً للجهة التي اشتريت منها فلا مانع من ذلك ولو كان ذلك أكثر من ثمنه في السوق.
وأما كونهم يشترون البيت ويبيعونه لك كأجرة شهرية محددة.. فلم يتضح لنا.. فإن كان معناه أنهم بعد ما يملكون البيت بالشراء يؤجرونه لك إيجاراً ينتهي بالتمليك فهذا لا يجوز.
وإن كانوا يأخذون منك قسطاً كل شهر بعدما تتم العملية فيكون البيت ملكاً لك، ولهم في ذمتك الثمن الذي تدفعه بالأقساط فهذا لا مانع منه.
والحاصل: أن هذه العملية عملية مرابحة -حسبما فهمنا- ولا مانع منها شرعاً إلا إذا كانت العملية تؤول إلى الإيجار الذي ينتهي بالتمليك فلا تجوز. وكلا الأمرين محتمل من السؤال، وانظر الفتوى رقم:
2884 والفتوى رقم:
6374.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1423(12/4026)
حكم النوم في مصلى العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم النوم بعد صلاة الظهر في المسجد أو المصلى لمدة ساعة تقريبا ثم العودة إلى العمل علما أن المصلى داخل الشركة؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً,,]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز ذلك إلا إذا أذن به أهل الشركة أو المخول بذلك من قبلهم، أما إذا كان ذلك من غير علمهم، أو بعلمهم ولكن مع عدم رضاهم، أو برضى من هو غير مخول بذلك، فإن ذلك حرام.
وكون المصلى داخل الشركة غير مؤثر. وراجع التفاصيل في الفتاوى التالية أرقامها:
17110
9152
17077
7443
1980.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1423(12/4027)
حكم تأجير مكان تخزن فيه كتب الكتب المحرفة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي منزل مكون من خمسة طوابق ويقع أسفله بدروم (مخزن) ومنذ عامين قمت بتأجيره كمخزن كتب لإحدى الشركات، واكتشفت بعد ذلك أنهم يخزنون به كتب الدين النصرانيي والإنجيل وكتب الكنيسة وغير ذلك ...
وقد اقترب موعد انتهاء العقد بيني وبين هذه الشركة، فهل علي ذنب مع علمي بهذا النشاط إذا قمت بتجديد التعاقد لفترة أخرى ...
مع العلم بأنني أتقاضى مبلغاً محترماً من هذا الإيجار]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإجارة البيت ليستخدم في الحرام حرام، كما نص على ذلك أهل العلم، قال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله في المغني:
لا يجوز للرجل إجارة داره لمن يتخذها كنيسة أو بيعة أو يتخذها لبيع الخمر أو القمار. انتهى.
وقال صاحب مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى في فقه الحنابلة: ولا تصح إجارة دار لتجعل كنيسة أو بيعة أو صومعة أو بيت نار لتعبُّد المجوس أو لبيع خمر أو قمار لأن ذلك إعانة على المعصية. قال تعالى: ولا تعاونوا على الإثم والعدوان [المائدة:2] انتهى كلامه رحمه الله.
وقال صاحب كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل من فقهاء المالكية: ولا تجوز الإجارة على دخول حائض لمسجد لتكنسه لحرمة دخولها فيه، أو كراء دار أو أرض لتتخذ كنيسة أو بيعة أو بيت نار أو ليباع فيها الخمر، ولاجتماع المفسدين انتهى كلامه.
وبهذا يتضح للأخ السائل أن إجارته بيته لمن يتخذه مخزنا للكتب المحرفة المبدلة التي تتضمن الكفر الصراح من التنقص لله عز وجل، وجعل الولد والصاحبة له، وغير ذلك مما حرفه وبدله أعداء الله من اليهود والنصارى في الكتب المنزلة.. يتضح للأخ السائل أن هذه الإجارة محرمة لأنها إعانة على الإثم والعدوان. والواجب الآن قبل انتهاء العقد أمران:
الأول: التوبة إلى الله عز وجل من إبرام هذا العقد المحرم قبل أن يجيء الموت وحينها لا ينفع الندم، قال الله سبحانه: أفرأيت إن متعناهم سنين*ثم جاءهم ما كانوا يوعدون* ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون
[الشعراء:205-207]
الثاني: إنهاء هذه الإجارة فور العلم بحرمتها ولو قبل حلول الموعد، فإنها إذا بطلت لم تترتب عليها آثارها.
وإذا كان الأمر على ما وصفنا فقد تبين للسائل جلياً أنه لا يجوز له -من باب أولى- ما سماه بتجديد العقد لفترة أخرى، بل ليس هناك عقد صحيح حتى يجدد.
وأما ما أشار إليه السائل من كونه يتقاضى مبلغاً محترماً فإننا نقول له أولاً: لا خير في لذة من بعدها النار، وعليه أن يتذكر قوله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال: يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا؛ والله يا رب " رواه مسلم
فغمسة واحدة في جهنم تنسي أنعم أهل الأرض كل نعيم كان مر عليه في الدنيا، فكيف بالأعوام والمدد المتطاولة؟ وعلى الإنسان أن يختار لنفسه. ثم على الأخ السائل أن يسأل نفسه ما الذي قدمه للإسلام، ولخدمة دين الله عز وجل وهو يعين المنصرين على دعوة الناس إلى الدين الباطل بل دعوة المسلمين للارتداد عن دينهم والكفر بعد الإسلام، أهكذا تشكر نعمة الله عز وجل؟! نسأل الله عز وجل أن يقينا شر أنفسنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1423(12/4028)
تحديد مدة الإيجار من شروط الإجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أبدية عقد إيجار الوحدات السكنية وتوارثها من المؤجر الأصلي إلى زوجته وأولاده بعد وفاه المستأجر الأصلي أو تركها لأحد من أولاده حلال شرعا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيشرط لصحة عقد الإجارة بيان المدة التي تنتهي فيها، فإن خلا من تحديد المدة وجب فسخه؛ لأنه عقد باطل.
كما هو مبين في الفتوى رقم:.
16761.
ولا يجوز للمستأجر الاستمرار في ذلك استناداً إلى القوانين الوضعية التي تقر ذلك.
بل عليه أن يرجع العين المؤجرة إلى مالكها إن كان حياً، أو إلى ورثته إن كان ميتاً، أو يبرم معه عقداً شرعياً تحدد فيه المدة، وتحدد فيه الأجرة باتفاق الطرفين وبرضاهما..
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(12/4029)
حكم تأجير بيت لكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تأجير شقة إلى شخص أجنبي غير مسلم جاء للعمل؟ علما بأنه قد يرتكب بعض ما نهى عنه الله كشرب الخمر وإذا كان حراماً فما كفارة من قام بالتأجير ودفع الإيجار وهو لا يعلم؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل أنه يجوز عقد الإجارة بين المسلم والكافر فيما تجوز الإجارة فيه، بما في ذلك استئجار البيوت ونحوها، ومن المعلوم أن الكفار يفعلون أموراً تخالف الشرع في بيوتهم كعبادة غير الله وأكل المحرمات كالخنزير، ومع هذا فلم ينه الشرع عن الإجارة لهم، فبقيت على أصل الإباحة.
قال في البحر الرائق -حنفي-: لو أجره للسكنى جاز -يعني لغير المسلم- ولا بد فيه من عبادته. ا. هـ
لكن لا تجوز الإجارة لهم على اتخاذ المكان المؤجر لبيع الخمور أو الأصنام أو الخنزير وما أشبهها.
قال ابن قدامة: ولا يجوز للرجل إجارة داره لمن يتخذها كنيسة، أو بيعة، أو يتخذها لبيع الخمر أو القمار. ا. هـ من المغني.
كما لا يجوز الإجارة لهم أيضاً على اتخاذ المسكن مكاناً يجتمعون فيه لفعل المنكرات كالزنى وشرب الخمور وما أشبهها، لما فيه من الإعانة لهم على معصية الله، وقد سبق بيان بعض الأحكام المتعلقة بهذا الأمر في الفتوى رقم: 9289، والفتوى رقم: 5559.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1423(12/4030)
الموظف له من وقته ما يسع طهارته والمكتوبة والراتبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مواظبة على صلاة السنة إلا أنني أريد أن أسأل عندما أكون في العمل هل أصلي الفرض فقط على أساس ألا أضيع وقت العمل وعلى أساس أن يكون راتبي حلال وأن أقتصر على صلاة السنة في المنزل فقط أم أصلي السنة في العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز لك أن تصلي السنة الراتبة بل ذلك مطلوب منك، وذلك لورود مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها وأخرج أحمد عن المغيرة بن سليمان قال: سمعت ابن عمر يقول: كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يدع ركعتين قبل الظهر وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الصبح.
ومحل هذا ما لم يترتب على انشغالك بهذه النوافل تفريط في العمل.
فقد نص غير واحد من الفقهاء على أن الأجير الخاص له من وقته ما يسع طهارته والصلاة المكتوبة والراتبة، قال صاحب أسنى المطالب -وهو شافعي-: زمن الطهارة والمكتوبة ولو جمعة والراتبة مستثنى من الإجارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1423(12/4031)
حكم قيام صاحب بقالة بتأجير الجرائد
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في بقالة فيها جرائد للبيع وأحدهم يريد أن يقرأها مقابل ثمن رمزي ثم يعيدها هل يجوز أن أعطيه الجريدة؟ علماً بأن الجريدة يمكن أن تتأخر فلا نستطيع بيعها ونعيدها للجريدة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الجريدة في هذه الحالة لا تزال ملكاً للناشر، وليست ملكاً لمالك البقالة، ولكن قد جعل له جُعْل على بيعها، فإن باعها فله كذا، وإن لم يبعها ردها إلى صاحبها.
وعليه، فلا يجوز له أن يؤجرها لمن يقرؤها، ثم يردها، لأنه تصرف في ملك الغير فيما لم يأذن به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1423(12/4032)
يجوز الخصم من أجرة الأجير بمقدار تقصيره
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي خادمة مسيحية لا أحبها ولكنني لا أمنع عنها الأكل والراحة وأمنع الهاتف والتلفزيون وأخصم من راتبها بعد 3 تنبيهات ونحن نتكلف مبالغ باهظة لجلب الخدم ولا أستطيع تغييرها ولكنني أقلق إنني لا أحسن معاملتها لأنها تتعمد مخالفة الأوامر ولا تخرج من المنزل ولكن راتبها لا أعرف كيف تخرجه وتدعي أن أختها أخذته فقررت أن أدفع الراتب لأختها وليس لها لأنها تكذب.
السؤال: هل من الحرام عقوبة الخصم ومسك الراتب حماية لمنزلي وخوفاً من أن تدخل غرباء وتخرج أثناء نومي؟
وهل يتناقض تصرفي مع إعطاء الأجير حقه قبل أن يجف عرقه؟
الرجاء التأكد إنني لا أظلمها ولكنها ظالمة لنفسها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاستقدام الخدم جائز في الجملة، وداخل تحت باب الأجير الخاص، وهو كما عرفه صاحب تنوير الأبصار من الحنفية: من يعمل لواحد عملاً مؤقتاً. ا. هـ
وكما عرفه الحنابلة بقولهم: من قدر نفعه بمدة معينة. ا. هـ من غاية المنتهى.
ويقول الفقهاء: ويستحق الأجير الخاص الأجر بتسليم نفسه في المدة، لأن منافعه صارت مستحقة لمن استأجره في مدة العقد، ويجب على الأجير الخاص أن يقوم بالعمل في الوقت المحدد له نصاً أو عرفاً.
فإذا امتنع الأجير الخاص عن العمل في مدة العقد، فللمستأجر أن يُسقط من أجرته بقدر ما ترك من العمل دون زيادة عليه، لأنه يملك منافعه في هذه المدة.
وبناءً على ذلك، فإنه يجوز لك الخصم من راتب الخادمة بقدر تركها للعمل فقط في مدة العقد، ولا يجوز لك الزيادة على ذلك، كما لا يجوز لك إعطاء راتبها لأحد غيرها إلا بإذنها، لأنها ملكت الراتب بتسليم نفسها لك، ولا يجوز لك كذلك أن تمسكي راتبها بعد استحقاقه ولو لحظة واحدة، لأن ذلك مطل، ومطل الغني ظلم.
وأما خوفك من فسادها، فلعلاجها سبل أخرى غير هذا السبيل كالنصيحة والدعوة إلى الخير بالحكمة والموعظة الحسنة، وأحسن ما يعينك على ذلك دعوتها إلى الإسلام، فهو علاج لكل اعوجاج، وراجعي الفتوى رقم: 1962، والفتوى رقم: 7644.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1423(12/4033)
عقد الصيانة مقابل مبلغ معين لا يصح للغرر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الإسلام في عقد الصيانة السنوي مقابل مبلغ معين متفق عليه مع العلم أن المبلغ مدفوع في حال حدوث خلل أو عدمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا النوع من العقد لا يصح لما فيه من الغرر، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر".
وبيع الغرر هو: كل بيع مجهول العاقبة فلا يدري حصوله أو لا، ففي ذلك مخاطرة، وإذا منع هذا في البيع منع في الإجارة، وقد قال أهل العلم: إن الإجارة في هذا كالبيع، لأنها في الواقع هي بيع منافع.
والغرر متحقق في هذه المعاملة، فقولك: يحدث خلل، فيكون قد أخذ المبلغ بلا مقابل، وقد يحدث خلل يكلف أكثر من المبلغ الذي أخذه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1423(12/4034)
تأجير عقارات لمن يستعملها في الحرام لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي متوفي (رحمه الله) وهو شريك لإخوته ولديهم مبنى مؤجر لبنك ربوي. وأيضا مبنى لشقق مفروشة وبها القنوات الفضائية. ومحلات للحلاقه يتم فيها حلاقة اللحية والقصات الغربية فما حكم ذلك وهل يستمر عليه الإثم حتى بعد وفاته وما واجبنا في ذلك وجزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز تأجير العقارات لمن يستخدمها في الحرام كالبنوك الربوية، والقنوات الفضائية المحرمة، وحلاقة اللحى، والتشبه بالكافرين، ونحو ذلك.
وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتاوى التالية أرقامها:
1954
10330
7812
11093.
ومن فعل ذلك حال حياته ثم مات، فإن وزر ذلك يلحقه في قبره حتى ينتهي ذلك الإثم، فالواجب عليكم الآن سحب العقارات من هؤلاء الذين يستخدمونها في المعصية، وتأجيرها لآخرين ممن يستخدمونها في المباحات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1423(12/4035)
حكم أخذ أجرة عن عمل أخل بشروطه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أود منكم الرد على أمر يحيرني وهو أنني موظف تعينت سنة 99 وهذا العمل لم أذهب إليه إلا قليلا بحكم بعد العمل والمدير يعلم بذلك وأحضرت له موافقة من التعليم وانتدبت إلى التعليم وفي ذلك الوقت ظهر لي قرار تعيين من التعليم والآن بصدد أخذ مرتبات من التعليم فهل يجوز لي أخذها مع العلم أن العمل الأول منتدب إلى التعليم وطبيعته لا تتطلب الحضور؟ وهل يجوز لي التفرغ من العملين وأخذ مرتباتهم؟ مع العلم بأني أتفرغ بسبب الدراسة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالموظف أو العامل ملزم شرعاً بالقيام بعمله بحسب العقد وشروطه المتفق عليها مع جهة العمل، لقول الله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [المائدة:1] .
ولا حرج شرعاً في أن يجمع الإنسان بين وظيفتين أو عملين إلا إذا كان في ذلك إخلال بعقدهما أو عقد أحدهما فلا يجوز له ذلك حينئذ، وليختر ما يناسبه منهما وليترك الوظيفة الأخرى مع مراعاة شروط العقد من حيث ترك العمل.
فإذا استقر الإنسان في وظيفة أو وظيفيتين فلا يجوز له التغيب عن العمل في أي منهما إلا بإذن الجهة المسؤولة عنه.
فعليك أن تنظر في عقود الوظيفتين فتلتزم بهما، ولا يجوز لك أن تأخذ راتباً من عمل أنت مخل بعقده أو بشرطه، وتواطؤك مع المسؤول المباشر على التغيب دون موافقة جهة العمل لا يسوغ لك الاستمرار في هذا العمل، لان ذلك خيانة منه، كما هو خيانة منك، والله لا يحب الخائنين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1423(12/4036)
حكم اشتراط جهة العمل أن لا يعمل الموظف عملا آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدروس الخصوصية التي يقوم بها المدرس خارج المدرسة حلال أم حرام؟ علماً أن هناك اتفاقاً بين الوزارة والمدرس على عدم مزاولة هذه الدروس خارج المدرسة , وأن هذه الدروس بدأت تضر بالطالب من حيث الاتكالية والكسل.........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على المسلم الوفاء بالعهود والالتزامات التي وافق عليها عن رضى واختيار، إذا كانت هذه العقود لا تخالف حكماً شرعياً ثابتاً، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] . وقال تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً [الإسراء:34] .
وبما أن المدرس حين يبرم العقد مع وزارة التربية يُشترط عليه أن لا يقوم بالدروس الخصوصية، فإنه يلزمه هذا الشرط، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم؛ إلا شرطاً حرمًّ حلالاً أو أحل حراماً. رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
والإخلال بهذه الشرط لا يجوز وأي تقصير في الوفاء به يُعتبر إثماً، ولا شك أن في احترام المدرس لهذا الشرط أهمية في حل مشاكل الطلاب التي أشار السؤال إلى بعض منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1423(12/4037)
المكافأة زيادة على الراتب ... نظرة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أعمل طبيبا في مستوصف خاص وأتقاضى مرتبا (5000) وصاحب العمل يحب النشاط في العمل ويكافئ عليه فهو يعطي الأطباء نسبة من الدخل إذا بلغ الدخل الصافي للعيادة أكثر من (10000) يعطيهم 10% وفوق (20000) يعطي15% وهكذا بنسبة تصاعدية حتى يتم تشجيع الأطباء على العمل.
هل هناك أي خلل في هذا العقد حيث قال لي أحد الأصدقاء إن هذا العقد محرم
الرجاء إن كان محرما بيان سبب الحرمة وهل هناك تفصيل في المذاهب الأربعة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإجارة عقد معاوضة على تمليك المنافع، وثبتت مشروعيتها بالكتاب والسنة والإجماع.
قال تعالى: أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [الزخرف:32] وقال تعالى: قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ [القصص:26] وقال تعالى: فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنّ [الطلاق:6] .
وروى البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره.
فيجوز عقد الإجارة براتب معلوم -كما هو الحال بالنسبة لسؤال الأخ الكريم- ومازاد على ذلك فهو مكافأة تشجيع لتنشيط العامل، وقد استوفت الإجارة شروطها من رضى المتعاقدين، ومعرفة المنفعة المعقود عليها واستيفائها.
وعلى هذا فلا مانع من تشجيع العامل على إتقان عمله ونشاطه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1423(12/4038)
راتب بدون عمل!!!
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في شخص يتقاضى مرتباً من الدولة دون أن يقوم بأي عمل حيث أخبره رئيسه فى العمل بعدم أهمية حضوره إلى العمل وسوف يتم صرف مرتبه كاملاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أخذ مال الغير، سواء كان هذا الغير فرداً أو دولة إلا بوجه مشروع، والمؤمنون عند شروطهم، والموظف الذي تعاقد مع جهة العمل على وقت محدد ابتداء وانتهاء لا يجوز له الإخلال بذلك، وإن أعفاه مديره في العمل، إلا أن يكون هذا المدير مخولاً من قبل الجهة التي تعاقدت مع الموظف تخويلاً يتيح له ذلك، فيكون المرتب عند ذلك هبة من تلك الجهة.
وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى التالية: 11774، 7443، 14591.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1423(12/4039)
حكم تناول الراتب بغير عمل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في شخص يتقاضى مرتبا شهريا من الدولة ولا يقوم بأي عمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يحل لهذا الشخص المرتب الذي يتقاضاه، حتى يقوم بالعمل الذي كلف به من قبل الدولة، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] وبين هذا الشخص والدولة عقد على عمل بموجبه يستحق المرتب، وترك العمل إخلال بالعقد وخيانة للأمانة التي أمر الله أن تؤدى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58] . وأكل للمال بالباطل، والله يقول: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [البقرة:188] .
فالواجب على الشخص المذكور القيام بعمله على أكمل وجه وأحسن صورة حتى تبرأ ذمته ويطيب كسبه، فإن كان غير قادر على القيام بهذا العمل أو قادراً ولكنه لا يريد القيام بالعمل فليستقل منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1423(12/4040)
التحايل لأخذ بدل الإيجار لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أقدم على بدل الإيجار وهذا يتطلب أن أؤجر وأسكن في سكن مستقل ولكن أنا لا أريد أن أخرج ولكن بطريقه ما أن أكتب بياناتي على أني مؤجر وأنا لست مؤجراً لأحصل على الإيجار وللعلم أني آخذ النقود وأسلمها لوالدي مباشرة لأني أسكن عنده فهل هذا يجوز وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت الجهات المسوؤلة قد اشترطت أنه لا يأخذ بدل الإيجار إلاَّ من لم يكن له مسكن يسكنه، فإنه لا يجوز لأحد التحايل على هذا الشرط ليأخذ ما ليس له، فإن كان السائل ممن تجري عليه الشروط فله أخذ ذلك وفق ما يحدده القائمون على الأمر، وإن كان غير ذلك فلا يحل له التحايل ليأخذ ما لا يستحقه.
وعلى السائل أن يتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: الإثم ما حاك في الصدر رواه الطبراني.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1423(12/4041)
جرى العرف بالتفريق بين الموظف الدائم والمؤقت
[السُّؤَالُ]
ـ[موظفة في مستشفى تريد أن تنتقل إلى هيئة الأوقاف بسبب الاختلاط بالرجال بنفس المرتب والدرجة وستنتقل في الأوقاف من موظفة إلى مدرسة للقرآن الكريم وذلك لأنه لديها إجازة تدريس القرآن الكريم والتدريس يكون حصة واحدة في اليوم لمدة ساعتين على اعتبار أنها ستتقاضى مرتباً عن عمل ثمان ساعات علما بأنه في بلدنا يعطى مكافآت لمدرسي القرآن الكريم أقل من هذا المرتب ونقلها من موظفة إلى مدرسة القرآن الكريم عن طريق (الواسطة) علاقه شخصية.
السؤال:- هل يجوز لها أخذ هذا المرتب كاملا أم تأخذ مكافأة فقط وكيف تتصرف في باقي المرتب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العرف جرى باختلاف ساعات العمل من وظيفة إلى أخرى والمدرس غالباً ينال مرتباً كاملاً من الدولة مع أنه لا يدرس بعدد ساعات الدوام لغيره من الموظفين، وذلك مراعاة لطبيعة العمل وللمجهود الذي يبذله المدرس. فإن كانت الجهات المسؤولة قد وافقت على نقل هذه الوظيفة إلى مهنة التدريس بالراتب كاملاً فلا حرج على هذه الأخت في أخذ هذا الراتب، ولا عبرة بما يتقاضاه بعض المدرسين من مكافآت بسيطة، فإن هذه المكافآت ليست رواتب وظائف دائمة، وإنما هي كاسمها مكافأة، وقد جرى العرف بالتفريق بين الموظف الدائم وبين من يعمل في فترات معينة. فيعطى الأول راتباً ويعطى الثاني مكافأة على مرأى ومسمع من ولاة الأمور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1423(12/4042)
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم وبعد: ... ... ... ... ... ... ... ... ...
قام ناس عندنا في مصر بتأجير شقة من مالكها وبدون تحديد مدة الإجارة ولما طالت المدة وجد المالك نفسه يأخذ مبلغاً زهيداً نظرا لفرق العملة فعرض على المستأجر شراء الشقة بخمس ثمنها تقريبا وقمت أنا بشراء الشقة من المستأجر الذي اشتري الشقة بالثمن الحقيقي لها ولم أكن أعلم أن ما فعلوه حرام والآن هم لا يريدون إرجاع مالي الذي دفعته لهم على أن يأخذوا شقتهم فهل عليّ من إثم في البقاء في الشقة؟
أفتونا رحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلابد أولاً من معرفة أن الإجارة لابد من تحديد زمنها حتى تخرج بذلك عن الجهالة والغرر الذي يؤدي إلى التشاحن والنزاع، وإذا لم يحدد لها زمن بأن اتفق المتعاقدان بأن كل شهر أو سنة -مثلاً- سكنه المستأجر فللمالك مقابله كذا وكذا كانت نوعاً من الإجارة يسمى مشاهرة، وهو غير لازم لأحد الطرفين، بل هو منحل من جهتهما فأيهما أراد فسخ العقد فله ذلك ما لم يدفع المستأجر الأجرة أو يبدأ في الشهر أو السنة، هذا عن الإجارة.
أما عن حكم بيع المالك لشقته بأقل من ثمنها إذا كان رشيداً مختاراً فالأصل فيه أنه بيع صحيح، لكن لما كان المالك هنا إنما اضطر إلى بيع شقته نتيجة لما يفرضه القانون عليه من لزوم عقد الإجارة بالأجرة الأولى التي أصبحت لا تسمن ولا تغني من جوع، فإنه يعتبر في حكم من غصب منه ماله، وبالتالي فتصرفه فيه تحت الحكم القانوني المذكور غير لازم، وكل ما نشأ عنه فلا يلزمه.
وراجع الفتوى رقم: 9057.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1423(12/4043)
هل يضمن المستأجر التلف في العقار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في تكاليف إصلاح لعمارة تمت في عهد ساكن سابق ويطالبون بها الساكن الحالي بدعوى أن العبرة بمن يقيم حاليا وما ذنب الساكن الحالي إذا كنت اشتريت الشقة والعمارة على بهذه الإصلاحات ويطالبوني بعد مرور 5 سنوات من سكني أفيدونا بحكم الشرع هل الساكن الحالي مسئول!!!!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنقول للسائل أولاً إن المستأجر لا يضمن التلف الحاصل في الدار ما لم يكن نشأ عن تفريط أو تعد، وفي حالة ما إذا تعدى أو فرط فحصل تلف بسببه فهو المسئول عنه وليس غيره، فالله عز وجل يقول (ولا تزر وازرة وزر أخرى) [الأنعام:164] ، ويقول (كل نفس بما كسبت رهينة) [المدثر:38] .
وإذا تقرر هذا علم أن مطالبة المستأجر الحالي بإصلاح ما أفسده من كان قبله ظلم وجور. وأخيراً نقول للسائل: إن الفقرة الأخيرة من سؤاله غير واضحة فيرجى منه توضيحها وإرسالها مرة أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1423(12/4044)
حكم طلب المؤجر إخلاء الشقة مقابل مبلغ من المال
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان أبي يستأجر شقة منذ 43 عاماً ويدفع الإيجار شهرياً ثم توفي وقبله بـ 12 يوماً توفيت أمي ولقد طلب صاحب الشقة بأن نخلي له الشقة وأن يدفع لنا مبلغاً من المال. فهل هذا المبلغ حلال وهل يقسم بيننا بالشرع علما بأننا جمعينا متزوجون خارج هذا المنزل؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا أراد مالك البيت منكم إخلاء البيت قبل انتهاء مدة الإجارة مقابل مبلغ يدفعه لكم، فهذا جائز شرعاً، لأنه تعويض عن تنازلكم للمستأجر برضاكم عن حقكم في المنفعة.
أما إذا انتهت مدة الإجارة، ولم يتجدد العقد صراحة أو ضمناً عن طريق التجديد التلقائي حسب الصيغة المفيدة له، فلا حق لكم في الخلو، لأن المالك أحق بملكه بعد انقضاء حق المستأجر.
وبناءً على جوازه، فإنه يُقسم بينكم كقسمة الميراث، فيُعطى كل ذي حقٍ حقه.
أما إذا لم يكن لكم حق في أخذه أصلاً، فيجب عليكم ردَّه إلى صاحب الشقة، مع ترك الشقة له بدون مقابل إن أراد ذلك.
وراجعي الفتوى رقم: 8584، والفتوى رقم: 9057.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1423(12/4045)
تأجير (طاولة البيلياردو) بين الحل والحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل بالجامعة وراتبي لا يكفي احتياجاتي وأسرتي، أملك معدات ترفيهية (طاولات لعبة البلياردو) وأؤجرها للمقاهي فهل إيرادها حلال أم حرام أم مكروه؟
ولكم جزيل الشكر وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تؤجرها إلى من يقامر بها فإن في ذلك إعانة على القمار الحرام، والإعانة عليه من أغلظ المحرمات، لأن المعين عليه بمثابة فاعله. وقد ذكر الله جل وعلا القمار مسبوقا بالخمر ومتبوعاً بالأنصاب والأزلام، وذلك في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ) [المائدة:90] ، وذنب يأتي متوسطا بين هذه الشرور لا يمكن للمسلم أن يعين عليه، وإن كنت تؤجرها إلى من يلعب بها من غير قمار فلا حرج عليك في ذلك؛ إلا إذا علمت أنها تصد الناس عن الصلاة وعن ذكر الله، وأن من يستأجرها لا يلتزم بضوابط اللعب بها المبينة في الجواب رقم:
9146
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1423(12/4046)
من يتحمل أجرة كتابة وثيقة الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال: رجل أقرض غيره مبلغاً من النقود وأراد أن يوثق هذا القرض فمن الذي يدفع أجرة الموثق هل هو المقرض أم المقترض؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في أخذ الأجرة على كتابة الوثائق والسجلات.
قال القرطبي: ولم يختلف العلماء في جواز أخذ الأجرة على كتب الوثيقة. انتهى
ومن كتب وثيقة شخصين أقرض أحدهما الآخر، فإن أجرته - إن طلبها - يتحملها المقترض لا المقرض، ولا يعتبر ذلك قرضاً جر نفعاً، إذ لم يعد على المقرض شيء، ومثله نقل القرض إن احتاج إلى نفقة، فإنها تلزم المقترض لا المقرض، أو يجبر المقترض على تسليم القرض في محل الاقتراض، كما نص عليه أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1423(12/4047)
من قام بإجراء حرام هل يستحق أجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[كان في سيارتي عطل وذهبت إلى الشركة وكنت أتكلم مع الميكانيكي وكانت سيارتي قد طافت مرحلة الكفالة بفترة قليلة وقال لي الميكانيكي سوف تكلف سيارتك مبلغاً كبيراً من المال لكن عندي طريقة فقال سوف أنزل من عداد الكيلومتر ألف كيلو وسوف تدخل السيارة على الكفالة ولكن على شرط بمبلغ عشرين دينار وفعلته ولكن لم أعطه عشرين ديناراً بعد أن عرفت أن الذي عمله حرام أرجو القول لي ماذا أفعل هل أعطيه المبلغ وأنا أصلحت السيارة وماذا أفعل وأقول للشركة؟ وشكراً لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي أقدمت عليه غش وخيانة، وقد قال صلى الله عليه وسلم "من غش فليس منا" رواه مسلم.
وهذا الميكانيكي لا يستحق الأجرة مقابل عمله الحرام، ولكنك مطالب الآن بأن تتوب إلى الله أولاً مما بدر منك، ومطالب ثانياً بأن تعطي الجهة الكافلة لسيارتك مقابل ما أصلحوه، كما يجب عليك توجيه ذاك الميكانيكي للتوبة الصادقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1423(12/4048)
أنواع الإجارة وما يترتب على كل من أحكام
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ الكريم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو إفادتي بخصوص هذا الشرط في عقد الإجارة:
أولا من المعلوم أن عقد الإجارة عقد لازم بين الطرفين، لكن هل يجوز وضع هذا الشرط وهو أن ينص في العقد، على أنه في حالة رغبة أحد الطرفين بإلغاء العقد فإنه يخبر الطرف الآخر قبل ذلك بشهر، ويكون العقد ملغى ولو لم يوافق الطرف الآخر، أرجو بحث هذا السؤال لأنه قد عمت به البلوى حتى رأيناه في عقد بعض الإسلاميين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإجارة تنقسم إلى قسمين: إجارة لازمة وإجارة غير لازمة.
فالإجارة غير اللازمة: هي ما حصل التعاقد فيها على أن كل يوم بكذا أو كل شهراً أو كل سنة، وهذا القسم يسمى مشاهرة أو مياومة ... وهو منحل من الطرفين لكل واحد منهما فسخه متى شاء؛ إلا إذا نقد المكتري أجرة الشهر أو السنة أو بدأ فيه فيلزم العقد حينئذ.
القسم الثاني: هو ما حدد فيه الزمن بتعيين أوإشارة أو نحو ذلك، كأن يستأجر منه الدار مثلا سنة 2003 أو هذه السنة بدءا من شهر كذا، فهذا النوع من الإجارة يسمى وجيبة وهو لازم، وليس لأحد المتعاقدين حله دون موافقة من الثاني، لأن المستأجر ملك المنفعة طيلة تلك المدة، كما أن المؤجر ملك مقابلها المتفق عليه من أجرة.
هذا هو الأصل؛ لكن الظاهر لنا -والله تعالى أعلم- أنه إذا دخل كل واحد من الطرفين أو أحدهما على أن من شاء أن يحل هذا العقد في الوقت الذي أراد فله ذلك، فإنه لا مانع منه وترجع الإجارة حينئذ إلى القسم الأول الذي هو المشاهرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1423(12/4049)
المحاذير الشرعية في عقد الإيجار المنتهي بالتمليك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي محل تجاري اشتريته من رجل في الوثائق نحن شركاء، ونحن متفاهمون أن تدوم هذه الشراكة لمدة سنتين بعد تسديد الدين (ثمن المحل) ثم بعدها يصبح المحل ملكي. فائدة البائع هي كراؤه (تأجيره) المحل لي بـ:20000 دينار في الشهر الواحد.
وبذلك يكون قد استثمر ماله وأصبح أنا صاحب المحل، هل هذه الطريقة شرعية؟
وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
إذا كان ما فهمناه من سؤالك هو مرادك منه، فإن هذه الصورة تعرف بصورة: الإيجار المنتهي بالتمليك. والذي يظهر - والله أعلم - أنها لا تجوز لاشتمالها على عدة محاذير شرعية لا يمكن تجاوزها:
منها:
1- العقد على عين واحدة بعقدين غير مستقر على أحدهما، مع التنافر الواقع بين لازميهما، وتنافر اللوازم يؤدي إلى تنافر الملزومات، فالبيع يلزم منه انتقال العين بمنافعها إلى ملك المشتري، فضمانها عليه ومنافعها له، والإيجار يلزم منه أن تبقى العين في ملك صاحبها وينتفع المستأجر بالمنافع فقط، ولا تصرف له في العين.
2- أن القسط المحدد الذي يسميه البائع قسط إيجار لا يتناسب في الواقع مع إيجار مثل هذه العين، بل الغالب فيه أن يكون ضعف إيجار المثل أو أكثر أو أقل، لأنه نظر إليه في الواقع على أنه قسط من الثمن، فلو أعسر المشتري ببعض هذه الأقساط سحبت منه العين، وربما يكون قد دفع أقساطاً تساوي في الواقع أكثر قيمة العين، يوضح ذلك المثال الآتي: بيت قيمته مائة ألف، إيجار مثله ألف، يؤجر إيجاراً منتهياً بالتمليك بثلاثة آلاف، عجز المؤجر عن السداد بعد أن دفع اثني عشر شهراً، فسحب منه البيت ولم يرد إليه شيء بحجة أنه استوفى المنفعة، ولا يخفى ما في هذا من أكل أموال الناس بالباطل.
3- أن هذا العقد أدى إلى إفلاس كثير من الناس بسبب تساهلهم في أخذ الديون، وربما يؤدي إلى إفلاس الدائنين أنفسهم، ولهذه الأسباب المذكورة، أفتت اللجنة الدائمة في السعودية بمنع هذه الصورة.
ويغني عن هذا العقد الفاسد ويحقق مقاصده عقد البيع بالتقسيط، مع أخذ الضمانات الكافية، أو رهن المبيع إلى حين استيفاء القيمة، وفي حال العجز عن السداد تقوّم العين، ويخير المشتري بين الوفاء بالتزاماته أو بيع العين وقضاء ما عليه، ويخير البائع بين أخذ العين بقيمتها في السوق ورد ما زاد عن حقه إلى المشتري، وبين تحصيل ما بقي له بعد بيع العين لأجنبي.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(12/4050)
لا يدخل النخيل في عقد الإجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مستأجر بيتاً ومزروع فيه نخل من قبل ما أسكن وأحببت أن أقلع فسيلة وأهديها لأخي علماً بأن صاحب البيت رجل كبير بالسن ومخرف وأولاده ما أعرفهم حتى أستاذن منهم فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النخيل وفسيله ملك لصاحب البيت ولا يتناوله عقد الإيجار، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا… إلى آخره".
وعليه، فلا يحل لك أن تتصرف في هذا الفسيل بإهداء ولا بغيره، لما في ذلك من الاعتداء على ملك الغير، إذ لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه.
لذا، فيجب عليك أن تكف عن هذا الفسيل ولا تتعدى عليه، وإذا كان المالك وصل إلى حالة من الخرف لا يحسن التصرف معها - كما ذكرت - فلا يعتبر إذنه لو أذن، كما أنه لا يعتبر إذن غيره من أولاده لأن المال ليس ملكاً لهم، وليس لهم التبرع منه ولا التصرف فيه، إلا بما هو الأصلح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1423(12/4051)
حكم كراء الأرض
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعيش في قرية زراعية يقول المزارع لشخص آخر أعطيك مبلغاً من النقود وتعطيني الأرض التي لك لمدة عام أزرعها ما أريد
السؤال هل هذه العملية شرعية أم لا وهل هي من الإجارة أم من الضمان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ذكر في السؤال هو ما يعرف عند الفقهاء بكراء الأرض أو إجارتها، وهو على أقسام:
الأول: إجارتها بذهب أو فضة أو ما يقوم مقامهما من نقود مالية إلى أجل معلوم، فإن هذا جائز عند عامة الفقهاء، قال ابن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن اكتراء الأرض وقتاً معلوماً جائز بالذهب والفضة. انتهى.
وذهب طاووس والحسن البصري وأخذ به ابن حزم إلى عدم جواز كراء الأرض مطلقاً، محتجين بما جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن كراء الأرض" وبغيره من الأحاديث المطلقة. لكن قولهم ضعيف لورود الأحاديث النبوية المقيدة للنهي كالذي رواه البخاري ومسلم أن رافع بن خديج قال: أما بالذهب والفضة فلم ينهنا. أي النبي صلى الله عليه وسلم. وروى مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أما بشيء معلوم مضمون فلا بأس "
وأما إجارتها بطعام معلوم من جنس ما يخرج منها أو من غيره، أو بجزء مشاع مما يخرج منها، فمختلف في حكمها بين أهل العلم، كما هو مبين في كتب الفقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1423(12/4052)
حكم تصالح المستأجر مع المالك على مال لقاء إخلاء العقار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المال الذي أخذته من مالك عقار شقة مقابل ترك شقة استأجرتها منه حلال أم حرام؟ علماً بأنه أجبرني على ترك الشقة مقابل مبلغ أربعة آلاف جنيه وكنت أبلغته بأني سأترك الشقة بعد فترة محددة بدون دفع أي مال لكنه رفض وأصر على ترك الشقة في الحال ودفع المبلغ سالف الذكر؟
أرجو الإفادة
جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإجارة عقد لازم لكل واحد من الطرفين، فلا يجوز لأحدهما حله بغير سبب.
وعليه، فإذا كنت استأجرت الشقة فترة محددة، فقد ملكت منفعتها، أي السكنى فيها تلك الفترة التي وقع عليها التعاقد، وليس للمالك أن يجبرك على الخروج منها، فإذا رضيت أنت بالخروج منها مجاناً أو اصطلحتما على مبلغ يدفعه لك نظير التخلي عنها، فلا حرج.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1423(12/4053)
مقدم الإيجار يملكه المؤجر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل دفع مبلغ من المال كمقدم إيجار لشقة على أن يخصم من القيمة الإيجارية الشهرية يعتبر ديناً في ذمة المالك في حالة وفاته؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عقد الإجارة عقد لازم لكل من الطرفين، فليس لأحدهما فسخه بغير سبب، وموت أحد الطرفين في هذا النوع من الإجارة لا تنفسخ به.
لذلك فإن مقدم الإيجار يملكه المؤجر، كما يملك المستأجر منفعة الشقة المستأجرة للمدة التي وقع التعاقد عليها.
وعليه، فموت المالك المؤجر أو حياته سواء، وليس له أثر، فالمستأجر على كلتا الحالتين ملك السكنى في الشقة وليس له الرجوع.
وما أخذه المؤجر من مقدم الإيجار يعتبر ملكاً له وليس دينا في ذمته، وكذلك الحال بالنسبة للمالك إذا مات المستأجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1423(12/4054)
تغيير العقد من مدرس إلى غيره لا يجوز إلا بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصري تعاقدت للعمل بالسعودية في وظيفة مدرس وعندما سافرت اضطرني الكفيل لأن أعمل في مؤسسته وليس في المدارس وعدد ساعات العمل 10 ساعات يومياً والخميس أيضا عمل ولم أستطع أن أرفض مضطراً لأسباب كثيرة فهل لي الحق أن آخذ منه فرق ساعات العمل وإذا رفض وتحت يدي مال له هل آخذ منه بدون أن يدري بقدر راتبي وثمن الساعة من الراتب بالضبط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى يقول: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود..) [المائدة:1] فالواجب على هذا الذي تعاقد معك على أن تعمل مدرساً أن يفي بعقده فيما يتعلق بنوع الوظيفة ووقتها، وعدد أيام العمل، ولا يجوز له أن يخلف، إلا إذا كان قد نص في العقد على أن له أن يغير نوع الوظيفة أو وقتها، فله ذلك.
أما بالنسبة لك أنت فما دمت قد رضيت بالعمل الأخير وعدد ساعاته وأيامه، فلا يجوز لك إلا الاستمرار على ما اتفقتما عليه، حتى تنتهي مدة العقد، فإن انتهت فلك الرفض، أما أخذ شيء من أمواله خفية تحت مبرر الاضطرار فإنه لا يجوز، وهو من الخيانة والسرقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1423(12/4055)
حكم تأجير أرض لزراعة المخدرات
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل يجوز لي كراء أرضي لشخص يريد زراعتها بالمخدرات علما أنني لم أجد من يكتريها لغير ذلك وجزاكم الله خيرا
أخوكم من شمال المغرب]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن علمت أنه سيزرع الأرض بالمخدرات فلا يجوز لك كراؤها له، لأن ذلك إعانة على الإثم والعدوان والله تعالى يقول: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) [المائدة:2] وما عند الله من الرزق لا ينال بمعصيته، وتذكر قوله تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب) وانظر الفتوى رقم:
445 ورقم:
724 وتبرؤك من ما سيزرع فيها مع علمك بأj المخدرات لا يفيدك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1423(12/4056)
شروط صحة عقد سيارة الأجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سيارة ركاب عمومي وطلب مني السائق أن أعطيه السيارة ليعمل عليها في نقل الركاب على أن يدفع لي مبلغا مقطوعا متفقا عليه يوميا مثلا 300 ريال في اليوم على أن يتكفل السائق بجميع مصاريف السيارة؟ هل هذا العقد صحيح شرعا؟ وإذا كان صحيحا فهل يعتبر عقد مضاربة؟
أفيدونا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم إجارة السيارة لمن يعمل بها في جواب سابق برقم: 8316 ونزيد هنا التنبيه إلى أمور:
الأول: أن من شروط صحة العقد في الإجارة أن تكون المنفعة معلومة لدى المتعاقدين بوصف أو عرف.
وعليه، فإن وصفت المنفعة التي يراد استيفاؤها من السيارة، أو كان هناك عرف سائد صحت الإجارة.
الثاني: أن من شروط صحة عقد الإجارة أن تكون الأجرة معلومة، وفي هذا قد أشار السائل إلى أن الأجرة محددة، ولكن بقي الإشكال في اشتراط مصاريف السيارة على المستأجر، فنقول: إن كان المقصود بهذه المصاريف الوقود وما يتبعه مما يعرف قدره في عرف الناس، فلا بأس بذلك، لأن هذا لا يخرج الأجرة عن كونها معلومة.
وأما إن كان المقصود بهذه المصاريف إصلاح ما عطب من السيارة بدون تعد من المتسأجر، فإن هذا غرر ظاهر لا يصح معه العقد.
الثالث: أن من شروط صحة عقد الإجارة أن تكون المدة معلومة، وقد ذكر السائل أن العقد جرى على أن لكل يوم كذا، ولم يحددوا مدة.
وقد اختلف أهل العلم هل هذه جهالة في المدة أم لا؟ على قولين.
والصواب: أن العقد يصح، ولكن لا يلزم إلاَّ بالتلبس باليوم، أي يجوز لأحد المتعاقدين فسخ العقد، ولكن قبل التلبس باليوم، فإن تلبس به لزمت الإجارة في ذلك اليوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1422(12/4057)
حكم تسفير الخادم
[السُّؤَالُ]
ـ[1- هل تسفير الخادمة بسبب أو بدون سبب يعتبر نوعا من قطع الأرزاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننبه الأخت السائلة أولاً: إلى أن الأرزاق مقسومة، قد كتبت لهذا الإنسان وهو في بطن أمه، وإن كانت قد قدرت بأسبابها، فلا يستطيع أحد أن يقطع رزق أحد إلاَّ فيما قضاه الله عز وجل وقدره، كما قال صلى الله عليه وسلم: "واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلاَّ بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلاَّ بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف" رواه الترمذي وأحمد.
وأما عن حكم تسفير الخادم أو الخادمة، فهذا راجع إلى صفة العقد الذي أجري معها، فإن كان قد تم تحديد مدة معينة كسنة أو شهر مثلاً، فالواجب الوفاء بالعقد وتسليمه أجرته، ولا يجوز فسخ هذا العقد من جانب واحد، إلا إذا أخل أحد الطرفين بما اتفق عليه في العقد.
وإن كان لم يتم تحديد مدة بعينها، ولكن تم تحديد أجرة لكل سنة أو شهرٍ مثلاً، كأن يقول للأجير (الخادم أو الخادمة مثلاً) كل شهر بكذا، فإنه إذا دخل الشهر فقد لزم العقد خلال ذلك الشهر، ولا يجوز فسخ العقد خلال هذه المدة، فإذا انتهت هذه المدة فله فسخ العقد قبل أن يتلبس بالتي تليها.
والخلاصة: أن عقد الإجارة عقد لازم لا يجوز فسخه قبل تمام مدته، لكن إذا أراد المستأجر أن يعطي الأجير أجره كاملاً، ويتنازل عن حقه في المنافع التي آجره عليها فلا بأس، وهذا ليس فسخاً في الحقيقة.
وليحذر المسلم من ظلم الأجير، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة" وذكر منهم: "ورجلٌ استأجر أجيراً فاستوفى منه، ولم يعطه أجره" رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1422(12/4058)
من استأجر عقارا جاز له أن يؤجره لغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل يجوز إستئجار محل وتجهيزه بالمعدات ومن ثم تأجيره على أجنبي مقيم مع إعطاءه حق الاختيار بين العمل بالراتب أو كما أسلفت علما بأن ذلك ممنوع لدينا حسب النظام في السعودية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكر من استئجار محل وتجهيزه، ثم تأجيره على شخص آخر بأجرة معلومة، أو تشغيله فيه براتب معلوم أيضاً، فلا نرى أي مانع منه بشرط التعاقد على أحد الاختيارين بعينه، وهذا واضح لأن إجارة المحلات من المعاملات المباحة، ولم يكن في السؤال ما يقتضي منعها في الصورة المطروحة، ولا يشترط أن يكون المؤجر مالكاً لذات المحل، بل لو ملك منفعته بأجرة -كما هو الحال في مسألتنا- جاز له أن يؤجره لغيره.
وليتنبه السائل إلى إننا إنما أجبناه حسب ما فهمناه من سؤاله، ولعل الذي أجاب بالمنع في هذه المسألة يعلم منها ما يمنعها مما لم يذكره السائل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1422(12/4059)
حكم طلب المؤجر مبلغا من المال زيادة على الأجرة ترد بعد خروج المستأجر
[السُّؤَالُ]
ـ[1- السلام عليكم.. وجزاكم الله خيرا على مجهودكم العظيم.. سؤالي يتلخص في الآتي:
في أحد البلاد هناك طريقه لتأجير المنزل وهو أن صاحب المنزل يطلب مبلغاً معيناً - على سبيل المثال (100) ألف ريال.. بشرط أن تسكن في المنزل لمدة سنة (أو سنتين حسب المبلغ المدفوع) وبعد انتهاء المده المحدده يقوم صاحب المنزل بإرجاع المبلغ بالكامل للمستأجر
فهل هذه الطريقة في الإيجار حلال وصحيحة.. وهل هذا العمل جائز سواء للمؤجر أو المستأجر.. وجزاكم الله خيرا.. وأنا في انتظار الإجابة على بريدي.. وإذا كان هناك أي استفسار بخصوص هذه المسأله أرجو توجيه الاستفسار لي.. والسلام عليكم. (حسين) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود أن صاحب البيت أجره بأجرة معلومة لا جهالة فيها، ثم طلب من المستأجر المبلغ المذكور كرهن استيثاقاً وضماناً لما قد يترتب على المستأجر من الحقوق، فهذا لا محظور فيه، لأن حقيقة المسألة حينئذ أنها إجارة مستقلة ورهن مقبوض، وسيرد إلى صاحبه عند انتهاء العملية، وهذا لا إشكال فيه -والله أعلم-ويجب أن يعلم أن المرتهن الذي أخذ الفلوس لا يجوز له استثمارها، ولا الانتفاع بها بأية حالة، لأنها ملك للمستأجر، أما إذا كانت حقيقة المسألة هي: أن أجرة السكن في البيت هي استثمار صاحب البيت للفلوس والأرباح الناتجة من الاتجار بها، فهذا لا يجوز، لما فيه من الجهالة بالأجرة والغرر، ولأنه سلف جرَّ نفعاً، فكأن المستأجر أقرض رب العقار المبلغ في مقابل استغلاله هو للعقار، وكل قرض جر نفعاً فهو رباً.
وراجع الجواب رقم:
6606 والجواب رقم: 9866
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1422(12/4060)
ما يستحقه الوصي على الورثة من أجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[- ما الذي يجوز لي من أموال نسيبي؟؟ مع العلم أنني أصرف أغلب متطلبات حصر الإرث من مالي.. وأقوم بأعمال تطلب عليها مكاتب المحاماة والخدمات مبالغ تصل لاكثر من 100000 ريال وأعملها بنفسي
- خلف ديوناً ومطالبات لبعض البنوك والتي كان يتعامل معها بفوائد!! وكان يرفض التسديد بحجة أنهم ظلموه وتصرفوا من غير علمه.. هل يجب علي تسديد هذه المطالبات والفوائد التي كان يرفض تسديدها؟؟
أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما أنفقته من مالك على حصر التركة وغيرها من الأعمال المتعلقة بأموال الورثة، فلك أن تأخذ من التركة مثله، إلا إذا كنت قد صرفته متبرعاً به، فليس لك أخذ مثله بعد ذلك.
وأما ما تستحقه من أجرة من التركة على تفرغك لهذا العمل، فإن كنت وصياً على هؤلاء الورثة، فلك أقل الأمرين من أجرة المثل وكفايتك بالمعروف إن كنت فقيراً، فمثلاً: إذا كانت كفايتك في الشهر ألفا، وأجرة مثلك في مثل هذا العمل ألفان أو العكس، فلا تأخذ إلا الأقل وهو الألف.
أما إذا كنت غنياً، فلا يحق لك أخذ شيء في مقابل عملك، لقوله تعالى: (وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) [النساء:6] .
وإن لم تكن وصيا، فإن كان عملك تبرعاً فلا شيء لك مقابل تفرغك، وإن فعلت ذلك غير متبرع أي بنية أن تأخذ أجراً، فلك أجرة المثل.
وأما ما بين نسيبك المتوفى وبين البنوك من نزاع، فننصحك بالرجوع في شأنه إلى القضاء الشرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1422(12/4061)
حكم المزاحمة لشراء سلعة، أو استئجار من يزاحم
[السُّؤَالُ]
ـ[1-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد في بلادنا تحتكر الدولة بيع مادة الإسمنت ولزاماً على من يريد شراء هذه المادة أن يذهب إلى هذه الشركة في يوم محدد ليجد أمامه المئات ممن يريدون الشراء لأن سعرها في السوق السوداء ضعفين وأحياناً ثلاثة أضعاف، وهم يتزاحمون دون جدوى ويوجد بين هولاء المرتادين أشخاص يمتهنون مهنة المزاحمة بالقوة للوصول إلى شباك الحجز ويطلبون بعض الأموال ليقوموا بالمزاحمة بدلاً منك ويحصلون على ما يريدون السؤال هوهل يجوز لي من الناحية الشرعية أن أدفع لهؤلاء الأشخاص مبلغاً من المال مقابل التزاحم نيابة عني وحجز مادة الإسمنت علما بأني أريد هذه المادة لتكملة منزلي الذي أبنيه لغرض الزواج به وحالتي المادية لاتسمح لي بالشراء من السوق السوداء؟. وشكراً لكم. وأرجو الرد السريع والله الموفق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا لم يكن لشركة مادة الإسمنت نظام لترتيب المتقدمين لشراء مادتها وإنما المجال مفتوح لمن سبق -أي من وصل إلى نافذة الحجز أولاً فهو أحق بالحجز من غيره- فلا حرج على من يريد الشراء أن يزاحم بنفسه، أو بأجيره للوصول إلى نافذة الحجز، لأنه لا يدري من الأسبق مجيئاً، ولأنه لو لم يزاحم لما حصل على شيء في الغالب، ولكن يشترط ألا يترتب على المزاحمة إضرار بالآخرين، سواءً كان الضرر في أبدانهم أو ملابسهم، أو غير ذلك. أما إذا كان للشركة نظام لترتيب المتقدمين للشراء حسب مجيئهم -الأول فالأول- فلا يجوز للمتأخر في المجيء أن يزاحم بنفسه أو بأجيره، لسبق المتقدم في المجيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1422(12/4062)
الحلال القليل خير من الحرام الكثير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أؤجر مستودعاً أملكه إلى بنك يتعامل بالفوائد الربوية علما أنه بإمكاني أن أؤجره إلى أحد آخر ولكنه سيدفع أأجرة له أقل من البنك؟
أفيدوني أفادكم الله فلقد وجدت حرجاً في نفسي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تأجيرك المستودع للبنك الذي يتعامل بالربا يعد تعاوناً منك معه على الإثم، والله تعالى يقول: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة:2] .
فلا يجوز لك ذلك، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً، ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، والحلال القليل خير من الحرام الكثير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1422(12/4063)
حكم تأجير أجهزة الفيديو
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم كراء أشرطة الفيديو (الأفلام) وكراء أجهزة الفيديو للعامة مقابل المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجهاز الفيديو سلاح ذو حدين يستخدم في الخير، ويستخدم في الشر، فكراؤه جائز لمن علم أنه سيستخدمه في المجالات المشروعة، كالمحاضرات، والبرامج العلمية النافعة، ونحو ذلك.
ومن علم أنه يستخدمه في المجالات المحرمة حرم كراؤه له.
وإن جهل الحال، فالحكم للأغلب، فإن كان غالب حال أهل البلد هو أنهم يستخدمونه في الخير، فالكراء جائز مع جهل حال المستعمل، وإن غلب استخدامهم له في الشر حرم، وهذا هو غالب حال ما نعلمه من البلاد، وراجع الجواب رقم: 1886.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1422(12/4064)
حكم أخذ الأجرة على قراءة القرآن الكريم في المناسبات
[السُّؤَالُ]
ـ[1- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
مقرئ القرآن الذي يتقاضى أجراً نظير تلاوته وتجويده للقرآن في المناسبات (العزاء مثلا)
ما حكم الإسلام في هذه الوظيفة؟ هل يجوز أن يتقاضى أجرا نظير تلاوته وتجويده للقرآن؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم حكم قراءة القرآن في العزاء في الفتوى رقم:
2504 و 7603
وذكرنا هنالك أنها من البدع المحدثة، وإذا كانت كذلك فلا يجوز أخذ الأجرة عليها، لأن الله تعالى إذا حرم شيئاً حرم ثمنه.
وأما أخذ الأجرة على قراءة القرآن وتعليمه ونحو ذلك مما يتعدى نفعه كالإمامة والأذان وتعليم العلم فقد اختلف فيها أهل العلم.
فذهب الحنفية والحنابلة إلى المنع واستدلوا بأدلة منها:
1-عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فإذا فيه قوم يقرؤون القرآن فقال: "اقرأوا القرآن، وابتغوا به وجه الله من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه" رواه أحمد وأبو داود، وحسنه الألباني.
2-عن عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اقرأوا القرآن واعملوا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به" رواه أحمد والطبراني، قال الهيثمي: رجال أحمد ثقات، وقال ابن حجر: سنده قوي، وصححه الألباني.
3-عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اقرأوا القرآن واسألوا الله به، قبل أن يأتي قوم يقرأون القرآن فيسألون الناس به."
رواه أحمد والطبراني، وصححه الألباني.
وذهب المالكية والشافعية والظاهرية وهو رواية عن أحمد إلى الجواز، وهو المفتى به عند متأخري الحنفية واستدلوا بأدلة منها:
1-عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله" رواه البخاري.
2-عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "زوجتكها بما معك من القرآن" متفق عليه.
فجعل القرآن مقابل العوض.
هذا كله في الأجرة أما أخذ الرزق الذي يحرى من بيت المال فإنه لا خلاف بينهم في جوازه وكذا الهبات والعطايا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1422(12/4065)
حكم تمييز بعض الموظفين في الراتب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مدير مؤسسة خيرية أهلية في السعودية ولدي موظفون وافدون وسعوديون، وأقوم بمنح السعوديين راتبا أعلى بكثير عن راتب الوافدين تمشيا لما عليه الحال في السعودية بالرغم من تساوي الخبرات والمؤهلات أحيانا وتفوق الوافدين في ذلك أحيانا أخرى. فهل في ذلك محظور شرعي.
أفتونا بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل أنه لا تجب التسوية في الأجرة بين الموظفين، سواء تساووا هم أو تفاوتوا في الخبرة والعمل، أو غير ذلك، لأن عقود الإجارة مبناها على التراضي بين المتعاقدين، ولكن بما أن السائل هنا مدير مؤسسة خيرية، ويجب عليه بموجب مسئوليته مراعاة الأصلح للمؤسسة، فلا يجوز له أن يدفع أجوراً زائدة على أجور العمالة الموجودة، ولو كانت وافدة، ما دامت على المستوى المطلوب.
وذلك لأن دفع الزيادة ومحاباة بعض العمال يخالف مراعاة المصلحة التي أنيطت بالمدير.
وهذا ما لم تلزم المؤسسة من جهة حكومة البلد الذي هي فيه بأخذ أناس من أهل البلد برواتب محددة، فإن ألزمت فلها أن تأخذ بقدر ما ألزمت به ولا تزيد عليه؛ إذ الضرورة تقدر بقدرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1422(12/4066)
أقسام عقد المقاولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإفادة حول عقد المقاولة من حيث بنوده وشروطه والحكم الشرعي له، حيث إنني أقوم بعمل بحث في هذا الموضوع ضمن دراستي للماجستير في الجامعة الإسلامية بغزة. ولكم الشكر والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المقاولة تنقسم إلى قسمين: أحدهما أن لا يتولى المقاول إلا العمل دون أن يكون عليه شيء آخر، فالمواد والأدوات وغيرها كل ذلك يكون على الطرف الآخر، وهذا النوع من المقاولة محض إجارة على عمل، فيشترط فيه ما يشترط في الإجارة فقط.
أما القسم الآخر: وهو أن يتولى المقاول جميع المواد والعمل، فهذا يدخل في عقد الاستصناع تجري عليه أحكامه، وقد أجبنا عنه برقم: 8515 فليرجع إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1422(12/4067)
حكم الانتفاع بالسكن الحكومي، وتأجيره للغير
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعمل في مؤسسة حكومية، ومقبل على مرحلة الزواج، ولقد أعطتني المؤسسة سكنأخاصاً بي، ونظراً لظروفي المعيشية وعدم كفاية الراتب لأنه يوجد عندي ديون أسددها عن والدي، فأنا أرغب في مشاركة صديق لي في سكني على أن يعطيني أجراً مقابل مكوثه في السكن، فهل يجوز هذا أم لا، مع العلم بأن معظم الموظفين في المؤسسة الغير متزوجين يفعلون هذا الأمر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت قد أخذت هذا السكن من جهة العمل على أنه جزء مما تستحقه في مقابل العمل، فإن لك أن تُسكن فيه معك من تشاء بأجرة أو بدون أجرة، لأنك في حكم المستأجر من هذه المؤسسة الحكومية، أو من صاحب الدار، وللمستأجر -بملكه للمنفعة- أن يؤجر لغيره، وهذا مذهب الشافعي والحنابلة، وأصحاب الرأي.
بل قال ابن قدامة: (ولا نعلم فيه خلافاً، وإنما كان كذلك لأن له استيفاء المعقود عليه بنفسه ونائبه) .
أما إن كانت جهة العمل قد تطوعت لك بالسكن، فلا يجوز لك أن تسكن معك غيرك إلا بإذن منها، فإن أذنت في ذلك، فلك أن تسكنه معك، ولو بأجرة ما لم تكن قد اشترطت عليك عدم أخذ الأجرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1422(12/4068)
استئجار شخص ليقوم بالمضاربة لا حرج فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المضاربة في بورصة الأوراق المالية بمعنى أن أشتري عملة معينة ثم أقوم ببيعها بعد ذلك مع احتمال الربح والخسارة؟
وإذا كان شخص آخر سوف يقوم بالمضاربة مقابل مبلغ ثابت لكل عملية سواء انتهت بالربح أو الخسارة فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان قصدك بالمضاربة في بورصة الأوراق المالية هو بيع وشراء العملات، فالحكم أن ذلك جائز إذا كان مضبوطاً بالضوابط الشرعية المبينة في أجوبة لنا متقدمة، إليك بعض أرقامها: 9611، 3708.
واحتمال الربح والخسارة لا يؤثر في الحكم هنا، لأن ذلك هو الحال في مثل هذه الأعمال.
وعملية البيع والشراء إما أن يتولاها صاحب المال نفسه، وهذا جلي ظاهر.
وإما إن يوليها شخصاً آخر، وفي هذه الحالة: إما أن يكون ذلك في مقابل نسبة مشاعة من الربح يتفقان عليها مسبقاً، وهذه هي المضاربة بمعناها الفقهي، وراجع الجواب رقم: 5480.
فإن فيه بياناً لماهية المضاربة، وإما أن يكون ذلك مقابل مبلغ معين محدد مسبقاً، سواء حصل ربح أم لا، وهذه إجارة وليست مضاربة، وهي جائزة، وبهذا تعلم جواب القسم الثاني من سؤالك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1422(12/4069)
يشترط في السمسرة أن تكون الأجرة معلومة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي آلات الحراثة والجرارات أريد كراءها للغير، فقال لي أحد الناس:"أناأبحث لك عن شركة لكراء آلاتك ولكن عند بداية عمل الآلات تعطيني كل شهر 1000 دينار جزائري" وهذا جزاء إحضاره لي من يكتري مني الآلات، فهل هذا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اشتراط دفع مبلغ معين عند كل شهر من بداية اتفاق صاحب الآلات والمستأجر مقابل البحث عن وجود مستأجر، لا يخفى ما فيه من الجهالة بالأجرة، وذلك لأن عقد الإجارة قد يستمر شهراً واحداً فقط، وقد يستمر سنين، مما يجعل الأجرة مترددة بين أن تكون ألفاً واحدة، أو آلافاً متعددة، وقد شرط الجمهور لجواز السمسرة أن تكون الأجرة فيها معلومةً، وعلى هذا فنقول للسائل: لا يجوز هذا النوع من التعامل، سواء سمي سمسرة، أو سمي جعلا، وإن وقع فللعامل أجرة مثله مقابل بحثه عن الجهة المستأجرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1422(12/4070)
الأجير يستحق الأجرة كاملة حسب الاتفاق
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة مدرسات نتبع لإحدى الهيئات لتحفيظ القرآن الكريم نعمل فيها بنظام دورات لمدة ثلاثة أشهر والمتعاقد عليه كل شهر مكافأة (800) ريال بالإضافة إلى بدل التنقل وقد بدأت الدورة أول شهر 7 (يوليو) وفوجئنا في منتصف الشهر التالي شهر (8) بصدور قرار تخفيض الرواتب وعدم إعطاء بدل تنقل للأخوات اللاتي عندهن سيارات خاصة ويبدأ تنفيذه من أول شهر 8 (أغسطس) ولم نعلم بهذا القرار إلا في منتصف الشهر.
وبهذا نريد معرفة الحكم الشرعي وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإجارة عقد لازم لا يملك أحد المتعاقدين فسخه، لأنه عقد معاوضة، والإجارة على تحفيظ القرآن وتعليم العلم مثلاً، يجوز أن تكون مشاهرة (شهرية) وأن تكون جملة، وبما أن الأجير يستحق الأجرة متى سلم نفسه، ولم يمتنع عن العمل الذي استؤجر من أجله، فإنه يستحق الأجرة كاملة لو فسخ المستأجر الإجارة قبل المدة المتفق عليها في العقد، ما لم يكن هناك عذر يقتضي الفسخ، كأن يعجز عن العمل، أو يمرض مرضاً لا يمكن معه القيام بالعمل.
وانطلاقاً من هذا، فإن تصرف هذه الهيئة قبل انقضاء تلك الأشهر الثلاثة (أي مدة دورة التحفيظ المتعاقد عليها) لا أثر له، والعقد باق على ما هو عليه، سواء كان ذلك التصرف بنقص في الرواتب، أو فسخ للعقد من أصله، فالواجب على الجهة المذكورة أن تدفع رواتب الأشهر الثلاثة كاملة إضافة إلى بدل النقل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1422(12/4071)
حكم دفع الإجار مقدما
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
في هذا المقهى الالكترونى اشتريت 50 ساعة للإيحار في الإنترنت ودفعت ثمنها مسبقا. هل هذا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اشترط أهل العلم لصحة الإجارة أن تكون المنفعة والأجرة مباحتين معلومتين، فإن كنت قد استأجرت تلك الساعات للانتفاع بخدمة الإنترنت على الوجه المباح، فإن عقد الإجارة يقع صحيحاً مادامت المدة معلومة والثمن معلوماً، ولا يضر تقدم دفع الأجرة على زمن الانتفاع أو تأخره عنه، ومن استأجر ساعات من خدمة الإنترنت لينتفع بها على وجه محرم فإن عقد الإجارة يقع باطلاً، سواء قدم الثمن أو أخره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1422(12/4072)
يدخل الانترنت عن طريق اشتراك صديقه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله.
سؤالي هو: هل يجوز أن أدخل إلى الأنترنت عن طريق حساب صديق لي علماً أنه مشترك نظامياً بمؤسسة الاتصالات ويدفع الرسوم المترتبة عليه شهرياً وأن أدخل على اشتراكه بموافقته ولكن ما يريبني أنه بدخولي للأنترنت بطريق غير نظامي ودخول غيري بهذه الطريقة يؤدي إلى الخسارة المادية للمؤسسة علماً أن للمشترك عدد ساعات غير محدود.
وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن استأجر خدمة الدخول على الإنترنت لمدة شهر مثلاً، فقد ملك منفعة الدخول طوال ساعات الشهر كله.
وله أن يستغل هذه المنفعة بنفسه، أو بمنحها لمن شاء من أصدقائه، بحيث لا يزيد مجموع الوقت المستخدم عن عدد ساعات الشهر.
وهذا يعني أنه ليس لهؤلاء الأصدقاء أن يدخلوا الإنترنت في وقت واحد، وإنما يدخلونه على التناوب.
ولا التفات هنا إلى ما يعود على الشركة من نقص في أرباحها الناتج عن قلة عدد المشتركين، لكونها رضيت ابتداء باستعمال المشترك للإنترنت خلال ساعات الشهر كله، فلا فرق بين أن يستعمل ذلك بنفسه، وأن يشاركه غيره فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1422(12/4073)
بيع المفتاح أو بدل الخلو
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام في هذا البيع
شخص يبيع دكاناً ب20000 درهم وبعد يحصل على إجازة 150 درهما. هذا البيع يسمى بيع المفتاح يوجد في المغرب ما حكمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما يعرف ببيع المفتاح في بعض البلدان، وبدل الخلو أو خلو الرجل في بعضها، يجوز إذا كان على الصورة التالية:
وهي أن يكون البائع مستأجراً للمحل من شخص آخر إجارة مستمرة، فيتنازل عنه لشخص آخر مقابل مبلغ معين من المال يدفع له، إضافة إلى أجرة شهرية يتفقان عليها، سواء كانت مثل الأجرة التي يدفعها بائع المفتاح لمالك المحل الأصلي أو أكثر منها. ووجه جواز هذه الصفقة أن بائع المفتاح قد ملك منافع ذلك المحل، وصار هو الأحق به من غيره مادامت إجارته للمحل سارية، وعلى ذلك فله أن يتنازل عن تلك الأحقية لصالح شخص آخر ويؤجر له المنفعة التي ملكها بما يتفقان عليه. ولا بد هنا من التنبية إلى أنه يشترط لصحة إجارة تلك المنفعة أن يكون المستأجر الثاني (وهو مشترى المفتاح) سيستخدم المحل في مثل ما كان يستخدمه فيه المستأجر الأول (وهو بائع المفتاح) أو في ما هو أقل ضرراً. ولمزيد من التفصيل في هذه المسألة يراجع الجواب رقم 9528
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1422(12/4074)
الصور الجائزة والممنوعة في بدل الخلو
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الشرع في خلو الرجل من محل مؤجر من الدولة على سبيل المثال يقول لك سوف أتنازل عن المحل مقابل مبلغ من المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن خلو الرجل أو ما يسمى بدل الخلو، منه ما هو جائز، ومنه ما هو ممنوع، وقد أصدر مجلس مجمع الفقه الإسلامي قراراً بشأنه وإليك نصه:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.
قرار رقم (6) دع /08/88
بشأن بدل الخلو
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 18-22 جمادى الآخرة 1408 هـ، الموافق 6-12 فبراير 1988م.
بعد اطلاعه على الأبحاث الفقهية الواردة إلى المجمع بخصوص (بدل الخلو) وبناء عليه.
قرر ما يلي:
أولا: تنقسم صور الاتفاق على بدل الخلو إلى أربع صور هي:
1 - أن يكون الاتفاق بين مالك العقار وبين المستأجر عند بدء العقد.
2 - أن يكون الاتفاق بين المستأجر وبين المالك، وذلك في أثناء مدة عقد الإجارة أو بعد انتهائها.
3 - أن يكون الاتفاق بين المستأجر وبين مستأجر جديد، في أثناء مدة عقد الإجارة أو بعد انتهائها.
4 - أن يكون الاتفاق بين المستأجر الجديد وبين كل من المالك والمستأجر الأول قبل انتهاء المدة، أو بعد انتهائها.
ثانيا: إذا اتفق المالك والمستأجر على أن يدفع المستأجر للمالك مبلغا مقطوعا زائدا عن الأجرة الدورية (وهو ما يسمى في بعض البلاد خلوا) ، فلا مانع شرعا من دفع هذا المبلغ المقطوع على أن يعد جزءا من أجرة المدة المتفق عليها، وفي حالة الفسخ تطبق على هذا المبلغ أحكام الأجرة.
ثالثا: إذا تم الاتفاق بين المالك وبين المستأجر أثناء مدة الإجارة على أن يدفع المالك إلى المستأجر مبلغا مقابل تخليه عن حقه الثابت بالعقد في ملك منفعة بقية المدة، فإن بدل خلو هذا جائز شرعا، لأنه تعويض عن تنازل المستأجر برضاه عن حقه في المنفعة التي باعها للمالك.
أما إذا انقضت مدة الإجارة، ولم يتجدد العقد صراحة أو ضمنا عن طريق التجديد التلقائي حسب الصيغة المفيدة له، فلا يحل بدل الخلو، لأن المالك أحق بملكه بعد انقضاء حق المستأجر.
رابعا: إذا تم الاتفاق بين المستأجر الأول وبين المستأجر الجديد أثناء مدة الإجارة على التنازل عن بقية مدة العقد لقاء مبلغ زائد عن الأجرة الدورية، فإن بدل الخلو هذا جائز شرعا، مع مراعاة مقتضى عقد الإجارة المبرم بين المالك والمستأجر الأول، ومراعاة ما تقضي به القوانين النافذة الموافقة للأحكام الشرعية.
على أنه في الإجارات الطويلة المدة -خلافا لنص عقد الإجارة طبقا لما تسوغه بعض القوانين- لا يجوز للمستأجر إيجار العين لمستأجر آخر، ولا أخذ بدل الخلو فيها إلا بموافقة المالك.
أما إذا تم الاتفاق بين المستأجر الأول وبين المستأجر الجديد بعد انقضاء المدة فلا يحل بدل الخلو، لانقضاء حق المستأجر الأول في منفعة العين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1422(12/4075)
حكم التأجير للاسرائيلين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
نحن عائلة مسلمة والحمد لله. وأردنا إيجار منزل من منازلنا وعرضناه للإيجار منذ فترة.
وأخيرا جاءنا مستأجر، وكان متزوجا وليس عنده أولاد. ووافق على قيمة الإيجار واتفقنا على المدة. ولكن تبين لنا أن المستأجر من اليهود الإسرائيليين المقيمين بمصر. فخفنا أن نقع في حرام أو إثم. فما الحكم في هذا؟
أفتونا أفادكم الله.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل أنه يجوز عقد الإجارة بين المسلم والكافر فيما تجوز الإجارة فيه، بما في ذلك استئجار البيوت ونحوها. إلا أن يكون في ذلك تقوية وإعانة للمحاربين منهم، وتمكينهم من الإفساد في بلاد المسلمين، والاطلاع على عوراتهم، وإثارة الفتن بينهم.
ولا شك أن اليهود الآن متصفون بكل هذه الصفات التي تمنع من التعامل مع الكفار، فهم أشد الناس محاربة للمسلمين وعداوة لهم، وأكثرهم إفساداً في الأرض، وسعياً في تتبع العورات وإثارة الفتن. وقد وصفهم الله جل وعلا بأنهم (يسعون في الأرض فساداً) [المائدة: 33] وليس خلفهم الحاضر، بأقل شراً من سلفهم الغابر. وعلى ذلك فالذي نراه أنه لا يجوز لكم أن تؤجروا ذلك البيت لأحد منهم، والذي نجزم به هو أنهم ماجاؤوا إلا ليفسدوا ويمكروا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1422(12/4076)
حكم أخذ الأجرة على تعليم القرآن الكريم
[السُّؤَالُ]
ـ[إننا نعلم أن علوم القرآن الكريم هي من أجل العلوم على الإطلاق، ولكن سؤالي هو ما حكم أن يأخذ الرجل الأجر على تعليم القرآن الكريم للأطفال كحلقات تحفيظ القرآن الكريم التي توجد في المساجد.
أفيدونا جزاكم الله خيراً
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أخذ العوض مقابل تعليم القرآن مختلف فيه إلى ثلاثة أقوال:
فذهبت طائفة من العلماء إلى منعه مطلقاً.
وذهبت طائفة أخرى إلى التفصيل فقالت: لا تجوز الإجارة على تعليم القرآن، ولا على الأذان، ولا يقع ذلك إلا قربة لفاعله، ولكن يجوز أخذ رزق من بيت المال، أو من الوقف على عمل يتعدى نفعه، كتعليم القرآن ونحوه، لأنه من المصالح التي تفيد المسلمين، وليس المأخوذ بعوض، بل هو رزق للإعانة على الطاعة، ولا يخرجه ذلك عن كونه قربة، ولا يقدح في الإخلاص، وإلا لما استحقت الغنائم، وأسلاب القتلى.
وهناك طائفة ثالثة تقول: بجواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن والعلم، لأنه استئجار على عمل معلوم بعوض معلوم.
ويدل هذا المذهب الأخير - وهو الأرجح - ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نفراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مروا بماء فيه لديغ، أو سليم، فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راق؟ إن في الماء رجلاً لديغاً أو سليماً، فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء فبرأ، فجاء بالشاء إلى أصحابه، فكرهوا ذلك وقالوا: أخذت على كتاب الله أجرا، حتى قدموا المدينة، فقالوا: يارسول الله، أخذ على كتاب الله أجراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله" والحديث وإن كان سببه هو الرقية، إلا أن اللفظ هنا عام، وقد نص العلماء على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(12/4077)
حكم تزاحم السائقين لأخذ الركاب دون مراعاة الأسبقية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن آخذ زبناء قرب موقف لسيارات الأجرة دون مراعاة أحقية الأسبقية للسيارات التي تنتظر دورها بالموقف علما أن جميع السائقين يقومون بذالك.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا اتفق أصحاب السيارات على أن تكون الأحقية للأسبق وجب على من دخل في ذلك الاتفاق أن يلتزم به، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلمون عند شروطهم ما وافق الحق" أخرجه الحاكم في المستدرك، وذكره البخاري في الصحيح تعليقاً.
ولأن في ذلك تحقيقاً للمصلحة وتكافؤا في الفرص بين السيارات. أما من لم يدخل في ذلك الاتفاق أصلا، فله أن يأخذ الركاب من أي مكانٍ إلاّ موقف السيارات التي بينها ذلك الاتفاق، أو ما كان قريباً منه جدًّا، لأن من جاء إلى ذلك الموقف من الركاب كانت أحق به من غيرها لأنه قاصد لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1422(12/4078)
اشتراط السائق الزيادة في الأجرة على (العداد) جائز بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سائق سيارة أجرة هل يجوز لي أن أطلب من السواح الأجانب ثمنا أكثر مما يسجله العداد علما أن العرف قد سارعلى ذالك رغم مخالفته للقانون الذي لا يأخذ بعين الاعتبار ضعف دخل السائق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الالتزام بما يسجله العداد أقطع للنزاع، وأضبط للعملية كلها، ولا بدّ أن تكون الدولة قد راعت أحوال السائقين وحاجاتهم، وإن لم تكن فعلت ذلك فعلى السائقين أن يرفعوا أمرهم إلى الجهة المختصة، ويبينوا لها وضعهم، والضرر اللاحق بهم جراء الالتزام بقانونها.
ومع ذلك فإذا اشترط السائق على الراكب - قبل الركوب - أجرة أكثر مما يسجله العداد، ووافق الراكب على ذلك، وكان عارفاً بأن الأجرة المعمول بها هي ما يسجله العداد، ولم يكن السائق مستغلا حاجة الراكب - فلا حرج في هذه الحالة - بهذه الشروط - في أخذ ما زاد على ما يسجله العداد، لأن الحق لا يتعداهما، فيجوز أن يتفقا فيه على ما شاءا.
فإن لم يحصل اتفاق مسبق بين السائق والراكب، أو كان الراكب غير عارف بالأجرة المعمول بها، أو كان السائق مستغلا حاجة الراكب، فلا بد من الالتزام بما يسجله العداد.
ونرجو من السائل أن يطلع على الفتوى رقم: 6554، فان فيها بيان حكم العمل مع السياح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1422(12/4079)
هل يسوغ للمدير أن يعفي الموظف المريض من بعض الدوام
[السُّؤَالُ]
ـ[موظف حكومي سمحت له جهة العمل العليا بالدوام يومين في الأسبوع لإصابته بمرض مزمن ومديره المباشر أعفاه من أي عمل فيذهب للتوقيع ويجلس بعض الوقت ثم يغادر العمل رغم أن الجهة العليا حددت له مقدارا معينا من العمل فما حكم الراتب الذي يأخذه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان مديره المباشر سيتولى عنه القيام بذلك العمل الذي أسندته إليه جهة العمل العليا من غير أن يكون في ذلك ظلم لشخص آخر - كأن يلزم المدير أحد الموظفين بذلك العمل من غير رضا - فلا حرج في ذلك، والراتب الذي يأخذه حلال عليه.
أما إن ترتب على ذلك تضييع للعمل، أو إلزام شخص آخر به من غير رضاه، فلا يجوز له ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1422(12/4080)
قانون تثبيت قيمة الإيجار مصادم للشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي عقار متميز فى مصر وبعض السكان يدفعون أجرة تساوى 5 جنيهات للشقة حسب القوانين الاشتراكية وهى تساوى 150 جنيها فهل يحل لهذا الساكن أن يدفع هذا الإيجار وهو يعلم أنها تساوى أكثر من ذلك مع العلم أن دخله مرتفع وهل يجوز لي دينيا طلب 150 جنيها إيجارا مع العلم أن إيجار المثل يساوي ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيشترط لصحة عقد الإجارة بيان المدة التي تنتهي فيها الإجارة، وما كان من العقود خالياً من بيان المدة، وجب فسخه، وقد مضى بيان ذلك تحت الفتوى رقم: 6819.
وإذا فسخ العقد كنت مخيراً بين تأجيره للمستأجر الأول بالأجرة المناسبة التي تتفقان عليها، وبين أن تؤجر لغيره.
وليس لهذا المستأجر أن يستمر على دفع هذا المبلغ الزهيد مع علمه بتغير الحال، وارتفاع الأسعار، كما أنه ليس له البقاء على عقد الإجارة الذي لم تحدد مدته، وإذا كان يتكئ على أن القوانين تسمح بهذا، فعليه أن يعلم أن ما صادم حكم الله من القوانين وجب على المسلم أن يرمي به عرض الحائط، ومن كان يعلم أنه سيموت ويحاسب لم يتجرأ على مثل هذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1422(12/4081)
حكم إخلاء العقار المستأجر مقابل مبلغ من المال أو شراء الأثاث
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في ظاهرة انتشرت هذه الأيام حيث يقوم مستأجر بيت ما إذا أراد أن يترك هذا المسكن بالاشتراط على من يرغب في السكن مكانه بأن يشتري عفش هذا المسكن بالسعر الذي يريده، وما موقف صاحب الملك إذا علم بذلك؟ نرجو توجيه فضيلتكم حول هذه الظاهرة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما يأخذه المستأجر الأول من المستأجر الجديد يقع على ثلاث صور:
الصورة الأولى: أن تكون مدة الإجارة قد انتهت، وحينئذ لا يحق للمستأجر التصرف في العين المؤجرة، مسكناً أو دكاناً أو غير ذلك، إلا بإذن المالك الأصلي، وليس له أن يشترط على المستأجر الجديد شراء عفشه منه، بل إن هذا الاشتراط استغلال سيء لحاجة الناس فلا يجوز.
الصورة الثانية: أن تكون مدة الإجارة باقية، فيحق للمستأجر الأول أن يتنازل عن بقية مدة العقد في مقابل مبلغ زائد عن الأجرة الدورية، وهذا ما يسمى ببدل الخلو، وقد أجاز مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره الرابع بجدة 1408هـ هذه الصورة من بدل الخلو.
الصورة الثالثة: أن تكون مدة الإجارة باقية، فيرغب المستأجر الأول في تأجير هذا المسكن لغيره، فيجوز له ذلك، سواء أجره بنفس الأجرة أو بزيادة عليها.
وهل يجوز له أن يشترط عليه شراء متاعه وعفشه؟
اختلف الفقهاء في هذا وفي كل جمع بين عقدين: كالبيع والإجارة، والراجح الجواز.
فله أن يقول: أؤجرك هذا المسكن على أن تشتري هذا العفش.
لكن لا ينبغي له أن يبيع عفشه بثمن يزيد على ثمن مثله زيادة فاحشة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1422(12/4082)
تأجير (التاكسي) مقابل مبلغ ثابت شهريا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تأجير سيارة الأجرة التي أملكها لشخص على أساس أن يعطيني مبلغا مقطوعا كل يوم أو شهر. على أساس القبول بيني وبينه.
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يصح استئجار السيارة وغيرها من الدواب التي أذن الشارع في الانتفاع بها انتفاعاً متعدياً.
ويجوز لمن استأجرها أن يستعملها فيما يستعمل فيه مثلها، بما في ذلك العمل على أن يؤجرها لغيره، لا نعلم في ذلك خلافاً بين أهل العلم. وبالتالي فلك أن تتفق مع الشخص المذكور على أجرة محددة في اليوم أو الشهر يدفعها لك، ويعمل هو على تحصيل ما يريد من سيارة الأجرة، بوصفه مستأجراً لها منك، وليس بوصفه عاملاً عندك.
ومما يجدر التنبه له أن هنالك محظوراً شرعياً يقع فيه بعض أرباب التكاسي وهو: أنهم يؤجرون سائقاً ويشترطون عليه أن يحصل مبلغاً محدداً في اليوم، فإذا عجز عن تحصيله خصموا من مرتبه ما نقص، وهذه الصورة مع أن فيها أكلاً لأموال الناس بالباطل، ففيها أيضاً غرر ومقامرة وشرط باطل، وكل واحد من هذه كفيل بإبطال العقد المشتمل عليه، فعليك بالبعد عن هذه الصور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1422(12/4083)
قول الفقهاء في فسخ عقد الإيجار إذا اقترف المنكر فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد زملائي لديه عمارة، واستأجر لديه أحد الساكنين ولديه دش (ستالايت) وأراد صاحب العمارة إخراجه لهذا السبب والسؤال هو:
- هل يحق لصاحب العمارة إخراجه لهذا السبب فقط.
- هل يأثم صاحب العمارة إذا لم يخرجه. بمعنى هل يكون شريكا في الإثم (إذا افترضنا أن وجوده محرم) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمما لا شك فيه أن هذا الجهاز شره أكثر من خيره، وضره أقرب من نفعه، والغالبية العظمى من مستخدميه لا يتقون شره، ولا يتحاشون ضره، بل إن الكثير منهم يضعونه أصلاً للتوصل به إلى مشاهدة ما حرم الله تعالى من قنوات خليعة ماجنة تدعو إلى الرذيلة، وحتى إذا قلنا: إن من يضعه لغرض صحيح كسماع الأخبار، لا يسلم من شره، لم نكن في اعتقادنا مبالغين، والواقع أكبر شاهد على ذلك.
وبناء على ذلك فإن اقتناء هذا الجهاز، واستخدامه لا يخلو من محاذير شرعية في الغالب، لذلك لا يجوز لأحد أن يعين أحداً على اقتنائه، أو استخدامه، إلا إذا تأكد فعلاً أنه يقتصر على استخدامه في المفيد النافع المباح.
وعلى المسلمين عامة، وعلى كل أحد منهم على انفرادا أن ينصح من رآه يستخدمه استخداماً سيئاً، أو يتساهل في ذلك، ويحذره من مضاره ومفاسده، انطلاقاً من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة" قلنا لمن قال: "لله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم" رواه مسلم وغيره.
وقوله: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"رواه أحمد ومسلم.
وقوله: "إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا عليه يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه" رواه الترمذي والنسائي وأحمد، والأحاديث في الباب كثيرة مشهورة.
ومع ذلك، فقد نص أهل العلم على أن من أجر لشخص داراً أو بيتاً أو شقة إجارة صحيحة، ثم أظهر ذلك المستأجر فسقاً، كشرب الخمر، أو الزنا، فليس للمؤجر فسخ تلك الإجارة حتى تنقضي المدة المتفق عليها مسبقاً.
ونقل ابن عابدين في (رد المحتار) اتفاق الأئمة على ذلك، فقال فيه: (قال في لسان الحكام: لو أظهر المستأجر في الدار الشر كشرب الخمر، وأكل الربا، والزنا، واللواطة يؤمر بالمعروف، وليس للمؤجر، ولا جيرانه أن يخرجوه، فذلك لا يصير عذراً في الفسخ، ولا خلاف فيه للأئمة الأربعة) . انتهى كلامه.
وبناءً على هذا فإنه إذا لم يتأكد هذا الأخ أن المستأجر يقتصر في استخدام هذا الجهاز في المباح، فعليه أن ينصحه، ويبين له الشر الذي ينشأ عن استخدام هذا الجهاز استخداماً غير شرعي، فإن قبل نصحه، فذلك المطلوب.
وإن لم يقبل، فيجب عليه أن لا يجدد له الإيجار مرة أخرى بعد ما تنتهي المدة المتفق عليها مسبقاً، لئلا يكون داخلاً على إعانته على الإثم.
قال الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) [المائدة: 2] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1422(12/4084)
تأجير ما يستعمل في الحرام لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندي سؤال وأتمنى أن تفتوني فيه لأنه مهم جدا بالنسبة إلي:
أمتلك شقة فيها جميع مستلزمات الراحة مثل التلفاز مع الدش والانترنت وأنا أعيش في الإمارات وسؤالي هو أني أريد أن أؤجر الشقة وستقوم مؤسسة متخصصة بتأجيرها بدلا عني.
المهم هو في حالة الإيجار إذا أساء أحد في استخدام هذه الأجهزة مثل مشاهدة الأفلام الأجنبية أو ما شابه فهل سيقع علي إثم؟
أرجو منكم الاهتمام برسالتي والإجابة على سؤالي لأنني سأكون على أحر من الجمر في انتظار إجابتكم أفيدونا جزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا أردت أن تؤجر شقتك فارفع منها الدش وتوابعه، تحل عليك البركة من الله. واعلم أن هذه الأدوات من أخطر معاول هدم الأخلاق، ومن أكبر وسائل إشاعة الفاحشة في أوساط المجتمع المسلم، وإن غاب ذلك عن أذهان بعض الناس، والله جل وعلا يقول: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون) [النور:19]
وقد نص العلماء على تحريم بيع الشيء أو إجارته لمن يغلب على الظن أنه سيستعمله فيما لا يرضي الله، وعتبروا ذلك من التعاون على الإثم والله جل وعلا يقول: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) [المائدة:2]
ولتمام الفائدة تراجع الفتوى برقم 4827، 1886
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1422(12/4085)
حكم كسب الحجامة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الراجح في حكم كسب الحجام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحجامة معناها: الشق، أو جرح عضوٍ من الجسد كالظهر، ومص الدم منه بالفم أو بآلة كالكأس على سبيل التداوي.
والتداوي بالحجامة مستحب، لقوله صلى الله عليه وسلم: " إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم، أو شربة عسل، أو لذعة بنار توافق الداء، وما أحب أن أكتوي". متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: " خير ما تداويتم به الحجامة" رواه أحمد والبخاري،
وقد اختلف أهل العلم في كسب الحجام، فذهب جماعة منهم إلى إباحته وعدم كراهته، ونسب هذا القول إلى أبي حنيفة وأصحابه، وبه قال الليث بن سعد ومالك.
قال مالك رحمه الله: (ليس العمل على كراهية أجر الحجام، ولا أرى به بأساً) نقله الباجي في شرح الموطأ وقال: (واحتج على ذلك بأن ما يحل للعبد أكله فإنه يحل للأحرار كأجرة سائر الأعمال) .
ونقل عنه قوله (لا بأس بمشاطرة الحجام على الحجامة) انتهى من المنتقى شرح الموطأ وذهب الحنابلة والشافعية إلى كراهة كسب الحجام للحر دون العبد.
والسبب في اختلافهم هو تعارض الآثار الواردة في ذلك، فمما جاء في كراهية كسب الحجام:
1- قوله صلى الله عليه وسلم: " شر الكسب مهر البغي وثمن الكلب وكسب الحجام"رواه مسلم.
2- قوله صلى الله عليه وسلم: " ثمن الكلب خبيث ومهر البغي خبيث، وكسب الحجام خبيث" رواه مسلم
3- وعن أبي هريرة قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الحجام وكسب البغي وثمن الكلب وعسب الفحل" رواه أحمد والنسائي وابن ماجه.
4- وما رواه أحمد والترمذي وأبو داود أن محيصة استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في إجارة الحجام فنهاه عنها فلم يزل يسأله ويستأذنه حتى قال: اعلفه ناضحك وأطعمه رقيقك".
ومما جاء في الرخصة في ذلك:
1- ما رواه البخاري ومسلم عن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال: حجم أبو طيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر له بصاع من تمر وأمر أهله أن يخففوا من خراجه".
2- ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنه قال: " احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وأعطى الذي حجمه. ولو كان حراماً لم يعطه" هذا لفظ البخاري، وله أيضاً:" ولو علم كراهية لم يعطه". وعند مسلم: " ولو كان سحتاً لم يعطه". فذهب بعض أهل العلم إلى أن أحاديث النهي منسوخة، لكن النسخ لا يصار إليه إلا عند معرفة التاريخ وتعذر الجمع.
وذهب الجمهور إلى الجمع بين الأحاديث وحمل النهي على الكراهة.
قال ابن قدامة في المغني: (ولأنها منفعة مباحة لا يختص فاعلها أن يكون من أهل القربة فجاز الاستئجار عليها كالبناء والخياطة، ولأن بالناس حاجة إليها ولا نجد كل أحد متبرعاً بها، فجاز الاستئجار عليها كالرضاع. وقول النبي صلى الله عليه وسلم "وأطعمه رقيقك" دليل على إباحة كسبه، إذ غير جائز أن يطعم رقيقه ما يحرم أكله، وتخصيص ذلك بما أعطيه من غير استئجار تحكم لا دليل عليه، وتسميته كسباً خبيثاً لا يلزم منه التحريم، فقد سمي النبي صلى الله عليه وسلم الثوم والبصل خبيثين مع إباحتهما، وإنما كره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك للحر تنزيهاً له، لدناءة هذه الصناعة. وليس عن أحمد نص في تحريم كسب الحجام ولا الاستئجار عليها وإنما قال: نحن نعطيه كما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم ونقول له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أكله نهاه وقال اعلفه الناضح والرقيق"….وأن إعطاءه للحجام دليل على إباحته، إذ لا يعطيه ما يحرم عليه، وهو صلى الله عليه وسلم يعلم الناس وينهاهم عن المحرمات فكيف يعطيهم إياها، ويمكنهم منها، وأمره بإطعام الرقيق منها دليل على الإباحة، فتعين حمل نهيه عن أكلها على الكراهة دون التحريم….وكذلك سائر من كرهه من الأئمة بتعين حمل كلامهم على هذا، ولا يكون في المسألة قائل بالتحريم. وإذا ثبت هذا فإنه يكره للحر أكل كسب الحجام، ويكره تعلم صناعة الحجامة، وإجارة نفسه لها، لما فيها من الأخبار، ولأن فيها دناءة فكره الدخول فيها….) انتهى كلام ابن قدامة.
وعلل الشافعية الكراهة بما في الججامة من مباشرة النجاسة على الأصح عندهم لا لدناءة الحرفة.
وبناء على ذلك نقول: من احتاج إلى هذا العمل فلا حرج عليه في أخذ الأجرة والمشارطة عليها، ومن لم يحتج له وفعل ذلك إعانة للمسلمين كان مثاباً مأجوراً فقد عد بعض أهل العلم من الشافعية عمل الحجامة من فروض الكفايات، فإن أعطي شيئاً فله أخذه. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1422(12/4086)
حكم ما أتلفه الخادم من حيث الضمان وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أخذ تعويض ما قامت به الخادمة من إتلاف في مدة عامين برغبتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الخادم الذي يعمل لمعيَّن بعمل مؤقت أمين على ما بيده، فلا يضمن منه ما تلف إلا بالتعدي أو التفريط، لأن العين أمانة قبضها بإذن رب العمل، وله الأجرة كاملة. فإن فرط أو تعدى ضمن كغيره من الأمناء.
ويعرف في عرف الفقهاء بالأجير الخاص ولا خلاف في عدم ضمانه، بخلاف الأجير المشترك، فقد اختلف الفقهاء: هل يده يد ضمان أم يد أمانة؟ ولا فرق في عدم ضمان الأجير الخاص بين ما هلك في يده من مال وبين ما هلك بعلمه.
وإنما لم يضمن الأجير لأن المنافع مملوكة للمستأجر فإذا أمره بالتصرف في ملكه صح، ويصير فعله منسوباً إليه (المستأجر) كأنه فعله بنفسه، فلهذا لا يضمن.
وبهذا يعلم أن الأصل فيما أتلفته الخادمة أن لا ضمان عليها فيه ما لم تتعمد إتلافه، أو تفرط في حفظه أو استعماله، فإن تعمدت أو فرطت ضمنت. والأحب إلينا أن لا تأخذوا منها أي شيء مهما كان سبب تلفه.
والعلم عند الله.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/4087)
تراعي في أجرة الصيانة حقك وحق غيرك
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم - وفقكم الله وثبت أجركم
أرجو أن تتفضلوا بالإجابة لي على هذا السؤال:
إني أمارس حرفاً تعتمد على الخبرة والاطلاع والممارسة فمثلا يحصل أن يعرض لي خلل في آلة كهربائية ذات قيمة باهظة وأتمكن من إصلاحها سواء باكتشاف العطل الذي قد يكون صغيرا جدا ولكن الوصول إليه يعتمد على معرفة نظرية العمل علاوة على الخبرة وقد أصمم لها دائرة ألكترونية من بنات تصاميمي وهي في الغالب لا تكلفني إلا مبالغ تافهة، فكيف يمكنني أن أقدر الثمن في هذه الأحوال ثمن الصيانة أقصد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسؤالك هذا سؤال طالبٍ لرضا الله، حاذرٍ من تعدي حدود الله، نسأل الله لنا ولك الرضا والقبول.
فلك في حالك هذه أن تحسب ثمن كلفة المواد التي استجلبتها لتضعها مكان المواد التالفة، وتضيف إليها ما تراه مناسباً من مال مقابل جهدك في العمل والتفكير بالطريقة التي بها تصلح العطل، على أن تراعي في تقديرك لما تأخذه مقابل حرفتك ما يلي:
1- تجنب غش من يدفع لك الأجرة، وعدم استغلاله ولا إجباره، قال تعالى: (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) [النساء:29] وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا ما أعطاه عن طيب نفسه" رواه البيهقي.
2- أن تراعي مصلحة الطرف الثاني كما تراعي مصلحتك، قال الشاطبي في كتاب الموافقات: طلب الإنسان لحظه حيث أُذِنَ له لا بد فيه
من مراعاة حق الله وحق المخلوقين.
3- عدم الإضرار بالطرف الثاني كأن يطلب منه ما يعسر عليه دفعه، قال صلى الله عليه وسلم: " لا ضرر ولا ضرار" رواه مالك مرسلاً، فلا تضر نفسك ولا تضر غيرك وبارك الله لك فيما أخذت.
... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1422(12/4088)
أداوم في العمل ساعتين فقط فما حكم راتبي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[طبيعه عملي الوظيفي لا تتطلب مني التواجد فى مكان العمل يوميا وكذلك لا تتطلب تواجدي طوال أوقات العمل الرسمية بمعنى أنه يمكن أن أذهب إلى العمل ساعتين فقط كل يومين فما حكم الدين فى راتبي علما بأنني ميسورة الحال ولكني أشعر بالملل من الجلوس بالمنزل لانشغال كل فرد فى المنزل بحياته علما بأننى أحفظ القرآن وأقوم بقراءة الكتب غالبا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأي عمل مشروع ليس فيه محظور يأخذ الإنسان مقابله أجراً، فإن هذا جائز حلال له، - وإن كان ميسوراً- ما دام لم يخل بعقد العمل، فإذا كان عقد العمل لا يتطلب منك أكثر من الدوام المذكور، فليس عليك شيء، وإن كان عقد العمل يتطلب منك أن تبقي في عملك أكثر مما تبقين فيه الآن، فإنه لا يجوز لك فعل ما ذكرت، ويكون جزءاً من راتبك مأخوذا بغير حق، حتى وإن كان في اعتقادك أن بقاءك في العمل لا يستدعيه العمل، ما دام أن العقد يلزمك بدوام معين، فعليك الوفاء به.
ولكن ننصحك ما دمت ميسورة، أن تتركي العمل، وتتفرغي لبيتك وأسرتك، والدعوة إلى الله، فإن هذا خير لك وأنسب، لا سيما في هذا الوقت، لأن كثيراً من مواطن العمل لا يناسب المرأة المسلمة، لما فيه من اختلاط بالرجال الأجانب، ووقوع بعض المحظورات. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1422(12/4089)
تحديد الأجرة إذا تم بالتراضي بين الطرفين فلا يضر كونه قليلا أو كثيرا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل فى شركة لصيانة الأجهزة المنزلية ويقوم الفنيون فى هذه الشركة بأخذ مبالغ كبيرة مقابل هذه الصيانة وأنا أشعر بأنهم يأخذون هذه المبالغ بدون وجه حق. فما حكم الدين فى العمل فى هذا المكان وهل أجري حلال أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا حصل اتفاق مسبق بين الشركة وبين من ستعمل له الصيانة على كمِّ الصيانة وكيفيتها،
وعلى قدر الأجرة وتراضيا على ذلك، وتمت الصيانة كما هو مطلوب، فالأجر المأخوذ على ذلك حلال سواء قل أو كثر، والعمل في ذلك المجال جائز.
ولكن على العاملين في هذه الشركة أن يجعلوا الأجرة على تكلفة العمل، وزيادة ربح معقولٍ تيسيراً على إخوانهم بما لا يضرهم، واتصافاً بصفات المؤمنين السمحة في الأخذ والعطاء، وتعرضاً لرحمة الله تعالى في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: "رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى". كما في صحيح البخاري. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1421(12/4090)
المستأجر يملك حق الانتفاع بالعين المستأجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم. لقد جهزت محلا تجاريا بجميع المعدات ومرخصا من البلدية ولكن لا يوجد عندي الوقت الكافى لإدارته. وقد أتاني أحد المقيمين وطلب مني نقل كفالته على اسمي ومن ثم يستأجر المحل المذكور وذلك بضعف الإيجار الذي اتفقت مع صاحب الملك عليه مع العلم أنه يعرف ذلك وهو من قرره؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المستأجر يملك منفعة العين المستأجرة، هذا هو مقتضى عقد الإيجار. وعليه فله أن يستوفي تلك المنفعة بما شاء، بما لا يضر بالذات المستأجرة. وبالتالي فلك أن تؤجر المحل بمثل ما أخذته به أو كثر أو أقل لا حرج عليك في شيء من ذلك، لأنك قد ملكت منفعته بالإيجار من صاحبه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1421(12/4091)
لابد من تحديد المدة في عقود الإيجار
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم العقود غير المحددة الأجل وماذا يفعل شخص أبرم عقدا منذ 25 عاما بهذه الصورة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر أن السائل الكريم يسأل عن عقد الإجارة:
والإجارة عقد على المنافع. وقد اشترط الفقهاء لصحة الإجارة أن تكون المنفعة معلومة. وصرحوا بأن ذلك يكون بأمور منها:
معرفة المدة التي تنتهي فيها الإجارة.
ومنهم من أجاز المدة ولو طالت. ومنهم من قيدها بما يغلب على الظن بقاء العين فيها، وهذا يختلف باختلاف العين فإجارة الأرض ليست كإجارة العبد، والدار، والبستان. وما كان من عقود الإجارة خالياً من بيان المدة وجب فسخه، وإنشاء العقد مرة أخرى مع تحديد مدة الإجارة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1421(12/4092)
قرار المجمع الفقهي بشأن الإيجار المنتهي بالتمليك
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن المجمع الفقهي أجاز شراء السيارة بنظام التأجير المنتهي بالتمليك ولكن بشروط فهل هذا صحيح؟ وماهي تلك الشروط]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإيجار المنتهي بالتمليك، له صور عدة، منها الجائز، ومنها المحرم، وقد بين مجمع الفقه الإسلامي ذلك مفصلا في دورته الثانية عشرة بالرياض من 25 جمادى الآخرة 1421هـ إلى غرة رجب 1421هـ (23-28 سبتمبر 2000م) .
وإليك نص القرار:
قرار رقم: 110 (4/12) بشأن موضوع الإيجار المنتهي بالتمليك.
إن مجلس الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية عشرة بالرياض في المملكة العربية السعودية من 25 جمادى الآخرة 1421هـ إلى غرة رجب 1421هـ (23-28 سبتمبر 2000) .
بعد اطلاعه على الأبحاث المقدمة إلى المجمع بخصوص موضوع (الإيجار المنتهي بالتمليك) . وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حول الموضوع بمشاركة أعضاء المجمع وخبرائه وعدد من الفقهاء.
قرر ما يلي:
الإيجار المنتهي بالتمليك:
أولاً: ضابط الصور الجائزة والممنوعة ما يلي:
1- ضابط المنع: أن يرد عقدان مختلفان في وقت واحد على عين واحدة في زمن واحد.
2- ضابط الجواز:
q وجود عقدين منفصلين يستقل كل منهما عن الآخر زماناً، بحيث يكون إبرام عقد البيع بعد عقد الإجارة، أو وجود وعد بالتمليك في نهاية مدة الإجارة، والخيار يوازي الوعد في الأحكام.
q أن تكون الإجارة فعلية وليست ساترة للبيع.
3- أن يكون ضمان العين المؤجرة على المالك لا على المستأجر، وبذلك يتحمل المؤجر ما يلحق العين من غير ناشيء من تعد المستأجر، أو تفريطه، ولا يلزم المستأجر بشيء إذا فاتت المنفعة.
4- إذا اشتمل العقد على تأمين العين المؤجرة فيجب أن يكون التأمين تعاونيا إسلامياً لا تجارياً، ويتحمله المالك المؤجر وليس المستأجر.
5- يجب أن تطبق على عقد الإجارة المنتهية بالتمليك أحكام الإجارة طوال مدة الإجارة، وأحكام البيع عند تملك العين.
6- تكون نفقات الصيانة غير التشغيلية على المؤجر لا على المستأجر طوال مدة الإجارة.
ثانياً: من صور العقد الممنوعة:
1- عقد إجارة ينتهي بتملك العين المؤجرة مقابل ما دفعه المستأجر من أجرة خلال المدة المحددة، دون إبرام عقد جديد، بحيث تنقلب الإجارة في نهاية المدة بيعاً تلقائياً.
2- إجارة عين لشخص بأجرة معلومة ولمدة معلومة مع عقد بيع له معلق على سداد جميع الأجرة المتفق عليها خلال المدة المعلومة، أو مضاف إلى وقت في المستقبل.
3- عقد إجارة حقيقي، واقترن به بيع بخيار الشرط لصالح المؤجر، ويكون مؤجلاً إلى أجل محدد (هو آخر مدة عقد الإيجار) . وهذا ما تضمنته الفتاوى والقرارات الصادرة من هيئات علمية ومنها: هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية.
ثالثاً: من صور العقد الجائزة:
1- عقد إجارة يمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة مقابل أجرة معلومة في مدة معلومة، واقترن به عقد هبة العين للمستأجر معلقا على سداد كامل الأجرة، وذلك بعقد مستقل، أو وعد بالهبة بعد سداد كامل الأجرة (وذلك وفق ما جاء في قرار المجمع بالنسبة للهبة رقم (13/1/3) في دورته الثالثة.
2- عقد إجارة مع إعطاء المالك الخيار للمستأجر بعد الانتهاء من وفاء جميع الأقساط الإيجارية المستحقة خلال المدة في شراء العين المأجورة بسعر السوق عند انتهاء مدة الإجارة (وذلك وفق قرار المجمع رقم 44 (6/5) في دورته الخامسة.
3- عقد إجارة يمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة مقابل أجرة معلومة، في مدة معلومة واقترن به وعد ببيع العين المؤجرة للمستأجر بعد سداد كامل الأجرة بثمن يتفق عليه الطرفان.
4- عقد إجارة يمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة مقابل أجرة معلومة، في مدة معلومة، ويعطي المؤجر للمستأجر حق الخيار في تملك العين المؤجرة في أي وقت يشاء على أن يتم البيع في وقته بعقد جديد بسعر السوق (وذلك وفق قرار المجمع السابق رقم 44/6 (5)) أو حسب الاتفاق في وقته.
رابعاً: هناك صور من عقود التأجير المنتهي بالتمليك محل خلاف، وتحتاج إلى دراسة تعرض في دورة قادمة إن شاء الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1421(12/4093)
حكم أخذ الأجرة على الرقية الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ أربع سنوات وسبق أن رزقني الله بالحمل مرتين وأجهضت بدون سبب طبي ونصحوني بالحجاب من القرآن أثناء فترة الحمل فهل يجوز ذلك.؟
وهل يجوز الذهاب إلى شيخ يقرأ القرآن ويأخذ أجرة مقابل القراءة.؟
... ... ... جزاكم الله خيراً وأثابكم ,,,,]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن القرآن الكريم شفاء للأرواح والأبدان، قال تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) [الإسراء: 82] والتزام المسلم أو المسلمة بالأذكار والأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقراءة آيات الرقية الشرعية تعصم المسلم من الشيطان، وتبعد عنه الوسواس، وتبطل تأثير العين أو السحر عنه. ومن ذلك قراءة آية الكرسي، والمعوذتين، وخواتيم سورة البقرة، وغير ذلك من آي القرآن المجيد.
وهذه الرقى هي التي يعرفها ويداوي بها أهل التقوى والصلاح، ولا بأس بالاسترقاء عندهم، بخلاف السحرة الدجالين والمشعوذين فإنه يجب الحذر منهم والبعد عنهم. ومما يعين على أن تكون الرقية الشرعية نافعة الالتزام بالفرائض لأن كثيراً من الذين يصابون بمس جني، أو اللواتي يحدث لهن إجهاض لا يلتزمن بالصلاة المفروضة ولا بالطهارة من النجاسات، مضيعات للفرائض، مرتكبات للمحرمات، فكيف تقع الرقية موقعها من هؤلاء مع هذه المخالفات! ولذا فإننا نقول للسائلة الكريمة يجب عليك المحافظة على الصلوات في أوقاتها، وفعل الواجبات وترك المحرمات، فإذا تحقق ذلك، مع الالتزام بأذكار الصباح، والمساء والنوم، ودخول المنزل والخروج منه، وسائر الأذكار المطلوبة، فلن يكون للشيطان أو القرين تأثير على الحمل أو غيره إن شاء الله.
وأما الحجاب من القرآن، فإن كان المقصود به: (ما يكتب في ورق ثم يوضع في خرقة من القماش ثم يعلق) فهذا هو ما يعرف بالتميمة، وهذه التميمة إذا كانت من القرآن فقد اختلف أهل العلم في جواز تعليقها، والراجح أنه لا يجوز، وبه قال ابن مسعود، وابن عباس رضي الله عنهما، وهو ظاهر قول حذيفة، وعقبة بن عامر، وابن عكيم، وذلك لما يلي:
أولاً: لعموم النهي عن التمائم في قوله صلى الله عليه وسلم:" إن الرقى والتمائم والتولة شرك" رواه أبو داود وأحمد.
ثانيا: لسد الذريعة لأنه قد يفضي إلى تعليق ما ليس من القرآن.
ثالثاً ولأنه لو علق فلا بد أن يمتهنه المعلق عليه، فيحمله معه في حالة قضاء الحاجة والاستنجاء.
وعلى هذا فإننا نقول للسائلة: أكثري من ذكر الله والاستغفار والدعاء، واحرصي على الطاعات، وسيحصل لك ما تريدين إن شاء الله.
أما الذهاب إلى شيخ يقرأ القرآن ويأخذ مقابل القراءة، فإن كان هذا القارئ يقرأ للعلاج ورقية المريض، ويأخذ مقابل هذا أجراً، فلا بأس بذلك، لما ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري قال: " انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها، حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم، فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط! الذين نزلوا لعلهم أن يكون عندهم شيء، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم، والله إني لأرقي، ولكن استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق حتى تجعلوا لنا جّعلاً، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه، ويقرأ: الحمد لله رب العالمين، فكأنما أنشط من عقال، فانطلق يمشي وما به قَلَبَة، فقال فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقتسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان، فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكروا له ذلك، فقال: " وما يدريك أنها رقية؟، ثم قال:" قد أصبتم، اقتسموا، واضربوا لي معكم سهماً" قال ابن تيمية -رحمه الله- (وأذن لهم في أخذ الجعل على شفاء اللديغ بالرقية) مجموع الفتاوى19/59
وعلى هذا فلا بأس بأخذ القارئ أجراً على الرقية إذا حصل بها شفاء وكانت موافقة للسنة النبوية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/4094)
التأجير للكافر جائز بشرط أن لا يتخذ للحرام.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم تأجير محل سكن للكافر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلأصل حل التعاملات المالية من بيع وشراء وإجارة وغيرها، مع المسلم والكافر، إذا كانت مستوفية الشروط الشرعية، وخلت من الأمور المحرمة. وقد دل على ذلك تعامل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مع المشركين واليهود.
ويستثنى من ذلك ما كان وسيلة للحرام، فلا يجوز تأجير الدار لمن يتخذها كنسية أو معبداً، أو مكاناً لبيع الخمر أو القمار، أو بيتا للهو والدعارة، أو مرقصاً ونحو ذلك، كما نص عليه الفقهاء (انظر المغني مع الشرح الكبير 6/136) . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/4095)
المؤجر يستحق الإيجار حسب العرف
[السُّؤَالُ]
ـ[استأجرنا شقة مشتركة مع جار لنا..أصبح العقد باسمه فقط..في نهاية العقد لمدة سنة أخبرناه بأنا سنترك الشقة..وبقينا فوق مدة الايجار 11 يوماً.. ثم القاطع الذي تركناه أجر بعد عشرين يوما.. فالمؤجر الآن يطالبنا بدفع إيجار الشهر الذي سكنا منه 11 يوماً.. ويحلف بالله أنه لايأخذ مالا حراما.. وأيضا أنا لا أريد أن آكل مالا حراما ... لكني لا أجد عنده الحق في المطالبة ... وشكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل في هذه الصفقة أنه يلزمكم دفع إيجار 11 يوماً من إيجار الشهر، إذا لم يكن هناك شرط ولا عرف يقضي بخلاف ذلك.
فإذا كان في منطقتكم عرف أو كان العقد بينكم ينص على أن المستأجر إذا سكن أياماً من الشهر لزمه الشهر كله، فإنه يلزمكم دفع إيجار الشهر كله، ولكم منفعة البيت بقية الشهر، إن شئتم أن تؤجروه أو تسكنوا فيه أو تتركوه خالياً، فإن الخراج بالضمان. والمؤمنون على شروطهم. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/4096)
حكم السمسرة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.. رجل يريد أن يبيع أرضا ترجع ملكيتها له ولإخوته، فهل يجوز له أن ياخذ من مال الدلالة على أنه دلال لأن البيع كان عن طريقه وبعد مجهود شخصي منه وذلك بالاضافة إلى قسمه الذي سيأخده حقًا للأرض؟ أرجو الإجابة السريعة للاهمية القصوى؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا الرجل عليه أن يتفق مع إخوته مسبقاً على أنه سيأخذ هذا المبلغ مقابل ما يبذله من مجهود شخصي لبيع هذه الأرض، فإن رضوا بذلك فله ما اتفق عليه معهم، إن كانوا رشداء بالغين.
فإن لم يرضوا بذلك، أو كانوا قصراً، أو فيهم من هو قاصر أو غير رشيد، فإما أن يقوم ببيع الأرض تبرعاً منه بدون طلب مقابل، وإما أن يقوم أحد الإخوة ببيعها كذلك، وإما أن يكلفوا طرفاً آخر بالبيع بمقابل، أو بغير مقابل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/4097)
تأجير الشقق جائز مالم يتيقن استعمالها في معصية
[السُّؤَالُ]
ـ[لدى خطيبتي شقة بمدينة لندن ببريطانيا وتريد أن تعرف إن كان يحل تأجيرها أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فلا حرج على هذه المرأة أن تؤجر شقتها بشرط أن لا تؤجرها لمن يستخدمها فيما حرم الله تعالى كالدعارة وبيع الخمور ونحو ذلك.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/4098)
من وهب منعفة فلا يحق له أن يعود ويطلب أجرتها.
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم سعادة المشايخ الأجلاء يحفظهم الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: أفيدكم أسكن أنا وعائلتي في أحد شقق قريب لي بدون إجار منذ حوالي 7 سنوات وذلك حسب موافقة قريبي وإبلاغي بعدم أخذ إيجارمني مقابل سكني في هذه الشقة التي يملكها. إلا أنه بعد مرور هذا الزمن وإذ به يطالبني بإيجار السنوات السبع بواقع قدره10000 ريال عن كل سنة أي بإجمالي (70000) الف ريال مع العلم أنني لم أحتسب لهذا الأمر مما ضيق بي الخناق علي وعلى أهل بيتي وأجبرني بأن أكتب له إقرارا بسداد هذا المبلغ تقسيطا. - ماذا أفعل في مثل هذه الأمور؟ - وما نظر الشرع في الإقرار الذي طلب مني؟ - وهل المبلغ الذي سيحصل عليه مني جائز له؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإذا كان قريبك قد أبلغك بعدم أخذ الإيجار منك، وظل هذه المدة لا يطالبك بذلك، فليس له حق المطالبة الآن، وقد أخطأت بكتابتك هذا الإقرار، ويمكنك رفع الأمر إلى القضاء للتخلص من تبعته وإن طولبت بالخروج من المنزل لزمك ذلك، وإن رغبت في البقاء فيه بأجرة وتوقف ذلك على دفع مبلغ له، جازت المصالحة على ذلك. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/4099)
حكم استعمال واستئجار مسروق أومفقود
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح استئجار سيارة مفقودة أو ضائعة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يجب على من وجد سيارة قد فقدها مالكها أن يُبلغ عنها السلطات أو الجهات المسؤولة، ليتعرفوا على صاحبها ويبلغوه عنها، أما أن يتصرف هو فيها فإن ذلك فعل محرم بإجماع المسلمين، ثم إن تصرف فيها بنية الاستيلاء عليها وتملكها فهو غاصب أو سارق.
وإن تصرف فيها بنية استعمالها له هو، أو إيجارها لغيره ولا يدعي أنها ملكه فهو متعد. وكما هو آثم بالإقدام على الفعل أيا كانت نيته، فإن من أخذها منه بيعاً أو هبة أو إجارة أو إعارة عالماً بحالها آثم هو الآخر. ولو قدر أن تلفت أو أصيبت فهي في ضمان كل واحد منهما: الأول لأنه هو الذي سلط عليها الثاني، والثاني لأنه استعملها وهو يعلم أن الذي سلطه عليها ليس له حق التصرف فيها، فالأول ضامن لكونه متسبباً، والثاني ضامن لكونه مباشراً.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/4100)
لا يجوز شراء بنايات وتأجيرها لمن يستخدمها فنادق تحتوي على مرافق محرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما حكم 1-أن أشتري بناية وأؤجرها لرجل يستخدمها كفندق بكامل مرفقاته من بار إلى مسابح مختلطة ومراقص ... أو أن أشتري فندقاً يحتوي بطبيعة الحال على تلك المرافق ولكن لا أديره بنفسي بل أؤجره لمن يديره؟ ... ... ... تقبلوا مني شديد الاحترام وعسى أن يهدينا الله إلى مافيه صالح لأنفسنا ولأخرتنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: فهاتان الصورتان لا تجوز واحدة منهما لما فيهما من التعاون على الإثم والعدوان قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعانوا على الأثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) [المائدة: 2] فعليك أن تتقي الله تعالى وتخشى عقابه وتطلب المال من كسب مباح يبارك لك فيه ويرزقك الله من حيث لا تحتسب كما وعد سبحانه وتعالى (ومن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) [الطلاق رقم 2-3] ثم إن عليك أن تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن أمور- وعد منها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه. رواه الترمذي وغيره. ولا شك أن اكتساب المال من هذا الوجه لن يجد له صاحبه جواباً إذا وقف بين يدي الله تعالى. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/4101)
حكم عقد الإيجار المنتهي بالتمليك
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد شراء سيارة جمس من شركة لاتقبل نظام التقسيط وتقبل نظام التأجير، ومن الشروط أن تظل السيارة باسمهم إلى السداد كاملا وأنا مضطر للسيارة من هذه الشركة السؤال هل يجوز الشراء بنظام الشراء؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الصورةداخلة فيمايعرف ب: الإيجار المنتهي بالتمليك والذي يظهر - والله أعلم - أنها لا تجوز لاشتمالها على عدة محاذير شرعية لا يمكن تجاوزها:
منها:
1- العقد على عين واحدة بعقدين غير مستقر على أحدهما، مع التنافر الواقع بين لازميهما، وتنافر اللوازم يؤدي إلى تنافر الملزومات، فالبيع يلزم منه انتقال العين بمنافعها إلى ملك المشتري، فضمانها عليه ومنافعها له، والإيجار يلزم منه أن تبقى العين في ملك صاحبها وينتفع المستأجر بالمنافع فقط، ولا تصرف له في العين.
2- أن القسط المحدد الذي يسميه البائع قسط إيجار لا يتناسب في الواقع مع إيجار مثل هذه العين، بل الغالب فيه أن يكون ضعف إيجار المثل أو أكثر أو أقل، لأنه نظر إليه في الواقع على أنه قسط من الثمن، فلو أعسر المشتري ببعض هذه الأقساط سحبت منه العين، وربما يكون قد دفع أقساطاً تساوي في الواقع أكثر قيمة العين، يوضح ذلك المثال الآتي: بيت قيمته مائة ألف، إيجار مثله ألف، يؤجر إيجاراً منتهياً بالتمليك بثلاثة آلاف، عجز المؤجر عن السداد بعد أن دفع اثني عشر شهراً، فسحب منه البيت ولم يرد إليه شيء بحجة أنه استوفى المنفعة، ولا يخفى ما في هذا من أكل أموال الناس بالباطل.
3- أن هذا العقد أدى إلى إفلاس كثير من الناس بسبب تساهلهم في أخذ الديون، وربما يؤدي إلا إفلاس الدائنين أنفسهم، ولهذه الأسباب المذكورة، أفتت اللجنة الدائمة في السعودية بمنع هذه الصورة.
ويغني عن هذا العقد الفاسد ويحقق مقاصده عقد البيع بالتقسيط، مع أخذ الضمانات الكافية، أو رهن المبيع إلى حين استيفاء القيمة، وفي حال العجز عن السداد تقوّم العين، ويخير المشتري بين الوفاء بالتزاماته أو بيع العين وقضاء ما عليه، ويخير البائع بين أخذ العين بقيمتها في السوق ورد ما زاد عن حقه إلى المشتري، وبين تحصيل ما بقي له بعد بيع العين لأجنبي.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1421(12/4102)
قلة الأجرة لا تبيح الإخلال بالعقد
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد بخست جهة عملي حقي حيث لم تعتمد شهادتي العلمية المتقدمة وبالتالي أصبح الراتب الذي اتقاضاه يبلغ نصف استحقاقتي مما جعلني لاأهتم بالتقيد بالدوام الرسمي ولكن بدون التقصير فيما يطلب مني والسؤال ماهو حكم خروجي من عملي قبل انتهاء الدوام الرسمي علما بأن خروجي بعلم المدير وعملي لا يرتبط بالجمهور ومعاملاتهم. وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ...
فأيها السائل الكريم: كون جهة عملك لم تعتمد لديها شهادتك العلمية، لا يبرر لك مطلقاً أن لا تلتزم بأوقات الدوام الرسمي، وإن كنت تنجز عملك كله، فلا يسوغ لك ذلك، حيث إن إجارتك مرتبطة بوقت محدود مع إنجاز مهام محدودة مسندة إليك، لأنك أجير في هذا العمل إجارة خاصة والعمل تابع لها. وإن كان خروجك من العمل ليس مستمراً ولكنه طارئ فاستأذنت من رئيسك في العمل فلا حرج في ذلك، إذا لم تعطل المهام المنوطة بك. وأما بالنسبة لموضوع شهادتك العلمية فلا يخلو من أمرين: الأول: ألا تكون هذه الشهادة معتمدة لديهم في تخصصك أو تكون من جهة لا يقبلون منها مثل هذه الشهادات، فهذا واضح ولا إشكال فيه. الثاني: أن تكون موافقة لما لديهم من تخصصات ويقبلون شهادات الجهة التي تأتي منها، فعليك والحالة هذه أن تحاول بالطرق المشروعة اعتماد شهادتك. وفقك الله لكل خير هذا والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1422(12/4103)
لا حرج على من يعالج بالقرآن أن يقبل الهدية أو الأجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمعالج بالقرآن أن يأخذ الأجر أو يقبل الهدية؟ وماذا يشترط في الشخص المعالج بالقرآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: ...
من عالج الناس بالقرآن وعُرف عنه ورعه وتقواه وخشيته الله سبحانه وابتغاء الأجر من الله، وكان حريصاً على نفع إخوانه ثم بعد ذلك أعطي هدية أو أجراً فلا بأس بذلك إن شاء الله حيث قد ورد في حديث سيد القوم اللديغ الذي لدغته (حية) فقرأ عليه بعض الصحابة سورة الفاتحة واشترطوا عليه أن يعطيهم جعلاً فصالحهم على قطيع من الغنم، فلما شفي أعطاهم القطيع، فلما جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليهم بل قال لهم: " اضربوا لي معكم سهماً " والحديث في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/4104)
حكم أخذ الأجرة على قراءة القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لقارىء القرآن الكريم أن يأخذ أجرا من المال على تلاوته؟ وخاصة الذين يقرأونه للإذاعة والتلفزيون.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه محمد وآله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فإنه لا ينبغي لقارئ القرآن الكريم أن يأخذ أجرا على مجرد القراءة، لأن العلماء قد اختلفوا في أخذ الأجرة على التعليم مع أن فيه بذلا للجهد، وتفريغا للوقت، ومع ذلك فقد منعته طائفة من السلف. وقارئ القرآن يأخذ بكل حرف عشر حسنات، فلا ينبغي له أن يبتغي بقراءته عرضا من الدنيا، نعم إذا كان الشخص ذا حاجة ماسة وكان المال الذي يأخذه على القرآن من المال العام، وكان نفع قراءته نفعا عاما بحيث يستفيد من الإنصات له خلق كثير، فغير بعيد أن يكون أخذه من هذا الوجه بهذه الضوابط مما أباحه الله. ولا شك أن عدم الأخذ أفضل. والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1422(12/4105)
أخذ العمولة يحتاج لإذن
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق يعمل بشركة يقوم بعمل مطبوعات للشركة فى إحدى المطابع التي يعرفها بدون أن يطلب ذلك أو يسعى إليه، فهل في حالة أخذ مبلغ عمولة على ذلك دون طبعا أن يبلغ الشركة هل هذا حلال أم حرام،
علما بأن الشركة كانت تطبع احتياجاتها في إحدى المطابع بمبلغ غال جداً على سبيل المثال إذا طبعت الشركة شيئا بمبلغ 200 جنيه ممكن يطبع نفس الشيء بمبلغ 150 جنيه بعد العمولة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لصديقك هذا أخذ هذه العمولة إلا بعلم وإذن الشركة التي يعمل بها، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17863، 17684، 18025.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1425(12/4106)
ما يشترط لجواز أخذ العمولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل أن زوجي يعمل في الخارج وجاءت له فرصة لتشغيل شباب معه من بلدنا ويريد أن يتقاضى مبلغا مقابل ذلك فهو يبحث لهم عن العمل ويخلص الأوراق فهل هذا حلال أرجو الرد السريع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان زوجك بذل جهداً في بحثه عن العمل وتخليص الأوراق فلا حرج عليه في أن يأخذ مالاً مقابل ذلك، وقد يكون ذلك على سبيل الجعالة أو من قبيل الدلالة أو السمسرة، ويشترط أن يكون المال معلوماً والعمل الذي يسعى لتشغيل هؤلاء الشباب فيه مباحاً.
وقد سبق في فتوانا رقم: 56730، ورقم: 70183 بيان جواز أخذ العمولة مقابلة الوساطة في التوظيف بين العمال وجهات العمل المختلفة، بشرط أن تكون الوساطة على عمل مباح شرعاً، وأن تكون الأجرة معلومة.
والجعالة إن كانت على عمل مباح فهي مباحة، ويشترط لصحة هذا العقد العلم بمقدار الجعل (المكافأة) ، كما سبق في فتوانا رقم: 32085.
والأصل في السمسرة أنها مشروعة إذا كان متعلقها مشروعاً، وممنوعة إذا تعلقت بأمر ممنوع، ولك أن تراجعي في حكم السمسرة الفتوى رقم: 26122.
علماً بأنه لا يجوز أخذ المال مقابل التأشيرة أو الفيزا إذا لم يكن هناك عمل أو جهد لأن ذلك يدخل في ثمن الجاه، وقد منعه كثير من أهل العلم. وسبق بيان ذلك في الفتويين رقم: 4714، 79659.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1430(12/4107)
ضوابط التركيز على بيع منتج معين مقابل الحصول على شيئ منه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل صيدليا بمجموعة صيدليات كبيرة بالسعودية وأثناء عملنا يكون هناك بعض الأجهزة الطبية وبعض أصناف أدويه (أدويه يسمح للصيدلي بوصفها) تكون لشركتنا فائدة أكبر في بيعها فيكون التركيز عليها بشكل أكبر في عملية البيع (علما بأننا لا نخدع العميل ونوضح له مواصفات المنتج بأمانه) وبناء عليه يأتي مندوب هذه الأجهزة أو الأدويه ويعطيني جهازا مكافأه لي وتتكرر هذه العملية ولا يكون هناك حاجه لي في هذه الأجهزه أو الأدويه فأقوم بوضعها في الصيدلية وأستبدلها بأغراض أحتاج إليها، علما بأنني أستبدلها بقيمه أقل فمثلا إن وضعت بالصيدلية جهاز قيمته 300 ريال فأقوم باستبداله بأغراض قيمتها 250 ريالا، وذلك حتى أفيد الصيدلية وأبتعد عن الشبهات، فما حكم الشرع في ذلك أثابكم الله؟ وجزاكم عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التركيز على بيع منتج معين مقابل الحصول على أجهزة من الشركة المنتجة له عبارة عن عملية سمسرة، ويشترط لجوازها أن تكون بعلم وإذن مالك الصيدلية أو نائبه، وألا يكون هناك غش أو خداع للمشتري بحيث يوهم بأن هذا المنتج أفضل من غيره وهو ليس كذلك، ويشترط كذلك فيما تقوم به من عملية استبدال هذه الأجهزة بأغراض من الصيدلية علم وإذن مالك الصيدلية أو نائبه. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 93672.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1428(12/4108)
حكم أخذ جهة العمل من العامل شيئا مقابل توظيفه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة مقاولات عامة وبسبب نوع عمل الشركة فإنها دائماً في حاجة إلى الأيدي العاملة وقد طلبت الشركة مني تأمين عدد من العمال والموظفين لإحدى المشاريع الكبيرة وكالعادة تقدمت عدة شركات التي تعمل كوسيط في تأمين الأيدي العاملة من هذه الدول الهند باكستان بنجلادش نيبال الفلبين وغيرها ومن الأديان المختلفة (مسلم، مسيحي، بوذي....الخ) .
ولتأمين العمل المناسب لهذة العمالة يقوم العامل منهم بدفع مبلغ ما لهذه الشركة التي تقوم بدفع مصاريف تذكرته وتأشيرة العمل وغيرها بالإضافة إلى أرباحها من هذا المبلغ المأخوذ من المتقدم للعمل والذي سوف يعمل مباشرة مع الشركة الطالبة وليس مع الشركة الوسيطة وبسبب وجودي في هذه الشركة ومركز يمكنني من أخذ القرار في اختيار الشركة الوسيطة والعرض المناسب وأيضاً تأمين كل ما يحتاجه العامل من سكن مناسب وأكل ومواصلات وطبابة وأماكن ترفيهية من تلفاز وسباحة رياضة ومطعم مجاني لكل جنسية وغيرها من البدلات الأخرى والتي هي ودائماً أحاول أن تكون من المستوى الذي يمنح العامل الراحة والاستقرار والاستطاعة على التوفير من معاشه الشهري بحيث لا يحتاج لدفع أية مصاريف سكن أو أكل أو تنقلات أو غيرها وهذا ما نحاول تأمينه رأفة بهؤلاء العمال حيث إنهم وحسب دراسة قمنا بها في السوق لا يحصلون على ما نقدمه لهم في معظم الشركات الأخرى ولا حتى 10% وأيضاً في بعض الأحيان حتى معاشاتهم الشهرية لا تدفعها إلاّ كل 3 أو 4 أشهر وهذا ما يدفع العمال للتحويل عندنا ناهيك عن بدل الوقت الإضافي والذي ندفعه لهم وأيضا بخلاف باقي الشركات الأخرى باختصار إنني أفاوض شركتي دائما بوجوب المحافظة على المستوى المعيشي الجيد للعامل أو الموظف عندنا ومحاوله تطويره أيضاً، بصفتي مديرا للمشاريع ومشرفا مباشرا على العمال ولعلمها بما نقدمه من مستوى فقد قامت الشركة الوسيط بعرضها علينا كشركة جزء يساوي 20% من المبلغ المدفوع من هؤلاء العمال إلى مكاتبها التوظيفية في الدول المذكورة أعلاه مقابل تأمين عمل لهم ولكن الشركة رفضت ذلك مباشرة لأن ذلك لا يمكن إدخاله في الحسابات الطبيعية للشركة بحكمها شركة مقاولات وليست توظيفا وبقي العرض ساريا لي كفرد مباشرة مع الوسيط دون الشركة.
السؤال:
1) هل يحق لنا أخذ هذا الجزء مباشرة علماً بأن العامل يعلم بهذا وأيضا أنه إذا لم نأخذ هذا الجزء بطبيعة الحال لن يرد إلى العامل بل سيبقى للوسيط كبدل خدمات تأمين عمل.
2) أوهل يحق أن أفتح شركة جديدة باسم أحد أقاربي لكي يتعامل مع الوسيط ومع الشركة التي تريد ويأخذ هذا الجزء للشركة الجديدة كبدل خدمات بحيث لا يترتب على هذا العامل أية مصاريف إقامة أو فيزا أو غيرها....
3) هل الموضوع بمجمله حلال وكيف نتعامل به حيث أنه لا يمكن إحضار العمال إلاّ عن طريق الوسطاء الذين يدفع لهم مقابل تأمين العمل يرجى إعلامي بأية معلومات أخرى تريدونها عبر هذا البريد الإلكتروني: منكم الرد السريع إذا أمكن بارك الله بكم وجزاكم الله عنا كل غير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من إنشاء شركة تقوم بالوساطة بين العمال وجهات العمل المختلفة، ويحق لشركات الوساطة هذه أن تأخذ عمولة من العامل وجهة العمل، بشرط أن تكون الوساطة على عمل مباح شرعاً، وأن تكون الأجرة معلومة، وانظر للمزيد الفتوى رقم: 56730.
هذا وإذا جاز لشركة الوساطة أن تأخذ من العامل عموله مقابل دلالته على وظيفة، فلا يحق للجهة التي سيعمل فيها العامل أن تأخذ منه شيئاً مقابل توظيفه إذ لا وجه لهذا الأخذ إلا في حالة واحدة وهي أن تقوم الشركة بدفع نفقات فيزة أو تذكرة ونحو ذلك مما لا يدخل في مرتب العامل، فلها أن تعود على العامل بما أنفقته عليه في هذه الصورة شريطة أن لا يكون هناك اتفاق أن هذه الأشياء من ضمن مرتب العامل، وإذا كان لا يجوز للشركة أخذ عمولة حسب ما تقدم، فلا يجوز لك من باب أولى أن تأخذ عمولة من العامل أو من الشركة الوسيطة لأنك إذ تقوم بما ذكرت في معرض السؤال تقوم بعمل واجب عليك فأخذك عمولة عليه يعد رشوة محرمة، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 60670، وإذا أردت أن تنشئ شركة توظيف خاصة بك فلا مانع أن تتعامل مع الشركة التي تعمل بها شريطة أن لا يكون منك محاباة لهذه الشركة التي تعتزم إنشاءها على حساب عملك كمدير للمشاريع ومشرف على العمال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1426(12/4109)
حكم استئجار المحامي بنسبة من الدخل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الأكارم
بعد التحية الإسلامية العطرة
آمل منكم التكرّم بإفتائنا بما هو آت.
محام يشتغل بمكتب محام آخر، يتقاضى نسبة عن الأعمال التي يحضرها لمكتب المحامي الذي يعمل لديه، وهو يستعين بآخر يحضر له الزبائن المتنازعين (الخصوم) ، ويكون إحضاره لهم بمقابل نسبي يدفع من المحامي المشتغل مع صاحب المكتب، وعادة الشخص الذي يحضر القضايا له علاقة بعمل القضاء (كاتب جلسات مثلاً) فما مدى جواز هذا التعامل، والنسب المالية التي تعطي لهذا الشخص، علماً بانّ المحامي صاحب المكتب لا علم له بهذا، وإذا كان هذا التعامل محرّماً فما هو العمل فيما يخصّ بالتعامل السابق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مهنة المحاماة تجوز إن تقيد صاحبها بحدود الشرع، ويمكنك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 1028.
ثم ما ذكرت من استعانة المحامي بغيره وإعطائه نسبة من الدخل لا يجوز، لأنه جعالة بمجهول. فقد أخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره. وفي رواية للنسائي: إذا استأجرت أجيرا فأعلمه أجره. ومن أهل العلم من يجيز الإجارة بالجزء (النسبة) لكن الأحوط تعيين أجرة محددة.
وما قيل في مسألة المحامي المستعان به يقال في الشخص الآخر الذي يتولى السمسرة، لكن يزاد هنا أن المبلغ الذي يدفع للسمسار إن كان من نصيب الدافع، فلا حرج في كونه لم يشعر به صاحب المكتب، وإن كان من أموال رب المكتب فلا يجوز، لأنه: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه. أخرجه الترمذي، وقال حسن صحيح.
ثم على تقدير أن العقود كانت فاسدة، فإنما يستحق فيها العامل جعل مثله، وعليه، فينبغي للمتعاقدين أن يعيدوا النظر في ماضي عقودهم، فإن كان الذي أخذ يساوي المثل فواضح، وإلا، تفاوضوا فيما كان من زيد أو نقص، وعليهم أن يبنوا عقودهم في المستقبل على جعول أو أجرات محدودة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(12/4110)
من شروط صحة الجعالة
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب مني شخص هندي أن أخلص له معاملة من أجل أن يستخرج له نقل إقامه وطلب مني المساعدة في هذا الموضوع مقابل أن يعطيني مبلغاً من المال، علما بأنني لا أداوم في نفس العمل ولكن لي معرفة في ذلك المكان علما بأن الهندي يريد إقامه شرعية ولكنه واجه بعض المشكلات البسيطة، سؤالي هو: هل المال الذي سآخذه منه حرام أم حلال أفيدوني أفادكم الله خيراً؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأجرة على هذا العمل الذي ستقوم به هي من باب الجعالة، فإن كانت على عمل مباح فهي مباحة، ويشترط لصحة هذا العقد العلم بمقدار الجعل المكافأة، وانظر الفتوى رقم: 4714، والفتوى رقم: 5264.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1424(12/4111)
من شروط جواز السمسرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف وأسعى دائما للحصول على المعلومات عن للمشاريع الجديدة وأنقل هذه المعلومات للمقاوليين الذين ينفذونها فهل يجوز أخد بعض المال من المقاوليين عندما أبلغهم بوجود مشروع معين يمكنهم القيام به؟ فهل يعتبر هذا نوعاً من السمسرة؟ وهل السمسرة حرام أم حلال؟
أفيدونا افادكم الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز لك أن تأخذ أجراً مقابل دلالتك هؤلاء المقاولين على المشاريع التي يمكنهم القيام بها، وهذا داخل في السمسرة، وقد سبق بيان جوازها، كما في الفتويين: 5172 10315
ويشترط في هذا أن يكون حصولك على المعلومات بطريق مشروع ليس فيه رشوة، ولا إفشاء لسر يجب كتمانه ونحو ذلك، كإطلاع المقاولين على الأسعار المعروضة من قبل غيرهم. وإنما نبهنا على ذلك لانتشار هذه الطريقة المحرمة بين العاملين في هذه المجالات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1423(12/4112)
السمسرة وشروطها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل السمسرة في الشراء والبيع حرام أم حلال؟ وما هي نسبة الربح الحلال من رأس المال؟ ولكم جزيل الشكر،،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسمسرة التي هي الوساطة بين البائع والمشتري، لإتمام البيع أو الدلالة على البضاعة جائزة، إذا لم تتضمن إعانة على بيع محرم، أو الدلالة على ما يحرم بيعه، أو التعامل فيه.
والسمسرة معدودة عند الفقهاء من باب الجعل، ويذكر حكمها هنالك.
وأما نسبة الربح فلا حد لها تحديداً لا تجوز مجاوزته على الراجح من أقوال أهل العلم.
ولكن لا ينبغي للتاجر المسلم أن يكون جشعاً أنانياً، لا يهمه في تجارته إلا الجانب المادي فقط، وإنما يجب أن يكون الجانب الخلقي في صدارة اهتماماته وأهدافه، فيراعي العامة في بيعه لهم وشرائه منهم وفي كل معاملاته، وليجعل دائماً نصب عينيه قول النبي صلى الله عليه وسلم "رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى" والحديث في صحيح البخاري وغيره عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(12/4113)
ما يأخذه السمسار دون علم البائع هل يعد رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت لشراء شقة فوجدت السمسار يعرض علي شقة بسعر مناسب ولكن يشترط دفع مبلغ من المال (من تحت الطاولة) وذلك لإتمام البيع وهذا المبلغ لايدخل فى ثمن الشقة الفعلي ولا يتم ذكرة فى نص عقد الشقة. وبالفعل دفعت هذا المبلغ ولكن قد أفاقني الله قبل إتمام البيعة ورفضت تلك الشقة فالمبلغ يعتبر رشوة. فرجاءا إفادتي هل وقعت فى حكم الراشي أم لا؟ الرجاء أن تكون الإجابة متضمنة نصوص قرآنية؟ ورجاءا سرعة الافادة فهذا الموقف أدى لاحتمال فسخ خطبتي بعد ما علمت خطيبتى بأمر الرشوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرشوة هي ما يُدفع لإبطال حق أو إحقاق باطل، وهي من كبائر الذنوب. قال الله تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ. {المائدة:42} .
; MARGIN: 0cm 0cm 0pt" dir=rtl class=MsoNormal> والمراد بالسحت الرشوة. وقال تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ. {البقرة:188} .
; MARGIN: 0cm 0cm 0pt" dir=rtl class=MsoNormal> وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي.رواه أحمد وأبو داود.
; MARGIN: 0cm 0cm 0pt" dir=rtl class=MsoNormal> فطلب الرشوة حرام، وقبولها حرام. وراجع لمزيد بيان الفتاوى الآتية أرقامها: 2487، 17929، 125618.
; MARGIN: 0cm 0cm 0pt" dir=rtl class=MsoNormal> أما المبلغ الذي طلبه السمسار فيحتمل أن يكون سمسرة، والسمسرة جائزة، أما أخذ السمسار عمولة من البائع دون علم المشتري والعكس فلا حرج فيه، ويكون مقدار الأجرة حسب الاتفاق بينهما. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 45996.
; MARGIN: 0cm 0cm 0pt" dir=rtl class=MsoNormal> فإذا كان المبلغ مأخوذاً على سبيل السمسرة فلا حرج فيه، لكن لو تبين لك أن السمسار أخذ منك هذا المبلغ لا على سبيل السمسرة ولكن ليقوم بخداع المالك وتضليله فهذا لا يجوز، لما فيه من الغش والخداع المحرمين، وهو من قبيل الأجرة المحرمة لا الرشوة، وإذا كان الأمر كذلك فقد أحسنت في تراجعك عن هذا البيع.
; MARGIN: 0cm 0cm 0pt" dir=rtl class=MsoNormal> وعلى كل حال فما دمت قد تراجعت عن هذا البيع فلا نرى وجهاً لتسرع خطيبتك فيما تريده من فسخ الخطبة، فعلى تقدير أنك أخطأت فخير الخطاءين التوابون، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له. والله تعالى يقول: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ. {آل عمران:135} .
; MARGIN: 0cm 0cm 0pt" dir=rtl class=MsoNormal> والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1430(12/4114)
حكم التعامل مع الكفار في السمسرة
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد هناك شركة أمريكية تدعى: بأي بال ـ وهي عبارة عن بوابة دفع إلكترونية، نقوم بربط بطاقات الائتمان الخاصة بنا بها وندفع للمواقع في الإنترنت من خلالها، بحيث نحمي بيانات بطاقات الائتمان الخاصة بنا ولا يطلع عليها أحد سوى ـ باي بال ـ ومن ثم فهي تقوم بسحب المبلغ من البطاقة ودفعه للطرف الآخرعندما نقوم بعملية الشراء، هذه العملية مجانية تماما، ولكن في حال كنت أنا البائع وقام أحد بالشراء مني بواسطة ـ باي بال ـ سيسحب ـ باي بال ـ من بطاقة المشتري المبلغ ويعطيني إياه، ولكنه يخصم منها رسوم الخدمة كما يلي:
30 سنت أمريكي + نسبة 3.4% من المبلغ المحول، فهل يجوز التعامل معها لتحصيل النقود من زبائني؟ وهل يجوز الشراء من خلالها؟ وطبعا هنالك شركات منافسة لها تعمل بنفس النظام مثل ـ أليرت باي ـ وـ موني بوكرزـ وأيضا بوابات الدفع الإلكتروني مثل ـ تو سي أو، وجوجل تشيك أوت ـ وكلها تأخذ عمولات بهذا الشكل، مبلغا ثابتا بسيطا + نسبة مائوية من المبلغ المحول، فهل يجوز التعامل مع أي منها؟ وجزاكم الله خيراً ونفع بكم وبعلمكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التعامل مع هذه الشركة في هذه الخدمة المذكورة لا حرج فيه ما دام المبلغ المستحق على الخدمة معلوماً للطرفين، لأن التعامل مع الكفار في السمسرة وإيصال الرسائل لا حرج فيه إذا كان منضبطاً بالضوابط الشرعية، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 125281.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1430(12/4115)
جواز السمسرة وحكم جهالة أجرتها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي شركة خاصة بي لتأجير العقارات، تعرفت على رجل أجنبي يعمل في شركة أخرى، وقال لي إنه سيحضر لي مؤجرين من شركته التي يعمل بها ليأجروا عندي على أن يأخذ نسبة من السعر المتفق عليه بيني وبين المستأجر. ما حكم هذا العمل؟ هل أعمل معه أم يعتبر ذلك غشا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي اتضح لنا مما ذكرت أن الرجل سيعمل سمسارا لك ليأتيك بالزبائن من شركته التي يعمل بها، وإذا كان كذلك فلا حرج في عمله معك على أن تعطيه أجرا معلوما. ويدل على جواز هذه الأجرة قول الله تعالى: وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ. {يوسف: 72} . فهذه الآية أصل في جواز الجعل على الدلالة أو السمسرة.
قال البخاري: باب أجر السمسرة، ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأساً.
وقال ابن عباس: لا بأس أن يقول: بع هذا الثوب فما زاد على كذا وكذا فهو لك.
وقال ابن سيرين: إذا قال بعه بكذا، فما كان من ربح فهو لك، أو بيني وبينك فلا بأس به.
وأما جعل الجعل نسبة مجهولة ففي ذلك خلاف بين أهل العلم.
قال ابن قدامه في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصاناً يبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز، نص عليه في رواية حرب، وإن دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوبا بثلث ثمنه أو ربع جاز، نص عليه. ولم يجز مالك وأبو حنيفة والشافعي شيئاً من ذلك، لأنه عوض مجهول وعمل مجهول، وقد ذكرنا وجه جوازه، وإن جعل له مع ذلك دراهم معلومة لم يجز نص عليه، وعنه الجواز، والصحيح الأول. انتهى.
وانظري الفتاوى: 108011، 104732، 23575، 46071.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1430(12/4116)
من أحكام السمسرة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل محاسبا بإحدى شركات المقاولات بالسعودية، وكانت لدينا مشاريع وطلب صاحب الشركة إحضار مؤسسات لتنفيذ بعض هذه المشاريع من الباطن مقابل الحصول على نسبة من قيمة العقد، وقد تقدمت مؤسسة لا أعرفها ولا أعرف أحدا فيها، فدخل مهندسها على المكتب صدفة دون سابق معرفة، وقد عرض استعداد مؤسسته لتنفيذ مجموعة من هذه المشاريع، وقد حصلوا على المخططات وقاموا بدراسة المشاريع من طرفهم ووافقوا بعد الدراسة على تنفيذها، وقد اتفقت مع صاحب المؤسسة على سعي مقابل ذلك بعد أن حصلت على موافقة من صاحب الشركة التي أعمل بها فوافق على حصولي على هذه العمولة وقال حرفيا ـ الذي يعطونه لك الله يسهلك به ـ المهم كنت قد عرضت سؤالا على الشيخ خالد المشيقيح لمعرفة ما إذا كانت حلالا أم لا؟ وذلك قبل حصولي على ريال واحد، لأنها لو كانت حراما ما كنت أخذت منها شيئا، وأجازها بشرط معرفة صاحب المشروع ـ وهو الوزارة ـ بذلك حتى لا يكون فيها تدليس وطلبنا من المؤسسة التي ستنفذ المشروع سابقة خبرة لتقديمها للوزارة حتى تعتمد كمقاول من الباطن ولكن صاحب المؤسسة لم يحضر هذه الأوراق، المهم بدأ العمل بالمشاريع وقد حصلت منه على جزء من العمولة المتفق عليها ووزعت جزءا منهاعلى الموظفين بشركتي ومنهم أحد أولاد صاحب العمل، وبعد فترة حدثت مشاكل بالعمل وتعثرت المؤسسة في التنفيذ مما ترتب عليه سحب هذه الأعمال من الوزارة، وقد تركت العمل بالشركة وسافرت إلى بلدي.
السؤال: ـ هل العمولة التي حصلت عليها حلال؟ وإذا كانت حلالا، هل يحق لي المطالبة بباقي العمولة التي تم الاتفاق عليها بالطرق القانونية؟ علما أنه ليس لدي مستندات سوى طلب الحلف ولدي شهود على كفالة صاحب المؤسسة التي اتفقت معه شخصيا ـ وللأسف عرض علي شيكات أو خطاب لإثبات العمولة المتفق عليها ـ ولكنى رفضتها لما علمت منه بأنه كان يدرس بقسم الشريعة بإحدى الجامعات، فتوقعت أنه صادق إلا أنه للأسف ظهر فيما بعد سوء خلقه وسفالته وشهر بي في المواقع، وقال لصاحب الشركة: أنه كان يظن أنه لا يعرف.
أما إذا كانت هذه العمولة حراما، فهل أردها له؟ علما بأنني قمت بتوزيع جزء منها على موظفين بالشركة التي كنت أعمل بها ويصعب ردها الآن، لأن هذا الموضوع له فترة طويلة وقد تركت العمل بهذه الشركة، آسف إذا كنت أطلت ولكن لأهمية الايضاح، وجزاكم الله خيرا، مع أملى بسرعة الإجابة، وإذا كانت حراما ولا أستطيع الوصول إليه لاحتمال تغير رقم هاتفه، علما بأن عنوان المؤسسة التي كنا نراسله عليه قد أغلق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه سمسرة جائزة، وقد أذن لك فيها المسؤول في جهة عملك، فلا حرج عليك في أخذ عمولة مقابلها، وإن كانت العمولة على مجرد اتفاق شركة التنفيذ مع شركتك فإنك تستحق جميع العمولة المتفق عليها، ولك الحق في المطالبة بالباقي منها، وأما إن كنت تستحقها أقساطا عن كل جزء عمل تنفذه الشركة فليس لك سوى ما يقابل ذلك.
وللمزيد انظر الفتويين رقم: 112296، 17863.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1430(12/4117)
هل للسمسار أجرة إذا دل شخصا على شقة في بناية فاختار غيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي بارك الله فيكم: كنا نبحث عن شقة في مدينة الدوحة فوجدنا في مجلة ـ الوسيط ـ عن طريق النت إعلانا عن شقة فكان الهاتف المسجل للاتصال به هاتف السمسار، فلما تقابلنا معه قال لنا إن هذه البناية توجد بها شقة في الدور الأول والثاني، ففوجئنا من الحارس أنه توجد شقة في الدور الخامس رأيناها فأعجبتنا ولكن السمسار كان حريصا على أن لا نأخذها لأن ناسا آخرين تفرجوا عليها، ولكن الحارس عنفه وقال لازالوا يتفرجون ولا أحد اتفق معه عليها، والشاهد أن السمسار يريد منا أن نختار شقة: إما في الأول وإما في الثانى لكن الحارس هو الذي عرفناعلى الشقة التي في الدورالخامس والتي اخترناها وكتبنا العقدعليها، وقال لنا الحارس وصاحب البناية إننا لا نتفق مع سمسرة، فهل للسمسار حق في أخذ إيجار نصف شهر كان هو السبب في أن نعرف البناية، ولكن ليس هو السبب في الشقة التي أعجبتنا في الدور الخامس، بل كان حريصا على أن لا نأخذها لأن أناسا يتبعون له تفرجوا عليها، وكان يريد أن نأخذ شقة في الدور الثاني وفوجئنا أنه توجد شقة في الخامس وكتبنا العقدعليها.
فهل يجوز له أن يأخذ شيئا من المال منا؟ مع العلم أن الحارس وصاحب البناية لم يرحبوا به.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسمسرة جائزة في الجملة، والعلماء يذكرونها في باب الجُعل، وفائدة السمسار أنه يُسهل على المشتري أو المستأجر وغيرهما من ذوي الحاجات الحصول على حاجتهم.
قال البخاري: باب أجر السمسرة، ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأساً. ولمعرفة حكم السمسرة وضوابطها راجعي الفتويين رقم: 5172، 10315.
وإن كان السمسار قد دلكم على غرضكم فإنه يستحق ما اشترط له من أجر أو جعالة أو ما جرى به العرف في ذلك إن لم يكن بينكم وبينه شرط على مبلغ محدد.
جاء في كشاف القناع: فمن فعله -أي العمل المسمى عليه الجعل والسمسرة داخلة في الجعالة بعد أن بلغه الجعل، استحقه كدين أي كسائر الديون على المجاعل، لأن العقد استقر بتمام العمل فاستحق ما جُعل له. انتهى.
وأما كون الشقة التي اخترتموها غير التي اختارها هو لكم، فإن ذلك لا يؤثر على حقه، إذ حقه في الدلالة وليس الاختيار.
هذا، إذا كان شرط السمسرة على مجرد الدلالة على مكان الشقق، وأما إن كان موضوعه حصول التراضي وتأجير ما دل السمسارعليه فلا أجرة له هنا في قول بعض أهل العلم؛ لأن الشقة التي وقع الاتفاق عليها لم يدل عليها، وإنما دل على غيرها فلم يتم عمله، قال البهوتي في كشاف القناع: ومتى وجدت الصفة التي علق العتق عليها كاملة وهو في ملكه عتق لوجود الصفة فإن لم توجد كاملة لم يعتق كالجعل في الجعالة.
أي أن صاحب الجعالة كالسمساروغيره لا يستحقها إلا على تمام الشرط وتحقق الصفة، وهنا إن كان الشرط على أن يتم تأجير الشقة التي يدل عليها السمسار، فإن ذلك لم يحصل فلم تتحقق الصفة ولم يكتمل الشرط الذي يستحق عليه أجره وجعالته وهي لا تتجزأ.
وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه يستحق قيمة عمله ونحوه إن استفيد منه كما هو الحال هنا؛ لأن السمار وإن لم يدل على الشقة التي تم تأجيرها، فإنه قد دل على مكان العمارة وصاحبها ونحو ذلك مما استفاد منه مستأجرها، جاء في حاشية الدسوقي: إلا أن يحصل الانتفاع بالعمل السابق بأن يستأجر أو يجاعل على تمام العمل الأول أو يتمه بنفسه أو بعبيده، إلخ. انتهى. أي أنه إذا انتفع بعمله استحق عليه مما جوعل به بنسبته، وهذا قول ابن القاسم وهو ما نراه راجحا لما فيه من حفظ حق السمسار وعدم ظلم رب العمل.
وبناء عليه فللسمسار هنا من الأجر بقيمة عمله ونسبته حيث استفيد منه.
وننبه إلى أنه يجوز للسمسار أن يأخذ حقه من طرف واحد أو من طرفين على حسب ما يقع من اتفاق، وراجعي الفتويين رقم: 12546، 23575.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1430(12/4118)
السمسرة وثمن الجاه
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص عنده مصنع عرض على شخص ثان نسبة مقابل بيع منتوج هذا المصنع وضمانه لسداد القيمة المتفق عليها مع الشركات المستفيدة من هذا المنتوج علما بأن إحدى هذه الشركات يشتغل معه الشخص الثاني الذي يسوق هذا المنتوج. فما حكم مثل هذه المعاملات وما هي الأشياء الواجب الحذر منها في مثل هذه المعاملات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المعاملة تشتمل على بعض المحاذير الشرعية، أولها أخذ عوض وثمن على الجاه بضمان المشتري، وفي ثمن الجاه يقول أبو عبد الله القوري: اختلف علماؤنا في حكم ثمن الجاه. فمن قائل بالتحريم بالإطلاق. ومن قائل بالكراهة بالإطلاق، ومن مفصل فيه وأنه إن كان ذو الجاه يحتاج إلى نفقة وتعب، فأخذ أجر مثله فذلك جائز، وإلا حرم. انتهى.
قال أبو علي المسناوي: وهذا التفصيل هو الحق. والقول الأخير هو المفتى به عندنا.
لكن إن كان المقصود بالضمان مجرد تحصيل الثمن من المشتري فلا حرج لأن العقد حينئذ يكون على السمسرة وتحصيل الثمن أي متابعة المشتري ليسدد ما عليه للبائع ولا يكون الوسيط على هذا الاحتمال ضامنا عند امتناع المشتري فإن كان ضامنا لغرم الثمن فلا يصح كما ذكرنا سابقا.
والمحذور الثاني هو جعل أجرة السمسرة نسبة والنسبة بعضها ثمن للجاه وبعضها أجرة على السمرة وهذا لا يجوز لما فيه من الجهالة والغرر كما بينا في الفتوى رقم: 51386.
والمحذور الثالث كون السمسار عاملا لدى الطرف الثاني (المشتري) وقد يكون وكيلا عنه في الشراء فلا يجوز له أخذ سمسرة من البائع لمظنة المحاباة عندئذ كما أنه لا يجوز له استغلال وقت الدوام الرسمي في غير عمله دون إذن من جهة العمل.
وإذا كان الأمر على ما ذكرنا فلا يجوز ذلك العمل لما ذكرنا، وننصح باستحضار قوله صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب.
قال الحافظ في الفتح أخرجه ابن أبي الدنيا في القناعة، وصححه الحاكم من طريق ابن مسعود وصححه الألباني أيضا.
وللفائدة انظر الفتويين: 63476، 65829.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(12/4119)
اتفق مع السمسار على أن له كذا وللسمسار الباقي
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي محل أرغب في بيعه عرضته على سمسار فقال لي كم تريد، قلت مائة قال مائة وعشرة والعشرة لي فهل هذا الاتفاق صحيح أم فيه شيء، وهل على مبلغ البيع زكاة مع أني اشتريت هذا المحل ولم أفكر في بيعه إلا منذ شهر؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك فيما اتفقت عليه أنت والسمسار من أنه إذا باع بمائة وعشرة فالمائة لك والعشرة له، وقد بينا جواز السمسرة وشروطها في الفتوى رقم: 5172، والفتوى رقم: 24498.
ولا زكاة عليك في ثمن المحل بعد بيعه ما دمت لم تشتره بنية انتظار ارتفاع سعره وبيعه، لأنه ليس من عروض التجارة، ولكن إذا بلغ ثمنه نصاباً بنفسه أو بما انضم إليه من نقود أخرى لديك أو عروض تجارة وحال الحول على بلوغ النصاب فقد وجبت فيه الزكاة ومقدارها ربع العشر 2.5.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(12/4120)
توسطوا في جلب خادمة مقابل مال فهل يردونه إذا لم يرضها العميل
[السُّؤَالُ]
ـ[لي زميلة بالعمل كافرة، ترجتني لأن أكون وسيطا بينها وبين أصحابي لمساعدتها لجلب خادمة لها نظير مبلغ يأخذه أصحابي، وأنا لا أريد أن أدخل بهذا المجال، ولكن بعد ما ترجتني كثيرا ساعدوها وأخذوا منها المال. والآن اكتشفت بعد مساعدتها أنها فتنت بيني وبين مدير العمل لدي، وبمواجهتها اعترفت بذلك، وانا مهددة بالطرد من عملي بسببها، ومديري لا يصدقني ويصدقها، والآن جاءت مرة ثانية تطلب مني استرداد المبلغ من أصحابي لأنها سفرت الخادمة بعد 3 أيام من قدومها، ولم تستخدم الخادمة، فلم أوافق على طلبها لأنها فتنت بيني وبين المدير. وقالت سوف أدعو عليكم لأن هذه سرقة، فهل أنا أكون مذنبة بعدم رد المبلغ لها من أصحابي. مع العلم لا يوجد اتفاق برد المبلغ إذا لم تعجبها الخادمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ف لا بأس ب التوسط بين طرفي البيع أو الإجارة، مقابل أجرة معلومة من أحدهما أو منهما معا، حسب الاتفاق، وهو ما يعرف بالسمسرة، وكذلك لا بأس بأخذ الجعالة ما دامت على أمر مباح، ويشترط لصح تها العلم بمقدار الجعل، كما سبق بيانه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 46769،، 32085، 104876.
ولا يجب على من أخذ هذه الأجرة أو الجعالة أن يردها ما دام قد أدى ما عليه، ولم يقصر في تحقيق شرط أو يُخِلَّ بما اتفق عليه. لا سيما ولم يحصل اتفاق برد المبلغ إذا لم تعجبها الخادمة، كما ذكرت السائلة.
وعليه، فإذا كان الذين قاموا بالتوسط بين زميلتك والخادمة قد أدوا عملهم حسب الاتفاق فإنهم يستحقون المبلغ المتفق عليه، ولا يلزمهم رده، وإن قامت المرأة بالاستغناء عن الخادمة.
وفي كل الأحوال لا يلزمك مطالبتهم بذلك، وإن كان لزميلتك حق على أولئك فترجع عليهم.
ثم ننبه الأخت السائلة على أن عمل المرأة في مجال فيه اختلاط بين الرجال والنساء أمر لا يجوز إلا في حالات، وبشروط تقدم بيانها في الفتوى رقم: 8528.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1430(12/4121)
حكم الوساطة في بيع أرصدة البنوك الإلكترونية
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك على الإنترنت ما يسمى بوسائل الدفع الإلكترونية أو البنوك الإلكترونية، وهناك أشخاص يحتاجون أرصدة بهذه المواقع، وأنا أقوم بدور الوسيط، أي يوجد أشخاص لديهم أرصدة ويريدون بيعها، وأشخاص يريدون الشراء، فأقوم بشراء الرصيد من الذي يريد بيعه وأبيعه للشخص الذي يحتاج لشراء الرصيد مقابل عمولة أقوم بتحديدها، علما بأن العمولة غير مبالغ فيها وهى مقبولة، أنا في حاجة ماسة للإجابة وأرجو الرد في أقرب وقت إن شاء الله فهل هذا العمل جائز أو لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم أن ضوابط بيع وشراء العملات أشد من غيره من صور البيع الأخرى، وقد تقدمت لنا فتاوى في ضوابط بيع العملات تحت رقم: 3702.
وبالنسبة لما سألت عنه، فإنك لا تخلو من حالات ثلاث:
فإن كنت سمسارا لأحد طرفي العقد، فلاحرج عليك في أخذ عمولة على تلك السمسرة، إذا كانت المعاملة ذاتها جائزة، منضبطة بالضوابط الشرعية لبيع عملة بعملة أخرى، ومنها: حصول التقابض بمجلس العقد ويقوم مقامه مايكون في حكمه من تحويل الرصيد من حساب البائع إلى حساب المشتري فورا، وراجع الفتوى رقم: 71072.
وأما إن كنت تشتري لنفسك فلابد من توفر الشروط المذكورة، والضوابط المبينة في الفتوى المحال إليها آنفا، ثم بعد انتقال الرصيد إلى حسابك يجوز لك بيعه لغيرك ولو بثمن أكثر إذا اختلفت العملات، بشرط حصول التقابض كما بينا.
وأما إذا كنت لاتشتريه لنفسك حقيقة وتبيعه لغيرك وأنت لاتملكه فلايجوز لك ذلك، ما لم تكن وكيلا عن البائع وسمسارا له، فإن وكنت وكيلا عنه فلاحرج، ولك أخذ عمولة على البيع كما ذكرنا سابقا، وللمزيد انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3708، 3099، 3702.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1430(12/4122)
الجراحة بشرط إن نجحت يدفع أكثر وإن فشلت يدفع أقل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في أمريكا وأريد أن أقوم بعملية طفل أنبوب، وهناك خدمة تشبه التأمين، تقوم على أساس أنه إذا حدث الحمل وولد الطفل من أول مرة فيجب علي أن أدفع قيمة العملية أكثر من قيمتها الأصلية، أما إذا فشلت أول مرة فتكون هي والعملية التي تليها بكلفة أقل من الكلفة الحقيقية، فهل يجوز الاشتراك بمثل هذا البرنامج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسألة المعروضة فيها نقطتان الأولى: حكم مشارطة الطبيب على البرء بمعنى أن يكون العقد مع الطبيب أنه إن حصل شفاء استحق أجرته، وإلا لم يستحق. وهذه مسألة أختلف العلماء في جوازها.
قال في المغني: والصحيح إن شاء الله جوازها لكن يكون جعالة لا إجارة. انتهى.
الثانية: تردد الأجرة على العمل بالشرط، ومثاله في السؤال الوارد هو أنه المريض يقول للطبيب إن شفيت في مدة كذا أو في المرة الأولى فلك كذا، وإن لم فلك كذا. وهذه المسألة مسألة ترديد الأجر بالترديد في العمل وزمانه ومكانه وغير ذلك مختلف في جوازها أيضا؛ فمنهم من منعها، ومنهم من أجازها، ونرى جوازها جعالة في مثل حالة السائلة بشرط أن تكون العملية جائزة، لاسيما إذا كانت هناك حاجة.
جاء في الفتاوى الهندية: وكذا لو قال لراد الآبق إن رددته من موضع كذا فلك كذا، وإن رددته من موضع كذا فلك كذا جاز، وكذا لو قال للخياط إن خطته اليوم فلك درهم، وإن خطته غدا فلك نصف درهم. قال أبو حنيفة يصح الشرط الأول، ولا يصح الشرط الثاني، وقال صاحباه يصح الشرطان جيمعا.
وتراجع الفتوى رقم: 1458، في حكم أطفال الأنابيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(12/4123)
أخذ أجرة مقابل الوساطة بين مقاول وبين صاحب مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وسيط بين شركتين إحداهما عندها عقد، والأخرى تنفذ, علماً بأن الشركة الأولى لم تحصل على العقد عن طريق الرشوة، ولا يوجد عطاء.
كانت تريد تنفيذ المشروع لكن لم تستطع التنفيذ بسبب مشاكل مادية، والشركة تعلم بأن المشروع سوف تنفذه شركة أخرى غير التى تم التعاقد معها. ... ... ... ... ... ... ... ... ...
السؤال الأول:
هل هذا حرام أم لا؟
السؤال الثاني:
متى تكون الوساطة حراما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أخذ الأجرة على الوساطة بين صاحب المشروع والمقاول جائزة، لما ذكره الفقهاء من عمل السمسار أو الدلال وهو: من يقوم بالتوسط بين البائع والمشتري لإمضاء البيع، فلا حرج أن تأخذ أجرا على وساطتك، وراجع الفتوى رقم: 12546، ويشترط لجواز الوساطة أن يكون العمل المتوسط فيه مباحا. والمقاولة من الباطن عمل مباح بشروط فحيث جازت جاز التوسط فيها، وراجع في هذا الفتوى رقم: 101772.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(12/4124)
حكم جعل أجرة المحامي نسبة من قيمة أرض متنازع عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لأمي الحق فى امتلاك قطعه أرض فى الأراضى التي توزعها الدولة على الموظفين منذ 10 سنوات تقريبا، لكن مجلس المدينة باعها لشخص آخر، فوكلت أمي محامياً على أن يسترد قطعة الأرض، وتكون أتعابه هي 40% من قطعة الأرض، فهل هذا يعتبر قرضا جر نفعا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه جعالة، وليست قرضاً جر نفعاً كما ذكرت، ولا بد في الجعل أن يكون معلوماً محدداً لتنتفي الجهالة عنه لما أخرجه أحمد عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره. وفي رواية للنسائي: إذا استأجرت أجيراً فأعلمه أجره.
ومن أهل العلم من يجيز الإجارة بالجزء (النسبة) لكن الأحوط تعيين أجرة محددة.
وبناء عليه فإن كانت الأرض المستحقة للأم مساحتها معلومة ومكانها معلوم، فلا حرج في ذلك العقد، وإن كان الأولى هو تعيين أجر محدد للمحامي خروجاً من الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1430(12/4125)
السمسرة في بيع الآثار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم السمسرة في بيع الآثار، حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الآثار مباحة مما ينتفع به فلا حرج في السمسرة فيها بضوابطها الشرعية، وأما إن كانت محرمة فلا يجوز السمسرة فيها، لما في ذلك من التعاون على الحرام وأكل المال بالباطل.
ولمعرفة حكم الآثار وما يجوز بيعه منها وما لا يجوز، وضوابط السمسرة، انظر الفتاوي ذات الأرقام التالية: 14266، 13544، 5172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1430(12/4126)
حكم السمسرة في تجارة الآثار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم السمسرة في بيع الآثار من فرد لآخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حكم السمسرة في الآثار هو نفس حكم التجارة فيها، وقد سبق حكم التجارة في الآثار في الفتوى رقم: 112767 فتراجع.
فما كان ممنوعاً من التجارة كانت السمسرة فيه كذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1430(12/4127)
الوساطة في بيع فندق سياحي أو عقار يستخدم في الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شغال مسوق عقارات أي وسيط هل هذا العمل حرام أم لا؟ أنا داخل كوسيط في بيع فندق سياحي في القاهرة الفندق إذا وجد فيه خمور هل تكون عمولتي حراما؟ وإذا وجد في الفندق صالة أفراح فهل هذا حرام؟ لأني قد أكون ساعدت الشاري في إيجاد الفندق. وإذا ارتكبت فاحشة كالزنى فى هذا الفندق أكون مشاركا مع العلم بأن وظيفتي هي إيجاد الفندق. ثانيا أنا إذا دخلت كوسيط في بيع أرض بمساحة كبيرة فدادين، وهذه الأرض تخصيص بناء فلل وعمارات ومولات. هل إذا تم بيع شقة أو فيلا في هذا الأرض بعد ما أوجدتها للشاري وارتكب في هذه الشقة فاحشة فيكون الذنب علي أو أكون ساعدت في ارتكاب هذا الذنب، وإذا تم بيع محل في المولات وهذا المحل باع أشياء محرمة فهل أكون اشتركت في الذنب؟ والمال الذي أخذتة كوسيط حرام؟ مع العلم بأن هذا المشروع بناء العمارات والفلل والمولات سوف يفتح بيوت آلاف من العمال والمهندسين. وشكرا. أرجو الرد لأني في حيرة شديدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السمسرة من باب الجعالة، والجعالة يجوز أخذ الأجرة عليها، ما لم يكن مجالها محرما أو يؤدي إلى الحرام، فتحرم تبعا له لأن الوسائل تأخذ حكم المقاصد.
وبناء على هذا، فلا تجوز السمسرة في بيع فندق سياحي لغلبة الظن بأن جزءا منه يستخدم في المحرمات كالمراقص وشرب الخمر وارتكاب فاحشة الزنا. وراجع الفتوى رقم: 2515.
وتجوز السمسرة في شراء أرض تبنى عليها فلل وعمارات، ولا يأثم السمسار ولا البائع إذا بناها المشتري وارتكب فيها المشترون أو المستأجرون بعض الفواحش، إلا إذا كانت عقود البيع على اتخاذها لذلك فيحرم بيعها أو استئجارها أو التوسط في ذلك؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان.
وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} .
جاء في المبسوط للسرخسي: ولا بأس بأن يؤاجر المسلم دارا من الذمي ليسكنها فإن شرب فيها الخمر أو عبد فيها الصليب أو دخل فيها الخنازير لم يلحق المسلم إثم في شيء من ذلك لأنه لم يؤاجرها لذلك، والمعصية في فعل المستأجر، وفعله دون قصد رب الدار، فلا إثم على رب الدار في ذلك. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1430(12/4128)
أضرار أخذ الموظف العمولة من شركة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب مني تقديم عرض سعر، وتوجهت لأخذ عرض سعر من إحدى الشركات، بعدها توجهت لشركة أخرى للحصول على عرض أفضل، وبالفعل حصلت على سعر أفضل ومميزات أفضل، وبالصدفة سمعت من الموظف عند حديثه مع زبون آخر أنه يتم إعطاء عمولة. فهل يحق لي أخذ هذي العمولة دون علم صاحب الشركة؟ علماً بأنه لا يوجد أي ضرر على الشركة، بل العكس قدمت أفضل العروض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز لك أخذ العمولة المذكورة إلا بإذن من الشركة التي تعمل بها، والتي أرسلتك لهذا الغرض.
وأما قولك: إنه لا ضرر يعود على الشركة، وأنك قدمت أفضل عرض لها، فنقول: إن من واجبك كوكيل للشركة أن تحضر لها أفضل عرض، فالوكيل يعمل لمصحلة موكله ويخلص في ذلك.
وأما أن هذا التصرف لا يعود عليها بالضرر فغير صحيح؛ لأن هذا السلوك يعود بالضرر على الشركات حيث تكون العمولة سببا في عدم الاستقصاء في البحث عن أفضل العروض، إذ يؤول الأمر إلى اختيار عرض من يدفع عمولة، وربما من يدفع عمولة أكثر، وترك العروض التي تعود على الشركة بالمصلحة كما لا يخفى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1430(12/4129)
حكم المطالبة بالسمسرة بعد فسخ الإيجار
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت عمولة من أحد الأشخاص نظير البحث له عن مسكن للإيجار، وبعد أن قام بتأجير المسكن لمدة شهر فسخ العقد مع المالك ويطالبني برد هذه العمولة فهل لو رفضت إعطاءها له فيه حرمة؟ علما بأنني قد بذلت معه مجهودا لمدة 10 أيام في البحث عن مسكن وكان هو السبب في فسخ عقد الإيجار بينه وبين المالك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسمسرة عمل جائز ويستحق السمسار الوسيط أجرته المعلومة كاملة بعد تمام عمله.
جاء في كشاف القناع: فمن فعله أي العمل المسمى عليه الجعل بعد أن بلغ الجعل استحقه كدين كسائر الديون على المجاعل. اهـ.
والسائل في الظاهر قام بعمله وأتمه فاستحق أجرته، ولا يحق للطرف الآخر مطالبته بردها، وإن ترك أو فسخ إجارته مع مالك العقار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1429(12/4130)
حكم أخذ أجرة على التسويق أو السمسرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لي صديق عنده بعض الشركات الأجنبية المختصة في البناء والعقارات وطلب مني أن أبحث له عن أعمال لصالح شركاته مقابل نسبة تعطى إلي من صاحب الشركة. فوجدت صديقا لي له معرفة بأحد المهندسين في جهة حكومية لديها بعض الأعمال المناسبة للشركات. فإذا تم الاتفاق بين الشركة والمهندس لإتمام العقد وأنا تحصلت من الشركة الأجنبية على نسبة معينة. فما حكمها؟ وهل يتغير الحكم إذا طلب المهندس في الجهة المعنية نسبة له مقابل إتمام الوساطة. أفيدوني أفادكم الله وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا من أن يأخذ المسلم أجرة عمله كمسوق أو سمسار ما دامت الصفقة لم تتضمن ما هو حرام شرعا، فهذا من باب السمسرة، فلا حرج عليك في أن تأخذ أجراً معلوماً مقابل أن تتوسط بين هذه الشركة والجهة الحكومية في إتمام التعاقد.
وإذا طلب المهندس نسبة له مقابل ذلك فإن كان ذلك على سبيل الرشوة كما يتبادر من كلامك، فينظر في ذلك إن كانت الرشوة من الرشوة المحرمة مقابل إسناد هذا العمل إلى الشركة المذكورة مع وجود غيرها ممن هو أحق منها، فلا يجوز إعطاء هذه الرشوة، فالرشوة من كبائر الذنوب، وطلب الرشوة حرام، ودفعها حرام، وهذا في الرشوة التي يتوصل بها صاحبها إلى ما ليس له، أما الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه، أو لدفع ظلم عنه أو ضرر، فإنها جائزة عند الجمهور، ويكون الإثم فيها على المرتشي دون الراشي.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 1713، 3697، 2487، 5172، 24498، 25511 113321..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1429(12/4131)
هل تضر الجهالة في الجعل
[السُّؤَالُ]
ـ[طلبت من صديقي أن يقوم ببيع سيارتي واتفقت معه أن أعطيه10في المائة من قيمتها بعد البيع فقام صديقي ببيع سيارتي ب20000ريال وبالتالي اخذ صديقي 10في المائة من قيمة السيارة (2000ريال) وبقي لي 18000ريال, هل المال الذي بقي لي حلال علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبيع صديقك لسيارتك مقابل عمولة كنسبة مئوية جائز، وإن كانت العمولة فيها جهالة، لأنها من باب الجعل، والجهالة في الجعل لا تضر إذا كانت لا تمنع التسليم، عند بعض الفقهاء، ولا حرج عليك في الانتفاع بباقي المبلغ لأنه ثمن سيارتك، أما على قول من لا يجيز أن يكون الجعل مجهولاً فيجب عليك أن تعطي صديقك أجرة المثل ويكون باقي الثمن لك.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 5391، 12546، 13243، 50615، 108989، 113868.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1429(12/4132)
مشروعية السمسرة إذا انضبطت بضوابطها الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أملك متجرا أبيع فيه الخشب وأريد أن أتوسط لشركات بيع الأجور مع الزبناء بحيث لا أشتري الأجور ولكن أكتفي باستقبال الطلبات وأوجهها لشركات بيع الأجور؛ ما الحكم الشرعي في هذه المعاملة.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يظهر لنا المراد من قولك شركات بيع الأجور، وعلى العموم لا حرج في عمل السمسرة أو الوساطة إذا انضبط بالضوابط الشرعية، والسمسرة من قبيل الجعالة وهي جائزة إذا انضبطت بالضوابط الشرعية من بعد عن الجهالة والغرر في الأجرة، وبعد عن التوسط في بيع أو شراء محرم، أو الدخول في معاملات محرمة كالربا والقمار.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 5391، 6190، 12546، 71284، 75576.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1429(12/4133)
الوساطة في البيع بين عميلين في بلدين مختلفين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لشخص أن يتوسط بين عميلين في بلدين مختلفين لبيع أو شراء سلعة ما حلال بمقابل دون أن يكون للوسيط رأس مال أو أي جهد غير الوساطة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتوسط بين البائع والمشتري يعرف الفقه بالسمسرة وهي عمل مباح شرعا إذا كان العمل المتوسط به مباحا وانتقت الجهالة في الأجرة، وراجع للمزيد من ذلك الفتوى رقم: 55037، والفتوى رقم: 5391.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(12/4134)
حكم الجعالة مع جهالة العوض
[السُّؤَالُ]
ـ[إن لدي شركة للخدمات ونخرج لبعض إخواني بضاعتهم من الموانئ في دولة كافرة ونأخذ مبلغا مقابل تخريجها وتأخذ الجمارك منا مبالغ باسم الجمركة فهل لي أن أتحايل عليهم وهل المبلغ المتحايل عليه يعود لي أم لأصحاب البضاعة مع العلم أن الشركة ملك لي وحدي وإذ وقعت مشكلة فسوف أتحمل المسؤولية وحدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك أنك تقوم بإخراج البضاعة لبعض إخوانك مقابل أجر وذلك قد يكون على سبيل الإجارة أو الوكالة بأجر، فإن كان الأمر كذلك وكنت تأخذ أجراً محدداً كما تأخذ من أصحاب البضاعة المبالغ التي تدفعها للجمارك بمعنى أن أصحاب البضاعة يعطونك قيمة الجمارك المستحقة والأجرة التي اتفقتم عليها، فما تتحايل لإسقاطه من الجمارك يعود لهم، ولا يجوز لك من الأجر إلا المبلغ الذي اتفقت عليه مع أصحاب البضاعة إلا إذا أذن لك أصحاب البضاعة بأخذ هذا المال، لأنك وكيل بأجر، ومبنى الوكالة على الأمانة، وقد نص أهل العلم على أن الزيادة في المال التي يكسبها الوكيل ترجع إلى موكله، أما إذا كان الاتفاق على أن يعطوك مبلغاً معيناً على أن تقوم بتخليص البضاعة سواء دفعت جمارك أم لم تدفع أو دفعت بعضها دون بعض فلا حرج في ذلك ويكون ذلك من باب الجعالة وهي جائزة، وإن كان الجعل فيها قد يكون فيه نوع جهالة؛ إذ من المعلوم أن المخلص الجمركي لا بد وأن يدفع مالا لتخليص البضاعة، وقد يكون هذا المال مساويا للجمارك المطلوبة أو أقل منها.
قال ابن قدامة في المغني: ويحتمل أن تجوز الجعالة مع جهالة العوض إذا كانت الجهالة لا تمنع التسليم, نحو أن يقول: من رد عبدي الآبق فله نصفه, ومن رد ضالتي فله ثلثها. فإن أحمد قال: إذا قال الأمير في الغزو: من جاء بعشرة رؤوس فله رأس جاز، فأما إن كانت الجهالة تمنع التسليم لم تصح الجعالة, وجها واحدا. انتهى.
أما حكم التحايل للتهرب من الجمارك فإن كان ما تأخذه الدولة من الجمارك في مقابل خدمات تؤديها لمن أخذت منهم هذه الجمارك، فلا يجوز التهرب منها، وأما إن كان ما تأخذه الدولة من هذه الجمارك، ليس في مقابل شيء، فأخذ الجمارك من المكوس المحرمة، ويجوز التحايل لتخفيضها أو التهرب منها، لأن ذلك من باب دفع الظلم أو تخفيفه وذلك مشروع.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 8097، 12346، 27084، 54824.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1429(12/4135)
حكم أخذ أتعاب تسويق على أرض هو شريك فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مكتب عقار لتسويق العقارات وفي أحيان كثيرة نشترك مع بعض الإخوة في شراء الأراضي كمجموعة من ثلاث أو أربع أشخاص كمساهمة بالتساوي بيننا، السؤال هو: هل يحق لي أخذ دلالة (أتعاب على تسويق الأرض عند بيعها) رغم أن لي سهما فيها.. وإن كانت الأرض خالصة لي فهل يحق لي أخذ دلالة عليها؟! رغم أني حالياً لا آخذ دلاله عن الأرض تورعاً مع عدم علمي بالحكم! أتمنى منكم الإفادة؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا اشتركت مع غيرك في شراء أرض وبيعها ثم بذلت جهداً في بيعها وتسويقها لا يلزمك هذا الجهد بموجب عقد الشركة فإنه يجوز لك أخذ أجرة المثل مقابل هذا العمل الزائد على عملك كشريك إذا كان ذلك عن اتفاق مع باقي الشركاء، وراجع الفتوى رقم: 42627.
وأما في الحالة الثانية وهي أن تكون أنت المالك الوحيد للأرض وتريد بيعها مع أخذ دلالة على ذلك فلا يظهر وجه ذلك إلا أن تخبر المشتري أن البائع شخص آخر وأنك وسيط وأن الأرض بكذا وأجرة الدلالة كذا، وهذا كذب وغش وتدليس، ولكن الذي ينبغي فعله هو أن تخبر المشتري بأنك المالك وتساومه في ثمن الأرض وتتراضيان على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1429(12/4136)
حكم عدم إخبار البائع بالجعالة بين السمسار وبين المشتري
[السُّؤَالُ]
ـ[وجد أحدهم ركازا في باطن الأرض وتوسطت لإيجاد التاجر الذي سيقوم بالشراء وأعلمني التاجر أنه سوف يقوم بإعطائي مبلغ 10% من ثمن السلعة المشتراة بالإضافة إلى نصيبي كوسيط من ضمن الوسطاء وأعلمني أن 10% هي نوع من السمسرة لأني عرفت البائع بالتاجر وأنها حلال نظرا للسعي الذي قمت به من اجل إتمام البيعة ولكن طلب مني عدم إخبار البائع بهذه ال 10% لأن البائع لن يقبل بذلك، وحتى يتم البيع بسلام فما حكم الإسلام في ذلك خاصة أن البائع مؤتمن على هذا الركاز وليس ملكه الخاص بل هو لأيتام ولا بارك الله في مال يؤخذ سحتا أو يرزق من حرام أو يكون فيه أكل مال يتيم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن عدم إخبار البائع بهذا الاتفاق الذي تم بينك وبين المشتري تدليس أو غش أو خداع ونحو ذلك للبائع فلا يلزم إخباره.
وإذا كان التاجر قد أعطاك نسبة العشرة في المائة تبرعا منه دون اتفاق سبق فهذه هبة ولا حرج فيها، أما إذا كانت هذه النسبة عن اتفاق سابق فإنه يجوز أن تتفق معه على أجرة لدلالتك له على البائع، ويشترط أن تكون الأجرة معلومة، فإذا كان ثمن السلعة معلوما فالعشرة في المائة أجرة معلومة، أما إن كان الثمن مجهولا عند عقد السمسرة فالأجرة كذلك مجهولة وهذا لا يصح عند جمهور أهل العلماء، وذهبت طائفة إلى جواز كون الأجرة بنسبة من الربح وهو مجهول كما لا يخفى، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 103078، وراجع في معنى الركاز الفتوى رقم: 7604.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1429(12/4137)
السمسرة وبيع الغائب
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا.
سؤالي هو أن أخي يدرس بالخارج وسيقوم بإرسال سيارات بالطريقة التالية:
يقوم هو بتصوير السيارات وإرسالها إلي ثم أعرضها أنا على بعض الناس والذي تعجبه سيارة يعطيني ثمنها مضافا أليها المصاريف الأخرى بالإضافة إلى مبلغ معين عمولة لي أنا ومبلغ آخر لأخي فهل هذه المعاملة صحيحة أم لا؟
وهل يشترط أن يعرف المشتري مبلغ العمولة التي سنأخذها كلانا؟
يرجى من الإخوة القائمين على الموقع نشر الرد على الموقع وإرساله إلي على البريد الإلكتروني وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما تقوم به أنت وأخوك يسمى سمسرة، والأصل أن لا حرج عليكما في أخذ أجرة معلومة عليها لأن الراجح جواز أخذ الأجرة على السمسرة، وإذا كانت العمولة تؤخذ من البائع فلا يشترط علم المشتري بمبلغها لأنه ليس طرفا في عقد السمسرة حتى يلزم علمه بها، كما أنه لا حرج في عدم علم البائع بما يؤخذ من المشتري عليها أيضا.
والبيع الذي تقوم به هو من باب بيع الغائب، وهو محل خلاف بين العلماء، فذهب أبو حنيفة وهو قول لمالك وقول للشافعي في القديم، ورواية عن أحمد إلى جواز بيع الغائب مع ثبوت الخيار للمشتري، وذهب مالك في المشهور عنه وأحمد في أظهر الروايتين عنه إلى أنه لا يجوز إلا بالوصف أو الرؤية المتقدمة، وذهب الشافعي في الجديد إلى المنع مطلقاً.
وقد استدل من ذهب إلى جوازه بعموم قول الله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا {البقرة: 275} وبما رواه الطحاوي في معاني الآثار أن عثمان وطلحة رضي الله عنهما تبايعا مالاً بالكوفة، فقال عثمان: لي الخيار، لأني بعت ما لم أر. وقال طلحة: لي الخيار لأني ابتعت ما لم أر.
فحكما بينهما جبير بن مطعم، فقضى بالخيار لطلحة ولا خيار لعثمان رضي الله عنهما.
فدل ذلك على ثبوت الخيار للمشتري.
ولجواز بيع الغائب على اللزوم لا بد من الاعتماد على رؤية سابقة لا يتغير المبيع بعدها عادة أو وصفه وصفا كاملا يرفع الجهالة، فإذا كانت الصور المرسلة تفي بهذا الغرض عند أهل الخبرة، فلا بأس بالاعتماد عليها وإلا فلا يعتمد عليها لعدم وصفها الوصف الرافع للجهالة.
وننبه إلى أن نقد الثمن في بيع الغائب على اللزوم إن كان على سبيل التطوع كان جائزا، وإن كان بشرط من البائع أو وكيله امتنع، وأما إن كان على سبيل الخيار فإنه يمتنع مطلقا لعلة تردد المدفوع بين الثمنية إن أمضى للمشتري البيع والسلفية إن لم يمضه. قال في مواهب الجليل: والنقد فيه ش: أي وجاز النقد في بيع الغائب من غير شرط مطلقا سواء كان عقارا أو غيره سواء كان مثليا أو غيره على ظاهر المدونة خلافا لابن محرز وهذا فيما إذا بيع الغائب على الصفة أو على الرؤية المتقدمة باللزوم بلا خلاف، قاله الرجراجي في كتاب الغرر، وأما إذا بيع على خيار فلا يجوز النقد فيه.
وللأهمية تراجع الفتاوى: 35624، 49935، 55037.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(12/4138)
لا بأس بأخذ العمولة إذا أذن صاحب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عامل في مجال المبيعات (شركة سيارات) وأتقاضى عمولة من البنك عن كل سيارة أبيعها، ولكن لا يوجد تعامل مباشر مع البنك سواء عن طريق إقناع العميل أو إعطاء أي معلومات عن الفائدة، ولكن من ضمن وظائفي في الشركة إعطاء عرض سعر للسيارة موجه إلى البنك الذي يطلبه العميل، وأيضاً أصحاب الشركة غير ممانعين لهذه العمولة ثم إنها تحول بموافقة مدير التسويق من البنك مباشرة إلى حساب مدير المبيعات الشخصي الذي بدوره يقوم بتقسيمها على الفرد بحسب عدد السيارات التي باعها، الرجاء إفادتي حول الحكم وحكم تقاضي هذه العمولة في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه العمولة التي تأخذها من البنك حكمها حكم هدايا العمال، وهي لا تجوز إلا بإذن صاحب العمل ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 17863.
فإذا كان صاحب العمل قد أذن لك -كما ذكرت- فلا بأس بأخذها، وإن لم يأذن فلا يجوز لك أخذ شيء من ذلك.
ولكن ننبهك إلى أمرين:
الأول: أن التعامل إذا كان يتم بطريقة ربوية ويتم أخذ هذه العمولة على ذلك فهذا التعامل غير جائز ولا يجوز أخذ العمولة عليه لما في ذلك من الإعانة على الربا وذلك منهي عنه. قال عز وجل: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2} .
الثاني: أن أخذ العمولة في حال جوازها مشروط بعدم وجود غش للعملاء أو كتم للنصيحة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة قلنا: لمن يا رسول الله، قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم.
والنصيحة للعامة إرشادهم إلى مصالحهم في آخرتهم ودنياهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1429(12/4139)
حكم دفع مال مقابل الاستقدام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وأبي وأخي نعمل بالمملكة العربية السعودية وأمي بمفردها بمصر وأبي لا يستطيع عمل استقدام لها لأن مهنته عامل، ولكن هنا أشخاص يعملون الاستقدام بمبلغ 12000 ريال مع العلم أن الاستقدام الطبيعي ب 2000 ريال فهل إعطاء هؤلاء الأشخاص المال لعمل استقدام لأمي حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لكم دفع المال مقابل الاستقدام إلا أن حكم المال المدفوع يختلف تبعا لواقع الحال، فإذا كان الشخص الذي يعمل الاستقدام موظفا في الجهة التي تصدر التأشيرة ويقوم بعمله الواجب فما تدفعه إليه يعد رشوة ولا يجوز لك بذلها، إلا أن تكون مستحقا لها وامتنع الموظف عن إنجازها إلا برشوة، والإثم في ذلك عليه لا عليك، وأما إن كان غير موظف في الجهة المصدرة للتأشيرة ولكنه يتوسط لك ويبذل جاهه عند من يمنحك التأشيرة ويتكلف لذلك جهدا فلا مانع من أن تدفع له المال مقابل جهده وأتعابه.
ولمزيد الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4714، 79060، 79659.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1429(12/4140)
حكم ما يأخذه السسمسار من عمولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعمل في صرف البونات للشاحنات، أعطي الأجرة للشاحنة التي تكون محملة بعد تفريغ البضاعة وآخذ مقابل ذلك 10% من قيمة هذا البون لي منهم 3% والباقي للشركة الناقلة.
وعلى أن أنتظر فلوسي مدة شهر فأكثر فهل يجوز أن آخذ بالمائة وتسمى عمولة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح، ومعلوم أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ولكن على سبيل العموم إذا كان عملك على سبيل السمسرة فلا حرج في أن يأخذ السمسار عمولة من الطرفين أو أحدهما حسب العرف أو الاتفاق مع البائع والمشتري، لكن اختلف العلماء فيما إذا كانت هذه العمولة نسبة من الربح؛ فالجمهور يشترطون أن تكون العمولة (الجعل) معلومة، وكونها نسبة من الربح يؤدي إلى جهالتها. فيما ذهب بعض العلماء إلى جواز كون الأجرة في السمسرة وغيرها نسبة من الربح. والقول الأخير له حظ كبير من النظر.
وهذا الخلاف في كون عمولة السمسرة نسبة من الربح يجري أيضاً في كون الأجرة نسبة من الربح.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 51386، 52244، 63067، 66937، 72048.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1429(12/4141)
حكم العملة التي يتقاضاها السائقون من محلات بيع التماثيل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل سائق ليموزين فى شركة سياحة أود أن أعرف ما هو حكم الإسلام فى العمولة التي يتقاضاها السائقون زملائي من أصحاب محلات المنتجات السياحية (التماثيل والبرديات.... إلخ) ، فى نظير جلب العملاء الأجانب وشراء هذه المنتجات، علما بأنها تصل إلى النصف أو أكثر حسب نوع المنتج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التماثيل التي لذوات أرواح كالإنسان والحيوان لا تجوز صناعتها ولا بيعها، سواء كانت تماثيل لقادة أو وجهاء ومصلحين أو كانت رمزاً لأمر معنوي كالشجاعة لما في ذلك من التصوير المحرم ومن الذريعة إلى عبادة الأوثان، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون. رواه البخاري ومسلم. وعن أبي جحيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لعن آكل الربا وموكله ولعن المصور. رواه البخاري.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء ما يلي: إقامة التماثيل لأي غرض من الأغراض محرمة سواء كان ذلك لتخليد ذكرى الملوك وقادة الجيوش والوجهاء والمصلحين أم كان رمزاً للعقل والشجاعة كتمثال أبي الهول أم لغير ذلك من الأغراض، لعموم الأحاديث الصحيحة الواردة في المنع من ذلك، ولأنه ذريعة إلى الشرك كما جرى لقوم نوح.
وبناء على حرمة صناعتها وبيعها لا تجوز الدلالة عليها ولا أخذ عمولة عليها، وعلى من فعل ذلك أن يتوب إلى الله، وأن يتخلص من العمولة بصرفها في وجوه البر كالإنفاق على المساكين والفقراء، وللمزيد من الفائدة تراجع في ذلك الفتوى رقم: 12640، والفتوى رقم: 63133.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1429(12/4142)
إمداد عملاء البورصة بمعلومات عن البيع والشراء لقاء مال
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يختص بالمعاملات المالية:
لدي مبلغ من المال في سوق الأسهم وأحرص على المضاربة في الأسهم النقية فقط ولا أرضى بالدخول في الأسهم المختلطة فضلاً عن المحرمة مهما كانت أرباحها المرجوة لحرصي على الرزق الحلال أطعمنا الله وإياكم منه.
ويوجد لدينا أشخاص يعملون في السوق لديهم توصيات عن السوق وعن بعض الشركات بالدخول فيها بسعر والخروج منها بسعر آخر بغرض تحقيق مكسب وهم يتواصلون مع من يشترك معهم عن طريق رسائل الجوال لمدة شهر وذلك مقابل مبلغ ألف ريال سعودي.
هل يجوز الاشتراك في ذلك أفيدونا حفظكم الله وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ظهر لنا من سؤالك أن هؤلاء الأشخاص يقومون بتقديم خدمات مقابل أجر، وعلى هذا فهذا العمل جائز إذا التزم فيه بالضوابط الشرعية لعقد الإجارة، ومن أهمها تحديد العمل وتحديد الأجر، وأن تكون المنفعة المتعاقد عليها مباحة.
ويمكنك أن تراجع في الفتوى رقم: 70161، حكم إمداد عملاء البورصة بمعلومات تنظم عملية البيع والشراء.
وجزاك الله خيراً على حرصك على أكل الحلال، ونسأل الله تعالى أن يبارك لك في مالك وأن يجنبك الحرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1429(12/4143)
حكم المتاجرة عن طريق الوسيط
[السُّؤَالُ]
ـ[شكرا على الرد حول الفتوى رقم 110313 وحتى يرتاح قلبي بقي شيء أخير في نفس موضوع الفتوى ونفس الشروط ولكن البيع والشراء يكون من مالي أي بدون قرض من الوسيط.
وهل هذه المتاجرة شبيهة بالقمار.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت المتاجرة عن طريق الوسيط تتم بمالك الخاص فلا حرج فيها فهي من باب السمسرة ولم تجتمع مع عقد السلف حتى يلزم من ذلك محذور الجمع بين السلف والسمسرة، لكن لا بد أن تنتبه إلى محذور آخر وهو أن لا يكون لك الحق إلا في البيع والشراء وليست لك القدرة على تسلم البضاعة والانتفاع بها، فهذا المحذور يدخل في الشروط التي تنافي مقتضى العقد وتدخل في الغرر.
وبناء على هذا، فإذا سلم التعامل من الاقتراض من الوسيط ومن المحذور المذكور فلا حرج فيه حينئذ.
وللمزيد تراجع الفتوى رقم: 110313.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1429(12/4144)
مسائل متعلقة بالسمسرة والعمولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مندوب مبيعات في شركة لمواد البناء براتب شهري وعمولة نصف في المائة من التحصيل، الشركة استحدثت نظامين أرجو الإفادة في ذلك:
الأول: لمضاعفة المسحوبات من العملاء مقابل حافز يعطى للبائعين داخل الشركات التي تبيع منتجاتنا وبدون علم صاحب العمل لتحفيز البائع, مثال: أن يبيع من 3000 ألف إلى حافز 5000 ألف يعطى 200 ريال حافزا وكل ما زاد المبلغ يزداد الحافز.
الثاني: سحب صنف معين يعطى البائع ريالا عن كل حبة تباع خلال فترة تحددها الشركة ... نحن موجهون من الشركة بذلك، فهل علينا شيء بتنفيذ هذه السياسة من الشركة من دفع العمولات، وهل العمولة التي نأخذها نحن من الشركة فيها شيء، علماً بأننا كل ما حفزنا البائعين تزداد عمولاتنا نحن (نصف في المائة) ؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك أن شركتكم تبيع منتجاتها لشركات أخرى تقوم بدورها ببيعها، وتعطي شركتكم البائعين في هذه الشركات عمولة أو حافزا مقابل بيع منتجاتها ...
فإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز إعطاء عمولة سواء بالنظام الأول أو الثاني لهؤلاء البائعين مقابل بيع منتجات شركتكم بدون رضا صاحب العمل لدخول ذلك في هدايا العمال وهي محرمة إلا بإذن صاحب العمل، كما هو مبين في الفتوى رقم: 17863، والفتوى رقم: 67905.
ويجب عليكم إن لم يوافق صاحب العمل أن تبينوا للمسؤولين في شركتكم عدم مشروعية هذه الحوافز، ونذكركم بأن ما عند الله من الرزق لا ينبغي أن يطلب بمعصيته، ولا يجوز لكم تنفيذ سياسة الشركة فيما لا يجوز شرعاً، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق..
وأما حكم العمولة التي تحصلون عليها, فإن كانت مقابل تحفيز العمال بهذه الطريقة المحرمة، فلا تجوز أيضاً لأنها مقابل عمل محرم، أما إن كانت مقابل بيعكم منتجات شركتكم لهذه الشركات، فقد سبق في الفتوى رقم: 72048 بيان اختلاف العلماء فيما إذا كانت هذه العمولة نسبة من الربح، فالجمهور يشترطون أن تكون العمولة (الجعل) معلومة، وكونها نسبة من الربح يؤدي إلى جهالتها، فيما ذهب بعض العلماء إلى جواز كون الأجرة في السمسرة وغيرها نسبة من الربح، والقول الأخير له حظ كبير من النظر، وبالتالي فلكم الأخذ به، فيجوز لكم أخذ هذه العمولة إذا لم تكن مترتبة على فعل غير جائز شرعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1429(12/4145)
حكم التوسط بين شركة يعمل بها وشركة أخرى مقابل عمولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بإحدى المؤسسات التجارية، وعلمت أن هذه المؤسسة تحتاج إلى شركة توزيع، وهذا خارج اختصاصي فهل من الممكن أن أبلغ شركة من الشركات على أن يكون لي عمولة من هذه الشركة إذا اتفقت مع الإدارة بدون أن أتدخل ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع أن تتوسط بين شركتك والشركة الأخرى مقابل عمولة تأخذها منها إذا لم يكن هذا من ضمن عملك أو كان ذلك خارج دوامك الرسمي؛ إلا أن تأذن لك الشركة بالعمل أثناء الدوام، ويجب أن تكون في وساطتك هذه حريصا على مصلحة شركتك، فلا تحملك العمولة على عدم استقصاء النصح للشركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1429(12/4146)
مسائل فيمن أخذ العمولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل محاسبا في إحدى الشركات وأحد الزبائن قد وضع إحدى السيارات للبيع وهو يبيع إن وجد فيها مبلغ 6000 درهم وذلك بناء على استشاراته قبل البيع، ونحن في المعرض نقوم باقتطاع مبلغ 500 درهم عمولة بيع للمعرض، وأنا الذي قمت بعملية البيع، فهل من حقي اقتطاع المبلغ المتبقي 500 درهم بعد أن أخذ المعرض حقه وصاحب السيارة أخذ حقه بعد استشارته، أفيدوني جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأنت إما أن تكون مالك المعرض، أو تكون عاملا فيه، أو غير مالك له، أو عامل فيه، فإن كنت مالك المعرض فقد أخذت عمولة المعرض وهي مبلغ 500 درهم، وإن كنت عاملا فيه لم يصح أن تأخذ شيئا من صاحب السيارة إلا بإذن جهة العمل لأن المأخوذ – والحالة هذه – يكون من باب هدايا العمال، وهدايا العمال محرمة، وقد مر الكلام عليها في الفتورى رقم: 60670، والفتوى رقم: 67905.
وإن كنت غير مالك للمعرض ولا عاملا فيه جاز أخذ ما تتفق عليه مع صاحب السيارة مقابل ما قمت به من بيعها.
وأما مع عدم الاتفاق معه فلا يجوز لك أخذ شيء والمبلغ الزائد على الثمن الذي رغب في البيع به هو ملك له.
وللمزيد يرجى مراجعة الفتوى رقم: 17863، والفتوى رقم: 17684.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1429(12/4147)
إعطاء العملاء (عمولات وإكراميات) بين الإباحة والحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل محاسبا بشركة صناعية ولدينا مندوبون مبيعات لتسويق المنتجات، وهؤلاء المندوبون يقومون بإعطاء العملاء بما يسمى (عمولات وإكراميات) وأنا مكلف بفحص هذه العمولات والمدير هو المكلف بالموافقة فهل هذا يعتبر اشتراكا في الإثم؟ وهل هذه العمولات جائزة شرعا أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن يعلم من هم هؤلاء العملاء الذين يدفع لهم مندوبو الشركة العمولات، فإذا كانوا هم المشترون لمنتجات الشركة أو وكلاؤهم المأذون لهم بأخذ العمولات فلا مانع من دفعها إليهم إذا حصل الدفع بإذن من شخص مخول بالإذن، أما إذا كان العملاء وكلاء غير مأذون لهم بأخذ العمولات لأنفسهم أو كانت تدفع لإبطال حق أو إحقاق باطل فإن دفع هذه العمولات إليهم لا يجوز لأنها في حقهم رشوة فيحرم إعطاؤها كما يحرم أخذها.
والإعانة على هذه الرشى في صورة فحصها أو الموافقة عليها غير جائزة أيضا؛ لعموم قوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} هذا إذا كان الفاحص يعلم أن هذه الأشياء ستدفع كرشوة محرمة، أما إذا لم يعلم فلا يلحقه إثم ولا يلزمه أن يسأل عن الأشخاص الذين سيأخذونها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1429(12/4148)
حكم إعطاء مال لمن يسوق البضائع
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل:
إن زوجي يعمل في فرع لشركة مبيعات وقد أمنه صاحب الشركة على ماله وهو يحفظ الأمانة لكن بين فينة وأخرى يطلب من زوجي أن يعطي مبلغا من المال لأناس يتوسطون له في بيع آلاته فهل تعتبر هذه رشوة؟ وهل يعتبر زوجي رائشا؟. وجزاكم الله عنا ألف خير....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يعتبر هذا رشوة ولا يعتبر زوجك رائشا إذا كان من يدفع إليهم المبلغ يقومون بتسويق تلك الآلات وليسوا موظفين في الجهة التي تشتري الآلات لأن ما يأخذونه هو على ما يقومون به من سمسرة، والسمسرة يجوز أخذ العوض عليها عند جمهور العلماء.
ففي صحيح البخاري: ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأسا، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لا بأس أن يقول بع هذا الثوب فما زاد على كذا وكذا فهو لك، وقال ابن سيرين: إذا قال بعه بكذا فما كان من ربح هو لك أو بيني وبينك فلا بأس به، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم.
وأما إذا كان هؤلاء موظفين في الجهة التي تشتري هذه الآلات فإن هذا المبلغ المدفوع يعتبر رشوة ولا يجوز لزوجك أن يعين عليها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لعن الله الراشي والمرتشي والرائش. رواه أحمد، والرائش هو الذي يسعى بين الراشي والمرتشي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1429(12/4149)
حكم وساطة الموظف لانضمام شركة أخرى مقابل عمولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم أن تفتوني في سؤالى هذا: أنا موظف في إحدى الجهات الحكومية وهى متخصصة في البناء والإعمار وهناك شركة أجنبية تريد العمل ببلادنا وهى تريد إجراء عقد بينها وبين شركتنا وهذه الشركة تريد أن تعطي عمولة 2% لأي شخص يمكنه أن يكون وسيطا بينها وبين شركتنا فما الحكم في اخذ المال منها؟ مع العلم بأن شخصا آخر هو الذي عرض علي هذا وفقكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما يريد هذا الموظف أن يقوم به من الوساطة هو خارج أوقات الدوام الرسمي فإنه لا حرج عليه في ذلك، وإن كان في أوقات الدوام فإن الموظف في القطاع الحكومي أو من غيره تعتبر منافعه في أثناء دوامه الرسمي ملك للجهة التي يعمل بها، وبالتالي فلا يصح أن يعمل أثناء الدوام لنفسه أو لغير جهته إلا بإذن من شخص مسؤول مخول بالإذن.
وعليه.. فإن أذنت جهة عمل السائل له أن يقوم بالوساطة مقابل عمولة يأخذها من الشركة المعنية فلا مانع، وإن لم تأذن لم يجز لما تقدم، وإذا حصل الإذن وكان موكولا إلى السائل شيء من أمر التعاقد أو عدمه فعليه أن يحذر من الوقوع في محاباة الشركة الأخرى رجاء الحصول على العمولة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1429(12/4150)
حكم بيع البضاعة لشركة مقابل نسبة متفق عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل بيع بضاعة معينة لشركة خاصة مقابل نسب متفق عليها مسبقا تختلف حسب النشاط ومدى ترويج البضاعة وكسب مزيد الحرفاء.. بما يسمى "ماركيتينج" حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصد أنك تقوم بالترويج للشركة وبيع بضاعتها مقابل نسبة محددة من الثمن تزيد بزيادة المبيع فإن هذا سمسرة، والسمسرة يجوز أخذ الأجرة عليها، فهي داخلة في الجعالة، وقد قال تعالى: وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيم ٌ {يوسف:72} ، والجعالة يغتفر فيها من الغرر والجهالة ما لا يغتفر في الإجارة والبيع، وشرط جواز هذا أن تكون السلع مما يجوز بيعه وإلا حرم الترويج لها، لقوله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} .
أما إذا كنت تقصد بالترويج التسويق الهرمي فقد ذكرنا في فتاوى سابقة أنه حرام لما فيه من الغرر والمقامرة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35492.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1429(12/4151)
حكم أخذ الوسيط في جلب العمال تذاكر سفرهم لنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[قيام كعمل وسيط بين مكتبين مكتب في إحدى دول الخليج ومكتب أخر في دول تصدر أيدي العاملة وأصحب راغبي الأيدي العاملة يذهب في مكتب جلب أيد العامل ويدفع مبلغا مطلوبا منه لتأشيرة وتذاكر وخدمات المكتب، الأساس يجلب لهم خادمة أو خادم والمكتب يتعامل مع الوسيط ويقدم مبلغ التذاكر للوسيط
الوسيط يأخذ مبلغا ويضعه في جيبه ويأمر الخادمة أو الخادم بقطع التذاكر على حسابهم وبعدهم يأخذ أكثر من تذاكر وأسأل هنا هل الوسيط يجوز له أخذ مبلغا أكثر من التذاكر وهل يجوز له مبلغ التذاكر؟ علما أنه قام بتنسيق بين راغب العمل وصاحب العمل؟ سؤال مهم جدا حفاظا أن لا يقع ظلم؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قيام الوسيط بأخذ ثمن التذاكر لنفسه وامتناعه عن دفعها للعامل يعد من أكل المال بالباطل، فهذا المال ليس من حق الوسيط كما لا يخفى، وإنما يدفعها من يرغب في إحضار العامل للمكتب كي يقوم بإجراءات سفر العامل فالوسيط وكيل عن المكتب في إيصال هذا المال إلى العامل فلا يحق له أخذ المال لنفسه، وإذا كان الوسيط اتفق مع العامل على أن يدفع له أجرة معلومة مقابل البحث عن عمل له فإنه يستحق من العامل أجرته المعلومة، أما ثمن التذاكر فلا سلطان له عليها.
وننبه إلى أن الوساطة في جلب الأيدي العاملة وإن كانت تباح من حيث الأصل إلا أنه يجب أن يلتزم الوسيط في عمله بالضوابط الشرعية، ومن ذلك أن تكون أجرته معلومة محددة، وأن يكون العمل الذي سيعمله العامل مباحا شرعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1429(12/4152)
مسائل في العمولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف حكم العمولة في هذه المسالة أنا أعمل مدير شركة وأعرف شركة أجنبية أخرى تقوم بصناعة معينة وهنالك طرف ثالث لديه مناقصة لشراء منتج يدخل في إنتاج هذه الشركة الأجنبية وقمت بالتقديم في المناقصة باسم تلك الشركة الأجنبية باعتبار نحن وكلاء لها علما بأننا لسنا وكلاء لها (لهذه الشركة الأجنبية) ونتيجة لجهودي فازت تلك الشركة بالمناقصة وقامت بتوقيع العقد مباشرة مع الطرف المشترى مباشرة. بعد ذلك الشركة الأجنبية وعدتني بأنها ستمنحني عمولة نظير جهودي التي أدت لفوزهم بالعطاء وطلبت منهم عمولة للشركة التي أعمل بها وإن اسمها كان أيضا من أسباب الفوز بالعطاء. ذكروا أنهم يعرفونني شخصيا ولا يعرفون تلك الشركة التي أعمل بها علما أن أساس معرفتي الأولى بهم كانت في سبيل التعاون بينهم وبين الشركة التي أديرها وفي النهاية بعد إصراري وافقوا على دفع عمولة للشركة التي أديرها بجانب عمولتي التي طلبتها
سؤالي هل يحل لي أخذ هذه العمولة وإذا لا تحل ماذا أعمل بهذا المال؟ وإذا حلت تلك الشركة التي كنت أديرها بعد أن تركت العمل بها وقبل أخذ العمولة علما بأن العمولة أرسلت لي بعد ترك العمل بالشركة بأكثر من عامين نسبة لعلاقتي بصاحب الشركة الأجنبية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد سعيت في إجراء هذه المناقصة كعمل من الأعمال المكلف بها من قبل شركتك فإن شركتك تستحق عمولة على ذلك من الشركة الأجنبية، ويشترط في هذه العمولة أن تكون معلومة من البداية، فإذا لم تكن معلومة فلها عمولة المثل على ذلك، ولا يجوز لك أخذ عمولة خاصة لنفسك إلا بإذن أصحاب شركتك التي كنت تعمل فيها، ولو كانت هذه الشركة قد حُلَّت وانتهت؛ لأن هذه العمولة الخاصة بك ما لم يأذن فيها أصحاب شركتك عبارة عن رشوة محرمة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 17863.
أما إذا كنت قد سعيت في إجراء هذه المناقصة دون علم شركتك مستغلا اسمها في ذلك فعليك مع التوبة إلى الله أن تعوض شركتك بمقدار استغلال اسمها لأن هذا الاسم حق خاص لأصحابها، وأصبح له في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة فلا يجوز الاعتداء عليه، ولك العمولة التي دفعتها هذه الشركة لك في مقابل ما بذلت من جهد إذا كانت متفقا عليها من البداية أيضا، وإلا فلك عمولة المثل إلا أن تتراضوا على غير ذلك، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 5172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1429(12/4153)
ما يعطى للسمسار إذا لم يتفق معه على أجرة محددة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أبحث عن فيلا وأدور بسيارتي بين الأحياء وفجأة وجدت فيلا وأعجبتني طرقت باب الجيران وأخذت اسم صاحبها ووعدني بالرقم عند عودة والده ووجدت رقما مكتوبا على لوح بجانب الفيلا اتصلت للاستفسار وإذا به لا يعلم عنها وأخذت منه رقم صاحبها واتصلت به وتقابلنا عدة مرات حتى اتفقنا على سعر الشراء وقبل المبايعة اتصلت على المكتب لأعلمه وأعطيه مبلغا بسيطا جراء خدمته لي بإعطائي الرقم، ولكنه طلب السعي كاملا مع العلم بأنه لم يشترط علي بالسعي أو نتفق على سعر معين فهل له الحق بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
السمسرة من الأعمال المباحة ويستحق فيها السمسار الأجرة المتفق عليها حسب الشرط أو العرف.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قيام مكتب الوساطة بوضع لوحة على العقار مكتوب عليها رقم هاتفه ثم قيامه بإعطاء رقم مالك العقار للمشتري يعد نوعاً من السمسرة، وإذا كان السائل لم يتفق مع المكتب على أجرة معلومة نظير هذا العمل فإن المكتب يستحق أجرة المثل أي مثله على مثل هذا العمل، جاء في إعلام الموقعين: لو دفع ثوبه إلى من يعرف أنه يغسل أو يخيط بالأجرة ... أو متاعاً لمن يحمله ونحو ذلك ممن نصب نفسه للأجرة على ذلك وجب له أجرة مثله وإن لم يشترط معه ذلك عند جمهور أهل العلم.
والحاصل أن عليك النظر في عرف مكاتب الوساطة كم يأخذون على مثل إعطاء رقم صاحب العقار ويلزم السائل دفع ذلك إلى صاحب المكتب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(12/4154)
بيع منتجات شركة ما مقابل عمولة أو نسبة من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخي الأفاضل
أرجو منكم شيئين اثنين:
الأول قراءة رسالتي بتمعن لأنها أمر يهمني بالغ الأهمية.
الثاني: عدم إحالتي إلى أي من فتاواكم السابقة لأنني قد قرأت معظم الإحالات وأنا أرى أنها لم تكن مناسبة لما سئل تحملوني وجزاكم الله كل خير وألهمنا وإياكم الصواب والسداد.
السؤال وبالتفصيل وتحملوني لأنني سأذكر أيضا أمثلة ما أقول وجزاكم الله كل خير.
أنا أعمل في شركة اشتريت منها وكالة وطريقة شرائي للوكالة هي أن أشتري منهم منتجا وليس ورقة وكالة فقط كما في معظم شركات العالم التي حولنا كل الشركات ((مرسيدس ونوكيا وكانون والى آخر الشركات)) تقوم أنت بأخذ الوكالة مقابل أن تدفع لهم مبلغا هائلا وقد يصل إلى الملايين من الدولارات أنت اشتريت فقط ورقه الوكالة بهذا المبلغ والشركة لن تعطيك أرباحا على هذا الأمر أي ((أنك اشتريت حقك في أن تسوق منتجات هذه الشركة واشتريت حقك في الأرباح على قدر تسويقك)) وبعد تسويقك للمنتجات ستأخذ عمولة معينة أما أنا فقد اشتريت الوكالة بشرائي لمنتوج من الشركة وأعطتني الشركة عقد الوكالة وأعطتني معه حق تسويق منتجات هذه الشركة وحقي في الأرباح إذا قمت بالتسويق لها الآن كلما أنا سوقت للشركة وروجت لها وحققت مبيعات أخذت عمولة.
كما أن كل من اشترى من الشركة أصبح حقيقة وكيلا لهذه الشركة وإذا أراد أن يربح فعليه أن يسوق للشركة كما أن وكيل المرسيدس إذا أراد أن يربح عليه أن يسوق وبدل أن تكون الوكالات العالمية محصورة على رؤوس الأموال العملاقة وهم دوما من يربح ونحن دوما مستهلكون أصبح الآن من الممكن أن آخذ أنا الفقير أو صاحب الدخل المحدود أيضا وكالة وأسوق لهذه الشركة فإن سوقت لها أخذت أرباحا وإن لم أقم بالتسويق فإن الشركة لن تعطيني أي فلس كما أنني ليس كما جاء في سؤال أحد الإخوة لكم إنني لا أبيع ما اشتريته لآخر وآخذ منه أرباح ثم يبيع هو ما اشتراه واخذ أنا وهو أيضا أرباح الأمر مختلف تماما عن ما وصفه لكم الأمر أنني أخذت الوكالة ومن حقي أن أسوق وأروج للشركة والشركة تعطيني هي أرباحا ولست آخذ ممن يشتري أو أنني آخذ أرباحا من الآخرين ثم إن من اشترى من الشركة يكون أيضا قد اشترى وكالة وله الحق في الأرباح إذا قام هو بالتسويق لها إما إذا لم يسوق فإنه لا يربح وأنا غير ملزم بالشركة أن أشتري منها غير مرة واحدة والشركة تسوق منتجاتها بهذه الطريقة وهي تربح وأنا أربح علما أنهم يبيعون أشياء حقيقية وليست وهميه مثل باقي الشركات فهي تبيع منتجات من ذهب وفضة وساعات والمنتج الذي اشتريته يصلك إلى باب بيتك فما المشكلة في كوني اشتريت وكالة لأنني اشتريت المنتج وما المشكلة في أنني أسوق للشركة وعلى قدر تسويقي تأتيني عمولات أنا مثل وكيل الهواتف كلما باع يربح هل من حق الأغنياء فقط أن يشتروا أوراق لوكالات ولا يكون عليهم حراما أن يسوقوا ويربحوا ونحن الفقراء وأصحاب الدخل المحدود ليس من حقنا أن نأخذ وكالات على قدر حالنا ونعمل بها لنقيت أهلنا ونغير من حالنا أم أنهم لهم الحق لأن يزداد ثراؤهم على حسابنا دوما ونحن دوما مستهلكون الشركة التي أعمل بها ليس فيها مستهلكون فقط بل المستهلك هو وكيل دائم للشركة أن سوق أخذ أرباحا وإن لم يسوق لم يأخذ الرجاء قراءة ما أرسلته لكم بتمعن وعدم إحالتي إلى أي فتوى سابقه أريد منكم وبعون الله جوابا على كلماتي أنا وعلى عملي أنا وليس على سؤال آخرين أو كلماتهم ولنتذكر كلنا سنقف أمام الله تعالى وأمامنا صحفا وقد نندم على ما فيها من تقصير في حق أهلنا وديننا ودنيانا وكلنا سيسأله الله تعلى عن ما يقول ويعمل وسنحاسب جميعا على كل شيء وأنتم أهلنا وعلماؤنا وقد حملكم الله أمانة لم تتحملها الجبال.
فاتقوا الله فينا ولا تحيلونا إلى ما ليس لنا أو تجيبونا بأن راجع الفتوى رقم كذا وكذا اتقوا الله فينا وفي أنفسكم نحن نعلم أن حملكم ثقيل أعانكم الله عليه وألهمكم الصبر وأعطاكم الأجر مضاعفا وبارك فيكم وفي جهودكم وجزاك الله عنا خير الجزاء وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان عملك مقتصرا فقط على أن تبيع لهذه الشركة سلعها المباحة وتتقاضى منها عمولة أو نسبة من الأرباح في مقابل ذلك، ولا علاقة لك بالسلعة بعد بيعها، ولا تأخذ عمولة على كل عملية بيع بيعت بها السلعة بعد ذلك لمجرد أنك قد دللت المشتري الأول عليها، وهذا ما يعرف بالتسويق الهرمي الذي فصلنا الكلام في حكمه وتحريمه في الفتوى رقم: 35492.
فلا حرج في عملك وهو داخل في السمسرة والجعالة الجائزة، جاء في المدونة: " في جعل السمسار: قلت: أرأيت هل يجوز أجر السمسار في قول مالك؟ قال: نعم سألت مالكا عن البزاز يدفع إليه الرجل المال يشتري له به بزا، ويجعل له في كل مائة يشتري له بها بزا ثلاثة دنانير؟ فقال: لا بأس بذلك، فقلت: أمن الجعل هذا أم من الإجارة؟ قال: هذا من الجعل ". انتهى.
ولا يضر أن الشركة تشترط للحصول على عقد وكالة معها أن تشتري منتجا من منتجاتها فإن ذلك داخل في الشروط الجائزة. والأصل في المعاملات هو الإباحة إلا ما حظره الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1429(12/4155)
شركة تسمى كوست العالمية قائمة على التسويق الهرمي
[السُّؤَالُ]
ـ[العمل ضمن شركة تسمى كوست العالمية، ما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد دخلنا على موقع الشركة المسؤول عنها فقرأنا فيه ما يلي:
كيف نجني الأرباح من هذه الشركة..!؟
لهذه الشركة شروط وهي....
1- الترشيح من قبل وكيل.
2- شراء منتج.
بعد هذا تقوم بتسجيل بياناتك الشخصية + العنوان حتى يصل إليك المنتج الذي سوف تقوم بشرائه + وريثك (الدنيا فانية ولا أحد يعلم إذا كنت سيعيش ليوم غد) وبهذا تضمن لك الشركة حقوقك + رقم الهاتف
وبهذا يطلق عليك اسم ... وكيل مستقل (IR) وتعطى (معرف) وكلمة سر تفتح لك مكتب على الأنترنت للتعامل مع الشركة مباشرة.......
ومن هنا نبدأ العمل.....................................
طريقة الأرباح والعملات....
هذا رسم توضيحي لطريقة الأرباح.....
http://www. 4 zz.net/show.php?pic= 115847
كما هو موضح في الشكل.... (مورتا) وهو وكيل في هذه الشركة.... يليه على جهة اليمين (خالد) وهو وكيل أيضا لشرائه إحدى المنتجات وكذلك (أحمد) وهو أيضا وكيل.... وكذلك البقية.... يسمى هذا الشكل لدى الشركة بالخطوة...... وهي تعني (3 مبيعات على جهة اليمين و3 على جهة اليسار) وبهذا تحصل على 250 وكلما حصلنا على 3 مبيعات من جهة اليسار واليمين نحصل على 250 وهكذا.......
وكذلك يكون الأمر مع خالد وأحمد وفاطمة.... الخ.
إن هذا القدر الذي قرأناه عن الشركة مع الشكل الذي أحال عليه الرابط، يفيد أنها تمارس ما يسمى بالتسويق الهرمي، والتسويق الهرمي قد بينا من قبل حرمته، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 67011، وفتوانا رقم: 60978.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1429(12/4156)
أخذ المال مقابل المساعدة في إلحاق اللاعب في ناد
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد الأصدقاء أرسل معي أوراقا خاصة به لعرضها على نادي للعب معهم كرة القدم ضمن النادي، حيث قمت بعرض الأمر على إدارة النادي فوافقت إدارة النادي على استضافته للعب ضمن صفوف الفريق وستقوم إدارة النادي بتجهيز الفيزا التي تمكنه من المجيْ لهذا البلد.
وقد كان دوري مقتصرا على عرض أوراق اللاعب على النادي فقط. وقد عرض علي اللاعب أن يدفع لي مبلغا من المال لقاء عملي هذا في حال تم توقيع العقد للعب مع هذا النادي، علما أنني لم أدفع أي مبلغ مني.
هل: يجوز لي أن آخذ هذا المبلغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الجعالة جائزة، ويشترط في العمل المجاعل عليه أن يكون مباحا شرعا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع أن يأخذ السائل المبلغ المتفق عليه مع الشخص المذكور في حال قبوله في النادي ويعد ذلك من باب الجعالة، والأصل في جوازها قول الله تعالى:
وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ. {يوسف 72}
والجعالة معناها جعل شي من المال معلوم كأجرة لمن يعمل عملا مباحا.
وما تقدم بناء على أن احتراف وامتهان لعبة كرة القدم على حالها اليوم جائز.
وأما على القول بأن ذلك لا يجوز وهو ما ذهب إليه طائفة من أهل العلم منهم العلامة محمد ابن إبراهيم كما جاء في فتاويه: اللعب بالكرة على الصفة الخاصة المنتظمة هذا التنظيم الخاص يجعل اللاعبين في فريقين ويجعل عوض أو لا يجعل لا ينبغي لاشتماله على الصد عن ذكر الله وعن الصلاة وقد يشمل مع ذلك على أكل المال بالباطل فيلحق بالميسر. انتهى
فعلى هذا القول لا يستحق السائل شيئا من الجعل الذي جعله له اللاعب لأنه جاعل على منفعة غير مباحة شرعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1429(12/4157)
حكم أخذ سائق التاكسي عمولة من المحطة لقاء دلالة الزبائن عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[عملي سائق تاكسي ننقل الركاب للمحطة المجمعة بأجرة معروفة، وفي المحطة مجموعة مكاتب يمنحوننا عمولة نقدية لكسب ود السائق بحيث يجلب لهم الزبائن دائما، هل العمولة حرام أم حلال، واذا كانت حراما فماذا أعمل بالنقود السابق استلامها..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخلو حالك من أحد أمرين:
الاحتمال الأول: أن تكون أجيرا في عملك كسائق، فإذا كان الأمر كذلك فإن الأجير لا يجوز له أن يقوم بعمل إضافي إلا بإذن مستأجره، فإن أذن لك، ولم يشتمل هذا العمل الإضافي على محذور شرعي من غش ونحوه كان ما كسبت من مال حلالا؛ وإلا كان هذا الكسب حراما. وراجع الفتوى رقم: 17684.
الاحتمال الثاني: أن لا تكون أجيرا عند أحد، وتقوم بدلالة الزبائن على المكاتب على وجه ليس فيه محذور شرعي من غش ونحوه، وكانت العمولة محددة، فلا حرج عليك حينئذ في أخذ هذه العمولة، لأن هذا من باب السمسرة وهي جائزة إذا توفرت شروطها، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 55540.
واعلم أن سبيل التخلص من المال الحرام – في حال ما إذا كان سبيل الكسب محرما – هو إنفاقه في سبيل الخير لا بنية الصدقة وإنما بنية التخلص من المال الحرام. وراجع الفتوى رقم: 34371.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1429(12/4158)
مسائل حول الوساطة والسمسرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تاجر أعمل بالتجارة الدولية حيث إما أستورد مباشرة لشركتي وأبيع بالسوق المحلي وإما أن أصل بين بائع ومشتر وآخذ عمولة إما من البائع أو المشتري أو كليهما معا، في بعض المرات يكون هناك أيضا أشخاص يعملون معي لتسهيل المهمة إما من طرف البائع أو المشتري ... سؤالي إلى حضرتكم من قسمين:
1- هل يجوز أخذ عمولة من البائع أو المشتري أو كليهما معا.
2- في حالة وجود أشخاص يعملون معي كما ذكر سابقا وإذا تم الاتفاق مع هؤلاء الأشخاص على تقاسم العمولة من طرف واحد فقط (البائع مثلا) ، هل يحق لي الحصول على عمولة من المشتري بدون تقاسمها مع الأشخاص الذين يعملون معي.. كمثال على ذلك، اتفقت مع زميل مسلم في أوروبا على بيع مصنع لمشتر مسلم في دولة عربية، كان الاتفاق بيني وبين الزميل من إيطاليا تقاسم العمولة التي سيمنحها البائع، بالنسبة للمشتري المسلم فقد تم تهيئة الموضوع عن طريق زميل مسلم آخر والذي اتفقت معه أيضا على تقاسم العمولة التي سيمنحها المشتري، هل هذا جائز؟ وهل يوجد للزميل من إيطاليا حق فيما سأحصل عليه من المشتري؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة للسؤال الأول فإنه يجوز للوسيط أن يأخذ عمولة من البائع والمشتري معاً ما لم يكن عاملاً عند أحدهما، وكان مجال عمله متصلاً بما يتوسط فيه، كأن يكون مسؤول مشتريات أو مبيعات لأنه وكيل فلا يحق له أخذ عمولة من الطرف الآخر إلا برضى من وكيله خشية أن يميل إلى جانب من دفع له عمولة.
أما إذا كان مجرد وسيط وليس وكيلاً فله الأخذ من أيهما شاء لأن الوسيط يأخذ أجرته ممن يعمل له، وراجع للمزيد في ذلك الفتوى رقم: 93725.
وأما جواب الشق الثاني ففيه التفصيل الآتي: فإذا كان السائل يشترك مع آخرين في الوساطة والسمسرة فهذا داخل في شركة الدلالين، وقد اختلف أهل العلم في صحة هذا النوع من الشركات، فمنهم من صححها ومنهم من منعها، جاء في كشاف القناع: ولا تصح شركة دلالين ... وهذا في الدلالة التي فيها عقد، فأما مجرد النداء والعرض أي عرض المتاع للبيع وإحضار الزبون فلا خلاف في جواز الاشتراك فيه.
يعني أن الوسيط إذا كان يتولى العقد فلا تصح هذه الشركة عند الحنابلة، أما أن يشترك الدلالون في الترويج للسلعة واحضار الزبون ونحو ذلك فالشركة صحيحة ويأخذ كل من الدلالين نصيبه من العمولة بحسب الاتفاق بينهم، وأما مسألة الأجرة في شركة الدلالين ... فالأجرة على ما اشترطا أو اشترطوا.. فإن لم يكن شرط فهم فيها سواء. انتهى من كلام ابن القيم.
أما إذا لم تك هناك شركة من الدلالين أصلاً، وإنما استعان الدلال بدلال آخر مقابل أجر يعطيه إياه، فهذا جائز ويدخل في باب الإجارة أو الجعالة يستحق السمسار الثاني أجرة من السمسار الأول لا من صاحب البضاعة أو المشتري وبحسب الاتفاق بينهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1428(12/4159)
حكم العطية مقابل جلب عدد من المشتركين
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت هذا الإعلان في إحدى المنتديات فهل يدخل في باب الحرام أم أنه كسب مشروع وجزيتم خيراً.. يمكنك الحصول على جهاز لاب توب بلا شيء من شركة كل ما عليك اتباع خطوات التسجيل من خلال هذا الرابط.. كيفية الاشتراك..
1- ستظهر لك صفحة اختر منها
2- ثم تظهر لك صفحة مطلوب فيها بياناتك أملأها
3- بعد الضغط عليه ستظهر لك صفحة تبين إكمال تسجيلك قم بإدخال اسم المستخدم وكلمة المرور
4- اختر من الصفحة التي ظهرت
5- ستظهر لك صفحة فيها (وصلة باللون الأحمر) انسخها وانشرها فإذا اشترك من خلالك 18 مشتركا مباشرة
سوف يتم الاتصال بك من خلال عنوانك لتسليمك الجهاز العرض هذا بإذن الله صادق والسبب هو أن الشركة
شركة كبيرة وأطلقت هذا العرض الترويجي الضخم منذ مدة قصيرة جداً وترى العرض مُجرب وناس كثير يقولون إنهم ربحوا منه ... والله العالم فقط كل ما عليك التسجيل ومجاناً وقد أقسم بالله صاحب هذه الرسالة وهو صائم أنه حصل على ثلاثة أجهزة لاب توب أيسر هي في بيته الآن؟ بالتوفيق للجميع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكر السائل وكان الإعلان الذي يقوم الشخص بنشره إعلاناً مباحاً فلا مانع من أخذ الجهاز الذي تعطيه الشركة لمن يقوم بهذا العمل، ويدخل هذا في باب المجاعلة فكأن الشركة المذكورة تقول من قام بنشر إعلاني هذا واشترك فيه ثمانية عشر مشترك فله كذا.
وقد يقال إن العمل المجاعل عليه فيه غرر فالشخص لا يدري أيشترك عن طريقه ثمانية عشر مشتركا أم لا؟ والجواب أن جهالة العمل في الجعالة لا تضر، فالجعالة قائمة على الجهالة في أكثر من وجه، فالعمل المجاعل عليه فيها يعسر ضبطه وتعيينه ولا يستحق العامل فيها الجعل إلا بعد تمام العمل وقد لا يتمه، وهذا كله فيه جهالة وغرر، ومع هذا فالجعالة جائزة والأجرة عليها كذلك للحاجة إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1428(12/4160)
حكم الوساطة مقابل نسبة محددة من المبلغ المدفوع
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب مني شخص أن أوفر له شخصا يفهم في الرسوم المتحركة لكي يقوم بتنفيذ 30حلقة كرتونية عن القيم الإنسانية وبحكم قربي من هذا المجال توفر لدي شخص أعرفه ولأن حجم القيمة المدفوعة في الحلقات كبير اشترطت على الشخص الذي أتيت به أن لي عمولة من هذا المبلغ هي 15% فوافق فهل علي شيء، وهل هناك مشكلة في عدم معرفة الطرف الأول فيما دار بيني وبين الشخص الذي أتيت به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أردت القيام به من الوساطة بين الشخصين للغرض الذي بينته يسمى سمسرة، والسمسرة عقد جائز، وهي داخلة في باب الجعالة. والذي عليه جمهور أهل العلم هو أن الجعالة لا يصح أن تكون نسبة مئوية، وأن الواجب أن تكون مبلغا محددا، ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 50615.
وعليه فإذا كان المبلغ الذي تقرر دفعه مقابل الحلقات التي سيقام بها هو مبلغ معلوم القدر جاز هذا العقد، لأن النسبة إذا كانت من مبلغ معلوم كانت معلومة. وأما إذا كان المبلغ مجهولا فقد علمت اختلاف أهل العلم في ذلك، وأن جمهورهم على فساده، فالورع تجنبه إذاً.
وما ذكرته من عدم علم الطرف الأول بما دار بينك وبين الطرف الثاني فإنه ليس فيه من حرج إذا لم تكن أجيرا خاصا عند الطرف الأول، وأما لو كنت كذلك فليس من حقك أن تأخذ الأجرة من الطرف الثاني إلا برضا من الطرف الأول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1428(12/4161)
الأجرة في السمسرة تتم حسب الاتفاق والتراضي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل مالي حلال.. جزاكم الله كل خير أنرتم لنا الطريق وأجبتم على استفساراتنا ... أود أن أعلم أيها الشيخ هل هذا المال الذي يمكن أن أجنيه طيب حلال أم لا ... طلب مني أحدهم أن أجد له مشتريا لقطعة أرض مقابل 10دنانير للمتر مربع أي أن لي ما زاد عن المبلغ المذكور ولكنني وجدت من يشتري بـ 20 ديناراً للمتر مربع.. علما بأن ربح الوسيط بين البائع والمشتري في قانون بلدنا محدد بـ 3 في المئة من المبلغ الذي تباع به الأرض، لكن في هذه الحالة حدد لي البائع المبلغ المطلوب، فهل هذا المال الذي يمكن أن أجنيه حلال أم حرام باعتبار أن الربح يبدو ضخما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العمل الذي طلبه منك صاحب الأرض يعتبر من أعمال السمسرة وهي البحث للبائع عن من يشتري سلعته والبحث للمشتري عن من يبيع له حاجته. والسمسرة من المعاملات الجائزة شرعاً، والأجرة فيها تتم حسب الاتفاق والتراضي، قد روى البخاري تعليقاً ووصله غيره عن ابن عباس أنه قال: لا بأس أن يقول: بع هذا الثوب فما زاد على كذا وكذا فهو لك. انتهى.
وعليه؛ فإذا قال لك صاحب الأرض بع المتر المربع بعشرة دنانير وما زاد فهو لك، فإنه يباح لك أن تبيع بعشرين أو بأكثر من ذلك إن وجدت من يشتري بأكثر، وما زاد على العشرة وإن كثُر فهو حلال لك، ولا عبرة بالقانون الذي يحدد ربح الوسيط بكذا ما دام قد حصل تراض بينك وبين صاحب الأرض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1428(12/4162)
حكم أخذ عمولة مقابل جلب الزبون للمصنع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في مجال مواد البناء ولدى زبون يريد منتجا ليس لدي وسوف أحضره من مصنع ليس في الدولة التي أنا بها هل يجوز لي أخذ عمولة من المصنع على زبون أنا أحضرته له مع العلم أن المصنع ربما يزيد السعر لإعطائي العمولة؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع من أخذ الأخ السائل عمولة من المصنع مقابل جلب هذا الزبون، وما يأخذ في هذه الحالة يعد من باب الأجرة على السمسرة، وهي التوسيط بين البائع والمشتري، ويدل على جواز هذه الأجرة قول الله تعالى: وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ {يوسف: 72} فهذه الآية أصل في جواز الجعل على الدلالة أو السمسرة، وإذا رفع المصنع ثمن المنتج على الزبون بسبب حسابه لعمولة الوسيط فإن هذا لا يضر في جواز أخذ الأجرة على الدلالة فالبيع يقوم على التراضي من الثمن والمثمون، فإذا حصل بين البائع والمشتري فلا حرج على السمسار في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(12/4163)
حكم جعل عمولة مقابل الضمان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الشرع في أخذ عمولة في حالة التوسط بين الشركة المنتجة والمشتري إذا كان لديك مكتب وسيط، وهل يشترط تبليغ العميل إذا كانت هناك عمولة تؤخذ من الشركة المنتجة، وما هو الحكم في دفع قيمة البضاعة أو جزء منها من قبلي بسبب تأخر العميل في تحويل المبلغ، علما بأنني لا أرغب في إعطائه المبلغ لقرض، فهل تعتبر البضاعة أو جزء منها ملكي وأبيعها إياه بالثمن الذي أرغب مما يجعمل أخذ عمولة من المنتج حلالاً إذا كانت حراما في حال بيع الغائب؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسمسرة التي هي الوساطة بين البائع والمشتري لإتمام البيع أو الدلالة على البضاعة جائزة، إذا لم تتضمن إعانة بيع محرم، أو الدلالة على ما يحرم بيعه، أو التعامل فيه، ولا حرج أن يأخذ السمسار عمولة من الطرفين أو أحدهما، حسب العرف أو الاتفاق وإذا كانت العمولة تؤخذ من البائع أو من الشركة المنتجة فقط وليست من المشتري فلا حرج في عدم إعلام المشتري بها إذا لم يكن في ذلك غش أو تدليس.
وإذا قمت بدفع جزء من ثمن البضاعة لتأخر المشتري في السداد وكنت ضامناً له فإن هذا لا يجعلك مشترياً للبضاعة؛ لأن البضاعة قد أصبحت ملكاً للمشتري بمجرد العقد ولو لم يوف ثمنها، فإذا أديت عنه شيئاً من الثمن كنت مقرضاً له بهذا المقدار، سواء شئت القرض أم لم تشأ.
وننبه إلى أن الشركة المنتجة إذا كانت لا تعطيك عمولة إلا إذا كنت ضامناً للمشتري فإن هذا لا يجوز لأن هذا نفع مقابل الضمان وهو ممنوع شرعاً، قال في الإنصاف: ولو جعل له جعلاً على ضمان له لم يجز نص عليهما، لأنه ضامن فيكون قرضاً جر منفعة. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 57099.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1428(12/4164)
حكم كون أجرة السمسار نسبة من المبيع
[السُّؤَالُ]
ـ[سعيت في بيع أرض واتفقت مع المشتري على نسبة من قيمة الأرض إذا أتيت له بالبائع فوافق المشتري، إلا أن المبلغ المتفق عليه كان كبيراً جداً يقدر بالملايين لذا لم يرد الإيفاء بوعده وأعطاني مبلغا بسيطا ترضية لي، رغم أن هذا الشخص يحذر الربا ولو جاءه من طريق الربا مئات الألوف لما قبلها ولكنه أجاز لنفسه أن يلتفَّ علي بعد ما قابل الطرف الثاني وانتهى دوري ولم يعد بحاجة إليَّ، السؤال: أيهما أشد إثمًا الربا أم السرقة، وأي منهما أشد خطراً وأكبر ضرراً على الناس، وهل أحياناً تكون السرقة وخيانة الأموال أخطر من الربا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
مذهب جمهور أهل العلم أن جُعل السمسار لا يجوز أن يكون نسبة مئوية، بل يكون مبلغاً محدداً، ثم إن ما ورد من الوعيد في الربا لم يرد مثله في شيء غيره، لذا رأى كثير من أهل العلم أنه أكبر عند الله من سائر الذنوب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما قمت به من السعي في بيع الأرض يسمى في الفقه بالسمسرة، والسمسار هو الذي يتوسط بين المتعاقدين، ويسهل مهمة العقد مقابل مبلغ يأخذه منهما أو من أحدهما، والفقهاء يعدون السمسرة من باب الجعالة، قال البخاري: باب أجر السمسرة، ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأساً. انتهى.
ويشترط لصحة أجرة السمسار أن تكون معلومة، فلا يجوز أن تكون نسبة من قيمة الأرض، لأنها حينئذ جعالة بمجهول، وقد أخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره. هذا هو مذهب الجمهور، وذهب بعض أهل العلم إلى جواز كون الأجرة نسبة، قال في كشاف القناع: (ولو دفع عبده أو) دفع (دابته إلى من يعمل بها بجزء من الأجرة) جاز (أو) دفع (ثوباً) إلى من (يخيطه، أو) دفع (غزلا) إلى من (ينسجه بجزء من ربحه) قال في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصانا ليبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز، نص عليه في رواية حرب وإن دفع غزلاً إلى رجل ينسجه ثوباً بثلث ثمنه أو ربعه جاز، نص عليه (أو) دفع ثوباً إلى من يخيطه أو غزلاً إلى من ينسجه (بجزء منه) مشاع معلوم (جاز) . انتهى.
وعلى القول بفساد العقد تكون الأجرة المستحقة لك هي أجرة المثل، أي القدر الذي عادة يمكن أن يعطى لمن يقوم بمثل ما قمت به أنت من العمل.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإنه لم يرد في شيء من الأمور المنهي عنها ما ورد في أمر الربا، لأن الله تعالى أعلم فيه بالحرب، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:278-279} ، وليس هذا تخفيفاً لأمر السرقة والخيانة، وإنما هو تأكيد على أن الربا من أكبر الكبائر وأعظمها عند الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1428(12/4165)
العمل بالإنتاج من عقود الجعالة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن فى عمل يعمل بالإنتاجية أي أنه إذا عملت قدرا معينا من الإنتاج تأخذ راتبا معينا ويزيد وينقص الراتب بزيادة الإنتاج وفي وسط شهر من الشهور تم عمل دورة تدريبية لمدة أسبوعين للعاملين الذين يعملون بالإنتاج وفي هذه الفترة لم يتم عمل أي إنتاج حيث إنهم مشغولون في هذه الدورة التدريبية، فهل يحق للإدارة في هذه الدورة التدريبية أن تحاسب العاملين بحضور وانصراف خلال هذه الفترة التدريبية، مع العلم بأنه إذا تأخر عن ميعاد الحضور يخصم من راتبه وإذا انصرف مبكرا ً يخصم أيضا ً من راتبه حيث سمعت أن ما تم التعاقد عليه أن يعمل بالإنتاج لا يمكن أن تحاسبه على حضور وانصراف في هذه الدورة ولا يمكن أن تخصم من راتبه أي شيء بسبب أنه تأخر أو تغيب من العمل في أي يوم من هذه الأيام، أرجو الإفادة؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.. وأن يستعملكم جميعاً في خدمة الإسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقد الذي تم بين هذه الشركة وبين العمال هو عقد جعالة، ويزيد الراتب بزيادة كثرة الإنتاج ويقل بقلته، وقد نص طائفة من أهل العلم على صحة الجعالة بالطريقة المذكورة.
قال الشيخ الرحيباني رحمه الله في مطالب أولي النهى: لو قال: استق لي من هذا البئر، ولك بكل دلو تمرة، أو قال: من رد عبداً من عبيدي فله بكل عبد درهم، أو قال: ارم هذا السهم فإن أصبت به فلك درهم؛ صح ولزمه؛ لأنه جعالة لأنه بذل مالاً في فعل له فيه غرض صحيح.
وعليه فغياب العمال في وقت العمل بسبب الدورة لا يستحقون راتباً إذا لم يعملوا، ولو حضروا وعملوا استحقوا الراتب على قدر ما عملوا، وعليه فإذا كان المقصود بمحاسبتهم هو حساب القدر الذي عملوه ليعطوا راتباً على قدر عملهم فلاحرج في ذلك، وإن كان المراد محاسبتهم على مجرد غيابهم أو تأخرهم عن الدورة بخصم من الراتب المستحق لهم على الإنتاج فهذا ظلم ومخالفة للعقد المبرم معهم، اللهم إلا أن تكون الشركة تعطيهم على اشتراكهم في هذه الدورة راتباً فلها حينئذ أن تخصم من هذا الراتب بقدر تأخر العامل عن هذه الدورة أو انصرافه قبل نهايتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1428(12/4166)
حكم إعطاء المقاول أو السمسار نسبة معينة من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أملك حق التوزيع لمواد البناء لإحدى الشركات الكبرى في مجال مواد البناء وأقوم بدفع نسبة 5 في المائة كعمولة تسويق مقطوعة من أرباحي للمقاولين والسماسرة الذين أتعامل معهم، فهل هذا له علاقه بالرشوة من منظور الاقتصاد الاسلامي، وإذا تم وضع اسم الشركه التي أنا وكيلها في كراسة المواصفات مع عدم اشتراط الشراء مني قد يقوم المقاول باستيراد المادة شخصيا فهل علي في ذلك غبار؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقاولون والسماسرة يسعون في توزيع بضاعة شركتك للشركات الأخرى فإن هذه جعالة وسمسرة مشروعة وليست من الرشوة في شيء، وقد جوز بعض أهل العلم أن تعاملهم بنسبة من الربح، وأما إن كان هؤلاء المقاولون عمالاً في الشركات التي توزع أنت عليها مواد البناء، فإن إعطاءهم نسبة من الربح لكي يشتروا منك تعتبر من هدايا العمال وهي محرمة عليهم، ولا يجوز لك أن تعطيها لهم، لأنها تعتبر من الرشوة التي لعن فاعلها وآخذها في حديث السنن والمستدرك: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي.
ولا يلزمك أن تضع اسم الشركة التي أنت وكيل عنها في كراسة المواصفات سواء كان ذلك حذراً من شراء المقاول من هذه الشركة مباشرة وإسقاطك من المعاملة أو غير ذلك من الأسباب، إنما الواجب عليك هو الوفاء بالمواصفات التي تذكرها في هذه الكراسة، وراجع لذلك الفتوى رقم: 67257، والفتوى رقم: 23423.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1428(12/4167)
لا بأس بأخذ الأجرة على السمسرة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحبكم في الله عز وجل، وأدعوه دائما أن يجمعنا في الفردوس الأعلي مع سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، سؤالي هو: أعمل في شركة لبيع الأبواب، وأتقاضى راتبا شهريا وأعمل بما يرضي الله عز وجل، إحدى الشركات التي تتعامل معنا طلبوا مني مقاولاً لتركيب الأبواب التي أبيعها عليهم (هم الذين سيدفعون تكاليف التركيب) هكذا ينص العقد بيننا وبينهم، قمت أنا بتدبير مقاول ليعمل لديهم، ولكن اشترطت عليه بأنني قلت له عندي شركة تريد مقاولا لتركيب الأبواب لكني سوف آخذ عمولة من عقدك معهم فوافق دون تردد وقال ما عندي مشكلة، فاتفقنا ليلة أمس بأن نلتقي بمقر الشركة التي سوف يعمل لديها وقد قلت لهم بكل وضوح بأنني سوف آخذ عمولة من هذا الشخص حتى تكون الأمور واضحة، قالوا ليس لنا علاقة بالأمر، وقد كتبوا العقد ووقع عليه هذا المقاول واشترطنا بأن عمولتي سوف تكون بواقع 20% من قيمة كل شيك يحصل عليه، علما بأنه بعد خصم هذه النسبة من قيمة الشيك يكون هذا النجار قد حصل علي سعر تركيب الباب كما هو بالسوق بسعر 8 دينار (العقد مع الشركة 10 دينار للباب الواحد) حيث إنها شركة كبيرة وكان عندهم مقاول سابق بنفس السعر، سادتي الأفاضل أرجوكم رجاء خاصا بأن تفتوني مأجورين حول هذه المسألة حيث إنني أخشي أن تكون حراما أو فيها شبهة، علما بأن هذا الموضوع لا يؤثر على الأسعار التي أبيع بها لهذه الشركة بل على العكس بعد ما تم الاتفاق السالف الذكر قلت للمسؤول سوف يكون هناك زيادة في سعر الأبواب نظراً لزيادة التكلفة فقال سننظر في هذا الأمر لاحقا، يعني الشركة التي أعمل بها لا يخصها الأمر من قريب أو بعيد، ودمتم في رعاية الله وأمنه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت الشركة التي تعمل فيها لا تمنعك من القيام بهذا العمل مع الشركات أو الأفراد الذين يشترون منها الأبواب بأن كانت تأذن لك في ذلك صراحة أو يكون هناك عرف جار بألا تمنع من هذا فلا حرج عليك في أخذ أجرة ممن تدل هؤلاء على محله ليتولى لهم تركيب الأبواب، وهذه العمولة تسمى في الفقه الإسلامي سمسرة وهي الوساطة بين البائع والمشتري، أو المؤجر والمستأجر لإتمام البيع أو الإجارة أو الدلالة عليهما، قال البخاري في صحيحه: (باب أجر السمسرة) ، ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأساً، وقال ابن عباس: لا بأس أن يقول: بع هذا الثوب فما زاد على كذا وكذا فهو لك. وقال ابن سيرين: إذا قال: بعه بكذا فما كان من ربح فهو لك أو بيني وبينك فلا بأس به. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1428(12/4168)
حكم تراجع المجاعل
[السُّؤَالُ]
ـ[طلبت مني أمي أن أبيع لها قطعة أرض بمبلغ 80000 جنيه (فوق المدفوع وهو 170000ج) ، وما زاد على ذلك فهو لي خلال شهرين وبعد 3 أسابيع علمت أمي أن لدي مشتريا بسعر 90000ج، ولكني قلت له نهائي 95000 قالت لي أمي لقد رجعت في اتفاقي ولن أبيع الأرض، فهل يجوز لها التراجع في الاتفاق أم من حقي 10000 أم 15000، علما بأنني أنفقت الكثير للحصول على هذا المشتري، ولم تكن أمي تستطيع بيع الأرض بأكثر من 70000؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قول أم الأخ السائل له: بع هذه الأرض بكذا وما زاد فهو لك وضربت له أجلاً يتم فيه البيع يعتبر منها توكيلاً له في البيع بجُعل ولمدة محددة، وهذا تصرف صحيح. وإذا باع استحق الزيادة، وإن لم يبع أو باع بدون زيادة لم يستحق شيئاً، كالعامل في المضاربة إذا لم يوجد ربح فلا شيء له، جاء في كشاف القناع: كقول موكلٍ: (بع ثوبي) هذا (بكذا) -أي عشرة- مثلاً (فما زاد فلك) ، صح نص عليه، ورواه سعيد عن ابن عباس بإسناد جيد، ولأنها عين تنمى بالعمل عليها، وهو البيع، فإذا باع الوكيل الثوب بزائد عما عينه وهو من غير جنس الثمن، فهو له، وإلا فلا شيء له، كما لو لم يربح مال المضاربة. انتهى.
وجاء في مطالب أولي النهى: (ويتجه) صحه الجعالة بقدر معلوم أو مجهول، كقول شخص لآخر (بع ثوبي بكذا) درهم (فما زاد) عما عينته لك من الثمن فهو (لك) .
وإذا كان الأمر من باب الجعالة -كما تقدم- فإن المجاعلة عقد جائز غير لازم، لكن إن تراجع المجاعل بعد شروع العامل في العمل -كما هو في المثال المسؤول عنه- فيلزم المجاعل للعامل أجرة المثل، جاء في المصدر السابق ما يلي: (وبعد شروع عامل) في العمل (إن فسخ جاعل فعليه) لعامل (أجرة) مثل (عمله) لأنه عمل بعوض لم يسلم له، فكان له أجرة عمله، وما عمله بعد الفسخ لا أجرة له عليه، لأنه عمل غير مأذون فيه. انتهى.
وعليه، فإن للأخ السائل على أمه أجرة مثله في مثل هذا العمل، وليس ما ذكر من المبلغين المشار إليهما في السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1428(12/4169)
حكم قيام شخص بدلالة أصحاب القضايا على محام مقابل مال
[السُّؤَالُ]
ـ[أمارس مهنة المحاماة، وعرض علي شرطي أن يجلب لي قضايا الموقوفين بسبب جريمة ما، وذلك مقابل مبلغ مالي، فهل تعتبر هذه رشوة، وهل ينطبق ذلك مع غير الشرطي، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع من أن يستعين المحامي بأشخاص يقومون بدلالة أصحاب القضايا عليه مقابل أجر محدد يتراضى عليه الطرفان، وتكون هذه العملية من باب السمسرة وهي معاملة جائزة، والأصل فيها قول الله تعالى: وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ {يوسف:72} ، ولا فرق بين أن يكون الشخص الذي يقوم بهذه الدلالة شرطياً أو غيره، لكن يشترط أن لا يقوم بالدلالة في وقت دوامه الرسمي، فيترك عمله الواجب عليه بمقتضى العقد ويذهب إلى مكتب المحامي ليعرض عليه قضايا المسجونين فهذا التصرف غير جائز، لكن إن فعل ذلك خارج وقت الدوام فلا بأس، كما يشترط في الترافع عن هؤلاء الموقوفين شروط ذكرناها في الفتوى رقم: 18505، والفتوى رقم: 49717.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1428(12/4170)
حكم دلالة مهندس لمقاول على مناقصة لقاء أجر
[السُّؤَالُ]
ـ[أمتلك شركة للمقاولات ولي صديق مهندس يعمل في مكتب استشارات هندسية واتفقنا على أنه إذا وجد أمامه أي مناقصة يخبرني للاشتراك بها وإذا حدث أن المالك وقع اختياره على شركتي (دون تدخل من صديقي) أن يكون له نسبة في الربح دون علم المالك، فما رأي الشرع في هذا الاتفاق هل هو مشروع أم لا؟
جزاكم الله عنا كل الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن يتفق المهندس الاستشاري مع مقاول على أن يدله الأول على المناقصة الموجودة في مكتبه مقابل أجر يتقاضاه المهندس نظير هذا العمل إذا لم يك ذلك من عمله الواجب في المكتب الاستشاري، ولم يكن في ذلك ضرر يلحق صاحب المكتب أو يفوت عليه منفعة، ويشترط لذلك أيضا أن لا يغرر أو يدلس المهندس على المالك ليختار عطاء المقاول الذي اتفق معه.
ويشترط أيضا أن لا يخبر المهندس المقاول بأسعار غيره من المقاولين، بل يترك الأمر للمنافسة الحرة المبنية على الجودة في العمل والأقل في الثمن كما هو الشأن في المناقصات، فإن وقع اختيار المالك بعد ذلك على عطاء المقاول فيجب أن تكون أجرة تلك السمسرة أو الدلالة أجرة معلومة لا مجهولة، وللعلماء في بيان هذه المسألة قولان نرجو مراجعتهما في الفتوى رقم: 50615.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1428(12/4171)
أجرة السمسار إذا كان موظفا في الشركة المشترية
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل وكيلا لشركة كومبيوتر، أحصل منهم على عمولة على كل مبيع عن طريقي، توظفت في شركة، فطلبت هذه الشركة شراء أجهزة كومبيوتر، أخذوا عدة عروض منها عرض من الشركة التي أنا وكيلها، فأوصلتهم للشركة واتفقوا بشكل مباشر مع الشركة على الأجهزة، وتم البيع فهل هناك مشكلة في أن أحصل على عمولتي كوكيل للشركة البائعة مع أني موظف في الشركة التي اشترت، وهل يجب أن أخبر الشركة الشارية بأنني سأحصل على عمولتي، مع العلم بأنهم لو وصلوا للشركة البائعة بدون واسطتي لن يتغير السعر فأسعارهم ثابتة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتوسط بين البائع والمشتري يسمى في الفقه الإسلامي سمسرة وهي جائزة، ولا بأس بأخذ أجرة عليها، كما جاء في صحيح البخاري (باب أجر السمسرة) : ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأساً ... انتهى.
وعملك وكيلا لشركة كومبيوتر، تحصل منها على عمولة على كل مبيع وقع عن طريقك يعتبر من هذا القبيل، ثم إنه ليس من حرج في أن يحصل السمسار على جعل (عمولة) من الجهتين المتعاقدتين البائعة والمشترية، لأن السمسرة كما تكون في البيع فإنها تجوز في الشراء أيضاً، وليس من حرج في أن يكون العقد مع إحدى الجهتين عقد مجاعلة، ومع الثانية عقد إجارة.
وعليه فكونك موظفاً في الشركة المشترية لا تأثير له على استحقاقك للعمولة في الشركة الأخرى، طالما أنك لم تخل بشيء مما تعاقدت عليه من كلا الطرفين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1428(12/4172)
حكم أخذ جعل مقابل الدلالة على من يستخرج تأشيرة سفر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أخذ دلالة على من يقوم بمنح تأشيرة سفر للخارج بدون علم الطرفين أي تضمينها للمستفيد كإجمالي مبلغ، علماً بأن الطرفين لا يريان بعضهما وإنما من خلال الدلالة وجميع البيانات والإجراءات ليس فيها غش أو تدليس أو تزوير أو أي مخالفة للأنظمة، أرجو الرد في أسرع وقت لو سمحتم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت بقولك: أخذ دلالة على من يقوم بمنح تأشيرة سفر للخارج بدون علم الطرفين، أي تضمينها للمستفيد كإجمالي مبلغ إلخ.... تعني به أن أحداً أراد الحصول على تأشيرة للخارج، فلم يجد من يتعاقد معه على ذلك، فاستعان بشخص ليحصلها له بواسطة شخص آخر مختص في مثل ذلك العمل، وأن الشخص المعين (الدال) أراد أخذ جعل مقابل دلالته دون أن يعين قدر الجعل، بل جعله من ضمن مبلغ إجمالي عن تكلفة التأشيرة.. إذا كان هذا هو ما تقصده فنقول في جوابه إن مستخرج التأشيرة إذا كان يحتاج في استخراجها إلى نفقات أو تعب وسفر، فله أن يأخذ عنها قدر ما أنفق عليها مع أجرة مثله على ما قام به من عمل إن كان ثم عمل، وهذا بشرط موافقة من استخرجت له التأشيرة، ولك أن تراجع في هذا الفتوى رقم: 46427.
هذا فيما يخص مستخرج التأشيرة وليس الدال عليه، وأما الدال فعمله إنما يعتبر سمسرة سواء كان يستفيد الجعل من المستخرج أو من الطالب أو من كليهما، والأصل في السمسرة أنها مشروعة إذا كان متعلقها مشروعاً، وممنوعة إذا تعلقت بأمر ممنوع، ولك أن تراجع في حكم السمسرة الفتوى رقم: 26122.
وعليه فإذا كان استخراج التأشيرة متقيداً بالضوابط المبينة جاز أخذ جعل عن السمسرة (الدلالة) وإلا فلا، وأما جعل الجُعل من ضمن المبلغ المدفوع دون إشعار طالب التأشيرة به، فذاك ما لا نراه مباحاً، وإنما الواجب أن يخبر به ويرضى، وغير ذلك يعتبر أكلا لجزء من المال دون طيب نفس صاحبه به، وقد روى الإمام أحمد وغيره من حديث أبي حرة الرقاشي عن عمه قال: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1428(12/4173)
حكم حصول موظف في شركة على عمولة نظير قيامه بصفقات لشركته
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في إحدى المؤسسات التعليمية الخاصة، وتقوم هذه المؤسسة بإيجار باصاتها إلى جهات أخرى عن طريق الدخول بعروض أسعار.
ولي صديق يعمل في المؤسسة التي تستأجر الباصات وهو الذي عرض علي أن تدخل مؤسستنا بعرض سعر للباصات وسيتم تكليفنا نظرا لتوافر بعض المزايا عندنا لا توجد عند الآخرين منها على سبيل المثال توافر العدد الكبير من الباصات المؤهلة للعمل في أي وقت.
وهذا الصديق يراعي الله تماما ولم يطلب مني يوما أي مقابل. وهو قال لي إن الفيصل هو عروض الأسعار، ولم يعطني أي معلومات عن عروض الأسعار.
السؤال: هل يجوز لي أن أعطيه هدية أو أكرمه نظرا لأنه كان السبب في دخولنا في هذا المجال واكتسابنا للكثير من ورائه؟
السؤال الثاني: أنا لا أتقاضى راتبا نظير قيامي بهذا العمل. فهل يجوز لي أن أحصل منهم على عمولة نظير إنهائي هذه الصفقات لهم عن طريق معارفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعلوم أن صديقك هذا الذي قلت إنه يعمل في المؤسسة التي تستأجر الباصات، يتقاضى مقابل عمله هذا أجرا معلوما، وأخذه لهدية من شركتكم غير جائز إلا بإذن من أصحاب الشركة التي يعمل فيها؛ لأنه إذا أخذ هذه الهدية إنما يأخذها على عمله الواجب الذي لولاه لما أعطيتموه شيئا. وراجع في بيان ذلك وأدلته الفتوى رقم: 8321. هذا عن سؤالك الأول.
وأما السؤال الثاني.. فإذا كنت لا تتقاضى راتبا نظير قيامك بما ذكرته من العمل، فلا مانع من أن تحصل من أصحاب الشركة على عمولة نظير إنهائك هذه الصفقات لهم عن طريق معارفك؛ لأن ذلك يعتبر سمسرة، وهي داخلة في العقود المشروعة. لكنك إذا تعاقدت معهم على ذلك كنت مستحقا لما يتم عليه العقد، وإذا لم تتعاقد معهم عليه، كانت هبة منهم، وليسوا ملزمين بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1428(12/4174)
السمسرة بنسبة من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال عن: الوساطة العقارية
الوسيط العقاري: شخص أو مؤسسة (خبير عقاري) يتوسط في إتمام عملية البيع بين المشتري والبائع والبنك مقابل أجر نسبة مئوية من قيمة العقار (3% على سبيل المثال) تدفع له من قبل البائع والمشتري والممول أو من أحدهما،
البنك: البنوك الإسلامية الموجودة في السوق
البائع: مالك العقار
الموضوع: خطوات الوسيط في بيع العقارات عن طريق البنك
1- الوسيط يتفق أو يتعاقد مع مالك العقار لتسويق العقار إلى المشتري عن طريق البنك
2- الوسيط يتفق أو يتعاقد مع البنك لشراء العقارات وبيعها إلى المشترين من زبائن الوسيط
3- الوسيط يقوم بعرض عقار على البنك لشرائه وإعادة بيعه إلى زبائن الوسيط
4- البنك يوافق على الشراء وإعادة البيع
5- الوسيط وجد مشتريا للعقار لدية 10% من قيمة العقار.
6- الوسيط ينظم عقد وعد بالبيع (حجز العقار) بين المالك والبنك لمدة محددة (شهر) مبينا فيه سعر العقار (1000000 درهم مثلا) دون دفع أية مبالغ للمالك وفي حالة انقضاء المدة ينفسخ العقد تلقائيا.
7- البنك يضع سعر جديد للعقار = ثمن الشراء + أرباحه + المصاريف (1000000 + 300000 + 100000 = 1400000) على سبيل المثال، وبشرط دفعة أولى 10% والباقي يسدد خلال 10 سنوات
8- الوسيط يعرض سعر البنك والشروط على المشتري ويوافق المشتري على الشراء من البنك
9- البنك ينظم عقد بينه وبين المشتري لبيعه العقار ويقبض الدفعة الأولى 10% على أن يقسط الباقي خلال مدة 10 سنوات (بوجود الوسيط)
10- البائع والمشتري والممول يوثقون معاملة البيع في دائرة الأراضي كالتالي: البائع (المالك) يتنازل عن ملكية العقار للمشتري ويقبض ثمن عقاره من البنك والمشتري يرهن العقار لصالح الممول (بوجود الوسيط)
11- الوسيط يقبض أجرة (1% على سبيل المثال) من البائع والمشتري والممول حسب الاتفاق مع كل واحد منهم أو يقبض أجرة (3% على سبيل المثال) من أحدهما فقط حسب الاتفاق
12- المشتري يكمل ثمن العقار للمول خلال عشر سنوات
13- البنك يفك رهن العقار
السؤال: ما هو الحكم الشرعي لهذا البيع، وما هو الحكم الشرعي لأطراف البيع (الوسيط والمشتري والبائع والبنك) ، وما هو الحكم الشرعي لأجر الوسيط، إذا كانت طريقة البيع المذكورة سابقا أو أحد بنودها غير شرعية الرجاء التكرم بنصحنا بالكيفية التي نستطيع بها إجراء عملية البيع السابقة بالطريقة الشرعية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الصورة التي سميتها بالوساطة العقارية، هي مجرد سمسرة لبيع العقارات، والسمسرة جائزة في الجملة، والعلماء يذكرونها في باب الجعالة، وفائدة السمسار أنه يسهل على المشتري الحصول على حاجته، ويروج للبائع سلعته، ولمعرفة حكم السمسرة وضوابطها يمكنك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 5172، والفتوى رقم: 10315.
واشترط جمهور أهل العلم لإباحة السمسرة أن تكون أجرة السمسار معلومة، بأن لا تكون نسبة من الربح، وعند الحنابلة أن السمسرة بنسبة من الربح تصح، وهذا الذي بينته في السؤال من كون أجرة السمسار نسبة من قيمة العقار قد لا يكون داخلاً في جهل الأجرة، لأن قيمة العقار ينبغي أن تكون معلومة عند الجميع، وبالتالي فالنسبة منها تعتبر معلومة، وإذا كنت تقصد أن الأجرة هي نسبة من ثمن العقار وليس قيمته، وثمن العقار مجهول وقت عقد السمسرة، فإن الحنابلة يجيزون ذلك كما بيناه، ولا حرج في الأخذ بمذهبهم هنا فإن له حظا كبيراً من النظر.
وعليه فليس فيما وقفنا عليه من الخطوات المذكورة شيء يخالف الشرع، طالما أن الممول هو البنوك الإسلامية المنضبطة بضوابط الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1428(12/4175)
الحكم ينبني على كونك وكيلا أم سمسارا
[السُّؤَالُ]
ـ[دلني أحد الأشخاص على تأشيرة سفر لدولة معينة بسعر رخيص، فزدت في السعر على أشخاص آخرين يريدون السفر دون علم الطرفين، فما حكم المبلغ الفارق من سعر البيع وسعر الشراء، مع العلم أن الطرفين لم يتقابلا ولكن جميع الإجراءات المتعلقة بالسفر سليمة ليس فيها غش أو تدليس.
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السائل الكريم لم يبين لنا طبيعة عمله في هذه المعاملة، وهل هو وكيل أم وسيط فيها. ففي حال كان وكيلا عن الطرفين أو أحدهما فإنه لا يجوز له أن يأخذ فارق السعر ممن كان وكيلا عنه، وعليه رد الفارق إلى وكيله.
أما إن كان وسيطا (سمسارا) فالسمسرة عمل جائز، والأجرة عليها كذلك بشرط أن يتفق السمسار (الوسيط) مع من يريد السفر أو من يريد عمالة من دولة ما على أجرة محددة معلومة للطرفين والسمسار ومن يطلب منه هذه الخدمة، ولا يشترط أن يعلم العمال بقدر أجرة الوسيط التي يأخذها من رب العمل، ولا أن يعلم رب العمل بقدر الأجرة المأخوذة من العامل. وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 45996.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1428(12/4176)
التعاقد مع المؤسسات لترويج أدويتها مقابل جعل معين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صيدلي يقوم صاحب العمل بتحديد مجموعة أدوية لكي نعطيها للمرضى عن طريق الوصف وهذه الأدويه لها بدائل أغلى وأرخص منها ولنا فيها نسبة وهو يحصل عليها من الشركات بخصم عال ونحن نصفها كما يرضي الله بمعنى إن طلب المريض مضادا حيويا مثلا نعطيه مضادا حيويا ولكن الأولوية تكون لها لأن لنا فيها نسبة كما ذكرت، فهل هذا فيه شيء من الحرام نرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن يتعاقد الطبيب أو الصيدلاني مع بعض المؤسسات على ترويج أدويتها مقابل جعل معين، وهذا النوع من العقود يدخل في إطار السمسرة، وهي من العقود المباحة، ولكنه من المشترط في مثل هذه الحالة أن لا يكون في هذا الترويج غش للمرضى أو حمل لهم على اشتراء ما لا يحتاجونه، أو ما هو غالي الثمن بالنسبة لدواء آخر، فالغش هنا يكون بأن يعلم الصيدلاني أن الدواء المكتوب في الوصفة أفضل للمريض من بديله، أو أقل سعراً مع مساواتهما في الجودة، والنصيحة الواجبة للمريض تقتضي أن يدله على الأفضل الأقل ثمناً إذا تساوى النوعان في الفضل.
فنستخلص من هذا -إذاً- أن ما تعطونه من الأولوية للأدوية التي تتقاضون جعلاً مقابل ترويجها، لا يعتبر محرماً إذا تقيدتم فيه بما بيناه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1428(12/4177)
حكم أخذ الموظف جعلا مقابل إقناع صاحب الشركة بترك العقار المؤجر
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعمل في شركة كبرى، الشركة تعمل فى مجال السيارات مالك أحد العقارات التي عليها كراجات الشركة يريد إخلاء المبنى قبل انتهاء العقد وطلب من زوجي إقناع صاحب الشركة بالإخلاء بعد أن يدفع مبلغا كبيرا لصاحب الشركة، مع العلم بأن من مصلحة صاحب الشركة أن يترك العقار وسيعطي صاحب العقار مبلغا من المال إن استطاع إقناعه، فهل هذا المال حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أن زوجك يخدم في شركة تعمل في مجال السيارات، وأن صاحب الشركة كان قد تعاقد مع أحد ملاك العقارات عقد إيجار على عقار لمدة محددة، ثم صار الآن يريد إنهاء العقد قبل أجله، وأنه طلب من زوجك بصفته عاملاً في الشركة أن يقنع صاحبها بما يريده، وأنه مقابل ذلك سيعطيه مبلغاً من المال، فإذا كان الذي تقصدينه من السؤال هو على النحو الذي فهمناه، وكانت مصلحة صاحب الشركة -حقاً- هي أن يترك العقار، فلا نرى حرجاً على زوجك في تنفيذ ما طلب منه، لأنه بهذا الفعل يكون قد جلب المصلحة لكل من الطرفين، كما أننا لا نرى حرجاً عليه أيضاً في الاستفادة من الجعل الذي سيأخذه من مالك العقار، لأنه -في الحقيقة- لا يعدو كونه جعلاً مقابل سمسرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1428(12/4178)
حكم أخذ الطبيب عمولة على إرساله المرضى إلى المختبر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب مختبر للتحليلات المرضية والطبيب لا يرسل لي تحاليل إلا مقابل مبلغ محدد فهل هذا جائز؟ وإذا لم أدفع لا يتم إرسال التحاليل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشترط لجواز التعامل مع هذا الطبيب في المسألة المعروضة أن يكون المريض المحال محتاجا إلى إجراء تحاليل لأن بعض الأطباء قد يحيلون المرضى على فحوصات لا حاجة لهم إليها بقصد أخذ العمولة من المختبرات.
كما يجب في حق الطبيب أن لا يحيل من يحتاج إلى فحوصات إلا على مختبر هو الأنفع لهم من حيث دقة التحليل لأن المرضى يصدرون عن إشارة الطبيب فيجب أن يكون لهم ناصحا أمينا
وفي الحديث: حق المسلم على المسلم ست.... وإذا استنصحك فانصح له. رواه مسلم
فإذا روعي ما تقدم فلا مانع من الاستجابة لطلب الطبيب عمولة محدودة على إرسال المرضى إلى مختبر معين ويعد ذلك من باب السمسرة المشروعة. وراجع للمزيد الفتوى رقم: 54212.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1428(12/4179)
حكم إعطاء الوسيط نسبة من ثمن الأرض المبيعة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يبحث عن قطعة أرض لشرائها فوعدته أن أسأل بعض المعارف إن كان لديهم علم بأرض للبيع فتم ذلك عن طريق امرأة سألت رجلا تعرفه فأخبرها أنه يمتلك عدة قطع من الأراضي للبيع وأنه إن تم البيع فعلا (أي إن أتته بمن يشتري) سيعطيها نسبة 10 في المائة من ثمن البيع وهي بدورها ستعطيني النصف فهل هذا المال حلال أم حرام؟ .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن يعطيها هذا الشخص هذه النسبة إذا جلبت له من يشتري أرضه، ولا مانع من أن تقاسمها ذلك، إما على سبيل الهبة منها لك، وإما على سبيل المشاركة لها في جلب المشتري، وهذا الجلب هو من قبيل السمسرة الجائزة، وقد منع الجمهور فيها من كون الأجرة نسبة كالعشرة في المائة المذكورة في السؤال واشترطوا أن تكون معلومة، بينما أجاز الحنابلة كون الأجرة نسبة، ورجح مذهب الحنابلة عدد من المحققين من العلماء وهو الذي نفتي به في هذه المسألة، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 63477، والفتوى رقم: 67257.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1427(12/4180)
إذا مات المريض فهل يلزم دفع باقي الأجرة للمستشفى
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أجريت له عملية جراحية على القلب بإحدى المستشفيات البلجيكية. علم الرجل أن العملية ستكلف 120000 درهم مغربي. ابنة الرجل دفعت مبلغ30000 درهم. لكن بعد أيام توفي الرجل وإدارة المستشفى تطالب الابنة بأداء باقي المبلغ مع العلم أنها لم توقع أي التزام بالأداء.
هي تسال هل هذا المبلغ المتبقي يعتبر دينا على أبيها ويجب أداؤه؟ شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في التعاقد على علاج المريض، هل هو داخل في باب الإجارة أم إنه من باب الجعالة؟ جاء في الموسوعة الفقهية: أما مشارطة الطبيب على الشفاء من المرض والمعلم على حفظ القرآن مثلا وكراء السفن، فقال ابن الحاجب: إنها تصح إجارة وتصح جعالة، وزاد عليها ابن شاس المغارسة. وقال ابن عبد السلام: إن هذه الفروع كلها من الإجارة فقط على الراجح في المذهب. ونص سحنون على أن الأصل في مداواة المريض الجعالة.
واختلفوا كذلك في مشارطة الطبيب على البرء، هل تجوز أم لا، والصحيح أنها تجوز، وهي من باب الجعالة لا الإجارة. قال ابن قدامة في المغني: ويجوز أن يستأجر كحالا ليكحل عينه؛ لأنه عمل جائز ويمكن تسليمه ويحتاج أن يقدر ذلك بالمدة ... فأما إن قدرها بالبرء فقال القاضي: لا يجوز؛ لأنه غير معلوم. وقال ابن أبي موسى: لا بأس بمشارطة الطبيب على البرء؛ لأن أبا سعيد حين رقى الرجل شارطه على البرء. والصحيح إن شاء الله أن هذا يجوز، لكن يكون جعالة لا إجارة، فإن الإجارة لا بد فيها من مدة أو عمل معلوم ...
وبناء على هذا، فإن كان العقد الذي وقع بين ذلك الرجل أو وكيله وبين الطبيب كان عقد جعالة، بأن اشترط فيه البرء، فإن الطبيب لا يستحق شيئا؛ لأن البرء لم يحصل، والجعل إنما يُستحق بالتمام.
وإن كان العقد عقد إجارة، وقام فيه الطبيب بجميع العمل المتعاقَد عليه، فإنه بذلك يستحق الأجرة كاملة، أو يستحق منها نسبة ما قام به من العمل إذا كان الوفاة قد حصل قبل إكمال الأعمال المشترطة؛ لأن الإجارة عقد ملزم للطرفين، ولا يشترط فيها حصول النفع للمستأجر، وتنفسخ بموت المريض قبل إكمال العمل المتعاقَد عليه.
ومن الجدير بالملاحظة أنه ليس من اللازم أن يحرر عقد بين الطبيب وبين المريض بأن الصفقة صفقة إجارة أو جعالة، وإنما يكفي أن يكون ذلك متعارفا عليه.
وإذا كان العقد عقد إجارة واستحق الطبيب فيه الأجرة بكاملها أو استحق جزءا منها، فالواجب أن لا تقسم تركة الميت إلا بعد أداء هذا الحق؛ لأن سداد دين الميت مقدم على حقوق الورثة.
وإذا لم يكن الميت قد ترك مالا يفي بهذا الدين فليس من واجب بنته أن تقضيه إلا إذا كانت هي المباشرة للعقد مع إدارة المستشفى، أو كانت قد وكلت من يقوم عنها بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1427(12/4181)
حكم فسخ الجعالة بعد شروع المجاعل في العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدمت لمقابلة في أحد مكاتب التوظيف الخاصة التي تأخذ بدل أتعاب من الحاصل على وظيفة من خلال مكتب التوظيف وبعد متابعة مع المكتب لمدة سنة تقريبا وهو يماطل معنا ولم يعلمنا بأي معلومات حول نتيجة المقابلة وبالتالي تم إهمال ونسي الموضوع لمدة سنة. وبعد عام تم إبلاغي بأن الجهة التي ترغب في توظيفي أرسلت اسمي ضمن القائمة وبالتالي عدت من جديد للمتابعة مع المكتب وحثه على الإسراع في إنهاء هذا الأمر ولكن لم يتجاوب معي في ذلك وبعد فترة قمت بإرسال فاكس إلى جهة العمل وشرحت لهم ضرورة الإسراع في حسم الموضوع بسرعة- بسبب تعاقدي مع إحدى الجهات وأعطوني مهلة لالتزامي بالعقد - ومن هنا بدأت أسوي الأمر بشكل شخصي بدون الرجوع إلى المكتب الذي لم يهتم بهذا الأمر وبعد سلسلة من الاتصالات مع تلك الجهة التي أرغب للعمل لديهم في السعودية تم إبلاغي بأن التاشيرة ستصل إلى الملحق السعودي في الأردن لإتمام الإجراءات. ومن هنا المكتب لايعلم شيء عن وصول التأشيرة فذهبت إلى مكتب التوظيف للتأكد هل متابع أم لا فإذا به يخبرني أنه يتابع ولكن لم يصل شيء بخصوصي ففاجئت الموظف أن التأشيرة موجودة عند الملحق الثقافي السعودي وأنتم لا تعلمون وتعطوني معلومة كاذبة , ومع كل هذا قلت لهم راجعوا مكتب المستشار السعودي لإنهاء الموضوع لحساسية موقفي في تعاقدي مع جهة في الأردن (مكان إقامتي) ولكن لم أحصل على شيء في إتمام الإجراءات للحصول على التأشيرة والسفر فقمت بجهدي الخاص في المتابعة التي استغرقت مني الوقت والمال والجهد وأعتقد أنكم تعرفون صعوبة متابعة الحصول على تأشيرة _ التي يفترض أن يقوم بها مكتب التوظيف_ وبعد حصولي على التأشيرة ذهبت مرة أخرى إلى مكتب التوظيف لأسألهم ماذا حدث في التأشيرة _ علما أنني حصلت عليها بمجهودي الشخصي- فقالوا لي إنه لم يحدث شيء بهذا الخصوص , ففاجأت الموظف والمسؤول أن التأشيرة أصبحت بحوزتي وأنا جاهز للسفر. فاستغربوا ذلك! فقلت لهم من أجل الحلال والحرام أتيت إلى مكتبكم لتسوية الأمر. علما أنني أصبحت خارج تعاملهم ومتابعتهم للأمر ولا يعرفون إلا ما أخبرتهم به. "فكان رد مدير المكتب أنهم يريدون مني أتعابهم وهو راتب شهر كامل مقابل أنهم وفروا لي فرصة مقابلة قبل سنة مع جموع المقابلين. فأخبرتهم أنني أنا الذي قمت بالمتابعة لتقصيرهم في ذلك وحرق أعصابي وإضاعة وقتي " وصادف هذا الجدل والحوار بيني وبينهم سفري إلى السعودية للالتحاق في عملي - علما أنني طلبت من مكتب التوظيف أن يطلب من الفلوس الشيء المعقول مقابل ما يعتقد أنه قام بتوفير فرصة عمل وإجراء المقابلة ولكن لم يتمم باقي الأمور التي من واجبه وهي أهمها. فأرجو إفتائي فيما يلي:
1- هل يستحق هذا المكتب أي أتعا ب مالية. وإذا كان يستحق هل يستحق كامل أتعابه أم ماذا؟
2- إنني بإذن الله تعالى مقبل على أداء مناسك الحج ولم يتم تسوية هذا الموضوع بيني وبينهم فهل هذا يؤثر على شروط وأركان الحج؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد اتفقت مع المكتب المذكور على أنه إن قام بإيجاد وظيفة لك فله راتب شهر كامل من مرتب هذه الوظيفة، فهذه المعاملة داخلة في الجعالة وهي جعل الشيء من المال لمن يفعل أمر كذا، وفي الجعالة لا يستحق المجاعل الجعل إلا بتمام العمل المجاعل عليه كما جاء في كشاف القناع: فمن فعله أي العمل المسمى عليه الجعل بعد أن بلغه الجعل استحقه. اهـ.
وفي الصورة موضوع السؤال نجد أن المكتب لم يتم العمل وإنما قام الأخ السائل بإتمام ذلك دونه واستلم الوظيفة المجاعل عليها فحقيقة الأمر أن الجاعل (الأخ السائل) فسخ الجعالة بعد شروع المجاعل (المكتب) في العمل، وفسخ الجعالة جائز قبل الشروع في العمل وبعده لأنها من العقود الجائزة لا اللازمة، ومتى ما فسخ الجاعل المجاعلة بعد شروع المجاعل في العمل فإنه له أجرة مثله، جاء في المصدر السابق: وإن فسخها الجاعل قبل شروع العامل لم يلزمه شيء وبعد الشروع فعليه للعامل أجرة مثل عمله. اهـ.
وعليه، فللمكتب مقابل عمله قبل أن يتولى الأخ بقية العمل أجرة أمثاله على هذا العمل فينظر كم أجرة مثله على هذا العمل فيعطى، وننبه إلى أن الأجرة المتفق عليها من السؤال وهي راتب شهر كامل إن كان هذا الراتب معلوما فجعله أجرة في الجعالة صحيح، أما إن كان غير معلوم عند عقد الجعالة فجعله أجرة غير صحيح لأنه يشترط في الجعالة أن يكون الجعل معلوما.
وأما عن علاقة الموضوع المتقدم بالحج فإنه لاعلاقة له به لا في صحته ولا في أركانه، ولتعلم أن أداء حقوق الناس واجبة على المرء سواء أراد الحج أو لم يرد. وراجع للمزيد الفتوى رقم: 6785.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1427(12/4182)
عمولة الموظف بين الجواز والمنع
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة بصفة مدير وممثل عن المالك لي مرتب ثابت مقطوع وأقوم بالتعامل مع عدة مكاتب استشارات هندسية ومقاولات لمشاريع المالك من خلال خبرتي وعلاقاتي الواسعة مع هذه المكاتب والشركات أقوم بتوفير مبالغ كبيرة جداً على المالك تصل أحيانا إلى دفع ربع المبلغ الذي يعطى للمالك عن طريق شركات أخرى غير الشركات التي أتعامل معها أنا، مثال (يقدم عرض سعر للمالك بمبلغ مائة ألف درهم لتصميم فيلا عن طريق مكاتب أخرى أما عن طريقي فيصل المبلغ إلى 25 ألف درهم وبنفس الجودة والدقة) ، أما السؤال: بعد الاتفاق النهائي مع المكاتب التي أتعامل معها على السعر النهائي لقيمة التصاميم أو الإشراف أو البناء (بالطبع أقل الأسعار) أحيانا أطلب نسبتي منهم من قيمة العقد وفي بعض الأوقات هم يبادرون بأنني إذا أحضرت لهم مشروعا سواء من المالك (الكفيل) أو أي شخص آخر فلي نسبة معينة، فهل يجوز أن أشترط عليهم هذه النسبة، وهل يجوز أخذي لهذه النسبة أم لا (سواء إذا كانت هذه النسبة من مشاريع المالك الذي أعمل عنده أو أي شخص آخر) ، مع العلم بأن هذه النسبة لا تزاد على السعر بأن يقولوا مثلا المبلغ عشرون ألف وزد عليهم ألف لك ليصبح واحدا وعشرين ألف بل أتفق معهم على عشرين ألف سعرا نهائيا ومن العشرين لي ألف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طلبك نسبة أو عمولة من هذه المكاتب التي تتعامل معها يجوز في حال دون حال، أما حال الجواز فهو أن تحضر لهم مشروعاً من عند غير صاحب الشركة التي تعمل بها، ويكون هذا من باب السمسرة وأخذ أجرة عليها، جاء في صحيح البخاري (باب أجرة السمسرة) : ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسرة بأساً. انتهى.
أما الحال التي لا يجوز لك أن تأخذ نسبة ولا أن تطلبها ففي حال قيامك بعملك الواجب والذي تتقاضى عليه أجراً معلوماً من موكلك (صاحب الشركة) وأي زيادة تحصل عليها تردُّ إلى الموكل فإن أذن لك في أخذها فلا حرج في ذلك.
وينبغي أن تعلم أن الواجب عليك بذل الجهد المطلوب من مثلك في مصلحة موكلك، لأنه إنما استأجرك واستعملك على ذلك فأي تقصير منك في مصلحته يعتبر تقصيراً في الواجب والأمانة التي أؤتمنت عليها، فما تجلبه لموكلك من أسعار جيدة هو المطلوب منك نظير ما تأخذ منه من مرتب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1427(12/4183)
حكم العمولة التي يحصل عليها الموظف من خطوط الطيران
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله لكم وجزاكم كل خير
سؤالي هو: شخص يعمل في شركة سفريات، طبعاً يبيع تذاكر لخطوط الطيران، وعن كل تذكرة يبيعها يقبض المكتب الذي يعمل فيه نسبة 10% من قيمة التذكرة، الآن ما يحدث أن بعض خطوط الطيران وكحافز وتشجيع للموظف على بيع تذاكر أكثر فإنها تخصص له مبلغا خاصاً غير النسبة التي تدفع للمكتب، فمثلاً إذا باع 100 تذكرة لخطوط طيران معينة بمبلغ 10000 فإن هذه الخطوط تدفع ما قيمته 1000 ريال للمكتب الذي يعمل فيه هذا الشاب ثم تدفع ما قيمته 500 ريال للشاب كحافز له على بيعه للتذاكر. فهل هذا حلال أم حرام وخصوصاً أن أصحاب المكتب لا يعرفون عن هذا المال، والسؤال الأهم أن هذا الشاب يقوم بهذا الشيء منذ سنوات وقد دخل في تجارة من المال الذي جمعه بهذه الطريقة ودرّس إخوته في الجامعات، وأعان بعضهم على الزواج أي أن هذا المال أنفق أو أدخل في تجارة فإذا كان حراماً فكيف العمل؟ وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان إعطاء خطوط الطيران للموظف عمولة دون علم أصحاب المكتب مقابل قيام الموظف بعمل لو علم به صاحب المكتب أو الشركات التي تتعامل مع المكتب لمنع منه فهذه العمولة حرام، وهي داخلة في الرشوة التي لعن فيها النبي صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي، رواه أحمد وأبو داود، وفي هذه الحالة فالواجب فيما حزته من هذه العمولات هو التوبة إلى الله والتصدق بها في وجوه الخير كإعانة الفقراء والمساكين، فإن لم تستطع تحديد مقدارها فاجتهد في تقدير ذلك بحيث يغلب إلى ظنك أنه لا يلزمك أكثر منه، وراجع الفتوى رقم: 64384، والفتوى رقم: 73224، وفي الأرباح التي تولدت من هذه العمولات نتيجة للمتاجرة بها خلاف بين العلماء وقد بسطناه مع بيان الراجح في الفتوى رقم: 57000.
أما إذا كان إعطاء خطوط الطيران للموظف عمولة دون علم أصحاب المكتب ليس مقابل عمل يمنعه أصحاب المكتب أو الشركات التي تتعامل معه فهي جائزة لأنه حينئذ من الهدية أو السمسرة الجائزة، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 5794.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1427(12/4184)
أخذ الأجرة مقابل التوسط بين البائع والمشتري
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب مني أحد الأشخاص التوسط فى عملية تجارية مقابل عمولة معينة، ما حكم هذه العمولة، علما بأن هذا الشخص هو موظف مشتريات لدى المشتري ويرغب فى أخذ جزء من العمولة أيضا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتوسط بين البائع والمشتري يسمى في الفقه الإسلامي سمسرة وهي جائزة، ولا بأس بأخذ أجرة عليها، كما جاء في صحيح البخاري (باب أجر السمسرة) : ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأساً ... انتهى.
وعليه فلا حرج أن تقوم بهذه الوساطة وتأخذ عليها عمولة معلومة إن كانت الوساطة على سلعة مباحة شرعاً، أما موظف المشتريات الذي وكله المشتري في الشراء ويطلب منك جزءاً من هذه العمولة فلا يحل له أخذ شيء منها لنفسه، لأنه وكيل عن المشتري، وأي زيادة في المعاملة التي وكل عليها عائدة على المشتري الموكّل لا على الوكيل إلا أن يأذن له الموكّل. وراجع للمزيد الفتوى رقم: 17863.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1427(12/4185)
جعل السمسار وزكاته
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مكتب لبيع تذاكر السفر بالطائرة فهل علي زكاة وكيف، كذلك أشتري قبل موسم الحج تذاكر رحلات للحج وأبيعها للراغبين في أداء مناسك الحج فهل علي زكاة في الربح الذي أحققه في هذه العملية؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان قصدك من مكتب بيع تذاكر السفر أنك تشتري التذاكر من شركات الخطوط الجوية ثم تبيعها للمسافرين، فمثل هذا العقد يدخل في باب الإجارة، لأنك باشتراء التذكرة من شركة الخطوط تكون قد استأجرت منها مقعداً للسفر، ومن حقك أن تؤجر هذا المقعد لأي مسافر يريد السفر إلى تلك الجهة.
وفي هذه الحالة فإذا حال حول المال الذي افتتحت به هذا المكتب فإنك تزكي ما حصلت عليه من الربح إذا كان بالغاً النصاب، ولو بضمه إلى ما عندك من النقود التي حال حولها، ففي شرح الشيخ الدردير عند قول خليل: كغلة مكترى للتجارة، قال: فتضم للأصل فيكون حولها حول الأصل ولو كان أقل من نصاب، فمن عنده خمسة دنانير أو نصاب زكاه في المحرم ثم اكترى به داراً مثلاً للتجارة في رجب فأكراها في رمضان بأربعين ديناراً فالحول المحرم. انتهى.
وأما إن كنت لا تشتري التذاكر، وإنما تأخذها من شركات الخطوط على أنك ستروجها لهم، على أن لك جُعْلاً يتناسب مع الكمية المبيعة من التذاكر، فمثل هذا العمل يعتبر من باب السمسرة، والسمسرة هي الوساطة بين طرفي العقد لإتمام العقد أو الدلالة عليه، وهي جائزة عند أهل العلم إذا لم تتضمن محظوراً شرعياً، وهي معدودة عند الفقهاء من باب الجعل.
ففي المدونة: في جعل السمسار: قلت: أرأيت هل يجوز أجر السمسار في قول مالك؟ قال: نعم، سألت مالكاً عن البزاز يدفع إليه الرجل المال يشتري له به بزا ويجعل له في كل مائة يشتري له بها بزا ثلاثة دنانير؟ فقال: لا بأس بذلك، فقلت: أمن الجعل هذا أم من الإجارة؟ قال: هذا من الجعل. انتهى.
وفي هذه الحالة، فإن ما تجنيه من النقود من هذا العمل إذا بلغ النصاب بنفسه أو بما انضم إليه من نقود أخرى أو عروض تجارة وحال عليه الحول وجبت فيه الزكاة، ويمكنك أن تراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 25915.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1427(12/4186)
حكم إعطاء الغير نصف الأرباح لكل مشروع يأتي به
[السُّؤَالُ]
ـ[تعاهدت مع شخص أنه كلما جاء بمشروع تجاري يأخذ نصف الأرباح فمثلا لو وجد (سوبر ماركت) سوق مطور بسعر مناسب فإنه يدخل بالنصف بدون أن يدفع أي مبلغ أو يشارك بأي جهد، فقط مجرد أن يدل على المحل وأنا أشتريه وأستأجره وأديره بنفسي، ولا زلت معه على هذا الحال وهو لا يتنازل عن حقه فما حكم الوفاء بهذا العقد المجحف بحقي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك: إنك تعاهدت مع شخص على أنه كلما جاء بمشروع تجاري يأخذ نصف الأرباح، إذا كنت تعني به أنه يستمر شريكا لك في ذلك المشروع بلا نهاية، فهذا لا يتصور حله لما يشتمل عليه من الغرر والجهالة. إذ لا يدرى كم سنة تستمر هذه الشركة، ولا كم سيستفيد هو، ولا متى يباح لك أن تحول مشروعك هذا إلى مشروع آخر، ولا غير ذلك.
وعليه، فهذا العقد باطل، وإنما يكون فيه لذلك الشخص أجرة مثله بالغة ما بلغت.
وإن كنت تعني أنكما متعاقدان على أن له نصف الربح الذي يجنى من بيع البضاعة التي جاءك بها، فهذا يعتبر من باب السمسرة. والسمسرة معدودة عند الفقهاء من باب الجعل، والجعالة جائزة بشروط، ففي المدونة: في جعل السمسار: قلت: أرأيت هل يجوز أجر السمسار في قول مالك؟ قال: نعم سألت مالكا عن البزاز يدفع إليه الرجل المال يشتري له به بزا ويجعل له في كل مائة يشتري له بها بزا ثلاثة دنانير؟ فقال: لا بأس بذلك، فقلت: أمن الجعل هذا أم من الإجارة؟ قال: هذا من الجعل. انتهى.
وعليه فيشترط في السمسرة ما يشترط في الجعالة، ومن ذلك أن تكون الأجرة معلومة لا نسبة من الأرباح لأن في ذلك جهالة وغررا، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر كما في صحيح مسلم.
هذا هو مذهب الجمهور، وعليه فالعقد بينكما لا يصح، وهو إن قام بالعمل له أجرة مثله فقط.
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز كون الأجرة نسبة من الربح. قال في كشاف القناع: ولو دفع عبده، أو دفع دابته إلى من يعمل بها بجزء من الأجرة جاز، أو دفع ثوبا إلى من يخيطه، أو دفع غزلا إلى من ينسجه بجزء من ربحه، قال في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصانا ليبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز نص عليه في رواية حرب، وإن دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوبا بثلث ثمنه أو ربعه جاز نص عليه، أو دفع ثوبا إلى من يخيطه أو غزلا إلى من ينسجه بجزء منه مشاع معلوم جاز. انتهى.
وبناء على هذا القول الأخير، فما تعاهدت عليه مع ذلك الشخص جائز إذا كان العهد بينكما على الوجه الذي ذكرناه أخيرا، وهو أن يكون له نسبة من ربح البضاعة التي دلك عليها، ولكن الأحوط لك في المستقبل أن تحدد له جعلا معلوما لتخرج بذلك من الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1427(12/4187)
الوساطة في تسهيل تسليم المستحقات المالية
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد هناك عروض خدمات متمثلة فى الواسطة بين طرفين الطرف الأول مثلاً مواطن قام بعمل للطرف الثاني مثلاً الدولة أو لجهة ما وبعد انتهاء العمل لم يتحصل على أمواله مقابل العمل الذي قام به، والذريعة هي مثلاً الآن لا توجد سيولة أو بعد فترة سيتم دفع مستحقاتك وهكذا أعذار، المهم الناتج من العملية هو التأخير للطرف الأول ومراجعته المستمرة للطرف الثاني دون فائدة (وممكن إخلال ببنود العقد المبرم بينهم إن وجد) ، وعملية العرض متمثلة فى الواسطة بين الطرفين على أن يستلم الطرف الأول مستحقاته من الطرف الثاني وكالآتي:
1- يتم الاتفاق بين الوسيط والطرف الأول على تسهيل أو إتمام استلام مستحقاته بشرط أن يأخذ الوسيط مثلاً نسبة 10%، من قيمة المبلغ المستحق للطرف الأول من الثاني.
2- يكون للوسيط علاقات جيدة مع الطرف الثاني (مثلاً مع أفراد فى إحدى مؤسسات الدولة) ، ويتفق معهم على تسهيل أو إتمام استلام المستحقات للطرف الأول مقابل مبلغ مالي يعطيه الطرف الأول أو يخصم من مستحقاته لصالح الطرف الثاني.
علماً بأن المبلغين الماليين الذين أعطاهما الطرف الأول للوسيط وللطرف الثاني عن رضاً منه، فهل هذه العملية رشوة (يعنى حلال أم حرام) ، أفيدوني أفادكم الله تعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكر من قيام شخص ببذل جاهه وعلاقاته في سبيل إيصال حقٍ لآخر من جهة أو شخص مماطل أو جاحد يعتبر عملاً مشروعاً بل مستحباً، بل قد يجب إذا تعين على هذا الشخص صاحب الجاه، لعموم حديث النبي صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً. متفق عليه.
أما أخذ أجرة مقابل هذا العمل فهو داخل فيما يعرف بثمن الجاه وليس رشوة، وثمن الجاه اختلف فيه أهل العلم، وقد تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 75549.
هذا وإذا جاز لك أخذ أجرة مقابل ذلك فيجب أن تكون هذه الأجرة معلومة لا مجهولة وتكون معلومة، إما بأن تكون مبلغاً مقطوعاً أو نسبة محددة من مبلغ معلوم محدد.
أما إن كانت نسبة مما سيخرج للطرف الأول ولا يدري كم سيخرج له فهذه أجرة مجهولة، وإذا جهلت الأجرة فليس لصاحب الجاه هنا إلا أجرة مثله، وننبه هنا إلى أن ذا الجاه هذا قد يكون الواجب عليه أن يسعى في استنقاذ حق الآخر، كأن يكون ذو الجاه صاحب ولاية ومن ضمن عمله الواجب فعل ذلك.
فدفع شيء له مقابل هذا العمل يعد سحتاً ورشوة، جاء في نهاية المحتاج في باب الجعالة: ... فلو قال من دلني على مالي فله كذا فدله من المال في يده لم يستحق شيئاً؛ لأن ذلك واجب عليه شرعاً فلا يأخذ عليه عوضاً. انتهى.
أما الحالة الثانية والتي مضمونها تنازل صاحب الحق عن بعض حقه للمدين لا جهة العمل بعد حلول الدين مقابل تسهيلات ... يتفق عليها الوسيط وجهة العمل، فالجواب عنها أن المطلوب الوقوف مع المظلوم ضد الظالم والضعيف مسلوب الحق ضد سالبه، وصاحب الدين ضد جاحده أو مماطله حتى يأخذ حقه كاملاً، أويترك بعض حقه برضاه دون شائبة إكراه أو محاباة للقوي على حسابه، فهذا هو الصلح الذي أمر الله به بين المؤمنين وهذه هي الوساطة الجائزة.
أما إن كان صاحب الحق يتنازل عن حقه مكرهاً فهذا صلح جائر، وظلم بين لا يحل للطرف الثاني أخذ شيء من حق الضعيف ما لم تكن طيبة به نفسه، والغالب أن مثل هذه الحالة ما يدفع فيها عن رضى في الظاهر لا تطيب به النفس، وإنما رضى صاحبه بدفعه مقابل تخليص باقي حقه له ولو لم تكن هناك عرقلة أو لف وعدم وضوح ما تنازل عن شيء من حقه، وبالتالي فأخذ شيء من هذا القبيل لا يجوز ولو كان عن رضى من صاحبه في الظاهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1427(12/4188)
حكم التسويق مقابل عمولة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نقوم بتسويق لبضاعة وجزء من البضاعة نقوم بتخزينه الآن وهو ناتج من لحم الزعانف التي يتم قطعه منها والجزء الآخر لا نشتريه إلا بعد أن يفتح لنا الزبون الاعتماد المستندي واتصل بنا بعض الأشخاص الراغبين في التسويق لنا مقابل عمولات لكن نقول لهم إن العمولة سيحصلون عليها فقط في حالة نجاحهم في عقد صفقة هل يجوز هذا النوع أم لا؟ وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل حكم بيع السمك قبل قبضه، وحكم أخذ ما يضمن للبائع حقه قبل تمام العملية، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 75928.
وفيما يتعلق بموضوع الأشخاص الراغبين في التسويق لكم مقابل عمولات، فإن ما يقوم به أولئك الأشخاص يسمى سمسرة، والسمسرة هي الوساطة بين طرفي العقد لإتمام العقد أو الدلالة عليه وهي جائزة، إذا لم تتضمن إعانة على بيع محرم، أو الدلالة على ما يحرم بيعه، أو التعامل فيه.
والسمسرة معدودة عند الفقهاء من باب الجعل، ففي المدونة: في جعل السمسار: قلت: أرأيت هل يجوز أجر السمسار في قول مالك؟ قال: نعم سألت مالكا عن البزاز يدفع إليه الرجل المال يشتري له به بزا، ويجعل له في كل مائة يشتري له بها بزا ثلاثة دنانير؟ فقال: لا بأس بذلك، فقلت: أمن الجعل هذا أم من الإجارة؟ قال: هذا من الجعل. انتهى.
وإذا تقرر كون السمسرة من الجعالة، فإن الأصل في الجعل أن لا يستفيد فيه العامل إلا بعد إنجاز العمل الذي تم التعاقد عليه.
وعليه، فلا حرج في مثل هذه الصفقة التي ذكرت، طالما أن الأمر المتعاقَد عليه مباح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1427(12/4189)
أخذ المال في مقابل الرقية لدفع ركود التجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الرقية من أجل الحصول علي المال.
لتوضيح هناك بعض المشايخ يقومون بإعداد رقية لجلب المال لبعض الأشخاص مقابل حصولهم علي عمولة من هذه الأموال هل يجوز هذا أم لا مثلا إذا كانت لديك تجارة راكدة فتتمكن من بيعها....إلخ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرقية الشرعية يراد بها دفع الضرر في الأبدان والأرواح أو الأحوال، فتدفع الضرر قبل وقوعه وترفعه بعد وقوعه وتخفف منه إذا وقع. فلو فرض في الواقع أن شخصا عنده رقية سليمة من الشرك والكلام الباطل يدفع بها ركود التجارة، فلا نرى ما يمنع من أن يأخذ مقابل ذلك أجرة ممن يرقيه أو يعلمه هذه الرقية.
جاء في مطالب أولي النهى: سئل أحمد عن رجل ليس له صنعة سوى بيع التعاويذ فترى له أن يبيعها أو يسأل الناس؟ قال: يبيع التعاويذ أحب إلي من أن يسأل الناس.
ويشترط في هذه الأجرة أن تكون معلومة لا مجهولة؛ لأن أخذ أجرة على الرقية من باب الجعالة، ويشترط فيها أن يكون الجعل معلوما إما مبلغا محددا أو نسبة محددة من سلعة معلومة الثمن لتنتفي الجهالة في الجعل.
هذا. وراجع في أسباب جلب الرزق الفتوى رقم: 28652.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1427(12/4190)
حكم تسويق البضاعة مقابل نصف الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[الشركة التي أعمل بها أمامها بضاعة معروضة للبيع، مخزون قديم بسعر 50000 وقيمة البضاعة الفعلية 300000 ولا يوجد لدى الشركة نقدية لشراء هذه البضاعة ويوجد أمام الشركه شخص لديه المقدرة لشراء هذه البضاعة وليس لديه دراية بكيفية تسويق هذه الضاعه فستعلمه الشركة أن ثمن شراء هذه البضاعة 100000 وهو لا يعلم أن ثمنها 50000 أي أن الشركة ستخرج لها عمولة من عملية الشراء بمبلغ 50000 لقيامها بدور الوسيط بين البائع والمشتري ثم ستقوم ببيع هذه البضاعة لهذا الشخص لعدم درايته بتسويق البضاعه بالاتفاق معه على أن يكون الربح بعد البيع بالنصف، فما رأيكم في هذا الموضوع وبالأخص عمولة الشركة؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لكم أن تخبروا هذا الشخص أن ثمن البضاعة 100000 بينما ثمنها الحقيقي 50000 لتحصلوا من وراء ذلك على عمولة هي مقدار الفرق بين الثمنين، لأن ذلك من الكذب المحرم وأكل أموال الناس بالباطل، وقد قال الله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188} ، وقال صلى الله عليه وسلم: إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً. متفق عليه واللفظ لمسلم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 1356، والفتوى رقم: 22200.
وإذا أردتم أن تتقاضوا من هذا الشخص عمولة على دلالته على هذه الصفقة فيجب أن تكون هذه العمولة معلومة له ومتفقاً عليها معه سابقاً، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 45996.
وأما بالنسبة لبيع هذه البضاعة له مقابل نصف الربح، ففي ذلك خلاف بين العلماء، والراجح لدينا جوازه، كما هو مبين في الفتوى رقم: 74930، والفتوى رقم: 72048.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1427(12/4191)
شراء السمسار لنفسه ما وكل في شرائه لغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا توسطت لبيع عقار واستلمت عربون الشراء من المشتري، لأسلمه للبائع ثم فجأة انتهزت الفرصة وقررت أن أشتري العقار لنفسي لرخص ثمنه ورددت العربون للمشتري وهو غير راض. وأكملت البيع لنفسي علما أن المتعارف عليه هنا أن عقد البيع يتم فقط عند استلام كامل المبلغ. ما اسم هذا المنكر وما كفارته.
وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن السمسار وكيل بأجر، والوكيل مؤتمن يحرم عليه الخيانة والغدر، فقيامك بشراء ما وكلت في شرائه لنفسك حرام شرعا من هذه الحيثية.
جاء في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق:
ولو وكله بشراء شيء بعينه لا يشتريه لنفسه معناه لا يتصور أن يشتريه لنفسه وذلك لأنه يلزم فيه الغدر بالمسلم وهو حرام بل لو اشترى ينوي بالشراء لنفسه أو تلفظ بذلك يكون للموكل. اهـ.
وذهب طائفة من أهل العلم إلى جواز أن يشتري الوكيل لنفسه ما وكل على شرائه بعينه، ومع هذا فالصورة المذكورة حرام أيضا لما فيها من الغدر والشراء على شراء أخيه لأنه قد حصل ركون من البائع والمشتري بدليل الاتفاق على الثمن ودفع العربون.
جاء في إعلام الموقعين: لو وكله أن يشتري له جارية معينة فلما رآها الوكيل أعجبته وأراد شراءها لنفسه من غير إثم يدخل عليه ولا غدر بالموكل جاز ذلك لأن شراءه إياها لنفسه عزل لنفسه وإخراج لها من الوكالة والوكيل يملك عزل نفسه في حضور الموكل وغيبته وليس في ذلك بيع على بيع أخيه أو شراء على شراء أخيه إلا أن يكون سيدها قد وكل إلى الموكل وعزم على إمضاء البيع له فيكون شراء الوكيل لنفسه حينئذ حراما لأنه شراء على شراء أخيه. اهـ.
جاء في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: لا يجوز للسمسار بعد رضى البائع والمشتري بالثمن وأمر البائع له ببيعه بما اتفقا عليه أن يبيع ذلك لغير المشتري الأول حتى يبتاع أو يذر. اهـ.
وعليه، فإذا تقرر حرمة ما فعله السائل فإن كفارته أن يتوب إلى الله عز وجل ويعزم على أن لا يعود لمثله، وأما البيع إن وقع فهو للموكل على مذهب الحنفية كما مر، أو يكون بيعا باطلا كما هو المذهب عند الحنابلة لأنه بيع على بيع في زمن الخيار.
جاء في مطالب أولي النهى:
وحرم ولا يصح بيع على بيع زمن الخيارين لحديث ابن عمر: ولا يبيع الرجل على بيع أخيه. متفق عليه. والنهي يقتضي الفساد
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1427(12/4192)
اشتراط تقديم العمولة في الوساطة التجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مؤسسة وساطة تجارية ولدينا زبون في الخارج ومستعد ليمول لنا مشروعا يستورد بموجبه الأسماك عن طريقنا
1) هل يجوز لنا الطلب منه تقديم نسبة 25% أو 30% من عمولتنا مقدما لنا حتى نعد بعض الوثائق التي يحتاج لها المشروع أم لا.
2) متى يستحق الوسيط حصوله على عمولته من الناحية الشرعية هل يستحقها فقط بعد تمام العمل.
وجزاكم الله خيرا. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من الوساطة التجارية في تصدير الأسماك يدخل في باب السمسرة، والسمسرة معدودة عند الفقهاء من باب الجعالة.
والجعالة يفسدها اشتراط النقد عند كثير من أهل العلم، لأنه يؤدي إلى التردد بين السلفية والثمنية. وأما التطوع فيها بنقد الأجر كله أو بعضه فلا بأس به. قال الشيخ الدردير في كتابه أقرب المسالك: (وشرطها) : أي شرط صحتها أمران: الأول: (عدم شرط النقد) للجعل فشرط النقد يفسدها للتردد بين السلفية والثمنية, وأما تعجيله بلا شرط فلا يفسدها ...
وعليه، فإذا تطوع زبونكم بتقديم ما تطلبونه من الأجر، فلا مانع من ذلك. وأما اشتراطه عليه في العقد فقد علمت ما فيه من الفساد.
وعُلم من هذا الجواب أن العمولة إنما تستحق بعد تمام العمل, وإن تقديمها طوعا جائز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1427(12/4193)
بين الجعل والرشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أقيم بفرنسا ذهبت في عطلة إلى الجزائر بسيارة من نوع قديم لبيعها بعد نهاية العطلة كقطع غيار حتى أقلل من مصاريف السفر. لكن صعب علي الأمر فالتجأت الى ضابط في الجمارك واقترحت عليه أن يضعها في مستودعهم ثم يبيعونها ويأخدون نسبة مئوية بعد البيع فبدأ يراوغ ثم قال هذه سيارة قد تصل الى70000 فقلت له أعطيك10000 إذا بعتها بهذا الثمن. فما الحكم الشرعي مع العلم أن المبلغ المتبقي بعد النسبة المئوية للدولة وما أعطيه للجمركي أريد أن أبني به بيتا في بلدي الجزائر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن السؤال على مسألتين:
1- بيع السيارة بجعل هو نسبة مما تباع به.
2- إعطاء ضابط الجمارك مبلغ عشرة آلاف إذا بيعت السيارة بـ: 70000.
وحول النقطة الأولى فإن ما تقوم به الجمارك من الوساطة في بيع السيارات أوغيرها يسمى في الفقه بالسمسرة, والسمسار هو الذي يتوسط بين المتعاقدين ويسهل مهمة العقد مقابل مبلغ يأخذه منهما أو من أحدهما, والفقهاء يعدون السمسرة من باب الجعالة. قال البخاري: باب أجر السمسرة, ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأسا. اهـ وقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان الجعل في السمسرة يمكن أن يكون نسبة من الربح أو المبيعات أم لا؟ ويمكنك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 50615.
وحول النقطة الثانية: فإن كان ما تعطيه لضابط الجمارك هو لقاء عمله الذي هو مكلف به في وظيفته فإن ذلك عين الرشوة التي حرمها الله، ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذها والمأخوذة منه، فعن عبد الله بن عمر قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وعليه؛ فننصحك بسحب ما كنت قد عرضته لذلك الضابط من الوعد بإعطائه المبلغ المذكور إذا بيعت السيارة. وإذا كان الأمر قد انقضى ولم يعد ممكن التدارك فعليك أن تبادر إلى التوبة وأن تصمم العزم على ألا تعود إلى مثله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1427(12/4194)
الوساطة في بيع منتجات التجميل
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب في العمل كمندوبة لإحدى شركات التجميل والتي تبيع منتجاتها عبر كتلوجات ولكن للاشتراك يجب إعطاء الشركة اسم إحدى المشتركات بهذه الشركة بحيث هذه المشتركة سوف تأخذ نسبة معينة من مبيعاتي مثال: أنا بعت منتوجات من الشركة بـ100 ريال أنا يكون لي الربع 25% وهذه المشتركة يكون لها 7% فهل النسبة التي تأخذها المشتركة السابقة (7%) تعتبر من الربا لأنها تأخذ المال مني (من غير ما تتعب) أرجو أن يكون شرحي واضحا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن تجميل النساء إنما يجوز إن كان المفعول لها لا تبرز زينتها للأجانب، ولا تريد فتنة الناس به، وكان خاليا من عمل محرم، كنمص الحواجب ووصل الشعر والاطلاع على العورات ونحو ذلك ...
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فما تقومين به من الوساطة في بيع منتجات التجميل يسمى في الفقه بالسمسرة. والسمسار هو الذي يتوسط بين المتعاقدين، ويسهل مهمة العقد مقابل مبلغ يأخذه منهما أو من أحدهما، والفقهاء يعدون السمسرة من باب الجعالة.
قال البخاري: باب أجر السمسرة، ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأسا. اهـ.
وقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان الجعل في السمسرة يمكن أن يكون نسبة من الربح أو المبيعات أم لا. ويمكنك أن تراجعي في هذا فتوانا رقم: 50615.
وما تأخذه تلك المشتركة فالظاهر أنه من مال الشركة وليس جزءا من أجرتك أنت.
ولم نتبين الوجه الذي تأخذه عليه حتى نعرف ما إذا كان مباحا لها أم لا.
وعلى أية حال، فإنها إذا كانت تأخذه على وجه غير مباح، كأن يكون بموجب أنها من عارضات الأزياء لتلك الشركة ونحو ذلك فإنه لا يجوز، لأنه من أكل الأموال بالباطل، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء:29} ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1427(12/4195)
تقاضي الراتب عن طريق العمولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في لجنة خيرية بدون راتب فقط بالعمولة إذا أتيت باستقطاع 10 دنانير آخذ ضعف المبلغ، وكم النسبة الشرعية لذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا العمل الذي تقوم به يسمى في الفقه بالسمسرة، والسمسار هو الذي يتوسط بين المتعاقدين، ويسهل مهمة العقد مقابل مبلغ يأخذه منهما أو من أحدهما، والفقهاء يعدون السمسرة من باب الجعالة.
قال البخاري: باب أجر السمسرة، ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأسا. اهـ.
والأجرة التي يحصل عليها السمسار مقابل ذلك تسمى جعالة، ويشترط فيها عند الجمهور أن تكون معلومة، فلا يجوز أن تكون نسبة من المبلغ الذي يقتطعه الفرد، لأنها حينئذ جعالة بمجهول.
فقد أخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره.
وفي رواية للنسائي: إذا استأجرت أجيرا فأعلمه أجره.
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز كون الأجرة نسبة من الربح وهو قول له حظ كبير من النظر وإن كان القائلون به أقل.
قال في كشاف القناع: (ولو دفع عبده أو) دفع (دابته إلى من يعمل بها بجزء من الأجرة) جاز (أو) دفع (ثوبا) إلى من (يخيطه، أو) دفع (غزلا) إلى من (ينسجه بجزء من ربحه) قال في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصانا ليبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز، نص عليه في رواية حرب وإن دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوبا بثلث ثمنه أو ربعه جاز، نص عليه (أو) دفع ثوبا إلى من يخيطه أو غزلا إلى من ينسجه (بجزء منه) مشاع معلوم (جاز) اهـ.
وعليه، فهذه العمولة التي تأخذها مقابل ما تقوم به من العمل لا تجوز على مذهب الجمهور وهي مباحة على القول الآخر وقدمنا لك أن لهذا القول حظا من النظر.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فالذي رجحه العلماء أن الربح ليس له حد تحرم مجاوزته، ولكن ينبغي للمسلم أن يكون سمحا في معاملاته، لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى. أخرجه البخاري وغيره عن جابر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1427(12/4196)
من عمل عملا لغيره بدون علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدمت في مسابقة للحصول على ترخيص سيارة تاكسي ولزيادة احتمال الفوز تقدمت باستمارات لكل أفراد الأسرة ودفعت كل المصاريف اللازمة مع العلم أنهم لا يعرفون شيئا عن الموضوع تماما أنا الذي قمت بشراء الاستمارات وقمت بتقديمها وقمت بدفع المصاريف اللازمة وهو مبلغ بسيط ولكن أنا صاحب الفكرة ولا أحد يعلم عنها شيئا يشاء القدر أن يفوز عمي بهذه الرخصة ويأتي له أشخاص يهنئونه ويقدمون له عرض شراء لهذه الرخصة بمبلغ 40000ألف جنيه وهو في حالة ذهول لأنه لا يعلم من أين هذا وكيف حدث فعندما أخبرته شكرني وقال هذا رزق ساقه الله لي وأنت سبب في هذا قلت له إنني لي نصف هذا المبلغ فحزن حزنا شديدا هذا كثير ماذا فعلت كي تستحق هذا المبلغ قلت له إنني صاحب الفكرة وأنا الذى اشتريت الاستمارات وانا الذي قمت بالموضوع من الألف إلى الياء وجاء من نصيبك أنت دون اى فرد من أفراد الأسرة وسؤالي أليس لي في هذا المبلغ نصيب أم ليس من حقي مع العلم أن النقود التي أنفقتها من جيبي على هذا الموضوع هي التي ساقت له هذا المبلغ الكبير بفضل الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رخصة التاكسي هذه من حق من خرجت باسمه وهو عمك. وأما عملك وجهدك في تقديم الاستمارات وكذا ما دفعت من مال في هذا الموضوع فيعد من باب التبرع منك لأن من عمل عملا لشخص لم يطلبه منه ولم يأذن له به فهو متبرع, فليس لك مطالبته بمقابل ذلك إلا أن يتبرع عمك بشيء تطيب نفسه وفي الحديث: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه. رواه أحمد.
وقد نص العلماء على أن من عمل عملا لغيره بلا إذن منه فليس له شيء، كما جاء في مغني المحتاج في كتاب الجعالة: وإن عمل بلا إذن أو أذن لشخص فعمل غيره فلا شيء له. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1427(12/4197)
حكم أخذ عمولة بدل التوظيف
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا: سيدي الفاضل لقد استلمت الإجابة على سؤالي بتاريخ 24 ذو القعدة 1426 ولكن ما أعنيه ليس ما تم فهمه من قبلكم - اعذروني على الإطالة ولكن رأيت من الواجب شرح الموضوع بجميع جوانبه لكي نحصل على الجواب الكامل إن شاء الله:
الموضوع: بدل تأمين وظيفة
1) يقوم العامل بدفع مبلغ معلوم لنقول (1000$) لشركة الوساطة لتأمين عمل له في المملكة.
2) نقوم نحن بالاتصال بالشركات الوسيطة لتقديم ما عندها من عمال حسب الخبرات المطلوبة لدينا.
3) تقوم هذه الشركة (الوسيط) بالاتصال بنا وعرض ما لديها من عمال حسب طلبنا وتزيد على ذلك بأن تعرض علينا ما يلي: - إن الشركة الوسيط سوف تتحمل تبديل العامل اذا لم يكن حسب المطلوب – وتتحمل مصاريف تذكرته حتى يحضر من بلده إلى المملكة – وتكون إصدار تأشيرة العمل ثم الإقامة وفحص اللياقة الطبية وغيرها من المصاريف علينا نحن – وليس على العامل أو الوسيط.
4) تقوم الشركة الوسيط بعرض مبلغا من المال (لنقل 200$) لنا مقابل تأمين عمل لمن تم اختيارهم ولتغطية المصاريف التي أخبرتكم ليست على العمال أوعلى الوسيط
5) نقوم بتأمين المسكن – الأكل – اللباس – فرش السكن والمواصلات وأيضا تذكرة سفر عند استحقاق الإجازة حسب قانون العمل في المملكة.
السؤال: هل يحق لي ان آخذ هذه العمولة من شركة التوظيف علما بأن هذه العمولة تحتسب مدفوعة مقدما من العامل لتأمين عمل له وبطبيعة الحال لن ترد له بل ستبقى في حساب شركة التوظيف – وعلما بأن العامل يعلم بأنه لن يدفع غيره بتاتاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن تأخذ شركات الوساطة عمولات من العمال مقابل سعيها لهم في التوظيف.
وأما أن تأخذ الجهة التي سيعمل عندها الموظف عمولة مقابل تأمين عمل له، فذلك ما لم نجد له مسوغا شرعيا.
لأن هذه العمولة لا يمكن أن تكون في مقابل ما ذكر أنه يؤمن للموظف من المسكن والأكل واللباس والفرش والمواصلات ... لما في ذلك من الغرر والجهالة.
ولا يمكن أن يكون مقابل التوظيف، لأنه من أكل المال بالباطل، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ. [النساء: 29] .
ويمكن أن تباح هذه العمولة في حالة واحدة، وهي أن تقوم الشركة بدفع نفقات الفيزا أو التذكرة ورسوم الإقامة وفحص اللياقة الطبية ونحو ذلك ... مما لا يدخل في مرتب العامل، فلها أن تعود على العامل بما أنفقته عليه في هذه الصورة شريطة أن لا يكون هناك اتفاق أن هذه الأشياء من ضمن مرتب العامل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1427(12/4198)
أجرة السمسرة إذا كانت مجهولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل كوسيط تجاري فى إحدى بلاد الكفر بين التجار القادمين من الخارج لغرض الشراء وبين التجار المحليين وأحصل مقابل هذا على عمولة من التاجر المشتري بالنسبة المئوية نتفق على قدرها قبل الشروع فى الشراء وعليه فلا تظهر قيمة العمولة إلا عند نهاية الشراء فهل يجوز هذا؟
هل يجوز أن أضيف العمولة الى سعر البضاعة وأقدمه إلى التاجر دون أن يعرف قدر العمولة ولكنه يعلم أنها مضمومة فى السعر؟
هل يجوز العمل فى بلاد الكفر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة لإضافة العمولة إلى سعر البضاعة وتقديمه إلى التاجر دون أن يعرف قدر العمولة، قد بينا من قبل ما يجوز منه وما لا يجوز. ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 71798. ثم إن ما تقوم به من الوساطة بين المشترين وبين الشركات يسمى في الفقه بالسمسرة، والأجرة التي يحصل عليها السمسار مقابل سمسرته تسمى جعالة، ويشترط فيها أن تكون معلومة، ولا يجوز أن تكون نسبة من مبلغ مجهول، لأنها حينئذ جعالة بمجهول. وقد أخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره.
ولأن الإجارة يشترط لصحتها ما يشترط لصحة البيع، قال خليل: صحة الإجارة بعاقد وأجر كالبيع.، وفي كنز الدقائق وهو من كتب الحنفية: وما صح ثمنا صح أجرة. يعني أن الأجرة لا بد أن تكون معلومة ظاهرة منتفعا بها مقدورا على تسليمها. وعليه، فلا نرى صحة العقود التي قلت إنك تجريها مع التجار بالكيفية التي ذكرت، ما لم يتحدد قدر العمولة، أو تكون نسبة من مبلغ معلوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1427(12/4199)
ما يلزم من دخول سمسار جديد واستمرار التعامل معه
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع: عرفني أحد الوسطاء بوسيط آخر لبيع أرض ولم نوفق، عدت أنا واتصلت بالشخص الذي عرفني به على علم من الوسيط الأول وحاولنا بيع الأرض مرة ثانية ولم نوفق وثالثة ورابعة استمرت العلاقة مع الوسيط الثاني الذي عرفني به وهناك محاولة لبيع الأرض لطرف غير الذي اجتمعنا عليه بالأساس وعقدها جاري صياغته، فهل يستحق عمولة وهل متساوية معي، سؤالي هو: إذا تعارف شخصين بخصوص علاقة ما ولم يوفقا واستمرت العلاقة مع الطرف الثالث ومع الزمن أصبح صديقاً لي وتعاملت معه ببيع وشراء أراض أو نفس الأرض، فهل أدفع للمعرف الأول شيئاً من الأرباح حتى لو كانت العملية التي عرفني به من أجلها لم تتم، ومضى عليها ما لا يقل عن 6 أشهر، وهل أساويه معي بالمقدار وأنا الذي أركض وأتعب وأسافر وأتصل وإلخ وهو لا يعمل شيئاً، والموضوع الذي عرفني به بالطرف الثاني قد انتهى بعدم التوفيق لكن الأرض هي نفسها التي بصدد بيعها لكن المشتري مختلف؟ حفظكم الله وجزاكم عنا وعن المسلمين خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السمسار (الوسيط) يستحق الأجرة المسماة إذا أتم عمله الذي اتفقتما عليه، ولا يلزم أن يكون في هذا العمل تعب وذهاب وإياب -كما أشرت في سؤالك- بل مجرد التوسط والدلالة بالقول أو الفعل أو الكتابة ونحو ذلك يكفي في استحقاق الأجرة بشرط أن يتم العمل المتوسط فيه. بمعنى أوضح نقول: إذا دلك الوسيط الأول على طرف ثالث في مسألة بيع أرض أو بيت ونحوها وتمت البيعة ولو بعد حين فإنه يستحق الأجرة المتفق عليها.
أما ما عدا تلك الأرض التي حصلت الوساطة عليها فلا يلزمك شيء للوسيط الأول إذا استمرت علاقتك بالطرف الثالث المذكور، وراجع للمزيد من الفائدة في هذا الموضوع الفتوى رقم: 43689، والفتوى رقم: 60711.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1427(12/4200)
أقوال العلماء في كون أجرة السمسار نسبة من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مؤسسة تعمل في مجال الوساطة التجارية ولا نمتلك المال للازم لعقد الصفقات ونذكر ذلك للزبناء هل يمكننا الاستعانة بأبناء عمومتنا لكي يقوموا هم بشراء البضاعة وذلك بعد وضع النقود في حسابهم لأنهم يشترطون ذلك قبل شرائهم للبضاعة ونتقاسم الأرباح معهم لأن الزبون يطلب السعر الكلي للصفقة ومستعد لفتح اعتماد بنكي لكي يتم تصدير بضاعته إليه في الأجل المحدد هل هذا جائز؟.
وهناك أيضا مسألة الجمبري نحن نسوق له لكن البحارة الذين يبيعونه للمشترين يدعون أن قبطان السفينة أعطاه لهم وهو مايصطلح عليه في انواذيبو سمك البحارة وبعض الأسماك الأخرى هل يجوز شراء هذه الأسماك وتسويقها وهل يكون منح القبطان يبيح شراءها؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أنكم تتوسطون للعملاء في شراء البضائع لهم دون أن يدفعوا إليكم شيئا من المال, ونظرا لعدم توفر المال لديكم تستعينون بأبناء عمومتكم في شراء تلك البضائع بأموالكم لأنهم يملكون المال اللازم لذلك، واستعداد العملاء لفتح اعتماد مستندي لإمكانية تصدير البضاعة إليهم تراجع فيه الفتوى رقم: 69554.
ولا مانع من أخذ عمولة محددة معلومة من هؤلاء العملاء نظير وساطتكم لهم لأنها من باب السمسرة الجائزة.
أما عن أخذ عمولة من أبناء العمومة نظير توسطكم في جعل الصفقة عن طريقهم فلا شيء فيه لأنه من باب السمسرة كذلك، ولا حرج في أن يأخذ السمسار عمولة من الطرفين أو أحدهما حسب العرف أو الاتفاق مع البائع والمشتري، لكن اختلف العلماء فيما إذا كانت هذه العمولة نسبة من الربح؛ فالجمهور يشترطون أن تكون العمولة (الجعل) معلومة، وكونها نسبة من الربح يؤدي إلى جهالتها.
فيما ذهب بعض العلماء إلى جواز كون الأجرة في السمسرة وغيرها نسبة من الربح. قال ابن سيرين: إذا قال بعه بكذا فما كان من ربح فهو لك أو بيني وبينك فلا بأس به. انتهى.
وقال في كشاف القناع: ولو دفع عبده أو دفع دابته إلى من يعمل بها بجزء من الأجرة جاز، أو دفع ثوبا إلى من يخيطه، أو دفع غزلا إلى من ينسجه بجزء من ربحه. قال في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصانا ليبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز نص عليه في رواية حرب، وإن دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوبا بثلث ثمنه أو ربعه جاز نص عليه؛ أو دفع ثوبا إلى من يخيطه أو غزلا إلى من ينسجه بجزء منه مشاع معلوم جاز. انتهى.
والقول الأخير له حظ كبير من النظر وبالتالي فلكم الاخذ به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1427(12/4201)
حكم بيع السمسار بزيادة له بعلم البائع دون علم المشتري
[السُّؤَالُ]
ـ[كلفني شخص بأن أبحث له عن عقار ليشتريه وقد سبق أن كلفني شخص آخر ببيع عقار يملكه فنسقت بين الاثنين فرضيا وتواعدا لكن كان هناك اتفاق مع المالك بأن يتحصل عند البيع على مبلغ معين وما زاد فهو لي ولا علم للمشتري بهذا الاتفاق الذي لن يطالب بأجرة التوسط
انتابني كثير من الشك في حلية المال الذي سأحصل عليه. الرجاء إجابتي عن هذه المسألة وعدم إحالتي على ما سبق من فتاوى السمسرة فقد اطلعت ولم أجد ما يتطابق مع هذه الصورة.
الحقيقة سعداء جدا بهذا الموقع ودمتم لنا سراجا منيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج أن تتفق مع المالك على أن تحضر له مشتر يشتري منه عقاره بكذا وما زاد فهو لك، ولا يلزم أن تخبر المشتري بهذا الاتفاق بشرط عدم الكذب والتدليس على المشتري، كأن تقول له إن هذا العقار يستحق كذا والحقيقة على خلاف ذلك، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 63365.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1427(12/4202)
الوساطة بين شركة وجهة حكومية أو خاصة
[السُّؤَالُ]
ـ[جلبت صفقات لشركة لديها امتيازات من بعض الجهات الحكومية فعرضوا علىَّ في المقابل الدخول في هذه شركة بنسبة من الأسهم كمقابل لجهدي وطمعاً في علاقاتي الواسعة كذلك، غير أني علمت فيما بعد أن هذه الشركة إنما حصلت على هذه الامتيازات الحكومية في السابق وقبل دخولي فيها، بسبب أنها خصصت جزءً من أرباحها لرئيس مجلس إدارة الجهة الحكومية، فما موقفي الشرعي الآن وأنا أجني أرباحاً من هذه الشركة؟ وبالطبع لابد أن أوقع في المستقبل على الشيكات التي يتم صرفها لأي جهة كانت بما فيه رئيس الجهة الحكومية؟
أفيدوني مشكورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن تعمل وسيطا بين الشركة المذكورة وبين أي جهة أخرى حكومية كانت أو خاصة، وتستحق مقابل ذلك أجرا معلوما إما مبلغا مقطوعا وإما عددا من الأسهم في الشركة، المهم أن تكون وساطتك وسمسرتك لهذه الشركة في ما يجوز شرعا، أما إذا طلب منك أن تكون وسيطا أو طرفا أو معينا في رشوة جهة أو شخص ما فلا يجوز، وما تأخذه من مال على ذلك يعد سحتا وفي الحديث: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش. يعني الذي يمشي بينهما. رواه أحمد
وعليك أن تعلم أنه لا يجوز لك أن توقع على شيك يصرف لرئيس مجلس إدارة الجهة الحكومية كرشوة له مقابل أن يمنح شركتك امتيازات ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1427(12/4203)
ما تنعقد به السمسرة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: ما حكم الوسيط بين البائع والمشتري - السمسار - وهل له صيغه في تعاقده سواء مع البائع أو المشترى وممن يتقاضى أجره من الاثنين أم من أحدهما وهل عليه الضمان إذا حصل تلف للمبيع؟
أفيدونا أفادكم الله وإن كانت هناك كتب في هذا المجال دلونا عليها أثابكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسمسار هو المتوسط بين البائع والمشتري، وعمله عمل جائز شرعاً فيجوز له أخذ الأجرة عليه، وهي كسائر عقود المعاوضات تفتقر إلى صيغة تدل عليها فأي لفظ دل عليها انعقدت به، فليس لها صيغة محددة، فلو قال التاجر للسمسار بع هذا ولك كذا، أو قال المشتري اشتر أو ابحث لي عن كذا ولك كذا، أو قال السمسار لهما أبيع لك أو أشتري لك كذا ولي كذا كل هذا تنعقد به السمسرة وتترتب عليه آثارها.
أما لجواب السؤال عمن يأخذ السمسار أجرته منه وهل عليه ضمان إذا حصل تلف للمبيع فنرجو مراجعة الفتوى رقم: 19716، والفتوى رقم: 12546.
هذا ويمكن للسائل الوقوف على مزيد من أحكام السمسرة بالرجوع إلى كتب الفقه كالمغني في كتاب الإجارة وكتاب البيوع، وكذلك بالرجوع إلى كتب المذاهب، في باب الجعالة والبيوع ونحوها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1426(12/4204)
العمولة مقابل دلالة المورد على احتياجات المصنع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مهندس أورد للمصانع بعض احتياجاتها، فهل يجوز أن أتفق مع أحد الأشخاص داخل المصنع أن يعطيني طلبيات جديدة يحتاجها المصنع ومقابل ذلك له نسبه من الربح والحالة الأخرى إذا حدث ذلك بناء على طلب الموظف فما هو الرأي، وإذا حدث ذلك مرة قبل ذلك فماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ينظر في هذا العمل الذي يقوم به العامل في المصنع هل يقوم به بتفويض من المصنع بحيث يعتمد المصنع ما يكتبه من الطلبيات أم أنه يدلك فقط على احتياجات المصنع بحكم وجوده فيه فتقوم أنت بتوريد ما يحتاج إليه المصنع ومن ثم بيعه للإدارة المسؤولة.
فإن كان الاحتمال الأول فليس للعامل أن يأخذ منك عمولة لأن ما يقوم به يعتبر عملاً واجباً عليه يتقاضى مقابله مرتباً من المصنع، وبالتالي يكون ما يأخذه منك رشوة محرمة هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإنه إذا كان سيأخذ عمولة فإنه سيحابيك في الطلبات على حساب الاحتياج الفعلي لمصنعه، وهذا غير جائز أيضاً.
أما إن كان الاحتمال الثاني فلا مانع من أن تدفع له عمولة مقابل دلالتك على احتياجات المصنع لانتفاء المحاذير المتقدمة، ولكن لا يجوز أن يكون عمله ذلك في أثناء الدوام الرسمي له في المصنع لأن جميع وقت الموظف في الدوام الرسمي ملك للمصنع، وإذا جاز أن تعطيه عموله فلتكن مبلغاً مقطوعاً لا نسبة من الربح للجهالة بقدر ذلك، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 67081.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1426(12/4205)
طلب الموظف مكافأة من الجهة الخيرية نظير جهوده معهم
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ..... الرجاء الإفادة بالرأي الشرعي حول السؤال التالي:
بدأت العمل مع مؤسسة خيرية إسلامية في أوروبا الشرقية قبل ثمان سنوات وكان اتفاقي معهم على إدارة عمل المؤسسة الدعوي والخيري مقابل راتب شهري أساسي 600 دولار (بعدها أصبحت يورو) ، وزيادة سنوية قيمتها 5%.. وكان عندهم شركة تجارية تملك ثلاثة شقق كوقف للمؤسسة مجموع قيمتها 61000 دولار في ذلك الوقت.. ولم يكن بيني وبينهم أي اتفاق حول إدارة وتطوير عمل استثماري أو نظارة للوقف.. وأثناء عملي اقترحت عليهم توسيع الوقف وشراء محلات وقطعة أرض بما مجموع قيمته 231000 دولار ورد منها كدخل إيجارات مبلغ 75000 دولار أصبحت قيمة العقارات الحقيقة الآن مبلغ لا يقل عن 750000 يورو ودخل شهري إيجار من المحلات 1500 يورو.. سؤالي محدد حول قطعة ارض أخرى مساحتها 11700 متر مربع اشتريتها لهم كوقف بثمن زهيد (280000 دولار) وهذه القطعة من الأراضي التي تملكها البلدية وذلك من خلال علاقاتي مع بعض الشخصيات الرسمية في تلك الدولة وبعد جهد بذلته مع المؤسسة لإقناعهم بفكرة شراء الأرض.. وكانت الفكرة من شراء الأرض بناء أربع مجمعات أحدها مركز إسلامي والباقية وقف استثماري.. بعد ذلك ولمدة أربع سنوات عملت وبشكل دؤوب وواجهت الكثير من المصاعب والإشكاليات مع سكان البناية المجاورة ومع البلدية لتغيير صفة الأرض في مخطط تنظيم البلدية (لأن ذلك يتطلب موافقتهم) لتصبح تجارية ومخصصة لمجمعات تجارية كبيرة وبمسطح بناء كبير مما ضاعف سعر الأرض الآن على الأقل عشر مرات أو أكثر.. والآن عندي فكرة أود طرحها على المؤسسة مفادها استثمار هذه القطعة من خلال بيعها وشراء قطع أخرى لاستثمارها في مجال البناء.. وقد كنت أفكر أن أطلب من المؤسسة نسبة معينة من صافي الربح في حال بعت هذه القطعة فهل يحق لي ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصد أن تطلب منهم ذلك على سبيل التبرع منهم عليك مقابل ما قمت به من نفع للجمعية فلا مانع من هذا ويندب لهم مكافأتك على فعل هذا المعروف، وفي الحديث: من صنع إليكم معروفاً فكافئوه. رواه أحمد.
أما إن كنت ستشترط ذلك عليهم في حال بيع هذه الأرض عن طريقك فهنا ينظر إلى طبيعة عملك في هذه المؤسسة الخيرية، فإن كان عملك أن تقوم بشراء وبيع عقار أو غيره لمصلحة المؤسسة فإنه لا يجوز لك أخذ نسبة معينة من صافي أرباح بيع الأرض المذكورة، لأن هذا من عملك الواجب والذي تتقاضى عليه أجراً.
أما إذا لم يكن ذلك من عملك الواجب فلا مانع من أن تشترط عليهم عمولة مقابل قيامك ببيع الأرض ويكون هذا من باب السمسرة، شريطة أن تكون السمسرة هذه خارج وقت دوامك الرسمي في المؤسسة لأن وقتك في أثناء الدوام الرسمي ملك للمؤسسة.
أما كيف تعرف أن هذا من عملك أو لا؟ فيحكم في ذلك العقد أو الاتفاق المبرم بينك وبين المؤسسة، فإن لم ينص في العقد على هذا فينظر إلى العرف فإن المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، والمقصود بالعرف هنا عرف الوظيفة المماثلة لوظيفتك أو المنصب المماثل لمنصبك، هل من عمله شراء واستثمار عقارات الوقف أم لا؟
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1426(12/4206)
الجعل إذا كان نسبة من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة لإلحاق العمالة بالخارج ولي راتب شهري وعمولات على كل فرد يسافر غير الراتب فهل هذه العمولات حلال كذلك يكون هناك عمولات من ممرضات وكوافيرات وطبيبات يسافرن بدون محرم فهل آخذ العمولة منهن وهل التعامل في سفرهن حرام وما الدليل؟
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعملك في الشركة المذكورة جائز في الجملة ما لم يكن فيه إعانة على فعل محرم وهو من باب الإجارة، وجمهور أهل العلم لا يجيزون أن تكون أجرة الأجير أو بعضها مجهولة لأنها تفضي للمنازعة، والأجرة هنا محددة ومعلومة والعمولة المضافة إليها ليست من الراتب لكنها من باب الجعل ولا مانع من الجعل سواء كان مبلغا مقطوعا أو نسبة من الربح على قول بعض الفقهاء. وقد بيناه تفصيلا في الفتوى رقم: 58979
وبناء على القول بجواز كون الجعل نسبة من الربح فإنه لا مانع من الصورة التي ذكرتها في السؤال ما دامت النسبة التي تحصل عليها من الشركة التي تعمل فيها وليست من العميل إلا إذا رضي العميل بذلك، وكان حصولك عليها منه بعلم الشركة. وراجع في هذا الفتوى رقم: 28197.
علما بأنه لا يجوز لك إعانة النساء اللاتي يسافرن بدون محرم لا سيما إذا علم من حالهن عدم الالتزام بأحكام الشرع؛ لأن سفر المرأة بدون محرم حرام، كما لا يجوز أخذ شيء منهن على ذلك، سواء كان بعلمهن أو بدون علمهن لعدم جواز سفرهن أصلا.
وراجع في ضوابط سفر المرأة للعمل وغيره الفتوى رقم: 3859.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1426(12/4207)
السمسرة ودفع المال مقابل العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل مندوبة مبيعات لشركة مستحضرات تجميل وعطورات وأعمل في بيتي حيث تصلني كتلوجات لهذه المستحضرات لعرضها على من حولي ليشتروا منها ولي نسبه 25%، علماً بأن الأسعار مسجلة تحت كل منتج في الكتلوج, تصلني الكتلوجات والطلبات إلى المنزل بواسطة موزع دون الحاجة إلى مقابلة المدير أو أعضاء الشركة، مع أنهم لم يروني ولا يعرفون عني سوى كنيتي ومكان منزلي ويكون بيننا فواتير وليس عقد عمل وفي البدايه قمت بدفع مبلغ اشتراك بقمية 100 ريال مبدئي، فقط وفي حال تركي للعمل لا يطالبونني بأي شيء ماديًا أو معنويًا (فما الحكم) ؟ جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السمسرة وهي التوسط بين البائع والمشتري عمل جائز، والأجرة عليه حلال، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 24498.
والسمسرة عقد غير لازم تنفسخ بفسخ أحد الطرفين لها، ولهذا الفسخ أحكام تراجع في الفتوى رقم: 43689.
وأما المبلغ الذي دفعتيه للشركة مقابل قبولك عندهم بهذا العمل فلا نرى ما يمنع من دفعه، إذا كان ذلك بالتراضي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1426(12/4208)
جعل مبلغ للطبيب من مركز أشعة مقابل دلالته للمرضى
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي لديه كشافة تشخيصية والعمل انخفض فيها كثير جداً فهل يجوز إعطاء الأطباء نسبة مالية حتى يتم إرسال مرضى لعمل الأشعة؟
وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الاتفاق مع الأطباء على أن لهم على كل مريض يدلونه على كشافة والدك مبلغ كذا أو نسبة معلومة، بشرط أن لا يكون في دلالتهم غش للمرضى أو تحميلهم ما لا يحتاجون إليه من الفحوصات، وللمزيد راجع الفتوى رقم: 23232.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1426(12/4209)
الجمع بين الجعالة والبيع في عقد واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لصاحب العقار الذي يدير مكتباً عقارياً وله أملاك أن يأخذ سعي (عمولة بيع) نظير بيع ملك له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعمولة التي يأخذها صاحب مكتب العقار مقابل دلالة المشتري على عقار مناسب له تدخل عند الفقهاء في الجعالة، وقد عرفها الفقهاء: بأنها التزام عوض معلوم على عمل فيه كلفة، ولو غير محدد. وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه لا يجوز اجتماعها ـ الجعالة ـ مع البيع في عقد واحد، قال الدردير في الشرح الصغير: " لا يجوز اجتماع البيع أو الصرف مع جعل أو مساقاة أو شركة أو نكاح أو قراض، ولا اجتماع اثنين منها في عقد ". نظمها بعضهم بقوله:
عقود منعنا اثنين منها بعقدة ...
... ... ... ... ... ... لكون معانيها معاً تتفرق
فجعل وصرف والمساقاة شركة
... ... ... ... ... نكاح قراض ثم بيع محقق
ولك أن تزيد عليهما:
فهذي عقود سبعة قد علمتها
... ... ويجمعها في الرمز "جص مشنق"
وقال صاحب التاج والإكليل: " لا يجوز اجتماع بيع وجعل في عقد لأن الجعل رخصة في نفسه فلا يجوز أن يجمع معه شيء ".
وقال القرافي في الفروق: " كل عقد من هذه العقود الستة يضاد البيع، فلذا اختصت في المشهور بأنه لا يجوز أن يجمع واحداً منها مع البيع عقد واحد ".
وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه يجوز اجتماع الجعالة والبيع في عقد واحد، جاء في شرح ميارة عند شرح قول صاحب المتن: " وأشهب الجواز عنه ماض ":" أن أشهب يقول بجواز الجمع بين البيع وكل واحد من هذه العقود الست ".
وجاء في شرح مختصر خليل للخرشي: " وأجاز ذلك أشهب نظراً إلى أن العقد اشتمل على أمرين كل منهما جائز على انفراده فلا يمنع ".
وجاء في شرح البهجة: " اعتمد شيخنا أي: ز ي ـ الزيادي ـ الصحة في الجمع بين الجعالة والمبيع المعين ".
والذي يترجح عندنا هو هذا المذهب الأخير، لأن الجعالة ومثلها سائر العقود الستة المذكورة ـ وإن كانت تختلف عن البيع ـ فكل منها جائز على انفراده، وليس هناك محظور في اجتماعها مع البيع في عقد واحد، ولذا قال ابن رشد ـ فيما نقله عنه شراح مختصر خليل ـ: " وقول أشهب أظهر من جهة النظر، وإن كان خلاف المشهور ".
فعلى هذا لا حرج ـ إن شاء الله ـ في أن يأخذ صاحب مكتب العقار عمولة نظير بيع عقار له لجواز اجتماع الجعالة مع البيع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1426(12/4210)
لا يضمن السمسار إلا بالتفريط والتعدي
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال فضيلة الشيخ /وهو أنه أعرف أحد الأشخاص الذين يبيعون الهواتف النقالة يبيعها بسعر يفرق عن السوق 600ريال بمعنى أنه سعره في السوق 2100ريال يبيعه بـ1600ريال
طبعاً أنا آخذ فائدة قدرها 300ريال فقط.
الذي حصل أني أخذت المبلغ وأعطيته الشخص الذي يبيع الهواتف النقالة..وبعد مضي عدة أيام شنق نفسه ومات والفلوس معه.. وبقي معي المبلغ الذي استفدته من البيعة..هل يتوجب علي إعادة المبلغ الذي بحوزتي.. لصاحب المال والفلوس التي عند الشخص المنتحر هل علي شيء منها..
أفيدوني في ذالك وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يظهر لنا بأي صفة أخذت المبلغ المذكور من المشتري، أأخذته بصفتك بائعا أم بصفتك سمسارا (وسيطا) فإذا كنت الأول فأنت ملزم بتسليم الجهاز، فإن تعذر ذلك يجب عليك رد كامل القيمة إلى المشتري، وتعود أنت بما دفعته للتاجر المتوفى على شركته.
أما إذا كنت وسيطا فإنك لا تستحق المبلغ (الثلاثمائة ريال) إلا إذا سلمت إلى المشتري الجهاز لأن العمل الذي جعلت مقابله الأجرة لم يتم.
أما بخصوص قيمة الجهاز فإن من الواجب عليك ما دمت وسيطا السعي لتسليم الجهاز أو رد القيمة إلى صاحبها، فإن تعذر ذلك لم يلزمك شيء لأن السمسار لا يضمن إلا إن تعدى وفرط.
جاء في الشرح الكبير ل لعدوي: كسمسار بالسلع في السوق لا ضمان عليه إن ظهر خيره أي أمانته على الأظهر وإلا ضمن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1426(12/4211)
الدلالة على وظيفتين
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في بغداد مكتب للوساطة بين الباحثين عن عمل وأرباب العمل وقد سجلت فيه قبل سنتين ووافقت على الشروط المطلوبة، وجدوا لي وظيفتين (أ) و (ب) وقد عملت في الوظيفة (أ) وسددت للمكتب كامل أتعابه، والآن وبعد مضي سنتين اتصل بي صاحب الوظيفة (ب) وطلب مني العمل لديه ووافقت للامتيازات الجيدة لهذه الوظيفة، علماً بأن مكتب الوساطة ليس له علم بالموضوع ولم يتكلف أي مصاريف مثل استخدام الهاتف النقال للتنسيق بيني وبين رب العمل، سؤالي هو: هل يستوجب علي دفع الرسوم المتفق عليها لمكتب الوساطة والبالغة ثلث أول راتب؟ مع الشكر، وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن العمل الذي استحق مكتب التوظيف الأجرة عليه هو دلالتك على الوظيفتين المذكورتين وأنت بعد ذلك لك الخيار في قبول إحداهما، وعليه فإذا دفعت للمكتب أجرته المتفق عليها وأردت الانتقال إلى الوظيفة الثانية فلا مانع، ولا يلزمك سوى الأجرة الأولى.
واعلم أن السمسرة بجزء من الراتب مختلف في صحتها بين أهل العلم، والراجح فيها عدم الصحة، وكنا قد بينا ذلك من قبل، فراجع فيه فتوانا رقم: 51386.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1426(12/4212)
توسيط الكافر في بيع اللوحات المشتملة على آيات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بيع اللَّوحات الفنية التي تحتوي على آيات قرآنية أو أحاديث نبوية شريفة عن طريق وسيط غير مسلم يأخذ قدرا معينا من المال أو نسبة معينة من قيمة اللوحة مقابل خدمته، كأصحاب أروقة الفن أو المواقع على الانترنت المخصصة لهذا النوع من الخدمات، مع العلم أن المشتري مسلم؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح أنه يجوز تعليق اللوحات المشتملة على آيات قرآنية بشرط ألا تعلق في أماكن الفسق والفجور، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 23572. والفتوى رقم: 3071.
أما عن حكم بيعها فالجمهور على جواز بيع المصحف، فجواز بيع بعضه يجوز على قولهم من باب أولى، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 22776.
أما عن عمل الكافر كوسيط لبيع هذه اللوحات فلا نرى منه مانعاً لعدم تمكنه من هذه اللوحات لأنه مجرد وسيط فلا يتملكها، وفي هذا نفي لشبهة امتهانها أو الاستهزاء بها، وقد نص جمهور الفقهاء على حرمة بيع المصحف للكفار أو إهدائه لهم لما في ذلك من احتمال امتهانه والاستهزاء به، وانتفاء هذه العلة في مسألتنا يُرجح الجواز، وراجع الفتوى رقم: 29022.
هذا إذا كان عمل هذا الشخص مجرد الوساطة (السمسرة) ، أما إذا كان بشتري لكم بصفته وكيلاً عنكم فهذا لا يجوز لأن الوكيل يقوم مقام الأصيل، فيكون كالمشتري في التصرف، ولذا فقد نص بعض العلماء على حرمة ذلك أيضاً، قال في مغني المحتاج ـ وهو شافعي ـ: ولا شراء المسلم العبد المسلم بالوكالة لكافر ... والمصحف وما ذُكر معه كالعبد المسلم في ذلك اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1426(12/4213)
مسائل في الجعالة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في قسم المبيعات لإحدى الشركات التي تقوم علي الترجات أو المعادل المبيعات وفي أحد الشهور قمت بمساعدة أحد الزملاء واتفقنا على اقتسام المكافأة الخاصة بالتارجات فهل هذا حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجواب على هذا السؤال يقتضي بيان مسألتين:
الأولى: حكم هذه الترجات والمكافأة المترتبة عليها.
الثانية: حكم اقتسامك أنت وزميلك المكافأة المترتبة عليها.
أما المسألة الأولى: فهذه الترجات داخلة فيما يعرف عند الفقهاء بالجعالة، وهي لغة اسم لما يجعل للإنسان على فعل شيء، وشرعاً التزام عوض معلوم على عمل فيه كلفة، ولو غير معين، وقد اشترط جمهور الفقهاء لصحتها أن يكون الجعل معلوماً محدداً، وليس نسبة من شيء غير معلوم لأن هذا يفضي إلى جهالة الجعل، وذهب بعض أهل العلم إلى صحة أن تكون نسبة من شيء غير معلوم، وراجع للتفصيل الفتوى رقم: 50615، والفتوى رقم: 12830.
وعلى هذا، فإذا كانت المكافأة المجعولة على الترجات معلومة محددة، فالجعالة صحيحة بالاتفاق، أما إذا كانت نسبة من شيء غير معلوم فجمهور أهل العلم على فسادها وبعض أهل العلم على صحتها، فعلى القول بفسادها، فإن الجعالة إذا فسدت استحقت فيها أجرة المثل، وعلى القول بصحتها فالمكافأة المجعولة عليها جائزة.
أما المسألة الثانية: فإذا كانت هذه الترجات خاصة بالشركة التي تعمل فيها موظفاً فالمكافأة المترتبة عليها ملك لها، ولا يجوز لك أو لزميلك أن تأخذا شيئاً منها إلا بإذن الشركة، وإلا كان ذلك من خيانة الأمانة وأكل أموال الناس بالباطل، ومعلوم حرمة ذلك وعظم إثمه. قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال: 27} . وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {الإسراء: 29} .
وفي الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له.
أما إذا كانت هذه الترجات خاصة بالعاملين مندوبي المبيعات في هذه الشركة وكنت أنت وزميلك منهم، وقمت بمساعدته فلا حرج عليك في اقتسام هذه الترجات مع زميلك على حسب ما اتفقتما، أما إذا كان زميلك هو المندوب دونك وقمت بمساعدته ففي ذلك تفصيل.
إن كانت تلك المساعدة في خارج وقت الدوام فلا حرج عليك في أخذ ما تستحق من هذه الترجات.
أما إن كانت خلال وقت الدوام فلا يجوز أخذ شيء من هذه الترجات إلا بإذن الشركة، وراجع للتفصيل الفتوى رقم: 52244، والفتوى رقم: 50535.
ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1426(12/4214)
الوساطة بين الشركة وبين وسيط الشراء
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة وأمتلك شركة صغيرة يعلم بها أصحاب عملي وجاء لي صديق يعرفني ولديه عميل لشراء احتياجات من شركتي ومنها بعض الأصناف التي تتعامل بها الشركة التي أعمل بها وطلب صديقي أن يكون التعامل عن طريق شركتي في كل الأصناف حتي يكون له عمولة على المبيعات مني عن هذا العميل، السؤال هو: هل من الجائز ان أضع لشركتي الخاصة هامش ربح أو عمولة مقابل هذه العملية، مع العلم بأنني أخبرت صاحب العمل أن هناك عمولة للرجل الذي أحضر هذا العميل، وأنني فضلت أن يقوم العميل باستلام الجزء من الأصناف من الشركة التي أعمل بها؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت ستشتري البضاعة أولاً من شركتك التي تعمل فيها ثم تبيعها للوسيط فلا مانع من أن تضع هامش الربح الذي ذكرته، لأنه بيع والله تعالى أحل البيع ما لم يكن فيه غبن أو غش أو تدليس.
أما إذا كنت ستعمل وسيطاً بين شركتك وبين وسيط الشراء للعميل المذكور فلا مانع من الاتفاق مع الطرفين أو أحدهما على عمولة نظير جهدك وهو المعروف عند الفقهاء بالسمسرة، وراجع في هذا الفتوى رقم: 59273، والفتوى رقم: 11688، والفتوى رقم: 5172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1426(12/4215)
دفع الأجرة المعلومة لمن يجلب زبونا
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص جلب إليك زبونا مثلا شركة لكي تتعامل معك وطلب نسبة من الأرباح هل يجوز أن أعطي هذا الشخص أي شيء؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من إعطاء الشخص الذي يجلب لك الزبائن أجرا معلوما على كل زبون يحضره لك، فهذا من باب السمسرة الجائزة، وما ذكرته من جعل أجرته نسبة من الربح لا يجوز عند جماهير الفقهاء وقد أجازه بعضهم كالحنابلة ومن وافقهم، وقد بينا ذالك في الفتوى رقم: 63477، ورجح هذا القول كثير من أهل العلم بناء عليه، تكون الصورة المذكورة في السؤال صحيحة أيضا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1426(12/4216)
أخذ العمولة مقابل المساعدة في إعداد مناقصة ما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أخذ عمولة من مكتب هندسي إذا رست عليه مناقصة ما مقابل مساعدة هذا المكتب في تقديم عطاء للمناقصة مبني على دراسة قمت بها لأسعار الخامات ولوازم العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أخذ عمولة على العمل المذكور لما بذلت من جهد له قيمة في العرف وهو القيام بدراسة أسعار الخامات ولوازم العمل، مع توسطك للمكتب في تقديم العطاء، بشرط ألا يكون في ذلك غش أو تدليس أو استيلاء على حق الغير.
والأصل أن يكون العوض الذي تحصل عليه معلوماً ولا يكون نسبة من المشروع، وذلك لجهالة الأجر في حالة اشتراط النسبة، وهذا قول جماهير الفقهاء، وذهب بعضهم إلى جواز كون الأجرة نسبة من الربح وهم بعض فقهاء الحنابلة، وراجع في هذا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 51386، 24209، 63476.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1426(12/4217)
الأجرة مقابل تحويل المريض إلى مشفى آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيب أعمل في مشفى خاص وقد حدث مرة أن أرسلت مريضا إلى مشفى آخر بسبب عدم توفر مكان له
وقد أرسل لي ذلك المشفى بسبب ذلك مبلغا من المال أريد رأيكم جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أجبنا على نحو هذا السؤال في الجواب رقم: 63737، فنرجو مراجعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1426(12/4218)
من يعمل في شركة ويأخذ عمولة من شركة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل بشركة تأمين خاصة بالإنجاد، يحدث أحيانا أن يطلب منا أحد الناس خدمة إنجاد مثلا نقل صحي مستعجل بواسطة سيارة إسعاف غير أنه ليس ضمن مؤمنينا فنقوم بتوجيهه إلى إحدى الشركات الخاصة بسيارات الإسعاف، فهل يجوز لنا أن نأخذ عمولات من هذه الشركات الأخيرة عن الأشخاص الذين نقوم بتوجيههم إليها، مع العلم بأن شركتنا لا تمنع ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشترط لجواز أخذ العمولة المذكورة إذن من له حق الإذن في ذلك من إدارة شركتك، ويشترط أن تكون هذه العمولة ليست من أصل الراتب المتفق عليه بينكما عند العقد، لأن ذلك يفضي إلى جهالة الراتب، ولا يشترط علم الأشخاص الطالبين للخدمة بأن هذه العمولة لك خاصة دون الشركة، هذا إذا كنت تفعل ذلك في وقت العمل الخاص بشركتك، أما إذا كان خارج وقت العمل فلا يشترط ما ذكرنا، وقولنا بالجواز في حالة قيامك بما ذكرت في وقت العمل مبني على عدم مخالفتك شرط الشركة، مع رضاها بما يحصل منك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود. قال الشيخ الألباني: حسن صحيح، ورواه البخاري في صحيحه معلقا بصيغة الجزم، كما أن العمولة التي تتقاضاها من الشركات التي تأتي لها بالزبائن تدخل في أجرة السمسار، وهي جائزة في الجملة، وراجع الفتوى رقم: 59082، والفتوى رقم: 50535.
ولمعرفة حكم العمل في شركات التأمين التجاري راجع الفتوى رقم: 2900، والفتوى رقم: 2292.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1426(12/4219)
اقتسام المؤذن المكافأة مع من يعينه في الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مؤذنا في أحد المساجد وأحضر أذان صلاة الفجر والمغرب والعشاء. وهناك شخص يساعدني في الأذان وأرغب في قسم المكافأه بيني وبينه. هل يجوز ذلك أم لا؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز لك أن تعطي هذا الشخص الذي يساعدك بعض مكافأتك لأن ذلك جائز ولو لم يساعدك، فالمهم أن يقام الأذان في المسجد في جميع الأوقات كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 6056، ثم إن كانت الجهة التي تدفع المكافأة لا ترضى بأذان غيرك فلا يجوز لك التخلف عن الأذان لغير ضرورة قاهرة، وإذا تخلفت فينبغي أن يكون بإذن منها ولو كان إذناً ضمنيا متعارفا عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1426(12/4220)
جعل المعاملات باسم موظف واحد لزيادة الحوافز
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف في قسم المرابحات في بنك إسلامي ويقوم البنك بتوزيع حوافز إنتاجية على موظفي القسم عن كل عملية بيع سيارة وتحدد الحوافز لكل موظف كالآتي على سبيل المثال:من 1 إلى 29 سيارة 20 ريال عن كل سيارة من 30 فما فوق كل سيارة 50 ريال وهكذا وعلى هذا الأساس يجتمع الموظفون ويقومون بتسجيل العمليات باسم شخص واحد حتى يحصلوا على أعلى حافز ممكن، فهل هذا جائز.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سألت عنه له حالتان: الأولى: أن يكون البنك الإسلامي المذكور لا يمانع إذا علم بحقيقة الأمر ففي هذه الحالة لا حرج عليكم في جمع العمليات باسم أحد الموظفين لتكثير الحوافز الموهوبة لكم من قبل البنك. والثانية: أن يكون البنك المذكور لا يرضى بهذا إذا علم بحقيقة الأمر، وهذا هو الظاهر لأن غرض البنك هو تنشيط الموظفين في الإتيان بالعمليات، وما زيادة نسبة الحوافز بزيادة عدد عمليات كل موظف إلا لهذا الغرض. فإذا كان الأمر كذلك فلا يحل للموظفين جمع العمليات باسم أحدهم ليأخذ نسبة أعلى من الحوافز لأن ذلك أخذ للمال بغير رضا صاحبه وذلك حرام، بل من كبائر الذنوب كما هو معلوم، قال صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه. أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح. وقال صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه. رواه البخاري ومسلم. وإذا كان قد حصل مثل ذلك فيما مضى فعلى هؤلاء الموظفين أن يذهبوا للمعنيين بالأمر ويطلبوا منهم العفو، أو يردوا لهم ما أخذوه بغير حق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1426(12/4221)
لا حرج في تنازل المسوق عن جزء من عمولته للمستثمر
[السُّؤَالُ]
ـ[يعلن عن الاكتتاب في مساهمة فيقوم المسوقون بالبحث عن مستثمرين ليحصلوا على نسبة عمولة من هذا التسويق ولكن في بعض الأحيان يشترط المستثمر على المسوق أن يكون شريكاً له في هذه العمولة أو يدخل ابنه في العمولة، فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الشركة التي تتم المساهمة فيها تمارس نشاطا مباحا ولا تتعامل بالربا وغيره من المحرمات وخلا عمل المسوقين المستثمرين عن الغش والتدليس، فلا حرج في تلك المعاملة مادام إشراك المسوق للمستثمر أو ابنه في عمولته تم بالتراضي، وحقيقة هذه المعاملةأن المسوق تنازل عن جزء من عمولته للمستثمر، وهذا لا محذور فيه، وراجع الفتوى رقم: 12546 والفتوى رقم: 24498 والفتوى رقم: 40139.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1426(12/4222)
دفع المال للآخراتقاء شره
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إدخال شخص معين في سعي عقار أو أرض، وذلك اتقاء شره فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى يقول: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة: 188} قال الإمام الشافعي رحمه الله: جماع ما يحل أن يأخذ الرجل من الرجل المسلم ثلاثة وجوه أحدها: ما وجب على الناس في أموالهم مما ليس لهم دفعه من جناياتهم، وما وجب عليهم بالزكاة والنذور.
الثاني: ما أوجبوا على أنفسهم مما أخذوا به العوض من البيوع والإجارات والهبات وما في معناه.
والثالث: ما أعطوا متطوعين من أموالهم.
ثم قال: ما أعطى الناس من أموالهم من غير الوجوه وما في معناها واحد من وجهين، حق وباطل، فما أعطوا من الباطل غير جائز لهم ولا لمن أعطوه، وذلك قول الله عز وجل: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ. اهـ
وعليه، فالشخص المذكور لا يستحق شيئا من أجرة السمسرة إذا لم يعمل ما يستحق به الأجر، فإن أخذ شيئا غصبا وإكراها فهذا آثم لأكله أموال الناس بالباطل، كما لا يجوز لغيره أن يدفع إليه شيئا بهذه الصفة إلا أن يضطر إلى فعل ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1426(12/4223)
أخذ الموظف سمسرة للوساطة بين شركته وأخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة حيث قمت أنا وصديق لي كان يعمل سابقا بالشركة معي ويمتلك شركة توريدات حاليا قمنا بعمل تعاقد مع إحدى الشركات التي تورد مواد خام لشركتنا عن طريق حل مشكلة بين شركتنا والشركة الموردة وحيث إن طبيعة عملي في المبيعات بالشركة لا علاقة لها بقسم المشتريات ولن أتدخل مطلقا بأي حال من الأحوال في قسم المشتريات وليس لي أي تأثير مطلقا في الوقت الحالي على العلاقة بين الشركتين فإن صديقي هذا يعطيني نسبة من الأرباح شهريا.... فهل هذا يعد نوعا من الرشوة وحلال أم حرام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على أمرين:
الأمر الأول:
حكم أخذك أجرة على السمسرة بين شركتك وشركة أخرى، ولذلك حالتان:
الحالة الأولى:
أن يكون ذلك خارج وقت الدوام، فلا حرج عليك في أخذ أجرة السمسرة حيئنذ من طرف واحد أو من الطرفين، لأن ما كان خارجا عن وقت الدوام فهو ملك لك تتصرف فيه كما تشاء.
الحالة الثانية:
أن يكون ذلك خلال وقت الدوام في الشركة فلا يجوز لك أخذ أجرة السمسرة إلا بإذن الشركة، لأنك أجير خاص لا يجوز لك العمل خلال مدة الإجارة لغير المستأجر إلا بإذنه.
والأمر الثاني:
كون الأجرة نسبة من الربح وذلك مختلف فيه، فمن أهل العلم من قال إنه لا يجوز لأن الأجرة التي يحصل عليها السمسار مقابل سمسرته تسمى جعالة ويشترط فيها أن تكون معلومة فلا يجوز أن تكون نسبة من الربح لأنها حينئذ جعالة بمجهول.
وقد أخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره، وفي رواية للنسائي: إذا استأجرت أجيرا فأعلمه أجره.
وهذا هو مذهب الجمهور. وذهب بعض أهل العلم إلى جواز كون الأجرة نسبة من الربح وهو المعروف من مذهب الإمام أحمد.
قال في كشاف القناع:
ولو دفع عبده، أو دفع دابته إلى من يعمل بها بجزء من الأجرة جاز، أو دفع ثوبا إلى من يخيطه أو دفع غزلا إلى من ينسجه بجزء من ربحه، قال في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصانا ليبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز نص عليه في رواية حرب، وإن دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوبا بثلث ثمنه أو ربعه جاز نص عليه، أو دفع ثوبا إلى من يخيطه أو غزلا إلى من ينسجه بجزء منه مشاع معلوم جاز. انتهى.
وفي حالة الحكم على المعاملة بالبطلان لكون الأجرة مجهولة فإن لك أجرة المثل، ولا يجوز لك أخذ زيادة على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1426(12/4224)
المعين مشارك في نشر الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في الوساطة في بيع أماكن قد يحصل فيها بعض المنكرات (مجمعات تجارية مثلاً يحصل فيها اختلاط- مقهى إنترنت وغيره – شاليهات بحرية) فما الحكم في هذه الوساطة؟ وما حكم المال الذي أخذ عن طريقها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكما حرم الشرع تعاطي الحرام حرم كذلك الإعانة عليه، لأن المعين مشارك في نشر الحرام، قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة: 2} .
وفي صحيح مسلم وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء. فلم يكتف بلعن متعاطي الربا حتى لعن من أعان عليه بكتابة أو شهادة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها. رواه أبو داود والحاكم.
وكذلك هنا لم يكتف بلعن الشارب، بل لعن أصنافاً كثيرة ممن أعان على ذلك، وفي فتاوى ابن حجر الهيتمي (2/207) : وسئل بما صورته: ما الحكم في بيع نحو المسك لكافر يعلم منه أن يشتريه ليطيب به صنمه، وبيع حيوان لحربي يعلم منه أنه يقتله بلا ذبح ليأكله؟ فأجاب بقوله: يحرم البيع في الصورتين كما شمله قولهم: كل ما يعلم البائع أن المشتري يعصي به يحرم عليه بيعه له، وتطييب الصنم وقتل الحيوان المأكول بغير ذبح معصيتان عظيمتان ولو بالنسبة إليهم، لأن الأصح أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة كالمسلمين، فلا تجوز الإعانة عليهما ببيع ما يكون سبباً لفعلهما، وكالعلم هنا غلبة الظن. والله أعلم. انتهى
وعليه، فإذا كنت تعلم أن ما تتوسط فيه من أماكن سيحصل فيها منكرات ومخالفات شرعية، أو تظن ذلك فلا يجوز لك أن تتوسط في ذلك، أما إذا كان الأمر مجرد شك أو توهم فلا حرج عليك في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1426(12/4225)
مسائل حول السمسرة
[السُّؤَالُ]
ـ[يلتقي شخصان في مكتب عقار دون ترتيب مسبق بينهما ويتعارفان، ومن خلال الحديث يعرض أحدهما على الآخر عقارا للبيع ويقول الآخر عندي له مشتر، فهل صاحب المكتب الذي تم فيه اللقاء شريك في السعي، يعرض عليك أحد سعاة العقار عقاراً للبيع، وبعد فترة يتصل صاحب العقار ويعرض عليك العقار نفسه للبيع، فإذا وجدت للعقار مشترياً هل للوسيط الذي عرض العقار شيء من السعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصاحب المكتب الذي تم فيه اللقاء ليس شريكا في أجرة السمسرة ومجرد كون الأمر تم في مكتبه لا يجعله شريكاً، لكن إذا كان صاحب المكتب لا يقبل بأن يحصل مثل هذا في مكتبه لأن هذا يضر بعمله فلا ينبغي أن يفعل ذلك في مكتبه.
وإذا عرض أحد سعاة العقار عقاراً ما على مكتب عقار، ثم إن صاحب العقار الأصلي عرضه على المكتب وتم البيع عن طريقه فليس الساعي شريكاً في أجرة السمسرة؛ لأنه لم يتم عن طريقه، لكن من باب سد مداخل الشيطان ينبغي أن يخبر صاحب المكتب الساعي بأن صاحب العقار قد عرضه عليه حتى لا يسيء به الظن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1426(12/4226)
السمسرة عقد جائز لا لازم
[السُّؤَالُ]
ـ[يكتب على أحد العقارات عبارة (للبيع) ، فيعرض من رآه أن هذا العقار للبيع عن طريق هذه اللوحة التي وضعها صاحب مكتب العقار، فيقول أحد من شاهد هذه اللوحة وهو لا يعلم من قبل أن هذا العقار للبيع, ولكن يعرف صاحب هذا العقار، فيتجاهل المكتب الذي وضع اللوحة ويذهب إلى صاحب العقار مباشرة أو يكون هو وسيطاً في بيعها فما الحكم، وهل لصاحب المكتب الذي وضع هذه اللوحة شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا رضي صاحب العقار أن يبيع عقاره عن طريق ذلك الشخص الذي يعرفه فإن هذا الشخص يستحق أجرة السمسرة، وليس لصاحب المكتب شيء لأن البيع لم يتم عن طريقه، والسمسرة عقد جائز لا لازم بمعنى أن لصاحب العقار فسخ الاتفاق بينه وبين صاحب المكتب في أي وقت، وإذا فسخه بعد شروع صاحب المكتب في السمسرة فله على صاحب العقار لا السمسار الآخر أجرة المثل، جاء في كشاف القناع: وهي - أي الجعالة - عقد جائز من الطرفين ولكل واحد منهما أي المجاعل والمجعول له المعين فسخها متى شاء كسائر العقود الجائزة..وإن فسخها المجاعل قبل شروع العامل لم يلزمه شيء وبعد الشروع فعليه للعامل أجرة مثل عمله.
وجاء في أسنى المطالب: فلوفسخها المالك في أثناء العمل لزمه أجرة المثل لا فرق بين أن يكون ما صدر من العامل لا يحصل به مقصود أصلا أو يحصل به بعضه.
وعليه فلصاحب المكتب الذي علق اللوحة أجرة مثله على صاحب الأرض لأنه شرع في العمل والفسخ حصل من المالك لا منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1426(12/4227)
بيع السمسار العقار بسعر أعلى من سعر البائع
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب شخص في عقار مبلغ 100.000 ريال مثلاً، فقام الوسيط العقاري بعرضه بمبلغ 120.000، ويقول لصاحب العقار إن لي ما زاد عن المبلغ الذي طلبته إضافة إلى حصتي في السعي في بيع الأرض – مع علم صاحب العقار بذلك – فهل في ذلك غش للمشتري أم لا؟ وما الحكم لو طلب منه هذا المبلغ وقال للمشتري وأنا لا أريد منك سعياً وفي الحقيقة هو مستفيد لأن مبلغ السعي 2.5% وهو بهذه الطريقة أخذ أكثر منها بكثير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسواء قال البائع للسمسار بع هذا العقار بكذا فما زاد فهو لك أو قال السمسار أبيع هذا بكذا فما زاد فهو لي، ورضي بذك البائع، فالزيادة للسمسار مع أجرة السمسرة التي اشترطها السمسار أيضا ورضي بها البائع، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 14008.
هذا ولا يعد بيع السمسار للعقار بسعر أعلى مما طلبه البائع غشاً للمشتري بشرط أن لا يكذب أو يدلس عليه كأن يقول أن هذا العقار يساوي كذا وكذا على خلاف سعره في السوق ونحو ذلك من أنواع الكذب والتغرير، وللسمسار أن يأخذ من المشتري أجرته أو يكتفي في هذه السمسرة بالزيادة التي يحصل عليها من وراء بيعه العقار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1426(12/4228)
أخذ نسبة على الوساطة بين الشركة والمساهمين
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد صاحب شركة فتح باب الاستثمار فيها وسعر السهم الواحد خمسون ألفا فقال لهم من يأتي بسهم سيجعل له نسبة من الأرباح قبل تقسيم الربح على المستثمرين ما نسبته عشرة بالمائة، والمستثمرون يعلمون هذا ويرضون هذا وهذه شهريا تكون النسبة، ما حكم هذه النسبة التي يأخذها هذا الوسيط برضى الأطراف،
أضف إلى ذلك أنه يغري الوسيط ويقول لو استطعت أن تأخذ من المستثمرين نسبة أخرى لنفسك بعلمهم ورضاهم فلا بأس، وما حكم أخذ هذه النسبة التي هي برضى جميع الأطراف؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوسيط بين شركة الاستثمار وبين المستثمرين فيها يعرف في الشرع بالسمسار، والسمسرة جائزة في الجملة عند جماهير العلماء، ولا مانع من أخذ جُعل عليها بشرط أن يكون معلوماً، والجعل المفروض للوسيط هنا نسبة من الربح، وهذا لا يجوز لما فيه من الجهالة والغرر، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر، كما روى مسلم في صحيحه، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 51386، والفتوى رقم: 50130.
وبناء على هذا، يكون العقد فاسداً، وللوسيط أجر مثله، لأنه لم يرض أن يعمل بغير عوض، والعوض المشروط هنا فاسد، فيكون له أجر مثله، وهذا الحكم ينطبق على الجعل سواء كان من الشركة أو من المساهم.
وننبه السائل إلى عدم جواز الوساطة في بيع أسهم الشركات التي تعمل في مجالات محرمة، أو تُروج لأمور محرمة، أو تتعامل مع البنوك الربوية ولو كان أصل نشاطها حلالاً، وراجع الفتوى رقم: 57190.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1426(12/4229)
السمسار إذا استعان بسمسار آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الناس إذا كان وسيطاً في بيع عقار، يأتي بصديق له أو قريب لبعض مراحل إتمام البيع ليُحرج باقي الوسطاء ويقول نُريد أن فلانا معنا في السعي لأنه تعب معنا وكذا وكذا فما الحكم مع أنه لم يكن حلقة وصل في أي مرحلة من مراحل البيع إلا أنه حضر كلامهم وتطوافهم فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصورة المذكورة في السؤال حيلة من الحيل التي يسلكها بعض الناس لأكل أموال الآخرين بالباطل، وأجرة السمسرة إنما جعلت مقابل عمل متفق عليه بطلب من قبل صاحب العقار أو من السمسار نفسه إذا أراد أن يستعين بسمسار آخر فله ذلك، ويدفع له من أجرته لا من أجرة شركائه في السمسرة، المهم أنه لا يحق لشخص من السماسرة إقحام شخص آخر في هذه الشركة بدون إذن ورضى منهم، فإن فعل واستعان بآخر فأجرته عليه أي من حصته.
جاء في مغني المحتاج- كتاب الجعالة: والسمسرة منها، ويشترط صيغة تدل على العمل بعوض ملتزم، فلو عمل بلا إذن أو أذن الشخص فعمل غيرُه، فلا شيء له. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1426(12/4230)
الكذب على السمسار لتقليل أجرته
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الناس إذا أراد أن يبيع عقارا خاصا به يقول لوسيط البيع إن هذا العقار لابني أو يقول الابن هو لأبي وهو مُلكه عقاره، وأنا أُريد نصف السعي وفي حقيقة الأمر أن العقار له وما قال ذلك إلا ليأخذ أكبر قدر من المال. فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الواقع أن مالك العقار يدعي أنه ملك لآخر لأجل الحصول على شيء من أجرة السمسرة، فإن ذلك يعد أكلاً لمال الناس بالباطل. قال الله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة: 188} . وأكل المال بالباطل على وجهين أحدهما: أخذه على وجه الظلم والسرقة والخيانة والكذب والخديعة ونحو ذلك. والآخر: أخذه من جهة محظورة كثمن الخمر والخنزير ونحو ذلك. فالواجب على من فعل ذلك التوبة إلى الله عز وجل ورد المال المأخوذ بالكذب والخيانة إلى صاحبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1426(12/4231)
التسويق الهرمي والسمسرة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بشراء منتج يباع بطريقة تسمى التسويق الهرمي أو الشبكي حيث أحصل عند شرائي المنتج على وكالة يمكنني بموجبها تسويق المنتج والحصول على عمولة (مبلغ محدد مقابل عدد محدد من الزبائن. وكذلك أحصل على عمولة عن كل 6 مشترين أحضرهم زبائني وأن الشخص في قمة الهرم قد يحصل على أرباح هائلة تعادل أضعاف سعر المنتج شهريا مقابل عدد كبير من الناس في قاعدة الهرم لن يتمكنوا من تسويقه وقد سمعت فتاوى عن وجود شبهات في هذا النوع من التعامل عن شركات مثل بزناس وغولد كوست لكن الاختلاف هنا أن المنتج مفيد وعملي, وهو جهاز تسوقه شركة للاتصالات الدولية تكون عن طريقه تكلفة الاتصال الدولي نصف تكلفتها العادية لكن بجودة تصال أقل علما أنني كنت سأشتري المنتج بنفس السعر حتى لو لم أكن متفائلا بالمردود الذي سأحصل عليه من تسويقه فهل يجوز لي تسويق المنتج إلى أصدقائي الذين أعلم انه سيوفر عليهم كثيرا بعد بيان الشبهة في عائدات التسويق, علما أن معظم الناس يقومون بالدعاية لأرباح التسويق وليس للمنتج نفسه؟ وهل يجوز لي أخذ عمولة عن التسويق لهم إذا قاموا بالشراء بهدف شراء المنتج نفسه وليس بهدف التجارة والتسويق؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.
ملاحظة: الشركة تستخدم فتواكم رقم 9920 للترويج لشرعية عملها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز شراء هذا المنتج أو تسويقه، بغرض الحصول على عائدات التسويق الهرمي، لأن هذا التسويق يقوم على الغرر والمقامرة، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 35492. ولا يؤثر في هذا كون المنتج مفيدا، وأن المبلغ المدفوع في شرائه هو الثمن الحقيقي للجهاز، مادام الحامل على شرائه هو الحصول على عائدات هذا التسويق. فإذا خلا شراؤه وتسويقه عن هذا الحامل، وكان الهدف من شرائه وتسويقه الانتفاع به وبيعه لمن ينتفع به دون الدخول في هذا التسويق والانتفاع بعائداته، فلا حرج حينئذ على المسلم في شرائه أو أخذ عمولة مقابل تسويقه له. وليس في الفتوى رقم: 9920. ما يدل على جواز التسويق الهرمي، لأن ما فيها هو جواز أخذ المال من إحدى شركات بيع الذهب مقابل القيام بجلب الزبائن لها، وهذا ما يعرف في الفقه الإسلامي بالسمسرة. وهي جائزة لأنها أجرة على عمل مباح. أما التسويق الهرمي فإنه يخلتف عن ذلك، فإن المشترك يحصل فيه على مال من غير عمل، وهوالمال الذي يحصل عليه مقابل تسويق زبائنه، وهذا لا وجه له، وهو من أكل أموال الناس بالباطل، إضافة إلى وقوعه في كثير من المحظورات الشرعية والتي نبهنا عليها في عدة فتاوى، انظر منها ـ على سبيل المثال ـ الفتوى التي سبقت الإحالة عليها والفتوى رقم: 19359.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1426(12/4232)
تفضيل أحد السماسرة على غيره في الأجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان أحد الوسطاء سعى في بيع العقار أكثر من غيره، فهل له أن يتميز عنهم بحكم أنه تعب فيها، وقد يكون تكلف أشياءً أكثر من غيره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز أن يعطى هذا السمسار أكثر مما يعطى غيره من السماسرة الذين شاركوه في بيع هذا العقار، لأنه بذل جهداً وعملا أكثر من غيره، والأصل في الأجر أن يكون تبعا للجهد، ولكن يشترط علم ورضا من تؤخذ منه هذه الزيادة، مثل ما يشترط علم ورضا من تؤخذ منه السمسرة قبل الزيادة، سواء كان الذي تؤخذ منه البائع أم المشتري، لأن السمسرة من باب الجعل، والجعل يشترط فيه رضا من يعطيه، قال الإمام مالك رحمه الله في الموطأ: في الرجل يعطي الرجل السلعة فيبيعها، وقد قومها صاحبها قيمة، فقال: إن بعتها بهذا الثمن الذي أمرتك به، فلك دينار، أو شيء يسميه له، يتراضيان عليه، وإن لم تبعها، فليس لك شيء: أنه لا بأس بذلك، إذا سمى ثمنها يبيعها به، وسمى أجراً معلوماً إن باع أخذه، وإن لم يبع فلا شيء له ... فهذا من باب الجعل، وليس من باب الإجارة، ولو كان من باب الإجارة لم يصلح.
وأما أخذ هذه الزيادة بغير علم من تؤخذ منه فلا يجوز، لأن ذلك من أكل مال الناس الباطل، قال تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188} ، وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5391، 45996، 55251، 55671.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1426(12/4233)
تقسيم الحصص بين الدلالين
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة توزيع حصة السمسرة –إذا كان هناك أكثر من وسيط لبيع العقار– فيقول الذي قبض المال: إن عادتي أن آخذ أنا نصف الحصة والباقي توزعونه بينكم كما تشاءون وهو في الحقيقة قد يكون له الربع فقط، وإنما فعل ذلك لأن المال في حوزته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاختلف أهل العلم في جواز شركة الدلالين بين مجيز لها ومانع، ومحل الخلاف في الشركة التي فيها عقد، أما مجرد النداء والعرض وإحضار الزبون فلا خلاف في جواز الاشتراك فيه.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: وقد نص أحمد على جوازها، ووجه صحتها أن بيع الدلال وشراءه بمنزلة خياطة الخياط وتجارة التجار وسائر الأجراء المشتركين ... ومأخذ من منع أن الدلالة من باب الوكالة، وسائر الصناعات من باب الإجارة؛ وليس الأمر كذلك.
ومحل الخلاف في شركة الدلالين التي فيها عقد، فأما مجرد النداء والعرض وإحضار الزبون فلا خلاف في جوازه ... وموجب العقد المطلق التساوي في العمل، وأمّا باعطائه زيادة في الأجرة بقدر عمل. وإن اتفقوا على أن يشترطوا له زياده جاز.
ويقول ابن القيم:..... ومن ها هنا منع غير واحد من العلماء كأبي حنيفة وأصحابه -القسامين الذين يقسمون العقار وغيره بالأجرة: أن يشتركوا فإنهم إذا اشتركوا والناس يحتاجون إليهم أغلو عليهم الأجرة ... وكذلك اشتراك كل طائفة يحتاج الناس إلى منافعهم كالشهود والدلالين وغيرهم ... وأما شركة الدلالين ففيها أمر آخر، وهو أن الدلال وكيل صاحب السلعة في بيعها، فإذا شارك غيره في بيعها كان توكيلاً له فيما وكل فيه، فإن قلنا: ليس للوكيل أن يوكل لم تصح الشركة، وإن قلنا: له أن يوكل صحت.
وأما مسألة الأجرة في شركة الدلالين فإذا صححناها فالأجرة على ما اشترطا أو اشترطوا، وإن لم تصحح كانت أجره المثل، فإن لم يكن شرط فهم فيها سواء.
جاء في الإنصاف في شركة الدلالين: وإن اشتركا ابتداء في النداء على شيء معين أو على ما يأخذان أو على ما يأخذه أحدهما من متاع الناس أو في بيعه صح، والأجرة لهما على ما شرطاه وإلا استويا فيها. انتهى.
وجاء في كشاف القناع: وموجب العقد المطلق في شركة وجعالة وإجارة التساوي في العمل والأجر لأنه لا مرجح لواحد فيستحق الفضل، ولو عمل واحد منهم أكثر ولم يتبرع بالزيادة طالب بالزيادة ليحصل التساوي. انتهى.
ومن خلال ما تقدم تعلمون أنه لا يجوز للشخص المذكور أن يأخذ حصة أكبر من حصة أصحابه لمجرد كونه الحائز للمال، فإن ذلك ظلم بين، لكن إن كان يبذل جهداً زائداً عما يبذلون فإن له أن يأخذ بقدر ما يبذل من جهد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1426(12/4234)
إعطاء رقم هاتف صاحب العقار هل يعد دلالة
[السُّؤَالُ]
ـ[أطلب من أحد الناس رقم هاتف فلان لشراء عقار منه فهل الذي أعطاني الرقم وهو أحياناً لا يعرف أنه موضوع بيع أوشراء له حق في السعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدلالة أوالسعاية بين البائع والمشتري عقد يسمى السمسرة أو الجعالة، ويلزم له إيجاب وقبول وتعيين العمل والأجرة، وكل هذا غير موجود في مجرد الاتصال بشخص ما لأخذ رقم هاتف صاحب عقار أو غيره. وعليه فليس للمتصل به حق في طلب أجرة على مجرد إعطاء رقم هاتف صاحب العقار، جاء في مغنى المحتاج. يشترط في العمل- المجاعل عليه- كونه فيه كلفه لأن مالا كلفه فيه لا يقابل بعوض.انتهي بتصرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1426(12/4235)
لا يستحق السمسار الأجرة إلا بعد تمام عمله
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قبل فترة أبحث عن منزل لشرائه وقد وقفت على أحدها بالصدفة وسألت الحارس بعض الأسئلة عن المنزل ولم أدخله. بعد عدة شهور دلني أحد مكاتب العقار على نفس المنزل وأخبرته أنني قد مررت به سابقا بمعرفتي ولكن لم أدخله والآن دخلته معه. أخبرني صاحب المكتب بالسعر المطلوب من صاحب العقار فأجبته أنني سأشتريه بمبلغ يقل عن السعر بمائة ألف ريال. فأجابني بأن المالك رفض ولكن احضر إلى المكتب ونطلب حضور صاحب العقار وتتفاهم معه. أخبرت صاحب المكتب العقاري أن هذه مهمته وعليه أن يقوم هو بذلك طالما أنه سيتحصل على سمسرة. ولكنه لم يكلمني ثانية.
أخذت أهلي بعد أيام إلى المنزل فوافقوا عليه وطلبت من الحارس والذي هويعمل مع المالك مباشرة هاتفه (المالك) وتكلمت معه مباشرة وقد وافق على المبلغ الذي عرضته عليه والذي يقل بمائة ألف عن ماطلبه صاحب المكتب العقاري وعلمت أيضا أن المالك لم يعرض اساسا البيت لدى أية جهة.
ولقد اشتريت المنزل الآن مباشرة من المالك ولله الحمد.
سؤالي هو هل يتوجب علي دفع مبلغ سمسرة للمكتب العقاري بناء على المعطيات التي ذكرتها أعلاه وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السمسار لا يستحق أجرته إلا بعد تمام عمله، جاء في كشاف القناع: فمن فعله أي العمل المسمى عليه الجعل (والسمسرة داخلة في الجعالة) بعد أن بلغه الجعل استحقه كدين استقر أي كسائر الديون على المجاعل لأن العقد استقر بتمام العمل فاستحق ما جعل له.ا. هـ.
ولما كان صاحب المكتب العقاري لم يتم عمله في السمسرة ولم يكن الفسخ من قبلك لم يستحق شيئا، جاء في مغني المحتاج: فإن فسخ قبل الشروع أو فسخ العامل بعد الشروع فلا شيء له. وراجع للمزيد الفتوى رقم: 59809.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(12/4236)
أجرة السمسار إذا لم يوف بالمتفق عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت شقة للإيجار بتاريخ 22/9/2004 عن طريق سمسار، وتم الاتفاق على أن يأخذ بدل سمسرته 1000 ريال، وأن أستلم الشقة بعد أسبوع من هذا التاريخ وأقصى حد عشرة أيام.. حيث إنها كانت تحت الصيانة وتحتاج لبعض الأشغال، ومرت العشر أيام ولم أستلم، مع العلم بأني كنت أسكن بشقة سينتهي عقدها بنهاية شهر 9 وعلى هذا الاتفاق وقفت عملية البحث عن شقة، ومرت العشر أيام ولم تنته الصيانة، ويعدني بعد أسبوع ويومين وهكذا دواليك، والحمد لله أن المستأجر الذي استأجر مكاني بالشقة التي انتهى عقدي معها هو أحد أصدقائي، وصبرته شهر 10 كاملا على أن أستلم الشقة التي تحت الصيانة، وكان محتاجا لشقته طبعا (مع العلم بأني دفعت عنه إيجار شهر 10) ، ولكن هو كان ينتظرني أن أخرج حتى يحضر زوجته من بلده، ومع انتهاء شهر 10 لم تنته الصيانة أيضا، مما اضطرني للخروج إلى شقة مفروشة تحملت تكاليفها، وكنت بوضع محرج جدا لوجود والدي ووالدتي وأخي القادمين لزيارتي، وقد حصل الآتي:
1- أن مكان عملي وبناء على عقدي الجديد معهم سيتحملون دفع إيجار شقتي واشترطوا أنهم سيدفعون لي بدل ذلك بمجرد استلامي لشقتي الجديدة التي عاينوها، وسيدفعوا البدل بمجرد استلامي لها سواء بأول 10 أو فيما بعد، ورفضوا أن يعوضوني عن بدل إيجار شقتي القديمة التي دفعت إيجارها لصاحبي بحكم أني سكنت مكانه بشهر 10.
2- عوضوني بجزء من إيجاري لشهر 11 بالشقة المفروشة.
3- اضطررت أن أسكن عند أهل زوجتي شهر 12 لحين تجهيز الصيانة.
4- استلمت الشقة (بحمد الله) في 1/1/2005.
5- عندما راجعت المالك بشأن الشقة أخبرني بأنه لم يكن يريد تأجير الشقة إلا عند تجهيزها، ولكن السمسار ادعى له (بأني أنا أريد أن أحجز الشقة ولا يهمني متى تنتهي) أي أنه كذب على لساني.
6- كنا قد وقعنا العقد بتاريخ 6/10/2004 على أن يكتب بداية تاريخ العقد مع بداية استلام الشقة، التي كنت انتظر تجهيزها على أحر من الجمر.
السؤال الآن: أنا رفضت أن أدفع للسمسار بدل سمسرته المتفق عليها، لإخلاله بشروط الاتفاق، وكذبه على المالك، وللضرر الذي قد أصابني أي التكاليف المادية التي خسرتها، فهل موقفي صحيح، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسمسار لا يستحق الجعل (الأجر) إلا إذا وفى بالعمل الذي جُعل الأجر مقابله، جاء في كشاف القناع: فمن فعله أي العمل المسمى عليه الجعل بعد أن بلغه الجعل استحقه كدين أي كسائر الديون عن المجاعل لأن العقد استقر بتمام العمل فاستحق ما جُعل له. انتهى.
وجاء فيه أيضاً: ومتى وجدت الصفه التي علق العتق عليها كاملة وهو في ملكه عتق لوجود الصفة فإن لم توجد كاملة لم يعتق كالجعل في الجعالة.
وبمعنى قريب نقول إن الجعالة لا يثبت منها شيء قد اشترط فيه شرط إلا بحصول ذلك الشرط، فإن لم يوجد لم يستحق العامل شيئاً.
وعليه فإذا تم الاتفاق بين السائل والسمسار على أن يدفع له أجراً مقابل أن يدله على شقة يتسلمها في وقت كذا فلم يوف السمسار بهذا الشرط فإنه لا يستحق شيئاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1426(12/4237)
تعدي السمسار على حق من دله لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة وجود أكثر من سمسار لـ (عقار) يتم قسمة السعي -العمولة- بينهم على حسب العدد، فما الحكم إذا عرضت على سمسار أن يبحث عن مشتري ويشارك في العمولة، فذهب إلى صاحب العقار مباشرة ليحصل على السعي كاملاً لوحده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعقد السمسرة من العقود الجائزة التي يجوز لكلا طرفي العقد فسخها إذا شاء، فإن كان السمسار قد شرع في العمل فله أجر مثله على ما بذل من جهد في هذا العمل، وإن لم يشرع فيه فلا شيء له.
وبناء على ذلك فلا مانع مما صنعه صاحب العقار من فسخ العقد معك، وإبرامه من شخص آخر، سواء كان هذا الشخص الجديد هو من ذكرت أو غيره، وعلى صاحب العقار لك أجر المثل لما قمت به من جهد لأنك شرعت في العمل، وراجع الفتوى رقم: 59247.
أما بالنسبة للسمسار الذي صنع معك ذلك، فالواجب عليه التوبة إلى الله تعالى من نقض العهد، والتعدي على حقك، قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} ، وقال في صفات المؤمنين: الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ {الرعد: 20} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1426(12/4238)
كذب السمسار على المشتري للحصول على العمولة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في شخص يمدح أو يذم عقارا أو أرضا وهو لا يعلم عنها شيئاً، ويكون الذم على أساس أنه ليس له نصيب من العمولة، والمدح إذا كان له حصة من العمولة؟
السؤال: إذا وكل شخص آخر يبيع له عقاراً بسعر معين فباعه بسعر أكثر مما طلبه صاحب العقار وأخذ الموكَّل في البيع الزيادة عن السعر المطلوب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يفعله هذا الشخص داخل في الكذب المحرم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا. متفق عليه واللفظ لمسلم. ويزداد الإثم ويعظم الوزر إذا كان الكذب في البيع والشراء فقد توعد الله صاحبه وعيدا شديدا، قال صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم، قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، قال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب. رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
فالواجب عليه أن يتوب إلى الله ويترك ذلك الخلق فمن تاب تاب الله عليه، ومن أصر على المعصية فلن يضر إلا نفسه ولن يضر الله شيئا، وراجع الفتوى رقم: 43796. هذا ما يتعلق بالسؤال الأول؛ وأما ما يتعلق بالسؤال الثاني فانظر للجواب عليه الفتوى رقم: 14008.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1426(12/4239)
فسخ العقد مع السمسار
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا ترك شخص أرضاً أو عقاراً عند سمسار، ولم ينجز فيها شيء فنقلها إلى سمسار آخر، فهل عليه شيء؟ فهل للوسيط الأول شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السمسار الذي تولى بيع الأرض لم يقم بما اتفقتما عليه، فلا مانع من فسخ العقد معه، لأن السمسرة من باب الجعالة، والجعالة عقد جائز بين الطرفين، يجوز لكل منهما فسخه، ولا شيء له، مادام لم يشرع في العمل المتفق عليه، فإذا شرع فيه ولم يتمه كان له أجر مثله مادام الفسخ جاء من جهة الجاعل. قال البهوتي في كشاف القناع: وإن فسخها الجاعل قبل شروع العامل لم يلزمه شيء، وبعد الشروع فعليه للعامل أجر مثل عمله. اهـ.
وراجع الفتوى رقم: 43689.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1426(12/4240)
بين الجعالة والأجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أما السؤال فهو أني صاحب محل جوالات وأنا آخذ جوالات من تاجر على البيع (أي بعد بيع الجوالات أعطيه النقود) فهل هذا يجوز؟
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا لحرصك على تحري الحلال والبعد عن مواطن الشبهة، فنسأل الله أن يبارك لك في مالك وتجارتك.
وما تم الاتفاق عليه بينك وبين صاحب السلعة على أن تعطيه الثمن عندما تبيع السلعة له حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون من قبيل الجعالة، وذلك بأن تكون وكيلا عن صاحب الجوالات في البيع على أن يعطيك مقابل بيع الكمية المعلومة مبلغا معلوما، ولا يضر في الجعالة الجهل بالعمل، لكن يشترط عدم الجهل بالجعل.
وهذا الاتفاق لا حرج فيه لكنه يأخذ أحكام الجعالة لا أحكام البيع، ومن ذلك أن السلعة مازالت في ملك صاحبها، ولا يجوز للوكيل أن يخالف ما حدده له الموكل.
والحالة الثانية: أن يكون الاتفاق على أن تشتري السلعة بسعر معين مؤجل، ثم أنت بعد ذلك تبيع بما تشاء، فالمعاملة حينئذ بيع، ولا حرج فيها لكنها تأخذ أحكام البيع، ومن ذلك أن السلعة قد انتقلت إلى ملكك، ولا يلزم البائع أن يقبل منك ما لم تبعه من السلعة، فإن قلت: إن هناك سلعا قد لا تباع فكيف السبيل لردها إلى صاحبها وقد اشتريتها؟ فنقول: يمكنك في هذه الحالة أن تأخذ منه وعدا بالإقالة في حالة عدم بيع جميع السلع، لكن هذا الوعد غير ملزم له في مذهب الجمهور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1426(12/4241)
حكم العمل بجلب الزبائن لجهة ما لقاء أجر معلوم
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للوساطة أوالسمسرة هناك العديد من الفتاوى بمكتبتكم الثرية لكن مازالت عندي نقطة مهمة، إذا كانت الشركة تدفع لي عن كل عميل آتيها به مبلغا ثابتا، مثال 10 دولار عن كل عميل، هنا لم يعد مكسبي نسبة مما ربحوه من العميل، فخرجت عن دائرة الحرمانية؛ ولكن ليس لي مرتب شهري ثابت، فهو يعتمد على نشاطي كل شهر وعدد العملاء الذين أجلبهم؛ فما حكم قبول هذا الوضع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الشركة تدفع لك هذا المبلغ المقطوع مقابل التدخل لجلب الزبائن فهذا أمر جائز إذا لم تتضمن هذه العملية إعانة على بيع محرم أو الدلالة عليه، وهذا ما يُسمى عند الفقهاء بالسمسرة، وراجع في هذا الفتوى رقم: 50130. وليس ما ذكرناه هنا من باب الإجارة، لأن الإجارة يشترط فيها معلومية الأجرة والعمل، والعمل ها هنا مجهول، لأنه قد يجلب الزبون في يوم وقد يجلبه في أكثر من ذلك أو أقل، فالمسألة هنا جعل وليست إجارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1425(12/4242)
حكم دفع الشخص مالا لجهة معينة نظير التنسيق لتوظيفه
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل عن المبلغ الذي يدفعه الشخص لجهة معينة.. (تقوم فيما أظن بالتنسيق بين جهة العمل وطالبه) حيث يكون في بعض الأحيان إعلان في جريدة عن وظائف وتدريب ونحو ذلك.. وبعد الاتصال على الرقم ومكالمة الموظف يعطيك معلومات عن الوظيفة.. ثم يقول أحضر معك مبلغا يحددونه، ويقولون إذا قبلتك تلك الجهة صاحبة العمل؛ يبقى المبلغ عندنا، وإذا لم تقبل بتدريبك وتوظيفك.. نعطيك المبلغ.. فأنا أظن أن هذا المبلغ يأخذونه مقابل التنسيق ونحو ذلك.. فما حكم هذا. وجزاكم الله خيراً،،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن يدفع الشخص مبلغاً من المال لجهة معينة نظير التنسيق لتوظيفه، وهو داخل في باب الجعالة، كما بيناه في الفتوى رقم: 56730.
لكننا ننبه إلى أن ذلك يكون ممنوعاً محرماً إذا اقترن به ما يدعو إلى تحريمه، كالتعدي على حق الغير، أو توظيف من ليس كفؤاً ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1425(12/4243)
حكم أخذ أجرة في مقابل البحث عن عمل لآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع
يتكون من ثلاثة أطراف:
الطرف الأول: يقوم بتعيين بعض الأفراد الباحثين عن فرصة عمل-يقوم بتعيينهم في شركات قطاع الأعمال التي تمتلك الحكومة نصفها وقطاع الأعمال النصف الآخر وذلك مقابل مبلغ من المال وليكن ألف جنيه مثلا....
الطرف الثاني: وكيلا عن الطرف الأول وضامنا لحق الطرف الثالث ويأخذ مقابل ذلك مبلغا من المال وليكن ألف جنيه مثلا
الطرف الثالث: باحثا عن فرصة عمل..ودفع للطرف الثاني مبلغ ألفى جنيه (2000) مقابل تعيينه في إحدى شركات قطاع الأعمال.
وتتم بالطريقة الآتية
يقول الطرف الثاني (الضامن) للطرف الأول أعطاني (2000) جنيه وسوف أقوم بتعيينك في إحدى شركات قطاع الأعمال
ثم يقوم الطرف الثاني (الضامن) بأخذ المبلغ من الطرف الثالث ويقوم بدفع مبلغ (1000) جنيه للطرف الأول (وهذا المبلغ متفق عليه بينهما سابقا)
ويأخذ هو لنفسه (1000) جنيه.
فما حكم المبلغ الذي يأخذه الطرف لأول؟
وما حكم المبلغ الذي يأخذه الطرف الثاني؟
وما حكم مثل هذه الأمور في الإسلام؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن يدفع الباحث عن العمل والذي سميته الطرف الثالث مبلغا من المال معلوما لمن يدله أو يوفر له فرصة عمل، ويكون ذلك من باب الجعالة. جاء في كشاف القناع: والجعالة مشتقة من الجعل، بمعنى التسمية، لأن الجاعل يسمي الجعل لمن يعمل له العمل، أو من الجعل بمعنى الإيجاب يقال: جعلت له كذا أي أوجبت، ويسمى ما يعطاه الإنسان على أمر يفعله جعلا وجعالة وجعيلة.
والأصل في مشروعيتها قوله تعالى: وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ {يوسف: 72} .
وحديث اللديغ، وهي جعل شيء من المال معلوم كأجرة لمن يعمل عملا مباحا. اهـ.
فالمقصود أن المبلغ المعلوم الذي يدفعه الباحث عن عمل للشخص الذي يدله عليه جائز، لأنه مقابل عمل مباح، أما ما يأخذه الطرف الأول فينظر فيه، فإن كان هذا الشخص مسؤولا عن هذا القطاع الذي سيعمل فيه الطرف الثالث فلا يجوز له أخذ شيء مقابل تعيين الشخص المذكور، لأن هذا واجبه إن تقدم لهذا العمل كفؤ، فما يأخذه يكون رشوة لا جعالة، ولهذا جاء في الكتاب المذكور آنفا فيمن كانت بيده لقطة فإنه لا يجوز له أخذ جعل في حقه ليردها إلى مالكها، لأن رد اللقطة واجب شرعا في حقه. قال في كشاف القناع: وإن كانت بيد إنسان فجعل له مالكها جعلا ليردها لم يبح له أخذه.
وإذا لم يبح له أخذ شيء على هذا العمل لم يجز للطرف الثاني أن يكون وكيلا له في هذا العمل، وإذا لم يكن الطرف الأول مديرا ولا مسؤولا عن هذه الوظائف فحكمه حكم الطرف الثاني ولهما أن يقتسما الجعل حسب الاتفاق بينهما.
ويشترط لجواز هذا العمل أن لا يكون فيه توظيف من لا يستحق على حساب من يستحق، فإن ذلك خيانة. روى الحاكم في مستدركه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من استعمل رجلا من عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين. قال الحاكم: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1425(12/4244)
ما أخذه الشخص على السمسرة لا يلزمه إرجاعه.
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد شركة خاصة برجال نصارى ثم نقص معهم المال فدخل رجل وقال أنا سوف أحضر لكم رجلا يدفع في رأس المال وعلى هذا سوف أخذ 20 ألف دولار فذهب هذا الرجل إلى رجل أعمال وقال إن هؤلاء النصارى حرامية وادخل معهم على هذا الأساس فدخل وبعد فترة من الزمن (لا تتجاوز الشهر) اختلفوا مع بعضهم وأخذ هذا الرجل المال كاملا أي 20 ألف دولار وكان من المتفق عليه أن يأخذ شيكين الأول 10 ألاف والثاني 10 ألاف ويصرف الأول في الحال والثاني بعد شهر ولكنه أخذها كلها مرة واحدة وبعدما اختلف الكل ذهبوا لكي يأخذو منه المال فقال إنني اشتريت به شقة ببلدي هل هذا المال حرام أم حلال وهل يجب إرجاعه لهم أم ماذا؟ أفتونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قام به هذا الرجل من البحث عن مشارك للشركة والاتفاق مع أصحابها النصارى على القيام بذلك مقابل أجر معلوم يسمى سمسرة، والسمسرة هي الوساطة بين طرفي العقد لإتمام العقد أو الدلالة عليه، وهي جائزة، إذا لم تتضمن إعانة على بيع محرم، أو الدلالة على ما يحرم بيعه، أو التعامل فيه، والسمسرة معدودة عند الفقهاء من باب الجعل، ففي المدونة: في جعل السمسار: قلت: أرأيت هل يجوز أجر السمسار في قول مالك؟ قال: نعم، سألت مالكا عن البزاز يدفع إليه الرجل المال يشتري له به بزا ويجعل له في كل مائة يشتري له بها بزا ويجعل له في كل مائة يشتري بها بزا ثلاثة دنانير؟ فقال: لا بأس بذلك، فقلت: أمن الجعل هذا أم من الإجارة؟ قال: هذا من الجعل. انتهى.
وعليه، فلا حرج على هذا الرجل في أخذ المبلغ المذكور ولا يلزمه رده إليهم، لأنه عبارة عن جعل مقابل ما قام به من عمل، ولا يضر كون الصفقة لم تتم بسبب اختلاف الطرفين ما لم يكن الاتفاق على أن الجعل مقابل إتمام الصفقة لا مقابل إحضار المشارك.
وأما قول هذا الرجل للشخص المشارك إن هؤلاء النصارى حرامية فإنه من النصح إذا كان الأمر كما ذكر.
وأما عن صرف الشيك قبل الموعد المتفق عليه فهو خطأ، ولكن إذا كان يخاف من خيانتهم فلا حرج عليه في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1425(12/4245)
الفرق بين البيع والجعالة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم (فضيلة الشيخ رحمك الله نود الاستفسار من حضرتكم عن صحة هذا البيع. وهو أنى أخذ من شخص نوعا من السلع وهى (العسل) مثلاً على شرط أن تكون هذه العملية كالآتى (آخذ من الشخص المذكور سابقاهذه السلعة على المبيع دون أن أدفع له شيئا عند استلامي السلعة، وعند بيع هذه السلعة أعطيه الثمن..هذا فى حالة بيعها جميعا. أما إذا بعت نصفه وبقي النصف الآخر فنردها كما أخذتها مع إعطائه ثمن الذى قد تم بيعة دون أى شروط أخرى. نرجو الجواب على هذا السوال مباشرة دون إحالتي إلى سؤال يشبهه. والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً لحرصك على تحري الحلال والبعد عن مواطن الشبهة، فنسأل الله أن يبارك لك في مالك وتجارتك.
أما سؤالك فقد اشتمل على أمرين:
فما تم الاتفاق عليه بينك وبين صاحب السلعة على أن تعطيه الثمن عندما تبيع السلعة له حالتان:
الحالة الأولى:
أن يكون من قبيل الجعالة، وذلك بأن تكون وكيلاً عن صاحب العسل في البيع على أن يعطيك مقابل بيع الكمية المعلومة مبلغاً معلوماً، ولا يضر الجعالة الجهل بالعمل، لكن يشترط عدم الجهل بالجعل.
وهذا الاتفاق لا حرج فيه لكنه يأخذ أحكام الجعالة لا أحكام البيع ومن ذلك أن السلعة مازالت في ملك صاحبها، ولا يجوز للوكيل أن يخالف ما حدده له الموكل.
والحالة الثانية:
أن يكون الاتفاق على أن تشتري السلعة بسعر معين مؤجل، ثم أنت بعد ذلك تبيع بما تشاء، فالمعاملة حينئذ بيع، ولا حرج فيها لكنها تأخذ أحكام البيع، ومن ذلك أن السلعة قد انتقلت إلى ملكك، ولا يلزم البائع أن يقبل منك ما لم تبعه من السلعة، فإن قلت: إن هناك سلعاً قد لا تباع فكيف السبيل لردها إلى صاحبها وقد اشتريتها؟.
فنقول: يمكنك في هذه الحالة أن تأخذ منه وعداً بالإقالة في حالة عدم بيع جميع السلع، لكن هذا الوعد غير ملزم له في مذهب الجمهور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1425(12/4246)
الكسب من الإعلانات يختلف حكمه باختلاف الإعلان
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد بعض الوسائل للربح عن طريق الإنترنت وذلك عن طريق إرسال بعض شركات الإعلانات إيميلات تحتوي على روابط لمواقع أخرى وتدفع مبالغ مالية للمشتركين السؤال: ما مدى مشروعية هذا الربح؟ مع العلم أن شركات الإعلانات تعطي مبالغ إضافية للمشتركين النشيطين ... وللمزيد عن هذا الموضوع يمكنكم زيارة الموقع التالي: http://samihgt.jeeran.com/Start.htm]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواز الكسب من وراء هذه الإعلانات يختلف باختلاف الإعلان، فإذا لم يك في الإعلان ما يحرم شرعاً كتلك الإعلانات الإباحية أو المروجة للمحرمات كالربا والخمور ونحو ذلك، فلا نجد مانعاً أن يأخذ المشترك ما يعطاه من قبل أصحاب الإعلانات أو الوسطاء (شركات الإعلانات) لأن فتح الإيميل وقراءة الإعلان أمر مقصود لأصحابه، ولهم فيه فائدة الدعاية والتسويق.... الخ.
فهم يدفعون مقابل هذه الفوائد، والمبلغ المدفوع من قبلهم يعتبر جعالة جائزة، فلسان حال ومقال هذه الشركات هو أن من قرأ هذا الإعلان، فله كذا، كما لا مانع أن يأخذ المشترك مبلغاً مقابل ترويجه السلع المباحة لهذه الشركات عند آخرين، بشرط أن لا يكون ذلك عن طريق ما يسمى بالتسويق الهرمي، والذي سبق وبينا أنه غير جائز، وارجع الفتوى رقم: 29372، والفتوى رقم: 35492.
وأما إذا كان في الإعلانات ما هو محرم شرعاً، فإنه لا يجوز أخذ شيء على الاشتراك فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1425(12/4247)
مسألة حول الطريقة المشروعة لحساب أجرة المحامي
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ رحمكم الله، سؤالي كالتالي:
التأمين لدى مؤسسة التأمين على السيارات هو إجباري وليس اختيارياً، ففي بداية 2000
قد تعرضت لحادث سيارة حيث كنت أركب في ميكروباص أي سرفيس للوصول إلى منزلي وأثناء وقوف الميكروباص على إشارة المرور أتت سيارة كبيرة وصدمت الميكروباص الذي كنت أنا موجود في داخله وعلى أثر ذلك نقلت إلى المستشفى وقد أصبت بكسرين في الجمجمة قرب عيني اليسرى وتشوه في الوجه من الناحية اليسرى وجرح في البطن بطول15سم وتفجير في الرئتين وعلى أثر ذلك الحادث تعرضت لأربع عمليات جراحية: الأولى إسعافية، والثانية: تركيب صفائح معدنية في الجمجمة موضع الكسر، والثالثة: فك الصفائح المعدنية بعد أن لحم الكسر في الجمجمة وكل ذلك تم بتخدير عام دام حوالي أربع ساعات والرابعة فتح مجرى الدمع حيث كان مسدود أثر الحادث، وأقمت في المستشفى حوالي شهر كامل والسيروم في يدي وأقمت في المنزل حوالي أربعة أشهر والحمد لله الذي عافانا بعد ذلك كله، علماً بأن تكاليف العلاج كانت مجانية والدكتور الذي عمل لي العمليات لم يأخذ أي أجر وكانت إقامتي في المستشفى حكومية كذلك مجانية، فلم أدفع إلا الشيء البسيط بسبب أهل الخير سواء من إخوتي أو من قبل الدكتور أو من قبل رفاقي، وقد أقمت دعوى على السائق ومؤسسة التأمين كون السيارة التي كانت سبب الحادث مؤمن عليها بتأمين إجباري، وقد وكلت محاميا ليدافع ويمثلني لدى المحكمة، علماً بأن الدعوى تمر بثلاث مراحل ومحاكم وهي بداية الجزاء ثم الاستئناف ثم الطعن، وبعد ثلاث سنوات كسبت الدعوى وألزم القاضي مؤسسة التأمين كون السيارة مؤمن عليها تأمين إجباري بأن تدفع لي 400000 ل. س أربعمائة ألف ليرة سورية، كتعويض عما أصابني من الحادث كون الطبيب الشرعي أعطاني نسبة عجز 50%، ولكن الحكم الذي أصدره القاضي قابل للاستئناف ثم للطعن أي سوف يطول الأمر سنوات، فعرض علي المحامي بأن يعطيني 260000 مائتين وستين ألف ليرة سورية مقابل أن أتنازل له عن الدعوى وهو يكملها حتى النهاية وقد قبلت العرض وأرسل لي المبلغ وتنازلت له عن الدعوى، ويأتني الوسواس ويشككني في هذه الأموال علماً بأن التعويض الذي حصلت عليه لا يشكل 1% مما أصابني من ألم ووجع وتشوه في وجهي، وحتى هذه اللحظة عندما انظر إلى المرآة أرى وجهي وأثار الحادث موجودة عليه وكذلك الناس يسألوني ما هذه التشوهات في وجهك فتتغير نفسيتي أشعر في ضيق بصدري من جراء ذلك، فضيلة الشيخ رحمكم الله وزادكم من علمه رفعه وجلال ورحمه هذه مشكلتي التي أعاني وأنا أسف على الإطالة ولكن هل هذا التعويض الذي حصلت عليه حرام أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ييسر أمرك، وأن يصلح حالك وأن يجبر كسرك وأن يخلف علينا وعليك بخير، أما عن سؤالك فقد اشتمل على مسألتين:
المسألة الأولى: حكم الاستفادة من التعويض الذي حكمت لك به المحكمة، والذي ستدفعه لك شركة التأمين مقابل ما أصابك من الضرر بسبب الحادث، وقد تقدم الكلام عن ذلك مفصلاً في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7899، 14509، 42822.
والخلاصة أن لك أخذ التعويض من شركة التأمين ما لم يكن أكثر من الضرر الحاصل عليك.
والمسألة الثانية: حكم الاتفاق مع المحامي على أن يعطيك مائتين وستين ألف ليرة مقابل أن تتنازل له عن الدعوى المذكورة، والحكم في ذلك أن الاتفاق مع المحامي له صورتان:
الصورة الأولى: أن يتفق معه على أنه إذا تمكن من التحصل على التعويض فله مبلغ قدره كذا، ويشترط في هذا المبلغ أن يكون معلوماً لأن المعاملة حينئذ جعالة، ومن شروط الجعالة أن يكون الجعل معلوماً، ولا تضر فيها الجهالة بالعمل، ومن ذلك تعرف حكم ما اتفقت عليه مع المحامي المذكور فهو جائز بشرط أن يكون الجعل هو الفارق بين إجمالي المبلغ المتوقع المذكور، والمبلغ الذي دفعه لك، أي مائة وأربعون ألف ليرة، فإذا حصلت زيادة على إجمالي المبلغ المتوقع فهي لك وإذا حصل نقص فيلزمك أن تكمل له مائة وأربعين.
والصورة الثانية: أن يتفق مع المحامي على عمل معلوم بأجرة معلومة كأن يعمل لمدة شهر بأجرة قدرها خمسون ألف ليرة مثلاً، وهذا لا حرج فيه بشرط أن يضبط العمل بما يرفع الجهالة عنه لأن المعاملة حنيئذ إجارة ومن شروط الإجارة العلم بالعمل والعلم بالأجرة.
أما أن يحصل الاتفاق مع المحامي على أن يدفع للموكل مبلغاً معيناً مقابل التنازل له عن القضية ثم ما زاد مما يتحصل عليه فهو له كائناً ما كان فهذا لا يجوز للجهالة والغرر الظاهر في ذلك وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر كما في صحيح مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1425(12/4248)
حكم أخذ العمولة على السمسرة بين شركة وأخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعمل كمسؤول عن قسم الكمبيوتر بإحدى الشركات التجارية وبعد الظهر أقوم بعمل لحسابي الخاص فأقوم بشراء أجهزة الكمبيوتر لمن يطلب مني ذلك وآخذ عمولة مقابل ذلك من البائع لأني أحضر له الزبون، فهل إذا طلب مني صاحب الشركة التي أعمل بها أن اشتري بعض الأجهزة للشركة وقمت بشرائها وأخذت عمولة من البائع الذي أتعامل معه حلال أم حرام، أرجو إفادتي بسرعة لأني محتار؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على أمور:
الأمر الأول: ما يتعلق بالعمولة التي تأخذها مقابل التوسط بين طرفي العقد، وهو ما يسمى في الفقه بالسمسرة، والسمسرة تعد من باب الجعالة، قال البخاري: باب أجرة السمسرة: ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأساً. انتهى.
والأجرة التي يحصل عليها السمسار مقابل ذلك تسمى جعالة، ويشترط فيها أن تكون معلومة، فلا يجوز أن تكون نسبة من الربح، لأنها حيئنذ جعالة بمجهول، وقد أخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره. وفي رواية للنسائي: إذا استأجرت أجيراً فأعلمه أجره.
الأمر الثاني: ما يتعلق بأخذك أجرة السمسرة على التوسط بين شركتك وطرف آخر، ولذلك حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون ذلك خارج وقت الدوام، فلا حرج عليك في أخذ أجرة السمسرة حيئنذ من طرف واحد أو من الطرفين، لأن ما كان خارجاً عن وقت الدوام فهو ملك لك تتصرف فيه كما تشاء، لكن بشرط ألا يؤدي ذلك إلى الإخلال بالعمل خلال وقت الدوام، وألا يحصل هناك تحايل بحيث تترك هذا الأمر وقت الدوام مع إمكانه حتى تعمل ذلك خارج وقت الدوام.
الحالة الثانية: أن يكون ذلك خلال وقت الدوام في الشركة فلا يجوز لك أخذ أجرة السمسرة إلا بإذن الشركة، لأنك أجير خاص لا يجوز لك العمل خلال مدة الإجارة لغير المستأجر إلا بإذنه.
الأمر الثالث: ما يتعلق بأخذك أجرة السمسرة بين طرفين ليس أحدهما شركتك: ويجري في ذلك التفصيل السابق، فما كان من ذلك خارج وقت الدوام فلا حرج عليك فيه، وما كان وقت الدوام فلا يجوز لك إلا بإذن الشركة التي وقت الدوام ملك لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1425(12/4249)
الربح مقابل الوساطة.. الجائز والحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يعمل في التصنيع ويملك ورشة عمل فعلا.. وجاءني مستنجدا وطلب مني مبلغا من المال محددا القيمة وذكر أنه لا يلزم أن يقل بشيء عما طلب لأسباب عنده، وكان قصده أن يكون هذا المبلغ بنية الاستثمار حيث إنه سيقوم بتصنيع سلعته بالصورة التي سيقوم بها وكانت على حد قوله مثمرة، حيث إنها تعتبر فكرة جديدة، وسعيت له في تدبير هذا المبلغ من طرفين، أحدهما زوجتي والآخر امرأة أرملة. وكان من هدفي هو مساعدة هذه الزوجة في تدبير رزق لأولادها بعد وفاة زوجها وبالنسبة لزوجتي اعتبرته مهرها والذي قد حددته لها واعتبرته دينا علي وعلى عكس ما هو متبع في مصر. وقد أكد لي وهذا ظاهر مدى مشروعية هذا العمل وأنه قد سأل أهل العلم في هذا فقالوا له أنه حلال. وكانت الفكرة الأساسية للتعامل هي:\" أنه يعتبرني (لأنني الظاهر له بدلا من المرأتين) ككموسيونجي وهذا لفظه ويعنى هذا (وسيط في التجارة) ويضع لي مبلغاً ما على كل قطعة يقوم ببيعها كما هو الحال بالنسبة للكموسيونجي. وقد قام هذا الرجل بعدم إعطائي أي شيء من المال خلال فترة التجهيز لصناعة هذه السلعة والتي بلغت عدة أشهر.. على أساس أنه لا يوجد هناك أي سلعة تباع.. وكان العمل في بداية الأمر متعرقلا نظرا لظهور بعض المشاكل أثناء التصنيع ومعالجتها حيث كانت الفكرة جديدة.. فكان العائد في المقابل بسيطا (أعني بعد فترة التجهيز والتي لم يتم الحصول على أي شيء خلالها) .. ومع الاستمرار في العمل والجهد ومرور الوقت وصل الإنتاج بالصورة التي استمرت طوال العمل والذي بلغ سنوات حيث أصبح هذا العدد من الإنتاج هو فعلا إمكانيات هذه الورشة من حيث عدد العمال وعدد الآلات وكمية البضاعة المشتراة.. . إلخ وأثناء العمل تم تخفيض قيمة هذا المخصص لكل قطعة حسب ما يتراءى له حيث كان هناك عدم استقرار لسعر السلعة المشتراة \"المواد الخام\" وزيادة في سعرها مما كان يؤثر سلبا على أرباحه. وكان هذا يتم بناءا على أساس أن التعامل بيننا لا يلزم أن يخرج خارج الحلال وسواء كان ذلك بمبادرة منه، أو مني حينما أشعر بهذا الأمر من ارتفاع سعر السلعة الأساسية والتي تقوم في إنتاج منتجه\" فأقوم بطلب هذا منه (أعني خفض الربح) .
وأضيف هنا أنه احتاج مبلغا من المال لتحسين مباني الورشة والتي كانت غير مناسبة عند بداية العمل على أساس القرض الحسن فقد أعطيته إياه على أن يقوم بتسديده على فترات متتالية أعني مبلغا من المال كل شهر. وكان هذا طبعا دون مقابل وزيادة على أصل القرض. كما هو متبع شرعا.
وحدثت طفرة في السنة الماضية فى سعر الخامة الأساسية \" الخام\" وتضاعف سعرها وكان ما بدر مني وكثيرا أقول له راجع حسابات الورشة وانظر إلى الأرباح فإن كانت هناك خسارة فأقل واجب هو أن لا آخذ شيئا.. وهو كان يقول لي اتركها لله. وقال لي في أحد المرات أنا أدفع ضرائب كذا وكذا وهذا مبلغ بسيط\" ولم أنتبه لهذا الأمر أعني مشروعيته. حيث إن هذا لا يجب أن يكون سبباً شرعياً للربح\". وفي مرة أخرى قال لي طبعا لو كان هناك خسارة سيكون هناك أمر آخر.
وعاودت له القول (مراجعة الربح وعدم دفع هذا الربح حالة الخسارة) وامتنعت عن الذهاب له لأخذ هذا الربح مدة شهرين فجاءني بنفسه وأعطاني بل أصر على إعطائي هذا الربح وقال سأقوم بالسؤال لأنني قد قلقت من هذا الأمر. (هذا الرجل أظنه على خير ولا أشك فيه بل هو أيضا يسعى إلى الخير ويخاف الوقوع فى المحرم أعني الربا) ، فقلت له دع هذا المال (الربح عن الشهرين الأخيرين والذي امتنعت عن الذهاب له فيهما) معك حتى يتم التحقق فقال لي اجعلنا على ما مضى من التعامل وما يجري هنا يعني الشهرين الأخيرين يجري على ما سبق فنحن كنا نسعى إلى الخير ولم يكن لنا نية لغيره. فأخذت المال وكما هو متبع مني أنصفه نصف لزوجتي والآخر للمرأة الأرملة. وبعد أسبوعين ذهبت إليه وسألته عما فعل فقال لي سألت رجلا آخر (وذكر لي أن هذا الأخير يعني الذي سأله مؤخرا قال له أن الرجل الأول يضع أمواله في البنك ولم أكن أعرف ذلك من قبل وظاهر أمر هذا الأول هو الخير حيث أنه يصلي إماما بالناس ويطلق لحيته ويسأل وله كيان إسلامي ظاهر في أحد المساجد الأهلية) وأظنه على خير فقال لي هذا حرام لأن هذا الشخص لا يفعل شيئا ولا يقوم بالفعل بعمل الوسيط حيث أن الوسيط يشتري البضاعة بنفسه ويقوم بتسويقها بنفسه فإذا كان الأمر كذلك فهو حلال أما أنه لا يشتري البضاعة ولا يقوم بتسويقها فهذا لا ينطبق عليه معنى الوسيط. فلفت نظرى لشيء آخر وأظن أن هذا صحيح. فكان جوابي لهذا الرجل الآن اعتبر أن هذا المبلغ قرض حسن لحين معرفة ما يلزم فعله. فقال لي أنا أستطيع خلال شهرين على الأكثر تدبير هذا المبلغ ويمكنك أن تقوم بشراء السلعة الأساسية \" المادة الخام\" بنفسك من مصنعها ويمكن لي أن أعرفك عليه وتقوم بوضع مبلغ من المال على كل طن كما يفعل لي غيرك وتكون في هذه الحالة حلال (حيث يأخذ السلعة ويدفع ثمنها المحدد بعد شهرين من تاريخ وصولها) . ولكن هذا المبلغ الذى يلزم وضعه على هذه السلعة ما قيمته فالمتبع والمثال الذي قاله لي أن التجار يزيدون على قيمة السلعة مبلغا مقابل الأجل وهذا هو الربا فذكرت له ذلك وقلت له بل المبلغ هذا مقابل التجارة وليس الأجل لعلمي الجيد بأن هذا هو الربا. ... ... (وحسب علمي فهو ربا النسيئة وهو ظاهر) فتركته على أن أبحث هذه المسألة السابقة (مشروعية الربح الذي أخذته منه طوال أعوام مقابل الوساطة) وكيف يمكن التعامل معها والذي قال لي فيها عفا الله عما سلف والله غفور رحيم فلم يكن هناك أصلا نية للمحرم. وتعاملنا مع بعضنا كما ذكرت من قبل بصورة نتجنب فيها الوقوع في هذا المحرم قدر الإمكان. فكان هو طالب المال وهو نفسه الذي عرض الطريقة أي الوساطة، وهو الذي سأل قبل الطلب وتأكد من ذلك حسب قوله وكان ظاهره صحيح، ولم يكن هناك شرط معين للربح كما هو متبع بل اقتصر على مبلغ بسيط على كل قطعة يتم بيعها بالفعل وعلى حسب التسويق الفعلي لا الإنتاج. ولم يكن هناك تدخل مني على قيمة الربح لكل قطعة. وكان الأمر بالنسبة لي (أعني في فكري) هي بداية للمشاركة الكاملة معه بالجهد والمال والتي رفضها تماما مع محاولتى الوصول لها (أعني المشاركة) أكثر من مرة، لعلمي أن هذه الصورة هيالأفضل في هذا المضمار.
وأصبح الأمر هذا خطيرا ولا أدري ما أفعل، أعني فيما سبق من الربح السابق تحت بند الوساطة ولمدة عدة سنوات.
والسؤال: جزاكم الله خيرا لأننا في مجتمع قل فيه الحلال وضيق علينا ونحن نحاول أن نتقي الله قدر المستطاع؟ ماالذي يجب فعله في هذه الحالة فهذه شبهة أظلت علينا ولم تظهر أنها شبهة إلا متأخرا وبعد شعوري بأنه قد يكون يخسر نتيجة زيادة الأسعار، ولم يراودني من قبل أي شك في حلها (ولا هو) بل كنا مطمئنين تماما لها؟ فقد سار العمل بالتراضي حتى بعد ظهور هذه الشبهة بيننا.. وماذا يلزم فعله في الريع السابق ورأس المال الذي هو عنده وهل طريقة العمل التي حددها لى صحيحة (أعني شراء السلع المادة الخام اللازمة له) وما قيمة المال الزائد الذي يلزم وضعه على السلعة وخاصة أن سعر السلعة فى السوق محدد على أساس زيادة سعرها عن المصنع نتيجة الأجل حسب قوله وهو المعروف حيث يقوم التجار بوضع سعرها على أساس الأجل والتجارة حلال ووضع نسبة ما على رأس المال هو أصل التجارة.. أفيدونا وجزاكم الله خيرا..
المتعلقون بالسؤال امرأتان امرأة أستطيع التعامل معها والتفاهم على ما يلزم عمله وهي زوجي والأخرى أرملة سعت للعمل التجارىي الحلال \" حسب ما كنا نظن\" ولا أظن أنه من الجرأة والمروءة أن أتحدث معها في السابق غير أنني وجهت نظرها عن طريق قريب لها أننا قد نضطر إلى عدم الحصول على الريع نظرا لأن صاحب الورشة المستثمر فيها المال يحقق خسارة.. وأظنها تستوعب هذا الأمر فقد فهمته واستوعبت من قبل عندما كنا في بداية الاستثمار وعندما كنا يقلل قيمته.. وهي على خير إن شاء الله..
ويظل الطرف الوسيط وهو أنا نفسي والذى قمت وسعيت له للحصول على المال المطلوب حسب طلبه ومحاولة مساعدة هذه المرأة الأرملة واستثمار مهر زوجتي.. ماذا أفعل جزاكم الله خير.. فقد سعيت لتلاقي أطراف في الخير.
والرجل الآخر المستثمر للمال ماذا يلزم العمل له وماذا يفعل.
وهذا نتاج عدم تطبيق شريعة الله في أرضه نسأل الله تعالى أن يعمنا برحمته ويبعث فينا من يحكم بشرعه ويقينا هذه الشبهات بل ويضرب على أيدينا وأيدي الناس وصولا لخير الدنيا والآخرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور: الأمر الأول: ما يتعلق بالربح الذي تأخذه مقابل استثمار مال المرأتين عند هذا الشخص: والذي فهمناه من السؤال أن هذا الربح كان مبلغا مقطوعا ثابتا تقريبا تأخذه من كل قطعة بيعت. فإذا كان الأمر كذلك فهو حرام، ويكون حنيئذ من الربا، وراجع الفتوى رقم: 28391، أما إذا كان هذا الربح نسبة معينة من الأرباح تزيد وتنقص بحسب السوق فلا حرج في ذلك، ويكون هذا الشخص حينئذ مضاربا بمال المرأتين هذا إذا توفرت بقية شروط صحة المضاربة وراجع الفتوى رقم: 10670، واعتبار هذا الربح مقابل الوساطة التي قمت بها غير صحيح لأنه مقابل المال المستثمر إما مضاربة وإما قرضا كما تقدم، نعم يجوز لك أن تأخذ مبلغا مقطوعا مقابل ما قمت به من الوساطة سواء كان من أحد طرفي العقد أو من كليهما بشرط أن يكون العقد نفسه عقدا صحيحا، ولا يجوز أن تكون أجرة الوساطة نسبة من الأرباح، لما في ذلك من الجهالة والغرر، ولكن الوساطة شيء ومضاربة هذا الشخص بمال المرأتين أو اقتراضه لمالهما شيء آخر. ويجب أن تعلم أن رأس المال الذي دفعته لهذا الشخص هو حق للمرأتين ولا إشكال في ذلك. أما أرباحه فإذا كانت مبلغا مقطوعا -كما فهمنا من السؤال- فهي حرام، فما كان منها قد استهلك فلا شيء عليكم فيه لأنه كان عن جهل، والله تعالى يقول: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {البقرة: 275} ، وما كان منها باقيا فهو لصاحبك.
وأما ما يتعلق بما عرضه عليك هذا الشخص من شرائك المواد الخام بمال المرأتين وإحضارها له مقابل ربح فلا حرج في ذلك، وتكون أنت حينئذ مضاربا بمال المرأتين وتتفق معهما على نسبة الأرباح التي لك، وإن شئت التطوع لهما بهذا العمل أو أن يكون بأجرة معلومة فإن ذلك جائز، كل ذلك راجع للاتفاق بينكم.
والأمر الثاني: ما يتعلق بزيادة الثمن في السلعة مقابل الأجل: وقد تقدم الكلام عن ذلك مفصلا في الفتاوى التالية: 49911، 1084، 49700.
والأمر الثالث: ما يتعلق بالربح المسموح به شرعا على السلع: وقد تقدم الكلام عن ذلك مفصلا في الفتاوى التالية: 46702، 33215، 32973.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1425(12/4250)
مسائل في العمولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بإحدى شركات القطاع الخاص وطبيعة العمل في التسويق. يعتمد الدخل على راتب وعمولة. العمولة متعارف عليها ولكنها غير مكتوبة ولهذا السبب صاحب الشركة يعطي لنفسه الحق في إخراج النسبة التي تتراءى له إذا كانت نسبة العمولة المتعارف عليها كبيرة من وجهة نظره. صاحب الشركة دائم التسويف فقد وعد بتعديل الرواتب منذ 4 سنوات ولم يف بوعده بحجة أن عليه ديونا كثيرة (هو المتسبب فيها) يجب سدادها وأننا أحسن حالا من غيرنا وظروف البلد صعبة جدا في حين أننا في هذه الظروف نحقق دخلاً ممتازاً للشركة. بعض الشركات التي نتعامل معها تعرض علينا نسبة عمولة بصورة شخصية فمثلاً يمكنني إعطاء شركة 15% خصم وأحصل منها لنفسي على 5% مثلاً دون اتفاق مسبق أو شروط ما حكم ذلك؟ (هل يمكن استكمال نسب العمولة المتعارف عليها دون علم صاحب الشركة الذي يأخذ حقوقنا) وما حكم صاحب رأس المال الذي لم يعدل الرواتب منذ 4 سنوات ودائما يختصر العمولات المتعارف عليها وكذلك حتى نسب العمولة التي يخرجها يؤخرها أو يقسطها فلا يمكن الاستفادة منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للموظف إعطاء الشركة التي تتعامل مع شركته نسبة 15 خصم لتعطيه في مقابل ذلك نسبة 5، لأن هذه النسبة التي تعطيها الشركة له، هي في الحقيقة رشوة، مقابل الخصم الذي أعطاه لها، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في حديث رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
أما عن أخذكم ما يكمل نسبة العمولة المتعارف عليها دون علم صاحب الشركة لكونه يعطي أنقص منها، فإن كان قد اتفق معكم على هذه النسبة التي يعطيكم إياها، فالواجب هو الالتزام بها وعدم أخذ أكثر منها إلا برضا صاحب الشركة ولو كانت هذه النسبة أقل من النسبة المتعارف عليها، وإن كان لم يتفق مع الموظفين على نسبة خلاف المتعارف عليها، فيجب عليه الالتزام بالنسبة المتعارف عليها، لأن المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، كما هو مقرر عند أهل العلم، وهل يجوز -في هذه الحالة- استكمال العمولة إلى الحد المتعارف عليه دون علم صاحب الشركة؟ في ذلك خلاف بين العلماء، وهذه المسألة تعرف في الفقه بمسألة الظفر، وقد فصلنا الكلام فيها مع بيان الراجح في الفتوى رقم: 28871.
وأما حكم صاحب الشركة الذي لم يعدل رواتب الموظفين، فهذا التعديل إما أن يكون تفضلاً منه لم ينص عليه العقد ولم يعد به، فلا يلزمه هذا التعديل، وإن فعله بنية الإحسان إلى الموظفين أثابه الله على ذلك، وإما أن يكون قد نص عليه العقد، فيجب عليه الوفاء به لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ [المائدة: 1] ، وإما أن يكون قد وعد به، ففي وجوب الوفاء بما وعد به، خلاف بين العلماء، والراجح هو وجوبه إذا دخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد، وراجع للمزيد من التفصيل الفتوى رقم: 25233.
وأما تأخير صاحب الشركة للعمولة وتقسيطها، فإن كان ذلك لكونه معسراً، فلا إثم عليه، والواجب هو إنظاره، قال الله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:280] ، وإن كان ذلك مع غناه وقدرته على التعجيل وعدم التقسيط، فلا يجوز وهو مطل محرم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1425(12/4251)
يعمل في شركة ويعمل سمسارا لغيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[أشتغل بتأجير السيارات, وأحيانا تؤجر كل السيارات التابعة للشركة التي أشتغل فيها, عندها, كلما وجدت زبونا اتفقت مع شركة أخرى على سعر ومع الزبون على سعر أكثر بقليل لكي آخذ الفرق. هذا من غيرعلم إدارتي.
إذا علمت الإدارة, هل يدخل هذا في (بيع ما لا أملك) ؟ ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سألت عنه قد اشتمل على عدة أمور:
الأمر الأول: ما يتعلق بما تقوم به من السمسرة عند ما تؤجر كل سيارات الشركة التي تعمل فيها، ولذلك حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون ذلك خارج وقت الدوام فلا حرج عليك في ذلك، لأن ما كان خارجا عن وقت الدوام فهو ملك لك تتصرف فيه كما تشاء.
والحالة الثانية: أن يكون ذلك خلال وقت الدوام في الشركة، وهذا لا يجوز لك إلا بإذن الشركة، وبما أنك تفعل ذلك بغير إذنهم فلا يجوز لك ذلك، ولو كانت سياراتهم قد أجرت جميعا لأنك أجير خاص لا يجوز لك العمل خلال مدة الإجارة لغير المستأجر إلا بإذنه.
والأمر الثاني: ما يتعلق باتفاقك مع الزبون على مبلغ أكثر من سعر الشركة التي تأخذ منها السيارة، ولذلك حالات أيضا:
الأولى: أن يكون ذلك بإذن الشركة التي تعمل فيها، وحينئذ إما أن تكون وكيلا عن الشركة الأخرى في ذلك، أو لا تكون، فإن كنت وكيلا عنهم فلك أن تفعل ذلك إلا أن الزيادة لهم ولك أجرة الوكالة لأن زيادة الوكيل للموكل، وإن لم تكن وكيلا عنهم فلا بد من أن تبين للزبون أنك سمسار، وأن الزيادة هي أجرة السمسرة.
والثانية: أن يكون ذلك بغير إذن الشركة التي تعمل فيها، وفي هذه الحالة لاتستحق شيئا من الأجرة بل هي للشركة التي تعمل فيها لأنه كان في وقتهم, إلا أن يهبوا لك ذلك.
والأمر الثالث: ما يتعلق بدخول عملك هذا في (بيع ما لا يملك) ، وعليك أن تعلم أنه لا يدخل في ذلك لأنه ليس من البيع بل هو من السمسرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1425(12/4252)
حكم إعطاء المدرس أجرة في مقابل جلبه للدارسين إلى المدرسة
[السُّؤَالُ]
ـ[3 - في بعض المدارس في حاجة إلى عدد من الطلبة ليدرس فيها
فيعلن إلى مدرسيها من يأتي بالطلبة سوف يعطى له الأجرة، فهل هذا يعتبر من عمل الرشوة؟
أفيدونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما إعلان مسؤول المدرسة عن إعطاء المدرس أجرا إذا أتى ببعض الطلبة فهذه جعالة وهي جائزة وليست برشوة لأن الإتيان بالطلبة ليس من الحق الواجب على المدرس، ولكن يشترط فيها أن يكون الأجر الذي سيعطاه المدرس معلوما كأن تقول إدارة المدرسة للمدرس: لو أتيت بطالب فلك مائة ريال مثلا، أما إذا لم تحدد الأجرة فلا يصح هذا العقد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1425(12/4253)
الجعالة في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الجعالة في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجعالة جائزة في الجملة عند جماهير الفقهاء من المذاهب الأربعة وغيرهم، وقد بينا بعض أحكامها في الفتوى رقم: 12830، والفتوى رقم: 32085.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1425(12/4254)
حكم العمولة التي يتقاضاها الوسيط
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سألت فضيلتكم عن الموقع forexme.com والتعامل مع هذا الموقع يكون كالتالي:
أقوم بالتجارة في البورصات العالمية (لندن / نيويورك / هونج كونج) بشراء وبيع العملات والمعادن عن طريق وسيط مالي بنظام المارجن (Margin) حسب القواعد التالية: 1- يتم فتح حساب لدى الوسيط المالي في بنك في أمريكا، حيث أضع مبلغ (500 دولار) ، 2- أقوم بشراء وبيع العملات بواقع300 دولار حيث يتم تقسيم المبلغ إلى صفقات، ويقوم الوسيط المالي بتزويدي بباقي المبلغ لكل صفقة بحيث أشارك بمارجن (20 %) على سبيل المثال من قيمة الصفقة، والوسيط المالي يقوم بدفع الباقي، ويتم تسجيل الصفقة باسمي، حسب سعر السوق المبين على شاشات تداول الأسعار بيعاً أو شراء، 3- أنتظر الأسعار لتصبح في صالحي ربحاً، وأقوم ببيع الصفقة أوالصفقات، وتُوضع قيمة المعاملة في حسابي في البنك، وأقوم بدفع مبلغ (35 دولارا عمولة) عند البيع عن كل عملية تم إنهاؤها للوسيط المالي بغض النظر عن كوني ربحت أم خسرت، ولكن لا يأخذ الوسيط مني أي عمولة عند عملية الشراء، 4- لا يتحمل الوسيط المالي قيمة الخسائر الناتجة عن التعامل بحيث أقوم أنا بتحمل جميع ما ينتج عن ذلك والمخاطرة بقيمة المبلغ الذي قمت بدفعه (300 دولار) ويمكنه تغطيتي والاستمرار في التعامل ما دام في حسابي ما يغطي قيمة الخسائر، وإذا لم يكن هناك ما يغطي الخسائر يقوم هو ببيع الصفقة مباشرة إذا تجاوزت قيمة الخسائر (300 دولار) وآخذ (35 دولارا عمولة) أيضاً عن عملية البيع مع الملاحظة أيضاً أنه لا يأخذ شيئاً من الأرباح في حالة الربح عند البيع، ولكن يأخذ عمولته فقط، 5- مبلغ (500 دولار) الذي أملكه لا يكفي لتسديد جميع قيمة الصفقة الواحدة؛ ولكن أدخل السوق بمساعدة الوسيط المالي في مقابل عدم ربحه أو خسارته، ولكن مقابل عمولته، ويكون هو بذلك قد وفر لي فرصة التعامل في السوق عن طريقه، 6- أعرف أن الفيصل في تعاملات الذهب والفضة والعملات هو: أن تكون يدا بيد، وألا يبيع المرء شيئاً لا يملكه، وأنا ملتزم بذلك وأيضا لا آخذ فوائد من البنك في حالة بيع الصفقات ووضع المال عنده خلال الليل، حيث يعطيني فوائد على ذلك ولكنه يأخذ مني فوائد عند حصول عملية شراء تبييت المال بالليل في البنك، فما حكم ذلك إن حصل، مع حرصي على عدم تبييت أي صفقة بيعًا أو شراء حتى لو حدثت خسارة لتفادي موضوع دفع أو أخذ الفوائد، 7- في كون تلك المعاملة غير جائزة شرعا بسبب عدم امتلاكي لجميع قيمة الصفقة، فهل تصبح جائزة عند امتلاكي للمبلغ في حسابي ولكن لم أدفع القيمة كلها ودفعت جزءا والوسيط المالي قام بدفع الباقي أم تصبح جائزة عندما أقوم بدفع كامل قيمة الصفقة وحدي دون تدخل الوسيط معي، ويكون دور الوسيط في تلك الحالة هو توفيره الدخول للسوق وبيان الأسعار والتحليلات المالية في مقابل عمولته (35 دولاراً) ، أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز عقد صفقة عن طريق الاقتراض من الوسيط المالي، لأن هذا قرض جر نفعاً وهو محرم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 42437، والنفع هو مبلغ العمولة التي يتقاضاها الوسيط، فإنه ما أقرضك إلا ليتوصل إليها، فإن كان دور الوسيط قاصراً على توفير الدخول للسوق وبيان الأسعار والتحليلات المالية في مقابل عمولة محددة مع قيامك بدفع قيمة الصفقة كاملة، جاز عقد هذه الصفقة إذا روعيت الشروط اللازمة لجواز الصرف، وراجع لزاماً الفتوى رقم: 47175.
ولا يجوز أخذ فوائد من البنك لأجل إيداعك المال فيه، لأن ذلك داخل في الإقراض بالربا ولا يجوز كذلك دفع مال للبنك إذا كان هذا المال عبارة عن فائدة عن إقراضه لك باقي مبلغ الصفقة، أما إذا كان دفع هذا المال نظير حفظ مالك فهو جائز لأنه أجر مقابل عمل مباح، علماً بأنه لا يجوز وضع المال في بنك ربوي إلا لضرورة، وراجع للأهمية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7770، 9537، 37388، 41565.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1425(12/4255)
أخذ الجعل مقابل دلالة الزبائن
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد مؤسسة خاصة في بلدنا تدعم الشباب وذلك بإيصال الزبون إلى شركة وطنية لإبرام عقد بيع (آلات صناعية إلخ)
هذه المؤسسة الخاصة المتكونة من مجموعة من الشباب تستمد مدخولها من موصلات وأجور العمال وحق الكراء هذا المدخول يعطى لهم من طرف الزبون أو الشاب ويكون ضئيلا
نرجو الاستفادة منكم يا أهل العلم بالسند وفتاوى مجموعة العلماء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أخذ الجعل مقابل دلالة الزبائن على المؤسسة التي تعين على شراء الآلات الزراعية وغيرها من الأغراض، بشرط أن تكون عملية البيع مما لا يستتر وراءها القروض الربوية التي تلجأ إليها هذه المؤسسات في غالب الأحيان، ولمعرفة السمسرة بشروطها راجع الفتاوى التالية أرقامها: 32779 / 45852 / 23575 / 5172، وللفائدة راجع الفتويين التاليتين: 9754 / 5230.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1425(12/4256)
هل يجوز للسمسار أن يؤجرآخر للقيام بالسمسرة أو يشاركه
[السُّؤَالُ]
ـ[صديق لي له بيت عرضه للإيجار من خلال مكتب عقاري، ويدعي قريب له أن صديقي وعده إن أجر له البيت فله قيمة شهر من الإيجار، قام القريب بالاتصال بمكتب عقارات يعرفه وحاول المكتب الجديد تأجير البيت، ولكن لم ينجح، بعد حوالي سنة نجح المكتب في تأجير البيت، المكتب يطالب بخمسة بالمائة من قيمة الإيجار، والقريب يطالب بقيمة شهر من الإيجار وهي تصل إلى نسبة حوالي تسعة بالمائة، القريب يدعي أن هناك شهوداً حين وعد بقيمة الشهر، الشهود يقولون لم نسمع بهذا الوعد، هل يحق للمكتب العقاري نسبته+ نسبة القريب إن صدق، أم على القريب إعطاء حق المكتب من نصيبه، هل مال القريب إن صدق يحل له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قام به قريب صديقك إن صح ما يدعيه بعتبر سمسرة وهي التوسط بين البائع والمشتري، وبين المؤجر والمستأجر، مقابل أجرة معلومة من واحد منهما أو منهما معاً حسب الاتفاق، والأجرة على السمسرة جائزة على الراجح من أقوال أهل العلم، كما روى البخاري تعليقاً عن ابن عباس قال: لا بأس أن يقول له: بع هذا الثوب فما زاد على كذا وكذا فهو لك.
ويجوز للسمسار أن يشترك مع سمسار آخر أو يؤجره للقيام بعمل السمسرة ويستحق السمسار الثاني أجره أو حصته من السمسار الأول لا من صاحب البضاعة أو البيت.
وإن كان بعض العلماء كالحنابلة منع اشتراك الدلالين، إلا أن مجرد العرض وإحضار الزبون جائز عندهم، جاء في كشاف القناع: ولا تصح شركة دلالين ... وهذا في الدلالة التي فيها عقد، فأما مجرد النداء والعرض أي عرض المتاع للبيع وإحضار الزبون فلا خلاف في جواز الاشتراك فيه. انتهى.
فالمقصود أن أجرة المكتب الذي أجر البيت تجب على قريب صديقك الذي اتصل بهم وطلب منهم إحضار مستأجر للبيت، لأنه لا يخلو أن يكون شريكاً أو مستأجراً لهم في الدلالة، وأن على صاحب البيت دفع الأجرة المتفق عليها بينه وبين ذلك الشخص، وليس عليه شيء للمكتب لأنه لا علاقة له به، فإنه إنما جاعل قريبه وقريبه جاعل المكتب، جاء في كشاف القناع: فمن فعله -أي العمل المسمى عليه الجعل بعد أن بلغه الجعل استحقه كدين أي كسائر الديون على المجاعل لأن العقد استقر بتمام العمل فاستحق ما جعل له. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1425(12/4257)
هذه العقود من السمسرة الجائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة لجنة الإفتاء في الشبكة الإسلامية إسلام ويب حفظكم الله
نحن مؤسسة تسويق في طور التأسيس, نرغب بتسويق منتجات عديدة ومتنوعة منها على سبيل المثال:
العطر والعسل والتمور والأدوات المنزلية والديكور والالكترونيات وبرامج الكمبيوتر والألبسة والسيارات والعقار والشقق والاتصالات والطباعة وتوفير وظائف والترجمة والانترنت والأعشاب الطبيعية والعطورات والاعلانات التجارية والحجوزات المختلفة وخدمات عامة وأي منتج مباح شرعا وقانونا
ويتم تسويقها بنفس أسعار السوق.
وسنقوم بعمل عقود تسويق لهذه المنتجات مع الراغبين من الناس , ----- وسؤالنا ما الحكم الشرعي في هذه العقود؟
اذ العقود ستكون في أكثر من صورة وعلى وجه الاختيار وهذه الصور ما يلي:
1- نقدم لك مبلغاً مقداره (س) من المال [يتفق عليه] عن كل شخص تدله مباشرة ليشتري أحد منتجاتنا ونقدم لك الأجرة فور شراء ذلك الزبون أحد منتجاتنا وبنفس اللحظة ولا يشترط عليك أنت شراء أي من المنتجات.
2- نقدم لك مبلغاً مقداره (ص) من المال مقابل التسويق لعدد مباشر مقداره (ع) من الأشخاص - ولا يشترط عليك شراء أي من منتجاتنا - ويتم تسليم الأجرة لك فور تحقق هذا الرقم خلال مدة زمنية (نتفق عليها) فاِن لم يتم تحقيق هذا الرقم خلال هذه الفترة؛ فلن يضيع عليك أي جهد بل سيتم محاسبتك عن كل شخص سوقت له مباشرة ولكن
بأجر آخر مقداره (ل) من المال.
3- نقدم لك مبلغاً مقداره (م) من المال مقابل تسويقك لعدد مقداره (ن) من الأشخاص تسوق لهم أحد منتجاتنا , سواء تم التسويق من خلالك مباشرة أو غير مباشرة ولكن عليك التسويق لاثنين مباشرة على الأقل ولو قام من دعوتهم مباشرة بدعوة آخرين جدد؛ سنعتبرالجدد هؤلاء تسويقا من خلالك أنت ولكن بطريق غير مباشر بغض النظر عن عددهم.
ولكننا نقدم لك مبلغاً عمن سوقت لهم مباشرة على وجه الإلزام وبغض النظر عن عددهم أو موقعهم ولن يضيع عليك أي جهد , أما الذين اعتبرناهم تسويقاً غير مباشر فنقدم لك عنهم المبالغ المالية على وجه الهدية - وليس على وجه الحتم والإلزام- والهدية تكون حسب شروط نطلعك عليها.
-------------------------------------------------------------------
أرجو من فضيلتكم التكرم بالتعليق وتقديم النصح والفتيا مع دعواتنا لكم بالتوفيق.
--------------------------------------------------]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر -والله أعلم- أن هذه العقود المعروضة من السمسرة الجائزة، وليس فيها ما يمنع منه الشرع، فقد تضمنت شروط السمسرة الصحيحة من حيث معلومية الأجرة والعمل، وكذا حلية البضاعة المراد السمسرة عليها، وراجع الفتوى رقم: 5172، والفتوى رقم: 24498، والفتوى رقم: 45852، والفتوى رقم: 12830.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1425(12/4258)
حكم أخذ السمسرة دون علم البائع أو المشتري
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أخذ السمسرة من البائع أو المشتري وما حكم أخذها بدون علمهما وما هي نسبتها إن كانت جائزة
أفتوني جزاكم الله عني خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسمسرة جائزة، ويجوز للسمسار أن يأخذ حقه من طرف واحد أو من طرفين على حسب ما يقع من اتفاق، وراجع الفتوى رقم: 12546، والفتوى رقم: 23575.
ويشترط أن يعلم بها من تأخذ منه فقط وإلا كانت أكلاً لماله بالباطل وهو من الكبائر، قال الله تعالى: {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:188] .
وإنما قلنا إنه يشترط علم من تؤخذ منه، لأن السمسرة حقيقتها جعالة على القيام بعمل، وهذا يستلزم إيجاباً وقبولاً من المجاعِل والمجاعَل له، وهو غير موجود فيما لو أخذت منه دون علمه.
أما أخذ السمسار عمولة من البائع دون علم المشتري والعكس فلا حرج فيه، ويكون مقدار الأجرة حسب الاتفاق بينهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(12/4259)
حكم ما يدفع للسمسار مقابل احتفاظ التاجر بالعملة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي شروط تجارة العملة حتى تكون شرعية، علما بأن تجارة العملة عن طريق الإنترنت تتم بالشكل التالي: يدفع التاجر جزءاً من المبلغ من 50 إلى 10 في المائة حسب العرض المقدم من السمسار والباقي يدفعه السمسار أو الوسيط ويأخذ السمسار ربحاً في حالة الشراء والبيع، أي سواء كانت الصفقة رابحة أو خاسرة أي السمسار لا يتحمل الخسارة بل في كل مرة هو رابح، وهناك أمر آخر وهو أن الصفقة المفتوحة عندما لا تغلق ليلا يؤخذ عليها مبلغ معين إذا كان العملة المستخدمة غير العمل المتعامل بها من قبل الوسيط أي إذا كان الوسيط يستخدم الدولار وأنا استخدمت اليورو وحدث أن الصفقة لم تغلق ليلاً فإن الوسيط أو السمسار يأخذ مبلغاً معيناً يسمى rollovver بالإنجليزية، أو مقابل احتفاظ التاجر بهذا المبلغ لليوم التالي، ويحسب عن طريق فرق الفائدة بين العملتين، أي العملة المستخدمة من قبل الوسيط والعملة المستخدمة من قبل التاجر وهي تعادل حوالي واحد من العشرة في المائة سنوياً، أي مثلاً إذا احتفظت بمبلغ مائة ألف دولار لمدة ليلة فإنني أدفع دولاراً واحداً مقابل هذه الليلة وهذا المبلغ، فما رأيكم بهذا الخصوص، وهل هذا المبلغ الذي يأخذ يعتبر ربا أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمتاجرة في العملة جائزة إذا انضبطت بالضوابط الشرعية، وهذه الضوابط مبينة في الفتوى رقم: 3702.
وإذا دفع المشتري جزءاً من المبلغ إلى السمسار أو الوسيط، ثم كمل السمسار أو الوسيط الباقي وتم البيع والتقابض في مجلس العقد كان ذلك جائزاً فالوسيط هنا وكيل للمشتري، ويجوز للوكيل أن يقرض الموكل ويعود عليه بالقرض، وانظر في حكم الوكالة في الصرف الفتوى رقم: 29977.
هذا، ويجب أن تكون أجرة الوسيط معلومة يستحقها على الموكل سواء ربحت تجارته أو خسرت، فالوكيل أمين لا يضمن المال الموكل فيه إلا في حالة التعدي أو التفريط.
وأما المبلغ المأخوذ مقابل احتفاظ التاجر بالعملة إلى اليوم التالي فإنه غير جائز، إذ يكون مقابل تأخر المشتري عن دفع القرض الذي أقرضه إياه الوسيط، ولا شك أن الزيادة على الدين نظير تأخره ربا محرم مهما تكن الزيادة حقيرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(12/4260)
جواز الجعل على الدلالة أو السمسرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل فضيلتكم عن أمر يتعلق بعملي وهو أني أعمل محاميا منذ ثلاث سنوات وأعاني من قلة العمل رغم أنه قد شهد لي معظم المحامين القدامى والمشهورين بأنه سيكون لي مستقبل زاهر في هذه المهنة وأنا أعلم جيدا أن الأرزاق على الله سبحانه وتعالى ولكن أريد أن أسأل عن ظاهرة اتبعها بعض المحامين ممن هم أقل مني خبرة وكفاءة وحققوا منها مكاسب لا بأس منها وهي التعامل مع رجال الشرطة العاملين في المحكمة بحيث أن الشرطي بما له من قدرة في الوصول الي المتهمين باعتباره حارسا لهم في أن يجعلهم يقومون بتوكيل أحد المحامين والذي يكون قد اتفق معه سلفا على نسبة من أتعابه في هذه القضية مع العلم أن ذلك يتم دون أي ضغط على المتهم في توكيل هذا المحامي أوغيره ولكن المسألة تتم بالاتفاق فهل هنالك أي حرام في أن أتبع هذه الطريقة أولا مع العلم بأنه قد عرض علي العديد منهم العمل معهم بهذه الطريقة ولكني أماطل بسبب خوفي أن تكون هذه الطريقة محرمة لأي سبب مع العلم بأن ظروفي المادية سيئة وأني أعاني من شهوة جنسية قوية ولم تجد الأدوية أي نفع في تخفيفها وأنا أخاف الوقوع في الحرام وقد خطبت إحدى زميلاتي ولم أتمكن من إتمام الزواج بسبب أحوالي المادية فهل هناك حرج في اتباع طريقة التعامل مع الشرطة والتي سبق شرحهامع العلم بأنه إذا كانت هذه الطريقة محرمة فأني لن أتبعها مهما كانت ظروفي المادية أو الصحية لأني أخاف الله جدا وأخاف أن اعصيه يرجى سرعة الإجابة للأهمية
... ... ... ولكم جزيل الشكر
... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى مانعاً من الاتفاق مع هؤلاء الأشخاص على أن يقوموا بالدلالة عليك عند المتهمين مقابل أجر محدد تتراضون عليه، وتكون هذه العملية من باب السمسرة، وما تدفعه لهؤلاء الأشخاص جائز.
ويدل على ذلك قول الله تعالى: وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (يوسف: من الآية72) ، فهذه الآية أصل في جواز الجعل على الدلالة أو السمسرة، وراجع في أحكام مهنة المحاماة الفتوى رقم: 1028، والفتوى رقم: 18505، والفتوى رقم: 40331.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(12/4261)
ما يلزم من تراجع أحد الطرفين في السمسرة
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت أرضا لبناء منزل عن طريق أحد الأشخاص (سمسار) ، واتفقت معه على أن أعطيه مبلغا من المال وقدره 1200 دينار عند إتمام عقد البيع، ولكني تراجعت بعد ذلك وقبل كتابة عقد البيع لأن المبلغ الذي سأعطيه للسمسار مشط، فقلت له لا أستطيع أن أعطيك المبلغ الذي اتفقنا عليه ولكني سأعطيك 800 دينار فقط، فغضب السمسار وقال لي ليس لك الحق أن ترجع في كلامك، فقلت له إذا أردت أن تبيع الأرض لشخص آخر غيري فلك ذلك، فقال لي لا يجوز لي ذلك الآن لأني أعطيتك عنوان صاحب الأرض وقد تذهب إليه وتكتب العقد دون أن أعلم وبالتالي لن أربح شيئاً، ووافق على أخذ مبلغ 800 دينار، سؤالي هو: هل يعد ما فعلته من قبيل أكل أموال الناس بالباطل؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن السمسار يستحق أجرته المعلومة كاملة بعد تمام عمله، كما جاء في كشاف القناع: فمن فعله -أي العمل المسمى عليه الجعل (والسمسرة داخلة في الجعالة) - بعد أن بلغه الجعل، استحقه كدين أي كسائر الديون على المجاعل، لأن العقد استقر بتمام العمل فاستحق ما جُعل له. انتهى.
وعليه؛ فإن هذا السمسار الذي دلك على الأرض ووفى عمله يستحق الأجرة التي اتفقتما عليها كاملة، وهي دين عليك له يجب سداده.
وهنا مسألة وهي أن تراجعك عن مواصلة الاتفاق قبل إبرام العقد ينظر إن كان في عرف بلدكم أن السمسار قد أدى عمله كاملاً فإن له الأجرة المتفق عليها، وهي ما ذكرت 1200 دينار.
أما إن كان في العرف أن لا يتم عمله حتى يبرم العقد وتراجعت أنت قبل تمام العمل، فلك ذلك، وعليك للسمسار أجرة مثله، جاء في كشاف القناع: وهي -أي الجعالة- عقد جائز من الطرفين، ولكل واحد منهما أي من الجاعل والمجعول له المعين فسخها متى شاء كسائر العقود الجائزة.... وإن فسخها الجاعل قبل شروع العامل لم يلزمه شيء، وبعد الشروع فعليه للعامل أجرة مثل عمله. انتهى، وأجرة المثل هذه يحددها العرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(12/4262)
السمسرة المشروطة بأمر مجهول لا تجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل فترة قمتم بإجابة لسؤال حول شركة تتاجر بالألماس عبر أسلوب التسويق الشبكي
وهنا نص فتواكم في هذا الرابط
http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=29372
أرجو أن تقوم بالاطلاع على الرابط
http://kantakji.org/fiqh/Files/Studies/BizNas.htm
والسبب الذي جعلني أعطيك هذا الرابط هو لتوضيح فكرة التسويق الشبكي، حصلت الشركة على فتوى من دار إفتاء الكويت
تجد الصورة في هذا الرابط
http://www.m7d4arab.com/forum/viewtopic.php?t=48
وهنا فتوى http://www.tasabeeh.com/f/news.php?id=1707]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا الأصل الذي بنينا عليه الحكم بتحريم التعامل مع هذه الشركة، وذلك في فتوانا التي أشرت إليها برقم: 29372، ونزيد على ما ذكر فيها، أن دفع المبلغ المذكور ليس رغبة في الألماس، وإنما هو رغبة في الحصول على العمولات التي تترتب على جلب الزبائن الجدد، وهي ثمرة عمله سمساراً لدى الشركة، وهذه الثمرة قد تحصل، وقد لا تحصل، لأنها مرتبطة بأمر مجهول، وهو إحضار زبائن بالعدد المطلوب، وهذا هو القمار بعينه، فإذا أراد الانسحاب بعد ذلك لعدم تمكنه من إحضار زبائن تم خصم 25 لصالح السمسار الذي اشترك عن طريقه، والذي وجدناه في فتوى وزارة الأوقاف الكويتية، أنها أباحت التعامل معها بشروط، ومنها: تحديد أجل محدد لسداد الأقساط لكي تنتفي جهالة الأجل، ولا شك أن الأجل مجهول في مثل هذا البيع، إضافة إلى ما ذكرناه أعلاه مع ما ذُكر في الفتاوى السابقة، وانظر لمزيد فائدة الفتوى رقم: 21192.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1424(12/4263)
حكم دفع مبلغ من المال في مقابل الحصول على وظيفة
[السُّؤَالُ]
ـ[دلني أحد الأشخاص على شخص يقوم بأعمال التوظيف لدى الشركات ولدى مقابلتي له قال إنه سوف يجد لي الوظيفة الملائمة على أن أدفع له بعد التعيين مبلغ 500 دولار وسوف يأخذ أيضا نسبة 10% من مرتبي الشهري فهل هذا حلال أم حرام؟ مع العلم بأنني أعيل عائلة وبحاجة إلى العمل جدا
أفيدوني........
جزاكم الله خير الثواب]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاتفاقك مع من يبحث لك عن عمل مقابل جعل معلوم لا بأس به، أما إذا لم يعلم هذا الجعل كما هو الحال في السؤال فإنه لا يجوز، إذ من غير المعلوم كم هي العشرة في المائة من الراتب، وإن علمت فلا يعلم عدد الشهور التي سيقتطع منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1424(12/4264)
المال المتحصل عن طريق العمولة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم المال الذي يتم امتلاكه عن طريق ما يسمى بالكومشن {commission} ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمال الذي يحصل عن طريق العمولة حلال إذا سلم من الرشوة، لأنه جُعْل معين يتفق عليه السمسار مع صاحب المصلحة بائعًا أو مشتريًّا أو غيرهما، والسمسرة مباحة ما لم تكن في محرم. وراجع لذلك الفتوى رقم: 5172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1424(12/4265)
أخذ العمولة بدون علم الزبون
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم العمولة من المصنع بدون علم الزبون؟
وما حكم دواء الأمراض الجنسية من حيث علاج مرض الرجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أخذ العمولة من المصنع ممن يروج له ويأتيه بالزبناء جائز إذا لم يغش الوسيط المروِّج الزبون كما هو موضح في الفتوى رقم:
6190، والفتوى رقم: 28197، والفتوى رقم: 12546.
وأما دواء المرض الجنسي فلا مانع منه؛ لأن التداوي مشروع لقول النبي صلى الله عليه وسلم: تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي والألباني.
وينبغي الالتزام بالشرع في التداوي، فلا يستعمل محرمًا ولا يكشف عورته إلا عند الضرورة وبقدرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(12/4266)
مستحق الجعل يأخذه ولو كان أكثر من أجرة المثل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك رجل لديه بنت مريضة ويريد نوعاً من الأدوية قال من يأتينى بهذا الدواء أعطيه سيارة أو منزلاً مع أن هذا الدواء ثمنه قليل جداً، ما حكم من يأتى بالدواء ويأخذ المنزل أو السيارة ما حكمه فى الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقول هذا الرجل: من يأتي لي بالدواء الخاص بهذا المرض فله هذه ال سيارة أو هذا البيت ونحو ذلك، يعتبر عقد جعالة، ومن شروط صحة عقد الجعالة العلم بال عوض ولا يشترط العلم بالعمل، فإذا كان هذا الرجل قد عين السيارة أو البيت أو وصفها وصفاً يرفع الضرر والجهالة فإن من أتى له بالدواء يستحق الجعل سواء كانت قيمة السيا رة أو البيت كأجرة المثل أو أكثر أو أقل، لكن للرجل أن يرجع ويفسخ عقد الجعالة قبل أن يأتيه أحد بالدواء، ولا يلزمه شيء حينئذ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1424(12/4267)
حكم دفع المال لعمال الكهرباء في مقابل جذب الزبائن
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
أنا تاجر في المواد الكهربائية، هل يجوز لي أن أدفع مبلغاً من المال إلى عمال الكهرباء الخواص وذلك من أجل أن يجذبوا لي الزبائن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك أن تدفع مالاً لهؤلاء العمال لكي يجلبوا زبائنهم إلى محلك، لأن هؤلاء العمال مؤتمنون على عملهم من قبل زبائنهم،وهذا المال الذي تريد دفعه لهم يدعوهم إلى التغرير بالمشترين ودعوتهم لشراء بضائع لا يحتاجونها، أو يوجد ما هو أجود أو أرخص منها كما هو معلوم من عادات أولئك العمال،وهذا منهم خيانة للأمانة،كما أنه منك معاونة لهم على ذلك، وقد قال الله تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2] .
ومن المعلوم أن العامل الذي يتقاضى منك مالا لن يكون حرا في نظره واختياره الأصلح لمن يعمل له، كما يكون لو لم يأخذ ذلك المال.
ولو فرض أن عاملا لن يدعوه هذا المال إلى عدم اختيار الأصلح لموكله الذي يعمل له فهذا نادر خلاف الغالب، وقاعدة الشريعة تقديم الغالب على النادر، وأن الحكم للغالب لا للنادر.
قال الإمام القرافي في الفروق: اعلم أن الأصل اعتبار الغالب وتقديمه على النادر وهو شأن الشريعة.، ولهذه القاعدة استثناءات ليس هذا موضع بسطها، ولكن ما يهمنا هنا هو أن موضوع السؤال خارج عن هذه الاستثناءات فيبقى على الأصل، فلا يجوز بذل هذا المال لهؤلاء العمال لهذا الغرض، لأن الغالب أن هذا يوقعهم في خيانة الأمانة وخلاف ذلك نادر والنادر لا حكم له كما علمت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1424(12/4268)
لا حرج في دفع الأجرة للسائق في مقابل جلب الزبائن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر رشوة إذا دفع أحد أصحاب المطاعم مالاً إلى سائق حافلات (سائحين) أو إلى سائق تاكسي أجرة لينزل الركاب عنده لتناول الطعام؟ مع العلم بأن هناك مطاعم أخرى على الطريق (منافسة) ، أرجو إفادتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على صاحب المطعم أن يعطي سائق الحافلة أو غيرها أجراً مقابل جلب الزبائن الراكبين معه إليه، وهذا العمل بمثابة السمسرة وهي جائزة في الإسلام، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 23575.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1424(12/4269)
الخصم المالي عند عدم تحقق المبلغ المجاعل عليه لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل كموظف استقبال فى مجال الشقق المفروشة وتلزمنى الإدارة بمبلغ مستهدف وتمنحنى على المبلغ المحقق عمولة، وقد غيرت الإدارة هذا النظام وعدلته بحيث إننى فى حالة عدم تحقيق المبلغ المحدد للدخل خلال شهر تقوم بخصم 1% على المبلغ الناقص فى حين أنه تمنحنى 0.007% علي المبلغ المحقق فهل يجوز هذا شرعاً وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه المعاملة جائزة في أصلها إذا سلمت من الخصم المذكور، إذ أنها نوع من الجعالة، وقد سبق بيان ذلك بالفتوى رقم 12830، وأما خصم مبلغ من المال في حالة عدم تحقق هذا المبلغ المجاعل عليه فهو أمر لا يجوز، وأكل لأموال الناس بالباطل، لأن الأمر لا يخلو من حالين إما أن يتحقق المبلغ المجاعل عليه فيستحق العامل القدر المجاعل به، أو أن لا يتحقق ذلك فلا يستحق القدر المجاعل به، أما خصم مبلغ من المال عقوبة له فلا يجوز لأنه نوع من الظلم، وقد قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) [النساء: 29] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1424(12/4270)
شروط السمسرة الجائزة
[السُّؤَالُ]
ـ["شركة تنتج الألماس وتبيعه عبر شبكة الإنترنت عبر أسلوب التسويق الشبكي، ويقوم العميل بشراء المنتج من الشركة بشكل مباشر إما عن طريق التقسيط أو بدفع كامل ثمن المنتج ودون زيادة في الثمن في كلا الحالتين، وكل شخص يشتري المنتج تقوم الشركة بفتح موقع له ضمن شبكتها عبر الأنترنت وتعطيه عمولة عن كل شخص يشتري المنتج بواسطته وموقع الشركة هو www.my7diamonds.com أرجو من فضيلتكم التفضل بإبداء وجهة نظر الشرع في مثل هذه التجارة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا علم لنا بهذه الشركة ولا كيفية تعاملها، لكن لا حرج على المسلم في شراء الماس سواء كان حالَّ الثمن أو مؤجلاً مقسطاً أو غير مقسط، ولو بزيادة على ثمن شرائها حالاً؛ لأن الزيادة في الثمن لأجل الأجل جائزة، ولأن الماس ليس من الأصناف الربوية التي يحرم بيعها مؤجلاً.
لكن يشترط أن يتم العقد بينك وبين الشركة على أحد الثمنين، إما الحال أو المؤجل، منعاً لحصول الجهالة في الثمن، وبشرط أن لا يكون بينكما اتفاق على أنه إذا تأخر سداد الأقساط يزاد عليه مبلغ مقابل التأخير؛ لأن هذا هو ربا الجاهلية الذي حرمه الإسلام.
وأما أخذ عمولة نظير الدلالة على هذه الشركة عبر أسلوب التسويق الشبكي الهرمي فلا يجوز، إذ بعد اطلاعنا على برنامج التسويق الشبكي تبين أنه برنامج لا يمكن أن ينمو إلا في وجود من يخسر لمصلحة من يربح، سواء توقف النمو أم لم يتوقف، فالخسائر للطبقات الأخيرة من الأعضاء لازمة، وبدونها لا يمكن تحقيق العمولات الخيالية للطبقات العليا، وهذا يعني أن الأكثرية تخسر لكي تربح الأقلية، وكسبها بدون حق هو أكل للمال بالباطل الذي حرمه الله.
كما أنه لا يقوم إلا على تغرير الآخرين، وبيع الوهم لهم لمصلحة القلة أصحاب الشركة، فمن يدخل لا غرض له في السلعة، وإنما كلٌّ يقامر على أنه سيربح من العمولات، فالداخل يُغرى بالثراء كي يدفع ثمن الانضمام إلى البرنامج، وفي حقيقة الأمر أن احتمال خسارته أضعاف أضعاف احتمال كسبه، وهذا هو الغرر المحرم الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الرملي في نهاية المحتاج: الغرر هو ما احتمل أمرين أغلبهما أخوفهما.
والحاصل أن المنتجات التي تبيعها الشركة سواء كانت ماسا أو غيره، ما هي إلا ستار للانضمام للبرنامج، بينما الانضمام للبرنامج إنما هو مقابل ثمن الغرر وأكل المال بالباطل.
فليس الأمر مجرد سمسرة كما يظنه البعض، إذ السمسرة عقد يحصل بموجبه السمسار على أجر لقاء بيع سلعة، أما التسويق الهرمي فالمسوق هو نفسه يدفع أجرا لكي يكون مسوقا، وهذا عكس السمسرة، كما أن الهدف في التسويق الهرمي ليس بيع بضاعة، بل جذب مسوِّقين جدد ليجذبوا بدورهم مسوقين آخرين وهكذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1423(12/4271)
العمولة بين الحرمة والجواز
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة توظيف أموال ولدينا مندوبون عن الشركة لإحضار أصحاب الأموال للمشاركة والاستثمار في شركتنا وهؤلاء المندوبين يأخذون نسبة أو كما يقال: (سعي) من هذه الشركة مقابل إحضارهم أصحاب الأموال وتصل قيمة هذا (السعي) إلى 5 % أحياناً؟ مع العلم أن أصحاب هذه الأموال ليسوا على دراية بهذه العملية والبعض الآخر يتقاسم جزءاً من هذا السعي مع المندوب نفسه هل هذا جائز؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه العمولة تدفع من أموال الشركة الخاص بها، فإنه لا بأس في ذلك، أما إذا كانت تدفع من مال المستثمر، فإن كان بعلمه ورضاه، فإنه لا بأس بذلك أيضاً، ولا بأس في الحالتين من تقاسم العميل مع المندوب هذه النسبة إذا كان ذلك بالتراضي بينهما.
أما إن كانت هذه النسبة من مال المستثمر، وبدون علمه، فإنه أكل لأموال الناس بالباطل فهو حرام، بل من عظائم الذنوب، نسأل الله العافية.
وراجع الفتوى رقم: 12546، والفتوى رقم: 17863.
وننبه هنا إلى أنه لابد من أن يكون الاستثمار فيما أحله الله، فلا يجوز أن يكون هناك مثلاً تعامل بالربا أو بيع محرم، أو إعانة على الحرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1423(12/4272)
حكم السمسرة في سوق الأوراق المالية
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بشركة سمسرة للأوراق المالية نقوم ببيع أو شراء الأوراق المالية لصالح عملائنا هناك أحيانا نقوم بعمل بيع أو شراء أوراق مالية للشركات نشاطها يقوم على تصنيع السجائر أو الكحوليات أو البنوك هل عمولة السمسرة التي تأخذها الشركة من التداول في هذه الأوراق المالية حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز لك العمل في سوق الأوراق المالية كسمسار بشرط أن تتجنب المعاملات التي تتصل بأسهم البنوك والشركات التي تتعامل بالربا، وتلك الشركات التي يكون موضوع نشاطها محرماً كشركات الخمور والسجائر.
أو الشركات التي تتعامل بالسندات باعتبارها صكوكاً بقروض ربوية وغير ذلك من المعاملات المحرمة في مثل هذه الأسواق. فإذا خلت المعاملات من هذه الأمور المحرمة وما شابهها فلا حرج من العمل بهذه الأسواق سمساراً أو سائقاً أو مشترياً.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1423(12/4273)
حكم السمسرة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نحن مزارعون وعندما نقطف الثمار نذهب لبيعها في السوق ولا وسيلة لدينا إلا عن طريق السماسرة
حيث أنهم يأخذون من ثمن المبيعات 5 % وهذا في حال الربح والخسارة فما حكم هذه الطريقة من البيع أفتونا جزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصورة المذكورة في السؤال تدخل في باب السمسرة، والسمسرة معدودة عند الفقهاء من باب الجعل، ويذكر حكمها هناك. وقد سبق بيان حكم السمسرة في الفتوى رقم:
11688 - والفتوى رقم:
5172 - والفتوى رقم: 5391.
ومنها يتبين أن السمسرة جائزة في الجملة عند بعض الفقهاء، ولو صحبها جهالة لأجرة السمسرة، بينما ذهب فريق آخر من العلماء إلى عدم صحة السمسرة إذا جهلت أجرتها، وتفصيل ذلك في الفتاوى التي أحلنا عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1423(12/4274)
التوسط بين البائع والمشتري لقاء أجر جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي قطعة أرض للبيع جاءني شخص وقال لي أعط لي ثمنها وأنا أبيعها بثمن مغاير هل يصح هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان قصُد السائل بقول القائل له: أعط لي ثمنها. إذا كان قصده: حدد لي ثمنها، وأنا أبيعها بثمن أكثر، فهذا لا مانع منه، ويمكن أن يخصص الزيادة للبائع، ويمكن أن تكون بينهما حسب ما يقتضيه الاتفاق.
وهذا يسمى في الفقه بالسمسرة، والسمسار هو الذي يتوسط بين البائع والمشتري، ويسهل مهمة البيع مقابل مبلغ يأخذه منهما أو من أحدهما، وقد أجاز هذا العمل كثير من أهل العلم.
قال البخاري: باب أجر السمسرة، ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأساً.
وقال ابن عباس: لا بأس أن يقول: بع هذا الثوب فما زاد على كذا وكذا فهو لك.
وقال ابن سيرين: إذا قال بعه بكذا، فما كان من ربح فهو لك، أو بيني وبينك فلا بأس به.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم".
وعلى هذا، فيمكن للبائع أن يدفع قطعته الأرضية للسمسار، ويحدد له ثمناً، وما زاد على ذلك فهو للسمسار أو بينهما بنسبة معينة.
وإذا كان السائل الكريم يقصد غير هذا، فنرجو أن يبين لنا ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1423(12/4275)
أجر السمسار لا بأس به
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى ويركاته
السؤال: لدينا شركة تعمل في مجال الوساطة التجارية حيث يعرض علينا بعض التجار سلعة بسعر معين فنقوم نحن بعرضها على زبون بسعر إضافي علما بأن البائع يعلم قدر الزيادة على سعره وهو راض بذلك فهل هذه الصيغة جائزة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنشاط التي تمارسه هذه الشركة هو ما يعرف في الشرع بالسمسرة وهي أن يقول البائع للسمسار: بع هذه السلعة بكذا فما زاد فهو لك، وهذا النوع من العمل جائز، فعن ابن عباس قال: لا بأس أن يقول: بع هذا الثوب فما زاد على كذا وكذا فهو لك، وقال الحافظ في الفتح: ولم ير ابن سرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأساً وراجع الفتوى رقم 12546
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1423(12/4276)
حكم أخذ السمسرة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لقد بعت سيارة لرجلٍ وكنت أنوي بيعها بثمن معين ثم جاءني أحد الأصدقاء وقال لي أريد سمسرة على البيع بحكم أنه هو من أحضر لي الزبون وعلى أن أزيد في سعري وأقنع هو الرجل بالسعرالجديد وقد بيعت السيارة وحصل صاحبي على سمسرته على حساب المشتري فما حكم البيع؟ أفيدونا أفادكم الله....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السمسرة جائزة في الجملة، وهي: البحث للبائع عن من يشتري سلعته، والبحث للمشتري عن من يبيع له حاجته، والوساطة بينهما، وتسهيل عملية البيع، وما حصل من صديقك هو من هذا القبيل، فلا شيء فيه إذاً ما دام البيع تم برضا المشتري، ولم يحصل له غبن كبير في الثمن عرفاً، ولم يكن بالسيارة عيب أخفاه السمسار أو أخفيته أنت على المشتري، لأن البيع بهذه الصورة لا غبن فيه، ولا تدليس، ولا جهالة، ولا غرر، فبقي على أصل إباحته، كما في قوله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ [البقرة:275]
ولمعرفة المزيد عن السمسرة راجع الفتوى رقم:
11688، والفتوى رقم: 5172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(12/4277)
الزيادة على الثمن المحدد هل يتملكها السمسار
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم وبعد
أنا صاحب مكتب عقارات جاءني صاحب بيت يريد البيع أي عرضه على المكتب لإيجاد مشتري على أنه أي صاحب الملك قال لي حرفيا أحضر لي ثمن 150ألف وشوف أمورك.
وبعد فترة وجدت فيه أنا ووسيط آخر ثمن 180ألف وأخبرته بأن الوسيط الثاني يريد الفرق وهو30ألف ووافق على ذلك وبعد أن استلم المبلغ لم يوف بعهده فهل هذا حرام أم حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنما قمت به أنت والوسيط الذي دل على المشتري يعتبر من أعمال السمسرة وهي: البحث للبائع عن من يشتري سلعته، والبحث للمشتري عن من يبيع له حاجته والوساطة بينهما وتسهيل العملية.. وهي جائزة على الراجح من أقوال العلماء، قال ابن عباس: لا بأس أن يقول: بع هذا الثوب فما زاد على كذا وكذا فهو لك. رواه البخاري تعليقا ووصله غيره.
وعلى هذا، فإذا كنت قد اتفقت مع البائع على أن تبيع البيت بكذا وما زاد على ذلك فهو لك، ثم قمت أنت أو صاحبك بترويج البيت حتى بيع بالثمن الذي ذكرت، فإن الزيادة على الثمن الذي حدد مالك البيت لكما.
ولا يجوز لصاحب البيت نقض العهد والرجوع عن كلامه الأول وإهدار جهدكما، وقد قال الله تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً [الإسراء:34] .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1423(12/4278)
حكم ما تحصل عليه الوسيط لقاء بيع قرية سياحية
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق توسط في بيع قرية سياحية وأخذ عمولته ويريد أن يعرف ما حكم تلك الأموال التي حصل عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما يعرف اليوم بالقرى السياحية هي أوكار للفساد، وأسباب لإشاعة الفاحشة في المجتمعات، لأنها قائمة على ترويج الفجور وبيع الخمور ومظاهر الرقص والغناء والحفلات الماجنة والاختلاط بين الرجال والنساء.. إلى غير ذلك من المحرمات.
ومثل هذا المكان لا يجوز العمل به، ولا المساهمة فيه، ولا الإعانة عليه، ولا التوسط في شرائه، ومن فعل ذلك، فقد ارتكب إثماً، وأعان على منكر يجب عليه التوبة من ذلك، وما اكتسبه من ذلك لا يزال باقياً معه، فإن عليه التخلص منه بإنفاقه في مصالح المسلمين وأوجه الخير، لأنه مال حرام ولا يجوز تملكه، وما قد استهلكه، فنسأل الله أن يعفو عنه فيه.
إلا إذا كانت هذه القرية خالية من المحرمات أو كان الغرض من شرائها أن تحول إلى سياحة مباحة لا تشمل على مخالفة شرعية فلا حرج في شرائها أو التوسط فيها، وما أخذه من وساطة في ذلك مباح له إذ هو من باب السمسرة المبين حكمها في الفتوى رقم: 5172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1423(12/4279)
شرط جواز أخذ الموظف مقابلا لقاء قضاء حاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم:
أنا موظف بإحدى الإدارات العمومية ولي شقيق له عدة مصالح في بعض الإدارات بما فيها الإدارة التي أعمل بها وقد كلفني بقضاء مصالحه في تلك الإدارات مقابل ذلك يمنحني مبلغا من المال ما حكم الشرع في ذلك وهل يجوز لي أخد المال منه دون حرج؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز لك أخذ المبلغ الذي جعله أخوك مقابل قضاء مصالحة، ولا حرج عليك في ذلك لأنه من باب الجعالة الجائزة شرعاً، ودليل جوازها قول الله تعالى: وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ [يوسف:72] ، وهذا بشرط أن لا يكون ما تأخذه منه إنما هو في مقابل عمل يلزمك أنت أو غيرك من العمال فعله بمقتضى عملكم، فما أخذتم عليه شيئاً من هذا النوع يكون المأخوذ عليه رشوة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1423(12/4280)
العمولة جائزة ولو بجهالة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في العمولة للبيع. علما بأن هذه العمولة لا تزيد من ثمن السلعة. وإذا كان هدف الشركة زيادة المبيعات عن طريق الدعاية لهذه السلعة مقابل العمولة التي تدفعها الشركة؟
الرجاء الإفادة مع الشكر.
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العمولة التي حددتها لك الشركة جائزة، وإن كانت فيها جهالة، لأنها من باب الجعل، والجهالة في الجعل لا تضر إذا كانت لا تمنع التسليم، عند بعض الفقهاء.
هذا ويجب عليك الحذر من ترويج السلعة بالباطل من أجل الحصول على نسبة أكبر، فتقع في الغش المحرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1422(12/4281)
هذه الطريقة تعتبر جعالة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد شركة تقوم بتصنيع أونصات ذهب بأشكال مختلفة ذات مصنعية عالية الجودة، وقد قامت الشركة منذ فترة بالمشاركة برأس مال في أحد أكبر مناجم الذهب في ألمانيا، وإن كل شكل يتم تصنيعه من قبل الشركة يتم توزيع عدد محدود منه لأن سعره بعد فترة الانقطاع يرتفع، ويمكن أن لا يرتفع فهذا يعتمد على سياسة العرض والطلب Demand and Supply فمثلاً لقد صنعت الشركة أونصة خاصة بأولمبياد سدني وتم طرح عدد محدود من هذه الأونصات (أولمبياد سيدني) طبعاً الشركة لم تقم بإعادة تصنيع نفس الشكل، ولا يسمح لأي شركة بتقليد هذا الشكل الذي حصل أن سعر الأونصة بعد انقطاعها لفترة عام قد ارتفع عن السعر الذي باعته الشركة لزبائنها بأربعمائة دولار أمريكي تقريباً حتى هذه اللحظة.
إن الشركة توضح لزبائنها قبل أن يشتروا الأونصة أن سعر الأونصة أغلى من سعر الذهب في السوق بملغ 300 دولار تقريباً، لأن المنصعية عالية الجودة، وإن عدد الأونصات محدد جداً، ويتوقع غلاء سعر الأونصة في المستقبل، وهذا ما حصل فعلاً في أونصة أولمبياد سيدني.
ثانياً: لننتقل الآن إلى سياسة مبيعات الشركة:
هناك نظام للمبيعات تقوم به الشركة وهو معقد قليلاً، ولكن يلخص بالشكل التالي:
إن الشركة تعرض لمن يرغب من زبائنها بأن يساهم معها على بيع أونصات إلى معارفه ويتم إعطاؤه عمولة على كل أونصة يتم بيعها بنسبة 10% من تكلفة الأونصة أي ما يعادل 40 دولار على كل أونصة، ولكن الشركة لا تقوم باعطاء الشخص عمولته إلى بعد أن يقوم الشخص ببيع عشرة أونصات سواء عن طريقه أو عن طريق العملاء الذي اشتروا منه، فإذا باع خمسة فإنه لا يستلم أي عمولة ويتم عرض هذا الشرط على الشخص الذي يرغب بالاشتراك كتابيا وقبل أن يباشر العمل.
الآن صديقي يجلب زبائن إلى الشركة على أساس العمولة والشركة ملتزمة بدفع عمولته وبالشرط الذي سبق شرحه، وقد عرض علي هذا الموضوع، فإن ساهمت به فإنني سأستفيد وأفيد معارفي في نفس الوقت، فهل العمولة التي استلمها وسياسة المبيعات التي تقوم بها الشركة حلال أم حرام شرعاً؟
أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما أسميته بسياسة المبيعات والذي تنتهجه هذه الشركة لا حرج فيه إذا كانت حقيقته على نحو ما ذكر في السؤال، إذ ليس فيه إلا أن الشركة جاعلت الزبون على ترويج قدر معين من مبيعاتها، فإن باعه استحق المبلغ المجاعل به، وإن لم يبعه فلا شيء له، وهذه المسألة تدخل في باب الجعل عند الشافعية والحنابلة، حيث مثلوا للجعل بخياطة الثوب وبناء الحائط، ومن المعروف أن الجعل مشروع، بل مجمع على جوازه في الجملة، بدليل قوله تعالى: (وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) [يوسف:72] .
وكون الزبون قد لا يتمكن من بيع القدر المعين كاملاً، مما قد يسبب له التعب بدون فائدة تعود عليه، لا يمنع من جواز هذه العملية، إذ من المعروف أن الجعالة يجوز فيها من الجهالة والغرر ما لا يجوز في الإجارة.
وقد أجبنا على هذه المسألة على وفق ما هو مكتوب في السؤال، فإن كانت هنالك أمور أخرى فنرجو بيانها، لأنها قد تؤثر على الحكم، ولا يسلم هذا النوع من الشركات في الغالب مما يجعل معاملاته محرمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1422(12/4282)
حكم عمولة السمسار
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة العلماء ألأفاضل-السلام عليكم ورحمة الله وجزاكم الله خيرا على هذا البرنامج
سؤالي: يأتي شخص ويخبرني أنه يستطيع شراء منتجاتي لطرف ثالث بشرط أن يأخذ
عمولته مني وإلا فإنه سيذهب إلى مصدر آخر ليشتري منه منتجات تشبه منتجاتي وبنفس المواصفات
ويحصل منه على عمولته. فماذا علي أن أفعل علما بأني مسؤول عن قطاع المبيعات بالشركة
مع خالص التحية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أما بعد فهذا الشخص يسمى السمسار -الدلال- وهو: (من يقوم بالتوسط بين البائع والمشتري لإمضاء البيع) فهو يدل المشتري على السلع، ويدل البائع على الأثمان، ولا حرج أن يأخذ عمولة من الطرفين أو أحدهما، حسب العرف أو الاتفاق مع البائع والمشتري، ولا يضر كونه وكيلاً للمشتري في عقد البيع.
وعلى ضوء ما سبق فلا حرج أن تعطي هذا الشخص عمولة مقابل دلالته، إذا كان مالك الشركة لا يعارض في ذلك هو أو من ينوب عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1424(12/4283)
الأجرة الشهرية مقابل الكفالة لا حق للكفيل فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله إني شخص مقدم على فتح مؤسسة واستقدام عمال وتشغيلهم فهل يجوز أن يشتغلوا ويعطيني كل واحد منهم آخر الشهر مثلا:ثلاثمائة ريال علما أنهم راضون بهذا لأنهم
يحصلون على أكثر من ذلك وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك أن تأخذ هذه المبالغ من العمال، لما يشتمل عليه هذا التعامل من الغرر المنهي عنه شرعاً، ولأن الجعل الذي جعلوه لك جعل مجهول فلا يعلم كم سيشتغلون؟ شهراً، أم شهوراً، أم سنين، ويجوز لك أن تأخذ منهم جعلاً معلوماً يؤدونه لك مرة واحدة، أو يقسطونه على فترة زمنية. ويجب التنبه إلى ما يشوب مثل هذه الأعمال والعقود من مخالفات شرعية، وسوء تعامل مع الآخرين، وأكل حقوق الناس بالباطل. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رمضان 1421(12/4284)
حكم أخذ العمولة في الوساطة التجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال حول أخذ العمولة من مورد لسلعة تجارية، حيث يعرض التاجر على الوسيط عمولة في حال اعتمد المشتري بضاعته، مع العلم بأن الوسيط لا يغش المشتري بالنصيحه حول صلاحية السلعة له وأفضليتها؟ وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر - والله أعلم - جواز أخذ العمولة عما يقوم به الوسيط إن كان على وجه النصيحة، وسلم من الغش والمحاباة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1421(12/4285)
السمسرة جائزة بشروطها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل السمسرة في الشراء والبيع حرام أم حلال؟ ولكم جزيل الشكر،،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسمسرة التي هي الوساطة بين البائع والمشتري، لإتمام البيع أو الدلالة على البضاعة جائزة، إذا لم تتضمن إعانة على بيع محرم، أو الدلالة على ما يحرم بيعه، أو التعامل فيه.
والسمسرة معدودة عند الفقهاء من باب الجعل، ويذكر حكمها هنالك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(12/4286)
التشاور وإحسان الظن من أعظم وسائل الإصلاح بين الشركاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش بعمارة إسكان تعاوني وغرفة البواب إسكان وظيفي ملكية عامة للسكان مات بوابها وترك أبناءه في ستر وله عمارة يملكونها بوسط بالصعيد وكان عنده أرض يزرعها ولكنه عمل بوابا لبعض الوقت وتحملنا ذلك ليربي صبيانه في القاهرة بالمدارس والجامعات وتخرجوا ويعملون بوظائف الآن إلا محمد ابنه أخذ تعليما متوسطا عمره 20 سنة ويقيم بالعمارة وله ميول عدوانية وخرب لي تكرارا اكسسوارات سيارتي وعندما واجهته بفعلته وأني رأيته يفعل ذلك لم ينكر وكذا المرحوم أبوه وقدم أمه وأخته من البلد وبقوا بالغرفة وأخته تعالج من سرطان الدم بالقاهرة رغم إمكانية إقامتهم في سكن مجاني لأهالي مرضى السرطان ولهم أخ موظف لا يساعد كبواب يقيم معهم بسكن البواب رغم يسر حالهم ووجود مأوى في بلدهم. نائب رئيس مجلس الإدارة (مهندس ووزير مفوض بجامعة الدول) ومهندس ساكن سابق ترك العمارة ويسكن خارج العمارة ولازال يعاون الأول في إدارة العمارة يريدون أن يفرضوا بقاء محمد كبواب للعمارة فهل يجوز أن يأخذوا منا بسيف الحياء وبالضغط المعنوي سكن البواب ونحن في أشد الحاجة لوجود بواب سوي وناضج الأفعال مع زوجته وأولاد كبار لخدمة 60 شقة بالعمارة، وهل من الإسلام فرض رأيه علينا ودعوة من يؤيدونه فقط في اجتماعات مجلس العمارة ولا يحترم رأي دكتورة ملتزمة وواعية مثلي كعضوة بالمجلس ويستبعد استدعاءها لحضور الاجتماعات بالمجلس ودائما ينفذ رأيه الخاص بدون فتوى أو شورى في تسيير الأمور بالعمارة حتى صار استبداده لا يطاق من بعض القدامى بالعمارة مثلي الذين يفهمون الأوضاع على حقيقتها، ومجموع السكان غير مدركين لحقائق الأمور لحداثة سكنهم بالعمارة ويفهمون أن ما يفعله ليس عليه غبار وصدقوه في حرمة تغيير البواب، فما حكم الدين في هذه الأمور وهل محاولاتي أنا لمواجهة ظلمه بإيضاح الحقائق للسكان في إطار الدين بلصق أوراق في مدخل العمارة بسبب استبعاده القهري لي من القنوات الشرعية للمشاركة بالرأي فيه شبهة الكراهية وهو يمزق ورقي أو يفبرك ورقا باسمي ليسود رأيه وحده ويجبر السكان للأخذ برأيه رغم أنه يصلى الفرائض بالمسجد وينحو لعدم مناقشة البدائل وهل إخراج ابن البواب المؤذي بعائلته من الملكية العامة للسكان حرام ولهم حلول أخرى لإيجاد المأوى، وما حكم تنحي السكان عن واجبهم في تحمل مسؤولية العمارة لمنع استئثار الآخر برأيه لإلقاء مسئولية حلول مشاكل العمارة عليه؟ أرجو رأيا سريعا وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت العمارة مشتركة الملكية أو مشتركة الإيجار بين جميع سكانها فإنه يتعين عليهم التشاور، ولا يجوز لواحد منهم الاستبداد برأيه في مصالحها، وعليهم أن يحسن بعضهم الظن ببعض، ويتلطف بعضهم ببعض، فالتلطف في الخطاب مع الناس والتشاور وإحسان الظن من أعظم الوسائل المساعدة على تحقيق المصالح المشتركة، وعلى البعد عن التنازع المؤدي للفشل، وقد قال الله تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ {آل عمران: 159}
وقال تعالى: وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ {لأنفال: 46}
فننصحكم بمعالجة الأمر بشكل ودي عن طريق مجلس إدارة العمارة، وأن يوضح المتضرر تضرره للمجلس وملاحظته في عدم كفاءة الشاب الحارس الحالي للمهمة.
وينبغي أن يستفاد من آراء الجميع ولا تهمل آراء النساء، فقد يوجد عند المرأة الملتزمة العاقلة من الآراء السديدة ما لا يوجد عند الرجال، وقد أخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأي أم سلمة في الحديبية، وأشرك عبد الرحمن بن عوف الرجال والنساء في اختيار الخليفة بعد عمر، فإذا لم يمكن التفاهم بين الشركاء على النحو المتقدم فننصح بالرجوع إلى القضاء ليفصل في الأمر ويختار ما فيه صالح الشركاء جميعا.
وراجعي الفتوى رقم: 68587، والفتوى رقم: 70242، والفتوى رقم: 67859، والفتوى رقم: 56295، والفتوى رقم: 43375.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1428(12/4287)
الصلح خير من المنازعات
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك خلاف بين أخي الكبير وأبي حول دار أخي التي يسكن فيها وهي من ضمن الأرض التي بنى والدي فيها بيته حيث مساحة هذه الأرض تقريباً /500م وهي باسم والدي حيث قام والدي ببناء غرفتين ومنافعهما وجهز والدي غرفة والغرفة الثانية والمنافع قام أخي بتجهيزهما من حيث (الزريقة والتبليط والأبواب) أي أن أبي فقط قام بعمارتهما وصب أسطحتهما وقام أخي بتعمير غرفة ثالثة من ماله الخاص والخلاف هو أن أخي يعتبر هذه الدار ملكا له حيث إنه قد وضع فيها بعضاً من أمواله وأن أرضيتها قد اشتراها من أبي لأنه أعطاه بعض المال وهذا المال مقابل ثمن الأرض وهو في ذلك الوقت لم يقل لأبي أن هذا المال مقابل الأرضية المعمر عليها وإنما أعطاه هذا المال مساعدة له في انجاز البناء وأبي يقول بأن هذه الدار التي يسكن فيها أخي بعد وفاته تركة لجميع أبنائه ما الحكم الشرعي في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
; BORDER-COLLAPSE: collapse; mso-yfti-tbllook: 1184; mso-padding-alt: 3.0pt 3.0pt 3.0pt 3.0pt; mso-table-dir: bidi" cellSpacing=0 cellPadding=0 width="100 " border=0>
; PADDING-TOP: 3pt; BORDER-BOTTOM: d4d0c8; BACKGROUND-COLOR: transparent" width="100 ">
فنسأل الله أن يصلح ذات بينكم, وأن يوفقكم لحل النزاع بينكم فهو ولي ذلك والقادر عليه.
أما بخصوص ما سألت عنه.. فإن الحكم في مثل هذه النزاعات يقتضي الإحاطة بواقعها وهو ما يتطلب مباشرة القضية والاطلاع على تفاصيلها وكل ما له علاقة بها, وهو الأمر الذي يستطيع القضاء الشرعي أن يقوم به, ولحل مثل هذه النزاعات توجد طريقتان:
الأولى: أن يحل بحكم قضائي نافذ.
الثانية: أن يحل عن طريق الصلح بينكم.
والذي ننصح به هو الصلح لما فيه من رأب الصدع وسد ذريعة الخلاف والنزاع الذي قد يؤدي إلى قطيعة الأرحام, وكل ما يؤدي إلى قطيعة الرحم يجب سده, فقد حذر المولى من قطع الأرحام, فقال واصفا الكافرين: وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ {البقرة:27} , وقال: وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ {الرعد:25} , وقال: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:22-23} , وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع. رواه البخاري ومسلم.
ويرى بعض العلماء أن الصلح هو الذي يتعين أن يفض به نزاع ذوي الأرحام.
قال ابن عاصم وهو مالكي:
والصلح يستدعي له إن أشكلا * حكم وإن تعين الحق فلا
ما لم يخف بنافذ الأحكام فتنة * أو شحنا أولي الأرحام.
وبناء على هذا فنصيحتنا أن تقنعوا أباكم وأخاكم أن يحلا النزاع بينهما, وأن لا يتركاه حتى يطول أمده فيصعب التغلب عليه, كما ننصح أخاكم بالاحتياط من الوقوع في عقوق أبيه.
وللأهمية راجع الفتوى رقم: 75420.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(12/4288)
الصلح خير كله
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وخاتم النبيين، سيدنا محمد عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ... أما بعد:
فهذا سؤالي أرجو أن تفتوني مأجورين وتبينوا لي فيه وجه الحق والصواب، لأنه أصبحت بصراحة مشكلة تؤرقنا جميعا، أنا ووالدتي –سالمة- حفظها الله وإخوتي، لقد توفي والدي –علي- رحمه الله منذ أكثر من ثلاث وعشرين سنة (مارس1980) ، فكفلنا عمي بما أن والدتي –سالمة- كانت أمية ولا تحسن التصرف، ونحن أطفال صغار، كان والدي تاجرا، وقد ترك محلا تجاريا \"متجر مواد غذائية\" و\"مقهى\"، هي موضوع النزاع، كان المقهى على ملك الأجانب ببلدنا، وقد اشترى والدي –علي- الأصل التجاري لهذا المقهى من المنتفع به قبله وسجله باسم والدتي –سالمة-، وبعد وفاته بعشر سنين، قررت الشركة المكلفة بأملاك الأجانب بيع المقهى فاشترته والدتي وأصبح ملكا لها، وطوال هذه الفترة كان المسؤول عنا هو عمي، حيث كان يقوم بكراء المقهى أو استغلاله مباشرة، إلى أن اتفق مع أحد التجار ببلدتنا على كراء المقهى المذكور، وعند تحرير العقد اشترى التاجر المقهى ولم يشتر الأصل التجاري، وهذا ما جعل والدتي تخسر الأصل التجاري الذي هو الموضوع المثار، وأصل ذلك أن والدي رحمه الله لما كان حيا أدخل بعض الإصلاحات والتعديلات على المقهى المذكور، واضطر إلى أخذ مبلغ مالي قيمته 2000 ألفا دينار، من صديق له –صالح-، على أن يشركه بإعطائه جزءا من مساحة المحل التي يستغلها كمكتب، وقد طلب أبي –علي- من أمي –سالمة- أن يجعل صديقه الذي اقترض منه المبلغ المذكور شريكا معها، فرفضت ذلك، ولم يقبل به شريكا، على حسب رواية عمي، ولكن شريك أبي –صالح- الذي أعطاه المال يروي أنه أعطى والدي 3000 ثلاثة آلاف دينار، على أن يكون شريكا بالنصف في المحل في الأصل التجاري، فموضوع الخلاف بين الروايتين فيما يلي:
الصديق –صالح- يقول إنه أعطى 3000 ثلاثة آلاف دينار وقبل شراء الأصل التجاري على أن يكون شريكا في الأصل التجاري، وعلى قوله فإن والدي –علي- قبل به شريكا في الأصل التجاري، ورواية عمي –منير- ووالدتي تقول إن هذا الرجل أعطى 2000 ألفي دينار بعد شراء الأصل التجاري مقابل تمتعه بجزء من المحل كمكتب خاص له، وعلى قولهما فإن والدتي –سالمة- رفضت دخول هذا الرجل شريكا معها، ولم يكن شريكا لها في الأصل التجاري، ولما لم يدخل هذا الصديق شريكا في الأصل التجاري، فقد اضطر والدي –علي- إلى أن يكتب له كتابا فيه مبلغ دينه، على أن يرجعه له حين يقدر على ذلك، ولكن المنية وافت والدي قبل أن يرجع المال المذكور إلى صاحبه-صالح-، وبعد الوفاة قدم الصديق المذكور –صالح- الصك إلى البنك، لكن البنك رفض تسديد المبلغ المذكور باعتبار أن قيمته زالت بوفاة مالكه، حينها اتصل الصديق المذكور بعمي لاسترجاع ماله لكن عمي سامحه الله ماطله ولم يعطه حقه، فاضطر إلى السكوت وعدم إثارة المسألة أمام القضاء، ولم يتنازل عن حقه لفائدتنا، وبعد أن كبرنا ورشدنا وعلمنا بالمسألة كيف هي، أردنا أن نخلص ذمتنا ونقضي دين والدنا، واتصلنا بالصديق المذكور-صالح-، فقال إنه لا يقبل منا غير مناصفة والدتي في الأصل التجاري الذي قد فرطنا فيه بالبيع ولم نعد نملكه،
سيدي بعد بيان مسألتنا، نريد فضها من الناحية الشرعية وإبراء ذممنا، وذمة والدنا أمام الله تعالى، لذلك نرجوكم أن تفتونا وتبينوا لنا الأمر مشكورين، ونريد خصوصا بيان ما يلي من مسائل ثارت بيننا وبين الصديق المتقدم ذكره:
هل والدتي –سالمة- مجبرة على مناصفته، مع أنه مقر بالأصل التجاري الذي لم نعد نملكه، لأن والدتي ترفض مبدأ المناصفة، وهو يرفض قبول المبلغ المالي الذي قدمه لوالدي، بحجة أن قيمة الصرف تغيرت، ولم تبق كما هي قبل عشرين سنة، في صورة إرجاع المال له هل نرجعه بقيمته حين أقرضنا أو بقيمته حين نرجع له، أقصد الدينار تغير سعر صرفه أكثر من ثلاث مرات بين سنة 1980 وسنة 2003، فهل نعطيه قيمة 2000 دينار أم نعطيه 2000 دينار مضاعفة ثلاث مرات، فتصبح 6000 ستة آلاف دينار، هل يجوز لنا التصدق بقيمة المال في حال رفضه قبوله المبلغ المقدم له،
أفتونا مأجورين جزاكم الله عنا كل جزاء وفي حفظ الله دمتم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخلاف الدائر بين صديق والدك مع والدتك حول المبلغ وسبب دفعه لوالدك هل هو للمشاركة أو دين أو إيجار لمكتبه؟ هذا كله لا نستطيع أن نحكم فيه بشيء حتى يتبين الصادق من الكاذب، وهذا لا يفصل فيه إلا المحكمة الشرعية معتمدة على مبدأ البينة على المدعي واليمين على من أنكر، ولذا فإننا ننصحكم جميعاً بالتصالح، قال الله تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ، فإن لم يحصل الصلح فارفعوا أمركم إلى المحكمة لتفصل بينكم أو حكموا من العدول من يفعل ذلك، وعلى العموم إذا توصلتم إلى معرفة سبب دفع هذا الرجل للمبلغ، فإن كان للمشاركة فهو شريك إلا إذا كان بغير إذن صاحب الحق، وإذا كنتم قد بعتم المحل فإن تصرفكم إنما ينفذ في نصيبكم دون نصيبه، وإذا كان للإجارة فقد استوفى المنفعة إلا إذا كان قد بقي له وقت لم يستوفه فيجب أن يمكن منه ولو حصل البيع للمحل، فإذا لم يكن المشتري يعلم بهذا الوقت فيتحمل الأجرة البائع، وإذا كان ديناً فليس عليكم إلا رد المبلغ المستلف ...
وأما عن ارتفاع سعر العملة وانخفاضها فإنه لا أثر له في الدين، فمن استدان عملة فإنه يردها كما أخذها ولا تجب عليه الزيادة ولو نقصت قيمتها، ولا يجوز له النقص ولو زادت قيمتها، وقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتوى رقم: 20224.
وإذا كان ما يجب عليكم دفعه هو الألفان فأبى عن قبولها فلا تتصدقوا بها بل أمسكوها عندكم، وليكتب من هي تحت يده أمرها حتى لا يضيع، ثم إذا مات هذا الرجل دفعت لورثته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(12/4289)
الصلح ... تعريفه ... ومشروعيته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم التحكيم وإذا لم يقم المحكمون بإصدار قرارهم بالعدل فما الحكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المقصود بالتحكيم هو أن يتخذ المتنازعون شخصاً يحكم بينهم فهذا جائز بإجماع المسلمين. قال الله تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً [النساء:35] . ففي هذه الآية إثبات جواز التحكيم وقد استدل بها ابن عباس رضي الله عنهما. وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ [النساء:58] . وقال تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65] . وقال تعالى: فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [المائدة:42] . وقال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ [المائدة:48] . وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ [المائدة:95] . والآيات الدالة على ذلك كثيرة.
قال الإمام البهوتي في كشاف القناع: (وهو) أي الصلح شرعاً (معاقدة يتوصل بها إلى موافقة بين مختلفين) -أي متخاصمين- وهو جائز بالإجماع، لقوله تعالى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا [الحجرات:9] . وقوله: (والصُّلّحُ خَيْرٌ) ولحديث أبي هريرة مرفوعاً: والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً حرم حلالاً، أو أحل حراماً. رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح وصححه الحاكم. انتهى.
وهذا الحكم والصلح يشترط فيه - كما في الحديث - ألاَّ يحل حراماً أو يحرم حلالاً. فإن أحل حراماً أو حرم حلالاً فهو باطل لا يجوز قبوله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1423(12/4290)
ضوابط صحة الإبراء من المجهول
[السُّؤَالُ]
ـ[تهاونت في عملي بعض الأوقات في السنوات الأولى، فكنت أعوض قيمة تلك الأوقات بعدم أخذ كل الإجازات التي لي الحق فيها كل سنة والعمل بدلا من ذلك، وتسديد باقي المال بإرجاعه إلى حساب الشركة. ثم تعاظم علي هذا الدين فلم يعد بإمكاني إرجاع كل المال اللازم إلى الشركة فصارحت صاحب العمل بأني تهاونت أوقاتا من العمل، وطلبت منه أن يسامحني، ولم أعلمه بالمبالغ التي أرجعتها ولا بالسبب الذي من أجله لم آخذ كل إجازاتي. واليوم أنا أغادر هذه الشركة، وتقوم الإدارة عند مغادرة الموظف العمل بعد الإجازات التي لم يأخذها طيلة عمله، وصرفها له نقدا. وأنا علي الآن ديون كثيرة، فهل آخذ المال الذي سيعطونه لي تعويضا عن هذه الإجازات التي لم آخذها لتسديد ديوني؟ علما وأني احتسبتها من قبل ردا للمظالم، ثم سامحني صاحب العمل على هذا التقصير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك هو التوبة من هذا الذنب، ومن شروط التوبة رد المظالم لأهلها أواستحلالهم، والأولى في الاستحلال أن تبين قدر المال الواجب عليك لصاحب العمل، وإن علمت أن صاحب العمل لن يبرئك إذا أخبرته بقيمة ما عليك من حقوق فلا يجوز لك عدم بيان القيمة ولا يصح الإبراء في هذه الحالة، فإن انتفى هذا المحذور وأبرأك صاحب العمل مع جهله بقيمة ما له من الحقوق فهذا إبراء صحيح يسقط الإثم عنك إن شاء الله تعالى ويحل لك أخذ باقي حقوقك، وهذا على القول الذي نراه راجحاً، فإن الفقهاء اختلفوا في صحة الإبراء من المجهول، قال ابن قدامة في المغني: تصح البراءة من المجهول, إذا لم يكن لهما سبيل إلى معرفته. وقال أبو حنيفة: تصح مطلقا. وقال الشافعي: لا تصح, إلا أنه إذا أراد ذلك قال: أبرأتك من درهم إلى ألف. لأن الجهالة إنما منعت لأجل الغرر, فإذا رضي بالجملة, فقد زال الغرر, وصحت البراءة. ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجلين اختصما إليه في مواريث درست: {اقتسما, وتوخيا الحق, ثم استهما, ثم تحالا} رواه أبو داود. ولأنه إسقاط, فصح في المجهول, كالعتاق والطلاق, وكما لو قال: من درهم إلى ألف. ولأن الحاجة داعية إلى تبرئة الذمة, ولا سبيل إلى العلم بما فيها, فلو وقف صحة البراءة على العلم, لكان سدا لباب عفو الإنسان عن أخيه المسلم, وتبرئة ذمته, فلم يجز ذلك, كالمنع من العتق. وأما إن كان من عليه الحق يعلمه, ويكتمه المستحق, خوفا من أنه إذا علمه لم يسمح بإبرائه منه, فينبغي أن لا تصح البراءة فيه; لأن فيه تغريرا بالمشتري, وقد أمكن التحرز منه. انتهى.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما ملخصه: والذي عليه جمهور الفقهاء الحنفية والمالكية ورواية عند الحنابلة أن الإبراء من المجهول صحيح, وذلك لأن جهالة الساقط لا تفضي إلى المنازعة. ويقرب منه الاتجاه الثاني, وهو رواية للحنابلة أيضا, وهو صحة الإبراء مع الجهل إن تعذر علمه, وإلا فلا, وقالوا: إنه لو كتمه طالب الإبراء خوفا من أنه لو علمه المبرئ لم يبرئه لم يصح. أما الاتجاه الثالث وهو مذهب الشافعية ورواية عند الحنابلة , فهو أنه لا يصح الإبراء عن المجهول مطلقا. انتهى.
والحديث الذي استدل به الحنابلة رواه أحمد وأبو داود عن أُمِّ سَلَمَةَ قالت: جاء رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ يَخْتَصِمَانِ إلى رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في مَوَارِيثَ بَيْنَهُمَا قد دُرِسَتْ ليس بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ، فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنكم تَخْتَصِمُونَ إِلَىَّ وَإِنَّمَا أنا بَشَرٌ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ ألحن بِحُجَّتِهِ أو قال لِحُجَّتِهِ من بَعْضٍ فإني أقضي بَيْنَكُمْ على نَحْوِ ما أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ له من حَقِّ أَخِيهِ شَيْئاً فَلاَ يَأْخُذْهُ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ له قِطْعَةً مِنَ النَّارِ يأتي بها إِسْطَاماً في عُنُقِهِ يوم الْقِيَامَةِ، فَبَكَى الرَّجُلاَنِ وقال كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: حقي لأخي، فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَّا إذا قُلْتُمَا فَاذْهَبَا فَاقْتَسِمَا ثُمَّ تَوَخَّيَا الْحَقَّ ثُمَّ اسْتَهِمَا ثُمَّ لِيَحْلِلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ. قال شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن.
والإسطام -كما جاء في لسان العرب- الحديدة التي تحرك بها النار وتسعر أي أقطع له ما يسعر به النار على نفسه ويشعلها، أو أقطع له نارا مسعرة.
قال الشوكاني في نيل الأوطار: فيه دليل على أنه يصح الإبراء من المجهول لأن الذي في ذمة كل واحد ههنا غير معلوم، وفيه أيضا صحة الصلح بمعلوم عن مجهول، ولكن لا بد مع ذلك من التحليل.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 59949.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1429(12/4291)
حكم بذل المال في الصلح
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بالخارج فى دولة قطر ولي صديق مقيم معي فى نفس الغرفة وقد سرقت نقود لي عدة مرات، وذات مرة سرقت نقودي وكانت كل الأدلة ضده، فواجهته أنا وأصدقاؤه ولكنه أنكر وأقسم بأغلظ الأيمان أنه ليس هو السارق، وعند تهديده بأنني سأبلغ الشرطة أنهار واعترف أنه السارق، بالعلم أن السرقة كانت منظمة جدا ـ أقصد باحتراف ـ فعندما سألته عن من سرق الفلوس السابقة أنكر وأقسم أنه ليس هو، فجلسنا أنا وأصحابي وأصحابه فى السكن ـ جلسة عرب ـ وقد اختار أحد أصدقائنا للحكم بيننا وقد رضيت بذلك، فحكم بيننا بأن يدفع هذا السارق مبلغ: 1000 ريال بالإضافة إلى المبلغ المسروق، نظيرا لخيانته الأمانة والصداقة، وقد وافق هذا السارق على هذا الحكم، وأنا أيضا وافقت عليه، فهل هذه الغرامة المحكوم بها لي الحق فى أن آخذها؟ وهل هي حلال أم حرام؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الغرامة التي حكم بها الحكم مقابل خيانة صديقك لأمانة الصحبة وحق الجوار ونحو ذلك، فلايجوز لك أخذها والحكم بها باطل وليس لك عليه أكثر مما سرقه منك، أما إن كان رد بعضه وأنكر بعضا كما قد يفهم من السؤال وكان الصلح بينكما عن إنكاره لباقي ما سرق منك، فلا حرج عليك في أخذ الألف صلحا عن ذلك ـ سواء أكان أقل أو أكثر ـ إذ الصلح خير والتحكيم جائز.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِ الصُّلْحِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْأَثَرُ وَالِاتِّفَاقُ، فَأَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ. إلخ.
جاء في العناية شرح الهداية: وَإِذَا حَكَّمَ رَجُلَانِ رَجُلًا لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمَا وَرَضِيَا بِحُكْمِهِ جَازَ، لِأَنَّ لَهُمَا وِلَايَةً عَلَى أَنْفُسِهِمَا فَيَصِحُّ تَحْكِيمُهُمَا وَإِذَا حَكَمَ لَزِمَهُمَا. انتهى.
ويجوز التحكيم في الأمور المالية ونحوها، جاء في درر الحكام: يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِي دَعَاوَى الْمَالِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُقُوقِ النَّاسِ.
وجاء في الحاوي: لَوِ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ حَقًّا فَصَالَحَهُ مِنْ دَعْوَاهُ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ: يَجُوزُ الصُّلْحُ مَعَ الْإِنْكَارِ، اسْتِدْلَالًا بِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ {النِّسَاءِ: 128} .
وَلِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ مَا وَقَى الْمَرْءُ بِهِ عِرْضَهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُسْتَحَبُّ لِبَاذِلِهَا وَتَحِلُّ لِآخِذِهَا فَهَكَذَا الصُّلْحُ.
وَلِأَنَّهُ بَذَلَ مَالًا فِي الصُّلْحِ مُخْتَارًا فَصَحَّ كَالْمُقِرِّ بِهِ، وَلِأَنَّهُ مُدَّعٍ لَمْ يُعْلَمْ كَذِبُهُ فَصَحَّ صُلْحُهُ كَالْمُقَرِّ لَهُ.
والله أعلم..
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(12/4292)
حكم الصلح على أقل من قيمة البضاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنا في رحلة، وطلب مني صديقي إعطاءه هاتفي لينقل بعض البيانات، وبعد حوالى ربع ساعة رأيته، فسألته أين هاتفي، أخبرني أنه أعطاني إياه مباشرة، وأشعرني بأني أنا الذي لا أتذكر في حين أني كنت بصحبة وأخبروه أنه لم يعطني شيئا، وبعد النقاشات التي دامت أياما قررنا أنه سيعطيني مبلغا أقل من الهاتف. فهل أقبل هذا المبلغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن له بينة على أنه أعاد إليك الجوال، وأنت تجزم أنه لم يعده إليك، فهو مطالب برد مثله أودفع قيمته؛ لأنه عارية، والعارية مضمونة مطلقا على الراجح، كما بينا في الفتوى رقم: 9287.
وإن تراضيتما على أن يدفع أقل من قيمة الجوال فلا حرج، وذلك من الصلح الجائز المشروع. قال الإمام البهوتي في كشاف القناع: (وهو) أي الصلح شرعاً (معاقدة يتوصل بها إلى موافقة بين مختلفين) -أي متخاصمين- وهو جائز بالإجماع، لقوله تعالى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا [الحجرات:9] . وقوله: (والصُّلّحُ خَيْرٌ) ولحديث أبي هريرة مرفوعاً: والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً حرم حلالاً، أو أحل حراماً. رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح وصححه الحاكم. انتهى.
وهو ما ننصح به وللمزيد انظر الفتوى رقم: 55500، والفتوى رقم: 1796.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1430(12/4293)
مشروعية الصلح عن المجهول
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا محاسب في شركة خاصة ومن الأعمال التي أقوم بها بشكل دوري مطابقة الحسابات بيننا وبين الموردين الذين نتعامل معهم ليتم السداد عن طريق الشيكات، أحد الموردين أرسل لنا كشف حساب برصيد أقل من الرصيد الموجود عندنا بمبلغ 10000 ريال تقريبا وطلب مني المدير المالي للشركة أن أصدر شيكا بكامل الرصيد الموجود عند المورد وأن أكتب على الشيك "سداد كامل الرصيد حتى تاريخه"، علما بأنني قلت للمدير المالي "كيف أكتب سداد كامل الرصيد ويوجد فواتير لم تسدد" قال لي "إن هذا المورد دائما يرسل كشوفات غير مطابقة وتعود لسنوات سابقة ويصعب مطابقة الرصيد "وحسب علمي أن هذا الكلام صحيح" وما كان مني إلا أن نفذت كما قال لي المدير حرفيا.. هل هذا صحيح، هل علي أي مسؤولية
ملاحظة: منذ 10 سنوات مرت كنت أعمل لحسابي الخاص وصادفتني نفس المشكلة تماما حيث كان هناك فرق بين كشف الحساب لدي وكشف الحساب لدى المورد (الرصيد في كشف حساب المورد أقل من الرصيد في الكشف عندي) وسددت كامل الرصيد بناء على الرصيد في كشف حساب المورد، فهل يعتبر ذلك صحيحا، إن كان لا، فماذا علي أن أفعل وقد مرت 10 سنوات؟ جزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب أن يتم أداء الحقوق لأصحابها، فإن أمكن مراجعة الحسابات ليأخذ كل طرف حقه فيجب عليك القيام بذلك حتى ولو كان هناك صعوبة أو مشقة، أما إذا لم يمكن معرفة الحساب بينكم وبين المورد، ففي هذه الحال إذا تم الاتفاق على مبلغ معين ورضي بذلك المورد فلا حرج في ذلك مع تحلل كل طرف من الآخر، وهذا من باب الصلح عن المجهول وهو صحيح فيما يتعذر علمه عند المالكية والحنابلة، قال ابن قدامة في المغني: ويصح الصلح عن المجهول، سواء كان عيناً أو ديناً، إذا كان مما لا سبيل إلى معرفته، قال أحمد في الرجل يصالح على الشيء: فإن علم أنه أكثر منه، لم يجز إلا أن يوقفه عليه، إلا أن يكون مجهولاً لا يدري ما هو.. وقال ابن أبي موسى: الصلح الجائز.. وكذلك الرجلان يكون بينهما المعاملة والحساب الذي قد مضى عليه الزمان الطويل، لا علم لكل واحد منهما بما عليه لصاحبه، فيجوز الصلح بينهما، وكذلك من عليه حق لا علم له بقدره، جاز أن يصالح عليه، وسواء كان صاحب الحق يعلم قدر حقه ولا بينة له، أو لا علم له ويقول القابض: إن كان لي عليك حق فأنت في حل منه. ويقول الدافع: إن كنت أخذت مني أكثر من حقك فأنت منه في حل. انتهى.
ومما يستدل به على مشروعية الصلح عن المجهول ما رواه أحمد وأبو داود عن أم سلمة قالت: جاء رجلان من الأنصار يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواريث بينهما قد درست ليس بينهما بينة.. الحديث وفيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إذا قلتما فاذهبا فاقتسما ثم توخيا الحق ثم استهما ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه. قال شعيب الأرنؤوط: إسناد حسن..
وكذلك الحال في سؤالك الثاني إن أمكن معرفة الحساب لزم ذلك فإن كان هناك مبلغ للمورد يجب عليك أن تؤدي هذا المبلغ إليه أو إلى ورثته، فإن عجزت عن العثور عليه فعليك أن تتصدق بهذا المبلغ عن المورد، مع تخيير المورد إن عثرت عليه بين أجر الصدقة أو أن ترد له ماله ويكون أجر الصدقة لك، أما إذا لم يمكن معرفة الحساب فما تراضيتما عليه فهو جائز وهو من باب الصلح عن المجهول، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3519، 31434، 59949، 67267، 111664.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1429(12/4294)
صالح البائع المشتري على بعض حقه ثم عاد فطالب به
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بشراء مواد غذائية بـ 255 درهما على سبيل الدين، وقد مررت بعد فترة تقارب السبعة أشهر على صاحب الحق وسألته إن كنت قد دفعت له المبلغ أم لا لأني نسيت، فرد علي بأنه لا يتذكر إن كان قد أخذ مني المبلغ أو لا وأنه لم يسجله لديه، فقمت بعمل تسوية بيني وبينه وبموافقته شخصياً وبدون ضغوط وقد أعطيته 100 درهم وينتهي الأمر، فوافق وقال أنت مسموح وبعد حوالي أسبوع مررت عليه لأخذ بعض الأغراض فقال لي إني عندما راجعت دفتري وجدت المبلغ مسجل لدي ولم تقم بسداده بعد، مع العلم بأنه في المرة الأولى قال لي بأنه لم يسجله لديه ولم يتذكر أي شيء عنه، فأرجو إفادتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أنه لا حق للدائن في شيء بعد الصلح الذي جرى بينه وبين المدين لأنه أسقط حقه برضاه، والساقط لا يعود، جاء في الاتقان وهو أحد كتب المالكية: إذا ضاع صكه فقال له غريمه حقك حق فائت بالصك فامحه وخذ حقك، فقال: لقد ضاع وأنا أصالحك ففعل ثم يجد ذكر الحق فلا رجوع له بإتفاق. انتهى.
فالغريم هنا معترف بالحق، والدائن رضي بإسقاطه بعض حقه واستعجاله فالصلح بات لا ينقض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1429(12/4295)
علاج مشكلة الثأر القبلي
[السُّؤَالُ]
ـ[كيفية حل مشكلة الثأر القبلي في حالة عدم التساوي في عدد القتلى بين قبيلتين، وهل هناك قصاص أم ديات شرعية وكيفية حساب الدية، علما بأن القتل يحصل أثناء تبادل إطلاق النار والقبيلتان مسلمتان على مذهب السنة ألا أنه لا يوجد حاكم قوي يأخذ علي يد الظالم مما يضطرهم للحرب، والآن هم في نية الصلح، وهل يجوز لهما التحاكم عند شيخ قبيلة يصلح بينهما ويقارب ويأخذ مالا مقابل حكمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن البحث عن حل لمشكلة الثأر القبلي يجب أن يبدأ بالبحث عن أسبابها وعلاج ذلك بالوسائل الشرعية فهي وحدها الكفيلة بحل مشاكل الناس، فهي التي تعلمهم أن دم المسلم وعرضه وماله عظيم عند الله تعالى ولا يجوز انتهاك حرمته إلا بحق شرعي، وهذا مما ينبغي أن يكون معلوماً بالضرورة عند كل مسلم لكثرة نصوص الوحي الواردة فيه، وإذا حدث شيء من ذلك فإن على علماء المسلمين وعقلائهم أن يعالجوه بالوسائل الشرعية كذلك.
ويكون ذلك بالصلح بين الطرفين، وكل صلح اتفق عليه الطرفان فهو جائز ما لم يخالف الشرع، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً حرم حلالاً أو أحل حراماً، والمسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً. رواه الترمذي وغيره وصححه.
وإذا حدثت الفتنة بين فئتين من المسلمين وكان ذلك بتأويل منهما بأن ظنت كل فئة بأن لها الحق في قتال الأخرى؛ لأنها اعتدت عليها أو أخذت مالها أو ما أشبه ذلك فإن من قتل من الفئتين أو ما أتلف أو نهب من المال ... يكون هدراً لا دية فيه ولا عوض.. قال العلامة خليل المالكي في المختصر: وإن تأولوا فهدر كزاحفة على دافعة.
وهو ما درج عليه صاحب النوازل حيث قال:
وكل ذي تأول لا يضمن * في حربه ما أتلفته الفتن
أما إذا لم يكن هناك تأويل فإن على من قتل من الطرفين القصاص، وكذلك إذا هجمت إحداهما على الأخرى فإن على الهاجمة القصاص دون المدافعة فليس عليها قصاص، وهذا معنى قوله (كزاحفة على دافعة) يعني أن الزاحفة دمها هدر.
ولا مانع من إجراء الصلح بينهما على ما يتفقان عليه من التنازل عن بعض الحقوق أو عنها كاملة، عند حكم يجعلونه بينهم أو يحصل الاتفاق بينهما مباشرة، بل ذلك هو الطريق الصحيح لما فيه من امتثال أمر الله تعالى حيث يقول: وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الحجرات:9} ، ولا مانع من أخذ الحاكم مالاً ما لم يتعين عليه الحكم، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 13598، 46876، 17962.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1426(12/4296)
المطالبة بالأجرة بعد انتهاء العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها، وكانت هذه الأرض حين ظهر عليها لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وللمسلمين وأراد إخراج اليهود منها فسألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقرهم بها، على أن يكفوا عملها ولهم نصف الثمر فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم نقركم بها على ذلك ما شئنا فقروا بها حتى أجلاهم عمر إلى تيماء وأريحاء، فالصلح إذاً وقع على نصف ثمر خيبر.
السؤال: إذا كان ما ذُكر أعلاه صحيحاً فما الجواب إذا طالبوا بنصفهم من التمر أو قيمته التراكمية عبر السنين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اتفاق النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود كان عقد عمل بينه وبينهم على العمل في الأرض مقابل نصف المحصول، وقد وفى لهم النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك خليفته أبو بكر، ومدة في خلافة عمر، فلما أخلوا بالأمان ونقضوا العهد الذي وقع بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم أخرجهم منها عمر بناء على البند الذي أشرت إليه وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: على أنا إن شئنا أن نخرجكم منها أخرجناكم.
وإذا انتهى عمل العامل فلا يحق له أن يطالب بعد ذلك بالأجر وهو لم يعمل، فهذا لا يقبله منطق عقلي، ولا قانون شرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1426(12/4297)
مسألة الصلح عن المجهول بالمعلوم
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في إحدى القرى منذ سنوات كان لبعض الناس أبقار ترعى في الجبال. وبعد مدة وقعت مشاكل الإرهاب فهجروا قريتهم وبعد مدة طويلة عادوا مع أن أبقارهم باقية وتكاثرت وأصبحت لا تعرف. فقام بعض الناس باصطيادها وبيعها. هل يجوز لهم ذلك؟ رحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا السؤال يشتمل على مسألتين:
الأولى: حكم صيد هذه الأبقار.
الثانية: حكم اختلاط هذه الأبقار ونتاجها بعضها ببعض وعدم تميزها.
أما المسألة الأولى: فلا يجوز اصطياد هذه الأبقار باتفاق الفقهاء، والواجب على من اصطادها ثم باعها أن يفسخ عقد بيعها إن استطاع، ويردها على أصحابها، فإن لم يستطع ضمن لهم قيمتها.
وإن لم يعلم أصحابها فينظر، فإن كانت في موضع يخاف عليها فيه فإنها تأخذ حكم اللقطة.
وإن كانت في موضع لا يخاف عليها فيه فهي بمنزلة الإبل التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: ما لك ولها، معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء وترعى الشجر، فذرها حتى يلقاها ربها. رواه البخاري.
جاء في المدونة في الفقه المالكي لابن القاسم: في لقطة الإبل والبقر والدواب قلت: أرأيت البقر أهي بمنزلة الغنم في قول مالك؟ قال: أما إذا كانت بموضع يخاف عليها فنعم، وإن كانت بموضع لا يخاف عليها السباع ولا الذئاب فهي بمنزلة الإبل. وراجع للأهمية الفتوى رقم: 33114.
وأما المسألة الثانية: فالمشروع للذين اختلط ملكهم وملك غيرهم من هذه الأبقار ونتاجها ولم يتميز بحيث أصبح ما يختص به كل منهم من هذه الأبقار مجهولا أن يتصالحوا ويقتسموا هذه الأبقار على قدر ما كان يملكه كل منهم منها، ويتوخوا الحق والعدل في ذلك، ويحلل كل منهم الآخر، وهذا الحكم داخل فيما يعرف عند العلماء بالصلح عن المجهول بالمعلوم، وهو مذهب الحنفية والحنابلة. قال في فتح القدير وهو حنفي: الصلح عن مجهول على معلوم جائز.
وقال في كشاف القناع وهو حنبلي: (ويصح) الصلح (عن المجهول بمعلوم إذا كان) المجهول (مما لا يمكن معرفته) وقوله (للحاجة نصا) متعلق بيصح علة له (سواء كان) المجهول (عينا أو دينا، أو كان الجهل من الجانبين كصلح الزوجة عن صداقها الذي لا بينة لها به، ولا علم لها ولا للورثة بمبلغه، وكذا الرجلان بينهما معاملة وحساب قد مضى عليه زمن طويل، ولا علم لكل منهما بما عليه لصاحبه.
ومما يستدل به على ذلك ما رواه أحمد عن أم سلمة قالت: جاء رجلان من الأنصار يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواريث بينهما قد درست، ليس بينهما بينة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم تختصمون إلي، وإنما أنا بشر، ولعل بعضكم ألحن بحجته -أو قال لحجته- من بعض، فإني أقضي بينكم على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار، يأتي بها أسطاما في عنقه يوم القيامة، فبكى الرجلان، وقال كل واحد منهما: حقي لأخي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إذا قلتما فاذهبا فاقتسما، ثم توخيا الحق، ثم استهما، ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه. قال شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن. قال الشوكاني في نيل الأوطار: فيه دليل على أنه يصح الإبراء من المجهول لأن الذي في ذمة كل واحد ههنا غير معلوم، وفيه أيضا صحة الصلح بمعلوم عن مجهول، ولكن لا بد مع ذلك من التحليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1426(12/4298)
الصلح الصحيح يلزم التقيد به ولا يصح نقضه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي (رحمه الله) عام 1997م وأقام منزلا على مساحة 100متر مربع تقريبا عبارة عن دورين الدور الأرضي مكون من شقتين كل منهما حجرتين وصالة والدور الأول مكون من شقتين إحداهما ثلاث حجرات وصالة (كاملة البناء) والثانية حجرتين وصالة (أقام حجرة واحدة فقط لنقص الأموال) .في هذه الفترة لي أخ يكبرني سافر للعمل خارج البلاد وأرسل إلى والدي يطلب منه بناء دور كامل (شقتين متقابلتين) في الدور الثاني على أن يرسل إلى والدي تكاليف البناء فأخبره والدي أن عليه استكمال بناء الشقة التي لم يكتمل بناؤها في الدور الأول حتى يمكنه بناء الدور الثاني بالكامل ووافق أخي وتم تنفيذ ذلك. وحضر أخي وتزوج وأقام في الدور الثاني كما طلب وبعد فترة طلب أخي من والدي أن يملكه الشقتين على أساس أنه قام بتكاليف بنائهما من ماله الخاص فرفض والدي ذلك وأخبر أخي بأنه تكفل بالبناء في منزل والده للسكن فقط وليس لتملك ما بناه حتى لو كان من ماله الخاص لأن الأرض والعقار ملك لوالده ويعتبر ما دفعه من أموال للسكن وليس للتملك، ومع ذلك اقترح والدي على أخي أن يكتب له إحدى الشقتين ملكا باسمه (ثلاث حجرات وصالة) كتعويض عن الأموال التي دفعها فى البناء، الشقة الثانية تدخل ضمن تقسيم التركة على الورثة على اعتبار أن شقة التمليك لها حصتها في الأرض المبني عليها العقار وهي ملك خالص لوالدي فرفض أخي هذا الاقتراح. وبعد وفاة والدي تم اتفاق جميع الورثة على هذا الاقتراح بما فيهم أخي وتم تحرير عقد تقسيم بين الورثة والتوقيع عليه من جميع الورثة وتوقيع شهود على هذا العقد، ولكن وبعد حوالي ثماني سنوات أثار أخي نفس الموضوع ونفس الجدال بأنه يستحق تملك الشقتين اللتين بناهما من ماله ثم يحصل على نصيبه من باقي التركة في المنزل عند التقسيم بين الورثة يرجى الإفادة هل ما تم إنجازه من خلال عقد التقسيم المتفق عليه والموقع من جميع الورثة يعتبر صحيحا من الناحية الشرعية أم أنه مخالف ويجب تغييره، وما هو الحل الصحيح]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان أخوك قد وافق بقية الورثة على ما ذكرت وصالحه الورثة برضاهم جميعا على إحدى الشقتين فإن هذا الصلح يعتبر صلحا صحيحا ونافذا، ولا يحق لأحدهم الرجوع عنه. والصلح جائز إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا، والمسلمون على شروطهم. وقد نص أهل العلم على أن الصلح إذا تم بشروطه لزم الجميع التقيد به ولا يصح نقضه، قال العلامة النفراوي في شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني المالكي: وإذا وقع الصلح مستوفيا لشروطه كان لازما ولا يجوز تعقبه. أي نقضه.
هذا وننبه السائل الكريم إلى أننا لايمكن أن نقول كلمة قاطعة في هذه المسألة بعينها لأنها متشعبة ولها ملابسات وجوانب لم نطلع عليها، ولهذا ننصحه بالرجوع إلى المحكمة الشرعية في بلده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1426(12/4299)
حكم التدخل في مجلس الصلح لترجيح كفة أحد المتخاصمين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدخول إلى اجتماع لجنة إصلاح ذات البين دون إذن والتدخل لصالح أحد طرفي النزاع رغم عدم موافقة الطرف الآخر واعتراضه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك إن إصلاح ذات البين من أعظم الطاعات وأهم القربات إلى الله تعالى، فقد قال الله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً [النساء: 114] وقال جل وعلا إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الحجرات:10]
وقال صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال إصلاح ذات البين وفساد ذات البين هي الحالقة رواه أحمد وأبو داود والترمذي وعليه فإن التدخل بين المتخاصمين للإصلاح لا يحتاج إلى إذن من أحد بعدما أمر الله سبحانه وتعالى به ورغب فيه النبي صلى الله عليه وسلم.
أما التدخل لصالح أحد الطرفين دون الموافقة منهما معاً، فهذا ليس من إصلاح ذات البين، ويخشى على صاحبه من الدخول تحت الذم الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم:.... ثم يخلف قوم يحبون السمانة يشهدون قبل أن يستشهدوا اللهم إلا أن يكون التدخل المذكور هو الإدلاء بشهادة لا يعلم بها الطرف الذي هي في صالحه.
أما الدخول إلى مكان مخصص للجنة إصلاح ذات البين فلا يجوز إلا بعد الإذن، لأن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ*فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [النور:27-28]
وعلى كل حال فلا ينبغي لأحد أن يتدخل في شؤون هذه اللجنة التي نصبت لهذا العمل أو رضي بها المتخاصمان لئلا يفسد عليهم ... فربما أدت كثرة المتدخلين إلى تعقيد الأمر، وخاصة إذا كان أحد الأطراف المعينين لا يرضى أو يتهم من يتدخل بالميل لصالح خصمه.
ولا يجوز الميل لأحد الأطراف دون الآخر لأن من يقوم بمهمة الإصلاح يقوم بفريضة عظيمة، فهو بمنزلة الحكم الذي يجب عليه أن يكون حيادياً، وأن يعدل بين المتخاصمين حتى يكون ممتثلاً لأمر الله تعالى: فأصلحوا بين أخويكم وأمره تعالى وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1424(12/4300)
إذا بنى الابن في ملك أبيه وفي حياته وبإذنه ثم مات الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[مات جدى وترك ابنا وبنتا، وهم أمي وخالي، وترك منزلا به سكان، وكان خالي قد بنى لنفسة شقة في هذا المنزل قبل وفاة جدى. وهو الآن يريد ألا تدخل هذه الشقة فى تقسيم الميراث.
لكن أطرافا أخرى أشارت بتقدير ثمن الشقة وتوزيع ثمنها على الورثة أي يتحمل كل من أمي وخالى ثمن الشقة كل بنصيبه. فماهو الحكم الشرعي في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به عندنا فيما إذا بنى الابن في ملك أبيه وفي حياته وبإذنه ثم مات الأب أن ذلك البناء يعتبر عارية، والعارية إذا انقضى أجلها أو ما يقتضيه العرف إذا لم تكن مؤجلة، فإن من بنى فيها يكون له الحق في قيمة بنائه منقوضا، فتقوم شقة خالك منقوضة، ويكون لخالك قيمتها على ذلك، وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 106557، والفتوى رقم: 79315.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1430(12/4301)
حكم تأجير العارية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تمتع أكبر الأبناء بكراء شقة -كان أبوه قد بناها له أصلا لينتفع بها بالسكنى- دون إخوته إذا كان محتاجا لذلك على أن يحصيه ويكون دينا يسدده بخصم ما يعادله من الميراث..
وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأب بنى الشقة وأذن لولده في أن ينتفع بها للسكنى فهذا في حكم العارية وهي جائزة، والعلماء مختلفون في العارية أهي تمليك منفعة أم إباحة منفعة؟ فعلى القول الأول يجوز للولد أن يؤجر العارية، وعلى الثاني لا يجوز.
ومحل ما تقدم إذا كان الأب خص ولده بالسكنى لأمر سائع شرعا كفقر وحاجة فيكون له الانتفاع المذكور وليس عليه أن يرد شيئا في مقابله، أما إذا لم يكن التفضيل سائغا فلا يجوز للأب المفاضلة بين أولاده، ولا يجوز للابن قبول ذلك، هذا إذا كان هذا الانتفاع في حياة الأب، أما إن كان انتفاع الابن بالسكنى أو بالتأجير بعد موت الأب فإنه يكون وصية لوارث ولا تجوز إلا إذا أجازها الورثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1430(12/4302)
استعارت كتابا من المدرسة ولم ترده وفقدته
[السُّؤَالُ]
ـ[في زمن مضى عندما كان سني 13 سنة اقترضت كتابا من المدرسة، ولم أرجعه لأسباب والآن لا أجد الكتاب كما أنني لا أستطيع إرجاعه علما بأنني أدرس بالجامعة فماذا علي أن أفعل؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك أن ترد مثل هذا الكتاب الذي أخذته أو قيمته إلى المدرسة المذكورة، فإن لم يمكنك رده إلى الجهة التي أخذته منها لكون لمدرسة لم تعد موجودة مثلاً فلتصرفي قيمة الكتاب في مصارف المال العام.
قال ابن قدامة في المغني: يجب رد العارية إن كانت باقية بغير خلاف. ويجب ضمانها إذا كانت تالفة، تعدى فيها المستعير أو لم يتعد. انتهى. وهذا هو مذهب الشافعية وهو الراجح.
وذهب الحنفية والمالكية إلى أنه لا يجب ضمان العارية إلا بالتعدي أو التفريط، إلا أن المالكية يرون ضمان ما يمكن إخفاؤه إذا لم تقم البينة على التلف، كما يجب عليك التوبة إلى الله تعالى مما اقترفته، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28078، 55154، 65886.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1429(12/4303)
منع إعارة الكتب الدينية هل يعد حبسا للعلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أمنع كتبا شرعية عن شخص معين لا يردها مرة أخرى أو أني لا أريد أن أعطيه إياها لأنه أهمل كتابا لي سابقا وهل واجب علي إعطاء الكتب لغيري لو أني أريد أن أحتفظ بها كمكتبة إسلامية ومراجع لي ولأولادي أم هذا من حبس العلم، أريد الإفادة مأجورين، هل يجوز لي الاحتفاظ بها أم توزيعها للإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمسلم أن يمنع إعارة كتبه الدينية أو غيرها من ممتلكاته وخاصة إذا كان يخشى عليها التلف أو الضياع، وسبق أن بينا أحكام الإعارة في الفتوى: 104919، وحفاظك على كتبك وعدم إعارتها لمن تخشى أن يضيعها أو يفسدها- وخاصة أنك جربت ذلك- لا يعتبر منعا للعلم؛ وإنما يعتبر حفاظا عليه وعلى ممتلكاتك الخاصة وهي أمور مطلوبة شرعا، ولذلك يجوز لك الاحتفاظ بكتبك للاستفادة منها وتركها لأبنائك إن كانوا يستفيدون منها، وإن لم تكن تستفيد منها أنت ولا أولادك فلا شك أن توزيعها على من يستفيد منها من طلبة العلم أفضل لك وأكثر أجرا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1429(12/4304)
أعاره جهازا فوجده يعرضه للبيع
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بدعوة أحد أصدقائي إلى الالتزام والبعد عن المعاصي وأعطيته جهازا صوتيا يوجد بهذا الجهاز مواد دينية للهداية إلى طريق الله.. على أنه يأخذه يومين ويرجعه, وبعد يومين اتصل بي لأطمئن عليه وأعرف أخباره لقيته يقول لي إن الجهاز ابن أخته كسره.. قلت الحمد الله وهنا حصلت المفاجأة وأنا واقف فى الشرفة لقيته في الشارع يعرض الجهاز للبيع، اندهشت لهذا الموقف سألت أحد أصحابه لمعرفة قصته قال لي إنه مدمن مخدرات.. والجهاز هذا كنت أضع فيه مواد دينية لتعليم السنة وهو غال، فأرجو من سيادتكم الإجابة على سؤالي وماذا أفعل أقوم بضربه أم ماذا أفعل معه؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان مقصد السائل الكريم معرفة كيفية التصرف مع المستعير المنحرف، فقد ذكرت أنك علمت أنه مدمن للمخدرات فحال المستعير أخطر من مجرد التعدي على حق مالي لصاحب العارية، بل هو في مأساة حقيقية وضخمة، فالإدمان -عافانا الله والمسلمين- مستنقع آسن وسبب مباشر لأنواع عديدة من الموبقات والفواحش، والمدمن في أمس الحاجة لمن يأخذ بيده من هذا الهلاك المحقق، فإن استطعت أن تنفع أخاك ولا تكون عونا للشيطان عليه فافعل، ودع عنك التفكير في كيفية معاقبته على إساءته معك والتعدي على حقك الشخصي، واحتسب ذلك عند الله، فإن كنت تستطيع أن تبذل مع هذا المدمن أي جهد لإنقاذه فقد أسهمت في إحيائه من هذا الموت البطيء، ولك نصيب إن شاء الله تعالى من قوله تعالى: وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا {المائدة:32} ، وحاول الاتصال بالجهات والمراكز المختصة بالإدمان ليدلوك على ما يمكن فعله، ويمكن أن تستفيد في مساعدته من الفتوى رقم: 52725، والفتوى رقم: 72888.
وأما من جهة العارية نفسها فظاهر السؤال أنها لا تزال في يد المستعير، وأنه بإمكانك أخذها فإن كان كذلك فاستردها منه، وابذل له نصيحتك ومعونتك كما تقدم، وأما إن كان هذا المستعير قد باع العارية بالفعل فلا خلاف في أنه يضمن لك حقك، وإذا أدركتها في يد المشتري فأنت بالخيار بين رد البيع وأخذ جهازك وبين إمضاء البيع وأخذ الثمن.
جاء في الموسوعة الفقهية: فمن باع ملك غيره يكون البيع موقوفاً على إجازة المالك، إن شاء رده وإن شاء أجاز إذا كان المبيع والمتبايعان بحالهم..
واحمد الله -أخي الكريم- أن عافاك من بلية الإدمان وأمثالها من الموبقات، وليكن من شكرك لله معاونة من وقع في هذا الفخ الشيطاني العصيب، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(12/4305)
التحذير من استعارة المتاع وعدم رده
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة تطلب من جارتها المال فلا ترده عندما تكون ميسورة وكذلك بعض أنواع الأطعمة وتستعير بعض الأجهزة فلا تحافظ عليها وبالرغم من فقر الأولى فلا تردها أبداً استنادا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم:....... من كان له فضل ظهر فليعن من لا ظهر له........، وهي تريد الآن أن تمنع عنها المال لأن ذلك يجهدها فهل هذا جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن تقديم المعونة إلى الجارة يعتبر من المعروف والإحسان الذي رغبت فيه الشريعة ومن الماعون الذي ذمت مانعيه، كما قال الله تعالى: وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ {الماعون:7} ، والماعون: عارية الدلو والقدر ومتاع البيت وما يتعاطاه الناس بينهم، ولكن إذا كانت الجارة لا ترد ما استعارته فلا حرج على تلك المرأة في أن تمنع المساعدة عن جارتها إذا علمت أنها تستعير المتاع وتستقرض المال ولا ترده، والحديث المشار إليه حديث صحيح رواه مسلم وأبو داود وغيرهما، ولفظ مسلم: من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له، قال: فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل..
وهذا الحديث ليس في إيجاب أن يدفع الإنسان ماله ومتاعه لمن علم أنه لا يرد ما استقرضه وما استعاره، وإنما فيه حث وترغيب في الصدقة وهذا على سبيل الاستحباب وليس على سبيل الوجوب.
قال بدر الدين العيني في عمدة القاري حول هذا الحديث: الأمر بإنفاق الفضل أمر إرشاد وندب إلى الفضل، وقيل كان ذلك قبل نزول فرض الزكاة ونسخ بها كما نسخ صوم عاشوراء بصوم رمضان وعاد ذلك فضلاً وفضيلة بعدما كان فريضة ... انتهى.
ولا يجوز لتلك الجارة أن تستعير المتاع وتستقرض المال ولا ترده، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه.. رواه أحمد.
وقال عليه الصلاة والسلام في العارية: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الأربعة والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
بل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قطع يد المرأة المخزومية التي كانت تستعير المتاع وتجحده، وثبت عنه أنه قال محذراً من أخذ أموال الناس بنية عدم ردها: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله ... رواه البخاري وأحمد.
وفي لفظ عند الطبراني وفيه ضعف: ومن استدان ديناً وهو لا ينوي أن يؤديه فمات قال الله عز وجل له يوم القيامة: ظننت أني لا آخذ لعبدي حقه، فيؤخذ من حسناته فيجعل في حسنات الآخر فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات الآخر فيجعل عليه.
فيجب على تلك الجارة أن تتقي الله تعالى، وإذا أصرت على عدم رد ما استعارته فليرفع أمرها إلى القضاء الشرعي، وإذا أتلفت ما استعارته بتفريط منها فهي ضامنة للحديث السابق: على اليد ما أخذت حتى تؤديه.
وننبه إلى أنه لا تصح إعارة الطعام، لأن الإعارة هي إباحة نفع الشيء لشخص آخر ثم يرده إلى مالكه، وهذا لا يكون إلا في الشيء الذي تبقى عينه، والطعام ليس كذلك فهو يستهلك بالأكل ولا يبقى، ولهذا نص الفقهاء على عدم صحة إجارة الطعام أو إعارته، وإنما الذي يصح في الطعام هو السلف، ولعل ذلك هو المقصود من العبارة التي في السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1429(12/4306)
استعار سيارة الشركة فانقلبت وأصلحتها الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مهندس استشاري أشرف على تنفيذ مشروع تقوم بتنفيذه شركة مقاولات، استعرت إحدى سيارات الشركة لقضاء مصلحة خاصة بي وأثناء عودتي صدمت وانقلبت السيارة وتهشمت، وتحملت الشركة مصاريف الإصلاح كاملة ولم تطالبني بشيء، فهل علي إثم أو أنا مطالب بسداد قيمة الإصلاح للشركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسيارة المستعارة إذا تلفت في ما استعيرت من أجله بدون تفريط أو تعد من قبل المستعير فإنها غير مضمونة على المستعير، جاء في الروض المربع: وتضمن العارية المقبوضة في غير ما استعيرت له. وراجع للمزيد في ذلك الفتوى رقم: 105587.
وإذا كان الأخ تعدى أو فرط في استعمال السيارة فتلفت بسبب ذلك فهو ضامن، فإن عفت عنه الشركة مالكة السيارة فلا يلزمه شيء، ولكن ينبغي أن ينتبه إلى أن الاستعارة أو العفو عن تكلفة الإصلاح قد يكون رشوة من قبل شركة المقاولات بوصف المستعير مهندسا استشارياً، وذلك ليحابي الشركة على حساب المواصفات أو إنجاز العمل ونحو ذلك، فإنه في هذه الحالة لا تجوز الاستعارة ولا قبول العفو عن التعويض، كما ننبه إلى أن المعير للسيارة إذا لم يكن مخولاً بذلك من الجهة المالكة للسيارة فإن ذلك يعتبر تعدياً، وبالتالي تكون السيارة مضمونة على المتعدي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1429(12/4307)
أعارت صاحبتها حليا فجحدته فماذا تفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أعطيت طقم ذهب لإحدى زميلاتي لتلبسه في عرس، والآن عندما طلبت منها أن ترده أنكرت حيازتها له، ماذا أفعل؟ هل توجد أدعية أو طريقة تكشف لي مكان وجود الطقم، وبأنه هي أي زميلتي تحس بخطئها وتعيده لي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عليك أن تذكريها بإعارتك الحلي لها وتذكري لها الشواهد على ذلك لعلها نسيت، فإن أصرت وظهر لك تعمدها أخذ الحلي لنفسها فذكريها بأن ذلك من كبائر الذنوب وخيانة الأمانة، وخوفيها بالله وشديد عقابه وأليم عذابه، وأن الله علام الغيوب، وأن متاع الدنيا كله إلى زوال، وأن الذي يلحق المرء في قبره هو عمله، وأن تقوى الله هو سبب النجاة في الدنيا والآخرة، فإن لم يردعها شيء من ذلك فاشتكيها عند السلطات المعنية، وإن كانت لديك بينة فأبرزيها، وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى التالية: 96405.
وأما عن دعاء معين لرد المجحود فلم يرد في ذلك شيء، وإنما ورد في الشيء الضائع، فراجعي الفتوى رقم: 6815.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1429(12/4308)
ما يلزم المستعير إذا رهن العارية فبيعت
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل أكثر من ثلاث سنوات مرت أختي بضائقة مالية فأعرتها ذهبا وزنه نحو 100 جرام حتى ترهنه وتنتفع بالمبلغ، غير أن أختي لم تستطع في حينه تسديد مبلغ الرهن فتصرف المتجر في الذهب المرهون وباعه، تعرض علي أختي الآن تسديد ما عليها من حق لي (نقوداً) غير أننا مترددون فسعر الذهب ارتفع كثيراً عما كان عليه قبل ثلاث سنوات، ثم هل يجوز لي أن أطالبها بتسديد ما عليها بشراء ذهب شبيه وبنفس الوزن غير أن الوضع في هذه الحالة سيتم حساب سعر المصنعية إضافة لسعر الذهب؟ والله الموفق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلك أن أن تطالبي أختك بمثل هذا الذهب من حيث الوزن والمواصفات إن أمكن وجود هذه المواصفات التي كان عليها ذهبك كما في الحلي الذي تصنعه وتصوغه الآلات، فإن تعذر ذلك رجعت عليها بأكثر الأمرين من قيمته يوم بيعه أو ما بيع به كما صححه غير واحد من المحققين كالبهوتي وابن قدامة وغيرهما، جاء في كشاف القناع: فإن بيع الرهن رجع المؤجر أو المعير على الراهن بمثله في المثلي، وإلا بأن لم يكن الرهن مثلياً رجع به بأكثر الأمرين: من قيمته أو ما بيع به.
وجاء في المغني لابن قدامة في صدد الحديث عن بيع المرهون المستعار: الصحيح أنها إن بيعت بأقل من قيمتها، رجع -أي المعير على المستعير- بالقيمة، لأن العارية مضمونة، فيضمن نقص ثمنها، وإن بيعت بأكثر، رجع بما بيعت به، ثم علل ذلك بأن العارية ملك للمعير، فيكون ثمنها كله له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1429(12/4309)
يجب رد العارية أو مثلها أوقيمتها إذا تلفت
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل عدة سنوات أعارتني إحدى قريباتي شيئا ما لأني كنت بحاجة إليه مع أني لم أطلب منها ذلك وألزمتني بإرجاعه ولكني لم أستعجل في إرجاعه حتى ضاع مني، وبعد عدة سنوات وجدته مع أثاث المنزل أوصلته إلى من هم أقرب لها مني حتى يقومون بإيصاله إليها، ولكني لم أخبرهم بأنه لها وأنا متأكدة بأنهم لم يقوموا بإيصاله لها لأنهم لا يعلمون بذلك وقد يكون تلف عندهم أو حتى لو ذكرتهم به لا يذكرونه لأنه منذ زمن طويل وهو ليس بشيء ثمين، فهل يصح أن أشتري مثله وأعطيه لها دون أن أخبرها بأني اشتريته لأنها نسيته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأخت السائلة أخطأت مرتين:
المرة الأولى: عندما لم تبادر إلى رد العارية مع إلزام صاحبتها بردها وتساهلها حتى ضاعت منها، قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58} .
والمرة الثانية: تفريطها في رد هذه العارية إذ سلمتها لآخرين ولم تخبرهم بأن يدفعوها لصاحبتها وهذا تفريط ظاهر منها.
وعليه فالواجب عليها التوبة إلى الله عز وجل وسؤال الأشخاص الذين وضعت عندهم العارية، فإن كانت موجودة أخذتها ودفعتها إلى صاحبتها، وإن كانت تلفت ضمنتها، فترد مثلها إن كان لها مثل أو قيمتها إن لم يكن لها مثل، كما جاء في المغني: يجب رد العارية إن كانت باقية بغير خلاف ويجب ضمانها إن كانت تالفة ... انتهى.
وإذا ردت إليها مثلها عند التلف فقد برئت ذمتها، ولا يجب عليها أن تخبر صاحبتها بأن هذه مثلها لا عينها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1428(12/4310)
جاحد العارية هل تقطع يده أم لا
[السُّؤَالُ]
ـ[نفيدكم بأن موضوع سؤالي هو كالتالي، أنني ذهبت إلى شخص في أحد أحياء الرياض وطلبت منه مساعدتي للحصول على قات فحضر معي وذهبنا إلى حارة أخرى فقال لي أعطني الجوال لكي أقوم بالاتصال على البائع فأعطيته، فذهب ولم يعد, سؤالي: هل لي الحق أن أطالبه في القسم بتهمة سرقة الجوال أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه بداية إلى أن تعاطي القات محرم، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 13241.
وأما بالنسبة لهذا الشخص الذي أخذ منك الجوال ولم يعده، فطالبه به، فإن جحد وأنكر أخذ الجوال منك فلا حرج في أن تشتكيه في قسم الشرطة وتخبر بما فعله، علماً بأن العلماء اختلفوا فيمن هذا حاله هل يعد سارقاً تقطع يده أم خائناً يكفي في حقه التعزير؟ بناء على اختلافهم في جاحد العارية هل يأخذ حكم السارق أم حكم الخائن؟ وعلى كل حال، فمن المعلوم أن حكم القاضي يرفع الخلاف في مسائل النزاع بين العلماء، فلك أن تقاضيه وتنظر ما تقضي به المحكمة.
ولعل من المناسب ها هنا من باب الفائدة أن نبين خلاف العلماء في هذه المسألة مع بيان الراجح، فنقول: قد اختلف العماء في جاحد العارية: هل يقطع أو لا؟ فذهب جمهور العلماء ومنهم الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك والشافعي: إلى أنه لا يقطع، وهو رواية عن الإمام أحمد، اختارها من أصحابه الخرقي، وأبو الخطاب، وصاحب الشرح الكبير، لقوله صلى الله عليه وسلم: ليس على خائن ولا منتهب، ولا مختلس، قطع. رواه أحمد والأربعة وصححه الترمذي.
وأجابوا عما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها: أن امرأة كانت تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها. بأن هذه المرأة ذكرت بجحد العارية للتعريف، لا لأنها قطعت من أجله، وقد قطعت لأجل السرقة، ولذا وردت لفظه (السرقة) في روايات الحديث، والرواية الثانية عن الإمام أحمد: أنه يقطع وهو المذهب عند الحنابلة. قال عبد الله بن الإمام أحمد: سألت أبي فقلت له: تذهب إلى هذا الحديث؟ فقال: لا أعلم شيئاً يدفعه. وبهذا القول قال إسحاق والظاهرية، وانتصر له ابن حزم.
واستدلوا بالحديث المتقدم في قصة المرأة التي كانت تستعير المتاع وتجحده، ووجه دلالة الحديث على ذلك واضحة فإن ظاهره هو أن القطع كان سببه جحد العارية، وجعلوا قوله صلى الله عليه وسلم: ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع. مخصصاً بغير خائن العارية، وهذا القول هو الراجح -إن شاء الله تعالى- فإنه لا يخفى أن المعنى الموجود في السارق موجود مثله في جاحد العارية، بل جاحد العارية أعظم، لأنه لا يمكن التحرز منه نظراً لحاجة الناس إلى العارية ومشقة الإشهاد عليها في كل مرة.
ولذا قال ابن القيم: ضرره -أي جاحد العارية- مثل ضرر السارق أو أكثر، إذ يمكن الاحتراز من السارق بالإحراز والحفظ. وأما العارية: فالحاجة الشديدة التي تبلغ الضرورة ماسة إليها، وحاجة الناس فيما بينهم إليها من أشد الحاجات ولهذا ذهب من ذهب من العلماء إلى وجوبها، وهو مذهب كثير من الصحابة والتابعين، وأحد القولين في مذهب أحمد.
فترتيب القطع على جاحدها طريق إلى حفظ أموال الناس، وترك باب هذا المعروف مفتوحاً. وأما إذا عُلم أن الجاحد لا يقطع فإنه يفضي إلى سد باب العارية في الغالب. وقال في موضع آخر: ولا فرق في المعنى بين من توصل إلى أخذ متاع غيره بالسرقة وبين من توصل إليه بالعارية وجحدها.
وقال الشوكاني: فالحق قطع جاحد الوديعة ويكون ذلك مخصصاً للأدلة الدالة على اعتبار الحرز. ووجهه أن الحاجة ماسة بين الناس إلى العارية، فلو علم المعير أن المستعير إذا جحد لا شيء عليه لجر ذلك إلى سد باب العارية وهو خلاف المشروع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1428(12/4311)
كيفية رد الذهب المستعار إذا ضاع
[السُّؤَالُ]
ـ[حياكم الله وجزاكم الله خيراً، سؤالي: توجد أخت قامت بإعارة ذهب لأخت لها في الله، لاستعادته بعد قضاء حاجتها به، ولكن رجعت هذه الأخت وأخبرتها بأن الذهب قد سرق منها، وقامت بشراء ذهب لها، ولكن يختلف في الوزن حيث إنه يتكون من عدة قطع، فهل يجوز أخذه حتى ولو اختلف في الوزن من حيث القلة أو الزيادة، أم ماذا تفعل، فأفيدونا وماذا تنصحوننا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم ضمان العارية إذا تلفت دون تعد أو تفريط ورجحنا وجوب ذلك في الفتوى رقم: 9287.
وبناء على ذلك فالواجب في ضمان هذه الحلي هو مثله إن أمكن وجود مثل له كما لو كان مصنوعاً عن طريق الآلات الحديثة التي تصنع أنواعاً متطابقة من الحلي، أما إذا لم يكن له مثل كما هو الغالب فالواجب هو ضمانه بقيمته من النقد المتعارف عليه، قال ابن قدامة في المغني: الحلي من الذهب والفضة وشبهه، والمنسوج من الحرير والكتان والقطن والصوف والشعر، والمغزول من ذلك، فإنه يضمن بقيمته، لأن الصناعة تؤثر في قيمته، وهي مختلفة، فالقيمة فيه أحصر، فأشبه غير المكيل والموزون ... وظاهر كلام أحمد يدل على ما قلنا.
وقال البهوتي في شرح منتهى الإرادات: ويقوم مصوغ مباح كحلي النساء من ذهب أو فضة إذا تلف أو أتلف عند غاصب أو من يضمنه وكانت قيمته تزيد على وزنه لصناعة بنقد من غير جنسه ويقوم تبر تخالف قيمة وزنه لنقص قيمته بنقد من غير جنسه، فإن كان ذهبا قوم بفضة وعكسه، لئلا يفضي تقويمه بجنسه إلى الربا.
وبهذا يتبين لك أن الواجب على هذه الأخت المعيرة أن ترد على المستعيرة ما أخذته منها من ذهب، وتأخذ منها قيمة ما أعارتها بالنقد المتعارف عليه بينكم، وإن تنازلت عن تضمينها واحتسبت ذلك عند الله فهو أعظم لأجرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1428(12/4312)
حكم إعارة السلم بشرط دهانه
[السُّؤَالُ]
ـ[باختصار شديد -استعرت من جار لي سلما لقضاء حاجة به بالمنزل عندي فقال لي أعيرك السلم بشرط أن تقوم بدهانه لي بعد أن تنتهي منه قبل أن تعيده لي- هل في ذلك شيء إذا قمت بدهانه، وإذا كان في ذلك شيء أرجو إدلاء النصح لي في كيفية التعامل مع ذلك الجار عند إعادة السلم له بدون دهان؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإعارة بشرط العوض تخرج عن كونها إعارة إلى أنها إجارة، وإذا خرجت إلى إجارة فهي إما أن تكون إجارة صحيحة أو فاسدة، فإذا اشترط المعير عوضاً معلوماً في عارية مؤقتة بزمن معلوم كانت إجارة صحيحة، وإن اشترط عوضاً معلوماً في عارية غير مؤقته بزمن معلوم فهي إجارة فاسدة، وللمعير عند ذلك أجرة المثل، جاء في كشاف القناع: وأن شرط المعير لها أي الإعارة عوضاً معلوماً في عارية مؤقتة بزمن معلوم صح ذلك وتصير إجارة تغليباً للمعنى كالهبة إذا شرط فيها ثواب معلوم كانت بيعاً، وإن قال أعرتك عبدي أو نحوه على أن تعيرني فرسك أو نحوه ففعلا فإجارة فاسدة غير مضمونة للجهالة لأنهما لم يذكرا مدة معلومة ولا عملاً معلوماً، قال الحارثي وكذا لو قال أعرتك هذه الدابة لتعلفها ... وإن عينا المدة والمنفعة صحت إجارة. انتهى.
وعليه فالتصرف الصحيح في المسألة المعروضة أن تحدد مدة الانتفاع بالسلم ونوع الدهان حتى تصبح إجارة صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(12/4313)
العارية هل هي مضمونة أم لا
[السُّؤَالُ]
ـ[استعرت سيارة من زميلي فعملت حادثا، نجوت ولله الحمد، وأنا الآن أصلح سيارة زميلي. سؤالي مع إصلاحها هل يلزمني أرش نقص قيمتها عن ثمنها قبل الحادث أم يكفي أن أصلحها فقط خاصة إن وجدت منه نوع شح وغضب. وإن أبى إلا أن أنقده ثمنها فما هو الأصل الذي نرجع إليه في تقويم السيارة: ثمنها قبل الحادث أم ماذا؟
أرجو الإجابة عاجلا للحاجة لذلك ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمستعير للشيء إذا فرط فيه أو تعدى ما أذن له في فعله فإنه يضمنه بلا خلاف، واختلف أهل العلم في ضمانه إذا حصل التلف من غير تعد ولا تفريط، وقد بينا مختلف أقوالهم في ذلك، ورجحنا أن عليه الضمان على كل حال، إلا في النقص الحاصل بسبب ما استعير له، ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 65886، وإذا قلنا بتضمين المستعير فإنه يضمن القيمة يوم حصول التلف على القول الذي نرى رجحانه وقيل يضمنها يوم استعارتها، قال ابن قدامة في المغني: فإذا قلنا لا يضمن الأجزاء فتلفت العين بعد ذهابها بالاستعمال فإنها تقوم حال التلف لأن الأجزاء التالفة تلفت غير مضمونة لكونها مأذونا في إتلافها، فلا يجوز تقويمها عليه، وإن قلنا يجب ضمان الأجزاء قومت العين قبل تلف أجزائها وإن تلفت العين قبل ذهاب أجزائها ضمنها كلها بأجزائها، وكذلك لو تلفت الأجزاء باستعمال غير مأذون فيه، مثل أن يعيره ثوبا ليلبسه، فحمل فيه ترابا، فإنه يضمن نقصه ومنافعه، لأنه تلف بتعديه، وإن تلف بغير تعد منه ولا استعمال كتلفها لطول الزمان عليها ووقوع نار عليها فينبغي أن يضمن ما تلف منها بالنار ونحوها، لأنه تلف لم يتضمنه الاستعمال المأذون فيه فأشبه تلفها بفعل غير مأذون فيه، وما تلف بمرور الزمان عليه، يكون حكمه حكم ما تلف بالاستعمال، لأنه تلف بالإمساك المأذون فيه فأشبه تلفه بالفعل المأذون فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1427(12/4314)
حكم من أخذت من أولادها مالا لأمر ما وصرفت منه على إحدى بناتها
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أسرة مكونة من أربع بنات وولد وكان لدى أبي قطعة أرض فأراد أن يبيعها ليبني عليها بيتاً لنا بدلاً من السكن، وبالفعل باعها واقترض من البنك وكانت والدتي الضامن له، وتمت خطوبة أختي الثانية فاضطرت والدتي لبيع قطعة الأرض الخاصة بها لتجهيز أختي وتكمل المنزل ثم توفي أبي ثم قامت والدتي بتسديد الديون وقدرها 6 آلاف من حقها من ميراث أبي وورثت كل بنت 3 آلاف والولد 6 آلاف، وأردنا أن نبني الطابق الثاني فأخذت من أخي 6 آلاف ومن أختي الكبيرة 3 آلاف ومني أنا وأختي الصغيرة ألفاً لكل منا ومن أختي المتزوجة ألفا ونصف وقالت إنها ملزمة بتشطيبه على حسابها، وفعلاً بدأت في دخول الكهرباء والماء وقامت بتجهيز أختي الكبرى لأنها لم تتزوج حتى الآن وقامت بتبليط المنزل من تحت، ولكن السؤال: هل أمي ترد لكل واحد منا ما أخذته منه أم تتركه وهي ملزمة بتجهيز كل واحدة منا ودفع شبكة أخي وجهازه، وهل ترد لأختي المتزوجة مبلغ الألف ونصف لها رغم أنها هي التي جهزتها، لأن لم يكن مع والدي غير مرتبه الذي يصرفه على مرضه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجهيز بيت الزوجية من واجبات الزوج، وليس على الزوجة ولا على أهلها شيء من ذلك، ولو جرى العرف على خلاف ذلك لكان عرفاً فاسداً، لأنه يصادم الشرع، والعرف المخالف للشرع لا اعتبار به.
لكن إذا رضي الناس بذلك فيما بينهم، دون إلزام من أحد الطرفين للآخر مع عدم رضاه، فهذا لا مانع منه، وبناء على هذا فلا يجب على الأم تجهيز جميع البنات، كما لا يجب عليها شراء الشبكة لابنها (والشبكة: هي الذهب الذي يهديه الزوج لزوجته قبل الدخول كما هو عرف أهل مصر) ، ولمعرفة المزيد عن حكم الجهاز الذي تجهز به البنت، راجعي الفتوى رقم: 31057. وللمزيد من الفائدة والتفاصيل راجعي الفتوى رقم: 57758، والفتوى رقم: 44741.
أما المال الذي أخذته الأم لإتمام بناء البيت وتجهيزه وجهزت منه إحدى البنات فلا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن تكون أخذت هذا المال مع تعهدها برده إلى الأبناء مرة أخرى عند يسرها، فيكون هذا المال ديناً ثابتاً في ذمتها يجب عليها رده إذا أيسرت.
الحالة الثانية: أن تكون أخذت هذا المال دون التزام برده إلى الأبناء، وهذا لا مانع منه إذا كان جميع أبنائها بالغين رشداء، أما إذا كان فيهم من لم يبلغ أو بلغ ولم يرشد فالمال الذي أخذته الأم منه ممن لم يبلغ راشداً مضمون عليها؛ إلا إذا كان إنفاقه في مصلحته ونفعه، وذلك بشرط موافقة الولي، سواء كانت هي الولي أو غيرها.
هذا بالنسبة لما هو وارد في السؤال، أما بالنسبة لتقسيم التركة فلم يتضح لنا إن كانت قسمتكم لها صحيحة أم غير صحيحة، وعلى كل حال فالأم لها من التركة الثمن لوجود الفرع الوارث، ويقسم الباقي بين البنات الأربعة والذكر، وللذكر مثل حظ الأنثيين، والأولى في مثل هذا الرجوع إلى المحاكم الشرعية المختصة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1427(12/4315)
حكم سداد قيمة البناء عندما يغادر الباني المبنى
[السُّؤَالُ]
ـ[نظرا لغلاء الأراضي المهيأة للبناء وبما أن لي بيتا بطابق أرضي فقط في مكان راق فقد اقترح علي صديق أن يتكفل بمصاريف بناء طابق علوي فوق مسكني ليقيم فيه على أن يغادره عندما أدفع له المبلغ الذي صرفه في البناء دون أي فلس زيادة ولو كان ذلك بعد سنين طويلة. أي أن تكلفة البناء ترتفع من سنة إلى أخرى وهو لن يأخذ مني سوى ما دفعه حين البناء.
أليس في هذه المعاملة ربا.
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أبحت لصديقك البناء على ملكك بطريق الإعارة المطلقة عن الزمن، وما اتفقتما عليه من سداد ثمن البناء بالصورة المذكورة لا يصح لما فيه من الجهالة والغرر الواضحين.
والراجح في الإعارة المطلقة للعقار أنه يجوز للمعير (المالك) استردادها متى شاء على أن يدفع للمستعير قيمة البناء قائما لا منقوضا، وهذا ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة على النحو الذي بيناه في الفتوى رقم: 65439.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1426(12/4316)
حكم المباني وغيرها على الأرض المعارة عند استرداد صاحبها لها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا أكبر إخواني متزوج وعندي أولاد كنت أسكن مع والدي وإخواني في الريف وصلت لي مضايقة لي ولأسرتي وأولادي فطردت عائلتي وبقي الأولاد فاضطررت إلى ترك المنزل والانتقال للمدينة حيث يملك والدي أرضا لم يكتمل البناء فيها فأخذت الإذن من والدي فأذن لي شفويا بالقيام باستكمال تجهيزها للسكن والإيجار من داخلها وخارجها وإيصال خدمات المياه والكهرباء وغيره فأتممت ذلك العمل على مراحل لمدة أربع سنوات واستأذنت والدي في نقل أسرتي والسكن فيه ولقد كلفني ذلك مبلغا كبيرا من المال على حساب راتبي الخاص ومحل تجاري صغير خاص بي وكوني أصبحت أنا الساكن في المنزل كان علي الإشراف والصيانة لباقي الأرضية والمدافعة عنها من آخرين.وبعد مرور فترة من الزمن قمت بتجهيز دكان وتأجيره بغرض تسديد فواتير الكهرباء وغيرها.
وحصل ذات يوم سوء تفاهم مع إخواني بغرض إحراجي أمام والدي وذلك بطلب أخذ مفاتيح الدكان المؤجر من قبلي فرفضت ذلك وطلبت محاسبتي في التكاليف والأغرام والأتعاب المقدمة من جهتي في هذا البناء ولا مانع بعد ذلك من تسليم الكل إلى والدي فقط وبحيث إني أضمن إعطائي مالي وأستطيع بناء منزل لي في أي مكان أخر
مع العلم أن والدي مطلع بأغرامي المقدمة من جهتي.
وبحكم وجود الوالد أتحرج من مطالبته بتكاليف وأغرام العمل الذي قمت به..حيث وأنا بدأت أخاف من ضياع أموالي واستقرار أولادي مستقبلا أو الدخول بمهاترات مع إخواني سواء بوجود والدي أو بعدم وجوده.
وسؤالي هو كالتالي:----
1) هل يحق لي تمسكي بهذا البناء حتى أضمن سداد حقوقي؟
2) هل يحق لي البناء على ملك والدي بعد إذنه لي ورضاه بذلك؟
3) ما مصير مجمل أعمالي وأتعابي وأموالي المقدمة إذا توفي والدي لا قدر الله؟
أرجو إنارتي في توضيح ما تقدم بشكل واف....؟
مع إيضاح الوضع القانوني والشرعي الذي بموجبه تحفظ لي حقوقي بوجود والدي وبعدم وجوده ... ؟
وجزاكم الله خير الجزاء.... ... ... وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إذن أبيك لك بالبناء على أرضه دون تصريح بتمليكها لك يعد في العرف عارية، والعارية قسمان: مؤقتة وغير مؤقتة، وبما أنه لم يشترط عليك الانتفاع بالبناء على الأرض مدة معينة فتكون العارية هنا مطلقة، وقد اختلف الفقهاء في حكم قيمة البناء إذا كانت العارية مطلقة، فذهب الأحناف إلى أنه يحق للمالك أن يخرج المستعير من أرضه سواء كانت العارية مطلقة أو مؤقتة. قال مؤلفو الفتاوى الهندية: غير أنها إن كانت مطلقة له أن يجبر المستعير على قلع الغرس ونقض البناء وإذا قلع ونقض لا يضمن المعير شيئا من قيمة الغرس والبناء، كذا في البدائع، فإن كانت الأرض بحال تنقص بذلك إن رضي المعير بالنقص قلعهما، وإن طلب المستعير أن يضمن المعير قيمة البناء والغرس مقلوعا فإنه لا يجبر على ذلك ويكلفه القلع، وإن لم يرض أن يسترد الأرض ناقصة ضمن له قيمة البناء والغرس مقلوعا غير ثابت، ولا يلتفت إلى قول المستعير، كذا في المضمرات. اهـ.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن العارية المطلقة للبناء أو الغرس يجوز للمعير استردادها متى شاء، لكن لا يكلف المستعير بقلع الشجر أو هدم البناء إذا كان ذلك سيؤدي إلى نقص قيمته- وهذا هو الغالب- وللمعير في هذه الحالة أخذه مع دفع قيمته قائما لا منقوضا، وله قلعه مع ضمان النقص للمستعير، أما إذا كان ذلك لا يؤدي إلى نقصه فالواجب قلع الغرس وهدم البناء لتعاد الأرض إلى مالكها كما كانت.
قال زكريا الانصاري في روض الطالب وهو شافعي: وما بني وغرس قبل الرجوع من المعير إن لم ينقصه القلع قلع وإن نقصه فلا يقلع مجانا لأنه محترم أي لا يلزم المستعير القلع مجانا ولا يلزمه القلع مجانا ولا التسوية للأرض إلا باشتراط. اهـ.
وقال البهوتي في دقائق أولي النهى وهو حنبلي بعد أن ذكر كلاما قريبا مما نقلناه عن الشافعي: فإن أمكن القلع من غير نقص أجبر عليه مستعير، ومتى لم يمكن قلعه بلا نقص وأباه مستعير فللمعير أخذه أي الغراس أو البناء بأن يتملكه بقيمته قهرا عليه كالشفيع ولو مع دفع مستعير قيمة أرض لأنها أصل والغراس أو البناء تابع.. ولمعير قلعه أي الغراس والبناء، ويضمن المعير نقصه جمعا بين الحقين. اهـ.
وذهب المالكية إلى أنه يجبر المستعير على القلع أو الهدم، وليس له إلا قيمته منقوضا، فقد نقل المواق في التاج والإكليل عن ابن مزين أنه قال: من قال لابنه اعمل في هذا المكان جنانا أو ابن فيه دارا ففعل الابن في حياة أبيه وصار الأب يقول جنان ابني فإن القاعة لا يملكها الابن بذلك وتورث عن الأب وليس للابن إلا قيمة عمله منقوضا. اهـ.
والفرق بين قيمة البناء منقوضا وقائما يختلف باختلاف الزمان، فقد ينقض البناء ولا ينقص من ثمنه إلا القليل مثل الأبنية التي يمكن فصل أجزائها دون تلف كالأبنية الحديثة الجاهزة ونحو ذلك.
والراجح مما ذكرنا والله أعلم هو ما ذهب إليه علماء المذهبين الشافعي والحنبلي، فيكون للأب وحده حق المطالبة بالأرض على أن يدفع لولده كلفة الأبنية لتي أنشأها بها له وتقدر قيمتها قائمة لا منقوضة، وذلك يقدره أهل الخبرة والمعرفة بذلك، فإن أبى إلا الهدم ضمن النقص الحاصل بسبب ذلك جمعا بين الحقين كما ذكر الحنابلة أي حق المعير والمستعير، وليس لإخوانك مطالبتك بشيء لأن الأرض ملك أبيك ولا شيء لهم فيها، وراجع الفتوى رقم: 32937 والفتوى رقم: 43052.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1426(12/4317)
الانتفاع بالكتب بغير إذن مالكها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرف صديقا لي يعمل بمكتبة تقوم ببيع الكتب تابعة لأحد الصحف القومية فهل يجوز أن أستعير منه بعض الكتب للقرءه ثم أقوم بإعادتها إلى المكتب.
جزاكم الله عن خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الأمر يرجع فيه إلى نظام المكتبة، فإن كان النظام يسمح بإعارة الكتب وبإخراجها من المكتبة ـ وهو أمر مستبعد في الكتب المرادة للبيع ـ فلا حرج على صديقك في إعارتها لك لتستفيد منها. وعليه أن يستأذنهم في السماح لك بمطالعتها، فإن لم يسمحوا، أو لم يكن النظام ـ أصلا ـ يسمح بذلك فلا يحق لك أن تستفيد منها بغير إذن، لأن الانتفاع من الشيء لا يجوز بغير إذن مالكه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1426(12/4318)
حكم منع الماعون
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز منع الماعون إذا كان فيه ضرر عليَّ أنا وأنا في حاجة إليه مثل آلة صيانه وغير ذلك. جزاكم الله كل خير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن منع الماعون من الصفات والأعمال التي ذم الله أصحابها وتوعدهم بالويل. فقال: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ* الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ {الماعون: 4ـ7} . وأما الضرر الذي ذكرت واحتياجك إلى الماعون فإنه يسوغ لك منعه. فإذا انتهت حاجتك وانتفى الضرر الذي تخافه فعليك أن تعيره وقد اختلف العلماء في وجوب الإعارة وندبها، فذهب الجمهور إلى أنها مندوبة وأوجبها بعضهم. قال ابن رجب في القواعد: القاعدة التاسعة والستون: ما تدعو الحاجة إلى الانتفاع به من الأعيان ولا ضرر في بذله لتيسره وكثرة وجوده أو المنافع المحتاج إليها، يجب بذله مجانا بغير عوض في الأظهر. وفي الموسوعة الفقهية: اختلف الفقهاء في حكم الإعارة بعد إجماعهم على جوازها، فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى أن حكمها في الأصل الندب لقوله تعالى: وَافْعَلُوا الْخَيْر {الحج: 77} ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: كل معروف صدقة. وليست واجبة لأنها نوع من الإحسان لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أديت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك. وقوله: ليس في المال حق سوى الزكاة. وقيل هي واجبة واستدل القائلون بالوجوب، بقوله تعالى:: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ* الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ {الماعون: 4ـ7} ، نقل عن كثير من الصحابة أنها عارية القدر والدلو ونحوها. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 15013، 37626، 9287، 22651.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1425(12/4319)
حكم تلف المستعار في يد المستعير
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ماذا علي أن أفعل إذا أفسدت شيئاً استعرته من صديق؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تلف المستعار في يد المستعير وكان سبب التلف الاستعمال المأذون به من صاحب العارية فلا ضمان، كأن يستعير ثوباً فيبلى بسبب اللبس أو سيارة فتنفجر عجلتها بمشي معتاد، وأما إذا تلفت في غير الاستعمال المأذون به، فالمستعير ضامن فرط أم لم يفرط، وانظر الفتوى رقم: 9287.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1424(12/4320)
ينبني الحكم على حسب الإعطاء هل هو عارية أم هبة
[السُّؤَالُ]
ـ[يملك جدي قطعة أرض وله فيها ثلاثة أخماس 3/5 ويملك أبي الخمس 1/5 ويملك عمي الخمس 1/5 وقد قام عمي ببناء منزل على جزء من قطعة الأرض بعد أن تنازل له جدي عن ذلك الجزء لكي يقيم المنزل في عام 1987 تقريباً وقام عمي بعد ذلك بإحاطة ذلك المنزل بسياج مساحته أكبر من المنزل بأضعاف وقد أقام عمي بذلك المنزل ومعه جدي والآن ستتم القسمة فكيف نتصرف؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان جدك قد أعطى عمك هذه القطعة من الأرض ليبني عليها إعارة فيترتب عليها حكم العارية، فإن كانت مؤقتة بأجل، فإنه ينتفع بها حتى ينقضي الأجل، وإن كانت مطلقة غير مقيدة بوقت فيرجع إلى المعتاد في مثلها، فينتفع بها على ما جرى به العرف والعادة، ولا يجوز له بعد ذلك الانتفاع بها، بل حكمه حكم الغاصب. قال عليش في "منح الجليل" تعليقًا على قول خليل: وإن انقضت مدة البناء والغرس فكالغصب (في تخيير مالكها في تكليف الباني والغارس بقلع بنائه وغرسه، ونقل نقضه وتسوية الأرض، ودفع قيمته مقلوعًا لبانيه وغارسه مطروحًا منها أجرة القلع والتسوية، إن كان الباني والغارس لا يتولاهما بنفسه ولا بخدمه) . اهـ
هذا فيما إذا كان الأمر على سبيل العارية. أما إن كان على سبيل الهبة فيترتب عليه حكم الهبة، فإن كان جدك أبًّا لأبيك وعمك فوهب عمك هذه القطعة من الأرض دون رضا أبيك وغيره من أولاده، فلا تجوز هذه الهبة؛ لأن الراجح وجوب التسوية بين الأولاد في العطية، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 1242.
ويستثنى من هذا ما إذا كان تفضيله لسبب كمرض أو كثرة عيال أو نحو ذلك، فتصح الهبة في هذه الحالة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 6242.
وإن كان جدك ليس أبًّا لأبيك وعمك - كأن يكون جدك من أمك مثلاً - فالهبة صحيحة، ويشترط لنفاذها وقوعها في حال الصحة، وحيازة عمك لها الحوز المعتبر شرعًا، برفع جدك يده عنها وتصرف عمك فيها، كما سبق أن بيَّنَّا في الفتوى رقم: 10390.
وخلاصة الأمر أن هذه القطعة من الأرض إن كانت على سبيل العارية أو كانت هبة على وجه غير شرعي، فلا تزال في ملك جدك، وتكون القسمة على ما هي عليه أولاً، وإن كانت هبة على الوجه المشروع زاد نصيب عمك بقدر هذه الهبة، ونقص نصيب جدك بقدرها، ويبقى نصيب أبيك على الخمس.
وننصح بمراجعة المحاكم الشرعية في مثل هذه الأمور فإنها أدرى بالملابسة التي لا يستغني عنها من أراد الفصل فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1424(12/4321)
من أحكام ما يستعيره الجيران من بعضهم
[السُّؤَالُ]
ـ[جارتي دائما تطلب مني شيئا باسم الإعارة مثلا أعيريني خبزاً أو أعيريني بيضاً..إلخ وبعدها لا تعيد ما تأخذه بل تستمر في الطلب وبنفس الأسلوب وحصل هذا عشرات المرات مع العلم بأن الحالة المادية لنا ولهم نفس الشيء.
سؤالي 1- هل تأثم هي لطلبها باسم الإعارة وعدم إرجاعها لما تأخذه؟
2- هل علي أخذ إذن زوجي قبل إعطائها شيئاً من البيت؟
3ـ هل يعتبر ذنباً علي إذا ما قلت لها ليس عندي وأنا في الحقيقة عندي حفاظا على مال زوجي؟
مع الإشارة إلى أن السوق قريبة جدا منا وزوجها إما في البيت أو لاهٍ مع أصدقائه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما تأخذه جارتك منك إما أن يكون مما ينتفع به ويبقى أصله فهذا يسمى عارية، ويجب على المستعير رد ما استعاره؛ لقول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58] .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك. رواه أبو داود والترمذي وصححه الحاكم وحسنه.
وإما أن يكون مما يتلف بالاستعمال فهذا يسمى قرضاًَ، ويجب التعجيل بقضائه؛ لما ثبت في البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله.
أما ما ذكرته من إعطائك بدون استئذان زوجك فلا يجوز لك أخذ أي شيء من ماله بغير إذنه إلا إذا كان ما يعطيك لا يكفيك وولدك، فحينئذ تأخذين بالمعروف لقول النبي صلى الله عليه وسلم لهند بنت عتبة حين قالت له إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه.
أو كانت أشياء حقيرة جرى العرف بأن النساء يتصرفن فيها بدون استئذان أزواجهن.
وأما كذبك عليها فيمكنك أن تُعَرِّضي إذا كانت طلبات هذه المرأة تضر بكم لأن في المعاريض مندوحة عن الكذب.
وراجعي في المعاريض الجواب رقم:
7758.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1424(12/4322)
الأحوال التي يحق لمن أعار أرضا للزراعة أن يستردها
[السُّؤَالُ]
ـ[استعار رجل من شخص أرضا ليزرعها فطلب المعير أن يردها قبل حصادها. ما الحكم؟ ولماذا؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان قد أعاره الأرض ليزرعها أو أعاره دون أن يشترط عليه نوعا معيناً من الانتفاع، فلا يحق له الرجوع في هذه العارية قبل وقت الحصاد إلا في حالتين:
-الحالة الأولى: أن يبذل للمستعير أرش النقص بأنه يعوضه عما سيصيب الزرع من ضرر من جراء قلعه قبل أوانه، فإن بذل الأرش، جاز له الرجوع، ويجبر المستعير على قلع زرعه، لأن للمعير الرجوع في عاريته متى أراد ما لم يضر بالمستعير بغير حق، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك.
-والحالة الثانية: أن يكون الزرع مما يحصد قصيلاً كالنعناع والكسبرة وما شابه ذلك، فعلى المستعير أن يحصد زرعه متى أراد المعير استرداد أرضه لأنه لا يلحق بالمستعير ضرر في تلك الحالة.
وهاتان الحالتان فيما إذا أعاره الأرض ليزرعها أو أعاره إياها بدون شرط نوع معين من الانتفاع، أما إذا كان قد شرط عليه نوعا معيناً من الانتفاع، كأن يكون قد اشترط عليه أن لا يزرعها أكثر من مرة فزرعها مرتين أو أن يزرعها فولاً فزرعها قطناً، فله الرجوع متى أراد دون أن يبذل تعويضاً، ويجبر المستعير على قلع زرعه لأنه خالف شرط المعير، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: من أحيا أرضاً ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق. رواه أحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1423(12/4323)
حكم ضمان العارية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
لقد أعرت حليا من ذهب -حزام ذهبي - إلى ابنة خالتي لما تزوجت وذلك بطلب من خالتي لكن سرق منها أثناء العرس، فغضبت منهم كثيرا واعتبرت ذلك تقصيرا في حفظ الأمانة خاصة أن الحلي ثمين جدا ولا يمكنني تعويضه.
فوعدتني ابنة خالتي بالتعويض وفعلا عوضتني بحلي يشبهه.
أريد أن أسال عن رأي الدين في هذا التعويض أي هل هذا الحلي هو حلال علي، لأنني لا أشعر بالاطمئنان ولم أستطع لبس هذا الحلي ولا بيعه ولا حتى النظر إليه، بالإضافة إلى أن هذا الحلي كان سببا في قطع العلاقة بيننا وبين خالتي.
أرجوكم أنتظر الرد في أقرب الآجال لأنني قلقة جدا وفي الأخير أتمنى لكم التوفيق والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وجوب ضمان العارية إذا تلفت أو ضاعت وهي في يد المستعير مختلف فيه بين أهل العلم، فروي عن ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهم، وهو مذهب أحمد والشافعي وإسحاق وعطاء وجوب ضمانها على المستعير، سواء أتعدى في الاستعمال والحفظ، أم لم يتعد فيهما.
وذهب الثوري وأبو حنيفة ومالك والأوزاعي، وهو قول الحسن والنخعي والشعبي وعمر بن عبد العزيز إلى أنه لا يجب ضمانها إلا بالتعدي.
والراجح - والله أعلم - هو المذهب الأول، لما رواه أبو داود عن صفوان بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه أدرعاً يوم حنين، فقال أغصباً يا محمد؟ قال: "بل عارية مضمونة".
ولما رواه أبو داود والترمذي عن سمرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "على اليد ما أخذت حتى تؤديه"، ولأنه كما قال ابن قدامة: (أخذ ملك غيره لنفع نفسه منفرداً بنفعه من غير استحقاق ولا إذن في الإتلاف، فكان مضموناً، كالغصب والمأخوذ على وجه السوم) .
وعليه، فلا حرج عليك فيما أخذت من ابنة خالتك مقابل ذهبك، سواء أخذت قيمته، أو مثله، فإن هذا حق لك.
ولكن لا تجوز القطيعة بينكما، فإن قطيعة الرحم من أكبر الذنوب، وبادري أنت بالإحسان إليهم والزيارة لهم، ولو كانت القطيعة من قبلهم، وانظري لهذا الأمر جواب السؤال برقم: 4417.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1422(12/4324)
يجوز تقاضي أجر من تلاميذ في مدرسة أرضها وقف
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة تريد أن توقف أرضا لجمعية خيرية لبناء مدرسة شرط وضع لوحة أن الأرض وقف عن روح أمها هل يجوز للمدرسة أن تتقاضى أقساطا من التلاميذ؟ هل يتعارض مع أحكام الوقف أن تتقاضى الجهة الموقف لها أجرا لقاء الخدمات المقدمة علما أن الأرض فقط هي الموقوفة وقد بحثت في الأسئلة المتوفرة في موقعكم ولم أجد مماثلا لسؤالي. جزاكم الله الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في ذلك، لأن لهذه الجمعية الخيرية أن تنتفع بهذه الأرض الموقوفة عليها، بما يمكن من وجوه الانتفاع، ومما يدخل في ذلك، أن تنتفع بها ببناء مدرسة عليها وتتقاضى أجرا من التلاميذ، يصرف في أنشطتها الخيرية. ولا حرج في أن تشترط الواقفة وضع لوحة تفيد بأن الأرض وقف على روح أمها، لأن ذلك شرط مباح والظاهر أنها تريد من ذلك أن يترحم الناس على أمها، وراجع الفتوى رقم: 8042.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1425(12/4325)
الحبس: لغة وشرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود من الحبوس أو الحبس؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحبس له عدة معان منها: المنع، والإمساك، ومنها السجن، ومن معانيه الوقف.
وهو في الشرع: حبس الأصل، وتسبيل الثمرة. أي: حبس المال وصرف منافعه في سبيل الله، فالحبس إذاً والوقف مترادفان شرعاً ولغة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1423(12/4326)
شروط صحة بيع المسجد لاستبداله بآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أقيم في مدينة أجنبية بها مسجد وحيد, القائمون عليه يفكرون في بيعه لشراء مكان أوسع للمستقبل، علما بأن المسجد الحالي يسع المصلين في جميع الصلوات, ويكون ممتلئاً تماما في صلاة الجمعة.
يفكرون في الاقتراض (بدون ربا) وتسديد المبلغ لاحقاَ بعد بيع المسجد.
هل يجوز هذا, رجاء الإيضاح مع تحديد شروط القيام بهذا العمل إن كان جائزا.
جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن بنى مسجداً وأذن للناس في الصلاة فيه، خرج عن ملكه وصار وقفاً لله تعالى، لا يجوز له بيعه إلا إذا تعطلت منافعه، كمسجد انتقل أهل القرية عنه، أو ضاق بأهله ولم يمكن توسيعه في موضعه، فيباع حينئذ ويجعل ثمنه في مسجد آخر.
وهذا ما ذهب إليه الحنابلة. قال ابن قدامة في المغني: (وجملة ذلك أن الوقف إذا خرب وتعطلت منافعه، كدار انهدمت أو أرض خربت، ولم تمكن عمارتها، أو مسجد انتقل أهل القرية عنه، وصار في موضع لا يصلى فيه، أو ضاق بأهله ولم يمكن توسيعه في موضعه…) إلى أن قال: (…وإن لم تتعطل منافع الوقف بالكلية لكن قلَّت، وكان غيره أنفع منه وأكثر، رد على أهل الوقف، ولم يجز بيعه، لأن الأصل تحريم البيع، وإنما أبيح للضرورة صيانة لمقصود الوقف عن الضياع، مع إمكان تحصيله، ومع الانتفاع -وإن قل- ما يضيع المقصود، اللهم إلا أن يبلغ في قلة النفع إلى حد لا يعد نفعاً، فيكون وجود ذلك كالعدم) انتهى كلام ابن قدامة.
وذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي إلى أن المسجد لا يباع مطلقاً.
وأفتى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بجواز إبدال المسجد للمصلحة؛ وإن أمكن الانتفاع بالأول، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
6608 والفتوى رقم:
والله أعلم. 6609
وعليه، فإذا كان المسجد الحالي يسع المصلين فلا يجوز بيعه، وكذا إن ضاق عن المصلين وأمكن توسيعه في موضعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1423(12/4327)
وقف مقبرة للفقراء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل بناء المقابر للفقراء والمساكين ورد فيه أحاديث من رسول الله، أم هو معروف واجتهاد من المسلمين ليكون صدقه جارية، وهل له ثواب وأجر كبير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا مراد السائل ببناء القبور، فإن كان قصده البناء داخل القبر حيث يوضع الميت أو البناء فوقه فكل ذلك لا يجوز شرعاً وفاعله آثم ... فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البناء على القبور وتجصيصها.. ففي صحيح مسلم وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه. ولذلك فإن على المسلم الابتعاد عن البناء على القبور.
أما إذا كان قصده بالبناء عمل اللبن الذي يجعل في الشق فوق الميت أو الألواح التي يسد بها اللحد.. فإن ذلك يعتبر صدقة ولفاعله الأجر والثواب عند الله تعالى.
وإن كان قصدك تحبيس الأرض ووقفها لتكون قبورا للفقراء والمساكين فهذا من أعمال الخير التي نرجو أن تكون داخلة في الصدقة الجارية، وقد ورد الحث على فعل الخير في عموم نصوص الشرع الكثيرة، فمن ذلك قول الله تعالى: ... وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {الحج:77} .
ولم نقف على حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خاص بهذا النوع من أعمال الخير.
وللمزيد انظر الفتوى رقم: 108842 وما أحيل عليه فيها، وانظر لمعرفة حكم بناء الفساقي على القبور الفتوى رقم: 20280.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1429(12/4328)
متى تكون الصدقة جارية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر تقديم التبرعات للمراكز الإسلاميه والقرآنية صدقة جارية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه التبرعات تدفع فيما له أصل يدوم الانتفاع به، بحيث يبقى أصله وتنفق عوائده في أعمال الخير، فهو من الصدقة الجارية وهي من أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث، إلا من صدقة جارية، وعلم يتفع به، وولد صالح يدعو له. رواه مسلم عن أبي هريرة. وروى ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علماً علمه ونشره، وولداً صالحاً تركه، ومصحفاً ورثه، أو مسجداً بناه، أو بيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته. والصدقة الجارية هي الوقف، والوقف ما حبس أصله وسبلت منفعته، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: أصاب عمر أرضاً بخيبر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليستأمره فيها، فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه، فما تأمرني به؟ قال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها. الحديث متفق عليه. أما إذا أنفق أصل المال المتبرع به فيكون صدقة ولكنها ليست جارية. ولكن من أنفق مالا على طلاب العلم فله إن شاء الله تعالى أجر ما عَلِموه وعلَّموه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1425(12/4329)
الصدقة الجارية محمولة على الوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يشترط في الصدقة الجارية أن يقوم بها الإنسان قبل وفاته؟ كأن يقوم ببناء مسجد قبل وفاته، أم يمكن أن يقوم بها والديه أو إخوته أو أبنائه أو زوجته بعد وفاته كبناء مسجد أو شراء مصاحف وإهدائها للمسجد، فعلى حد معلوماتي المتواضعه أن الصدقه العادية هي ما أخرجت مرة واحدة على روح المتوفى كالتصدق بالمال مرة واحدة أو أكثر، أما الصدقة الجارية على روح المتوفى فالأصل فيها الاستمرار كبناء مسجد أو مستشفى أو وقف مثلاً، سواء قام بها الإنسان قبل وفاته أم أوصى بها أو قام بها أقاربه بعد وفاته، وما هو معيار التفرقه بين الصدقة العادية والصدقة الجارية على روح المتوفى؟ وكيف تكون الصدقة الجارية على روح المتوفى من جانب أقاربه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ورد ذكر الصدقة الجارية في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له.
وقد حمل أهل العلم الصدقة الجارية على الوقف لأنه يحبس أصله ويتصدق بمنفعته، فيظل أصله باقياً وهذا هو سر تسميته بالصدقة الجارية، ففي أسنى المطالب وهو في الفقه الشافعي: والصدقة الجارية محمولة عند العلماء على الوقف كما قال الرافعي، لا على الوصية بالمنافع لندرتها.
ولا يشترط في هذا الوقف أن يوقفه الإنسان بنفسه؛ بل ينتفع به ولو أوقفه له غيره، ففي أسنى المطالب أيضا: الدعاء للميت من وارث وأجنبي ينفع الميت، وكذا ينفعه الوقف والصدقة عنه وبناء المساجد وحفر الآبار ونحوها، كما ينفعه ما فعله من ذلك في حياته. انتهى.
والصدقة غير الجارية هي ما يتصدق بها دون أن يحبس أصلها كالصدقة بالمال وغيره، وتراجع للمزيد من الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10668، 8132، 32151.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(12/4330)
الوقف ينعقد باللفظ الصريح وبالكناية مع النية
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يتم الوقف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالوقف يكون باللفظ الصريح أو بالكناية مع النية، قال ابن قدامة في المغني: ألفاظ الوقف ستة، ثلاثة صريحة، وثلاثة كناية، فالصريحة: وقفت، وحبست، وسبلت، متى أتى بواحدة من هذه الثلاث، صار وقفاً من غير انضمام أمر زائد، لأن هذه الألفاظ ثبت لها عرف الاستعمال بين الناس، وانضم إلى ذلك عرف الشرع، بقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: إن شئت حبست أصلها، وسبلت ثمرتها.
فصارت هذه الألفاظ في الوقف كلفظ التطليق في الطلاق، وأما الكناية فهي: تصدقت، وحرمت، وأبدت، فليست صريحة، لأن لفظة الصدقة والتحريم مشتركة، فإن الصدقة تستعمل في الزكاة والهبات، والتحريم يستعمل في الظهار والأيمان، ويكون تحريماً على نفسه وعلى غيره، والتأبيد يحتمل تأبيد التحريم، وتأبيد الوقف، ولم يثبت لهذه الألفاظ عرف الاستعمال، فلا يحصل الوقف بمجردها، ككنايات الطلاق فيه.
فإن انضم إليها أحد ثلاثة أشياء، حصل الوقف بها: أحدها: أن تنضم إليها لفظة أخرى تخلصها من الألفاظ الخمسة، فيقول: صدقة موقوفة، أو محبسة، أو مسبلة، أو مؤبدة.
الثاني: أن يصفها بصفات الوقف، فيقول: صدقة لا تباع، ولا توهب، ولا تورث، لأن هذه القرينة تزيل الاشتراك.
الثالث: أن ينوي الوقف، فيكون على ما نوى، إلا أن النية تجعله وقفا في الباطن دون الظاهر، لعدم الاطلاع على ما في الضمائر، فإن اعترف بما نواه لزم في الحكم، لظهوره، وإن قال: ما أردت الوقف، فالقول قوله لأنه أعلم بما نوى. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1424(12/4331)
حكم بيع البناء الوقفي وبناء مسجد بثمنه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي جدي منذ 10 سنوات، وقد أوصاني بأن عنده دارا قديمة بها صنبور مياه ينتفع بها الجيران أن تبقى وقفا عليها، لكن الجيران كلهم استغنوا عن الصنبور، وصار عندهم كفاية من الماء، وقد خف فيها الماء أيضا، فهل تعتبر الدار كلها وقفا.
وكذلك له محل طلب مني بيعه والتصدق بثمنه، فأشرت عليه كراءه والتصدق بالكراء فوافق، ومات على هذا، وبما أنها بنايات قديمة جدا آيلة للسقوط، فهل يجوز بيعها وادخار ثمنها في بناء مسجد مثلا.
أريد التكرم بالإجابة على هذا السؤال المُلِّح مع تَقديم الشُكر والتّقدير مُسبقاً حَفِظكُم الله!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن البناء القديم يجوز بيعه إذا خيف عليه السقوط أو تعطلت منفعته، ويصرف ثمنه في مصلحة الوقف. وينبغي التشاور مع القاضي الشرعي النزية الفقيه إن وجد، وذلك للنظر في الأصح، فإن كان صرف الثمن في المسجد أصلح فلا بأس به، وإلا فيصرف في سقاية المسلمين. وأما الدار المؤجرة فينبغي صرف ثمنها في دار تؤجر ويتصدق بريعها.
قال شيخ الإسلام في الفتاوى: إذا تعطل الوقف فإنه يباع ويشتري بثمنه ما يقوم مقامه في مذهب أحمد وغيره.... وقد جوز أحمد إبدال مسجد بمسجد آخر للمصلحة، كما جوز تغييره للمصلحة، واحتج بأن عمر بن الخطاب أبدل مسجد الكوفة القديم بمسجد آخر وصار المسجد الأول سوقا للتمارين. وجوز أحمد إذا خرب المكان أن ينقل المسجد إلى قرية أخرى، بل ويجوز في أظهر الروايتين أن يباع ذلك المسجد ويعمر بثمنه مسجد آخر في قرية أخرى، إذا لم يحتج إليه في القرية الأولى. انتهى.
ونقل الرحيباني عن شيخ الإسلام أنه يجوز تغيير شرط واقف لما هو أصلح منه، فلو وقف على فقهاء واحتيج للجهاد صرفه للجند. انتهى.
وراجع الفتويين رقم: 67306، 72630.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(12/4332)
هل للعم وقف شقة يملكها أولاد أخيه الأيتام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسؤول عن تصريف أمور أولاد أخي يرحمه الله، لديهم عمارة وأبلغوني أنهم يريدون أن يوقفوا شقة للسكن لفقير عن طريق جمعية البر. سؤالي: هل يمكن أن أعتبر أن ما يعادل إيجار الشقة من الزكاة التي يحل عليها الحول، بمعنى أنه إذا كان عليهم إخراج 5000 خمسة الآف ريال زكاة أعتبر أن الشقة الموقوفة إيجارها قبل الوقف 10000 ريال تكون الزكاة وما تبقى صدقة. فأفتونا مشكورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن أولاد أخيك غير رشداء ومن ثم لا يصح الوقف منهم لكونهم ليسوا أهلاً للتبرع لصغرهم ولا يصح أن توقف أنت بالنيابة عنهم، لأنه لا يجوز لك التصرف في مالهم إلا بالأحظ لهم، ولا يجوز لك أن تتبرع بشيء منه لا بوقف ولا بهبة ولا بصدقة ولا بغير ذلك من الوجوه، وإن رغبوا هم في ذلك فلا أثر لرغبتهم لكونهم محجوراً عليهم.
جاء في الروض المربع مع حاشيته لابن القاسم: ولا يتصرف لأحدهم وليه إلا بالأحظ قال في الإنصاف بلا نزاع لقوله تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ. أي لا تتصرفوا في مال اليتيم إلا بالغبطة، ومفهومه أن ما لا حظ له فيه ليس له التصرف به كالعتق، والهبة، أو التبرعات، والمحاباة، فإن تبرع أو حابى أو زاد على النفقة عليه أو على من تلزمه مؤونته بالمعروف ضمن كتصرفه في مال غيره.
وعليه فلا يجوز لك وقف هذه الشقة أصلاً، فإذا بلغ أولاد أخيك الرشد ودفعت إليهم مالهم فلهم أن يتصرفوا فيه كيف شاءوا.. والطريقة التي ذكرت لا يصح أن تكون وسيلة لإخراج الزكاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1430(12/4333)
حكم أخذ الموظف في مسجد مما يوضع فيه من مناديل وصابون
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف في مسجد وأحيانا آخذ من أدوات المسجد وأستخدمها في البيت, مثل المناديل أو الصابون أو غير ذلك من أدوات المسجد, فهل يجوز ذلك أم لا؟.
أرسلوا لي عبر بريدي الإلكتروني في أقرب وقت ممكن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الأدوات المشار إليها قد أوقفت للمسجد ولم يأذن لك الواقف باستخدامها ولا جرى العرف بأن موظف المسجد يأخذ منها، فلا يجوز لك ـ أخي السائل ـ أن تستعملها في بيتك، وأما إذا أذن لك الواقف أو جرى العرف بأن يستعملها الموظف في بيته فيجوز لك استعمالها، وانظر الفتوى رقم: 32666، عن حكم استخدام أدوات المسجد في غير ما أوقفت له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1430(12/4334)
المال المتبرع به للمسجد لا يجوز إقراضه وليس عليه زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المال الذي عندي أمانة من المسجد عليه زكاة؟ وهل أمانة المسجد يجوز إقراضها من حين لآخر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المال الذي تبرع به أصحابه لمصلحة المسجد أمانة بيدك للمسجد ولا زكاة فيه، لأنه ليس له مالك معين، قال النووي ـ رحمه الله: إذا كانت الماشية موقوفة على جهة عامة كالفقراء أوالمساجد أو الغزاة أو اليتامى وشبه ذلك فلا زكاة فيها، لأنه ليس لها مالك معين. انتهى.
وانظر في ذلك الفتوى رقم: 50610.
وأما إقراضك هذا المال المتبرع به لمصلحة المسجد فلا يجوز، لأنه أمانة بيدك فلا تتصرف فيه إلا فيما وقف عليه، ولا يجوز لك إقراضه إذ شرط المقرض أن يكون ممن يصح تبرعه، وناظر الوقف ليس كذلك، قال الرحيباني الحنبلي في كتابه مطالب أولي النهى: وشرط كون مقرض يصح تبرعه فلا يقرض نحو ولي يتيم من ماله ولا مكاتب وناظر وقف منه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1430(12/4335)
حكم وقف الأرض على الذكور دون الإناث
[السُّؤَالُ]
ـ[ورث والدي قطعة أرض من والده, والمشكلة فى هذه الأرض أن جدنا الأول منذ أربعة أو خمسة أجيال مضت كان قد حرم الإناث من أن يرثن فى هذه الأرض وبذلك أصبح أبناؤه وحفدته الذكور هم الوحيدين الذين يتوارثونها جيلاً بعد جيل.
السؤال الأول: هل الأرض التى هى الآن فى حوزة والدى من حقه والذنب فى هذه المخالفة الشرعية يقع على من قبله؟
السؤال الثانى: هل يستطيع والدى أن يقتسم هذه الأرض مع أخواته لكى يبرئ ذمته وماكان قبله من إثم يتحمله من كان قبله من أجداده؟
السؤال الثالث: يقوم والدى باستغلال هذه الأرض ويجني منها بعض المحاصيل. ماحكم هذه المحاصيل؟ وهل علي ّ أنا ذنب لأنني أقوم بمساعدة والدى فى بعض الأعمال بهذه الأرض والأكل من محصولها مع أنني دائماً أنصح والدى بأن يبحث عن حل شرعى لمشكلة هذه الأرض؟
أرجو منكم إجابة واضحة لكل سؤال من هذه الأسئلة لأن المسألة تهمني وتهم عددا كبيرا من أبناء عمومتي الذين يشتركون معنا فى هذه الأرض. مع العلم بأن عدد الورثة الحقيقيين لهذه الأرض قد أصبح غير معروف ولايمكن حصرهم لأن هذه المشكلة قائمة منذ مئات السنين (منذ أن كان جدنا الأول هو المالك الوحيد لهذه الأرض وأصبح أبناؤه الذكور من بعده يتوارثونها جيلاً بعد جيل حتى ضاعت حقوق الكثيرين من الورثة) .
أرجو الحصول على إجابة تبين لنا كيفية التصرف فى هذه الأرض نحن كأشخاص حاضرين، أما ميراث الأجيال السابقة فقد ضاع كما بينت لكم ولاسبيل الآن لحصرهم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أن الجد أوقف أرضه على أولاده الذكور دون الإناث جيلا بعد جيل ونسلا بعد نسل ولذلك أصبح الأبناء الذكور يتوارثون منافع تلك الأرض دون الإناث، وإذا كان الأمر كذلك فالوقف صحيح ماض وقد أخطأ الجد بحرمانه للإناث وتلك سمة جاهلية.
قال ابن قدامة في المغني: والمستحب أن يقسم الوقف على أولاده على حسب قسمة الله تعالى الميراث بينهم، للذكر مثل حظ الأنثيين.
وحيث إنه لم يفعل ذلك فقد خالف الأولى لكن وقفه ماض وتصرفه نافذ فيكون الوقف للذكور دون الإناث ولايلحق الأبناء إثم بذلك. وانظر تفصيل المسألة وكلام أهل العلم في الفتويين: 29412، 35717.
وبناء عليه فلاحرج عليك ولاعلى أبيك أوأعمامك في الانتفاع بما وصل إليكم من غلة تلك الأرض التي وقفها جدكم على ذكوركم دون إناثكم وهي على ما شرط في وقفه.
هذا ما فهمناه من السؤال فإن كان هو المقصود فبها ونعمت وإلا فينبغي بيان المقصود كي يتم الجواب عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1430(12/4336)
جواز إبدال مسجد بمسجد آخر للمصلحة
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت بناء مسجد على قطعة أرض ـ قيراط ونصف ـ ولي أرض زراعية وهبت ريعها لبناء هذا المسجد، ففوجئت بجاري قام ببناء مسجد بجوار المكان الذي حددته لبناء المسجد، فماذا أفعل في الأرض المعدة للبناء وريع الأرض المخصص لبناء المسجد؟ علما بأن صاحب المسجد الجديد رفض مساعدتي له في البناء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام أهل ذلك المكان الذي نذرت فيه بناء المسجد قد استغنوا عنه ببناء أحد المحسنين لمسجد آخر بجواره فإن عليك أن تبيع الأرض التي نذرت للمسجد وتشتري بها أرضا في مكان يحتاج أهله مسجدا ثم تبني عليها مسجدا من ريع الأرض الزراعية، فهذا أقرب للوفاء بنذرك وتحقيق هدفك ـ نسأل الله تعالى أن يتقبل منك ـ ولا شك أنه أنفع للمسلمين وأجمع لكلمتهم وتحقيق مصلحتهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وقد جوز أحمد بن حنبل إبدال مسجد بمسجد آخر للمصلحة، كما جوز تغييره للمصلحة، واحتج بأن عمر بن الخطاب أبدل مسجد الكوفة القديم بمسجد آخر، وصار المسجد الأول سوقاً للتمّارين، وجوز أحمد إذا خرب المكان أن ينقل المسجد إلى قرية أخرى، بل ويجوز في أظهر الروايتين عنه أن يباع ذلك المسجد ويعمر بثمنه مسجد آخر في قرية أخرى إذا لم يحتج إليه في القرية الأولى، فاعتبر المصلحة بجنس المسجد وإن كان في قرية غير القرية الأولى إذا كان جنس المساجد مشتركة بين المسلمين.
وللمزيد من الفائدة، انظر الفتاوى التالية أرقامها: 80765، 6639، 6658.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(12/4337)
بيع الشيء الموقوف للمسجد لمصلحة المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن جماعة نشرف على بناء مسجد، وبعد انتهاء أشغال البناء بالطابق الأرضي تبرع بعض المحسنين بكميات من الطوب-الآجر- ولما كان المشروع بحاجة إلى سيولة نقدية لدفع أجور العمال وغير ذلك قمنا ببيع الطوب لهذا الغرض،علما أننا سنحتاج إلى هذا الطوب في الطابق الثاني وذلك بعد عام أو أكثر حسب مداخيل التبرعات. ومن جهة أخرى قد يكون عرضة للتلف ويضيق علينا مكان الأشغال إن بقي كل هذه المدة، فعاب علينا بعض الناس هذا التصرف وربما اعتبروا الطوب وقفا لا يجوز التصرف فيه. أفيدونا جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبيع طوب المسجد لمصلحته لا حرج فيه على الراجح كما بينا في الفتوى رقم: 27873.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1430(12/4338)
حكم الاحتفاظ بأشرطة الكاسيت الموجودة في المساجد والمصليات
[السُّؤَالُ]
ـ[تذكرت بعد فترة طويلة من الزمن أنني أخذت مجموعة أشرطة ـ كاسيت ـ أنا وزميلة لي من مصلى المعهد الذي كنت أدرس فيه سابقاً، واتفقنا على أن نتبادل ونستفيد من الأشرطة، والمشكلة الأولى أن المعهد تغير موقعه، وللمعلومية أعرف مكانه الجديد، والمشكلة الثانية أنني لا أدري ما هي الأشرطة بالضبط التي أخذتها، فأنا لا أذكر أنني استمعت إليها، والمشكلة الثالثة أنني لا أستطيع الاتصال بهذه الزميلة، ولست متأكدة كذلك هل معها شيء من الأشرطة أم كلها معي؟ والمشكلة الرابعة أنني لا أدري هل هذه الأشرطة ملك لأحد أم أنها عكس ذلك؟ أي أنها ليست لأي شخص ووضعت للتوزيع، وهل تكفي الصدقة بقيمتها بنية إبراء الذمة؟ ... ... ... ... أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يطرح في المسجد من الكتب والأشرطة ينظر فيه حال من وضعه في المسجد؛ لأن مراعاة شرط الواقف والواهب واجبة، فهل وضعها ليستفاد منها داخل المسجد؟ وهذا قد يقع في الكتب ويغلب على الظن عدمه في الاشرطة، إذ يقل وجود مسجل في المسجد معد للاستخدام في سماع الأشرطة.
وبقي هناك احتمالان:
أحدهما: أن يكون وضعه ليستعار ثم يرد عند الانتهاء من الاستفادة منه.
والثاني: أن يكون وضعه ليأخذه من يرغب في الاستفادة منه، والغالب في الموضوع للإعارة أن ينبه على ذلك بإعلان يوضع في مكان الأشرطة، فإذا كان هناك إشعار بكون الأشرطة وضعت للإعارة، فيتعين ردها للمسجد مادام عنوان المعهد معلوما.
وأما إذا لم يكن هناك ما يفيد قصرها على الإعارة، فالظاهر ـ والله أعلم ـ أن واضعها أراد إباحة أخذها لمن يريد الاستفادة منها، فالأولى أن تستفيدوا منها ثم تعيروها لمن يستفيد منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1430(12/4339)
إذا مات أحد المستحقين للوقف في طبقة ما فهل يعود نصيبه لورثته أو لطبقته؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أوقف رجل على نفسه أولا ثم على بنتيه: فاطمة، وعائشة، وأخته سعاد، وابنيها: محمد، وسعيد-زوجي فاطمة وعائشة- وجعل الوقف المذكور منحصرا فيهم وفي أولادهم من بعدهم، ثم على أولادهم، ثم على أولاد أولادهم طبقة بعد طبقة، ونسلا بعد نسل، وجيلا بعد جيل، الطبقة العليا تحجب الطبقة السفلى، أولاد الظهور دون أولاد البطون يكون الوقف بينهم بالسوية.
السؤال هنا: هل إذا مات أحد المستحقين في أي طبقة يعود نصيبه لورثته أو لطبقته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشرط الواقف معتبر إن جاز كما قال خليل في مختصره: واتبع شرطه إن جاز. ولابد من معرفة ما صدر عنه هل رتب بين البطون أو شرك أو رتب بعضا وشرك بين بعض؟ وإن كان الظاهر من صيغة الوقف أنه أراد الترتيب بين الطبقات، فلا يستحق أحد من الطبقة الثانية شيئا ما لم ينقرض جميع الطبقة قبله، ولذا لا ينتقل نصيب الأب إلى ابنه، وإنما يعود في إخوانه وأهل طبقته لقول الواقف: الطبقة العليا تحجب الطبقة السفلى. ويبعد أن يقصد بذلك حجب الأب لابنه، لأنه لم يسبق منه ما يقتضي التشريك بينهما حتى يطرد ذلك الاحتمال، فتعين كونه يقصد حجب الطبقة العليا لجميع الطبقة السفلى.
وقد فصل ابن قدامة رحمه الله تعالى ذلك كله في المغني فقال: فصل: وإن رتب فقال: وقفت هذا على ولدي, وولد ولدي, ما تناسلوا وتعاقبوا, الأعلى فالأعلى, أو الأقرب فالأقرب, أو الأول فالأول, أو البطن الأول ثم البطن الثاني, أو على أولادي, ثم على أولاد أولادي, أو على أولادي, فإن انقرضوا فعلى أولاد أولادي فكل هذا على الترتيب, فيكون على ما شرط, ولا يستحق البطن الثاني شيئا حتى ينقرض البطن كله. ولو بقي واحد من البطن الأول, كان الجميع له، لأن الوقف ثبت بقوله, فيتبع فيه مقتضى كلامه. انتهى.
وعلى هذا فمن مات من أولاد الواقف، فإن نصيبه من الوقف يرجع إلى إخوانه، ولا ينتقل إلى ابنه من الطبقة الثانية لكون أفرادها محجوبين بأفراد الطبقة العليا. هذا ما اتضح.
وننبه إلى أننا أجبنا بحسب ما ظهر لنا من السؤال، والصواب في هذه المسائل أن تعرض الوقفية على القاضي الشرعي لينظر فيها وليعلم أهل الحقوق حقوقهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1430(12/4340)
حكم الاقتراض من الأموال الخاصة بالوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[نقوم بعملية بناء مسجد، وكلفني أهل الدوار كأمين للمال أسهر على دخل الإحسان والصرف كذلك. إلا أنني في المنزل أخلط مالي مع مال المسجد، بل وإنني آخذ من مال المسجد لقضاء أغراض شخصية كدين وعندما أتقاضى راتبي أرجع المال. وأشير إلى أنني عند تقديم التقارير المالية والأدبية الخاصة بالمسجد أقدم ذلك بصدق وأمانة، بعد أن أكون قد عزلت مالي عن مال المسجد وأجريت وضبطت العمليات الخاصة بالدخل والصرف بنزاهة تامة. فهل تجوز هذه التصرفات؟ وكيف أكفر عن ذنوبي؟ وهل هذا يفرغ عملي من أجر الله تعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي اتضح من السؤال هو أنك وكيل عن أصحاب ذلك الوقف في بناء المسجد، وإن كان الحال كذلك فأنت مؤتمن على ما تحت يدك من مال ذلك الوقف كي تصرفه في بناء المسجد، ولايجوز لك أن تقترض منه أو تأخذ منه لنفسك.
قال ابن رجب في القاعدة الحادية والسبعين: من أوصى إليه بتفرقة مال على المساكين، أو دفع إليه رجل في حياته مالاً ليفرقه صدقة، لم يجز له أن يأكل منه شيئاً بحق قيامه لأنه منفذ وليس بعامل منهم. انتهى.
وجاء في مختصر خليل أن من مسقطات الشهادة تسلف حجارة المسجد قال سحنون: ولو رد عوضها.
وفي حاشية الخرشي: وأما إذا اقترض الناظر ما يحصل من غلته فحكمه حكم اقتراض الوديعة.
والوديعة لايجوز اقتراضها أوالتصرف فيها بغير إذن صاحبها لمنافاة ذلك لحفظها المأمور به.
وبناء عليه، فالواجب عليك هو التوبة إلى الله تعالى مما كنت قد فعلته من ذلك وإعادته إن كان بقي عليك منه شيء، ونرجو ألا يذهب ذلك أجر إحسانك وسعيك في الخير. وللفائدة انظر الفتويين رقم: 26755، 32527.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1430(12/4341)
حكم تحويل بعض الأرض الموقوفة كمقبرة إلى مسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استقطاع جزء من أرض وقفت مقبرة ودفن فيها عدد من المسلمين لإقامة مسجد عليها مع وجود مسجد كبير جداً لا يبعد عنها أكثر من 150 متراً، مع العلم بأن الواقف قد توفاه الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فإن من وقف أرضا على مقبرة وحصل الدفن فيها، فلا يجوز بناء مسجد بها كما في الصورة المذكورة في السؤال، وذلك لأن الأصل في الشرع هو البعد عن بناء المساجد في المقابر لما في حديث الصحيحين: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. ويضاف إلى هذا أن الأصل هو الالتزام بشرط الواقف إن كان جائزاً، فتحويل جزء مما وقف على دفن الموتى إلى جهة بر أخرى كالمساجد فيه مخالفة لشرط الواقف.
وقد اختلف أهل العلم في جواز ذلك إن كانت الجهة الأخرى أولى، فقد كان شيخ الإسلام يرى جواز ذلك إن كانت جهة البر المصروف إليها أولى، وخالفه كثيرون في ذلك. والصورة المذكورة في السؤال لا تدخل في هذا حسبما نرى، لوجود مسجد آخر قريباً، وإذا كانت المنطقة القريبة محتاجة لمسجد آخر فيتعين؟ أن يبنى المسجد في مكان آخر يحتاج أهله لمسجد، وتترك أرض المقبرة لدفن الموتى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1430(12/4342)
أوقف رجل ماشية لآخر فباعها
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: أوقف رجل على رجل بعض الماشية على أن ينتفع بها، ثم لم يعد بحاجة إليها فماذا يفعل؟ مع العلم أن الواقف قد توفي والموقوف عليه قد باع الماشية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيصح وقف الماشية لأنها عين يمكن الانتفاع بلبنها، وصوفها، ونحو ذلك من وجوه الانتفاع مع بقاء عينها، وإذا كان واقع الحال ما ذكر من أن الرجل أوقف الماشية على شخص معين لينتفع بها فإنه لا يجوز لذلك الشخص بيع الماشية المشار إليها ما دام يمكن الانتفاع بها حتى وإن كان الموقوف عليه ليس بحاجة إليها، ولم يشترط الواقف الحاجة.
ومن المعلوم أنه يجب العمل بشرط الواقف ولا تجوز مخالفته كما بيناه في الفتوى رقم: 35864. وإذا باعها في هذه الحال فالبيع لا يصح ويلزمه رد الماشية، ولكن إن تعذر ردها فلا مناص من صرف ثمنها في مثلها فيشتري ماشية بثمنها وتوقف على ما كانت عليه الماشية الأولى موقوفة، كما لو تعطلت منافع الماشية الموقوفة، وقد نص الفقهاء على أنه إذا تعطلت منفعة الماشية جاز بيعها وصرف ثمنها في شراء ماشية أخرى تكون وقفا.
قال المردواي الحنبلي في الإنصاف: إذا خرب أو كان فرسا فعطب جاز بيعه وصرف ثمنه في مثله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1430(12/4343)
حكم وقف السفيه على نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وقف السفيه على نفسه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسفيه الذي لا يحسن التدبير وتصريف المال، يحجر عليه مع بقاء ملكه، وإنما يمنع من التصرف في أمواله، ويتم تنصيب قيم على أمواله، ليحفظها من التلف والضياع، كما يلزمه تنميتها وقيل يستحب له، وينفق من ماله بالمعروف على من تجب نفقته عليه، كما يؤدى زكاة أمواله.
وننبه على أن الحجر وما يترتب عليه من وكالة أو وصاية أمر خطير لا بد من إحالته على المحاكم الشرعية. وراجع في حكم الحجر فتوانا رقم: 115422.
ومن جملة التصرفات التي يمنع منها السفيه الوقف، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: بما أن الوقف نوع من التبرع المالي وهو - أي السفيه - محجور عليه لحفظ ماله وأنه ليس أهلا للتبرع فلا يصح منه الوقف. اهـ.
أما عن حكم وقف السفيه على نفسه فنقول أولاً: إن الوقف على النفس محل خلاف بين الفقهاء، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: اختلف الفقهاء في صحة وقف الإنسان على نفسه على قولين: الأول: عدم صحة الوقف على نفسه لتعذر تمليك الإنسان ملكه لنفسه؛ لأنه حاصل وتحصيل الحاصل محال، وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء: المالكية والشافعية في الأصح وأكثر الحنابلة - وهو المذهب - ومحمد بن الحسن من الحنفية.
لكن قال الشافعية والحنابلة: لو وقف على نفسه وحكم به حاكم نفذ حكمه ولم ينقض لأنها مسألة اجتهادية.
والقول الثاني: هو صحة وقف الإنسان على نفسه وهذا ما ذهب إليه أبو يوسف من الحنفية وهو المعتمد في المذهب، والشافعية في مقابل الأصح، قالوا: لأن استحقاق الشيء وقفا غير استحقاقه ملكا، وهو أيضا رواية عن الإمام أحمد اختارها جماعة منهم. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: ويستنبط منه – يعني حديث عمر رضي الله عنه في الوقف - صحة الوقف على النفس وهو قول ابن أبي ليلى وأبي يوسف وأحمد في الأرجح عنه وقال به من المالكية ابن شعبان وجمهورهم على المنع، إلا إذا استثنى لنفسه شيئا يسيرا بحيث لا يتهم أنه قصد حرمان ورثته، ومن الشافعية ابن سريج وطائفة، وصنف فيه محمد بن عبد الله الأنصاري شيخ البخاري جزءا ضخما، واستدل له بقصة عمر هذه وبقصة راكب البدنة وبحديث أنس في أنه صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وجعل عتقها صداقها، ووجه الاستدلال به أنه أخرجها عن ملكه بالعتق وردها إليه بالشرط ... وبقصة عثمان الآتية - في وقفه بئر رومة اهـ.
وعلى صحة القول بالوقف على النفس يجوز للسفيه أن يقف على نفسه، ثم على جهة بر من بعده، وهي مستثناة من التبرعات التي يمنع منها السفيه، لأنه محض مصلحة للسفيه فهو كوصيته، ووصية السفيه صحيحة، قال ابن قدامة في المغني: ويصح تدبيره ووصيته – يعني المحجور عليه لسفه؛ لأن ذلك محض مصلحته لأنه تقرب إلى الله تعالى بماله بعد غناه عنه. اهـ. وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب الحنفية والمالكية والشافعية في المذهب والحنابلة في أصح الوجهين إلى أنه تجوز وصية المحجور عليه لسفه. اهـ.
قال ابن الهمام في فتح القدير: وينبغي أنه إذا إذا وقفها – يعني أرضه - في الحجر للسفه على نفسه، ثم لجهة لا تنقطع أن يصح على قول أبي يوسف، وهو الصحيح عند المحققين وعند الكل إذا حكم به حاكم. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(12/4344)
حكم وقف المال على الأيتام بشرط رجوعه بعد بلوغهم
[السُّؤَالُ]
ـ[خصصت مبلغا من المال كوقف لكفالة أيتام، والكفالة تكون مستمرة حتى بلوغهم:
1- هل تجب زكاة على هذا المال؟
2- مع العلم أن هذا المال موجود في حساب توفير في بنك إسلامي, فما حكم الأرباح السنوية له؟ هل أتصدق بها أم هي من حق الأيتام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجوابُ هذه المسألة ينبني على نقطتين:
الأولى: أن الوقف لا يصح إلا مُنجّزاَ، وأما الوقف المؤقت فإنه يبطل، وقيل يصحُ الوقف ويبطل التوقيت، والأول هو الصحيح.
قال في مغني المحتاج: ولو وقف بشرط الخيار لنفسه في إبقاء وقفه والرجوع فيه متى شاء أو شرطه لغيره أو شرط عوده إليه بوجه ما كأن شرط أن يبيعه أو شرط أن يدخل من شاء ويخرج من شاء بطل على الصحيح، ومقابل الصحيح يصحُ الوقف ويلغى الشرط كما لو طلق على أن لا رجعة له. انتهى بتصرف.
وقال في الروض المربع: الشرط الرابع أي من شروط صحة الوقف أن يقف ناجزا فلا يصح مؤقتا ولا معلقا إلا بموت، وإذا شرط أن يبيعه متى شاء أو يهبه أو يرجع فيه، بطل الوقف، والشرط قاله في الشرح. انتهى.
وعلى هذا، فإذا كنتِ شرطتِ أن يرجع إليكِ هذا المال بعد بلوغ أولئكَ الأيتام، فالوقفُ باطل والمالُ مملوك لكِ، تجبُ عليكِ زكاته على رأس كل حول، ونماؤه كذلك مِلكٌ لكِ، فتصرفينه كما تشائين.
وأما إذا لم تكوني قد اشترطتِ هذا الشرط، أو حكمنا بصحة الوقف وبطلان الشرط كما هو مقابل الصحيح عند الشافعية، فالوقفُ لمن وقف عليه، ونماؤه تابعٌ له، فيكونُ وقفاً كذلك.
الثانية: في صحة وقف الدراهم والدنانير خلافٌ معروفٌ بين العلماء، راجعي ذلك في الفتوى رقم: 14835، ومثلها النقود المعاصرة، فإن قُلنا بعدم صحة وقفها فالمال مملوك لكِ، وزكاته واجبةٌ عليكِ، ونماؤه تابعٌ لكِ على ما تقدم. وإن قُلنا بصحةِ وقفها، فالمالُ لمن وقف عليه، ونماؤه تابعٌ له.
وعلى هذا القول ففي وجوب زكاة هذا المال الموقوف قولان، أصحهما عدمُ وجوب الزكاة فيه فيُصرف على الأيتام. والصحيحُ إن شاء الله صحة وقف الدراهم والدنانير إذ لا يمنعُ من ذلك نصٌ ولا إجماع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فقال أبو بكر عبد العزيز في " الشافي ": نقل الميموني عن أحمد: أن الدراهم إذا كانت موقوفة على أهل بيته ففيها الصدقة وإذا كانت على المساكين فليس فيها صدقة. قلت: رجل وقف ألف درهم في السبيل؟ قال: إن كانت للمساكين فليس فيها شيء. قلت: فإن وقفها في الكراع والسلاح؟ قال: هذه مسألة لبس واشتباه. قال أبو البركات: وظاهر هذا جواز وقف الأثمان لغرض القرض أو التنمية والتصدق بالربح كما قد حكينا عن مالك والأنصاري. انتهى.
وأما أرباح البنوك الإسلامية فقد بينا في الفتوى رقم: 4893، أنها مباحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(12/4345)
قول الحنابلة في الوقف على بعض الأبناء دون بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[إحدى الأخوات تسأل وتقول: يجوز عند الحنابلة الوقف على بعض الذرية مثل الذكور دون الإناث.. فمالذي دفع الحنابلة إلى جواز الوقف لبعض الأبناء وما أدلتهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتخصيص الذكور بالوقف دون الإناث، وكذا تخصيص الإناث دون الذكور، حكمهما واحد عند الحنابلة، فليس النظر عندهم للذكورة أو الأنوثة بل النظر إلى تحقيق شرط الواقف، ونص الإمام أحمد على أن هذا التفضيل لا بأس به إن كان بعضهم له عيال وبه حاجة، وأما إذا كان على سبيل الأثرة فمكروه.
وقد سبق أن نبهنا في الفتوى رقم: 74444 أن وقف الوالد على أحد أبنائه صحيح طالما أن الابن المذكور له من الاحتياجات ما ليس لبقية إخوته. وأن المنهي عنه من هذا هو أن يخص الوالد أحد أبنائه دون مسوغ شرعي.
ومذهب الحنابلة ينص على استحباب العدل بين الأولاد في الوقف بأن يقسم على قسمة الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين.
وهناك قول آخر في المذهب بتسوية الذكر بالأنثى، قال ابن قدامة في المغني: المستحب أن يقسم الوقف على أولاده على حسب قسمة الله تعالى الميراث بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ... فإن خالف فسوى بين الذكر والأنثى أو فضلها عليه أو فضل بعض البنين أو بعض البنات على بعض أو خص بعضهم بالوقف دون بعض، فقال أحمد في رواية محمد بن الحكم: إن كان على طريق الأثرة فأكرهه، وإن كان على أن بعضهم له عيال وبه حاجة يعني فلا بأس به. ووجه ذلك أن الزبير خص المردودة من بناته دون المستغنية منهن بصدقته. وعلى قياس قول أحمد لو خص المشتغلين بالعلم من أولاده بوقفه تحريضا لهم على طلب العلم أو ذا الدين دون الفساق أو المريض أو من له فضل من أجل فضيلته فلا بأس اهـ.
ثم ذكر دليل ذلك كما سبق نقله في الفتوى رقم: 35717.
وقال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع: لا يجوز له أن يخص الوقف ببنيه؛ لأنه إذا فعل ذلك دخل في قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم فيكون بهذا العمل غير متقٍ لله تعالى، وسمى النبي صلّى الله عليه وسلّم تخصيص بعض الأبناء جَوْراً، فقال: لا أشهد على جَوْر، ولا شك أن من وقف على بنيه دون بناته أنه جَور. وعلى هذا، فلو وجدنا شخصاً وقف على بنيه ومات، فعلى المذهب ـ يعني الحنبلي ـ نجري الوقف على ما كان عليه؛ لأن هذا ليس عطية تامة؛ لأن الوقف لا يتصرف فيه الموقوف عليه لا ببيع ولا شراء، لكن الموقوف عليه ينتفع بغلَّته. فالقول الراجح أننا نلغي هذا الوقف ولا نصححه، ويعود هذا الموقوف ملكاً للورثة؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. اهـ.
ثم إن مسألة تصحيح الوقف على بعض الأولاد لم يتفرد بها الحنابلة، قال ابن عابدين الحنفي في حاشيته: في الخانية: ولو وهب شيئا لأولاده في الصحة وأراد تفضيل البعض على البعض، روي عن أبي حنيفة: لا بأس به إذا كان التفضيل لزيادة فضل في الدين وإن كانوا سواء يكره. وروى المعلى عن أبي يوسف أنه لا بأس به إذا لم يقصد الإضرار وإلا سوى بينهم. وعليه الفتوى اهـ.
وعند المالكية في مسألة الوقف على البنين دون البنات ستة أقوال، المعتمد منها الكراهة مع الصحة، كما ذكره الصاوي في بلغة السالك، والفتوى عندهم على ذلك كما في فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك.
وفي حاشية إعانة الطالبين للدمياطي وكذا تحفة المحتاج لابن حجر وهما شافعيان: يقع لكثيرين أنهم يقفون أموالهم في صحتهم على ذكور أولادهم قاصدين بذلك حرمان إناثهم وقد تكرر من غير واحد الإفتاء ببطلان الوقف حينئذ وفيه نظر ظاهر بل الوجه الصحة اهـ. ثم ذكروا علة ذلك.
والحاصل أن القول بوجوب العدل في القسمة بين الأولاد ذكورا وإناثا هو القول الحق الذي لا يجوز العدول عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(12/4346)
هل يدخل أبناء وبنات البنات في الوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال عن الوقف: هل يدخل أولاد وبنات البنات في الوقف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دخول أبناء وبنات البنات في الوقف يتوقف على معرفة ما قرره الواقف نفسه؛ فإذا كان قد أدخلهم فهم داخلون، وإذا كان أخرجهم فهم خارجون منه، وقد قال أهل العلم: شرط الواقف كنص الشارع ما لم يخالف. كما سبق بيانه في الفتوى: 29412.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1430(12/4347)
تنقل المصاحف إلى مسجد آخر ينتفع بها فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل إمام مسجد، وبالمسجد مصاحف كثيرة ولا نجد لها مكانا،ولا قراء.
فهل نضعها بالمخزن، أم نوزعها إلى مراكز أخرى لا توجد بها مصاحف، أو بها ولا تكفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يمكن الانتفاع بهذه المصاحف في هذا المسجد فالذي ينبغي هو أن تنقل إلى مسجد آخر ينتفع بها فيه، موافقة لمقصود الواقف وتحقيقا للمصلحة الشرعية, وقد نص الفقهاء على أن الوقف إذا تعطلت منافعه بيع وصرف في غيره.
قال العلامة العثيمين رحمه الله: إذا تعطلت منافع الوقف ومصالحه فإنه يجب بيعه، ليس يجوز فقط، بل يجب أن يباع ويصرف في عمل بر.
فنقل هذه المصحاف إلى مسجد آخر ينتفع بها فيه أولى أن يكون مشروعا, ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 100457.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1430(12/4348)
أعطي أشرطة لوضعها في مسجد فهل له وضعها في غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في المسجد مكتبة أشرطة وأقراص، ولكن المسؤل عنها لا يقوم بحقها- وللأسف- ولا يريد أن يسلمها لغيره، وفي أحد الأيام أتى شخص وأعطاني مجموعة من الأشرطة وأقراصا لأضعها في مكتبة المسجد. ولكنه لا يعرف الوضع المؤسف لهذه المكتبة، ولا مجال لإعادة الأشرطة له لأنه شخص غريب عن المسجد، فقمت بالحفاظ عليها وعدم وضعها في المسجد لركود هذه المكتبة، وأنا لا أريد الاحتفاظ بها إلا لفترة بسيطة حتى تعود المكتبة لسابق نشاطها.
فهل هذا جائز شرعاً؟
وهل يجوز أن أضع الأشرطة والأقراص في مكتبة مسجد آخر؟
أفتوني مأجورين لأنني في حيرة من أمري؟
وبارك الله فيكم ونفع الإسلام بكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلايجوز لك الاحتفاظ بتلك الأشرطة، أوصرفها إلى مسجد آخر ما دام صاحبها قد عين المسجد الذي توقف فيه، إلا إذا لم يكن المسجد المعين بحاجة إليها وعلمت حاجة غيره إليها فيجوز لك صرفها إلى المسجد الذي هو أكثر حاجة وأعم نفعا، لأن قصد الواقف هو القربة، وهي حاصلة بالوقف في أيهما كانت وحاجة الثاني إليها أكثر ونفعها فيه أعظم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ويجوز تغيير شروط الواقف إلى ما هو أصلح منه، وإن اختلف ذلك باختلاف الزمان، حتى لو وقف على الفقهاء والصوفية واحتاج الناس إلى الجهاد صرف إلى الجند. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: وما فضل من حصر المسجد وزيته، ولم يحتج إليه، جاز أن يجعل في مسجد آخر، أو يتصدق من ذلك على فقراء جيرانه وغيرهم، وكذلك إن فضل من قصبه أو شيء من نقضه، قال أحمد في مسجد بني فبقي من خشبه أو قصبه أو شيء من نقضه، فقال: يعان في مسجد آخر أو كما قال، وقال المروذي: سألت أبا عبد الله عن بواري المسجد، إذا فضل منه الشيء، أو الخشبة، قال: يتصدق به، وأرى أنه قد احتج بكسوة البيت إذا تحرقت تصدق بها. انتهى.
وقال في الاستدلال لذلك: وروى الخلال بإسناده عن علقمة عن أمه أن شيبة بن عثمان الحجبي، جاء إلى عائشة -رضي الله عنها- فقال: يا أم المؤمنين، إن ثياب الكعبة تكثر عليها، فننزعها فنحفر لها آباراً فندفنها فيها، حتى لا تلبسها الحائض والجنب، قالت عائشة: بئس ما صنعت، ولم تصب، إن ثياب الكعبة إذا نزعت لم يضرها من لبسها من حائض أو جنب، ولكن لو بعتها وجعلت ثمنها في سبيل الله والمساكين، فكان شيبة يبعث بها إلى اليمن، فتباع فيضع ثمنها حيث أمرته عائشة، وهذه قصة مثلها ينتشر ولم ينكر، فيكون إجماعاً، ولأنه مال الله تعالى لم يبق له مصرف فصرف إلى المساكين كالوقف المنقطع. انتهى.
وينبغي أن تناصح ناظر المكتبة والقيم عليها، وتتعاون معه لتعم الفائدة منها ويتحقق الغرض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1430(12/4349)
حكم إنشاء حفرة للمجاري في أرض الوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسألكم:
أريد حفر حفرة مجاري: مياه سوداء في أرض حبس: وقف، فما رأي الشرع في ذلك ?
أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب أن يظل الوقف على حاله، يعمل فيه حسب شروط الواقف التي لا حيف فيها ولا جنف، ولا يجوز التصرف فيه بما يتنافى مع مصلحته، وشروط واقفه، هذا هو الأصل.
وسبق بيانه بالتفصيل والأدلة، مع مزيد من أحكام الوقف، وأقوال العلماء، في الفتويين: 6609، 112065، فنرجوا أن تطلع عليهما، وعلى ما أحيل عليه فيهما.
ولذلك، فإذا كان حفر المجاري في أرض الوقف لمصلحة الوقف -كما يرى ناظره- فلا مانع من ذلك.
وإن لم تكن لمصلحته فلا تجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1430(12/4350)
جكم استفادة الموظفين في دورات تأهيلية من مال الوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: عن التصرف في أموال ريع الوقفية التي ترعاها مؤسسة، فإذا كانت مشروطة للفقراء أو الأيتام أو طلبة العلم، فهل يجوز استفادة الموظفين في دورات تأهيلية للاستفادة منها في مجال العمل؟ وهل هنالك نسبة للصرف على المصاريف الإدارية، أم أن الأمر محصور في مصاريف ما هو موقوف فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قرر الفقهاء على اختلاف مذاهبهم أن شرط الواقف يجب اعتباره إن أمكن، وكان موافقا للشرع، ولا يخالف إلا لضرورة أو مصلحة راجحة، وانظر الفتوى رقم: 116709.
وإعطاء من يقوم بالوقف أجرة نظير عمله جائز ولو من مال الوقف، ما لم يوجد متبرع بالعمل، وانظر الفتوى رقم: 47716.
وعليه؛ فإذا كانت هذه الدورات التأهيلية تساعد الموظفين على تمام النظر في الوقف وصرف أمواله على وجهها فيجوز أن يعطوا هذه الدورات من مال الوقف لأنه من مصحلته، وأما إذا لم يكن لهذه الدورات أثر في مصلحة الوقف فلا يجوز أن يعطوا هذه الدورات من مال الوقف لأنه إنفاق لمال الوقف في غير مصلحته فلم يجز، وقل مثل هذا في المصاريف الإدارية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1430(12/4351)
حكم تحويل إدارة الأوقاف منفعة الوقف من جهة إلى أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لإدارة الأوقاف أن تحول منفعة وقف خصصته لجهة ما أو الاعتذار عن مبلغ الوقف المخصص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في ناظر الوقف أو من يتولى أمره أن يكون عالما بأحكامه فلا يتصرف فيه إلا وفق شرط الواقف وما فيه مصلحة الوقف.
وبناء على ذلك؛ فإذا رأت إدارة الوقف أن المصلحة تقتضي تحويل منفعته عن جهة كانت قد خصصتها لها نظرا لظروفها وحاجتها. وقد تغيرت هذه الظروف وتم الاستغناء عن تلك المنفعة؛ فيجوز حينئذ تحويلها إلى جهة أخرى تحتاج إلى تلك المنفعة أو ذلك المبلغ.
أما إذا لم يطرأ تغيير أو لم تزل حاجة من ينتفع بالوقف؛ فالظاهر أنه لا يجوز تحويل المنفعة عنه؛ لعدم زوال السبب الذي من أجله استحق منفعة الوقف.
هذا إذا لم يكن شرط الواقف يقتضي ألا تتحول المنفعة لمن خصصت له ولو تغيرت ظروفه؛ فإذا كان الواقف قد خصص منفعة وقفه لشخص معين أو جهة فلا يجوز تحويلها عنه ولو تغيرت حاله.
هذا، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة والتفصيل وأقوال أهل العلم عن أحكام الوقف وما تعلق بها في الفتاوى التالية: 72630، 6609، 46537، 73238، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1430(12/4352)
حكم الرجوع في الوقف إذا احتاج الواقف للمال
[السُّؤَالُ]
ـ[وهبت أرضي للوقف وكنت ميسور الحال وذلك من سنوات، وقد ضاق بي الحال اليوم وليس لي أولاد ولا معين وأصبت بمرض وأنا أحتاج للمال للعلاج وليس عندي ما أملكه سوى هذه الأرض التي وهبت، فهل يحق لي استرداد الأرض، علماً بأن الأوقاف لم تسجلها بعد ولم تتصرف بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد تلفظت بلفظ الوقف صريحاً أو كناية، وهذا هو الظاهر، فلا يجوز لك الرجوع في الوقف لأنه خرج من ملكك، بذلك جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: لا يجوز الرجوع فيما وقف من الأرض ولا في بعضه لأنها خرجت من ملك الواقف بالوقف، إلا الانتفاع بها فيما جعلت له. وكذلك إن كنت لم تتلفظ باللفظ الدال على الوقف لا صريحاً ولا كناية ولكن فعلت فعلاً دالا على وقفها مع نية ذلك، فالراجح عندنا وهو مذهب الجمهور خلافاً للشافعي رحمه الله أن الوقف ينعقد بالفعل مع النية، والظاهر أن إعطاءك الأرض للأوقاف فعل يحصل به الوقف.. وعلى هذا فلا يجوز لك الرجوع في ذلك الوقف بحال لخروجه عن ملكك كما قدمنا، وانظر لذلك الفتوى رقم: 77664.
وما ابتلاك الله به من الفقر مصيبة تثاب إذا صبرت عليها، كما أن لك مطالبة من تجب عليه نفقتك بالنفقة، فإن امتنع أو كان معسراً أو عدم أصلاً جاز لك الأخذ من مال الزكاة مع الاجتهاد في الدعاء والاستعانة بالله عز وجل. نسأل الله أن يفرج كروب المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1430(12/4353)
يرجع إلى نية الجهات الخيرية في جواز الانتفاع الخاص من عدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[صاحب مدرسة خاصة كان يتلقى الدعم من جهات خيرية لتطوير المدرسة، وإحضار أجهزة فيها، وكان الدعم يأتي بكميات ليست بسيطة، وأراد بيع المدرسة يوما فهل له أن يحسب ما كان يأتي من دعم لتطوير المدرسة في مجمل ثمن المدرسة ويأكل ثمنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يرجع إلى نية الجهات الخيرية في هذه المسألة، فإن كان قصدهم مساعدة مالك هذه المدرسة الخاصة وإعانته على تطوير مدرسته وتجهيزها على سبيل التمليك، فله أن يحسب ما كان يأتي من دعم لتطوير المدرسة في مجمل ثمن المدرسة ويأكل ثمنه، وإن كان قصدهم التبرع للصالح العام على تلك المدرسة لم يجز له احتساب قيمة ما استحدث من تطوير وأجهزة عن طريق التبرع من ثمن المدرسة؛ لأنها لا تدخل فيما يملك لأن شرط المتبرع يجب الوفاء به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود.
والظاهر أن المتبرع إنما قصد الصالح العام، ولم يقصد صالح صاحب المدرسة، فيبقى ما دفعه المتبرع للصالح العام كما كان، ولا يجوز له هو الانتفاع به بأن يكون له حظ من الثمن، وللأهمية راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 56656، 73238، 7715.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1430(12/4354)
حكم تحويل المقبرة الموقوفة إلى طريق عام للحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أوصى رجل ورثته بإيقاف قطعة أرض لتكون مقبرة، فنفذ الورثة وصية الوارث إلا أنهم رأوا أن القرية تحتاج في ذلك المكان لطريق قد يفيد عددا من القرى خاصة، والقرية لديها العديد من المقابر. فهل يجوز الاستفادة من قطعة الأرض كطريق أم أن الشرع يلزمهم بعدم صرفها في جهة أخرى؟
أفيدونا وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يبين لنا السائل هل تم دفن الموتى في المكان الموقوف للمقبرة المشار إليها أم لا، فإذا لم يدفن فيها أحد فإن استبدال الأرض التي أوقفها الورثة لتكون مقبرة بطريق تحتاجها القرية ينبني على حكم استبدال الوقف بغيره، وللفقهاء في ذلك صور وتفريعات كثيرة ذكرنا شيئا منها في الفتوى رقم: 96207، والفتوى رقم: 28743، والفتوى رقم: 14433.
والمفتى به عندنا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه يجوز تغيير شرط الواقف، ويجب مع الحاجة إبدال الوقف بمثله وبلا حاجة يجوز بخير منه لظهور المصلحة، فإذا رأيتم أن المصلحة بجعل تلك الأرض طريقا تربو على مصلحة جعلها مقبرة فإنه لا حرج عليكم في ذلك. وأما إذا دفن فيها أحد فإنه لا يجوز نبش ذلك القبر لأجل عمل طريق، فنبش قبر الميت ونقله إلى مكان آخر للدفن فيه لا يجوز، لأن القبر صار وقفا لصاحبه، ولا يجوز التعدي عليه بنبشه وإخراجه كما بيناه في الفتوى رقم: 29029 وانظر أيضا الفتوى رقم: 109834، حول حكم نبش المقبرة التي لم تندرس والبناء عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1430(12/4355)
حكم الوقف على من ستطلق أو تترمل من البنات
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي رحمة الله عليه أوقف العمارة التي نسكنها نحن أبناؤه وبناته غير المتزوجات لبناته اللاتي يترملن أو يتطلقن لا سمح الله على أساس أن أبناءه قد يستطيعون شراء السكن أما البنات فلا.
الحمد لله إلى الآن لم تترمل أي واحدة منهن ولم تطلق علما بأنهن قد تزوجن جميعا وأسكن أنا في العمارة وأبناء أخي المتوفى.
وحيث إني لا أستطيع شراء سكن وأنا متزوج ولدي أطفال، وأما أبناء أخي فقد تم شراء عمارة لهم من إرث أبيهم، الآن على العمارة إزالة بسبب مشروع كبير مقابل تعويضات مادية قد لا تكون كافية لشراء عمارة أخرى. هل التعويض يكون للبنات فقط أم للكل أم يتم شراء منزل ويكون خاصا لمن تترمل أو تتطلق لا سمح الله سواء واحدة أو أكثر، وفي هذه الحالة هل يحق لي أن أسكن فيه لحين أن تطلق أو تترمل إحداهن مثلا أو لحين أستطيع شراء منزل لي علما بأني أصغر إخواني وإخوتي ووضعي المادي ليس كوضعهم أبدا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والد السائل أوقف العمارة على من ستطلق أو ترمل من بناته فهذا الوقف مختلف في صحته لأنه داخل في الوقف على من سيوجد وليس على موجود في وقت الوقف، ولأهل العلم في هذا قولان:
الأول: أنه وقف باطل، جاء في مغني المحتاج: فلا يصح الوقف على ولده وهو لا ولد له ولا على فقير أولاده ولا فقير فيهم. انتهى.
وهنا وقف على المطلقة والأرملة من بناته وليس فيهن مطلقة ولا أرملة وقت الوقف، وعلى هذا فالوقف باطل والعمارة المذكورة تعود تركة بين الورثة الموجودين عند وفاة مورثهم ومن مات منهم أخذ نصيبه ورثته وإذا هدمت العمارة فالتعويض بين الورثة حسب أنصبتهم الشرعية،
والقول الثاني: أن هذا الوقف يصح ويلزم لصحة الوقف أن لا يكون الواقف سكن في العمارة حتى مات.
جاء في بلغة السالك: من أوقف دار سكناه على ذريته وبقي ساكنا حتى مات يكون وقفه باطلا باتفاق أهل المذهب ويرجع ميراثا.
وأصحاب هذا القول منهم من يقول تصرف غلة الوقف على الفقراء إلى أن يوجد الموقوف عليه، وعلى هذا فيلزم السائل دفع أجرة السكن في هذه العمارة إلى الفقراء، وقيل تدفع الغلة إلى أقارب الواقف، فعلى هذا القول إذا أزيلت العمارة ودفع تعويض عن الإزالة يبنى به عمارة عملا بشرط الواقف ويعمل فيها بما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1430(12/4356)
مسائل تتعلق بالموظفين الذين يتقاضون رواتبهم من الوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى المشايخ الفضلاء في الشبكة الإسلامية حفظهم الله ورعاهم. نود الإجابة على مسألتنا هذه وهي ما يتعلق بالوقف لا يخفاكم أن قسم تحفيظ القرآن الكريم وغيره من أقسام الوزارة يأخذ ميزانيته من أموال الوقف، ونظرا لما لمال الوقف من الأهمية وتطبيق شرط الواقف وأنه كنص الشارع، فقد وقع خلاف في ما يتعلق بموظفي هذه الأقسام هل يجوز لهم عند سفرهم بمهام تتعلق بغير عملهم في قسم التحفيظ كمهمة الدعوة إلى الله، مرشدي الحجيج في موسم الحج مثلا أن يعتبروا على رأس عملهم بحيث تستمر رواتبهم كما هو معمول به في دوائر الدولة الأخرى، وكذلك عند مرض الموظف وإحضاره شهادة مرضية تثبت ذلك، وكذا عند سفره يعتمد له إجازة شهر براتب كل سنة، وكذا أيام الإجازات الرسمية في الدولة. وهل لناظر الوقف أن يتصرف في الوقف بحسب قوانين الدولة والعرف طالما أن الواقف لم يحدد مثل هذه الأمور. آملين الإجابة بتوسع فيما يتعلق بما ذكر وغير ما ذكر مما يرى الفضلاء من مشايخنا ذكرها ضمن الجواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأموال الوقف إن شرط الواقف أن تصرف في جهة بر محددة وبقدر معين ونحو ذلك من الشروط، وكان شرطه جائزا ممكنا عمل بشرطه؛ لأنه إنما رضي بخروج ماله عن ملكه بهذا الشرط، فيجب التزام شرطه لحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أحمد.
قال الخرشي في شرح خليل: قوله واتبع شرطه أي بلفظه إن جاز أي: وأمكن فإن لم يمكن إتباع لفظه كشرطه انتفاعا بكتاب في خزانة ولا يخرج منها ولا ينتفع به إلا بمدرسته التي بناها بصحراء أو تعذر ذلك فيخرج لغيرها وكما إذا شرط تدريسا مثلا في مكان ولم يمكن التدريس في ذلك المحل فإنه يجوز نقله. انتهى.
فقد خولف هنا شرط الواقف للضرورة، وذهبت طائفة من الفقهاء إلى جواز مخالفة الناظر لشرط الواقف لمصلحة راجحة.
جاء في فتاوى ابن تيمية: يجوز تغيير شرط الواقف إلى ما هو أصلح منه، وإن اختلف ذلك باختلاف الزمان حتى لو وقف على الفقهاء والصوفية واحتاج الناس إلى الجهاد صرف إلى الجند، وإذا وقف على مصالح الحرم وعمارته فالقائمون بالوظائف التي يحتاج إليها المسجد من التنظيف والحفظ والفرش وفتح الأبواب وإغلاقها ونحو ذلك يجوز الصرف إليهم، وقول الفقهاء نصوص الواقف كنصوص الشارع، يعني في الفهم والدلالة لا في وجوب العمل. مع أن التحقيق أن لفظ الواقف والموصي والناذر والحالف وكل عاقد يحمل على مذهبه وعادته في خطابه ولغته التي يتكلم بها وافق لغة العرب أو لغة الشارع أو لا. والعادة المستمرة والعرف المستقر في الوقف يدل على شرط الواقف أكثر مما يدل لفظ الاستفاضة....... وكل متصرف بولاية إذا قيل له: افعل ما تشاء فإنما هو لمصلحة شرعية، حتى لو صرح الواقف بفعل ما يهواه أو ما يراه مطلقا فهو شرط باطل لمخالفته الشرع، ولا أعلم خلافا أن من قسم شيئا يلزمه أن يتحرى فيه العدل ويتبع ما هو أرضى لله تعالى ولرسوله، وسواء استفاد القسمة بولاية كالإمام الحاكم أو بعقد كالناظر والوصي. انتهى.
ويقول ابن القيم في شروط الواقف: ويجوز بل يترجح مخالفتها إلى ما هو أحب إلى الله ورسوله منها وأنفع للواقف والموقوف عليه ويجوز اعتبارها والعدول عنها مع تساوي الأمرين. انتهى.
وبهذا تعلم أن قول من قال من الفقهاء: شرط الواقف كنص الشارع. ليس كما يفهمه الكثير من حتمية اتباعه دون النظر إلى جوازه، وإمكانه أن جاز، ودون النظر إلى مراعاة مقصد الواقف والجمود على لفظه.
جاء في مواهب الجليل: قال البرزلي في مسائل الحبس سئل القابسي عمن حبس كتبا وشرط في تحبيسه أنه لا يعطى إلا كتاب بعد كتاب، فإذا احتاج الطالب إلى كتابين أو تكون كتبا شتى فهل يعطى كتابين منها أم لا يأخذ منها إلا كتابا بعد كتاب؟ فأجاب إن كان الطالب مأمونا واحتاج إلى أكثر من كتاب أخذه لأن غرض المحبس أن لا يضيع، فإذا كان الطالب مأمونا أمن هذا، وإن كان غير معروف فلا يدفع إليه إلا كتاب واحد. انتهى.
وإذا لم يشترط الواقف شروطا محددة، وترك التصرف في أموال الوقف للناظر أو جهلت شروط الواقف فيجب على الناظر العمل فيها بمقتضى المصلحة الشرعية والعرف السليم المستقر.
جاء في الإنصاف: وإن كان على قوم، وثم عرف في مقادير الصرف كفقهاء المدارس رجع إلى العرف.لأن الغالب وقوع الشرط على وفقه.وأيضا: فالأصل عدم تقييد الواقف فيكون مطلقا والمطلق منه يثبت له حكم العرف. وإن لم يكن عرف سوي بينهم؛ لأن التشريك ثابت، والتفضيل لم يثبت.انتهى.وقال: وذكر المصنف نحوه، واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله: أنه يرجع في ذلك إلى العرف والعادة. وهو الصواب. انتهى
وعليه، إن كان العرف في أجور الموظفين أن يحسب لهم إجازات سنوية ومرضية، فموظفوا التحفيظ مثلهم مثل سائر الموظفين، ولا يستقيم أن يعطى سائر الموظفين إجازات برواتب سنوية أو مرضية ولا يعطى المحفظون، وأما بالنسبة لمسألة تفريغهم لبعض المهام واعتبارهم على رأس عملهم فهذا لا يختلف عن الإجازات إن كان العرف جرى أن من حق الموظف أن يفرغ لمهمة أو عمل وهو على رأس عمله مع مراعاة أمرين مهمين عند التفريغ الأول: المصلحة الشرعية لهذا التفريغ فيحرم أن يفرغ الموظف حسب أهواء ومصالح القائمين على الوقف كما هو معروف في كثير من صور التفريغ هذه.
يقول ابن تيمية: الناظر ليس له أن يفعل شيئا في أمر الوقف إلا بمقتضى المصلحة الشرعية، وعليه أن يفعل الأصلح فالأصلح. وإذا جعل الواقف للناظر صرف من شاء وزيادة من أراد زيادته ونقصانه فليس للذي يستحقه بهذا الشرط أن يفعل ما يشتهيه أو ما يكون فيه اتباع الظن وما تهوى الأنفس، بل الذي يستحقه بهذا الشرط أن يفعل من الأمور الذي هو خير ما يكون إرضاء لله ورسوله. وهذا في كل من تصرف لغيره بحكم الولاية: كالإمام والحاكم والواقف وناظر الوقف وغيرهم: إذا قيل: هو مخير بين كذا وكذا أو يفعل ما شاء وما رأى فإنما ذاك تخيير مصلحة لا تخيير شهوة. والمقصود بذلك أنه لا يتعين عليه فعل معين بل له أن يعدل عنه إلى ما هو أصلح وأرضى لله ورسوله وقد قال الواقف: على ما يراه ويختاره ويرى المصلحة فيه. وموجب هذا كله أن يتصرف برأيه واختياره الشرعي الذي يتبع فيه المصلحة الشرعية. وقد يرى هو مصلحة والله ورسوله يأمر بخلاف ذلك ولا يكون هذا مصلحة كما يراه مصلحة، وقد يختار ما يهواه لا ما فيه رضى الله فلا يلتفت إلى اختياره حتى لو صرح الواقف بأن للناظر أن يفعل ما يهواه وما يراه مطلقا لم يكن هذا الشرط صحيحا؛ بل كان باطلا لأنه شرط مخالف لكتاب الله، ومن اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط كتاب الله أحق وشرط الله أوثق. انتهى.
ويجدر الانتباه إلا أنه إذا كان عدم التفريغ سيعود على العمل في أقسام التحفيظ بالضرر كأن يزهد الأكفاء في العمل فيه إذا علموا أنه لا تفريغ في هذه الأقسام فالمصلحة العمل بهذا النظام لما تقرر أن الناظر يتصرف فيها بمقتضى المصلحة.
الأمر الثاني: إذا كان الإنفاق على المتفرغ من أموال الوقف الموقوفة على جهات البر عامة دون تلك المخصصة لتحفيظ القرآن، وكان المتفرغ في عمل بر كمرشدي الحجيج فهذ لا إشكال فيه لأنه مستحق للراتب ولم يخرج عن شرط الواقف أصلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1430(12/4357)
حكم الانتفاع بوقف المسجد بغير أجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشرعي في التصرفات التالية في وقف المسجد: بنيت مدرسة في الأرض الوقفية ولا تدفع أجرة مقابل ذلك- استخدمت قطعة من أرض الوقف كملعب لكرة القدم ولا تدفع أجرة مقابل ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الأرض الموقوفة على المسجد ليس لأحد أن ينتفع بها إلا بإذن ناظرها، ولايجوز للناظر أن يتصرف في الوقف إلا بما فيه مصلحته أو مصلحة من وقف عليه، فإذا كانت هذه الأرض قد وقفت على المسجد فلا يجوز دفعها لمن يستغلها بغير أجرة، بل الواجب أن تؤخذ الأجرة ممن ينتفع بها نفعاً مباحاً وتصرف هذه الأجرة في مصلحة المسجد، لأن في ترك ذلك إضراراً بالمسجد وتعطيلاً للوقف، وهذا غير جائز، ومثل ذلك يقال في القطعة المتخذة للعب الكرة، مع وجوب الابتعاد عما يمكن أن يؤدي إلى التشويش على المصلين أو ما يتنافى مع الأخلاق الإسلامية، وانظر الفتوى رقم: 28509.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(12/4358)
الاعتداء على الأرض الموقوفة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشرعي في التصرفات التالية في وقف المسجد: بنيت مدرسة في الأرض الوقفية ولا تدفع أجرة مقابل ذلك، استخدمت قطعة من أرض الوقف كملعب لكرة القدم ولا تدفع أجرة مقابل ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأرض الموقوفة لا يجوز التصرف فيها إلا لمصلحة الوقف، فمن وقف أرضا لبناء مسجد خرجت عن ملكه فليس له التصرف فيها في مصالحه بعد ذلك، ولكن لو قدر أنه لم يعد المكان صالحاً للمسجد لكونه قد بني ما يغني عنه من المساجد فلا حرج في هذه الحالة على من له النظر في هذا الوقف أن يغيره إلى ما فيه المصلحة.
وعليه فإذا كانت الأرض المذكورة موقوفة لبناء مسجد فلا يجوز استخدامها في غير ذلك إلا لمصلحة راجحة، وإذا كانت الأرض موقوفة ليصرف من عائدها على المسجد فإن ناظر الوقف ينظر في الأصلح، فإن كان الأصلح تأجيرها فإنه يؤجرها فيما يباح، وبالجملة فإن الاعتداء على الموقوف لا يجوز، ومن اغتصب داراً أو أرضاً موقوفه لزمه تسليمها لناظر الوقف ودفع أجرتها منذ غصبها..
وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6658، 72955، 75186، 97752، 100324.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1429(12/4359)
مسائل تتعلق بالوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد لدي أحد أقربائي مسجد وقف وعمائر تابعة له, كان المسؤول عن الوقف والده الذي بنى هذه العمائر من أمواله على أرض الوقف التابع للمسجد الذي أوقفه أحد أجداده, والآن تزيد غلتها عن حاجة المسجد يصرف على المسجد والذي يزيد يأخذه لنفسه, واشترى له بيتا بهذه الأموال حيث إنه لايملك بيتا, والآن أصبح بعض أقاربه يطلبون منه من أموال المسجد ويقولون إن لهم حقا في هذه الأموال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا البناء الذي تم على أرض الوقف لا يخرج قصد صاحبه – الذي هو ناظر الوقف به عن أربعة أمور:
أولا: أن يكون قد بناها بنية الوقف، ويعرف ذلك بالقرائن كأن كان يضم الريع إلى مصلحة المسجد ولا يستفيد منه لنفسه، فهي وقف لا يجوز لأحد من ورثته أن ينتفع منه بشيء.
ثانيا: أن يكون قد بناها لنفسه ومصلحته، ويعرف ذلك بالقرائن أيضا كأن كان يحوز الريع لماله الخاص ويضمه لمصلحته فهذا غصب، وبما أن الأرض المغصوبة في مسألتنا وقف فإنا نقول: إما أن يكون للواقف غرض في تعيين هذه الأرض بعينها للوقف أو لا يكون.
فإن لم يكن له غرض فالسبيل هو أن يغرم الغاصب أرضاً مثل هذه الأرض التي بنيت عليها البنايات أو أحسن منها للمسجد، بشرط أن تحقق الأرض البديلة نفس المصلحة التي رجاها الواقف.
قال ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق -: أرض الوقف إذا غصبها غاصب وأجرى عليها الماء حتى صارت بحراً لا تصلح للزراعة يضمن قيمتها ويشتري بقيمتها أرضاً أخرى، فتكون الثانية وقفاً على وجه الأولى. انتهى.
أما إذا كان للواقف غرض في تعيين هذه الأرض ولا يوجد هذا الغرض في الأرض البديلة فيتم في هذه الحالة التصالح بين القائمين على الوقف وبين أصحاب هذه البنايات، فمن الممكن مثلا أن تملك هذه البنايات للمسجد يستفيد من ريعها، ويأخذ أصحابها قيمتها بالتقسيط من غلة الوقف.
قال ابن قدامة في المغني: وإن اتفق على تعويضه عنه بالقيمة أو غيرها، جاز؛ لأن الحق لهما أي للمالك والغاصب، فجاز ما اتفقا عليه. انتهى.
مع ملاحظة خصم ما استفاده من منافع الأرض مدة استيلائه عليها إلى أن ينتهي الغصب بطريقة شرعية.
ولا بد من أن يتم الصلح في ضوء مراعاة مصلحة الوقف في المقام الأول.
ثالثا: أن يكون قصده تحقيق مصلحة له وللوقف. فهو لم يخرج البناء عن ملكه، حينئذ يكون الأمر على ما أراد فيصير الريع بينه وبين الوقف بالمعروف والمثل. وقد أفتى جماعة من علماء المالكية منهم القاضي ابن باديس والناصر اللقاني، والأجهوري وأتباعه أنه إذا كان الوقف خرباً وتعذرت أو تعسرت إعادته من غلته أو من كرائه فيمكن تأجيره مدة طويلة لمن يعمره بالبناء، ويكون البناء ملكاً للباني ويدفع نظير الأرض حكراً (مبلغاً) يدفع للمستحقين، ويسمى هذا التصرف خلواً.
وجاء في شرح الخرشي أن القاضي ابن باديس قد أفتى بكرائها السنين الكثيرة، كيف تيسر، واشترط إصلاحها من كرائها، قال العدوي: أي أكثر من أربعين عامًا، وجاء قريب من هذه الأحكام في المذهب الحنفي ويسمى عندهم بالحكر، والحكر في باب الوقف وسيلة اهتدى إليها الفقهاء لعلاج مشكلة تتعلق بالأراضي والعقارات الموقوفة التي لا تستطيع إدارة الوقف (أو الناظر) أن تقوم بالبناء عليها أو زراعتها، أو أنها مبنية لكن ريعها قليل إذا قسنا بحالة هدم بنيانها، ثم البناء عليها، ففي هذه الحالة أجاز الفقهاء الحكر وحق القرار وهو عقد يتم بمقتضاه إجارة أرض للمحتكر لمدة طويلة، وإعطاؤه حق القرار فيها ليبني، أو يغرس مع إعطائه حق الاستمرار فيها ما دام يدفع أجرة المثل بالنسبة للأرض التي تسلمها دون ملاحظة البناء والغراس.
رابعا: وإن لم يظهر قصده لأيٍ من هذه الأمور، فبمجرد بنائه لهذه البنايات تصير وقفا تبعا للأرض؛ وقد نصت المادة 839 من مجلة الأحكام الشرعية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل على ما يلي: إذا بنى أو غرس في الوقف من هو موقوف عليه وحده فبناه وغرسه له محترم، وإذا بنى الشريك أو من له النظر فقط فبناه غير محترم، وليس له إبقاؤه بغير رضى أهل الوقف إلا إن أشهد أنه له، وإن لم يشهد أنه له فغرسه وبناؤه للوقف تبع للأرض ولو غرسه للوقف أو من مال الوقف فوقف. انتهى.
وعلى هذا فإنها تكون وقفا من وقت بنائها، وعلى من انتفع بها رد كل ما انتفع به من تلك الأرض إلى المسجد.
وما ذكرته من أن غلة هذه البنايات الموقوفة تزيد على حاجة المسجد، فإنا نقول: يجوز صرف الفائض عن حاجة المسجد في مصلحة وقف نظير له كمسجد آخر احتاج إلى مال.
فقد سئل شيخ الإسلام عن الوقف إذا فضل من ريعه واستغني عنه؟ فأجاب بأنه: يصرف في نظير تلك الجهة؛ كالمسجد إذا فضل عن مصالحه صرف في مسجد آخر، لأن الواقف غرضه في الجنس، والجنس واحد،. انتهى كلامه من الفتاوى الكبرى.
وإذا اختلفتم في شيء من أمور الوقف فإن الأمر يرجع إلى القاضي الشرعي، فهو الذي يحسم الخلاف في هذه الأمور.
وللفائدة تراجع الفتاوى رقم: 6609، 28270، 100324، 28307.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1429(12/4360)
الصدقة والوقف ثوابهما عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[أردت أن أعمل وقفا خيريا عن والدي وهما أحياء، والوقف عبارة عن استقطاع شهري من الراتب، فهل يجوز أن أجعل الاستقطاع مبلغا واحدا على أن تكون في نيتي نصف المبلغ لوالدي والنصف الأخر لأمي، أم أجعله مبلغين منفصلين، بحيث يكون أحد الاستقطاعين لأبي والآخر لأمي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول أولا إن كان السائل يعني بقوله: عبارة عن استقطاع شهري من الراتب.. أنه ينفقه على الفقراء ونحوهم فهذه صدقة وليست وقفا، لأن الوقف وهو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة، والمراد بالأصل: ما يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه، وإن كان يعني أن المبلغ ينفق في شراء أو بناء ما يحبس أصله وتسبل منفعته فهذا وقف، وإن نوى أن يكون أجرا لوالديه فهذا جائز أيضا كما قال صاحب الزاد: وأي قربة فعلها وجعل ثوابها لميت مسلم أو حي نفعه ذلك. انتهى.
وفي كلا الحالين يجوز أن يخرج مبلغا واحدا وينوي أن نصفه عن أبيه والآخر عن أمه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1429(12/4361)
حول الورثة المصلى إلى محلات تجارية فهل يجوز شراء محل منهم
[السُّؤَالُ]
ـ[قطعة أرض تحولت في عهد الاستعمار من مصلى إلى حانة حتى بعد الاستقلال وبعد وفاة صاحبها (1980) حولها الورثة إلى محلات تجارية للتسويق أو البيع، السؤال هل لي أن أقوم بكراء أو شراء محل منهم لاستغلاله في التجارة، فأرجو أن تفيدوني مع الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المصلى إذا كان مالكه قد جعله مصلى وأذن للناس إذناً عاماً بالصلاة فيه، فقد خرج عن ملك صاحبه ويعتبر وقفاً، والأصل أن المساجد لا يجوز تحويلها عما بنيت له، ولا يجوز لمن تبرع بها الرجوع فيها ولا هدمها، لأنها وقف لله تعالى، وهذا مذهب جماهير أهل العلم، والمصلى إذا كان وقفاً يأخذ حكم المساجد في ذلك، ويمكنك للمزيد من الفائدة مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23536، 6658، 6313، 73238، 77664.
فعلى هذا الواجب عليك أن تنصح هؤلاء الورثة بإعادة المكان إلى مصلى كما كان، فإن هذا المصلى قد خرج عن ملك مورثهم وصار وقفاً لله تعالى ولا حق لهم فيه، فإن قبلوا فالحمد لله، وإلا فلا يجوز لك كراء أو شراء محل منهم؛ لأن في ذلك إخراجاً للموقوف عن وقفيته وتعاوناً معهم على الإثم والعدوان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1429(12/4362)
حكم استعارة الكتب الموجودة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هلى يجوز إخراج الكتب من المسجد لأي شخص؟ إذا كان لا؟ هل لطالب العلم الشرعي عذر في ذلك خصوصا إذا علمنا أن الطالب لا يستطيع شراءها؟ إذا كان لا. ماحكمه إذا أصر وصمم على إخراجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكتب الموجودة في المسجد إنما يحكم كيفية التعامل معها شرط من وقفها على المسجد، للقاعدة الفقهية: (شرط الواقف كنص الشارع) يعني في وجوب العمل به وفي المفهوم والدلالة. فإن كان من وقفها أراد أن لا تخرج من المسجد، فيلزم العمل بذلك، وإن كان قد سمح باستعارتها خارج المسجد فلا بأس بذلك.
ولا فرق حينئذ بين طالب العلم وغيره، ولا بين الفقير الذي لا يستطيع شراءها وغيره، فإن أصر أحد على مخالفة شرط الواقف كان آثما وتلزمه التوبة. وردها إلى مكانها.
وأما في حالة تسبب شرط الواقف في تعطيل الانتفاع بالوقف، كأن تنعدم الاستفادة من الكتب بسبب عدم إعارتها، فقد اختلف أهل العلم في حكم مخالفة شرطه وصرف الوقف والتصرف فيه على خلافه، وقد سبق ذكر أن الراجح جواز التصرف في الوقف بخلاف ما اشترطه الواقف إن كان ذلك لمصلحة راجحة، كما في الفتوى رقم: 50359.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1429(12/4363)
حالات الوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت عمتي وليس لها أولاد ولا بنات ولها 3 إخوة ذكور وأخت وأخ رابع توفي قبلها وكانت قد أوقفت كل ما تملك تقريبا لأبناء اثنين من أخويها الذكور وإن نزلوا علما بأن أحدهما الأخ المتوفى قبلها وعليه حرم جميع إخوتها الذكور من الميراث وحتى عمتي الأخرى ليس لها أي حق سوى العيش في الغرفة من العقار الموقوف من دون الحق في التصرف بحسب بيان الوقف، والسؤال هو هل يجب تفعيل هذا الوقف، وما هي شرعية مثل هذا الوقف وهو طبعا مسجل في إدارة الأوقاف في بلد المتوفاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أوقفته عمتك على أولاد أخويها لا يخلو من ثلاث حالات:
الأولى: أن تكون أوقفته في حال صحتها وقفا منجزا أي فورا من غير أن تعلقه بموتها فهذا وقف صحيح نافذ، ويكون الوقف على ما شرطته.
الثانية: أن تكون أوقفته في حال صحتها ولكن وقفا معلقا على موتها كأن تقول: أملاكي وقف بعد موتي.
الحالة الثالثة: أن تكون أوقفته في مرض موتها.
وفي هاتين الحالتين –الثانية والثالثة- فإن هذا الوقف يعتبر وصية لا تصح بأكثر من الثلث إلا بإذن الورثة, فإن رضي إخوتها الأحياء وأختها بإمضاء هذا الوقف فذاك, وإن لم يرضوا فلهم الحق في أخذ ثلثي التركة وأمضي من الوقف الثلث من تركتها.
قال ابن قدامة رحمه الله: ومن وقف في مرضه الذي مات فيه أو قال هو وقف بعد موتي ولم يخرج من الثلث وقف منه بقدر الثلث إلا أن تجيز الورثة. وجملته أن الوقف في مرض الموت بمنزلة الوصية في اعتباره من ثلث المال لأنه تبرع فاعتبر في مرض الموت من الثلث كالعتق والهبة، وإذا خرج من الثلث جاز من غير رضا الورثة.... فأما إذا قال هو وقف بعد موتي فظاهر كلام الخرقي أنه يصح ويعتبر من الثلث كسائر الوصايا وهو ظاهر كلام الإمام أحمد.... انتهى مختصرا.
قال ابن حجر الهيتمي الشافعي في تحفة المحتاج عن تعليق الوقف بالموت: ... يكون حكمه حكم الوصايا ... انتهى. , وانظر لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 64493.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1429(12/4364)
حكم بيع ووراثة المال الموقوف
[السُّؤَالُ]
ـ[نملك ملك جدنا المتوفى سنة 1947ميلاد ويتمثل هذا الملك في منزل وجنان ونحن أولاد أولاد الجد والملك أهمل وضاع بسبب القدم وعدم العناية به وماتت الأشجار والنخيل والمسكن قديم على حافة الانهيار وقد أوصى جدنا بحبوس أملاكه وحرم الورثة من التصرف فيه حتى توفي أولاده (الآباء) ولم يبق سوى عمة واحدة على قيد الحياة. ودعا بدعوة الشر على من يقسم أو يبيع أو يغير محتوى الوقف (الحبوس) السائل هل بعد هذا الضياع يحق للورثة أن يكسروا ويبيعوا ويرثوا حقهم من هذا الميراث خير من ضياعه. وهل دعوة الجد بعد وفاته شرعية وسأرسل لكم نسخة من عقد الحبوس أرجو الإجابة واضحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما فعله الجد فعله حال حياته وصحته، ونَجَّزَه من وقته ولم يؤجله إلى ما بعد موته، فهذا وقف صحيح، يجب العمل به، والتزام شرط الواقف فيه.
وأما إذا لم ينجزه بل أجَّله بموته ـ كما هو ظاهر السؤال ـ فله حينئذ حكم الوصية، ولا ينفذ منها أكثر من الثلث إلا برضا الورثة.
جاء في الموسوعة الفقهية: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ التَّنْجِيزِ فِي الصِّيغَةِ، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ، إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ صِيغَةُ الْوَقْفِ مُنْجَزَةً، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُعَلَّقَةً عَلَى شَرْطٍ ... لَكِنْ يُسْتَثْنَى عِنْدَ الْجُمْهُورِ الْوَقْفُ الْمُعَلَّقُ عَلَى الْمَوْتِ، كَمَا إِذَا قَال: إِنْ مُتُّ فَأَرْضِي هَذِهِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَإِنَّ الْوَقْفَ يَصِحُّ؛ لأَِنَّهُ تَبَرُّعٌ مَشْرُوطٌ بِالْمَوْتِ، وَيُعْتَبَرُ وَصِيَّةً بِالْوَقْفِ، وَعِنْدَئِذٍ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فِي اعْتِبَارِهِ مِنَ الثُّلُثِ كَسَائِرِ الْوَصَايَا. انتهى.
وأما مسألة خراب الوقف، فجمهور العلماء على أنه لا يجوز مطلقا حل الوقف ولا التصرف فيه بما يخرجه عن وقفيته. لما روى ابْن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَصَابَ عُمَرُ بِخَيْبَرَ أَرْضًا فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَصَبْتُ أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ، فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي بِهِ؟ قَالَ: إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا. فَتَصَدَّقَ عُمَرُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ فِي الْفُقَرَاءِ وَالْقُرْبَى وَالرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ. رواه البخاري ومسلم.
وذهب الإمام أحمد في رواية إلى: أنه يجوز بيع الوقف واستبداله بغيره إذا تعطلت منافعه بالكلية، ولم يمكن الانتفاع به ولا تعميره وإصلاحه.
وإذا كان الموقوف أرضا وعقارا ولم يمكن عمارته إلا ببيع بعضه، فلا بأس بذلك.
قال ابن قدامة في المغني: الْوَقْف إذَا خَرِبَ وَتَعَطَّلَتْ مَنَافِعُهُ , كَدَارٍ انْهَدَمَتْ , أَوْ أَرْضٍ خَرِبَتْ وَعَادَتْ مَوَاتًا , وَلَمْ تُمْكِنْ عِمَارَتُهَا ... جَازَ بَيْعُ بَعْضِهِ لِتُعَمَّرَ بِهِ بَقِيَّتُهُ. وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ بِيعَ جَمِيعُهُ ... وإِنْ لَمْ تَتَعَطَّلْ مَنْفَعَةُ الْوَقْفِ بِالْكُلِّيَّةِ , لَكِنْ قَلَّتْ , وَكَانَ غَيْرُهُ أَنْفَعَ مِنْهُ وَأَكْثَرَ رُدَّ عَلَى أَهْلِ الْوَقْفِ , وَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ تَحْرِيمُ الْبَيْعِ , وَإِنَّمَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ صِيَانَةً لِمَقْصُودِ الْوَقْفِ عَنْ الضَّيَاعِ , مَعَ إمْكَانِ تَحْصِيلِهِ , وَمَعَ الِانْتِفَاعِ , وَإِنْ قَلَّ مَا يَضِيعُ الْمَقْصُودُ , اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ فِي قِلَّةِ النَّفْعِ إلَى حَدٍّ لَا يُعَدُّ نَفْعًا , فَيَكُونُ وُجُودُ ذَلِكَ كَالْعَدَمِ. انتهى.
وأما دعوة الجد بالشر على من قسم أو باع أو غير محتوى الوقف فهذا فرع عن صحة تصرفه، وكون ما فعله وقفا أو وصية، فإن كان وقفا صحيحا فدعوته هذه حق ينبغي الحذر منها، وإلا فلا.
والخلاصة أن ما فعله الجد إن كان وقفا صحيحا بكونه قد نَجَّزَه في حياته، فلا بد من المحافظة عليه وعمارته ولو ببيع بعضه ورده عليه.
وإن كان ما فعله وصية بكونه أجل نفاذه إلى ما بعد موته، فهي لا تنفذ إلا في حدود الثلث، والباقي يكون ميراثا لمستحقيه.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23565، 48050، 74508، 6609، 59393، 3858، 6658، 71004.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1429(12/4365)
حكم الإنفاق على الوقف من غلته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي مشروع أرانب وخصصت قسما لله وجعلت لكل خمس أمهات واحدة منهن لله على أن يكون كل الولد يباع ويخرج ثمنه لله، السؤال: هل ممكن أصرف على الأم وعلى الصغار من ثمن البيع والباقي يخرج لله ولا أصرف عليهم من حسابي وأخرج البيع كله لله؟ ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه من الصدقة الجارية وهي محمولة عند العلماء على الوقف، ووقف الحيوان جائز عند الجهمور كما في فتوانا رقم: 61132، تفصيلا، وعليه فلا حرج عليك في صرف بعض ثمن هذه الصغار لمصلحة باقي الوقف.
قال ابن رجب: نفقة الوقف وهي من غلته ما لم يشرط من غيرها، وكذلك في المغني لابن قدامة، فيجوز لك الاتفاق على الأم الموقوفة من غلة الوقف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1429(12/4366)
الفرق بين الوقف والسبيل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الوقف والسبيل معنى وحكما؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الوقف والحبس والصدقة الجارية معناها في الشرع واحد، وكذلك السبيل إذا قصد به حبس الأصل وتسبيل المنفعة، وإذا قصد به هبة العين فهو صدقة فقط.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوقف في اللغة معناه: مطلق الحبس، ومعناه في الشرع: حبس أصل المال المتصدق به على الجهة التي عين لها وتسبيل منفعته عليها للتصرف فيها كيف شاءت، ويسمى وقفا وحبسا وسبيلا وصدقة جارية.
والسبيل معناه في اللغة: الطريق، ومعناه في الشرع جعل الشيء الموهوب أو المتصدق به في سبيل الله؛ فإن كان قصد المتصدق حبس أصل الصدقة وتسبيل منفعتها فهو: وقف وحبس وصدقة جارية، وإن كان قصده تمليك ذات المتصدق به أو الموهوب فهو صدقة فقط.
وعلى هذا فالوقف والسبيل بينهما عموم وخصوص؛ فكل وقف سبيل، وليس كل سبيل وقفا.
وأصل هذه الألفاظ: قول النبي- صلى الله عليه وسلم- لعمر في شأن أرضه "حبس الأصل وسبل الثمرة" وفي رواية في الصحيحين: "..إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها.. "
قال ابن عمر رضي الله عنهما: فتصدق بها عمر في الفقراء والقربى والرقاب وفي سبيل الله تبارك وتعالى وابن السبيل والضيف لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقا غير متمول منه مالا.
وللمزيد عن الوقف وحكمه وما يتعلق به انظر الفتوى: 48050 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1429(12/4367)
نوى زوجها أن يبني مسجدا في أرضها ثم مات ولم يتمه
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة تملك مساحة من الأرض وقد شرع زوجها بالبناء عليها وكانت نيته بناء مسجد وقد توفاه الله قبل بنائه ولقلة الموارد ولوجود ورثة قصر بعد وفاته تأجل البناء لفترة طويلة وخلال هذه الفترة بني مسجد مقارب لنفس المكان فأرجو إفادتي هل إذا كان الزوج ينوي بناء مسجد هل يجوز عدم إتمام بناء المسجد، علما بأن الأرض أصلا للزوجة، أو تقدير قيمة البناء ووضعه في أي عمل خيري آخر؟ وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
بمجرد أن يوقف الشخص أرضه لبناء مسجد ونحوه يزول ملكه عنها وينتقل إلى ملك الله تعالى، ولا تصرف الأرض في غير ما وقفت عليه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال يحتاج إلى بيان أكثر، ومع هذا نقول إذا كان السؤال عن الأرض التي تملكها الزوجة فينظر إن كانت الزوجة أوقفت الأرض لبناء مسجد فلا تصرف هذه الأرض في غيره، سواء بناه الزوج أو غيره فبمجرد الوقف زال ملك الزوجة عن الأرض وانتقل إلى ملك الله تعالى، جاء في متن الإقناع: يزول ملك الواقف عن العين الموقوفه بمجرد الوقف وينتقل الملك فيها إلى الله تعالى إن كان الوقف على مسجد ونحوه.
وبناء مسجد في مكان قريب لا يخرج الأرض الأولى عن الوقف، وأما إذا لم يحصل من الزوجة وقف للأرض وكانت المسألة مجرد نواياً لم يتيسر تحققها، فالأرض بما فيها على ملك صاحبتها ولا يترتب على النية شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1429(12/4368)
حكم أخذ مصحف من المسجد واستبداله بمصحف آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا استبدلت مصحفا من المسجد فما حكم هذا العمل يعني مثل قالون بحفص؟ ولا تنسونا من صالح دعائكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة للجواب على هذا السؤال فإن الغالب في المصاحف التي توضع في المسجد أن تكون موقوفة على المسجد فلا يجوز أخذ واحد منها وجعل آخر مكانه، لأن في هذا مخالفة لشرط الواقف، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 100457، والفتوى رقم: 34047.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1429(12/4369)
وقف مزرعته على زوجته وأبنائه وبناته
[السُّؤَالُ]
ـ[لدى والدي مزرعة تستغل سنويا بمبلغ جيد فيها محلات تجارية ونخيل وبعض الخضار، لقد وقف والدي المزرعة على زوجاته وأولاده ذكورا وإناثا وله الربع من الغلة يوزع على ذوي الحاجة، كيف يتم توزيع الغلة على الزوجات والأولاد إذا كانت الزوجة الأولى لديها ابن واحد والزوجة الثانية متوفاة ولها ابنتان والزوجة الثالثة لها أربع أبناء وخمسة بنات حيث إن المزرعة لها ناظر يديرها وله 20% من الغلة ولها مصاريف سنوية مثل الصيانة ورواتب العمال وفواتير الكهرباء..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز للمكلف أن يوقف ما يصح وقفه كالمزرعة وتوابعها لأقاربه وزوجاته وأولاده، ويستثني بعض الغلة لنفسه مدة حياته أو مدة معلومة أو لصديق أو للفقراء وذوي الحاجة، ولا يصح الوقف على من لا يملك كأن يوقف على متوفى أو الحمل استقلالا، لكن يصح في الحمل تبعا كأن يقول وقفت على أولادي ثم أولادهم، ويكره في الوقف أن يفضل بعض أولاده على بعض لغير سبب شرعي، وإذا نص الواقف على تقسيم الوقف بين الموقوف عليهم عمل بشرطه، وفي الصورة المعروضة يدفع ربع الغلة لذوي الحاجة وتأخذ نفقة الوقف من الغلة إذا لم يعين الواقف النفقة من غيره.
جاء في الإنصاف: وينفق عليه الوقف من غلته إذا لم يعين الواقف النفقة من غيره. اهـ
وأما أجرة التاظر على الوقف فينظر إن كان الواقف قدرها بـ 20 فيعمل بهذا التقدير على قول من يجيز أن تكون الأجرة نسبة شائعة، وتراجع الفتوى رقم: 63067.
وإذا أهمل الواقف حق الناظر ولم يعين له أجرا معينا فللموقوف عليهم أن يتفقوا مع الناظر على أجرة مقدرة، وإذا تقرر ما تقدم فبقية غلة الوقف تصرف على الزوجات والأولاد حسب عبارة وشرط الواقف.
وإذا مات أحد الموقوف عليهم ولم تدل عبارة الواقف على بقاء الوقف في ذريته وعقبه رجع الوقف إلى أقرب الناس بالواقف، وفي المسألة أقوال أخرى لأهل العلم يختلف الحكم فيها بموت الموقوف عليه في حياة الواقف أو بعدها، وهذه التفاصيل يلزم الرجوع فيها إلى المحاكم الشرعية وللنظر في الوقف وبيان ما يعمل فيه وكيفية قسمته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1429(12/4370)
بيع الوقف لأجل المصلحة.. نظرة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي عقار وقفته لله لكن أخشى أن يقع التصرف فيه بعد وفاتي.
فهل يجوز لي بيعه والتبرع بثمنه لبناء مسجد مثلا؟ علما بأن في بلدي ليس هناك مؤسسة تعنى بالأوقاف.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الأصل أن الوقف لا يجوز بيعه، ولكنه إذا خيف عليه من استيلاء الظلام ولم يمكن تفادي ذلك إلا ببيعه واستبداله بما يؤمن الاعتداء عليه فلا حرج في ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الوقف لا يباع ولا يوهب ولا يورث، وقد دل على ذلك حديث عمر رضي الله عنه، وفيه: فتصدق بها عمر أنه لا يباع أصلها ولا يبتاع، ولا يورث ولا يوهب. .. الحديث، وهو في الصحيحين.
ويستثنى من ذلك ما إذا دعت الضرورة لبيع الوقف أو استبداله لعدم صلاحيته لما وقف من أجله، أو للخوف عليه، أو نحو ذلك من المصالح المعتبرة التي تستدعي بيعه أو استبداله.
فحينئذ يجوز لناظره بيعه من أجل المصلحة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وقد جوز أحمد بن حنبل إبدال مسجد بمسجد آخر للمصلحة، كما جوز تغييره للمصلحة، واحتج بأن عمر بن الخطاب أبدل مسجد الكوفة القديم بمسجد آخر، وصار المسجد الأول سوقاً للتمّارين، وجوز أحمد إذا خرب المكان أن ينقل المسجد إلى قرية أخرى، بل ويجوز في أظهر الروايتين عنه أن يباع ذلك المسجد ويعمر بثمنه مسجد آخر في قرية أخرى إذا لم يحتج إليه في القرية الأولى، فاعتبر المصلحة بجنس المسجد وإن كان في قرية غير القرية الأولى إذا كان جنس المساجد مشتركة بين المسلمين.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه إن أمكن استغلال العقار في الوجه الذي حبس عليه سواء كان ذلك بتسليمه إلى الجهة الموقوف عليها أو جعله تحت يد أمين فإن ذلك هو المتعين فيه، ولا يجوز بيعه إلا عند تعذر كل ذلك.
وعليه، فإذا أمكن إبقاء العقار المذكور واستغلاله على الوجه الذي حُبِّس عليه فذلك هو الواجب. وإن تعطلت منفعته أو خشي عليه من أن يستولي عليه ظالم، ولم يمكن تفادي ذلك إلا ببيعه فلا نرى -حينئذ- حرجا في بيعه وجعل ثمنه في مسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1429(12/4371)
ناظر الوقف إذا فسق ثم عاد للعدالة فهل تعود له الولاية
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا فسق ناظر الوقف ثم عاد للعدالة فهل تعود إليه الولاية، فأفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا فسق ناظر الوقف ثم عاد للعدالة فهل يعود إلى ولايته؟ في ذلك تفصيل جاء في المنثور في القواعد للزركشي: (لو) فسق ناظر الوقف ثم صار عدلاً فإن كانت ولايته مشروطة في أصل الوقف منصوصاً عليه بعينه عادت ولايته وإلا فلا (أفتى به النووي ووافقه ابن الرفعة وغيره) .
وقال في أسنى المطالب تعليقاً على فتوى النووي بذلك: جزم به صاحب الأنوار وغيره وهو كما قال ولا ينبغي مجيء خلاف فيه لقوته، إذ ليس لأحد عزله ولا الاستبدال به، والعارض لم يكن سالباً بل مانعاً من التصرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1429(12/4372)
وقف جميع الأملاك ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن يوقف كل ماله ولايترك شيئا لورثته وذلك عملا بفعل سيدنا أبي بكر الذي أوقف كل ماله للجهاد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة الفتوى:
يجوز للمرء أن يوقف جميع أملاكه حال صحته وقفا منجزا بشرط أن لا يضيع بذلك نفقة من تلزمه نفقتهم، ولا يصح وقفه لأملاكه حال مرض موته، ولا تعليق الوقف بالموت إلا في الثلث، وما زاد على الثلث لا يمضي إلا بإجازة الورثة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمسلم أن يوقف جميع أملاكه وقفا ناجزا حال صحته إن كان قويا مكتسبا، بشرط أن لا يترتب على ذلك نقص كفاية من تلزمه نفقتهم. قال بن قدامة في المغني: وإن تصدق بما ينقص عن كفاية من تلزمه مؤنته ولا كسب له أثم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يمون. ولأن نفقة من يمونه واجبة والتطوع نافلة، وتقديم النفل على الفرض غير جائز، فان كان الرجل وحده أو كان لمن يمون كفايتهم فأراد الصدقة بجميع ماله وكان ذا مكسب أو كان واثقا من نفسه، يحسن التوكل والصبر على الفقر والتعفف عن المسألة فحسن.... وروي عن عمر رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق، فوافق ذلك مالا عندي فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما، فجئته بنصف مالي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قلت: أبقيت لهم مثله، فأتاه أبو بكر بكل ما عنده، فقال له: ما أبقيت لأهلك؟ قال: الله ورسوله، فقلت: لا أسابقك إلى شيء بعده أبدا، فهذا كان فضيلة في حق أبي بكر الصديق رضي الله عنه لقوة يقينه وكمال إيمانه، وكان أيضا تاجرا ذا مكسب ... انتهى.
وذكر ابن رجب في قواعده قال: نص أحمد فيمن تبرع بماله بوقف أو صدقة وأبواه محتاجان أن لهما رده. اهـ.
وإن كان الوقف معلقا على الموت أو كان في مرض الموت فإنه يأخذ حكم الوصية فلا يجوز بأكثر من الثلث إلا بإجازة الورثة، قال ابن قدامة رحمه الله: ومن وقف في مرضه الذي مات فيه أو قال هو وقف بعد موتي ولم يخرج من الثلث وقف منه بقدر الثلث إلا أن تجيز الورثة. وجملته أن الوقف في مرض الموت بمنزلة الوصية في اعتباره من ثلث المال لأنه تبرع فاعتبر في مرض الموت من الثلث كالعتق والهبة، وإذا خرج من الثلث جاز من غير رضا الورثة.... فأما إذا قال هو وقف بعد موتي فظاهر كلام الخرقي أنه يصح ويعتبر من الثلث كسائر الوصايا وهو ظاهر كلام الإمام أحمد.... انتهى مختصرا. وانظر الفتوى رقم 103974 والفتوى رقم 51389 والفتوى رقم 78881.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(12/4373)
إجارة أو بيع منفعة الوقف المستأجر.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن بيع أرض الأوقاف (بيع حق الانتفاع) .
يوجد لدينا ارض ملك للأوقاف وهذه الأرض ورثناها عن أبي جدي. وعندما توفي جدي اعتبرت من ضمن التركة وأخذ والدي وآخرون من الورثة في هذه الأرض والجزء الآخر من الورثة اخذ في أراض أخرى ملك لجدي. حيث كانت تعتبر في ذلك الوقت غير مهم أن تكون ملك الأوقاف أو ملك شخصي.
وفي سنة 1934 صدر حكم من المحكمة العليا بأن الأرض ملك للأوقاف على أن يكون للمزارعين حق الانتفاع بها هم وورثتهم.
الآن كل أعمامي باعوا حصصهم في هذه الأرض بيع منفعة وبقيت حصة والدي الذي يخاف أن يكون هذا البيع حراما. مع أنه تم سؤال مفتي البلد في هذا الموضوع وقال إن البيع جائز ولا غبار عليه وتم سؤال أشخاص متدينين وقالوا إن هذا البيع جائز لأن البيع يتم لحق الانتفاع وليس للأرض.
كما أنه يتم الضغط علينا من عدة جهات بأن نبيع هذه الأرض.
حيث تم الاعتداء عليها من أشخاص عدديين وسببوا لنا مشاكل كثيرة لكي يضغطوا علينا بأن نبيع هذه الأرض. كما أنه دفعنا مبالغ طائلة مقابل حماية هذه الأرض ولكن للأسف مازال الظلم واقعا علينا من قبل الأطراف الخارجية.
فالموقف الآن أن نتخلى عن هذه الأرض لهؤلاء الأشخاص الخارجيين لكي يتمكنوا من بيعها لحسابهم أو نبيعها نحن بيع منفعة لحسابنا.
فالرجاء الرد وبسرعة على الايميل الخاص وليس على موقعكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
يجوز إجارة الوقف لمدة طويلة محددة إذا كان ذلك يعود على الوقف بالمصلحة، ويشترط أن تكون الأجرة هي أجرة المثل، ومن ملك الانتفاع بالوقف بعقد صحيح جاز له بيع هذه المنفعة لآخر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي هذا السؤال مسائل مهمة:
الأولى: إجارة الوقف لمدة طويلة محل خلاف عند العلماء؛ فمن أهل العلم من ذهب إلى أنه لا تزيد مدة إجارة الوقف على ثلاث سنين ما لم تكن هناك مصلحة تعود على الوقف.
جاء في الفتاوى الهندية: إذا أجر الواقف أكثر من سنة لا يجوز، وإن لم يشترط فالمختار أن يقضي بالجواز في الضياع في ثلاث سنين؛ إلا إذا كانت المصلحة في عدم الجواز. وهذا يختلف باختلاف المواضع والزمان. اهـ
ومن العلماء من ذهب إلى إجارة الوقف فترة طويلة وإجراء أحكام الإجارة المعروفة عليه.
الثانية: قد يكون الوقف خربا أو يحتاج إلى عمارته ولا يوجد من غلته ما يفي بهذا الغرض فيؤجر الوقف المدة الطويلة لمن يعمره بالبناء ويدفع نظير الانتفاع بالوقف أجرة، ويسمى ما دفعه للعمارة خلوا.
الثالثة: في كل الأحوال يجب أن لا تقل أجرة الوقف عن أجرة المثل، ولا يحل إجارته بغبن فاحش، سواء أجر لمدة طويلة بخلو وبدون خلو.
الرابع: المستأجر الأول أحق بالإجارة إذا كان يدفع أجرة المثل، وإذا تجددت الرغبات في الوقف فتجدد الأجرة إلى أجرة المثل بالغا ما بلغت، فإن أبى المستأجر الأول دفع أجرة المثل فسخ عقده ولو كان بذل خلوا، ويؤجر الوقف لمن يدفع أجرة المثل كما ذهب إلى ذلك بعض أهل العلم، وذهب آخرون إلى بقاء الأمر على ما هو عليه إلى حين انتهاء عقد الإجارة ويتحمل الناظر النقص. جاء في كلام عليش في أرض موقوفة طرح فيها الناس أتربة وأقذارا حتى صارت تلالا لا ينتفع به في الحال فأجرها القاضي تسعة وتسعين سنة لمن ينقل منها ما فيها ويبنيها خانا كل سنة بأربعة أرطال زيت لا غير، وأزال المكتري ما فيها وأصلحها فحصلت الرغبة فيها بزائد عن تلك الأجرة فهل تفسخ الإجارة.. فأجاب: نعم يفسخ إن وجد حين عقد الإجارة من يستأجرها بزائد عما ذكر، أما إن لم يوجد حين العقد من يستأجرها بزائد عما ذكر فلا تفسخ. اهـ
وفي المسألة أقوال أخرى.
الخامسة: وهي بناء على ما تقدم في المسألة الرابعة، فالإجارة من العقود اللازمة ولكنها من الوقف تخضع لمصلحة الوقف، ففي الإجارة الطويلة يمكن فسخها إن كانت المصلحة في الفسخ، وقد ذهب الشافعية في الأصح إلى عدم صحة إجارة الوقف إن كانت بأقل من أجره المثل.
السادسة: ما يعرف بالخلو أو الحكر أو الاحتكار أو حق القرار وهو أن يقوم المكتري بعقار الوقف بالبناء فيه أو زراعته إن كان أرضا مقابل أن يكون له حق الاستمرار فيها.
جاء في رد المحتار: الاحتكار إجارة يقصد بها منع الغير واستبقاء الانتفاع بالأرض. اهـ
وهذا الاحتكار اختلف أهل العلم هل يجوز في الوقف أو لا يجوز؟ على ثلاثة مذاهب، والذين أجازوا ذلك اشترطوا أن لا يعود هذا الحكر على الوقف بالضرر بأن يخاف الاستيلاء عليه، واشترطوا كذلك أن يدفع المستأجر أجرة المثل.
جاء في رد المحتار: قال في جامع الفصولين وغيره: بني المستأجر أو غرس في أرض الوقف صار له فيها حق القرار وهي المسمى بالكردار له الاستبقاء بأجرة المثل. اهـ
وفي الخيرية: وقد صرح علماؤنا بأن لصاحب الكردار حق القرار وهو أن يحدث المزارع أو المستأجر في الأرض بناء أو غرسا أو كبسا بالتراب بإذن الواقف أو الناظر فتبقى في يده. اهـ. وقد يقال: إن الدراهم التي دفعها صاحب الخلو للواقف واستعان بها على بناء الوقف شبيهة بكبس الأرض بالتراب فيصير له حق القرار فلا يخرج من يده إذا كان يدفع أجر المثل.
وجاء في التنبيه بالحسنى للعزقاوي: المسألة الواقعة هي أن حوانيت الأوقاف بمصر جرت عادة سكانها أنه إذا أراد أحدهم الخروج من ذلك الحانوت أخذ من آخر مالا على أن ينتفع بالسكن في ذلك الحانوت ويسمون ذلك القدر المأخوذ من المال خلوا ويتداولون ذلك فيما بينهم واحدا بعد واحد، وهكذا، ثم قال: والذي يدور عليه الجواب في ذلك أنه إن كان الساكن الذي أخذ الخلو يملك منفعة الحانوت مدة فأسكنها غيره وأخذ على ذلك مالا فما يأخذه إن كان بيده عقد إجارة بأجرة المثل فهو سائغ له، وأخذه أخذ على تلك المنفعة التي يملكها والدافع ذلك الملك لانتفاعه بذلك ولا ضرر على الوقف لصدور الأجرة على وقف أجرة المثل وهذه الصورة عزيزة الوقوع، وأما إن لم يكن مالكا للمنفعة بإجارة وهو كثير الوقوع فلا عبرة بذلك الخلو، ويؤجر الناظر لمن شاء بأجرة المثل. اهـ
وخلاصة المسألة أنه لا يصح لمستأجر الوقف إجارة أو بيع منفعة الوقف المستأجر إلا إذا صدر منه ذلك وهو يملك الانتفاع بعقد إجارة صحيح يلتزم فيه بدفع أجرة المثل وحددت فيه مدة الإجارة.
أما إذا كان استأجر الوقف بدون تحديد مدة أو حددت مدة ولم تكن الأجرة هي أجرة المثل فلا حق له في بيع الانتفاع، وعليه تسليم الوقف إلى الأوقاف أو الناظر ليعمل فيه ما يعود بالمصلحة على الواقف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1429(12/4374)
تقسيم غلة الوقف وما يفعل إذا مات أحد الموقوف عليهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أوقف والدي عمارتين على النحو التالي أوقفت عمارتين على والدي ونشئه نشا نشاء وشقة لولتنا وأخت طال ما هم أحياء ولا يباع فيه وتقسم غلته علما أنا ستة ذكور وثلاث بنات والوالدة فهل يتم تقسيم الدخل على الجميع حسب الشريعة هل يجوز أن نقسم الشقق على الجميع حسب الشرع وتقسيم المبلغ سنويا حسب الشرع هل تحرم البنت بعد وفاتها أم يستمر على ورثتها هل الوصية صحيحة؟ هل يجوز إلغاء الوصية لعدم وجدود شهادة أو تسجيل علماً أنها مسجلة بخط يده قبل 15 سنة قبل وفاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
هذا الوقف صحيح إذا كان قد تم بشروطه المذكورة، وتوزع غلته على من وقف عليهم حسب شرط الواقف، ولا يجوز إلغاؤه لمجرد أنه لم يسجل رسميا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح والذي فهمناه منه أن والدكم أوقف عمارتيه على ولده وعقبهم المعبر عنهم بـ (نشئه)
كما أوقف شقة على والدتكم وأختكم مدة حياتهما.
فإن كان الأمر كذلك فإن هذا الوقف صحيح بشرط أن يكون وقع في حياة الواقف ورشده، وتمت حيازته قبل موته، فإذا ثبت ذلك فلا يجوز إلغاؤه ولو لم يسجل رسميا.
وتقسم غلته على من وقف عليهم سنويا أو شهريا.. ويكون التقسيم حسب ما نص عليه الواقف، وإذا لم يكن نص على شيء فإنها تقسم عليهم بالتساوي دون تمييز بين ذكر وأنثى..
وأما من مات من الموقوف عليهم (بنتا كان أو ولدا) فينقطع نصيبه ولا يرجع لورثته، بل يرجع لأهل الوقف وهم أولاد الواقف ونشؤه، والظاهر- والله أعلم- أن أولاد البنت داخلين فيهم لقول الواقف (ونشئه) لأن النشء ما نشأ عن الشخص وهو بمنزلة الذرية، وقد نص أهل العلم على أن لفظ الذرية يدخل فيه أبناء البنت قال ابن عاصم المالكي في التحفة:
"........ وشامل ذريتي فمنسحب"
وعلى ذلك إذا ماتت البنت- أو غيرها- فإن أولادها يدخلون في الوقف دون غيرهم من ورثتها.
وأما وقف الشقة على الوالدة والأخت مدة حياتهما فإنه صحيح وهو بمنزلة العمرى؛ فترجع بعد موتهما إلى ورثة أبيكم باعتبار يوم موته لا باعتبار يوم ردها.
قال العلامة خليل المالكي في المختصر "ورجعت لمعمر أو وارثه.."
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى: 15939، 74444، 1552، 29412.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1429(12/4375)
لا تورث الشقة التي تم وقفها ولا توهب ولا تباع
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي ترك عمارة مكونة من خمس شقق أوقف قبل وفاته (رحمه الله) إيجار شقة معينه لأبناء أخي الذي توفي في حياة والدي لأنهم قصر والآن نحن ثلاثة إخوة بنت وأخوان لنا رغبة في بيعها ليأخذ كل منا نصيبه فماذا نعمل بالشقة التي أوقفها والدي علما ً بأن قيمة العمارة 750000ريال حسب الشرع هل نوزع قيمة العمارة على عدد الشقق ومن ثمه اقتسام الباقي، وماذا نعمل بحصة الوقف.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نقول ابتداء: لا نستطيع أن نجيب جوابا كافيا على هذا السؤال لأننا لم نقف على نص ألفاظ الواقف ولا شروطه ولكننا نجيب إجابة عامة فنقول: إن وقف الرجل الشقة على أولاد ابنه المتوفى القصر يجب العمل به في الأصل لأن شرط الواقف كنص الشرع من حيث وجوب العمل به؛ كما قال صاحب الروض المربع: ويجب العمل بشرط الواقف لأن عمر رضي الله عنه وقف وقفا وشرط فيه شروطا، ولو لم يجب اتباع شرطه لم يكن في اشتراطه فائدة. انتهى.
ولا تورث الشقة التي أوقفها ولا توهب ولا تباع، ويصرف دخلها على أحفاد الواقف كما حدده وإذا أراد الورثة بيع العمارة فلهم ذلك ولكن لا تباع الشقة الموقوفة، وتباع سائر الشقق غيرها، وإننا ننصحكم برفع الأمر إلى المحكمة الشرعية للنظر في شروط الواقف وألفاظ الوقف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1429(12/4376)
حكم الوقف المعلق بالموت
[السُّؤَالُ]
ـ[رزقني الله بالأولاد والبنات ولدي منزلان والحمد لله وأخاف بعد وفاتي الاختلاف بينهم وبيع المنزلين وتشريد البنات والأطفال القصر، فهل يجوز وقف أحد المنزلين للبنات فقط بشرط أن لا ينفذ إلا بعد الوفاة، وإذا كان الجواب لا يجوز، فمباذا تنصحوني لأطمئن عليهن في زمن المتغيرات وما نسمعه من تسلط الإخوة على الأخوات بعد وفاة والدهم، فأرجو أن يكون سؤالي واضحاً؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يصح لأحد أن يعلق الوقف بعد موته لأحد من الورثة لأن هذا وصية، والوصية للوارث لا تصح، ونصيحتنا لمن خاف على بعض ورثته القصر أن يأخذ غيرهم حقهم هي أن يوصي لمن يثق به ليكون مسؤولاً عنهم بعد موته ويتولى أخذ حقهم والمطالبة به.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح وقف أحد البيتين على البنات وتعليق هذا الوقف بالموت، لأن تعليق الوقف بالموت يعتبر وصية، قال ابن حجر الهيتمي الشافعي في تحفة المحتاج عن تعليق الوقف بالموت: ... يكون حكمه حكم الوصايا ... انتهى.
والوصية لا تجوز للوارث لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ... رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وصححه الألباني.
ولا تنفذ هذه الوصية بعد الموت إلا بإجازة الورثة، ولذا نص الفقهاء على عدم جواز تعليق الوقف على بعض الورثة.
قال السرخسي الحنفي في المبسوط: ... فالوقف على بعض ورثته بعد موته لا يجوز.. وانظر الفتوى رقم: 18071، ثم إن تعليق الوقف بالموت أصلاً في صحته خلاف بين الفقهاء، والمفتى به عندنا الصحة والجواز، وانظر لذلك الفتوى رقم: 16916.
والذي ننصح به الأخ السائل إن كان يخشى من تسلط الذكور من أبنائه وحرمانهم أخواتهم وإخوانهم القصر هو أن يكتب وصية لمن يثق به من إخوانه المسلمين في تولي التصرف في أموال القصر من أولاده بعد مماته، وعلى الوصي أن يتقي الله تعالى فيحافظ على أموال الموصى لهم كما يحافظ على أموال أطفاله كما قال تعالى: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا {النساء:9} ، قال القرطبي رحمه الله: هذا وعظ للأوصياء أي افعلوا باليتامى ما تحبون أن يفعل بأولادكم من بعدكم قاله ابن عباس.. انتهى.
ثم إذا وقع شيء من الخلاف بين الورثة بعد ذلك فالقضاء الشرعي ملاذ المظلوم يأخذ له حقه ويردع الظالم ويزجره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1429(12/4377)
الوقف ومساعدة الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد وعدت أن أهب أرضا لأخوات لي في الله لأجل أن يبنين فيها محضرة لتعليم القرآن وقبل أن أسلم لهن الأرض واجهني عدم رضا زوجي بذلك وقال بأني الأولى أن أساعده هو لأنه يواجه ظروفا صعبة فاحترت وتساءلت هل يمكن أن أبيع هذه الأرض وأشتري أرضا أخرى أرخص وأعطيها للأخوات والباقي أساعد به زوجي أم أن هذه الهبة لا يمكن أن أتراجع عنها، علما بأنهن لم يعرفن مكان الأرض ولم أسلمها لهن بعد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر مجرد وعد فلا يلزمك شيء، وإن أمكنك بيع هذه الأرض وشراء أرض أخرى لهبتها لهؤلاء الأخوات مع بقاء قدر من المال تتمكنين به من مساعدة زوجك فهذا أمر طيب، فصدقتك على زوجك صدقة وصلة، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 18976 زادك الله حرصاً على الخير.
وإذا عينت هذه الأرض للمحضرة فقد أصبحت وقفاً، والوقف لا يصح الرجوع فيه ولو لم يقبض على الراجح، وللمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 70027، والفتوى رقم: 38404.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1428(12/4378)
حكم رجوع الشخص فيما جعله لله
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة تمتلك مبنى تجاريا هي وبناتها أرادت أن تهب إيراد نصيبها لله فقامت بتسجيل نصيبها لإحدى بناتها لتقوم بإدارة وحساب الإيراد وإخراجه لله وذاهبة للحج هذا العام وتخاف أن تكون ظلمت ورثتها لأن هذا النصيب أكبر من ثلث ممتلكاتها، فهل يجوز أن ترجع في مال وهبته لله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد جعلت نصيبك في هذا المبنى لله تعالى في حال حياتك فهذا وقف لله وقربة نسأل الله أن يتقبلها منك، ولا حرج أن يزيد على الثلث ما دام ذلك في حياتك، أما إذا كنت تريدين أن توقفيه بعد مماتك فإنه يأخذ حكم الوصية، والوصية لا تجوز فيما زاد على الثلث؛ إلا أن يوافق الورثة البالغون الرشداء، فإن لم يوافقوا وجب تعديل الوصية وجعل الموقوف في حدود الثلث دون زيادة، وليس في ذلك رجوع فيما جعله الإنسان لله؛ إذ إن ما زاد على الثلث لا تصح الوصية به ما لم يمضها الورثة على ما تقدم.
وفي كلتا الحالتين سواء حالة الوقف في حال حياتك أو الوصية به بعد وفاتك فلا يصح أن تسجلي نصيبك باسم واحدة من بناتك؛ لما في ذلك من تمليكها، وهو وقف لا يملك، ولما فيه كذلك من عدم العدل بينها وبين أبنائك الآخرين، والمشروع في مثل ذلك أن تسجلي هذا النصيب وقفاً لله، وتشترطي أن تكون هذه البنت هي ناظرة هذا الوقف التي تقوم على الإشراف عليه وإنفاق عائداته في سبيل الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1428(12/4379)
حكم شراء أرض مخصصة للمقابر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شراء أرض مخصصة للمقابر ثم إعادة بيعها لشخص آخر (مقاول) مع أخذ مبلغ زيادة على سعرها الأصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود بالأرض المخصصة للمقابر الأرض الموقوفة من قبل الدولة أو من قبل الأشخاص لهذا الغرض فإنه لا يحل بيعها ولا شراؤها، كما هو المقرر في الوقف من أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث، وفي الصحيحين من حديث: عمر وفيه:.... فتصدق بها عمر، أنها لا يباع أصلها ولا يورث ولا يوهب ... الحديث.
وإذا كانت هذه الأرض من الأراضي غير الموقوفة واشتراها الشخص بطريقة شرعية من مالكها فلا مانع من شرائها وبيعها لآخر بالثمن المتراضى عليه، لحديث: إنما البيع عن تراض. رواه ابن ماجه وغيره.
وراجع في شروط صحة الوقف الفتوى رقم: 74508.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1428(12/4380)
وقف مصحفا فطلبه إنسان فأعطاه إياه
[السُّؤَالُ]
ـ[بينما كنت ذاهبا إلى الصلاة في المسجد وإذ برجل أعرفه يحمل مصحفا من المصاحف المطبوعة في المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، فقلت له إلى أين؟ فقال إلى المسجد، فقلت له لمن هذا المصحف؟ قال: أريد أن أضعه في المسجد ليقرأ فيه الناس، فقلت له أنا بحاجة إلى مصحف لأقرأ فيه وخاصة هذا النوع من المصاحف، قال: إذاً خذه واقرأ فيه وادع لنا، فأخذته، فهل أنا بهذا أكون قد اعتديت على وقف المسجد أم لا، فأفيدوني مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن وقف مصحفاً أو غيره مما يصح وقفه وقفا منجزاً بأن قال -مثلاً- هذا وقف لله تعالى، فقد خرج عن ملكه، وبالتالي فلا يصح صرفه إلى جهة أخرى، وأما إذا كان الواقف ينوي وقف المصحف ولم ينجز ذلك بعدُ، أو أنجزه ولم يقطع بتحديد الجهة، فلا حرج في أن يوقفه على جهة أخرى غير التي كانت في نيته.
وعليه فإذا كان الرجل المذكور قد أوقف المصحف وقفاً منجزاً فالواجب أن يبقى فيما حدد له، وإن لم يكن كذلك لم يكن فيما فعلتماه بأس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1428(12/4381)
حكم أخذ مصحف من مسجد ووضعه في مسجد آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[أُعلم الناس القرآن في عدة دور وبعض المساجد، وأنا حفظت القرآن من مصحف قديم وهو طبعة الشمرلي 12 سطر ولا يباع الآن ولا يوجد إلا في المساجد القديمة ومن قلة تداوله تكون أوراقه صفراء، ومن الصعب علي قراءة المصاحف الأخرى ويحدث لي تشتت، فهل يجوز أن آخذ بعض هذه المصاحف من المسجد وأضعها في المساجد والدور التي أحفظ فيها ولا يوجد لديهم مثل هذه الطبعة على أن أشتري مصاحف جديدة وأضعها بدلا من التي أخذتها؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننصحك بأن تتعلم القراءة في جميع المصاحف؛ لأنه لا يليق بمدرس للقرآن أن يعجز عن قراءة القرآن من أي مصحف، خصوصا المصاحف المتداولة في كافة أنحاء الأرض، وفيما يخص موضوع سؤالك، فالغالب على من يضعون المصاحف في المساجد أنهم إنما يوقفونها لتقرأ في المساجد، ولكنهم قد يقصدون بها أحيانا خصوص المصلين في المساجد التي يضعونها فيها.
والواجب في الوقف أن يصرف فيما عينه الواقف بتصريح أو تضمن. وقد نص أهل العلم على أن شرط الواقف كنص الشارع ما لم يخالف الشرع.
وعليه.. فإذا عُلم أن واضع المصاحف في المساجد إنما يريد قراءتها، ولا فرق عنده بين أن تقرأ في هذا المسجد أو ذاك، فلا مانع من أن تفعل بها ما أردت، وإن عُلم أن الواقف يخص بالمصحف جماعة المسجد التي هي فيه أو شُك في ذلك فلا نرى إباحة نقلها عنه، ما دام الانتفاع بها فيه ممكنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1428(12/4382)
حكم إخراج المصاحف من المساجد والانتفاع الشخصي بها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعيش في بلد غير الذي أعيش فيه الآن منذ سنين وكنت أصلي في مسجد ما وكنت قد أخذت من هذا المسجد ثلاثة مصاحف وهي على الآتي:
1- المصحف المفسر معرض على هامشه نفسير القرآن للشيخ حسنين مخلوف.
2- المصحف الجوامعي من إصدار مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف لعام 1415هـ
3- المصحف الممتاز من إصدار مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف لعام 1411هـ
هذه سرقة أليس كذلك فماذا أفعل مع العلم أنه من الصعب جدا العودة لهذا البلد التي أخذت منه المصاحف لإعادتها.
ملحوظة: هل يمكن أن أتصدق أو -أكفر عن هذا الإثم- أضعاف ثمن المصاحف وأبقيها معي لأني أحب القراءة فيها جدا ولا تتوفر مثل هذه المصاحف في بلدي الآن.
أفتوني في أمري جزاكم الله خيرا لأني قد تركت القراءة فيهم لتأنيب ضميري وخشيتي أن لا تقبل القراءة فيها.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من أخذ مصحفا من المصاحف الموقوفة على المساجد لزمه رده فإن تعذر رده إلى المسجد وضع في مسجد آخر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المصاحف الموقوفة على المساجد لا يجوز أخذها خارج المسجد لأن في ذلك مخالفة لشرط الواقف الذي أوقفها للقراءة في المسجد فقط.
وعليه يلزمك التوبة إلى الله تعالى وإن استطعت إرسال هذه المصاحف مع مسافر ليضعها في المسجد الذي أخذتها منه فهذا هو المطلوب، وإن لم تستطع فضعها في مسجد من المساجد الموجودة في بلدك فذلك أقرب إلى تنفيذ شرط الواقف.
جاء في كلام أهل العلم في الوقف قولهم: ما كان لله لا بأس أن يستعان ببعضه في بعض وينقل بعضه إلى بعض، قالوا ذلك في غلة الوقف يستغنى عنها أو يتعذر صرفها فيه فتنقل إلى وقف آخر من جنسه.
وهذه المصاحف التي عندك إذا تعذر ردها إلى المسجد الذي أوقفت عليه فإنها توضع في مسجد آخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1428(12/4383)
الترهيب من الاستيلاء على الوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من الجزائر (المطار) نعاني هذه الأيام من مشكلة عسى أن نجد عندكم الجواب الأكيد والشافي بإذن الله في بلدتنا مسجد تسيره جمعية حديثة العهد أرادت توسعته، ولكن حبستها مشكلة وهي قطعة أرض بجانب المسجد والمشكلة هي كالتالي: هذه القطعة في الحقيقة هي ملك المسجد ويرجع ذلك منذ الاحتلال الفرنسي حيث كان المسجد كنيسة وهذه القطعة تابعة لها (مسكن الراهب) وبعد الاستقلال طرأ تغير وصارت مسجدا والأرض التي بجانبه هي وقف لله ثم استولى أو أخذها شخص بعدما أسكنه الناس (كان بدون سكن) وقام في الثمانينات بعض الأشخاص غفر الله لهم بترخيص وتوثيق هذه الأرض له وهذه الأيام يريد بيعها للجنة المسجد بمبلغ غير معقول 1300000 د ج بعدما قدم له شخص صاحب تجارة مبلغ حوالي 1000000 أو أقل من الذي فرضه على المسجد وقبله ولما علم أن اللجنة أرادت الشراء رفع السعر غفر الله له نريد منكم التوضيح بدقة في هذه الفتوى وأن تتصلوا بالشيخ صالح آل الشيخ إن أمكن لدعمي بالإضافة إلى ردكم كي تقوى شوكتي وشكراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز الاعتداء على الموقوف، ومن اغتصب داراً أو أرضاً موقوفة لزمه تسليمها لناظر الوقف ودفع أجرتها منذ غصبها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه القضية يفصل فيها القضاء الشرعي وليس للفتوى فيها من مدخل إلا بيان الحكم الشرعي وهو أنه إذا ثبت أن هذه الأرض وقف فلا يحل لأحد الاعتداء على الموقوف أو الاستيلاء عليه وغصبه، لحديث: من غصب شبراً من أرض طوقه من سبع أرضين يوم القيامة. متفق عليه.
وعلى من اغتصب شيئاً رده، لحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد، وعليه كذلك أجرة هذه الدار أو الأرض منذ غصبها إلى وقت تسليمها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1428(12/4384)
حكم وقف الأرض الأرض لصلاة العيدين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رجل أوقف أرضه لصلاة العيدين فقط وجعله وقفاً مؤبداً في هذين اليومين فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
توقيف الأرض لصلاة العيدين من الوقف المستحب، ويعتبر نافذاً إذا توفرت شروط الوقف، وإن كانت الأرض توقف لصلاة العيدين فقط فقد خرجت عن ملك صاحبها ولا تستغل فيما سوى ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في الوقف أنه مستحب، وصلاة العيدين قربة لله تعالى، وبالتالي فتوقيف الأرض لصلاة العيدين من الوقف المستحب، ويعتبر نافذاً عند توفر شروط الوقف، قال ابن قدامة في المغني: والوقف مستحب. ومعناه: تحبيس الأصل، وتسبيل الثمرة. والأصل فيه ما روى عبد الله بن عمر، قال: أصاب عمر أرضاً بخيبر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها؟ فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر، لم أصب قط مالاً أنفس عندي منه، فما تأمرني فيها؟ فقال: إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها، غير أنه لا يباع أصلها، ولا يبتاع، ولا يوهب، ولا يورث. قال: فتصدق بها عمر في الفقراء، وذوي القربى، والرقاب، وابن السبيل، والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها، أو يطعم صديقاً بالمعروف، غير متأثل فيه، أو غير متمول فيه. متفق عليه.
وإن كان مالك الأرض قد أوقفها لصلاة العيدين فلا ينتفع بها فيما سوى ذلك، لأن هذا مناف للوقف لأن ملكها بمجرد هذا الوقف ينتقل لله تعالى، ففي كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع الحنبلي: (يزول ملك الواقف عن العين الموقوفة) بمجرد الوقف (الوقف وينتقل الملك فيها إلى الله تعالى إن كان الوقف على مسجد مثلاً ونحوه) كمدرسة ورباط، وقنطرة، وخانكاه، وفقراء، وغزاة، وما أشبه ذلك، وكذا بقاع المساجد، والمدارس والقناطر والسقايات، وما أشبهها قال الحارثي: بلا خلاف. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1428(12/4385)
حكم الاستقراض من وقف لوقف آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[قامت إحدى المؤسسات الوقفية بإقامة بناية سكنية عن طريق مساهمات المتبرعين، ولم تف مساهمات المتبرعين بقيمة البناية فقامت المؤسسة بالاقتراض من فائض ريع وقف خيري عام، وفائض عن حاجته لسنوات عديدة، وترغب المؤسسة في إرجاع المال المقترض من فائض ريع الوقف بالطريقة التالية:
1/ حساب تكلفة الشقق التي بنيت من فائض ريع الوقف الخيري.
2/ جعل قيمتها بسعر مضاعف وإعادة عرضها للراغبين في المساهمة بالوقف، وذلك بأن يدفع المساهم المبلغ المضاعف وتكون الشقة وقفاً لعموم الخير باسمه تحت إدارة تلك المؤسسة.
3/ إرجاع المبلغ المضاعف للوقف.
السؤال1/ هل يجوز الاقتراض من الوقف الفائض عن حاجته بهذه الطريقة.
2/ وهل يدخل رد القرض مضاعفاً في القرض الذي جر نفعاً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الأوقاف تتعاون فيما بينها، وعمل ناظر الوقف في مال الوقف منوط بالمصلحة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جواب هذا السؤال من نقطتين:
الأولى: هل يجوز للوقف أن يستقرض من وقف آخر مستغن عن غلته أو عنده فائض من هذه الغلة؟
والجواب أن ذلك جائز، وقد جاء في فتوى للإمام البلقيني أنه سئل عن ناظر تحت يده وقف مستغن من العمارة ووقف يحتاجها ولا متحصل له فهل له أن يستقرض من المستغني للمحتاج؟
فأجاب: له ذلك إن تعين طريقا لعمارة المحتاج إليها، وما وقع من قول بعض المصنفين أنه ليس له ذلك قلنا فيه كلاما ليس هذا محل بسطه، وما ذكرناه هو المعتمد. اهـ
وفي جواب للعيدوسي: يوقف غلات الأحباس (الأوقاف) حتى تدفع للمصرف المعين، ولا يصرف بعضها إلى بعض إلا على سبيل السلف.
وما تقدم من أجوبة العلماء يتجه فيما لو كان الوقف المستغني موقوفا على جهة معينة، أما إن كان وقفا عاما غير محصور فلا مانع من الأخذ منه ولو على غير سبيل الاستقراض.
النقطة الثانية: إذا جاز الاستقراض فإنه لا يحل رد القرض بزيادة لأن ذلك ربا إذا كان مشروطا أصلا، والربا يجري في أموال الوقف كغيره من الأموال، بل لا يجوز ولو لم تكن الزيادة مشروطة لأن قيمة هذه الشقة المباعة أموال وقف ولا يحق لناظر الوقف أن يتصرف في أموال الوقف إلا بما يعود عليه بالمصلحة شأنه كشأن الوصي والقيم في مال اليتيم مع مراعاة شرط الواقف إن كان معتبرا شرعا.
جاء في تيسير الوقوف: وصرحوا أيضا بأن الناظر في مال الوقف كالوصي والقيم لا يجوز لهما التصرف إلا بالحيطة والمصلحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1428(12/4386)
لا يجوز للورثة إلغاء صفقة مورثهم المتضمنة وقفا لبناء مسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرض لفضيلتكم السؤال التالي راجيا التكرم بالإجابة عليه: تبرعت سيدة بقطعة أرض تملكها للمساهمة في بناء مسجد ثم أرادت أن تتبرع بالمزيد من الأرض لإتمام المشروع فقامت بمبادلة أرض بعيدة عن المسجد بأرض مجاورة للتي تبرعت بها سابقا، تم بناء المسجد بحمد الله، ثم توفيت السيدة الفاضلة اعترض ورثة السيدة على هذه المبادلة بعد وفاة والدتهم واسترجعوا أرض والدتهم المبدولة بحجة أن الأمر فيه غبن (عدم المساواة في قيمة القطعتين المبدلتين) ، ومن ثم ضاع حق الطرف الآخر الذي أصبحت أرضه تحت بناء المسجد، علما بأن إقدام السيدة على خطوة المبادلة كان بمحض إرادتها الكاملة، والسؤال هو: هل يجوز شرعا ما قام به الورثة؟ مع الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
المبادلة المذكورة ماضية وليس من حق الأولاد إرجاعها إذا كانت أمهم قد تصرفت في حال صحتها ورشدها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه المرأة قد تصرفت ذلك التصرف بهذه الأرض حال صحتها ورشدها، فالمبادلة صحيحة لا شيء فيها من جهة الشرع، لأن الإنسان له حرية التصرف في ماله، ما لم يكن في ذلك إسراف أو تبذير أو إنفاق في أوجه غير مشروعة، وقد تبرع الصحابة رضي الله عنهم بأموالهم وأقرهم الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك، ولأن ذلك داخل تحت قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم {البقرة:254} ، وقوله تعالى: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء {آل عمران:133-134} .
وبناء على هذا فإن ما قام به الورثة من استرجاع الأرض ليس من حقهم، وحتى لو افترضنا أن هذه المبادلة وقعت في مرض الموت أو في حال عدم رشدها فإن سكوت الأولاد عن المبادلة إلى تمام بناء المسجد المذكور يفوت عليهم حق الرد، اللهم إلا إذا كان لهم عذر في السكوت هذه المدة، وعلى كل حال فالمرجع في مثل هذه الأمور إلى المحاكم الشرعية المختصة التي يمكنها النظر في الملابسات وإصدار الحكم المناسب، وراجع الفتوى رقم: 48721، والفتوى رقم: 6495.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1428(12/4387)
لا يجوز للورثة إلغاء صفقة مورثهم المتضمنة وقفا لبناء مسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة أرادت أن تتبرع بحصتها الإرثية لبناء مسجد، ولكن كانت حصتها هذه غير كافية من حيث المساحة، فعقدت صفقة مع أحد الورثة، بأن تتم المبادلة معه في موقع آخر (أي التنازل عن حصتها في موقع آخر مقابل أن يتنازل هذا الوارث عن حصته المجاورة لحصتها في موقع المسجد ليتسنى بناؤه) ، وكان ذلك بمحض إرادتها الكاملة، بعد ذلك تم بناء المسجد ثم توفيت هذه السيدة الفاضلة بعد ذلك قام أبناء هذه السيدة بإلغاء هذه الصفقة بأن أخذوا حصة والدتهم التي تنازلت عنها لغرض المبادلة، أما الوارث الآخر فلا يستطيع استرداد حصته بسبب البناء القائم، فهل يجوز ذلك شرعا، علما بأن حجتهم في ذلك هي أن الصفقة كانت مجحفة بحق والدتهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت المرأة المذكورة قد تنازلت عن أرضها لقريبها مقابل أرض أخرى له لبناء مسجد عليها، فإن هذا العمل مشروع والعقد صحيح، ولا يجوز للورثة ولا يحق لهم نقضه شرعاً، وللقريب المذكور أن يرفعهم إلى القضاء ليلزمهم بالتخلي عن حقه ورده إليه، ونذكر هؤلاء الأبناء أن في عملهم هذا شيئاً من الإساءة إلى والدتهم بعد وفاتها، فليتقوا الله وليكفوا عن هذا العمل الذي أقدموا عليه، وإن تنازل هذا الأخ عن حقه بطيب نفس منه فسيؤجر على ذلك إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1428(12/4388)
من وقف شيئا لله فقد خرج من ملكه وليس له التصرف فيه لمصلحته
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا جزاكم الله ألف خير..
في إحدى القرى أوقف ثلاثة إخوة (لا زالوا على قيد الحياة) قطعة أرض لبناء مسجد، وتم جمع تبرعات للبناء وبها تم توريد كمية من الأحجار وبناء أسس المسجد، بعدها اعتمدت مؤسسة خيرية مسجدا لهذه القرية، وتم بناء مسجد ليس بالبعيد من الأرضية الوقف، كذلك تم بناء مسجد آخر من فاعل خير بالقرب من الوقف، مما أصبح لا داعي من إكمال المسجد الذي كان قد بدأ العمل به، بعدها رأى أهل القرية أن يتم تحويل أرضية الوقف وما فيها من أحجار لصالح بناء وحدة صحية حكومية، حيث إن القرية في أمس الحاجة لها.. إلا أن أحد الإخوة أصحاب الوقف رفض ذلك ويريد إعادة الأرض لأصحابها، والانتفاع بها حيث إن وقفه كان لبناء مسجد، وما دام المسجد لن يقام فإنه يريد أرضه للمنفعة الشخصية.
السؤال: 1- هل يجوز تحويل الوقف لبناء المسجد لوقف لبناء الوحدة الصحية وهذا في صالح سائر المسلمين؟
2- هل يجوز للأخ الذي أوقف.. إلغاء وقفه بحجة أن وقفه كان فقط لبناء مسجد؟ وفي حالة أنه يجوز ما حكم الأحجار والأسس التي قد بنيت في الأرضية من تبرع المسلمين؟
3- على أي حال.. هل على الأخ الذي تقدم وجمع التبرعات من الناس لبناء المسجد شيء.. من عدم إكمال المسجد حيث إنه استغل جميع الأموال المجمعة في الموقع؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن وقف أرضا لبناء مسجد خرجت عن ملكه فليس له التصرف فيها في مصالحه بعد ذلك، ولكن لو قدر أنه لم يعد المكان صالحا للمسجد لكونه قد بني ما يغني عنه من المساجد فلا حرج في هذه الحالة على من له النظر في هذا الوقف أن يغيره إلى وحدة صحية لا سيما إذا كان الناس كما ذكرتم في السؤال بحاجة شديدة إليها وليس إلى المسجد.
وأما ما أنفق في جمع الحجارة وإصلاح الأساس ونحو ذلك فيستفاد منه للوحدة الصحية ويكتب الله الأجر للمتبرعين حسب نياتهم.
ولمزيد الفائدة حول هذا الموضوع تراجع الفتوى رقم: 6658.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1428(12/4389)
يستفاد من المسجد القديم قدر الإمكان
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الأفاضل حياكم الله:
قمنا بفضل من الله ببناء جامع جديد كبير بجانب المسجد القديم والآن الناس مختلفون ماذا يفعل بالمسجد القديم:
1_ هل يجوز أن نبيعه وندخل قيمته في بناء مسجد جديد في مكان آخر حتى لا ينقطع الواقف الأول من الأجر.
2_ هل يجوز أن نجعله مسجدا للنساء ومركز تحفيظ للنساء علماً بأنه يوجد مركز تحفيظ للأولاد تحت الجامع الجديد.
3_هل يجوز أن نقطع جزءا منه خدمات للجامع الجديد (حمامات + غرفة للإمام) .
4_ هل يجوز أن نصلي فيه الفروض ويكون الجديد للجمعة وصلوات العيد والاستسقاء.
أفيدونا وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن بنى مسجدا ومكن الناس من الصلاة فيه صار وقفا لله تعالى، والأصل حرمة بيعه أو استبداله بغيره أو نقله إلى مكان آخر، وبالتالي، فإذا كان المسجد القديم يمكن الانتفاع به على حالته الحالية باستخدامه مصلى فروض، أو مركز تحفيظ للقرآن للنساء، أو نحو ذلك من الأمور التي ذكرتها فليترك على حاله، وأما إن لم يمكن الانتفاع به كمسجد فقد بينا جواز نقله إلى جهة أخرى كما في الفتوى رقم: 6658، والفتوى رقم: 38860.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1428(12/4390)
من يتولى النظر في الوقف في حال وفاة الناظر المعين
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أسرتان أوقف عمنا عقارا لأعمال البر وكان الولي عليه عمنا وقد توفي الولي وطلبنا ترشيح ولي آخر إلا أن أولاد المتوفى يرون أنها إرث ولا تخرج ولايتها عنهم، السؤال كيف تتم التولية علما أننا في القرابة متساوون.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه بداية إلى أن الوقف لا يورث وبالتالي لا تنتقل ملكيته إلى الورثة، وأما بالنسبة لتعيين ناظر لهذا الوقف فإن النظر في الوقف لمن شرطه الواقف، فإن كان عمكم الواقف قد عين ناظرا على الوقف فهو الناظر على الوقف، وإن لم يعين ناظرا أو مات الناظر الذي عينه عمكم فإن النظر في الوقف يصير للقاضي عندكم في المحكمة الشرعية.
جاء في أسنى المطالب: النظر في الوقف لمن شرطه الواقف له من نفسه أو غيره سواء أفوضه في الحياة أو أوصى به لأنه المتقرب بصدقته فيتبع شرطه فيه كما يتبع في مصارفه، وإلا - أي وإن لم يشترط لأحد- فللحاكم لا للواقف ولا للموقوف عليه لأنه أي الحاكم الناظر العالم، ولأن الملك في الوقف لله.
وختاما ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1428(12/4391)
حكم تحويل المصلى إلى مركز لتحفيظ القرآن الكريم
[السُّؤَالُ]
ـ[سعادة المشرف على الفتاوى حفظك الله ... وبعد:
لدينا سؤال بالغ الأهمية ونرغب في عرضه من قبلكم على أحد العلماء المشهورين إن أمكن لما يرتب على الإجابة عليه من عمل كبير, ورفع للخلاف, وزوال للإثم, كم نرجو تعجيل عرضه للضرورة القصوى ... وجزاكم الله خيراً، والسؤال هو: هناك جامع ملحق به ثلاث مقرات سكنية متصلة بالمسجد من الخلف, واحد منها للإمام والثاني للمؤذن والمقر الثالث فيه غرفتين ومصلى كبير للنساء, وقد تم إنشاء دار نسائية لتحفيظ القرآن الكريم في هذا المقر, ولكثرة عدد الملتحقات بالدار كونت فيه أربع حلقات, في كل غرفة حلقة, وحلقتين في المصلى، وعلى هذا فقد تم الاستفادة من هذا المصلى بوضع حلقتين لتحفيظ القرآن بداخله, كما استفيد منه أيضا في عقد المحاضرات والدروس العلمية، والسؤال الذي أثار ضجة كبيرة, ويتغيب بسببه جملة من النساء عن التحفيظ وحضور المحاضرات هو: هل يجوز مكث الحائض في هذا المصلى لحفظ القرآن وحضور المحاضرات، علما بأنه لا يؤدى في هذا المصلى من الصلوات إلا ما وافق وقت التحفيظ فقط وكذلك صلاة التراويح في رمضان، وإذا كان الجواب بعدم الجواز, فهل يجوز إلغاء هذا المصلى للاستفادة منه في التحفيظ وإنشاء مصلى آخر للنساء أقرب منه وألصق بالمسجد، أفيدونا بجواب واضح من أجل أن نعرض هذه الفتوى في الدار للعمل بها؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المصلى المذكور قد بُني على أساس كونه جزءاً من الجامع مخصصاً لصلاة النساء فيه فلا يجوز -والحالة هذه- أن تمكث فيه المرأة الحائض، سواء كان مكثها لحفظ القرآن أو للاستماع لبعض المحاضرات، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2979، والفتوى رقم: 80707.
والأصل أن المسجد لا يجوز تحويله عن الغرض الذي أنشئ من أجله وهو الصلاة، لكن إذا دعت مصلحة راجحة لتحويله إلى غرض آخر نافع فلا مانع من ذلك، كما سبق في الفتوى رقم: 23536.
وبناء عليه.. فإذا كان المشرفون على أمور المسجد يرون المصلحة الراجحة في تحويل ذلك المصلى إلى مركز لتحفيظ القرآن الكريم وبناء مصلى آخر أقرب إلى المسجد فلا بأس بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1428(12/4392)
حكم بيع مسجد قديم واستخدام قيمته في بناء مسجد جديد ومدرسة للقرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[بنينا مسجدا في قريتنا على نفقة المحسنين جزاهم الله خيراً، وكان يوجد مسجد صغير، وهذا المسجد بجوار الجامع الجديد الذي سيتم افتتاحه قريبا بإذن الله.. فنرجو من فضيلتكم إرشادنا إلى مصير المسجد القديم، هل نبيعه ونستخدم قيمته في بناء مسجد جديد حيث لا ينقطع ثواب الواقف الذي بنى المسجد القديم من الأجر، هل يجوز أن نصلي فيه الفروض ويقتصر الجامع الجديد للجمعة، هل يجوز أن نجعله مسجداً للنساء، هل يجوز أن نجعله مدرسه لتحفيظ القرآن الكريم للبنات, حيث إنه يوجد مركز لتحفيظ القرآن في الجامع الجديد للأولاد، فأفيدونا؟ وجزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الجامع الجديد ليس فيه مكان يسع النساء فالمشروع أن يجعل المسجد القديم مصلى للنساء لأن الواجب إبقاؤه مسجداً ما دام بالمسلمين حاجة إليه، ويلزم في هذه الحالة إيصال صوت الإمام في الجامع الجديد إلى هذا المسجد القديم عبر السماعات ومكبرات الصوت بحيث يمكن للنساء الاقتداء بالإمام، ولا يضر وجود نحو طريق نافذ بين البنائين على الراجح من أقوال أهل العلم وهو مذهب المالكية، وراجع في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 15440.
أما إذا كان الجامع الجديد فيه مكان يسع النساء فإنه يفعل به ما هو أكثر مصلحة للمسلمين من بيعه واستخدام قيمته في بناء مسجد جديد، أو جعله مدرسة لتحفيظ البنات أو غير ذلك.
ولا نحبذ تخصيص الجامع الجديد بصلاة الجمعة وتعطيل الصلوات فيه بقية الأسبوع، وإقامتها في المسجد القديم لما في ذلك من مخالفة السنة المتبعة التي عليها المسلمون من كون المسجد الجامع هو المسجد الذي تؤدي فيه الصلوات المفروضات مع صلاة الجمعة. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 38860، 95547، 96042.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1428(12/4393)
حكم تحويل الموقوف لمسجد إلى مشروع خيري
[السُّؤَالُ]
ـ[تبرع أحد أقاربي لمسجد تحت الإنشاء بقريتنا بمبلغ من المال بالإضافة لعدد من مراوح للتهوية فقام المشرفون على بناء المسجد وهم مجموعة من الشباب بالتعامل بأسلوب غير لائق مع المتبرع حيث بخسوا للمتبرع ما تبرع به بطريقة استفزت المتبرع لتحقيرهم ما تبرع، فمنهم من قال: هذه المراوح غير أصلية، سعرها عال، لا تعمر، ولا تنفع، فما كان من المتبرع إلا أن استرد مراوحه وقرر إرجاعها والتبرع بمبلغها أو بالمراوح نفسها لأحد المساجد الأخرى أو فى سبيل الله لأحد المشاريع الإسلامية، فهل هناك أي ذنب يؤخذ عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما قام به هؤلاء الشبان من تبخيس ما تطوع به الشخص المذكور يعتبر خطأً ولا فائدة منه، بل إنه فعل قريب من صفات المنافقين حيث كانوا يسخرون من المؤمنين، فإن تصدق أحدهم بالقليل سخروا من قلة ما تصدق به، وإن تصدق بالكثير اتهموه بالرياء، فعلى المسلم أن يحذر من أن يتصف بهذه الصفات، قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ ... هذا أيضاً من صفات المنافقين، قال قتادة: يلمزون يعيبون، قال: وذلك أن عبد الرحمن بن عوف تصدق بنصف ماله وكان ماله ثمانية آلاف فتصدق منها بأربعة آلاف، فقال قوم: ما أعظم رياءه، فأنزل الله: الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات. وجاء رجل من الأنصار بنصف صبرة من تمره، فقالوا: ما أغنى الله عن هذا، فأنزل الله عز وجل: والذين لا يجدون إلا جهدهم.. وأخرج مسلم عن أبي مسعود قال: أمرنا بالصدقة. قال: كنا نحامل، في رواية: على ظهورنا - قال: فتصدق أبو عقيل بنصف صاع، قال: وجاء إنسان بشيء أكثر منه، فقال المنافقون: إن الله لغني عن صدقة هذا، وما فعل هذا الآخر إلا رياء: فنزلت: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. انتهى.
كما أن على الرجل الذي تصدق أن يصبر، ويعلم أنه لا يتعامل حقيقة مع الناس في هذا المجال، وإنما يتعامل مع الله، فلو تكلم الناس فيما تصدق به فلا يضره كلامهم ما دامت نيته خالصة لله تعالى. أما عن حكم تحويل المراوح أو ثمنها إلى جهة أخرى فالظاهر أنه إن أمكن جعلها في المسجد الذي أوقفت عليه فلا يجوز نقلها إلى غيره لغير مصلحة، ومن ثم تعاد هذه الموقوفات إلى المسجد الذي وقفت عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1428(12/4394)
حكم تحويل المسجد إلى جمعية خيرية
[السُّؤَالُ]
ـ[الفاضل الخليل فضيلة الشيخ الأستاذ/ أهل الذكر حفظكم الله ورعاكم
السؤال: هل يجوز تحويل مسجد أهل السنة والجماعة من (مسجد كوقف) إلى جمعية خيرية للمسلمين عامة، وللعلم أن هذا المسجد الوحيد لكثير من المسلمين في منطقة كبيرة قي بلد المهجر والمسلمون انقسموا إلى فريقين قسم أكبر يريده مسجدا حتى لا تسقط الفرائض والآخر الفريق الأقلية يريده جمعية خيرية، الآن هو مسجد وقف إسلامي برعاية أهل السنة والجماعة والفئة القليلة التي تريد أن تحول المسجد إلى جمعية خيرية رفعوا قضية في المحكمة العليا ضد إخوانهم المسلمين القائمين على الوقف المسجد وخسائر المدافع والمهاجم تقريبا عشرة آلاف دولار والجاي أكثر ربما تصل الخسائر بين الطرفين خمسين ألف دولار أتعاب المحامين، وحاول كثير من أهل الخير المسلمين لتصفية الأجواء ولكن كان رفضا شديدا من الفئة القليلة أصحاب فكرة الجمعية الخيرية ... الله المستعان؟ مع أجمل التحيات.. وجزاكم الله كل خير على الدوام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان على المسلمين في بلاد المهجر أن لا يكونوا في مثل هذا الجو الذي ذكرت عنه ما ذكرت من الصراع والنزاع، وإنما الواجب أن يقدموا المصالح العليا وخدمة الدين على طاعة الشيطان فيما يريده لهم من التفرقة والفشل، ثم إنه من الخطأ الكبير أن يرفع المسلمون قضية كهذه أمام محكمة تعمل بالقوانين الوضعية، ويدفعوا في الخصام عليها ما ذكرته من المال، فهذه -في الحقيقة- أخطاء كبيرة يجب على كلا الطرفين أن يتوبوا إلى الله منها، وأن يعودوا إلى تحكيم شرع الله فيما شجر بينهم.
وفيما يتعلق بموضوع السؤال فالذي عليه جمهور أهل العلم -في الجملة- هو أن الوقف يجب أن يظل باقياً على الكيفية التي أوقف بها، فلا يباع ولا يتصرف فيه بما يخرجه عن الوجه الذي أوقف عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم المتفق عليه لما استأمره عمر رضي الله عنه في شأن أرض له بخيبر: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، فتصدق بها عمر، أنها لا يباع أصلها ولا يورث ولا يوهب. متفق عليه.
وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى عدم جواز استبدال الوقف بغيره إذا كان عقاراً، ولو لم يعد منتفعاً به، أخذاً بعموم هذا الحديث، وإن كانت لبعضهم بعض الاستثئاءات في حالات نادرة، جاء في الموسوعة الفقهية: معنى اندراس الوقف أنه أصبح بحالة لا ينتفع به بالكلية، بأن لا يحصل منه شيء أصلاً أو لا يفي بمئونته، كأوقاف المسجد إذا تعطلت وتعذر استغلالها، ففي هذه الصورة جوز جمهور الحنفية الاستبدال على الأصح عندهم إذا كان بإذن القاضي ورأيه لمصلحة فيه. وأما المالكية فقد أجاز جمهورهم استبدال الوقف المنقول فقط إذا دعت إلى ذلك مصلحة، وهي الرواية المشهورة عن مالك ... وأما العقار فقد منع المالكية استبداله مع شيء من التفصيل ... وأما الشافعية فقد شددوا كثيراً على استبدال العين الموقوفة حتى أوشكوا أن يمنعوه مطلقاً خشية ضياع الوقف أو التفريط فيه.. انتهى.
وللإمام أحمد رواية أخرى وهو أنه لا يجوز بيعه ولا استبداله بغيره إلا أن تتعطل منافعه بالكلية، ولا يمكن الانتفاع به ولا تعميره وإصلاحه، أو دعت المصلحة إلى ذلك. والدليل على ذلك ما فعله عمر رضي الله عنه حين بلغه أن بيت المال الذي بالكوفة نقب فكتب إلى سعد أن أنقل المسجد الذي بالتمارين واجعل بيت المال في قبلة المسجد. وكان هذا العمل بمشهد من الصحابة فلم ينكر، فهو كالإجماع، وقد ذهب إلى هذا القول الأخير شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، بل ذهب إلى أبعد منه حيث يقول: ومع الحاجة يجب إبدال الوقف بمثله، وبلا حاجة يجوز بخير منه لظهور المصلحة.
ولا شك أن هذا القول هو الوسط الذي يراعي المصالح، ومن هذه النصوص يتبين أن إبدال الوقف بلا حاجة أو لمصلحة غير راجحة لم يقل به أحد من أهل العلم، وعليه فتحويل المسجد المذكور إلى جمعية خيرية مع أنه هو المسجد الوحيد للمسلمين في المنطقة، لا يصح على أي من أقوال أهل العلم، وخصوصاً إذا كان تحويله سيؤدي إلى تعطيل الفرائض كما دل عليه السؤال، ثم اعلم أن الأمور الشرعية لا ينظر فيها إلى قول الأكثرية أو الأقلية، وإنما ينظر فيها إلى الحكم الشرعي، وعلى الجميع أن يرضوا به ويسلموا تسليماً، قال الله تعالى: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا {النساء:65} ، ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين في سائر البلاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1428(12/4395)
ايضاح حول فتوى بيع المسجد الذي ضاق بأهله
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرأت فتواكم ذات الرقم 95547 وعنوان الفتوى: حكم بيع المسجد لكونه ضاق بأهله وتاريخ الفتوى 15 ربيع الثاني 1428 / 03-05-2007، ورأيت أنها صحيحة من حيث المبدأ، ولكنها من حيث الواقع والظروف المحيطة بها ليست هي الفضلى والله تعالى أعلم، ذلك لأن الأفضل في هكذا وضع -كما هي التجربة في لبنان- حث المسلمين على شراء أرض جديدة وبناء مسجد أوسع والإبقاء على الأرض القديمة، واستخدامها لبناء مدرسة أو معهد أم ما يحتاجه المسلمون هناك، والله تعالى سيكمنهم من تحقيق ذلك بإذنه، وفي ذلك قوة وإعزاز للمسلمين إن شاء الله تعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نرحب بتوجيه الشيخ الكريم ونصحه، ونسأل الله لنا وله التوفيق والسداد ثم نقول له: إن السائل قد بين من بين ما بينه أن الإبقاء على مركز إسلامي واحد في تلك المدينة يعتبر رغبة شديدة لدى الجميع من مختلف الجنسيات، وذلك لمنع التفرقة، ولأن عدد المسلمين الحالي لا يحتاج إلى أكثر من مسجد ... فلماذا لا نلبي للجميع رغبته هذه، طالما أنها لا تتعارض والشريعة الإسلامية؟ ولماذا نحث الجماعة على استخدام أرض المسجد الأول مدرسة أو معهداً أو غيرهما، طالما أن المسجد الجديد قد صرح السائل بأنه سيحتوي على الملحقات المحتاج إليها كالمدرسة ومكان الأنشطة الإسلامية والاجتماعية ... ؟ ثم إننا لا نرى أن التجربة التي ذكر السائل أنها قد طبقت في بلد أكثر سكانه مسلمين، يصلح تطبيقها حرفياً في دولة غير إسلامية لا يمثل المسلمون فيها نسبة معتبرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1428(12/4396)
حكم بيع المسجد لكونه ضاق بأهله
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السادة العلماء الأفاضل:
نحن نقطن في مدينة متوسطة الحجم بأميركا وتسمى ايفانسفيل بولاية انديانا، وعدد سكان المدينة وما حولها يقارب مائة وخمسين ألف نسمة تقريبا، وعدد المسلمين في هذه المنطقة حاليا يقرب من المائتي عائلة، منذ حوالي ستة عشر عاما قام المسلمون في هذه المنطقة بشراء قطعة أرض صغيرة بجوار كنيسة كبيرة الحجم ووفقهم الله وقاموا ببناء مسجد عليها وهو المسجد الحالي ويعد المسجد الوحيد في هذه المنطقة، ومع مرور الوقت أصبحت الحاجة ملحة لتوسعة هذا المسجد ودواعي التوسعة كالآتي:
أولا: بالرغم من أن مصلى الرجال كاف حتى لصلاة الجمعة بل يتسع للمزيد إلا أن مصلى النساء الملحق بالمسجد غير كاف مما يترتب عليه مزاحمة النساء للرجال في مصلاهم أحيانا كصلاة التراويح وصلاة العيدين وفي هذا بعض الحرج لكلا الطرفين.
ثانيا: المسجد يستعمل أيضا كمدرسة لأبناء المسلمين في عطلة نهاية الأسبوع لتعليم القرآن ومبادئ الدين الحنيف، ولكن لا توجد حجرات كافية ولذا فنقوم بالتدريس داخل المسجد.
ثالثا: ليس هناك متسع لأي نشاط اجتماعي في هذا المركز الإسلامي ليسع الجميع وينتهي بنا الأمر غالبا إلى استئجار مبنى ملحق بالكنيسة المجاورة لإقامة هذا النوع من النشاطات.
رابعا: مكان إيقاف السيارات غير كاف خاصة عند صلاة الجمعة والأعياد علما بأن المصلين لا يستطيعون الذهاب إلى المسجد بدون سياراتهم الخاصة وذلك لبعد المسافات عن المسجد.
خامسا: التوسع في المسجد الحالي غير متاح بسبب عدم توفر الأرض اللازمة حيث إن المسجد محاط بجانبيه بشارعين ومن الجانبين الأخريين بالكنيسة ومبنى آخر، وبناء عليه فلا نستطيع توسعته من أي جانب، بسبب هذه الأمور المتقدمة فقد قمنا بتوفيق الله بجمع مبلغ من المال واشترينا قطعة أرض كبيرة تقع بالجهة الأخرى من المدينة وذلك لبناء المسجد الجديد عليها، وكذلك ملحقاته كالمدرسة ومكان للأنشطة الإسلامية والإجتماعية، والمشكلة التي نواجهها الآن هي: هناك رغبة شديدة لدى الجميع من مختلف الجنسيات في الإبقاء على مركز إسلامي وحيد في هذه المدينة منعا للتفرقة وخصوصا أن عدد المسلمين الحالي لا يحتاج لأكثر من مسجد، والسؤال الذي نريد أن نطرحه بين أيدي فضيلتكم هو: هل يجوز بيع المسجد القديم علما بأن ثمنه سيستغل بالكامل في بناء المسجد الجديد وسيضاف إلى ذلك ثلاثة أضعاف ثمنه من المتبرعين، الأمر الثاني: وهو المهم في هذه الفتوى، هل يجوز بيع المسجد القديم للكنيسة المجاورة ولا ندري ماذا سيفعلون بالمبنى بعد بيعه لهم فلهم حق التصرف فيه بكامل الوجوه من حيث جعله موقفا للسيارات بعد هدمه أو الإبقاء عليه كمكان ملحق بالكنيسة فلهم حق التصرف فيه كما يحلو لهم، نرجو من علمائنا الأفاضل الإسراع بالإجابة على هذا السؤال لأهميته وأن تكون الإجابة مدعومة بالأسانيد الفقهية؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسجد إذا بُني وأذن للناس بالصلاة فيه، صار وقفا لله تعالى، ولا يجوز بعد ذلك هدمه ولا بيعه ولا نقله إلى مكان آخر ... وهذا هو ما عليه جماهير أهل العلم، وقال البعض بأنه إن وجدت مصلحة راجحة في بيعه أو هدمه ونقله، كأن يهجر وتتعطل منافعه، أو يضيق عن أهله فإنه ينقل إلى موضع آخر أو يباع أو يفعل به ما تقتضيه المصلحة، وقد بينا من قبل أن هذا هو القول الراجح في المسألة، ولك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 28824، والفتوى رقم: 6658.
ولا شك في أن ما ذكرته من تبريرات يعتبر مسوغاً لما أردتموه من بيع المسجد، لما بينته من المصلحة المتوخاة من ذلك، وعليه فلا نرى حرجاً في بيع المسجد واستغلال ثمنه في بناء المسجد الجديد، وأما ما سألت عنه من بيعه للكنيسة، فذلك ما لا نراه صواباً، لأنه من إعانة الكفار على ما هم فيه من الباطل، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} ، وقال ابن تيمية رحمه الله: وأما مذهب أحمد في الإجارة لعمل ناقوس ونحوه، فقال الآمدي لا يجوز، رواية واحدة، لأن المنفعة المعقود عليها محرمة، وكذلك الإجارة لبناء كنيسة، أو بيعة، أو صومعة، كالإجارة لكتب كتبهم المحرفة. انتهى من -اقتضاء الصراط المستقيم-.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1428(12/4397)
حكم وقف الأب بيته الذي لا يملك سواه
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة أن الأب يريد أن يجعل البيت وقفا ونحن لا نملك سواه، فهل يمكننا استرجاعه حال وفاته أم لا، (يقول إننا عاصون) ، أم يجوز أن نحجر عليه رغم أننا لا نفضل ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أبوكم يريد وقف هذا البيت في حياته فلا حرج عليه في ذلك إلا إذا كان وقفه يضر بكم بحيث إذا أوقفه لم تجدوا ما تسكنون فيه لعدم وجوده أو لعدم قدرتكم على إيجاره، ففي هذه الحالة لا ينفذ وقفه، لأن الوقف إنما يصح فيما هو قربة، ووقفه البيت مع عدم وجود ما تسكنون فيه معصية، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أحمد.
ولكم في هذه الحالة أن توسطوا أحد أهل الخير والصلاح بينكم وبينه، ليبين له أن ذلك لا يجوز فإن استجاب وقبل فالحمد لله، وإلا فلكم أن ترفعوا الأمر إلى المحكمة الشرعية لتمنعه من هذا الظلم، وليس في ذلك عقوق له إنما هو منع له من الظلم، كما لكم أن تسترجعوا البيت بعد وفاته لأن وقفه لا يصح.
أما إذا كان الوقف معلقاً على الوفاة، فلا يجوز له أن يوقف أكثر من الثلث، ولكم أن تسترجعوا ما زاد على الثلث، لأن الوقف حينئذ وصية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عندما أراد أن يوصي في مرض ظن أنه هو مرض موته: الثلث والثلث كثير. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1428(12/4398)
يصرف الوقف حسب أمر الواقف أو ما يحقق المصلحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك عائلة يأتيها سنويًا وقف (مبالغ وقدرها) توزع بأسماء كل فرد في العائلة وإحدى هذه العوائل البنت فيها عندما تزوجت لا يأتيها نصيبها من الوقف بل يأخذه والدها إلى أن يموت فبعد ذلك تستطيع أخذ نصيبها فهل هذا صحيح؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في الوقف أنه يكون على حسب شرط الواقف، أو نظر من جعل له الواقف النظر فيه، والتصرف حسب ما يحقق المصلحة، والفائدة المتوخاة منه.
وعلى ذلك.. فإذا كان الواقف قصر تلك المبالغ على أفراد العائلة دون من تزوجت من البنات، وقرر أن نصيب من تزوجت منهن يكون لأبيها، أو رأى ناظر الوقف ذلك مصلحة، فالواجب اتباع ذلك عند تقسيم تلك المبالغ.
وأما إذا لم يكن الواقف قد بين ذلك، فالواجب أن تعطى البنت نصيبها الذي تقرر لها من ذلك الوقف، وليس لأبيها الحق فيه إلا بطيب نفس منها بشرط أن تكون بالغة رشيدة، وهذا ما لم يكن محتاجا إليه، فإن كان محتاجا إليه حاجة معتبرة فله أن يأخذ منه بقدر ما تندفع حاجته، وبشرط أن لا يضر بها بما يأخذه، وليأخذ من إخوانها الموسرين أيضا..
وأما إذا كان محتاجا فإن نفقته تكون على من له يسار من أولاده الذكور والإناث. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 33090، وما أحالت عليه.
وفي هذه الحالة يكون له الحق في أن يأخذ من نصيب البنت القدر الذي يلزمها من نفقته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1428(12/4399)
بيع الوقف واستبداله بغيره للمصلحة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا قطعة أرض (175 مترا) ، تبرعنا بها وقفا، لعلنا نقيمها مسجدا في المستقبل، ولكن سبقتنا جماعة على بُعد بسيط منا وأقاموا مسجدا، وهو الآن في مرحلة التشطيب، ويحتاج لتبرعات لإتمامه، فهل نبيع هذه القطعة المتبرَع بها ونساهم بثمنها في تشطيب هذا المسجد أم ماذا نفعل في هذه المساحة، أفتونا مأجورين، ورجاء الرد سريعا، حتى تتضح لنا الصورة بالنسبة لهذه الأرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا المسجد قد تعذر إتمامه والمسلمون بحاجة إليه أشد من حاجتهم لهذه الأرض فلا حرج في بيع هذه الأرض وجعل ثمنها في إتمامه، كما ذهب إليه المحققون من أهل العلم في بيع الوقف واستبداله بغيره للمصلحة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وقد جوز أحمد بن حنبل إبدال مسجد بمسجد آخر للمصلحة، كما جوز تغييره للمصلحة، واحتج بأن عمر بن الخطاب أبدل مسجد الكوفة القديم بمسجد آخر، وصار المسجد الأول سوقاً للتمارين، وجوز أحمد إذا خرب المكان أن ينقل المسجد إلى قرية أخرى، بل ويجوز في أظهر الروايتين عنه أن يباع ذلك المسجد ويعمر بثمنه مسجدا آخر في قرية أخرى إذا لم يحتج إليه في القرية الأولى، فاعتبر المصلحة بجنس المسجد وإن كان في قرية غير القرية الأولى إذا كان جنس المساجد مشتركة بين المسلمين.
أما إذا كان إتمام بنائه لم يتعذر، فلا يجوز بيع هذه الأرض لذلك الغرض، والأولى -والله أعلم- هو أن تباع ويجعل ثمنها في إنشاء مسجد آخر ولو لم يكن في تلك القرية أصلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1428(12/4400)
ما يفعل بالأرض الموقوفة لبناء مسجد إذا بني بجوارها مسجد آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا قطعة أرض (175 متر) ، تبرعنا بها وقفا، لعلنا نقيمها مسجدا، ولكن سبقتنا جماعة على بُعد بسيط منا وأقاموا مسجدا، وهو الآن في مرحلة التشطيب، ويحتاج لتبرعات، فهل نبيع هذه القطعة المتبرَع بها ونساهم بثمنها في تشطيب هذا المسجد أم ماذا نفعل في هذه المساحة، أفتونا مأجورين؟ ورجاء الرد سريعا، حتى تتضح لنا الصورة بالنسبة لهذه الأرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبإمكانكم التصرف في القطعة المذكورة فيما يتفق مع القصد الذي من أجله تبرعتم بها مثل بناء مسجد آخر أو إكمال ما نقص منه أو غير ذلك، لأن الوقف من التبرعات التي لا تتم إلا بالحيازة التامة، قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة، فإن مات قبل أن تحاز عنه فهي ميراث.
وحوز كل شيء بحسبه كما قال أهل العلم، فحوز المسجد وما أشبهه من المرافق العامة هو التخلية بين الناس وبينه حتى ترتفع عنه الملكية الخصوصية، وهذا ما لم يتم بالنسبة للقطعة التي تبرعتم بها لإقامة المسجد عليها، وعلى ذلك فإن كان المسجد الذي أقيم بمنطقتكم يحتاج حاجة حقيقية إلى تكملة ليست لمجرد التحسين وكانت الجهة القائمة عليه عاجزة عن إكماله على ذلك الوجه، فإن الأفضل لكم أن تكملوا هذا المسجد لما في ذلك من المصلحة وحصول الهدف الذي من أجله تبرعتم بالقطعة المذكورة ولقربه منكم، ومن المكان الذي كنتم تريدون إقامة المسجد فيه.
وأما إن كان القائمون على المسجد لا يحتاجون إلى مساعدة لإكماله، فالأفضل أن تبنوا بثمن القطعة مسجداً آخر في منطقة أخرى يحتاج أهلها إلى مسجد لما في ذلك من تعميم الخير وزيادة الأجر بالنسبة لكم، ولا يجوز لكم أن تبنوا مسجداً على هذه القطعة لما في ذلك من الإضرار بالمسجد القريب منها. وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 37541، 46587، 72630.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1428(12/4401)
حكم أخذ المصاحف الموقوفة للقراءة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصرى مقيم بالسعودية..ذهبت لأداء العمرة خلال شهر رمضان وحدثتنى نفسي بأن آخذ مصحفا من الحرم لأقرأ منه القرآن بالمنزل ويكون ذكرى لأداء العمرة وأعلم بأنه يتم توزيع مصاحف على المعتمرين ولكني لم أصادف وقت التوزيع فما الفتوى إذ أخذت مصحفا إلى المنزل مع العلم بأنه وقف لله تعالى؟
جزاكم الله عنا كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أو ضحنا في الفتوى رقم: 30468، أنه لا يجوز أخذ المصاحف الموقوفة لأجل القراءة في المسجد سواء في ذلك المسجد الحرام وغيره؛ لأن ذلك مناف للغرض الذي أوقفت من أجله، وهو القراءة فيها داخل المسجد لجميع المسلمين، وعليه فإن كنت أخذت مصحفا من هذه المصاحف فعليك أن ترده بأن ترسله مع شخص تثق به إذا لم تذهب أنت بنفسك للحج أو العمرة أو غيرهما. وبإمكانك أن تحصل على مصحف تتخذه ولو بالشراء فإن ذلك أمر سهل والحمد لله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1427(12/4402)
حكم تحويل الكارفان المتنقل عن المسجدية
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لدينا مسجد في داخل الشركة عبارة عن كارفان متنقل وقام صاحب الشركة ببناء مسجد ثابت في مكانه، فهل بالإمكان تحويل الكارفان إلى مكتب للحراسة الآن، أفيدونا؟ جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الكارفان الذي قلت إنه داخل الشركة وأنكم كنتم تصلون به، إن لم يكن قد خرج عن ملك الشركة ولم يصل إلى مرحلة الوقفية المعتبرة شرعاً فإنه لا تنطبق عليه أحكام المسجد، وبالتالي فلا مانع من تحويله إلى مكتب للحراسة أو غير ذلك.
قال ابن العربي في أحكام القرآن: فلو بنى الرجل في داره مسجداً وحجزه عن الناس واختص به لنفسه لبقي على ملكه ولم يخرج إلى حد المسجدية. انتهى.
وأما إن كان قد أوقف للصلاة فإنه بذلك يكون قد خرج عن ملك الشركة، وصار وقفا لله تعالى، وليس لمن أوقفه الرجوع في ذلك في قول جماهير أهل العلم، وليس له نقله إلى غرض آخر، إلا إن وجدت مصلحة تعود على الوقف بذلك. ولك أن تراجع في هذا الفتوى رقم: 70027.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1427(12/4403)
صرف غلة الوقف في استنقاذ الأرض الموقوفة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم، سيدي فضيلة الشيخ.
السؤال: نحن أعضاء مسجد، له محلات مؤجرة وتوجد قطعة أوقفها شخص للقبور، وبعد أن مات الشخص ورثته يريدون أن يستردوا الأرض، ن فهل يجوز أن نصرف من أموال المسجد على التنازع في المحاكم أجيبونا؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه المحلات وقفا لمصلحة المسجد فلا يجوز صرف غلتها في مصلحة غير المسجد الذي وقفت عليه ولو في مسجد آخر فضلا عن هذه الأرض الموقوفة لدفن الموتى لضرورة مراعاة شرط الواقف، فإن فاضت الغلة عن حاجة المسجد جاز صرف الزائد منها في مصلحة وقف نظير له كمسجد آخر احتاج إلى مال، وإن وجد القائمون على المسجد أن المصلحة تقتضي صرف جزء من الغلة في استنقاذ الأرض الموقوفة من المعتدين عليها ورثه كانوا أو غيرهم فلا مانع، كما صرح بعض أهل العلم بجواز تغيير شرط الواقف للمصلحة المعتبرة، جاء في غاية المنتهى: قال الشيخ تقي الدين: يجوز تغيير شرط واقف لما هو أصلح منه، فلو وقف على فقهاء وصوفية واحتيج للجهاد صرف للجند. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1427(12/4404)
هل يهدم المسجد ويبنى مكانه مسجد أكبر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في قرية صغيرة لا تتجاوز الألف شخص وفيها أربعة مساجد مع أنها يکفيها مسجدان، وعندنا مسجد لصلاة الجمعة، ولکن هذا المسجد أصبح قديما ولا يتسع للمصلين، وأما صاحبه فقد مات والآن نحن نحتاج إلي مسجد أکبر لأداء صلاة الجمعة فهل يجوز أن نهدم هذا المسجد ونبني مکانه مسجدا آخر. وطبعا إذا بنينا مسجدا جديدا في مکان آخر فسيصبح عدد المساجد عندنا خمسة وستقل جماعة المساجد، وربما لن يصلي أحد في هذا المسجد الجديد إلا في يوم الجمعة، بالإضافة إلى أن الأرض التي بني عليها المسجد هي ليست ملکاللذي بنى المسجد بل ليست ملکالأحد، وأبناء الذي بنى المسجد لا يرضون بأن نهدمه فما قولکم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن يبقى المسجد الأول ويوسع ولا يهدم، فإن كانت المصلحة في هدمه وإعادة بنائه فلا مانع من ذلك كما بيناه في الفتوى رقم: 6313، فإن أبى ناظر المسجد من هدمه وإعادة بنائه فلا مانع من بناء مسجد آخر يسع الناس جميعا لصلاة الجمعة ويبقى المسجد الأول للصلوات الأخرى، ولا تعدد الجمعة ما دام المسجد الجديد يسع الجميع ولا عسر في حضورهم إليه واجتماعهم فيه لصلاة الجمعة، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 23537.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1427(12/4405)
وقف المال على المواقع الإلكترونية الدعوية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يغني التبرع للمواقع الإلكترونية عن التبرع في المجالات الأخرى؟ أريد أن أوقف مبلغا لله تعالى فما أولويات هذا الوقف (هل أوقف في بناء مسجد أم بناء بئر ماء أم ماذا) وعلى أي أساس يتم تحديد الأولويات؟ أريد أن أوقف مبلغا من المال لوجه الله تعالى وأريد أن يكون هذا الوقف عبارة عن تبرع لموقع إلكتروني يخدم الدعوة الإسلامية، فسؤالي: هل أجري مستمر حتى لو ألغي أو توقف هذا الموقع؟ هل الوقف الإسلامي مرتبط بمكان أو زمان، وهل الوقف مرتبط بمجال معين أم أنه يتنوع بتنوع الحاجة إليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوقف -وهو في الشرع حبس المال وصرف منافعه في سبيل الله- عمل خيري مفيد وعبادة مالية يتعبد بها لله عز وجل ويتقرب بها له سبحانه وتعالى، وقد سنه النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يعرف هذا العمل الخيري من قبله كما ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم، ورغب فيه صلى الله عليه وسلم وأقره وأخبر أن ثوابه لا ينقطع بموت الواقف، بل يجري عليه وهو في قبره فتزاد به حسناته ويتواصل به ثوابه، في حين أن أكثر العبادات الأخرى تنقطع فائدتها وينقطع تجدد ثوابها بالموت، جاء في صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة، إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له.
وهذا العمل الخيري صالح لكل زمان وفي كل مكان، وفي كل مجال فيه نفع، وأفضل مجال لهذه العبادة المالية وهذا الاستثمار الخيري الأخروي هو ما كانت حاجة المسلمين إليه أكثر ومنافعه أعم والمصالح المرجوة من ورائه أرجح. قال صاحب الدرالمنثور وهو شافعي: العمل المتعدي أفضل من القاصر ولهذا قال الأستاذ أبو إسحاق وإمام الحرمين وأبوه وغيرهم بتفضيل فرض الكفاية على فرض العين..
وقال ابن الحاج المالكي في المدخل: ولا يختلف أن النفع المتعدي أفضل من القاصر على المرء نفسه..
فإذا تقرر هذا علم أن وقف المال لصالح المواقع الإلكترونية التي تبث النافع وتنشره عقيدة وأحكاما وأخلاقا وتزيل الشبه من أجَلّ ما توقف له الأموال وتتفق فيه، بل هي أولى وأحق ما تصرف فيه الأموال، وذلك لأمرين:
الأمر الأول: أن مجال نشر العلم والدعوة إلى الله والسعي في إزالة الجهل الذي عم وطم، والذي هو من أقوى أسباب الهداية للناس والأخذ بحجزاتهم إلى سبيل الاستقامة والعبادة عن علم لا يوازيه غيره من المشاريع الخيرية بل ولا يدانيه، فقد قال صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم. متفق عليه. وقد تقدم الحديث: إذا مات الإنسان انقطع عمله..
الأمر الثاني: أن الاستفادة من هذه المواقع في نشر العلم أعم من أي طريق آخر لنشره في هذا العصر كما هو معلوم، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإنما العطاء إنما هو بحسب مصلحة دين الله، فكلما كان لله أطوع ولدين الله أنفع كان العطاء فيه أولى، وعطاءُ محتاجٍ إليه في إقامة الدين أو قمعِ أعدائه وإظهاره وإعلانه أعظم من عطاء مَنْ لا يكون كذلك، وإن كان الثاني أحوج.
وإذا توقف الموقع أو ألغي فلا يعني ذلك توقف الأجر من كل جهة، بل العلم الذي نشره الموقع وعلمه للناس والذي كان سببا لهداية من أراد الله له الهداية يحصل له أجره وأجر من استفاد منه إلى يوم القيامة، فنشر العلم من الأمور التي يجري ثوابها على الإنسان في قبره.
روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره. رواه ابن ماجه.
ثم إن توقف الموقع أو إلغاءه لا يلزم منه توقف الاستفادة من المال الموقوف للموقع في مجالات أخرى، فبإمكان ناظر الوقف إذا تعذر عليه استمرار الموقع أن يجعل هذا المال في مشروع خيري آخر يجري ثوابه على الواقف، فقد نص المحققون من أهل العلم على جواز تغيير صورة الوقف من صورة إلى صورة أصلح منها ويظل الأجر جاريا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1427(12/4406)
بناء المسجد ثم تحويله إلى دار لتحفيظ القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[قام أحد الأشخاص ببناء مسجد على إحدى المساحات التي ورثها فى بلدته وقصد ذلك بنيته إلى أن تم البناء لهذه القطعة وبنى عليها ثلاثة أدوار وهب الدور الثاني مسجداً والأول والثالث منزلا خاصا به وعمل للمسجد مدخلا خاصا ولسكنه مدخلا آخر، وجهز كل ذلك تمهيدا لضم هذا المسجد لمسجد آخر صغير المساحة بجانبه مباشرة، قام الطرف الآخر ببنائه بعد إرثه أيضا واتفق الجميع على فتح المسجدين خاصة الدور الثاني على بعض من أجل توسعته حتى أن السقف بالدور الثاني جعله موازيا للمسجد الآخر الأصغر في المساحة تمهيدا لتوسعته، وبعد فترة وقبل الافتتاح اختلف الطرف الأول مع أقاربه من العائلة مما أدى لعدم موافقته على فتح هذا المسجد الكامل على الآخر ورفض كل التوسلات وأصبحنا نصلي في المسجد الصغير وتكدس المصلون بالزحام حتى أنهم يصلون بعض الأوقات بالشارع المجاور خلف الإمام ولم يوافق الطرف الأول بفتحه وأخل بالعهد رغم أنه جهزه تماما لإقامة الصلاة وكتب لافتة عليه -مسجد الصديق- ورجع وقام بتأجيرة لجمعية تنمية المجتمع بإيجار رمزى سنوي لفتحه دارا لتحفيظ القرآن، ونحن في أشد وأمس الحاجة للتوسعة وعرضنا عليه فتحه للصلاة حتى لا يضيق على المصلين واستمراره للتحفيظ بعد وقت الصلاة، لكنه رفض نرجو الإفادة عن هذا الموقف ورجوع هذا الشخص عن عهده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على نفس السؤال في الفتوى رقم: 77664.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1427(12/4407)
من بنى بنيانا ووقفه على أنه مسجد وأراد الرجوع
[السُّؤَالُ]
ـ[قام أحد الأشخاص ببناء مسجد على إحدى المساحات التى أورثها بل وكتب عليه من الخارج مسجد الصديق تمهيدا لافتتاحه, وفي المقابل قام أقاربه الآخرون ببناء مسجد ببقية ورثهم تمهيدا لضمهم مسجدا واحدا نظرا لمساحة كل واحد منهما الصغيرة واتفقوا على ذلك حتى أن الحائط بالدور الثاني خاص بالمسجد الأول حيث سيتم فتحهما على بعض من الدور الثاني فقط وباقي الأدوار سكن خاص لصاحبه بمدخل خاص - بل قام أصحاب المسجد الحالي بإفادة صاحب المسجد الأول أنه لا مانع أن يكون المسجد كله باسمه الأول كما اختاره (مسجد الصديق)
ولكن صاحبه بعد أن تم بناؤه وصلينا الآن في المسجد الآخر قام بإلغائه وحذف (يافطة) المسجد ومسحها من الخارج وقال لا أفتح المسجد طالما أقاربي عملوا مسجدا مجاورا لي على الرغم من أن المساحة صغيرة جدا وعلى 3 أدوار دور للوضوء ومصلى ثم مصلى الرجال بالدور الثانى ثم مصلى سيدات بالدور 3 وازدحمت الناس بداخله كل صلاة - وصاحب المسجد الآخر لم يرد فتحه لخلافات عائلية بينهم ورغم توسط الأهل والجيران إلا أنه لم يوافق لفتح المسجد على الآخر لتوسعته للمصلين _ بل قام بتأجير المكان (وهو معد للصلاة) لجمعية تنمية المجتمع بسعر رمزى سنويا لتفتحه دارا لتحفيظ القرآن الكريم - وتوسطنا له لافتتاحه مسجدا ويحفظ فيه كيفما يشاء - نظرا لصغر مساحة المسجد الذى نصلى فيه حاليا رغم الزحام الشديد والحمد لله من المصلين - ولكنه لم يستجب لنا جميعا ويصر على عدم فتح وتوسعة المسجد - رغم وعوده الدائمة من قبل بفتح الاثنين مع بعض خاصة الدور الثانى - مصلى الرجال - حيث جعل سقف المسجد بالدور الثانى موازيا تماما للمسجد الآخر حتى تكون مساحة مستوية تماما - ولكنه رفض نظير خلافات عائلية مع بعضهم رغم استعداد أصحاب المسجد الحالي له بكتابة مساحة هذا المسجد باسمه لضمه له ولكن دون جدوى - حتى إن المصلين في يوم الجمعه يفرشون الأرض للصلاة وبجوارهم الآخر معد للصلاة ولم يفتح لها أرجو الموعظة ونداء لهذا الشخص الذى يحتل مكانة علمية عالية حيث إنه دكتور بإحدى الجامعات المصرية - والمصلون على استعداد لتحمل تكلفة وفرش المسجد من جديد وتهيئته للصلاة حتى يوسع على المسلمين؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أنه كان على أولئك الأقارب أن يتفقوا على بناء مسجد واحد يتعاونون جميعا في تشييده، أو ينفرد أحدهم بتعميره برضاهم جميعا؛ لأن ذلك أقرب إلى توحيد الكلمة وعدم شق العصا بين الإخوة.
ثم اعلم أن بناء المساجد من أفضل القرب. فقد قال عليه الصلاة والسلام: من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله تعالى له بيتا في الجنة. رواه ابن ماجه وغيره.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن من بنى بنيانا وعينه للوقفية على أنه مسجد فلا يجوز له الرجوع عن فعله ذلك. قال ابن قدامة في المغني: فصل: وظاهر مذهب أحمد أن الوقف يحصل بالفعل مع القرائن الدالة عليه، مثل أن يبني مسجدا، ويأذن للناس في الصلاة فيه، أو مقبرة، ويأذن في الدفن فيها، أو سقاية، ويأذن في دخولها، فإنه قال: في رواية أبي داود، وأبي طالب، في من أدخل بيتا في المسجد وأذن فيه، لم يرجع فيه، وكذلك إذا اتخذ المقابر وأذن للناس، والسقاية، فليس له الرجوع، وهذا قول أبي حنيفة، وذكر القاضي فيه رواية أخرى، أنه لا يصير وقفا إلا بالقول وهذا مذهب الشافعي. انتهى.
وقال الخرشي: والمعنى أن الوقف يصح ويتأبد بلفظ (حبست) على المشهور بالتخفيف والتشديد وما يقوم مقام الصيغة كالصيغة كما لو بنى مسجدا وخلى بينه وبين الناس ولم يخص قوما دون قوم، ولا فرضا دون نفل ويثبت، الوقف بالإشاعة بشروطها وبكتابة الوقف على الكتب إن كانت موقوفة على مدارس مشهورة وإلا فلا ويثبت أيضا بالكتابة على أبواب المدارس والربط والأشجار القديمة وعلى الحيوان.
وأما الشافعية فمذهبهم ينافي ما ذكر، وأن الوقف لا يصح إلا باللفظ. قال ابن حجر الهيتمي: (ولا يصح) الوقف من الناطق الذي لا يحسن الكتابة (إلا بلفظ) ولا يأتي فيه خلاف المعاطاة وفارق نحو البيع بأنها عهدت فيه جاهلية فأمكن تنزيل النص عليها ولا كذلك الوقف فلو بنى بناء على هيئة مسجد أو مقبرة وأذن في إقامة الصلوات أو الدفن فيه لم يخرج بذلك عن ملكه. اهـ
وبناء على ما ذهب إليه جمهور أهل العلم، فالظاهر أن كتابة باني المسجد عليه من الخارج "مسجد الصديق" يفيد أنه يوقفه للصلاة، فليس من حقه بعد ذلك أن يصرفه إلى جهة أخرى، وخصوصا أنك ذكرت أنه يوجد زحام شديد لضيق المسجد الثاني.
وليعلم ذلك الشخص أن الشيطان عدو للإنسان؛ كما أخبر الله تعالى في كثير من الآيات. منها قوله تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ {فاطر:6} .
وإذا علم المسلم ذلك وجب عليه بذل وسعه في محاربة الشيطان بكل ما يستطيع، لا أن يطيعه فيما يفسد عليه دنياه وآخرته ويحرمه من الأجر الكثير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1427(12/4408)
حكم تحويل المسجد إلى مستوصف صحي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تحويل الجامع إلى مكان آخر وهدم المسجد الأول أو تحويله إلى مستوصف صحي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الداعي إلى تحويل المسجد واستبداله هو المصلحة أو الحاجة فلا مانع من ذلك شرعا على ما رجحه المحققون من أهل العلم، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: ويجوز إبدال المسجد بغيره للمصلحة كما فعل الصحابة. وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتاوى: 6639، 61860، 62064، 60020، 72630، نرجو الاطلاع عيها وعلى ما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1427(12/4409)
المسجد إذا تعطلت منافعه هل يرد إلى الواقف
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو: امرأة رأت في منامها منزلها يصبح مسجداً، مع العلم بأنه ملك لها وحكت لهم ذلك وأوصت أولادها بهذا عندما وافتها المنية، فصار لها ذلك وبني المسجد وبعد فترة ضاق المسجد ولم يسع المصلين فاضطروا إلى توسيعه فلم يتمكنوا لضيق المنطقة فتصدق لهم بمساحة جديدة لبناء مسجد آخر بالقرب منه، سؤالي هو: هل المسجد يعود للورثة أم يكون للمال العام؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا المكان الذي فيه المسجد القديم قد صار وقفاً، فلا يجوز رده إلى ورثة هذه السيدة لأنه بوقفها له أو وقفهم هم له خرج عن الملك الخاص، كما أنه لا يجوز التصرف فيه في غير الوجه الذي أوقف عليه ما دامت منافعه حاصلة، فإن تعطل الانتفاع على الوجه الذي وقف عليه جاز بيعه وصرف ثمنه في بناء مسجد آخر أو توسعته أو نحو ذلك. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 15292.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1427(12/4410)
حكم تغيير شرط الواقف
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطاني أحد المسلمين مبلغا بسيطا من المال للمسجد وأنا أعمل خطيبا بالمسجد وأعمل مدرسا فوجدت أن المسجد في غير حاجة للمبلغ والمدرسة تحتاج للمبلغ فوجهت هذا المبلغ للمدرسة. فما رأيكم؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الأموال لا تصرف إلا للجهة التي حددها المتصدق أو الواقف، وهذا هو الذي عليه علماء المالكية والشافعية وغيرهم.
قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الكبرى: إن قصد الواقف يراعى بحيث إذا حدد طريقة صرف الوقف فإن ذلك يعتبر، أو عرف مقصده بأن جرت العادة في زمنه بأشياء مخصوصة، فينزل عليها لفظ الواقف. اهـ
ويرى بعض العلماء أن الوقف ينبغي أن يصرف في ما هو أكثر مصلحة ولو خالف شرط الواقف.
قال مصطفى الرحيباني الحنبلي في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: قال الشيخ تقي الدين: يجوز تغيير شرط واقف لما هو أصلح منه، فلو وقف على فقهاء أو صوفية واحتيج للجهاد صرف للجند. اهـ
ولعل هذا المذهب الأخير هو الراجح -إن شاء الله- لموافقته لغرض الواقف؛ لأنه إنما يقصد كثرة الثواب، فكلما عظمت المصلحة كان ذلك أقرب إلى قصده.
وبناء عليه، فلا نرى عليك حرجا فيما قمت به من توجيه ذلك المبلغ إلى المدرسة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1427(12/4411)
الوقف على القبور وعلى النساء دون الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[نعاني من مشكلة مهمة جداً هنا في ليبيا وهي مسألة ما يعرف (الحبس) ومعنى هذه الكلمة هي أن يحرم الملك سواء كان منزلا أو أرضا أو أي تركة للمتوفى أو على قيد الحياة يوصي أهله بأنه قد حبس هذه الأرض مثلاً لكي تكون للولي الفولاني أو للشيخ الفلاني وتكون حبسا على النساء، أي النساء لا تأخد الميراث دون الرجال....فالرجاء الرجاء الرجاء أن تقوموا بالسؤال عن هذا الموضوع في ليبيا فإنه كارثة كبرى هنا ولازلنا حتى الآن نعمل هذا العمل الجاهلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أن الحبس الذي عناه الأخ السائل هو الوقف، والوقف هو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة، فيوقف مالك مطلق التصرف ماله المنتفع به مع بقاء عينه، وهذا الوقف مستحب في أصله كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 38781، ولكن من شروط صحة الوقف التي ذكرناها في الفتوى رقم: 74508، أن يكون الوقف على بر وليس على معصية، وإذا كان القصد هنا هو الوقف على القبر والمشهد كما هو منتشر في كثير من البلاد فلا شك أن الوقف على قبور الأولياء التي تعبد من دون الله تعالى بحيث يعود ريع الوقف على تلك القبور وسدنتها وإقامة البدع فيها أو بناء المساجد فيها كل هذا لا يجوز الوقف عليه لأنه ليس من البر، قال ابن القيم رحمه الله تعالى في الوقف على تلك المشاهد: وهذا حال المشاهد المبنية على القبور التي تعبد من دون الله ويشرك بأربابها مع الله لا يحل إبقاؤها في الإسلام ويجب هدمها ولا يصح وقفها ولا الوقف عليها. اهـ. من زاد المعاد.
وقال في موضع آخر: فإن الوقف لا يصح إلا في قربة وطاعة لله ورسوله فلا يصح الوقف على مشهد ولا قبر يسرج عليه ويعظم وينذر له ويحج إليه ويعبد من دون الله ويتخذ وثنا من دونه وهذا مما لا يخالف فيه أحد من أئمة الإسلام ومن اتبع سبيلهم. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (11/ 31} : وأما بناء المشاهد على القبور والوقف عليها فبدعة لم تكن على عهد الصحابة ولا التابعين بل ولا عهد الأئمة الأربعة، وقد اتفق الأئمة على أنه لا يشرع بناء هذه المشاهد على القبور ولا الإعانة على ذلك بوقف ولا غيره.. اهـ. مختصرا
واعلم أن منع المرأة من حقها في الميراث عمل محرم ومن أخلاق الجاهلية الأولى، وقد توعد الله سبحانه وتعالى من خالف أمره في قسمة الميراث فقال بعد ذكر القسمة: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ {النساء: 14} وانظر الفتوى رقم: 59633، حول حرمان النساء من الميراث، وكذلك الفتوى رقم: 35717، حول حكم الوقف على الإناث دون الذكور والعكس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1427(12/4412)
شراء الحفيد أرضا أوقفها جده
[السُّؤَالُ]
ـ[أوقف جدي أرضا منذ مدة، وبعد ما توفي أعلنت إدارة الأوقاف عن عدم حاجتها لها وعرضتها للبيع، فهل يجوز لي أن أستردها أو أشتريها منهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز حل الوقف ولا التصرف فيه بالبيع أو بغيره، بما يخرجه عن وقفيته ما دامت منافع الوقف باقية لم تتعطل، لقوله صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه لما استأمره في شأن أرض له بخيبر: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، فتصدق بها عمر، أنها لا يباع أصلها ولا يورث ولا يوهب. متفق عليه.
وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى عدم جواز بيع الوقف واستبداله بغيره مطلقا أخذا بعموم هذا الحديث، وللإمام أحمد رواية بأنه لا يجوز بيعه ولا استبداله بغيره إلا أن تتعطل منافعه بالكلية، ولا يمكن الانتفاع به ولا تعميره وإصلاحه أو دعت المصلحة إلى ذلك.
ولعل رواية أحمد هذه أقرب إلى الصواب، لما تميزت به من مراعاة المصلحة التي هي مبنى الشريعة الإسلامية.
وعليه، فالواجب أن تبقى الأرض التي ذكرت موقوفة يعمل فيها حسب شروط الواقف، طالما أن الانتفاع بها على الوجه الذي وقفت له ممكن، وليس لأية جهة أن تخالف هذا الأمر، ولا لورثة الواقف أن يستردوها.
وأما إذا تعطل الانتفاع بها بالكلية، وظهر أن المصلحة هي بيعها وجعل ثمنها في شيء آخر، فلا مانع حينئذ من ذلك. وإذا قلنا بإباحة بيعها، فلك أن تشتريها كسائر الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1427(12/4413)
حكم تحويل مصلى شركة إلى مكاتب
[السُّؤَالُ]
ـ[صديق لي يعمل في مصنع يوجد به غرفة مخصصة للصلاة (مصلى) ، وبعد فترة قامت الإدارة بتحويل هذا المصلى إلى مكاتب، علماً بأن هذا المكان كان مخصصا أصلاً ليكون مصلى على تصاميم المصنع قبل بنائه كما قال لي صاحبي، فما هو حكم هذا العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 67689 أنه إذا بني مكان وهيئ للصلاة من غير أن توقف أرضه -كما هو الغالب في مساجد الشركات والمصانع ونحو ذلك- فلا يكون مسجداً ولا يعطى حكم المسجد، بل هو كأي بقعة من الأرض هيئت للصلاة دون وقف، فإذا كان المكان المذكور على نحو ما ذكرنا فلا حرج في تحويله إلى مكاتب أو غيرها.
أما إن كان مالكه قد وقفه لأجل الصلاة فيه فلا يجوز استخدامه إلا في الغرض الذي حبس له. كما سبق توضيح ذلك في الفتوى رقم: 73238.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1427(12/4414)
حكم هدم مسجد لأجل توسعة مصنع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لأي مسلم هدم مسجد من مكانة ليوسع به مصنعه المجاور له وقام بعمل مسجد آخر في مكان آخر كبديل له شرعا هل يجوز ذلك؟ أفيدونا نرجوكم وما هو رد فعلي الصحيح حتى لا أكون ساكتا عن الحق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هدم المسجد المذكور ليس لمصلحة راجحة, وإنما لغرض توسعة مصنع فهذا الفعل معصية شنيعة والواجب على فاعل ذلك إعادة بناء المسجد على حالته السابقة، ففي فتاوى الرملي الشافعي: (سئل) عما سئل عنه السبكي وهو أن شخصا هدم جدار مسجد غير مستحق الهدم ما يلزمه؟ فأجاب بأنه يلزمه إعادته، ولا يأتي فيه ضمان الأرش كما قيل في الجدار المملوك والموقوف وقفا غير تحرير لأنهما مالان، والمسجد ليس بمال بل هو كالحر. انتهى.
وفي مجمع الضمانات لغانم البغدادي الحنفي: إن هدم حائط المسجد يؤمر بتسويته وإصلاحه. انتهى
والراجح عند المالكية لزوم قيمة جدار المسجد المهدوم في هذه الحالة، أما الأرض فهي باقية على وقفيتها، ففي شرح الخرشي ممزوجا بمختصر خليل المالكي: (ومن) (هدم وقفا) تعديا (فعليه إعادته) على ما كان عليه، ولا تؤخذ قيمته، والراجح أن عليه قيمته كسائر المتلفات، والنقض باق على الوقفية فيقوم قائما ومهدوما، ويؤخذ ما زاد على المنقوض، ولا يلزم من أخذ القيمة جواز بيعه لأنه أمر جر إليه الحكم كإتلاف جلد الأضحية. انتهى
ورد الفعل المناسب في هذه الحالة هو رفع الأمر إلى ولي الأمر أو إلى الإدارة المعنية بشؤؤن المساجد لتقوم بالتصرف الذي تقتضيه المصلحة فى هذه المسألة
وراجع الفتوى رقم: 6658، والفتوى رقم: 15292.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1427(12/4415)
شروط الوقف المعتبرة لصحته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي شروط الصدقة الجارية وهل كتابة بيت لأحد أفراد الأهل صدقة جارية أم لا؟ علما بأن صاحب البيت ليس له أطفال وإخوته فقراء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة الجارية تعرف عند أهل العلم بالوقف وهو تحبيس ذات معينة مع التصدق بمنفعتها؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 43607. وشروط الوقف قد فصلها الرحيباني الحنبلي في مطالب أولى النهى ممزوجا بغاية المنتهى حيث قال: وشروطه أي: شروط الوقف المعتبرة لصحته ستة:
أحدها: كونه أي الوقف من مالك جائز التصرف وهو المكلف الرشيد؛ فلا يصح من صغير أو سفيه أو مجنون، كسائر تصرفاتهم المالية.
الثاني: كونه أي الموقوف عينا؛ فلا يصح وقف ما في الذمة كقوله: وقفت دارا أو عبدا ولو موصوفا لأنه ليس بمعين معلومة يصح بيعها.
الشرط الثالث: كونه أي الوقف على بر وهو اسم جامع للخير، وأصله الطاعة لله تعالى، واشتراط معنى القربة في الصرف إلى الموقوف عليه لأن الوقف قربة وصدقة، فلا بد من وجودها فيما لأجله الوقف، سواء كان الوقف من مسلم أو ذمي.
الشرط الرابع: من شروط الوقف كونه على معين من جهة كمسجد كذا، أوشخص كزيد، غير نفسه على المذهب، يملك ملكا ثابتا لأن الوقف يقتضي تحبيس الأصل تحبيسا لا تجوز إزالته.
الشرط الخامس: من شروط الوقف أن يقف ناجزا غير معلق ولا موقت ولا مشروط بنحو خيار.
الشرط السادس من شروط الوقف: أن لا يشترط الواقف فيه: أي الوقف ما؛ أي: شرطا ينافيه من الشروط الفاسدة كشرط نحو بيعه أو هبته متى شاء، أو شرط خيار فيه. انتهى.
وإن كان الشخص المذكور قد كتب بتمليك داره لشخص من أقاربه فهي ملك لذلك القريب، وليس هذا من باب الصدقة الجارية. وإنما هو من باب الهبة، وللواهب أجر ذلك موفى إن شاء الله تعالى. وإن كان قد كتب لهذا الشخص على أنها وقف لا تباع بل ينتفع بغلتها فهي صدقة جارية، وهذا التصرف صحيح إذا كان ناجزا وكان الواقف عاقلا بالغا رشيدا غير مكره فيحق له التصرف في ماله بالوقف أو بالهبة حسبما يريد. ففي كشاف القناع للبهوتي الحنبلي: قال في الاختيارات: ويجوز للإنسان أن يتصرف فيما في يده بالوقف وغيره حتى تقوم بينه شرعية أنه ليس ملكا له؛ لكن لا يحكم بالوقف حتى يثبت الملك. انتهى.
مع التنبيه على أن الوقف إن كان معلقا بالموت فهو في حكم الوصية, وعليه فإن كان الموقوف عليه هنا من ورثة الواقف فهذا الوقف لا يصح إلا إذا أمضاه بقية الورثة بشرط اتصافهم بصحة التصرف بأن يكونوا كلهم بالغين رشداء. وراجعي الفتوى رقم: 1543.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1427(12/4416)
حكم وقف الأب على أحد أولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[س: لدي أخ شقيق متخلف عقليا يبلغ 30 عاما شفاه الله وعافاه، ووالدي ولله الحمد يملك خيرا من رب العالمين وعنده 5 عمارات ولله الحمد ومحل تجاري ولي 6 أخوات 4 شقيقات واثنتين من والدي حفظه الله وأخي يتعالج في مركز خاص بالأردن للرعاية الخاصة وأبي متحمل لكافة مصاريفه من وإلى.
ولكن حرصا من والدي ووالدتي على تأمين مصاريف المعيشة له بحسب حالته الخاصة تشاورنا في أن تكون إحدى العمارات وقفا له بصك رسمي من الجهات الحكومية بحيث إنه يكون جميع ما يأتي من إيجارات هذه العمارة خاص له وحين يقدر الله وفاة والدي يكون له حظه من الإرث.
هل يجوز ذلك شرعا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أوقف والدكم تلك العمارة حال صحته ورشده على ابنه ذاك، وحازها الحيازة الشرعية أو حيزت له، واتنقلت ملكيتها إليه حال حياة الوالد، كان هذا الوقف صحيحا ولا شيء فيه من جهة الشرع، طالما أن الابن المذكور له من الاحتياجات ما ليس لبقية إخوته.
فالمنهي عنه من هذا هو أن يخص الوالد أحد أبنائه دون مسوغ شرعي، وقد بينا ذلك من قبل، فيمكنك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 6242.
وفي حالة ما إذا تم هذا الوقف بالشرط الذي بيناه فليس للورثة المطالبة بشيء من هذه العمارة بعد وفاة الأب, وإنما يختص بها الابن الذي حبست عليه.
هذا إذا كان وقف العمارة غير مقيد بحياة الواقف أو الموقوف عليه أو غيرهما، وأما إذا كان مقيدا بشيء من ذلك فإنه حينئذ يسمى عمرى، ويجب التزام القيد فيه.
وتجدر ملاحظة أن وقف العمارة لا يحتاج إلى صك رسمي من الجهات الحكومية، وإنما يفعل ذلك للتوثق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1427(12/4417)
استعمال الماء الخاص بالمسجد ونقل ماء زمزم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز استخدام مياه المسجد خارج المسجد للأغراض الشخصيه كالشرب والاغتسال والطبخ وغيره أم أن استخدامه وقف داخل المسجد فقط , وإن كان حراما كما يقولون لماذا لا يشمل الحكم كذلك مياه زمزم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 35651، بيان حكم أخذ الماء الخاص بالمسجد فراجعها، وماء زمزم لا بأس بنقله إلى مختلف البلاد لشربه أو للتداوي به لما ثبت من مشروعية ذلك، فقد قال النووي في المجموع: أما حديث ماء زمزم فروى البيهقي بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: استهدى النبي صلى الله عليه وسلم سهيل بن عمرو من ماء زمزم. وبإسناده عن جابر رضي الله عنه قال: أرسلني صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة قبل أن يفتح مكة إلى سهيل بن عمرو أن أهد لنا من ماء زمزم ولا تترك، فبعث إليه بمزادتين. وعن عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها كانت تحمل ماء زمزم وتخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله. رواه الترمذي وقال: حديث حسن الإسناد ورواه البيهقي هكذا ثم قال: وفي رواية: حمله رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأداوى والقرب، وكان يصب على المرضى ويسقيهم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1427(12/4418)
يعين ناظر للوقف لا مالك له
[السُّؤَالُ]
ـ[ترك الوالد وصية تعادل ثلث التركة لأعمال الخير واشترط أنا وإخواني أوصياء على تلك الوصية ورغبة في إنماء أصول الوصية والصرف من عوائدها على أعمال الخير، فهل يجوز لنا اختيار أحد الإخوان كمالك صوري لأصول الوصية وأخذ إقرار منه أن تلك الأصول غير مملوكة له أو لورثته من بعده، وإذا رفض أحد الإخوان ذلك الحل فهل يؤخذ برأي الأغلبية منا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن وصية والدكم تعتبر وقفاً، فعليكم أن تحبسوا أصلها وتسبلوا منافعها في أعمال الخير والبر على ما أمر به صاحب الوقف (والدكم) ، فإن نص الواقف يجب العمل به ما لم يخالف الشرع، ولا مانع من وضعه تحت يد ناظر عليه منكم أو من غيركم لتسييره حسبما شرط والدكم. ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك على وجه التمليك ولو كان صورياً، لما في ذلك من الخطر على الوقف وتعريض الأخ الذي وضع تحت يده لفتنة المال ووساوس الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم، فعليكم أن تسدوا هذا الباب وتسموا الأشياء بمسمياتها. فالشخص الذي تختارونه لتسيير الوصية يسمى ناظر الوقف وليس مالكاً له، ويجب أن يكون أميناً نزيهاً عالماً بكيفية الاستثمار والتسيير، فهذا هو الحل.
وإذا اختلفتم في تعيين ناظر للوقف فإن الأمر يرجع إلى القاضي الشرعي, وهو الذي يحسم الخلاف بجعله تحت يد أمينة منكم أو من غيركم، ولا دخل للاستفتاء ورأي الأغلبية في هذا الأمر ما دام هنالك قضاء شرعي نزيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1427(12/4419)
صرف الوقف في نظير الجهة التي عينها الواقف
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لنا قطعة أرض وكنا نود أن نبني عليها مسجدا صغيرا بجوار المنزل لكن التعليمات عندنا في بلادنا لا بد من دفع شيك 45000 جنيه كتأمين ولعدم وجود هذا المبلغ اضطررنا لبيع القطعة بمبالغ معقولة، المهم هل نتصدق بالمبلغ لأي مسجد يتم بناؤه أم ماذا نفعل، علماً بأن والدي رحمه الله كانت وصيته بناء المسجد، فأفيدوني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تنفيذ الوصية واجب في ثلث المال حسب شرط الموصي، ولا يجوز تغييرها أو تبديلها أو تأخيرها، وعدم تنفيذها على وفق الوصية مع توفر الشروط وانتفاء الموانع يوقع في الإثم العظيم عند الله تعالى، قال الله تعالى: فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {البقرة:181} .
وعليه فالواجب أن تنفذوا ما أوصى به أبوكم من بناء المسجد المذكور، إن كان ثلث متروكه يتسع لذلك أو وجدتم من يتطوع بما يكمل نقصه، وإن لم يتسع الثلث لبناء المسجد، ولم يوجد متطوع بما يكمله، فإنه يجب أن يصرف في نظير الجهة التي عينها الواقف متى ما أمكن ذلك، أي في بناء مسجد آخر أو تكميل بنائه، لأن ذلك أقرب الطرق إلى تحقيق مقصود أبيكم.
وقد سئل شيخ الإسلام عن الوقف إذا فضل من ريعه واستغني عنه؟ فأجاب بأنه: يصرف في نظير تلك الجهة، كالمسجد إذا فضل عن مصالحه صرف في مسجد آخر، لأن الواقف غرضه في الجنس، والجنس واحد، فلو قدر أن المسجد الأول خرب ولم ينتفع به أحد صرف ريعه في مسجد آخر..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(12/4420)
حكم بيع ما خصص للوقف والتصدق بثمنه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أعضاء اتحاد ملاك عمارة. خصصنا مساحة حوالى 60 مترا" مربعا" فى الدور الأرضى لتكون مصلى. وتم تشطيب المكان لكن لايزال مغلقا" ويحتاج إلى فرش ولم تقم فيه صلاة منذ تشطيبه منذ أكثر من 15 عاما" لوجود معظمنا بالخارج. حاليا نريد أن نعيد النظر في هذا الأمر لوضوح بعض التبعات إذا افتتح المكان كمصلى يحتاج لرعاية وحسن إدارة مع وجود بعض الحرج لاشتراك مدخل المصلى مع مدخل العمارة في نفس الممر.
السؤال: هل يجوز التصرف في هذا المكان بالبيع أو الاستخدام لغير ما أعد له؟ إن كان لا يجوز: هل يجوز بيعه والتصدق بثمنه في مشروع خيري يفيد عامة المسلمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المساحة التي خصصتموها لتكون مصلى منذ الزمن المبيَّن في السؤال، تعتبر وقفا للغرض الذي أردتموها له.
والوقف كما عرفه أهل العلم هو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة طلبا للثواب من الله عز وجل، وقد رغب الشارع فيه لمن وسع الله عليهم من ذوي الغنى واليسار.
وهو من القرب التي لا ينقطع ثوابها بعد الموت، روى أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية, أو علم ينتفع به, أو ولد صالح يدعو له. أخرجه الإمام مسلم والترمذي والنسائي وأبو داود وأحمد والدارمي.
والوقف لا يجوز حله ولا التصرف فيه بالبيع أو بغيره، بما يخرجه عن وقفيته ما دام استخدامه فيما أريد له ممكنا، لقوله صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه لما استأمره في شأن أرض له بخيبر: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها. فتصدق بها عمر، أنها لا يباع أصلها ولا يورث ولا يوهب. متفق عليه.
ولكن أهل العلم قد نصوا على أن الوقف إذا لم يمكن الانتفاع به فيما وقف عليه، جاز نقله إلى مكان آخر ينتفع به فيه.
وبناء على ما ذكر، فانظروا في المسألة، فإن أمكن استغلال المساحة فيما خصصت له فلا تتصرفوا فيها بغير ذلك، ويمكن أن تسلموا المساحة إلى وزارة الأوقاف أو الجهة المعنية بشؤون المساجد لتتولى هي تسييرها، وإذا لم يمكن جعل المكان مصلى بحال من الأحوال، فلا مانع من بيعها وجعل ثمنها فيما يخدم الغرض الذي حبست له، ويجب حينئذ ألا تكون هناك محاباة في البيع، فتباع بأعلى ثمن يمكن أن تخرجه لو عرضت في مزاد علني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(12/4421)
الاستيلاء على الوقف واستخدامه في غير ما وقف له
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال حول الأوقاف في مدينة يافا -فلسطين 48.
وقف تابع لمسجد فيه ضريح وبجانبه مقبرة , كان يدار من قبل لجنة المسجد , استولى عليه بعض الشباب بحجة أنه مغلق ولا يستغل , ويسهرون فيه إلى ساعات متأخرة من الليل يأكلون ويشربون ومنهم من يشرب الدخان فيه , ووضعوا فيه تلفاز ولاقط محطات (دش) , وكلما يطلب منهم ترك المكان ويقال لهم إن فعلهم هذا غير جائز وفيه إهدار لمال المسلمين في غير وجه حق - يستعملون الماء والكهرباء على حساب المسجد - تذرعوا أنهم لا مكان لهم يذهبون إليه ويسهرون فيه , السؤال هل تواجدهم فيه جائز , وما هو الجائز للجنة المسجد إن عاد المكان إليها أن تفعله في هذا الوقف -ما هي حدود الفعاليات المتاحة لها فعله مثلا جعلها مكتبة أو مكتبا عاما يخدم المسلمين..-.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز لهؤلاء الشباب أن يستولوا على الوقف ويستغلوه في غير ما وقف له ـ من اللهو واللغو والعبث وشرب الدخان ومشاهدة المحطات الفضائية ـ فكل ذلك لا ينبغي للمسلم الاشتغال به في أي مكان وأحرى في مكان وقف مغتصب، فهذا من التعدي الحرام. فالوقف لا يجوز استخدامه في غير ما خصصه له الواقف فقد ذكر كثير من أهل العلم شرط الواقف كنص الشارع ما لم يخالفه وهذا الكلام صحيح في الجملة, ولا يجوز لهم كذلك إهدار مال الوقف من ماء أو كهرباء واستخدامه في غير ما خصص له أصلا.
وهذه الأمور التي يمارسها الشاب في هذا المكان المحترم وبجوار المسجد تتنافى مع تعظيم حرمات الله تعالى. قال الله تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ {الحج: 30} وقال تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ {الحج:32}
فلا يجوز للمسلم استعمال الدخان في حرم المسجد ولا في غيره لأنه محرم شرعا, وعلى هؤلاء الشباب ترك هذا الوقف وإعادته إلى لجنة المسجد, ولا يجوز لهم التجمع فيه, وعلى لجنة المسجد أن تستخدم هذا الوقف فيما وقف له أصلا, ولا مانع من جعله مكتبة عامة أو غيرها مما لا يتنافى مع شرط الواقف ومقصده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(12/4422)
صرف الوقف إلى جهة أخرى لم يشترطها الواقف
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
كنت قد جمعت تبرعات لترميم مسجد لكن تعذر علي الأمر فهل ممكن أن أصرف النقود في مسجد آخر؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أمكن صرف الأموال المتبرع بها إلى الجهة التي عينها المتبرعون، فإنه لا يجوز تحويلها إلى جهة أخرى. ففي كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع: ويتعين صرف الوقف إلى الجهة التي عينها الواقف حيث أمكن لأن تعيين الواقف لها صرف عما سواها. انتهى.
هذا إذا استوت المصلحة في الصرف إلى كلا الجهتين، وأما إذا كان الصرف في غير الجهة المخصص لها أرجح من الصرف في الجهة التي عينها الواقف، فإن العلماء يختلفون في ذلك، ويرى كثير منهم أن الوقف حينئذ ينبغي أن يصرف فيما هو أكثر مصلحة ولو خالف شرط الواقف.
قال مصطفى الرحيباني الحنبلي في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: قال الشيخ تقي الدين: يجوز تغيير شرط واقف لما هو أصلح منه، فلو وقف على فقهاء أو صوفية واحتيج للجهاد صرف للجند. اهـ
وهذا المذهب هو الذي نرى رجحانه لموافقته لغرض الواقف؛ لأنه إنما يقصد كثرة الثواب، فكلما عظمت المصلحة كان ذلك أقرب إلى قصده.
وأما إن تعذر الصرف إلى الجهة المعينة، ولم يمكن بحال من الأحوال، فلا خلاف حينئذ في جواز الصرف إلى جهة أخرى يحصل بها نفس الغرض الذي أراده الواقف.
وعليه، فإذا لم يمكن ترميم المسجد الذي جمعت له تلك التبرعات، فلا محيد حينئذ عن صرفها في مسجد آخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1427(12/4423)
هل يتبرع بأموال المسجد للفقراء والمحتاجين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التبرع من مال المسجد إلى المحتاجين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أموال المسجد النقدية والعينية وكذا أدواته من أجهزة وفرش ونحو ذلك لا يجوز التصرف فيها ما دام المسجد الذي أوقفت عليه في حاجة إليها، وإن استغنى عنها صرفت إلى مسجد آخر أو مساجد، ولا تصرف على الفقراء والمساكين ما دامت توجد مساجد تحتاجها، جاء في الفتاوى الكبرى للهيتمي ما يلي: لا يجوز صرف تلك الآلات التي قد يحتاج إليها مسجدها في عمارة مسجد آخر ولا يبيعها، بل يجب على الناظر حفظها لحاجات المسجد، ولو نذر أن يعمر مسجدا معينا أو في موضع معين لم يجز له أن يعمر غيره بدلا عنه، هذا إذا تلفظ بالنذر، فإن قصد ذلك لم يلزمه بمجرد القصد شيء، ولا يجوز استعمال حصر المسجد ولا فراشه في غير فرشه مطلقا، سواء أكان لحاجة أم لا واستعمالها في الأعراس من أقبح المنكرات التي يجب على كل أحد إنكارها، وقد شدد العلماء النكير على من يفرشها بالأعراس والأفراح، وقالوا: يحرم فرشها ولو في مسجد آخر. أهـ، وإذا استغنى المسجد الموقوف عليه عن هذه الأموال جاز صرفها إلى مسجد آخر.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: كالمسجد إذا فضل عن مصالحه صرف في مسجد آخر، لأن الواقف غرضه في الجنس، والجنس واحد، فلو قدر أن المسجد الأول خرب ولم ينتفع به أحد صرف ريعه في مسجد آخر، فكذلك إذا فضل عن مصلحته شيء، فإن هذا الفاضل لا سبيل إلى صرفه إليه، ولا إلى تعطيله، فصرفه في جنس المقصود أولى، وهو أقرب الطرق إلى مقصود الواقف، وقد روى أحمد عن علي رضي الله عنه: أنه حض الناس على إعطاء مكاتب، ففضل شيء عن حاجته فصرفه في المكاتبين.
وقال أيضا: فزائد الوقف يصرف في المصالح التي هي نظير مصالحه وما يشبهها، مثل صرفه في مساجد آخر وفي فقراء الجيران ونحو ذلك لأن الأمر دائر بين أن يصرف في مثل ذلك أو يرصد لما يحدث من عمارة ونحوه، ورصده دائما مع زيادة الريع لا فائدة فيه بل فيه مضرة وهو حبسه لمن يتولى عليهم من الظالمين المباشرين والمتولين الذي يأخذونه بغير حق، وقد روي عن علي بن أبي طالب أنه حض الناس على مكاتب يجمعون له، ففضلت فضلة فأمر بصرفها في المكاتبين، والسبب فيه أنه إذا تعذر المعين صار الصرف إلى نوعه.
وقال البهوتي في كشاف القناع: فإن تعطلت جهة الوقف التي عينها الواقف صرف في جهة مثلها، فإذا وقف على الغزاة في مكان فتعطل فيه الغزو صرف البدل إلى غيرهم من الغزاة في مكان آخر. أهـ.
فإذا لم يوجد نظير أو وجد وتعذر الصرف عليه جاز أن تصرف إلى الفقراء والمحتاجين، قال المروذي: سألت أبا عبد الله عن بواري المسجد، إذا فضل منه الشيء أو الخشبة قال: يتصدق به، وأرى أنه قد احتج بكسوة البيت إذا تخرقت تصدق بها، وقال في الاستدلال لذلك: وروى الخلال بإسناده عن علقمة عن أمه أن شيبة بن عثمان الحجبي، جاء إلى عائشة رضي الله عنها فقال: يا أم المؤمنين، إن ثياب الكعبة تكثر عليها فننزعها فنحفر لها آبارا فندفنها فيها، حتى لا تلبسها الحائض والجنب، قالت عائشة: بئس ما صنعت، ولم تصب، إن ثياب الكعبة إذا نزعت لم يضرها من لبسها من حائض أو جنب، ولكن لو بعتها وجعلت ثمنها في سبيل الله والمساكين، فكان شيبة يبعث بها إلى اليمن، فتباع فيضع ثمنها حيث أمرته عائشة، وهذه قصة مثلها ينتشر ولم ينكر، فيكون إجماعا، ولأنه مال الله تعالى لم يبق له مصرف فصرف إلى المساكين كالوقف المنقطع. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1427(12/4424)
الوقف إذا علق بموت الواقف
[السُّؤَالُ]
ـ[سادتي الأفاضل أرجو منكم الإفادة وبالسرعة الممكنة عن الموضوع جزاكم الله كل خير: أنا لي والدة عجوز وثلاثة أشقاء ذكور و6 إناث وكلهم متزوجون وأريد أن أوقف نصيبي من تركتي في منزل والدي المتوفى منذ 23 سنة في حال وفاتي لصالح والدتي طيلة حياتها حفاظاً على كرامتها وعدم سد حاجتها عن الغير فهل في هذا الأمر من بأس؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج أن توقف على أمك أو تهبها بعض مالك، بل إن ذلك من إكرامها والبر بها، ولكن الصورة التي تنوي القيام بها وهي أن تعلق ذلك بموتك فلا تنتفع الوالدة من الوقف إلا حين تموت أنت هذه الصورة غير صحيحة ولا تمضي لأنها تعتبر وصية لوارث، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي والدارقطني، ولا تنفذ إلا إذا أجازها الورثة، وانظر الفتوى رقم: 2609، والفتوى رقم: 16916، ولكن يمكنك فعل ذلك إذا وهبتها نصيبك في التركة وملكتها إياه أو نجزت الوقف ولم تعلقه بموتك بأن توقف عليها غلة نصيبك من التركة فتنتفع بها حال حياتك، وننبهك إلى أن شرط العمر باطل عند الجمهور من الحنفية، والشافعية، والحنابلة، فلو قلت وقفتها عليك مدة عمرك فإنها تكون لها وإذا ماتت تنتقل إلى ورثتها ولا تعود إليك أبدا، قال الشافعي رحمه الله في الأم: أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس عن حجر المدري عن زيد بن ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه جعل العمري للوارث، ومن حديث جابر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تعمروا, ولا ترقبوا, فمن أعمر شيئا أو أرقبه فهو سبيل الميراث. وهو قول زيد بن ثابت وجابر بن عبد الله وابن عمر وسليمان بن يسار وعروة ابن الزبير رضي الله عنهم وبه أقول. قال المزني رحمه الله: معنى قول الشافعي عندي في العمرى أن يقول الرجل قد جعلت داري هذه لك عمرك أو حياتك أو جعلتها لك عمري أو رقبي، ويدفعها إليه فهي ملك للمعمر تورث عنه إن مات.
وفي المبسوط للسرخسي الحنفي: باب العطية، وإذا قال الرجل لغيره قد أعمرتك هذه الدار وسلمها إليه فهي هبة صحيحة لحديث ابن الزبير عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أمسكوا عليكم أموالكم لا تعمروها، فمن أعمر عمرى فهي للمعمر له ولورثته بعده، وروى سلمة عن جابر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم ـ قضى بالعمرى للمعمر له ولعقبه بعده، وقال عليه الصلاة والسلام: من أعمر عمرى قطع قوله حقه، يعني قطع قوله: وهبت لك عمرك حقه في الرجوع بعد موته، والمعنى فيه: أنه ملكه في الحال والوارث يخلفه في ملكه بعد موته، فشرط الرجوع إليه بعد الموت فاسد، والهبة لا تبطل بالشروط الفاسدة.
وقال ابن قدامة في المغني: مسألة وإذا قال: داري لك عمري، أو وهي لك عمرك، فهي له ولورثته من بعده.
وفي الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على مشروعية العمرى، إلا أنهم اختلفوا في قبولها التأقيت، فذهب الحنفية، والشافعية في الجديد، وأحمد إلى جواز العمرى للمعمر له حال حياته، ولورثته من بعده، وصورة العمرى: أن يجعل داره للغير مدة عمره، وإذا مات ترد عليه، فيصح التمليك له ولورثته، ويبطل شرط العمر الذي يفيد التأقيت عند جمهور الفقهاء، أما عند مالك والشافعي في القديم: فالعمرى تمليك المنافع لا تمليك العين، ويكون للمعمر له السكنى، فإذا مات عادت الدار إلى المعمر، فالعمرى من التصرفات المؤقتة عندهم.
إذن فلك أن تهب لأمك أو توقف عليها من مالك ما تشاء، ولكن لا تعلق ذلك بموتك لئلا تكون وصية لوارث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1427(12/4425)
حكم وقف الدراهم
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل لديه 80000 ريال وهي وصية (وقف) مسؤول عنها، ويريدني أن أستثمر له المبلغ في الأسهم ولي نصف الأرباح فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان مرادك أن هذا الرجل يعمل ناظراً لمبلغ أوقف أصله وصرف ريعه، فلا مانع من استثماره وصرف عائده لصالح من أوقف عليهم تحقيقاً لمقصود الواقف، فحقيقة الوقف هي: حبس الأصل، وتسبيل الثمرة أو الغلة، وإن شئت قلت: حبس الأصل وتسبيل ناتجه.
والأصل فيه ما روى الشيخان من حديث عبد الله بن عمر قال: أصاب عمر أرضا بخيبر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله، إني أصبت أرضا بخيبر، لم أصب قط مالاً أنفس عندي منه، فما تأمرني به؟ قال: إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها، قال: فتصدق بها عمر، أنه لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يورث ولا يوهب.
لكن يرد هنا إشكال وهو أن الوقف: حبس الأصل وتسبيل ناتجه، والدراهم ليست كذلك فإنها تذهب عينها بالانتفاع بها مرة واحدة، لكنه يصح في الدراهم إذا وجد فيها المعنى المجوز للوقف في غيرها وهو حبس العين وتسبيل الثمرة، وذلك ممكن في الدراهم إذا شرط الواقف حبس الدراهم فلا ينفق أصلها ولا يورث وإنما ينتفع بريعها، وقد صرح بجواز وقف الدراهم جماعة من العلماء منهم زفر من أصحاب أبي حنيفة رحمهما الله تعالى، قيل له: كيف؟ قال: يدفع الدراهم مضاربة ثم يتصدق على الوجه الذي وقف عليه. انتهى.
وذكر ابن عابدين في تنقيح الفتاوى الحامدية: وفي الفتاوى الهندية من كتب الحنفية: الدراهم تقرض للفقراء ثم يقبضها، أو تدفع مضاربة ثم يتصدق بالربح. انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف: نقلاً عن الفائق: يصح وقف الدراهم فينتفع بها في القرض ونحوه، اختارها شيخنا، يعني به الشيخ تقي الدين (ابن تيمية) رحمه الله، وقال في الاختيارات: ولو وقف الدراهم على المحتاجين لم يكن جواز هذا بعيداً. انتهى من الإنصاف.
وما ذهب إليه زفر وأفتى به جماعة من الحنفية ويحكى عن الإمام مالك والأوزاعي كما نقله عنهما ابن قدامة في المغني واختاره شيخ الإسلام هو الراجح إن شاء الله.
وبناء على هذا؛ فلا نرى مانعاً من استثمار هذا المال الموقوف عن طريق المضاربة مع الأخ السائل نظير جزء شائع معلوم من الربح كما ذكر (النصف) بشرط أن تكون الأسهم التي سيقوم بالمضاربة فيها أسهماً يباح الاتجار فيها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 62946.
وراجع لمعرفة ضوابط المتاجرة في الأسهم الفتوى رقم: 1214، والفتوى رقم: 3099، والفتوى رقم: 69973.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1427(12/4426)
شروط جواز مخالفة شرط الواقف
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا أرض موقوفة للمدرسة الدينية والآن أكثر الواقفين والناظرالخاص ماتوا هل يجوزلأي شخص كالمدير مثلا بناء المسجد الجامع أوغيره بدون أجرة فإن كان الجواز فهل يصح الاعتكاف وتحية المسجد فيه وإلا فما الحكم لذلك المسجد على المذهب الشافعي مع النص؟
وشكرا جزيلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنظر في الوقف لمن شرطه الواقف، فإن لم يشترطه لأحد أو مات من شرطه له فالنظر للحاكم. جاء في أسنى المطالب شرح روضة الطالب من كتب الشافعية: فصل: النظر في الوقف لمن شرطه الواقف.... وإلا أي وإن لم يشرطه لأحد فللحاكم. قوله: وإلا فللحاكم قال في العُباب: يظهر أنه قاضي بلد الموقوف عليه، أو بلد الواقف. اهـ
هذا وإذا لم يوجد قاض شرعي فإن جماعة المسلمين تقوم بتعيين مسلم عدل عاقل بالغ ليتولى النظر في الوقف والعمل بشرط الواقف، وهنا ينظر في هذه الأرض الموقوفة وشرط الواقف فيها فيعمل بشروطه، ولا بأس من مخالفة شرط الواقف إذا كان لا يمكن العمل به أو يعود العمل به بضرر على الوقف، وقد تكلم السادة الشافعية في جواز مخالفة شرط الواقف في صور منها: أن يكون الشرط مخالفاً للشرع، ومنها: أن يعود الشرط على الوقف بالضرر. كما جاء في تحفة المنهاج من قوله في شروط الواقف: ألا يؤجر (الوقف) مطلقاً أو (يؤجر) إلا بكذا سنة قال (اُتُبع) في غير حالة الضرورة (شرطه) كسائر شروطه التي لم تخالف الشرع، وذكر أن شرطه يهمل في حالة الضرورة لأن الظاهر أنه (أي الواقف) لا يريد تعطيل وقفه. اهـ
المهم أن على الناظر العدل أن ينظر في شرط الواقف، فإذا كان بناء المسجد لا يخالف الشرط بني المسجد في الأرض الموقوفة، أو كان يخالف شرطه لكن المصلحة توجب بناء المسجد فيبنى ويقام في هذا المسجد شعائر الدين التي تقام في غيره، وراجع الفتوى رقم: 14433.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1426(12/4427)
حكم أخذ من يقوم على تنمية الوقف أجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله.
تم بحمد لله شراء مسجد في إحدى المدن في هولندا. وفي هذا المسجد يوجد دكان خاص للمسجد ومنه ندفع استهلاكات الماء والكهرباء وغير ذلك. ولكن قام بعض الإخوة بأخذ مقدار من النقود أسبوعيا كأنهم يشتغلون في هذا الدكان. ولكن بغير أن يخبروا الأخوة الآخرين الذين ساهمو في شراء المسجد, والحمد لله كلنا تراضينا، ما الحكم هنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنتم قد اشتريتم بناية المسجد والدكان الملحق به بنية الوقف، فلا يحق لأحد منكم أن يأخذ شيئًا من ريع هذا الدكان ما دام ريعه قد أوقف للنفقة على حاجات المسجد. أما إذا كنتم قد أوقفتم بناية المسجد دون الدكان الملحق به، بعضكم أو جميعكم؛ فيجوز لمن لم يوقف نصيبه من الدكان أن يأخذ من ريعه بقدر نصيبه.
وفي حالة وقف الدكان لسد حاجات المسجد من ريعه يجوز لمن يقوم على تنميته واستثماره أن يتقاضى مقابل ذلك أجرًا يحدد له من قِبَل القائمين على الوقف، سواء كان العامل من أحد المساهمين في الوقف أو من غيرهم، فإن عمل دون تحديد أجرته كان له أجرة مثله.
وبناء على هذا فإذا كان الإخوة الذين ذكرتهم لم يوقفوا نصيبهم من الدكان، أو وقفوه لكنهم قاموا على تنمية الدكان أو العمل فيه؛ فلا مانع لهم من تقاضي أجر مقابل العمل، أو أن يأخذوا نصيبهم من ريع الدكان.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26755، 29450، 67641، 51747.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1426(12/4428)
غلة الوقف وريعه وثمرته تابعة له
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص وهب خيلا لسبيل الله هل يجوز له إدخالها في المسابقات؟ وما حكم لو فازت في المسابقة وجائزتها؟
وما حكم إذا وضعت صغيرا هل هو أيضا في سبيل الله؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بإدخال هذه الخيل في مسابقات فإن في ذلك تمرينا لها ولمن يسابق بها على الجري والعدو، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل، ففي الصحيحين من حديث ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل التي أضمرت من الحفياء وأمدها ثنية الوداع، وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق، وأن عبد الله بن عمر كان فيمن سابق بها.
ولكن يشترط أن لا يبلغ ذلك إلى حد يضر بها؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك.
وإذا فازت في هذه المسابقات بجائزة أو وضعت وليدا جعل ذلك كله في سبيل الله؛ لأن غلة الوقف وريعه وثمرته تابعة له، وتصرف في مصارفه باتفاق الفقهاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1426(12/4429)
الشراء من المحلات المقامة بالطابق الأرضي للمسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: لدينا مسجد هنا في الجزائر يتكون من طابقين حيث إن الطابق السفلي خصص جزء منه لأربع محلات تجارية هل البيع والشراء في هذه المحلات حرام أم حلال وهل يعتبرهذا البيع بيع في المسجد؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص الذي بنى المسجد قد خصص جزءاً منه لمحلات تجارية فهذا جائز لأن شرط الواقف يمضي ويتبع إذا لم يشتمل على محرم ففي شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: يعني أن الواقف إذا شرط في كتاب وقفه شروطاً فإنه يجب اتباعها حسب الإمكان إن كانت تلك الشروط جائزة، لأن ألفاظ الواقف كألفاظ الشارع في وجوب الاتباع. انتهى
وفي هذه الحالة يجوز التعامل في تلك المحلات بالبيع والشراء ونحوهما ولا تعتبر هذه العقود حاصلة في المسجد لأنها منفصلة عنه ولا تعتبر جزءاً منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1426(12/4430)
حكم الرجوع عن الوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لمن وقف بيتا ليصبح مسجدا وأعلن ذلك أمام شهود أن يرجع عن ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الشخص المذكور قد عين ذلك البيت للوقفية على أنه مسجد وأشهد على ذلك فلا يجوز له الرجوع عن فعله ذلك، قال ابن قدامة في المغني: فصل: وظاهر مذهب أحمد أن الوقف يحصل بالفعل مع القرائن الدالة عليه، مثل أن يبني مسجداً، ويأذن للناس في الصلاة فيه، أو مقبرة، ويأذن في الدفن فيها، أو سقاية، ويأذن في دخولها، فإنه قال: في رواية أبي داود، وأبي طالب، في من أدخل بيتاً في المسجد وأذن فيه، لم يرجع فيه، وكذلك إذا اتخذ المقابر وأذن للناس، والسقاية، فليس له الرجوع، وهذا قول أبي حنيفة، وذكر القاضي فيه رواية أخرى، أنه لا يصير وقفاً إلا بالقول وهذا مذهب الشافعي. انتهى
وفي المبسوط وهو من كتب الحنفية: وإن جعل أرضاً له مسجداً لعامة المسلمين وبناها وأذن للناس بالصلاة فيها وأبانها من ملكه، فأذن فيه المؤذن وصلى الناس جماعة صلاة واحدة أو أكثر لم يكن له أن يرجع فيه، وإن مات لم يكن ميراثاً، لأنه حرزها عن ملكه وجعلها خالصة لله تعالى. قال الله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ {الجن: 18} وقال عليه الصلاة والسلام: من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة بنى الله تعالى له بيتاً في الجنة. ولا رجوع له فيما جعله الله تعالى خالصاً كالصدقة التي أمضاها. انتهى
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 6639.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1426(12/4431)
شرط الواقف غير المشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[بعثت إلي قريبة لى تسكن بعيدا عني (تسكن في فرنسا) مالا لأتصدق به لضريح على أن يدعوا لها يعنى شيوخ الزاوية بأن تشفى من مرضها فرأيت أن فى الأمر شركا أو بدعة وأردت أن اُفهم قريبتى ولم أستطع كونها بعيدة عني ولا تملك زادا فى الدين بقيت على معتقد عامة الناس الذين لا يعلمون وأنا فى حيرة من أمري أأفعل ما وصتنى به وأرى نفسى آثما أم أتصدق بالمال لوجوه خير أخرى وأكذب عليها أني قدمت المال إلى المكان الذى أرادت أم ماذا أفعل؟
أرشدوني يرحمكم الله وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يخفى على من يعلم حال ما ينفق على الأضرحة أنه ليس من الإنفاق في طاعة الله، وبناء عليه فإنه لا يسوغ أن تنفذ أمر قريبتك المذكورة، وعليك أن تراسلها ببيان الحكم الشرعي في الموضوع وتستجيزها في إنفاق المال في مصرف من مصارف البر والخير، انطلاقاً من واجب التواصي بالحق بين المسلمين، ثم إن شرط الواهب والواقف يجوز تغييره لما هو أفضل منه فأحرى إن لم يكن جائزاً، فقد أفتى شيخ الإسلام بجواز تغيير شرط الواقف لما هو أصلح منه وذكر أنه لو وقف شيئا على الفقهاء واحتيج لصرف شيء منه للمجاهدين صرف لهم منه. كذا في مطالب أولي النهى للرحيباني.
وقال البهوتي في كشاف القناع: وإذا سئل المفتي عن شرط واقف لم يفت بإلزام العمل به حتى يعلم هل الشرط معمول به في الشرع أو من الشروط التي لا تحل ... ، ثم ذكر أمثلة لذلك وعد منها: من وقف مدرسة ورباطاً أو زاوية وشرط أن المقيمين بها من أهل البدع. . . والخوارج والمعتزلة والجهمية والمبتدعين في أعمالهم.. فلا يجوز أن يعمل بالشرط المذكور، وقد نص خليل في المختصر وشراحه على شرطية مشروعية شرط الواقف في امتثال أمره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1426(12/4432)
حكم أخذ الأجرة على البيوت المخصصة للأئمة والمؤذنين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أخذ الأجرة على البيوت المخصصة للأئمة والمؤذنين العاملين في وزارة الأوقاف، علماً بأن هذه البيوت خاصة بوزارة الأوقاف ويسكن بها أئمة الأوقاف ويؤخذ منهم إيجار شهري نظير هذا السكن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه البيوت ملكاً لوزارة الأوقاف -ولم ينص العقد الذي بين الأئمة والمؤذنين وبين وزرارة الأوقاف على استحقاقهم السكني في هذه البيوت دون دفع أجرة- أو كانت هذه البيوت موقوفة للانتفاع بأجرتها في أعمال الخير والبر، وليست مخصوصة بالوقف على الأئمة والمؤذنين فلا حرج في تأجيرها لهم أو لغيرهم.
أما إذا كانت موقوفة عليهم فلا يجوز لوزارة الأوقاف أن تؤجرها لهم، لما في ذلك من مخالفة شرط الواقف وحرمان الموقوف عليهم من الانتفاع بالوقف بغير حق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1426(12/4433)
الوقف يمضي على ما اشترطه الواقف
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.. والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبعد سؤالى هو:
لقد أوصى مورثنا بأن يكون عقار معين وقفا للذرية وعمل الخير، وهو عبارة عن عمارة ذات دورين وبحالة لا بأس بها ذات ريع مقداره 50000 ريال. حيث أوصى أن يصرف ريع العمارة الوقف كالتالى:
1- أن يصرف على صياتتها والمحافظة عليها.
2- إعطاء المستحق من الذرية.
3- الباقى من ريع العمارة يوزع على الفقراء والمساكين.
نأمل توضيح بعض الأمور حسب الاتى:
• تفسير الوصية حسب الشريعة الإسلامية مع إعطاء مثال على ذلك.
• ما هو المبلغ المقترح لعمل الصيانة والمحافظة على العمارة.
• من هو المستحق من الذرية، وماهو المبلغ المقترح له.
• من هو الفقير، وماهو المبلغ المقترح له.
• من هو المسكين، وماهو المبلغ المقترح له.
• هل لناظر الوقف أخذ أجرة مقابل إشرافة فى متابعة قبض الريع وعمل الصيانة والمحافظة على العمارة، وما هو المبلغ المقترح له.
• إذا كان لا يوجد مستحق من الذرية ولكن للابتعاد عن المشاكل وقطع صلة الرحم من بعض الورثة فهل يجوز توزيع جزء أو بعض المال المتبقى على الورثة حسب الشرع بصفة دورية والذى يتوفر بعد توزيعة على الفقراء والمساكين وعمل الصيانة والمحافظة للعمارة. وهل هذا الإجراء يتفق مع وصية الموصى.
هذا وجزاكم الله خيرا والقائمين معكم على الموقع لما فية من خدمة للإسلام والمسلمين، والقائم على التمويل المحسن/ قاسم درويش فخرو رحمه الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مورثكم قد أوصى لذريته بالعمارة بعد وفاته فإن الوصية لا تصح لوارث ولا بأكثر من الثلث إلا إذا أجازها الورثة. فإذا لم يكن مع الموصى لهم غيرهم من الورثة أو كان معهم وأجازها لهم فإنه تعتبر وصية صحيحة ويمضي الوقف على ما اشترطه مورثكم؛ لأن القاعدة العامة في الوقف عند أهل العلم أن شرط الواقف كنص الشارع ما لم يخالفه.
ولذلك فإن ريع هذه العمارة يصرف على ما ذكره الواقف بالتحديد أو بالوصف. فما بقي بعد صيانتها يوزع على المستحقين من ذريته بالوصف الذي ذكره من الفقر والاحتياج.. ومن لم يتصف بالوصف الذي ذكره الواقف فإنه لا شيء له، وإذا لم يكن فيهم محتاج فلا يصرف لهم شيء لشرط الواقف. وما بقي عن المستحقين من الذرية يصرف على الفقراء والمساكين - وهم المحتاجون الذين لا مال لهم أو لهم من المال ما لا يسد حاجتهم – وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 60559.
وأما ناظر الوقف فإن كان وصيًا من قبل الواقف فإنه لا شيء له إلا إذا كان فقيرًا فله أن يأخذ ما يحتاج إليه بالمعروف كما قال الله تعالى: وَمَنْ كَانَ غَنِيًا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيأكُلْ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:6} . وأما إذا لم يكن وصيًا فله أجر مثله إذا لم يكن متبرعًا بعمله.
ولا يمكننا تحديد المبالغ التي تصرف على صيانة العمارة أو للفقراء والمساكين أو لناظر الوقف؛ لأن ذلك يخضع للحاجة والعرف. وإذا بقي فائض بعد الصيانة وحاجة الذرية والفقراء والمساكين في المنطقة فإنه ينقل إلى أقرب الفقراء وأحوجهم في مكان آخر، ولا يصرف على ذريته الأغنياء كما ذكرنا؛ لأن شرط الواقف كنص الشارع ما لم يخالف.
ونرجو أن تطلع على الفتاوى التالية: 18071، 1552، 63747، 67641 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1426(12/4434)
حكم أخذ القائم على نظافة المسجد أجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد منكم الإجابة عن هذا السؤال بشيء من التفصيل
ما حكم أخذ الأجرة على القيام بأعمال المسجد؟ أريد مراجع تناولت هذه القضية.
وفقنا الله وإياكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المساجد تدخل أحكامها ضمن أحكام الوقف، وقد أفرد الفقهاء للوقف باباً مستقلاً في كتبهم، بل أفرده بعضهم بالتأليف، فلا تكاد تجد كتاباً في الفقه إلا وهو يشتمل على هذا الباب، بل ولا كتاباً من كتب الحديث إلا وجدته كذلك، وقد بينا تعريف الوقف وما ينبغي فيه في الفتوى رقم: 48050.
وقد أحلنا في هذا السؤال على إجابات عديدة تتصل بحكم أخذ ناظر الوقف (الذي يقوم بأعمال الوقف) أجرة على نظارته، وراجع أيضاً الفتوى رقم: 49910 والفتوى رقم: 29450.
هذا إذا كان القائم على الوقف مديراً له يرعى شؤونه ويحافظ عليه.
أما إذا كان القائم على المسجد مؤذناً أو إماماً أو عاملاً يقوم بتنظيف المسجد فقد اختلف العلماء في جواز أخذه أجرة على ذلك، والراجح الجواز إذا كان فقيرا محتاجا واحتاج المسجد إلى تفرغه للقيام بما ذُكر، وقد بينا ذلك تفصيلاً في الفتويين رقم: 6565، 66389.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1426(12/4435)
وقف المشاع ووقف الفضولي
[السُّؤَالُ]
ـ[1) ما هو حكم الوقف على عقار مملوك بالشيوع إذا كان جزءا من الوقف صحيح والجزء الآخر باطل؟ حيث قام والدي بوقف الجزء المملوك له بالعقار، وقام وبموجب وكالات معطاة له مني ومن إخوتي ووالدتي بوقف الحصة التي نملكها علماً بأن الوكالات لا تخوله إجراء الوقف وعلماً بأنه تم تسجيل الوقف حسب الأصول.
2) وهل يجوز لوالدي (وهو والحمد لله ما زال على قيد الحياة) وهو من أوقف العقار الرجوع عن قراره حيث إن هذا العقار المملوك على الشيوع والذي تم وقفه هو مصدر الدخل الوحيد لنا كعائلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن والدكم أوقف ما تملكون بلا أمر منكم أو وكالة تقتضي ذلك، ومثل هذا الوقف يعد تصرفا فضوليا من والدكم، وتصرف الفضولي صحيح في الراجح، وينفذ بإقرار المالك لتصرف الفضولي، وبناء على هذا، فإذا أقررتم فعل أبيكم نفذ، وإن لم تقروه حق لكم أن تستردوا ملككم الذي أوقفه أبوكم دون إذن منكم.
أما إذا وجد ما يدل على أن والدكم فعل هذا بإذن منكم أو وكالة فلا يحق لكم الرجوع في الوقف لأنه انفصل من ملككم إلى ملك الله تعالى أو إلى ملك الموقوف عليهم في أحد أقوال الفقهاء.
وسواء قلنا بنفاذ الجزء الذي تملكونه أنتم من هذا العقار أو بعدم نفاذه فإنه لا يحق لأبيكم أن يرجع فيما أوقف وكون الجزء الذي أوقفه أبوكم مشاعا لا يضر في قول جماهير الفقهاء.
قال ابن قدامة في المغني: ويصح وقف المشاع وبهذا قال مالك والشافعي وأبو يوسف. وقال محمد بن الحسن: لا يصح، وبناه على أصله في أن القبض شرط وأن القبض لا يصح في المشاع ولنا أن في حديث عمر أنه أصاب مائة سهم من خيبر واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فيها فأمره بوقفها وهذا صفة المشاع، ولأنه عقد يجوز على بعض الجملة مفرزا فجاز عليه مشاعا كالبيع أو عرصة يجوز بيعها فجاز وقفها كالمفرزة ولأن الوقف تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة، وهذا يحصل في المشاع كحصوله في المفرز. اهـ
وقال في مواهب الجليل وهو مالكي: يجوز وقف العقار سواء كان شائعا كما لو وقف نصف داره أو غير شائع. اهـ
ويشترط لجوازه عندهم أن يكون مما يقبل القسمة لئلا يتضرر الشركاء كما صرح به في المواهب بعد النقل السابق.
وقال السرخسي في المبسوط وهو حنفي: ولو وقف نصف أرض أو نصف دار مشاعا على الفقراء فذلك جائز في قول أبي يوسف رحمه الله، لأن القسمة من تتمة القبض. اهـ
والحاصل أن وقف حصة أبيكم من العقار صحيح وليس بإمكانه الرجوع عنه، وأما حصتكم أنتم فيتوقف نفاذها على ما إذا كنتم قد فوضتم له الوكالة في تحبيسها أو على إمضائكم لما فعله إن كنتم لم تأذنوا له فيما فعل أصلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1426(12/4436)
حكم تسجيل عقد ملكية مسجد باسم شخص
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يكون عقد الملكية لمسجد باسم شخص معين أو مكتوبا باسمه؟.علما أن المسجد مشترى من مجموعة من المسلمين في بلاد الغرب. ثم إن أمكن ذلك فهل يستطيع هذا الشخص أن يبيعه لآخر من تلك المجموعة، علما أن إقامته في هذا البلد محدودة (قانونيا) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز تسجيل عقد ملكية المسجد باسم شخص أو جماعة إذا اقتضت ذلك حاجة أو مصلحة ولكون ذلك أمرا صوريا لا يجوز لمن سجلت الملكية باسمه أن يتصرف فيها ببيع ونحوه كما يتصرف في ملكه، فالمساجد لله قال تعالى " وأن المساجد لله " قال القرطبي: المساجد وإن كانت لله ملكا وتشريفا فإنها قد تنسب إلى غيره تعريفا فيقال: مسجد فلان، وفي صحيح الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سابق الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريقة. وقال صلى الله عليه وسلم: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا ... . متفق عليه. فيجوز تسجيل المسجد باسمه ونقل ذلك إلى غيره إن أراد السفر؛ ولكن لا يجوز له بيع ذلك ولو كان هو الذي حبسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1426(12/4437)
لا ينعقد الوقف بمجرد النية أو الإرادة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل لديه أرض تجارية غير مبنية تكون معرضاً مكوناً من 12 بابا إذا بنيت نوى أن يوقف منها بابين عند بنائها ولكنه باعها وأعلم المشتري بنيته في الوقف فهل يستطيع استبدال هذا الجزء الذي ينوي وقفه إذا بنى هذه الأرض ببابين آخرين في محلات تجارية يملكها علما بأن الأرض الحالية قام المشتري ببنائها ولا يمكن تمليك الوقف باسم البائع صاحب الوقف لأنها لا تجزأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد النية التي لا يصاحبها قول أو فعل لا ينعقد بها الوقف، فقد نص أهل العلم على الألفاظ التي ينعقد بها، وهي كما قال ابن جزي المالكي في القوانين الفقهية: لفظ الحبس، والصدقة، والوقف، وكل ما يقتضي ذلك من قول أو فعل كقوله: محرم لا يباع ولا يوهب.. أو كالإذن للناس في استعمال المحبس، ولهذا فإن هذا الوقف لم ينعقد، ومع هذا فإنه يستحب لهذا الرجل أن ينفذ ما نوى من الخير، فإن الوقف من الأمور التي يلحق ثوابها لصاحبها بعد وفاته لأنه من الصدقة الجارية، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: وذكر منها: وصدقة جارية.
وما دام الرجل قد باع أرضه التجارية التي كان ينوي أن يوقف جزءاً منها، فإنه لا يجب عليه تعويض ما نوى من الوقف وجوباً شرعياً. وإنما يستحب له أن يوقف إذا كان قادراً على ذلك كما هو الأصل في الحكم.
وعلى ذلك، فإذا أراد أن يوقف من محلاته التجارية فيكون ذلك وقفاً مستأنفاً لا عوضاً عن الأول لأنه لم ينعقد بمجرد النية أو الإرادة.
وللمزيد من الفائدة وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتويين: 43322، 28743.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1426(12/4438)
حكم من أوقف جميع أملاكه لحفيديه وعقبهما
[السُّؤَالُ]
ـ[مات جدي وكتب وثيقة يقول فيها إن كل أملاكه موقوفة لحفيديه دون أبيهما المتوفى ودون عمتهما من النساء وعلى عقبهما ذكورا دون الإناث هل هذا يعني أن كل أملاكه أصبحت ملكا لهما دون العمة أم ماذا يعني بالوقف أفيدونا بالحقيقة بارك الله فيكم وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا السؤال يحتمل الاحتمالات التالية:
- أن يكون هذا الجد قد أوقف جميع أملاكه لحفيديه وعقبهما وقفا ناجزاً، وهو في حال صحته ومضي تصرفه.
- أن يكون يكون قد كتب ذلك في الوثيقة على سبيل الوصية.
ويتفرع عن الحالة الثانية فرعان هما:
- أن لا يكون عقب الحفيدين الموصى له موجوداً حين موت الموصي.
- أن يكون هذا العقب موجوداً حين موت الموصي.
ولم نفترض احتمال أن يكون مع هذين الحفيدين من يحجبهما من أولاد الصلب، لأن صيغة السؤال تفيد أن ذلك غير موجود.
وعليه، فنقول -وبالله التوفيق- إن هذا الجد إذا كان قد أوقف جميع أملاكه لحفيديه وعقبهما وقفاً ناجزاً، وهو في حال صحته ومضي تصرفه، فهذا الوقف صحيح.
وعليه، فإن جميع أملاكه تصير وقفاً على ذين الحفيدين دون العمة.
وأما إن كان هذا الجد قد كتب في الوثيقة على سبيل الوصية، ومثل ذلك ما إذا كان كتبه وقفاً ناجزاً لحفيديه، ولكن فعل ذلك في الحال التي لا تمضي فيها تصرفاته، كحال المرض والخرف والسفه ونحو ذلك، فإنه إذا لم يكن العقب الموصى له موجوداً حين موت الموصي، فإن الوصية حينئذ باطلة إلا أن يجيزها الورثة، لأنها وصية لوارث.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود، وابن ماجه وحسنه السيوطي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه.
وإن كان هذا العقب موجوداً حين موت الموصي، فإن ثلث المال يقسم بين الحفيدين وبين الموجود من عقبهما الذكور، على أنه وقف بالنسبة للعقب، وميراث بالنسبة للحفيدين، تدخل فيه بنت الصلب التي هي العمة، وغيرها من الورثة إن كان ثم ورثة غيرها، كالزوجة فمثلاً: لو كان الذكور من العقب ثلاثة، فإن المال يقسم خمسة أخماس، للحفيدين خمسان إرثاً تشاركهما فيه عمتهما، وثلاثة أخماس للعقب، وقف.
وهذه المسألة هي المعروفة عند الفقهاء بمسألة أولاد الأعيان، يقول فيها الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله: أو على وارث بمرض موته إلا معقباً خرج من ثلثه، فكميراث للوارث: كثلاثة أولاد وأربعة أولاد وعقبه، وترك أماً وزوجة، فيدخلان فيما للأولاد وأربعة أسباعه لولد الولد وقف....
وفي هذه الحالة ينتقض التقسيم كلما طرأ أو مات حفيد أو واحد من العقب، يقول خليل: وانتقض القسم بحدوث ولد لهما: كموته على الأصح.
وأما الثلثان الخارجان عن الوصية فهما إرث لجميع الوارثين.
وننبه الأخ السائل إلى أن هذه المسائل عند التنازع فيها يجب الرجوع فيها إلى المحاكم الشرعية لأنها أقدر على الاطلاع على حيثياتها والحكم فيها حكماً صحيحاً مطابقاً للواقع، ولا يمكن الاستغناء فيها بفتوى كفتوانا هذه؛ اللهم إلا أن يرضى الخصماء بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1426(12/4439)
يصرف الوقف إلى الجهة التي عينها الواقف حيث أمكن
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن أشتري سجادا لمسجد معين بمبلغ معين ولكني وجدت أن هذا المسجد به سجاد كاف فهل يجوز لي أن أشتري هذا السجاد لمسجد آخر أو أن أشتري أي شيء آخر بهذا المبلغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تبين أن المجسد المذكور لا يحتاج إلى الفراش الذي نذرت، فيجوز لك صرف ذلك المبلغ في مصالح المسجد كإنارته أو نحوها ما دامت المصلحة تقتضي ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى متحدثاً عن إبدال الوقف بمثله لمصلحة: والثاني: الإبدال لمصلحة راجحة مثل أن يبدل الهدي بخير منه، ومثل المسجد إذا بني بدله مسجد آخر أصلح لأهل البلد منه وبيع الأول، فهذا ونحوه جائز عند أحمد وغيره من العلماء، واحتج أحمد بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نقل مسجد الكوفة القديم إلى مكان آخر وصار الأول سوقاً للتمارين، فهذا إبدال لعرصة المسجد. انتهى
ولا تصرف المبلغ المذكور لمسجد آخر ما دام الصرف ممكناً للمسجد الأول لاحتياجه إلى ذلك، ففي كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع وهو حنبلي:
ويتعين صرف الوقف إلى الجهة التي عينها الواقف حيث أمكن لأن تعيين الواقف لها صرف عما سواها. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1426(12/4440)
هل يأخذ الورثة مما أوقفه الوارث
[السُّؤَالُ]
ـ[أبعث إليكم بسؤالي المختصر وهو: رحم الله موتانا وأموات المسلمين والمسلمات فبعد وفاة والدنا رحمه الله تم توزيع ما يملكه الوالد على الورثة وذلك حسب الشريعة الإسلامية، حيث أوصى الوالد بأن يكون واحد من العقار وقف وهو (بيت شعبي بحالة جيدة) من ثلث ماله والباقي في بناء مشروع خيري (والعمل قائم لبناء المشروع الخيري) ، بالنسبة لإيجار الوقف البيت الشعبي فإنة يصرف على صيانة البيت الشعبي وللمستحق من الورثة وعلى الأيتام، المساكين، الفقراء من المسلمين، السؤال هو: ما هو التعريف للمسكين، وما هو المبلغ المعترف للصرف عليه، ما هو التعريف للفقير، وما هو المبلغ المعترف للصرف عليه، ما هو التعريف لليتيم، وما هو المبلغ المعترف للصرف عليه، ما هو التعريف للمستحق من الورثة، وما هو المبلغ المعترف للصرف عليه، هل يجوز توزيع المال المتبقي على الورثة حسب الشريعة الإسلامية بصفة سنوية والذي يتوفر بعد عمل الصيانة المطلوبة للبيت وبعد توزيعة على الايتام والمساكين والفقراء بمعرفة الجمعيات الخيرية وأهل الخير، علما بأنهم غير مستحقين للمال ولكن لتجنب المشاكل والمساءلة المستمرة من بعض الورثة، هل يجوز للوصي أخذ أجرة مقابل عمله من متابعة للبيت من تحصيل الإيجار وعمل الصيانة المطلوبة للمحافظة عليه، وما هي النسبة المعترف بها؟ هذا وجزاكم الله خيراً وللقائمين معكم على عمل الخير لما فيه من خدمة للإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد عرف بعض أهل العلم المسكين بأنه من له مال أو كسب لا يسد حاجته وحاجة من ينفق عليه، وأما الفقير فهو من لا مال له ولا كسب، وأما اليتيم فهو من مات أبوه ولم يصل سن البلوغ ... وأما القدر الذي يصرف على هؤلاء من مستحقات الفقراء والمساكين والأيتام فهو ما يكفي لسد كل احتياجاتهم من المطعم والمشرب والملبس والمسكن ... ونفقات الزواج إذا كانوا يحتاجونها.. وقد سبقت الإجابة على ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 60559.
وأما الورثة فلا حظ لهم في الوقف إلا إذا كان فيهم من يستحق ذلك بوصف الفقير أو المسكين أو اليتيم، أو كان الواقف نص عليهم أصلاً، وأن ما يبقى بعد كفاية الفقراء والمساكين والأيتام يرد على الورثة، فإنما بقي يرد عليهم حسب ما نص عليه الواقف من التساوي والتفاضل ... لأن نص الواقف كنص الشارع ما لم يخالف؛ كما يقول أهل العلم، قال ابن عاصم المالكي في التحفة:
وكل ُّما يشترط المُحبِّس * من سائغ شرعا عليه الحبس
مثل التساوي ودخول الأسفل * وبيع حظ من بفقر ابتلي
وأما الوصي: فإن كان محتاجاً فله الحق أن يأكل بالمعروف.. وإن كان غنياً فلا يحق له أخذ شيء من الوقف بمجرد الوصية، كما قال الله تعالى: وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:6} ، وللمزيد من التفصيل والفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 12618.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1426(12/4441)
حكم شراء الكتب التي كتب عليها تهدى ولا تباع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شراء الكتب التي كتب عليها تهدى ولا تباع (كالمصاحف, النشرات) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكتب التي كتب عليها تهدى ولا تباع (كالمصاحف، والنشرات) لها حكم الوقف، لأن كتابة الواهب لها أو المتصدق بها لا تباع دليل على أنه إنما أراد تحبيس منفعتها، قال في زاد المستقنع: (أو حكم الوقف) ، أي أن يضم إلى هذا اللفظ الذي هو من الكناية، يضم إليه ما يدل على الوقف وهو حكمه، كأن يقول: (تصدقت: بداري فلا تباع ولا توهب ولا تورث، فدل على أن قوله: (تصدقت بداري) يريد بذلك الوقف ...
وعليه؛ فشراء هذه الكتب لا يجوز، لأن شرط الواقف يجب الوفاء به إذا كان لا يخالف الشرع، قال خليل بن إسحاق المالكي: واتبع شرطه إن جاز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1426(12/4442)
حكم استخدام جزء من المسجد كروضة للأطفال
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تم التبرع بطابق ثان مساحته سبعون مترا من مبنى مكون من طابقين لمسجد وقد تم توسيع هذا المبنى لمساحة مئتي متر بالإضافة إلى طابق ثالث بنفس المساحة على حساب المالك الشخصي وتم التبرع به كجامع أي أن مساحة الجامع أصبحت حوالي أربعمائة متر في مبنى من ثلاث طوابق علما بأنه تم تسجيل المسجد بالأوقاف على مساحة سبعين مترا ثم تم اقتطاع مساحة سبعين مترا لاستخدامها كروضة أطفال من الطابق الثاني وهي ليست السبعين مترا المسجلة في الأوقاف
ملاحظة: كل البناء تم على نفقة المالك الأصلي دون مشاركة أي شخص وفائدة إيجار الروضة ترجع إلى المالك الأصلي شخصيا ما الحكم الشرعي في ذلك؟
وجزاكم الله خير جزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه بداية إلى أن السؤال غير واضح، وسنجيب في حدود ما ظهر لنا منه، فإن كنت تقصد أنك تبرعت بالطابق الثاني الذي مساحته سبعون متراً كمسجد ثم زدت في المساحة المتبرع بها حتى أصحبت أربعمائة متر، فقد أصبحت كل هذه المساحة مسجداً، ولا يجوز اقتطاع شيء منها لاستخدامه كروضة للأطفال أو لغير ذلك مما ليس فيه مصلحة للمسجد.
ولا يؤثر في هذا، كون مساحة المسجد المسجلة في الأوقاف هي سبعين متراً فقط، لأن هذا التسجيل إنما هو لمجرد التوثيق، وليس له أثر في الحكم الشرعي، فالمسجد بمجرد بنائه والإذن للناس بالصلاة فيه إذنا عاماً يصير وقفاً محرراً عن أن يملك العباد فيه شيئاً، ومتى زال ملك واقفه عنه، فليس له أن يرجع فيه أو في شيء منه، ولا يبيعه، ولا يورثه، ولا يتصرف فيه إلا في مصلحة المسجد.
وراجع للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 41577، 43322، 60615، 6313.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1426(12/4443)
الوقف على الأحفاد وذريتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوج أبي قبل وفاتة بعام من سيدة سبق لها الزواج عدت مرات من قبل ويكبرها بخمسة وثلاثين عاما, ولم ينجب منها, وقد حصلت على حقوقها الشرعية كاملة عند الوفاة, وكانت جدة أبي رحمها الله والتي توفيت منذ زمن بعيد قد أوقفت وقفا لأحفادها وذريتهم من بعدهم, فهل تستحق هذه السيدة نصيبا من هذا الوقف، علما بأنها قد تزوجت بعد انتهاء عدتها من أبى مباشرة وأنجبت طفلة من زواجها الأخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوقف -كما عرفه أهل العلم- هو: تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة طلباً للثواب من الله عز وجل، وقد رغب الشارع فيه لمن وسع الله عليهم من ذوي الغنى واليسار، وهو من القرب التي لا ينقطع ثوابها بعد الموت، روى أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له. أخرجه الإمام مسلم والترمذي والنسائي وأبو داود وأحمد والدارمي.
وكون جدة أبيك -رحمها الله- قد أوقفت وقفا على أحفادها وذريتهم من بعدهم، يجعل لأبيك في هذا الوقف حقاً، لأنه من الأحفاد، وأما التي كانت زوجة له، ويبدو من السؤال أنها بقيت في عصمته حتى توفي، فإنها تشارك في إرث سائر متروكاته، ومنها الأوقاف إذا لم يكن أصحابها قد اشترطوا شروطاً تمنعها من المشاركة فيها.
وأما إذا اشترط الواقف ذلك فإنها لا ترث، لأن شرط الواقف يعمل به إن كان مما يجوز اشتراطه، قال العلامة خليل رحمه الله: واتبع شرطه إن جاز.
وهذه الجدة قد اشترطت أن يبقى وقفها في أحفادها وذريتهم، والزوجة المذكورة ليست من الأحفاد ولا من ذريتهم، فهي لا ترث منه إذاً.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1426(12/4444)
استثمار أموال الوقف في محافظ استثمارية
[السُّؤَالُ]
ـ[الرأي الشرعي في استثمار أموال الوقف في محافظ استثمارية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على أمرين:
الأمر الأول:
مسألة وقف النقود وقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتوى رقم 14835.
والأمر الثاني:
مسألة استثمار أموال الوقف في محافظ استثمارية , وذلك راجع إلى صفة الاستثمار في هذه المحافظ فهل هو بنظام الفائدة الربوية؟ أم بنظام المضاربة الإسلامية؟ أم بغير ذلك؟
كل ذلك لا علم لنا به، والحكم على الشيء فرع عن تصوره، فنرجو من السائل الكريم أن يبين لنا صفة الاستثمار في هذه المحافظ بوضوح حتى نجيب على سؤاله بوضوح
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1426(12/4445)
بناء مسبح بدلا من المسجد الخرب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أرجو من المشايخ الكرام الإجابة عن السؤال وهو:
هل يجوز هدم مسجد قديم لم يعد يستعمله أحد وبناء بدله مسبح من أجل الصرف على حاجات المسجد الجديد من عائدات ذلك المسبح؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من هدم المسجد إذا دعت إلى ذلك حاجة واستغلال أرضه فيما يعود بالمصلحة على المسجد الثاني، فقد سئل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله عن مسجد خرب هل تباع أرضه وتنفق على مسجد آخر أحدثوه قال: إذا لم يكن له جيران ولم يكن أحد يعمره فلا أرى به بأسا أن يباع وينفق على الآخر. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولا ريب أن في كلامه ما يبين جواز إبدال المسجد للمصلحة وإن أمكن الانتفاع به لكون الانتفاع بالثاني أكمل. فيجوز هدم المسجد واستغلال أرضه فيما يعود بالمصلحة على الثاني، ولكن لا ينبغي أن تستغل أرضه إلا فيما كان ريعه طيبا لا شبهة فيه. فالمسابح إن لم تكن للأطفال بالذات فإنه لا يمكن الاحتراز عن بعض ما يقع فيها من المحاذير من كشف العورات المحرمة فيما بين الرجال بعضهم مع بعض أو النساء بعضهن مع بعض، ولذا، فالأولى أن تستغل في غير المسابح، ولا يعني هذا حرمة المسابح إن لم يكن فيها اختلاط، وإنما الكلام عن الأولوية والأفضلية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1426(12/4446)
هدم المسجد للحاجة والمصلحة
[السُّؤَالُ]
ـ[مسجد تحت الإنشاء، ويوجد مكان آخر بالقرب منه يخدم عدد أكثر، هل يجوز هدم ما تم بناؤه من هذا المسجد للبدء في بنائه في المكان الآخر؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما هدم ما بني من المسجد إن كان لمصلحة المسجد والحاجة إلى ذلك فلا حرج فيه على الصحيح لما بيناه في الفتوى رقم: 17780، والفتوى رقم: 28824 ونرجو مراجعتها والاطلاع عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1426(12/4447)
جواز وقف الحيوان لتفرقة غلته أو نسله
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص اشترى نعجة وأراد أن تكون صدقة جارية ثم باع نتاجها هل يوزعه على الفقراء أم يجمعه إلى مبلغ بيع ما تنتجه ويعطيه لأحد الشباب يفتح به محلا تجاريا كيف يكون التصرف حتى يكون صدقة جارية. أثابكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فسر العلماء الصدقة الجارية بالوقف، ففي" الموسوعة الفقهية". " والصدقة الجارية محمولة عند العلماء على الوقف" والوقف معناه: حبس الأصل والتصدق بالمنفعة، وجمهور العلماء على جواز وقف الحيوان لقوله صلى الله عليه وسلم: فأما خالد فقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله. متفق عليه. وقد نص الفقهاء على جواز وقف الحيوان لتفرقة نسله، ففي شرح الخرشي لقول خليل: وزكيت عين وقفت للسلف كنبات وحيوان أو نسله، قال الخرشي: أي وقف الحيوان لينتفع بغلته أو به من حمل عليه في السبيل ونحوه، أو لتفرقة نسله. وقال علي العدوي في " حاشيته على الخرشي ": وبعض الأشياخ أفاد أن ذلك على وجهين: الأول: أن يوقف نفس الأمهات ليفرق نسلها مع بقائها. الثاني: أن يوقف نفس النسل الحاصل من الحيوان ليفرق، مع كون ما منه النسل غير وقف لكنه حينئذ ليس له التصرف في الأصل لأنه يؤدي إلى إبطال الوقف. وقال الدسوقي في حاشيتة على الشرح الكبير: وقوله: أو لتفرقة نسله، قدر الشارح التفرقة إشارة إلى أن قوله ـ أي خليل ـ: أو نسله، عطف على محذوف، أي: أو حيوان لتفرقة غلته أو نسله. وما دام الشخص الذي وقف النعجة لم يعين على من وقفها، فإنه يجوز له أن يتصدق بنتاجها وغلتها على من شاء في أي باب من أبواب الخير، والمراد بغلتها صوفها ولبنها. قال ابن حزم في "المحلى": " ومن حبس داره أو أرضه، ولم يسبل على أحد، فله أن يسبل الغلة ما دام حيا على من شاء، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: وسبل الثمرة". وهو يشير إلى تحبيس عمر رضي الله عنه أرضا له بخيبر. وقول النبي صلى الله عليه وسلم له: احبس أصلها، وسبل ثمرتها. رواه البخاري والنسائي وابن ماجة، وفي لفظ: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، غير أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث. رواه الجماعة. فيجوز للواقف أن يصرف نتاج وغلة هذه النعجة حيث شاء من أبواب الخير، فإن كل ذلك يدخل في الصدقة الجارية إن شاء الله تعالى، وأما الأصل وهو النعجة، فإنها لا تباع ولا توهب ولا تورث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1426(12/4448)
الانتفاع بفرش المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإنسان نقل فراش المسجد إلى منزله للانتفاع به علما بأن المسجد لم يعد بحاجة إلى هذا الفراش؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الانتفاع بفراش المسجد ولا بغيره مما وقف له في غير المسجد، وإن كان المسجد ليس في حاجة إليه فإنه ينقل إلى مسجد آخر.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية في الوقف إذا فضل من ريعه واستغني عنه؟ فقال: يصرف في نظير تلك الجهة كالمسجد إذا فضل عن مصالحه صرف في مسجد آخر؛ لأن الواقف غرضه في الجنس، والجنس واحد، فلو قدر أن المسجد الأول خرب ولم ينتفع به أحد صرف ريعه في مسجد آخر، فكذلك إذا فضل عن مصلحته شيء فإن هذا الفاضل لا سبيل إلى صرفه إليه ولا إلى تعطيله فصرفه في جنس المقصود أولى، وهو أقرب الطرق إلى مقصود الواقف، وقد روى أحمد عن علي رضي الله عنه أنه حض الناس على إعطاء مكاتب، ففضل شيء عن حاجته فصرفه في المكاتبين.ا. هـ. وراجع الفتويين: 46587 و 32666.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1426(12/4449)
تخصيص بعض المسجد لانتظار السيارات والاجتماعات
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد هناك أرض موقوفة لبناء مسجد وبعد هدمه تم تجديده وبناؤه من 3 طوابق هل يجوز أن نخصص الطابق الأرضي مكان انتظار للسيارات وقاعة للاجتماعات، وهل تصير الأرض الموقوفة لبناء المسجد مسجدا بعد إزالته من حيث حرمتها وتأخذ حكم المسجد أم تبقى هي موقوفة لبناء المسجد فحسب، وذلك على مذهب الإمام الشافعي؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن وقف أرضا للصلاة فإنها تصير مسجدا بمجرد وقفها سواء بنيت أم لا، فيجوز الاعتكاف فيها وتندب التحية عند دخولها ويحرم مكث الجنب والحائض فيها لأن المسجد هو ما وقف للصلاة ولو بنيت ثم هدمت فإنها تبقى مسجدا بعد انهدام البناء الذي بني عليها، كما هو الحال في السؤال.
وأما جعل الدور الأول منها مواقف للسيارات أو قاعات للاجتماعات ونحو ذلك ففيه وجهان عند السادة الشافعية رحمهم الله تعالى،المعتمد منهما عدم الجواز، لما في ذلك من تغيير الوقف، واستثنوا ما إذا شرط الواقف ذلك عند وقفه، والوجه الثاني الجواز، وإن لم يشرط ما دام في ذلك مصلحة للموقوف عليهم لأن في ذلك عودا عليه بزيادة الأجر الذي قصده من الوقف، وإليك كلام أئمة الشافعية في هذه المسألة، قال الإمام النووي في منهاج الطالبين: والأصح أن قوله.... جعلت البقعة مسجدا تصير به مسجدا. انتهى، يعني أن قوله هذا وقف صريح وبه تصبح مسجدا ويؤكد ذلك قوله في المجموع: قال الشافعي في الأم: إذا نذر اعتكافا ثم دخل مسجدا فاعتكف فيه ثم انهدم المسجد، فإن أمكنه أن يقيم فيه أقام حتى يتم اعتكافه، وإن لم يمكنه خرج، فإذا بني المسجد عاد وتمم اعتكافه، هذا نصه، قال أصحابنا: إن بقي موضع يمكن الإقامة فيه أقام ولا يجوز أن يخرج إن كان اعتكافا منذورا، وإن لم يبق منه موضع تمكن الإقامة فيه خرج فأتم اعتكافه في غيره من المسجد، ولا يبطل اعتكافه بالخروج، لأنه لحاجة. انتهى.
وقال الشيخ عبد الله الشرقاوي رحمه الله في حاشيته على تحفة الطلاب: ولا يباع موقوف وإن خرب كشجرة جفت ومسجد انهدم وتعذرت إعادته إدامة للوقف في عينه ولأنه يمكن الانتفاع به كصلاة واعتكاف في أرض المسجد. انتهى.
وعليه فما دامت الأرض المذكورة موقوفة مسجدا فيصح الاعتكاف فيها، ويندب التحية عند دخولها، ولا يصح جعل الطابق الأرضي منها مواقف للسيارات أو قاعات للاجتماعات أو غير ذلك على المعتمد في المذهب لأنه يغير الوقف ما لم يكن الواقف قد شرط ذلك عند وقفه، قال الشيخ ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى في الفتاوى: وحاصل كلام الأئمة في التغيير أنه لا يجوز تغيير الوقف عن هيئته فلا يجعل الدار بستانا ولا حماما ولا بالعكس إلا إذا جعل الواقف إلى الناظر ما يرى فيه مصلحة الوقف، وفي فتاوى القفال أنه يجوز أن يجعل حانوت القصارين للخبازين، قال الشيخان: وكأنه احتمل تغير النوع دون الجنس، وظاهر كلامهما جواز التغيير حيث بقي الاسم والجنس، سواء أكان يسيرا أو كثيراً، وسواء اقتضته المصلحة أم لا، وسواء كان فيه إذهاب شيء من عين الوقف أم لا، والظاهر أن ذلك غير مراد لهما كالأصحاب إذ يلزم عليه خرق عظيم ومفاسد لا تخفى ... انتهى.
وفي وجه أن ذلك يجوز للمصلحة وقد أفتى به أحد علماء الشافعية في هذا العصر وهو الشيخ عمر بن حامد الجيلاني حفظه الله جوابا عن سؤال ورد عليه حاصله أن السائلين يريدون تجديد بناء مدرسة وجعل الدور الأسفل منها دكاكين تعود غلتها للمدرسة فأجاب بأن في المذهب وجهين المعتمد منهما المنع، ثم اختار الوجه الآخر القائل بالجواز نظرا للمصلحة وتطلع الواقفين إلى ما فيه زيادة الأجر وإن لم ينصوا عليه عند الوقف،وهذا نص كلامه بتصرف يسير: فقهاء السادة الشافعية يمنعون تغيير مسمى الوقف عن هيئته تغييرا يؤدي إلى زوال اسمه وجنسه ويمثلون لذلك بتغيير الأرض الموقوفة إلى بستان، ويستثنون من ذلك المنع إذن الواقف للناظر بأن يفعل ما فيه المصلحة للوقف فيجيزون حينئذ التغيير هذا معتمدهم غير أن عددا منهم يرى جواز التغيير إذا اقتضته مصلحة الوقف بل مصلحة المسلمين وإن لم يأذن بذلك الواقف وقالوا إن أغراض الواقفين ينظر إليها وإن لم يصرحوا بها من حيث إن غرضهم زيادة الربح ونماؤه لتعظم المثوبة للواقف وتكثر حسناته ويتضاعف انتفاع الموقوف عليهم بالوقف وهي أغراض يسعى إليها الواقفون ويرتضونها ولذا كان بعض الواقفين يكتب في صيغة وقفه: وعلى الناظر فعل ما فيه النماء والمزيد للغلة وقد نقل الشيخ ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الكبرى كلاما للأذرعي قال فيه: وللأذرعي في مسألة تغيير معالم الوقف اختيار ذكره في موضع آخر من توسطه فلا بأس بذكره ليستفاد، قال القاضي: لو أرادوا أن يغرسوا في أرض الوقف هل لهم ذلك؟ يحتمل وجهين: أحدهما لهم ذلك، والثاني لا يجوز لأن فيه تغيير شرط الواقف. ثم ساق -ابن حجر- ما يدعم الاحتمال الثاني وأعقبه بقوله: (ويطرق هذا قول الشيخين السابق لا يجوز تغيير الوقف، والمختار الأقوى الجواز، وإن لم يشترط الواقف التغيير ما لم يصدر عنه نص أو إجماع إذ غرض الواقف الاستعمال وتكثير الريع على الموقوف عليه بلا شك لا مسمى البستان ونحوه، وقد قال القفال: إنه لا بد من النظر إلى مقاصد الواقفين، وكل أحد يجزم بأن غرضه توفير الريع على جهة الوقف، وقد يحدث على تعاقب الأزمان مصالح لم تظهر في الزمن الماضي وتظهر الغبطة في شيء يقطع بأن الواقف لو اطلع عليه لم يعدل عنه فينبغي للناظر أو الحاكم فعله والله يعلم المفسد من المصلح، ولا سيما إذا عظمت الأجرة وتضاعفت الفائدة، والتسمية بالدار أو البستان إنما يقصد به غالبا التعريف لإبقاء الاسم مع ظهور المصلحة الظاهرة في غيره ظهوراً عظيماً، كدار ظهرها مجاور لسوق أخذت أجرتها في الشهر عشرة مثلاً، ولو عملت حوانيت فبلغت مائة أو مائتين مع خفة عمارتها ومرمتها فيما يستقبل، وحينئذ فلا معنى للجمود على بقاء اسم الدار من غير تنصيص من الواقف عليه، وقول الشروطي وقف جميع الدار أو البستان للتعريف، والمختار من وجهي القاضي حسين الأول عند ظهور المصلحة في الغرس وعليه العمل ببلاد الشام في قرى الاستغلال من غير نكير، فهذا ما ظهر لي فإن يكن صوابا فمن الله سبحانه وتعالى وتوفيقه وإلا فهو مني، وأكثر الواقفين يقول في شرطه وعلى الناظر فعل ما فيه النماء والمزيد لغلاته ونحو ذلك. انتهى كلام الأذرعي. وهو مصرح فيه كما ترى بأن اختياره هذا خارج عن المذهب إذ المذهب كما علم مما مر أنه متى أدى التغيير إلى تغيير الاسم مع الجنس كأن يجعل الدار بستانا أو حماما امتنع، بخلاف جعل حانوت الحداد حانوت قصار لبقاء الاسم، وإنما المتغير النوع دون الجنس.
ونقل ابن حجر في الفتاوى قولا لابن الرفعة نصه: وهذا يفهم أن أغراض الو اقفين، وإن لم يصرح بها ينظر إليها وقد صرح بذلك القفال فقال: لا بد من النظر إلى مقاصد الواقفين ثم قال ابن الرفعة: ولهذا كان شيخنا عماد الدين رحمه الله تعالى يقول: إذا اقتضت المصلحة تغيير بعض بناء الوقف في صورته لزيادة ريعه جاز ذلك، وإن لم ينص عليه الواقف بلفظه، لأن دلالة الحال شاهدة بأن الواقف لو ذكره في حالة الوقف لأثبته في كتاب وقفه، ثم ذكر أن كثيراً من العلماء المشهود لهم بالصلاح ارتضوا هذا القول وهم ممن يغتبط بمعرفة رضاهم وفي فتاوى الأشخر كما في عمدة المفتي والمستفتي ما يوافق هذا ويؤيده، يقول العبد الفقير عمر بن حامد الجيلاني وإن كان هذا الوجه خارج المذهب كما صرح به ابن حجر وغيره إلا أنه يتسق مع مقاصد الشرع من إنشاء الوقف والسعي إلى زيادة ريعه وتطلع الموقوف عليهم إلى نمائه وفي مسألة المدرسة المسؤول عنها لن يكون بناء الدكاكين في أرض المدرسة التي سيعود إجارها وربحها لمصلحة المدرسة تغييرا لكامل مسمى الوقف وإنما هو نقل للموقوف من قاعة إلى هوائه وهواء الموقوف موقوف كما صرح به الفقهاء. انتهى كلام الجيلاني.
وبهذا يكون مذهب الشافعية قد اتضح في المسألة إن شاء الله وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1426(12/4450)
من أحكام التصرف في الوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي الوالد (رحمه الله) وهو متزوج من امرأتين (والدة إخواني لأبي متوفاة رحمها الله) وترك منزليه المتجاورين وقفا لمن يحتاج من أزواجه وأولاده ورأى إخوتي لأبي بيع المنزل واستبداله بآخر ووضعه في عمارة في منطقة أخرى حتى يستفيدوا منه بشكل أكبر وتأجير الشقق والتصدق للوالد بقيمة الإيجارات، فهل يجوز ذلك؟ وهل يجوز إيجار البيت الآخر حيث لا يوجد من يستفيد منه حاليا؟ وهل يجوز استفادة الورثة من قيمة الإيجار أو يجب التصدق به كاملا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقف والدكم يرحمه الله على المحتاجين من أولاده وزوجاته وقف صحيح نافذ يجري على ما شرط فيه من شروط، وقد بينا ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 35717.
ويجوز لمتولي هذا الوقف أن يحوله إلى صورة أخرى إذا كان في ذلك مصلحة أعلى تعود على الموقوف عليهم، سواء كان ببيع العقار ووضع المال في مثله، أو بهدمه وبنائه مرة أخرى، وقد بينا ذلك مستوفى في الفتوى رقم: 46587.
فإذا لم يوجد فيمن وقف عليهم من يحتاج إلى هذا الوقف أو وجد منهم لكنه يزيد على حاجته، صرف باقي الوقف للمحتاجين من جنس الموقوف عليهم، كما بيناه في الفتوى رقم: 51747.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1426(12/4451)
حكم من أوقف منفعة مقابل إهداء ثواب قراءة القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت لي جدة -أخت جدي- وكانت وحيدة وليس لها أبناء.. فأوصت ببعض أرضها أو بالأصح أوقفت بعض أرضها لابن أخيها الذي هو جدي -أبو والدي- مقابل أن يقرأ لها في كل سنة في رمضان ختمة قرآن -مصحف- وقبل أن يتوفى الجد أوصى بها لوالدي على نفس الشرط -وهو أن يدرس لجدتي مصحفاً في كل عام في رمضان- والآن توفي الوالد رحمه الله قبل أن يوصي بهذه الأرض في حادث مفاجئ فكيف نتعامل مع هذه الأرض، وهل هذا الوقف جائز، وهل تقسم هذه الأرض بين الورثة أم يأخذها أحدهم على نفس الشرط، وفي حالة أن هذا الوقف فيه شك فما هو الواجب علينا فعله؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الوقف مع الشرط المشروع، ويلزم الوفاء بشرط الواقف حينئذ، فقد نص جمع من أهل العلم على أن شرط الواقف كنص الشارع ما لم يخالفه، ولذلك فإن هذه الأرض تعتبر وقفاً عليكم؛ ولكن عليكم الوفاء لعمة جدكم بما شرطت وهو قراءة القرآن وإهداء الثواب لها، ولا مانع من تقسيمها بين الورثة قسمة منافع إذا طلبوا ذلك، لكنهم لا يملكونها بذلك؛ بل تظل وقفاً على الشرط المذكور، ولا يجوز أن تقسم قسمة انقطاع، قال ابن عاصم المالكي في تحفة الحكام:
ولا تُبتُّ قسمة في حُبُس * وطالبٌ قسمةَ نفع لم يُسي.
ولا مانع من أخذ بعض الورثة لها بالشرط إذا رضي الآخرون بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1425(12/4452)
حكم صرف بعض التبرعات لمدرسة لصالح المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنا نجمع للمدرسة الشرعية تبرعات وصدقات فهل يصح أن نضع قسماً منها فيما يلزم للجامع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المتبرعون إنما يقصدون التبرع لصالح المدرسة، فينبغي الاقتصار في صرف تبرعاتهم على ما قصدوه، ولا يجوز صرفه لغير ذلك، لأن قصد الواقف معتبر شرعا.
قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الكبرى: إن قصد الواقف يراعى بحيث إذا حدد طريقة صرف الوقف فإن ذلك يعتبر، أو عرف مقصده بأن جرت العادة في زمنه بأشياء مخصوصة فينزل عليها لفظ الواقف. انتهى
ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية جواز تغيير شرط الواقف إلى ما هو أكثر مصلحة، كما في الفتوى رقم: 34777.
وعلى هذا المذهب الأخير يجوز لكم صرف بعض تلك التبرعات لصالح المسجد إن كان أكثر مصلحة، كما يجوز لكم ذلك إذا لم يعين المتبرعون مصرفاً لتبرعاتهم وتركوا الأمر بيدكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1425(12/4453)
وقف ما يدوم الانتفاع به فترة طويلة من الزمن أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد المساهمة في بناء مسجد.
فهل المساهمة بشراء العين المستهلكة كالفرش وأجهزة الإضاءة والصوت أو التكييف ونحوها كالمساهمة في بناء العين الدائمة تقريبا مثل المسلحات وتكسياتها؟
أفيدونا مشكورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للصدقة الجارية فضلا كبيرا، ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. وجاء ذكر المسجد من بين المسائل التي يلحق أجرها صاحبها بعد الموت. روى ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره، وولدا صالحا تركه، ومصحفا ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه بعد موته.
ولا شك أن بناء المساجد وعمارتها يدخل فيها ما تحتاجه من الفرش وأجهزة الإضاءة والصوت والتكييف.
ولا شك كذلك في أن ما يدوم الانتفاع به فترة طويلة من الزمن أفضل مما ينتفع به زمنا أقل. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 12474.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1425(12/4454)
هل يجوز إعطاء الإمام من دخل أملاك الوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز إعطاء إعانة مالية لإمام المسجد من مداخيل المرش الذي هو تابع لأملاك المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت المداخيل المذكورة وقفاً فإن العمل فيها يكون حسب شرط الواقف الذي لا يوجد في الشرع ما يعارضه، فإن كان الواقف قد اشترط فيها أن تكون مخصصة للمسجد وصيانته، فإنها تبقى على ذلك ولا يجوز صرفها في غير ما حدده الواقف؛ لأن شرط الواقف كنص الشارع ما لم يخالفه. أما إذا لم يخصص عملاً خيرياً معيناً وإنما قصد أعمال البر ووجوه الخير، فلا مانع من أن يستفيد منها إمام المسجد وغيره من العاملين فيه والفقراء والمساكين، وخاصة إذا كان العاملون في المسجد محتاجين، أو كان ذلك يؤدي بهم إلى أداء مهمتهم على أكمل وجه؛ فإن الأولى إعطاؤهم وإعانتهم على أداء هذه المهمة العظيمة وهي خدمة بيت الله.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتويين التاليتين: 32666، 29412.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1425(12/4455)
مسائل حول الوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
قامت أخت جدي بوقف قطعة أرض عل العائلة وقالت أكبر امرأة في العائلة بأن هذا الوقف للذكور من هذه العائلة (علماً بأننا غير متأكدين من ذلك وقد فقدت الورقة التي تنص على الوقف) ، قام جدي بنقل ملكية الوقف للأرض إلى ثلاث فيلات في منطقة راقية وينتفع بها الأولاد الذكور، صدر في هذا البلد قانون بحل الأوقاف، فهل يجوز حل الوقف وتوريثه شرعاً، علما بأن الورثة من أبناء الإناث من هذه العائلة يلحون على ذلك، وهل يمكن للشخص المنتفع بالبيت أن يؤجره وينتفع بإيجاره، وهل يجوز أن يبني فوق بيت الوقف دارا آخر لا بغرض تمليكه ولكن بغرض سكن أحد أفراد هذه العائلة؟ لكم مني جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوقف من أعمال البر التي يصل ثوابها إلى صاحبها بعد وفاته، فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. رواه مسلم.
والوقف من الصدقة الجارية، وقد نص أهل العلم على وجوب العمل بشرط الواقف ما لم يخالف الشرع، قال ابن عاصم المالكي في التحفة:
... ... وكل ما يشترط المحبس * من سائغ شرعا عليه الحبس ...
فإذا وجدتم بينة شرعية تثبت أن الوقف خاص بذكور العائلة دون إناثها فيجب أن تعملوا بذلك -وإن كان خلاف الأولى- فقد كره ذلك بعض أهل العلم، وقد ذكر أهل العلم ألفاظاً تدل على شمول العائلة، وألفاظا تخص بعضها دون البعض إذا قالها الواقف، قال خليل المالكي في المختصر: وتناول الذرية وولدي فلان وفلانة أو الذكور والإناث وأولادهم الحافد.
وقال ابن عاصم المالكي في التحفة:
وحيث جاء مطلقا لفظ الولد * فولد الذكور داخل فقد
لا ولد الإناث إلا حيثما * بنت لصلب ذكرها تقدما
ومثله في ذا بني والعقب * وشامل ذريتي فمنسحب
وأما قول امرأة واحدة فلا يثبت به حكم ولا ينتفي ما لم ينضم إليه غيره مما يثبت الحكم شرعاً، وما دمتم لم تجدوا الوثيقة أو إثباتاً شرعياً فيلزم الرجوع إلى العرف والمعمول به في بلدكم في شأن الوقف.... ولا يجوز بيع الوقف أو حله أو توريثه أو تقسيمه قسمة انقطاع.. من الحكومة أو غيرها، فالوقف حبس الأصل وتسبيل المنفعة.
قال ابن عاصم:
ولا تثبت قسمة في حبس * وطالب قسمة نفع لم يسي
والانتفاع بهذا النوع من الحبس يكون بسكناه أو إيجاره وتوزيع مردوده على أهل الوقف، ولا مانع من البناء فوقه للتسكين أو الإيجار.... والذي يحدد ذلك هو ناظر الوقف، وننصح السائل الكريم بالرجوع إلى المحكمة الشرعية في بلده إن وجدت، وراجع الفتوى رقم: 56656.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1425(12/4456)
حكم استخدام أدوات المسجد الفائضة خارجه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إخراج مكبر الصوت من المسجد لاستعماله في المواعظ الليلية التي تقام في البيت عند أهل الميت علما أن مكبر الصوت هذا إضافي أي أن المسجد ليس في حاجة إليه كما أنه تتم إعادته إلى المسجد بعد انتهاء الموعظة وأي عطب يحصل للجهاز فهو على عاتق المستعير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإخراج مكبر الصوت للغرض المذكور لا يجوز، لأن الاجتماع عند أهل الميت بالصورة المذكورة بدعة، وكل بدعة ضلالة، والواجب هو اجتناب هذا الأمر وعدم المشاركة فيه، وراجع في هذا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8132، 29730، 41020.
أما عن استخدام الميكروفون الفائض عن حاجة المسجد في أغراض مشروعة، فلا مانع منه، وقد بينا هذا الحكم في الفتوى رقم: 47662، والفتوى رقم: 51948، والفتوى رقم: 47716.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1425(12/4457)
حكم بيع الوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[أوقفت أخت جدي مزرعة على ما يقال أولاد بن كوره وهي العائلة التي أنتمي إليها قام جدي بنقل الوقف إلى ثلاث فيلات في منطقة راقية في طرابلس، في ليبيا صدر قانون بحل الأوقاف وتمليكها إلى المستفيدين منها، سؤالي: هل يجوز شرعاً حل الوقف الخاص، وهل يحل لي الثمن، وهل يجوز وأنا لي حق الانتفاع بالفيلات الثلاث أن أؤجرها بحيث يعود ريعها إلى الأشخاص الذين لهم حق الانتفاع بها؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز حل الوقف ولا التصرف فيه بالبيع أو بغيره، بما يخرجه عن وقفيته ما دامت منافع الوقف باقية لم تتعطل، لقوله صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه لما استأمره في شأن أرض له بخيبر: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، فتصدق بها عمر، أنها لا يباع أصلها ولا يورث ولا يوهب. متفق عليه.
وعليه فلا يحل بيع هذه الفلل ولا يحل ثمنها، ولكن يجوز لمن أوقفت عليهم تأجيرها والاستفادة من أجرتها ما لم يكن هناك شرط من الواقفة يمنع من ذلك، وراجع الفتوى رقم: 29412، والفتوى رقم: 6609.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1425(12/4458)
حكم أخذ المصحف من المسجد لنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أريد أن أسأل ما حكم الدين في من أخذ مصحفاً من مصاحف المسجد لنفسه وما كفارة هذا الشيء حتى يسامح الله الفاعل؟ وجزاكم الله عني وعن المسلمين كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمصاحف التي يضعها أصحابها في المساجد إنما يوقفونها لتقرأ في المساجد، ولا يريدون لها أن تؤخذ إلى خارج المسجد، وعليه، فمن أخذها لنفسه، فقد أخطأ في فعله، وعليه أن يعيدها إلى حيث كانت، وليستغفر الله ويتب مما ارتكبه، ولا شيء عليه غير التوبة إذا ردها على الكيفية التي أخذها بها.
وأما إذا كان قد أتلفها أو ضاعت منه، ونحو ذلك، فعليه أن يرد مثلها أو يدفع قيمتها حتى يشترى بها مثلها، قال الدردير في الشرح الصغير: كأن أتلف الحبس، فإن من أتلفه يلزمه القيمة ويشتري مثله أو شقصه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(12/4459)
أزال نخلة الوقف ثم قطعها ورماها فماذا عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي خالي لديه نخلة حبس إلى الجامع أمام بيته مباشرة فوجدها تضيق عليه في حركة السيارة فحفر لها في مكان آخر فلما حولها من مكانها لم يستطع غرسها في المكان المخصص لها فقطعها إلى ثلاثة قطع ورماها فما الحكم في ذلك هل هو حرام وهل يستطيع أن يدفع مبلغا ثمنها إلى الجامع. نسأل الله أن يوفقكم وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان ينبغي لخالك أن يزيل نخلة الحبس أو يتصرف فيها إلا بإذن من ناظر الوقف والتفاوض معه في شأنها إذا كانت تضيق عليه. وما دام قد أزالها فإن عليه أن يغرس نخلة بدلها لا تقل عنها إن أمكن ذلك، ولا يدفع القيمة بدلها حتى لا يكون ذلك بيعا للحبس، وذهب بعضهم إلى جواز دفع القيمة ورجحه لأنه إتلاف كسائر المتلفات، والظاهر ما قدمناه وهو أنه يلزم أن يغرس مثلها. قال العلامة خليل المالكي في المختصر: ومن هدم وقفا فعليه إعادته. وفي شروحه: من تعدى على حبس وهدمه فإنه يلزمه إعادته إلى حالته التي كان عليها قبل الهدم سواء كان المعتدي واقفه أو الموقوف عليه أو أجنبيا..وفي الحطاب، قال القرطبي في شرح مسلم عند حديث جريج: هذا يدل على أن من تعدى على جدار أو دار ... وجب عليه أن يعيده إلى حالته إذا انضبطت صفته وأمكنت مماثلته.. فإن تعذرت المماثلة فالمرجع إلى القيمة. فإن تعذر غرس المثل تعين العدول إلى دفع القيمة وتدفع إلى ناظر الوقف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1425(12/4460)
حكم نقل أكواب الماء البلاستيكية خارج الحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[لدى استفسارهل أخذ بضعة أكواب بلاستيكية من تلك الموضوعة في الحرم بجانب ماء زمزم لاستعمالها في الفندق المقيمين فيه خلال فترة العمرة حلال أم حرام علما بأن هذه الأكواب موضوعة للجميع؟
أرجو الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في الموقوف أنه لا يجوز استعماله في غير الجهة التي عينها الواقف إلا إذا أذن في ذلك الواقف أو من ينوب عنه، أو يكون قد جرى عرف البلد بذلك، وعليه، فلا يجوز نقل شيء من هذه الأكواب لاستعمالها خارج الحرم إلا إذا أذنت رئاسة الحرم في ذلك أو جرى عرف بنقلها، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 32666.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(12/4461)
مسائل في بيع وإيجار الوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[اشترى شخص أرضا تابعة للوقف بمساحة 10م وبنى عليها بيتاً مكوناً من ثلاثة طوابق على اعتبار دفع إيجار رمزي للطابق الأول فهل تعتبر الطوابق العلوية ملكاً شرعياً للمشتري أم أنها تابعة للوقف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة مسائل:
المسألة الأولى: حكم بيع وشراء الأرض الموقوفة وقد تقدم الكلام عن ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 6609، والفتوى رقم: 46537.
والخلاصة أن من أهل العلم من منع من ذلك، ومن أهل العلم من أجاز ذلك إذا كان في مصلحة الوقف، أما إذا لم يكن كذلك فلا يجوز. وعلى هذا الفتوى في الشبكة الإسلامية.
المسألة الثانية: حكم تأجير الأرض الوقفية لمن يبني عليها سكنا، والأصل في ذلك الجواز لكن لا يجوز لناظر الوقف أن يتصرف في الوقف إلا فيما فيه مصلحة الوقف، وعليه فلا يجوز له أن يؤجر الأرض الوقفية بإيجار رمزي؛ بل يجب عليه أن يؤجرها بأكبر مبلغ ممكن.
المسألة الثالثة: هو قول السائل: فهل تعتبر الطوابق العلوية ملكا شرعيا للمشتري أم أنها تابعة للوقف؟
وللجواب عن ذلك نقول: إن هناك خلطا في الأمر حيث لا يمكن أن تجتمع الإجارة مع البيع في الأرض الوقفية فإما أن تشتري (وفقا بما سبق من ضوابط) فتصبح ملكا للمشتري ولا يلزمه إيجار، وإما أن تؤجر، فتكون الأرض ملكا للوقف والبناء ملكا للمؤجر بشرط أن تؤجر بأكبر مبلغ ممكن كما سبق، أما توارد عقدي البيع والإجارة على نفس الأرض فذلك أمر لا يجوز.
ونريد التنبيه هنا إلى أمر مهم وهو أنه في البلاد اليمنية وخصوصا في صنعاء تؤجر الجهات القائمة على الوقف الأرض الوقفية بمبلغ رمزي للغاية، ثم إن المستأجر يخلي الأرض لمستأجر آخر مقابل مبلغ كبير، وقد تعارف الناس على تسمية هذه التخلية بيعا.
فإذا كان الأمر كذلك فإنه لا يجوز الإقدام على ذلك؛ إلا أن يدفع المستأجر أكبر مبلغ ممكن لأن ناظر الوقف مهمل له مضيع لمصلحته، فلا يجوز إقراره على ذلك ولا إعانته عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1425(12/4462)
حكم نقل ماء المسجد إلى البيوت
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد في مساجد منطقتنا ثلاجات لتبريد الماء لكن عندما يبدأ الماء بالبرودة يأتي أهالي المنطقة وينقلونه إلى بيوتهم، وعندما يأتي الذي في المسجد ليشرب الماء البارد يجده حارا، هل نقل الماء الذي في المسجد إلى البيت جائز وهل يصح نقله من المسجد للبيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في حكم نقل ماء المسجد للشرب خارجه فنحيل السائل إليها وهي برقم: 35651.
وإذا كان الأمر كما ذكر السائل من أن أهل المسجد لا يجدون الماء البارد فينبغي أن يمتنع الناس من أخذ الماء من المسجد لأن الأصل أن الثلاجات أوقفت لأهل المسجد، وليس لعامة الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1425(12/4463)
حكم بيع بعض أغراض المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بيع شيء من أغراض المسجد وصرف هذا المبلغ لمصلحة المسجد، أو التصدق به على الفقراء. علما أن هذا الغرض لو بقي لفسد بسبب طول المدة وسوء التخزين. أفيدونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتصرف في أموال الوقف تابع للمصلحة التي يراها ناظر الوقف والمشرف على أموره.
وبالتالي؛ فما دامت تلك الأغراض يخشى فسادها فلا شك أن من المصلحة بيعها وصرفها في مصالح المسجد وليس التصدق بها على الفقراء.
والأمر في ذلك راجع لناظر الوقف الذي يسهر على مصالحه. وراجع الفتوى رقم: 46537.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1425(12/4464)
الشرط المباح في الوقف جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص أوقف قطعة أرض لأولاده بأن يأخذوا ما تنتجه بشرط أن يقرأوا له قرآنا، فهل يجوز هذا الوقف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوقف على الأولاد في حال حياة الأب جائز، فإن سلمه لهم وحازوه كان نافذا ولا يؤثر عليه اشتراطه قراءتهمٍ القرآنٍ له لأن قراءة القرآن مشروعة، سواء أريد اهداء ثوابها للغير حيا أو ميتا على الراجح، أو أريد أن يقرأوا لأبيهم بمعنى امتثالهم أمره في حفظ وتعلم القرآن، والشرط المباح في الوقف جائز.
وأما إن لم يسلم الأب الأرض للأولاد حال حياته فلا تكون حينئذ وقفا وإنما تكون الأرض بمجرد موت الوالد من جملة التركة، وننصحكم بمراجعة المحاكم الشرعية ليسمع القاضي الصيغة والكلام الذي قال الوالد ويتأمل في فحواه.
ويستحسن من باب الإحسان إلى الأب أن يتصدقوا عنه وأن يقرأوا له القرآن، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18071، 23565، 38781، 49196، 3500، 29004.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1425(12/4465)
وقف ثلاجة للمسجد من الصدقة الجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر وضع ثلاجة في مسجد من سقيا الماء مع العلم أن الماء يؤخذ من مياه المسجد وهل يعتبر ذلك صدقة للميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن وقف ثلاجة في الأماكن العامة ليشرب منها الناس من أعمال الخير التي رغب فيها الشرع، ويلحق ثوابها للميت إن شاء الله تعالى، وخاصة إذا كان ذلك في المسجد الذي يقصده الناس لعبادة الله تعالى، فهذا من الصدقة الجارية التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. رواه مسلم. فصاحب الثلاجة له أجر ثلاجته، ويلحق ثوابه للميت إن وهب له، وأما أجر الماء فلمن أوقفه.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 10668.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1425(12/4466)
حكم التبرع بقطعة أرض لإقامة مركز شباب ثقافي ورياضي
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك من يريد التبرع بقطعة أرض لغرض إقامة مركز شبابي رياضي وثقافي، ومن ضمن الأنشطة المقترحة الدروس والمحاضرات الدينية، وكذلك من المقترح إلحاق مبنى للمناسبات أو مقر لجمعية خيرية. فهل ذلك محرم؟ خاصة هنالك من يقول أنه سيؤدي إلى تجمع شباب غير خلوقين وسيدخنون ويثيرون المشاكل علماً أنه سيتم بإذن الله تشكيل إدارة منتخبة مشرفة على المركز!!! وإن كان حلالا وهو المرجح في نظري لما فيه من فائدة للمجتمع والله أعلم، فهل يعتبر هذا التبرع صدقة أم وقفا؟ آسف للإطالة ومع جزيل الشكر وبارك الله لكم ولسائر المؤمنين وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا المركز سوف تقوم عليه لجنة من الصالحين وذوي الدين تعمل على دعوة الشباب إلى الله وتعلمهم ما ينفعهم في دينهم ودنياهم وتمنعهم من ممارسة المحرمات كالموسيقى والغناء والاختلاط وتضبيط قاعة المناسبات بالضوابط الشرعية المذكورة في الفتوى رقم: 46685. فلا حرج في التبرع بقطعة أرض لإقامته، بل ذلك قربة إلى الله، ويأخذ حكم الوقف والصدقة الجارية، إذ لا فرق بين الوقف والصدقة الجارية وراجع الفتوى رقم: 43607. أما إذا لم توجد هذه اللجنة أو وجدت وكانت لا تستطيع تحقيق ما تقدم، فلا يجوز التبرع بقطعة الأرض لإقامة هذا المركز، لإن إقامة المركز ـ والحالة هذه ـ مظنة لا ستغلاله في الفساد. والذي ننصح به ـ على كل حال ـ هو التبرع بهذه القطعة لإقامة مسجد يجمع المسلمين وتقوم فيه فعاليات دعوية وثقافية وخدمية تعود على المسلمين جميعاً بالنفع. وراجع الفتوى رقم: 10427.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1425(12/4467)
الوقف إذا خص به الذكور دون الإناث
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وترك لنا أملاكا هي عبارة عن أراضي زراعية وبساتين وجميعها مسجلة بطريقة الوقف الذري للذكور دون الإناث وأن من قام بتحويل هذه الأملاك إلى وقف ذري للذكور هو جد والدي والسبب كما يقول والدي وبعض الناس هو أن جد والدي كانت له بنت وعندما تزوجت جاء زوجها ليعمل في الأرض باعتبار أن زوجته سيكون لها نصيب في هذه الأرض وهذا ما أغضب جد والدي فأرسل ابنه إلى اسطنبول وقام بتحويل كل أملاكه إلى وقف ذري للذكور دون الإناث وهذه الحادثة ذكرتها لتعلم فضيلتكم أن النية من الوقف كانت (والله أعلم) لحرمان النساء وليس طلبا لأجر الوقف. ومنذ ذلك الوقت كانت هذه الأملاك تنتقل من جيل الى آخر من جد والدي إلى جدي ثم إلى أبي وهي على حالها وقف للذكور دون الإناث والآن بعد وفاة والدي انتقلت هذه الأملاك لي ولإخواني لذلك أرجو أن تفتونا جزاكم الله خيرا في هذه الامور: أولا: هل يوجد في الشريعة الإسلامية هكذا نوع من الوقف أي يكون حق الانتفاع به للذكور دون الإناث وما حكمه. ثانيا: مكتوب في آخر وثيقة التوقيف (هذا وقف ذري تعاقبي للذكور دون الإناث فإذا انقطع نسل الذكور ذهب المال إلى بيت الله الحرام فمن بدّله بعد ما سمعه فإنما اثمه على الذين يبدلونه ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا) السؤال:إذا كان هذا الوقف غير شرعي فماذا يجب علينا أن نفعل نحن ورثة أبي حتى نتجنب الوقوع في الحرام علما أن وضع الوقف بهذه الصورة أي للذكور دون الإناث كان سببا في أن عماتي وأولادهم كانوا يجدون في صدورهم شيئا على أبي لأنهم كانوا يريدون من أبي أن يرفع الوقف ويقسم حسب شرع الله أي للذكر مثل حظ الأنثيين. أرجو أن تفتونا في هذا الأمر وجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تخصيص الوالد بعض أولاده بعطية أو وقف بدون مسوغ شرعي غير جائز وهو من الظلم، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم جوراً، فقال في حديث النعمان بن بشير: فأشهد على هذا غيري فإني لا أشهد على جور. وقد سبق أن بينا مذاهب العلماء في مسألة تخصيص الوالد بعض أولاده بعطية أو هبة وذلك في الفتوى رقم: 5348. ومثل الهبة الوقف لأنها في معناه. قال في كشاف القناع: فإن فضَّل الواقف بعضهم على بعض أو خص بعضهم بالوقف دون بعض كره لأنه يؤدي إلى التقاطع بينهم. وقال في الإنصاف: فإن خص بعضهم أو فضله فعليه التسوية.. فإن مات قبل ذلك ثبت للمعُطى، وعنه لا يثبت وللباقي الرجوع. اختاره أبو عبد الله بن بطة وابن عقيل والشيخ تقي الدين. وقال في الإنصاف: وقياس المذهب لا يجوز ـ أي التخصيص. وحكي عن الإمام أحمد بطلان العطية. وقال الشيخ تقي الدين: وأما الولد المفضل فينبغي له الرد بعد الموت. وقال في الفتاوى الكبرى: وإن أقبضه إياه لم يجز على الصحيح أن يختص به الموهوب له؛ بل يكون شريكاً بينه وبين إخوته. وقال في المغني: ولا خلاف أنه يستحب لمن أعطي أن يساوي أخاه في عطيته. اهـ. وقال عليش في فتح العليّ: فرع: الشروط في الوقف على ثلاثة أقسام، الأول: ما يفسد به الوقف كشرط النظر لنفسه، أو تخصيص البنين دون البنات.
وخلاصة الجواب أن هذا الوقف الذي خصّ به الذكور دون الإناث بقصد حرمانهّن وأدى إلى التقاطع بين الإخوة والأخوات، يجب أن يبطل لأنه ظلم. ولا عبرة بشرط الواقف إذا خالف شرط الله وهو العدل وتحريم الظلم، فشرط الله أوثق وكتابه أحق. وعلى الموقوف عليهم الآن إشراك أخواتهم الاناث في هذا الوقف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1425(12/4468)
أحكام من غصب أرضا موقوفة على المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: ما قولكم علماء الإسلام في رجل استلم من أحد الناس أرضاً خيراً إلى المسجد واستلم الرخصة للبناء من الحكومة على شأن المسجد وبناء المحل وإيجاره ومن الإيجار كان يساهم في تصليح المسجد ومن بعد فترة من السنوات، قسم من الأرض الباقية اشتراها من صاحب الأرض وبناها محلات وجمعهم مع بعض ومن بعد السنوات سجل ملكية المحلات باسمه ويقول المسجد ما له شيء عندي إذا أنا أساهم في تصليح المسجد من عندي بنفسي والملك ملكي هذا الملك لهذا الشخص حلال أم حرام، وكل الناس يشهدون بأن الأرض والمحلات خير للمسجد، ونرجو الجواب منكم يا أيها العلماء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أن هذا الشخص قد اغتصب الأرض الموقوفة على المسجد والمحلات المبنية عليها وضمها إلى أرضه وبنائه، فإذا كان الأمر كذلك فإن هذا حرام قطعاً، فإن غصب الحقوق يعد من عظائم الذنوب، فكيف إذا كان المغصوب وقفاً، لا شك أن الذنب يكون حينئذ أعظم، وإذا كان لا يجوز لناظر الوقف أن يستدين من مال الوقف، فكيف بغصب مال الوقف؟! قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: فرع: ليس للناظر أخذ شيء من مال الوقف على وجه الضمان، فإن فعل ضمنه، ولا يجوز له إدخال ما ضمنه فيه أي مال الوقف، إذ ليس له استيفاؤه من نفسه لغيره (وإقراضه إياه) أي مال الوقف، (كإقراض مال الصبي) . انتهى.
وقال في شرح البهجة: ولا يجوز أن يأخذ من مال الوقف شيئاً على أن يضمنه، فإن فعل ضمنه، وإقراض مال الوقف كإقراض مال الصبي. انتهى.
بل إن الفقهاء قد ذكروا أن ناظر الوقف لا يجوز له أن يبيع أو يؤجر من نفسه أو والده أو ولده، لاحتمال دخول المحاباة، ويجب على هذا الشخص أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً من هذا الفعل الشنيع، وأن يرد ما اغتصبه إلى المسجد من قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، كما يجب عليه أن يرد المنافع التي استفادها من الوقف، وأن يضمن أي تلف أو نقص في الوقف.
قال العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام: وأما المنافع فضربان ... الضرب الثاني: أن تكون المنفعة مباحة متقومة فتجبر في العقود الفاسدة والصحيحة والفوات تحت الأيدي المبطلة والتفويت بالانتفاع، لأن الشرع قد قومها ونزلها منزلة الأموال فلا فرق بين جبرها بالعقود وجبرها بالتفويت والإتلاف، لأن المنافع هي الغرض الأظهر من جميع الأموال، فمن غصب قرية أو داراً قيمتها في كل سنة ألف درهم وبقيت في يده سبعين سنة ينتفع بها منافع تساوي أضعاف قيمتها ولم تلزمه قيمتها -أي قيمة هذه المنافع- لكان ذلك بعيداً من العدل والإنصاف الذي لم ترد شريعة بمثله ولا بما يقاربه ... ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 28270.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1425(12/4469)
حكم جعل الفاضل من الوقف في غير ما وقف له
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو: تم شراء موتور بمبلغ 5500$ للمسجد تم تمويله من أكثر من جهه على الشكل التالي:
1- تبرعت جمعية بمبلغ 2000$، 2- تبرع شخص بمبلغ 1500$، 3- استدانة 2000$ وقد تم إرسال المشروع إلى جهة ثالثة فتبرعت بمبلغ 3500$، فالسؤال: هل نستطيع استخدام المبلغ لعمل في المسجد غير الموتور (صيانة- أشغال) أم يجب الاستئذان من الجهات المتبرعة مقدماً (1-2) ، فنرجو إفادتنا بأسرع وقت ممكن؟ ولكم جزيل الشكر والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يشترط استئذان المتبرعين بهذا المال، ولو سُدت الحاجة التي أوقفوا المال لأجلها، لأن الوقف إذا تعذر استعماله فيما رُصد له، جاز تحويله في غيره، وذلك بحسب نظر مسؤول الوقف (ناظره) ، قال ابن قدامة في المغني: وما فضل من حُصر المسجد وزيته ولم يُحتَج إليه جاز أن يُجعل في مسجد آخر. انتهى.
فإذا جاز أن يُجعل الفاضل في مسجد آخر ففي نفس المسجد أولى، وقال الشيخ عليش في منح الجليل شرح مختصر خليل: وبيع -بكسر الموحدة- ما -أي شيء موقوف صار- لا ينتفع بضم التحتية وفتح الفاء -به- فيما وقف عليه، وينتفع به في غيره. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1425(12/4470)
الوقف إذا فضل من ريعه واستغني عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في قريتنا في اليمن [مجلس] سبيل لأي غريب يمر بالقرية، أوقفه شخص متوفى منذ مئات السنين، وأوقف أرضا زراعية لخدمة هذا السبيل [المجلس] ، وقليل جدا من يرتاد هذا المجلس، فهل يجوز أن نحول الأرض أو دخلها لصالح مسجد القرية مع بقائها، أو هل يجوز أن نقسم ريع هذه الأرض بين المجلس وبين المسجد، مع العلم بأنه نادر جدا من يرتاد المجلس وحتى من يأتي لا يكلف شيئا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما زاد من ريع هذه الأرض عن حاجة هذا المجلس يصرف إلى نظير الجهة التي عينها الواقف متى ما أمكن ذلك، وذلك كمجلس آخر أو مضيفة يستفيد منها ابن السبيل، لأن الفاضل من ريع هذه الأرض، لا سبيل إلى صرفه على هذا المجلس الذي لا يرتاده إلا القليلون، ولا سبيل أيضاً إلى تعطيله وحبسه لأن هذا خلاف مقصود الواقف في التقرب إلى الله، فلم يبق إلا صرفه في جنس ما أراد الواقف لأن ذلك أقرب الطرق إلى تحقيق مقصوده من الوقف.
وقد سئل شيخ الإسلام عن الوقف إذا فضل من ريعه واستغني عنه؟ فأجاب بأنه: يصرف في نظير تلك الجهة؛ كالمسجد إذا فضل عن مصالحه صرف في مسجد آخر، لأن الواقف غرضه في الجنس، والجنس واحد، فلو قدر أن المسجد الأول خرب ولم ينتفع به أحد صرف ريعه في مسجد آخر، فكذلك إذا فضل عن مصلحته شيء، فإن هذا الفاضل لا سبيل إلى صرفه إليه، ولا إلى تعطيله، فصرفه في جنس المقصود أولى، وهو أقرب الطرق إلى مقصود الواقف. وقد روى أحمد عن علي رضي الله عنه: أنه حض الناس على إعطاء مكاتَب، ففضل شيء عن حاجته فصرفه في المكاتبين.
وقال أيضاً: فزائد الوقف يصرف في المصالح التي هي نظير مصالحه وما يشبهها، مثل صرفه في مساجد أُخَر وفي فقراء الجيران ونحو ذلك لأن الأمر دائر بين أن يصرف في مثل ذلك أو يرصد لما يحدث من عمارة ونحوه، ورصده دائماً مع زيادة الريع لا فائدة فيه بل فيه مضرة وهو حبسه لمن يتولى عليهم من الظالمين المباشرين والمتولين الذي يأخذونه بغير حق، وقد روي عن علي بن أبي طالب أنه حض الناس على مكاتب يجمعون له، ففضلت فضلة فأمر بصرفها في المكتابين، والسبب فيه أنه إذا تعذر المعين صار الصرف إلى نوعه.
وقال البهوتي في كشاف القناع: (فإن تعطلت) جهة الوقف التي عينها الواقف (صرف في جهة مثلها، فإذا وقف على الغزاة في مكان فتعطل فيه الغزو صرف) البدل (إلى غيرهم من الغزاة في مكان آخر ... ) تحصيلا لغرض الواقف في الجملة حسب الإمكان.
وبهذا يعلم أنه لا يصرف شيء من ريع هذه الأرض إلى مسجد القرية ما دام يمكن صرفه في نظير الجهة التي عينها الواقف، أما إذا لم يمكن صرفه إلى نظير تلك الجهة فلا حرج حينئذ في صرفه في مسجد القرية أو في الفقراء والمساكين، وإذا كان أقارب الواقف فقراء، فهم أحق به من غيرهم إذا كان سيصرف إلى الفقراء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1425(12/4471)
حكم إعارة الكتب الموقوفة
[السُّؤَالُ]
ـ[أوقف أحد المحسنين مكتبة في المسجد، واشترط عدم إخراج الكتب من المكتبة، والآن وبعد سنة تقريباً من ذلك التاريخ وجدنا نحن القائمون على أمور المسجد أن الناس لم ينتفعوا بها لعدم إمكانية الإعارة منها مع أننا وظفنا أميناً للمكتبة لإبقائها مفتوحة بعد الصلوات، حيث يطالبنا الناس بفتح باب الإعارة مقابل ضمان يضعونه عن الكتب المعارة، فهل يجوز لنا فتح باب الإعارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
اختلف أهل العلم في إباحة صرف الوقف أو التصرف فيه بخلاف ما اشترطه الواقف. قال خليل: واتبع شرطه إن جاز. ولكن المرجح من أقوال أهل العلم أن الوقف يجوز التصرف فيه بخلاف ما اشترطه الواقف إن كان ذلك لمصلحة راجحة. وراجع فيه الفتوى رقم: 34777.
وعليه؛ فلا مانع من فتح باب الإعارة مقابل ضمان أو غيره مما يؤمن إرجاع الكتب سليمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1425(12/4472)
حكم استدانة ناظر الوقف من أموال الوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي رجل متدين ويعمل بالتجارة ونظرا لثقة الناس به أوكلوا له مهمة بناء أحد المساجد لأن له خبرة في مجال الإنشاءات وكان يقوم بجمع التبرعات والإنفاق على المسجد ولكن شاءت ظروف تجارية أن تتعثر وثقلت عليه الديون فكان يقوم بسداد الديون من أموال المسجد ثم يقوم بردها مرة أخرى للمسجد حيث إن البناء يأخذ بعض الوقت فيستغل هذا الوقت في سداد ما أخذه من أموال المسجد، وتم البناء والحمد لله وتم أيضاً سداد ما أخذه من أموال المسجد كاملاً، فما هو حكم الشرع في هذا، وهل هو آثم بما فعل أم لا وإذا كان آثماً فماذا يفعل حتى يغفر الله له؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز لوالدك أن يستدين من مال الوقف لنفسه، وعليه أن يتوب مما مضى، ولا يرجع إلى ذلك مرة أخرى.
قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: فرع: ليس للناظر أخذ شيء من مال الوقف على وجه الضمان، فإن فعل ضمنه، ولا يجوز له إدخال ما ضمنه فيه أي في مال الوقف، إذ ليس له استيفاؤه من نفسه لغيره (وإقراضه إياه) أي مال الوقف، (كإقراض مال الصبي) .انتهى
وقال في شرح البهجة: ولا يجوز أن يأخذ من مال الوقف شيئاً على أن يضمنه، فإن فعل ضمنه، وإقراض مال الوقف كإقراض مال الصبي. انتهى.
بل إن الفقهاء قد ذكروا أن ناظر الوقف لا يجوز له أن يبيع أو يؤجر من نفسه أو والده أو ولده، لاحتمال دخول المحاباة.
لكننا ننبه إلى أنه يجوز لناظر الوقف أن يأخذ من أموال الوقف أجرة المثل بالمعروف، فإذا كان والدك قد أخذ من أموال المسجد بمقدار أجرته على المقاولة والنظارة فلا حرج عليه في ذلك.
وننبهك إلى لفظ ورد في سؤالك وهو قولك: (شاءت الظروف) فنسبت المشيئة إلى الظروف، وهذا غلط والصواب -إن كان ولا بد- أن تقول: قدر الله أو شاء الله، هذا مع أن من تمام الأدب ألا ينسب مثل هذا إلى الله أيضاً على حد قوله تعالى عن إبراهيم: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [الشعراء: 80] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1425(12/4473)
الوقف الأول في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد غزوة فتح خيبر ظهر أول وقف في الإسلام ليشكل صدقة جارية من أول من أوقف في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على هذا السؤال وذلك في الفتوى رقم: 49486
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1425(12/4474)
أول من أوقف في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد غزوة فتح خيبر ظهر أول وقف في الإسلام ليشكل صدقة جارية من أول من أوقف في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما بعد: فقد جاء في الصحيحين وغيرهما عن أبن عمر رضي الله عنهما قال: أصاب عمر بخيبر أرضا فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ـ فقال: أصبت أرضا لم أصب مالا قط أنفس منه فكيف تأمر ني به؟ قال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، فتصدق عمر أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث في الفقراء والقربى والرقاب وفي سبيل الله والضيف وابن السبيل لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقا غير متمول فيه.
وقال الحافظ في الفتح: عن عمرو بن سعد بن معاذ قال: سألنا عن أو ل حبس في الإسلام فقال: المهاجرون: صدقة عمر، وقال الأنصار: صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي أراضي مخيريق التي أوصى بها للنبي صلى الله عليه وسلم فوقفها النبي صلى الله عليه وسلم.
وعلى هذا فأول من أوقف في الإسلام هو النبي صلى الله عليه وسلم سنة ثلاث للهجرة بعد غزوة أحد لأن مخيريقاـ رضي الله عنه ـ استشهد يوم أحد، ثم بعد ذلك سنة سبع من الهجرة بعد فتح خيبر كان وقف عمر رضي الله عنه.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1425(12/4475)
شروط صحة الوقف على الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قول الشرع في الوقف الذرية حيث أن والدي رحمه الله قد أوقف جميع أملاكه قبل وفاته وقف ذرية لغرض أن يبقى بحوزة أولاده من بعده ولا يستطيعون بيعه لشخص آخر ولم يوثق هذا لدى الجهات الرسمية بل لدى شيخ المحل في القرية ونحن الآن بحاجة لكي نبيع نصيبنا من الميراث فهل يجوز لنا ذلك أم أنه غير جائز أفيدونا بالصواب جزاكم الله عنا خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقف المرء المال على أولاده يصح إن وقع بصيغة ناجزة، بأن يخلي بينهم وبين الشيء الموقوف في حياته، أو يخلي بينه وبين ناظره، وأما لو بقي تحت يده هو حتى مات فإن الوقف يبطل لعدم الحوز، قال الدرديري: وأما ما له غلة كربع وحائط وحانوت يحبسه في صحته، وكان يكريه ويفرق غلته على مستحقيه كل عام -مثلا- ولم يخرجه من يده قبل المانع كالموت حتى حصل المانع، بطل وقفه لعدم الحوز.أهـ. ومثل ذلك في البطلان ما إذا أوقفه عليهم بصيغة الوصية، بأن قال: هو وقف على أولادي بعد موتي فإنه لا يصح حينئذ لكونه صار وصية لوارث، وراجع فيه الفتوى رقم: 18071.
ثم إن أهل العلم اختلفوا في تحديد ما يصح وقفه من المال وما لا يصح وقفه، والذي عليه جمهورهم أنه لا يصح أن يوقف إلا ما يمكن الا نتفاع بغلته مع بقاء عينه، وراجع في هذا الفتوى رقم: 14835.
وبناء على جميع ما تقدم.. فإن وقف أبيكم هذا صحيح فيما تعلق بالدور والحيوانات والعقار بكافة أنواعه، والآلات والأفرشة، وغير صحيح عند الجمهور فيما كان مثل الأطعمة والأشربة والمبالغ النقدية ونحو ذلك مما لا يصح استغلاله وبقاء عينه، وبناء على قول الجمهور فلا يصح إذاً لأي منكم أن يبيع شيئا مما بينا صحة وقفه، بخلاف غيره فلكم الانتفاع به على أي وجه أردتموه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1425(12/4476)
حكم إعطاء الإمام من المال التابع للمسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أعطي بعضا من المال التابع للمسجد للقيم على المسجد أو الذي يقوم بأعمال داخل المسجد من تنظيف وعناية بالمسجد كمساعدة له، علما بأنه يصرف له مرتب من هيئة الأوقاف وهو مبلغ ليس بل المبلغ الجيد وهو 70 دينار ليبي؟ ومني جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا من دفع جزء من المال المذكور للشخص القائم على خدمة المسجد إذا كان محتاجاً أو له راتب لا يكفيه، بل ربما كان ذلك هو السداد والمصلحة التي تعود على خدمة المسجد وأهله لئلا ينصرف القائم عليه عن المسجد طلبا للرزق وسعيا في الكسب، فكلما كان القائم على المسجد متفرغاً عاد ذلك بمزيد من الخدمة للمسجد..
إلا إذا كان صاحب المال الذي أوقفه أصلاً أو الجهات القائمة على الوقف قد اشترطت صرفه في أشياء معينة لا يدخل ضمنها القائم على المسجد فإنه يتعين صرفه في الجهات التي عينها الواقف، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 6313.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1425(12/4477)
حكم من وقف منزلا لا يملك سواه
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يرغب في أن يوقف منزله أو (يسبله) بقصد الأضحية والحج له بعد وفاته مع آخرين يذكرهم في وصيته 0وسيتولى ذلك أحد أبنائه بعد وفاته 0الرجل لا يملك سوى هذا المنزل ولديه أبناء بعضهم بحاجة إلى المال 0هل يجوز له أن يقوم بهذا العمل أم أن الوقف أوالسبيل يقتصر على الثلث فقط؟ مع الشكر الجزيل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوقف في ذلك له حالتان:
الأولى: أن يكون منجزا في حال الحياة غير معلق بالوفاة، وفي هذه الحالة للشخص أن يوقف ماله بشرط ألا يضيع من تجب عليه نفقتهم، قال صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وغيره، وأصله في مسلم.
والثانية: أن يكون الوقف معلقا على الوفاة، وفي هذه الحالة لا يجوز للشخص أن يوقف أكثر من الثلث، لأن الوقف حينئذ وصية، وقد قال صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عندما أراد أن يوصي في مرض ظن أنه هو مرض موته (الثلث والثلث كثير) متفق عليه.
وعليه، فلا يجوز للشخص أن يوقف بيته الذي لا يملك غيره مطلقا إذا كان الوقف معلقا على الوفاة، وإذا فعل ذلك فلا ينفذ وقفه إلا في الثلث، إلا إذا قبل بذلك الورثة وكانوا بالغين رشداء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1425(12/4478)
سبل الصدقة الجارية غير منحصرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أقوم بعمل صدقة جارية وعندي ما يقارب 40 دولاراً وليس عندي فكرة كيف، ممكن تعطوني فكرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة الجارية هي ما يجري ثوابها وأجرها على المتصدق ويلحقه بعد موته، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنواع الصدقة والأعمال التي يلحق ثوابها للمسلم ويجري عليه أجرها بعد موته.
فقال صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع، به أو ولد صالح يدعو له. رواه مسلم.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه
ونشره، وولدا صالحا تركه، أو مصحفاً ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته، تلحقه بعد موته. رواه ابن ماجه وابن خزيمة وحسنه الألباني.
وعلى هذا فبإمكانك أن تصرفي هذا المال في أحد الأشياء المذكورة ولو مشاركة مع غيرك.
وعلى كل حالٍ؛ فأنواع الصدقة الجارية كثيرة فمنها: حفر الآبار وبناء المدارس والمستشفيات والمساجد، ويمكن أن تستعيني بالجمعيات الخيرية على تنفيذ ما أردت من أعمال الخير، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8042، 12366، 35717.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(12/4479)
مسائل في الوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[الوقف
- تعريف الوقف- أنواعه- مشروعيته- انعقاد الوقف- لزوم الوقف- ما يصح وقفه وما لا يصح-الوقف على الولد- أهل الذمة- الوقف المشاع- الوقف عن النفس- الوقف المطلق في مرض الموت على بعض الورثة- الوقف على الأغنياء- جواز أكل العامل من مال الوقف- فضل ربح الوقف يصرف في مثله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في تعريف الوقف ومشروعيته الفتوى رقم: 38781، وفي انعقاده ولزومه الفتوى رقم: 41577، وفي الوقف على الأولاد الفتوى رقم: 16284.
وأنواع الوقف ثلاثة: المعقب، والعمرى، والرقبى، فأما الأول: فأن يقول الواقف مثلاً: هو حبس عليك وعلى عقبك، والثاني: أن يحبسه عليه مدة حياته أو يحدد للحبس أجلاً، وأما الرقبى: وهي ممنوعة، فهي أن يتفق اثنان على أن آخرهما موتا يكون له شيء معين عند كل منهما أو مشترك بينهما كدار -مثلاً- أو حيوان ونحوه، قال خليل: وجازت العمرى ... لا الرقبى؛ كذوي دارين قالا: إن مت قبلي فهما لي وإلا فلك.
ثم إنه يصح وقف كل شيء إلا ما لا يمكن الانتفاع بغلته، فالجمهور على عدم صحة تحبيسه، وللمالكية فيه وجهان: قال في المغني: وما لا ينتفع به إلا بإتلاف مثل الذهب والورق والمأكول والمشروب، فوقفه غير جائز ... لا يصح وقفه في قول عامة الفقهاء وأهل العلم إلا شيئاً يحكى عن مالك والأوزاعي في وقف الطعام أنه يجوز ... 5/374.
ويجوز الوقف على أهل الذمة وعلى الأغنياء، ففي الدردير ممزوجا بنص خليل:..... وعلى ذمي وإن لم تظهر قربة كعلى أغنيائهم. 4/77، مع أن أصل القربة لا بد أن يكون موجوداً، فلا يصح الوقف بمعصية.
ويصح وقف الجزء المشاع، قال الدردي ر: وصح مشاع أي رهنه من عقار وعرض وحيوان، كما يصح بيعه وهبته ووقفه.... 3/236.
وأما الوقف عن النفس فإن كنت تعني به ما إذا كان للإنسان أن يوقف شيئاً على نفسه فلا يصح لأن للوقف أربعة أركان هي: الواقف، والموقوف له، والشيء الموقوف، والصيغة.
ثم إن الوقف في مرض الموت على بعض الورثة لا يصح إلا أن يجيزه الورثة، لأنه في حكم الوصية، والوصية للوارث لا تصح، روى الترمذي وأبو داود وابن ماجه من حديث أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فلا وصية لوارث.
وأكل العامل من مال الوقف إن كان على سبيل الأجرة، كأن يكون له منه راتب أو يأخذ بقدر حقه في رعاية الوقف فلا بأس بذلك، وكنا قد أجبنا عن حكم دفع رواتب الموظفين في الأوقاف من أموال الوقف، وراجع فيه الفتوى رقم: 47716، وإن كان غير ذلك فلا يجوز إلا أن يكون متصفاً بصفة المحبَّس عليهم.
ثم إن فضل ربح الوقف يصرف في مثله تحصيلاً لغرض الواقف، ومثله في ذلك مثل ما كبر من الدواب المحبسة أو زاد على الحاجة من ذكورها، قال خليل: وفضل الذكور وما كبر من الإناث في إناث ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1425(12/4480)
حكم دفع رواتب موظفي الأوقاف من أموال الوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي حول الأوقاف والمباني الوقفية وهو كالتالي:
في المقر الإداري للأوقاف سواء كان هذا المقر وزارة أو دائرة حكومية فانه يوجد أقسام في هذه الدائرة منها قسم الوقف وقسم الاستثمار وعدة أقسام أخرى وهذه الأقسام مثلا قسم الاستثمار يقوم باستثمار الأراضي الوقفية ويحولها إلى مباني ذات مردود مالي فهل هذا المردود المالي يصرف على مباني الأوقاف فقط أو على الفئات الثمانية الذين تجوز عليهم الزكاة وهل يمكن أن نأخذ من هذا المردود المالي ونصرف على المبنى الإداري (الدائرة الحكومية) بحيث يكون كمرتبات للموظفين أو مردود مالي يعود على هذا المبنى أم انه يجب أن يصرف فقط على الأوقاف والمباني الوقفية؟ وأنا شاكرة لكم وجزاكم الله كل خير وأنا طالبة أقوم بعملية بحث عن الأوقاف والمباني الوقفية وأرجو المساعدة وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من دفع رواتب الموظفين في دوائر الوقف من أموال الوقف، لأن صلاح مال الوقف لا يقوم إلا بهم أو من يقوم مقامهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ولا شبهة على الآخذ في الأخذ كسائر الواجبات، كعامل الزكاة وناظر الوقف والوصي والمضارب والشريك والوكيل وسائر من تصرف لغيره بولاية أو وكالة إذا طلب منه حصة ما ينوب ذلك المال من الكلف، فإن لهم أن يؤدوا ذلك من المال، بل إن كان إذا لم يؤدوه أخذ الظلمة أكثر وجب، لأنه من حفظ المال. اهـ.
أما عن المال الوقفي، فإن زاد المال وفاض عن الجهة التي أوقف عليها صُرف لغيرها، فإن لم يكن ثم شرط للواقف صُرف هذا المال على المستحقين من أي صنف كانوا.
قال ابن قدامة في "المغني": وما فضل من حصر المسجد وزيته ولم يحتج إليه جاز أن يجعل في مسجد آخر أو يتصدق من ذلك على فقراء جيرانه وغيرهم، وكذلك إن فضل من قصبه أو شيء من نقضه، قال أحمد في مسجد بني فبقي من خشبه أو قصبه أو شيء من نقضه، فقال: يعان في مسجد آخر، أو كما قال، وقال المروذي: سألت أبا عبد الله عن بواري المسجد، إذا فضل منه الشيء أو الخشبة قال: يتصدق به، وأرى أنه قد احتج بكسوة البيت إذا تخرقت تصدق بها. انتهى.
وقال في الاستدلال لذلك: وروى الخلال بإسناده عن علقمة عن أمه أن شيبة بن عثمان الحجبي جاء إلى عائشة رضي الله عنها فقال: يا أم المؤمنين إن ثياب الكعبة تكثر عليها، فننزعها فنحفر لها آبارا فندفنها فيها، حتى لا تلبسها الحائض والجنب، قالت عائشة: بئس ما صنعت ولم تصب، إن ثياب الكعبة إذا نزعت لم يضرها من لبسها من حائض أو جنب، ولكن لو بعتها وجعلت ثمنها في سبيل الله والمساكين فكان شيبة يبعث بها إلى اليمن فتباع، فيضع ثمنها حيث أمرته عائشة وهذه قصة مثلها ينتشر، ولم ينكر فيكون إجماعا، ولأنه مال الله تعالى، لم يبق له مصرف فصرف إلى المساكين كالوقف المنقطع. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 31284.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1425(12/4481)
كيف يصرف المال الزائد عن حاجة المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي حول الأوقاف والمباني الوقفية وهو كالتالي:
لو أوقف محل تجاري ومن شروط وقفه هو أن يكون العائد من هذا المحل لمسجد معين بحيث المال الذي ينتج من المحل التجاري يصرف على المسجد وبعد فترة من الزمن حول هذا المحل التجاري لمبنى تجاري كبير وذلك لعدة أسباب فهل العائد من هذا المبنى الجديد يجب أن يصرف فقط على المسجد مع العلم بأنه أصبح المال المتحصل منه يفوق حاجة المسجد فكيف يمكن التصرف في هذا المال الزائد عن حاجة المسجد هل يعود للفقراء وأين يصرف بشكل أفضل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من صرف المال الزائد عن حاجة المسجد إلى غيره من المساجد، أو أهل استحقاق الوقف، لأن قصد الواقف القربة، وهي حاصلة بذلك، قال ابن قدامة في المغني: وما فضل من حصر المسجد وزيته، ولم يحتج إليه، جاز أن يجعل في مسجد آخر، أو يتصدق من ذلك على فقراء جيرانه وغيرهم، وكذلك إن فضل من قصبه أو شيء من نقضه، قال أحمد في مسجد بني فبقي من خشبه أو قصبه أو شيء من نقضه، فقال: يعان في مسجد آخر أو كما قال، وقال المروذي: سألت أبا عبد الله عن بواري المسجد، إذا فضل منه الشيء، أو الخشبة، قال: يتصدق به، وأرى أنه قد احتج بكسوة البيت إذا تحرقت تصدق بها. انتهى.
وقال في الاستدلال لذلك: وروى الخلال بإسناده عن علقمة عن أمه أن شيبة بن عثمان الحجبي، جاء إلى عائشة رضي الله عنها، فقال: يا أم المؤمنين، إن ثياب الكعبة تكثر عليها، فننزعها فنحفر لها آباراً فندفنها فيها، حتى لا تلبسها الحائض والجنب، قالت عائشة: بئس ما صنعت، ولم تصب، إن ثياب الكعبة إذا نزعت لم يضرها من لبسها من حائض أو جنب، ولكن لو بعتها وجعلت ثمنها في سبيل الله والمساكين، فكان شيبة يبعث بها إلى اليمن، فتباع فيضع ثمنها حيث أمرته عائشة، وهذه قصة مثلها ينتشر ولم ينكر، فيكون إجماعاً، ولأنه مال الله تعالى لم يبق له مصرف فصرف إلى المساكين كالوقف المنقطع. انتهى.
وراجعي الفتويين رقم: 6639، ورقم: 14433
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1425(12/4482)
المساهمة في بناء جمعية خيرية من الصدقات الجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل المساهمة المادية في دفع مصاريف أو جزء من مصاريف إشهار جمعية خيرية تعتبر صدقة جارية وكذلك دفع أو المساهمة في دفع إيجار لمقر الجمعية الخيرية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دفع مبلغ من المال في بناء مقر لجمعية خيرية يعتبر من الصدقات الجارية، لأن المقر يقوم على خدمة المحتاجين ورعاية أعمال الخير والبر، فهو وسيلة إلى هذا الخير، وللوسائل حكم المقاصد كما هو معلوم في قواعد الفقه الإسلامي وأصوله، ولمعرفة الصدقة الجارية راجع الفتوى رقم: 10668، علما بأنه يجب الاطمئنان إلى نشاط الجمعية ومدى موافقته للشريعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1425(12/4483)
زكاة العين الموقوفة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت أنا ومجموعة من الإخوة بفتح مطعم صغير بهدف زيادة الدخل، وإني أفكر بأن أهب نصيبي لوجه الله تعالى بأن أجعله وقفاً بمعنى أن ربحه سيصرف لوجه الله تعالى، فما حكم ذلك، وفي حال جوازه فما الحكم في الآتي: هل علي الجهر بذلك للشركاء والزوجة، هل علي في نصيبي أي زكاة، ما العمل إذا قرر الشركاء إغلاق المشروع لأي سبب كان، هل أنتظر حتى يستقر المشروع ثم أجعله وقفاً، علما بإنه تم افتتاح المطعم خلال الأسابيع الماضية، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الوقف صحيح إذ كل عين معينة مملوكة تقبل النقل من ملك شخص إلى ملك آخر، ويحصل منها مع بقاء عينها فائدة يصح وقفها ولو كانت مشاعة، كنصيب الشخص في عقار أو شركة، لأن عمر رضي الله عنها وقف مائة سهم في خيبر مشاعاً جاء في أسنى المطالب: الموقوف هو كل عين معينة مملوكة تقبل النقل من ملك شخص إلى آخر ويحصل منها مع بقاء عينها فائدة حالاً ومآلاً. انتهى.
ويشترط للوقف شروط منها الصيغة وهي الألفاظ الدالة على معنى الوقف، كوقفت حصتي لله تعالى أو على وجه الخير أو على المساكين.
وينبغي إشهار الوقف والشهادة عليه أمام جهة رسمية منعاً للخصام وسداً للباب أمام الدعاوى الباطلة، هذا وإذا انقطعت منفعة الوقف كأن فسخت الشركة ولم يعد هناك غلة، فإن العين الموقوفة تباع ويصرف ثمنها في مثلها فإن لم يمكن صرف إلى الموقوف عليه.
وأما حكم الزكاة في العين الموقوفة فلا تجب لأن من شروط الزكاة أن يكون المال ملكاً لصاحبه والعين الموقوفة خرجت من ملك صاحبها، وراجع في هذا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10110، 10905، 41577.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(12/4484)
شرط الواقف يمكن تغييره إلى ما هو أصلح منه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل في أحد المراكز الإسلامية وكنت مسئولا عن إفطارات رمضان فكنت آخذ من تبرعا ت الناس للإفطارات من الأموال الفائضة عن الإفطارات وأرسل بها إلى الفقراء في مصر ويشهد الله أني لم آخذ منها أي شيء
فما الحكم أفيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الفقراء الذين أرسلت إليهم التبرعات في أشد الحاجة إليها، فلا حرج إليك إن شاء الله تعالى لأن شرط الواقف يجوز تغييره إلى ما هو أصلح، لأن مقصود الواقف كثرة الثواب، فكلما كثر كان ذلك أقرب لقصده
قال الرحيباني في مطالب أولي النهى:
قال الشيخ تقي الدين: يجوز تغيير شرط الواقف، لما هو أصلح منه، فلو وقف على فقهاء أو صوفية واحتيج للجهاد صرف للجند. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 34777.
وعليه، فلا إثم عليك فيما فعلته إذا كان أكثر ثوابا للمتبرعين خصوصا إذا كانت تلك الأموال التي أرسلتها فائضة عن الإفطارات.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1425(12/4485)
حكم الانتفاع بأجهزة المسجد الذي تعطلت الصلاة فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[قمنا ببناء مسجد كبير في القرية، وكان يوجد لدينا مسجد صغير، فهل يحق لنا أن نأخذ الجهاز الذي كان في المسجد الأول ونعطيه لمدرسة القرية، وهل يحق لنا أن نتخذ المسجد الأول فصولاً للمدرسة أم لا؟ أرجو منكم أن تردوا بأسرع وقع ممكن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص أهل العلم على أن الوقف على مكان معين إذا لم يعد يمكن الانتفاع به فيه جاز نقله إلى مكان مثله حقيقة إن أمكن.
فإن أمكن نقل الجهاز المذكور إلى المسجد الجديد أو مسجد آخر فهو الأفضل، فإن لم يمكن نقله إلى مثله جاز نقله إلى الجنس القريب، وهو المدرسة على سبيل الوقف أيضاً عليها لمصلحة الناس، هذا إذا لم يمكن الانتفاع به في المسجد الأول أصلاً، أما لو أمكن فلا ينقل، وراجع الفتاوى التالية: 3858 / 11657 / 25723 / 33177 / 6313 / 22656.
وكذا القول في تحويل المسجد إلى مدرسة أو فصول للدراسة، فإن كان المسجد قد تعطل ولا يصلى فيه وانتقل أهل القرية عنه جاز بيعه، وبناء مسجد آخر بثمنه، فإن كانت الحاجة شديدة إلى تحويله مدرسة وقد تعطل بعدم الصلاة فيه، فالذي يترجح جواز ذلك والله أعلم، لما نقله ابن قدامة في المغني: أن عمر رضي الله عنه كتب إلى سعد لما بلغه أنه قد نقب بيت المال الذي بالكوفة، أن انقل المسجد الذي بالتمارين [اسم موضع] واجعل بيت المال في قبلة المسجد فإنه لن يزال في المسجد مصل، وكان هذا بمشهد من الصحابة، ولم يظهر خلافه فكان إجماعاً. ا. هـ من المغني.
قال ابن عقيل: وجمودنا على العين مع تعطلها تضييع للغرض ... ثم قال: فلما تعذر تحصيل الغرض بالكلية استوفي منه ما أمكن وترك مراعاة المحل الخاص عند تعذره، لأن مراعاته مع تعذره تفضي إلى فوات الانتفاع بالكلية، وهكذا الوقف المعطل المنافع. ا. هـ من المغني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1425(12/4486)
حكم بيع الوقف بناء على تقدير ناظر الوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[أسكن في قرية صغيرة، قامت الجهة المخولة فيها بالمشاريع الإسكانية، قامت بتوسيع رقعة الأراضي المعدة للبناء مقسمة بمساحات متقاربة منها 400 متر مربع ومنها ما هو أكبر، ونتيجة لهذا التوسع شمل مخطط القرية الجديد بعض أراضي الوقف التابع لهيئة الأوقاف بالدولة، حيث قررت هيئة الأوقاف استبدال أشجار الزيتون التي في حكم الوقف بأشجار أخرى يقوم بشرائها المستفيد، بعدها يجوز للمستفيد إزالة الأشجار تمهيداً للبناء، أما أجزاء أراضي الوقف الواقعة ضمن قطع الأرض المعدة للبناء فإن هيئة الأوقاف تقوم ببيعها مباشرة للمستفيد مقابل قيمة مالية تقدرها الهيئة لكل متر من الأرض، والسؤال هنا: هل يجوز شراء أراضي الوقف الواقعة ضمن المخططات الإسكانية لاستكمال قطعة أرض مبتورة من أحد أطرافها نتيجة لجزئها المكمل لها ألا وهو الوقف، وما حكم شراء أشجار مثمرة واستبدالها بمثيلاتها من أشجار الوقف لإجازة التصرف فيها بعد ذلك علما بأن ذلك معمول به حاليا من قبل هيئة الأوقاف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن يظل الوقف باقياً على حاله يعمل فيه حسب شروط الواقف التي لا حيف منها ولا جنف، ولا يجوز بيع الوقف ولا التصرف فيه بما يخرجه عن وقفيته، إلا في حالة تقتضيها مصلحة الوقف، وهذه المصلحة يقدرها ناظر الوقف الأمين، وبما أن هيئة الوقف رأت بيع بعض أراضي وأشجار الوقف فلها ذلك حسب النظر الشرعي، وراجع لزاماً الفتوى رقم: 6609.
وللمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23413، 28509، 37541، 40390.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1425(12/4487)
هل تشترط الكتابة لثبوت ثواب الصدقة الجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت فلتر ماء سبيل عن روح الوالدة في مكان العمل لكي يستفيد من ماء صالح للشرب الموظفون والمراجعون ويصل الأجر للوالدة بإذن الله، هل يستدعي وصول الأجر كتابة تعريف أن هذا الماء هو عن روح المتوفاة، وهل يصل فقط دعاؤهم لها أم أن شربهم للماء يوصل الأجر بإذن الله، والله من وراء القصد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا المشروع الذي قمت به يعتبر صدقة جارية، وهي نوع من الوقف، يثبت به الأجر لوالدتك بإذن الله بمجرد نيتك، ولا تشترط لذلك الكتابة، ويثبت لها الأجر بهذه الصدقة الجارية، وما كان من دعاء صالح فهو زيادة في الخير تنتفع به بإذن الله.
نسأل الله تعالى أن يجزيك خيراً على برك بأمك وأن يجمعك بها في الفردوس، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 10668، والفتوى رقم: 10602.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(12/4488)
حكم كتابة عبارة الفاتحة على روح فلان على ما أوقف للمسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[2- هل إذا تبرعت بشيء للمسجد مثل ثلاجة أو ساعة حائط وكتبت عليها مثلاً \" الفاتحة عن روح المرحوم فلان هل تعتبر بدعه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتبرع بثلاجة أو ساعة للمسجد أمر حسن، سواء كان للشخص نفسه أو عن ميت يريد وصول ثواب ذلك إليه.
وأما عن كتابة عبارة (الفاتحة إلى روح فلان) فإنها لا تنبغي، وذلك حتى يكون العمل بعيدا عن أسباب الرياء، ولكن لا مانع من كتابة عبارة (الدعاء لمن هذا الشيء في ثوابه) ونحو ذلك، وراجع الفتوى رقم: 15970.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1425(12/4489)
وقف المصحف بنية الصدقة الجارية صحيح
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أعطاني ابن عمي "مصحفاً" كصدقة جارية لعمي "رحمه الله"، فهل يعتبر "المصحف" صدقة جارية؟ وكلما قرأت أنا في المصحف "الحرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها والله يضاعف لمن يشاء"، فهل يأخذ عمي نفس الثواب الذي أنا أخذتة؟ مع العلم بأنه لا يصح أن أقرأ القرآن بنية أن أهب الثواب لشخص متوفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في بيان جواز وقف المصحف كصدقة جارية، وأن ذلك جائز عند كثير من أهل العلم، ومنهم الأئمة الأربعة، فنحيل السائل الكريم إليها، وهي في الفتوى رقم: 27442.
وإذا ثبت ذلك فإن قراءتك في هذا المصحف يؤجر عليها الشخص الذي وقف المصحف عليه إن شاء الله تعالى، من غير أن ينقص من أجرك شيء.
قال في تحفة المحتاج: وينفع الميت صدقة عنه، ومنها وقف لمصحف. انتهى.
وأما هل يصح إهداء ثواب قراءة القرآن للميت، فانظر الفتوى رقم: 2288.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1424(12/4490)
لا يلزم الوفاء بما نواه المرء
[السُّؤَالُ]
ـ[دعوت الله في صلاتي لإتمام بيع عقار لي، فكان لي ذلك والحمدلله. بغية شراء منزل ملتصق بالمسجد لتوسعته، ولكن صاحب المنزل عدل عن البيع في آخر لحظة، هل يبقى ذلك المال بذمة المسجد أم هو لي؟
مع العلم بأني لم أنذر ولكني دعوت الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت من أن الحاصل منك إنما هو الدعاء وليس في المسألة نذر ولا عهد ولا يمين، فإن المال مالك، ولا ينتقل إلى ملكية المسجد ما لم تتلفظ بشيء مما سبق، وللمرء أن يرجع عما نواه، لكن الأفضل قطعا هو إمضاء ما نوى، وراجع الفتاوى التالية: 19549، 7375، 29746.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1424(12/4491)
الوقف يلزم بلفظ الكناية إذا صاحبته النية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
قلت لأحدهم إني سأعطيك مصحفا جديداً من عندي تأخذه إلى المسجد، ثم تراجعت عن ذلك، فهل إذا قرأت فيه في البيت أكون آثما ولا يكون لي الأجر على ذلك لأني تراجعت عن إعطائه للمسجد؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان قولك لصاحبك سأعطيك مصحفاً للمسجد هو مجرد وعد، فالوفاء بالوعد مستحب عند جماهير العلماء لعموم، الآيات والأخبار الدالة على الوفاء، وحسن عاقبته.
أما إذا كان قصدك بذلك أنك قد أوقفت هذا المصحف للمسجد بالفعل، فالواجب عليك هو الوفاء بذلك لأن هذ اللفظ كناية، والوقف يلزم بالكناية إذا صاحبتها نية الوقف، قال ابن قدامة في المغني وهو يتكلم على انعقاد الوقف بالكناية مع النية: الثالث أن ينوي الوقف، فيكون على ما نوى، إلا أن النية تجعله وقفاً في الباطن دون الظاهر، لعدم الاطلاع على ما في الضمائر، فإن اعترف بما نواه لزم في الحكم لظهوره، وإن قال: ما أردت الوقف، فالقول قوله، لأنه أعلم بما نوى. انتهى. فدل هذا على أن الوقف يلزم بالتعيين
وقال في الفواكه الدواني -وهو مالكي-: ولا تتوقف صحته على حكم حاكم. انتهى.
وقال أيضاً: فهي قاصرة على ما جعلها المحبِّس عليه بمجرد التلفظ بالصيغة. انتهى.
وقال في مجمع الأنهر -وهو حنفي-: يلزم -يعني الوقف- ويزول ملكه بمجرد قوله: وقفت داري هذه مثلاً، ولا يحتاج إلى القضاء ولا إلى التسليم، عند أبي يوسف، وهو قول الأئمة الثلاثة. انتهى.
وقال في الغرر البهية -وهو شافعي-: والوقف عقد لازم فلا يصح الرجوع عنه، ولا يتوقف على حكم حاكم، ولا على تسليمه إلى الموقوف عليه كالعتق. انتهى، وبناء على هذا فإن الإثم يلحقك إذا حبست ما أوقفت عن أهل استحقاقه، ويجب عليك الوفاء به عاجلاً إذا كان ماصدر منك قد صدر مصحوبا بنية أنه وقف منجز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(12/4492)
الوقف لا يباع ولا يوهب ولا يورث
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
عندي أرض ملك وأريد أن أستبدلها بأرض ملك للأوقاف، هل يجوز لي ذلك أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن الوقف لا يباع ولا يوهب ولا يورث، دل على ذلك حديث عمر رضي الله عنه، وفيه: فتصدق بها عمر أنه لا يباع أصلها ولا يبتاع، ولا يورث ولا يوهب ... ، الحديث، وهو في الصحيحين، وعليه فلا يجوز الإقدام على بيع ولا على شراء ولا استبدال الوقف، ويستثنى من ذلك ما إذا دعت الضرورة لبيع الوقف أو استبداله لعدم صلاحيته لما وقف من أجله، أو للخوف عليه، أو نحو ذلك من المصالح المعتبرة التي تستدعي بيعه أو استبداله.
فحينئذ يجوز لناظره بيعه من أجل المصلحة، ويجوز شراؤه واستبداله، ولمزيد من الفائدة في هذا الموضوع تراجع الفتوى رقم: 28743.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1424(12/4493)
بناء بيت لإمام المسجد من القرب العظيمة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعد التبرع لبناء بيت لإمام المسجد مثل أجر بناء مسجد؟ ولكم مني خالص الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن بناء بيت لإمام المسجد من القرب العظيمة التي يثاب عليها فاعلها، إذا احتسب الأجر من الله وأخلص له النية، أما تسويته ببناء المسجد ذاته فلا تصح لعدم ورود النص بذلك، فالفضل في الأحاديث خاص به، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: من بنى لله مسجداً بنى الله له مثله في الجنة. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وهو صحيح.
لكن إذا كان إمام المسجد هذا فقيراً محتاجاً إلى بيت فإن التبرع ببناء البيت له من الأمور التي يجري على الإنسان أجرها بعد موته، يدل على ذلك ما أخرجه ابن ماجه وغيره وحسنه الألباني من قوله صلى الله عليه وسلم: إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره، وولداً صالحاً تركه، ومصحفاً ورثه أو مسجداً بناه، أو بيتاً لابن السبيل بناه أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته، يلحقه من بعد موته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1424(12/4494)
حكم الانتفاع بغرس مأخوذ من أرض موقوفة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
اشترى والدي غرسا لشجرة المانجو وقام بغرسه في أرضه، وبعد ذلك تبين لنا أن الغرس مأخوذ من أرض موقوفة، ما هو الحكم؟ أفيدونا، علما بأن قيمة الغرس 2500 ريال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز أخذ الشجرة المذكورة ولا غيرها من الوقف إلا بإذن الناظر، ولا يجوز للناظر أن يتصرف إلا بما فيه مصلحة الوقف، وبناء على ذلك فإن كان بائع الغرس حصل عليه بطريق غير شرعي، فالواجب على والدك أن يرد الغرس إلى الجهة المسؤولة عنه إن أمكن، فإن تعذر ذلك رد إليها مثله أو قيمته، لأن ملك الوالد لهذا الغرس لم يثبت، ويعود والدك على من باع له هذا الغرس، فيطالبه بما أخذ منه لأنه ليس من حقه، وللفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28509، 32527، 9660.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1424(12/4495)
حكم بيع المسجد القديم لشراء آخر جديد
[السُّؤَالُ]
ـ[جمعية إسلامية باعت مسجداً قديماً واشترت مسجداً جديداً هل يجوز بيع المسجد؟ وما هي التفاصيل فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم بيع المسجد بشيء من التفصيل، فنحيل السائل إلى الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6639، 15292، 28824.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(12/4496)
مجالات الوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[الوقف في الشريعة الإسلامية، ومجالاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالوقف مصدر وقف، يقال: وقف الإنسان الشيء بمعنى حبسه وأحبسه.
والوقف شرعاً: تحبيس مالك مطلق التصرف ماله المنتفع به، مع بقاء عينه، بقطع تصرفه وغيره في رقبته بنوع من أنواع التصرفات، تحبيساً يُصرف ريعه إلى جهة بر تقرباً إلى الله سبحانه وتعالى، وهو مستحب لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. رواه مسلم.
وأما مجالات الوقف: فيصح وقف كل عين يصح بيعها ويمكن الانتفاع بها انتفاعاً مباحاً مع بقاء عينها، كالعقار والحيوان والسلاح ونحو ذلك.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: أما خالد فقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله. رواه مسلم، وعن أبي هريرة مرفوعاً: من احتبس فرسه في سبيل الله إيماناً واحتساباً، فإن شبعه وروثه وبوله في ميزانه حسنات. رواه البخاري، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 23565.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1424(12/4497)
حكم صيانة منزل وقف من أموال المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في صيانة منزل وقف من أموال المسجد، علما بأن هذه الأموال يتم جمعها من تبرعات المصلين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه التبرعات المذكورة إما أن يكون أصحابها تبرعوا بها لشيء معين، كالفقراء أو لمصلحة مسجدهم خاصة ونحوه مثلاً، فالحكم في هذا أنه يجب التقيد بما تبرع من أجله.
أما إن كان تبرعهم عاماً لأوجه الخير، فلا مانع والحالة هذه من ترميم بيت وقف من هذه التبرعات، لأنه حقيقة يدخل في مصارف الخير، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 2985، والفتوى رقم: 14433.
هذا إذا كان هذا البيت ليس من ملحقات المسجد، أما إن كان من مصالح المسجد كأن كان منزلاً للإمام أو المؤذن، فقد سبق بيان ما يتعلق بذلك في الفتوى رقم: 6313 فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1424(12/4498)
إذا وقف وقفا ولم يخرج من يده حتى مات
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفي وترك منزلاً من ثلاثة طوابق، وجعل في الطابق السفلى غرفة وقف، وقد باع الورثة المنزل ب180 ألف ريال وأخرجوا لغرفة الوقف عشرين ألف ريال، السؤال: كيف يكون تقدير مبلغ الوقف، وهل يجوز أن يأخذ كل وارث نصيبه من العشرين ألفاً، ويتصرف بطريقته، والحالة الآن أن الورثة مختلفون فى تقدير المبلغ وفى من يكون معه المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل الدخول في الجواب عن السؤال نقول للسائل إن مسائل الوقف من الأمور الشائكة التي يتعين الرجوع فيها إلى المحاكم الشرعية، نظراً لما يتعلق بها من الحقوق وبما يكتنفها من الخلفيات الغامضة التي تحتاج إلى التدقيق والتحقيق في جميع ملابساتها، الأمر الذي يجعل الرجوع فيها إلى القضاء أمراً ضرورياً..
أما الجواب عن السؤال فهو: أن هذه الغرفة إما أن تكون قد حيزت من قبل الجهة الموقوفة عليها في حياة الواقف، وإما أن لا تكون قد حيزت حتى مات الواقف وهي تحت يده.
ففي الحالة الأولى وقف الغرفة صحيح، ولا يجوز التصرف فيها ببيع ولا غيره إلا لمصلحة اقتضت ذلك، إذ الأصل أن الوقف لا يجوز بيعه، والمصلحة هنا يحددها ناظر الوقف أو القاضي، وتصرف الورثة فيها بالبيع تصرف في مال الغير.
أما إذا كانت الغرفة لم يحزها من وقفت عليه وظلت تحت يد الواقف حتى مات، ففي هذه الحالة -وهي الحالة الثانية- يجري الخلاف المشهور بين أهل العلم في اشتراط قبض الموقوف قبل حصول المانع وعدم اشتراطه، وقد سئل شيخ الإسلام عن هذا، فأجاب: إذا وقف وقفا، ولم يخرج من يده ففيه قولان مشهوران لأهل العلم: أحدهما: يبطل وهو مذهب مالك والإمام أحمد في إحدى الروايتين، وقول أبي حنيفة وصاحبه محمد.
والثاني: يلزم وهو مذهب الشافعي والإمام أحمد في إحدى الروايتين عن أحمد. والقول الثاني في مذهب أبي حنيفة وقول أبي يوسف. انتهى.
فالمسألة كما ترى فيها بذاتها من الاحتمالات والتعقيد -زيادة على ما في موضوع الوقف من التشابك واختلاف أهل العلم في مسائله- ما لا تفيد فيه فتوى مفتٍ، ولا بد فيها من الرجوع إلى القضاء الشرعي كما قدمنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1424(12/4499)
حكم بناء مدرسة على قطعة أرض موقوفة للمسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
سالتكم عن الوقف والإجابة ليست واضحة السؤال من جديد باختصار: هل يجوز بناء المدرسة على قطعة أرض موقوفة للمسجد بحيث إن الجامع موجود قرب تلك القطعة والناس بحاجة إلى المدرسة لعدم وجود المدرسة في المنطقة؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المسجد لا يحتاج إلى تلك الأرض الموقوفة عليه ولم يكن هناك شرط من الواقف، وكانت المصلحة تقتضي بناء مدرسة عليها، فلا حرج في ذلك، وقد سبق بيان جواز عكس هذه الصورة في الفتوى رقم: 4941.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1424(12/4500)
حكم الماء إذا دخل المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[في الجزائر يكثر الطلب على الماء الصالح للشرب في فصل الصيف، ويلجأ كثير من الناس إلى أخذه من المساجد، مع العلم بأن الماء توفره الدولة، وهناك مقولة بأن الماء إذا دخل المسجد فهو وقف لله تعالى، ما صحة هذه المقولة، وما حكم الشرع في أخذه من المساجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقول بأن الماء إذا دخل المسجد فهو وقف لله تعالى غير صحيح بإطلاق، بل فيه تفصيل يعلم من الفتوى رقم: 35395، والفتوى رقم: 35651.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1424(12/4501)
تعريف الرشد وماهيته
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو تعريف "الأرشد" لنظارة الوقف إذا كان الواقف اشترط النظارة للأرشد من أولاده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلفت تعريفات الرشد، فقيل إنه التهدي إلى وجوه الخير، وقيل الصلاح في العقل والحفظ للمال، وقيل الصلاح في الدين، قال في التحرير والتنوير: فإن الرشد في المال ليس هو الرشد في سياسة الأمة، وفي الدعوة إلى الحق، قال الله تعالى: وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ [هود:97] .
وقال عن قوم شعيب: إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ [هود:87] .
وماهية الرشد هي انتظام الفكر وصدور الأفعال على نحوه بانتظام. 3/243.
وبناء على ذلك يكون الأرشد هو الأصلح عقلاً ودينا والأحفظ للمال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1424(12/4502)
شرط الواقف كنص الشارع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحاول أن أقوم بعمل الخير في المسجد المجاور بإصلاح بعض الأشياء البسيطة مثل اللمبة والمروحة وما شابه ذلك.
أحد الإخوة من أهل الخير أعطاني مبلغا لصالح هذا المسجد وأفعل به ما أشاء في هذا المسجد. هل يجوز لي الصرف على مسجد آخر غير المخصص له المبلغ؟ مع العلم بأنني أوسوس أحيانا من الأمانات.
أرجو الإفادة وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المال الذي يعطى لصالح المسجد يعتبر وقفًا، ويجب أن يراعى في صرفه شرط الواقف؛ للقاعدة الفقهية: شرط الواقف كنص الشارع. يعني أنه مثله في وجوب العمل به ومنع مخالفته. وقال خليل المالكي في مختصره: واتبع شرط الواقف إن جاز.
وقال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الكبرى: إن شرط الواقف يراعى، بحيث إذا حدد طريقة صرف الوقف فإن ذلك يعتبر.
وبناء عليه فإن عليك أن تحرص على صرف هذا المبلغ في مصالح المسجد المعين له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424(12/4503)
حكم الوقف على الذكور دون الإناث أو العكس
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن التحبيس، هل هو جائز شرعاً أم لا، وكيف يتم التصرف في التركة بعد وفاة المرحوم الذي قام بالتحبيس؟ علماً بأن التحبيس قد تم منذ عدة سنين وقام الآباء الجدد بالمشي على نفس الشيء، أي أنهم تمشوا مع وصية الجد الأكبر الذي قام بالتحبيس، علماً بأن الشيء المحبس هو قطعة أرض، والتحبيس على الذكور دون الإناث جيلاً بعد جيل، وإن انقطع الذكور من العائلة الأصلية تعود الميراث إلى أبناء عم العائلة من الذكور من أبناء عمومتهم.... أفيدونا جزاكم الله خيراًًًًًًًًً الرجاء في أسرع وقت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتحبيس هو الوقف، والمراد تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة أوالغلة، وهو قربة نافعة، وصدقة جارية، يستمر أجرها بعد وفاة المتصدق. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. رواه مسلم.
وروى ابن ماجه أن النبي صَلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ: إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بَعْد موته، علما علمه ونشره، وولدا صالحا تركه. ومصحفا ورثه، أو مسجدا بناه أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله فِي صحته وحياته. يلحقه بَعْد موته.
ويجب العمل بشرط الواقف ولا تجوز مخالفته، ومن ذلك لو وقف مالاً على الذكور من ذريته دون الإناث، وإن كان الأولى ألا يحرم الإناث.
قال ابن قدامة في المغني: والمستحب أن يقسم الوقف على أولاده على حسب قسمة الله تعالى الميراث بينهم، للذكر مثل حظ الأنثيين.
إلى أن قال: فإن خالف فسوّى بين الذكر والأنثى، أو فضلها عليه، أو فضل بعض البنين أو بعض البنات على بعض، أو خص بعضهم بالوقف دون بعض. فقال أحمد في رواية محمد بن الحكم: إن كان على طريق الأثرة فأكرهه، وإن كان على أن بعضهم له عيال وبه حاجة يعني فلا بأس به. ووجه ذلك أن الزبير خص المردودة من بناته دون المستغنية منهن بصدقته، وعلى قياس قول أحمد، لو خص المشتغلين بالعلم من أولاده بوقفه، تحريضًا لهم على طلب العلم، أو ذا الدين دون الفساق، أو المريض أو من له فضل من أجل فضلية فلا بأس. وقد دل على صحة هذا أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه نحل عائشة رضي الله عنها جذاذ عشرين وسقًا دون سائر ولده، وحديث عمر أنه كتب: بِسْمِ الله الرّحْمَنِ الرّحِيمِ، هَذَا مَا أوْصَى بِهِ عَبْدُ الله أمِيرُ المُؤْمِنِينَ، إنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ أنّ ثَمْغاً وَصِرْمَةَ بنَ الأكْوَعِ وَالْعَبْدَ الّذِي فِيهِ وَالمِائَة سَهْمٍ التي بخَيْبَرَ وَرَقِيقَهُ الّذِي فِيهِ وَالمِائَة الذي أطْعَمَهُ مُحَمّدٌ صلى الله عليه وسلم بالْوَادِي تَليهِ حَفْصَةُ ما عَاشَتْ، ثُمّ يَلِيهِ ذُو الرّأْيِ مِنْ أهْلِهَا أنْ لاَ يُبَاعَ وَلاَ يُشْتَرَى يُنْفِقُهُ حَيْثُ رَأى مِنَ السّائِلِ وَالمَحْرُومِ وَذِي الْقُرْبَى وَلاَ حَرَجَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ إنْ أكَلَ أوْ آكَلَ أو اشْتَرَى رَقيقاً مِنْهُ. رواه أبو داود. وفيه دليل على تخصيص حفصة دون إخوتها وأخواتها. انتهى من المغني.
والحاصل أن الوقف المسؤول عنه صحيح، وأنه يجب التقيد بشرط الواقف، فإن انقطع الذكور من العائلة الأصلية، انتقل الوقف إلى أبناء عم العائلة من الذكور، لما ذكر الواقف. وإن أشكل عليكم شيء من ذلك فينبغي مراجعة المحكمة الشرعية عندكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(12/4504)
حكم نقل ماء المسجد للشرب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد عبد الله ورسوله وخاتم الأنبياء والمرسلين أما بعد:
سؤالي هو: ما حكم تعبئة زجاجة ماء بارد من ثلاجة المسجد لشربه خارج المسجد؟ علماً بأن أحد الإخوة قال لي إن هذا حكمه مكروه تحريما لكون الماء والثلاجة يعتبران وقفاً للمسجد وهل نمنع من يريد تعبئة الزجاجة بالماء البارد؟
أفيدونا جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمساجد الأوقاف التابعة للدولة، أو المساجد التي على طرق المسافرين ونحوها جرت العادة بالمسامحة في تزود المارّة من مائها من غير إسراف أو إضرار، وجريان العادة بذلك في بلدٍ دون نهي المسبِّل منزّل منزلة رضاه.
قال الجاوي الشافعي في "نهاية الزين": ولا يجوز نقل الماء المسبِّل للشرب من محلّه إلى محلّ آخر، كأن يأخذه للشرب في بيته مثلاً، إلا إذا عُلم أو قامت قرينة على أن مسبِّله يسمح بذلك. فإن شك حكّم العرف والقرينة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1424(12/4505)
حكم نقل مياه الشرب من المسجد إلى غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في التجار الذين يوجدون بالقرب من المسجد بأن يأخذوا الماء البارد في قارورة في فصل الصيف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن نقل المياه المعدة للشرب من المسجد إلى غيره من الأماكن يرجع فيه إلى أصل نية الواقف، فإن كان علم منه الإذن بذلك كما جرت العادة في كثير من بلاد المسلمين، فلا حرج، وإن لم يعلم منه إذن ولم تجر بذلك عادة، فلا يجوز.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 32666 والفتوى رقم: 29450.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(12/4506)
هل يجوز بيع المسجد للمصلحة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان هناك مسجد أو مجموعة من المساجد الصغيرة، هل يجوز بيع الأرض المقامة عليها هذه المساجد وشراء قطعة أرض أكبر لبناء مسجد أكبر؟ وذلك حرصا على تجمع المسلمين.
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 28824 والفتوى رقم: 6658 أن الراجح من أقوال العلماء جواز بيع المسجد إذا تعطلت مصالحه، أو كانت في شراء مكانٍ آخر بقيمته ليكون مسجدًا مصلحة راجحة.
وعليه فإذا تعطلت مصالح هذه المساجد الصغيرة، أو كان في بيعها وشراء أرض كبيرة بقيمتها ليقام عليها مسجد كبير، إذا كانت في ذلك مصلحة راجحة فإنه يجوز ذلك، والذي يقدر المصلحة الراجحة هم أهل العلم والعقل في المنطقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1424(12/4507)
حكم بيع المصاحف التي توزع
[السُّؤَالُ]
ـ[نص السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة على أشرف المرسلين، وبعد: أنا أسكن في ألمانيا ولدينا مسجد ولله الحمد، هذا المسجد له مكتبة تابعة لبيع الكتب، وعائدات هذه الكتب يوضع في صندوق المسجد لسد حاجياته، المسؤول عن هذه المكتبة يأخذ نسخا من القرآن الكريم التي تعطى مجانا في إحدى السفارات الإسلامية ويبيعها بدعوى الاستفادة منها لمصاريف وحاجيات المسجد، هل هذا عمل ليس فيه شيء أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المصاحف التي توزع إذا كانت توزع على أنها وقف على المسجد يقرأ فيها، فلا يجوز أن تباع، لنص الفقهاء على وجوب اتباع شرط الواقف إن جاز؛ كما نص عليه خليل وشروحه. وراجع في هذا الفتوى رقم: 6609.
وإن كانت مساعدة للمكتبة التجارية التابعة للمسجد ولم يشترط موزعوها فيها شرطًا فلا حرج في بيعها عند الجمهور كما في الفتوى رقم: 17751.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1424(12/4508)
حكم تغيير شرط الواقف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاستفادة مما يجمع للمساجد من تبرعات بطعام وشراب ودفع أجرة نقل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن المتبرعين لصالح المساجد إذا كانوا يقصدون أن تصرف هذه المبالغ في مصالح المساجد فقط، فينبغي الاقتصار على ذلك، ولا يجوز صرفها في غيرها، هذا هو الذي عليه بعض أهل العلم كالمالكية والشافعية وغيرهم. قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الكبرى: إن قصد الواقف يراعى بحيث إذا حدد طريقة صرف الوقف فإن ذلك يعتبر، أو عرف مقصده بأن جرت العادة في زمنه بأشياء مخصوصة، فينزل عليها لفظ الواقف. اهـ وبعض العلماء يرى أن الوقف يجوز أن يصرف في ما هو أكثر مصلحة ولو خالف شرط الواقف. قال مصطفى الرحيباني الحنبلي في مطالب النهى في شرح غاية المنتهى: قال الشيخ تقي الدين: يجوز تغيير شرط واقف لما هو أصلح منه، فلو وقف على فقهاء أو صوفية واحتيج للجهاد صرف للجند. اهـ ولعل هذا المذهب الأخير هو الراجح -إن شاء الله- لموافقته لغرض الواقف؛ لأنه إنما يقصد كثرة الثواب، فكلما عظمت المصلحة كان ذلك أقرب إلى قصده. تنبيه: المراد بالصوفية هنا الزهاد الملتزمون بضوابط الشرع. وراجع الفتوى رقم: 322. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1424(12/4509)
لا بأس من ذكر اسم الواقف على المصحف
[السُّؤَالُ]
ـ[لو وضعت مصاحف في مسجد باسمي وباسم زوجي وأمي وأبي كصدقه جارية فهل هذا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وقف المصاحف من الأعمال المستحبة التي لا ينقطع ثواب أجرها عن الإنسان، وقد مضى بيان ذلك في الفتوى رقم: 8042، والفتوى رقم: 27442.
وعليه، فلا حرج على السائل أن يوقف مصاحف باسمه أو باسم من ذكر، لينالوا الأجر عند الله تعالى بهذا الفعل الطيب العظيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1424(12/4510)
حكم أخذ المصحف من المسجد للقراءة فيه في البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل يجوز أخذ مصحف من المسجد والاحتفاظ به في البيت بغرض القراءة فيه؟
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز أخذ مصحف في المسجد إلى البيت للقراءة فيه إذا كانت المصاحف التي فيه موقوفة عليه، لأن في إخراجها اختصاصا بما هو عام للمسلمين ومخالفة لشرط الواقف.
أما إذا كانت موقوفة على أهل الحي ومقرها المسجد، فلا حرج على من قرأ فيها في المسجد أو أخذ ما يحتاجه إلى بيته، إلا أن عليه إذا استغنى عما أخذه أن يعيده إلى المسجد لينتفع به غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(12/4511)
حكم استخدام النعال التي على أبواب المساجد في الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يقوم باستخدام النعال الخاصة بالوضوء أكرمكم الله من على باب المساجد وذلك للوضوء بها بنية اكتساب صاحبه أجراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه النعال التي على أبواب المساجد هي وقف من أصحابها على كل من يستخدمها، والوقف هو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة طلباً للثواب من الله عز وجل، وقد رغب الشارع فيه لمن وسع الله عليهم من ذوي الغنى واليسار.
وهو من القُرَب التي لا ينقطع ثوابها بعد الموت، روى أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له. أخرجه الإمام مسلم والترمذي والنسائي وأبو داود وأحمد والدارمي.
وبذا تعلم أن الأجر حاصل -إن شاء الله- لصاحب هذ النعال، سواء قصده من يقوم باستخدامها أو لم يقصده، هذا إذا كان تركها بنية الصدقة.
وأما إذا كنت تعني النعال التي هي ملك لبعض المصلين وليست مما هو موقوف، فإنه لا يحل أخذها إلا بإذن من صاحبها لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1424(12/4512)
حكم استخدام أدوات المسجد في غير ما أوقفت له
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قولكم في أغراض المساجد هل يحق للشخص استخدامها لنفسه وذلك كالمطرقة؟ وهل يحق لمن يبيت في المسجد أن يستفيد من نفط المسجد لطهو الطعام وللتدفئة ليلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز استخدام أدوات المسجد في غير ما تم الوقف له، إلا بإذن الواقف أو ما جرت به عادة البلد، لأن جريان العادة بذلك دون نهي الواقف منزل منزلة رضاه، فإن كان لإمام المسجد مرتب فلا يجوز له من الانتفاع إلا ما جرت به العادة في حق عامة الناس، وإن لم يكن له مرتب فله الانتفاع بقدر أجرة مثله، وهذا هو خلاصة كلام العلماء في هذا الباب، وإليك بعض أقوالهم للفائدة.
قال العبادي الحنفي في الجوهرة: ولو وقف على دهن السراج للمسجد لا يجوز وضعه لجميع الليل، بل بقدر حاجة المصلين، ويجوز إلى ثلث الليل أو نصفه إذا احتيج إليه للصلاة فيه، وهل يجوز أن يدرس الكتاب على سراج المسجد؟ ينظر، إن كان وضع لأجل الصلاة فلا بأس بذلك إلى أن يفرغوا من الصلاة.
وقال ابن نجيم في البحر الرائق: السادسة في بيان من يقدم مع العمارة وهو المسمى في زماننا بالشعائر ولم أره إلا في الحاوي القدسي، قال: والذي يُبتدأ به من ارتفاع الوقف عمارته شرط الواقف أولا ثم ما هو أقرب إلى العمارة وأعم للمصلحة كالإمام للمسجد والمدرس للمدرسة يصرف إليهم إلى قدر كفايتهم، ثم السراج والبساط كذلك إلى آخر المصالح.
وقال ابن نجيم أيضاً: وفي الإسعاف وليس لمتولي المسجد أن يحمل سراج المسجد إلى بيته، ولا بأس بأن يترك سراج المسجد فيه من المغرب إلى وقت العشاء، ولا يجوز أن يترك فيه كل الليل إلا في موضع جرت العادة فيه كمسجد بيت المقدس، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والمسجد الحرام أو شرط الواقف تركه فيه كل الليل، كما جرت العادة به في زماننا، ويجوز الدرس بسراج المسجد إن كان موضوعاً فيه لا للصلاة بأن فرغ القوم من الصلاة وذهبوا إلى بيوتهم وبقي السراج فيه، قالوا لا بأس بأن يدرس بنوره إلى ثلث الليل، لأنهم لو أخروا الصلاة إلى ثلث الليل لا بأس به، فلا يبطل حقه بتعجيلهم، وفي ما زاد عن الثلث ليس لهم تأخيرها فلا يكون لهم حق الدرس.
وفي الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر المكي الشافعي: أنه سئل عما إذا جدد مسجداً بآلات جدد، فهل يجوز صرف ما بقي من آلاته القديمة في عمارة مسجد آخر قديم محتاج للعمارة أو لا ... وهل يجوز استعمال حصر المسجد وفراشه لحاجات كحاجة العرس وكعرض شيء كالكتب على الشمس إذا لم يكن منه بد أم لا؟
فأجاب بقوله: لا يجوز صرف تلك الآلات التي قد يحتاج إليها مسجدها في عمارة مسجد آخر ولا يبيعها، بل يجب على الناظر حفظها لحاجات المسجد، ولو نذر أن يعمر مسجداً معيناً أو في موضع معين لم يجز له أن يعمر غيره بدلاً عنه، هذا إذا تلفظ بالنذر، فإن قصد ذلك لم يلزمه بمجرد القصد شيء، ولا يجوز استعمال حصر المسجد ولا فراشه في غير فرشه مطلقاً، سواء أكان لحاجة أم لا واستعمالها في الأعراس من أقبح المنكرات التي يجب على كل أحد إنكارها، وقد شدد العلماء النكير على من يفرشها بالأعراس والأفراح، وقالوا: يحرم فرشها ولو في مسجد آخر، والله سبحانه وتعالى أعلم.
فقوله: (التي قد يحتاج إليها) مفهومه أنه إن علم عدم الحاجة إليها جاز صرفها لمسجد آخر.
وقد نص العلماء على أن الماء المسبّل للشرب يقينا أو ظناً ولو بحسب العرف كالسقايات التي على الطرق لا يجوز الوضوء به بخلاف السبيل لعموم الانتفاع، فيجوز الوضوء به وغسل الملابس ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1424(12/4513)
حكم الاقتراض من أموال الوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أخ فاضل يصلي ويؤذن في الجامع ويجمع تبرعات من أهل الخير لتزيين الجامع، ولكن يصرف منها ويقول إنه سيدفعها فيما بعد ولكنه يحسبها بالقرش حتى يدفعها، فما حكم الدين على هذا الرجل الصالح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لهذا الرجل أن يستدين من مال الوقف لنفسه، وعليه أن يتوب مما مضى، ويعيده إلى المسجد، ولا يرجع إلى ذلك مرة أخرى. قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: فرع: ليس للناظر أخذ شيء من مال الوقف على وجه الضمان، فإن فعل ضمنه، ولا يجوز له إدخال ما ضمنه فيه أي في مال الوقف، إذ ليس له استيفاؤه من نفسه لغيره (وإقراضه إياه) أي مال الوقف، (كإقراض مال الصبي) . انتهى.
وقال في شرح البهجة: ولا يجوز أن يأخذ من مال الوقف شيئا على أن يضمنه، فإن فعل ضمنه، وإقراض مال الوقف كإقراض مال الصبي. انتهى.
بل إن الفقهاء قد ذكروا أن ناظر الوقف لا يجوز له أن يبيع أو يؤجر من نفسه أو والده أو ولده، لاحتمال دخول المحاباة، لكننا ننبه إلى أنه يجوز لناظر الوقف أن يأخذ من أموال الوقف أجرة المثل بالمعروف. وراجع الفتوى رقم: 29450.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1424(12/4514)
لا يجوز إخراج المصحف من المسجد الحرام أو غيره للقراءة فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أخذ مصحف من المسجد الحرام بقصد القراءة فيه في بلدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يحل لأحد أخذ مصحف موقوف على المسجد الحرام أو على غيره من المساجد ليقرأ فيه في البيت لأأن واقفه حبس الانتفاع به في المسجد فقط فإخراجه منه مخالف لشرط الواقف الذي يجب الوقوف عنده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1424(12/4515)
هل يجوز إعطاء المصحف المتبرع به للمسجد لشخص ما
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا: أنا مسؤول مسجد
هل يجوز لي أن أعطي بعض الإخوة بعض المصاحف المتبرع بها للمسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه المصاحف موقوفة على هذا المسجد فلا يجوز إعطاؤها لأي شخص آخر، لأنها ملك لذلك المسجد فلا يجوز صرفها لغيره، إلا إذا كان هناك فائض كبير من المصاحف لا يحتاجه مرتادو المسجد وإن كثروا، وكان هناك من يحتاج لبعض تلك المصاحف فلا حرج إن شاء الله في إعطائه ما يحتاجه تحقيقاً للمصلحة التي من أجلها طبعت المصاحف أصلاً.
وإن أمكن أن يكون ذلك على سبيل العارية لتسترجع متى احتاج إليها رواد المسجد فلا شك أن ذلك واجب، وراجع الفتوى رقم:
3858.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(12/4516)
ما يباح لإمام المسجد الانتفاع به من مائه وأوراقه وما إلى ذلك.
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي حدود ما يجوز للإمام أن يستعمله من حاجات المسجد له ولأهله من مياه وكاسات وأقلام وأوراق وحاجات قديمة لا يحتاجها المسجد وقد ترمى أحيانا في القمامة وهي أشياء عامة والمسجد تجمع له تبرعات من الإخوة في امريكا ولإمامه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان إمام المسجد هو القائم بإصلاحه ونظافته وتوسعته وتهيئته ونحو ذلك فإنه يعتبر ناظراً على هذا الوقف فله الانتفاع بمائه وأوراقه ونحو ذلك بالمعروف لأن النبي صلى الله عليه وسلم أباح لناظر الوقف أن ينتفع منه بشرط الا يتمول منه أي يجمع منه رأس مال له، ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أصاب عمر أرضاً بخيبر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر لم أحب مالاً قط هو أنفس عندي منها فما تأمرني به، قال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، قال فتصدق بها عمر، إنه لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يورث ولا يوهب، قال: فتصدق عمر في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقاً غير متأثل مالاً. وفي رواية: غير متمول. أي غير مدخرٍ ولا جامع رأس مال لنفسه من هذا الوقف.
وأما إذا كان إمام المسجد ليس ناظراً فإنه يصير كغيره من الناس له الانتفاع بما أباح الواقف الانتفاع به لعامة المصلين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1423(12/4517)
(شرط الواقف كنص الشارع) .
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد وقف ينص على أن أولاد الذكور يأخذون وأولاد البطون لا يأخذون مع العلم أن الجميع بعض المستفيدين من الوقف يسكنون فيه السؤال هو: هل يجوز السكن للمستفيدين منه في الوقف؟ وكيف يمكن تقسيم عائد الوقف على المستفيدين مع العلم أن المستفيدين هم ثلاث بنات متزوجات وولد واحد متزوج ولديه أربعة أطفال بنتً وثلاثة أولاد فكيف يمكن تقسيم عائد الوقف عليهم أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنحن لا نستطيع إن نجيب جواباً كافياً على هذا السؤال فإننا لم نقف على نص ألفاظ الواقف ولا شروطه ولكننا نجيب إجابة عامة، وهي أن الواقف إذا اشترط أن ينتفع بهذا الوقف أولاد أولاده الذكور دون الإناث، فإنه لا يجوز مخالفة هذا الشرط، لإن للواقف الحق أن يقف على من يشاء ويترك من يشاء، وإن كان يكره له ديانة أن يحرم الإناث، ويخص بوقفه الذكور، لما في ذلك من إحياء للنزعة الجاهلية في تفضيل الذكور على الإناث، والذي يحكم شروط الوقف هي القاعدة الفقهية المعروفة (شرط الواقف كنص الشارع) ومقصودها أن شرط الواقف يعامل معاملة نص الشارع من وجوب العمل به وعدم جواز مخالفته وفي طريقة فهم المراد منه.
هذا وإذا لم ينص في الوقف المذكور على المفاضلة بين المستفيدين منه فإن الغلة تقسم بينهم بالتساوي دون تمييز بين ذكر أو أنثى إذ لا مرجح، وننصح بالرجوع إلى المحاكم الشرعية وعرض نص الوقف عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1423(12/4518)
لا بأس باستبدال أرض موقوفة للغرض نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز استبدال أرض وقف تابعه لمسجد لكنها في منطقه ليست بجانب المسجد مع أرض أخرى تابعه لرجل من نفس القرية قريبة من المسجد وتصلح للمسجد؟
وهل يجوز استبدال الأرض مع الرجل بنفس المساحة 200 متر مربع وهل يجوز استبدال بأكثر من مساحة الوقف إذا طلب الرجل صاحب الأرض ذلك ب 400 أو 500 متر علما بأن المسجد مضطر للاستبدال لغرض معين للمسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ذلك كله جائز والحمد لله، بل الأولى بيع الأرض البعيدة وشراء القريبة لحاجة الناس وتوسيع المسجد ونحو ذلك، وعلى أي شيء تم التراضي فلا بأس به سواء استبدلت بمثلها أو بأكثر من المثل.
قال الإمام ابن قدامة في المغني 5/370: وظاهر كلام الخرقي أن الوقف إذا بيع، فأي شيء اشتري بثمنه مما يرد على أهل الوقف جاز، سواء كان من جنسه، أو من غير جنسه؛ لأن المقصود المنفعة لا الجنس، لكن تكون المنفعة مصروفة إلى المصلحة التي كانت الأولى تصرف فيها؛ لأنه لا يجوز تغيير المصرف مع إمكان المحافظة عليه، كما لا يجوز تغيير الوقف بالبيع مع إمكان الانتفاع به. انتهى
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى 4/156: من أصول الاشتراء ببدل الوقف إذا تعطل نفع الوقف، فإنه يباع ويشترى بثمنه ما يقوم مقامه في مذهب أحمد وغيره. إلى أن قال: وقد جوز أحمد بن حنبل إبدال مسجد بمسجد آخر للمصلحة، كما جوز تغييره للمصلحة، واحتج بأن عمر بن الخطاب أبدل مسجد الكوفة القديم بمسجد آخر، وصار المسجد الأول سوقاً للتمَّارين، وجوز أحمد إذا خرب المكان أن ينقل المسجد إلى قرية أخرى، بل ويجوز في أظهر الروايتين عنه أن يباع ذلك المسجد ويعمر بثمنه مسجد آخر في قرية أخرى إذا لم يحتج إليه في القرية الأولى. انتهى
ولو دعي صاحب الأرض إلى التبرع بها واحتساب أجرها عند الله تعالى، ورغب في ذلك لكان أعظم لثوابه إبقاء للوقف الأصلي على ما وُقف له.
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم:
6609.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(12/4519)
لا بد للاستفادة من الوقف من إذن ناظره
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قطف ثمار الأشجار من أرض وقف لله تعالى تستخدم مقبرة لموتى المسلمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الوقف لابد له من ناظر يتولى ما يصلحه وينميه، وناظر الوقف أو متولي الوقف هو: من يتولى القيام بشؤون الوقف وحفظه وعمارته وتنفيذ شرط الواقف، ولا يتصرف إلا بما فيه مصلحة الوقف.
والناظر قد يكون شخصاً معروفاً، وقد يكون شخصاً اعتبارياًّ كالجمعيات الخيرية ونحوها، ولا يجوز لأحدٍ الاستفادة من هذا الوقف إلا بإذن ناظره، والناظر لا يحل له أن يتصرف في الوقف إلا بما يزيده خيراً.
وبناء على هذا، فلا يجوز لأحد أن يأخذ من ثمار هذه المقبرة إلا بإذن من الناظر صراحة بأن يقول -مثلاً-: من أراد الأخذ من هذه الثمار فليأخذ. أو يدل العرف على عدم المنع من ذلك، كأن يعتاد الناس على الأخذ من هذه الثمار دون نكير من ناظر الوقف وهو يعلم.
وراجع الفتوى رقم:
23413 - والفتوى رقم: 7255.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1423(12/4520)
حكم من غصب أرضا موقوفة وبنى عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل بنى بيتا فوق أرض خصصت وقفا للدفن منذ أمد بعيد فهل يتوجب عليه أن يهدم البيت؟ أو يتبرع بثمن الأرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن غصب الحقوق يعد من عظائم الذنوب، فكيف إذا كان المغصوب وقفاً!! فلا شك أن الذنب يكون حينئذ أعظم، وعلى من وقع في ذلك أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً.
وقد اختلف العلماء فيما إذا بنى الشخص أو غرس في أرض مغصوبة هل يهدم البناء ويقلع الغرس أم لا؟
فقال الشافعية والحنابلة: يهدم ويقلع وعليه أجرة المثل وأرش النقص.
وقال المالكية: إن شاء المالك طلب الهدم وعلى الغاصب الهدم والتسوية، وإن شاء دفع للغاصب قيمة البناء والغراس منقوضاً لا قائماً.
وقال الحنفية: إن كانت قيمة الأرض أكثر من قيمة البناء أو الغراس فيهدم، وإن كان العكس فلا يهدم ويأخذ القيمة.
وقال بعض الحنفية: بل يأخذ المالك القيمة بكل حال.
ولكل المذاهب تفاصيل كثيرة في ذلك تراجع في مظانها.
وبما أن الأرض المغصوبة في مسألتنا وقف فإن الذي نرجحه هنا -والله أعلم- هو أن يغرم الغاصب أرضاً مثلها أو أحسن منها لما وقفت له؛ إلا إذا علم أن الواقف له غرض من تعيين هذه الأرض، ولا يوجد هذا الغرض في الأرض البديلة ولو كانت أحسن منها، وذلك امتثالاً لتعيين الواقف، لكن إذا رضي ناظر الوقف بذلك جاز بشرط أن تتحقق نفس المصلحة التي رجاها الواقف، قال في البحر الرائق -حنفي-: أرض الوقف إذا غصبها غاصب وأجرى عليها الماء حتى صارت بحراً لا تصلح للزراعة يضمن قيمتها ويشتري بقيمتها أرضاً أخرى، فتكون الثانية وقفاً على وجه الأولى. انتهى
وراجع الفتوى رقم: 25791.
والله أعلم.
... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/4521)
حكم بيع أملاك المسجد لمصلحة المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[في قريتنا اضطر السكان إلى تجديد المسجد وعند بداية المسجد الجديد لم يجدوا في أيديهم ما يكفيهم للتكملة وما تفضل به المحسنون لم يكف كذلك ففكروا في بيع بعض أملاك المسجد القديم، فما حكم هذا البيع وما حكم شراء هذه الأملاك علما أنها كلها إما أراضي أو أشجار؟ وجزاكم الله عنا كل خير....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا لم يجد أهل القرية ما يكفي لإتمام المسجد، فلا حرج عليهم في بيع ما ذكرت من أملاك المسجد القديم، وجعلها في المسجد الجديد، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 6658 -
6609 -
11657.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1423(12/4522)
وقف المصاحف
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديق يعمل في وزارة الأوقاف وكانوا يوزعون عليه القرآن مجاناً لأنه يعمل في الوزارة فأعطاني مصحفاً فهل يجوز أن أتبرع بهذا المصحف كصدقة جارية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا حصلت على هذه النسخة بطريق مشروع، كالهبة أو الهدية ونحوهما، فلا مانع من وقفه على شخص معين أوعلى مجموعة أشخاص، أو على القراءة فيه في مسجد معين أو مطلقاً.
وليُعلم أن وقف المصاحف جائز في الجملة عند جمع كبير من الفقهاء، منهم أهل المذاهب الأربعة وغيرهم، قاله ابن مفلح في الفروع: وفي الوسيلة: يصح وقف المصحف رواية واحدة. انتهى.
وقال في فتح القدير: وفي الخلاصة إذا وقف مصحفاً على أهل المسجد لقراءة القرآن إن كانوا يحصون جاز، وإن وقف على المسجد جاز، ويُقرأ في ذلك المسجد وفي موضع آخر، ولا يكون مقصوراً على هذا المسجد. انتهى
وقال في تحفة المحتاج: وينفع الميت صدقة عنه ومنها وقف لمصحف. انتهى
ودل كلام المالكية كذلك على جواز وقف المصحف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1423(12/4523)
معنى الوقف وفائدته ومدى الحاجة إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الوقف الخيري؟؟ ما هو تعريفه وما الهدف من عمله وما الحاجة إليه؟؟ ما هو الفرق بين الوقف الخيري والصدقة الجارية؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالوقف هو: تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة.
وللوقف فوائد كثيرة ومنها:
-وصول الثواب إلى المرء بعد موته باستمرار وجود الوقف.
-انتفاع المسلمين بهذا الوقف، وذلك حسب الجهة الموقوف عليها، فقد يكون وقفاً للمجاهدين، وقد يكون وقفاً للعلماء طلبة العلم، وقد يكون وقفاً على الفقراء والمساكين، وقد يكون وقفاً على المساجد.....
والحاجة إليه ماسة، وخصوصاً في هذه الأزمان التي صارت فيها الدول لا تعطي هذه الجهات حقها من بيت المال.
والصدقة الجارية هي الوقف، فلا فرق بينهما.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها:
17423
10668
12366
10427.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1423(12/4524)
حكم اتخاذ المسجد المهجور كمركز لتحفيظ القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
يوجد جامع قديم ومهجور كان يصلي فية منذ سنين طويلة ثم أصبح مهجوراً، وبعد ذلك استخدم هذا الجامع القديم كمركز لتحفيظ القرآن الكريم وأنا إحدى طالبات هذا المركز، ولكن هل يعامل معاملة مركز تحفيظ للقرآن أم جامع
من حيث دخول الحائض ... إلخ وصلاة تحية المسجد؟ فاذا كان لا يجوز أن يكون مركز تحفيظ لأنه كان جامعاً في السابق أرجو الإجابة السريعة حتي نعلم يمكن أن نستمر في هذا المكان كنساء أم ننتقل إلى مكان آخر؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن المساجد لا يجوز تحويلها عما بنيت له، ولا يجوز لمن تبرع بها الرجوع فيها ولا هدمها، لأنها وقف لله تعالى، وهذا مذهب جماهير أهل العلم، لكن إذا دعت مصلحة إلى تغيير المسجد إلى شيء آخر نافع فلا مانع من ذلك، كأن يهجر المسجد وتتعطل منافعه أو يضيق على أهله أو غير ذلك مما يراه أهل الشأن من المصالح المعتبرة، وقد مضى بيان ذلك واضحاً في الفتوى رقم:
6313، والفتوى رقم:
6658.
وبناء على ذلك فلا مانع من اتخاذ هذا المسجد المهجور داراً لتحفيظ القرآن الكريم، ولا يعتبر له بعد ذلك حكم المسجد من حيث أحكام الجنابة والحيض والنفاس وركعتي تحية المسجد وغير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1423(12/4525)
لا يجوز أخذ شيء من الأرض الموقوفة إلا بإذن
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الكرام جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الرائع وسؤالي هو:
ما حكم أخذ الحطب من أشجار مقلوعة أصلا والأرض التي يوجد فيها هذا الحطب موقوفة (مع العلم أن هناك من يقول أنها موقوفة على الأيتام، وهناك من يقول أنها موقوفة بشكل عام؟ وجزاكم الله خيراً وبورك فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لك أخذ الحطب من هذه الأشجار إلا بإذن الناظر على هذا الوقف، ولا يجوز للناظر على الوقف أن يأذن لأحد في الاستفادة مما هو داخل ضمن الوقف إلا بما هو الأصلح للوقف يستوي في ذلك أن تكون الأرض موقوفة على أيتام، وأن تكون موقوفة على غيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1423(12/4526)
التملك الشخصي للمصاحف الموقوفة على جهة لا يسوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز سحب القرآن من المسجد علماً بأن المسجد قليل المصلين وكثير المصاحف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه المصاحف قد صارت وقفاً على هذا المسجد فلا يجوز لأحد أن يأخذها منه لنفسه أو لغيره، ولكن لا بأس بتحويلها أو بعضها إلى مسجد آخر بشرط أن يكون بقاؤها في هذا المسجد بغير فائدة، وبشرط أن يستفاد منها في المسجد المنقولة إليه.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 3858 6609 11657 14433
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1423(12/4527)
مسألة في الوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يملك عمارة تجارية وقبل وفاته أوصى بأن تكون هذه العمارة وقفا. إذا توفي أحد الورثة هل يستفيد أبناؤه من الوقف على الرغم من وجود بقية الورثة على قيد الحياة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا الشخص قد أوقف عمارته في حياته على أولاده المباشرين دون غيرهم وخلى بينهم وبين ما أوقفه عليهم فهو وقف صحيح، وإن شرط ألا ينتفع بالوقف أحد من أولادهم إلا بعد موتهم هم فله ذلك، ولا يجوز لأولاد من توفي أبوهم أن ينتفعوا بشيء من الوقف مع وجود أعمامهم لأنه خلاف شرط الواقف، فإذا مات أعمامهم جاز لهم الانتفاع من الوقف.
وإن أوقفه على أولاده بالوصية فهو وقف غير صحيح إلا أن يجيزه بقية الورثة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث. رواه الترمذي وصححه وأحمد وحسنه وقواه ابن خزيمة ورواه الدارقطني عن ابن عباس وزاد في آخره "إلا أن يشاء الورثة". قال ابن حجر إسناده حسن.
وإن أوقفه بالوصية على أولاد أولاده جاز لأنهم في هذه الحالة غير وارثين لوجود آبائهم الذين يحجبونهم عن الإرث، وفي الحقيقة ينبغي للسائل أن يوضح سؤاله ويحدده إن لم يكن ما ذكرناه هو مقصوده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1423(12/4528)
حكم هدم المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم هدم المسجد وتغيير اسمه كان اسمه على عالم من علماء الدين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرمة في هدم المسجد إذا دعت إلى هدمه حاجة عامة كتوسعته هو أو توسعة الطريق العام أو المقبرة أو نحو ذلك. وقد سبق أن أجبنا على ذلك بتفصيل برقم:
6609 والفتوى رقم: 6658
أما الاسم فالأولى تركه كما هو إذ لا داعي لتغييره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1423(12/4529)
حكم الوقف في مرض الموت والمعلق على الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن وقف أرض لكي لا يورث منها مستقبلا؟
أفيدونا رحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن وقف أرضا أو غيرها مما يصح وقفه حال صحته وقفاً منجزاً بأن قال -مثلاً- هذه وقف لله تعالى، فقد خرج عن ملكه، ومن ثم لا تتعلق به المواريث بعد موته.
وأما إن وقفها حال صحته معلقاً لذلك بالموت، كما لو قال: هذه الأرض وقف بعد موتي.
فإن الوقف يصح على الراجح من أقوال أهل العلم.
قال ابن قدامة في المغني: فأما إذا قال: هو وقف بعد موتي، فظاهر كلام الخرقي أنه يصح ويعتبر من الثلث كسائر الوصايا، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد. ا. هـ.
فإذا أوقفها حال الصحة معلقاً بالموت صح الوقف، ولكن يخرج من الثلث، فما زاد على الثلث لا يخرج إلاّ بإذن من يعتبر إذنه من الورثة، وهم الرشداء البالغون، أما غيرهم فلا عبرة بإذنهم، فلا يخرج ما زاد عن الثلث من نصيبهم.
وأما إذا أوقفها في مرض الموت، فإنها تخرج من الثلث، وما زاد لا يخرج إلاّ بإذن الورثة بالشرط المتقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1423(12/4530)
أحكام تتعلق بالوقف على الأبناء والأحفاد
[السُّؤَالُ]
ـ[كما هو معلوم أن المورث له الحق في توريث من لا يرث ولكن بشرط وهو ألا يتجاوز الثلث والسؤال هنا: أنه لو كان لشخص 900 ألف ريال وأهدى بعض أحفاده الذين لا يرثون 300 ألف ريال (أي الثلث) وأوقف بستان بمبلغ 100 ألف ريال على يد من يرث من أبنائه أو من لا يرث من أحفاده فهل هذا يجوز ويكون الوقف خارجا من الثلث؟ أو لا يجوز لكونه داخل الثلث؟ وما العمل إذا حدث هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما أهداه هذا المورث لأحفاده من ماله في حال صحته ورشده يعتبر ملكاً لهم، ولو زاد على الثلث إذا حازوه في حياته، لأن الشخص له أن يهب جميع ماله في حياته.
أما بالنسبة للبستان الذي أوقفه هذا المورث، فالحكم فيه أنه إن كان وقفاً منجزا، ً بمعنى أنه خلى بينه وبين من أوقفه عليه، فإنه يعتبر وقفاً نافذا، وسواء كان على من يرث من أولاده أو على من لا يرث من أحفاده، أو كان بينهما على حسب ما شرطه هو، فالمهم أن لا يكون أوقفه على أن لا تتم الوقفية إلا بعد موته هو، لأنه حينئذ يدخل في باب الوصية.
وعليه، فإن أوقفه على أولاده بهذه الصورة بطلت وقفيته، إذ لا وصية لوارث، وإن كان أوقفه على أحفاده نفذ الوقف ما دام لم يتجاوز الثلث، وإن أوقفه بين الأولاد والأحفاد رد نصيب الأولاد منه لأنهم وراثون، وأمضي نصيب الأحفاد لأنهم غير وارثين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1423(12/4531)
حكم حصر الانتفاع بالموقوف حال الحياة وبقاء الزوجة على ذمة زوجها وبيع الواقف لوقفه
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة أرملة وغير مطلقة فقدت زوجها العقيم عام 1970 وكان أثناء حياته قد وقف منزله لفائدة نظارة الشئون الدينية وقلد في وقفه المذهب الحنفي أي أنه وقف أولا على نفسه حر مطلق التصرف فيه من تغيير وبيع وشراء واستغلال منفوعه وبعد وفاته يرجع جميع الوقف بعد طرح ما يجب لزوجته بقدر نصيبها حسب الفريضة الشرعية إن بقيت بعصمته فإن طلقت فلا شيء لها وإن توفيت بعده فلا شيء لورثتها والسؤال هو: هل يستطيع التصرف في حقها الشرعي بعد أن طرحه لها؟ وهل يستطيع حرمان ورثتها؟ وهل الإسلام يحل مثل هذه الشروط التي تجعل المرأة في أضيق الحدود للوصول إلى حقها؟ وهل يستطيع التصرف في الوقف من بيع وتغيير وشراء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن للشخص أن يوقف ماله كله حال حياته وصحته ورشده، وله أن يشترط في وقفه ما شاء من الشروط ما لم تخالف الشرع.
أما الوقف المعلق بالوفاة فهو وصية لا يجوز أن يزيد على الثلث، ولا يصلح لوارث إلا بإذن بقية الورثة.
والزوجة إذا أخذت نصيبها من الإرث فإنه ملكها، لها حرية التصرف فيه، فإذا ماتت فهو لورثتها، ولا يجوز لزوجها أن يوصي بألا ينتقل إرثها لورثتها بعد موتها، لأن هذه من وصية الضرار، والله تعالى يقول: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ ... ) [النساء:12] .
هذا إذا لم يكن قد أوقف جميع ماله حال حياته، فإن كان قد أوقفه حال حياته واشترط أن تنتفع زوجته من الوقف حال حياتها فقط ثم لا ينتقل لورثتها بموتها، فإن هذا الشرط صحيح نافذ.
وكذلك تعليق انتفاعها بالوقف ما دامت على ذمته، فإذا طلقها لم تنتفع هي يعد شرطاً نافذاً أيضاً.
أما بالنسبة لبيع الواقف للوقف فإن:
- جمهور الفقهاء من مالكية وشافعية وحنابلة وهو مذهب صاحبي أبي حنيفة أن ذلك لا يجوز.
- وذهب أبو حنيفة إلى جوازه ما لم يحكم بصحته حاكم.
وانظر المجموع للنووي (9/294) .
أما بالنسبة لتغيير الوقف وتبديله، فراجع له الفتوى رقم: 6609، والفتوى رقم: 11657، والفتوى رقم: 14433.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1423(12/4532)
تغيير شرط الواقف إلى ما هو أصلح جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز أخذ غرض ما من مسجد إلى مسجد آخر
المقصود مواد بناء لمسجد تؤخذ للاستعمال في مسجد آخر.....وجزاكم الله عنا كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المسجد الذي وقف عليه أولاً بحاجة إلى أموال الوقف فلا يجوز تحويلها إلى مسجد آخر، مراعاة لشرط الواقف، وأما إن لم تكن حاجة في المسجد الموقوف عليه فإنه يجوز حينئذ صرف ما زاد في مسجد آخر، لأن الواقف إنما قصد القربة، وهي حاصلة بذلك إن شاء الله،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى الكبرى 5/429 (ويجوز تغيير شروط الواقف إلى ما هو أصلح منه، وإن اختلف ذلك باختلاف الزمان، حتى لو وقف على الفقهاء والصوفية واحتاج الناس إلى الجهاد صرف إلى الجند) . انتهى كلامه رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1423(12/4533)
انتفاع الواقف بالموقوف يختلف حسب دوام نفعه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للصدقة الجارية فترة زمنية بمعنى أنني أتبرع لمسجد الحي بمبالغ مالية للتدفئة أو لصيانة المسجد فلو افترضنا جدلا بأن المسجد لا سمح الله قد أصابه مكروه كأن أزيل بفعل فاعل أو أنه قد هدم بفعل زلزال هل تبقى الصدقه أم أنها تنتهي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصدقة الجارية هي: الوقف وشبهه مما يدوم نفعه، والدوام يختلف باختلاف الموقوف، فمنه ما يدوم على التأبيد كالأرض، ومنه ما يدوم حيناً من الدهر، ثم ينتهي مثل الشجر والبناء.
وأما ما لا بقاء له على حاله التي يتعلق بها الانتفاع به، فلا يصح وقفه.
وأما وقف الدراهم والدنانير، فممكن بأن تدفع لمن يعمل فيها مضارباً مثلاً، وما يخرج من الربح مما ليس من نصيب العامل يصرف إلى الجهة الموقوف عليها كالمساجد والفقراء، ونحو ذلك.
وكذا إذا تصدقت بالدراهم والدنانير لشراء سرج أو أجهزة تدفئة ونحو ذلك، فهي صدقة جارية يدوم ثوابها لمدة بقاء تلك الأجهزة.
وأما إذا تصدقت بالدراهم والدنانير لتسديد نفقات احتياجات المسجد كراتب الإمام والمؤذن والمنظف ونحو ذلك، فهذه صدقة لكنها ليست جارية لأن عينها تنفد باستخدامها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1422(12/4534)
نشر الكتب والمصاحف صدقة جارية
[السُّؤَالُ]
ـ[1- هل طباعة بعض الكتب الخاصه بالذكر والقرآن لتوزع على الناس تعتبر صدقة جارية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طباعة المصاحف وكتب الذكر وتوزيعها على الناس يعتبر في معنى الصدقة الجارية التي تلحق المرء بعد موته، وذلك لما أخرجه ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علماً علمه ونشره، وولداً صالحاً تركه، أو مصحفاً ورثه، أو مسجداً بناه، أو بيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته، تلحقه بعد موته" فقوله صلى الله عليه وسلم: "علماً علمه ونشره…أو مصحفاً ورثه" دليل على أن نشر المصاحف وكتب الذكر والعلم الشرعي يعد من الصدقة الجارية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1422(12/4535)
متى ينقل الموقوف إلى مكان آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم نقل المكرفونات والأجهرة الكهربائية من مسجد إلى آخر بقصد الاستفادة منها وللحاجة الماسة في المسجد الآخر (الجديد) مع العلم أن المسجد السابق لم يعد بحاجة إليها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص العلماء على أن الوقف على مكان معين إذا لم يعد يمكن الانتفاع به فيه، جاز نقله إلى مكان آخر ينتفع به فيه، وعليه فلا حرج شرعاً في نقل الميكروفانات والأجهزة الكهربائية التي لا يستفاد منها في المسجد القديم إلى المسجد الجديد الذي هو في حاجة إليها، لأن مقصد الشارع وغرض الواقف يقتضيان أن لا يكون الموقوف معطلاً عن الاستعمال فيما وقف من أجله، فاختصاصه بالمكان الموقوف عليه مقيد بما إذا لم يفوت مقصده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1422(12/4536)
سقاية الماء.. هل تدخل في الصدقة الجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل سقيا الماء (سبيل ماء) يعتبر صدقة جارية عن الميت لو فعله أولاده بعد موته؟ وهل المساهمة فى بناء وتأثيث المساجد من قبيل الصدقات الجارية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم.
والصدقة الجارية فسرها العلماء بالوقف، وهو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة، فإن كان المقصود من سؤالك بسقي الماء هو حفر بئر، أو إجراء نهر مما ينتفع به مع بقاء أصله كان ذلك وقفاً صحيحاً، وهو من الصدقة الجارية، أما إن بنيت سقاية على طريق الناس مع دفع أجرة الماء الذي ينتفع به الناس، فليس هذا وقفاً، ولا يعد من الصدقة الجارية، وإن كان هو نوعاً من الصدقة التي ينتفع بها الميت إن تصدق بها أهله عليه.
وأما المساهمة في بناء وتأثيث المساجد فلا شك أنها من الصدقة الجارية، بل هي من أعظمها، لكونه مما ينتفع به مع بقاء أصله، وقد ورد التصريح بدخوله في الصدقة الجارية في حديث أنس مرفوعاً: "سبع يجري للعبد أجرها بعد موته وهو في قبره. من علم علماً، أو أجرى نهراً، أو حفر بئراً، أو غرس نخلاً، أو بنى مسجداً، أو ورَّث مصحفاً، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته" رواه البزار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1422(12/4537)
بناء المساجد من الصدقة الجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل وضع نقود للمساهمة في إنشاء وبناء أحد المساجد يعتبر صدقة جارية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إنفاق المال في المساهمة في بناء المساجد يعد من أعظم القربات، وهو من الصدقة الجارية، وقد روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له." وروى ابن ماجه بسند رجاله ثقات عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علماً علمه ونشره، وولداً صالحاً تركه، ومصحفاً ورثه، أو مسجداً بناه، أوبيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقه أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته"
وعن عثمان رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من بنى مسجداً -قال بكير: حسبت أنه قال: يبتغي به وجه الله - بنى الله له مثله في الجنة" رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1422(12/4538)
المال الموقوف يصرف حسب نية الواقف
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
بادئ ذي بدء بارك الله في كل من كان سبباً في إيجاد هذا الركن والذي يضئ درب طريق الهدى والنور لكل مهتدٍ بالدين القيّم الذي لا دين بعده.
نص السؤال:-
هل يجوز دفع أجرة معلّم القرآن الكريم من مالٍ مخصص لمسجد علماً بأن دروس القرآن الكريم تعطى بنفس المسجد، وهل يجوز منح جوائز تشجيعية للمتفوقين منهم من نفس المال الموقوف علي ذمّة المسجد؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب هو مراعاة الجهة التي تصدَّق لها المتصدق، وعليه فإن كان المال المخصص للمسجد قد حّدد له صاحبه أو العرف السائد مجالاً معيناً كالعمارة المادية لم يجز صرفه خارج هذا المجال، فلا يصرف في حلقات التحفيظ ولا في جوائز المسابقات، أما إذا لم يعيَّن صاحبه مجالاً ولم يكن هناك عرف سائد يحدد مجالاً معيناً فلا مانع - والله أعلم- من صرفه أو بعضه فيما ذكر في السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1422(12/4539)
لا يجوز التصرف بالمصاحف الموجودة بالمساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في دولة أوروبية ويوجد في المسجد الذي نصلي فيه مصاحف وقف للمسجد كما هو الحال في كل المساجد فهل يجوز إعطاء أيا من هذه المصاحف للذين يحتاجونها بحكم ندرتها في هذه البلاد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمصاحف التي في المسجد وقف للمسجد، لا يجوز إعطاؤها لأحد مهما كان، كما لا يجوز التصرف فيها ببيع أو هبة، وأما الذين يحتاجون إلى المصاحف فيمكنهم الحصول عليها بالشراء، أو طلبها من المراكز الإسلامية أو غيرها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1421(12/4540)
حكم نقل أو بيع المسجد للمصلحة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي حفظكم الله في باكستان يوجد منازل على سفوح الجبال وقد تبرع أحدهم بسطح بيته لبناء مسجد عليه ثم وسع الله على أهل المنطقة فحصلوا على مبلغ لبناء مسجد كبير ومدرسة وكان لصاحب هذا المنزل أرض مجاورة كان يبتغي بناء دكاكين عليها فسارع للتبرع بها لبناء مسجد إلا أنه اشترط عليهم تهديم المسجد الأول وبناء دكاكين مكانه فهل يجوز ذلك شرعاً أم لا أفتونا مأجورين جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن بنى مسجداً وأذن للناس بالصلاة فيه، خرج من ملكه وصار وقفاً لله تعالى، وليس له الرجوع في ذلك في قول جماهير أهل العلم.
وليس له هدمه ولا بيعه ولا نقله إلى مكان آخر، إلا إن وجدت مصلحة تعود على الوقف بذلك، كأن يهجر المسجد وتتعطل منافعه، أو يضيق عن أهله فينقل إلى موضع آخر، على ما ذهب إليه بعض أهل العلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما إبدال المسجد بغيره للمصلحة مع إمكان الانتفاع بالأول: ففيه قولان في مذهب أحمد. واختلف أصحابه في ذلك، لكن الجواز أظهر في نصوصه وأدلته، والقول الآخر ليس عنه به نص صريح ... ) مجموع الفتاوى جـ 31 ص 21.
ثم ذكر ما رواه الخلال عن القاسم قال: لما قدم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على بيت المال كان سعد بن مالك قد بنى القصر، واتخذ مسجداً عند أصحاب التمر. قال: فنقب بيت المال، فأخذ الرجل الذي نقبه، فكتب إلى عمر بن الخطاب، فكتب عمر: أن لا تقطع الرجل، وانقل المسجد، واجعل بيت المال في قبلته، فإنه لن يزال في المسجد مصل، فنقله عبد الله، فخط له هذه الخطة. قال صالح: قال أبي (أحمد بن حنبل) : يقال إن بيت المال نقب من مسجد الكوفة فحول عبد الله بن مسعود المسجد. فموضع التمارين اليوم في موضع المسجد العتيق.
قال: وسألت أبي عن رجل بنى مسجداً ثم أراد تحويله إلى موضع آخر؟ قال: إن كان الذي بنى المسجد يرى أن يحوله خوفاً من لصوص، أو يكون موضعه موضع قذر، فلا بأس أن يحوله ... سئل أبو عبد الله هل يحول المسجد؟ قال: إذا كان ضيقاً لا يسع أهله فلا بأس أن يجعل إلى موضع أوسع منه ... قال: سألت أبي عن مسجد خرب: نرى أن تباع أرضه وتنفق على مسجد آخر أحدثوه؟ قال: إذا لم يكن له جيران، ولم يكن أحد يعمره فلا أرى به بأسا أن يباع وينفق على الآخر.
قال شيخ الإسلام: (ولا ريب أن في كلامه ما يبين جواز إبدال المسجد للمصلحة وإن أمكن الانتفاع به، لكون الانتفاع بالثاني أكمل، ويعود الأول طلقاً) .
وقال (أحمد) في رواية أبي طالب: إذا كان المسجد يضيق بأهله، فلا بأس أن يحول إلى موضع أوسع منه) . مجموع الفتاوى جـ 31 ص 215ـ 229.
وعليه فإذا كان المسجد الأول يضيق بأهله، أو يشق عليهم الذهاب إليه لارتفاعه، فلا حرج في الانتقال إلى مكان آخر أوسع وأيسر.
فإن تبرع صاحب المسجد بالأرض المجاورة كان محسناً مأجوراً مشاركاً في ثواب من بنى له مسجداً، لكن ليس له أن يشترط بناء دكاكين له. وإن شاء أن يبيع أرضه لأهل المنطقة فله ذلك.
وإن كان المسجد الأول متسعاً مناسباً لمن حوله، فلا يجوز إخراجه من الوقف بهدم أو بيع، كما لا يجوز إحداث بناء مسجد قريب منه لما في ذلك من تفريق جماعة المسلمين. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1421(12/4541)
أقوال أهل العلم في التصرف في الأشياء الموقوفة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرض موقوفة طلب أحد الاشخاص من هيئة الأوقاف استخدامها فاشترطوا عليه أن يبني عليها بناء من طابقين في مقابل تمليكه لجزء من الأرض بما عليها من البناء ويبقي الجزء الآخر ملكا للأوقاف هل يجوز لهذا الشخص الإقدام علي هذه المعاملة وامتلاكه للأرض الموقوفة علما بأن صاحب الوقف لم يشترط ذلك عند وقفه لها أفيدوني أفادكم الله وجزاكم كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فإن الواجب أن يظل الوقف باقياً يعمل فيه حسب شروط الواقف التي لا حيف فيها ولا جنف، ولا يجوز بيعه ولا التصرف فيه بما يخرجه عن وقفيته. هذا هو الأصل، لقوله صلى الله عليه وسلم المتفق عليه لما استأمره عمر رضي الله عنه في شأن أرض له بخيبر":إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، فتصدق بها عمر؛ أنها لا يباع أصلها ولا يورث ولا يوهب" متفق عليه. وقد ذهب الإمام مالك والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه إلى عدم جواز بيع الوقف واستبداله بغيره مطلقا أخذا بعموم هذا الحديث، وللإمام أحمد رواية أخرى وهو أنه لا يجوز بيعه ولا استبداله بغيره إلا أن تتعطل منافعه بالكلية، ولا يمكن الانتفاع به ولا تعميره وإصلاحه أو دعت المصلحة إلى ذلك، والدليل على ذلك ما فعله عمر رضي الله عنه حين بلغه أن بيت المال الذي بالكوفة نُقب فكتب إلى سعد أن انقل المسجد الذي بالتَّمَارين واجعل بيت المال في قبلة المسجد. وكان هذا العمل بمشهد من الصحابة فلم ينكر فهو كالإجماع. وقد ذهب إلى هذا القول الأخير شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. بل ذهب إلى أبعد من ذلك حيث يقول: " ومع الحاجة يجب إبدال الوقف بمثله، وبلا حاجة يجوز بخير منه لظهور المصلحة" ولاشك أن هذا القول هو الوسط الذي يراعي المصالح، ويتقوى بفعل عمر الذي تقدم، مع العلم بأن عمر هو صاحب الحديث المتقدم، ولو فهم منه عدم جواز نقل الوقف والتصرف فيه بما يتماشى مع المصلحة لما أقدم على نقل المسجد، وجعل مكانه سوقاً للتمارين.
لذا فإنا نرى أن شراء الأرض الموقوفة من الجهة المسؤولة عن الأوقاف ماض ولا حرج فيه إذا كانت تلك الأرض معطلة، ولا يمكن تعميرها واستغلالها لصالح الوقف إلا ببيعها أو بيع جزء منها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1421(12/4542)
حكم بناء مسجد على أرض موقوفة لمدرسة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بناء المسجد على بقية الأرض الموقوفة لبناء المدرسة الدينية على المذهب الشافعي؟ نشكركم وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل في التصرف في الوقف أنه على حسب شرط الواقف، أو نظر من جعل له الواقف النظر فيه، والتصرف حسب ما يحقق المصلحة، والفائدة المتوخاة منه.
وعلى ذلك فإذا كان الواقف قصر تلك الأرض على المدرسة فقط، مع عدم وجود حاجة إلى بناء مسجد، لوجود مسجد قريب يخدم المدرسة فيقتصر على شرط الواقف. أما إذا لم يوجد في المدرسة مسجد مخصص يصلى فيه، فإن بناء المسجد - والحالة هذه - داخل في مفهوم المدرسة، لأن المسجد من مستلزماتها.
وأما إذا لم يقصر تلك الأرض على المدرسة وإنما قال: " تبنى فيها مدرسة " ولم يشترط شيئاً، أو جعل الأمر في ذلك إلى الناظر، فإنه أيضاً يجوز أن يبنى المسجد فيما تبقى من الأرض التي لا تحتاجها المدرسة حالاً ولا مستقبلاً، لأن ذلك يحقق مصلحة لا تتعارض مع غرض الواقف، بل إنه يستفيد من بناء المسجد.
... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/4543)
نقل الوقف جائز بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا أفادكم الله يوجد لدينا في مسجدنا مركز لتحفيظ القرآن الكريم برواية قالون عن نافع المدني من طريق أبي نشيط برسم الخراز، ولقد تمت طباعة هذه النسخة سنة 1975 وبدأت هذه النسخ تتلاشى أو تختفي تقريبا لطول مدة النسخة ولم يتم طبع هذه النسخة مرة أخرى من تلك المدة حيث أن الطلاب قد تعلقوا بذالك الرسم وشكله وموضع الأثمان والأرباع والاحزاب ... ألخ ويوجد في ضواحي المدينة أي المناطق الاخرى القروية التي في الجبال أمثال هذه النسخ من القرآن بوفرة وعندما تحدثنا مع اللجان الإدارية لتلك المساجد "القيم والامام" رفضوا استبدال المصاحف بمصاحف أخرى جديدة مع ان تلك المناطق القروية وسكانها ورواد مساجدها لا يفقهون في رسم القرآن وروايته وكذلك قد علا هذه المصاحف التراب والغبار من قلة الاستعمال ... فهل يجوز لنا وضع مصاحف جديدة أخرى بدل هذه المصاحف وبدون علم الإمام والقيم ورواد المسجد مع العلم أن المساجد المذكورة مهجورة ولاتقام فيها الجماعة إلا قليلاً؟ فأفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته: وأفادنا الله وإياكم العلم النافع.
وإذا كان الأمر كما ذكرت، فلكم أخذ المصاحف واستبدالها بمصاحف أُخر إذا كانت حاجتكم إليها ماسة، وكانت معطلة في الموضع الذي هي فيه، فقد نص العلماء على أن الوقف على مكان معين إذا لم يعد يمكن الانتفاع به فيه، فإنه ينقل إلى مكان آخر، لأن مقصد الشارع وغرض الواقف يقتضيان ألا يكون الموقوف معطلاً عن الاستعمال فيما وقف من أجله، فاختصاصه بالمكان الموقوف عليه مقيد بما إذا لم يفوت مقصده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/4544)
لا يجوز الأخذ من مال الوقف إلا بشرط الواقف الذي شرطه في وقفه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي رحمه الله وخلف ثلث ماله للمحتاج من أولاده وقد استلفت جزءا منه لشراء منزل لى فهل وقد طلبت من اخي المشرف على الوقف ان يتنازل عن جزء من المبلغ لأنه ينطبق علي شرط المحتاج علما أنني أدفع أكثر من نصف راتبي الشهري في السداد. الرجاء الإجابة مع ذكر الدليل والمرجع إن وجد داعيا المولى أن يجمعنا وإياكم في مستقر رحمته الوالد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: 1. فإن كان الأمر كما يقول السائل فله الحق أن يأخذ جزءاً من هذا المال ولكن بشرط أن يتفق مع إخوته ويعلمون عن حاله بأنه مدين وأنه بحاجة، حتى يدخل في الشرط الذي شرطه الوالد في ماله (للمحتاج من أولاده) فإذا ثبت لديهم ذلك فلا مانع من صرف قسم من ذلك له. 2. حيث أن هذا الجزء من المال يكون وقفاً على الأولاد المحتاجين منهم وما دام يعتبر من الوقف فلا يجوز الأخذ منه إلاّ بشرط الواقف الذي شرطه في وقفه وهو الحاجة. 3. وإذا كان قد أوصى فيكون هذا الجزء من المال وصية والوصية للورثة في حدود الثلث موقوفة على إجازة الباقين من الورثة، فإذا رضوا جميعاً فلا بأس بذلك. والعلم عند الله.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/4545)
يصح وقف البقعة لتكون مسجدا دون سقفها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز البناء بغرض السكن فوق المسجد؟ حيث أني أملك قطعة أرض في منطقة الخليل وأرغب ببناء مصلى أو مسجد عليها والاستفادة من السطح بغرض السكن. وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ...
الأولى أن تخصص الأرض كلها للمسجد خروجاً من الخلاف بين العلماء حيث إن المسجد يتبعه هواؤه وكذلك قراره، ولكن إن وقف أسفل الدار فجعلها مسجداً أو أعلاها صح الوقف لأنه يصح البيع فيصح الوقف، وعليه فيجوز للسائل أن يبني مسكناً فوق المسجد المزمع بناؤه في الأرض المملوكة له. هذا والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1422(12/4546)
حول المنحة التي تعطيها الدولة للمتزوجين
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كنت في مدينة بالمغرب وزوجي في فرنسا، ولقد جئت معه إلى فرنسا وعندها بدأت الدولة بإعطائي مبلغا كل شهر, وزوجي يقول: إن هذا المال من حقه، وأنا أقول: إنه من حقي، فلولا دخولي معه إلى المدينة لم يكونوا أعطوه شيئا فاحكموا بيننا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن المال من حقه هو لأنه مساعدة له ومعونة من الدولة على أعباء وتكاليف الأسرة، وهو الذي يتحمل تلك الأعباء والنفقات إلا إذا كانت تلك الدولة تهبه لك نصاً، ويمكن الرجوع إلى الجهة المانحة لتلك المساعدة لمعرفة أيكما أحق بها، وإن كان الأصل هو كونها للرجل لقيوميته على الأسرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1429(12/4547)
هبة الأب لبعض بنيه دون بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[عقار يتكون من أربع شقق, يسكن الإخوة الذكور ثلاثة منهم، يريد الأب أن يكتب الشقة الرابعة للإناث مع العلم بأن الذكور هم الذين قاموا ببناء الشقق الثلاثة كلا على حدة.. فما حكم الشرع في موقف الأب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الأب أن يعدل بين أولاده في العطية، وتفضيل الأبناء بعضهم على بعض من غير مسوغ من حاجة أو عوز هو نوع من الظلم، وإن خص الأب بعض أبنائه بعطية أو فاضل بينهم بدون داع إلى ذلك أثم ووجب عليه مع التوبة رد ما فضل به البعض أو إعطاء الآخر ما يتمم نصيبه، وقد سبق بيان ذلك كله في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6242، 14254، 8147، 3575، 2352، 4417.
كما سبق في الفتوى رقم: 107908 بيان أنه إذا وهب الأب الهواء -سطح البيت- لأولاده فإن ما بنوه لا يدخل في التركة، ويكون ملكاً لهم بشرط أن يكون وهب لبقية أولاده ما يقابل تلك الهبة لأنه مطالب بالعدل بين جميع أولاده، وإذا لم يهب الأب السطوح لأولاده وإنما أذن لهم فقط في البناء فهذه عارية تنتهي بموت الأب وتكون الأدوار جميعا للورثة، ولأولاده الذين بنوا الأدوار قيمة البناء، وللمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 65439.
وكذا إذا كان خص أولاده بهبة سطح البيت ولم يهب لبقية أولاده شيئاً فهذه هبة باطلة ترد بعد الموت ولا يكون ما بنوا ملكاً لهم بل تكون لهم قيمته.. ومما ذكر يتبين لك حكم الشرع في موقف الأب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1429(12/4548)
آداب المهدي والمهدى إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[من أهدي إليه ما المشروع في حقه أن يقول؟ وبماذا يرد المهدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشرع لمن أهدى إليه أحد هدية أو أسدى إليه معروفا أن يكافئه بمثلها أو أحسن منها وبالدعاء له. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أهدى إليكم فكافئوه. رواه أحمد وغيره وفي رواية: من أتى إليكم معروفا فكافئوه. وفي رواية: من صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه به، فا دعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه. رواه أبو دواد وغيره. ولهذا فيستحب لمن أهديت إليه هدية أن يقول للمهدي جزاك الله خيرا أو يكثر له من الدعاء. فقد روى الترمذي والنسائي وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صنع إليه معروف فقال لفاعله جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء.
ولم نقف على دعاء يرد به من قام بتقديم الهدية. ولا مانع أن يرد عليه بما تيسر من الدعاء لهما ولجميع المسلمين. وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتويين: 21481، 50874.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1426(12/4549)
لا حرج في أخذ الزوجة مالا من أبيها دون علم زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة حديثا أبي يريد أن يعطيني مصروفا كل شهر أخشى أن أقول لزوجي حتى لا يظن أنه مقصر في حقي (مع العلم أنه حساس جداً) وفي نفس الوقت لا أريد أن أغضب أبي بالرفض هل حرام أن آخذ من أبي فلوسا من غير ما أقول لزوجي؟
أريد الرد سريعا جدا لأنه أمر مزعج لي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للزوجة أخذ المال (المصروف الشهري) من أبيها ولا يلزمها إخبار الزوج بذلك، وإخباره مع بيان أن ذلك من أجل إرضاء الوالد وليس بسبب تقصير منه أفضل حتى لا يحدث بسبب إخفاء الأمر مشكلة في المستقبل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1426(12/4550)
على الزوج أن يعف عما بيد أهل زوجته ولا يطالبها بسؤالهم إياه
[السُّؤَالُ]
ـ[والد وأخو زوجتي أغنياء جدا. ولكنهم لا يعطون مساعدة مالية لزوجتي مع العلم بأننا لسنا أغنياء ولا يجاملوننا في أية مناسبة وعندما يبيع والدها عقارا يعطي ثمنه لأخيها ولا يعطيها شيئا لأنه يعتبر أن البنت بعد زواجها غير مسؤول عنها. الغريب أن زوجتي لا تعترض على والدها أو أخيها. فهل تتحمل أمامي مسؤولية عدم إطاعتها لي لأنني أطلب منها الاعتراض. وهل إذا انفصلت عنها فأنا ظالم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من شأن المسلم العفة والقناعة عما بأيدي الناس، فإن ذلك أحفظ لكرامته وأصون لماء وجهه عن أن يسأل الناس شيئا، ولهذا جاءت الأحاديث متضافرة في هذا المعنى، ففي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: اليد العليا خير من اليد السفلى. متفق عليه.
ومما يدل على بشاعة سؤال الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ البيعة على بعض أصحابه بترك المسألة، أخرج مسلم في صحيحه عن عوف بن مالك قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة أو ثمانية أو سبعة، فقال: ألا تبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنا حديث عهد ببيعة، فقلنا: قد بايعناك يا رسول الله، ثم قال: ألا تبايعون رسول الله؟ قال: فبسطنا أيدينا وقلنا: قد بايعناك فعلام نبايعك؟ قال: على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، والصلوات الخمس، وتطيعوا، وأسر كلمة خفية، ولا تسألوا الناس شيئا، فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فما يسأل أحدا يناوله إياه.
وبهذا تعلم أنه ليس من المعروف أن تطلب من امرأتك أن تسأل أباها أو أخاها شيئا، وبالتالي، فليس لها أن تطيعك إذا طلبت منها ذلك، لأنه ليس من المعروف، وطاعة الزوج في المعروف، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري. وقد اختلف أهل العلم هل يجب على الوالد أن يعدل بين أولاده في الهبة أو لا، وأكثرهم على أنه لا يجب، وهذا الأب لعله يقلد قول القائلين بعدم الوجوب.
وفي حال رفض هذه المرأة سؤال أبيها فليس من الشرع ولا من مكارم الأخلاق طلاقها لهذا، وذلك لأنه لا يعد سببا شرعيا يستوجب الطلاق، وأهل العلم منهم من ذهب إلى القول بتحريم الطلاق من غير موجب. قال ابن قدامة في المغني: الطلاق من غير حاجة إليه، قال القاضي: فيه روايتان: إحداهما أنه حرام، لأنه ضرر بنفسه وزوجته وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما من غير حاجة إليه، فكان حراما كإتلاف المال. تم ذكر الرواية الثانية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1425(12/4551)
ما تلبسه المرأة من ذهب من مال زوجها هل يعد ملكا لها أم يضم للتركة بعد وفاة الزوج؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل كانت له زوجتان. توفي الرجل وبيد الزوجتين حلي من الذهب كان الرجل قد سلمه إليهما من دون أن يجعله مهرا لهما. لكنهما كانا يستعملانه في حياته. والسؤال: ما حكم هذا الحلي بعد وفاة الرجل. هل يكون من جملة التركة؟ أو هو حق خاص للزوجتين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحلي الذي بيد الزوجتين قد وهب لهما من طرف زوجهما فإنه يعتبر ملكا لهما بهذه الهبة، لأنها تمت في حال صحته وتم حوزها حوزا تاما باستعمالهما لها في حياته.
والأصل أن ما بيد النساء من الحلي وما يخصهن من المتاع يعتبر ملكا لهن ما لم يقم دليل على العكس، وأما إذا كانتا لا تعرفان هل هو هبة أو عرية.
ففي هذه الحالة يرجع إلى العرف والعادة في تلك البيئة، فإن كان من عادتهم أن ما جاء به الرجل للمرأة من الحلي وما يخصها يكون ملكا لها.. فإنهما بذلك تملكان الحلي دون غيرهما من الورثة، ولو لم يصرح لهما زوجهما بأنه هبة لهما.
أما إذا كان العرف يقتضي أن ما جاء به الزوج بعد المهر من الحلي لتتزين به زوجته يظل ملكا له يتصرف به متى شاء، فإن الحلي في هذه الحالة يرجع إلى التركة ويقسم على جميع الورثة كغيره من ممتلكات مورثهم.
والرجوع إلى العادة أصل من الأصول المعتبرة شرعا، ولهذا فإن من القواعد الفقهية المتفق عليها: العادة محكمة. قال أحد الفضلاء:
وكلما العادة فيه تدخل * من الأمور فهي فيه تعمل
والأصل في ذلك قوله تعالى: وَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 25} . وقول النبي صلى الله عليه وسلم: خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه.
ولعل الرجوع إلى المحكمة الشرعية في بلدكم أحسن لأنها أدرى بأعراف الناس وتعاملهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1425(12/4552)
حكم الهبة وبر الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[Dr. Abdel-Hafiez Massud, Grossbeeren Str. 70, 10963 Berlin , Germany.
برلين في الأول من رمضان المبارك 1425 من الهجرة، 15/10/2004
إلى: أهل العلم والفتوى والحجة................................................
الموضوع: طلب فتوى في معاملة أب يريد هضم الحقوق وفقا للشرع.
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله. إنني وإذ أهنئكم بحلول شهر رمضان الكريم وأشكر لكم فتح أبوابكم لكل حائر يحذر الوقوع في حدود الله ويجعل من شرع الله بوصلة لتوجيه أفعاله.
وعليه فإنني أرجو التكرم بالرد المكتوب السريع والمعتمد رسميا على العنوان المذكور هنا من مكتبكم في الأمر الآتي:
أنا أكبر سبعة من إخوتي، أربعة من الصبيان وثلاثة من البنات. بعد انتهاء دراستي الجامعية في مصر سافرت إلى إحدى الدول الأوروبية حيث بدأت العمل هناك على نحو استطعت أن أوقف أبي عن العمل بالأجرة اليومية وأوفر له ولأمي وباقي إخوتي رغد العيش والمسكن الحديث حتى أصبح من الممكن أن يواصل جميع إخوتي وأخواتي ويتمون تعليمهم الجامعي وحينما شرعت ابنتان وابنان من أبناء أبي وأمي في الزواج تحملت نفقات الزواج بالرغم من أنهم يعملون بمؤهلهم الجامعي في وظائف محلية بمصر، واستمرت مسيرة الأيام هكذا حتى قامت والدتي وأبي برحلة عمرة في رمضان 2002 على نفقتي، وهو ما فعلته دائما عن طيب خاطر.
وحيث إنني كنت أقوم بتحويل كل كسبي في الخارج إلى والدي فكان يتبقى بعض المال بعد تغطية جميع نفقات الأسرة فكان والدي الذي يجيد حرفة الزراعة يشترى بما تبقى من مالي أرضا زراعية، وكنت لا أسال عما إذا كانت ملكية هذه الأرض قد تم تسجيلها باسمي أم لا باعتبار أن ذلك أمر مفهوم بذاته.
وفي رمضان 2003 انتقلت أمي فجأة إلى رحمة الله في أعقاب عملية جراحية فكانت صدمتي أنا وإخوتي شديدة ولا نكاد نصدق حتى الآن أن ذلك حدث، ولكن أبى لم يكد يمر أسبوعان على وفاة من تزوجها أربعين عاما ونحن نعيش عمق الصدمة حتى طرح موضوع زواجه، فكانت صدمتنا أشد وشعرنا أننا أمام شخص لم نكن نعرفه من قبل لا عهد له ولا وعد، مع أن إحدى أخواتي البنات لا زالت معه بالبيت. ولما كان الحال كذلك ولما كان الشرع المر لا يحظر أن يتزوج رجل مثله قد تجاوز سقف الخمس والستين عاما فقد طالبت والدي بإيضاح مسبق لأملاكي قبل زواجه بأخرى، حيث إن هذا المال من تعبي أنا وهو جزء مما تبقى لي من أسرتنا الأولى وأنا اليوم متزوج ولى من البنين اثنان. وقد تعهدت له في خطاب في الوقت نفسه بأنني متكفل بطعامه وشرابه ومسكنه وعلاجه ومستوى معيشي فوق المتوسط في مقابل أن يعيد إلي أملاكي التي كتبها رسميا باسمه على حين غفلة منى.
والآن تزوج أبى بأخرى لا نعلم عنها شيئا ولا زالت أملاكي باسمه وهو يريد أن يورث جزءا منها لزوجته الجديدة ويوزع جزءا منها على إخوتي الستة ولا يترك لي سوى شطرا بسيطا منها لا يجوز لي التصرف فيه إلا بإذنه. أما أنا فإنني أرى أن جميع أملاكي هي ثمرة عمل يدي أحد عشر عاما وثمرة حرقة أمّي على غربتي وأنها من حقي جميعا وأنّ التنازل عن جزء منها لإخوتي هو أمر يخصني أنا وحدي ولا يخصه هو. وأنا لست مدينا له سوى بضمان معيشته عيشة رغدة فقط، لا لشيء سوى لأمر الشرع.
أرجو أن تفتوني في أمري.
والسلام عليكم ورحمة الله
د. عبد الحفيظ مسعود Dr. Abdel-Hafiez Massud, Grossbeeren Str. 70, 10963 Berlin , Germany]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
جزاك الله خيرا على ما قدمت لوالديك ولإخوانك وأسرتك، وهذا واجبك شرعا وطبعا، ونسأل الله تعالى أن يجعل ذلك في ميزان حسناتك.
وإذا كان المال الذي كنت ترسله لوالدك كنت ترسله له على سبيل الهبة له ودون أن تطلب منه أن يدخر لك منه رصيدا، فإن المال يعتبر ملكا له مادام قد وهب له وحازه حيازة تامة.
أما إذا كان ذلك للمساعدة في النفقات وما بقي منه عنها يبقى ملكا لك، سواء كان ذلك بالتصريح أو معلوما من العادة وقرائن الحال، فإن ما بقي من المال بعد النفقة يعتبر ملكا لك، وعلى والدك أن يتقي الله تعالى ويرد الحقوق إلى أهلها.
كما ننبهك إلى أن حق الوالدين عظيم، وعلى الأولاد أن يحافظوا على برهما وحسن معاملتهما، ومن بر والدكم وحسن معاملته مساعدته، وخاصة على بناء أسرته الجديدة، فهذا أمر طبيعي وشرعي لا ينبغي أن يكون سببا في الخلاف بينكم وبينه.
كما ننبهك إلى أن على المسلم أن يعظم شعائر الله تعالى، وإن وصف الشرع بالمر وصف لا ينبغي أن يصدر من مسلم رضي بحكم الله تعالى، فالشرع إنما جاء لجلب المصلحة للعباد وتكميلها ودرء المفسدة عنهم وتقليلها، ولعل ذلك كان سبق قلم ينبغي التنبه له.
كما ننصحك بمعالجة الخلاف بينك وبين والدك بطريقة محترمة معتبرا بقول الله تعالى: وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة: 237} .
وبإمكانك أن تستعين على ذلك ببعض الإخوان والأصدقاء الذين لهم تأثير على والدك لحل المشكلة بطريقة ودية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1425(12/4553)
الهبة كالصدقة لا يرجع فيها الواهب ولا يطالب بها الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص أعطى مبلغا من المال نقدا لبنت شقيقته وهو مازال على قيد الحياة فهل هذا يعتبر هبة. وهل يجوز بعد وفاته أن يطالب ورثته بنصيبهم من هذا المال الذي أعطاه لبنت أخته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الشخص الواهب مؤهلا للتصرف غير محجور عليه، فإن هبته ماضية إذا تمت حيازتها في حال أهليته للتصرف. ولا يحق له الرجوع فيها إن كانت لصلة رحم أو لفقير ... قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: والهبة لصلة رحم أو لفقير كالصدقة لا رجوع فيها. ومن باب أحرى أن لا يكون لورثته الرجوع أو المطالبة بشيء منها بعد وفاته. أما إذا لم تتم حيازة الهبة أصلا، أو تمت ولكن ذلك بعد إصابة الواهب بمرض مخوف فإنها لا تصح إلا في حدود الثلث، وما زاد على الثلث لا بد فيه من إجازة الورثة. قال ابن أبي زيد في الرسالة: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة. والأصل في ذلك ما رواه مالك في الموطأ أن أبا بكر رضي الله عنه وهب عائشة رضي الله عنها هبة ولم تحزها حتى أصيب بمرضه الذي توفي فيه، فقال لها: إني كنت قد نحلتك جذاذ عشرين وسقا فلو كنت جذذتيه واحترزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث. والحاصل أن ما وهبه الشخص المذكور لبنت أخته إن كان في حال أهليته للتصرف وتمت حيازته فإنه يعتبر ملكا لها مهما بلغ. وإن كانت الهبة وقعت في حال مرضه المخوف فإنها نافذة أيضا مالم تتجاوز ثلث تركته، وفي حال صحة الهبة لا يحق للورثة المطالبة بأي شيء منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1425(12/4554)
لا بأس بتخصيص الأب بعض الأولاد بهبة في حياته بموافقة البقية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
تحية إسلامية وبعد,
لأبي منزلان واحد منهما ذو طابقين يقطن في الطابق العلوي أخي الأكبر وفي الطابق السفلي أبي وأمي ولي ثلاث أخوات متزوجات منهن واحدة متوفاة منذ عشر سنوات وعندها بنت وكل من الثلاث بنات يسكن مع أزواجهن في بيت ملك أي ليسوا مؤجرين؛ عند زواجي طلب مني أبي أن أسكن في المنزل الثاني كأنه ملك لي (دون عقد او أي شيء) لكني رفضت لأن المسكن يوجد في حي شعبي جداً علماً أن المسكن الأول هو كذلك في حي شعبي لكن أقل شعبية طلبت من أبي أن يعرض المنزل للبيع وعن طريق ثمنه أزيد بعض المال وأشتري منزلا آخر أو أرضا أبني عليها ووافق أبي وكذلك إخوتي على هذه الفكرة والآن البيت معروض للبيع
فسؤالي هو: هل أن هذه الفكرة جائزة في ديننا أم أني أعتبر أني قد فككت لإخوتي إرثهم؟ علما أنهم موافقون.
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق الوالد أن يهب لأبنائه ما يشاء من ماله في حال صحته، وكمال تصرفه ... ولكن يجب أن يساوي بينهم في العطية على الراجح من أقوال أهل العلم، ولا يجوز له تفضيل بعضهم على بعض إلا لمسوغ شرعي إلا إذا رضوا بذلك، فلا مانع من تخصيص بعضهم بالهبة.
وعلى ذلك، فما دام إخوانك راضين وموافقين على هبة والدهم لبعضهم، فلا مانع من ذلك شرعاً إن شاء الله.
ولمزيد من الفائدة، نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 48877.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1425(12/4555)
لا حرج عليك أن تعرضي حالتك على أبيك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة وعمري الآن 33 سنة وأبى يدخر لنا مبلغاً باسمي أنا فهل من حقي أن أطلبه منه لأعيش به ولو رفض هل أصر؟ علماً بأن هذا المبلغ مركون تماماً وأنا في حاجة له.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس لك الحق في مطالبة والدك بما يدخره لك من المال، لأنه لازال في ملكه، ولا ينتقل المال إلى ملكك إلا بقبضه وحيازته في حياة أبيك، ولكن لا حرج عليك أن تعرضي حاجتك على أبيك، وتبيني له حالك.
وانظري الفتوى رقم: 6242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1424(12/4556)
حيازة الهبة بصفة شرعية تصير ملكا للموهوب
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أرض زراعية ورثتها عن والدي وهي أعطيت لوالدي من قبل ابن أخته وبعد وفاة والدي سافرت للعمل وعندما رجعت وجدت أن الأرض قد بيعت على شخص آخر من شخص آخر يدعي أنه قد شراها من الشخص الذي أعطاها لوالدي فما الحكم في استرجاع أرضي من الشخص الذي يدعي أنه شراها رغم أن الشخص الذي أعطى والدي هذه المزرعة لا زال حياً، وقد أنظر أنه باع الأرض بعد أن وهبها لوالدي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إثبات حق الملكية في زمننا يفتقر إلى تسجيل الممتلكات فيما يسمى بالشهر العقاري، أو غيره من الدوائر الحكومية التوثيقية، التي يثبت الناس بها ملكيتهم للأشياء، حتى اعتبر العلماء تسجيل هذه الممتلكات في جهاتها المختصة يقوم مقام الحيازة المثبتة للملك، وإن لم يحزها حقيقة، وقد أدى هذا إلى عدم اعتبار أي ادعاء غير مستند إلى هذه الأوراق الرسمية، هذا من حيث الواقع الذي يبني عليه القضاء أحكامه، أما من الوجهة الدينية التي تلزم المرء فيما بينه وبين ربه، فإن العقود تلزم من أجراها بمجرد اللفظ بها، إذا كان عنده أهلية التصرف، وكان غير مكره عليها، فإذا كان الشخص الواهب قد وهب هذه المزرعة لوالدك، وقد استوفى الشروط السابقة، وحصل والدك على المزرعة (حازها) فلا حقَّ للواهب في أن يرجع فيها لأنها صارت ملكاً لوالدك، لا حق لأحد أن يتصرف فيه غيره. وإن سار القضاء على غير ذلك، فإنما هو باعتبار الظاهر، لأن القضاء لا يُحل الحرام، فيبقى الإثم على من أخذ الحق عن طريق القضاء، وهو يعلم أنه لا يستحقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1423(12/4557)
حكم المال المهدى إلى العامل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل عند صاحب تجارة بيع قطع غيار السيارات وعندما يأتي الزبائن أقوم بقضاء حاجاتهم وعند دفع الحساب (ثمن السلع) يقومون بإعطائي مبلغا ماليا معتبرين ذلك من باب الشكر.سؤالي: ماهو حكم هذا المال؟ وكيف أتصرف إن صادفتني نفس التصرفات مع الزبائن هل أرد المال خاصة عندما يحلف بالله أن أمسك المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك قبول هذا المال ولو أقسم عليك الزبائن إلا إذا أذن لك صاحب العمل بذلك، وراجع للتفصيل الفتوى رقم: 17863، 28968، 14348.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1426(12/4558)
أثر الهدية والرشوة على الأمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين الهدية والرشوة وما أثرها في المجتمع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الفرق بين الهدية والرشوة هو الفرق بين الحسنة والسيئة، فالهدية مستحبة شرعاً، ومقبولة طبعاً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. رواه مالك في الموطأ.
وأما الرشوة فإنها من كبائر الذنوب، وقد ورد ذمها والتحذير منها في نصوص كثيرة من كتاب الله عز وجل، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون [البقرة:188] وقال تعالى سماعون للكذب أكالون للسحت [المائدة:42] وقال صلى الله عليه وسلم: لعن الله الراشي والمرتشي. رواه الترمذي. وفي رواية: والرائش. وهو الوسيط بينهما.
وأما أثر الرشوة على المجتمع فلا شك أنها من أبرز وسائل إفساده.. فهي وسيلة للكذب والغش والخداع والمحسوبية، وتعطيل مصالح الناس ومعاملاتهم وإفساد أخلاقهم وخراب ذمتهم.
ولهذا شدد الإسلام في تحريمها كما مر بنا.
أما الهدية فإنها من أسباب المحبة والترابط بين المجتمع وهذا من الأهداف التي يسعى إليها الإسلام.
ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها، كما في البخاري عن عائشة رضي الله عنها.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
5794
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1423(12/4559)
التعبير بالتهنئة والهدايا والزيارات للعريس مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو رأي الدين في الهدايا والأموال التي تقدم إلى العريس في ليلة الزفاف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ديننا الحنيف يشجع على عمل الخير عموماً، ويسعى لربط علاقات الأخوة والمحبة والمودة بين أفراد المسلمين، ويوجه إلى ذلك بتوجيهات مختلفة وصور شتى.
فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر".
ومن حقوق الأخوة في الإسلام، أن تهنئ أخاك إذا أصابته نعمة، فإذا كان هذا في باب التهنئة والمشاركة في الفرح، والتعبير عن الأخوة، فهذا شيء طيب ومطلوب شرعاً ومقبول طبعاً.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: "تهادوا تحابوا، وتصافحوا يذهب الغل عنكم".
وفي رواية: "تزداد حباً، فإن الهدية تذهب وحر الصدر" أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة.
فإذا كانت الهدية من هذا القبيل ولهذا الغرض، فإن الشرع يوجه إليها، وربما تكون مساعدة الشباب للعريس في تحمل أعباء التكلفة المالية الثقيلة عادة، وخاصة في هذه الأيام التي أصبحت تكاليف الزواج عقبة كأداء في طريق الشباب الذين يريدون العفاف.
أما إذا كان القصد من الهدية هو الرياء والمباهاة والفخر، فهذا لا خير فيه، والإسلام يمقت هذه الأمور.
والخلاصة: إن الإسلام يشجع توثيق الروابط بين المسلمين، والتعبير عن ذلك بالتهنئة والهدايا والزيارات.... بعيداً عن المباهاة والرياء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1423(12/4560)
شرطان لصحة الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم مقدما على جهودكم من أجل خير المسلمين وأرجو أن يتسع صدركم لمشكلتي، فأنا رجل متزوج ولي أولاد وأبلغ من العمر 50 سنة، كنت بصدد شراء قطعة أرض صغيرة من زوج أختي لغرض بناء بيت لأسرتي عليها وهو الذي يمتلك مزرعة وذلك بمباركة من أبناء وبنات أختي وكامل الأسرة، كان ذلك قبل اثنتي عشرة سنة، وكان هو يبيع قطعا أخرى في ذلك الوقت بسبب ضيقه المالي، وقد أتممنا عقد تنازل عن الأرض أمام شهود وأمام مختار المحلة غير مذكور فيه أي مبلغ وهي الصيغة المتعارف عليها في البلاد، وتحصلت على علم وخبر بالحيازة والتصرف وعلم وخبر بالملكية وكل ما تبقى من المستندات التي تسمح بتسجيلها في التسجيل العقاري حيث أودعت ملفا بالخصوص، وهذا في العادة يأخذ وقتا طويلا جدا ليتم، وقد فوجئت بعد إتمام المستندات اللازمة بأنه وجد أن ثمن الأرض زهيد لدرجة أنه لم يرد أن يأخذ مقابلا على هذه القطعة، حيث إن المبلغ لا يساعده في شيء وقال من الأفضل أن أتركها هبة لك دون أن يكون عقد التنازل مشيرا إلى ذلك، وقد حاولت كثيرا أن أدفع له، ولكنه أصر وقال إن علاقتنا أسمى من ذلك، وحيث إن هذه القطعة هي في الحقيقة جزء من المزرعة التي كان يسكنها زوج أختي وأفراد أسرته فلم أشأ أن أضع سياجا أو سورا حولها بل تركتها دون فصل إلى حين أن أقرر البدء في البناء، وهكذا كان فبعد ثلاث سنوات من تاريخ التنازل باشرت العمل على بناء السور حيث كنت بصدد بناء بيت لي ولأسرتي، وفوجئت بزوج أختي وأبنائه يتعرضون لعمال البناء ويوقفونهم عن العمل ويقولون إنهم تراجعوا في منحها هبة لي (وكان ذلك لأن أسعار الأراضي قفزت بشكل غريب حيث أصبح سعر القطعة مضاعفا عدة آلاف في المئة؟) ومنذ تلك الفترة وأنا أحاول أن أجد حلا معهم ولكن أسعار الأراضي استمرت ولازالت تستمر في الارتفاع وهو ما يجعلهم يرفضون كل الحلول، مع العلم بأنهم قد هدموا السور الذي بنيته حول قطعة الأرض وأقاموا عليها محطة غسيل سيارات يقومون بتأجيره، ولقد قرأت كل ما هو موجود في أحكام الهبة ولم أستطع أن أفهم بوضوح هل ألتجئ إلى القضاء إذا كان الشرع يجيز لي أم أن وجود صاحب الشأن وهو على قيد الحياة يجعل له الحق في الرجوع عن الهبة مع العلم بأنني لا أستطيع أن أسكن في أرض فضاء كهذه لأثبت ملكيتها إلا بعد البناء عليها وهذا أصبح الآن غير ممكن إلا بأمر القضاء، فأطلب رأيكم في هل له الحق في استرداد قطعة الأرض، وهل عليّ إثم إذا انتزعتها منه بقوة القانون الوضعي الذي يسمح لي بالمستندات المتوفرة أن أنتزعها منه؟ ووفقكم الله إلى ما فيه الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه بداية إلى أن السؤال فيه بعض الغموض وسنجيب في حدود ما فهمنا منه والذي فهمناه أن زوج أختك بداية باعك الأرض دون أن يحدد لها ثمنا، ثم عندما علم بأن السعر الذي ستدفعه زهيد فضل أن يهب لك الأرض، فإذا كان الأمر كذلك فإن عقد البيع لا يصح نظراً لما فيه من الجهالة، قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: فلا بد من كون الثمن والمثمن معلومين للبائع والمشتري وإلا فسد البيع. وقال ابن عابدين: وشرط الصحة معرفة قدر مبيع وثمن.
وما جرى بعد ذلك من هبته الأرض لك فإنه لا يصح شرعاً إلا بشرطين:
الأول: أن يكون قد وهبك هذه الأرض باختياره وكامل حريته دون أن تكون قد ألجأته لذلك بسيف الحياء.
الثاني: أن تكون قد حزت هذه الأرض الحيازة الشرعية، بمعنى أن يكون قد خلى بينك وبينها ورفع يده عنها، وراجع الفتوى رقم: 58686.
فإذا توفر هذان الشرطان فقد صحت الهبة ولزمت، سواء بقي زوج أختك على قيد الحياة أم لا، ولا يجوز له أو لورثته الرجوع فيها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يقيء، ثم يعود في قيئه. متفق عليه، وراجع الفتوى رقم: 13302.
ولك أن تراجع في هذه الحالة القضاء للتوصل إلى حقك، وإن وسطت أحد أهل الخير ليتوسط بينك وبينه ويحل المشكلة حلا شرعياً فهو أولى لما في ذلك من تأليف القلوب والمحافظة على شمل الأسرة ودرء خطر القطيعة عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1426(12/4561)
الهبة المتملكة لا تدخل في نطاق الإرث
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
توفي والدي رحمه الله وجعل مثواه الجنة ويجب علينا حصر الإرث كان والدي قد بنى منزلا وسجله باسم أمي وبعدها توفيت أمي رحمها الله ثم تسجل البيت باسمي أنا وإخوتي (من أبي وأمي) وقد تسجل البيت بحياة والدي ونحن 3 ذكور و3 أناث ثم تزوج والدي وأنجب بنتا عمرها 4 سنوات ثم توفي والدي السؤال هل زوجة أبي وأختي من أبي لهما حق بالإرث؟ علماً أن الإرث وزع علي أنا وإخوتي من أمي وأبي قبل زواج أبي وقبل وفاته.
أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أباكم إذا كان قد سجّل هذا البيت لأمكم تسجيل تمليك بحيث أصبح ملكاً لها، وحازته في حياة أبيكم، وتصرفت فيه تصرف المالك، فحينئذ ليس لأبيكم نصيب فيه إلا الربع من الميراث، فلا يصح تصرفه في غير نصيبه بالهبة أو غيرها، أما التسجيل على الأوراق فلا يعتبر تمليكاً.
وكذا القول في تسجيله البيت باسمكم على افتراض أنه لا يزال في ملك الأب وقت تسجيله لكم، فإن كان تسجيل تمليك، وقد حزتموه، وتصرفتم فيه تصرف المالك في ملكه، فليس لزوجة أبيكم نصيب فيه، لأنه ليس إرثاً لأبيكم، وإن كان مجرد تسجيل على الأوراق فقط فلا يعتبر تمليكاً، وبهذا يكون إرثاً لجميع ورثة أبيكم، وتأخذ زوجة أبيكم وبنتها نصيبها من الميراث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(12/4562)
شروط نفاذ الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي عم عنده محلات تجارية وبها بضائع وعنده ثلاث بنات واحدة عندها 21 عام واثنتان قاصرتان أقل من 18 عاما ورغب في ألا يشاركهن أحد من إخوته في الميراث بعد وفاته فقام بتمليك هذه المحلات وكتابتها لبناته في حياته ولكنه كان يدير هذه المحلات هو وزوجته حتى وفاته نظرا لصغر سن البنات.
السؤال: هل يجوز هذا التصرف أم لا؟ وهل يحق لإخوته التشكيك في صحة هذا البيع أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أنه من حق عمك أن يهب ما يشاء من المال أو العقار لمن يشاء من قريب أو بعيد، ما دام ذا أهليه كاملة للتصرف، ولكن الموهوب له لا يملك الهبة إلا بالقبض، وبالتالي فإن هؤلاء البنات لا يملكن ما وهبه الأب لهن إلا بالقبض، فإن قبضن ما وهب لهن أثناء حياة والدهن وقامت البينة على ذلك، أو بقي المال الموهوب عند أبيهن كوكيل لهن في حفظه لا يتصرف فيه لمصلحته بشيء، فالهبة نافذة.
أما إن لم تقبض الهبة وبقي الوالد يتصرف في المال لمصلحته فهذه الهبة غير نافذة، والمحلات تركة يتقاسمها جميع الورثة، ثم إنه ما كان ينبغي لهذا الأب أن يتعمد إخراج بعض الورثة.
وعلى كل فالحكم هو ما ذكرنا، وانظر الفتوى رقم:
18215 والفتوى رقم: 12698 والفتوى رقم: 9084 والفتوى رقم: 16207.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(12/4563)
هبة ما لا يملكه المرء لا أثر له
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ أعطيته دكاناً من منزلي ليعمل في التجارة وبعد10سنوات من العمل علمت أنّ أبي قد كتبه باسمه مع العلم أن العقار الذي يوجد عليه مسكني مسجّل باسمي. دلني ماذا أفعل؟ ولكم جزيل الشكر.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت لك بينة أن هذا الدكان ملكك وليس ملك والدك فاطلب من أخيك أن يسلمك إياه، فإن أبى فلك رفعه للقضاء لا ستخراجه منه.
وكون والدك وهبه إياه وكتبه باسمه لا أثر له لأنه وهبه شيئاً لا يملكه، وإن لم تكن لك بينة بملكية هذا الدكان وأنكر أخوك أنه لك فليس لك منه إلا اليمين، ويبوء بإثمه إن كان كاذباً.
والذي ننصحك به هو ألا تذهب أنت وأخوك إلى القضاء بسبب هذا الأمر، وحاولا حل مشكلتكما بأنفسكما، فإن عجزتما فأدخلا بعض أهل الخير والإصلاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1423(12/4564)
تنازل بعض الورثة عن نصيبهم لغيرهم
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد وفاة جدي وعدم الانتفاع بالمنزل، أسعى حاليا للحصول على منزل والدي وأعمامي الاثنين، وذلك إن شاء الله برضا إخوتي وأخواتي وموافقة أعمامي. والدي سيهبني إن شاء الله نصيبه ـ عقد هبة ـ وعماي سيتنازلان لي إن شاء الله عن نصيبهما ـ عقد تنازل عوضا عن عقد هبة، وذلك أن الأول خاضع إلى أداء بقيمة 6 بالمائة، بينما الثاني بقيمة 25 بالمائة؛ لأنه من الدرجة الرابعة حسب القانون. هل ما سأقوم به جائز شرعا؟ أم يجب أن يكون تنازل أعمامي عبر عقد هبة؟ هل يجوز شرعا أن يكون عقد تنازل أعمامي مشتركا؟ أفيدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح، ونحن قد سبق أن قلنا للسائل في الفتوى رقم: 128401. أنه لا حرج أن يهب له والده نصيبه من الدار بشروط، كما قلنا أنه لا حرج في أن يهب له عماه أيضا نصيبهما، وسواء حصل هذا بعقد هبة أم بعقد تنازل لا فرق فالمعنى واحد، وللسائل أن يطلب منهما التصرف المناسب والأيسر له، ولا مانع أن يحصل التنازل أيضا عن طريق عقد مشترك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(12/4565)
وجوب العدل عند قسمة الشقق على الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت امرأتي ـ رحمها الله ـ وأنا أملك بيتا مكونا من طابقين، ولي ثلاثة أولاد وأربع بنات، والطابق الأول مقسوم شقتين، والثاني غير مقسوم، وبناتي الأربع متزوجات، واثنان من أبنائي متزوجان، ويسكن كل واحد منهم في شقة في الطابق الأول وأسكن حاليا أنا وابني في الثالث ـ وهو خاطب ـ في الطابق الثاني وحدنا، فهل يجوز أن أكتب لكل واحد للابنين الذين في الطابق الأول شقته، واكتب الطابق الثاني لابني ـ الخاطب ـ وبناتي الأربع؟.
وهل يجب هنا العدل؟ لأن البيت الذي في الطابق الثاني يصبح كبيرا والشقتين في الطابق الأول واحدة منهما كبيرة والثانية أصغر منها وتوجد تحتها تسوية مكونة من غرفتين، لكنها غير جاهزة، فكيف أتصرف في هذه الحالة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الشرع بالعدل بين الأولاد ونهى عن التفضيل بينهم في العطايا والهبات، والراجح عندنا أن العدل بين الأولاد يكون بإعطاء الذكر مثل حظ الأنثى، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 6242.
وهذا العدل واجب على الوالد ما لم يكن هناك سبب يقتضي التفضيل، قال ابن قدامة: فإن خصّ بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل أو صرف عطيته عن بعض ولده، لفسقه أو بدعته، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك، لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف: لا بأس به إذا كان لحاجة وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة، والعطية في معناه. انتهى.
فإذا كان لبعض أولادك حاجة تقتضي تفضيلهم في عطيتك فلا حرج عليك في ذلك، وإذا لم يكن هناك حاجة لذلك فالواجب عليك أن تقسم بينهم بالسوّية، فتقوّم الشقق التي تريد هبتها لهم ثم تعطي لكل منهم نصيباً من البيت يساوي سبع القيمة الإجمالية، فعلى من يسكن الشقة الكبيرة أن يعطي لمن يسكن الشقة الصغيرة فرق القيمة إلّا أن يتراضى الأولاد فيما بينهم عن طيب نفس.
لكن ننبّه إلى أنّ هبتك للشقة التي تقيم فيها لا تصحّ ما دمت مقيماً فيها، فإذا أردت هبتها لأحدهم فعليك أن تخليها له وتملكها له، وانظر الفتوى رقم: 33801.
هذا كلّه إذا كنت تقصد بالكتابة الهبة بمعنى التمليك في الحياة، أما إذا كنت تقصد بها الوصية بمعنى التمليك بعد وفاتك، فذلك غير جائز، أي أنّ الوصية للوارث لا تنفذ، وتكون باطلة إلّا أن يجيزها جميع الورثة حال كونهم بالغين رشداء، وانظر الفتوى رقم: 1996.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(12/4566)
هل دعوة أصحاب المصالح للموظف على طعام من هدايا العمال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف أعمل في المشاريع الممولة من الاتحاد الأوروبي، حيث نقوم بمنح أكاديميين ـ دكاترة ـ في الجامعات وأشخاص من المجتمع المحلي مبلغ: 15000 يورو دون أن يرجعوها على شرط أن يكون المشروع المقدم للمنحة يحل مشكلة في البلد أو مشروع فيه إبداع في أي قطاع علمي, أوزراعي, أوصناعي أوطبي، إلخ. ومهمتي هي مراقبة مشروع المستفيد الذي منحت له 15000يورو من ناحية فنية ومالية، حيث نقوم بزيارة كل شهرين للمستفيد في مكتبه وليس إلى مكان تنفيذ المشروع، بحيث يقوم بالتحدث عن الإنجازات التي تم تحقيقها في الشهريين السابقين والمال الذي تم صرفه، بحيث يثبت ذلك بفواتير وسندات قبض، وفي كثير من الأحيان أقوم بتسهيل بعض الأمور للمستفيد.
السؤال: يقوم بعض هؤلاء بدعوتي إلى غداء أو عشاء في مطعم أو في مزرعته الخاصة أو في بيته, وبعض هؤلاء الأشخاص له علاقة بجهات حكومية أو له أخ يعمل في دائرة معينة يمكن أن يلبى لي طلبا من خلاله أو أن يقوم بإسداء خدمة لي من توظيف شخص يهمني أمره أو غير ذلك من الخدمات، وإلى هذه اللحظة لم أقم بتلبية أي من هذه الدعوات.
أفتوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت بعدم تلبية هذه الدعوات، لأنها داخلة في هدايا العمال التي ثبت النهي عنها، وانظر في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 109649.
ولايستثنى من ذلك إلا ما يقدم على سبيل الضيافة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 74512، وليس من ذلك هذه الدعوات التي ذكرتها.
أما الاستعانة بخدمات هؤلاء الأشخاص فلا نعلم مانعا منه إن لم يكن سببا في محاباتهم على حساب العمل، ولكن يجب أن تتوافر الضوابط الشرعية لاستخدام الوساطة، وراجع في بيان ما يجوز من الوساطة الفتاوى التالية أرقامها: 76557، 78618، 104918، 113199.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(12/4567)
حكم عدم قبول الهدية
[السُّؤَالُ]
ـ[قامت إحدى الموظفات عندنا في الشركة بشراء سيارة، وطلبت من الإدارة رسميا شراء وجبات جاهزة لتوزيعها على كل موظفي الشركة، وستقوم هي بتغطية التكاليف، وكنت محسوبا بينهم، ولكني رفضت أخذ الوجبة المخصصة لي، لأني لا أريد وجود الإناث في الشركة، ولا أريد لهذه الدعوات أن تنتشر، فهل فعلي صحيح؟ وما هي النية الصحيحة الواجب توفرها لفعل كهذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد رغَّب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبول الهدية فقال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه فتموله، فإن شئت كله، وإن شئت تصدق به، وما لا فلا تتبعه نفسك. قال سالم بن عبد الله: فلأجل ذلك كان عبد الله لا يسأل أحدا شيئا ولا يرد شيئا أعطيه. متفق عليه. وقال - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه عنه أبو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ.
قَالَ اِبْن بَطَّال رحمه الله ـ في شرح صحيح البخاري هذا حض منه لأمته على المهاداة، والصلة، والتأليف، والتحاب، وإنما أخبر أنه لا يحقر شيئًا مما يُهدى إليه أو يدعى إليه؛ لئلا يمتنع الباعث من المهاداة لاحتقار المهدى، وإنما أشار بالكراع وفرسن الشاة إلى المبالغة في قبول القليل من الهدية، لا إلى إعطاء الكراع والفرسن ومهاداته؛ لأن أحدًا لا يفعل ذلك. انتهى.
وقد اختلف العلماء فيمن أهدي إليه مال هل يلزمه قبوله أم لا، قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: واختلف العلماء فيمن جاءه مال هل يجب قبوله أم يندب؟ على ثلاثة مذاهب والصحيح المشهور الذي عليه الجمهور أنه يستحب. انتهى
وتأسيسا على ذلك فإنه يستحب لك قبول هذا الطعام الذي أهدي إليك. أما هذا القصد الذي رددت من أجله الهدية فينظر في الظروف الملابسة له، فإن كان عمل النساء في الشركة عملا منضبطا من الناحية الشرعية بمعنى أنه لم يكن هناك مخالفات شرعية من اختلاط بالرجال أو تبرج ونحوه فنرى حينئذ أن فعلك هذا خلاف الأولى؛ لما فيه من ترك أمر مستحب ندب إليه الشرع.
أما إن كان عمل النساء في الشركة يتضمن مخالفة شرعية، وكان تركك لأخذ هذا الطعام من قبيل إنكار المنكر وهجر أصحابه وزجرهم، فإن فعلك هذا محمود، ولك فيه الأجر والمثوبة إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(12/4568)
حكم تمييز بعض الأبناء في العطية لمجهوده في إنشاء الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لأب يمتلك شركة استثمار يملك هو فيها51% أن يوزع النسبة المتبقية كالآتى: الابن الأكبر 29%، والابنة الوسطى 10%، والابن الأصغر 10%، والاعتبار الوحيد هو: أن الابن الأكبرقد قام بمجهود كبير في نشْْأة الشركة بحكم علاقته وخبرته السابقة التي تفوق خبرة إخوته، مع العلم بأن خبرات والده قى نفس المجال منذ 40 عاما، ومع العلم ـ أيضا ـ بكفاح الوالد المستمر لرفع مستوى أولاده ـ الصبية ـ المادي وحصول كل منهما علي فيلا مستقلة، فما حكم الشرع في توزيع هذه الشركة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الأب العدل بين أولاده في الهبة على الراجح، كما تجب التسوية بين الذكر والأنثى منهم على الراجح أيضا، وانظر الفتوى رقم: 6242.
ولكن إذا كان أحد أبنائه له ميزة لا توجد عند الآخرين كأن يكون قد قام بمجهودات في إنشاء الشركة ونحو ذلك فلا بأس أن يكافئه الأب عليها بإعطائه نصيبا زائدا من الشركة، وانظر لمزيد الفائدة الفتويين رقم: 11517، ورقم: 104208.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(12/4569)
ذكري أمك بلطف بتنفيذ وعدها تجاهك
[السُّؤَالُ]
ـ[لأمي مبلغ مالي أعطته لأخي الوحيد لشراء سيارة لتقله وزوجته للعمل وقضاء المتطلبات العامة وقالت لي إن لي ثلث ما أخذه أخي وسترده إلي حين يتسر، وذلك منذ ثلاث سنوات وإلى الآن لا شيء ولا أضمر لأمي وأخي شيئا، لكنني أشعر بالظلم فأنا متزوجة ولي أطفال صغار تلزمني سيارة تحميني وإياهم من المواصلات وللذهاب إلى عملي الذي يتطلب مجهودا في التنقل بين المواصلات بعكس مقر عمل أخي القريب، ثم إن هذا ليس إرثا فلماذا لا توزعه بالتساوي ويتدبر كل منا أمره؟ فأنا لا أستطيع محادثتها في هذا الشأن أو تدخل أحد، أشيروا علي أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم القول بأن العدل بين الأولاد في العطية واجب على الراجح من أقوال أهل العلم، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 80025.
وأما صفة هذا العدل فمحل خلاف بين أهل العلم منهم من ذهب إلى أن العدل لا يتحقق إلا بالتساوي، ومنهم من ذهب إلى أنه يتحقق بكونه على هيئة الميراث الشرعي وذلك بأن يعطى الذكر ضعف الأنثى، وقد بينا هذا في الفتويين رقم: 112748، ورقم: 27543، وذكرنا فيهما ما نرجحه من الرأيين.
والذي نشير به عليك هو أن تذكري أمك بما كان منها من وعد لك بأن توفيك نصيبك من هذا المال وتذكري لها حاجتك لذلك كحاجة أخيك على أن يكون هذا بأسلوب رفيق رقيق، لأن الأم حقها عظيم وبرها واجب محتم، مع التنبيه على أن حقها باق عليك مهما كان من أمرها حتى وإن حرمتك من هذا المال مطلقاً فلا يجوز لك أن تردي عليها بمثل فعلها، بل عليك أن توفي لها حقها من البر والإحسان وحسابها في تقصيرها على الله سبحانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(12/4570)
طبيعة منحك الراتب المذكور يحدد كيفية تصرفك فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[سئلت السؤال التالي (كم عدد أفراد أسرتك) .؟ كان جوابي (سبعة أفراد)
على إثر هذا السؤال منحت راتبا شهريا, هل أقسم هذا الراتب على أفراد الأسرة بالتساوي أم أحتفظ به وأصرف على الأسرة منه. علما بأن ابنتي متزوجة وهي مستقلة مع زوجها بحياتهم في بيت مستقل ولهم دخلهم المادي الخاص, وفي حالة وجوب إعطائهم حصتهم هل أعطي حصة ابنتي لها وحصة زوجها له أم أسلمها إلى زوج ابنتي. وكيف التصرف مع باقي أفراد الأسرة وأنا مسؤول عن مصاريفهم علما أن البعض منهم له دخل خاص به وأنا لم أطلب يوما أي مساعدة منهم لأنهم أبنائي وأنا المسؤول عنهم. أرجو الإجابة بأكبر قدر من الوضوح والتفصيل. شخصيا أميل إلى أن أعطي ابنتي وزوجها حصتهم, لكن يهمني أن أعرف حكم الدين والشرع بذلك وهو برأيي الأحسن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجواب عن هذا السؤال يرجع إلى طبيعة صرف الراتب المذكور، وهل الجهة التي تدفع إليك تدفعه لشخصك تمليكا لتتصرف فيه حسب ما تشاء، أم تدفعه لك لتقوم بتوزيعه على أفراد أسرتك بالتساوي أم حسب الحاجة؟ فعلى الاحتمال الأول وهو أن المال ملك لك تفعل به ما تشاء فأنت مطالب بالعدل بين أولادك فإذا أعطيتهم فبالتساوي إلا أن يكون هناك مسوغ شرعي لتفضيل بعضهم كفقر أو مرض ونحو ذلك، وتسلم كل واحد منهم حصته إليه لا إلى غيره ما دام بالغا راشدا.
وعلى الاحتمال الثاني وهو أنك مجرد وكيل في توزيع هذا الراتب فتوزعه حسب قانون الجهة وشرطها، فإن لم يكن لها شرط فحسب الحاجة متوخيا العدل مراعيا المصلحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1430(12/4571)
لا حرج في قبول هبة الوالد إن وافق باقي الإخوة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد موت جدي وتقسيم المنزل بين والدي وأعمامي الاثنين بالتساوي بينهم لم يستطع أحد منهم ـ إلى الآن ـ الانتفاع به بعد مضي عدة سنوات، والآن أود أن أشتريه وأنتفع به، خصوصا بعد زواجي وتدهور حالتي المادية، أنا شقيق لأخوين وأختين ووالدي ووالدتي على قيد الحياة، فما العمل إن رضي والدي بإعطائي نصيبه من المنزل؟ وهل يصح ذلك لصعوبة ظروفي المادية؟ أم يجب أن أحصل على الموافقة الأولية خطياً من إخواني وأخواتي؟ وهل تصح هبة عمي لي في صورة أنه لم يوافق على بيعي قسطه؟ وإنما أراد أن يهبني إياه.
فأفيدوني، جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل وجوب العدل بين الأولاد في العطية على الراجح من أقوال أهل العلم، لما ثبت من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولما في التفضيل من إثارة الأحقاد والضغائن بينهم، إلا أن بعض أهل العلم قد رخص في هذا التفضيل عند وجود سبب مسوغ له، كالمرض والفقر أو كثرة العيال أو الاشتغال بطلب العلم ونحو ذلك.
وعليه، فإن وجد مسوغ شرعي فلا مانع، وإن لم يوجد فلا يجوز، لكن إن وافق إخوتك على هبة أبيك نصيبه لك عن طيب نفس منهم ـ لا حياء وخجلاً ـ فلا حرج في ذلك، ولا يشترط كون الموافقة خطية، وإنما المهم التحقق من رضاهم وطيب أنفسهم.
وأما هبة عمك نصيبه لك فلا حرج فيها، لأن الإنسان لا يجب عليه التسوية بين أقاربه في الهبة، وإن كانت التسوية بينهم أولى، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 65195.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1430(12/4572)
هذا المبلغ دائر بين كونه هبة أو وصية
[السُّؤَالُ]
ـ[جدتي ورثت من أبي مبلغ 800 جنيه في شيك كانت عملت توكيل لوالدتي، وبعد أن صرفت الشيك تم إلغاء التوكيل، علما بأن جدتي قالت أنا متنازلة عن أي فلوس للأولاد ولم نعطها المبلغ، وماتت جدتي. فهل نخرج المال صدقة عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان تنازل الجدة للأولاد عن المبلغ المذكور في حال أهليتها للتصرف، وتمت حيازته من قبلهم أو من قبل من هو قائم على أمرهم، فإن هذا التنازل صحيح يملك بموجبه الأولاد هذا المال، ولهم التصرف به كيف شاءوا من صرفه في الصدقة عنها أو غير ذلك إذا كانوا رشداء بالغين.
أما إذا كان تنازل الجدة في حال عدم أهليتها للتصرف بأن كانت في مرض الموت، فإن تنازلها في ذلك الوقت يعتبر وصية، والوصية لا تصح بأكثر من الثلث إلا إذا أجازها الورثة برضاهم وطيب أنفسهم وكانوا رشداء بالغين. ولذلك فإنه إذا لم يكن للجدة غير هذا المبلغ فإنه ليس للأولاد منه إلا ثلثه، ولهم أن يتصرفوا فيه كيف شاءوا كما ذكرنا، والباقي هو لورثتها. انظر الفتاوى الآتية أرقامها: 60230، 68120، 74185، 75744، 54764.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1430(12/4573)
حكم الزيادة في وزن الأمتعة عما سمحت به الجهة المختصة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: أنا طالب قامت دولتي بإيفادي إلى دولة أجنبية للدراسة، وقاربت على الانتهاء من الإيفاد والحصول على الشهادة، وحسب قوانين الإيفاد لدولتي فإنه يحق لي أن أشحن على نفقة الدولة 60 كغ. ولدى السؤال عن تكاليف الشحن فإنه كلما كثر الوزن المراد شحنه فإن التكلفة تكون أقل.
سيتقاضي مكتب الشحن لكل 1كغ 7 دولار في حال تم شحن 60 كغ فقط أي المبلغ الإجمالي 60*7=420 دولار , وإذا زاد الوزن إلى 100 كغ فسيكون الشحن لكل 1 كغ 5 دولار أي 100*5=500 دولار. وسؤالي: هل يجوز لي أن أشحن ال 100كغ وأن أسجل في الفاتورة قيمة ال 60كغ أي 420 دولار فقط وهو المبلغ الذي ستعيده الدولة لي, أما بقية المبلغ فلا أسجله في الفاتورة وأتحمله أنا.
مع العلم أنني كطالب يحق لي أن أشتري وزنا زائدا مع تذكرة الطائرة مباشرة، والسعر لكل 1كغ زيادة أكثر من 15 دولار، ولكن أنا بهذا العمل أقلل النفقات التي تتحملها الدولة، وأشحن أمتعتي عن طريق مكاتب الشحن بسعر أقل.
أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الدولة تدفع لك قيمة شحن 60 كغ بشروط معينة فيجب عليك أن تلتزم بهذه الشروط، ولا يجوز لك أن تسجل في الفاتورة قيمة غير القيمة الحقيقية للشحن. ولو فرضنا أن المبلغ الذي تدفعه الدولة لمصاريف الشحن مبلغا مقطوعا تملكه للطالب بغض النظر عن وزن المتاع المراد شحنه قلَّ أو كثر، ففي هذه الصورة لا مانع أن تستفيد من الفارق في سعر الشحن المترتب على زيادة الوزن.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتويين: 54146، 104698.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1430(12/4574)
سجلت ثلاثة أرباع قيمة المنزل لأولادها الذكور، والباقي للبنات
[السُّؤَالُ]
ـ[جدتي لديها منزل وقبل وفاتها بسنتين قامت بتسجيله لأولادها على النحو التالي: ثلاثة أرباع قيمة المنزل لأولادها الذكور ـ وهم ثلاثة، والربع الآخر للبنات وهم 5، فهل هذا جائز؟ أم أنه حرام وتجب إعادة توزيع قيمة المنزل من جديد؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت جدتك وهبت المنزل لأبنائها وخلت بينهم وبينه وقبضوه قبل وفاتها فهي هبة ماضية بموتها؛ وإن كانت آثمة لعدم عدلها فيها بين أبنائها، وينبغي لهم رد تلك الهبة وتقسيمها بالعدل بينهم جميعا.
وأما إن كان المنزل الذي كتبته باسم أبنائها هو منزل سكناها ولم تخرج منه حتى ماتت فالهبة باطلة، لعدم قبضها وحيازتها قبل الموت، ولا تكفي الكتابة في ذلك، بل لا بد من حوز الموهوب وقبضه قبل الموت، قال ابن أبي زيد الماكي في الرسالة: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة.
وروى مالك في الموطإ عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن أبا بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ كان نحلها ـ وهبهاـ جذاذ عشرين وسقا من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة قال: والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلي غنى بعدي منك، وإني كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا فلو كنت جذذتيه واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك فاقتسموه على كتاب الله. وانظر الفتوى رقم: 93802.
وكذلك إن كانت علقت تصرفهم فيه بعد موتها فهي وصية، والوصية للوارث باطلة إلا أن يجيزها الورثة‘ كما في قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي والدارقطني وزاد: إلا أن يشاء الورثة. قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام: إسناده حسن.
وعلى هذا الاعتبار فالمنزل تركة يقسم بين الورثة كل حسب نصيبه المقدر له شرعا، وللفائدة انظر الفتويين رقم: 70074، ورقم: 121079.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1430(12/4575)
حكم المال الذي جاء للوالد بعد وفاته
[السُّؤَالُ]
ـ[كان معي مبلغ أعطيته لأمي بنية قرض لأخي حتي تأتي له فرصة سفر للخارج، وفي هذه المدة كان الوالد مريضا وكنت أرسل له ما تيسر لي من مال للعلاج وأيضا أخي الأكبر أعطاه مبلغا بنية نفقة على علاجه. وبعد فترة من زمن جاء أمر الله بوفاة أبي، وبعد مدة تقريبا 3 أو 4 سنوات جاء مبلغ لأبي بعد وفاته وبالطبع طلبنا حق المال الذي أودعه كل منا أنا وأخي وهو أن أخي أعطى قدرا من المال لأمي وقال لها هذا المال لعلاج أبي وأنا أيضا كنت أرسل له مالا للعلاج والمال الآخر أني أعطيت مبلغا لأخي للقرض حتى يجد فرصة عمل للخارج وبعد أن ييسر الله عليه يرده وكان المبلغ هذا مع أمي وأخي لحين الحصول على عقد عمل، ولكن صرف في علاج أبي حتى الوفاة، والآن جاء لوالدي المال من عمله. فمن يحق له أن يرد له ماله ومن لا يستحق ويكون ذلك حراما إذا أخذه من أعطى مالا بنية أنه للوالد ومن أعطي مالا بنية أنه قرض للأخ وصرف على الوالد غير أني كنت أرسل مالا أيضا لعلاج والدي غير مال أخي علي سبيل القرض؟ آسف للإطالة وأتمنى أن تراسلوني بالرد الوافي ولكم مني خير الدعاء أن يوفقكم الله إلى كل خير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما دفعه السائل وأخوه الأكبر لعلاج أبيهم على وجه التبرع والصلة أو كان واجباً عليهما لفقر الوالد فليس لهما الحق في المطالبة به من تركة أبيهم، وراجع في ذلك الفتويين: 46068، 55101.
وأما المال الذي دفعاه لأخيهم الأصغر على سبيل القرض فلهما الحق في مطالبته به من ماله الخاص أو من نصيبه من تركة الوالد، حتى ولو كان هذا الأخ الأصغر قد دفع هذا المال المقترض أو جزءاً منه في نفقة علاج الوالد، إلا إن كان قد دفعه نيابة عن أخويه أو وكالة عنهما أو بعلمهما وإقرارهما فلا يحق لهما مطالبة أخيهم بهذا القدر المدفوع في نفقة علاج الوالد.
ونُذكر السائل الكريم وإخوته أن النفقة على والدهم من أعظم القربات التي ينبغي أن يتنافسوا فيها، ويبادر كل واحد منهم لتحملها احتساباً للأجر.
ثم ننبه أخيراً على أن المال الذي جاء للوالد بعد وفاته بمدة لا يخلو من حالين، فإما أن يكون هبة من الدولة لورثة المتوفى، وليس هو من تركته فيُرجع في تقسيمه إلى الطريقة التي تحددها الدولة، ولا تنطبق عليه أحكام الميراث، وإما أن يكون جزءاً من راتب المتوفى كان يخصم منه، وهو ما يسمى بالمعاش فهذا يقسم كما يقسم الميراث، وراجع في ذلك الفتويين: 18770، 22663.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1430(12/4576)
هم أبوهم بشراء بيت لإخوتهم من أمهم فهل يحجرون عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل: والدي متزوج من امرأتين، والدتي متوفاة وزوجته الثانية على قيد الحياة وعنده منها خمسة أبناء ويعاملهم كأنه لا يوجد غيرهم في حياته، ومؤمن لهم رفاهية تفوق قدراته المادية وهو يملك أرضا زراعية نعيش من إنتاجها ويريد أن يبيع قسما كبيراً منها ويشتري لهم منزلاً كبيراً في المدينة يفوق قدراته المادية، ونصحته أن يشتري بيتا على قدر الحال ولم يستجب لي. فهل يجوز أن نمنعه أنا وإخوتي علما بأنه عليه ديون وقروض كثيرة ونصحته بتسديدها ولم يستجب، علما بأن تصرفاته معنا تختلف بكثير ونتستر منه لكي لا نزعجه لأنه يعيش في القرية ومعاش القرية بسيط. فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعدل الرجل بين أولاده في النفقة والهبة ونحو ذلك واجب على الراجح من كلام أهل العلم، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 19505.
وعلى ذلك فلا يجوز لأبيكم أن يشتري لأولاده من زوجته الثانية مسكناً فاخراً دونكم لأن هذا ليس من العدل. جاء في الفتاوى الكبرى لابن تيمية: والحديث والآثار تدل على وجوب التعديل بينهم في غير التمليك أيضاً وهو في ماله ومنفعته التي ملكهم والذي أباحهم كالمسكن والطعام، ثم هنا نوعان: نوع يحتاجون إليه من النفقة في الصحة والمرض ونحو ذلك فتعديله فيه أن يعطي كل واحد ما يحتاج إليه، ولا فرق بين محتاج قليل أو كثير، ونوع تشترك حاجتهم إليه من عطية أو نفقة أو تزويج فهذا لا ريب في تحريم التفاضل فيه. انتهى.
وفي الإنصاف: قال في رواية أبي طالب لا ينبغي أن يفضل أحداً من ولده في طعام ولا غيره كان يقال يعدل بينهم في القبل. انتهى.
فإن خالف هذا وفضلهم عليكم فإنه يأثم وحسابه حينئذ على ربه، لكن لا يجوز لكم أن تمنعوه من التصرف في ماله سواء لهذا السبب أم لغيره من الديون ونحوها، لأن هذا حجر عليه والحجر لا يكون إلا على السفيه ولا يباشره آحاد الناس وإنما يحكم به القاضي، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 62184.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1430(12/4577)
متى يجوز للمرأة الرجوع في هبتها لزوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي أعطتني ذهبها برضاها وأنا فقير، وبعد فترة حصلت بيني وبينها مشاكل وذهبت إلى بيت أهلها، وقالت لن أرجع حتى تأتيني بذهبي، وأنا لا أستطيع أن أعطيها ذهبها لسبب ظروفي القاسية، وأريد إفتائي في هذا الأمر. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت زوجتك قد أعطتك الذهب بطيب نفس، فتلك هبة لا يجوز لها الرجوع فيها والمطالبة بردّها عند جمهور العلماء،، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاَ يَحِلُّ لأحدٍ أَنْ يُعْطِىَ عَطِيَّةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلاَّ الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِى وَلَدَهُ. رواه الترمذي، وصححه الألباني.
وعلى ذلك فلا يلزمك ردّ الذهب لزوجتك، لكن إذا كانت زوجتك قد أعطتك بعد أن سألتها ذلك، أوأعطتك خوفاً ورهبة، فالأحوط أن تردّ لها ذلك حين قدرتك، فقد ذهب بعض العلماء إلى جواز رجوع الزوجة في هبتها لزوجها في مثل هذا الحال، قال ابن قدامة في المغني: وعن أحمد رواية أخرى ثالثة نقلها أبو طالب إذا وهبت له مهرها فإن كان سألها ذلك ردّه إليهاـ رضيت أوكرهت ـ لأنها لا تهب إلا مخافة غضبه أوإضرار بها بأن يتزوج عليها، وإن لم يكن سألها وتبرعت به فهو جائز، فظاهرهذه الرواية أنه متى كانت مع الهبة قرينة من مسألته لها أوغضبه عليها أوما يدل على خوفها منه فلها الرجوع، لأن شاهد الحال يدل على أنها لم تطب بها نفسها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1430(12/4578)
لا يجوز لمن تبرع بشيء لوجه الله أن يطالب بتعويض عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أهلي تبرعوا بشريط من منزلنا لوجه الله لفسح الطريق. الطريق كانت تمر منه سيارة واحدة فقط، والآن والحمد لله الطريق أصبح يتسع لمرور سيارتين ذهابا وإيابا. نسأل الله أن يتقبل منا.
ولدينا جاران؛ الجار الذي على اليمين طلب من الدولة أن تمنحه تعويضا ماليا مقابل أن يفسح مجالا لمرور سيارتين، والجار الثاني طلب كذلك مثله أي يتنازل عن شريط من منزله لمرور سيارتين مقابل تعويض مالي من الدولة.
سؤالي هو: هل يمكن لنا أن نطالب الدولة بتعويض مالي مثل جيراننا؟ وهل لدينا الحق في ذلك؟ أم تبرعنا بالشريط الأرضي حوالي (1م*17م) قبل المطالبة بالتعويض يمنعنا من ذلك؟
وهل إذا تمٌ تعويضنا هل ينقص من أجرنا يوم القيامة؟ أرجو التوضيح وبالأدلة جزاكم الله خيرا؛ لأن ديننا يسع جميع المجالات، وليس الفقه فقط مثلا. وبارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما تبرع به المسلم لوجه الله وخلى بينه وبين من تبرع له به لا يحق أن يطالب بتعويض عنه من الدولة؛ لأنه لم يعد ملكا له حتى يطالب بتعويض عنه، فإذا طالب بالتعويض فكأنه استرجع ما تبرع به لوجه الله حتى يبيعه للدولة.
وفي هذه الحال يقع في العود في الهبة الذي مثله النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث الصحيحين بالكلب الذي يعود في قيئه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1430(12/4579)
الهدايا التي تعطيها المصانع لعمال الشحن
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي يعمل في شركة خاصة للشحن، وتقوم المصانع بتوزيع هدايا عليهم من البضائع التي يتم شحنها من كل نوع يتم توزيع كرتونة أو أكثر على حسب البضاعة ملابس ومأكولات، وذلك بعلم صاحب الشركة وأخي يعطيني من هذه الملابس والمأكولات. ما حكم هذه العطايا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الهدايا التي تعطيها المصانع لعمال الشحن يباح لهم أخذها إن كانت شركة الشحن التي يعملون بها لا تمانع في ذلك. وبناء عليه فإنه يجوز لك قبول ما يعطيه لك أخوك.
وقد بسطنا الكلام على الموضوع في الفتاوى ذوات الأرقام التالية فراجعها: 17863، 34768، 125483.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1430(12/4580)
كتبت بيتها باسم بعض ورثتها
[السُّؤَالُ]
ـ[جدتي توفيت منذ شهر وكانت تملك منزلاً وهذا المنزل نسكنه ـ أنا ووالدي ـ منذ30 سنة مضت، وقبل وفاة جدتي بأكثر من سنة قامت بتسجيل ربع المنزل لوالدي، وربعه لعمي الثاني، وربعه لعمي الثالث، والربع الأخير لعماتي، وعددهم 5، وقد علم الجميع بذلك قبل وفاتها ولم يعترض أحد من عماتي، ولكن بعد وفاتها اعترضت العمات على هذه القسمة ويطالبن بإعادة القسمة ويقلن: إن هذه القسمة حرام وغيرعادلة، فهل هناك حرمة في هذا القسمة؟ وهل ستحاسب جدتي على هذه القسمة؟ أم أنها حرة في مالها توزعه كما تشاء؟ مع العلم أن جميع عماتي لديهن منازل وغير محتاجات، بينما والدي لا يملك سوى هذا المنزل، ومن هنا كان استعطاف جدتي عليه، وكي لا تفرق بينهم قامت بكتابة الأرباع الأخرلأعمامي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكتابة جدتك بيتها باسم بعض ورثتها لا تخلو من حالتين: الأولى: أن تكون قد كتبت البيت لهم وملكتهم -أو بعضهم- إياه في حياتها، بحيث أخلت لهم المنزل وحازوه وصاروا يتصرفون فيه تصرف المالك، وفي هذه الحال تعتبر قد وهبت البيت لهم، ولكنها هبة لا تصح على الصحيح من أقوال أهل العلم، لكونها لم تعدل فيها، والوالد والوالدة مطالبان شرعاً بأن يعدل كل منهما في هبته لأولاده، وإذا لم يعدل لم تصح الهبة وترد حتى بعد مماته على الصحيح من أقوال أهل العلم، كما بينا ذلك في الفتويين رقم: 120366، ورقم: 101286.
وما ذكرته من أن عماتك متزوجات وغير محتاجات، ليس مسوغاً لأن تكتب الوالدة البيت باسم الذكور من أبنائها.
الحالة الثانية: أن تكون جدتك كتبت البيت بأسمائهم في مرض موتها، أو كتبته في صحتها، ولكنها لم تملكهم إياه، فهذه الكتابة تعتبر وصية، وليس المسلم حراً في وصيته يكتبها كيف يشاء ويعطي من يشاء ويحرم من يشاء، بل الواجب الوقوف عند حدود الشرع في الوصية، والوصية للوارث ممنوعة شرعاً ولا تمضي إلا إذا رضي الورثة بإمضائها، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 117675.
وعليه، فمن حق عماتك المطالبة بقسمة البيت قسمة شرعية في كلا الحالتين، وأما هل ستحاسب جدتك؟ فهذا لا يعلمه إلا الله ـ إن شاء عاقبها وإن شاء غفر لهاـ وحسبنا أن نقول: إنها أخطأت أوأصابت، ولو افترضنا أن أباك وإخوته محتاجون أكثر من عماتك، أو أن بعضهم محتاج، وأن الجدة إنما آثرتهم على أخواتهم بسبب زيادتهم في الاحتياج، فإن الهبة في هذه الحالة تمضي إذا كانت قد حيزت في حياة الواهبة وقبل مرض موتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1430(12/4581)
تقسيم الوالد أرضه على أبنائه في حياته
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سيدي عندي سؤال يتعلق بتوزيع التركة على الورثة مع العلم أن صاحب المال على قيد الحياة: كان لوالدي قطعة أرض, فأراد أن يعطيها لأخوي ليبني منزلاً لهما ولكن أحد الإخوة أرادها لنفسه فقط, فرفضت الوالدة ورفض كل الإخوة, وبعد مرور سنين اتفقنا أن نسمح له بأخذها ولكن بشرط أن لا يبيعها ليستفيد بأموالها, فقبل الشرط ولكن بعد 3 أشهر جاء هذا الأخ يقول أنه لا يستطيع بناء هذه الأرض وإنه يريد بيعها ويشتري منزلا, فرفض أبي وأمي الفكرة ونحن كذلك, فاتفقنا أن نبيع هذه الأرض ونصف مبلغ لهذا الأخ والنصف الثاني يتقاسمه بقية الإخوة. كيف تتم القسمة مع العلم أن الوالدين ما زالا على قيد الحياة وبقي من الإخوة 2 ذكور و 2 بنات؟ وشكراً. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوالد ما دام حيا لا يصح توزيع تركته لأن من شروط الإرث تحقق موت الموروث، وأما هبته أمواله لبنيه فتصح إذا عدل بينهم أو رضى بعضهم بإيثار غيره، وأما مسألة الأخ المذكورة في السؤال فما دام الأب موجوداً فينبغي الرجوع إليه في المسألة، فإن كان أراد إعطاء ابنه الاذن في البناء بتلك القطعة فإن الولد لا يملك القطعة بمجرد الإذن في البناء كما قال خليل في المختصر فيما لا تحصل به الهبة: لا بابن مع قوله داره.
قال الدردير في شرح المختصر: أي لا تكون الهبة بقوله لولده ابن هذه العرصة داراً مع قوله أي الوالد داره أي دار ولدى ... لجريان العرف بذلك للأبناء مع عدم إرادة التمليك. انتهى.
وإذا كان ملك القطعة لابنه ووافق بقية الأبناء على ذلك وحاز الولد الأرض فإن الهبة تكون نافذة ويصح للأب الرجوع فيها عند الجمهور بشروط لما في الحديث: ليس للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه أحمد والحاكم، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.
وبناء عليه فإذا كان يصح رجوع الأب في الهبة فيمكن له أن يبيع الأرض ويقسمها بين بنيه بالسوية، أو يؤثر بعضهم بشيء منها إذا رضى بقية الأبناء، وراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 98269، 52160، 65302، 111422.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1430(12/4582)
من وهب لمقصد معين ولم يتحقق هذا المقصد
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرفت على امرأة نصرانية بقصد الزواج منها، وعندما عرضت عليها أن تدخل الإسلام قبلت في أول الأمر، لكن في الأخير رفضت وقالت لي: الله غير موجود فصدمتني بهذه الكلمة، علما بأنني كنت أكذب عليها وترسل لي النقود قصد العلاج وقصد مساعدتي، مع العلم أنني لم أطلب منها ذلك وكانت نيتي من أخد تلك المبالغ إضعافها لأنها كافرة وتستحق كل ما فعلته بها، وفي الأخير اكتشفت أنني أكذب عليها، لأنني لم أصرف تلك المبالغ في العلاج فأمرتني أن أرد لها تلك المبالغ كلها، وأنا لا أستطيع أن أرد لها ولو درهما واحدا، لأنني صرفت كل شيء ولا أعمل، فما موقف ديني من ذلك؟ وهل سأحاسب يوم القيامة على ما أقدمت عليه؟.
أفيدوني يرحمكم الله، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أنّ التعارف بين الشباب والفتيات أمرغير جائز ـ ولو كان بغرض الزواج ـ لما يجر من الفتن وما يترتب عليه من المفاسد، وانظر الفتوى رقم: 1769.
وإذا كانت هذه المرأة تنكر وجود الله فهي كافرة غير كتابية، ولا يصحّ زواجك منها، لكن ذلك لا يبيح لك الكذب عليها وأخذ أموالها بغير رضاها بدعوى أنّك تريد إضعافها لكفرها، فذلك بلا شك فهم مغلوط وسلوك مشين لا يليق بمسلم، وأنت محاسب على ذلك يوم القيامة، والواجب عليك أن تردّ ما أخذته منها، إن كانت قد أعطتك لغرض معين وأنت لم تنفقه في هذا الغرض، فإنّ من وهب لمقصد معين ولم يتحقق هذا المقصد فله استرجاع ما وهبه، قال ابن تيمية: وهذا المنصوص جارعلى أصول المذهب الموافق لأصول الشريعة، وهو أن كلّ من أهدي له شيء أو وهب له شيء بسبب يثبت بثبوته ويزول بزواله. المستدرك على مجموع الفتاوى: 4 ـ198ـ وانظر الفتوى رقم: 33684.
وإذا كنت لا تملك ما تردّ به هذا المال فهو دين عليك، إمّا أن تستحلّها منه، وإمّا أن تؤديه حين القدرة عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1430(12/4583)
أعطى لأمه ذهبا وأراد أخذه لنفسه بعد وفاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت لأمي في ما مضى سياغة من ذهب، وبعد ما توفيت أمي أردت أن آخذ سياغتي. هل للورثة حق في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت وهبت ما وهبت للوالدة وحازته، فإن الهبة تعتبر نافذة، وبذلك تصير ملكا لها تورث عنها كما يورث بقية مالها، وأنت وباقي الورثة سواء فيها. أما إن كنت أعرته لها فقط، فإنه بذلك لم يخرج من ملكك، ولا حق لأحد من ورثة والدتك فيه؛ لأنها لم تملكه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1430(12/4584)
حكم صرف المال في غير الوجه المتبرع به من أجله
[السُّؤَالُ]
ـ[تبرع لي ناس بمبلغ لأداء عمرة، فهل يجوز لي استخدم ذلك المبلغ في سد احتياجات الزواج؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تصرف هذا المال في غير الوجه الذي تبرع به هؤلاء الناس لك، إلا إن استأذنتهم، فإن أذنوا فلا حرج عليك في هذه الحال، وذلك لأن مقصودهم في التبرع معتبر شرعا، فإنهم إنما قصدوا التقرب إلى الله بإعانتك على أداء العمرة، وقد نص الفقهاء على أنه يجب مراعاة شرط المتبرع إن كان له مقصود شرعي، ولم يكن تبرعه من باب الهبات المحضة، جاء في حاشية الجمل: لَوْ دَفَعَ لَهُ تَمْرًا لِيُفْطِرَ عَلَيْهِ تَعَيَّنَ لَهُ عَلَى مَا يَظْهَرُ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ نَظَرًا لِغَرَضِ الدَّافِعِ. انتهى.
وقال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ وَقَالَ اشْتَرِ لَك بِهَا عِمَامَةً أَوْ اُدْخُلْ بِهَا الْحَمَّامَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ تَعَيَّنَتْ لِذَلِكَ مُرَاعَاةً لِغَرَضِ الدَّافِعِ، هَذَا إنْ قَصَدَ سَتْرَ رَأْسِهِ بِالْعِمَامَةِ وَتَنْظِيفَهُ بِدُخُولِهِ الْحَمَّامَ لِمَا رَأَى بِهِ مِنْ كَشْفِ الرَّأْسِ وَشَعَثِ الْبَدَنِ وَوَسَخِهِ، وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَسُّطِ الْمُعْتَادِ، فَلَا تَتَعَيَّنُ لِذَلِكَ، بَلْ يَمْلِكُهَا أَوْ يَتَصَرَّفُ فِيهَا كَيْفَ شَاءَ. انتهى.
فظهر أن الفقهاء ـ رحمهم الله ـ يفرقون بين التبرعات المحضة وبين ما للمتبرع فيه مقصود معين فيعتبر. وعليه، فليس لك صرف هذا المال حيث شئت إلا بإذن من تبرعوا به، إلا إن علمت أنهم إنما قصدوا مواساتك بهذا المال، وليس لهم مقصود في أدائك العمرة خاصة، وهذا غير ظاهر، وانظر الفتوى رقم: 125179.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(12/4585)
توزيع الجوائز يتم على حسب ما حددته الجهة المانحة أو المسؤول المخول بتوزيعها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في قطاع حكومي، وتقدم القطاع للمشاركة في مسابقة أحسن موقع حكومي، فقام رئيس القطاع بوضع أسماء المنفذين والمسؤولين عن الموقع والحمد لله فاز الموقع بمبلغ مالي كبير، فنظر الزملاء للمبلغ وطالبوا بتوزيع المبلغ على كل العاملين مع أن المبلغ جاء بأسماء المنفذين والمسؤولين عن الموقع، وهذا المبلغ إذا وزع على الكل لا يساوى شيئا ولكن لو وزع على القائمين على الموقع كان مبلغا كبيرا لهم ويساعدهم في حياتهم، مع العلم أن هناك بعض الناس الذين شاركوا بوضع البيانات لكن أسماؤهم ليست موجودة. فهل يجب على الفائزين إحضار المال للقطاع وتوزيعه على الناس كلهم أم على الذين شاركوا في وضع البيانات أم يحتفظوا بالمبلغ لهم حيث لا أحد يستطيع أخذه منهم، ولكن منعا لبث الكراهية والفرقة بين العاملين وجزاكم الله خيرا؟
ملحوظة مهمة: أحد الفائزين ومصمم أكثر من 75% من الموقع لكنه أخذ إجازة بدون مرتب ووضع اسمه لمجهوده في الموقع. فهل إذا اخذ المال يكون من حقه أم يجب إرجاعه مرة أخرى؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الجائزة مستحقة للذين تم وضع أسمائهم فحسب وصرفت إليهم فهي خالصة لهم لا يشاركهم غيرهم فيها. وأما إن كانت للقطاع الحكومي كله وإنما وضعت أسماء أولئك من باب الأمور التنظيمية. فالجائزة مشتركة بين جميع العاملين في القطاع ولا تخص أولئك المسجلين وحدهم.
وإن كان الأمر فيها راجعا إلى المسؤول عن ذلك القطاع فهو يوزعها على عماله حسب اجتهادهم في العمل ويحرم الكسالى منهم فله ذلك.
وبناء عليه فمرد الأمر إلى الجهة المانحة للجائزة أو المسؤول المخول بتوزيعها.
وأما كون أحد الفائزين بالمسابقة في إجازة فإن ذلك لا يمنعه من أخذ حقه وإشراكه فيها حسب ما تقدم بيانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1430(12/4586)
حكم الهبة أو الوصية من المتبني للمتبنى
[السُّؤَالُ]
ـ[تربيت في أسرة فاضلة، وسجلت في الحالة المدنية وحملت لقبا دون أن أعرف أنني متبنى، توفي أبي الذي تبناني رحمة الله عليه وأسكنه فسيح جناته آمين، كان دائما يلح على تسجيل المنزل باسمي، وذهبنا مع زوج عمتي إلى أحد العدول لكن اشترط علي أن أعطي عمي مبلغا من المال، وعند وفاته جاء عمي وبعد الوفاة مباشرة بدأ يلمح بالإرث، اضطررت بعدها الى الاستعانة ببعض الأهل، وهكذا تم الاتفاق على أن أعطيه مبلغا من المال، وهكذا تم الاتفاق، لكن المشكلة أن أبي لم يذكر ابنته المتواجدة في بلد آخر لأنها لم تكن تزوره أو تعطيه أهمية، وبعد وفاته بمدة طويلة جداً ظهرت أختي في التبني، وأخبرتها أنني أخذت المنزل وبعته واشتريت به منزلا آخر بعد إضافة بعض المال، ولأنها ميسورة سمحت لي لأنني كنت أنوي أن أعطيها مبلغا من المال رغم أن أبي لم يذكرها وكانت ميسورة، فأرجو منكم المساعدة حتى ألقى الله وهو راض عني؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولاً إلى أن التبني محرم شرعاً، وأنه لا تنبني عليه الأحكام الشرعية من الإرث والمحرمية وغير ذلك، مما هو مبين في الفتويين: 9544، 9619.
وبناء عليه فالمنزل المذكور إما أن تكون قد حزته في حياة متبنيك الذي وهبك إياه فهو لك لا يشاركك فيه أي أحد من ورثة ذلك الرجل. ومجرد تسجيله لدى الدوائر الرسمية لا يكفي لصحة الهبة ومضيها بل لا بد من الحوز، فإن لم يتحقق ذلك ولم تحزه إلا بعد وفاته، فحوزك إياه باطل لأن الهبة تبطل بالموت إذا لم يتم قبضها وحوزها قبله، ويكون المنزل تركة لورثة الميت، وليس لك فيه نصيب، وتصرفك فيه باطل إلا إذا رضي الورثة بما فعلت أو أخذوا عوضه منك، فلا حرج عليهم في ذلك، وإذا لم يكن للميت غير ابنته وأخيه فلابنته النصف فرضاً، والباقي لأخيه تعصيباً.
وإن كانت الهبة في مرض موته أو معلقة بالموت فهي وصية في ثلث ماله، ولا تنفذ في أكثر منه إلا إذا أجازها الورثة. فإن خرج المنزل من الثلث أو أجاز الورثة الوصية فهو لك، وإلا فليس لك منه إلا بقدر ثلث مال المتوفى. وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 69870.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(12/4587)
هل تجب التسوية بين الزوجات في الهبات
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل له زوجتان وأولاد، قسم معظم ممتلكاته فى حياته بالعدل، حيث أعطى كل زوجة شقة وكذلك كل ولد من أولاده، ولم يكن فى نيته الزواج مرة ثالثة، ولكن أحد أصحابه أوصاه بابنته الأرملة عند موته فتزوجها هذا الرجل تنفيذا لوصية أبيها وتقربا إلى الله برعايتها والإنفاق عليها، فهل يجب على هذا الزوج أن يهب لهذه الزوجة شقة كما وهب لزوجتيه السابقتين؟ أم لا يجب عليه أن يعطيها شيئا؟ علما بأنه لا يمتلك الآن إلا شقة واحدة وهى التى يسكن فيها، وإذا وجب عليه أن يعطى لها هذه الشقة، فهل يجوز أن يعطى لها قيمة هذه الشقة؟ حيث إن إعطاءها هذه الشقة سوف يجلب كثيرا من المشاكل بين هذه الزوجة وبين الزوجتين السابقتين وأولادهما، وإذا كان هذا الزوج لا يستطيع الآن أن يعطى لزوجته الثالثة قيمة هذه الشقة لضيق ذات يده، فهل يجب عليه أن يعمل قدر استطاعته وأن يدخر من ماله حتى يعطى لهذه الزوجة قيمة هذه الشقة ويكون دينا فى رقبته؟ أم أنه يجوز له أن يعوضها على قدر طاقته؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على هذا الرجل أن يهب لزوجته هذه شقة كباقي زوجاته ولا أن يعطيها قيمتها ما دام يوفيها حقها الشرعي من النفقة والسكنى والقسم ولا يظلمها شيئاً من ذلك، وذلك لأن التسوية بين الزوجات في الهبات والعطايا محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من أوجبها، والأكثرون على عدم وجوبها ـ وهو الحق ـ وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 11389.
فعلى القول بوجوبها فلا يلزم الزوج أن يعطي من يتزوجها لاحقاً بأثر رجعي، وإن قلنا بعدم وجوب التسوية ـ وهو الحق ـ كما سلف، فلا يلزم بها الزوج لا فيما مضى ولا فيما يستقبل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(12/4588)
مذاهب العلماء في كيفية تحقق العدل بين الأولاد في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف حكم من أعطى في حياته نصيبا من أملاكه ليس بالتساوي فمن أعطى لأولاده الذكور شققا وخصص واحدا منهم بالمنزل الذي يعيش فيه والذي هو أكثر قيمة من الشقق وذلك رغبة في السكن معه ورعايته في ما تبقى من العمر، كما أعطى للإناث نصف القيمة كما هو معلوم في الإرث. وقد أدى عدم المساواة في الهبة إلى مشاكل وشجار بين الأبناء. فهل على الوالدين إصلاح ذلك أي التسوية بين الذكور من جهة والإناث أيضا وهو أمر يكاد يكون مستحيلا لأن الأولاد لا يرضون بذلك. سيدي الكريم أرجو الإجابة في أقرب وقت ممكن]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعدل بين الأولاد في العطايا والهبات واجب على الراجح من كلام أهل العلم, وقد بينا ذلك في الفتويين: 14254 , 111127.
وقد اختلف العلماء في كيفية تحقق هذا العدل، فذهب بعضهم إلى أن العدل لا يحصل إلا بالتسوية بين الجميع ذكرانا وإناثا, وهذا هو المرجح عندنا في الموقع كما بيناه في الفتوى رقم: 112748.
وذهب فريق آخر من أهل العلم إلى أن العدل يتحقق بإعطاء الأنثى نصف نصيب الذكر على هيئة الميراث الشرعي.
قال ابن قدامة معللا لهذا الرأي: ولأن الذكر أحوج من الأنثى من قبل أنهما إذا تزوجا جميعا فالصداق والنفقة ونفقة الأولاد على الذكر , والأنثى لها ذلك. فكان أولى بالتفضيل لزيادة حاجته، وقد قسم الله تعالى الميراث ففضل الذكر مقرونا بهذا المعنى فتعلل به، ويتعدى ذلك إلى العطية في الحياة. انتهى.
وعلى ذلك فمن أخذ بهذا الرأي الثاني مقلدا لأهل العلم القائلين به فلا حرج عليه في ذلك. ويتوجب على هذا الرجل أن يتدارك ما حدث منه من تفضيل بعض أولاده على بعض. فإما أن يسترد الزيادة أو يعطي باقي إخوته مثلها.
مع التنبيه على أن التفضيل إذا كان له مسوغ كأن يحتاج بعض ولده لمال ـ لمرض أو لكثرة عيال أو لاشتغال بطلب العلم ـ دون البقية، أو يحتاج الأب إلى منع بعض أولاده من المال لفسقه أو بدعته فهذا لا حرج فيه كما بيناه في الفتوى رقم: 6242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1430(12/4589)
إذا وهب الأب لأولاده دارا يسكنها
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت منزلا منذ 10سنوات، وكانت عندي بنت واحدة فكتبت لها ثلث المنزل. لكن بعد ذلك رزقت بطفلين وبادرت لأكتب لكل واحد منهما التسع لكي أساوي قسمة الهبة، لكن واجهتني عدة عوائق من طرف الجهات المختصة وقالوا بأن هذا لا يمكن إلا بعد بلوغ البنت سن الرشد وهي ما زالت قاصرا. أفيدوني جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشترط لصحة الهبة ومضيها أن تسجل في الدوائر الرسمية. وبناء عليه فيمكنك أن تشهد على أنك وهبت لجميع أبنائك ثلث منزلك أو غيره مما تريد أن تهبهم إياه، وتذكر لهم أنك كنت وهبت ابنتك ثلث منزلك لكنك رجعت في تلك الهبة وجعلت الثلث المذكور بين جميع أبنائك بالسوية. ومتى أمكن تسجيل ذلك قانونيا سجلته حفظا للحقوق. مع التنبيه إلى أن بيت السكنى لابد لصحة هبته من إخلائه وعدم عودة الواهب إليه قبل مضي سنة ولو بكراء.
ففي الجواهر: عن ابن وهب أن أبا بكر وعثمان وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم قالوا: لا تجوز صدقة ولا عطية إلا بحوز إلا لصغير من ولد المتصدق فإن أباه يحوز له، وهذا في غير دار السكنى (بيت السكنى) (ومنزل السكنى) أما هذا فلا يكفي في صحة هبته للولد حيازته من الأب الواهب له والإشهاد على ذلك، بل لا بد مع ذلك من خروجه منه وإخلائه من أثاثه.
وفي الأحكام شرح تحفة الحكام: وفي المتيطية: إذا تصدق الرجل على ابنه الذي في حجره بدار يسكنها الأب فلا بد من إخلائها من نفسه وثقله وأهله، وتعاينها البينة خالية فارغة من أثقالها، ويكريها الأب للابن من غيره، فإن مضت سنة فلا بأس بعودة الأب لها إلى سكناها. اهـ.
وللفائدة انظر الفتاوى ذوات الأرقام الآتية: 111422، 6797، 6242، 49539.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1430(12/4590)
حكم كتابة الأب أحد بيتيه باسم ابن له من إحدى زوجتيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكر الله تعالى ثم القائمين على هذا الموقع المبارك، وأسأله تعالى أن يعمره بالخير والبركة والإيمان، وسؤالي هو: أبي متزوج من امرأتين، وأمي هي الزوجة الثانية، وعندما تزوج أبي الأولى أسكنها في بيت وحدها وأنجبت الأولاد ـ الذين هم إخوتي ـ ومن ثم تزوج والدتي، ولكنه أسكنها مع أبويه في بداية الأمر، ومن ثم حدثت مشاكل كبيرة مع أبويه أدى إلى طرد والدتي من المنزل، مما اضطر والدي إلى إسكانها في بيت غير كامل بالمرة وليس فيه أبواب ولا شبابيك ـ طبعا نحن لم نكن قد ولدنا بعد ـ مما اضطر والدتي إلى بيع الذهب الذي تملكه لكي تكمل البيت وتسكن فيه.
ثم شاءت الأقدار أن تضطر العائلة الأولى إلى السكن في بيت جديد، وأسكنهم والدي في بيت قريب من بيتنا وكان بيتا كاملا ولا ينقصه شيء بالمعايير المتبعة، وـ فوق كل ذلك ـ سجل البيت باسم أحد أبنائه، والبيت الذي نسكن فيه أصغر، ولا يساوي في القيمة ذلك البيت بتاتا، وهو مسجل باسم أبي، وأبي أصبح عمره كبيرا ـ أطال الله في عمره ـ فلو أنه مات الآن، والموت حق ـ فإن العائلة الأخرى ستنازعنا في منزلنا، لأنه مسجل باسم الأب ولا نستطيع أن نطالب ببيتهم، لأنه مسجل باسم أحد أبناء تلك العائلة، ف ما حكم أبي هنا إذا مات؟ وهل من حديث نبوي ينطبق عليه؟ ألا يجب أن يعدل بين الزوجات والأبناء؟ وماذا يجب علي أن فعل؟.
وجزاكم الله كل خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعله أبوك من كتابة أحد البيتين باسم أحد أبنائه من زوجته الأولى لا يجوز، لأن الواجب عليه أن يعدل بين أولاده في العطية، على ما بيناه في الفتويين رقم: 14254، ورقم: 111127.
علما بأن مجرد كتابة البيت باسم ابنه هذا لا يحصل به التمليك حتى يقبضه الابن ويتصرف فيه تصرف الملاك لأن من شروط تملك الهبة الحيازة والقبض، فلو مات أبوكم قبل أن يقبضه الابن بطلت الهبة وصار هذا البيت تركة كباقي أموال التركة، فيقسم معها بين الورثة، قال ابن قدامة في المغني: وإن مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة ـ سواء كان قبل الإذن في القبض أو بعده.
وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 27854
والواجب عليك هو أن تنصح لأبيك وتعلمه بحرمة ما يفعله من ترك العدل بين أولاده، فإن لم يستجب لك فيمكنك أن تعلم بهذا من يملك نصحه والتأثير عليه من أصحابه أو أقاربه أو بعض أهل الدعوة والعلم.
أما عن مساهمة أمكم في تكميل هذا البيت الذي تسكنون، فإن كانت قد فعلت ذلك بنية المشاركة، فقد صار لها حق في هذا البيت، فإما أن يعطيها أبوكم قيمة ما دفعته، وإما أن يملكها من البيت بقدره، أما إن كانت قد أنفقت متبرعة فلا حق لها حينئذ.
وراجع الكلام عن وجوب العدل بين الزوجات وما يجب فيه العدل وما لا يجب في الفتويين رقم: 11389، ورقم: 123439.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1430(12/4591)
العدل في الهبة بين الأولاد وأولاد الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
شيخنا الفاضل. سؤالي يمكن أن يكون له جانب اجتماعي أكثر من الجانب الشرعي، ولكن لثقتي فيك ورأيك السديد كتبت لك لأخبرك أننا أسرة مكونة من ثلاثة أولاد وثلاث بنات، ومنّ الله علينا أن والدينا على قيد الحياة، وكذلك منّ الله علينا أنهما من الآباء الذين يساعدوننا على برهما، منذ تعيني وأنا مرتبط بهما واشتد هذا الارتباط عندما نقلت إلى المنطقة التي يعيشون فيها فجميع ارتباطاتهما أنا مسؤول عنها ولا زلت بحمد الله وفضله، وبعد تعيين أخي الأصغر كان مثلي فهو يقوم بمساعدتي في جميع الارتباطات، أما الثالث فهو أكبر مني سنا وارتبط-ارتباط اجزئيا- فترة من الزمن لا تتجاوز الخمس سنوات وكانت العلاقات متوترة فتارة صافية وتارة العكس حتى فصل عن والديه وتخلى عنهما وهذا قبل أن نتعين أنا وأخي فقد كنا ندرس، بل إنه أخذ ما لم يأخذه أحد من الوالد فقد زوجه مرتين واشترى له سيارات وهو موظف, بل إن حال الوالد الاقتصادية متدهورة ووصل الحال به للبحث عن وظيفة سائق في عدة دوائر حكومية ولم يجد لكبر سنه, فصار يعمل على سيارة لدينا لتحميل البطحاء والأسمنت حتى يتمكن من الصرف على أسرته ولم يقف أخي الأكبر معه في ذلك الوقت واستمر ذلك حتى الآن. هو يزور الوالد والوالدة ولكن ليس لديه الاستعداد لتحمل أي شيء من الاعباء، أقسم بالله أني لم أذكر ذلك امتنانا فلله المنة وحده، ولكن لتوضيح الصورة لشيخنا الفاضل، عند نقلي سكنت في منزل الوالد وكذلك أخي الأصغر وقام أخي بزيادة غرف وترميم شامل للدور الذي يسكن فيه وقمت أنا كذلك في الدور الذي أسكن فيه، كالعادة نجتمع بعد المغرب عند الوالد وفي أحد الأيام أخبرنا والدنا أنه يريد أن يهب المنزل لولدي وولد أخي الأصغر، حقيقه فاجأني كما فاجأ أخي هذا الأمر فطلبت من والدي أن يتريث حتى أسأل فوافق جزاه الله خيراً.
سؤالي هو: هل هذه الهبة جائزة، وإذا كانت جائزة أليس على الوالد ذنب من ناحية أخي الأكبر، على الرغم أن لوالدنا أملاكا في الديرة وليس له نية أن يحرمه منها وكذلك أخواتي البنات فقط هذا البيت، فضيلة الشيخ نأمل منكم الرد علينا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح المفتى به عندنا هو وجوب العدل بين الأولاد في الهبة والعطية كما بيناه في الفتوى رقم: 124578. وأولاد الأولاد مثل الأولاد في وجوب العدل بينهم لأنهم في مسمى الأولاد في اللغة وعرف الشرع، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن وهو ابن بنته: إن ابني هذا سيد. أخرجه البخاري وغيره.
جاء في الإنصاف للمرداوي: والصحيح أن حكم الأقارب الوراث في العطية كالأولاد نص عليه. انتهى.
فالواجب على أبيكم أن يتقي الله سبحانه ويلزم العدل بين أولاده وأولاد أولاده في الهبات والعطايا طاعة لله ورسوله وسداً لذريعة التباغض والتشاحن بين أولاده وأحفاده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(12/4592)
تنازل الابن السابق لا يمنعه من قبول ما تريد أن تهبه أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة أعطت أحد أبنائها شقة ولم تعط لابنها الآخر، وأيضا لم تعط ابنتها. وعندما طلب منها ابنها الآخر شقة للزواج مثل شقيقه أكثر من مرة بكت الأم وتهربت لأن الشقق ارتفعت قيمتها أضعافا كثيرة ربما لا تملك أو لا تريد أن تخسر مالها، فقال لها الابن الذي لم يعط شقة من باب البر ومن باب درء المشاكل ولأسباب أخرى أنسي الموضوع، وحلف لها بالله أنه متنازل تماما لشقيقه عن ما أعطته له الوالدة وأغلق الموضوع، لكن الآن انتبهت الأم أن ابنتها لم تحصل على شيء أيضا فتريد أو تفكر فى إعادة التقسيم أو إعطاء الابن والبنت شيئا يقرب مما أعطت لشقيقهم. هل يجوز شرعا للابن الذي تنازل فى السابق أن يأخذ شيئا الآن من باب العدل أم لا لأنه تنازل ولا رجوع شرعا فى التنازل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الابن أن يقبل من أمه ما تريد أن تعطيه إياه لتساوي بينه وبين أخيه، وتنازله السابق لا يمنعه من قبول ما تريد أن تهبه الآن، لتحقق العدل المأمور به بين الأبناء في الهبة والعطية، لكن عليه أن يحسن إلى أمه ولا يجادلها أو يرفع صوته عليها وإنما يبين لها الحق والصواب بأسلوب هين لين كما أمره ربه بذلك في قوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا. {الإسراء:24} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(12/4593)
لا يجب على من كفلت ابن أخيها أن تعطيه كما تعطي أولادها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة تبنت ابن أخيها ثم أنجبت أطفالا وقامت بكتب ممتلكاتها لابنيها، وابنها بالتبني لم تكتب له شيئا، فأحدث ذلك زوبعة في العائلة بين أب الطفل الحقيقي وأخته التي تبنت الولد، فما الحل؟ وكيف يتم إصلاح الخطإ دون اللجوء إلى المحكمة؟ لأن ذلك قد يؤدي إلى السجن، مع العلم أن أباه الحقيقي لم يعطه كما أعطى إخوانه الحقيقيين من الأرزاق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على هذه المرأة أن تعطي ابن أخيها الذي ترعاه شيئا من مالها، لأنه لا حق له في ذلك، وليس عليها أن تعدل بينه وبين أبنائها، لأنه ليس ابنا لها على الحقيقة، ولا يحق له أن يرث شيئا من مالها بعد وفاتها، لأنه محجوب بأولادها وغيرهم، وليس من حق أخيها أن يغضب لحرمان أخته لولده من هذه الهبات، فهذا ليس بواجب عليها، بل واجب عليه هو أن يعطيه كما أعطى إخوته، لأن العدل بين الأولاد في العطايا واجب، كما بيناه في الفتوى رقم: 14254.
مع التنبيه على أن التبني الذي ينسب فيه المتبني لغير أبيه حرام لا يجوز، كما بيناه في الفتوى التالية أرقامها: 72568، 108728، 9619.
أما مجرد الكفالة والتربية مع احتفاظ المكفول بنسبه وما يترتب على ذلك، فهذا لا مانع منه ويثاب فاعله ـ إن شاء الله ـ على ذلك ثوابا كثيرا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(12/4594)
حكم هبة الجد لحفيده بوجود أبنائه
[السُّؤَالُ]
ـ[رقم الفتوى: 124039
عنوان الفتوى: البيع الحقيقي لا يلزم فيه العدل بين الأبناء
تاريخ الفتوى: 01 رجب 1430 / 24-06-2009
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
لمزيد الإيضاح فإن جدي قد باعني شخصيا منزله، والبيع لم يحصل حقيقة وإنما كان مجرد هبة تحت غطاء البيع. فهل يتنازل لي أعمامي عن نصيبهم من ثمن المنزل عند عقد البيع لشراء أقساطهم إن وافقوا على التنازل؟ وهل يجب أن ينص العقد على ذلك؟ ما صحة اشتراطي سابقا على أعمامي عند العقد إرجاع المصاريف التي صرفها والدي على ترميم المنزل بعد شرائي لمنزل جدي؟ وهل لوالدي أن يتنازل لي مثل أعمامي عن نصيبه أم أن عمله يعتبر محاباة لي دون إخوتي؟ كيف يكون البيع وكيف يكون التنازل أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان جدك الذي وهبك المنزل قد مات بعد ما قبضت الهبة فهي صحيحة ماضية، ولا فرق بين الحفيد في مثل هذه المسألة والأجنبي فيجوز ويصح تخصيصه بالهبة، ووجوب التسوية بين الأولاد في العطية وحرمة التفاضل بينهم خاص بالأولاد المتساوين في الدرجة لا يدخل معهم في ذلك الحفدة، ولا يتناولهم حديث النعمان الوارد في ذلك والذي هو أصل وجوب التسوية بين الأولاد في العطية، إذ للجد أن يقسم ماله على أولاده ويترك حفدته، ولا يسمى فعله هذا جوراً لأنه هو الحكم الشرعي في ماله لو مات، ومن هذا تعلم أيها السائل أن هبة جدك لك في حال صحته ووجود أبنائه هبة جائزة ونافذة، إذا استكملت باقي شروط صحة الهبة ونفوذها.
وبناء عليه فلا وجه لتنازل الأعمام إذ لا حق لهم في منزل جدك لأن هبته إياك صحيحة، لكن لو شئت أن تشركهم معك في المنزل المذكور بثمن أو بغير ثمن فلا حرج عليك، وسواء أكان الثمن يساوي ما صرفه أبوك على المنزل أو أكثر منه أو أقل. كما أن والدك لا حرج عليه أيضاً في أن يتنازل لك عما دفعه في ترميم المنزل المذكور، لكن عليه أن يهب باقي أبنائه مثل ما تنازل لك عنه ليحقق العدل المأمور به شرعاً بين الأبناء إلا إذا كان تنازله لك عماً في ذمتك له مسوغ معتبر فلا حرج عليه ولا يلزمه فعل ذلك لباقي أبنائه.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: فإن خص بعضهم بالعطية، لمعنى يقتضي تخصيصهم مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو أكثر عائلة، أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله تعالى أو ينفقه فيها، فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(12/4595)
لا اعتبار للإجراءات القانونية في الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة جدي ليس لديها أولاد فوهبت لي قطعة أرض وكتبت ذلك في ورق وعليه شهود كي أتمكن من تسجيلها، وبعد سنة قالت لي إن المحامي قال إنني صغير ويجب كتابتها باسم جدي بصفة أمانة معه، وبعد انتهائي من الدراسة سيكتبها جدي لي وذلك حتي لا يعترض أحد من ورثتها، وتم ذلك بالفعل وكتبت لجدي واتفق معي جدي على أن يكتبها لي بعد انتهائي من الجامعة، وعندما أنهيت دراستي طلبت من جدي أن يعطيني أرضي فلم يمانع، وفوجئت بجدي يتكلم مع والدي بخصوص هذه الأرض ثم قام بكتابتها لوالدي. فطلبت أرضي من والدي فاعترض وقال إنها ملك له وأنه لا يعرف شيئا عن هذه الهبة وأنه لا علاقة له بذلك وأنه أخذها من والده، وجدي أيضاً دوره سلبي ويقف مع والدي ضدي. فهل الأرض من حقي شرعاً أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأمر كما ذكرت فالأرض أرضك ولا اعتبار للإجراءات القانونية، وكون الأرض قد كتبت باسم جدك لصغرك ونحوه، وعليه أن يؤديها إليك، كما على أبيك أن يسلمها إليك بعدما وصلت إليه إن كان يعلم ما حصل، فإن لم يكن يعلم ذلك فلا حرج عليه وإنما الإثم على جدك، لكن ينبغي أن تتصرف في الأمر بحكمة فتبين لأبيك الأمر بأسلوب هين لين وإن كانت لديك بينة على ذلك أظهرتها له، ولو تركت الأرض لأبيك وتنازلت عنها فذلك هو الأولى ولك الأجر والمثوبة عند الله، وانظر لذلك الفتويين: 57870، 65184.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(12/4596)
خص بعض أولاده بعطية ثم مات قبل أن يستردها
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أسرة تتكون من والدتي وستة أولاد وست بنات, توفي والدي رحمه الله منذ سنتين بالتحديد، قام والدي رحمه الله في حياته بإعطاء أخي الأكبر قطعة أرض وبنى بيتا له-أي لأخي- وقام بتزويجه وإعطائه مبلغا من المال للقيام بمشروع صناعي، وكذالك قام ببناء بيتين لاثنين من إخوتي الأولاد وأقام لكل منهما مشروعيين أحدهما تجاري والآخر صناعي بتمويل منه وعلى أرضه-أي تمويل وأرض والدي رحمه الله- وأخذ المشروعين واختص كلا منهما بمشروعه لحسابه-أي الأخوين-مع العلم بأن أحدهما كان عاطلا عن العمل لمدة لا تقل عن عشرة أعوام إثر توقفه عن الدراسة, عمل خلالها في المزرعة مع والدي رحمه الله، كما قام والدي رحمه الله بتسليمي محلا تجاريا ومبلغا من المال لأبدأ بالاعتماد على نفسي, وبعد فترة من العمل-أربعة سنوات- اشتريت محلا آخر من أرباح المحل الذي سلمني إياه والدي رحمه الله, وبعد سنة من وفاة والدي رحمه الله بنيت بيتا لي على أرض والدي رحمه الله, من أرباح المحل الذي سلمني إياه والدي رحمه الله والمحل الجديد، وقام والدي رحمه الله بإعطاء والدتي محل-بعقد هبه- قبل وفاته بزمن طويل وهو الآن مؤجر وتأخذ والدتي عائده المالي من الإيجار، لم يعط والدي رحمه الله اثنين من إخوني الأولاد أي شيء مع العلم بأنهما هاجرا خارج البلاد لفترة تزيد عن ربع قرن، وكذلك لم يعط كل أخواتي البنات أي شيء، وبعد فترة من وفاة والدي رحمه الله قمنا بتقسيم المال الذي كان موجودا في البنك حسب الشرع-الثمن للزوجة وللذكر مثل حظ الانثيين- وقسمنا الأرض كذلك حسب الشرع دون الأخذ في الحسبان المشاريع التي اختص بها والدي رحمه الله بعض أولاده دون غيرهم, بإعتبارها هبة أو عطية من والدي رحمه الله ولا تدخل في قسمة التركه. أفتونا أثابكم الله وجعلها الله في ميزان حسناتكم بكيفبة تقسيم التركة؟ مع العلم بأن جميع الأولاد والبنات يخافون من الله عز وجل ولا يريدون إلا مرضاة الله ورضاه وتطبيق شرعه، بالله عليكم لا تترددوا في طلب أي معلومه من شأنها أن تساعدكم في فتوى هذا الموضوع بصورة نهائية؟ وأعانكم الله لما فيه الخير وتحمل عنائه ومشاقه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الأب أن يعدل بين أولاده في العطية ذكوراً كانوا أو إناثاً على الراجح، وتفضيل الأبناء بعضهم على بعض من غير مسوغ من حاجة أو عوز هو نوع من الظلم، لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد لما نحل ابنه النعمان نحلاً وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك فقال له: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفكلهم وهبت لهم مثل الذي وهبت لابنك هذا؟ قال: لا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تشهدني إذاً، إني لا أشهد على جور، إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم. وقال له أيضاً: فأرجعه. فرده بشير. وقال له أيضاً: فاتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم.
وإن خص الأب بعض أبنائه بعطية أو فاضل بينهم بدون مسوغ شرعي أثم ووجب عليه مع التوبة أن يرد ما فضل به البعض، أو يعطي الآخر مثل ما أعطى لغيره، لكن إن مات قبل ذلك -كما هو الحال هنا- ثبت للمعطى ما قبض وخص به.
قال ابن قدامة في الشرح الكبير: إذا فاضل بين ولده في العطايا أو خص بعضهم بعطية ثم مات قبل أن يسترده ثبت ذلك للموهوب له ولزم وليس لبقية الورثة الرجوع. هذا المنصوص عن أحمد في رواية محمد بن الحكم والميموني واختاره الخلال وصاحبه أبو بكر، وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي وأكثر أهل العلم وهو الذي ذكره الخرقي ... لأنها عطية لولده فلزمت بالموت كما لو انفرد، ولأنه حق للأب يتعلق بمال الولد فسقط بموته كالأخذ من ماله. انتهى منه باختصار.
وبناء عليه.. فليس على من فُضِّل هنا أو اختصه الأب بهبة دون إخوانه أن يعيد ذلك ويقاسم إخوانه لكنه مما يستحب له. قال ابن قدامة في المغني: يستحب للمعطى أن يساوي أخاه في عطيته.
وكذلك ما أعطى الرجل لزوجته وحازته قبل وفاته أو مرض موته فإنها تختص به.
وأما ما تركه الأب من مال في حسابه أو عقار أو غيره فإنه يقسم كما أمر الله سبحانه، وإذا كان الورثة هم الزوجة والأبناء فحسب. فالقسمة هي كما ذكر في السؤال أن للزوجة ثمنها والباقي يقسم بين الأبناء للذكر مثل حظ الأنثيين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1430(12/4597)
متى يجوز رد الهدية
[السُّؤَالُ]
ـ[من بعد إذنكم عندي سؤال يقول: أحيانا تأتيني هدايا من أناس بيني وبينهم مشاحنات أو خصومة سابقة أو غيرة أو ـ حتى عدم ارتياح ـ فأقبل تلك الهديا أمامهم لكني أتخلص منها فيما بعد، وذلك لخوفي وشكي من أن يكون فيها أي مكروه، وهؤلاء الناس إما من الأصدقاء أومن العائلة، فهل علي إثم إذا رميت هدية من لا أرتاح له وخاصة إذا كانت مما يؤكل أو يشرب كماء زمزم مثلا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أرشد صلى الله عليه وسلم أمته إلى تبادل الهدايا، فقال: تهادوا تحابوا وتذهب الشحناء. رواه مالك في الموطإ. وقال صلى الله عليه وسلم: لو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت. رواه البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم: من صنع إليكم معروفاً فكافؤوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أن قد كافأتموه. رواه أحمد.
ولذلك ينبغي للمسلم أن يقبل هدية إخوانه وإذا لم يكن يحتاجها فيمكن أن يهديها لغيره وأن يحملها على الطهارة والسلامة من الأضرار، وخاصة إذا كانوا أقارب أو جيرانا وإذا شك فيها أو خاف منها ضررا فله أن يردها إليهم ويكون ذلك بعد مجاملتهم وشكرهم، حفاظا على الصلة والمودة، فقد نص أهل العلم على جواز رد الهدية وخاصة إذا كان يخشى المنة أو الضرر، كما سبق بيانه في الفتوى: 73422.
ولذلك فالذي ننصحك به بعد تقوى الله تعالى هو حسن الظن بإخوانك وإذا كنت تخافين أو تظنين ظنا قويا أن في هداياهم ضررا عليك، فلا تقبليها ورديها إليهم ردا جميلا، فإنه لا ضرر ولا ضرار، وإضاعة المال لا تجوز وحتى لا تكون لهم عليك منة أو تلزمك المكافأة لهم على شيء لم تنتفعي به، فإن الحل: عدم أخذ ما يظن أن فيه ضررا لكن لا بد أن يكون هذا الظن قويا ومستندا لأسباب موضوعية فلا يجوز أن يكون مجرد أوهام وواساوس
نسال الله تعالى أن يؤلف بين قلوب المسلمين ويصلح ذات بينهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1430(12/4598)
حكم الشروط في الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم زكاة الأموال المسلمة في شكل هبة قصد بناء منزل، وحال عليها الحول دون الشروع فيه مع تأكيد صاحب المال على عدم صرفه في غير بناء المنزل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن الهبة عقد تمليك، ومقتضاه أن يكون من حق الموهوب له التصرف في الهبة على الوجه الذي يشاءه، فإن شرط الواهب شرطا ينافي مقتضى هذا العقد، كشرطه ألا يبيعها أو ألا يهبها، ومنه اشتراطه ألا ينفقها إلا في وجه معين، ففي صحة الهبة والحال هذه خلاف.
قال ابن قدامة في المغني: وإن شرط في الهبة شروطا تنافي مقتضاها نحو أن يقول وهبتك هذا بشرط أن لا تهبه أو لا تبيعه، أو بشرط أن تهبه أو تبيعه، أو بشرط أن تهب فلانا شيئا لم يصح الشرط وفي صحة الهبة وجهان بناء على الشروط الفاسدة في البيع. انتهى.
فإن قلنا بعدم صحة الهبة فهذا المال لا زال ملكا للواهب وزكاته واجبة عليه، وإن قلنا بصحة الهبة وفساد الشرط ولعله أرجح، لقصة بريرة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ألغى الشرط المنافي لمقتضى العقد وصحح شراء عائشة لها، فالمال ملك للموهوب له، ويجوز له التصرف فيه كيف شاء، وزكاته واجبة عليه إذابلغ نصابا ولو بضمه إلى ما يملكه من مال زكوي آخر، بعد أن يحول عليه الحول الهجري، ولا ينافي وجوب الزكاة كون المال مدخرا لبناء البيت إذا وجد شرط الوجوب وهو حولان الحول وملك النصاب.
وانظر الفتويين: 20189، 19440.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(12/4599)
حكم ما أعطاه الميت قبل وفاته لابنه وبناته
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء قسم الميراث على الورثة التالي ذكرهم: زوجة، وابن واحد، وأربع بنات.
علما بأن الميت قبل وفاته أعطى كل ابن من أبنائه شقة في العقارالذي شيده، بالإضافة إلى محل للابن الذكر وبقيت شقة واحدة ومحل واحد، فكيف يتم الميراث?.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول السائلة: إن الميت قبل وفاته أعطى كل ابن من أبنائه إلخ، هذا مشكل، لأنها ذكرت أن للميت ابنا واحدا وأربع بنات، وإن كان المقصود أن الميت أعطى لأولاده: الابن والبنات، فما أعطاه الميت قبل وفاته لابنه وبناته إن كان وهبه لهم في حال صحته وعدل في هبته وحاز الأولاد الهبة، فهي هبة صحيحة ولازمة ولا تدخل في الميراث، وإن كان وهبه لهم في مرضه المخوف فهي هبة في حكم الوصية يتوقف نفاذها على رضا الورثة، وكذا إن وهبه لهم في حال صحته ولم يحوزوها حتى مات، وانظر الفتوى رقم: 112748، حول صفة العدل بين الأولاد في العطية، وإن كان أعطى الابن وحرم البنات فهي هبة باطلة وترد إلى التركة، كما بيناه في الفتوى رقم: 109617، وإذا كان الرجل قد توفي عمن ذكروا في السؤال، فإن لزوجته الثمن، لقول الله تعالى في نصيب الزوجات: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء: 12} .
والباقي لابنه وبناته الأربع تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11} .
فتقسم التركة على 48 سهما، للزوجة ثمنها 6 أسهم، وللابن منها 14 سهما، ولكل بنت 7 أسهم.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1430(12/4600)
لا حرج في تخصيص بعض الأولاد بهبة لمعنى معتبر
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ صغري وأنا أشتغل مع والدي في التجارة، توقفت عن الدرسة سنة 1994 وواصلت العمل معه بدون أجر، في سنة 2004 اشترى أبي متجراً وأشركني بنسبة 4/1. فما حكمه شرعاً؟ لدي 3 إخوة ذكور، 2موظفين و1يدرس، لازلت أعمل مع أبي عمري30 عاما؟ شكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى حرجاً فيما فعله الأب من إشراكك معه بربع رأس المال، سواء أكان ذلك عوضاً عن المدة التي قضيتها في العمل معه أو كان على سبيل الهبة، لأن التخصيص هنا لمسوغ معتبر وهو عملك معه.
قال ابن قدامة رحمه الله: فإن خص بعضهم بالعطية، لمعنى يقتضي تخصيصهم مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة، أو عمى، أو أكثر عائلة، أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله تعالى، أو ينفقه فيها، فقد روى عن أحمد ما يدل على جواز ذلك. انتهى.
والأظهر هنا كون ذلك أجرة عن عملك معه في تنمية ماله وتجارته، وبالتالي فهو لا يعتبر إيثاراً لك على إخوتك.. وللفائدة انظر الفتويين: 52134، 32659.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1430(12/4601)
هل يجب العدل في الهبة بين الإخوة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص مسافر، وفي حين عودته يحضر هدايا لأهله وشقيقاته المتزوجات, ولكنه يفضل بالهدايا إخوته الذكور وأولادهم لكونهم يعيشون مع أهله بنفس البيت. فهل هناك مانع شرعي من ذلك؟ وإذا لم ترض شقيقاته عن ذلك, فهل هذا من حقهن؟ مع العلم أن ذلك الشخص مدين ولا يملك المال الكافي للمساواة بين الجميع، كما أن إخوته الذكور يقدمون له هدايا أكثر من شقيقاته, وكذلك فإنهم يقدمون له المساعدة لإنجاز بعض أموره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشرع إنما أمر بالعدل في العطايا بين الأولاد، ولا نعلم ما يوجب العدل بين الإخوة، ولكن العلة التي ذكر الشارع وهي استواؤهم في البر بالوالد ينبغي أن تراعى في الإخوة، فكما يحب الوالد أن يكون أبناؤه في البر به سواء فينبغي للأخ كذلك أن يحرص على ائتلاف الإخوة وعدم إظهار التفضيل والإيثار لبعضهم على الآخرين. فإذا كان بعض الإخوة تقدم منهم إحسان إليك فيحسن أن تكافئهم بالإحسان لما في الحديث: من صنع إليكم معروفا فكافئوه. رواه أبو داود وصححه الألباني.
واحرص مع ذلك على عدم إطلاع الأخوات اللائي لم تتمكن من إعطائهن مثل ذلك، واهد إليهن بما في وسعك واحرص على أن تسع الجميع باخلاق وبشاشة وجهك. ففي الحديث: إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق. رواه أبو يعلى والبزار من طرق أحدها حسن جيد كما قال المنذري. وقال الألباني فيه: حسن لغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1430(12/4602)
على الموهوب له مراعاة شرط الواهب إن كان مباحا
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي أخي الكريم: أنا شخص أعيل أسرة ولم أعمل وليس لي دخل من عمل، فقط مساعدة من العائلة فقررت أختي أن تمنحني مالا، لا أعلم بنيتها هل صدقة أم هدية؟ وقالت: سأعطيك المال لتحسين دخلك، وأن تعمل لك تجارة لمساعدتك. وسؤالي الآن: هل يجوز أن آخذ المبلغ وأن أتبرع منه لدار أيتام كصدقة جارية؟ وهل هذه الصدقه تحسب لي أجرا عند الله؟ وهل أختي تدخل معي في الأجر أو كوني حرا في المال يمنع ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أخذك للمبلغ جائز، لما في حديث الصحيحين: إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك.
وأما تصرفك في المال فلا يختلف الحال فيه بين نية الأخت كونه صدقة أو هدية إلا في مسألة واحدة وهي: أن الهبة إن كانت مشروطة فيجب مراعاة شرط الواهب إن كان مباحا، فلو كانت وهبت لك المال لتتجر فيه فاحرص على توظيفه في ذلك، ويمكن أن تتصدق من أرباحه. وأما الصدقة فالأصل فيها أنها تصدقت بها لوجه الله، وليس لها أن تشترط فيها شرطا، وبالتالي فيصح لك التصرف بما تشاء إن كان مشروعا. ويتعين أن تبدأ بنفسك وأسرتك إن كانوا محتاجين، ولا حرج في التصدق منه بعد ذلك ففي حديث البخاري: خير الصدقة ما كان في ظهر غنى، وابدأ بمن تعول. وفي حديث مسلم: أفضل دينار ينفقه الرجل دينار على عياله. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 64800، 106570، 114410، 115101.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(12/4603)
الهبة للأولاد مباحة بشرط العدل وعدم قصد إضرار بقية الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج وعندي ذرية إناث-ليس عندي حتى الآن أولاد ذكور- ابنتان إحداهما 5 سنوات، والأخرى 3 سنوات. منذ فترة وزوجتي تلح علي لتأمين مستقبل البنات على حد قولها عن طريق عمل وعاء ادخاري- دفتر توفير أو شهادات توفير- باسم كل بنت من البنتين، ووضع مبلغ سنوي فيه بحيث يكون عونا لهما على مصاريف الحياة المستقبلية - التعليم، الزواج.... الخ- بحيث تنفعهم هذه المبالغ عندما تكبران وتزداد مصاريفهما وتشتد حاجتهما إلى المال. بطبيعة الحال سأكون أنا الوصي الشرعي على هذه الدفاتر، ولكن بعد وفاتي من المفهوم ضمنا أن الحضانة والوصاية على البنات ستنتقل إلى الأم بطبيعة الحال. فهل سيتم تجنيب المبالغ الموضوعة في هذه الدفاتر من التقسيم الشرعي للتركة لأنها باسم البنات ووالدتهم أصبحت وصية عليهم؟
فهل ما تطلبه مني زوجتي حلال ويدخل ضمن قواعد الهبة من أب لبناته؟ أم أن هذا حرام وتحايل على شرع الله وعلى قوانين الميراث التي شرعها لعباده؟
أرجوكم أفيدوني جعلكم الله ذخرا لنا وللإسلام، ونبراسا يضيئ لنا دروب حياتنا بفتاواكم التي لا تبتغي إلا وجه الله ولا تقيم وزنا إلا لشرعه وحدوده سبحانه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج أن يهب المسلم ما شاء من ماله لأبنائه سواء كان ذلك بقصد صلة الرحم أو إعانتهم على مصاريف الحياة المستقبلية أو غير ذلك من المقاصد التي لا تتعارض مع الشرع، أما المنهي عنه شرعا فهو عدم التسوية بين الأولاد في الهبة، أو الهبة بقصد حرمان الورثة مما أعطاهم الله تعالى من حق في مال قريبهم بعد وفاته.
فمن وهب ماله لإبطال حق الورثة من المال بعد الوفاة، فقد عطل ما فرض الله تعالى للأقارب، فإذا لم تقصد حرمان الورثة فبإمكانك أن تهب لبناتك ما تشاء من أموالك إذا استوفت الهبة شروطها من التسوية والحوز وعدم التعليق بالوفاة.
أما الهبة بقصد حرمان الورثة فهي محرمة وهي من التحايل المذموم على شرع الله تعالى.
قال اب ن قدامة في المغني: الحيل كلها محرمة، غير جائزة فى شىء من الدين، وهو أن يظهر عقداً مباحاً يريد به محرماً، مخادعةً وتوسلاً إلى فعل ما حرم الله، واستباحة محظوراته، أو إسقاط واجب، أو دفع حق، ونحو ذلك. قال أيوب السختياني: إنهم ليخادعون الله، كأنما يخادعون صبياً، لو كانوا يأتون الأمر على وجهه كان أسهل علي. اهـ.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 36473، 66390، 102458، 112948، 113114، 117337.
وإذا كانت الهبة جائزة شرعاً فإن الأب يقوم مقام ابنه في القبض إذا كان الابن صغيراً.
قال ابن قدامة في المغني: فإن وهب الأب لابنه شيئا قام مقامه في القبض والقبول إن احتيج إليه. قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا وهب لولده الطفل دارا بعينها، أو عبدا بعينه، وقبضه له من نفسه، وأشهد عليه، أن الهبة تامة. هذا قول مالك، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي. اهـ.
وننبهك إلى أن الإيداع في دفتر توفير، أو شراء شهادات توفير لا يجوز إلا في البنوك الإسلامية التي تلتزم بالضوابط الشرعية.
نسأل الله تعالى أن يحفظ ابنتيك وينبتهما نباتاً حسناً، وأن يبارك لك في أهلك ومالك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1430(12/4604)
لا تجب المساواة في رواتب الأولاد العاملين عند أبيهم عند اختلاف وظائفهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أكبر إخواني وأعمل لدى والدي منذ 15 عاما، أدير شركته في الأعمال التجارية، والتحق إخواني فيما بعد بالعمل لدى والدي تباعا، ولكل واحد منا راتبه بحسب العمل الذي يقوم به، وكان راتبي هو الأعلى نظرا لإدارتي للشركة، وحاليا الوالد يريد أن يساوي بين جميع الإخوة في الرواتب بغض النظر عن مهام كل منا، وذلك بدعوى المساواة بين جميع الأولاد، فدفعت أنا بالرفض باعتبار أن الراتب لكل منا: هو عبارة عن أجر نظير العمل الذي نقوم به كلا حسب عمله وجهده وليس هبة منه، بحيث تشترط فيها المساواة.
نرجو التفضل بالفتوى.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مراجعة الوالدين ومناقشتهما في الآراء الصادرة عنهما ليست محرمة، إذا كانت في حدود الأدب وإطار الشريعة والأخلاق الكريمة، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 50556، مع مراجعة الفتاوى التي أحلنا عليها في الفتوى المشار إليها.
والراجح وجوب العدل بين الأبناء في العطية، فلا يجوز تفضيل بعضهم على بعض إلا إذا وُجد مسوغ لذلك كعجز أو كثرة عيال أو طلب علم، وقد بينا ذلك مستوفى في الفتويين رقم: 6242، 28403.
والصورة المسؤول عنها ليست مما يجب التسوية فيه بين الأولاد، وليست داخلة في باب الهبة، إلا إذا كنت لا تستحق هذا الراتب على عملك وهو إنما يزيدك فيه إيثارا لك على إخوانك، وأن إخوتك يستحقون من الراتب مثلك، ففي هذه الحالة تجب عليه التسوية بينكم في الأجر.
أما إن كانت أقدميتك في العمل والخبرة وطبيعة مهامك تستحق عند أهل الخبرة أكثر مما يستحقه إخوتك، فلا يجب عليه أن يسوي بينكم، بل يجب أن يجعل راتبك ورواتبهم وفق المتعارف عليه في مثل هذا العمل، وإن أراد زيادة إخوتك عن المتعارف عليه عند أهل الخبرة، فالزيادة تعتبر هبة لإخوتك ويجب عليه أن يعطيك ما يساوي هذه الزيادة فوق راتبك الذي تستحقه.
ونرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 68885، وفيها ماهية العدل بين الأولاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1430(12/4605)
شرط الواهب على الموهوب له عدم التصرف في الهبة شرط باطل
[السُّؤَالُ]
ـ[مخالفة الموهوب له شروط الواهب. تقول سيدة جزائرية: وهبتني جدتي قطعة حلي قديمة لا تتماشى والموضة، واشترطت علي أن لا أبيعها، وأن أهبها بعد موتي لابنتي، لكني اضطررت إلى بيعها لما اشتريت بيتا، وكلما سألتني عنها أخبرها بأنها مرهونة في دين البيت خوفا أن تصاب بمكروه إن علمت بالحقيقة. فهل يعتبر هذا وقفا ذريا؟ وما مدى صحة تصرفاتي؟ وهل يحل لي القرض الربوي لشراء مثلها إرضاء لها؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا فهذه المرة السادسة التي أوجه فيها نفس السؤال دون إجابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشرط الذي اشترطته جدتك من عدم تصرفك في الهبة يعتبر شرطا باطلا على الراجح لمنافاته لمقتضى عقد الهبة من حرية تصرف الموهوب له في الهبة.
جاء في فتاوى العلي المالك بعدما ذكر جملة من الأقوال في المسألة قال: لكن الأظهر عندي بطلان الشرط وصحة العقد كما تقدم.
وفي كشاف القناع ممزوجا بالإقناع: ولا يصح أيضا شرط ما ينافي مقتضاها أي: الهبة نحو اشتراط الواهب على المتهب أن لا يبيعها أي: العين الموهوبة ولا يهبه، وأن لا ينتفع بها، أو وهبه عينا، ويشرط أن يبيعها أو يهبها. فلا يصح الشرط إذ مقتضى الملك التصرف المطلق فالحجر فيه مناف لمقتضاه. انتهى.
لكن ينبغي لك ألا تخبري أمك بما فعلت لئلا يؤدي ذلك إلى غضبها أو إصابتها بمكروه، ويمكنك اللجوء إلى المعاريض وهي سوق الألفاظ العامة التي تفهم الوالدة منها بقاء الحلي ففيها مندوحة عن الكذب، وانظري الفتوى رقم: 25629.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1430(12/4606)
تخصيص بعض الأبناء بعطية لمسوغ جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[أب يملك بيتا يسكنه مع بعض أولاده، له ستة أولاد ذكور وبنتان، الأولاد الثلاثة الكبار من الذكور كل واحد لديه منزل منفصل عن أبيهم من مالهم، والبنتان متزوجتان عند أزواجهم، أما الأولاد الثلاثة الذكور الأصغر فيسكنون مع أبيهم ووضعهم المادي سيئ ولا يملكون شيئا، وهم متزوجون ولديهم أولاد، للأب وجهة نظر بأن منح كل ولد حصة من منزله عبارة عن غرفة مع فسحة سماوية صغيرة تكون ملكا له من أجل أن يستقروا، والبنات خصص لهن غرفة لحين الحاجة، والغرفتان الباقيتان يعيش فيها الأب مع أم أولاده، وقام ببيع هاتين الغرفتيين لولده الكبير وقبض سعرهما من أجل أن يساعد نفسه ويساعد أصغر أولاده لأنه مسجون بجرم جنائي، حيث طلب المساعدة من أولاده بأن يقدموا بعض المال فرفضوا إلا ولدين، وذلك بحجة أن من ارتكب ذنبا يجب أن يحاسب عليه، علما أن الولد المسجون له ولد مطلوب إعالته مع أمه، وأن يقدم مصروفا له في السجن وحكمه لمدة عشر سنوات، والمساعدة التي طلبها الأب من أجل مصاريف الدعوة. هل تصرف الأب على هذا الشكل يعد جورا على أولاده، وأنه لم يعدل بينهم؟ علما أنهم لم يقدموا يد المساعدة لأبيهم. وهل إذا سامحوا أباهم ببداية الأمر وعادوا وتراجعوا بسبب الحسد وحب الدنيا يكون الأب آثما؟ لأنهم قد رضوا بأن يحصل هذا الأمر. علما أن حصة كل واحد لا تساوي أكثر من ألفي دولار، وبيت كل واحد فيهم يساوي أكثر من40 ألف دولار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الأب فيما أعطاه لأولاده الفقراء دون الأغنياء، ولا يعد هذا من التفضيل المحرم، لأن التفضيل المحرم هو ما كان بغير مسوغ، أما إذا كان العطاء لمسوغ من فقر أو مرض ونحو ذلك فلا حرج فيه كما بيناه في الفتويين: 14254، 6242.
وبيع الأب شيئا من أملاكه لأحد أبنائه جائز إذا كان بيعا حقيقيا لا محاباة فيه، كما بيناه في الفتوى رقم: 123458.
والواجب على الأب أن يتولى الإنفاق على ابنه المسجون، بل وعلى ولد هذا الابن إذا كان الابن معسرا، ولا يجوز للأبناء أن يمنعوه من ذلك، ولو باع بعض أملاكه في سبيل ذلك، لأن هذا ماله الخاص ولا سلطان لأحد عليه فيه، فإذا أعسر الأب وعجز عن الإنفاق على ابنه هذا، فإن أولاده حينئذ يطالبون بالإنفاق على أخيهم المعسر وأولاده، ولا يجوز لهم أن يمتنعوا عن الإنفاق عليه بحجة كونه مذنبا، لأنه قد أخذ بذنبه وعوقب بخطئه، ثم إنه لا ذنب لأولاده الصغار فيما جناه أبوهم حتى يضيعوا بترك الإنفاق عليهم، ويراجع مذاهب الفقهاء في الإنفاق على القريب من أخ ونحوه والراجح من أقوالهم في الفتوى رقم: 44020.
فعلى هؤلاء الإخوة أن يتقوا الله سبحانه، ويتقوا ما بينهم وبين أخيهم من رحم، حتى لا يكونوا من أهل القطيعة الذين يستوجبون عقاب الله سبحانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1430(12/4607)